المنتقى الشافي من الجواب الكافي

بسم الله الرحمن الرحيممقدمة

الحمد لله رب العالمين ، وفيق مين شياء لهيدايته، وأبيان للسيالكين طرييق جنته ، وحييذر السييائرين أسييباب نقمتييه ، والصييلة والسييلم علييى ميين جيياء بالدوية الشافية ، والجوبة الكافية ، فما مات صلى الله عليه وسلم لحييتىترك المة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ل يزيغ عنها إل هالك أما بعد :

فل تزال ي بحمد الله تعالى ي قوافل العائدين إلى اللييه ييي تعييالى ييي ميين هذه الصحوة الميمونة تعيود إلييى المعييين الصييافي ، والمنبييع الييوافي ، إلييى كتاب ربها وسنة نبيها؛ صلى الله عليه وسلم لتنهييل ميين معينهمييا ، وتغييرف من بركاتهما ، كل ذلك بعزم وتصييميم ، وهميية وصييلت إلييى الصيميم ،وإنييك لتشعر من عزم شبابها ، ووعيهم لضرورة الجد في استدراك مييا فييات ، مييا يجعلك تتفاءل بعييودة تباشييير الصييباح ، وتجييزم بييإذن اللييه ييي تعييالى ييي بييأن

المستقبل لهذا الدين ولو كره المشركون . وصحوة هذا شأنها وتلييك عزمتهييا ميين حقهييا علينييا أن تبييادر بالرعاييية ، وأن تحاط بالتربية الجادة ، حتى تصل إلى المرتقى المنشييود ، وتبلييغ المسييتوى

المحمود .ا وحديثا قدم صييدق فييي ميييدان التربييية ولقد كان لعلماء السلم قديم ورعاية المة من سائر الشرور ، ولعل المام ابن القيم ي رحمه الله ييي يييأتي في طليعة أولئك ، حيث دبجت براعتييه تشييخيص الييداء ، وتوصيييف الييدواء ،

الجواب الكككافيومن تلك الكتب العظيمة التي كتبها في هييذا المضييمار( )، وهذا الكتاب بحق يحتيياجه كييل مسييلملمن سأل عن الدواء الشافي

فهو يعالج قضايا خطيرة من أهمها قضية الشهوة ، وموقف المسييلم منهييا ؟ و علجها ..ونحوها من الموضوعات التي أجاد فيها المام ابن القيم ي رحمييه

الله ي وكتبها بعبارات بليغة ، مع غزارة المنفعة.

ولقد كان من اجتهادي القيام بالنتقاء من هييذا الكتيياب مييا يحتيياجه الشييباب فإن كان صوابا فمن الله ، وإن كان خطييأ فمنييي والشيييطان واسييتغفر اللييه

العظيم . منهج هذا النتقاء

حرصت في هذا النتقاء على تخليص الكتاب من الستطرادات التي استرسل فيها المؤلف ، والتي تقطع على القارئ استرساله واندماجه

القلبي مع المعاني الوعظية ، فحذفت الستطرادات الفقهية،وبعض القضايا ، والمعاني المكررة)1(العقدية ،والثار السرائيلية،والحاديث الضعيفة

،وكنت أحذف أحيانا لمجرد الختصار في مواضع التطويل . وقد حرصت على أن يكون الكتاب بأسلوب مؤلفه وأل أدخل عليه شيئا وإن اضطررت إلى ذلك وضعته بين قوسين ، وقد وضعت عنوانات

1)

)

) واعتمدت في هذا على كلم العلماء في التصحيح والتضعيف . جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

1

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

جانبية جعلتها بين قوسين [ ] توضح للقارئ المعاني الساسية ، وقد زاد هذا الوضوح بعض تقديم وتأخير لجأت إليه ومناقلت من موضع إلى

.)1(موضع،جمعت المعاني المتماثلة في مكان واحد وقمت بتخريج أحاديث الكتاب وبعض الثار الواردة عن السلف

ا من تحقيق الستاذ الصالح، وبيان درجة كل حديث ، وقد استفدت كثير عامر بن علي بن ياسين لكتاب الجواب الكافي ، وكذا استفدت منه

العنوانات الجانبية التي وضعها للتوضيح وهذا في الغالب ي فجزاه الله عنيخيرا ي .

وهكذا فإني أظن أن كتاب ( الجواب الكافي ) الذي تعثر الكثير منا ا لطيف شبابنا في قراءته والستفادة منه ؛ قد أصبح بهذا النتقاء ، كتاب

ل أن أقدمه ليقرأ على مجموعات الشباب ا من الجميع ، وصار أه ا قريب سلس في المكتبات الخيرية ، والمراكز الصيفية ، والرحلت الخلوية ،كما أنه يعتبرا ثريا يعين الواعظ ، وخطيب الجمعة ، وإمام المسجد . ا ، ورافد موردا رئيس

هذا وإن العناية بهذا الكتاب ، وحفظ ما تيسر مما ورد من الشواهد والحكم والقوال الجميلة لمن أعظم ما يعين المربي على معرفة الدواء

وعلجها ، والجابة عن كثير من أسئلة الحائرين .ا ..فقد بذلت جهدي ، وأفرغت وسعي وأرجو أن أكون قد وفقتوأخير

لقدم للمكتبة السلمية شيئا جديدا ينفع الله به المة ، كما إني ل أنسى في نهاية المطاف أن أشكر الخوة الفضلء والدعاة النبلء الذين أتحفوني

. )2(بتنبيهاتهم التي هي محل التقدير والهتمام وإني آمل من الجميع إبداء النصيحة لخيهم فالخطأ والتقصير وارد

والمعصوم من عصمه الله ، ورحم الله من أهدى إلي عيوبي وستر علي عواري اسأل المولى القدير أن ينفع بهذا النتقاء كاتبه وقارئه وأن يجعله حجة لنا ل علينا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله

وصحبه وسلم .وككتكبكه

محمد بن عبدالله بن صالح الهبدان 11527 الرمز : 68298ص.ب :

alhabdan@email.com 055203538جوال :

2321410هاتف وفاكس :

1)

)

) وفي موطن واحد أضفت كلما لبن القيم ـ رحمه ال ـ استقيته من كتابه زاد المعاد .2)

)

) خاصة فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد وفقه ال تعالى فقد قرأ الكتاب وأفادني بتنبيهات حسان فله مني الشكروالمتنان واسأل المنان أن يجعله من أهل الجنان .

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

2

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه نستعين . [ بيان سبب تأليف الكتاب ]

سئل الشيخ العلمة ابن القيم رحمه الله تعالى : وعلككم أنهككا إن اسككتمرت بككه)1(ما تقول : في رجل ابتلككى ببليككة

أفسدت دنياه وآخرته ، وقد اجتهد فككي دفعهككا عككن نفسككه بكككلا وشدة فمككا الحيلككة فكي دفعهككا ؟ ومككا طريق فما يزداد إل توقد الطريق إلى كشفها ؟ فرحم الله مككن أعككان مبتلككى ،واللككه فككي

. ‍ عون العبد ما كان العبد في عون أخيه أفتونا مأجورين فكتب الشيخ رحمه الله الجواب :

ء إل وأنيزل له دواء ] [ بيان أن الله لم ينيزل دا الحمد لله ؛ أما بعد : فقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة

" ما أنزل الله داء إل أنزل لهعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ،وفي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال قال رسول)2(شفاء "

" لكل داء دواء ؛ فإذا أصيب دواء الداء ؛ برأالله صلى الله عليه وسلم : ..وهذا يعم أدواء القلب والروح والبدن وأدويتها . )3(بإذن الله "

ه :((وقد أخبر ي سبحانه ي عن القرآن أنه شفاء فقال الله تعالى نا ل ع و ج ل ونوا ذين آم ل ل و ه قل بي عر و عجمي أ أ ته يا لت آ فص ول ل لوا قا ل ا ي عجم أ ا قرآن

فاء )) وش دى وننيزل من القرآن ما هو شفاء ((]وقال: 44 [فصلت :ه].82[السراء :ورحمة للمؤمنين ))

هاهنا لبيان الجنس ل للتبعيض ؛فإن القرآن كله شفاء ؛ فلم من ونجع في ينزل الله سبحانه من السماء شفاء قط أعم ول أنفع ول أعظم ول أ

إزالة الداء من القرآن . فصيل

[ هل لمرض الشهوة علج ؟ ] فإن قيل مع هذا كله ؛ فهل من دواء لهذا الداء العضال ،ورقية لهذا السحر

القتال ؟ وما الحتيال لدفع هذا الخبال ؟ وهل من طريق قاصد إلى التوفيق ؟ وهليفيق ؟ وهل يملك العاشق قلبه والعشق يمكن السكران بخمرة الهوى أن

قد وصل إلى سويدائه ؟ وهل للطبيب بعد ذلك حيلة في برئه من سويدائه ؟ وهو إن لمه لئم ؛ التذ بملمه لذكره لمحبوبه ،وإن عذله عاذل ؛

أغراه عذله وسار به في طريق مطلوبه.

1)

)

) لم يبين السائل ول المؤلف ما هذه البلية التي وقع فيها هل هي داء العشق ؟ أم داء اللواط ؟ والذي يظهر من صنيع المام ابن القيم ـ رحمه ال ـ أنه لم يخصص هذا أو ذاك بل جعل كلمه على داء الشهوة والتي يدخل فيها مرض العشق واللواط وغيرها من

المراض ـ عافنا ال وإياكم من ذلك . فتكلم على الجميع وال أعلم . 2)

)

) . 5678) أخرجه : البخاري (3)

)

) . 2204) أخرجه : مسلم ( جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

3

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

[ علج مرض الشهوة ] :" ما أنزل الله من داء ؛ إل جعل له دواء ؛قيل : نعم . الجواب من أصل

دواء هذا الداء منوالكلم في )1(علمه من علمه وجهله من جهله " طريقين :

: حسم مادته قبل حصولها .أحدهما : قلعها بعد نزولها . والثاني

وكلهما يسير على من يسره الله عليه ، ومتعذر على من لم يعنه الله ؛فإن أزمة المور بيديه .

[ التدابير العملية الواقية من مرض الشهوة ]وأما الطريق المانع من حصول هذا الداء [ فهي أربعة أمور] :

فإن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس ، :أحدهما غض البصر ومن أطلق لحظاته ؛ دامت حسراته .

: هي رائد الشهوة ورسولها ، وحفظها أصل حفظ الفرج ؛فاللحظاتفمن أطلق نظره أورده موارد الهلك . يا على ل تتبع النظرة" وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :

. )2( "النظرة ؛ فإنما لك الولى ، وليست لك الخرى . قالوا : يا رسول الله !إياكم والجلوس على الطريق "" وقال :

"فإن كنتم ل بد فاعلين ؛مجالسنا ، مالنا بد منها !! قال : " غض البصر ،قالوا : وما حقه ؟ قال : فأعطوا الطريق حقه "

.)3( " وكف الذى ، ورد السلم ؛ فإن النظرة تولدوالنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب النسان

خطرة ، ثم تولد الخطرة فكرة ، ثم تولد الفكرة شهوة ، ثم تولد الشهوة إرادة ، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة ، فيقع الفعل ، ول بد ، ما لم يمنع

منه مانع .وفى هذا قيل :الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده .

قال الشاعر : ر غر الشير ر من مستص ظم النا ر ومع كل الحوادث مبداها من النظييهم بين القوس والوتير بها كمبلغ الس لب صاح غت من ق ل ة ب كم نظر

ر ط د موقوف على الخ ي عين الغ به في أ ليي ق ي طرف د ما دام ذا والعبر د بالضيير ر عا بسرو ا ته ل مرحب هجييي ته ما ضر م ل ق يسر م

: أنه يورث الحسرات والزفرات والحرقات ، فيرىومن آفات النظرا عليه ول صابرا عنه ، وهذا من أعظم العذاب : أن ترى العبد ما ليس قادر

ما ل صبر لك عنه، ول عن بعضه ،ول قدرة لك عليه ول عن بعضه . قالالشاعر :

ظر تك المنا ا أتعب لبك يوم ا لق ئد فك را طر لت نت متى أرس ك و1)

)

) . 451) من حديث أسامة بن شريك رضي ال عنه ، وصححه اللباني في السلسلة (4/278) أخرجه : أحمد (2)

)

. 77) وقد حسنه اللباني في جلباب المرأة المسلمة ص 5/353) وأحمد (2776) والترمذي (2148) أخرجه : أبو داود (3)

)

) عن أبي سعيد الخدري رضي ال عنه . 2121) ومسلم (2465) أخرجه : البخاري (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

4

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

ه أنت صابر ه ول عن بعض له أنت قادر علي ك رأيت الذي ل : إن حبس اللحظات أيسر من دوام الحسرات .وقد قيل

: وفي غض البصر عدة منافع أنه امتثال لمر الله ، الذي هو غاية سعادة العبد في معاشهأحدها :

ومعاده ؛ وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى ،وما سعد من سعد في الدنيا و الخرة إل بامتثال أوامره ، وما

شقي من شقي في الدنيا والخرة إل بتضييع أوامره . : أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعل فيه هلكه إلىالثانية

قلبه .ية على الله ؛ فإن إطلق البصرالثالثة : أنه يورث القلب أنسا بالله وجمع

يفرق القلب ، ويشتته ،ويبعده عن الله ، وليس على القلب شيء أضر منإطلق البصر ؛ فإنه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه .

: أنه يقوي القلب ويفرحه كما أن إطلق البصر يضعفه ويحزنه .الرابعة ا كما أن إطلقه يكسبه ظلمة ، وإذاالخامسة : أنه يكسب القلب نور

استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل ناحية كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلء والشر عليه من كل مكان فما شئت من بدع ،

وضللة ، واتباع هوى ، واجتناب هدى، وإعراض عن أسباب السعادة ، واشتغال بأسباب الشقاوة ؛ فإن ذلك إنما يكشفه له النور الذي في القلب

قد ذلك النور بقى صاحبه كالعمى الذي يجوس ف في حنادس)1(فإذا )2(الظلمات .

: أنه يورث فراسة صادقة يميز بها بين الحق والباطل والصادقالسادسةوالكاذب .

يقول : ( من عمر ظاهره باتباع السنة ،شاه بن شجاع الكرمانيوكان وباطنه بدوام المراقبة ،وغض بصره عن المحارم، وكف نفسه عن

. )3(الشهوات ، واغتذى بالحلل لم تخطئ له فراسة ))4( وكان [ابن ] شجاع هذا ؛ ل تخطيء له فراسة .

والله سبحانه يجزي العبد على عمله بما هو من جنس عمله ،ومن ترك للها منه . شيئا عوضه الله خير

بأن يطلق نور بصيرتهفإذا غض بصره عن محارم الله ؛ عوضه الله ا عن حبس بصره لله ، واليمان والمعرفةويفتح عليه باب العلمعوض

والفراسة الصادقة المصيبة التي إنما تنال ببصيرة القلب . د هذا ما وصف الله به اللوطية من العمه الذي هو ضد البصيرة ، فقال وض

]فوصفهم72 [الحجر :(( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ))تعالى : عمه الذي هو فساد البصيرة . بالسكرة التي هي فساد العقل ،وال

1)

)

) الجوس : طلب الشيء باستقصاء ، والتردد والطواف خلل البيوت والدور في الغارة . 2)

)

) الحندس : الظلمة ، والليل المظلم . 3)

)

) . 10/237) انظر : حلية الولياء (4)

)

) . 10/237) انظر : حلية الولياء (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

5

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

عمه البصيرة وسكر القلب ؛كما قال فالتعلق بالصور يوجب فساد العقل والقائل :

كران ه س ة ومتى إفاقة من ب كر مدام ى وس كر هو كران س س وقال الخر :

ق أعظم مما بالمجانين هم العش ل بمن تهوى فقلت نت قالوا جنع المجنون في الحين يصر نما به وإ هير صاح د ق ال ق ل يستفي العش

ا وشجاعة وقوة .السابعة : إنه يورث القلب ثباتفجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقوة .

وضد هذا تجده في المتبع هواه من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها وما جعل الله سبحانه فيمن عصاه ، كما قال الحسن:(إنهم وإن

طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين ؛إن ذل المعصية ل يفارقبهم ،أبى الله إل أن يذل من عصاه ) . )1(قلو

وقد جعل الله سبحانه العز قرين طاعته والذل قرين معصيته : فقال تعالى: (( ول]وقال تعالى 8 [المنافقون :(( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ))

].139 [آل عمران :تهنوا ول تحزنوا وأنتم العلون إن كنتم مؤمنين ))ة :قول وعمل، ظاهر وباطن ، وقال تعالى: واليمان عز ل د ا ري ي كان (( من

ذين ل وا عه ف ير لح عمل الصا ل وا يب ط لم ال ك ل د ا ع يص ه ي ل إ ا ة جميع عز ل ه ا ل ل فكر وم د دي ذاب ش ع هم ل ئات ي كرون الس بور )) يم ي و ه ئك ل و ]10 [فاطر :أ

أي : من كان يريد العزة ؛ فليطلبها بطاعة الله وذكره من الكلم الطيبوالعمل الصالح .

)2(" إنه ل يذل من واليت ول يعز من عاديت "وفي دعاء القنوت :

ومن أطاع الله ؛ فقد واله فيما أطاعه فيه،وله من العز بحسب طاعته،ومن عصاه ؛ فقد عاداه فيما عصاه فيه ، وله من الذل بحسب

معصيته . : أنه يسد على الشيطان مدخله إلى القلب ؛فإنه يدخل معالثامنة

النظرة ، وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهوى في المكان الخالي ؛ا يعكف عليه القلب فيمثل له صورة المنظور إليه ، ويزينها ، ويجعلها صنم

نيه ، ويوقد على القلب نار الشهوة ، ويلقى عليه حطب ده ، ويم ع ي ،ثم المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة، فيصير القلب في

اللهيب ؛ فمن ذلك اللهيب تلك النفاس التي يجد فيها وهج النار ، وتلك الزفرات والحرقات ؛ فإن القلب قد أحاطت به النيران من كل جانب؛ فهو

في وسطها كالشاة في وسط التنور. عللهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات للصور المحرمة : و أن ج

لهم في البرزخ تنور من نار ، وأودعت أرواحهم فيه إلى يوم حشر

1)

)

) . والطقطقة : صوت حوافر البغال . والهملجة : النقياد والذل . والبراذين : الدواب . 2/149) انظر : الحلية (2)

)

) من حديث الحسن بن علي رضي1178) وابن ماجه (1744) والنسائي (464) والترمذي (1425) أخرجه : أبو داود (ال عنهما .قال الترمذي : هذا حديث حسن . وصححه أحمد شاكر واللباني .

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

6

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

أجسادهم ؛ كما أراها الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في المنام في. )3(الحديث المتفق على صحته

:أنه يفرغ القلب للفكرة في مصالحه والشتغال بها ، وإطلقالتاسعة البصر ينسيه ذلك ويحول بينه وبينه ؛ فينفرط عليه أمره ، ويقع في اتباع

عنهواه وفي الغفلة عن ذكر ربه . قال تعالى به ل ق نا ل ف غ أ ع من ط ت ول )) ا )) فرط ه أمر كان و ه وا ه ع ب ت وا نا ر ك ]. وإطلق النظر يوجب28 [الكهف :ذ

هذه المور الثلثة بحبسه .ا يوجب اشتغال أحدهما عنالعاشرة ا و طريق :أن بين العين والقلب منفذ

الخر ، وأن يصلح بصلحه ،ويفسد بفساده ؛ فإذا فسد القلب ؛فسدالنظر ،وإذا فسد النظر؛ فسد القلب ، وكذلك في جانب الصلح .

فإذا خربت العين وفسدت خرب القلييب وفسييد وصييار كالمزبليية الييتي هي محل النجاسات والقاذورات والوسيياخ ؛فل يصيلح لسييكنى معرفيية اللييه ومحبته و النابة إليه والنس به والسرور بقربييه ، وإنمييا يسييكن فيييه أضييداد

ذلك . فهذه إشارة إلى بعض فوائد غض البصر تطلعك على ما ورائها .

اشتغال القلب الطريق الثاني المانع من حصول تعلق القلب : بما يصده عن ذلك ويحول بينه وبين الوقوع فيه ، وهو إما خوف مقلق أو

حب مزعج ،فمتى خل القلب من خوف ما فواته أضر عليه من حصول هذا المحبوب ، أو خوف ما حصوله أضر عليه من فوات هذا المحبوب ، أو محبة ما هو أنفع له وخير له من هذا المحبوب ، و فواته أضر عليه من فوات هذا

ا من عشق الصور . د ب المحبوب، لم يجد ا إل لمحبوب أعلى منه ،أو خشيةوشرح هذا : أن النفس ل تترك محبوب

مكروه حصوله أضر عليه من فوات هذا المحبوب . وهذا يحتاج صاحبه إلى أمرين ، إن فقدهما أو أحدهما لم ينتفع

بنفسه : يفرق بها بين درجات المحبوب والمكروه ،بصيرة صحيحة : أحدهما

فيؤثر أعلى المحبوبين على أدناهما ، ويحتمل أدنى المكروهين ليخلص منأعلهما .

ل من كان بضد ذلك ،بل قد تكون البهائم يعد عاق وهذا خاصة العقل ، ول ل منه . أحسن حا

يتمكن بهما من هذا الفعل والترك .قوة عزم وصبر : الثانيا ما يعرف الرجل قدر التفاوت ولكن يأبى له ضعف نفسه، وهمته فكثير

،وعزيمته على إيثار النفع من خسته وحرصه ووضاعة نفسه وخسة همته .ومثل هذا ل ينتفع بنفسه ول ينتفع به غيره .

3)

)

) من حديث سمرة بن جندب رضي ال عنه . 2275) ومسلم (7047) أخرجه : البخاري (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

7

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

وقد منع الله سبحانه إمامة الدين إل من أهل الصبر واليقين ، فقال تعالى يبرواوبقوله يهتدي المهتدون ي : لما ص نا ر أم ب دون ه ي ئمة أ هم ن نا م ل ع وج ))

نون )) ق يو نا ت يا بآ نوا كا ]24 [ السجدة :و وهذا هو الذي ينتفع بعلمه وينتفع به الناس ، وضد ذلك ل ينتفع بعلمه ،ول

ينتفع به غيره .ومن الناس من ينتفع بعلمه في نفسه ول ينتفع به غيره .

: يمشي في نوره ويمشي الناس في نوره .فالولفئ نوره فهو ؛ يمشي في الظلمات ومن تبعه فيوالثاني : ط قد

ظلمته . : يمشي في نوره وحده .والثالث

حفظ :[ والطريق الثالث المانع من حصول تعلق القلب ] وشأنها أصعب ؛ فإنها مبدأ الخير والشر ، ومنها تتولد الراداتالخطرات

والهمم والعزائم . فمن راعى خطراته ملك زمام نفسه وقهر هواه ،ومن غلبته خطراته فهواه

ا إلى الهلكات . ونفسه له أغلب ،ومن استهان بالخطرات ؛ قادته قهر ول تزال الخطرات تتردد على القلب حتى تصير منى باطلة قال تعالى:

ه ذا جاء إ تى ظمآن ماء ح به ال يحس ة ع قي ب كسراب هم ل عما أ فروا ك ذين ل وا )) لحساب )) ع ا ري له س وال به ه حسا فا و ف ه د له عن د ال وج و ا يئ ه ش د يج لم

].39[النور :ا من رضي من الحقائق بالماني الكاذبة وأخس الناس همة ،و أوضعهم نفس

، واستجلبها لنفسه ، وتحلى بها . وهي ي لعمر الله ي رؤوس أموال المفلسين ومتاجر الباطلين ، وهي أضرلد التفريط والحسرة تو شيء على النسان ،وتتولد من العجز والكسل،و

والندامة .ول صورتها في قلبه ، ني لما فاته مباشرة الحقيقة بجسمه ، ح والمتم

ورها فكره،وذلك ة وهمية خالية ص وعانقها، وضمها إليه ، فقنع بوصال صورا ، ؛يصور في وهمهوالظمآن وإنما مثله مثل الجائعل يجدي عليه شيئ

صورة الطعام والشراب،وهو ل يأكل ول يشرب .والسكون منه إلى ذلك واستجلبه يدل على خساسة النفس ووضاعتها .

وإنما شرف النفس وزكاؤها وطهارتها وعلوها بأن ينفى عنها كل خطرة ليخطرها بباله ،ويأنف لنفسه منها . حقيقة لها ، ول يرضى أن

: ثم الخطرت ك بعد ك أقسام تدور على أربعة أصولي خطرات يستجلب بها العبد منافع دنياه .

ي وخطرات يستدفع بها مضار دنياه . ي وخطرات يستجلب بها مصالح آخرته .

ي وخطرات يستدفع بها مضار آخرته . فليحصر العبد خطراته وأفكاره وهمومه في هذه القسام الربعة.

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

8

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

فإذا انحصرت له فيها ؛ فما أمكن اجتماعه منها ؛لم يتركه لغيره ، وإذا تزاحمت عليه الخطرات كتزاحم متعلقاتها قدم الهم فالهم الذي يخشى

فوته . : للقاعدة الكبرى التي يكون عليها مدار الشرعوالتحكيم في هذا الباب

إيثار أكبر المصلحتينوالقدر وإليها يرجح الخلق والمر ،وهي : وأعلهما وإن فاتت المصلحة التي هي دونها ، والدخول في

يحصل ل أدنى المفسدتين لدفع ما هو أكبر منها. فتفوت مصلحة .ما هو أكبر منها ، ويرتكب مفسدة لدفع ما هو أعظم منها

فخطرات العاقل وفكره ل يتجاوز ذلك ، وبذلك جاءت الشرائع ، ومصالحالدنيا والخرة ل تقوم إل على ذلك .

لها وأنفعها ما كان لله والدار الخرة كر وأج .وأعلى الف:فما كان لله ؛ فهو أنواع

: الفكرة في آياته المنيزلة ، وتعقلها، وفهم مراده منها، ولذلكأحدها أنزلها الله تعالى ، ل لمجرد تلوتها بل التلوة وسيلة ، قال بعض السلف :

ل . أنزل القرآن ليعمل به فاتخذوا تلوته عم : الفكرة في آياته المشهودة ،والعتبار بها ، والستدلل بها علىالثاني

أسمائه وصفاته وحكمته وإحسانه وبره وجوده . وقد حث الله سبحانه عباده على التفكر في آياته وتدبرها وتعقلها،وذم

الغافل عن ذلك . : الفكرة في آلئه ،وإحسانه ،وإنعامه على خلقه بأصناف النعم،الثالث

وسعة مغفرته ورحمته وحلمه .وهذه النواع الثلثة تستخرج من القلب معرفة الله ومحبته وخوفه ورجاءه.

يصبغ القلب في المعرفة والمحبة صبغة ودوام الفكرة في ذلك مع الذكر تامة .

: الفكرة في عيوب النفس وآفاتها وفى عيوب العمل .الرابع وهذه الفكرة عظيمة النفع ، وهي باب لكل خير ،وتأثيرها في كسر النفسكسرت ؛ عاشت النفس المطمئنة ،وانتعشت ،وصار المارة بالسوء ،ومتى

الحكم لها ،فحيي القلب ، ودارت كلمته في مملكته ، وبث أمراءه وجندهفي مصالحه .

: الفكرة في واجب الوقت ،ووظيفته ،وجمع الهم كله عليه .الخامسفالعارف ابن وقته فإن أضاعه ؛ضاعت عليه مصالحه كلها .

فجميع المصالح إنما تنشأ من الوقت ، فمتى أضاع الوقت لم يستدركه أبدا ، قال الشافعي رضى الله عنه : صحبت الصوفية فلم أستفد منهم سوى حرفين : أحدهما قولهم :الوقت سيف ؛ فإن لم تقطعه قطعك ،وذكر الكلمة الخرى :ونفسك إن أشغلتها بالحق وإل؛ شغلتك بالباطل .

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

9

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

فوقت النسان هو عمره في الحقيقة وهو مادة حياته البدية في النعيم المقيم ،ومادة المعيشة الضنك في العذاب الليم ، وهو يمر أسرع من مر

السحاب .ا فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره ،وغير ذلك ليس محسوب

من حياته وإن عاش فيه عاش عيش البهائم . فإذا قطع وقته في الغفلة والشهوة والماني الباطلة ،وكان خير ما قطعه

بالنوم والبطالة فموت هذا خير له من حياته . وإذا كان العبد ي وهو في الصلة ي ليس له من صلته إل ما عقل منها ؛

فليس له من عمره إل ما كان فيه بالله وله . وما عدا هذه القسام من الخطرات والفكر؛ فإما وساوس

، بمنيزلة خواطر المصابينشيطانية ،و إما أماني باطلة وخدع كاذبة في عقولهم من السكارى والموسوسين ، ولسان حال هؤلء يقول عند

انكشاف الحقائق :يامي يعت أ د ض د لقيت فق كم ما ق ند ر ع لتي في الحش ز ن إن كان م

بها أضغاث أحلم ا واليوم أحس فسي بها زمين ظـفرت ن ية ن أم .واعلم أن ورود الخاطر ل يضر، وإنما يضر استدعاؤه ومحادثته فالخاطر كالمار على الطريق ؛فإن لم تستدعه وتركته مر وانصرف عنك ،

وإن استدعيته سحرك بحديثه وخدعه وغروره .وهو أخف شيء على النفس الفارغة بالباطلة ،وأثقل شيء على القلب والنفس الشريفة السماوية

المطمئنة .فصل

[ الطريق الرابع المانع من حصول تعلق القلب الدعاء ] وهو عدو البلء ؛ ويعالجه ويمنع نزوله ،والدعاء من أنفع الدوية ،

ويرفعه أو يخففه إذا نزل ، وهو سلح المؤمن . وقد روى الحاكم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى

يغني حذر من قدر ، والدعاء ينفع مما نزل ، ومما لمالله عليه وسلم : " ل نزل ، فيلقاه الدعاء ، فيتعلجان إلى يوم القيامة " نزل ، وإن البلء لي .)1(ي

فصل[ استعجال الستجابة يفوت أثر الدعاء ]

: أن يستعجل العبييد ،ومن الفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء عليه ويستبطئ الجابة ،فيستحسر ، ويدع الدعاء ..وفى البخاري من حييديث أبييي

يستجاب لحدكم ما لييمهريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" )2( يعجل يقول : دعوت فلم يستجب لي"

1)

)

) .وقوله : " يعتلجان : أي يصطرعان . 7739) وصححه . وقد حسنه اللباني في صحيح الجامع (1/492) أخرجه : الحاكم (2)

)

) . 6340) أخرجه : البخاري (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

10

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

فصل [ متى يستجاب الدعاء ؟ ]

وجمعيتييه بكليتييه علييى المطلييوب ،حضور القلب : إذا جمع مع الدعاءا من أوقات الجابككة السككتة وهككي : الثلييث الخييير ميينوصادف وقت

الليل ، وعند الذان ، وبييين الذان والقاميية ، وأدبييار الصييلوات المكتوبييات ، وعند صعود المام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلة ، وآخر ساعة

بعد العصر من ذلك اليوم .ل له وتضرعا ورقةوصادف ا بين يدي الرب وذ ا في القلب وانكسار :خشوع

يييديه إلييى اللييه، ورفع على طهييارة ، وكان الداعي القبلة واستقبل، على محمد عبده ،ثم ثنى بالصلة والثناء عليه، وبدأ بحمد اللهتعالى ،

، ثككم دخككل علككى اللككه والسييتغفار ثم قدم بين يدي حاجته التوبككة في المسألة وتملقه ودعاه رغبيية ورهبيية وتوسييل إليييه بأسييمائهوألح عليه

.وقدم بين يدي دعائه صدقة وصفاته وتوحيده ، ا . فإن هذا الدعاء ل يكاد يرد أبد

فصل[ بين سلطان الشهوة وسلطان العقل واليمان ]

إن العبد ل يترك ما يحب ويهواه إل لما يحبه ويهواه ، ولكن يترك أضييعفهما محبة لقواهما محبة ، كما أنه يفعل ما يكرهه لحصول ما محبته أقوى عنييده من كراهة ما يفعله ،أو لخلص من مكروه كراهته عنده أقوى من كراهة مييا

يفعله . إيثار أعلى المحبوبين علييى أدناهمييا ، وأيسيير المكروهييينوخاصية العقل

على أقواهما . وهذا من كمال قوة الحب والبغض . : قوة الدراك ، وشجاعة القلب .ول يتم له هذا إل بأمرين

فإن التخلف عن ذلك والعمل بخلفه يكون : إما لضعف الدراك ؛بحيث إنه لم يدرك مراتب المحبوب والمكروه على ما هي عليه ،و إما لضعف في النفس وعجز في القلب ؛ بحيث ل يطاوعه إيثار الصلح له مع علمه بأنه

الصلح . فإذا صح إدراكه ، وقويت نفسه وتشجع القلب على إيثار المحبوب العلى

فق لسباب السعادة . و والمكروه الدنى فقد سلطان شهوته أقوى من سلطان عقلهفمن الناس من يكون

وإيمانه ،فيقهر الغالب الضعيف . سلطان إيمانه وعقله أقوى من سلطان شهوته . ومنهم من يكون

وإذا كان كثير من المرضى يحميه الطبيب عما يضره ،فتأبى عليه نفسه وشهوته إل تناوله ،ويقدم شهوته على عقله ،وتسميه الطباء : عديم المروءة ؛ فهكذا أكثر مرضى القلوب ؛ يؤثرون ما يزيد مرضهم لقوة

شهوتهم له .

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

11

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

وأصل الخير من ضعف الدراك ، وضعف النفس ودناءتها ، فأصل الشرمن كمال الدراك وقوة النفس وشرفها وشجاعتها .

فالحب والرادة أصل كل فعل ومبدؤه ،والبغض والكراهة أصل كل ترك.ومبدؤه. وهاتان القوتان في القلب أصل سعادته وشقاوته

فصل [ الطريق النفع للوصول إلى السعادة ]

وكل واحد مين الفعيل واليترك الختيياريين إنمييا ييؤثره الحييي لميا فييه مين حصول المنفعة التي يلتذ بحصيولها أو زوال الليم اليذي يحصييل ليه الشييفاء

بزواله ،ولهذا يقال:شفاء صدره وشفاء قلبه، وقال :ء مبذول ء الدا ء لدائي لو ظفرت بها وليس منها شفا هي الشفا وهذا مطلوب يؤثره العاقل ، حتى الحيوان البهيم ،ولكن يغلط فيه أكثر

ا ، فيقصد حصول اللذة بما يعقب عليه أعظم اللم ،فيؤلم ا قبيح الناس غلط نفسه من حيث يظن أنه يحصل لذتها ، ويشفي قلبه بما يعقب عليه غاية

المرض .وهذا شأن من قصر نظره على العاجل ولم يلحظ العواقب .

من آثر لذته وراحتهفأعقل الناسوخاصة العقل النظر في العواقب : أسفه الخلقالجلة الدائمة على العاجلة المنقضية الزائلة ، من باع نعيمو

البد وطيب الحياة الدائمة واللذة العظمى التي ل تنغيص فيها ، ول نقص بوجه ما بلذة منقضية مشوبة باللم والمخاوف ، وهي سريعة الزوال

وشيكة النقضاء . فكرت في سعي العقلء ، فرأيت سعيهم كله فيقال بعض العلماء :

ا إنما يسعون مطلوب واحد ،وإن اختلفت طرقهم في تحصيله ،رأيتهم جميع في دفع الهم والغم عن نفوسهم ؛ فهذا في الكل والشرب ،وهذا بالتجارة

والكسب ،وهذا بالنكاح، وهذا بسماع الغناء والصوات المطربة ،وهذا باللهو واللعب ، فقلت : هذا المطلوب مطلوب العقلء ، ولكن الطرق كلها غير موصلة إليه ، بل لعل أكثرها إنما يوصل إلى ضده ، ولم أر في جميع هذه

الطرق كلها طريقا موصلة إليه إل القبال على الله ،ومعاملته وحده وإيثار :فإن سالك هذا الطريقمرضاته على كل شيء ،

إن فاته حظه من الدنيا فقد ظفر بالحظ العالي الذي ل فوت معه . وإن حصل للعبد حصل له كل شيء ،وإن فاته فاته كل شيء ، وإن ظفر

بحظه من الدنيا ناله على أهنأ الوجوه ، فليس للعبد أنفع من هذاالطريق ،ول أوصل منها إلى لذاته وبهجته وسعادته ، وبالله التوفيق .

فيصل [ عشق الصور وأضراره ]

[هذا] الفصل متعلق بعشق الصور ، وما فيه من المفاسد العاجلة والجلة ، وإن كانت أضعاف ما يذكره ذاكر فإنه يفسد القلب بالذات ، وإذا فسد

فسدت الرادات والقوال والعمال ، وفسد ثغر التوحيد .

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

12

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

والله سبحانه وتعالى إنما حكى هذا المرض عن طائفتين منالناس ،وهم : اللوطية ،والنساء .

[ الطائفة الولى : النساء ] وما راودته وكادته به ،وأخبرفأخبر عن عشق امرأة العزيز ليوسف

عن الحال التي صار إليها يوسف بصبره وعفته وتقواه ، مع أن الذي ابتليبره الله عليه ؛ فإن موافقة الفعل بحسب به أمر ل يصبر عليه إل من ص

قوة الداعي وزوال المانع .[ الدواعي التي تهيأت ليوسف عليه السلم لفعل الزنى ]

: وكان الداعي ها هنا في غاية القوة ،وذلك لوجوه : ما ركبه الله سبحانه في طبع الرجل من ميله إلى المرأة ؛كماأحدها

ا من الناس يميل العطشان إلى الماء والجائع إلى الطعام ، حتى إن كثيريصبر عن الطعام والشراب ول يصبر عن النساء .

ل ،بل يحمد . وهذا ل يذم إذا صادف حلته أقوى . الثاني د ا ،وشهوة الشباب وح : أن يوسف عليه السلم كان شابية تكسر شدة الشهوة . الثالث : أنه كان عزبا ل زوجة له ول سيري

تى للغريب فيها من قضاء الوطر ما لالرابع : أ أنه كان في بلد غربة يتيتأتى لغيره في وطنه وأهله ومعارفه .

: أن المرأة كانت ذات منصب وجمال ؛ بحيث إن كل واحد منالخامسهذين المرين يدعو إلى موافقتها .

ا من الناس يزيل رغبته فيالسادس ية ؛ فإن كثير : أنها غير ممتنعة ول أبالمرأة إباؤها وامتناعها ؛لما يجد في نفسه من ذل الخضوع والسؤال لها .

د ؛ فكفته مؤنة الطلب،وذل الرغبةالسابع ه :أنها طلبت وأرادت وبذلت الجإليها ، بل كانت هي الراغبة الذليلة ،وهو العزيز المرغوب إليه .

: أنه في دارها ،وتحت سلطانها وقهرها ؛بحيث يخشى إن لمالثامن يطاوعها من أذاها له؛ فاجتمع داعي الرغبة والرهبة .

د من جهتها ؛فإنها هي الطالبةالتاسع نم عليه هي ول أح ت :أنه ل يخشى أن بت الرقباء . ي غ والراغبة ،وقد غلقت البواب و

ا لها في الدار ؛ بحيث يدخل ويخرج ويحضر معهاالعاشر : أنه كان مملوكا على الطلب ،وهو من أقوى الدواعي ؛ كر عليه، وكان النس سابق ن ي ول

كما قيل لمرأة شريفة من أشراف العرب ما حملك على الزنى ؟ قالت : قرب الوساد وطول السواد ؛ تعني : قرب وساد الرجل من وسادتي وطول

السواد بيننا . ،فأرته إياهن)1( : أنها استعانت عليه بأئمة المكر والحتيالالحادي عشر

((وشكت حالها إليهن لتستعين بهن عليه ، فاستعان هو بالله عليهن فقال: ني تصرف ع ل إ يه و ل إ ني ن دعو ي لي مما إ أحب قال رب السجن

لين لجاه كن من ا أ يهن و ل إ أصب دهن ي ] . 33 [يوسف : ))ك

1)

)

) وهن النساء اللتي قطعن أيديهن . جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

13

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

عدته بالسجن والصغار ،وهذا نوع إكراه ؛ إذ هو تهديدالثاني عشر : أنها تو ممن يغلب على الظن وقوع ما هدد به ؛ فيجتمع داعي الشهوة وداعي

السلمة من ضيق السجن والصغار. ة والنخوة ما يفرق به بينهماالثالث عشر هر من الغير ظ ي : أن الزوج لم

ل منهما عن صاحبه ، بل كان غاية ما خاطبهما به أن قال ليوسف: ك د ويبعئين)) وللمرأة (( أعرض عن هذا )) ط لخا كنت من ا نك إ بك ذن ل ري ف غ ت واس ))

]وشدة الغيرة للرجل من أقوى الموانع ، وهنا لم يظهر منه29[ يوسف :غيرة .

ومع هذه الدواعي كلها ؛ فقد آثر مرضاة الله وخوفه ،وحمله قال رب(( فقال : حبه لله على أن اختار السجن على الزنى

]وعلم أنه ل33 [يوسف : ))السجن أحب إلي مما يدعونني إليه يطيق صرف ذلك عن نفسه ،وأن ربه تعالى إن لم يعصمه ويصرف عنه

كيدهن ؛صبا إليهن بطبعه وكان من الجاهلين ،هذا من كمال معرفته بربهوبنفسه .

كم ما يزيد على ألف وفي هذه القصة من العبر والفوائد والح .فائدة لعلنا إن وفقنا الله أن نفردها في مصنف مستقل

فيصل .الذين حكى الله عنهم العشق هم : اللوطية والطائفة الثانية

بشرون{((كما قال تعالى : ت يس نة لمدي أهل ا إن67وجاء } قال تفضحون{ ل يفي ف تخزون{68هؤلء ض ل له و تقوا ال }69} وا

لمين{ لعا نهك عن ا ن لم أو لوا تم70قا كن إن تي نا ب } قال هؤلء لين{ يعمهون 71فاع تهم كر لفي س نهم إ لعمرك -67 [الحجر :)) }

]فهذا من العشق .72ق كل منهما ما حرم عليه من الصور ، عش فحكاه سبحانه عن طائفتين ؛

ولم يبال بما في عشقه من الضرر . [ عظم داء العشق وأقسام أصحابه ]

وهذا داء أعي الطباء دواؤه ،وعز عليهم شفاؤه ،وهو لعمر الله الداء العضال والسم القتال ، الذي ما علق بقلب ؛ إل وعز على

في مهجة ؛ إل الورى استنقاذه من إساره ، ول اشتعلت ناره .وصعب على الخلق تخليصها من ناره

وهو أقسام : ا ا ، يحبه كما يحييب اللييه ؛فكيييفتارة يكون كفر ند ، كمن اتخذ معشوقه

‍؟إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه فهذا عشق ل يغفر لصاحبه ؛ فإنه من أعظم الشرك ،والله ل يغفيير أن يشييرك بييه ،وإنمييا يغفيير بالتوبيية

الماحية ما دون ذلك . : أن يقدم العاشق رضىوعلمة هذا العشق الشركي الكفري

ظه وحق ربه ق معشوقه و ح معشوقه على رضى ربه، وإذا تعارض عنده ح

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

14

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

وطاعته؛ قدم حق معشوقه على حق ربه وآثر رضاه على رضاه ، وبذل لمعشوقه أنفس ما يقدر عليه، وبذل لربه ي إن بذل ي أردأ ما عنده

،واستفرغ وسعه في مرضاة معشوقه وطاعته والتقرب إليه ، وجعل لربه يإن أطاعه ي الفضلة التي تفضل عن معشوقه من ساعاته .

؟!فتأمل حال أكثر عشاق الصور ؛هل تجدها إل مطابقككة لككذلك ثم ضع حالهم في كفة، وتوحيدهم وإيمانهم في كفة،ثم زن وزنا يرضى اللييه به ورسوله ويطابق العدل! وربما صرح العاشق منهييم بييأن وصييل معشييوقه

: )1(أحب إليه من توحيد ربه كما قال الفاسق الخبيث د توحي هن أحلى فيه من ال فمي رشفات فن من ترش ي

وكما صرح الخبيث الخر بأن وصل معشوقه أشهى إليه من رحمة ربها بك اللهم من هذا الخذلن ومن هذا الحال قال الشاعر : فعياذ

ة الخالق الجليل لك أشهى إلى فؤادي من رحم وص ول ريب أن هذا العشق من أعظم الشرك .

وكثير من العشاق يصرح بأنه لم يبق في قلبه موضع لغير معشوقه البتةا من كل وجه ا مخلص له ، فصار عبد قه عليه قلبه ك ،بل قد ملك معشو

لمعشوقه ! فإنفقد رضي هذا من عبودية الخالق جل جلله بعبودية المخلوق مثله ؛

،وهذا قد استغرق قوة حبهالعبودية هي كمال الحب والخضوعوخضوعه وذله لمعشوقه؛ فقد أعطاه حقيقة العبودية .

ول نسبة بين مفسدة هذا المر العظيم ومفسدة الفاحشة ؛ فإن تلك ذنبكبير لفاعله حكمه حكم أمثاله ، ومفسدة هذا العشق مفسدة الشرك !

أبتلى بالفاحشة مع تلك الصورة أحب إلي وكان بعض الشيوخ يقول : لئن أبتلى فيها بعشق يتعبد لها قلبي ويشغله عن الله . من أن

فصل [ علج العشق ]

ودواء هذا الداء القتال : أن يعرف أن ما ابتلي به من هذا الداء المضاد للتوحيد إنما هو من جهله

وغفلة قلبه عن الله ، فعليه : ل . أن يعرف توحيد ربه و سننه وآياته أو

ثم يأتي من العبادات الظاهرة والباطنة بم يشغل قلبه عن دوام الفكر فيه .لجأ والتضرع إلى الله سبحانه في صرف ذلك عنه وأن يرجع بقلبه ويكثر ال

إليه. وليس له دواء أنفع من الخلص لله .

نهوهو الدواء الذي ذكره الله في كتابه حيث قال : ع رف نص ل لك ذ ك )) لصين )) لمخ نا ا د با نه من ع إ فحشاء ل وا ء ] ؛فأخبر سبحانه24 [ يوسف :السو

أنه صرف عنه السوء من العشق والفحشاء من الفعل بإخلصه .

1)

)

) .2/40) هو أبو الطيب المتنبي !! والبيت في ديوانه (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

15

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

لص عمله لله ؛لم يتمكن منه عشق الصور ؛فإنه أخ لص و فإن القلب إذا خإنما يتمكن من قلب فارغ ؛كما قال :

كنا ا فتم ا خالي رف الهوى فصادف قلب أتاني هواها قبل أن أع أن العقل والشرع قد يوجبان تحصيل المصالح وتكميلهاوليعلم العاقل

فإذا عرض للعاقل أمر يرى فيه مصلحةوإعدام المفاسد وتقليلها ؛: أمر علمي ، وأمر عملي .ومفسدة ؛وجب عليه أمران

: طلب معرفة الراجح من طرفي المصلحة والمفسدة ؛فإذا تبينفالعلميله الرجحان وجب عليه إتيان الصلح له .

أنه ليس في عشق الصور مصلحة دينية ول دنيوية ،بلومن المعلوم : مفسدته الدينية والدنيوية أضعاف أضعاف ما يقدر فيه من المصلحة ،وذلك

من وجوه : : الشتغال بذكر المخلوق وحبه عن حب الرب تعالى وذكره ؛فلأحدها

يجتمع في القلب هذا وهذا إل ويقهر أحدهما صاحبه ويكون السلطانوالغلبة له .

: عذاب قلبه بمعشوقه؛فإن من أحب شيئا غير الله عذب به ول بدالثانيكما قيل :

و المذاق ل وجد الهوى ح فما في الرض أشقى من محب وإن ة أو لشتيييياق فرق كل حيييين مخافة ا في ه باكي ترا

والعشق ؛ وإن استلذ به صاحبه فهو من أعظم عذاب القلب . :أن العاشق قلبه أسير في قبضة معشوقه يسومه الهوان ، ولكنالثالث

لسكرة العشق ل يشعر بمصابه ،فقلبه :يسومها ة في كف طفل لهو ويلعبكعصفور ي حياض الردى والطفل

فيعيش العاشق عيش السير الموثق ، وعيش الخلي عيش المسيبالمطلق .

والعاشق كما قيل:يدور قطب الهلك عليل على ين وهو أسييير ق برأي الع طلي

نشيور ر نشو له حتى ال ا وليس ة الحي غادي يرى في صور يت ومله حتى الممات حيضور فليس به ع فيهن قلي أخو غمرات ضا

: أنه يشتغل به عن مصالح دينه ودنياه ؛فليس شيء أضيع لمصالحالرابعالدين والدنيا من عشق الصور :

؛ فإنها منوطة بلم شعث القلب وإقباله على اللهأما مصالح الدينا وتشتيتا له . ء تشعيث ،وعشق الصور أعظم شي

؛ فهي تابعة في الحقيقة لمصالح الدين ؛ فمنوأما مصالح الدنياانفرطت عليه مصالح دينه وضاعت عليه ؛ فمصالح دنياه أضيع وأضيع .

: أن آفات الدنيا والخرة أسرع إلى عشاق الصور من النار فيالخامسيابس الحطب .

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

16

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

عد منوسبب ذلك ب : أن القلب كلما قرب من العشق قوى اتصاله به ؛ د القلوب من الله قلوب عشاق الصور ،وإذا بعد القلب من الله الله ؛ فأبع

طرقته الفات ، وتوله الشيطان من كل ناحية ، ومن توله عدوه واستولىعليه ؛لم يدع أذى يمكنه من إيصاله إليه إل أوصله .

يهفما الظن من قلب تمكن منه عدوه ،وأحرص الخلق على غ وفساده ،وبعده من وليه ومن ل سعادة له ول فلح ول سرور إل بقربه ول

وليته ؟! : أنه إذا تمكن من القلب واستحكم وقوى سلطانه ؛أفسد الذهنالسادس

، وأحدث الوساوس ،وربما التحق صاحبه بالمجانين الذين فسدت عقولهمفل ينتفعون بها .

وأخبار العشاق في ذلك موجودة في مواضعها ،بل بعضها يشاهد بالعيان . وأشرف ما في النسان عقله ،وبه يتميز عن سائر الحيوانات ،فإذا عدم

عقله ؛التحق بالبهائم ، بل ربما كان حال الحيوان أصلح من حاله .وهل أذهب عقل مجنون ليلى وأضرابه إل العشق ؟!

وربما زاد جنونه على جنون غيره كما قيل :ق أعظم مما بالمجانين تهوى فقلت لهم العش ننت بمن قالوا ج

ع المجنون في الحين يصر به وإنما ق الدهر صاح يستفي ق ل العشا .السابع ا أو صوري ا معنوي : أنه ربما أفسد الحواس أو أنقصها ، إما فساد

: فهو تابع لفساد القلب ،فإن القلب إذا فسدأما الفساد المعنوي ا منه ومن معشوقه . فسدت العين والذن واللسان فيرى القبيح حسن

فهو يعمي عين القلب عن رؤية مساوي المحبوب وعيوبه ؛فل ترى العينذلك، ويصم أذنه عن الصغاء إلى العذل فيه ؛فل تسمع الذن ذلك .

والرغبات تستر العيوب ؛فإن الراغب في الشيء ل يرى عيوبه ، حتى إذ زالت رغبته فيه ؛أبصر عيوبه ،فشدت الرغبة غشاوة على العين تمنع من

رؤية الشيء على ما هو عليه كما قيل : فسي ألومها ن عت ط ق ة فلما انجلت ينى عليها غشاو ع ذ تك إ هوي والداخل في الشيء ل يرى عيوبه ،والخارج منه الذي لم يدخل فيه ل يرى

عيوبه ول يرى عيوبه ، إل من دخل فيه ثم خرج منه . ولهذا كان الصحابة الذين دخلوا في السلم بعد الكفر خير من الذين ولدوا

في السلم ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إنما تنقض عرىالسلم عروة عروة إذا ولد في السلم من ل يعرف الجاهلية .

ا :فإنه يمرض البدن وينهكه وربما أدى إلىوأما فساده للحواس ظاهرتلفه ؛كما هو المعروف في أخبار من قتله العشق .

ا على وقد رفع إلى ابن عباس وهو بعرفة شاب قد انتحل حتى عاد جلد عظم ، فقال : ما شأن هذا ؟ قالوا : به العشق ، فجعل ابن عباس يتعوذ

بالله من العشق عامة يومه .

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

17

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

أن العشق و هو الفراط في المحبة ؛ بحيث يستولي المعشوقالثامن : على قلب العاشق ،حتى ل يخلو من تخيله وذكره والتفكر فيه، بحيث ل

يغيب عن خاطره وذهنه ، فعند ذلك تشتغل النفس بالخواطر النفسانية ،فتتعطل تلك القوى ،فيحدث بتعطيلها من الفات على البدن والروح ما يعز

دواؤه ويتعذر، فتتغير أفعاله وصفاته ومقاصده ،ويختل جميع ذلك ،فتعجزالبشر عن صلحه كما قيل :

قه القدار الحب أول ما يكون لجاجة يأتي بها وتسوكبار ق تطا حتى إذا خاض الفتى لجج الهوى جاءت أمور ل

هم وشغل قلب وسقم ،وأوسطه سهلة حلوة ، والعشق مبادئه عطب وقتل ،إن لم تتداركه عناية من الله كما قيل :وآخره

ه قتل قم وآخر طه س له عنى وأوس ا فالحب أو وعش خاليوقال آخر :

طق ي ق فلما استقل به لم ع بالعشق حتى عش تولق وجية فلما تمكن منها غير نها م لجة ظ رأى

نب له ، وهو الجاني على نفسه ، وقد قعد تحييت المثييل السييائر : يييداك ذ وال. )1(أوكتا وفوك نفخ

فييصل [ مقامات العاشق ، ومراحل العشق ]

: مقام ابتداء، ومقام توسط ، ومقام انتهاء .والعاشق له ثلث مقامات : فالواجب عليه مدافعته بكل ما يقدر عليه إذا كانفأما مقام ابتدائه

ا وشرعا . الوصول إلى معشوقه متعذرا قدر وهذا مقام التوسطفإن عجز عن ذلك وأبى قلبه إل السفر إلى محبوبه

: والنتهاءبب بمحبوبه ويهتكه بين يش فعليه كتمانه ذلك ، وأن ل يفشيه إلى الخلق ،ول

الناس، فيجمع بين الشرك والظلم . [ ألوان الظلم التي يسببها العيشق ]

ا فإن الظلم في هذا الباب من أعظم أنواع الظلم ،وربما كان أعظم ضرر على المعشوق وأهله من ظلمه في ماله ؛ فإنه يعرض المعشوق ي بهتكه في عشقه ي إلى وقوع الناس فيه وانقسامهم إلى مصدق ومكذب ،وأكثر

الناس يصدق في هذا الباب بأدنى شبهة ،وإذا قيل : فلن فعل بفلن أوذبه واحد وصدقه تسع مائة وتسعة وتسعون . بفلنه ؛ك

وخبر العاشق المتهتك عند الناس في هذا الباب يفيد القطع اليقيني ،بل إذاء على غيره ؛ جزموا بصدقة ا وافترا أخبرهم المفعول به عن نفسه كذب

جزما ل يحتمل النقيض ، بل لو جمعهما مكان واحد اتفاقا ؛لجزموا أن ذلكيل عن وعد واتفاق بينهما ،وجزمهم في هذا الباب على الظنون والتخ

والشبهة والوهام والخبار الكاذبة كجزمهم بالحسيات المشاهدة .

1)

)

) للميداني . 2/414) الوكاء : رباط القربة ونحوها . وهذا مثل يضرب لمن يجنى على نفسه بفعله . انظر مجمع المثال (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

18

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

وبذلك وقع أهل الفك في الطيبة المطيبة ، حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،المبرأة من فوق سبع سموات ؛ بشبهة مجيء صفوان بن

المعطل بها وحده خلف العسكر ، حتى هلك من هلك ،ولول أن تولى اللها آخر . )1(سبحانه براءتها والذب عنها وتكذيب قاذفها لكان أمر

ق من ل يحل له التصال به منوالمقصود :أن في إظهار المبتلى عش ظلمه وأذاه ما هو عدوان عليه وعلى أهله ،وتعريض لتصديق كثير من

الناس ظنونهم فيه. فإن استعان عليه بمن يستميله إليه إما برغبة أو رهبة ؛تعدى الظلم

ا . ا ظالم وانتشر ، وصار ذلك الواسطة ديوث ي وهو الواسطة بين)2(وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد لعن الرائش

الواسطةفما ظنك بالديوث؛الراشي والمرتشي في إيصال الرشوة ي فيتساعد العاشق والديوث على ؟!بين العاشق والمعشوق في الوصل

ظلم المعشوق وغيره ممن يتوقف حصول غرضهما على ظلمه في نفس أوا ما يتوقف حصول المطلوب فيه على قتل نفس مال أو عرض ؛فإن كثير

طل دمه بهذا السبب من زوج)3(تكون حياتها مانعة من غرضه ،وكم قتيل بت ب د على سيدهما ،)4(وسيد وقريب ،وكم خ امرأة على بعلها،وجارية وعب

وهو)5(وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك وتبرأ منه من أكبر الكبائر .

وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يخطب الرجل على خطبة ؛فكيف بمن يسعى بالتفريق بينه وبين)7(على سومه )6(أخيه وأن يستام

امرأته وأمته حتى يتصل بهما ؟!ا !! وعشاق الصور ية ل يرون ذلك ذنب دياث ومساعدوهم من ال

فإن طلب العاشق وصل معشوقه ومشاركة الزوج والسيد ففي ذلك منإثم ظلم الغير ما لعله ل يقصر عن إثم الفاحشة إن لم يرب عليها .

ول يسقط حق الغير بالتوبة من الفاحشة ؛ فإن التوبة وإن أسقطت حق فإن من ظلم الوالدالله؛ فحق العبد باق ،له المطالبة به يوم القيامة ؛

وظلم الزوجبإفساد ولده وفلذة كبده ومن هو أعز عليه من نفسه ، بإفساد حبيبه والجناية على فراشه أعظم من ظلمه بأخذ ماله كله ،ولهذا

يؤذيه ذلك أعظم مما يؤذيه أخذ ماله ،ول يعدل ذلك عنده إل سفك دمه .ا من فعل الفاحشة ! فيا له من ظلم أعظم إثم

1)

)

) .2770) ومسلم (2661) انظر : قصة الفك في صحيح البخاري (2)

)

) من حديث أبي هريرة رضي ال عنه وقد صحح اللباني هذا الحديث دون2/387) وأحمد (1336) أخرجه : الترمذي () . 8/243) وإرواء الغليل (3/381زيادة " الرائش " انظر : السلسلة الضعيفة (

3)

)

) طل دمه يطل : أهدر ؛ فل يثأر له . 4)

)

) خببت : خدعت وأفسدت . 5)

)

) عن أبي هريرة رضي ال عنه.568) وابن حبان ( 2/397) وأحمد (5170) أخرجه :أبو داود (6)

)

) يستام على سوم أخيه : هو أن يتجادل المتبايعان في ثمن سلعة ، حتى إذا قاربا التفاق ؛ جاء رجل ثالث يريد أن يشتريالسلعة ويخرجها من يد المشتري الول بزيادة على ما استقر عليه المر بين المتساومين ورضيا به قبل النعقاد .

7)

)

) من حديث أبي هريرة رضي ال عنه . 1408) أخرجه مسلم (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

19

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

ا لغاز في سبيل الله وقف له الجاني الفاعل يوم فإن كان ذلك حق كما أخبر بذلك النبي صلى" خذ من حسناته ما شئت "القيامة ،وقيل له :

أي :)1(" فما ظنكم؟! "الله عليه وسلم ثم قال صلى الله عليه وسلم : فما تظنون يبقى له من حسناته ؟ !

ا أو ذا رحم محرم ؛ تعددفإن انضاف إلى ذلك أن يكون المظلوم جارا لقطيعة الرحم وأذي الجار ا مؤكد ،" ول يدخل الجنةالظلم وصار ظلم

.)3(" من ل يأمن جاره بوائقه " ول )2(قاطع رحم " بشياطين الجن ي إمافإن استعان العاشق على وصال معشوقه

بسحر أو استخدام أو نحو ذلك ي ضم إلى الشرك والظلم كفر السحر .ا بالكفر غير كاره لحصول مقصوده به فإن لم يفعله هو ورضي به كان راضي

، وهذا ليس ببعيد من الكفر . أن التعاون في هذا الباب تعاون على الثم والعدوان .والمقصود :

المنتشر وأما ما يقترن بحصول غرض العاشق من الظلم فإنه إذا حصل له مقصوده منالمتعدي ضرره ؛ فأمر ل يخفى :

المعشوق ؛فللمعشوق أمور أخر يريد من العاشق إعانته عليها ، فل يجد منا ، فيبقى كل منهما يعين الخر على الظلم والعدوان ، د فالمعشوقإعانته ب

على ظلم من اتصل به من أهله وأقاربه وسيده وزوجه ،يعين العاشق على ظلم من يكون غرض المعشوق متوقفاوالعاشق يعين المعشوق

على ظلمه ؛فكل منهما يعين الخر على أغراضه التي يكون فيها ظلم الناس، فيحصل العدوان والظلم للناس بسبب اشتراكهما في القبح

لتعاونهما بذلك على الظلم ؛ وكما جرت به العادة بين العشاق والمعشوقين من إعانة العاشق لمعشوقه على ما فيه ظلم وعدوان وبغي حتى ربما

يسعى له في منصب ل يليق به ول يصلح لمثله ، وفي تحصيل مال من غير حله ،وفي استطالته على غيره ،فإذا اختصم معشوقه وغيره أو تشاكيا لم

ا . ا كان أو مظلوم يكن إل في جانب المعشوق ظالم هذا إلى ما ينضم إلى ذلك من ظلم العاشق للناس بالتحيل على أخذ

أموالهم والتوصل بهما إلى معشوقه بسرقة أو غصب أو خيانة أو يمين كاذبة أو قطع طريق ونحو ذلك وربما أدى ذلك إلى قتل النفس التي حرم

الله ليأخذ ماله ليتوصل به إلى معشوقه . فكل هذه الفات وأضعافها وأضعاف أضعافها تنشأ من عشق

و تحمل على الكفر الصريح . الصور، وقد تنصر جماعة ممن نشؤوا في السلم بسبب العشق ؛كما جرى لبعض

المؤذنين حين أبصر وهو على سطح مسجد امرأة جميلة ، ففتن بها ، فنزل ودخل عليها وسألها نفسها ، فقالت: هي نصرانية ؛إن دخلت في ديني

1)

)

) من حديث بريدة رضي ال عنه . 1897) أخرجه : مسلم (2)

)

) من حديث جبير بن مطعم رضي ال عنه . 2556) ومسلم (5984) أخرجه : البخاري (3)

)

) من حديث أبي هريرة رضي ال عنه .46) ومسلم (6016) أخرجه : البخاري (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

20

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

تزوجت بك ،ففعل؛ فرقي في ذلك اليوم على درجة عندهم فسقط منها ،فمات . ذكر هذا عبدالحق في كتاب " العاقبة " له.

وإذا أراد النصارى أن ينصروا السير ؛ أروه امرأة جميلة وأمروها أن تطمعه في نفسها ، حتى إذا تمكن حبها من قلبه ؛ بذلت له نفسها إن دخل في

ولدينها؛ فهنالك قال تعالى : ق ل با ا نو ذين آم ل له ا بت ال ث ي في (( بت ثا اليشاء )) له ما عل ال ف ي و لمين ظا له ال يضل ال و ة في الخر و يا ن د ة ال يا لح ا

].27[إبراهيم : وفي العشق من ظلم كل واحد من العاشق والمعشوق لصاحبه لمعاونته له على الفاحشة وظلمه لنفسه ما فيه ، وكل منهما ظالم لنفسه

وصاحبه ، وظلمهما متعد إلى الغير . وأعظم من ذلك ظلمهما بالشرك .

فقد تضمن العشق أنواع الظلم كلها . إذا لم يتق الله ؛فإنه يعرض العاشق للتلف، وذلك ظلم منه ؛والمعشوق

أن يطمعه في نفسه ويتزين له ويستميله بكل طريق حتى يستخرج منه ماله ونفعه ول يمكنه من نفسه ، لئل يزول غرضه بقضاء وطره منه ؛ فهذا

ربما قتل معشوقه ليشفي نفسه منه ،ولوالعاشق يسومه سوء العذاب ، سيما إذا جاد بالوصال لغيره .

من الجانبين !! وكم قد زال من نعمة !!وأفقروكم للعشق من قتيل من غنى !! وأسقط من مرتبة !! وشتت من شمل !! وكم أفسد من أهل

ا الرجل وولده ،فإن المرأة إذا رأت بعلها عاشقا لغيرها اتخذت هي معشوققيادة ا بين خراب بيته بالطلق وبين ال ، فمن)1(لنفسها فيصير الرجل متردد

الناس من يؤثر هذا ، ومنهم من يؤثر هذا .[ التدابير العملية التي تقي من الصابة بداء العشق ]

فعلى العاقل أن يحكم على نفسه سد عشق الصور لئل يؤذيه ويؤديه ذلك إلى الهلك وإلى هذه المفاسد وأكثرها أو بعضها ؛ فمن فعل ذلك فهو

فلول تكرارهالمفرط بنفسه والمغرر بها ،فإذا هلكت فهو الذي أهلكها ؛ وطمعه في وصاله لم يتمكن عشقه منالنظر إلى وجه معشوقه

قلبه : الستحسان سواء تولد عن نظر أو سماع .فإن أول أسباب العشق

في الوصال وقارنه الياس من ذلك ؛لم يحدث لهطمع فإن لم يقارنهالعشق .

:فإن اقترن به الطمع ولم يشغل قلبه به لم يحدث له ذلك .فصرفه عن فكره وقارنه خوف الفكر في محاسن المعشوق ،فإن أطال مع ذلك

عنده من لذة وصاله : إما خوف ديني ؛كدخول النار وغضبما هو أكبر

1)

)

) أي : يكون ديوثا يقر الخبث في أهله ول حول ول قوة إل بال . جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

21

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

،وغلب هذا الخوف على ذلك الطمع والفكر ؛لم2الجبار واحتقاب الوزاريحدث له ذلك العشق .

؛كخوف إتلففإن فاته هذا الخوف وقارنه خوف دنيوي نفسه ،أو ماله، وذهاب جاهه،وسقوط مرتبته عند الناس ،وسقوطه من عين

من يعز عليه، وغلب هذا الخوف لداعي العشق ؛دفعه . وكذلك إذا خاف من فوات محبوب هو أحب إليه وأنفع له من ذلك

المعشوق وقدم محبته على محبة المعشوق ؛ اندفع عنه العشق . فإذا انتفى ذلك كله ، و غلبت محبة المعشوق لذلك ؛ انجذب إليه

القلب بكليته ،ومالت إليه النفس كل الميل .[ العشق بين المنافع والمضار ]

فإن قيل : قد ذكرتككم آفككات العشككق ومضككاره ومفاسككده ، فهلذكرتم منافعه وفوائده ؟ فالجواب وبالله التوفيق :

إن الكلم في هذا الباب ل بد فيه من التمييز بييين الحييرام والجييائز والنييافع والضار، ول يسييتعجل عليييه بالييذم والنكييار ول بالمييدح والقبييول ميين حيييث الجملة ،وإنما يتبين حكمه وينكشف أمييره بييذكر متعلقييه ،وإل فالعشييق ميين

حيث هو ل يحمد ول يذم. ونحن نذكر النافع من الحب ، والضار ، والجائز ، والحرام :

[ أنواع المحبة ] هاهنا أربعة أنواع من المحبة يجب التفريق بينها،وإنما ضكل مكن

ضل بعدم التمييز بينها : ؛ ول تكفي وحدها في النجاة من الله من عذابهأحدهما : محبة الله

باد الصليب واليهود وغيرهم يحبون الله . والفوز بثوابه؛ فإن المشركين وع ؛ وهذه هي التي تدخله في السلم وتخرجهالثاني : محبة ما يحب الله

من الكفر، وأحب الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة وأشدهم فيها . ؛ وهي من لوازم محبة ما يحب الله ، ولوفيه الثالث : الحب لله

بة ما يحب الله إل بالحب فيه وله . يستقيم محا معالرابع : المحبة مع الله ؛ وهي المحبة الشركية ، وكل من أحب شيئ

ا من دون الله ،وهذه الله ،ل لله ، ول من أجله ، ول فيه ، فقد اتخذه ندمحبة المشركين .

:وبقي قسم خامس ليس مما نحن فيه وهى المحبة الطبيعية وهي ميل النسان إلى ما يلئم طبعه ؛كمحبة العطشان للماء ،والجائع

فتلك ل تذم إل إذا ألهت عنللطعام ،ومحبة النوم والزوجة والولد؛ نوا ل ،كما قال تعالى: ذكر الله وشغلت عن محبته ذين آم ل ها ا ي أ يا ))

ه )) ل ر ال ك ذ عن كم د ول أ ول كم ل وا أم كم ه ل ((] وقال تعالى: 9 [المنافقون :ته )) ل ر ال ك ذ عن ع ي ب ول ة تجار هم هي ل ت ].37 [النور :رجال ل

2 )

) احتقاب الوزار : ادخارها حتى تتراكم عليه فتصبح كالجبال يوم القيامة .جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

22

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

[ أعظم أنواع المحبة وأنفعها هي محبة الله تعالى ] وأعلهييا وأجلهييا محبييةواعلم أن أنفع المحبة على الطلق وأوجبها

من جبلت القلوب على محبتييه وفطييرت الخليقيية علييى تييأليهه ،وبهييا قييامت الرض والسموات ،وعليها فطر المخلوقات، وهي سيير شييهادة أن ل إلييه إل الله ، فإن الله هو الذي تألهه القلوب بالمحبة والجلل والتعظيم والييذل لييه

والعبادة هككي كمككالوالخضوع والتعبد ، والعبييادة ل تصييح إللييه وحييده ، ، والشرك في هذه العبودية ميين أظلييمالحب مع كمال الخضوع والذل

يحككب لككذاته مككن سككائرالظلييم الييذي ل يغفييره اللييه ، والله سككبحانه ا لمحبته ،الوجوه .وما سواه فإنما يحب تبع

:جميع كتبه المنزلة،ودعييوة جميييعوقد دل على وجوب محبته سبحانه رسييله أجمعييين ، وفطرتييه الييتي فطيير عليهييا عبيياده ، ومييا ركييب فيهييا ميين

فإن القلككوب مفطككورة مجبولككةالعقول ، وما أسبغ عليهم من النعم ، علككى محبككة مككن أنعككم عليهككا وأحسككن إليهككا ؛ فكيككف بمككن كككل الحسان منككه ، ومككا بخلقككه جميعهككم مككن نعمككة فمنككه وحككده ل

كم كما قال تعالى: شريك له ذا مسيي إ ثييم ه ليي فميين ال ة عميي ن كم من ب وما )) أرون )) تج ه ي ل إ ف ] وما تعرف به إليى عبياده مين أسيمائه53 [ النحل :الضر

الحسنى وصفاته العل ، وما دلت عليه آثار مصنوعاته من كماله ونهاية جللهوعظمته .

الجلل ، والجمال .والمحبة لها داعيان : والرب تعالى له الكمال المطلق من ذلك ؛ فييإنه جميييل يحييب الجمييال ،بييليحب لذاته ميين كييل وجييه الجمال كله له ، والجلل كله منه ؛فل يستحق أن

لييهسواه : قال الله تعالى : كييم ال ب ب يح ني عو ب ت فييا لييه بون ال تح تم كن إن قل )) فور رحيم )) غ له وال كم ب نو ذ كم ل فر غ ي يا]. وقال تعالى: 31 [ آل عمران :و ))

هيم ب يح م و قي ب لييه تي ال أ يي وف فسي ه ني دي عيين كيم د من تي ير ا من نو ذين آم ل ها ا ي أنه )) بو يح ].54 الية [المائدة :و

؛ فل مييوالة إل بحييب ،كمييا أن العييداوة أصييلهاوالوليككة أصككلها الحككبالبغض.

والله ولي الذين آمنوا وهم أولياؤه ؛ فهم يوالونه بمحبتهم له ، وهييو يييواليهمبمحبته لهم ؛ فالله يوالي عبده المؤمن بحسب محبته له .

ولهذا أنكر سبحانه على من اتخذ من دونه أولياء ؛ بخلف من والى أولياءه ؛فإنه لم يتخذهم من دونه ، بل موالته لهم من تمام موال ته .

وى بينه وبين غيره في المحبيية ، وأخييبر أن ميين فعييل يس وقد أنكر على من ا يحبونهم كحب الله ، قال تعالى : ومنذلك ؛فقد اتخذ من دون الله أنداد ))

د أشيي ا نييو ذين آم ليي وا ه ليي كحب ال هم ن بو يح ا داد أن ه ل دون ال ذ من تخ ي ناس من اله )) ل ل ا ب وي بينييه وبييين النييداد فييي الحييب165 [البقرة :ح يس ]. وأخبر عمن

لفييي ضييللأنهم يقولون في النار لمعبييوديهم قييال تعييالى : نييا ك إن ه ل تييال )) بين{ لمين))97م عا ل برب ا كم وي نس ذ إ ].98-97 [الشعراء :}

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

23

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

وبهذا التوحيد في الحب أرسل الله سبحانه جميع رسله ، وأنزل جميع كتبه ، وأطبقت عليه دعوة جميع الرسل ي عليهم الصلة والسلم ي من أولهييم إلييى آخرهم ،ولجله خلقت السموات و الرض ،والجنة والنار ،فجعل الجنة لهييل

هذا التوحيد ، والنار للمشركين به وفيه . :" ل يؤمن عبييد حييتى يكييون هييووقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم أنه

.)1(أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " فكيف بمحبة الرب جل جلله ؟ !

" ل ؛ حييتى أكييون أحييب إليييك ميينوقال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : أي ل تؤمن حتى تصل محبتك لي إلى هذه الغاية .)2(نفسك "

وإذا كان النبي صككلى اللككه عليككه وسككلم أولككى بنككا مككن أنفسككنا بالمحبة ولوازمها ؛ أفليس الرب جل جلله، وتقدست أسككماؤه ،ده ، ول إلككه غيككره أولككى بمحبككة عبكاده وتبارك اسمه ، وتعالى ج

؟! من أنفسهم وكل ما وصل منه إلى عبده المؤمن يدعوه إلييى محبتييه و محبيية مييا يحبييه ،

وكراهة ما يكرهه . فعطيياؤه ومنعييه ، ومعافيياته وابتلؤه ، وقبضييه وبسييطه ، وعييدله وفضييله ، وإماتته وإحياؤه ، ولطفييه ، وبييره ، ورحمتييه ، وإحسييانه ،وسييتره ، وعفييوه ، وحلمه ، وصبره على عبده ، وإجابته لدعائه، وكشييف كربييه، وإغاثيية لهفتييه ،وتفريج كربته ؛ من غير حاجة منه إليه ، بل مع غنيياه التييام عنييه ميين جميييع الوجوه ، كل ذلك داع للقلييوب إلييى تييألهه ومحبتييه ، بييل تمكينييه عبييده ميين معصيته ، وإعانته عليها، وستره حتى يقضي وطره منها ، وكلءته وحراسييته له ،وهو يقضي وطره من معصيته ، وهو يعينه ويستعين عليهييا بنعمييه : ميين

أقوى الدواعي إلى محبته . ا فعييل بمخلييوق أدنييى شيييء ميين ذلييك ؛لييم يملييك قلبييه عيين فلو أن مخلوق محبته ؛ فكيف ل يحب العبد بكل قلبه وجوارحه من يحسن إليه على الييدوام بعدد النفاس مع إساءته؛ فخيره إليه نازل ، وشره إليه صاعد ،يتحبييب إليييه بنعمه ،وهو غني عنه ، والعبد يتبغض إليييه بالمعاصييي ،وهييو فقييير إليييه ؛ فل إحسانه وبره وإنعامه عليييه يصييده عيين معصيييته ، ول معصييية العبييد ولييؤمه

يقطع إحسان ربه عنه ؟!لف القلوب عن محبة من هذا شأنه وتعلقها بمحبة سواه !! لم اللؤم تخ أ ف

ا : فكل من تحبه من الخلككق أو يحبككك إنمككا يريككدك لنفسككه وأيضه منك ،والييرب سييبحانه وتعييالى يريييدك لييك ، فكيف ل يسككتحييوغرض

العبد أن يكون ربه له بهذه المنكزلة ؛وهو معرض عنه ، مشككغولوقد استغرق قلبه محبة ما سواه ؟! بحب غيره؛

1)

)

) من حديث أنس رضي ال عنه . 44) ومسلم (15) أخرجه البخاري (2)

)

) من حديث عبد ال بن هشام رضي ال عنه . 6632) أخرجه البخاري (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

24

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

ا : فكككل مككن تعككامله مككن الخلككق : إن لككم يربككح عليككك لككم وأيضكك ،ولبد له من نوع من أنواع الربح ،والرب تعالى إنما يعاملك ؛لتربييحيعاملك

أنت عليه أعظم الربح وأعله فالدرهم بعشرة أمثيياله إلييى سييبعمائة ضييعفا. إلى أضعاف كثيرة ، والسيئة بواحدة وهي أسرع شيء محو

ا : فهو سبحانه خلقككك لنفسككه وكككل شككيء خلككق لككك فككي وأيض فمن أولى منه باستفراغ الوسع في محبته وبذل الجهد فيالدنيا والخرة

مرضاته ؟!ا ك لديه ا:فمطالبك ك بل مطالب الخلق كلهم جميع وهييو أجييودوأيض

الجييودين ، وأكييرم الكرمييين ،ويعطييي عبييده قبييل أن يسييأله فييوق مييا يييؤمله،يشييكر علييى القليييل ميين العمييل وينميييه ، ويغفيير الكييثير ميين الزلييل ويمحوه ، ويسيأله مين فيي السيموات والرض كيل ييوم هيو فيي شيأن ، لتغلطه كثرة المسائل ، ول يتبرم بإلحاح الملحين ، يشغله سمع عن سمع،ول يسييأل يسييأل ، ويغضييب إذا لييم بل يحب الملحييين فييي الييدعاء ، ويحييب أن ،يستحي من عبده حيث ل يستحي العبد منه،ويستره حيث ل يسييتر نفسييه ،

.ويرحمه حيث ل يرحم نفسه دعاه بنعمه وإحسانه ، وناداه إلى كرامته ورضوانه ، فأبى !

فأرسل رسله في طلبه ، وبعث معهم إليه عهده . :" مككن يسككألني فككأعطيه ؟ مككن ثم نزل سككبحانه بنفسككه وقككال

كما قيل : أدعككوك للوصككل فتككأبى !!)1(يستغفرني فأغفر له " أبعث رسلي فككي الطلككب !! أنككزل إليككك بنفسككي!! ألقككاك فككي

النوم !! : ميين ل يييأتي بالحسيينات إل هييو ، ول يييذهبوكيككف ل تحككب القلككوب

بالسيئات إل هو ، ول يجيب الييدعوات ويقيييل العييثرات ، ويغفيير الخطيئات ،ينيل الطلبات سواه ويستر العورات ، ويكشف الكربات ، ويغيث اللهفات ، و

؟ ! كر، وأحييق ميين حمييد ، وأحييق ميين عبييد ، فهو أحق من ذكر ، وأحق ميين شييتغي ، وأرأف من ملك ، وأجود من سئل ، وأوسع مين أعطييى ، وأنصر من ابتجيء إليييه ،وأكفييى ميين قصد ، وأعز من ال وأرحم من استرحم ، وأكرم من

ا بتوبككة)2(أرحم بعبده من الوالدة بولدهاتوكل عليه ، ، وأشككد فرحكك التككائب مككن الفاقككد لراحلتككه الككتي عليهككا طعككامه وشككرابه فككي

.)3(الرض المهلكة إذا يئس من الحياة ثم وجدها وهو الملك فل شريك له ، والفرد فل ند له ، كل شيء هالييك إل وجهييه، ليين يطيياع إل بييإذنه ،وليين يعصييي إل بعلمييه ،يطيياع فيشييكر ، وبتييوفيقه ونعمتييه

أضيع . أطيع ،ويعصي فيغفر ، ويعفو وحقه

1)

)

) من حديث أبي هريرة رضي ال عنه . 758) ومسلم (1145) أخرجه : البخاري (2)

)

) من حديث عمر بن الخطاب رضي ال عنه . 2754) ومسلم (5999) أخرجه : البخاري (3)

)

) من حديث ابن مسعود رضي ال عنه .2744) ومسلم (6308) أخرجه : البخاري (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

25

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

فهو أقرب شهيد ، وأجل حفيييظ ، وأوفييى بالعهييد ، وأعييدل قييائم بالقسييط ، حال دون النفوس ،وأخذ بالنواصي ،وكتب الثار،ونسخ الجال، فييالقلوب لييه مفضييية ، والسيير عنييده علنييية ، والغيييب لييديه مكشييوف ،وكييل أحييد إليييه

،ودلت)1(ملهوف ،وعنت الوجوه لنور وجهه ،وعجزت العقول عن إدراك كنههلهييا علييى امتنيياع مثلييه وشييبهه ، أشييرقت لنييور وجهييه الفطيير والدليية ك الظلميييات ،واسيييتنارت ليييه الرض والسيييموات ،وصيييلحت علييييه جمييييع

المخلوقات .يرفع إليييه عمييل الليييل ل ينام ول ينبغي له أن ينام ،يخفض القسط ويرفعه ، قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل عمل الليل ، حجابه النييور ، لييو كشييفه ؛

: )3(وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه )2(لحرقت سبحات ره . د بأس لك الوجو ه من عوض ولو م ه لسوا ب ذل ح عتاض با ما ا

فييصل [ نعيم القلب والروح تبع لكمال المحبوب وكمال المحبة ]

وهاهنا أمر عظيم يجب على اللبيب العتناء بككه ،وهككو أن كمال اللذة والسرور والفرح ونعيم القلب وابتهككاج الككروح تككابع

:لمرين : كمال المحبوب في نفسه وجماله ،وأنه أولى بإيثار المحبة ميينأحدهكمكا

كل ما سواه . : كمال محبته ، واسييتفراغ الوسييع فييي حبييه ، وإيثييار قربييهوالمر الثاني

والوصول إليه على كل شيء . وكل عاقل يعلم أن اللذة بحصول المحبوب بحسييب قييوته ومحبتييه ، فكلمييا كانت المحبة أقوى كانت لذة المحب أكمل ، فلذة من اشتد ظمييؤه بييإدراك الماء الزلل ومن اشتد جوعه بأكل الطعام الشهي ونظائر ذلك على حسييب

شوقه وشدة إرادته ومحبته . ؛ فاللذة والسرور والفرح أمر مطلوب في نفسه ، بل هييووإذا عرف هذا

مقصود كل حي وعاقل . ا أعظييم منهييا ،فهي تذموإذا كانت اللذة مطلوبة لنفسها ؛ إذا أعقبت أليم

ا منها وأجل ؛ ة خير ،فكيف إذا أعقبككت أعظككم الحسككراتأو منعت لذدوفوتت أعظم اللذات والمسرات ؟! تحم ة عظيمييةو إذا أعييانت علييى لييذ

د بوجه ما ، وهي لييذة الخييرة ونعيمهييا ، دائمة مستقرة ل تنغيص فيها ول نك (( بل تييؤثرون الحييياة الييدنيا .والخييرة خيييروطيب العيش فيها، قال تعالى:

قض] . وقال السحرة لفرعون لمييا آمنييوا: 17-16 [العلى :وأبقى )) فييا )) يا{ ن د ة اليي يييا لح ه ا ذ هيي قضي ت نما إ قاض أنت نييا72ما ل فيير غ ي ل نييا ب بر نييا نييا آم إ {

قى )) ب أ و ير له خ وال ر ه من السح ي ل ع نا ت ه كر أ وما نا يا طا ] .73 ي 72 [طه : خ

1)

)

) أي : إدراك كيفية صفاته سبحانه وتعالى . 2)

)

) سبحات وجهه : أنواره . 3)

)

) من حديث أبي موسى رضي ال عنه . 179) كما جاء في حديث عند مسلم (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

26

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

ليبتليهم وينيل من أطاعه هذه اللييذةوالله سبحانه وتعالى خلق الخلقا ول تدوموأما الدنياالدائمة في دار الخلد ، فمنقطعة ،ولذاتها ل تصفو أبد

؛ بخلف الخرة فإن لذاتها دائمة ونعيمها خالص من كل كييدر وألييم ، وفيهيياا ، ول تعلم نفس ما أخفى اللييه ما تشتهيه النفس وتلذ العين مع الخلود أبد لعباده فيها من قييرة أعييين ، بييل فيهييا مييا ل عييين رأت ول أذن سييمعت ول

خطر على قلب بشر . ةوهذا المعنى الذي قصده الناصح لقومه بقوله : يييا لح ه ا ذ هي نميا إ م و قي يييا ))

ر )) قييرا ل دار ا هييي ة إن الخيير و ع تييا يا م ن د ] . فييأخبرهم أن39-38 [غييافر :اليييتمتع بها إلى غيرها ،وأن الخرة هي المستقر . الدنيا متاع

عرف أن لذات الدنيا ونعيمها متاع ووسيلة إلييى ليذات الخييرة ، وليذلك وإذا تها ، وأوصييلتفكل لككذة أعككانت علككى لككذة الخككرةخلقت الدنيا و لييذا

يحمد لحسب إيصالها إلى لذة الخرة . إليها ؛لم يذم تناولها ،بل إذا عرف هذا فأعظم نعيم الخرة ولذاتها : النظر إلى وجه اللككه

، وسماع كلمه والقرب منه ، كما ثبت في الصحيح فييي حييديثجل جللها أحييب إليهييم ميين النظيير إليييه " ، وفييي)1(الرؤية :" فوالله ؛ما أعطاهم شيئ

النسائي ومسند المام أحمد من حديث عمار بن ياسر رضي اللييه عنييه عيين :"أسييألك لييذة النظيير إلييى وجهييكالنبي صلى الله عليه وسييلم فييي دعييائه

)2(الكريم ،والشوق إلى لقائك "عرف هذا ؛ تحصل هذه اللذة هو أعظككمفإذا فأعظم السباب التي

لذات الدنيا على الطلق ،وهي لذة معرفة الله سبحانه وتعككالى ؛ فإن ذلك هو لذة الدنيا ونعيمها العالي ، ونسبة لذاتها الفانيييةولذة محبته

لق لذلك ؛ فأطيب مييا ة في بحر ، فإن الروح والقلب والبدن إنما خ ل ف إليه كت في الدنيا معرفته سبحانه ومحبتييه ،وألييذ مييا فييي الجنيية رؤيتييه ومشيياهدته ؛ فمحبته ومعرفته قرة العيييون ،ولييذة الرواح ،وبهجيية القلييوب، ونعيييم الييدنياا ، ويبقييى ا وعييذاب وسرورها ، بل لذات الدنيا القاطعة عيين ذليك تتقلييب آلميي

صاحبها في المعيشة الضنك ؛ فليست الحياة الطيبة إل بالله . وكان بعض المحبين تمر به أوقات فيقول : إن كان أهككل الجنككة

في نعيم مثل هذا؛ إنهم لفي عيش طيب . وكان غيره يقول : لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحككن فيككه ؛

.لجالدونا عليه بالسيوف وإذا كان صاحب المحبة الباطلة التي هي عييذاب علييى قلييب المحييب يقييول

في حاله : ق عش ي يحب و يمن ل ف هوى فل خير ذوو الي ناس إل العاشقون وما ال

فكيف بالمحبة التي هي حياة القلوب وغذاء الرواح ؟ وليس للقلب لييذة ول نعيم ول فلح ول حياة إل بها ،وإذا فقدها القلب ؛كان أليمه أعظيم مين أليم

1)

)

) من حديث صهيب رضي ال عنه . 181) أخرجه : مسلم (2)

)

. 66-65) وصححه اللباني في الكلم الطيب ص 4/264) وأحمد (1304) أخرجه : النسائي (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

27

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

العين إذا فقدت نورهييا ،والذن إذا فقييدت سييمعها ،والنييف إذا فقييد شييمه ،واللسان إذا فقد نطقه ؟!

بل فساد القلب إذا خل ميين محبيية فيياطره وبييارئه وإلهييه الحييق أعظييم ميينق به إل من في قلبه حياة د فساد البدن إذا خل منه الروح ، وهذا المر ل يص

يت إيلم . ، وما لجرح بمةوالمقصود : أن أعظم لذات الدنيا هي السيبب الموصيل إليى أعظييم ليذفي الخرة .

[ أنواع لذات الدنيا ]ولذات الدنيا ثلثة أنواع :

النسان ، ويثابفأعظمها وأكملها : ما أوصل إلى لذة الخرةعلى هذه اللذة أتم ثواب .

قصد به وجه الله من أكلييه، وشييربه، ي ولهذا كان المؤمن يثاب على ما ولبسه، ونكاحه ،وشفاء غيظه بقهر عييدو اللييه وعييدوه ، فكيييف بلييذة إيمييانه ومعرفته بالله ومحبته له وشوقه إلى لقائه وطمعه في رؤييية وجهييه الكريييم

في جنات النعيم ؟! وتعقب آلما أعظم منها :النوع الثاني : لذة تمنع لذة الخرة

ذة الذين اتخذوا من دون الله أوثانا مودة بينهم في الحياة الدنيا ؛ يحبونهم كل كحب اللييه ، ويسييتمع بعضييهم ببعييض ؛فييإنهم يقولييون فييي الخييرة إذا لقييوا

نييارربهم : قييال ال نا ل لت أج ي ذ ل نا ا ل أج نا غ ل ب و عض ب ب نا عض ب ع ت تم نا اس ب ((رعليم{ كيم بك ح إن ر له ل ما شاء ال إ ها في دين ل كم خا وا ث لي128م و ن لك ذ ك و {

بون )) كس ي ا نو كا بما ا عض ب لمين ظا عض ال ] .129-128[ النعام :بولذة أصحاب الفواحش والظلم والبغي في الرض والعلو بغير الحق.

وهذه اللذات في الحقيقة إنما هي استدراج من الله لهم ؛ ؛ بمنزلييةليذيقهم بها أعظم اللم ، ويحرمهم بهككا أكمككل اللككذات

ا يستدرجه به إلى هلكه . ا مسموم ا لذيذ من قدم لغيره طعام (( سنستدرجهم من حيث ل يعملون . وأملي لهم إن كيييديقال تعالى

لمييا183-182 [العييراف :متين )) ] قييال بعييض السييلف فييي تفسيييرها : كا ؛أحدثنا لهم نعمة إذا فرحوا بما أوتوا أخييذناهم بغتيية فييإذا (( حتىأحدثوا ذنب

هم مبلسون . فقطع دابر القوم الييذين ظلمييوا والحمييد للييه رب العييالمين))].45-44[النعام :

(( أيحسبون أنما نمييدهم بييه ميين مييالوقال تعالى لصحاب هذه اللذة ] وقييال56-55[المؤمنون :وبنين. نسارع لهم في الخيرات بل ل يشعرون))

(( فل تعجبك أموالهم ول أولدهم إنما يريييد اللييه ليعييذبهم بهييافي حقهم : ]الية .55 [التوبة :في الحياة الدنيا ))

وهذه اللذة تنقلب آلما من أعظم اللم ؛كما قيل :عذابا د ا فصارت في المعا ها عذاب هل ة ل رب كانت في الحيا مآ

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

28

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

ول ألما يمنييع وصييوللذة ل تعقب لذة في دار القرار: النوع الثالث لذة دار القرار، وإن منعت كمالها .

يستعان بها على لذة الخرة ؛فهييذه زمانهييا وهذه اللذة المباحة التي ل يسير ، وليس لتمتع النفس بها قدر ،ول بد أن تشغل العبد عما هييو خييير لييه

وأنفع منها . :"هو الذي عناه النبي صلى اللييه عليييه وسييلم بقييوله وهذا القسم

كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل ؛ إل رميه بقوسه ،وتأديبه فرسه ،وملعبته .)1(امرأته ؛ فإنهن من الحق "

ة ليذاتها فهيو حيق ، وميا ليم يعيين عليهييا فهيو فما أعان على اللذة المطلوبباطل .

فصل [ بعض أنواع المحبة التي فيها منافع العشق ومزاياه ]

فهذا الحب ل ينكر ول يذم بل هو أحد أنواع الحب،وكذلك حييب رسييول اللييه وإنما نعني بالمحبككة الخاصككة ، وهككي الككتيصلى الله عليييه وسييلم

، وإل فكييل مسييلم فيييتشغل قلب المحب وفكره وذكره بمحبككوبه قلبه محبة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ،والييتي ل يييدخل السييلم إل بها ، والناس متفاوتون في درجات هذه المحبيية تفاوتييا ل يحصيييه إل اللييه ،

فبين محبة الخليلين صلى الله عليهما وسلم ومحبة غيرهما ما بينهما . لطييف وتخفييف أثقييال التكيياليف ،وتسييخي البخيييل ، ت فهذه المحبة هي التي وتشييجع الجبييان ،وتصييفي الييذهن ، وتييروض النفييس ،وتطيييب الحييياة علييىليت السييرائر يييوم اللقيياء ؛كييانت ب الحقيقة ، ل محبة الصور المحرمة ، وإذا

سريرة صاحبها من خير سرائر العباد ؛كما قيل : ة حب يوم تبلى السرائر لب والحشا سرير ر الق سيبقى لكم في مضم

تنور الوجه ، وتشرح الصدر، وتحيي القلب . وهذه المحبة هي التي ؛ فإنها من علمة محبة الله .وكذلك محبة كلم الله

وإذا أردت أن تعلم ما عندك وعند غيرك من محبة الله ؛فانظر محبة القرآن من قلبك، والتييذاذك بسييماعه أعظييم ميين التييذاذ أصييحاب الملهييي والغنيياءا كييان كلمييه وحييديثه أحييب بسماعهم ؛ فإنه من المعلوم أن من أحييب حبيبيي

ء إليه ؛كما قيل : شيبي فلم هجرت كتابي عم ح تز كنت إن ذ خطابي أما تأملت ما فيي يه من لذي

نا لما شييبعت ميين هرت قيلوب ط وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه : لو . وكيف يشبع المحب من كلم محبوبة وهو غاية مطلوبه ؟ )2(كلم الله

وقال النبي صلى الله عليه وسلم يوما لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " إنييي أحييب أن فقييال : أقييرأ عليييك وعليييك أنييزل ؟ فقييال : "اقرأ علييي "

1)

)

) من حديث عقبة بن عامر الجهني4/114) وأحمد (3146) والنسائي (1673) والترمذي (2513) أخرجه : أبو داود (رضي ال عنه . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .

2)

)

. 159) أخرجه : أحمد في الزهد ص جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

29

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

فاسييتفتح فقييرأ سييورة النسيياء حييتى إذا بلييغ قييوله :أسييمعه ميين غيييري" [النساء(( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلء شهيدا ))

فرفع رأسه فييإذا عينييا رسييول اللييه صييلى اللييه"حسبك الن " ] قال : 41:.)1(عليه وسلم تذرفان من البكاء

وكان الصحابة إذا اجتمعوا وفيهم أبو موسى ؛ يقولون: يا أبا موسييى ! اقييرأ. )2(علينا فيقرأ ، وهم يستمعون

لمحبي القرآن من الوجييد والييذوق واللييذة والحلوة والسييرور أضييعاف مييا فلمحبي السماع الشيطاني .

فإذا رأيت الرجل ذوقه وشدة وجده وطربه وشوقه إلى سماع البيات دون تقرأ عليكككسماع اليات ،و سماع اللحان دون سماع القرآن ؛ كما قيل :

د فتميككل نشكك ي الختمككة وأنككت جامككد كككالحجر ،وبيككت مككن الشككعر فهذه من أقوى الدلة على فراغ قلبييه ميين محبيية اللييه وكلمييهكالنشوان

،وتعلقه بمحبة سماع الشيطان ، والمغرور يعتقد أنه على شيء !! ففي محبة الله وكلمه ورسوله صلى الله عليه وسلم أضييعاف أضييعاف ميياكر من فوائد العشق ومنافعه، بل ل حب على الحقيقة أنفع منه ،وكل حب ذ

يعن عليه ويسوق المحب إليه . سوى ذلك باطل ، إن لم فيصل

[ ل تثريب في حب النساء إن كان بالوجه الشرعي ] : فل لوم على المحب فيها ، بل هي من كماله .وأما محبة الزوجات

(( ومن آياته أن خلق لكم ميينوقد امتن الله سبحانه بها على عباده فقال : الييية [الييروم :أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكييم مييودة ورحميية ))

] ؛ فجعل المرأة سكنا للرجل ؛ يسيكن إليهيا قلبيه وجعيل بينهميا خيالص21الحب ، وهو المودة المقرونة بالرحمة .

(( يريييدوقد قال تعالى عقيب ذكره ما أحل لنا من النساء وما حرم منهيين: عليكييم واللييه عليييم الله ليبين لكن ويهديكم سنن الذين ميين قبلكييم ويتييوب

حكيم . والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعييون الشييهوات أن تميلييوا [ النساء :ميل عظيما . يريد الله أن يخفف عنكم و خلق النسان ضعيفا ))

26-28.[ وفي الصحيح من حديث جابر عيين النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم أنييه رأى

تقبييل فييي صييورةامرأة فأتى زينب ،فقضى حاجته منها وقال : " إن المرأة شيطان وتدبر في صورة الشيطان فإذا رأى أحدكم امرأة ، فأعجبته ؛فليأت

.)3(أهله ؛ فإن ذلك يرد ما في نفسه " : ففي هذا الحديث عدة فوائد منها

منها : الرشاد إلى التسلي عن المطلوب بجنسه ؛ كما يقوم الطعييام مكييانالطعام والثوب مقام الثوب .

1)

)

) . 800) ومسلم (4582) أخرجه : البخاري (2)

)

) . 1/258) أخرجه : أبو نعيم في الحلية (3)

)

) . 1403) أخرجه : مسلم (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

30

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

ومنها : المر بمداواة العجاب بالمرأة المورث لشهوتها بأنفع الدوية ، وهييو قضاء وطره من أهله ،وذلك ينقض شهوته لها ،وهييذا كمييا أرشييد المتحييابين

ا : " لم ير للمتحابين مثييل النكيياحإلى النكاح كما في سنن ابن ماجه مرفوع ")1(

ا . ا وقدر ء شرع فنكاحه لمعشوقه هو دواء العشق الذي جعله الله دوابب إليه النساء؛كما فييي الصييحيح ول ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم ح

بييب إلييي ميين دنييياكم النسيياءعن أنييس عنييه صييلى اللييه عليييه وسييلم :" ح .)2(والطيب وجعلت قرة عيني في الصلة "

وقد حسده أعداء الله اليهود على ذلك وقييالوا : مييا همييه إل النكيياح ! فييرد (( أمالله سبحانه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونافح عنه فقييال :

]. 54 الية [النساء :يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله )) "وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحيب النياس إليييه فقيال

زقت حبها "رضى الله عنها وقال عن خديجة )3(عائشة " .)4(" إني رفمحبة النساء من كمال النسان .

[ أقسام عشق النساء ] :فعشق النساء ثلث أقسام

: وهييو عشييق الرجييل امرأتييه وجيياريته ، وهييذا قسم هو قربككة وطاعككة العشق نافع فإنه ادعى إلى المقاصييد الييتي شييرع اللييه لهييا النكيياح ، وأكييف للبصر والقلب عن التطلع إلى غير أهله ، ولهذا يحمد هذا العاشق عنييد اللييه

وعند الناس . وهو أضر شيء على ، وعشق هو مقت عند الله وبعد من رحمته

فمككا ابتلككي بككه إل ؛ وهككو عشككق المككردان ، العبد في دينه ودنياه وهييومن سقط من عين الله ،وطرد عن بابه ، وأبعد قلبككه عنككه ،

من أعظم الحجب القاطعة عيين اللييه ؛كمييا قييال بعييض السييلف : إذا سييقطالعبد من عين الله ابتله بمحبة المردان .

وهذه المحبة هي التي جلبت على قوم لوط ما جلبت ،فما أوتوا إل من هييذا[الحجيير :(( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون )) العشق قال الله تعالى :

72 .[ السييتغاثة بمقلييب القلييوب ، وصييدق اللجييأ إليييه ،:ودواء هككذا الككداء

الييذي يعقبييه هييذاباللم والشتغال بذكره ، والتعوض بحبه وقربه ، والتفكر الييتي تفييوته بييه ، فييترتب عليييه فييوات أعظييم محبييوبواللذةالعشق بييل

وحصول أعظم مكروه .

1)

)

) .625) وصححه اللباني في السلسلة الصحيحة ورقمه (1847) أخرجه : ابن ماجه (2)

)

) وتابعه اللباني3/116) وحسن إسناده ابن حجر في التلخيص (285-199-3/128) وأحمد (3949) أخرجه : النسائي () . 2561-3/1448في تخريج المشكاة (

3)

)

) من حديث عمرو بن العاص رضي ال عنه . 2384) ومسلم (3662) أخرجه : البخاري (4)

)

) من حديث عائشة رضي ال عنها . 2435) ومسلم (3816) أخرجه : البخاري (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

31

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

فإذا أقدمت نفسه على هذا وآثرته ؛ فليكبر عليها تكبير الجنازة، وليعلم أن البلء قد أحاط بها .

ورت لييه : العشق المباحوالقسم الثالث من العشق ، كعشق من ص امرأة جميلة أو رآها فجأة من غير قصد فتعلق قلبه بها ، ولم يحدث له ذلك

والنفع لككه مككدافعتهالعشق معصية ؛ فهييذا ل يملييك ول يعيياقب عليييه ، : أن يكتييم ويعييفويجب علكى هكذا بما هييو أنفييع لييه منييه ، والشتغال

ويصييبر علييى بلييواه ، فيييثيبه اللييه علييى ذلييك ، ويعوضييه علييى صييبره للييه ،وعفته ،وترك طاعته هواه ،وإيثار مرضاة الله وما عنده .

فييصيل[ أقسام العشاق ]

: والعشاق ثلثة أقساممن يعشق الجمال المطلق . منهم :

: من يعشق الجمال المقيد ؛ سواء طمع بوصاله أو ل . ومنهم : من ل يعشق إل من يطمع في وصاله .ومنهم

وبين هذه النواع الثلثة تفاوت في القوة والضعف .د، ولييه فييي كييل صييورةفعاشق الجمال المطلق : يهيم قلبه في كييل وا

جميلة مراد ..فهذا عشقه أوسع ، ولكنه غير ثابت كثير التنقل : يصبح ه حين هم من وقت يسل ه و ير غ ق عش ي ثم يهيم بهذا

ه وأدوم محبية ليه ،ومحبتيهوعاشق الجمال المقيد : أثبت على معشيوق أقوى من محبة الول ؛ لجتماعهما في واحد ،ولكيين يضييعفهما عيدم الطمييع

في الوصال . طمع في وصككاله ي أعقييل العشيياق وأعرفهييم ،وعاشق الجمال الذي

ويه . وحبه أقوى ؛لن الطمع يمده ويقفيصل

[ بيان أن خبر : " من عشق فعف .." موضوع ] [ ول يغتر بالحديث الموضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..أنه

" ميين عشييق وكتييم وفي رواية " من عشق فعف فمات فهو شهيد "قال : . )1( وعف وصبر غفر الله له و أدخله الجنة "

فإن هذا الحديث ل يصح عن رسول الله ول يجوز أن يكون من كلمييه فييإن الشهادة درجة عالية عند الله مقرونة بدرجة الصديقية ولها أعمييال وأحييوال

هي شرط في حصولها .وهي نوعان : عامة وخاصة :

الشهادة في سبيل الله . فالخاصة :ا منها . والعامة : خمس مذكورة في الصحيح ليس العشق واحد

وكيف يكون العشق الذي هو شرك في المحبية ، وفيراغ القليب عين الليه ،وتمليك القلب والروح والحب لغيره ؛ تنال به درجة الشهادة ؟!

1)

)

) . 1/587) وانظر : السلسلة الضعيفة (1/349) أخرجه ابن حبان في المجروحين (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

32

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

هذا من المحال ؛ فإن إفساد عشق الصور للقلب فوق كل إفسيياد ، بييل هييو خمر الروح الييذي يسييكرها ويصييدها عيين ذكيير اللييه وحبييه والتلييذذ بمناجيياته والنييس بييه، ويييوجب عبودييية القلييب لغيييره ؛ فييإن قلييب العاشييق متعبييد لمعشوقه ،بل العشق لييب العبودييية ؛ فإنهييا كمييال الييذل والحييب والخضييوع

والتعظيم . فكيف يكون تعبد القليب لغيير الليه مميا تنيال بيه درجية أفاضيل الموحيدين

وساداتهم وخواص الولياء ؟! فلو كان إسناد هذا الحديث كالشمس ؛كان غلطا ووهما .

ول يحفظ عن رسييول الليه صيلى الليه علييه وسيلم لفييظ ( العشيق ) فييحديث صحيح ألبته .

ثم إن العشق منه حلل ومنه حييرام ؛فكيييف يظيين بييالنبي صييلى اللييه عليييهوسلم أنه يحكم على كل عاشق يكتم ويعف بأنه شهيد ؟!

فترى من يعشق امرأة غيره أو يعشق المردان والبغايا ينييال بعشييقه درجيية الشهداء؟! وهييل هييذا إل خلف المعلييوم ميين دينييه صييلى اللييه عليييه وسييلم

بالضرورة ؟! كيف والعشق مرض من المراض التي جعل الله سبحانه لها الدوييية شييرعا

وقدرا، والتداوي منه إما واجب ي إن كان عشقا حراما ي وإما مستحب ؟! وأنت إذا تأملت المراض والفات التي حكييم رسييول اللييه صييلى اللييه عليييهوسييلم لصييحابها بالشييهادة ؛ وجييدتها ميين المييراض الييتي ل علج لهييا ؛ كالمطعون ،والمبطون ،والمجنون ،والحريق، والغريق ،وموت المرأة يقتلهييا ولدها في بطنها ؛ فإن هذه بليا من الله ل صنع للعبييد فيهييا ، ول علج لهييا ، وليست أسبابها محرمة ، ول يترتب عليها من فساد القلب وتعبده لغير اللييه

.)1 (ما يترتب على العشق ..]فصل

[ عظيم مفسدة اللواط وشدة فحشه ] ولما كانت مفسدة اللواط من أعظم المفاسد كانت عقوبته في الدنيا

والخرة من أعظم العقوبات .ا للصحابة : ليس في المعاصي فذهب جمهور المة وحكاه غير واحد إجماع

مفسدة أعظم من مفسدة اللواط وهى تلي مفسدة الكفر ،وربما كانتأعظم من مفسدة القتل .

ا منقالوا : ولم يبتل الله تعالى بهذه الكبيرة قبل قوم لوط أحدالعالمين .

ا من العقوبات وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أمة غيرهم ،وجمع عليهم أنواع من الهلك ، وقلب ديارهم عليهم ،والخسف بهم ، ورجمهم بالحجارة منا ، فنكل بهم نكال السماء، وطمس أعينهم، وعذبهم وجعل عذابهم مستمر

لم ينكله بأمة سواهم .

1)

)

) لهميته .4/275) هذا المقطع أخذته من كلم ابن القيم ـ رحمه ال ـ في زاد المعاد (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

33

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة ، التي تكاد الرض تميد من جوانبها إذا عملت عليها ، وتهرب الملئكة إلى أقطار السموات والرض إذا شهدوها

خشية نزول العذاب على أهلها فيصيبهم معهم ،وتعج الرض إلى ربها تباركوتعالى ، وتكاد الجبال تزول عن أماكنها .

‌ل يقتل المفعول به خير له من أن يؤتى فإنه إذا وطأه الرجل ؛ قتله قت ولن ا ،ويذهب يرجى له بعده صلح أبد ا ل ل ترجى الحياة معه ؛ فإنه يفسد فساد خيره كله ،وتمص الرض ماء الحياء من وجهه ،فل يستحي بعد ذلك من الله

ول من خلقه ، وتعمل في قلبه وروحه نطفة الفاعل ما يعمل السم فيالبدن بخلف قتله؛ فإنه مظلوم شهيد ،وربما ينتفع به في آخرته .

[ بيان عقوبة اللوطي ] ] كما أجمع عليه أصحاب رسول الله صلىعقوبة اللوطي القتل حدا[

الله عليه وسلم ودلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة الصريحة ،التي ل معارض لها ، بل عليها عمل أصحابه وخلفائه

الراشدين رضي الله عنهم أجمعين . ينكح ل وقد ثبت عن خالد بن الوليد : ( أنه وجد في بعض نواحي العرب رج

تنكح المرأة ، فكتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه؟ فاستشار كما أبو بكر الصديق الصحابة رضي الله عنهم ،فكان علي بن أبي طالب أشدهم

قول فيه، فقال: ما فعل هذا إل أمة من المم واحدة ، وقد علمتم ما فعل .)1(الله بها ، أرى أن يحرق بالنار .فكتب أبو بكر إلى خالد فحرقه )

نظر أعلى ما في القرية ، فيرمى اللوطي منها وقال عبد الله بن عباس : يكسا ، ثم يتبع بالحجارة . وأخذ ابن عباس هذا الحد من عقوبة الله)2(من

ية . لوط ل " منوابن عباس هو الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :

رواه أهل)3(وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ؛ فاقتلوا الفاعل والمفعول به " السنن وصححه ابن حبان وغيره واحتج المام أحمد بهذا الحديث وإسناده

على شرط البخاري . :" لعن الله من عمل : وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال قالوا

عمل قوم لوط ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط ، لعن الله من عمل )4(عمل قوم لوط "

ولم يجىء عنه صلى الله عليه وسلم لعنة الزاني ثلث مرات في حديث واحد ،وقد لعن جماعة من أهل الكبائر فلم يتجاوز بهم في اللعن مرة

واحدة ، وكرر لعن اللوطية و أكده ثلث مرات .

1)

)

) . 3/251) وجود إسناده المنذري في الترغيب (8/232) أخرجه : ابن أبي الدنيا ،ومن طريقه البيهقي في السنن (2)

)

) . 5/493) أخرجه : ابن أبي شيبة في المصنف (3)

)

) من حديث ابن عباس رضي ال عنهما وصححه الحاكم2561) وابن ماجه (1456) والترمذي (4462) أخرجه : أبو داود () . 8/16والذهبي واللباني في الرواء (

4)

)

) من حديث ابن عباس رضي ال عنهما وصححه الحاكم4/356) والحاكم (4417) وابن حبان (1/309) أخرجه : أحمد ( . 203وحسنه اللباني في أحكام الجنائز ص

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

34

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

على قتله ، لمصلى الله عليه وسلم وأطبق أصحاب رسول الله يختلف منهم فيه رجلن ، وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله ، فظن بعض الناس أن ذلك اختلف منهم في قتله، فحكاها مسألة نزاع بين

. ‌‌ الصحابة ،وهي بينهم مسألة إجماع ل مسألة نزاع ومقتافاحشة(( ول تقربوا الزنى إنه كان : ومن تأمل قوله سبحانه قالوا

ماالفاحشة(( أتأتون ] وقوله في اللواط 32 [السراء :وساء سبيل )) ] تبين له تفاوت ما بينهما80 [العراف :سبقكم بها من أحد من العالمين ))

كر الفاحشة، فإنه سبحانه أي : هو فاحشة من الفواحشفي الزنى ؛ نع لمعاني اسم الفاحشة ؛كماوعرفها في اللواط، ، وذلك يفيد أنه جام

تقول :زيد الرجل ، ونعم الرجل زيد ؛ أي أتأتون الخصلة التي استقرذكرها بحيث ل فحشها وكماله غنية عن فحشها عند كل أحد ، وهي لظهور

ينصرف السم إلى غيرها . (( وفعلت فعلتك التي فعلت ))وهذا نظير قول فرعون لموسى

] ؛ أي : الفعلة الشنعاء الظاهرة المعلومة لكل أحد .19[الشعراء :د من العالمين قبلهم ، فقال فحشها بأنها لم يعملها أح كد سبحانه شأن ثم أ

].80 [ العراف :(( ما سبقكم بها من أحد من العالمين )) ثم زاد في التأكيد بأن صرح بما تشمئز منه القلوب ،وتنبو عنها السماع

كح كحه كما ين ل مثله ين وتنفر منه الطباع أشد النفور ، وهو إتيان الرجل رج] .81 [العراف :(( إنكم لتأتون الرجال ))النثى فقال :

ثم نبه على استغنائهم عن ذلك ، وأن الحامل لهم عليه ليس إل مجرد الشهوة ل الحاجة التي لجلها مال الذكر إلى النثى ؛ من : قضاء الوطر ،

ولذة الستمتاع، وحصول المودة والرحمة التي تنسى المرأة لها أبيها وتذكر بعلها، وحصول النسل الذي هو حفظ هذا النوع الذي هو أشرف

المخلوقات ،وتحصين المرأة ، وقضاء وطرها ، وحصول علقة المصاهرة التي هي أخت النسب ، وقيام الرجال على النساء ، وخروج أحب الخلق

إلى الله من جماعهن كالنبياء والولياء والمؤمنين ومكاثرة النبي صلى الله عليه وسلم النبياء بأمته …إلى غير ذلك من مصالح النكاح ، والمفسدة

تربي عليه بما ل يمكن حصر فساده ،ول التي في اللواط تقاوم ذلك كله ، ويعلم تفصيله إل الله عز وجل .

قبح ذلك بأن اللوطية عكسوا فطرة الله التي فطر عليه ثم أكد سبحانه الرجال، وقلبوا الطبيعة التي ركبها الله في الذكور ، وهي شهوة النساء

دون الذكور، فقلبوا المر، وعكسوا الفطرة والطبيعة ، فأتوا الرجال شهوة من دون النساء ، ولهذا قلب الله سبحانه عليهم ديارهم ، فجعل عاليها

كسوا في العذاب على رؤسهم . ن لبوا هم و ق سافلها ، وكذلك قبح ذلك بأن حكم عليهم بالسراف ، وهو مجاوزة الحد، ثم أكد سبحانه

] . 81[العراف :(( بل أنتم قوم مسرفون)) فقال : ‌‌؟ ! ا منه في الزنى فتأمل ؛ هل جاء مثل ذلك أو قريب

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

35

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

((ونجيناه من القرية التي كانت تعملوأكد سبحانه ذلك عليهم بقوله ] .74 [النبياء :الخبائث ))

(( إنهم كانوا قومثم أكد سبحانه عليهم الذم بوصفين في غاية القبح ،فقال ] .74 [النبياء :سوء فاسقين ))

(( فقال رب انصرني على القوموسماهم مفسدين في قول نبيهم ] .30 [العنكبوت :المفسدين ))

(( إنا مهلكواوسماهم ظالمين في قول الملئكة لبراهيم عليه السلم : ] 31 [العنكبوت :أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين ))

فتأمل من عوقب بمثل هذه العقوبات ، ومن ذمه الله بمثل هذه الذمات . ولما جادل فيهم خليله إبراهيم الملئكة ؛وقد أخبروه بإهلكهم ؛ قيل له : (( يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير

] .76 [هود :مردود ))ا لما وتأمل خبث اللوطية وفرط تمردهم على الله ؛ حيث جاؤا نبيهم لوط

سمعوا بأنه قد طرقه أضياف ، هم من أحسن البشر صورا ، فأقبل اللوطية (( يا قوم هؤلء بناتي هن أطهر لكم ))إليهم يهرعون فلما رآهم قال لهم

ا على نفسه وعلى أضيافه78[هود : ] ففدى أضيافه ببناته يزوجهم بهم خوف (( يا قوم هؤلء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا اللهمن العار الشديد ، فقال :

]فردوا عليه ،78 [هود :أليس منكم رجل رشيد )) ول تخزون في ضيفي (( لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ماولكن رد جبار عنيد

] ! فنفث نبي الله نفثة مصدور خرجت من قلب79 [هود :نريد )) ]80 [هود :(( لو أن لي بكم قوة أو أوي إلى ركن شديد ))مكروب ،فقال:

فكشف له رسل الله عن حقيقة الحال ، وأعلموه أنهم ممن ليس يوصلون عليك ، فقالوا إليهم ول إليه بسببهم ، فل تخف منهم ول تعبأ بهم وه

] وبشروه بما جاءوا به81 [هود :(( يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك )) (( فأسر بأهلك بقطع منمن الوعد له ولقومه من الوعيد المصيب فقالوا

الليل ول يلتفت منكم أحد إل امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم] . 81 [هود :الصبح أليس الصبح بقريب ))

عجل من هذا. فاستبطأ نبي الله ي عليه السلم ي موعد هلكهم،وقال : أريد أ]. 81 [ هود :(( أليس الصبح بقريب ))فقالت الملئكة :

فوالله ما كان بين إهلك أعداء الله ونجاة نبيه وأوليائه إل ما بين السحر وطلوع الفجر ، وإذا بديارهم قد اقتلعت من أصولها ، ورفعت نحو السماء ،

حتى سمعت الملئكة نباح الكلب ونهيق الحمير ، فبرز المرسوم الذي ل يرد من الرب الجليل على يدي عبده ورسوله جبرائيل بأن يقلبها عليهم كما

(( فلما جاء أمرنا جعلناأخبر به في محكم التنزيل ، فقال عز من قائل: ] .82 [هود :عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل ))

ا لمن شاركهم في ل وسلف فجعلهم آية للعالمين ، وموعظة للمتقين ، ونكا (( إن في ذلكأعمالهم من المجرمين ، وجعل ديارهم بطريق السالكين

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

36

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

ليات للمتوسمين . وإنها لبسبيل مقيم . إن في ذلك لية للمؤمنين ))] .77-75[الحجر :

أخذهم على غرة وهم نائمون ، وجاءهم بأسه وهم في سكرتهم يعمهون ،ل ، فأصبحوا فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون، تقلبوا على تلك اللذات طوي

بها يعذبون :عذابا ا فصارت في الممات لها عذاب ة له مآرب كانت في الحيا ذهبت اللذات وأعقبت الحسرات ،وانقضت الشهوات وأورثت

ا ا وخيم ل ، رتعوا مرتع ل وعذبوا طوي الشقوات ،تمتعوا قليا ،أسكرتهم خمرة تلك الشهوات فما ا أليم فأعقبهم عذاب

استفاقوا منها إل في ديار المعذبين ، وأرقدتهم تلك الغفلة فما استيقظوا منها إل وهم في منازل الهالكين ، فندموا ك

والله ك أشد الندامة حين ل ينفع الندم ، وبكوا على ما أسلفوهبدل الدموع بالدم .

فلو رأيت العلى والسفل من هذه الطائفة، والنار تخرج من منافذ وجوههم وأبدانهم وهم بين أطباق الجحيم ، وهم

يشربون بدل لذيذ الشراب كؤوس الحميم ،ويقال لهم وهميسحبون (( ذوقوا ما كنتم تكسبون اصلوهاعلى وجوههم

فاصبروا أو ل تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم].16 [الطور :تعملون ))

ولقد قرب الله سبحانه مسافة العذاب بين هذه المة وبينا لهم بأعظم الوعيد ((وما هيإخوانهم في العمل، فقال مخوف

].83 [هود:من الظالمين ببعيد))[ توبة اللوطي هل تقبل ؟ ]

وقد اختلف الناس هل يدخل الجنة مفعول به ؟ : إن تيياب المبتلييى بهييذا البلءأن يقككال التحقيق فككي هككذه المسككألة

ا منيه فيي ا ،وكيان فيي كيبره خيير ل صيالح ا وعم وأناب ، ورزق توبية نصيوح صييغره ،وبييدل سيييئاته بحسيينات، وغسييل عييار ذلييك عنييه بييأنواع الطاعييات والقربات ،وغض بصييره ،وحفييظ فرجييه عيين المحرمييات ،وصييدق اللييه فييي

ا . معاملته فهذا مغفور له،وهو من أهل الجنة ؛فإن الله يغفر الذنوب جميع وإذا كانت التوبة تمحو كل ذنب ، حتى الشرك بالله ،وقتل أنبيييائه وأوليييائه ،

قصر عن محو هذا الذنب . ت والسحر ،والكفر ، وغير ذلك فل ل أن التائب ميين الييذنب كميين ل ذنييب ل وفض وقد استقرت حكمة الله به عد له. وقد ضمن الله سبحانه لمن تاب من الشرك وقتييل النفييس والزنييى أنييه

دل سيئاته حسنات ، وهذا حكم عام لكل تائب من ذنب . يب (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطييوا ميينوقد قال تعالى :

[الزميير :رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هييو الغفييور الرحيييم ))

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

37

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

] فل يخرج من هييذا العمييوم ذنييب واحييد ، ولكيين هييذا فييي حييق التييائبين53خاصة.

ا مما كان في صغره ؛لموأما المفعول به : إن كان في كبره شر يوفق لتوبة نصوح، ول لعمل صالح،ول استدرك ما فات و أحيا ما

دل السيئات بالحسنات؛ فهذا بعيد أن يوفق عند الممات مات،ول بة يدخل الجنة،عقوبة له على عمله؛ فإن الله سبحانه يعاقب على لخاتم السيئة بسيئة أخرى ،وتتضاعف عقوبة السيئات بعضها ببعض ؛كما يثيب

على الحسنة بحسنة أخرى .[ فصل ]

[ حرمة الزنى ] (( والييذين ل يييدعون مييع اللييه إلهييا[ بين ]سبحانه حرمت [ الزنى ] بقوله :

آخر ول يقتلون النفس التي حرم الله إل بالحق ول يزنيون ومين يفعيل ذليك يلق أثاما .يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا . إل ميين تيياب ))

] الية.70 -68[الفرقان:د فييي النييار فييي فقرن الزنى بالشرك وقتل النفس وجعل جزاء ذلييك الخلييو العذاب المضاعف المهين ، ما لم يرفع العبد مييوجب ذلييك بالتوبيية واليمييان

(( ول تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساءوالعمل الصالح . وقد قال تعالى : فحشه في نفسه ، وهو القبيييح الييذي قييد32 [السراء :سبيل )) ] فأخبر عن

فحشه في العقييول ، ثييم أخيبر عين غيايته بيأنه سيياء تناها قبحه حتى استقر سبيل ؛ فإنه سبيل هلكة وبوار و افتقار في الدنيا ، وعذاب وخزي ونكال في

الخرة. (( إنييه كييانولما كان نكاح أزواج الباء من أقبحه ؛خصه بمزيد ذم ، فقييال :

] .22 [النساء:فاحشة ومقتا وساء سبيل )) وعلق سبحانه فلح العبد على حفظ فرجييه منييه ؛ فل سييبيل لييه إلييى الفلح

(( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلتهم خاشعون . والييذينبدونه فقال: هم عن اللغو معرضون . والذين هم للزكاة فاعلون . والذين هييم لفروجهييم حافظون . إل على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملييومين . فميين

].7-1 [المؤمنون :ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)) : أن من لم يحفظ فرجه ؛ لم يكن منوهذا يتضمن ثلثة أمور

المفلحين ، وأنه من الملومين ، ومن العادين ؛ ففاته الفلح ، واستحق اسم العدوان ، ووقع في اللوم؛ فمقاساة ألم الشهوة ومعاناتها أيسر من بعض

ذلك . ا ل يصبر على سراء ول لق هلوع ونظير هذا : أنه ذم النسان ،وأنه خ

زع إل من استثناه بخل ، وإذا مسه الشر ج ضراء ،بل إذا مسه الخير منع و ((والذين هم لفروجهمبعد ذلك من الناجين من خلقه ، فذكر منهم :

حافظون. إل على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين .فمن] .31-29 [ المعارج :ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ))

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

38

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

فصل[ عظم مفسدة الزنى ]

مفسدة الزنى من أعظم المفاسد ، وهى منافية لمصلحة نظام العالم فييي: حفظ النساب ، وحماية الفروج ، وصيانة الحرمات ، وتوقى ما يوقع أعظييم العداوة والبغضاء بين الناس من إفساد كل منهم امرأة صاحبه وابنته وأختييه

وأمه، وفى ذلك خراب العالم . ؛ أدخلت العار على أهلها وزوجها وأقاربها ونكستفإن المرأة إذا زنت

رؤسهم بين الناس . : فإن قتلت ولدها جمعت بين الزنى والقتل ،وإن حملت من الزنى

ا ليس منهم ، فورثهم وإن حملته على الزوج أدخلت على أهله وأهلها أجنبي وليس منهم ، ورآهم وخل بهم ، وانتسب إليهم وليس منهم إلى غير ذلك

من مفاسد زناها . ا ، وإفساد المرأةوأما زنا الرجل : فإنه يوجب اختلط النساب أيض

المصونة ، وتعريضها للتلف والفساد . ففي هذه الكبيرة خراب الدنيا والدين، وإن عمرت القبور في البرزخ والنار في الخرة ، فكم في الزنى من استحلل محرمات ،وفوات حقوق، ووقوع

مظالم !! أنه:يوجب الفقر ، ويقصر العمر، ويكسو صاحبه سوادومن خاصيته

الوجه، وثوب المقت بين الناس .يمته ،ويجلبومن خاصيته أيضا : أنه يشتت القلب ، ويمرضه إن لم

الهم والحزن والخوف ،ويباعد صاحبه من الملك ،ويقربه من الشيطان . فليس بعد مفسدة القتل أعظم من مفسدته ،ولهذا شرع فيه القتل على

أشنع الوجوه وأفحشها وأصعبها .لت ؛كان أسهل عليه من أن يبلغه أنها ت ق ولو بلغ العبد أن امرأته أو حرمته

زنت . وقال سعد بن عبادة رضي الله عنه : لو رأيت رجل مع امرأتي فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم)1(لضربته بالسيف غير مصفح

" أتعجبون من غيرة سعد ؟ والله ؛ لنا أغير منه ، والله أغير مني ،فقال: ،)2( متفق عليه ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن "

" إن الله يغار ،وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أنوفى الصحيحين أيضا عنه : ، وفى الصحيحين في خطبته صلى الله عليه )3(يأتي العبد ما حرم عليه "

د أغيروسلم في صلة الكسوف أنه قال : " يا أمة محمد ! والله ؛ إنه ل أح لو تعلمون ما من الله أن يزنى عبده أو تزني أمته ، يا أمة محمد ! والله

ل ، ولبكيتم كثيرا " " اللهم ! هلثم رفع يديه فقال : أعلم ؛ لضحكتم قلي)4(بلغت ؟ "

1)

)

) يعني : بحده ل بصحفته .2)

)

) من حديث المغيرة بن شعبة رضي ال عنه .1499) ومسلم (6846) أخرجه : البخاري (3)

)

) من حديث أبي هريرة رضي ال عنه .2761) ومسلم (5223) أخرجه : البخاري (4)

)

) من حديث عائشة رضي ال عنها . 901) ومسلم (1044) أخرجه : البخاري (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

39

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

وفى ذكر هذه الكبيرة بخصوصها عقب صلة الكسوف سر بديع وظهور الزنى من أمارات خراب العالم ، وهو من أشراطلمن تأمله،

الساعة .ا ل يحدثكموه كما في الصحيحين عن أنس بن مالك أنه قال : لحدثنكم حديث

د بعدي ،سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" من أشراطأح الساعة : أن يقل العلم، ويظهر الجهل ،ويظهر الزنى ،ويقل الرجال ، وتكثر

)1(النساء ،حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد " وقد جرت سنة الله سبحانه في خلقه أنه عند ظهور الزنى

به في الرض ثر غض ؤ ي يغضب الله سبحانه وتعالى ويشتد غضبه ، فلبد أن عقوبة ، قال عبد الله بن مسعود : ما ظهر الربا والزنى في قرية إل أذن

.)2(الله بإهلكها فصل

[ التشديد والتشنيع في حد الزنى وأسبابه ]وخص سبحانه حد الزنى من بين سائر الحدود بثلث خصائص :

:القتل فيه بأشنع القتلت ، وحيث خففه ؛فجمع فيه بين العقوبةأحدهاعلى البدن بالجلد وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة .

: أنه نهى عباده أن تأخذهم بالزناة رأفة في دينه ؛بحيث تمنعهم منالثاني إقامة الحد عليهم ؛ فإنه سبحانه من رأفته بهم ورحمته بهم شرع هذه

العقوبة ؛ فهو أرحم منكم بهم ، ولم تمنعه رحمته من أمره بهذه العقوبة ؛فل يمنعكم أنتم ما يقوم بقلوبكم من الرأفة من إقامة أمره .

كر في حد الزنى خاصة ذ ا في سائر الحدود ، ولكن وهذا وإن كان عام لشدة الحاجة إلى ذكره ؛ فإن الناس ل يجدون في قلوبهم من الغلطة

والقسوة على الزاني ما يجدونه على السارق والقاذف وشارب الخمر ؛ فقلوبهم ترحم الزاني أكثر مما ترحم غيره من أرباب الجرائم ،والواقع

شاهد بذلك ، فنهوا أن تأخذهم هذه الرأفة، وتحملهم على تعطيل حد اللهعز وجل .

:أن هذا ذنب يقع من الشراف والوساطوسبب هذه الرحمة والراذل ،وفي النفوس أقوى الدواعي إليه ،والمشارك فيه كثير ، وأكثر

أسبابه العشق ،والقلوب مجبولة على رحمة العاشق ، وكثير من الناس يعدمساعدته طاعة وقربة ،وإن كانت الصورة المعشوقة محرمة عليه .

كر هذا المر ؛ فهو مستقر عند من شاء الله من أشباه النعام . تن يس ول كي لنا من ذلك شيء كثير عن ناقصي العقول ؛كالخدام والنساء . ولقد ح

1)

)

) . 2671) ومسلم (81-80) أخرجه : البخاري (2)

)

) روه أبو يعلى ،2/621) والمنذري في الترغيب (4/121)قال الهيثمي في المجمع (4981) أخرجه : أبو يعلى في المسند ( . 344 رقم 203وإسناده جيد " والحديث بمجموع طرقه ل ينـزل عن رتبة الحسن ، وقد حسنه اللباني في غاية المرام ص

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

40

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

ا ا ما يقع مع التراضي من الجانبين ؛فل يقع فيهوأيض : فإن هذا ذنب غالب شهوة غالبة)1(من العدوان والظلم والغتصاب ما تنفر النفوس منه ، وفيها

يصور ذلك لها ، فتقوم بها رحمة تمنع إقامة الحد . له ، فوهذا كله من ضعف اليمان .

يرحم بها المحدود يقيم بها أمر الله ، ورحمة ة قو وكمال اليمان أن تقوم به ا لربه تعالى في أمره ورحمته . ، فيكون موافق

دهما بمشهد من المؤمنين ،فل يكونالثالث : أنه سبحانه أمر أن يكون حفي خلوة بحيث ل يراهما أحد ،وذلك أبلغ في مصلحة الحد وحكمة الزجر .

د الزاني المحصن : مشتق من عقوبة الله تعالى لقوم لوط بالقذفوح بالحجارة، وذلك لشتراك الزنى واللواط في الفحش ، وفى كل منهما فساد

يناقض حكمة الله في خلقه وأمره . فصل[ آثار الذنوب والمعاصي ]

مما ينبغي أن يعلم : أن الذنوب والمعاصي تضر ، ول شك أن ضررها في القلوب كضرر السموم

في البدان على اختلف درجاتها في الضرر ، وهل في الدنيا و الخرةشرور وداء إل سببه الذنوب والمعاصي ؟!

من الجنة ي دار اللذة والنعيم والبهجة والسروريفما الذي أخرج البوينإلى دار اللم والحزان والمصائب ؟

من ملكوت السماء ،وطرده ،ولعنه،ومسخوما الذي أخرج إبليس أهل الرض كلهم حتى عل الماء فوقوما الذي أغرقظاهره وباطنه؟ رأس الجبال ؟

على قوم عاد حتى ألقتهم موتى علىوما الذي سلط الريح العقيم وجه الرض كأنهم أعجاز نخل خاوية ودمرت ما مر عليه من ديارهم

وحروثهم وزروعهم ودوابهم حتى صاروا عبرة للمم إلى يوم القيامة ؟ الصيحة حتى قطعت قلوبهم فيوما الذي أرسل على قوم ثمود

أجوافهم ،وماتوا عن آخرهم ؟ حتى سمعت الملئكة نبيح كلبهم ،ثموما الذي رفع قرى اللوطية

قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها، فأهلكهم جميعا، ثم أتبعهم حجارة من السماء أمطرها عليهم، فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على أمة

غيرهم ،ولخوانهم أمثالها ،وما هي من الظالمين ببعيد ؟ سحاب العذاب كالظلل ،فلما صاروما الذي أرسل على قوم شعيب

ا تلظى ؟ فوق رؤسهم ؛ أمطر عليهم نارلت أرواحهم إلى جهنم ؛وما الذي أغرق فرعون ق ن وقومه في البحر ،ثم

فالجساد للغرق والرواح للحرق ؟ وداره وماله وأهله ؟ وما الذي خسف بقارون

1)

)

) الضمير يعود على النفوس . جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

41

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

العقوبات ودمرهاوما الذي أهلك القرون من بعد نوح بأنواعا ؟ تدمير

بالصيحة حتى خمدوا عن آخرهم ؟ وما الذي أهلك قوم صاحب يسا أولي بأس شديد ، فجاسواوما الذي بعث على بنى إسرائيل قوم

خلل الديار، وقتلوا الرجال ،وسبوا الذراري والنساء ،وأحرقوا الديار ،ونهبوا ما علو)1(الموال ،ثم بعثهم عليهم مرة ثانية ،فاهلكوا ما قدروا عليه ،وتبروا

تتبيرا ؟ ة بالقتل والسبي وخرابوما الذي سلط عليهم أنواع العقوبات ؛ مر

البلد ،ومرة بجور الملوك ، ومرة بمسخهم قردة وخنازير، وآخر ذلك أقسم (( ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوءالرب تبارك وتعالى

]؟ وعن جبير بن نفير قال : ( لما فتحت قبرص167[العراف :العذاب )) فرق بين أهلها ،فبكى بعضهم إلى بعض ؛ فرأيت أبا الدرداء جالسا وحده

يبكى ، فقلت :يا أبا الدرداء !ما يبكيك في يوم أعز الله فيه السلم وأهله ؟! فقال : ويحك يا جبير !! ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره ، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك ، تركوا أمر الله

)2(فصاروا إلى ما ترى )

وفي مسند أحمد ؛من حديث أم سلمة؛ قالت : سمعت رسول الله صلى " إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذابالله عليه وسلم يقول :

:يا رسول الله أما فيهم يومئذ أناس صالحون ؟ قال :فقلتمن عنده" "يصيبهم ما أصاب الناس ثم، قلت :كيف يصنع باؤلئك ؟ قال : "بلى"

)3( يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان "

وفي سنن ابن ماجه من حديث عبدالله بن عمر بن الخطاب قال: كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

:" يا معشرفأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال المهاجرين خمس خصال وأعوذ بالله أن تدركوهن ما ظهرت الفاحشة في

قوم حتى أعلنوا بها إل ابتلوا بالطواعين والوجاع التي لم تكن في أسلفهم الذين مضوا ،ول نقص قوم المكيال والميزان ،إل ابتلوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان ،وما منع قوم زكاة أموالهم إل منعوا القطر من

السماء ، فلول البهائم ؛لم يمطروا ،ول خفر قوم العهد إل سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فاخذوا بعض ما في أيديهم ، وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل

)4(الله عز وجل في كتابه ؛ إل جعل الله بأسهم بينهم "

" إذاوعن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : البقر ،وتركوا ظن الناس بالدينار والدرهم ،وتبايعوا بالعينة ،وتبعوا أذناب

1)

)

) تبر : أهلك وحطم .2)

)

. 179) أخرجه : أحمد في الزهد ص 3)

)

) . 3/359) والحديث صححه اللباني في السلسلة (6/294) أخرجه : أحمد (4)

)

) :1/216) وقال اللباني بعد أن أطال في تخريج الحديث وذكر طرقه وشواهده في السلسلة (4019) أخرجه :ابن ماجه (وبالجملة ؛ فالحديث بهذه الطرق والشواهد صحيح بل ريب "

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

42

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

يراجعوا دينهم الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلء فل يرفعه عنهم حتى ورواه أبو داود بإسناد حسن . )1("

من ترك المر بالمعروف والنهي عن : ( )2(وقال العمري الزاهدنزعت منه الطاعة ،ولو أمر ولده المنكر مخافة من المخلوقين ،

) .أو بعض مواليه لستخف بحقه وذكر المام أحمد في مسنده من حديث قيس بن أبي حازم قال :قال أبو بكر الصديق : ( يا أيها الناس ! إنكم تتلون هذه الية وإنكم تضعونها على

(( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ل يضركم من ضل إذاغير موضعها ]وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم105[المائدة :اهتديتم ))

" إذا وفي لفظ " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه "يقول : وفي)3(رأوا المنكر فلم يغيروه " أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده "

صحيح البخاري عن أنس بن مالك قال : إنكم لتعملون أعمال هي أدق في أعينكم من الشعر وإنا كنا لنعدها على زمن رسول الله صلى الله عليه

وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر :أن)4(وسلم من الموبقات . " عذبت امرأة في هرة ،سجنتهارسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

حتى ماتت، فدخلت النار ، ل هي أطعمتها ول سقتها ، ول هي تركتها تأكل )5(من خشاش الرض "

: المعاصي بريد الكفر ،كما أن القبلةومن هاهنا قال بعض السلف بريد الجماع ، والغناء بريد الزنى ،والنظر بريد العشق ،والمرض بريد

الموت . وقال بلل بن سعد : ل تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت

)6(. وقال الفضيل بن عياض : بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله ،وبقدر

ما يعظم عندك يصغر عند الله . وفي المسند وجامع الترمذي من حديث أبي صالح عن أبي هريرة قال :قال

" إن المؤمن إذا أذنب ذنبا نكت فيرسول الله صلى الله عليه وسلم : قلبه نكتة سوداء ،فإذا تاب ونزع واستغفر ؛صقل قلبه ،وإن زاد زادت ،حتى

(( كل بل ران على قلوبهم عز وجل تعلو قلبه،فذلك الران الذي ذكره الله)7(] "14 [المطففين :ما كانوا يكسبون ))

1)

)

) : وقد روى أحمد وأبو داود بإسنادين29/30) قال شيخ السلم ابن تيمية (3462) وأبو داود (2/42) أخرجه : أحمد () .1/42جيدين عن ابن عمر ..( فذكره ) . وصححه اللباني في السلسلة (

2)

)

هـ .184) هو : عبدال بن عبدالعزيز بن عبدال بن عبدال بن عمر بن الخطاب المتوفى سنة ) . 8/375 انظر : السير (

3)

)

) وقال الترمذي : هذا حديث حسن4005) وابن ماجه (3057) والترمذي (4338) و أبو داود (1/7) أخرجه : أحمد (صحيح .

4)

)

) . 6492) أخرجه : البخاري (5)

)

) . 2242) ومسلم (2365) أخرجه : البخاري (6)

)

. 460) أخرجه : أحمد في الزهد ص 7)

)

) وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . 2/297) وأحمد (4244) وابن ماجه (3334) أخرجه : الترمذي (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

43

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

قال الترمذي هذا حديث [حسن ]صحيح . وذكر عبد الله بن أحمد في كتاب الزهد لبيه عن محمد بن سيرين : أنه لما ركبه الدين اغتم لذلك ،فقال: إني لعرف هذا الغم بذنب أصبته منذ أربعين

.)1(سنة وهاهنا نكتة دقيقة يغلط فيها الناس في أمر الذنب ،وهي أنهم

ل يرون تأثيره في الحال وقد يتأخر تأثيره فينسي ، ويظنبر بعد ذلك ؟!!وأن المر كما قال القائل : يغك العبد أنه ل

د الوقوع غبار بر حائط في وقوعه فليس له بع ييغ إذا لم وسبحان الله !! كم أهلكت هذه النكتة من الخلق ؟! وكم أزالت من

نعمة ؟! وكم جلبت من نقمة ؟! وما أكثر المغترين بها من العلماء والفضلءقض ي ولو بعد حين ي كما ن ي ل عن الجهال ! ولم يعلم المغتر أن الذنب ؛ فض

ينقض السهم وكما ينقض الجرح المندمل على الغش والدغل .دوا ع وقد ذكر المام أحمد عن أبي الدرداء : اعبدوا الله كأنكم ترونه ،و

يطغيكم يغنيكم خير من كثير ل أنفسكم في الموتى ،واعلموا أن قليينسى .)2(،واعلموا أن البر ل يبلى وأن الثم ل

تي في منامه،وقيل أ ونظر بعض العباد إلى صبي ،فتأمل محاسنه،فبها بعد أربعين سنة .)3(له:لتجدن غ

ل ل يتأخر عنه : ا معج هذا مع أن للذنب نقد قال سليمان التيمي : إن الرجل ليصيب الذنب في السر، فيصبح وعليه

.)4(مذلته فيصل

[ آثار المعاصي على العبد في دينه ودنياه وآخرته ] وللمعاصي من الثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبككدن

في الدنيا والخرة ما ل يعلمه إل الله : فإن العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصيةفمنها:حرمان العلم

تطفئ ذلك النور . ولما جلس المام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من

وفور فطنته ،وتوقد ذكائه ،وكمال فهمه ،فقال : إني أرى الله قد ألقى علىا؛ فل تطفئه بظلمة المعصية . وقال الشافعي : قلبك نور

ء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي شكوت إلى وكيع سوه عاص يؤتا ه ل فييضل وفضل الل وقال أعلم بأن العلم

: فكما أن تقوى الله مجلبة للرزق ؛فترك التقوىحرمان الرزق ومنها :ق بمثل ترك المعاصي . لب رز )5(مجلبة للفقر ؛فما استج

1)

)

) .2/271) انظر : الحلية (2)

)

. 168) الزهد ص 3)

)

) . قوله :( غبها ) أي عاقبتها.444-2/443) هو ابن الجلء .وانظر الخبر في : صفوة الصفوة (4)

)

) . 3/31) أنظره في : الحلية (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

44

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس ،ولسيما أهل الخير منهم ؛ومنها : فإنه يجد وحشة بينه وبينهم ، وكلما قويت تلك الوحشة ، بعد منهم ومن

قرب من حزب الشيطان بقدر ما رم بركة النتفاع بهم ، و مجالستهم ،وحد من حزب الرحمن، وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم ؛فتقع بينه وبين ع ب

ا من نفسه . امرأته وولده وأقاربه،وبينه وبين نفسه ، فتراه مستوحش وقال بعض السلف : إني لعصي الله ، فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي

)1(.ا دونه أوومنها : تعسير أموره عليه ؛ فل يتوجه لمر إل يجده مغلق

ا ؛ فمن ا عليه. وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسر متعسرعطل التقوى جعل الله له من أمره عسرا .

ويالله العجب !! كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنهأتي ؟! متعسرة عليه وهو ل يعلم من أين

ومنها : أن المعاصي توهن القلب والبدن : فأمر ظاهر ، بل ل تزال توهنه حتى تزيل حياته بالكليةأما وهنها للقلب

. فإن المؤمن قوته من قلبه ، وكلما قوى قلبه قوىوأما وهنها للبدن

بدنه . ؛ فإنه وإن كان قوي البدن فهو أضعف شيء عند الحاجة ،وأما الفاجر

فتخونه قوته عند أحوج ما يكون إلى نفسه . وتأمل قوة أبدان فارس والروم كيف خانتهم عند أحوج ما كانوا إليها ،

وقهرهم أهل اليمان بقوة أبدانهم وقلوبهم ؟ ؛ فلو لم يكن للذنب عقوبة إل أنه يصد عنحرمان الطاعة ومنها :

طاعة تكون بادية ، ويقطع طريق طاعة أخرى ،فينقطع عليه طريق ثالثة ثم رابعة وهلم جرا، فينقطع عليه بالذنب طاعات كثيرة ،كل واحدة منها خير له

من الدنيا وما عليها. وهذا كرجل أكل أكلة أوجبت له مرضة طويلة منعتهمن عدة أكلت أطيب منها والله المستعان .

ا ،حتى يعز علىومنها : أن المعاصي تزرع أمثالها يولد بعضها بعض ،و العبد مفارقتها والخروج منها ؛كما قال بعض السلف : إن من عقوبة السيئة

السيئة بعدها ،وأن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها . فالعبد إذا عمل حسنة قالت أخرى إلى جنبها : اعملني أيضا ،فإذا عملها

قالت الثالثة كذلك وهلم جرا، فتضاعف الربح ،وتزايدت الحسنات وكذلكا حتى تصير الطاعات والمعاصي هيئات راسخة ،وصفات كانت السيئات أيض

لزمة وملكات ثابتة.تضعف القلب عن إرادته ؛ومنها : ي وهو من أخوفها على العبد ي أنها

فتقوى إرادة المعصية ،وتضعف إرادة التوبة شيئا فشيئا ، إلى أن تنسلخ من5)

)

ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والرض ولكن كذبوا فأخذناهمكما في قوله تعالى : ) ]96[ العراف :بما كانوا يكسبون

1)

)

) . 8/109) هو الفضيل بن عياض ؛ كما جاء في الحلية (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

45

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

قلبه إرادة التوبة بالكلية ؛ فلو مات نصفه لما تاب إلى الله ، فيأتي بالستغفار وتوبة الكذابين باللسان بشيء كثير ،وقلبه معقود بالمعصية ،

مصر عليها ،عازم على مواقعتها متى أمكنه .وهذا من أعظم المراض وأقربها إلى الهلك .

أنه ينسلخ من القلب استقباحها ،فتصير له عادة فل يستقبح منومنها :نفسه رؤية الناس له ول كلمهم فيه !

وهذا عند أرباب الفسوق هو غاية التهتك وتمام اللذة ،حتى يفتخر أحدهم بالمعصية، ويحدث بها من لم يعلم أنه عملها ،فيقول :يا فلن !عملت كذا

يسد عليهم طريق التوبة ، وكذا!! وهذا الضرب من الناس ل يعافون ،وتغلق عنهم أبوابها في الغالب ،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "و

كل أمتي معافى ؛ إل المجاهرون ، وإن من الجهار أن يستر الله على العبد ،ثم يصبح يفضح نفسه ويقول :يا فلن! عملت يوم كذا وكذا وكذا ! فيهتك

. )1(نفسه ،وقد بات يستره ربه " أن المعصية سبب لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه، قالومنها :

الحسن البصري : هانوا عليه فعصوه ،ولو عزوا عليه لعصمهم . (( ومن يهن اللهوإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد كما قال الله تعالى

]وإن عظمهم الناس في الظاهر ؛لحاجتهم18 [الحج :فماله من مكرم ))ا من شرهم ؛فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه . إليهم ،أو خوف

أن العبد ل يزال يرتكب الذنوب حتى يهون عليه ويصغر فيومنها :ظم عند ع غر في عين العبد؛ قلبه ،وذلك علمة الهلك ؛ فإن الذنب كلما ص

الله . وقد ذكر البخاري في صحيحه عن ابن مسعود قال :" إن المؤمن يري ذنوبه

كأنها في أصل جبل يخاف أن يقع عليه ،وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع)2(على أنفه فقال به هكذا فطار"

أن المعصية تورث الذل ول بد ، فإن العز كل العز في طاعة اللهومنها : ]10[فاطر :(( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ))تعالى ، قال تعالى

أي : فليطلبها بطاعة الله ؛ فإنه ل يجدها إل في طاعته ،قال الحسن البصري : إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين ؛ فإن ذل

المعصية ل يفارق قلوبهم ، أبى الله إل أن يذل من عصاه . وقال عبد الله بن المبارك :

نها ذل إدما رث ال يو د تميت القلو ب وق ذنوب رأيت النها ة القلو ب وخير لنفسك عصيييا ذنوب حيا ترك ال و

أن الذنوب إذا تكاثرت طبع على قلب صاحبها فكان منومنها : على قلوبهم (( كل بل رانالغافلين ،كما قال بعض السلف في قوله تعالى

]قال : هو الذنب بعد الذنب .14 [المطففين :ما كانوا يكسبون ))

1)

)

) من حديث أبي هريرة رضي ال عنه .3990) ومسلم (6069) أخرجه : البخاري (2)

)

) . 6308) أخرجه : البخاري (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

46

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

وقال الحسن: هو الذنب على الذنب حتى يعمي القلب .)1(وقال غيره : لما كثرت ذنوبهم ومعاصيهم ؛ أحاطت بقلوبهم .

: أن القلب يصدأ من المعصية ؛ فإذا زادت غلب الصدأ حتىوأصل هذاا ،فيصير القلب في غشاوة ل وختم ا وقف بع ا، ثم يغلب حتى يصير ط يصير ران

وغلف ،فإذا حصل له ذلك بعد الهدى والبصيرة ؛ انتكس ، فصار أعلهأسفله ، فحينئذ يتوله عدوه ويسوقه حيث أراد .

ودعوةصلى الله عليه وسلم ومنها :حرمان دعوة رسول الله :الملئكة

فإن الله سبحانه أمر نبيه أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات وقال تعالىه ب نون ؤم ي و هم ب د ر بحم بحون يس له و ومن ح عرش ل لون ا يحم ذين ل (( ا

ذين ل ل فر غ فا ا لم وع ء رحمة كل شي عت وس نا ب نوا ر ذين آم ل ل فرون غ ت يس وم{ لجحي ذاب ا ع هم ق و لك بي عوا س ب ت وا بوا تي7تا ل دن ا ع نات هم ج ل دخ أ و نا ب } ر

كيم{ لح زيز ا ع ل أنت ا نك إ هم ت يا ذر و هم واج أز و هم ئ با لح من آ ومن ص هم ت عد وئات8 ي هم الس ق و وز } ف ل و ا ه لك ذ و ته د رحم ق ف ذ ئ وم ي ئات ي تق الس ومن

ظيم )) ع ل ] .9-7 [غافر :ا فهذا دعاء الملئكة للمؤمنين التائبين ،المتبعين لكتابه وسنة رسوله ،الذين ل

سبيل لهم غيرهما ،فل يطمع غير هؤلء بإجابة هذه الدعوة ؛ إذ لم يتصفبصفات المدعو له بها ، والله المستعان .

: ما رواه البخاري في صحيحه من حديثومن عقوبات المعاصيأن ثر ك ي ه صلى الله عليه وسلم مما ل كان رسول ال قال : دب ن بن ج ة سمر

ه : ب لصحا قول يا ؟ "ي ؤ كم من ر ن د م أح أى هل ر ه من" ي ل ع قص ي ف قال : قص . ي أن له ء ال شا

ة : دا غ ذات قال نه إ قالو هما ن إ و ني ، ثا ع ت ب هما ا ن إ و يان ، ت لة آ ي ل ني ال تا أ نه إ " ذا آخر إ و طجع ، لى رجل مض ع نا ي ت أ نا إ و هما ، ع قت م ل ط ن ني ا إ و ق ! ل ط ن لي ا

غ ل ث ي ف ه ، أس لر ة بالصخر وي ه ي و ه ذا إ و ة ، بصخر ه ي ل ع ئم د)2(قا ه د ه ت ي ف أسه ركان)3( كما أسه يصح ر تى ه ح ي ل إ ع يرج فل ه ، ذ أخ ي ف لحجر ع ا ب ت ي ف نا ه ها لحجر ا

لى " لو ة ا لمر عل ا ف ثل ما ه م ب عل ف ي ف ه ي ل ع د عو ي ثم قال : ، هما : ل لت ق " ق ! ل ط ن لق ا ط ن لي ا قال قال : ذان؟ ه ه ! ما ل بحان ال س

لوب ك ب ه ي ل ع ئم قا ذا آخر إ و ه ، فا ق ل لق ت لى رجل مس ع نا ي ت أ ف نا ق ل ط ن من)4(فاد، دي ح

قه د يشرشر ش ف ه ، ه وج قي د ش أح تي أ ي و ه ذا إ ولى)5( إ ه نخر وم ه ، فا ق لى إ

عل ف ثل ما ه م ب عل ف ي ف ر ، نب الخ لجا لى ا إ ول تح ي ثم ه ، فا ق لى إ نه ي ع و ه، فا قكما نب لجا لك ا ذ يصح تى نب؛ ح لجا لك ا ذ غ من فر ي فما ول ، ل نب ا لجا با

1)

)

) . 6/541) انظر : الدر المنثور (2)

)

) يثلغ : يشدخ . 3)

)

) يتدهده : أي ينحط من علو إلى أسفل . 4)

)

) كلوب : خطاف ، حديدة معوجه الرأس لتعليق الشياء . 5)

)

) فيشرشر شدقه : أي يقطع جانب الفم . جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

47

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

لت : ق قال: " لى " لو ة ا لمر عل ا ف ثل ما عل م ف ي ف ه ي ل ع د عو ي ثم كان ، ق ! ل ط ن لق ا ط ن لي :ا قال ذان ؟ ف ه ه ! ما ل بحان ال س

ه في ذا إ ف قول : " ي كان نه أ أحسب قال : و ر " نو ت ثل ال لى م ع نا ي ت أ ف نا ق ل ط ن فاغط ذا)1(ل إ و ة ، عرا ء نسا و رجال ه في ذا إ ف ه ؛ في نا ع ل ط فا قال : " وات " أص و

وا وض هب ؛ ض ل لك ال ذ هم تا أ ذا إ ف هم ، ن فل م أس هب من ل هم تي أ ي قال :)2(هم " ق ! ل ط ن لق ا ط ن لي: ا قال قال : " ء ؟" ؤل ه هما : ما ل لت ق "

ذا إ و م ، د ثل ال أحمر م قول : ) ي كان نه أ بت ر (حس ه ن لى ع نا ي ت أ ف نا ق ل ط ن فاد ق ر رجل ه ن لى شط ال ع ذا إ و بح ، يس بح ر رجل سا ه ن هفي ال د ن ع ع جم

ع د جم ق ذي ل لك ا ذ تي أ ي ثم بح ، يس بح ما يس بح لك السا ذ ذا إ و ة ، ثير ك ة حجاره ، ي ل إ ع يرج ثم بح ، يس ق ل ط ن ي ف قمه حجرا ، ل ي ف ه فا له غر ف ي ف ة ، لحجار ه ا د ن عقال : ذان ؟ ه هما : ما ل لت ق قمه حجرا . ل أ ف ه، فا له غر ف ه ؛ ي ل إ ع لما رج ك

ق ! ل ط ن لق ا ط ن لي : ا قال ة لمرآ ه ا ري ك لى رجل ع نا ي ت أ ف نا ق ل ط ن فا ء رجل)3(قال : نت را أ ه ما كر أ ك

ها يحش نار ه د ن ذا ع إ و ة ، ذا ؟)4(مرآ ه هما : ما ل لت ق قال : ها . ل و عى ح يس وق ! ل ط ن لق ا ط ن لي: ا قال قال :

ة تم ع ة م وض لى ر ع نا ي ت أ ف نا ق ل ط ن ين)5(فا ب ذا إ و بيع ، ون الر ل كل ها من فيول ذا ح إ و ء ، في السما طول أسه أرى ر د كا أ ويل ، ل ط ة رجل وض هري الر ظ

ء ؟ ؤل ه ذا ؟ ما ه هما : ما ل لت ق قال : قط . هم ت ي أ دان ر ل و ر ث ك أ الرجل من ق! ل ط ن لق ا ط ن لي : ا قال قال :

ول ها ن ظم م ع أ قط وضة أر ر لم ة ظيم ع ة وض لى ر إ نا ي ه ت ن فا نا ق ل ط ن فاة ي ن ب ة م ن دي لى م إ نا ي ه ت ن فا ها في نا ي ق ت فار ها ! في ق لي : ار قال قال : أحسن . ها نا ل دخ ف نا ، ل تح ف ف نا ، تح ف ت فاس ة ، ن دي لم باب ا نا ي ت أ ف ة فض بن ل و هب ذ بن ل ب

بح ما ق أ ك طر وش ء ، نت را أ أحسن ما ك هم ق ل طر من خ رجال ؛ ش ها في نا قا ل ت فهر ن ذا إ و قال : ر . ه ن لك ال ذ في عوا ق ف بوا ه ذ هم : ا ل قال قال : ء ، نت را أ

لمحض ه ا ء أن ما ك ري ، يج رض ت ع ثم)6(م ه ، في عوا ق و ف بوا ه ذ ف ياض ، ب ل في ا أحسن في فصاروا هم . [ ن ع ء لك السو ذ هب ذ د ق نا ؛ ي ل إ عوا رج

لك . ز ن ذاك م ه و دن ع نة ه ج ذ ه لي : قال ة ] صوردا ع ري ص بص فسما ة)7(قال : ب با ثل الر قصر م ذا إ ف ء . )8( ؛ يضا ب ل ا

ني ذرا كما ؛ في له بارك ال هما : ل لت ق قال : لك . ز ن ذا م ه لي : قال قال : له . داخ نت أ و فل ، أما الن ؛ قال : له. دخ أ ف

يت ؟ أ ذي ر ل ذا ا ه فما با ؛ عج ة ل ي ل ذ ال ن يت م أ د ر ق ني إ ف هما : ل لت ق

1)

)

) اللغط : الضجيج غير المفهوم . 2)

)

) ضوضوا : رفعوا أصواتهم مختلطة . 3)

)

) المرآة : المنظر .4)

)

) يحش : يوقد . 5)

)

) معتمة : كثيرة النبت غطاها الخصب . 6)

)

) المحض : اللبن الخالص الذي ل شائبة فيه . 7)

)

) صعدا : صاعدا في ارتفاع كثير . 8)

)

) الربابة : السحابة . جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

48

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

برك . نخ نا س إ أما لي : قال قال : قرآن ل ذ ا أخ ي نه الرجل إ ف ر؛ لحج با أسه غ ر ل ث ي ه ي ل ع يت ت أ ذي ل ول ا ل أما الرجل ا

فضه ير بة . ف تو ك لم نام عن الصلة ا ي وه ، فا ق لى إ ه نخر وم ه ، فا ق لى إ قه د يشرشر ش ه ي ل ع يت ت أ ذي ل أما الرجل ا و

ه ، فا ق لى إ نه ي ع لغو ب ت بة ذ ك ل كذب ا ي ته ف ي ب دو من يغ نه الرجل إ فق . الفا

ة نا هم الز ن إ ف ر ؛ نو ت ء ال نا ب ثل في م ذين ل ة ا عرا ل ء ا نسا وال أما الرجال وني . وا والز

با. كل الر نه آ إ ف لحجر قم ا ل ي و ر ه ن في ال بح يس ه ي ل ع يت ت أ ذي ل أما الرجل ا ولك نه ما إ ف ها ل و عى ح يس و ها يحش ر نا د ال ن ذي ع ل ة ا لمرآ ريه ا ك ل أما الرجل ا و

نم . ه زن ج خاله و ذين ح ل دان ا ل و ل أما ا و هيم برا إ نه إ ف ة وض في الر ذي ل ويل ا ط أما الرجل ال و

ة . طر ف ل لى ا ع د مات لو و كل م ف ؛ قال رسول ف كين ؟ ر لمش د ا ول أ و ه ! ل يا رسول ال لمين : لمس عض ا ب قال ف

كين . ر لمش د ا ول أ و ه صلى الله عليه وسلم ل الطوا ل وم خ ق هم ن إ ف بيحا ؛ ق طر وش نا هم حس ن طر م نوا ش كا ذين ل وم ا ق ل أما ا و

هم " ن ع له وز ال تجا ئا ي وآخر س لحا )1(عمل صاا منومن آثار الذنوب والمعاصي : إنها تحدث في الرض أنواع

(( ظهرالفساد في المياه والهوى والزرع والثمار والمساكن قال تعالى الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا

] . 41 [الروم :لعلهم يرجعون )) ما يحل بها من الخسف والزلزلومن تأثير معاصي الله في الرض :

ويمحق بركتها وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ديار ثمود فمنعهم من دخول ديارهم ؛ إل وهم باكون، ومن شرب مياههم ،ومن

يعلف العجين الذي عجن بمياههم الستسقاء من آبارهم ،حتى أمر أن ل لنواضح البل ؛ لتأثير شؤم المعصية في الماء .

وكذلك شؤم تأثير الذنوب في نقص الثمار وما ترى به من الفات . وأخبرني جماعة من شيوخ الصحراء إنهم كانوا يعهدون الثمار أكبر مما هي

الن، وكثير من هذه الفات التي تصيبها لم يكونوا يعرفونها ،وإنما حدثتمن قرب .

أنها تطفي من القلب نار الغيرة التي هي لحياتهومن عقوبات الذنوب : وصلحه كالحرارة الغريزية لحياة جميع البدن ؛ فإن الغيرة حرارته وناره التي تخرج ما فيه من الخبث والصفات المذمومة ؛كما يخرج الكير خبث الذهب والفضة والحديد. وأشرف الناس وأعلهم همة أشدهم غيرة على

نفسه وخاصته وعموم الناس .

1)

)

) . 2275) ومسلم (7047) أخرجه : البخاري (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

49

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أغير الخلق على المة ،والله سبحانهد غيرة منه ؛كما ثبت في الصحيح عنه أنه قال :" أتعجبون من غيرة سعدأش

: أنه كلما اشتدت ملبستهوالمقصود )1(لنا أغير منه والله أغير مني " للذنوب أخرجت من قلبه الغيرة على نفسه وأهله وعموم الناس ، وقد

ا ل يستقبح بعد ذلك القبيح ل من نفسه ول من تضعف في القلب جدغيره ،وإذا وصل إلى هذا الحد فقد دخل في باب الهلك .

وكثير من هؤلء ل يقتصر على عدم الستقباح بل يحسن ،ويزينه له ، ويدعوه إليه ، ويحثه عليه ،والفواحش والظلم لغيره

يسعى له في تحصيله .ولهذا كان الديوث أخبث خلق الله ، والجنة عليه حرام .

وكذلك محلل الظلم والبغي لغيره ومزينه لغيره ، فانظر ما الذي حملتعليه قلة الغيرة .

وهذا يدلك على أن أصل الدين الغيرة ومن ل غيرة له ل دين .له

فالغيرة تحمي القلب ، فتحمي له الجوارح ، فتدفع السوء والفواحش . تميت القلب ، فتموت الجوارح ، فل يبقى عندها دفع البتة .وعدم الغيرة

ومثل الغيرة في القلب مثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه ؛فإذا ذهبتكن ، فكان الهلك . ا ،فتم ل ، ولم يجد دافع القوة وجد الداء المحل قاب

التي تدفع بها عن نفسه وولده ؛فإذا)2(ومثلها مثل صياصي الجاموس كسرت طمع فيه عدوه .

أنها تضعف في القلب تعظيم الرب جل جللهومن عقوبات الذنوب : ،وتضعف وقاره في قلب العبد ،ولبد شاء أم أبى ، ولو تمكن وقار الله

وعظمته في قلب العبد لما تجرأ على معاصيه . وكفى بالعاصي عقوبة أن يضمحل من قلبه تعظيم الله جل جلله ،وتعظيم

حرماته، ويهون عليه حقه . : أن يرفع الله عز وجل مهابته من قلوبومن بعض عقوبة هذا

الخلق ،ويهون عليهم ،ويستخفون به ؛كما هان عليه أمره واستخف به ؛ فعلى قدر محبة العبد لله يحبه الناس ،وعلى قدر خوفه من الله يخافه

الخلق، وعلى قدر تعظيمه الله وحرماته يعظمه الناس . وكيف ينتهك عبد حرمات الله ويطمع أن ل ينتهك الناس حرماته

؟! أم كيف يهون عليه حق الله ول يهونه الله على الناس ؟!

ولهذاأم كيف يستخف بمعاصي الله ول يستخف به الخلق ؟ ! (( ومن يهن الله فماله منقال تعالى في آية سجود المخلوقات له

] فإنهم لما هان عليهم السجود له ،واستخفوا به ،ولم18 [الحج :مكرم ))

1)

)

) . 1499) ومسلم (6846) أخرجه : البخاري (2)

)

) صياصي الجاموس : قرونه ، مفردها صيصة .جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

50

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

يفعلوه ؛ أهانهم الله ؛ فلم يكن لهم من مكرم بعد إن أهانهم ، ومن ذا يكرميهين من أكرمه الله ؟ ! من أهانه الله ؟! أو

وتركه وتخليته بينهأنها تستدعي نسيان الله لعبده ومن عقوباتها :وبين نفسه وشيطانه ، وهنالك الهلك الذي ل يرجى معه نجاة .

(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغدقال الله تعالى : واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون .ول تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم

] .19-18 [الحشر :أنفسهم أولئك هم الفاسقون )) فترى العاصي مهمل لمصالح نفسه ، مضيعا لها ، قد أغفل الله قلبه عن

ذكره ، واتبع هواه ، وكان أمره فرطا ؛ قد انفرطت عليه مصالح دنياه وآخرته ، وقد فرط في سعادته البدية ،واستبدل بها أدنى ما يكون من

:إنما هي سحابة صيف أو خيال طيفلذة ،ع د يخ لها ل م أو كظل زائل إن اللبيب بمث أحلم نو

د لنفسه ،وإهمال لها ، وإضاعة حظهاوأعظم العقوبات : نسيان العبيع من ل ونصيبها من الله ، وبيعها ذلك بالغبن والهوان وأبخس الثمن ،فض

غنى له عنه ،ول عوض له منه ، واستبدل به من عنه كل الغنى ،أو منه كلالعوض :

وض ته ع ع ي وض وما من الله إن ض ته ع ع ي ء إذا ض من كل شيوض منه شيء وض عن كل ما سواه ،ول يع فالله سبحانه وتعالى : يع

،ويغني عن كل شيء ، ول يغني عنه شيء ، ويمنع من كل شيء ، ول يمنعيجير منه شيء ، فكيف يستغني العبد يجير من كل شيء ول منه شيء ، و

عن طاعة من هذا شأنه طرفة عين ؟ !لمها وكيف ينسى ذكره ، ويضيع أمره حتى ينسيه نفسه فيخسرها ويظ

أعظم الظلم ؟ !به ،ولكن هو الذي ظلم به ، ولكن ظلم نفسه ،وما ظلمه ر د ر لم العب ظ فما

نفسه ! تضعف سير القلب إلى الله والدار الخرة ،أوومن عكقكوبكاتكهكا : أنها

تعوقه وتوقفه وتعطفه عن السير ؛ فل تدعه يخطوا إلى الله خطوة ،هذا إنلم ترده عن وجهته إلى ورائه !

كس الطالب . ن ي فالذنب يحجب الواصل ،ويقطع السائر ، و والقلب إنما يسير إلى الله بقوته ؛ فإذا مرض بالذنوب ؛ ضعفت تلك القوةا يبعد تداركه والله التي تسيره ؛ فإن زالت بالكلية ؛انقطع عن الله انقطاع

المستعان . تحل النقم ، فما زالت عنومن عقوبات الذنوب : أنها تزيل النعم و

العبد نعمة إل بسبب ذنب ، ول حلت به نقمة إل بذنب ،كما قال علي بنأبي طالب رضي الله عنه : ما نزل بلء إل بذنب ول رفع بلء إل بتوبة .

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

51

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

: (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عنوقد قال تعالىا نعمة] ، وقال تعالى : 30 [الشورى :كثير )) (( ذلك بأن الله لم يك مغير

]وقد أحسن القائل :11[الرعد :أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))نعم تزيل ال عها فإن المعاصي ة فار كنت في نعم إذا

نقم ع ال د سري د فرب العبا ة رب العبا طها بطاع وح ما يلقيه الله سبحانه من الرعب والخوف في قلبومن عقوباتها :

ا . ا مرعوب العاصي ؛ فل تراه إل خائف فإن الطاعة حصن الله العظم ، الذي من دخله كان من المنين من عقوبة

الدنيا والخرة ،ومن خرج عنه أحاطت به المخاوف من كل جانب؛ فمنا ،ومن عصاه ؛انقلبت مآمنه أطاع الله انقلبت المخاوف في حقه أمان

مخاوف .كت الريح الباب ؛ فل تجد العاصي إل وقلبه كأنه بين جناحي طائر: إن حر

ا بالعطب ، قال: جاء الطلب ! وإن سمع وقع قدم خاف أن يكون نذيرا إليه . ة عليه ، وكل مكروه قاصد يحسب أن كل صيح

فمن خاف الله آمنه من كل شيء ،ومن لم يخف الله أخافه من كلشيء .

: أنها توقع الوحشة العظيمة في القلب ،فيجد المذنبومن عقوباتهاا ؛قد وقعت الوحشة بينه وبين ربه ، وبين الخلق وبين نفسه نفسه مستوحش

،وكلما كثرت الذنوب اشتدت الوحشة .أمر العيش عيش المستوحشين الخائفين ، وأطيب العيش عيش و

المستأنسين . فلو نظر العاقل ووازن بين لذة المعصية وما توقعه من الخوف والوحشة

،لعلم سوء حاله ،وعظيم غبنه ؛ إذ باع أنس الطاعة وأمنها وحلوتها بوحشةالمعصية وما توجبه من الخوف والضرر الداعي له كما قيل :

نس أ ئت واست عها إذا ش د ذنوب ف تك ال د أوحش كنت ق فإن فيصل

[ العقوبات الشرعية موعظة لمن لم يتعظ بالقدرية ]ا فككي قلبككك ؛ ترعك هذه العقوبات ، ولم تجككد لهككا تككأثير فإن لم فاستحضر العقوبات الشرعية التي شككرعها اللككه ورسككوله علككى

:الجرائمكما قطع السارق في ثلثة دراهم .

وقطع اليد والرجل في قطع الطريق على معصوم المال والنفس . وشق الجلد بالسوط على كلمة قذف بها المحصيين ،أو قطييرة خميير يييدخلها

جوفه. وقتل بالحجارة أشنع قتلة في إيلج الحشفة في فييرج حييرام ، وخفييف هييذه العقوبة عمن لم تتم عليه نعمة الحصان بمائة جلدة ،وبنفي سنة عن وطنييه

وبلده إلى بلد الغربة .

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

52

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

م منييه ، أو تييرك م محيير وفرق بين رأس العبد وبدنه إذا وقييع علييى ذات رحييالصلة المفروضة ، أو تكلم بكلمة كفر .

ا مثله وقتل المفعول به . وأمر بقتل من وطئ ذكروأمر بقتل من أتى بهيمة ، وقتل البهيمة معه .

وعزم على تحريق بيوت المتخلفين عن الصلة في الجماعة . وغير ذلك من العقوبات التي رتبها على الجرائم ، وجعلها بحكمته على

حسب الدواعي إلى تلك الجرائم ، وحسب الوازع عنها . فعقوبات الشارع جاءت على أتم الوجوه ،وأوفقها للعقل ، وأقومها

بالمصلحة . : أن الذنوب إنما تترتب عليها العقوبات الشرعية ،أو القدريةوالمقصود

،أو يجمعهما الله للعبد ، وقد يرفعهما عمن تاب وأحسن .[ سوء الخاتمة وخشية الصالحين منها ]

يحال بينهم وبين حسن وإذا نظرت إلى حال كثير من المحتضرين ؛وجدتهم الخاتمة؛ عقوبة لهم على أعمال السيئة .

ا من المحتضرين فربما تعذر عليه النطق بالشهادة ؛كما شاهد الناس كثيرأصابهم ذلك حتى قيل :

لبعضهم قل : ل إله إل الله ! فقال: آه ! آه ! ل أستطيع أن أقولها !،غلبتك ! ثم قضى .)1( : قل : ل إله إل الله ! فقال : شاه رخ وقيل لخر

ويقول تاتافجعل يهذي بالغناء قل : ل إله إل الله ! وقيل لخر :..ننتنتا ..حتى قضى !!

وقيل لخر ذلك ، فقال :ما ينفعني ما تقول ؛ولم أدع معصية إل ركبتها ! ثمقضى ولم يقلها !

وما أعلم أني صليت لله ذلك ، فقال : وما يغني عني ؛وقيل لخر ثم قضى ولم يقلها !!!تعالى صلة ذلك ، فقال : هو كافر بما تقول !! وقضى !وقيل لخر ذلك ،فقال :كلما أردت أن أقولها فلساني يمسك عنها !!وقيل لخر

وسبحان الله !! كم شاهد الناس من هذا عبرا ! والذي يخفي عليهم منأحوال المحتضرين أعظم وأعظم .

وإذا كان العبد في حال حضور ذهنه وقوته وكمال إدراكه ؛ قد تمكن منه الشيطان واستعمله بما يريده من معاصي الله ، وقد أغفل قلبه عن ذكر الله، وعطل لسانه من ذكره وجوارحه عن

طاعته ، فكيف الظن به عند سقوطه قواه واشتغال قلبه ونفسه بما هو فيه من ألم النزع ، وجمع الشيطان له كل قوته وهمته وحشده عليه بجميع ما يقدر عليه ؛ لينال منه فرصته ؟!

1)

)

) شاه ورخ قطعتان من قطع الشطرنج ، والمحتضر يذكرهما لنهما أخذا عليه لبه وعقله من كثرة اللعب فنسأل ال حسنالخاتمة .

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

53

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

فإن ذلك آخر العمل؛ فأقوى ما يكون عليه شيطانه ذلك الوقت ، وأضعفما يكون هو في تلك الحالة؟! فمن ترى يسلم على ذلك ؟!

(( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الخرة فهناك ] .27 [إبراهيم :ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ))

فكيف يوفق لحسن الخاتمة من أغفل الله سبحانه قلبه عن ذكره ، واتبعهواه ،وكان أمره فرطا؟!!

د من الله تعالى، غافل عنه ، متعبد لهواه ، أسير به بعي د من قل فبعي لشهواته ، ولسانه يابس من ذكره ، وجوارحه معطلة من طاعته، مشتغلة

بمعصيته أن يوفق لحسن الخاتمة . ظهور المتقين ..وكأن المسيئين الظالمين قدولقد قطع خوف الخاتمة

ا بالمان .. (( أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكمأخذوا توقيع]. 40-39 [القلم :لما تحكمون سلهم أيهم بذلك زعيم ))

قال الحافظ أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الشبيلي رحمه الله :ق وأبوابواعلم أن لسوء الخاتمة ي أعاذنا الله منها ي ا ولها طر : أسباب

أعظمها النكباب على الدنيا ، والعراض عن الخرة ،والقدام والجرأة على معاصي الله عز وجل ،وربما غلب على النسان ضرب من الخطيئة ،ونوع

من المعصية ، وجانب من العراض ،ونصيب من الجرأة والقدام ،فملك قلبه وسبى عقله ، وأطفأ نوره ، وأرسل عليه حجبه ؛ فلم تنفع فيه تذكرة ،

ول نجعت فيه موعظة ،فربما جاءه الموت على ذلك ،فسمع النداء من مكان بعيد ، فلم يتبين له المراد ، ول علم ما أراد ، وإن كرر عليه الداعي

وأعاد . قال عبد الحق :وقيل لخر ممن أعرفه : قل : ل إله إل الله . فجعل يقول :

الدار الفلنية أصلحوا فيها كذا ، والبستان الفلني افعلوا فيه كذا . وقال : وفيما أذن لي أبو طاهر السلفي أن أحدث به عنه : أن رجل نزل به الموت فقيل له : قل : ل إله إل الله .فجعل يقول بالفارسية : ده يازده ده

وازداه ،تفسيره عشرة بأحد عشر .وقيل لخر : قل : ل إله إل الله فجعل يقول :

أين الطريق إلى حمام منجاب ؟ : وذلك أن رجل كان واقفا بازاء داره ،وكانقال :وهذا الكلم له قصة

بابها يشبه باب الحمام ،فمرت به جارية لها منظر،فقالت:أين الطريق إلى حمام منجاب ؟ فقال :هذا حمام منجاب! فدخلت الدار ودخل وراءها ،فلما

رأت نفسها في داره، وعلمت أنه قد خدعها ؛ أظهرت له البشر والفرح باجتماعها معه ، وقالت له : يصلح أن يكون معنا ما يطيب به عيشنا وتقر به عيوننا .فقال لها : الساعة آتيك بكل ما تريدين وتشتهين .وخرج وتركها في

الدار ولم يغلقها، فأخذ ما يصلح، ورجع ،فوجدها قد خرجت وذهبت ولم تخنه في شيء ، فهام الرجل ، وأكثر الذكر لها ،وجعل يمشي في الطرق

والزقة ويقول :

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

54

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

نجاب م م ق إلى حما بت كيف الطري ع ت د ا وق ة يوم ل ئ يا رب قاة أجابته : فبينما هو يقول ذلك ، وإذا بجاري

ل على الباب ف ق ر أو دا ا على ال فرت بها حرز ظ ذ ا إ علت سريع ل ج ه فازداد هيمانه ،واشتد هيجانه ، ولم يزل على ذلك ، حتى كان هذا البيت آخر

كلمه من الدنيا ! فعياذا بالله من سوء العاقبة وشؤم الخاتمة . ولقد بكى سفيان الثوري ليلة إلى الصباح ، فلما أصبح ؛ قيل له : كل هذا

نة من الرض، وقال : الذنوب أهون من هذا ب ت خوفا من الذنوب ؟ فأخذ ا سوء الخاتمة .)1(،وإنما أبكى خوف

له ذنوبه عند الموتوهذا من أعظم الفقه ذ تخ : أن يخاف الرجل أن ،فتحول بينه وبين الخاتمة الحسنى .

يغمى عليه ثم تضر ؛جعل وقد ذكر المام أحمد عن أبى الدرداء :أنه لما اح (( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهميفيق ويقرأ

)2(].110 [النعام :في طغيانهم يعمهون ))

فمن هذا خاف السلف من الذنوب ؛ أن تكون حجابا بينهم وبين الخاتمةالحسنى.

قال :وأعلم أن سوء الخاتمة ك أعاذنا الله تعالى منهاك ل تكون لم به وللهلمن استقام ظاهره وصلح باطنه ع ، ما سمع بهذا ول

الحمد ،وإنما تكون لمن له فساد في الصل أو إصرار على الكبيرة وإقدام على العظائم ، فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة ،

قبل النابة، فيظفر به الشيطان عند)3(فيأخذه قبل إصلح الطوية ويصطلمتلك الصدمة ،ويختطفه عند تلك الدهشة ، والعياذ بالله .

ا للذان والصلة ، وعليه بهاء قال : ويروى أنه كان بمصر رجل يلزم مسجدا المنارة على عادته للذان ،وكان تحت قي يوم فر الطاعة ونور العبادة

تن بها تي ف طلع فيها ، فرأى ابنة صاحب الدار ،فا المنارة دار لنصران،ي فا ،فترك الذان ،ونزل إليها ، ودخل الدار عليها ،فقالت له : ما شأنك ؟! وما

بي وأخذت بمجامع ل تريد ؟! قال : أريدك ! قالت : لماذا ؟ قال : قد سلبت قلبي . قالت : ل أجيبك إلى ريبة أبدا. قال : أتزوجك .قالت :أنت مسلم وأنا

نصرانية ،وأبي ل يزوجني منك ، قال : اتنصر . قالت : إن فعلت أفعل ، فتنصر الرجل ليتزوجها ،وأقام معهم في الدار، فلما كان في أثناء ذلك اليوم

قي إلى سطح كان في الدار ،فسقط منه ،فمات ، فلم يظفر بها ،وفاته ؛ردينه .

فصل[ ترتيب الله تعالى الخير والشر على أسباب ]

قد دل العقل والنقل والفطككرة وتجككارب المككم ككك علككى اختلف أجناسها ومللها ونحلها ك علككى أن التقككرب إلككى رب العككالمين ،

1)

)

) . 7/12) انظر : الحلية (2)

)

) . 3/73) أخرجه : ابن المبارك ،وأحمد في الزهد . انظر : الدر المنثور (3)

)

) اصطلم : استؤصل . جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

55

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

وطلككب مرضككاته ، والككبر والحسككان إلككى خلقككه ؛ مككن أعظككم السباب الجالبة لكل خير ، وأضدادها من أكبر السككباب الجالبككةدفعت نقمه بمثل طككاعته ت نعم الله واس لبت تج لكل شر ؛ فما اس

والتقرب إليه والحسان إلى خلقه . وقد رتب الله سبحانه حصول الخيرات في الدنيا والخرة ،وحصول الشرور في الدنيا والخرة في كتابه على العمال ،وهذا في القرآن يزيد على ألف

(( فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردةموضع كقوله تعالى : ].166[العراف :خاسئين ))

(( إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيآتكموكقوله تعالى : ] . 29 [النفال :ويغفر لكم )) فالقرآن من أوله إلى آخره صريح في ترتب الجزاء بالخيروبالجملة :

والشر والحكام الكونية والمرية على السباب ، بل ترتيب أحكام الدنياهما على السباب والعمال . والخرة ومصالحهما ومفاسد

فقه هذه المسألة وتأملها حق التأمل انتفع بها غاية النفع . ومن ا وإضاعة ي فيكون توكله ا وتفريط ل منه وعجز تكل على القدر ي جه ومن ي

ل . ا ، وعجزه توك عجزد القدر بالقدر ، ويدفع القدر بالقدر ، بل الفقيه ي كل الفقيه ي الذي ير

ويعارض القدر بالقدر ، بل ل يمكن النسان أن يعيش إل بذلك ؛ فإن الجوع والعطش والبرد وأنواع المخاوف والمحاذير هي من القدر ، والخلق كلهم

ساعون في دفع هذا القدر بالقدر. فقه الله وألهمه رشده يدفع قدر العقوبة الخروية بقدر التوبة وهكذا ؛ من ور المخوف في الدنيا وما يضاده وزان القد واليمان والعمال الصالحة ؛ فهذا

ا،ول ته واحدة ،ل يناقض بعضها بعض سواء ؛ فرب الدارين واحد ، وحكما. فهذه المسألة من أشرف المسائل لمن عرف قدرها يبطل بعضها بعض

ورعاها حق رعايتها ،والله المستعان.[ أسباب سعادة النسان وفلحه ]

ته وفلحه :لكن يبقى عليه أمران بهما تتم سعادة فيأحدهما : أن يعرف تفاصيل أسباب الشر والخير ،وتكون له بصير

ذلك ؛ بما يشاهده في العالم ، وما جربه في نفسه وغيره ،وما سمعه منأخبار المم قديما وحديثا . : ومن أنفع ما في ذلك

: فإنه كفيل بذلك على أكمل الوجوه ،وفيه أسباب الخيرتدبر القرآنوالشر جميعا مفصلة مبينة .

: فإنها شقيقة القرآن ،وهي الوحي الثاني .ثم الكسنكة ومن صرف إليهما عنايته اكتفى بهما من غيرهما ،وهما يريانك الخير والشر

وأسبابهما حتى كأنك تعاين ذلك عيانا .

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

56

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

وأيام الله في أهل طاعته وأهلإذا تأملت أخبار المم ؛ وبعد ذلك معصيته ؛طابق ذلك ما علمته من القرآن والسنة ،ورأيته بتفاصيل ما أخبر

الله به ووعد به ، وعلمت من آياته في الفاق ما يدلك على أن القرآن حق ،وأن الرسول حق ،وأن الله ينجز وعده ل محالة ؛ فالتاريخ تفصيل

لجزئيات ما عرفنا الله ورسوله من السباب الكلية للخير والشر .فصل

: أن يحذر مغالطة نفسه على هذه السباب . المر الثاني وهذا من أهم المور فإن العبد يعرف أن المعصية والغفلة من السباب

بالتكال علىولكن تغالطه نفسه المضرة له في دنياه وآخرته ولبد ، عفو الله ومغفرته تارة ، وبالتسويف بالتوبة تارة ، وبالستغفار باللسان تارة ، وبفعل المندوبات تارة ، وبالعلم تارة ، وبالحتجاج بالقدر تارة ، وبالحتجاج

بالشباه والنظائر تارة ، وبالقتداء بالكابر تارة أخرى . أنه لو فعل ما فعل ، ثم قال : أستغفر الله ؛ زالوكثير من الناس يظنأثر الذنب وراح هذا بهذا !!

وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص من الرجاء ، واتكل عليها ، وتعلق بها بكلتا يديه ،وإذا عوتب على الخطايا والنهماك فيها ؛ سرد لك ما يحفظه

من سعة رحمة الله ومغفرته ونصوص الرجاء . وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب

كقول بعضهم :م دوم على كري ق عت من الخطايا إذا كان ال ط ت ثر ما اس ك و

فتأمل هذا الموضع ،وتأمل شدة الحاجة إليه . وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملق الله ، وأن الله يسمع كلمه ، ويرى مكانه ،ويعلم سره وعلنيته ، ول يخفى عليه خافية من أمره؛ وأنه

موقوف بين يديه ، ومسؤول عن كل ما عمل ؛ وهو مقيم على مساخطه ،مضيع لوامره ، معطل لحقوقه ،وهو مع هذا يحسن الظن به !!

وهل هذا إل من خدع النفوس ، وغرور الماني ؟!! لى ع ر ي ب بن الز ة و عر و نا أ لت دخ هل بن حنيف : أمامة س بو أ

وقد قال ه صلى الله عليه ل تما رسول ال ي أ و ر ل لت : قا ف ئشة رضي الله عنها ، عا

ني أمر ف عة ، ب و س أ نير نا د تة ده س ن نت ع كا و في مرض له ، م و ي ذات وسلم ها . ق فر أ أن ه صلى الله عليه وسلم ل رسول ال

ثم له ، ه ال فا عا تى ه صلى الله عليه وسلم ح ل ع رسول ال وج ني ل غ فش لت : قاقال ف ها ، ن ع ني ل أ تة دنانير ؟ "س لت ؟ أكنت فرقت الس ع ف لت : ل:" ما ق ف

قال ف ه ، ف ك في ها ثم فوضع ها ب عا د ف لت : قا عك. وج ني ل غ د ش ق ل ه ؛ ل :"واله ؟ " د ن ه ع ذ ه و وجل عز له قي ال ل و ل ه ل بي ال ن ظن " ما ظن وفي لفظ : ما

ه لو لقي الله وهذه عنده " ب د بر )1(محم

فيا لله !!

1)

)

) . 3/12) وقد صححه اللباني في السلسلة (182-86-6/49) أخرجه : أحمد (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

57

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه ومظالم العبادعندهم ؟!

ا نا ظنوننا بك أنك لن تعذب ظالم فإن كان ينفعهم قولهم : حسا ؛ فليصنع العبد ما شاء ، وليرتكب كل ما نهاه الله ول فاسق

عنه ، وليحسن ظنه بالله ، فإن النار ل تمسه !! ؟! فسبحان الله !! ما يبلغ الغرور بالعبد

(( أإفكا آلهة دون الله تريدون. فما ظنكم بربوقد قال إبراهيم لقومه ] أي ما ظنكم أن يفعل بكم إذا لقيتموه وقد87-86 [الصافات :العالمين ))

عبدتم غيره ؟! علم أن حسن الظن بالله ؛ ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل

؛ فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل ظنههو حسن العمل نفسه بربه أن يجازيه على أعماله ويثيبه عليها ويتقبلها منه ؛فالذي حمله على العمل حسن الظن، فكلما حسن ظنه بربه حسن عمله ، وإل فحسن

الظن مع اتباع الهوى عجز . إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة ،وأما معوبالجملة فحسن الظن

انعقاد أسباب الهلك ؛ فل يتأتى إحسان الظن . فإن قيل : بل يتأتى ذلك ، ويكون مستند حسن الظن سعة

مغفرة الله ورحمته وعفوه وجوده ، وأن رحمته سبقت غضبه ،؟ وأنه ل تنفعه العقوبة ، ول يضره العفو

، والله فوق ذلك وأجل وأكرم وأجود وأرحم ،ولكنقيل : المر هكذا إنما يضع ذلك في محله اللئق به ؛ فإنه سبحانه موصوف بالحكمة والعزة

ول والنتقام وشدة البطش وعقوبة من يستحق العقوبة ؛ فلو كان مع حسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه ؛ لشترك في ذلك البر والفاجر

،والمؤمن والكافر ،ووليه وعدوه ، فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته ؛ وقد ؟!باء بسخطه وغضبه ،وتعرض للعنته ،ووقع في محارمه، وانتهك حرماته بل حسن الظن ينفع من تاب ، وندم ، وأقلع ، وبدل السيئة بالحسنة ، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة ، ثم أحسن

الظن ؛ فهذا هو حسن ظن ، والول غرور . والله المستعان . ول تستطل هذا الفصل ؛ فإن الحاجة إليه شديدة لكل أحد يفرق بين حسن

الظن بالله وبين الغرور به . (( إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل اللهقال الله تعالى :

]فجعل هؤلء أهل الرجاء ، ل218 [البقرة :أولئك يرجون رحمة الله )) (( ثم إن ربك للذين هاجروا من بعدالظالمين ول الفاسقين ، وقال تعالى :

[ النحل :ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ))] فأخبر سبحانه أنه بعد هذه الشياء غفور رحيم لمن فعلها .110

فالعالم يضع الرجاء مواضعه ، والجاهل المغتر يضعه في غير مواضعه .

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

58

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

فيصل [ شدة عقابه جل شأنه لمن اجترأ عليه بالمعاصي ]

وكثير من الجهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه ،وضيعوا أمرهونهيه ، ونسوا أنه شديد العقاب ،وأنه ل يرد بأسه عن القوم المجرمين .

ومن اعتمد على العفو مع الصرار على الذنب فهو كالمعاند . قال معروف : رجاؤك لرحمة من ل تطيعه من الخذلن والحمق .

وقال بعض العلماء : من قطع عضوا منك في الدنيا بسرقة ثلثة دراهم؛ لتأمن أن تكون عقوبته في الخرة على نحو هذا .

وسأل رجل الحسن فقال : يا أبا سعيد ! كيف نصنع بمجالسة أقواما يخوفوننا حتى تكاد قلوبنا تنقطع ؟ فقال : والله ؛ لن تصحب أقوام

ا يؤمنونك حتى ا ، خير لك من أن تصحب أقوام يخوفونك حتى تدرك أمنتلحقك المخاوف .

ه صلى الله عليه ل قال رسول ال قال : لك بن ما نس أ عن وفي صحيح مسلم فيوسلم غ ب يص ف ة ] يام ق ل وم ا ي ر [ نا هل ال أ يا من ن د هل ال أ م ع ن أ ب تى ؤ ي ":

غة ب ر ص نا بك)1(ال هل مر قط ؟ يرا يت خ أ هل ر دم ! بن آ يا ا قال له : ي ثم يا من ن د في ال ؤسا ب ناس د ال أش ب تى ؤ ي و يا رب ! ه ل وال قول : ل ي ف قط ؟ عيم نؤسا ب يت أ هل ر دم بن آ يا ا له : قال ي ف ة ، ن لج في ا غة ب غ ص ب يص ف ة ، ن لج هل ا أ

ؤس ب بي ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌ ! ما مر يا رب ه ل وال قول : ل ي ف قط ؟ ة د بك ش هل مر قط ؟ قط " ة د يت ش أ ول ر )2(قط ،

ه صلى الله عليه ل قال رسول ال ر قال : ب وفي صحيح مسلم من حديث جاداوسلم ه ع وجل عز ه ل لى ال ع إن ر حرام، و ك كل مس يشرب :" لمن

بال " لخ ة ا ن طي يه من ق يس أن كر لمس قال : ا بال ؟ لخ نة ا طي وما قيل : " ر " نا هل ال أ ة عصار و أ ر نا هل ال أ ق )3(عر

أن رسول نه ع له ي رضي ال ر د لخ د ا عي وفي صحيح البخاري من حديث أبي سقال لم وس ه ي ل ع له لى ال ه ص ل لىال ع ها الرجال ل تم واح ة ، ناز لج عت ا وض ذا إ ":

لت قا ة ؛ لح ير صا غ نت كا إن و ، ‌‌ ني دمو ق لت : قا لحة نت صا كا إن ف هم ؛ ق نا ع أعه و سم ل و نسان ، ل إل ا ء كل شي ها ت و ع ص يسم ها ؟ ب بون ه ذ ي ين أ ها ل ي و يا :

ق " ع )4(ص :" إنوفي الصحيحين عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

)5(المصورين يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: احيوا ما خلقتم " وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه

" من كانت عنده لخيه مظلمة في مال أو عرض؛ فليأته ،وسلم: فليستحلها منه قبل أن يؤخذ وليس عنده دينار ول درهم : فإن كانت له

1)

)

) أي : يدخل فيها إدخالة سريعة للحظات قليلة . 2)

)

) . 2807) أخرجه : مسلم (3)

)

) . 2002) أخرجه : مسلم (4)

)

) . 1314) أخرجه : البخاري (5)

)

) . 2108) ومسلم (4951) أخرجه : البخاري ((جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

59

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

أعطيها هذا ،وإل أخذ من سيئات هذا ، فطرحت حسنات ؛أخذ من حسناته ف )1(عليه ثم طرح في النار "

:" ناركموفي الصحيحين عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ا من نار جهنم " قالوا :هذه التي يوقد بنوا آدم ، جزء واحد من سبعين جزء

" فإنها قد فضلت عليها بتسعة وستينوالله ؛إن كانت الكافية.قال : ا ،كلهن مثل حرها " )2(جزء

والحاديث في هذا الباب أضعاف أضعاف ما ذكرنا ؛فل ينبغي لمن نصح نفسه : أن يتعامى عنها ، ويرسل نفسه في المعاصي ، ويتعلق بحسن

الرجاء وحسن الظن. قال أبو الوفاء بن عقيل: احذره ،ول تغتر به ؛فإنه قطع اليد في ثلثة دراهم ،وجلد الحد في مثل رأس البرة من الخمر ،وقدتل ق لها وقد ا على من غ دخلت امرأة النار في هرة ، واشتعلت الشملة نار

ا . شهيد[ اغترار العبد بإنعام الله عليه وهو مقيم على معصيته ]

وربما اتكل بعض المغترين على ما يرى من نعم الله عليه في الدنيا ، وأنه ل يغير ما به ، ويظن أن ذلك من محبة الله له ، وأنه يعطيه في الخرة

أفضل من ذلك ، وهذا من الغرور . " إذا رأيت اللهفعن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

استدراج " عز وجل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب ؛ فإنما هو (( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كلثم تل قوله عز وجل:

[النعام :شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ))44 [)3(.

وقال بعض السلف : إذا رأيت الله عز وجل يتابع عليك نعمة ،وأنت مقيمعلى معاصيه ؛ فاحذره ؛ فإنما هو استدراج منه يستدرجك به .

(( ولول أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفروقد قال تعالى بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون .ولبيوتهم أبوابا

وسررا عليها يتكئون . وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والخرة].35-33[الزخرف :عند ربك للمتقين ))

(( فأما النسان إذا ماوقد رد سبحانه على من يظن هذا الظن بقوله : ابتله ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن . وأما إذا ما ابتله فقدر عليه

ته17-15 [الفجر :رزقه فيقول ربي أهانن .كل )) عم ] أي : ليس كل من نته وضيقت عليه رزقه قه أكون قد أكرمته ، ول كل من ابتلي عت عليه رز ووس

أكرم هذا بالبتلء . أكون قد اهنته ، بل أبتلي هذا بالنعم ، و :" إن الله يعطي الدنيا منوفي [ مسند أحمد ] عنه صلى الله عليه وسلم

)4(يحب ومن ل يحب ول يعطي اليمان إل من يحب "

1)

)

) . 2449) أخرجه : البخاري (2)

)

) . 2843) ومسلم (3265) أخرجه : البخاري (3)

)

) . 1/773) .وصححه اللباني في السلسلة (4/145) أخرجه : أحمد (4)

)

: صحيح موقوف في حكم المرفوع . 119) قال اللباني في صحيح الدب المفرد ص 1/387) أخرجه : أحمد (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

60

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

م الله عليه وهو ل يعلم ، ورب مفتون تدرج بنع وقال بعض السلف : رب مسبثناء الناس عليه وهو ل يعلم ، ورب مغرور بستر الله عليه وهو ل يعلم .

فصل [ الركون إلى الدنيا والغترار بعاجل نعيمها ]

ا من اغتر بالدنيا وعاجلها ، فآثرها على الخرة ، ورضييي وأعظم الخلق غروربها من الخرة :

والنقييد أنفييع ميين، )1(حتى يقول بعييض هييؤلء : الييدنيا نقييد ، والخيير نسيييئة ‌ ويقول آخر منهم : لييذات الييدنيا متيقنيية ،ولييذات الخييرة مشييكوك النسيئة!

فيها ، ول أدع اليقين للشك ؟! وهذا من أعظم تلبيس الشيطان وتسويله !

والبهائم العجم أعقل من هؤلء ؛ فإن البهيمة إذا خافت مضرة شيء لميقدم أحدهم على ما فيه عطبه وهو بين ربت ،وهؤلء تقدم عليه ولو ض

مصدق ومكذب . بالله ورسوله ولقائه والجزاء ؛ فهو منإن آمن أحدهمفهذا الضرب :

بالله ورسولهوإن لم يؤمنأعظم الناس حسرة ؛ لنه أقدم على علم ، فأبعد له.

جوابه : ) وقول هذا القائل : ( النقد خير من النسيئة ، وكانتوإن تفاوتا النقد والنسيئة ؛ فالنقد خير ، إنه إذا تساوي

النسيئة أكثر وأفضل فهي خير . فكيف والدنيا كلها من أولها إلى آخرها كنفس واحد من أنفاس

؟!الخرة كما في [مسلم ]من حديث المستورد بن شداد قال قال رسول الله صلى

يدخل أحدكم إصبعه في اليمالله عليه وسلم : " ما الدنيا في الخرة إل كما .)2(؛فلينظر بم يرجع "

فإيثار هذا النقد على هذه النسيئة من أعظم الغبن وأقبح الجهل ! وإذا كان هذا نسبة الدنيا بمجموعها إلى الخرة !! فما مقدار عمر النسان

بالنسبة إلى الخرة ؟!! فأيما أولى بالعاقل : إيثار العاجل في هذه المدة اليسيرة وحرمان الخير

الدائم في الخرة ؟! أم ترك شيء حقير صغير منقطع عن قرب ؛ ليأخذ مال قيمة له [ول حصر له] ول نهاية لعدده ول غاية لمده ؟!

( ا لمشكوك فيه وأما قول الخر : ( ل أترك متيقن فيقال له : إما أن تكون على شك من وعد اللييه ووعيييده وصييدق رسييله ،أو

تكون على اليقين من ذلك : من ذلك فما تركت إل ذرة عاجلة منقطعة فانيييةفإن كنت على اليقين

. عن قرب لمر متيقن ل شك فيه ول انقطاع له

1)

)

) أي : متأخرة . 2)

)

) . 2858) أخرجه : مسلم (جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

61

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

: فتأمل آيات الرب تعالى الدالة على وجوده وقدرتهوإن كنت على شكقم لله ومشيئته ووحدانيته وصدق رسله فيما أخبروا به عنه ، وتجرد ، وا ؛ حتى يتبين لك أن ما جاءت به الرسل عن الله ؛ فهو ا أو مناظر ناظر الحق الذي لشك فيه ، وأن خالق هذا العالم هو رب السموات والرض

يتعالى ويتقدس ويتنزه عن خلف ما أخبرت به رسله عنه ،ومن نسبه إلىغير ذلك فقد شتمه وكذبه وأنكر ربوبيته وملكه .

إذ من المحال الممتنع عند كل ذي فطرة سليمة أن يكون الملك الحق :ل ل يعلم شيئا، ول يسمع ول يبصر ول يتكلم ، ول يأمر ول ا ، أو جاه عاجز

ينهي ، ول يثيب ول يعاقب ، ول يعز من يشاء ول يذل من يشاء ، ول يرسل رسله إلى أطراف مملكته ونواحيها ، ول يعتني بأحوال رعيته ، بل يتركهم

سدى ، ويخليهم همل ! ولهذا يقدح في ملك آحاد ملوك البشر ، ول يليق به ؛ فكيف يجوز نسبه

الملك الحق المبين إليه ؟! من مبدأ كونه نطفة إلى حين كماله واستوائهوإذا تأمل النسان حاله

قله إلى هذه الحوال ، وصرفه في ني به هذه العناية ، ون ع تبين له أن من هذه الطوار ل يليق به أن يهمله ويتركه سدى ؛ ل يأمره ،ول ينهاه ،ول

يعرفه بحقوقه عليه،ول يثيبه ، ول يعاقبه.[ كيف يجتمع التفريط مع تيقن الحساب ]

فإن قلت :كيف يجتمع التصديق الجييازم الييذي ل شيك فيييه بالمعياد والجنيية والنار ويتخلف العمل ؟ وهل في الطباع البشرية أن يعلم العبد أنه مطلييوبا إلى بين يدي بعض الملوك ليعاقبه أشد عقوبة ، أو يكرمييه أتييم كراميية ، غدل، ل يتذكر مييوقفه بييين يييدي الملييك ، ول يسييتعد لييه ، ول ا غاف ويبيت ساهي

يأخذ له أهبته ؟ ! هذا لعمر الله سؤال صحيح وارد على أكثر هذا الخلق ؛ واجتماعقيل :

هذين المرين من أعجب الشياء ! : وهذا التخلف له عدة أسباب

: ضعف العلم ، ونقصان اليقين .أحدها فإذا اجتمع إلى ضعف العلم : عدم استحضاره ، أو غيبته عن القلب في

كثير من أوقاته ، أو أكثرها ؛ لشتغاله بما يضاده ،وانضم إلى ذلك : تقاضي الطبع ،وغلبات الهوى ، واستيلء الشهوة ، وتسويل النفس، وغرور

الشيطان ، واستبطاء الوعد ، وطول المل ، ورقدة الغفلة ، وحب العاجلة، ورخص التأويل ، وإلف العوائد ، فهناك ل يمسك اليمان إل الذي يمسك

السموات والرض أن تزول . وبهذا السبب يتفاوت الناس في اليمان والعمال، حتى ينتهي إلى أدنى

مثقال ذرة في القلب . :يرجع إلى ضعف البصيرة والصبر .وجماع هذه السباب

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

62

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

ولهذا مدح الله سبحانه أهل الصبر واليقين ، وجعلهم أئمة في الدين ، فقال (( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ))تعالى:

].24[السجدة :فصل

[ بين أماني المفرطين ورجاء الصحابة والصالحين ]ا ؛ استلزم رجاؤه ثلثة أمور : ومما ينبغي أن يعلم : أن من رجا شيئ

: محبة ما يرجوه .أحدها خوفه من فواته .الثاني :سعيه في تحصيله بحسب المكان .الثالث :

،وأما رجاء ل يقارنه شيء من ذلك فهو من باب المانيوالرجاء شيء، والماني شيء آخر .

فكل راج خائف ، والسائر على الطريق إذا خاف أسرع السي،ر وفي جامع الترمذي من حديث أبي هريرة قال قالمخافة الفوات.

بلغ)1(" من خاف أدلج، ومن أدلجرسول الله صلى الله عليه وسلم : .)2(المنزل ، إل إن سلعة الله غالية ،إل إن سلعة الله الجنة "

وهو سبحانه كما جعل الرجاء لهل العمال الصالحة ، فكذلك جعل الخوف لهل العمال الصالحة ،فعلم أن الرجاء والخوف النافع هو ما اقترن به

العمل . ((إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون .والذين هم بآياتقال الله تعالى

ما أتوا وقلوبهم يؤتون ربهم يؤمنون .والذين هم بربهم ل يشركون .والذين وجلة أنهم إلى ربهم راجعون .أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها

] .61-57 [المؤمنون :سابقون)) وقد روى الترمذي في جامعه عن عائشة رضى الله عنها قالت :سألت

رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الية فقلت : أهم الذين يشربون " ل يا ابنة الصديق ! ولكنهم الذينالخمر ويزنون ويسرقون ؟ فقال :

يصومون ويصلون ويتصدقون ، ويخافون أن ل يتقبل منهم ، أولئك .)3(يسارعون في الخيرات "

والله سبحانه وصف أهل السعادة بالحسان مع الخوف ووصف الشقياءبالساءة مع المن .

وجدهم في غاية ؛ ومن تأمل أحوال الصحابة رضى الله عنهم العمل مع غاية الخوف ،ونحن جمعنا بين التقصير ك بل التفريط

!ك والمننب عبدفهذا الصديق رضي الله عنه يقول :وددت أني شعرة في ج

.)4(مؤمن .ذكره أحمد عنه

1)

)

) الدلج : السير في أول الليل ، وهو كناية عن الهتمام والسعي في المر بجد .2)

)

) . 5/442) وصححه اللباني في السلسلة (2450) أخرجه : الترمذي (3)

)

) .1/304) وقد صححه اللباني لشواهده في السلسلة (3175) أخرجه : الترمذي (4)

)

.135) في الزهد ص جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

63

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

(( إن عذاب قرأ سورة الطور إلى أن بلغ قوله وهذا عمر بن الخطاب] فبكى ، واشتد بكاؤه ، حتى مرض وعادوه . 7 [الطور:ربك لواقع ))

وقال لبنه وهو في سياق الموت : ويحك ! ضع خدي على الرض؛ عساها ثم قضى . )1(أن يرحمني . ثم قال: ويل أمي إن لم يغفر الله لي ؛ ثلث

كان إذا وقف على القبر ؛ يبكىرضي الله عنه وهذا عثمان بن عفان.)2(حتى تبل لحيته

وقال : لو أنني بين الجنة والنار ، ل أدري إلى أيتهما يؤمر بي لخترت أنا قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير . )3(أكون رماد

وبكاؤه وخوفه ، وكان يشتدوهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه خوفه من اثنتين : طول المل ، واتباع الهوى . قال : فأما طول المل

فينسي الخرة ، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، أل وإن الدنيا قد ولت مدبرة ،والخرة قد أسرعت مقبلة ،ولكل واحدة منهما بنون ، فكونوا منا أبناء الخرة، ول تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ول حساب ، وغد

. )4(حساب ول عمل (( أم ليلة سورة الجاثية فلما أتى على هذه الية : وقرأ تميم الداري

حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا. )5(]جعل يرددها ويبكي حتى أصبح 21 [الجاثية :الصالحات ))

: وددت أني كبش ، فذبحني أهلي ،وقال أبو عبيدة عامر بن الجراح . )6(وأكلوا لحمي وحسوا مرقي

وهذا باب يطول تتبعه . قال البخاري في صحيحه ( باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو ل

يشعر ) . وقال إبراهيم التيمي : ما عرضت قولي على عملي ؛إل خشيتا. وقال بن أبي مليكة : أدركت ثلثين من أصحاب النبي صلى أن أكون مكذب

الله عليه وسلم ؛كلهم يخاف النفاق على نفسه ، ما منهم أحد يقول : إنهعلى إيمان جبريل وميكائيل !

فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا ممن آثر وابتغى حبه ورضاه على هواه بذلك قربه ورضاه آمين يا ربالعالمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين آمين .

* * *هي9/3/1421تم النتقاء في يوم الحد الموافق

محمد بن عبدالله الهبدان غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين

1)

)

. 155و149) الزهد لحمد ص 2)

)

) . 2308) أخرجه : الترمذي (3)

)

. 160) أخرجه : أحمد في الزهد ص 4)

)

. 163-162) أخرجه : أحمد في الزهد ص 5)

)

. 227) أخرجه : أحمد في الزهد ص 6)

)

. 230) أخرجه : أحمد في الزهد ص جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

64

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

فهرس الموضوعات ي مقدمة الكتاب

ي بيان سبب تأليف الكتاب ي بيان أن الله لم ينيزل داء إل وأنزل له دواء

ي هل لمرض الشهوة علج ؟ ي علج مرض الشهوة

ي التدابير العملية الواقية من مرض الشهوة ي بين سلطان الشهوة وسلطان العقل واليمان

ي الطريق النفع للوصول إلى السعادة ي عشق الصور وأضراره

ي عظم داء العشق وأقسام أصحابه ي علج العشق

ي مقامات العاشق ومراحل العشق ي ألوان الظلم التي يسببها العشق

ي التدابير العملية التي تقي من الصابة بداء العشق ي العشق بين المنافع والمضار

ي أنواع المحبة . ي أعظم أنواع المحبة وأنفعها هي محبة الله تعالى

ي نعيم القلب والروح تبع لكمال المحبوب وكمال المحبة ي أنواع لذات الدنيا

ي بعض أنواع المحبة التي فيها منافع العشق ومزاياه ي ل تثريب في حب النساء إن كان بالوجه الشرعي

ي أقسام عشق النساء

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

65

المنتقى الشافي من الجواب الكافي

ي بيان أن خبر : " من عشق فعف .." موضوع ي عظيم مفسدة اللواط وشدة فحشه

ي بيان عقوبة اللوطي ي توبة اللوطي هل تقبل ؟

ي حرمة الزنى ي عظيم مفسدة الزنى

ي التشديد والتشنيع في حد الزنى وأسبابه ي آثار الذنوب والمعاصي

ي آثار المعاصي على العبد في دينه ودنياه وآخرته ي العقوبات الشرعية موعظة لمن لم يتعظ بالقدرية

ي سوء الخاتمة وخشية الصالحين منها ي ترتيب الله تعالى الخير والشر على أسباب

ي أسباب سعادة النسان وفلحه ي شدة عقابه جل شأنه لمن أجترئ عليه بالمعاصي

ي اغترار العبد بإنعام الله عليه وهو مقيم على معصيته ي الركون إلى الدنيا والغترار بعاجل نعيمها ي كيف يجتمع التفريط مع تيقن الحساب ؟

ي بين أماني المفرطين ورجاء الصحابة والصالحين ي الفهرس

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ / محمد بن عبد الله الهبدان

www.alhabdan.islamlight.net

66