46
Çë ÷뉅 òČ íìjČ äÛa ñČ Ûa …a†Çg Z ïÓŠ’½a òÐîÜ 1 و و א א א د א ! "عא$ א% א&’ א( ) : ل!( ,-. ! / ل) א012 3"% א4 א(56 78 א9: ;< = א ! >?@ "AB ،وD ! و E אFD 0 @(0 لG / ﻗﺎل ﰲ» اﳌﻮاﻫﺐ« ) : اﻋﻠﻢ أن ﻣﻦ ﺗﻤﺎم اﻹﻳﻤﺎن ﺑﻪ ﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠ ﺻﻠ.. اﻹﻳﻤﺎن ﺮﻳﻒ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻗﺒﻠﻪ وﻻ ﺑﻌﺪﻩ ﺧﻠﻖ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺟﻌﻞ ﺧﻠﻖ ﺑﺪﻧﻪ اﻟﺸ ﺑﺄن آ ﻣﺜﻠﻪ دﻣﻲ، اﻷﺑﻮ ﺻﻴﺮي وﷲ در» 1 « ﺣﻴﺚ ﻗﺎل: ﺬي ﻓﻬﻮ اﻟ ﻣﻌﻨﺎﻩ وﺻﻮرﺗﻪ... ﺴﻢ اﺻﻄﻔﺎﻩ ﺣﺒﻴﺒﺎ ﺑﺎرئ اﻟﻨ ﺛﻢ ﻣﻨﺰ ﻋﻦ ﺷﺮﻳﻚ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺳﻨﻪ... ﺠﻮﻫﺮ اﻟﺤﺴﻦ ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻘﺴﻢ رﲪﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﰲ وﻗﺪ ﺣﻜﻰ اﻟﻘﺮﻃﱯ) ﻼة ﻛﺘﺎب اﻟﺼ( ﻪ ﻗﺎل ، أﻧ: ) ﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﺗﻤﺎم ﻢ؛ ﻷﻧ ﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠ ﺣﺴﻨﻪ ﺻﻠ ﻟﻮ ﻇﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﺗﻤﺎم ﺣﺴﻨﻪ.. ﻤﺎ ﻃﺎﻗﺖ أﻋﻴﻨﻨﺎﻰ اﷲ رؤﻳﺘﻪ ﺻﻠ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠ( اﻫـ. ﻢ ﺣﺴﻦ اﻟﺠﺴﻢ ﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠ ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠ. رواﻩ ﻏﲑ واﺣﺪ. __________ ) 1 ( ﻫو ﻤﺤﻤد ﺒن ﺴﻌﻴد اﻝﺼ ﻨﻬﺎﺠﻲ ﺼﺎﺤب ﻨظم» اﻝﺒردة« اﻝﻤﺸﻬور ﻨﺸﺄ ﻓﻲ ﻗرﻴﺔ» اﻝﺒوﺼﻴر« ﻝﻴﻬﺎ ﻴﻨﺴب ﻓﻴﻘﺎلٕ وا: ) اﻝﺒوﺼﻴري( ﻗوﻝﻪ ؛ وﻝذا ﻓﺈن) : اﻷﺒو ﺼﻴري( ﻤﻨﺘﻘد. واﷲ أﻋﻠم.

من البعثة إلى الهجرة إلى الحبشة

Embed Size (px)

Citation preview

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

1

د���א������������������������������������������������א� ���א����و��و���������������א�����012א�(�ل�/�!���.�-,�)!�ل:�(��)א�'& ��א%���������������א�$�ع�א�"���!� ���

��@?��<�!�� ��א����=�>�;�:�9א�56��������������������������7�8)�א��� �4א%" �������3��

"�A B� ����و!��D،�و���Eא�FD� ل�0��@(�0G�/��

اإليمان .. صلى اهللا عليه وسلم تمام اإليمان بهمن اعلم أن : (» املواهب«قال يف ، دمي مثلهآبأن اهللا تعالى جعل خلق بدنه الشريف على وجه لم يظهر قبله وال بعده خلق

:حيث قال» 1« وهللا در األبو صيري

ثم اصطفاه حبيبا بارئ النسم... معناه وصورته م تفهو الذي غير منقسمالحسن فيه جوهرف... في محاسنه شريكعن منزه

م يظهر لنا تمام ل( :، أنه قال) كتاب الصالة(وقد حكى القرطيب رمحه اهللا تعاىل يف

رؤيته صلى اهللا طاقت أعيننا مال.. ظهر لنا تمام حسنه لوحسنه صلى اهللا عليه وسلم؛ ألنه .اهـ) عليه وسلم

.رواه غري واحد. كان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم حسن الجسم__________

: واليها ينسب فيقال» البوصير«المشهور نشأ في قرية » البردة«نهاجي صاحب نظم هو محمد بن سعيد الص ) 1(

. أعلمواهللا. منتقد) صيري األبو: (؛ ولذا فإن قوله) البوصيري(

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

2

�H Iى الهجرة إلى الحبشةيرة منذ البعثة حت في الس :א�5$,�א�

�J ��א�&� )����Kא��6 :اليةارخيية الت يف هذه الفرتة تثبت لنا الوقائع الت

1 - �Ü�ë@éîÜÇ@�a@ó�Ü•@é×a�‘aòjÈØÛa@õbäi@¿@á: إبراهيم اليت سيدنا من بقايا كلمةة، يعتمد ؛ وهي أشبه بغرفة كبرية مشيدة من أحجار قوي مهاتهم على احرتاأمجع العرب يف جاهلي

ل من قام يف بنائها أبو األنبياء إبراهيم مني، وأو اخل على أعمدة من اخلشب الث سقفها من الد بدا هللا، ومسجدا يذكر فيه امسه السالم، والغرض من بنائها أن تكون مع اوابنه إمساعيل عليهم

لقي العناء األليم يف حرب األصنام، وهدم املعابد اليت تنصب فيها، مث إبراهيمسيدنا حده؛ فإن و ه اس وأمنا، ومن البديهي أن وحيد وركنا، ومثابة للن أهلمه اهللا أن يبين هذا البيت ليكون أساسا للت

.ال يسع القصاد مجيعا، فأحلق ما حوله به وصار حرما مقدسال مسجد وضع م عن أو ى اهللا عليه وسل هللا صل سألت رسول ا: رضي اهللا عنه عن أيب ذر

كم : قلت. » املسجد األقصى« :أي؟ قال مث : قلت. »املسجد احلرام« :قال، يف األرضالفضل فإن األرض لك مسجد، فحيثما أدركتك الصالة فصل؛ أربعون عاما، مث « :بينهما؟ قال

.)ماجه والبيهقي والطيالسي وأحمد من حديث أبي ذر ؛ والنسائي وابن ؛ ومسلمحديث صحيح، أخرجه البخاري( »فيه

للعوادي اليت أوهت بنياا، وصدعت -باعتبارها أثرا قدميا -وقد تعرضت الكعبةة سيل عرم، احندر إىل البيت احلرام، فأوشكت جدراا، وقبل البعثة بسنوات قالئل جرف مك

وقد ؛ دد بناء الكعبة؛ حرصا على مكانتهاالكعبة منه على االيار، فلم تر قريش بدا من أن جتجديد ونقل األحجار، بعد ما هدموا األنقاض اشرتك سادة قريش ورجاالا الكبار يف أعمال الت

يدخلوا في فقوا فيما بينهم بمشورة أحد أشرافهم أال وات ، الواهية، وشرعوا يعيدوا كما كانت

وال بيع ربا، ، )ناوهي المستعلنة بالز :أجر بغي (ر بغي ، ال يدخل فيه مهبا طي بنائها من كسبهم إال

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

3

با الر وأن ون المكاسب الحالليتحر العرب كان الكثيرون منهم على أن هذا يدل ( وال مظلمة أحد من الناس

. )كان طارئا عليهم من اليهودل أمره إمساعيل من قواعده قبل قرون سحيقة ال يوكسيدنا إبراهيم و سيدنا وبناء رفع

د حمم سيدنا دارة، ومن بينهم يوخ وأهل النهى والص لصغار الفعلة، فال غرو إذا أقبل عليه الش .م وأعمامهى اهللا عليه وسل صل

كاد هذا هاب بفخره، حىت وتنافست القبائل يف هذا املضمار، كل يبغي الصدارة فيه والذ ما لبناء عندبني املشتغلني با ر فحل الش ، واستباق يتحول إىل حرب ضروس يف أرض احلرمالس

ة بن املغرية احلجر األسود يف مكانه من أركان الكعبة؛ لوال أن أبا أمي عبدؤوا يستعدون لوضفا، وشاء ل داخل من باب الص أو فيما شجر بينهم يحكموااملخزومي اقرتح على املتطاحنني أن

، األمينهذا : ا رأوه هتفوافلم ...م ليه وسل ى اهللا عدا صل حمم سيدنا اهللا أن يكون ذلك .حكما ارتضيناه

م ثوبا، فوضع احلجر وسطه، مث نادى رؤساء ى اهللا عليه وسل د صل حمم سيدنا وطلب سيدنا أوصلوا احلجر إىل الكعبة، فحمله وب، حىت القبائل املتنازعني، فأمسكوا مجيعا بأطراف الث

حديث حسن، أخرجه اإلمام أحمد، من ( وضعه يف مكانه العتيد مث د صلوات اهللا وسالمه عليه،حمم

يالسي في مسنده، ترتيب ، رواه الط ثم وجدت للحديث شاهدا من حديث علي ؛حسن ائب بن عبد اهللا بسندحديث الس

.)االشيخ عبد الرحمن البن

عليه ى اهللاد صل حمم سيدنا ل رؤيتهموهذا حل حصيف رضي به القوم، ومن قبل كانت .سناء المنزلة التي بلغها فيهم، وهذا يدل على اطمئنانهمو تيمنهمم مثار وسل

ى اهللا رسول اهللا صل ما تركها، فريضةإبراهيم سيدنا إعادة الكعبة كما بناها ولو كانت .من أن تثار ألجله مشكالت عويصة األمر أخف عليه وسلم، ولكن

2 - ñìܨa@ ñ�Ï : عن الخلوةإىل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ببحبوة قبيل الن

ر في فك الت ، وهدوء البال، وفسصفاء الن اخللق، واالنصراف إىل اخلالق، ملا يف اخللوة من

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

4

عام، ، وعظيم خلقه، وجليل قدرته، فكان خيلو بغار حراء يف رمضان من كل ملكوت اهللال ما يبدأ به إذا جواره من شهره كان أو ويطعم من جاءه من الفقراء واملساكني، فإذا قضى

انصرف من جواره الكعبة قبل أن يدخل بيته، فيطوف ا سبعا، أو ما شاء اهللا من ذلك، مث اد تعينه على هذه اخللوة وتعد له الز -رضي اهللا عنها -يدة خدجيةيرجع إىل بيته، وكانت الس

دويأخذ زاده، وما زال خيلو ويتعب دها، خللوة ليتعه عام، وكان رسول اهللا يرجع إليها يف أثناء اوالط .ة، ونزل عليه الوحيبو ذا الغار حىت أكرمه اهللا بالن

/*- Čîjã@éi@�a@âŠ×c@bß@œÈiČäÛa@ÝîjÓ@éČìjñ ) ذلك كان قبل النبوة ذكر ابن الجوزي أن

.)) 204ص 1شرح المواهب ج (بسنتين رسول اهللا قات أن ه بسنده عن أهل العلم الث فمن ذلك ما ذكره ابن إسحاق يف سريت

ة، كان إذا خرج حلاجته أبعد حىت بو صلى اهللا عليه وسلم حني أراده اهللا بكرامته، وابتدأه بالن ) رق بين الجبالشعب، وهي الط : جمع: عابالش (، ويفضي إىل شعاب )تبعد عنه ويبعد عنها(حتسر عنه البيوت

رسول الم عليك يا الس «: قال رسول اهللا حبجر، وال شجر إال ال مير ة، وبطون أوديتها، فمك : ممييز فتنطق وتتكل وذلك بأن يخلق اهللا فيها الكالم من غير حياة، وال علم؛ أو بأن يخلق اهللا فيها الحياة والت (» اهللا

له، فال يرى إال سول حوله، وعن ميينه، وعن مشافيلتفت الر ،)األول هو األولى رأيان للعلماء، ولعل جر واحلجارة، فمكث رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم كذلك يرى ويسمع ما شاء اهللا أن الش

مبا جاءه من كرامة اهللا، ووحيه وهو حبراء يف شهر -المعليه الس -جربيلسيدنا ميكث، مث جاءه ث، إين ألعرفه إين ألعرف حجرا مبكة كان يسلم علي قبل أن أبع«: ويف صحيح مسلم. رمضان

. )36ص 15صحيح مسلم بشرح النووي ج ( »االن

3 - @�aا بلغ رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم األربعني من عمره املبارك ومل êdČjã ،

ادقة ؤيا الص الر من الوحي يب ما بدىء به الن لأو وكان . ل، وكان ذلك يف ربيع األو éîÛg@óyëcو، وقد مكث على هذه احلال وحيرؤيا األنبياء ق صدقها، و حتق رؤيا إال ، فكان ال يرى ومفي الن

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

5

من ابع عشر من رمضانالس ين، وذلك يف ءا نزل عليه جربيل األمني بالوحي القر ة أشهر حىت ست ا غنمتم من شيء فأن { :قون من العلماء، قال تعاىلهذا العام على ما عليه احملق ه واعلموا أمنلل

بيل إن كنتم آمنتم بالله وما سول ولذي القرىب واليتامى والمساكني وابن السأنـزلنا على مخسه وللريـوم )مثل اليوم الذي التقى فيه الجمعانأي في . والباطل الذي فرق اهللا به بين الحق ( عبدنا يـوم الفرقان

. ]من سورة األنفال 41االية [ }التـقى اجلمعان والله على كل شيء قدير انية للهجرة نة الث من الس ابع عشر من رمضانالس وكان التقاء اجلمعني يف بدر يف

.باإلجماععائشة دة السي صل إىل ند املت بالس » صحيحه«ثنا اإلمام البخاري رضي اهللا عنه يف وحيد

ل ما بدئ به رسول اهللا أو ...« :ة نزول الوحي عليه، فتقولاملؤمنني رضي اهللا عنها عن كيفي أم بح، مث جاءت مثل فلق الص وم، فكان ال يرى رؤيا إال احلة يف الن ؤيا الص م الر ى اهللا عليه وسل صل يايل ذوات العدد قبل أن الل -بدعوهو الت - ث فيهب إليه اخلالء، وكان خيلو بغار حراء يتحن حب

وهو يف غار جاءه احلق د ملثلها، حىت يرجع إىل خدجية، فيتزو د لذلك مث ينزع إىل أهله، ويتزو اجلهد بلغ مين ين حىت فأخذين فغط :قال .ما أنا بقارئ :فقال. اقرأ :حراء، فجاءه امللك فقال له

أرسلين اجلهد مث بلغ مين انية حىت ين الث فأخذين فغط . ما أنا بقارئ: فقلت. اقرأ: مث أرسلين فقالاقـرأ باسم ربك الذي { :أرسلين فقال الثة مث ين الث فأخذين فغط . ما أنا بقارئ: فقلت. اقرأ: فقال

نسان من علق، اقـرأ وربك األكرم، الذي علم بالقلم نسان ما مل يـعلم خلق، خلق اإل }، علم اإلم يرجف فؤاده، فدخل على خدجية بنت ى اهللا عليه وسل فرجع ا رسول اهللا صل ، ]6 - 1: العلق[

وع، فقال خلدجية ذهب عنه الر لوه حىت فزم لوين،لوين، زم زم :خويلد رضي اهللا عنها، فقالك لتصل واهللا ال خيزيك اهللا أبدا؛ إن : دجيةفقالت خ لقد خشيت على نفسي، :وأخربها اخلرب

. يف، وتعني على نوائب احلق وتكسب املعدوم، وتقري الض ، ]عيفالض [ حم، وحتمل الكل الر خدجية، وكان ى، وكان ابن عم أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العز فانطلقت به خدجية حىت

ة ما شاء اهللا عرباين، فيكتب من اإلجنيل بالعرباني ة، وكان يكتب الكتاب الر يف اجلاهلي امرءا تنص ، فقال ، امسع من ابن أخيكيا ابن عم : أن يكتب، وكان شيخا كبريا قد عمي، فقالت له خدجية

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

6

م خرب ما رأى، فقال له ى اهللا عليه وسل فأخربه رسول اهللا صل يا ابن أخي ماذا ترى؟: له ورقة الذي نزل على موسى، يا ليتين فيها جذعا -جربيل صاحب الوحي وهو - اموسهذا الن : ورقة

أو :مى اهللا عليه وسل فقال رسول اهللا صل ا إذ خيرجك قومك،ليتين أكون حي -ا ا قوي شاب - عودي، وإن يدركين يومك أنصرك مبثل ما جئت به إال نعم، مل يأت رجل قط : قال هم؟ خمرجي

.» وفرت الوحيتويف ورقة أن ] يلبث[ مل ينشب مث را،نصرا مؤز : يب صلى اهللا عليه وسلمقال الن : ويف رواية ابن إسحاق عن عبيد بن عمري مرسال

)بقطعة من حرير فيها كتاب أي شيء مكتوب( فيه كتاب جاءين جربيل، وأنا نائم بنمط من ديباج« .ه كان منامافظاهر هذا أن اخل، » ... اقرأ: فقال

وإن ثبت ما ، ال يف املنام في اليقظةذلك كان ، وأن ينحيحوالمعول عليه ما في الص ، ففي ذكره ابن إسحاق فيكون ما حدث يف املنام كان قبل ذلك توطئة ملا حدث يف اليقظة

رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم هري، عن سعيد بن املسيب أن مغازي موسى بن عقبة، عن الز رأيت يف املنام، فإنه جربيل استعلن إيل، أرسله إيل أرأيتك الذي كنت حدثتك أين «: قال خلدجية

أبشر فو اهللا ال يفعل اهللا بك :وأخربها بالذي جاءه من اهللا، وما مسع منه، فقالت ريب عز وجل )13ص 3البداية والنهاية ج ( » خرياإال

بالعلم ومنزلته في بناء ، وإشادة بالقلم وخطرهوقد كانت طالئع الوحي اإلهلي فيها

.خصائص اإلنسان ، فما أصدقها من طالئع جتعل العلم واملعرفة من أخص عوب واألممالش أقصاهافوايات يف تقديرها، من اختلفت الر بعد ذلك فرتة من الز ïyìÛa@�Ïمث - 4

ى سول صل انقطاع الوحي على الر شق ، وقد حيحوهو الص ة أشهر ست أدناهاثالث سنوات، وا ى من رؤوسها، ظن د كثريا، حىت كاد خيرج إىل اجلبال فـيـهم بأن يرت ه ذلكم، وأحزناهللا عليه وسل

عاد إليه الوحي بعد ذلك كما يروي اإلمام سالة، مث اهللا قد قاله بعد أن اختاره لشرف الر منه أن بينما «: مى اهللا عليه وسل يب صل عن جابر بن عبد اهللا األنصاري عن الن » صحيحه«البخاري يف

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

7

ماء، فرفعت بصري فإذا امللك الذي جاءين حبراء جالس على ا أمشي إذ مسعت صوتا من الس أنأيـها ي { :لوين، فأنزل اهللا تعاىلزم : ماء واألرض، فرعبت منه، فرجعت فقلتبني الس كرسي

ثـر، قم فأنذر فحمي الوحي وتتابع} جز فاهجر الر و { :إىل قوله} المد«.

����و!�D��א��Eא�FD�0�L�Mא��� �<�/�����1!Nא� �����א�,<���بأربع الم، منذ بعثته إىل وفاته الة والس ة يف حياته عليه الص مرت الدعوة اإلسالمي

:مراحل .ت ثالث سنواتالدعوة سرا، واستمر : املرحلة األوىل

. اهلجرةت إىلسان فقط، واستمر الدعوة جهرا، وبالل : انيةاملرحلة الث ت هذه الدعوة جهرا، مع قتال املعتدين والبادئني بالقتال أو الشر، واستمر : الثةاملرحلة الث

.املرحلة إىل عام صلح احلديبيةخول عوة أو امتنع عن الد من وقف يف سبيل الد الدعوة جهرا مع قتال كل : ابعةاملرحلة الر

.نياملشركني أو املالحدة أو الوثني من -بعد فرتة الدعوة واإلعالم - يف اإلسالمة وقام عليها، حكم ريعة اإلسالمي عليها أمر الش وكانت هذه املرحلة هي اليت استقر

.اجلهاد يف اإلسالم

5 - aČŠ�@ñìÇȆÛa: يدعو ثر قام رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يات املد آوبعد نزولكان .اس بها أن يبدأ بأهل بيته، وأصدقائه، وألصق الن عي ي، وكان طباسر إلى اهللا وإلى اإلسالم

رضي -يدة خديجةزوجه الس من به على اإلطالقآل من أو ، بل ساءالن من آمن به من لأو .-اهللا عنهاعبد اهللا : أبو بكر، صديقه احلميم األشراف، األحرار جالالر من به من آمن لأو و

ل ة، شيخ اإلسالم، والوزير األو من بين تيم بن مر -ياملعروف بأيب قحافة التيم -بن عثمان

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

8

، وفيه قال رسول ة بعد رسولهاة اإلسالمي وأفضل األم لرسول اهللا، والذي واساه بنفسه وماله، د، ونظر، إال كانت عنده كبوة، وترد ما دعوت أحدا إىل اإلسالم إال «: اهللا صلى اهللا عليه وسلم

.»حني دعوته، وال تردد فيه )بل سارع ثما تلب ( أبا بكر، ما عكمرضي -بن أبي طالب علي ه، واملرتيب يف حجره ابن عم بيانالص من به من آمن لأو و ربي وابن إسحاق، اك عشر سنني على أرجح األقوال، وهو قول الط ه إذ ذ وكانت سن -اهللا عنه

-هراء، وهو أبو احلسن واحلسنيلز يدة فاطمة اوقد صار فيما بعد خنت رسول اهللا على ابنته الس .-رضي اهللا عنهما

زيد بن حارثة : حبه، ومواله، ومتبناه )المملوك الذي أعتق( المواليمن به من آمن لأو و .ثر رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم على والده وأهلهآالذي الكلبي

موىل بن رباح الحبشي بالل )المماليك الذين لم يعتقوا( العبيدمن به من آمن لأو و

.صلى اهللا عليه وسلم ن رسول اهللامؤذ ة بن خلف، والذي صار فيما بعد اغية أمي الط والسيدة زينبالسيدة ( صلى اهللا عليه وسلم ي ببنات الن وكذلك سارع إىل اإلسالم

البعثة مبا كان عليه أبوهن قبل كهن يف متس ه ال شك ، ألن )فاطمةالسيدة و أم كلثومالسيدة و رقيةة، من عبادة األصنام والوقوع يف ا كان يفعله أهل اجلاهلي ه عم نز رية، والت من االستقامة وحسن الس

وال سيما ر بوالديهاالبنت غالبا ما تتأث يف املسارعة إىل اإلميان، و هن بأم ثام، ويف اقتدائهن اآل «: قالت -رضي اهللا عنها -ئشة، روى ابن إسحاق عن عايف مثل هذا السن

ه ا أكرم اهللا نبي مل

.»بوة أسلمت خدجية، وبناتهبالن ، علي : ، وقيلأبو بكر :، وقيلخدجية: ل من أسلم اختالفا كثريا، فقيلوقد اختلف يف أو

اإلمام وفيق بني األقوال املتضاربة هو ما روي عن ثرته هنا يف الت آوهذا الذي ؛ وقيل غري ذلكالح، قني كابن الص وهو توفيق حسن، وهو الذي عليه بعض احملق « عمانيب حنيفة الن األعظم أ

بيان جال األحرار أبو بكر، ومن الص ل من أسلم من الر أو : أن يقال واألورع :ووي حيث قالوالن . )يمة ابن الصالح بشرحها للعراقمقد (» ساء خدجية، ومن املوايل زيد، ومن العبيد بالل، ومن الن علي

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

9

فشا جال حىت ساء والر اس يف اإلسالم أرساال من الن دخل الن مث «: قال ابن هشام - 6

فاصدع {: قال لهف، ČÕ§a@åß@êõbu@b¶@ʆ–íفأمر اهللا رسوله أن . ة وحتدث بهذكر اإلسالم مبك ذر عشريتك األقـربني، وأن {: وقال له] 94/ 15احلجر [} مبا تـؤمر وأعرض عن المشركني

:قوله تعاىل ] .215و 214/ 26الشعراء [} واخفض جناحك لمن اتـبـعك من المؤمنني افرق : ديع وهو الفجر، وقيلم جهارا، من الص ة إذا تكل صدع بالحج : اجهر بما تؤمر به وأظهره يقال( }فاصدع {

عبير رائع، ومن لطائف الت أي به من الش :}مبا تـؤمر {جاجة الكسر واإلبانة، دع في الز الص والباطل ألن بين الحق

ى يدخل رؤوسهم في حاجة إلى كسر وتصحيحها من جديد، وقلوبهم في حاجة إلى صدع حت ة اإلشارة إلى أن البالغي

. )ين الجديدفيها الد

7 – õaˆí⁄a: ا لرسول اهللا صلى اهللا عليه وسل ت يف معاقريشا اشتد إن مثا أم . م وأصحابهدامن ذلك ما رواه عبد اهللا بن . م، فقد القى من إيذائهم أنواعا كثريةرسول اهللا صلى اهللا عليه وسل

ي يف حجر إمساعيل إذ أقبل عقبة م يصل يب صلى اهللا عليه وسل بينا الن «: عمرو بن العاص أنه قال أخذ مبنكبه، ودفعه ه يف عنقه فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر حىت بن أيب معيط فوضع ثوب

ومنه ما . )رواه البخاري( »أتقتلون رجال أن يقول ريب اهللا؟: م وقالصلى اهللا عليه وسل يب عن الن بينا النيب صلى اهللا عليه وسلم ساجد وحوله ناس من قريش، جاء «: روى عبد اهللا بن عمر قال

معيط بسال جزور فقذفه على ظهر النيب صلى اهللا عليه وسلم، فلم يرفع رأسه، عقبة بن أيب، )رواه البخاري( »فجاءت فاطمة رضي اهللا عنها فأخذته من ظهره ودعت على من صنع ذلك

ما مشى بينهم أو مر م يف طرقام مز كل ومنه ما كانوا يواجهونه به من فنون اهلزء والغمز والل .أو نواديهماب فنثرها على بعضهم عمد إىل قبضة من الرت ربي وابن إسحاق أن منه ما رواه الط و

اب على رأسه، فقامت إليه إحدى ة، وعاد إىل بيته والرت رأسه وهو يسري يف بعض سكك مك .»أباك مانعيا بنية ال تبكي، فإن اهللا «: اب وهي تبكي ورسول اهللا يقول هلابناته تغسل عنه الرت

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

10

مات منهم منهم ألوانا من العذاب، حىت ع كل صحابه رضوان اهللا عليهم، فقد جتر ا أوأم ويطول البحث لو . من مات حتت العذاب وعمي من عمي، ومل يثنهم ذلك عن دين اهللا شيئا

ا ننقل هنا ما رواه اإلمام البخاري عن ولكن . منهم ذهبنا نسرد مناذج عن العذاب الذي القاه كل أتيت النيب صلى اهللا عليه وسلم وهو متوسد بردة وهو يف ظل «: ت أنه قالخباب بن األر

أال تدعو اهللا لنا؟ فقعد وهو حممر : الكعبة، وقد لقينا من املشركني شدة، فقلت يا رسول اهللالقد كان من قبلكم ليمشط مبشاط احلديد ما دون عظامه من حلم أو عصب ما :الوجه، فقال

موت ال اكب من صنعاء إىل حضر يسري الر اهللا هذا األمر حىت ن م يتول، يصرفه ذلك عن دينهانظر ما لقي رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه من المشركين في سيرة ابن هشام أو (» اهللاخياف إال

.)يرةيرة وكتاب نور اليقين للخضري وغيرها من كتب الس تهذيب الس 8 – pb™ëbнa@ò�bî�Z يرويه ابن هشام عن ابن إسحاق أن عتبة بن جاء يف ما

يا معشر قريش، أال أقوم إىل «: قال يف نادي قريش -دا ذا بصرية ورأي يف قومهوكان سي -ربيعةبلى يا :فقالوامه، وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا؟ حممد فأكل

يا :ىت جلس إىل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فقالفجاء عتبة حأبا الوليد، قم إليه فكلمه، بن أخي، إنك منا حيث قد علمت من الشرف يف العشرية واملكانة يف النسب، وإنك قد أتيت

فامسع مين أعرض عليك أمورا تنظر .. هت به أحالمهمقومك بأمر عظيم فرقت به مجاعتهم وسف .قل يا أبا الوليد، أمسع: صلى اهللا عليه وسلمفقال له رسول اهللا. فيها لعلك تقبل منها بعضها

إن كنت إمنا تريد مبا جئت به من هذا األمر ماال مجعنا لك من أموالنا حىت : يا بن أخيقال تكون أكثرنا ماال، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا حىت ال نقطع أمرا دونك، وإن كنت

ذي يأتيك رئيا تراه ال تستطيع رده عن نفسك طلبنا تريد به ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا ال .لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حىت نربئك منه

مث . فامسع مين: قال ..نعم: قال أفرغت يا أبا الوليد؟: فقال له رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمحيم، كتاب فصلت آياته قـرآنا عربيا حم، تـنزيل من الرمحن الر {بسم الله الرمحن الرحيم، :قال

ة مما تدعونا لقوم يـعلمون، بشريا ونذيرا فأعرض أكثـرهم فـهم ال يسمعون، وقالوا قـلوبنا يف أكن

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

11

ا أنا بشر مثـلكم يوحى . فاعمل إننا عاملون إليه ويف آذاننا وقـر ومن بـيننا وبـينك حجاب قل إمنا إهلكم إله واحد فاستقيموا إليه واستـغفروه، وويل للمشركني أمن 6 -1/ 41فصلت [ }إيل [.

فإن أعرضوا فـقل {: اىلمث مضى رسول اهللا يف القراءة وعتبة يسمع حىت وصل إىل قوله تعفأمسك عتبة بفيه وناشده الرحم أن ] 13/ 41فصلت [ }أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد ومثود .نته اآلية من ديديكف عن القراءة، وذلك خوفا مما تضم

ورائي أين : قال ما وراءك يا أبا الوليد؟: مث عاد عتبة إىل أصحابه فلما جلس بينهم قالوا :يا معشر قريش. مسعت قوال ما مسعت مبثله قط واهللا ما هو بالشعر وال بالسحر وال بالكهانة

أطيعوين وخلوا بني هذا الرجل وبني ما هو فيه فاعتزلوه فو اهللا ليكونن لقوله الذي مسعت منه نبأ .ملككم وعزه عزكم عظيم فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغريكم، وإن يظهر على العرب فملكه

.» هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم: قال. سحرك واهللا يا أبا الوليد بلسانه: قالواوروى الطربي وابن كثري وغريمها أن نفرا من املشركني فيهم الوليد بن املغرية والعاص بن

كون أغناهم وائل جاؤوا فعرضوا على رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أن يعطوه من املال حىت يجوه أمجل أبكارهم على أن يرتك شتم آهلتهم وتسفيه عادام، فلما رفض إال الدعوة إىل وأن يزو

فتعبد آهلتنا يوما ونعبد إهلك يوما، فرفض ذلك أيضا ونزل تعليقا على : احلق الذي بعث به، قالوابدون، وال أنـتم عابدون ما أعبد، وال أنا قل يا أيـها الكافرون، ال أعبد ما تـع { :ذلك قوله تعاىل

.] 6 -1/ 109الكافرون [ }عابد ما عبدمت، وال أنـتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم ويل دين مث إن أشراف قريش عادوا فكرروا احملاولة اليت قام ا عتبة بن ربيعة فذهبوا إليه جمتمعني،

.وعرضوا عليه الزعامة واملال، وعرضوا عليه الطب إن كان هذا الذي يأتيه رئيا من اجلانما يب ما تقولون، ما جئت مبا جئتكم به «: فقال هلم رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

أطلب أموالكم وال الشرف فيكم وال امللك عليكم، ولكن اهللا بعثين إليكم رسوال، وأنزل علي مرين أن أكون بشريا ونذيرا فبلغتكم رساالت ريب ونصحت لكم، فإن تقبلوا مين ما كتابا وأ

جئتكم به فهو حظكم يف الدنيا واآلخرة، وإن تردوه علي، أصرب ألمر اهللا حىت حيكم اهللا بيين فإن كنت غري قابل منا شيئا مما عرضناه عليك، فإنك قد علمت أنه ليس «: فقالوا له .» وبينكم

أحد أضيق بلدا وال أقل ماء وال أشد عيشا منا، فسل لنا ربك الذي بعثك مبا بعثك من الناس

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

12

به، فليسري عنا هذه اجلبال اليت قد ضيقت علينا وليفجر لنا أارا كأار الشام والعراق وليبعث لنا منمضى من آبائنا، وليكن فيمن بعث لنا منهم قصي بن كالب، فإنه كان شيخ صدق

أحق هو أم باطل وليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك : قولفنسأهلم عما تفإن صنعت ما سألناك صدقناك وعرفنا منزلتك من اهللا وأنه بعثك رسوال .. ا عما نراك تبتغي

.» ما أنا بفاعل وما أنا بالذي يسأل ربه هذا«: فقال هلم .» كما تقولإنا قد بلغنا أنه إمنا يعلمك هذا، رجل يف اليمامة «: - بعد طول كالم وخصام -مث إم قالوا له

الرمحن، وإنا واهللا ال نؤمن بالرمحن أبدا، فقد أعذرنا إليك يا حممد، وإنا واهللا ال نرتكك : يقال له .» مث قاموا وانصرفوا عنه. وما بلغت منا حىت لك أو لكنا

9 – ð…b–nÓüa@‰b–§aZ ن عقبة، عن ابن إسحاق، ورد بأسانيد خمتلفة عن موسى ب

وعن غريمها، أن كفار قريش أمجعوا أمرهم على قتل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وكلموا يف .ذلك بين هاشم وبين املطلب، ولكنهم أبوا تسليمه صلى اهللا عليه وسلم إليهم

ه فلما عجزت قريش عن قتله صلى اهللا عليه وسلم أمجعوا على منابذته ومنابذة من معمن املسلمني ومن حيميه من بين هاشم وبين املطلب، فكتبوا بذلك كتابا تعاقدوا فيه على أال

زق يصل إليهم، وال يقبلوا منهم صلحا يناكحوهم، وال يبايعوهم، وال يدعوا سببا من أسباب الر ، وال تأخذهم م رأفة، حىت يسلم بنو املطلب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم إليهم للقتل

.وعلقوا الكتاب يف جوف الكعبةم سنة سبع من البعثة إىل والتزم كفار قريش ذا الكتاب ثالث سنوات، بدءا من احملر

.السنة العاشرة منها، وقيل بل استمر ذلك سنتني فقطورواية موسى بن عقبة تدل على أن ذلك كان قبل أمر الرسول أصحابه باهلجرة إىل

أما رواية ابن إسحاق فتدل على أن كتابة الصحيفة . أثناء هذا احلصاراحلبشة، وإمنا أمرهم ا .كانت بعد هجرة أصحابه صلى اهللا عليه وسلم إىل احلبشة وبعد إسالم عمر

Š•ìyë بنو هاشم وبنو املطلب ومن معهم من املسلمني، ومعهم رسول اهللا صلى اهللاقة، واجتمع فيه من بين هاشم وبين عليه وسلم، يف شعب بين املطلب، وإمنا مكة شعاب متفر

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

13

، إال ما كان من أيب ةفحمي وأما الكافرون نافتدي املطلب املسلمون والكافرون، أما املسلمون هلب، عبد العزى بن عبد املطلب، فإنه خرج إىل قريش، فظاهر النيب صلى اهللا عليه وسلم

.وأصحابهشديدا يف هذه األعوام الثالثة واشتد فجهد النيب صلى اهللا عليه وسلم واملسلمون جهدا

وذكر السهيلي . عليهم البالء، ويف الصحيح أم جهدوا حىت كانوا يأكلون اخلبط وورق الشجرأم كانوا إذا قدمت العري مكة، يأيت أحد أصحاب رسول اهللا إىل السوق ليشرتي شيئا من

ر غالوا على أصحاب حممد حىت ال يا معشر التجا«: الطعام يقتاته ألهله، فيقوم أبو هلب فيقول، فيزيدون عليهم يف السلعة قيمتها أضعافا، حىت يرجع إىل أطفاله وهم » يدركوا شيئا معكم

.يتضاغون من اجلوع وليس يف يده شيء يعللهم بهفلما كان على رأس ثالث سنني من بدء هذا احلصار، تالوم قوم من بين قصي، فأمجعوا

ا عليه، وأرسل اهللا على صحيفتهم اليت كتب فيها نص املعاهدة أمرهم على نقض ما تعاهدو إال الكلمات التي فيها األرضة، فأتت على معظم ما فيها من ميثاق وعهد، ومل يسلم من ذلك

.عز وجل ذكر اهللا: وقد أخرب بذلك رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عمه أبا طالب، فقال له أبو طالب

نعم، فمضى يف عصابة من قومه إىل قريش، فطلب منهم أن يأتوه : قالأربك أخربك بذلك؟ «إن ابن : إياهم أنه نازل عند شروطهم فجاؤوا ا وهي مطوية، فقال أبو طالب بالصحيفة مومهاومل يكذبين قط، أن اهللا تعاىل قد سلط على صحيفتكم اليت كتبتم األرضة فأتت أخي قد أخربين

عة رحم، فإن كان احلديث كما يقول فأفيقوا وارجعوا عن على كل ما كان فيها من جور وقطيسوء رأيكم، فو اهللا ال نسلمه حىت منوت من عند آخرنا، وإن كان الذي يقول باطال دفعنا

ففتحوا الصحيفة فوجدوا . قد رضينا بالذي تقول: فقالوا .إليكم صاحبنا ففعلتم به ما تشاؤون.. » !هذا سحر ابن أخيك: فقالوا .عليه وسلم األمر كما أخرب الصادق املصدوق صلى اهللا

.وزادهم ذلك بغيا وعدوانا

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

14

مث إن مخسة من رؤساء املشركني من قريش، مشوا يف نقض الصحيفة، وإاء هذا هشام بن عمرو بن احلارث، وزهري بن أمية، واملطعم بن عدي، وأبو البخرتي بن : احلصار، وهم

.هشام، وزمعة بن األسودسعى إىل نقضها بصريح الدعوة زهري بن أمية، أقبل على الناس عند وكان أول من

يا أهل مكة، أنأكل الطعام، ونلبس الثياب وبنو هاشم واملطلب هلكى ال «: الكعبة فقال .» واهللا ال أقعد حىت تشق هذه الصحيفة القاطعة الظاملة.. يباعون وال يبتاع منهم؟

مث قام املطعم بن عدي إىل الصحيفة فمزقها، .مث قال بقية اخلمسة حنوا من هذا الكالممث انطلق هؤالء اخلمسة، ومعهم مجاعة، إىل بين هاشم وبين املطلب ومن معهم من املسلمني

.فأمروهم باخلروج إىل مساكنهم

10 - âý�⁄a@¿@ñŠvç@ÞëcZ مث إن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ملا رأى ما يصيبلو خرجتم إىل «: يقدر على أن حيميهم ومينعهم مما هم فيه، قال هلم أصحابه من البالء وأنه ال

أرض احلبشة فإن ا ملكا ال يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حىت جيعل اهللا لكم فرجا مما .» أنتم فيه

فخرج عند ذلك املسلمون إىل أرض احلبشة خمافة الفتنة وفرارا إىل اهللا بدينهم، فكانت Čëcý�⁄a@¿@ñŠvç@Þâ . عثمان بن عفان وزوجته، رقية بنت رسول : مة املهاجرينوكان يف مقد

اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وأبو حذيفة وزوجته، والزبري بن العوام، ومصعب بن عمري وعبد الرمحن حىت اجتمع يف أرض احلبشة من أصحابه صلى اهللا عليه وسلم بضعة ومثانون ...بن عوف

. )130/ 7: وانظر فتح الباري 330/ 1: ا ذكره ابن هشام في سيرتههذا هو الصحيح كم(رجال ومل (فلما رأت قريش ذلك، أرسلت إىل النجاشي عبد اهللا بن أيب ربيعة وعمرو بن العاص

دايا خمتلفة كثرية، إليه وإىل حاشيته وبطارقته، رجاء أن يرفض قبول هؤالء ) يكن قد أسلم بعد .رة أخرى إىل أعدائهماملسلمني يف جواره ويسلمهم م

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

15

وكانا قد كلما من قبله بطارقته وقدما إليهم ما جاءا به - فلما كلما النجاشي يف ذلكرفض النجاشي أن يسلم أحدا من املسلمني إليهما حىت يكلمهم يف شأن دينهم - من اهلدايا

.اجلديد هذاي قد فارقتم فيه ين الذما هذا الد «: فجيء م إليه، ورسوال قريش عنده، فقال هلم .» قومكم ومل تدخلوا به يف ديين وال يف دين أحد من امللل؟

كنا قوما أهل جاهلية، نعبد : أيها امللك«: فكان الذي كلمه جعفر بن أيب طالب، فقالاألصنام، ونأكل امليتة، ونأيت الفواحش، ونقطع األرحام، ونسيء اجلوار ويأكل القوي منا

بعث اهللا إلينا رسوال منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، الضعيف، فكنا على ذلك حىتفدعانا إىل اهللا لنوحده ونعبده، وخنلع ما كنا نعبد حنن وآباؤنا من دونه من احلجارة واألوثان،

فصدقناه وآمنا به، .. وأمرنا بصدق احلديث وأداء األمانة وصلة الرحم، وانا عن الفواحشاهللا، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا لريدونا إىل عبادة واتبعناه على ما جاء به من

فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، خرجنا إىل بالدك واخرتناك على من سواك ورغبنا .. األوثان .» يف جوارك ورجونا أن ال نظلم عندك

وسلم من عند فسأله النجاشي أن يتلو عليه شيئا مما جاءهم به الرسول صلى اهللا عليه :فقرأ عليه جعفر صدرا من سورة مرمي، فبكى النجاشي حىت اخضلت حليته، مث قال هلم .اهللا :مث التفت إىل رسويل قريش قائال. إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة«

.» انطلقا، فال واهللا ال أسلمهم إليكما، وال يكادونيها امللك إم يقولون يف عيسى بن مرمي قوال عظيما، أ«: مث إما عادا فقاال للنجاشي

نقول «: فأرسل إليهم، يف ذلك، فقال جعفر بن أيب طالب. » فأرسل إليهم فسلهم عما يقولونهو عبد اهللا وروحه « :فيه الذي جاءنا به نبينا حممد صلى اهللا عليه وعلى آله وسلم، يقول

فضرب النجاشي بيده إىل األرض فأخذ منها عودا، مث .» وكلمته ألقاها إىل مرمي العذراء البتول .» واهللا ما عدا عيسى بن مرمي مما قلت هذا العود«: قال

مث رد إليهما هدايامها، وزاد استمساكه باملسلمني الذين استجاروا به، وعاد الرسل إىل .قريش خائبني

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

16

حىت إذا دنوا من وبعد فرتة من الزمن بلغهم إسالم أهل مكة، فرجعوا ملا بلغهم ذلك مكة بلغهم أن ما قد مسعوه من إسالم أهل مكة باطل، فلم يدخل أحد منهم إال جبوار، أو

وكان من بني من دخل جبوار، عثمان بن مظعون، . مستخفيا وكان مجيعهم ثالثة وثالثني رجال .دخل جبوار الوليد بن املغرية، وأبو سلمة دخل جبوار أيب طالب

Rوאوא��PQ)وس�א� ��Q�����

1 – üČëcZ òjÈØÛa بناه أبو ل بيت بني على اسم اهللا ولعبادة اهللا وتوحيده فيهأو ،الم بعد أن عاىن من حرب األصنام وهدم الة والس الص وعلى نبينا إبراهيم عليه سيدنا األنبياء

إبراهيم القواعد وإذ يـرفع {له بذلك أمرمن اهللا تعاىل و بوحيبناها .. املعابد اليت نصبت فيهاهذا ال غري أن ؛ ]127/ 2البقرة [ }من البـيت وإمساعيل، ربنا تـقبل منا إنك أنت السميع العليم

على -، فهيفيها ائفين حولها أو العاكفينللكعبة تأثير على الط يعين أو يستلزم أن يكون د الذي جيس عارالش يفه .وال تنفع حجارة ال تضر -يمة عند اهللاماهلا من قداسة ووجاهة عظ

مهما أقيم من آهلة توحيد اهللا والعبادة له وحده عن يف أقطار األرض، ويعرب وحدة المسلمين .ني باطلني على مر األزمنة والعصورزائفة وانتصب من متأهل

ذوا من مقام إبراهيم وإذ جعلنا البـيت م {: وهذا معىن قوله تعاىل اس وأمنا، واختثابة للن يمأل قلبهائف بالبيت احلرام، بعد أن ، وهذا هو املعىن الذي يلحظه الط ]125/ 2البقرة [ }مصلى

عبد ه ا أوامر ومن حيث إن من حيث إ القصد إلى تحقيق أوامرهتعاىل و ة هللامعنى العبودي من

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

17

ومن هنا جاءت قداسة البيت وعظم مكانته عند اهللا . بية األمر وتحقيق المأمور بهمكلف بتل .واف من حولهإليه والط تعاىل وكانت ضرورة احلج

.فهو اهللا وحده :كل صالة، والمقصود في كل خشوع ا الوجهة فيأم /* – bîãbq: ة سياس، وتدبير األمورم يف النيب صلى اهللا عليه وسل حكمةمدى

نامت قبل ما قامت بينهم خصومة مث ، وبني من؟ بني أقوام قل قطع دابر الخصومات، والقضاياوقد وصل م اخلالف كما تعلم إىل درجة كاد أن ينشب . ماءأن تراق فيما بينهم بسببها الد

تعاقدوا هم وبنو عدي على ار جفنة مملوءة دما مث فيما بينهم القتال، فقد قربت بنو عبد الد م، ومكثت قريش على ذلك أربع ليال أو مخسا، دون أن املوت، وأدخلوا أيديهم يف ذلك الد

صلى اهللا خمود نار الفتنة على يد رسول اهللارأي أو تدبري، حىت كان ها إىل الوفاق أي يرد له من ما اختاره اهللاإىل الم، الة والس عليه الص ة فيهينبغي أن حنيل هذه املزي وحنن . عليه وسلم

الذي فطر كاءالذ اليت جبل عليها و ةالعبقري أن حنيلها إىل قبل، سالة والنبوةالقيام بعبء الر .عليه

تأيت املزايا األخرى مث ؛نبي و رسوله الم، أن الة والس ل يف تكوينه عليه الص فاألساس األو .ة على هذا األساس والحقة بهها من عبقرية ودهاء وذكاء مبني كل

/* – brÛbqZ بني رجال قريش على اختالف مصلى اهللا عليه وسل منزلته سمو مدى

هم، وكانوا ال يرتابون منهم كل محبوبا، وكان باألمينبا عندهم درجام وطبقام، فقد كان ملق به استعنيإذا ما عظيم إخالصهإذا عومل، ويف كريم أخالقه، ويف ثإذا حد صدقهيف

.عليه اعتمدو ذين امتألت ما أفئدة هؤالء ذه ظاهرة تكشف لك عن مدى احلقد والعناد الل وه

غها إىل هؤالء األقوام الذين قابلوه سالة من عند اهللا، وأخذ يبل أنفسهم، بعد أن جاءته الر .كذيب والعناد واإليذاءبالت

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

18

بيل البعثة، إىل قلب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ق بتحب اليت ñìܨaهلذه إن - 2

.اعني إىل اهللا بصورة خاصةة والد ية كربى يف حياة املسلمني عام ا، هلا أمه داللة عظيمة جد يا بالفضائل قائما بألوان مهما كان متحل ال يكمل إسالمهاملسلم ح أن توض فهي، ويراقب يحاسب فيها النفس ى يجمع إلى ذلك ساعات من العزلة والخلوةحت العبادات،

.ر يف مظاهر الكون، ودالئل ذلك على عظمة اهللاتعاىل، ويفك اهللاaˆç حيح، فكيف مبن يريد أن يضع نفسه يريد لنفسه اإلسالم الص مسلم أي يف حق

.ريق الحق اعي إلى اهللا والمرشد إلى الط الد موضع بية تر هو : ةعوة خاص ة وأرباب الد ية يف حياة املسلمني عام وشيء آخر له بالغ األمه

جة دعوة متأج ضحية واجلهاد وأساس كل منبع الت هوف. ة اهللا عز وجل في القلبمحب ة وحدها ما ، فاألمور العقالني د اإليمان العقلي بهة اهللا تعالى ال تأتي من مجر ومحب صحيحة،

مة ولو كان كذلك، لكان املستشرقون يف مقد . ر يف العواطف والقلوبكانت يوما ما لتؤث أو مسعت بأحد من . األفئدة حبا هللا ورسوله منني باهللا ورسوله، ولكانت أفئدم من أشد املؤ

!.ة أو مسألة من مسائل اجلرب؟ى بروحه إميانا منه بقاعدة رياضي العلماء ضح ل التأم يف آالئه ونعمه وفكير كثرة الت - بعد اإلميان به -ة اهللا تعاىلا الوسيلة إىل حمب وإمن

كل يتم ا وإمن . سانسبحانه وتعاىل بالقلب والل اإلكثار من ذكره ، مث له وعظمتهيف مدى جال .منرة من الز نيا وضوضائها يف فرتات متقطعة متكر واالبتعاد عن شواغل الد اخللوةو العزلةبذلك

ة ة إلهي محب في قلبهله من ذلك نبتتأ له أداء هذه الوظيفة، فإذا قام املسلم بذلك وي إيذاء بكل يستهينمغرية من املغريات، و كل يحتقرعظيم، و كل يستصغر، جتعله رمةعا

ح ينبغي أن يتسل الكربى اليت ةالعد فتلك هي . إذالل أو استهزاء فوق كل يستعليوعذاب، وصلى اهللا عليه وسلم داز اهللا بها حبيبه محم جه اليت ةالعد ، وتلك هي عاة إلى اهللابها الد .ةعوة اإلسالمي بأعباء الد ليقوم

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

19

أمجع املسلمون علىا ة يف القلب مم وافع الوجداني هذه الد تحقيقالوسائل املختلفة ل اختاذو عند بعضهم، أو باإلحسانعند مجهور العلماء والباحثني، أو فصو بالت ى ، وهو ما يسم ضرورته

انظر الجزء العاشر من فتاوى (اىل عند بعض آخر كاإلمام ابن تيمية رمحه اهللا تع لوكبعلم الس

ولتعلم كم يفتري ، ف الحقيقي عند هذا اإلمام الجليلصو قيمة الت الشيخ ابن تيمية رحمه اهللا، لتجد

. )عليه أولئك الذين يحاولون ترويج باطلهم عن طريق إلصاقه باسمههذه الذي كان ميارسه صلى اهللا عليه وسلم قبيل بعثته كان واحدة من االختالءو

.وافع نفسهاالوسائل لتحقيق هذه الد بيد أنه ال ينبغي أن يفهم معنى الخلوة كما شذ البعض ففهموها حسب شذوذهم،

اس واتخاذ الكهوف والجبال موطنا واعتبار ذلك فضيلة بحد ي عن الن وهو االنصراف الكل .ذاتها

ا املراد هو إمن . أصحابهصلى اهللا عليه وسلم وملا كان عليه عامة مخالف لهديهفذلك ، بقدرواء ال ينبغي أن يؤخذ إال والد كما ذكرنا، خاذ الخلوة دواء إلصالح الحالاستحباب ات

احلني من استمر وإذا رأيت يف تراجم الص . ي منهانقلب إىل داء ينبغي التوق ، وإال زومعند الل و .اسعلى الن ةحج عمله ليسو، ة بهاص حالة خاس، فمرد ذلك إىل على اخللوة واالبتعاد عن الن

كره ما ألقى في قلبههه لدعوة الخير واإلصالح، اهللا إذا أراد لعبد أن يوج إن - */

.عليه مجتمعه من ضالل وفساد

3 - ïyìÛa@õ†iZ ،ب عليه جميع هو األساس الذي يترت حديث بدء الوحي هذامها املدخل الذي ال بد منه إىل اليقني ن بهاليقيو فهمهو. ين بعقائده وتشريعاتهحقائق الد

حقيقة ذلك أن ةأوامر تشريعي و ةإخبارات غيبي صلى اهللا عليه وسلم من بسائر ما جاء به النيب

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

20

، ع بواسطة رأيه وعقلهيشر و ر من عندهيفك هي الفيصل الوحيد بين اإلنسان الذي ) الوحي( .أو ينقص أو يزيد غ عن ربه دون أن يغيراإلنسان الذي يبل و

شكيك باإلسالم، مبعاجلة موضوع الوحي يف حياته صلى اهللا حمرتفو الت من أجل هذا يهتم لبيس يف حقيقته واخللط ل، من أجل الت ا شاقا، يف تكلف ومتح م، ويبذلون جهدا فكري عليه وسل

موضوع أن ب لعلمهموذلك . أيضا رعالص ، بل وحىت فسحديث الن ، واإللهامبينه وبني م صلى اهللا عليه وسل دمحم سيدنا إيمانهم بما جاء به المسلمين و منبع يقينهو ) الوحي(

ع عنه من عقائد ما قد يتفر أمكن تكفيرهم بكل فلئن أتيح تشكيكهم حبقيقته، . من عند اهللام من يه وسل د صلى اهللا علحمم سيدنا ما دعا إليه كل دوا لفكرة أن ، وأمكنهم أن ميه وأحكام

. من تفكريه الذايتة ليس إال شريعي املبادئ واألحكام الت تحريفهاو ظاهرة الوحي تأويل، حياولون حمرتفو الغزو الفكريمن أجل هذه الغاية، أخذ

اهرة وراح كل ريفة، وإبعادها عن حقيقتها الظ ث به صحاح السنة الش خون وحتد عما يرويه لنا املؤر .فة الغريبةصورات املتكل لك ما يروق خلياله من فنون الت منهم يسلك إىل ذنت يف إىل أن تكو .. رالم مل يزل يفك الة والس دا عليه الص حمم سيدنا ر بأن فمن متصو

ة، ومن عقيدة كان يراها الكفيلة بالقضاء على الوثني املستمر دريجيالكشف الت نفسه بطريقةم القرآن ومبادئ اإلسالم من تعل م إمنا صلى اهللا عليه وسل ل على ذلك إشاعة القول بأنهمفض

م دا صلى اهللا عليه وسل حمم سيدنا األمر ليس هذا وال ذاك ولكن ، ومن قائل بأن اهببحيرا الر وحنن حينما .)39و 38/ 1: راجع حاضر العالم اإلسالمي( رعالص بداء مصاباأو اعصبي رجالكان

من اإلقرار هربالت غا هلا إال الت العجيبة اليت ال يرى العاقل مسو التمح ننظر إىل مثل هذه احلكمة اإلهلية الباهرة من بدء نزول الوحي، ندرك يف جالء ووضوح المالة والس عليه الص تهبنبو

.ريقة اليت استعرضناها اآلن، يف حديث اإلمام البخاريم ذه الط عليه صلى اهللا عليه وسل ة، وقد كان باإلمكان أن يكون ل مر ألو رأسه بعينيجربيل سيدنارسول اهللا أىر ملاذا

الوحي من وراء حجاب؟

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

21

، الحيرة في فهم حقيقتهمنه و عبالر الم الة والس عليه الص قذف اهللا في قلبهملاذا اده فال كينة يف قلبه ويربط على فؤ ة اهللا لرسوله وحفظه له يقتضي أن يلقي الس وقد كان ظاهر حمب

، ومل ا من اجلن ل له يف الغار أتي خياف وال يرتعد؟ ملاذا خشي على نفسه أن يكون هذا الذي متث ح على ذلك أن يكون ملكا أمينا من عند اهللا؟يرج

م ة طويلة، وجزع النبي صلى اهللا عليه وسل انفصل الوحي عنه بعد ذلك مد ملاذا ى من أن يرتد -كما يروي اإلمام البخاري - ل إنه كان حياو حىت بسبب ذلك جزعا عظيما

شواهق اجلبال؟فكري يف أجوبتها كل الذي ابتدأ به الوحي، ولدى الت سبة للش ة بالن هذه أسئلة طبيعي

اصعة فيها الحقيقة الن ر الحر أن يجد المفك ، أال وهي حكمة باهرةجندها تنطوي على .فة الباطلةر بأخيلتهم المتكل أث والت ري الواقية عن الوقوع في شرك محترفي الغزو الفك

جربيل أمامه يراه سيدناالم وهو يف غار حراء بالة والس د عليه الص حمم سيدنا فوجئلقد

ا مرده إلى ا داخلي ليست أمرا ذاتي ظاهرة الوحي أن نيتبي ، حىت اقرأبعينه، وهو يقول له فس وداخل ة ال عالقة لها بالن تلق لحقيقة خارجي استقبال و ا هي ، وإمن دفس المجر حديث الن

تأكيدا لهذا ، يعترب اقرأ: ةمر ات قائال يف كل ثالث مر إرساله مث اهالملك إي ضم و. اتالذ .ا فقطاألمر ال يعدو كونه خياال داخلي ، من أن لقي الخارجي ومبالغة في نفي ما قد يتصورالت

قطع خلوته في الغار وأسرع ه ، حىت إن سمع ورأى عب مماداخله الخوف والر ولقد رسول اهللا صلى اهللا عليه ر عاقل أن مفك لكل ضحيت ، لكي عائدا إلى البيت يرجف فؤاده

ظاهرة الوحي ، وأن سالة التي سيدعى إلى حملها وبثها في العالمفا للر لم يكن متشو م وسل مثريا طرأت طروءاا ، وإمن ره أو خيطر يف بالهصو مة لشيء مما قد يتمل تأت منسجمة أو متم هذه

ج في هذا ليس شأن من يتدر أن وال شك . سابق عتوق وفوجئ بها دون أي على حياته، عقيدة -دريجي المستمر بطريقة الكشف الت -ن في نفسهفكير إلى أن تتكو أمل والت الت

! ..عوة إليهايؤمن بالد

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

22

الت أم الت أو وحياإلشراق الر أو فسحديث الن أو اماإللهشيئا من حاالت إن مث ج في در انسجام بين الت ة أي وليس ثم . ونعب وامتقاع الل ال يستدعي الخوف والر ، ةالعلوي

القتضى ذلك وإال . عب من ناحية أخرىل من ناحية، ومفاجأة الخوف والر فكير والتأم الت .عب والخوف المفاجئة المتالحقةنهبا لدفعات من الر لين رين والمتأم ة المفك أن يعيش عام

ذلك من كل - ونالل رتغي و الجسم رجفانو عبالر و الخوف وأنت خبري أن لو فرضنا إمكان صدور حىت -مثيل بهاة التي ال سبيل إلى اصطناعها والت االنفعاالت القسري

ملستحيل من انقالب طباعه املعروفة قبل الم، وفرضنا االة والس مثيل منه عليه الص املخادعة والت .البعثة إىل عكس ذلك

هذا مه بأن توه م، يف ى مزيد من صورة املفاجأة املخيفة لديه صلى اهللا عليه وسل ويتجل خدجية بعد أن لسيدة قال ل، إذ الذي رآه وغطه وكلمه في الغار قد يكون أتيا من الجن

ن يطوهلم ه ليس مم ها طمأنته بأن ولكن . أي من اجلان » يلقد خشيت على نفس«: أخربها اخلرب .فات احلميدةملا فيه من األخالق الفاضلة والص ياطني واجلان أذى الش

هذا الذي نفسه بأن يطمئنعلى قلب رسوله و يربطأن قادراوقد كان اهللا عز وجل اس، ولكن ه رسول اهللا إىل الن أن ملك من مالئكة اهللا جاء ليخربه : جربيل سيدنا كلمه ليس إال م د صلى اهللا عليه وسل حمم سيدناة ام بني شخصي ة اقتضت إظهار االنفصال الت احلكمة اإلهلي

شريع اإلسالمي مل ة أو الت شيئا من أركان العقيدة اإلسالمي ته بعدها، وبيان أن قبل البعثة وشخصي .عوة إليه سلفار الد م سابقا ومل يتصو الالة والس سول عليه الص يطبخ يف ذهن الر

الم إىل ورقة بن الة والس هاب به عليه الص خدجية من الذ السيدةفيما أهلم اهللا مث إن الم الة والس عليه الص فوجئ بههذا الذي نوفل، وعرض األمر عليه تأكيدا من جانب آخر بأن

بس اليت ، وإزالة لغاشية الل بياء من قبلهالذي كان قد أنزل على األن الوحي اإللهي ا هو إمن .رات املختلفة عن تفسري ما رآه ومسعهصو كانت حتوم حول نفسه باخلوف والت

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

23

��. 4 - ïyìÛa@ ÊbİÔãa ة أشهر أو أكثر، على اخلالف بعد ذلك، وتلبثه ست

ر به على ما يفس إذ يف ذلك أبلغ الرد . ائعةة الر المعجزة اإللهي املعروف فيه، فينطوي على مثل أمل فسي املنبعث لديه من طول الت ه اإلشراق الن الوحي النبوي من أن حمرتفو الغزو الفكري

.ه أمر داخلي منبعث من ذاته نفسهاكرار، وأن والت ة ة يف غار حراء، مد ل مر لقد قضت احلكمة اإلهلية أن حيتجب عنه امللك الذي رآه ألو

ل القلق لديه إىل خوف يف نفسه من أنق من أجل ذلك، مث يتحو طويلة، وأن يستبد به القل سالة، لسوء قد صدر منه، حىت يكون اهللا عز وجل قد قاله بعد أن أراد أن يشرفه بالوحي والر

! ما وصل إىل ذروة جبل، أن يلقي بنفسه منهاثه نفسه، كل نيا عليه وراحت حتد لقد ضاقت الد ماء واألرض لك الذي رآه يف حراء، وقد مأل شكله ما بني الس إىل أن رأى ذات يوم امل. ..

عب إىل ة أخرى وقد استبد به اخلوف والر فعاد مر . » اسد أنت رسول اهللا إىل الن يا حمم « :يقولثـر {: البيت، حيث نزل عليه قوله تعاىل ها المد2 -1/ 74ر ث املد [ }...قم فأنذر . يا أيـ[ .

فكير م، تجعل مجرد الت ذه الحالة التي مر بها رسول اهللا صلى اهللا عليه وسل ه إن صاحب ا، ضربا من الجنون، إذ من البداهة بمكان أن في كون الوحي إلهاما نفسي

.له بمثل هذه األحوالإلهامه أو تأم ة ال يمر الت الفكري ة والتأم فسي اإللهامات الن

حيح، ينطوي ابت الص حو الذي ورد يف احلديث الث لى الن حديث بدء الوحي ع فإن Uذن

ة التي أكرم بو اس في أمر الوحي والن ما يحاول المشككون تخييله إلى الن تهديم كل على ة لك ذلك أدركت مدى احلكمة اإلهلي وإذا تبني . المالة والس دا عليه الص محم سيدنا اهللا بها

.حو الذي أراده عز وجل على الن العظيمة يف أن تكون بداءة الوحي فلماذا كان ينزل عليه صلى اهللا عليه : شكيك، يسألونا عاد بعد ذلك حمرتفو الت ورمب

م الوحي بعد ذلك وهو بني الكثري من أصحابه فال يرى امللك أحد منهم سواه؟وسل

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

24

laì¦aëZ اإلبصار وسيلة ه ليس من شرط وجود املوجودات أن ترى باألبصار، إذ إن أنيء معدوما إذا ابتعد عن البصر بعدا ، وإال القتضى ذلك أن يصبح الش فينا حمدودة حبد معني

أن -وهو اخلالق هلذه العيون املبصرة - من اليسري على اهللا جل جالله على أن . مينع من رؤيته :دديف هذا الص مالك بن نبي يزيد يف قوة ما شاء منها فريى ما ال تراه العيون األخرى، يقول

سبة لكل م لنا حالة منوذجية، ال ميكن أن ترى فيها بعض األلوان بالن عمى األلوان مثال يقد إن «وء وء األمحر وفوق الض ة دون الض وئي لك أيضا جمموعة من اإلشعاعات الض العيون، وهنا

ع العيون، فقد توجد سبة جلميا أا كذلك بالن البنفسجي ال تراها أعيننا، وال شيء يثبت علمي . )127: ةاهرة القرآني الظ (» أو أكثر حساسية عيون ميكن أن تكون أقل

كما ليسه اللة نفسها على حقيقة الوحي وأن استمرار الوحي بعد ذلك حيمل الد إن مث :اللة فيما يليونستطيع أن جنمل هذه الد . ة محضةظاهرة نفسي : كونأراد املشك ل فورا، على حني ، إذ كان يأمر بتسجيل األو ضح بين القرآن والحديثمييز الواالت -أ

ة به، بل احلديث كالم من عنده ال عالقة للنبو اين ذاكرة أصحابه، ال ألن يكتفي بأن يستودع الث ا أم . المجربيل عليه الس سيدنا بواسطة الحروفو فظالل موحى به إليه بنفس æeŠÔÛa ألن

s톧a الموالس الةالص عليه عنده من تركيبهو لفظهمن اهللا عز وجل، ولكن وحي معناهف ، .جبريل بكالمه هو سيدنااه من كالم اهللا عز وجل الذي يتلق يختلطأن يحاذرفكان

، ورمبا فال يجيب عليها، عن بعض األموريسأل م كان النيب صلى اهللا عليه وسل -بائل ، طلب الس ؤالنزلت آية من القرآن يف شأن ذلك الس ا إذحىت مر على سكوته زمن طويل،

يف بعض األمور على وجه سول ف الر تصر ا ورمب . وتال عليه ما نزل من القرآن يف شأن سؤاله .ا انطوت على عتب أو لوم له، ورمب فتنزل آيات من القرآن تصرفه عن ذلك الوجه، معني

ليس من الممكن أن يعلم إنسان و.. يام أم كان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسل -جموسى حينما سيدنا وأم .. يوسف سيدناة ، كقص ةفسية حقائق تاريخي بواسطة المكاشفة الن ولقد كان هذا من مجلة احلكم يف كونه صلى اهللا عليه .. ة فرعونوقص .. ألقت وليدها يف اليم

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

25

لوا من قـبله {: م أمياوسل }من كتاب وال ختطه بيمينك إذا الرتاب المبطلون وما كنت تـتـ .]48/ 29العنكبوت [

م أربعني سنة مع قومه واشتهاره فيهم بذلك، صلى اهللا عليه وسل صدق النبي إن -د، ولذا فال بد أن صادقا مع نفسهم، من قبل ذلك، صلى اهللا عليه وسل يستدعي أن يكون

.شك خيايل لعينيه أو فكره د قضى يف دراسته لظاهرة الوحي على أي يكون قفإن كنت في شك {: هذه اآلية جاءت ردا لدراسته األوىل لشأن نفسه مع الوحي وكأن

ربك فال لقد جاءك الحق من . مما أنـزلنا إليك فسئل الذين يـقرؤن الكتاب من قـبلك النيب صلى اهللا عليه وسلم قال بعد نزول ولذا روي أن .]94/ 10يونس [ }تكونن من الممترين

.)رواه ابن كثير عن قتادة( »ال أشك وال أسأل«: هذه اآلية 5 - Č�Ûa@éuëČŠÛa@ñìÇ…@õ†i@¿@òČíČŠČ–Ûa@éîÜÇ@Þì�Č�Ûaë@ñýâýZ

لى اهللا عليه وسلم يف دعوته إىل اإلسالم، خالل هذه السنوات تكتم النيب ص ال ريب أن : عوة ونزل عليه قوله تعاىلف بالد ، فهو حينما كل لم يكن بسبب الخوف على نفسهاألوىل،

ثـر { ها المدوهو لذلك كان يوقن بأن اسه رسول اهللا إلى الن علم أن }...قم فأنذر . يا أيـ ،اهللا عز اس، على أن من الن يعصمهو يحميهعلى أن قادرعوة ثه وكلفه ذه الد اإلله الذي ابتع

اس علنا، ملا تواىن عن ذلك ساعة، ولو كان عوة بني الن ل يوم أن يصدع بالد وجل لو أمره من أو .يرتاءى له يف ذلك مصرعه

عوة، يف يبدأ الد أن -سول نوع من الوحي إليهواإللهام للر -ألهمهاهللا عز وجل ولكن تعليمايؤمن ا، سه ه أن من يغلب على ظن يلقى ا إال فرتا األوىل، بسرية وتكتم، وأن ال

فكري ره الت ، وما يقر اهرةة األخذ باحليطة واألسباب الظ مشروعي هلم إىل إرشاداللدعاة من بعده، و. عوة وأهدافهال الوصول إىل غايات الد خذ من أجليم من الوسائل اليت ينبغي أن تت والعقل الس يذهب ذلك على االعتماد واالتكال على اهللا وحده، وعلى أن ال ب كل يتغل على أن ال

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

26

فهذا . ة يف تصوره وتفكريهأثري والفعالي ك ذه األسباب مذهبا يعطيها معىن الت مس اإلنسان يف الت .يتناىف مع طبيعة الدعوة إىل اإلسالمه خيدش أصل اإلميان باهللا تعاىل، فضال عن أن

كان من قبيل الم، يف هذه الفرتة، الة والس عليه الص أسلوب دعوته ومن هنا تدرك، أن .نبيا بليغية عن اهللا تعاىل بوصف كونهوليس من أعماله الت ، إمامابوصف كونه ةرعي ياسة الش الس

أن يستعملوا عصر كل في، يةعوة اإلسالمالد ألصحاب يجوزه وبناء على ذلك فإن رف الظ يقتضيه حسبما - ةوالقو نيالل أو، من حيث التكتم واجلهر- عوةة الد كيفي في المرونة

، اعتمادا على واقع ةريعة اإلسالمي دتها الش وهي مرونة حد ، وحال العصر الذي يعيشون فيهة اليت سبق ذكرها، على أن يكون سريته صلى اهللا عليه وسلم، ضمن األشكال أو املراحل األربع

.ةعوة اإلسالمي ذلك إىل مصلحة املسلمني ومصلحة الد ظر يف كل الن أو العدد ةقل من إذا كانوا المسلمين أن على الفقهاء جمهور أجمعومن أجل هذا

ما إذا، أعدائهم في نكاية أي غير من سيقتلون همأن ن يغلب الظ بحيث العدة ضعفوهي المقابلة المصلحة ألن ، فسالن حفظ مصلحة هنا متقد أن، فينبغي، الهمقت أجمعواويقرر العز بن عبد السالم حرمة اخلوض يف .منفية الوقوعأو موهومة الدين حفظ مصلحة

فوات بوت من كاية وجب االنهزام، لما في الث فإذا لم تحصل الن « :مثل هذا اجلهاد قائال، بوت هنا مفسدة محضةصار الث ار وإرغام أهل اإلسالم، وقد الكف مع شفاء صدور فس الن

، وانظر ضوابط المصلحة في الشريعة 95/ 1: قواعد األحكام في مصالح األنام( »ليس في طيها مصلحة

فس هنا، وتقدمي مصلحة الن ) والقول هنا للشيخ البوطي( oÜÓZ .)261: للشيخ البوطياإلسالمية .اهر فقطمن حيث الظ

المصلحة ، إذ مصلحة دينا يف الواقع أما من حيث حقيقة األمر ومرماه البعيد، فإموا أن تبقى أرواح المسلمين سليمة لكي يتقد -يف مثل هذه احلال - الدينية تقتضي

هالكهم يعتبر إضرارا بالدين نفسه وإال فإن . ويجاهدوا في الميادين المفتوحة األخرى .الكافرين ليقتحموا ما كان مسدودا أمامهم من السبلوفسحا للمجال أمام

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

27

يضر إذا كان الجهر أو القتال عوةالمسالمة أو اإلسرار بالد يجبه أن : ò•ý¨aو يجوز ال، والجهر بها وكان ذلك مفيدا أمكن إذاعوة الد في اإلسرار يجوز ال، وبها

يجوز الو ، عنها فاعوالد ةالقو ابأسب رتتوف إذا صين بهاوالمترب المينمع الظ المسالمة .وأسبابه ذلك رت وسائلإذا ما توف عقر دورهم في جهاد الكافرين عن القعود

6 - ȆÛbi@Šè¦añìÇZ@ الم دالالت ثالث جنملها الة والس يف هذا املقطع من سريته عليه الص

:فيما يليČëcüZ@ عوة إىل اإلسالم يف قريش م، حينما صدع بالد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسل أن

أبي لهب رد جتد ذلك واضحا يف . عونه أو يألفونهمبا مل يكونوا يتوق فاجأهمة العرب، وعام .مقاومتهو معاداتهمعظم املشركني من زعماء قريش على فاقات يف ، مث عليه

من مثار ين بشرعته وأحكامه، مثرة على من حياولون تصوير هذا الد القاطع د الر ويف ذلك ل بدعوته اليت دعا إليها، آمال ا كان ميث الم إمن الة والس دا عليه الص حمم سيدنا عون أن ويد ةالقومي

.العرب ومطاحمهم يف ذلك احلنيbîãbq : ة، اكتفاء يأمر اهللا رسوله بإنذار عشريته وذوي قرباه خاص كان من املمكن أن ال

إذ يدخل أفراد عشريته وذوو قرباه يف عموم }ع بما تـؤمر فاصد {: بعموم أمره اآلخر وهو قوله ة األمر بإنذار العشيرة؟فما الحكمة من خصوصي عوة واإلنذار، الذين سيصدع أمامهم بالد

laì¦aë : مسلم عموما ق بكل ة اليت تتعل يف هذا إملاحا إىل درجات املسؤولي أن .عوة خصوصاوأصحاب الد

ومن أجل إعطاء هذه . نفسه عن خصالش ة مسؤولي ة هي سؤولي فأدىن درجة يف امل سيدنا ويلة اليت رأيناها، أي ريثما يطمئن ة الط ت فرتة ابتداء الوحي تلك املد ها استمر رجة حق الد وجل ا هو وحي من اهللا عز ما ينزل عليه إمن مرسل، وأن ه نيب م إىل أن د صلى اهللا عليه وسل حمم

.اه من مبادئ ونظم وأحكامما سيتلق ن ذاته لقبول كل ال ويوط نفسه أو فيؤمن هو ب .ومن يلوذون به من ذوي قرباه عن أهله المسلمة مسؤولي رجة اليت تليها، فهي ا الد أم

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

28

ص اهللا األهل واألقارب بضرورة اإلنذار ة خص هذه املسؤولي وتوجيها إىل القيام حبق ل حتم يشرتك يف ضرورةة رجة من املسؤولي وهذه الد . بليغ واجلهر بهت بليغ بعد أن أمر بعموم الوالت

سول يف قومه ودعوة وليس من اختالف بني دعوة الر . مسلم صاحب أسرة أو قرىب أعبائها كل ل يدعو إىل شرع جديد منزل عليه من اهللا تعاىل، وهذا األو أن املسلم يف أسرته بني أقاربه، إال

سول أو الر يب وكما ال جيوز للن . ول الذي بعث إليه، فهو يبلغ عنه وينطق بلسانهسيدعو بدعوة الر عن تبليغ يقعداألسرة أن لرب ال يجوزيف قومه أن يقعد عن تبليغهم ما أوحي إليه، فكذلك

.إلزامابه يلزمهمو حمالباع ذلك على ات يحملهمأن يجب، بل أهله وأسرته ذلكعن ة الحاكم ومسؤولي ، بلدتهأو هعن حي العالمة مسؤولي فهي :الثةرجة الث ا الد أم

م، إذ مها الوارثان منهما ينوبان يف ذلك مناب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسل ، وكل قومهو دولتهولتسمية اإلمام واحلاكم . »العلماء ورثة األنبياء«: المالة والس ان له، لقوله عليه الص رعي الش

.فة لرسول اهللاخليفة، أي خليراية من لوازم اإلمام واحلاكم يف اتمع اإلسالمي، فليس من خالف العلم والد على أن

ساع ام يف االت م واملنوطة بالعلماء واحلك ة املنوطة برسول اهللا صلى اهللا عليه وسل بني طبيعة املسؤولي ا هؤالء ، أم وجل إليه من اهللا عز شرعا جديدا يوحى -كما قلنا - غسول يبل الر أن إال . مولوالش

.ته وسريته فيما يفعلون ويبلغونفيمشون على قدمه ويهتدون ديه ويلتزمون سن . فاة جتاه نفسه، بوصف كونه مكل ل املسؤولي م يتحم فقد كان صلى اهللا عليه وسل æ‡gو

ل كان يتحم ة قرىب، مث أسرة وذا آصر ة جتاه أسرته وأهله، بوصف كونه رب ل املسؤولي وكان يتحم .وجل ا ورسوال مرسال من اهللا عز هم، بوصف كونه نبي اس كل ة جتاه الن املسؤولي

صاحب كل انيةالث ، ويف فمكل كل ، األولىم يف صلى اهللا عليه وسل يب مع الن يشتركو .العلماء والحكام الثةالث ، ويف أسرة

brÛbqZ قاليد للت م على قومه أن يأسروا أنفسهم سل عاب رسول اهللا صلى اهللا عليه ومنهم يف مدى صالحها أو فسادها، ودعاهم إىل ردون تفك وأجدادهم عن أبائهم الموروثة

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

29

قاليد التي ال تقوم على شيء من أساس ة الت باع األعمى وعصبي تحرير عقولهم من أسر االت .الفكر والمنطق

ما هو على إن - مبا فيه من عقائد وأحكام - ينمبنى هذا الد ويف هذا دليل على أن ولذلك -مصلحة العباد العاجلة واآلجلةا هو ك به إمن مس ى يف الت املتوخ ، وأن العقل والمنطق

على يقومة أخرى أن ة اإليمان باهللا وما يتبعه من أمور اعتقادي شروط صح من أهم كان قال صاحب ، حىت عرف أو تقليد ر بأي ، دون أدنى تأث الحر الفكرو اليقينأساس من

.من ترديد لم يخل إيمانه ... وحيدفي الت دقل من فكل :يف أرجوزته املعروفة وحيدجوهرة الت يف قائمإذ هو . خول يف أسرها، والد قاليدين جاء حربا على الت الد أن ومن هنا تعلم

قاليد قائمة على الت حني أن ، على ليمينالعقل والمنطق الس مبادئه وأحكامه على أساس كل إذ . تأثري أي فكري احلر باع، أي دون أن يكون فيه لعنصر البحث والت د باعث االقتداء واالت جمر : ة وما تواضع عليه عرف علماء االجتماعغة العربي ا تعين، يف وضع الل إمن ) قاليدالت (كلمة أن د عامل االحتكاك أو التي تسري، بمجر مجموع العادات التي يرثها اآلباء عن األجداد، «

د هو العصب قليد المجر في بيئة من البيئات أو بلدة من البلدان بشرط أن يكون عامل الت . »ئيسي الذي يمتد في تلك العادات من أجل الحياة والبقاءالر

م، هو يف أفراحهاس من أمناط احلياة يف جمتمعام، ومن مظاهر الل فجميع ما اعتاده الن لقائي وارث القدمي أو االقتباس الت ا حاكته عوامل الت ومن أشكال احلداد يف مآسيهم وأحزام، مم

) .تقاليد(غة وعلم االجتماع ى يف اصطالح الل ر واالحتكاك مجيع ذلك يسم أث عن طريق الت aˆç@ oàÜÇ@ a‡g ى ا يسم اإلسالم ال ميكن أن ينطوي على شيء مم ، أدركت أن

إذ العقيدة قائمة على . ظم واألحكامقا بالعقيدة أو خمتلف الن د، سواء ما كان منه متعل قاليبالت .أساس العقل والمنطق

فكري ة، وهي مصاحل تدرك بالت ة واألخروي نيوي واألحكام قائمة على أساس املصاحل الد .ايت وإن قصر عن إدراكها فهم بعض العقول لبعض العوارض واألسبابوالتدبر الذ

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

30

Čîjm@ a‡gëaˆç@ÙÛ@ å اليت يقع فيها من يطلقون كلمة خطورة الخطيئة، أدركت مدىة شريعي نه اإلسالم من العبادات واألحكام الت على خمتلف ما يتضم ) ةقاليد اإلسالمي الت (

.ةواألخالقي لوك قيمة الس املة وتروجيها، أن توحي إىل األذهان أن سمية الظ إذ من شأن هذه الت

كما هو -سعادة البشر ا يكمن فيه سر ليست بسبب كونهما مبدأ إلهي اإلسالمي والخلقا هو عادات قدمية موروثة من اآلباء ظام واخللق اإلسالمي إمن كال من الن ا بسبب أن وإمن -احلق

اس ذرعا ذا املرياث تيجة القطعية هلذا اإلحياء أن يضيق أكثر الن الن وال ريب أن . واألجداد .م وجديدر ومتقد ما فيه متطو القدمي الذي يراد فرضه على اتمع يف عصر كل

ة، ة، ليس يف مصدره خطيئة عفوي عار على األحكام اإلسالمي إطالق هذا الش والواقع أن .عارات الباطلة واملدسوسةا هو حلقة يف سلسلة حرب اإلسالم بالش وإمن

، هو أن يؤتى مبعظم نظم اإلسالم ) ةليد اإلسالمي قاالت (ل من ترويج كلمة فالغرض األو قاليد إذا مر على ذلك زمن، وارتبط معىن الت حىت ) قاليدالت (وأحكامه، ويسدل فوقها شعار

ا هي يف حقيقتها مبادئ قائمة ظم إمن هذه الن اس، ونسوا أن بنظم اإلسالم وأحكامه يف أذهان الن هل على أعداء اإلسالم أن حياربوه ليم، أصبح من الس الس على أساس ما يقتضيه العقل والبحث

.قطة اليت تنفذ إليها حرام وسهامهممن الن هو ما يقوم c†j½aو، ù…bjßا هو مجيع ما أتى به اإلسالم من نظم وتشريعات، إمن إن

وإذا كانت املبادئ . ، ويستهدف الوصول إىل مقصد معني العقلو فكيرالت على أساس من مبادئ اإلسالم ال تخطئ واب أحيانا لشذوذ يف أفكار أصحاا، فإن ة قد ختطئ الص شري الب

ويف هذا وحده دليل عقلي كاف . الذي شرعها هو خالق العقول واألفكار ألن واب أبداالص .لالقتناع ذه املبادئ واليقني بوجاهتها وصواا

مبادئ اإلسالم وأحكامه، كشؤون املسلمني إذا استفاقوا ليجدوا معظم إذ ال ريب أن لوك واألخالق، قد أسبل من فوقه ة قضايا الس الق، وحجاب املرأة وصيانتها، وعام واج والط الز

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

31

قاليد واخلروج عن بيعي أن جيدوا بعد ذلك من يدعو إىل نبذ الت من الط ، فإن ) قاليدالت (رداء .فكريأي والت ية الر يادة فيه حلر الس أسرها وكسر قيودها، خصوصا يف هذا العصر الذي أصبحت

.éîÏ@†îÛbÔm@ü@âý�⁄a احلقيقة أن ولكن قاليد، كما رأينا يف أوىل خطوات من براثن الت لتخليص العقلالذي جاء ينالد ه إن

.معوة اليت قام ا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسل الد د ا بمجر تلقائي اس ة اليت ينجرف فيها الن لوكي ارات الس ي ا هي تلك التـ ، فإمن قاليدالت ا أم

.قليد لدى اإلنسانباعث المحاكاة والت ù…bj½a: من، ال العكسر الز الذي يجب أن ينضبط به تطو هي الخط.

ةالفكري وسط الحقول اتلقائي تنبتات التي فيلي هي مجموعة الط :ČnÛa†îÛbÔوليم فكير الس الت سبيل تنقيةو اجتثاثهامن بد الالتي ةار الض فهي الحشائش . للمجتمع

.عنها ة ما لقيه رسول اهللا صلى اهللا عليه ل، حينما يرى قص ل ما قد خيطر يف بال املتأم أو - 7

@kíˆÈnÛaëم وأصحابه من املشركني، من وسل õaˆí⁄a@Òìä• هو أن ،Þõb�ní : فيم هذامنه وجل ؟ ولماذا لم يعصمهم اهللا عز حق وأصحابه وهم على ال بي العذاب الذي لقيه الن

.وهم جنوده وفيهم رسوله يدعون إلى دينه ويجاهدون في سبيله؟laì¦aë : من قبل اهللا عز مطالبه ، أي أن فمكل ه نيا، أن ل صفة لإلنسان يف الد أو أن

من أهم عوة إلى اإلسالم والجهاد إلعالء كلمتهوأمر الد . ةومشق كلفةما فيه بحمل وجل ة إذ ال معنى للعبودي ، ة هللا تعالىمستلزمات العبودي كليف من أهم والت ، كليفقات الت متعل

ضرورة من ضرورات وجل ة اإلنسان هللا عز وعبودي . ة تكليفهللا تعالى إن لم يكن ثم .تنا لهفال معنى لإليمان بها إن لم ندرك عبودي ؛ ته سبحانه وتعالىألوهي

ل المشاق كليف تحم كليف، واستلزم الت الت -إذن -ةالعبودي فقد استلزمت .فس واألهواءومجاهدة الن

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

32

:نيا حتقيق أمرين اثننيومن أجل هذا كان واجب عباد اهللا يف هذه الد @@@@Čëcbà�Z تمع اإلسالمي الص التمسحيحك باإلسالم وإقامة ا. @@@@bàèîãbqZ املخاطر وبذل املهج واملال من أجل حتقيق ذلك ة إليه واقتحاماق بل الش سلوك الس.

ðc ة اق فنا إىل جانب ذلك بسلوك الوسيلة الش فنا باإلميان بالغاية، وكل كل وجل إن اهللا عز .ويلة إىل هذه الغاية مهما بلغت املسألة يف خطورا وصعوبتهاالط

ميان به، سهال معبدا، بيل إىل إقامة اتمع اإلسالمي بعد اإلولو شاء اهللا جلعل الس ه وعلى أن وجل الك هللا عز ة الس بيل ال يدل حينئذ على شيء من عبودي ري يف هذه الس الس ولكن

مجيع أهوائه تابعة ومنقادة ملا يوم أن أعلن اإلميان به، وعلى أن وجل قد باع حياته وماله له عز ة املؤمن واملنافق ذ أن يلتقي على هذه اجلاد م، وألمكن حينئسول صلى اهللا عليه وسل جاء به الر

.ص الواحد منهم عن اآلخرادق والكاذب، فال يتمح والص æ‡gë تمع اإلسالمي، ما يالقيه الد فإناهدون يف سبيل إقامة اعاة إىل اهللا تعاىل وا

:حكم ثالثاريخ تقتضيها ة يف الكون منذ فجر الت ة إهلي سن ČëcüZ وما {: ، وصدق اهللا إذ يقولوجل ، هللا عز المالزمة لإلنسان ةصفة العبودي

نس إال ليـعبدون .] 56/ 51الذاريات [ }خلقت الجن واإلbîãbqZ فما من رجل أو امرأة يبلغ أحدمها، ةعة عن صفة العبودي كليف المتفر صفة الت ،

وجل بتحقيق شرعة اإلسالم في نفسه عز ف من قبل اهللامكل وهو ، إال شدالر سن ، عاقالة د ل في سبيل ذلك كثيرا من الش على أن يتحم ، ظام اإلسالمي في مجتمعهوتحقيق الن .كليفحقق معنى الت ى يت واألذى، حت brÛbqZ ة اس لدعوى اإلسالم وحمب فلو ترك الن . إظهار صدق الصادقين وكذب الكاذبين

الفتنة واالبتالء، هما الميزان ولكن . ادق والكاذبالستوى الص اهللا تعاىل على ألسنتهم فقط، أحسب الناس . الم{ :وصدق اهللا القائل يف حمكم كتابه. ادق عن الكاذبز الص الذي يمي

ركوا أن يـقولوا آمنا وهم ال يـفتـنون يـعلمن الله الذين ولقد فـتـنا الذين من قـبلهم فـل . أن يـتـ

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

33

أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما {: والقائل] 3، 1/ 29العنكبوت [ }صدقوا وليـعلمن الكاذبين .] 142/ 3آل عمران [ }يـعلم الله الذين جاهدوا منكم ويـعلم الصابرين

. مع أنبيائه وأصفيائهة اهللا تبديال حىت ة اهللا يف عباده، فلن جتد لسن ت هذه هي سن وإذا كان ÙÛ‡@ Ýuc@ åß م، وأوذي من قبله مجيع األنبياء أوذي رسول اهللا صلى اهللا عليه وسل

سل، ومن أجل ذلك أوذي أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم حىت مات منهم من والر .من عمي، رغم عظيم فضلهم وجليل قدرهم عند اهللا عز وجلمات حتت العذاب، وعمي

فإذا أدركت طبيعة العذاب الذي يلقاه املسلم يف طريقه إىل إقامة اتمع اإلسالمي، الك أو ااهد عن بلوغ الغاية، كما قد الس ه ليس يف حقيقته عقبات أو سدودا تصد علمت أن

ه اهللا تعاىل بني املسلم والغاية بيعي الذي خط ق الط ريبل هو سلوك يف الط . اسم بعض الن يتوه فهم اهللا بالوصول إليها، مبقدار املسلمني يقربون من الغاية اليت كل أن ðc. ري إليهااليت أمره بالس

.هداءما جيدونه يف طريقهم إىل ذلك من العذاب، ومبقدار ما يتساقط منهم من الش aˆÛë بل . ة أو احملنةم اليأس، إذا ما عاىن شيئا من املشق وه ه ال ينبغي للمسلم أن يت، فإن

صر على املسلمني أن يستبشروا بالن أي إن . ينالعكس هو األمر املنسجم مع طبيعة هذا الد .وجل م عز كبات سعيا إىل حتقيق أمر ر والن ر م يتحملون مزيدا من الض ما رأوا أ كل

أم حسبتم أن تدخلوا اجلنة ولما يأتكم { :ا يف قوله تعاىلك ستجد برهان هذا جلي ل فإن وتأم سول واليـقول الر اء، وزلزلوا حىترهم البأساء والض ذين آمنوا معه مثل الذين خلوا من قـبلكم مستـ

ه؟ أال إنه قريب مىت نصر اللفقد كان جواب أولئك الذين مل يفهموا . ] 214/ 2البقرة [ }نصر اللا هو عنوان ودليل وا أن هذا الذي يرونه من األذى والعذاب إمن طبيعة العمل اإلسالمي، وتومه

.}أال إن نصر الله قريب {: صر، كان جواب هؤالء من اهللا تعاىلعلى ابتعادهم عن الن اب بن األرت رضي اهللا عنه، حينما جاء وجتد برهان هذا جليا فيما رويناه من قصة خب

م وقد غالبه العذاب الذي اكتوى به معظم جسده، يشكو إليه إىل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسل فقد كان جواب رسول اهللا صلى . صرعاء للمسلمني بالن م ذلك ويسأله الد صلى اهللا عليه وسل

ب من العذاب واألذى وتستغرب أن ترى ذلك يف إن كنت تتعج « :م له ذا املعىن عليه وسل اهللا

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

34

وتلك هي سنة اهللا يف مجيع عباده الذين آمنوا .. سبيل اهللا عز وجل، فاعلم أن هذا هو السبيلهم ذلك عن مشط الكثري منهم يف سبيل دينه بأمشاط احلديد ما بني املفرق والقدم فما صد : به

بل . مصر، فأنت متوه وإن كنت ترى يف العذاب دالئل اليأس والقنوط من الن ، شيء من دين اهللاين اهللا هذا الد وسينصرن . صرا من الن ريق ودنو العذاب واألمل سريا يف الط احلق هو أن جتد يف

على والذئب«: ويف رواية بزيادة» جل من صنعاء إىل حضرموت ال خيشى إال اهللاحىت يسري الر .» غنمه

اهللا صلى اهللا عليه وآله وسلم بشر أصحابه بأن النيب يف أن ر وهذا املعىن نفسه هو الس سول صلى بعد وفاة الر وم، ومع ذلك فلم تفتح عليهم هذه البالد إال سيفتح هلم بالد الفرس والر

م عند ى اهللا عليه وسل م بزمن غري يسري ولقد كان من مقتضى فضل رسول اهللا صل اهللا عليه وسل تلك البالد يف حياته وبقيادته وحتت إشرافه، بدال له، أن تفتح كل وجل ة اهللا عز ه ومدى حمب رب

.اريخ فتحها بقيادة أحد أتباعهل الت من أن يسج .صر مرتبط بالقانون الذي ذكرناهالن ة اهللا لرسوله، لوال أن لقد كان هذا قريبا من مقتضى حمب

م قد دفعوا، من أجل انتصارهم يف صلى اهللا عليه وسل يب مل يكن املسلمون يف حياة الن ال بد من . منصر من دفع كامل الث قبل الن وال بد . همن كل ام والعراق، أقساط الث بالد الش

وليست املسألة أن ترتبط . م موجودا بينهمذلك ولو كان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسل ة بقيادته وحتت إشرافه من أجل عظيم حمب م وتتم وحات باسم رسول اهللا صلى اهللا عليه وسل الفت

أن يبرهن المسلمون الذين بايعوا اهللا ورسوله على صدقهم املسألة هي ولكن . اهللا تعاىل لهله حتت قو ضاعوا بالقبول والر وأن يصدقوا فيما عاهدوا اهللا عليه يوم أن وق ، في هذه المبايعة

من المؤمنين أنـفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله اشترىإن الله {: تعاىل .]111/ 9التوبة [ }فـيـقتـلون ويـقتـلون

، كل püü…@týqيف هذا املشهد الذي عرضناه من سريته صلى اهللا عليه وسلم - 8

.واحدة منها على جانب كبري من األمهية

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

35

µëþa@òÛü†ÛaZ ا رسول اهللا وهي توضح لنا يف متحيص دقيق حقيقة الدعوة اليت قامصلى اهللا عليه وسلم، وتفصلها عن كل ما قد يلتبس ا من األهداف واألغراض اليت قد

.لثورة واإلصالحيضمرها يف أنفسهم عادة أرباب الدعوات اجلديدة واملنادون باهل النيب صلى اهللا عليه وسلم يضمر من وراء دعوته الوصول إىل ملك؟ أو لعله يضمر الوصول إىل مستوى رفيع من الزعامة أو الغىن، أو لعل األمر ال يعدو خياالت ترتاءى له بسبب

مرض يعانيه؟.. هذا الدينكل هذه االحتماالت، وسائل قد يتذرع ا حمرتفو الغزو الفكري وأعداء

لقد مأل اهللا عز وجل حياة ! .. ولكن يا ألسرار احلياة العظيمة اليت هيأها رب العاملني لرسولهرسوله باملواقف واملشاهد اليت تقطع دابر كل احتمال، وتقطع السبيل إىل كل وسواس، وتدع

.فكريةأرباب الغزو الفكري حيارى يف الطريقة اليت ينبغي هلم أن يسلكوها يف حرم الكان من جليل حكمة اهللا تعاىل أن يقوم مشركو قريش بسلسلة من املفاوضات مع

روا يف أنفسهم كل هذه االحتماالت، وهم أدرى رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، بعد أن صو ولكن . الناس بطبيعة دعوته والغاية البعيدة من رسالته وبأنه لن ينزل عند شيء من مغريام

إلرادة اإلهلية حىت ينطق التاريخ بتكذيب كل من سيأيت من حمرتيف التشكيك هكذا شاءت ا .والغزو الفكري مع الزمن

مث مل جيدوا من سبيل ألداء مهمة التشكيك .. لقد فكر أمثال كرمير وفان فلوتن طويالعوته والغزو إال أن يغمضوا أعينهم عن احلقيقة ويزعموا أن دوافع حممد عليه الصالة والسالم يف د

إمنا كانت الرغبة يف السيادة وامللك، وإن صدموا رؤوسهم يف هذا الزعم بصخور عاتية تقذفهم .وتردهم إىل الوراء أشواطا

لقد سخر اهللا من قبلهم عتبة بن ربيعة وأمثاله، حلمل هذه الدوافع واآلمال ووضعها بني شا كلها وقد دانت له وألقت من يدي حممد عليه الصالة والسالم ليناهلا قريبة سائغة وليبصر قري

يدها ما رفعته من السالح ووسائل التعذيب يف وجهه ووجه أصحابه، فلماذا مل يلن الرسول هلم، ومل يتحول إىل هذه الغنيمة اليت سيقت إليه مادام أا الدافع له من وراء رسالته ودعوته؟

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

36

اوضة طويلة وختويف وهل ينصت طالب امللك والزعامة ملن سعى يعرضهما عليه، يف مفما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم وال الشرف فيكم «: ورجاء وديد، ليقول هلم أخريا

ولكن اهللا بعثني إليكم رسوال وأنزل علي كتابا، وأمرني أن أكون لكم . وال الملك عليكمدوه فإن تقبلوا مني ما جئتكم به، فهو حظكم في الدنيا واآلخرة وإن تر .. بشيرا ونذيرا

!.؟» علي، أصبر ألمر اهللا حتى يحكم اهللا بيني وبينكممث إن معيشته احلياتية كانت مطابقة لكالمه هذا، فهو مل يعرض عن الزعامة وامللك

بل كان صلى اهللا عليه وسلم بسيطا يف مأكله . بلسانه، ليصل إليهما خلسة بسعيه وعملهلقد تويف «: قالت عائشة فيما يرويه البخاري. اكنيومشربه، ال يعلو عما عليه حالة الفقراء واملس

النيب صلى اهللا عليه وسلم وما يف ريف من شيء يأكله ذو كبد إال شطر شعري يف رف يل فأكلت مل يأكل النيب «: ويقول أنس رضي اهللا عنه فيما يرويه البخاري أيضا. » منه حىت طال علي

.» أكل خبزا مرققا حىت مات صلى اهللا عليه وسلم على خوان حىت مات وماوكان بسيطا للغاية يف ملبسه وأثاث بيته، يؤثر يف جنبه احلصري وما عرف أنه نام قط

حىت إن نساءه جئن إليه يوما وفيهن السيدة عائشة رضي اهللا عنها يشتكني إليه . على شيء وثرين أقل شأنا من مثيالا من الفاقة ويطالبنه مبزيد من النفقة لزينتهن ولباسهن حىت ال تكون إحداه

يا أيـها النيب قل ألزواجك إن {: نساء الصحابة، فأطرق مغضبا ومل جيب مث نزل قول اهللا تعاىليال، وإن كن تردن الله نت كننت تردن احلياة الدنيا وزينتها فـتعالني أمتـعكن وأسرحكن سراحا مج

ار اآلخرة، فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما 29، 28/ 33األحزاب [ }ورسوله والد[ ،هن بني قبول العيش معه على فتلى رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عليهن هاتني اآليتني، مث خري

أو اإلصرار على مطالبهن من النفقة وزيادة الزينة واملال وحينئذ يفارقهن احلالة اليت هو فيها، رواه البخاري، وانظر تفسير ابن كثير في (ويسرحهن سراحا مجيال، فاخرتن العيش معه على ما هو عليه

. )تفسير هاتين اآليتينبعد هذا كله، يف صدق نبوته، وكيف يصح أن يتوهم -أي عقل -فكيف يشك العقل

اللةفهذه هي الد .. فكر أو اخليال بأنه قد يكون مدفوعا برغبة الزعامة أو الطمع يف الغىن؟ ال

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

37

.األوىل اليت تؤخذ من هذا املشهد الذي ذكرناه

ȆÛaòîãbrÛa@òÛüZ لنا معىن احلكمة اليت كان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وهي تبني .يتمسك ويتصف ا

اسة اليت تراها يف سري الدعوة مهما كانت كيفيتها ومهما هل احلكمة أن تضع أنت السي كان نوعها؟

وهل أعطاك الشارع صالحية أن تسلك أي سبيل أو وسيلة تراها ما دام هدفك من وراء ذلك هو احلق؟

فليس لك أن تسلك . دتنا بالوسائل كما تعبدتنا بالغاياتإن الشريعة اإلسالمية تعب .. الوللحكمة والسياسة . اهللا لك إال الطريق املعينة اليت جعلها اهللا وسيلة إليها إىل الغاية اليت شرعها

.الشرعية معان معتربة، ولكن يف حدود هذه الوسائل املشروعة فقطوالدليل ما رويناه آنفا، فقد كان من املتصور يف باب احلكمة والسياسة أن يرضى رسول

مللك على أن جيمع يف نفسه اختاذ امللك والزعامة اهللا صلى اهللا عليه وسلم معهم بالزعامة أو اوسيلة إىل حتقيق دعوة اإلسالم فيما بعد، خصوصا وإن للسلطان وامللك وازعا قويا يف النفوس، وحسبك أن أرباب الدعوات واملذاهب ينتهزون فرصة االستيالء على احلكم كي يستعينوا

.بسلطانه على فرض دعوم ومذاهبهم على الناسالنيب صلى اهللا عليه وسلم مل يرض سلوك هذه السياسة والوسيلة إىل دعوته، ألن ولكن

.ذلك ينايف مبادئ الدعوة نفسهالو جاز أن يكون مثل هذا األسلوب نوعا من أنواع احلكمة والسياسة الرشيدة، ال منحى

قون يف الفرق بني الصادق الصريح يف صدقه والكاذب الذي خيادع يف كذبه، ولتالقى الصاد .احلكمة والسياسة: دعوم مع الدجالني واملشعوذين، على طريق واحدة عريضة امسها

فكما . إن فلسفة هذا الدين تقوم على عماد الشرف والصدق يف كل من الوسيلة والغايةأن الغاية ال يقومها إال الصدق والشرف وكلمة احلق، فكذلك الوسيلة ال ينبغي أن خيطها إال

.ق والشرف وكلمة احلقمبدأ الصد

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

38

ومن هنا حيتاج أرباب الدعوة اإلسالمية يف معظم حاالم وظروفهم إىل التضحية .واجلهاد، ألن السبيل اليت يسلكوا ال تسمح هلم بالتعرج كثريا ذات اليمني وذات الشمال

ومن اخلطأ أن حتسب مبدأ احلكمة يف الدعوة إمنا شرع من أجل تسهيل عمل الداعي أو يف مشروعية احلكمة يف الدعوة إمنا هو سلوك أقرب أجل تفادي املآسي واألتعاب، بل السر من

أنه إذا اختلفت األحوال وقامت عثرات الصد óäÈßë aˆç. الوسائل إىل عقول الناس وأفكارهمحينئذ إمنا هي إعداد العدة للجهاد والتضحية بالنفس òàاa@æhÏوالعناد دون سبيل الدعوة،

.ل، إن احلكمة إمنا هي أن تضع الشيء يف مكانهواملا .وهذا هو الفرق بين الحكمة والمخادعة، وبين الحكمة والمسالمة

وأنت خبري أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ملا استبشر مبا رآه مرة من دالئل إقبال ما بعض زعماء قريش على فهم الدين، انصرف إليهم بكليته مبتهجا يكلمهم ويشرح هلم

يستفسرون عنه من حقائق اإلسالم، حىت دعاه ذلك االستبشار والطمع يف هدايتهم إىل أن يعرض عن الصحايب الضرير عبد اهللا بن أم مكتوم حينما مر م فوقف إىل جانبهم يستمع، وأخذ هو اآلخر يسأل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وكان ذلك منه عليه الصالة والسالم

.الفرصة أن ال تفوته وأمال يف أن جييب عبد اهللا بن أم مكتوم يف أي وقت آخرحرصا على ، ]2، 1/ 80عبس [ }عبس وتـوىل أن جاءه األعمى{: فعاتبه اهللا على ذلك يف سورة، ذلك ألن الوسيلة قد انطوت على غايته مشروعة ونبيلةوأنكر عليه اجتهاده هذا، وإن كانت

أو ما يدل على اإلعراض عنه وعدم االلتفات إليه من أجل اجتذاب قلوب كسر خاطر مسلم .فهي ليست مبشروعة وال مقبولة .املشركني

ò•ý¨aë ، أنه ليس ألحد من الناس أن يغري شيئا من أحكام اإلسالم ومبادئه، أوحلكمة يتجاوز شيئا من حدوده أو يستهني ا، باسم اتباع احلكمة يف النصيحة والدعوة، ألن ا

. إذا كانت مقيدة ومنضبطة ضمن حدود الشريعة ومبادئها وأخالقهاإال ال تعترب حكمة ČrÛa@òÛü†ÛaòrÛbZ ونستفيدها من موقف الرسول عليه الصالة والسالم من تلك املطالب

- وهو موقف أيده اهللا فيه، ففيه. اليت طلبتها قريش منه صلى اهللا عليه وسلم شرطا التباعها له

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

39

وقالوا لن نـؤمن لك حىت تـفجر لنا من األرض {: نزل قوله تعاىل - كر عامة املفسرينكما ذ ر األار خالهلا تـفجريا، أو تسقط السما ة من خنيل وعنب فـتـفجء كما يـنبوعا أو تكون لك جن

أو تأيت بالله والمالئكة قبيال، أو يكون لك بـيت من زخرف أو تـرقى يف زعمت علينا كسفا }شرا رسوال السماء ولن نـؤمن لرقيك حىت تـنـزل علينا كتابا نـقرؤه قل سبحان ريب هل كنت إال ب

.]93 -90/ 17 اإلسراء[وليس السبب يف عدم استجابة اهللا هلم ذلك، ما قد يظنه البعض من أن الرسول صلى اهللا عليه وسلم ما أويت من املعجزات إال معجزة القرآن، ولذلك مل تستجب هلم مطالبهم، وإمنا

بالنيب كفرا وعنادا وإمعانا في االستهزاءالسبب أن اهللا عز وجل علم أم إمنا يطالبون بذلك ولو علم . صلى اهللا عليه وسلم، كما هو واضح يف أسلوب طلبهم ونوع املطالب اليت عرضوها

اهللا عز وجل فيهم صدق الطلب وحسن النية وأم مقبلون يف ذلك على حماولة التأكد من ولكن أمر قريش يف ذلك مطابق ملا وصفه . صدق النيب عليه الصالة والسالم، حلقق هلم ذلك

ولو فـتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يـعرجون لقالوا {: عاىل يف آية أخرى وهي قولهاهللا تا سكرت أبصارنا بل حنن قـوم مسحورون وإذا علمت ذلك، أدركت ] 15، 14/ 15احلجر [ }إمن ،

هللا لنبيه عليه الصالة والسالم باملعجزات الكثرية أنه ال تنايف بني هذا وما ثبت من إكرام ا .املختلفة مما سنفصل القول فيه قريبا إن شاء اهللا

، تصور قمة الشدة اليت لقيها النيب صلى اهللا عليه وسلم ò½bÄÛa@òÈİÔÛaهذه - 9

.وأصحابه طوال ثالثة أعواملمني يف حتملها، ومل وقد رأيت أن املشركني من بين هاشم وبين املطلب، شاركوا املس

.يرضوا أن يتخلوا عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلموليس لنا من حديث عن هؤالء املشركني وسبب موقفهم هذا، فقد كان الذي دفعهم

، وإباء الذل الذي كان يتلبس م لو أم خلوا بني حممد صلى اهللا حمة القرابة والر حمي إليه غري بين هاشم وبين املطلب يقتلونه ويفتكون به، بقطع النظر عن عليه وسلم ومشركي قريش من

:فقد آثروا إذن أن جيمعوا بني رغبتني يف صدورهم .العقيدة والدين

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

40

µëþaZ الثبات على الشرك واالستكبار على احلق الذي جاءهم به حممد صلى اهللا عليه وسلم. òîãbrÛaZ ب من بطشة الغريب وظلمه، حبق كان أو االنصياع للحمية اليت تدعو إىل محاية القري .بباطل

أما املسلمون، وعلى رأسهم رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، فإمنا صربهم على ذلك االنصياع ألمر اهللا وإيثار اآلخرة على الدنيا، وهوان الدنيا عندهم يف جنب مرضاة اهللا عز وجل،

:من حمرتيف الغزو الفكري، يقولون قد تسمع بعض املبطلني .وهذا ما يهمنا أن نبحث فيهإن عصبية بين هاشم وبين املطلب، كانت تكمن خلف دعوة حممد صلى اهللا عليه وسلم «

والدليل على ذلك موقفهم السليب من مشركي قريش يف ! .. وكانت حتوطها بالرعاية واحلفظ .» مقاطعتهم للمسلمني

.منطق ولو كان صورياوإنها لمغالطة مكشوفة، ال يتماسك عليها حجاب أي ذلك ألن من الطبيعي جدا أن تقود احلمية اجلاهلية بين املطلب وبين هاشم إىل الذود

.عن حياة ابن عم هلم، عندما تتهددها يد غريبة ويدنو إليها بالسوء شخص دخيلواحلمية اجلاهلية، إذ تدفع ذوي القرابة إىل مثل هذا التعصب، ال تنظر إىل مبدأ، وال

.يف ذلك حبق أو بباطل، وإمنا هي العصبية وال شيء غري العصبيةتتأثر ولذلك أمكن أن جيتمع يف ذوي قرباه صلى اهللا عليه وسلم صفتان متناقضتان حبسب

.الظاهر، االستكبار على دعوته واجلحود ا، واالنتصار له ضد سائر املشركني من قريشعليه وسلم من وراء اعتصامهم معه؟ لقد ومع ذلك، فأي فائدة حققوها للنيب صلى اهللا

أوذوا كما أوذي هو وأصحابه، ومضت قريش يف قطيعتها للمسلمني بالضراوة والشراسة اللتني .أرادما دون أن خيفف بنو هاشم وبنو املطلب من غلوائهما شيئا

لم تكن حماية واملهم أن تعلم بأن محاية أقارب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم له، ، وإمنا كانت محاية لشخصه من الغريب، وإذا أمكن أن تستغل هذه للرسالة التي بعث بها

احلماية، من قبل املسلمني، وسيلة من وسائل اجلهاد والتغلب على الكافرين والرد ملكائدهم .وعدوام، فأنعم بذلك من جهد مشكور، وسبيل يتنبهون إليها

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

41

فما الذي كان م، ومعه أصحابه املؤمنون، أما رسول اهللا صلى اهللا عليه وسل*** ..وأي غاية كانوا يتأملوا من وراء الثبات على الشدة؟ .. ميسكهم على هذا الضيق اخلانق؟

مباذا جييب على هذا السؤال، أولئك الذين يتأولون رسالة حممد صلى اهللا عليه وسلم وإميان ثورة الفقراء املضطهدين ضد األغنياء املرتفني؟ أصحابه ا على أا ثورة يسار ضد ميني أي

تصور هذه السلسلة اليت استعرضناها، من حلقات اإليذاء والتعذيب، لرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم واملسلمني، مث أجب على ضوئها، كيف يستقيم أن تكون دعوة اإلسالم ثورة

..باب الفعاليات االقتصادية فيها؟ اقتصادية أهلبها اجلوع وقادها احلقد على جتار مكة وأر لقد عرض املشركون على حممد صلى اهللا عليه وسلم امللك والثراء والزعامة، على أن يتخلى عن الدعوة إىل اإلسالم، فلماذا مل يرض عليه الصالة والسالم بذلك؟ وملاذا مل يثر عليه

أصحابه ومل يضغطوا عليهقبل بعرض قريش؟ وهل يطمع أصحاب الثورة كي ي - وإن غايتهم الشبع بعد اجلوع -

اليسارية بشيء أكثر من احلكم يكون يف أيديهم واملال يكون يف جيوم؟ولقد قوطع حممد صلى اهللا عليه وسلم ومعه أصحابه املسلمون عن سبيل كل معايشة

دخل إىل اقتصادية واجتماعية مع بين قومه، فلم ترتك سلعة تتسلل إىل أيديهم، ومل يرتك طعام يبيوم، حىت راحوا يأكلون ورق الشجر، وهم على ذلك صابرون، حمدقون برسوهلم عليه الصالة

! ..أفهكذا يصنع من تعتلج وراء صدره الثورة من أجل لقمة العيش؟. والسالموعندما هاجر النيب صلى اهللا عليه وسلم إىل املدينة، وهاجر إليها من قبله ومن بعده أصحابه،

املال واألرض واملمتلكات املختلفة واستقبلوا بوجوههم شطر املدينة املنورة، وقد جتردوا عن تركواكل ما يتعلق به الطامعون يف املال، ال يبتغون عن إميام باهللا بديال، وال يقيمون وزنا لدنيا

! ..عام؟فاتتهم ومللك أدبر عنهم، أفهذا هو الدليل على أا ثورة يسارية قامت من أجل لقمة ط :قد يكون دليل هؤالء الناس على ما يتصورون، مالحظة األمرين التاليني

ÞëþaZ أن اجلماعة األوىل من أصحاب حممد صلى اهللا عليه وسلم يف مكة، كانت علىاألغلب من الفقراء واملوايل واملضطهدين، وهو يدل على أم ينفسون باتباعهم حممدا صلى اهللا

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

42

من كرم، وأم كانوا يتأملون مستقبال اقتصاديا أفضل ألنفسهم يف ظل عليه وسلم عن شيء .الدين اجلديدïãbrÛaZ أن هؤالء األصحاب، ما لبثوا بعد حني أن فتحت عليهم آفاق الدنيا، وأقبل

إليهم الثراء واملال، وهو دليل على أن خطة الرسول صلى اهللا عليه وسلم كانت ترمي إىل حتقيق .هذه الغاية

وأنت إذا تأملت يف استدالهلم على ما يتصورونه، اتني املالحظتني، أدركت كم هو .نصيب اخليال والوهم من عقوهلم ومنهج تفكريهم

أما أن اجلماعة األوىل من أصحابه صلى اهللا عليه وسلم كانت على األغلب من الفقراء واملوايل، إن شريعة تقضي بإرساء . عالقة أو نسب فنعم، ولكن ليس بني هذه احلقيقة وذلك الوهم أي

ميزان العدالة بني الناس، وبالضرب على يد كل ظامل وطاغية ومستكرب، من املسلم به أن يعرض عنها بل أن حيارا أولئك الذين استمرؤوا حياة البغي والظلم، ألا حتملهم املغارم أكثر من أن

رحب ا كل مستضعف مظلوم، بل كل إنسان تقدم إليهم املغامن، كما أن من املسلم به أن يليس له يف جتارة البغي واالستغالل نصيب؛ ألا تقدم هلم املغامن أكثر من أن حتملهم املغارم، أو

.ليست هلم مع الناس مشكالت جتعلهم يستثقلون تبعاا وتكاليفها -على أقل تقدير -ألمسلم، كان مستيقنا أنه على حق وأنه إن معظم من كان حول رسول اهللا صلى اهللا عليه و

نيب مرسل، ولكن أرباب الزعامة وعشاق العظمة والسيطرة، وجدوا من طبيعتهم وظروفهم ما أصبح عائقا هلم عناالستسالم هلذا احلق والتفاعل معه، أما اآلخرون فلم جيدوا ما يعوقهم عن

.االستسالم لشيء آمنوا به واستيقنوه قيقة اليت يفهمها كل باحث، وما يزعمه أولئك الزاعمون؟فما العالقة بني هذه احل

وأما أن خطة الدعوة اإلسالمية اليت سلكها رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم كانت دف - إىل امتالك املسلمني ملنابع الثروة واستيالءهم على عروش امللوك واستالب السيادة منهم،

فإنه واهللا أشبه مبحاولة اجلمع بني املشرق واملغرب؟ - كبدليل أن املسلمني قد وصلوا فعال إىل ذل..

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

43

إذا كان املسلمون قد متكنوا من فتح بالد الروم وفارس، يف حقبة يسرية من الزمن، بعد أن صدقوا اهللا يف إسالمهم، أفيكون ذلك دليال على أم ما أسلموا إال طمعا بعرش الروم

!.والفرس؟هم الوصول إىل شهوة من شهوات الدنيا أيا كانت، ملا حتقق لو أم أرادوا من وراء إسالم

.هلم وال اجلزء اليسري من معجزة ذلك الفتحلو كان عمر وهو جيهز جيش القادسية ويودع قائده سعد بن أيب وقاص، يطمع يف كنوز كسرى، ويسيل لعابه رغبة يف أن يتقلب يف مثل نعيمه وجيلس على مثل عرشه، ملا عاد إليه سعد

ال بأثقال من اخليبة واهلوان، ولكنهم صدقوا اهللا يف اجلهاد من أجل نصرة دينه، فصدقهم فيما إ .أكرمهم به من متليكهم زمام احلكم وإغنائهم مبا مل يكونوا حيلمون

لو كان احللم الذي يراود املسلمني يف معركة القادسية، وصوال إىل ثروة وتقلبا يف نعيم ذن ملا دخل ربعي بن عامر رضي اهللا عنه سرادق رستم مزدريا مظاهر وحتقيقا للذائذ العيش، إ

الرتف اليت غمس فيها السرادق غمسا يتوكأ بزج رحمه على البسط والنمارق الفاخرة حىت أهكذا يقول ! .. » إن دخلتم اإلسالم تركناكم وأرضكم وأموالكم«: أفسدها، وملا قال لرستم

؟من جاء ليستلب امللك واألرض واملاللقد أكرمهم اهللا مبقدرات الدنيا كلها، ألم مل يكونوا يفكرون فيها، وإمنا كان تفكريهم

.منصرفا إىل حتقيق مرضاة اهللا .ولو كانوا يهدفون من جهادهم إىل هذه املقدرات ملا وصلوا إىل شيء منها

منن على الذين ونريد أن { :املسألة مبا فيها ليست إال حتقيقا للقانون اإلهلي الذي يقول .] 5/ 28القصص [ }استضعفوا يف األرض وجنعلهم أئمة، وجنعلهم الوارثني

وإن تفهم هذا القانون أليسر ما يكون على العقل أي عقل كان، بشرط واحد، هو أن .يكون صاحبه حرا عن العبودية ألي رغبة أو غرض

:ثالث دالالت ò’j§a@µg@´àÜ�½a@ñŠvçحديث نأخذ من - 10

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

44

ȆÛaµëþa@òÛüZ إن الدين واالستمساك به وإقامة دعائمه، أساس ومصدر لكل قوة، وهوالسياج حلفظ كل حق من مال وأرض وحرية وكرامة، ومن أجل هذا كان واجب الدعاة إىل

الدين ومبادئه، وأن جيعلوا من اإلسالم وااهدين يف سبيله أن جيندوا كل إمكانام حلمايةالوطن واألرض واملال واحلياة وسائل حلفظ العقيدة وترسيخها، حىت إذا اقتضى األمر بذل ذلك

.كله يف سبيلها، وجب بذلهذلك أن الدين إذا فقد أو غلب عليه، مل يغن من ورائه الوطن واملال واألرض، بل

ا قوي شأنه وقامت يف اتمع دعائمه سرعان ما يذهب كل ذلك أيضا من ورائه، أما إذ.. ورسخت يف األفئدة عقيدته، فإن كل ما كان قد ذهب يف سبيله من مال وأرض ووطن يعود

..يعود أقوى من ذي قبل حيث حيرسه سياج من الكرامة والقوة والبصريةولقد جرت سنة اهللا يف الكون على مر التاريخ أن تكون القوى املعنوية هي احلافظة

فمهما كانت األمة غنية يف خلقها وعقيدا السليمة ومبادئها . للمكاسب والقوى املاديةومهما . االجتماعية الصحيحة، فإن سلطاا املادي يغدو أكثر متاسكا وأرسخ بقاء وأمنع جانبا

كانت فقرية فيخلقها مضطربة يف عقيدا تائهة أو جاحنة يف نظمها ومبادئها فإن سلطاا .يغدو أقرب إىل االضمحالل ومكتسباا املادية أسرع إىل الزوالاملادي

وقد تصادف أن جتد أمة تائهة يف عقيدا عن جادة الصواب منحطة يف مستواها اخللقي واالجتماعي، وهي مع ذلك واقفة على قدميها من حيث القوة والسلطان املادي، ولكنها

والسبب يف أنك ال حتس حبركة هذا املرور . قةيف احلقيقة والواقع متر بسرعة حنو هاوية سحيومثل هذه احلركة إمنا تبصرها . وسرعته هو قصر عمر اإلنسان أمام طول عمر التاريخ واألحقاب

.عني التاريخ الساهرة ال عني اإلنسان الغافل الساهيوقد تصادف أن جتد أمة تعرت عن كل مقوماا املادية من ثروة ووطن ومال يف سبيل

فاظ على العقيدة الصحيحة ويف سبيل بناء النظام االجتماعي السليم، ولكن ما هي إال فرتة احلقصرية حىت جتد أرباب هذه العقيدة الصحيحة وما يتبعها من اخللق والنظام االجتماعي السليمني

.قد استحوذوا على وطنهم املسلوب وماهلم املغصوب وعادت إليهم قوم مضاعفة معززة

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

45

د الصورة الصحيحة عن الكون واإلنسان واحلياة إال يف عقيدة اإلسالم الذي وأنت لن جتهو دين اهللا لعباده يف األرض ولن جتد من نظام اجتماعي عادل سليم إال يف نظام اإلسالم

ولذا فقد كان من أسس الدعوة إىل اإلسالم التضحية باملال والوطن واحلياة يف سبيله، . وهديه .ن ألنفسهم املال والوطن واحلياةفبذلك يضمن املسلمو

فأشار الرسول صلى اهللا عليه وسلم على . ومن أجل هذا شرع مبدأ اهلجرة يف اإلسالمباهلجرة واخلروج -بعد أن ناهلم من أذى املشركني ما خشي عليهم معه الفتنة يف الدين - أصحابه

.من الوطنروب العذاب واألمل يف سبيل الدين، وأنت خبري أن هذه اهلجرة نفسها ضرب غري يسري من ض

.فهي ليست يف احلقيقة هربا من األذى والراحة، بل هي تبديل للمحنة ريثما يأيت الفرج والنصرفكيف ترك أولئك الصحابة : وأنت خبري أيضا أن مكة مل تكن إذ ذاك دار إسالم حىت يقال

؟ فمكة واحلبشة وغريمها كانت سواء إذ دار اإلسالم وفروا ابتغاء سالمة أرواحهم إىل بالد كافرة .ذاك، وأيها كانت أعون للصحايب على ممارسة دينه والدعوة إليه، فهي أجدر باإلقامة فيها

bèàØzÏ@âý�⁄a@‰a…@åß@ñŠv�a@bßc بني الوجوب واجلواز واحلرمة، أما الوجوب فيكونوأما .. ة والصيام واألذان واحلجعند عدم متكن املسلم من القيام بالشعائر اإلسالمية فيها كالصال

. اجلواز فيكون عندما يصيبه فيها بالء يضيق به، فيجوز له أن خيرج منها إىل دار إسالمية أخرىوأما احلرمة فتكون عندما تستلزم هجرته إمهال واجب من الواجبات اإلسالمية ال يقوم به غريه

. )887/ 2ي وأحكام القرآن البن العرب 35/ 5انظر تفسير القرطبي (

ȆÛaČrÛa@òÛüòîãbZ ونأخذ منها حقيقة العالقة القائمة بني ما جاء به سيدنا حممد وسيدناعيسى عليهما الصالة والسالم، فقد كان النجاشي على دين عيسى عليه الصالة والسالم، وكان

ا ولقد كان من مقتضى إخالصه هذا أن ال يتحول عنها إىل م. خملصا وصادقا يف نصرانيتهخيالفها وأن ال ينتصر ملن ختتلف عقيدم عما جاء به اإلجنيل وما جاء به سيدنا عيسى عليه

.السالمðc فلو صحت تقوالت أولئك الذين يزعمون انتماءهم إىل عيسى بن مرمي ومتسكهم

الذي كان من - باإلجنيل، من أن عيسى ابن اهللا تعاىل وأنه ثالث ثالثة، لتمسك النجاشي

@�Çë@÷뉅@òČíìjČäÛa@ñ�Č�Ûa@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@…a†Çg@ZïÓŠ’½a@òÐîÜ�

46

بذلك، ولرد على املسلمني كالمهم وانتصر لرسل قريش فيما جاؤوا من -لنصرانيته أخلص الناس :ولكنا رأينا النجاشي يعلق على ما مسعه من القرآن وترمجته حلياة عيسى بن مرمي بقوله .أجله

يقول ذلك على . » إن هذا والذي جاء به عيسى بن مريم ليخرج من مشكاة واحدة« .لكتاب الذين من حولهمسمع من بطارقة وعلماء ا

وهذا يؤكد ما هو بديهي الثبوت من أن األنبياء كلهم إمنا جاؤوا بعقيدة واحدة مل خيتلفوا حوهلا بعضهم عن بعضهم قيد شعرة، ويؤكد لنا أن اختالف أهل الكتاب فيما بينهم ليس إال

.من بعد ما جاءهم العلم بغيا من عند أنفسهم كما قال اهللا تعاىلa@òÛü†ÛaòrÛbrÛZ إذا دعت احلاجة جيوز للمسلمني أن يدخلوا يف محاية غري املسلمنيأنه

إىل ذلك، سواء أكان اري من أهل الكتاب كالنجاشي إذ كان نصرانيا عندئذ، ولكنه أسلم بعد سلم للصحابة ثم كان النجاشي ممن آمن برسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، ولما مات نعاه رسول اهللا صلى اهللا عليه و (ذلك

، أم كان مشركا كأولئك الذين عاد املسلمون إىل مكة يف )رواه مسلم. خرج بهم إلى المصلى فصلى عليهمحايتهم عندما رجعوا من احلبشة وكأيب طالب عم رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وكاملطعم بن

.جع من الطائفعدي الذي دخل الرسول صلى اهللا عليه وسلم مكة يف محايته عندما ر Â늒ß@ aˆçë- بأن ال يستلزم مثل هذه احلماية إضرارا بالدعوة -حبكم البداهة

اإلسالمية، أو تغيريا لبعض أحكام الدين، أو سكوتا على اقرتاف بعض احملرمات، وإال مل جيز ودليل ذلك ما كان من موقفه صلى اهللا عليه وعلى آله وسلم حينما . للمسلم الدخول فيها

ه أبو طالب أن يبقي على نفسه وال حيمله ما ال يطيق فال يتحدث عن آهلة املشركني طلب منبسوء، فقد وطن نفسه إذ ذاك للخروج من محاية عمه وأىب أن يسكت عن شيء مما جيب عليه

.بيانه وإيضاحه