21
وﺻﻞ ﻣﺘﺄﺧﺮا، وﻋﲆ ﻋﺠﻠﺔ ﻳﻨﺎدى: _ داﻧﻴﺎل! ﻳﺎ داﻧﻴﺎل! ﻃﻞ داﻧﻴﺎل وﻗﺎل ﻏﲑ ﻣﺒﺎلٍ ُ ﻟﺘﺄﺧﲑه، ﻣﺸﻐﻮل ﺑﴚءٌ : _ اﻫﻼ اﻟﻴﺎس. _ واﺷﺎر ان ﻳﺼﻌﺪ_ ﻓﻘﺎل ﻣﻌﱰﺿﺎ: _ ﻧﺤﻦ ﻣﺘﺄﺧﺮﻳﻦ، ﻫﻴﺎ ﻟﻨﺬﻫﺐ! ﻗﺎل داﻧﻴﺎل ﻣﺸﲑا ﻣﺮة اﺧﺮى ان ﻳﺼﻌﺪ: _ ﻓﻘﻂ اﺻﻌﺪ! أرﻳﺪ ان اﺣﺪﺛﻚ ﰱ اﻣﺮ. ﻗﺎل وﻗﺪ ﻧﻜﺲ ﻋﲆ راﺳﻪ ﺷﺒﻪ ﳐﺬولُ : _ ﰲ ﻣﺎذا ﺳﺘﺤﺪﺛﻨﻰ ؟! _ ﻓﻘﺪ ﻇﻦ ان داﻧﻴﺎل ﻋﲆ ﻋﺠﻠﺔ ﻫﻮ اﻻﺧﺮ، ﺛﻢ إن داﻧﻴـﺎل اﻋﺘﺎد ان ﻳﻮرد ﻟﻪ اﻗﻮال ﻟﺮﺑﲈ ﳛﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻄﺎﺑﻊ اﻟﻐﺮاﺑﺔ ﻓﻴﺎﺧﺬ ﻳﲈزﺣﻪ، ﻗﺎل داﻧﻴﺎلُ َ ُ : _ أﻋﺘﻘﺪ أن ﻋﺪم ﳏﺎوﻟﺘﻨﺎ رؤﻳﺔ ﺑﻌﺾ اﻻﺷﻴﺎء ﺑﻄﺮﻳﻘـﺔ ﳐﺎﻟﻔـﺔ ﳌـﺎ اﻋﺘـﺪﻧ ﺎ ﻋﻠﻴـﻪ_ وﻟﻌﻠﻬﺎ ﻫﻜﺬا ﳚﺐ ان ﺗﺮىُ _ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻮﻋﺐ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﺠﺐ.

الجزء الاول من الرواية

Embed Size (px)

DESCRIPTION

رواية استزلال الشيطان

Citation preview

Page 1: الجزء الاول من الرواية

:وصل متأخرا، وعىل عجلة ينادى

! دانيال _

!يا دانيال

طل دانيال وقال غري مبال : لتأخريه، مشغول بيشء

_واشار ان يصعد_. اهال الياس _

:فقال معرتضا

! نحن متأخرين، هيا لنذهب _

:قال دانيال مشريا مرة اخرى ان يصعد

! فقط اصعد _

.أريد ان احدثك ىف امر

:قال وقد نكس عىل راسه شبه خمذول

فقد ظن ان دانيال عىل عجلة هو االخر، ثم إن دانيـال _! يف ماذا ستحدثنى ؟_

اعتاد ان يورد له اقوال لربام حيس فيها بطابع الغرابة فياخذ يامزحه، قال دانيال :

_ا عليـه أعتقد أن عدم حماولتنا رؤية بعض االشياء بطريقـة خمالفـة ملـا اعتـدن_

. جعلنا ال نستوعب كل ما فيها من عجب _ولعلها هكذا جيب ان ترى

Page 2: الجزء الاول من الرواية

:لياس إقال

! اوتعلم أن ما جيول ىف عقىل غالبا كثريا ما خيالف ما اعتدنا عليه_

أحس ان هناك شيئ مفرس يعرفنا كل هذا، ما هذا ؟ إن االمر _اخذ ينظر حوله _

س، او اكثر الناس ىف االصل ال يبدو هلا يشء حتى ليس كام يظن ويبدو الكثر النا

يتحدث بطريقة حزينة، جادة، ممسكا _ ...نقول يبدو او ال يبدو، وكأننا ال نبرص

_عىل جفونه من امعانه

:ومنتبها دانيال ملا سمع؛ قال

هذا هو الواقع، ففى مشينا ومعظم افعالنا ال نبرص ما حولنا، ولكـن نبـرص مـا _

نفسنا وصدورنا، وكأننا ال نعيش ىف ما نشأنا فيه، فقط نعيش ىف أنفـسنا يدور ىف ا

.وما يتطلب لقضاء ما حتتاجه وما يشبعها، وىف الغالب ال يشبعها يشء

: الصمت قليال عىل أثر التفكري، قال دانيال يعم

_ إذا فعلهـا _ فالذى حيب ويشتهى يشء ويراه يقىض ما ىف نفـسه مـن حاجـة _

بهجها، فانه يكون منغمزا ىف ذلك اليشء ويسعى فيه، ويفـتح لـه ابـواب بعـد وي

نعيش ىف عـامل غـري الـذى نعـيش فيـه، ! ابواب، وكأنه يمد له فيه، يشء عجيب

ونبرص فقط ما جيول ىف صدورنا، ونسعى هلا، ونغفل عن العامل الذى نعيش فيـه،

ول ىف انفـسنا يمنعنـا حتـى ان فاألوىل ان نبرص العامل الذى نعيش فيه، لكن ما جي

.نذكر ان هناك تنبيهات لربام استوقفتنا، نتعجب فيها للعامل الذى من حولنا

:مشى ناحية الرشفة، وحد برصه؛ قال

Page 3: الجزء الاول من الرواية

!! إننى سقيم _

:قال إلياس

_ يضحك الياس عىل حتويله مسار احلديث _ كيف حال سارة ؟ _

:تبسم دانيال وقال

! امل اقل لك ؟_

اشياء من قبيل هذه متنعنا ان نستمر عىل حالتنا التى نحن االن فيها، هل جتد هـذا

!غريبا ؟

إلياس رافع رأسه وناظرا لدانيال عىل تبسم باق، فإن ما قاله هو ما حيدث ، فعـل

. ذلك وال فخر وال كرب فيه ، فام هناك غري دانيال؛ وما دانيال اال صاحبه

:قال دانيال

.وباملناسبة هذا ما ناديت عليك من اجله... ارة يا سيدى اخبار س_

:قال إلياس

. جيد _

:فأكمل دانيال قائال

. سوف اتقدم خلطبتها _

:فقال إلياس مادا رأسه لالمام ، فاتح عيناه، رافعا حاجباه فرحا

Page 4: الجزء الاول من الرواية

أصحيح ؟ _

:فتبسم دانيال، واقبل اليه إلياس معانقا

... مربوك يا اخى ، مربوك _

.ولعلك بخطبتك وزواجك منها تتضح عندك الرؤية اكثر ملا كنا نتحدث عنه

:قال دانيال مؤكدا كالم إلياس

ت الـنفس ، وانـشغل كثـريا كـام لعل زواجى منها يغلق بابا مـن حاجـا! نعم _

.، ولعل الرؤية تتضح اكثر، ولكن عيل بطرف اخليط ذكرت

:قال إلياس ذو الفكاهه

! ا ىف هذا املوضوع ؟ أوحتدثت معه_

. حتى ال تتفاجأ

: ابتسم دانيال وقال

! نعم _

وإن التحدث ىف هذا بطبيعته يزيد الود بيننا، وهى تـستمع ىل وجتـد ان االمـر لـه

مكانا ىف النفس، وكأن النفس هبا صلة ملا نتكلم عنه، وإن كان معظم الناس عـن

.ث معها هذا غافلون ال يبالون، ومن قبيل هذا أحتد

:قال إلياس مستوعبا

Page 5: الجزء الاول من الرواية

. مجيل _

:ثم قال دانيال

وهل من العيب ان نفكر ىف ما نشأنا ونعيش فيه من حولنا، وأن يظن انه لـيس _

من العيب أن نكون عمى اذا أخذنا ننظر ىف ما نشانا ونعيش فيه من حولنا ملجرد

هم، وحاجاهتـا، ان الكل طبع عىل ذلك، وأن الناس ال يرون اال متطلبـات انفـس

وكيفية قضائها، وإذا مل تقىض حزنوا لعدم قضائها، واهنا مل تتم كام هتيئـوا ومتنـوا،

فيعيدوا الكرة منشغلني اكثر، فاألوىل ان نعطى ما نشأنا ونعيش فيه حولنا بعـض

التفكري، وإزاحة ما تراكم عىل النفس من أغطية مانعة حائلة بـني ربطنـا مـع مـا

.فيه، ونبتعد بعيدا عن تلك الغفلة التى عند اكثر الناس نحياه حقا ونشأنا

: وىف السيارة، حيث ذهاهبام للنادى قال إلياس

! قل ىل _

! كيف تعرفت عىل سارة ؟

:فقال دانيال

جاءنى اتصال لتصميم شقة جديدة هلا، وكنت منشغال؛ فاعتذرت، ثم حدثت _

غري عادتى ىف معاودت االتصال عىل_بعض التغريات، فعاودت االتصال عليها

! ، وهى االخرى مل تكن قد وجدت مصمم بعد، عىل الرغم من عجلتهـا _باحد

.فتم ورأيتها، وها انا ذا لعىل أتقدم خلطبتها

Page 6: الجزء الاول من الرواية

وبينام هم ىف حصة رماية إلياس، فقد تأخرا عىل مبارة التـنس ، رأى دانيـال عـزم

:الياس وتركيزه، فقال

نسان كبرية جدا ال يستخدم منهـا اال عـرشة باملائـة عنـد هل تعلم ان طاقة اال_

!اقىص احلدود؟

:فقال الياس، بعد رميته التى كان يصوب هلا

! أحقا ما تقول ؟_

:وأخذ يعد الرمية التاليه، وتفكريه ىف مكر لدنيال، مازحا معه، فقال

_ وكانت رمية تنتج ردة فعل قوية _ اتريد ان جترب ؟ _

:ل فقال دانيا

ومل يرد إليـاس أن ! فأخذ يصوب يريد ان يرمى مركز اهلدف_! دعنى اجرب _

خيربه عن ردة الفعل، فلام قذفها من ردة فعلها اخذ يدور حول نفسه ثالثـة اربـع

:دورة ساقطا عىل االرض، فأخذ إلياس يساعده

! ال عليك _

.انت عىل حق فيام قلت

سكونه فال يشء عندهم حمـدد للتفكـري فيـه، وىف طريقهم ناحية السيارة كل عىل

:وكل عىل صمته، قال الياس

هل رتبت امور الليلة عىل ما يرام ؟_

Page 7: الجزء الاول من الرواية

:فقال ... فنظر اليه دانيال وهو جيمع تفكريه

رتبتها، ولكن ال اباىل كثريا، فـإنى ال املـك مـن املـستقبل يشء، ... انت تعلم _

.يتم كام خطط له، فأصري خمذوال ولربام رتبت ألمر وحتمست له؛ ثم مل

! فاخذها ألياس فرصة يلومه مازحا معه، فكيـف ال يعطـى لالمـر اكرتاثـا اكثـر

:فالحظه دانيال، فاقتطعه قائال

ال ... اال إننى رتبت االمر، ولكن عندما يتم؛ لربام حتمـست، حتـى كـام قلـت_

.اكون خمذوال

: رك دانيال له ان يعرتض فقال إلياس يومئ برأسه، وعىل تبسم من عدم ت

فهمتـك ومـا ترمـى اليـه، هـل تعلـم ان كالمـك يـذكرنى بـالقس إســحق ؟ _

.سأذهب اليه اليوم، فقد عاد من اسفاره ... باملناسبة

: فقال دانيال

! أوعاد ؟_

!إنه كثري السفر

: قال إلياس

اخـذ _الفات يسافر حماوال ارشاد واصالح بعض القساوسة ممن هلم خم! نعم _

_دانيال يتعجب، وكأن الكالم ال يستقيم لديه، من حيث قساوسة وخمالفات

:قال إلياس

Page 8: الجزء الاول من الرواية

هل ستأتى معى ؟ _

:فنظر إليه حماوال ادراك ما قال، فام زال متعجبا، فقال

يبدو لصغري من ! إذا برصااااااخ ... فهو رجل هادئ ارتاح له، له وقار! بالطبع _

، هيرعان ناحية الصوت عىل فزع منهام، فإذا بولـد صـغري، ناحية مكان السيارات

رجله بني إطار السيارة والرصيف، باهبا مفتوح، يبدوا ان الصغري نزل منها، أخذ

إلياس يزيح السيارة؛ إال أن رصاخ الصغري يشتد، فأخذ دانيال بكتفه :

! فلنبحث عىل رافع _

املرصخ أملا، نظر اىل الصغري فتأثر له رفع دانيال مكابح اليد، وأرسع ناحية الصغري

بشدة، نظر الصغري اليه عىل بكاءه ودموعه منهمرة، امسك بعتبة السيارة، حيـاول

نظر اليه الياس فاحتا ! رفعها ، أتى الياس برافع؛ اال ان السيارة ترفع، رفعها دانيال

ه بعيدا، امرأة حامل عيناه، يشري دانيال بصعوبة اليه ثم اىل الصغري، يريده ان جيذب

:أخذت حتضن الطفل، يبدو انه صغريها، قالت

بدأ الصغري روعـه ىف اهلـدوء، وقـل رصاخـه، يـأتى _... أمك آسفة! انا آسفة_

:صوت من خالل احللقة املجتمعة قائال

! دعونى اراه _

.انا طبيب

.سحب دانيال ذراع إلياس مشريا اىل الذهاب

Page 9: الجزء الاول من الرواية

هدوء وصمت، يقطعهام ردد، رجـل ـصوت خافت لـه نغمـة، متقطـع، يعـاد وي

جالس عىل سجادة، باسط كفه األيمن فوق األيرس ىف حجره، امامه كتاب، ظاهر

انه التوراة، عىل مسند يتلو منه، منشغل، له تركيز، طرق يبـدو انـه طـرق عـىل !!

ه االول، فـتح الباب ، انتبه له عىل تركيز بام هو فيه، ووقف جميبا، مازال ىف تركيـز

:الباب فإذا بإلياس ودانيال، سبق إلياس بالرتحيب

. احلمد هللا عىل سالمتك اهيا املحرتم _

:قال القس

تبسم لـه إليـاس، ونظـر القـس اىل _ كيف حالك ؟ _فرحا برؤيته_!! إلياس _

:فقال ... دانيال يتذكره

! دانيال ؟_

:رد دانيال مبتسام

! نعم _

:حق قائال اشار القس اس

فـذهب حيـرض _! كيف حـالكام ؟ اجلـسا تفـضال _واخذ بأيدهيم_! تفضال _

.مرشوبا ويشء يأكل

Page 10: الجزء الاول من الرواية

إلياس اخذ جيول ىف املكان، دانيال جالس مازال ىف امـره ذاك، نظـر اىل إليـاس،

وىف جتواله ىف املكان، وإىل ذهاب القس إسحق الحضار ما يكرم به اضـيافه، وىف

:ال ىف نفسه ق... رسه

! ما بال إلياس؟ ..._

! ما هذا ؟_نظر حوله عىل حالته _أال يعبأ باالمر الذى كنا نتحدث فيه،

! ما بال القس إسحق ؟! يكاد عقىل يشتت

! أليس ىف نفسه يشء من هذا االمر أما ماذا ؟

! وملا يظهر عليه انه ال يباىل ان كان ىف نفسه يشء ؟

! الذى حولنا ؟ما بال الناس ال تكاد تفكر ىف

!وما باىل انا ال استطيع التجميع والتفسري ؟

هذا ما ! كل ما املكه هو تعجبى ذاك، وهكذا انا متخبط، ال طرف للخيط، عجبا

املكه، حتى ان عجبى هذا ال يكاد يتم، فام زال ينقطع بأشـياء تـشغلنى عنـه، او

ال تـرابط بـني مـا حـوىل ينقطع دون انشغاىل بيشء، فال استطيع له طلبا ، كأنى بـ

. وبينى

نظر إلياس اىل دانيال، فعلم انه ىف احلالة تلك، قاطعهام القس اسحق قائال، ومعه

:مرشوب ويشء يأكل

! مرحبا بكام_

_واشار بيده ان جيتمعا، واعطى كال منهام مرشوب_! تفضال تفضال

Page 11: الجزء الاول من الرواية

:ا بيدهاخذ دانيال، ورجع بظهره واسنده باملقعد، وقال ناظرا اىل م

! اهيا القس _

! بل هو عجب، ما هذا ؟_ سكت قليال، فال يستصيغ لفظ احلرية _... يب حرية

! يكاد عقىل يشتت، ما هذا ؟! نحن وما حولنا؟

!! يشء عجيب

قاهلـا واخذتـه حلظـة _! انا، انت، إلياس، عامل نشأنا فيه ونعيش فيـه، مـا هـذا ؟

: زاد عليه؛ فأخذ يردد ذهول، ويبدو ان اندماجه ىف التفكري

! ما هذا ؟_

:تكلم القس غري ممهل، مندجما هو اآلخر، مزيدا حالة الشعور واالندماج، قال

!! اترى نشأتك ىف بيئتك، ووجودك الذى يدعو للتعجب، بالفعل ماهذا ؟_

فمعظـم ! وجودى، وجودك، وما حولنا، وما لك ان تسأل غري ان تقول ما هذا ؟

القس يـتكلم كأنـه كلـه خمـرج _! ما هذا ؟_ ويشري بيده_اد عقلكاالحيان، يك

_الكالم، ودانيال وكأنه ليس اال أذن

تنظر حولك فـرتى أنـا، ! يشء بالفعل يدعو للعجب والذهول، ويشء من الفزع

! ما هذا؟... حتى يكاد عقلك! بيئة حوىل، ما هذا ؟

_واشار بيده_ !أوترى السامء ؟

ا، انـت لـربام ذهـب عنـك شـعورك هـذا وعـاد، بـسب هى طبقات فوق بعضه

انسانيتك، وما هلا من متطلبات، وغري ذلك؛ ما قد تراكم من جراء املتطلبات من

!الغفلة، وإن لك حلظ لوجود شعورك هذا

Page 12: الجزء الاول من الرواية

بضعة طبقات من فوق بعضها، هبا ما هبا من االتساع، مـن _واشار بيده_السامء

كل طبقة تكاد تتفطر من فوق االخـرى شدة وعظم ما جتد من شعور بوجودها؛

تكـاد ال _القـس ال يـأتى بطرفـة عـني_وتتمزق وتتشتت، السامء كام سـمعت

! تتحمل ذلك الشعور، تكاد تتفطر وتتمزق من فرط العظمة، ما هذا ؟

القس يفنـد اصـابع يديـه، _ما ىف السامء من امتداد وعظم، وما حتتوى من اشياء

! تكاد تتمزق من شدة العظمة، ما هذا ؟_هويسند اطرافها عىل جبهت

_ نظر دانيال وثبت نظره _! لوال ان اهللا يمسكها ويثبتها

...وملا خلق اهللا االرض؛ جعلت هتتز، فثبتها باجلبال

! الناس تكاد ال متشى إال ىف رؤسهم، وىف إرضاء انفسهم؛ فنسوا انفسهم

! كيف جاءوا ؟

! كيف هم هم ؟

لة للوعى واالدراك، فقـط غفلـة مطبقـة، مـع وجـود كأشـباه ال وعى، وال حماو

! نداءات تأتى لرتبطك مع نشأتك، للوصول لسؤلك، ما هذا ؟

ومتى وصلت اىل ذلك؛ وجدت مـا يـشغل بالـك حقـا، وأخـذت تـزداد شـغفا

_حالة من االنصات واالندماج شديدة_... وتعلقا، حتى هتدى، اال ما شاء اهللا

!كالمى فقط لك

خالقك وموجدك، وهو بديع السامء واالرض وما فيهام، من اصـغر يشء اىل اهللا

اكربه، من الذرة وما هبا، اىل اكـرب مـا ىف الوجـود، هـو خالقـك، وخـالق آبـاءك

علمه وما ال نعلمه، جعـل عـىل وموجدهم، اعطى كل يشء صورته وخلقه، ما ن

Page 13: الجزء الاول من الرواية

االرض كل ما تراه وتعلمه، يبلوك وينظر كيف تعمل من االعامل احلسنة رغم كل

! ما جعله هو عىل االرض، وزينها به، وكيف هو إيامنك وانت ال تراه ؟

ولكنه سبحانه جعلك وفطرك عىل معرفته وعىل ان تعبده، فال هيمـك او يلهيـك

تنسى انك وما جتده حولك اال خلق اهللا، أوال ترى ما يشء مما عىل االرض ىف ان

! انت فيه من الشعور ؟

وملا كانت هذه احليوة ما هى اال لينظر اهللا كيف تعمل فيها، فكان لك ان تفعل اى

أمر تشاءه، اىل ان يأتى يوم القيامة؛ فتحاسب عىل مافعلته ىف هذه احلياة، وجيزيك

احلة احلسنة بام ال خيطـر عـىل قلـب ممـا اعـده عىل ما كنت تعمل من االعامل الص

إليك، وما اخرجه اهللا ىف هذه احلياة من الطيبات والرزق؛ يكون خالصا بال شائبة

.وال خيطر عىل بال يوم القيامة، عطاء اهللا للذين يؤمنون به حسابا منه هلم

االرض، وهناك فريق من الناس الغافلني تقول هلم ان اهللا هو رهبم، ورب السامء و

وجـدهتم ... ورب كل يشء بيـنهام؛ فـالتزموا الفعـل احلـسن وال تفعلـوا الـسوء

! يقولون بأن تدع عنك هذا املزاح، كيف هناك رب سامء وارض ؟

!مجيلة حكايات اجلدود هذه عندما تستمع هلا

ثم ترى اؤلئك الفريق يرجعون اىل حياهتم، ومشاغلهم، وكأهنم مل يـسمعوا يشء

! قلته

. ئك الفريق هم اخلارسونفأول

وحساب اولئك اخلرسون عىل اهللا ايضا، اخلارس الذي يقرتف السوء، والذى يرى

وحيسب فعله وشغله مها السبيل، وأن االمـر هـو هكـذا ال اكثـر وال اقـل، ومـا

لغريفعله وشغله مـن إيـامن او امتثـال، ومـا لغريمهـا اال اجلحـود، فغـري الغفلـة

Page 14: الجزء الاول من الرواية

كان، وذهاب برصه أحب اليه من اتباع غريمها، فام السبيل والضالل ال يطاق مهام

! احقا فعال يستطيع ان يرى واذنه هلا ان تسمع ؟! اال ما يرى، وال ادرى

! أم إن حقا غفلته والسوء الذى يفعل ما مها اال اهلدى والرشاد ؟

! أم إن اهلدى و الرشاد ما هلام من مكان وال وجود؟

! أويمكن ذلك ؟

! بال انفسنا وما هبا من سعي نحومها ؟ولكن ما

ثم اتباع له حيث احلق، ثم ! وما بال فريق من الناس يسامعون وينصتون لاليامن؟

انصياعا واتباعا له حيث وجود النفس حقا، وغري ذلك ما ىف الـنفس مـن مـرؤة

وغرية، وشجاعة ايضا، والفعل الكريم الذي ال ينتظر فاعلـه شـيئا مقـابال، بـل

.كذا ملا ىف نفسه من كرم مطبوعيفعله ه

ومشاعر احلب والود تلك ، حيث للخليل ان ينيس نفسه وما حوله منشغال بجامل

خليله وما له، وذاهبا معه ال دراية له وال توقيت عنده، وانرشاح قلبه بمناجاته له،

وإيشاك قلبه الذوبان واالنفطار إن مل يلحق ويبتعد به عن تلك املنجاة والوصـل،

وغري ذلك مما هو جائال ىف النفس ... ن عدم قدرة اطالقا عىل مزيد من التحمل م

من تقدير واعجاب بالعظمة، والتوقـف عنـدها، وحماولـة التمثـل هبـا، واملثـول

. واالستامع ثم حماولة االتباع ملن هى عنده

ما باله اذا ما كان للهدى والرشاد وجـود او... كل ذلك وغريه مما هو ىف النفس

! وما شئننا ىف سعينا نحو اهلدى والرشاد ؟! مكان؟

!! أويعقل ويمكن ان ما هذا كله اال كذب وضالل مبني ؟

Page 15: الجزء الاول من الرواية

أم إن من يقول بانه كذب وضالل مبني؛ حيتمل انه ال يطيق ان يمس جانبـه، ومـا

يؤمن به بأى قول او اعرتاض وإن كان هذا القول هو احلق، وأن ما يؤمن به هـو

.ظلم السوء وال

حيث له ان يفعل فيها ما يـشاء، متـى ! ام أنه حيتمل أنه نسى انه ىف احلياة الدنيا ؟

شاء، كيفام شاء، ما دام يستطيع اىل ما يشاء سبيال، فكـل يشء كـذب، وكـل يشء

ضالل مبني اذا ما مس جانبه وايامنه وما ىف صدره ، وعندئذ فام هو بمتـوان ىف ...

عىل ذهنه من افرتاء، وزعم للباطل، ونـرشه مـن اجـل اال قول وقذف كل ما يرد

يمس جانبه وما هيواه .

وكل قول باطل وافـرتاء ماكـان الحـد ان يـستمع لـه، وال أن يتقبلـه؛ إال لغلبـة

شهوات النفس بإرساف عليه، وأن السبل الدنيئة ستفتح لتقىض الشهوات حـني

. االستامع اىل ذلك

رتاء املفرتين، وابطال املبطلني عىل سمع احد؛ اال وجعله ولوال ذلك فقط؛ ما مر اف

! يتعجب ويمرض ملا سمع، فكيف ملا قيل ان يقال ؟

! وكيف ملن قاله أال يعى ملا قاله ؟

وكيف جال ىف نفسه ذلك ومر عىل قلبه ثم تفوه به دون ان يقتل نفسه بعـد ذلـك

!ندما عىل ما وصفه من كذب وما ابطله من باطل ؟

ما قلته لك؛ ما كان اهللا ليذر الناس أن يفعلوه او حيدثوه؛ لوال ان هناك يـوم وكل

القيامة واحلساب مرجون اليه، وما كان هللا أن يرتك من دآبة عـىل وجـه االرض؛

Page 16: الجزء الاول من الرواية

لوال يوم القيامة، حيث حماسبة الناس، عىل غفلتهم، وظلمهم فيام بينهم، والويل

ملا ظنه من ظنـون، ومـا !! يدخلها عىل وسعها كل الويل ملن جاوزته رمحة اهللا ومل

شاعه عنها، واقره هلـا بـافرتاءه وكذبـه، فـزدادت غفلـة النـاس، أره للحياة، وقد

.وترسخت اقدامهم اكثر يف الغفلة، فأولئك حقا من هلم الويل

واذا ما بدا ما قد أعد هلم من العـذاب؛ رأيـت الغـالم يـشيب شـعره مـن الفـزع

عره اذا قيل أخرجوا للنار من بني كل ألف واحدا للجنة، وباقى واهلول، يشيب ش

!!األلف ىف النار

! لقوهم ىف اشد العذابأ

فإنا اكثرنا مؤمنون باهللا، ومؤمنـون بأنـا ىف هـذه ! وهذا ملن كان قبلنا ولقليل منا

، وأنا وأنا مؤمنون بيوم القيامة،احلياة ينظر اهللا لنا أينا احسننا عمال واصلحه فيها

جمازوون فيه بإيامننا باهللا، وإيامننا بذلك اليوم، يدخلنا اهللا برمحته اجلنة، اذا دخلتها؛

محدته كثريا أن أوجدك، وجعلك ثم رمحك، حتمده كام أنت حتمده ىف هـذه احليـاة

أن أوجدك، وجعلك، وأن يرمحك يف يوم القيامة، وكيف انك منتظر منـه ىف ذاك

. ر لك ما قد اقرتفته من سيئات، وظلمك لك ولغريك اليوم ان يرمحك، ويغف

ويوم القيامة؛ ترى كيف هـى رمحـة اهللا ىف مغفرتـه، وعفـوه عـن النـاس، تراهـا

! فتحسب ان ما هناك من عذاب

وتراها فتعلم حقا انه ما خلـق الـسامء واالرض اال بـاحلق، ولينظركيـف النـاس

! عاملون رغم ما خلقهم فيه ؟

. عمال قد صنعوه، ويتجاوز عن ما بدا منهم من سيئات فيجزهيم بأحسن

Page 17: الجزء الاول من الرواية

! ولرتى رمحته يوم القيامة؛ انظر رمحته ىف هذه احلياة

! فانظر كيف هى حال اكثر الناس؟

! وأى غفلة هم فيها ؟

! وأى سوء من االعامل يصنعون؟

! ما هذا ؟... وأحسبنى قد ارضيت وأصبت قليال ما ىف صدرك ، وعن قولك

_ أى إلياس ودانيال _! را وتذك

. ما أنتام اال ىف هذه احلياة، لكام ان تفعال فيها أى االعامل شئتم

وقبل ان احتدث معكام؛كنت ال اظنكام جيـول ىف عقـولكام مـا يظنـه اكثـر النـاس

واهنـم لـربام ال حيـسبون او وحيسبونه عن هذه احليـوة، وعـام هبـا ممـا هوحولنـا،

. ال اكثر وال اقل بل هم ىف غفلة فقط!! يظنون

!! وال أحسبكام ايضا تظنان وتؤمنان بام قد خرقه الناس من صفات وافعال هللا

وال أحسبكام ايضا انكام سمعتام الكثري مما قاله الناس من افرتاء الكذب عىل اهللا بام

! وآمل هذا .. قالوه

...ولذلك ما انا عىل وشك ان اقوله هو لكام انتام

! اعلام

Page 18: الجزء الاول من الرواية

قائم عىل حركة الذرة، وما هبا، ال تعزب عنه وال تغيب، كام هو قـائم عـىل ن اهللاأ

حركة املجرة، ويعلمها، فال تعزب عنه وال تغيـب، قـائم عـىل مـا ىف الـسموات

.واالرض، ويعلم ما فيهام، ال يعزب وال يغيب عنه يشء مما فيهام

لـه وجـود؛ اال كل ما ترى وما ال ترى هو من ابتدعه، واعطه ما لديه، فلم يكـن

حينام اوجده وأنشاءه، وهداه كيف يتحرك، ويفعل ما يفعله، ويرسه لـذلك كلـه،

.وهو قائم عليه، وعىل فعله وحركته

. كرسيه تعاىل وسع السموات واالرض، يسمعنا االن ويرنا، ويرى ما نرى

يمسك السموات واالرض عن ان تزوال، فال يعرف اىل اى يشء يـصريا، و هـل

.فال يكون هنالك مزيدا من السموات او االرض ! ن معاملهام يشء ؟يبقى م

. وأنه ال يبقى السموات واالرض عىل حالتهام تلك؛ اال هو، فهو ماسكهام

هو ظاهر فال يشء ظاهر مثله، وهو باطن ال يشء ابطن منه، ال يشء ابطن منه من

! شدة ظهوره الذى ال يشء اظهر منه

وانت تعلم اهنم ال يمـشون اال ! الظاهر الذى ال اظهر منه ؟وأنى للناس ان يروا

ىف رؤوسهم، فال ينظرون وال يسمعون؛ اال ليزدادوا انغامزا ىف ما هم فيه، وتوثـق

.أرجلهم ىف رؤوسهم اكثر فاكثر

وأنه هو الذى اعطاك صورتك، وأعطى كـل يشء صـورته، وخلقـك ممـا تعلـم

..._ة من مني حرك إصباعيه عىل بعضهام، اى من نطف_

Page 19: الجزء الاول من الرواية

! ذلك هو ربى، وربك، ورب كل يشء فاعبده

فقد خلقك واوجدك، وأتم عليك نعمته وهداك اليه، يطعمك ويسقيك بلطفه فال

تشعر انك تسقى او تطعم .

! كل يشء ىف السموات واالرض ملكه، بمعنى ان كل يشء ملكه

! ء ترجع اليه امور كل يشء، بمعنى انه ترجع اليه امور كل يش

.اذا مرضت، فال شاىف لك اال هو بلطفه، فال تشعر ان احد شفاك

!فذلك هو رب كل يشء فاعبده

عىل فراشه ال حراك، تفكري، وربط ما لديه بام قد سمعه من القس، ال اجابة عىل

.هاتف، وال رؤية الحد، عىل فراشه، عيناه مفتوحة، تركييز

د يعرف إن كان ىف املنـزل ام ال، أتـت سـارة نام، استيقظ عىل تلك احلالة، ال اح

تطرق دون فائدة، وتطلب اهلاتف وال رد، أتى إلياس دون فائدة، اوشك ان يكرس

. الباب؛ فيسمع كصوت ما بالداخل؛ فيحبط عن كرسه فيرتكه كام يشاء قليال

:عىل تلك احلالة أليام، أتى إلياس فتحدث اليه، وقال

لن أزيد عليـك اكثـر . ..من اجل سارة فقد تأذت ! عليك ان تتوقف عن ذلك _

. ذلك من

...سمع تلك املحادثة؛ إال انه يكاد يغيب عن ما حوله

عىل غري العادة يستحم ويتطيب، وال تركيز ىف افعاله، إفطار، وحالة من حـاالت

االندماج شبه التام، أخرب سارة بأنه سيمر عليها، نزل من السيارة وبيده باقة ورد

Page 20: الجزء الاول من الرواية

تركيز، فقط تفكري واندماج، صعد، اخذ ىف ربط خيط احلذاء عند باب سارة، وال

وقد الحظه قبل ذلك اال انه مل يباىل، وال مباالة وهو يربطه ايضا، اسند باقة الورد

اىل احلائط،اخذ ىف ربطه، باب الشقة املقابلة غري تام الغلق، رأى يشء جعله يصدر

!! صوت التقيء

!! تسعت عيناه ورجع اىل الوراء مصطدما بشقة سارة وضع يده عىل فمه وا

سمعا ساكنا الشقة املقابلة صوت؛ فالحظا أن الباب مازال مفتوحا مذ دخال، أتى

احدمها ليغلق الباب؛ نظر اىل دانيال؛ فازداد االعياء عليه، تقيئ مرة اخـرى بعـد

!! غلق الباب

!!رأى رجالن يأتى احدهم االخر

حيث العني مفتوحة، وحالة الذهول حيث ال رؤية للعني بعـدها أتته تلك احلالة

.إال التى نشأ الذهول هلا، وهيجان ىف املعدة

! فتحت سارة الباب، رأت باقة الورد وظهرت عليه غرابة

فباقة الورد كالتى ياتى هبا دانيال، تأخذها رأسها فتنظر عن جانبها، فرأت دانيال

احلائط مقابال هلا، ووجهـه اىل االرض، وضـعت عىل حالته تلك، ساندا يده عىل

يدها عىل كتفه فانقبض جسده، ونظر اليها بعينه املفتوحة، فتهيج معدته وتتقلـب

اكثر، مشى نازال، ال دراية له؛ إال حالة الذهول تلك، فال معنى عنده لتكليم سارة

. له

د نـاظرا دخل وجلس عىل احد املقاع... خرج من املبنى يمشى، فوصل اىل مكان

اىل االرض، يبدو كأن هناك زفاف، اناس جالسون، واخرون واقفون ىف االمـام،

Page 21: الجزء الاول من الرواية

املشهد ىف حميط برصه ليس اال، فال اهـتامم وال مبـاالة، نظـره اىل االرض وسـمع

:كالم يقال وال قصد ىف أن يسمعه

حترك شخص ويبدو انه العريس، واخر يتحرك ناحية _! اآلن اعلنكام زوجان _

!! بسا هو االخر بذلة االول ال

بدا دانيال وكأنه يركب ويرتب بعض املشاهد عىل بعض، رأى أن هذا الـشخص

!! اخذ ىف تقبيل الشخص االخر والواقفون مبتسمون

فصاح هبم صياح املستيقظ الذى رأى مشاهد االحالم؛ إال أنه ال يعلم بيشء مـن

! م مثل ما رأى حتى حيلم به، إال اهنا من اشباه االحال

:صاح قائال ! ما هذا الذى يراه ؟... فمقومات احللم ورشوطه قائمة موجودة

! هاااى _

! ماذا تفعلون ؟

ونظر اليه الرجالن نظر من انتبه لصوت صائح كـارس حالـة هـدوء، ! نظروا اليه

وليس عندمها حالة مباالة، فام مها اال منغمزان، وما ذاك اال صوت كـارس حلالـة

. اسند احدمها يده بكتف االخر جينبه، ودانيال بدأ ىف التقيؤ بشدةانغامزمها،

رأى القس إسحق ذلك، فقد تم وكان موجودا ىف هذه الكنيسة، ظهـر ان دانيـال

.بدأ يغيب عن الوعى