1
ناتالي كورتوج
حكايات الوسادة
الحكاية األولى »حكاية الطفلة سونيا والبومة«الحكاية الثـــانية »حكاية القط الصغير غير المسمى«
الحكاية الثالثـــة »حكاية الفأر العجوز« الحكاية الرابعة »الفتى رضا ، وقمر ، والصحراء«
ترمجة مراجعةد.سامية توفيق حســني الشـــافعى
2
www.moscownewsar.comرئيس مجلس اإلدارة ورئيس التحرير
د. حســـين الشــــــافعي
Tel. & Fax:+ (202) 24 77 38 70+ (202) 24 77 38 71E-mail:Anbaamoscow_arabic @hotmail.com
المراسالتالقاهرة – مدينة العبور
مكتب بريد جمعية أحمد عرابي 44719ص. ب . 72
اإلخراج الفنيأمير يوسف أحمد
الطباعةدار الطباعة المتميزةمدينة العبور – القاهرة
Tel. & Fax:+ (202) 4478 96 44 & 46
الطبعة األولى 2012جميـــع حقوق الطبـــع والنشـــر محفوظة
للناشر .ال يحق إعادة طبع أو نس���خ محتويات هذا الكت���اب إلكترونيا أو ضوئي���ا دونما إذن
كتابي من الناشر .
3
أصدقائى األعزاء
طالم��ا هذا الكتاب بي��ن أيديكم ، فأنت��م تحبون القصص وتحب��ون أن تتعرفوا عل��ى كل ما هو جديد فى عالم الخي��ال والحكايات الغريبة وغير التقليدية والتى طالما أمتعتنا وعش��نا فيها فى طفولتنا وما مازالت تعيش بداخلنا نحكيها ألبنائنا
وأحفادنا. وهذه حكايات جديدة وصلت إليكم من روسيا . والكاتبة الروس��ية البديعة ألدب الطفل ناتالى كورتوج تمتعنا بإستلهاماتها ووح��ى خيالها بقصص وحكايات تنس��جها فى خيوط غاي��ة فى الجمال من خالل تجاربه��ا الش��خصية وتجواالتها فى أنح��اء مختلفة من العالم والتى إس��تلهمت
إحداها من صحراء العرب . وهل يعلم الكثيرين عندما تقفل األم أو الجدة كتاب الحكايات وهى ترويها للصغار وتقول لهم »تصبحون على خير« ، تس��تمر الحكايات ترن فى أذان الصغار وه��م يضعون رأوس��هم على الوس��ادة ... وعندم��ا يأتى ليل آخ��ر تحكى لهم
الوسادة قصصا أخرى . واآلن إفتح��وا كتاب ناتالى كورتوج على »حكايات الوس��ادة« وعيش��وا فى عالم الخيال الذى من خالله نتعلم الصداقة الحقيقية ونتعلم أن يعيش اإلنسان حياة
مليئة بالفكر والتأمل والروح الطيب والتصرف بإجابية وعدم السلبية .
املرتجم : د. سامية توفيق
4
5
مرحبا بكم أطفاىل الصغار . أنا وســادتكم التى تنامون عليها. وأحــب أن أروى لكم حكايات ، وخصوصــا قبل النوم . تريدون
أن تسمعوا واحدة منها ؟ تعالــوا ، إفتحــوا أذنيكــم وأنصتــوا ىل جيــدا. وأنــا ســأحكى لكم
وأتكلم .الحكاية األولى
"حكاية الطفلة سونيا والبومة"
6
7
في��ه كان يام��ا كان طفلة إمسها س��ونيا . كانت . كث��را تن��ام أن حت��ب كانت أمها تصعب عليها وترتكها تنام وال توقظها. وأصبح��ت تناديه��ا بس��ونيا النومية. كربت س��ونيا وتعلمت الكسل . وعندما كانت تطلب منها ماما:
- حبيبتى سونيا ، ساعدينى فى غسيل األطباق .
- ماما ، ال أريد ، ظهرى يؤملنى ،
- وكان��ت ختدع مامتها . وتطلب األم منها فى مرة أخرى:
- سونيا ، نظفى البيت .
ترد سونيا وهى تقضم شفتيها :
8
- ماما ، ال أستطيع .
تتنه��د مام��ا بغض��ب وتأخ��ذ املكنس��ة وتنظف البيت بنفس��ها . وتقول فى س��رها - » اليهم ، - إبنتى
مازالت صغرة وستكرب وتساعدنى « .
وذات يوم ، فى الليل وعندما كانت سونيا نائمة، طارت بومة إىل غرفتها .إستيقظت وصرخت قائلة :
- هش، هش ، أبتعدى من هنا !
لك��ن البومة مل ختف وظلت حتوم حوهلا لتوقظها ثم وخزتها من أذنها .
تضايقت البومة وقالت هلا :
بن��ت م��ن يال��ك - كسولة !
أذنه��ا عل��ى وقرص��ت بشدة .
- علمت أنك ال تريدين
9
مساعدة والدتك وختدعيها وتراوغيها !
قالت سونيا وهى تتأمل :
- أى ، أى تؤمليننى _أتركينى .
10
ردت:
- ل��ن أتركك حت��ى تعدينى أنك س��وف تكونى نش��يطة وتس��اعدى والدت��ك، وإن مل تفعلى فس��آخذ
والدتك منك .
قالت سونيا وهى منزعجة :
- أعدك ، أعدك ! .
قالت البومة :
- وس��وف تستيقظني مبكرا ، وال تظلني لفرتات طويلة فى الفراش ؟
- نعم , نعم أعدك .
ترك��ت الب�ومة الفتاة وف��ردت جناحيها وط�ارت م��ن الناف��ذة التى دخل��ت منها به��دوء . وقال��ت قبل أن
تغادرها :
- ال تنس ما وعدتى به !
وفى الصباح التاىل مل تعرف األم إبنتها .إستيقظت
11
سونيا مبكرا جدا، إغتسلت ونظفت أسنانها بالفرشاه ووضعت خملفات البيت فى كيس . ونظفت املكان . وبعد ذلك نظفت أحذيتها ، و كانت ال تفعل هذا من
قبل. قالت األم وهى تشعر باإلنزعاج على إبنتها :
- م��اذا حدث لك ياس��ونيا ؟ أمل تكونى تش��عرين بتع��ب ؟ أن��ت خب��ر ! ووضع��ت األم يدها عل��ى جبهة
سونيا
- ال ياأم��ى العزي��زة ، أنا مل أش��عر بالتعب ، لكنى فق��ط أحس�س��ت أنى ك��ربت الي��وم ومن هذا املس��اء
بالذات . وجيب على مساعدتك .
تعجبت األم وقالت :
- نعم كربت ؟ هل هذا حلم ؟
- نعم حلم . ردت سونيا وهى تبتسم .
وهى فى احلقيقة تنفذ ما وعدت به البومة : »أن تصحو مبكرا وتس��اعد والدتها« ، وأصبحت مطيعة ومنظمة . وفى أوقات الفراغ عن العمل تتعلم س��ونيا
القراءة والكتابة . وسعدت بها أمها .
12
لكن حدث ذات يوم أن مرضت س��ونيا . إرتفعت درجة حرارتها بشدة .
أخذت تهذى فى النوم وهى تنادى على البومة .
جاء إليها األطباء ، لكن مل تتحسن صحة سونيا . وأشار أحدهم لألم أن توضع فى املستشفى .
إعرتضت سونيا وهى تشعر بالضعف قائلة :
- ال أريد أن أذهب إىل املستشفى .
قال هلا الطبيب وهو يعطيها حقة :
- ال بديل عن هذا. س��أحضر إلي��ك اليوم وأذهب بك إىل املستشفى ، وإال سيكون ضرر عليكى .
لتوصي��ل وخ�رج��ت إبنته��ا عل��ى األم بك��ت الدكتور . ونامت سونيا . وبعد فرتة من الوقت شعرت الفت��اة أن ش��يئ ما يرب��ت حبنان على رأس��ها ، فتحت
عينيها . حاولت أن جتلس ورأت :
- أأنت البومة ! - جئتى إىل !.
13
ردت البومة :
- إهدئ��ى ، إهدئ��ى ، جي��ب أن تس��تعيدى صحتك. وأخ��ذت ترتب الف��راش هلا . قالت س��ونيا وه��ى حزينة
على نفسها :
- لقد مرضت ! .
أجابت طائر البومة :
- ال ختاف��ى ، س��رعان م��ا تش��فني ، أنت ش��اطرة يا سونيا ، نفذت وعدك ، و أنا فخورة بك .
وم��رة أخرى فردت البومة أجنحتها وداعبت بها على شعر سونيا املريضة . قالت هلا سونيا :
- ستأتني مرة أخرى ؟
- طبع��ا ؟ - كي��ف ال وق��د أصبحنا اآلن أن��ا وأنت أصدقاء ؟
- نامى اآلن ، و سوف أبقى معك بعض الوقت .
أغمضت سونيا عينيها ونامت بسرعة . إستعدت
14
البوم��ة للط��ران وأخ��ذت حتوم ح��ول الفت��اة النائمة وخرجت من النافذة .
وعندما إس��تيقظت سونيا وجدت جبانبها وسادة جديدة مطرزة خبيوط عليها وجه مبتسم .
مخنت سونيا أنها هدية من البومة .
15
جرت إليها األم منزعة وقالت هلا :
- أنت مرة اخرى تهلوسني .
ردت:
- ال يا أمى ، ال، ال، أنا ال أهلوس ، وإبتسمت قائلة:
- أريد أن آكل! أنا جائعة .
وضعت األم يدها على جبهة سونيا وقالت بصوت عال وسعادة :
- محدا هلل لقد هبطت درجة احلرارة !
- نع��م ليس عندى ح��رارة مرتفع��ة ، لكن عندى وس��ادة – صديق��ة . وأش��ارت ل��ألم بالوس��ادة ، هدية
البومة . سألتها :
- م��ن أحضرها ل��ك ؟ - فقد كان عن��دى مثلها فى طفولتى . قالت سونيا:
- فعال يا ماما كان عندك مثلها ؟ وهى فى تعجب. الذى أهداها لك ؟ – ومن
16
- أنت ال تصدقيننى ؟
- ال ياأمى أصدقك طبعا . قالت األم :
- أنا فى طفولتى تصادقت مع بومة .
- وأن��ا أيض��ا ياأم��ى تصادقت مع بوم��ة ، وكانت تأتى إىل وهى تطر .
17
وإبتسمت األم قائلة:
- هذه وسادة غر عادية .أنت حمظوظة يا سونيا
- نعم ، ومن عندنا ؟ - حضر الطبيب ودخل بس��رعة إىل الغرفة . قالت سونيا :
- وأنا لست مريضة باملرة !
قال الطبيب :
- نعم لست مريضة ؟
وكان يرتدى نظارة كبرة قال :
- هذا مستحيل ! وبهذه السرعة ؟
كشف الدكتور على س��ونيا بدقة وقال بصوت عال وبتعجب :
- ش��يئ خي��اىل ! مس���تحي�ل ! إنها بصح��ة جيدة للغاي��ة ! ووض���ع ي��دة عل��ى ج�به��ة س���ونيا وعلى ج�بهته ، وجد نفسه دافئ أكثر منها. هذا مستحيل .
أجابت سونيا : - فعال مستحيل وضحكت .
18
ورجع الدكتور إىل املستشفى وهو مندهش .
أع��دت األم غ��ذاءا لذي��ذا لإلبن��ة س��ونيا ؟ . وظلت بصحة جيدة بعد ذلك و مل مترض .
وعندما كان حيل املس��اء تضع س��ونيا الوسادة اجلديدة حتت رأس��ها وتنام وتستغرق فى احلكايات
اخليالية والعجيبة ، التى ترويها هلا الوسادة .
و كربت سونيا ، ولكنها مل تنس هذه احلكايات وسجلتها .
واآلن ، أنا وس��ادتكم و س��أروى لك��م ياأطفاىل هذه احلكايات .
19
ناتاليا كورتوج
الحكاية الثانية"حكاية القط الصغير غير المسمى"
20
21
حيكى أنه كان فيه . إسم له .ليس صغر قط
ومل يكن له صاحب .
ومل يفكر أحد فى تسميته. وعندما يسأله أحد: »ما إمسك ؟« ، جييب:
- ليس ىل إسم .
شعر م��رة وذات ب���احل���زن وف��ك��ر حي��دث، »م����اذا :مثل ن��ب��ح��ت ل���و
الكلب؟«
ونبح القط :
22
- هاو، هاو، هاو!
القط إىل شكل رأس وهنا حدث أن حتولت رأس اجلرو.
23
وصار حيدث أصواتا غر مفهومة :
- هاو - موا،هاو - موا !
من األشجار على كانت التى الطيور إبتعدت قال ذلك عند . الفزع من الفروع وإهتزت ، املكان
القط :
يلعب ولن ، منى خياف اجلميع أن واضح ، إذن -معى أحد . األفضل أن أزقزق مثل العصافر :
صو - صو ، صو، صو !
ومنت للقط ذى رأس اجلرو أجنحة العصافر ، حاول أفرع مع يتشابك وهو أعاقه ذيله لكن ، الطران
الشجرات . وفكر القط فى نفسه قائال:
- حدث ما كنت ال أتوقعه .
؟ نظر ماذا يأكل . لكن أنه جائع فجأة وأحس التى بالقرب منه. رأس اجلرو . رأى قطعة عظم حوله
هو عليها أرادت أن ختطفها ، لكن مل يفلح .
24
بذور ينثر ما شخ�ص وجد األخ��رى اجلهة وفى عليها هو التى العصفور أجنحة فأندفعت ، القمح وأمتدت حنو البذور . ولسوء احلظ خرج فأر من اجلحر فبكى . ورائه جيرى أن كقط أراد . أمامه وجرى
القط قائال :
أن أريد ، ، وال عصفورا أن أكون جروا أريد ال -أظل كما أنا قط ، وأموء - نياو - نياو !
وحتول إىل قط وإندفع جيرى وراء الفأر ، لكنه مل جيد له أثر .
هنا حملته فتاة مجيلة إمسها ناسيت وقالت له :
- يالك من قط ماهر . – وما إمسك ؟ أجاب :
- ليس ىل إسم .
- يعنى أنك ال شيئ . تنهد القط حبزن قائال :
- نعم ال شيئ .
عرضت عليه: - تعال معى ، لتعش عندى ، وسوف أعطيك إمسا .
25
- واللنب ؟
- واعطيك اللنب .
26
وطبعا وافق القط بكل سرور . ومنذ ذلك احلني يشعر ال اآلن وهو . ناستى الفتاة عند يعيش وهو
بالوحدة . وعندما تناديه بإسم » كوزى« !
يستجيب بسرعة وجيرى إليها :
- نياو ، نياو !
27
ناتاىل كورتوج
تولدت هذه القصة منذ أكثر من عشرين عاما وكتبت على آلة كاتبة عتيقة . وصارت تقرأ على إبنة املؤلفة ، واألصدقاء وأبنائهم .وظلت »حكاية الفأر العجوز« من أفضل احلكايات الكتاب أن هذا يعتقدون لكنهم األبناء، لديهم . ويكرب احملببة سوف يظل بالنسبة ألبنائهم ، ليس فقط هدية قيمة ، لكن أيضا صديقا حيكى عن املغامرات ، وعن الصداقة ، وعن املخاطر
التى تعرض هلا بطل هذه القصة .
الحكاية الثالثة»حكاية الفأر العجوز«
28
29
عندم��ا أن��ه حيك��ى تس��طع الش��مس وتظه��ر من ب��ني األغص��ان ف��ى الغاب��ة ، وتضييء كل ماحوهلا فمن املمكن أن تلحظ أشياء كثرة مجيلة . وهذا بالقط�ع إذا ما أن�ت إستيقظ�ت مب�ك��را ، جدا . إنتعش��ت الغابة ، وصع��دت أصوات
30
موس��يقى ناعمة رقيقة ، وعلى إيقاع هذه املوسيقى تلون بي��ت العنكبوت بألوان قوس ق��زح املختلفة فى
السماء . وياله من غريب عامل اخليال العجيب !
ها هو ذا حقل صغر فى الغابة مغطى ببس��اط من الزهور يس�حر األلب�اب ، وعندما تتجول بداخ�له تش�عر باخلف��ة ، وتش��عر من إنتعاش��ة الصباح ، وموس��يقى الغابة ، ونسيم الصيف أن لديك الرغبة فى أن تتحول اىل فراش��ة أو إىل حنلة تطر من زهرة إىل أخرى ،وهى
تتألأل بقطرات الندى البيضاء الناصعة !
وإذا توقفت للحظة وجلس��ت على العش��ب بهدوء ، فيمكنك أن تسمع س��اكنى حدي��ث وه��م ، الغاب��ة ه��ذه من الكث��ر ي��روون الطريف��ة األش��ياء هلؤالء عادي��ة والغر فى يعتق��دون الذين الغرائ��ب والتى أحبها وأتص��ادق معه��ا ومع
31
ساكنى الغابة ....
وذات مرة كان هناك فأر عجوز يعيش فى الغابة وحكى ىل قصة عجيب�ة س�أرويها لكم .
وهاهى.....
كانت تعيش ف��ى حقول الغابة املشمس��ة بعض العائ��الت من الفئ��ران .كان��وا جرانا يعيش��ون فى صداقة ومل يتشاجروا فى يوم من األيام ، وكان كل منهم حيذر اآلخر فى ظروف اخلطر وخصوصا أن أعداء الفئران كث��رة – لكن أخطره��ا – الثعلب والبومة
الكبرة .
وكان إذا م��ا وق��ع حدث س��عيد ف��ى أى عائلة من عائالت الفئران ، فإن مجيع سكان احلقل يفرحون
معهم .
وحدث أنه س��وف يولد لعائلة الفأر سروش��كني والف��أر بالوفك��ني أبن��اءا صغ��ارا . كان مجي��ع من فى احلقل املش��مس ومن فى ه��ذه البلدة الصغرة فى الغاب��ة فى إنتظار هذا احلادث الس��عيد . وأخرا ظهرت
32
لعائلة سروشكني إبنة . هللوا فرحني :
- إمسعوا ،إمسعوا أيها اجلران ، حنن سعداء ، وقد رزقنا بإبنة مجيلة ياهلا من رائعة !
- أخ��ربوا جرانن��ا م��ن عائل��ة بالوفك��ني . فردوا عليهم قائلني :
- وحن��ن أيض��ا رزقنا بإبن��ة واآلن فق��ط . وأطلقنا عليها إسم نيكى بالوفكني .
- وحن��ن نس��مى إبنتن��ا بيك��ى .ق��ال ه��ذا األب سروشكني بفخر .
. مل��ل دون بإبنتيهم��ا يهتم��ون اآلب��اء ظ��ل يأخذونهما فى نزهات ف��ى الغابة ويعلمونهما أخالق وطبائع الفئ��ران . وأحب الوالدان اخل��روج معهما أثناء
إنشغال األمهات باألعمال املنزلية .
ك��ربت البنت��ان نيك��ى وبيك��ى بس��رعة وأخذت��ا تتنزهان فى الغابة مبفرديهما وس��ارتا بعيدا
فى الغابة دون مالحظة الكبار .
33
ك��ربت نيك��ى بنت��ا لطيفة عطوف��ة ، حتاول مساعدة الوالدين وتسمع بإنتباه توجيهات وإرشادات
الوالدين واملدرسني .
أم��ا بيكى فك��ربت وهى دائما متي��ل للبكاء وحتب أن تهندم نفس��ها وتتجمل طوي��ال أمام بركة املياه , التى تنعكس صورتها عليها . وغالبا ما كانت تستيقظ بعد اجلميع ، وعندما تستيقظ فإنها تظل
34
35
لفرتة طويلة تصفف جلد ش��ع�رها الص�وف . وعندما ال يعجبه��ا ه��ذا فتعيده مرات وم��رات . يقول األب وهو
غاضب من اإلبنة :
- األفضل أن تذهبى وحتضرى البذور من املخزن بدال من أن حتبى نفسك هكذا. وترد األم :
- ه��ذا ال يه��م . إنه��ا ذكية وس��تكرب وتتعلم أن تفعل كل ش��يئ .واألفضل أن تسمع كيف تغنى
إبنتنا ، وكيف هلا صوت مجيل .
- إنه��ا ال تغنى بل تصأصأ .إستمر األب سروشكني ويتذم��ر، يهمه��م أطل������ق ولذل��ك
عليها بيكى .
،أحبت حقيقة ، الغن��اء بيك��ى تستمر مل لكنها
36
فيه . وكربت وهى وال تريد أن تتعلم شيئا . وكانت تس���اعد والديه�ا فى ش��ئون البيت وه��ى غر راضية.
فيزجمر األب »إنها ال تفعل شيئا إال بالعصا«.
وذات م��رة إق��رتب أرن��ب يدع��ى الزنبور م��ن طرف الغاب�ة البعي�د. وأطلقوا علي�ه هذا اإلس��م ألنه كان
مرحا جدا وينط كثرا ويلف ويدورمثل الزنبور .
خب��ط األرنب بأظافر أرجله على جذع ش��جرة فى الغابة وصرخ :
- هيا ، أس��رعوا وإس��تعدوا ، سيأتى الش��تاء قريبا ، باردا ، وقاسيا . وسأله أهل القرية فى احلقل :
- من أين عرفت هذا ؟
حدثتن��ى الفئران القوارض عن ه��ذا وهم عرفوا من الس��ناجيب النش��طاء ، وهم ح��ذروا الطي��ور اجلارحة ، والطيور تعرف كل شيئ . أجابهم األرنب الزنبور وهو
يروى احلكاية و يتنطط .
سالت بيكى نيكى :
37
38
- ما هذا الشتاء ؟
ردت بيكى :
- قال ىل أبى أن كل ش��يئ فيه يكون مكس��وا باللون األبي��ض وتتجمد األط��راف ويصعب احلصول
على الغذاء ويصعب اإلختفاء من األعداء .
- ي��ا ويلى ، أنا أخش��ى ال��ربد ، وأخاف م��ن اجلوع ، وسيفقد شعر جلدى بريقه .
قالت نيكى لصديقتها :
- ال داعى للتفكر فى هذا اآلن .
تعجبت بيكى قائلة :
- وعن م��اذا نفكر؟ أنظرى ، كي��ف لألرنب فراء أبيض صوفه غزير .
ل��و كان ىل مثل هذا الفراء ، قالت هذا وهى حاملة ، ورفعت أعينها وحركتها إىل أسفل .
بع��د مس��اع ه��ذه األنب��اء الت��ى ج��اء به��ا األرنب ،
39
حتركت الفئران بأكثر نشاط . وضعوا احلبوب فى اجلحور ،وكوموا العشب اجلاف حتى يكون الشتاء
أكثر دفئآ بالنسبة هلم.
أم��ا بيك��ى فأصبح��ت فج��أة تفك��ر جبدي��ة . وص��ارت هى أيضآ تس��اعد الوالدين ، وباألخص أحبت أن تتواجد فى املكان الذى خيزن فيه الفئران احلبوب
ودقيق القمح . قالت األم فى سعادة :
- أنظر ، ياسروشكني ، إبنتنا نضجت وأصبحت ال ت��دور ح��ول بركة امل��اء لرتى ش��كلها ينعكس عليه��ا ، وال تصف��ف ش��عرها ، وال تل��ف اخلصلة هنا
وهناك .
ذات م��رة خرجت بيك��ى من املخ��زن وعلى وجهها إبتسامة كبرة . مرت أمام والديها وهما ينظران اليها بنظرة مندهش��ة وخرجت من البي��ت . قابلتها نيكى
وقالت هلا :
- ماهذا الذى حدث لك يابيكى ؟
- تعرفني ياعزيزتى نيكى أنا نثرت على جسمى
40
دقيق القمح .
- ملاذا ؟
- ال تتعجب��ى ، لق��د أصبح جلدى يش��بة متاما فراء األرنب – األبيض اللون .
41
قف��زت الف��أرة بيك��ى على جذع ش��جرة صغر وظلت ترقص على أحلان أغنية .
- يال��ك م��ن محق��اء يابيكى – تنط��ني وتنثرين الدقي��ق وأنت ترقص��ني وعندما حترك��ى زيلك هنا
وهناك يرتفع الرتاب اكثر واكثر على .
- أخ من��ك ! أنت حتس��ديننى ! وعلى أية حال. فأنا أحس��ن منك ، ولدى فراء صوف باه��ظ الثمن ، وأغنى أفض��ل منك . صرخت الف��أرة املهانة وج��رت فى الغابة
قائلة .
- بيك��ى ، اىل أي��ن أنت ذاهبة ، س��رعان ما حيل الظ��الم , وهناك فى داخل الغاب��ة يعيش أعداؤنا من الثعال��ب والبوم , وأنت طبعا أيض��ا ال تعرفني كيف
هم يتصرفون .
لك��ن بيك��ى مل تس��مع نصيح��ة صديقته��ا نيك��ى وأخذت جت��رى أبعد وأبع��د . وجرت نيكى
ورائها.
قالت فى نفسها :
42
- » مل��اذا أس��أت اليه��ا « الب��د ان أحلق به��ا، وإال أنها ستتوغل فى الغابة وحتدث مأساه .
وأصب��ح الظالم يس��ود امل��كان أكث��ر وأكثر . توقفت نيكى تسمع ماحوهلا .املكان مليئ باهلدوء
الغر عادى .....
ج��رت بيكى حت��ى وصلت اىل أح��راش الغاب�ة، والت��ى مل ت��أت اليها من قب��ل ، توقفت كى تس��رتيح
نظرت حوهلا وقالت وهى تشعر باحلسرة :
43
- ماه��ذا اجلم��ال ؟ وهمس��ت بتعج��ب وه��ى ت��رى كيف خي��رج م��ن الس��ماء ذات اللون األس��ود ، ضوء أمحر أورجوانى للشمس بعد غروبها وكأنه يالعب
النجوم التى تظهر وختتفى هنا وهناك .
أحبت بيكى حلظات غروب الشمس ومل تلحظ ان الظ��الم قد حل فى كل م��كان . وممكن أن تلمح النج��وم من بني األغصان . إرتعش��ت الف��أرة بيكى ، عندما رأت فجأة ش��يئا م��ا له أعني ناري��ة اللون يربق ويقرتب دون إحداث أى ص��وت ودون ضوضاء . وقعت
بيكى على العشب قائلة :
- ويل��ى ، ماهذا ؟ ووضعت يديها على أعينها وهى تتعجب – ياله من شيئ فظيع وخميف !
هنا ش��عرت بيكى بش��يئ م��ا يلمس��ها .صاحت –ي��اى –ياى –ياى وأرادت أن جترى ، لكنها مسعت صوتا مألوفا لديها ، إنها نيكى وقالت هلا – ال ختافى. هي��ا نبحث لنا عن حفرة خنتبئ فيه��ا خوفا من البومة
أال تأكلنا :
- أتلك هى البومة ؟
44
- نع��م هى , أال تتذك��رى صورتها التى أراك إياها والدك ؟
- ال ، ردت نيكى عليها :
- إنها من أخطر اجلوارح !
- مازلن��ا نقف نتكل��م ، هلم��ى ، جنرى خنتبئ حتت جذع الشجرة .
أخذت بيكى تبكى بصوت متقطع وهى تلحق بنيكى – أنا خائفة .أريد أن أذهب اىل البيت .
45
- يال��ك من ضعيف��ة ، ال تبكى ، هيا س��وف جند طريق العودة .
أخ��ذت البوم��ة تل��ف وحتوم ح��ول الش��جرة ، التى ختتب��ئ حتتها غنيمتها ، والواضح أنها قررت أال تضيع وقته��ا ف��ى البح��ث ، فطارت بعي��دا ، وبه��دوء تاركة
خلفها ظال رماديا وفزعا .
تأكدت الفأرتان وهما خمتبئتان أس��فل الشجرة أنه ال ش��يئ س��وف خييفهم��ا بعد ذل��ك ، وتوجهتا فى الطري��ق اىل البيت . ش��عرتا بالربد عندما بدأ يس��قط
املطر .أخذت بيكى تبكى قائلة :
- أش��عر بال��ربد إبت��ل جس��مى بأكمل��ه . قال��ت نيكى:
- تعاىل ننتظر فى مكان ما حتى يتوقف املطر , ثم نسر فى الطريق . آباؤنا منزعجون علينا ويعتقدون أننا فقدنا , باقى لنا القليل حتى الوصول اىل البيت .
قالت بيكى :
، واآلن ، وأم��رض وأم��وت بال��ربد - س��وف أص��اب
46
الأس��تطيع أن أمش��ى خط��وة بع��د ذل��ك . وتوقف��ت . إستسلمت نيكى قائلة :
- حس��ن ، تعاىل خنتب��ئ حتت جذع هذه الش��جرة العتيقة ، وتكومتا وإستسلمتا للنوم العميق وهما
فى حالة من التعب الشديد .
------------------------
بالوفك��ني الوال��دان ظ��ل البي��ت وف��ى ........ وسروش��كني مل يهدأ هلم��ا باال .وقال��ت األمهات فى
صوت فيه حزن ورثاء :
47
- أين إختفت البنات ؟
- ه��ل أكلتهم البوم��ة أو الثعلب وس��وف حنرم من األبناء ؟ همهم األب سروشكني فى حزن قائال :
- أنا شاهدت إبنتنا بيكى وهى خت�رج من املخ�زن، وجس��مها مغطى كل��ه بالدقيق ثم إختف��ت . وجرت ورائه��ا نيكى . وال أعرف م��اذا يدورفى عقل إبنتنا .
قالت األم الفأرة بقلق وأزعاج :
- ماعلي��ك إال أن تزجمر وتزجم��ر ، األفضل أن تأخذ بالوفك��ني ، ومعكم��ا الفن��ارة الفط��ر وتبحثا عن
إبنتينا . وهذا ما فعله اآلباء ........
------------------------
ف��ى ه��ذا الوق��ت مل ين��م الثعل��ب وأراد أن يأكل شيئا ما لذيذا ولذلك مل يتحمل البقاء فى البيت .خرج احلي��وان املفرتس من مكمنه ومتطأ ثم توجه للس��ر فى الغابة فى املس��اء. فكر الثعلب املكار فى نفسه
قائآل :
- »ليتن��ى أتلذذ بطعم الفئ��ران« ، أصبح اجلو بعد
48
املط��ر نقيا وأكثر إنعاش��ا. وأصبح من الس��هل عليه التعرف على الروائح . وفجأة تشمم رائحة فأر . كانت بعي��دة ضعيفة ث��م إزدادت أقوى وأق��وى. وفى النهاية إقرتب الثعلب من الشجرة التى ينام حتتها صديقتينا بيكى ونيكى فى س��بات عميق. كانتا متعبتان لدرجة أنهما نس��يتا اخلطر الذى يالحقهما. وحلس��ن احلظ مل يستطع الثعلب أن يعثر عليهما وهما داخل اجلح��ر . ظ��ل يق��رتب وحي��اول أن يتش��مم . وأرادت البومة الشقراءأيضا أن تأكلهما فأخذت حتفر األرض مبنقارها كى حتصل على وجبة شهية من الفئران .
49
هنا إستيقظت نيكى ومسعت ما حيدث حوهلما. وب��دا هل��ا أن��ه اليوجد ش��يئ قري��ب منهم��ا . فأيقظت
بيكى وأشارت هلا عن خمرج من خمبأهما .
- ماهذا يا بيكى ؟
- الأع��رف ، م��ن املمك��ن أن تك��ون البوم��ة م��ن جديد؟
- ال ، أظن غر ذلك ، الش��به خمتلف ، هذا الش��يئ أكرب حجما وله وبر .
ق��ررت الفأرت��ان بيك��ى ونيكى ع��دم اخلروج من اجلحر . وفجأة وبينما تنصت نيكى ، ش��عرت أن ش��يئ ما ينهار ، إقرتب��ت ، ورأت هوة كبرة فى نفس املكان الذى جتل��س عليه بيكى . صرخت نيكى
وهى تنادى بيكى ، - أين أنت ؟
لكن ال يرد عليها أحد .
- ما العمل ؟
- أخ��ذت نيك��ى جترى هنا وهن��اك ، وكادت أن
50
خت��رج من خمبأها ، ونس��يت اهل��وة . وفجأة مسعت من عمق اهلوة أصواتا غريبة . إقرتبت الفأرة بالقرب ونطت من هذا املكان . إقرتب منها ش��يئ ما غر معروف ذى وب��ر . من الف��زع تراجعت وإلتصقت بالش��جرة . وفجأة
51
أغم��ى عينيي نيك��ى ضوء ش��ديد ، وظهر خملوق عجي��ب ، فظيع فى منظره تش��ع م��ن عينيه الضخمة املخيف��ة ضوء ش��ديد ، وعندم��ا أغمض ه��ذا املخلوق عيني��ه حل الظالم س��ريعا . وظهر ل��ه نابان ضخمان
ذوى لون أبيض ، ويربزان للخارج .
كان هذا املخلوق ذى الوبر دائما ما حيرك أنيابه وخيب��ط األرض دون توقف. وبهدوء إق��رتب من الفأرة ، الت��ى ترتعد من اخلوف وأمس��ك بها مبخاله وس��حبها خلف��ه . مل تلح��ق نيكى أن تفيق م��ن كيف وقعت
52
فى ق��اع اهلاوية ، حي��ث الظالم أكثر . وق��اد املخلوق الفظيع الفأرة اخلائف��ة دون كالم اىل جتويف حتت
األرض ، وهو يضيئ الطريق بأعينه .
سارا طويال . وفى النهاية توقف املخلوق وفتح بابا ال‘ي��رى ، ودف��ع نيكى املرتعدة من اخل��وف فى حفرة قف��ل الباب خلف��ه دون إح���داث ص�وت ،
ضيق���ة . وأ
وأصبح��ت الف��أرة مبفرده��ا. كانت احلف��رة مظلمة وأصبح��ت ال ت��رى ش��يئا. صم��ت رهيب ورع��ب وهى
جائعة وتريد أن تأكل .....
------------------------
..... أم��ا الوالدان فإس��تمرا ف��ى البحث عن بيكى ونيكى . وها هما يس��معان ضوضاء فإقرتبا من ذات
الشجرة التى كانت ختتبئ حتتها بنتيهما .
ش��اهد الوال��دان بالوفك��ني وسروش��كني ، كي��ف يرتاج��ع الثعل��ب بف��زع ، ويلتص��ق باألرض مرتع��دا . إقرتبا منه أكثر . قفز الثعلب قفزة وتلفف. ثم رأى الفأرين العجوزين ، ش��د على أذنيه وفر هاربا،
كاألرنب .
53
همس بالوفكني فى تعجب – ال أفهم شيئا – أى زم��ان هذا الذى يفكر فيه الثعلب أن يهرب من الفأر ،
ال أفهم شيئا .
صرخ سروش��كني قائ��ال لبالوفكني - أنظر - هل هذا أثر أرجل إبنتى ! ؟
54
عندما سقط املطر ، إغتسل الدقيق الذى دهنت به بيكى جسمها . سار الوالدان يتتبعان الدقيق املنثور عل��ى األرض حت��ى وصال اىل الش��جرة الت��ى كانت ختتب��ئ حتته��ا البنتان ومل جي��دا أحدا . أخ��ذ الوالدان يبحث��ان ع��ن بنتيهما حتت الش��جرة وحوهل��ا وصرخا يناديانهما وال أحد يس��تجيب . تأسف سروشكني
55
وحتس��ر - مس��اكني بيك��ى ونيك��ى ، أكلهما الثعلب . ظل بالوفكني يهدأ من جاره ويقول له :
- ك��ف ع��ن الب��كاء - أال تلح��ظ كي��ف كان الثعلب نفسه خائفا.
إس��تمر سروش��كني فى البكاء بص��وت عال – أو تك��ون البوم��ة إنقض��ت عليهم��ا وأكلتهما .رد
بالوفكني وهو يتنفس بصعوبة :
- ممكن ، ممكن .
وحت��رك الوالدان الل��ذان كادا ميوتان من احلزن اىل البي��ت ، كى حيدثا الزوجتان ع��ن فقدان البنات
األليم .
------------------------
... مل تعرف نيكى كم مضى من الوقت ، حاولت أن ت��رى فى الظالم ، لكن مل تس��تطع أن ترى ش��يئآ. وفجأة إنفتح الباب ، أغمضت الفأرة عينيها من ش��دة الض��وء املنبعث . إقرتب بالقرب منها حيوان وحش��ى مل تر مثله من قبل ، وحتى مل تر له صور.كان أقصر طوال
56
م��ن املخلوق الس��ابق, الذى خطفها، ول��ه نفس األعني الرباقة ويتحرك دون توقف وخيبط األرض برجليه .
أم��ر هذا الوح��ش الفأرة نيك��ى أن تتبع��ه . ومرة أخرى سارت الفأرة فى ممر مظلم ثم الح من بعيد ضوء إىل فناء كبر,حي��ث قادوها إليه ,رأت نيكى نفس املخلوق الغريب ,الذى خطفها وهو يدبدب فى مكانه وحي��رك أنياب��ه . وظلت الف��أرة تنظر إلي��ه بتعجب , وباألخص عندما إكتشفت مايوجد فى الفناء وعلى اجلدران , التى ينمو عليها وتتش��ابك جذور ش��جرات وهى تتحرك بصفة مستمرة ومتد سنونها حنو الفأرة األس��رة املس��كينة التى س��تموت حتما من الرعب ،
هنا صأصأ هذا احليوان الغريب حبدة قائال :
- أنا أعرف أن إمسك نيكى وتعيشني فى احلقل املش��مس وأنت ذكية وحمبة للعمل وأنا حمتاج ملثل ه��ؤالء العمال . س��وف تقومني على خدمتى . فس��ألت
نيكى وهى ترتعش من اخلوف :
- ومن أنت ؟
- رد هذا املخلوق بفخر قائال:
57
- أن��ا املل��ك ، مل��ك أك��رب مملك��ة موج��ودة فى أعماق األعماق .فاسور وهى مملكة معتمة بشدة،
ولكنها أكثر مجاال .وأنا إمسى فاسورى !
- أن��ا مل أمس��ع عن ه��ذه اململكة ف��ى أى وقت من األوقات .
- ال أحد يعرف مملكتنا , والجيب أن يعرف أحد، هذا سر خاص بنا . وأنت سوف تظلني هنا إىل األبد , وال
خترجني منها أبدا .
- ووالدى ؟
- إنسيهما ! –
هن��ا إنفط��رت نيكى فى بكاء ش��ديد . بكت بش��دة ,لدرجة أن دموعه��ا كونت بركة صغرة من
املاء إنسابت على امللك فاسورى .
صاح بصوت فيه صأصأه :
- كفى اآلن عن هذا ، وإال ستغرقى مملكتى !
يق��ود كان ال��ذى اخل��ادم إىل صف��ارة وأطل��ق
58
59
60
نيكى. وأخذ يردم أرض احلفرة املليئة بالدموع .
وم��ن العج��ب أن توقف��ت نيك��ى عن الب��كاء ، وميضى الوقت وهى ترتعد رعبا ، ثم تشجعت قائلة:
- أين صديقتى بيكى ؟
- ملاذا تتذكرينها ، إنها ليست هنا .
- وأين هى ؟
نيك��ى ردت . أخ��رى مملك��ة اىل قادوه��ا - بتعجب:
- فى مملكة أخرى ؟
- نع��م ، ف��ى مملك��ة إي��روس . وه��ى مملك��ة ضخمة مثل هذه .
-إبتسم امللك قائآل وهو يتململ :
- إنها كانت بإس��تمرار حتل��م باجلمال . وهى اآلن سعيدة , ألنها أصبحت أمجل اجلميالت فى اململكة,
أضاف وهو يفكر قليال – مثلى أنا !
61
- هل علمت هذا منها ، وعن إمسى , وأين نعيش؟
- رمبا ، ممكن . ضحك امللك قائآل:
- أن��ا مل أس��تعلم عنه��ا ، بل هى الت��ى حدثتنى عن كل ش��يئ بنفس���ها . وه��ى تعم���ل ف��ى مملك�ة
أخ�رى ، ومع ملك آخر .
تعجبت نيكى قائلة :
- هل لديكم مملكتني ؟ تظاهر فاسورى كأنه مل يسمع سؤاهلا , وإس��تمر فى الكالم – وأنت سوف
تعملني عندى وسوف ختدميننى .
صرخت نيكى :
- ال ، ال ب��د أن خترجن��ا م��ن هن��ا ، أتس��مع . رد امللك آم�رآ :
- كفاك��ى ، لقد تعب��ت ، وستش��اهدينها فيما بعد .
أع��ادوا نيكى اىل جحرها املعتم .ش��عرت باحلزن وهى وحيدة ، فكرت فى نفس��ها »كم أحن اآلن اىل
62
البي��ت . طبعآ ماما خبزت فطائر م��ن القمح . آه ، كم أرغ��ب أن آكل .»وم��رة أخ��رى إنفط��رت ف��ى بكاء
شديد« .
ظل��ت تبكى وتبكى . تتعج��ب , كيف خترج كل هذه الدموع من تلك الفأرة الصغرة .
وفجأة فت��ح الباب ودخل احلارس . مل يلحظ اهلوة التى تكونت من دموعها ، وداس عليها . وهنا توقفت نيكى عن الب��كاء : مل يعد احلارس حيرك أنيابه ، وال خيبط األرض برجليه . تسمر فى املكان . ثم بعد ذلك بدأ ينخفض الضوء من عينيه ، وس��اد الظالم من
أثر ذلك وكأنه حتجر فى مكانه .
قالت نيكى فى نفسها وهى ختمن :
- ألذل��ك أمر امللك فاس��ورى بردم اهل��وة التى كانت ق��د إمتألت من دموعى ، فهو خياف م��ن املاء ! أرادت أن خت��رج وجت��رى من هذه احلف��رة ، لك��ن كان خلفها ظالم ورعب ، لذلك مل تعرف الفأرة نيكى أين تذهب. ش��عرت أس��رتنا خبيبة األم��ل وظلت مكانه��ا وجاء ص��وت صأصأة م��ن احلفرة التى جتل��س فيها نيكى
–
63
فيه رجاء وطلب :
- نيكى ، ساعدينى ، سأموت .
تعجبت :
- من هذا ؟
أجاب :
- ه��ذا أن��ا، احل��ارس . ضم��دى عينى !حت��ى يأتى الضوء وأنا س��وف أجففها بصوف يدى وأس��تطيع بعد
ذلك احلركة .
ردت عليه نيكى :
- وتدفعنى من جديد فى هذا الظالم املخيف .
- ال ، لن أفعل ، سوف أساعدك.
ش��عرت نيك��ى بالعط��ف على احل��ارس ، واألهم م��ن هذا ، أنه��ا طيبة وال تري��د اهلالك ألحد ، فش��دت نيكى قطعة من ذيلها ، وأخذت تنظف أعني احلارس الوحشى التى أش��عت بالضوء . ظل حيول أنيابه حتى
64
جف جس��مه ووبر . وبالتدريج أصبح يتحرك وخيبط األرض ف��ى املكان . ثم بعد ذل��ك خرج من اجلحر دون
النطق بأى كلمة وأقفل الباب .
ك��م إنهارت الفأرة املس��كينة من هذه اخليانة . واألن ال خ��الص م��ن هذا املكان املف��زع . وأثناء آالمها ش��عرت بأن الباب ‘يفتح من جديد .ورجع احلارس وهو
حمتفظ بشكله كحارس ذى الوبر .
قال هلا :
- هي��ا إرتدى مالبس��ك ، وبس��رعة ، س��أخرجك من اململكة .
أخ��ذت نيكى تض��ع املالب��س على جس��مها فى عجل . وعندما إس��تعدت للهرب ، توقفت وتوجهت إىل
احلارس قائلة :
- وأين بيكى ؟
- بيك��ى تعيش ف��ى مملك��ة أخرى .عن��د األخ فوسورى . وال أستطيع أن أنقذها .أنقذى نفسك أنت .
65
- ال ! سوف ال أخرج وحدى من هنا . وماذا يقول والدى بيكى ؟
- لكن ، كما تعرفني ، ال أس��تطيع أن أس��اعدك بأى شيئ أكثر من ذلك . هذا خطر جدا بالنسة ىل .
- حدثنى ، كيف أصل اىل مملكة إيروس ؟
- ال أحد يعرف ذلك إال امللك فاسورى .
- وماذا أفعل ؟
- املخرج الوحيد هو املوافقة على العمل عند امللك.
- وملاذا !
قالت هذا نيكى وهى فى حالة من الضيق .
- إنك بالعمل عنده س��وف تعرفني كافة األس��رار عنه ....
ومل يس��تكمل احلارس كالمه إىل نيكى ، حتى مسع أصواتا لثالثة نداءات قريبة من الصأصأه ،
فأسرع اىل هناك قائال :
66
- عل��ي أن أرحل س��ريعا ، وأنت ق��ررى ... قد تأخرت وسيأتون إىل هنا .فسألته نيكى:
- وماإمسك ؟ - إمسى فو . أنت أنقذتى حياتى , وأنا سوف أساعدك بكل ما أستطيع وبرضاء.
- أشكرك يا فو .
- على أن أرحل سريعا .
وجرى فو ، وإبتعد .
وبعد فرتة جاء امللك فاسورى إىل نيكى قائال :
- هي��ا ، إذن ، ي��ا نيك��ى ، وافقت عل��ى خدمتى ؟ صمتت نيكى دون الرد .
- إفهم��ى ، أيها الف��أرة احلمقاء ، ليس لك خمرج إال هذا ، وملاذا العناد ؟
قالت الفأرة:
- حس��ن ، فاس��ورى ، موافقه على العمل عندك ، لكن بشرط واحد فقط .
67
تعجب امللك وهو ينصب أذنيه قائال :
- أى شرط هذا ؟
- أوال , البد أن تطعمنى .
- أوه ! دون شك .
- صاح امللك بسعادة .
- سيقدمون إليك هنا أحسن األطعمة امللكية !
أحضر ح��ارس املل��ك فاس��ورى إىل نيك��ى جذوع أعشاب متشابكة وملتوية ، وقدمها فى وعاء إليها.
- أهذا ... طعام ؟ كادت الفأرة األسرة نيكى أن يغمى عليها من التعجب .
- بالطبع .
- لكن��ى ال آأكل إال حب��وب الش��وفان والقمح أو الشعر فقط .
- أنت مازلت عنيدة جدا , مثل صديقتك بيكى.
68
- بيكى ؟ أن��ت تقول بيكى ؟ أين هى ؟ قاطعها فاسورى قائال :
- أمل أق��ل ل��ك م��ن قب��ل ، أي��ن ه��ى . وكفى عن األسئلة، أنا ال أحب هذا ! وأضاف :
- حس��ن ، حس��ن ، س��يحضرون ل��ك احلب��وب الت��ى
69
حتبينها ، لكن بش�رط واحد ، أن تنس�ى صديقت�ك، وال تذك�رى إمس�ها . ومن وقت آلخر س��وف أعلمك أن تأكلى اجلذور الش��هية لدينا . وه��ى الغذاء امللكى
الشهيئ احلقيقى هنا أيتها احلمقاء .
أعطى امللك فاس��ورى إش��ارة إىل أحد حراسه . وهذا
70
خ��رج لفرتة ، وبعدها رجع حام��ال لنيكى بعضا من حبوب القمح .
- تن��اوىل طعام��ك ، ثم إس��تعدى ، س��يأتون إليك . وستخرجني للعمل . فى البداية سوف متسحى أعينى بطرف ذيلك وباألخص عندما أصحو من النوم . ثم بعد ذلك تقومني على خدمتى وأنا أتناول غذائى . وإبتعد
فاسورى عن املكان فى صحبة احلراس .
قال��ت نيك��ى للمل��ك بص���وت في���ه ص�أص��أه وتهكم ، وهى حتملق فى بطنها وحترك أظافرها :
» فى البداية سوف متسحى أعينى الفظيعة بطرف فراء ذيلك « .
أخذت الفأرة نيكى تأكل حبوب القمح بكل ش��راهه ألنها كانت جائعة للغاية ثم غس��لت وجهها ونظفت وبر جس��مها، وش��واربها ، وأعينه��ا ، وجففت أظافرها . ومل تنتهى بعد إذ حضر حارس امللك وأوصلها إىل الفناء الذى رأت فيه فاس��ورى ألول مرة . وهناك بدأ عمل الفأرة. مسحت أعني هذا املخلوق العجيب القبيح
بطرف ذيلها .
71
72
عندم��ا إنته��ت نيكى . أخ��ذ الضوء ف��ى الفناء يزداد من تأثر أعني امللك . ومبجرد أن قدمت له غذائه
احملبوب –وهو جذور النباتات امللتوية املتحركة .
- بدأ فاس��ورى حيرك أنيابه بشكل أسرع . همس امللك بصوته الفظيع قائال:
- وأنت ، يانيكى ، فقد بدأت العمل جيدا.
- وعلي��ك أن تنام��ي اآلن ، حت��ى ال تفك��رى ف��ى صديقتك .
- ثم نثر فاس��ورى مس��حوق بودرة على أعني الفأرة نيكى ، ومنه نامت فى احلال .
............................................................
... م��رت حي��اة نيكى فى مملك��ة حتت األرض بغراب��ة ش��ديدة . فكان��ت تس��تيقظ ، وت��أكل ، ث��م يقودونه��ا اىل املل��ك ألج��ل أن متس��ح ل��ه عينيه بط��رف ذيلها ذى الوبر . وتطعم��ه باجلذور الك�ريهه املتحرك��ة ، وفاس��ورى الب��د أن ينث��ر عل��ى عينيه��ا املس��حوق املن��وم حتى تن��ام . واملس��كينة نيكى مل
73
تستطع أن تعرف شيئا عن صديقتها بيكى .
وم��ع الوق��ت تعلمت الفأرة نيك��ى أن تفرق بني احلراس الذين يتش��ابهون مجيعهم م��ع بعض . فعلى س��بيل املثال كان ل��دى واحد منهم أعني تش��ع ضوء أكثر من غره ، وذات لون أخضر –وهذا كان أصغر احل��راس س��نا. وآخ��ر أعرج قلي��ال . وثال��ث لديه أعني
حزينة كذلك فو . وعددهم سبعة حراس.
وعلم��ت نيكى من فو ، أن امللك ينثر املس��حوق املن��وم ليس فقط عليها ، بل ينثره أيضا على احلراس أيض��ا ألنه خي��اف واليثق فى أح��د . وطبع��ا، البد أن يكون هناك سر خميف ، ومن أجل معرفته والتخمني عنه فعلى الفأرة أال تنام بأية طريقة ، لكن كيف
تفعل هذا ؟ البد أن تفكر فى شيئ ما.
وف��ى املرة التالية عندما ألقى فاس��ورى املس��حوق على أعني الفأرة نيكى ، أس��قطت الكأس املوجود في��ه اجل��ذور و إحننت حتته بش��دة ث��م أقفل��ت أنفها بأظافرها . إغتاظ امللك وأخذ بس��رعة يبحث عن بقايا من املسحوق ، لكن وجد نيكى نائمة ، فهدأ . وألقى
74
باقى املس��حوق على أعني احلراس الذين ناموا فى ذات اللحظة .
لك��ن فى الواقع فقد جنح��ت نيكى فى خداع فاس��ورى عندما رقدت عل��ى األرض وتظاهرت بالنوم. وفج��أة ش��عرت أن ش��يئا ما يتح��رك ، ففتح��ت إحدى عينيها ثم األخرى ، وما شاهدته كان بالفعل أعجوبة! ب��دأت ج��ذور النبات��ات تئز بأص��وات عالي��ة وتتحرك بش��دة فى الفن��اء . وبعد ذلك أخ��ذت تزحف فى جهات خمتلفة ، مثل خي��وط العنكبوت احلية . مل تتحمل نيكى هذا املنظ��ر . أرادت أن تهرب ، لكن فى نفس الوقت حاولت جاهدة أن تظل بال حركة وهى تتظاهر أنها نائمة . شقت اجلذور احلائط األرضى ، وظهر ضوء النهار . يال��ه من مجيل . كم أرادت نيكى أن تندفع حنو هذا الفن�اء املشمس وتهرب بعيدا من هنا ! لكن
عليها أوال أن تنقذ صديقتها .
وب��دأت حت��دث لفاس��ورى أيض��ا أش��ياءا غريبة . توق��ف فجأة ع��ن حتريك خمالب��ه والنط ف��ى املكان ومتاي��ل امللك وس��ار اىل الفناء املفتوح .أخذ وبر ش��عر الرأس واجلسم يتطاير فى أحناء خمتلفة ، وأصبح هذا
75
املخلوق العجيب ميش��ى على بقعة من الوبر وجسمه عاري��ا متام��ا ، إال أعينه الت��ى مازالت ضخم��ة وناباه خترج��ا من وجه��ه القبيح . ودخل إىل الفن��اء املضيئ ،
ونطق بصوت معني
- جاللة امللك إيروسوف !
76
. وبس��رعة أخ��ذت احلوائ��ط تلتئ��م م��ع بعضه��ا تعجب��ت نيكى قائلة فى نفس��ها »ماه��ذا ! خيرج ، امللك فاسورى وإروس��وف –وهما شخص واحد ، لكن
عكس بعضهما !«.
خي��وط تش��به الت��ى اجل��ذور زحف��ت عندم��ا العنكبوت احلية وتشابكت أصبح املكان مظلما. كان مجيع احل��راس نائم��ون نوما عميقا ويس��مع ش��خرهم فى الظالم . تذكرت نيكى أن احلارس فو هنا أيضا ، فأخذت تبحث عنه . البد أن يكون موجودا ف��ى املكان . وبدى أنها وجدته ، لكنها إبتعدت عنه من اخل��وف . هؤالء احلراس يتحرك��ون على خمالبهم أثن��اء نومه��م .وم��ع كل ه��ذا الضيق ظل��ت نيكى توقظ فو ، لكنه ال يستيفظ . أخذت نيكى تفكر
. ؟ – وماالعمل إذن ؟ وكيف أوقظه
م��دت طرف ذيلها عل��ى أعينه ، فتنب��ه فو وهو فى سعادة، ومبجرد أن فتح عينيه ساد النور فى الفناء .
نظر فو إىل نيكى بتعجب قائال :
- نيكى ، أين امللك ؟
77
- مل��اذا التنام��ني ؟ أليس من الواج��ب أن نكون أول املستيقظني حتى أوصلك إىل جحرك ؟
- إنن��ى خدع��ت امللك ومل أمن . وهو ذه��ب إىل الفناء املوجود خلف هذا احلائط . هناك بالطبع نور !
وقد حتول امللك إىل جرزة ضخمة .
- جرزة ؟ كيف ؟
- ليس��ت ج��رزة ، لكن مايش��به ذل��ك ، حتول إىل حيوان أصلع متاما .
تعجب فو قائال:
- إىل حيوان أصلع ؟
- لي��س ألصلعا ، بل دون وب��ر ...أو دون صوف ...أنا ال أعرف بالضب��ط ، لكنه أصبح خمالفا ملا تعودنا أن
نراه عليه .
فكر فو قائال:
- لق��د إختل��ف األم��ر عل��ى نيك��ى . ث��م أضافت
78
قائلة:
- وأيض��ا مسع��ت ، أنه��م ينادون��ه بإس��م – املل��ك إيروسوف .
- إيروسوف ؟ إبروسوف ؟...فكر فو , - نعم , لكن أمل يكن هذا أخ لفاسورى ! ؟
- حي��دث ، أن يكون أخا لنفس��ه ؟ ففى مملكة إيروس
– ه��و إيروس��وف ، وف��ى مملك��ة فاس��ور – فهو فاسورى ؟
إنها أل عجوبة ! معنى ذلك أنه يعيش فى مملكة حي��اة ، وف��ى مملكة أخ��رى – حياة أخ��رى؟ كيف ينجح فى هذا ؟ ألس��تم أنتم حراس��ه ، ومل تتوقعوا هذا
فى أى وقت من األوقات؟
- تعجبت نيكى لدرجة شديدة وأضافت .
- وأيض��ا مل تتيقن��وا من وج��ود مملكتني ، كل منهما ضد األخرى .
79
- مملكة مضيئة وأخرى مظلمة ؟.
- ال مل خنم��ن . لق��د مض��ى علين��ا 300 عاما وحنن نعي��ش ف��ى مملكة فاس��ورى املظلم��ة ، ومل خنالف
تعليماته فى أى وقت من األوقات .
إندهشت نيكى قائلة :
- ثالث��ة مائ��ة ع��ام؟ وم��ن كان إذن ميس��ح أعني ملككم ؟
- كان يس��رق من سكان الغابة املشمسة مثلك وجيربهم على اخلدمة .
- ياله من شيئ فظيع ! وما العمل بعد ذلك ؟
- وبالتدريج يتعود األسرى على أكل هذه اجلذور ويتحول��ون اىل ح��راس . ه��ذا الطع��ام يطي��ل العم��ر لفرتات كثرة . ويغر من املظهر اخلارجى لساكنى وذل��ك , األرض حت��ت الكائن��ة فاس��ور مملك��ة
للتكيف مع تلك الظروف الضرورية للحياة فيها .
- معنى ذلك أنك أيضا كنت فأرا فى يوم من األيام؟
80
قال فو بصوت حزين :
- قد نس��يت متاما ماذا كنت ، كان هذا منذ زمن بعيد .
- أمل حتاول اهلرب ؟
- حاول��ت ، لك��ن كان هذا مس��تحيال . مل يرغب احلراس ، الذين حتولوا اىل سكان اململكة املعتمة، ف��ى أن ينجح أح��د اىل اهل��رب . فقد أصبح��وا حاقدين
ويتحفظون على األسرى بدقة.
- وملاذا تساعدنى ؟
- أوال، رأي��ت فيكى القلب الطيب ، الذى عطفتى ب��ه على ع��دوك .أن��ت أنقذت��ى حيات��ى ، وأنا س��وف أنقذك. إستمرت نيكى وفو يتحدثان لفرتة طويلة. ث��م أحضر هلا حبوب القمح ، وأكل هو اجلذور املعتاد
عليها .
- أعذرن��ى ي��ا ف��و ، كي��ف ت��أكل ه��ذه اجلذور البشعة الكريهة؟
81
- إذا مل ن��أكل ه��ذه اجل��ذور , فس��وف نتوقف عن احلرك��ة ، واحلرك��ة بالنس��بة لن��ا ه��ى ، احلي��اة .
فسألته نيكى :
- ومن أين حتصلون عليها ؟
- إنه��ا تنم��و بصف��ة دائم��ة عل��ى حوائ��ط أرضية اململكة . وتتس��رب فى داخلها رطوب��ة مضرة . واملاء بالنسبة لنا ش��يئ مميت . وأنت بنفسك تأكدت من
ذلك .
- هل عندما بكيت ؟
- نعم ، ك��دت أموت عندما إبتل جلدى بدموعك. ال جيب على أى أحد عندنا أن يبكى
- هذا هالك لكل ساكنى اململكة .
- بكيت فقط عندما أصبح��ت حيوانا آخرا . وهذا من زمن بعيد جدا جدا. لكن هلمى .
- تذكر فو .
- يبدو أنه حان وقت اإلستيقاظ .
82
قالت نيكى :
- وماذا نفعل ؟
رد احلارس وهو فى حالة إرتباك شديدة .
- ال أعرف .
فأسرعت نيكى بالرد وهى تأمره .
- الب��ودرة ، البد أن توجد هنا ب��ودرة منومة وعلينا أن حنصل عليها .
أس��رعت نيك��ى وف��و اىل م��كان ع��رش املل��ك فاس��ورى . ووج��دا بع��ض من الب��ودرة املتبقي��ة لديه . وما أن أمس��كت نيك��ى حبفنة من الب��ودرة ، حتى ب��دأت اجل��ذور تزحف من جدي��د فى جه��ات خمتلفة ، وهى تكش��ف عن فناء اململكة املشمس��ة األخرى . فتظاه��ر أصدقاؤنا بالنوم . عند ذلك دخل إيروس��وف وأخ��ذ يتحول إىل ش��كل املل��ك الذى إعت��ادا أن يراه علي��ه نيك��ى وف��و . نظر املل��ك وهمس فى نفس��ه ،
عندما رأى بعض من حبوب القمح على األرض :
83
- ما هذا ؟
إنزعجت نيكى قائلة فى نفسها :
- »أخ لقد وقعنا فى الفخ« . رد امللك قائال :
- وى ، وى ، أيته��ا الفأرة البلهاء ، تأكلني وتنثرين احلب على األرض .وهذا ما يفعله الفئران دائما.
- لك��ن البد على أية ح��ال أن أعودها على أكل اجل��ذور . فه��ى ختت��زن حب��وب القم��ح لف��رتة طويلة ومازال��ت ال تتح��ول اىل حارس��ى األب��دى . ح��ان الوقت للتضييق عليها وجتويعها . وسأرى كيف ستأكل
املسكينة اجلذور.
مسعت نيكى هذا وأجابت فى نفسها
»أجل ، اآلن«
لكنها ظلت فى مكانها ومل تتحرك , بالرغم من رغبتها فى أن تهجم عليه وتنقر فاسورى هذا فى رأسه!
وأن تضربه بقوة شديدة .
- همس فاسورى وهو فى حالة تعصب :
84
- ماهذا ، مازال حراسى نائمون ؟
مل يستكمل فاس��ورى كالمه حتى بدأ احلراس يتحركون واحد بعد اآلخر . »وإس��تيقظ« فو أيضا. إق��رتب من نيك��ى » النائمة « ، ومحله��ا بني خمالبه
وأوصلها اىل اجلحر .
مل تستطع نيكى أن متسك نفسها حتى ال تنفجر فى الضحك وهى تنظر اىل فو وهو حيملها ويهز خمالبه
دون توقف . وكان هذا يشعرها بالزغزغة .
عندما وصل��ت نيكى اىل اجلحر هم��س فو وقال هلا :
- نيكى ، إس��تعدى ، اآلن كل ش��يئ مرتبط بك وجيب أن أذهب . سوف يقوم على حراستك واحد آخر ،
أجابت نيكى الشجاعة :
- سأحاول .
وإبتعد فو .
أحضروا إليها حبة قمح واحدة وكثر من اجلذور.
85
فكر امللك كيف ميكن بأس��رع وقت حتويلها إىل أح��د من حراس��ه .لكن ه��ذا مل يفزع الف��أرة نيكى الش��جاعة .فه��ى مل تك��ن جائعة ومس��تعدة للهجوم عل��ى امللك . أخذت نيكى تضع البودرة املنومة على طرف ذيلها . فعلت هذا حبذر حتى ال تقع على عينيها.
ومل تنم .
عندما طلبها امللك إليه ، كانت مس��تعدة .أخذت الف��أرة تربت على أع��ني امللك بط��رف ذيلها خبطوات معتادة . بدأ امللك فاسورى يصأصأ بعنف عندما أحس
مبا تنثره .
- ماذا وضعتى !
- وب��دأ فى يأس ميس��ح عينيه مبخالب��ه . لكن مل يساعده هذا . أخذ امللك يزعق قائال:
- أن��ا س��وف ،أنا س��وف ... ومل يس��تطع أن يكمل كالمه حتى همد ونام .
ح��اول احل��راس القب��ض على نيك��ى ، لكنها جنحت فى أن تلقى بالب��ودرة على أعينهم وناموا فى
86
اللحظة . نام اجلميع وهم مغمضى األعني ، ثم إنطفأ الن��ور فى الفن��اء . وبعد دقائق أصبح امل��كان معتما متام��ا . وكم��ا حدث فى املرة الس��ابقة أخذت اجلذور ختشخش وتتس��لق حتى فتحت الطريق للفناء األخر. دخل��ت نيكى إلي��ه وأغمض��ت عينيها م��ن الضوء .
و‘مسع صوت فيه حفاوة قائلني :
- مرحبا، إنه جاللة امللك إيروسوف .
كان احلارس الذى أعلن عن قدوم امللك ، أقل حجما منه بكثر وكذلك من نيكى ، وس��ار على بقايا من احلش��رات الدقيقة وبقايا أني��اب فى تربة األرض . لكن ماأده��ش نيكى كثرا، أن احلارس كان ... أعم��ى ! وهذا مل مينع��ه من حتويل رأس��ه فى اجلهة ، التى ظهرت فيها نيك��ى وكأنه يرى جيدا. كانت لدي��ه حاس��ة مسع جيدة ! مش��ى فى الفن��اء ، وأحضر حارس��ا آخ��را. يب��دو عليه احل��زن واألس��ى . إقرتب من نيكى وهو خيفض رأس��ه . وبدا أنه ينظر إىل األمور دون إهتمام متاما. أخذ هذا احلارس املس��كني يغنى
بصوت رفيع ، وهو يتنفس بصعوبة :
87
- يا أكرب خميف ، ويا أكرب خطر ،
يا أشجع الشجعان ، ويا أمجل مجيل ،
يا من ينتصر على اجلبناء ببطولة ،
أنت فقط ، أيها امللك إيروسوف !
بدى لنيكى أن هذا الصوت معروف لديها وقريب منها . فق��د مسعته فى مكان ما من قبل. لكن, هل
ممكن أن يكون بيكى ؟ وصرخت :
- بيكى ، بيكى حبيبتى ، أأنت !
أخي�را وجدت�ك !؟ .
ه��ذا املخل��وق التعس ال��ذى تعرفت علي��ه نيكى وعرفت��ه من صوت��ه ، كان بالقطع بيك��ى . رفعت رأسها وهى التصدق عينيها ، وجرت بيكى فى الفناء
اىل نيكى . قائلة :
- نيكى ! .
وإندفعت الف��أرة التعيس��ة إىل صديقتها نيكى
88
89
90
وتعلقت برقبتها .
- كنت أعرف ،أعرف جيدا أنك ستجديننى ! صاح اخلفر ، الذى كان يقف جبانب الصديقتان :
- إنتبه��وا ، احلارس ! وبهدوء ش��ديد إندفعت حنوه نيكى ووجهت طرف ذيلها على عينيه .
عط��س احل��ارس عطس��ة ش��ديدة ث��م ن��ام بعدها بس��رعة وهو ينبط��ح على األرض . وحلس��ن احلظ مل يقرتب حارس آخر ، من احملتمل أنهم مل يسمعوا النداء
. ورجعت نيكى إىل بيكى تسأهلا :
- ماذا حدث لك ، وملاذا أنت بهذا املنظر؟
-آه آه ، ال تذكرينن��ى بش��كلى اخلارج��ى , فأنا أش��عر باخلجل من نفس��ى ، وقد عوقبت على كل ما فعل��ت . أمل تذك��رى أننا وقعنا هنا بس��ببى . فعندما س��قطت ف��ى هذه احلف��رة ، وقعت فى األس��ر عند هذا املخل��وق العجيب إيروس��وف . وأغمى عل��ي ، وعندما أفق��ت ، وج��دت ضوءا فى احلفرة ، فقد تس��لقت على اجل��دران ج��ذور نباتات تش��ع ن��ورا . وس��رعان ما جاء
91
خلف��ى جمموع��ة م��ن الفئ��ران القارضة املض��رة ذات األنياب البشعة ومحلونى إىل امللك األعمى .
قالت نيكى لصديقتها بيكى:
- ماذا تقولني ؟ - هل إيروسوف – أعمى؟
- نعم ، اجلميع هنا عميان ، لكنهم يسمعون جيدا جدا ، وقال ىل إيروس��وف ، إذا م��ا إجته�دت فى العم�ل
هنا ، فسأصب�ح أمجل اجلميالت فى اململكة .
قالت هلا نيكى :
- وأنت وثقتى به ؟- تذكرى ، إننى كنت دائما ما أحلم بأن أصبح أمجل اجلميالت ، وهنا س��أصبح أول
أمجل مجيلة فى اململكة .
- أيتها التعيسة .
- وأخذت نيكى تتأس��ف على صديقتها بيكى وضمتها إىل صدرها وإنفطرت فى البكاء .
- أكلتى هذه اجلذور وحتولتى إىل هؤال احلراس ؟
92
- حتس��رت نيك��ى عل��ى صديقته��ا لدرج��ة أنها كادت تبكى .
- ق��ال ىل املل��ك إن ه��ذه اجل��ذور س��حرية . وعندما آكله��ا فس��وف أحتول إىل ف��أرة هلا ف��راء أبيض ، مثل الفأر أوس��ى، وس��وف يك�ون ىل أه�داب طويلة مثل الس��نجاب ، وأس��نان بيض��اء رائعة ,وأخ��ذت بيكى
تتشنج وهى حتكى .
- ومل أحتك��م ف��ى نفس��ى وأخ��ذت آكل ه��ذه اجل��ذور، وعندم��ا فهمت أنهم خدعون��ى ، إمتنعت عن األكل ، لك��ن بع��د أن ف��ات األوان . وش��عرت أننى
سأصاب بالعمى . وأنا اآلن ال أرى جيدا .
- مسكينة يابيكى ، مسكينة .
- وعانقت نيكى صديقتها.
صمت��ت بيكى قلي��ال ثم إس��تمرت فى حكاية قصتها :
- أمرنى امللك أن أقابله باألغنية التى مسعتها.
93
الدموع خنقت بيكى التعيسة ، وصرخت :
- أن��ا اآلن س��وف ال أرى بيت��ى وال وال��دى ! وبكت الفأرة البائسة .
وخففت عنها نيكى قائلة :
- أال تثقني بى ؟
- سوف خنرج من هنا بالضرورة .
- ال أع��رف ، يب��دو ىل أن هذا س��وف ال حي��دث أبدا . وأنت نفسك تعتقدين هذا ؟
- نع��م أعتق��د ، ولكن ، كي��ف وهل ميكن أن حيدث ، يابيكى !
ثم صمتت بيكى وقالت لنيكى :
- وأن��ت ، م��اذا ح���دث لك ، وك�ي��ف وقع�تى إىل هنا ؟ .
حك��ت نيكى قصة حياتها عند امللك فاس��ورى، وكي��ف تعرف��ت على ف��و, وقصت هلا عن س��ر وجود
94
مملكتني .
عندم��ا إق��رتب وق��ت الرحي��ل تكش��ف ظ��الم مملكة فاسور أمام الصديقتان .
وسارت الفأرتان إىل فناء آخر حيث إنطبقت اجلدران على بعضه��ا من جديد. هنا إس��تيقظ املل��ك . فألقت
نيكى عليه طرف ذيلها مرة أخرى .
- ملع��ون هذا ، م��اأن وقع مرميا عل��ى األرض حتى ص��ار يتمت��م بص��وت مبحوح . ث��م إس��تيقظ احلراس
أيضا وشع من عيونهم الضوء .
أس��رعت الفأرة نيكى بنثر املس��حوق املنوم على احلراس . وإقرتبت من فو الذى كان مازال نائما وأخذت
توقظه قائلة :
- عزيزى فو إستيقظ , حان وقت الرحيل. إستيقظ فو وطلب إنتظاره بضع دقائق ثم خرج إليهم .
همست بيكى :
- ماهذا الظالم والرعب .
95
فهدأت نيكى من روع صديقتها قائلة:
- س��يأتى فو اآلن ويش��ع النور فى امل��كان . وفعال عاد فو الوفى بسرعة وقال هلما :
- إجعل��ى بيك��ى ترت��دى زى احل��راس وأنا س��وف أمحلك , يانيكى ، وأوصلكما .
وفعلت��ا بيك��ى ونيك��ى مانصحهم��ا ب��ه ف��و . ث��م توج��ه األصدقاء الثالث��ة إىل ممر خ��اص بالعمال . أوقفهم أح��د احلراس ثم الثانى , لكن فو كان يقول
هلم بإختصار :
- بأمر من امللك فاس��ورى ! وثق فيه احلراس , ألنه ال يستطيع أحد فى هذه اململكة أن خيالف القوانني .
وهكذا إجت��ازوا بنج��اح مجيع مواق��ع التفتيش. ث��م وضع فو نيك��ى حب��ذر عل��ى األرض . وفتح أمام الفأرتان مدخل إىل حفرة كانت فيها اجلذور تتس��لق
على اجلدران وتصل إىل السقف .وقال هلما :
-إنتظرا .
96
- جيب أن أحصل على حلقة املفتاح حتى تستطيعا اخل��روج م��ن هنا وتذهب��ا إىل البي��ت . ب��دا القلق على
بيكى:
- وش��كلى ، ه��ل س��أبقى على ه��ذا املنظ��ر وأنا مثل املخلوق الوحش��ى ذى الوبر؟ نظ��ر فو إىل بيكى
التعيسة بعتاب وقال هلا :
- األفضل لك احلرية ، أم الشكل اخلارجى ؟
- عليك أن ختتارى ، وإما ستبقني هنا ؟
- ال ، أري��د احلري��ة ، وأري��د أن أذه��ب إىل البي��ت .- أعذرنى يا فو .
- ال عليك ؟
- مل أرغ��ب أن أس��يء إلي��ك ، وأنت تق��ول ىل ، أيتها الوحش الصغر ...
فرد عليها فو :
- ال علي��ك ه��ذه تفاه��ات ، وأخ��ذ يهز رأس��ه ، ليس دائم��ا م��ا تقاب��ل املظه��ر اخلارج��ى الس��يئ بالش��يئ
97
الفظيع وبأعمال الشر ، األساس ، هو أن تتفهمى هذا . وعرضت عليه نيكى بان يذهب معهما قائلة :
- س��تأتى معنا ، ولن نرتكك وسوف تعيش معنا ، و مع والدينا ...
صمت فو برهة من الوقت ثم قال:
- ال، ياعزيزتى نيكى , ال أس��تطيع أن أعيش فى ضوء الشمس سأموت ، وأضاف –ال يهم ، شكرا.
ردت نيكى :
- ش��كرا لك أن��ت على كل ما فعلت��ه من أجلنا ، سوف لن ننساك أبدا !
ثم عانقته . وقال :
- وداع��ا لكما ! نطق فو هذه الكلمة ثم إختفى من النظر .
لوحظ الظالم فى الفناء . وحبركة سريعة أقفل احلارس الباب ، بعدها أخذت اجلذور وهى تتش��ابك مع بعضها ، وكأنها نسيج عنكبوت ، خلف اجلدران ،
98
وترفع الفأرتان نيكى وبيكى إىل أعلى عن قصد . تعجبت بيكى قائلة :
- ماهذا الذى حيدث لفو ؟ أجابت نيكى فى حزن : - ال أعرف . أصبحتا ال تستطيعان أن تريى ماذا حيدث
لفو ... وهو يبكى .
99
صاح امللك فاسورى حبدة وهويتقدم بسرعة حنو احلارس قائال :
- ماذا تفعل ؟
- ال متس��ك حبلقة املفتاح ،وال ت��دع الفأرتان تهربا، لك��ن ف��و ضغ��ط عل��ى احللق��ة .وأنفلتت سلس��لة
احللقة حمدثة صوتا .
- أيها اخلائن ! أنت تقتل نفس��ك ، وستعاقب عقابا شديدا .
لك��ن فو تعلق فى احللقة وجتمد، أخذت الدموع جترى م��ن عينيه الكام��دة . وبدأت تتس��اقط ببطء
على فراء جلده ، وعلى األرض ، وعلى اجلذور ...
وحدثت املعجزة ! إنتفضت اجلذور فجأة ، وأخذت تزده��ر الواحدة بعد األخرى بأزه��ار بيضاء اللون رائعة
اجلمال , تفوح برائحة مجيلة .
إنطلق��ت اخلف��رة لته��رب ف��ى فزع .ص��اح امللك بصوت فيه سقسقة :
100
- إىل أين أنت ذاهبة ؟
- سأجرى ألحلق بالفأرتني !
- ال تفعلى ، س��وف أالحقكم وأقتلكم مجيعا ! لكنها مل تس��مع له وجرت . ومنت فى مملكة حتت األرض هذه فى مقر العمال ، وفى كل حفرة ، وعلى
كل جذر من اجلذور زهور بيضاء مجيلة .
101
جرى فاس��ورى من هنا فى فزع ورعب شديدين إىل مملكته الثانية .
....................................
ف��ى هذا الوقت كانت اجلذور ق��د رفعت الفأرتان إىل أعل��ى . دارت رأس بيكى وس��قطت على األرض مغم��ى عليها . حاول��ت نيكى أن متس��كها ودون إرادة أخ��ذت ترب��ت عل��ى وجهها بط��رف ذيله��ا ، الذى كان مدهونا ببعض من املس��حوق املنوم .مل تس��تطع بيك��ى أن تنتب��ه وراح��ت فى ن��وم عميق . جلس��ت نيك��ى جبانبه��ا وإنفطرت فى الب��كاء. وتذكرت فو الذى س��وف ال تراه أبدا فى أى وقت من األوقات . فقد كان بالنس��بة هلا الصديق احلقيق��ى . وفى اللحظة الت��ى أرادت نيكى أن متس��ح دموعه��ا بطرف ذيلها،
تذكرت أنها ستنام فى احلال ....
.................................... - بيكى ، هيا إستيقظى ، يابيكى ، ملاذا تنامني
بعمق هكذا ، هيا إستيقظى ! - ما، ما ، ما
- نظف��ت الفأرة بيكى نفس��ها ودارت إىل اجلنب
102
اآلخر , ونامت من جديد .- هيا إىل البيت
- ومل تتح��رك نيك��ى ع��ن صديقته���ا . قف��زت بيكى .
- إىل البيت ، - إىل البيت ! وفى اجلح��ر املعتم إندفع إليهم ض��وء وهاج .خرجت الفأرتان من خمبئهما ، وماذا وجدتا ؟ إكتس��ى كل ش��يئ حوهلما بالل��ون األبيض . ظهر الثل��ج وهو يلمع ويتألأل . وبدى أن الش��مس خت��رتق كل قطعة ثلج .
صرخت نيكى فى سعادة : - إنه الشتاء , الشتاء !!! يا بيكى
- أنظ��رى ، ما هذا اجلمال حولن��ا ! وردد صدا صوت الغابة - إنه الشتاء !!!
إرمت��ت بيك��ى ونيك��ى ف��ى أحض��ان الثلج ، ياله من أبيض ومنفوش .أخذت��ا تلقيان بندفات الثلج إىل أعل��ى ، وتربت��ان ب��ه عل��ى وجهيهم��ا ، وتقفذان وتتش��قلبان . كانت��ا ف��ى حال��ة من الذه��ول ليس هلا مثيل . وفى النهاية بعد أن سعدتا ومرحتا أسرعتا إىل البيت ، وكان ف��ى إنتظارهما الوالدان وأيضا فطرة
103
104
القمح الشهية . وبع��د ، م��ن يعرف ، إن كانت ه��ذه القصة فعال
حدثت ، أم كانت فقط من أحالم الفئران ؟ وق��د روت ىل ه��ذه القص��ة ف��أرة عج��وز معروفة .
تدعى ... نيكى
105
ناتاليا كورتوج
الحكاية الرابعة"الفتى رضا ، وقمر ، والصحراء"
106
107
ذات ي��وم س��ار الفتى رضا على حافة طريق وراء محارة عجوز سوداء اللون . كانت حول عينيها هاالت صفراء كبرة تش��به وج��ه القمر ، ولذلك أطلق عليها إس��م قمر . وفجأة توقفت احلمارة . قال رضا وهو يربت على
ظهر هذا احليوان قائال :- ما ال��ذى أوقفكى؟
باقى القليل .مل احلم��ارة لك��ن تتح��رك م��ن مكانه��ا . س��حبها رضا م��ن جلامها حتريكها حي��اول وهو جان����ب عن��د ف����رأى الطري��ق حقيب��ة قدمية فك��ر . مس��تهلكة رضا رمب��ا تركت لعدم
108
احلاجة إليها .إق��رتب الفتى من احلقيبة ودفعها برجله . هنا بدت خفيفة وتتحرك معه . أخذ رضا ينظر حوله لعله جيد صاح��ب للحقيبة ، لكنه مل جيد س��وى ت��الل رملية كثيفة وأشعة الشمس الشديدة . صاح بصوت عال
– من فقد هذه احلقيبة ؟. – ها ومل جي��ب عليه س��وى ص��دى رياح الصح��راء التى
أخذت تداعب شعره . قال الفتى رضا فى نفسه :
109
- فألنظر ماذا بداخل هذه احلقيبة ، وفتحها .وجد فى داخلها ثالثة أشياء :
إش��ارب أمحر اللون ، ونظارة ، وفرع جاف من شجرة الزيتون.
قال رضا :- اإلشارب نسائى وخفيف ، ثم أخذه .
أما احلمارة فإقرتبت من احلقيبة ، ورفعتها بفمها ، وأخذت تنهق ، ثم سحبت فرع الشجرة وقضمت منه .
قالت احلمارة : - ورقة الش��جرة جاف��ة ، لكنها أطع��م بكثر من
اخلضراء .نظ��ر الفت��ى حول��ه ، آمال ف��ى أن جيد م��ن يتحدث
معه. سالته احلمارة قائلة :
- عن من تبحث ؟ تعجب الفتى رضا !! وقال هلا :
- أنت محارة ، هل تستطيعني أن تتكلمى ؟
110
ردت عليه :- نع��م ؟! وه��ى مس��تاءة ، وبغضب أخ��ذت تضرب
األرض بأرجلها ، وهى تتقدم منه قائلة :- نعم أستطيع !
تراجع رض��ا للخل��ف وإصطدم باحلقيب��ة وإرمتى فوقه��ا . مس��ع ص��وت خشخش��ة . كانت فرع ش��جرة
الزيتون ، وجبانبه النظارة . قال رضا :- مادام��ت النض��ارة س��ليمة ومل تكس��ر فآخذه��ا
وألبسها .وضع اإلشارب حول رقبته حتى يتحرك حبريه ومد يده ألخذ النظارة . هنا ش��عر أنه يرتفع من األرض فى اهل��واء مث��ل الك��رة . ودار الفتى فى اهل��واء .- وحيى -
وحيى . - إىل أين أنا ذاهب ؟
- مسع صوت احلمارة قمر يقول له : - إخلع اإلشارب !.
نزع رضا اإليشارب من حول رقبته وفى ذات اللحظة هب��ط إىل األرض . نظ��ر إىل احلم��ارة قم��ر ، ث��م إىل
111
النظارة، وأخرا إىل احلقيبة . وقال :- هذه احلقيبة ليس��ت بالعادية وما فيها مس��حور: إرتديت اإلش��ارب وطرت فى اهلواء. وأنت قضمتى فرع
شجرة الزيتون وتكلمتى مثل البشر . أماءت احلمارة برأس��ها وهى تنظر إىل الس��ماء ، ثم
أغمضت عني وفتحت األخرى وهى تتبع رضا قائلة : - أن��ا أفه��م احلدي��ث الكالم��ى منذ ف��رتة طويلة وأيض��ا أس��تطيع أن أقرأ أف��كارك . فأن��ت ختاف من
أشياء كثرة . تعجب رضا وقال للحمارة :
- وى وى , وما هى؟ قالت :
- أن��ت قص��ر القامة وخت��اف أن تظل به��ذا الطول . وأيضا تريد أن تتعلم كيفية صناعة حقائب مجيلة، لكن ختاف أن يضحك علي��ك الناس ومل حتدث أحدا ع��ن هذا . وأيضا حتب الس��فر وتتمنى ل��و ختتبئ فى حقيبة أى س��ائح وجتول الع��امل . لكن عندك جدتك
عجوز وعمياء ، وختاف أن ترتكها وحدها .حت��ر رضا وتعجب : احلمارة قم��ر قالت احلقيقة .
112
فه��و فع��ال كان خيجل من قص��ره ، وكان حيلم أن يصنع أمجل احلقائب فى العامل ، وأن يسافر إىل بالد كث��رة ، لكنه مل حيدث أحدا ع��ن هذا ، وباألخص جدته ، التى خيش��ى أن تعانى من بعده , ألنه ال يوجد
لديها سواه بعد موت والديه ، وهذه احلمارة العجوز .فكر رضا فى نفسه وهو يلوح بيديه قائال بفتور:
» أخ ، لو يرجع جلدتى بصرها !« - دائم��ا ما حيلم الناس بأش��ياء مس��تحيلة . نفخت
احلمارة قمر فى اهلواء بغضب قائلة : - أتعتقد أن احلمر ال حيلمون ؟ رد قائال :
- حيلم��ون مباذا ؟ بأكل اجلزر اللذيذ ؟ أو بالتمر؟ أن��ت تريدي��ن أن تأكلى ط��وال الوقت ومس��تعدة أن متضغ��ى أى ش��يئ يقع أم��ام عيني��ك ... هل ميكن أن حتلم��ي أن تصبح��ى فرس��ة كبرة ، ألن��ك أيضا
قصرة؟ أجابت احلمارة بتحد : - نع��م ، أحب أن آكل كل ما هو لذيذ ! ، لكنى ال أري��د أن أصبح فرس��ة كبرة . وأري��د أن أطر مثل الطيور ، هل تعتقد أنهم أطلقوا عليى إس��م قمر هباء. ل��ف حواليى هذا اإلش��ارب وأنا أطر ك��ى أرى القمر
احلقيقى .
113
- هيا ، وستصبحني أول حيوان يطر فى اهلواء . ومبج��رد أن عزم رض��ا أن يلف اإلش��ارب حول رقبة ل��ي س��باق . كان عليهم��ا احلم��ارة ، حت��ى رآى مجرج��الن يضعان على رأس��يهما جب��ة وعمامة . صاح
أحدهما وهو يشر بيده :
114
- وحيك ، أيها الفتى ! . شعر رضا باخلطر وبسرعة صعد على ظهر احلمارة قمر وأمرها :
- فالنجر ! - أجاب��ت احلمارة بصوت نهي��ق ، وهى تطوى رمال
الصحراء بأرجلها : - جنرى إىل أين ؟ - وملاذا ؟ .
نظ��ر رض��ا وش����اهد الرجالن جيري��ان خلفهما ، و كان واضحا أنهما س��يلحقان بهم��ا ، إذ أن اجلمال
تركض أسرع من هذه احلمارة العجوز . تذكر الفتى رضا اإلشارب . فوضع طرف منه حول رقبت��ه ، واآلخر حول رقبة احلم��ارة قمر وإرتفعا وطارا
فوق رمال الصحراء . صاح رضا :- )أوجو - أوجو( ماهذا ، ماهذا ! .
وكررت ورائه قمر :- ) إياجو - إياجو( . - أنا أطر ! يالسعادتى .
- أنا أطر ! ياخس��ارة ال يرانى أى من احلمر . أش��ار هلا رضا إىل أسفل وقال :
الذي��ن ، : والن��وق وأبنائه��م - تش��اهدك اجلم��ال
115
رؤوس��هم يرفع��ون وه��م ، الصح��راء ف��ى يس��رحون وينظرون إليهما وهما يصعدان ألعلى ، حتى إختفى م��ن يالحظه��م . تعجبت احلم��ارة وهى تنظ��ر عليهم
قائلة : - كيف أنهم صاروا صغار احلجم !. أجاب :
- ألنن��ا إرتفعنا ألعلى ، أنظرى ، كيف الش��مس شديدة وتغمى األعني .
تذكر رضا النظارة ، التى ما زال ميس��ك بها جيدا بيده ، فوضعها على أعينه :
- وياللعجب ! النظارة أيضا مسحورة ! - أنا أرى أوانى كثرة وبها أشياء غالية !
- وأرى أسفلنا مدينة قدمية ! فسألته احلمارة : - وهل يوجد طعام ؟
أج��اب رض��ا : - ال ، ال ، ال أرى ، لك��ن ، هناك ناس ! طلبت منه احلمارة برجاء :
- إجعلنى أرى . خلع الفتى رضا النظارة عن عينيه، فإختف��ت الرؤي��ة ، ث��م وضعها عل��ى أع��ني احلمارة .
صرخت احلمارة بصوت نهيق :
116
- أرى امل��اء ، املاء ، وهى تنظ��ر بصعوبة إىل األرض ! أرى نه��ر كبر مليئ باملاء ! . وأخ��ذت احلمارة حترك أرجله��ا بس��عادة حت��ى كاد الفتى أن يق��ع من على
ظهرها . وهى تقول بتعجب :- وى ، وى ، كيف تس��تطيع أعني عجوز مثلى أن
ترى من هذه النظارة الرائعة !قال رضا بتعجب وهو حياول أن ميس��ك بنفس��ه : -
ترين ماء ؟ - إنن��ى لت��وى رأيت فق���ط مدين��ة وأش��ياء قيمة
وناس ! . أجابت :- إن مل تصدقنى ، خذ النظارة ، وأنظر بنفسك .
إرت��دى رض��ا النظارة م��رة أخ��رى وفع��ال رأى : نهر فى العمق ينس��اب م��ن جمرى حت��ت األرض فوق رمال
الصحراء . صرخ بصوت عال :- ياهلا من مياه كثرة تكفى لقرية بأكملها .
هزت احلمارة رأسها وقالت : - أش��عر بالعط��ش ! أري��د أن أش��رب ! – لكن املاء بعيدة عل��ى األرض . - أريد أن أش��رب . أحلت احلمارة
فى السؤال وهى تعاند :
117
- حسن ، فلنعد إىل البيتلكن الس��ماء قد أظلمت فى ه��ذا احلني وأحاطت بهم��ا عاصف��ة لفتهم��ا ف��ى أحضانه��ا . ووق��ع بعض
احلصى على أعني أصدقائنا ومل يريا شيئا .- حا،حا ! نهقت احلمارة وه��ى تفرج أرجلها وتلفها حفرة هوائية ، كنت أحلم أن أطر ، لكن ليس بهذه الطريقة ! أشعر بالقئء ! سوف يغمى على ! تفو ! –
وحاولت أن تلفظ الرمل من فمها.هن��ا قذف��ت بهما العاصف��ة إىل منتص��ف احلفرة ، الت��ى إصطدمت بق��اع الصحراء ، وهى تلق��ى بالرمال ف��ى أحن��اء خمتلف��ة . وف��ى النهاية هدأ كل ش��يئ .
وإنطبقت عليهما الصحراء .جل��س رض��ا وأخ��ذ ينظ��ر !! حول��ه أوان��ى فخارية قدمي��ة، ولوح��ات ، وس��جاد مصن��وع يدوي��ا ، وأوانى
موضوعة على أرفف بيضاء اللون .قال��ت احلم��ارة وه��ى ترتك��ز عل��ى وع��اء م��اء
كبر: - أريد أن أشرب .
إق��رتب رضا منه ، ونظر وفى نف��س اللحظة تباعد
118
عن��ه : وبدال من إنع��كاس صورته ف��ى الوعاء املليئ باملاء ، وجد مكانه وجه س��يدة عجوز مبتس��م ينظر
119
إليه ! وكان��ت ترتدى نظارة وعليها إيش��ارب ، مثل س��ابقه مجيل . أحدثت صوت به حبه . مجع رضا قواه
وسأهلا : - من أنت ؟
-أنا هذه ؟ - الصحراء ، أال تسمع ؟ رد عليها : - يطلق عليك إسم صحراء ؟
-أطلق��وا إس��م صح��راء على إس���مى . أن��ا صاحبة الرمال .
- وم��ا إمس��ك ؟ أعرف إن��ك رضا . وفج��أة تغر وجه العجوز قائلة :
- ملاذا أخذت أشيائى ؟ أجاب :- احلقيب��ة امللق��اه ف��ى الطري��ق ... - قاطعت��ه أي��ن
حقيبتى ؟ - موج��ودة ف��ى الطري��ق . وهن��اك أيض��ا إثنان من
الرجال ميتطيان مجلني كانا يركضان خلفى .- أتقول رجلني على مجلني ؟ إنهما سرقا حقيبتى، الت��ى أخف��ى فيه��ا أش��يائى الثمين��ة الرائع��ة . وهما حيتاج��ان فق��ط لفرع ش��جرة الزيتون اجلافة . س��أهلا
120
رضا : - ومن هم ؟
- إنهم الس��حرة الس��ود ! وأرس��لت خلفهم العاصفة الرملي��ة . والعاصف��ة خطفت منه��م احلقيبة ، لكن عندم��ا إنته��ت ش��دتها أوقعتها عل��ى الطري��ق . وأنت
وجدتها ...وهنا إنزعج رضا ، إذ أنه دهس فرع شجرة الزيتون. كي��ف يعرتف بهذا لتلك العجوز ؟ جف حلقه . ولعق
شفتيه . قالت العجوز وهى تعيده لوعيه : - فيم تفكر ؟
سأهلا رضا : - وما ضرورة فرع شجرة الزيتون هلؤالء السحرة السود ؟
- أه ، إنهم ناس أش��رار ، حفروا فى منطقتى الرملية وصنعوا تعاويز لألموات وأرادوا إسرتجاع القوات، التى ذهب��ت من أرضنا . احل��روب جلبت املوت ، وأنا مجعتهم عندى . الس��حره أرادوا من��ى ، أنا الصحراء !! أن أخضع هلم . لكن القدر ال يرس��لك ىل هب��اء . انت إهتدى إىل احلقيب��ة ، وإىل ف��رع الش��جرة وخذ منه��م لفافة الورق بالتعاويز ، وإرجع كل شيئ ىل . متتم الفتى وهو فى
حالة رعب قائال فى نفسه :
121
- ه��ذه احلقيب��ة القدمي��ة املهلهل��ة ، والت��ى حت��ى يصع��ب محله��ا ف��ى اليد ، - س��تتمزق ، - وأنا جلس��ت على فرع الشجرة دون قصد ، وتشقق وتكسر ، فقد كان جافا. وكيف آخذ اللفافة من الس��حرة السود ؟ . يبدو أن الس��يدة العجوز الصحراء مل تسمع شيئا مما
متتم به رضا وقالت : - تنفذ – س��أكافأك ، ال تنفذ – س��أعاقبك : سوف تك��ون فى خدمتى مدى احلياة ف��ى مدينة األموات و جدتك س��وف ال تراها أبدا . س��أعطيك ثالثة أيام . هيا حترك ! وس��تبقى احلمارة قمر معى – أس��عد بها . وال تفكر أن حتك��ى ألحد فى أى وقت من األوقات عما رأيت ، وس��أحتول إىل رمال . واآلن ميكنك أن تشرب
املاء ، وإختفى وجه السيدة العجوز . جعل رضا احلمارة قمر تش��رب وهو ش��رب بشراهه م��ن مي��اه صافية للغاي��ة .وبعد أن أطفأ ظمأه وش��بع نظر حوله : وإذا به يرى احلمارة تنام نوما عميقا . هنا ش��عر رضا بثقل ش��ديد فى جفون عينيه ، فوقع على
األرض ونام هو أيضا....--------------------------
- إس��تيقظ رض��ا فى صح��راء ليس هل��ا نهاية . إىل
122
أين املس��ر ؟ رمال بيضاء فى كل مكان . الش��مس قاربت للرحيل . وسرعان ما حيل املساء . فظيع : وأنت
وحدك دون ماء أوطعام . ينظ��ر رض��ا حول��ه : يأتى إلي��ه طائر . ف��ى البداية س��عد به ، لكن ظ��ل يطر أمام وجهه بإحلاح ش��ديد مما جعل��ه يطرده بيديه . غض��ب الطائر ولف حوله ،
ثم إبتعد عنه طائرا فى الصحراء . أيقن رضا أنه ممكن أن يهديه إىل الطريق فجرى وراءه ، فوق��ع ، وق��ام ، ثم ج��رى خوفا م��ن أن يغيب عن
عينيه . وفج��أة : رأى ثعبانا ضخما يرقد على الرمل يتلوى أمل��ا . عرفه رض��ا : إنه ثعب��ان الصحراء ، الذى خيش��اه عاب��رى الس��بيل . يقال أن��ه عند لقائهم ل��ه خيتفون دون أثر حتى املس��لحون منهم جي��دا ، فإن اللقاء به هلو امل��وت احملقق ، وق��د حدثتنى جدتى عن ه��ذا كثرا. لكن ظل الثعب��ان ال حول له وال قوة ، مما دفع الفتى
أن يقرتب منه أكثر وسأله : - ماذا بك ؟ أجاب :
- قذفت إىل شوكة صيد . - أين هى ؟
123
- إنها هن��ا ، حاول أن تنتزعه��ا ، - طلب منه الثعبان هذا بإستعطاف وفتح فمه الضخم . فكر رضا وهو فى
حالة شك : - » أيكون هذا فخ ؟ « .
م��ن املخيف على رضا أن يدخ��ل فى جوف الثعبان. وهو ضخم احلجم حيث يس��تطيع أن يبتلع ليس فقط
فتى مثلى ، بل محار ومجل . قال رضا :- حس��ن ، سأساعدك . ودخل رضا فى جوفه . كان
مظلما ، لكنه حترك بداخله . صرخ قائال : - أخ ، إن شيئ ما يوخزنى !
- رد الثعبان : - إنها الشوكة ! لي��س ، بالش��وكة وأمس��ك األمل رض��ا حتم��ل بالص��ورة اجلي��دة ، لكنه��ا وقعت فى يده . ثم ش��عر الثعبان ببعض الراحة . فقذف برضا والشوكة على
الرمل . وشكره الثعبان وقال له :- أن��ت فت��ى طيب وش��جاع ! أنقذتن��ى رغم خوفك
الشديد منى . لذلك ، خذ هذا ! وخرجت من عني الثعبان دمعة , فوضع رضا كف
يده ليلتقطها وإذا بها لؤلؤة . نظر إليها رضا وقال :
124
- ياهلا من مجيلة . قال له الثعبان :
- إذا إحتج��ت إىل ، فألقه��ا فى املاء ، ث��م نادى على . لكن تذكر : فى املاء ! .
ثم إختفى فى الصحراء .غابت الش��مس وراء األفق .وخيمت س��حابة سوداء على رم��ال الصحراء .وأخذت النج��وم تتألأل واحدة تلو
األخرى يف مسائها . ثم هبت نسمة باردة منقذة . فتح رضا كف يده وأخذ ينظر إىل اللؤلؤة . وفجأة أخ��ذت تبعث بض��وء ، حتى صار ممكن��ا رؤية ما هو بعيد حوله . رأى رضا فى هذا الضوء اجلملني والسحرة اإلثنني السود وهم نيام . إقرتب رضا من مكانهم ورأى
نفس احلقيبة القدمية مربوطة فى سرج اجلمل . تس��لل الفتى ومبج��رد أن أراد أن ينتزع احلقيبة ، وإذا بيد قوية متس��ك به وتس��حبه على الرمل . حاول رض��ا أن يفلت ، لكن كانت الدفعة أقوى من قدرته .
فإذا به الساحر يقول له :- اخ��را وقعت فى ي��دى ، - حدثنى ، مل��اذا طرت فى اهل��واء ، وكي��ف إس��تطعت الطران ؟. صم��ت رضا .
125
فغضب الساحر وردد : - أنت أخرس؟ - إن مل تقل سأقتلك !
بالرغم مما ش��عر به رضا من خ��وف ، إال إنه تذكر ماقالته له مالكة الصحراء .
ثم ردد الساحر الثانى : - فلننتظ��ر حت��ى ش��روق الش��مس . وف��ى الصباح س��يحدثنا الفت��ى ع��ن كل ش��يئ . وحالي��ا الب��د من
ربطه.وربط��ا رضا وألقيا به بالقرب من اجلمل واحلقيبة
املربوطة ، وذهبا للنوم .عندما مسع رضا صوت خشخشة ، فتح كف يده القابض بها عل��ى اللؤلؤة فومضت ورأى رضا احلقيبة وعليها نفس الطائر الذى أشار له الطريق فى الصحراء. أعاد النظر إليه ، فهو أس��ود اللون وحول عينيه هاالت صفراء تشبه ماعلى احلمارة قمر . وبدا له أنه رأى هذا
الطائر من قبل . هتف بصوت عال :- أأنت قمر ! قال الطائر وهو ينتفض :
- أخ��را ، عرفتن��ى ! كن��ت أظ��ن أنن��ى س��وف ال أستطيع الكالم . سأله رضا :
126
- ملاذا وما حدث لك ؟ - هل حتولت إىل طائر ؟ . هز رأسه باإلجياب . ثم رد الفتى رضا :
- أنا سعيد برجوعك ، لكن جيب أن نهرب من هنا. – فى ثوان . ووثب قمر على يدى رضا املكبلتني ،
وأخذ ميزق احلبل قائال :- حاال ! وبعد دقائق قليلة فكت يدى رضا . وجلس على إح��دى اجلملني وربط الثانى فى الس��رج وجلس عليه قمر . وإنطلقا فى الصحراء بعيدا عن الس��حرة .
وأثناء السر سأهلا رضا :- كيف حتولتى إىل طائر؟
- ختي��ل ، عندما بقيت عند العجوز صحراء ، أخذت أحكى هل��ا عن حياتى بأكملها من اخلوف . غضبت العجوز وأمرتنى أن أصمت . وأنت تعرفنى ال أس��تطيع الصمت لفرتة طويلة .وسألتنى : هل توجد لدى أمنية أريد حتقيقها ؟ فقلت , إننى أحلم أن أطر ، فإستجابت
وحولتنى إىل طائر . - وقال��ت ، إننى س��وف أتكل��م مثل البش��ر ، إذا ما
تعرفت على محارتك التى تتكلم . إمس��ع يا رضا ، يا لك من إنس��ان ذكى وش��جاع.
127
وأن��ا فخورة ب��ك ! مل جي��ب الفتى ، أس��تمرت قمر فى احلديث :
- تع��رف فيما أفكر ، - فأن��ا محارة من نوع خاص : أتكلم مثل البش��ر وأركب عل��ى اجلمل .وال يوجد
أى محار يتمتع بهذه امليزة . ضحك رضا قائال :
- أنت األن طائر صغر وتثرثر مثل الببغاء. ردت - وأطر أيض��ا ! ثم جتهمت وظلت طوال الطريق ال
تتكلم . مل يعجبها أنه شبهها بالببغاء .وبعد ، أشرقت الشمس . أوقف الفتى اجلملني عن الس��ر ، ث��م توجها بأمر من��ه إىل املوقف اخل��اص بهما .
وهما يسمعان له ويداعبانه وينفذان أوامره . فك رضا أربطة احلقيبة وفتحها . وجد أن فرع شجرة الزيتون اجلاف قد متزق إىل قطع صغرة . مجعها بدقة ووضعه��ا فى جيب��ه ، ثم أخذ يبحث ع��ن لفافة الورق ، التى حدثته عنها عج��وز الصحراء ، لكنه مل جيدها. مخ��ن رضا أنها ق��د أن تكون مع راكب��ى اجلملني . وعلين��ا الرجوع إليهما . إقرتحت علي��ه قمر أنه ال داع للع��ودة . وأنا س��أطر م��ن هنا وأحبث ع��ن اللفافة . مل يكم��ل رضا كالم��ه حتى إنطل��ق الطائر فى رمال
128
الصحراء حبثا .وجد رضا بع��ض املاء ورغيف خبز فى وعاء مربوط ف��ى اجلمل فش��رب من��ه وأكل ، وأخذ ينتظ��ر قمر . كادت الش��مس أن تغرب والطائ��ر مل يعد . متتم فى نفس��ه – يالك من طائر - محارة عنيدة . طارت بعيدا ومن يس��تطيع أن يعرف ماذا ح��دث هلا . ربط احلقيبة ف��ى اجلمل وصع��د عليه ومبجرد أن تهي��أ للبحث عن
قمر ، إذا به يراه . هتف :- أخ��را ، وصل��ت ! – أصمت ، يا رض��ا , هيا إختبئ
السحرة قادمون إىل هنا ! إلتف��ت رض��ا : الظ��الم يس��ود امل��كان . واهلروب فى الصح��راء مفزع . وقعت على عين��ه احلقيبة التى ربطها فى اجلمل . فأس��رع وإن��دس فيها وأقفل الغطاء . إقرتب الس��حرة من موقف اجلمل . س��أل أحدهما وهو
يتفحص املكان : - أين إختفى الفتى ؟ ورد اآلخر :
- ممكن أن يكون قد هرب فى الصحراء. - لكن��ه ال يس��تطيع أن يبتع��د كث��را ، س��وف نتحق��ق م��ن كل ش��يئ غ��دا مس��اء ، وأيضا س��وف
نتأكد من كل ما نفكر فيه .
129
مس��ع رضا حديثهما ، وهو يتل��وى داخل احلقيبة. ولي��س له اخلروج من املخبأ ، وس��رعان م��ا دهمه النوم ... ثم إس��تيقظ على ص��وت إهتزاز : فعندما أش��رقت الشمس توجه الساحران فى الطريق . سارا وشعر رضا أن جسمه قد ختدر من اإلهتزاز ، وأن يفضح نفسه خطر علي��ه . وه��و اليعرف كم مضى م��ن الوقت . املكان خانق ويريد أن يش��رب . ضغط على اللؤلؤة التى فى يده وبدى له أنها تلذعه . مل يتكلم الس��احران طوال
الطريق . وأخرا مسع رضا صوت أحدهما يقول : - أنظر ، لقد بدأ شهر جديد ، وقال اآلخر :
- لقد وصلنا ! ثم تركا اجلملني فى الرمال و قال : - إحضر لفافة الورق وإقرأ.
مسع رضا صوت خشخش��ة اللفافة وهى تفتح ، ثم مسع صوت الساحر يقول : »طاملا بدأ الشهر فعليك أن تقرأ التعاويز ! ألق باألس��ر حت��ت أقدام القوات امليتة ، وأنثر رماد فرع ش��جرة الزيتون فى الصحراء . عند ذلك ستخضع لنا كافة القوى النائمة فى الصحراء وأيضا
العجوز صحراء .. ليخضع اجلميع ملن أيقظهم « . قال الساحر :- ال يوجد لدينا أسر !
وأمر الثانى :- أحضر فرع شجرة الزيتون !.
130
كاد رض��ا أن مي��وت وهو يس��مع ص��وت خطوات وخشخشة فتح قفل احلقيبة . صرخ الساحر وهو يرى
الفتى خيرج من احلقيبة عند فتحها :- أوه ، هاهو األس��ر ، وهذا م��ا وجب ! القوى املعتمة
ساعدتنا ! وشد الساحر رضا وأمسك به جيدا قائال :- م��ا الذى يت��ألأل فى ي��د الفتى ؟ فتح ي��ده وإنتزع
اللؤلؤة منه . صرخ رضا وإندفع حنوه :- أعطن��ى إياه��ا ! لكن��ه أمس��ك به ورب��ط يديه
وصرخ :- إقرأ التعاويز فقد بدأ الشهر!
مس��ع رض��ا تعاوي��ز بش��عة يلقيه��ا الس��احران . وأنتش��رت أصوات األرجل وهى تدب��دب فى الصحراء. إنه��ا أرواح قوات اجلن��د املفقودة العائدة م��ن املاضى . يبدو من وجوههم أنهم أموات . دفع الساحر برضا ووقع
عند أرجلهم .صرخ الساحر األكربللثانى :
- أحضر فرع ش��جرة الزيتون وأش��عله ! ب��دأ الثانى يبحث عنه فى احلقيبة . رد وهو يشعر باليأس :
- ال يوجد !
131
توجه الس��احر حنو الفتى املسكني بوجه غاضب وقال له :
- تكل��م ، أين فرع الش��جرة . وأش��ارله إىل اللؤلؤة وقال :
- سألقى بها ! عندما رأى الساحر الفزع على وجه الفتى ، رفع يده لإللقاء باللؤلؤة عل��ى األرض. لكن فى تلك اللحظة إقرتب الطائر قمر وخطف اللؤلؤة من يد الساحر وطار
بها بعيدا . صرخ الساحر :
- طائر فى الليل , إنه لفأل سيئ . - إقتل��ه ! أخرج اآلخر س��وطا وصوبه حن��و الطائر، وق��ع قمر وس��قطت منه اللؤلؤة عل��ى الرمال ، ووقعت
على أرجل رضا . صرخ الفتى حزنا وركع على ركبتيه قائال:
- قم��ر ! . وقمر كان قد أصبح جس��دا بال حركة يرقد على الرمل . حاول رضا فك يديه ومتتم :
- ل��و يأت��ى إىل هن��ا الثعب��ان ! – وقد ق��ال ىل إلقى
132
اللؤلؤة فى املاء ... لكن أين املاء ، مل يس��قط املطر فى الصحراء منذ عدة سنوات ! – وخيم احلزن عليه .
لكن فجأة س��قطت نقطة ماء على الفتى وبعدها أخ��رى وأخ��رى حت��ى إمتلئ��ت الصح��راء مبطر ش��ديد ومبج��رد أن وقعت قط��رات املاء على اللؤل��ؤة ، فى ذات اللحظة ، تفجر نهر عميق من التالل الرملية وإنس��اب بتدفق ش��ديد ف��ى الصحراء . ثم خ��رج ثعبان ضخم من
رغاوى املاء , هو نفسه الذى أنقذ رضا . قال له :- أتنادينى ، أيها الصديق ؟
وعندما رأى الفتى مربوطا زحف حنو السحرة .حمله أحد من جنود السحرة وصاح لآلخر :
- إقتل هذا الثعبان ! لك��ن هن��ا أخ��ذ الثعب��ان يك��رب ويك��رب حتى أصبح من الضخامة حبيث يس��تطيع أن يبتلع اجليش والسحرة معا . وظهر الفزع على وجوه السحرة . أمرهم الثعب��ان أن يرتك��وا الفت��ى . أخذ أحده��م يفك قيده
ويديه ترتعش من اخلوف ، ثم قال الثعبان لرضا :- إبتع��د من هنا س��ريعا ، وإجلس عل��ى أعلى قمم
الكثبان الرملية وال ختش شيئا .
133
رفع رضا جسد الطائر قمر اهلامد وضمه إىل صدره. ونظ��ر وهو جيلس عل��ى أعلى تل رمل��ى إىل الثعبان وهويلتف فى حركات راقصة حول الس��حرة . تس��مر راكبى اجلمل فى مكانهما وهما ينظران إىل أعني الثعبان اخلضراء اللون دون حراك وهو يلتف حوهلما
أكثر وأكثر حتى سلخ جلده .بع��د أن حت��رر الثعبان من جلده أخذ يلف الس��حرة حول��ه ويضغط عليهم��ا وجذبهما معه ف��ى تيار مياه النه��ر الش��ديد وتبع��ه اجلن��ود دون إرادة . ثم إختفى
النهر بعد ذلك وكأنه مل يوجد .مسع رضا صوت قمر يقول :
- لق��د ناال جزاءهما . تعجب رض��ا وأخذ يربت على جسد الطائر قمر قائال :- قمر ! أنت خبر ! .
س��رعان ما أشرقت الش��مس ، وبعدها حل الظالم. ف��ى ه��ذه األثناء أخ��ذت املالب��س املبللة جت��ف إقرتب رضا من اجلملني وظل يتفح��ص جلد الثعبان امللقى عل��ى الرمل ، وإذا ب��ه يتلون بألوان الص��دف . ثم هبت فجأة ريح عاصف��ة رفعت جلد الثعبان ووضعته على احلقيب��ة القدمية املهلهلة . لفت��ه حوهلا حتى أصبحت
134
مثل اجلديدة . تعجب رضا ! ، وقال :- ياهل��ا م��ن معج��زة ! بعد ذلك تذكر فرع ش��جرة الزيت��ون فوضع ي��ده فى جيبه املبلل بامل��اء وأخرج منه
الفرع رطبا ويفوح منه عطر طيب .ط��ار الطائ��ر قم��ر إلي��ه وإلتقطه ث��م جل��س جانبا
وقال: - البد أن يكون طعمه ألذ من اجلاف .
قال رضا : - احلقيب��ة أصبحت جديدة ، وفرع ش��جرة الزيتون دبت فيه احلياة , ووجدت لفافة الورق . – مل يبق علينا
إال إعادة كل هذا إىل صحراء .وضع الفتى فرع الشجرة ولفافة الورق فى احلقيبة وتوجه إلستدعاء اجلمل ، لكنه وجد جبانبه احلمارة
قمر فسأهلا :- أين اجلمال ؟
أجابت وهى تقضم فى فرع شجرة الزيتون احلى :- أن��ا تركتهم يس��رحون ف��ى الصحراء ، لس��نا فى
حاجة إليهم اآلن . فسأهلا :
135
- س��وف ال تتحول��ني م��رة أخ��رى إىل طائ��ر ؟ أومأت برأسها باإلجياب .
- أال تتكلمني مثل البشر ؟ - حا ، حا ، حا ...
- مل ت��رد . واض��ح ، أن املعجزات ق��د إنتهت ، ولكن كيف ميكن توصيل كل هذا إىل صحراء ؟
فجأة ش��عر رض��ا أن الرم��ال تتحرك حت��ت قدميه . ومبج��رد أن أخ��ذ جانب��ا ، وإذا ببغ��اء تهبط وتس��حب
احلقيبة وفيها فرع الشجرة واللفافة . قال رضا : - إنن��ى هك��ذا حقق��ت ش��روط صح��راء ، وعلى
العودة إىل البيت . وج��د رضا نف��س النظارة وهى تطر ف��ى اهلواء فى نفس امل��كان الذى إختفت فيه احلقيبة ، أمس��ك بها ووضعه��ا ف��ى جيب��ه . بعد ذل��ك جلس عل��ى احلمارة
وسار فى رمال الصحراء الساخنة للعودة إىل البيت . ----------------------------
س��عدت اجلدة الكفيف��ة برج��وع حفيدها رضا إليها .
136
كرب رضا وفتح ورش��ة لتصنيع احلقائب من أجود أن��واع اجللود ، وال أحد يع��رف حتى اآلن من أين كان
حيصل على هذه اجللود .وكان الس��ياح يش��رتون من��ه ه��ذه احلقائب عن طيب خاطر . وأصبح من األغنياء. وأيضا حقق أمنيته الثاني��ة وه��ى الس��فر إىل الب��الد املختلفة م��ع جدته ، يض��اف إىل ذل��ك أنها أصبحت ترى عندم��ا إرتدت تلك
النظارة التى أهداها هلا رضا .
137
حكايات الوسادة
الحكاية األولى »حكاية الطفلة سونيا والبومة« ............................... 13
الحكاية الثـــانية »حكاية القط الصغير غير المسمى«..............................17
الحكاية الثالثـــة »حكاية الفأر العجوز« ............................................................................... 25
الحكاية الرابعة »الفتى رضا ، وقمر ، والصحراء« ................................................... 103
138
139
من إصدراتنا
140