95
ات صاب ع ل ا رت حرا ا ف ي غ ي ش ت و ت س ت ار[email protected] 2007 / 3 / 12 ة ري سك غ لات ا ف م وار لغ ا رت ح( ات صاب ع ل ا رت ح) هداء) ا[ وس غ ي و ف ي ا ي س و ل ي م رى كا ك ى ذ ل) ا ات ي لك ا ا هد هدى ن1 .] .A لك ح لة ذ ت ي م ل در ف ل اI نK ا لا) ، ا مة لار ل ا حات ي ح ص ت ل ة ا ي ف رى جُ ي ة و راءي ق د ي ع يI نK اً ا روض مفI كان[ رK ئ ا ي ل ا ش ي ح ل اI ن مً ما ي ر ك ب ور سط ل ه ا ار هد ي عت اI ن مك ي و2 ] [ اور غ م دK اب م قp ظ عK ى ا ل) ر، ا يu ب ك ل ده اK ى راب ل) ا3 ى ل) ع، ا ص ا ي ل ا ورى ت ل ى ا ل) ، ا وره ت ل ه ا ة هد ي ب ن ح يK ا] خK لا ا ق ي صد لا. ً ء ذوما دا ف ل ا د ح يK ا ى ، الد ات لد لً ا راب ك ب م ع ف م ل ل ا ض ا ي م ل اI ، كان رت ج ل اI ن م ة يu صب ع ل ا اتp حظل ل ا ي ف دل ي ف ة ق ع ي ص و مI ال، كان ن ف ةK ي م ق ت ف و ر ل ي م كاI كان[ وار لغ ا رت ح ي ف ا ي ي ار ح ي ة ي ف ت مع ج ى الد ر ي ج و ل ا ات ي لك ا ا ي هد عل ق ف وا يI نK اً ا ي مب قI ة كان يK د ا ف ي غK وذ. ا ت ح لع ا ا ي ط ت ي صل ت عة و ي ط اط ف س) لا ذاهK ا4 ،] لا ي لت ا ات ف لص اA لك ب دامة، ق) ه واK كاو ة وذ لق خ ها ن ض ت ف ي ي لت ا ة ق ي م ع ل ا ة وي ت ح ل ا ب حات ف لص ه ا د هد رق ئI نK اً ا ف ي ل خI ة كان يK ا لا) . ا ها ن ا ذ اه ي ح ل اI اخ ي ي ها نK لا ع ل ي ي ح ي ار ي ل ا ات ي ص ح شI ن مر ف ي ي ف لا) ل ا ما لك ا ا ل هد ي م. ى الد ت ع ش ل اI ن م ض ت ف ك ة ي ل) ر اp ظ ت ل ا ت ح ي ة وخدها. ي ير ف ي غI ن م ر ق حا ي ة ارق ر خ ئ· ما ق ف ح ي، ورى سطK ل ا ظ ت ك و ل ي م ور كا ص ت يI نK رء ا مل ل ي غ ي ب ي ة لا يK د ا يu ي ة ي س ا ف ل ة ا روقp ظ ال و ص ت ل اI ان ب) م ا يp عظ لء ا ا ف صطK لا ا ي ف ة، اذي داءه` وق ه ش ظالة و تK ع ا ي ص ت و ما ح ي ي عل عة، ي ص. ها ش د مار و ق ل ي م كاI خال، كان ة يK ي ا عل. !ً دا بK دام ا ق) لا دام، ا ق) لا م ا ث دام، ق) لا ا: ة وري ت ل ا ركات ج ل صدذ ا تI ون ت ي ذا ولة ف رف ع ي و ل ي م كاI ل كان ه اذرى لا" " ل ي ف ي س م ل ` ا ها ح ر ظ ت ي لت ل اK ي سا م ل ا بK و ت ب ي ل ا كة مل ، و رعة س و ة دق ع ب ص و ل ل ا ي حل ي ي ه اور، و غ م ل ا ب اصة ح ل ا ورات ر لض ا ها ب ن ر قI نK غد ا ي مالة عK ا ي ف. I ن) ول ا فK ا ي ت يK ا لا) ره، ا ئ· ض ما ق ي ة و ري سي روى ئI نK ا هدف ست ت لا ي ه ف،I ا·ن ي ف ا ي ظل ت ل ره سK ا ب ت ع س م ث ر ك ب و ي ص ح ش م ث ر ك ب ة اي ي م ي ور سط ل ه ا هد ت ن كا ا ذ) وا ماً را ي ب ك ى ر الد ض ت لع اA لك ، ذ اصة ح ل ة ا ي صب ح ش ع م ج ي، ت ع شل ل رامة جي ة وا يK را ح ى ل) ، اI كان ذ) ، ا ة ي ع يu ت ط وره ص ت ها سلر ئI ، كان ره ئK ما ف لK ل ا خ رI و كان ل ي م كا دل ي ف ها ل ا د ق ف ل م. ه ل ما عK اI ن م ل م ع ل ك ها نI ون مغ د بً لا ا د رخ ح ي ما ل ق ي لت ا ة ي مب لث ا ضالةلا ا ها ن) صة. ا ح ي ل ما ك ة ع ي ي ظ ت و ل ي م كاI كان ى ة، والد يK ا ر س ك يُ ي ي و ش نُ ي ل ص ق ي هاK اّ و ت ي ي لت ا ه ار ي م م ل ا ة كاي م ل ى ا ل) عة ا رف لي ل خ ر ف لK اI نº ي ي ت ع ش لره ا ا ن خ ا ، ق رى ظ ق ل ا ت ع ش لء ا كا لة ذI ل كان ي، ت ي لك اI ن م ة ي ف ا ف ي ة يK ا م ب ل: ره م ها ل ل ي مبذ لا ها ت خء وا كا وذ ة لاي ض دام و ق) ا.

حرب العصابات

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: حرب العصابات

حرب العصابات

ارنستو تشي غيفارا[email protected]

2007 / 3 / 12

مقاالت عسكريةحرب الغوار

(حرب العصابات) 

إهداء كان مفروضاL أن يعيد قراءته ويGجري فيه [.1نهدي هذا الكتاب إلى ذكرى كاميلو سيانفويغوس]

التصحيحات الالزمة، إال أن القدر لم يتح له ذلك. ويمكن اعتبار هذه السطور تكريماL من الجيش[ أنجنبته هذه الثورة، إلى الثوري الناصع،3 إلى رائده الكبير، إلى أعظم قائد مغاور] [2الثائر]

.إلى الصديق األخ كان كاميلو رفيق مئة قتال، كان موضع ثقة فيدل في اللحظات العصبية من الحرب، كان

المناضل المفعم نكراناL للذات، الذي أتخذ الفداء دوماL أداة إلسقاط طبعه وتصليب طباع الجنود.أعتقد أنه كان قميناL أن يوافق على هذا الكتاب الوجيز الذي جمعت فيه تجاربنا في حرب الغوار]

[، ألنها نتاج الحياة ذاتها. إال أنه كان خليقاL أن يرفد هذه الصفحات بالحيوية العميقة التي4 تبلغ مثل هذا الكمال إال في نفر من يفيض بها خلقه وذكاؤه وإقدامه، تلك الصفات التي ال

.شخصيات التاريخ بيد أنه ال ينبغي للمرء أن يتصور كاميلو كبطل أسطوري، يحقق مآثر خارقة بحافز من عبقريته

وحدها. يجب النظر إليه كفيض من الشعب الذي صنعه، على نحو ما يصنع أبطاله وشهداءه.وقادته، في األصطفاء العظيم إبان النضال وظروفه القاسية

ال ادري هل كان كاميلو يعرف قولة دانتون بصدد الحركات الثورية: "اإلقدام، ثم اإلقدام، اإلقدام أبداL!". على أية حال، كان كاميلو قد مارسها في أعماله بعد أن قرنها بالضرورات الخاصة

.بالمغاور، وهي تحليل الوضع بدقة وسرعة، وملكة التنبؤ بالمسائل التي يطرحها المستقبل وإذا كانت هذه السطور بمثابة تكريم شخصي وتكريم شعب بأسره لبطلنا في آن، فهي ال

تستهدف أن تروي سيرته وتقص مآثره، إال أنني أقول إن كاميلو كان رجل ألف مأثرة، كان يرسلها بصورة طبيعية، إذ كان، إلى جرأته واحترامه للشعب، يجمع شخصيته الخاصة، ذلك

العنصر الذي كثيراL ما يGنسى ويGنكر شأنه، والذي كان كاميلو يطبع به كل ما يخصه. إنها االصالة الثمينة التي قلما تجد رجاالL يدمغون بها كل عمل من أعمالهم. لقد قالها فيدل مرة: لم تأته

ثقافته من الكتب، بل كان له ذكاء الشعب الفطري، فاختاره الشعب بين ألف رجل ليرفعه إلىأها بفضل إقدام وصالبة وذكاء واجتهاد ال مثيل لها .المكانة الممتازة التي تبو�

كان كاميلو يمارس الصدق ديناL، وقد نذر نفسه له: الصدق تجاه فيدل الذي يجسد بشخصه إرادة الشعب، والصدق تجاه الشعب ذاته. كانت هاتان العاطفتان ال تنفصمان لدى هذا المغاور الغال�ب،

.تتالحمان تالحم فيدل والشعبي بنا أن نتساءل: من الذي أزال كيانه الجسماني من الوجود؟ ألن حياة أمثاله تتمادى في حر�

.الشعب وال تنتهي إال عندما يقرر الشعب ذلك إن العدو هو الذي قتله، ألنه كان يبغي موته، ألنه ليس ثمة طائرات مضمونة، ألن مالحيها ال يستطيعون اكتساب كل الخبرة الالزمة، وألنه وهو مثقل باألعمال، كان يريد الوصول إلى ال

[ بأسرع وقت... وإن ما قتله هو طبعه أيضاL، لم يكن كاميلو يرزن الخطر، كان يستخدمه5هابانا] الإللهاء، يداعبه، ويثيره كما تثار ثيران الحلبة، يجتذبه ويداوره. ففي عقليته الغوارية لم تكن

.هناك عثرة تستطيع إيقاف أو تشويه الخط الذي ارتسمه لنفسه ذهب عندما كان شعب بأسره قد عرفه وأعجب به وأحبه. كان من الممكن أن يحدث ذلك في

وقت أبكر وكانت سيرته عندئذ لن تعدو سيرة أي قائد مغاور. قال فيدل: سوف يجيء كثير من مثال كاميلو، ويمكنني اإلضافة أنه ظهر كثير من مثل كاميلو، وقد انتهت حياتهم قبل أن يتموا

ذات الدورة الرائعة التي أدخلتهم في التاريخ. إن كاميلو، والكاميلويين اآلخرين (الذين لم يحققوا أنفسهم، والقادمين)، هم البرهان على قوة الشعب، والتعبير األسمى عما يمكن أن

.تنجبه أمة شاكية السالح دفاعاL عن أصفى مثلها العليا وعن إيمانها في إنجاز أنبل غاياتها لن نثب�ته لنحبسه في قالب، ففي ذلك قتله. لندعه هكذا، على هيئة مالمح، دون تحديد دقيق

[ االجتماعي واالقتصادي الذي لم يكن محدداL تماماL. ولنتذكر فقط أنه لم يوجد في6لفكرانه] هذه الحرب التحررية جندي يضارع كاميلو. ثوري مكتمل، رجل شعبي، صن�اع في هذه الثورة

التي صنعتها األمة الكوبية لنفسها، لم يكن عقله ليتصور أقل هنة من اإلعياء أو القنوط. إنLكاميلو المغاور هو موضوع دائم للتخيل كل يوم. إنه الذي فعل هذا أو ذاك من األعمال، "شيئا

Page 2: حرب العصابات

من كاميلو"، إنه الذي طبع الثورة الكوبية بسمته الدقيقة التي ال ت�محي، والذي يبقى حاضراL في.قلوب كل من لم يحققوا أنفسهم والقادمين

.إن كاميلو، في تجدده المستمر الخالد، هو صورة الشعب 

- تشي غيفارا -

     

مدخل إنقضى عام على كتابة هذه المقدمة. ومن نافلة القول إنه لو قدر لي أن أكتبها اليوم لفعلت بشكل آخر. فموت تشي غيفارا في الظروف المثيرة التي نعرف، يكاد يضفي على كل شيء

معنى جديداL كل الجدة، وبالتالي على بعض هذه السطور البائسة. وأولها، مثالL، لحظة، أتصوره فيها يقرأ هذه الصفحات بانتقاده الالذع الذي عرف عنه عل الدوام، أو السطور التي تتحدث عن

رحيله عن كوبا، وقد كتبت عندما كان األعداء ينشرون عن هذا الرحيل اإلشاعات المتجنية، بدأ يكتب يومي�ته األخيرة، في الغوار البولفي. لقد1966واليوم نعرف أنه في تشرين الثاني

، رسالته الرائعة إلى مؤتمر القارات الثالث التي سحقت، في جملة1967سمع العالم، في ربيع .ما سحقت، تلك االفتراءات، وأكدت بعد نظرته، وعمق فكره وتالحمه وشجاعته العجيبة

 1967تشرين األول

إن األساس األول الذي يجب أن تبنى عليه الحركة (حركة الغوار) هو الكتمان المطلق، وإنعدام"، المقدم1960تسرب المعلومات إلى العدو"، هذا ما كتبه في حرب الغوار الذي ظهر عام

.A أرنستو غيفارا، الذي ندعوه في كوبا تشي، للسبب ذاته الذي حملنا على أن ندعو أنتونيوميالMella  في المكسيك. إن ما يمنع تشي من أن يرت�ب بنفسه هذه Lالشيكو عندما كان منفيا

األوراق ويقد�م المنشود واقعة أنه انقطع منذ عام لمهمة ثورية جديدة يرافقها، حسب نصيحته."هو، "كتمان مطلق" و "انعدام في تسرب المعلومات إلى العدو

وإذا كان هذا التفسير يبرر هنا غياب اسمه، فال شيء يبرر، بالمقابل، وجود اسمي، ويؤسفني أال يكون التواضع التاكتيكي المعتاد في حاالت مماثلة هو الذي يحملني على هذا القول. يجب

علي، ألسباب سأوضحها في الحال، أن أضع الورقة على الطاولة ولو أدى ذلك إلى ملل القارىء. فإذا كنت قد قبلت دعوة الناشرين لكتابة هذه المقدمة فألني عو�لت منذ زمن طويل

على المساهمة في نشر فكر العالم الثالث (عدا عن السرور الساذج ألن أرى اسمي يقترن بصورة ما باسم رجل أكن له أكبر اإلعجاب)؛ ألن هذا النشر يجب أن يتم في الوقت الذي ندGل

نشر هذه النصوص إذ وجدت نشرها نافعاL، مما فيه على أصالة هذا الفكر، وأخيراL، ألني اقترحت أجبرني بصورة من الصور على كتابة هذه الكلمات. إن للقارىء ملء الحق أن يتساءل عن سبب

هذه التصريحات. وها إني أقدم له ورقتي األخيرة. لقد كتبتها على األخص للمقدم غيفارا، ليرى، عندما يصله هذا الكتاب، أني نبشت أوراقه، فتخيرت منها ما تخيرت وطرحت ماطرحت،

بل وقدمت بعض الكلمات. وإني أتخيل بسهولة ابتسامتك وتعليقك. وأسمح لنفسي، أيها المقدم، بأن أجيبك أن� ما فعلته كان يجب أن يفغله غيري، وأنك على أية حال ستستاء من هذا الفعل، وأنك، إذا أسفت لغياب نص أو بدا لك غيره عديم الجدوى، فلدي من األسباب ما يكفي لتبرير هذا االنتقاء. لم أسترسل في هذا العمل بدافع من رأيي وحده، رغم أن هذا الرأي كان، في نهاية المطاف أكثر اآلراء مسؤولية: فقد استشرت أصدقاء أفضل مراناL مني في المسائل

السياسية (وبعضهم يعرفونك)، حتى انتهى بنا األمر إلى اإلبقاء على هذا االنتقاء. أعدت.قراءتها دفعة واحدة فبدت لي جيدة، وبدت لي مجدية

، في1928واآلن يجب علي أن أتوجه إلى القارىء: ولد أرنستو غيفارا في بوينوس ايرس، عام أسرة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة. كان أبوه مهندساL. فثقفه الثقافة المتناسبة مع وضعه:

تعل�م لغة ثانية (اللغة الفرنسية) ومهنته رفيعة: الطب، هذه المهنة التي يقول عنها الناس جميعاL ويؤمن البعض إنها كهنوت. قرأ كثيراL، األدب والسياسة وهو في القناصة، كما قرأ سبنغلر

وفرويد. وقد يكون فرويد هو الذي وجهه نحو الطب. كان يرتاد الجماعات الطالبية المتمردة دون أن يناضل في أي اتجاه خاص. وكان قد شعر، حتى قبل أن ينهي دروسه بأن شيئاL آخر

يجذبه إليه. مارس الطب في مستشفى للبرص في سانتياغو ديل أستيرو. وأراد أن يتعرف إلى القارة فانطلق الستكشافها، على دراجة نارية، مع أحد األصدقاء، وقطعها من األرجنتين إلى

فنزويال وتوقف في ميامي حيث أعيد إلى األرجنتين في طائرة كانت تنقل خيول سباق. في زمنه: وحدة بالدنا وحدة عميقة Marti واألرجح أنه تجلى له في ذلك الوقت ما تجلى لمارتي

ال تتحطم، وحدة تتجاوز الحدود المصطنعة. واألرجح أنه بدأ في تلك اللحظة يشعر بأميركيته – الالتينية. وفي البيرو، وغواتيماال، والمكسيك – ثم في كوبا على األخص – سيتثبت مما طرحت

.هذه األسفار أمام ناظريه: البؤس، والعري والهوية العميقة ألرضنا الهجين وإذا كان الوضع الخاص للبالد التي ولد فيها يبدو له مبهماL وبدفعه للبحث عن سماوات أخرى

Page 3: حرب العصابات

(كان ذلك أيام البيرونية)، فإن هذه السماوات ستتبناه وستحوله. والغريب أن الذين كانوا يتحدثون إليه، كانوا يجدون أن لهجته ليست أرجنتينية، وال مكسيكية، وال كوبية. دون أن تكون

بطبيعة الحال، تلك اللهجة اإلسبانية المجردة الشاحبة، لهجة بعض أستاذة اللغة في بالد أجنبية: إنها في الواقع، ما كان أدنامونو يقترح، بالنسبة لقارتنا، في مجال اللغة: فوق الكاستيالنية.

فكل واحد منا يعترف بها لغة له رغم أن لديه في الوقت ذاته شيئاL ما من مكان آخر. وهذا المكان الثاني قد ال يكون شيئاL آخر سوى الشمول ذاته، سوى أميركتنا بمجموعها. أال نستطيع

التخمين بأن لغة مارتي اإلسبانية يجب أن تكون كذلك؟ لغة ال تصطبغ بالصبغة الكوبية قدرL. إذ تحدث أوربينا عن لهجته صبغتها اإلسبانية – األميركية؟ (حتى لو كان التأثير الكوبي سائدا

)الساحلية . توقفت عند هذه النقطة ألني أعتقد أن هذه داللة إضافية على أن "تشي"، كمارتي، يفكر، بل

ويشعر أيضاL أنه أميركي – التيني ويتكلم كأميركي – التيني تماماL كما يشعر غيره أنه ينتمي إلى بلد من البلدان أو حتى إلى منطقة من هذه البالد. لم يكن لديه أي صلف قومي، بل نوع من

المرارة القارية المسؤولة: فكل ما يفرقنا كان يبدو له عبثاL حيال المشكالت الواقعية.والمشتركة التي يجب أن نعقد العزم على مجابهتها مجابهة واقعية ومشتركة

كان أرنستو غيفارا في غواتيماال. جذبته إليها اإلمكانيات الثورية التي كانت1954في عام تعيشها تلك البالد. هذه اإلمكانيات حصدتها بقسوة جيوش كاستيلو آرماس، أجيرة حكومة أميركا الشمالية. وكانت هذه الحكومة قد تعاونت مع أجرائها في كاراكاس على القضاء على نظام لم

يكن (كما نراه اليوم) سوى نظام خجول في تقدميته. كان غيفارا بين أولئك الذين اجتازوا الحدود المكسيكية بعد أن انتظروا عبثاL وصول األسلحة ليقاتلوا، وبعد أن شعروا في لحمهم

بغلظة حكومة التدين بمبدأ: هذه الحكومة هي التي قدر لها بعد سبع سنوات أن ترسل مرتزقة آخرين ضد كوبا، وأن تGنزل مباشرة بعد ستع سنين جيوشها في سان دومينيك.. وفي المكسيك

كان غيفارا يكسب عيشه من أعمال تافهة، فعمل، مثالL، مصوراL متجوالL. وفي ذلك الوقت التقى:بفيدل كاسترو. وقد روى مقابلته معه كما يلي

إن كاتب هذه السطور، الذي تقاذفته أمواج الحركات االجتماعية التي تهز أميركا الالتينية، ...).قد أGتيحت له فرصة االلتقاء، لهذه األسباب ذاتها بمنفي أميركي آخر: هو فيدل كاسترو

" وأذكر أن حديثنا األول دار حول السياسة تعرفت إليه في أحدى الليالي األميركية الباردة الدولية: ففي ساعات الصباح األولى، كنت واحداL من الغزاة المستقليين". (ذكريات من الحرب

)الثورية . وقال أيضاL: "كان األمر يستحق أن أموت على شاطىء أجنبي في سبيل مثل أعلى طاهر كهذا المثل" أما بقية حياة تشي فهي من شأن مؤرخي القارة أكثر مما هي من شأن كاتبي السير

. فكان واحدا1956Lالشخصية. وبعد أن تدرب تشي في المكسيك رحل إلى كوبا في أواخر عام رجالL الذين نزلوا في غرانما. ولحسن حظنا أنه لم يكن واحداL من أبرز الشخصيات82من الـ

في تلك المأثرة فحسب، بل كان مؤرخها األول، وهو أمر يجعل من العبث أن أذكر هنا تلك اللحظات التي وصفها وصفاL مدهشاL. أضف إلى هذا، أن لحظة النزول ذاتها كانت مادة لعمل

أدبي عظيم: قصة جوليو كورتازار "اجتماع" التي أخذها عن رواية تشي، "أليغريا دي بيوAlegria de pio   ، برز تشي كأحد أوائل1959وعندما انتصرت الثورة في أول كانون الثاني

الزعماء، رغم إصابته بالربو المزمن، والمسؤول الذي قاد (مع كاميلو سيانفويغوس) غزو كوبا.حسب أوامر فيدل كاسترو

يجب أن ألفت االنتباه إلى بعض األسفار التي قام بها تشي بعد انتصار الثورة. كان يعرف – كما في جامعة مونتيفيديو – جميع بلدان أميركا الالتينية تقريباL. في عام1961قال هو نفسه عام

زار بلداناL أخرى: ليرى مشكالتنا "من الشرفة اآلسيوية – األفريقية": الجمهورية العربية1959.المتحدة، وأندونيسيا، والهند

لقد انفتح عالمه، وصار بإمكانه أن يثبت من تماثل المشكالت ال في بلدان قارتنا فحسب، بل في القارات الثالث النامية أيضاL. بيد أن الثورة الكوبية أسرع في مسيرتها وأعمق من ثورات

إلى ثورة اشتراكية. وسافر تشي، في نهاية العام،1960هذه البلدان األخرى: فقد تحولت عام إلى البلدان االشتراكية. وتأكد فيها من قيام رابطة جديدة مع البلدان التي تبني االشتراكية

كبالدنا، وخاصة تلك التي تنطلق، مثل كوريا، من شروط التخلف الصناعي واضطرت ألن تدفع إلى البلدان النامية (إلى أفريقيا1965 و 1964ثمناL رهيباL لالعتداءات. وعندما عاد بين سنتي

على وجه التحديد) عاد ممثالL لثورة من ثورات العالم الثالث: ثورة يذوب فيها الخطان الكبيران لتجديد هذا العصر: ثورة ترتبط بالكفاح ضد االستعمار وتصدر عن ثورة أوكتوبر وبديهي أن هذه

Lفشيئا Lاألسفار كانت أكثر من مجرد تنقالت: إنها عالمات مرئية لفكر سيشرحه تشي شيئا .وبوضوح كبير

،1959 / 1 / 28ولقد بدأ هذا الفكر يعب�ر عن نفسه علناL منذ األيام األولى، في خطابه بتاريخ ."مثالL، الذي نشر تحت عنوان "الدور االجتماعي للجيش المتمرد

في هذا الخطاب، يشرح لنا تشي كيف بدأت في الجيش المتمرد، انطالقاL من فشل إضراب، الجهود األولى إلعطاء الثورة عقيدة ونظرية. بيد أن هذه االهتمامات، بطبيعة1958نيسان

الحال، ال تتضمن أبداL أن يكون تشي باحثاL نظرياL محضاL. فهو يقول في هذا الخطاب ذاته إن من أكبر صفات الثورة التي استولت لتوها على الحكم هو أنها "حطمت جميع نظريات الصالونات".

وال ينوي مطلقاL إعاداتها إلى ما كانت عليه. إن هدفه يختلف عن هذا اختالفاL تاماL، فيكتب في): رسالتنا الحالية أن نجعل من الواقعات نظرية، وأن1960الصفحات األولى من حرب الغوار (

Page 4: حرب العصابات

نبني هذه التجربة ونعممها ليستفيد منها اآلخرون" هذا التعريف ال بديل له فكومة الواقعات الثورية، بالنسبة للمراقب الذي تعوزه الدقة، حتى لو كان نصيراL مندفعاL، تحتاج ألن تكون لها

م. إنهما مهمتان نظريتان، تصلحان لما دعاه التوسر وبحق الممارسة Althusser بنية وأن تعم� النظرية: يجب أن نفكر في المعطيات لنستخلص منها صورة، ويجب أيضاL أن نميز الحادث

الموضعي عن التجربة القابلة للتعميم. واألعداء يعون ذلك بطبيعة الحال: فهم يقترحون بسرعة على الثورات وجهاL خالياL تماماL من الجاذبية، زاعمين أنهم يعممون األوجه المحلية السلبية بينما

يتظاهرون بأنهم ال يرون في النجاحات الجوهرية سوى واقعات عارضة أو ثانوية. إن عمل تشي، إذاL، رسالة مكافحة ال تستسلم لنظريات الصالونات بل تتجه نحو النتائج العملية وتنطلق

، وجود طريق1959من مادة بناء هي أيضاL عملية وعاجلة وكانت الثورة الكوبية قد أثبتت، عام إلسقاط األنظمة الدكتاتورية في المستعمرات الخفية األميركية الالتينية. وكان من ضروري

شرح مضمون هذا الطريق وتقديم نتائج مثل هذه التجربة للمحاربين القادمين: ذلك هو األمر الذي كرس له تشي جزءاL كبيراL من جهوده خالل تلك السنة الحافلة بالعمل على وجه خاص،

، "من هو المغاور؟".1959وكان نتاجها حرب الغوار الذي أعلن عن نفسه في مقال شباط Lجعل ذلك الكتاب من شؤون الساعة. فأدخل أفكاراGأن ي Lوفي السنوات التالية رأى ضروريا

جديدة إلى كتابه "حرب الغوار، طريقة". وكان يريد أن يعيد كتابته إذ كان يضم تجارب أحدث عهداL. ومع ذلك فإن هذه الكتابة "يجب أن تنتظر بالتأكيد زمناL طويالL"، كما ذكر لينين في نهاية كتابه الدولة والثورة، ألن تشي ارتأى هو أيضاL "أن من األفضل واألجدى أن يعيش تجربة الثورة

."بدالL من أن يكتب عنها إن القصد الذي يدفع تشي إلى التساؤل عن نظرية الثورة في تنميتها ليس أقل قيمة عملية.

لكن قبل أن نتحدث عنه، يحسن بنا أن نشير هنا إلى كتاب آخر يتعلق بحرب الغوار من جهة أخرى: هو كتاب "ذكريات عن الحرب الثورية". لم تكن االعتبارات الفكرية وحدها هي التي

دفعت تشي إلى كتابته بذلك األسلوب النثري العجيب الذي عرف عنه، األسلوب الجامع المألوف، بل يجب القول أيضاL إنه الفنان الذي يكتب. ونحن هنا ال "نعمم"، بل نضع اليد، والذاكرة على شيء ملموس. وإذا كان الكتاب السابق دليالL للعمل وهيكله العظمي، فإن

الذكريات هي الجسم ذاته لذلك العمل، مع كائنات بشرية بطولية أو مترددة، سامية أو حقيرة – حقيقية في أية حال. إنه أكثر الكتب التي نشرت في كوبا في هذه السنوات األخيرة، وقعاL في

.النفس إن الكتابين اللذين يعالجان الحرب الثورية – نظريتها وممارستها، إذا صح القول – هما الكتابان

الوحيدان اللذان كتبهما تشي بصفتهما كتابين بنائين. لكنهما لم يكونا كل ما كتب تشي – وقال. بالعكس: اهتم منذ البداية باألوجه األخرى للثورة، وعبر عن هذه االهتمامات سواء بشكل خطب،

أو بشكل مقاالت أو محاوالت. وعالج، في كتبه، مسائل تتعلق بالتمرد، أي بالثورة قبل أن، وتصدى في خطبه ومقاالته، بصورة عامة،1959تستلم الحكم، في أول كانون الثاني

للمشكالت التي كانت تعترض الثورة بعد تسلمها الحكم. ولم تكن هذه المشكالت، من وجهة نظر فكرية، أقل تعقيداL من سابقاتها، ويحق لنا أن نعتقد أنها أكثر تعقيداL وتتطلب من القادة دأباL كبيراL في التخمين النظري وفي التطبيق العملي المناسب. وكان هؤالء القادة، من جهة

1959أخرى، قد وصلوا إلى السلطة في ريعان الشباب. فلم يكن فيدل كاسترو نفسه، عام يتجاوز الثالثين من العمر إال قليالGL. وسيقدم لنا هؤالء الرجال مشهداL غير معتاد: فبدالL من أن

يعيش هؤالء الشباب طي الكتمان تطوراL فكرياL قلما يكون غيرهم مطلعاL عليه لحظة العمل التاريخي، سيتطورون على مرأى ومسمع من الجميع. وسينهون تكوينهم عراة الجذور. ال ألنهم وصلوا إلى السلطة دون صفات كافية – للتثبت من الصالبة التي انطلقوا بها إلى القتال. نعيد

. "سينصفني التاريخ"- ، بل1952إلى الذاكرة فقط الدفاع الرائع الذي ألقاه فيدل كاسترو عام إن هذه الصفات ستنضج في الحكم، بمجابهة المشكالت الجديدة الهائلة. وسط واقع معقد،

دولي وقومي على السواء، سيكون من الواجب جالء غوامضه واحدا بعد اآلخر. فكان السؤال األول الذي وجب إذاL أن يطرحوه على أنفسهم هو ما هي الثورة. ما هي النظرية الثورية لهذا

العمل الثوري؟، إن المسؤول المثقف عن الهجوم على ثكنة مونكادا - وبالتالي1953قال فيدل كاسترو، عام

عن األحداث التي سيثيرها هذا الهجوم في السنوات التي أعقبته – كان جوزيه مارتي. وقال أن هذه الثورة تنقش في إطار مكافحة االستعمار1959تشي غيفارا الذي كان يعلم عام

: كانون الثاني28، في 1960المعاصرة، في خط البلدان النامية، قال في بداية كان مارتي المرشد المباشر لثورتنا، الرجل الذي كان يجب على الدوام أن نرجع إلى كالمه"

لتفسير الظاهرات التي نحياها تفسيراL صحيحاL. ألن جوزيه مارتي أكثر من كوبي: إنه أميركي. إنه ملك البلدان العشرين كلها التي تضمها قارتنا.. ويعود لنا الشرف بإحياء كلمات جوزيه

مارتي، في وطنه، حيثما ولد". كان تشي يخمن دون شك بأن مارتي هو أول مفكر في العالم الثالث ويصح هذا التصريح، إذ يؤكد ما قاله كاسترو قبل ذلك بست سنوات، لثورة من ثورات البلدان النامية. بيد أن ثمة أمراL آخر في هذه الكلمات يستحق أن نعيره انتباهنا هو استخدام

الماضي. قال تشي: كان مارتي مرشدنا وكان يجب الرجوع إلى كالمه.. ال ألنه أنكر هذا الكالم، بل بالعكس. وكالمه، كان يجب أن نتذكر أنه نصحنا هو ذاته بأن نفعل "في كل لحظة ما هو

ضروري في كل لحظة". وكان الواقع، أخيراL، قد طرح على ثورتنا التي كانت قد وصلت إلى الحكم مشكالت ال يمكن أن تكون بالضبط هي ذاتها المشكالت التي طرحت على مارتي، يوم لم

يكن قد توصل إلى أن يرى بالده حرة سياسياL. كانت هذه المشكالت المختلفة تتطلب منا أن

Page 5: حرب العصابات

نتصدى لها تصدياL أصيالL. وكانت، بالتالي تقتضي منا إضفاء النظرية على هذه المقاربة التي لم تعد تلك التي عرفها مارتي. فمنذ استالمها السلطة كانت الثورة تتأصل في تبادل مأساوي

لألعمال التأديبية األميركية الشمالية والردود الكوبية. وقد استطاع تشي أن يقول إن القانونLاألول لإلصالح الزراعي كان على األرجح التدبير الوحيد الذي اتخذ مباشرة دون أن يكون جوابا

على عدوان أميركي – شمالي. وفيما بعد، بدءاL من المقاومة العنيدة التي وجهتها الواليات المتحدة لهذا القانون الذي كانت كوبا تمارس به سيادتها – والذي يكاد يكون فاتحة أعمالها - ،

ستكون القرارت الكبرى التي اتخذتها الحكومة الثورية هجمات كوبية مضادة لالعتداءات األميركية، وقد بدأت هذه االعتداءات بشكل حملة صحفية شعواء تبعتها تصريحات رسمية حتى وصلت إلى العدوان المادي وإلى الحصار، مروراL بما سبقه من وقف مشتريات السكر ورفض تكرير النفط الذي تشتريه كوبا من خارج الدائرة األميركية الشمالية. وفي هذه األثناء، وجدت الثورة الكوبية في االتحاد السوفياتي سوقاL لسك�رها، ولقيت المساندة الحازمة من الطبقات الشعبية كما لقيت في البداية التباعد المطرد ثم العداء المكشوف مما كان يدعى البرجوازية

الوطنية التي ارتبط مصيرها بمصير الواليات المتحدة. ليس ثمة أي شك بأن الثورة الكوبية، إذ وGضعت أمام أحد أمرين: أن تهلك بيدي الواليات المتحدة أو أن تتأصل بسرعة، قد اختارت هذه

اإلمكانية الثانية. وارتفعت أصوات الناقدين الكبار في العالم أجمع أنهم كانوا يعلمون بأن الثورة شيوعية. لقد كانوا يرون، في الواقع. ما لو توفر للعالم االجتماعي روبرت ك. مرتون

الستخدمه مثاالL على "النبوءة المنجزة ذاتياL". وعندما نتجت بفعل الواليات المتحدة قضية شراء السكر الكوبي ورفض تكرير البترول السوفياتي في كوبا، وعمدت كوبا من جانبها إلى تأميمات

، في1960 تموز 28مصافي التكرير األميركية الشمالية في األرض الكوبية، قال تشي، بتاريخ :مؤتمر الشبيبة المنعقد في هافانا

إذا سئلت ما إذا كانت هذه الثورة التي ترون ثورة شيوعية... فسأقول إن هذه الثورة، إذا ..." ما صارت ماركسية – وأقول ماركسية – فألنها اكتشفت أيضاL، بأساليبها الخاصة، الطرق التي

."أشار إليها ماركس إثر هذا االكتشاف، وجواباL لإلدانة التي فرضتها على كوبا منظمة الدول األميركية، في سان

2جوزيه، قرأ فيدل كاسترو على الشعب الذي اجتمع في تلك المناسبة في ساحة الثورة بتاريخ ما وجب أن يصير تصريح هافانا األول. وقد عبر هذا التصريح تعبيراL مضمراL عن1960ايلول

تشرين8الصفة االشتراكية التي أخذتها الثورة على عاتقها. بعد ذلك بما ينوف عن الشهر، في األول، نشر تشي مذكراته بعنوان "مذكرات لدراسة إيديولوجية الثورة الكوبية"، وهي دراسة عميقة للموضوع. فهل أفسدت الصفة غير المهذبة في ظاهرها التي التصقت بالثورة المبدأ

Lاللينيني القائل: ال حركة دون نظرية ثورية؟ ويجيب تشي متسائال: يحسن القول إن النظرية الثورية، كتعبير عن حقيقة اجتماعية، تسمو على كل بيان، وبعبارة"

Lالواقع التاريخي واستخدامنا استخداما Lصحيحا Lأخرى، أن الثورة يمكن أن تتم إذا فسرنا تفسيرا مالئماL القوى التي تتدخل في هذا الواقع، دون أن نعرف النظرية... يجب أن يكون المرء

"ماركسياL" بالبساطة ذاتها التي يكون فيها "نيوتونياL" في الفيزياء و "باستورياL" في البيولوجيا، وبما أن الواقعات الجديدة تحدد مفاهيم جديدة، فإن ذلك ال ينزع أبداL جانب الحقيقة من

المفاهيم التي أنقضت... يعني هذا، ويجب أن نشير إليه مرة أخرى، أن قوانين الماركسية حاضرة في أحداث الثورة الكوبية، بصورة مستقلة عن واقعة أن قادتها يجاهرون بهذه القوانين

."أو يعرفونها معرفة عميقة من الناحية النظرية لقد توقفت عند هذه اإلستشهادات، إال أني أعتقد أنها تظهر بأكبر قدر من الصفاء والوضوح

د فكر الثورة الكوبية إعداداL تدريجياL، دون تخطيطات مبسطة قبلية، وكذلك دون خوف كيف أGع¬ مما قد يلصق بها. وقد نشأت، من جهة أخرى، لدى فيدل أوالL، ولدى غيره من القادة الكبار

أيضاL، إرادة إبعاد كل تضليل لغوي يدفعهم إلى رفض العبارة النمطية الجامدة لمصلحة االقتراب من الواقعة عن طريق الشرح، ويمضي حتى يرتدي شكل الخطاب التعليمي الطويل الذي يلقيه فيدل كاسترو والذي تحدث عنه سارتر. إن القول أن كوبا تمضي في طريقها إلقامة ديكتاتورية

مثالL لن يفيد شيئاL كثيراL بل قد يزعج المراقب قليل الحذر. فاألفضل أن نشرح ما يجري فيها. وعندما تتلقى هذه الواقعة، بصورة الحقة، اسماL، فسيكون هذا االسم غنياL في مغزاه بدالL من

أن يكون صيغة جوفاء رنانة أو يحدث ارتكاسات انفعالية متأصلة الجذور تستطيع الممارسة وحدها توضيحها. وهكذا لم نقم بالثورة االشتراكية إال بعد أن اتخذت الثورة الكوبية تدابير

، خاص في نصف الثاني منها، مدفوعة بالواقعات ذاتها، حتى بعد أن1960اشتراكية، عام قوبلت بحماس عدالة هذه التدابير لدى صدور تصريح هافانا الثاني، والتي أكدها فيدل كاسترو،

. في تلك الفترة شرح تشي في نص جوهري ("كوبا، شذوذ1961 نيسان 16عشية الغزو، في )، أصالة الثورة الكوبية،1961 نيسان 9تاريخي، أم طليعة الكفاح ضد االستعمار"، (نشر بتاريخ

الحركة التي اتبعت، رغم أنها "مارقة إلى حد كبير بأشكالها وبمظاهرها – ولم يكن بمقدورها إال أن تتبع – الخط العام لجميع أحداث القرن التاريخية الكبرى، المتميزة بالنضاالت المعادية

لالستعمار وباالنتقال نحو االشتراكية". ويعترف تشي بالعوامل االستثنائية النادرة لثورتنا ("من بينها العامل األول، واألهم، وربما األكثر أصالة، تلك القوة الطبيعية المسماة فيدل كاسترو

روز"؛ ومنها أيضاL "أن اإلمبريالية األميركية الشمالية قد ضللت ولم تستطع قط أن تقدر األبعاد الحقيقية للثورة الكوبية") لكنه يشير بخاصة إلى "أن الجذور الدائمة لجميع الظاهرات

االجتماعية في أميركا، والتناقضات التي تنضج في داخل المجتمعات الراهنة، تثير تحويالت يمكن أن تبلغ مدى ثورة كالثورة الكوبية". في هذا النص يبلغ الفكر السياسي لدى تشي غيفارا

Page 6: حرب العصابات

درجة النضج. وانطالقاL من هذه اللحظة، سنراه يتحدث في خطبه الدولية الكبرى، خطبه في بونتاديل إيسته، وجنيف، واألمم المتحدة، أو الجزائر، كناطق فوق العادي باسم العالم الثالث.

إن الثورة الكوبية لم تك�ون فكراL دون أن تك�ونه في الوقت نفسه للبدان األخرى التي تجتاز ظروفاL مماثلة لتلك التي تمر فيها كوبا: وفي طليعتها بلدان أميركتنا، وكذلك بلدان قارتين

.أخريين ناميتين وإذا كانت الثورة الكوبية قد وجدت بمساعيها هي فكراL أصيالL، فإن ذلك األمر يقتضي منا أن

نجابه بهذا الفكر جملة من المشكالت، ستحمل بدورها هذا الفكر على األغتناء. وسيكون تشي.الممثل والشاهد االستثنائي لهذا التفاعل في بناء االشتراكية اليومي في بلد نام

هذا الطبيب التائه الذي أقنعه فيدل كاسترو، في ليلة باردة من ليالي المكسيك، بأن يرافقه لتحرير بالده، هذا المغاور الذي كلفه فيدل بشن الحرب الثورية من أول الجزيرة إلى آخرها، هذا

المحول الذكي الذي حول الممارسة العملية إلى نظرية، هو الذي سيوكل إليه فيدل بعد تسلم السلطة مراكز رئيسية في الحكومة. أوالL رئاسة البنك الوطني، إلدخال االستقرار على الوضع

الخطير للقطع النادر، ثم وزارة الصناعة المكلفة بتنسيق وتكبير الصناعة التي أممت فجأة في بلد قليل التنمية، والذي قGطع، باإلضافة إلى هذا، قطعاL فظاL عن المصدر الذي يكاد يكون

المصدر الوحيد للمنتوجات المصنوعة. كانت القضية أن تظل األمة واقفة على قدميها وأن.تكون في حالة تمكنها من العمل

كان على تشي أن يتصدى لمشكالت اقتصادية ملموسة في سبيل إنجاز هذه المهام الجديدة التي سيخرج منها أيضاL ظافراL. فالثورية، بطبيعة الحال، ال تأتي جاهزة: أنها على الدوام سلسلة من المهام التي يجب على الناس تحقيقها، تحقيقاL حسناL أو سيئاL. وال توجد صيغ يجب تطبيقها

أن ،Croce بصورة آلية. إن الثورة تثبت، بمعنى مختلف عن المعنى الذي فكر به كروتشه التاريخ هو فعالL "مأثرة من مآثر الحرية". فأمام كل مشكلة جديدة تنبجس المسألة اللينينية: ما

العمل؟ وال جدوى من البحث عن الجواب في أي كتاب. بل يجب أن يأتي الجواب، كما نصح لينين بالذات، من "التحليل الملموس لألوضاع الملموسة". فتشي يجد نفسه إذاL مرغماL على أن

يأخذ بعين االعتبار وقائع مثل طبيعة التخطيط االشتراكي، تبعاL لوضع كوبا الملموس، وحسب الصلة الديناميكية لهذا الوضع مع العالم أجمع، ويستنتج من هذا التحليل مميزات نظام التمويل

في الميزانية على الحساب االقتصادي، وهذا يجره إلى مهاترات سياسية مع شارل بيتلهايم ذاته. ولألسباب ذاتها يصر على أولوية الحافز األخالقي على الحافز المادي إذا أردنا حقاL بناء

مجتمع اشتراكي، لكنه طبعاL ال يقول بالحافز األخالقي حصراL: فنحن ال نرى كيف يمكن التوصل إلى هذا المجتمع االشتراكي إذا حرضنا لدى الناس الشهوات التي تقوم عليها الرأسمالية.

وليس هذا ما يقترحه تشي: "ال ننكر الضرورة الموضوعية للحافز المادي، لكننا نرفض فعالL أن نستخدمه كدافع أساسي" ("حول نظام الميزانية..."). وبالمقابل، ليس من الخيال في تشي، بل ال بد منه لهذا البناء الجديد أن نحفز اإلنسان إلى اتخاذ موقف جديد تجاه العمل")، موقف

الذي رأى بقلق تعارض العمل ،L. Felipe يتيح تطمين شاعر تشي المفضل، ليون فيليبه واللعب. فهل من الضروري أن نصر على االنفعال الذي نعانيه ونحن نرى هذا الرجل، هذا تشي

،Lللشاعر اإلسباني الكبير؟ إن ما لم ينسه تشي أبدا Lفي عمال مثاليين وينشد أبياتا Lيبدأ خطابا وهو غارق في عمله، أو في نظرياته، هو الغائية الحقيقية لثورة ما: خلق كائن بشري أفضل، "إنسان جديد"، حسب تعبيره هو. وإذا كان تشي يناقش قانون القيمة، وخطر البيروقراطية،

واإلطار الثوري، وصفات الشيوعي الشاب، وبناء الحزب، فهذه الفكرة هي التي تجوب شواغلهران لخدمة كلها. ما أهمية عنف العمل أو ضحالة الفكرة، فهذه أو ذاك، لدى الثوري، مسخ�

اإلنسان. وإذا كان األعداء يستطيعون طمس هذه الحقيقة، فإن واجب الثوريين، أن يرددوها.ويشرحوها

إن وزن هذا البناء، بناء العقل اإلنساني [ كتاب رأس المال] يبلغ حداL يجعلنا ننسى في الغالب" الصفة اإلنسانية (بالمعنى األفضل للكلمة) لقلقه... فاإلنسان هو الذي يهمنا اآلن... كان

"...ماركس يفكر بتحرير اإلنسان، وكان يرى الشيوعية حالL للتناقضات التي أنتجت انحطاطه وقد بلغ هذا الموقف الذي وقفه تشي تعبيره األصفى واألوضح في النص األخير الذي كتبه قبل

رحيله عن كوبا في الرسالة الرائعة التي وجهها إلى كارلوس كويجانو، مدير الصحيفة األسبوعية مارشا، والتي نشرت تحت عنوان "االشتراكية واإلنسان في كوبا": لقد كانت، بمقدار

ما، تلخيصاL، وحصيلة. وعندما نشر هذا النص في كوبا (وأذيع على نطاق واسع جداL) كان تشي.قد غادر البالد

يستحيل أن نتجنب في هذه الصفحات المسألة التي يطرحها كثير من الناس في العالم أجمعLوالمتعلقة بتشي: لماذا غادر كوبا؟ أعتقد أن على هذه المسألة أن تدخل في حسابها أمورا

عديدة: هي أن تشي فعالL أميركي – التيني، مثل الفنزويلي سيمون بوليفار،واألرجنتيني جوزيه دوسان مارتان، والدومينيكي ماكسيمو غوميز – أو المارتينيكي فرانتز فانون الذي كان تشي

يحبه كثيراL – الذين ناضلوا كلهم في سبيل بالد أخرى غير تلك التي ولدوا فيها، وغالباL في سبيل عدة بلدان، وأن كوبا هي واحدة من بلدان عديدة في أميركا الالتينية التي عاش فيها

تشي، وأن الثورة الكوبية هي إحدى ثورتين أمركيتين – التينيتين اشترك فيهما تشي (الثورة الثانية هي الثورة الغواتيمالية)، وأنه ما يزال في أميركا الالتينية – وفي العالم النامي بصورة

عامة – كثير من الثورات تنتظر التفجير. وأن هذه الثورات الجديدة التي تطالب الشعوب بها، عندما نزل الجيش المتمرد1959بإلحاح هي كالثورة الكوبية فصول لثورة واحدة. وفي عام

الجبال كان الناس البسطاء في كوبا مقتنعين أن تشي سينطلق بين لحظة وأخرى من

Page 7: حرب العصابات

لالشتراك في تحرير بلد آخر مستبعد. بيد أن الثورة الكوبية التي بدأت لتوها كانت بحاجة إليه لتوطيد كيانها. وكان آنذاك مثاالL للعامل المتفاني، وبطل البناء. وبعد ست سنوات، عندما

خاضت هذه الثورة معركتها األولى، وعندما عرفت جيرون، وتطهير إيسكامبري، وأزمة تشرين أول، عندما نظمت معاملها وأريافها على أساس اإلنتاج من أجل الشعب، اعتبر تشي أن هنالك

."أراضي أخرى في العالم" بحاجة أمس إليه إن أولئك الذين يتهمون الثوريين بأنهم تقييديون بشكل أعمى هم أول من يرفض عنصر

Lالحرية. والجدة، واإلبداع في التاريخ. فما أن رأوا تشي يغادر كوبا حتى نبشوا من القبر أزواجا شهيرة زعموا استخدامها لتجنب التفكير في ظاهرة لم يتوقعوها وفهم هذه الظاهرة،

فالعاطفيون أخذوا يتحدثون عن بوليفار وسان مارتان، وسي�ئو النية اقترحوا أسماء أخرى.. الحقيقة أن التاريخ يمتلك اآلن تشاركاL جديراL ال تستطيع التشاركات السابقة تفسيره بأي شكل

وال تستطيع رده إلى تبسيطات سابقة: إنه فيدل كاسترو وأرنستو غيفارا. وإنه ألمر رائع أن نرى كم يكمل هذان الرجالن أحدهما اآلخر: فمن جهة الهزة البركانية للرجل الذي يعتبره تشي ذاته "تلك القوة من قوى الطبيعة المسماة كاسترو روز" ومن جهة أخرى تلك الرغبة الجامحة لدى تشي في صنع المفاهيم. إن اللحظة التي تتداخل فيها هاتان الوظيفتان – واللحظة التي

نعيشها واحدة منهما – ليست أقل ما في هذا الحوار من جمال: فنحن نرى فيدل يثبت فكره ( وهذا يقوده إلى الدخول في مهاترات من أجل توضيح فكره) ألنه على وجه الضبط الزعيم

األول للثورة ونرى تشي يندفع في العمل، ليكون مرة أخرى، أميناL لنظريته. وهكذا يسعد الثورة األميركية – الالتينية الحالية أن يكون على رأسها رجالن يختفي لديهما التفرع الثنائي القديم

الرأس المفكر – والذراع المسلح، ويذوب في واقع جديد ملتهب. فلماذا قرر أحد الرجلين، ذاك الذي لم يولد في كوبا لكنه خدمها خدمة لم يؤدها إال القلة من الكوبيين، أن يعود من جديد إلى

القتال، في سبيل حرية أرض أخرى هذه المرة؟ إن القراء ال يملكون كما ال أملك أنا معطيات كافية لإلجابة. بيد أن الرجل الذي يستطيع التحدث عن هذا الموضوع، في الوقت األنسب: فيدل

كاسترو، قال في ختام مؤتمر القارات الثالث الذي يجسداL تجسيداL رائعاL المثل األعلى لفيدل:وتشي على السواء

إنضم إلينا الرفيق غيفارا عندما كنا منفيين في المكسيك. ومنذ اليوم األول لم تكن تفارقه" الفكرة التي عبر عنها بوضوح، وهي أنه عندما ينتهي الكفاح في كوبا، فإن عليه واجبات أخرىL بأننا لن نطلب منه البقاء يجب أن يقوم بها في أمكنة أخرى، ولقد قطعنا له على أنفسنا وعدا في بالدنا، من أجل أية مصلحة للدولة، وأية مصلحة قومية، وأي ظرف، ولن نمنعه من تحقيق

هذه الرغبة أو هذه الدعوة. وقد وفينا وفاء تاماL مخلصاL بهذا الوعد الذي قطعناه. للرفيق".غيفارا

 روبرتو فرناندزريتامار

1966الهافانا، تشرين األول  

  

مقدمة المترجمال، لم يمت غيفارا

 ...مات غيفارا

حين حملت أمواج األثير هذا النبأ األليم رفض الناس الطيبون في جميع أنحاء العالم، وبخاصة في تلك البلدان حيث يحتدم الصراع ضد االستعمار بمختلف األشكال، تارة بالحديد والنار كما في فيتنام أو الشرق األوسط أو بعض أقطار أميركا الالتينية، وتارة أخرى بمختلف الوسائل المتراوحة بين النضال الشرعي والنعف المتفاوت الشدة كما في كثير من البلدان اآلسيوية واألفريقية، رفض الناس الطيبون أن يصدقوا، ال، لم يمت غيفارا، وال يمكن أن يموت... إن

غيفارا أكبر من ذلك، أكبر من الموت، أكبر من أن يصرعه الرصاص الغادر يطلقه أعداء...الشعوب، أكبر من أن يسقط والرسالة العظيمة التي نذر لها نفسه ل�ما تتحقق

وكانت األنباء قد تواترت مرات عديدة قبل ذلك، تبثها مكاتب االستخبارات االستعمارية والعميلة، عن مصرع الثوري الكبير، لكنه سرعان ما يفتضح كذبها وبطالنها خالل ساعات معدودة أو أيام

قالئل... ما يمنع أن يكون الخبر كاذباL هذه المرة، رغماL عن تكاثر الدالئل على صحته؟ لكنه حين أعلن فيدل كاسترو، زعيم رفيق البطل الثائر الراحل وبل أقرب الرفاق إليه في النضال، من

، أن النبأ الفاجع صحيح1967راديو هافانا وتلفزيونها، ليلة الخامس عشر من تشرين األول بصورة أليمة، كان البد� للناس الذين يؤمنون بالحقيقة الواقعة أن يصدقوا، رغماL عن كل ما

يثيره هذا التصديق في قلوبهم من مرارة ولوعة وحزن. ولم تكن تلك هي المرة األولى التي.يتألمون فيها لفقدان رفيق بطل، كما أنها لن تكون المرة األخيرة

لم يكن غيفارا بطالL ألنه قارع الظلم بشجاعة فحسب، ألنه جابه أعداء الشعب ببسالة، وبعزيمة ال ترهب الموت وال تهاب التضحية مهما غلت، بل كان بطالL ألنه كان قبل كل شيء مثال الثوري

الكامل. كان مخلصاL لمثله األعلى حتى النهاية مقداماL ال يعرف التراجع، ذكياL يحذق سياسة

Page 8: حرب العصابات

األمور، متواضعاL ال يتسرب الخلل أو الهوى إلى نفسه، وكانت كبرياؤه الوحيدة هي الكبرياء الثورية، هذه التي تجعله قاسياL ال يرجم حيال أعداء الثورة وأعداء اإلنسان، وحيال جميع األشياء

أو األهواء التي تعارض الثورة أو تسيء إليها، لكنه في الوقت نفسه رفيق طيب ودود لجميع أولئك الذين يشاركون في الثورة، أو يتوقون إليها، أو يتعرضون للظلم واالضطهاد من أية جهة

كانت. ولعل هذا هو السبب في أن غيفارا كبر جداL في عيون الثوريين واألنصار، في كوباLب� بعض الناس أنه أضحى أسطورة، أو وهما نفسها وفي جميع البلدان األخرى، كبر حتى ح�س¬ يزعمون أن الثورة تنغذى به، وأنها ال تستطيع بدونه أن تستمر في البقاء. ال، إن غيفارا كبير

L بالثورة التي ال حدود ألن� إخالصه لمبادىء الثورة كان كبيراL، إن غيفارا كبير ألن إيمانه كان كبيرا لها وال وطن، الثورة التي ليست هي وقفاL على هذا البلد أو ذاك، وليست هي محصورة ضمن حدود هذا القطر أو ذاك، بل هي ثورة قائمة أبداL، متصلة دون انقطاع، ولن ينطفىء لها لهيب حتى تطهر هذه الكرة األرضية من كل رجس، وتطهر نفس اإلنسان من كل دنس، فتكون بذلك قد قضت قضاء مبرماL على العالم القديم واإلنسان القديم، ووضعت األسس المتينة الصلبة من

اجل بناء العالم الجديد واإلنسان الجديد. ولقد آمن غيفارا بهذه الثورة منذ تفتح وعيه على العالم، وظل وفياL لها حتى أغمض عينيه اإلغماضة األخيرة، وأنكر من أجلها طبقته وماضيه

والحياة الهانئة التي كان يمكن أن يحياها، وخل�ف ذلك كله وراء ظهره ليرتمي في حمأة.المعركة، وسالحه المادي ضعيف واه°. لكن سالحه الفكري والروحي جبار ال يقاوم

*    * كان أبوه مهندساL معمارياL أرجنتيني التبعة، أي من تلك الطبقة البرجوازية الميسورة التي يمكن

أن تتوفر لها جميع مسرات الحياة العصرية. ولقد أصيب أرنستو في طفولته األولى بمرض الربو، األمر الذي جعله موضع العناية الصحية الفائقة، هذه العناية التي تمرد عليها حين اشتد ساعده، فجعل يمارس مختلف ضروب الرياضة، حتى أشدها ارهاقاL، في محاولة للتغلب على

ذلك المرض الذي يفرض عليه بعض القيود. ولعل هذا هو السبب في تفضيله دراسة الطب على أية دراسة أخرى، ألن الطب فن يمكن أن يخل�ص اإلنسان من بعض القيود القاسية التي تفرضها

عليه الطبيعة المناوئة.بيد أن مطالعاته علمته في تلك األثناء أن ثمة قيوداL أقسى من سالسل المرض، ومن أكبال الظروف الطبيعية المناوئة، قيوداL مادية تئيد على السواد األعظم من

البشر، وقيوداL روحية تكبل نفوسهم وتنأى بهم عن الطبيعة اإلنسانية الحقيقية، قيوداL، طالعته من آالف عيون الناس البائسين الجياع، العاطلين عن العمل، الرازحين تحت نير الكبت

واالضطهاد، الطامحين إلى لقمة العيش وإلى الكرامة من وراء لقمة العيش. ولقد طالعه من قرار هذه العيون اليأس كله، والخوف كله، والذل كله، وطالعته في الوقت نفسه قوة ال تغلب،

قوة عاتية، جبارة، ساحقة، سوف يتحول إليها اليأس والذل والخوف ذات يوم، وعندئذ لن يعترض أحد أو مشيء سبيلها. أليس ذلك ما حدث دائماL في التاريخ، منذ أيام روما القديمة؟ أو ليس ذلك ما حدث مؤخراL في روسيا حيث انقلب الخوف واليأس والذل إلى تلك القوة الجارفة

التي اكتسحت عالم القياصرة العفن، وجعلت تبني على أنقاضه عالماL جديداL يبشر باألمل،وبالحرية، وبالكرامة وبالغد السعيد؟

وإن غيفارا ليشعر إذاL أن مكانه ليس في بيت أبيه، وال في عيادة يستقبل فيها المرضى كل  يوم، وال حتى في وطنه األرجنتين حيث ال يستطيع أن يعمل شيئاL في الوقت الحاضر. إن

"حياته تبدأ وراء الحدود"، ومكانه هو العالم الفسيح، وموطنه هو كل موضع في هذه الدنيا هذا هو في قلب تحول فيه اليأس والخوف والذل على قوة تناضل في سبيل حياة أفضل... و

المعركة، حيثما تحتدم، في تشيلي وفي كولومبيا، وفي بوليفيا وفنزويال، وفي غواتيماال حيث كان شعب صغير، رازح منذ مئات السنين تحت نير االستعمار واالستعباد واالستغالل، قد صنع

ثورة وهو يكافح عنها ضد قوى القارتين مجتمعة، وعلى رأسها الواليات المتحدة األميركية.واحتكاراتها الغاشمة

أجل، إن في قلبه ناراL تشتعل، تدفعه ألن يكون إلى جانب المظلومين، إلى جانب البائسين، إلى جانب المعذبين في األرض. وهذا ما يعبر عنه في رسالة إلى والديه كتبها مؤخراL: "وليس الحب الحقيقي الذي يرويني حب الوطن والزوجة واألوالد واألصدقاء، بل هو أكبر من ذلك كثيراL، فهو

الشعلة التي تحترق في باطن الماليين من بؤساء العالم المحرومين، شعلة البحث عن الحرية والحق والعدالة. إني أؤمن بأن النضال المسلح هو الطريق الوحيدة أمام الشعوب السامية إلى

التحرر. ويعتبرني الكثيرون مغامراL، وأنا مغامر حقاL، لكن من غير طراز أولئك المغامرين."المنساقين وراء نزوات فردية عابرة. وإني أضحي بكل شيء من أجل الثورة والنضال المتصل وهكذا، حين سقط النظام الشعبي في غواتيماال تحت الضربات االستعمارية المهيأة بكل خبث، غادر غيفارا إلى المكسيك، ملجأ جميع الثوريين في أميركا الالتينية، ومن هناك بدأت قصته مع فيدل كاسترو، واشتراكه في حملة غرانما التي نزلت على الشاطىء الكوبي، دوره في ملحمة

سييرا مايسترا التي انتهت إلى اسقاط نظام باتيستا الدكتاتوري وإقامة نظام شعبي ثوري.يسير بخطى حثيثة نحو االشتراكية

*    * يقول فيدل كاسترو في معرض حديثه عن أرنستو "تشي" غيفارا: "نحن الذين نعرف أرنستو

غيفارا بصورة وثيقة – وأقول "نعرف" ألنه ال يمكن قط الحديث عن أرنستو غيفارا بصيغة الماضي – ال بد لنا أن نقول إن لدينا خبرة عظيمة بخلقه ومزاجه. ومهما يكن من الصعب أن

نتصور أن مثل هذا الرجل، بمثل هذه السمعة وبمثل هذه الشخصية، قد قضى في معركة دارت بين دورية من المغاورين وقوات من الجيش النظامي، حتى إذا بدا ذلك أبعد ما يكون عن

Page 9: حرب العصابات

المنطق، فإننا نعرف أن ليس فيه شيء فوق عادي. ذلك أنه تميز دائماL، خالل كل الوقت الذيLعرفناه فيه، ببسالة عجيبة، بازدراء مطلق للخطر، فهو يصنع في جميع األوقات األشد خطرا واألعظم صعوبة األشياء األعظم صعوبة واألشد خطراL. هكذا كان سلوكه في مناسبات عديدة

أثناء نضالنا في سييرا ما يسترا، وفي الس فيالس، وكثيراL ما اضطررنا، بطريقة أو أخرى، إلى اتخاذ بعض التدابير من أجل حمايته، وقد عارضنا أكثر من مرة تنفيذ بعض األعمال التي كان

يريد انجازها، وذلك بقدر ما كنا نتبين فيه تلك الصفات الرائعة التي يتحلى بها المقاتل واإلمكانات المتوفرة لديه من أجل خدمة الثورة في واجبات أو مهمات ذات أهمية استراتيجية

.أعظم، بحيث كنا نحميه من خطر السقوط في معركة ذات أهمية أقل ولنعترف بأننا كنا نخاف دائماL من أن يقود هذا المزاج، هذه المبادرة الخاصة به، الحاصرة في"

جميع أوقات الخطر، إلى الموت في أية معركة. وما كان في قدرة أي إنسان أن يكون على يقين من أنه سيتخذ على األقل حداL أدنى من تدابير الحماية. وكثيراL ما كان يتقدم في طليعة

...دورية استكشافية عادية ولعله كان يفكر، وهو واع تماماL للرسالة التي أخذها على عاتقه وألهمية النشاط الذي يقوم" به، لعله كان يفكر – كما فكر على الدوام – بما للبشر من قيمة نسبية وما للقدرة من قيمة ال

..تدحض. كانت هذه األشياء تشكل جزءاL من شخصيته ولقد كنا نحب أكثر ما نحب أن نشاهده يتحول إلى صانع النتصارات الشعوب الكبرى باألحرى"

من أن يكون رائداL لهذه االنتصارات. لكن رجالL له هذا المزاج، وهذه الشخصية، وهذا الخلق، وهوLيملك على الدوام هذا االرتكاس حيال بعض الظروف، لمدعو من سوء الحظ ألن يكون رائدا

لهذه االنتصارات باألحرى منه صانعاL لها.. وإنه لمن المؤكد أن الرواد هم أيضاL صناع النصر، ومن.كبار الصن�اع فضالL عن ذلك: لكنه كان أقل الناس اهتماماL بذلك

وإنه لمنطقي أن يكون من المحال، بالنسبة إلينا جميعاL نحن الذين نكن له حباL عميقاL، أن" نرضى بأن نشاهده وقد انقلب إلى رائد فحسب، إلى قدوة ال نرتاب مطلقاL في أنه سيكون لها

وقع هائل. إنه لمنطقي أن يتألم كل كائن إنساني حين يتعرض مثل هذا الخلق وهذا الذكاء".وهذه االستقامة للدمار الحكمي

أجل، لقد كان غيفارا رائداL النتصارات الشعوب، وكان صانعاL لهذه االنتصارات في الوقت نفسه. وإن هذا اإلخالص الذي كان ينطوي عليه لمثله األعلى، وللهدف السامي الذي كرس نفسه من

أجله، هو الذي حمله على مغادرة كوبا، بعد ما تحقق الظفر فيها للشعب، كيما يذهب مرة أخرى إلى "ما وراء الحدود" إلى ميادين جديدة للنضال يواصل الرسالة التي يحملها. ولذا كان غيفارا قدوة، قدوة للثورة في كل مكان، قدوة لطالئع الشعوب المناضلة في كل صقع من أجل حقها

...في الحياة، من أجل مكانها الالئق تحت الشمس، من أجل غدها المشرق السعيد وإن هذه القدوة الرائعة، هذه القدوة التي هي ملء األبصار واألسماع واألفئدة، هذه القدوة

التي وضعها الثوار في كل مكان، في أميركا الالتينية وفي آسيا وإفريقيا، نصب أعينهم، هي بالضبط ما سعى المستعمرون وأجراؤهم، وال يزالون يسعون، للقضاء عليها. فمنذ غادر غيفارا كوبا جعلت المخبرات األميركية كلها البحث عنه والسعي للقضاء عليه، وكان العمالء في منظمة

الشعوب األميركية الخاضعة إلشرافها أدوات التنفيذ في هذه المؤامرة اإلجرامية. وإذا هم نجحوا أخيراL، بفعل المصادقات والخيانة، في القضاء على جسد غيفارا، فإنهم لن ينجحوا قط

.في القضاء على روحه، على عمله، على القدوة التي صنعها من أجل اآلخرين لقد كانوا يخافونه.. كانوا يخافونه حياL، وهو ال يبرحون يخافون اآلن، بعدما توصلوا إلى حذف

جسده. ولقد أشارت جميع األدلة إلى أن غيفارا وقع أسيراL، بعدما أصيب بجروح بليغة، وبعدما تعطلت بندقيته من جراء إصابتها بطلق ناري، في معركة جرت بين بضعة ثوار بوليفيين وقوات

نظامية تفوق األلف وخمسمائة جندي في عددها. وما كان يمكن ليغيفارا، كما يقول كاسترو، أن يستسلم حياL.. لكن رفاقه القالئل حين شاهدوه جريحاL، استماتوا في المقاومة وفي الدفاع عنه، فاستمرت المعركة بين هؤالء الرجال الستة عشر وقوات الجيش النظامي البوليفي قرابة

Lلكن غيفارا جرح جروحا .Lست ساعات، وهو شيء ال يمكن أن يحدث في حرب األنصار مطلقا بليغة بحيث ال يستطيع االنسحاب، وتعطلت بندقيته بحيث ال يستطيع أن يضع حداL لحياته بنفسه.

بيد أن الحكومة الدكتاتورية في بوليفيا، التي أسرته حياL، قد أجهزت عليه، وبعدما أجهزت عليه رفضت أن تسلم جثته ألخيه، كما رفضت أن تطلع كائناL ما عليها، أو على مكان وجودها. لقد

دفنوه في مكان مجهول، ولعلهم أحرقوا الجثة وذروا رمادها في الرياح، حتى يزيلوا من الوجود كل أثر له، فيما يعتقدون، فال يتحول قبره، في المستقبل، إلى محجة للثوريين في كل مكان،

إلى هيكل يقصده الناس الشرفاء من أنحاء المعمورة األربع، كي يعبروا عن جلهم وتقديرهم.واحترامهم للثائر الراحل، وعن حقدهم على القتلة وإدانتهم لهم

Lإن المستعمرين وأذنابهم، هؤالء يعرفون بغريزتهم أن التاريخ قد أصدر حكمه عليهم مسبقا على حد تعبير فيدل كاسترو، يخافون غيفارا حتى بعد وفاته، فهم يريدون أن يحرموا الحركة

الثورية – وبالخاصة في أميركا الالتينية – من الرمز، يريدون أن يطفئوا الشعلة، ويحسبون أنهم.بذلك يضربون الحركة الثورية ويزعزعونها

أال بئس ما يحسبون وما يخططون! إن الثوريين هم على الدوام أفضل الناس تأهباL لجميع الظروف وجميع التقلبات وجميع النكسات الممكنة. ولقد تميز تاريخ جميع الثورات وجميع الشعوب الثورية، في كل مكان وفي كل العصور، ببعض الضربات األليمة، وبعض النكسات اليسيرة، لكن الثوريين الحقيقيين كانوا يتغلبون دائماL على هذه النكسات وتلك الضربات،

ويواصلون الطريق بعزيمة أشد، وبتصميم أعظم على إحراز النصر. وإن الثوريين بالضبط هم

Page 10: حرب العصابات

وتقديراL لقيمة المبادىء الخليقة وقيمة القدوة الحسنة، وهم بالضبط أرسخ أكثر الناس معرفة الناس إيماناL بأعمال الرجال الحقيقيين ومبادئهم، وأعظم إدراكاL لما تتصف به حياة البشر

الحكيمة من زوال وما تتصف به أفكارهم وسلوكهم وقدرتهم من خلود... ذلك أن القدوة هي.التي ألهمت الشعوب طوال التاريخ وأرشدتها

ويقول فيدل كاسترو بالنص الواحد: "من ذا يستطيع أن ينكر شدة الضربة التي تعرضت لها الحركة الثورية من جراء موت تشي، ومن جراء انعدام إمكانية االعتماد على خبرته، وعلى

إلهامه وعلى قوة سمعته التي كان الرجعيون يرتعشون منها ذعراL! إنها ضربة شديدة، ضربة بالغة القسوة. لكننا على يقين مع ذلك من أنه أشد قناعة من أي إنسان آخر بأن حياة البشر

الحكمية ليست الشيء األهم، بل إن سلوكهم هو الذي يأتي في المرتبة األولى.. وهذا وحده هو"...ما يفسر ازدراءه المطلق للخطر، وهو الشيء الوحيد الذي يتالءم مع شخصيته ومع عمله

ولذا فإن الحركة الثورية، انطالقاL من هذه الحقيقة، ستعرف كيف تحول هذه القدرة إلى قوة ال.تقهر، وكيف تستلهمها لتسير قدماL إلى األمام، دونما تردد، وبصالبة أشد وعزيمة أمضى

ال، لم يمت غيفارا، بل هو حي في أفئدة جميع الثوريين، جميع الناس الطيبين، جميع الناس الشرفاء في سائر أنحاء العالم، وإن صرخته لتدوي في أسماع الجميع، هادرة، شاحذة الهمم،

:وحافزة إلى العمل المستمر ال يهمني أين ومتى سأموت، لكنه يهمني أن يبقى الثوار قائمين، يمألون ضجيجاL حتى ال ينام"

العالم بكل ثقله فوق أجساد البائسين والفقراء والمظلومين؟  

1967 / 11 / 22دمشق في الدكتور فؤاد أيوب

  

     

القسم األول 

المبادىء العامة لحرب الغوار 

   

جوهر حرب الغوار – 1[ لينحصر فقط في7لم يكن الظفر المسلح الذي أحرزه الشعب الكوني على طغيان باتيستا]

النصر الملحمي الذي سجله المراقبون في العالم أجمع، بل كان كذلك انقالباL في العقائدLالقديمة حول سلوك الجماهير الشعبية في أمريكا الالتينية. وقد برهن بشكل ملموس أن شعبا

.يستطيع، بالغوار، أن يتحرر من حكومة تضطهده ونحن نرى أن الثورة الكوبية قد رفدت الحركة الثورة في أمريكا بثالثة إسهامات إذ أثبتت ما

:يلي.أوال – تستطيع القوى الشعبية أن تكسب حرباL ضد الجيش النظامي

ثانياL – ال ينبغي االنتظار دوماL حتى تجتمع كافة الظروف للقيام بالثورة، إذ يمكن للبؤرة الثوريةر هذه الظروف الثورية .أن تفج�

.ثالثاL – ينبغي في األنحاء المتخلفة من أمريكا، اتخاذ الريف ميداناL أساسياL للنضال المسلح تتعارض النقطتان األوليان مع الموقف التري³ثي الذي يقفه ثوريون أو أشباه ثوريين ممن

يتذرعون لعطالتهم بدعوى أن شيئاL ال يمكن محاولته ضد الجيش النظامي، ناهيك عن أولئك الذين ينتظرون أن يلقوا كافة الظروف الموضوعية والذاتية وقد اجتمعت بصورة آلية، دونما اهتمام بتعجيلها. إن هاتين الحقيقتين اللتين ال مجال النكارهما قد غدتا واضحتين تماماL، إال

.أنهما قد نوقشتا في كوبا في الماضي وربما هما تGناقشان اآلن في أمريكا الالتينية ومن الطبيعي أن الحافز الذي تشكله بؤرة الغوار ال يكفي وحده الستجماع كافة الظروف

الالزمة للثورة. بل ينبغي االعتبار دوماL بأن إنشاء البؤرة األولى وتوطيدها يقتضيان حداL أدنى من الظروف المؤاتية. فينبغي إذاL أن يبرهن للشعب بوضوح تعذر االستمرار في النضال

المطالبي في إطار الشرعية. إن ما يخل بالسالم هو بالضبط أن قوى االضطهاد تحتفظ لنفسها.بالسلطة ضد الحق

Page 11: حرب العصابات

وسوف يجد استياء الشعب، في مثل هذه الظروف، تعبيراL عن ذاته يزداد قوة، وسيأتي الوقت[ من نضال يثيرها في األصل موقف السلطات8الذي تتبلور فيه المقاومة في نطفة] .

عندما تصل إحدى الحكومات إلى السلطة عن طريق استشارة شعبية، مزيفة أو غير مزيفة،[ ألن9وتحافظ ولو في الظاهر على الشرعية الدستورية، فإن بذرة الغوار ال يمكن أن تنتش]

.كافة إمكانات النضال الشرعي لما تستنفد بعد[. ويجب اعتباره تحذيراL للذين يستندون إلى10أما اإلسهام الثالث، فهو على الصعيد الريادي]

[، فيد�عون تركيز نضال الجماهير على الحركات المدنية، ناسين تماما11Lمقاييس عقيدية] Lمساهمة الفالحين العظيمة في حياة كافة البلدان المتخلفة من أمريكا. ليس األمر استصغارا لنضال الجماهير العمالية المنظمة، إنما هو تحليل إمكانانتا تحليالL واقعياL، في ظروف النضال

المسلح الصعبة، حيث تصاب الضمانات التي ترافق دساتيرنا عادة، بالتعطيل أو التجاهل. ينبغي عندئذ أن تغدو الحركات العمالية سرية وأن تواجه دون سالح أخطاراL هائلة في وضع عدم

الشرعية. أما في الريف، فالموقف ليس على ذات القدر من الصعوبة، ألن المغاوير المسلحين.يدعمون السكان، في أماكن يستحيل أن تطالها قوى القمع

سوف نتوسع في التحليل بدقة في ما بعد. ولنالحظ منذ اآلن في مطلع هذا الكتاب،.االستنتاجات الثالثة اآلنفة، التي تؤلف في رأينا، الشيء األساسي في مساهمتنا

تتصف حرب الغوار، أساس النضال الشعبي، بمميزات ووجوه متباينة جداL، وإن كانت تستمد دوماL من إرادة التحرر ذاتها. من الواضح – وقد قالها النظريون جيداL – أن الحرب تستجيب إلى

سلسلة معينة من القوانين العلمية، وأن من يخالفها يتحتم فشله. إن الغوار هو أحد أطوار[، وينبغي أن تحكمه قوانينها كافة، إال� أنه يشتمل إضافة، وبسبب طابعه12الحرب النهجية]

الخاص، على قوانين الحقة ينبغي الرضوخ لها. من الطبيعي أن تحدد الظروف الجغرافية واالجتماعية لكل بلد ما هي القوالب الخاصة التي ترتديها حرب الغوار فيه، غير أن هذه

.القوانين األساسية صحيحة لكل نضال من هذا النمط نقصد اآلن إلى إيجاد األسس التي يقوم عليها هذا النمط من النضال، والقواعد التي ينبغي أن تتبعها الشعوب الباحثة عن تحررها. إن مقصدنا هو تحويل الممارسة إلى نظرية واتسجالء بنية

.هذه التجربة وتعميمها لفائدة اآلخريندة، وفي خدمتها الجيش ينبغي أن نثبت أوالL من هم المقاتلون. إنهم من جانب، النواة المضطه¬¬

[. وتستطيع هذه النواة في حاالت كثيرة أن تعو�ل على13النظامي، حسن التجهيز والضباطة] د. ويقف في تأييد األجنبي وتأييد جماعات صغيرة من الموظفين الدائرين في فلك المضطه¬

الجانب اآلخر، سكان البلد أو المنطقة المعنية. ومن المهم مالحظة أن الغوار نضال جماهيري،[، الجماعة المسلحة الصغيرة، هي طليعته المقاتلة. وتمكن14نضال الشعب، وأن الغو�ارة]

قوتها في جمهور السكان. ال ينبغي اعتبار الغو�ارة اضعف عددياL من الجيش النظامي الذية نارها اضعف منه. لذلك ينبغي اللجوء إلى حرب الغوار لدفع االضطهاد، متى تقاتله، رغم أن قو�

.توفر تأييد غالبية السكان، مع كمية من األسلحة في منته الضآلة تتمتع الغوارة حينئذ بالتأييد الشامل من السكان المحلين وهذا شرط ال تقوم بدونه. يبدو ذلك واضحاL إذا أخذنا مثال عصابات قطاع الطرق التي تعمل في منطقة ما. لهذه العصابات كافة

مميزات جيش الغوار: التماسك، واحترام الرئيس، والشجاعة، ومعرفة األرض، وفي أحيانيالة] [الواجب اتباعها، وال ينقصها إال تأييد الشعب: فال مفر لهذه15كثيرة، تقدير جريء للص¬

.العصابات من أن تعزلها الضاب¬طة أو تبيدهايالة العمليات في حرب الغوار، وشكل الكفاح فيها، وبعد أن فهمنا أن الشعب بعد أن حل�لنا ص¬

هو مستندها، بقي أن نتساءل: من أجل ماذا يناضل المغاور؟ فنصل إلى النتيجة المحتومة وهيديه، أن المغاور مصلح اجتماعي، وأنه يحمل السالح استجابة الستنكار الشعب الكامن ضد مضطه¬

ل في الهوان والبؤس. إنه وأنه يقاتل لتغيير النظام االجتماعي الذي يبقي على إخواته العز�.يهاجم المؤسسات الخاصة بعصر معين، لكي يحطم بنيانها، بكل ما تتيح له الظروف من قوةيالة حرب الغوار بعمق أكبر، أنه ينبغي للمغاور أن يعرف األرض تمام سوف نرى متى حللنا ص¬

المعرفة، وكذلك مسالك القدوم واالنكفاء، وإمكانات المراوغة السريعة، وأمكنة االختباء، والتأييد الشعبي طبعاL. يدل كل ذلك على أن المغاور سوف يمارس عمله في بيئة ريفية قليلة السكان، وفي المكان المفضل لكفاح الشعب من أجل مطاليبه، كل ذلك في تطلع يكاد ينحصر

بتغيير البنيان االجتماعي لملكية األراضي. بعبارة أخرى، إن المغاور هو قبل كل شيء ثائر زراعي. إنه يترجم رغبة جماهير الفالحين الكبرى في امتالك األرض، امتالك وسائل إنتاجهم

ودوابهم وكل ما رغبوا فيه سنوات طواالL، وما يؤلف حياتهم كما يؤلف األرض التي سوف.يموتون فيها

النضال ينبغي التدقيق في أن ثمة نمطين مختلفين من حرب الغوار: أحدهما وهو حالة ذلك الذي يتمم عمل الجيوش النظامية الكبرى – مثل نضال األنصار االوكرانيين في االتحاد

السوفياتي، وال يتناوله تحليلنا. النمط اآلخر وحده هو الذي يهمنا: إنه حالة جماعة مسلحة تتقدم[ وحيد،16في النضال ضد السلطة القائمة، سواء أكانت استعمارية أم ال، وتستقر في مأرز]

وتنتشر في األوساط الريفية. ومهما كان البناء الفكري الذي يلهم النضال، فإن أمنية امتالك.األرض هي ما يؤلف أساسه االقتصادي

بدأت صين ماوتسي تونغ في الجنوب بنضال ن�و�ى عمالية منيت بالهزيمة وأشرفت على اإلبادة. إنها لم تترسخ وتشرع في سيرها الصاعد إال بعد المسيرة الكبرى في مقاطعة يون�ان، عندما

استندت إلى األرياف واعتمدت اإلصالح الزراعي أساساL لمطالبها. وكان نضال هوشي منه في

Page 12: حرب العصابات

الهند الصينية يستند إلى الفالحين زارعي األرز الذين يضطهدهم النير االستعماري الفرنسي، وأخذ هذا النضال يتقدم بمؤازرة هذه القوى حتى هزم االستعماريين. وفي كال الحالين، وعلى

الرغم من المعترضة التي شكلتها الحرب الوطنية ضد المعتدين اليابانيين، فإن األساس. وفي حالة الجزائر، فإن استثمار مليون االقتصادي، وهو النضال من أجل األرض، لم يختف¬

مستعمر فرنسي ألراضي الجزائر القابلة للزراعة كلها تقريباL، هو الملحق االقتصادي بالفكرة العظيمة للقومية العربية. وفي بلدان أخرى مثل بورتوريكو، حيث لم تسمح الظروف الخاصة

بهذه الجزيرة بنشوء حرب الغوار، فإن الروح القومي الذي يجرحه التمييز كل يوم أبلغ الجراح،[ في أحيان كثيرة) إلى األرض التي سلبه إياها17يقوم على تطلع الفالح (وإن تم استكداحه]

[ وكانت هذه الفكرة المركزية ذاتها، في ظروف مختلفة، هي التي تلهب18الغزاة اليانكي] صغار المالكين، والفالحين، والعبيد، في مزارع كوبا الشرقية، عندما تنادوا للدفاع معاL عن

[19حقهم في امتالك األرض إبان حرب التحرر ذات األعوام الثالثين] . وعلى الرغم من المميزات الخاصة التي تجعل من حرب الغوار نمطاL من الحرب محدداL بدقة،

[ ن° Gعن طريق تزايد20فإن هذه الحرب، بالنظر إلى إمكانات تطورها وتحولها إلى حرب تحاص ] الجماعة العاملة األصلية، يمكن اعتبارها نطفة أو شكالL بدائياL لحرب التحاصGن، وتتبع إمكانات

اتساع حرب الغوار وتحويرها وتحويلها إلى حرب تحاصن، وضوحاL، إلى إمكان هزم العدو في كل معركة تGخاض وكل قتال وكل مناوشة. إنه مبدأ أساسي، إذاL ال يGخاض غمار أي معركة أو قتال أو

[21مناوشة ما لم تكن مظفرة بالتأكيد. يقول تعريف سيىء النية إن "المغاور هو يسوعي] الحرب". يعني هذا أن العناصر الجوهرية في الغوار هي المفاجأة والخداع والعمل الليلي. واضح

أنه نوع خاص من اليسوعية، تسببه الظروف التي ترغم المرء أحياناL أن يتبنى سلوكاL يخالف.مفاهيم الرواء والمباراة الرياضية التي يريدون حملنا على االعتقاد أن الحرب تمارس وفقها الحرب هي دوماL صراع يسعى كل خصم فيه إلفناء اآلخر. وللوصول إلى ذلك يلجأ، إضافة إلى

.القوة، لكافة األساليب، كافة الحيل الممكنة[ أبداL إيضاح األهداف التي ارتسمها كل من الخصمين لنفسه،22وال تعدو الريادة والمهانة]

والوسائل التي يستعمالنها لبلوغ األهداف. وتشتمل هذه الوسائل على استعمال كافة نقاط الضعف لدى العدو. فإذا ما حل�ل المرء واحدة من حروب التحاصGن الحظ أن كل سرية فيها

مأخوذة على انفراد يتميز عملها بمميزات حرب الغوار ذاتها: تأثير المفاجأة، الخداع، العمل الليلي. وإذا لم تستعمل هذه الصيالة، فمرد ذلك إلى تعذر مداهمة األعداء الساهرين. ولما كانت

الغوارة بحد ذاتها جماعة مسلحة وإن ثمة مناطق واسعة ال يراقبها العدو، فيمكن إحداث تأثير.المفاجأة دوماL، ومن واجب المغاوير أن يفعلوا ذلك

اL بقولهم: "عض� واهرب"، وهو صحيح. عض واهرب، تري�ث، راقب، إنهم يصفون عمل المغاور ذم� عGدµ ثانية عض� واهرب مرة أخرى وهكذا دواليك، دون أن تترك للعدو راحة. يبدو في الظاهر أن

هذه التراجعات، هذا الرفض للقتال الجبهي، تؤلف موقفاL سلبياL، إال أنها في الواقع نتائج.الريادة العامة لحرب الغوار، التي تطابق غايتها النهائية غاية كل حرب: الظفر وإفناء العدو

من الثابت أن حرب الغوار تؤلف أحد أطوار الحرب، فال يستطيع هذا الطور وحده أن يؤدي إلى الظفر. إنه أحد األطوار األولى من الحرب، وسوف يتطور حتى يكتسب الجيش الثائر، إبان نموه

المستمر، مميزات جيش نظامي. يكون قد تهيأ عند ذلك ألن يكيل الضربات النهائية للعدو وأنارة واحدة، فالظفر سيكون دائماL من شأن جيش يظفر. فإذا كان النضال في البدء من شأن غو�

.نظامي ومثلما ينبغي في الحرب الحديثة، أن ال يموت اللواء قائد فرقة على رأس جنوده، ينبغي كذلك للمغاور الذي هو لواء نفسه، أن يصون حياته. إنه مستعد لعطائها، غير أن الوجه اإليجابي من

حرب الغوار هو بالدقة أن كل مغاور مستعد للموت ليس دفاعاL عن مثل أعلى، بل لتحويل المثل األعلى إلى حقيقة. هذه هي قاعدة نضال الغوار وعين جوهره: إنها المعجزة التي تجترحها

جماعة صغيرة من الرجل، وهم الطليعة المسلحة للجمهرة الشعبية الكبرى التي تؤازرهم، إذ يتطلعون إلى ما وراء الهدف الصيالي المباشر، ويجهدون بثبات لتحقيق مثل أعلى، لهدم

Lالبنيان القديم، إلقامة مجتمع جديد وإحقاق العدالة االجتماعية أخيرا. وإذا ما نظرنا لألمر من هذه الزاوية، فإن كل ما كان مدعاة ألحكام مشوبة بالذم، يستنير بنور جديد ويجد تبريره في عظمة الغاية التي يصبو إليها المغاوير. فليس في األمر وسائل ملتوية

لبلوغها. فهذا السلوك في النضال الذي يجب أن ال يخبو لحظة، وهذه الصرامة في مواجهة.المسائل الكبرى المرتبطة بالهدف النهائي، هما عظمة المغاوير

   

ريادة حرب الغوار – 2 يGقصد بالريادة، في االصطالح العسكري، تحليل األهداف التي يجب بلوغها،تبعاL لوضع عسكري

.عام، والوسائل المؤدية إلى هذه األهداف ولتقدير الريادة تقديراL صحيحاL، من وجهة نظر حرب الغوار، يلزم القيام بتحليل أساسي لسلوكLالعدو. فإذا ما اتضح أن الهدف النهائي للجيش النظامي هو إفناء القوى المعادية له، فإن حربا

أهلية من هذا النمط تمثل األمر لنا تمثيالL نهجياL ينبغي للعدو أن يعمد إلى إفناء كافة أعضاء

Page 13: حرب العصابات

للمغاور أن يحلل الوسائل التي يعتد بها العدو إلدراك الغوارة إفناءL شامالL. وبالمقابل ينبغي [، وتأييد شعبي، وتسلح،23هذا الحل، الوسائل التي يستطيع العدو اعتمادها من رجال، وجؤول]

Lط من اعتبارها أبدا وحسن قيادة ينبغي ان تتكيف ريادتنا باستنتاجات هذا التحليل، دون أن تGسق¬.أن الهدف النهائي هو إنزال الهزيمة بالعدو

ثمة أوجه أساسية ينبغي درساتها، مثالL: السالح، وكيفية استعماله، والتحليل المضبوط لدرجة فعالية دبابة أو طائرة في صراع من هذا النوع، والبحث عن معرفة أسلحة العدو وذخائرة وعاداته. فالسالح الموجود لدى العدو هو بالضبط منبع تموين الغوار وإذا أمكن االختيار،

فيسفضل نمط السالح الذي يستخدمه الجيش النظامي، ألن أكبر أعداء الغوار هو فقدان.الذخيرة، وهو ما ينبغي تداركه من العدو ذاته

بعد تحليل وتدريج األهداف التي يجب بلوغها، يلزم تحديد المراحل لتحقيق الهدف النهائي،ع بها، إال أنها تتعدل إبان الصراع وتتكيف بالظروف غير المتوقعة التي وهي مراحل يوضع توق�

.يحتمل نشوؤها،Lب�اد. من ثم ورويداGالشيء الجوهري بالنسبة للمغاور، في الطور األول، هو أن ال يدع نفسه ي

يزداد يGسراL ألعضاء الغوارة أو الغوارات المختلفة أن يتكيفوا بطراز الحياة هذا ويعتادوا الهروب بسهولة وتخليف القوى المرسلة في أعقابهم. بعد بلوغهم هذا الهدف، الذي يتم سوية مع

[ قوى24اتخاذ المواقع التي تعصم المغاوير من أن تطالهم يد العدو (أو مع النجاح في تأليب] ل� عزيمة العدو من أي هجوم)، ينبغي الشروع عندئذ بإضعاف العدو تدريجاL. أوالL في كافية لف�

أقرب األمكنة إلى مواضع المكافحة العنيفة ضد الغوار، ثم في أرض العدو، بمهاجمة مواصالته، وإرهاق مآر¬ز عملياته أو مآر¬زه المركزية، واإلكثار من التخريب جهد المستطاع، تبعاL للوسائل

.المتوفرة ينبغي الضرب باستمرار. يجب عدم ترك جندي العدو يغمض جفنه في منطقة العمليات. يجب مهاجمة المخافر وتصفيتها بطريقة منهجية. يجب إعطاء العدو االنطباع بأنه مطو�ق في كل

رة، وليالL في األرض المنبسطة أو سهلة المسلك ج¬ لحظة، ويتم ذلك نهاراL في األرض الوعرة الش� للدوريات. يقتضي كل ذلك تعاون السكان تعاوناL كلياL، كما يقتضي معرفة كاملة باألرض. يتبادر

هذان الشرطان إلى النظر في كل دقيقة من حياة المغاور. لذلك ينبغي إقامة مراكز دراسة لمناطق العمليات الحالية أو المستقبلة، والنهوض في الوقت ذاته بعمل جماهيري كثيف، مع

شرح دواعي الثورة وغاياتها، ونشر الحقيقة التي ال مراء فيها وهي أنه يستحيل، في النهاية،Lالظفر على الشعب. إن من ال يشعر بهذه الحقيقة المطلقة ال يمكن أن يكون مغاورا.

يجب في البدء أن يحمل هذا العمل محمل الكتمان. يجب أن يطلب من كل فالح من كل فرد من المجتمع الذي نعمل فيه، أن ال يبدي أي تعليق عما يرى أو يسمع. ويتم البحث في وقت الحق

عن مساعدة السكان الذين تتوافر أمتن الضمانات عن إخالصهم للثورة. ويGستخدمون من ثم في مهمات االرتباط ونقل البضائع أو األسلحة، ويفيدون كأد¬الء في المناطق التي يعرفونها. ويمكن

الوصول أخيراL إلى عمل جماهير سبق تنظيمها في مناطق النشاط، وتكون نتيجته النهائية.اإلضراب العام

اإلضراب عامل في المقام األول من األهمية في الحرب األهلية. لكن الوصول إليه يستلزم سلسلة من العوامل الثانوية. وهذه العوامل ليست حاضرة دائماL وال تتوفر بصورة عفوية إال في

L. ينبغي استحداثها بشرح دواعي الثورة، بالتدليل على قوة الشعب الحقيقية حاالت قليلة جدا.وإمكاناته

ويمكن االستعانة أيضاL بجماعات معينة، شديدة التجانس. فبعد أن تكون قد أثبتت فعاليتها فيL، تبدأ بأعمال التخريب. إنه سالح ماض آخر في حرب الغوار: يمكن به إنزال أعمال أقل خطرا

الشلل بجيوش كاملة، واالضراب في الحياة الصناعية إلحدى المناطق، وحرمان سكان مدينة من.العمل والماء والموصالت وإرغامهم على هجران الشوارع إال في ساعات معينة

فإذا ما تم التوصل إلى ذلك تدنت معنويات العدو أكثر فأكثر، ومعها معنويات وحداته المقاتلة،.وتماثلت الثمرة إلى النضج لقطافها في اللحظة المرغوبة

يفترض ذلك أن تكون األرض التي أدركها نشاط الغوار قد اتسعت سابقاL، لكنه ينبغي أال� يبالغ أبداL في توسيعها. يجب االحتفاظ دوماL بمأر¬ز عمليات قوي واالستمرار في توطيده طوال مدة

الحرب. يجب تلقين سكان المنطقة، واالحتراز من أعداء الثورة األل¬د�ة، واستكمال كافة الوسائل.الدفاعية البحتة، داخل هذه األرض، كالخنادق واأللغام والموصالت

واماL ذا شأن من سالح ورجال، عليها أن تجنح إلى تشكيل أرتال جديدة. ومتى بلغت الغوار ق¬ وعلى نحو ما يحصل في خلية النحل، حيث تنفصل ملكة جديدة في وقت معين، وتذهب في جزء

،Lمن الثول، فإن الخلية األم في الغوارة، مع أهم قائد فيها، تمكث في المنطقة األقل خطرا [ الذي وصفناه25بينما تتوغل األرتال الجديدة في مناطق عدوة أخرى، وفق النهوج] .

ويأتي وقت تصبح فيه األرض التي تحتلها األرتال المختلفة أصغر من أن تستوعبها، في حين.Lشديدا Lتوجه هذه األرتال قوى عاتية إبان تقدمها نحو المناطق التي يقبض عليها العدو قبضا في هذه الحالة، تتألب األرتال، وتكافح في جبهة متراصة، فإذا بها حرب تحاصن، حرب جيوش

نظامية، غير أن جيش الغوار القديم ال يستطيع االنفصال عن مأر¬زه. ينبغي عندئذ تشكيل أرتال غوارية جديدة وراء خطوط العدو، تنهج مثل سابقتها وتتوغل شيئاL فشيئاL في هذه المنطقة

.الجديدة حتى تسيطر عليها وبذلك نصل على مرحلة الهجوم، محاصرة المواضع، وإنزال الهزيمة بإمدادات العدو، نصل على

نشاط الجماهير المتزايد شد�ةL كل يوم في سائر أرجاء الوطن، وإلى هدف الحرب النهائي:

Page 14: حرب العصابات

.الظفر

    

صيالة حرب الغوار – 3.الصيالة هي الوسيلة العملية لمتابعة األهداف الريادية الكبرى

إنها متمم الريادة وهي، على نحو ما، وضعها موضع التنفيذ. فالوسائل الصيالية أكثر قابلية للتحول وأكثر مرونة بكثير من األهداف النهائية، وعليها أن تتكيف بكل واحد من ظروف

الصراع. وخالل حرب واحدة، توجد ثمة أهداف صيالية ثابتة وأخرى متحولة. وينبغي قبل كل.شيء مراعاة تصويب نشاط الغو�ارة على نشاط العدو

[ األساسية، وهو يسمح لها أن تصل بدقائق معدودة بعيداL عن26جؤول الغوارة هو مائزتها] مكان العمل، وإذا لزم األمر، أن تغدو في بضع ساعات بعيدة عن منطقة العمليات، فيتيح لها ذلك أن تغير جبهتها باستمرار وتتجنب كل تطويق. وحسب أطوار الحرب المختلفة، تستطيع الغوارة أن تمارس التراجع فقط لإلفالت من الطوق. التطويق هو الوسيلة الوحيدة إلرغام

Lالغوارة على خوض معركة حاسمة تكون غير مؤاتية لها على نحو بليغ. كما يمك�ن الغوارة أيضا أن تخوض قتاالت لتضاد التطويق: يدع فريق صغير من الرجال نفسه ليطوقه العدو في الظاهر،L. أو يGستخد�م الفريق الصغير من الرجال بينما يجد العدو نفسه فجأة وقد طوقته قوى تفوقه عد�ا

ن في موضع منيع، كطعم، بينما يتم تطويق وإبادة العتاد وكافة الجنود اآلتين لنجدة المتحص� الجيش النظامي. تسمى هذه الحرب الجائلة "مينويتو" تشبيهاL لها بالرقصة التي تحمل االسم

L إبان السير، واضعين خمسة أو ستة رجال في كل من ذاته. يحاصر المغاوير مثالL رتالL عدوا الجهات األربع، بعيدين عن بعضهم بعضاL بكفاية لكي ال يقعوا في التطويق. تباشر إحدى هذه

الزمر القتال. فيتركز الرتل العدو عليها تلقائياL. يتراجع هؤالء المغاوير وعندئذ، مع بقائهم في تماس بالعدو ويبدأ الهجوم ثانية من زمرة أخرى، فيجدد الجيش حركته السابقة ويتراجع

المغاوير ثانية. يمكن على هذا النحو دون خطر كبير، تجميد رتل عدو وجعله يستنفد كمية كبيرة.من الذخيرة وتحطيم معنوياته

تطبق المهانة ذاتها في الليل، لكن بمزيد من االقتراب، ومن الهجومية، ألن التطويق آنئذ أصعب. العمل الليلي هو مائزة هامة أخرى لحرب الغوار: إنه يسمح بالتقدم أقرب ما يمكن من

المواضع المزمع مهاجمتها، وبالتجول في المناطق غير المعروفة جيداL حيث توجد مخاطر الوشاية. من المفهوم، نظراL لقلة العدد، أن هذه الهجمات ال بد من وقوعها دوماL بالمفاجأة، وهذا ما يهب تفوقاL عظيماL ويتيح للمغاوير إنزال الخسائر بالعدو دون مقابل في صفوفهم.

ففي قتال يقف فيه مئة رجل في جانب وعشرة في الجانب اآلخر، ال يمكن أن تتعادل الخسائر. % من10خسائر العدو قابلة التعويض في كل لحظة، وهي، إذا استرسلنا في مثالنا، توافق

العدد. أما خسائر الغوارة فإن تعويضها يستلزم وقتاL أطول ألن المغاور جندي ذو تخصص عال. % من مجموع العدد10وخسارته تعادل

ال يGترك جندي ميت من الغوار أبداL طريحاL بسالحه وذخيرته، وما أثمنهما في النضال. إن واجب كل مغاور، عندما يصرع أحد رفاقه، هو أن يستعيد السالح والذخيرة. فالعناية التي تبذل

للذخيرة، والمدارة التي تحاط بها، هما بالضبط مميز آخر لحرب الغوار. فيمكن في قتال بين غوارة وقوة نظامية، تحديد هوية الطرفين من طريقتيهما في إطالق النار: تركيز كبير للنار

.لدى الجيش النظامي، ورمي متباعد ودقيق لدى المغاوير وقد حدث أن أحد أبطالنا، وهو متوفى اآلن، قد استعمل رشاشه حوالي خمس دقائق دون

ات، فاختلط األمر على قواتنا من جراء هذه الوهازة] [ في الرمي التي27مباعدة بين الرش� حملتهم على الظن أن ذلك الموضع المفتاح قد سقط في أيدي العدو. إنها إحدى المناسبات

LL ألهمية النقطة المدافع عنها .النادرة التي لم نحاول فيها توفير الذخيرة، نظرا هناك مائزة جوهرية أخرى للمغاور، هي قابليته للتكيف بكل الظروف ولتحويل كل الحوادث

العارضة إلى عناصر مؤاتية. فالمغاور، إزاء جمود طرائق القتال النهجية، يرتجل صيالته في كل.لحظة من النضال ويفاجىء العدو باستمرار

إن مواضع المغاور هي مطاطة قبل كل شيء. إنها نقاط محددة ال يستطيع العدو أن يجوزها، ونقاط إلهاء. كثيراL ما تالحظ الدهشة تعتري العدو عندما يتبين له، من بعد تقدمه بانتظام

دGماL. مرد ذلك إلى أن المغاوير Gواجتيازه المعاثر بسهولة، أنه قد أوقف فجأة وتعذر عليه السير ق يتخذون مواضع ال تGن�ال، إذا ما أتيح لهم إجراء دراسة جدية لألرض. ليس المهم هو عدد

المهاجمين، بل المهم عدد المدافعين. فإذا كان عددهم كافياL أمكنهم أن يقوموا كتيبة، والنجاح حليفهم في أغلب األحيان، إن لم نقل دائماL. إن مهمة القادة الكبرى هي الحكمة في اختيار

.المكان والزمان اللذين يمكن الدفاع فيهما عن أحد المواضع حتى النهايةهانة الهجوم هي األخرى بالنسبة للغوارة: يبدأ الهجوم مفاجئاL، حانقاL، ال يرحم، ليتجمد تختلف م¬ بغتة في سلبية مطبقة. يتماثل من بقي حياL من األعداء إلى االطمئنان، ظناL منهم أن العدو قد

انقلع، فيرتاحون ويعودون إلى حياة منتظمة داخل الثكنة أو المدينة المحاصرة، فإذا بهجوم جديد ينفجر، في نقطة أخرى، متصفاL بالموائز عينها. هذا في حين تقبع معظم قوى الغوارة

Page 15: حرب العصابات

تراقب نجدات العدو المحتملة. وقد يGشن هجوم عنيف أحياناL على مخفر يحرس حياL فيسقط بين.أيدي المغاوير. المفاجأة والسرعة هما الشيء الجوهري في الهجوم

L. ينبغي التمييز بوضوح بين التخريب كوسيلة ثورية إن أعمال التخريب ذات أهمية عظيمة جدا عالية النجاعة وبين اإلرهاب وهو وسيلة يغلب عليها عدم النجاعة بصورة عامة وهي ذات نتائج ال

يمكن التنبؤ بها، وكثيراL ما تحدث ضحايا بين الناس األبرياء، وتكلف عدداL كبيراL من األرواح المفيدة للثورة. يمكن اعتبار اإلرهاب وسيلة مقبولة إذا استخدم لمعاقبة قائد مرموق من قوى

االضطهاد، إشتهر ببغيه وبفعاليته في القمع وعGرف أن ثمة فائدة في إزالته من الوجود. ولن.يلجأ أبداL إلى إعدام أفراد قليلي األهمية، يستتبع موتهم مزيداL من القمع

هناك نقطة يختلف حولها كثيرون في تقدير اإلرهاب. يعتبر بعضهم أن مجرد إثارة االضطهاد المباحثي واستمضائه يعيق كل اتصال علني إلى حد ما – أو نصف سري – مع الجماهير، فيجعل إعادة تأليب الجماهير مستحيلة، من أجل اعمال تضحى ضرورية في حينها. هذا صحيح بحد ذاته.

ولكنه يتفق خالل حرب أهلية، ولدى سكان معينين، أن يكون القمع قد بلغ مبلغاL من الشدة ينتفي معه في الواقع أي نوع من األعمال الشرعية. يستحيل العمل الجماهيري عندئذ ما لم

يكن مدعوماL بالسالح. ينبغي إذاL إعارة اهتمام كبير ألختيار الوسائل التي ستت�بع، وتحليل النتائج المؤاتية التي يمكن أن تجرها هذه الوسائل على الثورة. فالتخريب، بكل حال، هو دوماL من

ن استعماله. يجب عدم استخدامه لتعطيل وسائل إنتاجية تدع قطاعاL من أمضى األسلحة إذا أGحس¬ السكان مشلوال، أي تحدث البطالة، دون أن تشل حركة المجتمع المنتظمة. بعبارة أخرى، فمن

[، بينما يكون تخريب مركز كهربائي ناجعاL ومنصوحا28Lالمضحك مثالL تخريب معمل للمرطبات] .به

ففي الحالة األولى يحصل ترحيل بضعة عمال، لكن ذلك ال يغير مجرى الحياة الصناعية في شيء. أما في الحالة الثانية، فيحصل ترحيل العمال أيضاL، إال� أنه يجد تبريره الكامل في الشلل

.التام لحياة المنطقة. سوف نعود في ما بعد إلى م¬هانة التخريب الطيران سالح ذو حظوة في الجيش، لكن ليس له عمل حقيقي في الطور األول من حرب الغوار، عندما يكون الرجال قلة مبعثرة في منطقة وعرة. يغدو الطيران ناجعاL عندما يخرب بصورة منهجية وسائل الدفاع المنظمة والمرئية، وليس هذا واقعاL في نمط حربنا. إنه ناجع

أيضاL أثناء سير األرتال، في األرض السهلة أو رديئة الوقاية، ولكنه يمكن استبعاد هذه المسألة بسهولة بإجراء السير ليالL. إن النقل، على الطرق أو على السكك الحديدية، هو إحدى نقاط

ضعف العدو. يستحيل عملياL مراقبة طريق أو سكة حديدية متراL متراL. يمكن وضع شحنة كبيرة[ عليها، فتحدث29من المتفجرات في أي مكان، فتعطل السبيل، أو تنفجر عند مرور ناقلة]

.باإلضافة إلى تعطيل السبيل خسارة كبيرة في الرجال والعتاد مصادر المتفجرات متنوعة جداL: يمكن استقدامها من الخارج، واستعمال القنابل التي أطلقها

العدو ولم تنفجر، أو صناعتها في معامل خفية داخل منطقة الغوار. والم¬هانات المتبعة.لتفجيرها متنوعة أيضاL. وتتعلق صناعة المتفجرات كذلك بظروف الغوارة

كنا نصنع في معاملنا البارود ونستخدمه كمتفجر، وقد اخترعنا عدة أجهزة لتفجير هذه األلغام في الوقت المرغوب. كانت أفضل النتائج تحصل من األجهزة الكهربائية. إال� أن أول لغم فجرناه كان قنبلة ألقتها طائرات العدو، وقد حشوناها بمتفجرات مختلفة. أسن¬د�ت هذه القنبلة ببندقية

.ربط بزنادها مرس. فلما مرت مدرعة عدوة شددنا المرس ففجرت الطلقة القنبلةهانات إلى حد بعيد، وقد علمنا أنهم في الجزائر مثالL يستعملون حالياL ضد يمكن إتقان هذه الم¬

الحكم االستعماري الفرنسي، ألغاماL مسيرة عن بعد تنفجر على مسافة كبيرة من نقطة.إطالقها بالالسلكي

إن االختباء في الدروب لتفجير األلغام ثم إبادة من يبقى حياL هو مهانة عظيمة المردود للتمون بالسالح والذخيرة، ألنه ال يبقى للعدو وقت الستخدامها وال للهروب، فيمكن بلوغ نتائج ذات

Lشأن باستعمال ذخيرة ضئيلة جدا. تضطر هذه األعمال المرهقة العدو إلى تعديل صيالته. وسوف يطفق يجري تنقالته بأرتال آلية

حقيقية وليس في ناقالت منفردة. إال� أنه يمكن، إذا أحسن اختيار األرض، الوصول إلى ذات النتيجة، بتقطيع أوصال الرتل وتركيز القوى على ناقلة واحدة منه. ينبغي في هذه الحالة عدم

التجاوز عن العناصر الجوهرية لصيالة حرب الغوار: المعروفة الكاملة باألرض، ومراقبة سبل التمل�ص وكافة الدروب الثانوية، ومعرفة سكان المنطقة وحيازة تأييدهم الكامل من أجل

L، التفوق العددي التموين والنقل وإيواء الرفاق الجرحى خفيةL، بصورة مؤقتة أو دائمة، وأخيرا.في نقطة معينة، وقابلية عظيمة للجؤول، وتوفر االحتياطات

فإذا ما اجتمعت كل هذه الشروط، أعطى الهجوم المفاجىء على سبل مواصالت العدو نتائج.ذات شأن

يؤلف الموقف الواجب التزامه تجاه بني اإلنسان كافة عنصراL جوهرياL في صيالة الغوار. إن كيفية معاملة العدو هامة بحد ذاتها: يجب أن يكون الهجوم صارماL ال هوادة فيه، ومثله الموقف

إزاء كافة العناصر الحقيرة التي تتعاطى الوشاية والغيلة. إال أنه ينبغي التوسع في الرحمة جهد المستطاع إزاء الجنود الذين يذهبون للقتال قياماL – أو ظناL منهم أنهم يقومون – بواجبهم

العسكري. ال أسرى عند عدم وجود مآر¬ز عمليات كبيرة أو أمكنة منيعة. يجب عندئذ إعادة الحرية إلى الباقين أحياء، ومعالجة الجرحى منهم بكافة الوسائل الممكنة. يجب أن يرتكز السلوك نحو السكان المدنيين على احترام كبير لكافة تقاليد وعادات أهالي المنطقة، للتدليل العملي على

د. وفي ما عدا حاالت خاصة، ينبغي عدم إجراء تفوق المغاور أخالقياL على الجندي المضطه¬

Page 16: حرب العصابات

.العدالة مجراها دون إعطاء المذنب إمكان الدفاع عن نفسه

    

الحرب في األرض المؤاتية – 4 قلنا في ما سبق إن نضال الغوار لن يجري دائماL في األرض األكثر مؤاتاة لتطبيق صيالة الغوار.

إال� أن الصيالة العامة يجب أن تكون هي هي دائماL، قائمة على المسل�مات األساسية لحربرة أو الوعرة، أو الغوار، عندما يوجد الفريق المغاور في مناطق صعبة المسالك، كالجبال الشج¬

[30القفار الممتنعة على السير، أو المرازغ] . النقطة المهمة هي: كيف العثور على التماس بالعدو؟ كيف األشتباك به؟ فإذا كانت المنطقة متاهة للجيش النظامي مناوئة له لدرجة أنه ال يستطيع دخولها ينبغي أن تتقدم الغو�ارة حتى

.المناطق السالكة بالنسبة للجيش النظامي، حيث يمكن القتال ومتى انقضى الطور األول، ومذ أن تؤمن الغوارة أودها، عليها أن تقاتل. عليها لهذه الغاية أن

تخرج باستمرار من ملجئها، لكن ليس لزاماL أن تكون عظيمة الجؤول كما في األرض غير المؤاتية لها. يجب أن تتكيف بظروف العدو، لكنها ال تحتاج أن تتنقل كما في األراضي التي

يستطيع العدو أن يحشد فيها سريعاL عدداL كبيراL من جنوده. وال يتحتم أن تكون العمليات ليلية. وفي حاالت كثيرة، يمكن القيام بالعمليات نهاراL، وال سيما التنقل. يتعلق كل ذلك طبعاL بيقظة

العدو، براL وجواL. ويمكن أن يطول أمد القتال، وال سيما في الجبل. ويمكن القيام بقتاالتح جداL أن يGستطاع منع وصول نجدات العدو إلى ميدان طويلة األمد بعناصر ضئيلة، ويGرج�

.العملياتL. إال� أن مصاعب العدو في تلقي إن مراقبة المسالك هي قاعدة ال يجوز أن ينساها المغاور أبدا

النجدات هي بالذات ما يزيد من هجومية المغاور، إذ يستطيع أن يدنو من العدو أكثر، وأن يهاجمه بمزيد من المباشرة، وأن يقاتله جبهياL وألمد أطول. يتعلق كل ذلك طبعاL بظروف شت�ى،

Lبكمية الذخيرة مثال. وعلى الرغم مما للحرب في األرض المؤاتية، وال سيما في الجبل، من حسنات عديدة، ثمة

محذور يعتريها هو كونها ال تسمح باالستيالء بعملية واحدة على كمية كبيرة من السالح والذخيرة، ألن العدو يتخذ احتياطات في مثل هذه البقاع (ينبغي أال� ينسى المغاور أبداL أن العدو

هو مصدر تموينه بالسالح والذخيرة). وبالمقابل، فإن الغوارة تستطيع أن تستقر في هذه األرض وتتحضر بسرعة أكبر منها في األرض غير المؤاتية، لتنشىء مأر¬زاL مركزياL قادراL على

االضطالع بحرب التحاصن. إنها تستطيع أن تقيم في هذه األرض المنشآت الصغيرة التي تحتاج إليها، وأن تحميها بالشكل المالئم من أذى الطيران والمدفعية بعيدة المدى، كالمشافي ومراكز

.التعليم أو التدريب، باإلضافة إلى المخازن ووسائل النشر... إلخ وتستطيع الغوارة في هذه الظروف أن تزيد من قوامها وتستطيع أن تضم رجاالL ال يقاتلون،

وحتى أن تسدي التدريب للذين سوف يستلمون السالح الذي سوف يقع بين أيديها في.المستقبل

يتبع عدد الرجال في الغوارة الواحدة لمقاييس مرنة، وفقاL للمكان، وسهولة التموين، وفراردين جماهيرياL من المناطق المجاورة، وتوفر السالح، وحاجات المنظمة ذاتها. الناس المضطه�

.ورفد المقاتلين الجدد هو بكل حال مما يسهل كثيراL عملية التحضر يمكن أن يتسع قطر نشاط غوارة من هذا النمط بقدر ما تسمح بذلك عمليات الغوارات األخرى

في المناطق المجاورة. غير أن هذا القطر يحد منه الزمن الالزم للذهاب من مكان عملية إلى منطقة آمنة. فإذا حسبنا أن المسير ال يجوز إال� ليالL، لن تستطيع الغوارة أن تقوم بعملية على أبعد من خمس أو ست ساعات من نقطة أمانها األدنى. وتستطيع زمر صغيرة من المغاوير أن

.تنتشر طبعاL، منطلقة من منطقة األمان هذه، وتستشري تدريجياL في المنطقة المجاورة إن األسلحة ذات المدى البعيد واالستهالك القليل من الذخيرة هي المنصوح بها لهذا النمط من

الحرب. وتدعم بمجموعة من األسلحة ذاتية الحركة أو نصف ذاتية الحركة. ومن جملة البنادق والرشيشات المتوفرة في السوق األمريكية الشمالية، تجدر التوصية بصورة خاصة بالبندقية م –

السماة "غاراند"، التي ينبغي أن يستعملها أناس على جانب من الخبرة، إذ من محاذيرها أنها1 تستهلك كثيراL من الذخيرة. ويمكن في األرض المؤاتية استخدام أسلحة نصف ثقيلة مثل

الرشاشات ذات المنصب الثالثي، التي توفر لسدنتها مجال أمان أكبر. ب�يµد� أنه ينبغي أن تكون.دائماL أسلحة للدفاع وليس للهجوم

واألمثل، من أجل غوارة قوامها خمسة وعشرون رجالL، هو وجود عشر إلى خمس عشرة بندقية من ذات الطلقة الواحدة، وحوالي عشرة اسلحة ذاتية الحركة، تتدرج من "الغاراند" إلى

المسدسات الرشاشة، تدعمها أسلحة ذاتية الحركة خفيفة وسهلة الحمل، مثل الرشيشات" وهما أحدث نمطاL. ومن بين المسدسات14"براونينغ" أو الـ"ف. أ. ل." البلجيكية والـ"م.

مم هي المفضلة ألنها تسمح بنقل مزيد من الذخيرة. وكلما كان صنعها9الرشاشة، فإن ذات أبسط كلما زاد النصح بها لسهولة تبديل قطعها في هذه الحالة. وبكل حال، ينبغي أن يكون

التسلح مماثالL لتسلح العدو إذ أن الذخيرة التي يستخدمها هو، هي التي سوف نستخدمها نحن

Page 17: حرب العصابات

متى وقعت أسلحته في أيدينا. وتهمل على وجه العموم األسلحة الثقيلة التي يمكن أن يستخدمها العدو فالطيران ال طائل له، النعدام الرؤية لديه، والدبابات والمدافع ال كبير جدوى

.منها لصعوبة التوغل التي تعترضها في هذه المناطق التموين أمر عظيم األهمية. فللمناطق الوعرة، على العموم، وبحكم وعورتها محاذير، إذ أن

الفالحين (وبالتالي التموين المباشر بالمنتجات الزراعية واللحم) فيها قليلو العدد. والجتناب فترات الضيق المزعج، ينبغي االحتفاظ بطرق مواصالت مستقرة إلمكان التعويل باستمرار على

.حد أدنى من الزاد مخزون في أمكنة احتياطية وتقل عموماL في منطقة العمليات هذه إمكانات التخريب الواسعة النطاق. فهذه المنطقة،

بحكم قلة مسالكها، تقل فيها األبنية والخطوط الهاتفية وأنابيب المياه التي يمكن إلحاق األذى.بها بالعمل المباشر

ويكون من المهم للتموين توفر بعض الدواب، وأكثرها مالءمة هو البغل، نظراL لوعورة األرض. (و ينبغي توفر مراع تسمح بتغذية مناسبة). يستطيع البغل أن يجتاز أراض غاية في الوعورة،

حيث يتعذر المرور ألي دابة أخرى. وفي حاالت الصعوبة القصوى ينبغي اللجوء على النقل على ظهور الرجال. يستطيع كل فرد أن ينقل حمالL زنته خمسة وعشرون كيلوغراماL لعدة ساعات

.في اليوم، ولعدة أيام وينبغي أن تتضمن طرق المواصالت مع الخارج سلسلة من المحطات حيث يقوم أناس حائزون

الثقة الكاملة، على تخزين البضائع وخبء عمال االرتباط. كما يمكن إنشاء طرق مواصالت داخلية يتعلق اتساعها بدرجة النمو التي بلغتها الغوارة وكنا قد استطعنا في بعض المناطق،

حيث أقيمت جبهات عمليات الغوار في كوبا، إنشاء طرق وخطوط هاتفية طولها عدة كيلو.مترات. وكان لنا على الدوام جهاز من الرسالء يغطي المناطق كافة، في أقصر وقت ممكن

وثمة وسائل ارتباط أخرى لم يستخدمها الغوار في كوبا، مثل إشارات الدخان والمرايا العاكسة.للشمس، الحمام الزاجل

ينبغي أن يعنى المغاوير بصيانة األسلحة والذخائر، وفوق كل شيء، أن تكون لهم أحذية جيدة. إنها ضرورة حيوية. وهي ما ينبغي أن تستهدفه الجهود األولى في العمل الحرفي لديهم. لن

تكون المعامل في البدء، إال� منشآت لتسكيف األحذية العتيقة. ومن ثم، إبان تنظيم العمل، يمكن إنشاء عدة ورشات تستطيع إنتاج األحذية بمعدل يومي حسن. إن صناعة البارود بسيطة

نوعاL ما، ويمكن إنتاج الكثير منه إذا وجد معمل صغير وإذا جلبت العدة الالزمة من الخارج. تؤلفL بالغاL للعدو. فإذا ما انفجرت في آن واحد مساحات كبيرة ملغومة، األراضي الملغومة خطرا

.أمكنها إزهاق مئات الرجال

    

الحرب في األراضي المجافية – 5 ينبغي أن تتوفر كافة الشروط األساسية لحرب الغوار، من أجل االحتراب في هذا النوع من األرض، القليل الوعورة، الخالي من الغابات، وذي طرق المواصالت العديدة. وطرائق الحرب

وحدها هي التي سوف تتغير. ينبغي ان يكون الجؤول فائقاL في هذا النمط من الغوار. فالضربة التي تكال، واألفضل في الليل، ينبغي أن تكون غاية في السرعة، شبه صاعقة. وليس على الغوارة أن تنسحب بسرعة فقط، بل أن تبلغ أيضاL مأر¬زاL جديداL، غير مأر¬ز انطالقها، وأبعد ما

.يكون عن مكان االشتباك، متذكرة أنه ليس ثمة مالذ ينأى عن قوات القمع يستطيع الرجل أن يقطع في ليلته بين ثالثين وخمسين كيلو متراL ولكنه يستطيع أيضاL أن يسير في ساعات النهار األولى، إال� إذا كانت مناطق العمليات غير تابعة تماماL لحمى الغوارة وإذا كان

أهل المحلة يشكلون خطراL باحتمال إفشائهم وضع الفرقة والجهة التي اتجهتها إلى الجيش المعادي. ففي هذه الحال يفضل دائماL العمل ليالL، في صمت مرين قبل العمل وبعده، ويتم

اختبار الهزيع األول من الليل للقيام بالعمل وهنا أيضاL قد تتكشف الحسابات عن خطأ إذ يمكن وجود حاالت تفضل فيها ساعات الفجر. ال يجوز بأية حال تعويد العدو على شكل محدد من

.الحرب، بل ينبغي تنويع األمكنة والساعات وطرائق العمل باستمرار ذكرنا آنفاL أن العمل ال يمكن أن يكون طويل األمد، بل سريعاL وبالغ الفعالية يدوم بضع دقائق،

ويعقبه االنسحاب فوراL. ال تكون األسلحة المستعملة في هذه الحالة مثلها في األرض المؤاتية،ر أكبر عدد من األسلحة ذاتية الحركة: ففي الهجمات الليلية ليست الدقة هي ويفضل توف³

[، كلما ازداد31العامل الحاسم، بل تركيز الرمي. فكلما كان رمي األسلحة ذاتية الحركة أكثب] .احتمال القضاء على العدو

ثم إن انفجارات األلغام في الطرقات وهدم الجسور هي عوامل رئيسية. تكون الهجمات أقصر وأقل تواتراL، ولكن يمكن أن تكون عنيفة جداL. وتستخدم أسلحة مختلفة مثل األلغام السابق

وصفها وبارودة الصيد. بارودة الصيد سالح فتاك للناقالت المكشوفة المستخدمة لنقل الجنود، أو للناقالت ذات الغشاية التي ليس لها حماية خاصة، كالشاحنات مثالL. والبارورة ذات الفشك

[ فعالة للغاية. ليست سالحاL خاصاL بالغوار، فهي تستخدم ايضاL في32المحشو بالخردق الغليظ] الحروب النهجية، وقد كان لألمريكيين سرايا من المشاة ذات بنادق رفيعة الجودة مجهزة

Page 18: حرب العصابات

.بحراب، لتطهير مالجىء الرشاشات ثمة مسألة هامة هي مسألة الذخيرة. إنها تغنم من العدو دائماL تقريباL. ال ينبغي كيل الضربات إال�

حيث يتم التأكد تماماL من إمكان تعويض الذخيرة المستعملة، إال إذا توفرت مخزونات كبيرة مخبوءة في حرز أمين. بعبارة اخرى، ال يسوغ شن هجوم على جماعة من الرجال إذا كلف ذلك كل الذخيرة المتوفرة، دون إمكان تعويضها. ينبغي دائماL، في صيالة الغوار، أن يحسب الحساب

للمسألة الخطيرة التي يشكلها التموين بالعتاد الحربي، وهو الجوهري لمتابعة النضال. ينبغي إذاL أن تكون األسلحة مماثلة ألسلحة العدو، باستثناء المسدسات والبنادق التي يمكن الحصول

.على ذخيرتها في المدينة أو في منطقة الغوار ذاتها يجب أال يتجاوز قوام غوارة من هذا النوع عشرة او خمسة عشرة رجالL. ويكون في غاية األهمية

أن يؤخذ بالحسبان دوماL تحديد قوام الوحدة المقاتلة: فيمكن لعشرة أو أثني عشر أو خمسة عشر رجالL أن يختبئوا في أي مكان، وهم يكافحون العدو بمقاومة فعالة متعاونين فيما بينهم.

وربما كان أربعة أو خمسة غير كافين. أما إذا تجوز العدد العشرة، يتفاقم كثيراL إمكان تحديد.موضعهم من جانب العدو إبان السير أو في مأر¬زهم

ازة سير تذكروا أن سرعة الغوارة إبان السير تساوي سرعة أبطأ رجالها. ويصعب إيجاد وه� واحدة لدى عشرين أو ثالثين او أربعين رجالL، أكثر منه لدى عشرة. وينبغي أن يكون مغاور

السهل إطالقاL، عد�اءL سريعاL، فينبغي أن تتجلى في السهل ممارسة مبدأ "إضرب واهرب" بأكمل تعبير لها. ولغوارات السهل محذور بالغ هو إمكان تطويقها بسرعة، وافتقارها لحروز أمينة

تستطيع أن تبدي منها مقاومة فعالة. فعليها بسبب ذلك أن تعيش في خفاء مطلق إبان جزءL تاماL. إن أعمال كبير من الطور االبتدائي، فال تستطيع أن تثق بأي جار لم تختبر أمانته اختبارا

قمع العدو تبلغ على العموم مبلغاL من العنف والوحشية، وتصيب ليس رب األسرة فقط، بل النساء واألطفال في أحياء كثيرة بحيث يمكن أن تحدو بهم إلى "التخاذل" وإعطاء المعلومات عن مكان وجود الغوارة وطرائق عملها، مما يسبب تطويقاL ذا نتائج مزعجة دوماL وإن لم تكن

مميتة بالضرورة بالنسبة للغوارة. وينبغي أن تنشط الغوارة متى سمح التموين بالسالح أو حالة الشعب الثورية بزيادة عدد الرجال. وتستطيع الغوارات المختلفة، إذا لزم األمر، أن تجمتع في

وقت ما لكيل ضربة هامة، لكن بحيث تعود لتو�ها تنقسم إلى جماعات صغيرة من عشرة إلى.خمسة عشر رجالL تتبعثر باتجاه مناطقها المعتادة

يمكن تنظيم جيوش حقيقية، ذات قيادة واحدة تحوز االحترام والطاعة، دون االضطرار إلى البقاء في جماعة واحدة. وهذا ما يولي أهمية عظمى النتخاب قائد الغوارة، إذ ينبغي التأكد من

أن هذا القائد سيكون مسؤوالL كلياL من الناحية الفكرية والشخصية، أمام أعلى قائد في.المنطقة

البازوكة هي أحد األسلحة التي يمكن استخدمها في الغوار. إنها سالح ثقيل، عظيم الفائدة نظراL لسهولة نقله واستعماله. ويمكن أن يستعاض عنه إذا اقتضى األمر، بالرمانة ضد الدرع. البازوكة طبعاL سالح يغنم من العدو: إنه سالح أمثل للرمي على الناقالت المدرعة، والناقالت

غير المدرعة المحملة بالجنود ولالستيالء بسرعة على مراكز عسكرية صغيرة ذات حاميات قليلة.مامات، إذ تشكل هذه لكنه ينبغي التنويه بأنه يتعذر لرجل واحد أن يحمل أكثر من ثالث ص¬

Lبالغا L .لوحدها مجهودا وفي ما يتعلق باألسحلة الثقيلة التي تغنم من العدو، ينبغي االجتهاد لعدم إضاعة أي منها. ب�يµد�

، يمكن إذا ما غنمت،50أن بعض هذه األسلحة، مثل الرشاش المنصوب والرشاش من عيار استخدامها بشيء من عدم االكتراث لخسارتها: فلن نقاتل في ظروف مجافية لنا، ذوداL عن

رشاش ثقيل أو سالح من هذا القبيل، بل سيستخدم بكل بساطة حتى اللحظة التي يتحتم فيها تركه في موضع ما. كان التخلي عن سالح في حربنا التحررية يشكل جنحة خطيرة ولم يصدف

بل العذر الذي نوهنا عنه. غير أننا نلحظ ذلك، مؤكدين على هذه الحالة الفريدة التي ال Gقط أن ق يكون فيها التخلي عن السالح مدعاة للنقد. إن سالح المغاور في األرض المجافية، هو سرعة

.رميه إذا كانت منطقة ما سهلة المسلك، فهي على العموم مأهولة وتصادف فيها كثافة فالحية كثيرة. يتأتى هذا الواقع بشكل ملموس مع إمكانات التموين. فبتوفر أناس موثوقين، ذوي

صالت مع مراكز توزيع المؤن، تستطيع الغوارة أن تقوم بأودها، دون تخصيص الوقت والمال إلقامة خطوط التموين الطويلة المحفوفة بالخطر. ويحسن بالمرء التذكر أنه كلما كان عدد

باك النوم والبطانيات الرجال صغيراL كلما تأمن الغذاء بسهولة. والمؤن الجوهرية، مثل ش¬[ واألحذية واألدوية والغذاء، متوفرة في المنطقة مباشرة ما33واألقمشة الكتيمة للماء والكل¬ل]

.دامت هي حاجات شائعة االستعمال لدى السكانL إذ يمكن االعتماد على عدد أكبر من الرجال ومن خطوط وتضحى الموصالت أسهل كثيرا

الموصالت، إال أن األمان الضروري لنقل الرسائل إلى نقطة بعيدة يتضاءل، إذ يلزم هذه الحالة عدد من عمال االرتباط يقتضى الوثوق بهم. ويبقى احتمال القبض على أحد هؤالء الرسالء

الذين يجوبون المناطق العدوة باستمرار، خطراL دائماL. فإذا لم تكن الرسائل غاية في األهمية، يفضل استخدام الصيغة الشفهية. أما إذا كانت بالغة األهمية، فينبغي كتابتها بالرمز. وقد أثبتت

Lتاما Lن يشوه كل مخابرة تشويهاGذGالتجربة أن النقل الشفهي من فم إلى أ. ولهذه األسباب ذاتها تفقد الصناعات من أهميتها. ولن يستطاع إنشاء معامل لألحذية أو السالح. ويجب االقتصار عملياL على ورشات صغيرة حسنة التمويه، حيث يمكن إعادة حشو فشك البنادق،

وصنع نمط ما من األلغام وقطع من السالح وكل ما يحتاج إليه في الحال. وبالمقابل، يمكن

Page 19: حرب العصابات

.االعتماد للقيام باألعمال الضرورية، على كل الورشات الصديقة في المنطقة نصل إلى النتيجتين اللتين تنتجان منطقياL مما أسلفنا. النتجية األولى هي أنه، في إطار حرب

ر عكساL مع درجة تطور المنطقة المعنية. فالمرافق تدفع اإلنسان الغوار، تتناسب شروط التحض³ إلى التحضر، ولكن العكس هو الذي يحدث بصدد الغوار: فكلما القى المغاور رفاهاL أكبر أصبحت

حياته أقل ثباتاL وأكبر بداوة. إن عنوان هذا الفصل هو بالضبط "الحرب في األرض المجافية" ألن كل ما هو لحياة اإلنسان وما ينتج عنه من مواصالت، ومراكز مدينة، أو نصف مدنية،

وتجمعات السكان الكبرى، واألراضي التي يسهل شغلها باآللة، كل ذلك مما يجافي وضع.المغاور

والنتجية الثانية: إذاكان الغوار يستلزم بالضرورة عمالL جماهيرياL هاماL، فإن هذا العمل يزداد أهمية في المناطق المجافية، حيث يمكن لهجوم واحد من العدو أن يسبب نكبة. ينبغي ههنا أن

تكون الدعاية مستمرة لتحقيق وحدة العمال والفالحين وسائر الطبقات االجتماعية في المنطقة، للتوصل إلى جبهة داخلية متجانسة تماماL ومتفقة مع المغاوير. والنظر إلى هذا العمل

الجماهيري الدائب بصفته العامة كعالقات بين الغوارة وبين سكان المنطقة، ال يجيز نسيان الفردية لعدو مكابر ينبغي إزالته بال ندم إذا ما شك�ل خطراL. وينبغي أن تكون الغوارة صارمة بهدا

.الصدد. فال يمكن بقاء أعداء داخل منطقة العمليات، في أماكن غير أمنية

    

الحرب في المناطق المدنية – 6 إذا ما صار األمر في مرحلة معينة من حرب الغوار، إلى مهاجمة المدن، بعد التوغل في الريف

.المجاور على نحو يتيح إنشاء الغوارات فيه بشيء من األمان، يلزم عندئذ تزويدها بتنظيم خاص ينبغي التنويه بأن الغواراة ال يمكن أن تنشأ عفوياL في منطقة مدنية. لن تقوم إال بعد أن تنشأ

بعض الشروط الضرورية لوجودها. يشير هذا الواقع من ذاته إلى أن الغوارة في ضاحية المدينة توضع مباشرة تحت إمرة قادة موجودين في منطقة أخرى. على أن وظيفتها لن تكون القيام

بمعمل مستقل، بل على العكس، تقع في نطاق مخططات ريادية محددة سلفاL. وستكون وظيفتها هي ردف عمل جماعات أكثر أهمية في منطقة أخرى، واإلسهام في نجاح فكرة

صيالية معينة، دون أن تبلغ اتساع عمليات الغوارات غير المدنية. لن تستطيع غوارة في منطقة مدنية أن تختار بين تخريب المواصالت أو القيام باالغتياالت أو مداهمة دورية جنود على طريق

نائية، بل سوف تقوم بما يطلب منها بالضبط، فإذا كان دورها هو قطع األعمدة، أو األسالك الكهربائية، أو الخطوط الحديدية أو أنابيب المياه، فعليها االقتصار على تنفيذ هذه المهمات

.بدقة ينبغي أال� يتجاوز قوامها أربعة أو خمسة رجال. إن هذا التحديد هام ألنه ينبغي اعتبار الغوارة

في ضاحية المدينة قائمة في أرض° تبلغ مبلغاL استثنائياL من المجافاة لها. فالعدو هنا بالغ اليقظة. وتزداد إمكانات التنكيل والوشاية إلى حد عظيم. وثمة ظرف مشد�د لصعوبتها، إذ ال ينبغي نسيان أن الغوارة في ضاحية المدينة ال تستطيع االبتعاد عن مواضع عملياتها. فإلى

سرعة عملها وتنقلها ينبغي أن يضاف االبتعاد الضئيل نسبياL عن مكان العمل. فهي غوارة ليلية بالدرجة األولى. ولن تستطيع تعديل عملها ما لم يسمح تقدم الثورة بمحاضرة المدينة واشتراك

.الغوارة في الحصار كمقاتلة عاملة ينبغي أن تكون الصفات الجوهرية لدى هذا المغاور: مزيداL من الضباطة عما لدى المغاوير

اآلخرين إذا كان ذلك ممكناL بعد، والكتمان. ولن يستطيع التعويل إال� على بيتين أو ثالثة بيوتولن يكون. صديقة إليوائه. إنه على مثل اليقين من أن التطويق في هذه الظروف يعدل الموت

السالح مثله لدى الزمر األخرى. سوف تكون أسلحة دفاعية فردية يمكن إخفاؤها وال تعميق هروباL سريعاL. لن يكون لدى الزمرة إال بندقية واحدة أو اثنتين في الحد األقصى (أو بنادق

.مقصورة القناة)، ولدى أعضاء الزمرة مسدساتجاءL، ضد فرد أو اثنين من جيش المعادي، أو ضد دائرة استخبارات. Gلن تتم أية محاولة هجوم إال� ف

.وسوف يركز العمل على التخريب المنظم،Lوأدوات لرفع السكك، وأخيرا Lمناشير، ديناميت، معاول ورفوشا :Lهاما Lويسلتزم التخريب عتادا

L آلياL مناسباL للمهمات المطلوبة، مخبوءاL في حرز أمين، إال أنه في متناول اليد عند تجهيزا.الحاجة

وإذا وجدت أكثر من زمرة واحدة، فسوف ترتبط جميعاL بقائد واحد، يوجه كل المهمات الضرورية بواسطة عمال ارتباط مدنيين موثوقين كل الثقة. يستطيع المغاور في بعض الحاالت أن يحافظ على العمل الذي كان يزاوله زمن السلم، ولكنه أمر عسير جداL. سوف تكون الحرب في ضواحي

المدن عملياL واقع فريق من الرجال قد لزموا االختفاء، منظمين مثل الجيش، وموجودين في.الظروف المجافية لهم كما وصفناها

Lجيدا Lإال� أنه في غاية األهمية. إن عمال ،L لقد أبخس النضال في المنطقة المدنية قدره كثيرا واسع النطاق يشل الحياة التجارية والصناعية في القطاع شالL شبه تام ويضع السكان كافة في وضع من عدم االطمئنان والقنوط والقلق بحيث يتمنون حوادث عنيفة للخروج من هذا اإلنتظار.

Page 20: حرب العصابات

فإذا ما جرى التفكير بالمستقبل منذ ابتداء الحرب، وتم تكوين اختصاصيين لهذا النمط من القتال، فسوف يتم ضمان عمل أكثر سرعة بكثير، وبالتالي اقتصاد ثمين لألمة في األرواح

.والزمن      

القسم الثاني 

الغوار

    

1- Lاجتماعيا Lالمغاور مصلحا لقد حددنا وضع المغاور في ما سبق: إنه رجل يندمج بإرادة الشعب التحررية، ومتى استنفدت الوسائل السلمية، فهو يطلق العنان للنضال فيغدو الطليعة المسلحة للسكان المقاتلين. إنه

يدخل النضال وفي نيته هدم النظام الظالم، ويتطلع أيضاL، بكثير أو قليل من التأكيد، إلى.استبدال النظام القديم بشيء جديد

لقد أكدنا أن الريف في أمريكا الالتينية وفي كافة البلدان المتخلفة تقريباL، هو الذي يشكل ميدان النضال األمثل، في الظروف الراهنة. لذا فإن أساس المطاليب االجتماعية التي سوف

.يثيرها المغاور سيكون تغيير بنية الملكية الزراعية سيدور النضال إذاL باستمرار تحت اإلصالح الزراعي. ويمكن في البدء أال� تكون أهداف هذا

اإلصالح وحدوده محددة تماماL، وأن يقف عند رغبة الفالح، القائمة منذ قرون خلت، في امتالك.األرض التي يشتغلها أو التي يرغب في اشتغالها

تتعلق شروط تحقيق اإلصالح الزراعي بالشروط القائمة قبل بدء النضال وباالتساع االجتماعي لهذا النضال. إال� أن المغاور، بصفته عنصراL واعياL من الطليعة الشعبية، ينبغي أن يكون سلوكه األخالقي بحيث يستوثقه خادماL حقيقياL لإلصالح الذي ينشده. فإلى الشدة الكراهية الناجمة عن

شروط الحرب القاسية، ينبغي أن يضيف الشدة الناشئة عن الرقابة الصارمة على النفس، التيLتقاوم كل غلواء، كل جنوح يمكن أن تستدرجه الظروف. ينبغي أن يكون المغاور ناسكا.

أما العالقات االجتماعية، فسوف تتغير مع تطور الحرب. ففي البدء، ال يزال المغاوير مستجدين، فلن يستطيعوا ولن يحاولوا حتى تغيير أي شيء في البنيات االجتماعية المحلية. أما البضائع

.التي ال يستطيعون تأدية قيمتها، فسوف يشترونها لقاء سندات تسدد في أول فرصة سانحة ينبغي أن يساعد المغاور الفالح دوماL، م¬هانياL واقتصادياL ومعنوياL وثقافياL. ومنذ لحظات الحرب األولى سيكون حاضراL دوماL لمساعدة الفقير، مع فرض أقل قدر ممكن من اإلزعاج للغني. إال�

أن األمور تأخذ مجراها، وتزداد التناقضات حدة، وسوف يأتي وقت يأخذ فيه كثيرون ممن كانوا، وسوف يخطون خطوتهم ينظرون إلى الثورة بشيء من العطف يقلبون لها ظهر المجن�

األولى في الصراع ضد القوى الشعبية. في هذه اللحظة ينبغي أن ينقلب المغاور فيغدو حامل راية قضية الشعب، ويعاقب كل خيانة. وفي منطقة القتال، تقصر الملكية الخاصة على حدود

وظيفتها االجتماعية: أي أن األرض الفائضة والدواب غير الضرورية لعائلة غنية تنتقل إلى أيدي.الشعب وتوزع بالعدل

ويحق للمالك الذي يحل هذا المصير بأرزاقه أن يتقاضى تعويضاL وينبغي احترام هذا الحق. إال� أن[ عند الكالم عن هذا34التسديد يتم بسندات ("سندات األمل"، كما دعاها استاذنا اللواء بايو]

)النوع من اإلقرار بالدين . وتنتقل أراضي وأمالك وصناعات أعداء الثورة البارزين والمباشرين فوراL إلى أيدي القوى

الثورية، وينبغي اإلفادة من مناخ الحرب، من هذه اللحظات التي تبلغ فيها األخوة اإلنسانية.أسمى قيمتها، البتعاث كل نمط من العمل التعاوني يمكن أن تتقبله ذهنية المنطقة

Lال يكتفي المغاور، المصلح االجتماعي، بأن يضرب المثل بسلوكه، بل ينبغي أن يسدي توجيها فكرياL مستمراL، بفضل معارفه، وأمانيه، والتجربة التي يكتسبها خالل شهور الحرب أو سنواتها.

إن هذه التجربة تفيد الثوري إذ تنير مفاهيمه بقدر ما يتأكد له بأس السالح، وبقدر ما يعي ظروف أهالي المنطقة. يدرك الثوري عندئذ األساس الحق والضرورة الحيوية لكثير من

التغييرات التي كان يرى أهميتها النظرية فيما مضى، ولكنه غالباL ما لم يفطن لطابعها العملي.المل¬ح

يكثر هذا الموقف نظراL ألن بادئي حرب الغوار وقادتها ليسوا أناساL ينوءون كل يوم بفالحةراح] [، إنهم رجال يفهمون ضرورة تغيير وضع الفالحين االجتماعي ولكنهم لم يتألموا،35الق�

في جملتهم، من شرور حالة الفالح. فيحصل عندئذ – وأتكلم ههنا عن التجربة الكوبية – تفاعل

Page 21: حرب العصابات

حقيقي بين أولئك القادة الذين يعل�مون الشعب، بالوقائع، أهمية النضال المسلح األساسية، وبين الشعب ذاته الذي يكبر شأنه إبان النضال، ويGري القادة بدوره ما هي الضرورات العملية.

[ تدريجي يقوي الموائز الثورية للحركة36ومن هذا التفاعل بين المغاور وشعبه ينشأ تجاذر] .شيئاL فشيئاL، ويعطيها بGعدها القومي

   

2- Lالمغاور مقاتال تتطلب حياة المغاور ومميزاتها التي رسمنا معالمها باقتضاب، مجموعة من الشروط الجسمية

.والعقلية واألخالقية ليتكيف المرء بهذه الحياة وينجز المهمات التي تقتضيها بنجاح وأول سؤال يتبادر هو اآلتي: ماذا يGطلب من المغاور؟ ينبغي اإلجابة أوالL أنه يGفض�ل أن يكون

المغاور من أهالي المنطقة. إذ يكون له في محلته عالقات يمكنه االتصال بها مباشرة، ويكون عارفاL بهذه المنطقة إذ هو منها. (إن معرفة األرض هي أحد العوامل الهامة في نضال الغوار).

ويستطيع أن ينجز عمالL أفضل العتياده مواجهة صعوبات منطقته. ويضيف إلى ذلك الحماس فيماه الخاص أو في النضال لتغيير النظام االجتماعي الذي يGسيء إلى عالمه الدفاع عن ح¬

.الشخصي المغاور مقاتل ليلي: نقصد بذلك أنه يجوز كافة الصفات الالزمة للعمل الليلي. ينبغي أن يكون

ماكراL، وأن يسير في الوهاد واألنجاد إلى مكان القتال دون أن يشعر أحد بتنقالته، وينقض� على العدو باستعمال المفاجأة، فهي عنصر رئيسي في هذا النمط من الحرب. ينبغي له أن يفيد من الذعر الحاصل، فيلقي بنفسه في القتال جامحاL، ال يحتمل أدنى توان لدى رفاقه، مستفيداL من

أدنى معالم الوهن لدى العدو. يصل المغاور كاإلعصار، يهدم كل شيء، ال رحمة لديه إال� ما تمليه الظروف، يقتل عند االقتضاء، ويزرع الرعب بين المقاتلين األعداء. إال� أنه في آن، يعامل

ل بالحسنى، ويحترم الموتى .المهزومين العز� الجريح حرام، وينبغي معالجته على أحسن وجه ممكن – إال� إذا أدانته حياته الماضية باإلعدام –

فيجرى به المقتضى في هذه الحالة. إن ما ال يسوغ عمله أبداL هو أصطحاب أسير عندما ال يتوفر بعد مأرز متين يمتنع على العدو: يغدو هذا األسير عندئذ خطراL على أمن السكان المحليين وعلى تشكيلة الغوار ذاتها، بسبب المعلومات التي يمكن أن يقدمها إذا ما عاد إلى فرقته

.األصلية. فإذا لم يكن مجرماL، أطل¬ق سراحه بعد توبيخه ينبغي أن يجازف المغاور بحياته كلما لزم ذلك، وأن يكون مستعداL ليجود بها دون تردد في

ض نفسه بال ضرورة. ينبغي اتخاذ اللحظة المطلوبة. لكن عليه أن يكون حذراL في آن واال� يعر� كافة االحتياطات الممكنة الجتناب النهاية غير الموفقة أو الهالك. لذلك يهم جداL في كل قتال، أن تراقب كافة النقاط التي يمكن أن يتلقى العدو النجدات منها. ويمكن بذلك اجتناب التطويق

أيضاL، فهو نكبة مادية بالغة الخطورة، إال� أنه نكبة معنوية أشد خطورة، إذ يGفقد اإليمان.بمستقبل النضال

Lأن يحل�ل الخطر وإمكانات العمل ببرود، أن يكون جاهزا ،Lد� أنه ينبغي أن يكون المغاور مقداماµب�ي دوماL التخاذ موقف متفائل مهما كانت الظروف، أن يجد مخرجاL موفقاL، حتى في اللحظات التي

.ال تترك فيها المقارنة بين العناصر المؤاتية والمجافية له غير أمل ضئيل ولكي يفوز المغاور بالحياة، ينبغي أن يثبت قدرة كافية على التكيف ليستطيع االندماج بالبيئة

التي يعيش فيها واستخدامها إلى الحد األقصى حليفة له. ثم ينبغي أن يكون حاد� اإلدراك، ذا.قدرة عفوية على اإلبداع، تسمح له باتخاذ القرارات في غمرة العمل

إن قدرات التكيف واإلبداع هذه لدى الجيوش الشعبية تGفشل كل حسابات أمراء الحرب وتكبح.جماحهم

ال يسوغ للمغاور في أية حال أن يترك رفيقاL جريحاL إلى رحمة جنود األعداء إذ أن مصيره شبه المؤكد هو الموت. يلزم إبعاده عن مناطق القتال مهما كلف األمر، لنقله إلى حرز أمين،

وينبغي احتمال أشد المتاعب لهذه الغاية ومعاناة أعظم المخاطر: فيجب ان يكون جندي الغوار.رفيقاL ال يضارع

Lوهو باإلضافة إلى ذلك، أبكم. كل ما يقال أو يجري أمامه ال يعرفه غيره. ال يسمح لنفسه أبدا بكلمة زائدة، حتى مع رفاقه في القتال، فالعدو سوف يحاول باستمرار أن يدخل رجاله إلى

.قلب تشكيلة الغوار، للتعرف إلى مخططاتها وإلى أماكن ووسائل الحياة التي تستخدمها وباإلضافة إلى الصفات األخالقية التي ذكرناها، ينبغي أن يتمتع بعدد من الصفات الجسمية

ساL ثانياL" عندما يبدو أنه بلغ من اإلعياء مبلغاL ال L. ينبغي أن يكون غير تعوب، فيجد "ن�ف� الهامة جدا يطاق. فكل حركة من حركاته بطولية تخرج من أعماق إيمانه، فترغمه على أن يخطو خطوة

أخرى، لن تكون هي األخيرة، إذ يفوز بأخرى، ثم أخرى، وأخرى، باستمرار إلى أن يبلغ المكان.الذي حدده القائد

ينبغي أن يستطيع معاناة األلم إلى أقصى حدوده، فيحتمل ليس فقط حرمان الغذاء، والماء والثياب، والمأوى، الذي يتعرض له كل آن، بل يحتمل األمراض والجراح أيضاL. وكثيراL ما ينبغي

اح، بفعل الطبيعة وحدها، وال بد أن يكون األمر كذلك ألنه يغلب أن تندمل الجراح دون تدخل الجر�.لمن يغادر منطقة الغوار للمعالجة، أن يغتاله العدو

Page 22: حرب العصابات

ولكي يحقق هذه الشروط ينبغي أن يتمتع المغاور أيضاL بصحة من حديد، تسمح له باحتمال كل الخطوب دون أن يصيبه مرض، كما تسمح له بالتعافي إبان حياة الوحش الطريد هذه، حتى

.يغدو، إذا أمكنني القول، جزءاL ال يتجزأ من األرض التي يقاتل عليها، بفعل من التكيف الطبيعي تحدو بنا كل هذه االعتبارات إلى التساؤل: ما هي السن المثلى للمرء لكي يكون مغاوراL؟ يصعب

جداL تدقيق حدود السن. ثمة مائزات اجتماعية أو فردية من شتى األنواع يمكن أن تغير منها. فسوف يكون الفالح مثالL أجلد كثيراL من ابن المدينة. والمدني الذي اعتاد التمارين الجسمية

والحياة الصحية سيكون أفعل بكثير من رجل قضى عمره كله خلف المكتب. إال� أنه يمكن القول بإيجاز إن السن القصوى للمقاتل، في مرحلة البداوة التامة من الغوار، ال ينبغي أن تتجاوز

األربعين، مع بعض استثناءات قليلة تصادف خاصة لدى الفالحين. لقد التحق أحد أبطال نضالنا،[ وله من العمر خمس وستون، وكان من أكثر37هو المقدم كريشنثيو بيريز، بالـ"سييرا"]

الرجال فائدة في الجيش. ونستطيع التساؤل هل ينبغي أن ينتمي أعضاء تشكيلة مغاورة إلى فئة اجتماعية معينة. وقد قيل إنه ينبغي أن تتفق فئتهم االجتماعية مع فئة المنطقة التي تختار مركزاL للعمليات، أعني أن تكون النواة المقاتلة فالحية. الفالح هو وضوحاL أفضل جندي، لكن هذا

ال يعني أنه ينبغي نفي عناصر السكان اآلخرين وحرمانهم من فرصة النضال في سبيل قضية.عادلة. وفي هذا الصدد أيضاL ليس من قاعدة ال استثناء لها

لم نحدد بعد السن الدنيا. نعتقد أنه ال يجوز قبول عناصر لم يبلغوا السادسة عشرة، إال� في ظروف خاصة جداL هنا أيضاL. فهؤالء المراهقون، الذين يكادون أن يكونوا أوالداL، ليسوا بعام�تهم

.على ما يكفي من النمو الحتمال المشاق والمتاعب واآلالم التي سيرغمون عليها يمكن القول إن السن المثلى للمغاور تقع بين خمس وعشرين وخمس وثالثين سنة. فالحياة

في هذه المرحلة قد اتخذت لدى الجميع وجهتها النهائية، ومن يذهب مخل�فاL بيته وعالمه قد فكرLفي مسؤولياته، ويفعل ذلك وقد حزم أمره على أال� يتراجع خطوة. ثمة بين األوالد أيضا Lمليا حاالت لمقاتلين غير عاديين قد بلغوا أسمى تقديرات جيشنا الثائر. إال� أنها استثناءات فقط.

وازاء كل مراهق أثبت صفات المقاتل الرفيعة، ثمة عشرات لزم إعادتهم إلى ديارهم وشك�لوا.لوقت طويل ثقالL خطيراL على تشكيلة الغوار

والمغاور، كما قلنا، جندي يحمل بيته على ظهره، مثل الحلزون. فينبغي له إذاL أن يجهز حقيبته بحيث أن أقل كمية ممكنة من المتاع تؤدي له أعظم الفائدة. لن يصطحب إال� ما ال غنى عنه،

لكنه سوف يحتفظ به خالل كل الظروف كأثمن ما عنده، فهو ما ال يسوغ فقده إال� في حاالتLيائسة حقا.

وسوف يقتصر تسل³حه إذاL على ما يستطيع اصطحابه بنفسه حصراL. سيكون تجديد التموين بالسالح صعباL جداL، وأصعب منه التموين بالذخيرة: فالتعليمات العسكرية هي إذاL عدم ابتالل

الرصاص، وصيانته، وعد�ه واحدة واحدة الجتناب فقدان شيء منه. أما البندقية فتبقى نظيفة دائماL، مشحمة جيداL، المعة القناة، ومن المفيد أن يعاقب قائد كل جماعة أولئك الذين ال

.يسهرون على صيانة سالحهم ولكي يتحلى هؤالء الرجال بمثل هذه الصفات من إخالص وحزم، تسمح لهم بالعمل في هذه

الظروف المناوئة، ينبغي أن يكون لهم مثل أعلى. إن هذا المثل بسيط، مباشر، ليس فيه كبير ادعاء، وال يرمي بعيداL على وجه العموم، إال� أنه على قدر من الحزم والوضوح يمكن معه

التضحية بالحياة في سبيله، دون تردد. إنه لدى كافة الفالحين تقريباL، حق امتالك قطعة أرض تخصهم لشغلها واالستمتاع بوضع اجتماعي عادل. إنه لدى العمال، الحصول على عمل وتقاضي

أجر الئق، واالستمتاع أيضاL بوضع اجتماعي عادل. وتصادف لدى الطالب وأهل المهن الحرة،.أفكار أكثر تجريداL، مثل الشعور بالحرية التي يكافحون من أجلها

يحدو بنا كل ذلك إلى التساؤل: كيف يعيش المغاور؟ إن حياته النظامية هي أن يجوب الطرق.رة، يطارده العدو باستمرار. تنتقل تشكيلة غوارية ج¬ لنأخذ مثالL مغاوراL في الجبل في منطقة ش� في هذه الظروف نهاراL، دون أن تأخذ وقتاL للطعام. ومتى تدانى الليل تحط الرحال في فرجة من الغاب، قرب مورد ماء، وفق التنظيم المعتاد، فتجتمع كل جماعة للطعام سوية، ومتى ران

.الليل تشعل النيران بما يتوفر لذلك يأكل المغاور متى استطاع، وكل ما يستطيع. تختفي وجبات خيالية في بطون المقاتلين، ويعانون أحياناL أخرى صيام يومين أو ثالثة دون هوادة في إجهادهم. إن سقف المغور هو

السماء المكشوفة: وسوف يداخل بين السماء وبين شبكة نومه رقاL من النايلون كتيماL للماء، ويضع تحت شبكته حقيبته وبندقيته ورصاصه التي هي كنوزه. يستحسن أحياناL عدم نزع األحذية

خشية حدوث هجوم مفاجىء من العدو. األحذية هي كنز آخر للمغاور ومن يملك زوجاL منها.يضمن لنفسه حياة سعيدة في نطاق المصاعب اليومية

هكذا يسير المغاور يوماL بعد يوم، دون اقتراب من أي مكان آهل، مجتنباL كل تماس لم يقصده هو، عائشاL في أوعر المناطق، دون طعام أحياناL وحتى دون شراب، في الحر والقر. يتفصد

عرقه في المسيرات الدائبة ويجف عليه ممتزجاL بالعرق األسبق، دون توفر النظافة بانتظام)(غير أن ذلك يتعلق كما هو األمر دائماL، بمزاج كل واحد .

حدث في الحرب األخيرة، عندما أوشكنا على دخول بلدة "أل أوفيرو"، بعد السير ستة عشر كيلو متراL والقتال ساعتين وخمس وأربعين دقيقة في عين الشمس، وبعد عشرة أيام ونيف

قضيناها في ظروف مجافية لنا، أن وGجدنا قرب البحر تحت شمس محرقة. كانت أجسامنا تفوح برائحة مميزة مؤذية إلى حد أنها تصد كل من يقترب. وكانت حاسة الشم لدينا قد تكيفت بهذا

.النمط من الحياة، وكانت شبكة كل مغاور تعرف عن سواها من رائحتها الخاصة

Page 23: حرب العصابات

ينبغي أن تكون المعسكرات سهلة المغادرة وأال� يبقى فيها أثر يشي بها، وأن تكون اليقظة في غايتها. ولكل عشرة رجال ينامون، يجب أن يكون ثمة واحد أو اثنان ساهرين. ينبغي تبديل

.الحرس مرات عديدة ومراقبة كافة مداخل المعسكر مراقبة وثيقة تعل��م حياة الحرب كثيراL من الحيل لتهيئة الطعام ولطبخه بسرعة وتطييبه بكل ما يصادف في

الجبل، أو البتكار ألوان جديدة وتنويع أشكاله التي تتألف بصورة أساسية، في المنطقةنية، والحبوب، والملح، وقليل من الزيت أو الزبدة، وفي مناسبات المدارية، من النباتات الد�ر�

.متباعدة جداL، من أحد صنوف اللحم المعركة هي أكثر األحداث إثارة لالهتمام، إبان حياة القتال. وهي ما يحمل فرح الجميع إلى أوجه ويجعلهم يغ¬ذ�ون السير بحماس متجدد. تشن المعركة – ذروة حياة الغوار – في اللحظة

المؤاتية حيث تم تحديد موضع مخيم عدو ضعيف بكفاية للقضاء عليه، وتم التعرف إليه، أو عندما يتقدم رتل عدو حتى األرض التي تشرف عليها القوى التحررية مباشرة. الحالتان مختلفتان. يتم

العمل ضد المخيم بشكل جماهيري، ويرمي في األساس إلى طرد األرتال اآلتية لفك الطوق..فالعدو المختبىء ليس أبداL هدفاL مفضالL لدى المغاور

إن العدو الجائل، النزق، الجاهل بأوصاف المنطقة، المرتاع، المفتقر إلى حماية طبيعية، هو العدو األمثل. مهما ساء وضع عدو معتصم، فإن لديه أسلحة قوية يصد بها الهجوم، ولن يجد

نفسه أبداL في ذات الظروف التي يقع فيها رتل كبير يفاجأ بالهجوم في نقطتين مختلفتين أو ثالث، وتقط�ع أوصاله، وينسحب مهاجموه قبل صدور أي رد ضدهم إذا ما تعذر عليهم تطويق

.الرتل أو إبادته وإذا تعذر قهر المعتصمين بالجوع أو بالعطش أو بهجوم مباشر، ينبغي االنسحاب متى أتاح

التطويق إنزال الخسائر بالرتل العدو. وإذا كان رتل المغاوير أضعف مما ينبغي، أو رتل الغزاة أقوى مما ينبغي، يتم تركيز الهجوم على المقدمة. فمتى تم ضرب المقدمة عدداL من المرات

واقتنع الجنود بحتمية موت الذين يحتلون الصفوف األمامية، يمكن لخشيتهم من االنخراط فيها أن تGحدث تمردات حقيقية، لذا ينبغي توجيه الضرب إليها دائماL. وال يمنع ذلك من توجيه الضربات

Lإلى نواح سواها أيضا. تتوقف طالقة المغاور في العمل وإمكانات تكيفه بالبيئة على تجهيزه. فالمغاور وإن كان

مندمجاL في زمر عاملة صغيرة، يحتفظ بموائز فردية. ينبغي أن يحوز في حقيبته كل ما يلزمهLلمدة من الزمن. وعندما نورد مساقا Lللعيش، حتى مأواه الفردي، ألنه قد يضطر للبقاء وحيدا بالتجهيز، نشير بصورة جوهرية إلى ما يستطيع الفرد أن يحمله وهو خاضع لظروف حرب في

طورها األول، يطارده العدو، في أرض وعرة ممطرة باردة نسبياL، أي أننا نضعه في مثل الوضع.الذي حصل لدى بدء حرب التحرر الكوبية

ينبغي التمييز في هذا التجهيز، بين ما هو جوهري وما هو متمم. نصن�ف في ما هو جوهري شبكة النوم التي تسمح بالراحة على نحو مالئم. يجد المرء دوماL شجرتين لمد الشبكة بينهما،

ويمكن اتخاذها بساطاL إذا نام على اليابسة. ال بديل عن الشبكة عند هطول المطر أو عندما يوجد المرء في أرض رطبة، وهي حالة متواترة في المناطق المدارية. تتم الشبكة بقطعة من

رق النايلون الكتيم للماء. يكون النايلون كبيراL بكفاية لتغطية الشبكة ويربط بأربعة أمراس مثبتة بزواياه األربع. ويشد مرس من مركز الرق إلى األشجار التي تحمل الشبكة فيفيد في تحديد

. هذا النحو خيمة صغيرة مسال المياه ويربط الرق من زواياه بشجيرة قريبة، مشك�الL علىومن الضروري أيضاL توفر. ال غنى عن البطانية، ألن البرد شديد جداL، في الجبل، متى سجا الليل

قطعة لباس دافئة تسمح بمواجهة تغيرات الحرارة القصوى. يشتمل اللباس على بنطال وقميص من كتان سميك، موحد أو غير موحد. ينبغي أن تكون األحذية على أحسن ما يمكن من

Lالجودة، وهي من أولى األصناف التي ينبغي حيازة احتياط منها؛ إذ بدونها يصبح السير شاقا Lجدا.

ولما كان المغاور يحمل مأواه في حقيبته، فهذه األخيرة ذاتها هامة جداL. يمكن صنع أبسط الحقائب من جيب ما، يركب له سيران من الحبل، إال� أن الحقائب المصنوعة من الكتان الغليظLوالمتوفرة في السوق أو تلك التي يصنعها السرا�جون، تفضلها. ينبغي أن يحمل المغاور دائما

مؤونة فردية باإلضافة إلى تموين الفرقة كلها. المواد التي ال غنى عنها هي: أوالL الزبدة أو الزيت، الضروريان الستهالك الجسم من الدسم، وعلب المحفوظات التي ال يجوز استعمالها إال�

عندما يتعذر الحصول على غذاء للطبخ، أو عندما تتوفر كثرة من العلب فيعيق ثقلها السير، ومحفوظات السمك ذات القدرة الغذائية العظيمة، والحليب المكثف وهو غذاء ممتاز سيما

.Lتفكهة حقيقية. يمكن حيازة حليب مسحوق أيضا Lلكمية السكر العظيمة التي يحويها، وهو ايضا ثمة عنصر أساسي آخر هو السكر ومثله الملح الذي تغدو الحياة بدونه عذاباL. ولنختم فصل

المواد األساسية ببعض التوابل التي أكثرها شيوعاL البصل والثوم، ويمكن أن يوجد غيرهما،.حسب المناطق. هذا هو الجوهري

ينبغي أن يحمل المغاور في حقيبته صحناL وملعقة وسكيناL متعدد النصال. يمكن أن يكون الصحن[ أو رأس بطاطا أو شاي38قصعة أو ك�فتاL أو علبة محفوظات. تتيح طهي قطعة لحم أو ماالنغا]

.أو قهوة يلزم لصيانة البندقية شحوم خاصة ينبغي استعمالها بعناية فائقة. وإذا لم يتوفر الزيت الخاص،رق� لتلميع السالح باستمرار، وقضيب لتنظيف داخله، وهو عمل فزيت آلة الخياطة. يلزم أيضاL خ¬

. تكون جعبة الفشك من صنع نظامي أو محلي حسب اإلمكان، لكنه ينبغي إتيانه بتواتر كاف° ينبغي أن تكون جيدة بكفاية لعدم فقدان أي رصاصة. الرصاص هو أساس النضال. كل شيء

Page 24: حرب العصابات

.سواه عبث بدونه. إنه ثمين كالذهبLيجب أن يحمل المرء معه م�ط�رة أو صفيحة ماء، إذ ال غنى عن الشرب الوافر وال يستطيع دوما

Lأن يحصل على الماء في اللحظة المرغوبة. ينبغي حيازة األدوية ذات االستعمال العام أيضا كالبنسلين أو أي دواء آخر مضاد للحيوية، وبصورة رئيسية ما يؤخذ منها بالفم، وكذلك مسكنات

للحمى، واسبرين، وأدوية مضادة لألمراض المستوطنة الخاصة بالمنطقة. كما يمكن توفر حبوب ضد البرداء وأدوية ضد اإلسهال وضد الطفيليات من كل نوع. وفي المناطق التي تعيش فيها

حيوانات سامة، يسوغ وجود المصل الموافق لها. ويكون باقي التجهيز جراحياL. وينبغي باإلضافةلي إلجراء المعالجات األقل أهمية .وجود حقائب لإلسعاف األو�

التبغ متمم عادي، ذو أهمية خاصة في حياة المغاور. ينبغي توفر اللفائف والسيكار وتبغ الغليون، ألن التبغ رفيق عظيم للجندي المنفرد في حالة الراحة. الغليون مفيد جداL ألنه يسمح

زمن العوز باإلفادة القصوى من كل التبغ وأعقاب اللفائف والسيكار. ليس الثقاب هاماL إلشعال السيكار فقط، بل لقدح النار أيضاL. فهذه من أصعب المعضالت في الجبل وقت المطر..ويستحسن باإلضافة إلى القد�احة توفر الثقاب الذي ينوب عنها إذا فقد وقود القداحة

يلزم توفر الصابون ليس لنظافة الجسم بقدر ما هو لتنظيف األواني. إذ متى بقيت هذه وسخة، لوحظ توافر في التعفنات المعوية وحدثت التهابات تسببها بقايا الطعام المتخمرة التي

تستهلك مع الطعام الجديد. يستطيع المغاور، بهذا التجهيز، أن يأمن الحياة في الجبل في أي.ظرف مجاف° له، وللمدة الالزمة حتى يسيطر على الموقف مهما بلغ من السوء

ة] ق� Gإال� أنها ذات فائدة عظمى على وجه العموم. الح ،Lهي39ثمة متممات قد تكون مربكة أحيانا ] من هذا القبيل. تستخدم كثيراL في البدء إلحكام التوجيه، لكن معرفة األرض تجعل هذه األداة،

شيئاL فشيئاL، غير ذات جدوى. ثم إنها صعبة االستعمال جداL في األرض الجبلية ألن الطريق التي تشير إليها ليست هي الفضلى بالضرورة، إذ أن الخط المستقيم تعترضه عادة عقبات ال تGجاز.

قطعة إضافية من رق النايلون هي شيء مفيد آخر، لتغطية التجهيز كله وقت المطر. ينبغي التذكر أن المطر في البلدان المدارية شبه مستمر في بعض الشهور، وأن الماء عدو لكل تجهيز

.المغاور، من طعام وتسليح وأدوية وأوراق ومالبس داخلية يمكن حيازة مالبس داخلية للغيار، إال� أنها عامة، من أحمال األغرار. يمكن توفر بنطال للغيار،

على األكثر، وحذف المالبس الداخلية والمناشف... الخ. فعلى المغاور، بالحياة التي يعيشها، أن يقتصد من طاقته حين يحمل متاعه. سوف يتخلى هكذا شيئاL فشيئاL عن كل ما ليس ذا قيمة

.جوهرية األمتعة المتممة الخاصة باللياقة البدنية هي: قطعة صابون تستخدم لغسل الثياب ولنظافة

نGون] [. ويحسن توفر بعض الكتب يتعايرها أعضاء الغوارة: سيرة40الجسم، فرشاة لألسنان وس� جيدة ألبطال سالفين، كتب تاريخ أو جغرافية اقتصادية، واألفضل عن البلد ذاته، وبعض األعمال ذات الطابع العام التي ترمي إلى رفع مستوى الجنود الثقافي وتGنقص من ميلهم إلى الميسر،

.إذ ربما وجد وقت فراغ زائد أحياناL في حياة المغاور كلما بقي ثمة مكان في الحقيبة، ينبغي ملؤه بالزاد، إال� في المناطق التي تحسن فيها شروط

التموين. يمكن حيازة السكاكر، أو األطعمة األقل ضرورة، التي تشك�ل تكملة لألغذية الجوهرية. البسكويت هو من هذا القبيل، وإن كان كبير الحجم ويتكسر حتى يغدو مسحوقاL. ويفيد في

دية "ماشيته"، كما تفيد في األمكنة الرطبة جداL، قنينة بنزين Gالجبال ذات اإلنبات المداري، حوز م Lصغيرة أو خشب راتنجي، ألشعال النار عندما يكون الحطب مبلوال.

على كل مغاور أن يحوز أيضاL مفكرة يسجل فيها المعلومات، ويكتب الرسائل ويتخاطب مع المغاوير اآلخرين، وكذلك قلماL أو قلم حبر. يجب أن يكون في متناوله دائماL قطعة خيط أو نبات

حبلي، ذات فوائد متعددة، وكذلك إبر وخيط وأزرار. إن المغاور الذي يمتلك هذا التجهيز يحمل على منكبيه بيتاL متيناL، كبير الوزن إال� أنه كاف° لتأمين أرفه حياة ممكنة في غمرة ظروف

.الحرب

   

تنظيم الغوارة – 3 ال يمكن تنظيم الغوار وفق مخطط جامد. فهناك فروق ال تحصى تبعاL للبيئات التي ينبغي أن تتكيف بها. وسوف نفترض، تبسيطاL لعرضنا، أن تجربتنا الخاصة هي ذات قيمة عامة، ب�يµد� أنه ينبغي التذكير دائماL أنه يمكن تنظيم غوارة بطرق أخرى أكثر مؤاتاة لخصائص جماعة مسلحة

.أخرى إن عدد الرجال الذين يؤلفون الغوارة هو من أعسر المسائل حسماL. يتفاوت هذا العدد، ومثله

بنية الفرقة ذاتها، كما شرحنا آنفاL. وإذا قبلنا أن الجماعة قوة تجول في أرض مؤاتية لها، جبلية، في شروط ليست من السوء بحيث تلوذ بفرار دائم، وال من الجودة بحيث تتخذ لها مأر¬ز

عمليات، ففي هذه الحالة ينبغي أال تعد جماعة مسلحة أكثر من مئة وخمسين رجالL في كل وحدة مقاتلة. إنه عدد مرتفع نوعاL ما. واألمثل أن تضم مئة رجل. هذا ما يشكل رتالL يقوده

مقدم، وفق تسلسل الرتب الكوبية. ويحسن التذكير بأن رتب العريف والرقيب التي كانت تعتبر.مميزة للطغيان، كانت قد أGلغيت في حربنا

Page 25: حرب العصابات

يتولى إذاL مقد�م قيادة جملة القوى التي عددها مئة إلى مئة وخمسين رجالL. وسوف يكون عدد النقباء بعدد ما يوجد من مجموعات قوامها ثالثون إلى أربعين رجالL. إن دور النقيب هو قيادة

مجموعته وتأليبها، وجعلها تقاتل بتماسك، وتولي توزيعها وتنظيمها العام. إن الوحدة الوظيفية في حرب الغوار هي الزمرة. قوام الزمرة حوالي ثمانية إلى اثني عشر رجالL، وعلى رأسها

.مالزم يقوم من أجل زمرته بوظائف النقيب ذاتها، إال�� أنه يبقى تحت إمرة األخير إن ميل الغوارة إلى العمل في جماعات صغيرة يجعل من الزمرة الوحدة الحقيقية فيها. فيؤلف

ثمانية رجال إلى عشرة الحد األقصى للقتال المتماسك. تعمل هذه الزمرة تحت إمرة قائدها المباشر، الذي كثيراL ما يكون منفصالL عن النقيب، وإن كان في جبهة واحدة معه، إال� في بعض

الظروف الخاصة. إن ما ال يجوز عمله أبداL هو تجزئة الوحدة. يGعين في كل فصيلة وكل زمرةل�ف مباشر للقائد، في حالة فقدان األخير. وينبغي أن يكون الخلف ذا تهيئة كافية لتولي خ�

.مسؤولياته الجديدة مباشرة التغذية مسألة أساسية في هذه الفرقة حيث ينبغي أن يحظى الجميع، من آخر نفر إلى القائد،

بذات المعاملة. تتخذ التغذية أهميتها القصوى ليس فقط من جراء نقص التغذية المزمن، بل ألنايات] ر� ز¬ن الج¬ µالفرقة شديدة الحساسية بالعدالة، فت�ر .Lتوزيعها يشكل الحدث اليومي الوحيد أيضا

[ بفكر نقاد. ينبغي عدم السماح بأية حظوة ألحد أبداL. فإذا أجرى توزيع الطعام، لسبب ما،41 على الرتل كله، ينبغي وضع نظام والتقيد به بصرامة، مع احترام كمي�ات الطعام المقدم لكل

فرد وجودته. أما توزيع المالبس، فمسألة مختلفة. هذه أمتعة ذات استعمال فردي. هناك عامالن يتقدمان في هذه الحالة: أوالL درجة احتياج الطالبين، وغالباL ما يكون عددهم أكثر من األمتعة

د�م واالستحقاق، ويجب د�م كل فرد واستحقاقه. يصعب تحديد نظام الق¬ المعدة للتوزيع، وثانياL ق¬ أن يضعه أحد المسؤولين، ويخضع هذا بدوره إلى رقابة قائد الرتل المباشر. ينبغي أن يتم

التوزيع على ذات النحو من أجل األشياء األخرى الطارئة والتي ليست ذات استعمال جماعي..ينبغي توزيع التبغ والسيكار بالعدل بين الجميع

يجب تكليف رجال خاصين بعمل التوزيع هذا. ويفضل أن يكونوا تابعين إلى القيادة مباشرة. تضطلع القيادة بالمهمات اإلدارية وباالرتباطات، وهما أمران جد هامين، كما تضطلع بسائر

المهمات التي تخرج على العادة. ينبغي أن يشترك بالقيادة أشد الضباط ذكاء. وينبغي أن يكون جنودهم نابهين ومفعمين بروح تضحية قصوى، إذ كثيراL ما يطلب منهم أكثر مما يطلب من

.سائر الفرقة. أما الطعام فلن يكون لهم فيه حق بأي معاملة خاصة يحمل كل مغاور تجهيزه الكامل، إال أنه ينبغي باإلضافة، توزيع عدة أشياء هامة تخص الرتل كله.Lتوجد لذلك طريقتان. يتعلق تفضيل أحديهما بعدد الرجال الذين ال يحملون سالحا .Lعادال Lتوزيعا

تقوم الطريقة األولى على توزيع كل األشياء مثل األدوية واألدوات الجراحية والسنية، والجرايات اإلضافية، والمالبس واألواني المختلفة الزائدة، والتسليح الثقيل، بصورة متكافئة بين الفصائل كافة، وهي التي تكون مسؤولة عندئذ عن العتاد المخصص لها. يوزع كل نقيب

هذه األشياء بين الزمر، وكل آمر زمرة بين رجاله. تستخدم الطريقة الثانية عندما ال تكون الفرقة كلها مسلحة تسليحاL كامالL، فتقوم على تشكيل زمر أو فصائل مكلفة بالنقل بصورةL إذ أن أحمال جنود هذه الزمر والفصائل أخف خاصة: تكون هذه الطريقة عادة أحسن مردودال منهم خالصين من ثقل البندقية ومسؤوليتها. والعدة في هذه الحالة أكثر وزناL، ما دام العز�

تمركزاL، فيقل عليها خطر الضياع. ويكون جزاء الحاملين منحهم قطعة سالح، فتدب بينهم روح المباراة ويريدون مزيداL من الحمل ويبدون حماساL أعظم. تسير هذه الفصائل في المؤخرة،

.عليها ذات الواجبات ولها حق في ذات المعاملة كبقية الفرقة تتنوع المهمات داخل الرتل تبعاL لنشاطه. فإذا لم يبارح الرتل المعسكر، تؤلف زمرة خاصة

للحراسة، ينبغي أن تتألف من جنود متمرسين بالقتال، مختصين، ينالون لهذه المهمة مكافأة خاصة، هي بصورة عامة، مزيد من االستقالل، أو توزيع فائض من الحلوى أو التبغ. فإذا كان ثمة

مئة رجل مثالL، ومئة وخمس عشرة علبة سيكارة، يمكن توزيع هذه العلب الخمس عشرة الفائضة بين أفراد هذه الزمر. تكلف المقدمة والمؤخرة، والمتمايزتان نهاراL على مساحة

متسعة، ويصعب بلوغها ليالL. وإذا وجب المكوث فيها عدة أيام، لزم إنشاء وسائل دفاع فعالة تحسباL لحالة تعرضها للهجوم. يمكن ضرب وسائل الدفاع هذه عند انسحاب الغوارة، أو تركها إذا

[ كل أثر عن مرور الرتل42لم تفرض الظروف ضرورة تعفية] . ينبغي أن تقع األماكن المختارة للحرس على مرتفعات، تسمح باإلشراف تماماL عن بقية الفرقة

Lاسها وكلما كان الحرس مبتعدا بمهام الحراسة الرئيسية إال� أن كل فصيلة ينبغي أن يكون لها حر�.عن المعسكر، ال سيما في المنطقة المحررة، كلما ازداد أمان الجماعة

وفي حال إقامة معسكر دائم، يلزم استكمال. جملة وسائل الدفاع باستمرار. ينبغي التذكر أنكم مدفع الهاون هو السالح الثقيل الوحيد الذي يكون فعاالL في المنطقة الجبلية وعلى أرض أGح¬ اختيارها. وباستخدام سقوف مناسبة من المواد المحلية، كالخشب، والحجر... إلخ، يمكن إنشاء

.مالجىء ممتازة توقف اقتراب جنود العدو وتقي شر قذائفه من المهم جداL في المعسكر أن يحافظ على الضباطة، التي ينبغي أن ترمي إلى أهداف تربوية:

إجبار المغاوير على الهجوم والنهوض بساعات محددة، ومنعهم من ممارسة األلعاب التي ال صفة اجتماعية لها والتي تستدرج معنويات الفرقة إلى االنحالل، ومنع استهالك المشاريب

[... إلخ. وتكلف لجنة بالنظام الداخلي، تنتخب من بين المقاتلين المتحل�ين بأعظم43الغ�وµلية] الجدارات الثورية: لتقوم بتحقيق هذه المهمات كافة. ويكون من مهماتها أيضاL منع إيقاد النيران

في األمكنة المكشوفة أو تصاعد الدخان قبل حلول الليل، والعناية بتنظيف المعسكر قبل

Page 26: حرب العصابات

.مغادرته، لصون السر المطلق حول وجود الغوارة ينبغي االنتباه جداL إلى مواقد النار التي يستمر جمرها متقداL لمدة طويلة، فتغطى بالتراب، كما تدفن األوراق وعلب المحفوظات والفضالت الغذائية. يجب أن يرين الصمت المطلق تماماL على الرتل إبان السير. تنتقل األوامر إيماءL أو همساL، سارية من فم إلى أGذGنµ حتى آخر رجل. وإذا ما

اجتازت الغوارة مناطق مجهولة وهي تشق طريقها أو تتبع دليالL، تسير المقدمة على مسافة فيها التيه، حوالي مئة أو مئتي متر إلى األمام، تبعاL لموائز األرض. وفي المناطق التي يحتمل

يGترك رجل عند كل منعطف لينتظر التالي، وهكذا حتى آخر رجل في المؤخرة. وتسير المؤخرة منفصلة هي أيضاL عن سائر الرتل، تراقب المؤخرات وتحاول محو آثار المرور قدر اإلمكان. وإذا كان ثمة دروب جانبية يلوح منها خطر، يجب أن تحرسها زمرة حتى مرور آخر رجل في الفرقة عنها. ويكون من األيسر أن تفرز هذه الزمرة من فصيلة خاصة، بيد أنه يمكن تشكيلها أيضاL من عناصر تنتمي إلى كل الفصائل. يجب أن تنتظر هذه الزمرة حتى تعقبها الزمرة التالية، قبل أن

.تعود إلى فصيلتها، وهكذا دواليك إلى أن يتم مرور الفرقة كلها،Lال ينبغي فقط أن يتم السير على نمط واحد بترتيب مقرر، بل أن يستمر هذا الترتيب دوما

هي التي تليها، وفي الوسط الفصيلة2 هي المقدمة، والفصيلة رقم 1ليعرف أن الفصيلة رقم . ينبغي5، ثم المؤخرة أي الفصيلة رقم 4 التي يمكن أن تكون فصيلة القيادة، ثم الرقم 3رقم

الحفاظ على هذا الترتيب دوماL. ويجب في السير الليلي أن يكون الصمت أكثر إطباقاL بعد، وأن تخفض المسافة بين كل مقاتلين اثنين، لكي ال يتيه أحد وال يضطر امرؤ إلى رفع الصوت أو

.اشعال ما يضيء، فاإلضاءة ليالL هي عدوة المغاور وإذا كان هذا السير توطئة لهجوم ما، تترك األحمال غير الالزمة كالحقائب والقدور... إلخ في

[ عامة بعد بلوغ الهدف، وتتابع كل فصيلة حاملة سالحها44المكان المحدد كنقطة ازدالف] وتجهيزها الحربي فقط. يجب أن يقوم أناس موثوقون، سلفاL، بدراسة النقطة المزمع

مهاجمتها، فيجرون االتصاالت ويرسلون تقريراL عن حرس العدو وأوصاف معسكره وعدد حماته. تقرر عندئذ خطة الهجوم النهائية، ويGوزع المقاتلون، على أن يحسب دوماL تخصيص قسم كبير

.من الرجال لمكافحة النجدات المحتملة      

  وإذا كانت مهاجمة المعسكر ليست إال� إلهاء الستدراج قدوم النجدات (تضطر هذه النجدات أن

تمر في دروب مؤاتية للكمائن)، وجب أن ينقل رجل من الكمين نتيجة األمر بسرعة إلى القائد،رون لهجوم خلفي. وبأية حال، يجب مع إشعاره إذا اقتضى فك الحصار لكي ال يتعرض المحاص¬.دائماL، خالل الحصار أو الهجوم المباشر، وجود حرس على الدروب المؤدية إلى مكان القتال ويفضل الهجوم المباشر دائماL إذا كان الوقت ليالL. ويمكن االستيالء حتى على المعسكر دون

.كبير خطر، إذا ما توفرت الشجاعة وسرعة الخاطر الالزمتان ال يبقي أثناء الحصار إال� االنتظار وحفر الخنادق مع االقتراب من العدو أكثر فأكثر ومحاولة

إرهاقه بكل الوسائل وخاصة إرغامه بالنار على الخروج. إن "كوكتيل مولوتوف" سالح ذو فعالية خارقة على مقربة من العدو. وإذا لم يتم االقتراب بكفاية إللقاء "كوكتيل"، أمكن استخدام

"، من بندقية عيار16بنادق ذات إياد خاص. تتألف هذه األسلحة التي أسميناها خالل الحرب "م – مقصورة القناة، تسند إلى عصوين يؤلف منقار األخمص معهما منصباL ثالثياL. تصنع القناة16

مع األفق. تتغير الزاوية وضوحاL تبعاL لتقديم أو تأخير قائمتي المنصب45زاوية قدرها حوالي األماميتين. تلقم النبدقية بفشكة خل�ب تسند إليها عصا اسطوانية الشكل قدر اإلمكان، تنوف

[ ل¬ز� [45على القناة، وهي التي سوف تغدو مقذوفة. يسند إلى طرف العصا المنيف إياد من ف¬ يحمل مGخامداL مطاطياL من جهة قاعدته، كما يحمل زجاجة البنزين. يقذف هذا الجهاز زجاجات ملتهبة إلى مئة متر وأكثر، بدقة نسبية. إنه سالح أمثل في الحصار، وازاء األبنية الخشبية أو ذات المواد القابلة لالشتعال، وكذلك للرمي على الدبابات في األرض الجبلية. ومتى انتهى

الحصار بالظفر أو رفع بسبب بلوغ األهداف، تنحسب الفصائل كافة بانتظام إلى النقطة التي.تركت فيها الحقائب، وتستأنف الحياة النظامية

تول�د حياة المغاور البدوية في هذه المرحلة حساL من األخوة مرهفاL جداL بين الرفاق، لكنها تولد أيضاL أحياناL خصومات بين الجماعات، فإذا لم تهذب هذه الخصومات وتحو�ل إلى مباراة سليمة،

ثGل� خطر تصد�ع وحدة الرتل. ينبغي القيام بتربية المغاوير منذ بدء النضال بشرح معناه م� االجتماعي وواجباتهم. ينبغي إعطاؤهم مفاهيم واضحة، وتلقينهم أخالقاL تعرك طباعهم وتجعل.من كل تجربة عوناL لهم لتجاوز أنفسهم، فال تكون مجرد وسيلة إضافية للصراع من أجل البقاءث�ل قيمة تربوية كبرى، وعلى القادة أن يضربوا بأنفسهم مثل حياة ال صدع فيها وهبوها إن للم� للقضية. تستند ترقية الجندي على شجاعته وكفاءاته وروح فدائه. فمن ال يوفر هذه الشروط

Page 27: حرب العصابات

.ملياL ال يمكنه استالم المسؤوليات، ألنه سوف يتسبب، إن عاجالL أو آجالL، بطوارىء مؤسفة ما إن يقترب أحد المغاوير من بيت، إال� ويقع سلوكه تحت المراقبة: فبحسب طريقته في طلب خدمة ما، أو تموين، وبحسب األساليب التي يستخدمها للحصول عليهما، يستخلص األهلون عن

.تشكيلة الغوار استنتاجاتهم، مؤاتية أو مجافية لها يقتضي الحذر إذاL أن يشرح القائد هذه المسائل بالتفصيل، ويوليها األهمية التي تستأهلها.

ينبغي أن يقنع الرجال أيضاL بمثاله الخاص. وإذا اتفق الدخول إلى قرية، يجب منع المشاريب الغولية مسبقاL، وتحضيض الفرقة، وإعطاؤها مثاالL ممكناL من الضباطة، ومراقبة دخول الرجال

.إلى القرية وخروجهم منها باستمرار ال بد أن تتعرض تشكيلة الغوار لمحنة التطويق لمعرفة تنظيمها وقيمتها القتالية وبطولتها

وروحها، ألن التطويق أخطر وضع في الحرب. كان مغاورونا أثناء الحرب يطلقون في لغتهمنة الحصار" على الوجه القانط لدى بعض الجنود المذعورين. كان زعماء العهد المباد يدعون µح Gس"

Lو"إبادة". أما بالنسبة لتشكيلة غوارية خبيرة بأرضها، مرتبطة فكريا "Lحمالتهم بفخار "تطويقا وعضوياL بقائدها، فليست هذه مسألة عظيمة الخطر. يكفي عندها التحص³ن، ومحاولة اجتناب

تقدم العدو الذي تدعمه األسلحة الثقيلة، وانتظار الليل، حليف المغاور الطبيعي. وعند الغسق، في أشد تكتم ممكن، وبعد التعرف إلى أفضل الدروب واختياره، تتخذ أكثر وسائل االنسحاب

مالءمة، مع التزام أطبق الصمت. ويصعب للغاية في هذه الظروف الحؤول بين جماعة منLالرجال وبين اإلفالت من الطوق ليال.

   

القتال – 4 القتال أهم عمل في حياة الغوار. ليس القتال إال� فصالL عابراL في تطور النضال، لكن هذه

.اللقاءات تتخذ بال ريب أهمية خارقة، ألن كل اشتباك هو معركة أساسية بالنسبة للمقاتلينعلينا أن نشرح الخطوط العريضة. ذكرنا آنفاL أن الهجوم يجب أن يتم مع ضمان تام لنجاحه

للصيالة الواجب اتباعها، ولعمل الهجوم ذاته، مع الموائز المختلفة التي يمكن أن تتبادر في كل[ في46عملية. سوف نصف النضال في األرض المؤاتية في المقام األول، ألنه المثال الن�م�طي]

حرب الغوار، وألنه ينبغي أن تستخدم فيه مبادىء سابقة الكتساب التجربة العملية، بغية حل بعض المسائل. (أما حرب السهل فهي دائماL نتيجة تقدم الغو�رات بفضل اشتداد بأسها وبفضل)الظروف الخاصة بالبيئة، وهذا يعني أنه أصبح لدى المغاوير تجربة غنية يمكنهم أن يفيدوا منها .

تتوغل األرتال المعادية عميقاL في األرض الثائرة، خالل الطور األول من الحرب. وتبعاL لقوى هذه األرتال، يمارس نمطان من الهجوم. يؤدي النمط األول بصورة منهجية وعلى مدى بضعة

شهور، إلى إفقاد هذه األرتال كفاءتها الهجومية. إنه يسبق النمط اآلخر زمنياL يسدد هذا الهجوم على المقدمات: فاألراضي المجافية تمنع األرتال من التقدم مع تغطية كافية على جناحيها. لذا

وجب أن تكون لها دوماL مقدمة هي التي تدخل أوالL، فتعرض حياة رجالها لتضمن بذلك سالمة بقية الرتل. فعندما ال يكون عدد المغاوير كافياL، وال يمكن التعويل على احتياطات، ويكون العدو

باإلضافة إلى ذلك قوياL، ينبغي استهداف إبادة هذا الرأس المتقدم دوماL. جملة هذا العمل[ [ رأس المقدمة في المكان المقرر –47بسيطة، وال تتطلب إال� قدراL من التنسيق. عندما ي�ذGر³

زونة] Gفت�اكة.48وهو المكان األكثر ح Lلى نارا µصGسمح لقسم من المقدمة بولوج الطريق ويGي - ] هذا بينما تستوقف جماعة صغيرة بقية الرتل هنيهة بحيث يGستطاع وضع اليد على األسلحة

والذخائر والتجهيزات. ينبغي أن تحضر لذهن المغاور دوماL فكرة أن منبع تموينه بالسالح هو.العدو. يجب عدم خوض المعركة إال� ل¬غ�نم العتاد، عدا حاالت االستثناء

يجري تطويق الرتل تماماL عندما تسمح قوى تشكيلة الغوار بذلك، أو يخلق هذا االنطباع على األقل. وفي هذه الحالة األخيرة ينبغي أن تكون مقدمة تشكيلة الغوار قوية ومتحصنة بقدر كاف

[ قوى المؤخرة لمهاجمة49لمقاومة هجمات العدو الجبهية. وعندما يتم إيقاف العدو، ت�نµت��ل] العدو من خلفه. ولما كان المكان قد اختير سلفاL بحيث ال يستطيع العدو التصرف بجناحيه،

يسهل إرباض قناصين يبقون على الرتل كله في منطقة النار، ولو بلغ ثمانية إلى عشرة أضعاف عددهم. فيجب في هذه الحالة، وبفرض كفاية القوى، نصب كمائن تراقب كافة الدروب،

L بالمكان والعدو لوقف النجدات. يGشد الطوق تدريجاL، وخاصة في الليل. ولما كان المغاور خبيرا.جاهالL به، فإن الليل يدع قوة المغاور تزداد، ومثلها رعب العدو

يمكن بهذه الطريقة وعلى جانب من السهولة، إبادة رتل أو تكبيده الخسائر بحيث يلزمه زمن.طويل قبل أن يعاد تأليبه

وعندما تكون قوى الغوارة ضئيلة ويراد مع ذلك تأخير تقد�م الرتل العدو أو صد�ه، توزع قوى الغوارة إلى زمر قوامها اثنين إلى عشرة رماة، في الجهات األربع، حول الرتل. يمكن الشروع

مثالL بالقتال على الميمنة. وعندما يوجه العدو عمله إلى هذا الجناح ويهجم منه، يبدأ الرمي على الميسرة، ثم في المؤخرة أو المقدمة، وهكذا. يمكن على هذا النحو جعل العدو في حالة إنذار

Lدائمة، باستعمال ذخيرة قليلة جدا.هانة الهجوم على قافلة أو على موضع للعدو، بظروف األرض المختارة. ينبغي أن تGكي�ف م¬

وينبغي العمل بعامة، بحيث يتم أول اقتحام ألحد المواضع، في الليل، فجأة، مستهدفاL أحد

Page 28: حرب العصابات

المراكز األمامية. يمكن لهجوم مفاجىء يشنه مغاوير متمرسون أن يصفي أحد المواضع بسهولة، مع احتساب التفوق الحاصل بتأثير الفجاء. ومن أجل القيام بتطويق منظ�م، يمكن

مراقبة مناطق الهروب بقلة من الرجال، وحماية مسالك القدوم بكمائن تنصب بحيث أن العدو. وعندما ال يؤثر عنصر إذا مر عن أحدها، استطاع المغاوير األنكفاء وبقي هناك كمين ثان°

المفاجأة، يتوقف الظفر أو الهزيمة، وقت احتالل المعسكر، على كفاءة قوى التطويق في إيقاف وصول النجدات. يتوفر للعدو، عامة في هذه الحالة، دعم المدفعية ومدفعية الهاون

والطيران والدبابات. الدبابة سالح قليل الخطر في األرض المؤاتية للغوارة: عليها أن تمر في دروب ضيقة يسهل أن تقع فيها فريسة األلغام. ثم أن كفاءة الدبابات الهجومية تفقد ههنا من

قيمتها ما دامت تضطر أن تسير رتالL أحادياL أو على األكثر ثنائياL. اللغم هو أفضل األسلحة وآمنها ضد الدبابات. أما في االلتحامات التي يسهل تحقيقها في األراضي الوعرة، فيغدو "كوكتيل

مولوتوف" سالحاL ذا فعالية خارقة. وال نتكلم عن البازوكة التي تكون سالحاL دفاعياL جدياL لقوى الغوار، إال� أنه يصعب توفيره، في بداية النضال على األقل. أما مدفع الهاون، فيمكن اللجوء ضده إلى الخندق المسقوف. والهاون سالح عظيم الفعالية ضد موضع مطوق، غير أن قدرته

تنقص بالمقابل، إزاء مهاجمين جائلين. ليس للمدفعية دور كبير في هذا النوع من الصراع ألنه ينبغي نصبها في مواضع سهلة المنال، وهي عاجزة ضد أهداف جائلة. الطيران هو السالح

الرئيسي لقوى االضطهاد، إال� أن فعاليته تتضاءل كثيراL بقدر ما تغدو أهدافه الوحيدة هي خنادق صغيرة ال ترى. سوف يرمي الطيران قنابل شديدة البأس، يكون صوتها أعظم من أذاها. ثم إنه

.كلما ازداد االقتراب من خطوط دفاع العدو، كلما عسر على طيرانه مهاجمة هذه النقاط اللغم المسي�ر عن بعد هو أكثر أنماط األلغام فعالية، إال� أنه يتطلب معلومات م¬هانية ال تتوفر

،Lغير أن األلغام ذات الضغط، وذات الفتيل، وخاصة األلغام الكهربائية، بالغة الفائدة أيضا .Lدائما .وتؤلف بالنسبة للقوى الشعبية، على الدروب الجبلية، وسائل دفاع تكاد ال ترام

الخندق المائل، المنشأ على عرض الطريق، بحيث ت�ل¬جه الدبابة بسهولة، ولكنها ال تستطيع الخروج منه إال� بصعوبة، هو وسيلة دفاع حسنة ضد المركبات المدرعة. يمكن تمويه هذه الخنادق

بسهولة إبان تقدم العدو ليالL، أو عندما تحول مقاومة الغوارة دون إرسال العدو مشاته أمام.المدرعات

الشاحنة هي وسيلة نهجية أخرى يتقدم بها العدو في األرض السالكة. وتسبق بعض المركبات المدرعة أرتال شاحنات العدو. تستطيع تشكيلة الغوار، تبعاL لقوتها، إما تطويق الرتل بأكمله، أو

الفتك به بمهاجمة بعض الشاحنات مع تفجير األلغام في آن. ينبغي العمل بسرعة في هذه الحالة، وغنم أسلحة األعداء الصرعى، واالنسحاب. وإذا سنحت الظروف، يمكن محاولة التطويق

Lالشامل الذي شرحنا قواعده العامة آنفا. بارودة الصيد هي سالح عظيم الفعالية لمهاجمة الشاحنات المكشوفة. فيمكن لخردق بارودة

أن يغطي حقالL قدره عشرة أمتار، أي بمدى طول الشاحنة كلها، فيقتل بعض16ذات عيار انات، تكون أسلحة ركابها، ويجرح غيرهم، ويحدث اضطراباL شديداL. وإذا ما توافرت بعض الرم�

.ممتازة في هذه المناسبة إن تأثير المفاجأة هو الشيء الجوهري في هذه الهجمات كافة. وهو مائزة في المقام األول

لصيالة الغوار. وال يمكن حدوث هذا التأثير إذا كان فالحو المنطقة على علم بوجود الجيش الثائر. لهذا السبب ينبغي إجراء كافة التحركات ليالL وال يسوغ إال� لرجال شديدي الكتمان ذوي

إخالص مخبور، أن يعلموا بها ويجروا االرتباطات. يجب أن تكون الحقائب مملوءة زاداL لهذه.المسيرات، لكي يستطاع الصمود يومين أو ثالثة أو حتى أربعة في مكان الكمين

ال يجوز الوثوق كثيراL بتكتم الفالح: أوالL ألن لديه ميالL طبيعياL للكالم والتعليق على الحوادث مع أعضاء آخرين من أسرته أو مع الGخل�ص من معارفه، ثم ألن الوحشية التي يعامل بها جنود العدو

األهلين، عند الهزيمة، تبث الرعب وتحدو بالبعض، إنقاذاL لحياتهم، أن يتكلموا أكثر مما ينبغي، فيقدمون بذلك معلومات جوهرية. وألجل نصب كمين، يتم اختيار مكان يبعد على العموم، ما ال

يقل عن مسير يوم واحد عن مآرز الغوارة المعتادة، والتي يعرفها العدو دائماL بكثير أو قليل من.التقريب

لقد أكدنا آنفاL أن كيفية الرمي في القتال تدل على مواضع المتقاتلين، فمن جهة رمي الجندي النظامي، حامياL، سخياL، معتاداL أن تتوفر له الذخيرة كيفياL، ومن الجهة األخرى رمي المغاور،

[Lما [، عارفاL قيمة كل رصاصة، يستعملها بحرص وال يرمي أبداL أكثر مما يلزم.50منهجياL، منج� ولما كان من غير المنطق أن يترك العدو يفلت، اقتصاداL للذخيرة، أو أال� يستنجز الكمين عمله

Lلذا وجب توقع كمية الذخيرة التي ينبغي استعمالها في كل مناسبة، وتسيير القتال وفقا ،Lمليا .لهذه الحسابات المسبقة

الذخيرة هي مسألة المغاور الكبرى. يتوفر السالح دائماL، وما يGملك منه ال يعود يفارق الغوارة.L إال� أما الذخيرة فتنفد. وإذا كان السالح يغنم بعامة، مع ذخيرته، فال تغنم الذخيرة وحدها أبدا

نادراL. وال يفيد السالح الذي يغنم مع ذخيرته في تموين أسلحة أخرى، إذ ليس ثمة سالح فائض.يالي القائل باالقتصاد في الرمي مبدأ أساسياL في هذا النمط من الحرب .لذلك يغدو المبدأ الص¬

ال يسع القائد المغاور الذي يعتد بهذه الصفة لنفسه، أن يهمل شأن االنسحاب. ينبغي إجراء االنسحابات في الوقت المجدي، وأن تكون مرنة، وتسمح بإنقاذ كل عتاد تشكيلة الغوار،

والجرحى. ال يجوز للثائر أبداL أن يفاجئه العدو أثناء االنسحاب، وال يستطيع قط أن يسمح لنفسه.بترف مطاوعة الطوق الذي يGشد حوله

ينبغي إذاL حراسة الطريق المختارة في كافة النقاط التي يحتمل أن يGقبل العدو منها بجنوده

Page 29: حرب العصابات

في محاولة للتطويق. وإذا ما وقعت محاولة التطويق، وجب أن تكون هناك جملة ارتباط تتيح.إشعار الرفاق سريعاL بالمحاولة

ينبغي دائماL توفر رجال غير مسلحين، يلتقطون بنادق الرفاق الجرحى أو الصرعى، أو سالح األسرى، ويعنون باألسرى، وبنقل الجرحى، باالرتباطات. ويجب أن يتوفر دائماL فريق جيد من

د�هم، وقادرين على إيصال األوامر بعجل تام .الرسالء ال يرقاهم اإلعياء، مخبورين في ج¬ إن عدد هؤالء الردفاء نسبي، لكن يمكن تحديده باثنين إلى ثالثة في العشرة: إنهم يشهدون

القتال، وينجزون المهمات المقتضاة في المؤخرة، مدافعين عن المواضع إبان االنسحاب،.وقائمين على مصالح االرتباط التي ذكرناها

عندما تمارس تشكيلة الغوار حرباL من النمط الدفاعي – أعني عندما تؤمن حماية مسالك منطقة معينة ضد رتل من الغزاة – يتحول القتال إلى حرب تحاصن. غير أنه ينبغي دائماL عند بدء

االشتباك، العناية بتأثير المفاجأة التي تكلمنا عنها آنفاL. وإذا تم حفر خنادق أو جمل دفاعية أخرى يسهل على فالحي المنطقة تمييزها، ينبغي التأكد أن هؤالء الفالحين باقون خلف

الخطوط. إذ أن الحكومة، في هذا النمط من الحرب، تقيم الحصار على المنطقة، ويضطر الفالحون الذين لم يلوذوا بالفرار إلى الذهاب لمناطق بعيدة عن منطقة حمى الغو�ارة، بقصد

،Lبالغا L التموين. وفي اللحظات الحرجة التي نصفها، يضحى كل رجل يغادر منطقة الغوار خطرا نظراL للمعلومات التي يمكن أن يسديها للعدو. وعلى الجيش الثائر، في الحرب الدفاعية، أن

Lيتخذ صيالة األرض المحروقة مبدأ أساسيا. ينبغي بناء الجهاز الدفاعي كله بحيث تقع مقدمة العدو دائماL في كمين. من المهم جداL على

الصعيد النفسي، أن يكون رجال المقدمة هم الذين يGصرعون، دون ريب، في كل قتال. ينبغي خلق وعي لهذا الواقع يتفاقم حد�ة كل مرة لدى جيش العدو، فيبلغ منه مبلغاL ال يبقى معه أحدLبال مقدمة ال يستطيع التقدم، فال بد إذا Lأن رتال Lيرضى أن يكون في المقدمة. ولما كان واضحا

...أن يتحمل أحد هذه المسؤوليةئي األمر مجدياL، أمكن القيام بمراوغات لإللهاء، أو تطويقات أو هجمات جناحية، أو Gوإذا ما ر

مجرد صد العدو جبهياL. إال� أنه ينبغي في كل الحاالت تقوية النقاط الخليقة أن تستهدفها.هجمات العدو الجناحية

يفترض ذلك توفر رجال وسالح أكثر مما في القتاالت اآلنف وصفها، فمن الواضح أنه يلزم كثير من الرجال لرصد كافة الدروب المتواردة إلى منطقة ما. وقد تكون عديدة. ينبغي ههنا زيادة عدد الفخاخ والهجمات على الناقالت المدرعة، في آن مع ضمان أعظم سالمة ممكنة لجملة

الخنادق الثابتة التي يمكن للعدو، بحكم ثباتها، أن يحدد مواضعها. وإذا كان األمر العسكري في هذا النمط من الحرب، هو بعامة، الصمود بوسائل الدفاع حتى الموت، يجب مع ذلك أن يضمن

Lلكل من الحماة الحد األقصى من فرص البقاء حيا. كلما كان الخندق مستخفياL للمراقبة عن بعد. كان أميناL. ويحسن تغطيته بسقف إلبطال تأثير

85 أو حتى 60مدافع الهاون. إن مدافع الهاون المستخدمة في الميدان عامة هي ذات عيار مم، وهي ال تستطيع خرق سقف جيد مبني بالمواد المحلية، كالخشب أو الحجر، ومحكم

التمويه. ينبغي االحتياط دائماL بإنشاء مخرج يسمح للمرء في الحالة القصوى، أن يفلت دون تعريض حياته كثيراL. لقد أنشأنا مثل هذه الوسائل الدفاعية في سييرا ماسترا حيث كانت فعالة لوقايتنا من رمي مدافع الهاون. تشير كل هذه االعتبارات بوضوح إلى انعدام وجود خطوط نار محددة. إن خط النار هو شيء نظري إلى حد بعيد أو قريب، يتثبت في بعض اللحظات الحرجة،

[ واسعة بينهما.51إال� أنه مطاط ومتنافذ بين المعسكرين. وما هو موجود إنما هو أرض سائبة] إال� أن األرض السائبة تتميز في الغوار بأن ثمة سكاناL مدنيين يعيشون فيها، ويتعاونون إلى حد

ما مع أحد المعسكرين. وتقف أكثرية باهرة منهم، في الواقع، إلى جانب الثورة. ال يمكن ترحيلL، إذ أن أي المتنازعين يحاول ذلك، يختلق لنفسه معضلة تموينية ال حل لها. هؤالء السكان حشرا تمر في هذه األرض السائبة غزوات دورية، نهارية على وجه العموم لقوى القمع، وليلية لقوى

الغوار. وتجد قوى الغوار في هذه الغزوات مصدراL هاماL للتموين ينبغي تداركه على الصعيد.السياسي بإقامة أحسن العالقات مع الفالحين والتجار

إن عمل الذين ال يقاتلون مباشرة هام جداL في هذا النمط من الحرب. لقد أشرنا آنفاL إلى بعض مميزات االرتباط في أماكن القتال، إال� أن االرتباط هو مؤسسة تقوم داخل تنظيم الغوارة.

وينبغي بناء االرتباطات حتى أبعد جماعة من المغاوير، بحيث تستطيع االنتقال دائماL من نقطة،Lألخرى بأسرع وسيلة معروفة في المنطقة، هذا حتى في األرض المجافية لنا. ال يرد مثال

لغوارة تعمل في أرض مجافية، أن تدع جمل موصالت حديثة قائمة، كالبرق، والطرقات.. إلخ، عدا بعض الجمل الالسلكية التي يتعذر تخريبها والتي ال تفيد إال� حاميات عسكرية قوية تذود

عنها. وهي بأية حالة، لو سقطت في أيدي الغوارة، الحتاجت إلى تغيير الرموز والتوترات، وهو.عمل على جانب من الصعوبة في بعض األحيان

نقول ونحن نتذكر تجربتنا الخاصة خالل حرب التحرر: إن االختبار اليومي األمين عن كافةLستكمل باالختبار الذي تؤديه ارتباطاتنا. ينبغي درس جملة المخابرات درساGنشاطات العدو ي كثيراL، واختيار رجالها بأكبر عناية. فال يمكن تقدير مبلغ األذى الذي يستطيع أن يؤتيه عميل مزدوج. وإذا لم نذهب إلى هذا الحد، فإن اختباراL مبالغاL فيه، يستعظم الخطر أو يستصغره،

يمكن أن تنجم عنه متاعب جمة: ويندر أن يستصغر الخطر، إذ أن ميل الفالح العام يحدو به إلى[ التي تستحضر أشباحاL وكائنات غيبية شتى هي ذاتها52تضخيم األنباء. إن الذهنية الجبتية]

التي تختلق جيوشاL جبارة أيضاL عندما ال يعدو األمر فصيلة أو دورية عدوة. كما ينبغي أن يبدو

Page 30: حرب العصابات

الجاسوس محايداL قدر اإلمكان، وأال� يظهر في عين العدو، على أية صلة بقوى التحرر. ليست هذه المهمة صعبة بقدر ما تتراءى، ويصادف أناس كثيرون، تجار أو أصحاب مهن حرة وحتى

.رجال دين، يستطيعون اإلسهام فيها وتقديم المعلومات إن الفرق الشاسع بين المعلومات التي تحصل عليها القوى الثائرة ومعلومات الجيش النظامي،

هو من أهم موائز حرب الغوار. يضطر الجيش النظامي أن يجوب مناطق مناوئة له إطالقاL، ال يلقى فيها إال� صمت الفالحين المر، بينما تعتد تشكيلة الغوار بصديق في كل بيت، إن لم يكن

في صفوفها أحد أعضاء األسرة، وتتداول األنباء باستمرار خالل جملة ارتباطاتها، حتى األركان.العامة أو مركز قيادة الغوار في المنطقة

عندما يتوغل العدو في أرض قد جاهرت بالثورة، حيث انضوى الفالحون كافة إلى قضية الشعب، تنشأ مسألة بالغة الخطورة. يحاول معظم الفالحين أن يفروا مع الجيش الشعبي،Lها وقضيضها، وأخيرا مخل�فين أطفالهم ومشاغلهم، ويحاول غيرهم اصطحاب عيالهم بقض�ر كثيرة في وضع س�

Gيمكث غيرهم مكانه بانتظار األحداث. إن أبلغ نتائج توغل العدو هو زج أ Lينبغي إسداء الحد األقصى من الدعم لهم، لكنه ينبغي تحذيرهم أيضا .LL صعب، إن لم يكن يائسا من أن الفرار صوب مناطق غير آهلة، بعيداL عن أماكن التموين المعتادة، يعرضهم بالتأكيد إلى

ن] [53الل¬ز� . ال يسوغ الحديث عن "نمط من القمع" من جانب أعداء الشعب: ففي كل مكان، يعمل أعداء

،Lللظروف النوعية من تاريخية واجتماعية واقتصادية، على نحو يزداد أو يقل إجراما Lالشعب تبعا وإن كانت طرائق القمع العامة متماثلة على الدوام. ثمة أماكن ال يستثير فيها فرار الرجل إلى

منطقة الغوار، مخلفاL أسرته في البيت، رد فعل كبير. ب�يµد� أن هذا الفرار كاف، في أماكن أخرى، لمصادرة أرزاقه وإحراقها وللتسبب بقتل األسرة كلها. لذا فمن الطبيعي أن يتم تنظيم

الفالحين الذين سوف يتأثرون بتقدم العدو، على خير وجه، تبعاL لما يعرف عن قواعد الحرب في.هذه المنطقة بالذات

واضح أنه ينبغي التأهب لطرد العدو خارج المنطقة المصابة، بقطع خطوط مواصالته، ومنع.تمونيه بواسطة غوارات صغيرة ترغمه على أن يلقي في القتال أعداداL كبيرة جداL من الرجال إن استخدام االحتياط على نحو حكيم في كل لقاء هو أهم العوامل في هذه المعارك. يندر أن

يستطيع الجيش الثائر، بحكم طبيعته، أن يعتمد احتياطات، ألن عمل أبسط المشتركين فيه منظم ومستخدم ملياL في كل قتال. غير أنه يحسن أن يحتفظ الجيش الثائر برجال موزعين،

Lيستطيعون االستجابة لطارىء ما، أو شن هجوم معاكس، أو تثبيت وضع ما. ويمكن وفقا لتنظيم الغوارة وتبعاL إلمكانات الساعة، أن يحتفظ بفصيلة متأهبة "صالحة لكل عمل"، تكون

مهمتها هي االنتقال إلى أشد النقاط خطراL. يمكن تسميتها "الفصيلة االنتحارية"، أو أي اسم آخر. إنها تقوم جيداL في الواقع بالوظائف التي تشير هذه التسمية إليها. يجب إرسال هذه

"الفصيلة االنتحارية" إلى كافة النقاط التي يحسم فيها القتال، وإلى الهجمات المفاجئة على المقدمات، وللدفاع عن األمكنة األشد خطورة وعرضة لإلصابة، وأخيراL إلى كل مكان يهدد فيه

العدو استقرار خط النار. يترك كل امرىء حراL أن ينخرط في هذه الفصيلة، التي يجب أن تغدو جائزة ينالها من يختارها. والجندي منها خليق أن يصبح على مر الزمن مثاالL لكل رتل غواري،

.ويتمتع المغاور الذي يتشرف باالنتساب إلى هذه القطعة بإعجاب واحترام رفاقه كافة

   

ابتداء حرب الغوار وتطورها وانتهاؤها – 5فنا بإسهاب ما هي حرب الغوار. وسوف نعيد اآلن وصف تطورها األمثل، في األرض لقد عر�

المؤاتية، منذ والدتها بدءاL من نواة وحيدة، أي أننا سوف نؤلف نظريتها، اعتماداL على التجربة.الكوبية

ثمة في البدء جماعة قليلة أو كثيرة التسلح، متفاوتة التجانس، تحاول بصورة حصرية تقريباL، أن تختبىء في أماكن وعرة، ال يGهتدى إليها، في حين أنها تحافظ على صلة ضعيفة بالفالحين.

لبوا Gتنجح هذه الجماعة في كيل ضربة، فتبدأ شهرتها آنئذ. يأتي بعض الفالحين الذين س أراضيهم أو الذين يناضلون للحفاظ عليها، وبعض المثاليين الناشئين في طبقة أخرى،

فيرفدون صفوفها. تكتسب الجماعة مزيداL من اإلقدام للتجول في المناطق اآلهلة، وصلة أوثق بأهل المنطقة، فتباشر بعض الهجمات، يليها الهروب تواL. وسرعان ما يصل بها األمر إلى

االشتباك في قتال مع رتل فتبيد مقدمته. تستمر في تجنيد الرجال فيها، ويتضخم عددها، إال� أنLأقل وتغامر في مناطق أكثر سكانا Lتنظيمها يبقى هو هو، عدا أنها تلتزم حذرا.

ثم تأخذ الجماعة تقيم معسكرات مؤقتة لبضعة أيام، تبارحها مذ تعلم باقتراب العدو، أو إذا حدث قصف، أو لمجرد ظنها في أحد هذه األخطار. تتزايد الغوارة عددياL، ويقترن ذلك بالعمل

الجماهيري الذي يجعل من كل فالح نصيراL لحرب التحرر. تختار أخيراL منطقة في منأى عن يد العدو، وتبدأ الحياة الحضرية وتشرع بإقامة الصناعات الصغيرة األولى: األحذية، لفائف التبغ،

.صناعة السالح، الخبازة، شيء من الخياطة، المشافي، اإلذاعة، الطباعة... إلخ أصبح للغوارة تنظيم جديد، وبنية جديدة. إنها رأس حركة كبيرة تظهر فيها، على هيئة مالمح،

كافة مميزات الحكومة. تقام محكمة إلدارة العدالة، وإذا أمكن، تنشر بعض القوانين، مع متابعة

Page 31: حرب العصابات

توعية الجماهير الفالحية سياسياL، وكذلك الجماهير العمالية إن وجدت في المنطقة. يتم هزم هجوم من جانب العدو، فيزداد عدد البنادق، وبالتالي عدد رجال الغوارة. غير أنه يحين وقت ال

يتسع فيه قطر عملها بنسبة عدد رجالها. فينفصل عندئذ رتل عن الجماعة ويذهب لخلق منطقةLما، نظرا Lقتال جديدة. تعاود هذه النواة الجديدة العمل مرة أخرى، لكن بموائز مختلفة نوعا

للتجربة المكتسبة ولتوغل جيوش التحرر في مناطق الحرب. وتتابع النواة المركزية استفحالها في هذه األثناء، وقد تلقت أرفاداL هامة من التموين ومن البنادق أحياناL، من مناطق بعيدة،

ويستمر قدوم الرجال إليها، وتتابع المهمات اإلدارية بابرام القوانين، وتفتح مدارس تسمح بنشر الوعي السياسي بين المجندين وبتدريبهم. ويتعلم القادة بقدر ما تتطور الحرب، وتتحسن

Lا وكيفا .كفاءتهم القيادية في آن مع تزايد القوى كم� وعندما يحين الوقت، تستطيع بعض الجماعات أن تذهب لتقيم في مناطق بعيدة وتعاود الدورة

.ذاتها غير أن ثمة أرضاL معادية، أرضاL مجافية لحرب الغوار. فتتوغل فيها زمرة صغيرة لمهاجمة

المواصالت وتخريب الجسور وبث األلغام وبذر عدم االطمئنان. وتستمر الحركة تتطور مع المد والجزر الخاصين بالحرب. ال يلبث العمل الجماهيري الواسع أن يتيح للقوى بالتجول في

.األراضي المجافية، فيبلغ المرحلة األخيرة وهي مرحلة الغوار في ضواحي المدن يزداد التخريب بشكل محسوس في المنطقة كلها. وتصاب الحياة بالشلل، فقد أصبحت قيد رقابة الغوار. يستهدف الغوار مناطق أخرى، ويقاتل العدو على جبهات محددة، وقد تم غنم أسلحة ثقيلة (حتى بعض الدبابات)، وصار النضال بين ند� وند�. يتم مصرع العدو عندما يتحول تتابع األظفار الجزئية إلى ظفر نهائي، عندما يصل األمر بالغوار أن يحمل العدو على القتال

.ضمن الشروط التي يفرضها الغوار، ويتم عندها قهر العدو وإرغامه على االستسالم ليس هذا إال� تصوير المالمح التي تعيد إلى األذهان مختلف مراحل حرب التحرر الكوبية، غير أن

ال يتوفر دائماL كما حصل محتواه عام تقريباL، وأن تضافر العناصر – الشعب، الشروط، القائد - في حربنا. وهل يلزمنا القول إن فيدل كاسترو يجمع صفات المقاتل ورجل الدولة وإننا مدينون إلى نظرته لألمور بنزولنا إلى البر وبظفرنا؟ ال نستطيع القول إن ظفر الشعب لم يكن ليحدث

Lوكان أقل اكتماال Lبدونه، لكننا نستطيع القول إن الظفر بدونه، كان أغلى ثمنا. 

      

القسم الثالث 

تنظيم جبهة الغوار

   

التموين – 1 إن تموين تشكيلة الغوار على نحو صحيح هو أمر جوهري. ينبغي أن تستطيع الجماعة إيجادها

أودها من منتجات األرض، بينما هي تمك�ن الفالحين الذين يقدمون هذه المنتجات أن يجدوا أودهم فيها أيضاL. ال يستطيع المغاور، في النضال الشاق الذي يخوضه – وال سيما في البدء – أن ينتج بنفسه أي شيء، خاصة إذا وجد في أرض سالكة ألرتال القمع. وبقدر ما تنمو تشكيلة

ن لنفسها منابع تموين بعيدة عن مناطق القتال. تعيش في البدء مما ينتجه الغوار، عليها أن تؤم�يرة] [ من بعض المراكز، ولكنها ال تستطيع أبداL أن تنشىء54الفالحون فقط. قد تستطيع الم¬

شبكات تموينية ألنها تفتقر بعد إلى األرض التي تقيمها عليها. إذن تتكيف شبكة التموين ومثلها.تخزين المؤن بتطور الصراع

يجب كسب ثقة سكان المنطقة كلياL وقبل كل شيء. ويتم الفوز بها باتخاذ موقف إيجابي من مشاكلهم، بمساعدتهم وتوجيههم باستمرار، بالدفاع عن مصالحهم وبمعاقبة الذين يستغلون

.الفوضى لطرد الفالحين من أراضيهم واالستيالء على محاصيلهم وإقراضهم بالربا يجب أن يكون الخط المتبع مرناL وصلباL في آن. يكون مرناL بانتهاج التعاون العفوي مع كل الذين

يعطفون باخالص على الحركة الثورية. ويكون صلباL تجاه الذين يهاجمون الحركة الثورية.مباشرة، مثيرين التفرقة أو ناقلين معلومات هامة إلى جيش العدو

يتم اإلشراف على المنطقة شيئاL فشيئاL ويمكن عندها اعتماد حرية حركة أكبر. يجب اتخاذ مبدأ أساسي هو دفع أثمان البضائع المأخوذة من األصدقاء دوماL، سواء أكانت منتجات زراعية أو

سلعاL تجارية. كثيراL ما تكون هذه البضائع هدايا، غير أن ظروف حياة الفالح تحول أحياناL دون

Page 32: حرب العصابات

L هذه الهبات. وقد تفرض ضرورات الحرب مهاجمة بعض المتاجر، دون إمكان الدفع. يجب دوما.Lسند إقرار بالدين، من "سندات األمل" التي ذكرناها آنفا ،Lفي هذه الحاالت إعطاء التاجر إيصاال

ل استخدام هذه الوسيلة مع أناس موجودين خارج حدود المنطقة المحررة، ولكنه يفض�Lوتسديدها في أسرع وقت ولو جزئيا.

ومتى تحسنت الظروف بكفاية لتسمح باالحتفاظ بصورة دائمة بأرض ال يطالها جيش العدو، أمكننا أن نعمد عندئذ إلى البذار بصورة جماعية. يشتغل الفالحون األرض لصالح جيش الغوار،

L ثابتاL للتموين .فيضمنون بذلك مصدرا وإذ كان عدد المغاوير المتطوعين يتجاوز عدد األسلحة، وإذا كانت الظروف السياسية تحول

دون نزول هؤالء الرجال إلى المناطق الخاضعة للعدو، يمكن للجيش الثائر أن يدع رجاله وكافة المجندين فيه يشتغلون األرض، ويجنون المنتجات التي تضمن التموين. يمأل هؤالء المتطوعون بذلك سجالت خدمتهم التي تفيد فيما بعد لترقيتهم إلى صفوف المقاتلين. غير أنه يGفض�ل أن

يتم البذار على يد الفالحين أنفسهم، ألنهم ينجزون العمل بحماس أكبر وكفاءة أعظم. ويمكن التوصل، في مرحلة أكثر تقدماL، إلى شراء محاصيل برمتها وتخزينها الستعمال الجيش، سواء

.في الهواء الطلق أو في المخازن، حسب طبيعة السلع وعندما يتم إنشاء هيئات مكلفة بتموين السكان الفالحين أيضاL، يتم تجميع كل السلع لدى هذه

.الهيئات، إلجراء عمليات مقايضة بين الفالحين، بوساطة الجيش الثائر وإذا تحسنت الظروف أكثر، أمكن تحديد الضرائب. يجب أن تكون أخف ما يمكن، ال سيما على المنتج الصغير. ويجب السهر، فوق كل شيء، على العالقات الطيبة بين طبقة الفالحين وبين

.الجيش الثائر الذي هو فيض منهاLأو بشكل حصص من المحصول تأتي لترفد االحتياطات. اللحم مثال Lب�ى الضرائب نقدا µجGيمكن أن ت سلعة في المقام األول من الضرورة، فيجب ضمان إنتاجه وحفظه. ويتم بالتعاون مع الفالحين

ادر منهم، وإذا ت�رى من كبار المالك أو تGص� µشGإنشاء مزارع لتربية الدجاج والماعز والخنازير، التي ت كانت المنطقة غير آمنة، يبدو الفالحون فيها بمظهر م�ن ال عالقة له بالغوارة. ومن المعتاد في

مناطق الملكيات الكبرى أن تتوفر الماشية بكميات كبيرة، فتذبح وتمل�ح. فإذا ما حفظ اللحم.بهذه الشروط، بقي صالحاL لالستهالك مدة طويلة

تنتج الماشية الجلد أيضاL. يمكن إقامة صناعة دباغة بدائية إلى حد ما، تسمح بتوفير المادة األولية لألحذية، وهي لوازم ال يستغني المغاور عنها. يمكن القول، بصورة عامة، إن األغذية

التي ال غنى عنها هي: اللحم، الملح، بعض الخضار أو األدران أو البذور. ينتج الفالح الغذاء األساسي دائماL، وهو الماالنغا في المناطق الجبلية من مقاطعة أوريينته (كوبا)، والذرة في

المناطق الجبلية من المكسيك وأمريكا الوسطى والبيرو، والبطاطا في البيرو أيضاL، وهو الماشية في بلدان أخرى كاألرجنتين، وهو القمح في سواها. يجب بأية حال ضمان تموين

.الفرقة بالغذاء األساسي، وببعض المواد الدسمة الحيوانية أو النباتية التي تسمح بإغناء التغذية الملح حاجة ال غنى عنها. عندما نكون على مقربة من البحر ونستطيع بلوغه، ينبغي إنشاء

ات] ف� [ صغيرة للملح فوراL، لتكوين احتياط منه. وال يسعنا نسيان أنه يسهل فرض الحصار55م�ج� على المنطقة الجبلية، التي تكاد ال تنتج شيئاL، فيؤدي الحصار إلى إفقار المنطقة على نحو بالغ.

ويستحسن أن تتوقع المنظمة الفالحية والمنظمات المدنية عامة هذا االحتمال. يجب أن تتوفر لدى الفالحين احتياطات غذائية ليستطيعوا البقاء خالل أشد فترات النضال قسوة. يجب االجتهاد بسرعة لتكوين مخزونات من السلع غير التالفة كالحبوب: ذرة، قمح، ارز... إلخ،

Lوالدقيق، والملح، والسكر، والمحفوظات بكافة أنواعها، ويجب القيام بالبذار الضروري أيضا. سوف يأتي يوم يتم فيه حل كافة المسائل الغذائية في المنطقة، غير أن كمية كبيرة من

المنتجات األخرى تبقى ضرورية، كالجلد مثالL لألحذية (إذا تعذر إنشاء صناعة للجلد)، والكت�ان.لأللبسة، ولوازم أخرى كالورق وآالت الطباعة للصحف والحبر... إلخ

وكلما استكملت الغوارة تنظيمها، ازدادت حاجتها ألصناف تأتي من العالم الخارجي. فيصبح ضرورياL عندئذ أن تؤدي منظمة خطوط التموين عملها على وجه الكمال. تقوم هذه المنظمة

بصورة أساسية بواسطة الفالحين األصدقاء. ويجب أن تكون بنيتها ذات قطبين، أي تكون لها نهاية في المدينة من جهة، ونهاية في جبهة الغوار من الجهة األخرى. وتجتاز خطوط التموين،

ابتداء من مناطق الغوار، كل األرض التي يمكن أن يمر فيها العتاد. وسوف يألف الفالحون الخطر شيئاL فشيئاL (يمكنهم إتيان العجب العجاب إذا عملوا في جماعات صغيرة)، فينقلون

L بالغة. يمكن إجراء هذه التنقالت ليالL على البغال العتاد إلى المكان المحدد دون أن يعانوا أخطارا[ أخرى، وحتى بسيارات الشحن في بعض المناطق، فيتم بذلك ضمان تموين56أو أية زوام¬ل]

.منتظم. والمقصود ههنا نمط من خطوط التموين وارد من األنحاء القريبة من أمكنة العمليات بيد أنه يجب أيضاL تنظيم خطوط تموين واردة من مناطق أكثر بعداL. وينبغي لهذه المناطق،

.باإلضافة إلى العتاد غير المتوفر في القرى أو مدن المقاطعات، أن تقدم المال الالزم للشراءب�ات األصدقاء المباشرة، وتعطي لقاءها إيصاالت سرية، ويجب أن يكون تعيش المنظمة من ه¬

القائمون على تعاطي هذه األمور خاضعين لرقابة شديدة. وعندما تخرج غوارة من مأر¬ز عملياتها لتداهم منطقة جديدة، يمكنها تسديد مشترياتها نقداL أو بـ"سندات األمل". وفي هذه

الحالة، ليس ثمة حل غير أخذ بضائع التجار. ويتبع التسديد عندئذ إلى أمانة الغوارة أو إلى.إمكاناتها المالية

تحتاج كافة خطوط التموين التي تجتاز الريف إلى سلسلة من المحطات أو نهايات المراحل، المنشأة في بيوت خاصة، يمكن إخفاء المؤن فيها في النهار، حتى الليل التالي. وال يجوز أن

Page 33: حرب العصابات

يعرف هذه البيوت غير أولئك المكلفين مباشرة بالتموين. ويجب أن يعرف أهل هذه البيوت أنفسهم أقل ما يمكن عن هذه النقليات وأن يكونوا طبعاL أشخاصاL يوحون للمنظمة بأكبر قدر

.من الثقة البغل أكثر الدواب مالءمة لنقل المؤن. للبغل طاقة احتمال ال تصدق، ويستطيع التجوال في

أشد المناطق وعورة، حامالL أكثر من مئة كيلو طوال أيام وأيام. وتجعل منه قناعته وسيلة النقل المثلى. يجب أن يكون حافره حسن األنعال وأن ي�عµت�ني بالبغل ب�غ�الون حاذقون. يمكن

على هذا النحو تجنيد جيش حقيقي عظيم الفائدة، يدب� على أربع. وقد يحصل، رغم صبر البغل وطاقته على احتمال أصعب المراحل، أن تؤدي صعوبة أحد المسالك إلى وجوب تخفيف األحمال

عنه. ولتجنب ذلك يكلف فريق خاص بتحديد معالم الدروب الجبلية. فإذا ما اجتمعت كل هذه الظروف، وإذا توفر تنظيم متين وإذا أقام الجيش الثائر أطيب العالقات مع الفالحين، تم ضمان

.التموين بانتظام

   

المنظمة المدنية – 2 إن التنظيم المدني للحركة االنتفاضية أمر بالغ األهمية، وذلك على الجبهتين الداخلية

والخارجية. وللجبهتين طبعاL، موائز ووظائف متباينة إلى حد بعيد، وإن تم تصنيف مهماتهما تحت تسمية واحدة. فجباية المال التي يمكن أن تقوم بها الجبهة الخارجية مثالL تختلف عن جباية الجبهة الداخلية. ومثلها شأن الدعاية، أو التموين. وسوف نصف أوالL مهمات الجبهة

.الداخلية نقصد بالجبهة الداخلية منطقة واقعة ولو جزئياL تحت إشراف قوى التحرر، ومؤاتية للغوار. أما،Lبل اتساعا ،Lعندما ينتشر قتال الغوار في أرض مجافية له، فال يتوطد تنظيم الغوار فيها عمقا ألنه يصيب نقاطاL متزايدة العدد، ولكنه ال يستطيع تحقيق تنظيم داخلي، ألن العدو متوغل في

المنطقة. ويمكن في الجبهة الداخلية توفر سلسلة من المنظمات التي تؤدي وظائف نوعية لتحسين عمل اإلدارة. تعود الدعاية، بصورة عامة، مباشرة إلى الجيش، غير أنه يمكن فصلها مع

بقائها تحت إشرافه (وهذه المسألة، بأية حال، هامة إلى حد يجعلني أعالجها على حدة فيما بعد). وتعود جباية الضرائب إلى المنظمة المدنية، ومثلها تنظيم الفالحين بصورة عامة (والعمال

.إن وجدوا)، وينبغي أن يخضع هذان األمران إلى إشراف محكمة وكما أوضحنا في الفصل السابق، يمكن تحقيق الجباية بأشكال شتى، من ضرائب مباشرة وغيرب�ات ومصادرات. يؤلف كل ذلك جزءاL من الفصل الهام المتعلق بتموين جيش الغوار .مباشرة وه¬

[ المنطقة، وإن كان عمله57ينبغي االنتباه بشدة كي ال يؤدي عمل الجيش الثائر إلى إمالق] مسؤوالL عن ذلك بصورة غير مباشرة بسبب حصار العدو. إنها حجة تستخدمها دعاية العدو

باستمرار. فينبغي لهذا السبب بالضبط، عدم إثارة أي سبب مباشر للنزاع. فيجب مثالL أن ال يكون هناك أي نظام يمنع مالك محصول في المنطقة المحررة من بيع محصوله خارج هذه

المنطقة، إال� في حاالت قصوى وبصورة مؤقتة، مع شرح األسباب بوضوح للفالحين. وخالل كل عمل يقوم به الجيش الثائر، ينبغي أن يشرح قسم الدعاية دائماL أسباب هذا العمل، وسوف يفهمه الفالح بعامة فهماL تاماL، فقد صار هذا الجيش جيشه، طالما أن له فيه إبناL أو أخاL أو

قريباL. ونظراL ألهمية العالقات مع الفالحين يجب إنشاء هيئات تسي�ر هذه العالقات في مجرى محدد وتنظ�مها. تقوم هذه الهيئات في المناطق المحررة، ولكنها تنشىء عالقات بالمناطق

Lوتستطيع هذه الهيئات، عن طريق المناطق المجاورة بالتحديد، أن تتوغل شيئا .Lالمجاورة أيضا فشيئاL فتسمح بذلك بتوسيع جبهة الغوار. يذيع الفالحون الدعاية الشفهية والمكتوبة، ويحكون كيف يعيش الناس في المنطقة األخرى، والقوانين التي أGبر¬م�ت فيها لحماية صغار الفالحين،

داء لدى الجيش الثائر، فيخلقون بذلك الجو المالئم لدعم هذا الجيش .وروح الف¬ يجب أن تكون لمنظمات الفالحين أيضاL تفرعات تسمح للجيش الثائر، عندما يرغب في ذلك، أن

ينقل بعض المنتجات لبيعها في أرض العدو، عن طريق سلسلة من الوسطاء الذين يعملون مجاناL إلى حد متفاوت. ذلك أن التاجر، إذا كان تعلقه بالقضية يدفعه إلى معاناة بعض المخاطر،

.فإن ثمة تعلقاL بالمال أيضاL يدفعه إلى اإلفادة من المخاطر عينها لجني الربح أشرنا عندما تكلمنا عن التموين إلى أهمية مصلحة إنشاء الطرق. فعندما تبلغ الغوارة درجة معينة من التطور، تنشىء مآرز ثابتة إلى حد ما، وال تعود تتيه بال موئل في مناطق مختلفة.

يجب عندئذ إنشاء سلسلة من الدروب التي تتفاوت بين درب البغ�الة والطريق المعب�دة. ينبغي النظر طبعاL في كفاءة الجيش الثائر للتنظيم، وفي قابلية العدو الهجومية، ألنه يستطيع تدمير طرق المواصالت هذه، كما يستطيع استخدام الدروب التي أنشأها المغاوير، لبلوغ معسكراتهم بسهولة. يجب اعتماد مبدأ جوهري هو أن الدروب معدة لتسهيل تموين المواضع التي ليس لها

حل آخر، وأنه ال يجوز إنشاؤها إال� إذا تم التأكد تقريباL من إمكان الصمود في الموضع أمام هجومر االتصال بين عنيف من جانب العدو. ويمكن القبول باستثناء من أجل الدروب التي تيس�

Lنقطتين ولكنها ليست حيوية فال يؤلف إنشاؤها خطرا. ب�يµد� أن ثمة وسائل مواصالت أخرى، كالهاتف مثالL، الذي يمكن إقامته في الجبل بسهولة أكبر بقدر ما يمكن اتخاذ األشجار أعمدة له، وهذا ما يستحيل على مراقبة العدو الجوية أن تميزه.

Page 34: حرب العصابات

.ولكنه واضح أن ذلك ال يجوز إال� في منطقة ليس للعدو إليها سبيل المحكمة هي الهيئة المركزية للعدالة واإلدارة والقوانين الثورية، وال غنى عنها لجيش غوار تم

بناؤه في أرض محررة. يجب أن يتبوأ مسؤولية المحكمة شخص مطلع على قوانين البلد، واألفضل منه شخص يعرف الضرورات القانونية في المنطقة ويستطيع وضع سلسلة من

.المراسيم واألنظمة تساعد الفالح على ن�ظµم الحياة وإقامة مؤسساتها داخل المنطقة الثائرة لقد وضعنا، إبان حرب غوارنا الكوبية، قانون عقوبات، وقانوناL مدنياL، ونظاماL لإلصالح الزراعي،

ونظاماL لتموين الفالح، وفي ما بعد قانون اإلصالح الزراعي في سييرا ماسترا. كما تتولى المحكمة، باإلضافة لما سبق، كل محاسبة الجماعات المسلحة المختلفة، وتشرف على مشاكلها

.المالية كافة، فتتدخل مباشرة أحياناL حتى في مسائل تموينها،Lوتاريخيا Lلنالحظ أن كل هذه التوصيات األسياسية ليست جامدة. إنها نتاج تجربة محددة جغرافيا

.ويمكن تعديلها وفق الGمعµط�ي�ات الواقعية لبيئة أخرى وينبغي من جهة أخرى بذل أكبر عناية بصحة سكان المنطقة. تقدم المشافي العسكرية

المركزية العناية لكل فالح على أتم وجه ممكن. ويتعلق ذلك أيضاL بالمرحلة التي بلغتها القوى.الثورية

تتعلق المشافي المدنية وصحة السكان المدنيين، بالجيش الثائر اللذي يضطلع بمهمة مزدوجة هي إسداء المعالجة للشعب وتثقيفه في ما يخص تحسين صحته. إن الجهل التام بأكثر أمور

الصحة بداهة هو ما يجعل المسائل الصحية صعبة الحل لدى السكان، وهو ما يشدد الخطورة فيLوضع بائس أصال.

وعندما تتحضر الغوارة، عليها أن تنشىء المخازن، بأحسن إدارة ممكنة، لتؤمن حداL أدنى منLعادال Lالرقابة على البضائع، وبخاصة، لتتيح مراقبتها لكي توزع توزيعا.

تختلف المهمات في الجبهة الخارجية طبيعة واتساعاL. ينبغي أن تكون الدعاية، مثالL، قومية وتعليمية في آن. يجب أن تشرح المظافر التي حققها رفاق الغوار، وتدعو العمال والفالحين

إلى خوض نضاالت جماهيرية فعلية، وتقدم المعلومات عندما يمكن ذلك، حول األظفار التي تم إحرازها في هذه الجبهة. يجب جباية األموال بصورة سرية تماماL، ومع أعظم االحتراز، وإقامة

الفواصل في الخط الواصل بين الجابي األول وبين خزينة المنظمة. ويجب تقسيم هذهLويمكن أن تكون هذه المناطق مقاطعات، أو مدنا .Lواحدا Lالمنطقة إلى مناطق تتكامل لتشكل كال

أو قرى، بحسب اتساع الحركة. ويجب أن توجد لجنة مالية في كل من هذه المناطق لتوجيه استخدام الواردات. وعندما يصبح نGهوج النضال متقدماL بما فيه الكفاية، يمكن جباية الضرائب،

وسوف يدفعها حتى الصناعيون، إزاء القوة التي يؤلفها الجيش الثائر. يتم تنظيم التموين وفق حاجات الغوارات، بخطوط تموين متعددة، بحيث يستطاع توفير البضائع الشائعة من الجوار،

بينما تجلب البضائع النادرة من المراكز الكبرى. يجب االجتهاد في اختصار خط التموين إلى الحد.األقصى، وأن يعرفه أقل عدد ممكن من الناس، ففي ذلك ضمان لديمومته

يتم تنظيم أعمال التخريب من قبل المنظمة المدنية الخارجية، وتنسق مع القيادة المركزية. تفرض بعض الظروف الخاصة ضرورة اللجوء إلى اإلعدام الفردي، ويحسن تحليل هذه الظروف. غير أننا نعتبره سلبياL على وجه العموم، إال� إذا أزال شخصاL اشتهر بجرائمه ضد الشعب وبنجاعته في القمع. وقد بي�نت تجربتنا في النضال الكوبي أنه كان باإلمكان توفير أرواح رفاق ذوي قيمة

Lب�ع العدو بهم، على سبيل االنتقام، رفاقاµح�ي بهم إلنجاز مهمات ثانوية، وقد أت Gغالية، وقد ض آخرين كانت خسارتهم غير متناسبة مع النتيجة الحاصلة. ال يجوز استخدام االغتيال واإلرهاب

األعمى. يفضل القيام بعمل جماهيري، وتلقين المثل األعلى الثوري، وإنضاجه، حتى تستطيع.هذه الجماهير، يدعمها الجيش الثائر، أن تتعبأ في الوقت الالزم فترجح كفة الثورة

ويجب لهذه الغاية عدم إهمال منظمات العمال والفالحين الثورية، فهي تنشر المثل األعلى الثوري في صفوفها، وتGقرىء منشورات الثورة وتنشرها، وتعل�م الحقيقة، إذ ينبغي أن تكون الحقيقة أحد موائز الدعاية الثورية. يتم الفوز بالجماهير على هذا النحو شيئاL فشيئاL، ويمكن.اصطفاء الذين يؤدون أحسن عمل لتجنيدهم في الجيش الثائر أو تسليمهم مسؤولية هامة

هذا هو مخطط التنظيم المدني، داخل وخارج األرض التي يشرف عليها الغوار في لحظة معينة من النضال الشعبي. ويمكن استكمال هذه العناصر إلى الحد األقصى، ألني أكرر، أن هذه ليست

إال� تجربتنا الكوبية التي أعبر عنها ههنا. ويمكن أن تأتي تجارب جديدة فتغير من هذه الطرائق.وتحسنها. فنحن نقدم مخططاL، ال توراة

  

   

دور المرأة – 3 تستطيع المرأة أن تقوم، إبان تطور النهوج الثوري، بدور خارق األهمية. ويحسن التذكير بذلك،

ألنه يوجد في كل بلداننا ذات الذهنية االستعمارية استصغار واضح لشأن المرأة، يصل حتى.التمييز الحقيقي

تستطيع المرأة أن تؤدي أصعب األعمال وأن تقاتل إلى جانب الرجال، وال تخلق في فرقة

Page 35: حرب العصابات

.الجنود، كما يزعمون، نزاعاL من النمط الجنسي والمرأة رفيقة، تأتي في حياة القتال الشاقة بالصفات الخاصة بجنسها، ولكنها مثل الرجل تستطيع العمل والقتال. إنها أضعف ولكنها ليست أقل احتماالL وتستطيع النجاح مثل الرجل بإنجاز طائفة من المهمات القتالية. وقد شغلت المرأة في كوبا دوراL في المقام األول في

.أوقات مختلفة من النضال النساء المقاتالت هن األقل عدداL بطبيعة الحال. وعندما يتم إنشاء جبهة داخلية متينة ونسعى قدر اإلمكان إلى استبعاد المقاتلين الذين ال تتوفر فيهم الصفات الجسمية الضرورية، يمكن

توجيه المرأة إلى عدد كبير من المهمات. ومن أهمها عمل االرتباط بين القوى المقاتلة المختلفة، وال سيما في منطقة العدو. ينبغي تسليم نقل الرسائل أو المال، واألشياء ذات الحجم الصغير واألهمية الكبرى، إلى النساء المتمتعات بثقة مطلقة. أنهن يستطعن نقلها

باستعمال ألف حيلة. وإذا كان القمع وحشياL، فإن معاملة المرأة تكون على العموم أقل قسوة.من معاملة الرجل وتستطيع بذلك أن تنجح أكثر منه

تتمتع المرأة التي تؤدي وظيفة عامل ارتباط بحرية أعظم بكثير من الرجل إلنجاز مهمتها. إنها أقل مجلبة لألنظار، وأقل إيحاء بالخطر لجندي العدو. علماL بأن خشية الخطر هذه هي التي

كثيراL ما تحدو بجندي العدو أن يرتكب أعماله الوحشية خوفاL من المجهول. ويمكن للنساء أن ينقلن الرسائل بين الوحدات المنعزلة، والرسائل الموجهة إلى خارج الخطوط، وحتى إلى خارج

الوطن، واألشياء ذات الحجم الصغير نوعاL ما كالرصاص مثالL، كل ذلك في أحزمة خاصة تختفي.تحت التنورة

وتستطيع المرأة إبان هذه الفترة، أن تؤدي مهماتها المعتادة، كما في حالة السلم. وكم يكون الجندي سعيداL، وهو يعاني ظروف حرب الغوار القاسية جداL، أن يتمكن من االعتداد بغذاء لذيذ،

ذي طعم واضح (إن إحدى ضرورات الحرب المزعجة هي ازدراد طبيخ بشع لزج بارد، عديمد الطعام بشكل محسوس ويسهل إبقاؤها في وظيفتها، ألن الطعم). تستطيع طاهية أن تجو�

إحدى المسائل التي ينبغي مواجهتها هي أن الرجال ال يكترثون باألعمال المدنية كلها ويحاولونLأن يتخلوا عنها لالنضمام إلى القوى المقاتلة فعال Lدائما.

ومن أهم مهمات المرأة تعليم القراءة والسياسة لفالحي المنطقة وللجنود الثوريين أنفسهم. ويجب أن يرتكز تسيير المدارس، وهو جزء من التنظيم المدني، بصورة أساسية على النساء

.اللواتي يستطعن إيحاء مزيد من الحماس لألوالد ومزيد من العطف للسكان وعندما تكون الجبهات قد استقرت وأضحت المؤخرة أمينة، تستطيع المرأة أن تمارس وظيفة

.اإلسعاف االجتماعي، فتحاول تلطيف األرزاء االقتصادية واالجتماعية قدر اإلمكان في المنطقة تضطلع المرأة في الميدان الصحي بدور هام كممرضة، وأحياناL كطبيبة، تؤديه بلطف فائق ال

يدانيها فيه رفيق السالح الخشن. يقد�ر هذا اللطف كثيراL في اللحظات التي يقف فيها اإلنسانعµوزاL، محروماL من الرفاه، يعاني آالماL قد تكون شديدة، ومعرضاL للمخاطر الكثيرة Gتجاه نفسه م

.الخاصة بحرب الغوار وإذا ما تم بلوغ مرحلة إنشاء الصناعات الصغيرة، تستطيع المرأة هنا أيضاL أن تدلي بدلوها، وال

سيما لصنع المالبس، وهو دور تقليدي للنساء في بلدان أمريكا الالتينية. وتستطيع إتيان العجب بآلة خياطة بسيطة وبعض النماذج. هذا وتستطيع المرأة أن تقوم مقام الرجل على أكمل وجه،

وإنها لفاعلة، في سائر قطاعات التتنظيم المدني، وكذلك في حال االفتقار إلى من يحمل السالح (وإن كانت هذه الحالة شديدة الندرة في حرب الغوار). يجب إسداء التهيئة المالئمة

د أخالق التشكيلة. غير أنه يجب س¬ µفGللرجال والنساء الجتناب كل نوع من التجاوزات التي قد ت السماح لألشخاص الذين يتحابون وهم غير متزوجين، وبعد أداء الشكليات البسيطة التي

.يقتضيها قانون الغوار، أن يعقدوا قرانهم في السييرا ويعيشوا الحياة الزوجية

   

الصحة – 4 الطوارىء إن إحدى المسائل الخطيرة التي تواجه الغوارة هي افتقارها إلى ما تدفع به كل

التي تنشأ إبان وجودها، وال سيما الجراح واألمراض، وما أكثرها في حرب الغوار. يؤدي الطبيب وظيفة بالغة األهمية، فهو ال ينقذ األرواح وحسب (كثيراL ما ال تكون وظيفته العملية ههنا ذات

بال، نظراL لضآلة العتاد الذي يتوفر له عامة)، بل يضطلع أيضاL باستنهاض معنويات المريض،.ويشعره أن بجانبه من يعنى بتخفيف آالمه والسهر عليه حتى زوال الخطر

يتعلق تنظيم المشافي بالمرحلة التي بلغها الغوار، ويمكن تعداد ثالثة أنماط أساسية من.مؤسسات اإلشفاء، يوافق كل منها إحدى المراحل

لدينا في ترتيب التطور التاريخي مرحلة بداوة أولى، حيث يتنقل الطبيب، إن وجد، مع رفاقه باستمرار. إنه رجل في عدادهم، يؤدي كافة وظائف المغاور األخرى، بما فيها وظيفة المقاتل.

ويضطلع بمهمة مضنية ومقنطة أحياناL، إذ يعالج حاالت يفتقر فيها إلى الدواء الذي يسمح له بانقاذ حياة بشرية. إنها المرحلة التي يتمتع فيها الطبيب بأعظم التأثير على الفرقة، وأعظم األهمية بالنسبة لمعنوياتها. إنه يؤدي في هذه المرحلة م¬هانته أداءL كامالL، ويحمل في حقيبته

المعوزة كل العون الذي يمكن أن يقدمه للناس. فإن قرص األسبيرين البسيط يستحوذ األهمية

Page 36: حرب العصابات

لدى اإلنسان المتألم، إذا ما قدمته يد الصديق الذي يتحسس آالم الرجل ويشاطره إياها. يجب أن يندمج الطبيب تماماL بالمثل العليا للثورة، في هذه المرحلة األولى، ألن كالمه سوف ينفذ

.أعمق من أي فرد سواه في الفرقةج الغوارة يمكن وصف المرحلة التالية بمرحلة نصف بدوية. إنها مرحلة المعسكرات التي تعر�

عليها، والبيوت الصديقة، االمينة تماماL، التي يمكن ترك العتاد فيها، وحتى الرفاق. فقد أخذت الفرقة تنحو منحى التحضر. إن مهمة الطبيب في هذه المرحلة أقل مشقة. ويمكنه أن يحوز،Lللمعالجة الضرورية األولى، وأن تتوفر له حقيبة أخرى، أهم شأنا Lجراحيا Lفي حقيبته تجهيزا

تودع في بيت صديق، للعمليات األقل إلحاحاL. ويمكن ترك المرضى والجرحى ليعنى بهمLالفالحون الذين يسهرون عليهم برعاية، كما يمكن تخزين مزيد من األدوية المصنفة تصنيفا

جيداL، في حرز أمين. ويمكن في هذه المرحلة نصف البدوية، وفي المناطق التي تثبت منعتها،.إقامة مشافي في بعض البيوت، ليترك فيها المرضى والجرحى

ال يمكن بناء تنظيم مشفوي حقيقي إال� في المرحلة الثالثة، عندما تحرز الغوارة أخيراL مناطق ال يستطيع العدو الدخول إليها. وفي المرحلة األكثر تقدماL، يمكن اعتماد ثالث فئات من المراكز، حسب اإلمكانات المتوفرة. الفئة األولى على مستوى خط القتال، تتألف من الطبيب الذي هو مقاتل أيضاL، وهو أحب الرجال إلى الفرقة، وال يحتاج أن تكون معلوماته عميقة جداL. إني أؤكد هذه النقطة ألن عمل الطبيب في هذه اللحظات هو قبل كل شيء عمل ترويح وتهيئة نفسية للمريض أو الجريح. أما العمل الطبي الحقيقي، فيتم في المشافي القائمة في المؤخرة. ال

اح كGفء في خطوط النار .يجوز التضحية بجر�الون – إن وجدوا – إلى أول مركز. وإال�، عندما يسقط رجل في الخط األمامي، يحمله النق�

فيتولى رفاقه ذلك بأنفسهم. ينطوي نقل الجرحى في المنطقة الجبلية على مداراة بالغة.Lالدقة. وربما كان نقل الجريح أصعب بسبب آالمه أكثر مما هو بسبب الجرح ذاته مهما كان بليغا

ويمكن إجراء النقل بطرق مختلفة، تبعاL ألوصاف األرض. ال يمكن السير إال� رتالL أحادياL فيرة، التي هي المثلى لحرب الغوار، وأفضل نقالة تكون شبكة نوم معلقة ج¬ األراضي الوعرة الش�

.بعصا طويلة وينبغي أن يتناوب الرجال كثيراL، ألن أكتافهم سوف تؤلمهم ألماL عظيماL وسرعان ما يمل³ون

حمل ثقل كبير وبالغ الرقة. وعندما يجتاز الجريح هذا المأزق األول، يصل وإضبارته إلى مركزاحون وأخصائيون (تبعاL إلمكانات الفرقة طبعاL) يؤمنون كل العمليات الهامة .يوجد فيه جر�

ا الفئة الثالثة، فهي المشافي المقامة مع أجود وسائل الترفيه الممكنة، للبحث في أسباب أم� األمراض التي يمكن أن تصيب سكان المنطقة وفي آثارها. توافق هذه المشافي حياة تامة

التحضر وهي ليست مراكز عمليات ونقاهة وحسب، لكنها أيضاL منشآت متصلة بالسكان المدنيين، يقوم فيها خبراء صحيون بدورهم التوجيهي. كما ينبغي إنشاء مستوصفات تقوم

بالرقابة الطبية على كل فرد. ويمكن بحسب إمكانات تموين المنظمة المدنية، أن تتوفر.لمشافي الفئة الثالثة هذه تجهيزات تتيح لها التشخيص المخبري والشعاعي

المعاونون الطبيون مفيدون جداL، إلى جانب الطبيب. إنهم فتيان في أغلب األحيان، وهم أصحاب رسالة إلى حد ما، وتتوفر لديهم بعض المعلومات، وقوة جسمية كافية، لكنهم غير

مسلحين، إما بسبب عقيدتهم الشخصية، أو – وهذا هو األغلب – ألن السالح غير كاف للجميع.االت والشبكات بمجموعها، وعليهم أن يعنوا يتولى هؤالء المعاونون مسؤولية األدوية والنق�

.بالجرحى في كل قتال إن عمال االرتباط المتصلون بمنظمات الصحة الموجودة في مؤخرة خطوط العدو، هم الذيننون األدوية الالزمة، حتى لو أمكن الحصول عليها أحياناL بوسائل أخرى بواسطة الصليب يؤم� األحمر الدولي. ب�يµد� أنه ال يجوز التعويل على هذا االحتمال األخير، سيما في بدء النضال. لذا يجب تنظيم جملة قادرة على نقل األدوية ذات الضرورة الملحة بسرعة، وعلى تلبية حاجات

المشافي العسكرية والمدنية على السواء. كما ينبغي، باإلضافة، إقامة الصالت مع أطباء القصبات المجاورة، الخليقين باجراء إحدى العمليات، عندما تعوز طبيب الغوارة الوسائل أو

.الكفاءة إلجرائها بنفسه يستلزم هذا النمط من الحرب فئات مختلفة من األطباء: الطبيب المقاتل، رفيق الرجال، وهو نموذج طبيب المرحلة األولى. وتتضاءل وظيفته بقدر ما يغدو عمل الغوارة أكثر تعقيداL وبقدر

احون العامون عندئذ أفضل المجن�دين ما يمكن بناء سلسلة من الهيئات الملحقة بها، فيغدو الجر�Lفي الجيش الثائر. واألمثل وجود اختصاصي في التخدير، حتى لو كانت العمليات تجرى اعتمادا

على الالرغاكتيل أو البانتوتال الصودي، اللذين هما أسهل إعطاءL للمريض من المخدرات الغازية وأسهل توفيراL وحفظاL. وباإلضافة إلى الجراحين العامين، فإن المجب�رين مفيدون جداL، ألن

،Lكثيرة. كما ينبغي للطبيب أن يعالج جماهير الفالحين أيضا Lطبيعة األرض الجبلية تسبب كسورا إذ أن أمراض جيوش المغاوير هي، بعامة، سهلة التشخيص، أما األمراض الناجمة عن سوء

.التغذية، فهي أصعب عالجاL بكثيربريين، إذا ما توفرت مشاف جيدة، ويمكن في مرحلة أكثر تقدماL بكثير، أن يتاح استخدام المخ�

Lينبغي استدعاء قطاعات االختصاص كافة عند الحاجة إليها، وكثيرا .Lبغية القيام بعمل أكثر كماال ما تGلبى هذه الدعوة. ويجب استدعاء أطباء األسنان، ويوضح لهم أن عليهم االلتحاق مزودين

.بأجهزة ميدان بسيطة

Page 37: حرب العصابات

   

التخريب – 5در ثمنه لدى الشعوب التي تخوض حرب الغوار. يتعلق تنظيمه مباشرة التخريب سالح ال يGق�

بالمنظمة المدنية السرية، إذ أن التخريبات ال تتم إال� خارج المناطق التي يشرف عليها الجيشلة الثوري. غير أنه ينبغي وضع هذه المنظمة مباشرة تحت إمرة أركان حرب الغوار، وهي المخو�

.تحديد الصناعات والمواصالت واألهداف التي يفضل إصابتها ال يمت التخريب بصلة إلى اإلرهاب. فاإلرهاب واالغتيال الفردي طرق تختلف عن التخريب

Lنحن على يقين صادق من أن اإلرهاب سالح سلبي ال يعطي اآلثار المرغوبة أبدا .Lمطلقا Lاختالفا وإطالقاL. ويمكن أن يبعد الشعب عن حركة ثورية، في حين يتسبب لدى ممارسيه بخسائر بشرية

ال تتناسب مع النتائج الحاصلة. غير أنه يمكن اللجوء، بالمقابل، إلى اغتياالت فردية، ولكن في بضع حاالت خاصة جداL، مثالL إلزالة أحد رؤساء القمع. ولكنه ال يجوز في أية حال استخدام عتاد

بشري متخصص إلزالة قاتل صغير يمكن أن يتسبب موته في القضاء على كل العناصر الثوريين.الذين اشتركوا في مقتله، باإلضافة إلى ضحايا االنتقام الالحق

ثمة نمطان ضروريان من التخريب: التخريب على النطاق الوطني، ضد أهداف معينة، والتخريب على مقربة من خطوط القتال. يجب أن يستهدف التخريب على النطاق الوطني بصورة

أساسية تدمير المواصالت. يمكن تدمير كل نوع من المواصالت بطريقة مختلفة، بيد أنها عرضة لإلصابة كلها. يسهل تدمير أعمدة البرق والهاتف بنشرها حتى ما قبل آخرها، بحيث أنها تظهر

Lواسعا Lتعطيال Lبمظهر سليم، ثم يسقط أحدها فجأة، فيجر� سائرها في سقوطه، مسببا Lليال. كما يمكن تخريب الجسور بنسفها بالديناميت. وإذا لم يتوفر الديناميت، يمكن تدمير الجسور

الج اكسجيني ايدروجيني. يجب قطع الجائز الرئيسي والجائز األعلى اللذين µم الحديدية بح¬ يحمالن الجسر الحديدي. ومتى تم� قطع هذين الجائزين بالحمالج، يعمل مثل ذلك من الطرف

اآلخر أيضاL. هكذا ينقلب الجسر على جنبه، فيلتوي ثم يهوي. إنها أنجع وسيلة لتدمير جسرLوكذلك الكهاريز. ويمكن أحيانا ،Lفلزي بال ديناميت. يجب تدمير السكك الحديدية والطرقات أيضا

.بث األلغام في القطارات. يتعلق ذلك دائماL بقوة الغوارة كذلك يسمح عتاد مالئم بتدمير الصناعات الحيوية في كل منطقة عندما تأزف الساعة. ينبغي أن تؤلف مسألة التخريب موضوع خطة شاملة، فال يجوز تدمير مجال عمل إال� في اللحظة الحاسمة،

ألن تدميراL كهذا يستتبع نزوحاL جماهيرياL بين العمال ويؤدي للمجاعة. يجب القضاء على الصناعات التي تخص شخصيات العهد، وبذل الجهد إلقناع العمال بضرورة ذلك، إال� إذا أدى

.القضاء عليها إلى عواقب اجتماعية فائقة الخطورة إننا نلح على أهمية تخريب طرق المواصالت. إن المواصلة السريعة هي السالح األكبر لدى جيش

العدو ضد الثائرين، في األرض غير الوعرة. لذا يتوجب علينا أن نحاول تدمير هذا السالح باستمرار بنسف جسور السكك الحديدية والكهاريز واألعمدة الكهربائية والهواتف وحتى أنابيب

.المياه، وبكلمة، تدمير كل ما ال يستغنى عنه في الحياة الحديثة التخريب ضروري أيضاL قرب خطوط القتال، على النحو ذاته، لكن بإقدام وتفان وتواتر أعظم

بكثير. يمكن التعويل في هذه الحالة على عون فائق القيمة، هو الذي تقدمه الدوريات الجو�الة التابعة للغوارة، والتي يمكنها هبوط المناطق المعنية ومساعدة أعضاء المنظمة المدنية في أداء

مهمتهم. وهنا أيضاL يستهدف التخريب المواصالت قبل كل شيء. ينبغي تصفية كافة المعامل.ومراكز اإلنتاج القمينة بتزويد العدو بما يلزمه لمتابعة هجومه على القوى الشعبية

يجب االستيالء على مخزونات العدو، وق�طµع تموينه، وإذا لزم األمر، يجب إخافة مGال�ك األراضي الذين يودون بيعه منتجات زراعتهم وحيواناتهم، وإحراق السيارات التي تتجول على الطرق

واستخدامها لسد الطرق. ولدى كل عمل تخريبي، وفي نقاط معينة، على بعد كبير أو صغير من موضع إجراء العمل، يجب إحداث مناوشات متكررة مع العدو، باستخدام طريقة الضرب والهروب

على الدوام. ال ضرورة إلبداء مقاومة كبيرة. يكفي مجرد إراءة العدو أنه حيثما يحصل تخريب،Lمحترزا Lثمة قوى غوارية على أهبة القتال، إلجباره بذلك على أال� يتنقل إال� متألبا..وهكذا يتم إنزال الشلل شيئاL فشيئاL بكل المدن القريبة من مناطق نشاط الغوار

   

الصناعة الحربية – 6 إن الصناعة الحربية، في منظور حرب الغوار، هي نتاج تطور طويل نوعاL ما، وهي تثبت أن

الغوار قائم في وضع جغرافي مؤات. لقد قلنا سابقاL إنه عندما تكون ثمة مناطق محررة ويكون العدو قد بسط حصاراL شامالL على التموين، ينبغي تنظيم صناعات مختلفة ال غنى عنها. ومن

ذاوة] راجة: ال تستطيع فرقة أن58بين هذه الصناعات، ثمة اثنتان أساسيتان هما الح¬ [ والس¬ رة الوعرة، المفروشة حجارة وشوكاL. يصعب جداL أن يتنقل ج¬ تسير بال أحذية، في المناطق الش�

المرء في هذه الظروف، وال يطيق ذلك إال� أبناء المحلة، وليس جميعهم. أما اآلخرون، فيجب أن ينتعلوا. تنقسم هذه الصناعة إلى فرعين: صناعة األحذية الجديدة، وتسكيف وإصالح األحذية

Page 38: حرب العصابات

راجة المعطوبة. يستلزم إنشاء هذه الصناعة الحرفية تجهيزاL كامالL لشغل الجلود. وتلحق بها الس¬ لصنع كل اللوازم الشائعة كجعب الفشك وحقائب الظهر، ويمكن صنعها من الكتان أو الجلد،.وهي وإن كانت غير أساسية، إنما تساعد على راحة الفرقة وتعطيها انطباع االكتفاء الذاتي

الحة] [ هي صناعة أساسية أخرى. ووظائفها متباينة، من مجرد إصالح القطع59إن الس¬ المعطوبة لكافة البنادق واألسلحة األخرى، إلى صناعة بعض أنماط أسلحة القتال التي يبدعها

روح االختراع الشعبي، إلى صنع األلغام ذات اآلليات المختلفة. وإذا ما أتاحت الظروف، تستكمل بورشة مكلفة بصناعة الباردو. فإذا أمكن صنع المتفجر ذاته في المنطقة المحررة، إضافة إلىLالصاعق، أمكن التوصل إلى منجزات عظيمة في هذا الصدد ذي األهمية البالغة، إذ أن استخداما

Lكامال Lلأللغام يسمح بشل الطرقات شال Lحكيما.فاحة. يجري في الحدادة إنعال البغال، دادة والص¬ هناك صف آخر من الصناعات الهامة، هي الح¬ كما يمكن أن تصنع فيها النعال ذاتها. أما في صناعة الحاجات من الصفيح، فتجري أعمال صنعات الطرية، باكة. فإذا تم صهر الفلز� األطباق، وخاصة الصفائح. ويمكن أن يلحق بها قسم للس¬

انات اليد، يسهم بشكل رئيسي في تسليح الفرقة. كما ينبغي وجود أمكن إنشاء معمل لرم�هانية مختصة باإلصالحات واإلنشاءات عامة، تتولى وظائف مختلفة ومحددة تماماL، وهي ورشة م¬

[،60ما تسمى في الثكنات "بطارية الخدمة"، غير أنها تكون هنا خالصة من روح المداونة] .ومكلفة بتلبية كل الحاجات على نحو فعلي

كما ينبغي وجود مسؤول عن المواصالت. ال يكون مسؤوالL فقط عن الدعاية الالسلكية الموجهة إلى الخارج، بل مسؤوالL أيضاL عن الهواتف والطرقات، وينبغي أن يعمل مترابطاL مع المنظمة المدنية. ال ننس� أننا محتربون، ويمكن أن يقع علينا هجوم، وأنه كثيراL ما يتوقف حفظ أرواح

ل�ت في حينها س¬ µرGكثيرة على مخابرة أ.

ن، مرضاة للفرقة، أن توجد صناعة للسيكار أو للفائف. تGبµت�اع لهذه الغاية أوراق التبغ Gسµوي�ح وتنقل إلى المنطقة المحررة حيث تحول إلى مادة صالحة لالستهالك. الد¬باغة صناعة أخرى

عظيمة الشأن. هذه الصناعات كلها منشآت بسيطة يمكن تحقيقها تماماL في أي مكان مع التكيف بظروف الغوار. تستلزم الدباغة بعض األبنية اإلسمنتية الصغيرة، وهي تتطلب خاصة، كثيراL من الملح. غير أنها تسمح لصناعة األحذية أن تتوفر لها مادتها األولية محلياL وفي ذلك األمر إفادة عظيمة. يجب استحضار الملح محلياL وتركيز كميات كبيرة منه، ويجب بلوغ أمكنة فيها تركيز ملحي كبير لهذه الغاية، وجعل الماء يستبخر. البحر هو بوضوح خير مصدر للملح،

لكن ثمة مصادر أخرى. وال حاجة لتخليص الملح من كل األمالح المرافقة له، فيمكن استهالكه.على حاله، وإن كان طعمه ليس سائغاL جداL لدى الوهلة األولى

يجب حفظ اللحم مملحاL، وهذا ما يGسه�ل عمله ويGمك�¬ن من إنقاذ أرواح كثيرة في حاالت الشدة القصوى. يGمكن حفظ اللحم مدة طويلة نوعاL ما في براميل تGمأل ملحاL، ويGمكن استعماله على

.هذا الشكل مهما كانت الظروف

   

الدعاية – 7 يجب القيام ببث األفكار الثورية بالوسائل المالئمة وعلى أعمق نحو ممكن ويتطلب ذلك إسهام

.فريق كامل من المتعاملين، وإسهام منظمة تعضدهم وينبغي أن تتألف هذه المنظمة من قسمين متكاملين، يغطيان نطاق الوطن كله. يجب أن تتم

الدعاية من الخارج، أي ضمن المنظمة المدنية الوطنية، ومن الداخل، أي في وسط الغوار. ويجب أال� توجد سوى هيئة إدارية واحدة لهما، بغية تنسيق هذين العملين الدعائيين المتالزمين

Lوثيقا Lتالزما. يجب أن تتم الدعاية في النطاق الوطني الصادرة عن المنظمات المدنية الموجودة خارج األرض

المحررة، عن طريق الصحف والنشرات واإلعالنات. تGعنى أهم الصحف بمسائل البلد العامة، وتخبر الجمهور بوضع قوى الغوار المضبوط، وال تغفل لحظة المبدأ األساسي القائل إن

الحقيقة، في المدى البعيد، ال بد أن تؤتي الخير للشعوب. وإلى جانب هذه المنشورات ذات الطابع العام، توجه منشورات سواها، أكثر تخصصاL، إلى قطاعات السكان المختلفة. فعلى

المنشورات الموجهة للفالحين أن تحمل إلى هذه الطبقة رسالة رفاقهم في األرض المحررة، الذين لمسوا آثار الثورة المنعشة، فتنطق على هذا النحو بأماني الفالحين. وتتميز الجريدة

العمالية بذات الطابع، ولكنها قد ال تتضمن دائماL رسالة المقاتلين من هذه الطبقة، إذ يحتمل أال�.توجد قبل المرحلة األخيرة، منظمات عمالية في نطاق حرب الغوار

يجب إيضاح الشعارات الكبرى للحركة الثورية مثل شعار اإلضراب العام في الوقت المناسب، وشعار مساعدة القوى الثائرة، وشعار وحدة الصف... إلخ. ويمكن أن تشرح صحف كفاحية أخرى مثالL مهمة سائر العناصر في البلد الذين ال يقاتلون في الغوار، ولكنهم يعنون بشتى

أعمال التخريب والغيلة. ويمكن في داخل المنظمة، إصدار صحف موجهة إلى جنود العدو، تشرحLلهم وقائع يجهلونها. هذا وتكون النشرات واإلعالنات المتعلقة بحياة الحركة مفيدة جدا.

إن أنجع دعاية هي التي تعود إلى داخل منطقة الغوار، إذ تطال سكان المنطقة وتشرح لهم نظرية االنتفاض التي ال يعرفون منها غير وجهها العملي. ويتضمن هذا القسم، إلى جانب

Page 39: حرب العصابات

L اإلذاعة الالسلكية، الصحيفة المركزية الناطقة باسم قوى الغوار كافة، كما يتضمن صحفا.فالحية، ومنشورات وإعالنات

تشرح اإلذاعة الالسلكية كافة المسائل، ومنها مسائل درء الهجمات الجوية، ومكان وجود قوى العدو، وتذكر األسماء المألوفة. وتوزع الدعاية ذات النطاق الوطني صحف¹ مماثلة تصف الوقائع

والمعارك التي تثير اهتماماL عميقاL لدى القارىء، تضاف إليها معلومات أكثر جد�ية ودقة بكثير..أما اإلعالم الدولي، فينحصر أو يكاد في التعليق على الوقائع المتصلة مباشرة بنضال التحرر الدعاية الشفهية، بالالسلكي، تفوق كل شيء، فهي الدعاية األكثر فعالية، التي تؤتي تأثيرها

بأعظم قسط من الحرية في أرض الوطن قاطبة، وتطال عقل الشعب ومشاعره. إن لالسلكي أهمية حاسمة. ففي الوقت الذي يتلظى به سكان منطقة أو بلد على درجات مختلفة بحم�ى

القتال، تأتي قوة الكلمة فتزيد الحمى ضراماL وتفرضها على المقاتلين األعتاد جميعاL. إنهاض، وتحدد لدى األصدقاء واألعداء مواقفهم المقبلة. ولكن اإلذاعة ينبغي أن تشرح، وتعل�م، وتحر�

تخضع إلى المبدأ األساسي في الدعاية الشعبية وهو الحقيقة. إن حقيقة صغيرة، ولو كان[. يجب أن تقدم اإلذاعة على61تأثيرها ضئيالL، هي خير من أكذوبة كبيرة يكسوها ثوب دليص]

األخص معلومات حية عن المعارك واالشتباكات من كل نوع، وعن االغتياالت التي يرتكبها القمع. كما ينبغي إعطاء السكان المدنيين توجيهات فكرية، وتعاليم عملية، ومن وقت آلخر

.خطابات لقادة الثورة نعتقد أنه مفيدة أن تحمل الصحيفة المركزية للحركة اسماL يرمز إلى العظمة ووحدة الصف،

كاسم أحد أبطال البلد مثالL. كما ينبغي أن تشرح دائماL في مقاالت رئيسية أهداف الحركة المسلحة وأن تجعل الناس يدركون القضايا الوطنية الكبرى، في حين تبقى فيها طائفة من

.األركان التي تحظى من القارىء باهتمام مباشر أكبر               

   

اإلخبار واالستخبار – 8 إعرف نفسك واعرف خصمك، تستطيع هكذا أن تخوض مئة معركة بال هزيمة واحدة". تعادل" هذه الحكمة الصينية بالنسبة للغوار، قيمة مزمور من التوارة. ليس للقوى المقاتلة من عون

أثمن من اإلخبار الصحيح. سوف يكون هذا اإلخبار عفوياL، إذ يأتي سكان المنطقة إلى الجيش الصديق وإلى حلفائه، يروون لهم كل ما يحدث في كل مكان. غير أن هذا اإلخبار يجب أن يكون

د] GرGومثلما ال يستغنى عن الب .Lكامال Lتنظيما Lوالرسالء داخل منطقة الغوار وخارجها62منظما ] إلقامة االتصاالت الضرورية ونقل البضائع، كذلك ينبغي أن تكون دائرة االستخبار على تماس مباشر بجبهة العدو. ويجب أن يتسلل الرجال والنساء إلى هذه الجبهة، وال سيما النساء، لكي

يكونوا على تماس دائم بالجنود ويتحققوا من كل ما يمكن. كما ينبغي إقامة منهج من التعاون.مع رجال العدو لكي يتم اجتياز الخطوط بال صدام

Lاء، أمكن أن ينام معسكر الثوار أنعم باال .فإذا ما تم تحقيق ذلك، وتوفر العمالء األكف� كما قلتها آنفاL، سوف يكون الهدف األساسي لمصلحة االستخبار هو خط النار األول بأجمعه، أو أولى معسكرات العدو المتاخمة لألرض السائبة. ويجب أن تتقدم هذه المصلحة بقدر ما يتقدم الغوار، وسوف يزداد دورها حتى يشمل توقع تحركات الوحدات األوسع نطاقاL التي يمكن أن

تحدث حتى في مؤخرة العدو. وحيثما تGشرف الغوارة أو تGغير، يكون السكان كافة عمالء إخبارها.ن توفر أGناس يختصون بمهمة االستخبار، إذ ال يمكن الوثوق بكالم الفالح الذي اعتاد Gسµغير أنه ي�ح أن يضخم كل شيء ولم يألف دقة اللغة العسكرية. وإذا تم الوصول إلى تخليق وتنظيم األشكال

العفوية التي يتخذها التعاون الشعبي، أمكن عندها جعل جهاز االستخبار ليس أهم عون لنا.Lبفضل "باذرات الرعب" مثال ،Lلهجومنا المعاكس أيضا Lبل عامال ،Lوحسب، وهو شأنه أصال

، إذ يتظاهرن فتستطيع أولئك النسوة أن تنشرن بين الجند معلومات تحطم معنوياتهم، وهن�

Page 40: حرب العصابات

بالتواطؤ معهم، إنما يبذرن الرعب والقلق بين جنود العدو. ويمكن تنمية الجؤول، وهو مبدأنا األساسي، إلى الحد األقصى، فإذا ما عرفت المواضع التي يتأهب جيش العدو ليهاجم منها،

.يكون في غاية السهولة اجتنابها ومهاجمته بالمقابل من أبعد المواضع توقعاL لديه

   

التدريب والتثقيف السياسي – 9 إن خير تدريب لجندي التحرر هو حياة الغوار ذاتها، والقائد الذي لم يتعلم مهنته الصعبة في

ممارسة الحرب يومياL ليس قائداL حقيقياL. يمكن أن تقوم جماعة من الرفاق بتدريب هذا الجندي، فيعلمونه شيئاL من استعمال السالح، ويلقنونه بعض مبادىء التوجيه، ويعلمونه كيف يسلك مع

السكان المدنيين، وكيف يقاتل.. إلخ. غير أنه ال يجوز تبذير وقت الغوار الثمين في إعطاء تعليم منهجي. وال يمكن عمل ذلك إال� إذا توفرت منطقة محررة واسعة وإذا كانت هناك حاجة لزيادة

.عدد المقاتلين زيادة كبيرة. يمكن عندئذ تأسيس مدارس للمجندين األغرار تؤدي هذه المدارس دوراL هاماL. إنها تخلق الجندي الجديد، الذي لما يجتز بعد حرمانات حياة

القتال القاسية التي تعركه. إن معاناة الحرمانات تصطفي المرء اصطفاء حقيقياL، بعد أن تجتاز المحن العسيرة التي تسمح له بأن ينخرط في هذا الجيش الهائم الذي ال يخل�ف لمروره أثراL في

أي مكان. وتكون التدريبات البدنية في مدارس المجندين على نوعين: من جهة، رياضة التليين،Lمع تمارين المغاوير، والخفة في الهجوم واالنسحاب، ومن جهة أخرى، مسيرات شاقة جدا

ن المجند. يجب أن يGحمل على الحياة في العراء، واحتمال األنواء، والحياة ¬ وحتى مضنية، تخش�.على صلة وثيقة بالطبيعة، كما في حياة الغوار

ن مدرسة المجندين تموينها بذاتها، فتكون لها حظائر ماشيتها، ومزارعها، يجب أن تؤم� وبساتينها، ومالبنها، وكل ما تحتاجه، لكي ال تثقل ميزانية الغوارة. ويمكن أن يتناوب الطالب أعمال السخرة. ويمكن أن يعهد بها إلى أردأ الطالب، على سبيل العقوبة، أو إلى من يتطوع

.لها يتعلق كل ذلك بمميزات المنطقة التي تنشأ فيها المدرسة. نعتقد أنه مبدأ جيد أن يعهد بأعمال

السخرة لمن يتطوع لها، وأن يGستكم�ل عددهم، إذا لزم األمر، بمن يكون سلوكهم أكثر مدعاةL للتدريب على الحرب .لألسف، أو بمن يكونون أقل استعدادا

يجب أن يكون للمدرسة منظمتها الصحية الخاصة، وفيها حسب اإلمكان، طبيب أو ممرض،.يراقب المجندين عن كثب قدر اإلمكان

ل� التدريب. يجب أن يكون المغاور في هذا المضمار، رجالL عظيم الدربة، إذ Gتشكل الرماية، ج ينبغي استخدام أقل ما يمكن من الذخيرة. يبدأ التدريب بما يسمى الرمي على الدريئة، ويتم

بأن تثبت البندقية بقوة على هيكل ما. ويسدد األغرار، دون تحريك البندقية، هدفاL على صحيفة مGقو�ى متحركة تنتقل أمام خلفية ثابتة. فإذا أصابت الطلقات الثالث نقطة واحدة كان الرامي

– إن توفرت – سالح هذه الرمايات األولى. وفي الظروف الخاصة -22ممتازاL. تكون البندقية مثل توفر فائض من الذخيرة، أو ضرورة إجراء تدريب معجل للجنود – يتم التدريب برصاص

.حقيقي الغارات الجوية هي من أهم امتحانات مدرسة التدريب. كان طيران العدو قد تعرف تماماL إلى مدرستنا، وكان العدو يركز هجماته مرة أو اثنتين كل يوم على المعسكر. وكان تصنيف هؤالء

الفتيان عملياL كمقاتلين عتيدين يتم وفقاL للنحو الذي يقاوم به كل طالب صدمات هذا القصف.المستمر

ال يجوز أبداL أن تGهمل مدرسة المجندين التثقيف السياسي. ألن أولئك الرجال يتطوعون دون أن يكون لهم مفهوم واضح عن األسباب التي تدفعهم. إنهم يفتقرون إلى األسس، ويصلون إلينا

بمفاهيم مشوشة جداL عن الحرية، وحرية الصحافة.. إلخ. يجب السير بهذا التثقيف إلى أبعد حد وبأعظم عناية ممكنة. ويشتمل على مفاهيم ابتدائية عن تاريخ البلد، مع إعطاء تفسيرات واضحة جداL للوقائع االقتصادية، تلك الوقائع التي هي منطلق كل حادثة تاريخية. ويتضمن

[ أمام أشكال الظلم المعينة التي كافحوها، ثم63الحديث عن أبطال الوطن، وعن إرتكاساتهم] ينفتح التثقيف على تحليل الوضع الوطني أو وضع المنطقة. ويGعطى لكل أعضاء الجيش وجيز]

[ مبسط يدرسونه دراسة دقيقة ويفيدهم نهجاL للمستقبل64 .بين مدرسة إتقان خاصة بهم، يشتركون فيها باختيار النصوص، وباإلضافة إلى ذلك يكون للمدر�

.وينسقون إسهامات كل منهم في أمور التثقيف يجب تشجيع المطالعة باستمرار مع محاولة اختيار كتب ال مضاعة للوقت فيها، في حين أنها

تمك�¬ن المجند من ولوج أبواب الثقافة والمسائل الوطنية الكبرى. قد يرغب المجند على طبيعته في مزيد من المطالعة، أو قد يدفعه وضع بيئته إلى ذلك بايقاظ وعيه إلى مسائل جديدة.

وسوف تنشأ هذه الحالة الذهنية من جراء العمل، شيئاL فشيئاL، وبقدر ما تثبت مدارس المجندين.تفوق طالبها على الجنود العاديين، سواء في مضمار تحليل األوضاع، أو في مضمار الضب�اطة

.يجب أن تكون الضباطة معللة دوماL. فعندما ال تكون آلية، تعطي ساعة القتال نتائج مدهشة

Page 41: حرب العصابات

   

بناء جيش حركة تحررية – 10 ينبغي للجيش الثوري الذي يمارس حرب الغوار، أن يعول كذلك حسبما أشرنا، ومهما كانت

منطقة العمليات، على منظمة غير مقاتلة يكون إسنادها له أمراL رئيسياL. وتدور هذه المنظمة.كلياL حول الجيش ودعمه، إذ أن النضال المسلح هو طبعاL العامل الجوهري في الظفر

يستند التنظيم العسكري على آمر، وفي حالة التجربة الكوبية، على قائد أعلى يGعي�ن آمري المناطق المختلفين، الذين لهم سلطة تامة لحكم مناطقهم وتعيين آمري األرتال وسائر الرتب

األدنى منهم. يمكن أن يوجد دون القائد األعلى آمرو مناطق يقع تحت إمرتهم آمرو األرتال الذين يتفاوت دورهم حسب الظروف. ويقع دون آمري األرتال، النقباء، وفي تنظيمنا الغواري،

يقع دون النقباء المالزمون وهم أدنى الرتب. وبعبارة أخرى، يرقى المرء من جندي إلى رتبة.مالزم

ليس هذا نمطاL يحتذى، ولكنه وصف حقيقة، إنه الطريقة التي استخد¬مت في بلد سمح فيه هذا التنظيم بالتغلب على جيش ال بأس بتنظيمه وتجهيزه. وليس هذا مثاالL مطلقاL بأية حال، وال سيما في هذا الصدد. إنما يقصد فقط إلى تبيان كيف تتسلسل الوقائع، وكيف يمكن تنظيم قوة مسلحة. أما الرتب فليس لها من أهمية في نهاية التحليل. المهم هو أن ال تمنح رتبة ال

.تتفق مع واقع، أو تخالف األخالق والعدالة، أو ال تمر خالل غربال النضال والفداء ينطبق الوصف الذي قدمناه على جيش ذي قوة، قادر على مواجهة معارك جدية، وليس صورة

ارة بدائية يستطيع قائدها أن يحمل الرتبة التي تعجبه ولكنه ال يأمر في الواقع إال� جماعة غو�.صغيرة من الرجال

العقوبة الضب�اطية هي من أهم تدابير التنظيم العسكري. يجب أن تكون الضب�اطة أحد أسس الغوار وينبغي التذكير بذلك دائماL. يجب أن تكون الضباطة قوة ناشئة عن قناعة داخلية

د الفرد هكذا بضباطة داخلية. وعندما تنقطع هذه الضباطة، يجب إنزال العقوبة ومعقولة، تزو�Lبليغا L .بالمرتكب بصرامة، مهما كانت رتبته، بتطبيق عقوبة تحدث أثرا

مالحظة هامة: ال يتحسس المغاور بذات العقوبات التي تؤثر في جندي الثكنة. إن عشرة أيام في السجن مثالL هي عقوبة للجندي ولكنها تؤلف راحة استثنائية ألحد المغاوير. إنها عشرة أيام دون سير، دون عمل، دون نوبات الحراسة المعتادة، يستطيع فيها أن يأكل وينام ملء جفونه،

.ويطالع ويستريح. يفهم من ذلك تماماL أن حرمان الحرية ليس عقوبة منصوحة في الغوار عندما تكون أخالق المرء الثورية عالية، وشعوره بكرامته عميقاL، ثمة حاالت يمكن فيها لحرمانه

من حق حمل السالح أن يسبب ارتكاساL إيجابياL يكون بمثابة عقوبة حقيقية. يكون تطبيقه إذ ذاكLمناسبا.

Lحدث إبان الهجوم على مدينة من مقاطعة الس فيالس، في أواخر أيام الحرب، أن ألفينا رجال قد أغفى على أريكة أثناء الهجوم على مواضع في وسط المدينة. ولدى االستجواب، أفاد أنه قد

نام ألن سالحه قد نزع منه. فقلنا له إن هذا ليس سلوكاL صحيحاL إزاء الموقف. كان قد عوقب لعدم احترازه إذ ترك طلقة تخرج عفواL، وكان عليه أن يستعيد سالحه، لكن ليس عن طريق

.النوم، بل بوجوده في الخطوط األمامية مرت بضعة أيام، وإبان الهجوم النهائي على مدينة سانتا كالرا، عندما كنا نزور مركز نقل الدم،.مد� محتضر يده إلينا وذكرنا بالحادث وأردف إنه قد استرد حق حمل السالح. وقد مات بعد قليل لقد حملت ممارسة النضال المسلح المستمرة قواتنا إلى هذه المرتبة من األخالق الثورية، ب�يµد�

أنه ال يمكن إدراك هذه المرتبة منذ البدء، عندما ال يزال هناك كثير من الخوف، كثير من التيارات.الذاتية، تكبح تأثير الثورة. إنما تدرك هذه المرتبة بالعمل والمثال

يمكن لنوبات الحراسة الليلية الطويلة والمسيرات المضنية أن تشكل عقوبات أيضاL، ولكن المسيرات ليست عملية ألنها ال تفيد إال� معاقبة الفرد وإعياءه في آن مع المكلفين بحراسته.بين الذين تكون أما نوبات الحراسة الليلية فمحذورها أنها تستلزم وجود جنود لمراقبة المعاق�

.أخالقهم الثورية ضعيفة كنت قد أحدثت، في القوى الموضوعية تحت إمرتي المباشرة، من أجل الجنح الطفيفة، عقوبة

التوقيف مع الحرمان من السكاكر والتبغ، ومن أجل الحاالت البالغة، الصوم التام. وكانت النتائجLممتازة، رغم هول العقوبة. فال ينبغي تطبيق هذه العقوبة إال� في حاالت استثنائية حقا.

      

القسم الرابع 

بها الدفاع عن السلطة بعد الفوز  من تشكيل الغوارة األولى إلى

Page 42: حرب العصابات

   

    

1 – LLLLLLL تنظيم الغو�ارة األصلية سرا على الرغم من أن حرب الغوار تخضع لجملة من القوانين المشتقة من قوانين الحرب العامة،

كما تخضع لقوانين أخرى خاصة بها، فمن الواضح، حينما يراد الشروع بالنضال المسلح بدءاL من خارج الوطن أو من مناطق نائية، أنه ينبغي حصر عمل التآمر األصلي بنواة قليلة من المطلعين.

أما إذا ول�دت حركة الغوار من النشاط العفوي لجماعة من الناس، ارتكاساL ضد بعض أساليب االكراه، فقد يGحتمل أن يغدو التنظيم الالحق لنواة الغوار هذه كافياL ليقيها شر اإلبادة. ولكن الغالب هو أن يشرع قائد مرموق النفوذ بخوض حرب الغوار، وقد حزم أمره، من أجل خالص

.شعبه، وينبغي أن يستعد هذا الرجل أوالL خارج البلد في ظروف صعبة لقد عانت معظم الحركات الشعبية التي قامت في اآلونة األخيرة لمناوأة الحكام الطغاة، من

.Lوسريا Lدقيقا Lطبق طرق التآمر التي تقتضي عمالGخطيئة أساسية هي عدم كفاية التأهب. وال ت وغالباL ما تعلم السلطة سلفاL، من دوائر استخباراتها، بنوايا الجماعة أو الجماعات. يحصل ذلك

أحياناL بسبب عدم االحتراز، وأحياناL بسبب مظاهرات مباشرة كما حدث في بلدنا حيث قال فيدل. سنكون أحراراL أو شهداء"، فجاهرت هذه العبارة علناL بالنزول إلى البر1956كاسترو: "عام

إن أول مبدأ في أساس الحركة هو السرية المطلقة، وانعدام المعلومات تماماL لدى العدو. والمبدأ الثاني هو اصطفاء العتاد البشري، وهو عظيم األهمية أيضاL. قد يتم هذا االصطفاء

بسهولة، ولكنه قد يكون في غاية الصعوبة إذ ال يمكن االعتماد إال� على العناصر المتوفرين، أي على منفيين قدامى يتقدمون عندما يدعوهم الداعي دون التمكن من إجراء تحقيق تام عن كل

وحتى لو تسلل عمالء النظام العدو، فال يغتفر أن يستطيعوا تقديم المعلومات، إذ ينبغي منهم. قبل الشروع بالعمل، أن يتم تأليب كافة المشتركين بالحركة في أماكن سرية ال يعرفها إال�

شخص أو اثنان، وأن يراقب القادة المشتركين مراقبة وثيقة، وال تكون لهؤالء أية صلة بالعالمدGد، والذين لما تكتمل معرفتهم، عن النقاط الحساسة، Gإبعاد العناصر الج Lالخارجي. وينبغي دوما

.أثناء االستعداد والتدريب ولدى الفرار من وجه الشرطة وينبغي في العمل السري أن ال يعلم أحد، ال أحد مطلقاL، بأي شيء ليست له ضرورة ماسة، وأن

ال يثرثر أحد أبداL. وعند بلوغ مرحلة معينة من بناء الحركة، ال بد من مراقبة كل شيء، حتى الرسائل، بحيث تعرف تماماL عالقات كل واحد. ينبغي أال� يعيش كل عضو منفرداL وأال� يخرج

منفرداL. وينبغي منع الصالت الشخصية للعضو العتيد في جيش التحرر، مهما كان نوعها وبكل الوسائل. ثمة عامل يجب اإلصرار عليه، وتأثيره في هذه المرحلة األولى سلبي على العموم بقدر ما يغدو إيجابياL في النضال، أال وهو المرأة. إن ضعف الرجال الشبان تجاه النساء أمر

معروف، عندما يكونون بعيدين عن بيئتهم المعتادة وموجودين في أوضاع استثنائية حتى من الناحية النفسية. وكم يعرف الحكام الطغاة هذا الضعف ويحاولون استخدام جاسوساتهم. قد

يسهل أحياناL كشف عالقات أوالء النسوة بمن يستخدموهن، ولكنه كثيراL ما يصعب كشف أدنى.صلة. من ثم ضرورة منع العالقات بالنساء

على الثوري الذي يستعد في السر لخوض الحرب أن يكون ناسكاL مكتمالL، وهذا ما يسمح من جهة أخرى بالتحقق على نحو مفيد من شيمة سوف تغدو في ما بعد إحدى أسس السلطة، أال

وهي الضباطة. فإذا تجاوز رجل تكراراL أوامر رؤسائه والتقى بنساء، وعقد صداقات غير مباحة، ينبغي االنفصال عنه فوراL ليس فقط بسبب الخطر المحتمل في هذه الصالت، بل لمجرد

.مخالفته الضباطة الثورية ينبغي عدم التعويل أبداL على مساعدة غير مشروطة من إحدى الحكومات عندما يتم العمل في أرضيها، سواء أكانت حليفة أو ال مبالية فقط. يجب أن يتصرف المرء دائماL كما لو وجد معسكر معاد تماماL. يمكن طبعاL أن توجد في هذا المعسكر استثناءات، ولكنها ال تعدو أن تصدق القاعدة

.العامة ال يمكن التحدث ههنا عن عدد الرجال الذين سوف يتم إعدادهم, يتعلق هذا األمر بعوامل تتجاوز

الحصر. نستطيع أن نتحدث فقط عن العدد األدنى من الرجال الذين يمكن شن حرب الغوار بهم. فإذا ما حسب حساب االنسحابات وحاالت الوهن التي ال بد منها، رغم االصطفاء الصارم، ينبغي بحسب رأيي، اعتماد أساس يتراوح بين ثالثين وخمسين رجالL. يكفي هذا العدد للشروع

بنضال مسلح في أي بلد أمريكي التيني، إذا كانت األرض مؤايتة، والرغبة في امتالك األرض.متأججة لدى الفالحين، والعدالة مبك�تة باستمرار

أشرنا أن األسلحة ينبغي أن تكون من النمط ذاته الذي يستخدمه العدو. وعلى الجملة، وباعتبار أن كل حكومة تقف دائماL في البدء ضد نشاط عسكري يصدر عن أراضيها، فإن الجماعات التي تستعد ينبغي أن ال تتجاوز خمسين أو مئة رجل في كل وحدة. ليس ثمة محذور في أن يشرع بالحرب خمسمئة رجل مثالL، ولكنه ينبغي أال� يجتمع هؤالء معاL. أوالL ألن عددهم الكبير يسترعى

Page 43: حرب العصابات

االنتباه، ثم ألنه في حال وقوع خيانة، تسقط الجماعة كلها. هذا في حين يصعب احتالل عدة.أماكن في آن واحد

يمكن أن تكون دار االجتماعات المركزية معروفة إلى حد ما. يرتادها المنفيون لعقد اجتماعاتك. ت�مµس� µسGوينبغي أال� يوجد فيها أي م .Lمن شتى األنواع، ولكن القادة ال يظهرون فيها إال� استثناء

يجب أن يكون في تصرف القادة أكبر عدد من المنازل، مستورة قدر اإلمكان. وال تعرف.مستودعات السالح إال� من شخص أو اثنين، وتوزع في أماكن متعددة

ينبغي دائماL تسليم األسلحة إلى الذين يستخدمونها في آخر دقيقة، إذ أن عمالL قمعياL ضد الذين،L يتدربون يسبب سجنهم كما يسبب أيضاL فقدان كافة األسلحة التي يصعب الحصول عليها جدا

.والتي تشكل نفقة ال يسع القوى الشعبية أن تتهاون بها ينبغي إيالء أهمية عظمى إلعداد القوى من أجل النضاالت القاسية القادمة: ضباطة صارمة،

مستوى معنوي رفيع، تفهم كامل للمهمة المراد تحقيقها، بال تبجج وال أوهام خادعة وال آمال كاذبة في ظفر سهل. سوف يكون الصراع مراL وطويالL. سوف تعاني الفرقة من الهزائم، وقد

تشارف النكبة، ولن ينقذها إال� مستواها المعنوي وضباطتها وإيمانها في الظفر النهائي، والصفات االستثنائية التي يتحلى بها قائدها. هذه هي تجربتنا الكوبية، حيث استطاع إثنا عشر

رجالL أن يخلقوا جيشاL ألنهم كانوا يحققون هذه الشروط كافة وألن الذي كان يقودهم اسمه.فيدل كاسترو

وباإلضافة إلى االستعداد الفكري والمعنوي، ال بد من تدريب جسمي دقيق. سوف يختار المغاوير منطقة جبلية للعمل فيها. ومهما كانت األرض، فإن السير هو العنصر األساسي في

تµع�بين. يقوم التدريب الناجع على مسيرات Gالغوار. فال يسع الغوارة أن تتعثر بأناس بطيئين أو م اد فيها المسافة كل مرة، وتصل بالرجال إلى حافة االنهيار، بينما هي مضنية نهاراL وليالL، تGز�

ل�د هما المائزتان الجسميتان لجماعة الغوار األصلية. كما تركز الجهد على السرعة. السرعة والج� يمكن تلقين الرجال المعلومات النظرية، مثل التوجيه، وقراءة الخرائط، وم¬هانات التخريب،

وتGجرى إن أمكن، تدريبات رماية كثيرة ببندقية حربية، وخاصة على الدريئة، مع اإلصرار على.كيفية استخدام الذخيرة

ينبغي أن تحضر في ذهن المغاور دائماL قاعدة شبه دينية أال� وهي اقتصاد الذخيرة. ينبغي أن يعرف اإلفادة من كل رصاصة، حتى األخيرة. فإذا ما اتب¬ع�ت هذه التعليمات كافة، استطاعت قوى

.الغوار أن تدرك هدفها بسهولة

   

بها الدفاع عن السلطة بعد الفوز – 2 ما دمنا لم ننجح في تحطيم الجيش الذي كان يدعم النظام البائد تحطيماL تاماL، فمن الواضح أن

الظفر ال يمكن أن يكون نهائياL. وفوق ذلك، فإنه ينبغي تصفية كافة المؤسسات التي كانت تحمي هذا النظام على نحو منهجي. غير أن هذا الكتاب ال يعدو كونه وجيزاL تعليمياL للغوار،

.ولذلك سوف نقتصر على تحليل الدفاع الوطني في حال وقوع عدوان على النظام الجديد سوف يحصل الصدام بادىء ذي بدء بالرأي العام العالمي: فسوف تشرع "الصحافة الكبرى"

ووكاالت األنباء "الموضوعية" في الواليات المتحدة وسائر أوطان االحتكارات، باعتداءات هجومية ومنهجية بقدر ما تكون القوانين الشعبية في البلد المتحرر هي األخرى هجومية

ومنهجية. لذلك يتوجب عدم اإلبقاء على أية بنية من الجيش القديم. ب�يµد� أن النظام العسكري، والطاعة اآللية، ومفاهيم الواجب العسكري واألخالق على النمط القديم ال يمكن اجتثاثها دفعة واحدة، كما أنه من األشد استحالة جعل الظافرين الحاذقين في الحرب والمفتقرين غالباL إلى

كل ثقافة عامة، يتعايشون مع العدو المغلوب ولكنه المغتر� بدرايته الحربية والحاقد بكل ما أوتي.من قوة على أولئك المغاوير غير المثقفين

واضح أن هناك حاالت فردية، حيث يقطع بعض العسكريين كل صلة بماضيهم ويدخلون النظام الجديد بروح تعاون مطلق. إنهم عندئذ مفيدون على مثلين، إذ أنهم يجمعون بين االرتباط

بقضية الشعب، وبين المعارف الالزمة إلقامة بناء الجيش الشعبي الجديد. ينبغي تحطيم الجيش القديم وتشتيته وذلك باستيالء الجيش الجديد على كافة المراكز، وأن يعقب ذلك تنظيم الجيش

ر¬دة] µت�ف µسGويمكن تعديل بنية الغوارة القديمة الم .L65الجديد فوراLوالتي كانت متروكة تماما ] تقريباL إلى مبادرة كل قائد بال أي تخطيط. ولكنه في غاية األهمية أن يGعاد تنظيمها صدوراL عن

مفاهيم عمليات الغوار، وذلك باضفاء بنية الغوار العضوية على الجيش الشعبي، أي باضفاء تنظيم على جيش الغوار يGفص�ل له تفصيالL بحسب أبعاده، فيجد نفسه مرتاحاL فيه. ينبغي عدم الوقوع في الخطيئة التي وقعنا فيها خالل الشهر األول، عندما أردنا إدخال الجيش الشعبي

الجديد في أGطGر الضباطة والتنظيم العسكري القديمين. يمكن أن تنجم عن ذلك صدوع خطيرةLتؤدي إلى بلبلة التنظيم تماما.

ينبغي الشروع باالستعداد منذ ذلك الوقت لحرب الدفاع الجديدة التي ال بد أن يخوضها جيش[ كبيرة كانت تترك مبادرة66الشعب، وهو الذي اعتاد في نطاق النضال المشترك، حرية اجتيال]

واسعة لكل جماعة مسلحة. يواجه هذا الجيش مسألتين مباشرتين: األولى، إن آالفاL من ثوريي الساعة األخيرة، الصالحين أو الطالحين، سوف ينخرطون في الجيش في موجة الظفر العارمة.

Page 44: حرب العصابات

لى وكثيفة في التهيئة الثورية. µعج Lينبغي إمرارهم على صوارم حياة الغوار وإعطاؤهم دروسا إن التهيئة الثورية. التي تمنح جيش الشعب وحدته الفكرية التي ال بد منها، هي أساس األمن

القومي، في المدى البعيد والقريب على السواء. أما المسألة الثانية، فتطرحها صعوبة التكي³ف.بالبنيات الجديدة

ينبغي أن تضطلع هيئة خاصة يتم تشكيلها فوراL، بشرح الحقائق الثورية الجديدة في كل وحدة من وحدات الجيش: فتشرح للجنود، الفالحين والعمال، عدالة وحقيقة كل واقعة ثورية، وأماني

الثورة، لماذا يقاتلون، ولماذا قضى كل الرفاق الذين لم يروا الظفر. وبصورة موازية، تسمح دروس مستعجلة في التعليم االبتدائي بالتغلب على األمية، لتحويل الجيش الثوري، تدريجاL، إلى

هانية متكاملة، ذات تهيئة فكرية متينة وكفاءة قتالية متقنة .أداة م¬ سوف تتحقق هذه الصفات الثالث شيئاL فشيئاL مع الزمن. ويمكن من ثم استكمال الجهاز

العسكري لكي يستطيع المقاتلون الحاذقون بالحرب أن يستحيلوا عسكريين محترفين، بفضل دورات خاصة، فيهيئون بدورهم كل الشعب الذي يGدµع�ى إلى الخدمة عن طريق التجنيد الطوعي

.أو اإللزامي. يتعلق ذلك بالمميزات القومية وال يمكن إثبات قواعد عامة له إننا نعب�ر بهذا الصدد وفي كل ما يلي عن رأي قيادة الجيش الثائر حول السياسة الواجب اتباعها

1959في كوبا، في حال شخوص خطر غزو أجنبي في المرحلة الحاضرة، وهو ما حدث أواخر [. ها نحن قد توقعنا عدونا، ورزناه، وننتظره بال خوف. إننا لم نعد نضع ههنا67 ]1960وأوائل

نظرية إلفادة الجميع، قائمة على تجربتنا الخاصة الماضية، بل على العكس، فإننا نستند إلى.تجربة اآلخرين لتطبيقها على دفاعنا القومي

ولما كان علينا أن نعتبر حالة كوبا، وأن نقدم فرضيتنا عنها في عالقاتها بالوقائع األمريكية المرافقة، فنجعل الفرضية والوقائع المذكورة على و¬فاق، لذلك سوف نقدم، على سبيل

.الخاتمة، تحليالL للوضع الكوبي، حاضره ومستقبله

   

تحليل الوضع الكوبي، حاضره ومستقبله – 3[ نتيجة نضال أهلي مسلح قام به الشعب68ها قد مضت سنة كاملة منذ هروب الطاغية]

الكوبي. إن منجزات الحكومة في الميادين االجتماعية واالقتصادية والسياسية تتجاوز التقدير. ولربما كان ضرورياL أن نقوم بالتحليل، بإعطاء كل حد قيمته الصحيحة، ببيان أبعاد ثورتنا الكوبية

بدقة إلى الشعب. إن هذه الثورة، وإن كانت زراعية في األساس، قد كسبت مساهمة حماسية من جانب العمال والطبقة الوسطى، ونالت اآلن دعم الصناعيين. إن تصميم شعبها الذي ال

[، بل عالمية69يتزعزع، واألهداف التي تحركه، قد منحت هذه الثورة أهمية قاري�ة] .Lلكافة القوانين المبرمة التي هي جميعا ،Lليس موضوعنا هو إجراء بحث تركيبي مهما كان موجزا

مفيدة للشعب وال ريب. سوف يكفينا أن نشدد اإلشارة على بعض هذه القوانين، مبينين التسلسل المنطقي الذي يقودنا من أولها إلى آخرها، بمسيرة ذات خطى متتابعة والزمة،

.مظهرين االهتمام الذي توليه الدولة لحاجات الشعب الكوبي لقد لزمت الحكومة بادىء ذي بدء أن تحطم آمال الطبقات الطفيلية في البلد، فرسمت بخطى

سريعة، قانون اإليجارات، وتخفيض أسعار الكهرباء وتعرفة الهاتف. وما لبث الذين كانوا يريدون أن يروا في فيدل كاسترو وصحبه القائمين بهذه الثورة، بعض السياسيين على النمط القديم أو بعض البGلهاء الذين تسهل مداورتهم، إشارتهم المائزة الوحيدة هي اللحى في ذقونهم، ما

لبثوا حتى اعتراهم الظن بأن شيئاL أعمق كان يتفجر من صميم الشعب الكوبي ذاته، وأن امتيازاتهم قد أحاق بها خطر الزوال. بدأت كلمة شيوعيين ترتسم حول القادة، حول المغاوير

دوا من امتيازاتهم ر� Gالظافرين، وأخذت كلمة معاداة الشيوعية، بالمقابل، تؤلب الذين قد ج .الجائرة

[، فألحقا شعور انزعاج لدى رؤوس األموال70وجاء قانون األراضي البور، وقانون البيع لنسيئة] المرابية. ولكن الرجعية ما كانت لتعاني بعد إال� مناوشات، وكان كل شيء لما يزل ممكناL. كاندGوه µهGبعد باستطاعة أمثال دوبوا أو بورتر أن ينصحوا "هذا الطفل المجنون" فيدل كاسترو وي

Lإلى الطرق "الديمقراطية" الجيدة. كان الوثوق بالمستقبل لما يزل ممكنا.هم القانون .جاء قانون اإلصالح الزراعي صدمة بالغة، وانجلت األمور واضحة لكل الذين مس�

لقد كان غاستون باكويرو، الناطق بلسان الرجعية، قد توقع بدقة قبل هؤالء ماذا كان يحدث،:Lكان بعضهم ما زال يحدث نفسه قائال .Lوانسحب إلى مياه الطغيان في اسبانيا، هي أكثر هدوءا ،Lالقانون ما هو إال� قانون"، وإن حكومات أخرى قد أصدرت قوانين سواها، حسنة للشعب نظريا" غير أن إنفاذها كان شأناL آخر. وأخذوا في البدء ينظرون إلى هذا الطفل الصاخب المعقد، الذي

قة، من أعالي71لم يكن وجوده ليعرف إال� من شارته "اينرا"] ف¬ µشGنظرة أبوية ممجوجة وم ،] [ والنظريات الجليلة في المالية العامة، التي ال72أسوار علم المذاهب االجتماعية المفاض]

تدانيها عقول المغاوير غير المثقفة. ولكن االينرا أخذت تتقدم مثل الجرارة، أو كالدبابة، ألنها دبابة وجرارة في آن، محطمة بطريقها حواجز الملكيات الكبرى، وخالقة عالقات اجتماعية

جديدة لملكية األرض. لقد أجمل هذا اإلصالح الزراعي الكوبي عدداL من المميزات الهامة بالنسبة ألمريكا. كان معادياL لإلقطاع إذ أنه، باإلضافة إلى إزالة الملكيات الكبرى (هذا في ظروف كوبا)،

Page 45: حرب العصابات

ى عالقات القنانة التي ما قد ألغى كافة العقود التي تجبر على دفع الريع العقاري نقداL، وصف� برحت قائمة في منتجاتنا الزراعية الرئيسية، وال سيما في مزارع البن والتبغ عندنا. غير أنه

كان أيضاL إصالحاL زراعياL يتم في النظام الرأسمالي ليحطم ضغط االحتكارات التي تمنع الفالحين، المنعزلين أو المتألبين، من أن يشتغلوا في أرضهم بإخالص وينتجوا دون خوف من

المرابي أو المالك. فقد أخذ اإلصالح الزراعي منذ البدء يؤمن للفالحين والعمال الزراعييناء، والعتاد، والدعم المالي، هاني الضروري، بتوفير العاملين األكف� ملكية األرض، والدعم الم¬ بفضل تسليفات االينرا ومصارف الدولة و"رابطة متاجر الشعب". لقد انتشرت هذه األخيرة

انتشاراL قوياL في مقاطعة أوريينته وأخذت تنتشر في مقاطعات أخرى، حيث تحل متاجر الدولة، محل المرابي القديم، فتدفع قيمة المحاصيل بسعر عادل، معطية بذلك تعويضاL عادالL عن

.االستثمار وأهم الموائز التي تميزه عن اإلصالحات الزراعية األخرى الثالثة في أمريكا (مكسيك، غواتيماال، بوليفيا)، هي اإلرادة في السير به حتى النهاية، دون مساومة من أي نوع. ال يحترم هذا اإلصالح

الزراعي الكامل إال� حق الشعب، وال يقف ال ضد طبقة وال ضد قومية خاصة: يقع القانون بنحو[ و"كينغ رننش" مثلما يقع على كبار المالك المول�دين]73واحد على "يونايتد فروت كومباني"]

74] . أخذت منتجات البلد مثل األرز والبذور الزيتية والقطن، تزداد بشدة في هذه الظروف، فتصبح

ع�ة أن تستعيد ثرواتها كافة. وقد م¬ µز Gهي مركز نهوج التخطيط. غير أن األمة لما ترض بعد. إنها م تم عملياL، بقانون النفط، إسترداد باطن أرضها التريف، ميدان الصراع بين االحتكارات وموضوع

نهمها. يستجيب هذا القانون، شأن كافة القوانين التي أملتها الثورة، إلى ضرورات ال يمكنئها وقد عزم أن يكون حراL، سيداL على كµن�ة الشعب أن يGرج¬ Gمراوغتها، إلى عواجل لم يعد في م

اقتصاده، وأن يزدهر ويبلغ تطوراL اجتماعياL متصاعداL في الرقي. إن قانون النفط هو، من هذا القبيل، مثال للقارة بأسرها تحذره االحتكارات النفطية. إن كوبا ال تعيق االحتكارات النفطية

مباشرة وبشكل جوهري، إذ ليس ثمة ما يدعو العتبارها مركزاL هاماL جداL للوقود الثمين، وإن كان هناك أمل في إمكان الوصول إلى كفاية الحاجات الداخلية. غير أنها تضرب المثل، بقانونها، إلى

الشعوب الشقيقة في أمريكا، بأنه يمكن إجراء ذلك في أمريكا، في حين وقع كثير من هذه الشعوب فريسة تلك االحتكارات، ودGفع نفر آخر منها دفعاL إلى الحروب مع بعضه بعضاL، مرضاة لحاجات أو نهماL الحتكارات متنازعة. إنه يبين في الوقت ذاته في أية لحظة ينبغي إجراء ذلك.

لقد أخذت االحتكارات الكبرى هي األخرى تميل بأبصارها القلقة إلى كوبا: لم يجرؤ القوم فيب�ارة التي خلفها السيد فوستر دالز إلى75جزيرة الكاريبي] وا التركة الج� [ الصغيرة أن يصف³

ورثته، وهي "يونايتد فروت كومباني"، بل إن الثورة الشعبية في كوبا قد ضربت أيضاL سلطان[76"روكفلر" ومجموعة "رويال دتش"] .

هذا القانون، مثله مثل قانون المناجم، هو جواب الشعب على أولئك الذين يد�عون إذالله، بتظاهرات القوة، والغزوات الجوية، والعقوبات المختلفة. يؤكد بعضهم أن قانون المناجم ال

يقل أهمية عن قانون اإلصالح الزراعي. إننا ال نعتقد، بعامة، أنه يبلغ هذه األهمية في اقتصاد% على إجمال المنتجات المصدرة، التي25البلد. غير أن ثمة ظاهرة جديدة: فالضرائب بنسبة

أجبرت الشركات التي تصدر معادننا إلى الخارج على دفعها (فأخذت تخل�ف اآلن شيئاL غير الخواء في أراضينا)، ال تسهم في رفاه كوبا وحسب، بل أعطت االحتكارات الك�ن�دية منفعة في صراعهاي الملكيات الكبرى، مع مستثمري النيكل الحاليين عندنا. وبذلك أخذت الثورة الكوبية، التي تصف�¬ تحدد أيضاL أرباح االحتكارات والوسطاء األجانب، وتطلق في أمريكا سياسة جديدة إذ جرؤت على

[ المناجم. في هذا لفت جديد النتباه جيراننا في77شق النظام االحتكاري الذي أقامته حاكرات] بلد هو من أكبر أوطان االحتكارات، ولكن لألمر رجعاL عميقاL أيضاL في أمريكا كلها. لقد أخذت

الثورة الكوبية تحطم حواجز منشآت اإلعالم كافة، وتذيع حقيقتها مثل نثار البارود بين الجماهير األمريكية الالتينية المتعطشة إلى حياة أفضل. كوبا هي رمز القومية الجديدة، وفيدل كاسترو

.رمز التحرر مليوناL، بقيادة النضال6.5 وسكانها ² كم114000تضطلع الجزيرة الصغيرة التي مساحتها

المعادي لالستعمار في أمريكا، حيث تركت لها الثغرات البليغة في هذا النضال أن تقوم بدور الطليعة، الذي ملؤه البطولة والمجد والخطر. وراحت األمم األضعف اقتصادياL في أمريكا

Lالمستعمرة، اآلخذة بتطوير رأسماليتها الوطنية متلمسة الطريق وسط صراع دائب وأحيانا عنيف ضد االحتكارات األجنبية، راحت تخلي الساحة شيئاL فشيئاL أمام بطل الحرية الجديد، ألنLأو خاليا Lحكوماتها تعوزها القوة الالزمة للمضي بنضالها إلى غايته. فليس هذا النضال بسيطا

من المصاعب والمخاطر، ويلزمه تأييد الشعب قاطبة، كما يلزمه كثير من المثالية وروح الفداء للظفر به في ظروف العزلة التي نعانيها في أمريكا. لقد حاولت بلدان صغيرة أن تخوض هذا

[، ذلك الطائر الذي يموت إذا أGدخل78النضال في ما مضى: غواتيماال، غواتيماال الكويتزال] القفص، ومثلها بوليفيا، بوليفيا موريل³و، أول شهداء االستقالل األمريكي، الذي تداعى من

وطأة القتال الهائلة، بعد أن ضرب ثالثة من األمثلة التي قدمت للثورة الكوبية إرشادات ثمينة وهي: ضرورة إزالة الجيش، وضرورة اإلصالح الزراعي، وتأميم المناجم، منبع أعظم الثروات

.وأعظم المآسي تعرف كوبا أمثلة الماضي، تعرف المصاعب والهزائم، ولكنها تعرف أيضاL أنها عند فجر عصر

جديد. لقد عصفت نهضة النضاالت القومية والشعبية في آسيا وأفريقيا بمعاقل االستعمار. ولم تعد وحدة هذه الشعوب من شأن الدين والتقاليد واألطماع واألGلفة أو التمايز العرقيين، فلحمتها

Page 46: حرب العصابات

تشابه الظروف االقتصادية واالجتماعية، والرغبة الواحدة في التقدم. لقد تصافحت آسيا وأفريقيا في باندونغ، وهنا في الهايانا، من خالل كوبا، هاهما آسيا وأفريقيا تصافحان أمريكا

[79الالتينية والهندية] . ومن جهة أخرى، فقد تراجعت الدول االستعمارية الكبرى أمام الشعوب المناضلة. لم تعد بلجيكا

وهولندا إمبراطوريتين إال� سخرية. وفقدت ألمانيا وإيطاليا مستعمراتهما. وتتخبط فرنسا فيي السلطة السياسية80مرارة حرب تحققت خسارتها منذ اآلن] [. وأخذت إنكلترا ماكرة، تصف�

.لإلبقاء على العالقات االقتصادية تحل الرأسمالية األمريكية الشمالية محل بعض الرأسماليات االستعمارية القديمة في البلدان

التي بدأت فيها الحياة المستقلة، ولكنها ال تجهل أن هذا أمر موقوت وأنه لن يكون ثمة توسع حقيقي لمضارباتها المالية في هذا الميدان. سوف تقدر الواليات المتحدة أن تمتص مص�

األخطبوط، لكن دون أن تستطيع إطباق محاجمها بالثبات ذاته. لقد كل�ت مخالب النسر.االمبراطوري. مات االستعمار في أنحاء العالم كافة، أو هو على وشك أن يموت ميتته الطبيعية أما أمريكا، فلها شأن آخر. لقد سحب األسد اإلنكليزي خطمه الشره من أمريكتنا منذ زمن بعيد، وأنشأ الرأسماليون الشب�ان المحب��بون، اليانكي، صيغتهم "الديمقراطية" من النوادي اإلنكليزية،

[81وفرضوا سلطانهم على كل واحدة من الجمهوريات العشرين] . هذه الجمهوريات هي اإلقطاع االستعماري الحتكار أمريكا الشمالية، إنها "الباحة الخلفية لبيته الخاص"، إنها سبب بقائه وسبيل عيشه. فلو كانت الشعوب األمريكية الالتينية كافة، تعزز مثل

كوبا كرامتها، الرتعدت فرائص االحتكارات واضطرت إلى التكيف بوضع سياسي واقتصادي جديد وبتقل³ص أرباحها. غير أن االحتكارات ال يعجبها قط أن ترى أرباحها في نكوص، هذا بينما أخذ

ث�ل كوبا - هذا "المثل السيء" في الكرامة الوطنية والدولية – يستشري بين بلدان أمريكا م�كون كوبا، وكوبا هي مسؤولة حقاL، على نحو µره، ي�ش الالتينية. فكلما أطلق شعب صيحة تحر�

معين، إذ أنها أهدت إلى السبيل، سبيل النضال الشعبي المسلح ضد جيوش زعموا أنها ال تقهر،.سبيل حرب الغوار، وبكلمة، سبيل الكرامة

إن المثل الكوبي سيء، وما أسوأه! ال يسع االحتكارات أن يغمض لها جفن ما دام هذا المثل قائماL، يكافح األخطار ويسير نحو المستقبل. لقد أعلن الناطقون باسم االحتكارات: يجب تدميرد�نة االحتكارات المتنكرون كممثلين في المجلس النيابي: ينبغي التدخل في هذا المثل. وقال س�،Lهذا المعقل "الشيوعي". وغمغم أمكر المدافعين عن الحاكرات: إن الوضع الكوبي يقلقنا كثيرا

."وكلنا يفهم أنهم يعنون: "ينبغي تدمير كوبا لنتساءل بعد هذا العرض، ما هي إمكانات العدوان، لتدمير هذا المثل السيء؟ ثمة إمكان

اقتصادي بحت: تضييق االعتمادات المصرفية واعتمادات المصد�رين في أمريكا الشمالية لكل ما هو كوبي، بما في ذلك مصرف كوبا الوطني. ويمكن أن يمتد هذا التضييق، بفضل الشركاء، إلى

Lبلدان أوروبا الغربية كافة. أما االنفراد بالتضييق، فليس كافيا. من شأن رفض منح االعتمادات أن يسدد ضربة أولى شديدة القسوة إلى اقتصاد البلد، ولكن هذا

االقتصاد ال يلبث أن يعيد إحكام ذاته ويعود الميزان التجاري إلى االعتدال عندما يعتاد البلد أن يعيش يوماL بيوم. يجب إبقاء الضغط. يدخل حلبة الرقص ههنا نظام التحصيص المفروض على

السكر: نعم، ال، ال، نعم. تشير اآلالت الحاسبة لدى وكاالت االحتكار، على عجل، أن تخفيض حصة كوبا أمر جد خطير، وأن إلغاء هذه الحصة أمر محال. لماذا خطير جداL؟ ألنه باإلضافة إلى الخطأ

م� عشرة أو خمسة عشرة بلداL منتجاL، يحدث بينها السياسي الذي يشكله، فهو سوف يشحذ ن�ه� انزعاجاL عميقاL، إذ يعتبر كل منها نفسه هو صاحب الحق في المزيد. كما يستحيل التخلي عن

دي السكر إلى الواليات المتحدة، وألن % من60الحصة الكوبية ألن كوبا هي أجود وأرخص مور� المصالح المرتبطة مباشرة بإنتاج السكر واالتجار به تخص³ الواليات المتحدة. ثم إن الميزان يميل

لصالح الواليات المتحدة. وإن من ال يبيع ال يمكنه الشراء، وإنه لمثل سيء حقاL أن يتخلى المرء عن معاهدة. ولكن األمر ال يقف عند هذا الحد: إن الهدية األمريكية الشمالية المزعومة، التي

[ من سعر السوق ليست إال� نتيجة عجزهم82قوامها أنهم يدفعون سعراL أعلى بثالث سنتافوات] عن إنتاج السكر بسعر منخفض. فمستوى األجور المرتفع وإنتاجية األرض الضعيفة في الدولة

الكبرى يمنعانها من إنتاج السكر بالسعر الكوبي. إنهم يتسترون وراء السعر المرتفع الذي يدفعون لهذا المنتوج، لكي يفرضوا اتفاقات باهظة ليس على كوبا فقط، بل على جميع

.المستفيدين. محال عليهم أن يلغوا الحصة الكوبية لن نتوقف جدياL عند إمكان لجوء االحتكارات إلى ما يد�عون من قصف حقول القصب بالقنابل وإحراقها لخلق قحط في المحصول. تبدو هذه الدعوى في الغالب وسيلة لبث المخاوف في

صفوف الحكومة الثورية (غير أن جثة المرتزق األمريكي الشمالي الممزقة تلطخ بالدم أكثر من[، إنها تلطخ سياسة برمتها. فما بالك باالنفجار الهائل الحادث في األسلحة83دار كوبية]

[84المرسلة إلى الجيش الثائر)] . ثمة نقاط حساسة أخرى يمكن ضرب االقتصاد الكوبي منها، مثالL مشترياته من المواد األولية،

كالقطن. ولكنه ال يخفى أن في العالم إنتاجاL مفرطاL من القطن، فلن تكون صعوبة من هذا القبيل إال� موقوتة. وماذا عن الوقود؟ إن نفاده قمين بإنزال الشلل في البلد، وكوبا ال تنتج من

النفط إال� القليل. ثمة بعض صنوف القطران يمكن أن تغذي مراجلها، وبعض الغول يمكن في النهاية، أن يسي�ر عرباتها. ثم إن في العالم نفطاL كثيراL. فمصر، واالتحاد السوفياتي يمكنهما أن

.يبيعا منه، وربما العراق قريباL. لذلك يمكن االكتفاء بتطبيق ريادة اقتصادية بسيطة وإلى جانب سلوكهم الفارقة االقتصادية اآلنفة، إذا ما أضفنا إلى مسالك العدوان الممكنة،

Page 47: حرب العصابات

تدخالت "دولة" من دول الجيب، مثل سانتو دومينكو، فسوف يغدو األمر أكثر إزعاجاL بقليل،.ولكن األمم المتحدة سوف تضطر للتدخل في النهاية، ولن يؤدي األمر إلى شيء ملموس

إن السبل الجديدة التي أخذت منظمة الدول األمريكية تتبعها، تخلق سابقة خطيرة في موضوع[، لكي تهيىء اعتداءات85التدخل، وكأن في األمر صدفة. إنتحلت االحتكارات حجة تروخيل³و]

أخرى. لقد أحرجتنا ديمقراطية فنزويال في هذه القضية آسفين ألن نقاوم مبدأ التدخل ضد!تروخيل³و. يا لها من خدمة أسدوها إلى قراصنة هذه القارة

ومن بين اإلمكانات الجديدة، ثمة إزالة وجود ذلك الذي كانوا يدعونه "الشاب المجنون" فيدل كاسترو، والذي أضحى هدف غضبات االحتكارات. ينبغي طبعاL اتخاذ اإلجراءات كذلك ضد

"العميلين الدوليين" الخطيرين اآلخرين: راؤول كاسترو وكاتب هذه األسطر، اللذين ينبغيز° للرجعية، لو كان يعطي نتائج مرضية في µجGإنه حل مرغوب فيه وم .Lإزالتهما من الوجود أيضا

عمل مثلث الوجهات في آن، أو لو كان يصيب الرأس القائد على األقل. (ولكن أيها السادة االحتكاريون، وأيها السادة األجراء في الداخل، ال تنسوا الشعب، الشعب القادر على كل شيء،

الذي لو واجه مثل هذه الجريمة، لسحق كل ضالع على نحو مباشر أو غير مباشر في االعتداء)على قادة الثورة، دون أن يستطيع أي شيء أو أي أحد أن يوقفه .

[، وهو القيام بالضغط على86وأمامهم شكل جديد من الفارقة التي سلكوها في غواتيماال] دي األسلحة إلى كوبا، إلجبار بلدنا على شراء األسلحة من البلدان الشيوعية، فتغدو مور�

االتهامات الموجهة إثر ذلك أكثر صرامة. لكن أحد أعضاء حكومتنا قد قال "يحتمل أن يهاجمونااء ."بحجة أننا شيوعيون، ولكنهم لن يزيلونا من الوجود نتيجة كوننا بGل�ه�

سوف ترتسم عندها لالحتكارات ضرورة عدوان مباشر (وسوف يتناجزون عدة إمكانات ويتدارسونها بكل التفاصيل على آالت أي. بي. أم. الحاسبة). ولكنه يتبادر إلى ذهننا أنهم

[: يتخذون المبعدين حجة لالبتداء، ويدعمونهم87يستطيعون استخدام الفارقة االسبانية] .Lقويا Lإال� مرتزقة، أو جنود دولة أجنبية تدعمهم البحرية والطيران دعما Lبمتطوعين ليسوا طبعا

ويمكن أن يكون األمر أيضاL عدواناL مباشراL من دول مثل سانتو دومينكو، ترسل بعض رجالها، إخوتنا، مع مرتزقة كثيرين، للموت على شواطئنا، بغية خلق حالة واقعة ترغم أوطان االحتكار المباركة على التصريح بأنها ال تريد التدخل في هذا الصراع "الكارث" بين اإلخوة، وأنها سوف

افاتها وغو�اصاتها وحامالت طائراتها اداتها ونس� تكتفي بإيقافه عند حد، فتجعل بوارجها وطر� وطيرانها تسهر على بحار وسماء ذلك الجزء من أمريكا. وال يستحيل أن يمنع هؤالء الحراس

الغيورون على السلم في القارة، مرور أية سفينة تفيد كوبا، في حين تنخدع يقظتهم "الحديدية" إزاء جميع أو أكثر الذين يناصرون وطن تروخيلو المنكود. ويمكنهم التدخل كذلك

بوساطة إحدى المنظمات "المجيدة" القائمة بين الدول األمريكية، إلنهاء "الحرب الجنوبية" التي أطلقتها "الشيوعية" من عقالها في جزيرتنا، أو حتى أن يتدخلوا مباشرة باسم هذه المنظمة

.إلعادة السلم وحماية مصالح رعاياهم، فينهجون بذلك فارقة من سلوكهم في كوريا قد ال توجه الضربة األولى إلينا، بل إلى حكومة فينزويال الدستورية، لتصفية آخر مستند لنا في

[. وإذا ما حدث ذلك، فيمكن أن ال تعود كوبا هي مركز النضال ضد االستعمار، بل يغدو88القارة] [ الكبير هو ذلك المركز. وسوف يهب� شعب فنزويال ذائداL عن حرياته. يحفزه89وطن بوليفار]

حماس الذين يعلمون أنهم يخوضون معركة حاسمة، فمع الهزيمة يرين عليهم أظلم ألوان الطغيان، ومع الظفر يشرق عليهم أخيراL مستقبل أمريكتنا، حيث تستطيع هب�ة من النضاالت

الشعبية أن تشق صمت المقابر االستعمارية التي استحالت إليها الجمهوريات الشقيقة.المستعبدة

يمكن إتيان أسباب كثيرة ضد احتمال تغل³ب العدو، ولكن ثمة سببين رئيسيين: أحدهما خارجي،، عام الشعوب المتخلفة النمو، الشعوب الحرة، العام الذي سوف تفرض فيه1960وهو أننا عام

احترامها أخيراL وإلى األبد، أصوات ماليين الكائنات التي لم يعد مصيرها أن يحكمها أصحاب وسائل القمع والثراء. ولكنه أيضاL – وهذا سبب داخلي أعظم قوة من األول – العام الذي سوف

يتنك�ب فيه السالح جيش قوامه ستة ماليين كوبي، يقفون كالرجل الواحد، ذوداL عن أراضيهم وثورتهم. لن يكون الجيش الثائر في أرض الوغى إال� جزءاL من شعب شاكي السالح، يقاتل في

كل أرجاء البلد. سوف يستميت العمال أمام مصانعهم في المدن. وفي الريف، سوف يبذرته المحاريث الجديدة ق� الفالحون الموت في صفوف الغزاة، خلف كل شجرة، وفي كل قرح ش�

.التي زودتهم بها الثورة وفي أرجاء العالم، سوف يخلق التضامن األGممي حاجزاL قوامه مئات ماليين الصدور التي تستنكر

العدوان. وسوف ترى االحتكارات كيف تصطك دعائمها النخرة، وكيف تعصف نفخة ريح واحدة بنسيج العنكبوت الذي حاكته وكاالت األنباء من أكاذيبها. ولنفترض مع ذلك أنهم لن يقيموا

حساباL لإلستنكار الشعبي األممي: فماذا يحدث ههنا في الداخل؟ إن أول عنصر يبرز للعيان، تبعاL لوضعنا كجزيرة صغيرة سهلة اإلصابة، تعوزها األسلحة الثقيلة،

.وذات طيران وبحرية ضعيفين جداL، هو تطبيق مفهوم الغوار على نضال الدفاع الوطني سوف تقاتل وحداتنا البرية بالعزيمة والحماس والحمي�ة التي يستطيعها أوالد الثورة الكوبية في هذه السنوات المجيدة من تاريخها. ولكننا في أسوأ األحوال، وبعد تحطيم بنية جيشنا في جبهة

القتال، سوف نبقى مستعدين لمتابعة النضال في وحدات مقاتلة. وبعبارة أخرى، إذا ما نجح التركيز الكبير لقوى العدو في تحطيم قوتنا، سوف ينقلب جيشنا فوراL إلى جيش غوار، عظيم

الجؤول، وتغدو سلطة قادته غير محدودة في مستوى الرتل، في حين تعطي القيادة العامة األوامر المناسبة من نقطة ما في البلد وتحدد الريادة العامة. وتغدو الجبال آخر معاقل الجيش

Page 48: حرب العصابات

الثائر، وهو طليعة الشعب المنظمة، في حين يتابع جيش المؤخرة العظيم وهو الشعب بأسره،لµذ�ة من أرض الوطن .النضال في كل بيت قروي وكل درب وكل ف�

ولما كانت وحدات مشاتنا تعوزها األسلحة الثقيلة، فسوف يتركز عملها على الدفاع ضد المدرعات وضد الطيران. وسوف تغدو األسلحة الوحيدة ذات القدرة المرموقة هي األلغام

انات ضد الدرع، والمدافع المضادة للطيران، الجو�الة جداL، دون إغفال بكثرة، والبازوكة أو الرم�دامى المشاة المزودون باألسلحة الذاتية الحركة، قيمة Gبعض مدافع الهاون. وسوف يعرف ق

الذخيرة، ويعنون بها عناية كبيرة. وترافق كل وحدة من جيشنا منشأة خاصة إلعادة حشو.الفشك، فتحافظ على احتياط الذخيرة في أشد الظروف حراجة

سوف يصاب طيراننا، على األرجح، بعطب بالغ منذ اللحظات األولى في غزو من هذا القبيل، تشنه دولة أجنبية كبرى، أو يشنه مرتزقة أية دولة صغرى تدعمها الدولة الكبرى سراL أو عالنية.

سوف يغدو الطيران الوطني إذاL محطماL أو يكاد، وربما استطاعت طائرات االستكشاف أن تتابع.العمل، ومثلها طائرات االرتباط، وال سيما الطائرات العمودية

سوف يعاد بناء البحرية أيضاL تبعاL لهذه الريادة الجائلة: الزوارق الصغيرة هي التي تبدي للعدو أصغر سطح وأعظم اجتيال. وسوف يكون أشد مداعي اليأس لدى العدو في هذه الحالة، كما

في الحاالت السابقة كلها، أنه ال يالقي شيئاL صلباL يقاتله. لن يكون هناك غير كتلة رخوة، جائلة،.ال نفاذ فيها، تتراجع وال تكافح بجبهة صلبة، في حين هي تسدد الضربات من كل صوب

فحتى لو هزم جيش الشعب في معركة جبهية، لن يكون من السهل أن تراه يولي اإلدبار. يقف عنصران هامان من السكان إلى جانبه: الفالحون والعمال. لقد دل�ل الفالحون على فعاليتهم

،Lعندما ألقوا القبض على العصابة التي كانت تحوم حول بينار دل ريو. سوف يتم تدريبهم محليا بون كما يجري اآلن، في قواعدنا العسكرية. غير أن آمري الفصائل والرتب األعلى سوف يGد�ر�

م� البلد إليها، لكي ومن هنا سوف يوزعون على مناطق اإلنماء الزراعي الثالثين التي قGس� يشكلوا عدداL مماثالL من مراكز النضال الريفي. سوف يذود الفالحون عن أراضيهم ومكاسبهم

االجتماعية ودورهم الجديدة وأقنيتهم وسدودهم ومحاصيلهم الزاهرة، أي عن استقاللهم،.وبكلمة، عن حقهم في الحياة

سوف يكافحون تقدم العدو بمقاومة حازمة فورية. أما إذا كان تقدمه فائق القوة، فسوف يتبعثرون ويغدو كل فالح مزارعاL مسالماL في النهار، ومغاوراL فعاالL، تخشى قوى األعداء بأسه

[ من بعد قيادة90ليالL. ويكرر العمال هذا النهوج ذاته. سوف يتم تدريب خيرتهم لكي يتسن�موا] رفاقهم فيتولوا تلقينهم معلومات الدفاع التي تلقوها. سوف تتولى كل فئة اجتماعية وال ريب مهمات مختلفة: يقوم الفالح بنضال المغاور النهجي، وينبغي أن يتعلم إتقان الرماية واإلفادة

L. أما العامل، فله حظ الوجود داخل القلعة من وعورة األرض واالختفاء دون قتال جبهي أبدا الهائلة التي تشكلها مدينة حديثة، ولكنه عديم الجؤول: فسوف يتعلم تتريس الشوارع على نحو

واء] [ قلعة، متواصلة من الداخل بثغرات تفتح في الجدران، واستخدام91رشيد، واستخدام كل ح¬ سالح "كوكتيل مولوتوف" الدفاعي الرهيب، وتنسيق الرمي الصادر عن النوافد التي ال حصر لها

.والتي توفرها أبنية مدينة حديثة سوف تشكل جماهير العمال، تدعمهم الشرطة الوطنية والقوى المسلحة المكلفة بالدفاع عن

المدن، جيشاL جب�اراL ولكنه سوف يصاب بأذى بالغ. ال يعدل النضال في المدن نضال الريفط – كثيرين في هذا النضال الشعبي. سوف ق¬ µسGسهولة ومرونة. سوف يسقطون – أو سوف ن

يستخدم العدو دبابات سرعان ما تGد�م�ر عندما يتعلم الشعب أال� يخشاها ويتعرف إلى مقاتلها..ولكن الشعب سوف يخل�ف قبل ذلك قسطه من الضحايا

[92تنضم منظمات أخرى أيضاL إلى منظمات العمال والفالحين. وفي الصف األول، جواند] الطالب، التي ينسقها ويقودها الجيش الثائر، والتي تضم خيرة الشباب الطالبي، ثم منظمات

الشباب عامة، التي تشارك في القتال، ومنظمات النساء التي تقدم حافزاL هاماL هو وجود المرأة. سوف تGعنى منظمات النساء بأعمال عظيمة الشأن في مؤازرة رفاق القتال، مثل

الطهي، والعناية بالجرحى، ومؤاساة المحتضرين. وغسل الثياب. سوف يثبتن لرفاقهن في السالح أن حضورهن ال يخيب أبداL في الساعات العصيبة من الثورة. هذا كله نتيجة عمل تنظيمي

واسع للجماهير، ونتيجة تربيتهم المتأنية الكاملة. تستند هذه التربية إلى المعلومات االبتدائية.Lصحيحا Lعاقال Lلكن ينبغي تركيزها على شرح وقائع الثورة شرحا.

ينبغي دراسة القوانين الثورية وشرحها والتعليق عليها في كل اجتماع، وكل مجلس وكل مكان يلتقي فيه المسؤولون عن الثورة. وينبغي، لتوجيه الجماهير، قراءة خطابات القادة باستمرار

والتعليق عليها ومناقشتها، وبالنسبة إلينا بصورة أخص، خطابات القائد الذي ال منازع له. ينبغي االجتماع في الريف، لالستماع من اإلذاعة أو للنظر في التلفزيون، إلى هذه الدروس الشعبية

.التي اعتاد رئيس وزارئنا أن يلقيها ينبغي أن يكون تماس الشعب بالسياسة مستمراL، فإنه يعني تماس الشعب بأعز رغباته، بعد أن

تم التعبير عنها، فاستحالت قوانين ومراسيم ومقررات. ينبغي أن تكون اليقظة الثورية دائبة إزاء كل تظاهرة معادية للثورة. ويجب أن تكون يقظة المرء إزاء موقفه الخاص، وسط الجماهير

الثوريين، أشد صرامة بعد من اليقظة المطبقة إزاء الالثوري أو الالمبالي. فأياL كانت مكانة الثوري وأياL كانت مفاهيمه، ال يمكن السماح، لمجرد كونه ثورياL، بالصفح عن أخطاء بالغة قد

ارتكبها ضد الشرف أو األخالق، وذلك بطائلة انحدار الثورة في طريق االنتهاز الخطرة. قد يؤدي واقع الرجل إلى السماح بتخفيف العقوبة، وسوف تؤخذ مناقبه الماضية بالحسبان، غير أنه ال بد

Lمن معاقبة االرتكاب بحد ذاته دائما.

Page 49: حرب العصابات

ينبغي دائماL تنمية احترام العمل، وال سيما العمل الجماعي ذي المقاصد الجماعية. ينبغي إسداء تنشيط عظيم لكتائب المتطوعين الذين يبنون الطرق والجسور واألرصفة والسدود والمجم�عات

.المدرسية، ويوطدون روحهم األلبي باستمرار، مبرهنين باألعمال عن حبهم للثورة إن جيشاL على مثل هذا الوفاق مع الشعب، يتحسس فيه المرء مثل هذا الوثوق بالفالحين

والعمال الذي هو فيض منهم، ويعرف فضالL عن ذلك الم¬هانة الخاصة بحربه معرفة كلية، وقد تهيأ نفسياL ألسوأ االحتماالت، إن هذا الجيش ال يقهر. وسوف يزداد منعة كلما تبلورت قولة

ة العسكرية"، فازدادت تجسيداL في خالدنا كاميلو سيانفويغوس: "الجيش هو الشعب في البز� الجيش واستوطنت فيه. وبفضل كل ذلك، ورغم حاجة االحتكارات إلى إزالة "المثل السيء"

.الكوبي، فإن مستقبلنا هو أكثر إشراقاL منه في أي وقت مضى

  

-1-ما هو المغاور؟

من المؤكد أنه ليس في العالم بلد واحد ال تشكل فيه كلمة "المغاور" عند الشعب رمزاL للرغبة في الحرية. وكانت كوبا البلد الوحيد الذي تملك فيه هذه الكلمة معنى منفراL. وان ثورتنا، التي تملك فعالL محرراL في جميع امتداداتها، قد ردت االعتبار إلى هذه الكلمة. ونحن نعرف جميعاL أن

أولئك الذين تعاطفوا مع النظام العبودي االسباني وحملوا السالح كي يدافعوا عن التاج االسباني قد كانوا مغاوير؛ ومنذ ذلك الحين، هذه الكلمة تشكل في كوبا رمزاL لجميع األشياء

الرديئة والمتخلفة والمتعفنة في البالد. ومع ذلك، فليس ذلك هو المغاور، بل األمر على النقيض من ذلك، إذ أن المغاور هو المقاتل األفضل من أجل الحرية، هو المختار من قبل الشعب، هو الطليعة المقاتلة لهذا الشعب في نضاله التحرري. وليست حرب الغوار، على

النقيض مما يعتقد الكثيرون، حرباL هزيلة، حرب جماعة قليلة ضد جيش قوي، ال، أن حرب الغوار هي حرب الشعب بأسره ضد السيطرة االستعبادية وإن المغاور هو طليعتها المسلحة؛ وأما

الجيش، فإنه يتألف من جميع أهالي منطقة معينة أو بلد بأكمله، وهذا هو السبب في قوتها، وفي ظفرها بعد أمد طويل أو قصير على جميع القوى التي تحاول اضطهاد الشعب؛ وبكالم

.آخر، فإن أساس حرب الغوار وقاعدتها موجودان في الشعب وأنه من غير المعقول أن تتمكن جماعات مسلحة صغيرة، مهما تكن قدرتها على الحركة

ومعرفتها باألرض، من االستمرار بدون هذا الدعم القوي في البقاء في وجه القمع المنظم الذي يمارسه جيش حسن التنظيم. وإن البرهان على ذلك هو أن جميع األشقياء، جميع عصابات

المجرمين تغلب على أمرها أخيراL من قبل السلطة المركزية. وال تنسوا أن هؤالء المجرمين يمثلون شيئاL آخر بالنسبة إلى أهالي المنطقة. انهم يمثلون نضاالL من أجل الحرية، حتى لو كان

.في شكل كاريكاتوري ويجب على جيش الغوار، هذا الجيش الشعبي على أفضل صورة، أن يملك على الصعيد الفردي

أفضل الفضائل ألفضل جندي في العالم. ويجب أن يقوم على أساس االنضباط الصارم. وإذا كانت شكليات الحياة العسكرية ال تتكيف مع حرب الغوار، فليس هناك وقوف بوضعية االستعداد وال تحية متصلبة، وال تقديم اإليضاحات إلى الرئيس، فهذا ال يعني انعدام االنضباط. أن انضباط

المغاور انضباط باطن وهو يأتي عن قناعة الفرد العميقة بضرورة طاعة الرئيس من أجل تأمين فعالية هذه العضوية المسلحة التي يشكل جزءاL منها، وفي الوقت نفسه من أجل الدفاع عن

عضويته الخاصة. وفي الجيش النظامي يكون أدنى إهمال من قبل أي جندي خاضعاL لرقابة رفيقه األقرب إليه. أما في حرب الغوار، حيث يشكل كل جندي على حدة وحدة وجماعة، فأن

كل خطيئة تكون قاضية، فال يمكن ألي إنسان أن يتهاون بأي إهمال، كما ال يمكن ألي أمرىء أن.يخطو خطوة فاسدة، ألن ذلك قد يؤدي بحياته وحياة رفاقه

وغالباL ما ال يالحظ الناس هذا االنضباط المجرد عن الشكليات. ذلك أن المراقبين قليلي االطالعLقد يتوهمون أن الجندي النظامي، الذي يتمسك بكل مظاهر الرتب المتدرجة، هو أكثر انضباطا

من المغاور الذي يطيع تعليمات رئيسه باحترام بسيط وعاطفي. ومع ذلك فقد كان جيش التحرير جيشاL خالصاL من أكثر االغراءات البشرية ابتذاالL، وذلك من دون أن يكون هنالك جهاز

للقمع، ومن دون مكتب للمخابرات يفرض رقابته على الفرد أمام االغراء. ان هذا الفرد يراقب.نفسه بنفسه، ووعيه الشديد بالواجب واالنضباط هو الرقيب عليه

Lهو في الوقت نفسه جندي عظيم الرشاقة، حكميا ،Lانضباطيا Lوأن الجندي المغاور، بوصفه جنديا وذهنياL على حد سواء. أن حرباL غوارية جامدة هي شيء ال يمكن تصوره. أن األشياء جميعاL تجري

في الليل. فالمغاوير، بفضل معرفتهم الجيدة باألرض، يسيرون في الليل ويتخذون مواقعهم، ويهاجمون العدو وينسحبون. وليس من الضروري أن ينسحبوا بعيداL عن مسرح العمليات، بل كل

.ما يلزم هو أن ينسحبوا بسرعة كبيرة وسوف يركز العدو في الحال جميع وحداته الزجرية على النقطة التي تعرضت للهجوم، ويذهب

Lالطيران ليقصفها، وتتقدم الوحدات اآللية لتطويقها، ويمضي الجنود وهم عاقدو العزم جيدا .على احتالل موقع وهمي

ويكتفي المغاور بأن يوجه جبهة واحدة إلى العدو. وحين ينسحب قليالL، وحين ينتظر العدو، وحين يخوض غمار معركة جديدة، وحين ينسحب من جديد، فأنه ينفذ مهمته المخصوصة. وهكذا

Page 50: حرب العصابات

يمكن للجيش أن ينهك قواه خالل ساعات أو أيام كاملة. أن المغاور الشعبي ينتظر في مواقعه.التي يراقب منها ويهاجم العدو في اللحظة المناسبة

ويشتمل تكتيك حرب الغوار على مبادىء أساسية أخرى، معرفة األرض يجب أن تكون تامة وكاملة. فليس في مقدور المغاور أن يجهل المكان الذي سيهاجمه، كما يجب عليه أن يعرف

سائر دروب التراجع وجميع مداخل الطرقات في الجوار، والمنازل الصديقة والعدوة، واألماكن حيث يمكن إقامة معسكر مؤقت، وباختصار يجب عليه أن يعرف مسرح العمليات معرفته بجيبه.

وأنه ليتوصل إلى هذه المعرفة ألن الشعب، الذي هو قلب جيش الغوار، يقف من وراء كل.عملية

إن أهالي المحلة يسهمون في أعمال النقل ويحملون األخبار ويبذلون العناية، وأنهم ليزودون.الجيش بالمقاتلين: أنهم يشكلون العناصر المكملة البالغة األهمية لطليعتهم المسلحة

أمام هذه التفاصيل جميعاL، أمام هذا التراكم للضرورات التكتيكية عند المغاور، ال بد أن نتساءل "لماذا يناضل"؟ وإليكم الجواب العظيم: "أن المغاور مصلح اجتماعي. أن المغاور يمسك

بالسالح كي يمثل االحتجاجات العنيفة للشعب ضد مضطهديه، وهو يناضل كي يغير النظام االجتماعي الذي يفرض على جميع أخوته المجردين من السالح أن يبقوا في حالة الذل والبؤس.

أنه يقاتل ضد الشروط المخصوصة للمؤسسات القائمة في لحظة معينة، ويكرس نفسه كي."يحطم قوالب هذه المؤسسات بكل القوة التي تسمح له الظروف بها

أننا نلمس هنا نقطة هامة؛ فقد قلنا أنه يجب على المغاور، على الصعيد التكتيكي، أن يعرف األرض بمداخلها ومخارجها، وأن يناور بسرعة وأن يحصل على تأييد الشعب، وأن يعرف أين

يختبىء. وهذا يعني أن المغاور سيمارس عمله في مناطق متوحشة وقليلة السكان. وفي هذه المناطق يتركز النضال الشعبي بصورة مفضلة، بل بصورة قاطعة تقريباL، على التحول الذي

يجب أن يحدث في التركيب االجتماعي لملكية األرض. وبكالم آخر، فأن المغاور قبل كل شيء.ثوري زراعي

أنه الناطق بمطامح الجماهير الفالحية الغفيرة التي تريد أن تكون سيدة على األرض، سيدة على وسائل اإلنتاج، وحيواناتها، وكل األشياء التي ناضلت من أجلها طوال سنوات، كل ما يصنع

Lحياتها وما سوف يكون قبرها أيضا. وهذا هو السبب في أن أفراد الجيش الجديد الذي يمشي حالياL في كوبا إلى النصر من جبال

المقاطعة الشرقية وايسكامبري، وسهول المقاطعة الشرقية وكاماغوي، نحو جميع أرجاء.البالد، يحمل معه اإلصالح الزراعي بوصفه رايته الخفاقة

وذلك نضال من المرجح أن يطول بقدر إنشاء الملكية الفردية، نضال خاضه الفالحون بشيء من النجاح يزيد أو ينقص في سياق التاريخ، لكنه استنهض على الدوام الحمية الشعبية. وليس هو

بملكية موقوفة على الثورة. أن الثورة قد تناولت هذه الراية من بين الجماهير الشعبية وجعلت منها رايتها الخاصة. لكننا إذا عدنا إلى ما قبل ذلك بزمن طويل، فمنذ انتفاضة المزارعين في

هافانا، ومنذ حاول السود الحصول على الحق في األرض في حرب التحرير الكبرى التي[، كانت93 ]18استمرت ثالثين عاماL، ومنذ استولى الفالحون ثورياL على ما يسمى ريالنغو

.األرض مركز الصراع من أجل حياة أفضل وأن هذا اإلصالح الزراعي ليتحقق شيئاL فشيئاL؛ لقد بدأ بصورة حية في سييرا ماسترا، وانتقل

إلى الجبهة الشرقية الثانية إلى سلسلة ايكامبري. ومن بعد طواه النسيان بعض الوقت في األدراج الوزارية وعاد فانبثق بصورة حازمة مع قرار فيدل كاسترو النهائي. وأن هذا اإلصالح

الزراعي – وهذا ما يجب أن نكرره – هو الذي سيمنح حركة السادس والعشرين من تموز.تعريفها التاريخي

ان هذه الحركة لم تخترع اإلصالح الزراعي، لكنها ستحققه: ولسوف تحققه بصورة كاملة، حتى ال يبقى فالح واحد بدون أرض وال تبقى قطعة أرض واحدة بائرة. ولعل الحركة في ذلك الحين تفقد كل مبرر لوجودها، لكنها تكون قد قامت برسالتها التاريخية. وأن واجبنا هو أنµ نصل إلى

.هذه النتيجة، ومن ثم يقول المستقبل ما إذا كان ثمة أعمال أخرى ينبغي القيام بها 

،الثورة                                                            1959شباط 19                                                          

  

-2-[94حرب الغوار: وسيلة]

لقد استخدمت حرب الغوار عدداL ال يحصى من المرات، في ظروف تاريخية مختلفة، لنيل أهداف شتى. وقد استخدمت في حروب التحرر الشعبية في السنوات األخيرة، إذ سلكت الطالئع الشعبية في حروبها التحررية طريق استخدام النضال المسلح غير النظامي لمقارعة عدو

متفوق عليها عسكرياL. كانت آسيا وأفريقيا وأمريكا دائماL مسرح حروب الغوار، حيثما يسعى الشعب لتولي سلطة الدولة في نضاله ضد استغالل االقطاع واالستعمار القديم والحديث. وفي

.أوروبا، تعتبر الجيوش الوطنية النظامية وجيوش حلفائها حرب الغوار وسيلة متممةن�ت حرب الغوار في أمريكا في ظروف مختلفة. كان سيزار أوغستو ساندينو] G95لقد شLمثاال ]

Page 51: حرب العصابات

أخيراL، غير مباشر عنها، عندما قاتل حملة جيش الواليات المتحدة في سيكوفيا من نيكاراغوا. وكانت حرب كوبا الثورية آخر األمثلة، فأصبحت حرب الغوار منذ ذلك الحين موضوعاL للنقاش

النظري في صفوف األحزاب السياسية التقدمية في هذه القارة. وقد أصبحت معرفة ما إذا كان.استخدام حرب الغوار ممكناL ومؤاتياL موضوعاL يحتدم له النقاش

وسوف أحاول في هذا المقال أن أعرض أراءنا عن حرب الغوار وأن أشرح كيف يستخدم هذاLصحيحا Lالتكتيك استخداما.

 :ثالث مجلوبات أساسية

يجب أن نوضح في المقام األول أن هذا الشكل من النضال هو وسيلة، وسيلة تستخدم لبلوغ هدف هو تولي سلطة الدولة. أنه هدف ضروري وال مناص منه للثوريين كافة. لذا يجب علينا، عندما نحلل الظروف الملموسة في بلدان مختلفة من أمريكا، أن نقتصر على المعنى الضيق

.لعبارة "حرب الغوار"، أعني على اعتبارها وسيلة للفوز بسلطة الدولة قد يثار هذا السؤال فوراL: هل حرب الغوار هي الشكل الوحيد لتولي سلطة الدولة في أمريكا؟

هل هي الشكل الرئيسي، أم هل هي مجرد شكل من أشكال النضال؟ وسوف يسأل بعضهم أخيراL: هل يمكن تطبيق المثال الذي ضربته كوبا، على الحقائق القائمة في جهات أخرى من هذه القارة؟ كثيراL ما يكال بعض النقد، إب�ان النقاش، إلى الذين يؤيدون حرب الغوار، فيؤخذ

عليهم أنهم نسوا النضال الجماهيري، وكأن نضال الجماهير وحرب الغوار شكالن متضادان. أننا نرفض ما في هذا التأكيد من دس. أن حرب الغوار هي نوع من الحرب الشعبية، نوع من النضال الجماهيري. وال تعني محاولة المضي في هذا الشكل من الحرب دون تأييد السكان المحليين إال�

الهزيمة المؤكدة. المغاورون هم طالئع الشعب المسلحة، المقاتلة، العاملة في منطقة معينة من بلد معين. أنهم يستهدفون شن سلسلة من األعمال القتالية، في سبيل – الهدف

االستراتيجي الوحيد الممكن – االستيالء على سلطة الدولة. أنهم يحظون بتأييد جماهير العمال والفالحين في المنطقة التي يعملون فيها، أو حتى في البلد قاطبة وال يمكن شن أية حرب

.غوار بدون توفر هذه الشروط المسبقة أننا نرى، في الوضع الراهن في أمريكا، أن الثورة الكوبية قد رفدت الحركة الثورية فيها بثالثة"

:اسهامات أساسية، وهي.أوالL: ان القوى الشعبية تستطيع أن تنتصر على الجيش الرجعي

ثانياL: أنه ال ينبغي لنا االنتظار حتى تنضج الظروف الثورية كافة، إذ يمكن للبؤرة الثورية أن.تفجر هذه الظروف الثورية

ثالثاL: "إن ميدان النضال المسلح، في األنحاء المتخلفة من أمريكا، ينبغي له على العموم، أن)يكون في الريف". (من كتاب "حرب الغوار" لغيفارا .

تلك هي اسهامات الثورة الكوبية في تطوير النضال الثوري في أمريكا، وهي يمكن أن يبلغها.أي بلد في القارة إذا ما أمكن خوض حرب الغوار فيه

 :قيادة الطبقة العاملة عامل ضروري

لقد أشار بيان هافانا الثاني إلى ما يلي: "يتضافر في بلداننا ظرفان هما الصناعة المتخلفة والنظام الزراعي ذو الطابع االقطاعي. لذا فمهما كانت ظروف العمال المعايشة في المدن قاسية، فإن سكان األرياف يعانون ظروفاL أشد هوالL واضطهاداL واستغالالL منها. غير أنهم، ما

% من السكان في أمريكا70عدا استثناءات قليلة، يشكلون األكثرية المطلقة، وأحياناL أكثر من .الالتينية

وإذا ما استGثني مGال�ك األرض الذين كثيراL ما يقطنون المدن، فأن سائر هذه الكتلة الكبيرة"[ في المزارع لقاء أضأل األجور، أو أنها تزرع األرض بشروط96تكسب عيشها بالعمل كأجراء]

.استغالل ال تتميز عن شروط القرون الوسطى.تلك هي الظروف التي حتمت أن يؤلف سكان الريف الفقراء قوة ثورية كامنة هائلة"

إن الجيوش قد انشئت وجهزت لتقوم بالحرب النظامية. وهي القوة التي تعتمدها الطبقات" المستغلة لتثبيت سلطتها. فإذا ما واجهت هذه الجيوش حرباL غير نظامية يخوضها الفالحون

رجال لقاء كل10مستندين إلى األرض التي يقطنونها، أضحت عاجزة عجزاL مطلقاL، وفقدان مجاهد ثوري يصرع. ويستفحل في صفوفها انهيار الروح المعنوية عندما يقض مضاجعها جيش

غير مرئي ال يغلب، وال يترك لها فرصة استخدام خططها التكتيكية العسكرية األكاديمية.وجعجعتها الحربية، هذه األمور التي طالما فاخرت بها في قمع العمال والطالب في المدن

تأتي قوى جديدة باستمرار لترفد النضال األصلي الذي شنته وحدات مقاتلة صغيرة، وتطفق" الحركة الجماهيرية تزداد جرأة، وينهار النظام القديم شيئاL فشيئاL شر انهيار. وتلك هي الساعة

.التي تحسم فيها الطبقة العاملة والجماهير المدنية المعركة ما الذي يجعل هذه الوحدات ال تغلب، منذ لحظة القتال األولى، ومهما أوتي أعداؤها من تعداد"

Lوقوة وموارد؟ أنه تأييد الشعب، فبوسعها أن تعول على تأييد جماهيري متزايد أبدا. غير أن الفالحين يشكلون طبقة تحتاج إلى القيادة الثورية السياسية من جانب الطبقة العاملة"

والمثقفين الثوريين، نظراL للجهل الذي أبقيت فيه والعزلة التي تعيش فيها. وال تستطيع هذه.الطبقة أن تشن النضال وتظفر بدون ذلك

ال تستطيع البرجوازية الوطنية، في الظروف التاريخية الراهنة في أمريكا الالتينية، أن تقود" النضال ضد اإلقطاع وضد البروليتاريا. وقد أثبتت التجربة أن هذه الطبقة في بلداننا -حتى

Page 52: حرب العصابات

عندما اصطدمت مصالحها بمصالح البروليتاريا اليانكي- لم تستطع مكافحة االستعمار، وقد انتابها الشلل خوفاL من الثورة االجتماعية، وأرعبها صخب الجماهير المستثم�رة". (من بيان

)هافانا الثاني . 

:الثورة في أمريكا ال مفر منها تمثل هذه الموضوعات جوهر هذا البيان الثوري الخاص بأمريكا. وثمة ما يكملها في فقرات

أخرى من البيان: "بوسع الظروف الذاتية في كل بلد، أي عوامل الوعي، والتنظيم، والقيادة،Lلحالة نمو هذه العوامل. ومع نضوج الظروف الموضوعية عاجال Lأن تسارع أو تؤجل الثورة، تبعا

أو آجالL، في كل حقبة تاريخية، يتم اكتساب الوعي، وبلوغ التنظيم، وبزوغ القيادة، وانبالج.الثورة

ال يتوقف على الثوريين أن يحدث ذلك سليماL أو أن يولد بعد مخاض أليم. انه أمر يتعلق بالقوى" الرجعية في المجتمع القديم. أنه يتعلق بمقاومتها مولد المجتمع الجديد الذي تنتجه تناقضات

المجتمع القديم. دور الثورة في التاريخ كدور الطبيب الذي يساعد في مولد الحياة الجديدة. ال تستخدم الثورة العنف إال� عند الضرورة، ولكنها تستخدمه بال تردد كما اقتضاها المخاض ذلك. أنه

.المخاض الذي يحمل، إلى الجماهير المستعبدة والمستثم�رة األمل في حياة أفضل ال مناص من الثورة في بلدان عديدة من أمريكا الالتينية. لم تحتم ارادة أحد هذا الواقع. لقد" حتمته ظروف االستغالل المرعبة التي يعانيها اإلنسان في أمريكا، ويحتمه نمو الوعي الثوري

لدى الجماهير، وأزمة البروليتاريا العالمية، وحركة النضال الشاملة للشعوب المستعبدة في)العالم". (من بيان هافانا الثاني .

.سوف نحلل مسألة حرب الغوار في أمريكا من هذه الزاوية أننا نرى أن حرب الغوار هي شكل من أشكال النضال لبلوغ هدف معين. المسألة األولى في

هذا الصدد هي تحليل وايجاد ما إذا كان االستيالء على سلطة الدولة ممكناL في قارتنا األمريكية.بوسائل غير النضال المسلح

 :التاريخ ال يقبل األخطاء

يمكن خوض النضاالت السلمية عن طريق الحركات الجماهيرية. وفي الظروف الخاصة حيث تكون هناك أزمة، تستطيع هذه النضاالت أن ترغم حكومة ما على المساومة. انها تتيح لقوى

الشعب أن تستولي على سلطة الدولة وتقيم دكتاتورية البروليتاريا. كل هذا صحيح إذا تكلمنا من الناحية النظرية. ولكننا إذا رحنا نحلل هذه المسألة على ضوء الوضع القائم في أمريكا،

كانت النتيجة الحتمية أن ثمة في كل مكان من هذه القارة ظروفاL موضوعية ترغم الجماهير على مقاومة حكومات البرجوازية ومالك األرض بأعمال عنيفة، وأن بلداناL عديدة أخرى تعاني أزمة في الحكم، فتكون الظروف الذاتية هي األخرى حاضرة هناك. انها جريمة وال ريب أن ال

يقدموا على استالم سلطة الدولة في البلدان التي تتحقق فيها هذه الشروط كافة. وفي البلدان التي ال تتوفر فيها الشروط اآلنفة يمكن طبعاL اختيار مسالك مختلفة، وينبغي الوصول إلى قرارات مناسبة في كل بلد على أساس التحليل النظري. الشيء الوحيد الذي ال يسمح به

التاريخ لمحللي ومنفذي السياسات البروليتارية هو ارتكابهم أخطاء في أحكامهم. ليست المؤهالت لدور الحزب السياسي الطليعي كالمؤهالت لنيل شهادة جامعية. ينبغي لمثل هذا

الحزب أن يقود الطبقة العاملة في النضال من أجل سلطة الدولة، وأن يعرف كيف يهديها إلى تسلم السلطة، فيقود النضال إلى الظفر بأسرع ما يمكن. هذه مهمة أحزابنا الثورية كافة.

Lوشامال Lوالجتناب األخطاء، ينبغي أن يكون التحليل عميقا. 

:تحالف البرجوازية واإلقطاعيين ان الشروط هي في أمريكا اليوم بحيث أن النفارات الحاكمة والجماهير الضاغطة قد اشتبكت

في صراع للقبض على مقاليد األمور، ولما تزال الفئتان في حالة توازن غير مستقر. نعني بكلمة "النفارات" ذلك التحالف الرجعي الذي شكلته البرجوازية وطبقة مالك األرض في كل بلد، مع تمتع البناء اإلقطاعي فيه بالهيمنة إلى حد متفاوت. تتعاقب هذه األنظمة الدكتاتورية ضمن إطار معين من الشرعية رسموه هم أنفسهم لمصلحة نشاطهم ابان مدة حكمهم الطبقي غير

م باب شرعية المحدود. غير أننا نجتاز مرحلة ضغط قوي من لدن الشعب الذي طفق يتقح� البرجوازية. سوف ينسف المشرعون شرعيتهم بأنفسهم للحؤول دون اقتحام الجماهير لها. غير أن تدمير كل تشريع قائم تدميراL وقحاL، وإبرام القوانين لتثبيت األمر الواقع، كالهما لن

يكون من شأنه إال إهاجة القوى الشعبية. لذا سوف تحاول النفارة الدكتاتورية أن تستخدم القوانين القديمة لتغيير النظام الدستوري وأن تخنق البروليتاريا مع اجتناب الصدام جبهياL. اال

أن هذا السلوك يستثير التناقضات. ال يعود بوسع الشعب أن يطيق مختلف التدابير الزجرية القديمة والجديدة التي تتخذها األنظمة الدكتاتورية وهو يحاول إحباطها. ينبغي أال ننسى لحظة واحدة الطبيعة الطبقية لدولة البروليتاريا، وصفتها الزجرية، وأفقها المحدود، قال لينين وهو يناقش في الدولة: "الدولة هي النتاج والتعبير عن التصارعات الطبقية التي ال مصالحة فيها.

تنشأ الدولة عندما وحيثما وبقدر ما ال يمكن موضوعياL أن تتصالح التصارعات الطبقية. وبالعكس، فإن وجود الدولة يثبت أن التصارعات الطبقية ال يمكن أن تتصالح". ( من كتاب:

)الدولة والثورة . بتعبير آخر ال يجوز لنا أبداL أن نسمح باستعمال كلمة "ديمقراطية" لتبييض وجه دكتاتورية

Page 53: حرب العصابات

رة، عندما تكون الديمقراطية فاقدة معناها العميق وال تعني إال منح الطبقات المستثم¬ المواطنين بعض الحريات. إن مجرد السعي السترداد شيء من الشرعية البرجوازية، دون إثارة مسألة سلطة الدولة الثورية، إنما يعدل السعي إلعادة نظام الدكتاتورية الذي تفرضه الطبقات االجتماعية الحاكمة. وبكلمة واحدة، فأنه ال يعدو محاولة تزويد السجناء الذين يؤدون عقوبة ما

.بأغالل أخف 

:دور العنف ورغم أن الطبقات الحاكمة تلجأ دائماL وأبداL إلى وسائل بنيتها العليا التي أنشأتها لغاية القمع،

فأنها في ظروف النزاع هذه، سوف تمزق ما اتفقت عليه إرباL إرباL، وتنزع قناع "ديمقراطيتها"، وتهاجم الشعب. وينبغي في مثل هذه اللحظة طرح السؤال مرة أخرى: ما العمل؟ جوابنا هو أن

رين يستطيعون ويجب عليهم أن يستخدموا العنف ليس حقاL ارثياL للمستثم¬رين، وأن المستثم�[: "إذا كان مثيرو حرب يمكن اجتنابها في بلد97العنف في اللحظة المالئمة. قال مارتي]

."مجرمين، فإن الذين يرفضون خوض حرب ال مناص منها هم أيضاL مجرمون وفي الفترة ذاتها أوضح لينين ذلك بقوله: "لم تنظر االشتراكية الديمقراطية إلى الحرب قط

وال تنظر إليها من وجهة نظر عاطفية. ففي حين ال تنبري االشتراكية الديمقراطية تفضح الحرب كوسيلة وحشية لحسم خالفات بني اإلنسان، فهي تع¬لم أيضاL أن الحرب ال مناص منها ما دام المجتمع منقسماL إلى طبقات، ما دام استثمار اإلنسان لإلنسان موجوداL. ولن نستطيع، إباندة إزالة هذا االستثمار، أن نتجنب الحروب التي تبدأها الطبقات المستثم¬رة المسيطرة المضطه¬

، وقد حلل مراكز الصراع الطبقي1905هي ذاتها دائماL وفي كل مكان". قال لينين هذا عام فيما بعد تحليالL ثاقباL عندما كتب في مقاله "البرنامج العسكري لثورة البروليتاريا": "كل من

يعترف بصراع الطبقات ال بد له أن يعترف بالحروب األهلية، فهي في كل مجتمع طبقي استمرار وتث³ور واشتداد طبيعي، وال مناص منه في بعض الظروف للصراع الطبقي. وتثبت

الثورات الكبرى كلها ذلك. أن� نبذ الحرب األهلية أو نسيانها يعنيان السقوط في منتهى االنتهاز والتخلي عن الثورة االشتراكية". يعني هذا أنه ال ينبغي أن نخشى العنف، وهو قابلية المجتمع

الجديد. وما يجب مراعاته هو أنه ال ينبغي استخدام العنف إال عندما يقرر قادة الشعب أن الوضع.أشد ما يكون مؤاتاة

 :يجب أن نفهم تحوالت نسبة القوى

Lيزدادان نضوجا ،Lما هو الوضع األشد مؤاتاة؟ أنه يتعلق من الناحية الذاتية بعاملين متفاعلين معا أثناء النضال، وهما: وعي ضرورة التغيير الثوري، واإلمكان الحقيقي لمثل هذا التغيير. وإذا ما

أضفنا إلى هذين العاملين الظروف الموضوعية، وهي أشد ما تكون مؤاتاة لنشر النضال في أمريكا كلها تقريباL، والتصميم الثابت على الظفر في الصراع، وميزان القوى العالمية الجديد،

.تتحقق عندها شروط العمل ورغم أن البلدان االشتراكية بعيدة، فأن تأثيرها المؤاتي محسوس باستمرار بين الناس

المناضلين في كل البلدان، ومثالها مثال تربوي متزايد اإللهام دون ريب للشعوب في كل مكان. تموز من هذا العام، "ينبغي على الثوريين كافة، سيما في الوقت26قال فيدل كاسترو في

الحاضر، أن يتعرفوا إلى التغيير الذي ت�م� حتى اآلن في ميزان القوى العالمي، وأن يفهموه جيداL، ويدركوا أن مثل هذا التغيير هو في صالح نضال الشعب في مختلف البلدان. بدالL من انتظار ثورة اجتماعية تحدث كالمعجزة في أمريكا الالتينية من جراء هذا التغيير في ميزان

القوى، فأن مهمة الثوريين كافة، وثوريي أمريكا الالتينية على األخص، هي أن يفيدوا ملياL من."!كل العوامل المؤاتية للحركة الثورية في ميزان القوى هذا، وأن يصنعوا الثورة

ثمة من قد يقول: "نقبل أن الحرب الثورية هي، في ظروف نوعية معينة، وسيلة مناسبة لتولي السلطة. لكن أين نستطيع إيجاد أولئك القادة الكبار، أمثال فيدل كاسترو، الذين سوف يقودوننا إلى الظفر؟" إن فيدل كاسترو، مثل اآلخرين جميعاL، هو نتاج التاريخ. والقادة

الحربيون والسياسيون الذين يقودون نضال الثورات في أمريكا، لو أمكن إدغامهم ليصبحوا رجالL واحداL، سوف يتعلمون فن الحرب في ممارسة الحرب ذاتها. ليس هناك مهنة أو حرفة

.يمكن اتقانها بالكتب الدراسية وحدها. النضال، والحالة هذه، هو المعلم الكبير.ليست هذه، طبعاL، مهمة بسيطة. والبد من مواجهة بعض المخاطر الجدية على طول هذا النهج

ثمة لحظتان في نمو النضال المسلح قد تكونان في غاية الحراجة بالنسبة للمستقبل الثوري. تحدث األولى في المرحلة التمهيدية؛ وكيفية السلوك فيها سوف تدل على مدى تصميم القوى

الشعبية على القتال، وهل أن هدفها محدد جيداL. عندما تهاجم الدولة البرجوازية مواقع الشعب، البد من اللجوء إلى الدفاع الذاتي ألن� العدو يشن الهجوم في لحظة مؤاتية له، فإذا توفر الحد األدنى والموضوعية، كان البGد� لقوى الشعب أن تنتقل إلى الدفاع الذاتي، لكن ال يجوز لها أن

تسمح بزجها في موقف تلقي الضربات سلبياL. كان ال يجوز لها اعتبار الدفاع الذاتي مجرد عالجدين عندما يGحصرون في زاوية. حرب الغوار هي حركة دفاع ذاتي للشعب في يائس للمضطه� وقت معين. أن� لها قابلية لمهاجمة العدو وينبغي بذل جهود كبرى ألنماء هذه القابلية، سوف

تحدد هذه القابلية، مع مر الزمن، طابع حرب الغوار الخاص في تعبئة قوى الشعب. هذا يعني أن حرب الغوار ليست دفاعاL ذاتياL سلبياL، بل دفاعاL هجومياL، ومنذ اللحظة التي تGرى فيها األمور على

.هذا النحو، تؤدي حرب الغوار في النهاية إلى تولي السلطة السياسية:يجب أن نجبر الدكتاتورية على كشف قناعها

Page 54: حرب العصابات

أنها لحظة هامة. ال يمكن في مجرى التقدم االجتماعي قياس الفرق بين العنف والالعنف بعدد الطلقات المتبادلة. إنه يتعلق كلياL بالوضع الملموس والمختلج. ولكي يجتنب المرء استفحال وضع مناوئ، ينبغي له أن يحسن القبض على الفرصة الصحيحة ويعرف متى يستخدم قوى

الشعب، أن يعرف ضعفها النسبي، وفي الوقت ذاته قوتها، لكي يرغم العدو على اتخاذ الخطوات الالزمة. ينبغي للمرء على هذا النحو أن يزيح التوازن القائم بين دكتاتورية

األوليغارشية الحاكمة والضغط الشعبي. يحاول النظام الدكتاتوري دائماL أن يبقي سلطانه في ظروف ال يضطر فيها الستخدام العنف على نطاق واسع. ينبغي إرغامه على الظهور بال قناع، أي إرغامه على الظهور على حقيقته: دكتاتورية عنيفة للطبقة الرجعية. يساعد ذلك على نزع

قناعه ويشدد النضال إلى نقطة ال رجعة بعدها. ان مهمة القوى الشعبية هي إرغام النظام الدكتاتوري على تقرير أمره. وأن الطريقة التي تنجز بها القوى الشعبية مهمتها في كشف

قناع الدكتاتورية - أما التراجع وأما خوض النضال - هي التي تقرر البداية الحازمة لعمل مسلح.وطويل األمد

يتوقف على نمو القوى الشعبية اليومي ما إذا كان باإلمكان اجتناب اللحظة الحرجة األخرى. أكد� ماركس باستمرار أنه متى بدأت العملية الثورية، وجب على البروليتاريا أن تهاجم وتهاجم بال هوادة، إذا لم تشتد الثورة باستمرار، يمكن أن تعود أدراجها. أما إذا اعترى األعياء المقاتلين،

فسوف يأخذون بفقد الثقة، ويحتمل أن تنجح المؤامرات التي كثيراL ما تحيكها البرجوازية ضدنا. ربما كان من هذه المؤامرات إجراء انتخابات لتسليم السلطة إلى سادة مرائين آخرين أقدر من

الدكتاتور األسبق على استعمال الكالم المعسول، أو قيام بعض الرجعيين بانقالب، يرأسهم على العموم العسكريون، وتدعمهم قوى تقدمية، على نحو مباشر أو غير مباشر. ثمة مؤامرات

.أخرى أيضاL، غير أن تحليل خططها التكتيكية ليس موضوعنا ههنا ان اهتمامنا الرئيسي هنا هو لفت نظر الجمهور إلى مخططات األنقالبات العسكرية المشار إليها. كيف يستطيع أصحاب النزعة العسكرية أن يGسهموا في الديمقراطية الحقة؟ ما داموا

مجرد أدوات تبقي بها الطبقات الرجعية واالحتكار االمبريالي سلطانها، ومادامت، كفئة اجتماعية، ال تعرف شيئاL إال� حمل السالح، وال هم� لها إال� الحفاظ على امتيازاتها، فكيف يمكن

توقع إخالصها لبالدها؟ أحياناL، لما يكون الطغاة في موقف صعب، يصمم العسكريون انقالباL ويسقطون الدكتاتور الذي أصبح في الحقيقة شديد االفتضاح. ينبغي إدراك أنهم يفعلون ذلك ألن الدكتاتور المباد أضحى عاجزاL عن صون االمتيازات الطبقية دون استخدام منتهى العنف، في حين أن ذلك، ليس في

.الوقت الحاضر وعلى العموم، بصالح األوليغارشية الحاكمة 

:يجب أال� ننسى الهدف األخير غير أن هذا القول ال يعني مطلقاL رفض استخدام رجال عسكريين، في حاالت فردية، إذا كانوا

قد قطعوا الصلة بطبقتهم الخاصة وخانوها في الواقع. لكن استخدامهم جائز فقط عندما.يكونون قد نقلوا والءهم إلى القيادة الثورية، وبصفة مقاتلين، ال ممثلين عن فئة اجتماعية الحظ إنجلس منذ زمن بعيد، في مقدمته للطبعة الثالثة من "الحرب األهلية في فرنسا"، ان

العمال خرجوا من كل ثورة شاك�ي السالح. فقال: لذا كان نزع سالح العمال أولى فرائض البرجوازيين الذين كان زمام الدولة في أيديهم. من هنا كان ينشأ بعد كل ثورة يظفر بها

")العمال، صراع جديد ينتهي بهزيمة العمال". (نقالL عن لينين في "الدولة والثورة . تكرر هذا النوع من المد والجزر في العالم الرأسمالي طوال عشرات السنين، وقد تمت به من

حين آلخر بعض اإلصالحات الشكلية وثمة أيضاL تراجعات استراتيجية. تنخدع البروليتاريا على هذه.الصورة باستمرار بالخدع ذاتها التي ظهرت مرة بعد مرة في القرن الماضي

ومن الخطر البالغ أيضاL أن يكون قادة حزب تقدمي مفرطي الغيرة على استخدام بعض وجوه شرعية البرجوازية، أمالL في الحفاظ على أكثر الظروف مؤاتاة للعمل الثوري في وقت ما،

فيضيع عليهم بذلك الحد الفاصل (كما يGرى كثيراL في مجرى العمل)، وينسون أن هدفهم.االستراتيجي النهائي هو تولي سلطة الدولة

يمكن اجتناب هاتين اللحظتين الصعبتين في الثورة، اللتين حللناهما بإيجاز، ما دام الحزب الماركسي اللينيني القائد يعرف الخطر معرفة تامة في حقبة معينة، وما دام قادراL على تعبئة.الجماهير إلى أقصى حد ممكن وعلى قيادتها في الطريق الصحيحة لحل التناقضات األساسية

:دور المناطق الريفية افترضنا عند صياغة موضوعاتنا أنه يمكن أن يقبل الشعب احتمال فكرة النضال المسلح وأن

يقبل اقتراح حرب الغوار وسيلة للقتال. لماذا نعتقد أن حرب الغوار هي الطريق الصحيحة في الظروف المتحققة في أمريكا اليوم؟ لماذا ينبغي أن تكون حركة الغوار هي وسيلة النضال

:الرئيسية في أمريكا؟ األسباب األساسية، في رأينا، هي اآلتية أوالL: ما دام معلوماL أن العدو سوف يقاتل لصون سلطته السياسية، وجب النظر في إزالة جيش

القمع. لكن إزالة هذا الجيش تقتضي وجود جيش شعبي يناهضه. ال يأتي هذا الجيش الشعبي إلى الوجود من تلقاء ذاته، أنما ينبغي تسليحه بالسالح الذي يقدمه العدو. هذا ما يحدد للصراع

طابعه الطاحن والمديد، ذلك الصراع الذي يتعرض فيه جيش الشعب وقادته إلى هجمات.مستمرة من قوة عدوة متفوقة، إذ تعوزهم وسائل الدفاع والجؤول المناسبة

من جهة أخرى، فأن النواة الغوارية العاملة في مناطق مؤاتية للنضال سوف تضمن سالمة واستمرار القيادة الثورية. ويمكن للمفارز المدنية التي تقودها قيادة الجيش الشعبي العامة أن

Page 55: حرب العصابات

تؤدي أعماالL في غاية األهمية. حتى لو حدث أن دمرت هذه الوحدات الصغيرة، فلن يتم سحق مركز الثورة العصبي (القيادة الثورية)، وسوف تمضي قيادة الثورة تبعث روح الجماهير الثورية

.انطالقاL من المآزر الريفية، وتنظم قوى جديدة للمعركة القادمة ثم أن جهاز الدولة المقبل سوف يبدأ يتشكل في هذه المنطقة. وسوف يكون مسؤوالL عن ممارسة الدكتاتورية الطبقية الفعلية في المرحلة االنتقالية كلها. وكلما طال أمد الصراع،

عظمت وتعقدت مسألة الشؤون االدارية. ينبغي لحل هذه المسألة تدريب جماعة من المالكات.لمعالجة هذه المهمة الصعبة وهي توطيد سلطة الدولة، وفي مرحلة الحقة، تنمية االقتصاد ثانياL: ينبغي النظر في الظرف العام لفالحي أمريكا الالتينية، وفي طابع نضالهم الذي يزداد

انفجاراL ضد البنيات االقطاعية، في وضع اجتماعي يتعاون فيه المستثمرون المحليون مع.المستثمرين األجانب

 :سوف يكون النضال نضال حياة أو موت

لنعد إلى بيان هافانا الثاني: "تحررت شعوب أمريكا في مطلع القرن الماضي من االستثمار االسباني، ولكنها لم تتحرر من االستثمار. اضطلع المالكون اإلقطاعيون بسلطة الحكام

االسبان، وبقي الهنود يعانون عبوديتهم الشاقة، وبقي إنسان أمريكا الالتينية عبداL بشكل أو بآخر، وماتت أدنى آمال الشعوب من وطأة الفئات األوليغارشية الحاكمة وطغيان الرأسمال

األجنبي. هذه هي حقيقة أمريكا بدرجات متباينة من االختالف. تقع أمريكا الالتينية اليوم تحت.وطأة امبريالية أكثر وحشية وعت�واL وشراسة من االمبريالية اإلسبانية

ما هو موقف االمبريالية اليانكية من الثورة األمريكية الالتينية ذات الحقيقة الموضوعية" والمحتومة تاريخياL؟ انه التأهب لخوض حرب استعمارية ضد شعوب أمريكا الالتينية. انه إنشاء

جهاز من القوة، وإقامة الذرائع السياسية واألدوات شبه القانونية التي يوقع عليها ممثلو ."الفئات األوليغارشية الرجعية، الذالل نضال شعوب أمريكا الالتينية بالحديد والنار

لقد كشف لنا هذا الموقف الموضوعي أن لدى فالحينا ينابيع قوة كامنة لم يستنبطها أحد، وأنه.ينبغي استخدام هذه القوة لتحرير أمريكا

.ثالثاL: ينبغي النظر في الطابع القاري للنضال هل يمكن اعتبار هذه المرحلة الجديدة من تحرر أمريكا على أنها نزاع على سلطة الدولة بين قوتين محليتين في بعض األرجاء؟ هيهات. سوف يكون هذا النضال معركة حياة أو موت بين.قوى الشعب كافة وقوى القمع كافة. وتتوقع المقاطع المستشهد بها آنفاL هي األخرى ذلك

 :طابع النضال القاري

سوف يتدخل اليانكيون لتدعيم مصالحهم، إذ أنهم يعتبرون الصراع في أمريكا حاسماL. انهم في الواقع قد ساهموا منذ اآلن في تنشئة قوى القمع، وأقاموا منظمة للمكافحة على نطاق

القارة. وسوف يفعلون ذلك من اآلن فصاعداL بكل ما أGوتوا من قوة ويحاولون قمع قوى الشعب بكل ما لديهم من أسلحة الفتك. لن يسمحوا بتوطيد أي نظام ثوري، وإذا ما اشتد ساعد أي

نظام ثوري في أحد البلدان، فسوف يهاجمونه، ويرفضون االعتراف به، ويسعون جهدهم لشق القوى الثورية، ويرسلون كل صنوف المخربين إلى داخله، ويخلقون اضطرابات على الحدود، ويعبئون بعض البلدان الرجعية األخرى في صف واحد لمناهضته، ويحاولون خنق البلد الوليد اقتصادياL. وقصارى القول أنهم سوف يسعون جهدهم لتدمير هذا البلد الوليد. وبالنظر لهذا

L لبلد واحد أن يحرز الظفر ويعززه. ينبغي مقاومة تحالف القوى الوضع في أمريكا، يصعب جدا القمعية بتحالف القوى الشعبية. وفي كل البلدان التي بلغ فيها القمع حداL ال يطاق، ينبغي رفع

راية االنتفاض، وسوف تتخذ هذه الراية، نظراL للضرورة التاريخية، صفة شمول نطاق القارة. فمثلما قال فيدل إن جبال اآلندس سوف تتحول إلى سييرا ماسترا جديدة، كذلك سوف تتحول

.أرض هذه القارة الواسعة إلى حلبة صراع حياة أو موت مع الحكم االمبريالي ال نستطيع التأكيد متى سوف يأخذ هذا الصراع صفة قارية، وكم سوف يدوم، ولكننا نستطيع

التنبؤ أن هذا الصراع قادم ومظفر حتماL، ألنه النتيجة المحتومة للظروف التاريخية واالقتصادية والسياسية وليس ثمة وسيلة لتغيير مجراه. إن مهمة القوى الثورية في مختلف البلدان هي

المضي قدماL في النضال حالما تنضج الظروف في بلدانها، وبصرف النظر عن الوضع في البلدان األخرى. ونشر النضال هو الذي سوف يحدد االستراتيجية العامة بالتدرج. أما التنبؤ بأنL النضال سوف يتخذ صفة قارية، فهو نتيجة تحليل مختلف القوى المتصارعة. انه ال ينفي أبدا

وقوع انفجارات للصراع بعضها مستقل عن بعض. وكما أن الصراع الذي ينبثق في مكان من بلد البد أن ينتشر إلى البلد كله، كذلك سوف يؤدي شن حرب ثورية إلى نشر ظروف جديدة في

.البلدان المجاورة 

:أوائل حرب الغوار يشتمل تطور الثورة المنتظم على تعاقب المد والجزر. المد في الثورة يعني الجزر لتضاد الثورة، وبالمقابل، لما تكون الثورة في نكوص يكون تضاد الثورة في نهوض. يكون موقف

القوى الشعبية في مثل هذه اللحظة صعباL وعليها أن تبذل كل جهد التخاذ تدابير دفاعية بحيث تعاني الحد األدنى من الخسائر. ولما كان األعداء في غاية القوة وحائزين الصفة القارية، ينبغي أن نقتصر على تحليل نواحي ضعف البرجوازية النسبي في منطقة محلية وعلى صياغة قرارات

Lولنبتعد عن التفكير بأن الفئات األوليغارشية الحاكمة قد تشكل يوما .Lمحدودا Lتخص نطاقا

Page 56: حرب العصابات

تحالفاL مع الشعب المسلح. لقد قرعت الثورة الكوبية جرس الخطر. ثمة استقطاب كامل لمختلف القوى، حيث يقف المستثم¬رون في أحد الطرفين، والمستثم�رون في الطرف اآلخر.

وسوف يميل سواد البرجوازية الصغيرة إلى أي من هذين الطرفين تبعاL لمصلحة الخاصة ولكفاءة أي منهما في اكتسابه سياسياL إليه. وسوف يغدو الحياد حالة استثنائية. تلك هي الحرب

.الثورية.لننظر كيف يمكن إحداث مركز لنشاط الغوار

تنتقي وحدات صغيرة ضئيلة القوام بعض األمكنة المؤاتية لنشاط الغوار، تستطيع التقدم منها للهجوم، واالنسحاب إليها مالذاL، وتبدأ أعمالها في هذه األمكنة. لكن ثمة نقطة البد من إيضاحها تماماL: لما تكون الغوارات لما تزل أمي�ل إلى الضعف، في المرحلة البدئية، عليها أن تركز عملها فقط على تثبيت أقدامها، والتآلف بالبيئة، وإقامة الصلة بالسكان، وتوطيد األماكن التي يمكن

.تحويلها إلى مآرز وإذا ما أرادت وحدات الغوار أن تبقى حية في النضال بمثل هذه الظروف، البد لها أن تحرز

صفات ثالثاL: الجؤول الدائم، واليقظة الدائمة، واالحتراز الدائم، ويؤدي سوء تطبيق هذه العناصر من التكتيك الحربي إلى صعوبة بقاء الغوارات حية. ينبغي التذكر أن بطوالت المغاوير في مثل

هذه الساعة تقوم على توسيع الهدف الذي سبق تحديده، وعلى اتيان تضحيات عظيمة في.سبيل بلوغ الهدف

ال تعني هذه التضحيات قتاالL يومياL أو نضال العدو كشافاL. انها أمر� وأصعب احتماالL علىLوذهنيا Lالمغاوير، جسميا.

قد يتعرضون لضربات قاصمة من قوى العدو، ويمكن أحياناL أن يهزموهم أو يقتلوهم بعد األسر. وقد يتم اصطيادهم مثل طرائد الوحش في المناطق التي اختاروها لعملياتهم، وابقاؤهم في

حالة استنفار مستمرة، خشية أن يكون العدو في أعقابهم. ينبغي أن يحترزوا من السذاجة في تصديق أي شيء، ألن الفالحين المروعين، إذا ما أعوزتهم الذريعة أحياناL ورغبوا في التنصل

بأنفسهم، قد يسلمونهم إلى جيش القمع. أما الظفر أو الموت. ليس ثمة احتمال آخر. الموت.في هذه اللحظات حقيقة داهمة، في حين أن الظفر تGرهة ال يستطيع غير الثوري رؤياها

تلك هي بطولة المغاوير. يتبع ذلك أن جؤولهم هو أيضاL شكل من القتال، وأن اجتناب القتال،.في لحظة معينة، هو أيضاL شكل للقتال

 :اتساع حرب الغوار

مذهبنا في وضع المسألة هو، إزاء تفوق العدو العام، استخدام شكل من التكتيك يساعد على إحراز تفوق نسبي في نقطة مختارة، أما بتركيز قوة أكثر عدداL من العدو، أو باحتالل أرض

مؤاتية، بحيث يتغير ميزان القوى. ويمكن ضمان إحراز األظفار التكتيكية في مثل هذه الظروف، ويفضل االمتناع عن العمل عندما ال يكون التفوق النسبي كثير الوضوح. وما دام ثمة

مجال الختيار "كيف نقاتل" و"متى نقاتل"، ينبغي عدم خوض المعركة عندما ال يكون الظفرLأكيدا.

سوف تمضي الغوارات تنمو وتتوطد في حركة سياسية عسكرية هائلة، ويتم التأريز بالتدريج، فيؤلف العامل األساسي الستمرار نمو الغوارات. وسوف تغدو المآزر معاقل ال يستطيع العدو

ولوجها دون أن يدفع ثمناL غالياL من االصابات. انها حصون الثورة ومالذ الغوارات التي تزداد.إقداماL في شن الهجمات باتجاه المناطق البعيدة

ويأتي يوم يتغلب فيه المغاوير على المصاعب التكتيكية السياسية في أن ينبغي أال ينسوا لحظة أنهم طالئع الشعب، وال ينسوا المهمة الملقاة على عواتقهم. لذا وجب عليهم أن يخلقواL تاماL. ينبغي إجابة مطالب المقدمات التي تسبق إقامة نظام ثوري تؤيده الجماهير تأييدا

.الفالحين الهامة حسب الظروف، بحيث يصبح السكان برمتهم متحدين كالبنيان المرصوص.وإذا كان الوضع الحربي صعباL في المرحلة االبتدائية، فالوضع السياسي ال يقل عنه دقة

فإذا كانت خطيئة حربية واحدة قد تؤدي إلى تدمير الغوارات، فأن خطيئة سياسية قد توقف نموLالغوارات لمدة طويلة جدا.

.النضال حربي وسياسي معاL، ولذا يجب نشره وفهمه على هذا النحوLمن الرجال، وتركيزا Lزائدا Lولما كانت الغوارة تنمو بانتظام، فسوف يأتي وقت تحوز فيه عددا مفرطاL للقوى في المنطقة التي ال تستطيع قدرتها على العمل أن تغطيها. يبدأ التأثير عندئذ

L بارزاL، على رأس رجاله، إلى على نمط تثويل النحل، حيث يقفز أحد قادة الغوار، ويكون مغاوراLمنطقة أخرى، ويعيد نشر سلسلة حرب الغوار، تحت القيادة المركزية طبعا.

 Lشعبيا Lيجب أن نبني جيشا:

والخالصة، أنه ينبغي اإلشارة إلى عدم إمكان الظفر بدون بناء جيش شعبي. يمكن توسيع الغوارات عددياL إلى حد ما ويمكن أن تنزل قوى الشعب األذى بالعدو في بعض المدن والمناطق

التي يحتلها، إال� أن قوة الرجعيين العسكرية قد تبقى سالمة. ينبغي التذكر دائماL أن النتيجة،Lالنهائية يجب أن تكون إزالة العدو. لذلك ينبغي أن تبقى مناطق الغوار المفتتحة حديثا

والمناطق العميقة في مؤخرة العدو. والقوى العاملة في المدن الرئيسية، كلها تحت امرة القيادة. ليس هذا نظام مرؤوسية ضيق من رتبة إلى أخرى كما في الجيش النظامي، بل عالقة

مرؤوسية في االستراتيجية. يترك للغوارة الواحدة بعض التصرف في العمل، لكن عليها أن تنفذ كافة االستراتيجية الصادرة عن القيادة العامة الموجودة في أوثق وأمنع منطقة بغية تهيئة

Page 57: حرب العصابات

.الظروف الستخدام القوى بشكل مركزي في مرحلة معينة تجتاز حرب الغوار أو حرب التحرر، على العموم، مراحل ثالثاL. تبدأ بمرحلة الدفاع االستراتيجي، عندما تقوم الوحدات الصغيرة، سريعة الجؤول واالختفاء، بطعن العدو من وقت آلخر، لكنها ال

تنسحب إلى منطقة صغيرة بغية الدفاع السلبي. ان دفاعها يعني شن كل الهجمات الصغيرة.Lالممكنة. يتلو ذلك مرحلة التوازن االستراتيجي، عندما يكون ثمة نشاط من العدو والمغاوير معا

ثم تبلغ المرحلة النهائية، مرحلة انهيار جيش القمع. يحتل المغاوير عندها المدن الكبرىLناجزا Lتاما Lويخوضون معارك كبيرة حاسمة ويسحقون العدو سحقا.

بعد أن تبلغ حرب الغوار مرحلة التوازن لدى جيوش الطرفين، تتخذ صفات جديدة إب�ان تطورها الالحق. يأخذ مفهوم المناورة بالتكو�ن، وتظهر الوحدات الكبيرة القادرة على مهاجمة المعاقل

المحصنة جيداL، وتبدأ ممارسة حرب الحركة التي تستلزم تحريك عدد كبير من الجنود وشهر أسلحة هجومية، غير أن العدو ما زال قادراL على المقاومة والهجوم المعاكس، ولذا ال يمكن أن

تحل حرب الحركة كلياL محل حرب الغوار. انها ال تعدو شكالL من العمليات في تطور حرب الغوار، وهي أعظم تركيز لقوى الغوار، ذلك إلى أن يتم تشكيل عدة جيوش من القوى الشعبية. وحتى

ق مع بعد ذلك، سوف تتابع الغوارات استخدام طريقة قتال الغوار "البحتة"، في عمل منس�.عمليات القوى الرئيسية، لنسف وسائل النقل والمواصالت، وتخريب آلة دفاع العدو برمتها

 Lوداميا Lسوف يكون النضال طويال:

تنبأنا أن الحرب سوف تكون ذات صفة قارية. يعني هذا أنها سوف تكون مديدة أيضاL. سوف تكون هناك جبهات قتال كثيرة وسوف تكلف دماء كثيرة ونفوساL ال تحصى لمدة طويلة. وفق

ذلك، فأن ظاهرة استقطاب القوى التي أخذت تتبادر في أمريكا، واالنفصام الواضح بينرين في الحروب الثورية المقبلة، يشيران إلى أن طليعة الشعب المستثم¬رين والمستثم�

المسلحة، متى هبت لتولي سلطة الدولة، فأن البلد أو البلدان التي تم فيها تولي سلطة الدولة،دين، من امبرياليين ومستثم¬رين محليين، فيتم تحقيق سوف تزيل في الوقت ذاته للمضطه¬ المرحلة األولى من الثورة االشتراكية، ويبادر الشعب إلى تضميد الجراح، ويشرع في البناء

.االشتراكيهل ثمة إمكان أقل شراسة؟

لقد تم تمزيق العالم منذ زمن بعيد، وأخذت الواليات المتحدة حصة األسد في قارتنا. وراح امبرياليو العالم القديم يهيئون عودة لهم. وأخذت قوة السوق األوروبية المشتركة العاتية تهدد

حتى الواليات المتحدة. يحدو كل ذلك ببعض الناس إلى االعتقاد بأنه قد يكون ثمة إمكان لتشكيل تحالف مع الدكتاتورية الوطنية، وهي األكثر قوة منا، لترق³ب الصراع بين االمبرياليين بذراعين مكتوفتين، بحثاL عن فرصة إلحراز بعض التقدم. يجب أن نفهم أن سياسة سلبية في

L نتائج حسنة. ألن الدكتاتورية، مهما بدت ثورية في وقت من الصراع الطبقي ال تؤتي أبدا األوقات، ال يمكن أن يكون التحالف معها إال� موقوتاL. فإذا ما تجاوز المرء عن هاتين النقطتين، سلك طريقاL أخرى، إذا ما أدخل العامل الزمني في الحساب. لقد أخذت التناقضات األساسية

في أمريكا اليوم تحتدم بسرعة كبيرة إلى حد أنها طفقت تتداخل في تطور التناقضات."الطبيعي" بين المعسكرين الدكتاتوريين المتناحرين على األسواق

 :اليقين بالنصر

إن غالبية البرجوازية الوطنية مترابطة مع امبريالية الواليات المتحدة، وتريد ربط مصيرها بها في كل بلد. وحتى لو حصلت مساومة واتفاق في التناقض القائم بين البرجوازية الوطنية

وسائر االمبريالية من جهة، وبين امبريالية الواليات المتحدة من جهة أخرى، فال يتعدى ذلك بعد فلك الصراع الرئيسي الذي البد أن يشمل المستثم¬رين والمستثم�رين كافة إبان تطوره. ان

استقطاب القوى الطبقية المتصارعة أسرع كثيراL من استفحال التناقضات بين المستثم¬رين.على تقاسم األسالب. المعسكران متمايزان، واالختيار واضح لكل فرد وكل فئة

[ إلى تقييد ما ال يمكن تقييده98يسعى "التحالف من أجل التقدم"] . غير أنه، بحال إحراز السوق األوروبية المشتركة، أو كتل امبريالية أخرى، تقدماL في األسواق األمريكية يتجاوز تطور التناقض األساسي، يكون على القوى الشعبية عندئذ أن تشق طريقها خالل الثغرة الحادثة، وتخوض النضال كله وتفيد من المتدخلين الجدد، متذكرة هدفها الخاص

.النهائي.ينبغي عدم تسليم أي موضع أو سالح أو سر إلى العدو الطبقي، واال خسرنا كل شيء

الواقع أن النضال قائم منذ اآلن في أمريكا. ألن تهب� أعاصير النضال في فينزويال وغواتيماال وكولومبيا وبيرو واكوادور.؟ هل صحيح أن القتال الحالي فيها ال يعدو كونه تعبيراL عن اندفاع

جامح ال طائل فيه؟ أن ثمرة نضال هذا اليوم ليست شيئاL ملموساL. قد تنقطع الحركة إلى حين، ولكن ذلك طفيف األثر على النتيجة النهائية. المهم هو نضوج التصميم على النضال يوماL بعد

.يوم، ووعي ضرورة التغيير الثوري، واالقتناع الراسخ بإمكان ذلك هذا تنبؤ. قناعتنا راسخة بأن التاريخ سوف يظهر أننا على حق. وقد أوضح لنا تحليل العوامل

الذاتية والموضوعية في أمريكا وفي عالم البروليتاريا، أن التأكيدات التي قدمناها على أساس.بيان هافانا الثاني هي صحيحة

  

Page 58: حرب العصابات

 [99الدور االجتماعي للجيش المتمرد]

تموز، وما هي عليه26هذه األGمسية هي أGمسية الذكرى، ولذا أود ان أGلخ�ص ما كانت عليه حركة .اآلن، قبل أن أدخل في صلب الموضوع أي في مغزاه التاريخي

. وإنما أريد1953 تموز 26ال أستطيع العودة إلى الوراء حتى الهجوم على ثكنة مونكادا، وفي أن أتحدث عما يختص بمشاركتي في األحداث المختلفة التي أدت إلى انتصار الثورة في أول

.كانون الثاني األخير.فلنبدأ إذاL هذا التاريخ كما بدأ بالنسبة لي، في المكسيك

L بالنسبة لنا جميعاL أن نعرف فكر أولئك الذين يؤلفون جيشنا المتمرد؛ وفكر إنه ألمر مهم جدا تموز26تلك الجماعة التي اندفعت في مغامرة غرانما، وتطور هذا الفكر الذي تول�د داخل حركة

وتحو�الته المتتالية تبعاL لمراحل الثورة، كي نصل إلى درس هذا الفصل اآلخر الذي يختتم به.الشطر التمردي

تموز في المكسيك. كان المسقط26قلت لكم إني تعرفت إلى األعضاء األوائل في حركة االجتماعي للجماعة مختلفاL كل االختالف قبل حادثة غرانما، وقبل أن يقع االنقسام األول داخل

تموز، زمن الهجوم على ثكنة المونكادا، وأذكر أني عرضت أثناء اجتماع سري عGقد في26حركة منزل من منازل مكسيكو ضرورة تقديم برنامج ثوري لشعب كوبا، وقد أجابني أحد محاربي

تموز، جواباL ما أزال أذكره فقال: "هذا أمر بسيط26المونكادا، الذي هجر لحسن الحظ حركة جداL، يجب أن نقوم بانقالب، باتيستا قام بانقالب واستلم الحكم في يوم واحد؛ ومن الضروري

وقوع انقالب ثان° لطرده... إرتضى باتيستا بمائة تنازل لألمريكيين، وسنقدم لهم نحن مائة تنازل آخر". كانت المسألة بالنسبة إليه مسألة االستيالء على الحكم. وكنت أرى من جانبي أن

نقوم بهذا االنقالب على أساس بعض المبادئ، وأن المهم في األمر هو أيضاL معرفة ماذا سنفعل عندما نصير في الحكم لقد رأيتم ما الذي كان يفكر به عضو من أعضاء الفترة األولى

تموز؛ بيد أنه، لحسن حظنا، كما قلت لكم، هجر حركتنا الثورية وسلك طريقاL أخرى26لحركة .كجميع أولئك الذين كانوا يفكرون مثله

إنطالقاL من تلك اللحظة بدأت ترتسم مالمح الجماعة التي ستنطلق فما بعد إلى الغرانما؛ تكونت بصعوبة كبيرة ألننا كنا مالحقين باستمرار من السلطات المكسيكية التي توصلت إلى تعريض

نجاح حملتنا لخطر شديد. لقد عملت بعض األسباب الداخلية على التقليل من عدد أعضاء حملتنا؛ منها مثالL موقف بعض األفراد الذين كان يبدو أنهم يريدون في البداية االشتراك في المغامرة

رجالL للنزول في غرانما. أما تتمة82ثم هجرها بحجة من الحجج. وفي نهاية المطاف، بقي .القصة فمعروفة تماماL لدى الشعب الكوبي

إن ما يهمني، وما أجده هاماL، هو الفكر االجتماعي للذين ظلوا على قيد الحياة بعد أليغريا ده وهي النكبة األولى والوحيدة التي حلت بالجيش المتمرد طوال فترة Alegria de pio بيو

التمرد. كنا حوالي خمسة عشر رجالL مضعضعين جسمياL بل ومعنوياL، ولم نستطع مواصلة الكفاح إال� بفضل الثقة الكبرى لدى فيدل كاسترو في تلك اللحظات الحاسمة، وبفضل شخصيته القوية

كزعيم ثوري وإيمانه بالشعب إيماناL ال يتزعزع. كنا من رجال المدينة نطوف بالسييرا ماستراLدون أن نكون ملتصقين بها. كنا ننتقل من كوخ إلى كوخ، ولم نكن، بطبيعة الحال، نمس شيئا

مما ال نملك؛ حتى أنا لم نكن نأكل شيئاL ال نقدر على دفع ثمنه (وغالباL ما كان هذا المبدأ يسلمناLللجوع). كنا جماعة تلقى التسامح من الناس لكنها لم تكن مندمجة بهم؛ ودام هذا الحال زمنا طويالL... لقد قضينا عدة أشهر تائهين في أعالي القمم من جبال سييرا ماسترا حيث كنا نعود إلى الصعود بعد القيام بعمليات متفرقة وكنا ننتقل من قمة إلى أخرى، في منطقة خالية من

.الماء، والحياة فيها شاقة غاية المشقة تبدل شيئاL فشيئاL موقف الفالح منا بسبب القمع الذي تقوم به قوات باتيستا؛ فقد كانت تقتل

وتدمر المنازل وتظهر عداءL شامالL ألولئك الذين كانوا يتصلون بجيشنا المتمرد أقل اتصال، حتىبعة القش لدى مغاويرنا وتحو�ل تدريجياL جيشنا Gووجد هذا التبدل تعبيره بظهور ق .Lلو كان عرضيا

المؤلف من مدنيين إلى جيش فالحي. وعندما أنضم الفالحون (الغواخييروس) إلى النضال المسلح للمطالبة بالحرية وبالعدالة االجتماعية، ظهرت الكلمة السحرية التي ستعبئ الجماهير

المضطهدة الكوبية في النضال من أجل امتالك األرض: اإلصالح الزراعي. وهكذا تحدد المشروع االجتماعي الكبير األول الذي سيصير لواء حركتنا، رغم فترة القلق الشديد التي وجب أن نمر

بها بسبب سياسة جارتنا الشمالية الكبرى. في تلك الفترة، كان حضور صحفي أجنبي، واألفضل أن يكون أمريكياL أهم بالنسبة إلينا من تحقيق نصر عسكري. وكنا نهتم بالمناضلين األمريكيين،

الذين يمكن أن ينفعونا في تصدير دعايتنا الثورية، أكثر من اهتمامنا بانضمام الفالحين الذين.كانوا يجلبون للثورة إيمانهم ومثلهم األعلى

،F.Pais وفي هذا الوقت بالذات وقع في سانتياغو حادث مؤسف: مصرع رفيقنا فرانك بايس فكان انعطافاL لبنية الحركة الثورية كلها. لقد تأثر شعب سانتياغو كوبا تأثراL عميقاL لموت فرانكLهذه المحاولة األولى لإلضراب السياسي العام شلال µل�ت بايس فنزل عفوياL إلى الشارع: وقد ش�

تاماL مقاطعة أوريانته رغم غياب القيادة، وترددت أصداؤه في مقاطعتي كاماغواي والست الديكتاتورية هذه الحركة التي انبثقت دون تحضير ودون إشراف ثوري. هذه فيالس. وصف� الظاهرة الشعبية قد أتاحت لنا أن نلتفت إلى وجوب إدخال الشغيلة في الكفاح لتحرير كوبا؛ وفي الحال بدأت النشاطات السرية في المراكز العمالية للقيام بإضراب عام يساعد الجيش

.المتمرد على االستيالء على السلطة

Page 59: حرب العصابات

وهكذا بدأت حملة تنظيمات سرية بروح تمردية؛ بيد أن الذين شجعوا هذه الحركات لم يكونوا يعرفون حقاL مغزى النضال الجماهيري وتاكتيكه، فقادوه في طرق مضللة إطالقاL، ألنهم لم يؤمنوا بالروح الثورية وبوحدة المقاتلين، وألنهم حاولوا توجيه اإلضراب من القمة، دون أن

.تكون لهم أية صالت بقاعدة المضربينLكبيرا Lإن انتصارات الجيش المتمرد والنشاطات السرية الضارية قد هزت البالد وخلقت غليانا

نيسان، وقد فشل اإلضراب ألسباب تنظيمية على وجه9إلى حد إعالن اإلضراب العام في الضبط، وخاصة بسبب انعدام االحتكاك بين الجماهير العمالية والقيادة. بيد أن التجربة كانت

تموز صراع إيديولوجي أثار تبديالL جذرياL في نظرتها إلى واقع البالد26مفيدة وحدث في حركة .وفي تنظيم قطاعات نشاطها

تموز من اإلضراب الفاشل عزيزة الجانب وقد عل�مت التجربة قادتها حقيقة26خرجت حركة ثمينة: هي أن الثورة ليست ملكاL لهذه الجماعة أو تلك، بل يجب أن تكون من عمل الشعب

هت طاقات مناضلي حركتنا كلها هذه الوجهة، في السهل وفي الجبل على الكوبي بأسره، فتوج�.السواء

وفي هذه الفترة وقعت محاوالت الجيش المتمرد األولى إلعطاء الثورة نظرية وعقيدة بتقديم البراهين الملموسة عن التنمية والنضج السياسي للحركة التمردية. فقد انتقلنا من المرحلة

التجريبية إلى المرحلة البن�اءة، ومن المحاوالت إلى األفعال النهائية. وفي الحال أخذت "الصناعات الصغيرة" في السييرا ماسترا في الظهور. لقد حصل تحو³ل مماثل لذلك الذي كان أجدادنا قد عرفوه قبلنا بكثير: إذ انتقلنا من الحياة البدوية إلى الحياة الحضرية، فنشأ مركزان

لإلنتاج تبعاL لحاجاتنا الملحة. وهكذا أوجدنا مصنعاL لألحذية، ومصنعاL لألسلحة وورشة كنا نعيد فيها.تركيب القنابل التي كان الطغيان يرمينا بها، لنردها إلى جنود باتيستا بشكل ألغام

إن رجال جيشنا المتمرد ونساءه لم ينسوا قط، ال في السييرا ماسترا وال في مكان آخر، أن رسالتهم الرئيسية هي تحسين شروط الفالح، واالندماج في الكفاح من أجل األرض ومساعدته

بفضل المدارس التي أنشأها المعلمون المرتجلون في األماكن األكثر وعورة من منطقةره أوريانته. ففي هذه األماكن جرت المحاولة األولى لتوزيع األراضي وفق نظام زراعي حر�

بصورة رئيسية الدكتور هومبرتو سوري ماران وفيدل كاسترو، وكان لي شرف المعاونة في هذا العمل، ووGزعت األراضي توزيعاL ثورياL على الفالحين، فاحتGل�تµ ملكيات كبيرة تخص خدم

الدكتاتورية ووزعت، وصارت شيئاL فشيئاL جميع أراضي الدولة ملكاL لفالحي المنطقة. لقد حانL تاماL كحركة فالحية مرتبطة ارتباطاL وثيقاL باألرض تحت راية الوقت ألن نحدد هويتنا تحديدا

.اإلصالح الزراعي نيسان الفاشل، فقد بدأنا نشعر في نهاية أيار بالقمع الوحشي9عرفنا فيما بعد نتائج إضراب

الذي لجأ إليه باتيستا إذ أحدث بين كوادرنا المناضلة تراخياL خطيراL جداL كان من شأنه أن يؤدي إلى نتائج مفجعة لقضيتنا. لقد هيأت الديكتاتورية هجومها األكثر وحشية. فهاجم عشرة آالف

أيار من السنة األخيرة، وركزوا هجومهم على الرتل25جندي مدججين بالسالح مواقعنا حوالي الذي كان يقوده شخصياL قائدنا األعلى فيدل كاسترو. كان الجيش المتمرد يحتل رقعة1رقم

ضيقة جداL ولم يكن أحد يصدق أن نستطيع الصمود لهذه الجمهرة المؤلفة من عشرة أالف جندي بثالثمائة بندقية من بنادق الحرية، البنادق الوحيدة التي كانت موجودة ذلك الوقت في

تموز، وانتقل30السييرا ماسترا. وبفضل قيادة تكتيكية جيدة، انتهى هجوم باتيستا في المتمردون من الدفاع إلى الهجوم: فاستولينا على أكثر من ستمائة قطعة سالح جديدة (أي

أكثر من ضعف عدد البنادق التي بدأنا بها المعركة) وبلغت خسائر العدو أكثر من ألف رجل بين.قتيل، وجريح، وهارب وأسير

Lتكتيكيا Lفي السهل، هجوما Lألن يبدأ هجوما Lفي نهاية هذه المعركة كان الجيش المتمرد مستعدا وسيكولوجياL، ألن سالحنا لم يكن قادراL على منافسة سالح الدكتاتورية في الكيفية وأقل قدرة على منافسته في الكمية. إنها حرب اعتمدنا فيها دوماL على الشعب، ذلك الحليف الذي ال يGقد�ر بوزن° وال ثمن. كانت أرتالنا تستطيع على الدوام أن تخدع العدو وتحتل أفضل المواقع، وبفضل

الميزات التكتيكية والمعنويات العالية لجنودنا، وكذلك بفضل مساعدة الفالحين مساعدة هامة جداL. فقد كان الفالح المتعاون غير المرئي الذي يتكفل بكل مالم يكن يستطيع المتمرد فعله،

ينقل إلينا المعلومات، ويراقب العدو، ويترصد نقاطه الضعيفة، وينقل بسرعة الرسائل العاجلة، ويتجسس حتى في صفوف جيش باتيستا. لم يكن ذلك أعجوبة بل نتيجة لسياسة المطالب

الزراعية التي شرعنا بها بقوة. وأمام عنف الهجوم وحصار الجوع اللذين طو�قا السييرا ماسترام¬عت من الملكيات المجاورة بأكملها، وقد Gصعد إلى الجبل عشرة آالف رأس من البقر ج

عت كذلك على الفالحين الفقراء الذين عرفوا د¬متµ في تغذية الجيش المتمرد، لكنها وز� µخGاست الرخاء ألول مرة في هذه المنطقة القاحلة بشكل خاص، وألول مرة أGتيح للفالحين الصغار أن

يشربوا الحليب وأن يأكلوا لحم البقر. وألول مرة عرفوا محاسن الثقافة، ألن الثورة جلبت معها.المدارس. وهكذا تكو�ن لدى الفالحين جميعاL رأى محبذ لنظامنا

ومن جهة أخرى كانت الديكتاتورية تقدم لهم بانتظام حرق منازلهم، وطردهم من أرضهم وقتلهم، كان الموت يأتيهم من األرض كما كان يأتيهم من السماء، وكان جيراننا الديمقراطيون

كيلو غرام ليرهب بها500في الشمال قد قد�موا بطيبة خاطر لباتيستا قنابل نابالم تزن السكان. كان سقوط هذه القنابل يزرع الخراب في دائرة قطرها يزيد عن مائة متر. إن سقوط

قنبلة نابالم على مزرعة للبGن يعني خراب هذه الثروة في قطر يبلغ مائة متر وضياع سنواتب� في دقيقة يقتضي جهد خمس أو ست سنوات ر� Gالعمل التي تمثلها، وإن التعويض عما خ.

Page 60: حرب العصابات

في هذه الفترة بدأ السير على الس فيالس. وأتحدث عنها ال ألني شاركت فيها، بل ألننا رأيناL للثورة .لدى وصولنا إلى الس فيالس منظراL سياسياL واجتماعياL جديدا

تموز، وكانت االدارة الثورية، وجماعات جبهة االيسكامبري26وصلنا إلى الس فيالس مع ع�ل�م الثانية، وجماعات الحزب االشتراكي الشعبي والجماعات الصغيرة من المنظمة األصلية تناضل

ز مهمة سياسية خطيرة وقد بدا أكثر من أي وقت مضى هناك ضد الديكتاتورية. كان يجب أن نGنج¬ تموز وعلى26أن الوحدة كانت عنصراL أولوياL من عناصر النضال الثوري. كانت على حركة

د مختلف العناصر المستاءة التي وجدت في عمل السييرا ماسترا رأسها الجيش المتمرد، أن توح� الحافز الوحيد إلى الوحدة. كان يجب قبل كل شيء وضع خطة لهذه الوحدة التي كان عليها أن تجمع شمل منظمات السهل ومجموعات المحاربين على حد سواء. لقد و�ج�ب� علينا أن ننصرف

إلى عمل غاية في األهمية هو تصنيف جميع األقسام العمالية في المقاطعة. فاصطدمنا.بخصوم عديدين. منهم خصوم في صفوف حركتنا نحن كانوا ما يزالون يعانون مرض التشي³ع فور وصولنا إلى الس فيالس، كان أول عمل حكومي قمنا به - قبل إنشاء المدرسة األولى-

نشر تصريح بتطبيق اإلصالح الزراعي، وقد نص� هذا التصريح على بنود كثيرة منها أن� على مالكي قطع األرض الصغيرة أن يمتنعوا عن دفع أجورهم حتى تفصل الثورة في كل حالة على حدة. لقد صار اإلصالح الزراعي رأس الحربة للجيش المتمرد. ولم يكن ذلك مناورة ديماغوجية، فبعد عشرين شهر فقط من الثورة، صارت الصالت بين القادة والجماهير الفالحية وثيقة إلى

حد إنها كانت تدفع الثورة في بعض األحيان إلى العمل بصورة غير متوقعة. لم نكن نحن الذين ابتكرنا اإلصالح الزراعي، بل إن الفالحين هم الذين دفعونا إليه فقد أقنعناهم أن النصر مؤكد

إذا تسلحوا، وتنظموا، وكفوا عن خشية العدو. وفرض الفالحون، من جانبهم، على الثورة، وقدادرة قطعان البقر، وجميع التدابير ذات كانت لديهم أسباب وجيهة لذلك، اإلصالح الزراعي، ومGص�

.الصفة االجتماعية التي اتخذت في السييرا ماسترا في السييرا ماسترا، كان3 تشرين الثاني، نشر القانون رقم 3في زمن المهزلة االنتخابية في

ينص على إجراء إصالح زراعي حقيقي وحتى لو لم يكن تاماL فقد كان يتضمن نقاطاL إيجابية جداL: توزيع أراضي الدولة، وأراضي خدم الديكتاتورية وأولئك الذين يمتلكون سندات ملكية

حصلوا عليها بواسطة مناورات دنيئة مثل ملتهمي األراضي الذين احتكروا آالف الكاباليرياس، كاباليرياس ملكية األرض التي2وإعطاء صغار المزارعين الذين كانوا يدفعون أGجوراL تقل عن

كانوا يشغلونها. كان كل ذلك بالمجان. فالمبدأ كان ثورياL جداL. وقد استفاد من اإلصالح الزراعي. فما يزال على الثورة3أكثر من مائتي ألف عائلة بيد أن الثورة الزراعية لم تنته بالقانون رقم

أن تسن القوانين للحد من الملكية الكبيرة كما ينص على ذلك الدستور. ويجب عليها أن تحد�د بالضبط ما هي الملكية الكبيرة التي تميز بنيتنا الزراعية. إن الملكية الزراعية الكبيرة، العلة

.األكيدة لفقر بالدنا ولجميع الشرور التي تعاني منها الجماهير الفالحية، لم تمس بعد وسيكون على الجماهير الفالحية المنظمة أن تفرض قانوناL، يحظ�ر الملكية الكبرى، تماماL كما

. علينا3أرغمت الجيش المتمرد على فرض مبدأ اإلصالح الزراعي المتضمن في القانون رقم كذلك أن نأخذ بعين االعتبار وجهاL آخر للمسألة: فالدستور ينص على أن� كل نزع لملكية األرض

Lيجب أن يسبقه دفع تعويض نقدي فإذا نفذ اإلصالح الزراعي حسب هذا المبدأ، كان بطيئا وباهظ التكاليف. إن العمل الجماعي للفالحين الذين كسبوا الحق في الحرية منذ انتصار الثورة أمر ضروري كذلك للمطالبة ديمقراطياL بالشذوذ عن هذا المبدأ وليكون بمقدور الثورة أن تحقق

[Lوعميقا Lحقيقيا Lزراعيا L100دون منازعة إصالحا] . وهكذا نصل إلى الدور االجتماعي للجيش المتمرد، فقد حققنا الديمقراطية المسلحة وعندما

وضعنا خطة اإلصالح الزراعي واحترمنا متطلبات القوانين الثورية الجديدة التي تكملها وتجعلها قابلة للحياة وفورية، كنا نفكر بالعدالة االجتماعية المتمثلة في إعادة توزيع األرض كما كنا نفكر

بخلق سوق داخلية واسعة وبتنويع الزراعات، هذان الهدفان الجوهريان واللذان الينفصالن عن.الحكم الثوري اليمكن تأجيلهما، باعتبارهما يمثالن مصلحة الشعب

إن جميع الفاعليات االقتصادية مرتبطة فيما بينها. فعلينا أن نمضي في تصنيع البالد، دون أن نهمل المشكالت العديدة التي تؤدي إليها. بيد أن سياسة التصنيع تقتضي اتخاذ بعض التدابير الجمركية الخاصة بحماية الصناعة الناشئة وإيجاد سوق داخلية قادرة على امتصاص البضائع

الجديدة. ونحن ال نستطيع توسيع هذه السوق إال� إذا أدخلنا إليها الجماهير الفالحية الواسعة، أولئك الفواخيروس الذين ال يملكون القدرة الشرائية والذين ال يستطيعون حالياL شراء

.مايسدون به حاجاتهم.Lنحن نعي أن هذه األهداف ليست األهداف الوحيدة وأنها تلقي على عاتقنا مسؤولية كبيرة جدا

% من مبادالتنا التجارية ومن75ويجب أن نتوقع عداء أولئك الذين يشرفون على أكثر من عاL لهذا الخطر، أن نستعد لتطبيق تدابير مضادة، خاصة التعريفة الجمركية Gسوقنا. ويجب توق

واإلكثار من األسواق الداخلية. فنحن بحاجة إلى خلق أسطول تجاري كوبي لنقل السكر، والتبغ، والبضائع األخرى، وسيؤثر امتالك هذا األسطول تأثيراL مشجعاL جداL على كيفية النقل البحري

.الذي يرتبط به إلى حد كبير تقدم البلدان النامية مثل كوبا وإذا كان علينا أن نضع موضع العمل برنامجاL تصنيعياL، فاألهم أن نستثمر المواد األولية التي

كان الدستور يدافع عنها بحكمة وكانت ديكتاتورية باتيستا تسلمها لإلحتكارات األجنبية. علينا أن نشتري باطن أرضنا، ثرواتنا المنجمية. وهنالك عنصر آخر مهم من عناصر التصنيع هو الكهرباء.

ي�ر سنتأكد من أن� الكهرباء قد أوكلت إلى كوبيين. كما يجب أن تؤمم شركة الهاتف التي تGس�.العمل بشكل سيء وباهظ التكاليف

Page 61: حرب العصابات

فعلى أية موارد يجب أن نعتمد لننفذ على خير وجه مثل هذا البرنامج؟ لدينا الجيش المتمرد، وهو الذي يجب أن يكون أداتنا األولى في الكفاح، وسالحنا األكثر إيجابية واألشد مضاء؛ يجب أن

نحطم كل ما تبقى من الجيش الباتيستي. ويجب أن ندرك جيداL أن� هذه التصفية ال تمت بصلة إلى روح االنتقام وال حتى للعدالة وحدها، بل علينا أن نحيط أنفسنا بجميع الضمانات لتحقيق

.مكتسبات الشعب في أقصر المهل لقد قهرنا جيشاL أكثر عدداL من جيشنا بكثير بفضل مساهمة الشعب، وتكتيك محكم، وخلق ثوري.

LL واآلن يجب علينا أن نسلم بأن جيشنا ما زال غير مهيأ لمسؤولياته الجديدة، مثل الدفاع دفاعا فعاالL عن األرض الكوبية كلها. ويجب أن نقوم سريعاL بإعادة النظر في بنية الجيش المتمرد ألننا

شكلنا أثناء الكفاح جيشاL مسلحاL من الفالحين والعمال، معظمهم أGمي�ون، وغير مثقفين ومحرومون من كل تكوين تقني. علينا إعداد هذا الجيش للمهام العظيمة التي يجب على أفراده

.مواجهتها وتزويدهم بتكوين تقني وثقافي إن الجيش المتمرد هو طليعة الشعب الكوبي، وإذا كنا نتحدث عن التقدم التقني والثقافي

فيجب علينا أن نعرف المعنى العصري لهذه الكلمات. لقد بدأنا تربيته تربية رمزية في اجتماع تسوده بصورة تكاد تكون حصرية روح مارتي وتعاليمه. إن إعادة البناء القومي يجب أن تحطم كثيراL من االمتيازات؛ فعلينا إذاL أن نكون مستعدين للدفاع عن األمة ضد أعدائها الصريحين أو

المتسترين. ويجب أن يتآلف الجيش الجديد مع الشروط الجديدة المتولدة من هذه الحرب التحريرية: نحن نعلم أننا إذا هوجمنا من قبل جزيرة صغيرة فإنما يعود الفضل لمساندة دولة

Lعاتيا Lتكاد تشكل قارة؟ وعلينا أن نتحمل على أرضنا عدوانا. يجب إذاL أن نحترز وأن نعد تقدمنا بروح الغوار واستراتيجيته، بحيث ال يتفكك دفاعنا لدى أول هجوم، ويحتفظ بوحدته المركزية. يجب أن يتحول الشعب الكوبي بأسره إلى جيش من الغوار

فالجيش المتمرد جسم في أوج نموه ال يحد³ه في تنميته سوى رقم واحد هو الماليين الستة من الكوبيين ويجب أن يتعلم كل كوبي استخدام األسلحة وأن يعرف متى يجب أن يستخدمها للدفاع

.عن نفسه عرضتG عليكم الخطوط الكبرى لدور الجيش المتمرد بعد النصر ودوره في دفع الحكومة إلى

.االستجابة للمطامح الثورية بقي أن أحدثكم في نهاية هذه الكلمة عن أمر هام، عن المثل الذي جسدته ثورتنا بالنسبة

ألمريكا الالتينية، وعن تعاليمها التي حطمت جميع نظريات الصالونات: فقد أثبتنا أن فئة صغيرة من الرجال المصممين، الذين يساندهم الشعب والذين ال يخافون من الموت، يمكن أن تتوصل

إلى فرض إرادتها حيال جيش نظامي انضباطي وإلى قهره. ذلك هو الدرس األساسي. ينتج عنه درس آخر يجب أن يفيد إخواننا في أمريكا الذين يصنفون على الصعيد االقتصادي في زمرتنا الزراعية ذاتها: هو أنه يجب عليهم أن يقوموا بثورات زراعية، وأن يناضلوا في األرياف، وفي الجبال، وأن يحملوا الثورة من هناك إلى المدن وأال� يطمحوا إلى القيام بالثورة دون محتوى

.اجتماعي راسخ واآلن، تطرح، بعد تجاربنا، مسألة مستقبلنا، المرتبط ارتباطاL وثيقاL بمستقبل جميع البلدان

النامية في أمريكا الالتينية. فالثورة ليست مقصورة على األمة الكوبية، بل المست وعي أمريكا كلها واستنفرت جدياL أعداء شعوبنا. ولذا أعلن�ا أن كل محاولة للعدوان ستصد³ بقوة السالح. لقد

اناL كبيراL في أمريكا الالتينية كلها وفي البلدان المضطهدة. إن الثورة ر� و� أحدث مثال كوبا ف� أمهلت الطغاة في أمريكا الالتينية، أعداء األنظمة الشعبية كما أمهلت االحتكارات األجنبية. وبما.أننا بلد صغير، فنحن بحاجة لمساندة جميع الشعوب الديمقراطية، وبخاصة في أمريكا الالتينية

يجب أن نعلن بكل وضوح، على العالم أجمع، األهداف النبيلة للثورة الكوبية وأن نستعين بالشعوب الصديقة في هذه القارة، شمالها وجنوبها. ويجب أن نخلق اتحاداL روحياL لبلداننا كلها،

اتحاداL يتجاوز الثرثرة والتعايش البيروقراطي ليترجم إلى مساعدة فعلية إلخوتنا الذين نعرض.عليهم تجربتنا

وأخيراL يجب أن نفتتح طرقاL جديدة نحو تعريف المصالح المشتركة لبلداننا النامية وأن نصون أنفسنا من جميع المحاوالت الهادفة لتفريقنا، والنضال ضد أولئك الذين يطمعون في بذر

الشقاق بيننا، ضد أولئك الذين نعرف مناوراتهم، والذين يأملون في االستفادة من خالفاتنا.السياسية وإثارة أفكار قبلية غير مفهومة في بالدنا

إن الشعب الكوبي بأسره، مستعد، اليوم، للنضال ويجب أن يظل موحداL لكي ال يكون النصر.على الديكتاتورية مؤقتاL، بل المرحلة األولى النتصار القارة األمريكية

  

   

محتويات05إهداء ............................................................................. 08مدخل ............................................................................

23 ال، لم يمت غيفارا.................................................  مقدمة المترجم

Page 62: حرب العصابات

 القسم األول

المبادىء العامة لحرب الغوار31جوهر حرب الغوار ......................................................... – 139ريادة حرب الغوار .......................................................... – 243صيالة حرب الغوار ......................................................... – 3

49الحرب في األرض المؤاتية .................................................. – 453الحرب في األراضي المجافية ................................................ – 558الحرب في المناطق المدنية .................................................. – 6

 القسم الثاني

الغوار1- ..................................................... Lاجتماعيا L61المغاور مصلحا2- ................................................................ L64المغاور مقاتال

74تنظيم الغوارة ................................................................ – 382القتال ....................................................................... – 4

92ابتداء حرب الغوار وتطورها وانتهاؤها ...................................... – 5القسم الثالث

تنظيم جبهة الغوار96التموين ...................................................................... – 1

101المنظمة المدنية ............................................................ – 2106دور المرأة ................................................................. – 3

109الصحة .................................................................... – 4113التخريب ................................................................... – 5

116الصناعة الحربية ........................................................... – 6119الدعاية .................................................................... – 7

122اإلخبار واالستخبار ........................................................ – 8124التدريب والتثقيف السياسي ................................................. – 9

127بناء جيش حركة تحررية ................................................. – 10 

القسم الرابعمن تشكيل الغوارة األولى إلى الدفاع عن السلطة بعد الفوز بها

1 – ................................................. L 131تنظيم الغو�ارة األصلية سرا135الدفاع عن السلطة بعد الفوز بها ............................................ – 2138تحليل الوضع الكوبي، حاضره ومستقبله .................................... – 3

 * *

153ما هو المغاور؟ ............................................................. -1158حرب الغوار: وسيلة ........................................................ -2179الدور االجتماعي للجيش المتمرد ................................................

 

أحد قادة الجيش الثائر الكوبي. ومن Camilo Cienfuegos كان كاميلو سيانفويغوس  - ]1[ أكثر مجاهدين شعبية في حرب التحرر الكوبية. هو أحد أفراد الرعيل األول الذي أبجر من

في56 / 12 / 2المكسيك مع فيدل كاستررو على متن السفينة "غرانما". ونزل إلى البر في منطقة سييرا مايسترا الجبلية شرقي كوبا لبدء الثورة المسلحة. وقد توفي سيانفويغوس عام

. في حادث طائرة1959.الجيش الثائر: هو االسم لجيش الثورة الكوبية -  ]2[

.المغاور: المقاتل في حرب الغوار  - ]3[ حرب الغوار: نمط من الحرب الشعبية يؤلف الثوار فيها فرقاL صغيرة نسبياL. يكون شكل - ]4[

عملها الرئيسي هو شن الغارات المتكررة على قوات العدو إلبادته شيئاL فشيئاL. وهي الشكل= =الرئيسي للحرب في المرحلة األولى من الحرب الشعبية الثورية. ويوليها المؤلف أهمية خاصة

.وله فيها آراء يعرضها في الكتاب(Lحرب العصابات. وحرب االنتصار. تجاوزا Lتسمى ايضا).

."ال هابانا: عاصمة كوبا باللفظ اإلسباني، وهي التي تسمى باإلنكليزية "هافانا  ]5[]6[   )الفكران: ميدان الفكر، وما يمت إليه من نظريات علمية. (األيديولوجية .

رقيباL في الجيش الكوبي، تزعم حركة رجعية عام  Fulgencio  Batista كان باتيستا  ]7[ سنوات، حتى7، فاستولى على السلطة وفرض طغياناL عسكرياL دامياL على كوبا دام 1952

، أمام زحف الجيش الثائر ومد الثورة الشعبية1959 / 1 / 1اضطر إلى الفرار يوم .

Page 63: حرب العصابات

.النطفة: الشكل األولي للكائن الحي، قبل ظهور معالم خلقه  ]8[.إنتشت البذرة: خرج منها الجذر الذي ينغرس في األرض  ]9[

الريادة: الخطة التوجيهية العامة المؤدية إلى الظفر باألهداف الحيوية في مرحلة معينة  ]10[ من التاريخ. وتستعمل الكلمة في مختلف ميادين الحياة العامة كاالقتصاد والسياسة والحرب.

)(اإلستراتيجية .]11[   هي ما يؤمن به المرء دون النظر في البرهان العقيدة: نسبة إلى العقيدة. والعقيدة

)عليه. (الجمود العقائدي، الدوغمائية .]12[   )النهجي: ما يسير عليه الالحقون على نهج السابقين. (االتباعي، الكالسيكي .

الضباطة: التقيد الطوعي باألنظمة والقرارات، وذلك بصورة متبادلة بين الجماهير  ]13[)والهيئات المسؤولة. (األنضباط، الديسيبلين .

ارة: الوحدة األساسية في جيش الغوار  ]14[ .الغو� الصيالة: كيفية الوثوب على العدو واأللتحام به، في الحرب والسياسة، وجملة األساليب  ]15[

)والفنون المتعلقة بذلك. (التاكتيك . المأرز: مكان األعتصام، المنطقة التي تتخذها الثورة قاعدة تقيم فيها الحكم قبل غيرها  ]16[

)وتستند إليها وتنطلق منها لمقاومة تضاد الثورة. (المنطقة القاعدية، القاعدة ..استكداح اإلنسان: تحويله إلى حال الطبقة الكادحة  ]17[

اليانكي: كناية عن سكان الواليات المتحدة األمريكية، بمظهرهم االستعماري تجاه  ]18[.الشعوب األخرى

خاض الشعب الكوبي حروباL طوال القرن التاسع عشر للتحرر من االستعمار األسباني،  ]19[1868كانت تغرق كل مرة بالدماء. وأهمها هي حرب التحرر الكبرى التي دامت ثالثين عاماL، بين

، وأنتهت بزوال السيطرة األسبانية عن كوبا1898و .ن: شكل حرب النهجية بين الجيوش النظامية، حيث يسعى كل من الفريقين  ]20[ Gحرب التحاص

إلى تحصين نفسه واالستيالء على حصن عدوه. ويظهر هذا الشكل من الحرب بالنسبة للجيش)الثوري في المرحلة الثالثة من الحرب الشعبية الثورية. (حرب المواضع، حرب الخنادق .

.نسبة إلى الرهبنة اليسوعية (الجزويت أو "جمعية يسوع")، التي يعزى إليها مثل ذلك  ]21[]22[   )المهانة: جملة الوسائل والفنون الخاصة بمهنة أو صناعة. (التكنيك، التكنولوجيا .

.الجؤول: قابلية الحركة والمجاولة  ]23[]24[  Lواحدا Lالتأليب: جعل الناس إلبا.

.اإللب: الجماعة المجتمعة على غاية واحدة وال سيما في الخصومة لفريق آخر.النهوج: التقدم على نهج. والمقصود به سير حادثة إبان تطورها  ]25[

.المائزة: الخاصة المميزة  ]26[]27[   )الوهازة: شكل الخطو، المشية. (الوتيرة .

.صناعة المرطبات صناعة تصديرية هامة جداL في كوبا  ]28[]29[   كل عربة تفيد في نقل األشخاص واألشياء: الناقلة .

.المرزغة: األرض التي يكثر فيها الماء والوحل  ]30[ .أكثب: أشد قرباL إلى الهدف  ]31[

.Chevrotine الفشك المحشو بالخردق الغليظ: ترجمة  ]32[ى به من البعوض. وتعرف في بالد الشام بـ"الناموسية  ]33[ ."الك¬ل��ة (ج كلل): غشاء رقيق يGتوق�

ضابطاL محترفاL في الجيش األسباني، انضم إلى القوات الشعبية في Bayo كان بايو  ]34[، وقد اقترح على الحكومة الجمهورية مخططاL لتقوية1936الحرب األهلية األسبانية عام

ومساعدة جبهات الغوار التي نشأت خالل هذه الحرب في مؤخرات الجيوش الفاشية، إال� أن هيئة أركان الجيش الجمهوري رفضت مخططه، وكان رفض هذا المخطط من معالم الجمود

وضعف التطلع الثوري الذي أدى إلى انهيار الجمهورية األسبانية وانتصار القوى الفاشية عليها.بمساعدة التحالف الفاشي العالمي آنذاك

في أسبانيا ذهب بايو إلى المكسيك ليقيم فيها منفياL. وهناك أصبح فيما بعد1939بعد هزيمة مدرب كاسترو ورفاقه أفراد الرعيل األول الذي أبحر على السفينة "غرانما" إلى كوبا لبدء

.الثورة المسلحة فيهاراح: الحقل الذي يGحرث ويزرع  ]35[ .الق�

]36[   )التجاذر: الميل إلى الرأي والعمل الذي يعالج األمر من جذوره أي عميقاL. (الراديكالية ..كلمة إسبانية تعني الجبل، ويكن�ى بها عن أرض الغوار :Sierra سييرا  ]37[

.نبات يGغتذى به في بلدان أمريكا الوسطى : Malanga ماالنغا  ]38[]39[   ة: العلبة الصغيرة التي تحوي إبراة مغناطيسية وتفيد في التوجيه. (البوصلة ق�� Gالح( .

]40[   نGون: المادة التي تستعمل لتنظيف األسنان. (معجون األسنان )الس� .ز¬ن هنا  ]41[ ز¬ن: القيام بتقدير كمية الشيء. والر� الجراية: كمية الطعام المخصصة لكل فرد. الر�

.تقدير يتم بمجرد النظر.التعفية: إزالة معالم األثر  ]42[

]43[   ك¬ر. ("الكحول µسGل: المµالغ�و(" ..نقطة االزدالف: النقطة المحددة لالقتراب منها وااللتقاء فيها بعد العمل  ]44[

: ما يصهر من المعدن كالحديد وغيره  ]45[ .الفل¬¬ز�.النمط: الشكل النموذجي الذي يGتمثل به  ]46[

Page 64: حرب العصابات

.ذ�ر� الشيء: ظهر منه أصغر جزء ممكن  ]47[زونة األرض: وGعورتها، ضد السهولة  ]48[ Gح.

]49[  Lن�ت�ل: تقد�م مستعدا.م: الذي يكون وروده قليالL، متقطعاL، تتخلله فواصل زمنية  ]50[ ن�ج� Gالم.

.األرض السائبة: أرض ال يسيطر أحد الفريقين عليها  ]51[رافي الذي ال صحة له  ]52[ Gت: المعتقد الخµالجب.

نة: الشدة والضيق من جوع أو برد أو خوف.. إلخ  ]53[ µن، ج ل�ز µالل¬ز.يرة: جلب الطعام  ]54[ .الم¬

ة: المكان الذي يجفف فيه ماء البحر إلستخراج الملح منه  ]55[ ف� .المج�لة: الدابة التي تجعل عليها األحمال  ]56[ .الزام¬

.اإلمالق: االفتقار الناشىء عن اإلنفاق  ]57[ذاوة: صناعة األحذية   ]58[ .الح¬الحة: صناعة السالح   ]59[ .الس¬

داونة: أسلوب لمعالجة األمور من جانب المسؤولين في المكاتب والدواوين، يتميز   ]60[ Gالم بالتعالي على الشعب واستغالله واعتباره مسخراL دون الحكام لتنفيذ األوامر الصادرة إليه.

)(البيروقراطية، المكتبية ..دليص: مكسو بالخيوط والقطع البراقة   ]61[

د، ج بريد: المسافر المكلف بحمل الرسائل   ]62[ GرGالب..الركس واالرتكاس: رد الفعل   ]63[

.الوجيز: الكتاب الوجيز المستخدم مرجعاL في التعليم   ]64[ر¬د: المفرد بأمره، المتنحي عن أصحابه   ]65[ µت�ف µسGالم.

.االجتيال: القدرة على الحركة والمجاولة   ]66[]67[    ، في موضع باليا خيرون1961 / 4 /16لقد وقعت محاولة غزو فيما بعد، في Playa

Giron، ر معظم الغزاة بما ال يزيد عن . ساعة من القتال العنيف72وتم سحقها وأس¬]68[    1/1/1959الطاغية باتيستا حاكم كوبا األسبق الذي فر من وجه الثورة يوم .

ية: على نطاق القارة األمريكية   ]69[ .قار� النسيئة: تأخير األجل. البيع لنسيئة: البيع الذي يتم فيه سداد القيمة في آجال متأخرة.  ]70[

.كالتقسيط، وينطوي هنا على الربا هي الحروف األولى من اسم "المؤسسة الوطنية لإلصالح الزراعي" في INRA "اينرا"  ]71[

.Instituto Nacional Reforma Agraria  كوبافاض، في المفهوم الغيبي: هو العلم المقيم في النفس منذ الخليقة أي غير   ]72[ Gالعلم الم

.المكتسب بالبحث المتنفذة في كل United Fruit Company هي "شركة الفواكه المتحدة" األمريكية   ]73[

.البلدان المحيطة بالبحر الكاريبي، والتي كان جون فوستر دالز يملك حصة كبيرة فيها وهم أحفاد ،Criollo; Créole "قصدنا بكلمة "المول��د" ما يسمى باالسبانية "كريولو   ]74[

المهاجرين األوروبيين البيض الخالصين، المولودين في المستعمرات األوروبية ولم يختلطوا.بالعروق األخرى من أهالي المستعمرات. وهم في كوبا من أصل اسباني

.الكاريبي: البحر الواقع في أمريكا الوسطى، وكوبا هي إحدى الجزر فيه   ]75[ هي أكبر مجموعة من شركات النفط في الواليات المتحدة، وما Rockefeller روكفلر   ]76[

يرتبط بها من مصارف ومؤسسات كثيرة أخرى، وال سيما شركة "ستاندارد أويل كومباني" هي مجموعة شركات النفط Royal Dutch ومصرف "تشيز منهتان بنك". ورويال دتش

500البريطانية الهولندية المشهورة باسم "شل" وما يرتبط بها من مصالح وتملك حوالي .شركة مختلفة في أرجاء العالم

الحاكرة: الجماعة التي تنتظم أو تندمج الحتكار ميدان اقتصادي معي�ن. (التروست،  ]77[)الكونسورسيوم .

طائر تقليدي جميل يغلب فيه اللون األخضر، يعيش في أمريكا :Quetzal الكويتزال  ]78[.الوسطى، وله عالقة رمزية بديانات السكان األصليين فيها

أمريكا الهندية: يقصد بها شعوب الهنود الحمر الذين يشكلون أساس السكان في أمريكا   ]79[ كلها قبل هجرة األوروبيين إليها، وقد بقي بعضها على سماته األصلية، في حين امتزج غيرها

.باألوروبيين والزنوج. أو اقتبس لغات األوروبيين، أو ذاب فيهم. أو أبادوه إبادةة وقت تأليف الكتاب   ]80[ ت�د¬م� µح Gإشارة إلى حرب الجزائر التي كانت م.

.الجمهوريات العشرون: هي جمهوريات أمريكا الالتينية   ]81[.Peso جزء من مئة من وحدة العملة الكوبية، وهي البيزو Centavo السنتافو   ]82[

إشارة إلى إحدى الغارات الكثيرة التي شنتها طائرات تنطلق من أرض الواليات المتحدة   ]83[.على المنشآت والمزارع الكوبية

في4/3/60التي انفجرت في La Coubre "إشارة إلى باخرة الشحن الفرنسية "الكوبر   ]84[ مرفأ الهابانا، بينما كانت تفرغ متفجرات بلجيكية المنشأ حملتها إلى الجيش الكوبي. وقتل في

. شخص100االنفجار قرابة طاغية جمهورية سانتو دومينكو في البحر الكاريبي، :Rafael Trujillo الطاغية تروخيلو   ]85[

الشهيرة بالدومينيكان. وقد حكمها منذ أيام الحرب العالمية األولى عندما كانت تحتلها قوات

Page 65: حرب العصابات

1961بحرية الواليات المتحدة، وحتى مقتله عام . إشارة إلى المسلك الذي سلكته الواليات المتحدة لإلطاحة بحكومة غواتيماال القومية   ]86[

1954المعتدلة عام .]87[    : الدول الفاشية – ألمانيا1936إشار إلى مسلك الدول االستعمارية إزاء اسبانيا عام

وإيطاليا – تساعد فرانكو عسكرياL بصورة سافرة. والدول "الديمقراطية" – إنكلترا وفرنسا –.تحاصر اسبانيا لمنع النجدات عن شعبها تحت شعار عدم التدخل في اسبانيا

كانت حكومة فنزويال الدستورية عند كتابة هذا البحث لما تزل تقف إلى جانب حق   ]88[ الشعب الكوبي في تقرير مصيره، وتقاوم ضغط االحتكارات عليها. غير أنها انقلبت في ما بعد. بزعامة الرئيس السابق رومولو بيتانكور، إلى صفوف ألد أعداء الثورة الكوبية وقطعت عالقاتها

.بكوبا أشهر أبطال حروب االستقالل عن ،Simon Bolivar (1783 – 1830) سيمون بوليفار   ]89[ االستعمار االسباني في كولومبيا وفينزويال وغيرهما من بلدان أمريكا الالتينية. وفنزويال هي

.مسقط رأسه.تسن�م: جلس في المكان المرتفع، ترأس   ]90[

واء من األبنية: طائفة منها في المدينة، تحف بها الشوارع من كل صوب،   ]91[ الح¬           .كالجزيرة

الجاندة: الرابطة التنظيمية التي يتطوع فيها أبناء الشعب، فيتدربون على السالح   ]92[Lويؤدون بعض المهام العسكرية المحلية على مقربة من أماكن اقامتهم، فتكون الجاندة رديفا

)محلياL لقوات الغوار والجيش النظامي في الحرب الشعبية. (الجيش الشعبي، الميليشيا . تعبير يطلق على األراضي التي كانت تخص التاج االسباني، وهي أراضي بائرة على  ]93[

، كانت1959العموم أو سيئة االستثمار، وكانت تثير حفيظة الفالحين الذين ال أرض لهم. وفي عبارة ريالنغو باقية في اللغة الفالحية لتميز األراضي التي تخص الدولة، وكانت تؤجر للشركات

.الكبرى ويحظر ايجارها للفالحين 

]94[   .الكوبية Cuba Socialista من مجلة1963نشر هذا المقال في عدد أيلول ]95[   في نيكاراغوا إحدى جمهوريات أمريكا الوسطى ضد1926حدثت انتفاضة تحررية عام

حكومة شامورو الرجعية. وتدخلت الواليات المتحدة بجنود بحريتها إلسناد الحكومة الرجعية، مما أدى إلى نشوب القتال بين الجنود األمريكيين والجماهير الثورية. وقد برز في هذا الصراع اللواء

قائداL عسكرياL شعبياL، خاض حرب غوار Cesar Augusto Sandino سيزار أوغستو ساندينوLبطولية في األدغال لمدة خمس سنوات ضد جنود بحرية الواليات المتحدة المتفوقين تدريبا

وتجهيزاL. ولم يهزم، غير أنه وافق على مشاورات الصلح التي استدرجوه إليها. وبعد ذلك بفترة قصيرة، قتلوه غيلة في مكيدة نفذها العميل سوموزا الذي أصبح فيما بعد دكتاتوراL على

.نيكاراغوا وهو أجير مرتبط بمزرعة ويتفاوت وضعه تبعاL للزمان والمكان، ،Peon األجير هنا: تعريب  ]96[

.من وضع يشبه الرق إلى وضع العامل الزراعي الحديث شاعر ومفكر وسياسي كوبي، رائد الثورة ،Jose Marti (1853-1895) خوزه مارتي   ]97[

.االستقاللية في كوبا ضد االستعمار األسباني في أواخر القرن التاسع عشر التحالف من أجل التقدم": منهج المساعدة من الواليات المتحدة لبلدان أمريكا الالتينية،"  ]98[

1961الذي أعلن عنه في مؤتمر بونتا دل إيسته عام .]99[    GGلقي في جمعية "نوتستر يتيمبو" بتاريخ 1959 كانون الثاني 22خطاب أ .

]100[   )أقر مجلس الوزراء الشذوذ عن هذا المبدأ الدستوري. (مالحظة تشي غيفارا .

http://www.ahewar.org/lc مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار