(1)

ا�� ا��� ا���������� � ��� ا���م وا����ف

� ا������ وا��%$ي "!� ���.د دار .'�-� ا, +�م ��)* :ا�)'&

(2)

هذا الكتاب هو محاولة لوضع مقدمة لدراسة الفلسفة الإسلامية بمعناها :مقدمة لمن سموا بالفلاسفة الإسلاميين، كريالواسع والتي تضم بالإضافة إلى الإنتاج الف

من المعارف الإسلامية لذا جاء اختيار الاسم الفكر اعلم الكلام والتصوف وغيره .لإشارة إلى هذا المعني الواسعلالإسلامي الفلسفي وليس الفلسفة في محاولة

سوف نكتفي بتعريف فروع الفكر الفلسفي الإسلامي ثم نتناول بعض القضايا و .ها ومواقف العلماء والمذاهب من هذه القضاياالتي تناولت

(3)

ا��ب ا�ول ا��م��

ا��� ا�ول :تعريف علم الكلام

.معنى الكلام لغة واصطلاحا) 1 .معنىاللفظ الدال على الكلام هو :لغة ) أ

:النظر العقلي في أمر العقائد الدينية يقول ابن خلدون :اصطلاحا ) بالعقائد الإيمانية بالأدلة هو العلم الذي يتضمن الحجاح عن(

(1))العقليةالعقائد الإيمانية إثبات والكلام علم يقتدر معه(يقول الأيحي

.(2))بإيراد الحجج ودفع الشبة .سبب تسميه بعلم الكلام) 2

:وذكر الأيحي أربعة أقسام هيعلم أداة هذا العلم كما أن المنطق هو أداةهو ) الجدل(ن الكلام إ) أ

".المنطق للفلسفة إزاءلأنه "بتعبيره الفلسفة أو .اأبوابه عنونت أولا الكلام في كذ لأن) بأشهر أجزائه حتى كثر فيه ) القرآن(لأن مسألة كلام االله تعالى ) ج

.ك فغلب عليهفسر والالتشاج .(3)لأنه يولد قدرة على الكلام في الشرعيات مع الخصم) د

.363ابن خلدون، المقدمة، ص (1)

.10ص . الأيحي، الموقف (2) .10الأيحي، الموقف، ص (3)

(4)

.تعدد أسماء العلم) 3

ذا العلم تبعا لتعدد الجهات المنظور إليه منها فأطلق عليه وتعددت أسماء هعلم الكلام، علم أصول الدين وعلم النظر والاستدلال وسماه أبو الإضافة إلى ب

علم الكلام، ويسمى بأصول الدين أيضا، "حنيفة الفقه الأكبر، ويقول التهانوي .الله تعالى بالفقه الأكبره اوسماه أبو حنيفة رحم

الذي اختاره هو علم التوحيد لأنه يشكل أحد المفاهيم القرآنية الكلية التي والاسم بالإضافة إلى ) االله تعالى، الإنسان، الكون(تفسر العلاقة بين محاور الوجود

ويسمى بعلم النظر والاستدلال "يقول التهاوي . مفهومي الاستخلاف والتسخير (1)."أيضا ويسمى بعلم التوحيد والصفات

العلم المتعلق بالأحكام الفرعية أو العلمية يسمى بعلم الأحكام، "تفتزاني الويقول (2)".وبالأحكام الأصلية أي الاعتقادية تسمى علم التوحيد والصفات

:ة علم الكلام بالفلسفةعلاق) 4

فالمتكلم ،يذهب بعض الباحثين إلى أن هناك خلافا منهجيا بين الكلام والفلسفةأما . فروض ميتافيزيقية ثم يحاول إقامة الأدلة على صحتهايسلم أو لا يسلم ب

الفيلسوف فإنه لا يسلم فروض عند البداية ثم يحاول التوصل إلى النتائج فمثلا الفيلسوف أما المتكلم يسلم أولا بوجود االله ثم يحاول إقامة الأدلة على وجوده (

(3).)ود االلهفإنه لا يسلم بشئ عند البداية ثم يحاول البرهنة على وجويقرب أحمد أمين الفكرة السابقة بالمقارنة بين القاضي الذي يبدأ باتخاذ موقف محايد ثم يتبع الأدلة حتى يصل إلى براءة أو تجريم المتهم، والمحامي الذي

.ي براءة المتهمهينطلق من البداية من مسلمة و

.20التهاوي، مجمع السلوك، ص (1) .11التفتزاني، شرح العقائد، ص (2) .5مطبعة جامعة النيلين، ص عطية أبو عازر، علم الكلام،. د (3)

(5)

فة وهو وجوب غير صحيح للفلس ايضمر تصور -فيما نرى –غير أن هذا القول أن لا تنطلق في البداية من الميتافيزيقا بينما أي مذهب فلسفي إنما ينطلق من فروض مسلم بها دون أن تكون قابلة للإثبات أو النفي بالتجربة والاختبار

.العلميين أي فروض ميتافيزيقية، بهذا المعنىالتي جاء بها الإسلام فعلم الكلام هو فلسفة إسلامية بمعنى أنه يتخذ العقائد الدينية

وبالتالي فهو أحد قطاعات ،بمثابة مسلمات أولى ينطلق منها كما يدل تعريفهلاسفة العرب الفلسفة الإسلامية دون نفي الفلسفة الإسلامية التي وضعها الف

وهو والتي اختارت منهجا مغايرا ،)ي، الفارابي، ابن سيناالكند(والمسلمون مع العقيدة لتتلاءمثم محاولة تطويرها ،سفة اليونانية الانطلاق من مقولات الفل

بالدفاع عن الدين الإسلامي في وجه عقائد الأن هؤلاء الفلاسفة عنو ،الإسلاميةا، أي ومذاهب وأديان اتخذت من الفلسفة والمنطق اليونانيين كأدوات للدفاع عنه

فة والمنطق الفلس( عند هذه العقائد والمذاهب أنهم انطلقوا مما هو مسلمزينب . تقول د) الدين الإسلامي(ليصلوا به إلى ما هو مسلم لديهم ) اليونانيين

هذه الفلسفة التي ازدهرت بالعلوم ) هويدي( يحي. سمي أستاذنا د(الخضيري الفقهية والكلامية وعلم أصول الدين بفلسفة الإسلام لأنها تقوم على القرآن

(1)).وفلسفته :كلامعلم ال أةأسباب نش) 5 :الأسباب الداخلية) أ

عندما ظهر الإسلام كانت المجتمعات التي توجد المنطقة التي تسمى بالعربية أما القبائل أو الشعوب، وكانت الهجرة بمثابة ترقي إلى ما فوق الطور القبلي فقد

لنظام ن من القبائل المختلفة يخضعونوقطعت الروابط القبلية وأصبح المؤمن

زينب الخضيري، أثر ابن رشد في الفلسفة في العصور الوسطى، دار التنوير، . د (1) . 111ص

(6)

وبدأت الأمة العربية المسلمة جنينا في رحم ) الصحيفة(ما في معاملات واحد ك ).الشعب(هذا المجتمع

لمدرسة النبوة فقامت على المساواة بين اوكانت فترة الخلافة الراشدة امتدادعهد الخلافة الراشدة بدأ ه بعدوقطع العلاقات العشائرية والقبلية غير أن –الناس

مما أدى لنشوء صراع ) رغم الإقرار النظري(اة تراخي في تطبيق مبدأ المساواجتماعي أخذا شكل صراع داخلي قائم بين قوى تستهدف كل منها الخلاف

كل منها أنها أحق من وتدعو) السيطرة على الإمكانيات المشتركةأداة الدولة (غيرها بها، وتحاول إيجاد تبرير ديني لذلك، وأن كانت كل منها تحمل معها

...) ميين، العباسيين الأمويين، الهاش(قبلي فيما تدعيه من وحدة الأصل تراثها الالدولة مثل فارس اع الشعوب غير العربية والتي ضمتهاكما دخل هذا الصر

).إيران(ة ومن ثم علم كل ذلك بمثابة توافر لشروط الذاتية لنمو بذرة المذاهب الكلامي

لقبائل العربية غير القرشية لا كان أغلب أنصارها من ا الكلام ففرقة الخوارججعلوا من مبادئهم أن الخلاف ليست في قريش وليست لعربي دون عجمي وقد

. عليهم أول وهو ليست قرشي ااختاروا عبد االله بن وهب بالراسبي أميرها في الأفكار الفارسية قليل من الباحثين أن فرقة الشيعة نجد جذور ويري غيركما . ي وأضحتشابه بين مذاهبهم ونظام الملك الفارسوورثته وأن ال حول الملك

المعتزلة من الموالي وهم أبناء الشعوب غير العربية كان أغلب أنصار مذهبوكان من أنصار مذهبي الجبر والإرجاء الأمويين حتى . التي ضمت إلي الدولة

انصهرتوفي هذه الأرض الواحدة ". الجبر والإرجاء دين الملوك " قيل وبلغتها حتى من خلال هذا الصراع وتفاعلت فصنعت من أرضها الشعوب

والعلم والتقاليد وعناصر الحضارة الأخرى –أنماطا من الفكر والمذاهب والفن .كان منها علم الكلام

(7)

:ب الخارجيةالأسبا) ب

وبالتالي الاجتماعي،شمل مجتمعات مختلفة في درجة تكوينها الإسلامين الفتح إمختلقة أي ذات أنماط مختلفة من الفكر والمذاهب والعقائد ذات حضارات

العقلانية والمنطقية في نقص هذه المناهج استخدام اقتضىوهذا ما .. .والفلسفات .العقائد والفلسفات والدعوة إلى العقيدة الإسلامية

:مواقف من علم الكلام في الفكر الإسلامي ):التحريم(موقف الرفض المطلق ) أ

ن صو(في كتابه " السيوطيكالصوفية وه بعض متأخري الحنابلة من ممثلي) م المنطق وأهلهذ(والهواري في كتابه ) المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام

كما استند بعضهم إلى تأويل خاطئ لبعض أقوال المنطقية من السلف في النهي ، ).التفويض(عن الخوض في الكلام تحت اسم

:تقويم

بل السكوت عن الخوض في الفاسدة، العقائد نع السكوتعني التفويض لا يودلالة صحة العقيدة العمل السائد،مسائل العقيدة مادام الفهم الصحيح هو

وهو ما كان سائدا على عهد الرسول صلى االله عليه وسلم والخلفاء ،الصالح .الراشدين رضي االله عنهم

ها فالمسلمون مكلفون بالعمل على انحراف عن الفهم الصحيح لهماك أما إذا كان المسلمين عندما وهو ما حدث في مرحلة متأخرة من تاريخ، تصحيح هذا الفهم

لم يكن أحد من "يقول الحسن البصري ، فهم الفاسد للعقيدة تصدى بعض السلف للالسلف يذكر ذلك ولا يجادل فيه لأنهم كانوا على أمر واحد، وإنما أحدثنا الكلام

دث الناس من أنكره له فلما أحدث المحدثون في دينهم أحدث االله فيه لما أح (1)".للمتمسكين بكتابه ما يطلبون به المحدثات ويحرزون من المهلكات

.12ابن المرتضى، المنية والأمل، ص (1)

(8)

وأما الجماعة فعلى ما قال مالك رحمه االله (كما يؤكد ذلك ما أورده ابن عبد البر باطل وصرف إلا أن يضطر أحد إلى الكلام فلا يسعه السكوت إذا طمع برد ال

(1).)صاحبه عن مذهبه أو خشي ظلال عامة أو نحو هذالك بدعة على والقول بأن السلف سكتوا عن الخوض في هذه المسائل وعدوا ذ

:الإطلاق غير صحيح ونورد أمثلة على ذلكويقول أحمد فيما كتبه في الرد على (أورد ابن تيمية عن ابن حنبل *

ما شكت فيه من تشابه القرآن وتأويله غير تأويله الزنادقة والجهمية أنها تأولت في .وروى البيهقي فاستناده عنه (2)ثم تكلم على معناها ):النقدي(الموقف التقويمي

وهو محاولة وضع حلول صحيحة للمشاكل ،وهو فيما نرى الموقف الصحيحعلى أن تكون تلك الحلول محدودة بالقواعد اليقينية ، التي طرحها علم الكلام

ويؤكد هذا ،لورود القطعية الدلالة التي وضعها االله تعالى للمعرفة الإنسانيةاجواز الإشغال بعلم الكلام لإحقاق الحق وإبطال (الموقف الحقيقي لابن تيمية وهو

يقول ) الباطل وإذا لم بقصد به الاستدلال بالأدلة الفاسدة أو تبني المقررات الباطلةما فيه من الاصطلاحات يكرهوا الكلام لمجرد فالسلف والأئمة لم"ابن تيمية

وغير ذلك بل لأن المعاني التي ) الجسم(و) العرض(و) الجوهر(المولدة كلفظ يعبرون عنها بهذه العبارات قد يكون فيها من الباطل المذموم في الأدلة والحكام

فإن... ما نهى عنه لاشتمال هذه الألفاظ على معني مجملة في النفي والإثباتعرفت المعاني التي يقصدونها بأمثال هذه العبارات ووزنت بالكتاب والسنة بحيث يثبت الحق الذي أثبته الكتاب والسنة وينفي الباطل الذي نفاه الكتاب والسنة الانطلاق كل منهما فالغزالي استند إلى نظرية الكشف الصوفي وبالتالي اعتبر

ير من المسائل الكلامية مثل العلاقة وبناء على الموقف في كث). كل ذلك هو الحق

.155ابن عبد البر، مختصر جامع بيان العلم وفضله، ص (1) .71ابن تيمية، تفسير سورة الإخلاص، ص (2)

(9)

كان في الجزء –بين الوجود والموجود والقدر والجبر والاختيار والقدم بالنوع .الثالث من مجموعة فتاواه

:الإمام الغزالي) ب

علم الكلام لا كما يمثل هذا الموقف الإمام الغزالي مع الاختلاف بينهما في نقطة .نه استند إلى العقلتحصل عليها بالكشف أو الإلهام لأيفيد المعرفة اليقينية والتي

ثم إني ابتدأت بعلم الكلام فحصلته وعقلته وطالعت كتب المحققين منهم وصنفت (بمقصودي افيا بمقصوده غير وافأن أصنف فصادفته علما وفيه ما أوردت

نهم ولك .وإنما مقصوده حفظ عقيدة أهل السنة وحراستها عن تشويق أهل البدعةاعتقدوا في ذلك على مقدمات تسلموها من خصومهم واضطرهم إلى تسليمها أما التقليد أو إجماع الأمة أو مجرد القبول من القرآن والأخبار وكان أكثر خصومهم في استخراج متناقضات الخصوم ومؤاخذتهم بلوازم مسلماتهم وهذا قليل النفع في

، فلم يكن الكلام في حقي كافيا ولا جبن من لا يسلم سوى الضروريات شيئا أصلا ).لدائي كنت أشكوه شافيا

وحرام ، منفعتهدوب أو واجب باعتبار واعتبر أن علم الكلام حلال منفي وقت منفعتهفهو باعتباره ،ن فيه منفعة وفيه مضرةأ(باعتبار مضرته

مضرته هوهو باعتبار ،الانتفاع حلال أو مندوب إليه أو واجب كما تقتضيه الحال ).في وقت الاستضرار حرام

(10)

ا��ب ا����� ا��م و���� ا��ق ا����� ������ ����� � !

نتناول في هذا الفصل بعض القضايا التي تناولها علم الكلام من خلال والقبح عند الإمامة عند الشيعة، الحسن :عرض موقف الفرق الكلامية منها وهي

دية، أفعال العباد عند الجبرية والقدرية، مرتكب المعتزلة والأشاعرة والماتري .الكبيرة عند الخوارج والمرجئة، الصفات الإلهية بين المشبهة والحنابلة

:الإمامة عند الشيعة

الشيعة في اللغة الأنصار، والتشيع الانتصار، فشيعة فلان أنصاره لى بن أبيوتشيعوا لفلان انتصروا له والشيعة من ناحية تاريخية هم أنصار ع

فتقوم على الاعتقاد )امذهب(فرقة أي أما الشيعة باعتبارها . طالب رضي االله عنهثم اختلفوا . جب أن تنحصر في علي رضي االله عنه وذريته بالنصبأن الخلافة ي

مامة الحفيد الثالث إالزيدية ب لت، فقا)الإمامة(في من من ذريته يحق له الخلافة وقالت الإسماعيلية بإمامة حفيده السابع إسماعيل بن زيد بن علي بين الحسين،

جعفر الصادق، وقالت الاثني عشرية بإمامة الحفيد الثاني عشر محمد بن الحسن ).الملقب بالعسكري(

:الاثني عشرية :الإمامة من أصول الدين

هي أصل من أصول الدين التي لا ) السلطة(ترى هذه الفرقة أن الإمامة تحتمل وليست فرع من فروعه التي ،لا تخضع للاجتهاد ي، وبالتالالتأويلتحتمل

.التأويل القابلة للاجتهاد :النص والتعيين

كما يرى أهل (أي أن اختيار الإمام لا يتم بانتخاب الجماعة له بالبيعة ،للإمام) القرآن والسنة(بل بالتعيين الإلهي ومن خلال تحديد النص ،)السنة

منها حديث غديرخم هذا التعيين الإلهي وأوردوا أدلة نقلية فالبيعة لاحقة علىمعصوم منها أن الفرد غير كما أوردوا أدلة عقلية،) من كنت مولاه فعلي مولاه(

(11)

هي مجموع أفراد، فهي بالتالي غير معصومة عن الخطأ عن الخطأ، والجماعةعة، لذا فإن أيضا، والخطأ في اختيار الإمام يترتب عليه الفوضى وتفكك الجما

.اختياره أمر إلهي :عصمة الأئمة

الخطأ، ولما كان اختيار الأئمة هو اختيار إلهي فهم معصومون من لا ينال عهدي (منها قوله تعالى لإبراهيم عليه السلام نقليهوأوردوا أدلة

.كما أوردوا أدلة عقلية منها دليل التسلسل) الظالمين :الغيبة

قد غاب ) الملقب بالعسكري(ر محمد بن الحسن أي أن الإمام الثاني عش ثم غيبة كبرى ،واستمرت سبعين عاما ،هـ 260سنة غيبة صغرى ) اختفى(

.تستمر إلى آخر الزمان :الرجعة

.المهدي المنتظر أي عودة الإمام الثاني عشر آخر الزمان على صورة :التقية

م كشف انتماء ، أو عدأي عدم كشف قواعد المذهب لغير المنتمين إليه مطمئن إلا من أكره وقلبه(واستدلوا بقوله تعالى ، الفرد إلى المذهب للغير

).قية ودين آبائيتال(وينقلون عن جعفر الصادق ،)بالإيمان :الزيدية

وهي أقرب الفرق . هم أتباع زيد بن علي زيد بن علي بن الحسين .إلى أهل السنة ةالشيعي

:الإمامة من فروع الدين

قوا مع أهل السنة وخالفوا الشيعة الاثني عشرية في القول بأن الإمامة اتف .فرع من فروع الدين التي تحتمل التأويل فهي خاضعة للاجتهاد

(12)

:النص والتعيين الخفي

أي ،)الظاهر(والتعيين الجلي إذا كان الشيعة الاثني عشرية قالوا بالنص فإن الشيعة الزيدية ،د من هو الإماميقينية الورود والدلالة تحد اأن هناك نصوص

لكنها ،تحدد من هو الإمام اأي أن هناك نصوص، قد قالوا بالنص والتعيين الخفي تحتمل التأويل والاجتهاد فضلا عن أن هذه وبالتالي،الورود والدلالة ظنية

والفرق بين الموقفين أن الموقف ،النصوص قد حددت الإمام بصفاته لا باسمهعشري يترتب عليه أن من أنكر إمامة علي وذريته منكر لنص قطعي الاثني

.كافر، أم الزيدي فيترتب عليه أن من أنكرها مجتهد مخطئيقيني أي :إمامة المفضول مع وجود الأفضل جواز

والمفضول أبو بكر وعمر ،ويقصدون الأفضل علي بن أبي طالب ولكن لصغر سنه ،خلافة منهم البأي أن عليا كان أحق ،وعثمان رضي االله عنهم

وتعرض الدولة للأخطار جاز توليهم الخلافة قبله بخلاف الشيعة الاثني عشرية .الذين يرونهم مغتصبين للخلافة

:تقويم :الأثر الفارسي

وتحديدا الشيعي الاثني ) (السلطة(جذور التصور الشيعي للإمامة فقد ،دة في فارس قبل الإسلامسائ ترجع إلى العقائد والفلسفات التي كانت) عشري

فكان بالنسبة إليها إضافة ،كانت فارس في الطور الشعوبي عندما دخلها الإسلامه من آثار وجودها الذي لم يلغ،وودها وج نت حضارتها الشعوبية ولكن لم تلغأغ

التصور الشيعي للإمامة ة للملوك إلىيهأن تم تعديل نظرية الطبيعة الإل الإسلامبالأفكار الفارسية اثروتأوفي الحق إنا نعتقد أن الشيعة قد (د أبو زهرة يقول محم

(1)).حول الملك ووراثته والتشابه بين مذهبهم ونظام الملك الفارسي واضح

.61زهرة، الفرق الإسلامية، صمحمد أبو (1)

(13)

:فكرة المهدية

أخذ بالاعتقاد بالمهدي المنتظر من الشيعة الاثني عشرية والإسماعيلية اعتقدت كبيره أهل السنة فهناك طائفةأما ، وبعض الزيدية ونفاه بعض الزيدية

ولكنهم في الحالتين لم يجعلوا الاعتقاد ،وهناك طائفة لم تعتقد المهدية ،بالمهدية .بالمهدية من أصول الدين

(14)

مرتكب الكبيرة بين الخوارج والمرجئة :الخوارج

الخروج في اللغة التمرد والعصيان، والخوارج هم الذين خرجوا أي ومنشأ الخوارج أنه بعد مقتل . لي بن أبي طالب رضي االله عنهتمردوا على ع

ولكن معاوية والي الشام رفض ،لخلافة باعثمان رضي االله عنه بويع علي مبايعته متهما إياه بالتستر على قتلة عثمان، ثم التقى علي ومعاوية وكاد يهزم لو

مال بعض و، لا أن أشار عليه عمرو بن العاص بأن يرفع جنوده المصاحف وقالوا ،أصحاب علي إلى التحكيم، ولكن فريقا من أصحابه رفضوا قبول التحكيم

لا حكم إلا الله وساروا إلى قرية حروراء فلقبوا بالحرورية وهم أسلاف الخوارج، اومعليه وس) تمردوا(ثم استاء نفر من أصحاب علي من نتيجة التحكيم فخرجوا

:فرقة وأهم قواعد مذهب الخوارج هيوانقسموا إلى عشرون ، بالخوارج .تكفير علي ومعاوية وعثمان وكل من رضي بالتحكيم: تكفير من رضي بالتحكيم

الحر الصحيح الذي بالانتخابإلا كونتفة لا قالوا أن الخلا :الخلافة بالانتخابويستمر مادام قائما بالعدل مقيما للشرع ، يقوم به عامة المسلمين لا فريق منهم

.لا وجب عزلهوإ .وأوجبوا الخروج على السلطان الجائر: وجوب الخروج على السلطان الجائر

وقالوا ليست الخلافة في قريش وليس لعربي دون : جواز خلافة غير القرشيبل الأفضل أن تكون لغير العربي ليسهل عزله ،بل الجميع فيها سواء ،أعجمي

ب الراسبي أميرا لهم وهو غير وقد اختاروا عبد االله بن وه،إن خالف الشرع .قرشي

الخوارج في التوحيد بين الإيمان والعمل، فالإيمان تطرف: تكفير مرتكب الكبيرةولم ،يقتضي بالضرورة العمل الصالح، وترتب على هذا تكفير مرتكب الذنوب

كما ،فكفروا مرتكب الكبيرة والصغيرة ،يميزوا في الذنوب بين الكبائر والصغائرواستدلوا بآيات منها ،ليه اعتبار مخالفيهم في الاجتهاد والمذهب كفارا ترتب ع

إليه سبيلا ومن كفر فإن والله على الناس حج البيت من استطاع(قول االله تعالى

(15)

هو ذنب كفرا فكل وفقالوا أن الآية تجعل ترك الحج ) االله غني عن العالمينهم ما أنزل االله فأولئك ومن لم يحكم ب(وقوله تعالى ،مرتكب للذنب كافر

للذنوب قد حكم لنفسه بغير ما أنزل االله فيكون فقالوا كل مرتكب )الكافرون .كافرا

عبد االله بن أباض ولا يزال بعضهم يقيم في عمان وشمال وشرق إتباع: الإباضية .وهم أقرب فرق الخوارج إلى أهل السنة، إفريقيا

الاعتقاد أي الكفر باالله بين كفروقد ميزوا :التمييز بين كفر الاعتقاد وكفر النعمةالتقصير في جنب االله تعالى، واعتبروا مخالفيهم في تعالى وكفر النعمة أي

هم حرام، وبالتالي فإن دماء، لا كفار اعتقاد الاجتهاد والمذهب كفار نعمة ان ولا يحل من غنائمهم إلا الخيل و السلاح طودارهم دار سلام إلا مسكر السل

.وز شهادتهم والزواج منهم والتوارث معهموتج :تقويم

مذهب الخوارج يستند إلى تصور تشبيهي للحاكمية، أي الاعتقاد بأن في حين أن الحاكمية في ،الحاكمية تعني السلطة كما في الفكر السياسي الحديث

أي السلطة المطلقة أي ،القرآن تعني ما يقابل السيادة في الفكر السياسي الحديث صدر السلطة، أما السلطة فهي ممارسة السيادة في زمان ومكان معينين، وقد م

ستندوا في ذلك إلى وا،عض الجماعات الإسلامية المعاصرة بقال بمذهب مقارب لكتبه الأعلى المودودي والتي نقلها سيد قطب في بعض مقولات أبيما فهموه من

أول من تعرض لهذا وكان على بن أبي طالب رضي االله عنه هو ،المتأخرة ) (.... لا حكم إلا الله(النقد فقال في معرض رده على مقولة الخوارج بالمذهب

إلا الله لا الله ولكن هؤلاء يقولون لا أمرةكلمة حق أريد بها باطل، نعم لا حكم إالحاكمية بمعنى السيادة الله فعلي يقر إسناد ....) ولابد للناس من أمير بر أو فاجر

ولكن يستنكر فهم هذه الحاكمية بأنها السلطة التي أشار ) حكم إلا الله نعم لا( بقولهثم بين ضرورة السلطة بقوله )مرة إلا اللهلكن هؤلاء لا أ(لفظ الإمرة بقوله إليها ب

).لابد للناس من أمير بر أو فاجر(

(16)

:المرجئة

عقاب العصاة ) تؤخر(التأخير لأن هذه الفرقة ترجي الإرجاء في اللغة .وم القيامةإلى ي

يجب التمييز بين إرجاء بعض السلف من الصحابة : إرجاء بعض السلفوالتابعين الذين امتنعوا عن الخوض في الصراع السياسي الذي ظهر في عهدهم

فقالوا إن مرتكب الكبيرة يرجى أمره الله تعالى ليحاسبه يوم القيامة فإن شاء ، .عذبه وإن شاء عفا عنه

ترة تالية ظهر من تطرف في القول بالإرجاء لينتهي إلى في ف: الإرجاء البدعيأي أن المؤمن ،)لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة(القول بأنه كما يظل الكافر كافرا مهما قام بأعمال ،مهما ارتكب من المعاصي يظل مؤمنا

أو الأوثانه وعبد ن من أعلن الكفر بلسانإن الإيمان اعتقاد، وا(وقالوا ،صالحة لزم اليهودية والنصرانية في دار الإسلام وعبد الصليب وأعلن التثليث في دار الإسلام ومات على ذلك فهو مؤمن كامل الإيمان عند االله عز وجل ومن أهل

).الجنة :تقويم

تطرف والعمل،في حين تطرف الخوارج في التوحيد بين الإيمان والصواب أن العلاقة بين الإيمان والعمل،ن الفصل بين الإيما المرجئة في

كما عند (ل وتمييز لا فص ،)ما عند الخوارجك(والعمل هي علاقة وحدة لا خلط ).المرجئة

(17)

أفعال العباد بين الجبرية والقدرية

):يةمالجه(القدرية

: مصطلح قدرية

ا أي الذين أسندو ،القدرية نسبة إلى قدرة الإنسان على الفعل والاختيار الله وقال البعض نسبة إلى القدر لأنهم نفوا القدر عن ا،الفعل والإرادة إلى الإنسان

ويرى بعض الكتاب أن هذا الوصف ذكرهم به مخالفوهم ،وه للإنسانتعالى وأثبت ).القدرية مجوس هذه الأمة(لينطبق عليهم الحديث

والقدرية ،يةموالراجح أن القدرية بالمعنى الأول تشمل المعتزلة والجه .يةمبالمعنى الثاني تقتصر على الجه

:إعلام الفرقة

وقد تولى الدعوة إلى مذهبه في العراق ،ي ية معبد الجهممأهم قادة الجه وقتله الحجاج في ثورة عبد الرحمن بن الأشعث وغيلان الدمشقي الذي ناقشه

.عمر بن عبد العزيز وقتله هشام بن عبد الملك :نفي العلم السابق

كل فعل للإنسان (وقد تطرفوا في إسناد الفعل والإرادة إلى الإنسان فقالوا العلم ونفوا عن االله تعالى القدر بمعنى،) هو بإرادته المستقلة عن إرادة االله تعالى

لا (قال يفعل الإنساني، يروى أن معبد الجهموالتقدير السابق على حدوث الذهبت القدرية على أن الإنسان هو . (..محمد يوسف . يقول د) قدر الأمر أنف

الذي يقدر أعمال نفسه بعلمه ويتوجه إليها بإرادته ثم يوجدها بقدرته وأن االله لا أزلا ولا دخل لإرادته أو قدره في وجودها ولا يعلمها إلا بعد يقدر هذه الأعمال

(1).)وقوعها

.116محمد يوسف، القرآن والفلسفة، ص. د (1)

(18)

:تقويم

وهي ، الله تعالى مذهب القدرية يترتب عليه إسناد صفة الخلق إلى غير ا أي أن إسنادها لغير االله يترتب عليه جعل علمه وقدرته تعالى ، صفة ربوبية

.محدودين بدلا من أن يكونا مطلقين كما يتضح في قولهم العلم أنف ):الجهمية(الجبرية

ي قدرة الإنسان بة إلى أن مقولتهم الأساسية أي نفأسميت بالجبرية نس .جهمية نسبة جهم بن صفوانوال ،على الفعل والاختيار

:الجبر

رتبوا على كون االله تعالى خالق أفعال الإنسان وأنه ذو قدرة مطلقة إلغاء ن إ(يقول جهم بن صفوان ،قدرة الإنسان على الفعل وإحالته إلى آلة لا إرادة لها

إنما هو مجبور في ،ولا يوصف بالاستطاعة ،الإنسان ليس يقدر على شيءوإنما يخلق االله تعالى الأفعال فيه على حسب ما ،ة ولا اختيار أفعاله ولا إراد

(1))يخلق في سائر الجمادات، وينسب إليه الأفعال مجازا كما ينسب إلى الجماداتإلى أهل السنة وفي فترة لاحقة تسرب القول الجبر إلى بعض المنتسبين

.والجماعة بفرقهم المختلفة :تقويم

سلام لأن التصور التنزيهي الله تعالى يرى أن القول بالجبر وافد على الإ فالأول يحد ، فعل الإلهي المطلق والفعل الإنساني المحدودلض بين ارلا تعا

مها افي عالم الشهادة من خلال السنن الإلهية التي التز ظهورهب(الثاني تكوينيا الناهية من خلال القواعد الآمرة ظهركما ي(وتكليفيا ) ط نجاح الفعل الإنسانيشر

فهذا المذهب يفهم ) والتي ينبغي على الإنسان أن يلتزمها في فعله) الحدود(فإن إسناد الفعل لسواه هو شرك في ،أنه أفراد الفعل الله وبالتالي التوحيد على

إسناد ان أي،بينما التوحيد يقوم على إسناد الفعل المطلق الله تعالى ،الربوبية

.111- 110الشهرستاني، الملل والنحل، مصر المطبعة الأدبية، ص (1)

(19)

وفهمهم للتوحيد يقارب ،عليه شرك الربوبية الفعل المحدود لسواه لا يترتبوباستبعاد ،المناهج المثالية في الفلسفة الغربية كالمثالية الموضوعية عند هيجل

يمكن نسبة المثالية بالمعنى الفلسفي الغربي إلى الإسلام الجبر من الإسلام لا .بخلاف رأي بعض المستشرقين

(20)

لماتريديةالحسن والقبح بين المعتزلة والأشاعرة وا :المعتزلة

مؤسس (أسميت هذه الفرقة بالمعتزلة نسبة إلى أن واصل بن عطاء أستاذه الحسن البصري في مسألة مرتكب الكبيرة ) أي اختلف مع(اعتزل ) الفرقة

أي لا مؤمن ،فقال البصري إنه فاسق وقال واصل إنه في منزلة بين المنزلتين ،لال واصل وتكوينه فرقة المعتزلة في لا كافر، وأدى هذا الاختلاف إلى استق

.مرحلة تالية :وقواعد المذهب الاعتزالي الأساسية خمسة هي: الأصول الخمسة

:العدل والتوحيد: أولا :التوحيدالآيات التي اقدم المعتزلة تصورا للذات الإلهية يقوم على التنزيه، فأولو: التأويل

سان، غير أنهم تطرفوا في هذا التنزيه، يفيد ظاهرها التشابه بين االله تعالى والإن .كما سنوضح لاحقا

تناول المعتزلة طبيعة العلاقة ): التعطيل الجزئي(نفي الصفات الزائدة على الذات فقالوا أن ،فانتهوا إلى التوحيد بينهما ، بين الذات الإلهية والصفات الإلهية

أي نفوا (على الذات وبالتالي نفوا الصفات الزائدة) الصفات هي عين الذات(وأولوا الصفات الإلهية الواردة في ،) وجود صفة إلهية مستقلة عن الذات الإلهية

لذا أطلق عليه لقب المعطلة بمعنى ،وليس وصفا لها ،القرآن بأنها أسماء للذات والصواب هو أنهم لم ينفوا الصفات على ،) أي نفيها(تعطيل الصفات الإلهية

ذهبهم يقوم على التعطيل الجزئي لا مأي أن ، لصفات الزائدة بل نفوا ا،الإطلاق .التعطيل الكلي

:العدل

ذهب المعتزلة إلى أن العدل الإلهي يقتضي أن يثاب المحسن ويعاقب ما يقتضي أيضا أن يكون للإنسان القدرة على الفعل والاختيار بين المسيء، وهو

ه عليه ظلما واالله تفعله لكان محاسب على االخير والشر، إذ لو كان الإنسان مجبور

(21)

في فهم حرية الإنسان فرتبوا على تعالى منزه عن نسبة الظلم إليه، لكنهم تطرفوا .ذلك إن الإنسان خالق لأفعاله

:التحسين والتقبيح العقليين

أي أن الخير والشر يرجعان (ذاتيان في الأفعال قالوا أن الحسن والقبح وأن الشرع يأمر ،)يس لأن الشرع أمر أو نهي عنهمإلى صفة هذه الأفعال ول

وأن العقل مكلف . لما فيه من قبح بالفعل لما فيه من حسن وينهى عن الفعل ).شرع أي أن الإنسان سيحاسب على أفعاله حتى لو لم يصله(ورود الشرع

:المنزلة بين المنزلتين: ثالثا

الكفر ومنزلة الإيمان كما قالوا إن مرتكب الكبيرة في منزلة بين منزلة لكنهم ذهبوا إلى أنه لا مانع أن يطلق عليه اسم ،أي لا هو كافر ولا هو مؤمن ،

إنا وإن (يقول ابن أبي حديد ،ولأن التوبة مطلوبة له، مسلم تمييزا له عن الذمي كنا نذهب إلى أن صاحب الكبيرة لا يسمى مؤمنا ولا مسلما نحبذ أن يطلق عليه

).ذا قصد به تمييزه عن أهل الذمة وعابدي الأوثانهذا اللفظ إ :الوعد والوعيد: رابعا

وقالوا أن االله لا يجوز عليه أن يخلف وعده للمحسنين بالثواب ولا وعيده وبالتالي نفوا الشفاعة وفسروها بأنها الزيادة في الفضل ، ين بالعقاب يئللمس

.الإلهي :كرالأمر بالمعروف والنهي عن المن: خامسا

وأوجبوا الخروج على السلطان الجائر، ولكنهم خلافا للخوارج لم يجعلوا .هذا الإيجاب مطلقا بل مشروطا بتوافر ظروفه

وترتب على موقفهم المتطرف في التنزيه نفي صفة الكلام الزائدة عن : الكلاملأن )أي نفي أن يكون االله تعالى متكلما بكلام مستقل عن الذات الإلهية(الذات

أي يفيد أن هناك (ولأن هذا يفيد الأثنية ،)المخلوقات(من صفات الحوادث كذلوهم هنا يردون على المسحيين الذين احتجوا بوصف القرآن للمسيح عليه ،)إلهين

أما ما ورد في القرآن من إسناد . السلام بأنه كلمة االله لتبرير قولهم بإلوهيته

(22)

شيء، أن االله تعالى خلق الكلام كما يخلق أي الكلام الله تعالى فقد أولوه بمعنى .لا قديم) نحدث(مخلوق ) القرآن(وبالتالي فإن كلام االله

وفسر . كما ترتب عليه نفي إمكانية رؤية االله تعالى في الدنيا والآخرة :الرؤيةالبعض أن المقصود بالرؤية التي نفاها المعتزلة هي رؤية االله بالأبصار لا الرؤية

واتفقوا على نفي رؤية االله تعالى بالأبصار في دار (ني اقول الشهرستمطلقا ي ).القرار

لأنه حكيمكما قالوا أن االله تعالى يعمل الأعمال معللة بمقاصد : التعليل فعال االلهثم يصلون من هذا إلى القول بوجوب الصلاح . الفعل جزافا يصدر عنهلا

بغير أن يأمر فمستحيل،ما يكون حكمة أي أن االله تعالى لا يفعل إلا ، والأصلح .فيجب له الصلاح ويجب له الأصلح ، الصالح أو ينهى عن الطالح

:تقويم

جاء المعتزلة أساسا للرد على أصحاب الديانات والاعتقادات المخالفة المناهج(ولكن هذه الآلة ،للإسلام باستخدام المناهج العقلية التجريدية اليونانية

من نشاط فتحول العقل لديهم، ولت بطول الممارسة من أداة إلى غاية تح) العقليةالغيبيات إلى مصدر مطلق لمعرفة ، معرفي محدود بالوحي في معرفته بغيبيات

ةتصورهم للذات الإلهية كرد فعل متطرف على تصور المشبه كما جاء في،ولكن هذا . الىالقول بالتشابه بين الإنسان واالله تع الذي ينتهي على) المجسمة(

فضلا عن أنه يفضي على ، التصور قد يمهد لانقطاع الصلة بين الإنسان وربه ، أما قولهم بالحسن الجزئي للوجود الإلهي كما في مسألة الصفات) النفي(التعطيل

والقبح العقليين فيترتب عليه إطلاق العقل عن حدوده كما يتضح في قولهم أن قبح الأفعال بصورة مطلقة وقولهم بتوقف الثواب العقل قادر على إدراك حسن أو

الإنسان على الفعل كما أكد تصورهم للعدل الإلهي قدرة، والعقاب على العقل ولكنهم تطرفوا أيضا في تأكيد حرية الإنسان فتحولت حركة الإنسان ،والاختيار

فعل مطلق إلى ،بفعل االله تعالى المطلق) تكوينيا وتكليفيا( لديهم من فعل محدودمضمونها دال على (إذ الخلق صفة ربوبية ، عندما قالوا أن الإنسان خالق لأفعاله

(23)

اعتقادي أو (فإن إسنادها سواه هو شرك في الربوبية وبالتالي) الفعل الله تعالىوقول المعتزلة بوجوب الأصلح الله تعالى يوحي بأن فعله تعالى محدود ،)عملي

الذي ينفرد به ( والفعل المطلق ،به صلح وألزمهبفعل لسواه أوجب عليه فعل الأوبالتالي ،هو الفعل الذي لا يحده فعل لسواه وكل فعل لسواه محدود به) االله تعالى

فعل الأصلح ) لا يجب عليه(ينبغي القول بأن االله تعالى أوجب على نفسه .وبالتعبير القرآني كتب االله على نفسه،

:الأشاعرة

الحسن الأشعري الذي كان في أول عهده من ى أبيه الفرقة إلتنسب هذ لتصبح فيما بعد أكبر فرق ،المعتزلة ثم انفصل عنهم ليكون فرقة هي الأشاعرة

.ومن أعلامها الجويني والشهرستاني والغزالي ،أهل السنة والجماعة :التنزيه

وقالوا ،تصور الأشاعرة لذات الإلهية يقوم على التنزيه ورفض التشبيه الآيات التي يفيد ظاهرها التشابه بين االله تعالى والإنسان على معانيها بفهم

وأول (المجازية المشهورة التي يعرفها العربي من غير تأويل، يقول البغدادي ل الشهرستاني ويقو (1)"وافض والغلاةرمن ال"ظهور التشبيه صادر عن أصناف

، ويقول (2))سفهاء جاهلينين بل برعن الكرامية المشبهة أنهم ليسوا علماء معتفينبغي أن يفهم أن هذه .... سمع اليد والأصبع التقديس معناه إذا(الغزالي

وهو العضو المركب من لحم الوضع الأصليالألفاظ تطلق على معنيين أحدهما ).وقد يستعار لمعنى آخر ليس هو بجسم أصلا... وعظم

ومن هذه ،عالى صفات غير ذاته اثبت الأشاعرة الله ت :إثبات الصفات غير الذاتالصفات التي أثبتوها صفات المعاني وهي القدرة والإرادة والسمع والبصر

.والكلام

.214البغدادي، الفرق بين الفرق، ص (1) .الشهرستاني، الملل والنحل (2)

(24)

قال الأشعري أن الفعل الإنساني هو محصلة لخلق االله تعالى وكسب : الكسبويمكن ، الإلهي لكنه عرف الكسب بأنه مقارنة قدرة الإنسان للفعل ،الإنسان

.ل حركة اليد والخاتم فحركة الخاتم مقارنة لحركة اليدتوضيح هذا بمثابل ،كما قالوا أن افعل لا يكون حسن أو قبيح في ذاته: الحسن والقبح الشرعيين

.لأن الشرع أمر به ونهى عنهوهو ،فاسق وقال الأشعري أن مرتكب الكبيرة هو مؤمن: مرتكب الكبيرة فاسق

وإن شاء عاقبة بفسقه ،إن شاء أدخله الجنةفي مشيئة االله تعالى إن شاء عفا عنه و .وأدخله الجنة

االله موجود وفعنده أن كل موجود ،ل الأشعري بجواز رؤية االله قاكما : الرؤية .فيصح أن يرى

ولكنهم قسموا الكلام الإلهي إلى ،وأثبتوا صفة الكلام الله كصفة قديمة بذاته : الكلاموكلام ،حد قائم بذاته تعالى أزلاكلام نفسي وهو عبارة عن معنى وا: نوعين

لفظي هو عبارة عن حروف وأصوات حادثة مطابقة للمعنى النفسي الذي أما الحروف ، فالقرآن إذا هو كلام االله غير مخلوق ،يتضمن كل أمر ونهي

.المقطعة والألوان والأجسام والأصوات فمخلوقات مخترعاتلذا ،تعالى لا تعلل لأن ذلك يقيد إرادة االلهقالوا أن أفعال االله : أفعال االله لا تعلل

أجازوا بفرض عقلي لا شرعي أن يعاقب الطائع ويثاب العاصي استنادا إلى ).لا يسأل عما يفعل وهم يسألون(تفسيرهم للآية

:تقويم

قول الأشاعرة بصفات غير الذات يؤدي إلى فصل الذات عن الصفات الله شيء غيره لم يزل معه فقد بطل أن يكون إذا كان مع ا(... وقد نقده ابن حزم

(1)....)االله تعالى وحده بل صار له شريك

.135، ص2ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج (1)

(25)

كما أن الأشعري بدأ بداية صحيحة في مسألة أفعال العباد بتقريره أن ولكنه بتعريفه للكسب بأنه ،الفعل الإنساني محصلة خلق االله وكسب الإنسان

أما نفي (يقول الجويني ،الجبرية مجرد اقتران بالفعل يؤدي إلغاء الكسب أي إلى القدرة والاستطاعة فما يأباه العقل والحي وما إثبات قدرة لا أثر لها به وجه فهو

كما أن قول الأشاعرة بالحسن والقبح الشرعيين يتضمن (1))لقدرة أصلاكنفي اإذ حرموه من القدرة على إدراك حسن أو قبح الأفعال بصورة ،إلغاء العقل عن إنكارهم الوجود الموضوعي للخير والشر يقول ابن القيم مطلقة فضلا

حسنة وقبيحة كما والحق الذي لا يحد التناقض إليه سبيل أن الأفعال في نفسها(كما أن ) .أنها ضارة ونافعة ولكن لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب إلا بأمر ونهي

إذ حرموه من ،ل قول الأشاعرة بالحسن والقبح الشرعيين يتضمن إلغاء العقالقدرة على إدراك حسن أو قبح الأفعال بصورة مطلقة فضلا عن إنكارهم

والحق الذي لا يحد التناقض (الوجود الموضوعي للخير والشر يقول ابن القيم إليه سبيل أن الأفعال في نفسها حسنة وقبيحة كما أنها ضارة ونافعة ولكن لا

كما أن قولهم أن أفعال االله لا (2))ونهي يترتب عليها ثواب ولا عقاب إلا بأمرتعلل بوحي بانتفاء الحكمة عن فعل االله تعالى وهو نقض وقصور لا يجوز أن

.ينسب إليه ففعله تعالى مطلق وبالتالي كامل :الماتريدية

منصور الماتريدي الذي كان أبوأحد فرق أهل السنة والجماعة، مؤسسها وهي تلتقي مع ،شأ بفرقة مستقلة هي الماتريديةثم أن،أول عهده أشعري المذهب

.خرىأالأشاعرة في بعض الآراء كما تختلف معهم في :التنزيه

.128، ص1الشهرستاني، الملل والنحل، ج (1) .27، ص1، ج1331ابن القيم، مدارج السالكين، مطبعة المنار (2)

(26)

وذلك ، تلتقي هذه الفرقة مع الأشاعرة في القول بالتنزيه ورفض التشبيه بفهم الآيات التي يفيد ظاهرها التشابه بين االله تعالى والمخلوقات على معانيها

.يلويعرفها العربي من غير تأ المشهورة التيكما قالت للأفعال حسنا أو قبحا ذاتيا، وأن هناك بعض الأفعال : الحسن والقبح

لا سبيل لإدراك كما أن هناك أفعالا ،التي يستقل العقل بإدراك حسنها أو قبحها .حسنها أو قبحها إلا بالشرع، ولكن في كل الأحوال لا تكليف قبل ورود الشرع

تتفق مع الأشعري في القول بأن الفعل الإنساني هو محصلة خلق : العبادأفعال إلا أنها خلافا للأشعري لم تجعل الكسب مجرد ، االله تعالى وكسب الإنسان

.اقتران بالفعل بل حقيقية على الفعليرى الماتريدية أن مرتكب الكبيرة لا يخلد في النار ولو مات من غير : مرتكب

من المؤمنين تفويض أمرهم والحق في أصحاب الذنوب(يدي توبة يقول الماترإلى االله تعالى إن شاء عفا عنهم فضلا منه وإحسانا ورحمة وإن شاء عذبهم بقدر

.)بين الرجاء والخوف أهل الإيمان و ذنوبهم فلا يخلدون في النارقتضى تعالى تكون على مأن أفعاله دية يوقال الماتر: االله تعالى التعليل لأفعال

أراد هذه ،في حكمه التكويني والتكليفي كما وصف نفسه، الحكمة لأنه حكيم فلا يقال أنه ،الحكمة لكنه قصدها غير مجبر عليها ولا ملزم لأنه مختار مريد

لأن الوجوب يستلزم أن يكون لغيره حقا عليه ،يجب عليه فعل الصلاح والأصلح العاصي وثواب الطائع لحكمة قصدها واالله تعالى لا يسأل عمال يفعل وأن عقاب،

.ومنع أن يخلف وعيده لأن االله وعد بمقتضى حكمته :تقويم

نلاحظ أن الماتريدية كانوا أقرب على الحل الصحيح لمسألة دور العقل وذلك بتقسيم الأفعال أي عندما لم يتعاملوا مع ،فعالفي تحسين أو تقبيح الأا طبيعة هذه الأفعال بنوعيها حيث يمكن ولكن لم يوضحو،الأفعال بصورة موحدة

القول بأن الأفعال التي لا سبيل لإدراك حسنها أو قبحها إلا بالشرع هي الأفعال

(27)

وأن الأفعال التي يمكن للعقل أن يدرك حسنها ، المطلقة عن قيود الزمان والمكان .أو قبحها هي الأفعال المحدودة بالزمان والمكان النسبية فيهم

(28)

لإلهية بين التشبيه والتفويضالصفات ا ):المجسمة(المشبهة

والتجسيم هو تصور ،التشبيه هو القول بالتشابه بين االله تعالي ومخلوقاته والتشبيه ظهر قبل الإسلام عند الفرق المسيحية ، تعالى على صورة جسماالله

ندت وقد است ،ثم تسرب إلى بعض الفرق المتطرفة في البلاد الإسلامية ،واليهوديةهذه الفرق إلى فهم الآيات التي يفيد ظاهرها التشابه بين االله تعالى والمخلوقات

.بعض غلاة الشيعة والكرامية والحشويةعلى هذا الظاهر دون تأويل وأهم الفرق :غلاة الشيعة

من هؤلاء المغيرة بن سعيد الذي قال أن معبوده رجل من نور على ومن هؤلاء بيان بن سمعان الذي زعم ، ل رأسه تاج وله من الأعضاء ما للرج

إنسان في أعضائه وأنه يفنى كله إلا أن معبوده إنسان من نور على صورة .وجهه

:الكرامية

وهو من ،محمد بن كرام السجستانيوتنسب هذه الفرقة إلى مؤسسها وقد دعا أتباعه ،ينتهي إلى التجسيم والتشبيهلكنه تطرف ل ،ي الصفات الإلهيةمثبت

ن وزعم أنه جسم له حد ونهاية وذكر في كتاب عذاب القبر أ،لى تجسيم معبوده إوجوز على ،وقال أنه مماس للعرش من الصفحة العليا ،أحدى الجوهر معبودة

كما أثبت رؤية االله تعالى سواء استلزمت الجهة ،الانتقال والتحول والزوال ليسوا علماء معتبرين (م وقد وصف الشهرستاني الكرامية بأنه،والجسمية أم لا ).بل سفهاء جاهلين

:الحشوية

هم الذين أدى تمسكهم بفهم الآيات التي يفيد ظاهرها التشابه بين االله يقول ،تعالى والمخلوقات على هذا الظاهر دون تأويل إلى الوقوع في التشبيه

أن الحشوية قوم تمسكوا بالظواهر (التهانوي في كشاف اصطلاحات الفنون وهم تيار يضم بعض المنتسبين إلى أهل السنة بفرقهم ) وا إلى التجسيم وغيرهفذهب

(29)

إذ على الرغم من أن ،المختلفة وعلى وجه الخصوص بعض متأخري الحنابلةإلا أن بعض ،أحمد بن حنبل لم يكن مشبها بل دعا إلى مذهب خاص في التفويض

خذ بظاهر الآيات المتشابهة متأخري الحنابلة قد وقعوا في التشبيه استنادا إلى الأوجوز هؤلاء رؤية االله تعالي في الدنيا ومن هؤلاء أبو يعلي الذي قال فيه بعض ،

وابن ) لقد شان أبو يعلي الحنابلة شينا لا يغسله ماء البحار(فقهاء المذهب الحنبلي أن في قوله من غرائب التشبيه ما يحاور (الزاغوني والذي قال فيه بعض الحنابلة

وقد استنكر العديد من أئمة المذهب الحنبلي هذا التيار عندما شاع في ) يه النبيهفرأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول (القرنين الرابع والخامس منهم ابن الجوزي

فصنفوا كتبا شانوا بها المذهب ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام .... بما لا يصلحثم يتحرجون من التشبيه ويأنفون من إضافته ... حسحملوا الصفات على مقتضى الف

.(1))ويقولون نحن أهل السنة وكلامهم صريح في التشبيه :تقويم

، إن الحشوية فهموا التفويض فهما خاطئا أدى بهم إلى الوقوع في التشبيه وقد ،فالتفويض عند بعض السلف هو السكوت عن الكلام في الآيات المتشابهة

يقول ابن ،الآيات على ظواهرها مع الكلام عن هذا الفهم) حمل(فهم فهموه على أنهالأحاديث على عجبت من أقوام يدعون العلم ويميلون إلى التشبيه بحملهم(الجوزي

ضمن فهم معين تفالحمل هنا ي. ( (2)ظواهرها فلو أنهم أمروها كما جاءت سلمواعن الخوض في الكلام أو أما الإمرار فيقوم على السكوت ،وكلام عن هذا الفهم

.الفهم :الحنابلةإحدى فرق أهل السنة والجماعة تنسب إلى الإمام أحمد بن حنبل مؤسس

المذهب الفقهي الحنبلي، وتضم العديد من العلماء أشهرهم ابن الجوزي وابن تيمية ويعد ، ) أهل السلف(و) أصحاب الحديث(وأطلق على هذه الفرقة أيضا ، وابن القيم

.324أبو زهرة، الفرق الإسلامية، ص (1) .128، ص1ابن الجوزي، صيد الخاطر، ج (2)

(30)

ذهب الوهابي المنسوب إلى محمد بن عبد الوهاب امتدادا لهذه الفرقة مع التركيز الم .على الجانب السلوكي والعملي فيها

:ابن تيمية : مذهبه في التفويض

ل هو السكوت عن الكلام في الآيات والأحاديث بكان مذهب أحمد بن حن يه والتعطيل استنادا وتفويض الأمر الله مع تنزيهه عن التشب، الواردة في الصفات

ولكنه لم يتحدث عن كيفية ،....) وما يعلم تأويله إلا االله(..... إلى قراءته للآية .فهم هذه الآيات باعتبار أن فهم معانيها يختص به االله تعالى

أي السكوت عن الكلام في هذه ،ثم جاء ابن تيمية وأخذ بمذهب التفويض الآيات كنه أضاف أن السلف فهموا هذه ، ولبلالآيات والأحاديث مثل ابن حن

ثم من المعلوم أن الرب لما (.... والأحاديث على ظاهرها يقول ابن تيمية وصف نفسه بأنه عليم قادر لم يقل أن ظاهر هذا غير مراد لأن مفهوم ذلك في

يوجب خلق آدم بيديه لم أنمثل مفهومه في حقنا فكذلك لما وصف نفسه حقه (1)....)مرادذلك أن ظاهره غير

:أفعال العباد

ابن تيمية الجبر لأنه يفضي إلى نسبة المعاصي التي يرتكبها ينفي الإنسان إلى االله، ويثبت للإنسان القدرة على الفعل والاختيار دون أن ينسب صفة

من المستقر في فكر الناس أن من فعل العدل (ذهب المعتزلة الخلق للإنسان كمالم فهو ظالم ومن فعل الكذب فهو كاذب فإن لم يكن العبد فهو عادل ومن فعل الظ

).فاعلا لكذبه وظلمه بل االله الفاعل لزم أن يكون االله المتصف بالكذب والظلم : التعليل لأفعال االله

.12ابن تيمية، الإكليل في المتشابه والتأويل، ص (1)

(31)

الأشاعرة في قولهم بأن أفعال االله تعالى لا تعلل يرفض ابن تيمية موقف فاالله تعالى خلق الخلق وأمر . عالىلأن هذا يفضي إلى نفي الحكمة عن أفعاله ت .بالمأمورات ونهى عن المنهيات لحكمة محمودة

:ابن القيم :التفويض

يذهب ابن القيم مذهب ابن تيمية في التفويض في مسألة الآيات . التشابه بين االله تعالى والإنسان اديث المتشابهة التي يفيد ظاهرهاحوالأ

:الحسن والقبح

، دية في القول بأن للأفعال حسنا أو قبحا ذاتيا يع الماتريتفق ابن القيم م لكن الثواب والعقاب شرعيان ،وأن العقل قد يدرك حسن أو قبح هذه الأفعال

بيحة كما قأن الأفعال في نفسها حسنة و سبيلا والحق الذي لا يجد التناقض إليه( ).مر والنهيولا يترتب عليها ثواب ولا عقاب إلا بالأ أنها نافعة وضارة

: أفعال العباد

وأثبت الفعل والاختيار ،القول بالجبر) كابن تيمية(ابن القيم كما رفض فالجبرية شهدت كونه منفعلا يجري عليه الحكم (للإنسان دون نسبة الخلق له

منزلة الإله والمحل وجعلوا حركته بمنزلة الإله والمحل وجعلوا حركته منزلةكما رفض التصور ) على سبيل المجاز(علوه فاعلا إلا ولم يج حركات الأشجار

.الأشعري للكسب لاتصافه بالغموض وإلغائه قدرة الإنسان على الاختيار والفعل :ابن الجوزي

يفترق ابن الجوزي عن ابن القيم وابن تيمية في أنه يرى فهم الآيات ها العربي من والأحاديث المتشابهة على معانيها المجازية المشهورة التي يعرف

ولا يحتاج إلى تأويل من (غير تأويل وهو مذهب ابن حزم والغزالي والماتريدي ).ولا إلى تأويل من قال يداه نعمته.... قال الأصبع الأثر الحسن

(32)

والشيء إنما يحمل على حقيقته إذا أمكن فإن صرف صارف حمل على ( ).المجاز :تقويم

لأحاديث المتشابهة ينقسم على إن موقف السلف الصالح من الآيات وا أي كيف فهم السلف الصالح هذه الآيات ثم ما هو موقفهم العملي ،معرفة وعمل

فإن بعض ،فالقول بأن كل السلف سكتوا عن الكلام فيها غير صحيح ،منهاقد تكلموا فيها خصوصا للرد على المبتدعة منهم علي بن أبي طالب وابن السلفسلف الصالح هذه الآيات فهناك رأي ابن تيمية وابن القيم أما كيف فهم ال ،مسعود

وهناك رأي ابن الجوزي وابن حزم والغزالي أنهم ،أنهم فهموها على ظواهرهاوهو الرأي الذي ، المشهور والذي يفهمه العربي دون تأويل فهموها على المجاز

.نرحجه

(33)

ا��ب ا%�$# ا��� ا�ول

�� ��.أ,� آ�)� *��ف وا)�ا�� ا)'&�

:ن في اشتقاق كلمة صوفياختلف الباحثو .فقيل إنه لقب أي لا تشهد له من جهة العربية اشتقاق أو قياس • :وقيل المشتق من الصفاء وإلى هذا يشير السبتي •

تنازع الناس في الصوفي واختلفوا فيه وظنوه مشتقا من الصوف .وفيفتي صافي فصوفي حتى لقب الصإلا لحل هذا للاسم انوليست

.وقيل أنه مشتق من الصفو بمعنى الصفاء أيضا •وقيل أنه مشتق من الصف الأول لأن الصوفية في الصف الأول أمام •

.االلهوقيل نسبة لأهل الصفة وكانوا قوما من فقراء المهاجرين والأنصار بنيت •

والصفة . لهم صفة في مؤخرة مسجد الرسول صلى االله عليه وسلم (1)ث حوائط مظلل ليستتر به من البرد والحرموضع غير البيت ذو ثلا

.وكانوا معروفين بالعبادة .في الجاهلية ة الكعبةنأحد سد) صوفة بن مرة(وقيل أنه مشتق من اسم • .اليونانية وهي تعني الحكمة) صوفيا(وقيل مشتق من كلمة • .إذا لبس الصوف للرجل وقيل أنها مشتقة من الصوف ويقال الصوفي •

فية يرون هذا الرأي ومنهم السراج الطوسي في كتابه وكثير من الصو .وأيده ابن خلدون وآخرون) اللمع(

:تقويم

لى إالتصوف رد لمحاولة وهو امتداد) فياصو(رد التصوف إلى كلمة كما أن رده إلى الصف لأن الصوفية . مصدر أجنبي خالص هو الفلسفة اليونانية

.10الحقيقة التاريخية للتصوف، ص محمد البهلي النيات،. د (1)

(34)

يمكن اعتباره امتداد ، للمصطلح في الصف الأول أمام االله هو تأويل صوفي ص، وكذلك رده إلى أهل الصفة للمحاولة رد التصوف إلى مصدر إسلامي خا

اشتغلوا بالعبادة وتعاون الذين سكنوا مسجد الرسول صلى االله عليه وسلم وونلاحظ . ن والأنصار على طعامهم طيلة أعوام الهجرة لشدة فقرهمالمهاجرو

و السلوك الأمثل في التصور الإسلامي وأنهم أن الصوفية رأوا أن سلوكهم هويستعجلون الخروج من الدنيا والتشاؤم كانوا ينظرون إلى الحياة بعين السخط

والواقع أن سلوكهم كان سلوكا استثنائيا ومرتبطا بظروف الدعوة . إلى الآخرةكانوا يشكون للرسول صلى االله عليه في مرحلة معينة بدليل أن أهل الصفة

بالحياة الأفضل في الدنيا قبل الآخرة، فمن أهل بشرهمم حالهم وكان يوسلكنا عند رسول فشكونا إليه ( الذى قال الصفة عبد االله بن الأسد المخزومي

فقال عليه الصلاة والسلام اصبروا فواالله لأنا من ،الفقر والعري وقلة الشيءحتى تفتح ر فيكمليكم من قتله وأنه لا يزال هذا الأمكثرة الشيء أخوف ع

وبدليل أنه بعد فتح مكة لم يبق أهل الصفة على ما (1))أرض فارس والروم .كانوا عليه في الصفة عالة على إخوانهم

:المواقف المختلفة من التصوف: ثانيا :موقف القبول المطلق) 1

. ويمثله كثير من الصوفية :مواقف الرفض المطلق) 2

.هاء وخاصة بعض متأخري الحنابلةويمثله بعض المتكلمين والفق :موقف الرفض المطلقتقويم لمن لموقف أئمة المذهب الحنبلي ئهذا الموقف مبني على فهم خاط

فعن الإمام ، و القراءة المتكاملة لهؤلاء الأئمة تناقض هذا الموقف ، التصوف

.337ابن نعيم، حلية الأولياء، ص (1)

(35)

بي أحمد بن حنبل نجد في الجزء الثاني من طبقات الحنابلة للقاضي محمد بن أقد (يعلي مقدمة الشيخ أبي محمد بن تميم النبلي في عقيدة الإمام أحمد بن حنبل

المريد فقال أن يكون مع االله كما يريد وأن يترك كل ما يريد لما سئل مرة عنعنهم وقيل له يجلسون في وكان يعظم الصوفية ويكرمهم وقال وقد سئل... يريد

).العلم أجلسهم: المساجد فقالالعصر الحديث فيسند أنصار هذا الموقف إلى الشيخ محمد بن أما في

ففي القسم الثالث ،ولكن العديد من النصوص المنقولة عنه تخالفه ،عبد الوهابقام بجمعها الشيخ ) فتاوى ومسائل(من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب جزء

) 31(رقم صالح بن عبد الرحمن الأطرم ومحمد عبد الرازق الدويسي والصفحة سبحانه وتعالى بعث محمدا صلى االله أن االله –اعلم أرشدك االله "المسألة الخامسة

بالهدى الذي هو العلم النافع ودين الحق الذي العمل الصالح إذا كان عليه وسلمبه كالفقهاء ومنهم من منهم من يتعانى بالعلم والفقه ويقول : يندمن ينسب إلى ال

وبعث االله بنبيه بهذا الدين الجامع. الآخرة كالصوفيةيتعانى بالعبادة طلب في ) 4(المجلد الثاني ص ) الفقه(وفي القسم الثاني من مؤلفاته . (1)"للنوعيناعلم رحمك االله إن أربع هذه " يقول ) أربع قواعد تدور الأحكام عليها(رسالة

ر أو في علم الكلمات يدور عليها الدين سواء كان المتكلم يتكلم في علم التفسيلحق (وفي ..." الأصول أو في علم أعمال القلوب الذي يسمى علم السلوك

فنفس محبته أصل عبادته والشرك " قال ) 124(صفحة " هذه مسألة) "المصنفاتفيها أصل الشرك في عبادته ولهذا كان مشايخ الصوفية العارفون يوصون كثيرا

".من السنة إلا لكبره في نفسه ما ترك أحد شيئا"بمتابعة العلم قال بعضهم ):النقدي(الموقف التقويمي

عبد الحفيظ بن عبد الحق المكي، موقف أئمة الحركة السلفية من التصوف والتصويف، (1)

15م، صض1988دار لسلام القاهرة، ط

(36)

لى إ للتصوف، الموقف الذي يتجاوز الرفض أو القبول المطلقين وهو المتمثلة في القواعد اليقينية ،له من حيث اتفاقه أو اختلافه مع أصول الدين وتنا

ق معها كان فإن اتف ،الورود القطعية الدلالة المطلقة عن قيود الزمان والمكان الحقيقي لابن تيمية الذي وهو فيما نرى الموقف ،وإن اختلف كان الرفض ،القبولنازع فيه تنازع الناس في طريقهم لأجل ما وقع في كثير من الاجتهاد والت"يقول

ونقل ،عن السنة ونوقال أنهم مبتدعون خارج) الصوفية والتصوف(مت ذطائفة فتبعهم على ذلك طوائف ،لكلام ما هو معروف عن طائفة من الأئمة في ذلك من ا

وادعوا أنهم أفضل الخلق وأكملهم مفيهغلو وطائفة قلة ،من أهل الفقه والكلام والصواب أنهم مجتهدون في طاعة . ميموكلا طرفي هذه الأمور ذ،الأنبياء بعد

ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده ، عة االله االله كما اجتهد غيرهم من أهل طاوفي كل من الصنفين من قد يجتهد ، فيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين و

ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم ،فيخطئ وفيهم من يذنب ويتوب أو قد لا يتوب ولكن عند والزندقةوقد انتسب غليهم طوائف من أهل البدع . لنفسه عاص لربه

."..المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم كالحلاج مثلاوهذه ) (.... 363(صفحة 1ويقول ابن تيمية في كتاب الاستقامة ج

محاسنحجبت بها عن : ين من الناس إحداهماالشطحات أوجبت فتنة على الطائفتهذه الشطحات لأجل فأهدروهامعاملتهم قوصد هذه الطائفة ولطف نفوسهم

)عدوان وإسراف اوأنكروها وأساءوا الظن بهم مطلقا وهذن في لسان القوم افاعلم "الموقف الحقيقي لابن القيم الذي يقول هنكما أ

وإطلاق اللفظ وإرادة إشارته دون ،دة الخاصارإوإطلاق العام و ،من الاستعاراتنحن "ولهذا يقولون ، الطوائف غيرهم منلسان أحد على ما ليس ،حقيقة معناه

طلقون العبارة التي يطلقها وقد ي،" الإشارة لنا والعبارة لغيرنا"و" أصحاب عبارةطائفة : وصار هذا سببا لفتنة طائفتين،الملحد ويريدون بها معنى لا فساد فيه

وطائفة نظروا إلى مقاصدهم . موظللوهعباراتهم فيدعوهم تعلقوا عليهم بظاهر ومغزاهم فصوبوا تلك العبارات وصححوا تلك الإشارات، فطالب الحق يقبله ممن

(37)

ه من محاسن رأو والطائفة الثانية حجبوا بما. (1) على من كان كان ويرد ما خالفهالقوم وصفاء قلوبهم وصحة عزائهم وحسن معاملتهم عن رؤية شطحاتهم ونقصانها فسحبوا عليها زيل المحاسن وأجروا حكم القبول وهؤلاء أيضا معتدون

.مفرطوني حق حقه وهم أهل العدل والإنصاف الذين أعطوا كل ذ: والطائفة الثالثة

وأنزلوا كل ذي منزلة منزلته فلم يحكموا للصحيح بحكم السقيم المعلول ولا (2)للمعلول السقيم بحكم الصحيح بل قبلوا ما يقبل وردوا ما يرد

والتصوف (... وبناء على هذا يورد ابن القيم تعريفا للتصوف فيقول سعد لسيرها إلى زاوية من زوايا السلوك الحقيقي وتزكية النفس وتهذيبها لت

كما يورد تعريفا آخرا ). صحبة الرفيق الأعلى، ومحبة فإن المرء مع من أحبوالدين كله خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد في الدين وكذلك التصوف "فيقول

".التصوف هو الخلق فمن زاد في الخلق فقد زاد عليك في التصوف: قال الكتبي

.151، ص3ابن القيم، مدراج السالكين، ج (1) .39، ص3ابن القيم، مدراج السالكين، ج (2)

(38)

���در ا� ��ف

إلى مصدر أجنبي خالص رد التصوف: أولا :المصدر الفارسي) أ

بأن التصوف من أصل هنالك من المستشرقين من ذهب إلى القول حيث كان ،جاء من أصل فارسي منهم دوزي فهو يرى أن التصوف ،فارسي

والقول بأن ، فكرة صدور كل شئ عن االله منه تموجود قبل الإسلام فقد ظهروكل هذه المعاني . الموجود الحقيقي هو االلهوأن ،العالم لا وجود له في ذاته .يفيض بها التصوف الإسلامي

:المصدر المسيحي) ب

ويستند ،هنالك من المستشرقين من رأى أن التصوف من مصدر مسيحي أولئك إلى حجتين الأولى الصلات بين العرب والنصارى في الجاهلية والإسلام

فية وحياة المسيح والرهبان وطرقهم في والثانية أو الشبه بين حياة الزهاد والصو،جولدزيهير ونيكولسن (ومن الذين يذهبون إلى هذا الرأي ،العبادة والملبس

).واوليري :المصدر الهندي) ج

لى الفكر الهندي إويميل بعض المستشرقين إلى رد التصوف الإسلامي دالزه فقد ساق الأخير حججا كثيرة منها أن ،ومن هؤلاء هورتن ومارتنمان،

فاستعمال المخلاة والسبح عادة هندية بالإضافة ،الإسلامي هندي في أساليبه .للتشابه في عقائد الهنود في وحدة الوجود والفناء وعقائد متفلسفة الصوفية

:المصدر اليوناني) د

وهم يعنون به ،ومنهم من رد التصوف الإسلامي إلى مصدر يوناني القرن الثالث الهجري على يد ذو النون التصوف الذي بدأ في الظهور في

.الذي يطلق عليه اسم التصوف الفلسفي و صريمال

(39)

:تقويم

أن المستشرقين إذ ردوا التصوف الإسلامي إلى مصدر أجنبي نلاحظ فأوائل المستشرقين كانوا أميل إلى ردهإلى ،خالص لم يتوصلوا إلى موقف موحد

يل إلى رفض فكرة المصدر الواحد أما المتأخرين منهم فهم أم ،مصدر واحدبرهن البحث الحديث على أصل "يقول نيكليسون في كتابه التصوف الإسلامي ،

باحث سبب واحد محدود ومن هنا لم يرتض الصوفية لا يمكن أن يرد إلىمنصف هذه التعليمات الجارفة من أمثال أنها رد فعل للعقل الآلي تجاه الدين

(1)."ليست إلا نتاج للفكر الفارسي أو الهنديالإسلامي الفاتح أو أنها أبو الوفاء التفتزاني . أما القول بالمصدر الفارسي فيمكن الرد كما يقول د

بأن هذه الأفكار لا توجد إلا عند أصحاب وحدة الوجود الذين ظهروا في وقت وليس كل الصوفية في الإسلام قائلين ) القرنين السادس والسابع الهجري(متأخر

.هذا المذهببتأثر أنبرد التصوف الإسلامي إلى الزهد المسيحي على القولويعاب

) أواخر القرن الثالث الهجري(بغير الصوفية بالمسيحية لم يظهر إلى وقت متأخر وأصبح دعامة بعد أن كان الزهد قد استقر في القرنين الأول والثاني الهجريين

.التصوف الإسلاميلم يعثر على وفاء بأنهالفكر الهندي فيرد أبو ال أما القول برده إلى إلا صريحة تدل على معرفة صوفية المسلمين بعقائد الهنود وديانتهم نصوص

حيث يذكر شيئا ،" الرسالة النورية"عند الصوفي المتفلسف ابن سبعين في كتابه رى كما ي. وهو ما كان في القرن السابع الهجري مه،عند البراهمن صيغ الأذكار أن هذا التشابه مبالغ فيه وسطحي أكثر من أن يكون جوهريا بعض المستشرقين

".تاريخ الفرض الأدبي"في كتابه ) بروان(كما عند

.31-25أبو الوفاء التفتزاني، مدخل إلى التصوف الإسلامي، ص. د (1)

(40)

أثر المنكورأما القول الأخير فيمكن الرد عليه بأنه أن كل من غير خاصة ،الفلسفة اليونانية عامة وفلسفة أفلوطين خاصة على التصوف الإسلامي

وابن عربي وابن سبعين ما يطلق عليهم الصوفية المتفلسفين مثل السهروري عندأنه لا يمكن رد التصوف الإسلامي كله إلى مصدر يوناني لأن الصوفية ،كما

(1)الأوائل لم يقبلوا على فلسفة اليونان إقبال الفلاسفة المسلمين :المصدر الإسلامي الخالص: ثانيا

أثر للمصادر الأجنبية على التصوف ومن الباحثين من ينكر أي ويرده إلى مصادر إسلامية خالصة مثل القرآن والسنة وحياة الرسول ،الإسلامي

. ويقارب هذا الرأي ما أورده د ،صلى االله عليه وسلم والصحابة رضي االله عنهمالتصوف متعلق أساسا "كتابه السابق الذكر من أن أبو الوفاء التفتزاني في

لوجدان، والنفس الإنسانية واحدة على الرغم من اختلاف الشعور بالشعور واوما تصل غليه نفس بشرية واحدة بطريق المجاهدات والرياضات جناسوالأ

.الروحية قد تصل إليه أخرى دون اتصال واحدة منها بالأخرىويترتب على هذا أن التشابه بين التصوف الإسلامي وغيره من أنواع

.ه يعني دائما وأبدا أخذه عنالتصوف الأجنبية لا :التأثير المتبادل بين المصادر الأجنبية والإسلامية: ثالثا

الواقع من الأمر أن كلا موقفين السابقين هو إنكار لسنة التأثير المتبادل فموقف المستشرقين القائم على رد التصوف الإسلامي إلى مصدر أجنبي خالص ،

جنبي هو إنكار لتأثير التصوف الإسلامي في هذا واعتباره مجرد نقل التراث الأحتى الصوفية الذين أخذوا من هذا التراث الأجنبي لم يكونوا مجرد نقلة ، التراث

.له إنما أخذوه ثم نموه وطوروهإسلامية خالصة كما أن رد التصوف الإسلامي إلى مصدر أو مصادر

والحقيقة الحضارة ، بيجنر التصوف الإسلامي بهذا التراث الأهو إنكار لتأث

.31-25أبو الوفاء التفتزاني، مدخل إلى التصوف الإسلامي، ص. د (1)

(41)

العربية الإسلامية التي يعد التصوف الإسلامي أحد عناصرها جزء من المجتمعفلا تستطيع أي حضارة أن تنعزل ،متأثرة به ومؤثرة فيه هالإنساني وحضارات

غير أنه يجب النظر إلى طبيعة هذا . عن العالم الذي يعيش فيه أو أن تأثيره فيهاففي حين أن التيار ، التيارات المختلفة للتصوف الإسلامي التأثير المتبادل على

والحلاج ) الاتحاد(كما عند الجيلي ) التصوف الفلسفي(الذي أطلق عليه اسم انطلق من مفاهيم مستمدة من المصادر ) وحدة الوجود(وابن عربي ) الحلول(

من المفاهيم أي أن عملية الأخذ والتنمية والتطوير لم يكن بعد الانطلاق ،الأجنبية) ف السنيالتصو(نجد أن التيار الذي يطلق عليه اسم . إنما تاليا لها ،الإسلامية

ثم تأثير في ، مثلا انطلق أولا من المفاهيم الإسلامية كما عند الإمام الغزالييقارب رأي بعض هذا الموقف. صياغته لهذه المفاهيم بمصادر غير إسلامية

حيث يقول ) الصوفية في الإسلام(رمنجهام في كتابه المستشرقين منهم سبنسر تصوف الإسلامي تطور طبيعي داخل حدود الإسلام ولا يمكن إلا بصلة تإن ال"

طفيفة بالمصادر غير الإسلامية مع أنه نظام إشاعات من الحياة الصوفية الزهدية د يكون المسيحية الشرقية وفكرها وبالتالي فإن نظام الصوفية الواسعة المتطورة ق

في الإسلام ومهما كان الدين الذي يدين للأفلاطونية المحدثة أو الغنوصية أو التصوف المسيحي إلا أنه ينبغي أن ننظر إليه بحث كما نظر إليه الصوفية على

.أنه النظرية الباطنية للإسلام

(42)

رؤ�� إ4)��� �23ة و*0�ر ا&��ف :تمهيد

العربي تي توجد بين الخليجالمجتمعات العندما ظهر الإسلام كانت وقد أشار القرآن لهذين الطرفين ، والمحيط الأطلسي إما قبائل أو شعوب

ترقي وكانت الهجرة بمثابة، " 13:الحجرات) "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا(وهنا سيتحدث القرآن عن المؤمنين ، القبلي طورللعلاقة بين الناس إلى ما فوق ال

أو ،) الأعراب(فإما مؤمنين ينتمون إلى قبائل ،نتمائهملا جملة بل حسب اما كان أهل المدينة ومن حولهم من ) "أهل المدينة(مؤمنون ينتمون إلى شعب

عت الروابط وبالتالي قط،" 12:التوبة....) "عن رسول االله االأعراب أن يتخلفوواحد كما ن من القبائل المختلفة يخضعون لنظام معاملاتالقبلية فيصبح المؤمنو

وبدأت الأمة العربية ،التي كانت بمثابة دستور للشعب الجديد) يفةحالص(في ولدت فيه ،الذي أوجده الإسلام) الشعب(المسلمة جنينا في رحم هذا المجتمع

فقامت ةة الراشدة امتدادا لمدرسة النبووكانت فترة الخلاف ،ونمت معه واكتملت به .العلاقات العشائرية والقبليةعلى المساواة بين الناس وقطع

الاجتماعي ) الدفع(مرحلة الصراع بدأت غير أنه بعد الخلافة الراشدة الدولة إدارة (كان الصراع الداخلي فيها قائما بين قوى تستهدف كل منها الخلافة

نإو ،تدعي كل منها أحق من غيرها بهاو، ) السيطرة على الإمكانيات المشتركةالأمويون، (حصل معها تراثها القبلي فيما تدعيه من وحدة الأصل كانت كل منها ت

).الهاشميون والعباسيونكانت بداية التصوف متمثلة في فئة الزهاد الذين اتخذوا موقفا من هذا )1

من الفرق "يقول النموبخي . الصراع يتمثل في اعتزاله والانشغال بالعبادةا مع سعد ين مالك وسعد التي افترقت في ولاية علي على فرقة اعتزلو

بن أبي وقاص وعبد االله بن عمر بن الخطاب فإن هؤلاء اعتزلوا عن هب محاربة معه ودخولهم بيعته والرضاعلي وامتنعوا عن محاربته وال

وهم سموا أنفسهم معتزلة وذلك عندما "ويقول المطلي ". فسموا المعتزلة

(43)

ومعاوية وجميع بايع الحسن معاوية وسلم إليه الأمر اعتزلوا الحسنالناس وذلك أنهم كانوا من أصحاب علي ولزموا مساجدهم وقالوا ننشغل

".بالعلم والعبادة فسموا بذلك المعتزلةة إلى المعتزلة لومن النصوص السابقة نفهم أن هذه الفئة لا تنتمي بص

وإنما كانوا أسلاف الصوفية ،الفرقة الكلامية المشهورة بأصولها الخمسة ماعي الدائر في زمانهم تجمهم من موقفهم من الصراع الاوأخذوا اس

وبناء على هذا كانت المرحلة ، والقائم على اعتزال القوى المتصارعة ،وهي الواقعة في القرنين ،الأولى في نشأة التصوف هي مرحلة الزهد

افكانوا اتساقا مع خصائص هذه المرحلة أفراد، الأول والثاني الهجريومن هؤلاء الحسن ،دية تتصل بالمأكل والمشرب والملبس لهم طريقة زه

ويميز ابن الجوزي بين . ورابعة العدوية،هـ 110البصري المتوفى الصوفية انفردوا عن الزهاد أن ( الزهد ومرحلة التصوف في قوله

بصفات وأحوال وتوسموا بسمات فاحتجب إلى إفرادهم بالذكر والتصوف (1).)طريقة ابتدءوها الزهد الكلي

دقائق والسلوك الالكلام في بمنذ القرن الثالث للهجرة نجد الصوفية عنوا )2يتميز عن علم الفقه له لتصوف لونشأ علم ،وغلب عليهم الطابع الأخلاقي

يقول ،لغته الاصطلاحية الخاصة التي لا يشارك الصوفية فيها غيرهمه وأصوله العلوم ودونت وألف الفقهاء في الفق تفلما كتب"ابن خلدون

والكلام والتفسير وغير ذلك كتب رجال من هذه الطريقة في طريقهم فنمهم من كتب في الورع ومحاسبة النفس في الأخذ والترك كما فعل

فصار ) عوارف المعارف(ي في كتاب دالقشيري في الرسالة والسهرور .علم التصوف في الملة علما مدونا بعد أن كانت طريقة عبادة فقط

.175- 171ابن الجوزي، تلبيس إبليس، ص (1)

(44)

حية أخرى نجد بعد شيوخ التصوف في القرنين الثالث والرابع ومن نا )3كالجنيد والسري السقطي والحراز يجمعون حولهم المريدين من أجل

وكان أيضا ، فتكونت لأول مرة الطرق الصوفية في الإسلام ،تربيتهمالذي أعدم لمقالته في الحلول نوع من التصوف الفلسفي يمثله الحلاج

.هـ309مام الغزالي في القرن الخامس الهجري وأرسى القواعد من ثم جاء الإ )4

جديد من التصوف يساير أهل السنة على مذهب الأشاعرة الكلامي سادس الهجري أخذ ومنذ القرن ال، ويخالف تصوف الحلاج والبسطامي ،

وظهر صوفية ،التصوف السني في العالم الإسلامي يزداد بتأثير الغزاليهـ وعبد 570لمريدين منهم أحمد الرفاعي المتوفى لتربية ا اكونوا طرق

.هـ651القادر الجيلاني المتوفى كما ظهر منذ القرن السادس مجموعة من شيوخ التصوف الذين مزجوا )5

ي صاحب حكمة الإشراق المقتول دومنهم السهرور، التصوف بالفلسفة هـ 638هـ والشيخ الأكبر محي الدين بن عربي المتوفى سنة 549

وقد أخذوا من المصادر الأجنبية ، هـ 669السبعين المتوفى وابن .كالفلسفة اليونانية وخاصة الأفلاطونية المحدثة

غير أنه منذ دخول الأمم والشعوب المسلمة لمرحلة الاستضعاف )6منذ القرن الثامن (لها أصاب التصوف شيء من التدهور وكمقدمة

ى الشروع فاتجه أصحابه إل،)الميلادي وحتى العصر الحاضركما عني أصحابه ، وتوقف الاجتهاد فيه ،والتلخيصات لكتب المتقدمين

من الناحية العلمية بضروب من الطقوس والشكليات أبعدتهم من جوهر ولعل ابن تيمية يشير إلى بداية هذه المرحلة بتميزه بين طبقات . دعوتهمالذين صوفية الحقائق فهم : وقد صارت الصوفية ثلاث طبقات (الصوفية

والوقوف زاق فهم الذين وقفت عليهم الخوانقفية الأروص،ووصفناهم وأما صوفية الرسوم ، فلا يشترط في هؤلاء أن يكونوا من أهل التصوف

(45)

فمنهم المقصودين المقتصرين على التشبه بهم في اللباس والآداب (1)."أهل العلم زىفهم بمنزلة الذي يقتصر على ، الوصفية

.572-571، ص1949ابن تيمية، مختصر الفتاوى المصرية ، القاهرة، (1)

(46)

�������� ا�ا

��� ����� ا� ��ف)الكشف(نظرية المعرفة الصوفية

أن الحواس والعقل هي وسـائل معرفـة ترى )الكشف(نظرية المعرفة الصوفيةكوسيلة الكشفلهذا يجب أن نلجأ إلى ، بمعنى أنها معرضة للصواب والخطأ ، ظنية

ق الحجـاب ير جسديةأنه بالرياضة الروحية والها مضمونو . للمعرفة المطلقة اليقينلمعرفة تلقيا مباشـرا افيلتقي الإنسان أو يكاد يزول، بين الإنسان وخالقه حتى يزول

.من االله تعالى بدون واسطة من الحواس والعقل :تقويم

يمكن اعتبار الكشف كشكل من أشكال الرؤية الصادقة التي أشارت النصـوص لكـن المعرفـة ".بوةالرؤية الصادقة جزء من ستة وأربعين جزء من الن) "ص(قال

معرفه ذاتية لابد لها من معيار موضوعي لها للأخذ بها كوسيلة للمعرفـة ، الكشفية :بعدان وهذا المعيار ذ

الوحي في إدراكها للغيبيات المطلقـة عـن قيـود هو اتساقها مع : بعد تكويني حاكما فهذا أصل اقتضى للعاقل أن لا يجعل العقل (الزمان والمكان، يقول الشاطبى

) بإطلاق، وقد ثبت عليه حاكم بإطلاق وهو الشرعاتساقها مع الحواس في إدراكها لعالم الشهادة المحدود زمانـا و هو :بعد تكليفـي

واالله أخرجكم من بطـون أمهـاتكم لا ﴿مكان والسنن الالهيه التي تضبط حركته .﴾تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والافئده لعلكم تشكرون

ومن هنا كان التمييز بين الوحي وموضوعه الغيب المطلق الذي يتضمن الوجود والمحدود ) وجود االله تعالى(الغيبي المطلق من قيود الزمان والمكان بشكليه المطلق

والرؤية الصادقة وموضوعها الغيـب ، ...)مثل وجود الملائكة الجن، الجنة، النار(تتوافر إمكانية معرفته عن عالم الشهادة فـي الذي يتضمن كل ما لم ،)المقيد(النسبي

مرحلة معينة أو في ظل ظروف معينه أو لشخص معين، مع توافر هذه الإمكانية في

(47)

أو ظروف أخرى أو شخص أخر ، والذي لم ينهى الإسلام عن البحـث مرحلة تالية .المعرفي فيه لأنه يقع أصلا في نطاق عالم الشهادة

(48)

اتالكرام

كرامات الأولياء، غير أن هناك مـذهبين فـي اثبت أهل السنة بفرقهم المختلفة :إثباتها، و بالتالي تفسيرها

فالكرامة يمكن : تكوينيا: اى إثبات الكرامة دون تقييد مضمونها :الإثبات المطلقه الوجود،وهو ما عبر عنـه السنن الالهيه التي تضبط حرك داضطراأن تتم بانقطاع

والمقصود بالعادة عنـد ،" خرق للعادة" أصحاب هذا التفسير بتعريف الكرامة بأنها غير أن هـذا التفسـير لا .. أصحاب هذا التفسير العادة المضطرة اى السنن الالهيه

متـأخري الاشـاعرة و يوضح الفرق بين الكرامة والمعجزة، لذا رفضه عدد مـن ،معاذ االله أن يتحدى نبي بكرامه تكررت على ولي( القائل سبكيالالمتصوفة منهم

فليس كـل و إن جاز وقوعه،بل لا بد أن يأتي النبي بما لا يوقعه االله على يد الولي مرتبـة و لما كانت مرتبة النبي أعلى و أرفع مـن . جائز في قضايا العقول واقعا

أدبا مع النبي التحدي،و عجازالإ كان الولي ممنوعا مما يأتي به النبي على الولي

فالكرامة يمكن أن تحدث للشخص مع عدم التزامه بـأوامر ونـواهي :تكليفيا)1)(ولم يقول بهذا المذهب إلا بعض متاخرى الصوفية،وأصـحاب التصـوف .الشريعة

القائم على الحلول والاتحاد ووحده الوجود،فهو مبنى على امكانيه الحلول أو الاتحاد .الانسانيه وسقوط التكاليف الذاتبين الذات الالهيه ولوحدة أو ا

بـالتزام الأوامـر :تكليفيا :اى إثبات الكرامة مع تقييد مضمونها: الإثبات المقيديعرف الشـريف ، وقال بهذا الحنابلة والاشاعره وأهل التصوف السني،والنواهي

خص غير مقارن لدعوى ظهور أمر خارق للعادة من قبل ش(الجرجاني الكرامة بأنها ومـا يكـون فما لا يكون مقرونا بالإيمان والعمل الصالح يكون اسـتدراجا، النبوة،

بالتزام حتمية السنن الالهيه التي تضـبط :تكوينيا )2)(مقرونا بالنبوة يكون معجزة حركه الوجود ، وبالتالي فان الكرامة هي تكريم االله تعالى لشخص صالح دون

. 2/320الشافعية طبقات ) 1(

.210التعريفات،الجرجاني، ص)2(

(49)

إن (يقول الاسـفرائينى .انقطاع اضطراد السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجودغيـر الكرامة لا تبلغ مبلغ خرق العادة وإنما هي إجابة دعوة أو موافاة مـاء فـي

والمعجزة بان رأى عدد من العلماء الذين فرقوا بين الكرامةوهو يقارب ، )1( )موقع أبـو الإمـام قال (النووي الإمام ما جاز معجزه لنبي لا يجوز كرامه لولى ، يقول

الأولياء راق العادة في حقخالحق جواز ان أهل إليهالحرمين الذي صار إمامالمعالي وقوعـه للنبي لا يجوز تقدير ما وقع معجزة أن إلي أصحابناقال وصار بعض ...

إلي الموتىالعصا ثعبان ويحي ينفلق البحر وينقلب أنند هؤلاء فيمتنع عكرامه لولي زيد المالكي أبيمحمد بن أبورفض و. )2)(كرامة لولي الأنبياء آياتغير ذلك من

وتبعه في هذا الراى عددا ,الكرامة طبقا للتفسير الأول إلا بشرط حدوثها في المنام وأبا جعفر أحمـد الـداودي ) هـ403ت (من العلماء منهم أبا الحسن علي القابسي

وجوز الإمام ابن حزم من أهل الظاهر الكرامة طبقا للتفسير الأول في ). هـ402(أما بعد موته صلى االله عليه وسلم فيرى انه لا سبيل إلى شـيء مـن ،حياة الرسول

بشرط ".خرق للعادة"وطبقا لهذا التفسير يجوز الأخذ بالتعريف الكرامة بأنها ،)3( .هذاأن يكون المقصود بالعادة ما اعتاد عليه الناس لا العادة المضطردة، ورد في شـرح

فالمعجزة في اللغة كل أمر خارق للعادة ،وكذلك الكرامة في عرف "العقيدة الطحاويهألائمه أهل العلم المتقدمين، ولكـن كثيـر مـن المتـأخرين يفرقـون فـي اللفـظ

وإنما ينال من تلك الثلاثة بقدر ما يعطيـه ...وجماعها الأمر الخارق للعادة...بينهمااالله ،ويعلمه ماعلمه االله إياه، ويستغنى عما أغناه االله ،ويقدر على ما اقدره االله عليـه

،فجميـع المعجـزات الأمور المخالفة للعادة المضطردة أو لعاده اغلب النـاس من )4)(والكرامات لا تخرج عن هذه الأنواع

.25لموافقات، صالاسفرائينى، ا)1(

.30ص ،بستان العارفين ،النووي الإمام)2( .1984والفروع،دار الكتب العلمية،بيروت، لابن حزم، الأصو)3(.499شرح العقيدة الطحاويه ،مكتبه الدعوة الاسلاميه،القاهرة،ص )4(

(50)

المنهج الإسـلامي الـذي يقـرر معو الأيمان بالكرامة طبقا لهذا التفسير يتفق

كما يتفق مع ،)ولن تجد لسنة االله تبديلا(حركة الوجود بسنن إلهية لا تتبدل انضباط .التفكير العلمي ويناقض التفكير الخرافي

(51)

ا)���*�� وا��9 ا��$�7$8 :تعريفها

فرقة من فرق الصوفية بمدينة نيسابور بخرسان في النصف الثاني من اختارت لنفسها اسم الملامة التي هي تأنيب النفس في . القرن الثالث الهجري

مقابل اسم الصوفية لأنهم كانوا ثائرين على الكثير مما كان مقررا عند ، .الصوفية

:اشتقاق الاسم

ولا (واسم الملاميتة متصل بمفهوم اللوم الوارد في القرآن كقوله تعالى ويقول ). يخافون لومة لائميجاهدون في سبيل االله ولا(و ) أقسم بالنفس اللوامة

طريقنا ترك التزين للخلق بحال وترك طلب رضاهم في نوع (حمدون القصار ).من الأخلاق والأحوال وألا يأخذك في االله لومة لائم

:المراد باللوم

والمراد باللوم الملاماتي لوم النفس القائم على أن لا يرى الملاماتي . ئن إلى عمل ظنا منه أن النفس شر محضولا يطم، لنفسه حظا على الإطلاق

ومن ناحية . شر محض باعتبارها ومن ناحية أخرى المراد باللوم لوم النفسلأن الملاماتية خوفا من أن تنكشف ، أخرى المراد باللوم لوم الناس إياهم

يقول أبو أبي حفص . أحوالهم تعمد أن يظهروا للناس ما يجلب عليهم التأنيبقوم قاموا مع الحق تعالى على حفظ أوقاتهم ومراعاة أسرارهم أهل الملامة(

فلاموا أنفسهم على جميع ما أظهروا من أنواع القرب والعبادات وأظهروا للخلق قبائح ما هم فيهما وكتموا عنهم محاسنهم، فلاموا الناس على ظواهرهم ولاموا

).أنفسهم على ما يفعلونه من بواطنهم :والصوفيةية الفرق بين الملامات

أما الفرق بين الملاماتية والصوفية فهو كما يرى السلمي أن الصوفي لا يتحرج من إظهار الدعاوي وإعلان ما يفتح االله عليه من أسرار الغيب ولا

أما الملاماتي فيحتفظ على سر االله ويتكتم في نفسه . الخروج على الناس بالكرامة

(52)

ونة، ولا يظهر كرامة خوفا من أن ما بينه وبين ربه، ولا دعوى له لأنها رعلذا يقسم السلمي أرباب الأحوال والعلوم إلى . تكون ابتلاء أو أن يفتتن الناس به

ثلاثة أقسام علماء الشريعة المشتغلين بظواهر الأحكام وهؤلاء هم الفقهاء، وأهل وفية المعرفة باالله المنقطعين إلى االله، والزاهدين في أسباب الدنيا وهؤلاء هم الص

الذين زين االله بواطنهم بالقرب وقد غار الحق عليهم لئلا يعرف الخلق ، وأحوالهم، فأظهر للخلق منهم صفاتهم الظاهرة التي تفيد معنى الافتراق، لكي يسلم

).لهم حاله معه تعالى وهؤلاء هم الملاماتية :القوى النفسية

ويرتبها على يستعمل السلمي كلمات الروح والسر القلب والنفس والطبع .هذا النحو من حيث الأفضلية بينها

الأرجح أن النزعة التشاؤمية التي تنظر إلى النفس الإنسانية :تقويمباعتبارها شرا محضا يجب التخلص منه ذات مصدر زرادشتي هندي وجد

.طريقه إلى صوفية خرسان تحت تأثير البيئة الحضارية التي عاشوا فيها :الوجود التأثير بمذهب وحدة

تضح أثر المصادر غير الإسلامية في هذه المحاولة من تأثير يكما المذهب الملاماتي بوحدة الوجود هو ماثل في الرياء وكون االله تعالى وحده وهو

).لا فاعل المطلق(الفاعل :تدهور المذهب الملاماتي

كما خلف الملاماتية الأولين فئة نزلت بهذا المذهب إلى أحط درجات واستخدمت تعاليمه كمبرر للإباحة حتى اقترن في أذهان الناس ،ساد والتدهور الف

.بمعنى العبث بأمور الدين والتراخي في أداء العبادات، والمباهاة بالمعاصي

(53)

ا��ب ا%�: ا����7 ا8;����

ا��� ا�ول

.��� ��$�$� ا����7 ا8;���� !�����7 ا�

:بالفلسفة اليونانيةعلاقة الفلسفة الإسلامية ) 1

فة اليونانية سوف نتناولها لعلاقة الفلسفة الإسلامية بالفلس تصورينهنالك :صيلبالتف

:أن الفلسفة الإسلامية مجرد نقل للفلسفة اليونانية: التصور الأول

فيعتبرهـا مجـرد نقـل ، الفلسفة الإسلامية أصالةينكر التصور الأول ى بالفلسفة الإسلامية ما هي إلا فلسفة مرى فإن ما يسوبعبارة أخ ،للفلسفة اليونانية

وأن من يسـمون بالفلاسـفة ،يونانية مترجمة إلى اللغة العربية دون أي إضافةوهذا التصور يمثلـه . الإسلاميين ليسوا مسلمين بل خارجين عن الدين الإسلامي

:بعض المستشرقين ويستند إلى تبريرات عدة) أي ممارسة النشاط العقلي التجريـدي (لى التفلسف أن القدرة ع :التبرير الأول

أمـا ،)ليه قدماء اليونانيينإالذي ينتمي (ينفرد بها الجنس الأري العرب الشعوب الإسلامية فلا تمتلك هذه القدرة لأنها تنتمي إلى

.ومن أنصار هذا التبرير رينان وجوتيه ،الجنس الساميالـذي (منعان النشاط العقلي الحر يرآن إن الدين الإسلامي والق :التبرير الثاني

ومن أنصار هـذا التبريـر ثنمـان فـي كتابـه ،)يميز الفلسفة ).المختصر في تاريخ الفلسفة(

:تقويم التصور الأول

التبرير الأول يستند إلى العنصرية التي هي من خصائص أطوار التكوين الحقيقي أو ) الدم(سب لنحيث معيار الانتماء إلى القبيلة وحدة ا ،الاجتماعي القبلي

أن التطور الاجتماعي في أغلب مجتمعات العالم قد تجاوز هـذه ، غيرالوهمي

(54)

التي (الأطوار إلى طور جديد هو الأمة التي مناط الانتماء إليها الهوية الحضارية .لذا تراجع أغلب المستشرقين عن هذا التبرير في مراحل لاحقة ،)ها اللغةؤوعا

برير ينطوي على جملة من الأخطاء والمتناقضات أهمهـا كما أن هذا الت هو تقسـيم لغـوي لا ) ساميين، حاميين وأريين(أن تقسيم البشر إلى ثلاثة أقسام

كما يقـرر (وأن التجريد ،إذ لا يوجد عرق نقي لم يختلط بباقي الأجناس ،عرقي .ية لا يختص بها جنس معيننسانهو ملكة عقلية إ) علم النفسأما التبرير الثاني فقائم على تصور معين للفلسفة هو وجوب انفصـالها

والواقع من الأمر أن أي مذهب فلسفي إنما ينطلق مـن ،عن الميتافيزيقا والدينأن تكون قابلة للنفي أو الإثبات بالتجربة العلمية دون فرض أو فروض يسلم بها

كما أن هذا . تافيزيقية بهذا المعنىفهي مي ،وإن كانت قابلة للتحقق بالأدلة العقلية، االشرقية وهي تشكل جزءوالتصور يلزم منه استبعاد كل الفلسفات الدينية الغربية

أي فلسفة إنما تنطلق من أنكما . من الفلسفة في كل مراحل تطور الفلسفة اكبير وبناء على هـذا فـإن ،القيم الحضارية للأمة التي ينتمي إليها الفيلسوف المعين

استناد الفلسفة الإسلامية إلى الميتافيزيقا أو انطلاق الفلاسـفة الإسـلاميين مـن الإسلام الذي يشكل الهيكل الحضاري للأمم والشعوب المسلمة لا تنفـي كونهـا

والملاحظ أن بعض الكتاب الإسلاميين بدافع نقية الفكر الإسلامي من . فلاسفة أو .لتصورالشوائب اتفقوا مع المستشرقين في هذا ا

أن الفلسفة الإسلامية هي محصلة أخذ وتنمية وتطوير الفلسفة : التصور الثاني :اليونانيةأصالة الفلسفة الإسلامية، أي أن العرب وإن كانوا قد هذا التصور يقول ب

ويؤكـد ،أخذوا بذور المعرفة بما فيه الفلسفة من اليونان فإنهم نموها وطوروها :مرت بثلاث مراحل هذا تاريخ هذه الفلسفة التي

أنشا المأمون لذلك ديوان الحكمة استغرقت الترجمة قرنا مـن : الترجمة :أولاوالترجمة ليست عملا آليا ينقل فيه نص ، ) القرن الثاني الهجري(الزمان

بل هي عملية انتقاء ما لا يناقض بنية حضارة معينـة ،من لغة إلى لغة

(55)

دون كتـب الأدب الأسـطورة أن العرب ترجموا كتـب الفلسـفة فهذا لوترجمت أرسطو أكثر مما ترجمت كتب أفلاطون، وترجمـة ،اليونانية

.الجمهورية أكثر مما ترجمت المحاورات الخاصة بالأخلاق و الجمال ،وحل القرن الثالث حتى بدت بوادر الشـرح والتـأليف أنما : الشرح :ثانيا

و عملية تمثيل جديـد بل ه ،الشرح ليس التعبير عن عبارة بعبارة أخرى .كما يبدو في كتاب فلسفة أرسطو للفارابي

هي مرحلة الإضـافة ،وبعد الترجمة والشرح بدا بوادر التأليف: التأليف :ثالثاتحصـيل (فقد كتب الفارابي فلسفة أرسطو أولا كـي يكتـب أخيـرا ،

).السعادة :يةلماذا اتخذ الفلاسفة الإسلاميين الفلسفة اليونانية نقطة بدا

لفلسفة الإسلامية لم تكن مجرد نقلعلى أن ا دليلا ينهض إذا كان ما سبق للفلسفة اليونانية بل هي عملية أخذ وتنمية وتطوير للأخيرة، إلا أنـه يجـب أن نضع في الاعتبار أن الفلاسفة الإسلاميين قد اتخذوا الفلسفة اليونانية نقطة بدايـة

مي كانت تسود بها عقائد وأديان ومـذاهب الإسلا تحلأن الشعوب التي ضمها الفاتخذت من الفلسفة والمنطق اليونانيين أدوات أو أسلحة للدفاع عن هذه العقائـد، فكان على الفلاسفة الإسلاميين الذين عنوا أساسا بالدفاع عن الدين الإسلامي في

أي الانطلاق من ما هـو ،محاربتهم بنفس سلاحهم ،وجه هذه العقائد والمذاهب للوصول على ما هو مسلم لدى ،)الفلسفة والمنطق اليونانيين(مسلم بصحته لديهم مع الإقرار أنه قد أصـابهم نـوع مـن ،)الدين الإسلامي(الفلاسفة الإسلاميين

التبجيل للفلسفة والمنطق اليونانيين كنتيجة لطول استخدامهم لها كأدوات أو أسلحة م الـدين الإسـلامي نقطـة بدايـة لأن بخلاف علم الكلام الذي اتخذ من مفاهي،

الـدين (وانطلقوا من ما هـو مسـلم لـديهم ،المتكلمين خاطبوا أساسا المسلمين وبعبارة أخرى فإن الفلسفة الإسلامية هي محاولـة لبنـاء عقلانيـة ). الإسلامي

إلى شعوب تسلم صـحة الفلسـفة ) بصورة أساسية(إسلامية ذات خطاب موجه وعلم الكلام هـو محاولـة ، تسلم بصحة الدين الإسلاميوالمنطق اليونانيين ولا

(56)

إلى جماعـات تسـلم ) بصورة أساسية(لبناء عقلانية إسلامية ذات خطاب موجه .بالدين الإسلامي

ويترتب على هذا أن الفلسفة الإسلامية لا تقتصر على الإنتاج الفكـري وابن رشد فـي للكندي والفارابي وابن سينا في المشرق وابن ماجه وابن طفيل

أصـول و التصوف بل تمتد لتشمل ،)كما يرى العديد من المستشرقين(المغرب وأصول الفقه وأصول التفسير إذ مصطلح الأصول في الفكر ) علم الكلام(الدين

إذ كلاهما يتضمن (الإسلامي يقارب في المعنى مصطلح فلسفة في الفكر الغربي إن الفلسفة الإسلامية في المعنى الشيق ، وبعبارة أخرى ف) صفتي الكلية والتجريد

وبالمعنى الواسع تعني كل هذه المعرفـة ،تعني الإنتاج الفكري لهؤلاء الفلاسفة .الإسلامية

(57)

علاقة الفلسفة الإسلامية بالدين والحضارة الإسلاميين وهل هي عربيـة أم ) 2 :إسلامية؟

:علاقتها بالدين الإسلامي: أولا :مذهب النفي المطلق

بين الدين الإسلامي والفلسفة بصورة اا المذهب يرى أن هناك تعارضهذ والفلسفة اليونانية بصورة خاصة، ويترتب على هذا أنه لا يمكن أن نطلق ،عامة

أي بعبارة أخرى لا يوجد ،صفة الإسلامية على الإنتاج الفكري لهؤلاء الفلاسفةمن ممثلي هذا المذهب بعض و،ما يطلق عليه فلسفة إسلامية أو فلاسفة إسلاميين

).الفتاوى(متأخري الحنابلة كابن الصلاح في كتابه :تقويم

ـ اهذا المذهب كما ذكرنا مبني على أساس أن هناك تعارض بـين امطلق :الدين الفلسفة وهو صحيح للآتي

إنه قائم على فرضية أن الفلسفة تأخذ موقفا موحدا بين جميع القضايا وأن •قض لموقف الدين الإسلامي منها، بينما واقع الأمـر أن هذا الموقف منا

هناك تعدد في المواقف تجاه هذه القضايا بمقدار تعدد المذاهب الفلسـفية وهذا الأمر قرره ابن تيمية في معرض رده على مـن ،وتعدد الفلاسفة

أما نفي الفلسفة مطلقا أو إثباتها (قال أن الفلاسفة جميعا قالوا بقدم العالم يمكن أن ليس للفلاسفة مذهب ينصرونه ولا قول يتفقون عليـه فـي فلا

(1)).الإلهيات والنبوات والمعاد ولا في الطبيعيات والرياضياتمن نشاط ) الحكمة(هذا الموقف ظهر في فترة تحولت فيه الفلسفة أنكما •

واختلطت بمعـارف محرمـة ،عقلي كلي مجرد إلى بحث في الغيبياتويدل على هذا ربط متأخري الفقهـاء بـين ،لشعوذةكالسحر الكهانة وا

.253منهاج السنة، ص ابن تيمية، (1)

(58)

قد ذكرنا من أقسام العلـم (المحرمة ويقول النووي العلومالفلسفة وهذه الشرعي، من العلم الخارجة عنه ما هـو محـرم أو مكـروه أو مبـاح

والتنجـيم وعلـم ) الشـعوذة (فالمحرم كتعلم السحر وكالفلسفة والشعبذة ه المعارف تمثل أنماط التفكير الأسطوري وواضح أن هذ (2)).الطبائعين

والخرافي التي تتناقض مع نمط التفكير الفلسفي والعلمـي فضـلا عـن .الدين

إذ ،كما أن هذا المذهب يتفق مع مذهب بعض المستشرقين السابق ذكرهم • علـى إنكـار دليلامستشرقين موقف أنصار هذا المذهب اتخذ هؤلاء ال

.الفلسفة الإسلامية أصل :)النقدي( ب النفي والإثباتمذه

هوهذا المذهب قائم على أنه ليس هناك تعارض مطلق بين الفلسفة بصور بل هناك أوجه اتفاق وأوجـه اخـتلاف ،والفلسفة اليونانية بصور خاصة ،عامة

. وفي حالة الاختلاف يكون الرفض وفي حالة الاتفاق يكـون الأخـذ والقبـول ،ؤلاء الفلاسفة يمكن إطلاق صفة الإسـلامية فـي وبالتالي فإن الإنتاج الفكري له

كما يمكن نفيها عنه فـي حالـة الاخـتلاف و ،حالة الاتفاق مع الدين الإسلامي .التعارض :ابن تيمية

المقصود هنا الفلسـفة "من الفلسفة اموحد افابن تيمية مثلا لا يأخذ موقف :قسامسواء بالرفض والقبول بل يقسمها إلى ثلاثة أ" اليونانيةوهو يرفضه وأغلب رفضه للفلسفة ينصب على ": الميتافيزيقا"الإلهيات )1

.ا القسم منهاذه" الميتافيزيقـا "ويرى جواز الأخذ به مع عدم ربطه بالإلهيات :الطبيعيات )2

غالبا كلام جيد وهو كلام كثير واسع ولهم يقول عرفوا "اليونانية، بتعبيره

.27، ص1النووي، المجموع شرح المذهب، ج (2)

(59)

هم فيه العناد ولكنهم جهالة بالعلم به وهم يقصدون به الحق لا يظهر علي "الإلهي

ضرورية العلوم الفـرائض "ويرى جواز الأخذ به ويعتبره :الرياضيات )3وبناء على هذا لا يلغي صفة الإسلامية . (1)قسمة التركة الميراث وغيرها

أنه كان في كل من هؤلاء "على الإنتاج الفكري لهؤلاء الفلاسفة بل يقرر بحسب ما خالفوا به الكتـاب والسـنة ولهـم مـن من الإلحاد التحريف

(2)".الصواب الحكمة ما وافقوا فيه ذلك :الغزالي

إلـى ثلاثـة ) اليونانية(كما أن الغزالي يأخذ نفس الموقف فيقسم الفلسفة :أقسام حسب تعارضها أو توافقها مع أصول الدين

هي ه في ثلاث قضاياروحص،قسم يتعارض مع هذه الأصول لفظا ومعنا )1بقدم العالم وإنكار البعث الجسدي وإنكار علم االله اليونانيين سفةقول الفلا(

).تعالى بالجزئياتوحصـره فـي ،ويتوافق معها معنا قسم يتعارض مع هذه الأصول لفظا )2

.عشر قضية سبع (3).قسم يوافق هذه الأصول لفظا ومعنا )3

وقسم يجب التبديع قسم يجب التفكير فيه (ويحدد الموقف من هذه الأقسام ).به وقيم لا يجب إنكاره أصلا

وبناء صفة الإسلام عن الإنتـاج الفكـري على هذا فإن الغزالي لم ينفوأخيرا يجب تقرير أن مصدر اللبس هو عـدم .ةقلهؤلاء الفلاسفة بصورة مطل

.ابن تيمية، الرد على المنطقيين، طبعة بيروت دار المعرفة (1) .252ابن تيمية، منهاج السنة، ص (2) .13-9، صالغزالي، الفلاسفة، طبع بيروت (3)

(60)

التمييز بين ما كتبه هؤلاء الفلاسفة واعتبارهم مترجمين وباعتبارهم فلاسفة لهم .ضافات إلى الفلسفة اليونانيةإ

:علاقتها بالحضارة الإسلامية: ثانيا

المقصود بصفة الإسلامية في مصطلح الفلسـفة الإسـلامية الحضـارة م الدين الإسلامي بل من علوم وفهي ليست من عل،الإسلامية لا الدين الإسلامي

مـن خـلال ويمكن توضيح هذه الحقيقة ،الحضارة الإسلامية لا الدين الإسلاميوالعلـوم العقليـة ) الشـرعية (تقسيم الفقهاء للعلوم ويميزوا بين العلوم الدينية

، الأولى تتعلق بأصول الدين والأخيرة ثمرة لنشاط العقـل الإنسـاني ،)الدنيوية(معنى الحضـاري لا الب فتسمية إسلامية ،ولكنها ظهرت في المجتمعات الإسلامية

مية تنتمي إلى النوع الأخير من العلوم شأنها شأن فالفلسفة الإسلا. المعنى الديني .العمارة الإسلامية والفن الإسلامي والصيدلة الإسلامية

:هل هي عربية أم إسلامية: ثالثالأن العرب هم ،يذهب أصحاب هذا الرأي إلى أن الفلسفة عربية: عربية )1

مي إلـى أول الفلاسفة هو الكندي الذي ينت(حملة لواء الدفعة الأولى فيها ومن أنصار هذا الرأي لطفي السيد مـدير الجامعـة ،)قبيلة كندا العربية

.المصرية في عهدهأما أصحاب هذا الرأي فيذهبون إلى أن هذه الفلسفة إسـلامية :إسلامية )2

....) إيرانية، تركيـة، (لأن العديد من فلاسفتها ذو أصول غير عربية زق شـيخ الأزهـر فـي ومن أنصار هذا الرأي الشيخ مصفى عبد الرا

.عصرهإن الإسلام هو الهيكل الأساسي للحضارة العربية لأنـه :عربية إسلامية )3

وبالتالي ،هو الذي نقل القبائل والشعوب في هذه المنطقة إلى أمة واحدة لأنه يقوم على الفصل ،فإن كل الرأيين السابقين على حده غير صحيح إذا كـان منـاط و ،حيلبين العروبة والإسلام وهو غير صحيح ومسـت

الانتماء إلى القبيلة هو النسب أو الدم فإن مناط الانتماء إلى الأمة العربية

(61)

ن عدم وبالتالي فإ ،ة التي وعي بها اللغةالمسلمة برابطة الهوية الحضاريانتماء أغلب هؤلاء الفلاسفة للقبائل العربية برابطـة النسـب لا ينفـي

لمة برابطة الهويـة الحضـارية التـي انتماءهم إلى الأمة العربية المسليست العربية فيكم من "وعاؤها اللغة العربية لقوله صلى االله عليه وسلم

كما أنها ليست ." أب وأم إنما العربة لسان فمن تحدث العربية فهو عربيانطوى تحته العديد من الأمم باعتباره دينا إسلامية فقط لأن الإسلام كدين

وفلسفته وهناك الفلسفة الإسلامية الإيرانية وهناك كان لكل منها حضارته ....الفلسفة الإسلامية التركية

(62)

��� ا%�$#ا�� ا&# *��و�ه��ا��;�� ا8;����> ا)��3�� �> و! � ا<

ا��@ي :نظرية الوجود: أولا :العالم) 1

انتقل ف ،المقصود به أنه العالم له بداية ونهاية،ويقول الكندي بحدوث العالم فهنـا . من العدم إلى وجود، وسينتقل من الوجود إلى العدم بفعل الإرادة الإلهية

يرفض القول بقدم العالم أي أنه ليس للعالم بداية أو نهاية فهو أزلي أبـدي كمـا .يرى بعض الفلاسفة اليونانيين

:ثم يورد عدة أدلة على حدوث العالم منه دليل تناهي الجسم إمـا أن فإن الجزء الباقي منـه اثم قطعنا منه جزء إذا كان هناك جسم، .1

يكون متناهي أو غير متناه. فإذا كان الجزء الباقي متناهي وضم إليه الجزء المقطوع فإن المجمـوع .2

.اسيكون متناهي3. وضم إليه الجزء المقطوع فإن المجمـوع وإذا كان الجزء الباقي لا متناه

.له ايإما أن يكون أكبر من الأول أو مساوفإذا صار أكبر من الأول فسيترتب على هذا أن يصبح الجسم الأصـلي .4

ي يصـبح بعد إضافة الجزء المفصول أكبـر مـن الجسـم الأصـلي أ .ناهي وهذا تناقضاللامتناهي أكبر من اللامت

.الجسم الأصلي مساويا لنفسه قبل وبعد الإضافة فهذا تناقض إذا ظلأما .5بعد فصل الجزء المقطـوع الأصلي متناه وبالتالي يجب القول أن الجسم .6

.وبعد إضافته7. والعالم جسم متناه.

(63)

8. فإن الأغراض المحمولة عليه مثل الحركة والزمان وإذا كان العالم متناه (1).كلها متناهية

:االله تعالى) 2 :أدلة وجوده تعالى

أخر الكندي الكلام عن وجود االله تعالى على الكلام عن حـدوث العـالم ويعتبر الكندي أن وجود االله بديهي عند من يمتلك العقل والفهـم ،مبني عليهلأنه

أما من يحتاج إلى برهان فهو من عميت بصيرته، ويرى أن البراهين الجـائز ، ،الأخذ بها هي البراهين التي جاءت في الكتب السماوية وكتب بعض الفلاسـفة

ية القائم علـى الاسـتدلال وقد أورد عدة براهين من هذا النوع منها برهان الغائ) من لم كـذا (أما البراهين اللمية . بالنظام الموجود في العالم على وجود منظم له

لا يجوز الأخذ بها لأنها قائمة علـى مفـاهيم العلـة ف) من لماذا كذا(أو الماذية هي مفاهيم مرتبطـة بالعـالم ،و) العلية أو السببية(والمعلول أو السبب والمسبب

. الخالقالمخلوق لا :صفاته تعالى

أي سلب صفات النقض "صفات السلب : وصفات االله تعالى على نوعينوالكندي يجمـع ،"أي إثبات صفات الكمال الله تعالى"وصفات الإيجاب ،" عند االله

فقد نبـين أن ".... بين صفات السلب وصفات الإيجاب فيقول عن صفات السلب عنصر ولا جنس ولا نوع ولا شخص الواحد الحق ليس شيء من المعقولات ولا

هذا تدبير حكيم " .... وأما صفات الإيجاب فهي مثل قوله"ولا عقل ولا كل جزء .عليم جواد عالم متقن لما صنع

أي يقـول بأولويـة ،غير أنه يرجع صفات الإيجاب إلى صفات السلبت كما يقول بوحدة الصفات والذات أي أن الصفات ليس. صفات السلب كالمعتزلة

.شيئا زائدا عن الذات بل هي والذات شيء واحد

.104-102مصطفى شاهين، تاريخ الفكر الإسلامي، ص. د (1)

(64)

:العلم الإلهي ةصف

والجزئيات ) الأفكار(ويرى الكندي أن العلم الإلهي يشمل الكليات الثانية وهو هنا يخالف بعض الفلاسفة اليونـانيين الـذين ، ) الأشياء المادية(المتغيرة

لأن كان هـذا ".... الكندي قصروا العلم الإلهي على الكليات التغير أيضا يقول (1)).هكذا فقد بعد الحق كثيرا من ظن أن العلة الأولى لا تعلم الجزئيات

:نظرية المعرفة: ثانيا

:وسائل المعرفة عن الكندي ثلاث هيفهي معرفـة ، )الأشياء(وبها تدرك النفس ما هو جزئي متغير : الحواس )1

له صورة أو مثال فـي وتتميز هذه المعرفة بأن المدرك ،بظاهر الأشياء .النفس

فهي معرفة ببـاطن ،)الأفكار(وبه تدرك النفس ما هو كلي ثابت :العقل )2وتتميز هذه المعرفة بأن المدرك ليس له صورة أو مثـال فـي ،الأشياء الاقتصار على ما هو مشترك "لأن المدرك هنا عبارة عن تجريد ،النفس

".والقصور عن ما هو مختلف ككلمة إنسانفهو يعـرف ظـاهر ،يرى الكندي أن من يقتصر على الحواس :حيالو )3

ولكـن ،ومن يقتصر على العقل فهو يعرف باطن الأشياء ،الأشياء فقطيحتاج إلى زمان طويل ليتدرب على هذه المعرفة التجريديـة، وربمـا

لذا وجدت طريقة ثالثـة هـي المعرفـة ،يخطئ العقل في هذه المعرفةالوحي فهي خاصة بمكن يصطفيهم االله تعـالى الإشراقية التي يعني بها

شـأن الوسـيلتين ) والجه الإنسـاني (للنبوة والرسالة وهي تنال للكسب السابقتين بل تأتي لصاحبها بلا طلب أو تكلف فإذ هي تابعـة لإرادة االله

.تعالى

الفلسفة العربيه.جورج عطية (1)

(65)

:نظرية القيم: ثالثا

بقـدر طاقـة التشبه بأفعال الإله "يذكر الكندي من تعريفات الفلسفة أنها الإنسان بها هو ه، وتشب"المطلقةالقيم "وأفعال الإله هي الفضائل الكاملة " الإنسان

.وهو نسبي محدود" القيم"الالتزام بهذه الفضائل :يعتمد على تقسيمها إلى قسمين" القيمة"ولتعريف الفضيلة

:قيمويضم نوعين من ال" أي القيم الفردية"ويكون داخل النفس : القسم الأولوهي الحكمة وهي معرفة الأشياء بحقائقها فهـي معرفـة : قيم معرفية ) أ

.نظرية تتطلب استعمال ما يجب استعماله من هذه الحقائق :قيم عملية وتضم ) ب

بية في الموضع المناسـب ضوهو استعمال القوة الغ: قيمة النجدة .1عـدوان وتفـريط "كالدفاع عن الأوطان وهي وسط بين إفراط

".الجبن

وهي فضيلة القوة الشهوانية وهي الاعتدال في إشباع : عفةقيمة ال .2 .الحاجات العضوية

وهو بمثابة الثمرة للقسـم " أي قيم اجتماعية"ويكون خارج النفس : القسم الثاني .الأول ويضم قيمة العدل ثمرة جميع القيم السابقة

:تقويم

ـ،أخذ الكندي بمفهوم الخلق القرآن القائم على الإيجاد من العدم • ل اكما ق" أفلاطـون، أرسـطو "وخالف بعض الفلاسفة اليونانيين ،بحدوث العالم

.الذين قالوا بقدم العالم وتابعهم في ذلك بعض الفلاسفة الإسلاميينالتصـور مـع كما يتفق كلامه في علم االله تعالى بالكليات والجزئيـات •

هو ويعلم وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا(القرآني للعلم الإلهي المطلق ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمـات

).الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين

(66)

ولا تجعل يـدك (كما تأثر في تصوره للفضائل بمفهوم الوسطية القرآني •". الإسراء) "مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا

حكمة ونجـدة وعفـة تأثره بتقسيم أفلاطون للفضائل إلىإلى بالإضافة .وعدل

كما أخذ من المعتزلة القول برد صفات الإيجاب إلـى صـفات السـلب • .والصفات ووحدة الذات

(67)

�� ا��� ��@ ا��;�� ا8;����> أ;�).��Eو� �F$

:الجذور التاريخية لنظرية الفيض

رف عليها المسلمون في القرن هي نظرية ذات أصول يونانية فارسية تع طريق غربي يتمثل في مدرسـة : عن طريقين) الثالث الهجري(التاسع الميلادي

وقـد حـاول الفلاسـفة . وطريق شرقي يتمثل في مدرسة حـران ،الإسكندريةلأنها كانـت ،الإسلاميين تنميتها وتطويرها بما يتلاءم مع مفاهيم الدين الإسلامي

لذي ترتكز عليه العديد من الديانات والاعتقـادات التـي بمثابة الأساس الفلسفي اكالغنوضية أو الصابئة "سادت في العديد من الشعوب التي ضمها الفتح الإسلامي

فجاءت محاولة الفلاسفة الإسلاميين الانطلاق مما هو مسلم لدى هذه "في فارس ).سلاميالدين الإ(للوصول بهم إلى ما هو مسلم لديهم ) نظرية الفيض(الشعوب

:نظرية الفيض في الفلسفة اليونانية

ظهرت في الأفلاطونية الجديدة، حيـث نجـد أفلاطـون فـي كتابـه ثم يقسم العالم إلى عالمين عالم حقيقي عقلي، وعالم وهمي محسوس) التاسوعات(

فالواحد . هي الواحد والعقل والنفس" أقانيم"درجات يقسم العالم العقلي إلى ثلاثأما المادة فهـي ). الكلية(والذي يفيض فتوجد النفس ) الكلي(العقل يفيض فيوجد

ومصـدر اعتقادنـا . نتيجة استنفاذ الفيض لإمكانياته فهي عدم أي نفي للوجـود .بوجودها خداع للحواس

:نظرية الفيض عند الصابئة

كما نجد النظرية عند الصابئة، حيث قسموا الوجود إلى وجودين وجـود ويوجد العالم بفعل الفـيض الـذي . لوي، ووجود مظلم سلفيروحاني نوراني ع

يراه الصابئة في موجودات روحية عشـرة هـي الواحـد والعقـل والنفسـي والروحانيات السبع، فالنفس تفيض الروحاني الأول الذي يفيض الثاني وهكذا إلى

.السابع

(68)

:محاولات الفلاسفة الإسلاميين أسلمة النظرية

ميين كما بينا سابقا أسلمة نظرية الفيض لأنها كانت حاول الفلاسفة الإسلا نات التي سادت في العديد من الشعوب التي ابمثابة الأساس الفلسفي للعديد من الدي

،)الشـرك (فالصابئة استندوا إليها لتكريس تعدد الآلهـة ،ضمها الفتح الإسلامي اطها بالكواكـب فقالوا أن الروحانيات السبعة هي آلهة صغرى لذا عبدوها لارتب

ولا يختلـف هـذا ،"كتعبير من عبادة الكواكب"التي تحل فيها تلك الروحانيات أي القول (الموقف عن محاولة الأفلاطونية الجديدة الاستناد إليها لتكريس التثليث

فجاءت محاولة الفلاسفة الإسلاميين مصـادرة النظريـة ). بأن هناك ثلاثة آلهةل على هذا أنهم اهتموا بالشكل الشـرقي للنظريـة ويد،لصالح الدين الإسلامي

. تحديدا لأنه هو الذي كان سائدا في الشعوب التي ضمها الفتح الإسلامي كفارسهذه المحاولات تمت عن طريق تأويل النصوص لتتفق مع النظرية مـن جهـة،

.وتعديل النظرية لتتفق مع مفاهيم الدين الإسلامي من جهة أخرى ):الفارابي وابن سينا(: أولا التأويل

) من الفلاسفة الإسلاميين سينا وعددوتابعه في هذا ابن (حاول الفارابي أسلمة النظرية من خلال التأويل لينتهي إلى أن الواحد هو االله تعالى، وأن العقل

، )عالم الغيـب (، وأن النفس هي عالم الملكوت )عالم الشهادة(هو عالم الجبروت هو جبريل عليه السلام أو الروح الأمين وأن العقول العشـرة وأن العقل الفعال

.هي الملائكة العشرة :التعديل: ثانيا

:الفارابي) أ

يرى الفارابي أن الواحد تفيض عنه سائر الموجودات كما تفيض الأشعة - .عن الشمس

:أما مراتب الفيض فهي كالآتي -

وعندما يعقل ذاته ، ذاته فيفيض عنه عقل ثان) يفكر في(ل أن الواحد يعق - .فيفيض عنه الفلك الأعلى

(69)

وعندما يعقل العقل الثاني الواحد يفيض عنه العقل الثاني وعندما يعقـل - .ذاته تفيض عنه السماء الأولى

وعندما يعقل العقل الثالث الواحد يفيض عنه العقل الرابع وعندما يعقـل - .ذاته تفيض عنه كرة الكواكب

ع إلى الحادي عشر وتفيض عنهم الكواكب ويستمر الفيض من العقل الراب - .من زحل إلى القمر

فتفيض عنه النفوس عند اسـتعداد ) العقل الفاعل(أما العقل الحادي عشر - .الأجسام

الأولى عندما يعقل الواحد فيفيض عنـه عقـل : فكل عقل يفيض مرتان - .آخر، والثانية عندما يعقل نفسه فيفيض عنه فلك

:ابن سينا) ب

ا أن الواحد يعقل ذاته فيفيض عنه العقل الأول وهو ممكـن يرى ابن سين - ).أي الواحد(الوجود بذاته، واجب الوجود بغيره

قل ذاته ععندما يعقل العقل الأول الواحد يفيض عنه العقل الثاني وعندما ي - تفيض عنه نفس الفلك، وعندما يقـل ) الواحد(بأنه واجب الوجود بغيره .ه يفيض عنه جسم ذلك الفلكذاته بأنه ممكن الوجود بذات

ويستمر سلسلة الفيض على النحو الذي ذكره الفارابي مع التعديل الـذي - .أدخله حتى تصل إلى العقل الفعال

وهكذا فإن التعديل الذي أدخله ابن سينا على النظرية وافترق فيـه عـن - مرة باعتباره (الفارابي أن كل عقل من العقول العشرة يعقل نفسه مرتين

الوجود بذاته ومرة باعتباره واجب الوجود بغيره عند ابن سـينا، ممكنوأن الفلك جسم ونفس عنـد ابـن . ويعقل نفسه مرة واحدة عند الفارابي

.سينا وجسم عند الفارابي

(70)

:تقويم

جاءت محاولة الفلاسفة الإسلاميين أسلمة نظرية الفيض كما بينا سـابقا •لعديد من الديانات التي سـادت فـي لأنها كانت بمثابة الأساس الفلسفي ل

بهدف الانتقال بهم ممـا ،العديد من الشعوب التي ضمها الفتح الإسلاميإلى ما هو مسلم لدى هـؤلاء الفلاسـفة ،هو مسلم به لدى هذه الشعوب

ن إلى أن الأساس الفلسـفي دون أن ينتبه الفلاسفة الإسلاميو ،)الإسلام(أن هناك وجـود (هو وحدة الوجود الذي تستند إليه نظرية الفيض الذي

حقيقي واحد هو وجود الإله أما سائر الموجودات فوجودها وهي مصدره الإيجاب من "يختلف عن الأساس الفلسفي لنظرية الخلق ) خداع الحواس

أي أن الله تعالى وجود حقيقي مطلق كمـا أن (والذي هو التوحيد ،" العدم ").له بداية ونهاية"دود لكنه مح احقيقي االمخلوقات أيضا وجود

كما جاءت هذه المحاولة لأن نظرية الفيض كانت بمثابة نظرية علميـة • .لتفسير وجود الكواكب سادت في ذلك العصر

الذي (والعلم ) الذي يبحث فيما هو مطلق وثابت(بين الدين واخلط مهلكنن القرآن اكتفى في مجال العلم بما هو لأ). يبحث فيما هو نسبي ومتغير

حيث الناس على انتهاج البحث العلمي للكشـف عـن (مطلق وثابت فيه أما الآيات الواردة في تفسير بعض الظواهر الطبيعيـة ) قوانين الطبيعة

فهي أمثلة مضروبة للناس من أجل حثهم على البحث في الطبيعة لا في .القرآن

(71)

ا8;����ت ا�� ���7��Iم اGHا#

:موقفه من الفلسفة

أحـد (مام الغزالي أولا إلى علم الكلام على المذهب الأشعري انتمى الإ وقد استخدم الفلسفة والمنطق الأرسطيين للدفاع عن الـدين ،)مذاهب أهل السنة

ثم انتقل إلى التصوف مـع احتفاظـه . شأن سائر علماء الكلام في هذه المرحلةبين التصـوف كما يتضح في محاولته التوفيق ،بالانتماء إلى المذهب الأشعري

وفي هذه ،ليصبح أحد مؤسسي التصوف الأشعري أو السني ،والمذهب الأشعريالمرحلة تأثر بالفلسفة الأفلاطونية شأن أغلب الصوفية إلا أنه نظـر إلـى هـذه الفلسفة من خلال الدين لا العكس كما فعل أنصار التصوف الحلولي أو ما أسمي

لتي خاطبت العامة مثل إحيـاء علـوم على الأقل في كتبه ا،) التصوف الفلسفي(ى الدقيق للكلمة فقد انتمى وهكذا فإن الغزالي لم يكن فيلسوفا إسلاميا بالمعن. الدين

إسـهامات ملم الكلام وأخيرا إلى التصوف ولكنه في كلا المـرحلتين قـد إلى ع .فلسفية ستناولها هنا بإيجاز

ـ هـو كما يترتب على هذا أن موقف الغزالي من الفلسفة انقـدي اموقفففي الحالة الأولى يكـون ،ل الدين ويتناولها من حيث اتفاقها أو اختلافها عن أص

وبناءا على هذا قسم الفلسفة إلى ،وفي الحالة الثانية يكون الأخذ والقبول ،الرفض) حدده في ثلاثة قضايا(قسم يتناقض مع أصل الدين شكلا مضمونا :ثلاثة أقسام

حدده في سـبع (وقسم يتناقض مع هذه الأصول شكلا ،فه التحريموهنا كان موق،وهنا كان موقفه التبديع، أما القسم الأخير يمثـل بـاقي القضـايا ،) عشر قضية

وهنا كان موقفه الأخـذ ،فلا يتناقض مع هذه الأصول شكلا ومضمونا ،الفلسفية .والقبول مع ملاحظة أنه يقصد بالفلسفة الفلسفة اليونانية

(72)

:ظرية المعرفةن ):الشك المنهجي(إمكانية المعرفة ) أ

كمـا فـي ) الابتداء بالشك للانتهاء باليقين(تبنى الغزالي الشك المنهجي حيث يبدأ بالشك في الحواس بأدلة منها أن الكوكـب ،) المنقذ من الضلال(كتابه

ا الحواس وإذا أمدتن. نراه بحجم الدينار بينما البراهين تثبت أنه أكبر من الأرضبمعلومات ثم جاء العقل فكذبها فمن يدريني أن هناك قوة أعلى من العقل قد يأتي

ثم شك في الشعور لأننا نحلم ونعتقد أثنـاء . وقت تثبت فيه خطأ الثقة في العقلثم انتقل . الحلم أن ما نراه حقيقة واقعية ثم نستيقظ ونعلم أن ما عشناه كان وهما

.بتعبيره بنور قذفه االله في قلبه دس أوحلإلى اليقين بالكشف أو ا ):الكشف(وسائل المعرفة ) ب

:نظرية الكشف الصوفي

هذه النظرية، ومضمونها أن الحواس ) شأن أغلب الصوفية(تبنى الغزالي لهذا نلجأ للكشف كوسيلة للمعرفة اليقينية ومضمون ،والعقل وسائل معرفة ظنية

ق الحجاب بين الإنسان وخالقه حتى يزول هذا الكشف أنه بالرياضة الروحية ير .فيتلقى الإنسان المعرفة تلقائيا مباشرا من االله بدون واسطة من الحواس والعقل،

:القلب كتعبير عن الكشف

عبر الغزالي عن الكشف بالقلب كوسيلة للمعرفة، فالقلـب عنـده لـيس فة روحانيـة لطي(نسان، إنما هو الجسم المادي المحسوس الموجود في صدر الإ

).ل حقيقة الإنسان حسب تعبيرهثمت ):كيفيتها(طبيعة المعرفة ) ح

:ويحاول الغزالي توضيح كيفية حدوث المعرفة فيضرب مثالين أن القلب كالمرآة والعلم هو انطباع الصور في هذه المرآة، فإن القلـب :الأول

لقلـوب غير مجلوه فيما لا يستطيع أن يعكس العلوم، والذي يجعل مرآة ا .تصدأ هو الشهوات، والذي تجلوه هو الإعراض عن هذه الشهوات

(73)

يقول أننا لو افترضنا حوضا في الأرض احتمل أن ينساق إليه الماء من :الثانيفوقه بأنهار تفتح عليه، ويحتمل أن يحفر أسفل الحوض، ويكـون ذلـك

فالقلب مثل الحوض، والعلم مثل الماء، والحـواس . الماء أغزر وأصفىلذا يمكن أن يساق العلم بواسطة رفع الحجب عنـه حتـى ،مثل الأنهار

.تنفجر ينابيع العلم من داخله :نظرية الوجود

من نظرية الفيض مـا على الأخذ أما نظرية الوجود عند الغزالي فقائمة :يرى أنه لا يتناقض مع الدين الإسلامي

فلي وعالم روحاني عالم جسماني س: فيأخذ من هذه النظرية القول بعالمين - وعلى ،)الشهادة(عقلي علوي، غير أنه يطلق على الأول اسم عالم الملك

كما أنه يضيف عالم يتوسـطهما هـو عـالم ). الغيب(الثاني اسم عالم .الجبروت كمقابل للبرزخ

ويرى أن االله تعالى صدر عنه عقل لأنه فياض على كل كائن وجـوده، - عن هذا العقل، فضلا عن أنه يرادف ولكنه لم يحدد كيفية صدور العقول

.بين الفيض والأمر الإلهيأول ما خلـق االله (ويدلل على أن العقل هو أول درجات الفيض بالحديث -

...).العقل فقال له اقبل ثم قال له أدبر فأدبر

ويطلق علـى ،وليالفيض بعد العقل وهي النفس فالهي ثم يوضح درجات - .لوح المحفوظالعقل اسم القلم وعلى النفس ال

. كما يرى أن العقول صدر عنها العالم الجسماني بواسطة النفوس -

غير أن الغزالي يرفض النتيجة المنطقية لنظرية الفيض وهي قدم العالم - .ويقدم أدلة لنقضها في بعض كتبه

:نظرية القيم

صوفي، حيث نجده أولا يورد –أما نظريته في القيم على أساس أشعري طبقـا ) القيم الأخلاقية هو ما ينطبق على سائر القيم(ت للفعل الحسن عدة تعريفا

(74)

معيـار (نه ما يوافق غرض فاعله لتعدد المعايير التي يستخدمها، حيث يعرفه بأعلـه أن يفعلـه اومـا لف ) معيار ديني شرعي(وما حسنه الشرع ) تي وظيفياأد ).معيار الواجب(

قبحه و حسنه ن الحسن القبح ماكما يلتزم بالتصور الشرعي القائم على أ ويهاجم قول المعتزلـة بالحسـن . ح قبل ورود الشرعيبلا حسن ولا قو،الشرع

وبعبارة أخرى فـإن الغزالـي شـأن سـائر الأشـاعرة يقـر . والقبح الذاتيينوينكر الموضوعية المحـدودة ،بالموضوعية المطلقة التكليفية المتمثلة في الوحي

فالعمل ليس ،كما ربط الغزالي بين القيمة والمنفعة. فطرةالتكوينية المتمثلة في البل لما اما لعينهإن الكذب ليس حر(شرا لأنه ضار وليس خيرا لا لأته نافع يقول

(1)).فيه من ضرر على المخاطب أو على غيره :تقويم

رأى العديد من الباحثين أن مذهب الغزالي ينطوي علـى العديـد مـن فـى هذه التناقضات لا يمكن فهم سببها إلا بمراعاة التغيـر غير أن ،التناقضات

مع احتفاظـه بأساسـيات المـذهب ( إلى التصوف علم الكلامبانتقاله من هفكرالتـي (كما يجب التمييز بين كتبه التي كتبها للخاصة ). الأشعري في المرحلتين

ـ ،)يغلب عليها الأفلاطونية المحدثة و المصطلحات الفلسفية ي كتبهـا وكتبه التوالتي يغلب عليها النصوص الدينية والفهم الظاهري الحرفي لها، وهـو ،للعامة

.تقليد كان سائدا في عصره

.39،ص3الغزالي، إحياء علوم الدين، ج (1)

(75)

ا��را!#4�د��� ا�F$

:مبادئ النظرية

وتشكل مبـادئ ،يمكن تشبيه الوجود عند الفارابي بهرم له ست درجات ت، هـي الـدرجات، هـذه الس) أما أسماء المبادئ التي بها قوام العالم(الوجود

:المبادئ هيفي الدرجة الأولى من درجات هرم الوجـود ): االله تعالى(السبب الأول )1

.لأنه تعالى السبب في وجود سائر المبادئ الأخرى): أو ما يقابل الملائكـة أو الأرواح (الأسباب الثواني أو العقول العشرة )2

.وهي تتولى شئون عالم السماءعالم مـا (وهو المسئول عن عالم الأرض ): القدس الروح( العقل الفعال )3

).دون فلك القمر

وهي القوة التي بها تتحرك الأجرام السماوية وتلك التي توجد في :النفس )4 .الإنسان والحيوان والنبات

.ويقصد الهيئة التي يكون عليها الشيء :الصورة )5

.فلكل شيء مادة خام تكون جسمه وله صورة تشكل هيئته :المادة )6

:ن هذه المادة والصورة تتكون الأجسام التي في العالم وهي ستوم

).الكواكب(الجسم السماوي ) أ ).الإنسان(الحيوان الناطق ) ب ).الحيوان(الحيوان غير الناطق ) ج .النبات) د

).المعادن(الجسم المعدني ) هـ ).الماء والنار والتراب والهواء(الأربعة ) العناصر(الاستطقسات ) و

:تعالى االله

:يقسم الفارابي الوجودات إلى قسمين

(76)

أي أن وجـوده (يستلزم العقل وجوده لا محالة : واجب الوجود :القسم الأول ).االله تعالى(وهو السبب الأول ) ضروري

وهو مفتقر إلى سبب لوجوده، وينتقل من الوجود : ممكن الوجود :القسم الثانيحقق بسبب واجب الوجود ت(إلى الوجود بالفعل ) الإمكانية(بالقوة

).االله تعالى( :العالم

):محاولة أسلمة نظرية الفيض(كيفية وجود العالم

حاول الفارابي تفسير كيفية وجود العالم من خلال محاولته أسلمة نظرية تعديل النظريـة ،وعبر تأويل النصوص القرآنية لتتفق مع النظرية أولا،الفيض

.مي ثانيالتتفق مع مفاهيم الدين الإسلاحيث يرى أن الواحد يفيض عنه سائر الموجودات كما تفـيض : العالم السماوي

وهذا الفيض له مراتب أولها أن يفيض عن الواحد العقـل ، الأشعة عن الشمس عندما يعقل (الأولى : نيفيض مرتي) من الأول إلى العاشر( الأول، وأن كل عقل

أمـا . فيفيض عنه فلـك ) دما يقل ذاتهعن(فيفيض عنه عقل آخر والثانية ) الواحد .فتفيض عنه النفوس عند استرداد الأجسام) العقل الفعال(العقل الحادي عشر

وكل الأجـرام . والأجرام تدور فينشأ من دورانها مادة مشتركة: العالم الأرضيتختلف في دورتها عن الأخرى، ومن هذا الاختلاف تخرج إشعاعات تؤثر فـي

من الأدنى إلـى (تجعلها تتحول من صورة إلى صورة أخرى المادة المشتركة ف، وهكذا تحولت المادة المشتركة إلى العناصـر الأربعـة ثـم تحولـت )الأعلى

العناصر الأربعة إلى المعادن وهذه المعادن إلى النبات وهذا النبات إلى الحيوان، .النفسوهذا الحيوان إلى إنسان فإذا وجد الإنسان فإن العقل الفعال يعطيه

:الإنسان :النفس موقفه من خلود

النفس فمبني على تقسيمه الثلاثي للناس، حيث هناك ودأما موقفه من خل وأهل المدينـة الفاسـقة ) الذين عرفوا الفضيلة وعملوا بها(أهل المدينة الفاضلة

(77)

الذين لـم يعرفـوا (وأهل المدينة الجاهلة ) الذين عرفوا الفضيلة ولم يعملوا بها(تحـرر (، والمعرفة عند الفارابي هي تحرر من المـادة )يلة ولم يعملوا بهاالفض

لذا فإن أهل المدينة الفاضلة لما عرفوا الفضيلة تحررت ،)واقعي لا تحرر ذهنينفوسهم من المادة وعرفوا الفضيلة تحرروا من ولما عملوا بها تخلد نفوسهم في

فضيلة تحررت نفوسهم من المـادة، النعيم، أما أهل المدينة الفاسقة لما عرفوا الولكنهم لم يعملوا بها فتخلد نفوسهم في الشقاء، أما أهل المدينة الجاهلة فلم يعرفوا الفضيلة وبالتالي لم تتحرر نفوسهم من المادة فلا تخلد نفوسهم ويحـالون إلـى

.التراب :البعث الروحاني

يـه لاسـتحقاق كذلك يرى الفارابي أن الجسم يبطل بالموت ولا حاجة إل .النعيم أو الشقاء لأن النعيم الروحاني أفض والشقاء الروحاني أقوى

:تقويم

أدت محاولة الفارابي أسلمة نظرية الفيض على الوجـه السـابق بيانـه للأسباب السابق بيانها إلى ظهور بعض التناقضات بين بعض ما يلزم من مذهبه

حرصه على إلغاء هذه التناقضات رغم ،وبعض مفاهيم الدين الإسلامي،الفلسفي والعلة وراء ذلك اختلاف الأساس الفلسفي ،واتفاق باقي أجزاء مذهبه مع الدين،

كما ). التوحيد(عن الأساس الفلسفي لنظرية الخلق ) وحدة الوجود(لنظرية الفيض أن موقفه من خلود النفس رغم أنه جاء كمحاولة لحل مشكلة خلود نفـس غيـر

بمعنى أما أنهـا ،إلا أنه نفى لوحدة النفس) المجانين والأطفال( العاقل من الناسأمـا قولـه . أو تبقى بعد فناءه عند كل النـاس ،تفنى بفناء الجسد عن كل الناس

بالبعث الروحاني لا الجسدي فقد تأثر فيه بالتصور الأفلاطوني القائم على فصل اير للتصور الإسلامي وهو تصور مغ،وأوليه النفس على البدن ،النفس عن البدن

.القائم على وحدة النفس والبدن

(78)

ا��را!# �� ا) ��O وا<��F$

:نظرية المعرفة

:تحدث الفارابي عن الملكات العقلية تحت مسمى العقول وصنفها كالآتي ويأخـذ ،وهو توافر المعرفة عند الإنسـان ،العقل القوة إمكانية المعرفة )1

التسمية من تقسيم أرسطو للوجود وجاءت ،شكل استعداد معرفي فطري .)تحقق الوجود(ووجود بالفعل )إمكانية الوجود (إلى وجود بالقوة

ويقصد ’هتحقق المعرفة الحسية والمجرد ، اىالعقل بالملكة والعقل بالفعل )2في حالة العقل بالملكـة ) الحسية أي الإدراك الحسي(بها تحقق المعرفة

.في حالة العقل بالفعلأي الإدراك المجرد ) والتجريدية(ويعني به الخبرة المعرفية المتراكمـة ): الخبرة المعرفية(العقل المستفاد )3

.عند الإنسان وعلى وجه الخصوص الفيلسوف

ويعني به العقل الكلي أي العقل الكون، فهـو ): عقل الكون(العقل الفعال )4حادي بخلاف العقل الجزئي أي عقل أفراد النوع الإنساني، وهو العقل ال

عشر المسئول عن عالم ما دون فلك القمر، وهو بمثابة شرط موضوعي فهو الذي ينقل العقل من القوة إلى ،)كالضوء بالنسبة للإبصار(للمعرفة

.الفعل أي من الإمكانية إلى التحقق

ـ: الاتصال بالعقل الفعال )5 اواحـد اإذا كان أرسطو يرى أن هناك طريقفـإن ،سوفوذلك بالنسبة للفيل،ريق العقل للاتصال بالعقل الفعال هو ط

آخر الذا أضاف الفارابي طريق ،وسيلة للمعرفةذلك يعني استبعاد الوحي للاتصال بالعقل الفعال بالإضافة إلى الطريق السابق هو التخيلية القويـة

.جدا بالنسبة للنبي

:نظرية القيم

لفارابي يتم عن شأنه شأن تحقق المعرفة عن ا) القيم(وتحقق الفضائل ئ .طريق الاتصال بالعقل الفعال على النحو السابق ذكره

(79)

:وقد قدم تصنيفا للفضائل والقيم على النحو التالي الفلسـفة (وتتعلق بتحصيل العلـوم النظريـة : النظرية) القيم(الفضائل )1

...).والمنطق وتتعلق بمعرفة العلوم التجريبيـة وبتعبيـره : الفكرية): القيم(الفضائل )2

".بمعرفة الأمور الجزئية على التجربة") التطبيـق (وتتعلق بالممارسة العلمية للواقـع :العلمية) القيم(الفضائل )3

.كقيادة الجيش والاقتصاد

.وتتعلق بالقيم الأخلاقية :الخلقية) القيم(الفضائل )4

:تقويم

أراد الفارابي إضافة الوحي كوسيلة للمعرفة بالإضافة إلى العقل وإثبات •. كما هو معتقد منكري النبـوة أمر النبوة أمر ممكن وليس مستحيلاأن

ولكن يلزم من كلامه أن مرتبة الفيلسوف أعلى من مرتبة النبي بواسطة .كما أن العقل أقوى من المخيلة. للأشياء) نماذج(مخيلته على محاكيات

كما يلزم من كلامه أن النبوة مكتسبة وليست اصـطفائية لأن المخيلـة •وقد حاول الفارابي استبعاد هذه النتيجة المنطقية . ركة بين كل الناسمشت

اللازمة من مذهبه بقوله أن المخيلة القوية فطرة يفطر االله تعالى عليهـا .الناس

إلا ) الأشياء(كما يلزم من مذهبه عدم علم االله تعالى بالجزئيات المتغيرة • ـ،) الأفكار(عن طريق الكليات الثابتة تبعاد هـذا الـلازم وقد حاول اس

ـبتصريحه مرات بشمول علم االله ي لكل شيء كلي كان أو جزئي كما فمعنى علمه الأول لذاته لا ينقسم وعلمه الثاني عن ذاته إذا تكثر لم (قوله

يكن الكثرة في ذاته بل بعد ذاته ما تسقط من ورقة إلا يعلمها مـن هنـا .(1))قيامةيجري القلم في اللوح جريا متناهيا إلى يوم ال

.4الفارابي، الفصوص، طبعة حيد أباد، الطبعة الأولى، ص (1)

(80)

ا!> ;��� :نظرية الوجود

:الإنسان) أ :النفس :تعريف النفس

كمال أول، جسـم طبيعـي، (سينا بتعريف أرسطو للنفس بأنها يأخذ ابن ).آلي، ذو وجود بالقوة

أو ) إمكانية كالبذرة(يقصد أرسطو بالكمال الفعل، فالوجود عنده بالقوة : كمال أوللكن الوجود بالفعل الذي يتعلق به الكمال ينقسـم . )تحقق كالشجرة(وجود بالفعل

) أي أولى درجات تحقق الوجود كالشجرة قبل أن تثمر(إلى وجود بالفعل الأول أي آخـر درجـات تحقـق الوجـود (وهو الكمال الأول، ووجود بالفعل الثاني

وبالتالي فإن المقصود بأن النفس كمال أول. وهو الكمال الثاني) كالشجرة المثمرةوأن وجودها بالفعل الأول أي في أول درجات تحقق درجات الوجود أنها صالحة

).مثل تعلم العلم دون العمل به(لتأدية وظائفها دون أن تؤدي هذه الوظائف فعلا ثم انتقل إلى بيان خصائص الجسم الذي هو أداة لهذه النفس فحـدد : جسم طبيعي

بخـلاف ) مصدرها الـنفس (ة أول خصيصة له بأنه طبيعي أي أن حركته ذاتي .الحركة الآلية التي مصدرها مؤثر خارجي

أي أن الجسم بمثابة الآلة للنفس وأن أعضاؤه بمثابة آلات لتأدية وظـائف : آلي .النفس

فإن الجسم ذو وجود بالقوة ) الأول(إذا كان وجود النفس بالفعل : ذو وجود بالقوةأي من الإمكانية (من القوة إلى الفعل أي إمكانية والنفس هي التي تنقل هذا الجسم

).إلى التحققإذا كان ابن سينا قد أخذ من أرسطو الإجابة على السؤال : من أين جاءت النفس

ما هي النفس فإنه قد أخذ من أفلاطون الإجابة على السؤال من أين جاءت النفس ؤال، حيث لاعتقاده أن هناك اتفاق بين أفلاطون والدين في الإجابة على هذا الس

(81)

يرى أن النفس كانت موجودة قبل وجود بدنها في عالم علوي قم هبطت إليه بعد اكتما الجسم المستعد لقبولها كما في قصيدته العينية التي يشبه فيها النفس بحمامة

.حبست في قفص وتحن إلى التحرر من شجنها والعودة إلى الحرية ز وتمنعورقاء ذات تعز وهبطت إليك من المحل الأربع

:أدلة وجود النفس

:ثم يورد ابن سينا مجموعة من الأدلة لإثبات وجود النفس منها برهـان ،برهان الاسـتمرار ،)السيكولوجي(البرهان الطبيعي، البرهان النفسي

وسنورد هنا برهان الإنسان المعلق في الفضاء لأنه من ابتكـاره، ،وحدة النفس ولم يحس بوجود ،ق في الفضاء دفعه واحدةومضمونه أنه لو فرض أن إنسانا خل

وضعت وضعا يحول دون تماسكها، وترك يهوي في فضـاء لا ، لانها أعضاءه ولو فرض أن تخيـل يـدا أو ،حتى لا يكون لديه فكرة ما عن الجسم،هواء فيه

رجلا فلا يظنها يده ولا رجله، ولكن رغم هذه الشروط كلها فإنه سيظل يحـس .ود، وما ذلك إلا إثبات للنفس وأنها غير البدنبذاته، وأنه موج

:خلود النفسويرى ابن سينا أن النفس وإن كانت مع البدن فإنها لا تفسد بفسـاده، إذ

فالنفس ذات روحانية بسيط غير مركبة وبالتالي غيـر قابلـة ،هو ليس علة لها .والانحلالللفساد

:قوى النفس

حسب مراتـب "بتعبيره إلى نفوس ويقسم ابن سينا النفس إلى ملكات أو : وبرى أن للنفس النباتيـة ثلاثـة قـوى . الحياة الثلاثة النبات والحيوان والعاقلة

).التناسل(ومولدة ) النمو(ونملية ) التغذي(غازية محركـة : وللنفس الحيوانية بالإضافة إلى قوى النفس النباتيـة قوتـان

).الإدراك(ومدركة ) الحركة(بالإضافة على قوى النفس النباتية والحيوانية ) الإنسانية( وللنفس الناطقة

).التفكير(ونظرية ) السلوك(عملية : قوتان

(82)

:تقويم

جاءت نظرية ابن سينا في النفس محاولة لإقامة نظريـة إسـلامية فـي بمعنى آخر فإن معيار الأخذ أو الـرفض ،النفس تأخذ من كل أرسطو وأفلاطون

ان ما يراه ابن سينا موافقـا أو مخالفـا للـدين من كل من أرسطو وأفلاطون كالإسلامي، حيث نجده يأخذ من أرسطو تعريفه للنفس ويرفض الأخـذ بالإجابـة

هو ما يخالف وعلى السؤال من أين جاءت النفس لأن أرسطو ينكر خلود النفس ـ ،الدين اويلجأ إلى أفلاطون في الإجابة على هذا السؤال لاعتقاده أن هناك اتفاق

أن التصور الأفلاطوني يقوم علـى فصـل ، متجاهلابينه وبين الدين الإسلامي بينما التصور الإسلامي قائم على ، النفس عن الإنسانية عن البدن وأولويتها عليه

.وحدة النفس والبدن :االله تعالى) ب

:طرق إثبات وجود االله تعالى

:ىن لإثبات وجود االله تعاليرى ابن سينا أن هناك طريقي :ويقوم على تقسيم الوجود إلى: الطريق العقلي: أولا

الذي متى فرض غيـر (أي الوجود الضروري وبتعبيره : واجب الوجود )1أي الذي استحالة في افتراض عـدم وجـوده ) موجود عرض منه محال

.وهو االله تعالىوالذي متى فـرض غيـر (أي الوجود الممكن وبتعبيره : ممكن الوجود )2

أي الوجود الذي لـيس هنـاك ) لم يعرض منه محالموجود أو موجود ).وهو الموجودات سواه(استحالة في افتراض وجوده أو عدمه

:ثم يقسم الوجود إلى قسمينأي الوجود الضروري والذي مصدر الضـرورة : واجب الوجود بذاته )1

وهو االله تعـالى ) الذي يوجد لذاته لا لشيء آخر(وجوده ذاته وبتعبيره .ذاته منظور إليه في

(83)

أي الوجود الضروري ولكن مصدر الضـرورة : واجب الوجود بغيره )2بعـد إيجادهـا، ) سـواه تعـالى (وجود سواه وهو سائر الموجودات

.ومنظورا إليها من خلال علاقتها باالله تعالى :ثم يقسم ممكن الوجود إلى قسمين

ا وهو سائر الموجودات سواه تعالى قبل وبعد إيجاده: ممكن الوجود بذاته )1 .منظورا إليها في ذاتها

وهي سائر الموجودات سواه : واجب الوجود بغيره: ممكن الوجود بذاته )2 .االله بعد إيجادها منظورا إليها في ذاتها ومن خلال علاقتها باالله تعالىفإن . وبعد هذا التقسيم يرى ابن سينا أن هناك وجود إما واجب أو ممكن

إن كان ممكنا فإن هذا . وهو المطلوب) عالىاالله ت(كان واجبا صح وجود الواجب .(1)الممكن ينتهي وجوده إلى واجب الوجود

أي لا يتعمد فيه علـى ،لا يستخدم فيه المنطق والبرهان: الطريق الحدسي: ثانيابل العكـس ،مقدمات تؤدي إلى نتائج، ولا يستدل بالمخلوقات على وجود الخالق

بالحدس أي معرفة تأخذ شكل نور يلقى فـي يستدل بالخالق على مخلوقاته، وتتم ).الشهوة(النفوس عند تجردها من العوارض الحسية

:العالم) ج :محاولة أسلمة نظرية الفيض

سار ابن سينا على خطى الفارابي في محاولة أسلمة نظرية الفيض مـن :خلال طريقتين

لتـأويلات تأويل النصوص القرآنية لتتفق مع نظرية الفيض وقد تبنـى ا :أولا .التي أوردها الفارابي

وأهم التعـديلات التـي . تعديل النظرية لتتفق مع مفاهيم الدين الإسلامي :ثانيها :أدخلها ابن سينا على النظرية هي

.235ابن سينان النجاة، ص (1)

(84)

إن الواحد يعقل ذاته فيفيض عنه عقل أول وهو ممكن الوجـود بذاتـه - .واجب الوجود بغيره

مـرة (تين عند ابن سينا وإن كل عقل من العقول العشرة يعقل نفسه مر - ويعقل ) باعتباره واجب الوجود بغيره ومرة باعتباره ممكن الوجود بذاته

.نفسه مرة واحدة عند الفارابيومرجع هذا أن الفلك مكون من جسم ونفس وعند ابن سينا ومكون مـن -

.جسم فقط عند الفارابي

:تقويم

ذا من مثله الفلسـفة أكمل ابن سينا النسق الفلسفي الذي بدأه الفارابي متخ اليونانية نقطة بداية والدين الإسلامي نقطة نهاية من خلال محاولة تطوير الأولى

وهذا النسق الذي صار مذهب شبه رسمي للفلاسفة بعد ابـن . لتتلاءم مع الأخيركما أن له بعض الإضافات لهذا النسق الذي بدأه الفارابي كما هو واضـح . سينا

.ث الفيضفي تصوره لكيفية حدو :نظرية المعرفة: ثانيا

:قسم ابن سينا العقل إلى ملكات وعقول بتعبيره وهو استعداد معرفي فطري موجـود ): إمكانية المعرفة(العقل الهيولاني )1

.لدى كل شخصهمـا ): تحقق المعرفة التجريدية والحسـية (العقل بالملكة والعقل بالفعل )2

أو العقـل " وهي عنده فطرية" التجريدية(مرحلة تحقق المعرفة بشكليها و ") المعقولات الأولى مقل قولي الكل أكبر من الجـزء "بالملكة وبتعبيره

").المعقولات الثواني"الحسية أو العقل بالفعل وبتعبيره ( وهو اكتمال تحقق المعرفة): الخبرة المعرفية(العقل المستفاد )3

ول الصادرة عن وهو العاشر من سلسلة العق): عقل كوني(العقل الفعال )4كضوء الشـمس بالنسـبة (وهو بمثابة شرط موضوعي للمعرفة . الأول

(85)

فهو الذي ينقل المعرفة الإنسانية من الإمكانية إلـى التحقـق ) للإبصار .وبتعبيره هو الذي يخرج المعقولات من القوة إلى الفعل

.الوحي للأنبياء والحدس للأولياء: العقل القدسي )5

:تقويم

العقل القدسي كمحاولة لإضافة الوحي كوسـيلة للمعرفـة جاء ابن سينا ب كما كان نقطة بداية تحـول . بالإضافة إلى العقل الذي اكتفت به الفلسفة اليونانية

داة معرفة رئيسية إلى الحدس أو الكشف إدارة فلسفة الإسلامية من اتخاذ العقل أالضـع فـروق ي لا غير أنه. معرفة رئيسية كما هو واضح في رسائله الصغرى

.حاسمة بين الوحي والحدس

(86)

ا��� ا%�:

��!�H(ا ������7 ا8;��ا

:ابن باجه :نظرية المعرفة) أ

المنهج الذي ينبغي أن يلتزم (يعرض ابن باجه في كتاب تدبير المتوحد وبالتالي الاتحاد ،)الاتحاد بالعقل الفعال(به الإنسان لكي يحقق الغاية المثلى وهي

.مطلق الذي ينفرد به االله تعالىبالوجود ال :كيفية المعرفة

ويصل إلى مرتبة ،ويرى ابن باجه أنه يمكن للفرد أن يحقق هذه الغاية بأن يرقى صعودا من الجزئي المحسوس إلى الكلي المعقول بمساعدة ،التوحد

.إشراف العقل الفعال من أعلى :التوازي في رحلة صعود العقل) أ

لة الصعود سلسلة من الصور، وهو حين يقطعها ويقطع العقل في رح فكل ما هو موجود من صور ،يجتاز مراحل تقابل وحدات هذه السلسلة في العقل

أي (في هذا العالم مرتبطة بمادة محسوسة توجد في العقل الفعال بصورة مفارقة ).مجرد من المادة

:الصور المعقولة) ب

:وهي سبعة تمثل هذه المراحل أي الأشكال التي تكون عليها الأشياء من حيث هي : ولانيةالصور الهي )1

.جزء من الاستعداد المعرفي في عقل الإنسان .أي ما يقارب صور الإدراك الحسي: الصور المعقولة للجسيمات )2أي ما يقارب صور : التصورات النفسية المتوسطة بين الحي والعقل )3

.ادارك التجريدي

(87)

رحة وعي الإنساني لجوهره المتمثل في ويمثل م: العقل الإنساني في ذاته )4 .أنه موجود ذو طبيعة عقلية

عالم ما (آخر العقول العشرة المسئولة عن عالم الأرض : العقل الفعال )5 .أي ما يقابل جبريل أو روح القدس في الدين( دون فلك القمر

مجموعة عقول مفارقة عددها عشرة تتولى شئون عالم : عقل الأفلاك )6 .بل الملائكة أو الأرواح في الدين أو الكوكب في العلمالسماء أي ما يقا

.االله تعالى: الواحد الأول )7

:نوعي الصور) ج

:هناك نوعان من الصور أي (وتوجد في عقل الإنسان بالقوة : الصور المعقولة الهيولانية :النوع الأول

والعقل الفعال هوة الذي يخرجها من القوة إلى ،)كإمكانية معرفة امستفاد وحينما تصبح عقلا ،)من الإمكان إلى التحقق أي(الفعل

أي يصبح وجودها ، ) أي العقل المكتسب للتجارب والخبرات( .وجود صور خاصة مجردة من المادة

التي لم تكن أصلا مادة في مادة فإنها : الصور المعقولة المفارقة :النوع الثانيكما . في ذاتهالا تتبدل وتظل كما هي ويعقلها العقل كما توجد

أن العقل المستفاد هو صورة العقل بالفعل تصبح هذه الصور .المعقولة صورا للعقل المستفاد

:عقل الإنسانية الواحد) د

ثم يشير ابن باجه إلى عقل واحد أزلي للإنسانية هو الذي يصل إلى ى بعد الموت لا تبق أما العقول الإنسانية الجزئية فإنها فانية ،الاتحاد بالعقل الفعال

على نحو يجمع بين ) المحسوسات(عت أن تتخيل الجزئيات إلا إذا استطا، .الإحساس المرتبط بالمادة والتعقل والذي عنده مجرد من المادة

(88)

:تقويم

رفض ابن باجة بنظريته في المعرفة أن تتم عملية المعرفة خلال التلقي •لعلاقة الجدلية بين بل هي عنده حصيلة ا ،السلبي للإنسان للعلم الإلهي

علم االله تعالى وإظهار الإنسان لهذا عن طريق التعقل والنظر في طهوروهو هنا يوافق نظرية المعرفة الإسلامية ويعارض طريق . المعقولات

التصور والإدراك الصوفي للحقائق والذي يضمر القول بالطريق الأول .وهو هنا متأثر بأرسطو ،للمعرفة

ما يسمى بالتصوف (مع نظرية الكشف الصوفي غير أنه عاد واتفق •طهور من حيث الغاية عندما رأى إمكانية حدوث ،)الفلسفي على الأخص

أي إمكانية ظهور عين العلم الإلهي (ذاتيا لا صفاتيا ظهوراالعلم الإلهي وبتعبير آخر إمكانية حدوث الوحي . لغير الأنبياء) المطلق لا ما دل عليه

–بياء ولعله في هذا متأثر بنظرية المثل الأفلاطونية لغير الرسل والأنكما يتضح في قوله بوجود نوعين للصور، - تيار التصوف الفلسفيو

وذلك في العقل ،يمثل النوع الأول منها مستوى أول لصور المحسوساتفي ،لهذه الصور ني يمثل مستوى مثالي ثانثم نوع ثا ،)عقل الإنسان(

.العقل الفعالنظريته في المعرفة تستند إلى نظرية مثالية في الوجود قائمة كما أن •

.على البقاء على الوجود الروحي وإلغاء الوجود المادي

(89)

الصور المعقولة عند باجة

)تعريفها(طبيعتها اسم الصورة الرقم

االله تعالى الواحد 1

عشرة عقول مفارقة تتولى شئون عالم السماء أي عقل الأفلاك 2 ة أو الأرواح في الدين أو الكواكب في العلمالملائك

آخر العقول العشرة المسئولة عن عالم الأرض أي العقل الفعال 3 ما يقابل جبريل أو الروح القدس في الدين

كونه ذو طبيعة (يمثل مرحلة وعي الإنسان لجوهره العقل الإنساني في ذاته 4 )عقلية

التصورات النفسية المتوسطة 5 والعقل بين الحس

يما يقارب صور الإدراك التجريد

ما يقارب صور الإدراك الحسي الصور المعقولة للجسيمات 6

الأشكال التي تكون عليها الأشياء من حيث هي الصور الهيولانية 7 جزء من الاستعداد المعرفي بالإنسان

(90)

ا!> !�4. :الفلسفة الاجتماعية والسياسية) ب

بير المتوحد يجب أن يكون صورة للتدبيريشير ابن باجه إلى أن تدفتحقق وجود ،إصلاح المجتمع من الفرد أدالسياسي في الحكومة الفاضلة، ويب

.الفرد المتوحد هو الخطوة في إصلاح المجتمع كله :المجتمع الفاضل

وحينما يتحقق وجود الأفراد المتحدين لينشأ بينهم تضامن اجتماعي وتنتهي الشرور بفضل قدرة ،ل تسود فيه الفضيلةويتمكنون من إقامة مجتمع كام

لذا فهو والهداية،هؤلاء الرجال على الاتصال العقل الفعال الذي يلهمهم الحكمة .مجتمع لا يحتاج إلى أطباء أو قضاة

:نواة المدينة الفاضلة

أما في ظل الحكومات الحالية غير الكاملة فعلى المتوحدين أن يجتمعوا يكونوا نواة للمدينة الفاضلة، وطالما لم تأخذ الجماعة بآرائهم في وحدة مرتبطة ل

ذلك أنهم مواطنو الحكومة الفاضلة الذين يبشرون ،فإنهم يظنون غرباء مجتمعهم (1).بحدوثها

:تقويم

تأثر ابن باجه بالفارابي في تصوره للحكومة الفاضلة والمجتمع الفاضل ن فيلسوفا نظريا في فكرته عن ويرى الدكتور أبو ريان أن ابن باجة لم يك،

أي لم تكن هذه الفكرة لديه من قبيل الأفكار القبلية السابقة على ،الحكومة الفاضلة إذ أنه كان يلجأ إلى الممارسة التجريبية لأحوال المجتمع وظروفه ،التجربة

.وأخلاقه وعاداته ويحاول إصلاحها فتنشأ لديه فكرة عن المجتمع الأمثلليها من رصد إصل آراءه السياسية والاجتماعية لم يى أن غير أننا نر

بل كانت محصلة تطبيق ،حركة الواقع الموضوعي والسنن الإلهية التي تحكمها

.مصطفى علي أبو ريان، تاريخ الفكر الفلسفي في الإسلام، دار المعرفة الجامعية. د (1)

(91)

وهو في هذا كان أمينا مع فلسفته متسقا مع (نهجه في المعرفة المثاليين مللفلسفة وتأثره بالفارابي في ، وإن تأثره بالفارابي في هذه الآراء ما هو إلا صدى ل)ذاته

.جملة آرائه التي تشكل فلسفتهوقد حاول ابن باجه أن يضع مثل أعلى يشد تطور واقعه أو يحل

لية أي امشكلاته بإعادة تشكيل هذا الواقع في صورة جديدة، لكنه انتهى إلى مثويتضح لنا هذا في تصوره للمجتمع ،خيال لا تتوافر إمكانية تحقيقه في الواقع

والشر ،فهو لا يحتاج لأطباء) المرض(لذي ينفي فيه الشر الطبيعي الفاضل امن المستحيل أن يوجد مجتمع بلا جريمة و إلى قضاه ، جالاجتماعي فلا يحتا

ولكن هناك فرق بين مجتمع تكون فيه الجريمة هي النشاط الطبيعي المشروع ،ه يسلب فيميز المجتمع الثاني أن. كون فيه انحراف غير مشروعتومجتمع ،

.الجريمة مشروعيتها ويكشف ويحدد صفتها الإجرامية

(92)

���Q <!ا > #�7�O ���E*�� ن�F>� <! #�S

).حيي بن يقظان(عرض فلسفته من خلال قصته :اكتفاء العامة بظاهر الدين) 1

تجري أحداث القصة على جزيرتين الأولى يسكنها مجتمع إنساني تقليدي وهم ،وأهله يحاكون الحقائق بأمثلة الخيال،لدنيا تسود فيه الشهوات والنزاعات ا

وقد جاء القرآن على هذه الصورة ،يقبلون ظاهر النصوص بمدلولاتها الحسيةلكي يخاطب العامة الذي يرفضون جميع صور التأويل العقلي للصور للوصول

.إلى باطنها :علماء الظاهر وعلماء الباطن) 2

تميزوا بسمو النظر العقلي ،مانوقد ظهر في هذه الجزيرة فتيان سلا لا ،ووكان الأول يساير العامة ويقبل دينهم في الظاهر،وبتغلبهما على الشهوات أما الثاني فيعتزل الجزيرة ويتجه نحو جزيرة مجاورة ،يلبث أن يسيطر عليهم

.ر من السكانقفيظن أنها :مراحل المعرفة) 3

تولد طبيعيا من العناصر في هذه الجزيرة يسكن حيي بن يقظان الذي وتكفلت به ظبية فأرضعته ثم أخذ يدرج في ،أو ألقي به في اليم طفلا ،الطبيعية

وكافح حتى خرج من ،فتعلم بنفسه كيف يكفي حاجاته الطبيعية ،مدارج المعرفةالطور الحيواني، ثم ابعث لديه شعور ديني مصدره التعجب من اكتشاف للنار

سبعة مراحل كل منها سبع سنين يصل في نهايتها إلى ويمر خلال حياته في،وتكون غايته أن يلتمس ،فيصير عقلا فتكون روحه مرتبطة بالعالم العلوي،الفناء

فيرى الطبيعة كلها تنزع إليه ويرى التجلي الإلهي شاملا ،الواحد في كل شيء .ويكون عمره قد أشرف على الخمسين

(93)

:فةعدم تعارض الدين مع الفلس) 4

واكتشف ،وفهم أبسال لغة حيي،وحينذاك يحدث اللقاء بين حيي وأبسال أن العقيدة الدينية السائدة في مجتمع الجزيرة الأولى انتهى إليها حيي وعرفها لدقة

وعرف أبسال أن العقيدة ما هي إلا رمز للحقيقة الروحية ،بهداية العقل الفعال وأنه لكي تنكشف ،الم المادي المحسوسالمحجوبة عن البشر بسبب تعلقهم بالع

ولكنها ،فللعقيدة ظاهر وباطن ،هذه الحقيقة يجب استخدام منهج التأويل الرمزيويفهمه ،يفهمه العامة على مستوى حياتهم المادية ،في الحقيقة أمرها واحد

.الخاصة على مستوى الكمال العقلي :عجز العامة عن إدراك الباطن) 5

في رحلة إلى الجزيرة المجاورة لكي يخرج أبسالب ثم نجد حيي يصح ولكنه لاحظ أنه كلما أمعن في شرحه ،أهلها من الجهل ويعلمهم أسرار الحقيقة

واضطر إلى الرحيل هو ،الفلسفي كلما ازداد الناس منه حتى واجهوه بالعداوة خالصة لكي يعكفا لعبادة االله عبادة روحية ،أبسال عائدين إلى جزيرتهم الخاليةو

حتى يدركهما الموت، فاتضح لهم أن العامة لا قدرة لها على إدراك الحقيقة، بل يقوي على إدراكها قلة المتحدين من لهم قوة الإدراك على التخلي عن مطالب

وأن النبي محمد صلى االله عليه وسلم كان على حق حينما ،البدن وحاجات الدنيا ولم يجهر لهم بالمكاشفات ،ة حسية عرض لهم الحقائق الدينية في صورة أمثل

النورانية الكاملة التي لا يدركها سوى قلة من المتوحدين أي الفلاسفة (1).المتصوفين

:تقويم

يرى البعض أن ابن طفيل يقصد من قصته استعراض أحوال الإنسان لو •لم ينزل عليه الوحي وكيف أنه يستطيع وحده بدون معلم أن يصل إلى

كما يرى آخرون أنه قصد بها بيان . العقيدة حقائق الوحي وأصل

.427-425ريان،التاريخ الفلسفي في الإسلام، ص محمد علي أبو. د (1)

(94)

التطابق بين النقل والعقل والفلسفة من حيث أنهما يعبران عن حقيقة واحدة فالدين يصورهما بصورة حسية والعقل يكتشفها ويصوغها في

.قالب عقليغير أننا نلاحظ أن هذه القصة إنما تصل بنا إلى نتيجة مؤداها أنه في •

يه يبرر إرسال الرسل إلى عامة الناس الذين يعجزن الوقت الذي يمكن فنجد . رشد خارج أنفسهمعن الوصول إلى أصول العقائد بدون معلم أو م

ن ليسوا بحاجة إلى الرسل لأنهم يستطيعون الوصول إلى أن المتوحدي .حقائق الوحي بعقولهم وهداية العقل الفعال

:التوفيق بين الدين والفلسفة عند ابن رشد

:شرع يوجب النظر الفلسفيال) 1

فعل الفلسفة ليس أكثر من النظر في (بدأ ابن رشد بتحديد معنى الفلسفة والشرع قد ندب على (1))الموجودات واعتبارها من جهة دلالتها على الصانع

أو لم ينظروا في ملكوت السموات (ذلك أو واجب العمل به كما في قوله تعالى ) فاعتروا يا أولي الأبصار" (184: عرافالا" )والأرض وما خلق االله من شيء

إذ الاعتبار ليس شيئا " الاعتبار والنظر لا يكون إلا بالقياس العقلي". 2: الحشر" (2)أكثر من استنباط المجهول من المعلوم واستخراجه، هذا هو القياس أو بالقياس

م يقل أحد ولئن قال قائل أن النظر بالقياس الفقهي لم يكن في أول الإسلام ول .بدعة إلا طائفة من الحشوية

ولما تبين أن الشرع يحث على الأخذ بالقياس العقلي ويوجبه كان على .الناس الواجب على المفكر أن يدرس قوانين القياس وذلك بتعلم المنطق والفلسفة

.9فصل المقال، المكتبة المحمدية التجارية بمصر، ص (1) .11فصل المقال، ص (2)

(95)

:ضرورة التأويل: الشرع باطن وظاهر) 2

فإن الحق ،ن موافق للفلسفةويرى ابن رشد أن الفلسفة موافقة للدين والدي وإذا كان في القرآن والحديث أقوال والحديث تخالف ،لا يضاد الحق بل يوافقه

فإن ذلك ما هو إلا ،وتوهم أن الفلسفة تضاد المشرع،في ظاهرها حقائق الفلسفة ولهذا المعنى أجمع المسلمون على أنه ليس يجب أن تحل ، ظاهر يقبل التأويل

والسبب في ورود الشرع فيه الظاهر و الباطن . على ظاهرها ألفاظ الشرع كلهاولما أراد ابن رشد أن . هو اختلاف نظر الناس وتباين قرائحهم في التصديق

الفلاسفة قسموايصف البشر عمد إلى نظرية الفلاسفة في تقسيم القياس فقال أن :القياس إلى ثلاثة أنواع

ويرتكز على مبدأ أول من ، يقوم على مقدمات يقيني: القياس البرهاني )1 .مبادئ العقل وهو من ثم ذا نتيجة يقينية وهو القياس الفلسفي

وتكون النتيجة محتملة وهو ،ويقوم على مقدمات محتملة :القياس الجدلي )2 .لا يصلح إلا أن يكون أداة للجدل والمناظرة

ويستند إلى مقدمات واهية موافقة لاستعدادات السامع :القياس الخطابي )3. لعاطفية فهو قياس عاطفي يهدف إلى التأثير أكثر مما يهدف إلى الإفهاما

البرهانيون : وعلى هذا الأساس قسم ابن رشد البشر إلى ثلاثة أصناف .وهم الفلاسفة والجدليون وهم المتكلمون والخطابيون وهم عامة الناس

:قانون التأويل) 3

صنف : ثلاثة أصناف فالناس على"وللتأويل قانون لابد من التمسك به ليس هو من أهل التأويل أصلا وهم الخطابيون الذين هم الجمهور الغالب

وصنف هو من أهل التأويل ،وصنف هو من أهل التأويل الجدلي وهم الجدليون، (1).اليقيني وهؤلاء هم البرهانيون

.35فصل المقال، ص (1)

(96)

فالتصريح بالتأويل يجب أن يحصر في أهل البرهـان لـن التصـريح ينية لمن هم من أنصار الظاهر ولا يمكنهم من فهم المؤول لأنهـم بالتأويلات اليق

.من غير أهله فيجب إذا أن لا يصرح بالتأويل للجمهورومن هنا يحمل ابن رشد على المتكلمين عامة والغزالي خاصـة لأنهـم

فأوقعوا الناس من قبل ذلك فـي (أولوا آيات كثيرة وصرحوا بتأويلهم للجمهور (1))ب ومزقوا الشرع وفرقوا الناس كل التفريقشتات وتباغض وحرو

:الشرع يتم العقل) 4

فللشرع إذن معنيان باطن وظاهر وهما في الحقيقة معنى واحد فلسفي إن فه الظاهر رد إليه بالتأويل وإلا بقي على حاله غير تأويل ومن ثم فمن الخطأ لخا

فالشرع جاء متمما . ماأن تنسب إلى ابن رشد تلك الازدواجية التي تنسب إليه قديللعقل والوحي يزيد على الحقيقة الفلسفية أوصافا ورموزا توافق عقلية الشـعب

وهكذا كان الوحي متمما لعجز العقل فـي الناحيـة . وتحثه على العمل الصالحالعلمية فمعنى الملائكة في الشرع عقول الأفلاك، ومعنى الجنة والنار والثـواب

عقلية في العالم الآخر في شكلها الخاص إيجابا وسلبا ومعنـى والعقاب المعرفة الالخلق من العدم الفيض الضروري ومعنى حشر الأجساد الانتقال من طور إلـى

ويختم ابن رشد تصوره للتوفيق بين الفلسفية والشريعة . طور في المعرفة العقليةمصـطحبتان بتقريره أن الحكمة هي صاحبة الشريعة والأخت الرضيعة وهما ال

.بالطبع، المتحابتان بالجوهر :تقويمطرحت مشكلة التوفيق بين الدين والفلسفة في الفلسفة الإسلامية عامـة •

وعند ابن رشد خاصة لأن الفلاسفة الإسلاميين اتخذوا الفلسفة اليونانيـة نقطة بداية رغم أنهم نموها وطوروها بعد ذلك لتوافق الدين الإسـلامي

.33فصل المقال، ص (1)

(97)

ن الدين وبعض مفاهيم ونظريات الفلسفة اليونانيـة وهنا حدث تناقض بي .مثل القول بقدم العالم وإنكار حشر الأجساد وإنكار علم االله بالجزئيات

كما أن الذي انتهى إليه ابن رشد لهذه المشكلة جعل الحقيقـة الفلسـفية •وعلى وجه الخصوص فلسفة أرسطو التي كان ابن رشـد أحـد أكبـر

قيقة الدينية ويتضح لنا فـي جعلـه القيـاس أنصارها وشراحها فوق الحأعلـى مـن ) الفلاسفة(البرهاني الذي يستند إليه أهل التأويل البرهاني

.القياس الخطابيكما أن ابن رشد ليدعم هذا الحل الذي قدمه قدم تعريفا للفلسفة قد يوافق •

لكن هناك فلسفات تنكر وجـود . عليه الفلاسفة الذين يؤمنون بوجود إله .ه وبالتالي فإن هذا التعريف قد لا يتفق عليه كل الفلاسفةالإل

(98)

@U��7 ا!> ر�O

:العالم: أولا :قدم العالم) 1

فالعـالم ،)بأن العالم وجود متغير أزلي(يتابع ابن رشد أرسطو في قوله عنده وحدة أزلية لا يجوز عليه العدم، فليس هناك إيجاد من عدم ولا عدم بعـد

) التحقـق (إلـى الفعـل ) الإمكانية(دث هو خروج من القوة كل ما يح،ووجود مثل خروج الشجرة من البذرة، وفناء الشـجرة مـع (ورجوع من الفعل إلى قوة

إنكار وجـود ) أزليته(لكن ابن رشد لا يرتب على القول بقدم العالم ). بقاء البذرةبل ينفـي ،)بيةكما في المدارس المادية في الفلسفية الغر(إله خالق أو نفي الخلق

ليثبت معنى آخر هو الإخراج من القوة ،للخلق هو الإيجاد من العدم امعنى معينويترتب على هذا أن طبيعة العلاقة ). تحقق الوجود(إلى الفعل ) إمكانية الوجود(

والهيولي المادة الأولى التي تكونت منها الأجسـام والتـي ) الشكل(بين الصورة قائمة على أنه لا يمكن انفصـال الصـور عـن ) مظلمةأسماها أرسطو المادة ال

فالصورة محتواه في ،) إلا في الذهن الإنساني أي إلا في تصور الإنسان(الهيولي ن الصور المادية لا تفتأ تحدث توليدا مع أنها لا تنفك إو على هيئة النواة، ةادمال

.عن المادة :مراتب الوجود) 2

وق بعض، تؤلـف سلسـلة واحـدة والموجودات على مراتب، بعضها ف .متصلةوتقابـل (أي الهيولي أو المادة المتخذة لأشكال معينة : العرض المجرد ) أ

).العدموتقابل الموجـودات (أي المادة المتخذة لأشكال معينة : الصور المادية ) ب

).تحقيق الوجود(والفعل ) المادية

(99)

الأولـى وأطلق عليه اسم الصـورة ) أي االله تعالى: (الجوهر المفارق) ج .للعالم

:الموجودات المادية والموجودات العقلية) 3

:ويرى ابن رشد أن هناك نوعين من الموجودات .الموجودات المادية زهي متحركة يحركها في غيرها: الأولىمتحركـة فـي ذاتهـا العقلية وهي محركة لغيرها، وغيـر الموجودات: الثانية

، ولكن كلما بعدت عن المبـدأ الأول )دةالوح(الموجودات العقلية تتفق بالبساطة ).أي قلت وحدتها وصارت قابلة لتقبل التعدد(قلت بساطتها

:االله تعالى: ثانيا :المحرك الأزلي) 1

وإذا كان التغيير أزليا فإنه يستلزم حركة أزلية،و هذه تحتاج إلى مجـرد عنـد ابـن (ا لن ررك منذ الأزل هو وحدة الذي يبرحفالقول بأن العلم مت ،أزليالوصول إلى إثبات موجود مفارق للعالم؛ محرك له منـذ الأزل هـو االله ) رشد

تعلى؛ وهذا الموجود بإيجاده تلك الحركة الدائمة خليق بأن موجـد العـالم لكـن .بأثيره في التعالم يحدث بتوسط العقول المحركة للأفلاك

:صفات المحرك الأزلي) 2

هو أنه عقل لا كثرة ) االله تعالى(الأول ويرى ابن رشد أن ماهية المحرك الوصف الإيجابي الذي نصف به االله تعالى هو أنه عقل ومعقـول؛ ،وفيه ) تعدد(

فهـو هنـا ،عقل ومخلوق باعتباره مخلـوق ،فالوجود واحد فهو خالق باعتباره .يقترب من مذهب وحدة الوجود

:ثانيا الإنسان :النفس) 1

بأن النفس مرتبطـة بالجسـد كارتبـاط يتابع ابن رشد أرسطو في قوله ؛ لكنـه )"شكل المنضدة ومادة الخشب مـثلا "أي الشكل بالمادة (الصور بالهيولي

سوهي إنكار خلـود الـنف ،يحاول أن لا يتابعه في النتيجة التي تلزم من القول

(100)

أي يرفض القول بخلود عقول أفراد النوع . (فيرفض القول بخلود النفس الجزئية .فيقول بخلود النوع الإنسان )الإنساني

:العقول الثلاثة) 2

:حيث يقول ابن رشد بثلاثة عقول هي وهو عقل أزلي لا يصيبه الفناء وهو بمثابة عقل للنوع : ولانييالعقل اله )1

.الإنساني ككل .وهو أيضا أزلي وهو عقل الفلك الأخير: العقل الفعال )2نسان وهو يوجد بوجـود وهو الاستعداد المعرفي عند الإ: العقل المنفعل )3

.الإنسان ويفنى بفنائه، بمثابة عقل أفراد النوع الإنساني) العقل الفعـال (والعلاقة بين العقول الثلاثة عند ابن رشد قائمة على أن

يقبل هذه ) العقل الهيولاني(معقولة، و )العقل المنفعل (يجعل الصور التي يتخيلها) العقل المنفعـل (استعداد نفس الإنسان وبعبارة أخرى فإنه على قدر . المقولات

الصور حتى ) العقل الفعال(وقدرتها على الإدراك، وقد تكون الدرجة التي يرفع علـى جعلهـا جـزء مـن ) العقل الهيولاني(تصير معقولة، ويكون مبلغ قدرة

.محتوياته :تقويم

اتخذ ابن رشد فلسفة أرسطو نقطة بداية، ثم حاول تنميتها وتطويرها بما •ولكنه أخفق في محاولته في عدة . تلاءم مع التصوف الإسلامي للوجودي

نقاط كما يتضح في تعارض بعض أجزاء مذهبه الفلسـفي مـع بعـض المفاهيم في التصور الإسلامي للوجود التي مصدرها النصوص اليقينيـة

) الإيجاد من العدم(فمثلا نفى معنى معين للخلق . الورود القطعية الدلالةبينما هذا المعنـى هـو ) الإخراج من القوة إلى الفعل(عنى آخر ليأت بم

كذلك إنكار خلـود الـنفس الجزئيـة . الذي ورد في النصوص القطعيةبينما دلـت النصـوص . وإثبات خلودها كجزء من عقل النوع الإنساني

.القطعية على خلود النفوس الجزيئة على الوجه الأول

(101)

االله (أن تأثير المحرك الأول –أرسطو -كذلك قاله الفلاسفة اليونانيون •عقول الأفلاك رغبة منهم في تنزيه الإله عن في العلم يتم بتوسط) تعالى

مخالطة الموجودات المادية المتغيرة، وهو ما تابعهم فيه ابن رشد، لكـن )الربوبية(الفعل المطلق الله تعالى ) تقييد(يستلزم من هذا القول حديد

من الفلسفة الغربية والإسلامية شد تدل على أن كلاغير أن محاولة ابن ر •قد انطلقوا من مقدمة واحدة ليصـلوا إلـى نتـائج مختلفـة، فالماديـة

لتصل على نتيجـة ) المادة أزلية(انطلقت من مقدمة العالم ) الماركسية(بينما نجد ) لم يخلقها أحد ولا توجد ثمة قوة خارج أو فوق العالم(هي أنه

.من ذات المقدمة دون أن ينفي وجود االله ابن رشد ينطلق

) العرض المجرد(الهيولاني أو المادة المظلمة أدنى مراتب الوجود ما يقارب العدم

المادة ) الصور المادية(ذات الشكل المعين وهي حالة متوسطة بين القوة

)التحقق(والفعل ) الإمكان(

) الجوهر المفارق(الصورة الأولى للعالم االله

تعالى

رشد مراتب الوجود عند ابن

أو عقل ) العقل الهيولاني( للنوع الإنساني ككل أزلي

)العقل الفعال( عقل الفلك الأخير أزلي

عقل ) العقل المنفعل(أفراد النوع الإنساني يأخذ استعداد معرفي

يفنى بفناء الإنسان

العقول عند ابن رشد

(102)

!> �V@ونا

W0�(��7 وا��ا @>$

:عدم تطابق العالم مع صور الفلسفة

نوجه ابن خلدون إلى نقد الفلسفة كما وصلت إلى علمه، وكان يـرى أن زعم وينتقد ،لا يتطابق مع صورها الثابتة المقررة قبل التجربة -كما يراه -العالم

الفلاسفة أنهم يعرفون كل شيء لأن العالم أوسع من أن يستطيع عقلنا الإحاطة به ويخلق (مما يستطيع أن نعلم لقوله تعالى وأنه يوجد من الكائنات والأشياء أكثر ،

).ما لا تعلمون :طريقة المعرفة المشاهدة لا الأقيسة المنطقية

سفة لا تتفق في الغالب مع الأقيسة المنطقية التي يستخدمها الفلا أنويرى أما ما يزعمه . لأن معرفة هذه لا تسنى إلا بالمشاهدة ،طبيعة الأشياء المحسوسة

البعض من إمكان الوصول إلى الحقيقة بمجرد استعمال قوانين المنطق فإنه وهم .لذلك يجب على العالم أن يفتكر فيما تؤدي إليه التجربة الحسية، كاذب

:ة من المعرفةالنفس بفطرتها خالي

ولكنها قادرة على التفكير فيمـا يقـع ،النفس بفطرتها خالية من المعرفة للحواس والتصرف فيه، وكثيرا ما ينشأ الحد الأوسط الصحيح بالحـدس ولـيس

.بالطرق التي اكتسباها متبعين قوانين المنطق الصوري :وظيفة المنطق

ذي ينبغي أن نسلكه في والمنطق لا ينتج معرفة، بل هو يرسم الطريق ال وهو يدلنا على طريق المعرفة وله من الفضل بقدر مـا يحفظنـا مـن ،تفكيرنا

يالزلل، وما يشحذ أذهاننا وما يلزمنا من الدقة في التفكير، فهو علم مساعد ينبغأن يشتغل بتعليمه فريق من الأكفاء لتنتدبون ذلك لكن ليس له الشـأن الأساسـي

(103)

ويستطيع فحول النظار أن يستغنوا عن الصناعة في جميع . الذي يجعله الفلاسفة (1).فروع العلم

:تقويم

رغم أن ابن خلدون عارض النزعة الصوفية العقلية عند الفلاسفة بمبادئ وإذا كان نقـده السـابق موجـه . ة إلا أن الدين لا يؤثر في آرائهالدين البسيط

جديدة إلا أنه تأثر بجمهوريـة للفلاسفة المتأثرين بأرسطو بصبغته الأفلاطونية الكما أن ابن خلدون مع قوله بأن الحواس أصل كل . أفلاطون والفلسفة الفيثاغورية

وذلك مـن خـلال ،إدراك ومع صلة أبحاثه بالحياة الواقعية ينزع نزعة صوفية .محاولة إطلاق الحدس من قيوده ليدرك الحق مباشرة من غير طرق المنطق

.271عبد الهادي أبو ريدة، ص. الفلسفة الإسلامية، دي بور، ترجمة د (1)

(104)

ا'�*)�

الفكر الفلسفي الإسلامي بفروعه الثلاثة الأساسية علم تناول الكتاب الكلام، التصوف والفلسفة الإسلامية وقد تناولنا تعريف كل فرع وظروف نشأته والمواقف المختلفة منه ثم عرضنا لبعض القضايا التي يتناولها الفرع المعين

.وموقف العلماء والمذاهب منها

(105)

X4)�اا

.كتبة المحمودية التجارية، مصرابن رشد، فصل المقال، الم )1ابن تيمية، الرد على المنطقيين، طبعة بيروت، دار المعرفة، مختصر )2

.1949الفتاوى المصري، القاهرة، .1984ابن حزم، الأصول والفروع، دار الكتب العلمية بيروت، )3 .ابن القيم، شفاء العليل، المطبعة الحسنية، القاهرة )4، 3ني، مدخل على التصوف الإسلامي، طأبو الوفاء الغنميمي التفتزا )5

.م1992 .م1960خر الإسلام، القاهرة، فأحمد أمين، )6 .البغدادي، الفرق بين الفرق، دار المعارف، مصر )7 .الحصني، دفع شبه وتمرد ذلك للإمام أحمدن القاهرة، بدون تاريخ )8 .الشهرستاني، الملل والنحل، المطبعة الأدبية، مصر )9 .م1960ة، طبعة بيروت، الغزالي، تهافت الفلاسف )10

.م1946المنقذ من الضلال، طبعة دمشق .دي بور، الفلسفة الإسلامية، ترجمة عبد الهادي أبو ريدة، القاهرة )11زينب الحضري، اثر ابن رشد في فلسفة الصور الوسطى، دار التنوير، )12

.م1980عبد الحفيظ المكي، موقف أئمة الحركة، دار السلام، القاهرة، )13

.م1988ص .م1980ة أبو عازة، علم الكلام، طبعة عطي )14 .1986محمد علي أبو ريان، تاريخ الفكر الفلسفي، القاهرة، )15 .1968، دار المعارف، القاهرة، محمد يوسف موسى، القرآن والفلسفة )16

(106)

ا���س مقدمة

علم الكلام: الباب الأول .تعريف علم الكلام: الفصل الأول

سبب تسميته، عوامل الكلام لغة واصطلاحا، تعدد أسمائه، ظهوره الداخلية والخارجية، ومقارنة بين المنهج الكلامي

.والفلسفي .بعض قضايا علكم الكلام وموقف الفرق الكلامية فيها: الفصل الثاني

.الإمامة عند الشيعة .الحسن والقبيح بين المعتزلة والأشاعرة والماتريدية

.الجبر والاختيار بين الجبرية والقدرية .ات الإلهية بين الشبيه والتفويضالصف

التصوف الإسلامي: الباب تعريف بالعلم: الفصل الأول

.سبب تسميته، المواقف المختلفة منه، المراحل نشأته وتطوره .بعض قضيا التصوف: الفصل الثاني

الكشف .الكرامات

الملامايتة والنفس الفلسفة الإسلامية: الباب الثالث

.لسفة الإسلاميةماهية الف: الفصل الأول

علاقتها بالفلسفة اليونانية وبالدين والحضارة الإسلامية وهل هي .عربية أم إسلامية

(107)

عض الفلاسفة الإسلاميين المشرقيين والقضايا التي ب: الفصل الثاني أثاروها

الكندي الفارابي ابن سينا

الإسهامات الفلسفية للإمام الغزالي يةية المغربلامالفلسفية الإس: الفصل الثالث

.ابن باجه )1 .ابن طفيل )2 .ابن رشد )3 .ابن خلدون )4

الخاتمة .المصادر