127
2 ¢ وق الطبع نفوظة حقو الطبعة ا3414 هـ- 1031 ميداع رقم ا31391 / 1031 ملناشر ا ش8 - ود امد- جانة ا- م. نصر- س الصحراوي طريق السوي أول- الق اهرة0725193 / 3233 - 5437889 / 3228

ةظوفح عبطلا قوق لىولأا ةعبطلا م1031 - ـه3414 اديلإا ...£دلة الأحكام بين...2 ¢ ةظوفح عبطلا قوق لىولأا ةعبطلا

  • Upload
    others

  • View
    14

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

2

¢

حقوق الطبع حمفوظة

الطبعة األوىل

م1031 -هـ 3414

رقم اإليداع

م31391/1031

الناشر

-نصر . م -اهلجانة -احلدود -8ش

اهرةالق -أول طريق السويس الصحراوي

0725193/3233- 5437889/3228

3

¢

منطلق البحث

«جامع بيان العلم وفضله»اإلمام أبو عمر بن عبد البر النمري يف قال

:، الباب الخامس واألربعون(292ص) ،(المختصر)

علم الدين، الذي ال يجوز ألحد :والعلم األعلى عند جميع أهل الديانات»

-صلوات اهلل عليهم أجمعين-به وعلى ألسنة أنبيائه الكالم بغير ما أنزل اهلل يف كت

﴾ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇۋ﴿ :ى، وقال تعالىنصا ومعن

من القرآن، وما ملسو هيلع هللا ىلصوقد اكتفينا والحمد هلل بما أنزل اهلل على نبينا [15 :العنكبوت]

.ڠسنه لنا

ومن الواجب على من ال يعرف اللسان الذي نزل به القرآن، وهي لغة النبي

ن يأخذ من علم ذلك ما يكتفي به وال يستغني عنه؛ حتى يعرف تصاريف أ ملسو هيلع هللا ىلص

القول، وفحواه، وظاهره، ومعناه، وذلك قريب على من أحب علمه وتعلمه، وهو

عون له على علم الدين الذي هو أرفع العلوم وأعالها، به يطاع اهلل ويعبد ويشكر

ليه، وعرف من السنة ما يعول عليه، ويحمد؛ فمن علم من القرآن ما به الحاجة إ

ووقف من مذاهب الفقهاء على ما نزعوا به وانتزعوه من كتاب ربهم وسنة نبيهم

حصل على علم الديانة، وكان على أمة نبيه مؤتمن ا حق األمانة، إذا أبقى اهلل فيما

ى يرديه، فهذا عندنا العلم ا ألعلى الذي علمه، ولم تمل به دنيا شهوته، أو هو

.اهـ «نحظى به يف اآلخرة واألولى

والذي عليه جماعة المسلمين وعلماؤهم ذم اإلكثار » :(424ص)أيضا وقال

.اهـ «ملسو هيلع هللا ىلصيأمن مواقعة الكذب على رسول اهلل ال دون تفقه وال تدبر، والمكثر

4

:تنبيه*

يظهر من عنوان البحث، أنه خاص بأدلة األحكام التي تكلم عليها :قلت

، والتي قد صنفت فيها الكتب، مثل ا وتفصيال عمدة األحكام، : العلماء شرح

وبلوغ المرام، والمنتقى للمجد ابن تيمية، والمنتقى البن الجارود، وسنن أبي

.داود؛ باعتباره من أشمل كتب السنن يف ذلك، وغير ذلك من الكتب والمصنفات

اآليات واألحاديث التي تتكلم ومن ثم فال مجال لتطبيق منهج الكتاب على

على إثبات ما أثبته ڤعن صفات اهلل تعالى؛ فإن اإلجماع القديم من الصحابة

من غير تأويل وال تحريف وال تمثيل ملسو هيلع هللا ىلصاهلل سبحانه لنفسه، وما أثبته له رسوله

.[55: الشورى] ﴾ٺ ٿ ٿٿ ٿ ٹ ٹ﴿وال تعطيل،

(:6 -1/ 4)اإلسالم ابن تيمية يف مجموع الفتاوى قال شيخ

اتفق الفقهاء : )أنه قال -صاحب أبي حنيفة-وثبت عن محمد بن الحسن »

كلهم من الشرق والغرب على اإليمان بالقرآن واألحاديث التي جاء بها الثقات

يف صفة الرب، من غير تفسير وال وصف وال تشبيه، فمن فسر ملسو هيلع هللا ىلصعن رسول اهلل

وفارق الجماعة، فإنهم لم ملسو هيلع هللا ىلصي فقد خرج مما كان عليه النب شيئ ا من ذلك،

الكتاب والسنة ثم سكتوا، فمن قال بقول يصفوا، ولم يفسروا، ولكن آمنوا بما يف

.انتهى(. جهم فقد فارق الجماعة

إلى هذا اإلمام كيف حكى اإلجماع يف هذه المسألة، -رحمك اهلل-فانظر

تأويلها وال خير فيما خرج عن إجماعهم، ولو لزم التجسيم من السكوت عن

.لفروا منه وأولوا ذلك؛ فإنهم أعرف األمة بما يجوز على اهلل وما يمتنع عليه

إن أصحاب الحديث المتمسكين : )وثبت عن إسماعيل الصابوني أنه قال

بصفاته التي نطق بها كتابه وتنزيله -تبارك وتعالى-بالكتاب والسنة يعرفون ربهم

الصحاح، ونقله العدول الثقات، به األخباروشهد له بها رسوله؛ على ما وردت

1

ا لصفاته بصفات خلقه، وال يكيفونها تكييف المشبهة، وال وال يعتقدون تشبيه

ية، وقد أعاذ اهلل أهل السنة مهم عن مواضعه تحريف المعتزلة والجيحرفون الكل

من التحريف والتكييف، ومن عليهم بالتفهم، والتعريف، حتى سلكوا سبيل

-لتوحيد والتنزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واكتفوا بنفي النقائص بقوله ا

، وقال [55: الشورى] ﴾ٺ ٿ ٿٿ ٿ ٹ ٹ﴿: -عز من قائل

(.لم يعرفه البدريون فليس من الدين ام: )سعيد بن جبير

عن -رحمه اهلل تعالى-سألت الشافعي :وثبت عن الربيع بن سليمان أنه قال

حرام على العقول أن تمثل اهلل تعالى، وعلى األوهام أن : ) تعالى فقالصفات اهلل

تحده، وعلى الظنون أن تقطع، وعلى النفوس أن تفكر، وعلى الضمائر أن تعمق،

ط، وعلى العقول أن تعقل، إال ما وصف به نفسه أو على يوعلى الخواطر أن تح

.-عليه الصالة والسالم-لسان نبيه

لقد تكلم مطرف على هذه األعواد : الحسن البصري أنه قالوثبت عن

الحمد هلل : )وما هو يا أبا سعيد قال: بكالم ما قيل قبله، وال يقال بعده، قالوا

.اهـ «(الجهل بغير ما وصف به نفسه: الذي من اإليمان به

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 024 -030ص)شريعة الفرقة الناجية عقيدة أهل السنة والجماعة وأثرها يف األمة : انظر (5)

.لراقمه

6

رسم الدخول إىل البحث

أن ڤعن ابن عباس ( 2392)روى اإلمام أحمد يف مسنده بسند صحيح

:له فقال ادع ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

، ويف رواية البخاري يف صحيحه «اللهم فقهه يف الدين وعلمه التأويل»

، ويف «اللهم علمه الكتاب»: وقال ملسو هيلع هللا ىلصضمني إليه النبي : قال ابن عباس: (9193)

بفقهه بن عباسفكان ا .«اللهم فقهه يف الدين»(: 280)رواية عند البخاري

.ترجمان القرآن

:(24/ 2) :«قواطع األدلة يف األصول»اإلمام أبو المظفر السمعاين يف مقدمة وقال

ەئ وئ وئ ۇئ ﴿ :فإني رأيت الفقه أصل العلوم وأشرفها، قال اهلل تعالى»

ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ ی

ا على [522 :التوبة] ﴾ی فرق أمر اهلل تعالى بالتفقه يف الدين، وجعله فرض

الناس قاطبة، ليقوم طائفة من كل فرقة به وينتصبوا يف قومهم منصب األنبياء يف

أممهم منذرين ومحذرين، دعاة إلى اهلل تعالى قائمين بدينه، يأتين سبيله،

ا و ا، وارثي تموضحين للخلق نهجه، فصار الفقهاء خلفاء الرسل إنذار حذير

، سالكي طريقتهم، ا به وحمال ا، وهذه مرتبة ال توجد لفرقة علومهم قيام بثا ونشر

من الفرق، وناهيك بها من مرتبة، وقد جعل اهلل اجتهاد الفقهاء يف الحوادث يف

، فقد كان الوحي هو -صلوات اهلل عليهم-مدرج الوحي يف زمان الرسل

كشأن أحكام الحوادث، وحمل الخلق عليها، ،ۏالمطلوب يف زمان الرسل

من الفقهاء انقضى زمانه، وضع اهلل تبارك وتعالى االجتهاد، ويفحيث انقطع الوح

يف موضع الوحي؛ ليصدر منه بيان أحكام اهلل تعالى، ويحمل الخلق عليها قبوال

، وال مزيد على هذه المنقبة .اهـ «وعمال

2

:قال ڤعن عمر بن الخطاب (5322)وروى ابن عبد البر يف جامعه

ر لي أن أقولها، من وعاها وعقلها وحفظها فليحدث فإني أريد أن أقول مقالة قد »

.«بها حيث تنتهي به راحلته، ومن خشي أال يعيها فإني ال أحل له أن يكذب علي

. فقدم الوعي قبل الحفظ، ووصف النقل عنه بدون وعي أنه كذب :قلت

: ملسو هيلع هللا ىلصوهذا من مشكاة رسول اهلل

وابن عبد البر يف «حديث حسن» :وقال (2616)فقد روى الترمذي يف سننه

نضر اهلل » :قال ملسو هيلع هللا ىلص عن النبي ڤجامع بيان العلم، واللفظ له عن ابن مسعود

عبدا سمع مقالتي فوعاها، وحفظها وبلغها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب

.«حامل فقه إلى من هو أفقه منه

، (25: )البخاري)، ويف الحديث الذي رواه الشيخان يف صحيحيهما

ملسو هيلع هللا ىلصعن رسول اهلل ڤمن حديث معاوية بن أبي سفيان ،( (5232: )ومسلم

.«من يرد اهلل به خيرا يفقهه يف الدين» :قال

نكرة؛ لتعم كل خير؛ فإن النكرة يف سياق الشرط تعم؛ «خير»بلفظة ملسو هيلع هللا ىلصفأتى

، [23 :األنفال] ﴾ھ ے ے ۓ ۓ ڭڭ﴿ :إذ هذا الحديث نظير قوله تعالى

/ 21)مجموع الفتاوى )سمعهم سماع فقه وقبول، كذا فهمه شي اإلسالم أل :أي

4 - 25.) )

تعلموا الفرائض » :عن عمر قال( 5324)وروى ابن عبد البر يف جامعه

:اللحن :فسوى بينهم، قالوا» :قال أبو عمر. «كما تتعلموا القرآن واللحنوالسنن

.اهـ «معرفة وجوه الكالم وتصرفه والحجة به

عن (الصحيح/ 32)وروى اإلمام ابن عبد البر يف جامع بيان العلم وفضله

﴾پ پ پ﴿ :يف يحيى ۵وذكر قول اهلل :قال لي مالك :ابن وهب قال

:، وقوله[63 :الزخرف] ﴾ڤ ڤ ڤ﴿ :، وبقوله يف عيسى[52 :مريم]

8

قال [34 :األحزاب] ﴾گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱڱ﴿

:مالك

.«، واالتباع لها، والفقه يف دين اهلل، والعمل بهالحكمة يف هذا كله طاعة اهلل»

:وسمعت مالكا مرة أخرى يقول

الذي يقع يف قلبي أن الحكمة هي الفقه يف دين اهلل، ومما يبين ذلك، أن الرجل »

ا تجده عاقال يف أمر الدنيا، إذا نظر فيها، وبصر بها، وال علم له بدينه، وتجد آخر ضعيف

ا به، يؤتيه اهلل إياه، ويحرمه هذا؛ فالحكمة الفقه يف يف ا بأمر دينه، بصير أمر الدنيا، عالم

.«دين اهلل، الحكمة والعلم نور يهدي به اهلل من يشاء، وليس بكثرة المسائل

عن اإلمام الزهري (23/ 5)وروى الخطيب البغدادي يف الفقيه والمتفقه

:أنه قال

.«الفقهما عبد اهلل بمثل »

:عن جعفر بن محمد قال( 524)وروى ابن عبد البر يف جامعه

، والصبر على النائبة، وتدبر المعيشة، نالكمال كل الكمال التفقه يف الدي»

.«وما موت أحد أحب إلى إبليس من موت فقيه

واللفظ له، والبخاري يف صحيحه ( 595)وروى ابن عبد البر يف جامعه

هل عندكم من :ڤقلت لعلي بن أبي طالب :قالعن أبي جحيفة (555)

نشيء سوى القرآ ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

ا يف كتابه» :قال ا فهم .«ال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إال أن يعطي اهلل عبد

أنه ڤعن عمر بن الخطاب (222)كذلك روى ابن عبد البر يف جامعه

.«تفهموا قبل أن تسودوا» :قال

:(469)رك قال اأيضا عن ابن المب وروى

.«أول العلم النية، ثم االستماع، ثم الفهم، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم النشر»

9

:۵عن عطاء بن أبي رباح يف قول اهلل (621)وروى أبو عمر يف جامعه

ذهاب فقهائها وخيار » :لاق [45 :الرعد] ﴾ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئۈئ﴿

.«أهلها

وقول عطاء يف تأويل اآلية حسن جدا تلقاه أهل » :رأبو عمر بن عبد الب قال

.«العلم بالقبول

:ضبط النسبة بني الفقه واحلديث هو الفالح والنجاة *

روى الاللكائي يف شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة عن عبد اهلل بن

(:526)قال ڤمسعود

.«ما تمسكنا باألثرإنا نقتدي وال نبتدي، ونتبع وال نبتدع ولن نضل »

(:542/ 5)ويف رواية عند الخطيب البغدادي يف الفقيه والمتفقه

، فإذا صح األثر قام عليه كل الدين، فال عبرة «وإن أفضل ما تمسكنا باألثر»

.عندئذ لرأي أو فهم خالف اآلثار

عن مدون السنة، اإلمام ابن ( 548/ 5)وروى الخطيب يف الفقيه والمتفقه

:الزهري قالشهاب

.، وال تعارضها إال زباالت األفكار واألفهام«موا للسنة وال تعارضوهاسل »

تعظيم السنن، والحث على التمسك »: وروى الخطيب األثرين تحت باب

.«بها، والتسليم لها، واالنقياد لها، وترك االعتراض عليها

عن اإلمام ( 653، 629)وروى ابن بطة العكبري اإلمام يف اإلبانة الكبرى

:الشعبي، أنه قال

.«إنما هلكتم حين تركتم اآلثار وأخذتم بالقياس»

وروى ابن عبد البر يف جامع بيان العلم وفضله عن الخليفة الصالح عمر بن

(:998)عبد العزيز أنه قال

52

.«ملسو هيلع هللا ىلصال رأي ألحد مع سنة سنها رسول اهلل »

(:999)وروى أيضا عن عبد اهلل بن المبارك أنه قال

.«ليكن األمر الذي تعتمدون عليه هذا األثر»

:أنه قال( 222)وروى الدارمي عن الشعبي، كما يف المقدمة من سننه

فخذ به، وما قالوه برأيهم فألقه يف ملسو هيلع هللا ىلصما حدثوك هؤالء عن رسول اهلل »

.«فبل عليه(: )771)ويف رواية عند ابن عبد البر يف جامعه .«الحش

عن سفيان بن عيينة ( 562 - 519/ 5)فقيه والمتفقه وروى الخطيب يف ال

:أنه قال

.«مالك األمر االتباع»

:عن سفيان الثوري قال( 553)وروى الاللكائي يف شرح أصول االعتقاد

.«وجدت األمر االتباع»

:كما يف جامعه، أنه قال( 5222)وروى ابن عبد البر عن سفيان الثوري

.«إنما الدين األثر»

:عن اإلمام مالك قال( 542/ 5)يب يف الفقيه وروى الخط

.«ت اآلثار يف قوم إال كثرت فيهم األهواءما قل »

(:224/ 5)عن اإلمام أحمد أنه قال يورو

.«إنما هو السنة واالتباع»

(:322/ 55)الذهبي يف سير أعالم النبالء ال اإلمام ابن خزيمة، فيما ذكرهقو

.«ذا صح الخبرقول إ ملسو هيلع هللا ىلصليس ألحد مع رسول اهلل »

(:54/ 5)وقال اإلمام الشافعي فيما ذكره ابن القيم يف إعالم الموقعين

لم يكن له أن يدعها ملسو هيلع هللا ىلصأجمع المسلمون أن من استبانت له سنة رسول اهلل »

.«لقول أحد من الناس

55

وال يكون ضبط النسبة إال بأن يستقيم الفقه والفقهاء واألفهام على ضوء هذه

.اآلثار

، بعد أن ذكر (523/ 5)مام ابن بطة العكبري يف اإلبانة الكبرى وقال اإل

: ملسو هيلع هللا ىلصطرفا من األدلة على وجوب طاعة رسول اهلل

، ملسو هيلع هللا ىلصيف هذا الباب من طاعة رسول اهلل -رحمكم اهلل-فالذي ذكرته »

وسنة ۵وحضضت عليه من اتباع سنته، واقتفاء أثره، موافق كله لكتاب اهلل

فاء الراشدين األئمة المهديين والصحابة والتابعين، وهو طريق الخل ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

وعليه كان السلف الصالح من فقهاء المسلمين، وهي سبيل المؤمنين، التي من

ا، فإذا سمع أحدكم ه اهلل ما تول اتبع غيرها وال ى وأصاله جهنم وساءت مصير

يعارضه ، رواه العلماء، واحتج به األئمة العقالء، فالملسو هيلع هللا ىلصحديث ا عن رسول اهلل

ڑ ک ﴿: فإنه قال تعالى به ۵برأيه وهوى نفسه، فيصيبه ما توعده اهلل

وهل تدري ما الفتنة [63: النور] ﴾ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ

.اهـ «هاهنا هي واهلل الشرك باهلل العظيم، والكفر بعد اإليمان

52

¢

مقدمة

من شرور أنفسنا ونعوذ باهلل، ونستغفره، ونستعينه، نحمده، إن الحمد هلل

وأشهد ، ومن يضلل فال هادي له، نه من يهده اهلل فال مضل لهإ، وسيئات أعمالنا

ا عبده ورسوله، شريك له إله إال اهلل وحده ال أن ال اللهم صل ، وأشهد أن محمد

يف ، راهيم وعلى آل إبراهيمبكما صليت على إ، على محمد وعلى آل محمد

كما باركت على ، ك على محمد وعلى آل محمدوبار، العالمين إنك حميد مجيد

.يف العالمين إنك حميد مجيد، إبراهيم وعلى آل إبراهيم

:آل عمران]﴾ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ﴿

522].

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ﴿

.[5 :النساء]﴾ ٺ ٺٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ

ے ے ۓ ۓ ڭ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ﴿

.[25 – 22 :األحزاب]﴾ ڭڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ

فإن أصدق الحديث كتاب اهلل تعالى، وخير الهدي هدي محمد :أما بعد

وكل ضاللة وكل بدعة ضاللة، وإن شر األمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، ،ملسو هيلع هللا ىلص

.يف النار

:ثم أما بعد

إال بفضله ومنه، الكتاب فهذا بحول اهلل وقوته والذي ال تتم الصالحات

لة األبحاث الفقهية األصولية السلفية، أتناول فيه مسألة مهمة من السادس يف سلس

تردد حمل الدليل على ظاهره، أو على :المسائل الفقهية األصولية، وهي مسألة

53

المعنى الفقهي المستنبط منه، والذي به يخصص، فيحمل على ما يخالف لفظه يف

ابط الحمل والصرف، والتقديم الظاهر؛ وأيهما يقدم األول أم الثاني وما ضو

والتأخير وما طريقة الصحابة يف هذا األمر وما الفرق بين طريقة السلف الكرام

يف ذلك، وطريقة المتأولين الذين يهدمون النصوص، وينتهكون قدسيتها،

ويعطلون األدلة الصحيحة الصريحة؛ لتوافق أهواءهم ومنهجهم وكيف يعقد

ا على ح اإلجماع على وجوب مل اللفظ على ظاهره، مع انعقاد اإلجماع أيض

وما هي أوجه ! جواز صرف اللفظ عن ظاهره، وربما وجوب صرفه عن ظاهره

التأويل المستكرهة الباطلة

عليها هذا البحث بإذن العليم الحكيم كل هذه التساؤالت وغيرها يجيب

لب العلم إلى كيفية فهم سبحانه؛ فإن الغاية من هذا الكتاب، إنما هي الوصول بطا

بين الظاهر األدلة واستنباط األحكام والفتوى منها، وضبط التردد اللفظي

والمعنى الفقهي المستنبط منه بضوابط شرعية، وذلك بمعرفة الصوارف الشرعية

المنضبطة من غيرها الباطلة غير المعتبرة ومدار هذا األمر على الفهم الصحيح

.يشاء من عباده بفضله ومنهالذي يؤتيه اهلل من

:(3242)فيما رواه البخاري يف صحيحه ڤكما قال علي بن أبي طالب

ا يعطيه اهلل رجال يف القرآن» .«إال فهم

الحديث الذي رواه البخاري :واألصل يف هذا الباب جملة من األدلة، منها

:قال ڤمن حديث ابن عمر ( 5222)ومسلم ( 4559)يف صحيحه

«ال يصلين أحد العصر إال يف بني قريظة» :يوم األحزاب ملسو هيلع هللا ىلصالنبي قال»

ال نصلي حتى نأتيها، وقال :فقال بعضهم ،فأدرك بعضهم العصر يف الطريق

ا ملسو هيلع هللا ىلصبل نصلي؛ لم يرد منا ذلك، فذكر ذلك للنبي :بعضهم فلم يعنف واحد

.«منهم

للفظ على ظاهره، على حمل ا ملسو هيلع هللا ىلصفعدم تعنيف الفريقين معناه إقرار منه

54

حجة ألهل الحمل والصرف وعلى صرفه عن ظاهره؛ لذلك كان هذا الحديث

ا؛ العتبار النبي .للمذهبين ملسو هيلع هللا ىلصمع

:(466/ 2)الحافظ يف فتح الباري قال

أنه ال يعاب على من أخذ :يف هذا الحديث من الفقه :قال السهيلي وغيره»

.اهـ «ص معن ى يخصصهبظاهر حديث أو آية، وال على من استنبط من الن

ولكن فصل القول يف ضوابط كيفية استنباط المعنى الذي يخصص هذا

، كما فعل فتهلك األمة بهالك دينهاالظاهر؛ حتى ال يتجرأ على قدسية النصوص،

، حيث هدم قدسية (السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث)صاحب كتاب

إلسناد عرض الحائط، ورد أحاديث الصحيحين التي النصوص، وضرب بعلم ا

أجمعت األجيال كل قرن على قبولها وصحتها، وما كان مستنده يف رد األحاديث

للعقل تارة، ولظاهر القرآن أخرى، فضل وأضل، وجرأ -يف زعمه-إال مخالفتها

المريضة، ، يردونها بعقولهم الفاسدة ملسو هيلع هللا ىلصالسفهاء الجهلة على سنة رسول اهلل

ن بعده، أساتذة تدرس العلوم الشرعية ألجيال ففتح باب شر مستطير، واقتدى به م

األمة، فأحيا يف هذا العصر منهج المعتزلة، وأقر االتجاه العقلي، وقدمه على سنة

، فأفسد يف األرض بعد إصالحها، يف سياق نصر السنة والدفاع عن ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

ما تلبيس، فتلقى كتابه ومنهجه المعتزلي الفاسد، ألمة أي فلبس على ا !!!الدين

جهلون منهاج النبوة، وأقروه ودافعوا عنه، حتى أتى بثماره العطبة ممن ي الكثير

.وظهر الفساد يف البر والبحر

ا تعتبر أصوال لهذا األمر، بل وهناك أحاديث أخرى يف الصحيحين أيض

ا يف سياق هذا البحث بإذن اهلل يأتي الكال ،وأقوى من هذا الحديث م عليها جميع

.تعالى

على ( الدكتوراه)وهذا البحث قد أعددته من قبل كأطروحة لرسالة العالمية

؛ يف أول لقاء -حفظه اهلل تعالى-محمد سعيد رسالن . د :نصيحة شيخنا المبجل

51

ه بيني وبينه من بضع سنين يف مسجده بسبك األحد، فأعجب بالبحث لما عرضت

ا، وقال وأشار إلي بأال أتعجل يف طبعه، وأن أجعله «هذا بحث فحل » :عليه ملخص

بحث فقهي لنيل درجة الدكتوراه، ثم إني قد قدمت معه أطروحة أخرى، وهي

أصولي حديثي يف سنن أبي داود، فوقع اختيار القسم على البحث األخير؛ فلذلك

.رسالة العالميةكتبت هذا البحث وبه زبدة ما أعددته ل

ثم إني قد تركت البحث بعد إعداده من سنين، وانشغلت يف كتب أخرى يسر

صياغته وأكملته على هذه الصورة التي بين أيديكم، أسأل اهلل ثم أعدتاهلل طبعها،

أن يبارك يف هذا الكتاب، وأن ينفع به، وأن يهدي به إلى منهج -جل وعال-

ا لوجهه بال رياء وال سمعة، سبحانه ، وأن يتقبله عڤالسلف الكرام نده خالص

.الرحيم البر

56

خطة البحث

:ولقد أقمت هذا البحث على خمس ركائز، تفرع من كل ركيزة بضع نقاط

:اإلمجاع معقود على وجوب العمل بظواهر النصوص :الركيزة األوىل *

:وحتتها نقاط

.صلصرف اللفظ عن ظاهره بدون دليل خالف األ -2

.إجراء اللفظ على ظاهره فطرة اهلل التي فطر الناس عليها -1

، وهو قول يمنع المفتي من اإلفتاء إذا أخرج اللفظ عن ظاهره بال مسوغ -0

ا ا وخلف .األئمة سلف

.صرف اللفظ عن ظاهره بالعقول قدح يف الرسول -8

م عن صرف اللفظ عن ظاهره بالهوى فسق ومعصية كبيرة وتحريف للكل -5

.مواضعه

.ألفاظ النصوص عصمة مضمونة وحجة بالغة -1

:ظواهر النصوص قد ال تراد أحيانا؛ للمسوغ الشرعي :الركيزة الثانية *

:وتحتها نقاط

.هذه الركيزة فرع من األولى -2

.يف معنى الفقه واالستنباط -1

.تخطئة أهل العلم لجمود الظاهرية على ظواهر النصوص -0

.ماع على العمل بمفهوم النصوص ومعانيها وداللتهانقل اإلج -8

.إجماع أهل اللغة على العمل بالمفهوم والمعنى -5

:، وتحته نقطتانالبيان بالمفهوم -6

52

.الدالالت الثالث لأللفاظ -2

.معنى األلفاظ بين الحقيقة الشرعية واللغوية والعرفية -1

:االستدالل على منهج البحث :الركيزة الثالثة*

:وتحتها نقاط

.ذكر األدلة وبيان وجه االستدالل منها -2

.ملسو هيلع هللا ىلصالصارف الشرعي الذي بنى عليه الصحابة صرفهم لظاهر أمر النبي -1

.أهل الظاهر أم المعنى :كان أصوب ڤبيان أي الفريقين من الصحابة -0

.الصحابة والنظرة الفقهية الشمولية ألدلة األحكام -8

األخذ بالمعنى المستنبط المخصص بشدين األربعة صنيع الخلفاء الرا -5

.، وبيان ضابط ذلكلظاهر النص

:الصوارف الشرعية املعتربة :الركيزة الرابعة*

:وهي عشرة صوارف

.المقاصد الشرعية وروح اإلسالم وعموم أدلة هذا الدين -2

.داللة السياق -1

.ص بدون افتعالالمعنى الفقهي المستنبط من الدليل والذي يحتمله الن -0

ا للحكم بزوال العلة، ومثبت ا -8 التصريح بعلة الحكم يف الدليل يكون صارف

.له بوجودها، وذلك باإلجماع

.آخر بدليلمفهوم المخالفة لدليل آخر، أو صرف مفهوم المخالفة -5

.إجماع الصحابة على خالف ما ورد به الشرع -1

على األفضلية غير الواجبة للفعل اشتمال الحديث نفسه على تعليل يدل -9

.المأمور به فيصرف إلى الندب

58

يدخل يف هذا وصرف الدليل بنفس الدليل أو بدليل آخر منفصل عنه، -4

.الصارف النس والتخصيص والتقييد

.ر به، أو فعله لما نهى عنهم لفعل ما أ ملسو هيلع هللا ىلصترك النبي -7

.العرف والعادة التي ال تخالف النصوص -23

.روج الكالم مخرج الغالبخ -22

ضوابط صرف ألفاظ النصوص عن ظواهرها :الركيزة اخلامسة*

:وحتته نقاط ،منها الصوارف الباطلةوبيان

.خالصة ما سبق -2

.ذكر الضوابط وشرحها -1

.ذكر التأويالت الباطلة والصوارف الفاسدة -0

الصراط، وبه هذا، وباهلل التوفيق والعصمة والرشاد، وهو الهادي إلى سواء

.يسدد القول والفعل والمعتقد، وال حول وال قوة إال باهلل العلي الوهاب

.لمقصود، طالب ا العون من المعبودوهذا أواه الشروع يف ا

59

الركيزة األوىل

اإلمجاع معقود على وجوب العمل بظواهر النصوص

مقدمة بني يدي الركيزة، يفهم منها نقاط الركيزة وتظهر *

:املعنى املقصود

:(211/ 2)الشوكاين يف إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول قال

واعلم أن الظاهر دليل شرعي يجب اتباعه والعمل به، بدليل إجماع الصحابة

.ومثله نقله الجويني عن الصحابة، وسيأتي .اهـ «على العمل بظواهر النصوص

تشدد يف قبول اإلجماع، إال ما كان من حافظ م فهذا إجماع نقله فقيه أصولي

ا يف غاية الصحة ؛ڤالصحابة .فكان إجماع

، يف (61/ 5)وقال أبو الحسن بن القطان يف كتابه اإلقناع يف مسائل اإلجماع

:كتاب اإليمان

.اهـ «واتفق المحققون على منع إزالة الظواهر من غير دليل -107»

:(115ص)اإلمام الشافعي كما يف الرسالة وقال

والقرآن على ظاهره حتى تأتي داللة منه أو سنة أو إجماع بأنه على باطن »

.اهـ «دون ظاهر

:(222/ 5)الخطيب البغدادي كما يف الفقيه والمتفقه وقال

على عمومه وظاهره، إال أن يقوم ملسو هيلع هللا ىلصويجب أن يحمل حديث رسول اهلل »

.ل الدليل عليهدليل على أن المراد به غير ذلك، فيعدل إلى ما د

ولو جاز يف الحديث أن يحال شيء منه عن ظاهره إلى معنى :عيفقال الشا

ا من المعاني، فال يكون ألحد ذهب باطن يحتمله، كان أكثر الحديث يحتمل عدد

22

ى غيره، ولكن الحق فيها واحد، إنما إلى معنى منها حجة على أحد ذهب إلى معن

.اهـ «ملسو هيلع هللا ىلصبداللة عن رسول اهلل هو على ظاهرها وعمومها، إال

البحث على ما قاله اإلمام الشافعي والخطيب، وقد ومدار هذا :قلت

، بل هو إجماع نقله ابن القطان يف استنبطاه من عموم األدلة بالتتبع واالستقراء

أبواب اإلجماع يف قواطع األدلة )، تحت (11/ 2( )اإلقناع يف مسائل اإلجماع)

: حيث قال( هي الكتاب والسنة وإجماع األمةوقواعد أصول الملة و

ا -184» واألحكام على ظاهرها وعمومها، ليس ألحد أن يحمل منها ظاهر

؛ فإن لم يكن، فبسنة ۵إلى باطن، وال عاما إلى خاص، إال بداللة من كتاب اهلل

تدل على أنه خاص دون عام، وباطن دون ظاهر، أو إجماع من ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

.«يجهلون كتاب ا وال سنة الماء الذين عامة العل

:(84/ 3) «إعالم الموقعين»ابن القيم يف كتابه الجليل وقال

فالواجب حمل كالم اهلل تعالى ورسوله وحمل كالم المكلف على ظاهره »

الذي هو ظاهره، وهو الذي يقصد من اللفظ عند التخاطب، وال يتم التفهيم والفهم

.لى المتكلم القاصد للبيان والتفهيم كاذب عليهإال بذلك، ومدعي غير ذلك ع

على ظاهره بت، ومن ادعى أنه ملسو هيلع هللا ىلصوحديث رسول اهلل :قال الشافعي

بانتفاء طريق لنا إلى اليقين بمراد المتكلم؛ ألن العلم بمراده موقوف على العلم ال

عشرة أشياء، فهو ملبوس عليه ملبس على الناس؛ فإن هذا لو صح لم يحصل

اإلنسان، ةألحد العلم بكالم المتكلم قط، وبطلت فائدة التخاطب، وانتفت خاصي

، ولما علم هذا المصنف من تصنيفه، وهذا وصار الناس كالبهائم، بل أسوأ حاال

ا مذكورة يف غير باطل بضرورة الحس والعقل، وبطالنه من أكثر من ثالثين وجه

لى ظاهره ال ينبغي صرفه عن ذلك هذا الموضع، ولكن حمل كالم المتكلمين ع

ا إال لداللة تدل عليه كالتعريض، ولحن الخطاب، والتورية، وغير ذلك ، وهذا أيض

.اهـ «مما ال ينازع فيه العقالء

25

:ويتفرع من هذه الركيزة ست نقاط، تفهم على ضوء املقدمة السابقة*

:صرف اللفظ عن ظاهره بدون دليل خالف األصل( 3)

:(339ص)يف مختصر الصواعق المرسلة يمابن الق وقال

واألصل فيه الحقيقة، لم يجز أن يحمل ملسو هيلع هللا ىلصإذا كان ظاهر كالم اهلل ورسوله »

على مجازه وخالف ظاهره ألبتة، لما ذكره من الدليل، فإن المجاز لو صح كان

ملسو هيلع هللا ىلصخالف األصل والظاهر، وال يجوز الشهادة على اهلل سبحانه وال على رسوله

كالمه خالف ظاهره وحقيقته، وال يف موضع واحد ألبتة، بل كل موضع أنه أراد ب

،ال ظاهر له غيره ،فهو ظاهره وحقيقته ،ظهر فيه المراد بذلك التركيب واالقتران

.اهـ «وال حقيقة سواه

:إجراء اللفظ على ظاهره فطرة اهلل اليت فطر الناس عليها (1)

:(288/ 2)الشوكاين يف البدر الطالع وقال

فمذهب الظاهر هو أول الفكر، وآخر العمل عند من منح اإلنصاف، ولم يرد »

على فطرته ما يغيرها عن أصلها، وليس هو مذهب داود الظاهري وأتباعه فقط، بل

هو مذهب أكابر العلماء المتقدمين بنصوص الشرع من عصر الصحابة إلى اآلن،

حيث ،مسائل وقف فيها على الظاهر وداود واحد منهم، وإنما اشتهر عنه الجمود يف

.وأهمل من أنواع القياس ما ال ينبغي لمنصف إهماله ،ال ينبغي الوقوف

هو العمل بظاهر الكتاب والسنة بجميع :وبالجملة، فمذهب الظاهر

وطرح التعويل على محض الرأي الذي ال يرجع إليهما بوجه من ،الدالالت

قاالت أكابر المجتهدين المشتغلين باألدلة، وجوه الداللة، وإذا أمعنت النظر يف م

وجدتها من مذهب الظاهر بعينه، بل إذا رزقت اإلنصاف وعرفت العلوم

االجتهادية كما ينبغي، ونظرت يف علوم الكتاب والسنة حق النظر كنت ظاهريا،

عامال بظاهر الشرع، منسوب ا إليه ال إلى داود الظاهري، فإن نسبتك ونسبته إلى :أي

.اهـ «الظاهر متفقة، وهذه النسبة مساوية للنسبة إلى اإليمان واإلسالم

22

، يمنع املفيت من اإلفتاء إذا أخرج اللفظ عن ظاهره بال مسوغ (1)

:وخلفـا وهو قول األئمة سلفـا

:(429/ 4)ابن القيم يف إعالم الموقعين وقال

فليس له أن يخرجها ،ملسو هيلع هللا ىلصإذا سئل عن تفسير آية من كتاب اهلل أو سنة رسوله »

عن ظاهرها بوجوه التأويالت الفاسدة لموافقة نحلته وهواه، ومن فعل ذلك

استحق المنع من اإلفتاء والحجر عليه، وهذا الذي ذكرناه هو الذي صرح به أئمة

ا وحديث ا .أي أن اإلجماع على ذلك بال خالف بينهم .اهـ «اإلسالم قديم

: ملسو هيلع هللا ىلصعقول قدح يف الرسول صرف اللفظ عن ظاهره بال( 4)

طريق الوصول إلى »شيخ اإلسالم ابن تيمية فيما نقله عنه السعدي يف وقال

:(516 :قاعدة) :«العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط واألصول

بلغ البالغ المبين، وبين مراده، فكل ما يف القرآن والحديث ملسو هيلع هللا ىلصوالرسول »

التأويل االصطالحي الخاص، الذي هو صرف من لفظ يقال فيه إنه يحتاج فيه إلى

اللفظ عن ظاهره، فالبد أن يكون الرسول قد بين مراده بذلك اللفظ بخطاب آخر،

ال يجوز عليه أن يتكلم بالكالم الذي مفهومه ومدلوله باطل، ويسكت عن بيان

المراد الحق، وال يجوز أن يرد من الخلق أن يفهموا من كالمه ما لم يبينه لهم،

.اهـ «عليه؛ إلمكان معرفة ذلك بعقولهم؛ فإن هذا قدح يف الرسول مويدله

:ضرب مثال لذلك*

:(113/ 1)المناوي يف فيض القدير قال

وما ذكر من حمل الوضوء على المعنى اللغوي هو ما فهمه أبو داود وغيره »

حمله على :فبوبوا عليه، وهو مخالف بال ضرورة للظاهر، كما قال الولي العراقي

ملسو هيلع هللا ىلصفأراد عمر أن يتوضأ عقب الحدث، فتركه المصطفى ،الشرعي المعهود

ا وبيان ا للجواز .اهـ «تخفيف

23

«ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ» :قاله المناوي وهو يشرح حديثا ضعيفا لفظه

، وابن ماجه (81)وهو حديث ضعيف ضعفه النووي، رواه أبو داود يف سننه

.(9401)بد اهلل بن يحيى التوأم، وانظر فيض القدير حديث ؛ لضعف ع(019)

أبو المعالي الجويني رأس المتكلمين فيما نقله عنه ابن القيم بعد أن وقال

:(482/ 4)هداه اهلل إلى طريقة السلف، وذلك كما يف إعالم الموقعين

ذهب أئمة السلف إلى االنكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على »

فاألولى االتباع وترك ،عقد اتباع سلف األمة :والذي ندين اهلل بهمواردها،

أن إجماع األمة حجة متبعة، وهو :االبتداع، والدليل السمعي القاطع يف ذلك

صلى اهلل عليه وسلم، ورضي -مستند معظم الشريعة، وقد درج صحب الرسول

ا -اهلل عنهم يف ضبط قواعد الملة على ترك التأويل، وكانوا ال يألون جهد

تعليم الناس ما يحتاجون إليه منها، ولو كان تأويل هذه ووالتواصي بحفظها،

ا، ألوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع ا أو محتوم الظواهر مسوغ

راب عن التأويل كان ضالشريعة، وإذا انصرم عصرهم وعصر التابعين لهم على اإل

ا بأنه الوجه .اهـ «المتبعذلك قاطع

، يف إجراء الظواهر على ڤوهذا إجماع نقله الجويني عن الصحابة

.مواردها وظواهرها من غير تأويل أو صرف بدون دليل

صرف اللفظ عن ظاهره باهلوى فسق ومعصية كبرية وحتريف( 5)

:للكلم عن مواضعه

يف والبن حزم كالم يف المسألة يف غاية النفاسة، إذ قال كما يف اإلحكام

:(353 - 322/ 3)أصول األحكام

:واألخبار على ظواهرها فصل يف حمل األوامر»

ليقع بها البيان، واللغات ۵وقد علم كل ذي عقل أن اللغات إنما رتبها اهلل

:ليست شيئ ا غير األلفاظ المركبة على المعاني المبينة عن مسمياتها، قال تعالى

24

واللسان هو [4 :إبراهيم] ﴾ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ںں﴿

ن ا عن معانيه، فأي شيء يفهم هؤالء هاهنا، فإذا لم يكن الكالم مبي اللغة بال خالف

ا ،ملسو هيلع هللا ىلصالمخذلون عن ربهم تعالى، وعن نبيهم بل بأي شيء يفهم به بعضهم بعض

بأي شيء تعرفون ما صرف من الكالم عن ظاهره :فإن قالوا

لك بظاهر آخر مخبر بذلك، أو نعرف ذ :-وباهلل تعالى التوفيق-قيل لهم

، على أنه مصروف عن ظاهره، وقد ملسو هيلع هللا ىلصبإجماع متيقن منقول عن رسول اهلل

، ذاما لقوم يحرفون الكلم ۵أكذب اهلل تعالى هذه الفرقة الضالة بقوله

وال بيان أجلى من هذه اآلية يف أنه ال يحل [93 :البقرة] ﴾ې ې ې﴿

حريفها عن موضعها يف اللسان، وأن صرف كلمة عن موضعها يف اللغة، وال ت

ٱ ٻ ﴿ :من فعل ذلك فاسق مذموم عاص؛ بعد أن يسمع ما قاله تعالى

ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٻ ٻ ٻ پ پ پپ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ

فصح أن الوحي كله من يترك ظاهره فقد أعرض [522 - 99 :طه] ﴾ٹ ٹ

ې ى ى ائ ﴿ :عنه وأقبل على تأويل ليس عليه دليل، وقال تعالى

[21 :البقرة] ﴾وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئائ ەئ ەئ وئ

وكل من صرف لفظ ا عن مفهومه يف اللغة فقد حرفه؛ وقد أنكر اهلل تعالى ذلك

وئ ۇئ ۇئۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ﴿ :يف كالم الناس بينهم، فقال تعالى

وليس التبديل شيئ ا غير صرف الكالم عن موضعه . [585 :البقرة] ﴾ېئىئ

.يقنورتبته إلى غيرها بال دليل من نص أو إجماع مت

ا نبيه وقال ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ﴿ :أن يقول ملسو هيلع هللا ىلصتعالى آمر

.[12 :األنعام] ﴾ہ ہ ہ ھ ھ ھھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭڭ

قد تبرأ من الغيب، وأنه يتبع ما ڠولو لم يكن إال هذه اآلية لكفت؛ ألنه

التأويل وتارك الظاهر تارك للوحي مدع لعلم الغيب، وكل عييوحى إليه فقط، ومد

عن المشاهد الذي هو الظاهر فهو غيب، ما لم يقم دليل من ضرورة عقل شيء غاب

21

.رأو إجماع راجع إلى النص المذكو ،ملسو هيلع هللا ىلصأو نص من اهلل تعالى، أو من رسوله

ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ﴿ :تعالى وقال

ومن ترك ظاهر اللفظ وطلب معان ال يدل عليها لفظ الوحي [23 :اإلسراء] ﴾ىى

.ةاآلية المذكور بنص ۵فقد افترى على اهلل

:ڤت عائشة أم المؤمنين قال

يتأول شيئا من القرآن إال آيا بعدد أخبره بهن جبريل ملسو هيلع هللا ىلصما كان رسول اهلل »

.«ڠ

فإذا كان النبي ال يتأول شيئ ا من القرآن إال بوحي فيخرجه عن ظاهر التأويل،

حرم أن ، وقد نهى تعالى وملسو هيلع هللا ىلصفمن فعل خالف ذلك فقد خالف اهلل تعالى ورسوله

يقال عليه ما لم يعلمه القائل، وإذا كنا ال نعلم إال ما علمنا، فترك الظاهر الذي

علمناه وتعديله إلى تأويل لم يأت به ظاهر آخر حرام وفسق ومعصية هلل تعالى،

.اهـ «أبصر فلنفسه، ومن عمي فعليها فمن ،وقد أنذر اهلل تعالى وأعذر

:وحجة بالغةألفاظ النصوص عصمة مضمونة، ( 9)

/ 4)يقول اإلمام ابن القيم وهو يتكلم عن فوائد يف الفتوى كما يف اإلعالم

423):

ينبغي للمفتي أن يفتي بلفظ النص مهما أمكنه؛ فإنه يتضمن :الفائدة التاسعة»

الحكم والدليل مع البيان التام، فهو حكم مضمون له الصواب، متضمن للدليل

فقيه المعين ليس كذلك، وقد كان الصحابة والتابعون عليه يف أحسن بيان، وقول ال

واألئمة الذين سلكوا على منهاجهم يتحرون ذلك غاية التحري، حتى خلفت من

ا غير ألفاظ النصوص، بعدهم خلوف رغبوا عن النصوص، واشتقوا لهم ألفاظ

في به تما ب تفي فأوجب ذلك هجر النصوص، ومعلوم أن تلك األلفاظ ال

،لحكم والدليل وحسن البيان، فتولد من هجران ألفاظ النصوصالنصوص من ا

على األمة من الفساد ما ،وتعليق األحكام بها ،واإلقبال على األلفاظ الحادثة

26

ال يعلمه إال اهلل، فألفاظ النصوص عصمة وحجة بريئة من الخطأ والتناقض

ي إليها والتعقيد واالضطراب، ولما كانت هي عصمة عهد الصحابة وأصولهم الت

يرجعون، كانت علومهم أصح من علوم من بعدهم، وخطؤهم فيما اختلفوا فيه

.ابالنسبة إلى من بعدهم كذلك، وهلم جر أقل من خطأ من بعدهم، ثم التابعون

كانت علومهم ،أكثر أهل األهواء والبدع دولما استحكم هجران النصوص عن

.ب والتناقضيف مسائلهم وأدلتهم يف غاية الفساد واالضطرا

قال اهلل كذا، :إذا سئلوا عن مسألة يقولون ملسو هيلع هللا ىلصقد كان أصحاب رسول اهلل

كذا، وال يعدلون عن ذلك ما وجدوا كذا، أو فعل رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلصقال رسول اهلل

.إليه سبيال قط، فمن تأمل أجوبتهم وجدها شفاء لما يف الصدور

معانيها يف أتم بيان والمقصود أن العصمة مضمونة يف ألفاظ النصوص و

وأحسن تفسير، ومن رام الهدى ودين الحق من غير مشكاتها فهو عليه عسير غير

.اهـ «يسير

:(438/ 2) «أضواء البيان»العالمة الشنقيطي كما يف وقال

وعامة ملسو هيلع هللا ىلصالتحقيق الذي ال شك فيه، وهو الذي عليه أصحاب رسول اهلل »

يف حال من ملسو هيلع هللا ىلصتاب اهلل وسنة رسوله المسلمين، أنه ال يجوز العدول عن ظاهر ك

األحوال بوجه من الوجوه، حتى يقوم دليل صحيح شرعي صارف عن الظاهر إلى

.اهـ «المحتمل المرجوح

:(52/ 5)وكذلك قال العالمة العثيمين كما يف القول المفيد

هذا :وحقيقة تأويلهم التحريف، وهو صرف اللفظ عن ظاهره، فنقول»

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ات من تأمل هذا الكالم النفيس جيدا، أرجع كل ما حدث لألمة من هذه االنقالب :قلت (5)

والخروج العام يف األئمة، وما حدث من المصائب العظام من بداية العام الميالدي

.$عها إلى ما ذكره اإلمام ابن القيم جالماضي إلى اآلن أر

22

دليل صحيح فليس تأويال بالمعنى الذي تريدون، ولكنه الصرف إن دل عليه

فهؤالء ،تفسير، وإن لم يدل عليه دليل فهو تحريف وتغيير للكلم عن مواضعه

.اهـ «ضلوا بهذه الطريقة

فهذه بعض النقول المهمة يف المسألة، والتي بينت تفصيال أن إجماع

العمل بظواهر النصوص، المسلمين من لدن الصحابة ومن بعدهم على وجوب

عن ظاهره بدون مسوغ وال دليل، وأنه ال يصرف اللفظ من صرفهوحرمة من

أو الكتاب أو السنة عن ظاهره إال بدليل آخر من القرآن أو السنة أو اإلجماع

وأن هذا هو الحق الذي ال ،السياق أو غيره من الصوارف، على ما سيأتي مفصال

،ثله، فإن اللفظ على عمومه حتى يخصص بدليل صحيحمرية فيه وال خالف، وم

وأن الذي يصرف اللفظ عن ظاهره من غير حجة فقد كذب اهلل ورسوله، وحرف

الكلم عن مواضعه، وقال على اهلل ورسوله بدون علم وال بينة، وهذا مذهب أكابر

العلماء من المتقدمين بنصوص الشرع من عصر الصحابة إلى اآلن، اتفقت

، الكلية األم، والركيزة الكبرى كلمتهم عليه، وهو األصل األصيل، والقاعدة

واإلجماع واألساس الذي قام عليه فهم النصوص الشرعية من الكتاب والسنة

الذي أمرنا أن نتعبد إلى اهلل بمنهجهم وهديهم ،ڤبفهم وهدي السلف الكرام

.لهالك المبين، والشر الدفينوسنتهم، إذا تركناه وأعرضنا عنه حل بنا ا

كائي يف شرح أصول اعتقاد لوالال( 546)روى اإلمام اآلجري يف الشريعة

:وغيرهما عن عمر بن عبد العزيز أنه قال( 534)أهل السنة والجماعة

ووالة األمر من بعده سنن ا، األخذ بها اتباع لكتاب اهلل، ملسو هيلع هللا ىلصسن رسول اهلل »

دين اهلل، ليس ألحد من الخلق تغييرها، وال واستكمال لطاعة اهلل، وقوة على

تبديلها، وال النظر يف شيء خالفها، من اهتدى بها فهو مهتد، ومن استنصر بها فهو

منصور، ومن تركها واتبع غير سبيل المؤمنين واله اهلل ما تولى وأصاله جهنم

ا .«وساءت مصير

28

جامع بيان العلم ، وابن عبد البر يف(2238)كذلك روى اآلجري يف الشريعة

:عن ابن مسعود أنه قال( 5281)وفضله

يؤمن عليه الفتنة، أولئك فإن الحي ال ،من كان مستنا فليستن بمن قد مات»

ا، وأقلها ،فضل هذه األمةأكانوا ملسو هيلع هللا ىلصحمد أصحاب م أبرها قلوب ا، وأعمقها علم

ا، قوم اختارهم اهلل لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا له م فضلهم، واتبعوا تكلف

آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخالقهم ودينهم، فإنهم كانوا على الهدى

.«المستقيم

ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ ﴿ :تعالى وقال

.[551 :النساء] ﴾چ چ چ چ ڇ ڇڇ ڇ ڍ

:مثال لما تقدم*

لقد :قال (4421) ڤروى البخاري يف صحيحه من حديث أبي بكرة

أيام الجمل بعدما كدت ألحق ملسو هيلع هللا ىلصسمعتها من رسول اهلل نفعني اهلل بكلمة

أن أهل فارس قد ملسو هيلع هللا ىلصلما بلغ رسول اهلل : بأصحاب الجمل فأقاتل معهم، قال

.«لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» :وا عليهم بنت كسرى قالكمل

فهذا حديث ال يصرف عن ظاهره إلى غيره، وال يخصص عمومه، إال بدليل

معناه أال تولى المرأة أي والية، صارف له وال مخصص، فكانصحيح، وال معتبر

وال تصلح ألن تتكلم يف شئون المسلمين؛ بل هي ناقصة يف دينها وعقلها، فتحتاج

إلى من يكمل لها ذلك؛ والناقص ال يتولى أمر غير الناقص، ويحرم على

ورسوله، وتعدى اهلل المسلمين توليتها ألي والية عامة، ومن فعل ذلك فقد شاق

حدود اهلل، وحاد أمره، وركب نهيه، وواجب على ولي األمر تعزيره حتى يرجع،

بهذا الحديث على أن طلحة ڤوالذي يؤكد ذلك بال مرية استشهاد أبي بكرة

ليسوا على الحق يف هذا األمر؛ وذلك من خالل توليتهم ڤوالزبير ومعاوية

.ڤاألمة األمر ألم المؤمنين فقيهة

29

ا وخلنوإن كان من أهل الفتوى م ا كما ف ع منها على قول أهل العلم سلف

فمن زعم أن اللفظ ليس على عمومه، وأن هذه حادثة خاصة بقوم معينين، ،مضى

وليس لها حكم العموم، فقد عصى اهلل ورسوله، وأعرض عن ذكره، وحرف

، وكذبوا على اهلل ورسوله،الكلم من بعد مواضعه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون

ما ذكرت األحزاب يف الكتاب والسنة إال على سبيل الذم والتحذير منها، : كذلك

فهذا تحريف للكلم ! فكيف يجعل من األحزاب والحزبية مصلحة العباد والبالد

عن مواضعه، وتقييد لما أطلقه الشارع بدون دليل، بل بالهوى وآراء الرجال

.ل قس واعتبرالمثا اوعلى هذ

وصل بني هذه الركيزة واليت بعدها:

:(321 - 323 :ص( )جامع بيان العلم وفضله)أبو عمر يف قال

نكتة يستدل بها على استعمال عموم الخطاب يف السنن :الباب الخمسون»

.والكتاب، وعلى إباحة ترك ظاهر العموم لالعتبار باألصول

على أبي بن كعب وهو ملسو هيلع هللا ىلصخرج رسول اهلل » :وعن أبي هريرة قال( 2203)

ثم ،فالتفت إليه ولم يجبه، وصلى وخفف «يا أبي » :ملسو هيلع هللا ىلصيصلي، فقال رسول اهلل

ما منعك أن تجيبني إذ ! يا أبي » :ملسو هيلع هللا ىلصفقال رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلصانصرف إلى رسول اهلل

إلي أن أفلم تجد فيما أوحى اهلل » :كنت أصلي، قال! يا رسول اهلل :فقال «دعوتك؟

بلى يا رسول اهلل، وال أعود :قال «استجيبوا هلل وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم؟

.«إن شاء اهلل تعالى

وهو ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل -وهو بالطريق-وسمع عبد اهلل بن رواحة ( 2200)

:فقال «ما شأنك» :فقال ملسو هيلع هللا ىلصفجلس يف الطريق، فمر به النبي «اجلسوا» :يقول

.«زادك اهلل طاعة» :ملسو هيلع هللا ىلصفجلست، فقال له النبي «ااجلسو» :سمعتك تقول

.وهذا الباب كثير جدا ال سبيل إلى تقصيه؛ لكثرته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(.5)األحزاب بين مصلحة الوطن وغياب اليقين باهلل، لراقمه، تصحيح المعتقد رقم : انظر (5)

32

(.فذكر حديث بني قريظة) :وعن ابن عمر قال( 2205)

جماعة الفقهاء، ولذلك هذه سبيل االجتهاد على األصول عند :أبو عمر قال

.م يرد إال إلى االجتهاد ومثلهال يردون ما اجتهد فيه القاضي وقضى به إذا ل

ا من كتاب اهلل تعالى أو سنة رسوله بنقل الكافة أو ملسو هيلع هللا ىلصوأما من أخطأ منصوص

العدول فقوله وفعله عندهم مردود إذا ثبت األصل، فافهم، وباهلل نقل

.اهـ «التوفيق

له باألصول ملسو هيلع هللا ىلصفقد ترك ظاهر النص بدعاء النبي ،أما فعل أبي :قلت

، وعموم األدلة واألصول [33 :محمد] ﴾ڎ ڈ ڈ﴿ :تعالىاألخرى، كقوله

عبد اهلل بن رواحة، يف عظم شأن الصالة وعدم قطعها ولزوم إتمامها، وأما فعل

الفريقين، من ملسو هيلع هللا ىلصفقد اتبع ظاهر النص، وأما حديث بني قريظة، فقد مر إقرار النبي

، وما ذكر هنا م ن حديث أبيأخذ بالظاهر ومن أخذ بالمعنى، وسيأتي تفصيال

.وابن رواحة يستدل به على منهج البحث مع ما يأتي يف الركيزة الثالثة

ذم ( )19)تحت الباب ( 5425 - 5456)وروى ابن عبد البر يف جامعه

:(له والتفقه فيه التفهمدون ،اإلكثار من الحديث

سألني األعمش عن مسألة وأنا وهو ال غير، فأجبته » :عن أبي يوسف قال»

بالحديث الذي حدثتني أنت، ثم :من أين قلت هذا يا يعقوب فقلت :يفقال ل

إني ألحفظ هذا الحديث من قبل أن يجتمع أبواك، ما ! يا يعقوب :حدثته، فقال لي

.«عرفت تأويله إال اآلن

وروي نحو هذا أنه جرى بين األعمش وأبي يوسف وأبي حنيفة، فكان من

.«لصيادلةأنتم األطباء ونحن ا» :قول األعمش

:ومن هنا قال الزبيدي

«إن من يحمل الحديث وال يعرف فيه التأويل كالصيدالني»

:وعن عبيد اهلل بن عمرو قال

كنت يف مجلس األعمش فجاءه رجل فسأله عن مسألة فلم يجبه فيها، ونظر

:من أين قال :، قالاول فيها كذقال :قل فيها، قال! يا نعمان :فإذا أبو حنيفة فقال

35

.«نحن الصيادلة وأنتم األطباء» :فقال األعمش ،من حديث كذا، أنت حدثتناه

يكتب أحدهم الحديث وال يتفهم وال يتدبر، فإذا » :وكان يحيى بن يمان يقول

.اهـ «.«سئل أحدهم عن مسألة جلس كأنه مكاتب

، فاإلمام مالك: إن أئمة الحديث جلهم فقهاء: غير أن الذي ينبغي أن يقال

والثوري، والزهري، وعبد اهلل بن المبارك، ،وسفيان بن عيينة ،والشافعي، وأحمد

والترمذي، والدارمي، ،الرحمن بن مهدي، وأبو داود وإسحاق بن راهويه، وعبد

تبويبهم للسنن وفتاويهم، وهؤالء هم والبخاري، ومسلم، وغيرهم، يظهر ذلك من

بين الفقه والحديث؛ حتى تستقيم محدثو األمة؛ وإنما ذكرت ذلك لضرورة الجمع

يف فهمهم لما رووا من ڤالفتوى على منهاج النبوة، كما هو حال الصحابة

.األحاديث واآلثار

.ولإلمام الخطابي كالم نفيس يف ذلك يف بداية معالم السنن لمن أراد الزيادة

على حمل اللفظ على ظاهره، ال يعني ڤفإن إجماع الصحابة وعليه،

بدون وعي وال تدبر؛ إذ الغاية من األدلة والنصوص إنما هي فهمها العمل به

وخبرها ومعرفة المراد منها وداللتها؛ لكي يعمل بها على وفق هذا المراد وهذا

الذي بدوره يؤدي إلى العمل بظاهر ،الفهم، وهذه الداللة، واإلخالل بهذا الفهم

، وإفساد يف األرض باسم ملسو هيلع هللا ىلص ورسوله غير مراد، إنما هو هدم للشريعة، ومشاقة هلل

الدين، مع أن المذهب الظاهري يف جملته من أقرب المذاهب للكتاب والسنة،

ولكن سوء فهم الظاهرية لبعض أدلة الشرع؛ حيث فرقوا بين المتماثل، وجمعوا

بين المختلف، قد أدى إلى اتهامهم والطعن يف ظاهريتهم، التي هي األصل يف

.ع النصوصالتعامل م

من حديث أبي ( 282)ومسلم ( 239)فلقد روى البخاري يف صحيحه

.«ال يبولن أحدكم يف الماء الدائم ثم يغتسل منه» :قال ملسو هيلع هللا ىلصهريرة أن النبي

لو :فهذا نهي صريح يف عدم البول يف الماء الدائم، ثم تجد الظاهرية يقولون

فأفسدوا من حيث !!! يصبه النهيأن رجال بال يف إناء ثم صبه يف هذا الماء لم

أرادوا التمسك بالنصوص وتطبيقها؛ إذ أي فرق بين الصورتين، فإن من خبر معنى

32

.الحديث يسفه هذا الفهم

وعلى عكس ذلك، وجدنا المتأولة الذين صرفوا النصوص عن ظواهرها

أو [21 :ص] ﴾ۉ ۉ ېې﴿ :بغير دليل فضلوا وأضلوا؛ فكيف يدل قوله تعالى

بأنه على غير ظاهره، وهو إثبات اليد هلل [64 :المائدة] ﴾وئ ۇئ ۇئ﴿ :قوله

!!إن هذا لشيء عجاب! يعني القدرة

:تردد اللفظ بني الظاهر والباطن *

، (حسن غريب: )وقال( 3895)والترمذي ( 5594)روى أبو داود يف سننه

فخر -ملسو هيلع هللا ىلصالنبي بعض أزواج -ماتت فالنة : قيل البن عباس»: قال :عن عكرمة

ا، فقيل له إذا رأيتم آية »: ملسو هيلع هللا ىلصقال رسول اهلل : أتسجد هذه الساعة فقال: ساجد

.ملسو هيلع هللا ىلص«وأي آية أعظم من ذهاب أزواج النبي «فاسجدوا

. حفصة: صفية، وقيل: أي(: ماتت فالنة)» (:22/ 3)قال يف عون المعبود

لمراد بها العالمات المنذرة ا: قالوا: قال الطيبي. عالمة مخوفة: أي( إذا رأيتم آية)

من تلك ملسو هيلع هللا ىلصبنزول الباليا والمحن التي يخوف اهلل بها عبادة، ووفاة أزواج النبي

أنا »: ملسو هيلع هللا ىلصد قال قاآليات؛ ألنهن ضممن إلى شرف الزوجية شرف الصحبة، و

«...أمنة ألصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة أهل األرض

ن أحق بهذا المعنى من غيرهن، فكانت وفاتهن سالبة لألمنة، وزوال الحديث، فه

.األمنة موجب للخوف

فإن أريد باآلية خسوف الشمس والقمر؛ : هذا مطلق: قال الطيبي( فاسجدوا)

غيرها كمجيء الريح الشديدة والزلزلة وغيرهما وإن كانت ،فالمراد بالسجود الصالة

كان إذا حزبه أمر »: على الصالة، لما وردفالسجود هو المتعارف، ويجوز حمله

.اهـ «فزع إلى الصالة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(.1502)رواه مسلم (5)

( .2027)وأبو داود يف سننه ( 10057)ند أحمد يف المس (2)

33

الركيزة الثانية

يعظواهر النصوص قد ال تراد أحيانا؛ للمسوغ الشر

:ويتفرع من هذه الركيزة ست نقاط

:هذه الركيزة متفرعة من األوىل( 3)

األصيل يف وهذه الركيزة فرع ألصلها الذي هو الركيزة األولى؛ فإن األصل

حمل اللفظ على ظاهره، ولكنه قد يستثنى من هذا األصل هذا الفرع، :ديننا هو

فال يحمل النص يف هذه الحالة على ظاهره؛ لمسوغ شرعي معتبر خصص عموم

أنه يراد به غير ظاهره، ويحتاج يف ومن األدلة األخرى األصل، يعرف من سياقه

ط وإلمام بأدلة الشرع، ومن ثم كان هذا المسوغ معرفته إلى فهم وفقه واستنبا

ا لظاهر النص إلى معنى فقهي مقصود ومراد .صارف

دليال صارف ا شرعيا، كان حمل الظاهر على ظاهره، ولما كان هذا المسوغ

ا، إذا شرعيا ، وصرفه عن ظاهره دليل شرعي، فصار حمله وصرفه دليال معتبر

.صرفحسن الحمل وال

:الفقه واالستنباط ىعنميف ( 1)

:ويحسن قبل البدء يف هذه الركيزة، أن نبين معنى الفقه واالستنباط؛ الرتباطه بها

من حديث معاوية بن أبي ( 5232)ومسلم ( 25)روى البخاري يف صحيحه

:يقول ملسو هيلع هللا ىلصسمعت رسول اهلل :أنه قال ڤسفيان

.«من يرد اهلل به خيرا يفقهه يف الدين»

:(25 - 22/ 5)السمعاين يف قواطع األدلة قال

.فقهت الشيء إذا أدركته، وإدراكك علم الشيء فقه :الفقه يف اللغة من قولهم»

34

وقيل هو يف اللغة المعرفة بقصد المتكلم، يقول :أبو الحسين ابن فارس قال

.به كعرفت قصد :فقهت كالمك، أي :القائل

.بأحكام الشريعةالعلم :وأما يف عرف الفقهاء فهو

.جملة من العلوم بأحكام شرعية :وقيل

ا :فإن قال قائل إن يف الفقه ظنيات كثيرة، فكيف يسمى علم

إلى العمليات، وألن الظن مني ما كان فيه من الظنيات فهي مستندة :قلنا

ا؛ ألنه يؤدي إليه، قال تعالى [46 :البقرة] ﴾ۈ ٴۇ ۋ ۋ﴿ :يسمى علم

.يعلمون :أي

فالن يتفقه إذا :إن الفقه هو استنباط حكم المشكل من الواضح، يقال :وقيل

:استنبط علم األحكام وتتبعها من طريق االستدالل، قال اهلل تعالى

.[522 :التوبة]اآلية ﴾ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ﴿

والدليل على أن التفقه أصل االستنباط واالستدالل على الشيء بغيره؛

:ا فقالشيئ ملسو هيلع هللا ىلصذكر رسول اهلل :لحديث زياد بن لبيد قا

كيف يذهب العلم وكتاب اهلل عندنا نقرؤه :قلت «ذاك أوان ذهاب العلم»

(أو) المدينة، ثكلتك أمك يا زياد، إن كنت ألراك من فقهاء» :ونقرئه أبناءنا، فقال

وال من أفقه رجل يف المدينة، أو ليس اليهود والنصارى يقرءون التوراة واإلنجيل

.«يعملون بشيء مما فيهما

على أنه لم يستنبط علم ما «إن كنت أعدك من فقهاء المدينة» :فدل قوله

بما شاهده من زوال العلم عن ،أشكل عليه من ذهاب العلم مع بقاء الكتاب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.المعنى اللغوي للفقه: وهذا هو المراد هنا، يعني (5)

وابن ( 144)والدارمي يف المقدمة «حسن غريب»: وقال( 1150)رواه الترمذي يف سننه (2)

(.18385)وأحمد يف المسند ( 8384)ماجه يف الفتن

31

خرج من الفقه، فهذا يدل ،اليهود والنصارى، مع بقاء التوراة واإلنجيل عندهم

أن الفقه هو استنباط حكم المشكل من الواضح؛ وعلى هذا على ما ذكرناه، من

غير مستنبط، ومعناه أنه يحمل الرواية :أي «رب حامل فقه غير فقيه» :ملسو هيلع هللا ىلصقوله

.اهـ «.«من غير أن يكون له استدالل وال استنباط فيها

تيسير »ولمن أراد االستزادة؛ فلقد فصلت القول يف معنى الفقه يف كتابي

.«ل الفقه على منهاج النبوةأصو

ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گگ گ گ ڳ ﴿ :تعالى قال

.[83 :النساء] ﴾ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ںڻ

:(252/ 1)اإلمام ابن جرير الطبري يف تفسيره قال

لعلم حقيقة ذلك الخبر الذي جاءهم به ﴾ڱ ڱ ں ںڻ﴿»

:م يف قولهاألمر، والهاء والمي يأول :الذين يبحثون عنه ويستخرجونه منهم، يعني

.من ذكر أولي األمر ﴾ںڻ﴿

ا :يقول لعلم ذلك من أولي األمر من يستنبطه، وكل مستخرج شيئ ا كان مستتر

إذا استخرجت ماءها، ونبطها أنبطها، والنبط الماء المستنبط من :عن أبصار الركية

.اهـ «األرض

:(232/ 2)ابن كثير يف تفسيره وقال

رجونه ويستعملونه من معادنه، يستخ :أي ﴾ں﴿ :ومعنى قوله»

.اهـ «استنبط الرجل العين، إذا حفرها واستخرجها من قعورها :يقال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والدارمي يف المقدمة ( 102)يف المقدمة هوابن ماج( 0113)رواه أبو داود يف سننه (5)

حديث »: ، وقال(1151)، والترمذي يف سننه (12343)، وأحمد يف المسند (117)

.«حسن

36

:(225/ 1)وذكر القرطبي يف تفسيره مثل ذلك ثم قال

واالستنباط يف اللغة االستخراج، وهو يدل على االجتهاد إذا عدم النص »

.اهـ «واإلجماع

ا على االجتهاد يف فهم :قلت النصوص ومعرفة داللتها، واستخراجويدل أيض

وكل ذلك محاط بفهم السلف، فيما تكلموا فيه، وبالسير معانيها والمراد منها،

فكم من حديث متواتر قد استدل به أهل البدع على هديهم فيما لم يتكلموا فيه،

.والمحدثات على مذهبهم الباطل

:(592ص)السعدي يف تفسيره وقال

.اهـ «م وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدةيستخرجونه بفكره :أي»

والمراد أهل العلم الذين يعلمون تأويله من أهل الحل والعقد المستنبطون

.، الملمون بأدلة األحكام نصا ومعن ىلعلل األحكام ومعاني النصوص

وعلى ما تقدم من هذه المعاني، فإنه بالفقه والفهم واالستنباط تفهم وتعرف

لتي ال يراد بها ظاهرها، بل معنى آخر ومراد ومقصود يعرفه أولو األمر النصوص ا

من أهل الحل والعقد الذين يعلمون تأويله، ويقيسون األمور بنظائرها وأشباهها،

العمليرجع إليهم يف النوازل، ولذلك، تجد أهل العلم الذين أثبتوا وجوب

ا، يعيبون كل العيب على أهل الظاهر الذين أخذوا بظواهر النصوص إجماع

،بالظواهر من غير رجوع إلى المعاني والمفاهيم المقصودة من النصوص

.وجمدوا على ظاهر الدليل بدون فقه وفهم

:ختطئة أهل العلم جلمود الظاهرية على ظواهر النصوص( 1)

عند قوله ( 298/ 2( )أحكام القرآن)قال القاضي أبو بكر بن العربي يف

ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ھ ھ ھ ے ے ﴿: تعالى

:قال [563: األعراف] ﴾ڭ

إنما حقيقة الصيد إخراج الحوت من الماء وتحصيله عند الصائد، فأما »

32

.التحيل عليه إلى حين الصيد فهو سبب الصيد، ال نفس الصيد

وسبب الشيء غير الشيء؛ إنما هو الذي يتوصل به إليه، ويتوسل به يف

:، قال علماؤنا...تحصيله، وهذا هو الذي فعله أصحاب السبت

هذه اآلية أصل من أصول إثبات الذرائع، وهو كل عمل ظاهر الجواز

يتوصل به إلى محظور، كما فعل اليهود حين حرم عليهم صيد السبت، سكروا

.األنهار، وربطوا الحيتان فيه إلى يوم األحد

، بل ال نصيد: وإنما هلكوا باتباعهم الظاهر؛ ألن الصيد حرم عليهم فقالوا

نأتي بسبب الصيد، وليس سبب الشيء نفس الشيء، فنحن ال نرتكب عين ما نهينا

.اهـ «عنه، فنعوذ باهلل من األخذ بالظاهر المطلق يف الشريعة

.واستعاذته هنا إنما هي من عدم فهم النصوص: قلت

بظواهر النصوص ودفاعه الشديد عن العمل $قد مر كالم ابن القيم

دا، ثم تجده يقول كما يف نفس المصادر، ومنها إعالم الموقعين ونصره لذلك ج

(5 /219):

الخطأ الثاني تقصيرهم يف فهم النصوص، فكم من حكم دل عليه النص، »

ولم يفهموا داللته عليه، وسبب هذا الخطأ حصرهم الداللة يف مجرد ظاهر اللفظ

ہ ﴿ :م يفهموا من قولهه وتنبيهه وإشارته وعرفه عند المخاطبين، فلئدون إيما

، فقصروا يف «أف»ضرب ا وال سبا وال إهانة، غير لفظة [23 :اإلسراء] ﴾ہ ہ ھ

.اهـ «فهم الكتاب كما قصروا يف اعتبار الميزان

:(559/ 59)يف مجموع الفتاوى $شيخ اإلسالم ابن تيمية وقال

الخطاب ومن لم يلحظ المعاني من خطاب اهلل ورسوله، وال يفهم تنبيه»

ال يفيد ﴾ہ ہ ہ ھ﴿ :وفحواه من أهل الظاهر، كالذين يقولون إن قوله

وهو إحدى الروايتين عن داود، واختاره ابن حزم، وهو يف ،النهي عن الضرب

غاية الضعف، بل وكذلك قياس األولى، وإن لم يدل عليه الخطاب، لكن عرف

38

ع الظاهرية التي لم يسبقهم بها أنه أولى بالحكم من المنطوق بهذا، فإنكاره من بد

.اهـ «أحد من السلف، فما زال السلف يحتجون بمثل هذا وهذا

:(531ص)اإلمام الشافعي يف رسالته قال

فإنما خاطب اهلل بكتابه العرب بلسانها على ما تعرف من معانيها، وكان مما »

ا تعرف من معانيها اتساع لسانها، وأن فطرته أن يخاطب بالشيء منه عاما ظاهر

ا يراد به العام يراد به العام الظاهر، ويستغنى بأول هذا منه عن آخره، وعاما ظاهر

ا يراد به ويدخله الخاص، فيستدل على هذا ببعض ما خوطب به فيه، وعاما ظاهر

ا يعرف من سياقه أنه يراد به غير ظاهره، فكل هذا موجود علمه الخاص، وظاهر

.اهـ «الكالم أو وسطه أو آخرهيف أول

كذلك نرى صنيع الشوكاني يف إنكاره هذا على الظاهرية وجمودهم، مع أن

ا، وهو مذهبه كما سبق نقل اإلجماع على العمل بظواهر النصوص، فقال كالم

:(105ص) «منتهى األرب يف أدب الطلب»المراد من هذا البحث، فقال كما يف

وره ويعنيه استحضاره، أن يعلم أن هذه الشريعة ومن جملة ما ينبغي له تص»

ما اشتمل عليه الكتاب والسنة من األوامر والنواهي والترغيبات :المباركة هي

،وسائر ما له مدخل يف التكليف، من غير قصد إلى التعمية واإللغاز ،والتنفيرات

للسان العربي، وال إرادة لغير ما يفيده الظاهر، ويدل عليه التركيب، ويفهمه أهل ا

فمن زعم أن حرف ا من حروف الكتاب والسنة ال يراد به المعنى الحقيقي

ا يخالف اللفظ الذي جاءنا والمدلول الواضح، فقد زعم على اهلل ورسوله زعم

.عنهما

فإن كان لمسوغ شرعي تتوقف عليه الصحة الشرعية أو العقلية التي يتفق

ا لما قد العقالء عليها، ال مجرد ما يدعيه أه ل المذاهب والنحل على العقل، مطابق

حببه إليهم التعصب، وأدناه من عقولهم البعد عن اإلنصاف، فال بأس بذلك، وإال

فدعوى التجوز مردودة مضروب بها يف وجه صاحبها، فاحرص على هذا فإنه وإن

39

ال لعالقة االتفاق على أصالة المعنى الحقيقي وعدم جواز االنتقال عنه إ وقع

وقرينة كما صرح به يف األصول وغيرها، فالعمل يف كتب التفسير والحديث والفقه

يخالف هذا لمن تدبره وأعمل فكره، ولم يغتر بالظواهر، وال جمد على قبول ما

.اهـ «يقال من دون بحث عن موارده ومصادره

بي عن الن ڤمن حديث عبد اهلل بن عمر (231)روى مسلم يف صحيحه

.«صالة الرجل قاعدا على نصف الصالة» :قال ملسو هيلع هللا ىلص

(: 53/ 6)قال النووي يف شرح مسلم

معناه أن صالة القاعد فيها نصف ثواب القائم، فيتضمن صحتها ونقصان »

.أجرها

ا مع القدرة على القيام، فهذا له وهذا الحديث محمول على صالة النفل قاعد

ا؛ لعجزه عن القيام فال ينقص ثوابه، نصف ثواب القائم، وأما إذا صلى النف ل قاعد

ا .بل يكون كثوابه قائم

ا مع قدرته على القيام لم يصح فال يكون فيه وأما الفرض فإن الصالة قاعد

وإن استحله كفر، وجرت عليه أحكام المرتدين، : ثواب، بل يأثم به، قال أصحابنا

الشائعة التحريم، وإن صلى كما لو استحل الزنا والربا أو غيره من المحرمات

ا لعجزه عن القيام والقعود، فثوابه ا لعجزه عن القيام، أو مضطجع الفرض قاعد

ا، لم ينقص باتفاق أصحابنا، فيتعين حمل الحديث يف تنصيف الثواب كثوابه قائم

ا مع قدرته على القيام، هذا تفصيل مذهبنا ، وبه قال على من صلى النفل قاعد

.اهـ «تفسير الحديثالجمهور يف

يظهر لك ما أردت «...ن حمل الحديث علىفتعي »: فانظر إلى قوله :قلت

.بيانه

ن أمن حديث أبي سعيد الخدري ( 121)روى مسلم يف صحيحه كذلك

إذا كان أحدكم يصلي فال يدع أحدا يمر بين يديه، وليدرأه » :قال ملسو هيلع هللا ىلصالنبي

42

.«هو شيطان ما استطاع، فإن أبى فليقاتله؛ فإنما

:(566/ 4)النووي يف شرح مسلم قال

ا ،وهو ندب متأكد ،وهذا األمر بالدفع أمر ندب» من العلماء وال أعلم أحد

.اهـ «أوجبه، بل صرح أصحابنا وغيرهم أنه مندوب غير واجب

أنه :فهذا أمر واألصل أنه للوجوب، ولم يعلم أحد قال بوجوبه؛ أي

.ر العلماءمصروف عن ظاهره عند جماهي

:نقل اإلمجاع على العمل مبفهوم النصوص ومعانيها وداللتها( 4)

:حيث قال( 911/ 1)نقل هذا اإلجماع الشوكاني كما يف إرشاد الفحول

القول بمفهوم الموافقة من حيث الجملة :قال القاضي أبو بكر الباقالني»

يف مفهوم الموافقة؛ ال ينبغي للظاهرية أن يخالفوا :وقال ابن رشد. مجمع عليه

ا من الخطاب .اهـ «ألنه من باب السمع، والذي يرد ذلك رد نوع

وهذا كالم نفيس؛ ألن ما وافق النص له حكم النص؛ وال يرد اشتمال :قلت

على الضرب والسب واإلهانة إال من ليس عنده ﴾ہ ہ ہ ھ﴿ :قوله تعالى

.فقه وال فهم لمدلول الخطاب ومعناه ومقصوده

فهوم، األصل فيه أنه يطلق على كل ما فهم من النصوص، سواء من نطق والم

.أو غيره

:(482/ 3)الكوكب المنير ابن النجار الحنبلي كما يف شرح قال

ه اسم مفعول نوإذا كان المفهوم يف األصل لكل ما فهم من نطق وغيره؛ أل»

الذي يستند من الفهم، لكن اصطلحوا على اختصاصه بهذا، وهو المفهوم المجرد

إلى النطق، لكن فهم من غير تصريح بالتعبير عنه، بل له إسناد إلى طريق

.اهـ «عقلي

.عقلي فهمي ال يخالف النصوص بل يوافقها :أي

45

وعرف ابن قدامة المفهوم كما يف مذكرة الفقه على روضة الناظر للشنقيطي

:(451ص)

.اهـ «غتهاما يقتبس من األلفاظ من فحواها وإشارتها ال من صي»

:(263/ 2)الشوكاين يف إرشاد الفحول وقال

تستفاد منها ،أن األلفاظ قوالب للمعاني المستفادة منها، فتارة :والحاصل»

ا، فاألول المنطوق، والثاني ا، وتارة من جهته تلويح من جهة النطق تصريح

.اهـ «المفهوم

كر بعد الصالة، ، باب الذ(183)ومسلم ( 845)روى البخاري يف صحيحه

:عن ابن عباس قال

رفع الصوت »: ، ويف رواية«بالتكبير ملسو هيلع هللا ىلصكنا نعرف انقضاء صالة رسول اهلل »

: ويف رواية «ملسو هيلع هللا ىلصبالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي

.«كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته»

(:63/ 1)قال النووي يف شرح مسلم

له بعض السلف، أنه يستحب رفع الصوت بالتكبير والذكر هذا دليل لما قا»

عقب المكتوبة، وممن استحبه من المتأخرين ابن حزم الظاهري، ونقل ابن بطال

وآخرون أن أصحاب المذاهب المتبوعة وغيرهم متفقون على عدم استحباب

هذا الحديث -رحمه اهلل تعالى-بالذكر والتكبير، وحمل الشافعي رفع الصوت

ا، قال ا حتى يعلمهم صفة الذكر، ال أنهم جهروا به دائم : على أنه جهر وقت ا يسير

،إلمام والمأموم أن يذكر اهلل تعالى بعد الفراغ من الصالة ويخفيان ذلكلفاختار

ا يريد أن يتعلم منه فيجهر حتى يعلم أنه قد تعلم منه، ثم يسر، ،إال أن يكون إمام

.اهـ «وحمل الحديث على هذا

:عن ابن بطال( 328/ 2)وقال ابن حجر يف الفتح

بأنه لم يقف على ذلك عن أحد من السلف إال ما حكاه ابن حبيب يف »

42

ا الواضحة، أنهم كانوا يستحبون التكبير يف العساكر عقب الصبح والعشاء تكبير

ن تبية عن مالك أويف الع :وهو قديم من شأن الناس، قال ابن بطال: عالي ا ثالث ا، قال

ويف السياق إشعار بأن الصحابة لم يكونوا يرفعون أصواتهم : ذلك محدث، قال

.اهـ «بالذكر، يف الوقت الذي قال فيه ابن عباس ما قال

أخذ الصوفية هذا الحديث دليال لذكرهم الجماعي المحدث المبتدع، :قلت

.بالصوت العالي

(: 61 - 64/ 5)ماع اإلقناع يف مسائل اإلج: )وقال ابن القطان يف كتابه

.وأجمعوا على جواز تأويل القرآن -109»

واألمة مجمعة على أن جملة من آي الكتاب ال يجوز إجراؤها على -104

.ظاهرها

.اهـ «واتفق المحققون على منع إزالة الظواهر من غير دليل -107

فيفهم اإلجماعان األوليان يف ضوء الثالث، فال تأويل وال صرف إال :قلت

ما نقله ابن القطان من : بدليل، وهذا خالصة األمر يف المسألة؛ ويؤكد ذلك

(:11/ 2)اإلجماع بعد ذلك حيث قال

ا إلى -184» واألحكام ظاهرها وعمومها، ليس ألحد أن يحمل منها ظاهر

؛ فإن لم يكن فبسنة ۵باطن، وال عاما إلى خاص؛ إال بداللة من كتاب اهلل

على أنه خاص دون عام، وباطن دون ظاهر، أو إجماع من ، تدل ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

.اهـ «عامة العلماء الذين ال يجهلون كتاب ا وال سنة

التأويل ليس المراد «وأجمعوا على جواز تأويل القرآن»: فقوله ،وعليه

ولكن هو محمول على صرف الظاهر بدليل -جل وعال-الفاسد لصفات الرب

كد ذلك ما ذكرته؛ وكذلك إجماعات الصحابة على آخر، فهو تفسير ال تأويل؛ ويؤ

ٺ ﴿بال تأويل وال تحريف وال تشبيه وال تمثيل -جل وعال-إثبات الصفات هلل

.[55: الشورى] ﴾ٿ ٿٿ ٿ ٹ ٹ

43

:إمجاع أهل اللغة على العمل باملفهوم واملعنى( 5)

- 108ص)كذلك قال ابن اللحام الحنبلي كما يف القواعد والفوائد األصولية

101):

ا؛ لتبادر فهم العقالء ( مفهوم الموافقة :أي)وهو حجة ذكره بعضهم إجماع

ثبت :وإذا قلنا بأن مفهوم الصفة حجة، قال أبو الفرج المقدسي من أصحابنا. إليه

.بالعقل وأنه إجماع أهل اللغة

ثبت ذلك باستقراء كالمهم ومعرفة » :«التمهيد»أبو الخطاب يف وقال

قال ( ثم قال على مفهوم الغاية. )لصحابة، وهم أهل اللسانمرادهم، وفهمته ا

ا :اآلمدي .اهـ «ال مانع منه إجماع

:وحتته نقطتان :البيان باملفهوم( 9)

:(558/ 5)الخطيب البغدادي يف الفقيه والمتفقه قال

ا، كقوله :وأما البيان بمفهوم القول» فيدل ﴾ہ ہ ہ ھ﴿ :فقد يكون تنبيه

اعلى أن الضرب أو :لى بالمنع، وقد يكون دليال كما يف حديث أنس بن مالك مرفوع

.«ويف صدقة الغنم يف سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة»

.دليل على أنه ال زكاة يف المعلوفة، وهذا دليل الخطاب «يف سائمتها» :وقوله

.ا عداه بخالفهوذهب قوم إلى أن مثل هذا القول ال يدل على أن م

:والدليل على صحة ما ذكرناه

حئ مئ ىئ يئ جب ﴿ :قلت لعمر بن الخطاب :فعن يعلى بن أمية قال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(.2858)البخاري يف صحيحه (5)

44

:فقال وقد أمن الناس ،[525: النساء] ﴾حب خب مب ىب يب جت حت ختمت

صدقة تصدق اهلل بها » :فقال ملسو هيلع هللا ىلصعجبت مما عجبت منه، فسألت رسول اهلل

.«عليكم فاقبلوا صدقته

من مات وهو يجعل هلل ندا » :ملسو هيلع هللا ىلصقال رسول اهلل :قال كذلك عن عبد اهلل

من مات وهو ال يجعل هلل ندا أدخله اهلل :وأنا أقول» :قال عبد اهلل «دخل النار

.«الجنة

هذا إال من ناحية دليل الخطاب، وكذلك تعجب عمر بن هللولم يقل عبد ا

احية دليل الخطاب، فدل عن اآلية إنما هو من ن ملسو هيلع هللا ىلصالخطاب وسؤاله رسول اهلل

.على أنه من لغة العرب

وألن تقييد الحكم بالصفة يوجب تخصيص الخطاب، فاقتضى بإطالقه

.اهـ «النفي واإلثبات، كاالستثناء

كذلك بين شيخ اإلسالم أن داللة المفهوم من دالالت األلفاظ، فقال كما يف

:(26/ 35)المجموع

ا وحديث ا من المالكية إن القول بهذه الداللة مذهب » جمهور الفقهاء قديم

والشافعية والحنبلية، بل هو نص هؤالء األئمة، وإنما خالف طوائف من

المتكلمين مع بعض الفقهاء، فيجب أن يضاف إلى مذاهب الفقهاء ما يوافق

.اهـ «أصولهم، فمن نسب هذا القول إلى مذهب هؤالء كان مخطئ ا

.ء أنهم ال يقولون بداللة المفهوم فقد أخطأمن نسب إلى جمهور الفقها :أي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(.141)رواه مسلم (5)

(.8879)رواه البخاري يف صحيحه (2)

41

:الدالالت الثالث لأللفاظ: النقطة األوىل *

: تحت هذه الركيزة أنواع دالالت األلفاظ، وهي ثالث دالالت لويدخ

.زاممطابقة، وداللة تضمن، وداللة الت داللة

(:459/ 1)قال شيخ اإلسالم كما يف منهاج السنة النبوية

مطابقة، وداللته فظه عليه داللة لداللة : عنيها المتكلم بلفظهالماهية التي ي»

على ما دخل فيها داللة تضمن، وداللته على ما يلزمها وهو خارج عنها داللة

.اهـ «االلتزام

التي وضعت لمعانيها، فهي الداللة األصلية يف األلفاظ :أما داللة المطابقة

، تعبر عن وهي تكشف عن نية القائل بمجرد صدور اللفظ، فهي واضحة بينة

مطابقة المعنى للفظ بال زيادة وال نقصان، فال : مراده من مجرد التلفظ؛ إذ هي

.يزيد اللفظ على المعنى، وال ينقص عنه

والمعنى المدلول عليه باللفظ البد أن يكون » :يف النقل السابق قال ابن تيمية

ا للفظ فتكون داللة عليه بالمطابقة، وليست داللة المطابقة داللة اللفظ : مطابق

ظنه بعض الناس، بل يجب الفرق بين ما وضع له اللفظ، يعلى ما وضع له كما

وبين ما عناه المتكلم باللفظ، وبين ما يحمل المستمع عليه اللفظ؛ فالمتكلم إذا

ي معنى ألنه معنى، فذلك المعنى هو الذي عناه باللفظ؛ وسم يفاستعمل اللفظ

فهو مراد المتكلم ومقصوده بلفظه، وكل لفظ قصد وأريد بذلك،: عني به، أي

استعمل يف معنى فداللته عليه مطابقة؛ ألن اللفظ طابق المعنى بأي لغة كان، سواء

ا سمي .اهـ «ذلك حقيقة أو مجاز

فلفظة الجمل، دلت على هذا المخلوق المعروف بصورته يف الذهن وشكله

أو سناميه يف بعض أنواعه، وهيئته ، ته وقوائمه األربعة وسنامهببطول رق المميز

.وعناه التي خلقه اهلل عليها، فدلت اللفظة على ما أراده المتكلم وقصده

فالمراد بها هذه العبادة ﴾ڱ ڱ﴿: وكذلك لفظة الصالة يف قوله تعالى

المعنى الشرعي : المعلومة المنضبطة المحدودة بصفة وأركان وشروط وواجبات، أي

46

ڄ ڄ ڄ ﴿: وضع آخر بمعنى آخر، كقوله تعالىلها، وقد ترد يف م

.[16: األحزاب] ﴾ڄ ڃ ڃڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ

ا $وهنا يظهر معنى كالم ابن تيمية : وليست داللة المطابقة»: السابق آنف

داللة اللفظ على ما وضع له، بل يجب الفرق بين ما وضع له اللفظ، وبين ما عناه

عليه اللفظ، فالمتكلم إذا استعمل اللفظ المتكلم باللفظ، وبين ما يحمل المستمع

.«يف معنى، فذلك المعنى هو الذي عناه باللفظ

قال البخاري يف صحيحه يف كتاب تفسير القرآن على معنى اآلية، قبيل حديث

(4292 :)

.صالة اهلل ثناؤه عليه عند المالئكة، وصالة المالئكة الدعاء :قال أبو العالية»

.اهـ «ركونيب ﴾ڄ﴿ :قال ابن عباس

تدل على هذا المكان الذي له سقف مرفوع على : وكذلك لفظة الحجرة

جدران أربعة يف الغالب الذي يعيش فيه الناس، فدلت لفظة الحجرة على المعنى

.وهكذا. المعروف داللة مطابقة من غير زيادة أو نقص

له، كمـا فهي داللة اللفظ على بعض المعنى المقصود ال ك :أما داللة التضمن

ــة ــة المطابق ــة، ،يف دالل ــوف بعرف ــى الوق ــاه الشــرعي عل ــظ الحــج بمعن ــة لف كدالل

، ورمــي الجمــار، وبقيــة المناســك والطـواف، والســعي، والمبيــت بمزدلفــة، ومن ــى

.واألذكار

فالوقوف بعرفة جزء تضمنته لفظة الحج، أي أن لفظة الحج دلت على

.مناسك بداللة المطابقةالوقوف بعرفة بداللة التضمن، ودلت على كل ال

اإلمام ابن القيم ما يربط بين الداللتين، فقال كما يف بدائع الفوائد أوضحو

(5 /251:)

االسم من أسمائه له دالالت، داللة على الذات والصفة بالمطابقة، وداللة »

.اهـ «على أحدهما بالتضمن

42

وصفة -جل وعال-سبحانه تدل على ذات اهلل ( الرحمن)أن لفظة :أي

.بالتضمن -مثال -الرحمة بالمطابقة، وعلى صفة الرحمة فقط

فهي داللة الشيء على سببه، أو هي داللة اللفظ على معنى :أما داللة اللزوم

ا عقليا، ال يتصور انفكاكه عنه عند سماع اللفظ .الزم لوجوده لزوم

ض، فهنا للعقل وفهمه أثر يف هذه الداللة؛ على ترابط األسباب بعضها ببع

.وكذلك النتيجة بسببها -وهذا يهمنا يف هذا المبحث-بحيث ترتبط العلة بمعلولها

ومن ثم، نعلم أن داللة السقف المرفوع يف الحجرة، على وجود الجدران أو

األعمدة هي داللة لزوم؛ لماذا ألنه ال يتصور عقال وجود سقف آدمي مرفوع

.رافع وحامل رفع وحمل عليه بال

، دل ذلك على أنها زوجة لها زوج كان لذلك؛ إذا رأىو المرء امرأة حامال

ا باهلل-بإذن اهلل سبب ا لهذا الحمل، أو دل ذلك على الزنا؛ ألن الحمل اآلدمي -عياذ

.، وهذه داللة لزومأو اغتصاب ال يكون إال بزواج أو زنا

هو مناسبتها يف فهم واستنباط المعاني :ذكر هذه الدالالت والشاهد من

المقصودة من أدلة األحكام؛ حتى يستقيم المعنى؛ ويفهم المراد، وتتم عملية

ا، وتجري الفتاوى الفقهيةاالستنباط تمام ، واألحكام الشرعية على ا صحيح

.الطريق السليم المنضبط

:معنى األلفاظ بني احلقيقة الشرعية واللغوية والعرفية: النقطة الثانية *

يها تدور يف فلك جد أن األلفاظ ومعاني ،لفاظ الكتاب والسنةفإن المتبصر يف أ

:الحقائق الثالث

األول، والعبرة يالحقيقة الشرعية وهي األصل والمرجع التفسير( 2)

.هابعليها؛ ألننا متعبدون يف فهم الكتاب والسنة

ا عن التقييد ( 1) والحقيقة اللغوية، ومعنى اللفظ عند أهل اللغة، بعيد

.كذلك المعنى العريفبالمعنى الشرعي و

48

هو حمل اللفظ على معناه : والذي ينبغي وال يكون غيره، وال يجوز إال هو

الشرعي، وذلك عند التعارض، فإذا لم يوجد تعارض، فإن المعنى اللغوي يساعد

.يف تخيل المعنى الشرعي ويقربه

، أو عند إطالق وكذلك المعنى العريف يرجع إليه عند فقدان النص أوال

النصوص يف بعض المسائل؛ فقد قعد األصوليون قاعدة صحيحة، نص عليها ابن

.«ما أطلقه الشرع، فالمرجع فيه إلى العرف»: قدامة يف المغني وغيره

التسليم واالستالم والقبض إلى : يف فقه البيوع أطلق الشارع الحكيم :فمثال

ن تسليم السلع عرف الناس يف بيعهم، فتسليم العقارات للمشتري يختلف ع

ا يف ،الغذائية بأنواعها وقبض بهيمة األنعام، يختلف عن قبض السفن، وكذلك أيض

.صورة اإليجاب والقبول

أن األصل يف تفسير األلفاظ هو المعنى الشرعي؛ ألن الشارع قد :والحاصل

ا من معانيها اللغوية إلى الشرعية، فأصبحت األخيرة هي المعتبرة .نقل ألفاظ

مطلق الدعاء، فنقلت يف الشرع إلى معنى :تعني الصالة يف اللغة فلفظة

.مخصوص معلوم الصفة بداية من تكبيرة اإلحرام إلى التسليم

مطلق النماء، ويف الشرع على ما هو معلوم بشروطها :والزكاة يف اللغة

.وصفتها

.مطلق اإلمساك، ويف الشرع إمساك مخصوص معلوم :والصوم يف اللغة

مطلق الزيادة، ويف الشرع هو الحج المعروف بمناسكه :ةوالحج يف اللغ

.المعلومة

نا اهلل بها؛ فال يتوسع يف المعاني اللغوية وهذه المعاني اللغوية هي التي تعبد

هم كما يفعل أهل التحريف والتأويل يف رد ،بما يخرج عن أصل المعنى الشرعي

الق فضلوا وأضلوا؛ فإن وسع إلى رحابة اللغة بإط ،للمعاني الشرعية المعتبرة

.د بالمعاني الشرعية، وخصص عمومه بهااللغة قي

فالمرجع يف فهم اآلية إلى اآلية وإلى الحديث، والمرجع يف فهم الحديث

49

.ڤ إلى الحديث وتفسير الصحابة

فإن أفضل ما فسر به القرآن هو القرآن والحديث، وإن أفضل ما فسر به

.ڤم تفسير الراوي من الصحابة الحديث هو الحديث، ث

فهذا ؛حقيقة العرفية، فإنه ال عبرة ألي عرف خالف النصوصالوأما ( 0)

.إجماع ال خالف فيه البتة

.وسواء كان هذا العرف عمليا أو قوليا

فهو اعتياد الناس على شيء من األفعال أو التصرفات، :أما العملي

فين، واعتيادهم على تأخير جزء كاعتيادهم على عطلة أسبوعية للعمال والموظ

، وكاعتيادهم على شراء العقارات ذات القيمة العالية وتعجيل جزء آخر رمن المه

.على أقساط، وهكذا

فهو اصطالح جماعة على لفظ يستعملونه يف معنى :وأما العرف القولي

.مخصوص؛ بحيث يتبادر معناه إلى الذهن بمجرد سماعه

: تستخدم يف صعيد أسوان، حيث يقولون عليه افمثال لفظة الحمار قلم

وال ( سمبك : )وعلى الصغير( بط : )ويطلقون على المركب الكبير( الدحش )

مشاحة يف االصطالح وقتئذ؛ التحاد المعنى، فالمركب والبط والسمبك كلها

.وسائل نقل مائية معروفة الصفة، وهكذا

لى الفهم الصحيح، ومن ثم ولكن معرفة عرف الناس المختلف يساعد ع

: على الفتوى الصحيحة، وقد يتعارض العرف مع اللغة، فلو قال رجل لزوجته

أردت طالق من وثاق؛ ألن : ، فقالعلى علم بمعنى ذلك لغة أنت طالق، وهو

، ولكن الطالق بمعنى اإلطالق هو حقيقة لغوية يف الحل من وثاق أو حبل مثال

فيحمل على الطالق المتعارف عند الناس ،العرفيةحمل اللفظ هنا على حقيقته

.مع عدم إغفال النية يف هذا الشأن ألهميتها يف تحديد المراد ،مقدم عند التنازع

:وقد يتعارض العرف مع الشرع يف العموم والخصوص

ا لم يحنث بأكل الميتة، مع أن مدلول اللحم عام فلو حلف ال يأكل لحم

أو لم يؤكل؛ ولكن الشرع خصصه بالمأكول المذكى الذي يتناول كل لحم أكل

12

ا من يحل أكله دون غيره، وهذا على قول ألهل العلم، والقول اآلخر يحنث؛ أخذ

.اللفظ عموم

كذلك لو أوصى إنسان ألقاربه وأطلق، لم يدخل يف الوصية الورثة؛ ألنه ال

.وصية لوارث، فيقدم مدلول الشرع مع العرف اللغوي

ا، لم يحنث؛ ألن الناس اعتادوا كذلك، ا فأكل سمك لو حلف أال يأكل لحم

ا؛ حيث قال تعالى ا، ولو سماه اهلل لحم ۈ ﴿: على عدم تسمية السمك لحم

.[54: النحل] ﴾ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ

ا، لم يتعلق بالتسمية حكم -جل وعال هنا-غير أن اهلل لما سمى السمك لحم

كم، فقدم العرف، وهذا يف الحقيقة ال يسمى شرعي، فالتسمية عارية عن الح

ا، وال يصدق عليه تقديم العرف على الشرع؛ لعدم وجود التعارض يف تعارض

.حقيقة األمر

ما لو قال ك ،وقد يتعارض العرف مع الشرع مع تعلق حكم على ذلك

، فهنا تطلق لو رآه غيرها وعلمت هي به؛ قإذا رأيت الهالل فأنت طال: لزوجته

البخاري الذي رواه ملسو هيلع هللا ىلصله على الشرع؛ فإن الرؤية فيه بمعنى العلم؛ لقوله حمال

والرؤية يف الشرع علمية «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» :(2737)يف صحيحه

.بمعنى العلم؛ فيكفي رؤية البعض، فيقع الطالق

.وكذلك لو حلف ال يصوم اليوم، ال يحنث إال بالصيام الشرعي ال مطلق اإلمساك

فقيه بهذه المعاني يف غاية األهمية يف فهم النصوص، أن إلمام ال :والشاهد

ا على فهم األدلة ا للمسلمين، قائم ا صالح ويف تنزيلها على الواقع تنزيال صحيح

ا شرعيا لغويا عرفيا بانسجام بين هذه المفاهيم وتوافق بينهما، بما يساعد يف ،فهم

.النهاية على صالح العباد والبالد

ا أن :والشاهد هاتين الركيزتين وهذين األصلين عليهما اإلجماع والعمل سلف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عبد العزيز عزام، . د لشيخنا( 123 - 270ص)المقاصد الشرعية يف القواعد الفقهية (5)

.كلية الشريعة باألزهر ميد ع

15

ا، فإجراء األلفاظ على ظاهرها من األدلة الشرعية واجب وحتم الزم يحرم ،وخلف

.ليه مدار هذا الدين وأصل الفتوى، وهذا هو األصل األول، وعصرفها عن ظاهرها

تبرت هذه ثم إذا كانت هناك صوارف شرعية صرفت الظاهر عن ظاهره، اع

.الصوارف باإلجماع، وهذا هو األصل الثاني

ومعرفتها من أهم ما يكون ،ولقد تنوعت هذه الصوارف الشرعية وتعددت

، وبقدر الغفلة عنها بقدر ملسو هيلع هللا ىلصيف ضبط الفتوى، والوقوف على مراد اهلل ورسوله

.اضطراب الفتوى وفسادها

يف حقيقته صرف ومنها ما هو ،ومن هذه الصوارف ما يناسب هذا البحث

.آخر؛ فتعين الكالم عليها، وهو مادة البحث يف الركيزة التالية بظاهرظاهر

بيان أن صرف اللفظ عن ظاهره أو :غير أن الذي ينبغي التعويل عليه جدا

عمومه، إنما هو استثناء على األصل األصيل الذي هو حمل اللفظ على ظاهره،

.نما هي على ما هي عليه بدون تكلف وال افتعالومن ثم، فإن جل أدلة األحكام إ

يف المسألة، ووجد ثم إذا نظر الفقيه األصولي المجتهد يف الدليل المطروح

ا معتبرة الستنباط صحيح أدت إلى صرف اللفظ عن ظاهره، صرفه، فيه وجوه

.وإال، فال يكون هناك صرف وال تغيير

لى ظاهره، أم النظر يف المعنى أيهما يقدم، حمل اللفظ ع :فإذا سأل سائل

الفقهي المستنبط من الحديث والذي يخالف الظاهر

وفقه، وتأمل يف معناه إن الفقيه الحاذق إنما ينظر يف الدليل بتدبر :أقول

والمراد منه، فأول األمور هو حمل اللفظ على ظاهره؛ ألنه األصل الذي تعبدنا اهلل

.ع غيره من بادي الرأي، والمتفقه من طلبة العلمبه، وهذا يتساوى فيه الفقيه م

ثم إن هناك مزية وخصوصية للفقيه، وهي حسن الفهم للمراد والمقصود من

النص، الذي قد يخالف ظاهره أحيان ا؛ إما لصرفه بدليل ظاهر آخر، يعرفه الفقيه،

ر المشهور منها ث ا حافظ ا ألدلة األحكام وملما بغيد ح ال بكونه فقهيا، بل بكونه م

.وإما لصرفه بصارف فهمي فقهي، وهذا فضل اهلل يؤتيه من يشاء ،قبل المشهور

12

لمطروح؛ ألنه يتغير بتغير فال يطلق القول يف الرد على هذا السؤال ا ،وعليه

:دلة، وخصوصية كل دليل، وعليه، كانت اإلجابة على هذا السؤال مفصلةحال األ

حمل اللفظ على ظاهره أم صرفه قيل بل حمله أيهما األصل :فإن كان السؤال

ا، فإن المعنى المصروف ، فحمله على وجد صارف شرعيعلى ظاهره قوال واحد

.له هو المتعين

واعلم أنه ليس هناك تعارض بين ظاهر النص ومعناه المراد، ألننا نعلم المعنى

.ون هناك تعارض بل توافقالمراد لنتعبد إلى اهلل به من خالل لفظه الظاهر، فال يك

وعليه، كان العمل بمعنى الحديث، وذلك بصرفه عن ظاهره بصارف

:شرعي، هو يف الحقيقة عمل بظاهر النص؛ ألن المراد من النص بظاهره ومعناه

.فهم مراد الشارع منه

:يصرف ويفسر بعضه بعضا ملسو هيلع هللا ىلصكالم النيب *

، له واللفظ( 1090) ومسلم( 0825، 0828)روى البخاري يف صحيحه

وال أقول إن ... ال تفضلوا بين أنبياء اهلل، »: قال ملسو هيلع هللا ىلصعن النبي ڤعن أبي هريرة

.«ڠأحدا أفضل من يونس بن متى

وهذا الحديث المتفق على صحته مصروف عن ظاهره بالكتاب والسنة

ا على تفضيل نب: غير مراد ، وظاهرهواإلجماع ا وخلف ينا فإجماع المسلمين سلف

ٻ ﴿: على سائر المرسلين والنبيين والخلق أجمعين، وقال تعالى ملسو هيلع هللا ىلصمحمد

.[213: البقرة] ﴾پٻ ٻ ٻ پ پ

ا( 1194)فيما رواه مسلم ملسو هيلع هللا ىلصوقال أنا سيد ولد آدم »: عن أبي هريرة أيض

.«يوم القيامة

(:51/32)قال النووي يف شرح مسلم

أنا سيد ولد آدم »: ملسو هيلع هللا ىلص وقوله(: على جميع الخالئق ملسو هيلع هللا ىلصباب تفضيل نبينا )»

أن يف يوم القيامة : مع أنه سيدهم يف الدنيا واآلخرة، فسبب التقييد «يوم القيامة

ل أحد، وال يبقى مانع، وال معاند، ونحوه، بخالف الدنيا، فقد يظهر سؤدده لك

13

نازعه ذلك فيها ملوك الكفار وزعماء المشركين، وهذا التقييد قريب من معنى

مع أن الملك له سبحانه [ 56: غافر] ﴾ېئ ىئ ىئىئ ی ی ی﴿: قوله تعالى

.قبل ذلك

ا، بل «أنا سيد ولد آدم»: ملسو هيلع هللا ىلصوقوله :قال العلماء صرح بنفي لم يقله فخر

أنا سيد ولد آدم وال »: المشهورمسلم يف الحديث ديث كما عند حغير يف الفخر

:، وإنما قاله لوجهين «فخر

.[55: الضحى] ﴾ڻ ڻ ڻ ڻ﴿: امتثال قوله تعالى :أحدهما

أنه من البيان الذي يجب عليه تبليغه إلى أمته ليعرفوه، ويعتقدوه، :والثاين

.مرتبته كما أمره اهلل تعالىبما تقتضي ملسو هيلع هللا ىلصويعملوا بمقتضاه، ويوقروه

: أهل السنةعلى الخلق كلهم؛ ألن مذهب ملسو هيلع هللا ىلصه هذا الحديث دليل لتفضيلو

وأما الحديث أفضل اآلدميين وغيرهم، ملسو هيلع هللا ىلصأن اآلدميين أفضل من المالئكة، وهو

:فجوابه من خمسة أوجه «ال تفضلوا بين األنبياء»: اآلخر

.قاله قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم، فلما علم أخبر به ملسو هيلع هللا ىلصأنه :أحدهما

ا :والثاين .قاله أدب ا وتواضع

.أن النهي إنما هو عن تفضيل يؤدي إلى تنقيص المفضول :والثالث

إنما نهى عن تفضيل يؤدي إلى الخصومة والفتنة، كما هو المشهور :عوالراب

.يف سبب الحديث

أن النهي مختص بالتفضيل يف نفس النبوة، فال تفاضل فيها، وإنما :والخامس

التفاضل بالخصائص وفضائل أخرى، والبد من اعتقاد التفضيل؛ فقد قال اهلل

.اهـ «[213: البقرة] ﴾ٻ ٻ ٻ ٻ پ پپ﴿: تعالى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.عن عائشة يف كتاب الفضائل( 01121)رواه ابن أبي شيبة يف المصنف (5)

14

الركيزة الثالثة

االستدالل على منهج البحث

:وتحتها خمس نقاط

:ذكر األدلة وبيان وجه االستدالل منها :النقطة األوىل

قد مر نقل اإلجماع على وجوب حمل اللفظ على ظاهره يف الركيزة األولى،

ألبي، ودعاء عتاب ا ملسو هيلع هللا ىلصثم بينت يف نهايتها حديث أبي وابن رواحة يف قول النبي

ا البن رواحة على حمل اللفظ على ظاهره، فأغنى عن اإلعادة هنا، وأزيد وإقرار

:ما يلي

خطب علي :عن أبي عبد الرحمن قال( 5221)روى مسلم يف صحيحه (5)

:فقال

أقيموا على أرقائكم الحد، من أحصن منهم ومن لم يحصن؛ :يا أيها الناس»

زنت، فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديث عهد بنفاس، ملسو هيلع هللا ىلصفإن أمة لرسول اهلل

.«أحسنت» :فقال ملسو هيلع هللا ىلصفخشيت إن جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبي

، واألمر للوجوب، وعلى الفور؛ مسارعة إلرضاء ملسو هيلع هللا ىلصفهذا أمر من رسول اهلل

الرب جل وعال، وهو أمر صريح ال يحتمل التأويل، والمعهود من الصحابة السمع

من أحب ڤوعلي . حتى فيما يشق على النفوس ،ملسو هيلع هللا ىلصالكاملة هلل ورسوله والطاعة

ألعطين الراية غدا رجال يحب اهلل ورسوله، » : ملسو هيلع هللا ىلصالناس إلى اهلل ورسوله؛ لقول النبي

(.2439)يف صحيحه، ومسلم ( 0931)رواه البخاري «ويحبه اهلل ورسوله

ن ى فقهيا صرف به ظاهر فلما ذهب علي، فوجد ما وجد من حالها، استنبط مع

األمر وقدم مصلحة رآها لهذه األمة، مستنبطة من القواعد الشرعية وأصول الدين؛

إذ الجلد وإقامة الحد إنما جعل للتأديب والزجر، ال إلهالك النفوس، بل لكي

11

تنصرف النفوس عما ال يحل لها فعله، فعلم أنه لو جلدها لماتت، وليس هذا هو

وأخر وقته لما يناسب حالها ،من ذلك، فكف عن تنفيذ األمر ملسو هيلع هللا ىلص مراد الرسول

هو العمل بظاهر األمر، فلما تعذر، تدبر األمر ڤورأفة بها، فأول ما كان منه

فعله، واالستحسان ملسو هيلع هللا ىلصوعلم علته وسببه، وفهم معناه ومقصوده فاستحسن النبي

.ثأعلى من مطلق اإلقرار، وهو وجه الداللة من الحدي

وهو ،بسند به عبد األعلى( 8810)وقد روى أبو داود هذا الحديث يف سننه

( 1877)والصحيحة ( 013/ 9)صدوق يهم، وصححه األلباني يف اإلرواء

:قال لعلي ملسو هيلع هللا ىلصولفظه أن النبي

فانطلقت فإذا بها دم يسيل لم :قال علي «يا علي، انطلق فأقم عليها الحد»

دعها حتى » :لأتيتها ودمها يسيل، فقا :قلت «أفرغتيا علي، » :ينقطع، فأتيته فقال

.«أيمانكم ينقطع دمها، ثم أقم عليها الحد، وأقيموا الحدود على ما ملكت

:(136/ 2)يف عون المعبود قال

فيه دليل على أن المريض يمهل حتى يبرأ، وظاهر :(ثم أقم عليها الحد)»

(.فأقم عليها الحد انطلق) :الحديث األول أنه ال يمهل، وهو قوله

والجمع أن من يرجى برؤه يمهل، ومن ال يرجى برؤه ال يؤخر، واهلل تعالى

.اهـ «أعلم

فظاهر األمر األول إلى علي عدم اإلمهال، ثم كان اإلمهال بالحديث الثاني؛

ا لفعل علي واستحسان ا له، ولصرفه ظاهر النص إلى ما استنبط من روح إقرار

.الشريعة ومقاصدها

باب تأخير الحد عن النفساء، كما :وبوب النووي على الحديث بابا فقال

:فقال( 315/ 55)يف شرح مسلم

فيه أن الجلد واجب على األمة الزانية، وأن النفساء والمريضة يؤخر جلدها »

.اهـ «إلى البرء

16

ا على حسن الفهم للنصوص، مع عدم فكان هذا الحكم الشرعي قائم

أخذ بظاهر النص بدون ڤويف هذه الواقعة، لو أن عليا ،ظواهرها الجمود على

.فهم وفقه ألدى ذلك إلى هالكها، فتأمله

من كتاب اإليمان عن أبي هريرة ( 35/ 12)ما رواه مسلم يف صحيحه ( 2)

:قال ملسو هيلع هللا ىلصوفيه أنه ،ڤ

شهد أن ي ،يا أبا هريرة اذهب بنعلي هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط»

.«فبشره بالجنة ،ال إله إال اهلل مستيقنا بها قلبه

هاتان :فقلت! ما هاتان النعالن يا أبا هريرة :فكان أول من لقيت عمر، فقال

بعثني بهما، من لقيت يشهد أن ال إله إال اهلل مستيقن ا بها قلبه ملسو هيلع هللا ىلصنعال رسول اهلل

.بشرته بالجنة

ارجع يا أبا هريرة، :ررت إلستي، فقالفضرب عمر بيده بين ثديي فخ

ركبني عمر، فإذا هو على أثري، فقال فأجهشت بكاء و ملسو هيلع هللا ىلصفرجعت إلى رسول اهلل

لقيت عمر فأخبرته بالذي بعثتني :قلت «ما لك يا أبا هريرة؟» :ملسو هيلع هللا ىلصلي رسول اهلل

:ملسو هيلع هللا ىلص، فقال رسول اهلل ارجع :فضرب بين ثديي ضربة خررت إلستي، قال ،به

بأبي أنت وأمي فال ملسو هيلع هللا ىلصيا رسول اهلل :قال «حملك على ما فعلت؟عمر، ما يا»

: ملسو هيلع هللا ىلصقال رسول اهلل . تفعل؛ فإني أخشى أن يتكل الناس عليها، فخلهم يعملون

.«فخلهم»

ووجه الداللة من الحديث ظاهر، فهو كحديث علي، فقد استحسن

.ڤعمر فعل عمر وقوله؛ بدليل إقراره وموافقته على ما ذهب إليه ملسو هيلع هللا ىلصالنبي

وأنه من ،وظاهر فعل عمر صد عن سبيل اهلل؛ ألنه يعلم صدق أبي هريرة

، السيما ومعه أمارة قوية وهي النعالن، ملسو هيلع هللا ىلصالمحال أن يكذب على رسول اهلل

إنما هو الخوف على دين اهلل، والذب عن سنة رسول ،ولكن الذي دفع عمر لذلك

ا يؤتي بثماره، لذلك لمقبتطبي ملسو هيلع هللا ىلصاهلل ،بظاهر فعل عمر ملسو هيلع هللا ىلصيأخذ النبي ها تطبيق

12

المعنى والمراد المقصود ملسو هيلع هللا ىلصبل فهم يف بادئ األمر، ملسو هيلع هللا ىلصالمخالف لمراد الرسول

كما فهم عمر المراد من وراء ظاهر النص، وقد استنبطه ،ڤمن قول عمر وفعله

من روح الشريعة ونصوصها وقواعدها العامة، فأحسن، وصدق ونصح هلل

.امتهمولرسوله وألئمة المسلمين وع

،فدفع المفسدة ،عليهم تركهم للعمل نظر عمر إلى اتكال الناس فخاف قدول

ا يف مراده العام، ملسو هيلع هللا ىلصوجلب المصلحة، وبلغ عن رسول اهلل والذي قد يكون مخالف

.ألمره الخاص يف هذه المسألة، ولقد وصلنا مع ذلك هذا الحديثظاهره

:(592/ 5)النووي يف شرح مسلم قال

م األتباع بحقوق متبوعهم، واالعتناء بتحصيل مصالحه ودفع وفيه اهتما»

.اهـ «المفاسد عنه

:(593/ 5)علي القاري يف شرح مشكاة المصابيح قال

:فقال عمر :البد هنا من تقدير يدل عليه السياق، من السباق واللحاق، يعني»

ا للمراجعة؛ بناء على رأيه الموافق للكتاب، ونطقه المطاب ق للصواب، ارجع؛ قصد

.المقدم على كل أمر آمر ،ملسو هيلع هللا ىلصفأبيت وامتنعت عن حكمه؛ امتثاال لظاهر أمره

ا عليه، وردا ألمره؛ ملسو هيلع هللا ىلصليس فعل عمر ومراجعته النبي ) :الطيبي قال اعتراض

أن ڤبعث به أبا هريرة إال لتطييب قلوب األمة وبشراهم، فرأى عمر إذ ليس ما

(.اكتمه هذا أصلح لئال يتكلو

ا للجالل، وعلم أن الغالب على الخلق التكاسل ولما كان عمر مظهر

واالتكال، فرأى أن األصلح ألكثر الخلق المعجون المركب، بل غلبة الخوف

.اهـ «ڤوهذه مرتبة علية ومزية جلية لعمر ،ملسو هيلع هللا ىلصليهم أنسب، فوافقه عبالنسبة

/ 13)ومسلم ( 528)وقريب من هذا، ما رواه البخاري يف صحيحه ( 3)

:ملسو هيلع هللا ىلص، عن معاذ بن جبل، وفيه قال (32

18

ما من عبد يشهد أن ال إله إال اهلل وأن محمدا عبده ورسوله، إال حرمه اهلل »

إذا » :يا رسول اهلل، أفال أخبر الناس فيستبشروا قال :قال معاذ .«على النار

ا «يتكلوا .فأخبر بها عند موته تأثم

ا رأى أن هذه البشرى قد -فهو إمام للعلماء-علمه بفقهه و ڤوكأن معاذ

فيتركون بعض األوامر اتكاال عليها، فرأى المصلحة يف عدم ؛يسيء الناس فهمها

، ولم يكن على جرأة وقوة عمر كما يف حديث ملسو هيلع هللا ىلصتبليغه، ولكنه تأدب مع النبي

فعل والمعلوم من( بها الناس أفال أخبر) :فقال له ملسو هيلع هللا ىلصأبي هريرة، فسأل النبي

؛ ،ملسو هيلع هللا ىلصالصحابة مع أحاديث رسول اهلل إنما هو التبليغ ما استطاعوا إلى ذلك سبيال

ألنه أصل الدين، وذلك ال يحتاج إلى إذن، إذ التبليغ يف ذاته دين ودعوة إلى نشر

الديانة، فعموم األحاديث واآليات تحث على التبليغ وتدفع إليه وتأمر به، بل

قبيل موته خوف ا ڤلذلك أخبر به معاذ علمه؛ وتحذر من كتمان ما وصل إليه

.من إثم الكتمان

فكل من عمر ومعاذ رأى صرف النص عن ظاهره؛ للمصلحة وعليه،

، بما يتوافق مع النصوص األخرى، ال مصلحة المبتدعين، التي تهدم الراجحة

.النصوص، وما هي إال جملة مفاسد وخراب

:(281/ 5)الحافظ ابن حجر يف الفتح قال

ا اطلع على أنه لم يكن المقصود من المنع التحريم؛ بدليل أن » إن معاذ

أخاف أن » :لمعاذ ملسو هيلع هللا ىلصأمر أبا هريرة أن يبشر الناس بذلك، فكأن قوله ملسو هيلع هللا ىلصالنبي

فلذلك أخبر كان بعد قصة أبي هريرة، فكان النهي للمصلحة ال للتحريم، «يتكلوا

.اهـ «به معاذ؛ لعموم اآلية بالتبليغ، واهلل أعلم

.[59: األنعام] ﴾ٹٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ﴿: قال تعالى

ا :أي هذه المصلحة وفهمها، فصرف بها ظاهر قد استنبط ڤأن معاذ

إلى ،متخطي ا ظاهر النص ،وفطن إلى معنى آخر ،ملسو هيلع هللا ىلصالنص، ففهم مراد رسول اهلل

19

والمستنبط من النصوص األخرى وروح الشريعة، ثم ،المعنى الفقهي المقصود

حين موته إلى عموم اآليات واألحاديث بنظرة شمولية، فعلم أنه ال ينبغي أن نظر

ا يف منعه ملسو هيلع هللا ىلصيدركه الموت ومعه عن رسول اهلل حديث لم يبلغه؛ فكان فقيه

ا يف تبليغه .ڤللتبليغ، وفقيه

حيث روى مسلم هذا الحديث عقب ( 593/ 5)النووي يف شرح مسلم قال

:حديث عمر

ا يخاف فواته :ومعنى تأثم معاذ وذهابه بموته، فخشي أن أنه كان يحفظ علم

ا، وممن لم يمتثل أمر رسول اهلل ا، يف تبليغ سنة ملسو هيلع هللا ىلصيكون ممن كتم علم فيكون آثم

لم ينهه عن ملسو هيلع هللا ىلصفاحتاط وأخبر بهذه السنة؛ مخافة من اإلثم، وعلم أن النبي

.اهـ «اإلخبار بها نهي تحريم

ا ديد سبفقهه واستنباطه ال ملسو هيلع هللا ىلصهلل علم مراد رسول ا ڤأي أن معاذ

للنصوص األخرى، فعمل بظاهر النص اآلخر يف رده لظاهر النص الحالي، فلم

يخرج عن الظاهر

صارف الشرعي الذي بنى عليه الصحابة صرفهم لا :النقطة الثانية

:ملسو هيلع هللا ىلصلظاهر أمر النيب

ذكرها وما ذكر يف هذه األحاديث يبين صارف ا من الصوارف الشرعية التي سأ

وأقره ڤيف الركيزة التالية، وأتعجل بذكر هذا الصارف الذي اعتبره الصحابة

.واألدلة مرة أخرى الكالم مناسبة لسياق الكالم، وحتى ال يعاد ذكر ؛ملسو هيلع هللا ىلصعليهم

:ونص هذا الصارف هو

املقاصد استحضار مجلة النصوص واألدلة يف املسألة، مع فهم

:عموم أدلة هذا الدين موفهالشرعية، وروح اإلسالم،

واستحسانه له، وهو ملسو هيلع هللا ىلصودليل اعتبار هذا الصارف، إنما هو إقرار النبي

.المعنى الذي استنبطوه من النص النبوي فخصصوه به

ا :ومن األدلة أيض

ڤ عن ابن عمر( 5222)ومسلم ( 4559)ما رواه البخاري يف صحيحه ( 4)

62

:يوم األحزاب ملسو هيلع هللا ىلصقال النبي :قال

.«أحد العصر إال يف بني قريظة ال يصلين »

ال نصلي حتى نأتيها، وقال :فأدرك بعضهم العصر يف الطريق، فقال بعضهم

ا منهم ملسو هيلع هللا ىلصلم يرد منا ذلك، فذكر ذلك للنبي ،بل نصلي :بعضهم .«فلم يعنف واحد

ا منهم ملسو هيلع هللا ىلصفذكر ذلك للنبي ) :فقول الصحابي فيه إقرار ( فلم يعنف واحد

ى استنبطه يف ضوء األدلة ن أخذ بظاهر النص، ولمن خصصه بمعن لم ملسو هيلع هللا ىلصالنبي

.األخرى، والتي تحث على إيقاع الصالة يف وقتها

:(438 - 432/ 52)النووي يف شرح مسلم قال

يف المبادرة بالصالة عند ضيق وقتها وتأخيرها؛ ڤأما اختالف الصحابة »

الة مأمور بها يف الوقت، مع أن بأن الص ،أن أدلة الشرع تعارضت عندهم :فسببه

المبادرة «ال يصلين أحد العصر إال يف بني قريظة» : ملسو هيلع هللا ىلصالمفهوم من قول النبي

بالذهاب إليهم، وأال يشتغل عنه بشيء، ال أن تأخير الصالة مقصود يف نفسه من

ا إلى المعنى حيث أنه تأخير، فأخذ بعض الصحابة بهذا ال إلى المفهوم؛ نظر

فصلوا حين خافوا فوت الوقت، وأخذ آخرون بظاهر اللفظ وحقيقته اللفظ،

ا من الفريقين؛ ألنهم مجتهدون، ففيه داللة ملسو هيلع هللا ىلص، ولم يعنف النبي فأخروها واحد

ا .اهـ «لمن يقول بالمفهوم والقياس ومراعاة المعنى، ولمن يقول بالظاهر أيض

ع أن م) :هوم؛ لقولهوالذي رجحه النووي ظاهر، وهو األخذ بالمعنى والمف

المبادرة بالذهاب إليهم وأال يشتغل عنه بشي، ال أن ملسو هيلع هللا ىلصالمفهوم من قول النبي

(.تأخير الصالة مقصود يف نفسه من حيث أنه تأخير

.أتي نصرة ابن القيم لهذا بعد قليلتوهذا هو الحق عندي، وس

:(466/ 2)شرحه يف الفتح حيث قال وهذا الذي مال إليه ابن حجر يف

أنه ال يعاب على من أخذ :يف هذا الحديث من الفقه :قال السهيلي وغيره»

.بظاهر حديث أو آية، وال على من استنبط من النص معن ى يخصصه

65

أن بعض الصحابة حملوا النهي على :وحاصل ما وقع يف القصة :الحافظ قال

ا للنهي الثاني على األول، وهو ترك حقيقته ولم يبالوا بخروج الوقت؛ ترجيح

تأخير الصالة عن وقتها، واستدلوا بجواز التأخير لمن اشتغل بأمر الحرب؛ بنظير

نهم صلوا أما وقع يف تلك األيام بالخندق، فقد تقدم حديث جابر المصرح ب

العصر بعدما غربت الشمس، وذلك لشغلهم بأمر الحرب، فجوزوا أن يكون ذلك

.لحرب، والسيما والزمان زمان التشريععاما يف كل شغل يتعلق بأمر ا

والبعض اآلخر حملوا النهي على غير الحقيقة، وأنه كناية عن الحث

.واالستعجال واإلسراع إلى بني قريظة

فإن الذين لم يصلوا عمدوا بالدليل الخاص وهو األمر :ابن المني ر قال

والذين صلوا جمعوا فترك عموم إيقاع الصالة يف وقتها إلى أن فات، ،باإلسراع

.بين دليلي وجوب الصالة ووجوب اإلسراع

أن المراد بأمرهم أال يصلوا العصر إال يف بني ،فلعلهم فهموا :الحافظ قال

المبالغة يف األمر باإلسراع فبادروا إلى امتثال أمره، وخصوا وقت الصالة ،قريظة

ينزلوا فيصلوا، وال يكون من ذلك؛ لما تقرر عندهم من تأكيد أمرها، فال يمتنع أن

:ابن القيم يف الهدي ما حاصله قال، يف ذلك مضادة لما أمروا به

امتثال :إال أن من صلى حاز الفضيلتين ،كل من الفريقين مأجور بقصده

محافظة على الوقت، والسيما ما يف هذه لاألمر يف اإلسراع، وامتثال األمر يف ا

ه، وإنما لم لفاتته حبط عم فظة عليها، وأن منالصالة بعينها من الحث على المحا

يعنف الذين أخروها، لقيام عذرهم يف التمسك بظاهر األمر؛ وألنهم اجتهدوا

ا من الفتح «فأخروا المتثالهم األمر .انتهى ملخص ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

، فتعلم أنه هو فقه الدليل، فما خرجوا يف أخذهم بالظاهر، أو ڤفانظر إلى فقه الصحابة (5)

ا فبدليل آخر، ال ب شيء آخر سوى صرفهم له عن النصوص واألدلة، فإذا صرفوا ظاهر

.االستدالل

62

:كان أصوب ڤبيان أي الفريقني من الصحابة :النقطة الثالثة

:أهل الظاهر أم املعنى

الفقيه األصولي المحدث المفسر ابن القيم يف كتابه زاد المعاد يقول اإلمام

:وهو يتكلم عن هذه الواقعة( 525 - 522/ 4)

الذين أخروها هم :فقالت طائفةواختلف الفقهاء أيهما كان أصوب »

المصيبون، ولو كنا معهم ألخرناها كما أخروها، ولما صليناها إال يف بني قريظة؛

ا للتأويل المخالف للظاهرملسو هيلع هللا ىلصمره امتثاال أل .، وترك

بل الذين صلوها يف الطريق يف وقتها حازوا قصب :ت طائفة أخرىوقال

يف الخروج، ملسو هيلع هللا ىلصالسبق، وكانوا أسعد بالفضيلتين؛ فإنهم بادروا إلى امتثال أمره

وبادروا إلى مرضاته يف وقتها، ثم بادروا إلى اللحاق بالقوم، فحازوا فضيلة

هاد، وفضيلة الصالة يف وقتها، وفهموا ما يراد منهم، وكانوا أفقه من اآلخرين، الج

والسيما تلك الصالة؛ فإنها كانت صالة العصر، وهي الصالة الوسطى بنص

.الصحيح الصريح الذي ال مدفع له وال مطعن فيه ملسو هيلع هللا ىلصل اهلل ورس

ا، وأن من فاتتهومجيء السنة بالمحافظة عليها، والمبادرة إليها، والتبكير به

.أو قد حبط عمله ،فقد وتر أهله وماله

فالذي جاء فيها أمر لم يجئ مثله يف غيرها، وأما المؤخرون لها فغايتهم أنهم

ا؛ لتمسكهم بظاهر النص، وقصدهم امتثال ا واحد معذورون، بل مأجورون أجر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

: يوم األحزاب ملسو هيلع هللا ىلصقال رسول اهلل : عن علي قال( 135/ 522)رواه مسلم يف صحيحه (5)

ثم صالها . «شغلونا عن الصالة الوسطى صالة العصر، مأل اهلل بيوتهم وقبورهم نارا»

.بين العشاءين المغرب والعشاء

الذي تفوته صالة العصر »: قال ملسو هيلع هللا ىلصعن ابن عمر عن النبي ( 111)رواه مسلم يف صحيحه (2)

ا يف صحيحه «كأنما وتر أهله وماله (.551)ورواه البخاري أيض

من ترك صالة العصر فقد »: قال ملسو هيلع هللا ىلصعن بريدة عن النبي ( 550)رواه البخاري يف صحيحه (3)

.«حبط عمله

63

من بادر إلى الصالة وإلى األمر، وأما أن يكونوا هم المصيبين يف نفس األمر، و

الجهاد مخطئ ا، حاشا وكال، والذين صلوا يف الطريق جمعوا بين األدلة، وحصلوا

ا .اهـ «ڤالفضيلتين، فلهم أجران، واآلخرون مأجورون أيض

عليه، فكل من النووي، وابن حجر، وابن القيم قد انتصر لمن أخذ بالمعنى و

تقدمة، وأولى الفضيلتين، وقد سبق استحسان والمفهوم، وجعلوه يف المرتبة الم

.وعليه المعول والفيصل ،ڤلعلي وعمر ملسو هيلع هللا ىلصالنبي

، فإن الدين فهم سبحف على المحدث المحدث ومن ثم، يعلو قدر الفقيه

من يرد اهلل به » :ملسو هيلع هللا ىلصوحديث النبي الذي يف الصحيحين، قال فيه يؤتيه اهلل من يشاء،

يحفظه يف الدين؛ لذلك فشأن الحافظ الفقيه :يقلولم «خيرا يفقهه يف الدين

المحدث ممن حفظ بدون فقه، وأمر كاإلمام مالك، والشافعي وأحمد، أعظم

وقد «ورب حامل فقه ليس بفقيه» :ملسو هيلع هللا ىلصحفظ الدين، من غير اشتراط الفهم؛ لقوله

.مر من قبل

لى حسن الفهم واالستنباط، وحسن تنزيل النصوص على عومدار الفتوى

.بما يناسب الحال ويصلح أمر المسلمين ،الواقع

من (2829»يف جامعه األعمش فيما رواه ابن عبد البر فاألمر كما قاله اإلمام

:(المختصر

.وقد مر بتمامه. «أنتم معشر الفقهاء األطباء ونحن الصيادلة»

وذلك؛ ألن األصل الذي تقوم عليه الفتوى الصحيحة، هو الحديث

فتواه على ما حفظ من األحاديث يه إذا جهل الحديث أقاميح، والفقالصح

والقياس الصحيح عليها، مع درايته بمقاصد الشريعة، ،األخرى، وآيات الكتاب

وروح الدين، والقواعد واألصول التي قام عليها هذا الدين الحنيف، يف حين تجد

.الحافظ الجامد غير الفقيه يجهل هذا كله

عن المحدث، وال غنى للمحدث عن الفقيه، فخذ أخي غير أنه ال غنى للفقيه

64

نصيبك منهما وكمله بقواعد وأصول الفقه، واجعل كل ذلك على أصل العلم

چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ﴿ :والخير، وهو تقوى اهلل؛ قال تعالى

ېئ ىئىئ ىئ یی ی ی ﴿ :، وقال سبحانه[29 :األنعام] ﴾ڌ

.[282 :البقرة] ﴾جئ حئ

:ة والنظرة الفقهية الشمولية ألدلة األحكامالصحاب :النقطة الرابعة

( ال يعذب بعذاب اهلل) :تحت باب( 3252)روى البخاري يف صحيحه (أ)

ا، فبلغ ابن عباس فقال ڤعن عكرمة عن علي لو كنت أنا لم :أنه حرق قوم

:ملسو هيلع هللا ىلص ولقتلتهم كما قال النبي «ال تعذبوا بعذاب اهلل» :قال ملسو هيلع هللا ىلصأحرقهم؛ ألن النبي

.«من بدل دينه فاقتلوه»

وهذا النهي قد علمه علي ولم يخف عليه، بدليل رواية الترمذي :قلت

.«صدق ابن عباس :فبلغ ذلك عليا فقال» :للحديث وزاد فيه

أن عليا قام بتحريق هؤالء السبئية الملحدين، الذين ادعوا فيه :والحاصل

يزجر كل من سولت له نفسه الكفر ،متين ، فرأى أنه البد من رادع قوياإللهية

ا لغيرهم، فرأى الخليفة واإللحاد، داعي ا إليه، فيكون التحريق نكاال لهم، وزجر

وجه -واهلل أعلم-بهذا الفعل القوي المرعب، وهذا الراشد مفسدة ال تدفع إال

فقهي صرف به الخليفة الراشد النهي من التحريم إلى الجواز، أو الكراهة

، وذلك يف ضوء النصوص التنزيهية، التي تفعل أحيان ا للمصلحة الشرعية الراجحة

.األخرى

فهم أن النهي أصال على سبيل التنزيه ڤوالوجه اآلخر المحتمل، أن عليا

يف نفس الباب عن ( 0321)؛ فلقد روى البخاري يف صحيحه ال التحريم

إن وجدتم فالنا وفالنا » :يف بعث فقال ملسو هيلع هللا ىلصبعثنا رسول اهلل :قال ڤأبي هريرة

إين أمرتكم أن تحرقوا فالنا » :ثم قال حين أردنا الخروج «فأحرقوهما بالنار

.«وأن النار ال يعذب بها إال اهلل، فإن وجدتموهما فاقتلوهما ،وفالنا

61

، (292/ 1)وهناك رواية رواها سعيد بن منصور صححها الحافظ يف الفتح

.«إين أستحيي من اهلل، ال ينبغي ألحد أن يعذب بعذاب اهلل» :قال ملسو هيلع هللا ىلصأن النبي

:(522/ 6)يف الفتح الحافظ قال

ا، » واختلف السلف يف التحريق، فكره ذلك عمر وابن عباس وغيرهما مطلق

ليس هذا النهي على :وغيرهما، وقال المهلب وأجازه علي وخالد بن الوليد

فعل الصحابة، وقد ،لتواضع؛ ويدل على جواز التحريقالتحريم، بل على سبيل ا

وقد حرق أبو بكر البغاة بالنار ،أعين العرنيين بالحديد المحمي ملسو هيلع هللا ىلصسمل النبي

ا من أهل الردة، وأكثر علماء بحضرة الصحابة، وحرق خالد بن الوليد بالنار ناس

النووي المدينة يجيزون تحريق الحصون والمراكب على أهلها، قاله

.ثم نقل الخالف يف المسألة .اهـ «واألوزاعي

ا ما رواه البخاري يف صحيحه من ( 0324)ويؤكد جواز التحريق بالنار أيض

.أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها ملسو هيلع هللا ىلصقصة العرنيين، وأن النبي

ڤهريرة من حديث أبي( 0327)البخاري يف صحيحه وكذلك ما رواه

لة نبيا من األنبياء، فأمر بقرية النمل فأحرقت، قرصت نم»: قال ملسو هيلع هللا ىلصعن النبي

هال »: ، ويف رواية«فأوحى اهلل إليه أن قرصتك نملة، أحرقت أمة من األمم تسبح؟

.«نملة واحدة

.«ق حر إذا حرق المشرك المسلم هل ي »: والحديثان تحت باب

أن وصححها، وفيها -رواها أبو داود-ولقد ذكر الحافظ رواية للحديث

.«ويح أم ابن عباس» :عليا اعترض على معارضة ابن عباس له فقال له

وهو محتمل أنه لم يرض بما اعترض به، ورأى أن النهي » :الحافظ قال

بأنها كلمة رحمة وتوجع له؛ لكونه حمل ( ويح) :وهذا بناء على تفسير للتنزيه؛

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(.5141)رواه البخاري يف صحيحه (5)

66

ا فأنكره .اهـ «النهي على ظاهره، فاعتقده مطلق

.(049/ 8)تحفة األحوذي للمباركفوري وانظر

يف صرف ظواهر النصوص ،ڤفهذا مثال عملي يظهر منهج الصحابة

بالصوارف الشرعية المعتبرة، مع الفهم السديد الموفق لمعاني األدلة، بنظرة

، مع شمولية إلى بقية األدلة يف نفس المسألة؛ حتى يستقيم االستنباط الصحيح

نوا غواصين يف لجة النصوص، االنص، بل ك عدم الجمود على ظواهر

بها فتواهم، ويرصعون بها أقوالهم، فيجملونفيستخرجون منها اللؤلؤ والمرجان،

.على ضوء صحة النظر والفهم والتأمل

.[596 :البقرة] ﴾ىئ ىئ ىئ ی ی ی ی جئ حئمئ﴿ :قال اهلل تعالى (ب)

:ر أنه قالعن عبد اهلل بن عم( 5222)وروى مسلم يف صحيحه

يف حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق معه ملسو هيلع هللا ىلصتمتع رسول اهلل »

.«فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج ،ملسو هيلع هللا ىلصالهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول اهلل

:(5226) :وروى مسلم عن عمران بن حصين قال

.«ولم ينزل فيه القرآن ملسو هيلع هللا ىلصتمتعنا مع رسول اهلل »

جمع ملسو هيلع هللا ىلصاعلم أن رسول اهلل » :(5226/ 561)، (5226/ 569) ويف رواية

فلم تنزل آية تنس ذلك، ولم : ويف رواية)بين حج وعمرة، ثم لم ينزل فيها كتاب

. «ملسو هيلع هللا ىلصولم ينهنا عنها رسول اهلل ( ينه عنه حتى مضى لوجهه

:عن ابن عباس قال( 822)والترمذي ( 5221)وروى مسلم

.«وأبو بكر وعمر وعثمان ملسو هيلع هللا ىلصتمتع رسول اهلل »

:من سورة البقرة( 596)عند اآلية ( 322/ 2)القرطبي يف تفسيره قال

.اهـ «والمشهور عن عمر وعثمان أنهما كانا ينهيان عن التمتع»

أن الضحاك «حديث حسن صحيح» :وقال( 823)وروى الترمذي يف سننه

62

فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك فقال :بن قيس قال لسعد بن أبي وقاصا

.«قد صنعها رسول اهلل وصنعناها معه» :سعد

عن سعيد بن ( 2232( )الصغرى السنن)وروى النسائي يف المجتبى

:المسيب قال

فلما كنا ببعض الطريق نهى عثمان عن التمتع، فقال ،حج علي وعثمان»

فلبى علي وأصحابه بالعمرة، فلم ينههم إذا رأيتموه قد ارتحل فارتحلوا، :علي

ألم :ألم أخبر أنك تنهى عن التمتع قال بلى، قال له علي :عثمان، فقال علي

.«بلى :تمتع قال ملسو هيلع هللا ىلصتسمع رسول اهلل

ويف قصة عثمان وعلي من الفوائد، » :(841/ 0) :الحافظ يف الفتح قال

خف عليه أن التمتع والقران جائزان، وجواز االستنباط من النص؛ ألن عثمان لم ي

وإنما نهى عنهما؛ ليعمل باألفضل كما وقع لعمر، لكن خشي علي أن يحمل غيره

.اهـ «النهي على التحريم، فأشاع جواز ذلك، وكل منهما مجتهد مأجور

فائدة:

ا على تأويل فعل علي وهذا الذي قال :قلت هو الذي جعل عليا الحافظ آنف

قريب، فخاف أن تغير سنة رسول ملسو هيلع هللا ىلصنكر على عثمان أمام العامة؛ إذ العهد بالنبي ي

فأعلم الناس إنما هو نهي تنزيه ال تحريم من عثمان؛ ويظهر هذا من سياق ،ملسو هيلع هللا ىلصاهلل

الحديث؛ فإنه لم يخطئه، بل أراد اإلقرار منه أمام العامة أن السنة التمتع، وعلم أن

ان، فلم ينكر عليه اجتهاده، بل أراد وضوح األمر أمام الناس، هذا اجتهاد من عثم

والتفريق بين كون المتعة سنة، وبين كون نهي عثمان إنما هو اجتهاد من ولي األمر

.لصالح الرعية

وهذه الواقعة شبيهة بموقف ابن مسعود مع عثمان يف الصالة خلفه متما يف

طوشي يف الحوادث ر وقد ذكر ذلك الط ،ملسو هيلع هللا ىلصمكة، وهو يف إتمامه خالف فعل النبي

(:81ص)والبدع

68

أليس : عن قصر الصالة وهو مسافر بمنى، فقيل له ڤامتنع عثمان »

بلى، ولكني إمام الناس، فينظر إلي األعراب »: فقالملسو هيلع هللا ىلصقصرت الصالة مع النبي

.«هكذا فرضت: وأهل البادية أصلي ركعتين، فيقولون

فبين ابن مسعود أن هذا خالف السنة يف المسألة، ڤفهذا فقه اإلمام عثمان

وأنه اجتهاد من عثمان، ولكن ابن مسعود أتم وراء عثمان، فلما سئل عن ذلك

.«إن الخالف شر» :قال

وزعم من صحح نهي عمر » :(3255 - 322/ 2)القرطبي يف جامعه قال

ر، حتى تكثر عمارته بكثرة عن التمتع أنه إنما نهى عنه؛ لينتجع البيت مرتين أو أكث

الزوار له يف غير الموسم، وأراد إدخال الرفق على أهل الحرم بدخول الناس،

ا لدعوة إبراهيم .اهـ «[32 :إبراهيم] ﴾گ گ گ گ ڳ ڳ﴿ :تحقيق

، وذلك يف ضوء بقية فخصصه فقهيفصرف النص عن ظاهره باستنباط

.النصوص

:(343/ 8)النووي يف شرح مسلم وقال

والمختار أن المتعة التي نهى فيها عثمان هي التمتع المعروف يف الحج، »

عنها، ألن اإلفراد وكان عمر وعثمان ينهيان عنها نهي تنزيه ال تحريم، وإنما ينهيان

أفضل، فكان عمر وعثمان يأمران باإلفراد ألنه أفضل، ألنه مأمور بصالح رعيته،

.اهـ «حهم، واهلل أعلموكان يرى األمر باإلفراد من جملة صال

تقييد المباح، » :تحت ما يسميه أهل العلم وقد يدخل تصرفهما :قلت

.، واهلل أعلمصلمعنى يخصص النوهو نوع استنباط «وسلطة ولي األمر يف ذلك

صنيع اخللفاء الراشدين األربعة األخذ باملعنى :النقطة اخلامسة

:املستنبط املخصص لظاهر النص

قد أخذوا بالمعنى الفقهي المستنبط ڤأن الخلفاء األربعة فلقد ظهر جليا

من النصوص، فخصصوا به ظاهرها؛ وذلك بنظرتهم الشمولية لمقاصد الدين

69

.وروح الشريعة وعموم األدلة األخرى

بمحضر من الصحابة، وقد نهى النبي عن فقد حرق البغاة ڤأما أبو بكر

، وذلك يف ضوء النصوص د قوي منهمالتحريق بالنار، وإقرار الصحابة له مستن

.األخرى

ملسو هيلع هللا ىلصفقد ظهر صنيعه مع أبي هريرة يف الدليل الثاني وإقرار النبي ڤ وأما عمر

.له

للصحابة، بل ملسو هيلع هللا ىلصفقد نهى عن التمتع، وقد استحسنه النبي ڤوأما عثمان

(.2124)رواه مسلم .«لو لم أسق الهدي ألحللت ولجعلتها عمرة» :قال لهم

.، كما مر مفصال يف نهيه عن المتعةڤ وكذلك فعل عمر

معن ى خصص به النص؛ هذا المعنى مأخوذ من ڤوقد استنبط عثمان

.النصوص األخرى؛ ال من الهوى وآراء الرجال والمعقوالت

ملسو هيلع هللا ىلصوفعله مع األمة واستحسان النبي ،، فكما يف الدليل األولڤ وأما علي

من حديث العرباض بن سارية، ( 1191)فيما رواه الترمذي ملسو هيلع هللا ىلصلفعله ولقد قال

عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، »وفيه

.«حديث حسن صحيح» :قال الترمذي «وعضوا عليها بالنواجذ

ولقد تعبدنا ربنا بهذه النصوص؛ لنفهمها، ثم نعمل بمقتضاها وداللتها، ال

نظر وال تأمل، وال يستقيم لنا العمل لنقف عند ظواهرها من غير فقه وال

بالنصوص إال بعد فهمها، فإن كانت على ظاهرها عملنا بها، وإن صرفت عنه

.عملنا بمقتضى هذا الصرف ولوازمه

وليس أدل على صحة منهجهم يف ذلك، والسيما إذا اقتضى ظاهر الحديث

ڇ ڍ ڍ چ چ چ ڇ ڇ ڇ﴿ :صرفه عن ظاهره، قوله تعالى

.[49 -42 :الدخان] ﴾ژ ژ ڑ ڑڈ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ

22

يقين ا إلى ﴾ڈ ژ ژ ڑ ڑ﴿ :فسياق اآليات قد صرف قوله

نقيض ظاهره؛ إذ هو الذليل الحقير، بما فعل به من العذاب والهوان، فكيف على

ا ا كريم !أي وجه من الوجوه أن يكون عزيز

.وسيأتي الكالم على اآلية تفصيال بإذن اهلل تعالى

.[16: األحزاب] ﴾چ چ چ ڇ ڇڃ چ ﴿: وقال تعالى

على هذه ( 282)تحت حديث ( 362/ 4)قال الشوكاين يف نيل األوطار

:اآلية

.اهـ «قد حكى الطبري اإلجماع على أن محمل اآلية على الندب»

.(119/ 1( )الشفا)وهذا قد ذكره القاضي عياض يف

(:238/ 6)وقال ابن كثير يف تفسيره عند اآلية

.اهـ «فمنها واجب ومنها مستحب: وقد ورد األمر بالصالة عليه يف أوقات كثيرة»

.وعلى كل حال، فقد صرف اللفظ عن ظاهره عند عامة أهل العلم

بظواهر النصوص، واستنباط المعاني ومن ثم، فالبد من الجمع بين العمل

.المقصودة المرادة منها

ا من الصح على وجوب العمل بظواهر ڤابة ولما كان اإلجماع منعقد

صرف هذه الظواهر إلى معان ڤثم كان منهم -كما مر من قبل-النصوص

ا -تخالفها ا أن يحمل صرفهم لظاهر -كما يف األمثلة المذكورة آنف كان لزام

: النصوص يف ضوء اإلجماع المنعقد على وجوب الحمل على الظاهر، بمعنى

ا أنهم ما صرفوا هذه الظواهر إ ال لمسوغات شرعية، تضبط عملية الصرف بعيد

يف ملسو هيلع هللا ىلص، فكان إقراره ملسو هيلع هللا ىلصعن الهوى، هذه المسوغات الشرعية قد أقرها رسول اهلل

ا، صرفوا به الظاهر األول، والذي حدث منهم بعد موته، إنما هو يف ذاته نصا ظاهر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.فاده محقق النيلأ (5)

25

.ضوء ذلك ال يخرج عنه، وما عرفوه من بقية ظواهر النصوص األخرى كذلك

ا، مستدلين بالنصوص؛ فال ڤفكانوا يف عملهم بالظاهر، وصرفهم له أيض

.تناقض وال تضارب

وعلى مثل هديهم يكون العمل مع النصوص الشرعية، ال كما يفعل أهل

.الهوى، من صرفهم للظواهر بال مسوغات شرعية منضبطة

22

الركيزة الرابعة

الصوارف الشرعية املعتربة

الصوارف على قول الشافعي يف رسالته مدار:

:(115ص)حيث قال الشافعي يف الرسالة

والقرآن على ظاهره حتى تأتي داللة منه، أو سنة أو إجماع أنه على باطن »

.اهـ «دون ظاهر

يعلم أن مبحث الصوارف الشرعية ،فإن المتأمل يف هذه المقولة الموفقة

.يخرج عنها ال

. يف بداية الركيزة األولىفصيال توقد مر الكالم

وهذه الركيزة من األهمية بمكان، وعليها يدور صلب هذا البحث، إذ بها

.يعلم مراد اهلل ورسوله من األدلة الشرعية، التي بها تعرف األحكام التكليفية

ما يخصص عموم دليل فيحمله على وجه دون وجه، ،فمن هذه الصوارف

أن هذه الصوارف ال تعطل :ة دون صورة، أيومنها ما يقيد مطلقه على صور

.بل تحمله على معنى مناسب للحال ،الدليل بالكلية

وهذه الصوارف ليست كلها عامة يف كل األدلة، بل كل دليل يحمل على

ومنها ما يعم، ومنها ما ،بما يناسبه من الصوارف ،معنى معين أو صورة معينة

:لمعول عليه، وذلك على التفصيل اآلتييناسب هذا المبحث، بل هي أصله ا

:قد مر الصارف األول يف الركيزة السابقة بدليله وأمثلته، وهو :أوال

المقاصد الشرعية، استحضار جملة النصوص واألدلة يف المسألة، مع فهم »

.«وعموم أدلة هذا الدين ،وروح اإلسالم

23

وهي عشرة صوارف غري الصارف ذكر الصوارف جمملة ،

:ملذكور آنفاا

.داللة السياق :الصارف األول -5

المعنى الفقهي المستنبط من الدليل، والذي يحتمله :الصارف الثاين -2

.، وذلك يف ضوء األدلة والنصوص األخرىالنص بدون افتعال وال تكلف

ا للحكم :الصارف الثالث -3 التصريح بعلة الحكم يف الدليل يكون صارف

.ا له بوجودها، وذلك باإلجماعبزوال العلة، ومثبت

وهذه الصوارف الثالثة هي التي تناسب هذا البحث؛ ألن الصوارف األخرى

تدخل تحت صرف ظاهر بظاهر غيره، وكذلك صارف المقاصد الشرعية، وقد مر

.الكالم عليه

مفهوم المخالفة لدليل آخر، أو صرف مفهوم المخالفة :الصارف الرابع -4

.بحديث آخر

.إجماع الصحابة على خالف ما ورد به الشرع :صارف الخامسال -1

اشتمال الحديث نفسه على تعليل يدل على األفضلية :الصارف السادس -6

.غير الواجبة للفعل المأمور به، فيصرف إلى الندب

صرف الدليل بنفس الدليل، أو بدليل آخر منفصل عنه، :الصارف السابع -2

.لنس والتخصيص والتقييدويدخل يف هذا الصارف ا

.لفعل ما أمر به، أو فعله لما نهى عنه ملسو هيلع هللا ىلصترك النبي :الصارف الثامن -8

.العرف والعادة التي ال تخالف النصوص :الصارف التاسع -9

.خروج الكالم مخرج الغالب :الصارف العاشر -52

24

الكالم على هذه الصوارف بالشرح واملثال

:ة السياقدالل :الصارف األول *

:(541 - 544ص)اإلمام الشافعي يف الرسالة قال

.باب الصنف الذي يبين سياقه معناه»

ھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ﴿ :تعالى قال

ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋۅ ۅ

.[563 :األعراف] ﴾ۉۉ ې ې ې ې ى

:ذكر األمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر، فلما قال -جل ثناؤه-فابتدأ

اآلية، دل على أنه إنما أراد أهل القرية؛ ألن القرية ال ﴾ڭ ڭ ڭڭ ﴿

تكون عادية وال فاسقة بالعدوان يف السبت وال غيره، وأنه إنما أراد بالعدوان أهل

.القرية الذين بالهم بما كانوا يفسقون

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ﴿ :وقال

.[52، 55 :األنبياء] ﴾ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ

فذكر قصم القرية، فلما ذكر أنها ،ثل معنى اآلية التي قبلهاوهذه اآلية يف م

.دون منازلها التي ال تظلم ،بان للسامع أن الظالم إنما هم أهلها ،ظالمة

أحاط ،وذكر إحساسهم البأس عند القصم ،ولما ذكر القوم المنشئين بعدها

.اهـ «إنما أحس البأس من يعرف البأس من اآلدميين هالعلم أن

تبر اإلمام أحمد داللة السياق واحتج بها، وذلك فيما ذكره الزركشي، واع

:حيث قال

إنها متفق عليها يف :أنكرها بعضهم، ومن جهل شيئ ا أنكره، وقال بعضهم»

.مجاري كالم اهلل تعالى

وقد احتج بها أحمد على الشافعي، يف أن الواهب ليس له الرجوع، من

21

.«يعود يف قيئهالعائد يف هبته كالكلب » :حديث

ا عليه :الشافعي قال .هذا يدل على جواز الرجوع، إذ قيء الكلب ليس محرم

«...ليس لنا مثل السوء، العائد يف هبته» :أال تراه يقول فيه :فقال أحمد

.اهـ «الحديث، وهذا مثل سوء فال يكون لنا

مية، وداللة السياق هو األصل الذي أقام عليه شي اإلسالم ابن تي :قلت

يف نفيهما للمجاز يف اللغة والقرآن، وأن اللفظة لم -رحمهما اهلل-وابن القيم

معناها بحسب توضع لمعن ى واحد أينما وجدت اقترن بها هذا المعنى، بل يختلف

، تأتي العين (العين)يف اآليات، وكما يف لفظة ( القرية)السياق، كما يف لفظة

ا للسياق، المبصرة وتأتي العين الجارية با لماء،، وتأتي الجاسوس، وذلك تبع

.وهكذا، فهي يف كل هذه المعاني محمولة على الحقيقة

( 658ص)إحكام األحكام شرح عمدة األحكام :ابن دقيق العيد يف وقال

عن ( 2699)وهو الحديث الذي رواه البخاري يف صحيحه ( 339)تحت حديث

.«نزلة األمالخالة بم» :قال ملسو هيلع هللا ىلصأن النبي البراء بن عازب

الحديث أصل يف باب الحضانة، وصريح يف أن الخالة فيها كاألم، عند »: قال

سياق الحديث يدل على أنها بمنزلتها «الخالة بمنزلة األم» : ڠعدم األم وقوله

يف الحضانة، وقد يستدل بإطالقه أصحاب التنزيل على تنزيلها منزلة األم يف

فإن السياق طريق إلى بيان المجمالت، وتعيين الميراث، إال أن األول أقوى؛

المحتمالت، وتنزيل الكالم على المقصود منه، وفهم ذلك قاعدة كبيرة من قواعد

أصول الفقه، ولم أر من تعرض لها يف أصول الفقه بالكالم عليها وتقرير قاعدتها

مطولة، إال بعض المتأخرين ممن أدركنا أصحابهم، وهي قاعدة متعينة على

.اهـ «الناظر، وإن كانت ذات شغب على المناظر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(.1111)رواه البخاري يف صحيحه (5)

26

:(389/ 1)اإلمام ابن القيم يف زاد المعاد وقال

فإن الرجل كما يذهل عن النص، يذهل عن داللته وسياقه وما يقرن به، مما »

ا ما يذهل عن دخول الواقعة المعينة تحت النص العام يتبين المراد منه، وكثير

جدا، والتفطن له من الفهم الذي يؤتيه اهلل من يشاء من يرواندراجه تحتها، فهذا كث

.اهـ «عباده

ولقد اعتمد ابن القيم على داللة السياق يف تحديد مدلوالت األلفاظ، وقرر أن

.السياق إذا أبدى المراد للمخاطب، صار كالنص يف إفادة القطع وعدم قبول التأويل

:(222/ 5)فقال يف القصيدة النونية

ـــدرها وأصـــ » ـــدة جليـــل ق لفائ

ــــان ــــق والعرف ــــديك للتحقي ته

ــــــياقه ــــــى بس ــــــالم إذا أت إن الك

يبــــدي المــــراد مــــن لــــه أذنــــان

قـاطع ال يقبـل الــ أضحى كـن

ــو األذهــان ــتأويل يعــرف ذا أول ـ

فســياقه األلفــاظ مثــل شــواهد الـــ

ـــــأحوال إنهمــــا لنــــا صــــنوان

إحـــداهما للعـــين مشـــهود بهـــا

«ســــانلكــــن ذاك لمســــمع اإلن

(.531/ 1)اختيارات ابن القيم األصولية :وانظر

، ، هو قاعدة يف عمل السياقبل قال على داللة السياق كالما يف غاية القوة

:(52 - 9/ 3)فقال كما يف بدائع الفوائد

تمل، والقطع بعدم احتمال حالسياق يرشد إلى تبيين المجمل، وتعيين الم»

.ييد المطلق، وتنوع الداللةغير المراد، وتخصي العام، وتق

وهذا من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم، فمن أهمله غلط يف نظره،

﴾ڈ ژ ژ ڑ ڑ﴿ :وغالط يف مناظرته؛ فانظر إلى قوله تعالى

.اهـ «كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير [49 :الدخان]

صرفت االسمين وهذا من أقوى األدلة على اعتبار داللة السياق، حيث

االظاهرين يف وصفهما ومعنيهما إلى معن .ى مناقض تمام

22

ۀ ۀ ہ ہ ہ ﴿ : ڠومثله قول قوم شعيب لنبيهم

﴾ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭڭ ڭ ۇ ۇ ۆ

.[82 :هود]

:(225/ 2)الشوكاين يف إرشاد الفحول وقال

:يف التخصيص بالسياق :المسألة الثامنة والعشرون»

:(رح اإللمامش)ابن دقيق العيد يف الشي تقي الدين قال

أن العموم يخص بالقرائن القاضية :نص بعض األكابر من األصوليين

ا، حيث يقطعون يف :قال ،بالتخصيص ويشهد له مخاطبات الناس بعضهم بعض

بعض المخاطبات بعدم العموم؛ بناء على القرينة، والشرع يخاطب الناس بحسب

.تعارفهم

لحق أن داللة السياق وإن قامت مقام القرائن القوية وا :(قال الشوكاين)

المقتضية لتعيين المراد، كان المخصص هو ما اشتمل عليه من ذلك، وإن لم يكن

.اهـ «فليس بمخصص ،السياق بهذه المنزلة،وال أفاد المفاد

:(342ص)ابن قدامة يف روضة الناظر، كما يف مذكرة أصول الفقه وقال

ا عن القرائن اقتضى الوجوب يف قول الفقهاءإذا ورد األمر » .اهـ «متجرد

أن القرائن والسياق هو الذي يصرف األمر من الوجوب إلى :والمعنى

.الندب

اإلبهاج شرح »يف المنهاج كما يف -غفر اهلل له- البيضاوي المتكلم وقال

:(364/ 5)للسبكي «المنهاج

(.ن؛ ألن اللفظ بالنسبة إليه مهملال يعني خالف ظاهره من غير بيا :الثانية) »

قد يريد اهلل بكالمه خالف ظاهره إذا كانت هناك قرينة :(قال السبكي)

.اهـ «من غير بيان ؛يحصل بها البيان، وال يمكن أن يعني لكالمه خالف ظاهره

28

:فائدة*

.ال يمكن أن يصرف الكالم عما يقتضيه السياق

:(22 -12ص)ن يف شرح نظم الورقات الفقيه األصولي العالمة العثيمي قال

وال يمكن أن يصرف عما يقتضيه السياق ،فالكالم يف سياقه معلوم المعنى»

إطالق ا، وداللة السياق على المعنى أقوى من داللة اللفظ على المعنى، والكلمة

فإن الصحابة يفهمون أن المتكلم مراده كذا، .. .المفردة ال تفيد معنى إطالق ا،

له أهمية كبيرة ،أن القرائن وسياق الكالم :وبهذا عرف... .سياق الكالمبمقتضى

ع بهذا ضويف فهم المراد، فليست كل كلمة تأتي يف موضوع لمعنى، تأتي يف كل مو

ومن ثم ... المعنى، فالقرائن والسياق ال شك أنها لها تأثير يف تغيير معنى الكالم

ه، هل هو للوجوب أو هو لالستحباب، تجد مسألة فيها أمر يختلف العلماء في

هذا لإلباحة، هذا للتهديد؛ حسب :ربما يخرج بعضهم عن هذا كله ويقول

.اهـ «القرائن

فهذا يفيد اإلباحة وقد يأتي [2 :المائدة] ﴾ٴۇ ۋ ۋۅ﴿ :كقوله تعالى

ې ې ې ى ى ائ ائەئ ەئ وئ وئ ﴿ :األمر للدعاء، كما قال تعالى

.[286 :البقرة]اآلية ﴾...ۇئ ۇئ

.[42: فصلت] ﴾ڇ ڇ ڇڍ﴿ :كقوله تعالى ،يأتي األمر للتهديد وقد

.تغري معنى االسم بتغري موضعه وسياقه :قاعدة يف*

:(316/ 2)شيخ اإلسالم كما يف مجموع الفتاوى وقال

ا بقيد آخر يف » ا بقيد، ومقيد ا ومقيد االسم كلما كثر التكلم فيه فتكلم به مطلق

تباه بعض معناه، ثم كلما كثر سماعه، كثر من يشتبه موضع آخر، كان هذا سبب ا الش

يسمع أن يسمع بعض الناس بعض موارده، وال :عليه ذلك، ومن أسباب ذلك

ا بقيد أوجبه اختصاصه بمعنى، فيظن معناه يف سائر بعضه، ويكون ما سمعه مقيد

29

موارده كذلك، فمن اتبع علمه حتى عرف مواقع االستعمال عامة، وعلم مأخذ

وأنه ال بيان أتم من شبه، أعطى كل ذي حق حقه، وعلم أن خير الكالم كالم اهلل،ال

.اهـ «بيانه

وهذا ال يكون إال بفهم السياق وداللته، واعتبار ذلك، حتى ال تساعد على

.فهم المعنى المراد من غير لبس وال اشتباه

ه األصولي وعليه، فإن داللة السياق من أهم الصوارف التي ينبغي على الفقي

ا ما استطاعأ ، وال يكون ذلك إلى ذلك سبيال ن يهتم بها، ويخبرها، ويحيط بها علم

.إال بحسن الفهم، وصحة االستنباط، التي بدورها تؤدي إلى صالح الفتوى

عن أنس ( 492)والنسائي يف المجتبى ( 5222)وقد روى أبو داود يف سننه

ذا نزل منزال لم يرتحل حتى يصلي إ ملسو هيلع هللا ىلصكان رسول اهلل »: قال ڤ بن مالكا

.«وإن كان بنصف النهار: وإن كان بنصف النهار قال: فقال له رجل «الظهر

ا؛ : أي( إذا نزل منزال )» (:33/ 3)بود قال يف عون المع قبيل الظهر ال مطلق

إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت : كيف وقد صح عن أنس

: متعلق بما يفهم من السياق من التعجيل، أي(: بنصف النهاروإن كان )العصر

قرب نصف النهار؛ إذ البد : يعجل وال يبالي بها، وإن كان نصف النهار، والمراد

.قاله السندي. من الزوال

تعجيل الظهر يف : باب: والحديث أخرجه النسائي، وبوب :قال المنذري

.اهـ «السفر

مثال عملي تفصيلي:

صحيح اإلسناد ولم :وقال( 5682، 5686)كم يف المستدرك روى الحا

جاه وقد أوقفه جماعة، ووافقه الذهبي، ورواه ابن أبي شيبة يف المصنف يخر

والعمل » :وقال( 962)موقوفا على ابن عباس، والترمذي يف سننه ( 52962)

82

على هذا عند أكثر أهل العلم، يستحبون أن ال يتكلم الرجل يف الطواف إال

الطواف بالبيت مثل الصالة، » :قال ملسو هيلع هللا ىلصأن النبي «حاجة أو بذكر اهلل أو من العلمل

.«فأقل وا فيه من الكالم

قد استدل بعض أهل العلم بهذا الحديث على شرطية الطهارة للطواف؛ ألن

ا عليها ملسو هيلع هللا ىلصالنبي .شبهه بالصالة، والطهارة شرط لها، فكذلك الطواف قياس

:وهذا باطل من وجهين :قلت

الة ما ال يشترط للطواف صأنه قياس مع الفارق؛ فإنه يشترط لل :لوجه األولا

، وصفة الصالة من تكبيرة اإلحرام والقيام والركوع والسجود ةيف الجمل

، كيف ال، ،والتكبيرات، وغير ذلك ليس بالطواف فافترقا، فال يصح القياس أصال

. الصالةللمكلف الكالم يف الطواف، ولم يجز ذلك يف ملسو هيلع هللا ىلصوقد أجاز

بيه تش -واهلل أعلم-وهو ملسو هيلع هللا ىلصأن سياق الحديث يبين مراد النبي :الوجه الثاين

الطواف بالصالة من حيث قدسية الصالة وجاللها، فأراد أن يستشعر العبد يف

طوافه أنه يف عبادة كالصالة، التي ال يتكلم فيها العبد إال بالقرآن والذكر والدعاء؛

الكالم العادي يبطل الصالة باإلجماع، ويف هذا وليس أدل على هذا من كون

وكأن :أي «الطواف بالبيت صالة فأقلوا فيه من الكالم» :ملسو هيلع هللا ىلصالحديث قال

، والدافع الطواف صالة فكونوا فيه خاشعين قانتين بسكينة القلب وطمأنينته

وربما لالحتكاك بالرجال ،لذلك؛ كون الطواف عبادة يتعرض فيها العبد للزحام

أن يدخل العباد :ملسو هيلع هللا ىلصؤدي إلى الشجار والمشاحنة، فأراد ياألمر الذي قد ،النساءو

دة وهي الصالة؛ ليلتزم المرء ألجل أنواع العبا ،يف المحيط النفسي القلبي التعبدي

الذي صرف ظاهر اللفظ إلى - الهدوء والسكينة، وهذا الذي يقتضيه السياق فيه

، وعلى مثل هذا ملسو هيلع هللا ىلصقرب لمراد النبي هو األ -معنى آخر مخالف لظاهر النص

.فقس واعتبر

85

املعنى الفقهي املستنبط من الدليل، والذي :الصارف الثاني

:حيتمله النص بدون افتعال وال تكلف

وهذا األمر إنما يقوم به الفقيه األصولي المحدث الذي له دربه على قراءة

ائم على اإللمام بقواعد النصوص، والتأمل فيها وفهمها، وحسن االستنباط الق

ا، وتقديم المعنى الشرعي على اللغوي اللغة، ومعرفة معاني األلفاظ لغة وشرع

عند التعارض؛ ألن اللغة واسعة، قد قيد الشرع هذا الوسع على معنى منضبط على

.الكتاب والسنة بفهم سلف األمة

قال ملسو هيلع هللا ىلصأن النبي ڤروى مسلم يف صحيحه من حديث سلمان الفارسي

(262):

.«ال يستنجي أحدكم بدون ثالثة أحجار»

:على فقه هذا الحديث( 221/ 5)ابن قدامة يف المغني قال

والحجر الكبير الذي له ثالث شعب يقوم مقام ثالثة أحجار، وبهذا قال »

( :ثم نقل قول من وقف على ظاهر النص فقال... )الشافعي وإسحاق وأبو ثور

ا منقية بما وجدت فيه شروط االستجمار فأجزأه، كما لو ولنا أنه استجمر ثالث

فصله ثالثة واستجمر بها، إذ ال فرق بين األصل والفرع إال فصله، وال أثر لذلك

يف التطهير، والحديث يقتضي ثالث مسحات بحجر، دون عين األحجار، كما

ثالث ضربات بسوط، وذلك ألن معناه معقول، :يقال ضربته ثالثة أسواط، أي

،علوم، ولذلك لم نقتصر على لفظه يف غير األحجار، بل أجزنا الخشبومراده م

والخرق، والمدر، والمعنى من ثالثة حاصل من ثالث شعب، أو مسحه ذكره يف

أو يف حائط أو أرض، فال معنى للجمود على الثة مواضع منها،ثصخرة عظيمة ب

.اهـ «اللفظ؛ مع وجود ما يساويه من كل وجه

يقرب المعنى بشكل ،بيان معنى وصفة هذا الصارففهذا مثال مهم يف

.عملي

82

(22ص)األحكام شرح عمدة األحكام كذلك، ما قال ابن دقيق العيد يف إحكام

عن ( 194)ومسلم ( 211)وهو يشرح حديث النبي الذي رواه البخاري يف صحيحه

قبل إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده» :قال ملسو هيلع هللا ىلصأن رسول اهلل ڤأبي هريرة

.«، فإن أحدكم ال يدري أين باتت يده(يف اإلناء :ويف رواية) أن يدخلها يف وضوئه

:$فقال

يف ،إلى وجوب غسل اليدين قبل إدخالها يف اإلناء :ذهب بعضهم :الخامسة»

.ابتداء الوضوء عند االستيقاظ من النوم لظاهر األمر

ا، وهو مذهب ما لك والشافعي، وذهب غيرهم إلى عدم الوجوب مطلق

وإن كان ظاهره -بأن األمر :واألمر محمول على الندب، واستدل على ذلك

إال أنه يصرف عن ظاهره؛ لقرينة ودليل، وقد دل الدليل، وقامت -الوجوب

.القرينة ههنا

«الشك ال يقتضي وجوبا يف الحكم»: قاعدة*

«أين باتت يده فإنه ال يدري» :علل بأمر يقتضي الشك، وهو قوله ملسو هيلع هللا ىلصفإنه

والقواعد تقتضي أن الشك ال يقتضي وجوب ا يف الحكم، إذا كان األصل

ا، واألصل الطهارة يف اليد فلتستصحب فيه .اهـ «المستصحب على خالفه موجود

فهذا حديث ظاهر الوجوب، صرفه صارف مستنبط من نفس الحديث، وهو

هو :أو إن شئت فقلصارف فهمي فقهي، له معنى يصرف الوجوب إلى الندب،

فهم يستخرجه الفقيه، يصل به إلى مراد الحديث ومقصوده، وكأن الحديث من

، وال يدرك ذلك إال بمزيد تأمل ونظر .لفظه ال وجوب فيه أصال

:عن ابن عباس قال( 5359)وروى ابن عبد البر يف جامعه

﴾ٹ ٹ﴿ :۵ة، إنما قال اهلل م من شاء باهلته أن الظهار ليس من األ »

.[3 :المجادلة]

ٿ ٹ ٹ ٹ ﴿ :يقول ۵أليس اهلل :وقيل لمجاهد يف هذه المسألة

83

:قد قال اهلل :ة من النساء فقال مجاهدم أفليس األ [3 :المجادلة] ﴾ٹ

أفليس العبد من الرجال [282 :البقرة] ﴾ڈ ژ ژ ڑڑ﴿

أفتجوز شهادته

ير المراد بالشهادة، كما كان العبد من الرجال غ :يقول :(قال أبو عمر)

.اهـ «ة من النساء غير المراد بالظهار، وهذا عين القياسم فكذلك األ

كون صارفا يالتصريح بعلة احلكم يف الدليل :الصارف الثالث

:للحكم بزوال العلة، ومثبتا له بوجودها وذلك باإلمجاع

من حديث سلمة( 5924)ومسلم ( 1169)روى البخاري يف صحيحه ( 5)

من ضحى منكم فال يصبحن بعد ثالثة وبقي يف » :ملسو هيلع هللا ىلصقال النبي :بن األكوع قالا

يا رسول اهلل نفعل كما فعلنا عام :فلما كان العام المقبل قالوا «بيته منه شيء

جهد فأردت كلوا وأطعموا وادخروا، فإن ذلك العام كان بالناس » :الماضي قال

.«أن تعينوا فيها

إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت عليكم، فكلوا » :مويف رواية مسل

.«وادخروا وتصدقوا

كنت نهيتكم عن لحوم األضاحي فوق » :قال( 5152)ويف رواية للترمذي

ثالث، ليتسع ذو الطول على من ال طول له، فكلوا ما بدا لكم وأطعموا

.«وادخروا

ن ادخار لحوم األضاحي، فلما بعلة النهي ع ملسو هيلع هللا ىلصفهذه أحاديث قد صرح فيها

كان العام الذي بعده جوز لهم ما نهاهم عنه من قبل، فأزال الحكم بزوال علته

.وسببه، وهذا هو الظاهر الصريح من األحاديث المذكورة

ولقد اختلفت أقوال أهل العلم يف المراد من هذه األحاديث على الوجه

:اآلتي

84

:(521 - 524/ 53)النووي يف شرح مسلم قال

يحرم :فقال قوم :واختلف العلماء يف األخذ بهذه األحاديث :قال القاضي»

إمساك لحوم األضاحي واألكل منها بعد ثالث، وإن حكم التحريم باق، كما قال

.علي وابن عمر

يباح األكل واإلمساك بعد الثالث، والنهي منسوخ :جماهير العلماء وقال

بريدة، وهذا من نس السنة س ، والسيما حديثبهذه األحاديث المصرحة بالن

.بالسنة

ا، بل كان التحريم لعلة، فلما زالت العلة زال؛ :وقال بعضهم ليس هو نسخ

.لحديث سلمة وعائشة

كان النهي األول للكراهة ال للتحريم، والكراهة باقية إلى اليوم، ولكن :وقيل

ت دافة واساهم الناس، وحملوا على ولو وقع مثل تلك العلة اليوم فدف ،ال يحرم

.اهـ «هذا مذهب علي وابن عمر

أمر «فكلوا وادخروا وتصدقوا» :وهنا صرف آخر يف الحديث، فقوله :قلت

مصروف من الوجوب إلى الندب؛ لداللة السياق، فاألكل باإلجماع على اإلباحة،

ا التصدق، إذ هو خارج عن الصدقة الواجبة، وهو شبيه وكذلك االدخار، وأيض

وسياقه سياق اآلية يف بيان اإلباحة [2 :المائدة] ﴾ٴۇ ۋ ۋۅ﴿ :بقوله تعالى

.بعد التحريم المؤقت

ا برفع الحكم مع رفع العلة هو ،وهذا القول األخير الذي ذكره النووي آنف

الذي ينبغي أن تحمل عليه األحاديث؛ فدعوى النس منقوضة؛ التفاق أهل العلم

إال عند تعذر إعمال األحاديث كلها من أي وجه من الوجوه، أنه ال يقال بالنس

وهنا يجوز الجمع بينها وإعمال كل حديث منها يف وقته وحينه، ويؤكد ذلك هذه

:اإلعمال أولى من اإلهمال، أو» :القاعدة األصولية، أو الفقهية على رأي البعض

.«إعمال الكالم أولى من إهماله

81

.«لحكم يدور مع عل ته وجودا وعدماا» :ولهذه القاعد األصولية

وهي قاعدة منقول عليها اإلجماع، نقله شي اإلسالم يف مجموع الفتاوى

الحكم )وقد فصلت القول فيها يف رسالة الماجستير ،(وما بعدها 530/ 12)

(.التنظيمي حدوده وضوابطه عند اإلمام أحمد

:(92/ 4)ابن القيم يف إعالم الموقعين قال

ا بسبب أو الحك» ا، ولهذا إذا علق الشارع حكم ا وعدم م يدور مع علته وجود

علة، زال ذلك الحكم بزوالها، كالخمر علق بها وجوب الحد؛ لوصف اإلسكار،

فإذا زال عنها وصارت خال زال الحكم، وكذلك وصف الفسق، علق عليه المنع

ق عليه، والشريعة من الشهادة والرواية، فإذا زال الوصف زال الحكم الذي عل

فزال ،مبنية على هذه القاعدة، فهكذا الحالف إذا حلف على أمر ال يفعله لسبب

السبب لم يحنث؛ ألن يمينه تعلقت به لذلك الوصف، فإذا زال الوصف زال تعلق

.اهـ «اليمين

.يقع يف مسألة الحلف بالطالق $وهذا الذي ذكره ابن القيم

:(224/ 58)كما يف مجموع الفتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية وقال

.اهـ «العلة إذا عدمت عدم الحكم المتعلق بها بعينه»

أنه خطب ڤ عن علي بن أبي طالب( 1123)وروى البخاري يف صحيحه

نهاكم أن تأكلوا لحوم ملسو هيلع هللا ىلص إن رسول اهلل» :يف الناس بالعيد يف خالفة عثمان فقال

.«نسككم فوق ثالث

:(35 - 32/ 52)فتح الباري الحافظ ابن حجر يف قال

يحتمل أن يكون الوقت الذي قال علي فيه ذلك كان بالناس :قال البعض»

إنما خطب علي :، وبذلك جزم ابن حزم فقالملسو هيلع هللا ىلصحاجة؛ كما وقع يف عهد النبي

بالمدينة يف الوقت الذي كان عثمان حوصر فيه، وكان أهل البوادي قد ألجأتهم

86

.هم الجهد، فلذلك قال علي ما قالالفتنة إلى المدينة فأصاب

ا، فأخرجه الطحاوي :قلت ،أما كون علي خطب به، وعثمان محصور

ما ثم جمع الطحاوي بنحو ،«صليت مع علي العيد وعثمان محصور» :ولفظه

دخلت على » :وكذلك يجاب عما أخرج أحمد من طريق أم سليمان، قالت ،تقدم

نهى عنها ثم رخص ملسو هيلع هللا ىلصكان النبي :فقالت عائشة فسألتها عن لحوم األضاحي

أو لم ننه عنه :فيها، فقدم علي من السفر فأتته فاطمة بلحم من ضحاياها فقال

.«إنه قد رخص فيها :قالت

فهذا علي قد اطلع على الرخصة، ومع ذلك خطب بالمنع، فطريق الجمع ما

يف الحديث، فقال ما وقد جزم به الشافعي يف الرسالة يف آخر باب العلل ،ذكرته

:نصه

إن لم وفإذا دفت الدافة ثبت النهي عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثالث، »

.«تدف دافة فالرخصة ثابتة باألكل والتزود واالدخار والصدقة

:ونقل ابن عبد البر ما يوافق ما نقله النووي فقال

بعد ثالث، ال خالف بين فقهاء المسلمين يف إجازة أكل لحوم األضاحي »

حديث :كذا أطلق وليس بجيد، فقد قال القرطبي «وأن النهي عن ذلك منسوخ

ارتفعت ارتفع؛ الرتفاع موجبه، سلمة وعائشة نص على أن المنع كان لعلة، فلما

عود العلة يعود الحكم، فلو قدم على أهل بلد ناس محتاجون بفتعين األخذ به، و

أهل ذلك البلد سعة يسدون بها فاقتهم إال يف زمان األضحى، ولم يكن عند

.الضحايا، تعين عليهم أال يدخروها فوق ثالث

والتقييد بالثالثة واقعة حال، وإال فلو لم تستد الخلة إال بتفرقة :قلت

.اهـ «الجميع، لزم على هذا التقرير عدم اإلمساك ولو ليلة واحدة

ا قوي متجه؛ و :قلت هو صرف للفظة الثالث؛ بالفهم وما قاله ابن حجر آنف

.الصحيح لعلة النهي يف الحديث

82

( 2714) ومسلم( 5188، 2423) كذلك ما رواه البخاري يف صحيحه( 1)

ا .«إذا طال أحدكم الغيبة فال يطرق أهله ليال » :مرفوع

.«أن يطرق أهله ليال ملسو هيلع هللا ىلصنهى رسول اهلل » :ويف رواية

كم ليال دإذا قدم أح» :ول اهلل قال رس :قال ڤوعند مسلم من حديث جابر

.«فال يأتين أهله طروقا، حتى تستحد المغيبة، وتمتشط الشعثة

هم أو أن يطرق الرجل أهله ليال يخون ملسو هيلع هللا ىلصنهى رسول اهلل » :ويف رواية لمسلم

.«يلتمس عثراتهم

.فهذا النهي قد اقترن به العلة، فإذا زالت العلة زال المعلول، فزال النهي

:(229/ 3)ظ يف فتح الباري شرح صحيح البخاري الحاف قال

، وقد بين علة ذلك يف حديث جابر حيث » وإنما المنهي عنه الدخول ليال

.اهـ «لتمتشط الشعثة» :قال

:(322/ 9)الحافظ يف الفتح أيضا وقال

التقييد فيه بطول الغيبة «إذا طال أحدكم الغيبة فال يطرق أهله ليال » :وقوله»

ا، يشير ا وعدم إلى أن علة النهي إنما توجد حينئذ، فالحكم يدور مع علته وجود

، ال يتأت له ما يحذر من الذي ا ويرجع ليال فلما كان الذي يخرج لحاجته مثال نهار

ير أهبة من التنظيف والتزين ما يكره، إما أن يجد أهله على غيطيل الغيبة غالب ا

:سبب النفرة بينهما، وقد أشار إلى ذلك بقوله المطلوب من المرأة، فيكون ذلك

وإما أن يجدها على حالة غير مرضية، ،«كي تستحد المغيبة، وتمتشط الشعثة»

أن يتخونهم ويتطلب » :والشرع محرض على الستر، وقد أشار إلى ذلك بقوله

، ال يتناو «عثراتهم له فعلى هذا من أعلم أهله بوصوله، وأنه يقدم يف وقت كذا مثال

.اهـ «هذا النهي

، :وصورته اآلن ا مثال من اتصل هاتفيا بامرأته أنه سيأتي من السفر ليال غد

.فهذا ال يشمله النهي؛ لزوال العلة

88

:(19/ 53)النووي يف شرح مسلم قال

فأما من كان سفره قريب ا تتوقع امرأته إتيانه ليال فال بأس، وإذا كان يف قفل »

، واشتهر قدومهم ووصولهم، وعلمت امرأته وأهله أنه عظيم أو عسكر ونحوهم

قادم معهم، وأنهم اآلن داخلون، فال بأس بقدومه متى شاء؛ لزوال المعنى الذي

.اهـ «أن يتأهبوا وقد حصل ذلك ولم يقدم بغتة دنهى بسببه، فإن المرا

.فإن النهي مصروف عن ظاهره بزوال العلة وعليه،

:هذا المثال، وهووقد يدخل تحت هذا الصارف

ۆ ﴿ :أن المعلوم من الدين حرمة التولي يوم الزحف، كما قال تعالى

ې ې ې ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې

ى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ

، والغرض أال يفر الرجل من الرجلين، [56 - 51 :األنفال] ﴾ېئېئ ېئ ىئ

ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻۀ ۀ ہ ہ ہ ﴿ :كما قال تعالى

.، وهذا هو ظاهر الدليل[66 :األنفال] ﴾ہ ھ ھ

فاآلن مع تقدم العدة وتطور األسلحة، فقد يعادل سالح بألف رجل أو يزيد،

ا نوويا مثال يدمر به قرية كاملة، فهنا قد ال يحرم ،فإذا ملك رجل من الكفرة سالح

فرار؛ إذ ما معه من السالح يساوي الفرار المائة، أو أكثر من الواحد، لوجود علة

ا، فكانت علة أضع ا وعدم اف أضعاف الفارين، والحكم يدور مع علته وجود

، ومثله تعطيل فريضة النهي يف هذه الصورة غير موجودة، فزال النهي والتحريم

الجهاد أو تأجيلها؛ لهذا السبب، حتى يمتلك المسلمون السالح الذي يوازي

ا، نصيريا أو أسلحة المشركين، وكذلك عدم الخروج على الحاكم لو كان م شرك

علويا رافضيا خبيث ا، وحال بشار المبير مع قومه خير شاهد يهتدي به مهيجو األمة،

المتسببون يف سفك دماء المسلمين بالجهل واإلحداث المبين، المهلك للعباد

.والبالد

89

مفهوم املخالفة لدليل آخر، أو صرف مفهوم :الصارف الرابع

:آخر بدليلاملخالفة

،(1259)وأبو داود يف سننه ،(22507)روى اإلمام أحمد يف مسنده

الخدري دمن حديث أبي سعي «حديث حسن صحيح» :وقال( 2201)والترمذي

ال توطأ حامل حتى تضع، وال غير ذات حمل حتى » :قال ملسو هيلع هللا ىلصأن رسول اهلل

.«تحيض حيضة

:ذا الحديثبعد ذكر ه( 131 - 134/ 1)ابن القيم يف زاد المعاد قال

فعمومه يقتضي تحريم وطء أبكارهن قبل االستبراء، كما يمتنع :فإن قيل»

نعم، وغايته أنه عموم أو إطالق ظهر القصد منه، فيخص أو :وطء الثيب قيل

.يقيد عند انتفاء موجب االستبراء

ا بمفهوم قوله :يف حديث رويفع ملسو هيلع هللا ىلصويخص أيض

ينكح ثيبا من السبايا حتى من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فال»

.اهـ ««تحيض

وقد يصرف مفهوم المخالفة بحديث، كمفهوم حديث القلتين باإلجماع، أو

.بحديث سقوط الذباب يف اإلناء

، (529)، وابن ماجه (10)أما حديث القلتين فرواه أبو داود يف سننه

يف المستدرك ، والحاكم(19)، والترمذي يف سننه (51)والنسائي يف المجتبى

إسناد حديث القلتين على : )صحيح على شرطهما، وقال ابن منده: وقال( 810)

( 28ح/ 2/278)ويف الحديث بحث فانظره عند الشوكاني يف النيل ( شرط مسلم

.«إذا بل الماء قلتين لم يحمل الخبث»: قال ملسو هيلع هللا ىلصعن عمر بن الخطاب عن النبي

فهذا المفهوم ن يحمل الخبث، إذا لم يصل الماء ويبلغ القلتي :ومفهومه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والترمذي يف ( إحسان/ 8453)، وابن حبان يف صحيحه (21778)واه أحمد يف المسند ر (5)

.«حديث حسن»: وقال( 2202)سننه

92

(: 4ص)مصروف باإلجماع الذي ذكره ابن المنذر يف إجماعه

وأجمعوا على أن الماء الكثير من النيل والبحر ونحو ذلك إذا وقعت فيه »

ا أنه بحاله، ويتطهر منه ا وال ريح .اهـ «نجاسة فلم تغير له لون ا وال طعم

من حديث أبي ( 0013)صحيحه أو بحديث الذبابة الذي رواه البخاري يف

إذا وقع الذباب يف شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، »: قال ملسو هيلع هللا ىلصهريرة عن النبي

.«فإن يف إحدى جناحيه داء واآلخر شفاء

ا، فلما وقع يف :والشاهد منه أن الذباب يعلق بأرجله وجسمه النجاسة قطع

سته وسمح بشرابه بنجا ملسو هيلع هللا ىلصاإلناء نقل وأوقع هذه النجاسة فيه، ولم يحكم النبي

.بعد ذلك

إمجاع الصحابة على خالف ما ورد به الشرع :الصارف اخلامس:

.وهذا الصارف من األهمية بمكان؛ لخفاء اإلجماع على كثير من الناس

:(523/ 5)المتفقه ويقول الخطيب البغدادي كما يف الفقيه

على أنه فإذا رأيناهم قد أجمعوا على خالف ما ورد به الشرع، دلنا ذلك»

.اهـ «منسوخ

:(526/ 5) وقال

،اعلم أن النس قد يعلم بصريح النطق كما ذكرنا يف حديث تحريم المتعة»

وقد يعلم باإلجماع، وهو أن تجمع األمة على خالف ما ورد من الخبر، فيستدل

....بذلك على أنه منسوخ؛ لئال تجتمع على الخطأ، مثال ذلك

لنوم، إنما التفريط يف اليقظة، فإذا سها أحدكم يف إنه ال تفريط يف ا» :ملسو هيلع هللا ىلص قال

.«صالة فليصلها حين يذكرها ومن الغد للوقت

ال الذكر من غد ذلك الوقت، واألمر بإعادة الصالة المنسية بعد قضائها ح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(.142/ 022)رواه مسلم (5)

95

.اهـ «إلجماع المسلمين أن ذلك غير واجب وال مستحبمنسوخ

مدرج من كالم «للوقت من الغد» :وقد زعم بعض أهل العلم أن قوله

ا إلى النبي ب العظيم بادي يف عون المعبود يقاله أبو الط ملسو هيلع هللا ىلصالراوي وليس مرفوع

(.808)، حديث (801 - 817/ 2)شرح سنن أبي داود

:(25/ 55)النووي يف شرح مسلم وقال

قال قائلون بأنه منسوخ؛ وقد أجمع «ال ربا إال يف النسيئة» :وأما حديث»

.اهـ «ى ترك العمل بظاهره، وهذا يدل على نسخهالمسلمون عل

:(588/ 5)السمعاين يف قواطع األدلة وقال

وأما تخصيص العموم باإلجماع فهو جائز؛ ألن اإلجماع حجة قاطعة، وقد »

گ گ گ ڳڳ ڳ ڳ ڱ ﴿ :خص باإلجماع قوله تعالى

ببأن العبد ال يرث، وإذا جاز أن يخص اإلجماع الكتا [55 :النساء] ﴾ڱڱ

ا .اهـ «جاز أن يخص به عموم السنة أيض

وهو يشرح الحديث الذي ( 21ص)ابن دقيق العيد يف إحكام األحكام وقال

ال يبولن أحدكم يف » :مرفوعا( 282)ومسلم ( 239)رواه البخاري يف صحيحه

.«الماء الدائم الذي ال يجري ثم يغتسل فيه

ن ظاهره بالتخصيص أو واعلم أن هذا الحديث البد من إخراجه ع» :قال

على أن الماء المستبحر الكثير جدا، ال تؤثر فيه التقييد؛ ألن االتفاق واقع

.اهـ «النجاسة، واالتفاق واقع على أن الماء إذا غيرته النجاسة امتنع استعماله

عن ڤعن أبي هريرة (121)أبو داود يف سننه كذلك، الحديث الذي رواه

قعد بين شعبها األربع وألزق الختان بالختان فقد وجب إذا» :قال ملسو هيلع هللا ىلصالنبي

.بلفظ مقارب( 184)، ومسلم (172)، وهو عند البخاري يف صحيحه «الغسل ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(.2571)رواه مسلم (5)

92

:(226/ 5)ابن قدامة يف المغني قال

يعني تغييب الحشفة يف الفرج، فإن هذا هو :والتقاء الختانين) :قال :مسألة»

ال، وسواء أصاب موضع الختان منه الموجب للغسل، سواء كانا مختتنيين أو

موضع ختانها أو لم يصبه، ولو مس الختان الختان من غير إيالج فال غسل

.اهـ «باالتفاق

:(243/ 5)أبو الطيب يف عون المعبود وقال

معناه إذا غاب الذكر يف الفرج، وليس المراد حقيقة المس :قال العلماء»

المرأة يف أعلى الفرج، وال يمسه الذكر يف واإللصاق بغير غيبوبة، وذلك أن ختان

لم ،لو وضع ذكره على ختانها ولم يولجه :الجماع، وقد أجمع العلماء على أنه

.اهـ «يجب الغسل ال عليه وال عليها

بزيادة، كما يف ( 712)وهناك رواية للحديث عند ابن أبي شيبة يف مصنفه

من طريق عمرو ( ن فقد وجب الغسلمن قال إذا التقى الختانا)كتاب الطهارة باب

إذا التقى الختانان وتوارت » :ملسو هيلع هللا ىلصقال رسول اهلل :بن شعيب عن أبيه عن جده قالا

.«الحشفة فقد وجب الغسل

ا قال إذا غابت المدورة فقد وجب » :(781)ويف لفظ عن أبي هريرة موقوف

.والمقصود اإليالج ،الحشفة :أي «الغسل

حلديث نفسه على تعليل يدل على اشتمال ا :الصارف السادس

:األفضلية غري الواجبة للفعل املأمور به، فيصرف إىل الندب

قال :عن أبي سعيد الخدري قال( 328)ففيما رواه مسلم يف صحيحه

ورواه «إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود فليتوضأ وضوءا» :ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

.«إنه أنشط للعودف» :بزيادة ( 581)الحاكم يف المستدرك

يدل على الوجوب، ثم صرفه عن الوجوب زيادة الحاكم فاألمر بلفظ مسلم

التي ظهر منها تعليل األمر بالوضوء الذي يدل على األفضلية؛ لذلك قال

93

:(112/ 2)الصنعاني يف سبيل السالم

فيه داللة على شرعية الوضوء لمن أراد معاودة أهله، وإن كان الوضوء»

.اهـ «وإنما صرف األمر عن الوجوب التعليلمندوب ا،

( 424)وأبو داود ،«حسن صحيح» :وقال( 5142)كذلك ما رواه الترمذي

سمعت :عن رافع بن خديج قال( 142)والنسائي ( 622)يف سننه، وابن ماجه

وقد صرف هذا الظاهر «أسفروا بالفجر؛ فإنه أعظم لألجر» :يقول ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

ابر جعن ( 641)ومسلم ( 862)البخاري يف صحيحه الذي رواه بالحديث

.«كان يصلي الصبح بغلس ملسو هيلع هللا ىلصأن النبي » ڤ وعائشة وأبي برزة

لألمر باإلسفار بأنه أعظم لألجر، وأعظم هنا ملسو هيلع هللا ىلصتعليله :والصارف الثاين

وهو أن -أن يف اإلسفار بالفجر :هنا على بابها، أي يعلى أفعل تفضيل، وه

أجر، ويف التغليس به أجر -جر وأشرق وذهبت الظلمة صلى إذا أسفر نور الفي

ا، وهو صالته بالظلمة قبل اإلسفار .أيض

صرف الدليل بنفس الدليل أو بدليل آخر :الصارف السابع

:منفصل عنه، ويدخل فيه النسخ، واملخصص واملقيد

:قال ملسو هيلع هللا ىلصمن حديث عبد اهلل المزني عن النبي ( 2240) البخاري هففيما روا

كراهية «لوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب لمن شاءص»

.«أن يتخذها الناس سنة

بعد األذان وقبل :فبداية الحديث توجب الصالة قبل صالة المغرب، أي

.اإلقامة، ثم صرف هذا الظاهر من الوجوب إلى االستحباب نفس الدليل يف آخره

:(62/ 3)الحافظ يف الفتح قال

كراهية أن يتخذها الناس ) :وقوله( صلوا قبل المغرب ركعتين)د أبو داود زا»

لم يرد نفي استحبابها؛ ألنه ال يمكن أن يأمر بما :قال المحب الطبري( سنة

( سنة) :ال يستحب، بل هذا الحديث من أقوى األدلة على استحبابها، ومعنى قوله

94

مرتبتها عن رواتب شريعة وطريقة الزمة، وكان المراد انحطاط :أي

.هذا مثال لما صرف بنفس الدليل. اهـ «الفرائض

:وأما الصرف بدليل آخر، فكثير جدا، منها

، (993)والترمذي ( 5463)وابن ماجه ( 3565)ما رواه أبو داود يف سننه

/ 5)والبيهقي يف الكبرى ( 2632)وأحمد يف مسنده «حديث حسن» :وقال

وللحديث شواهد، وانظر التلخي ( 2354)والطيالسي يف مسنده ( 323

من » :قال ملسو هيلع هللا ىلصعن أبي هريرة عن رسول اهلل ( 548 - 543/ 5)الحبير البن حجر

.«يتا فليغتسلمغسل

والحديث صريح بوجوب الغسل لمن غسل الميت، ثم صرف هذا الظاهر

وقال صحيح على ( 5426)وهو الذي رواه الحاكم يف مستدركه بدليل آخر،

أن النبي ،ڤري ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي من حديث ابن عباس شرط البخا

كم يف غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، فإن ميتكم ليس يليس عل» :قال ملسو هيلع هللا ىلص

.«بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم

:(484/ 1)يف فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي المناوي قال

:ورده الذهبي فقال «ا فليغتسلمن غسل ميت » :فيه رد لحديث :قال الحاكم»

كنا نغسل » :بل يعمل بهما، فيندب الغسل؛ ويدل له خبر الدارقطني بسند صحيح

.اهـ ««الميت فمنا من يغتسل، ومنا من ال يغتسل

:(82ص)ابن دقيق العيد يف إحكام األحكام قال

.اهـ «واألمر قد يصرف عن ظاهره لدليل»

ا ومثال النس ، نس زواج المتعة، الذي تواترت به األدلة، واإلجماع سلف

ا على ذلك، ومن شذ عن اإلجماع شذ يف النار، فال تلتفت إلى الروافض وخلف

؛ إذ يسودون العالم بالمال ، فهم يهوديو المنهج-عليهم لعائن اهلل-الخبثاء

الروافض والنساء، أما اليهود فيفسدون يف األرض باسم الدنيا والزنا والنساء، وأما

91

ز زواج ابجو ملسو هيلع هللا ىلصفيفسدون يف األرض باسم الدين، فيكذبون على اهلل ورسوله

.المتعة الذي هو زنا

وهذا الصارف واضح جلي ال يحتاج إلى إمعان النظر والفهم، فال إشكال فيه

إال لمن جهل الدليل اآلخر الذي صرف األول عن ظاهره، أو غفل عنه، فمدار

.ة واإلحاطة بهاهذا الصارف على حفظ األدل

:لذلك أوصي أخواني الدعاة إلى اهلل على بصيرة، وطلبة العلم المجتهدين

فتيت بحديث هو أبكثرة قراءة األحاديث واآلثار، وعدم التعجل بالفتوى، فلربما

يف الصحيحين متواتر، فإذا به قد صرف بحديث يف مسند الطيالسي ال علم لك به

سوقفت بفضل اهلل ومنه على حوالي مائة وخمولقد حفظت كتاب اهلل تعالى، و

ألف حديث، وأنا أهاب الفتوى، وأتهم نفسي بالجهل والتقصير، وخمسين

.يف سننه( 1532)ورواه الترمذي ملسو هيلع هللا ىلصقاله «من صمت نجا»فاصمت هداك اهلل؛ فـ

طائفة كبيرة من األدلة المتعارضة يف ( التعارض والترجيح)بينت يف كتابي وقد

مع ذكر الصارف ،التي صرفت من الظاهر إلى معنى آخر باألدلة األخرىظاهرها، و

ومن الكراهة التحريمية إلى ،والمصروف، فمنها من صرف من الوجوب إلى الندب

لى الكراهة التنزيهية عند البعض، وكانت مادة الكتاب كلها على هذا إالجواز، أو

، واكتفيت يف هذا البحث مثلة هنافقد أغنى ذلك عن اإلعادة وكثرة األ ،األمر، ومن ثم

ببعض األمثلة التي توضح معنى الصارف؛ حيث بالمثال يتضح المقال، وجملة ما

يكفي بإذن اهلل تعالى لبيان مادة البحث، وإن ،ذكر منها هنا ويف التعارض والترجيح

.لبيان المراد ؛اكتفيت بما ذكر هنا فحسب أجزأ بإذن اهلل، وحسبك هو

لفعل ما أمر به، أو فعله ملا نهى ملسو هيلع هللا ىلصترك النيب :الصارف الثامن

:عنه

صرف لألمر من الوجوب إلى الندب، وصرف للنهي من ملسو هيلع هللا ىلصوهذا منه

ى ائ ﴿ :ال يفعل إال ما يجوز؛ لعموم قوله تعالى ملسو هيلع هللا ىلصالتحريم إلى الجواز؛ ألنه

96

.[88 :هود] ﴾ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ

يف تبليغ الدين يف القول والفعل ملسو هيلع هللا ىلصلنبي وإلجماع األمة على عصمة ا

، [4 -3 :النجم] ﴾ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ﴿ :واإلقرار، قال تعالى

.اء وله داللته كالقولضوالفعل نطق باألع

يقتدون به يف الفعل والقول، بل قال أبو محمد بن حزم ڤوكان الصحابة

ا عن غير عمد لضرورة م ملسو هيلع هللا ىلصبعصمته ا، ما دام يف أمور يف فعله الذي يصدر منه عفو

ا يف القول والفعل، بل يف بعض األحيان قد يصرف ملسو هيلع هللا ىلصالتبليغ؛ ألنه يقتدى به دائم

فعله فعله، كصفة وضوئه، فقد توضأ بغسل كل عضو ثالث ا، وتوضأ بغسله مرتين،

.وتضأ بغسله مرة واحدة، وكله ثابت يف الصحيحين وبعضه يف أحدهما

:عن أنس بن مالك( 325)ففيما رواه البخاري يف صحيحه

فصلينا عندها صالة الغداة بغلس، فركب نبي اهلل ،غزا خيبر ملسو هيلع هللا ىلصأن رسول اهلل »

يف زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذ ملسو هيلع هللا ىلصوركب أبو طلحة، فأجرى نبي اهلل ملسو هيلع هللا ىلص

.«ملسو هيلع هللا ىلص، ثم حسر اإلزار عن فخذه حتى إين أنظر إلى بياض فخذ نبي اهلل ملسو هيلع هللا ىلصنبي اهلل

:(222/ 3)حزم يف المحلى أبو محمد بن قال

عن رسول ۵فصح أن الفخذ ليست عورة، ولو كانت عورة لما كشفها اهلل »

المطهر المعصوم من الناس يف حال النبوة والرسالة، وال أراها أنس بن ملسو هيلع هللا ىلصاهلل

مالك وال غيره، وهو تعالى قد عصمة من كشف العورة حال الصبا وقبل

.اهـ «النبوة

:(532/ 5)ي يف الفقيه والمتفقه الخطيب البغداد وقال

.اهـ «وتخصيص العموم والنس ،المجمل من بيان ،يقع بالفعل جميع أنواع البيان»

:(523/ 5) وقال

ويجوز نس القول بالفعل؛ ألن الفعل كالقول يف البيان، فكما جاز النس »

92

.اهـ «بالقول، جاز بالفعل

:(212/ 2)ابن القيم يف إعالم الموقعين وقال

ا لسنن رسول اهلل » ا؛ فإنها كلها ملسو هيلع هللا ىلصاتباع كلها، وعمال بأدلة الشرع جميع

.اهـ «حق

:(544/ 3)كما يف تهذيب السنن وقال

.اهـ «يف موضعه اال تضرب سنن رسول اهلل بعضها ببعض، بل يستعمل كل منه»

.القولية، ومنها الفعلية، ومنها التقريرية هامن ملسو هيلع هللا ىلصوسنته

مطلقا كتشريع لألمة ملسو هيلع هللا ىلصفعل رسول اهلل الدليل على حجية:

ملسو هيلع هللا ىلصأن النبي ڤمن حديث سليمان بن بريدة عن أبيه ( 222)روى مسلم

لقد :الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال له عمريوم صلى صلوات

.«عمدا صنعته يا عمر» :صنعت اليوم شيئ ا لم تكن تصنعه، قال

وأنه ،ففيه بيان حجية الفعل «ه يا عمرعمدا صنعت» :ملسو هيلع هللا ىلصوالشاهد يف قوله

.لبيان جواز الصلوات الخمس بوضوء واحد ملسو هيلع هللا ىلصأصل مطلق للتشريع؛ فقد فعله

ابن الجوزي يف إعالم العالم بعد رسوخه بحقائق ناسخ الحديث قال

وقد ذكروا هذا يف الناس والمنسوخ، وليس بداخل يف » :(86ص)ومنسوخه

فجمع الصلوات ،يطلب الفضيلة، فشغل يوم الفتحكان ملسو هيلع هللا ىلصذلك؛ ألن رسول اله

بوضوء واحد، ثم إنه بين الجواز؛ لئال يظن ظان أن استدامة الفعل األول

.اهـ «يوجبه

:(382/ 5)الحافظ يف الفتح وقال

هأن يظن وجوب ييحتمل أنه كان يفعله استحباب ا، ثم خش :قال الطحاوي»

.كونه لبيان الجواز :أي. اهـ «وهذا أقرب :فتركه لبيان الجواز، قلت

ونقله أبو الطيب ( 521/ 5)يف مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح وقال

98

:(596/ 5)يف عون المعبود

.اهـ «وصلى الصلوات يف هذا اليوم بوضوء واحد بيان ا للجواز»

:(158/ 3)النووي يف شرح مسلم وقال

:الحديث أنواع من العلميف هذا . باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد»

منها جواز الصلوات المفروضات والنوافل بوضوء واحد ما لم يحدث، وهذا

.جائز بإجماع من يعتد به

، ففيه تصريح بأن النبي (صنعت اليوم شيئ ا لم تكن تصنعه) : ڤوأما قوله

كان يواظب على الوضوء لكل صالة، عمال باألفضل، وصلى الصلوات يف ملسو هيلع هللا ىلص

.اهـ « «عمدا صنعته يا عمر» :ملسو هيلع هللا ىلصوم بوضوء واحد بيان للجواز، كما قال هذا الي

:قال( 295/ 5)وهذا الذي قاله النووي أقره الشوكاين، كما يف نيل األوطار

.اهـ «لبيان الجواز :أي :«عمدا فعلته» :فقال»

على أن تغتسل المرأة بفضل ملسو هيلع هللا ىلصعلى نهى النبي وكذلك قال الصنعاين

التعارض )، وعليه كالم بينته يف (18)وهو عند الترمذي يف سننه الرجل أو العكس

، (000)وهو عند مسلم ، مع فعله ذلك واغتساله بفضل زوجته ميمونة(والترجيح

:(45/ 2)فقال كما يف سبل السالم

وقد أفادت معارضة الحديث الماضي، وأنه يجوز غسل الرجل بفضل »

له، ويف األمر خالف، واألظهر جواز المرأة، ويقاس عليه العكس؛ لمساواته

.اهـ «وأن النهي محمول على التنزيه ،األمرين

ا كما يف حديث علي الذي رواه البخاري يف صحيحه وكذلك كشربه واقف

ا( 5129) .يف صحيحه( 1318)، كما عند مسلم بعد نهيه عن الشرب واقف

ه من قبل، فإن هذا ما نهى عن غير ما أمر به، أو فعل ملسو هيلع هللا ىلصفإذا فعل النبي وعليه،

صارف معتبر عن ظاهر األمر والنهي، وبيان لجواز فعل ما نهى عنه، وال يدخل

99

يف أمور التشريع ملسو هيلع هللا ىلصمته ؛ لعص-كما قال بعض األصوليين-له االحتمال يف فع

.واالقتداء به

قال به جمع من األئمة هو ما ،وكون فعله هنا بيان ا للجواز كما قال النووي

مجاهد وعكرمة والشعبي والنخعي واألوزاعي :ف، منهممن السلف والخل

.(048/ 2)فيما ذكره الشوكاني يف نيل األوطار ، وأصبغ وأبو ثور

والثوري ومحمد بن الحسن وأحمد وإسحاق والطحاوي وابن المنذر وابن

/ 2)حجر وأحد القولين أو الوجهين للشافعية، فيما نقله ابن حجر يف الفتح

(.031 :ح/ 844

ومجد ،(813/ 2)لك الخرقي الحنبلي واختاره ابن قدامة يف المغني وكذ

(.147)تحت حديث ( 252/ 2)الدين ابن تيمية كما يف المنتقى

:(525ص)العالمة ابن عثيمين يف شرح نظم الورقات قال

ال عبرة بالفعل، ويبقى القول على عمومه، ومنهم :فإن من العلماء من يقول»

ملسو هيلع هللا ىلصواألصل يف فعله ،يخصص؛ ألن الكل سنة هالصحيح أنو ،يخصص :من يقول

.اهـ «التشريع وعدم النسيان

ا ما كان يف صلح الحديبية كما يف صحيح البخاري : ومما يظهر قوة الفعل أيض

يفعلوا، فلم دخل االصحابة بالحلق ونحر الهدي، فلم ملسو هيلع هللا ىلصلما أمر النبي ( 1902)

الق والجزار ويحلق هو وينحر هديه، أشارت عليه بأن يدعو الح ڤعلى أم سلمة

.فلما رأوه كذلك فعلوا، فكان الفعل هنا أقوى من القول يف االقتداء به

:تقريرا لهذه القاعدة( 62/ 5)ابن القيم يف تهذيب سنن أبي داود وقال

ملسو هيلع هللا ىلصلتركه النبي ،(اهلل أكبر :وهو)أنه لو كانت الصالة تنعقد بغير هذا اللفظ »

واحدة؛ لبيان الجواز، فحيث لم ينقل عنه قط أنه عدل عنه حتى ولو يف عمره مرة

.اهـ «فارق الدنيا، دل على أن الصالة ال تنعقد بغيره

522

يبين أن فعل النبي ( ولو يف عمره مرة واحدة ملسو هيلع هللا ىلصلتركه النبي ) :وقوله :قلت

.وهذا متقرر ال شك فيه ،لألمر والفعل مرة واحدة يكفي للتشريع ملسو هيلع هللا ىلص

:وقال( 994)والترمذي يف جامعه ( 3824)أبو داود يف سننه كذلك ما رواه

البسوا من » :قال ملسو هيلع هللا ىلص من حديث ابن عباس أن رسول اهلل «حديث حسن صحيح»

وهو أمر ظاهر يف «ثيابكم البياض، فإنه من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم

.الوجوب

:(435/ 3)المباركفوري يف تحفة األحوذي قال

استحباب التكفين يف :وقال النووي .. .فيه لالستحباب، األمر :القاري قال»

.اهـ «البياض مجمع عليه

ا إلى الندب، بدليل هذا اإلجماع، ا أن هناك دليال صارف وهو ما فكان لزام

بسند صحيح كما قال العالمة األلباين يف ( 5125)رواه النسائي يف الصغرى

يخطب وعليه بردان ملسو هيلع هللا ىلصاهلل رأيت رسول» :صحيح السنن، عن أبي رمثة قال

.ملسو هيلع هللا ىلصفمن الصوارف فعله وعليه، «أخضران

:عن جابر قال( 2299/ 24)كذلك ما رواه مسلم

أن يضع الرجل إحدى رجليه على األخرى وهو مستلق ملسو هيلع هللا ىلصنهى رسول اهلل »

.«على ظهره

هذا النهي بفعله .وقد صرف أو خص

وأبو داود ( 2299)ومسلم ( 6282)ففيما رواه البخاري يف صحيحه

:واللفظ له، عن عباد بن تميم عن عمه( 4818)

مستلقيا يف المسجد واضعا إحدى رجليه على ملسو هيلع هللا ىلصأنه رأى رسول اهلل »

.«األخرى

:(242/ 54)النووي يف شرح مسلم قال

525

ا إحدى رجليه على األخرى :قال العلماء» أحاديث النهي عن االستلقاء رافع

.العورة أو شيء منهامحمولة على حالة تظهر فيها

فكان على وجه ال يظهر منها شيء، وهذا ال بأس به وال كراهة ملسو هيلع هللا ىلصوأما فعله

فعله لبيان الجواز، وإنكم إذا أردتم ملسو هيلع هللا ىلصفيه على هذه الصفة، ويحتمل أنه

بل ،االستلقاء فليكن هكذا، وأن النهي الذي نهيتكم عنه ليس هو على اإلطالق

.اهـ «رته أو يقارب انكشافها، واهلل أعلمالمراد به من ينكشف شيء من عو

.فقرر أهل العلم أن فعله بعد نهيه إنما هو لبيان الجواز

:بال قائما ملسو هيلع هللا ىلصوهو يتكلم عن أن النبي ( 533/ 5)شوكاين يف النيل لا وقال

ا، والكل سنة، هذا إذا لم يصح » ا وقاعد والحاصل أنه قد ثبت عنه البول قائم

ولم :قلت)فعال، أما إذا صح النهي عن البول حال القيام يف الباب إال مجرد األ

ل الذي صح عنه عوجب المصير إليه والعمل بموجبه، ولكن يكون الف ،(يصح

ا للنهي إلى الكراهة ، لكونه وقع بمحضر من الناس، فالظاهر (التنزيهية :أي)صارف

.اهـ «أنه أراد التشريع

ية مشهور عندهم، غير أن النبي وقول األصوليين إلى الكراهة التنزيه :قلت

بل صرف النهي إلى الجواز؛ لبيان أنه : ال يفعل المكروه، لذلك فأنا أقول ملسو هيلع هللا ىلص

ا ولو كراهة تنزيهية، لم يفعله ألن فعله ملسو هيلع هللا ىلصجائز ال حرمة فيه، ولو كان مكروه

سنة، والسنن كلها دين، وديننا ال يجوز ما يكرهه اهلل ورسوله إال يف الضرورة،

الضرورة يرتفع اإلثم، بل قد يأثم المرء لو لم يفعلها، كمن اضطر ألكل وعند

.الميتة، فإن لم يأكلها هلك، فواجب عليه عندئذ أكلها؛ فافترقا

فال يقال إن القول مقدم على الفعل، الحتمال الفعل كذا، أو لقوة وعليه،

كله سنة، منها فأمره ملسو هيلع هللا ىلصالقول على الفعل، فإنما يصح هذا يف حق البشر، أما النبي

القولية، ومنها الفعلية، ومنها التقريرية، واإلعمال أولى من اإلهمال، على ما

522

(.التعارض والترجيح)قررته تفصيال يف كتابي

ثم ،يف استقبال القبلة أو استدبارها ببول أو غائط ملسو هيلع هللا ىلصونفس األمر يف نهيه

.فعله بعد النهي لبيان الجواز

:على هذه المسألة( 525ص)الورقات ابن عثيمين يف شرح نظم قال

على الخالف، :فهل نقول إن هذا مخصص لعموم القول الجواب»

.اهـ «وهو الصحيح ،فالجمهور يرون أنه مخصص

العرف الذي ال خيالف النصوص فتخصص به :الصارف التاسع:

:(66/ 2)السمعاين يف قواطع األدلة قال

شيئ ا بنفسها بحال، وإنما هي قرينة اعلم أن العادة غير موجبة :فصل»

.للواجبات أو منبئة عن المقاصد فيها

كانت لما و [6 :المائدة] ﴾پ پ﴿ :كالغسل، فإن اهلل تعالى قال

العادة جارية بأن يكون الغسل بالماء، صرف األمر إلى ذلك وحمل عليه، وإن لم

.يجر له ذكر؛ ألن العادة جرت بذلك

ل الكلب يف إناء أحدكم فليغسله سبع مرات إذا و» :ملسو هيلع هللا ىلصأال ترى قوله

؛ لما جرت به العادة، وكانت داللته أنه بالماء ،ذكر الغسل ،«إحداهن بالتراب

ولما كانت الثامنة أو السابعة بالتراب احتيج إلى ذكره؛ ألن العادة يف ذلك مفقودة،

.فلم يكن بد من النص عليه

فمن حلف ال يأكل الرءوس فأكل -رحمة اهلل عليه-ولهذا قال الشافعي

قد جرت أنه يريد بهذا ،رأس الحيتان ال يحنث؛ ألن عادة المتكلمين بهذا الكالم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.«وعفروه الثامنة بالتراب»: ، ويف رواية(143، 197)رواه مسلم يف صحيحه (5)

بالتراب، ألدى ذلك لغسله مرة أخرى حتى يزول التراب؛ ولو كانت الثامنة هي التي :قلت

(.197/ 72)فوجب صرفه، فكانت األولى هي التي بالتراب، على الرواية األخرى عند مسلم

523

ا الرءوس التي تبان من أجساد الحيوان، وتقصد باألكل دون ما كان منها تبع

.اهـ «ألبدانها

ته على المرأة يف حيضها إلى عادتها، بل أمر الدماء يقوم برم ملسو هيلع هللا ىلصومنه رد النبي

القواعد والضوابط الفقهية »العادة المحكمة يف الدماء،كما فصلت ذلك يف كتابي

.«لدماء المرأة الطبيعية

:(211 - 214/ 3)ابن القيم يف إعالم الموقعين وقال

الطالق يلزمني ال تقولين لي شيئ ا إال قلت لك مثله، :إذا قال الرجل المرأته»

ا، أنت طالق ثال :فقالت له وال حاجة ( فذكر أقواال يف الخروج من الحيلة ثم قال)ث

هذه الصورة يف عموم كالمه، وإن دخلت إلى شيء من ذلك، والحالف لم تدخل

ا بفهي من المخصوص المعروف والعادة والعقل؛ فإنه لم يرد هذه الصورة قطع

ذي يصح أن يقال وال خطرت بباله وال تناولها لفظه؛ فإنه إنما تناول لفظه القول ال

.اهـ «لها؛ فإن اللفظ العام إنما يكون عاما فيما يصلح له، وفيما سيق من أجله

عن أبي هريرة عن ( 5124)ومسلم ( 2548)روى البخاري يف صحيحه

فإنه بخير النظرين بعد أن ابتاعهافمن ،اإلبل والغنم تصرواال » :أنه قال ملسو هيلع هللا ىلصالنبي

.«ء ردها وصاعا من تمريحلبها، إن شاء أمسك وإن شا

:(528/ 5)النووي على هذا الحديث كما يف شرح مسلم قال

ا من قوت البلد وال يختص بالتمر، وأما :وقال بعض أصحابنا» يرد صاع

، فاستمر تالحكمة يف تقييده بصاع التمر؛ فأنه كان غالب قوتهم يف ذلك الوق

.وهو كالم قوي ومتين. اهـ «حكم الشرع على ذلك

:(328/ 2)ابن القيم يف إعالم الموقعين قال

فأنتم توجبون صاع التمر يف كل مكان، سواء كان قوت ا لهم أو لم :فإن قيل»

هذا من مسائل النزاع وموارد االجتهاد، فمن الناس من يوجب ذلك، :يكن، قيل

ا من قوتهم بمنهم من يوجو .يف كل بلد صاع

524

ة يف زكاة الفطر، وأن أهل كل بلد األصناف الخمس ملسو هيلع هللا ىلصونظير هذا تعيينه

يخرجون من قوتهم مقدار الصاع، وهذا أرجح وأقرب إلى قواعد الشرع؛ وإال

إلى ( نبات كالسمسم)فكيف يكلف من قوتهم السمك مثال أو األرز أو الدخن

.اهـ «وليس هذا بأول تخصيص قام الدليل عليه، وباهلل التوفيق! التمر

جحه ابن القيم ال ينبغي المصير إلى غيره، وإال اتهمت وما استنبطه ور

.الشريعة بالنقص وبالعبث، وعدم صالحها وشمولها لكل حال

:اديث الخاصة بزكاة الفطرحويؤكده روايات األ

عن ابن عمر أنه ( 984/ 56)ومسلم ( 5122)فقد روى البخاري يف صحيحه

كل نفس من المسلمين حر على ،زكاة الفطر من رمضان ملسو هيلع هللا ىلصفرض رسول اهلل » :قال

ا من شعير ا من تمر أو صاع .«أو عبد أو رجل أو امرأة، صغير أو كبير، صاع

:قال فيها( 5152)يف رواية عند البخاري ويف رواية عن أبي سعيد

غالب طعامنا، وإال فإنهم :أي «وكان طعامنا الشعير والزبيب واألقط والتمر»

ا يكون على الغالب الشائع ال على النادر كانوا يأكلون اللحم وغيره، والحكم دائم

كما قرر ذلك أهل العلم من الفقهاء واألصوليين، ومن ثم، جاز إخراج اللحوم

كما -واألسماك وغير ذلك من الطعام؛ فلو كانت قرية ساحلية قوتها األسماك

جاز لهم وناسبهم إخراج السمك، وناسب غيرهم -كان حال أصحاب السبت

.فهو من أهم أقواتنا ؛د شرق أسيا، وناسبنا الفولاألرز كبال

:(48/ 4)كما يف المغني على زكاة الفطر $لذلك قال ابن قدامة

ظاهر المذهب أنه ال يجوز له العدول عن هذه األصناف مع القدرة عليها، »

.سواء كان المعدول إليه قوت بلده أو لم يكن

ام الخمسة على ظاهر الحديث أنه يعطى مق :يتوجه قول آخر :أبو بكر وقال

ا من طعام، والطعام قد يكون البر والشعير، وما دخل يف الكيل، وكال القولين صاع

.محتمل

أي قوت كان :يخرج من غالب قوت البلد، وقال الشافعي :كمال وقال

521

.اهـ «أدى الرجل زكاة الفطر منه ،األغلب على الرجل

د بأنه من قوت البلد، ال من وعليه، فقول مالك والشافعي وقول ألحم

.المذكورة بعينها األصناف

:(312/ 5)ابن رشد يف بداية المجتهد وقال

والسبب يف اختالفهم، اختالفهم يف مفهوم حديث أبي سعيد الخدري، فمن »

.أي أخرج من هذا أجزأ عنه :فهم من هذا الحديث التخيير قال

س سببه اإلباحة؛ وإنما سببه اعتبار قوت ومن فهم منه أن اختالف المخرج لي

.اهـ «، قال بالقول الثانيالمخرج، أو قوت غالب البلد

.واألخير هو الراجح والقوي الذي يناسب النصوص والفهوم الصحيحة :قلت

خروج الكالم خمرج الغالب :الصارف العاشر:

ی ی ی جئ حئ مئ ىئ يئ جب حب خب مب ﴿: قال تعالى (2)

.[525: اءالنس] ﴾ىب يب جت حت خت

قلت لعمر بن :عن يعلى بن أمية، قال( 686)روى مسلم يف صحيحه

مب ىب يب جت حت ﴿: أرأيت إقصار الناس الصالة، وإنما قال تعالى: الخطاب

عجبت مما عجبت منه، فذكرت ذلك لرسول : فقد ذهب ذلك اليوم، فقال ﴾خت

.«صدقة تصدق اهلل بها عليكم فاقبلوا صدقته»: فقال ملسو هيلع هللا ىلصاهلل

(:5596: )ح/ 29/ 3)يف عون المعبود شرح سنن أبي داود قال

مب ﴿: سواء حصل الخوف أم ال، إنما قال يف اآلية: أي( فاقبلوا صدقته)»

؛ ألنه قد خرج مخرج األغلب، فحينئذ ال تدل على عدم القصر إن لم يكن ﴾ىب

إن القصر عزيمة، وقد : ظاهره الوجوب، فيؤيد قول من قال (فاقبلوا)خوف، وأمر

.اهـ «أكثرهم على وجوب القصر: قال البغوي

المحرمات من النساء، فذكر منها الربيبة، -جل وعال-ذكر رب العزة ( 1)

ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ﴿ :فقال تعالى

526

.[23 :النساء] ﴾ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ

وقد اختلف أهل العلم يف تفسير المراد من الربيبة المحرمة، هل هي التي يف

فيما روي عنه ڤهر اآلية وبه قال علي بن أبي طالب الحجر فحسب على ظا

أم أي ربيبة يف الحجر أو ال، وأن الكالم خرج مخرج الغالب وبه قال جمهور

ا، وهذا ما ذكره المفسرون يف كتبهم ا وخلف :أهل العلم سلف

:(29/ 1)القرطبي يف تفسيره قال

يألنه يربيها يف حجره فه والربيبة بنت امرأة الرجل من غيره؛ سميت بذلك»

.مربوبة، فعلية بمعنى مفعولة

واتفق الفقهاء على أن الربيبة تحرم على زوج أمها إذا دخل باألم، وإن لم

ال تحرم عليه :تكن الربيبة يف حجره، وشذ بعض المتقدمين وأهل الظاهر فقالوا

فارق األم بعد الربيبة إال أن تكون يف حجر المتزوج بأمها، فلو كانت يف بلد آخر و

:حرم اهلل تعالى الربيبة بشرطين :فله أن يتزوج بها، واحتجوا باآلية فقالوا الدخول

الدخول باألم؛ فإذا عدم أحد :أن تكون يف حجر المتزوج بأمها، والثاني :أحدهما

لو لم تكن ربيبتي يف حجري » :ڠالشرطين لم يوجد التحريم، واحتجوا بقوله

فشرط الحجر، ورووا عن علي بن أبي «أخي من الرضاعة ما حلت لي، إنها ابنة

أما الحديث عن علي فال يثبت، :طالب إجازة ذلك، قال ابن المنذر والطحاوي

إبراهيم بن عبيد عن مالك بن أوس عن علي، وإبراهيم هذا ال يعرف، راويهألن

فال تعرضن علي :قوله :وأكثر أهل العلم قد تلقوه بالدفع والخالف؛ قال أبو عبيد

الالئي يف حجري، ولكنه سوى بينهن يف :فعم، ولم يقل «بناتكن وال أخواتكن

وإضافتهن إلى الحجور إنما ذلك على األغلب مما :التحريم، قال الطحاوي

.اهـ «يكون عليه الربائب، ال أنهن ال يحرمن إال إذا لم يكن كذلك

على المرأة من لعنة المالئكة ملسو هيلع هللا ىلصكذلك مما خرج مخرج الغالب، ما بينه ( 0)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(.2281)رواه مسلم (5)

522

حتى تصبح؛ فإن التي أبت طاعة زوجها لما دعاها إلى فراشة فباتت تلعنها المالئكة

بالليل فخرج الكالم عليه، وال يعني هذا أنه لو غالب طلب الزوج المرأته إنما هو

هي رفضها دعاها لفراشه بالنهار فأبت عليه أنها ال يصيبها الحديث؛ إذ العلة هنا إنما

.وعصيانها، فوقتما وجدت ترتب عليها الحكم وكانت فاسقة عاصية

ملسو هيلع هللا ىلصمن حديث أبي هريرة أن النبي ( 5270)فقد روى البخاري يف صحيحه

.«إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها المالئكة حتى تصبح» :قال

ها المالئكة حتى إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنت» :ويف رواية

.«ترجع

:(326/ 9)الحافظ يف الفتح قال

والذي نفسي بيده ما من عبد يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى » :وعند مسلم»

والبن خزيمة ،«إال كان الذي يف السماء ساخط ا عليه حتى يرضى عنها ،عليه

العبد :صالة وال يصعد لهم إلى السماء حسنة لهم ثالثة ال تقبل» :وابن حبان

اآلبق حتى يرجع، والسكران حتى يصحو، والمرأة الساخط عليها زوجها حتى

.اهـ «فهذه اإلطالقات تتناول الليل والنهار «يرضى

واللفظ له، وله شاهد عند الترمذي ( 945)وروى أبو داود يف سننه ( 4)

:قال ملسو هيلع هللا ىلصعن أبي ذر عن النبي ( 146)وقال حسن صحيح، ورواه مسلم ( 382)

.«ا قام أحدكم إلى الصالة؛ فإن الرحمة تواجهه فال يمسح الحصىإذ»

(:352/ 2)قال أبو الطيب يف عون المعبود شرح سنن أبي داود

والتقييد بالحصى خرج مخرج الغالب؛ لكونه كان الغالب على فرش »

مساجدهم، وال فرق بينه وبين التراب والرمل على قول الجمهور، ويدل على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(.2801)مسلم (5)

(.إحسان/ 5055)وابن حبان ( 783)ابن خزيمة يف صحيحه (2)

528

.اهـ «ند البخاري يف الرجل يسوي الترابعه يف حديث معيقيب ذلك قول

، (2139)المذكور رواه البخاري يف صحيحه وحديث معيقيب :قلت

أن »: ڤيف كتاب المساجد قال معيقيب ( 581/ 87)ومسلم يف صحيحه

إن كنت فاعال »: قال يف الرجل يسوي التراب حيث يسجد، قال ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

.«واحدةف

باب كراهية مسح الحصى وتسوية )»(: 19/ 5)قال النووي يف شرح مسلم

(ب يف الصالةالترا

وهذا نهي كراهة تنزيه، واتفق العلماء على كراهة المسح؛ ألنه ينايف

وكره السلف مسح الجبهة يف : التواضع، وألنه يشغل المصلي، قال القاضي

.اهـ «الصالة وقبل االنصراف، يعني من المسجد مما يتعلق بها من تراب ونحوه

الركيزة يف هذه التعقيب على مجلة ما ذكر من الصوارف:

إلى معنى آخر ،التي تصرف اللفظ عن ظاهره ،فهذه جملة غالب الصوارف

أن ظاهر األدلة الشرعية من الكتاب والسنة قد :يستلزمه الصارف، أثبتت يف جملتها

ال يراد يف كثير من األحيان، وأن مراد اهلل ورسوله فيها إنما فيما استلزمه صارفها

غير ظاهرها، فقدم المعنى، الذي هو يف النهاية دليل الشرعي، الذي أظهر أن معناها

ک ﴿ :قال تعالى ،ملسو هيلع هللا ىلصشرعي؛ فال نقدم وال نؤخر إال ما قدمه وأخره اهلل ورسوله

.[5 :الحجرات] ﴾ک ک ک گ گ گ گ ڳڳ ڳ ڳڱ ڱ ڱ ڱ ں

كيفية فهم الدليل على المنهج الصحيح، ،وقد تبين من هذه الركيزة المهمة

ع يف التصريح بما يستلزمه النص على المكلفين، بل البد من وأنه ال ينبغي التسر

التأمل والنظر والتدبر واألخذ بأسباب االستنباط الصحيح، من الرجوع إلى أقوال

.بها إلى األدلة، وترجيح ما كان أقرأهل العلم يف شرح األدلة، والمقارنة بينها

ستخراج بما يوافق فإذا أحسن المرء قراءة األدلة وفهمها، أحسن الفتوى واال

الجمع بين ظاهر اللفظ :روح األدلة، وما يوافق حاجات الناس ومصالحها، المهم

529

وبين معناه الخفي يف بادئ األمر؛ فإن كل الشريعة -الذي هو األصل-يف الدليل

.بينة هادية إلى كل خير وصالح واضحة

، وما 344/ 55)يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية كما يف مجموع الفتاوى

:(بعدها

أن الشريعة ال تهمل مصلحة قط، بل اهلل تعالى قد أكمل لنا :والقول الجامع»

،ملسو هيلع هللا ىلصإال وقد حدثنا به النبي الدين، وأتم النعمة، فما من شيء يقرب إلى الجنة

تركنا على البيضاء، ليلها كنهارها ال يزيغ عنها بعده إال هالك، لكن ما اعتقده

الشرع لم يرد به، فأحد األمرين الزم له، إما أن الشرع دل العقل مصلحة، وإن كان

عليه من حيث لم يعلم هذا الناظر، أو أنه ليس بمصلحة، وإن اعتقده مصلحة؛ ألن

ا ما يتوهم الناس أن الشيء ينفع المصلحة هي المنفعة الحاصلة أو الغالبة، وكثير

ضرة، كما قال تعالى يف الخمر يف الدين والدنيا، ويكون فيه منفعة مرجوحة بالم

:البقرة] ﴾ى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئۆئ﴿ :والميسر

.اهـ «[259

ومن أجمع من ذكر األدلة المتعارضة يف ظاهرها وجمع بينها، اإلمام أبو

فينبغي ( شرح مشكل اآلثار)، (شرح معاني اآلثار) :جعفر الطحاوي يف كتابيه

ا اإلحاطة بهما، وقد طبعت طبعة لمشك ل اآلثار مرتبة على األبواب الفقهية لزام

.فاقتنيها

،وألنه ال تعارض بين ظاهر النص ومعناه الفقهي، وجدت يف الركائز السابقة

أن اإلجماع معقود على وجوب حمل اللفظ على ظاهره، وأنه معقود على اعتبار

والذي يخالف يف ، الذي يتحصل بعد النظر والفكر والتأمل ،المعنى وفقه الدليل

ظاهره ظاهر الدليل، ولكنه يفهم من السياق، ومن بقية الصوارف كما مر ذلك

.مفصال

ولقد ذكرت لك هذه الصواف مع األمثلة عليها؛ لتكون لك كالقواعد

552

بالقواعد وما يقاس عليها، -بإذن اهلل-واألصول التي يقاس عليها غيرها، فتقف

بفضل اهلل ومنه والذي ال تتم ،حكامعلى فهم جملة أدلة األ ،وباألصول والفروع

.الصالحات إال به

أن ما عند اهلل ال ينال إال بطاعته، وليس هناك أجل -هداني اهلل وإياك-واعلم

ا -جل وعال-ك لتزم ما فهمت حتى تصل إلى ربتمن أن تفهم دينك، ثم سالم

.بإذنه السالم

لسابقة، إنما هو من مشكاة ئز ااومن الجدير بالذكر أن كل ما ذكرته يف الرك

سلفنا الكرام، صحابة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، ورضي اهلل عنهم، فعلى

ا باتباع سبيلهم، واالقتداء بهم، هديهم سرت وأسير؛ ليكون هذا المبحث مبارك

إال ولي ،؛ ولبيان أنني ما تكلمت يف مسألة من مسائل البحثمواالستنان بسنته

.ڤ وصحبه ملسو هيلع هللا ىلصني بما قلت فيها، وخير الهدي هدي محمد إمام منهم قد سبق

:(462ص)يقول اإلمام ابن عبد البر يف جامعه

فعليك يا أخي بحفظ األصول والعناية بها، واعلم أن من عني بحفظ السنن »

واألحكام المنصوصة يف القرآن، ونظر يف أقاويل الفقهاء فجعله عون ا له على

ا لط ا رق النظر، وتفسير الجمل المحتملة للمعاني، ولم يقلداجتهاده، ومفتاح أحد

التي يجب االنقياد إليها على كل حال دون نظر، ولم يرح نفسه ،منهم تقليد السنن

مما أخذ العلماء به أنفسهم من حفظ السنن وتدبرها، واقتدائهم يف البحث والتفهم

يه، وحمدهم على صوابهم الذي والنظر، وشكر لهم سعيهم فيما أفادوه ونبهوا عل

هو أكثر أقوالهم، ولم يبرئهم من الزلل كما لم يبرئوا أنفسهم منه، فهذا هو الطالب

وهو المصيب لحظه، والمعاين لرشده، ،المتمسك بما عليه السلف الصالح

.وعمن اتبع بإحسان آثارهم ڤ، وهدي صحابته ملسو هيلع هللا ىلصالمتبع سنة نبيه

، وأضرب عما ذكرنا، وعارض السنن برأيه، ورام ومن أعفى نفسه من النظر

ا وتقحم يف أن يردها إلى مبلغ نظره فهو ضال مضل، ومن جهل ذلك كله أيض

555

.اهـ «فهو أشد عمى وأضل سبيال ،الفتوى بال علم

،األدلة بقي يف هذا المبحث ذكر الضوابط التي يعتبر بها الصرف عن ظواهر

بادعاء باطل يؤدي إلى العبث ،الصريحة الظاهرة حتى ال ترد األدلة الصحيحة

تجرؤ : وذلك؛ ألن من الدوافع التي دفعتني إلى كتابة هذا البحث بصحيح األدلة،

العابثين بالنصوص الشرعية، عن طريق التأويل والصرف عن ظاهرها، بدون

ا للكالم عن مواضعه .مسوغ شرعي من دليل صحيح، حتى صار صرفهم تحريف

ا : األمر انقسم فيه الناس إلى فريقينوهذا ا جامد قسم تمسك بالظواهر تمسك

.خالي ا عن الفقه والفهم

وقسم صرف الظواهر وأولها من غير مستند من الشرع، فكان حالهما بين

وهذا ما .اإلفراط والتفريط، فأردت ببحثي هذا بيان الوسطية يف هذا األمر الجلل

.ة، وهي األخيرة بإذن العليم الحكيمسأتناوله يف الركيزة التالي

552

الركيزة اخلامسة

ضوابط صرف ألفاظ النصوص عن ظواهرها

منها الصوارف الباطلةوبيان

فائدة مهمة:

العشرة واعتبارها، ومن ثم التقيد بها يف عملية صرف إن التزام هذه الصوارف

تبر يف هذا الباب، بمعنى األدلة عن ظاهرها، لهو الضابط الشرعي الصحيح المع

اللفظ يف النص والدليل عن ظاهره، إال بهذه الصوارف أو بمثلها، على أال يصرف

صرف الدليل يف ضوء األدلة األخرى وقواعد الدين ومقاصده الشرعية، : منهج

ا عن التكلف واالفتعال بما بما ال يخالف ما هو معروف من لغة العرب، بعيد

.ةيخالف األدلة الشرعي

فإذا كان ذلك كذلك، صحت عملية الصرف إن احتملها الدليل، وإال فاألصل

ا لنفس الدليل ومعناه األول هو حمل اللفظ على ظاهره، ال يصرف عنه إال تبع

.الموافق أو المخالف لألدلة األخرى، يف ضوء صرفه أو عدم صرفه عن ظاهره

بيان الصوارف الباطلة التي إنما هو : أما ما قصدته يف هذه الركيزة الخامسة

ادعاها المؤولون للنصوص بدون بينة أو دليل معتبر، بل لمحض الهوى والضالل

، التي ال مستند لها من الشرع؛ إذ بإظهارها تتبلور الركيزة الرابعة، وآراء الرجال

التي حوت الصوارف المعتبرة، والمنهج الحق يف عملية صرف اللفظ عن ظاهره

بيان ما ينبغي أن يلتزمه مدعي صرف اللفظ : ا ذكرت يف هذه الركيزة الخامسةوإنم

ا بظاهر آخر، أو أعن ظاهره، من غير دليل ظاهر آخر، يجعل عملية الصرف خذ

بإجماع، أو خالف ذلك من الصوارف األخرى المعتبرة؛ وذلك من باب دحض

.الباطل بالحجة وبيان المحجة، ال بالزعم فحسب

553

الصة ما سبقخ: أوال:

كانت الركيزة األولى حول األصل األصيل الذي عقد إجماع الصحابة عليه،

وهو أن األلفاظ على ظاهرها تحمل عليه، وال تصرف عنه إال بصارف شرعي،

فقدمودليل معتبر صحيح، به اعتبر المعنى المستنبط وقدم على ظاهر النص،

والتي ال عبرة لها ،ه من المعاني المستنبطةالظاهر يف الصورة األولى، وأخر غير

.مع قوة الظاهر التي ال صارف لها

ثم خصصت الركيزة الثانية يف بيان أن األلفاظ قد تصرف عن ظاهرها إذا

به قدم المعنى المستنبط ،احتمل النص ذلك، بمسوغ شرعي صحيح غير مفتعل

ظاهر النص لداللة راجحة، على والذي به خصص هذا الدليل، وأخر ،من الدليل

ا؛ لقوة المعنى المستنبط وهي الصورة الثانية .ظاهره الذي أصبح مرجوح

ولكي يتضح أمر الصوارف الشرعية، جعلت الركيزة الرابعة يف بيان

التي لها قوة يف صرف الظاهر عن ظاهره، ويف تقديم المعاني ،الصوارف الشرعية

عمال ظاهرها، بحيث يكون إعمال ظاهر النص المستخرجة من نفس األدلة على إ

يف األولى هو المتعين، وتقديم المعاني المستنبطة منه يف الثانية هو المتعين، فكان

إعمال الظاهر هو الدليل الشرعي المعتبر، وإعمال المعاني هو الدليل الشرعي

ا، وذلك يف ضوء اال ا أيض ستدالل المعتبر، ونفس الصارف دليال شرعيا معتبر

وبيان قوة الصوارف الشرعية القائمة على الكتاب والسنة ،لمنهج البحث

.واإلجماع، والذي جعلته يف الركيزة الثالثة

ا عن منهج ا لهذا البحث؛ حتى يكون على منهاج النبوة، بعيد وتتميم

بتأويالت مستكرهة ال تحتملها اللغة؛ وال ،المتأولين الذين يلون عنق النصوص

ا وال لغة، كان البد من بيان الضوابط التي تتقيد بها ألفاظ النصوص وجه لها شرع

حتى يستقيم األمر لمن أراد الفهم الصحيح والمعنى المنضبط، ؛وعملية الصرف

وحتى ال يعبث عابث بقدسية ،ملسو هيلع هللا ىلصوالطريق القويم لفهم مراد اهلل ورسوله

554

ا ولةوغير المقب بيان الفرق بين الصوارف المقبولةالنصوص، ول .شرع

ل ما كان عليه ثم :وكان المنطلق الذي انطلقت منه يف هذا البحث إنما هو

لذلك صدرت البحث ببيان اإلجماع الذي عليه ،ڤوأصحابه ملسو هيلع هللا ىلصالنبي

الصحابة يف حمل األلفاظ على ظاهرها، ثم عملهم باألمثلة الصحيحة عنهم يف

مع بيان ،ر النصوصإلى معاني مستنبطة مخالفة لظاه ،صرفهم لظواهر النصوص

ن البحث على مشكاة النبوة لذلك الصرف وإقراره لهم، فكا ملسو هيلع هللا ىلصاستحسان النبي

ا ا قائم ال بالزعم، بل بأصح األدلة المتفق عليها، وهلل الحمد والمنة أوال وآخر

ا وباطن ا، سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وال وظاهر

.باهلل العلي العظيمحول وال قوة إال

ذكر الضوابط وشرحها :ثانيا:

اعلم أن ظاهر النص لو صرف إلى غيره بدليل معتبر من الكتاب أو : بداية

السنة أو اإلجماع، فهو صرف ظاهر بظاهر، ودليل شرعي بدليل شرعي، وهذا ال

، وا كل ما ذي يشمل لشيء فيه، بل هو الصرف الشرعي المعتبر، كما بينت تفصيال

ذكرت من الصوارف، أما الكالم هنا، فإنما هو على الصوارف األخرى غير

.الشرعية، فليكن ذلك على ذكر منك يف هذه الركيزة

رحمه اهلل -يقول العالمة اإلمام الفقيه االصولي المحدث ابن قيم الجوزية

/ 4)وبدائع الفوائد ،(294 - 288/ 5)كما يف الصواعق المرسلة -تعالى

221):

لما كان األصل يف الكالم هو الحقيقة والظاهر، كان العدول به عن حقيقته »

ا له عن األصل، فاحتاج مدعي ذلك إلى دليل يسوغ له إخراجه عن وظاهره مخرج

:أصله، فعليه أربعة أمور ال تتم له دعواه إال بها

لتركيب بيان احتمال اللفظ للمعنى الذي تأوله يف ذلك ا :األمر األول -5

ا من عنده؛ فإن اللفظ قد ال الذي وقع فيه، وإال كان كاذب ا على اللغة، منشئ ا وضع

551

.فقد ال يحتمله يف ذلك التركيب الخاص ،يحتمل ذلك المعنى لغة، وإن احتمله

أن يبين تعيين ذلك المعنى ثاني ا، فإنه إذا خرج عن حقيقته قد :األمر الثاين -2

.عين ذلك المعنى يحتاج إلى دليليكون له معان، فت

إقامة الدليل الصارف للفظ عن حقيقته وظاهره؛ فإن دليل :واألمر الثالث -3

المدعي للحقيقة والظاهر قائم، فال يجوز العدول عنه إال بدليل صارف يكون

.أقوى منه

الجواب عن المعارض، فإن مدعي الحقيقة أقام الدليل العقلي :والرابع -4

.اهـ «والسمعي على إرادة الحقيقة

فالبد ابتداء ابه يقيد ويضبط صرف األلفاظ عن ظاهره ،فهذا كالم نفيس قوي

للمعنى المستنبط الذي به خصص هذا ،بيان احتمال اللفظ الظاهر من الدليل

على هذا المعنى دون غيره، كما فعل الصحابة، عمر وعلي ومعاذ وعثمان ،الدليل

، بل وأقوى من نفس اللفظ ، فلڤوغيرهم ما كان صرفهم للظاهر قويا ومحتمال

-وما كان ذلك إال لشرعية الصوارف التي هي أدلة شرعية منضبطة ابتداء -الظاهر

.على ما فصلت يف الركيزة الثالثة ملسو هيلع هللا ىلصفلما كان ذلك كذلك، أقرهم النبي

وذلك عند رة، لمعان كثيهو كون الصرف عن الظاهر محتمال :واألمر الثاين

: غياب الدليل؛ ألن الصرف العري من الدليل ادعاء وزعم باطل، ومن ثم يقال

ا ولم تصرفه إلى -والذي هو بدون دليل-لماذا صرفته إلى هذا المعنى تحديد

معنى آخر، وصرفه إلى المعنى اآلخر محتمل، كما أن صرفه إلى المعنى األول

ا، وكما أن صرفه إلى معان فإذا ادعى الصارف أخرى كذلك محتمل، محتمل أيض

للفظ عن ظاهره معنى دون آخر، فالبد له من دليل صحيح معتبر يقوي اختياره

ا باطال كاذب ا ال دليل عليه؛ ألن األصل حمل هذا عن غيره، وإال كان قوله زعم

أو يفوق اللفظ على ظاهره، وهو أصل قوي جدا، فاحتاج إلى ما يعادله يف القوة

ا، فإن الصرف الصحيح إنما يك ون يف ضوء األدلة الشرعية عليه حتى يكون معتبر

556

.األخرى، فلو كان الصرف بدليل آخر فال إشكال البتة

هو إقامة الدليل الصارف للفظ عن ظاهره، وقد بينت يف :واألمر الثالث

.عوى باطلة كاذبةالركيزة الرابعة أنواع الصوارف الشرعية المعتبرة، وإال فهي د

فيصرف اللفظ عن ظاهره؛ لظاهر آخر يف حديث أو آية أخرى، أو يصرف

أو النعدام العلة ، أو يصرف إلجماع الصحابة على خالفه،المعتبر للسياق

فإذا كان صرفه إلى معنى يخالف ظاهره ويخالف األدلة ،المنصوص عليها

. ورسولهاألخرى فهذا تحريف للكلم عن مواضعه، ومشاقة هلل

ا :أما األمر الرابع فهو الجواب عن المعارض، وأن يكون الجواب قويا معتبر

.مناسب ا غير مفتعل، كما مرت األمثلة عند ذكر الصوارف الشرعية

أجاب ،عمر عما حمله على صرف األمر عن ظاهره ملسو هيلع هللا ىلصفإنه لما سأل النبي

ضوء األدلة وقواعد ، وذلك يفڤ، وكذلك علي ملسو هيلع هللا ىلصإجابة قوية أقرها النبي

.الدين

يف غاية السقوط والضالل ،يف حين مثال تجد ردود أهل البدع والمحدثات

المتأولون الذين صرفوا آيات الصفات عن ظاهرها بحجج وهؤالء هم والهوى،

داحضة باطلة ال حظ لها من الصحة، وال وجه من الدين لها يقيمه هؤالء

.المتأولون

الذين قادوا األمة إلى ،الء الحزبيون دعاة الفتنة والتهييجوعلى شاكلتهم هؤ

الويالت والهلكة والمهلكة والهالك المبين، وسلموا زمام األمة إلى

والبالد وأسقطوا الدول والمجتمعات؛ لتكون ،ودمروا العباد ،الصهيوصليبيين

حتى أصبحت ،منطلقات لليهود واألمريكيين؛ لضرب أي قطر مسلم شاءوا

وغيرها من األقطار السباع،وبين فكوك األسد -حفظها اهلل-مصرنا الحبيبة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.لراقمه( ، عقيدة الفرقة الناجية وأثرها يف األمة شريعة الفرقة الناجية: )انظر (5)

552

.كذلك العربية

وصرفوها عن ظاهرها بغير ،وما ذلك إال ألنهم تركوا صريح النصوص

زعموا أنه -بدعي خارجي جهمي معتزلي مفسدي فصارف شرعي، بل بصار

نتنازل عن الثوابت :أعناقها، وقالوا وانتهكوا قدسية النصوص ولووا ،-مصلحي

واألصول من أجل المصلحة العامة والوطن، والمصالح واألوطان منهم برآء، بل

واهلل ،من أجل المفسدة العامة الكبرى وخراب األوطان، وقد كان :قولوا

.المستعان وعليه التكالن

حابه، واتبعوا وأص ملسو هيلع هللا ىلصمثل ما كان عليه النبي :وما ذلك إال ألنهم تركوا منهج

.فضلوا وأضلوا ،، وجعلوها هي الصارفة للنصوص عن ظواهرهاعقولهم وآراءهم

ذكر التأويالت الباطلة والصوارف الفاسدة :ثالثا:

ثم تكلم ابن القيم عن أوجه التأويل الباطل والصوارف الفاسدة التي

اللغة بغير مستند من الشرع أو ،يستخدمها أقوام؛ لصرف ظواهر النصوص

الصواعق المرسلة على »كما يف كتابه المهم $وبدون حجة وال دليل، فقال

:(352 - 355/ 5)، (582/ 5) «الجهمية والمعطلة

حتى يضع رب » :ملسو هيلع هللا ىلصكتأويل قوله ،ما لم يحتمله اللفظ بوضعه :أحدها»

شيء من بأن الرجل جماعة من الناس، فإن هذا ال يعرف يف «العزة عليها رجله

.لغة العرب ألبتة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.حول األحداث لراقمه( 28: 2)انظر سلسلة تصحيح المعتقد من (5)

بإسناد رجاله ( 283)، وابن خزيمة يف كتاب التوحيد (23501)رواه أحمد يف المسند (2)

ن حديث حس: وقال( 1512)، والترمذي يف سننه ڤلهم ثقات، من طريق أبي هريرة ك

اختصمت الجنة »: ، وطرفه(1481)صحيح، وهو عند مسلم يف صحيحه بلفظة أخرى

.الحديث «...والنار

558

ما لم يحتمله اللفظ ببنيته الخاصة من تثنية أو جمع، وإن احتمله :الثاين

ا، كتأويل قوله .بالقدرة [21 :ص] ﴾ۉ ۉ ېې﴿ :مفرد

ما لم يحتمله سياقه وتركيبه، وإن احتمله يف غير ذلك السياق، :الثالث

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ﴿ :كتأويل قوله تعالى

إتيان بعض آياته التي هي أمره، وهذا ،بأن إتيان الرب [518 :األنعام] ﴾ڀ ٺٺ

يأباه السياق كل اإلباء؛ فإنه يمتنع حمله على ذلك مع التقسيم والترديد

.والتنويع

ما لم يؤلف استعماله يف ذلك المعنى يف لغة المخاطب، وإن ألف يف :الرابع

لت فيه أقدام كثير من الناس، فضلت فيه االصطالح الحادث، وهذا موضع ز

ا من ألفاظ النصوص بما لم يؤلف استعمال اللفظ يف أفهامهم، حيث تأولوا كثير

ا يف اصطالح المتأخرين، وهذا مما ينبغي التنبه لغة العرب ألبتة، وإن كان معهود

لت طائفة له، فإنه حصل بسببه من الكذب على اهلل ورسوله ما حصل، كما تأو

استدل بحركته على بطالن :بالحركة، وقالوا [26 :األنعام] ﴾ڃ ڃ﴿ :قوله تعالى

أن األفول هو الحركة ألبتة يف ،ربوبيته، وال يعرف يف اللغة التي نزل بها القرآن

.موضع واحد

،تأويل اللفظ الذي له معنى ظاهر ال يفهم منه عند إطالقه سواه :الخامس

الذي ال يطلع عليه إال أفراد من أهل النظر والكالم، كتأويل لفظ بالمعنى الخفي

األحد، الذي ال يفهمه الخاصة والعامة بالذات المجردة عن الصفات، التي ال

رف إال بعد علم ي ،بوجه ما، فإن هذا لو أمكن ثبوته يف الخارج ،يكون فيها معنيان

ج وإنما يفرضه الذهن مقدمات طويلة صعبة جدا، فكيف وهو محال يف الخار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن اآلية قد بينت إتيان الرب، وإتيان بعض آيات الرب، فكان هناك قسمان :والمعنى (5)

أو يأتي بعض »: لإلتيان، فإذا أرادوا تأويل إتيان الرب، بإتيان بعض آياته، يصير المعنى

.هكذا مكررة، وهذا عبث يأباه السياق والمعنى «ربك، أو يأتي بعض آيات ربك اتآي

559

ا، ثم يستدل على وجوده الخارجي، فيستحيل وضع اللفظ عند كل أحد ،فرض

.لهذا المعنى الذي هو يف غاية الخفاء

التأويل الذي يوجب تعطيل المعنى الذي هو يف غاية العلو :السادس

، وهو شبيه بعزل سلطان عن والشرف، ويحطه إلى معنى دونه بمراتب كثيرة

مئ ﴿ :تأويل الجهمية قوله تعالى :توليته مرتبة دون الملك بكثير، مثالهو ،ملكه

[12 :النحل] ﴾ڭ ڭ ڭ ۇ﴿ :، وقوله[58 :األنعام] ﴾ىئ يئ جبحب

.الدرهم فوق الفلس، والدينار فوق الدرهم :ونظائره، بأنها فوقية الشرف، كقولهم

رينة تأويل اللفظ بمعنى لم يدل عليه دليل من السياق، وال معه ق :السابع

تقتضيه، فإن هذا ال يقصده المبين الهادي بكالمه؛ إذ لو قصده لحف بالكالم قرائن

حتى ال يوقع السامع يف اللبس والخطأ، فإن اهلل ،تدل على المعنى المخالف لظاهره

ى، فإذا أراد خالف ظاهره ولم تحف به قرائن تدل سبحانه أنزل كالمه بيان ا وهد

ىعلى المعنى الذ .ي يتبادر غيره إلى فهم كل أحد، لم يكن بيان ا وال هد

.كل تأويل يعود على أصل النص باإلبطال فهو باطل :الثامن

أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها » :ملسو هيلع هللا ىلصكتأويل قوله

يرجع ،بحمله على األمة؛ فإن هذا التأويل مع شدة مخالفته لظاهر اللفظ «باطل

فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من » :ل النص باإلبطال، وهو قولهعلى أص

نحمله على المكاتبة، وهذا يرجع على :فقالوا ،ومهر األمة إنما هو للسيد «فرجها

الشرطية التي هي من ( أي )أصل النص باإلبطال من وجه آخر، فإنه أتى فيه بـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

، والترمذي يف سننه (1340)، وأبو داود يف سننه (15131)رواه اإلمام أحمد يف مسنده (5)

(.1937)وصححه األلباني يف صحيح الجامع «حديث حسن»: وقال( 2231)

522

يف سياق موم، وأتى بالنكرةالمقتضية تأكيد الع( ما)وأكدها بـ أدوات العموم،

،وهي تقتضي العموم، وعلق بطالن النكاح بالوصف المناسب له الشرط،

ه على العلة المقتضية م بوجوده، وهو نكاحها نفسها، ونب المقتضي لوجود الحك

للبطالن، وهي افتياتها على وليها، وأكد الحكم بالبطالن مرة بعد مرة ثالث

ا، يرجع على مقصود النص مرات، فحمله على صورة ال تقع يف العالم إال نادر

.باإلبطال

فهذه بعض الوجوه التي يفرق بها بين التأويل الصحيح والباطل، واهلل

.اهـ «المستعان

فإذا علمت الصوارف الشرعية المعتبرة والتي ذكرت بالركيزة الرابعة، :قلت

وابط الصرف، مع أوجه ثم جمعت إليها ما خططته لك يف هذه الركيزة من ض

باألمثلة المضروبة من عمل -بإذن اهلل تعالى-التأويل والصرف الباطل، مستعين ا

قد ،ن ظاهره إلى معنى مستنبط مقصود مرادعالصحابة وصحة صرفهم للفظ

، مع قيام ذلك على األصل األول؛ أن اللفظ على ظاهره ملسو هيلع هللا ىلصاستحسنه رسول اهلل

يصرف ألبتة عن ذلك إال بصوارف شرعية مستدل يحمل وجوب ا باإلجماع، وال

اكتمل لك بإذن اهلل وتوفيقه البيان فإذا كان ذلك كذلك، لها على التفصيل السابق،

المراد من هذا البحث، وغايته أن تعلم أحوال األدلة الشرعية، ومتى يحمل اللفظ

ما على ظاهره، ومتى يجوز صرفه، ومتى يجب وكيف يصرف، وبما يصرف و

األصل يف المسألة وما االستثناء وما التأويل المستكره، والتأويل الصحيح

وأيهما يقدم يف تفسير األدلة، حمل اللفظ على ظاهره، أم اعتبار معناه وما استنبط

للنظرة الشمولية لألدلة ،منه، أم يف المسألة تفصيل وأن تعلم األهمية العظمى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فكلمة «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»: (8815)كتأويل الحزبيين حديث البخاري (5)

!!!.نكرة يف سياق النفي، تعم كل امرأة، وكل والية عامة، فسبحان اهلل( امرأة)

525

، كل ذلك وغيره قد فصلت ما ا ،الشرعية يف مسائل الدين ستطعت إلى ذلك سبيال

لما يف هذه ؛-بإذن اهلل العليم الحكيم وفضله ومنه سبحانه-نته فيه القول وبي

حدثات من األمورمئل من لبس وشبه وعدم وضوح؛ وألن أهل البدع والاالمس

ريحة من خالل صرفهم الباطل للنصوص الص ؛تلبسون على الناس دينهم

ا يخالف النصوص واألدلة الشرعية، واللغة والسياق، وهم الصحيحة صرف

ط، وتغير الفتوى االناس أنهم على منهج الدليل، واالجتهاد واالستنب يوهمون

وأنهم ما تكلموا يف مسألة إال بإمام واقتداء، وكل ذلك ،بتغير الزمان واألحوال

.زعم باطل وكذب محض

، فإن هذا ال بحث الفقهي األصولي، يعتبر تدريب ا لطلبة العلم؛ وإجماال

لسلوك السبيل الصحيح لقراءة النصوص وفهم األدلة، وبيان ا ألهمية اعتبار النظر

إلى األدلة الشرعية نظرة شمولية؛ ألن من أراد الوقوف على الصواب يف مسألة

.شرعية، فالبد له من اإللمام بأدلة األحكام فيها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لراقمه، وفيه بينت ضوابط تغير ( األحزاب بين مصلحة الوطن وغياب اليقين باهلل: )انظر (5)

االفتوى بتغير الزمان واألحوال؛ ليتبين لك كذب القوم حقي .قة ال مجاز

522

حثخامتة الب

(:223 - 222، 231 -234/ 5( )االعتصام)قال الشاطبي يف كتابه الفذ المتميز

ومدار الغلط يف هذا الفصل إنما هو على حرف واحد، وهو الجهل بمقاصد »

الشرع، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض، فإن مأخذ األدلة عند األئمة الراسخين

دة، بحسب ما ثبت من كلياتها إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواح

وجزيئياتها المرتبة عليها، وعامها المرتب على خاصها، ومطلقها المحمول على

مقيدها، ومجملها المفسر بينها، إلى ما سوى ذلك من مناحيها، فإذا حصل للناظر

.من جملتها حكم من األحكام، فذلك الذي نظمت به حين استنبطت

إلنسان الصحيح السوي، فكما أن اإلنسان ال يكون إنسان ا وما مثلها إال مثل ا

حتى يستنطق، فال ينطق باليد وحدها، وال بالرجل وحدها، وال بالرأس وحده،

.وال باللسان وحده، بل بجملته التي سمي بها إنسان ا

كذلك الشريعة ال يطلب منها الحكم على حقيقة االستنباط إال بجملتها، ال

ا، أي دليل كان، وإن ظهر لبادي الرأي نطق ذلك الدليل، فإنما هو من دليل منه

ا ال حقيقة، من حيث توهمي ال حقيقي، كاليد إذا استنطقت فإنما تنطق توهم

.علمت أنها يد إنسان، ال من حيث هي إنسان؛ ألنه محال

ا، كأعضاء فشأن الراسخين تصور الشريعة صورة واحدة يخدم بعضها بعض

.ن إذا صورت صورة متحدةاإلنسا

ا أوليا، -أي دليل كان-أخذ دليل ما : وشأن متبعي المتشابهات ا وأخذ عفو

.وإن كان ثم ما يعارضه من كلي أو جزئي

ا حقيقيا، فمتبعه فكان العضو الواحد ال يعطي مفهوم أحكام الشريعة حكم

ٿ ٿ ٿ ٹ ﴿: ما شهد اهلل بهمتبع متشابه، وال يتبعه إال من يف قلبه زيغ، ك

(:ثم قال) [522: النساء] ﴾ٹ

ومن نظر إلى طرق أهل البدع يف االستدالالت عرف أنها ال تنضبط؛ ألنها

523

.سيالة ال تقف عند حد

وعلى كل وجه يصح لكل زائغ وكافر أن يستدل على زيغه وكفره، حتى

.ينسب النحلة التي التزمها إلى الشريعة

وسمعنا عن بعض الكفار، أنه استدل على كفره بآيات القرآن، كما فقد رأينا

:بقوله تعالى( يف اإللهية: أي)استدل بعض النصارى على تشريك عيسى

.[525: النساء] ﴾ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤڤ﴿

ٱ ٻ ٻ ﴿: وله تعالىقواستدل على أن الكفار من أهل الجنة؛ بإطالق

.[62: البقرة] ﴾ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

: ﴾ٹ ڤ﴿( 292)عند قوله تعالى من سورة النساء (351/ 2)قال ابن كثير يف تفسيره (5)

﴾يئ جب حب خب مب ىب يب جت حت ختمت﴿: كقوله ﴾ٹ ڤ﴿فقوله يف اآلية والحديث »

من روح مخلوقة؛ وأضيفت الروح إلى اهلل على وجه التشريف، كما : أي [53: الجاثية]

ڇ ڇ ﴿: ، ويف قوله[64: هود] ﴾ڎ ڎ﴿: ، يف قولهأضيفت الناقة والبيت إلى اهلل

«من»من خلقه ومن عنده، وليست : أي ﴾ٹ ڤ﴿: ، فقوله[26: الحج] ﴾ڍ

.اهـ «بل هي البتداء الغاية -عليهم لعائن اهلل المتتابعة-للتبعيض، كما تقول النصارى

التوراة وسنة موسىفكان إيمان اليهود أنه من تمسك ب» (:565/ 5)قال ابن كثير يف تفسيره (2)

، حتى جاء عيسى، فلما جاء عيسى كان من تمسك بالتوراة وأخذ بسنة موسى فلم ڠ

ا، وكذلك إيمان النصارى أن من تمسك باإلنجيل منهم : يدعها ولم يتبع عيسى، كان هالك

ا ملسو هيلع هللا ىلصوشرائع عيسى كان مؤمن ا مقبوال منه حتى جاء محمد منهم ملسو هيلع هللا ىلص، فمن لم يتبع محمد

اويدع م . اهـ «ا كان عليه من سنة عيسى واإلنجيل كان هالك

وهو سبحانه يذكر التوراة واإلنجيل، ثم ( 89 - 88)كسياق اآليات يف سورة المائدة :قلت

.[84: المائدة] ﴾ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژژ﴿: قال

ا على ما قبله من الكتب: ڤقال ابن عباس : ومعنى قوله مهيمن ا عليه ر ابن تفسي. )حاكم

(.48/ 0)كثير

قال :قال ڤمن حديث أبي هريرة ( 513/ 242)كذلك ما رواه مسلم يف صحيحه

والذي نفس محمد بيده، ال يسمع بي أحد من هذه األمة يهودي وال نصراين ثم »: ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

.«إال كان من أصحاب النار ،يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به

524

ڎ ڈ ڈ ﴿: تدل بعض اليهود على تفضيلهم علينا بقوله سبحانهواس

.[42: البقرة] ﴾ژ ژ ڑ ڑ ک ک

.[22: ص] ﴾ہ ہ ہ ھ﴿: وبعض الحلولية استدل على قوله بقوله تعالى

، أو حمل وكذلك يمكن كل من اتبع المتشابهات، أو حرف المناطات

ك باألحاديث الواهية، أو أخذ اآليات ما ال تحمله عند السلف الصالح، أو تمس

األدلة ببادي الرأي، له أن يستدل على كل فعل أو قول أو اعتقاد وافق غرضه بآية

؛ والدليل عليه شهرت -استدالل كل فرقة : أو حديث، ال يفوز بذلك أصال

.على بدعتها بآية أو حديث من غير توقف -بالبدعة

الطريق، ومن تساهل رمته فمن طلب خالص نفسه تثبت حتى يتضح له

.اهـ «أيدي الهوى يف معاطب ال مخلص له منها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ڑ ڑ ک ﴿: عن أبي العالية يف قوله تعالى» (:539/ 5)قال ابن كثير يف تفسيره (5)

بما أعطوا من الملك والرسل والكتب على عالم من كان يف ذلك الزمان؛ : قال ﴾ک

ا .فإن لكل زمان عالم

.وروي عن مجاهد، والربيع بن أنس، وقتادة، وإسماعيل بن أبي خالد نحو ذلك

: ؛ لقوله تعالى خطاب ا لهذه األمةويجب الحمل على هذا؛ ألن هذه األمة أفضل منهم

ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹڤ ڤ ڤ ﴿

.اهـ «[552: آل عمران] ﴾ڄڤ ڦ ڦ ڦ ڦ

: ﴾ٹ ڤ﴿( 292)عند قوله تعالى من سورة النساء (351/ 2)قال ابن كثير يف تفسيره (2)

﴾يئ جب حب خب مب ىب يب جت حت ختمت﴿: كقوله ﴾ٹ ڤ﴿فقوله يف اآلية والحديث »

روح مخلوقة؛ وأضيفت الروح إلى اهلل على وجه التشريف، كما من: أي [53: الجاثية]

ڇ ڇ ﴿: ، ويف قوله[64: هود] ﴾ڎ ڎ﴿: أضيفت الناقة والبيت إلى اهلل، يف قوله

«من»من خلقه ومن عنده، وليست : أي ﴾ٹ ڤ﴿: ، فقوله[26: الحج] ﴾ڍ

.اهـ «الغاية بل هي البتداء -عليهم لعائن اهلل المتتابعة-للتبعيض، كما تقول النصارى

ا لقطع اليد، والمراد :المناطات (3) جمع مناط وهي العلة، كما جعلت السرقة علة ومناط

معجم غريب . )بقول الشاطبي تحريف معاني الكتاب والسنة ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله

(.501/ 1)، معجم المصطلحات واأللفاظ الفقهية (575 :ص)الفقه واألصول

521

وباهلل وحده التوفيق ذا آخر ما قدر العليم سبحانه كتابته يف هذا البحث، ه

والسداد والرشاد، والهدى والفالح والصالح، يهدي من يشاء بفضله، ويضل من

يشاء بعدله، أمر عباده بأخذ األسباب؛ للوصول يف المسائل إلى وجه الصواب،

ہ ہھ ھ ھ ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ﴿ :حيث قال تعالى

.[253 :البقرة] ﴾ھ ے ے ۓ ۓ

سبحانه العليم الحكيم الوهاب، وإليه المرجع والمآب، وآخر دعوانا أن

.الحمد هلل رب العالمين

.أشهد أن ال إله إال أنت، أستغفرك وأتوب إليك كسبحانك اللهم وبحمد

وكتب

أبو عبد الرمحن عيد أبو السعود الكيال

م األحدوكان االنتهاء منه صباح يو

هـ2800/ شوال/ 11

الموافق

م1321/ 7/ 7

قرية الرقبة، مركز دراو، أسوان

مصر الحبيبة حفظها اهلل تعالى

ثم أعيد تنقيحه يوم االثنين

هـ2808/ 5/ 19

الموافق

م1320/ 8/ 4

عزبة الهجانة، القاهرة، مصر

حفظها اهلل تعالى

526

فهرس الكتاب

0 ..................................................................... منطلق البحث

1 .......................................................... ى البحثرسم الدخول إل

21 ........................................................................... مقدمة

21 .....................................................................خطة البحث

27 ........ اإلمجاع معقود على وجوب العمل بظواهر النصوص: الركيزة األوىل

27 .......... مقدمة بين يدي الركيزة، يفهم منها نقاط الركيزة وتظهر المعنى المقصود

12 ........................... صرف اللفظ عن ظاهره بدون دليل خالف األصل -2

12 ...................... اهلل التي فطر الناس عليها إجراء اللفظ على ظاهره فطرة -1

يمنع المفتي من اإلفتاء إذا أخرج اللفظ عن ظاهره بال مسوغ وهو قول األئمة -0

ا ا وخلف 11 ..................................................................... سلف

11 ........................... صرف اللفظ عن ظاهره بالمعقول قدح يف الرسول -8

10 صرف اللفظ عن ظاهره بالهوى فسق ومعصية كبيرة وتحريف للكلم عن مواضعه -5

15 ................................ فاظ النصوص عصمة مضمونة وحجة بالغةأل -1

00 ............ ال تراد أحيانا؛ للمسوغ الشرعي ظواهر النصوص قد: الركيزة الثانية

00 .............................................. هذه الركيزة متفرعة عن األولى -2

00 .................................................... يف معنى الفقه واالستنباط -1

01 ..................... تخطئة أهل العلم لجمود الظاهرية على ظواهر النصوص -0

83 ................ وداللتها ماع على العمل بمفهوم النصوص ومعانيهانقل اإلج -8

80 .............................. إجماع أهل اللغة على العمل بالمفهوم والمعنى -5

80 .............................................................. البيان بالمفهوم -1

85 ...................................................... :الدالالت الثالث لأللفاظ

89 ............................. معنى األلفاظ بين الحقيقة الشرعية واللغوية والعرفية

522

ا ملسو هيلع هللا ىلصكالم النبي 51 ....................................... يصرف ويفسر بعضه بعض

58 ......... وحتتها مخس نقاط ،االستدالل على منهج البحث: ة الثالثةالركيز

58 ........................................ ذكر األدلة وبيان وجه االستدالل منها -2

57 ....... ملسو هيلع هللا ىلصالصارف الشرعي الذي بنى عليه الصحابة صرفهم لظاهر أمر النبي -1

11 ...... كان أصوب، أهل الظاهر أم المعنى ڤبيان أي الفريقين من الصحابة -0

18 ............................ لية ألدلة األحكامالصحابة والنظرة الفقهية الشمو -8

14 .. صنيع الخلفاء الراشدين األربعة األخذ بالمعنى المستنبط المخصص لظاهر النص -5

91 ................................ الصوارف الشرعية املعتربة: الركيزة الرابعة

92 ..................................... مدار الصوارف على قول الشافعي يف رسالته

90 ........................................................... ذكر الصوارف مجملة

98 .................................................... داللة السياق :الصارف األول

السياق يرشد إلى تبيين المجمل، وتعيين المحتمل، والقطع : يف عمل السياق قاعدة

91 ............ بعدم احتمال غير المراد، وتخصيص العام، وتقييد المطلق، وتنوع الداللة

94 ............................. ال يمكن أن يصرف الكالم عما يقتضيه السياق: فائدة

94 ................................. تغير معنى االسم بتغير موضعه وسياقه: قاعدة يف

المعنى الفقهي المستنبط من الدليل والذي يحتمله النص بدون افتعال :الثاينالصارف

42 ....................................................................... وال تكلف

41 ........................................ الشك ال يقتضي وجوب ا يف الحكم: قاعدة

ا للحكم بزوال العلة، :الصارف الثالث التصريح بعلة الحكم يف الدليل يكون صارف

40 ............................................. ومثبت ا له بوجودها، وذلك باإلجماع

47 .... مفهوم المخالفة لدليل آخر، أو صرف مفهوم المخالفة بدليل آخر :الصارف الرابع

73 ................. إجماع الصحابة على خالف ما ورد به الشرع :الصارف الخامس

اشتمال الحديث نفسه على تعليل يدل على األفضلية غير الواجبة :الصارف السادس

71 .......................................... للفعل المأمور به، فيصرف على الندب

ف الدليل بنفس الدليل أو بدليل آخر منفصل عنه، ويدخل فيه صر :الصارف السابع

70 .................................................... النس ، والمخصص والمقيد

528

71 ............... لفعل ما أمر به، أو فعله لما نهى عنه ملسو هيلع هللا ىلصترك النبي :الصارف الثامن

79 ................ الدليل على حجية فعل الرسول مطلقا كتشريع لألمة كالقول

231 ................. تخصص بهالعرف الذي ال يخالف النصوص ف :الصارف التاسع

235 .................................. خروج الكالم مخرج الغالب :الصارف العاشر

234 .................................. التعقيب على مجلة ما ذكر من الصوارف

ضوابط ألفاظ النصوص عن ظواهرها وبيان الصوارف : الركيزة اخلامسة

221 ................................................................... الباطلة منها

220 ........................................................... خالصة ما سبق :أوال

228 .................................................... ذكر الضوابط وشرحها :ثانيا

229 ................................ لة والصوارف الفاسدةطالتأويالت البا ذكر :ثالثا

211 .................................................................. خاتمة البحث

211 ................................................................. فهرس الكتاب