29
) ا ج وذ م ن ال ب ق مد إ ح م( ي م لا س ر إلا ع ش ل إ# ن م وص ص ن ال ب ق ر إ ع ا ش ل إ اة ب ح# ن م ة د ب ن ولا:0 إ# ن2 ح إلا ب5 ص0 إ ي د5 إل( اب 5 ج; ن ب ل م إ ي ل ق إ ي ف وب ك ل ا ب5 س ة 5 ن ن مد ن ال 5 ب ق د إ5 م ح م ر ع ا 5 ش ل د إ5 ول ي ف)# ان ب5 س ك ا ب ة 5 وري ه م ج# ن م ءإ ر 5 ج22 ام5 ر ع ي رإ ب 5 ف1873 ، ة ري مب 5 ش ك ة 5 ن م ه ر ي رة5 س0 إ# ن م م# ن م ول0 إلا ث ل ب ل ر وإ 5 ش ع ع5 س ا ب ل إ# رن 5 لق إ# ن م ر ب 5 خ0 ع إلا 5 ب ر ل إ# نs ي ب ا5 م اش5 ع ث ي ح0 اذي 5 ب م م عل ت ور5 ه لا ي ف م ث ة 5 ن; ب ب دإرش مد5 م ي ف ة ن م لا5 س ة إلا5 وم ل ع ي ق ل ب . و# ن ي ر 5 ش ع ل إ# رن 5 لق إ ة، 5 لدي ب ي ف ي0 ئ دإ 5 ب ن ة إلا5 م ي ل ع ت ي ق ل ب و# ن2 رإ 5 لق إ ظ 5 ف ح دة،5 د وإل 5 ي ب علً رإ5 ك ب م ة 5 اي ب ك ل وإ رإءة 5 لق إ# ن ي ب 5 ع ل ل إ ة5 مدرس ل ة إ د5 ه ي ف ، وذرش ة 5 وي ن ا ب ل إ ة5 لدرإس ل ة دي ب ل ب ك5 س إلا ة 5 ن ع ب ل إ ة5 مدرس ن ق ح ن ل وإ د،5 ول ن ر0 اش إ5 وم ن ي ر ب5 ل ج ن إلا رق 5 ش شت م ل ا ل ب5 ص نر وإ و5 ه لا ة5 ع ام ج ن . و ة ن5 س ار ف ل وإ ة 5 ن¥ ن ر لع إ. ق 5 ي م ع ل وإ ي ق ب ق ح ل ة إ 5 ن ن و ك ب رة ب 5 ف ة 5 اي ب م ن ث ن ا5 لام وك5 س إلا ة 5 ماي ج ة 5 ن ع م ج ي ل م إ 5 ض ندها إ5 ع ت" " ام5 ا ع 5 ب ن ما ل0 رإ وإ ب5 ل ج ن إ ي ف ة 5 ري ك ف ل وإ ة 5 ن¥ ن ذ0 ة إلا ن5 س ع ذرإ ب ا 5 م ب ث1905 ة 5 ن ل ك ب ة ن5 س ذرإ0 دإ 5 م وب ب وب5 ه لا ل إ# ون ن ا 5 ف لارش إ5 م ن# ن0 رإ إ ب5 ل ج ن إ ي ف دة 5 وإج ن اء 5 ب ن0 طاع إ ت5 س ، وإ# رذج مبا5 ك ة5 ع ام ج ا ص ن0 إ، ث ل م ج ة5 روخ ط0 ا ب ة ف5 ش ل ف ل إ ي ف ورإة ي ك د5 إل ة 5 ي ذرخ عل ل5 ص ح ح ب ن و 5 ي م ة5 ع ام ج ي ف و ارش . لاذ ق ب ي ف ا ب ق ت ر ب ف ا ب ب م ل ور إ ط ن:# وإن ي ع" " 1

خصائص الادب الاسلامي في مطولة اقبال

  • Upload
    -

  • View
    983

  • Download
    5

Embed Size (px)

Citation preview

نصوص من الشعر اإلسالمي )محمد إقبال نموذجا(

أوال: نبذة من حياة الشاعر إقبال

ول�د الش�اعر محم�د إقب��ال بمدين��ة س��يالكوت في إقليم البنج��اب ف�براير22)ال�ذي أص�بح اآلن ج�زءا من جمهوري�ة باكس�تان( في

م من أسرة برهمية كشميرية، حيث عاش مابين الربع1873عام األخير من القرن التاسع عشر والثلث األول من القرن العشرين. وتلقى علوم��ه اإلس��المية في م��دارس مدينت��ه ثم في اله��ور تعلمR على يد والده، حفظ الق��رآن وتلقى مبادئ القراءة والكتابة مبكرا تعليمه االبتدائي في بلدت�ه، والتح��ق بمدرس��ة البعث��ة االس��كتلندية للدراس��ة الثانوي��ة، ودرس في ه��ذه المدرس��ة اللغ��تين العربي��ة والفارسية. وبجامعة الهور واتصل بالمستشرق اإلنجليزي توماس أرنولد، بعدها انضم إلى جمعي��ة "حماي��ة اإلس��الم" وك��انت بمثاب��ة فترة تكوينه الحقيقي والعميق. ثم تابع دراس��ته األدبي��ة والفكري��ة

م وب��دأ دراس��ته بكلي��ة الاله��وت1905في إنجل��ترا وألماني��ا ع��ام جامعة كامبردج، واستطاع أثن��اء تواج�ده في إنجل��ترا أن يم�ارسب

وفي جامعة ميونيخ حصل على درجة الدكتوراه في،القانون أيضا الفلس��فة بأطروح��ة حملت عن��وان: "تط��ور الميتافيزيقي��ا في بالد

فارس".

تزوج إقبال ثالث زوجات ماتت إح��داهن هي وابنته��ا بع��د ال��والدة، وكان من أوالده: ابنه آقتاب إقبال المحامي وابنه أجاويد القاض��ي

بمحكمة الهور العليا، وابنته منيرة باتو.

م ومكث في1908عاد إقب��ال إلى ش��به الق��ارة في ش��هر يولي��و ا ل��دى القض��اء الرئيس��ي، وتم Rالهور، وقدم طلبا لتس��جيله محامي��

pنo أس��تاذRا للفلس��فة في1909تسجيله بالفعل، ولكن في م��ايو عqي كلية اله��ور، ولم تواف��ق المحكم��ة في أول األم��ر على أن يت��ولى

م وافقت على1909منص��بين في الحكوم��ة، ولكنه��ا في نوفم��بر r في تعيينه، وصدر قرار تحت عنوان:"الموافقة على تع��يين مح��امRالمحكمة كأستاذ مؤقت في كلي��ة الحكوم��ة، وك��ان ذل��ك اس��تثناء إلقب��ال، وه��ذا يص��ور لن��ا م��دى أهمي��ة إقب��ال ومكانت��ه في البالد. واستمرت في ه��ذين المنص��بين ح��والي ع��امين ونص��ف اس��تقال بعدها من العمل بالتدريس؛ ليكون أكثر تفرغRا للمحاماة وممارسة الق���انون. كم���ا اش���تغل بالسياس���ة والفلس���فة، وانتخب عض���وRا بالمجلس التشريعي بالبنجاب، وكان وثيق الصلة بأحداث المجتمعا Rالهندي حتى اص��بح رئيس��ا ل��"ح��زب العص��بة" في الهن��د، وأخ��ير

1

ا ل�"حزب مسلمي الهند"، ورأى تأسيس دولة إسالمية اقترح Rرئيس له��ا اس��م باكس��تان، ول��ذلك فه��و يع��د األب ال��روحي لباكس��تان المعاصرة وبلدان الهند اإلس��المية، حيث ك��ان يحلم بإنش��اء وطن للمسلمين في شبه القارة الهندي��ة لتحف��ظ للمس��لمين عقائ��دهم وحض��ارتهم في ش��به الق��ارة ذات األغلبي��ة الهندوس��ية، ولكن��ه لم يعش ح��تى ي��رى م��ا ك��ان يتمن��اه إذ ت��وفي قب��ل أن تظه��ر دول��ة

م .1947 أغسطس 14باكستان التي انفصلت عن الهند في

زار إقبال عددRا من بلدان العالم، وكان في كل أس��فارهرحالته: يعمل على نشر اإلسالم، وقد أثر بش��عره وأس��لوبه في كث��ير من األوروبيين ومنهم موسوليني الذي وجه له دع��وة عقب مش��اركته

�1930في م��ؤتمرات المائ��دة المس��تديرة في لن��دن ع��امي ) (، وذهب بالفع���ل إلي إيطالي���ا والتقى بموس���وليني وألقى1931

محاضرة، في روما يبين فيها الفرق بين مذهب كل من الحض��ارةالغربية والشيوعية والحضارة اإلسالمية.

م بع��د أن حض��ر م��ؤتمر ال��دائرة1932زار إقبال أسبانيا في عام المستديرة الثالث، وحرص على مشاهدة المعالم اإلسالمية هناك

:ومما قاله في قرطبة

وجـناتهالحـورية الغــــــــرب وجــه جـميل أذنـــــت بالرحيل

سماؤك فيهاعلى العين والقلب كن ذا حذر جمال القمر

وزار أفغانس��تان على إث��ر دع��وة وجهه��ا ل��ه ن��ادر ش��اه � مل��ك أفغانستان، ومر في إحدى رحالته على مصر، وقابل بعض ش��بابها وأعجب بشاب مصري، ويقول: إن الشاب ف��رح ج��دRا عن��دما علم أن إقبال مسلم ويقرأ الق�رآن، وقي�ل: إن إقب�ال لبس الطرب�وش بسبب المحادثة التي دارت بينه وبين هذا الشاب، وي��ذكر األس��تاذ

، ومم��ا قال��ه1931أبو الحسن الندوي أنه زار فلسطين في سنة وهو في فلسطين :

ا وبستان=ا منولما نزلنا منزال= طله النــــــدى أنيق=النور حاليا

مني فتمنينا فكنتأجد لنا طيب المكان وحسنه األمـانـيــا

2

"على ك��ل1930ومن أقواله في افتتاح المؤتمر اإلس��المي ع��ام مسلم عندما يولد ويسمع كلمة ال إله إال الله أن يقطع على نفسه

العهد على إنقاذ األقصى".

عمل إقبال على إعادة االعتب��ار للفلس��فة، وذهب إلى ح��د الق��ول إن للفلسفة حقا في الحكم على الدين، حيث أكد م��رارا على إن الصلة بين الفلسفة والدين هي من نوع الصلة بين الفكر والبداية فكل منهما يعمل على تكميل األخر وال يناقضه، كونهما ينبعان من اصل واحد، حيث يقول : "عندما تتهيأ الفلسفة للحكم على الدين التستطيع أن تفرد له مرتب��ة دني��ا بين الموض��وعات ال��تي تتناوله��ا فالدين ليس أمرا جزئي��ا، ليس فك��را مج��ردا فحس��ب وال ش��عورا

مجردا بل هو تعبير عن اإلنسان كله".

مؤلفاته ومآثره:

ترك إقبال ثروة ضخمة من علمه قلما تركها أح��د م��ات في مث��لا في مج��ال االقتص��اد Rس��نه وم��ا وص��ل إلين��ا منه��ا عش��رون كتاب�� والسياس��ة والتربي��ة والفلس��فة والفك��ر، إلى ج��انب روائع��ه من الشعر من أهم مؤلفاته باإلنجليزي��ة "تط��ور الفك��ر الفلس��في في إي��ران"، وترجم��ه إلى العربي��ة حس��ن الش��افعي ومحم��د الس��عيد

م. "تجدي��د الفك��ر ال��ديني1989جمال الدين ونشر بالقاهرة عام في اإلسالم" وترجمه عباس محمود العقاد إلى العربية.

ومن أشهر دواوينه:"أسرار إثبات الذات". "رموز نفي الذات " "رسالة المشرق" و "ضرب الكليم" وقد ترجمها عبد الوهاب

عزام إلى العربية.

ونحب في هذا المقام أن نقتطف بعض أقوال العلماء والمفكرين في حق إقبال كلها تنم عن إعجابهم الكبير بتفوق��ه العلمي، فه��ذا الشيخ أبو الحسن الندوي يقول: "من دواعي العجب أن ك��ل ه��ذاا من Rالنجاح حصل لهذا النابغة، وهو لم يتج��اوز اث��نين وثالثين عام�� عم��ره .وه��ذا ش��يخه "فض��ل ال��رحمن" يق��ول: "ليس من قبي��ل الصدفة أال تعرف الحداثة اإلسالمية أي ط�الب ج�اد� للفلس�فة في طول العالم اإلسالمي وعرض��ه، يمكن االفتخ��ار ب��ه س��وى محم��د

إقبال" .

أما حسن أبو هنية فسجل قائال: "محمد إقبال أحد أهم المفك��رين المعاص��رين الب��ارزين, ال��ذين ق��اموا باس��تثمار الثقاف��ة اإلس��المية

3

األصيلة في التعامل م�ع الثقاف��ة الغربي�ة, إف��ادة له�ا وتقويم�ا من خالل دعوت��ه إلى تجدي��د الفك��ر ال��ديني إال أن دعوت��ه لم تل��ق

االستجابة الالئقة" .

مرض إقبال في الس��نوات األخ��يرة من عم��ره،مرضه ووفاته: فقد ضعف بصره لدرج��ة أن��ه لم يس��تطع التع��رف على أص��دقائه بسهولة، وكان يع��اني من آالم وأزم��ات ش��ديدة في الحل��ق؛ مم��ا أدى إلى الته��اب حلق��ه، وأدى بالت��الي إلى خف��وت ص��وته، مم��ا اضطره إلى اع��تزال مهن��ة المحام��اة، وفك��ر في أن يقص��د فيين��اRا للعالج إال أن حاالته المادية لم تسمح بذلك، وت��دخل ص��ديقه طلب رأس مسعود؛ حيث اق��ترح على جمعي��ة إس��المية ه��و رئيس��ها أنا وح�دث Rا من أجل أطفاله الذين ما زال�وا ص�غارR Rا شهري تمنحه راتب

ذلك بالفعل واستمر الراتب حتى بعد وفاة إقبال.

وفي تم��ام الس��اعة الخامس��ة ص��باحRا1938 من إبري��ل 21وفي Rا في حي��اة جم��اهير الهن��د عام��ة ا عص��يب Rت��وفي إقب��ال، وك��ان يوم�� والمس��لمين منهم خاص��ة؛ فعطلت المص��الح الحكومي��ة، وأغلقت المتاجر أبوابها واندفع الن��اس إلى بيت��ه جماع��ات وف��رادى، ونع��اه

قادة الهند وأدباؤها من المسلمين والهندوس على السواء.

فلنستمع إليه في وصفه للحياة الفانية قائال :

جرس في ركبهاإنمــا يــبقى الحياة المقصــــدما تقصد

أصلـــــــه فــي أمـلسر عيش في طالب مضمـرمـستـتــر

ال يحـــل طينكأحي فـي قلبك هــذا األمــــــــالقـبرا مهمال

هـو في صدرك مـرآةيخفق القـلب به بين الـصدورتنيـــــر

ثانيا: األسباب الذاتية والموضــوعية المــؤثرة في شــعر وعاد إلى بالده ليعيش هموم المسلم الصادق في بع��ديهاإقبال:

المحلي والعالمي، هموم المجتمع المسلم الذي كان يكافح وسط محيط بوذي هندوسي لتكون له ذاته المسلمة المستقلة، وهم��وم

4

المجتمع��ات اإلس��المية األخ��رى ال��تي ت��رزح تحت وط��أة الجه��ل والتخل��ف وهجم��ة االس��تعمار األوروبي وض��رباته الموجع��ة هن��ا وهناك..وكان الواق��ع ال��ذي يعيش��ه إقب��ال وأمثال��ه من المفك��رين

واألدباء والدعاة أقرب إلى اإلحباط واليأس.

فالحضارة التي صنعتها ممالك إسالمية شتى أفلت في كل مكان، ومعظم البالد اإلسالمية يحكمها اس��تعمار أوروبي، يمتص خيراته��ا ويجتهد في ت��ذويب شخص��يتها وفص��لها عن تراثه��ا ومنعه��ا من أن تنهض ثانية، والبالد التي تس�بح ف�وق كن�وز من الخ�يرات الوف�يرة والمع��ادن الظ��اهرة والمخب��أة يعيش معظم أهله��ا تحت مس��توى الفقر كما يقول الخبراء والمحللون..وم��ع ذل��ك..وفي ه��ذا الواق��ع الكئيب المظلم تش�رق نفس إقب�ال كمص�باح يت�وهج في القيم�ة، فيتألق نوره بقدر ما تك��ون القم��ة حالك��ة، وي��زداد أث��ره بق��در م��ا تشتد الظلمة ويكتب القص��ائد القوي��ة الم��ؤثرة، ال��تي تنطل��ق من الواقع وتحمل في ثناياها الكثير من آالمه، لكنها تجع��ل تل��ك اآلالم معبرا إلى اآلمال.. بل إلى اليقين ال��ذي يمأل النفس وي��دفعها إلى الخروج من متاهة الضياع، والخالص من عوالق الي��أس واإلحب��اط

والنهوض، أو القفز إلى ارض جديدة.

ثالثا: خصائص شعر إقبال:

قرض إقبال الشعر في مرحلة مبكرة من حياته، وشجعه في ذلك صديق والده السيد مير حسن الذي يعد أستاذه في نظم الش��عر، وكانت أشعاره باللهجة البنجابية التي كانت سائدة في محافظت��ه، وبينما كان إقب��ال م��ا ي��زال في أوروب��ا ب��دأ بكتاب��ة الش��عر باللغ��ة الفارسية، وكان اختي�اره له�ذه الغ�ة كونه�ا ق��ادرة أن توص�له إلى جمهور أوسع في إيران وأفغانستان، لكنه وبتوجيه من السيد م��ير حسن ق��رر أن يكتب باألوردي��ة بع��د أن اكتش��ف أن معظم ش��عبه

األصلي من الهنود ال يفهمون الفارسية.

تبدأ مطولة إقب��ال ه��ذه بص��وت اق��رب إلى األنين، ص��وت يحم��ل معاناة الواقع المظلم، ويشكو إلى الله ما يحس به الفرد المسلم الداعي آنئد من ألم وم��رارة، فيص��ور الش��اعر نفس��ه وق��د مألت��ه هموم المجتمع المسلم، يجلس في الليل يزف��ر الزف��رات وين��ازع

نفسه في أن يبث آالمه أم يكتمها..

5

فه��و يحس أن��ه يعيش في حال��ة مناقض��ة ك��ل المناقض��ة لماض��يه اإلسالمي المشرق و اليجد سوى أن يهرب بخياله من ألم الحاضر

إلى عزاء ذلك الماضي المجيد..يقول:

شكواي أم نجواي في هذا الـــدجى

ونجوم ليلى حسدي أمعـــــــــــــــــــودي

أمسيت في الماضي أعيش كأنما

قطع الزمان طريق أمسي عنغدي

والطير صادحة على أفنـــــــــانهـــــــــــا

تبكــي الربـــــــــــــا بأنينهاالمتجـــــــدد

قد طال تسهيدي وطال نشيدهــــــــا

ومدامعي كالطــــــل فيالغصن الندى

فإلى متى صمتـــي كأني زهــــــــــــرة

خرســــــــاء لم ترزق براعةمنشــــــــــــد

كل شئ يحمل الحزن ويجسده، الليل، والطير الذي ال يغ��رد إنم��ا ينوح السهاد الذي يؤرق الشاعر، والدمع الذي ينسكب من مآقي��ه لوحة كاملة من الحزن صنعها واقع مؤلم، ونفس مؤمنة يثور فيها سؤال كبير، إلى متى يبقى األديب صامتا.. وه��ل يج��وز أن يغمض عينيه عن آالم مجتمعه، ويهرب بخياله الواسع إلى الماض��ي ليج��د فيه العزاء لنفسه..وسرعان ما يج��د الس��ؤال جواب��ه: إن ص��احب العط��اء مس��ؤول عن عطائ��ه.. والب��د ل��ه أن ينهض بمس��ؤوليته،

ويصدح بصوته يقول:

قيثـــــــارتي ملئت بأنات الجـــــــــــــــوى

6

البـــــــــــد للمكبوت من فيضــــــــــــــــــان

صعدت إلى شفتي بالبل مهجتي

ليبيـــــــــــن عنها منطقــــــيولسانـــــــي

إنا ما تعديت القناعـة والرضــــــــــــا

لكنمــــــــــــــا هـــي قصةاألشجـــــــــــــان

وهنا يفتح إقبال الباب واسعا ألشجانه، أش��جان المس��لم الم��ؤمن الذي يحمل هم��وم مجتمع��ه المس��لم فيم��ا أص��ابه في دين��ه أوال.. فض��عف المس��لمين وتخلفهم ض��عف لش��ريعة الل��ه في األرض، وربما عج��ز عن تطبيقه��ا، وق��د أم��ر المس��لم بحمله��ا وتطبيقه��ا.. لذلك تصور شكوى إقبال إلى الله وحده.. ش��كوى مص��اب ال��دين

للديان.. يقول:

إنا ما تعديت القناعة والرضا

لكنهــــا هي قصة األشجـــان

أشكو وفي فمي التراب وإنما

أشكو مصاب الدين للديــان

يشكو لك اللهم قلب لم يعش

إال لحمد عالك في األكــــوان

وتفتح الشكوى له بابا واسعا ينفذ منه ليوقفنا على حجم المصاب وليبدأ أيض��ا رحل��ة التخطي من الي��أس إلى األم��ل.. وأول خط��وة فيها العبور الماض�ي، لنق�ف من ناحي��ة على أبع��اد المفارق��ة بين��ه وبين الواقع، فندرك حقيقة ما نحن فيه، ومن ناحية أخرى لنستمد من هذا الماض��ي عزيم��ة تح��يي األم��ل في النف��وس بع��د أن ك��اد

7

يموت، وينظر إقبال إلى الماضي نظرة شمولية، يق��ارن فيه��ا بين حال العالم قب��ل البعث��ة النبوي��ة، وحال��ه بع��دها، بين تي��ه الجاهلي��ة

وليلها المظلم، وهداية اإلسالم ونوره المشرق.. يقول:

قد كان هذا الكون قبل وجودنا

روضا و أزهارا بغير شميم

بل كانت األيام قبل وجـــودنــــا

ليــــال لظالمهـــــــــاوللمظلـــــــوم

ويستعرض إقبال صورا من تخبط البشرية في تي�ه الجاهلي�ة حين�ا تردت إلى هوة الوثنية، وأهانت الجباه، وأسجدتها لحجارة وشجر

يقول:

عبدوا تماثيل الصخور وقدسوا

من دونك األحجار واألشجار

عبدوا الكواكب والنجوم جهالة

لم يبلغــوا من هديهـــاأنــــــــــوارا

وفي ظل هذا التيه تضيع قيمة المعطاءات واإلبداعات، فكل ش��ئ مرتبط بعقيدة هانت وأه��انت اإلنس��ان، ومن ثم فك��ل م��ا تخرج��ه

من فلسفة وحكمة ملوث بضالالتها يقول:

قد كان في اليونان فلسفة وفي أل

رومان مدرسة وكان الملك فيساسان

وبكــــــــــــــــــــــل ارض سامــــريماكـــــــــــــــر

8

يكفــــــــــــي اليهـــــــودمؤونــــــــة الشيطــــــــــــــــان

والحكمــــــــــــــــة األولى جـــــــــــــرتوثنيــــة

في الصيــــــــــــن أو في الهنــــدأم تـــــــوران

ويقف إقبال عند موقع التغيير، ال��ذي ب��دل مفهوم��ات الع��الم عن الحضارة، وبدل الحضارة نفسها، هذا الموق��ع ه��و البعث��ة النبوي��ة، فيها بدأ تغيير العالم الج��اهلي في األرض إلى ع��الم إيم��اني ح��ق، وبالقيم والحضارة اإلسالمية والس��لوك ال��ذي ص��نعته في األف��راد والمجتمعات تب��ددت الجاهلي��ة، وأش��رق الن��ور، وانتش��رت عط��ور

اإليمان يقول:

لما اطل محمد زكـــــــــــت الربـــــــا

واخضر في البستان كل هشيم

وأذاعت الفردوس مكنون الشذا

فإذا الــــــورى في نضـــرةونعيـــــــم

ولكن هذا التغير لم يحدث في لحظ�ة أو ي�وم، ولم يح�دث تلقائي�ا ولو شاء الله ذلك لفعل، ولكنه جلت حكمته شاء أن يكون التغ��ير على يد الجي��ل ال��ذي رب��اه رس��ول الل��ه ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم وامتداداته، وشاء أن يكون بجهاد حثيث يندفع فيه المؤمنون طلب��ا إلحدى الحسنين: النصر أو الشهادة، وش��اء أن يك��ون ناموس��ا من نواميس الحي��اة البش��رية، الجه��اد في س��بيل الل��ه، وب��ذل الغ��الي والرخيص عندما تتطلب شريعة الله ذل��ك، وق��د وفى المس��لمون األول��ون به��ذه المتطلب��ات، وب��ذلوا في الفتوح��ات ك��ل م��ا تطلب��ه الجه��اد منهم: النفس والم��ال، في غ��ير خ��وف والش��ح، وه��ذه الحقيق��ة يتغ��نى به��ا إقب��ال ليعي��د للشخص��ية المس��لمة المحبط��ة

عهدئد قوتها ويصلها بماضيها المجيد.. يقول عن ذلك الماضي:

9

كنا نتقدم للسيوف صدورنا

لم نخش يوما غاشما جبارا

كنا جباال في الجبال وربما

سرنا على موج البحار بحارا

ولم تكن دعوة المسلمين بالس��يف ب��ل ك��انت بالخط��اب والتبلي��غوالسلوك اإليماني فضال عن الجهاد والتضحية يقول:

بمعابد اإلفرنــج كان أذاننـــــــــا

قبل الكتائب يفتح األمصار

لم تنس إفريقيا وال صحراؤهــا

سجداتنا واألرض تقذف نارا

ندعو جهارا ال اله سوى الذي

صنع الوجـــــــــود وقدراألقدار

وكأن ظل السيف ظل حديقة

خضراء تنبت حولنا األزهــارا

ورؤوسنا يا رب فــوق اكفنـــــــا

نرجو ثوابك مغنما وجوارا

يبرز إقبال صورة للشخصية المسلمة التي صنعها اإليم��ان، وي��برز من خاللها حقيقة الدعوة والفتوح، وي��رد به��ذه الص��ورة على ك��ل افتراءات المفترين، ال��ذين ي��دعون أن الفتوح��ات ونش��ر اإلس��الم إنما كان ألهداف إقتصادية.. وربما ك��انوا يم��رون على الص��نم من ال��ذهب فيكس��رونه ليب��ددوا ب��ه الكف��ر، ال ليقتن��وه مغنم��ا قريب��ا..

يقول:

كنا نرى األصنام من ذهب فنهد)م(

10

مها ونهــــــدم فوقهـــــــاالكفــــــــــارا

لو كان غير المسلمين لحاذهــــــــــــــــــا

كنزا وصاغ الحلياوالدينــــــــــــار

ويواص��ل إقب��ال رس��م ص��ورة للشخص��ية المس��لمة ال��تي ص��قلها اإليم�ان في ماض�ينا.. ليجعله�ا نموذج�ا لجيل��ه الض�عيف المحب��ط، وليريه طريق التغيير الحقيقي، ال��ذي يب��دأ بتربي��ة النفس والعم��ل

الجاد المخلص.

وركز إقبال في قصيدته على أول معلم – ولعل��ه أهم معلم – من معالم التغ��ير.. وه��و بن��اء الشخص��ية المس��لمة المؤمن��ة الس��وية، فبدون هذا البناء ال يستقيم عمل- فبناؤها عقديا وس��لوكيا ينطل��ق من التوحي��د ومن اس��تيعاب ش��رع الل��ه وتطبيق��ه في الس��لوك الفردي والجماعي حتى ليغدو صدر المسلم مصحفا مسطور في��ه

القران- يقول:

توحيـــــــدك األعلى جعلنا نقشــــــــــه

نورا تضئ بصبحهاألزمـــــــــــــان

فغدت صدور المؤمنين مصاحفا

في الكون مسطورا بهاالقـــرآن

وسرعان ما انبتت تلك التربية السليمة أشجارا أو ثم��ارا وظه��رت صفات الشخصية الجديدة في اإليمان الذي يمأل النفوس، ويوج��ه

السلوك ويصنع الحياة القويمة يقول:

نحن الذيــــــــــــــن استيقظت بأذانهم

دنيا الخليقـــــــــــــــة منتهاويل الكـــــــرى

11

نحن الذين إذا دعــــــــــــــــوا لصالتهم

والحرب تسقي األرض جامااحمرا

جعلوا الوجوه إلى الحجاز وكبـــــــروا

في مسمع الكــــــــون الكبيرفكبــــــــــــــرا

ويك��اد ينف��رد محم��د إقب��ال من بين ش��عراء عص��ره به��ذا التغ��ني الفخ�ور الط�رب باإليم�ان، ويص�ل حبال�ه بحب�ال الجي�ل األول من الشعراء المسلمين، الذين كانوا يفخ��رون على الج��اهلين بإيمان��ه ويتغنون به بفخر واعتزاز كعبد الله بن رواح��ة وكعب بن مال��ك .. وهذه رؤية إيمانية عميقة لحقيق��ة الص��فات ال��تي ينبغي أن يفخ��ر بها المسلم، صفات اإليمان والهداية التي خصه به��ا ولع��ل ح��رص محمد إقبال على تقديمها تنبيه قوي لجيل��ه المتعب إلى الص��فات ال��تي ينبغي أن يب��دأ ص��ياغة نفس��ه به��ا، والى الك��نز ال��ذي يتف��رد بملكيته عن غ��يره، والى القيم��ة العلي��ا ال��تي يجب أن يحس به��ا، فالمؤمن عزيز بإيمانه، قوي بعقيدته أوال.. وهذا الشعور هو ال��ذي يسهل عليه االنطالق لتغيير واقعه المرير.. وفي يقيني إن اهتم��ام إقب��ال به��ذه القض��ية ه��و أث��ر من أث��ار وعي��ه الص��حيح لحقيق��ة الشخصية المسلمة، وإلحاحه عليها في شعره نتاج تكوين قريحته ووجدان��ه، وام��تزاج العاطف��ة باإليم��ان.. ل��ذلك يس��تمر في تغني��ه اإليماني هذا ليشحن جيله المعاصر بمعانيه الفني�ة الم�ؤثرة يق�ول

مصورا ما صنعه المسلمون في العالم:

بلغت نهاية كل ارض خيلنــــــــــا

وكآن أبحرها رمــــــــــــالالبيــــــــــــــــد

في محفل األكوان كان هاللنا

بالنصر أوضح من هالل العيد

في كــــــــــل موقعة رفعنا رايـــــــــــــة

12

للمجد تعلــــــــــــــــــن آيـةالتوحيــــــــد

أمم البرايــــــــــــــا لم تكن من قبلنا

إال عبيــــــــــــدا في إســــــارعبيـــــــد

بلغت بنا األجيــــــــــــــال حرياتهـا

من بعــــــــــد أصفـاد وذلقيــــــــــود

وال شك أن صور المجد اإليماني��ة ه��ذه س��تنقل ك��ل من تملئ به��ا نفسه إلى عوالم من عزة اإليمان ته��ون أمام��ه ك��ل واق��ع مري��ر، وتشحنه بالقوة واإلحساس الصحيح بأنه قادرا على أن ينتق��ل من طين األرض الموحلة إلى خضرة الرب��ا والتالل.. وهن��ا يج��د إقب��ال الفرصة سانحة كي يعود من الماضي إلى الحاض��ر.. يع��ود محمال بأمج��اد الماض��ي لينظ��ر في ه��وان الحاض��ر نانئ��د نظ��رة ص��حيح معافى يرى بوض��وح ويش��خص ال��داء.. ليع��رف م��ا ال��دواء..وك��ان الحاض��ر كم��ا أس��لفت مري��را مليئ��ا ب��الجراح واألوج��اع، يئن في��ه المسلمون، ويشكو من خالله��ا إس��المهم، الض��عف واله��وان على اآلخ��رين فق��د اس��تعلت الجاهلي��ة ثاني��ة، وت��أخر حمل��ة الحض��ارة

اإلسالمية وصارت معظم مواطنها نهبا للثعالب والذئاب.. يقول:

قد هبت األصنام من بعد البلى

واستيقظت من قبل نفخالصور

وقوافل الصحراء ضل حداتها

وغــــــــــدت منازلهاظــــــالل قبـــــــــور

ويدهش إقبال لما آل إليه حال اإلسالم في أبنائه يقول:

ماذا دهى اإلسالم في أبنائه

13

حتى انطووا في محنة وعذاب

فثراؤهم فقر ودولة مجدهــــــــم

في األرض نهب ثعالب وذئاب

والشك أن هذه الصورة هي التي انبتت في نفسه الهموم ومألته��ا باآلالم، التي بدأ فيها قصيدته..غير أن الصورة هن��ا ليس��ت ص��ورة تيئييس وإحباط .. بل صورة استش��ارة واس��تنهاض ،ليب��دأ طري��ق

التغيير والخالص.

وقد كان إقبال موضوعيا في منطلقا ته.. بدأ قص��يدته يبث أم��واج الحزن والمرارة لما يراه من واق��ع المس��لمين، ثم تخطى الواق��ع إلى الماضي ليثبت عراقة جذورهم وضخامة قدراتهم ثم ع��اد إلى تصوير الحاض��ر ليس��تثير النف��وس، وي��دفعها للخ��روج من الوه��دة التي وقفت فيها.. وكانت اس�تثارته ه�ذه الم�رة قوي�ة توص�ل إلى الحركة وليس إلى القنوط فقال في لهج��ة اق��رب إلى االس��تنكار

واالستثارة :

ماذا دهى اإلسالم في أبنائه

حتى انطووا في محنة وعذاب

فثراؤهم فقر ودولة مجــــدهم

في األرض نهب ثعالب وذئاب

ثم يلتفت إلى الذين تسببوا في ض��عف المس��لمين أو على األق��ل تس��ببوا في إش��اعة الي��أس فيهم إلى المس��تعمرين، ويرب��ط بين ماهم عليه من قوة وثراء وبين المسلمين.. فيرى إن ه��ذا م��آخود

من ذاك.. وهذه درجة عليا من االستثارة واالستنهاض، يقول:

عاشوا بثروتنا وعشنا دونهم

للموت بين الـــــــــذلواألمـاق

الدين يحيا في سعادة أهله

14

والكأس ال تبقى بغير الساقي

ويصرح في أبيات أخرى بأن هذه المقارنة هي التي تحض��ه، وهيالتي ينبغي أن تكون دافعا من دوافع التغيير يقول:

قد هاج حزني أن أرى أعداءنا

بيــــــــن العال والظـــــــــلواأللحـــان

ونلجلج األنفاس نحن ونصطلي

في الفقر حين القوم فيبستان

وهنا يخاطب الشخصية المسلمة النموذجي��ة، ال��تي تحم��ل اله��دى لنفسها أوال ولآلخرين من ثم يخاطبه��ا أن تع��ود إلى ملء الس��احة وقي��ادة المجتم��ع إلى التخطي واالرتق��اء، ويت��وهج بمش��اعره إلى قلب العالم اإلسالمي إلى مكة والمدينة، ويرى فيها رم��ز الهداي��ة ومجمع العواطف.ب�ل رم�ز الع�ودة إلى زه�و الحض�ارة اإلس�المية

وألفتها.. يقول مخاطبا الشخصية المسلمة:

أشرق بهديك وابعث النور المضيء)م(

بومضــــــــــهلفراشــــــــــــــك الظمــــــآن

أشواقنا نحو الحجــــــــــــــازتطلعـــــــــــت

كحنيــــــن مغترب إلىاألوطـــــــــــــان

إن الطيور وإن قصصت جناحها

تسمـــــو بفطرتها إلىالطيــــــــــــــــران

15

وهذه الصورة صورة الطيور التي قصت أجنحتها ولكنه��ا م��ع ذل��ك تتواثب لتطير تحمل في دالالتها األمل، بل اليقين ب��أن المس��لمين لن يس���تكينوا ل���واقعهم المري���ر، وأنهم سينهض���ون بع���زم رغم المعوق��ات ليب��دأوا التغي��ير...أنهم متجه��ون إلى قبل��ة ص��التهم بقل��وبهم...أي س��يجعلون األيم��ان محكمهم األق��وى، وس��يجعلون إعالء دينهم هدفهم األسمى. ويختم إقبال مطولته بصور ش��اعرية رفاف��ة تمس��ح أث��ار الح��زن والمهم��وم، وتش��د على أي��دي ال��ذين يتج��اوزون الي��أس واإلحب��اط إلى العم��ل ال��دؤوب المثم��ر، وك��ان هؤالء قلة بين الناس أنذاك، يشبههم الشاعر بط��ير تف��رد من بين بقي��ة الطي��ور بالغن��اء، في حين عق��دت الدهش��ة والخ��وف ألس��نة الطيور األخرى. ويشبه المجتمع المس��لم في رك��وده واستس��المه للضعف والتخلف واالستعمار في ذلك الحين بروض ساكن، تعرت أشجاره، وهجرته بالبله..غير ذلك البلبل الذي تفرد بالغن��اء، لتع��ود بقي���ة الطي���ور وتش���اركه التغري���د، ولتع���ود الخض���رة غ���الى األشجار..ويدعو الله مخلصا أن يكون صوت ذل��ك البلب��ل...ص��وته وصوت ال��دعاة ورواد التغي��ير، قوي��ا مس��موعا يبل��غ آذان اآلخ��رين

ويحرك قلوبهم، ويعيد إليها نبضات اإليمان قوية متوهجة يقول:

ما بال أغصان الصنوبر قد نأت

عنها قماريها بكلمكــــــــــــــان

وتعرت األشجار من حلل الــــربــــا

وطيورها فرت إلىالوديــــــــــــان

يــــــــــــارب إال بلبــــــــال لم ينتظــــــــــر

وحي الربيع وال صبانيســـــــان

ألحانــــــــــــــه بحــــر جــــــرى متالطما

فكأنه الحاكي عنالطوفـــــــــــــان

16

ياليت قــــومي يسمعون حكــايــــــــــة

هي في ضميري صرخةالوجدان

أسمعهم يــــــــــــــارب ما ألهمتنــــــــــي

وأعــــــــد إليهم يقظــــةاإليمـــــــــان

ق��ال وه��و ين��اجي الرس��ول ص��لي الل��ه علي��ه وس��لم: "ي��امن منح الكردي لوعة العرب، اسمح للهندي أن يمث��ل بين ي��ديك ويتح��دث بأشواقه وأحزانه إليك، إنه يحمل قلبا حزينا وكبدا مقروحة، اليعلم أص��دقاؤه وزمالؤه م��ا يعاني��ه من ح��زن ألم إن��ه التنقط��ع ألحان��ه المشجية كالعود الذي ال راح��ة ل��ه وال انقط��اع، إن��ني كحطب في الصحراء مر� ب��ه ركب فأش��عل في��ه الن��ار وأعج��ل ال��ركب الس��ير�فه وبقي الحطب يشتعل وينتظر ركبا جديدا ليستهلكه فمضى وخل ويأتي على بقيت��ه فم��تى يم��ر ب��ه ركب جدي��د في ه��ذه الص��حراء

الموحشة المظلمة؟".

ونالحظ أن الشاعر قد أسهب كثيرا في ذكره لعلي رض��وان الل��هR يمثل عند إقبال صورة اإلنسان عليه في معظم أشعاره، ألن علياR اإلقتداء ب��ه. ه��ذا إلى ج��انب كتاب��ة القرآني الذي يرنو إليه محاوال

قصيدة في قرة عين رسول الله فاطمة الزهراء :

فـيوالـنــجــــــم يـشــرق مـــن ثـــالث مــطــالع مــهـد فـاطمـة فمـا أعـالهـا

مvن ذاهي بنت مxن هي زوج مvن هي اwم مvن؟ يدانـي فـي الفخـار أباهــا

ومن أقواله في مسجد قرطبة قصيدة يضعها بعض الباحثين بينروائع األدب العالمي يقول فيها :

أيا جامع=ا فيك جمعنسيمك عذب رقيق الهبوب القلوب

أنا المؤمن الحقأي=ا جامعي خصني بالنـظــر فيمن كـفر

17

ا لرب العبـاد وإيــمـانــه زادلكم حسن شوق=دومــــــــــــا وزاد

لم يقتصر شعر إقبال علي التغني بحب اإلسالم ، بل تناول الكالم في العشق حتي أنه رد علي الذين أنكروا عليه ذلك في قصيدة

بعنوان " إيه يا منكرا أحاديث عشقي " قال فيها:

ليس بي حرقة تكونإيه يا منكرا أحاديث عشقي بغيري

ويقول في قصيدة " نغمات المرء عزف المرأة"

هــو مــننغمات المرء عـزف الـمـرأة مـحـنـتـهـا فـي عــــــــــزة

إن ثوب العشقكست الذكران ربات الحجال من نسج الجمال

وصف حال المسلمين في الهند ذات مرة قائال :

لكن إذا أخذهذا هو المسجد الذي ال يقربه أحد منهم أحد منه حجرا قاموا بـثورة

خاتمـــــــــــة المطاف في شعر إقبال:

وتطول بنا األوقات لو رحنا نستعرض مطولة إقبال بيتا بيتا...لكننا نجتزئ بتلك الفقرات لنقرأ فيها سطور اإللهام الشعري والعبقرية األدبية، ولنرى كيف يص�نع الش�اعر المس�لم العبق�ري من قض�يته

أعماال تهز القلوب وتحرك النفوس...

وكيف تكون عبقريته في مزجه بين الفكر والوج��دان، بين العق��ل والقلب...كيف يصوغ من واقعه نسيجا شعريا متميزا تتألأل خي��وط اإليم���ان في���ه، وتخ���اطب المس���لمين ليس في بيئت���ه ومحيط���ه وحسب...بل في كل بيئ��ة ومحي��ط، تس��تثير ك��وامن الع��زة فيهم، وتملؤهم ثقة بشخصيتهم اإلسالمية، وبقدرها على تخطي مراح��ل الضعف والتخلف واالنتق��ال إلى مراح��ل الري��ادة الحض��ارية ال��تي كان عليها أسالفهم. وبعد وقوفن��ا على ش��عره خلص��نا إلى النت��ائج

المختصرة التالية:

18

إن كل شعره يستمد ورافده الموضوعية والفني��ة من معينأوال: اإلسالم ليقف بكل قوة وجدارة تحت مظلة األدب اإلسالمي شكال ومضمونا، خاص��ة أن الش��عر اإلس��المي ظه��ر في الق��ديم كاتج��اه وغرض، ولم يع��رف كمص��طلح ف��ني ل��ه قواع��ده وأسس��ه إال في

العصر الحديث. وذلك عند المبدعين النقاد.

شعر محمد إقبال قام بدور عظيم في عصره – وم��ا زال –ثانيا: في نش��ر ال��دعوة اإلس��المية، وغ��رس القيم األخالقي��ة، ومعالج��ة العل��ل واألم��راض ال��تي تنهش في جس��د األم��ة اإلس��المية، وم��ا

أعظمها من رسالة تشرف بها على مر العصور واألزمنة.

شعر محم�د إقب�ال ص�در عن تص�ور كام�ل لرؤي�ة اإلس�المثالثا: للكون والحياة واإلنسان، وقد قدمت نصوص دال��ة على ذل��ك من شعره، وه��ذا مم��ا يثلج الص��دور، ويعطي األم��ل لمس��تقبل عظيم

للحياة األدبية في هذا القطر من العالم العربي واإلسالمي.

19