فوة جندة فتحي ص

جميع احلقوق حمفوظة

الطبعة الثانية 2008

ISBN 1 85516 396 9

املحتــويـــات

7متهيد

الف�صل الأولالأمري فيها ن�صاأ التي وال�صيا�صية الجتماعية البيئة

اإبراهيم الإبراهيم13

27�صنوات التكوينالف�صل الثاين

اأبيه: موجز �صرية الأمري عبد العزيز اآل اإبراهيمالف�صل الثالث33الولد �رس

61الإمارة الأوىل: القنفذةالف�صل الرابع

79وكيل اإمارة مكة املكرمةالف�صل اخلام�س

93يف ع�صريالف�صل ال�صاد�س

113رحلة حول العاملالف�صل ال�صابع

123اأمريا ملنطقة الباحةالف�صل الثامن

153الأمري والرجلالف�صل التا�صع

173الأب املثايلالف�صل العا�رس

189ق�صاء اهلل وقدرهالف�صل احلادي ع�رس

201موؤ�ص�صة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلرييةالف�صل الثاين ع�رس

ملحقخمتارات من املراثي التي كتبت على اإثر وفاة املغفور

له الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم219

287�صكر وتقدير

291امل�صادر

301فهر�س الأعالم

313فهر�س الأماكن

7

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم متهيد

متهيــد

ال�صيخ "اجلزيرة" جريدة مندوب �صاأل ب�صنتني(، وفاته بعد )ن�رست �صحفية مقابلة يف

اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم، اأمري منطقة الباحة، قائال:

- "معايل ال�صيخ اإبراهيم.. هل تخ�صى ركوب الطائرة؟

فاأجابه ال�صيخ اإبراهيم:

- "ل اأخ�صاه... ولكنني ل اأ�صتطيع النوم داخل الطائرة".

ف�صاأله ال�صحفي:

- "اأبو عبد العزيز... هل تخاف من املوت؟".

اإذا كان اأجل الإن�صان �صياأتيه املوت اإنني �صخ�س موؤمن بالـله... وعندما يحني "اأبدا... -

ذلك يف الطائرة اأو يف ال�رسير اأو على الكر�صي... اأو يف ال�صيارة".

اأخرى عن اأ�صئلة عديدة اإليه الباحة، ووجه اأمري مع مطول ال�صحيفة حديثا واأدار مندوب

نف�صه.

ولكن ال�صيخ اإبراهيم مل يوافق على ن�رس هذا احلديث الذي ت�صمن اأمورا �صخ�صية عديدة،

لأنه كان ل يحب الأ�صواء. وبعد هذه املقابلة ب�صنتني، بينما كان ال�صيخ اإبراهيم الرباهيم، اأمري

الباحة، وال�صخ�صية ال�صعودية املعروفة واملحبوبة واملحرتمة من اجلميع، يف �صيارته مع بع�س

ال�صيل 1986م(، جرف اأبريل 1406هـ )9 ني�صان/ 28 رجب اأ�صدقائه �صباح يوم الثنني

�صيارته يف حائل، فانقلبت، وتويف اأمري الباحة يف هذه احلادثة املوؤ�صفة مع بع�س مرافقيه، يف

ظروف غري اعتيادية وحادث نادر الوقوع.

ومتوع مكانته، ن�صجه، ن�صاطه، وقمة اأوج الرباهيم وهو يف اإبراهيم ال�صيخ وفاة وكانت

�صدمة كبرية ل لأ�رسته وحدها، بل لأ�صدقائه الكثريين ومعارفه اأي�صا يف �صتى اأنحاء اململكة

العربية ال�صعودية، التي �صعرت، �صعبا وحكومة، اأنها فقدت بوفاته اأحد رجالتها الذين ق�صوا

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

8

متهيد

منه يوؤمل كان ورجال والكرم، والنزاهة بالكفاءة وعرفوا وبالدهم، مليكهم حياتهم يف خدمة

مزيد من العطاء لوطنه واأ�رسته.

واأ�صدر الديوان امللكي ال�صعودي بيانا عن وفاته جاء فيه:

اأم�صى حيث واأمانة باإخال�س واجبهم اأدوا الذين املخل�صني الرجال من يعد كان "اأنه

�صنوات طويلة اأمريا لعدد من املدن اآخرها اإمارة الباحة و�صواحيها. وكان الفقيد طوال حياته

مثال لل�صالح والتقوى واأداء الواجب يف خدمة دينه ومليكه وبالده".

ق�صى الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز يف خدمة الدولة اأكرث من خم�صة وثالثني عاما، كان يف

جميع مراحلها مثال للن�صاط والإخال�س والعمل. و�صخر خربته الوا�صعة يف الإدارة لتنمية املناطق

التي عمل فيها، واأ�صهم ب�صكل ملمو�س يف فر�س الأمن فيها. ومل يرتك قرية، ول مدينة، ول

جبال، ول واديا ول �صاهدا اإل ووقف عليه بنف�صه وقفة الباحث واملخطط املتاأمل، حتى اأ�صبح

خبريا وا�صع الدراية والتجربة يف غرب اململكة العربية ال�صعودية وجنوبها، اإىل جانب جتربته

الغنية يف اإدارة الإمارات التي تولها.

اأعمدة الـله، فا�صت رحمة اإىل الرباهيم العزيز عبد بن اإبراهيم الأمري انتقل معايل وملا

ال�صحف ال�صعودية بنعيه، ون�رست املقالت تلو املقالت والق�صائد يف رثائه وتعداد اأعماله يف

. ومن تلك املقالت الكثرية ما كتبه ال�صيد عبد الرحمن الرباهيم الوابل يف جريدة )1(

خدمة بالده

"اجلزيرة" بعنوان: "رحمك الـله يا اأبا عبد العزيز" وجاء يف مقالته:

اإىل ي�صاف املرحوم اأبناء اأحد بذلك يقوم تاريخي كتاب عنه يوؤلف باأن جدير اإنه ..."

املكتبة العربية الإ�صالمية احلافلة بالعديد من املوؤلفات التاريخية للعديد من الأبطال وعظماء

.الرجال...")2(

)1( راجع جمموعة خمتارة من مقالت الرثاء يف امللحق.

)2( جريدة "اجلزيرة"، العدد 4951، 10 �صعبان 1406هـ )20 ني�صان / اأبريل 1986م(.

9

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم متهيد

كذلك كتب ال�صيد علي بن �صالح ال�صلوك مقالة عن الأمري اإبراهيم يف جريدة "اجلزيرة"

قال فيها:

"يف حياة الفقيد الكبري جوانب عرفتها خالل عملي معه ملدة ثماين �صنوات وهي جديرة

اأقرباوؤه واأ�صدقاوؤه يف كتاب لي�صتفيد منها هذا اجليل والأجيال باأن جتمع مع ما يعرفه عنه

.القادمة تخليدا لذكراه العطرة")1(

ويتناول هذا الكتاب �صرية هذا الإداري املتمر�س الذي انتقل اإىل جوار ربه قبل اأن يتجاوز

التا�صعة وال�صتني من عمره، وهو يف كامل �صحته، ول يزال قادرا، مبا لديه من جتارب يف احلياة

تناق�س، ل التي الـله اإرادة ولكنها اأخرى، ل�صنوات طويلة بالده ومليكه والإدارة، على خدمة

د.وق�صاوؤه الذي ل ير

وفيها الدرو�س، من كثري بالعطاء، الزاخرة الغنية، الرباهيم اإبراهيم الأمري �صرية ويف

كثري من العرب، ولذلك فاإن ت�صجيلها لي�س تخليدا لذكرى رجل خدم بالده واأمته ومليكه خدمة

مميزة فقط، بل هو، يف الوقت نف�صه، عر�س لنموذج رائع لالأجيال القادمة يف الإخال�س والعمل،

اإن�صانيا وخلقيا، واحلر�س على م�صالح واجلد يف خدمة املجتمع، والتعامل مع الآخرين تعامال

املواطنني، مع الدقة يف احرتام الأنظمة وعدم التهاون يف تنفيذها.

اإن جمال القول يف �صرية الأمري اإبراهيم ذو �صعة، واأعماله خالل توليه الإمارة ووكالة الإمارة

اأكرث من مرة، فالإمارة، يف مناطق مهمة من اململكة العربية ال�صعودية، كالقنفذة ومكة وع�صري

له ت�صجل باأن جديرة وجدية، ونزاهة وجترد باإخال�س لبالده املتوا�صلة وخدماته والباحة،

بالتقدير، وتذكر له بالثناء، كما يعرف ذلك معا�رسوه، وكما �صيظهر من متابعة �صريته.

)1( جريدة "اجلزيرة" العدد 4957، 16 �صعبان 1406هـ )26 ني�صان / اأبريل 1986م(.

11

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم متهيد

ت�سل�سل الأحداث

التاريخ امليالديالتاريخ الهجري

12971880ولد الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم الرباهيم يف

الريا�س.

13351917ولد الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم يف

حائل.

13401921ا�صت�صلم الأمري حممد بن طالل بن ر�صيد لالإمام

عبد العزيز اآل �صعود.

عني الأمري عبد العزيز الرباهيم اأمريا لأبها.13411923

13421924اإىل العزيز الرباهيم من ع�صري الأمري عبد عاد

الريا�س.

13431924ثم الطائف مدينة ال�صعودية القوات دخلت

مدينة مكة.

13431924عني الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم اأمريا للطائف

)اأول اأمري يف عهد الدولة ال�صعودية الثالثة(.

13441925ا�صت�صلمت حامية املدينة املنورة لالأمري حممد

ابن عبد العزيز.

13461927

عني الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم وكيال لإمارة

اأمري بعمل فعليا وقــائــمــا املــنــورة املدينة

املنطقة.

13551936انتقل الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم من املدينة

املنورة اإىل مكة املكرمة.

13621943

ر�صح الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز اأمريا لإحدى

لظروف نظرا عمله يبا�رس مل ولكنه الإمـــارات

والده وعدم وجود ولد اآخر له.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

12

متهيد

التاريخ امليالديالتاريخ الهجري

13651946

الرباهيم العزيز عبد بــن حمود ال�صيخ ولــد

يف للمعاجلة والـــده غياب خــالل الريا�س يف

القاهرة.

13651946تويف الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم يف القاهرة

عن 66 عاما.

13711952الرباهيم العزيز عبد بن اإبراهيم الأمــري عني

اأمريا ملنطقة القنفذة.

13811961الرباهيم العزيز عبد بن اإبراهيم الأمــري نقل

وكيال لإمارة مكة.

13891969بوزارة الرباهيم م�صت�صارا اإبراهيم الأمري نقل

الداخلية.

13911970ــال لإمــــارة ع�صري ــم وكــي ــراهــي عـــني الأمــــري اإب

)7 – 8( �صنوات.

عني اأمريا للباحة.13981978

منح مرتبة وزير.13991979

تويف الأمري اإبراهيم عن 69 عاما.14061986

الف�صل الأول

البيئة الجتماعية وال�صيا�صية التي ولد

فيها الأمري اإبراهيم الرباهيم

15

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

البيئة االجتماعية وال�سيا�سية التي

ولد فيها االأمري اإبــراهيم البــــراهيم

البيئة الجتماعية وال�سيا�سية التي ولد

فيها الأمري اإبراهيم الرباهيم

اإن الت�صدي لتدوين �صرية رجل من رجالت اململكة العربية ال�صعودية يف عهد نه�صتها

احلديثة، واتخاذها موقعها يف الذوؤابة بني الدول العربية، يتطلب بال �صك العودة اإىل الوراء

قليال لأجل مواكبة مراحل التقدم ال�رسيع الذي �صهدته اململكة، وحتقيقها وحدة اأقطار اجلزيرة

العربية الو�صطى خالل عقود قليلة من ال�صنني.

يعود تاريخ الدولة ال�صعودية اإىل اأوائل القرن الثاين ع�رس الهجري )الثامن ع�رس امليالدي(،

حني توىل الأمري �صعود الأول بن حممد بن مقرن الإمارة يف الدرعية. وقد متكن بدهائه وحنكته

الوفاة �صنة اأدركته الواحات ال�صغرية املجاورة لها، حتى اإمارته يف عا�صمته ويف من تثبيت

، بعد اأن و�صع بعمله اأ�صا�س مملكة اآل �صعود.)1(

1137هـ )1724م(

�صعود يف وا�صتمر احلني، ذلك منذ العربية اجلزيرة اأوا�صط يف �صعود اآل حكم وات�صل

وتو�صع، حتى العقود الأخرية من القرن التا�صع ع�رس امليالدي.

الإمام حممد بن عبد الوهاب التميمي اأوائل تكوين الدولة ال�صعودية ظهور و�صادف يف

النجدي، زعيم النه�صة ال�صلفية احلديثة يف جزيرة العرب، الذي كان له اأثره البعيد يف الفكر

من واأفــاد والب�رسة، وال�صام احلجاز اإىل ورحل بنجد، العيينة يف ون�صاأ ولد ع�رسه. يف الديني

بالدين التي علقت والأوهام البدع التوحيد اخلال�س ونبذ اإىل اإىل جند، فدعا علمائها، وعاد

احلنيف. وق�صد الدرعية يف الثانية والأربعني من عمره، فتلقاه اأمريها حممد بن �صعود بالإكرام،

وقبل دعوته، و�صد اأزره.

)1( فوؤاد حمزة، "قلب جزيرة العرب"، القاهرة، 1933م، �س327.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

16

البيئة االجتماعية وال�سيا�سية التي

ولد فيها االأمري اإبــراهيم البــــراهيم

انت�رست دعوة ابن عبد الوهاب يف �رسق اجلزيرة العربية وات�صعت بات�صاع رقعة ملك اأمراء اآل

�صعود، حتى بلغت يف بع�س مراحلها حدود اليمن جنوبا وم�صارف ال�صام �صمال، وعرف التابعون

ملذهب ال�صلف بــ "اأهل التوحيد" و"اإخوان من اأطاع الـله". وقد ن�رسوا دعوتهم يف الأجيال التالية

الأخرية الت�صمية و�صاعت اإليه، ن�صبة "الوهابيني" خ�صومهم و�صماهم والرتغيب، بالرتهيب

"مذهبا" جديدا يف الإ�صالم عند الأوروبيني فدخلت معاجمهم احلديثة، اأخطاأ بع�صهم فجعلها

. وكانت وفاته يف الدرعية.)1(

تبعا ملا افرتاه خ�صومه

اآل الر�صيد اإمارة اأوا�صط القرن الثالث ع�رس الهجري )التا�صع ع�رس امليالدي(، ظهرت ويف

اآل اآل ر�صيد ال�صمري قائدا جلي�س الأمري في�صل بن تركي الـله بن علي يف حائل. وكان عبد

اآل ر�صيد يف جند. وقد تويف اإمارة الأمر فيها، واأ�ص�س اإمارة حائل، وا�صتتب له �صعود، فوله

�صنة 1263هـ )1874م(، فخلفه اأولده الذين و�صعوا ملكهم حتى ا�صتولوا على جند، وامتد

ترك اإىل �صعود اآل الفي�صل الرحمن عبد الإمام وا�صطر وال�صام. العراق اأطراف اإىل حكمهم

موطن اآبائه يف جند، والنزوح اإىل الكويت، حتى ا�صتد �صاعد ابنه عبد العزيز، واحتل الريا�س يف

�صنة 1319هـ )1901م( يف عملية اأ�صبه ما تكون مبلحمة اأ�صطورية، اأو رواية خيالية، اأو ق�صة

من ق�ص�س البطولة النادرة يف التاريخ.

وبزغ جنم عبد العزيز بن عبد الرحمن الفي�صل اآل �صعود يف مطلع القرن الع�رسين امليالدي،

الريا�س، وانت�رس على ابن ر�صيد، وتغلب على وكان عمره ل يتجاوز الع�رسين. وقد بداأ بفتح

مكة ودخل واحلجاز، جندا فتملك فتوحاته، يف تو�صع ثم العثمانية. الدولة رجال من اأعوانه

علن ملكا املكرمة يف كانون الأول / دي�صمرب 1924م. ويف 8 كانون الثاين / يناير 1926م، اأ

للحجاز و�صلطانا لنجد. واكت�صبت اململكة و�صعها اجلغرايف وكيانها ال�صيا�صي يف تلك ال�صنة،

العزيز ال�صلطان عبد اإعالن تويل وبعد احلجاز". "�صلطنة جند وملحقاتها ومملكة بـــ وعرفت

)1( الزركلي، "الأعالم"، ج7، �س137.

17

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

البيئة االجتماعية وال�سيا�سية التي

ولد فيها االأمري اإبــراهيم البــــراهيم

اآل �صعود احلكم يف احلجاز واإعالن قيام مملكة جديدة با�صم "�صلطنة جند ومملكة احلجاز"، مل

ي�صدر اأي نظام اأو قانون يحدد عالقات اململكتني بع�صهما ببع�س، اأو يحدد احلدود بينهما.

ومن الناحية القانونية، كان كل من احلجاز وجند مملكة م�صتقلة عن الأخرى جتمع بينهما رابطة

العر�س امل�صرتك. وقد �صهدت بع�س الدول الأوروبية يف عهود خمتلفة و�صعا مماثال ارتبطت

فيه اأكرث من دولة بعر�س واحد، واآخر هذه الأمثلة اإمرباطورية النم�صا واملجر، التي كان يحكمها

.)1(

فران�صوا جوزيف

ال�صلطنة واململكة وثيقة ال�صالت بني العملية، فقد كانت اأو الواقعية، الناحية اأما من

اأكرث من ذلك، واملنافع املتبادلة اأكرب. ومل يكن بينهما اأي نوع من الفوارق واحلواجز اجلمركية

اأو احلدود العائقة. وكانت �صيا�صتهما اخلارجية واحدة تدار من مركز واحد با�صم البلدين معا،

ل با�صم كل منهما. واأما من حيث الت�صكيالت الإدارية والأنظمة احلكومية، فقد كان لكل من

ال�صلطنة واململكة نظامها اخلا�س، املعروف من العهود ال�صابقة.

ومل يكن من املمكن ول من املقبول دوام مثل هذا النظام املزدوج يف دولة اأ�صبحت متحدة

من جميع النواحي العملية، ومل يكن دوامه ليخدم اأي غر�س مفيد. وظهرت يف البالد رغبة عامة

1932م، اجتمع عدد من رجالت احلجاز وجند، وقدموا لتوحيد الكيانني ويف اآب / اأغ�صط�س

ال�صلطنة البالد يف توحيد التي �صادت الرغبة اأعربوا فيها عن العزيز عري�صة اإىل امللك عبد

واململكة يف كيان واحد، اأو دولة واحدة، ذات ا�صم واحد.

ومما جاء يف العري�صة:

"فاإن املجتمعني يرفعون بكمال اخل�صوع، اإىل �صدة �صاحب اجلاللة اأمنيتهم الأكيدة، يف

ا�صم يكون اإىل ا�صم اململكة احلايل ال�صنية باملوافقة على تبديل الإرادة باإ�صدار اأن يتكرم

من بذكر الإ�صادة يف واأبني املقبلة، الأماين اإىل اإ�صارة واأو�صح احلقيقة، على انطباقا اأكرث

)1( وذلك على الرغم من الفارق بني احلالتني، فاإمرباطورية النم�صا واملجر كانت ت�صم اأمتني خمتلفتني، لكل

واللغة، والتاريخ امل�صرتك، الواحدة، الأمة برابطة واحلجاز ترتبطان اأن جندا منهما قوميتها ولغتها، يف حني

والدين. واملق�صود من املقارنة هو ال�صكل الد�صتوري للدولة.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

18

البيئة االجتماعية وال�سيا�سية التي

ولد فيها االأمري اإبــراهيم البــــراهيم

كان ال�صبب يف هذا الحتاد، والأ�صل يف جمع الكلمة وح�صول الوحدة، وهو �صخ�س جاللة امللك

"اململكة ا�صم اإىل وملحقاتها" والنجدية احلجازية "احلكومة ا�صم بتحويل وذلك املفدى،

"امللك الـله جاللة العرب، ممن وفق التي يقطنها البالد ال�صعودية" الذي يدل على العربية

عبد العزيز اآل �صعود" اإىل توحيد �صملهم و�صم �صعثهم".

وقد اأيد امللك عبد العزيز هذه الرغبة، و�صدر املر�صوم الذي يق�صي بتغيري ا�صم الدولة

اإىل "اململكة العربية ال�صعودية" و"تكليف جمل�س وكالئنا )اأي وزرائنا( احلايل بال�رسوع حال يف

و�صع نظام اأ�صا�صي للمملكة، ونظام توارث العر�س، ونظام لت�صكيالت احلكومة".

اأكرث من م�صاحة اأوروبا الغربية )م�صاحتها اإىل الوجود دولة جديدة بحجم وهكذا، ظهرت

جمتمعة( واإيطاليا واأملانيا وهولندا وبلجيكا واأيرلندا وبريطانيا وفرن�صا والربتغال اأ�صبانيا

حتتل املكانة الثانية ع�رسة بني اأكرب اأقطار العامل م�صاحة.

كانت هذه اخلطوة، التي مت اتخاذها يف ذلك الوقت املبكر ن�صبيا من تاريخ ظهور الدول

العربية امل�صتقلة، خطوة رائدة يف اجتاه وحدة العرب، واأكرث حماولت التوحيد التي اأعقبتها

متا�صكا ودواما، لأنها جاءت تنفيذا لرغبة عامة، وقامت على اأ�ص�س واقعية ومتينة، ولذلك اأدت

اإىل نتائج باهرة، وكتب لها البقاء.

وقد حققت اململكة العربية ال�صعودية يف ظل هذه الوحدة، التي ثبتت ر�صميا وقانونيا

يف يوم 22 اأيلول / �صبتمرب 1932م، اأكرب ن�صبة من التنمية حققتها اأية دولة يف العامل مبثل

هذه املدة القيا�صية. وحتولت خالل ن�صف قرن من الزمان من بلد �صحراوي فقري اإىل مملكة

مزدهرة، ا�صتتب فيها الأمن، و�صادها ال�صتقرار، وارتفع م�صتوى املعي�صة، وت�صاعف الدخل

الفردي. واأ�صبح لديها جامعات عديدة، و�صحافة راقية، واقت�صاد ن�صيط، وجي�س حديث قوي،

وم�صت�صفيات ع�رسية، وطرق معبدة، و�صبكة وا�صعة من اخلطوط اجلوية. دولة اإ�صالمية اتخذت

من القراآن الكرمي د�صتورا ومن تعاليمه هدى ونورا، وواكبت يف الوقت نف�صه احل�صارة الع�رسية

واأ�صبحت لها مكانة دولية حمرتمة.

ك ملل

)ايز

عزلد ا

عبن

بد

عو�س

ري ملأينه ا

مين

عوه

ثرالـله

ب ايط

د عو

�سل

يز اآعز

لد ا

عبك

مللله ا

ر فو

غملل

ية خيرتا

ة ر�سو

ني.لو�سوؤ

ملر ا

كباومراء

لأن ا

مد

دعوم

يهربا

لم ا

يهبرا

خ اإي�سلته ا

قفبر

و )

دعبما

يفد

عو�س

خادم احلرمني ال�رشيفني امللك فهد بن عبد العزيز خالل اإحدى زياراته التفقدية لإمارة الباحة،

وب�سحبته عدد من الأمراء وكبار امل�سوؤولني وبدا اإىل ي�ساره ال�سيخ اإبراهيم الرباهيم.

اأمريا الـله رحمه كان عندما تذكارية �سورة يف الرباهيم العزيز عبد بن اإبراهيم ال�سيخ

للباحة.

23

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

البيئة االجتماعية وال�سيا�سية التي

ولد فيها االأمري اإبــراهيم البــــراهيم

وقوة اإميــانــه، و�صدق نظره، ببعد ال�صخم الكيان هــذا اأ�ص�س و�صع الــذي الرجل اإن

يف اململكة" توحيد "نظام اأ�ــصــدر الـــذي �صعود، اآل العزيز عبد املــلــك هــو �صخ�صيته،

1351هـ الأوىل جمادى 21 اخلمي�س "يوم اختار اأنــه الثامنة املــادة يف وجــاء مــواد. ثماين

ي�صادف وهو العربية" اململكة هذه توحيد لإعــالن يوما امليزان، من الأول لليوم املوافق

22 اأيلول / �صبتمرب الذي اتخذ يوما وطنيا حتتفل به اململكة العربية ال�صعودية يف كل عام.

الو�سع العاملي:

كان العامل يف بداية �صنة 1917م، التي ولد فيها الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز، ل يزال

يف دوامة احلرب العاملية الأوىل. ويف هذه ال�صنة مل تعد اأوروبا وحدها �صاحة للحرب، بل اأ�صبح

العامل باأجمعه م�رسحا لعملياتها.

ففي رو�صيا ا�صطر القي�رس، اإزاء ال�صطرابات املدنية والع�صكرية التي �صادت بالده، اأن

�ص�صت يف رو�صيا حكومة موقتة واأ العر�س. التي تركزت عليه، ويتنازل عن ير�صخ لل�صغوط

برئا�صة جيورجي لفوف ثم كريين�صكي الذي تعهد مبوا�صلة احلرب. وعاد لينني من املنفى

على الق�صاء يوليو جنحت حكومة كريين�صكي يف / وتروت�صكي. ويف متوز ب�صتالني والتحق

انتفا�صة بل�صفية، وهرب لينني مرة اأخرى.

وا�صتمرت احلرب يف اأوروبا ال�رسقية، وجاءت الق�صة الأخرية يف اأيلول / �صبتمرب 1917م،

حني اأ�صيب اجلي�س الرو�صي املرهق واملنهارة معنوياته بهزمية منكرة يف ريغا. وبذلك فتح

اأمام الأملان الطريق اإىل العا�صمة الرو�صية برتوغراد. ويف اأوائل ت�رسين الثاين / نوفمرب، قامت

اأكرث جناحا، ف�صقطت برتوغراد واأطيح بكريين�صكي وحكومته، انتفا�صة بل�صفية ثانية كانت

بداأت ثم والنم�صا، اأملانيا مع التفاق على هدنة منفردة رو�صيا، ومت علنت اجلمهورية يف واأ

مفاو�صات ال�صالم.

وكان لهذا احلادث اآثاره املهمة يف الغرب، وكذلك يف البالد العربية. اأما يف البالد العربية

رو�صيا ا�صرتاك اإىل يعود احلكم على البال�صفة وا�صتيالء القي�رسي النظام �صقوط اأثر فكان

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

24

البيئة االجتماعية وال�سيا�سية التي

ولد فيها االأمري اإبــراهيم البــــراهيم

القي�رسية يف اتفاقية �رسية بينها وبني بريطانيا وفرن�صا ب�صاأن م�صتقبل الأقطار العربية التي

كانت تابعة للدولة العثمانية، وكيفية اقت�صامها بعد احلرب؛ فقد اأدى ا�صتيالء البال�صفة على

احلكم اإىل تغيريات كثرية يف �صيا�صة رو�صيا اخلارجية. وكان من املبادئ الرئي�صة التي تبنتها

احلكومة اجلديدة يف رو�صيا نبذ املعاهدات ال�رسية بني الدول. وعمال بهذا املبداأ، ن�رست احلكومة

البل�صفية يف 8 ت�رسين الثاين / نوفمرب 1917م ن�صو�س عدد من التفاقيات ال�رسية التي كانت

احلكومة القي�رسية طرفا فيها، وبينها التفاقية التي ا�صتهرت بعد ذلك با�صم اتفاقية �صايك�س

– بيكو.

وكانت الثورة العربية التي اأعلنها امللك ح�صني يف احلجاز على الدولة العثمانية يف اأ�صد

مراحلها، وقد مرت عليها �صتة اأ�صهر حني اطلع على تفا�صيل اتفاقية �صايك�س – بيكو يف اأحد

اأعداد جريدة "امل�صتقبل"، التي كانت ت�صدر يف باري�س، وكان فيها ن�س اخلطاب الذي األقاه

جمال با�صا وايل �صوريا وقائد اجلي�س الرتكي الرابع، يف بريوت، وبني فيه تفا�صيل التفاقية،

فا�صطرب امللك ح�صني ا�صطرابا �صديدا، واأدرك خطورة الو�صع، وعلم اأن حلفاءه خدعوه.

اأمرها، افت�صح التي الالاأخالقية التفاقية هذه تربير الربيطانية احلكومة حاولت وقد

فردت على ا�صتي�صاحات امللك ح�صني باأن "البال�صفة مل يجدوا يف وزارة اخلارجية يف برتوغراد

امل�صاعب بني احلرب ملنع اأوائل يف موقتا وتفاهما بل حمادثات قدمية، معقودة، معاهدة

الدول اأثناء تنفيذ العمليات احلربية مع تركيا. واأن جمال، اإما جهال منه، اأو خبثا، قد �صوه غر�صها

الأ�صلي، وحذف �رسوطها املتعلقة مبوافقة ال�صكان املحليني وحماية م�صاحلهم، وجتاهل اأن ما

اأعقب ذلك من قيام الثورة العربية وجناحها، وان�صحاب رو�صيا، قد اأوجد منذ مدة طويلة و�صعا

. وبذلك حاولت احلكومة الربيطانية تهدئة خماوف امللك ح�صني و�صكوكه.خمتلفا متاما")1(

و�صهدت نهاية �صنة 1917م، التي ولد فيها الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز، �رسبة اأخرى

اخلارجية وزارة اإىل الربيطاين يف م�رس، ال�صامي املندوب وينغيت، ريجنالد ال�صري برقية من انظر: ن�س )1(

الربيطانية، ن�رس يف كتاب اجلزيرة العربية يف الوثائق الربيطانية، اجلزء الثالث، �س346.

25

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

البيئة االجتماعية وال�سيا�سية التي

ولد فيها االأمري اإبــراهيم البــــراهيم

وجهتها بريطانيا اإىل حليفها املخل�س الذي ا�صتغلت �صذاجته، ف�صخرته لأغرا�صها، وحر�صته

على الثورة، وكانت �رسبة موجهة اإىل العرب جميعا جاءت بعد ف�صيحة اتفاقية �صايك�س – بيكو.

وقد متثلت هذه ال�رسبة يف ما عرف بــ "ت�رسيح بلفور"، الذي اأ�صدرته احلكومة الربيطانية يف

اأخرى يف اأية وثيقة اأثر اأكرب من الت�رسيح اأثر هذا 1917م، وكان الثاين / نوفمرب 2 ت�رسين

تاريخ ال�رسق الأو�صط احلديث. وما زال ذلك الأثر م�صتمرا اإىل يومنا هذا، وهو رمز جم�صم خليانة

احلليف حلليفه، وغدر ال�صديق ب�صديقه.

ال�رسيح مع التعامل اأخرى. وعلى جاري عادته يف وقد ده�س امللك ح�صني، والعرب، مرة

حليفته، ا�صتفهم منها عن �صحة ما جاء يف الت�رسيح، ومعنى الوعد الذي ت�صمنه ومداه، بعد

اأن كانت لديه كل الأ�صباب التي جتعله يعتقد اأن تعهدات بريطانيا ب�صمان ا�صتقالل البالد

العربية ت�صمل فل�صطني اأي�صا.

و�صارعت احلكومة الربيطانية اإىل اإيفاد الكوماندر هوغارث، اأحد روؤ�صاء "املكتب العربي"

يف القاهرة، ملقابلة امللك ح�صني، فعقد عدة اجتماعات معه واأبلغه ر�صالة من حكومته ذات اأثر

يف تهدئة خواطره وطماأنته. وكانت حتمل تاأكيدا �رسيحا من احلكومة الربيطانية اأنها م�صممة

على اأن ل تدع �صعبا يخ�صع لآخر، واأن ال�صتيطان اليهودي يف فل�صطني لن يكون م�صموحا به اإل

بقدر ما يتفق مع حرية ال�صكان العرب، من الناحيتني القت�صادية وال�صيا�صية.

وقد اأظهرت الأيام اأن احلكومة الربيطانية مل تكن �صادقة يف تاأكيداتها هذه، اإذ اأنها مل

تلتزم بتعهداتها لأ�صدقائها العرب.

ويف �صنة 1335هـ )1917م(، رزق ال�صيخ عبد العزيز بن اإبراهيم الرباهيم يف حائل بولد

با�صم والده. ويف ذلك الوقت كانت معارك توحيد اململكة، التي بداأها اإبراهيم، تيمنا �صماه

اآل �صعود بفتح الريا�س، ل تزال رحاها تدور واأحداثها تتواىل يف املناطق امللك عبد العزيز

التي مل تكن قد دانت بعد للحكم ال�صعودي. وقد ا�صتطاع امللك عبد العزيز على مدى ال�صت

ع�رسة �صنة التي تلت فتح الريا�س، و�صبقت مولد الأمري اإبراهيم الرباهيم، اأن يخو�س العديد

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

26

البيئة االجتماعية وال�سيا�سية التي

ولد فيها االأمري اإبــراهيم البــــراهيم

من املعارك، ويحرز الكثري من النت�صارات، بدءا با�صرتداد مدينة الريا�س، عا�صمة ملك اآبائه

واأجداده، يف �صنة 1319هـ )1901م(، مرورا ب�صم مقاطعات اجلنوب، اخلرج والأفالج واحلوطة

1321هـ �صنة وال�صلمية والدمل اخلرج ومعارك )1902م(، 1320هـــ �صنة الدوا�رس ووادي

ثم )1904م(، 1322هـ �صنة املحمل و�صدير الو�صم ال�صمال: مقاطعات )1904م(، و�صم

ال�صيطرة وحتقيق وال�صنانة، البكريية ومعارك )1905م(، 1323هـــ �صنة الق�صيم دخول

ال�رسقية احلدود وتاأمني الأح�صاء مناطق و�صم )1906م(، 1324هـــ الق�صيم على الكاملة

اإىل �صاحل اخلليج ال�صعودي النفوذ العام نف�صه، وما ترتب على ذلك من و�صول للدولة يف

العربي.

واإذا كانت هذه ال�صنوات ال�صت ع�رسة هي مرحلة النطالق نحو تاأ�صي�س الدولة الكبرية التي

كان يفكر فيها امللك عبد العزيز، فاإن ال�صنوات الع�رس التالية – وهي التي �صهدت مولد الأمري

اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم ون�صاأته، اأي 1335 – 1345هـ )1917 – 1927م( كانت

فرتة ا�صتكمال كيان اململكة العربية ال�صعودية، وتوطيد �صيادة امللك عبد العزيز على جميع

مناطق اململكة. فقد �صهدت هذه ال�صنوات �صم ع�صري، وبذلك مت تاأمني الطرف اجلنوبي الغربي

وبالتايل )1922م(، 1340هـ �صنة واجلوف حائل و�صم )1921م(، 1338هـ �صنة للدولة

تاأمني احلدود ال�صمالية للدولة، ثم جاء دخول القوات ال�صعودية اإىل الطائف و�صيطرتها عليها

�صنة 1343هـ )1924م(، ثم دخول امللك عبد العزيز يف العام التايل اإىل مكة املكرمة، فدخول

قواته جدة واملدينة املنورة �صنة 1345هـ )1926م(. وبذلك انتهت �صل�صلة املعارك الطويلة

التي خا�صها امللك عبد العزيز لتوحيد اأجزاء اململكة يف كيان واحد، لتبداأ بعدها عملية البناء

مرحلة اإىل بالبالد فانتقل امل�صتويات، خمتلف على املوؤ�ص�س امللك قادها التي والتطوير

جديدة ينعم فيها النا�س بالأمن وال�صتقرار.

الف�صل الثاين

�سنــوات التكـويــن

29

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم �سنــوات التكـويــن

�سنــوات التكـويــن

ولد الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم يف حائل �صنة 1335هـ )1917م(، وبداأ تعليمه

على طريقة ذلك العهد يف الكتاتيب، ودر�س على يد ال�صيخ عبد العزيز بن �صامل. وتعد هذه

املرحلة مبثابة درا�صته الأولية. وكان لالأمري عبد العزيز اآل اإبراهيم ولدان فقط، هما اإبراهيم

وحمود، خالفا ملا هو معتاد لدى عرب جند من كرثة الأولد. ولكن مل يكتب لالأمري عبد العزيز اأن

يرى ولده الثاين حمود الذي ولد وهو بعيد يف م�رس، يلتم�س العالج، وتويف فيها. ولذلك كانت

عنايته بولده اإبراهيم خا�صة، لأن اهتمامه مل يكن موزعا بني عدد كبري من الأولد.

عني والده ال�صيخ عبد العزيز بن اإبراهيم اأمريا للطائف يف 28 جمادى الأوىل �صنة 1343هـ

25 كانون الأول / دي�صمرب 1924م(، بعد فرتة ق�صرية من �صم هذه املدينة اإىل حكم امللك

عبد العزيز اآل �صعود، وبذلك كان "ابن اإبراهيم" – كما كان يعرف – اأول اأمري للطائف يف عهد

الدولة ال�صعودية الثالثة.

والطائف هي، تلك املدينة ذات التاريخ املجيد، وموطن بني ثقيف يف اجلاهلية، وفيها

وعدد من �صحابة الر�صول و�صهداء امل�صلمني، الذين قتلوا حني )1(

مرقد عبد الـله بن عبا�س

ح�صار الطائف وبقيت اأ�صماوؤهم علما يف الت�صحية باحلياة يف �صبيل احلق. وهي اأهم م�صايف

اجلزيرة العربية منذ اأقدم العهود، وقد عرفت بب�صاتينها وفاكهتها وعطورها، وح�صن جوها،

كما اأنها نقطة موا�صالت مهمة بني الريا�س ومكة املكرمة وغامد وزهران وع�صري وجنران.

بقي اإبراهيم يف هذه املدينة اجلميلة مع والده نحو ثالث �صنوات، وفيها ق�صى طفولته،

ويف ربوعها ن�صاأ وترعرع، وتاأثر بجمالها الطبيعي وجوها اللطيف.

)1( عبد الـله بن عبا�س )3ق. هـ – 68هـ/619 – 687م(: �صحابي جليل لزم الر�صول وروى عنه الأحاديث

ال�صحيحة، و�صهد مع علي بن اأبي طالب واقعة اجلمل وواقعة �صفني، وكف ب�رسه يف اآخر عمره، ف�صكن الطائف،

وتويف فيها.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

30

�سنــوات التكـويــن

ح�صن ال�صيخ فيها اأ�صاتذته ومن القا�صي، الـله عبد الطائف يف مدر�صته مدير وكــان

املن�صوري، مدر�س القراآن الكرمي، وال�صيخ حممد �صالح، واآخرون.

ويف �صنة 1346هـ )1927م(، نقل والده وكيال لإمارة املدينة املنورة. وكان اأمريها الأمري

حممد بن عبد العزيز اآل �صعود، الذي مل ميار�س مهام الإمارة فعليا، وقد رغب والده امللك عبد

العزيز، تكرميا له، يف اإبقائه اأمريا ا�صميا للمدينة املنورة، وكان الأمري الفعلي هو وكيل الإمارة.

كان ابنه ال�صيخ اإبراهيم يومذاك يف العا�رسة من عمره، ف�صحب والده اإىل مقر عمله اجلديد

املدر�س يف التمبكتي، ال�صيخ املدينة عامل على درو�صه يتلقى �صار وهناك احلال. بطبيعة

مدار�س اأرقى كانت التي النا�رسية" "املدر�صة اإىل والده اأر�صله ثم ال�رسيف. النبوي امل�صجد

بباب املجيدي، وكان ال�رسيف النبوي امل�صجد واأ�صهرها، وكانت تقوم قرب املنورة املدينة

واأحمد زيدان، وحممد �صقر، ح�صني مدر�صيها حممد ومن احلم�صي، الأ�صتاذ حممود مديرها

�صقر، وعثمان حافظ، واآخرون.

ومن ذكريات عهد درا�صته يف "املدر�صة النا�رسية" ما حدث خالل عر�س امل�رسحية التاريخية

التي قدمها تالمذة املدر�صة، وقد اختاروا رواية من تاريخ العرب هي "وفود النعمان بن املنذر

العربي يف اأنحاء الوطن اأنو�رسوان"، وهي م�رسحية مدر�صية م�صهورة مثلت يف �صتى اإىل ك�رسى

اأوقات خمتلفة. وكان املرحوم حممد ح�صني زيدان يقوم فيها بدور "النعمان بن املنذر"، وكان

الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز يتقم�س دور "قابو�س بن النعمان".

مرتفع، مما وب�صوت حما�صية، بطريقة ك�رسى على النعمان يرد اأن الرواية م�صاهد من وكان

جعل ابنه قابو�س )الذي كان الأمري اإبراهيم ميثل دوره( يخاطبه قائال: "ل تغ�صب يا اأبي...". وهنا

ال�صليمان الـله ال�صيخ عبد اإىل التفت اإذ اإبراهيم نكتة طريفة، بن العزيز الأمري عبد �صدرت عن

وال�صيخ ح�صن، وقال لهما: "..... ما هو اأبوه"، ف�صحكا، و�صحك معهما من �صمع النكتة من اجلال�صني

)1( حممد ح�صني زيدان، "مات الكرمي اإبراهيم الرباهيم"، مقالة يف جريدة "املدينة"، العدد 6939، 30 رجب

1406هـ )10 ني�صان، اأبريل 1986م(.

31

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم �سنــوات التكـويــن

.)1(

بجوارهم

"مدر�صة اإبراهيم بن عبد العزيز اإىل الدرا�صة يف وبعد "املدر�صة النا�رسية"، انتقل الأمري

تنمية فيها فوا�صل الوقت، ذلك يف املنورة املدينة مدار�س اأهم وكانت ال�رسعية"، العلوم

ثقافته ودرا�صته ومطالعاته.

ومعارفه احلقيقية، درا�صته العزيز عبد بن اإبراهيم فيها تلقى مدر�صة اأهــم اأن على

الوا�صعة، واإعداده للحياة، وخدمة بالده، كانت �صحبة والده الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم الذي

اإبراهيم بن كان مدر�صة يف الإدارة واحلكم، ومنهال للحكمة وجتارب احلياة. وقد ظهرت على

اأمارات الفطنة والذكاء والطموح، مع هدوء يف الطبع، وتفاوؤل دائم عبد العزيز، منذ يفاعته،

بامل�صتقبل وابت�صامة وادعة مل تفارق ثغره. وورث عن اأبيه قوة ال�صخ�صية، والتم�صك بالتعاليم

الدينية واملبادئ الأخالقية، ثم تلقى منه درو�صا عملية يف �صوؤون الإدارة واحلكم، والتزام احلق

والعدل بني النا�س.

كان الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز يتابع اأعمال والده يف اإمارة املدينة، وقد بلغ �صنا متكنه

البيئة فيه اأوجدتها بالنف�س ثقة مع امل�صوؤولية، وتقدير الأمور، الأحداث، وفهم متابعة من

التي ن�صاأ فيها، وعا�س بينها، ومكنته منها م�صاهداته ومراقبته لالأحداث، وكيفية جتاوب والده

معها واتخاذه القرارات ب�صاأنها.

العزيز �صنوات يفاعته ومطلع �صبابه يف املدينة اإبراهيم بن عبد ال�صيخ ولذلك كان ق�صاء

املنورة قد جعلها مدينته املف�صلة التي اأحبها اأكرث من غريها، ووجد نف�صه م�صدودا اإليها دائما.

وقد لزم اإبراهيم والده خارج اأوقات دوامه يف املدر�صة، واأخذ ي�صاعده يف بع�س اأعماله اخلا�صة

الإمــارة، بل �صار يوقع بع�س املعامالت اأعماله يف اإليه، كما �صار يتابع بع�س التي يعهد بها

اإبراهيم: حياته ومناذج من ر�صائله اخلطية"، اآل اإبراهيم بن العزيز "الأمري عبد الزيد، اإبراهيم الدكتور )1(

مقالة يف جملة "عامل الكتب"، املجلد 15، العدد3، ذو القعدة – ذو احلجة 1414هـ، مايو – يونيو 1994م،

�س311.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

32

�سنــوات التكـويــن

.)1(

الي�صرية نيابة عنه. وقد اأعد له والده مكتبا يف دار الإمارة وهو يف الثالثة ع�رسة من عمره

الكبري العربي الأديــب ال�صعودية العربية اململكة زار )1936م( 1355هـــ �صنة ويف

خالل وزار احلج، فري�صة لأداء هيكل، ح�صني حممد الدكتور املعروف امل�رسي وال�صيا�صي

مائدته. على الغداء وتناول مرة، الرباهيم غري العزيز عبد ال�صيخ اأمريها املدينة وجوده يف

كما دعاه جنله ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز يف اإحدى الأما�صي لزيارته يف داره وتناول الطعام

اخلفيف معه. وملا عاد الدكتور هيكل من �صفرته اإىل الديار املقد�صة، وو�صع كتابه ال�صخم

"يف منزل الوحي"، الذي و�صف فيه �صفرته وم�صاهداته وانطباعاته خاللها، حتدث عن زيارته

لأمري املدينة عبد العزيز بن اإبراهيم، وجنله اإبراهيم الذي قال يف و�صفه:

زيه يف الطلعة و�صيم وهو اأرى، فيما ع�رسة اخلام�صة يجاوز مل فتى الأمــري بن واإبراهيم

العربي، حاد النظرة من عينني �صوداوين فيهما حور، مم�صوق القوام، رقيق املظهر، لي�س فيه

.)1(

من هذه اخل�صونة وهذا الباأ�س اللذين يبدوان يف نظرة اأبيه ويف حديثه

– وهي "اجلزيرة" قبل وفاته ب�صنتني اإبراهيم يف مقابلة مع مرا�صل �صحيفة الأمري قال

والده مع م�صوؤوليته باأن – وفاته بعد اإل تن�رس فلم تفا�صيلها بن�رس ي�صمح مل التي املقابلة

كانت يف �صوؤونه اخلا�صة، ومل تكن مرتبطة بالعمل كثريا. فعندما كان والده الأمري عبد العزيز

بن اإبراهيم يعمل يف اإمارة املدينة املنورة، كان هو �صغريا، ولكن والده كان يحاول اأن يغر�س

فيه روح العمل والجتهاد، خ�صو�صا حينما يكون يف الدرا�صة. اأما يف اأوقات الفراغ ويف العطالت،

.)2(

فكان يدربه على ممار�صة الأعمال

)1( الدكتور حممد ح�صني هيكل، يف منزل الوحي، القاهرة، 1967م، �س516 – 517.

)2( جريدة "اجلزيرة"، العدد 4978، 8 رم�صان 1406هـ )1986/5/17م(.

الف�صل الثالث

اأبيــهالـولــد �سـر

35

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم الـولــد �سـر اأبيــه

اأبيــهالـولــد �سـر

مل يكن الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم طارئا على الإدارة، ول جديدا على اأجوائها

الدنيا، وتراثه، منذ فتح عينيه على ون�صاأته من حياته الإدارة جزءا بل رمبا كانت واأعمالها،

ال�صعودية، وتوىل العربية الإدارة يف اململكة اأهم رجال الذي كان من اأبيه، وترعرع يف كنف

اململكة تاأ�صي�س من املبكرة الفرتة تلك رئي�صة مهمة، تطلب حكمها، يف مناطق الإمــارة يف

العربية ال�صعودية، رجال يتمتع بثقة امللك من جهة، واحرتام النا�س من جهة اأخرى؛ رجال لديه

املرحلة تلك تتطلبها التي ال�رسورية الإداريــة واحلكمة ال�صلبة، والإرادة القوية ال�صخ�صية

لإقرار النظام، وفر�س الأمن، وتر�صيخ اأ�ص�س الدولة اجلديدة.

كان اختيار الأمري اإبراهيم للمنا�صب الإدارية املتتالية التي �صغلها طيلة عمله يف خدمة

الدولة – وقد ناهزت خم�صا وثالثني �صنة – و�صعا للرجل املنا�صب يف املكان املنا�صب. ولذلك

كان لبد للتعرف على �صخ�صيته واأ�صلوبه يف العمل، من عر�س خمت�رس ل�صرية والده، ولظروف

باأبيه، ومدى البن ا�صتكمل ن�صجه فيها، والتعرف عن كثب على �صلة التي ن�صاأته، والبيئة

عناية الأب بابنه، وكيفية تن�صئته على ما كان هو يلتزم به، من مبادئ اأخالقية واإدارية.

والواقع اأن "الإمارة" كانت �رسبا من تقاليد اأ�رسة الأمري اإبراهيم وتراثها يف خدمة بالدها.

فقد كان اأبوه، الأمري عبد العزيز الرباهيم، اأمريا على ع�صري، فالطائف، فاملدينة املنورة

يف عهد امللك عبد العزيز.

وكان جده، اإبراهيم بن عبد الرحمن الرباهيم، اأمريا على الأفالج يف عهد الإمام عبد الـله بن

في�صل بن تركي.

وكان اأبو جده، عبد الرحمن بن اإبراهيم، اأمريا ل�رسما، ثم بريدة، ثم الأفالج يف عهد الإمام

الأ�رسة اأجيال من اأربعة اإمارات مهمة. وهكذا كانت اأما هو، فقد توىل عدة في�صل بن تركي.

تتواىل على الإمارات املختلفة يف �صتى اأدوار الدولة ال�صعودية.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

36

الـولــد �سـر اأبيــه

اأرجاء اإبراهيم، وهو امل�صهور يف اإبراهيم الرباهيم، والد الأمري كان الأمري عبد العزيز بن

اململكة كلها بــ "ابن اإبراهيم"، من اأكرث الرجال متتعا بثقة امللك عبد العزيز ومن اأ�صهر اأمراء

املناطق يف عهده. وهو ينتمي اإىل اأ�رسة ف�صلية، اأي من قبيلة الف�صول، من بني لم، من طيء.

فمن هم بنو طيء، ومن هم بنو لم، ومن هم الف�صول، واأخريا من هم الرباهيم؟

قبيلة طيء من اأ�صهر قبائل العرب ن�صبا، ومن اأعالها �صاأنا. وقد عرفت يف التاريخ العربي

بت بهما اأ�صهر رجالها حامت الطائي وزيد اخليل، اللذان �رس بالزعامة وال�صجاعة والكرم. ومن

الأمثال يف اجلود. وينتهي ن�صب هذه القبيلة اإىل قحطان.

ومن بطون طيء امل�صهورة بنو لم، الذين ينت�صبون اإىل لم بن عمرو بن طريف، وهم قبيلة

معروفة كانت لها ال�صيطرة يف �صتى اأنحاء �صمال جند وجنوبها ردحا من الزمن، وامتدت ديارها

اإىل اأطراف ال�صام والعراق.

ربيعة بن اأبناء ف�صل وهم واآل كثري. لم بني من بطن الف�صول، فهم اأو اآل ف�صل اأما

الطائي الذي ينتمي ن�صبه اإىل قحطان، وكانوا من اأبرز فروع قبيلة طيء يف الع�صور الو�صطى.

اآل اأن الأب�صار م�صالك كتاب يف وجاء الأ�صول. خمتلفة كثرية، فروع بالف�صول التقت وقد

الفاطميني، اأيام الرئا�صة على طيء لهم العرب ووجوهها، وقد كانت �صادات الف�صول هم

ولهم عند ال�صالطني مكانة كبرية.

القرن منذ الأخرى بالقبائل الف�صول وعالقاتها قبيلة اأخبار من الكثري تواريخ جند ويف

التا�صع الهجري حتى القرن الثاين ع�رس.

واآل مغرية، يف غوطة بني لم، غربي جبل اآل كثري اإخوتهم "الف�صول" ي�صكنون مع كان

�رس كثرية يف جند، ومنهم �صكان بلدة ال�صعراء اأ ت منهم طيء. وكانوا قبل ذلك بادية، وحت�رس

قرب الدوادمي، ومنهم كانوا ي�صكنون بلدة ملهم بالقرب من حرميالء، واأبا الكبا�س يف ال�صمال

الغربي ملدينة الدرعية، وحائل، والعار�س، والو�صم.

37

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم الـولــد �سـر اأبيــه

اأما اآل اإبراهيم، فاإنهم ينتمون اإىل اآل يحيى، من اآل اأبي رماح، من اآل غزي، من الف�صول،

.)1(

ويقيمون يف الريا�س، وحائل، واأبي الكبا�س، ورنية، والطائف

وجاء يف كتاب منهاج الطلب عن م�صاهري قبائل العرب عن اآل اإبراهيم اأنهم "ي�صكنون

يف حائل والريا�س واملدينة املنورة وغريها، وبيتهم بيت كرم، وفيهم مروءة ونخوة، و�صجعان

.يف احلروب، وجدهم ال�صهري اإبراهيم بن عبد الرحمن بن اإبراهيم")2(

وقال ال�صيخ عبد الـله بن خمي�س يف كتابه تاريخ اليمامة:

الدرعية، اأعلى يف الكبا�س، اأبــي من معروفة ف�صلية اأ�ــرسة اإبراهيم "اآل

ومن الأ�رس النابهة الذكر، ظهر منها رجال عرفوا باجلود واحلكمة، وفيهم اأمراء

.كبار")3(

واأخريا جاء يف كتاب اآل اإبراهيم الف�صليون اأن ال�صيخ عبد العزيز بن اإبراهيم بن عبد العزيز

اإبراهيم، اإبراهيم بن �صعد بن اإبراهيم هو الريا�س. قال: "وقد ذكر يل اأخي اآل اأفاده اأن بلد

، باأنه كان اأحد احلا�رسين يف جمل�س كان به والده )4(

�صفري اململكة العربية ال�صعودية يف تون�س

والأمري اإبراهيم بن عبد العزيز اإبراهيم، ودار حديث عن بلد اآل اإبراهيم، فقال الأمري اإبراهيم:

يعتقد بع�س النا�س اأن بلد اآل اإبراهيم هو "اأبا الكبا�س"، ولكن احلقيقة كما اأعرفها ويعرفها

امل�صنون من اآل اإبراهيم ومن اأهل الريا�س اأن بلدهم الأ�صلي هو الريا�س... وعالقتهم بـــ "اأبا

الكبا�س" هي وجود مزرعة ميلكها الأمري عبد الرحمن بن اإبراهيم، رحمه الـله كان يق�صي بها

اإليها الأمري عبد الرحمن للمرة الأوىل "اأبا الكبا�س"، وهي املزرعة التي عاد بع�س الوقت يف

من بريدة، ومل يتجه اإىل الريا�س، ومتار�س هنالك احتجاجا على اإر�صال ابن دغيرث لقتحام بلدة

)1( عبد الرحمن بن حمد بن زيد، املنتخب يف اأن�ساب العرب، دار احلارثي، الطائف، 1404هـ - 1983م.

الثانية، الطبعة عنيزة، العرب، قبائل م�ساهري عن الطلب منهاج القا�صي، عثمان بن حممد ال�صيخ )2(

1408هـ - 1987م، �س95.

)3( ال�صيخ عبد الـله بن خمي�س، تاريخ اليمامة، الريا�س، 1408هـ - 1987م، ج4، �س90.

)4( كان �صفريا يف تون�س عند كتابة الن�س املقتب�س، كما �صغل من�صب �صفري اململكة لدى جمهورية م�رس العربية.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

38

الـولــد �سـر اأبيــه

.عنيزة، وح�صل خالف بني القائدين. ومل يرغب وقتها يف مقابلة الإمام وال�صالم عليه...")1(

والأمري عبد العزيز اآل اإبراهيم هو ابن اإبراهيم بن عبد الرحمن، بن اإبراهيم، بن حمد، بن

عبد ربه.

كان اأول من توىل الإمارة من اآل اإبراهيم هو عبد الرحمن بن اإبراهيم – جد الأمري عبد العزيز

.)2(

ابن اإبراهيم – وقد تولها يف عهد الإمام في�صل بن تركي يف الدولة ال�صعودية الثانية

الأقاليم يف املختلفة للمنا�صب الأكفاء املوظفني يختار تركي بن في�صل الإمام وكان

، ويحر�س يف تعييناته هذه على اأن يويل ذوي النفوذ يف املناطق حكاما عليها، )3(

واملقاطعات

مما ي�صهل خ�صوع اأهلها لل�صلطة املركزية، وذلك لأنهم اأكرث خربة باإدارة مناطقهم واأكرث فهما

.)4(

لحتياجاتها، كما اأن كلمتهم م�صموعة لدى اأهلها

ويبدو اأن اأول اإمارة وليها عبد الرحمن بن اإبراهيم هي اإمارة �رسما، ثم اأر�صله الإمام في�صل

.)5(

يف �صنة 1264هـ – 1847م على راأ�س �رسية، واأمره اأن ينزل يف ق�رس الربميي يف عمان

)1( اأبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، اآل اإبراهيم الف�سليون، الريا�س، 1417هـ - 1997م، �س44.

)2( الإمام في�صل بن تركي بن عبد الـله بن حممد بن �صعود: كان من اأمراء جند الذين حملوا اإىل م�رس اأيام ا�صتيالء

جي�س حممد علي على كثري من بالد العرب. وقد فر من م�رس �صنة 1242هـ - 1825م وعاد اإىل جند، وكان اأبوه يف

الريا�س اأمريا للعار�س وبع�س البالد املجاورة له، فقاد جي�س اأبيه ل�صرتداد البالد الأخرى. وملا علم باأن م�صاري بن

عبد الرحمن بن �صعود قتل اأباه )تركي بن عبد الـله( وا�صتوىل على العار�س، عاد مبن معه لقتال م�صاري فتمكن منه

وقتله �صنة 1249هـ - 1833م، و�صار �صرية ح�صنة واتخذ عا�صمته يف الريا�س. وطلب اإليه حممد علي با�صا وايل

م�رس اإر�صال ع�رسة اآلف جمل مل�صاعدة حملة م�رسية على ع�صري فلم يفعل. فاأر�صل حممد علي خالد بن �صعود )وكان قد

ن�صاأ مب�رس( يف جي�س من الرتك واملغاربة، فقاتل في�صل، ثم ا�صطر اإىل ترك الريا�س، ورحل اإىل اخلرج. وبعد معارك

كثرية اتفق في�صل مع القائد الرتكي جلي�س خالد بن �صعود على ال�صلح، وا�صرتط القائد الرتكي اأن ي�صافر في�صل

للمرة الثانية اإىل م�رس، فوافق في�صل، و�صري اإىل م�رس �صنة 1255هـ 1839م فاأقام معتقال ملدة اأربع �صنوات، ثم فر

وعاد اإىل جند، ودانت له الأح�صاء والق�صيم حتى اأطراف احلجاز وع�صري. ويف اأخريات حياته اأ�صيب بال�صلل وكف ب�رسه

وتويف بالريا�س �صنة 1282هـ - 1865م. )انظر الزركلي، الأعالم، الطبعة الثالثة، ج5، �س371(.

الإمام عهد الثانية: ال�سعودية الدولة ال�سعودية، العربية البالد تاريخ العجالين، منري الدكتور )3(

في�سل بن تركي، بريوت، 1994م، �س109.

الريا�س، 1309هـ، - 1256 الثانية، ال�صعودية الدولة عليه، اأبو ح�صن الفتاح عبد الدكتور )4(

1415هـ – 1994م، �س98.

)5( اإبراهيم بن �صالح بن عي�صى، عقد الدرر فيما وقع يف جند من احلوادث يف اآخر القرن الثالث ع�رش

واأول القرن الرابع ع�رش )ذيل به على كتاب "عنوان املجد يف تاريخ جند" حققه وعلق عليه عبد الرحمن

بن عبد اللطيف بن عبد الـله اآل ال�صيخ(، الريا�س، )بال تاريخ(، �س25.

39

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم الـولــد �سـر اأبيــه

ويف 16 �صعبان 1270هـ )14 اآيار / مايو 1854م(، قام اأهل عنيزة يف الق�صيم باإخراج

الأمري جلوي بن تركي، �صقيق الإمام في�صل، وكان قد عينه اأمريا لعنيزة، فكتب الإمام في�صل

اإىل جميع البلدان واأمرهم باجلهاد، وعني عبد الرحمن بن اإبراهيم اأمريا عليهم، واأمره بال�صري اإىل

اأهل بريدة، واأر�صل معه قوة من اأهل الريا�س و�رسما واملزاحمية، فاأغار عبد الرحمن بن اإبراهيم

على عنيزة، ثم قدم اإىل بريدة، ويف �صنة 1277هـ – 1860م عينه الإمام في�صل اأمريا على

.)1(

بريدة

وثار اأهل عنيزة على الأمري عبد الرحمن، وعتب عليه الإمام في�صل على اإثرها ملا نقل عنه

من اأقوال، فا�صتدعاه اإىل الريا�س. وملا عاد ابن اإبراهيم من الق�صيم توجه اإىل مزرعته يف اأبي

الكبا�س، واأقام فيها، ثم مر�س، وملا علم الإمام في�صل بن تركي بقدومه ومر�صه، خرج اإليه

من الريا�س وا�صرت�صاه، وعينه اأمريا على الأفالج.

وبقي عبد الرحمن بن اإبراهيم اأمريا على الأفالج حتى كربت �صنه، وتكاثرت عليه العلل،

وكف ب�رسه، فتوىل الإمارة بعده ابنه اإبراهيم، وكان ذلك يف عهد الإمام عبد الـله بن في�صل بن

. وكانت وليته يف اأحلك الظروف التي مرت بها البالد يف ذلك الزمن نتيجة اخلالفات )2(

تركي

الر�صيد، الـله عبد بن ملحمد �صهلت التي اخلالفات تلك في�صل، الإمام اأبناء بني ال�صديدة

الطامع يف حكم جند، اأن ي�صتاأثر بال�صلطة فيها.

. وانتقل الأمري اإبراهيم بن عبد الرحمن مع )3(

وبذلك انتهى حكم الدولة ال�صعودية الثانية

اأ�رسته اإىل حائل �صنة 1315هـ، نزول على طلب ابن الر�صيد.

اآل �صعود، وجنح يف الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن العربية واأخريا ظهر بطل اجلزيرة

1319هـ – 1902م، وق�صى على حكم اآبائه واأجداده، �صنة ا�صرتداد الريا�س، عا�صمة ملك

)1( عثمان بن عبد الـله بن ب�رس، عنوان املجد يف تاريخ جند، حتقيق عبد الرحمن بن عبد اللطيف اآل ال�صيخ،

1394هـ - 1971م، ج2، �س36.

)2( عبد الرحمن بن حمد بن زيد، املنتخب يف ذكر اأن�ساب العرب، �س517.

)3( عبد الفتاح اأبو عليه، الدولة ال�سعودية الثانية، �س185.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

40

الـولــد �سـر اأبيــه

اآل ر�صيد فيها، بعد ن�صال دام اأكرث من ع�رسين عاما. وكان جميئه اإىل الريا�س اخلطوة الأوىل

يف توحيد جزيرة العرب، وتوالت انت�صارات عبد العزيز، وا�صتمرت اأكرث من ثالثني عاما، حتى

اأن يوؤ�ص�س اململكة العربية ال�صعودية ويجعل منها دولة لها مكانة عاملية مرموقة؛ ا�صتطاع

دولة حققت نه�صة ح�صارية واجتماعية وثقافية، يف مدة قيا�صية.

بعد اأن عاد عبد العزيز اآل �صعود اإىل وطن اآبائه واأجداده، بداأ يلم �صعث البالد املبعرث الذي

ع�صفت به الأحداث، وكانت اإمارة حائل اأول الأجزاء املتناثرة التي فكر يف �رسورة اإعادتها اإىل

الوطن.

و�صهد فتح حائل عودة اآل اإبراهيم اإىل قلب الأحداث املهمة يف اجلزيرة العربية، وقد متثل

.)1(

ذلك يف �صخ�س الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم اآل اإبراهيم، والد الأمري اإبراهيم

فمن هو عبد العزيز بن اإبراهيم؟

ولد عبد العزيز بن اإبراهيم يف مدينة الريا�س �صنة 1297هـ –1880م، واإن كانت هنالك

روايات اأخرى حول تاريخ مولده، وقد ذكر هذا التاريخ يف جواز �صفره ال�صادر عن وزارة اخلارجية

، ولكن جواز ال�صفر لي�س )2(

ال�صعودية يف 7 ربيع الأول 1365هـ )8 �صباط / فرباير 1946م(

ن فيه اأي تاريخ دليال قاطعا يثبت التاريخ الدقيق للولدة، واإمنا ميكن يف ذلك الوقت اأن يدو

يقدمه طالب اجلواز، دون اأن يطالب مبا يثبت ذلك، وخا�صة اإذا كان �صخ�صية مهمة.

1297هـ فعال، فتكون �صنة العزيز كان يف الأمري عبد اأن مولد اإذا �صح اأي حال، وعلى

وتلك من م�صادفات العزيز، عبد امللك ولد فيها التي نف�صها، ال�صنة ولدته قد وقعت يف

التاريخ.

، وقد )3(

اإخــوة اإبراهيم بن عبد الرحمن، وهو الرابع بني �صبعة والأمري عبد العزيز هو ابن

اأجنب ولدين فقط، هما اإبراهيم وحمود.

)1( الدكتور عبد الـله اأبو را�س، عبد العزيز بن اإبراهيم اآل اإبراهيم، �س101.

)2( الدكتور عبد الـله اأبو را�س، املرجع �صالف الذكر، �س112.

)3( هم: )1( جرب، )2( حممد، )3( عبد الـله، )4( عبد العزيز، )5( �صعود، )6( حمود، )7( عبد الرحمن.

41

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم الـولــد �سـر اأبيــه

اأما اإبراهيم، ف�صريته مو�صوع هذا الكتاب. واأما حمود، فهو الأخ الأ�صغر، وقد ولد يف مدينة

القاهرة اإىل اإبراهيم بن العزيز عبد الأمري والده �صفر بعد 1946م – 1365هـ �صنة حائل

للتداوي، حيث تويف دون اأن يرى ابنه الثاين، ولكنه طلب اأن ي�صمى "حمود".

ول نعرف الكثري عن �صرية الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم يف اأيام ن�صاأته الأوىل وعهد �صبابه،

اآل �صعود على حائل؛ ولكن ا�صمه ظهر خالل احل�صار الطويل الذي فر�صه الإمام عبد العزيز

فمن داخل املدينة املحا�رسة ظهر ابن اإبراهيم ر�صول لل�صالم، و�صاعيا اإىل حقن الدماء، وكان له

دور كبري وحا�صم يف حتقيق ذلك.

اآل �صعود يف بريدة، ومعه قوة العزيز الإمام عبد – 1902م كان 1319هـ اآخر �صنة يف

قوامها ع�رسة اآلف مقاتل. وهنالك �صمم على ح�صم املوقف واحتالل حائل، وحدثت مناو�صات

عديدة، ثم دارت معركة يف الني�صية دحر فيها حممد بن طالل بن ر�صيد والتجاأ اإىل حائل.

وو�صل الإمام عبد العزيز اإىل حائل، ف�رسب ح�صارا عليها وا�صتمر احل�صار مدة طويلة، و�صعر

اجلميع اأن ا�صتمراره لن يعود �رسره اإل على ال�صكان الأبرياء، واأعرب اأهل حائل عن ا�صتعدادهم

اآل �صعود نفرا من رجاله اجتمعوا اآل ر�صيد، فاأر�صل الإمام عبد العزيز للت�صليم والتخلي عن

بكبار اأهل املدينة، وكان على راأ�صهم اإبراهيم بن �صبهان وعبد العزيز بن اإبراهيم.

وهنا بداأ دور عبد العزيز بن اإبراهيم يف تاريخ اململكة العربية ال�صعودية؛ ذلك الدور املهم

الذي ا�صطلع به يف منا�صب خمتلفة حتى وفاته يف القاهرة �صنة 1365هـ – 1946م.

اأهل حائل ملقابلة حممد بن طالل بن ر�صيد اأن يذهب وفد من الــراأي على ا�صتقر فقد

لإقناعه باخلروج من حائل وت�صليم نف�صه. فغ�صب ابن طالل من هذا القرتاح ورف�س الر�صوخ

قوة لديه تعد بعدما مل بال�صت�صالم، اإقناعه دور كبري يف اإبراهيم بن العزيز لعبد وكان له،

للدفاع عن نف�صه.

قال ابن اإبراهيم ملحمد بن طالل الغا�صب: "اإن عبد العزيز بن �صعود يقود جي�صا اأوله يف

حائل واآخره يف ع�صري، والإمداد والتموين ياأتيه من كل مكان، واأهل حائل حما�رسون ل يجدون ما

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

42

الـولــد �سـر اأبيــه

ياأكلون، وقد ملوا احلرب، وبقاء الأمر على هذه احلال يزيد الأمور �صوءا، ول منا�س من ت�صليم

املدينة حفاظا على اأرواح النا�س".

وبعد ح�صار دام 55 يوما، مل يجد حممد بن طالل منا�صا من املوافقة، وقال لعبد العزيز بن

، ف�صاأله ابن اإبراهيم: ومع كتب لبن �صعود مبا تريد من ال�صلح، واأنا اأوافق عليه")1(

اإبراهيم: "اأ

من تبعث الكتاب، فقال معك، ولكنه ا�صرتط اأن ل ي�صلم نف�صه اإل لرجل من اآل �صعود، وطلب

اإىل ابن اإبراهيم اأن يكون هو املفاو�س عنه، و�صلمه خامته دليال على ذلك التفوي�س، وخوله

التوقيع نيابة عنه فيما يرى فيه امل�صلحة العامة.

وم�صى ابن اإبراهيم اإىل ابن �صعود، حيث اأجرى التفاو�س معه با�صم حممد بن طالل بن

ر�صيد، وح�صل على العفو ال�صامل لآل ر�صيد واأتباعهم، ولأهل حائل جميعا. وبعد التفاق على

�رسوط الت�صليم، طلب ابن �صعود اإىل ابن اإبراهيم اأن يريه ما يثبت تخويله بالتفاو�س نيابة

. و�صلم )2(

عن ابن ر�صيد، وما ي�صمن تنفيذ �رسوط الت�صليم، فاأراه اخلامت، فاقتنع ابن �صعود

1340هـ �صفر 29 يف العزيز عبد لالإمام قومه واأعيان نف�صه الر�صيد بن طالل بن حممد

)ت�رسين الثاين / نوفمرب 1921م(.

واأ�صكنهم ر�صيد، اآل عن عفا فقد وعــده، يف �صادقا كعادته، العزيز، عبد الإمــام وكان

الريا�س، ومنحهم مال كثريا، واقرتن بزوجة منهم، وعاملهم معاملة طيبة، مبا عرف عنه من

ال�صهامة العربية، والعفو عند املقدرة.

لقد �صنع عبد العزيز بن اإبراهيم ما كان يبدو م�صتحيال، حتى ا�صتحق لقب "ر�صول ال�صالم")3(

لدوره الذي ل ين�صى يف اإقناع ابن ر�صيد بالت�صليم، واإقناع عبد العزيز اآل �صعود باملوافقة على

�رسوط ابن ر�صيد، حقنا للدماء، واإنقاذا حلائل واأهلها من الهالك.

)1( حممد �صعد ال�صويعر، ف�سول يف تاريخ مدن اململكة العربية ال�سعودية، حائل، 1404هـ –1984م.

)2( اأحمد عبد الغفور عطار، �سقر اجلزيرة، �س64.

)3( عبد الـله العلي الزامل، اأ�سدق البنود يف تاريخ عبد العزيز اآل �سعود، �س434.

43

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم الـولــد �سـر اأبيــه

�صريته يف حتول نقطة اإبراهيم بن العزيز عبد به ا�صطلع الذي املهم الــدور ذلك كان

وم�صتقبله وم�صتقبل ابنه اإبراهيم.

ذلك الرجل الذي كان ممثال لبن ر�صيد، ومفاو�صا با�صمه يف مباحثات ال�صالم امل�صريية،

ويف ق�صية فك احل�صار عن حائل، متكن ب�صخ�صيته القوية، وثقته بنف�صه، و�صدقه، واأمانته،

من اكت�صاب ثقة خ�صم ابن ر�صيد، حتى اأ�صبح واحدا من اأبرز اأعوانه خالل فرتة دقيقة من تاريخ

البالد، وهي فرتة توحيد اململكة وبناء كيانها.

الوطني، العمل �صاحة اإىل اإبراهيم ابن منه دخل الذي الكبري الباب حائل اأ�صبحت لقد

وخدمة اململكة اجلديدة، واأ�صبح جنديا خمل�صا من جنودها، واأحد عوامل تر�صيخ كيانها، ورجال

اإليه، ومن اأكرثهم متتعا بثقته وتقديره ل�صفاته العالية. من اأقرب اأعوان امللك عبد العزيز

وقد اأثبت ابن اإبراهيم طيلة خدمته يف ظل حكم امللك عبد العزيز اأنه جدير بتلك الثقة، واأهل

لها.

وظهر عبد العزيز بن اإبراهيم على امل�رسح ال�صيا�صي ال�صعودي ك�صخ�صية �صيا�صية واإدارية

متميزة، وتبواأ اأرفع املنا�صب، واأ�صهم يف اإر�صاء قواعد الأمن وال�صتقرار يف البالد. وقد اأجمع

الت�رسف، الإقناع، وح�صن نادرة يف اآ�رسة، وقدرات اأنه كانت لديه �صخ�صية قوية عارفوه على

واحلكم على الأمور مبو�صوعية وبعد نظر، مع قدرة خا�صة على اكت�صاب ثقة النا�س.

اإثر ا�صتقاللها، اإبراهيم يف الريا�س بعد عودته من حائل على بقي الأمري عبد العزيز بن

وكان ينتظر ما �صت�صفر عنه الأحداث ال�رسيعة املتالحقة يف جند، ومل يطل به النتظار.

بن �صعد عني قد عائ�س، بن ح�صن وهزمية ع�صري احتالل بعد العزيز، عبد امللك كان

عفي�صان اأمريا على ع�صري، وعاد الأمري في�صل بن عبد العزيز، الذي توىل قيادة احلملة على

ع�صري، اإىل الريا�س بعد اأن اأبقى يف ع�صري حامية ع�صكرية.

ومتكن اآل عائ�س يف ع�صري من احل�صول على معونة من امللك ح�صني، ملك احلجاز

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

44

الـولــد �سـر اأبيــه

اأيدي املحا�رسين لول اأبها ت�صقط يف اأبها، وكادت ابن عفي�صان يف اآنذاك، وحا�رسوا

و�صول جندة من الريا�س يف الوقت املنا�صب.

وبعد تلك احلادثة باأيام، تويف اأمري ع�صري ابن عفي�صان يف رجب 1341هـ )�صباط / فرباير

1923م( فخلفه حممد بن جيفان يف الإمارة ب�صورة موؤقتة، اإىل اأن قرر امللك عبد العزيز تعيني

، رئي�س مالية )1(

الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم خلفا له، وكتب اإىل ال�صيخ عبد الوهاب اأبو ملحة

اأبها وملحقاتها، ر�صالة موؤرخة يف 10 �صوال 1341هـ )26 اآيار / مايو 1923م( يبلغه فيها

بقراره هذا، ويخربه باأنه مر�صل اإليه مع الأمري عبد العزيز بع�س الهدايا، وهي ر�صالة مكتوبة

بخط اليد، وخمتومة بختم امللك عبد العزيز، ون�صها كالآتي:

ب�سم الـله الرحمن الرحيم

"من عبد العزيز بن عبد الرحمن اآل في�صل اإىل جانب الأخ املكرم الأفخم عبد الوهاب ابن

حممد اأبو ملحة �صلمه الـله تعاىل واأبقاه اآمني. بعد مزيد ال�صالم عليكم ورحمة الـله وبركاته

على الدوام مع ال�صوؤال عن اأحوالكم، ل زلتم بخري و�رسور، اأحوالنا من كرم الـله جميلة، بعد

ذلك بلغنا خرب وفاة �صعد بن عفي�صان، وهذا يومه املوعود واأجله املحدود، نرجو اأن الـله

العزيز الدنيا وم�صري كل حي، وعمدنا �صاحبنا عبد �صاأن له ويرحمه، وهذا تعاىل يغفر

الأمور وخ�صو�صا من طرفكم اأمريا لكم مكانه، واأو�صيناه مبا يلزم يف جميع اإبراهيم اآل

اأنتم، واأنتم اإن �صاء الـله ل تدخرون منا�صحته يف جميع الأحوال العائدة م�صلحتها لالإ�صالم

وامل�صلمني، نرجو اأن الـله يجعل به بركة، ويوفقنا واإياكم للخري، وهذه اإ�صارة لكم، واإل

جنزم اأنكم طارفتنا يف هذا الطرف واأنكم اأحر�س منا يف جميع الأحوال لالإ�صالم وامل�صلمني،

عندنا ومن للعيال، ال�صالم بالغ مع تعريفه لزم ما هذا كفاية، راأ�صه يف الأخبار وباقي

)1( ال�صيخ عبد الوهاب بن حممد بن علي بن �صلطان اأبو ملحة: ولد يف مدينة خمي�س م�صيط �صنة 1303هـ – 1886م

ون�صاأ يف بالد ع�صري. وملا بلغ حكم امللك عبد العزيز ع�صري كان اأبو ملحة ممن نالوا منزلة عند امللك عبد العزيز فعينه

– 1940م، �صم له امللك عبد العزيز 1359هـ اأبها وملحقاتها، ويف �صنة �صنة 1341هـ – 1923م رئي�صا ملالية

جميع ماليات املنطقة اجلنوبية، وبقي يف من�صبه حتى وفاته �صنة 1374هـ – 1955م.

45

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم الـولــد �سـر اأبيــه

1341هـ كذلك 10 �صوال والإخوان والعيال ي�صلمون ودمتم حمرو�صني الوالد �صيدي

وا�صلكم مع عبد العزيز اآل اإبراهيم ب�صت ودقلة وغرتة اإن �صاء الـله ملبو�س عافية".

وكانت الفو�صى والقالقل ل تزال �صاربة اأطنابها يف اأبها، والأمن غري م�صتتب بها، فلما

و�صل ابن اإبراهيم متكن من اإخمادها بحزمه و�صالبة قناته، وق�صى على الفنت، واأحكم ال�صيا�صة

يف ع�صري، واأح�صن ال�صرية مع ال�صكان، وقب�س على زمام الأمور، و�رسب على اأيدي العابثني بيد

من حديد، حتى خافه البدو واأم�صى ا�صمه لديهم كالهول، يهتزون له خوفا. وا�صتقامت الأحوال

يف املنطقة، وهداأت الفنت.

ويروي ال�صيخ اإبراهيم بن عبيد اآل حم�صن، اأن الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم كان خالل اإمارته

بال�صعفاء رحيما الطرق باملجرمني وقطاع البط�س "حازما، قويا، �صديد على مقاطعة ع�صري

.والفقراء والأيتام، ذا دهاء وح�صن ت�رسف، ويعد من اأفذاذ الرجال")1(

ابن عائ�س يف معقله يف احلرملة، وتفاو�س معه، وبذل ما اإىل اأن ذهب وكان من دهائه

اإىل اأ�رسته بقية ورحله مع حل �صلمي، واتفق معه على واأكرمه اأبها اإىل ا�صتقدمه اأر�صاه، ثم

وحده ما مع ع�صري منطقة توحيد وبذلك مت اجلميع حمرتمني مكرمني، بقي الريا�س، حيث

امللك عبد العزيز من مناطق البالد.

كانت مهمة الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم يف ع�صري حمدودة، وهي اإنقاذ البالد من الفنت

وا�صتتب الأمور يف ع�صري، ا�صتقرت فلما ينفعهم، ما اإىل النا�س اهتمام والد�صائ�س، و�رسف

احلكم ال�صعودي فيها، طلب اإىل امللك عبد العزيز اإعادته اإىل الريا�س، بعد اأن اأجنز ما عهد به

اإليه، فوافق جاللته.

اأمريا للطائف:

عاد ابن اإبراهيم من ع�صري اإىل الريا�س يف اأوائل �صنة 1342هـ )اأواخر �صنة 1923م(، بعد

)1( حممد اآل زلفة، ع�سري يف عهد امللك عبد العزيز، �س58.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

46

الـولــد �سـر اأبيــه

اأن بقي فيها حوايل �صتة اأ�صهر فقط، وكان جنله اإبراهيم عند ذاك يف ال�صاد�صة من عمره.

وبعد و�صوله اإىل الريا�س ب�صنة واحدة تقريبا، دخلت القوات ال�صعودية مدينة الطائف يوم

7 �صفر 1343هـ )7 اأيلول / �صبتمرب 1924م(، ثم توجهت اإىل مكة املكرمة بلبا�س الإحرام

غري مقاتلة، فدخلتها يوم 17 ربيع الأول )16 ت�رسين الأول / اأكتوبر( من العام نف�صه.

وكان ال�صلطان عبد العزيز يف الريا�س، ولكنه مل ي�صعر بال�صتقرار وجنده يف مكة عر�صة

للمفاجاآت ال�صيا�صية وتقلب الأحداث، فاأزمع ال�صفر اإىل احلجاز وا�صت�صحب معه حامية كبرية

يف ثالثمائة هجان من اآل �صعود، واآل ال�صيخ، واأعيان القوم. وكان بني مرافقيه عبد العزيز بن

.)1(

اإبراهيم

حترك ركب امللك عبد العزيز يف 13 ربيع الثاين 1343هـ )11 ت�رسين الثاين / نوفمرب

1924م( وم�صى يف �صري وئيد. فلما و�صل اإىل قرن املنازل )امل�صمى اليوم ال�صيل الكبري(،

وهو ميقات الإحرام للقادمني من جند، ا�صتدعى قبل خروجه منه عبد العزيز بن اإبراهيم، واأمره

بعدم الإحرام، واأبلغه اأنه عينه اأمريا للطائف، وكان ذلك يف يوم 8 جمادى الأوىل 1343هـ )6

كانون الأول / دي�صمرب 1924م(. وبذلك كان ابن اإبراهيم اأول اأمري للطائف يف عهد الدولة

ال�صعودية الثالثة.

حمرمني املكرمة مكة ودخــلــوا ال�صفر وا�صلوا فقد وحا�صيته، العزيز عبد امللك اأمــا

معتمرين.

و�صل الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم اإىل الطائف يف ظروف �صيا�صية وع�صكرية واجتماعية

بني وكذلك اإليها، املوؤدية والطرق املدينة الأمن يف توطيد الأوىل مهمته وكانت ح�صا�صة،

اإتباع �صيا�صة اإىل املنطقة، من القبائل املحيطة بها. وكان لبد له، لإعادة الأمن وال�صتقرار

)1( كتب يو�صف يا�صني، الذي كان يف حا�صية امللك عبد العزيز يف هذه الرحلة، و�صفا لها ن�رس تباعا يف جريدة

"اأم القرى" �صنة 1343هـ، ثم اأعادت وزارة املعارف ال�صعودية ن�رسه يف كتيب بعنوان: الرحلة امللكية. وتوىل ال�صيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن �صالح اآل ال�صيخ التعليق على بطن ما ورد فيه، فجاء يف 96 �صفحة، عدا

املقدمات.

47

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم الـولــد �سـر اأبيــه

ال�صد واحلزم يف معاقبة املجرمني، وخا�صة الل�صو�س وقطاع الطرق. وقد قاد حمالت ع�صكرية

ناجحة لإخ�صاع قبائل الطائف واإدخالها يف طاعة الدولة ال�صعودية، وجنح يف مهمته كل النجاح،

وكان جي�س ال�صلطان عبد العزيز يف ذلك الوقت ل يزال يحا�رس مدينة جدة.

وكان لالأمري عبد العزيز بن اإبراهيم هيبة يف القلوب، وخ�صو�صا قلوب املجرمني وقطاع

على واحل�صول عليهم والتعرف اجلرائم مرتكبي �صخ�صيات ك�صف يف موفقا وكان الطرق.

اأ�صبح حتى جاورها وما الطائف يف وال�صتقرار الأمــن فر�س من اأخــريا ومتكن اعرتافاتهم.

.)1(

الإن�صان يرى ال�صالة يف الطريق فال يقربها، واإمنا يبلغ عن مكان وجودها

كان الذي اخلل�صة"، "ذي بـــ املعروف ال�صنم بقايا تدمريه ال�صهرية اأعماله من وكان

وجوده يتنافى مع توحيد الـله تعاىل بالعبادة.

الوادي اإن معبدا كان بالقرب من هذا واخلل�صة واد يف بالد دو�س، ب�رساة زهران، ويقال

به يطاف وكان اليمانية، الكعبة يدعى كان الذي املعروف ال�صنم وفيه اخلل�صة ذا ي�صمى

. وقد مت تدمري هذا ال�صنم يف عهد الدولة ال�صعودية الثانية، ولكن بقي )2(

قبل ظهور الإ�صالم

موقعه وبقايا من اآثاره، وملا و�صل الأمري اإىل الطائف، كانت قبيلة زهران تابعة اإداريا للطائف

يف ذلك الوقت، فلما كان الأمري يف قبيلة دو�س الزهرانية، ا�صتبقى م�صايخ القبائل لديه يف مقر

اإقامته، ومل ي�صمح لأحد باملغادرة لأنه علم اأن القبيلة قد تقاوم هدم "ذي اخلل�صة"، واأمر قواته

فت�صلقت اجلبل وهدمته ورمت بقايا اأحجاره يف تهامة، واأزالت كل اأثر له.

اأمريا للمدينة املنورة:

بقي ابن اإبراهيم اأمريا للطائف اأكرث من ثالث �صنوات، كانت حافلة بالعمل واجلهد، وقد

حقق خاللها الأهداف التي كان يرمي اإليها ال�صلطان عبد العزيز من وراء تعيينه يف هذا املن�صب.

)1( اإبراهيم حممد الزيد، الأمري عبد العزيز اآل اإبراهيم ومناذج من ر�صائله اخلطية، بحث من�صور يف جملة "عامل

الكتب"، مج15، ع3، ذو القعدة – ذو احلجة 1414هـ )مايو / يونيو 1994م(.

�صالح علي �س347؛ 1978م، – 1391هـ الريا�س، وزهران، غامد �رشاة يف اجلا�رس، حمد العالمة )2(

ال�صلوك، املعجم اجلغرايف لبالد غامد وزهران، �س92، 93.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

48

الـولــد �سـر اأبيــه

اأهل الطائف بالطماأنينة بعد اأن انح�رست موجة اخلوف و�صعر وراأى ال�صلطان عبد العزيز، بعد

القلق، تعيني ابن اإبراهيم وكيال لإمارة املدينة املنورة. وكان تعيينه يف العا�رس من ربيع الثاين

1346هـ )7 ت�رسين الأول / اأكتوبر 1927م(، وهو ثالث اأمري �صعودي للمدينة املنورة بعد

مرور اأقل من عامني على ان�صمامها اإىل الدولة ال�صعودية، ويف ظروف اأمنية بالغة التعقيد.

كان اأمري املدينة املنورة هو الأمري حممد بن عبد العزيز اآل �صعود، اأول اأمري لها يف عهد

الدولة ال�صعودية الثالثة، وهو الذي ت�صلم املدينة خالل حرب احلجاز.

حينما بداأت حرب احلجاز، واأ�صبحت جدة واملدينة املنورة حما�رستني �صنة 1925م، كان

ال�صلطان عبد العزيز اآل �صعود حري�صا على اأن يكون دخول قواته مدينة الر�صول الكرمي، وثاين

الت�صليم، ولكن اإىل اإليها من يدعوها فاأر�صل ب�صالم، مثل دخولها جدة. ال�رسيفني، احلرمني

حاميتها امتنعت، فاأ�صدر اأوامره مبحا�رستها. وملا ا�صطرت حامية املدينة املنورة اإىل ال�صت�صالم

اأخريا، كان يقود جي�س ال�صلطان عبد العزيز يف ظاهر املدينة في�صل بن �صلطان الدوي�س، وهو

اآخر �صيوخ مطري، وكانت فيه �رسا�صة وعنجهية، وقد احتمله ال�صلطان عبد العزيز بحلمه املعهود

خافوا ال�صت�صالم املدينة اأهل قرر وحينما �صخ�صيته. وقوة �صجاعته �صافعه وكان ودهائه،

اإىل اأبنائه ليت�صلمها، فاأجابهم اأحد اإر�صال بط�صه، فكتبوا يلتم�صون من ال�صلطان عبد العزيز

طلبهم، واختار جنله الرابع، الأمري حممد بن عبد العزيز لهذه املهمة، وكان يف حدود اخلام�صة

ع�رسة من عمره، ولكن خمايل النجابة والن�صج املبكر كانت بادية عليه.

ويف 19 جمادى الأوىل 1344هـ )5 كانون الأول / دي�صمرب 1925م(، ا�صت�صلمت حامية

ودخل واجلنود، والأهــايل لل�صباط الأمان العزيز عبد بن الأمري حممد اأعطى اأن بعد املدينة

املدينة يف اليوم التايل على راأ�س القوات ال�صعودية، وتوجه مبا�رسة اإىل احلرم النبوي ال�رسيف

لأداء ال�صالة.

وقد �صدق الأمري حممد يف وعده لأهل املدينة. وعلى الرغم مما يت�صف به ال�صاب يف هذه

ال�صن عادة من اندفاع وحما�صة، كان الأمري اليافع كرميا مع اجلنود والأهايل، اإذ عامل اجلميع

49

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم الـولــد �سـر اأبيــه

مكانة اليوم منذ ذلك الأمري حممد احتل وقد اأحد. بالعتداء على لأحد ي�صمح باحل�صنى، ومل

خا�صة يف قلب اأبيه، فعينه اأمريا للمدينة املنورة تقديرا لت�رسفه احلكيم خالل ت�صلمه املدينة،

واعرتافا مبكانة املدينة اخلا�صة لديه بتعيني اأحد اأبنائه اأمريا لها.

اأن اآثر بل طويلة، مدة املنورة املدينة يف الإمــارة اأعمال ميار�س مل حممد الأمــري ولكن

اأن اإدارة �صوؤون املدينة، بعد ال�صبهان اإبراهيم اإىل جانبه، وترك لوكيله يالزم والده ويكون

عادت احلياة فيها اإىل حالتها الطبيعية، واجتهت الأحوال الأمنية اإىل ال�صتقرار، وب�صط اجلي�س

ال�صعودي �صيطرته على اأنحاء املدينة واملناطق املحيطة بها، وبداأت ال�صلطة املحلية ممار�صة

اأعمالها يف رعاية م�صالح ال�صكان.

غادر الأمري حممد بن عبد العزيز املدينة يف 3 رجب 1344هـ )17 كانون الثاين / يناير

1926م(، اأي بعد �صتة اأ�صابيع من ا�صت�صالم املدينة، واأ�صبح اإبراهيم ال�صبهان يدير �صوؤون

املدينة. ومنذ ذلك الوقت ظل كل من يتوىل اإمارة املدينة املنورة ي�صمى وكيال لالإمارة بينما

بقي الأمري حممد اأمريا ا�صميا اأو فخريا لها حتى �صنة 1385هـ – 1965م.

ومل ت�صتمر وكالة اإبراهيم ال�صبهان لإمارة املدينة املنورة اأكرث من �صنة واحدة، ويبدو اأنه

الثاين / 1345هـ )5 كانون اأول رجب العزيز بع�س املاآخذ عليه، فقرر يف كان للملك عبد

يناير 1927م( تغيريه، وعني م�صاري بن م�صاعد بن جلوي خلفا له يف وكالة الإمارة. واأم�صى

الأمري م�صاري عدة اأ�صهر يف وكالة اإمارة املدينة املنورة بذل خاللها جهدا كبريا يف عمله، ولكنه

اأ�صيب باملر�س، فطلب اإعفاءه من من�صبه. وملا كرر م�صاري طلبه ا�صتجاب له امللك عبد العزيز

واأعفاه من من�صبه يف 9 ربيع الأول 1346هـ )6 اأيلول / �صبتمرب 1927م(، وقرر تعيني عبد

العزيز بن اإبراهيم اآل اإبراهيم وكيال لإمارة املدينة املنورة )اأو اأمريا فعليا لها(، واأ�صدر اأمره

الرواف، 1927م(، كما عني يا�صني اأغ�صط�س اآب / 1346هـ )17 18 �صفر بتاريخ بذلك

وكيل اململكة يف دم�صق، نائبا له.

وكان الأمري عبد العزيز معروفا بال�رسامة يف تطبيق �رسيعة الـله تعاىل وحماربة الباطل. وقد

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

50

الـولــد �سـر اأبيــه

�صبقته �صمعته اإىل املدينة املنورة، ولذلك وجه امللك عبد العزيز، مبا عرف عنه من �صفات

رجل الدولة حكمة وبعد نظر، ر�صالة اإىل اأهل املدينة كافة يف 10 ربيع الثاين 1346هـ قال لهم

فيها: "... فلعلكم ت�صمعون ب�صدة عبد العزيز بن اإبراهيم وتهابون منه، وهذا �صيء ل حقيقة له.

اإن ابن اإبراهيم �صديد على العاتي، حبيب ملن �صلك الطريق، وعرف حق نف�صه، وغلبه اعتماده

على الـله ثم على الأحكام ال�رسعية...".

ه امللك عبد العزيز ر�صالة مطولة اإىل ابن اإبراهيم ونائبه، حدد فيها ويف الوقت نف�صه، وج

�صالحياته، كما اأو�صاه مبراعاة النا�س واأخذهم باللني، والنظر اإىل كل اأمر يخالف ال�رسع اأو يخل

بالولية اأو ي�رس بالأهايل... واأن ل يجري قتل ول �رسب ول نكال اإل بحكم �رسعي.

وهذه الر�صالة تذكرنا بر�صائل عمر بن اخلطاب اإىل ولته، وو�صاياه لهم، وخا�صة كتبه اإىل

�صعد بن اأبي وقا�س وعمرو بن العا�س.

ا�صتهر ما املنورة املدينة اإدارة يف مار�س قد العزيز عبد الأمري اأن �صك فال ذلك، ومع

به من �صدة وحزم، وكان الت�صيب وفقدان الأمن ي�صودان املدينة املنورة ب�صفة خا�صة قبل

دخول القوات ال�صعودية، ولذلك فاإن الو�صع فيها كان يتطلب اللجوء اإىل ال�صدة. وقد اأدت

تلك ال�صيا�صة اإىل اأف�صل النتائج، وا�صتتب الأمن يف ربوع املدينة وما حولها، بدرجة مل ي�صبق

لها مثيل.

مار�س الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم عمله يف املدينة املنورة بهمة عظيمة، و�صهدت فرتة

والأهايل احلجاج واأ�صبح املنطقة، �صاد متميزا اأمنا لها( الفعلية اإمارته )اأو لإمارتها نيابته

يعد مل مفتوحة تركت اإذا التجارية املحال اأبواب اإن ويقال واأموالهم. اأنف�صهم على اآمنني

الفرتات املتميزة يف تاريخ اإبراهيم من ابن يعد عهد اأحد يجروؤ على القرتاب منها. ولذلك

املدينة.

املدينة اإبراهيم يف لبن الوحيد الإجنــاز يكن مل جذريا حال الأمنية امل�صكلة اأن حل على

املنورة؛ فقد �صهدت املدينة يف عهده تطورا كبريا يف �صتى املجالت الإدارية والقت�صادية.

51

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم الـولــد �سـر اأبيــه

وكان من اأهم امل�رسوعات العمرانية التي نفذها ابن اإبراهيم يف املدينة املنورة هو اإن�صاء

الطريق اجلديد اإىل م�صجد قباء، بعد اأن كان مهمال ي�صعب اجتيازه، مليئا بالوحول والأ�صواك

والعقبات. واأ�صهم يف تنفيذ امل�رسوع مباله اخلا�س، و�صهل على اأهل املدينة واحلجاج الو�صول

اإليه.

اأهمية لبيان لالإ�صالم، م�صجد اأول كان الذي وم�صجدها، قباء تاريخ اإىل اإ�صارة من ولبد

امل�رسوع الذي اأ�رس ابن اإبراهيم على تنفيذه وجنح فيه.

كان اأهل يرثب قد اأتعبتهم احلرب والفو�صى، وخا�صة ب�صبب النزاع بني الأو�س واخلزرج.

ويف مو�صم احلج الذي وافق عام 622م، اأخرب نفر من اأهل يرثب الر�صول �صلى الـله عليه و�صلم

ه ذلك وحمد الـله عليه، واجتمع بهم يف مكان بالعقبة، دخول جماعة من يرثب يف الإ�صالم. ف�رس

وتوافد اأهل يرثب وبايعوه وتعهدوا بالدفاع عنه ون�رس دعوته. وتعرف هذه البيعة با�صم "بيعة

العقبة الثانية".

وملا انك�صف اأمر البيعة وذاع خربها، ا�صطربت قري�س وخافت، وعلى اإثرها بداأ امل�صلمون

يفكرون يف الهجرة اإىل يرثب، و�رسعوا يف مغادرة مكة �رسا.

املدينة اأهل باأن املهاجرين اأ�صحابه من اخلرب اأتاه حتى مكة يف وانتظر الر�صول

موؤمنون �صادقون يف عهدهم، وم�صتعدون للدفاع عنه اإذا قدمها، فقرر الهجرة، واأخذ اأبو بكر

ا، وذهب اإىل دار ال�صديق يعد العدة للرحيل. وخرج الر�صول من داره ليال وترك يف فرا�صه علي

اأبي بكر، وخرج الثنان اإىل جبل ثور، ودخال اإىل الغار يف �صفحه، واأقاما فيه ثالثة اأيام. ويف مكة،

اأنهم كانوا ال�صباح وجدوا اأ�صبح داره، وملا الر�صول من كان فتيان قري�س ينتظرون خروج

يحر�صون علي بن اأبي طالب ل حممد بن عبد الـله. فهاجت قري�س واأر�صلت الر�صل يف طلبه من

جميع اجلهات، وجعلت ملن ياأتيها به حيا اأو ميتا مائة ناقة، وباءت بالف�صل جهودهم جميعا.

فجاءهما طلبهم، يف قري�س �صعي هداأ حتى اأيام ثالثة بالغار و�صاحبه الـله ر�صول اأقام

دليلهما براحلتني فركباهما، و�صلك بهما اإىل ال�صاحل حتى عار�س الطريق، اأ�صفل من ع�صفان،

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

52

الـولــد �سـر اأبيــه

وهبط بهما بطن رمي، ثم قدم بهما قباء على بعد فر�صخني من املدينة.

وكان قدوم الر�صول �صلى الـله عليه و�صلم اإىل قباء يوم الثنني، يف 8 ربيع الأول )الذي

يوافق يف اأرجح التقديرات 21 اأيلول / �صبتمرب 622م(، فبقي فيها اأربعة اأيام، ويف هذه الأيام

الأربعة اأ�ص�س م�صجدها، وهو اأول م�صجد يف الإ�صالم، ثم خرج منها يريد املدينة، فلما اقرتب

منها هرع اأهلها ل�صتقباله ن�صاء ورجال و�صبيانا وهم يتحرقون �صوقا مل�صاهدته، واأقبل عليه

م�صلمو يرثب وهم ين�صدون:

ـــــــــوداع طـــــلـــــع الـــــــبـــــــدر عـــلـــيـــنـــا ــــات ال ــــي مــــــن ثــــن

علينا الـــ�ـــســـكـــر ـــــــب داع وج ــــه ــــل ـــــ ل دعـــــــــا مـــــــا

فينا املــــبــــعــــوث جـــئـــت بــــــالأمــــــر املـــطـــاع اأيـــــهـــــا

الكرمي �صلى الر�صول دعوة تاريخ خا�صة يف مكانة من قباء م�صجد به يتمتع ملا ونظرا

الـله عليه و�صلم، كان حجاج بيت الـله احلرام وزوار املدينة املنورة يحر�صون على زيارة ذلك

وعرة، القرون وتعاقب الزمن اأ�صبحت مبرور اإليه الطريق ولكن املبارك، التاريخي امل�صجد

ل الو�صول اإىل م�صجد قباء م�صقة عظيمة على احلجاج الراغبني يف زيارته من �صيوخ كبار و�صك

ومر�صى واأطفال.

ولذلك عني الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم بفتح طريق ممهد م�صتقيم بني قباء واملدينة

املنورة، وكان الطريق املوجود �صابقا ملتويا متعرجا، فا�صرتى جميع الأرا�صي التي تقع بني

املدينة املنورة وقباء من ماله اخلا�س لوجه الـله تعاىل، )وهي 16 قطعة من الأرا�صي(، واأزال

منها العقبات، وافتتح الطريق املمهد امل�صتقيم الذي اأراح املواطنني واحلجاج يف الو�صول

اإىل م�صجد قباء وبدون عناء، واخت�رس لهم ن�صف امل�صافة التي كانوا يقطعونها للو�صول اإليه

53

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم الـولــد �سـر اأبيــه

�صابقا.

ثم قام ابن اإبراهيم بتح�صني منطقة امل�صجد، تلك املنطقة التي نزل بها الر�صول امل�صطفى

�صلى الـله عليه و�صلم و�صحبه الكرام عند و�صولهم اإىل طالئع طيبة اأثناء هجرته اإليها.

ب�صورة املدينة اأ�صواق يف التجارية احلركة ن�صطت اأي�صا، اإبراهيم ابن الأمري عهد ويف

ملحوظة، ما يعك�س الأمن الذي نعم به النا�س.

الربيد مرافق وحت�صنت الزائرين، نقل وحركة املوا�صالت و�صائل تطورت عهده ويف

وغريها من اخلدمات العامة التي �صهلت اأمور املواطنني. وبداأت �رسكة الكهرباء عملها اعتبارا

النبوي احلرم اأن كانت مقت�رسة على بعد �صبكتها تو�صيع 1928م يف – 1346هـ �صنة من

و�صاحته، فمدت اأ�صالكها اإىل ال�صوارع الرئي�صة، واملخازن، وبع�س البيوت.

ويف عهده اأي�صا انتظم ال�صفر بني املدينة املنورة ومكة املكرمة بال�صيارات نظرا لتوافر

الطرق املمهدة، وارتفع عدد الوافدين اإىل املدينة.

كما خطا التعليم يف املدينة املنورة خطوات وا�صعة، فاأن�صئت مدار�س عديدة، ف�صال عن

حلقات الدرا�صة يف امل�صجد النبوي. واختري ثالثة من اأبناء املدينة �صمن اأول بعثة علمية توفدها

.)1(

الدولة اإىل م�رس

اأما يف املجال الثقايف، فقد ن�صطت احلركة الثقافية يف املدينة، وتكونت اجلماعات الأدبية،

و�صدرت جريدة "املدينة املنورة" ل�صاحبيها على حافظ وعثمان حافظ، وا�صتقدما لها مطبعة

خطوات املبكرة عهودها يف ال�صعودية بال�صحافة اجلريدة هذه خطت وقد م�رس. من خا�صة

كبرية اإىل الأمام.

ومن مزايا الأمري عبد العزيز و�صفاته التي ورثها عنه جنله الأمري اإبراهيم فيما ورثه، حبه

لالأدب، وت�صجيعه لالأدباء واملثقفني الذي وجه كبري الهتمام بتقدمي احلركة الثقافية والأدبية.

ويروى اأن جمل�صه كان يتحول يف امل�صاء اإىل ما ي�صبه الندوة الثقافية تدور فيها اأحاديث الأدب

)1( الدكتور عبد الـله اأبو را�س، عبد العزيز بن اإبراهيم اآل اإبراهيم، الريا�س، 1416هـ - 1995م، �س322.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

54

الـولــد �سـر اأبيــه

تكرمي جمال�صه، جميع يف داأبه من وكان ال�صعبية. واملاأثورات والذكريات التاريخ وق�ص�س

العلماء وتقريب الأدباء واحرتامهم. ويف عهده �صدرت يف املدينة جملة "املنهل" التي اأ�ص�صها

فت بكثري من الأدباء، عبد القدو�س الأن�صاري، وكانت اأول جملة اأدبية ت�صدر يف اململكة وعر

وخدمت الأدب خدمة �صادقة طويلة.

جمل�صه، على يرتدد كان الذي فيلبي، الإنكليزي امل�صت�رسق و�صفه وقد

قائال:

"كان الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم رجال وقورا، �صخم اجلثة، مهيب الطلعة،

ذا حلية بي�صاء طويلة، ويرتدي ثوبا اأبي�س وعباءة، وتتوج راأ�صه كوفية وعقال،

وهو �صيخ يف منظره، فتى يف ن�صاطه، قوي يف اإرادته واأحكامه، مهيب يف جمل�صه،

.حليم يف ت�رسفاته")1(

�صنة ــرا وزائ حاجا هيكل ح�صني حممد الدكتور ال�صعودية العربية اململكة زار وقد

1355هـ – 1937م. وخالل وجوده يف املدينة املنورة، زار الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم غري

مرة يف ديوان احلكم ويف داره، وتناول طعام الغداء على مائدته، فلما اأ�صدر كتابه املعروف

يف منزل الوحي، و�صف زيارته لالأمري عبد العزيز اآل اإبراهيم قائال:

"زرت الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم غري مرة. زرته يف ديوان احلكم، وزرته

اآخر خفيف طعام يف و�صاركته مائدته، على الغداء طعام وتناولت داره، يف

مظاهر من الوزير باب على ترى ل واأنــت اإبراهيم... ابنه اإليه دعاين الأم�صية

الباأ�س الع�صكري املتبجح ما تراه على باب ماأمور املركز... ففي املجل�س جند من

.النجديني علمهم الأمري احلر�س على اأن يظهروا للنا�س باأ�صه...")2(

وعلى الرغم مما ا�صتهر به الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم اآل اإبراهيم من ال�صدة، اإىل درجة

)1( نقال عن عبد العزيز الأحيدب، ظاهرة الأمن يف عهد امللك عبد العزيز، �س65.

)2( الدكتور حممد ح�صني هيكل، يف منزل الوحي، �س517.

55

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم الـولــد �سـر اأبيــه

بعثت الرعب يف نفو�س الذين كانوا يعبثون باأموال النا�س واأرواحهم يف ال�صابق، وعلى الرغم

من اأن ا�صم ابن اإبراهيم اأ�صبح ا�صما ترتعد له فرائ�س كل من ت�صول لهم اأنف�صهم العتداء على

الت�صامح اإن�صانية كثرية تدل على اإىل جانب ذلك، مواقف له، ال�صابق، فقد كانت النا�س يف

وحب اخلري، منها مثال موقفه من اآل ر�صيد اأثناء ح�صار امللك عبد العزيز حلائل، ومت�صكه يف

والتاأكيد على خروجهم من ب�صمان �صالمتهم نيابة عنهم، العزيز، عبد امللك مع مفاو�صاته

حائل �صاملني وحمرتمني.

وتكرر املوقف نف�صه مع اآل عائ�س يف اأحداث اأبها، حني جنح يف اإنهاء املوقف املتاأزم دون

اإراقة قطرة من دمائهم.

كان الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم رجال �صجاعا، و�صديدا يف احلق، ولكنه كان يت�صف بالوفاء

لكل من اأ�صدى اإليه �صنيعا، اأو عرف عنه موقفا �رسيفا، وهذه ال�صفات ورثها جنله الأمري اإبراهيم

وجتلت يف اأعماله وقراراته حني توىل الإمارات بعد ذلك، ويظهر يف اأ�صلوبه مدى تاأثره مببادئ

والده الأخالقية ومت�صكه بها.

وهكذا كان يكتنف حياة الأمري عبد العزيز اأمران: احلزم وال�صدة يف احلكم، وبخا�صة على

املف�صدين واملجرمني، والكرم والنبل، وبخا�صة حيال النبالء ذوي الأخالق الفا�صلة من الرجال

.)1(

املثقفني الطيبني

ومن املواقف التي تدل على نبل الأمري عبد العزيز ووفائه، ما يروى من اأنه عر�صت عليه

معاملة خا�صة ب�صجن اأحد اأعيان املدينة املنورة، وهو ال�صيخ على برادة.

�صاأل الأمري عبد العزيز: "علي برادة؟ هو ولد من؟".

فقيل له: "ولد عبا�س برادة".

فقال: "ولد عبا�س برادة واأنا اأ�صجنه؟ ل... ل... عبا�س برادة يوم ربطني الأتراك و�صجنوين

)1( عبد القدو�س الأن�صاري، اأقبا�س من �سرية الإمام احلازم الكرمي عبد العزيز بن اإبراهيم )احللقة

الرابعة(، جريدة "املدينة"، العدد 5751، 6 ربيع الأول 1403هـ - 22 كانون الأول/ دي�صمرب 1982م.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

56

الـولــد �سـر اأبيــه

ني اإل عبا�س برادة". ما فك

ومل يكن الأمري احلازم، املت�صدد يف تنفيذ القانون ال�صارم يف حما�صبة امل�صيء، ليحيد عن

احلق اأو يحابي اأحدا ب�صبب �صخ�صي، ولكنه متكن من ت�صوية الأمر بالتي هي اأح�صن، واأطلق �رساح

ابن برادة من ال�صجن يف موقف كان اآية يف الوفاء وعرفانا باجلميل. ولعل الرجل نف�صه مل يكن

يعلم ب�صنيع اأبيه لالأمري عبد العزيز.

اأم�صى الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم قرابة ع�رس �صنوات يف اإمارة املدينة املنورة، وعرف،

اأق�صاها، بحر�صه اإىل اأق�صاها لي�س يف املدينة وحدها، بل يف اململكة العربية ال�صعودية من

على تتبع ق�صايا الإمارة وا�صتتباب الأمن يف داخل املدينة واأطرافها، حتى ذاع �صيته، وتناقل

النا�س اأخبار عزمه وتفانيه يف حماربة الإجرام وتوطيد الأمن، ومل يكن ي�صبه يف �صمعته وهيبته

وعدله وخوف املجرمني واخلارجني على القانون من بط�صه، �صوى الأمري عبد الـله بن جلوي،

التاريخية العزيز يف حملته عبد امللك الذين �صحبوا واأحد �صعود، اآل �صجعان الذي كان من

ل�صرتداد الريا�س، وكان له دور مهم فيها، ثم وله امللك عبد العزيز اإمارة الأح�صاء، فاأ�صبح يف

عدله وحزمه اأ�صطورة، فقد اأخذ امل�صاغبني بال�صدة وت�صدى للغزاة وقطاع الطرق ب�رساوة حتى

ا�صتتب الأمن كليا يف منطقته.

اإبراهيم، فدهمه املر�س، ورمبا ابن اأثر يف �صحة اأن الدوؤوب املرهق مل يلبث العمل ولكن

كانت هنالك اأ�صباب اأخرى اأدت اإىل مر�صه؛ فقد كان ي�صكو من مر�س يف الكبد وكي�س املرارة،

واأمرا�س اأخرى، ووجد نف�صه بحاجة اإىل الراحة والعالج، فلم يرغب يف اأن يبعث اإىل امللك عبد العزيز

با�صتقالته بالربيد اأو عن طريق القنوات الر�صمية، واإمنا اأر�صل ابنه اإبراهيم بن عبد العزيز حامال

كتابا اإىل امللك عبد العزيز اإمعانا يف الحرتام، يطلب فيه اإعفاءه من وكالة اإمارة املدينة املنورة.

اأن ذلك يكدر خاطره، اأبدى فيه اأجابه بكتاب الكتاب، العزيز على اطلع امللك عبد وملا

والذي فيه األزم علينا من كل �صيء، "فراحتكم له وتكليف عليه ة الأمر م�رس ولكن طاملا يف

57

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم الـولــد �سـر اأبيــه

م�صقة ما نقبله لول اأنكم كررمت علينا واأحلحتم بطلب ال�صتقالة ما كان وافقنا، نرجو من الـله

اأن يعافيك ويدمي وجودك".

املدينة اإمــارة من اإبراهيم بن العزيز عبد الأمــري ا�صتقالة على العزيز عبد امللك وافق

اأمني فيه تال احتفال املنورة املدينة يف واأقيم له، خلفا ال�صديري الـله عبد وعني املنورة

العا�صمة خطابا من امللك عبد العزيز جاء فيه:

من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفي�صل اإىل كافة اإخواننا اأهل املدينة املنورة واأطرافها:

"ال�صالم عليكم ورحمة الـله وبركاته. وبعد، فاإن عبد العزيز بن اإبراهيم قد طلب منا عدة

ا راأيناه ملحا يف طلبه واأنه معذور، مرات اإقالته ب�صبب توعك �صحته ومل نقبل اإقالته، ولكن مل

اأجبناه اإليه. واحلقيقة اأننا ناأ�صف على ذلك نظرا ملا نعلمه من ن�صحه حلكومته واجتهاده".

اأهم املنا�صب، يف التي �صغل فيها النا�س، طيلة املدة الأمري احلازم، الذي يهابه وكان

حياته اخلا�صة، زاهدا يف اأغرا�صها، بعيدا عن الأبهة والرفاهية. وكان يقيم يف بيت من اأ�صغر

بيوت املدينة على مقربة من ديوان احلكومة، ثم اأقام يف مكة يف بيت خا�س له، وقد عمل يف

املدينة زهاء ع�رس �صنوات اأ�صبه بحاكم مطلق ال�صالحيات، وخرج منها وهو ل يكاد ميلك �صيئا.

وكان الأمري عبد العزيز رجال من ذوي الوجاهة وال�صهامة والوقار، ومن الذين ل ي�صحكون

ول يهزلون ول يتهاونون ول يعرفون من احلياة اإل جدها وجمدها.

ومل يرغب امللك عبد العزيز يف اأن يبقى الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم يف املدينة املنورة

مكة اإىل قدومه يف يرغب اأنه بعد فيما ظهر وقد ال�صديري، الـله عبد خلفه التحاق بانتظار

عاجال ليعهد اإليه مبن�صب اآخر. فكتب اإليه ر�صالة موؤرخة يف 10 �صفر 1355هـ )2 اآيار / مايو

1936م(، ندون ن�صها اأدناه لأنها فيما نعلم مل تن�رس �صابقا:

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

58

الـولــد �سـر اأبيــه

ب�سم الـله الرحمن الرحيم

اململكة العربية ال�صعودية

عدد 23/1/103

من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفي�صل اإىل جناب املكرم عبد العزيز بن اإبراهيم. �صلمه

الـله تعاىل.

ال�صالم عليكم ورحمة الـله وبركاته. بعد ذلك اأر�صلنا عبا�س قطان وابن �صلطان لأجل يجري

قبل تتوجه اأنك نحب لأجل ال�صديري الـله عبد عن نيابة عبا�س وبني بينك والت�صليم الدور

و�صوله فاأنت اإن �صاء الـله جتري الدور والت�صليم بينك وبني عبا�س على الأ�صول وحتر�س على

�صور، ثالث اأوراق يف يكتب ذلك وكل وجليلها. الأمــور دقيق من للحكومة راجع هو ما كل

�صورة ت�صري معك و�صورة ياأخذها عبا�س وي�صلمها لل�صديري و�صورة يح�رسها عبا�س لنا معه،

حتى املدينة يف يبقون واخلــدام فالكتاب والت�صليم الدور اأجريتو واإذا ذلك على وحتر�س

و�صول ال�صديري لأجل الذي يرى له منهم لزوم يبقيهم عنده، واأنت بعد ذلك توكل على الـله

وتوجه اإلينا يف مكة يكون معلوم وال�صالم.

يف 10 �صفر 1355هـ )2 اآيار / مايو 1936م(.

ومل مت�س على قبول ا�صتقالة الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم مدة طويلة حتى اأ�صدر

بتعيينه قــرارا 1936م( مايو اآيــار / 15( 1355هـــ 23 �صفر العزيز يف امللك عبد

ع�صوا يف "جمل�س الوكالء"، الذي كان مقره يف العا�صمة املقد�صة مكة املكرمة، وكان

للملك يف احلجاز )امللك في�صل نائبا الذي كان العزيز، الأمري في�صل بن عبد يراأ�صه

فيما بعد(.

59

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم الـولــد �سـر اأبيــه

قد اأن�صيء يف عهد امللك عبد العزيز بالأمر امللكي ال�صادر يف 29 )1(

كان جمل�س الوكالء

كانون الأول / دي�صمرب 1931م، وهو مبثابة جمل�س الوزراء، وكان يتكون من الرئي�س )الأمري

في�صل بن عبد العزيز( ومن وكالء )وزارة( اخلارجية واملالية ووزير املجل�س ال�صت�صاري. وقد

– بجانب �صلطاته كنائب اأن رئي�س املجل�س الأمر امللكي على الثالثة من هذا ن�صت املادة

.)2(

للملك – يتوىل وزارات الداخلية واخلارجية واحلربية

وكان امللك يحيل اإىل جمل�س الوكالء كثريا من الأعمال املهمة لدرا�صتها واتخاذ قراراته

فيها، قبل عر�صها عليه ل�صتح�صال موافقته.

ول �صك يف اأن اأعمال جمل�س الوكالء كانت اأقل عبئا واأهون من اأعباء اإمارة مهمة كاملدينة

املنورة، ومع ذلك فقد ا�صتد املر�س على الأمري عبد العزيز، وقرر ال�صفر اإىل م�رس للمعاجلة،

وا�صت�صحب معه جنله ال�صيخ اإبراهيم ملرافقته.

ويف م�رس، عنيت القن�صلية ال�صعودية برعاية الأمري عبد العزيز وخدمته.

وقد اأمر امللك عبد العزيز با�صتئجار دار لإقامته، فا�صتاأجرت دارا جميلة فخمة، ذات اأثاث

)1( وهنا تقت�صي كلمتا "الوكيل" و"الوكالء" �صيئا من الإي�صاح:

الوزير ي�صمى اأواخر عهدها و�صار الت�صمية يف بدلت هذه اأ "ناظرا" ثم العثمانية ي�صمى الدولة الوزير يف كان

"وكيال" – مبعنى اأنه وكيل عن ال�صعب يف اإدارة م�صاحله. وكان جمل�س الوزراء "جمل�س الوكالء"، ورئي�س الوزراء ي�صمى "با�س وكيل"، وقد انتقلت هذه الت�صمية اإىل احلجاز يف عهد امللك ح�صني، و�صار الوزراء ي�صمون "وكالء"،

وبقيت هذه الت�صمية يف العهد ال�صعودي اأي�صا.

وكانت كلمة "وكيل" ت�صتعمل يف م�رس مبعنى اآخر، وهو "النائب" اأو "امل�صاعد" اأو ال�صخ�س الثاين يف اأية موؤ�ص�صة

اأو اإدارة، فكان يقول "وكيل وزارة" و"وكيل املحافظ" و"وكيل العميد" اإلخ. وقد انتقلت هذه الت�صمية اإىل بع�س

الأقطار العربية الأخرى يف وقت تال، وبهذا املعنى ا�صتعمل م�صطلح "وكيل الإمارة". وهكذا كان لتعبري "وكيل"

معنيان، اأحدهما وزير، والآخر معاون اأو نائب.

اأما يف العراق و�صوريا فتطلق �صفة "وكيل" على ال�صخ�س الذي ي�صغل من�صبا ب�صفة موؤقتة ولي�س ب�صفة دائمة

توؤهله ل�صغل ذلك املن�صب الذي ي�صغله ل ال�صخ�س لأن درجة واإما لأن املن�صب �صاغر اإما واأ�صا�صية، وذلك

ب�صفة اأ�صلية. فاإذا غاب وزير الداخلية عن البالد اأو ا�صتقال، وعهد اإىل وزير اآخر بالقيام باأعماله موؤقتا، اإ�صافة

"لوزير" وكيال الوزير ذلك �صمي اأ�صيل، وزير تعيني اأو الغائب الوزير عودة حني اإىل الأ�صلية، وزارته اإىل

الداخلية )ولي�س وكيال لوزارة الداخلية(.

)2( رابح لطفي جمعة، حالة الأمن يف عهد امللك عبد العزيز، الريا�س، 1402هـ – 1982م، �س137.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

60

الـولــد �سـر اأبيــه

1365هـ اإىل جواره يف رجب الـله تعاىل اختاره اأن اإىل الويف يرافقه جنله فاخر، فبقي فيها

)حزيران / يونيو 1946م(.

القاهرة اإبراهيم يف ال�صيخ اإىل جنله اأر�صل العزيز اأ�صماع امللك عبد وملا بلغ خرب وفاته

الربقية الآتية:

من امللك عبد العزيز

اإىل اإبراهيم بن اإبراهيم

بوا�سطة جندية القاهرة

تاريخ و�سولها اإىل القاهرة 27 رجب 1365هـ

27 يونية 1946م

تاأثرنا لوفاة والدكم ن�صاأل الـله اأن يغفر له ويرحمه ونحن اإن �صاء الـله عو�صكم فيه.

عبد العزيز

كما اأر�صل اإليه ويل العهد الأمري �صعود بن عبد العزيز الربقية الآتية:

اإبراهيم بن اإبراهيم

م�رش جندية –

من طرف والدكم فرنجو اأن يغفر له ويرحمه ويح�صن عزاء اجلميع فيه.

�سعود

واأبرق الأمري في�صل بن عبد العزيز، نائب امللك يف احلجاز اآنذاك قائال:

اإبراهيم بن اإبراهيم

م�رش بوا�سطة جندية –

كدرنا ذلك، ربنا يغفر له ويرحمه وعظم الـله اأجركم.

في�سل

الف�صل الرابع

الإمــارة الأولـــى

القنفذة

63

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االإمــارة االأولـــى - القنفذة

الإمــارة الأولـــى

القنفذة

كانت القنفذة اأول اإمارة تولها الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم. وقد عني يف هذا

املن�صب يف عهد امللك املوؤ�ص�س عبد العزيز اآل �صعود، بالأمر امللكي ال�صادر بتاريخ 26 ربيع

الأول 1371هـ )25 كانون الأول / دي�صمرب 1951م( وهو يف الرابعة والثالثني من عمره.

مل يكن الأمري اإبراهيم من جيل امللك عبد العزيز، ولكن والده كان من اأقرب رجاله اإليه،

ومن اأكرثهم متتعا بثقته. وقد ا�صطلع حتى ذلك الوقت باإمارة مناطق عدة، وكان من اأقدر

ول اإبراهيم الأمــري على جديدتني والإمــارة الإدارة تكن مل ولذلك اململكة، يف الإدارة رجال

واحلكم، الإدارة يف مدر�صة كان الذي املحنك الوالد ذلك كنف يف ن�صاأ فقد عليه. غريبتني

وحفلت حياته بذخرية من التجارب قلما اأتيحت لغريه. وكان الأمري ال�صاب يتابع اأعمال والده

و�صريته، ويتدرب على يده، وكان منذ يفاعته فتى تلوح عليه عالئم الفطنة والذكاء والطموح

املتزن، وقد بلغ من الن�صح م�صتوى مرموقا يوؤهله اأن يتوىل يف الدولة اأعمال ذات م�صوؤولية

، حتى اأن والده اأعد له مكتبا يف الإمارة وهو يف الثالثة ع�رسة من )1(

خلدمة بالده ومليكه ودينه

اإليه بتوقيع اإنه كان يعهد عمره، ليطلع فيه على �صري الأمور يف الإمارة، ويتدرب عليها، بل

البيت فقط، بل يف عمله لوالده، ل يف . ومن هنا كانت مرافقته )2(

الي�صرية بع�س املعامالت

الر�صمي اأي�صا، درا�صة قيمة وجتربة كبرية.

وقد �صبق لالأمري اإبراهيم اأي�صا، اإ�صافة اإىل مرافقته الطويلة لوالده، اأن عمل مدة من الزمن

مع الأمري في�صل بن عبد العزيز )امللك في�صل فيما بعد( عندما كان نائبا للملك يف احلجاز.

ولذلك تكونت لديه فكرة جيدة ووا�صحة عن اأ�صلوب الإدارة وفن احلكم، واطلع على كيفية

)1( علي حافظ، اأربعة اأيام يف منطقة الباحة، جدة، 1405هـ - )1985/1984م(، �س13 – 15.

)2( اإبراهيم حممد الزيد، الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم اآل اإبراهيم، مقالة يف جملة "عامل الكتب"، املجلد 15،

العدد 3، ذو القعدة – ذو احلجة 1414هـ / مايو – يونيو 1994م، �س311.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

64

االإمــارة االأولـــى - القنفذة

اأحوالهم وحت�صني النا�س، مع والتعامل والنظام، الأمن وفر�س املواطنني، م�صاكل معاجلة

�صمن الإمكانات املتوافرة.

ولذلك، حني توىل الأمري اإبراهيم اأول منا�صبه الر�صمية، مل يكن غريبا عن جو العمل الذي

بداأه، وكان كبري الثقة بنف�صه، وقد ت�رسف منذ يومه الأول وكاأنه موظف قدمي، ذو خربة ودراية

يف احلكم، مع كثري من همة ال�صباب ون�صاطه. وكانت تلك فاحتة خدمة وطنية طويلة امتدت

اأربعة وثالثني عاما، وانتهت بخامتة األيمة مل تكن يف احل�صبان.

نبذة عن القنفذة:

،)1(

تقع حمافظة القنفذة يف جنوب منطقة مكة املكرمة، وهي اإحدى حمافظاتها الإحدى ع�رسة

ح به الأمري نايف بن عبد العزيز، وقد �صنفت بني املحافظات بفئة "اأ" بالأمر امللكي الذي �رس

وزير الداخلية، لوكالة الأنباء ال�صعودية ون�رسته ال�صحف ال�صعودية.

اأما املقر الرئي�س للمحافظة، فهو مدينة القنفذة التي تعد من املوانئ املهمة على �صاطئ

جنوبا املكرمة مكة عن وتبعد ال�صعودية، العربية للمملكة الغربي ال�صاحل يف الأحمر البحر

ثالثمائة واأربعني كيلومرتا، وتبعد عن جدة، بالجتاه نف�صه، ثالثمائة و�صبعني كيلومرتا عرب

الطريق الربي الذي يربطها كذلك بجيزان و�صائر مدن اململكة.

البحر �صاحل عرب املهمة ال�صعودية املوانئ من احلا�رس الع�رس يف القنفذة مدينة وتعد

الأحمر، ومتتاز مبواقعها ال�صياحية اجلميلة التي تتمثل يف �صواطئها واأوديتها وجبالها.

وقد هياأ لها موقعها جنوبي مكة وجدة، وكونها حا�رسة للمنطقة ال�صهلية واجلبلية القريبة

منها، وما يتوافر فيها من اإمكانات مادية وب�رسية، اأن يتخذها بع�س ولة مكة م�صدرا للموارد

الب�رسية واملادية، وقاعدة انطالق حربي يف حمالتهم و�رساعاتهم الداخلية على ال�صلطة من اأجل

تويل اإمارة مكة، كما اتخذها بع�صهم قاعدة حلكم املنطقة، ونقطة حتكم فيما يرد اإىل احلجاز

ب�صكل عام من �صادرات اليمن. وكان قطع واردات اليمن اإىل احلجاز، يتخذ يف بع�س الأحيان

)1( املحافظات الأخرى هي: جدة، الطائف، الليث، رابغ، اجلموم، خلي�س، الكامل، اخلرمة، رنية، تربة.

65

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االإمــارة االأولـــى - القنفذة

و�صيلة من و�صائل احلرب وال�رساع. كما اأن القنفذة اتخذت يف بع�س املنا�صبات ملجاأ اأو منفى

لبع�س املناوئني للحكم لإبعادهم عن احلجاز. ولذلك تعر�صت لكثري من املحن واملتاعب على

مدى احلقب التاريخية املختلفة.

وكان املا�صية، اخلم�صة القرون غنية خالل القنفذة حياة جتارية وح�صارية عا�صت وقد

لها دور مهم يف احلياة العامة يف تهامة واحلجاز، بل كانت، بحكم موقعها اجلغرايف، بابا بحريا

للمنطقة التهامية وال�رسوية، والنافذة البحرية الكبرية لهذه املنطقة عموما، اإذ ت�صتقبل البالد

ما حتمله ال�صفن ال�رساعية التجارية من الب�صائع والأموال امل�صتوردة من �صائر موانئ اجلزيرة

الأخرى اإىل مينائها، ومن �صاحل اأفريقيا ال�صمالية. كما كانت البالد ت�صدر عن طريقها اأي�صا،

�صادراتها املتنوعة من احلبوب واملنتجات احليوانية وغريها.

ويبدو اأن القنفذة قد نعمت ب�صيء من التقدم العمراين والزدهار يف اأوائل القرن التا�صع

ع�رس امليالدي، حني اتخذها وايل م�رس حممد علي با�صا قاعدة لأعماله يف حملته على ع�صري. وقد

اأر�صل حممد علي حملة اإىل ميناء القنفذة فاحتلتها، واأمر بتح�صينها توطئة للزحف على داخل

البالد، ولكن اأهل املنطقة قطعوا املاء عن احلامية، ومل ير قائدها و�صيلة لإنقاذها من الظماأ

.)1(

�صوى اإخالء املدينة والرجوع اإىل جدة، وبذلك ف�صلت احلملة على القنفذة

ومل تزل القنفذة يف فرتات من القرن التا�صع ع�رس ميدانا للمعارك واحلمالت احلربية التي

اجتهت منها اإىل مكة، وهدفا لبع�س الغارات التي كانت ت�صنها عليها القوى املت�صارعة يف

اأو اأي مكان اآخر، لأن احلجاز وتهامة. وكانت احلركة التجارية فيها اأكرث من احلركة يف جيزان

الأتراك كانوا ينزلون ع�صاكرهم اإىل ع�صري من ميناء القنفذة، الذي كان ثغرا مزدهرا.

ويف اأواخر القرن التا�صع ع�رس واأوائل القرن الع�رسين )امليالديني(، كانت القنفذة ل تزال

ميدان تطاحن حربي بني القوى املت�صارعة، املحلية منها واخلارجية، كاحلروب العثمانية �صد

)1( عبد الرحمن الرافعي، ع�رش حممد علي، القاهرة، 1982، �س133.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

66

االإمــارة االأولـــى - القنفذة

احلمالت الع�صكرية الإيطالية، ول تزال ال�صفن احلربية العثمانية التي ق�صفتها مدافع البوارج

الإيطالية غارقة يف مياه �صاطئ البحر بجوار مدينة القنفذة منذ �صنة 1909م.

وبقيت القنفذة قاعدة حلمالت العثمانيني وحلفائهم من اأ�رساف مكة يف حروبهم وغزواتهم

اأيام حكمه �صليمان �صفيق كمايل عن الرتكي القائد لتهامة وع�صري. وقد ت�صمنت مذكرات

يف القنفذة ملوقع كان الذي اخلطري الدور ت�صور التي املعلومات من الكثري املنطقة، يف

العمليات احلربية واحلياة ال�صيا�صية يف تلك املنطقة.

وانعك�س ن�صاط القنفذة التجاري، بحكم كونها ميناء مهما، على حياتها العمرانية والجتماعية

والقت�صادية، ولذلك مل يكن ن�صيبها من احل�صارة اأقل من حظ مثيالتها يف ال�صمال واجلنوب،

ولكن انت�صار و�صائل النقل الربي كان له اأثر كبري يف تقلي�س جتارتها، بعد اأن قل العتماد

على مينائها. وخفتت فيها جذوة الن�صاط القت�صادي �صيئا ف�صيئا، ولكن دماء احلياة فيها

مل تتوقف نهائيا ب�صبب اخلدمات احلكومية، وبف�صل موروثها من اأعمال البيع وال�رساء، و�صيد

الأ�صماك، و�صناعة القوارب، وما �صابه ذلك من الأعمال التي كانت من تقاليد هذا الثغر املهم

وتراثه.

اأي�صا، لأنها وكانت القنفذة تعتمد على التجارة وحدها، ثم اأ�صبحت تعتمد على الزراعة

بلد زراعي خ�صيب. وب�صبب خ�صوبة الأر�س، كانت املحا�صيل فيها حت�صد اأربع مرات يف ال�صنة

من زراعة واحدة. ويف املنطقة اأودية ميكن ا�صتثمارها، خا�صة وادي حلي، وهو واد كبري جدا

ويت�صعب يف جهات عديدة، اإذ ميتد من ال�صودة يف اأبها اإىل جريد بالنما�س.

وقد يكون من الطريف الإ�صارة اإىل �صبب ت�صمية القنفذة بهذا ال�صم، وال�صائع بني العامة

اليوم اأن �صبب الت�صمية يعود اإىل اأن امراأة ت�صمى القنفذة كانت اأول من اأقام م�صكنا يف مو�صع

هذا البلد، ف�صمى املو�صع با�صمها، واكت�صبت املدينة ذلك ال�صم كذلك. وياأبى اخليال ال�صعبي

اإل اأن مي�صي يف اإكمال الق�صة، اإذ يقال اإن زوج هذه املراأة كان ي�صمى البندر، فت�صمت البلدة

با�صميهما، القنفذة والبندر. والبندر علم لهذه البلدة ول يزال يجري على األ�صنة �صكان البوادي

67

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االإمــارة االأولـــى - القنفذة

. وقد ذكر الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز نف�صه يف حديث �صحفي له اأنها كانت )1(

القريبة منها

.)2(

ت�صمى البندر لأنها كانت ميناء لع�صري وغامد وزهران

وكذلك وع�صري، تهامة من ال�صمايل اجلزء ميناء ال�صعودي، العهد قبل القنفذة، وكانت

اجلزء اجلنوبي بني ال�رساة وتهامة.

وقد اأ�صبحت القنفذة حمل نزاع �صديد بني ال�رسيف ح�صني والإدري�صي خالل احلرب العاملية

الأوىل. وكانت ال�صلطات الربيطانية قد ق�صفت القنفذة، ثم نزلت قوة من رجال الإدري�صي

وعاونتها على احتالل القنفذة بحجة اأنها داخلة يف دائرة نفوذها. واحتج ال�رسيف ح�صني على

اأن ين�صحب اإىل الإدري�صي اأ�صال. فطلب الإنكليز ذلك ب�صدة لأن القنفذة كانت تابعة للحجاز

منها، ولكنه احتج باأن ان�صحابه �صيدمر نفوذه بني قبائله. وبعد �صغط �صديد ومرا�صالت حانقة.

ان�صحب الإدري�صي من البلدة على م�ص�س، ودخلتها قوات ال�رسيف. ومل يلبث الأتراك اأن تدخلوا

فاأر�صلوا قوة من احلامية الرتكية يف حمايل واأبها، ومتكنوا من ال�صتيالء على القنفذة، ولكنهم

واجهوا �صعوبات يف تاأمني الإمدادات عرب اجلبال الوعرة، فا�صطروا اإىل الن�صحاب بعد اأ�صبوع

.)3(

واحد، وعادت قوات ال�رسيف اإليها

وملا ان�صمت القنفذة اإىل احلكم ال�صعودي يف عهد املغفور له امللك عبد العزيز، كان لها،

بحكم موقعها ال�صرتاتيجي املهم، دور مهم ومتميز وموؤثر يف اإمناء احلياة التجارية والتموينية

تلك ال�صعودي مليناء جدة. كما كانت الفتح املكرمة قبل احلجاز، وخا�صة مكة ملعظم مدن

املدينة حمطة مهمة على طريق احلج اليمني، ت�صتقبل حجاج جنوب اجلزيرة العربية، والهند،

وجنوب �رسقي اآ�صيا، حتى بعد فتح مدينة جدة.

1988م، ال�صنة ،52 العدد "الفي�صل"، جملة يف مقالة وتاريخ، مدينة القنفذة: الفقيه، اإبراهيم ح�صن )1(

�س38 – 39.

)2( جريدة "اجلزيرة"، العدد 4978، ال�صادر يف 8 رم�صان 1406هـ )16 اآيار / مايو 1986م(، وهو احلديث

النا�س من الذي يرتاده الكبري ال�صوق اأهل اجلنوب يعني اإل بعد وفاته. والبندر لدى الذي مل ين�رس ال�صحفي

خمتلف املناطق لق�صاء حوائجهم.

)3( �صليمان مو�صى، احلركة العربية، دار النهار، بريوت، 1970م، �س278.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

68

االإمــارة االأولـــى - القنفذة

/ )10 متوز 1343هـــ �صوال 16 يف موؤرختني ر�صالتني العزيز عبد امللك اأر�صل وقد

يوليو 1925م( اإىل كل من حاكم عدن ورئي�س جمعية اخلالفة يف بومبي، يوؤكد لهما ا�صتعداد

اأن هذين امليناءين تتوافر فيهما القنفذة والليث ل�صتقبال حجاج مناطقهم، مبديا ميناءي

.)1(

جميع و�صائل النقل اإىل مكة املكرمة

له، ر�صمي من�صب اأول مقر القنفذة، اإىل الرباهيم العزيز عبد بن اإبراهيم الأمري و�صل

يف �صهر جمادى الأوىل 1371هـ )�صباط / فرباير 1952م(. واأقيم له على اإثر و�صوله حفل

تكرمي كبري، اأقامه ال�صيخ عبد الرحمن اجلابر وزمالوؤه املوظفون. وبداأ الأمري عمله بهمة عظيمة،

اأحوال �صكانها، التي ت�صد حاجاتها، وحت�صني اإىل تطوير املنطقة وتنفيذ امل�رسوعات �صاعيا

لرفع اجلهود من كثريا فبذل ن�صبيا، حمدودة ومواردها الدولة ميزانية فيه كانت وقت يف

م�صتواها ومعاجلة م�صاكلها.

حتقق ملنطقة القنفذة يف عهد اإمارة الأمري اإبراهيم الرباهيم اأهم م�رسوع ل زالت املنطقة

تعتمد عليه وتنعم به، وهو م�رسوع اإي�صال املاء اإىل منطقة القنفذة.

كان اأهايل القنفذة يعتمدون يف احل�صول على املياه على الآبار، ويعانون معاناة �صديدة

لأجل احل�صول على املاء. وكانت املياه يف املنطقة ماحلة وغري نقية. و�صادف اأن قام امللك

�صعود بن عبد العزيز بزيارة اإىل املنطقة يف �صنة 1374هـ – 1954م، فانتهز الأمري اإبراهيم

هذه الفر�صة وعر�س على جاللته م�صكلة املياه يف املنطقة، وبني له ما يعانيه املواطنون يف

واأجنز القنفذة، اإىل منطقة باإي�صال املياه اأمرا �صبيل احل�صول عليها. فاأ�صدر امللك �صعود

امل�رسوع يف �صنة 1375هـ – 1955م فاأو�صلت املاء اإىل املنطقة عرب �صبكة �صحبت من منطقة

زالت هذه ول القنفذة. من كيلومرتا ع�رس ثمانية بعد على تقع زيد"، وهي بني "اأحد تدعى

اآل �سعود، املوؤ�ص�صة التجارية للطباعة )1( عبد الـله العلي الزامل، اأ�سدق البنود يف تاريخ عبد العزيز

والن�رس، بريوت، 1972م، �س456 – 457.

69

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االإمــارة االأولـــى - القنفذة

تاأ�صي�صها يف مناطق جنوب اأول �صبكة مت تعد ال�صبكة تخدم املنطقة حتى يومنا هذا، وهي

اململكة، واأول م�رسوع مهم نفذ يف القنفذة.

�صكان على عاد و�صحيا، ح�صاريا م�رسوعا الوقت، ذلك يف للمواطنني املاء توفري كان

لإعداد طعام اليوم املاء يف مطبخها ربة بيت �صنبور ل تثمن. وكلما فتحت بفوائد املدينة

اأطفالها، اأو يف حمامها لتنظيف مالب�صهم، عليها اأن تتذكر اأن الذي وفر لها هذه النعمة وحقق

لها ذلك امل�رسوع، الذي كان يف غاية ال�صعوبة اآنذاك، اأمري �صابق للمنطقة يدعى اإبراهيم بن

عبد العزيز.

ويف عهد اإمارة اإبراهيم بن عبد العزيز اأي�صا مت متهيد الكثري من الطرق، لربط اأجزاء املنطقة

بع�صها ببع�س، وربط املنطقة مبا جاورها من املناطق، وتي�صري �صبل الت�صال فيما بينها.

اأن الأمري اإبراهيم اجتمع بعد و�صوله اإىل القنفذة )1(

ويروي الأ�صتاذ ح�صن بن علي الفقيه

وت�صلمه اإمارتها، مع اأهايل املنطقة وعر�س عليهم فكرة اإن�صاء �رسكة م�صاهمة تقوم با�صترياد

الب�صائع، وتطوير ميناء القنفذة، ليخدم املنطقة واملناطق املجاورة لها، وحتى تعود القنفذة

اإىل عهدها ال�صابق مركزا جتاريا يخدم معظم املناطق اجلنوبية، ال�صاحلية والداخلية، اإل اأنه مل

يالق التجاوب املطلوب من الأهايل، وقد يكون �صبب ذلك قلة خربتهم يف الأمور القت�صادية.

ولذلك مل يتحقق هذا امل�رسوع الرائد الذي جاء �صابقا لع�رسه، حيث اأن كثريا من املناطق قامت

يف الأعوام الأخرية باإن�صاء �رسكات م�صاهمة تعمل ل�صاحلها، �صواء يف جمال ال�صتثمار العقاري اأو

ال�صياحي اأو الزراعي. ومع ذلك، فقد اأعاد الأمري اإبراهيم اإىل ميناء القنفذة، والإدارات املوجودة

يف املنطقة، كثريا من احليوية والن�صاط، وو�صع من نطاق اأعمالها.

)1( الأ�صتاذ ح�صن بن علي الفقيه يف مقابلة خا�صة يف القنفذة، وهو عميد كلية املعلمني واأحد املعلمني الأوائل

من اأبناء القنفذة، عمل مع الأمري اإبراهيم الرباهيم يف الإمارة مدة من الزمن، كما كان يعلم ابني الأمري ال�صيخ عبد

العزيز وال�صيخ خالد، وله موؤلفات قيمة عن تاريخ املنطقة.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

70

االإمــارة االأولـــى - القنفذة

�رسكة اإن�صاء فكرة وهي اآخــر، م�رسوع فكرة القنفذة اأهــايل على اإبراهيم الأمــري وعر�س

للكهرباء، ولكن ترددهم يف الإ�صهام بامل�رسوع، وعدم حتم�صهم له اأديا اإىل عدم حتقيق ذلك

امل�رسوع على يده.

وم�صاكلهم، املواطنني براحة كبريا اهتماما للقنفذة اإمارته خالل اإبراهيم الأمري اأظهر

ولعله كان اهتماما مل ي�صهد اأبناء املنطقة مثله منذ مدة طويلة. وكان يتنقل بني اأجزاء املنطقة

التي كانت �صبل الفرتة القنفذة يف تلك اإىل ال�صفر حلل م�صاكل املواطنني ليجنبهم م�صقة

املوا�صالت فيها �صديدة ال�صعوبة.

فعندما �صعر الأمري اإبراهيم اأن اأهايل منطقة العر�صية مثال كانوا يعانون م�صقة احل�صور

اإىل مقر الإمارة لعر�س ق�صاياهم وتعقيب معامالتهم، حتى تراكمت الق�صايا املعلقة اأو تلك

التي تنتظر النظر فيها والبت يف اأمرها. وكان ال�صفر من منطقة العر�صية اإىل القنفذة ي�صتغرق

اأكرث من يومني يف �صفر �صاق، فما كان من الأمري اإبراهيم اإل اأن قرر ال�صفر اإىل تلك املنطقة

بنف�صه، للنظر يف ق�صايا املواطنني وحلها ليجنبهم معاناة ال�صفر وتكاليفه.

1371هـ )25 اإىل القنفذة ب�صهور قالئل، وبالتحديد يف الثاين من �صوال وبعد و�صوله

حزيران / يونيو 1952م(، وبعد انتهاء عيد الفطر، قام الأمري ب�صفرته اإىل منطقة العر�صية،

احلكومية. الدوائر يف امل�صوؤولني من وعددا ال�رسطة ومدير املنطقة قا�صي معه وا�صطحب

وبقي يف تلك املنطقة نحو خم�صة ع�رس يوما عر�صت عليه خاللها اأكرث من مائة ق�صية نظر فيها

جميعا، وحل معظمها على الفور، واأبدى يف بداية عمله همة عالية وم�صاركة اإن�صانية يف م�صاكل

.)1(

املواطنني يف منطقته

الدولة مثال، تبقى التي يقيمها ملرافق الأبنية اأو اأمري املنطقة، التي ي�صقها اإن الطرق

ال�صاق، يف طرق وعرة، والإقامة لأ�صابيع يف مناطق نائية، ال�صفر �صاهدا على منجزاته، ولكن

للنظر يف م�صاكل املواطنني، وحلها، اأمر قد ين�صاه النا�س بعد مدة ق�صرية، ولكنه دليل على

)1( من حديث خا�س مع ال�صيد �صعيد باخ�صوان، مدير مكتبه عندما كان اأمريا على القنفذة.

71

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االإمــارة االأولـــى - القنفذة

اأن ينتظر جزاء ول النا�س وم�صاكلهم، ورغبة حقيقية يف خدمتهم، دون باأمور اهتمام احلاكم

�صكورا.

ومع ذلك، فاإن الأعمال التي قام بها الأمري اإبراهيم يف منطقة القنفذة كان يتوخى منها

جميعا خدمة م�صالح النا�س وحت�صني اأحوالهم.

كان الأمري اإبراهيم، كما يروي اأكرث من �صخ�س من عارفيه، يحرتم الق�صاء واأحكامه، ويعامل

الق�صاة بالرعاية والتكرمي. وعلى الرغم من عدم تدخله يف �صوؤون الق�صاء، فاإنه كان يف بع�س

اإذا ياأخذون بها الق�صاة اإىل املحكمة مبديا وجهة نظره، وكان الق�صايا احلالت يعيد بع�س

وجدت املربرات ال�رسعية.

ويروي ال�صيخ حممد بن اإبراهيم احلديثي، الذي عمل قا�صيا يف القنفذة خالل اإمارة ال�صيخ

ما باأ�رسع املحاكم على املعرو�صة الق�صايا على حل احلر�س �صديد كان اأنه عليها، اإبراهيم

ميكن، وكان يحر�س على عدم تكليف النا�س بكرثة املراجعات، وخا�صة يف تلك الفرتة التي

اإجهادهم بكرثة النا�س فيها �صعبة ومواردهم �صئيلة. ولذلك كان يحاول عدم اأحوال كانت

رئي�س احلديثي اإبراهيم ال�صيخ والده كما كان يحث – يحثه وكان واإيابا، املراجعات ذهابا

املخت�صة املراجع احلالت يخاطب بل كان يف بع�س املعامالت، اإنهاء – على �رسعة املحاكم

لنتداب الق�صاة اإىل اجلهة التي حتدث فيها ق�صية مهمة وبها اأطراف عديدة يكلفها احل�صور

اإىل املحكمة م�صقة كبرية ب�صبب بعد امل�صافة. فكان القا�صي يذهب اإىل موقع الق�صية للوقوف

على امل�صكلة. ويقول ال�صيخ حممد احلديثي اإن ذلك حدث كثريا يف القنفذة، كما حدث بعد

ذلك يف ع�صري.

وكذلك يروي ال�صيد م�صطفى ال�صنقيطي، من اأعيان مدينة القنفذة، ما يدل على اهتمام

الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز باأمور املواطنني.

كانت منطقة القنفذة تعتمد على الزراعة اإىل حد كبري. وكان الأهايل يقيمون �صدودا ترابية

ملنع ال�صيول من جرف مزارعهم، وكذلك لتخزين مياه الأمطار. وقد اأقام الأمري اإبراهيم، خالل

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

72

االإمــارة االأولـــى - القنفذة

اأن ال�صدود الرتابية مل�صاعدة املزارعني، بجهد خا�س منه، حتى العديد من اإمارته للقنفذة،

بع�س هذه ال�صدود يحمل ا�صمه حتى اليوم. كما كان يقوم بنف�صه مبتابعة فرق مكافحة اجلراد

الذي كان يق�صي على املحا�صيل الزراعية، وكانت املنطقة تعتمد على تلك املحا�صيل اإىل

حد كبري. وقد ا�صرتى �صيارة خا�صة لهذا الغر�س، ودفع قيمتها من جيبه، وكذلك جنح يف اإقناع

.)1(

احلكومة باإقامة فرع لوزارة الزراعة يف املنطقة

ويبدو اأن الأمري اإبراهيم كان اأي�صا كبري الت�صجيع لطالب العلم، �صديد احلر�س على متابعة

درا�صة املتعلمني، وت�صهيل العقبات التي تواجههم، ليتمكنوا من موا�صلة درا�صتهم داخل منطقة

القنفذة وخارجها. وكان كثري العطف والإح�صان، وخا�صة ملن يعرف ظروفهم ويقتنع بها.

ويروي الأ�صتاذ ح�صن الفقيه اأي�صا، اأنه كان �صخ�صيا من الذين نالوا منه الكثري من العطف

والتع�صيد؛ فقد علم الأمري اأنه ن�صاأ يتيما، واأنه يعول اأ�رسة، ف�صجعه على موا�صلة تعليمه، وملا

اأكمل درا�صته البتدائية وح�صل على �صهادتها �صنة 1374هـ - 1955م، حاول احل�صول على

ال�صعبة، عينه اإبراهيم، حني علم بظروفه الأمري وظيفة موؤقتة، فلم يتمكن من ذلك، ولكن

بوظيفة موؤقتة يف الإمارة لكي ي�صاعده يف تدبري اأمور معي�صته.

وي�صيف الأ�صتاذ ح�صن الفقيه اأن الأمري اإبراهيم كان ي�صجعه مع غريه من اأبناء املنطقة على

الكتابة يف ال�صحف، واإلقاء اخلطب يف املنا�صبات املدر�صية والعامة، واأن اجتاهه اإىل الكتابة

اإبراهيم. ومل يكن الأ�صتاذ الفقيه ال�صخ�س الوحيد والتاأليف والنظم يعود اإىل ت�صجيع الأمري

الذي نال مثل هذا الهتمام والت�صجيع، بل هنالك عدد كبري من ال�صبان الذين يدينون بالكثري

.)2(

لت�صجيع الأمري اإبراهيم وتع�صيده

ويروي الأ�صتاذ ح�صن الفقيه عن الأمري اإبراهيم، اأنه كان خالل اإمارته يف القنفذة، يحر�س

على اللتقاء بكل اأ�صدقائه ومعارفه، وكان له جمل�س يجتمع فيه كبار اأهل البلد و�صخ�صياته

)1( ال�صيد م�صطفى ال�صنقيطي يف مقابلة خا�صة يف القنفذة، اأيلول / �صبتمرب 1997م.

)2( مقابلة خا�صة مع الأ�صتاذ ح�صن الفقيه يف القنفذة، اأيلول / �صبتمرب 1997م.

73

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االإمــارة االأولـــى - القنفذة

جل�صات بع�س وكان يف والأدب. بالتاريخ اهتمام كبري له الإطالع، وا�صع كان واأنه املثقفة،

ال�صمر يقراأ اأحيانا من بع�س الكتب ملن حوله، وي�رسح لهم بع�س ما يقراأه.

اإبراهيم الرباهيم يف القنفذة، واأينما حل بعد ذلك، مفتوحا لل�صغري والكبري كان جمل�س

بدون ا�صتثناء. وكان ي�صتقبل جميع الأهايل، وروؤ�صاء الدوائر احلكومية بعد �صالة اجلمعة من

كل وعلى ومعارفه، اأ�صدقائه على وعطفه كثرية، الإن�صانية عالقاته وكانت .)1(

اأ�صبوع كل

اإن�صان يحتاج اإىل العطف، عرفه اأم مل يعرفه، كبريا اإىل حد عجيب اأحيانا. وكانت له اأعمال خريية

تدل على مكارم الأخالق.

روى ال�صيخ اإبراهيم ال�صليمان اأنه كان يف القنفذة تاجر ح�رسمي يتاجر بـــ "اللبان". وكانت

ب�صاعته يف طريقها اإىل القنفذة على مركب، فغرق املركب وغرقت الب�صاعة معه، وبذلك �صاع

راأ�س مال الرجل كله، ومل يبق لديه �صيء. وملا �صمع الأمري اإبراهيم باأمره ا�صتدعاه، وا�صتف�رس

عن اأمره، فلما عر�س الرجل عليه حالته اقرتح الأمري اأن يكتب الرجل برقية اإىل امللك �صعود

الرجل تو�صيه بحقه. ولكن اأي�صا باأن يكتب هو لإنقاذه من حمنته، ووعده يطلب امل�صاعدة

ميلكه ما كل الأمري فجمع اإبراهيم. الأمري اقرتاح على يوافق ومل امللك اإىل الكتابة تهيب

�صخ�صيا من مال، واأعطاه للرجل قر�صا ح�صنا، وقال له: دبر اأمورك بهذا حتى يفتح الـله عليك.

.)2(

وكان معه يف هذه احلادثة ال�صيد فهد احلمود، وهو ي�صهد بها ويرويها يف كل منا�صبة

ق�صى اإبراهيم بن عبد العزيز يف اإمارة القنفذة، نحو ت�صع �صنوات، عمل خاللها على تطوير

�صديد بحري، ميناء القنفذة ولكن بن�صاط عظيم. اأهاليها وخدمة اأحوالها املنطقة وحت�صني

الرطوبة، واإبراهيم ابن جند الذي ن�صاأ يف حائل والريا�س، ذاتي اجلو ال�صحراوي اجلاف، لذا فقد

عانى، بعد ق�صاء هذه املدة الطويلة يف تلك املدينة من جوها الرطب. وقد مر بفرتات ا�صطر

فيها اإىل التما�س العالج خارجها.

)1( مقابلة خا�صة يف القنفذة مع ال�صيد �صعيد باخ�صوان يف اأيلول / �صبتمرب 1997م.

)2( مقابلة للموؤلف مع ال�صيخ اإبراهيم ال�صليمان يف داره بالريا�س يف 20 ت�رسين الأول / اأكتوبر 1996م.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

74

االإمــارة االأولـــى - القنفذة

�صنوات اأربــع نحو ق�صاء بعد اأي 1956م( مايو / اآيــار 12( 1375هـــ �صوال اأول ويف

لبنان لال�صتجمام اإىل اإجازة مر�صية ملدة �صهرين، و�صافر مع عائلته القنفذة ح�صل على يف

�صحته عن طبيني تقريرين الداخلية وزارة اإىل م قد الإجــازة انتهت فلما الأطباء، ومراجعة

يدلن على اأنه "م�صاب بحالة ربوية ناجتة عن احل�صا�صية ال�صدرية وح�صا�صية �صديدة بالأنف

مددت ذلك اإثر وعلى اأخرى"، �صهور اأربعة ملدة لبنان يف بالإقامة له وين�صحان واحلنجرة،

اإجازته املر�صية ملدة اأربعة اأ�صهر )من 1375/12/1هـ اإىل 1376/4/1هـ(، و�صدر الأمر

.)1(

مبنحه الإجازة املذكورة بتوقيع مدير عام وزارة الداخلية

ومن بريوت كتب اإىل وزير الداخلية، الأمري عبد الـله الفي�صل، عن حت�صن �صحته، فاأجابه

الأمري بكتاب رقيق هذا ن�صه:

اململكة العربية ال�سعودية

مكتب وزير الداخلية

ح�رشة املكرم اإبراهيم بن عبد العزيز بن اإبراهيم

بعد التحية:

حت�صنا وحت�صنها �صحتكم بتقدم املب�رس 76/4/26 املــوؤرخ بريوت من كتابكم و�صل

كبريا، ونحمد الـله تعاىل على ذلك، نتمنى لكم كمال العافية ومتام ال�صفاء، ودمتم.

)1376/5/7هـ – 1956/12/9م(

عبد الـله الفي�سل

التي كان ال�صحية اإبراهيم مبعاودة احلالة الأمري اأخرى تقريبا، �صعر اأ�صهر وبعد ثمانية

ي�صكو منها. ويف اأوائل �صنة 1377هـ )اآب / اأغ�صط�س 1957م(، قدم طلبا ر�صميا باإعفائه من

اإمارة القنفذة نظرا لعدم مالءمة طق�صها ل�صحته، بكتاب اأر�صله اإىل الأمري عبد الـله الفي�صل،

وزير الداخلية، الذي كان اأي�صا ينوب عن والده )الأمري( في�صل بن عبد العزيز، النائب العام

)1( اأمر وزارة الداخلية املرقم 1776 واملوؤرخ يف 28 حمرم 1376هـ.

75

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االإمــارة االأولـــى - القنفذة

ح من يقرتح اأن يحل حمله يف اإمارة يف احلجاز. ومل يكتف الأمري اإبراهيم بطلب الإعفاء، بل ر�ص

ه عبد الـله املحمد الإبراهيم. ولكنه تلقى الكتاب التايل من الأمري عبد القنفذة، وهو ابن عم

الـله الفي�صل:

عبد الـله الفي�سل اآل �سعود

ح�رشة املكرم اأمري القنفذة اإبراهيم الإبراهيم �سلمه الـله

بعد التحية:

تلقيت خطابكم املت�صمن طلبكم املوافقة على اإعفائكم من عمل اإمارة القنفذة نظرا لعدم

مالءمة طق�صها ل�صحتكم وتر�صيحكم لعبد الـله املحمد الإبراهيم بدل عنكم، واأخربكم اأنه ي�رسنا

اأننا يف عملكم غري مرتاحني يف تكونوا اأن كذلك ويهمنا ال�صحة بكامل متمتعني تكونوا اأن

الـله �صوف اإن �صاء الوالد. وبح�صوره اإجابة رغبتكم بالنظر لغياب الوقت احلا�رس ل ن�صتطيع

نعر�س رغبتكم لأنظاره الكرمية – واإن �صاء الـله ل يكون اإل الذي ي�رسكم – وال�صالم.

1377/2/16

بقي الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز يف اإمارة القنفذة بعد ذلك اأربع �صنوات اأخرى تقريبا، ومل

تلق طلباته بالنقل اأذنا �صاغية، ورمبا كانت كفاءته ون�صاطه قد اأ�رسا مب�صلحته ال�صخ�صية.

فقد �صهدت حمافظة القنفذة يف عهد اإمارته، التي دامت نحو ت�صع �صنوات، نه�صة عمرانية

وتطورا ازدهارا القت�صادية فيها ال�صحي واحلياة القطاع وقفزة تعليمية كبرية. كما �صهد

ملحوظا، ونعم املواطنون بالكهرباء، واملوا�صالت، ونعمة الأمان وال�صتقرار.

قال القنفذة؟" يف عملته الذي ال�صيء هو "ما ال�صحفيني: اأحد �صاأله فحني ذلك، ومع

بب�صاطة:

"ما فعلته يعرفه اأهايل القنفذة، ول ميكن اأن اأدعيه... واأنا يف القنفذة ويف غريها ما اأنا اإل

.منفذ لالأوامر والتعليمات التي ت�صدر اإىل من اجلهات العليا...")1(

)1( جريدة "اجلزيرة"، العدد 4985، 1406/9/15هـ )24 اآيار / مايو 1986م(، �س5.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

76

االإمــارة االأولـــى - القنفذة

التي خدماته معددا الكثرية، واإجنازاته اأعماله يعدد لطفق ال�صوؤال هذا �صئل غريه ولو

قدمها لهذه املدينة، ولكن جواب الأمري اإبراهيم كان اآية يف التوا�صع ونكران الذات.

والواقع اأنه مل يكن جمرد اأداة تنفذ الأوامر والتعليمات، بل كان اأمريا يحر�س على خدمة

منطقته، و�صاحب اأفكار و�صعها مو�صع التنفيذ، و�صعى لكي يح�صل من اجلهات العليا على

راحته يجد الذي بنف�صه، الواثق الكبري، الرجل توا�صع ولكنه لها، والعتمادات املوافقات

الكربى يف اخلدمة العامة والعمل املنتج.

اإبراهيم بن عبد العزيز يف القنفذة، اأوىل اإماراته، موثقة تاريخيا من اإن فرتة عمل الأمري

وعلى الكثرية، باأعماله يذكرونه القنفذة اأهل وبقي املنطقة، اأجنزها يف التي الأعمال خالل

راأ�صها م�رسوع جلب املياه اإىل املدينة، ومنها املدار�س التي فتحت يف عهده ومب�صاعيه، وتطوير

امل�صتو�صفات، وبناء الإدارات احلكومية املختلفة، وفتح فرع للزراعة.

حينما امللك جاللة ديوان يف موظفا كان الذي ال�صابق الوزير عرب، ال�صيخ ح�صني قال

كان ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اأمريا للقنفذة، اأنه كان من الأمراء القالئل الذين

"فقد كانت كافة املعامالت التي الأ�صلوب والإجــراءات. ير�صلون معامالتهم كاملة من حيث

ترد اإىل الديوان من معاليه، ل حتتاج اإىل اأي مراجعة اأو مالحظة، وهذا نتيجة ما اكت�صبه من خربة

.عالية خالل ممار�صته العمل مع والده رحمه الـله يف اإمارة املدينة املنورة")1(

وملا علم يف القنفذة اأن الأمري اإبراهيم �صينقل منها، �صاع اأنه �صينقل اإىل اإمارة جيزان. وملا

و�صل هذا اخلرب اإىل القنفذة، اأر�صل 120 �صخ�صا من اأهلها عري�صة اإىل ويل العهد يرجون فيها

عدم نقل الأمري اإبراهيم، قالوا فيها:

"�ساحب ال�سمو امللكي ويل العهد املعظم اأيده الـله

بلغنا اأن اأمري طرفنا اإبراهيم عبد العزيز الرباهيم �صينقل اإىل جيزان. فيا �صاحب اجلاللة

القنفذة وهي الأمري املذكور و�صل لأن القنفذة، اأهايل اأوجاه خداميكم اأكرب �صدمة يف هذه

)1( مقابلة خا�صة مع ال�صيخ ح�صني عرب يف مكة املكرمة.

77

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االإمــارة االأولـــى - القنفذة

يف جبارة جمهودات وبذل احلياة روح فيها فبث متعددة، جهات من امل�صتح�رس كاملري�س

اإ�صالحات �صتى من الوجهة العمرانية ومن تاآلف ومن امل�صاواة والعدالة فاأ�صبح كل فرد اأخذ

ن�صيبه بدون متييز بني رفيع وو�صيع، وغني وفقري، حتى اأ�صبحنا واثقني بعون الـله يف نهو�س

هذه البلدة ورقيها وتقدمها بعد اأيا�صها و�صغوطها اإىل اآخر رمق من احلياة، فهي بف�صل الـله

ثم بف�صل �صمو �صيدي، الأمل وطيد ب�صالح �صاأنها بتوفيق هذا الأمري قد برزت اإىل حياة جديدة

ونه�صة جليلة. فمن م�صاعي الأمري تفقده حلال الرعية ب�صورة خا�صة لكل طبقة مبا ينا�صبها

وقد بث اإليها الإر�صادات النافعة املح�صو�صة مبا يعود اإليهم بالنفع وامل�صلحة يف اأمورهم، واإن

اإر�صاداته ميليها على التاجر واملت�صبب والنجار والبناء والزراع، واحلا�رسة والبادية، مبنا�صبات

ودية مبا فيه م�صلحتهم العامة وتوفري معي�صتهم وفوق ذلك احلزم وال�صدة الذي األقت كل

اأهل جميعا ف�رسنا احلق �صبيل يف هوادة اأو تخاذل بدون اجلادة الطريق على مي�صي اإن�صان

القنفذة وق�صاه مغتبطني بهذه النعمة اجلليلة التي اأ�صديتوها ومنحتونا اإياها، فعليه ن�صرتحم

العزيز علينا لأن نحن ل �صيء الأمري باأخذكم هذا من �صمو �صيدي عدم النتقام من خدامكم

اإل بف�صل الـله ثم بف�صل �صموكم وتوجيه عنايتكم وراأفتكم و�صفقتكم على عموم رعيتكم،

فن�صرتحم اإبقاء اأمرينا وعدم نقله.

اأمد الـله يف حياتكم واأيدكم بعزه ون�رسه اآمني".

الإم�صاء 120 �صخ�صا

كل مبفرده

الف�صل اخلام�س

وكيل اإمارة مكة املكرمة

81

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم وكيل اإمارة مكة املكرمة

وكيل اإمارة مكة املكرمة

احلجاز، عا�صمة فهي احلــال، بطبيعة اململكة اإمــارات اأهــم من املكرمة مكة اإمــارة تعد

م�صارق امل�صلمني يف وقبلة احلرام، الـله بيت باأ�رسه، ومقر الإ�صالمي للعامل الروحي واملركز

الأر�س ومغاربها. وتزداد اأهمية العمل يف مكة اأي�صا لكونها مق�صد حجاج بيت الـله احلرام يف

كل عام، وما تلقيه اإدارتها من م�صوؤوليات داخلية وخارجية ج�صيمة ودقيقة يف اآن واحد.

وكان ي�صغل اإمارة مكة الأمري متعب بن عبد العزيز، فلما انتهت اإمارته عني مكانه الأمري

ال�صيد العزيز، وعني العزيز يف عهد والده امللك �صعود بن عبد الـله بن �صعود بن عبد عبد

اإ�صحق عزوز اأول وكيل لإمارة مكة املكرمة، ولكن عمله فيها مل يدم �صوى ب�صعة اأ�صهر قدم

ال�رسوط فيه تتوافر جديدة وكيل اختيار اإىل احلاجة وظهرت الوظيفة، من ا�صتقالته بعدها

املطلوبة لهذا املن�صب املهم والدقيق، ومل يكن من امل�صتح�صن ترك وكالة اإمارة مكة �صاغرة

ملدة طويلة، خا�صة لقرب مو�صم احلج.

1961م( ت�صلم الأمري عبد اأكتوبر 1381هـ )25 ت�رسين الأول / 15 جمادى الأوىل ويف

الـله ابن �صعود، اأمري مكة، الربقية التالية من والده امللك �صعود:

اململكة العربية ال�سعودية

اإمارة منطقة مكة املكرمة

برقية واردة بال�سفرة

التاريخ: 1381/5/15هـ

الرقم: 6581

مكة البن عبد الـله بن �سعود –

من قبل وكيل الإمارة يف مكة ل ميكن اأن يرتك تعيينه اأكرث من املدة التي م�صت وبالنظر

لقرب حلول مو�صم احلج فاإنه يتحتم تعيني وكيل الإمارة ويوجد �صخ�س كل يثني عليه وعلى

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

82

وكيل اإمارة مكة املكرمة

اأن يعني املذكور اأمري القنفذة نرى اإبراهيم اإبراهيم بن عبد العزيز بن اأخالقه و�صريته وهو

ورغبته راأيه وت�صتمزجوا به تت�صلوا اأن والأف�صل احلجاز يف عندكم وهو مبكة لالإمارة وكيال

فاإذا وافق تخربونا لنبلغه التعيني وكذلك يلزم حتديد ال�صالحيات بني وكيل الإمارة ورئي�س

وكل منتظمة ب�صورة العمل ي�صري لكي امل�صلحة تقت�صيه وما النظام ح�صب الإمــارة ديوان

يعرف اخت�صا�صه.

�سعود

83

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم وكيل اإمارة مكة املكرمة

وملا ا�صتمزج راأي الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز، ووافق على اقرتاح تعيينه وكيال لإمارة

مكة، تلقى الربقية التالية من امللك �صعود بن عبد العزيز:

الرقم: 6582

التاريخ: 1381/5/21هـ

مكة القنفذة – اإبراهيم بن اإبراهيم –

نظرا ملا نتوقعه فيكم من الإخال�س واملحبة والنزاهة واحلر�س على امل�صلحة العامة فقد

اخرتناك نحن والبن عبد الـله اأن تكون وكيال لالبن عبد الـله يف اإمارة مكة ونرجو لك التوفيق

يف عملك.

�سعود

وبعد نحو ثالثة اأ�صابيع من تاريخ هذه الربقية ت�صلم الأمري اإبراهيم الأمر الوزاري الر�صمي

ال�صادر امللكي واملر�صوم امللكية الإرادة اإىل ا�صتنادا مكة لإمــارة وكيال بتعيينه ال�صادر

مبوجبها، وكان ن�صه كالآتي:

اململكة العربية ال�سعودية

وزارة الداخلية

عدد

�سوؤون املوظفني

قرار وزاري رقم 873 وتاريخ 1381/6/14هـ

اإن وزير الداخلية

بناء على ال�صالحية املمنوحة له مبوجب نظام املوظفني العام.

وتنفيذا لالإرادة امللكية مبوجب املر�صوم امللكي رقم 36 يف 1381/6/7هـ، القا�صي

بتعيني ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز بن اإبراهيم اأمري القنفذة �صابقا وكيال لإمارة منطقة مكة

املكرمة يف املرتبة الأوىل بدرجة وكيل وزارة وبراتبها املعتمد.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

84

وكيل اإمارة مكة املكرمة

يقرر ما يلي:

لإمارة اإبراهيم وكيال العزيز بن اإبراهيم بن عبد ال�صيخ القنفذة �صابقا اأمري تعيني 1-

مكة املكرمة باملرتبة الأوىل من كادر داخل الهيئة بدرجة وكيل وزارة براتبها املعتمد اعتبارا من

تاريخ مبا�رسته العمل وعلى اإمارة مكة الإفادة عن ذلك.

يبلغ هذا القرار ملن يلزم لعتماد مواده مبوجبه...... 2-

وزير الداخلية

وزارة الداخلية

مطابق لالأ�صل

1377

اإن اختيار الأمري اإبراهيم ملن�صب وكيل اإمارة مكة، كما يظهر من برقية امللك �صعود اإىل

جنله الأمري عبد الـله، كان بق�صد الإفادة من جتربة اأمري القنفذة �صابقا، تلك التجربة الطويلة

التي امتدت نحو ت�صع �صنوات، واأثبت الأمري خاللها كفاءته العالية، وتفانيه يف خدمة منطقته

وتطويرها، مما وجه اإليه اأنظار امللك �صعود وابنه الأمري عبد الـله، اأمري مكة، وجعلهما يختارانه

لوكالة تلك الإمارة املهمة. وكان ذلك الختيار، بطبيعة احلال، دليال على التقدير، ورمزا للثقة،

كما اأنه كان حال مل�صكلة الأمري اإبراهيم ال�صحية الطويلة ورغبته يف النتقال اإىل مكان اآخر اأقل

رطوبة يف جوه، واأكرث جفافا.

وملا با�رس الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز مهام من�صبه وكيال لإمارة مكة املكرمة، اأ�صدر اأمري

الإمارة، اإداريــا حدد فيه �صالحيات كل من وكيل الـله بن �صعود، قرارا الأمري عبد املنطقة،

ورئي�س ديوانها، وتركيز امل�صوؤولية لهما ولباقي روؤ�صاء الإمارة. ويظهر من الإطالع على هذا

القرار الإداري املهم مدى ال�صالحيات الوا�صعة التي منحها لوكيل الإمارة:

87

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم وكيل اإمارة مكة املكرمة

اأ�صيب اأن العزيز عمله يف مكة مبدة ق�صرية، �صادف اإبراهيم بن عبد ال�صيخ بعد ت�صلم

ال�صيخ عبد العزيز بن عبد الـله بن باز، نائب رئي�س اجلامعة الإ�صالمية يف ذلك الوقت )املفتي

العام حاليا( ومن اأهم ال�صخ�صيات الدينية والعلمية يف اململكة، بحادث اأدى اإىل جرحه، فكتب

اإليه وكيل اأمري مكة ال�صيخ اإبراهيم الرباهيم يف 1381/7/2هـ، )1961/9/10م( ر�صالة

الفر�صة باز بن العزيز عبد ال�صيخ فانتهز للحادث، واأ�صفه قلقه عن فيها اأعرب ا�صتف�صار

اإن – 1961/9/14م( قال فيها 1381/7/6هـــ واأجابه بر�صالة �صكر وتقدير )موؤرخة يف

اأنه كان عازما على مكاتبته منذ بلغه احلادث كان جرحا ب�صيطا، وقد براأ بحمد الـله، واأ�صاف

تعيينه يف وكالة اإمارة مكة، ولكن كرثة امل�صاغل حالت بينه وبيه ذلك. وذيل ال�صيخ عبد العزيز

بن باز كتابه باحلا�صية الآتية التي حتتوي على بع�س الن�صائح الثمينة:

النا�س مب�صالح العناية الأمـــور اأهــم من اإن الــكــرمي. الأخ ابــن مالحظة:

و�صكاياتهم، وق�صاء حوائجهم، وتنفيذ حكم ال�رسع على من حكم عليه، فالواجب

اإىل ت�صندوه ل واأن مالحظة، اأمت تالحظوا واأن الهتمام، غاية بهذا تهتموا اأن

ويف ب�صاأنهم يبايل ل النا�س اأكرث فاإن والغرباء ال�صعفاء اأمر ول�صيما غريكم

اأنه قال: "هل تن�رسون وترزقون ذلك �رسر عظيم، وقد �صح عن الر�صول

اإل ب�صعفائكم" وروى عنه اأنه قال r كيف تقد�س اأمة اإل باأخذ احلق من �صديدهم

ل�صعيفهم".

اإبراهيم بن عبد العزيز بوكالة اإمارة مكة درا�صة لو�صع الإدارة اأجريت بعد التحاق الأمري

اإداراتها املختلفة كاإدارة الإمارة، ومت و�صع هيكل تنظيمي لها من املخت�صني، و�صكلت يف

امل�رسوعات، واإدارة احلقوق العامة، واإدارة احلقوق اخلا�صة، واإدارة ال�صجناء، ومكتب الت�صالت

العامة، ومكتب الربقيات، وغريها من الإدارات والأق�صام.

اأم�صى الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز يف وكالة اإمارة مكة نحو ثماين �صنوات، ول يزال اأهل مكة

يذكرون همته يف حت�صني اأحوالهم، واأداء مهامه الر�صمية بروح اإن�صانية وبن�صاط ل يعرف الكلل.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

88

وكيل اإمارة مكة املكرمة

وقد روى لنا الأ�صتاذ علي ب�صاوري، وكيل اإمارة مكة امل�صاعد �صابقا، جوانب من �صفات

الأمري اإبراهيم واأ�صلوبه يف اإدارة اأعمال الإمارة يف مكة، وتعود معرفة الأ�صتاذ ب�صاوري به اإىل

�صنة 1375هـ – 1956م عندما كان ال�صيخ اإبراهيم اأمريا للقنفذة، وكان ب�صاوري موظفا يف

وزارة الداخلية. وكان الأمري يذهب اإىل مكة لق�صاء اإجازته ال�صنوية. ثم ازدادت معرفته به يف

�صنة 1387هـ – 1967م عندما انتقل مندوبا من وزارة الداخلية اإىل اإمارة مكة يف عهد اإمارة

الأمري متعب بن عبد العزيز، وبقي فيها حتى تعيني الأمري عبد الـله بن �صعود خلفا له، وال�صيخ

اإبراهيم وكيال لالإمارة.

قال الأ�صتاذ علي ب�صاوري الذي عمل مع الأمري اإبراهيم الرباهيم وحتت اإمرته طيلة عمله

وكيال لإمارة مكة، وحتى نقله اإىل ع�صري:

درا�صة على احلر�س مني يطلب الـله يرحمه كان لقد واملعلم. والأخ الأب فيه "وجدت

الدوام على كان اأنه كما العمل، م�صلحة فيه ملا توجيهاته اأتلقى وكنت املهمة، الق�صايا

يو�صيني بتقوى الـله وال�صعي اإىل ن�رسة املظلوم، وكنا ن�صعر اأنه والد للجميع".

وذكر الأ�صتاذ ب�صاوري، �صمن ذكرياته الكثرية عن الأمري اإبراهيم و�صفاته الطيبة اأنه "كان

اأو م�صاكل، ويقدم العون وامل�صاعدة �رس وموا�صاتها فيما ي�صيبها من نكبات الأ يقوم بزيارة

لكل من يطلبها منه، وكان رحمه الـله �صديد احلر�س على اأن يتم ذلك يف �رسية تامة".

وهو يروي اأنه كان يحر�س مثال على وجوب اإخباره عمن يتوفاهم الـله من اأهل مكة، ليقوم

بزيارتهم وتعزيتهم.

اأنها العمل فقد كان يف غاية املجاملة والحرتام، وكنا ن�صعر "اأما تعامله مع موظفيه يف

معاملة طيبة، املراجعني معاملة بوجوب عليهم ي�صدد وكان لأبنائه. الأب معاملة اإىل اأقرب

واأخذهم باللني، والقيام بخدمتهم".

"وكان رحمه الـله حري�صا على جمع ال�صمل وم�صاحلة املتخا�صمني من اأهل مكة املكرمة،

وحل خالفاتهم بطريقة ودية، وكان يكلف موظفيه باإ�صالح ذات البني بني املتخا�صمني. فلما

89

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم وكيل اإمارة مكة املكرمة

تعر�س عليه النتائج يبارك ما تو�صلوا اإليه، وكان ي�صق عليه اأن يرى هناك خالفا قائما بني

عوائل مكة اأو اأفرادها، وكثريا ما قام بجمع املتخا�صمني يف مقر الإمارة، اأو يف دار اأحدهما، اأو يف

داره اأحيانا، حل�صم اخلالف ومل ال�صمل".

"وروى الأ�صتاذ علي ب�صاوري اأي�صا حادثة طريفة وقعت خالل وكالة ال�صيخ اإبراهيم لإمارة

مكة املكرمة:

"كان ذلك يف يوم �صديد املطر من اأيام مكة املكرمة. وكنا نعمل اآنذاك يف ق�رس امللك عبد

العزيز، حيث كان مقر الإمارة، ومل ن�صتطع اخلروج اإىل منازلنا لغزارة املطر وكرث ال�صيول، فاآثرنا

البقاء يف الإمارة. واإذا برجل يبدو عليه اجلنون يدخل علينا، وكان �صديد التهيج والنفعال، وراح

ي�صاأل: اأين الأمري؟ اأين امل�صوؤولون؟

من ويهدئ الرجل، اإىل يتحدث وراح مكتبه، من وخرج �صوته، اإبراهيم ال�صيخ "ف�صمع

روعه، ويالطفه بطريقة دبلوما�صية، حتى هداأ الرجل، ثم اأعطاه ال�صيخ اإبراهيم مبلغا من املال

من خرج املجنون الرجل ذلك اأن لحظنا وقد مقداره، نعرف ل الأخوياء اأحد مع اإليه اأر�صله

اأنه كان رجال غري طبيعي. وهذه الإمارة وعالمات ال�رسور والفرح تك�صو وجهه، على الرغم من

من احلوادث التي �صهدتها بنف�صي، واطلعت على ما يتمتع به ال�صيخ اإبراهيم من احللم و�صعة

.ال�صدر وطيبة القلب")1(

ومن ال�صخ�صيات التي عملت مع الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز يف مكة الأ�صتاذ علي ح�صن

اأبو العال الذي تقاعد وكيال م�صاعدا لإمارة منطقة مكة املكرمة �صنة 1407هـ – 1987م.

كان الأ�صتاذ علي ح�صن اأبو العال رئي�صا لبلدية جدة، فلما انتهى عمله يف بلدية جدة، نقل

اإىل الريا�س، وطلب اإليه ال�صيخ اإبراهيم الرباهيم اأن ياأتي للعمل معه يف اإمارة مكة املكرمة،

وحدث الأمري م�صعل يف هذا ال�صاأن، فاأمر بنقله اإىل مكة بناء على طلب وكيل الإمارة.

)1( مقابلة خا�صة يف مكة املكرمة مع الأ�صتاذ علي ب�صاوري، وكيل اإمارة منطقة مكة املكرمة �صابقا.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

90

وكيل اإمارة مكة املكرمة

ويف مكة تعرف الأ�صتاذ اأبو العال على الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز عن قرب، وهو يروي عن

ات�صال �صخ�صي ومعلومات مبا�رسة، مدى عطف الأمري اإبراهيم على النا�س واهتمامه مب�صاكلهم،

كان واإنه ال�صعفاء"، وم�صاعدة للخري حمبا كان "اإنه قال: واأتراحهم. اأفراحهم وم�صاركتهم

والفقراء ال�صعفاء خا�صة وب�صورة املراجعني، اأمور بت�صهيل الإمــارة موظفي جميع يو�صي

والن�صاء والأرامل والأيتام منهم، بل كان كثريا ما ي�صهم بنف�صه يف تقدمي العون وامل�صاعدة

للمحتاجني من جيبه اخلا�س، ويحر�س كل احلر�س على عدم اإذاعة ذلك، لأنه كان يقوم بذلك

ابتغاء مر�صاة الـله وحده، ولي�س طمعا يف �صمعة اأو جاه.

من لديه ما له ليخرج �صعبة كل رئي�س اإىل يذهب اأن على حري�صا اإبراهيم الأمــري كان

معامالت موقوفة لالإطالع عليها، وكان يحر�س ب�صورة خا�صة على املعامالت التي تدون عليها

اأرملة اأو تخ�س اأو فقرية، بائ�صة التي تخ�س عوائل تلك اأو م�صاعدة، اإىل مالحظات، وحتتاج

تراجع عن ابن �صجني لها، اإذ كان، رحمه الـله، يرتاح لإدخال الفرحة على قلوب اأ�رس امل�صاجني

واأبنائهم. فكان يدون بيده اأ�صماء الكثريين من امل�صاجني لي�صملهم "العفو الرم�صاين" الذي

ياأمر به امللك عادة، متحمال م�صوؤولية ذلك، كما اأنه كان، يف كثري من احلالت، ير�صل الربقيات

وكانت امل�صاجني، بع�س �رساح اإطــالق اأو املر�صى، بع�س مبعاجلة املوافقة على للح�صول

برقياته، ترفع، ب�صكل خا�س، اإىل الديوان امللكي، وغالبا ما كان الأمر امللكي ي�صدر باملوافقة

على ما يرفعه، مما يدل على الثقة التي يتمتع بها، والأهمية التي متنح لآرائه ومقرتحاته.

ويروي الأ�صتاذ علي ح�صن اأبو العال حادثة، من حوادث كثرية، �صهدها يف مكة خالل قيام

ال�صيخ اإبراهيم الرباهيم بوكالة الإمارة، تدل على مدى اهتمامه باملواطنني:

موظفي من يلقونها م�صايقات اإىل ت�صري اجلزارين بع�س من �صكوى الإمــارة "تلقت

الأ�صتاذ علي اإىل اإبراهيم الأمري اأحيانا. فطلب ما يبيعونه من حلوم البلدية، ومنها م�صادرة

ح�صن اأبو العال اأن يذهب بنف�صه ويطلع على اأ�صباب ال�صكوى، ويرفع له تقريرا عن حقيقة الأمر.

فذهب والتقى باأ�صحاب امل�صكلة، وملا تاأكد من �صحة اأقوالهم، رفع تقريره اإىل وكيل الإمارة

91

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم وكيل اإمارة مكة املكرمة

ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز، فقام بدوره بالت�صال باأمني العا�صمة اآنذاك، الأ�صتاذ عبد الـله

اأرزاقهم، اأجل ك�صب الذين يعملون من الفئة من املواطنني له م�صكلة هذه عريف، مو�صحا

.فت�صادر البلدية اأموالهم لأتفه الأ�صباب، فاأمر معاليه باأن تبقى ال�صوق على ما هي عليه")1(

واملواقف الإن�صانية يف حياة الأمري اإبراهيم كثرية ل تكاد حت�صى، ترافقه يف عمله وحياته

يوميا وبع�صها ل يخلو من طرافة ومغاز اإن�صانية. ومن هذه املواقف الطريفة ما حدث يف ق�رس

ال�صقاف باملعابدة.

ولهما من جهة اجلميزة كان مقر اإمارة مكة املكرمة يف ق�رس ال�صقاف. وكان للق�رس بوابتان اأ

والثانية من جهة حي املالوي "الفي�صلية". وقد اأزيلت البوابتان منذ �صنوات. وكان لكل بوابة

"اخلوي" مبر�س مفاجئ وهو يف اأحد احلرا�س اأ�صيب فرد من عائلة اأن حار�س خا�س، وحدث

مقر عمله، فجاء ابنه ي�صعى ليخربه بخطورة احلالة، ع�صى اأن يتدبر والده الأمر بطريقة ما، فلم

يجد بدا من اأن يهرع لإ�صعاف مري�صه، ولكنه مل يجد من يقوم عنه باحلرا�صة فاأوقف ابنه البالغ

اأي �صخ�س حتى يعود. وذهب الأب اإدخال من العمر ع�رس �صنوات على البوابة، واأو�صاه بعدم

وبقي الغالم يقوم باملهمة التي كلفه بها اأبوه، ولكنه ما لبث اأن فوجئ ب�صيارة فخمة تقف عند

الباب، وت�صري بالأنوار، وتزمر، وكان الوقت بني �صالتي املغرب والع�صاء، وال�صائق ي�صري اإليه

وي�صتعجله بفتح الباب.

بع�صبية: يلح وال�صائق ممنوع"، "الدخول ويقول: الباب فتح يرف�س كان الغالم ولكن

"افتح... افتح الباب". فاأرخى الراكب بجوار ال�صائق زجاج ال�صيارة ملحادثة الغالم الذي ازداد

الغالم على موقفه وهو يقول يف اإ�رساره ومت�صكه بتعليمات والده. وكان الراكب يحاوره في�رس

برباءة الأطفال: "ممنوع... حتى ولو كنت ابن اإبراهيم".

)1( مقابلة خا�صة مع الأ�صتاذ علي ح�صن اأبو العال يف مكة املكرمة.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

92

وكيل اإمارة مكة املكرمة

كان الراكب هو وكيل الإمارة ال�صيخ اإبراهيم الرباهيم فعال، ف�صحك مقدرا اأمانة احلار�س

احلدث، وقال له برقة: "اأنا ابن اإبراهيم... هل ت�صمح يل بالدخول اأم ل؟" وا�صتدرك الغالم بذكاء

ابن البادية وفطرته، وكانت �صمعة ابن اإبراهيم قد بلغت حتى الأطفال، فرتاجع قائال وهو ل

يعرف من هو ابن اإبراهيم وكيل اإمارة مكة وقال:

"اإذا كنت ابن اإبراهيم �صحيح... فتف�صل". و�صارع اإىل فتح الباب. ومل يدع الأمري اإبراهيم

الفر�صة تفوت. فتوقف بعد فتح الباب، ونادى الغالم و�صاأله: "من اأنت؟ وماذا جاء بك"، فاأخربه

الغالم بالأمر كله، فربت على كتفه وهو يقول "بارك الـله فيك".

ق�رس مغادرا عاد اإجنازها، اأجل من جاء التي والق�صايا املعامالت اإبراهيم ال�صيخ اأنهى وملا

الإمارة من الباب نف�صه، فتوقف عند احلار�س "اخلوي"، وكان قد عاد من اإ�صعاف مري�صه، فقال له:

الأمري تعامل كان م�صاعدة. اأو خدمة اإىل يحتاج كان اإذا و�صاأله خري!" ع�صى "�صالمات...

اإبراهيم مع املواطنني بهذه الروح والرماثة، ولذلك اكت�صب ما عرف به طيلة حياته من �صمعة

طيبة يف جميع املناطق التي عمل فيها، وبني جميع من ات�صل بهم من النا�س. وكان بالإمكان

اإهمال اإىل ق�صية اإىل مقر احلكومة الإمارة اإدخال وكيل اأن يتحول حادث الغالم الذي رف�س

وت�صيب من جانب احلار�س ومعاقبته لرتكه مقر عمله، ولكن اجلانب الإن�صاين كان على الدوام

.)1(

هو اجلانب الذي ي�صيطر على مواقف الأمري اإبراهيم ويوجه اأعماله

اإبراهيم بن عبد العزيز يف مكة ب�صورة دقيقة؛ اإجنازات الأمري ومع ذلك، ي�صعب حتديد

لأنه مل يكن امل�صوؤول الأول يف املنطقة، ولكن خربته الإدارية ال�صابقة جعلته ي�صهم يف خدمة

اأبناء مكة وما جاورها يذكرونها مهبط الوحي وقبلة امل�صلمني خدمات �صامتة كثرية ل يزال

بالتقدير.

اأبريل / ني�صان 15( 1406هـ �صعبان 5 ،8244 العدد "الندوة"، يف مقالة املفرجي، مو�صم حممد )1(

1986م(.

الف�صل ال�صاد�س

فــي ع�ســـري

95

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فــي ع�ســـري

فــي ع�ســـري

كان الأمري عبد الـله بن عبد العزيز اآل �صعود، ويل عهد اململكة العربية ال�صعودية يف زيارة

اإىل منطقة ع�صري يف اأواخر جمادى الثانية 1405هـ )اآذار / مار�س 1985م(. وملا و�صل اإىل

مطار بي�صة، كان يف ا�صتقباله الأمري خالد الفي�صل بن عبد العزيز، وكان يف ال�صتقبال اأي�صا

الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم، الذي كان يف ذلك الوقت اأمريا للباحة، ولكنه جاء اإىل

بي�صة خ�صي�صا ليكون يف ا�صتقبال ويل العهد.

وملا و�صل الأمري عبد الـله وجل�س امل�صتقبلون يف قاعة املطار، قال الأمري خالد لويل العهد،

م�صريا اإىل الأمري اإبراهيم الرباهيم:

- هذا طال عمرك، اإبراهيم علمنا اأ�صلوب الإدارة يف الإمارة.

كان هذا راأي اأمري ع�صري يف اإبراهيم الرباهيم الذي كان يف فرتة �صابقة وكيال لإمارة ع�صري،

وعمل مبعية الأمري خالد الفي�صل ردحا من الزمن. وكانت كلمته التي �رسح بها اأمام ويل العهد

لفتة كرمية دلت على الوفاء و�صمو اخللق، ولكنها دلت يف الوقت نف�صه على املكانة التي كان

الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز يتمتع بها، ومدى التقدير والحرتام الذي يحمله له �صمو الأمري

خالد الفي�صل. وقد �صكره الأمري اإبراهيم على هذه املجاملة، وقال بتوا�صع:

- بل اإن قدراتكم املعروفة هي التي اأهلتكم لهذا املوقع.

اإبراهيم وجتاربه، الأمري اأفاد من خربات اأنه واأكد من جديد الفي�صل، خالد الأمري فعاد

. وكان الأمري خالد )1(

عندما كان وكيال لإمارة ع�صري قبل ب�صع �صنوات، وقبل انتقاله اأمريا للباحة

الفي�صل �صادقا يف تقييمه؛ لأن الأمري اإبراهيم كان قد اكت�صب خربة عظيمة يف الإدارة خالل

ال�صنوات الطويلة التي ق�صاها اأمريا للقنفذة، ثم وكيال لإمارة مكة املكرمة.

)1( معلومات تف�صل بتزويدنا بها ال�صيخ عبد الـله بن حممد ال�صبانة خالل حديث خا�س معه يف الريا�س يف 11

ني�صان / اأبريل 1997م، وكان حا�رسا خالل هذا احلوار الذي اأ�صارت اإليه يف حينه جريدة "عكاظ" ال�صادرة خالل

اأيام الزيارة )العدد ال�صادر يف 26 جمادى الأوىل 1415هـ - 18 مار�س 1985م(.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

96

فــي ع�ســـري

كان قد م�صى على الأمري اإبراهيم نحو ت�صعة اأعوام وكيال لإمارة مكة املكرمة حني قررت

احلكومة �صنة 1389هـ نقله اإىل من�صب م�صت�صار يف وزارة الداخلية. ورمبا كان ذلك متهيدا

واحد فقط، عام نحو الداخلية بوزارة اجلديد من�صبه اآخر، فعمل يف اإداري من�صب اإىل لنقله

وبعدها عني وكيال لإمارة منطقة ع�صري، فو�صلها يف �صنة 1390هـ – 1970م.

�صمال احلجاز ال�صعودية، بني العربية اململكة الغربي من اجلنوب تقع منطقة ع�صري يف

واليمن جنوبا، وم�صاحتها حوايل مائة األف كيلومرت مربع، واأر�صها تتاألف من ال�صهول ال�صاحلية

اخللفاء حماية حتت زراعــيــة منطقة تاريخها يف ع�صري وكانت والأوديـــة. العالية واجلــبــال

العبا�صيني يف بغداد، ويف وقت لحق اأ�صبحت تابعة للدرعية منذ بداية دعوة الإمام حممد بن

عبد الوهاب واإمارة الإمام حممد بن �صعود وو�صول اثنني من اآل اأبو نقطة للدرعية طلبا للعلم

وتلبية للدعوة. وبعد اإمتامهما الدرا�صة، عينهما الإمام حممد بن �صعود اأمريين لع�صري تابعني

لإمارة اآل �صعود. ويف �صنة 1872م احتل العثمانيون ع�صري، واأ�صبحت اإبان حكمهم مت�رسفية

والقنفذة، اأملع، وحمايل، اأق�صية هي: بني �صهر، وغامد، ورجال اأبها، وتتبعها �صتة مركزها

.)1(

و�صبيا. وا�صتمرت هذه التق�صيمات اإىل اآخر اأيام العثمانيني يف املنطقة

�صبيا مدينة الأدار�صة واتخذ ع�صري. على النفوذ يتنازعون والأدار�صة مكة اأ�رساف وكان

طرد بعد بع�صري ال�صتقالل الإدري�صي حممد ال�صيد حاول 1900م �صنة ويف لهم. عا�صمة

اإىل بالإيطاليني، ثم ان�صم اإبان احلرب الطرابل�صية م�صتعينا ة اأعاد الكر احلامية الرتكية، ثم

الربيطانيني خالل احلرب العاملية الأوىل لتحقيق هدفه، وعقد معهم معاهدة يف اآيار / مايو

اآل اأمكن احلفاظ على حكم العثمانيني من معظم ع�صري، وبذلك اإخراج 1915م، ومتكن من

. وقد متكن الإدري�صي من الوقوف يف وجه امللك ح�صني )2(

عائ�س �صبه امل�صتقل يف مدينة اأبها

)1( بيان العالقات بني اململكة العربية ال�سعودية والإمام يحيى حميد الدين، الكتاب الأخ�رس الذي اأ�صدرته

وزارة اخلارجية للمملكة العربية ال�صعودية، مكة املكرمة، �صنة 1353هـ )امللحق اجلغرايف والتاريخي، �س"ز"(.

Admiralty، Geographical Handbook of Arabia، London: Naval Intelligence )2(

.Division، 1920

97

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فــي ع�ســـري

د له الربيطانيون ال�صتيالء على احلديدة، من ناحية، ويف وجه الإمام يحيى من ناحية اأخرى. ومه

ومرت املنطقة بفرتة من ال�صطرابات والفو�صى، واأ�صبحت حتت �صغط �صديد من اليمن. ويف

حماولة لإحباط خمططات اليمن، التجاأ الأدار�صة اإىل امللك عبد العزيز اآل �صعود، الذي كان قد

جنح يف �صم احلجاز اإىل مملكته.

اإىل حائل ل�صم الر�صيد ابن مع املتتابعة معاركه العزيز، وهو يخو�س عبد امللك وكان

وكان، مبا اآمنة. ذات حدود عربية موحدة، لدولة متما�صك ال�صعودية، يفكر يف كيان الدولة

اأوتي من الذكاء وبعد النظر، يدرك ما لع�صري من اأهمية خا�صة ب�صبب موقعها جنوبي احلجاز،

مما يجعلها اإىل حد ما بابا جنوبيا للحرمني ال�رسيفني.

اآل عائ�س، وت�صتعني بهم، العثمانية منذ تاأ�صي�س املت�رسفية حتافظ على الدولة كانت

بل كانت تعني اأحد اأمراء هذه الأ�رسة معاونا للمت�رسف يف ع�صري. واآخر من توىل هذا املن�صب

للمت�رسف �صليمان �صفيق با�صا الكمايل يف �صنة عني معاونا ح�صن بن علي بن عائ�س، الذي

1912م.

وبعد ا�صطرار العثمانيني اإىل اجلالء عن املنطقة �صنة 1336هـ - 1918م، ا�صتقل ابن

.)1(

عائ�س بحكمها، وكان م�صتبدا، فنفرت القبائل من حكمه، ل�صيما �صهران وقحطان

حركة كانت ورمبا وانت�صارا، قوة الأثناء هذه يف تزداد العزيز عبد امللك مكانة وكانت

الإخوان قد و�صلت اآثارها اإىل فئات من قبائل منطقة ع�صري، مثل قحطان و�صهران، مما و�صع

�صقة اخلالف بني تلك الفئات والأمري ح�صن بن عائ�س، اإ�صافة اإىل �صوء معاملة الأمري ح�صن

العزيز عبد بال�صلطان املذكورة الفئات قادة ات�صل كله، لذلك ونتيجة .)2(

القبائل لتلك

اإىل اأمريهم، وبادر ال�صلطان باإر�صال وفد من �صتة من فحول علماء جند اإليه معاملة ي�صكون

اأبها، وكتب اإىل الأمري ح�صن بن عائ�س واإىل روؤ�صاء قحطان و�صهران يح�صهم على امل�صاملة،

)1( الدكتور عبد الـله ال�صالح العثيمني، تاريخ اململكة العربية ال�صعودية، اجلزء الثاين، الريا�س، 1996م، �س176.

1954م، �س300، �صعود بن الثانية، بريوت، الطبعة وملحقاته، احلديث تاريخ جند الريحاين، اأمني )2(

هذلول، تاريخ ملوك اآل �سعود، الطبعة الثانية، 1402هـ - 1982م، �س120.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

98

فــي ع�ســـري

واعتربها الو�صاطة الأمري ح�صن هذه اأجدادهم، فرف�س ما كان عليه اإىل بالرجوع وين�صحهم

تدخال يف �صوؤونه الداخلية، واأعاد العلماء قائال لهم: "اإذا تدخل ابن �صعود يف �صوؤون قبائل ع�صري

ف�صنم�صي اإىل بي�صة النخل )قلعة بي�صة( بقوة من قبائل ع�صري، ونحتلها حيث اأنها كانت تابعة

.لإمارة اأجدادنا يف املا�صي")1(

جيدة عالقة وجود منها مهمة، اأخــرى عوامل مع بالتهديد امل�صوب الرف�س هذا واجتمع

عبد )ال�صلطان( وحذر عائ�س، لبن املناوئ والإدري�صي العزيز عبد )ال�صلطان( بني حينذاك

العزيز من امتداد نفوذ امللك ح�صني اإىل املنطقة، وما كان يوجد من ارتباط ع�صري ال�صابق باحلكم

. فراأى امللك عبد العزيز اأن الوقت منا�صب لتحركه من اأجل حتقيق فكرته يف توحيد )2(

ال�صعودي

اأرجاء اململكة، فاأر�صل ابن عمه الأمري عبد العزيز بن م�صاعد بن جلوي يف األفني من اجلنود، واأمره

باأن يدعو ح�صن بن عائ�س لل�صلم اأول. وو�صل الأمري عبد العزيز بن م�صاعد اإىل اأبها، وا�صتبك مع

قوات ابن عائ�س يف موقع ا�صمه احلجالء، بني اأبها وخمي�س م�صيط، وكانت معركة عنيفة انتهت

بهزمية ابن عائ�س، ودخل اجلي�س ال�صعودي اإىل اأبها بدون مقاومة، ووا�صل ابن م�صاعد �صريه

حتى ال�رساة اإىل حدود الأدار�صة، الذين كانوا اآنذاك قد اأعلنوا ولءهم لآل �صعود.

اإىل الأمري ابن اآل عائ�س الفارين، ورجع ح�صن وحممد واأ�رس عبد العزيز بن م�صاعد بع�س

اآل العزيز عبد ال�صلطان ب�صيافة اأقاما حيث الريا�س، اإىل فاأر�صلهما م�صت�صلمني، م�صاعد

�صعود، واتفقا معه على اأن يكونا اإىل جانبه كما كان اأجدادهما من قبل.

ينه اأمريا لع�صري وبلغ من ثقة امللك عبد العزيز بنف�صه اأن عر�س على ح�صن بن عائ�س اأن يع

فاعتذر عن عدم قبولها قائال: "قد عادينا النا�س، ونخ�صى اإذا اأمرتنا اأن يقوموا علينا، ولكننا

رون اأيدكم الـله"، فوافق ال�صلطان عبد العزيز و�صمح لهما بالعودة اإىل نكون معاونني ملن توؤم

اأبها بعد اأن منحهما مبلغا كبريا، وخ�ص�س لهم مرتبات �صهرية.

)1( ابن هذلول، �س121.

)2( العثيمني، �س176.

99

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فــي ع�ســـري

وكانت حاكمها، عند اأبها يف حممد فاأقام مغتبطني، را�صيني بالدهما اإىل الرجالن عاد

�صريته ح�صنة، اأما ح�صن فقد ا�صتاأذن يف اأن ي�صافر اإىل بلدته حرملة ليجلب عائلته اإىل العا�صمة،

ذن له. ولكنه عندما و�صلها متنع فيها، و�رسع يد�س الد�صائ�س على ابن �صعود.فاأ

وكان الريا�س، اإىل بالعودة العزيز عبد ال�صلطان اأمره فقد م�صاعد، بن العزيز عبد اأما

اأن يرتك اأبها دون 1920م(، فغادر اأكتوبر الأول / 1339هـ )18 ت�رسين 4 �صفر ذلك يف

فيها حامية تراقب اأحوال املنطقة، مكتفيا بجعل كل �صيخ من م�صايخ ع�صري اأمريا على بلدته

وفقا لتعليمات ال�صلطان، اإىل اأن عني ال�صلطان اأمريا على ع�صري، ولكن ال�صكان اأخذوا ي�صكون

ال�صكاوى. فا�صتمرت بهذا غريه، ا�صتبدل ثم ال�صكاوى، تتوقف فلم اآخر، به فا�صتبدل منه،

اأن تلك ومن املحتمل اأن اأولئك الأمراء بدر منهم ما يوجب ال�صكوى، لكن من املحتمل اأي�صا

.)1(

ال�صكاوى كانت نتيجة حتري�صات من جهات معينة كابن عائ�س اأو امللك ح�صني

وقد تطور الأمر حتى تزعم ابن عائ�س ثورة يف ع�صري، وحا�رس الأمري الذي عينه امللك عبد

جمع لكنه باأ�صلحتها، احلامية تلك مع منها اخلروج اإىل الأمري ذلك فا�صطر اأبها، يف العزيز

.)2(

اأن�صارا من اأبناء املنطقة يف خمي�س م�صيط، وحاول مقاومة ابن عائ�س، فف�صل

ل فيه امللك عبد العزيز انت�صاره النهائي على وقد جرت هذه الأحداث يف الوقت الذي �صج

اآل ر�صيد يف حائل. فلما علم مبا حدث يف اأبها جهز جي�صا قوامه �صتة اآلف مقاتل، معظمهم من

1340هـ الثاين في�صل. وانطلق ذلك اجلي�س من جند يف �صوال الإخــوان، ووىل قيادته جنله

وزهران قحطان من اآلف اأربعة ع�صري منطقة قرب به والتحق 1922م(، يوليو / )حزيران

و�صهران وغريها، ووا�صل زحفه نحو اأبها فدخلها، ولكنه وجدها خالية تقريبا، ومل يبق فيها

غري العجزة،اإذ تركها اآل عائ�س واأن�صارهم، بينما جلاأ ح�صن اإىل حرملة.

وكانت حرملة ح�صنا يف معقل من اجلبال ي�صتحيل ارتقاوؤها اإل من منافذ خا�صة ل يعرفها

)1( العثيمني، ج22، �س178.

)2( ها�صم النعمي، تاريخ ع�سري )مكان الطبع وتاريخه غري مذكورين(، �س255 – 256.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

100

فــي ع�ســـري

غري اأهلها. وكان اآل عائ�س يف حماربتهم الأتراك يلجاأون اإليها، وهي بلدتهم وح�صنهم املنيع

منذ القدم. ومع ذلك، فقد متكن الأمري في�صل بن عبد العزيز من اقتحامها اأخريا، ولكنه وجد

منها. اأما حممد بن عائ�س، فقد �صار اإىل القنفذة وا�صتنجد بامللك اأن ح�صن بن عائ�س قد فر

ه ب�رسية �صغرية ومائتي جندي نظامي. ح�صني، فاأمد

وبعد فرار ح�صن وحممد وهزمية اجلي�س احلجازي، عني الأمري في�صل �صعد بن عفي�صان اأمريا

على اأبها، واأقام فيها حامية عددها خم�صمائة جندي، وعاد مبن بقي من جي�صه اإىل الريا�س.

اأن�صارهم من مع امللك ح�صني، فن�صقوا عائ�س من احل�صول على معونة من اآل ومتكن

تنجح مل لكنها ل�صدهم، قوات عفي�صان ابن واأخرج اأبها. يف عفي�صان ابن وحا�رسوا ع�صري،

، كما )1(

يف بداية الأمر، وكادت اأبها ت�صقط يف اأيدي املحا�رسين لول و�صول جندة من الريا�س

�صبقت الإ�صارة.

وملا تويف ابن عفي�صان بعد تلك احلادثة باأيام قالئل، عني ال�صلطان عبد العزيز بدل منه

يف الإمارة عبد العزيز بن اإبراهيم، الذي امتاز باحلزم والدهاء، وكان من دهائه اأن ذهب بنف�صه

واأكرمه، اأبها اإىل ا�صتقدمه اأر�صاه، ثم ما له ابن عائ�س يف حرملة، وتفاو�س معه، وبذل اإىل

واتفق معه على �صالم اأدى اإىل ترحيله مع بقية اأ�رسته اإىل الريا�س؛ حيث اأقاموا جميعا معززين

ده امللك عبد العزيز من مناطق البالد. مكرمني. وبذلك مت توحيد منطقة ع�صري مع ما وح

بال�صلم البالد ونعمت الأمــور، ا�صتقرت حيث تقريبا، قرن بن�صف الأحــداث هذه وبعد

والطماأنينة، ي�صل اإىل ع�صري ابن عبد العزيز الرباهيم وكيال لإمارتها، تلك الإمارة التي غادرها

طفال يف ال�صاد�صة من عمره مع اأبيه الذي كان اأمريها.

ترى ماذا كان �صعوره �صاعة و�صوله اإىل ع�صري؟، هل كان �صعورا باحلنني اإىل املا�صي؟ اأم اأنه

كان قد ن�صي مراتع �صباه فيها، وعاد وكاأنه ينزل منطقة جديدة عليه، لي�س له بها عهد �صابق.

)1( العثيمني، ج2، �س178 – 179.

101

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فــي ع�ســـري

الأمر و�صدر منطقة"، "اإمارة ع�صري اإمارة جتعل اأن قررت قد ال�صعودية احلكومة كانت

وكان لالإمارة. وكيال الرباهيم اإبراهيم وال�صيخ اأمــريا، �صعد بن فهد الأمري بتعيني امللكي

الأعمال، له ليمهد �صعد، بن فهد الأمــري قبل فو�صلها 1970م، - 1390هـــ �صنة تعيينه

وتاأخرت مبا�رسة الأمري فهد، وكان الأمري اإبراهيم الرباهيم ي�صطلع مب�صوؤوليات الإمارة، حتى

و�صوله.

العزيز عبد بن الفي�صل خالد الأمــري عني حائل، اإىل �صعد بن فهد الأمــري نقل وملا

اأمريا ملنطقة ع�صري، فعمل الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز مع �صموه وكيال لالإمارة حتى �صنة

1398هـ – 1977م.

ويبدو العمل، بتطوير اهتم ع�صري، منطقة اأعمال الرباهيم اإبراهيم ال�صيخ ت�صلم حينما

اإداري اأنه مل يقتنع بالطريقة التي كانت ت�صري عليها الأعمال، ف�صال عن عدم وجود ت�صكيل

يتما�صى مع حجم العمل.

وكان ال�صيخ اإبراهيم الرباهيم خالل الفرتة النتقالية بني عمله وكيال لإمارة مكة املكرمة،

الأخرى من الدوائر احلكومية الداخلية وبع�س لإمارة ع�صري، يختار من موظفي وزارة ووكيال

يجدهم من ذوي الكفاءة وال�صمعة احل�صنة لي�صتعني بهم يف تطوير جهاز الإمارة واأداء العمل

واإجناز الكم الهائل من املعامالت. وقد �رسع يف و�صع الت�صكيل الإداري اجلديد واأ�رسف بنف�صه

على هذا التنظيم اجلديد.

الإفــادة من الإمــارة، رغبة منه يف الذين ح�رسوا من اخلارج �صكنا يف ر للموظفني وقد وف

الوقت، وكان ي�صهم معهم يف العمل بنف�صه اإىل وقت متاأخر من الليل، من اأجل تنظيم الأعمال

واإجناز املتاأخر منها. وكان الأ�صتاذ حممد بن علي بن زيد، الذي اأ�صبح فيما بعد وكيال لإمارة

ع�صري، مديرا للجوازات واجلن�صية يف اأبها يف ذلك الوقت، وقد و�صف لنا ما �صهده خالل هذه

الفرتة من ال�صفات التي يتميز بها الأمري اإبراهيم، وهي الثقة بالنف�س، والقدرة على اتخاذ

القرارات، والبت يف الأمور، و�رسعة البديهة، وال�صرب والتحمل. كما كان رحمه الـله يف غاية اللطف

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

102

فــي ع�ســـري

والتهذيب، وكان وهو على مكتبه ويف جمال�صه الر�صمية، ل يخرج حديثه مع من حوله عن اأمور

العمل وما يتطلبه اأداوؤها، وي�صهل على املوظفني اإجراءاتهم وتوفري اخلدمات لهم، واقرتاح

ت�صيري يف املوظفني اإ�صهامات وت�صجيع املنطقة، ملواطني العام النفع اأعمال من عمل اأي

معامالت املواطنني واأعمال التنمية. اأما يف جمال�صه اخلا�صة ورحالته، فكان ب�صو�صا، متوا�صعا،

ذلك اأنه ي�صدق يكن البع�س مل اأن "حتى اإليهم وي�صتمع اجلميع مع يتحدث املع�رس، لطيف

امل�صوؤول الكبري وذلك الرجل املهاب".

ومن املواقف التي �صهدها الأ�صتاذ حممد بن علي بن زيد بنف�صه، ورواها لنا، ما يلي:

"عر�س عليه اأحد موظفي الإمارة )اأي اإمارة ع�صري( ق�صية ما، مقرتحا بع�س احللول، اإل اأن

اأبداه املوظف. فما كان ه باإجراء يخالف القرتاح الذي معاليه مل ياأخذ بتلك القرتاحات، ووج

من ذلك املوظف اإل اأن ذهب اإىل الأمري اإبراهيم، وكيل الإمارة الذي كان يقوم باأعمال الأمري،

وكان يف مكتبه عدد من الوجهاء يزورونه، واأخذ يجادله ويحاول اإقناعه ب�صواب اقرتاحه، فلم

يبد الأمري اأي اهتمام لالأمر، واأوعز اإىل املوظف بالن�رساف، وبعد خروج زواره، ا�صتدعاه وقال له

بلهجة هادئة ولكنها حازمة: لقد اأخطاأت يا هذا. تاأتي وجتادلني بح�صور اأعيان البلد ووجهائه؟،

لقد كان يح�صن بك اأن ت�صع راأيك مكتوبا وتر�صله، اأو تتفاهم معي باأ�صلوب مهذب يف وقت

اأقنعتك مبا اأو اأقنعتني واأخذت براأيك، النا�س، فاإما منا�صب، وعندما يكون مكتبي خاليا من

وجهت به. فاأرجو اأن ل يتكرر منك هذا اخلطاأ. وخرج املوظف را�صيا وهو يعتذر".

وروى الأ�صتاذ حممد بن علي بن زيد اأي�صا موقفا اآخر لالأمري حدث معه �صخ�صيا، حني كان

بها مذكرة اأعد ثم زيد معاملة در�صها الأ�صتاذ عر�صت على لإمارة ع�صري. فقد الأمري وكيال

لع على �رسح فيها الق�صية مقرتحا بع�س احللول. وكان اأحد طريف الق�صية يتابعها، ولعله اط

ما اقرتحه، فلم ير�صه ذلك، ف�صارع اإىل تقدمي �صكوى اإىل الأمري اإبراهيم، وزعم اأن يف اقرتاحه

حتيزا خل�صمه، فوعد الأمري اإبراهيم بدرا�صة املو�صوع. فلما و�صلت املعاملة اإىل الأمري اأحالها

الراأي فيها، فدر�صتها وقدمت نتيجة درا�صتها لالأمري، واإبداء ال�صت�صارية لدرا�صتها لالإدارة

103

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فــي ع�ســـري

فاطلع عليها وقارنها بدرا�صة الأ�صتاذ زيد. وملا تبني له اأن ادعاء امل�صتكي كان باطال، اأعاد

املعاملة اإىل الأ�صتاذ زيد ليعمل بالراأي الذي اأبداه و�صكر له اقرتاحاته، قائال له: "اأنا ل اأ�صك

يف امل�صوؤولني عادة حتى يثبت ما يوجب ال�صك. واقرتاحاتك كانت مبنية على الأمانة والجتهاد

ب�صغط تهتم اأن دون دائما الطريقة هذه على �رست اإذا حليفك النجاح و�صيكون ال�صحيح،

خارجي اأو �صكوى. فكانت ن�صيحة يقول الأ�صتاذ حممد بن علي بن زيد اإنها كانت ذات اأثر كبري

.فيه، واإنه عمل بها دائما")1(

باإمارة ع�صري، والإداريــة املالية ال�صوؤون العواد، مدير عام الـله الأ�صتاذ �صالح عبد قال

الذي عمل مع الأمري اإبراهيم عندما كان وكيال لإمارة ع�صري:

ي�صاعد ق�صوة، وبغري بالعدل، املقرون باحلزم يت�صف الـله رحمه "كان

املحتاجني دون معرفة ول و�صاطة، ويف �صمت، وهدوء.

كان لطيفا يف جل�صاته اخلا�صة، يتميز بقوة الذاكرة، دائم الهتمام بالآخرين

وباأحوالهم. اأما يف العمل فكان ودودا ي�صتمع لل�صغري والكبري، والغني والفقري،

.ويحر�س على و�صل احلق لأ�صحابه")2(

وقد حدثنا الأ�صتاذ �صالح بن فرحان بن عبد الـله اآل �صعدان، الذي تقاعد عن العمل �صنة

مديرا عمل قد وكان ع�صري، باإمارة الأمنية ال�صوؤون مدير وظيفة من 1983م – 1403هـــ

ي والربقيات طوال الفرتة التي عمل فيها الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم للمكتب ال�رس

يف اإمارة ع�صري. قال:

"كان معاليه خالل عمله املحرك الأ�صا�صي يف الإمارة وال�صاعد الأمين ل�صمو

الأمري، حيث اأن الأمري خالد قد جاء اإىل منطقة ع�صري فوجد الأمور والأعمال غاية

ل اإبراهيم ابن جميء قبل ع�صري اإمــارة موظفي عدد كان اأن بعد التنظيم يف

)1( مقابلة خا�صة مع الأ�صتاذ حممد بن علي بن زيد وكيل اإمارة ع�صري.

اأبريل 1406/8/1هـ )11 ني�صان / ،7235 "عكاظ" العدد العواد يف ت�رسيح جلريدة الـله )2( �صالح عبد

1986م(.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

104

فــي ع�ســـري

يتجاوز اخلم�صة ع�رس موظفا مبا فيهم الأمري. فجاء ابن اإبراهيم ومعه العديد من

املوظفني الأكفاء من ذوي اخلربة، فتو�صعت الإمارة وتطورت... اإلخ.

كان حينما وثيقة روابط العزيز عبد بن اإبراهيم بالأمري ربطتها التي ال�صخ�صيات ومن

وكيال لإمارة ع�صري ف�صيلة ال�صيخ اإبراهيم الرا�صد احلديثي، الذي كان رئي�صا للمحاكم مبنطقة

ع�صري، و�صبق له اأي�صا اأن عمل مع الأمري اإبراهيم رئي�صا ملحاكم القنفذة مدة خم�س �صنوات.

وقد طلبت اإىل ف�صيلته اأن يحدثني عن عالقته بالأمري اإبراهيم بن عبد العزيز، فتف�صل

ببع�س املعلومات القيمة، ومبا عرفه عن الأمري الذي رافقه ملدة تقارب اخلم�س �صنوات عندما

كان اأمريا للقنفذة، وذلك من �صنة 1373هـ – 1954م اإىل مطلع �صنة 1378هـ – 1958م، ثم

رافقه يف مدينة اأبها من منت�صف �صنة 1390هـ – 1970م اإىل اأوائل �صنة 1398هـ 1978م،

وقد ربطته بالأمري اإبراهيم �صداقة حميمة، ومعرفة امتدت طيلة هذه ال�صنوات.

قال ال�صيخ اإبراهيم الرا�صد احلديثي:

كان الأمري اإبراهيم رجال م�صتقيما جادا وعادل يف اإمارته، مهيبا يحرتمه الكبري

وال�صغري، عطوفا، حمبا للخري، وكان رحمه الـله يجل طلبة العلم ويحرتمهم، كرميا

يتحلى مبكارم الأخالق وال�صجايا، وكان قدوة يف عمله وتعامله، ومثال يحتذى يف

التوا�صع، بالغ الهتمام بذوي احلاجات وبرعايتهم، و�صد اأزر املحتاجني، مع لني

والتقوى لل�صالح الإخاء. وكان �صهما كرميا، ومثال اجلانب، رحب اخلري وعمق

حكيم، وراأي نافذة، ب�صرية ذا ووطنه، ومليكه دينه خدمة يف الواجب واأداء

لأ�صدقائه وفيا التاأمل وكثري العتبار دائم والنا�س. باحلياة طويلة وجتربة

وحمبيه، كثري الو�صل والرب ملن عرفه، حفيا بع�صريته الأقربني وملن يق�صده

من النا�س.

105

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فــي ع�ســـري

ومع كل هذه الطيبة واللطف، كان رحمه الـله حازما يف تنفيذ الأحكام ال�رسعية، مهيبا عند

اخل�صوم")1(

ومما يذكره ال�صيخ اإبراهيم الرا�صد احلديثي عن عالقته بالأمري اإبراهيم حينما كان قا�صيا

اأنه "كان عونا لنا، بعد الـله �صبحانه وتعاىل"، يف حل كثري من امل�صكالت والق�صايا املعقدة،

كق�صايا القتل واحلقوق واملنازعات على الأرا�صي، �صواء يف احلجاز، اأو القنفذة اأو يف ع�صري.

وكان رحمه الـله حمبا لإ�صالح ذات البني بني املتخا�صمني، وكان ي�صجع الق�صاة على ذلك،

ولكنه كان يف الوقت نف�صه حري�صا على تنفيذ اأحكام الق�صاء بقوة وحزم. وقد اأ�صاد ال�صيخ

اإبراهيم الرا�صد احلديثي، اأكرث من مرة خالل مقابلته، مب�صاهمة الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز يف

تطوير منطقة ع�صري، وكذلك املناطق الأخرى التي عمل بها.

هذا بع�س ما رواه ال�صيخ اإبراهيم الرا�صد احلديثي، وكان ممن ات�صل بالأمري اإبراهيم بن

عبد العزيز، جنله ال�صيخ حممد اإبراهيم الرا�صد احلديثي، الذي كان قا�صيا يف القنفذة، خالل

اإىل عالقة العمل اإمارة الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز عليها. وقد ذكر اأن عالقته به تعود اأول

اإبراهيم بوالده بني املحكمة والإمارة، وكذلك اإىل الزمالة وال�صداقة التي كانت تربط الأمري

ال�صيخ اإبراهيم احلديثي.

اإبراهيم بن عبد العزيز كان كبري الهتمام باأمور اأن الأمري ويروي ال�صيخ حممد احلديثي

املتخا�صمني واملراجعني، واأنه كثريا ما كان يناق�س والده ب�صورة �صبه يومية تقريبا، ملعرفة

ال�رسعية العلوم يف خا�صة وا�صعة، دينية ثقافة ذا كان الـله رحمه اإنه وقال الق�صايا. �صري

م�صابهة، ق�صية بعدها واأتــت ما، ق�صية يف معينا حكما والــده اأ�صدر اإذا فكان والفقهية.

فاأ�صدر فيها حكما خمتلفا، ناق�صه الأمري اإبراهيم يف احلكم وا�صتف�رس عن �صبب الختالف بني

احلكمني ال�صادرين يف ق�صيتني متماثلتني. واأنه كان مع والده ي�رسحان له مالب�صات كل ق�صية،

فيناق�صها الأمري اإبراهيم ويلح يف معرفة مربرات الختالف يف الأحكام.

)1( مقابلة خا�صة يف ع�صري مع ال�صيخ اإبراهيم الرا�صد احلديثي.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

106

فــي ع�ســـري

بطريقة القبائل بني الأرا�صي منازعات ق�صايا اإنهاء على حري�صا اإبراهيم الأمري وكان

�صليمة، وق�صايا الأرا�صي تعد من الق�صايا املزمنة التي حتدث بني القبائل ب�صورة م�صتمرة...

وكان الأمري اإبراهيم يقوم بت�صكيل جلان من اخلرباء والق�صاة للنظر يف تلك الق�صايا وحماولة

حلها بالطرق ال�صليمة اأو بحل عادل ير�صي الطرفني.

وذكر لنا ال�صيخ حممد بن اإبراهيم الرا�صد احلديثي مثال على ذلك ما حدث بني قبيلتني

الأر�س يف اآبــارا حفر قد القبيلتني اإحدى اأفراد بع�س وكان الأرا�صي، حول اأبها يف تنازعتا

املتنازع عليها، مما اأغ�صب اأفراد القبيلة الأخرى، فا�صتدت اخل�صومة واأو�صك اخلالف اأن يتحول

اإىل قتال م�صلح بني الطرفني. ولكن الأمري اإبراهيم قام على الفور باإر�صال عدد من "اخلويا"

ورجال ال�رسطة للحفاظ على املوقع، وكف القبيلتني عن النزاع حتى انتهاء املو�صوع، وعر�صه

على املحاكم لإ�صدار حكمها مبا تقت�صيه ال�رسيعة الإ�صالمية. وبذلك حقن الأمري اإبراهيم دماء

كثرية كانت على و�صك اأن تراق.

من الرباهيم اإبراهيم الأمري ومتكن الدماء، اإراقــة اإىل توؤدي كادت التي احلــوادث ومن

ت�صويتها واحلد منها، ما رواه لنا ال�صيخ عبد الـله بن حممد ال�صبانة، من اأ�صدقاء الأمري اإبراهيم

املقربني، ومن الذين رافقوه يف ع�صري يف مواقف عديدة اأظهر فيها ابن اإبراهيم قوة �صخ�صيته

وحكمته يف معاجلة امل�صاكل، منها حادثة وقعت لقبيلة ربيعة ورفيدة.

كان الأمري اإبراهيم يف القرعة، ي�صتعد لل�صفر اإىل الريا�س بالطائرة، حينما جاءه نباأ مقتل

اأفراد اأحد يد على العو�س، عبد بني قبائل �صيخ الع�صكري اأحمد وهو املنطقة، �صيوخ اأحد

قبيلة ربيع ورفيدة. قال الأمري: "اأواه، اإن القتال �صين�صب ما مل نتدارك الأمر". فعدل عن ال�صفر

وا�صتقل �صيارته حال، وذهب اإىل مقر الإمارة. وهناك كانت ال�رسطة جمتمعة، والأهايل يف هياج

عظيم، وهم يقولون: مل يقتله اإل فالن. وفالن الذي ذكروا ا�صمه �صخ�س من "املتاحمة"، �صيوخ

ربيعة ورفيدة. وجاء اأحد اأبناء القتيل وهو ي�رسخ: "�صيخ بدل �صيخ"، يريد بذلك اأنه �صيذبح عبد

الوهاب املتحمي، �صيخ ربيع ورفيدة، اأخذا بثاأر اأبيه.

107

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فــي ع�ســـري

الـله واذهب واذبحه. واإن "اإن كانت اليد لك، فتوكل على اإبراهيم قال: فلما و�صل ابن

كانت اليد للدولة، فاجل�س يف مكانك واترك لنا معاجلة الأمر".

على وال�صيطرة الو�صع معاجلة على وجــراأتــه �صخ�صيته بقوة اإبراهيم الأمــري ومتكن

.)1(

املوقف

كان اهتمام الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم ب�صوؤون الفقراء واملحتاجني واملظلومني

يعود اإىل اأول عهده بالإدارة، اإذ كان منذ توليه الإمارة للمرة الأوىل يف القنفذة كبري الهتمام

بحالة اأولئك النا�س، وكان يوؤرقه اأن يعلم اأن هناك من يرقد يف ال�صجن مظلوما اأومتهما، ومل

يبت يف اأمره.

حدثني جنله ال�صيخ خالد اإبراهيم الرباهيم اأن اأحد اأ�صدقاء والده قال له يوما:

"ملاذا تق�صي كل هذا الوقت يف العمل، وملاذا ل ترفه عن نف�صك قليال؟" فاأجابه:

"وكيف اأترك �صخ�صا يف ال�صجن ينتظر انتهاء معاملته، وم�صريه متوقف على قرار اأتخذه،

كيف اأ�صتطيع اأن اأرفه عن نف�صي والرجل يف ال�صجن؟".

وبدافع من هذا ال�صعور، اأ�صدر الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز بتاريخ 3 ربيع الثاين 1393هـ

)6 اآيار / مايو 1973م( التعميم التايل اإىل �صعب اإمارة منطقة ع�صري، وفيه يوؤكد وجوب اإجناز

معامالت ال�صجناء باأ�رسع ما ميكن، كما يوؤكد اأن اأي موظف يت�صبب يف تاأخري معاملة �صجني اأكرث

من الوقت املحدد �صيتخذ بحقه العقاب الرادع. وهو تعميم يدل على مدى حر�صه على م�صالح

املواطنني واهتمامه باأمرهم.

)1( مقابلة مع ال�صيخ عبد الـله بن حممد ال�صبانة يف الريا�س بتاريخ 11 ني�صان / اأبريل 1997م.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

108

فــي ع�ســـري

التاريخ 93/4/3هـ

تعميم جلميع �سعب الإمارة

املكرم/ مدير ال�صعبة اجلنائية

دناكم بوجوب كثريا ما لحظنا تاأخر معامالت ال�صجناء اأكرث من الالزم، وكثريا اأي�صا ما عم

الذين ال�صجناء وخا�صة ال�صجناء، معامالت لأن ونظرا املعامالت... من غريها قبل اإنهائها

اأو�صكت حمكومياتهم على النتهاء... اأو ال�صجناء من اأرباب اجلنح الب�صيطة والذين مل يحكموا

بعد يف انتظار انتهاء الإجراءات على معامالتهم، وتظل تدور تبعا للروتني اأو نتيجة الالمبالة

باأهميتها، فاإذا انتهت تلك الإجراءات واإذا بهم قد مكثوا مدة اأكرث مما �صيحكم به عليهم... لذا

دكم باإتباع الآتي: واحلالة هذه نعم

اأول: عند ورود معاملة اأي �صجني ملكتب الوارد العام، عليه قيدها يف احلال ثم اإحالتها

اأن يبني بال�صاعة والدقيقة الوقت الذي وردت وقيدت فيه، والوقت لل�صعبة املخت�صة بعد

�صلمت فيه لل�صعبة.الذي

ا�صتالمه ودقيقة �صاعة تبيان املخت�س للموظف اإحالتها عند ال�صعبة مدير على ثانيا:

جانبا الروتيني العمل يرتك احلالة هذه ويف نف�صه. هو عليه الــالزم باتخاذ يقم مل اإن لها

ما واحدة �صاعة اأكرث من املحرر لدى ال�صجني تبقى معاملة ل اأن وينهي مو�صوعها، �رسيطة

اأن ينتهي الأمر درا�صتها درا�صة م�صتفي�صة، فهذه تدر�س على عدا املعامالت التي يتطلب

مو�صوعها بنف�س اليوم الذي وردت فيه.

اخ حالة ورود معامالت ال�صجناء اإليهم اأن يقوموا بن�صخها قبل غريها على ثالثا: على الن�ص

اأن ل متكث معاملة ال�صجني لدى النا�صخ اأكرث من �صاعة واحدة. وعلى ال�صعبة اإي�صاح الوقت

بال�صاعة والدقيقة الذي ت�صلم فيه املعاملة للن�صخ... هذا وليكن معلوما لدى اجلميع باأن اأي

موظف يت�صبب يف تاأخري معاملة �صجني اأكرث من الوقت املحدد اآنفا، �صوف يتخذ بحقه العقاب

ق�صايا لتعقيب هذا اأمرنا من ب�صورة )املعقبون( ال�صتعالمات موظفو زود وقد الــرادع،

109

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فــي ع�ســـري

ال�صجناء يف �صعب الإمارة مبا فيها ق�صم الن�صخ، وعليهم اإ�صعار مدير مكتبنا عن اأي معاملة من

هذا النوع يت�صبب اأحد املوظفني يف تاأخريها للعر�س لنا عنه، لتخاذ ما نراه منا�صبا يف حقه...

ولذا حرر.

وكيل اإمارة منطقة ع�سري

اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم

�صورة من الأ�صل ملكتبنا

= = ل�صعادة املدير العام – لالإحاطة.

= = لالأر�صيف.

111

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فــي ع�ســـري

امتالأت بحياته، اأودى الذي الأليم باحلادث اإبراهيم الأمــري واأ�صدقاء اأ�ــرسة فجعت وملا

ال�صحف ال�صعودية باملقالت التي كتبت يف رثائه، وكان بينها مقالة بقلم ال�رسيف خالد ح�صني

اآل زيد، الذي عرفه عندما كان وكيال لإمارة ع�صري، وكان الكاتب منتدبا من قبل وزارة املالية

�صمن جلنة كلفت مبهمة يف مدينة اأبها، قال فيها:

كان بيته هو املدينة واملدينة بيته... جل اأوقاتنا يف بيته العامر ننعم بكرم

�صيافة وقلب كبري... يخجلك بتوا�صع العامل، وي�صعدك بحديث املثقف. اأجمل

�صمائله بجميل نلتحف القار�س اأبها �صتاء يف معيته يف نكون عندما اأوقاتنا

اأبها بني احلقول والأودية اجلميلة يحفنا اأو يف خارج الهام�س، العذب وحديثه

ياأ�رس �صماعه ل متل حلديثه، املع�رس، حلو كان الفيا�س. وكرمه اأريحيته �صذى

�صامعيه يف هيبة ووقار وعمق م�صاعر.

من حقه حق ذي كل يعطي جال�صيه، م�صاعر على يحافظ الـله رحمه كان

التقدير والحرتام... لل�صغري قبل الكبري، يف توا�صع وحمبة جعلت جمل�صه حمجة

.القوم ومزارهم")1(

)1( ال�رسيف خالد ح�صني اآل زيد، مقالة بعنوان: األ رحمك الـله يا اأبا عبد العزيز، جريدة "اجلزيرة"، العدد 4996،

25 رم�صان 1406هـ )5 اآيار / مايو 1986م(، انظر الن�س الكامل للمقالة يف امللحق.

الف�صل ال�صابع

رحلــة حــول العالـم

115

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم رحلــة حــول العالـم

رحلــة حــول العالـم

كان اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم �صخ�صية متعددة اجلوانب، وا�صعة الثقافة والإطالع،

اأو النظامية درا�صته اأن والواقع وحدها. الدرا�صية املرحلة مكت�صبات من ثقافته تكن ومل

املدر�صية كانت متقطعة ورمبا م�صو�صة وحمدودة، ب�صبب تنقله مع والده يف الإمارات املختلفة

التي تولها من جهة، واقت�صار درا�صته يف معظمها على ما تعلمه يف "مدر�صة العلوم ال�رسعية"

يف املدينة املنورة. وعلى الرغم من اأن الدرا�صة يف تلك املدر�صة كانت جدية واأ�صيلة، فاإنها

كانت اأ�صبه بدرا�صة اخت�صا�صية مقت�رسة على العلوم القدمية، ومل يكن فيها �صيء من العلوم

احلديثة والثقافة الع�رسية.

ولكن ثقافة الأمري اإبراهيم احلقيقية ح�صل عليها بجهده ال�صخ�صي، ومطالعاته اخلا�صة،

الأدب كتب يف وخا�صة باملطالعة، مولعا التعليم �صن بلوغه منذ كان فقد للقراءة. وحبه

والتاريخ.

ومما عزز ثقافته اأي�صا ورفدها، جتاربه ال�صخ�صية يف احلياة، وما �صهده من اأحداث خالل

مرافقته لوالده يف خمتلف مراحل حياته ومراكز عمله. ثم جاءت اأ�صفاره الكثرية خارج اململكة،

وم�صاهداته ومالحظاته خاللها. والأ�صفار تعد دائما م�صدرا من اأهم م�صادر الثقافة العامة، ومن

و�صائل الإطالع واملعرفة. وكان الأمري اإبراهيم يدرك ذلك كل الإدراك، وقد قال مرة، يف معر�س

حديث له مع مرا�صل جريدة "اجلزيرة"، اإنه يحب ال�صفر اإىل اخلارج، والتجول يف العامل الوا�صع،

.)1(

ويعتقد اأن ال�صياحة جزء مهم من الإطالع العام

كانت �صفرته الأوىل اإىل م�رس �صنة 1365هـ – 1946م مرافقا لوالده الأمري عبد العزيز

الرباهيم حني ا�صتد املر�س عليه، فق�صدها للتداوي.

)1( جريدة "اجلزيرة"، 1406/8/8هـ - 1986/2/18م.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

116

رحلــة حــول العالـم

وقد انتهز الأمري اإبراهيم فر�صة وجوده يف م�رس، فات�صل بالأو�صاط الأدبية فيها، وتعرف

على عدد من رجالت م�رس واأدبائها، وكان منهم الدكتور حممد ح�صني هيكل، الذي احتفى به

اإىل اململكة اإبراهيم الرباهيم خالل زيارته الأمري اإبراهيم وكذلك جنله العزيز بن الأمري عبد

العربية ال�صعودية.

ويف �صنة 1375هـ – 1956م �صافر مع عائلته اإىل لبنان للتداوي، وكان اأمريا للقنفذة،

فق�صى فيه عدة اأ�صهر. وكان لبنان يف ذلك الوقت، كما هو اليوم، مركزا من اأهم مراكز الثقافة

واحل�صارة يف الوطن العربي.

�صنة بداأها التي تلك كانت اإبراهيم الأمــري بها قام التي الكربى الرحلة اأن على

1392هـ – 1972م، وكانت اأطول رحالته، واأو�صعها نطاقا، رحلة حول العامل بداأها يف

ا متوا�صال زار خالله معظم اأقطار اآ�صيا جدة وعاد اإليها بعد حوايل ثالثة اأ�صهر، كانت �صفر

واأمريكا واأوروبا التي مل ي�صاهدها قبال، وكان على الدوام ي�صعر برغبة كبرية يف زيارتها.

ومل تكن هذه الرحلة مبهمة ر�صمية، اأو اإيفاد حكومي، ول هي بق�صد التجارة اأو ما �صابه

ذلك من اأغرا�س ال�صياحة يف هذه الأيام ويف اأغلب احلالت، بل كان هدفها م�صاهدة اأقطار العامل

املختلفة، والإطالع على اأحوال البالد الأخرى وجمتمعاتها وثقافاتها.

واختار الأمري اإبراهيم يف هذه الرحلة رفيقا له هو �صهره الأ�صتاذ عبد الـله اإبراهيم احلديثي،

اإبراهيم ال�صيخ والده، ال�صعودية، وكان العربية اململكة الأعمال يف رجال كبار الذي هو من

الرا�صد احلديثي رئي�س حماكم منطقة ع�صري )�صابقا( ورئي�س حمكمة القنفذة، من اأوثق النا�س

�صلة به، كما اأنه يعد من اأكرثهم معرفة باأخباره.

ويقال اإن جوهر اأخالق املرء، وما خفي من طويته، يظهران على حقيقتهما اأكرث ما يظهران يف

حالت معينة، منها قيام خ�صومة �صديدة معه، اأو ب�صبب خالف مايل، ومنها اأي�صا الرفقة يف ال�صفر.

وقد يعا�رس املرء �صخ�صا ل�صنوات عديدة، ويظن اأنه يعرف اأخالقه وطبائعه، ثم ي�صافر معه يف رحلة،

واإذا به يكت�صف يف اأيام قالئل خالل رفقة ال�صفر ما مل يعرفه خالل �صنوات طويلة من العالقة معه.

117

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم رحلــة حــول العالـم

الـله احلديثي بتفا�صيل وافية وطريفة عن هذه الأ�صتاذ عبد وقد تف�صل علينا �صعادة

ال�صفرة املمتعة، وذكرياته عنها، وكذلك ذكرياته عن الأمري اإبراهيم والنطباعات التي تكونت

لديه عن �صخ�صيته خالل هذه الرحلة الطويلة التي ا�صتغرقت زهاء ثالثة اأ�صهر.

الأ�صتاذ يرافقه بالطائرة، لبنان اإىل جدة من الطويلة رحلته يف اإبراهيم الأمــري انطلق

اإىل الكويت، ومنها اإىل اأي�صا، اأيام يف ربوعه، �صافرا، بالطائرة احلديثي، وبعد ق�صاء ب�صعة

بغداد. ومن بغداد �صافرا بال�صيارة اإىل الب�رسة، مرورا بالنجف وكربالء.

واجتمع الأمري اإبراهيم خالل �صفرته بكثري من الوجهاء وعلماء الدين، وزار كثريا من املواقع

الأثرية يف العراق. وكان يرافقه خاللها مرافق من ال�صفارة ال�صعودية يف بغداد كلفه ال�صفري

بهذه املهمة. وملا و�صال الب�رسة ا�صتقبلهما القن�صل العام ال�صعودي اأي�صا.

ومن الب�رسة رجع رفيقا ال�صفر اإىل الكويت، ثم انتقال اإىل عبادان، و�صافرا منها اإىل طهران،

اأفغان�صتان. ويف طهران اإىل ال�صفر اإيران وبحر قزوين، وكانا يعتزمان موا�صلة اإىل �صمال ثم

لقيا يف الفندق الذي كانا يقيمان فيه، وهو فندق "�صرياتون"، ال�صيخ حممد احلمد ال�صبيلي "اأبو

�صليمان"، الذي تربطه بالأمري اإبراهيم عالقة قدمية ووطيدة. وكان اأبو �صليمان يف طريقه اإىل

كابل ليت�صلم من�صبه �صفريا للمملكة العربية ال�صعودية يف اأفغان�صتان. فاألح عليهما اأن يذهبا

�صويا اإىل كابل ويبقيا فيها بع�س الوقت. فوافقا نزول على اإحلاحه و�صافرا اإىل كابل معا.

مثل وقد املرموقني، ال�صعوديني الدبلوما�صيني من ال�صبيلي احلمد ال�صيخ حممد كان

بالده يف باك�صتان والهند والعراق واأفغان�صتان وماليزيا، وكان معروفا بلطفه وكرمه احلامتي

والأ�صتاذ اإبراهيم الأمري بقي وقد .)1(

واإكرامهم اأ�صدقائه ل�صيافة وحبه اأحيانا، فيه املبالغ

احلديثي يف كابل، وتفقدا معاملها واطلعا على اأحوالها وزارا بع�س �صواحيها.

وهو – ال�صبيلي ال�صالح الرحمن عبد الدكتور ه اأعد ال�صبيلي، احلمد حممد ال�صيخ عن �صامال كتابا )1(انظر

من اأقربائه الأوفياء – ت�صمن �صريته، وجمع فيه كل ما تي�رس له من معلومات عن حياته وعمله، وما كتب عنه

من مقالت الرثاء والتقدير بعد وفاته، وكتب مقدمته �صمو الأمري �صعود الفي�صل، وزير اخلارجية )الريا�س،

1414هـ - 1994م(.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

118

رحلــة حــول العالـم

مقابلة على يتلهفون الأفغانيني وجدا اأنهما احلديثي الـله عبد الأ�صتاذ يوؤكده ومما

ال�صعوديني ويت�صوقون اإىل احل�صول على ال�صحف واملجالت ال�صعودية القدمية واحلديثة، اإذ

تتداولها الأيدي هناك ب�صكل عجيب.

وكان الأمري اإبراهيم يهوى الرحالت الربية، ويف�صلها على ال�صفر بالطائرات اأو البواخر،

ويحب الإطالع على اأحوال امل�صلمني، وزيارة امل�صاجد ودور العلم يف البالد التي يزورها اأو مير

بها خالل �صفرته.

وبعد نحو ع�رسة اأيام جميلة يف كابل، �صافر مع رفيق رحلته الأ�صتاذ عبد الـله احلديثي من

كابل اإىل ب�صاور. ورمبا كانا بذلك من اأوائل ال�صعوديني اأو العرب الذين قطعوا امل�صافة من

كابل اإىل ب�صاور بال�صيارة. وقد اأقدما على قطعها رغم ما كان يكتنف هذه ال�صفرة من املخاطر؛

فمن املعروف اأن منطقة "ممر خيرب" امل�صهور ل ت�صيطر عليها �صلطات الأمن التابعة لأي من

اع الطرق وتتكرر احلكومتني الأفغانية والباك�صتانية، ولذلك تكرث فيها امل�صاكل، وين�صط قط

احلوادث.

وكان مع الرجلني خالل هذه املرحلة من ال�صفر مرافق �صعودي هو الأ�صتاذ حممد احلبابي،

من كبار موظفي ال�صفارة ال�صعودية يف كابل، وكان يقول لهما مداعبا بق�صد تخويفهما – مع

�صيء من اجلدية –: "اإن اأهل خيرب ل يعرفون العمالت الورقية، ول يعرتفون بها، واإذا األقوا

القب�س علينا واحتجزونا فيجب اأن نفتدي اأنف�صنا بالذهب، ولذلك فالأوىل اأن نحمل معنا بع�س

العملة الذهبية لهذا الغر�س...".

ولكن ال�صفرة مرت ب�صالم وبدون اأية م�صاكل، وقد اأخذ الأمري اإبراهيم ورفيقه ال�صيارات

اأحد على يقوم الذي تربيال" "�صد موقع اإىل وذهبا فيها، ليلتهما ق�صيا التي ب�صاور، من

تقع بني بلدة �صغرية وتربيال اآ�صيا. يف ال�صدود اأكرب من وهو باك�صتان، الكبرية يف الأنهار

الباك�صتانية. الأفغانية احلدود من بدورها القريبة ب�صاور من القريبتني ومردان اآباد اآبوت

راغبا والزراعة، بالتنمية لها عالقة التي الأمور على تفقد هذه اإبراهيم حري�صا الأمري وكان

119

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم رحلــة حــول العالـم

التنموية يف الدول التي ت�صابه ظروفها ما هو موجود يف اململكة يف الإطالع على امل�رسوعات

العربية ال�صعودية.

وبعد ب�صعة اأيام ق�صاها يف الزيارة والتجوال يف اأنحائها من كرات�صي اإىل لهور – وحدود

ك�صمري، �صافر اإىل منطقة اجلبال التي كان يحكمها املهراجات يف ال�صابق. وهي مناطق جبلية

يبلغ ارتفاعها ثالثة اآلف مرت، وفيها ق�صور وفنادق واأنهار جارية، منها منطقة ا�صمها البحرين.

القيام بها مغامرة كبرية ولكنها اأي�صا، وكان الرهيبة وكانت تلك املرحلة م�صوبة باملخاطر

انتهت ب�صالم.

ومن باك�صتان انتقال اإىل الهند، وزارا مدينة بومبي واملناطق املهمة الأخرى مثل العا�صمة

دلهي وتاج حمل، وغريهما من الأماكن التي يحر�س كل زائر للهند على م�صاهدتها.

ا �صعوديا هو ال�صيخ حممد العلي العبد الـله الب�صام، الذي كان رجل ويف بومبي لقيا تاجر

اأعمال كبريا ومعروفا يقيم يف الهند منذ مدة طويلة، و�صخ�صية معروفة هناك.

والعالقات بني اململكة العربية ال�صعودية والهند قدمية جدا، وقد نزح بع�س اأفراد عائلة

الب�صام اإىل بومبي يف الهند من مدينة عنيزة يف حدود �صنة 1880م، وا�صتغلوا بالتجارة بني

اأفراد منهم يقيمون يف الهند وميار�صون الهند واململكة العربية ال�صعودية، وما زال هنالك

التجارة. ويف بومبي �صارع با�صم )الب�صام(، وهو ال�صارع الذي كان يقيم فيه ال�صيخ حممد العلي

الب�صام، الذي انتقل اإىل رحمة الـله قبل �صنوات.

يف وكانت تايالند، اإىل احلديثي والأ�صتاذ اإبراهيم الأمري اجته الهند، اإىل الزيارة وبعد

تايالند �صفارة �صعودية، فرحبت بالزائرين، واحتفت بقدومهما. ويف تايالند زار الأمري اإبراهيم

معاملها وات�صل مب�صلميها وزار م�صاجدها.

كان الأمري اإبراهيم ن�صيطا يف ال�صفر ل يعرف للراحة معنى، فال يكاد ي�صل اإىل بلد اإل وي�رسع

يف التجول والإطالع على معامله، دون اإ�صافة وقت كثري للراحة. وقد قام يف تايالند برحالت

مكوكية اإىل �صتى اأرجائها.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

120

رحلــة حــول العالـم

يروي ال�صيد علي عي�صى، الداعية امل�صلم وامل�رسف على دار الرابطة الإ�صالمية بتايالند، اأن

ا اأيام متنقال وزائر اإىل تايالند، ق�صى يف بانكوك و�صواحيها عدة اإبراهيم خالل زيارته الأمري

للم�صاجد واملوؤ�ص�صات الإ�صالمية فيها. ويف اأثناء ماأدبة الغداء التي اأقامها ال�صيد علي عي�صى

احلقل يف العاملني من املنطقة اأبناء من ومعظمهم احل�صور، ده�صة مثار كان له، تكرميا

الإ�صالمي بتايالند، اإذ ت�صاءلوا كيف تبتعد �صخ�صية مرموقة ويف منزلته عن الأ�صواء، يف حني

اإ�صارته، وكيف يجل�س يف هذا املنزل املتوا�صع ويف هذا اجلمع ال�صفارة رهن اأن جميع رجال

اأمور الدعوة، عارفا وعامال وموجها ومر�صدا. وكان ويت�رسف وكاأنه واحد منهم، يناق�س معهم

بني اجلمع رجل اعتنق الإ�صالم حديثا، وبعد اأن قدمه ال�صيد علي عي�صى لالأمري اإبراهيم نفحه

.)1(

قبل مغادرته مبلغا من املال

اإىل �صنغافورة فبقيا اإىل �صنغافورة فماليزيا، وعادا اأيام يف تايالند، �صافرا وبعد خم�صة

فيها ب�صعة اأيام، �صافرا بعدها اإىل اأندوني�صيا فزارا معظم معاملها وجزرها املهمة، مبا فيها

جزيرة بايل ال�صهرية.

وخرجا من اإندوني�صيا اإىل هونغ كونغ، وبعد مدة ق�صرية فيها، �صافرا اإىل تايوان ثم اإىل

اليابان وق�صيا فيها ب�صعة اأيام اطلعا خاللها على كثري من مظاهر نه�صتها ال�صناعية، منها

زيارتهما اإىل م�صانع "تويوتا" لل�صيارات، ثم ا�صتقال القطار ال�رسيع "تايكوديا لين" )الر�صا�صة(

اإىل �صمال اليابان، حيث زارا مدينة اأو�صاكا. ثم غادرا اليابان اإىل جزر هاواي، فق�صيا يف ربوعها

فرتة ق�صرية وزارا معظم جزرها الرئي�صة، طارا بعدها اإىل الوليات املتحدة.

دخل الأمري اإبراهيم والأ�صتاذ عبد الـله اإبراهيم احلديثي الوليات املتحدة يف مدينة �صياتل

على �صاحل املحيط الهادي بولية وا�صنطن. وكان ال�صيخ عبد العزيز وال�صيخ خالد، جنال الأمري

)القريبة من العزيز يدر�س يف تاكوما ال�صيخ عبد اإذ كان اأمريكا، اإبراهيم، يدر�صان يف غرب

19 �صوال 910 ال�صادر يف "اليمامة"، العدد )1( علي عي�صى، مقالة بعنوان: "ابن اإبراهيم كما عرفته"، جملة

1406هـ )27 حزيران / يونيو 1986م(، )انظر ن�س املقالة كامال يف امللحق(.

121

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم رحلــة حــول العالـم

اإبراهيم الأمري زار وقد .)1(

يوجني مبدينة اأوريغون جامعة يف يدر�س خالد وال�صيخ �صياتل(

جنليه وتفقد اأحوالهما و�صري درا�صتهما، ثم وا�صل ال�صفر اإىل كندا، فق�صى فيها اأياما قالئل

عاد بعدها يرافقه الأ�صتاذ عبد الـله اإبراهيم احلديثي وجناله ال�صيخان عبد العزيز وخالد اإىل

الوليات املتحدة، وزاروا معظم مدنها الرئي�صة: لو�س اأجنلو�س، �صان فران�صي�صكو، �صيكاغو،

ديرتويت، ومدنا اأخرى، حتى و�صلوا اإىل وا�صنطن ونيويورك.

�صيارة من ا�صتقلوا جميعا اآخر يف ديرتويت، حيث وقد ح�صل لهم جميعا موقف طريف

املطار اإىل فندق "هيلتون" يف و�صط املدينة، وعلى بعد عدة اأميال يف الطريق اإىل مركز املدينة

وجدوا جتمعا كبريا يف اأحد املالعب الريا�صية، دخلوا اإىل هذا التجمع، فوجدوه عبارة عن اجتماع

لالأمريكيني ال�صود يف اإحدى املنا�صبات، وقد كان يف هذا الجتماع جمع غفري، وتركوا هذا التجمع

وذهبوا اإىل الفندق. وقد كانت مفاجاأة كبرية اأن يجدوا هذا الفندق ال�صخم مغلق الأبواب وخارجه

حرا�صة كبرية، وبعد اأن تاأكد احلرا�س اأن هناك حجزا با�صم الأمري اإبراهيم ومرافقيه، اأدخلوهم

اإىل الفندق، وحمل بع�س املديرين الليليني حقائبهم نظرا لعدم وجود موظفني بالفندق على

الإطالق يف تلك اللحظة، وعند ال�صتف�صار اأعلمهم املدير الليلي اأن هذا اليوم يوافق منا�صبة

جتمع لالأمريكيني من اأ�صل اأفريقي، واأنه عند انق�صاء اجتماعهم بعد قليل، قد تتعر�س املدينة

لأعمال ال�صلب والنهب والفو�صى. وعندما اأخربوه اأنهم جاءوا للتو من هذا الجتماع اأ�صقط يف

ا لإغالق مرافق الفندق ومعظم مطاعم املدينة ومرافقها يف يده واأوج�س يف نف�صه خيفة، ونظر

املركز الرئي�صي، فقد كانت تلك جتربة اأخرى لنوع احلياة يف الوليات املتحدة الأمريكية.

وبعد هذه اجلولة يف الوليات املتحدة، رجعا اإىل اأوروبا بالطائرة، فزارا بريطانيا وفرن�صا

واأ�صبانيا يف رحلة �صيقة عادا بعدها اإىل الريا�س عن طريق بريوت، بعد رحلة حول العامل امتدت

نحو ثمانني يوما، وكانت متعة للنف�س وترويحا عن متاعب العمل، واطالعا على ح�صارات العامل

اإىل امل�صوؤولني يف اأنه نقل العامل. ول �صك اأنحاء اأحوال امل�صلمني يف �صتى وثقافاته، وعلى

.University of Oregon، Eugene )1(

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

122

رحلــة حــول العالـم

بالده، بعد عودته، �صورة جيدة ووا�صحة عن اأحوالهم بغر�س دوام امل�صاعدة التي تقدم لهم

وتوجيهها الوجهة ال�صحيحة.

كانت الرحلة حقا م�صداقا لقول ال�صاعر:

ب عن الأوطان يف طلب العالتغر

و�سافر ففي الأ�سفار خم�س فوائد

معي�سة، واكت�ساب ، ــم ه تفرج

ماجد و�سحبة واآداب، ــم، وعــل

الف�صل الثامن

اأمـــريا للباحـــة

125

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم اأمـــريا للباحـــة

اأمـــريا للباحـــة

اآل العزيز عبد بن اإبراهيم الأمري تولها التي املنا�صب اآخر الباحة منطقة اإمــارة كانت

اأعمال اأجنزه خاللها، وما حفلت به خدمته فيها من اأهمها، من حيث ما اإبراهيم، ورمبا كانت

ومواقف جعلت اأهل الباحة يلهجون بذكره حتى اليوم.

لقد منح الأمري اإبراهيم منطقة الباحة واأهلها �صنوات عمره الأخرية، وخدمها بالعمل ال�صادق

الدوؤوب، والعطاء املتوا�صل، والعمل ليل نهار، حتى حقق لها الكثري مما متناه اأهلها، وما كانوا

يحلمون به من اإ�صالحات عمرانية واإدارية واجتماعية و�صحية، بعد اأن كانت عندما ت�صلم اإمارتها

�صنة 1398هـ – 1978م، عبارة عن جمموعة قرى مل حتظ بغري القليل من اأ�صباب احل�صارة،

فاأ�صبحت بعد ثماين �صنوات منطقة �صياحية تتوافر فيها جميع و�صائل الراحة من موا�صالت

جوية، وطرق برية، وماء وكهرباء، وفنادق و"موتيالت"، وحدائق غناء، حتى احتلت مدينة الباحة

ومنطقتها مكانة ممتازة بني مناطق اململكة.

ون�صاطه وما ح�صل عليه يف واأحبوه، وكر�س كل جهوده الباحة، اأهل اإبراهيم الأمري اأحب

منا�صبه ال�صابقة من خربة، للنهو�س بالباحة، وحقق فيها م�رسوعات ل ميكن ح�رسها. ففي عهده

رت، واأ�صيئت بالكهرباء، واأن�صئت بها امل�صت�صفيات، عبدت طرقها بعد اأن كانت مهملة، و�صج

قت فيها ال�صوارع واحلدائق والغابات. �صت البلديات، ون�ص �صوانتظمت الإدارة، واأ

– يف اجلهة اجلنوبية الغربية من اململكة العربية )1(– عا�صمة املنطقة تقع مدينة الباحة

ترتبط اأنها كما وع�صري، املكرمة مكة منطقتي بني العقد بوا�صطة اأ�صبه فهي ال�صعودية،

220 م�صافة الأوىل تبعد عن اأنها اإذ اجلنوب، ما يعرف بطريق واأبها عرب الطائف مبدينتي

كيلومرتا، وعن الثانية م�صافة 350 كيلومرتا.

)1( "الباحة لغة هي "املاء ومعظمه" و"ال�صاحة" و"النخل الكثري" و"فناء الدار"، و"باحة الطريق و�صطه"، وهي

جتمع على "بوح".

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

126

اأمـــريا للباحـــة

وتق�صم منطقة الباحة اإىل ق�صمني اأحدهما يقع على جبل ال�رساة، والثاين يف �صفح اجلبال

يف تهامة، والق�صم الغربي التهامي منها يطل على البحر الأحمر. وهي منطقة تتمتع بجمال

اذ، وطق�س معتدل �صيفا و�صتاء يف ال�رساة، دافئ يف قطاع تهامة، واأجواوؤها – وخا�صة يف اأخ

ال�رساة – ممطرة طوال العام.

وتقطن منطقة الباحة يف ق�صميها )ال�رساة وتهامة( قبائل غامد يف اجلنوب، وقبائل زهران

ي الق�صم الذي ت�صكنه قبائل غامد )بالد غامد(، والق�صم الذي ت�صكنه يف ال�صمال، ولذلك �صم

قبائل زهران )بالد زهران(. ومدينة الباحة – وهي عا�صمتها – تتو�صط الق�صمني.

الذي الدليل جاء يف غريبا. فمثال تفاوتا ب�صاأنها التقديرات تفاوتت م�صاحتها، فقد اأما

�صنة املنطقة يف اإىل العزيز بن عبد امللك فهد زيارة الباحة مبنا�صبة اإمارة منطقة اأ�صدرته

1405هـ – 1985م بعنوان "خطوات منطقة الباحة على طريق التقدم" – وهو من�صور ر�صمي

يف جاء بينما )�س19(، مربع" كيلومرت األف ع�رس اثني من "اأكرث تبلغ املنطقة م�صاحة اأن –

كتاب الباحة، تاأليف اأحمد بن �صالح ال�صياري، مدير العالقات العامة يف اإمارة الباحة، اأن "م�صاحة

املنطقة تباينت فيها الآراء فمنهم من حددها بحوايل 36 كيلومرتا مربعا، ومنهم من حددها بـــ

25.580 كيلومرتا مربعا".

وكذلك عدد �صكانها، فقد قدرهم علي حافظ يف �صنة 1405هـ – 1985م بثالثمائة األف

.، بينما جاء يف كتاب الباحة اأن "عددهم يقارب مليون ن�صمة")2(

)1(ن�صمة

الباحة يف التاريخ:

تعد الباحة من اأقدم املدن يف اجلزيرة العربية. ففي نهاية ال�صنة العا�رسة للهجرة، ذهب

وكـــان . من منطقة الباحة وفد من قبيلة الأزد، عرب طريق وعرة قا�صدا ر�صول الـله

)1( على حافظ، اأربعة اأيام يف منطقة الباحة.

)2( اأحمد بن �صالح ال�صياري، الباحة، جدة )بال تاريخ(.

127

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم اأمـــريا للباحـــة

الر�صول . ويف مكة، قابلوا )1(

الدو�صي الطفيل بن عمرو بقيادة الوفد موؤلفا من ثمانني رجال

الكرمي، واأ�صلموا على يده.

وتتابعت اأفواج الداخلني يف دين الـله من اأهل املنطقة. ويف نهاية ال�صنة العا�رسة للهجرة،

كانت اأجزاء كبرية من منطقة الباحة قد ا�صتنارت بالإ�صالم، ثم ت�صابقت قبائلها يف اجلهاد يف

�صبيل الـله مع ر�صوله، ف�صاركت يف غزوات عديدة منها غزوة خيرب، وغزوة ذات الرقاع، وغزوة

حنني، وفتح الطائف، وتبوك، ومكة.

مت اإىل وملا تاأ�ص�صت الدولة الإ�صالمية وات�صعت رقعتها على اأر�س اجلزيرة العربية، ق�ص

وحدات اإدارية �صميت املخاليف، وجعلت املنطقة املعروفة اليوم بالباحة، خمالفا من خماليف

الطائف، و�صميت خمالف �صنوءة، وعني حمي�صة بن النعمان ال�صنوئي اأمريا عليه.

اأهل �صنوءة قد ان�صموا اإىل املرتدين لياأمنوا بط�صهم، فلما و�صلت جيو�س وكان بع�س

امل�صلمني بقيادة جرير بن عبد الـله البجلي اإىل املنطقة لتاأديب املرتدين، كان �صمن اأفرادها

الأ�صود اأتباع املرتدين من اإليهم يف قتال الأهايل فان�صموا جمع من غامد وزهران، و�صارع

العن�صي، ودحرهم.

و�صاركت قبائل غامد وزهران يف الفتوحات الإ�صالمية يف عهد عمر بن اخلطاب ر�صي الـله

عنه. وا�صتمرت حياة �صكان املنطقة بوترية عادية عرب القرون التالية، و�صارت متاأثرة بالأحداث

التاريخية التي توالت على اجلزيرة العربية، وب�صفة خا�صة جهاد حممد بن �صعود الذي ظهر

يف عهده امل�صلح الديني الإمام حممد بن عبد الوهاب، فات�صعت احلركة الإ�صالحية، ومت توحيد

الإمارات املتفرقة، اإىل اأن تويف �صنة 1179هـ – 1765م، وخلفه ابنه عبد العزيز الذي ات�صعت

يف عهده حدود الدولة ال�صعودية الأوىل اإىل الريا�س والق�صيم وبريدة والأح�صاء.

)1( الطفيل بن عمرو بن طريف بن العا�س الدو�صي، الأزدي، �صحابي من الأ�رساف، يف اجلاهلية والإ�صالم. وكان

�صاعرا، غنيا، م�صيافا، مطاعا يف قومه. وكان "لدو�س" �صنم يقال له "ذو الكفني"، فلما اأ�صلموا بعث الر�صول

�صلى اهلل عليه و�صلم الطفيل بن عمرو فحرقه. ا�صت�صهد الطفيل يف اليمامة �صنة 11هـ )633م(.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

128

اأمـــريا للباحـــة

وهو الدرعية يف 1803م – 1218هـــ �صنة يف �صعود بن حممد بن العزيز عبد واغتيل

ي�صلي، فتوىل ابنه �صعود مقاليد احلكم، وهو امللقب بـــ "�صعود الكبري". وبايعه ال�صيخ حممد

ابن عبد الوهاب. وبعد وفاة �صعود الكبري، انتقل احلكم اإىل ابنه الأكرب عبد الـله، وا�صتمر يف

اجلهاد.

ويف العهد الرتكي �صادت الفو�صى وانت�رس القتتال يف اأنحاء متفرقة من اجلزيرة، اإىل اأن

متكن �صعود بن في�صل من دخول الريا�س �صنة 1287هـ – 1870م، وبعد وفاته بويع عبد

اجلزيرة الريا�س، و�صهدت اإماما وحاكما على 1889م – 1307هـ �صنة بن في�صل الرحمن

العربية يف عهده اأحداثا كبرية حر�س فيها عبد الرحمن الفي�صل على جتنب الفنت، ولكن ابنه

العربية. ونفذ اآبائه واأجداده، وتوحيد اجلزيرة ملك العزيز كان يتحفز ل�صتعادة ال�صاب عبد

الدولة تاأ�صي�س ببداية اإيذانا ذلك وكان الر�صيد، ابن من الريا�س با�صرتداد عملياته اأوىل

ال�صعودية احلديثة، اأو الدولة ال�صعودية الثالثة، كما ا�صطلح املوؤرخون على ت�صميتها.

وبعد جناح عبد العزيز بن عبد الرحمن اآل �صعود يف فتح الريا�س �صنة 1319هـ – 1902م

�صنة حتى العربية اجلزيرة توحيد عمليات ا�صتمرت عمره، من والع�رسين احلادية يف وهو

24( 1334هـ الثانية 8 جمادى �صعود يف اآل العزيز عبد بويع 1925م، حيث – 1344هـ

الأوىل جمادى 21 ويف لنجد. و�صلطانا احلجاز على ملكا 1925م( دي�صمرب / الأول كانون

1351هـ )22 اأيلول / �صبتمرب 1932م( اأعلن توحيد اأجزاء اململكة وت�صميتها با�صم "اململكة

العربية ال�صعودية".

ومنذ ذلك التاريخ بداأت مناطق اململكة، ومنها منطقة الباحة، تعي�س حياة ال�صتقرار، يف

ظل دولة مركزية موحدة، وت�صري على طريق التقدم والرخاء بخطى متالحقة �رسيعة.

وكانت منطقة الباحة قد تاأ�ص�صت يف �صنة 1353هـ – 1934م يف بلدة الظفري، و�صميت

اآنذاك باإمارة الظفري، وبقيت كذلك حتى �صنة 1370هـ – 1951م، وفيها انتقلت عا�صمتها

اإىل بلدة بلجر�صي، و�صميت باإمارة بلجر�صي.

129

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم اأمـــريا للباحـــة

ويف �صنة 1383هـ – 1963م، انتقل مركز الإمارة اإىل بلدة الباحة باعتبارها الأقرب اإىل

و�صط املنطقة، و�صميت املنطقة باإمارة منطقة الباحة، و�صار يتبعها 37 اإمارة فرعية. وكان

اأول من توىل اإمارة الباحة تركي بن حممد املا�صي، وخلفه فيها ت�صعة اأمراء، كان اآخرهم �صعود

ابن عبد الرحمن ال�صديري.

اإبراهيم الأمري عني 1978م(، اأبريل / ني�صان 4( 1398هـــ �صنة الثاين ربيع 26 ويف

اأمريا ملنطقة الباحة، خلفا لأمريها ال�صابق �صعود بن عبد الرحمن اإبراهيم بن عبد العزيز بن

ال�صديري. وت�صلم وزير الداخلية، الأمري نايف بن عبد العزيز، برقية تبلغه ب�صدور الأمر امللكي

الباحة باملرتبة اأمريا ملنطقة 1398/4/26هـــ القا�صي بتعيينه 105 وتاريخ الكرمي رقم

ختمت بالعبارة الآتية: "واإنني اإذ اأبلغكم ذلك اأهنئكم بهذه الثقة امللكية الكرمية )1(

املمتازة

متمنيا لكم دوام التوفيق".

اإبراهيم بن عبد العزيز اإبراهيم يف اإمارة الباحة: اإجنازات عظيمة

اآنذاك، وهو الإمارة اإىل وكيل اإىل منطقة عمله اجلديد طلب اإبراهيم قبل و�صول الأمري

ال�رسيف في�صل بن هزاع العبديل، اأن يوافيه بتقرير عن اأهم ما حتتاجه املنطقة من اخلدمات.

كما اأنه عقد قبل مغادرته الريا�س لقاءات مع الوزراء املعنيني. وكانت املنطقة يف ذلك الوقت

عبارة عن قرى متناثرة متباعدة ل ت�صل ال�صيارات اإىل معظمها، ول وجود للخدمات الأ�صا�صية

احلوامل والن�صاء املر�صى وكــان مطار. ول م�صت�صفيات، ول هواتف، ول طــرق، فال فيها،

الوحيد يف بلجر�صي لوعورة الطرق اإىل امل�صت�صفى ال�صغري الو�صول يتعر�صون للموت قبل

اأيام العطل الأ�صبوعية مل�صاهدة اإىل الطائف وقلة الإمكانات الطبية، وكان النا�س ي�صافرون

البث التليفزيوين.

)1(وبعد نحو �صنة واحدة، �صدر اأمر ملكي اآخر برقم اأ/271 وتاريخ 24 رجب 1399هـ )20 حزيران / يونيو

1978م(، بتعيني ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اأمري منطقة الباحة مبرتبة وزير اعتبارا من 1 رجب

1399هـ.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

130

اأمـــريا للباحـــة

الباحة يف اإىل اإبراهيم الأمري الريا�س، و�صل املعنيني يف امل�صوؤولني مع وبعد مقابالته

جمادى الأوىل �صنة 1398هـ )ني�صان / اأبريل 1978م(، ومنذ و�صوله انطلق بجهد املخل�صني

اأو�صاعها در�ــس اأن وبعد مب�صوؤوليتها. اإليه عهد التي املنطقة خلدمة ال�صادقني وعــزم

والأ�صباب التي اأدت اإىل تاأخر منوها، وجد اأن من اأهمها كون فروع الوزارات املختلفة، وخا�صة

فروع اخلدمات، مرتبطة بفروع اأخرى يف مكة املكرمة وجدة وع�صري والطائف والليث والقنفذة.

البنات يرتبط ق�صم منها بالطائف، واآخر بالقنفذة، وثالث بتعليم اأن مدار�س فقد وجد مثال

البنات بجدة. ووجد اأن تعليم البنني يف تهامة يرتبط بتعليم البنني بجدة، وهكذا. فكان من

وىل اخلطوات التي �رسع فيها اأن قدم تقريرا اإىل �صمو وزير الداخلية اقرتح فيه اأن تكون فروع اأ

الوزارات واملوؤ�ص�صات العامة مرتبطة بالوزارات الأم يف الريا�س مبا�رسة. وعلى الرغم من اأن هذا

التغيري يبدو يف الوهلة الأوىل روتينيا و�صكليا، فقد اأدرك الأمري اإبراهيم بثاقب نظره وبنتيجة

خربته الإدارية الطويلة، اأنها �صتخت�رس املعامالت، وتق�صي على الروتني الذي كان يعرقل �صري

الأعمال، ويوؤثر يف تطور املنطقة تاأثريا غري منظور، ويوؤخر اأ�صغالها اإىل حد بعيد.

ثم قام الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز، بعد و�صوله اإىل الباحة مبدة ق�صرية، بزيارة ميدانية

اإىل جميع مدن املنطقة وقراها، �رساها وتهامتها، وباديتها وحا�رستها. وا�صتغرقت جولته اأكرث

ا اإ�صافيا من �صهر كامل. و�صجل خالل اجلولة مالحظاته عن كل جزء زاره. فلما عاد اأعد تقرير

و�صف فيه املنطقة وم�صاكلها، و�صبب تاأخر النمو فيها، واحتياجاتها، وما يجب تنفيذه يف الأمد

القريب والبعيد، لكي ت�صاير ركب التقدم وجتاري املناطق الأخرى يف اململكة.

ورفع الأمري اإبراهيم تقريره اإىل اجلهات امل�صوؤولة، ثم تابعه �صخ�صيا، واأر�صل ن�صخا منه

اإىل الوزراء املخت�صني، واهتم جمل�س الوزراء بهذا التقرير، فناق�س احتياجات منطقة الباحة

بالتف�صيل.

عبد بن خالد الــراحــل امللك اإىل دعــوة فقدم اأي�صا، بذلك اإبراهيم ــري الأم يكتف ومل

ظروفه ولكن دعوته، وقبل الأمــري، فكرة الـله رحمه جاللته فاأيد املنطقة. لزيارة العزيز

131

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم اأمـــريا للباحـــة

العزيز عبد بــن فهد الأمـــري العهد ويل عنه فــاأنــاب بها، بالقيام لــه ت�صمح مل ال�صحية

– 1398هـ اأواخر �صنة اإىل املنطقة يف بعد، فو�صل �صموه ال�رسيفني( فيما )خادم احلرمني

ه الوزراء املخت�صني 1978م واطلع على اأحوالها �صخ�صيا، ودر�س احتياجاتها، ولدى عودته وج

الذين كانوا مبعيته اإىل الهتمام بتلبية احتياجاتها. كل بح�صب اخت�صا�س وزارته، واأ�صبحت

فيها، اأ�صا�صية حتول ونقطة احلديث، املنطقة تاريخ يف مهما حدثا امليمونة الزيارة تلك

يتداول النا�س ذكرها بالتقدير، اإذ اأعقبها مبا�رسة ال�رسوع يف تنفيذ عدد من امل�رسوعات املهمة

التي اأحدثت يف مدينة الباحة ومنطقتها نقلة ح�صارية غري م�صبوقة.

كان من اأهم ما اأمر به امللك فهد عند زيارته للباحة هو البدء بامل�رسوعات التالية:

بناء مطار. 1-

بناء م�صت�صفى. 2-

تو�صعة نطاق �صبكة التلفزيون. 3-

ومل يتوان الأمري اإبراهيم الرباهيم عن متابعة تنفيذ توجيهات جاللته، وكان على الدوام

يرفع اإىل جاللته م�صاكل املنطقة ويح�صل على موافقته وتع�صيده لتنفيذ امل�رسوعات ال�صخمة

دويل ومطار وجممعات حكومية ومــراكــز ومــدار�ــس طــرق من الباحة ملنطقة خططت التي

وم�صت�صفى كبري ومرافق �صياحية ومركز ريا�صي.

العزيز م�رسوعات حيوية مهمة اإبراهيم بن عبد ال�صيخ اإمارة الباحة خالل حتققت ملنطقة

غريت وجهها، و�صارت بها يف ركب احل�صارة خطوات جبارة ل ميكن ح�رسها جميعا، واإمنا نعر�س

جوانب من اأهمها.

ا�صنت الأمري اإبراهيم عادة تق�صي مبراعاة التوازن يف التعامل مع اأعيان وم�صايخ قبيلتي

للح�صا�صية ودرءا بالتفرقة، – غري مق�صود طبعا – بانطباع لل�صعوب تفاديا وزهران، غامد

ترك وقد اأخرى. ح�صاب على فئة مل�صلحة يتخذ اإجراء يكون ل ولكي حدوثها، يحتمل التي

املنطقة وهو حمل اإكبار وتقدير اأعيان املنطقة بل �صكانها جميعا.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

132

اأمـــريا للباحـــة

جلنة وكالء الوزارات:

لت، باأمر ملكي، جلنة من ويف 12 جمادى الأوىل 1402هـ )1 اآزار / مار�س 1982م( �صك

وكالء عدد من الوزارات مهمتها زيارة منطقة الباحة والتعرف على احتياجاتها، ورفع التو�صيات

الالزمة لتطويرها.

بن اإبراهيم الأمري من باقرتاح كانا الباحة اإىل واإيفادها اللجنة هذه تاأليف اأن �صك ول

عبد العزيز نف�صه. وكانت جلنة كبرية ت�صم وكالء وزارات الداخلية، ال�صوؤون البلدية والقروية،

املالية والقت�صاد الوطني، الزراعة واملياه، املوا�صالت، العمل وال�صوؤون الجتماعية، التجارة،

الربق والربيد والهاتف.

وبداأ الوفد اأعماله بزيارة الأمري اإبراهيم يف مقر عمله بالباحة، وعقدوا معه اجتماعا ر�صميا

عر�س خالله الأمري احتياجات املنطقة وما تتطلبه من م�رسوعات، وخا�صة بناء ال�صدود، وفتح

ل املوجودة العتمادات اأن املالية وزارة وكيل واأبدى النائية. املناطق بع�س يف املدار�س

مثل الدولة مبالية نتهم اأننا كبرية ب�صجاعة الأمري فاأجابه امل�رسوعات، هذه بتحقيق ت�صمح

اهتمامك، ولكن هذه الأمور �رسورية للمواطنني.

ويف اليوم التايل خرج الوفد، ومعهم الأمري، ب�صيارات "اجليب" لزيارة بالد زهران، وكان

قد اأعد لهم خميما هناك، و�صاروا يف جبال الزهران، حتى و�صلوا اإىل مكان ل ت�صتطيع ال�صيارات

اأن ت�صل اإىل اأبعد منه، فنزل الوفد من ال�صيارات وو�صف لهم الأمري اإبراهيم املكان من الناحية

التاريخية وال�صكانية، ثم اأخذ وكالء الوزارات ي�صعدون يف اجلبل �صريا على الأقدام، ف�صاروا نحو

ثالثة كيلومرتات، وقفوا بعدها، وت�صاءل اأحدهم اأين بقية الإخوان؟ فقيل لهم اأنهم تعبوا.

احتياجات يف يناق�صنا اأم�س واملوا�صالت املالية وكيل "�صمعنا اإبراهيم: الأمــري قال

الأولد هذه الفالين والفالين، فكيف يقطع املنطقة، وكنا نطالب بفتح املدار�س يف املكان

امل�صافة البعيدة، وكيف ي�صلون اإىل املدار�س، واأنت تاأتي وال�صيارة معك يف معظم الطرق، ثم

تقول تعبت ول تهتم مبا يجابهه الأطفال ال�صغار والأولد.

133

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم اأمـــريا للباحـــة

كلنا نحب اأولدنا، وكلنا نحب توفري القر�صني للدولة، ولكن علينا اأن ن�صعها يف مكانها

ال�صحيح. كيف يقطع اأولدنا هذه امل�صافة؟ اأنت مل تاأت اإل مرة واحدة، وهوؤلء الأطفال يقطعون

هذه الطريق مرتني يف اليوم لي�صلوا اإىل مدر�صتهم، األ حتن عليهم، اأين ال�صعور بامل�صوؤولية؟

هذا حرام".

وكان الأمري اإبراهيم يلطف اأقواله هذه ببع�س النكات والتعليقات الطريفة التي جعلت

اأع�صاء الوفد ي�صحكون وهم يوؤيدونه فيما قال. ومل يجد الوفد منا�صا من تلبية حاجات املنطقة

من مدار�س ودوائر حكومية ت�صهل اأمور املراجعني، وتوفر عليهم م�صقة ال�صفر اإىل مقر الإمارة

.)1(

كلما عر�صت لهم حاجة

وكان من اأبرز اأعمال الأمري اإبراهيم الباقية يف الباحة، هو اهتمامه باإن�صاء امل�صت�صفيات يف

املنطقة.

امل�ست�سفيات

اأ�رسته، ل يجد اأفراد اأو مر�س اأحد اإذا مر�س، كان ابن منطقة الباحة وما جاورها من قرى

م�صت�صفى تتوافر فيه اأ�صباب املعاجلة ال�رسورية. وكان لبد من نقل املر�صى بطائرات الدفاع

املدين اإىل الطائف اأو مكة اأو جدة اأو الريا�س، وكذلك يف حالت الولدة املتع�رسة لن�صاء املنطقة

وزير �صمو وكان الدفاع، وزارة موافقة ا�صتح�صال من املري�س لنقل لبد وكان واأمهاتها.

الدفاع، الأمري �صلطان بن عبد العزيز، هو الذي ياأمر باأن ينقل بالطائرات من ت�صتدعي حالتهم

ذلك، فاإذا تعذر رفع الأمر اإىل �صموه ب�صبب ان�صغاله اأو غيابه عن مقر عمله اأو ب�صبب اآخر، مات

املري�س.

وكان يف املنطقة قبل اإمارة ال�صيخ اإبراهيم الرباهيم على الباحة �صنة 1398هـ م�صت�صفى

�صعته 50 �رسيرا يف بلجر�صي جنوب املنطقة، و21 م�صتو�صفا �صحيا.

)1( مقابلة مع الأ�صتاذ عبد اهلل العبد الرحمن الإبراهيم يف داره بالريا�س يف يومي 21 و23 ت�رسين الأول / اأكتوبر

1996م.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

134

اأمـــريا للباحـــة

الباحة، العزيز، ال�رسيفني( امللك فهد بن عبد العهد )خادم احلرمني زار �صمو ويل فلما

الباحة، وبني له اإىل �صموه بطلب لإن�صاء م�صت�صفى متخ�ص�س وكبري يف اإبراهيم الأمري تقدم

عملية املعاناة ال�صديدة التي يواجهها اأبناء املنطقة ب�صفة عامة، على الرغم من جهود الدولة

وحر�صها على نقلهم بال�رسعة املمكنة يف احلالت الطارئة.

وا�صتدعى ويل العهد وزير ال�صحة وعر�س عليه الطلب، وعلم منه اأن ميزانية وزارة ال�صحة

ل الباحة اأن منطقة اأي�صا الوزير يرى اعتمادات مل�رسوع �صحي كبري كهذا. وكان لي�س فيها

ت�صتوعب م�رسوعا كهذا. ووقف اأمري الباحة ي�رسح ظروف املنطقة، واأو�صاعها، وحاجتها، وحاجة

�صكانها مل�رسوع �صحي كبري، خا�صة واأن الباحة اأ�صبحت مدينة كبرية، كثيفة ال�صكان، ومل تعد

قرية اأو جمموعة قليلة من القرى.

واقتنع �صمو ويل العهد الأمري فهد بن عبد العزيز مبا اأو�صحه اأمري الباحة، واأ�صدر تعليماته

باعتماد جميع تكاليف امل�صت�صفى دون اأي تاأخري.

مرتفعة ربوة على بنف�صه، امل�صت�صفى موقع العزيز عبد بن اإبراهيم الأمــري اختار وقد

تتو�صط بالد غامد وزهران. وخالل ثمانية �صهور اأقيم امل�صت�صفى، وحتقق امل�رسوع الذي كان

اأ�صبه بحلم، واأ�صبح ا�صمه "م�صت�صفى امللك فهد"، وهو من املعامل احل�صارية التي تفخر بها

املنطقة.

لقد برهن امللك فهد "ويل العهد اآنذاك" على تقديره وجتاوبه مع احتياجات منطقة مهمة

وتقديره امل�صوؤولية، باأمانة العزيز على جدارته عبد بن اإبراهيم الأمري برهن بالده، كما من

ملهمته، ومفهومه ملن�صب الإمارة وواجبه جتاه اأهل منطقته، واأن الإمارة لي�صت امتيازا ل�صخ�س

واإمنا هي واجب جتاه ال�صعب، وخدمة للبالد واأهلها.

380 على يحتوي وكان 1982م، – 1402هـــ �صنة فهد امللك م�صت�صفى ت�صغيل بداأ

عيادات مع اأخرى، فئات من �صخ�س و700 فنيني، و106 طبيبا، 112 فيه ويعمل �رسيرا،

تكاليف هذا وبلغت اأجنبية متخ�ص�صة. – �صعودية �رسكة اإىل باإدارتها وقد عهد متخ�ص�صة.

ال�سيخ اإبراهيم الرباهيم يفتتح مطار الباحة ويدخل اأول طائرة كبرية تابعة

للخطوط ال�سعودية و�سلت املطار �سنة 1402هـ.

مع وزير العمل وال�سوؤون الجتماعية ال�سابق ال�سيد حممد الفايز عند زيارته ملنطقة الباحة.

من اأهم امل�ساريع ال�سحية: م�ست�سفى امللك فهد يف الباحة.

جزء من عقبة الباحة، امل�رشوع الرائد يف املنطقة.

موتيالت الباحة: امل�رشوع الذي مت تنفيذه �سنة 1405هـ.

فندق ق�رش الباحة ال�سياحي الذي مت افتتاحه �سنة 1405هـ من قبل اأمري املنطقة ال�سيخ

اإبراهيم الرباهيم.

اأحد امل�ساريع املهمة التي مت اإجنازها يف منطقة الباحة بتوفيق من الـله: طريق عقبة

الباحة الذي يربط ال�رشاة بتهامة.

م يعل

تلاير

دمته

قفبر

ى ير

وهـ

1406�سنة

ل ئوا

اأيف

م يهربا

لام

يهبرا

اإخ

ي�سلاله

ر فو

غمل

اه

رش�ح

ي ميعل

تل

فاتحاخر

اآ

حة.لبا

يف اية

ميعل

تلع ا

ير�سا

ملد ا

حن اأ

ودقفتيني

لو�سوؤ

ملن ا

مد

دعوم

يهربا

لد ا

موحو

ة.حبال اقة

طملن

ا ري

م اأميهربا

ل اميهراب اإخي�سل انكا

ا مدعن

ا هذيفتن

مت ا د�س

22ن

مد

حوا

و هو ،

نراهبز

ر د�س

ل اي

دوا

د �س

مة كر

ملكة ا

مقة

طمن

ري ميز اأ

عزلد ا

عبن

بل

ع�سمري

ملأف: ا

يرش�لي ا

كمل

م احلر

ىل اق اإ

يطر

ليف ا

ت ينا

�سمخل

خر اوا

ن اأمة

ر�سو

ني �سح

د ي�سلا�سة

ئابر

ي رش�مل

اد

فلو

اقة

فبر

مة كر

ملاكة

ميف

ك ذا

ناآة

رما

لإال

يكوم

يهربا

لام

يهبرا

اإخ

ي�سلوا

ق ب�سا

لا

مرا.تعمي

رش�مل

س ا�يئلر

ب ائناي

عف�سا

لا

ا ركو

�سمل

�سفت

ي ذلاي

�سرفا

ى عل

د محم

ي كزذ

تا�س

الأل

ل" مسا�لال

يلدل"ا

ن مف

رش�تبة لقو

منة يدعو

�سلاة يبعر

لاة كمل

ملاق

طنامح

�ستو

ة طيخر

ل.يلدل انمة نعا

ت�س

ل اىعل

ة قفوامل

با

143

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم اأمـــريا للباحـــة

امل�رسوع ال�صخم 700 مليون ريال �صعودي )حوايل 186 مليون دولر(.

والعاجلة جلهاز غ�صيل كلوي يف املا�صة باحلاجة العزيز اإبراهيم بن عبد الأمري وملا علم

منطقة الباحة، اأمر ب�رسعة تاأمينه. وكان توفري املال الالزم لهذا اجلهاز يتطلب بع�س الإجراءات

على ب�رسائه اإبراهيم الأمري فاأمر الوقت، من �صيئا ت�صتغرق قد التي الروتينية واملوافقات

نفقته اخلا�صة اإ�صهاما منه يف التخفيف من اآلم امل�صابني بالف�صل الكلوي باأ�رسع ما ميكن.

الأمري ا�صم امل�صت�صفى على امل�رسفون اأطلق بالف�صل، العــرتاف مظاهر من مظهر ويف

اد م�صت�صفى امللك فهد يف الباحة اإبراهيم بن عبد العزيز على ق�صم غ�صيل الكلى. ويالحظ رو

بادرته اإىل وت�صري الق�صم، هذا نواة عن نبذة جانبها واإىل اخلا�صة، القاعة تت�صدر �صورته

الأمري وفاة بعد علقت، وال�صورة طلقت، اأ الت�صمية اأن الإ�صارة عن وغني الطيبة. الإن�صانية

ا. امل�صلح، ولو اقرتح ذلك وهو على قيد احلياة لرف�س رف�صا قاطع

اأما م�صت�صفى بلجر�صي، فقد افتتح يف �صنة 1393هـ – 1973م، وكان يحتوي على 227

ا، ويعمل فيه 46 طبيبا، و106 فنيني، و92 من فئات اأخرى.�رسير

اأخرى، منها اإبراهيم بن عبد العزيز، افتتحت م�صت�صفيات وم�صتو�صفات ويف عهد الأمري

م�صت�صفى قلوة العام يف تهامة، وم�صت�صفى الأمرا�س ال�صدرية، وم�صت�صفى الأمرا�س النف�صية

يف بلجر�صي، ودار النقاهة الطبية يف الباحة، و58 م�صتو�صفا خمتلفة الفئات متار�س اأعمالها

العالجية والوقائية يف اأماكن خمتلفة بال�رساة وتهامة والبادية.

كما افتتح يف �صنة 1402هـ – 1982م معهد �صحي للبنني )يتدرب فيه 215 طالبا( و8

مراكز �صحية متطورة، ومراكز للتوليد، ومكتبان �صحيان، ومركز ملكافحة ومعاجلة البلهار�صيا،

.)1(

و4 م�صتو�صفات اأهلية وعيادتان خا�صتان

)1( خطوات منطقة الباحة على طريق التقدم احل�ساري يف �ست �سنوات 1398هـ – 1404هـ، دليل

�صادر عن اإمارة منطقة الباحة مبنا�صبة زيارة جاللة امللك فهد بن عبد العزيز لها �صنة 1405هـ - 1985م.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

144

اأمـــريا للباحـــة

املوا�سالت

الطرق:

كانت الباحة يف بداية تويل اإبراهيم بن عبد العزيز اإمارتها عبارة عن جمموعة قرى متناثرة،

متباعدة، ل ت�صل ال�صيارات اإىل معظمها، ول وجود للهاتف ول للخدمات الأ�صا�صية. ولذلك كان

ه اإليها الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز اهتمامه الكبري لتح�صني من اأهم النواحي احليوية التي وج

اأحوال منطقة اإمارته، حت�صني و�صائل املوا�صالت و�صق الطرق التي تربط املنطقة بغريها من

املناطق، وتلك التي تربط مدن املنطقة وقراها، بع�صها ببع�س، اإ�صافة اإىل تعبيد الطرق يف

مدينة الباحة نف�صها.

�صوى املعبدة الطرق من بها يكن مل الباحة، منطقة اإىل اإبراهيم الأمــري و�صل وملا

26 كيلومرتا تربط بني بع�س القرى، اإ�صافة اإىل اجلزء الواقع يف منطقة الباحة من طريق

.)1(

الطائف – الباحة – جازان، وطوله 290 كيلومرتا

وقد اأقدم الأمري اجلديد على معاجلة هذا النق�س بهمة عظيمة، فحقق امل�رسوعات التي

اأ�صبحت تربط املنطقة باملناطق الأخرى كالطائف واأبها وبي�صة والقنفذة وطريق ال�صاحل

جدة – جازان، ومن اأهم الطرق التي فتحت يف عهد الأمري اإبراهيم الرباهيم ما ياأتي:

طريق الباحة – العقيق )املعروف بطريق املطار(، وطوله 47 كيلومرتا، وقد بلغت 1-

تكلفته 166 مليون ريال.

طريق و�صالت اجلن�س الزراعي، وطوله 57 كيلومرتا، وكلفته 140 مليون ريال، ويخدم 2-

هذا الطريق ع�رسات القرى الزراعية يف بالد زهران.

طريق املخواة – قلوة – ال�صعراء – احلجرة، يف تهامة، وطوله 74 كيلومرتا، وتقدر 3-

تكاليف اإن�صائه بـــ 285 مليون ريال، وهو يخدم 150 مدينة وقرية.

)1( الطرق يف منطقة الباحة، من�صورات وزارة املوا�صالت ال�صعودية، ذو القعدة 1398هـ )ت�رسين الأول /

اأكتوبر 1978م(.

145

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم اأمـــريا للباحـــة

املرحلة الثانية من طريق و�صالت بلجر�صي، وطوله 17 كيلومرتا، وكلفته 20 مليون ريال. 4-

طريق عقبة – الباحة – املخواة، الذي يربط جزاأي املنطقة، ال�رساة وتهامة، وطوله 45 5-

كيلومرتا. وكان امل�صافرون بني تهامة وال�رساة قبل ذلك يقطعون م�صافة 600 كيلومرت عن

ت امل�صافة اإىل 45 كيلومرتا، واأدت اإىل ت�صهيل ت�صويق طريق مكة املكرمة – الليث، فاخت�رس

لت و�صول �صكان القرى ال�صاحلية والتالل وتبادل املنتجات الزراعية بني املنطقتني، كما �صه

املجاورة اإىل اخلدمات ال�صحية احلديثة يف منطقة الباحة.

ا، بطول اإجمايل قدره 5.747 مرتا، و34 وقد ت�صمن اإن�صاء هذا الطريق تنفيذ 64 ج�رس

نفقا طولها الإجمايل 2011 كيلومرتا، وبلغ جمموع تكاليف هذا امل�رسوع احليوي 541 مليون

.)1(

ريال

22 امل�رسوع 213 كيلومرتا. ويت�صمن ال�صياحي، وطوله – الباحة بني �صعد طريق 6-

نفقا، طولها الإجمايل 4323 مرتا، و102 من اجل�صور جمموع اأطوالها 13.527 مرتا، اإ�صافة اإىل

733 عبارة. وقد بلغت تكاليف هذا الطريق 1275 مليون ريال، وهو يخدم عددا كبريا من القرى

وبني وثقيف، احلارث، وبني �صعد، بني مناطق يف جانبيه على الواقعة ال�صياحية واملناطق

مالك، وزهران.

وهنالك طرق كثرية اأخرى ل يت�صع املجال لذكرها. وقد جاء يف تقرير لوزارة املوا�صالت

– 1988م، باأن كلفة الطرق التي مت تنفيذها يف 1409هـ اأوائل �صنة ال�صعودية، �صدر يف

.)2(

منطقة الباحة يف ال�صنوات املا�صية تزيد عن ثالثة اآلف مليون ريال

وقد قربت هذه الطرق وغريها بني اأجزاء منطقة الباحة. وكانت املنطقة قبل و�صول الأمري

اأ�صبحت، بف�صل هذه اإبراهيم كانت قد اإبراهيم جمموعة قرى متناثرة، ويف �صنة وفاة الأمري

الطرق، اأ�صبه مبدينة واحدة طولها اأكرث من 140 كيلومرتا.

1409هـ - ت�رسين الثاين ربيع ال�صعودية، الباحة، من�صورات وزارة املوا�صالت منطقة الطرق يف )1(

الثاين / نوفمرب 1988م.

)2( امل�صدر ال�صابق.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

146

اأمـــريا للباحـــة

خالل وجود الأمري اإبراهيم يف الباحة، حدث اأن هطلت اأمطار غزيرة اأدت اإىل خ�صف الطريق املوؤدي

اإىل الطائف يف جزء تابع لإمارة منطقة مكة املكرمة، فانتقل الأمري اإبراهيم من فوره اإىل موقع احلدث

على بعد 100 كيلومرت تقريبا، بعد اأن اأ�صدر اأوامره بتحرك معدات اإ�صالح الطرق كافة، واأم�صى

هناك يوما وليلة، وعمل على اختيار ممر بديل عينه بنف�صه، واأمر املعدات بفتحه بدون توقف، ومل

يغادر املوقع حتى ا�صتطاع العابرون املرور ب�صهولة وي�رس. وكان يتناول طعامه هناك، وي�صفي على

العاملني يف فتح الطريق الذين ي�صاركونه يف تناول الغداء دعما معنويا، ويحثهم على ال�صتعجال

يف العمل. ومل ين�س وهو يف موقعه اأن يجري ات�صالت �رسيعة من اأجل اإعادة الطريق اإىل �صابق حالته،

وقد مت ذلك يف وقت وجيز، وعاد الأمري اإىل ق�رسه ناعم البال مرتاح ال�صمري.

املطار:

ويف عهد الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز، اأن�صئ مطار الباحة الذي خدم بالإ�صافة اإىل املنطقة

بع�س املناطق املجاورة لها. وقد نفذ هذا امل�رسوع باأمر من امللك فهد بن عبد العزيز )وكان

يف ذلك الوقت وليا للعهد(، وانتهى العمل يف اإن�صائه �صنة 1402هـ – 1982م واأ�صبح يوؤدي

ال�صنة من يونيو( / )حزيران رم�صان �صهر يف رحلة اأول وا�صتقبل متكامل. ب�صكل خدماته

نف�صها. وقد اأحلق به طاقم كامل من املرافق املالحية واملرا�صد واأدوات ال�صالمة. ويف �صوء

اجلوية اخلدمات لتقدمي الباحة لها يف فرع بافتتاح ال�صعودية اجلوية اخلطوط قامت ذلك،

اإىل القادمني الركاب كان معدل 1983م، – 1404هـــ �صنة وزوارهــا. ويف املنطقة لأهايل

منطقة الباحة بالطائرات، واملغادرين منها، اأكرث من �صتني األف راكب يف العام الواحد، وقد

اأمكن حتقيق هذا املرفق ال�صياحي املهم، بهمة اأمري الباحة اإبراهيم بن عبد العزيز.

م�رشوعات الزراعة واملياه

نالت الزراعة وتوفري املياه وبناء ال�صدود اهتماما خا�صا من الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز،

الـله رحمه وكان فيها، التي عمل املناطق ال�صدود يف جميع ببناء باهتمامه ا�صتهر اأنه حتى

147

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم اأمـــريا للباحـــة

يرى اأن بناء �صدود �صغرية يف مناطق متعددة �صيخدم الزراعة ويوزع فائدتها، ويوفر اأ�صباب

الإنتاج واملعي�صة لأعداد كبرية من املزارعني، ويرفع م�صتواهم الإنتاجي، وبالتايل م�صتواهم

ومن باله. �صغلت التي الرئي�صة الأمور من بغزارة للمزارعني املياه توفري وكان املعي�صي.

عجائب القدر اأن تكون وفاته نتيجة تدفق �صيل اكت�صح ال�صيارة التي كان ي�صتقلها، واأدى اإىل

غرقه يف املياه التي �صغل توفريها ملواطنيه جانبا كبريا من وقته واهتمامه.

اإبراهيم يف الباحة اثنان وع�رسون �صدا حلجز املياه على وقد اأقيم خالل فرتة اإمارة الأمري

اأودية مهمة يف املنطقة وتخزينها لأغرا�س ال�رسب والزراعة. وكان اآخر م�رسوع اعتمد يف عهده هو

نفق على م�رسوعات م�رسوع املياه من العقيق اإىل الباحة بتكلفة 64 مليون ريال. اأما جمموع ما اأ

املياه وال�صدود، فقد بلغ اأكرث من ثالثمائة مليون ريال.

ذت يف عهده وبتوجيهه اأي�صا: ومن اأهم امل�رسوعات التي نف

الأهايل، بلغت التي تتوافر فيها املياه ل�صقيا الأماكن اأن�صئت يف 29 م�رسوع مياه اأول:

تكاليفها اأكرث من 15 مليون ريال.

ثانيا: م�رسوع �صقيا بالناقالت لبع�س القرى املحتاجة اإليها.

ثالثا: اإن�صاء بيوت زراعية حممية لإنتاج اخل�صار.

رابعا: 12 م�رسوعا للت�صجري يف اأنحاء متفرقة من املنطقة لزيادة الرقعة اخل�رساء.

خام�سا: مناحل لالإر�صاد والإنتاج.

�ساد�سا: م�رسوع جلب مياه ال�رسب من العقيق اإىل الباحة وبلجر�صي بكلفة قدرها 70 مليون ريال.

البث التلفزيوين ومق�سم الهاتف واملركز الريا�سي

اإي�صال التلفزيوين، مما �صهل اأي�صا حمطة للبث باأمر من امللك فهد ن�صئت اأ ويف عهده

احليوي. وكان والإخباري الثقايف املرفق ل�صكانها هذا املنطقة، ووفر منازل اإىل التلفزيون

بع�س �صباب املنطقة قبل ذلك يق�صون �صهراتهم يف روؤو�س اجلبال مل�صاهدة البث التلفزيوين

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

148

اأمـــريا للباحـــة

من اأقرب املحطات، وهي حمطة جدة. وكان كثريون منهم ي�صافرون اإىل الطائف – التي تبعد

عن الباحة 230 كيلومرتا – خالل عطالت الأ�صبوع اأو العطالت ال�صيفية ملجرد م�صاهدة بع�س

الربامج التلفزيونية، كاأخبار العامل وال�صباقات الريا�صية وغريها.

ومن اإجنازات الأمري اإبراهيم يف منطقة الباحة اإن�صاء مق�صمات للهاتف الآيل يف مدينة الباحة

املنطقة ات�صلت وبذلك لها، املجاورة والقرى ظبيان وبني والأطاولة واملندق وبلجر�صي

بالعامل اخلارجي لأول مرة يف اأواخر �صنة 1398هـ – 1977م.

املعامل اأبرز يعد من ريا�صي �صخم تاأ�صي�س مركز اأي�صا اإبراهيم الأمري وقد مت يف عهد

احل�صارية يف املنطقة.

ال�سياحة

اأما يف جمال ال�صياحة وت�صجيعها، فكانت خدمات الأمري اإبراهيم ل تقل عنها يف املجالت الأخرى.

املقومات واأجمل باأبدع الـله حباها �صياحية منطقة اجلميلة، بطبيعتها الباحة ومنطقة

الطبيعية من مناظر جذابة وجو بديع جميل، وقد اأطلق عليها اأحد ال�صعراء "اأخت لبنان".

ر و�صائل املوا�صالت، اهتم الأمري اإبراهيم بت�صجيع ال�صياحة اإىل الباحة، فعبد الطرق، ووف

واأن�صاأ الفنادق، ووفر �صتى لوازم الراحة، فاأ�صاف اإىل جمال منطقة الباحة التي تك�صوها احلدائق

وحتيط بها الغابات، ما وفرته التقنيات احلديثة من و�صائل الراحة، حتى �صار الكثريون من

اأبناء اململكة يف�صلون ق�صاء اإجازاتهم فيها.

واأقيم يف الباحة "موتيل" �صياحي يف موقع جميل يطل على تهامة وال�رساة، ويحتوي على

مت ب�صكل فريد يتنا�صب مع العادات والتقاليد الإ�صالمية، 102 من الوحدات ال�صكنية التي �صم

بحيث ل تطل اأي منها على الأخرى، ول ي�رسف بع�صها على بع�س.

اإجنازاته املهمة فيها، نه من حتقيق اإبراهيم عمله يف الباحة، ومك ومما �صهل على الأمري

اإ�رساره على اإقامة فروع لبع�س الوزارات وامل�صالح، منها وزارة التجارة ووزارة العمل ووزارة

149

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم اأمـــريا للباحـــة

الأ�صغال العامة والإ�صكان، وبنك الت�صليف ال�صعودي، و�صندوق التنمية العقارية، اإ�صافة اإىل

العديد من املراكز الزراعية واملجتمعات القروية.

والربيد ال�صباب ورعاية والتعليم ال�صحية لل�صوؤون عامة مديريات ا�صتحدث اأنه كما

لتعليم واأخــرى البنات لتعليم عامة مديرية اإن�صاء وكذلك وغريها، واجلــوازات والت�صالت

البنني يف املخواة، �صمت املدار�س يف اجلزء التهامي من املنطقة، وكانت مدار�س تهامة يف

ال�صابق مرتبطة باإدارة تعليم القنفذة والليث وجدة.

وقد �صهدت منطقة الباحة يف عهد اإمارته تطورا تعليميا كبريا، اإذ اأ�ص�س ما يزيد عن 600

مدر�صة ملختلف املراحل، للبنني والبنات، يدر�س فيها اأكرث من خم�صني األف طالب وطالبة،

اإدارات للتعليم، اثنتان منها لتعليم البنني يف الباحة واملخواة، وتقوم بالإ�رساف عليها ثالث

معاهد واأربعة املهني، والتدريب لالإعداد مركزين جانب اإىل بالباحة، البنات لتعليم وثالثة

علمية، ومعهد �صحي للبنني.

ولالأمري اإبراهيم الف�صل يف فتح وبناء الكثري من املدار�س مبختلف املراحل، يف بع�س قرى

الطالبات خلدمة بالباحة للبنات املتو�صطة الكلية اإن�صاء يف جهوده اأبدا نن�صى ول املنطقة.

ومتكينهن من موا�صلة درا�صتهن دون م�صقة.

اأعمال الرب واخلدمات الجتماعية

ة جديدة مل�صاعدة اإبراهيم، مرب الأمري الباحة، مببادرة من �ص�صت يف اأ 1402هـ ويف �صنة

املحتاجني من اأهلها، وكان له الدور الأكرب والف�صل الأوفر يف تاأ�صي�صها. وقد اختري لها جمل�س

اأع�صاء، وانتخب الأمري رئي�صا لها، كما انتخ�صب رئي�س املحاكم نائبا للرئي�س، 9 لالإدارة من

وا�صتوؤجر للجمعية حمل خا�س اأ�ص�صه اأمري املنطقة نف�صه.

وقد اأ�صبحت "جمعية الرب اخلريية" من اأكرب اجلمعيات اخلريية يف اململكة. واأدت خدمات

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

150

اأمـــريا للباحـــة

كبرية للمحتاجني من �صكان املنطقة والقبائل املجاورة حتى اأ�صبح ي�صتفيد من م�صاعداتها

بعد تاأ�صي�صها مبدة ق�صرية نحو ع�رسة اآلف اأ�رسة.

املجل�س، اإ�رساف العمل حتت فريق مع واملح�صنني، اخلري باأهل الت�صالت واأعدت جلنة

دعوات وكتبا ر�صمية لأ�صحاب ال�صمو والأمراء واأ�صحاب الف�صيلة العلماء واملو�رسين من اأبناء

اململكة لدعم اجلمعية وخدمة اأهدافها الإن�صانية، فبلغت التربعات مليون ريال �صعودي.

وكان من الأعمال التي ا�صطلعت بها هذه اجلمعية، ومن ورائها الأمري اإبراهيم، تاأ�صي�س

ورواتب دائمة وم�صاعدات املــراأة، لتاأهيل ودار لالأطفال، ورو�صة القراآن، لتحفيظ مدار�س

�رس الفقرية التي لي�س لها معيل، وم�صاعدات للفقراء يف �صهر رم�صان، وتو�صيل مقطوعة لالأ

�رس امل�صتحقة للم�صاعدة يف هذا ال�صاأن، اإىل جانب خدمات عامة اأخرى.الكهرباء لالأ

وكان الأمري اإبراهيم يتمتع بوعي اجتماعي وح�س اإن�صاين كبري. فقد لحظ، مثال، اأن املهور يف

املنطقة مرتفعة وتكاليف الزواج باهظة مما يثقل على كاهل املتزوجني يف بداية حياتهما، واأن

متو�صط احلال ل ي�صتطيع الزواج. فدعا م�صايخ القبائل اإىل الجتماع باأفراد قبائلهم، والتفاق

على خف�س املهور وتكاليف الزواج، فاتفق الأهايل على ذلك، و�صجلوا اتفاقاتهم �رسعا.

ومل يكتف الأمري اإبراهيم بذلك، بل اأراد اأن يكون قدوة ح�صنة، فلما حان زواج اأحد اأبنائه،

اإبراهيم، وجه الدعوة اإىل حفلة الزواج يف الباحة، وملا اكتمل ح�صور املدعوين وهو �صعود بن

قدمت لهم القهوة وال�صاي، وقال ل�صيوفه لقد قررت اأن اأدفع نفقات وليمة الزواج اإىل "جمعية

الرب اخلريية" لي�صتفيد منها اأكرب عدد من املحتاجني، واآمل من كل قادر منكم اأن يفعل ذلك

اأي�صا، فا�صتح�صن اجلميع هذا القرار، و�صكروه على هذه املبادرة، ووعدوه بال�صري على غرارها.

وحدث مرة اأنه كان مدعوا حلفل زفاف اأحد اأثرياء املنطقة اأو ابنه، ويف الطريق علم اأنه اأ�رسف

يف الإنفاق على الدعوة، فاأمر �صائق �صيارته بالعودة، اإذ اأغ�صبه ذلك. ويف اأول لقاء له ب�صاحب

تلك الدعوة اأمعن يف لومه على بذخه، وهذه احلادثة م�صهورة على األ�صنة النا�س يف الباحة.

وكانت عالقات الأمري اإبراهيم الوا�صعة ب�صخ�صيات اململكة العربية ال�صعودية ووجهائها

151

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم اأمـــريا للباحـــة

ا ومهما يف التعريف مبنطقة الباحة عندما كان اأمريا لها، حيث ا�صت�صاف يف واأعيانها، �صببا مبا�رس

الباحة عددا كبريا من رجال الأدب وال�صحافة ورجال الأعمال، بق�صد التعريف مبنطقة الباحة،

بل اإنه ا�صت�صاف فيها نخبة من اأعيان اخلليج العربي، كما ا�صت�صاف عددا من الوزراء العرب

الذين كانوا يح�رسون اإىل اململكة يف زيارات ر�صمية.

كتب عن الباحة:

حتدثت كتب كثرية عن الباحة، فو�صفت بالد غامد وزهران ومغانيها، ولكن خم�صة منها

األفت بكاملها عن منطقة الباحة على نحو خا�س، وهي يف �رشاة غامد وزهران لعالمة اجلزيرة

من ال�صلوك، واأحلان وزهران لالأ�صتاذ علي �صالح غامد قرى ال�صيخ حمد اجلا�رس، ومعجم

واحلا�رش املا�سي بني وزهران الغامدي، �صالح بن علي املتقاعد للواء وزهران غامد

لالأ�صتاذ م�صفر الزهراين، واأربعة اأيام يف منطقة الباحة لالأ�صتاذ علي حافظ.

جاء يف كتاب اأربعة اأيام يف منطقة الباحة:

حتى اجلنوب يف بلجر�صي من وقراها غاباتها يف وجتولنا الباحة، منطقة �صاهدنا "وقد

املندق، فجبل دو�س ال�صامخ يف ال�صمال، وكان قد م�صى على اإمارته لها اأكرث من �صبع �صنوات

التقدم والإ�صالحات والتطور ما يبهر العزيز( فراأينا بها من اإبراهيم بن عبد الأمري )يق�صد

باإذن وح�صاريا وثقافيا واقت�صاديا �صياحيا متاألق مل�صتقبل املنطقة هذه ويهيئ العقل

.الـله")1(

)1( اأربعة اأيام يف منطقة الباحة، �س15.

الف�صل التا�صع

الأمـــري والرجــل

155

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االأمـــري والرجــل

الأمـــري والرجــل

الإمارة اإىل الب�صطاء اأحد املواطنني العزيز للباحة، تقدم اإبراهيم بن عبد اإمارة اأيام اأحد يف

بطلب لتعيينه يف عمل �صاغر، وهو �صنع القهوة و�صبها لالأمري و�صيوفه. وكانت للرجل خربة بهذا

العمل، وبه حاجة اإىل ما يعول به اأ�رسته. ولكن كانت يف �صوته بحة قبيحة جتعل كالمه منفرا وغري

مفهوم اأحيانا، وخ�صيت الإدارة امل�صوؤولة عن تعيني امل�صتخدمني اأن ل ير�صى الأمري عن تعيينه

ب�صبب عاهته هذه، فلما عر�س الأمر عليه، قال: "اإنه �صيتوىل اإعداد القهوة، ولن يكون مذيعا".

كان هذا اجلواب يدل على اأمرين: فهو يظهر ما كان يتمتع به الأمري من روح الدعابة، وهي

على الدوام �صفة تدل على لطافة النف�س ورهافة احل�س، ولكنه فوق ذلك يدل على ما كان

يتمتع به من روح اإن�صانية، وما ي�صعر به من عطف على �صخ�س حمتاج يبحث عن عمل، ولكنه

م�صاب بعاهة ل ذنب له فيها، ول توؤثر يف عمله اأو تعرقله.

اأك�صبه اإبراهيم كثرية ل حت�صى، مما واملواقف الإن�صانية املماثلة التي تروى عن الأمري

�صمعة عالية و�صهرة طيبة يف جميع الأماكن التي عمل فيها اأمريا اأو وكيال لالإمارة.

وعلى الرغم من اأنه كان يتمتع بروح الفكاهة، وحب "النكتة" واملزاح مع اأ�صدقائه، فاإنه

كان يف �صاعات العمل يلتزم اجلد، وكان قوي ال�صخ�صية مهيب املجل�س، وكان جمل�صه يف مقر

عمله يت�صم باجلدية وال�رسامة. وكانت �صخ�صيته يف اأوقات العمل تغاير �صخ�صيته حني يفرغ

اأهله واأ�صدقائه، ففي مقر عمله كان يعري العمل ما يتطلبه من وقار من العمل ويكون بني

وجدية، كي ل يطمع يف لطفه وكرمه طامع يحاول ا�صتغالل عالقة خا�صة لق�صاء م�صلحته.

ومل يكن مكتب الأمري اإبراهيم مفتوحا لكل "من هب ودب"، ول لزائر يريد اإ�صاعة وقته يف الرثثرة

اأو التحدث يف الأمور اخلا�صة اخلارجة عن نطاق العمل، على ح�صاب اأ�صغال املواطنني وم�صاحلهم،

ولكنه يف الوقت نف�صه كان ي�رس على مقابلة من لديه �صكوى اأو مظلمة. وقد قال يف هذا ال�صدد مرة

اإن املواطن الذي يتقدم مبظلمة، ثم ي�صلم عري�صة ليد الأمري �صخ�صيا، ي�صعر بالطمئنان، ويدرك

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

156

االأمـــري والرجــل

اأن ق�صيته �صتلقى اأذنا �صاغية، فاإذا كان مطلبه عادل، فاإنه لبد اأن يجاب اإليه.

حدثنا الأ�صتاذ عبد الـله العبد الرحمن الرباهيم، فقال:

يجل�س الذي ال�صخ�س هذا اأن اأ�صك بحيث مرحا، يكون معه جنل�س "حني

اأمامي الآن، هو نف�س ال�صخ�س الذي كان يف مكتب الإمارة الر�صمي قبل �صاعة.

ياأتيه اإذ اجتماعي، اأو نف�صي عامل وكاأنه بب�صاطة، حوله النا�س يجمع كان

يتب�صط معهم، الر�صمي الرجل املهيب يف جمل�صه النا�س، فريون ذلك ب�صطاء

وميزح ويتكلم النا�س، وبني بينه احلواجز يلغي الراحة اأوقــات يف كان فقد

وي�صحك. فكان من هذه الناحية خبريا بالنفو�س، يجيد ك�صب املحبة والحرتام

معا. وكان رجال �صادقا يف عمله، ي�صع كل �صيء يف مكانه، معروفا لدى النا�س

جميعا ب�صدقه ووقاره".

وكان من عادته – وقد حافظ على هذه العادة طيلة وجوده يف منطقة الباحة – اأن تكون

داره مفتوحة للنا�س كافة م�صاء كل يوم، كما اأن مائدته كانت مفتوحة للع�صاء يوميا اأي�صا، ومل

يكن ير�صى اأن ين�رسف زائر، كائنا من كان، دون اأن يتناول طعام الع�صاء على مائدته. وكان

اره ويقدم لهم الطعام بنف�صه، ويدعوهم لال�صتزادة منه. يراقب زو

يف احلكومية وامل�صالح الإدارات مديري للقاء موئال الباحة يف اإبراهيم الأمري ق�رس كان

اإذ يبحثون خالله ما الر�صمي، اإىل ما ي�صبه الجتماع الع�صاء كل م�صاء، وحتولت جل�صتهم بعد

التنمية، وكان كل منهم بتنفيذ م�رسوعات اأو قيامهم يواجهونه من م�صاكل تعرت�س عملهم

يبدي راأيه ب�رساحة، ويعر�س ما لديه من اقرتاح ويطرح ذلك ملناق�صة ودية �رسيحة.

وكانت اأريحية الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز وعمق جتربته وراء هذه العادة املفيدة، وكان

ي�صغي لكل اقرتاح، ويحرتم كل راأي.

وكان الأمري اإبراهيم دائب الن�صاط كثري احلركة، عظيم ال�صعور بامل�صوؤولية و�صديد الهتمام

رحالت يف اأ�صبوع كل من واجلمعة اخلمي�س يومي يخرج ولذلك للرحالت، حمبا الواجب. باأداء

157

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االأمـــري والرجــل

يجمع فيها بني الرتفيه والت�صال بالقبائل واملواطنني، وكان يتب�صط معهم، ويدعوهم، ويلبي

دعواتهم، ويناق�صهم يف اأمورهم وم�صاكلهم ب�صفاء ومروءة ويحاول التو�صل اإىل حلول لها.

وكان �صديد الهتمام براحة املواطنني، يعمل دائما على اإزالة عناء ال�صفر عنهم، وقد داأب

على اإقامة خميم يف منطقة تهامة و�صط اجلبال ال�صاهقة والطرق والوعرة، يذهب اإليه يومني

العاجزين على وخا�صة عليهم، ليوفر و�صكاواهم املواطنني م�صاكل يف للنظر الأ�صبوع، يف

واملر�صى منهم، م�صقة ال�صفر اإىل مقر الإمارة يف الباحة ملتابعة م�صاحلهم.

فهو عميقا. فهما الإداري امل�صوؤول دور يتفهم العزيز عبد بن اإبراهيم الأمــري وكــان

ب�صفته بها، والتقيد احلكومة اأوامر وتنفيذ القوانني باحرتام املواطنني مطالبة يف �صديد

ممثال للحكومة. ولكنه من ناحية اأخرى، كان اأمام احلكومة ميثل املواطن، ويدافع عن حقوقه،

ويطالبها بخدمته.

وكان مغرما بال�صفر على الطرق الربية، ويف�صلها على ا�صتخدام الطائرات، ول يت�صجر

من طول امل�صافات، بل يف�صل عبور الطرق الرتابية على الطرق املعبدة يف جتواله للنزهة على

وجه اخل�صو�س، لأن ال�صيارة يف هذه الطرق ت�صري ببطء، مما يتيح له فر�صة التاأمل يف الأر�س

ومعاملها. وكان الأمري اإبراهيم مو�صوعي املعلومات عن جغرافية بالده، خبريا باأوديتها، يحفظ

اأ�صماء كثري من املواقع واجلبال، �صواء امل�صهورة منها اأو غري املعروفة.

ولعل من اأبرز ال�صفات التي عرفت عن الأمري اإبراهيم توا�صعه اجلم، ووفاوؤه الذي يكاد

يكون مبالغا فيه.

كان يكره الظهور، ويحاول البتعاد عن الأ�صواء، ويعزف عن الدعاية ال�صخ�صية. ويروي

على تدل حادثة الأ�صبوعية" "امل�صائية جريدة مع مقابلة يف )1(

ال�صلوك علي �صالح الأ�صتاذ

مدى عزوف الأمري اإبراهيم عن الدعاية ال�صخ�صية:

)1( الأ�صتاذ علي �صالح ال�صلوك من ال�صخ�صيات ال�صعودية التي عملت مع الأمري اإبراهيم يف الباحة منذ و�صوله

اإىل املنطقة حتى وفاته، وكان م�صت�صارا مبكتبه وهو مدير عام الإدارة باأمانة منطقة الباحة، ونائب رئي�س نادي

الباحة الأدبي، وقد اأظهر وفاء عظيما لالأمري اإبراهيم بعد وفاته وكتب عنه وعن اإجنازاته يف ال�صحف ال�صعودية

يف �صتى املنا�صبات.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

158

االأمـــري والرجــل

"عندما تقررت زيارة امللك خالد – يرحمه الـله – للمنطقة �صنة 1398هـ

– 1978م وقام بها نيابة عنه ويل عهده اآنذاك خادم احلرمني ال�رسيفني امللك

فهد بن عبد العزيز، كلف الأمري اإبراهيم الأ�صتاذ ال�صلوك باإعداد كتيب اإعالمي

عن املنطقة وقبائلها والأماكن ال�صياحية فيها، وقد اأعددت املعلومات واخرتت

ا�صت�صارتي، اأي �صيء دون ال�صور وعر�صتها عليه فوافق وقال: ل ت�صف لها

وعند طباعة الكتاب واإخراجه تطلب الأمر �صورة فوتوغرافية واحدة، وكان لدي

�صورة ملعاليه يف اإحدى جولته يف املنطقة ومعه بع�س اأجناله، فاأ�صفتها، وملا

الن�صخ املطبوعة قائال: اطلع على الكتيب غ�صب واأمر بنزع ال�صورة من جميع

"الكتاب لي�س دعاية يل"... واأم�صينا ليلة كاملة ننزع ال�صفحة ونتالفى اأثر نزعها

.حتى ل يكون ملفتا للنظر...")1(

اأما مظاهر وفائه فقد اأفا�س يف ذكرها اأ�صدقاوؤه وعارفوه. وكان للوفاء عنده مفهوم �صام

يندر مثيله.

ذوي والأعيان للمعمرين، الأعياد يف الزيارة رد على حر�صه احلميدة، عاداته من وكان

املكانة يف املنطقة.

اإبراهيم: الأمري مبعية املرات اإحدى يف كان اأنه الغامدي حامد اأحمد الأ�صتاذ لنا وروى

"فطاف بنا وقتا طويال، وقطع م�صافات �صا�صعة بحثا عن اأنا�س ب�صطاء للغاية لأنهم كانوا على

عالقة بوالده، اأو كانوا من رجاله الذين عملوا معه معاونني اأو موظفني، وذلك بق�صد تطييب

خواطرهم واإقالة عرثاتهم يف �صن ال�صيخوخة، وكان بع�صهم معدما، وقد راأيته يعطي كل من

يجده منهم ب�صخاء كبري، فكانوا يلهجون له بال�صكر والدعاء".

)1( "امل�صائية الأ�صبوعية"، ال�صنة 18، العدد 4995، 28 – 29 ربيع الآخر 1419هـ )20 – 21 اآب / اأغ�صط�س

1998م(.

159

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االأمـــري والرجــل

وقال رجل من خا�صته اأنه "اأم�صى يوما كامال يبحث عن رجل كفيف الب�رس يف قرية نائية

جدا يف قطاع بني مالك، جنوبي مدينة الطائف، لأنه من رجال اأبيه، ويرى من واجبه اأن يزوره.

ومل يغادر الأمري دار ذلك الرجل حتى بدل بوؤ�صه اإىل �رسور، وياأ�صه اإىل رجاء". وكان رحمه الـله

يتمثل باحلديث ال�رسيف: "من اإميان املرء �صلته لأهل و اأبيه".

ومل يكن وفاء الأمري اإبراهيم قا�رسا على اأ�صدقائه وزمالء والده ورجاله، واإمنا كان ي�صمل

من اأ�صاءوا اإليه اأو اختلفوا معه يف وقت من الأوقات. ومما يرويه اأحمد حامد الغامدي، اأن الأمري

اإحدى �صخ�صيات منطقة الباحة، وحتديدا يف قطاع البادية، وكان اإبراهيم كان قد اختلف مع

الرجل غري حمق يف موقفه من الأمري ظاملا له.

وعلم الأمري اإبراهيم اأن الزمن قد جتهم لذلك الرجل، واأن املر�س اأقعده، فلم يعد مبقدوره

اأن يتناول اإل حليب الإبل الذي يجلب له من اأ�صحابها ب�صعوبة كبرية وكلفة عالية، وهو يكاد

اإل اأن ا�صرتى ناقتني اأهداهما له لي�رسب من لبنهما. واأدرك يكون معدما. فما كان من الأمري

الرجل خطاأه، و�صحح راأيه الذي كان نتيجة اجلهل. ومات الرجل وهو يدعو لالأمري بطول العمر،

وياأ�صف على ما بدر منه نحوه.

ال�سيخ الإبراهيم وعن ميينه جنله الأكرب عبد العزيز واإىل ي�ساره جنله خالد الثاين

يف العمر بني اأبنائه.

م.يهربا

ل ادلخا

ه جنل

ه ين

ميىل

واإة"

�سعر

ل "ا

يةعب

�سل اسة�قلر

اي

ديوؤ

ط �س

لو ايف

م يهربا

ل اميهراب اإخي�سل الهلـ انذباإه لر

فوغمل

ا

ال�سيخ اإبراهيم الرباهيم وجنله الأكرب عبد العزيز.

ال�سيخ املرحوم وجنله خالد.

ال�سيخ اإبراهيم عبدالعزيز الرباهيم عندما كان وكيال لإمارة ع�سري ب�سحبة جاللة امللك خالد بن

عبدالعزيز و�ساحب ال�سمو ال�سيخ زايد بن �سلطان اآل نهيان رحمهما اللـه وال�سيخ خليفة بن حمد

اآل ثان اأمري قطر ال�سابق يف اإحدى املنا�سبات التي اأقيمت يف منطقة ع�سري عام 1399هـ

اأمري الباحة الراحل ومعه ابنه فهد الرباهيم.

ال�سيخ اإبراهيم الرباهيم ي�سارك املوظفني فرحتهم يف اإحدى املنا�سبات.

لقطة للمرحوم يف اإحدى اجلولت التفقدية يف منطقة الباحة وب�سحبته املرحوم

ال�سيخ عبد الـله الرباهيم.

�سورة تذكارية من اآخر رحلة خلارج اململكة: املرحوم ال�سيخ الرباهيم مع بع�س الأقارب

واملرافقني )1405هـ( )1985م( قبل �سنة من وفاته.

الفقيد يف اأوائل رحالته اإىل اخلارج مع حممد على ال�سويهي وحممد املر�سد الزغيبي.

�سورة لل�سيخ اإبراهيم اآل اإبراهيم خالل تفقده م�ساريع منطقة الباحة

ال�سيخ الرباهيم يف اإحدى زياراته اخلارجية.

معايل ال�سيخ اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم يف �سورة تذكارية.

�سورة ملعايل ال�سيخ اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم يف اإحدى املنا�سبات الر�سمية.

معايل ال�سيخ اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم يف منطقة الباحة.

معايل ال�سيخ اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم يف اإحدى رحالته الربية.

معايل ال�سيخ اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم يوؤدي العر�سة مع اأهايل واأمراء القبائل

مبنطقة ع�سري.

م يهربا

ل الهلـ ادعب

ل اميهراب اإيه

تخ اأيبن

واه ئناب اأنمة عسب�وم

يهربا

ل ايز

عزل ادعب

ن بم

يهراب اإخي�سل امحو

ملر ايل

عام

م.يهربا

ل انمحلر

ادعب

ه ـلل ادعب

ي مسا� .دو

الف�صل العا�رش

الأب املثـالــــي

175

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االأب املثـالــــي

الأب املثـالــــي

كان الأمري اإبراهيم اأبا مثاليا ورب اأ�رسة تغمر قلبه املحبة واحلنان، دون اأن يوؤثر ذلك احلنان

يف القرارات التي يتخذها مل�صلحة اأولده واأفراد اأ�رسته مهما بدت �صديدة يف وقتها، اإذا وجد

اأنها يف م�صلحتهم.

كافة من ويدعوهم �صنويا، مرات ثالث اأو مرتني الأ�ــرسة اأفــراد جمع على يحر�س وكان

املناطق، مما اأدى اإىل ن�صوء روابط عائلية قوية جدا بينهم، وكانوا يق�صون يف �صيافته نحو

اأ�صبوع، كما اأنهم كانوا يق�صون عطلة العيد يف �صيافته اأي�صا يف الباحة.

يف العام التعليم اخلا�صة هي خدمة عنايته اإبراهيم الأمري اأولهــا التي الأمــور اأهم ومن

املناطق التي عمل فيها، اأمريا ووكيال لالإمارة، والعمل على تو�صيع نطاقها وفتح املدار�س يف

املناطق املختلفة، ولذلك كان من الطبيعي اأن يحر�س على تعليم اأولده، ولديه 13 ابنا و13

ابنة كان حري�صا على اأن ينال كل منهم اأف�صل تعليم ممكن.

ويف �صنة 1376هـ – 1957م، ا�صتقدم لأولده مدر�صة خا�صة من لبنان هي عفاف �صفا

لتبا�رس بتعليمهم، كما قرر بعد ذلك اإر�صال ولديه الكبريين عبد العزيز وخالد للدرا�صة يف كلية

فيكتوريا مب�رس، وقد ذهبا اإليها يف �صنة 1960م، وهما يف �صن �صغرية، ولكن اأحد اأ�صدقائه

تدخل يف الأمر، ومتكن من اإقناعه باإدخالهما يف مدار�س وطنية يف املرحلة البتدائية والثانوية،

لأن كلية فيكتوريا، واإن كانت ذات م�صتوى تعليمي جيد، فاإنها تبقى مدر�صة اأجنبية، وقد ل

تغر�س يف طالبها الروح الإ�صالمية والعادات والف�صائل العربية، فاأعادهما اإىل اململكة حيث

اها قرر اإر�صالهما للدرا�صة يف اأمريكا، كما يروي لنا جنله اأكمال الدرا�صة الثانوية فيها، فلما اأمت

ال�صيخ خالد الرباهيم يف معر�س ذكرياته عن والده رحمه الـله.

وكان الأمري اإبراهيم الرباهيم يوزع عطفه الأبوي على اأبنائه بالق�صط، ويعدل بينهم، فلم

ي�صعر �صغري منهم ول كبري، باأن اأحدا من اإخوته مف�صل عليه، اأو اأنه ينال من حنانه الأبوي اأكرث

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

176

االأب املثـالــــي

مما يناله هو.

اه تيمنا با�صم والده الأمري عبد العزيز، وابنه كان اأكرب اأبنائه هو ال�صيخ عبد العزيز الذي �صم

الثاين هو ال�صيخ خالد. ونظرا لتقارب �صنيهما ون�صاأتهما معا، فقد قرر اإر�صالهما للدرا�صة يف

وهي مب�رس، ال�صهرية فيكتوريا كلية اإىل اأول فذهبا – الإ�صارة �صبقت كما – �صويا اخلارج

معروفة مب�صتواها التعليمي والرتبوي املمتاز، ثم اأر�صلهما للدرا�صة يف الوليات املتحدة يف

وليتني متجاورتني. فقد ذهب ال�صيخ عبد العزيز اإىل جامعة "تاكوما" بولية وا�صنطن، على

العلوم يف املاج�صتري �صهادة على منها ح�صل حيث املتحدة، الوليات من الغربي ال�صاحل

ولية يف يوجني مبدينة اأخــرى، جامعة اإىل فذهب خالد ال�صيخ اأما والقت�صادية. ال�صيا�صية

اإدارة يف البكالوريو�س درجة على منها وح�صل "اأوريغون"، جامعة وهي املجاورة، اأوريغون

الأعمال.

اأما اأبناوؤه الآخرون، فهم، بح�صب ت�صل�صل اأعمارهم، �سعود، وهو يحمل درجة البكالوريو�س

ال�صهادة يحمل وهو ومن�سور، اأي�صا، املتحدة الوليات جامعات اإحدى من الأعمال اإدارة يف

اإدارة البكالوريو�س يف وحممد، وهو يحمل درجة الدكتوراه، وفهد، وهو يحمل درجة نف�صها،

الأعمال، ووليد، وبدر، وماجد، و�سلطان وهم يحملون ال�صهادة نف�صها، ونواف وتركي وهما

اأبنائه، وهو يدر�س يف املرحلة البتدائية. كما اأ�صغر وفي�سل، الثانوية، يدر�صان يف املرحلة

كان جميع بنات الأمري اإبراهيم متعلمات تعليما جيدا.

ا يغمر قلوبهم نحوه من ويحمل اأولد الأمري اإبراهيم عن والدهم اأطيب الذكريات، ف�صال عم

بتن�صئة كل واحد منهم عناية خا�صة، ووفر لهم اأ�صباب الدرا�صة على حمبة واحرتام. فقد عني

لهم ر�صالته يف احلياة، واأعدهم للم�صتقبل خري اإعداد. اأكمل وجه، وحم

وقد ت�صنى للموؤلف ت�صجيل ملحات من ذكريات جنليه الأكربين، ال�صيخ عبد العزيز وال�صيخ

ربه جوار اإىل والده انتقال اإثر موؤثرة كلمة كتب فهد، ال�صيخ اخلام�س، جنله اأن كما خالد،

نها م�صاعر البن بفقدان اأب مثايل. �صم

177

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االأب املثـالــــي

ذكريات ال�سيخ عبد العزيز

قال ال�صيخ عبد العزيز الرباهيم اإن ذكرياته عن والده، رحمه الـله، كثرية، "واإن العبارات

تعجز عن و�صفه، والكالم يعجز عن بيانه".

كان يف تعامله ميثل اأ�صدق �صور العاطفة واأنقاها، وكان الرتباط الأبوي احلنون ل يقت�رس

اأ�رسته، بل يتعداه اإىل الآخرين، فكان كثري امل�صاركة للنا�س يف اأبنائه واأفراد على عالقته مع

اأفراحهم وهمومهم، وكان يحث على �صدق العطاء، والإخال�س يف اأداء الواجب، وخمافة الـله يف

القول والعمل.

وحتدث ال�صيخ عبد العزيز عن عادات والده اخلا�صة، فقال:

اأبنائه اليومي، لالجتماع مع ال�صديد على تخ�صي�س جزء من برناجمه اأبرزها حر�صه "كان

اإليهم، وحثهم على ملتابعة �صري درا�صتهم والوقوف على م�صتوياتهم الدرا�صية، وال�صتماع

لكبريهم، �صغريهم واحــرتام الفا�صلة، الإ�صالمية بالأخالق والتم�صك العلم، من ال�صتزادة

والتوا�صل فيما بينهم.

تناول اأثناء حوله اأ�رسته اأفراد جميع التفاف على اأي�صا احلر�س �صديد الـله رحمه وكان

الطعام، وكان يتفقد الغائب منهم، ول يبداأ الطعام قبل اأن يطمئن على الغائبني �صغريهم

وكبريهم. وكان رحمه الـله – كما يعرف اجلميع عنه – اآية يف التوا�صع والوفاء. وقد كان له يف

كل مدينة وقرية معارف واأ�صدقاء واأحباب، يفاجئهم بزيارته لهم يف منازلهم ومواقع عملهم،

وكان على الدوام لطيفا معهم، يتفقد اأحوالهم، ويعطف على كبريهم، ويحنو على �صغريهم،

ويرعى �صوؤونهم، وي�صاركهم يف منا�صباتهم. وكان ل يتخلى عن هذه العادة املحببة اإىل نف�صه

واإىل اأحبائه، مهما كانت ظروف ان�صغاله اأو ارتباطاته الر�صمية".

ذكر فقد فل�صطني، ق�صية من موقفه وخا�صة الوطنية، ومواقفه ال�صيا�صية، اآراوؤه اأما

ز ال�صيخ عبد العزيز اأنها كانت على العموم تعك�س �صفة العتدال واحلكمة الفطرية التي متي

بها يف �صخ�صيته اخلا�صة والعامة معا. قال ال�صيخ عبد العزيز:

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

178

االأب املثـالــــي

"كان دائما مع احلق والعدل ون�رسة املغلوب على اأمره. وهذا ين�صحب ب�صكل خا�س على

ق�صية فل�صطني.

وكان، رحمه الـله، كبري احلر�س على التعبري عن مظلمتهم وحمنتهم امل�صتمرة يف اغت�صاب

اأرا�صيهم وت�رسيدهم حول العامل. وكان يوؤكد دائما على النهج الذي �صار عليه موؤ�ص�س اململكة

وزعيمها الأول املغفور له امللك عبد العزيز ب�صدد فل�صطني: باأنه لن ي�صتعاد احلق اإل بوا�صطة

اأهل احلق اأنف�صهم، ومبعونة اإخوتهم العرب وامل�صلمني".

و�صاأل املوؤلف ال�صيخ عبد العزيز عن والده "اإن�صانا": ماذا كانت هواياته، وقراءاته، وهل

كان هنالك اأديب اأو �صاعر معني كان معجبا به ب�صورة خا�صة؟ فقال:

اأنحاء "كان رحمه الـله �صغوفا بالطبيعة الفطرية لكل ما حوله، وحمبا للتجول وال�صفر يف

ال�صحراء، ويف ال�صواحل، والإقامة فرتات طويلة يف خميمات الرب.

وكان مييل اإىل الفن والأدب، ويحب القراءة والإطالع على كل ما هو جديد ومفيد حلياة

اأبنائه وجمتمعه، ومن كان م�صوؤول عنهم يف اخلا�صة والعامة. ول ميكن اأن يقال اإنه كان له ولع

خا�س باملو�صيقى مثال، ولكنه كان وا�صع الإطالع يف �صتى جمالت املعرفة، وكان يتميز بذاكرة

حادة، و�صغف �صديد بالكتب الأدبية وخا�صة كتب الرتاث. وكان مييل اإىل قراءة ال�صعر، ويهوى

ب�صورة خا�صة �صعر اأحمد �صوقي من �صعراء القرن الع�رسين".

اأما طباعه ال�صخ�صية وتعامله مع النا�س، فقد ذكر عنها ال�صيخ عبد العزيز قائال: "اإن من

اأنبل �صفاته هو اأنه كان حليما هادئ الأع�صاب، نادرا ما يثور، ول يثور اإل يف وجه حق، وعندما

حتتدم الأمور وتبلغ نهاياتها".

وختم ال�صيخ عبد العزيز ذكرياته عن والده قائال:

جميعا، النا�س بني �صريته ولكن اأبنائه، اأكرب لأنني نظرا جمروحة �صهادتي تكون "قد

اأكرب �صاهد على هذا اجلانب من حياته. وخا�صة بني من عمل معه من موظفني وزمالء، لهي

واأح�صن ما اأذكره هنا هو اأن اأقول اإن الوالد رحمه الـله كان ملتزما اأكرب التزام باملبداأ الإ�صالمي

179

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االأب املثـالــــي

املوروث: الدين املعاملة".

النجل الثاين لالأمري اإبراهيم: ذكريات ال�سيخ خالد –

قال ال�صيخ خالد بن اإبراهيم للموؤلف:

"اأول �صيء اأتذكره عن الوالد رحمه الـله، حادث وقع يوم كان عمري ثالث �صنوات اأو تزيد

وين�صب اأ�صهر، ثالثة اأو �صهرين اأو �صهر ملدة اأحيانا يخرج بالرب، مغرما الوالد كان قليال.

خميما للعائلة، ويف اإحدى املرات اأخذين معه واأنا يف تلك ال�صن، وبتنا يف الرب. وكنت يف ذلك

الوقت �صغريا ل اأزال اأنام مع والدتي، فاأفقت يف الليل و�صاألت عن والدتي واأنا اأبكي، فحاول

والدي تهدئتي. وكانت لدينا �صيارة فورد �صغرية يف ذلك الوقت، فاأخرجني اإىل ال�صيارة وفتح

الراديو وحاول اإلهائي به.

هذا احلادث اأتذكره بكل و�صوح على الرغم من �صغر �صني يف ذلك الوقت.

ومن عاداته اأنه كان ياأخذ اأولده معه اإىل كل مكان يذهب اإليه لتعلقه باأطفاله، ولكي

املنطقة، لزيارة �صعود امللك ح�رس املنا�صبات اإحــدى ويف الكبار. جمال�صة على يتعودوا

وامللك �صعود امللك على �صلمنا وقد اأطفال، ونحن الر�صمي ال�صتقبال اإىل معه فاأخذنا

في�صل غري مرة.

وكانت لديه فكرة تربوية ممتازة، ويرغب يف تعويدنا على جمال�صة الرجال والإ�صغاء اإىل

حمادثاتهم. وكانت جمال�صة عامة يرتدد على زيارته فيها علماء واأدباء و�صخ�صيات مهمة من

�صتى الأنواع، وكان ي�رسكنا يف هذه اجلل�صات وي�صجعنا على ح�صورها.

اإىل يذهب وقته. من باملائة 70 نحو فيه يق�صي �صديدا، للعمل املرحوم اإخال�س كان

مكتبه يف �صاعة مبكرة من ال�صباح ويعمل حتى الظهر، ثم يرجع ليتناول الغداء يف البيت، وبعده

يرتاح نحو �صاعة ون�صف ال�صاعة. ومن عادته اأن ينام بعد تناول الغداء يوميا. وكانت جتلب اإليه

جمموعة كبرية من الأوراق فيدر�صها ويعمل عليها يف البيت �صاعات طويلة من الليل.

عن ترفه ل وملــاذا العمل، يف الوقت هذا كل تق�صي ملــاذا مرة اأ�صدقائه اأحــد له قال

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

180

االأب املثـالــــي

على متوقف معاملته، وم�صريه اإنهاء ينتظر ال�صجن يف �صخ�صا اأترك فاأجابه: وكيف نف�صك،

قرار اأتخذه؟.

كان �صمريه اليقظ يحثه على العمل، وكان موؤمنا بالعمل دوؤوبا عليه.

من النقاط املهمة يف �صريته اأنه كان كرميا، يتفقد اأ�صدقاءه القدماء ويحر�س على البحث

عنهم، وفيا لهم. وكان وا�صال للرحم، يتفقد اأخواله واأخوال جده ويرعاهم، ويعريهم اهتمامه،

ويزورهم، كما ي�صل اأ�صدقاءه".

اإىل ياأتي حينما معه ا�صطحابنا على يحر�س كان اأنه الأخــرية، الفرتة يف لحظناه ومما

الريا�س. وكان حني يزورها يتوافد عليه اأ�صدقاوؤه، ويدعونه اإىل بيوتهم.

وكان ل يرغب يف رد اأي طلب، بل يحاول تلبية كل طلب لأ�صدقائه، ول ينظر اإىل الطبقة

التي ينتمي اإليها ال�صخ�س، �صواء اأكان فقريا اأو غنيا، اأو ينتمي اإىل عائلة كبرية اأو متوا�صعة.

وكان يبحث عن دورهم، وي�صاأل عنهم، ويذهب اإىل دورهم يف الأحياء القدمية اأو الفقرية بال

تكلف.

ومما نذكره عنه، نحن اأولده، اأنه كان يحارب ميلنا اإىل �صياقة ال�صيارات حينما كنا �صغارا،

ومل ي�صمح لنا بقيادة ال�صيارة اإل بعد اأن اأنهينا درا�صتنا الثانوية.

كان رحمه الـله يتمتع بروح الفكاهة، ويحب النكتة واملزاح مع اأ�صدقائه، وقد اأ�صبحت هذه

الروح وا�صحة لديه يف اأعوامه الأخرية، وروح الفكاهة يف ال�صخ�س دليل �صفاء الذهن، وعالمة

الذكاء، وخفة الروح وطيبة القلب.

قرر يف البداية اإر�صالنا اإىل كلية فيكتوريا بالإ�صكندرية، فذهبنا اإليها ونحن يف الدرا�صة

التمهيدية يف �صنة 1960م، ولكن اأحد اأ�صدقائه تدخل يف الأمر، ون�صحه باأن يدخلنا مدار�س

وطنية يف املرحلة البتدائية والثانوية، لأن كلية فيكتوريا، واإن كانت ذات م�صتوى تعليمي

الإ�صالمية والف�صائل والعادات الروح اأجنبية ل تغر�س يف نفو�س طالبها جيد، فاإنها مدر�صة

العربية. وكان يرعانا اأثناء اإقامتنا يف م�رس ودرا�صتنا يف كلية فيكتوريا اأحد اأبناء عمومته، وهو

181

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االأب املثـالــــي

الأ�صتاذ عبد الـله عبد الرحمن اإبراهيم )اأبو �صامي( الذي كان ويل اأمرنا يف م�رس، وامل�صوؤول عنا.

وقد عدنا اإىل الدرا�صة يف الوطن بعد �صنة واحدة، وملا اأكملنا درا�صتنا الثانوية، قرر اإر�صالنا

للدرا�صة يف اأمريكا. وع�صية مغادرتنا اإليها جمعنا واألقى علينا حما�رسة قوية يف اأهمية التم�صك

بديننا وعاداتنا وف�صائلنا، واأكد على عدم اإغفال ال�صالة، وحتدث عن اأهمية العلم والدرا�صة،

وعن تاريخ عائلتنا، وزودنا بكثري من الن�صائح.

وكانت رواتب الطالب املبتعثني اإىل اأمريكا يف ذلك الوقت 220 دولرا يف ال�صهر، فزودنا

اأمورنا بهذا اإننا يجب اأن ندبر األف دولر للطوارئ طوال ال�صنة، وقال اإ�صافة اإىل ذلك مببلغ

املبلغ الذي يعي�س عليه غرينا من الطالب، ف�صافرنا واأقمنا يف �صقة �صغرية، وا�صرتينا �صيارة

م�صتعملة، وتعودنا اأن نكتفي بهذا املبلغ ونعي�س عليه ب�صعوبة، على الرغم من قدرته على

املبلغ زيادة العزيز مرة الأخ عبد اإ�صايف. وقد طلب اأي مبلغ واإر�صال اإلينا، ما ير�صله زيادة

املخ�ص�س لنا، فرف�س هذا الطلب.

ويف اإحدى املرات طلبنا اإىل الوالدة اأن تر�صل لنا �صيئا من املال حلاجة لنا، فلما اأر�صلته

وعلم الوالد بالأمر مل يرحت لالأمر بل غ�صب غ�صبا �صديدا.

اإننا نعلم الآن اأن ذلك مل يكن بخال منه، بل حر�صا على تعويدنا على ال�صبط واللتزام.

اإليه اأ�صاتذتنا، طلبنا اأ�صدقائنا وتكرمي اإقامة حفل لتوديع اأكملنا درا�صتنا وقررنا وملا

مبلغا من املالـ، فحول لنا ع�رسة اآلف دولر. وكان هذا مبلغا خياليا بالن�صبة لنا يف ذلك الوقت.

وقد فعل ذلك بعد اأن اأكملنا درا�صتنا وح�صلنا على نتائج مر�صية.

اأحد اأنني يف اأن يجرح �صعور الآخرين، واأذكر "وكان رحمه الـله رجال يكتم غيظه، ول يحب

اأيام الدرا�صة يف اململكة، يف املرحلة البتدائية تخا�صمت مع اأحد التالميذ يف املدر�صة، فكتب

املدير ر�صالة اإىل والدي ي�صكوين فيها على هذا الت�رسف، واأر�صل الر�صالة بيد ال�صائق. فاأطلعني

ال�صائق على الر�صالة، وحاولت اإغراءه باملال لكي ل يو�صل الر�صالة اإىل والدي. فطلب ال�صائق

لقاء هذا اأن اأعطيه جهاز ت�صجيل جديد كنت فرحا به. اأعطيته اإياه، وظننت اأن الأمر انتهى. ولكن

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

182

االأب املثـالــــي

ال�صائق اأو�صل الر�صالة دون علمي، ومل يظهر على والدي مظهر الغ�صب ومل يقل يل �صيئا،

حتى راأيت الر�صالة على من�صدة يف غرفة النوم، وكان قد تعمد و�صعها لكي اأراها، فعلمت اأنه

كان يدري بالأمر ويكتم غيظه، لعلمه اأن الأمر كان من نزوات ال�صباب اأو اليفاعة الزائلة.

واأ�صابه فيها حزن عظيم، وتاأثره، اأمله التي عجز فيها عن كتمان القليلة احلالت ومن

حينما توفيت اأخته ال�صقيقة، وكانت �صاكنة معنا. وقد راأيته يكاد ينهار من احلزن عليها، وكان

ذلك مظهرا من مظاهر �صعوره الرقيق الذي كان ي�صيطر عليه يف �صائر احلالت، اإذ مل يتمالك

نف�صه اأمام هذه احلادثة.

و�صادف اأن انتابني يف �صغري مر�س الربو فعجز الأطباء عن معاجلته، وازدادت معاناتي

" هو العالج الوحيد حلالتي. وقد �صيطر الوالد على اأع�صابه، "الكي منه، ون�صحه البع�س باأن

املوؤملة وحاول اإقناعي باأن العملية ب�صيطة، ومنحني عدة جنيهات ذهبية، وقد متت عملية الكي

يف �صدري، ولكن كان بها �صفائي التام من املعاناة وزوال املر�س نهائيا.

ا نوعا ما، ولكنه مل يكن يتناول �صيئا من قبيل الفطور، واإمنا كان رحمه الـله ي�صحو مبكر

يكتفي بتمرة وفنجان من القهوة، ويخرج اإىل عمله فال يعود اإل يف حدود ال�صاعة الثانية بعد

الظهر، فنتناول الغداء معا، وي�رسب ال�صاي ثم ينام وينه�س يف ال�صاعة الرابعة اأو نحوها، فيخرج

البيت بني الع�رس واملغرب، يف نزهته املعتادة بال�صيارة يوميا تقريبا، ول يحب اجللو�س يف

وخا�صة حينما كنا يف الباحة. وكان ي�صلي املغرب يف اخلارج.

يقراأ اأن عاداته من وكان معه، ي�صهرون الذين اأ�صدقائه ل�صتقبال يجل�س امل�صاء ويف

الكتب الأدبية قبل النوم.

كان الوالد رحمه الـله ي�صجعنا على الكتابة اإليه من اأي مكان نكون فيه، وي�رسه اأن يت�صلم

على يحفزنا وكان وم�صاهداتنا، و�صفراتنا ودرا�صتنا اأحوالنا عن فيها نخربه التي ر�صائلنا

التعلم ويحثنا على اللتزام بالف�صائل.

فيه. مكان عمل ويحرتمونه يف كل يحبونه اأ�صدقاء له وكان ب�صمعة ممتازة، يتمتع كان

183

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االأب املثـالــــي

القدماء فيها، ويتفقدهم على ح�صاب اأ�صدقائه زيارته منطقة من املناطق ي�صاأل عن وعند

وقته ونومه وراحته.

اأحدثت وفاته يف حائل هزة عظيمة يف اململكة، وكان لها �صدى اأ�صف عظيم، وقد �صمعنا

بالأمر ونحن يف اخلرب وقد اأخربين بالأمر اأخي �صعود.

الروح، يعمل خلدمة ق�صايا الأمة العربية يف نطاق قدراته وجمالت عمله، وملا وكان وطني

اأخبارهم اأمريا للقنفذة توىل بنف�صه جمع التربعات للمنا�صلني اجلزائريني، وكان يتابع كان

وي�صجع ن�صالهم. وكان اأبو جهاد مدر�صا يف القنفذة يف عهد اإمارته.

وكذلك كان يف مكة ويف �صائر مراحل وظيفته يحر�س على جمع التربعات للق�صايا الإن�صانية

والوطنية.

اأحفاده حبا عظيما، اأولد ابنه ال�صيخ خالد، وكان يحب اأن �صهد الـله بعد اإىل رحمة تويف

وكان حنان اجلد طاغيا عليه.

قلبه ويخفق ويداعبهم فيالطفهم يــراهــم، حني �صفتيه تفارق ل البت�صامة وكانت

لروؤيتهم".

مواقفه واآراوؤه ال�سيا�سية:

عجب ال�صيخ اإبراهيم يف بداية عهده بجمال عبد النا�رس، كزعيم عربي يف ال�صيا�صة العربية اأ

وطني قاوم ال�صتعمار وعمل لأجل ا�صتقالل م�رس ورفع �صاأنها. وكان يقول اإننا فرحنا بالثورة،

ودعونا لها وغنينا، لأنها كانت ثورة عربية �صد اإ�رسائيل، فاإذا بها تطعننا من اخللف عن طريق

اليمن، واأ�صبحت الطائرات امل�رسية تق�صف املواقع ال�صعودية. وانقلب ترحيبه القدمي بالثورة

امل�رسية اإىل كره عميق للثورات، وفقد اإميانه بها.

وكان يعتقد اأن جمال عبد النا�رس الذي يحاول اأن يظهر مبظهر زعيم العرب، يغار من امللك

عبد العزيز الذي كان اأول ثوري يف اململكة العربية ال�صعودية، ويعده الإن�صان الذي اأر�صله الـله

تعاىل لبعث كيان هذا الوطن.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

184

االأب املثـالــــي

اإىل الـله تعاىل، عادل، �صهما، كرميا، على خلق نبيل. وكان اأنه كان رجال قريبا ل�صك يف

عظيم التقدير لالأعمال التي قام بها والده، وكان منذ اأن اأ�صبح وكيل اإمارة، اإىل يوم وفاته،

يجعل بابه مفتوحا لكل مراجع، فال يرف�س مقابلة مراجع اأو متظلم اأو �صاحب حاجة.

النجل الثالث لالأمري اإبراهيم: ذكريات ال�سيخ �سعود –

يف ت�رسيح جلريدة "البالد" حتدث ال�صيخ �صعود بن اإبراهيم الرباهيم، النجل الثالث لالأمري

اإبراهيم رحمه الـله، عن ذكرياته عن والده فقال:

"لقد كان الوالد يرحمه الـله �صديد الهتمام ب�صلة رحمه فلم يكن يرتك اأي فر�صة تاأتي

اإل ويزور فيها اأهله واأ�صدقاء والده. وكان الوالد رحمه الـله اإذا قام بزيارة مدينة اأو قرية وبها

اأحد اأ�صدقاء والده، فاإنه كان يحر�س على زيارته يف منزله وال�صوؤال عنه، مهما كانت م�صاغله.

"خويا" عند اأ�صدقاء والده يف مدينة اخلرج والذي كان يعمل اأنه قام بزيارة لأحد واأذكر

اجلد يف املدينة املنورة، وكان رجال متقاعدا وحر�س على اأن يزوره وياأن�س معه، وكان الرجل

كبريا يف ال�صن، وعندما علم باأن الوالد جاء لزيارته وال�صوؤال عنه تاأثر جدا بهذا املوقف، فلم

يكن يتوقع هذه الزيارة لأنه مل يتعودها حتى من اأقربائه ح�صب قوله".

وي�صيف ال�صيخ �صعود الرباهيم:

ق اأبدا بني اأبنائه، فهم جميعا يح�صلون على حبه ومودته "اإن الوالد رحمه الـله كان ل يفر

ولينه، وياأن�صون له وينعمون بعطفه وتوجيهه وعطائه لهم، ولذلك مل ي�صعر اأحد منا )اأبناوؤه

.وبناته( باأي نوع من التفرقة التي قد حتدث يف بع�س العائالت")1(

النجل اخلام�س لالأمري اإبراهيم يرثي والده: ال�سيخ فهد بن اإبراهيم –

على اإثر فجيعته بوالده العزيز، كتب ال�صيخ فهد بن اإبراهيم، النجل اخلام�س لالأمري اإبراهيم اآل

اإبراهيم املقالة التالية يف جريدة "اجلزيرة" ال�صادرة بعد وفاته بثالثة اأيام، وهي مقالة موؤثرة، زاخرة

بالعواطف ال�صادقة، ال�صادرة من قلب مليء باحلزن والأ�صى، مع الر�صوخ لق�صاء الـله وقدره:

)1( جريدة "البالد"، العدد 9348، 18 جمادى الأوىل 1410هـ )16 كانون الأول / دي�صمرب 1989م(.

185

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االأب املثـالــــي

ر�سالة اإىل اأبي

اأبي الغايل

واملوؤمنني ال�صابرين باأجر واأمــدك ال�صوؤال... عند وثبتك قربك يف وح�صتك الـله اآن�س

وال�صهداء وال�صاحلني وح�رسك مع عباده املوؤمنني الذين ل خوف عليهم ول هم يحزنون.

اأجد منها تت�صابه الأمور وتت�صابك، فال اأفكاري وهي مني ت�صيع وعلي اأجمع �صتات اأكاد

خمرجا اإل الدعاء لك وهو ما اأمرنا الـله �صبحانه وتعاىل به، واأرجو اأن ينالك ما �صمعته من دعاء

من اأفواه كثرية، كبرية و�صغرية، غنية وفقرية، تعرفك ول تعرفك، فهي لنا ال�صرب ولك منها

الأجر والثواب.

�صيدي الغائب احلا�رس:

اأنت يف ذهني حا�رس معنا، باأبوتك احلانية ورعايتك ال�صاملة للفقري قبل الغني، لل�صغري

والإميان بالأقدار بالـله تعاىل ويقيني الكامل اإمياين الواجد، ومع للمحتاج قبل الكبري، قبل

املفاجاأة ما حدث من هول اأن اإل الأوىل، ال�صدمة عند وال�صرب لأمره والحتكام الـله بق�صاء

نعرف الذين الكثريون، واأ�صدقائي وحمبوك واأهلي واأخوتي اأنا اأحتمله اأن من اأكرب كان يل

والذين ل نعرف، ومع اإمياين باأن املوت حق م�صهور وطريق ماأثور ولكن نحن يف هذا الزمان

اأ�صد ما نكون حاجة فيه اإىل مثل اأبوتك وحنانك وعطفك وتوجيهك ورعايتك. اأنا اأعرف اأنك تكره

الـله تكره كل ذلك يف حياتك، فلقد كنت الثناء كما كنت رحمك واأ�صاليب املديح والإطــراء

مدر�صة كبرية ل حدود لأرجائها ول حتديد ل�صعتها، فلقد كانت يف مثل �صعة الأر�س ورحابة

ال�صدر، وكنت اأ�صتاذا يف هذه املدر�صة لالأخالق الفا�صلة واملبادئ احلميدة، وداعيا اإىل �صبل

احلق واخلري وحماميا عن حقوق ال�صعفاء واملحتاجني، نا�صحا اأمينا للكبري وال�صغري والغني

والفقري، قمة يف �صلة الرحم وجمع ال�صمل.

كنت يا �صيدي اأود اأن اأنهل من هذه املعارف احلكيمة واملثل العليا، اإننا بحاجة اإىل مثل

هذه املثل واحلكم والدرو�س ولكنك يا �صيدي رحلت قبل اأن تكمل الدر�س، فما اأحوجنا يف مثل

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

186

االأب املثـالــــي

هذه اللحظات اإىل اأخذ العربة مبثل هذه الدرو�س القيمة والأفعال احلميدة والت�رسفات الر�صيدة

واملثل العليا، وقد كنت لها نعم املنفذ واملدر�س واملعلم، دار كل ذلك يف ذهني واأنا اأ�صتعيد

مع وقع املفاجاأة وهول امل�صاب، كيف كان تعاملك معنا جميعا، ولعلي ل اأن�صى در�صا واحدا

من درو�صك احلانية ون�صائحك الأبوية والزاد القوي الذي كان لنا جميعا عونا على هذه احلياة.

لقد كانت تلك اللحظات التي عزمت فيها واأخي من�صور على ال�صفر للوليات املتحدة للدرا�صة

اجلامعية، منعطفا يف م�صار حياتنا الدرا�صية فلقد كان ن�صحك لنا ودر�صك الذي رويته لنا يف

ا واأكرثها اإي�صاحا، وتلك الكلمات اأكرب واأروع من كليمات ب�صيطة اأروع الدرو�س واأن�صعها بيا�ص

جميع املحا�رسات التي تلقيناها بني جدران اجلامعة. قلت لنا يا اأبي ولن نن�صى ذلك القول:

"يا بني اإن النا�س �صنفان، كالثوبني الأبي�س والأ�صود، فالثوب الأبي�س نا�صع البيا�س توؤثر

فيه اأي بقعة تظهر عليه مهما كانت �صغرية يف حجمها، وقد ت�صعب اإزالتها، اأما الثوب الأ�صود

فقد ل يت�صح فيه الت�صاخ ولكنه ي�صري يف عبابه ول يظهر عليه ذلك، فكونوا دائما كالثوب

الأبي�س". كانت هذه الر�صالة ال�صفهية املقت�صبة در�صا عظيما لنا يف حياتنا ونربا�صا كبريا لنا

�رسنا على هداه يف تعاملنا مع جمتمعنا.

اأبي احلبيب:

لقد كان الدر�س الذي اأ�رست اإليه اآنفا در�صا خامتا لنا ولكني اأ�صتميحك العذر لأن در�صا من

فهمه يف حينه لقد كنت اأعجب واأعجب كثريا ملا جتهد به نف�صك درو�صك الكثرية �صعب علي

من زيارات متعددة حينما تتواجد يف اأي مكان من مدن اململكة، واإنني لأجد مفكرتك اليومية

بال�صغري التي تزورها مع تباعدها، وكنت تهتم بالأ�صماء واملواعيد لع�رسات املنازل ت�صيق

قبل الكبري واملحتاج قبل املقتدر، لقد كنا نعجب من عدد امل�صاكن التي ا�صتطعت اأن تزورها

يف يوم واحد، واخلواطر الكثرية التي جربتها اأثناء تواجدك يف اأي مكان. كنا ونحن اأبناوؤك وكثري

به فوق باأن ما تقوم ن�صعر لأننا الأعذار حتى ل نكون معك، واأ�صدقائك نختلق اأقربائك من

الرجال، هو اليوم وتناول القهوة ودخول منازل هوؤلء الب�رس. فاإن زيارة ع�رسين بيتا يف طاقة

187

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم االأب املثـالــــي

نوع من الأعمال ال�صاقة التي كنت جتد �صعادة كبرية يف اأداء واجبها، وكنت حينما تتواجد يف

الريا�س ملتابعة م�صاريع املنطقة تاأخذ من وقت راحتك الكثري جدا، لتزور كبريا يف ال�صن عمل

مع جدي اأو عرفته وت�صتف�رس عن اأحواله واأبنائه واأقاربه. اأذكر يا اأبي ذلك املوقف العجيب جدا

عندما رافقتك قبل �صهرين اإىل اخلرج وكنا نبحث عن رجل طاعن يف ال�صن فاقد الب�رس اأقعده

الزمان و�صاق به املكان واهتدينا اإىل مكانه ب�صعوبة، ودخلنا اإىل داره املتوا�صعة وهو يجل�س

على ح�صري �صغري �صاركته يف اجللو�س عليه وبداأته بال�صالم وقلت له نحن �صيوف من احلجاز

اأتينا لل�صالم عليك، قال حيا الـله ال�صيوف ولكن يف قلبي �صعور اأنكم اأقرب من ال�صيوف واأن

لكم يف هذا القلب ال�صعيف مكانة، فاأفيدوين جزاكم الـله خريا من اأنتم اإين لأجد لكم يف قلبي

الزمن حتى زائريه فرتة من الرجل بكم. ومل يكن يعرف ذلك مع عدم معرفتي ا �رسورا خا�ص

م لنا ابنه القهوة وال�صاي، فاإذا بك تخربه با�صمك ولهول مفاجاأته اأجه�س بالبكاء من �صدة قد

الفرحة امل�صحوبة باملفاجاأة، ثم قال والـله لو �صبقني اأحد اإىل الت�صحية بابنه يف مثل هذا اليوم

لفعلت، وعرفت منك اأنه كان اأحد اأخوياء جدي عبد العزيز رحمه الـله يف املدينة.

لقد كانت هذه خ�صالك الطيبة وفعالك احلميدة، وقد كنت اأ�صعر اأنك تكلف نف�صك فوق

طاقتها واأنا على يقني من ذلك، لقد كنت قريبا اإىل قلوب كثري من النا�س العاجز واملقتدر

ربك جوار اإىل انتقلت �صيدي يا اأنك وبلغني – املدينة و�صاكن البادية ابن والغني الفقري

م�صارب يف بيتا ع�رس �صبعة على يزيد ما بزيارة قمت حيث الواجب هذا مثل تــوؤدي واأنــت

البادية، يف قرى حائل، مع طرق وعرة وم�صالك مهلكة و�صيول عارمة يف ذلك اليوم املحتوم،

الذي واجهت روحك الطاهرة بارئها اإن �صاء الـله طاهرة مطهرة من اأدران الدنيا.

لقد كانت هذه الأفكار تدور بخاطري ولكن الإجابة كانت وا�صحة جلية يف هوؤلء الأخوة من

كبار القوم و�صغارهم، الذين امتالأ بهم جامع الريا�س الكبري ومقربة العود ول زالوا حتى هذا

اأكرث من اأ�صبوع على وفاتك، يتوافدون اإىل منازلنا للعزاء، لقد راأيت اأعدادا كبرية اليوم وقد مر

مهولة من اأبناء هذا البلد الطيب يجيئون اإىل منزلنا زرافات ووحدانا، من قرى ع�صري والباحة

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

188

االأب املثـالــــي

اململكة، ومدن قرى من وغريها وحائل الدوا�رس ووادي والو�صم و�صدير ال�رسقية واملنطقة

اأن اأكرث من والأ�صماء اأن حت�صى، اأكرث من الأعداد اأقطار اخلليج، كانت وخارجها، من بع�س

تعد، لقد كان موقفا حمزنا جدا يا اأبي اأن ي�صارك يف اأداء واجب العزاء املقعد والعاجز وكبري

ال�صن وكفيف الب�رس، وهي كلها مناذج ت�صهد مبا كان لك من مكانة وما كنت عليه من خلق،

وما لك يف قلوب النا�س من حمبة خال�صة لوجه الـله، فقد ارتفعت اأكف كثرية بالدعاء لك فلعل

الـله �صبحانه وتعاىل وقد اختارك اإىل جواره، اأن يكتب لك اأجر هذا الدعاء وثوابه وجناته ويجزي

اأولئك املحبني خري اجلزاء.

اأن الرثوة احلقيقية لقد كانت هذه الدرو�س التي تفهمناها درو�صا وا�صحة جلية، وهي

يا �صيدي، هي يف حمبة النا�س و�صعتهم بالأخالق الفا�صلة والب�صا�صة وال�رسور، و�صدق ر�صول

الـله حينما قال: "اإنكم لن ت�صعوا النا�س باأموالكم ف�صعوهم باأخالقكم".

ال�صهداء مع تكون واأن واجلنة بالثبات لك ودعاءنا الأخــري، وداعنا الغايل اأبي يا اقبل

وخ�صالك احلميدة �صريتك واإن لباق ذكــرك واإن لنا كبريا عــزاء ذلك يف فــاإن وال�صاحلني،

الفا�صلة واأبوتك احلانية، �صتظل النور الذي ي�صيء طريقنا اإن �صاء اهلل، ونعاهدك بال�صري على

خطاك ولنا يف عزاء هذه اجلحافل من النا�س ودعائها وحمبتها لك، ما يجعل قلوبنا مطمئنة اإىل

اأنك �صتالقي وجه ربك را�صيا مر�صيا، فالنا�س �صهداء اهلل يف اأر�صه، واإىل جنة اخللد يا روح اأبي

الأجر، ولنا الأبرار والأخيار، وليغفر اهلل لك ويثبت لك الطاهرة وليغفر اهلل لك وينزلك منازل

ح�صن العزاء وجزيل ال�صرب واإنا هلل واإنا اإليه راجعون.

ابنك

فهد بن اإبراهيم بن عبد العزيز بن اإبراهيم

اجلزيرة العدد 4949

التاريخ 1406/8/8هـ

)16 ني�صان / اأبريل 1986م(

الف�صل احلادي ع�رش

ق�ســاء الـله وقـــدره

191

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ق�ســاء الـله وقـــدره

ق�ســاء الـله وقـــدره

كان الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز، كما روى جنله ال�صيخ خالد، مغرما بالرب، يخرج اأحيانا

ملدة �صهر اأو �صهرين اأو ثالثة اأ�صهر، بح�صب توافر الوقت والإجازة، وين�صب خميما للعائلة.

وكذلك يف اأ�صفاره كان يف�صل ال�صفر بال�صيارة على الطائرة اأو الباخرة، ويجد يف ال�صفر

بال�صيارة متعة كبرية، اإذ يجد فيه جمال للتوقف حيثما �صاء، وم�صاهدة البلدان واملعامل التي

بها.مير

ويف رجب 1406هـ )اآذار / مار�س 1986م(، خرج الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز يف جولة

يف منطقة حائل، مع زمرة قليلة من اأ�صدقائه، متمتعا باإجازة ق�صرية يق�صيها يف خميم اأقيم

له خ�صي�صا.

اإبراهيم طعام الع�صاء يف 1986م(، تناول الأمري اأبريل 28 رجب )7 ني�صان / ويف ليلة

من قريبا الوقت وكان املخيم، اإىل العودة يف �رسع ثم حائل، منطقة يف اأ�صدقائه اأحد بيت

منت�صف الليل، ومرت ال�صيارة باأحد الأودية املوؤدية اإىل بلدة الرو�صة، وهو وادي الع�س، وكان

جريان املاء يف الوادي قويا من كرثة ال�صيول.

حدثنا عي�صة الزهراين، الذي كان يتوىل قيادة �صيارة الأمري اإبراهيم يف هذه الرحلة قائال:

الأودية الطريق عربنا كثريا من اأثناء بغزارة �صديدة، ويف الليلة كان املطر يهطل تلك "يف

وال�صعاب حتى و�صلنا اإىل الوادي الذي �صار به احلادث، وكانت �صيارة الأمري رحمه الـله قد

تعطلت، فا�صتقل �صيارة اأخرى )راجن روفر(. وبعد م�صاورات مع مرافقيه، قرر العودة اإىل قرية

والتي كنا قد جتاوزناها، قد وراءنــا، التي خلفناها الأوديــة اأن الرو�صة، وعندما عدنا وجدنا

اأ�صبحت اأعظم واأ�صد �صيال. ومل يكن اأمامنا اأي خيار �صوى امل�صي قدما. ومما زاد الأمر �صوءا

كرثة املطر وتعاظم ال�صيل بالأودية، و�صبه انعدام الروؤية �صاعة بعد �صاعة.

وكان ق�صاء الـله وقدره، حيث قرر الأمري – رحمه اهلل – ال�صري اإىل الأمام داخل الوادي، وقد

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

192

ق�ســاء الـله وقـــدره

غمر ال�صيل ال�صيارة. عندئذ مد الأمري يده واأ�صاء نور ال�صيارة من الداخل واأخذ يلهج بالدعاء

والت�صبيح، وفجاأة حتطم زجاج ال�صيارة الأمامي واندفع ال�صيل داخل ال�صيارة، ومل اأعد اأدري ماذا

ح�صل بعد ذلك".

وروى اأحد العاملني يف خميم الأمري اإبراهيم لالأ�صتاذ اأحمد حامد الغامدي، الذي كان مديرا

واأنه كان ممن اآخر، الأمري يف موقع اأنه قد عرث على جثمان الباحة، اإمارة العامة يف للعالقات

حملوه، وو�صف اإ�رساقة وجهه وطراوة ج�صمه وكاأنه كان نائما ولي�س ميتا.

وقد تويف مع الأمري يف ال�صيارة نف�صها، حممد بن جا�رس الع�صاف، وقبالن ال�صمري، اأما الناجون

فهم: اإبراهيم بن عبد الرحمن التويجري، اأحد اأقرباء الأمري، ورباح ال�صمري، اأمري قرية �صقف،

وال�صائق عي�صة الزهراين.

ال�صبيعي وعاي�س التويجري، اإبراهيم بن فهد الثانية ال�صيارة يف املرافقني من وكان

)خوي(، وعبد اهلل عمر )ال�صائق(.

كان نباأ وفاة الأمري اإبراهيم نباأ �صاعقا لعاريف ف�صله ومكانته وخلقه النبيل، ومل تكن وفاته

ا متوقعا، فهو مل يكن مري�صا ول عاجزا، بل كان يف اأوج ن�صاطه، ويف ا�صتطاعته خدمة بالده اأمر

الزمان مبثله اأن يجود يندر الباحة رجال اأخرى. وبوفاته خ�رست منطقة ومليكه �صنوات طويلة

�صخاء، وكرما واأخالقا، وبعد نظر.

وروى لنا الأ�صتاذ اأحمد حامد الغامدي كيف و�صل النباأ اإىل اإمارة الباحة، فقال:

"يف �صبيحة اليوم الثامن والع�رسين من رجب عام 1406هـ )8 ني�صان / اأبريل 1986م(

كان العمل ي�صري يف اإمارة منطقة الباحة كاملعتاد. ويف ال�صاعة الثامنة والن�صف �صباحا هم�س

يف اأذين مدير ال�صوؤون الأمنية يف الإمارة باخلرب ال�صيئ من غري تف�صيل، فذهبت من توي اإىل

الأمري خالل غيابه، الذي كان يقوم بعمل الزيد، اإبراهيم حممد الدكتور الإمارة مكتب وكيل

فوجدته يتلقى خرب الوفاة بالهاتف من جهة ر�صمية بثبات وا�صح واأمل بالغ، ثم ما لبث اخلرب اأن

�صاع يف اأرجاء املنطقة حيث قوبل بالأ�صف ال�صديد امل�صحوب بالذهول من وقع ال�صدمة....

193

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ق�ســاء الـله وقـــدره

وتوافد النا�س على املطار وهم يتزاحمون لتقدمي العزاء، حتى اأن اأحد م�صايخ املنطقة اأ�رس

على ال�صفر، على الرغم من اأنه مل يكن يقوى على النهو�س اإل مب�صاعدة الآخرين. وكنا – اأنا

والأ�صتاذ علي بن �صالح ال�صلوك – ممن حملوا نع�صه اإىل مثواه الأخري، وكان الدكتور اإبراهيم

.الزيد �صباقا اإىل ا�صتقبال اجلثمان وم�صاحبته من املطار القدمي اإىل اجلامع الكبري")1(

وقد اأدت جموع املواطنني ال�صالة على روحه الطاهرة بعد املغرب يوم 28 رجب، وتقدم

امل�صلني �صمو الأمري �صلمان بن عبد العزيز اأمري منطقة الريا�س، و�صمو الأمري اأحمد بن عبد

الريا�س، منطقة اأمري نائب العزيز عبد بن �صطام الأمري و�صمو الداخلية، وزير نائب العزيز

وعدد من الأمراء وكبار امل�صوؤولني، ف�صال عن اأولد الفقيد واأفراد عائلته.

عبد بن اإبراهيم الأمري له املغفور بذكر اختالفها على ال�صعودية ال�صحف اأ�صهبت وقد

التي ال�صحف ومن لبالده. وخدماته حياته ومراحل اإبراهيم" "اآل اأ�رسته اإىل فاأ�صارت العزيز،

واملنا�صب ودرا�صته لن�صاأته مف�صال عر�صا اأوردت التي الأو�صط"، "ال�رسق بذكره اأ�صادت

.)2(

الكبرية التي تقلدها

ومن تلك ال�صحف اأي�صا جريدة "عكاظ"، و"الندوة"، و"املدينة"، و"اليوم" ال�صادرة جميعا

يف اليوم التايل لوفاته، اأي 29 رجب 1406هـ )9 ني�صان / اأبريل 1986م(.

وال�رساة تهامة من كل يف الباحة منطقة اأبناء من الغفرية اجلموع اأن "الريا�س" وذكرت

الإمارة وكيل فا�صتقبلها التعازي، لتقدمي املنطقة اإمارة مبنى على توافدت قد والبادية،

واأثنوا على منجزاته، الفقيد يف نفو�صهم، التي يحتلها وموظفوها. وعرب اجلميع عن املكانة

.)3(

فة، واأل�صنتهم تلهج بالرحمة وتدعو باملغفرةومواقفه امل�رس

وذكرت جملة "املجلة" اأن منزل اأبناء الفقيد يف الريا�س غ�س باملعزين من كافة الطبقات

وال�صيخ العزيز عبد ال�صيخ ال�صقيقان العزاء تقبل الأ�رسة. وقد بفقدان عميد العزاء لتقدمي

)1( مقابلة خا�صة مع الأ�صتاذ اأحمد حامد الغامدي بتاريخ 10 ني�صان / اأبريل 1997م.

)2( "ال�رسق الأو�صط"، العدد 2688، 29 رجب 1406هـ )9 ني�صان / اأبريل 1986م(.

)3( "الريا�س"، العدد 6499، 30 رجب 1406هـ )10 ني�صان / اأبريل 1986م(.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

194

ق�ســاء الـله وقـــدره

خالد اأكرب اأبناء الفقيد، وكان يف مقدمة املعزين الأمراء والوزراء وكبار رجال الدولة وجمع غفري

.)1(

من اأ�صدقاء الأ�رسة وحمبيها

وقد حتدث الدكتور اإبراهيم الزيد اإىل جريدة "عكاظ" عن الأمري اإبراهيم، الذي كان وكيال

له يف اإمارة الباحة، وعلى �صلة يومية به بطبيعة احلال.

قال:

باذل جهده يف اأن كان بيننا يف حما�س متدفق، الأعلى بعد بالرفيق "حلق

العمل البناء والتوجيه ال�صليم... ل يكل... ول ميل... من فعل اخلري... واحلر�س

الر�صمية م�صوؤولياته لي�س فيما يخ�س الأداء... ما يكون كاأف�صل اأدائه... على

والإح�صان وهو الرب باأعمال ال�صطالع اإىل الكبري واإمنا يتعدى حر�صه فح�صب،

يوجه جاهه من اأجل مل�صات اإن�صانية حانية. ذلكم هو الراحل الكبري معايل ال�صيخ

وهو ال�صاحلني، منازل واأنزله الأبــرار رحمة الـله رحمه العزيز عبد بن اإبراهيم

من عرفته الأ�رسة ال�صعودية جنديا اأمينا وم�صوؤول حري�صا على تنفيذ توجيهات

املقام ال�صامي نحو كل ما يخدم املواطنني يف القنفذة ومكة املكرمة ويف ع�صري

واأخريا يف منطقة الباحة، التي اآملها – كما يعلم الـله – فراقه، ملا له فيها من

ماآثر تدل بو�صوح على طيب مع�رسه و�صدق مواطنته.

لقد كانت معرفتي بهذا الرجل العظيم متتد اإىل اأعماق ما�صي حياتنا، تقوم

على الإكبار للدور الذي كان ي�صطلع به على جميع الأ�صعدة، فلم اأعرف عنه اإل

النبل وال�صتقامة التي تدل جمتمعة على معدنه الأ�صيل واإميانه العميق مببادئ

احلق والعدل وحب اخلري ملن يعرف ومن ل يعرف... وفيما يتعلق بعمله فقد

اإعطاء اإبراهيم مثال ال�صرب واملثابرة وعدم الياأ�س، واحلر�س على كان ال�صيخ

)1( "املجلة"، العدد 323، 7 �صعبان 1406هـ )17 ني�صان / اأبريل 1986م(.

195

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ق�ســاء الـله وقـــدره

كل ذي حق حقه، حيث متتع بذكاء ملاح وخربة ل حتد يف اأمور احلياة ب�صفة عامة

واأمور الإمارات وق�صاياها ودورها الأمني والتنموي. ول�صك اأن رحيله عنا يعترب

اإل اأن ندعو الـله له بالرحمة واملغفرة واإنا هلل اإزاء ذلك خ�صارة كبرية، ول منلك

واإنا اإليه راجعون.

رحم الـله اأبا عبد العزيز لقاء �صعيه الدائب وحر�صه الدوؤوب على حتقيق اأف�صل

معدلت اخلدمة ال�صاحلة للدين والدنيا، ونرجو الـله خمل�صني اأن يكون ذلك مرجحا

.مليزان ح�صناته يوم يلقى ربه، واآخر دعوانا اأن احلمد هلل رب العاملني")1(

كان لوفاة معايل ال�صيخ اإبراهيم اآل اإبراهيم وقع األيم يف اململكة العربية ال�صعودية، وكان

ال�صعودية الأنباء واأذاعته وكالة الديوان امللكي الذي �صدر عن البيان ر�صمي هو بيان اأول

يوم 29 رجب 1406هـ )9 ني�صان / اأبريل 1986م( ون�رسته جميع ال�صحف ال�صعودية، وهذا

ن�صه:

بن اإبراهيم ال�صيخ وفاة عن بيان ال�صعودي امللكي الديوان عن "�صدر

اإثر على ال�صعودية غرب بجنوب الباحة منطقة اأمري اإبراهيم، اآل العزيز عبد

حادث انقالب �صيارته �صباح يوم اأم�س )الثنني( وذلك عن عمر يناهز اخلام�صة

وال�صتني.

واأمانة باإخال�س واجبهم اأدوا الذين الرجال املخل�صني الفقيد من ويعترب

حيث اأم�صى �صنوات طويلة اأمريا لعدد من املدن ال�صعودية واآخرها اإمارة الباحة

و�صواحيها.

وكان الفقيد طوال حياته مثال لل�صالح والتقوى واأداء الواجب خلدمة دينه

ومليكه وبالده".

)1( جريدة "عكاظ"، العدد 7235، 1�صعبان 1406هـ )11 ني�صان / اأبريل 1986م(.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

196

ق�ســاء الـله وقـــدره

قراءة ما�سية مع املغفور له الأمري اإبراهيم:

ت�صمنتا )1(

ا عن معايل الأمري اإبراهيم الرباهيم يف حلقتني ن�رست جريدة "اجلزيرة" ملفا خا�ص

جري يف فر�صة �صابقة ومل يتح ن�رسه يف حينه.حوارا مع معاليه اأ

يبداأ امللف باإدراج حوار طويل مع الأمري اإبراهيم الرباهيم. وقد �صئل اأول اأن ي�صف نف�صه،

فقال اإنه "اإن�صان ب�صيط، قمة �صعادته عندما يكون يف بيت �صعر، واأن يتلم�س الطريق اإىل اأداء

واجبه نحو دينه ومليكه ووطنه، وي�صري اإىل اأداء هذا الواجب بدافع من احلر�س على ر�صاء الـله

واحلب لهذا الوطن". و�صئل هل يخ�صى ركوب الطائرة، فقال اإنه ل يخ�صى ركوبها ول ي�صتطيع

اأن ينام داخلها ولو حاول ذلك، لكنه يحاول اأن يقراأ حتى ولو طالت الرحلة...

اأجل بالـله. وعندما يحني اإنني �صخ�س موؤمن "اأبدا... و�صئل هل يخاف من املوت فقال:

الإن�صان �صياأتيه املوت اإذا كان ذلك يف الطائرة اأو على ال�رسير اأو الكر�صي.... اأو ال�صيارة".

و�صئل هل يعتقد اأن تلك �صفات اجليل الأول الذي عمل مع موؤ�ص�س هذا الكيان املغفور

له امللك عبد العزيز؟

فاأجاب "اإنه يعتقد ذلك لأن امللك عبد العزيز ذاته كان ب�صيطا مكافحا. وكان يف ب�صاطته

اأمام اآماله واأحالمه لبني �صعبه واأر�صه اأي ، ويف علمه كعامل، ويف طموحه ملكا، ل تقف كبدوي

�صعاب".

وقال جوابا عن �صوؤال اآخر: اإنه وهو �صغري، كان يحب املعرفة، وكان يقراأ كل ما يقع يف

يده. وعندما كان والده اأمريا للمدينة من قبل امللك عبد العزيز، كانت اأعباوؤه كبرية. فاإىل جانب

امل�صوؤوليات الإدارية للوالد كان عليه بع�س امل�صوؤولية يف مد جي�س امللك عبد العزيز الذي

كان يحارب يف حائل وغريها باملوؤن وال�صالح. ولذلك كان ال�صاب اإبراهيم يلخ�س له ما جتيء

به ال�صحف واخلطابات.

)1( جريدة "اجلزيرة"، 8 رم�صان 1406هـ )17 اأيار / مايو 1986م(؛ 15 رم�صان 1406هـ )24 اأيار / مايو

1986م(.

197

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ق�ســاء الـله وقـــدره

و�صئل عن تعامله مع احل�صارة فاأجاب باأنه تعامل معها بحذر، "لأن لنا تقاليدنا وموروثاتنا".

وقال اإن احل�صارة، كاأدوات و�صيارة وطائرة وكهرباء وطرق حديثة ومدار�س وجامعات، مطلوبة

ويجب ال�صعي اإليها لأنها حتقق كثريا من النعم.

�صباب النفط وقيل اإنه تخلى عن كثري من ماأثورات و�صئل عن ال�صباب الطالع الذي �صمي

املا�صي، فرف�س هذا التهام وقال اإن ال�صباب ل يزال بخري ويحتفظ غالبه بقيمه.

وتكلم عن منا�صبه يف اإمارة منطقة القنفذة على ال�صاحل الغربي، وبعد ذلك يف وكالة اإمارة

مكة، ووزارة الداخلية، واإمارة ع�صري ومنطقة الباحة. وقال اإنه حتمل امل�صوؤولية حينما كان مبكة

ل بعد ذلك امل�صوؤولية يف املناطق التي عني اأمريا لها. املكرمة مع امللك في�صل وحتم

ثم قال اإنه بداأ درا�صته يف الريا�س، فتعلم مبادئ القراءة والكتابة على يد ال�صيخ عبد الـله

ابن �صامل. ثم انتقل اإىل الطائف حيث كان والده اأمريا فدر�س فيها ملدة �صنة، واأ�ص�س والده

1346هـ )1927م(، فاأمت اأمريا للمدينة املنورة �صنة البلدة. وانتقل والده مدر�صة يف تلك

درا�صته فيها. وقد تلقى درو�صه على يد عامل املدينة ال�صيخ التمبكتي املدر�س يف امل�صجد

النبوي، ثم التحق باملدار�س احلكومية ونال �صهاداتها.

وتكلم عن عائلته فقال اإنها كانت ت�صكن يف اأبي الكبا�س بوادي العمارية املجاور للدرعية.

اإبراهيم اإىل الأفالج، اإذ عني اأمريا لها وجل�س فيها عدة اأعوام حتى انتهت دولة ه وانتقل جد

اآل �صعود الأوىل. وجاء بعد ذلك حكم ابن ر�صيد فاأمر اجلد بالنتقال اإىل حائل، وبقيت العائلة

هناك حوايل 25 �صنة، من 1315هـ )1897م(، ويف �صنة 1340هـ )1922م(، ا�صتوىل امللك

.)1(

عبد العزيز على حائل فعادت الأ�رسة اإىل الريا�س

مياه لتوفري املياه حتلية عن تكلم ثم وعمرانية، تاريخية عديدة اأ�صئلة ال�صيخ �صئل

م�صتمر وكبري جدا. وقد مت الزراعة، وهي يف تطور للنفط هو بديل اأف�صل اإن ال�رسب. وقال

)1( هذا ما جاء يف ت�رسيحات الأمري اإبراهيم الرباهيم ملرا�صل جريدة "اجلزيرة" ويالحظ اأنها ل تتعار�س مع ما جاء

يف كتاب اآل اإبراهيم الف�سليون نقال عن ال�صيخ اإبراهيم بن �صعد بن اإبراهيم، من اأن اآل اإبراهيم هم من اأهل

الريا�س، واأن عالقتهم باأبي الكبا�س هي وجود مزرعة لهم فيها. )انظر ال�صفحة 27 – 28 من هذا الكتاب(.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

198

ق�ســاء الـله وقـــدره

وبخ�صو�س للت�صدير. منه تتوافر كميات �صنوات طويلة حتى ولن متر القمح، من الكتفاء

العمالة الأجنبية وتدريب املواطن ال�صعودي ليحل حملها، قال اإن وزارة العمل اأ�ص�صت معاهد

للتدريب، والأف�صل تو�صيعها وتعميمها يف خمتلف املناطق. واقرتح اإيجاد مناطق �صياحية يف

احني امل�ص تخريج وكذلك فيها، املهنية التدريب معاهد تو�صيع وجوب على و�صدد تهامة،

احني امل�صتوردين من اخلارج. لال�صتغناء بهم عن امل�ص

قت كل اإنها لي�صت كثرية لأن الدولة وف اإىل املدن فقال البادية وتكلم عن الهجرة من

التوفيق ملنح اإعانات اأعالف املا�صية مما �صد املزارعني اإىل موا�صيهم.

وتكلم يف احللقة الثانية عن اأبناء البادية وهجرتهم اإىل املدن. وقال اإنهم كانوا فيما م�صى

يواجهون اجلدب فيرتكون مناطقهم؛ اأما الآن فقد اأ�صبحت الإعا�صة ت�صلهم اإىل اأماكنهم، كما

اأن ال�صيارات تاأتي اإليهم باملوؤن والعلف. وقد حد ذلك من هجرة البدو اإىل املدن. وارتاأى اأن

بع�س املناطق الزراعية حتتاج اإىل كرثة الآلت التي تر�س املاء وور�س الإ�صالح وقطع الغيار

اإن النق�س يف الأيدي العاملة ي�صتلزم زيادة الر�صا�صات والآلت لتنمية لأجل ال�صيانة. وقال

الزراعة.

وتكلم عن املواطنة فقال اإن هذه الكلمة وا�صعة وعميقة ولها األف معنى ومعنى. واملواطن

مطلوب منه اأن يعمل للبلد، وعليه م�صوؤولية كبرية يف البلد النامي املتطور. وعلى كل مواطن

اأن يبذل جهده بح�صب ا�صتطاعته واخت�صا�صه. والدولة تقوم بواجبها. ففي حقل الزراعة ميكن

القول اإن كل ما ي�رسفه املزارع تقوم به الدولة، فهي متنحه 50 يف املئة اإعانة وتعطيه 50 يف

املائة على ع�رس �صنوات، وهذا ل يوجد يف اأي بلد من بلدان العامل.

وقال اإنه يف املنا�صب التي تقلدها خدم املواطنني على قدر ا�صتطاعته، واأنه وجد اأفراد

وبالرتحيب، عادية ب�صورة املواطنني ي�صتقبلون باأنهم يتميزون املالكة ال�صعودية الأ�رسة

ويفتحون اأبوابهم للجميع. وهذه الظاهرة اأخذها الأمراء ال�صعوديون من تعاليم دينهم الإ�صالمي

ومن تقاليدهم العربية، وهم �صائرون عليها ومتم�صكون بها. وهذه امليزة هي الدميقراطية

199

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ق�ســاء الـله وقـــدره

ال�صحيحة. وقال اإن جاللة امللك، وهو اأكرب م�صوؤول يف البالد، وويل العهد، والأمراء، والوزراء،

ي�صريون على منواله. ومكتب امللك وديوانه وبيته كلها مفتوحة ملن يريد مقابلته.

وبعد املغرب ي�صتطيع كل اإن�صان مقابلة امللك ورفع م�صكلته اإليه. قال: "اإذا ح�رست املجل�س

ت�صاهد اأمناطا من النا�س: هذا من البادية، وهذا من القرى، وذاك من احلا�رسة. يتكلم الكثري

منهم مع امللك ويخاطبونه با�صمه املجرد. وهذه ميزة وف�صل من الـله علينا وعليهم".

و�صئل عن رجال الدين فقال: عندنا رجال دين اأجالء ول يجب اأن نن�صاهم. وذكر الإداريني

الذين خدموا وطنهم، �صواء البارزون منهم اأو املغمورون.

وقال اإن التفكري من�رسف اإىل اإن�صاء جمعية للثقافة والفنون ال�صعبية يف الباحة، والأمري في�صل

ابن فهد، الرئي�س العام لرعاية ال�صباب، مهتم باملو�صوع، وجتري الدرا�صة لإكمال امل�رسوع.

واأكملوا بع�س املراحل يف مكة، وكانت القنفذة اإنهم در�صوا يف اأولده فقال و�صئل عن

العالية، درا�صاتهم لإكمال اأمريكا اإىل بعثة يف �صافروا ثم احلكومة. مدار�س يف درا�صتهم

البنات كلهن اإن والإدارية. وقال ال�صيا�صية والقت�صادية العلوم وح�صلوا على �صهادات يف

متعلمات اأي�صا.

البلد الع�رس يخرج خارج الراحة بعد الظهر. وبعد العمل ثم اليومي هو اإن برناجمه وقال

ويعود بعد �صالة املغرب، فيعقد جل�صة مفتوحة للمواطنني الذين يح�رسون اإىل البيت للحديث

والتفاهم يف بع�س الأمور. واجلل�صة مي�رسة للجميع. وهوايته املف�صلة التجول يف اأوقات فراغه

اأهل تلك اجلهات وحمادثتهم ومباحثتهم يف لروؤية الداخلة يف دائرة م�صوؤوليته، يف املناطق

�صوؤونهم.

وتكلم عن امل�رسوعات التي متت يف الباحة يف عهد وليته، فذكر م�رسوع مياه ال�صقيا، وهو

من امل�صاريع املهمة، اعتمد له 220 مليون ريال ل�صقيا الباحة من العقيق، وهي �صقيا موؤقتة

لأن العمل يجري يف م�رسوع حتلية مياه البحر. وحتقق اإن�صاء مطار الباحة �صمن خطة احلكومة يف

ن�رس املوا�صالت احلديثة يف كل املناطق.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

200

ق�ســاء الـله وقـــدره

مة، التي ن�رستها جريدة "اجلزيرة" تلك هي ت�رسيحات الأمري اإبراهيم يف حديثه واأجوبته القي

ا بعد وفاته، وهي تدل على اأنه مل يكن اإداريا عامال فح�صب بل كان يف الوقت نف�صه رجال مفكر

حكيما، داعيا اإىل النه�صة والعمران، واإىل الإفادة من احل�صارة العلمية احلديثة بالأخذ من لبابها

الطالع لل�صباب املثل اأروع و�صاربا القدمية، ال�صاحلة بالتقاليد التم�صك مع الق�صور، دون

برتبيته لأبنائه تربية �صاحلة، خلدمة دينهم ووطنهم.

رحمه الـله واأجزل ثوابه.

الف�صل الثاين ع�رش

موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز

الرباهيم اخلريية

203

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

قال ر�صول اهلل :

"اإذا مات الإن�صان انقطع عمله اإل من ثالث: �صدقة جارية، اأو علم ينتفع به، اأو ولد �صالح يدعو له".

وملا تويف الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم، الذي كان حمبا للخري و�صباقا اإىل اأعمال

الرب والإح�صان، راأى اأبناوؤه ال�صاحلون اإن�صاء موؤ�ص�صة خريية حتمل ا�صمه وتخلد ذكراه، وتقوم

باأعمال اخلري، وتهدف اإىل خدمة الإن�صان امل�صلم، ومد يد العون له اأينما كان، وحتقق اأهدافها

التعليمية كاملدار�س والربامج الإ�صالمية، واملراكز امل�صاجد بناء منها برامج، من خالل عدة

كالغذاء اأنواعها بكافة الإغاثة برامج وكذلك القراآن، حتفيظ ومدار�س الدرا�صية، واملنح

ال�صحية، واخلدمات الطبية املناهج اإىل اإ�صافة املنكوبني، واإ�صعاف الآبــار وحفر والك�صاء

وخ�صو�صا يف املناطق الإ�صالمية الفقرية.

لأولده، اإبراهيم الأمري ر�صمه الذي الطريق على ا�صتمرارا املوؤ�ص�صة هذه فكرة وكانت

املوؤ�ص�صات اأكرب من وواحــدة واخلري، الرب اأعمال �رسح يف لبنة اأ�صبحت حتى عليه، اأهم ون�ص

اخلريية �صعوديا وعربيا وعامليا.

اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم، عمال بالقيم التي ح�س عليها الإ�صالم، اأبناء الأمري قام

ا�صمه، حتمل خريية موؤ�ص�صة باإن�صاء لهم، نهجه الذي الطريق على و�صريا بوالدهم، وتاأ�صيا

وت�صهم يف خمتلف اأنحاء العامل باأن�صطة اإن�صانية وثقافية وتعليمية، وذلك بغر�س امل�صاهمة يف

دعم العالقات بني ال�صعوب واإقامة ج�صور بني احل�صارات، وامل�صاركة يف اأعمال الرب التي يقوم

بها اأبناء اململكة العربية ال�صعودية.

/5/1 املوافق 1409/9/26هــــ بتاريخ اأ/307 رقم امللكي بالأمر املوؤ�ص�صة اأن�صئت

1989م، وذلك ت�صجيعا من خادم احلرمني ال�رسيفني امللك فهد بن عبد العزيز اآل �صعود - رحمه

اهلل - لالأعمال اخلريية، الفردية واجلماعية، التي تهدف اإىل بذل العون وامل�صاعدة للمحتاجني ورفع

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

204

موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

م�صتواهم الثقايف والفكري. وهي موؤ�ص�صة �صعودية دولية لها �صخ�صية اعتبارية وم�صتقلة، ومقرها

الرئي�س الريا�س باململكة العربية ال�صعودية، ويحق لها اإن�صاء فروع يف خمتلف اأنحاء العامل.

اأهداف املوؤ�س�سة:

تهدف املوؤ�ص�صة اإىل خدمة الإن�صان امل�صلم ومد يد العون له، وامل�صاهمة يف رفع م�صتواه

املعي�صي وال�صحي والتعليمي. وحتقق املوؤ�ص�صة اأهدافها من خالل الربامج التالية:

بناء امل�صاجد واملراكز الإ�صالمية. 1-

الربامج التعليمية والثقافية، كاملدار�س واملنح الدرا�صية والدورات واملراكز 2-

الثقافية، وغريها من الو�صائل التعليمية.

برامج الإغاثة بكافة اأنواعها، كالغذاء والك�صاء واإقامة املخيمات للمنكوبني وحفر 3-

الآبار يف مناطق اجلفاف.

الربامج ال�صحية التي ت�صمل العالج والدواء واخلدمات ال�صحية، وخ�صو�صا يف 4-

املناطق الإ�صالمية الفقرية.

جمل�س الأمناء:

يدير املوؤ�ص�صة جمل�س اأمناء، وهو ال�صلطة العليا للموؤ�ص�صة وي�صم اأع�صاء خم�صة، ويراأ�س

املجل�س ال�صيخ عبد العزيز بن اإبراهيم اآل اإبراهيم، ونائبه ال�صيخ خالد بن اإبراهيم اآل اإبراهيم.،

وع�صوية عدد من اأبناء الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ـ رحمه اهلل ـ.

نظامها بح�صب تر�صيحهم يتم الأع�صاء من عدد من تتكون عمومية جمعية وللموؤ�ص�صة

الأ�صا�صي، اإ�صافة اإىل جميع اأع�صاء جمل�س الأمناء والأمني العام.

وللموؤ�ص�صة اأع�صاء �رسف، وهم من ال�صخ�صيات الطبيعية اأو العتبارية امل�صلمة، التي تقدم

خدمات مادية اأو معنوية للموؤ�ص�صة، ويتم اختيارهم بح�صب النظام الداخلي.

205

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

اجلهاز التنفيذي:

تنفيذي جهاز العمومية، اجلمعية اأو الأمناء جمل�س من ال�صادرة القرارات بتنفيذ يقوم

باإ�رساف رئي�س جمل�س الأمناء ونائبه والأمني العام. وي�صم اجلهاز:

احلرمني برامج - التنمية برامج - اخلريية الربامج اإدارة وي�صمل: اخلريي الق�صم 1-

ال�رسيفني.

ق�صم ال�صتثمار. 2-

الق�صم ال�صت�صاري )الإدارة القانونية والإدارة الهند�صية(. 3-

ق�صم ال�صوؤون املالية والإدارية. 4-

الإجنازات:

يبلغ معدل الإنفاق ال�صنوي للموؤ�ص�صة 51 مليون ريال، والربامج التي تنفذها املوؤ�ص�صة

تندرج حتت ثالثة اأق�صام:

- الربامج اخلريية: وهي الربامج النقدية اأو العينية التي ت�رسف مبا�رسة اإىل امل�صتفيدين

وامل�صاعدات العينية، كامل�صاعدات �صنويا تنفذ وهي اخلريية، اجلمعيات مع بالتن�صيق اأو

الجتماعية، وم�صاعدات الزواج.

الأمد، اأكرب، وذات نفع متعدي طويل التي تخدم �رسيحة الربامج التنمية: وهي برامج -

كامل�صاجد، والآبار، والربامج ال�صحية وغريها.

- برامج احلرمني ال�رسيفني: وهي التي تنفذ يف احلرمني وامل�صاعر املقد�صة يف مو�صمي

الأيام ال�صائمني يف اإفطار وبرنامج برامج رم�صان، واحلج، عام، مثل احلج ورم�صان من كل

البي�س واأيام الثنني واخلمي�س طوال العام.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

206

موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

اأول الربامج اخلريية:

-1 م�ساعدة الأ�رش الفقرية مبواد عينية :

وقد املحتاجة، لالأ�رس ال�رسورية العينية امل�صاعدات تقدمي اإىل الربنامج هــذا يهدف

1416هـ، واأهم الفئات امل�صتفيدة هم الأيتام والأرامل بداأت املوؤ�ص�صة يف تنفيذه منذ عام

واملطلقات والأ�رس املحتاجة.

ا�صتفاد من الربنامج منذ تاأ�صي�صه حوايل )40.000( اأ�رسة.

-2 امل�ساعدات الجتماعية :

واملر�صى والأيتام الأرامــل من للمحتاجني نقدية م�صاعدة تقدمي اإىل الربنامج يهدف

املحتاج يقدم اأن بعد عادة عدمها من امل�صاعدة وتقرر وامل�صجونني، واملدينني والفقراء

طلبه اإىل اأمناء املوؤ�ص�صة اأو اإىل املوؤ�ص�صة مبا�رسة، ثم تتم درا�صة طلبه يف اإدارة الربامج اخلريية

وفق ال�صوابط وال�صيا�صات املنظمة لذلك.

-3 دعم امل�ستودعات اخلريية :

على عملها اأغلب ويرتكز الفقرية، لالأ�رس جليلة خدمات اخلريية امل�صتودعات تقدم

توزيع املواد العينية، وقد بداأت املوؤ�ص�صة يف تنفيذ الربامج منذ عام 1420هـ.

-4 دعم اجلمعيات اخلريية :

املوؤ�ص�صة من واإميانا الجتماعي، التكافل �صور من �صورة عن اخلريية اجلمعيات تعرب

باأهمية الر�صالة اخلريية التي توؤديها هذه اجلمعيات نحو الفقراء واملحتاجني فقد خ�ص�صت لها

دعما �صنويا، ويعد هذا الربنامج من اأقدم الربامج التي نفذتها املوؤ�ص�صة اإذ بداأ عام 1410هـ،

وت�صتفيد من الدعم �صنويا اأكرث من )230( جمعية، تدعم �صنويا بحوايل )5( ماليني ريال.

-5 دعم جمعيات حتفيظ القراآن :

تقوم جمعيات حتفيظ القراآن الكرمي بتعليم كتاب اهلل والعناية به خا�صة اأو�صاط النا�صئة،

207

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

ال�صوؤون انت�رست بحمد اهلل يف خمتلف مناطق اململكة، وت�رسف على هذه اجلمعيات وزارة وقد

الإ�صالمية والأوقاف والدعوة والإر�صاد، وحر�صا من املوؤ�ص�صة يف امل�صاركة يف تعليم كتاب اهلل

والعناية به فقد اعتمدت لها م�صاعدة �صنوية منذ اأكرث من ع�رسين �صنة، وي�صتفيد من املبلغ

املخ�ص�س حوايل )100( جمعية.

اأن�صاأت املوؤ�ص�صة على ح�صابها مبنى جمعية حتفيظ القراآن الكرمي بالطائف والذي كما

يعد معلما عمرانيا بارزا من معامل الطائف.

-6 برنامج م�ساعدات الزواج :

تويل املوؤ�ص�صة الربامج التي ت�صاعد ال�صباب على الزواج عناية خا�صة، وتقدم دعما متميزا �صنويا

للجمعيات التي ت�صاعد ال�صباب على الزواج، حيث تتربع لها مبئات اآلف �صنويا، ويف عام 1428هـ

نفذت م�رسوعا �صخما للزواج اجلماعي، وذلك بالتن�صيق مع اجلمعيات املتخ�ص�صة يف تزويج ال�صباب.

الزواج اجلماعي نقلة نوعية يف العمل اخلريي وخطوة مباركة على ويعد تبني برنامج دعم

طريق م�صاريع الزواج ورعاية الأ�رسة وله الكثري من الفوائد على ال�صاب الراغب باإكمال ن�صف دينه

حيث اإن امل�صتفيد يجد الدعم املادي واملعنوي والتثقيفي والتوجيه والن�صح والإر�صاد وذلك

من خالل الدورات التوعوية والتثقيفية التي تنظمها اجلهات اخلريية بدعم من املوؤ�ص�صة.

وتطور هذا الربنامج حتى نفذ عام 1428هـ، وا�صتفاد منه )1.050( �صاب و�صابة يف كل

من جازان وحائل، وينبع، وتبوك، والأح�صاء ، وبلغت تكلفته حوايل )11( مليون ريال.

ثانيا: برامج التنمية

-1 برنامج بناء امل�ساجد و�سيانتها :

ببناء امل�صاجد والعناية بها من جميع باأهمية امل�صجد، فقد اهتمت من املوؤ�ص�صة اإدراكا

بها اعتنت التي امل�صاجد جملة جتــاوزت وقد وتكييف، واإنــارة وفر�س تاأثيث من اجلوانب

املوؤ�ص�صة اأكرث من )90( م�صجدا؛ منها ما بني بناء كامال، ومنها ما اأكمل بناوؤها وتاأثيثها.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

208

موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

مناذج من امل�صاجد التي مت بناوؤها:

يعد امل�صجد الذي بنته املوؤ�ص�صة يف طربجل ب�صمال اململكة اأكرب جامع يف املنطقة، وقد

بني بالكامل على نفقة املوؤ�ص�صة على م�صاحة 250 ، 2م وترتفع مئذنته اإىل 32 مرتا، ويقع

امل�صجد يف و�صط املدينة وعلى اأربعة �صوارع وهو يت�صع لأكرث من )2000( م�صلي، وقد مت

اإجنازه يف رم�صان 1417هـ، وملحق به مغ�صلة لالأموات ومكتبة و�صكن للحار�س وم�صتودعات

ومواقف لل�صيارات.

-2 الربامج ال�سحية :

واملراكز امل�صت�صفيات بع�س دعم يف الوطني، بالواجب منها اإميانا املوؤ�ص�صة اأ�صهمت

ال�صحية، فزودت م�صت�صفى القنفذة ب)6( اأجهزة غ�صيل للكلى، وم�صت�صفى املجاردة بجهازي

اإن�صاء مركز لغ�صيل الكلى تابع مل�صت�صفى امللك ـ على اإن �صاء اهلل ـ غ�صيل كلى والعمل جار

فهد بالباحة.

هذا و�صمن خططها امل�صتقبلية هناك م�صاريع لإن�صاء مراكز ووحدات �صحية، مثل مراكز

�صحية لغ�صيل الكلى وغريها

-3 برامج تنمية املجتمع :

اأ( برنامج التاأهيل الجتماعي ورعاية الأ�رس املنتجة:

يعد برنامج التاأهيل من اأهم الربامج التي نفذتها املوؤ�ص�صة وهو عبارة عن دعم اإقامة دورات

تدريبية لأبناء الأ�رس املحتاجة " ذكورا واإناثا " توؤهلهم للح�صول على وظيفة ي�صتطيعون من

خاللها العتماد على اأنف�صهم يف م�صدر دخل الأ�رسة . حيث تتم هذه الدورات عرب مراكز تدريب

متخ�ص�صة بالتن�صيق مع اجلهات ذات الخت�صا�س وذلك ملعرفة حاجة �صوق العمل، ول�صمان

الوظيفة للمتدرب.

209

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

ب( توزيع الكتب الإر�صادية عرب وزارة ال�صوؤون الإ�صالمية:

عن عينيا الدعم اأ�صبح 1416هـ عام ومنذ للحجاج، اخلدمات بتقدمي املوؤ�ص�صة قامت

طريق طباعة جمموعة كتب ور�صائل خمتارة مبختلف اللغات، وذلك التن�صيق مع وزارة ال�صئون

الإ�صالمية يف اختيار الكتب املنا�صبة وطباعتها، وتوزيعها على احلجاج ومكاتب اجلاليات يف

اململكة، ويو�صع �صعار املوؤ�ص�صة والوزارة على غالف الكتاب.

-4 برنامج حفر الآبار :

يعد املاء �رسورة من �رسورات احلياة وهناك مناطق يف اململكة تعاين معاناة �صديدة يف احل�صول

على مياه ال�رسب، ومن هذا املنطلق حر�صت املوؤ�ص�صة على خدمة هوؤلء املحتاجني، وذلك بحفر

الآبار ومتديد �صبكات املياه و�صيانتها، وقد اأثبتت الدرا�صات امليدانية والطلبات التي ت�صل اإىل

املوؤ�ص�صة احلاجة ملثل هذا الربنامج الذي �صيخدم يف الدرجة الأوىل املناطق التي تعاين من قلة

املياه يف مناطق ال�صاحل وتهامة يف جنوب اململكة، وكذلك بقية مناطق اململكة املحتاجة، وذلك

بحفر جمموعة من الآبار ال�صطحية اأو الرتوازية، اأو اإن�صاء خزانات لآبار حمفورة اأ�صال.

وقد بدء تنفيذه: عام 1417هـ، ويتم التن�صيق مع وزارة املياه، واجلهات احلكومية الأخرى

يف جميع مراحل تنفيذ الربنامج، وقد جتاوز عدد الآبار املحفورة حوايل )10( اآبار، عدا اإن�صاء

ومتديد �صبكات املياه للقرى والهجر.

-5 بناء املنازل والإ�سكان اخلريي:

تعاين كثري من الأ�رس الفقرية التي تعي�س يف م�صاكن �صعبية اإىل حاجتها املا�صة اإىل الرتميم

اخلا�صة الإجراءات بنائها، و�صهولة برخ�س تكلفة امل�صاكن وتتميز هذا وال�صيانة ملنازلها،

به، حيث تبلغ تكلفة امل�صكن ال�صعبي حواىل )50.000( ريال، والربنامج يخدم تلك الأ�رس يف

جنوب اململكة و�صمالها.

وقد بدء تنفيذه: عام 1417هـ، ويتم التن�صيق مع اجلمعيات اخلريية، واجلهات احلكومية

الأخرى يف جميع مراحل تنفيذ الربنامج.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

210

موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

اهلل بدعم �صخي مل�صاريع اإبراهيم رحمه اآل بن عبدالعزيز اإبراهيم ال�صيخ اأبناء كما يقوم

الإ�صكان اخلريي يف خمتلف مناطق اململكة، وخا�صة يف منطقتي الريا�س وحائل .

ثالثا: برنامج احلرمني

-1 برنامج رم�سان :

عام تنفيذه بداأت اإذ تنفيذها يف املوؤ�ص�صة بداأت التي الربامج اأقدم من الربنامج هذا

1408هـ ، وما زال م�صتمرا حتى الآن، ويتم من خالله توزيع كميات من التمور لإفطار ال�صائمني

يف مكة املكرمة واملدينة املنورة، كما يتم تقدمي وجبات اإفطار جافة ومطبوخة لل�صائمني يف

�صاحات احلرم املكي، وتوزع �صنويا )260.000( وجبة جافة و)90.000( وجبة طازجة خالل

�صهر رم�صان، كما مت توزيع مواد غذائية على الأ�رس الفقرية مبكة املكرمة واملدينة املنورة،

وي�صتفيد من الربنامج )10.000( اأ�رسة �صنويا.

-2 برنامج احلج :

يعد �رسف �صقيا احلجيج واإطعامهم من املاآثر اجلليلة التي كانت يف اجلاهلية واأقرها

اأ�صخم الربامج، فقد وزع يف حج العام املا�صي الإ�صالم ورغب فيها، ويعد هذا الربنامج من

1428هـ )700.000( وجبة جافة كبرية، و)300.000( وجبة جافة �صغري، و)200.000(

وجبة طازجة، وهو من اأقدم الربامج التي نفذتها املوؤ�ص�صة، حيث بداأ تنفيذه عام 1408هـ.

3( برنامج احلج املي�رش :

كثري من الفقراء واملحتاجني ل يتمكنون من اأداء فري�صة احلج، اإما لفقرهم، واإما لديون عليهم،

وقد نفذت املوؤ�ص�صة يف حج عام 1428هـ حملة متكاملة خا�صة بها لتحجيج الفقراء واملحتاجني،

ا�صتفاد منها )1000( حاج، وكانت جتربة ناجحة بكل املقايي�س، واملقرتح اأن ينفذ الربنامج هذا

العام، وحلواىل )1.500( حاج، بلغت تكلفة الربنامج حوايل )5.000.000( ريال.

211

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

م�رشوعات املوؤ�س�سة خارج اململكة:

منذ تاأ�صي�س املوؤ�ص�صة عام 1409هـ اأدركت دورها املحلي والإقليمي والدويل وحتملت

م�صئوليتها النابعة من اإميانها العميق مبنهج الو�صطية يف ن�رس روح التعاون والت�صامح والتقريب

بني والتعاي�س التقريب على وعملت والثقافات والديانات والأعــراق ال�صعوب خمتلف بني

احل�صارات املختلفة يف اأماكن وجودها م�صت�صعرة ر�صالتها النبيلة التي تن�رسها.

وبعد �صنوات عمل حافلة ا�صت�صعرت فيها املوؤ�ص�صة اخلريية اأنها اأدت واجب ور�صالة نبيلة

جاء قرار جمل�س الأمناء باإغالق مكاتب واأن�صطة اخلارج بعد درا�صة م�صتفي�صة �صعت املوؤ�ص�صة

اأن درء املفا�صد مقدم على اأهدافها واإعالن مبادئها املبنية على اإىل تر�صيخ من هذا القرار

جلب امل�صالح، وناأت املوؤ�ص�صة بهذا الإغالق بنف�صها عن الفنت التي كانت ت�صود الأجواء فكان

على املوؤ�ص�صة من حر�صا طويال وقتا ا�صتغرقت والتي اخلارج يف اأن�صطتها باإلغاء قراراها

احلفاظ على املكت�صبات وعدم تعري�صها وتعري�س اأ�صولها وم�صاجدها والعاملني فيها لأي

م�صاكل �صواء قانونية اأو اجتماعية اأو غريها فبداأت الإغالق للمكاتب تباعا ابتداء مبكتب كينيا

ورو�صيا وفنزويال وجبل طارق وقد نقلت املوؤ�ص�صة ملكية كل من م�صجد كراكا�س وجبل طارق

اإىل رابطة العامل الإ�صالمي.

وفيما يلي ملخ�س لأهم الربامج وامل�صاريع التي نفذتها املوؤ�ص�صة يف اخلارج:

برامج اإغاثية:

-1 برنامج اإغاثة للمت�رسرين من في�صانات فنزويال عام 1999م حيث اأن�صاأت مراكز الإيواء

يف كراكا�س عا�صمة فنزويال وتكفلت باإعا�صة امل�رسدين من الفي�صانات وتلقت املوؤ�ص�صة

ثناء و�صكر امل�صئولني يف فنزويال.

-2 اإن�صاء امل�صتو�صف الطبي اخلريي يف نريوبي لعالج جميع املر�صى جمانا ول�صنوات عديدة

واجلدير بالذكر اأن املوؤ�ص�صة عندما قررت اإغالق مكتبها يف كينيا تلقت اخلطابات من اجلهات

املختلفة تطالبها بعدم الإغالق.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

212

موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

-3 عالج جميع مر�صى العيون من خالل برنامج مكافحة العمى وكذلك كان احلال يف اأعمال

املوؤ�ص�صة الإغاثية يف كل من ال�صودان وال�صومال والبو�صنة والهر�صك ورو�صيا واجلمهوريات.

جمهوريات الحتاد ال�سوفياتي �سابقا:

ا اإىل العزلة التي عا�صها امل�صلمون يف املا�صي يف تلك املناطق، �صعت املوؤ�ص�صة اإىل نظر

تنفيذ م�رسوعات وا�صعة، منها بناء م�صاجد وتقدمي منح درا�صية واإيفاد معلمني لتدري�س اللغة

العربية والعلوم الإ�صالمية. و�صعت املوؤ�ص�صة لإقامة مركزين للدرا�صات الإ�صالمية والعربية،

والدعاة الأئمة لتخريج كازاخ�صتان يف معهد واإن�صاء ط�صقند، يف والآخر مو�صكو، يف اأحدهما

وتوزيع التمور يف �صهر رم�صان على فقراء امل�صلمني... الخ.

برامج الإغاثة:

وبورما وال�صودان اأفغان�صتان يف امل�صلمني عن النكبات تخفيف يف املوؤ�ص�صة �صاهمت

والنيجر. واأن�صاأت مركزين طبيني لالجئني البورميني يف بنغالد�س، واأقامت خميما ومدر�صتني

مل�صاعدة طبيا بندا و30 الغذائية املواد من طن 7000 نحو وقدمت لالجئني. وم�صجدين

واأغاثت الأهلية، ال�صومال حرب يف املنكوبني و�صاعدت والهر�صك. البو�صنة يف املنكوبني

املنكوبني يف في�صانات جيبوتي، ودعمت املدار�س واملعاهد التعليمية.

الربامج التعليمية:

بادرت املوؤ�ص�صة اإىل دعم الربامج التعليمية بدعمها املدار�س وتبنيها املنح الدرا�صية،

حتى بلغ عدد الطالب الذين يدر�صون على ح�صابها )من امل�صتوى دون اجلامعي( ما يقرب من

450 طالبا. وتنفذ املوؤ�ص�صة برناجما ملنح الدكتوراه يف الدرا�صات الإ�صالمية والطب والهند�صة

والقت�صاد والعلوم ال�صيا�صية والقانون والإعالم.

كما قامت املوؤ�ص�صة باإن�صاء مركز تعليمي م�صاحته 3 اآلف مرت مربع يف دير بان يف جنوب

اأفريقيا، بالتعاون مع ال�صيخ اأحمد ديدات.

213

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

واأقامت املوؤ�ص�صة عددا من الدورات التعليمية والثقافية يف �صتى دول العامل، بالتعاون مع

جهات حملية ودولية، كما افتتحت مركزا تعليميا واجتماعيا يف منطقة قبائل املا�صاي يف كينيا.

الربامج الثقافية:

كما وحــدات، خم�س فيه اأقيمت – كينيا – نريوبي ثقافيا يف مركزا املوؤ�ص�صة افتتحت

يقوم الق�صم الإعالمي بالعديد من الأن�صطة املختلفة كاملحا�رسات والأفالم امل�صجلة والرتجمة

الإ�صالمية والثقافة الدعوة لن�رس جديدة اإ�صعاع ح�صاري منارة املركز هذا واأ�صبح والطباعة.

واللغة العربية يف اأفريقيا.

الربامج ال�سحية:

اأولت املوؤ�ص�صة اهتماما خا�صا لتقدمي اخلدمات الطبية، وكان اأبرزها:

يف الب�رس فاقدي من املائة يف 90 اأن حيث الفقرية، الإ�صالمية املناطق يف العمى مكافحة 1-

اأبريل العامل هم يف الدول النامية. وقد نفذ من براجمها خالل ال�صنوات اخلم�س املنتهية يف ني�صان /

1996م فتح 64 خميما يف اأفريقيا واآ�صيا، فح�س فيها 860.000 مري�س، واإجراء 71.000 عملية بن�صبة

مدينة يف اأن�صئ وكذلك طبية. نظارات و�رسف عد�صات ل�صقة زراعة عمليات مع املائة يف 98 جناح

كرات�صي )باك�صتان( م�صت�صفى ب�صعة 36 �رسيرا، وهو م�صت�صفى طبي ثابت لعالج اأمرا�س العيون. وتقوم

املوؤ�ص�صة بتنفيذ عدد من قوافل الإغاثة واملعاجلة يف كينيا، ا�صتفاد منها حوايل 22 األف �صخ�س.

مركزا املوؤ�ص�صة اأن�صاأت فقد كينيا. يف ال�صحي الرباهيم اإبراهيم ال�صيخ مركز 2-

�صحيا ثابتا يف نريوبي لفقراء امل�صلمني، وعاجلت حوايل 55 األف مري�س خالل �صنتي 1415

– 1416هـ / 1994 – 1995م.

وي�صاف اإىل ذلك م�رسوع القوافل الطبية املتنقلة التي تقوم املوؤ�ص�صة بتنفيذها وجتهيزها

بكافة الأدوية واملعدات للو�صول اإىل املر�صى يف خمتلف املناطق الفقرية النائية. وقد اأر�صلت

املوؤ�ص�صة خالل �صنة 1416هـ - 1995م 22 قافلة اأفاد منها اأكرث من 20 األف مري�س.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

214

موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

امل�ساجد:

تعاليم ون�رس للعبادة كمكان اأهميته اإىل نظرا املوؤ�ص�صة من خا�س باهتمام امل�صجد يحظى

لذلك وتعارفهم. امل�صلمني لجتماع مكانا كونه عن ف�صال النائية، الأقطار يف ال�صمحة الإ�صالم

الإ�صالمية واملراكز امل�صاجد بع�س وجتهيز اإكمال اإىل اإ�صافة امل�صاجد ببناء املوؤ�ص�صة اهتمت

يف اإبراهيم" اآل اإبراهيم ال�صيخ "م�صجد املوؤ�ص�صة، اأن�صاأتها التي امل�صاجد اأهم ومن القائمة،

العا�صمة الفنزويلية كاراكا�س.

400 م�صلم، مليون ربع ويقيم فيها حوايل اجلنوبية، اأمريكا بوابة فنزويال تعترب حيث

األف منهم يقيمون يف العا�صمة كاراكا�س. ومل يكن يف هذه املدينة م�صجد يقيم فيه امل�صلمون

ز ذلك موؤ�ص�صة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية على امل�صارعة اإىل اإن�صاء ال�صالة. فحف

م�صجد فيها، خدمة مل�صلميها. وقد برزت فكرة هذا امل�صجد منذ �صنة 1979م، عندما زار الرئي�س

الفنزويلي كارلو�س برييز اململكة العربية ال�صعودية خالل فرتة رئا�صته الأوىل، اإذ فاحته امللك

فهد )وكان وقتها وليا للعهد( يف مو�صوع بناء م�صجد يف العا�صمة الفنزويلية، فاأعرب الرئي�س

الفنزويلي عن موافقته الفورية على الفكرة، كما اأعلن عن تربع احلكومة الفنزويلية بقطعة

اأر�س يف و�صط كاراكا�س لبناء امل�صجد عليها.

منظر عام مل�صجد ال�صيخ اآل اإبراهيم بكاراكا�س - فنزويال

215

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

وقد حر�صت املوؤ�ص�صة على اأن يكون لهذا امل�صجد طابع خا�س لي�صبح اأبرز واأكرب م�صجد

م�صاحة وكانت العمل، من �صنوات ثالث بعد امل�صجد بناء اكتمل وقد اجلنوبية. اأمريكا يف

الأر�س التي �صيد عليها خم�صة اآلف مرت مربع. واأ�صبح فعال حتفة معمارية، ومن معامل كاراكا�س

هالل ويعلوه مرتا، 113 ترتفع التي مبنارته ويتميز م�صل، 3500 ي�صتوعب وهو البارزة.

قطره مرتان.

الرئي�س الفتتاح وح�رس 1993م، اأبريل / ني�صان 22 يف كاراكا�س م�صجد افتتح وقد

الفنزويلي برييز وال�صيخ عبد العزيز بن اإبراهيم الرباهيم، وكبار امل�صوؤولني والدبلوما�صيني

.)1(

يف فنزويال، وبثت اأحداثه مبا�رسة اأجهزة الإعالم الفنزويلية والعاملية

اأما م�صجد جبل طارق، فله دللة كبرية ومغزى عظيم اأي�صا، وذلك ب�صبب ما يحتله جبل طارق

يف نفو�س امل�صلمني ويف ذاكرتهم من مكانة خا�صة، اإذ يعد اخلطوة الأوىل لدخول امل�صلمني

اإىل اأوروبا يف القرن الأول الهجري، اإذ دخلوا اإىل الأندل�س على يد طارق بن زياد، الذي ل تزال

املنطقة حتمل ا�صمه، اإ�صافة اإىل املوقع اجلغرايف اخلا�س الذي يحتله جبل طارق ويجعله اأقرب

نقطة يف اأوروبا اإىل اأفريقيا. ويعي�س يف جبل طارق اأكرث من ثالثة اآلف م�صلم.

ولهذه العتبارات جميعا، تربز اأهمية وجود م�صجد يخدم م�صلمي املنطقة ب�صفة خا�صة،

احل�صارة توا�صل حلقات من حلقة اأي�صا ليكون عامة، ب�صفة اأوروبــا غرب جنوب وم�صلمي

الإ�صالمية مع اأوروبا.

ببناء العزيز عبد بن امللك فهد ال�رسيفني احلرمني خادم اأمر امل�رسوع، هذا لأهمية ا وتقدير

كامل امل�رسوع على نفقته اخلا�صة، وبلغت كلفته العامة حوايل 5.109.429 جنيها اإ�صرتلينيا.

وقد حظي امل�رسوع باهتمام �صمو الأمري �صلمان بن عبد العزيز ورعايته، وبدعم وجهد موفق من

�صمو الأمري عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز، الذي راأ�س بدوره اللجنة العليا امل�رسفة على امل�رسوع.

)1( جملة "اليمامة"، العدد 1248، 24 رم�صان 1413هـ )18 اآذار / مار�س 1993م(.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

216

موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

واأثمرت هذه اجلهود عن توقيع اتفاقية مع حكومة جبل طارق، وتخ�صي�س اأر�س م�صاحتها

3200 مرت مربع لبناء امل�صجد، اإ�صافة اإىل األفي مرت مربع اأخرى ملواقف ال�صيارات، يف موقع

على �صاحل البحر مقابل جبل مو�صى، لي�صبح امل�صجد اأقرب نقطة يف اأوروبا اإىل اأفريقيا.

م�صجد خادم احلرمني ال�رسيفني امللك فهد بن عبدالعزيز اآل �صعود - رحمه اهلل

– 1989م، حيث 1409هـ النبيل يف بداية �صنة وبداأت اجلهود لتحقيق هذا امل�رسوع

اأمنائها العزيز اخلريية" مبتابعة م�صتمرة من رئي�س جمل�س اإبراهيم بن عبد "موؤ�ص�صة قامت

الرباهيم(، العزيز عبد بن خالد )ال�صيخ ونائبه الرباهيم( اإبراهيم بن العزيز عبد )ال�صيخ

مبفاحتة حكومة جبل طارق، ل�صتح�صال موافقتها على بناء امل�صجد وتخ�صي�س قطعة الأر�س

الالزمة لذلك.

217

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم موؤ�س�سة اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم اخلريية

والبيئة الإ�صالمية العمارة يجمع بني طراز جبل طارق املعماري مل�صجد الت�صميم وكان

املعمارية ملنطقة الأندل�س، مبنارة ترتفع 64 مرتا، وقبة ترتفع 17 مرتا من اخلارج. وي�صتوعب

القراآن لتدري�س درا�صية و�صتة ف�صول امل�صلني، وفيه قاعة حما�رسات 2000 من امل�صجد

الكرمي واللغة العربية.

وقد و�صع احلجر الأ�صا�صي للم�رسوع ال�صيخ خالد بن اإبراهيم الرباهيم، نائب رئي�س املوؤ�ص�صة

يف 18 �صفر 1416هـ )26 متوز / يوليو 1995م(، بح�صور وزير ال�صوؤون الإ�صالمية والأوقاف

والدعوة والإر�صاد ال�صعودي الدكتور عبد اهلل بن عبد املح�صن الرتكي، وحاكم جبل طارق ورئي�س

وزرائه وجمع كبري من امل�صوؤولني يف جبل طارق. وقد انتهى بناء م�صجد جبل طارق ومت افتتاحه

يف احتفال كبري.

ملحق

221

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

خمتارات من املراثي التي كتبت اإثر وفاة

الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم رحمه الـله

بالـله كيف احلادثات تدور عبد الرحمن بن في�صل املعمر1 -

اإىل روح “اأبي عبد العزيز” الطاهر عبد الـله اإبراهيم احلديثي2 -

يرحمك الـله افتتاحية “اجلزيرة”3 -

ومات الكرمي اإبراهيم اآل اإبراهيم حممد ح�صني زيدان4 -

فقيد البالد الغايل اأحمد عبد الغفور عطار5 -

ويف الليلة الظلماء يفتقد البدر عبد الـله بن حممد اآل ال�صيخ6 -

احلزن عميق بفقدك اأبا عبد العزيز عبد العزيز �صامل الغامدي7 -

منطقة الباحة: م�صابك جلل عبد الـله اأحمد الأفندي8 -

ذكريات ل تن�صى مع رجل ل ين�صى ه�صام وحممد علي حافظ9 -

اأبكيك للوفاء مو�صى حممد ال�صليم10 -

رحمك الـله يا �صيخ اإبراهيم عبد الـله اخلليفي11 -

الغايل الذي فقدناه جريدة “عكاظ”12 -

ال�صيخ اإبراهيم يف ذمة الـله حممد ال�صليمان13 -

اإىل رحمة الـله ال�صديق الأمري اإبراهيم بن - 14

عبد العزيز بن اإبراهيمعلي حافظ

اإبراهيم اآل اإبراهيم كما عرفته حممد مو�صم املفرجي15 -

الفقيد الغايل معايل ال�صيخ اإبراهيم بن - 16

عبد العزيز اإبراهيم اأمري منطقة الباحةالدكتور فهد العرابي احلارثي

دمعة حزن )ق�صيدة( عبد الـله العبد الرحمن الرباهيم17 -

اأنتم �صهداء الـله يف خلقه �صعد عبد الـله امللي�س18 -

الرجل الذي فقدناه عبا�س م�صطفى �صحلي19 -

فقيد جليل م�صطفى ح�صني عطار20 -

األ رحمك الـله يا اأبا عبد العزيز ال�رسيف خالد ح�صني اآل زيد21 -

ابن اإبراهيم كما عرفته علي عي�صى22 -

مواقف الرجال ل متوت علي خالد الغامدي23 -

ويبقى حديثك يف ذاكرتي حممد الوعيل24 -

يف ذمة الـله يا اإبراهيم )ق�صيدة( في�صل �صعيد �صقر الغامدي25 -

223

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

بالـله كيف احلادثات تدور؟!

بقلم: عبد الرحمن بن في�سل املعمر

ع املجتمع بغياب رجل يف زمن نحن اأحوج ما نكون فيه اإىل الرجال. فجعت الأمة ورو

مات الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز بن اإبراهيم، مات املتوا�صع من غري تزلف! والجتماعي

الغ�صب عن يخرجه املزاج فال املعتدل الرجل مات واحلــازم من غري �صلف، من غري تكلف،

العقل ول يو�صله احللم اإىل العجز.

نعم غاب الرجل املعتدل يف القول وال�صلوك.

هيل عليه الرتاب، فانطوت مبوته دخل القرب واأ

مات اأبو عبد العزيز، وطوي يف الأكفان واأ

�صرية عطرة وغاب بغيابه اأمنوذج متميز من مكارم الأخالق وح�صن ال�صمت وجميل املع�رس و�صلة

الرحم.

مات بالأم�س رجل �صادق ال�رسيرة م�صتقيم ال�صرية.

مات بالأم�س من جمع بني احلزم واللني والتلطف يف القول والتعفف عن مرذول الكالم.

مات من يقهر نف�صه ول تقهره ويغلبها ول تغلبه.

مات والـله بالأم�س "رجل"! وكفى بكلمة "رجل" يف زماننا هذا فهي تعني الكثري!

عرفت الفقيد العظيم مبدينة الطائف، حيث لقيته لأول مرة منذ ربع قرن، وتوثقت �صلتي

به وراأيته مرات ومرات يف احل�رس وال�صفر يف املن�صب وخارج املن�صب، يف الرخاء وال�صدة، يف

�صاعات اجلد واأم�صيات التجلي.

، عميق النظرة من غري خبث، ودائم العربة طويل التاأمل، كان كثري ال�صمت من غري عي

حليما من غري �صعف، حازما من غري �صلف، كرميا من غري �رسف، عايل الهمة خمفو�س اجلناح.

كان يحب مكارم الأخالق، ويكره اأن يعيب واأن يعاب، يت�صايق اإذا ا�صتهزاأ بالنا�س اأحد يف

جمل�صه اأو تظرف عنده رجل بهذر اأو فح�س قول، كان يكره الغمز واللمز وي�صيق ذرعا بقائله

وفاعله، يظهر ذلك على وجهه فكاأنه املعني بقول ال�صاعر:

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

224

ملحـــــــــــــــــق

وملز غمز مــن بــرئــت كما برئت من قول ركيك لقد

لقد وجم النا�س ل�صماع نعيه واأ�صيب اأقوام بالذهول ورددوا: وعند �صفو الليايل يح�صل

الكدر، اإنا هلل واإنا اإليه راجعون. لقد حزن اأ�صدقاوؤه وجزع عارفوه وبكاه كل من ات�صل به وعرفه

عن قرب وراآه.

الكبري بالريا�س لل�صالة الإعالم توافدت ح�صود على اجلامع النباأ عرب و�صائل اإذاعة بعد

احلزن من اأمواج و�صط الأعناق، على وحمل النع�س، نــزل واأ الأخري مثواه اإىل وت�صييعه عليه،

ال�صامت والأنني الدفني!

ر�سوى على اأيدي الرجال ي�سري ما كنت اأح�سب قبل نع�سك اأن اأرى

ــاك حوله ــاروا بــه والــكــل ب الطور �ــس دك يوم مو�سى �سعقات

وبعد ال�صالة والدفن زحفت وفود ووفود اإىل مقر اأبنائه، وتبادل النا�س العزاء فيه ورددوا

ذكره احل�صن مرات ومرات بني الدعاء والثناء.

ل اأحب اأن اأعدد مناقب الفقيد واأ�رسح ذلك واأطنب واأ�صهب، لكن اأتناول جانبا واحدا من

جوانب �صخ�صيته، ذلكم هو تقديره الكبري لأهل الفكر ورجال الأدب، فقد تذاكرت معه مرة

وذكر يل اأنه عندما زار م�رس يف اأواخر الأربعينات امليالدية قابل الأ�صتاذ اأحمد عبد الغفور عطار

هناك، وات�صل عربه باأ�صاطني الأدب وعمالقة الفكر اأمثال حممد ح�صني هيكل با�صا وعبا�س

حممود العقاد وطه ح�صني و�صيد قطب، وغريهم، وح�رس ندواتهم.

وملا قراأت كتاب يف منزل الوحي، وهو تدوين �صيق للرحلة التي قام بها الدكتور حممد

اأربعني �صنة تقريبا لأداء فري�صة احلج اأكرث من اإىل الديار احلجازية قبل ح�صني هيكل با�صا

القرى والأودية واجلبال بني مكة ال�صياحة بعد ذلك والتجوال يف وزيارة املدينة املنورة ثم

والطائف ور�صد تاريخها وتدوين م�صاهداته وخواطره يف كتاب م�صطور �صيظل اإىل اآخر الع�صور

من اأهم املراجع للمتتبع والباحث. وقد اأثنى الدكتور هيكل على ال�صيخ اإبراهيم ونوه ب�صرية

225

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

والده وحزمه و�صدة باأ�صه على قطاع الطرق واملف�صدين يف الأر�س.

اأهل الفكر ويحر�س على تكرميهم وال�صوؤال عنهم والحتفاء بهم. وقد ر اأقول: كان يقد

اأمثال ال�صيخ عبد القدو�س م فيها عددا من الأدباء، ح�رست بداره بالطائف عدة منا�صبات كر

الأن�صاري وال�صيد حممد املوؤيد احل�صني والأ�صتاذ عبد العزيز الرفاعي... وغريهم، وراأيت منه

ال�صيخ الكبري اليمن �صاعر والرجتال احلفظ الع�رس يف واأعجوبة الدهر لراوية ا وتقدير عطفا

اأحمد بن حممد احل�رساين، اأمد الـله يف عمره.

وكان �صديقنا الأديب املوهوب حمد الزيد يجل الفقيد ويحرتمه ويحتفي به يف كل منا�صبة

ويدعو عددا من املثقفني للقاء به وامل�صاركة يف تكرميه، فكان الفقيد يتبا�صط مع احل�صور

املتمدن العامل دول معظم اإىل ورحالته مل�رس زيارته اأثناء القدمية ذكرياته عن ويتحدث

واملتخلف، وما راأى عرب �صياحته يف الدول املتقدمة من �صوامخ النه�صة وعظمة احل�صارة ورهبة

ال�صناعة، وي�صيد بالتزام النا�س هناك بالنظام والقانون، وكيف اأن مرد كل ذلك ل اإىل التعليم

فقط، بل اإىل الرتبية الواعية ثم التعليم.

وكانت للفقيد اآراء تدل على نفاذ الب�صرية وطول التجربة والتمر�س باحلياة. كان الفقيد

يف يجتهد بل لل�صدفة، ذلك يدع ل منازلهم"، النا�س "اأنزلوا املاأثور القول ويطبق يعمل

تطبيقه بدقة، في�صري بيده يف جمل�صه وعلى املائدة ويدعو اأقواما ليكونوا بقربه.

و�صيم الإ�صالم بتعاليم والتزام املجتمع برتكيبة عجيب فهم على تدل اخل�صلة وهذه

العرب!

وبعد... فيا اأيها القراء: هذا مقال كتبته ب�رسعة عاطفة املفجوع، فجاء م�صطربا كا�صطرابي

يوم �صمعت النباأ الفاجع، مرتبكا حالتي واأنا اأ�صاأل من لقيت من التفا�صيل غري مرتب ول منمق،

مل بكل �صيء عن حياة الفقيد الراحل، فال يلمني لئم ول يعقب لأين مل اأكتب لأدون واأ�صجل واأ

عاتب، فمحل اإبراز مناقب الأجواد وتعداد ماآثر الأخيار اأمثال فقيدنا املربور كتب ال�صري علي

لت�صجيل وت�صدوا الفقيد اأحباء من طائفة نفرت فلو والتاأبني... الرثاء مقالت ل والرتاجم

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

226

ملحـــــــــــــــــق

واأعماله ل�صدوا ثغرة يف �صجل تراجم رجالنا ومن ويل ولية من مراحل حياته وتدوين �صريته

كربائنا.

القدر له خباأ ما يدري ول املرء يجري بالـله كيف اإبراهيم، يا تدور احلادثات كيف هلل

املقدور!

رحمك الـله اأيها الفقيد الفا�صل خلقا، الف�صلي ن�صبا، واأظلت قربك �صماء الرحمة واأمطرتك

�صحائب الغفران، �صهيدا بف�صل الـله.

جاءين خرب حتى اجلزيرة الكذب طوى اإىل باآمايل فيه فزعت

حتى اإذا مل يدع يل �سدقه اأمال

�رشقت بالدمع حتى كاد ي�رشق بي

اجلزيرة، العدد 4941

التاريخ 1406/7/30هـ

)10 ني�صان / اأبريل 1986م(

227

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

الطاهر اإىل روح "اأبي عبد العزيز"

بقلم: عبد الـله اإبراهيم احلديثي

... وال�صديق الأديب عبد الـله احلديثي

تربطه بال�صيف عالقة عائلية... داعب قلمه ذات

م�صاء... وكانت هذه ال�صطور ال�صادقة... عن

احلدث واحلديث...

"اجلزيرة"

اأمل فراقك ول اأ�صد من اأملا والرثاء، فما وطئت نف�صي العزاء اأن يعجز قلمي عن معذرة

خالج م�صاعري اأق�صى من هذه الفرقة التي تطول ولكنها الأقدار؛ فلقد كنت وا�صع ال�صدر كبري

العزة والقدر يف نفو�س الكثري والكثري جدا من حمبيك وعارفيك.

�صيدي

لقد عجز قلمي عن التعبري وذهني عن التفكري، ول زال اأمل الفراق �صديدا جدا واأنت بني

متعددة وف�صائلك عديدة �صمائلك كانت فلقد الـله. �صاء اإن اخللد جنة واإىل الرحمن يدي

و�صلتك وثيقة وحبك للخري وفريا كثريا.

واملعذرة الأخرى األ اأيف بوعدك بتو�صية جريدة "اجلزيرة "بعدم ن�رس هذه الذكريات والتي مت

اإجراوؤها معك قبل حوايل عامني اأو اأكرث حتى تعود اإىل ما لديك من وثائق كانت اآنذاك مبعرثة بني

الباحة ومكة والطائف، وكنت تود اأن تراجع هذا احلديث واأن يت�صع الوقت لديك لتدقيق التواريخ

والأحداث ومراجعة ال�صياغة ومواكبة الأحداث واإ�صافة ما قد ن�صيت اأو تغيري ما تراه.

معذرة اأن ياأتي ن�رس هذا احلديث بعد اأن رحلت عنا اإىل دار البقاء ت�صبقك دعوات الألوف

املوؤلفة بالرحمة والغفران واأن تلقى وجه ربك را�صيا مر�صيا.

واملعذرة الأخرية اأن تن�رس "اجلزيرة" هذا احلديث الذي يعرب عما عمرت به روحك الطاهرة

من اإخال�س يف القول، وجد يف العمل، وتفان يف الواجب، انعك�س على ال�صطور فجاءت �صافية

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

228

ملحـــــــــــــــــق

ك�صفاء روحك، نقية كنقاء �رسيرتك، طيبة كذكراك العطرة يف النفو�س والقلوب. لقد حر�س

اأكون "اجلزيرة" اأن يكون احلديث كما هو بال تعديل ول تبديل، فلقد �صعدت باأن الإخوة يف

رفيقك يف تلك الرحلة التي طفت خاللها العامل �صنة 1392هـ، واأن اأرى عن قرب روحا نقية

اأحاديثك من كثريا اأ�صمع اأن الـله و�صاء كالطبيعة. و�صدقا كاجلبال واإميانا �صافية و�رسيرة

الأحاديث وما ا�صتوعبته ذاكرتك من ف�صول اأن جتمع هذه لت الطيبة وقدراتك اخلارقة، واأم

الأحداث يف اململكة الفتية والتي كنت مواكبا لها وم�صاركا يف البع�س منها كما �صارك والدك

العزيز يف الكثري، وكنت اآمل اأن ت�صجل بع�س هذه الذكريات حتى تكون درو�صا علمية وعملية

ي�صتفيد منها الدار�صون والباحثون، وكنت ت�صكو، رحمك الـله من كرثة الواجبات وحتمل نف�صك

ما تعجز عن حمله اأكرب النفو�س يف اأداء الواجب وزيارة كبار ال�صن و�صلة الأقارب والأرحام وجميع

الأ�صدقاء واملعارف، فلقد كان فيك من ال�صمائل اأف�صلها ومن الف�صائل اأكرثها فرحمك الـله

واأ�صكنك ف�صيح جناته واأردد قول املتنبي:

فقدها ــوؤثــر ي ل األــــوف ــم عــنــد احلـــيـــاة �ـــرشاب ميـــوت ــه كــاأن

عديدهم يف واحد فرد ي�ساب ويذهب حتى الــدهــر فينتحب

وقول الأعرابية:

ــال ــد م ــق ـــا الــــرزيــــة ف ــرك م ــم ــع بعري ل ول ميــــوت فـــر�ـــس ول

ــر ــــد ح كثري ولـــــكـــــن الـــــــرزيـــــــة فــــق خـــلـــق ملـــوتـــه ميـــــوت

اجلزيرة، العدد 4978

التاريخ 1406/9/8هـ

)17 اآيار / مايو 1986م(

229

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

يرحمك الـله

افتتاحية "اجلزيرة"

ال�صيخ معايل هو اخللق رفيع املع�رس، نبيل ال�صفات... كرمي رجال البالد فقدت اأم�س...

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم اأمري الباحة الذي انتقل اإىل جوار ربه على اأثر حادث انقالب

�صيارته �صباح اأم�س الثنني وذلك عن عمر يناهز اخلام�صة وال�صتني.

اأبنائه وعارفيه واأ�صدقائه الكرث. ملا اأ�صى وحزن عميق يف نفو�س ولقد كان لوفاته رنة

والكرم والتقوى ال�صالح عنه عرف نبيلة حيث وخ�صال �صجايا من الـله رحمه به يتمتع كان

اأم�صى حيث ووطنه ومليكه دينه خدمة يف واجبه يوؤدي وهو حياته اأفنى ولقد وال�صهامة...

�صنوات طويلة اأمريا لعدد من املدن كان اآخرها اإمارة الباحة و�صواحيها.

وكان يرحمه الـله حري�صا على ال�صوؤال الدائم عن كل الذين يعرفهم والذين ل يعرفهم.

عطوفا بارا يبذل الكثري يف جمال اخلري والإح�صان... وكان جمل�صه دائما ميتلئ بالنا�س... يلقاهم

بكل الب�رس... وي�صتقبلهم برحابة الرجل الكرمي يف �صمائله و�صفاته... وطوال الفرتة التي عمل

الرجال اأحد والتفاين وهو والنزاهة لالأمانة اأمريا لعدد من املدن يف اململكة كان مثال فيها

املخل�صني الذي اأدوا واجبهم على خري وجه.

ولقد ترك من خلفه �صرية عطرة... يذكرها كل من عرف ف�صله وعاي�س ب�صاطته ولقي عونه

وحر�صه على ق�صاء حاجات مراجعيه وت�صهيل اأمورهم... وبذل كل ما يف و�صعه لإر�صاء كل من

يدخل اإىل مكتبه اأو بيته.

الذكر... وقد ال�صرية طيب الأخــري... حممود اإىل مثواه الطيب الرجل وهكذا مي�صي هذا

اهم على الف�صيلة واأن�صاأهم على ال�صالح... وخلق فيهم �صفات النبل واخللق ترك اأبناء بررة رب

القومي.

ولقد نعاه الديوان امللكي اأم�س... لأنه اأحد الرجال الذين اأعطوا كل ما ميلكون من حما�س

وتفاعل �صادق وحر�س خمل�س يف اأداء امل�صوؤولية... وحني يغيب مثل هوؤلء الرجال فاإن فقدهم

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

230

ملحـــــــــــــــــق

خ�صارة كبرية... ولكنها م�صيئة الـله ول راد لق�صائه.

ة فادخلي يف عبادي ي�ص

ية مر ك را�ص تها النف�س املطمئنة ارجعي اإىل رب ي

)يا اأ

وادخلي جنتي( �صدق الـله العظيم.

رحم الـله الفقيد الغايل ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم واأ�صكنه جنات النعيم.

و�صادق العزاء اإىل جاللة امللك فهد بن عبد العزيز املفدى واإىل �صمو ويل عهده الأمني واإىل

اأن يلهم اجلميع ال�صرب وال�صلوان واإنا هلل اإبراهيم، ون�صاأل الـله اآل اأجنال الفقيد واأهله واأ�رسة

واإنا اإليه راجعون.

اجلزيرة، العدد 4940

التاريخ 1406/7/29هـ

)10 ني�صان / اأبريل 1986م(

231

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

ومات الكرمي اإبراهيم اآل اإبراهيم

بقلم: حممد ح�سني زيدان

اآل اإبراهيم الكرمي ابن الكرمي يا�صني طه يخربين عن وفاة ال�صيد ال�صديق اإيل وتلفن

اإبراهيم اأمري الباحة. ومل يكن اخلرب منه اإل تعزية يل. ولي�س ذلك عن �صلة الن�صب، اأو توا�صل

احل�صب، واإمنا هي ال�صلة العميقة بال�صبب، ترحمت عليه، فمن حق الوفاء اأن اأرثي هذا الويف.

فللمدينة املنورة اأمومة التن�صئة له، �صب فيها طفال يف كنف اأبيه وكيل الإمارة ال�صيخ "عبد

العزيز بن اإبراهيم"، وكان الوفاء من هذا الكرمي �صيمة، وقيمة، فقد كان حفيا بي وفيا يل،

ا، واإمنا كان ذلك لأين معلم ال�صبيان، كان ا، اأو مذيعا منت�رس

ومل يكن ذلك منه اإيل كائنا نا�رس

تلميذا وكنت اأ�صتاذا، ولعلي كنت كثري احلفاوة به، مل يقت�رس وفاوؤه عليه وحده بل كان اأبوه

يرعاين بهذا الوفاء، حتى اإذ تعر�صت لزلة كلمة نقلها اإليه ناقل، وال�صيخ ال�صبب يف اأن كان،

"�صياء الدين رجب". بعد ثمانية ع�رس عاما كان تلميذا اإل من الأ�صتاذ فلم اأعلم بهذه الكالءة

تر�صخت �صلتي به، وطابت �صلته يل حني عزمنا كاأ�صلوب يف الن�صاط املدر�صي اأن نن�صئ م�رسحا

يف مبنى الكلية الإ�صالمية يف العنربية "مقر ثانوية طيبة الآن" منثل عليه حوارا "لوفود العرب"

اأوفدهم النعمان بن املنذر، اإىل ك�رسى، وكنت اأنا النعمان بن املنذر، وكان الأ�صتاذ عبد احلق

النق�صبندي "ك�رسى اأنو �رسوان"، وكان هذا التلميذ اإبراهيم اآل اإبراهيم جذعا يح�صن القول ويجيد

الأداء، فاإذا هو قابو�س بن النعمان بن املنذر، اأما خطباء العرب اأكثم بن �صيفي ومن اإليهم،

فكانوا الطليعة من تالمذة املدر�صة، بع�صهم قد بلغ من ال�صن ما بلغته. وغ�صب النعمان من

هوان العرب على ك�رسى، يهزاأ بعامر بن الطفيل فاإذا قابو�س يلقي الكلمة "هون عليك يا اأبتاه

فالعرب ل ينامون عن ثاأر"، و�صمع اأبوه قوله، فقال يرحمه الـله ما �صمعه اإبراهيم �صاكر قال:

"يخ�صاأ ما هو اأبوك".

ف بالكبار الذين ح�رسوه، ال�صيخ عبد الـله بن ح�صن، وعبد اهلل ال�صليمان وكان هذا احلفل قد �رس

وعبد العزيز بن اإبراهيم، واإبراهيم �صاكر تغمدهم اهلل برحمته، اإن هذا الأمري، اأمري الباحة مل ين�س

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

232

ملحـــــــــــــــــق

اأ�صتاذه، ومل ين�س زمالة الأداء، ما راأيته اإل اأكرمني، وما زاره اأحد من معاريف اإل �صاأل عني، كان

تربية املدينة الغزلة لها ب�صمة احلب منه وله. وب�صمة الوفاء منه لأهل الوفاء.

مات يرحمه الـله، وما �صمعنا يف حياتي وهو الأمري يف اأكرث من اإمارة اأية �صكوى منه، لأنه

تربية اأبيه، ولأن امللوك من اأبناء عبد العزيز كانوا وما زالوا احلري�صني على اأن يكون الأمري يف

اأي اإمارة ل ميثل اإل ما ي�صون الوحدة، وما ت�صان به عقيدة التوحيد.

به، فالأمن لالأمن وان ال�ص يكون اأن عليه يجب اأمري واأميا الدولة، ثروة هذه هو فالأمن

والأمن منه، والأمن له التزام يلتزم، واإلزام لكل فرد من هذا ال�صعب العربي ال�صعودي يف كل

�صرب من اأر�س هذا الكيان الكبري.

لقد توفى الـله اإبراهيم بن اإبراهيم يف حادث كاأنه ما هو الفزع تدمع عليه عيون لي�صت هي

القريبة وحدها، واإمنا هي القربى ملن �صان امل�صوؤولية فازدانت �صريته بهذا املوت، والعزاء

اأكتبه على هذا القرطا�س اإىل ذوي القربى ن�صبا، وح�صبا، و�صببا، تغمده الـله برحمته.

املدينة، العدد 6939

التاريخ 1406/7/30هـ

)10 ني�صان / اأبريل 1986م(

233

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

فقيد البالد الغايل

بقلم: اأحمد عبد الغفور عطار

عندما األفت كتابي �صقر اجلزيرة يف ثالثة اأجزاء، وذلك �صنة 1358هـ – 1938م، كنت قد

قابلت مبكة املكرمة – حر�صها الـله – يف مو�صم احلج امللك عبد العزيز، واأخربته اأنني األفت

فيه كتابا �صخما �صميته "�صقر اجلزيرة"، فرغب جاللته رحمه الـله رحمة وا�صعة اأن يطلع عليه،

فاأح�رسته له، وبعد اأيام رده اإيل، ثم اأ�صدر جاللته اأمره باإن�صاء جلنة مكونة من ال�صيخ عبد العزيز

ابن اإبراهيم رئي�صا، ومن كل من ال�صادة:

ال�صيد حممد طاهر الدباغ 1-

وال�صيد حممد �صطا 2-

وال�صيد اأحمد العربي 3-

وال�صيخ الطيب ال�صا�صي 4-

والأ�صتاذ خالد اأبو الفرج 5-

اأع�صاء، وكان مكان الجتماع مبنزل ال�صيخ عبد العزيز بن اإبراهيم بحي النقا مبكة املكرمة،

باأجزائه كله الكتاب الأول الجتماع واأح�رست يف املغرب، بعد �صالة الجتماع يكون اأن وقرر

الثالثة ليطلع عليه الرئي�س والأع�صاء، فاأكربوا العمل اأميا اإكبار، وكنت اأنا الذي اأقراأ، وقراأت

حوايل مائة �صفحة وافقوا عليها بالإجماع، ودونوا يف حم�رس اجلل�صة الأوىل ما مت فيها، ثم �صلينا

الع�صاء، وما كدنا ننتهي حتى مدت مائدة الع�صاء بها خروف وخبز و"�صلطات" وفاكهة ومتر

ولنب.

ويف اجلل�صة الثانية كان ما باجلل�صة الأوىل، واأم�صينا اأيام الأ�صبوع الأول دراكا، وطلبنا من

الأمري ال�صيخ عبد العزيز رحمه الـله ورحم الأع�صاء ومد يف عمر اأ�صتاذي ال�صيد اأحمد العربي اأن

�رسنا فقبل رجاءنا، حتى انتهينا من الكتاب كله، وقد يعفينا من الع�صاء لأننا نود اأن نتع�صى مع اأ

ا جميال، فهو من رجال امللك عبد العزيز.جاء فيه ذكر الأمري ابن اإبراهيم ذكر

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

234

ملحـــــــــــــــــق

باإعطائي الرئي�س واأف�صل الـله، رحمه امللك اإىل اللجنة تقرير اإبراهيم ابن الأمري ورفع

فاخرة ك�صوة مع مبعاليه تليق حتية فيها يحييني كرمية ر�صالة اإيل بعث كما منه، �صورة

ومكافاأة طيبة حملها اإيل ابنه ال�صيخ اإبراهيم.

يف تلك الأيام، عرفت اأنه ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز بن اإبراهيم، وتوثقت ال�صلة فيما

امل�صجد يف كثريا جنتمع وكنا والقراءة، الأدب اإىل ال�صبوة يف ا�صرتاكنا متانة وزادها بيننا.

احلرام ونتدار�س ونطوف بحلقات العلماء باأروقته، وكنا نتزاور يف البيوت.

وكما كنت من ع�صاق الكتاب اأقراأ كل ما ت�صل اإليه يدي كان ال�صديق ال�صيخ اإبراهيم يقراأ

كثريا، لديه مكتبة حافلة بكتب التف�صري واحلديث والتاريخ، كما كان يعنى بقراءة املوؤلفات

احلديثة، فلديه موؤلفات للعقاد واملازين وهيكل وطه ح�صني والرافعي والب�رسي، ولديه دواوين

العقاد واملازين و�صوقي وحافظ من املحدثني، ودواوين �صعراء اجلاهلية والإ�صالم.

ال�صعر من كثريا ويحفظ للقراءة، اإل كتابا ي�صرتي ل للزينة، فهو كتاب لديه يكن ومل

والأمثال.

ويف اإحدى �صنوات الأربعني بعد الت�صعمائة والألف من امليالد تقابلنا اأنا وال�صيخ اإبراهيم

بدار القن�صلية ال�صعودية بالقاهرة، وذكر يل اأنه جاء اإليها ب�صحبة والده لعالجه، و"ا�صتاأجرت"

الأمري مبكانة يليقان فاخر اأثاث ذات فخمة جميلة دارة العزيز، عبد امللك باأمر القن�صلية،

الكبري.

وزرته فوجدت بالدارة معايل ال�صيخ عبد العزيز بن عبد الـله اآل ال�صيخ، اأحد وزراء املعارف

ال�صابقني، وكان يطلب، حينئذ العلم بالأزهر ال�رسيف، وكنا اأنا وال�صيخ عبد العزيز واأخوه الكبري

ال�صيخ حممد زمالء باملعهد العلمي ال�صعودي، وكنت اأتردد على والدهما ال�صيخ عبد الـله بن

ح�صن اآل ال�صيخ رئي�س الق�صاة باحلجاز ب�صكنه بالداوودية.

ولقد توثقت ال�صداقة بيننا حتى �صبقنا ال�صيخ اإبراهيم اإىل الـله �صهيدا مبكيا عليه رحمه

الـله وجعل قربه رو�صة من ريا�س اجلنة.

235

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

اإياي دعوته لتلبية اأتهياأ كنت فقد كله، كياين زلزلت نازلة كان الذي النعي وفاجاأين

لزيارة الباحة واإذا املنية حتول بيننا.

وبينا اأقراأ كتاب التاأبني والرثاء يف فقيد الوطن قراأت كلمة رائعة للكاتب املبدع الأ�صتاذ

عبد الرحمن في�صل املعمر يف تاأبني الراحل الغايل جاء فيها ما ن�صه:

"ل اأحب اأن اأعدد مناقب الفقيد واأ�رسح ذلك واأطنب واأ�صهب، لكن اأتناول جانبا واحدا من

جوانب �صخ�صيته. ذلكم هو تقديره الكبري لأهل الفكر ورجال الأدب، فقد تذاكرت معه مرة

وذكر يل اأنه عندما زار م�رس يف اأواخر الأربعينات امليالدية قابل الأ�صتاذ اأحمد عبد الغفور عطار

هناك، وات�صل عربه باأ�صاطني الأدب وعمالقة الفكر اأمثال حممد ح�صني هيكل با�صا وعبا�س

حممود العقاد وطه ح�صني و�صيد قطب وغريهم، وح�رس ندواتهم"... الخ.

وهذا حق، فعندما زرنا الدكتور حممد ح�صني هيكل با�صا، موؤلف كتاب يف منزل الوحي،

زرناه اأنا وال�صيخ اإبراهيم وقدمته وقلت: ال�صيخ اإبراهيم ابن اأمري املدينة املنورة ال�صيخ عبد

العزيز بن اإبراهيم، تذكر الوالد وابنه، ورحب به اأجمل ترحيب، واأهدى اإليه موؤلفيه حياة حممد،

ويف منزل الوحي بعبارات كرمية، واأخذ عنوان �صكن الأمري وزاره.

وكذلك اأهدى اإليه العقاد وطه ح�صني والزيات وغريهم بع�س موؤلفاتهم، اأما �صيد قطب

اإىل واإياي ال�صيخ ودعاهما اآل الـله العزيز بن عبد وال�صيخ عبد اإبراهيم بال�صيخ احتفل فقد

الغداء مبنزله بحلوان، واأهدى اإىل كل منهما جمموعة موؤلفاته.

ف بهما اإل عند قلة من ولقد غلبت �صهرة احلكم على علم ال�صيخ اإبراهيم واأدبه فلم يعر

اأ�صدقائه ومعارفه، واأحاديثه تف�صح عن اأ�صلوبه الرائع يف منطقه كما تف�صح ر�صائله عن اأدب

جميل وثقافة واإطالع وا�صع.

العديدة اآراءه حوت �صفحات ع�رس من اأكرث يف مطولة اإحداها ر�صائل، بع�س منه ولــدي

ومذهبه يف احلياة.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

236

ملحـــــــــــــــــق

ومل تقطع ال�صلة بيننا منذ تعارفنا اإل بوفاته، فعندما عني وكيال لإمارة مكة املكرمة �صنة

1381هـ عندما كانت جريدة "عكاظ" ملكي، وق�صيت فرتة بعيدا عنها، زارين ال�صيخ اإبراهيم

مبنزيل غري مرة، وزرته مبنزله بالإمارة.

وكان الفقيد دائم الذكر يل يف جمال�صه، حتى اأنه كان يحدث اأولده الكرام عني، حتى اأن

اإبراهيم تقبل تعزيتي له ولآل الفقيد بالهاتف وذكر يل ما ابنه الأكرب الأمري عبد العزيز بن

كان يتحدث لهم عني، وطلب اإيل اأن اأبحث له عن ر�صائل اأبيه اإيل واأبعثها اإليه فوعدته، واأرجو

اأن اأجدها، لأن اأكرث الر�صائل التي كنت اأحتفظ بها، ومنها "ب�صع ر�صائل من ديوان امللك عبد

العزيز ومن ديوان امللك �صعود ومن ديوان امللك في�صل رحمهم الـله ور�صالتان من مليكنا

املفدى فهد بن عبد العزيز"، ور�صائل اأخرى من عمالقة الأدب احلديث يف م�رس و�صوريا وتون�س

واملغرب، قد �صاع كثري منها بعد اإ�صابتي باجللطة احلادة يف املخ �صنة 1399هـ – 1979م

ولعلي اأو على الأ�صح لعل اأهلي يبحثون بني اأوراقي عن ر�صائل ال�صيخ اإبراهيم، فاإذا وجدتها

�صاأبعثها اإىل ابنه اإن �صاء الـله.

واإن هول الفجيعة يف ال�صديق العظيم الويف ال�صيخ اإبراهيم �صلب قلمي القدرة على القول

الآن، فاأنا الغايل غري مت�صع يل الفقيد القول يف ، ولكن جمال الفقيد علي لأوؤدي بع�س حق

وا عن م�صاعرهم نحوه. لذلك موجز بع�س ما لدي م�صاركة مني ملن كتبوا وعرب

من خري �صفات الفقيد اإن�صانيته، فما حل بعمل اإل كان من يعملون حتت اإمرته ينعمون يف

بره ولطفه وح�صن معاملته، فعندما كان وكيال لإمارة مكة املكرمة كانت يده ال�صخية ممدودة

لل�صعفاء و�صغار املوظفني، يذكرهم يف العيدين ويف راأ�س ال�صنة الهجرية عندما يحل موعد

هو الذي باخلري عليهم البي�س اأياديه له ليذكرون واإنهم في�صاعدهم، امل�صاكن اإيجار دفع

اأهله، بل اأهل مكة حر�صها الـله وحر�صهم ليذكرونه بكل خري، وطبيعي اأن يكون حزنهم عظيما

على فقد اإن�صان ل يتكرر اأمثاله اإل نادرا وبخا�صة يف ع�رسنا احلا�رس.

لأن وعا�رسوه، عرفوه من ي�صعر كما البالغ بالأ�صى اأ�صعر الكلمة اأكتب هذه واأنا واليوم،

237

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

فقدان اإن�صان عظيم خ�صارة على مكارم الأخالق التي كان الفقيد منوذجا رافعا لها.

فقدت املروءة والأخالق الفا�صلة الكرمية رجال يكاد يجمع يف �صخ�صيته اأنبل املزايا العربية

الأ�صيلة، واأكرب ال�صفات الإ�صالمية، واأح�صن اخلالئق الإن�صانية الفا�صلة.

فقدنا من ل يعزى بفقده اآله وح�صب، بل يعزى فيه كل اأ�صدقائه ومعارفه، ومن عا�رسوه

وعملوا معه مروؤو�صني وزمالء وروؤ�صاء، لأن فقده ترك فراغا ل ميكن اأن ي�صغله �صواه، ولهذا

ا.�صيبقى مكانه �صاغر

العزيز الرباهيم غري مطاق، لأن اإبراهيم بن بعد ال�صيخ اأن هول الفجيعة يف الـله ويعلم

الفجيعة فيمن يتعذر وجود بديله تكون فجيعة ل تطاق، وما يخففها اإل الإميان باأن من فقدناه

قد م�صى اإىل من هو خري له من كل اأهله وحمبيه األ وهو الـله الذي ا�صتاأثر به ليجزيه ما يجزي

عباده ال�صاحلني، والإميان باأن الفقيد قد ترك اآله واأحباءه اإىل من هو خري لهم منه، اإىل الـله

الذي نرجوه اأن يجعل قرب الفقيد رو�صة من ريا�س جناته.

واإين لأ�صعر باحلزن واأنا اأرفع عزائي ال�صادق ملليكنا املحبوب املفدى فهد بن عبد العزيز،

واإىل ح�رسة �صاحب ال�صمو امللكي الأمري عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز واإىل اآل الفقيد اأن

يلهمهم ال�صرب، وينزل الراحل الكرمي ف�صيح جناته، وي�صكب عليه �صيب ر�صوانه، اإنه �صميع

جميب.

تعرب عما التي املعمر الرحمن عبد اجلليل الأ�صتاذ تاأبني جاءت يف بكلمة واأختم كلمتي

يرجوه حمبو الفقيد واأرجوه، وهي:

" وبعد... فيا اأيها القراء: هذا مقال كتبته ب�رسعة عاطفة املفجوع، فجاء م�صطربا كا�صطرابي

ول مرتب التفا�صيل غري من لقيت من اأ�صاأل واأنا كحالتي مرتبكا الفاجع النباأ �صمعت يوم

الراحل، فال يلمني لئم الفقيد مل بكل �صيء عن حياة واأ واأ�صجل لأدون اأكتب منمق، لأين مل

عاتب، فمحل اإبراز مناقب الأجواد وتعداد ماآثر الأخيار اأمثال فقيدنا املربور، ول يعقب علي

كتب ال�صري والرتاجم ل مقالت الرثاء والتاأبني... فلو نفرت طائفة من اأحباء الفقيد وت�صدوا

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

238

ملحـــــــــــــــــق

لت�صجيل مراحل حياته وتدوين �صريته واأعماله، ل�صدوا ثغرة يف �صجل تراجم رجالنا ومن ويل

ولية من كربائنا".

ورحم الـله ال�صاعر اأبا حممد التيمي، الذي اأ�صتعري منه اأبياتا له، فهي جديرة اأن تقال يف

فقيدنا العزيز ويقال فيه خري منها ي�صاف اإليها، وهي:

بفناء قربك والديار قبور اأما القبور فاإنهن اأوان�س

ت فوا�سله فعم م�سابه عم

فالنا�س فيه خريهم ماأجور

�سنــــــائـــــــــــــعه ت رد

من�سور ن�رشها من فكاأنه

وميتا، حيا ذكراه طيب كما اإبراهيم بن العزيز عبد بن اإبراهيم ال�صيخ ثرى الـله طيب

ورحمه الرحمة الوا�صعة.

عكاظ، العدد 7240

التاريخ 1406/8/6هـ

)16 ني�صان / اأبريل 1986م(

239

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

ويف الليلة الظلماء يفتقد البدر

بقلم: عبد الـله بن حممد اآل ال�سيخ

كم هو اخلرب األيم... دمعت منه العني... وتفجر القلب حزنا... عند �صماعه... كيف ل نحزن...

ول نبكي لفقدك يا اأبا عبد العزيز...

اإنه الق�صاء... والقدر... وهذه �صنة احلياة... ومل نكن نتوقع اأننا �صنفقدك ولالأبد... ولكن

اإرادة الـله... والتي ومهما حاول اأي منا اأن يهرب منها... فاإنه ل يدري متى وباأي اأر�س ميوت...

الغايل معايل الفقيد اإلينا لن يعيد فاإن هذا الفاجعة... احلــزن... وتلك واأنه مهما تفجر هذا

الوالد ال�صيخ اإبراهيم بن اإبراهيم...

وع�رسين خم�صة حوايل قبل مبعرفته وت�رسفت بل ك�صبت... اأن منذ الذي الفار�س... هذا

عاما... وهو الرجل املتوا�صع الذي يوزع عاطفته... وحمبته... واأخالقه... وكل هذه ل حدود لها...

على كل معارفه... واأ�صدقائه... ناهيك عن اأقاربه الذين ت�صملهم رعايته... وعنايته... كان اأخا

للكبري... والدا لل�صغري... مل يبخل عليهم باأي �صيء. كان ل يلجاأون اإليه من اأجل �صيء اإل وقام

بتلبيته... بنف�س را�صية... وبدون منة...

الوطن... كان �صعاره منذ بداية حياته رحمه الـله... خدمه... باإخال�س... وتفان... حتى اأثناء

رحالته التي كنا نرتاح عندما يخرج لها... فعل فيها ما يلهيه قليال عن مهامه اجل�صام... بالرغم

والزيارات املتوا�صلة منذ والبذل... العطاء... الـله يوا�صل من خاللها... فاإنه يرحمه من هذا

طلوع ال�صم�س وحتى منت�صف الليل... حتى اأنه رحمه اهلل يف نف�س الليلة امل�صئومة التي اأودت

بحياته قام بحوايل ثالثني زيارة... ملواطنني عاديني يعي�صون يف اخليام... يتناول القهوة...

"ل"... وكان هذا عنوان الوفاء... يف لدى كل واحد منهم... قلبه املتوا�صع ل يجروؤ على كلمة

عهد فقدنا فيه بع�س �صمات الوفاء... الذي هو وبحق اأحد �صناعه...

نعم فقدناك يا اأبا عبد العزيز... ويف الليلة الظلماء يفتقد البدر... ولي�س باليد حيلة... واإن

التعزية... احلارة... هي لهذا الوطن... الذي بني يوم... وليلة... فقد رجال �صنع تاريخا... جميدا...

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

240

ملحـــــــــــــــــق

لأ�رسة عزيزة... وغالية علينا... جميعا... وهو من ن�صل اأ�رسة عريقة اأفنى رجالها حياتهم... من اأجل

رفعة وخدمة بالدهم...

اأنهم �صيكونون خري من يحملون الـله �صاء اإن نرى فيهم واإخوانه... من اأبنائه... ولنا يف

الر�صالة... التي تركها الفقيد، وهي من اأنبل ر�صالت... الوفاء... والعمل... والإخال�س...

ول�صك اأن الفقيد رحمه الـله... ترك يف قلوبنا... اأبناء... واإخوانا... واأ�صدقاء... احلزن... الذي

ل ن�صتطيع حياله اإل اأن نقول رحمه الـله هو ورفاقه الذين كانوا معه �صهداء باإذن الـله.

واإنا هلل واإنا اإليه راجعون.

اجلزيرة، العدد 4942

التاريخ 1406/8/1هـ

241

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

احلزن عميق... بفقدك اأبا عبد العزيز

بقلم: عبد العزيز �سامل الغامدي

ي�صاطرهم واأن الباحة، منطقة يف اأهلنا من فرد كل واحلزن الوجوم يعم اأن يف غرابة ل

اأم�س فجاأة الذي فقد يوم الوطن، اأرجاء هذا اأنحاء كثرية من اأ�صقائهم يف اأحزانهم تلك، كل

ا وتفانيا يف خدمة دينه ومليكه ووطنه، معايل ال�صيخ اأبنائه، واأكرثهم اإخال�ص واحدا من خرية

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم اأمري منطقة الباحة، والذي وافاه الأجل، بعد عمر حافل بجالئل

الأعمال، كان يوؤدي خالله الواجب على اأكمل وجه، حيث نال ثقة الرواد من قادة هذه البالد،

وظلت تلك الثقة تتجدد يوما بعد اآخر، حيث عمل اأمريا ملنطقة القنفذة، فوكيال لإمارة منطقة

�صندت اإليه اإمارة منطقة الباحة، حيث مكة املكرمة، ومن ثم وكيال لإمارة منطقة ع�صري، واأخريا اأ

اأمهات املدن، بعد نالت على يديه ال�صيء الكثري، والذي رفع من مكانتها، وجعلها ت�صاهي

اأن عم اأرجاءها كل األوان التقدم والنماء، فقد عرفت تلك املنطقة يف عهده الكثري من اأمنيات

مواطنيها، التي مل تكن تتجاوز احللم، فقد عمتها الكهرباء، وو�صلها التليفون، واأقيم فوق

الأنفاق واجل�صور التي و�صلت اأن�صئت الطرقات وال�صوارع ذات اأول مطار مدين، كما اأر�صها

احلركة، �صهلت مي�صورة، معبدة بطرق مرة لأول وتهامة ال�رساة بني وربطت اأطرافها، بني

واأتاحت الفر�صة لالت�صال بني اأبنائها، خا�صة بعد اأن اأقيم بها واحد من اأف�صل امل�صت�صفيات

احلديثة يف بالدنا... وهذا عدا ال�صدود، وحواجز املياه، والتي انت�رست ب�صكل وا�صع، واأخريا ذلك

امل�رسوع احليوي الكبري، املتمثل يف �صد وادي العقيق، الذي اأو�صك على النتهاء، والذي �صيمد

مدن الباحة، وبلجر�صي بحاجتها من مياه ال�رسب، ف�صال عن القرى واملدن الأخرى الواقعة على

نه�صة من املنطقة �صهدته ما مع وغريها، الأعمال، هذه كل بينهما، الوا�صل اخلط جوانب

تعليمية رائدة، اإىل جانب تبنيه جلمعية الرب باملنطقة، واإقامة املدينة الريا�صية، وا�صتكمال

خمتلف الأن�صطة الثقافية والبدنية، التي و�صعت منطقة الباحة على م�صارف نه�صة متطورة،

وغري عادية، كل ذلك وغريه، هو مما جعل اأبناء تلك املنطقة يح�صون بالكثري من احلزن والأمل

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

242

ملحـــــــــــــــــق

لفقدهم اأخا، و�صديقا، مل يقم بينه وبني اأي فرد منهم اأية حواجز اأو فوارق، بل كان لهم نعم

الرجل القدوة يف توا�صعه ويف �صدق رعايته وتفقده امل�صتمر لأحوالهم واحلدب عليهم متاأ�صيا

هذه اأفراد تطلعات عن معربة جاءت طاملا التي وتوجيهاتهم قادته اأ�صلوب اأعماله كل يف

الأ�رسة الكبرية يف كل اأنحاء بالدنا ال�صعودية احلبيبة.

رحم الـله الفقيد واألهمنا بفقده ال�صرب وال�صلوان ولأ�رسته الكرمية عزاوؤنا و"اإنا هلل واإنا اإليه

راجعون".

اجلزيرة، العدد 4941

التاريخ 1406/7/30هـ

)10 ني�صان / اأبريل 1986م(

243

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

منطقة الباحة... م�سابك جلل

بقلم: عبد الـله اأحمد الأفندي

قبل اأن اأدخل يف كلمات احلب املفجوعة... و�صيغ التقدير املوتورة تعا�رسين اآيات املدبر

ا وت واإمن العظيم فاأجد ذاتي يف م�صافة بني اجلزع وال�صالة. قال تعاىل: )كل نف�س ذائقة امل

نيا اإل متاع ياة الد نة فقد فاز وما احل دخل اجلجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار واأ

ون اأ توف

ور( �صدق الـله العظيم.الغر

وعندما فجعت الباحة بخرب وفاة اأمريها معايل ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز بن اإبراهيم

رحمه الـله رحمة وا�صعة، فجع الكبار وال�صغار، الرجال والن�صاء، كان رحمه الـله يحمل قلبا كبريا

رحيما عطوفا على اجلميع ومن اأجل اجلميع اأخا بارا بالكبري، اأبا لل�صغري، ق�صى �صنني عديدة

اأرجاءها، من عمره يف خدمة وطنه ويف مناطق عدة اآخرها منطقة الباحة �صغله ال�صاغل. يطوف

يتفقد وي�صاأل عن اجلميع. حت�س وتلم�س واأنت ب�صحبته خربة ال�صنني وجتربة الأيام التي زادها

التوا�صع احلقيقي واحلر�س ال�صديد على اإ�صعاد من حوله جاذبية واإ�رساقا، واأثراها العمل من

اأجل اجلميع بالتحقق والنماء.

منطقة الباحة، يعزيني يف م�صابك اجللل ويوا�صيني يف فقدان اأمريك املحبوب اأنك ر�صمت

املتقدمة يف املناطق اإىل م�صاف وو�صلت اأجله. من العمل اإىل الـله رحمه �صعى الذي الأمل

بالدنا الغالية، فكما كنت معه يف قلبه وتفكريه يف قربه وبعده، اأنت الآن حتملني ذكراه ورغبته

"وبذاته" ومناق�صته مت عما ب�صوؤاله كان لقد يود، مما والقرب والتقدم التطور يف اجلميلة

ملا �صيتم بتجربته وحنكته و�صربه ي�رسب منوذجا فريدا من مناذج القيادة الناجحة، من هنا

اأ�صبحت منطقة �صياحية جميلة تغني اأبناء الوطن عن ال�صفر خارج الوطن، ال�صيء الذي ل ميكن

اأن ين�صاه اأي من اأبناء املنطقة حر�صه ال�صديد ورغبته الأكيدة يف اأن يتوىل اأبناء املنطقة بعد

تزودهم بالعلم واملعرفة م�صوؤولية الرتقاء بها واإدارة مرافقها – وهل ميكن اأن نن�صى ذلك

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

244

ملحـــــــــــــــــق

احلزن والأمل الذي يرت�صم على حمياه عندما يتحدث عن م�صكلة بعدنا عنك وارحتالنا اإىل مواطن

الرزق. واإذا كنا نحمل هذه ال�صورة املوؤثرة ذكرى ل تن�صى ول تغيب عن البال، فاإن رجال املال

والأعمال يف املنطقة ل ميكن كذلك اأن ين�صوا دعوته لهم اإىل دائرة النقا�س البناء ومطالبته

بف�صل حتقق لذلك املنطقة، مب�صتوى النهو�س اأجل من وجهدهم مبالهم بالإ�صهام اإياهم

الـله ثم بجهده وعمله ومتابعته كثري من الإجنازات يف منطقة الباحة ويف جميع املجالت التي ل

تت�صع كلمتي هذه لت�صجيلها، اإمنا يبقى لنا اإ�صافة اإىل الذكرى العطرة وال�صرية احل�صنة اأمنوذج

نحتذيه يف النف�س واملعاملة والعمل. رحمه الـله رحمة وا�صعة... و"اإنا هلل واإنا اإليه راجعون".

اجلزيرة، العدد 4941

التاريخ 1406/7/30هـ

)10 ني�صان / اأبريل 1986م(

245

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

ذكريات ل تن�سى مع رجل ل ين�سى

بقلم: ه�صام وحممد علي حافظ

يف ال�صيف املا�صي كنا يف بو�صطن مع اإخواننا واأبناء عمنا نتحلق حول والدنا وعمنا اأثناء

مر�صهما الذي اأكرمنا الـله جميعا و�صفاهما منه.

اأن و�صل وبعد لندن، يجري عملية جراحية يف اإبراهيم بن اإبراهيم الأمري املرحوم وكان

والدنا من غرفة العناية املركزة كانت اأول مكاملة تليفونية تلقيناها من الأمري اإبراهيم، وكان

ل يزال يف لندن يف امل�صت�صفى، وانتظمت مكاملاته كل يوم ي�صاأل عن �صحة الوالد والعم.

وكان اأول عمل قام به الوالد بعد اأن ا�صرتد وعيه هو مكاملة الأمري اإبراهيم بن اإبراهيم رحمه

الـله لل�صوؤال عنه والطمئنان عليه، والواقع اأن كل واحد منهما كان يريد الطمئنان على الآخر.

وعند عودتنا اإىل الوطن بقينا يف لندن عدة اأيام وكان الأمري اإبراهيم هو واأبناوؤه الأعزاء اأول

من زار الوالد واطماأن عليه.

ويف ربيع عام 1985م قام الوالد وجمموعة من اأ�صدقائه من بينهم ال�صيد ها�صم زواوي،

اأن وقبل اإبراهيم، بن اإبراهيم الأمري من خا�صة بدعوة الباحة بزيارة عارف والأ�صتاذ حممود

ي�صافر الوالد اإىل هناك حتدث الأمري اإبراهيم ي�صاأل عن خالنا املرحوم ال�صيخ م�صطفى زاهد،

اخلال اأن ين�صى ل فهو الزيارة، هذه اأثناء معهم ليكون با�صمه يدعوه اأن الوالد من وطلب

م�صطفى كان من زمالء ف�صله يف املدر�صة البتدائية باملدينة املنورة، وذهب اخلال معهم،

وعاد من الباحة، وظل حتى توفاه الـله يف نهاية العام املا�صي وهو يتحدث عن الأمري اإبراهيم

املبادئ اأ�صحاب ولكنه من الـله رجل عادي جدا رحمه للباحة، فاخلال م�صطفى زيارته وعن

بها من والده جدنا ال�صيخ حممد زاهد رحمه الـله اإمام وخطيب امل�صجد النبوي والأ�صول التي ت�رس

ال�رسيف، ولذلك فقد م�س تكرمي الأمري له واحتفاوؤه به وترا ح�صا�صا عنده جعله ينفعل ملا لقاه

من الأمري وما �صاهده يف الباحة.

وكنا كلما التقينا باملرحوم الأمري اإبراهيم بن اإبراهيم �صواء عندما كان وكيال لإمارة منطقة

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

246

ملحـــــــــــــــــق

مكة املكرمة يف املنا�صبات املختلفة، اأو عندما نلقاه يف جمال�س العاهل املفدى امللك فهد،

يقف معنا ويتحدث اإلينا، وي�صاأل عن اأحوالنا، واأحوال الوالد والعم، وهذا هو حاله دائما مع اأبناء

املدينة املنورة فهو ل ين�صى اأيام �صباه يف طيبة الطيبة، عندما كان والده اأمريا لها، وهو ل

ين�صى اأهلها، ويربهم دائما ويذكرهم باخلري لأنه كان من اأهل اخلري.

هذه ذكريات قليلة ولكنها ل تن�صى عن رجل من رجال الإدارة واحلكم يف بالدنا ل ميكن اأن

ين�صى لأنه ميثل جيال من الرجال، واأ�صلوبا يف العمل والتعامل قل اأن يتكرر فهو يج�صد معنى الإخال�س

لكل �صيء، خمل�س لدينه، خمل�س ملليكه، خمل�س لذكرياته واأ�صدقائه، خمل�س ملبادئه.

ا بنا لأننا �صمعنا الكثري والذكريات التي اأوردناها يف مقدمة هذه الكلمة لي�صت �صيئا خا�ص

غريها عن املرحوم الأمري اإبراهيم، فالذكريات التي ل تن�صى لي�صت هي ذكرياتنا فقط، واإمنا هي

ذكريات الكثريين... �صحيح اأن هناك عالقة خا�صة جدا كانت تربط بني الأمري اإبراهيم ووالدنا

وعمنا، لكن فجيعة الوطن يف وفاة هذا البن البار واملخل�س من اأبنائه، جعلتنا نتعرف ون�صمع عن

ق�صة حياة هذا الأمري اجلليل الذي يعترب منوذجا من النماذج الفريدة والنادرة التي لن تتكرر.

وهكذا املوت "نقاد على كفه جواهر يختار منها اجلياد"... ولقد كان الأمري ابن اإبراهيم

جوهرة من جواهر الإخال�س والوفاء والرجولة... لذلك فنحن ل نعزي اأ�رسته يف وفاته، ول نعزي

اأنف�صنا، واإمنا نعزي الوطن كله يف واحد من اأنبل واأخل�س رجاله.

رحمك الـله يا اإبراهيم، واألهم اآلك وذويك واألهمنا جميعا ال�صرب وال�صلوان، واأ�صكنك الـله

ف�صيح جناته جزاء ملا �صنعت من عمل طيب، وجزاء ل�صريتك العطرة، وحياتك احلافلة بالعمل

يف جمال اخلدمة العامة.

اإنا هلل واإنا اإليه راجعون.

ال�رسق الأو�صط، العدد 2692

التاريخ 1406/8/3هـ

)13 ني�صان / اأبريل 1986م(

247

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

اأبكيك للوفاء

بقلم: مو�سى حممد ال�سليم

والدنا الكرمي... اإبراهيم اآل اإبراهيم

اأبا عبد العزيز... اأيها الغايل العزيز.

اأبكيك للوفاء... واأنت من الرجال القدوة يف الوفاء ب�صلة الرحم وال�صداقة.

اأبكيك للوفاء... واأنت مدر�صة من مدار�س الوفاء يف العمل والنزاهة.

قابلك من كل يعرفه وعمال قول والوفاء الإخال�س رموز من رمز واأنت للوفاء... اأبكيك

وعدالة الأبوة وحنان الأخــوة... حمبة فيك يجدون وموظفني واأ�صدقاء اأقارب معك، وتعامل

امل�صوؤول... ويقراأون عمق الإح�صا�س... وح�صن الإدراك... و�صدق امل�صاعر.

رحمك الـله يا اأبا عبد العزيز.

الوظيفية منذ حتملت م�صوؤولية الواعي طيلة حياتك واللتزام لالإخال�س كنت حقا مثال

العمل يف عهود قادة هذا البلد الأ�صاو�س منذ عهد جاللة قائد هذه الأمة وباين كيانها الكبري

امللك عبد العزيز تغمده الـله بوا�صع رحمته... حتى عهد رائد النه�صة احلديثة جاللة امللك فهد

اأبا عبد العزيز منبعا من منابع احلكمة والتزان ابن عبد العزيز اأمد الـله يف حياته... فكنت يا

يف التعامل الإداري وحل امل�صاكل ون�رس الطماأنينة والعدالة وامل�صاواة، خدمة وحمبة واإخال�صا

لدينك ومليكك ووطنك، رحمك الـله يا اأبا عبد العزيز.

كنت حقا مثال للحر�س والهتمام ب�صلة الرحم و�صلة الأ�صدقاء فكان وجودك يف مكة اأو

الطائف اأو الريا�س اأو الباحة... اأو حائل اأو اأي بلد حتل فيه من اأقوى روابط الألفة والجتماع

البهجة مب�صاعر منتداك ويف مبعيتك يجتمعون واأ�صدقائك، وحمبيك اأقاربك بني والزيارة

وال�صعادة ياأ�رسهم تلطفك الأخوي الأبوي بزيارة كل منهم يف منزله قدر ما ي�صمح به وقتك...

و�صوؤالك عن ال�صغري قبل الكبري وعن الفقري قبل الغني فاأ�صبحت حبيبا وقريبا اإىل قلوبهم

مبا منحك الـله من دماثة اخللق وحالوة املع�رس.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

248

ملحـــــــــــــــــق

رحمك الـله اأبا عبد العزيز.

كنت قدوة كرمية لأبناء ع�صريتك "بني لم" بفروعها الثالثة، "مغري وف�صل وكثري"، وقريبا

اإىل قلوب �صغارهم وكبارهم واأنت ت�صري يف املحبة والوفاء على نهج والدك الكرمي عبد العزيز

ابن اإبراهيم اآل اإبراهيم، الذي عرفه تاريخ هذا الوطن رجال من اأقدم واأعظم واأبرز رجال امللك

عبد العزيز رحمه الـله، حتمال للم�صوؤولية واإخال�صا للقيادة واإقداما و�صجاعة نادرة ومعطاءة...

اأجنالك الـله يف اإن �صاء فكنت �صليل و�صاحب فخر وعزة ووفاء... و�صتبقى �صفاتك الكرمية

الربرة من بعدك منبع حمبة، ودافع عمل لكل خري ونقاء.

و�صتكون دائما يف نفو�س ذويك وحمبيك قدوة لالإخال�س وال�صفاء.

ولك من كل الذين عرفوا ف�صلك... ودماثة خلقك وطيب مع�رسك �صادق الدعاء باأن ي�صكنك

الـله ف�صيح جناته وميطرك ب�صاآبيب رحمته ور�صوانه يا اأبا عبد العزيز...

اجلزيرة، العدد 4942

التاريخ 1406/8/1هـ

) 11 ني�صان / اأبريل 1986م(

249

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

رحمك الـله يا �سيخ اإبراهيم

بقلم: عبد اهلل اخلليفي

اإمام وخطيب امل�سجد احلرام

لقد فجع العامل الإ�صالمي بوفاة رجل كان من اأخل�س رجال الدولة وكان من اأ�صد املنا�صلني

واأدبــا، ذا عفة ونزاهة وحزم يف كل النا�س �صرية اأح�صن الإ�صالمية، وكان من العقيدة لن�رسة

اأعماله، وكثريا ما يحل امل�صاكل بر�صاء الطرفني يف ال�صلح العادل وكان رحمه اهلل ذا �صفقة

متوا�صعا وكان ا�صتطاعته بح�صب لهم امل�صاعدة يد مادا والغرباء وامل�صاكني الفقراء على

اإن اأن عرفته كان يحب البحوث العلمية والجتماعية. لل�صغري والكبري والغني والفقري ومنذ

معايل ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز بن اإبراهيم منذ اأن عرفته كان نائبا لأمري منطقة مكة قد

عرفت فيه احلما�س والإخال�س خلدمة هذا الوطن، ونحن هنا ل جنزع من املوت فاملوت حق على

اإن�صان يف هذه احلياة الدنيا كما قال تعاىل يف حمكم كتابه )كل نف�س ذائقة كل م�صلم وكل

وت(، وهنا ل ميكنني اأن اأقول اأكرث من قول رحمك اهلل اأيها الراحل الذي عملت فاأخل�صت امل

للمليك والوطن فاإننا هنا ل منلك �صوى الدعاء لك بالرحمة والغفران، جزاء ما قدمت من خدمات

جليلة وت�صحيات موفقة ت�صكر عليها، ويف اخلتام ل ي�صعني اإل اأن اأقدم العزاء لنف�صي ولأ�رسة

بن العزيز عبد بن اإبراهيم ال�صيخ بوفاة امللك وويل عهده، الأمة جاللة ولقائد هذه الفقيد

اإبراهيم رحمه اهلل رحمة وا�صعة.

عكاظ، العدد 7235

التاريخ 1406/8/1هـ

)11 ني�صان / اأبريل 1986م(.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

250

ملحـــــــــــــــــق

الغايل الذي فقدناه!!

فجعت بالدنا يف وفاة معايل اأمري الباحة ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم وما اأن اأفاق

اجلميع من هول ال�صدمة حتى اأعربوا عن م�صاعرهم واأعطوا �صورة قريبة عن هذا الرجل الذي

رحل عنهم فجاأة... وقد التقت بهم "عكاظ" لت�صجيل انطباعاتهم...

رجل عظيم

يقول الأ�صتاذ �صالح عبد الـله العواد، مدير عام ال�صوؤون املالية والإدارية باإمارة ع�صري،

والذي عمل مع معاليه عندما كان وكيال لإمارة ع�صري: رحمه الـله كان يت�صف باحلزم املقرون

بالعدل وبغري ق�صوة...

ي�صاعد املحتاج دون معرفة اأو وا�صطة ويف �صمت وهدوء... كان لطيفا يف جل�صاته اخلا�صة،

اجلميع عنده �صوا�صية ي�صعر اجلميع باأنه فرد منهم... وكلما ح�رس جل�صة خرج بانطباع اأنه ك�صب

�صديقا...

بالآخرين الهتمام دائــم وكــان �صيئا... ين�صى ل الذاكرة بقوة يتميز الـله رحمه وكــان

وباأحوالهم.

اأما يف العمل فكان ودودا ي�صتمع لل�صغري والكبري ويحر�س على و�صول احلق لأ�صحابه...

رحمه الـله واأ�صكنه ف�صيح جناته...

مل�سات اإن�سانية

كما حتدث الدكتور اإبراهيم الزيد، وكيل اإمارة الباحة، فقال: حلق بالرفيق الأعلى رجل فذ

وم�صوؤول خمل�س، له يف �صبيل اأبناء وطنه خدمات واأي خدمات.

حلق بالرفيق الأعلى بعد اأن كان بيننا يف حما�س متدفق باذل جهده يف العمل البناء والتوجيه

ال�صليم... ل يكل ول ميل... من فعل اخلري... واحلر�س على اأدائه... كاأف�صل ما يكون الأداء...

لي�س فيما يخ�س م�صوؤولياته الر�صمية فح�صب، واإمنا يتعدى حر�صه الكبري اإىل ال�صطالع باأعمال

الرب والإح�صان وهو يوجه جاهه من اأجل مل�صات اإن�صانية حانية... ذلكم هو الراحل الكبري معايل

251

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم رحمه الـله رحمة الأبرار واأنزله منازل ال�صاحلني، وهو

ال�صامي املقام توجيهات تنفيذ على حري�صا وم�صوؤول اأمينا جنديا ال�صعودية الأ�رسة عرفته

نحو كل ما يخدم املواطنني يف القنفذة ويف مكة املكرمة ويف ع�صري واأخريا يف منطقة الباحة،

التي اآملها – كما يعلم اهلل – فراقه ملا له فيها من ماآثر تدل بو�صوح على طيب مع�رسه و�صدق

مواطنته.

على تقوم حياتنا ما�صي اأعماق اإىل متتد التي العظيم الرجل بهذا معرفتي كانت لقد

الإكبار للدور الذي كان ي�صطلع به على جميع الأ�صعدة، فلم اأعرف عنه اإل ال�صدق مع ربه ومع

الآخرين... ومل اأعرف عنه اإل الوفاء والنبل وال�صتقامة التي تدل جمتمعة على معدنه الأ�صيل

واإميانه العميق مببادئ احلق والعدل وحب اخلري ملن يعرف ومن ل يعرف... وفيما يتعلق بعمله

فقد كان ال�صيخ اإبراهيم مثال ال�صرب واملثابرة وعدم الياأ�س واحلر�س على اإعطاء كل ذي حق

حقه، حيث متتع بذكاء ملاح وخربة ل حتد يف اأمور احلياة ب�صفة عامة واأمور الإمارات وق�صاياها

ودورها الأمني والتنموي، ول�صك اأن رحيله عنا يعترب خ�صارة كبرية ول منلك اإزاء ذلك اإل اأن

ندعو الـله له بالرحمة واملغفرة واإنا هلل واإنا اإليه راجعون...

رحم الـله اأبا عبد العزيز، لقاء �صعيه الدائب وحر�صه الدوؤوب على حتقيق اأف�صل معدلت

اخلدمة ال�صاحلة للدين والدنيا، ونرجو الـله خمل�صني اأن يكون ذلك مرجحا مليزان ح�صناته يوم

يلقى ربه واآخر دعوانا اأن احلمد هلل رب العاملني.

عكاظ، العدد 7235

التاريخ 1406/8/1هـ

)11 ني�صان / اأبريل 1986م(

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

252

ملحـــــــــــــــــق

ال�سيخ اإبراهيم يف ذمة الـله

بقلم: حممد ال�سليمان

قبل اأيام فقد جمتمعنا اأحد رجالته الأبرار... فقدنا ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم...

اأن ميتدحه اجلليلة بالأعمال احلافل وتاريخه املرموق ينتظر من خالل مركزه مل رجال فقدنا

اأحد...

الجتماعية، العالقات �صلبيات اأو اإيجابيات من اأ�صلوبا ينتهج اأن لأحد فر�صة يدع ومل

قبل ال�صغري من اجلميع من قريبا جناته، ف�صيح واأودعــه الـله رحمه لكونه، اإليه، للو�صول

الكبري.

تويف بعد خم�صة و�صتني عاما حافلة بالعطاء لي�صل اإىل تلك املرحلة من العمر جتعله زميال

لكبار ال�صن، الرعيل الأول واأبا ملن هم يف عمر ال�صباب... ولعلي عندما اأحتدث عنه اأنطلق من

وجهة نظر الفئة الأخرية وهي ال�صباب...

كان رحمه الـله يعي�س بطموح واأفكار ال�صباب من خالل عمله اأو تعامله... حتاول اأن حتدثه

على اأنه اأب لك فتجده يجذبك لتتبع اأ�صلوب ال�صديق بب�صا�صة وتوا�صع جم...

يتحدث والــذي الطموح اأ�صلوب يتبع فاإنه للباحة كاأمري عمله منرب من يتحدث وعندما

التطور وعن املجتمع بناء عن الـله رحمه يتكلم ال�صيوخ... وحنكة ال�صباب بحما�س قلبه من

وال�صياحة وامل�صاريع ال�صياحية، يطمح لأن ي�صل جزء من بالده اإىل مراحل متقدمة من التطور

اإبراهيم وعن تاريخ جميد اآل اأ�رسة العام... يحدثني والده عن والرخاء التقدم يواكب م�صرية

مليء بالكفاح والعطاء... ووجدت يف �صخ�س اإبراهيم رحمه الـله ترجمة لهذا العطاء و�صهادة حق

لهذا الرجل... قليلون هم الرجال املتميزون وقليل هو مزيج ال�صخ�صيات يف �صخ�س واحد...

نة ممثلة حلقيقة جمتمعنا الكرمي الذي يتمثل يف لقد اعتربت ذلك الرجل ال�صهم املتوا�صع عي

اأخالقه امل�صتمدة من العقيدة الإ�صالمية الغراء ومن طبيعة �صحرائه، ال�صجاعة والإقدام، ومن

253

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

نقاء �رسيرته باملحبة والكرم والتعاطف والتواد والرتاحم... عرفته رحمه الـله ب�صو�صا مت�صاحما

متوا�صعا هلل فرفعه يف قلوب الآخرين و�صكن يف منزلة رفيعة بينهم... يذكر باخلري دوما وياأن�س

له جلي�صه وحمدثه...

مهما قيل ويقال عن فقيدنا جميعا ل يكفيه ول يوفيه حقه... وعزاوؤنا فيه اأنه �صيواجه ربه

بقلب مليء بالإميان موؤديا واجبه جتاه ربه واأمته بكل ا�صتطاعته، راجيا يف ذلك عفو الـله ورحمته

الوا�صعة... ودعاوؤنا وت�رسعنا اإىل العلي القدير اأن يجمعه بالكرام الربرة ويغفر له ويرحمه، اللهم

وجتاوز عن خطيئاته واغ�صله باملاء والثلج والربد ونقه من الذنوب واخلطايا كما ينقى الثوب

الأبي�س من الدن�س... اللهم وجازه باحل�صنات اإح�صانا وبال�صيئات عفوا وغفرانا...

واأ�صكنه ف�صيح وا�صعة رحمة الـله رحمه الطاهر القلب لذلك و�صهادتنا تلك هي دعوانا

جناته واألهم اأهله وذويه ال�صرب وال�صلوان واإنا هلل واإنا اإليه راجعون...

الريا�س، العدد 6501

التاريخ 1406/8/2هـ

)12 ني�صان / اأبريل 1986م(

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

254

ملحـــــــــــــــــق

اإىل رحمة الـله

ال�سديق الأمري اإبراهيم بن عبد العزيز بن اإبراهيم

بقلم: علي حافظ

بن العزيز عبد بن اإبراهيم ال�صيخ ال�صديق وفاة نباأ املا�صي الثالثاء يوم قراأت عندما

العربية الأو�صط" مبكتبي بدار ال�صحافة "ال�رسق الباحة وكنت يف جريدة اأمري منطقة اإبراهيم

يف لندن... فوجئت و�صدمت لأنني قبل �صفري اإىل لندن جرى ات�صال تليفوين بيننا ووعدته

بزيارته يف الباحة خالل اأ�صهر ال�صيف... فوجئت باخلرب و�صدمت فات�صلت بالأ�صتاذ علي �صالح

ال�صلوك مدير �صوؤون املوظفني يف اإمارة الباحة وقدمت له العزاء ولكل موظفي الباحة الذين

�صعدت بالتعرف عليهم يف رحلتي للباحة، وعلمت منه بتفا�صيل حادث الوفاة تغمد الـله الفقيد

برحمته الوا�صعة. ومن الأ�صتاذ ال�صلوك اأخذت عنوان اأكرب اأجناله ال�صيخ عبد العزيز الإبراهيم يف

الريا�س واأبرقت معزيا له وجلميع اإخوانه واآل اإبراهيم جميعا.

ع�رس �صنوات من عمر الفقيد... ع�رس الفتوة والدرا�صة اأم�صاها يف املدينة املنورة يف كنف

يف الفقيد درا�صة وكانت املنورة. املدينة اأمري وكيل اإبراهيم بن العزيز عبد الأمري والده

املدر�صة النا�رسية اأكرب واأ�صهر مدر�صة يف املدينة اآنذاك، وكان زمالوؤه يف الدرا�صة واإخوانه يف

الأبناء ه�صام علي حافظ الـله خال املدينة كثريين، منهم ال�صيخ م�صطفى حممد زاهد رحمه

وحممد علي حافظ واإخوانهم، فقد كان يجل�س معه يف �صف واحد يف املدر�صة النا�رسية.

وكنا اأنا واأخي ال�صيد عثمان حافظ ممن يزورون الأمري عبد العزيز بن اإبراهيم يف اأكرث الأيام

وكانت الزيارة يف اأكرث الأوقات بعد �صالة املغرب، وكان الأمري الفقيد فتى يلب�س ثوب الفتوة

والرجولة وكان يف اأكرث الزيارات ي�صتقبلنا قبل الدخول ملجل�س والده، واأحيانا من�صي معه مدة

وال�صداقة منذ ذلك احلني، وكان بذكائه ال�صحبة بيننا وبينه ال�صاعة، وتوطدت اأحاديث يف

وعبقريته وفتوته وطموحه واآماله الوا�صعة يتابع الأعمال الإدارية واأعمال الإمارة ويدر�صها.

وكان دمث الأخالق، وفيا را�صيا متوا�صعا كرميا جوادا ل يت�صل به اأحد، ول يعرفه اأحد،

255

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

ول يعمل معه اأحد، ول يراجعه اأحد، اإل اأحبه حبا جما، واأنا واأخي ال�صيد عثمان حافظ واأولدنا من

حمبيه رحمه الـله.

وملا انتقل والده رحمه الـله من املدينة، انتقل الفقيد الأمري اإبراهيم معه واأ�صندت الدولة

له منا�صب قيادية هامة، اأولها اإمارة القنفذة، ثم وكالة اإمارة منطقة مكة املكرمة، ثم م�صت�صارا

�صندت له اإمارة لوزير الداخلية، ثم وكيال لإمارة منطقة ع�صري، ثم اأمريا ملنطقة الباحة. وملا اأ

الـله التقينا به نعيد ذكرى لقاءاتنا باملدينة املنورة، ويدعونا رحمه الباحة كنا كلما منطقة

لزيارة الباحة، ويف لقائنا به يف الدار البي�صاء باملغرب بدار �صمو الأمري عبد الـله الفي�صل كرر

الدعوة ثم يف دار ال�صيخ حممد ر�صا زينل عندما كنا يف العزاء بوفاته، قال لنا رحمه الـله وكنا

واملرحوم ال�صيخ عبد القدو�س الأن�صاري وال�صيد ها�صم زواوي والأ�صتاذ حممود عارف واأخي

ال�صيد عثمان حافظ وعلي حافظ: "اإن الدعوة قائمة لكم حتى تزوروا الباحة"، فوعدناه. وعندما

الأ�صتاذ ال�صيد عثمان حافظ م�صغول مبر�س حرمه، و�صافر اأخي اإجابة الدعوة كان حان وقت

عارف للقاهرة فتوجهنا اإىل الباحة الإخوان ها�صم زواوي، م�صطفى زاهد، عبد الرحمن اإبراهيم

الرتكي، علي حافظ، وكان يف ا�صتقبالنا يف املطار وكيل اإمارة منطقة الباحة وعدد من الإخوان

بعنايته اأيام حماطني اأربعة الـله الفقيد رحمه ونزلنا �صيوفا على الباحة. اإمارة من موظفي

وكرمه، وطفنا بكل اأنحاء الباحة �صمال اإىل املندق وجبل دو�س بزهران وجنوبا اإىل بلجر�صي وما

جاورها يف غامد ب�صيارتني اأعدهما لنا لهذه اجلولة ورافقنا يف اجلولت الأ�صتاذ علي ال�صلوك،

وي�رس الـله، وكان كتابي "اأربعة اأيام يف منطقة الباحة".

وكان الفقيد طموحا متفتحا قام برحالت عديدة للبالد العربية، واأوروبا، واأمريكا، ويف اأواخر

عالجية رحلة يف وكان الفندق يف وزرته بفرن�صا )كان( يف التقينا 1405هـ املا�صية ال�صنة

ثم جلدة اأنا و�صافرت اإليها �صافر ثم تليفونه، رقم واأعطاين لندن يف جراحية عملية لإجراء

مل بي مر�س واأنا يف طريق لبو�صطن، جلنيف ثم اإىل بو�صطن لعالج اأخي ال�صيد عثمان حافظ، واأ

وا�صتد يف بو�صطن واأدى املر�س لإجراء عملية يل اأزيلت معها املرارة حيث كانت ملتهبة. وملا

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

256

ملحـــــــــــــــــق

عربنا مرحلة املر�س اأنا واأخي عثمان، �صافرنا اإىل لندن وهناك ات�صلت بالأمري اإبراهيم رحمه

الـله وكان قد اأجرى العملية و�صفي واأردت اأخذ موعد منه لزيارته اأنا والبن ال�صيد حممد علي

واأ�رس على زيارتي وكنت يف فندق اإل قليال حافظ واإخوانه، وكنت متعبا ل اأقوى على امل�صي

"هيلتون لندن" وزارين مع عدد من مرافقيه رحمه الـله وجزاه كل خري.

وقد اأحب الباحة وكر�س كل جهوده وخربته ون�صاطه للنهو�س بها. ويف ب�صع �صنوات جعل

منها مدينة ح�صارية �صياحية تلفت الأنظار وجتذب ال�صياح. عبدت طرقها بالأ�صفلت و�صجرت

واأ�صيئت بالكهرباء، واأن�صئت بها امل�صت�صفيات وامل�صتو�صفات ون�صقت حدائقها وغاباتها،

وبني بها ا�صتاد ريا�صي رائع هام، وبني بها موتيل لي�س له نظري وفندق من الدرجة الأوىل.

وما اأ�صك يف اأن رحلته هذه التي �صار بها حادث الوفاة كانت يف خدمة منطقة الباحة التي اأحبها

واأحب العمل املثمر بها. وكان يف كل منا�صبه القيادية التي �صغلها ناجحا موفقا خادما للدولة

واملواطنني واملليك املفدى باإخال�س واأمانة ون�صاط وت�صحيات.

وقد كانت وفاته خ�صارة كبرية ل تعو�س، واأمل بنا كثري من الأ�صى واحلزن ولن نن�صى اأبدا

الأمري ال�صديق اإبراهيم بن عبد العزيز رحمه الـله رحمة وا�صعة، واألهم اأولده واآله واألهمنا معهم

ال�صرب وال�صلوان واإنا هلل واإنا اإليه راجعون.

ال�رسق الأو�صط، العدد 2692

التاريخ 1406/8/3هـ

)13 ني�صان / اأبريل 1986م(

257

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

اإبراهيم اآل اإبراهيم كما عرفته!!

بقلم: حممد مو�سم املفرجي

عرفت الأمري اإبراهيم اآل اإبراهيم يوم كان وكيال لإمارة منطقة مكة املكرمة، بحكم عالقة

اآل العزيز العبد "حمود الــويف والأخ احلميم ال�صديق ب�صقيقه تربطني التي والإخــاء الــود

والزيف. والكربياء الزهو مظاهر من اخلالية ومنا�صباته جمال�صه... يف نلتقي وكنا اإبراهيم"،

ي�صع اخلري من حمياه... والوفاء... كان والنبل... والتوا�صع... ال�صماحة... عرفته فعرفت فيه

رقيقا عطوفا األوفا!

"حمود" عندما يكون يف البحث عن �صديقي اأو الذهاب "اأحترج" من الأمر كنت يف بادئ

عنه ال�صوؤال واأحتا�صى ال�صيف يف قروي" "بحي الطائف يف اإبراهيم" "الأمري �صقيقه منزل

اأن الـله رحمه ا�صتطاع حينما زال... ج التحر ذلك لكن ليدعوه! اأثــره يف اأبعثه من اأجد مل اإن

اجلميع عن ال�صوؤال م�صوؤولية يحملني وهو كرمية... ونف�س مرحة بروح "العازل" ذلك يك�رس

النبيل ال�صعور اأجد هذا وال�صداقة. وكنت الأخوة رابطة بحكم والتوا�صل معهم وزيارتهم...

العزيز وخالد و�صعود ومن�صور ووليد وفهد" الذين "عبد الكرام اأجناله الفا�صل من واخللق

غر�س فيهم حب النا�س وح�صن ال�صتقبال و�صمو الأخالق. ففي منزله يلتقي باأبنائه واأ�صدقائه

واأقاربه ومعارفه فتذوب جميع الفوارق... وكل �صيء يوحي بالألفة وال�صفاء... ونقاء النفو�س

بعيدا عن التكلف... ين�صو عن نف�صه هيبة الوظيفة ويزيح �صتار امل�صئولية! فهو يف عمله ذكي

ملاح... بفطرته، يدرك اأبعاد الق�صايا وخلفياتها... يتحدث عنه موظفو اإمارة مكة املكرمة يوم

اأن كان وكيال لها، فحينما تعر�س عليه "معاملة" اأو "ق�صية" ملرة واحدة ي�صتوعبها ويحفظ ما

اتخذ عليها من اإجراءات. حتى اأنهم يف ذلك كانوا يطلقون عليه "الكومبيوتر" فكانوا يتحا�صون

عر�س اأي ق�صية لي�صت م�صتوفية، حتى الأ�صخا�س اأ�صحاب "الق�صايا" واإن غابوا عنه زمنا فاإنه

يحفظ اأ�صماءهم، ويتذكر "معامالتهم"!

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

258

ملحـــــــــــــــــق

حدث ذات مرة، كان يرقد �صقيقه "حمود" يف م�صت�صفى امللك في�صل بالطائف لإجراء عملية

جراحية... فلم ي�رسفه عمله اأو تلهيه م�صوؤولياته عن �صلة الرحم، ورعاية �صقيقه والوقوف معه

يف "مر�صه"! ويف وقت الزيارة... كان النا�س يدلفون... فمن بني الزائرين اأ�صخا�س من قبيلة

تربطهم عالقة جوار مع �صقيقه فبعدما ذهبوا تذكر وراح ي�صاأل عنهم وي�صتف�رس واإذا هو يفاجئنا

بقوله:

"كانوا منذ زمن يتابعون ق�صية... تخ�س قبيلتهم، كرث اجلدل واملرافعات حولها، فاأحدهم

يطالب "مب�صيخة القبيلة" والثاين هو الذي يتبنى "ق�صايا القبيلة" وي�صعى حللها وعالجها مبا

الذي ميتلك "امل�صيخة" وهو ميتلك من اجلاه واملعرفة. وهو مق�صد جماعته... لكنه يرف�س

مقوماتها! فاملوؤهل لها يعزف عنها... والآخر يرك�س خلفها"!!

اأبعاد بعد نظر كم�صوؤول يدرك به من ما يتمتع اأدرك اجلميع من خالل حديثه مدى لقد

الأمور ول يكتفي مبا بني يديه من الأوراق الروتينية والإجراءات الر�صمية!!

واملواقف الإن�صانية يف حياته كثرية، فلقد كان مقر اإمارة مكة املكرمة يف ق�رس ال�صقاف

باملعابدة، وكانت له بوابتان: الأوىل من جهة اجلميزة، والثانية من جهة حي املالوي "الفي�صلية"

وقد اأزيلتا منذ �صنوات!

وكان لكل بوابة "حار�س"، وحدث اأن اأ�صيب اأحد اأفراد عائلة اأحد احلرا�س "اخلوي" مبر�س

مفاجئ وهو يف مقر عمله، جاءه ابنه ي�صعى ليخربه بخطورة احلالة ليتدبر الأمر... فلم يجد بدا

العمر من البالغ ابنه اأوقــف خلفه... بالعمل يقوم من يجد مل وعندما "مري�صه" اإ�صعاف من

ره من ال�صماح بدخول اأي �صخ�س ريثما يعود! وذهب يف �صاأنه ع�رس �صنوات على البوابة... وحذ

والغالم يقوم باملهمة املكلف بها، فوجئ ب�صيارة فخمة تقف عند الباب وت�صري بالأنوار وتطلق

"البواري" وكان الوقت بني �صالتي املغرب والع�صاء... وال�صائق ي�صري اإليه وي�صتعجله يف فتح

البوابة!

259

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

فرف�س الغالم، وهو يقول: ممنوع الدخول، ويلح ال�صائق بع�صبية... افتح... افتح الباب.

لكن الراكب بجواره... يدعو الغالم ويرخي زجاج ال�صيارة للتفاهم معه!! ليزداد الغالم يف اإ�رساره

راأيه وموقفه بالدخول... ويحاوره في�رس على لأحد ال�صماح بعدم والده... بتعليمات ومت�صكه

وهو يقول برباءة: ممنوع... حتى ولو كنت "ابن اإبراهيم".

وي�صحك "رحمه الـله" وهو يقول برقة واأدب "اأنا ابن اإبراهيم" هل ت�صمح يل بالدخول اأم

ل؟! وي�صتدرك الغالم بذكاء "ابن البادية وفطرته" فلقد كانت �صمعة "ابن اإبراهيم" قد بلغت

حتى الأطفال...!

فيرتاجع قائال، وهو ل يعرف من هو ابن اإبراهيم وكيل اإمارة مكة املكرمة...

"اإذا كنت ابن اإبراهيم �صحيح... تف�صل"!! و�صارع اإىل فتح الباب!

فلم يدع رحمه الـله الفر�صة تفوت... فتوقف ونادى الغالم... و�صاأله من اأنت؟ وماذا جاء

اأن الـله فيك" ومل ين�س بعد "بارك بالأمر كله!! فربت على كتفه وهو يقول: بك؟... فاأخربه

اأن يتوقف عند اأجل اإجنازها، وهو يغادر مقر الإمارة اأنهى املعامالت والق�صايا التي جاء من

"احلار�س اخلوي" بعد عودته من اإ�صعاف مري�صه... لي�صاأله... �صالمات "ع�صى خري"!! ولي�صعره

باهتماماته، ويوا�صيه ويعر�س عليه اأي خدمة يحتاج اإليها!

مبثل هذه الروح كان تعامله... يغلب عليه اجلانب الإن�صاين الذي ل يطغى على العطاء اأو

اإىل ق�صية، واإهمال وت�صيب واتخاذ "موقف الغالم اأن يتحول يوؤثر يف العمل. وكان بالإمكان

التوا�صع من غري تزلف، واحلزم من اإنه – ومعاقبته! – احلار�س اخلوي اإجراءات ر�صمية �صد

غري �صلف"!!

الكفاءة ذوي املوظفني يختار كان ع�صري اإمــارة يف عمله بني ما النتقالية الفرتة ويف

"اإمارة تاأ�صي�س بداية وذلك يف واإح�صا�س دقيق ثاقبة، نظرة احل�صنة، فهو �صاحب وال�صمعة

الأخ حممود... يرغب العمل معنا... فنحن "حمود" اإذا كان ع�صري"! وهو يوجه حديثه ل�صقيقه

جديد جهاز "هذا قــال: "الظروف"! بع�س ومبديا ا �صاكر اإليه اعتذرت وعندما بــه... نرحب

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

260

ملحـــــــــــــــــق

وم�صتحدث والفر�س الوظيفية فيه مهياأة... اإذا اأثبت املوظف كفاءته وجدارته"!

فباعدت بيننا الأيام، فلم نعد نلتقي اإل ملاما... وانتقل "اأمريا للباحة".

فالتقيت به يف مدينة اأبها يف تغطية �صحفية "ملدينة باح�س ال�صياحية" والتي افتتحها

اإذ جاء اأن يداعبني الأمري خالد الفي�صل قبل ب�صع �صنوات. ومل ين�س ال�صمو امللكي �صاحب

مدعوا يف هذه املنا�صبة، وهو يقول "اأردناك يف يوم من الأيام يف ع�صري موظفا... واإذا بك تاأتيها

�صحفيا!! ل تن�س اأن ال�صحافة ذات دور هام ور�صالة وطنية وقومية"!

لقد كان رحمه الـله �صاحب �صرية عطرة وا�صتقامة، حري�صا على حقوق الآخرين وم�صاحلهم،

كان نزيها عفيف الل�صان، وكان ميالأ كل من�صب يكلف به، وكل م�صوؤولية تناط به. اإنه مثال

للوفاء، والإخال�س وحمل للثقة، اأدى واجبه نحو اأمته ووطنه بكل اأمانة.

رحمه الـله واأ�صكنه ف�صيح جناته و�صادق العزاء حل�رسة �صاحب اجلاللة امللك املعظم و�صمو

ويل عهده واإىل اأبنائه، واأ�رسته واإىل �صديقي واأخي "حمود" واإنا هلل واإنا اإليه راجعون!

الندوة، العدد 8244

التاريخ 1406/8/5هـ

)15 ني�صان / اأبريل 1986م(

261

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

الفقيد الغايل

معايل ال�سيخ اإبراهيم عبد العزيز بن اإبراهيم

اأمري منطقة الباحة

بقلم: الدكتور فهد العرابي احلارثي

بقلوب يع�رسها احلزن والأمل يتبادل املواطنون يف منطقة الباحة التعازي احلارة يف فقيدهم

الغايل، معايل ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز بن اإبراهيم، اأمري منطقة الباحة – رحمه الـله – الذي

اأعطوه عميق احلب وخال�س الوفاء... بعد اأن منح املنطقة واأبناءها حبه الكبري، مرتجما بالعمل

ال�صادق الدوؤوب والعطاء املتوا�صل املثمر، طيلة �صنوات حياته احلافلة التي اأم�صاها اأمريا

مدن بني املنا�صب مكانها تاأخذ جعلها مما والكثري الكثري لها حتقق حتى املنطقة، على

ومناطق اململكة، بعد اأن كانت يف بداية توليه لإمارتها )1398هـ( عبارة عن جمموعة قرى مل

تاأخذ باأ�صباب التقدم احل�صاري، فال تخطيط، ول تنظيم، ول �صوارع ول م�صاريع.

ومن الإن�صاف اأن نذكر ما قام به معاليه – رحمه الـله – مع بداية عمله كاأمري ملنطقة الباحة

من جولت تفقدية �صملت اأجزاء الباحة من �صمالها اإىل جنوبها، ومن �رسقها اإىل غربها... حيث

مل تثنه – حينذاك –رداءة الطرق و�صعوبة التجوال وتعب امل�صوار لهدف واحد هو ال�صتماع

اإىل متطلبات املواطنني والتعرف على الحتياجات الأ�صا�صية عن كثب، وانطلق – رحمه الـله

– بجهد املخل�صني وعزم ال�صادقني يف تغيري الأمور وحت�صني الأو�صاع، اإذ كان يتابع بنف�صه

كل �صغرية وكبرية يف �صوؤون املنطقة من خالل ات�صالته امل�صتمرة بامل�صوؤولني ودعوته لهم

لإبداء ونهارا ليال واأبعدها املواقع اأقرب اإىل لهم وم�صاحبته احتياجاتها، ملعرفة لزيارتها

�صاهد خلري الباحة ثرى على نفذ فما ذلك، تف�صيل يف اأ�صتطرد ولن ال�صديدة. املالحظات

ودليل على ذلك، مبا يوؤكد احلر�س ال�صديد والهتمام الكبري بتطوير املنطقة، فبعد اأن كانت

حلما حتققت اإىل واقع ملمو�س.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

262

ملحـــــــــــــــــق

اجلم والتوا�صع الرفيع للخلق مثال – الـله رحمه – الباحة منطقة اأمري معايل كان لقد

والتقوى وال�صالح وحب النا�س.

اأنه اإل م�صوؤولياته تعدد معان... فرغم من الكلمة واعيا مبا حتمله هذه اإن�صانا كان لقد

العارف اخلبري بكل جمريات الأمور يف املنطقة ملما بكافة جوانبها فمن يتحدث مع معاليه حول

م�صاريع املنطقة يزوده بالأرقام والأعداد وامل�صميات دون الرجوع اإىل الأوراق وامللفات، مما

ل يدع جمال لل�صك يف اهتمامه العظيم باملنطقة وما يدور على ثراها. وهو فوق ذلك الإداري

الناجح البارع، ويكفيه اأن �صمو الأمري خالد الفي�صل اأمري منطقة ع�صري قال باأنه ا�صتفاد فن

الإدارة يف اأعمال الإمارة من ال�صيخ ابن اإبراهيم وهذه �صهادة �رسيحة من رجل قدير.

ويف هذا ال�صياق اأذكر اأن اأحد ال�صحفيني امل�رسيني وهو موفد من جملة "العربي" الكويتية

اأخربه باأن النا�س هنا يتحدثون عن اأ�صلوب معاليه اجليد يف فن الإدارة اإىل جانب تفانيه يف خدمة

املنطقة وغري ذلك... واأجاب معاليه – يرحمه الـله – بقوله رمبا �صمعتم ذلك ممن ينظرون اإلينا

بعني الر�صا... فكانت اإجابة ال�صحفي باأن اجلميع اإذن ينظرون اإىل معاليكم بعني الر�صا.

اليمامة، العدد 901

التاريخ 7 �صعبان 1406هـ

)16 ني�صان / اأبريل 1986م(

263

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

دمعة حزن

بقلم: عبد الـله العبد الرحمن الرباهيم

وزارة الداخلية الريا�س –

"دمعة رثاء على الفقيد الغايل املرحوم ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز الإبراهيم".

بواكيا اأم�ست الع�س” “وادي ــان خافيا �سواحك ــزين الـــذي ك واأ�ــســفــر مــن ح

الردى من �سيل الع�س ــوادي ب املناديا؟ طــواك جتيب هــل قــلــوب، ونـــادت

بالذي اأهـــــزاأ ــهــول اخلــطــب ل النواعيا وكــــدت اأردي كـــدت ــل ب ــنــي، يــنــبــئ

باحلجا تــعــ�ــســف ــــــدار الأق اأنـــهـــا الغواليا األ النفو�س لتغتال ومت�سي

دمـــــوع زكية ــت ــس ــا� ف كـــم ــانــيــك املاآ�سيا حــن النفو�س يف فــاأذكــت عليك

بلذعها ــت ــس ــ� اأم ى حــــر ـــــع اأدم وكــــم

ــالــت جــواريــا ــايــا �ـــســـدور ثـــم �ــس حــن

اأبت بالها فما ال�سايف، البل�سم �سافيا؟ هــي للهم الــدمــع األــيــ�ــس �ــســفــاء:

البكا من قرحى الأجــفــان اأ�سحت التعازيا لقد ــــرد ن اأن ــى ــت ح ــز ــج ــع ون

غالبي ـــع ـــدم وال الـــدمـــع اأرد ـــــت وب

ماآقيا ــار ــس � الـــيـــوم بج�سمي كــــاأين

ــن الـــردى ـــداء م ــو يــجــدي ف ـــاه ل ـــم اأع

وماليا نــفــ�ــســي ثـــم وحـــيـــدي ــت ــب وه

ـــــــــر الإلـــــــــــه وحـــكـــمـــه ــــه اأم قا�سيا ولــــكــــن ـــوامل ـــع ال ــان ــم ــرح ب ــــم ــــع واأن

قبيلة ـــوم ـــم ه هـــمـــت كــلــمــا هاديا فـــتـــى الــديــاجــري يف ــــا راأي ــــادك اأف

خلقه اأ�ـــســـل اجلــــود يف كــــاأن ــيــل الأمـــانـــيـــا جــــواد ـــه حــتــى يــن يــهــيــب ب

الفتى عــلــى تـــدل اأخــــالق ت�ساخيا( )وللنف�س اأم ـــى اأت ــا م �ــســخــاء اأكــــان

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

264

ملحـــــــــــــــــق

ـــــا لأجــــــــل بـــــالده تـــفـــجـــر اإخـــــال�ـــــس

واملعاليا ـــــذرا ال ــم ــس � ــا ــه ل يــــرود

قناته تـــلـــني ل مــــرا�ــــس يـــرد الــظــبــا عــنــه ويــ�ــســمــي الأعـــاديـــا �ـــســـديـــد

مطلب كــل يف ال�سهل يــجــوب املراقيا هــمــام لــلــمــعــايل ويـــرقـــي عــزيــز

ب�سرية نــفــاذ يف الق�سايا تعاديا ي�سو�س اأن ت�ستحي الق�سايا كـــاأن

قاطعا ــزم ــع ال جـــرد اأمـــــرا رام اإذا

املذاكيا ــتــاق ــع ال لــلــجــلــى ـــــرشج واأ�

حظوظها وعــــاف ــا ــي ــدن ال عــن خاليا تــخــلــى الــهــم مــن اأمــ�ــســى ذا هــو وهـــا

�سارق ذر مـــا ـــاب ـــب الأح ــيــذكــرك �ــس

ــا هيا ــم ــث نـــــريان الــقــلــوب ك ــب ــل وت

غطاءه ال�سبيح ــه ــوج ال ــن ع ـــــوا الدواجيا اأزاح يــنــري بــالــتــقــوى فـــاأ�ـــرشق

طيب املــ�ــســك ـــن م زاك يــ�ــرشجــه

�سافيا ريـــان ــس ــرو� ال كــزهــر ي�سوع

ا�سابر الــكــاأ�ــس جتــرع غريقا ق�سيت

را�سيا ربــــك ــد عــن ــدا ــي ــه ــس � فــطــبــت

والـــد اأكـــــرم ــه ــل ـــ ال �ــســبــيــل يف حواليا األ اجلـــنـــان يف ــا ــس ــا� ري ــت ــزل ن

ـــي حتية مـــن بـــالـــعـــود قـــــربه ـــــرة وغــــواديــــا ويـــــا ــت دمـــــوعـــــا ب ــي ــق ــس �

اجلزيرة، العدد 4949

التاريخ 1406/8/8هـ

)18 ني�صان / اأبريل 1986م(

265

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

"اأنتم �سهداء الـله يف خلقه"

بقلم: �سعد عبد الـله امللي�س

الباحة الأمني العام جلمعية الرب اخلريية –

اأمري اإبراهيم بن العزيز عبد بن اإبراهيم ال�صيخ معايل والوطنية الإن�صانية فقيد "اإىل

منطقة الباحة ورئي�س جمعية الرب اخلريية باملنطقة".

رحمه الـله بقدر ما كان حمبا للخري، وبقدر ما كان متوا�صعا عطوفا حليما كرميا، وبقدر ما

كان مواطنا �صاحلا وم�صوؤول اأمينا... عرفنا ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم كما عرفه

كل مواطن على هذه الأر�س املنجاب من خالل تعامله الناجح مع م�صوؤولياته الوطنية وتفانيه

ارتبطت حياته كلها بخدمة دينه ووطنه ومليكه متنقال بني مواقع امل�صوؤوليات فيها، فلقد

الوطنية الكبرية فكان نعم امل�صوؤول ونعم املوؤمتن.

هذا الرجل وعى املا�صي مبعطياته و�صاهم يف �صناعة احلا�رس واإجنازاته، يعطي امل�صتقبل

همه وفكره وير�صم مالمح اجليل املتجدد يف ذاته مبمار�صة التوثق من التغري املفيد والإ�صهام

يف قيادته، فهو رجل عا�س املا�صي و�صهد احلا�رس واأ�صهم يف تهيئة الروابط واللحمة بني اجليل

وواقعه يف روح ملتزمة باأ�صالة الأمة ومعا�رسة التقدم واحلداثة، فهو بقدر ما كان يعي�س التح�رس

باملا�صي وتراثه ومعطياته فنف�صه الرتباط الوقت �صديد واأ�صلوب حياة كان يف ذات فكرا

ما فبقدر التقليدية، العرب لعلوم يطربان وعقله وذاته �صعر، بيت يف بدوي لزيارة ترتاح

يعمل عقله يف احلا�رسة ليبني بها من موقعه وجمتمعه، فاإن قلبه واأحا�صي�صه ت�صتكني للما�صي

واأ�صالته.

فيه فكانت اأحا�صي�صه، به ومتتلئ وجدانه، به يفي�س نبع الـله رحمه فيه والإن�صانية

ا�صرت�صال دائما يف الرب وح�صن اخللق، ف�صائل تكاملت يف �صخ�صه وتوفرت فيه اأ�صباب القدرة

على اأعمال ف�صائلها فكانت ذكرى معطرة يتناقلها �صهود الـله يف اأر�صه.

والرجولة كما هي موقف والتزام ل متوت واإن مات من ات�صف بها لأنها الف�صيلة الدائمة،

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

266

ملحـــــــــــــــــق

الكبرية الأهــداف وتناول املنجزات فعل على القدرة �صناعة واملوقف متوت، ل والف�صيلة

واللتزام هو �صناعة النف�س وتروي�صها على امتالك املقدرة يف الذات وعليها تكييف الطباع

وامتالك املجتمع. وف�صائل اجلماعة واأخالق امل�صوؤولية وحمتوى الدور طبيعة مع والنزعات

موقع ال�صنام من الرجولة لي�س الأمر الهني لأنه اأكرب من اأن يكون جمرد قدرة على الإجنازات

حتى ولو كان كبرية، ولكن ذروة الرجولة اأن يرى الإن�صان نف�صه يف اأعني النا�س ويراه النا�س يف

م�صاعرهم كبريا بحجم الأمل، حمبوبا بقدر النا�س وفيا بقدر الوفاء نف�صه. وال�صيخ اإبراهيم رحمه

التزامه الوطن ويف �صهادة مواقفه ذروتها، ويف الرجولة على هامتها وك�صب الـله وقف من

�صهادة املواطن وكال ال�صهادتني حجة قاطعة اأمام عدالة التاريخ.

توافق يف احلقيقة ذات تربز كما الإجنــاز، على والقدرة للم�صوؤولية اأهــال كان والرجل

�صخ�صيته مع مركز العمل وان�صجام اأخالقياته مع م�صتلزمات امل�صوؤولية كطبع متاأ�صل يف ذاته،

فالطبع الأ�صيل فيه �صهادة النا�س.

الرتابط �صلة باأنها اإدراك عن ووجدانه عقله يف وا�صعة م�صاحة حتتل الرب اأعمال كانت

باأنها قناعة عن اأجلها من وعمل احت�صاب عن لها فاأخل�س الإ�ــصــالم جمتمع يف والتكاتف

الواجب.

والرجل رحمه الـله ويف بقدر ما نحن اأوفياء له اأو لنقل اأوفياء لف�صائل جمعها ورعاها يف

ذاته، ووفاوؤه عنوان مبادئ يتم�صك ويوؤمن بها ويتجلى منه الوفاء يف اأكرث من موقف ي�صعب

ح�رسها، غري اأن اأحدث ال�صواهد زياراته ملن جمعتهم باأبيه رفقة عمر وزمالة م�صوؤولية متفقدا

لأحوالهم وما ذاك اإل انعكا�س حلقيقة الرجل وطيب معدنه.

عرفته يف كل اأموره جادا مقدرا لأهمية الوقت و�رسفه فيما ينفع وطنه ودينه متعاليا عن

الهزل يعظم احلكمة وميجد تاريخ الأمة وينفعل للبطولة والأبطال ك�صيمة عربية. يكرب الراأي

ويحرتم الفكر ويدين �صاحبها، ميج الإطراء ويح�صبه متلقا وزيفا وت�صنعا.

والرجل جليل بقدر ما يحرتم الإن�صان يف اإن�صانيته ويعامل النا�س كال مبا هو اأهل له. ويف

267

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

ما عدا حلظات حما�صبة النف�س فاإن جمل�صه عامر بالنا�س وقلبه مفتوح لهم وعقله موجه نحوهم

يتفاعل مع اأفراحهم وهمومهم واآمالهم.

ول غرابة فالرجل اختط مبادئه من تاريخ اأمته العظيمة، ووجد يف رجالها القدوة واملثل،

فلم يعوزه كثري طلب عند طلب القوة رحمه الـله.

والرجل لقى وجه ربه وفارق احلياة وحمبيه، غري اأنه مل يذهب معه بذكراه العطرة فهي ثمرة

من يعلم اأن الرجال ل يرحلون واإن فارقوا احلياة مات الرجل وم�صاعر الرجال الذين يعرتفون

بجميل اخل�صال، وفعال الرجال كلمى متاأملة، �صدى الذكرى الوفية لأفعاله واأعماله واأخالقه

وتعامله.

مات الرجل ومن يعرف معادن الرجال فري�صة حزن م�صتبد حلدث وفاته املفاجئ يتبادلون

العزاء وكلهم مبوته م�صاب.

و�صادق العزاء اأرفعه ملقام ح�رسة مولي �صاحب اجلاللة امللك املفدى وويل عهده يف رجل

�صدق الولء واأح�صن التعامل واأدى الأمانة مقرونة باأعمق املوا�صاة لأبناء وذوي ال�صيخ اإبراهيم

ابن عبد العزيز بن اإبراهيم. غفر الـله له. وجعلهم خري خلف خلري �صلف.

واإنا هلل واإنا اإليه راجعون.

اجلزيرة، العدد 4951

10 �صعبان 1406هـ

)10 ني�صان / اأبريل 1986م(

)تكرر ن�رسها يف "الريا�س" و"ال�رسق الأو�صط"(

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

268

ملحـــــــــــــــــق

الرجل الذي فقدناه

بقلم: عبا�س م�سطفى �سحلي

عرفت ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم "رحمه الـله تعاىل" منذ زمن بعيد، وتوطدت

تلك املعرفة عند انتقايل قبل ما يزيد عن خم�صة ع�رس عاما للعمل مبنطقة اجلنوب يف الفرتة

التي كان ي�صطلع فيها رحمه الـله بوكالة اإمارة منطقة ع�صري.

عرفت الرجل – كما عرفه اجلميع – باحلكمة وبعد النظر وح�صن القيادة، متوجة بالتوا�صع

ودماثة اخللق... كان متوا�صعا يف حزم، وحازما يف توا�صع، كنا اإذا لقيناه يف منزله بدا كاأي منا

فترتاءى الر�صمية املحافل اأو العمل اأروقة يف معه التقينا ما واإذا ومرحا، وب�صا�صة توا�صعا

والهدوء الحرتام على املبني والتعامل الأ�صلوب يف التام واللتزام ال�صخ�صية قوة للجميع

واحلنكة القيادية.

الجتماعي ملتقانا كان العامر فمنزله واأجملها... الأوقــات معظم معاليه مع نق�صي كنا

الدائم... يجتمع فيه الزمالء والأ�صدقاء للتبا�صط وجتاذب احلديث برهة... ولنقا�س بع�س اأمور

م�صاكل العمل برهة اأخرى... وللحق فقد كان ملجل�س معاليه الأثر الكبري يف خلق روح التعاون

بني مديري القطاعات املختلفة ويف تعميق قنوات الت�صال غري الر�صمية وتوطيد العالقات

الأخوية بني اجلميع... مما اأثر ب�صكل اإيجابي يف الإنتاج والعطاء.

وبعد اأن كلف معاليه باإمارة منطقة الباحة... اأ�صعدين احلظ اأن اأعمل معه لفرتة واإن كانت

ق�صرية يف مدتها ولكنها ل تزال و�صتظل ذكراها الطيبة عالقة يف نف�صي. ففور تويل معاليه

من�صبه اجلديد... عزم كعادته على اإعطاء دفعة قوية لكافة اخلدمات باملنطقة... فكان اأن قرر

والهاتف للربق الباحة بتاأ�صي�س منطقة والهاتف تكليفي والربيد الربق بوزارة امل�صوؤولون

ال�صعودي لت�صاير بخدماتها بقية اخلدمات الأخرى التي بداأت يف النتعا�س بف�صل الـله �صبحانه

اأمريها املخل�س، الذي كان يبذل ق�صارى اجلهد لتنفيذ توجيهات وتعاىل ثم بف�صل جهود

حكومة جاللة امللك املعظم الهادفة اإىل اإ�صعاد املواطن ورفاهيته يف كل مدينة وقرية يف هذا

269

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

البلد الطيب.

ق�صيت ما يربو على ت�صعة اأ�صهر يف منطقة الباحة يف �صيافة اأمريها، متكنت خاللها من

تاأ�صي�س املنطقة على اأح�صن وجه "وهلل احلمد" وما كنت لأ�صتطيع ذلك يف تلك الفرتة الوجيزة

من الكثري يل ذلل الذي املتوا�صل ودعمه معاليه م�صاعدة ثم وجل عز املوىل توفيق لول

اإىل �صنوات لإجناز ما مت... كان غفر الـله له يناق�س كل امل�صاعب التي واجهتني، ولحتجت

م�صوؤول من م�صوؤويل املرافق عن عمله بكل دقة ودراية وكاأنه هو امل�صوؤول نف�صه يعلم الكثري

من م�صاكل كل مرفق... يتابع ويوجه... ويوجد احللول ملا ي�صتع�صي من امل�صاكل، فجعل بذلك

موؤازرته يف وثقته معاليه واإدراك اإطالع ب�صعة لعلمه تام بو�صوح معه يتعامل م�صوؤول كل

ودعمه.

كان رحمه الـله كرميا يحر�س اأن ن�صاركه مائدته يف اأغلب الليايل ويتفقد اجلميع ويلوم من

يتاأخر بدون عذر... كان ي�صارك اجلميع اأفراحهم ويوا�صيهم يف اأحزانهم.

اإنني لو اأردت اأن اأذكر ما عرفته عن ال�صيخ اإبراهيم الرباهيم فلن تكفي هذه ال�صطور ول

ال�صفحات... ولو اأردت اأن اأعدد مناقب الرجل لحتجت لأكرث من ذلك.

ولكن يكفيني اأن اأقول اإنه كان رجال عظيما يف حياته وبعد مماته، وح�صبه اأنه عمل لدينه

ومليكه ووطنه ومواطنيه بكل جد واإخال�س، واأنه اأجنب لهذا الوطن رجال �صيحيون باإذن الـله

ذكره من بعده لأنه قد حر�س على اأن يكونوا مزودين بالعلم والأخالق الفا�صلة فقد عرفتهم

جميعا وعرفت فيهم طباع واأخالق والدهم رحمه الـله رحمة وا�صعة وجزاه خري اجلزاء.

عكاظ، العدد 7248

14 �صعبان 1406هـ

)24 ني�صان / اأبريل 1986م(

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

270

ملحـــــــــــــــــق

فقيد جليل

بقلم: م�سطفى ح�سني عطار

الثامن الثنني يوم ظهر اأذيــع الــذي الفاجع النباأ من كثريون غريي فجع كما فجعت

والع�رسين من �صهر رجب بوفاة معايل ال�صيخ اجلليل اإبراهيم بن عبد العزيز بن اإبراهيم اأمري

ا منطقة الباحة يف حادث �صيارة رحمه الـله... لقد كان ال�صيخ اإبراهيم ملء ال�صمع وال�صرب وحا�رس

ورغبة الطبع... وتوا�صع يف اخللق... دماثة يف من الـله حباه والقلب... ملا والعني الذهن يف

عارمة يف عمل اخلري... والأريحية الندية... والوفاء الذي يليق به وباأ�رسته العريقة لذلك فقد

الأخــالق... وملن يت�صف بها... ويجعل حياته كان فقده فجيعة ملحبيه... ولكل حمب ملكارم

تطبيقا عمليا لها بعيدا عن اأي تكلف اأو ت�صنع... وقد كان فجيعة لأنه رحمه الـله من بقية النا�س

الذين مل تغريهم الأيام... بل زادته تعلقا ومت�صكا بالتوا�صع... والكرم والأريحية... وبذل اجلاه

و�صناعة املعروف... زادته تاألقا واإ�رسارا على القيام بعمله الر�صمي باأ�صلوب اإيجابي. اأثر عن

الكيان بعقيدة الأمراء، يجمعون ول يفرقون... ي�صونون وحدة هذا الولة ال�صفوة من هوؤلء

التوحيد... و�رسيعة الإ�صالم... وتطبيقات امللك الإمام عبد العزيز رحمه الـله وخلفائه امللوك...

وممثليهم من الولة املخل�صني.

اأعطاها من ذات نف�صه واأمانة الإمارة عنده تكليف ل ت�رسيف... ور�صالة اإبراهيم فال�صيخ

الــدوام... ورهينا وكل وقته فلم يتقيد بدوام يف قيامه مبهام عمله... بل كان متواجدا على

لواجبات الوظيفة �صواء اأكان يف مكتبه اأم يف منزله... اأم يف منتزهه؟!

لقد عرفته رحمه الـله منذ اأكرث من ثالثني عاما حينما كان يرتاد منزل �صماحة ال�صيخ عبد

الـله ابن ح�صن اآل ال�صيخ رئي�س ق�صاة اململكة العربية ال�صعودية مبكة املكرمة بالدوادية...

فقد كان �صماحة ال�صيخ ابن ح�صن حفيا به لأن والده الأمري ال�صيخ عبد العزيز بن اإبراهيم اأحد

اأ�صدقائه املعدودين الذين يجلهم ولأنه زميل لبنه ف�صيلة ال�صيخ حممد بن ح�صن رحمه الـله

وف�صيلة ال�صيخ عبد العزيز بن ح�صن وزير املعارف الأ�صبق واإمام امل�صجد احلرام، ولأنه كان

271

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

يح�رس در�صه ما بني الع�صاءين مع ابنه ال�صيخ عبد العزيز وال�صيخ ح�صن وزير التعليم العايل.

لقد عرفته رحمه الـله منذ ذلك الوقت فعرفت فيه حبه للعلم واملعرفة �صغوفا بالقراءة واقتناء

اأكرثهم من خالل جمل�س للكثريين من رواده يف بالدنا... فقد تعرف على الكتب... و�صديقا

واأنزه اأخل�س واأحد املنورة، املدينة اأمري وكيل اإبراهيم بن العزيز عبد ال�صيخ الأمري والده

ال�صخ�صية... ومنا�صبه اأجمعني. ومن خالل عالقاته اهلل العزيز رحمهم واأحزم رجال امللك عبد

الرفيعة التي �صغلها... وما كتب عن معاليه من رواد الأدب وال�صحافة هو غي�س من في�س...

يوؤكد ما كان يتمتع به الفقيد اجلليل... من مكانة رفيعة وعلم وثقافة وف�صل. واأذكر اأنه حينما

�صدر كتاب العدالة الجتماعية يف الإ�سالم للكاتب الإ�صالمي ال�صهيد �صيد قطب يف طبعته

ين الأوىل قبل اأكرث من ثالثني عاما... فحدثته رحمه الـله عن الكتاب معجبا به ومبوؤلفه... اأقر

على ثنائي، غري اأنه اأخذ على الأ�صتاذ �صيد اأنه و�صف ال�صيدة ال�صحابية اجلليلة هند بنت عتبة

ر�صي الـله عنها باأو�صاف ل تليق وهي تلوك كبد حمزة بن عبد املطلب عم ر�صول اهلل

حد...حينما ا�صت�صهد ر�صي اهلل عنه يف اأ

�صيد ال�صهيد الأ�صتاذ بدايات كتب الإ�سالم من الجتماعية يف العدالة وكان كتاب

قطب الإ�صالمية مع كتابه الت�سوير الفني يف القراآن وقد اأزيلت تلك العبارات من الطبعات

التالية... وبلغ �صيد قطب رحمه اهلل ذلك ال�صاأو العظيم وا�صعا لتف�صري جليل للقراآن احلكيم...

�صهيدا يف �صبيل احلق... ودعوة الإ�صالم.

وتوثقت ال�صلة مبعاليه رحمه اهلل حينما كان يعمل نائبا لأمري منطقة مكة املكرمة وكنت

ا للتعليم مبكة املكرمة... فقد وجدنا منه العون والدعم حلبه للعلم وطالبه ورجاله... اأعمل مدير

وكانت جتد ق�صايانا من اهتمامه الكثري والكثري جدا... ول اأذكر اأننا دعوناه حلفل مع �صمو اأمري

املنطقة �صاحب ال�صمو امللكي الأمري املعظم م�صعل بن عبد العزيز وتخلف عنه ت�صجيعا لأبنائه

ا ملعلميهم. وملا دعاه نداء الواجب لينتقل ملوقع اآخر كنائب لأمري اأبها لبى الطالب... وتقدير

النداء و�صارك اأمريها الهمام �صاحب ال�صمو امللكي الأمري خالد الفي�صل يف حتمل م�صوؤوليات

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

272

ملحـــــــــــــــــق

تطوير منطقة ع�صري وح�صبنا �صهادة الأمري خالد الفي�صل له املن�صورة يف "عكاظ" حيث قال

اإبراهيم، اإنها عبارات م�صيئة ت�رسق بالوفاء... �صموه: لقد تعلمت فن الإدارة من ال�سيخ

وتعلو بال�صفاء وتعلن الثناء �صاأن الرجال الكبار ل يبخ�صون النا�س اأقدارهم... ي�صمخون حياتهم

مبكارم الأخالق... ويرثونها مبا يوؤكد الولء... ويدعم ال�صالت.

من عزيزة وقطعة هام ملوقع تختاره... اأن الطيب البلد هذا قيادة راأت ثالثة... ومرة

اإدارة دفة �صفينتها... يف مرحلة تطويرية هامة متر بها اململكة الفا�صلة ليتوىل البالد هذه

اأنحاء اململكة من �صمال وجنوب حيث بداأت خطط التنمية الطموحة تبعث بعطائها لتعم كل

الرباهيم اإبراهيم ال�صيخ الرجال م�صوؤوليات ومهام ثقيلة... فاختارت و�رسق وغرب... وحتمل

اإمارة الباحة فكان عند ح�صن ظن قيادته وولة الأمر ونه�س مب�صوؤوليات ليتوىل م�صوؤوليات

ا�صتغالل، فربزت امل�رسوعات اأح�صن اهلل الدولة رحمه وا�صتغل دعم ما يكون كاأف�صل الإمارة

العقبات... زيلت واأ الطرق قت ف�ص املنطقة �صورة تغريت بحيث وجودها تفر�س العمالقة

فربطت مناطق اجلنوب واجلنوب ال�رسقي بطرق برية �صخمة وظهر املطار ال�صخم ليكمل حلقة

اإىل العامل اخلارجي جوا... ونه�صت ال�صدود العمالقة لتحجز مياه الوديان التي ت�صب العبور

من ال�صعاب واجلبال ال�صاهقة... لتت�صع الرقعة الزراعية... وتت�صاعف م�صاحاتها... ولتفرز مياه

الباحة اثنني وع�رسين �صدا �صخما موزعة اأن بلغت ال�صدود يف منطقة الآبار اجلوفية، وح�صبنا

على الوديان وم�صاقط املياه اأتت مبردود عظيم مل�صه اجلميع. وهذا كان من اآرائه النرية اأنه

بجانب الهتمام الكبري الذي تلقاه م�صاريع التحلية من اجلهات املخت�صة يف الدولة... يح�صن اأن

نحتفل ونهتم ذات الهتمام باإقامة ال�صدود لفوائدها اجلمة... ومردودها ال�صخم على املدى

الطويل ول�صتغالل ثروة كبرية ل تقدر بثمن ينعم بها رب العزة واجلالل...

ولقد حدثني الأ�صتاذ �صعيد اأمني مدير عام م�رسوع املطارات... اأن الوفد ال�صحفي والإعالمي

املنطقة... امل�رسوعات يف ذهل من �صخامة الباحة قبل عامني قد زار منطقة الذي الأمريكي

ال�صحف وقد حتدثت احلديثة. هناك وجتهيزاته اأن�صئ الذي الكبري بامل�صت�صفى عجب اأ كما

273

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

الواقعية بال�صور وزودتــه حينه يف الأمريكي الإعالمي الوفد وانطباعات اأنباء تغطي وهي

الفوتوغرافية.

واإننا مهما ذهبنا نتحدث عن الفقيد العزيز واإجنازاته الكبرية... وخلقه وح�صن �صمائله...

ومواقفه الإن�صانية النبيلة وعطائه اخلري... فلن نفيه حقه... ول منلك له ولأمثاله الرجال الذين

نذروا اأنف�صهم خلدمة بالدهم... وكانوا عنوانا بارزا... و�صورة م�رسقة... خللق هذا البلد الطيب

واأ�صلوب تعامله الرفيع البعيد عن التعايل والتنفج...

ال�صادقني منازل ينزلهم واأن مثوبتهم... تعاىل اهلل يتوىل باأن لهم الدعاء اإل ول منلك

الأبرار من جنات الفردو�س حيث النعيم املقيم... والعو�س اجلزيل.

عكاظ، العدد 7251

التاريخ 1406/8/17هـ

)28 ني�صان / اأبريل 1986م(

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

274

ملحـــــــــــــــــق

األ رحمك اهلل يا اأبا عبد العزيز

بقلم: ال�رشيف خالد ح�سني اآل زيد

بحادثة الرباهيم العزيز عبد اإبراهيم ال�صيخ معايل حمبي من غريي والكثريون فجعت

وفاته... عظم الرزء وفداحة اخلطب يف �صماع النباأ وقناعة الإميان وبرد ال�صرب يف جتلدنا بعد

�صماع النباأ.

عرفته عندما كان وكيال لإمارة اأبها منذ خم�صة ع�رس عاما خلت كنت وقتها منتدبا من قبل

وزارة املالية �صمن جلنة كلفت مبهمة مبدينة اأبها. كان بيته هو املدينة واملدينة بيته. جل

وي�صعدك العامل... بتوا�صع يخجلك كبري... وقلب �صيافة بكرم ننعم العامر بيته يف اأوقاتنا

بجميل نلتحف القار�س اأبها �صتاء معيته يف نكون يف عندما اأوقاتنا اأجمل املثقف... بحديث

اأبها بني احلقول والأودية اجلميلة يحفنا �صذا اأو يف خارج �صمائله وحديثه العذب الهام�س...

اأريحيته وكرمه الفيا�س... كان حلو املع�رس... ل متل حلديثه �صماعا ياأ�رس �صامعيه يف هيبة ووقار

وعمق م�صاعر.

كان رحمه اهلل يحافظ على م�صاعر جال�صيه يعطي كل ذي حق حقه من التقدير والحرتام...

لل�صغري قبل الكبري يف توا�صع وحمبة جعلت جمل�صه حمجة القوم ومزارهم.

حقا اإن الفقيد عظيم واخل�صارة كبرية لكل من عرفه عن قرب.

رحمك اهلل يا اأبا عبد العزيز فقد كان رحيلك لوعة وح�رسة يف قلوب حمبيك وعارفيك... وتلك

اأن يجعل مثواك اأن نرفع الأيدي يف �رساعة اإل �صنة اهلل يف خلقه ول مرد لق�صائه... ولي�س لنا

جنات النعيم مع ال�صديقني وال�صهداء وح�صن اأولئك رفيقا... واألهمنا واأ�رستك املكلومة ال�صرب

وال�صلوان... ول حول ول قوة اإل باهلل... واإنا هلل واإنا اإليه راجعون.

اجلزيرة، العدد 4966

التاريخ 1406/8/25هـ

)5 اآيار / مايو 1986م(

275

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

ابن اإبراهيم كما عرفته!

بقلم: علي عي�صى

الداعية امل�صلم وامل�رسف على دار

الرابطة الإ�صالمية بتايالند

الأخ الكرمي عبد العزيز بن اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

الأخ الكرمي خالد بن اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

حفظهما اهلل واألهمهما ال�صرب

ال�صالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته وبعد

ففي غمرة الأحزان التي ل تزال تغ�صى قلوب الآلف من الأقارب واملحبني وعاريف اأقدار

اأ�صابتهم جميعا، بوفاة رجل الرجال للم�صاب اجللل واخلطب الفادح والفجيعة الكربى التي

املروءة والإن�صانية واملكرمات والدكم معايل الأمري ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

الر�صالة بهذه اإبراهيم اآل اأفراد و�صائر اإخوتكم جميع واإىل اإليكم اأبعث – ثراه اهلل طيب –

املتوا�صعة من هذه البقعة النائية يف جنوب �رسق اآ�صيا معزيا وموا�صيا:

جل م�صمى.فلله ما اأخذ وله ما اأعطى وكل �صيء عنده باأ

واأعظم اهلل اأجركم واأح�صن عزاءكم واأ�صكن الفقيد الغايل ف�صيح جناته، اإن املوت نهاية كل

حي والقدر املحتوم الذي كتبه اهلل على كل خملوق وهكذا حال الدنيا وكلنا اإىل هذا امل�صري

و�صبحانه الدائم الباقي.

لقد عدت اإىل العا�صمة بانكوك بعد فرتة غياب عنها قرابة ثالثة اأ�صهر ق�صيتها يف جولة

اإىل و�صافرت خاللها تايالند، واجلنوبية من وال�رسقية ال�صمالية بالوليات الإ�صالمية للتوعية

يف قراءتها من حرمت التي العربية واملجالت ال�صحف مطالعتي وعند و�صنغافورة ماليزيا

الرثاء كلمة الآخرة يف الدار اإىل والدكم انتقال بنباأ علمت عندما بذهول �صبت اأ الفرتة تلك

التي كتبها حمبكم �صعادة الأخ النابه الدكتور فهد العرابي احلارثي امل�رسف العام على جملة

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

276

ملحـــــــــــــــــق

"اليمامة" الغراء.

مئات من واحــدا يكون قد "اليمامة" رئي�س حترير عنه الذي كتب الإن�صاين املوقف اإن

املواقف التي قام بها والدكم العظيم يف حياته، احلافلة بجالئل الأعمال بدافع من قوة الإميان

ونقاء الفطرة وعلو الهمة و�صفاء ال�رسيرة...

�صاب بذهول جارف واأ�صعر بحزن عميق مل اأعهده يف نف�صي عند فقد عظيم وهذا جعلني اأ

اأو رحيل حبيب اأو قريب.

من جمع الرجال من فريدا منوذجا فيه فعرفت – ثراه اهلل طيب – والدكم عرفت لقد

املكارم وال�صجايا واملواهب الفذة ما يجعله من عظماء الرجال، واإن م�صيبة الوطن يف فقده ل

تقل عن م�صيبة حمبيه وعاريف ف�صله...

ــه ــى كــف ـــاد عــل ـــق واملـــــوت ن

اجلياد منها يــخــتــار جـــواهـــر

ح�صبي وقد ل اأكون اآخر املعزين اأن اأذكر لكم موقفني من مواقف املروءة والإن�صانية التي

كانت �صفة بارزة يف �صجايا الراحل العظيم.

املوقف الأول: كلفني – طيب اهلل ثراه – باأن اأت�صل باأحد مكاتب ت�صدير الأيدي العاملة

ببانكوك حلاجة اإمارة الباحة اإىل عمال نظافة وبحثت له بنف�صي عن عمال م�صلمني، وكان من

بينهم �صاب م�صلم متفتح الذهن ا�صمه التايالندي املثبت بجواز �صفره "براأيون مادل" وا�صمه

الإ�صالمي "يحيى عبد الكرمي" ومل يكن يدور يف خلد العامل الب�صيط يحيى عبد الكرمي اأن عمله

مع الكرام �صي�صل به اإىل هذه املرتبة.

فقد مل�س الراحل العظيم تفتح ذهنية ال�صاب، ومل�س يف نف�صه رغبته للدرا�صة باجلامعة

وكان الإ�صالمية اجلامعة رئي�س نائب اإىل ب�صاأنه بالكتابة فبادر املنورة، باملدينة الإ�صالمية

حينذاك ف�صيلة الدكتور عبد اهلل الزايد و�رسعان ما حتول "يحيى عبد الكرمي" من عامل باإمارة

الباحة اإىل طالب علم باجلامعة الإ�صالمية.

277

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

اأمريكا بداأها عن اإىل – يف رحلة – طيب اهلل ثراه املوقف الثاين: منذ ب�صع �صنوات كان

طريق لندن ويف طريق عودته مر معاليه بال�رسق الأق�صى، و�رسفني باأن اأكون يف ا�صتقباله عند

واملوؤ�ص�صات للم�صاجد ا وزائر متنقال اأيام عدة و�صواحيها ببانكوك وق�صى لتايالند زيارته

اأقمتها ملعاليه ببيتي املتوا�صع ببانكوك كان مثار التي الغداء واأثناء ماأدبة الإ�صالمية بها،

ده�صة احل�صور ومعظمهم من العاملني يف احلقل الإ�صالمي بتايالند، ومن اأبناء املنطقة، كيف

تبتعد �صخ�صية مرموقة ويف هذه املنزلة عن الأ�صواء بينما رجال �صفارة جاللته رهن اإ�صارته

وكيف يجل�س يف هذا املنزل املتوا�صع ويف هذا اجلمع كاأنه فرد منهم يناق�س معنا اأمور الدعوة

قدمته اأن وبعد حديثا الإ�صالم اعتنق رجل اجلمع بني وكان ومر�صدا وموجها وعاملا عارفا

ملعاليه نفحه قبل مغادرة معاليه ملنزيل مبلغا من املال بالدولرات الأمريكية.

ح�صبكم اآل اإبراهيم ما تركه لكم الراحل العظيم من مفاخر واأجماد، �صتظل على مر الأيام

الوطن بناء ويف والأجماد الف�صائل ميادين املرحوم يف مكانة علو على �صاهدة الدهور وكر

والإخال�س لقادته.

املعذرة، لأرجو متاأخرة تاأتي والتي املتوا�صعة الر�صالة التعزية عرب هذه اأقدم اإذ واإين

ومعارفه وذويه اآله يلهم واأن رحمته بوا�صع الفقيد يتغمد اأن القدير العلي املوىل �صائال

وحمبيه ال�صرب اجلميل وال�صالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته.

اليمامة، العدد 910

التاريخ 1406/10/19هـ

)28 حزيران / يونيو 1986م(

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

278

ملحـــــــــــــــــق

مواقف الرجال ل متوت

بقلم: علي خالد الغامدي

نحدد مل عمل زيــارة يف الباحة اإىل جدة مغادرة فجاأة قررنا الآن من �صنوات خم�س قبل

اأهدافها وغاياتها ومل نرتب لها.

ال�صيخ اأن نذهب بعد جولتنا ملعايل باإمكاننا اأن اأبو زيد مدير املكتب الزميل عمر قال

اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم.

وقال امل�صور اأحمد حممود اإن املنطقة مغرية بالزيارة فنحن يف اأ�صد ف�صول العام لهبا،

وجو الباحة وبلجر�صي... وزهران �صيكون ربيعيا... و�صنجد ما نقوم بت�صويره اإذا ذهبنا، لوفرة

املناظر اجلميلة يف املنطقة.

وانطلقنا ثالثتنا اإىل الباحة م�صاء ليلة الأربعاء لن�صل اإليها بعد منت�صف الليل "28 �صعبان

1401هـ".

بحثنا عن اأقرب مقهى لننام فيه لكن ن�صمات الهواء الباردة واملنع�صة اأحيت فينا الروح،

واأزالت التعب فلم ننم حتى جاء ال�صباح.

يف ال�صباح تركنا موقعنا، ذهبنا يف جولة على مدينة الباحة والغبار ميالأ عيوننا قلنا رمبا

كانت عا�صفة ومتر لكن موجة الغبار ا�صتمرت كلما اقرتبنا منها اأكرث.

وكان الغبار بداية طريقنا ال�صحفي لالإمارة... وهذا الغبار املنت�رس كان نتيجة حلركة العمل

يف املنطقة، م�رسوع عقبة الباحة، و�صق ال�صخور، وفتح الطرق، وبناء امل�رسوعات.

دخلنا مكتب اإمارة الباحة ومل ننتظر طويال فقد ح�رس اأمريها ال�صيخ اإبراهيم بن عبد العزيز

الرباهيم، مل ي�صاألنا ملاذا مل تطلبوا موعدا، ومل ي�صاألنا اإذا كنا جئنا يف مهمة �صحفية فلماذا مل

نعد الأ�صئلة.

بداأنا احلديث عن الغبار الذي �صهدناه يف املنطقة فقال اإن املنطقة الآن ت�صهد ور�صة عمل

ل تتوقف عن احلركة والدوران. م�صاريع طرق، وم�صاريع زراعة، وم�صاريع بناء، وم�صاريع اإنارة،

279

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

وم�صاريع هاتف.

وتنفيذها، بدايتها، يحدد التي واملــ�ــرسوعــات يحفظها، التي ــالأرقــام ب لنا ــدث وحت

وم�صتقبلها.

ا من قبله... مل يكن اأي �صيء معدا من قبلنا... ومل يكن اأي �صيء معد

املنطقة حا�رس وقلبه وعقله بيديه مي�صك الرجل اأن ك�صف معه احلديث م�صار لكن

وم�صتقبلها.

وو�صل احلديث معه اإىل ق�صية هامة وخطرية يف املنطقة، ق�صية ال�صحة والعالج والطرق

ابن تلك املنطقة وما جاورها من الوعرة، واجلبال املرتفعة، والوديان املنخف�صة. فقد كان

اأو يخفف من اأ�رسته وهو ل يجد م�صت�صفى مبعنى الكلمة ي�صتقبله، اأفراد اأحد اإذا مر�س قرى

اآلمه. وكان الأمري �صلطان بن عبد العزيز هو الذي ياأمر بنقل من ت�صتدعي حالتهم بطائرات

اإبراهيم ال�صيخ مع نتحدث واندفعنا والريا�س... الطائف ومكة وجدة اإىل فورا الدفاع وزارة

الرباهيم يف هذا املو�صوع بعد اأن راأينا اأثناء دخولنا الباحة.. "معلما �صحيا" جديدا يرتفع فوق

ربوة عالية.

اأكرب يف معناها ومفهومها له ق�صة الكبري ال�صحي املعلم اإن هذا يبت�صم: لنا وهو قال

واإن�صانيتها فقد زار الأمري فهد بن عبد العزيز، وهو ويل للعهد، الباحة، وتقدمنا بطلب ل�صموه

ا للمعاناة ال�صديدة التي يواجهها اأبناء املنطقة ب�صفة لإن�صاء م�صت�صفى متخ�ص�س وكبري نظر

عامة مما ي�صطرهم يف كثري من الأحيان اإىل نقل مر�صاهم اإىل الطائف ومكة وجدة والريا�س اإىل

جانب جهود الدولة يف نقل احلالت الطارئة باأق�صى �رسعة.

وا�صتدعى الأمري فهد وزير ال�صحة، وعر�س عليه الطلب فقال اإن بند وزارة ال�صحة لي�س

فيه اعتمادات مل�رسوع �صحي كبري كهذا، واأ�صاف اأن املنطقة ل ت�صتوعب م�رسوعا كهذا.

وحاجتها واأو�صاعها املنطقة ي�رسح ظروف اأبلغنا كما اإبراهيم بن اإبراهيم ال�صيخ ووقف

وحاجة �صكانها مل�رسوع �صحي كبري فالباحة تعترب ثالث مدينة من حيث الكثافة ال�صكانية، وهي

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

280

ملحـــــــــــــــــق

لي�صت قرية اأو جمموعة قليلة من القرى.

واأ�صدر تعليماته العزيز بحاجة املنطقة مل�رسوع �صحي كبري، الأمري فهد بن عبد واقتنع

باعتماد جميع تكاليف هذا امل�صت�صفى دون اأي تاأخري.

وخالل ثمانية �صهور اأقيم امل�صت�صفى الذي كان ي�صبه احللم واأ�صبح ا�صمه م�صت�صفى امللك

فهد فيما بعد.

ولو كنتم ل تعرفون فاإن طائرات وزارة الدفاع كانت تقوم بنقل حالت الولدة املتع�رسة

من الباحة وبع�س قراها اإىل الطائف ومكة وجدة.

ولو كنتم ل تعرفون فاإن مدينة بلجر�صي كانت تنفرد مب�صت�صفى ي�صبه امل�صتو�صف لكل

املنطقة وقراها.

بها ولي�س طبية عيادات بها لي�صت نف�صها احلجاز مناطق فــاإن تعرفون ل كنتم ولو

م�صت�صفيات خا�صة وفجاأة يقام مركز طبي كبري... وتعتمد مبالغه يف اأ�رسع وقت... ويتم تنفيذه

خالل ثمانية �صهور.

الذين يجيدون ول�صنا من املديح يف غري موقعها ومكانها... ل�صنا ممن يكتبون ق�صائد

فنون الرثاء لأ�صحاب املواقف.

وهذه ال�صطور حتمل جزءا من الوفاء للرجل الذي برهن اأن اأمانة امل�صوؤولية لي�صت يف اجللو�س

على املكتب، وبعث الر�صائل للوزارة عن امل�صاريع التي حتتاجها املنطقة، و�صكانها.. بل يف

اإي�صال مطالب الأهايل اإىل رجل الدولة الأول، ومعرفته بظروف املنطقة، واحتياجاتها، و�رسحها

باأ�صلوب عملي وعلمي مقنع...

رحم اهلل اإبراهيم بن عبد العزيز بن اإبراهيم.

الريا�س، العدد 6499

التاريخ 1406/7/30هـ

)10 ني�صان / اأبريل 1986م(

281

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

ويبقى حديثك يف ذاكرتي

بقلم: حممد الوعيل

فجاأة اأ�صبح يف دائرة ال�صوء وهو الذي ظل طوال عمره يرف�س الأ�صواء... اأو يتحدث اأحد

اآل اإبراهيم عبد العزيز اأعماله التي كان يوؤديها لوجه اهلل والوطن... كان املرحوم ال�صيخ عن

اإبراهيم يف من�صبه الأخري اأمريا للباحة قد حقق الكثري من طموحات اأبناء هذه املنطقة... وكان

كثري من ال�صحفيني يحبون اأن يديل اإليهم بت�صاريح عن هذه الإجنازات اأو يتيح لهم لقاءات

�صحفية معه اإل اأنه – توا�صعا – كان يرف�س ذلك.. وكان يكره اأن ين�صب اإليه �صيء.. كان يف

اأعماقه يعلم اأن الإن�صان اإمنا يوؤدي واجبه فقط وما دام هذا واجبه فاإنه اإرجاع الف�صل لعون اهلل

اأي الأمر.. وعبثا �صاعت حماولت الكثري من ال�صحفيني للحديث معه عرب اأولياء تعاىل واإىل

العد واحل�رس... كان الأخرية.. من م�رسوعات جلت عن ال�صنوات الباحة خالل �صيء مما �صهدته

اآخرها �صد وادي العقيق وغريه كثري. لقد كان الرباهيم واحدا من املواطنني الذين مار�صوا

"املواطنة" وحققوا �صعار املغفور له امللك عبد العزيز باأن العمل اأهم من القول.

– وقد – كما قال يل لقد كان من هذا اجليل الذي تربى يف مدر�صة عبد العزيز وترعرع

زاد من قدر املرحوم لدى عارفيه موقفه هذا الذي يوؤثر فيه الآخرين على نف�صه فهو يتكتم

اأي فعل اأو معروف اأ�صداه اإىل اأي اإن�صان.. وكان ين�صب الف�صل اإىل اأنا�س اآخرين ولي�س لنف�صه..

من هنا كانت هذه املنزلة التي اأ�صبح عليها يف قلوب اأبناء هذا البلد.. ومن هنا اأي�صا كانت

فجيعتهم لدى �صماعهم باحلادث الذي اأودى بحياته. فلقد كان املرحوم ابنا للربوع كلها...

لقد كان الرباهيم من اأبناء هذا الوطن الذين خدموا يف اأيام ال�صيق وال�صدة.. كما خدموا يف

اأيام النعمة واملال.. ومل يتغريوا.. ولهذا فاإنهم عندما يذهبون يبقى لنا منهم تراث عامر بعطر

الذكريات.. والقدوة احل�صنة والعمل ال�صالح.

لقد كان يل جتربة مهنية مع هذا الإن�صان "�صيف اجلزيرة".. اكت�صفت من خاللها اأنه – يف

– مدى ال�صرب قلبه – يعي�س ب�صاطة اإن�صان هذه الأر�س.. وقوة عزميته.. لقد عرفت – اأي�صا

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

282

ملحـــــــــــــــــق

والكفاح الذي عا�صه الرباهيم متنقال من الق�صيم اإىل املدينة اإىل مكة اإىل ع�صري.. هذه الرحلة

قطعها كثريون من اأبناء هذا اجليل وهم ي�صعون اأيديهم مع يدي موؤ�ص�س هذا الكيان لتاأ�صي�س

هذه النه�صة التي نعي�س يف خاللها الآن.. لقد ع�صت اأربع �صاعات من الزمن يف حوار مت�صل مع

هذا الرجل.. خرجت بقناعة واحدة اأن هذه الأر�س مليئة بالرجال الذين كان ميكن اأن ي�صنعوا

هذه النه�صة بدون اإمكانيات.

كان الرجل رحمه اهلل يف حديثه معي.. يذكر كل �صيء ول ين�صى لأحد ف�صله بدءا من املغفور

له امللك عبد العزيز واأبنائه حتى جالله امللك فهد حفظه اهلل.

الذين الرجال اإثبات وتوثيق لعطاء الأ�صياء والتجارب.. وكلها اأدق مل ين�س �صيئا.. حتى

ذهب منهم من ذهب ول زال منهم كثريون ميالأون اأرجاء هذا الوطن.

دقائق يف عمر الزمن ع�صتها مع هذا الرجل.. تعود اإىل ذهني ك�رسيط مليء باأحلى الذكريات

وكاأين اأعي�صها اللحظة بل لقد اأ�صاءت يف خاطري ب�صيء مفزع عندما علمت بنباأ وفاة الإن�صان

بكل ما تعنيه هذه الكلمة.

اإن هذه الأر�س تنبت من الرجال من يعجز الل�صان عن احلديث عنهم فقد اأقول اأن بقي

كانوا اأيام اجلفاف هم ينبوع الرخاء.. وكانوا يف زمن اخلري ينبوع العطاء اأي�صا.

رحمك اهلل اأبا عبد العزيز.. واأ�صكنك ف�صيح جناته، و"اإنا هلل واإنا اإليه راجعون".

اجلزيرة، العدد 4944

التاريخ 1406/8/3هـ

)13 ني�صان / اأبريل 1986م(

283

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

يف ذمة اهلل يا اإبراهيم

بقلم: في�سل �سعيد �سقر الغامدي

نف�سي ــتــك ــك ب الـــعـــزيـــز عــبــد �سم�سي اأبـــــا نــــور ــائــي ــم �ــس عـــن ـــت وغـــاب

حتى الأحــــبــــاب احلـــــزن يف ومي�سي تـــركـــت ــم ــه ــاحــب ــس يــ� ــم ــه ــي ف غـــــدا

راع ــل ــس ــ� ــف ــل ل ــــن م ـــــوت ــــــالق يـــعـــطـــي خـــــري در�ـــــس رزئــــــت مب ــــــالأخ ول

ــــا ــل الــــكــــرام �ــســلــكــت درب ــس ــ� اأيـــــا ن

ــس ــ� ــــل رج ــــن �ـــســـوائـــب ك ـــقـــيـــا م ن

ت�سعى ــد املــج دروب عــلــى ــــرشت ــــــدون يـــاأ�ـــس و� لــنــيــل املــــكــــرمــــات ب

نف�س فـــذلـــلـــت الـــ�ـــســـعـــاب بـــكـــل عـــزم وعـــــــز املــــــــــرام وحــــقــــقــــت

فيها فـــحـــل ــــالد ــــب ال ــــدت ــــع ــــس ــس واأ� ــر� ـــــوم األــــــف ع ــك كــــل ي ــل ــس ــ� ــف ب

عظيما اأو جـــمـــيـــال ـــــرك ت ومل

تر�سي كـــنـــت اإل ـــــال ـــــم الأع مــــن

ـــــت عــــلــــى روابـــــيـــــنـــــا ربـــيـــع ـــــاأن غـــر�ـــس ف ـــــل ك ــــريه يف ــــب ع ــــوح ــــف ي

تبكي ـــالء ـــك ـــث ال ـــة ـــاح ـــب ال عـــبـــري املــــاجــــديــــن بـــكـــل رمـــ�ـــس تــــركــــت

ـــا وجتــيــ�ــس حــزنــا ـــع ـــدام ــيــل م ــس تــ�

ـــــوق الـــتـــاأ�ـــســـي ــــدب حـــ�ـــرشة ف وتــــن

حيا الـــنـــا�ـــس قـــلـــوب يف �ــســتــبــقــى

من�سي �ـــســـبـــه ــــي ح وهـــــو وغـــــــريك

وروحـــــا جــ�ــســدا مــ�ــســى اإن ــك ــل ــث وم

ـــس ـــ� اأن كــــل ذكـــــــره يف ــى ــق ــب ــي ــس �

اليوم، العدد 4685

التاريخ 4 �صعبان 1406هـ

)14 ني�صان / اأبريل 1986م(

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

284

ملحـــــــــــــــــق

مرثية

اإىل روح الفقيد الكبري معايل الأمري اإبراهيم عبد العزيز اآل اإبراهيم

لل�ساعر حمد الزيد

تذكرت ب�سمتك احللوة ال�سافية

ووجها كما ال�سبح ي�رشق باحلب

وال�سحكة احلانية

كرمي ال�سجايا

ويف القلب لوعته طاغية

حب�ست الدموع

فاأ�سحت جراحا

تفجر نائحة.. باكية؟!

ولو اأن قرب احلبيب يجيب

لأجه�س

فا�س كما �ساقية

ولو يرجع امليت نهر الدموع

ل�سقناه للربة.. الطاهرة

ولكنها ح�رشة يف الفوؤاد

�ستبقى �رشاما

على الآخرة

فيا طيب القلب طبت

وطابت لك اجلنة

العاطرة

اأمل تدر يا موت ماذا اأخذت؟؟

وماذا فعلت بنا

285

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم ملحـــــــــــــــــق

يف فجاءة؟؟

وماذا ارتكبت بنا من حماقة؟

امل تدر يا واديا بال�سمال

باأن الفجيعة

فينا خ�سارة؟؟

امل تدر يا منزل الذكريات

طلولك بـ "قروى"

تبكي مرارة

وت�سال اأين الفقيد الكرمي

وهل �سيعود له.. كاحلمامة؟!

واأين الأحبة؟

هل يدخلوه؟

واأين ال�سيوف؟

تولوا اأمامه؟

وطيف احل�سيب الن�سيب الهمام

جلله كالغمامة اأبا "العز"

خراب بقي

ينعق البوم فيه

فيا ح�رشة الغمد

يبكي ح�سامه؟!

ذكرتك

والكل ي�سكو فراقك

واحللم.. والعقل

وال�سهامة يا "�سيدي"

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

286

ملحـــــــــــــــــق

ذكرتك

هذي جراح الزمان

فمن مي�سح اجلرح

يربي �سقامه؟!

واأنت كما الطود يف ناظري

واأنت الرجولة

واأنت الكرامة

وقد كنت والدنا كلنا

رفيقا

تقابلنا بابت�سامة

وحتمل اأخطاءنا كلها

ومتنحنا احلب

دون ماللة

عظيم ال�سجايا

األ رجعة

لنمنحك احلب

�ساف الزللة

ومننحك العمر

كيما تعود اإلينا

تطوقنا كالغاللة

تقبلنا واحدا.. واحدا

كما قبل البدر

يوما جباله

فوا اأ�سفا.. لن يعود الفقيد

ولن يرجع الأب

يدعو عياله.

�صكر وتقدير

289

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

�سكر وتقدير

يرى املوؤلف من واجبه ت�صجيل �صكره وامتنانه اإىل عدد من ال�صخ�صيات الكرمية والأ�صاتذة

الأفا�صل الذين لول م�صاعدتهم القيمة وتعاونهم الكرمي ملا اأمكن حتقيق فكرة هذا الكتاب.

العزيز الرباهيم وال�صيخ خالد بن اإبراهيم بن عبد العزيز بن ال�صيخ عبد وهو يخ�س بال�صكر

اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم، كما ي�صكر الدكتور غازي الق�صيبي والدكتور عبد اهلل ح�صن

م�رسي اللذين تف�صال بقراءة م�صودات الكتاب واأبديا مالحظات قيمة.

كذلك يعرب املوؤلف عن جزيل �صكره وامتنانه اإىل عدد من ال�صادة الكرام الذين تف�صلوا

عن وذكريات معلومات من لديهم وزودوه مبا الثمني، وقتهم من ومنحوه املوؤلف مبقابلة

ال�صيخ اإبراهيم الرباهيم، وهي معلومات قيمة اأغنت الكتاب كثريا، واأخ�س بالذكر ال�صيخ عبد

اهلل بن حممد الرباهيم )الذي علمت باأ�صف �صديد بوفاته بعد ت�رسيف مبقابلته مبدة( وال�صيخ عبد

اهلل بن حممد ال�صبانة، والأ�صتاذ عبد اهلل العبد الرحمن الإبراهيم، والأ�صتاذ اإبراهيم ال�صليمان،

اإبراهيم احلديثي الذي زود املوؤلف بكثري من املعلومات الثمينة، وال�صيخ والأ�صتاذ عبد اهلل

نا�رس اآل ال�صيخ والأ�صتاذ اأحمد حامد الغامدي الذي تف�صل اأي�صا بتزويدي مبجموعة قيمة من

ال�صور.

وهنالك عدد من الأ�صاتذة الأفا�صل الذين مل يتمكن املوؤلف من مقابلتهم �صخ�صيا، واإمنا

تف�صلوا بتقدمي ما لديهم من معلومات وذكريات بوا�صطة اأحد الأ�صدقاء. واأخ�س بالذكر منهم

ال�صيخ اإبراهيم الرا�صد احلديثي والأ�صاتذة ح�صن بن علي الفقيه، و�صعيد باخ�صوان، وم�صطفى

ال�صنقيطي، وال�صيخ ح�صني عرب، وعلي ب�صاوري، وعلي ح�صن اأبو العال، وحممد بن علي بن زيد،

فاإليهم جميعا اأخل�س ال�صكر والمتنان، مع العتذار وال�صكر ملن قد تكون اأ�صماوؤهم قد فاتتنا

�صهوا.

�سكر وتقدير

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

290

وغني عن البيان اأن اأولئك ال�صادة الكرام ل ميكن اأن يعدوا م�صوؤولني عما تبقى يف الكتاب

من اأخطاء اأو نواق�س، وعما ورد فيه من اآراء، فعلى املوؤلف وحده تقع تبعتها.

امل�صاعدات �صتى له قدموا الذين الأفا�صل الإخــوان من عــددا اأي�صا املوؤلف وي�صكر

واملعلومات خالل جمعه مواد الكتاب، ويخ�س بالذكر الدكتور عبد اهلل اأبو را�س، الذي فتح له

مكتبته القيمة وزوده بكثري من امل�صادر النادرة، والأ�صتاذين خالد ح�صني الع�صاف واإبراهيم

اجلعويني.

يف م�صاهمتهما على عنتابي لوؤي والأ�صتاذ الدين نظام عرفان الأ�صتاذ ي�صكر وكذلك

ت�صحيح م�صودات الكتاب و�رسح ال�صور التي �صمها.

ا، لبد من ت�صجيل ال�صكر والتقدير لدار ال�صاقي التي عنيت بن�رس الكتاب واأخريا، ولي�س اآخر

مبدة قيا�صية واإخراجه بحلته الق�صيبة.

واهلل ويل التوفيق.

ن . ف . �س .

�سكر وتقدير

امل�صادر

293

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم امل�ســـــــــادر

امل�سادر

الأكرب اإبراهيم حمفوظة لدى جنله العزيز اإبراهيم بن عبد ال�صخ�صية لالأمري الأوراق - 1

ال�صيخ عبد العزيز بن اإبراهيم الرباهيم.

2 - املقابالت ال�سخ�سية:

ال�صيخ عبد العزيز بن اإبراهيم بن عبد العزيز. -

ال�صيخ خالد بن اإبراهيم بن عبد العزيز. -

ال�صيخ عبد الـله بن حممد الرباهيم )رحمه الـله(. -

ال�صيخ ح�صني عرب. -

ال�صيخ اإبراهيم ال�صليمان. -

الأ�صتاذ عبد الـله العبد الرحمن الإبراهيم. -

الأ�صتاذ عبد الـله اإبراهيم احلديثي. -

ال�صيخ نا�رس اآل ال�صيخ. -

الدكتور عبد الـله �صعيد اأبو را�س. -

الأ�صتاذ اإبراهيم اجلعويني. -

الأ�صتاذ علي ح�صن اأبو العال. -

الأ�صتاذ علي ب�صاوري. -

ال�صيخ اإبراهيم الرا�صد احلديثي. -

ال�صيخ حممد بن اإبراهيم الرا�صد احلديثي. -

الأ�صتاذ حممد بن علي بن زيد وكيل اإمارة منطقة ع�صري. -

ال�صيخ ها�صم بن �صعيد النعمي. -

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

294

امل�ســـــــــادر

3 - امل�سادر العربية:

الدكتور اإبراهيم حممد الزيد

من حياته ومناذج اإبراهيم: اآل اإبراهيم بن العزيز عبد "الأمري ر�صائله اخلطية”، مقالة يف جملة عامل الكتب، املجلد 15، العدد

)3(، ذو القعدة – ذو احلجة 1414هـ )اآيار / مايو – حزيران /

يونيو 1994م(.

املنتخب يف ذكر اأن�صاب العرب، الريا�س، 1984م.الدكتور اإبراهيم حممد الزيد

اإبراهيم بن �صالح عي�صى

الأعيان بع�س ووفيات جند يف الواقعة احلــوادث بع�س تاريخ

للبحث اليمامة دار من�صورات البلدان، بع�س وبناء واأن�صابهم

والرتجمة والن�رس، الريا�س، الطبعة الأوىل، 1966م.

اإبراهيم بن �صالح عي�صى

اآخر القرن الثالث عقد الدرر فيما وقع يف جند من احلوادث يف

ع�رس واأول القرن الرابع ع�رس، ذيل به على كتاب “عنوان املجد يف

تاريخ جند”، حققه وعلق عليه عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن

عبد الـله اآل ال�صيخ – من�صورات وزارة املعارف، املطابع الوطنية

احلديثة، الريا�س )بال تاريخ(.

اأحمد بن �صالح ال�صياريالباحة، مطابع موؤ�ص�صة املدينة لل�صحافة )دار العلم(، جدة )بال

تاريخ(.

اأحمد عبد الغفور عطار�صقر اجلزيرة، املوؤ�ص�صة العربية للطباعة، جدة )الطبعة الثانية(،

1385هـ – 1965م.

اأمراء املدينة املنورة وحكامها، املدينة املنورة، 1962م.اأحمد يا�صني اأحمد اخلياري

اإمارة منطقة الباحة

1398 �صنوات �صت يف احل�صاري التقدم طريق على خطوات

– 1404هـ، دليل موجز �صدر مبنا�صبة زيارة جاللة امللك فهد بن عبد العزيز ملنطقة الباحة عام 1405هـ – 1985م.

اأمني الريحاين

اآل اآل في�صل الرحمن بن عبد العزيز جند احلديث و�صرية عبد

�صعود ملك احلجاز وجند وملحقاتها، دار الريحاين للطباعة والن�رس

– بريوت – الطبعة الثانية، 1954م.

295

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم امل�ســـــــــادر

خم�صون عاما يف جزيرة العرب، القاهرة، 1960م.حافظ وهبة

حمد اجلا�رسالريا�س، اليمامة، دار العرب املتح�رسة يف جند، اأن�صاب جمهرة

1409هـ – 1988م.

ح�صني خلف ال�صيخ خزعلدار الأول، الق�صم اخلام�س(، )اجلزء ال�صيا�صي الكويت تاريخ

مكتبة الهالل، بريوت )بال تاريخ(.

خري الدين الزركليللماليني، العلم دار العزيز، عبد امللك عهد يف اجلزيرة �صبه

بريوت )الطبعة الثالثة(، 1985م.

رابح لطفي جمعةحالة الأمن يف عهد امللك عبد العزيز، من�صورات دار امللك عبد

العزيز، الريا�س، 1402هـ – 1982م.

تاريخ ملوك اآل �صعود، بريدة، 1982م.�صعود بن هذلول )الأمري(

احلركة العربية، دار النهار، بريوت، 1970م.�صليمان مو�صى

�صالح الدين املختاردار وحا�رسها، ما�صيها يف ال�صعودية العربية اململكة تاريخ

مكتبة احلياة، بريوت )بال تاريخ(.

عبد احلميد اخلطيب

الإمام العادل �صاحب اجلاللة امللك عبد العزيز بن عبد الرحمن

الفي�صل اآل �صعود: �صريته، بطولته، �رس عظمته، م�صطفى البابي

احللبي واأولده، القاهرة، 1370هـ – 1951م.

عبد البا�صط بدر )الدكتور(املدينة الثالث(، )اجلــزء املــنــورة للمدينة ال�صامل التاريخ

املنورة، 1414هـ – 1993م.

عبد الرحمن بن حمد الزيدوالن�رس، للطباعة احلارثي دار العرب، اأن�صاب ذكر يف املنتخب

الطائف، 1404هـ – 1983م.

عبد الرحمن الرافعيالرابعة(، )الطبعة القاهرة املــعــارف، دار علي، حممد ع�رس

1982م.

عبد الرحمن ال�صالح ال�صبيلي1414هــــ الــريــا�ــس، �صليمان، اأبـــو ال�صبيلي: احلــمــد حممد

– 1994م.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

296

امل�ســـــــــادر

عبد العزيز الأحيدبظاهرة الأمن يف عهد امللك عبد العزيز، مطابع الإ�صعاع التجارية،

الريا�س، 1388هـ – )1968 – 1969م(.

الدكتور عبد العزيز اخلويطرالريا�س، )حتقيق(، املنقور حممد بن لأحمد املنقور تاريخ

1390هـ - 1970م.

املح�صن عبد بن العزيز عبد

التويجري

ل�رساة الليل هتف ال�صباح: امللك عبد العزيز، بريوت، دار ريا�س

الري�س للطبع والن�رس )الطبعة الثانية(، 1997م.

�صعيد بن الـله عبد الدكتور

اأبو را�س

– 1416هــــ الريا�س، اإبــراهــيــم، اآل اإبراهيم بن العزيز عبد

1995م.

�صعيد بن الـله عبد الدكتور

اأبو را�س وبدر الدين الديبامللك عبد العزيز والتعليم، الريا�س، 1407هـ - 1987م.

عبد الـله بن خمي�س1408هـ الريا�س، التجارية، الفرزدق مطابع اليمامة، تاريخ

– 1987م.

عبد الـله زايد الطويان

اإبراهيم”، مقالة يف اآل اإبراهيم عبد العزيز الذاكرة”: "رجال يف كانون 5( 1418هـ �صعبان 5 ،9199 العدد اجلزيرة، جريدة

الأول / دي�صمرب 1997م(.

عبد الـله ال�صالح العثيمنيالريا�س، العبيكان، مكتبة ال�صعودية، العربية اململكة تاريخ

1996م.

عبد الـله ال�صالح العثيمنين�صاأة اإمارة اآل ر�صيد، جامعة الريا�س، الريا�س )الطبعة الأوىل(،

1401هـ – 1981م.

اأخبار ع�صري، املكتب الإ�صالمي، دم�صق، 1398هـ – 1978م.عبد الـله بن علي بن م�صفر

عبد الفتاح ح�صن اأبو عليةالدولة ال�صعودية الثانية، دار املريخ، الريا�س، الطبعة اخلام�صة،

1415هـ – 1994م.

عبد الفتاح ح�صن اأبو عليةالعزيز، دارة امللك عبد الجتماعي يف عهد امللك عبد الإ�صالح

العزيز، الريا�س، 1396هـ – 1976م.

عبد القدو�س الأن�صاري

"اأقبا�س من �صرية الأمري احلازم الكرمي عبد العزيز بن اإبراهيم”، 1403هـ املنورة، املدينة جريدة يف من�صورة مقالت �صل�صلة

– 1983م.

297

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم امل�ســـــــــادر

ال�صلوك ــالــح �ــص بـــن عــلــي

الزهراين

املعجم اجلغرايف لبالد غامد وزهران، دار العلم، الطبعة الثالثة،

جدة، 1996م.

الدكتور غيثان علي جري�سجدة، والن�رس، للطباعة البالد دار ع�صري، تاريخ من �صفحات

1413هـ – 1993م.

فــائــز بــن مــو�ــصــى الــبــدراين

احلربي

من اأخبار القبائل يف جند خالل الفرتة من 850هـ – 1200هـ

الريا�س، البدراين للن�رس والتوزيع، – 1785م، دار 1445م /

1415هـ – 1994م.

فا�صيلييف، اآلك�صيتاريخ العربية ال�صعودية، ترجمة خريي ال�صامن وجالل املا�صطة،

دار التقدم، مو�صكو 1986م.

فوؤاد حمزةالقاهرة، ومكتبتها، ال�صلفية املطبعة الــعــرب، جزيرة قلب

1933م.

فوؤاد حمزة)بال الريا�س احلديثة، الن�رس مكتبة ال�صعودية، العربية البالد

تاريخ(.

فيلبي، �صنت جون، عبد الـلهتعريب ال�صلفية، الوهاب عبد حممد ال�صيخ ودعوة جند تاريخ

عمر الدي�رساوي، مكتبة مدبويل، القاهرة، 1414هـ – 1994م.

حممد بن اأحمد العقيلي1413هـ جــدة، احلديث، العربية اجلزيرة تاريخ على اأ�صواء

– 1992م.

يف منزل الوحي، دار املعارف، الطبعة الرابعة، 1967م.الدكتور حممد ح�صني هيكل

الدكتور حممد �صعد ال�صويعردار حائل، ال�صعودية: العربية اململكة مدن تاريخ يف ف�صول

العلوم للطباعة والن�رس، الريا�س، 1404هـ – 1984م.

حممد عبد الـله الزعاريربريوت، والــتــوزيــع، للن�رس بي�صان حــائــل، يف ر�صيد اآل اإمـــارة

1997م.

حممد بن عبد الـله ال�صمانعنيزة، الوطنية، املطابع الق�صيم، يف ال�صيا�صية الأحـــوال

1407هـ – 1987م.

�صالح بــن عثمان بــن حممد

القا�صي

الوطنية املطابع الــعــرب، قبائل م�صاهري عن الطلب منهاج

بعنيزة، 1408هـ – 1987م.

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

298

امل�ســـــــــادر

عقيل ابــن الرحمن عبد اأبـــو

الظاهري

تاريخنا املحلي، دار اإ�صاءة جوانب من الف�صليون: اإبراهيم اآل

ابن حزم للن�رس والتوزيع، الريا�س، 1417هـ – 1996م.

من الأعماق، الريا�س، 1415هـ – 1994م.م�صطفى حممد كتوعة

حميي الدين ر�صااملنار 1935م، مطبعة - 1353هـ اإىل احلجاز يف �صنة رحلتي

مب�رس، 1936م.

حميي الدين ر�صااحلديثة، التجارية املطبعة احلــجــاز، مــن وم�صاهدات �صور

القاهرة.

الدكتورة مديحة اأحمد دروي�ستاريخ الدولة ال�صعودية حتى الربع الأول من القرن الع�رسين، دار

ال�رسوق، جدة، 1413هـ – 1993م.

الدكتور منري العجالين

الثانية: ال�صعودية الدولة ال�صعودية: العربية البالد تاريخ

1415هـ النفائ�س، بريوت، دار تركي، بن الإمام في�صل عهد

– 1994م.

ها�صم بن �صعيد النعميتاريخ ع�صري يف املا�صي واحلا�رس )ل اإ�صارة اإىل مكان الطباعة ول

تاريخها(.

يو�صف يا�صنيالريا�س ال�صعودية، املعارف وزارة مطبوعات امللكية، الرحلة

)بال تاريخ(.

299

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم امل�ســـــــــادر

4 - اجلرائد واملجالت:

الريا�ساجلزيرة

الريا�سالريا�س

لندنال�رسق الأو�صط

الريا�سعامل الكتب

جدةعكاظ

الريا�سالفي�صل

لندناملجلة

جدةاملدينة

مكة املكرمةالندوة

الريا�ساليمامة

الدماماليوم

5 - امل�سادر الإنكليزية:

Holden, David and Johns, Richard, The House of Saud, New 1.

York, 1981.

Kostiner, Joseph, The Making of Saudi Arabia. Oxford, University 2.

Press, New York, 1993.

Lacy, Rober, The Kingdom, Hutchinson, London, 1981.3.

Leatherdale, Clive, Britain and Saudi Arabia 1925-1939, Frank 4.

Cass, London 1983.

The Saudi Green Book (1934) Relations Between Saudi Arabia 5.

and the Yemen, London, 1981.

Troller, Gary, The Birth of Saudi Arabia Britain and the Rise of 6.

the House of Saud, Frank Cass, 1976.

فهر�س الأعالم

303

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فهر�س االأعالم

فهر�س الأعالم

)اأ(

290اإبراهيم اجلعويني

104-105 -116اإبراهيم الرا�صد احلديثي

49اإبراهيم ال�صبهان

73 - 289اإبراهيم ال�صليمان

38اإبراهيم بن �صالح بن عي�صى

35-37-39-40 - 197اإبراهيم بن عبد الرحمن بن اإبراهيم

31-47-63-192-193-194-250اإبراهيم حممد الزيد )الدكتور(

51اأبو بكر ال�صديق

158-159-192-193 - 289اأحمد حامد الغامدي

212اأحمد ديدات

126اأحمد بن �صالح ال�صياري

30اأحمد �صقر

42-221-224-233-235اأحمد عبد الغفور عطار

233اأحمد العربي

81اإ�صحق عزوز

97اأمني الريحاين

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

304

فهر�س االأعالم

)ب(

25بلفور، ال�صري اآرثر جيم�س

)ت(

23تروت�صكي

30-197التمبكتي )ال�صيخ(

)ج(

39جلوي بن تركي )الأمري(

24جمال با�صا )وايل �صوريا(

183جمال عبد النا�رس

)ح(

36حامت الطائي

67 - 72ح�صن اإبراهيم الفقيه

43-97-98-100ح�صن بن علي بن عائ�س

69-289ح�صن بن علي الفقيه

30ح�صن املن�صوري

76-289ح�صني عرب

24-25-43-59-96-98-99-100ح�صني بن علي )امللك(

47-151حمد اجلا�رس

12- 29-40-41-259-260- 257حمود بن عبد العزيز الرباهيم

305

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فهر�س االأعالم

)خ(

خالد بن اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم

)ال�صيخ(

-183-179 - 176 - 175 -121- -120 -107 -69

289-275-217 -216-205-204-194-191

111-221-274خالد ح�صني اآل زيد )ال�رسيف(

233خالد اأبو الفرج

�صعود اآل العزيز عبد بن الفي�صل خالد

)الأمري(272-271-262-260-101-95

16-38خري الدين الزركلي

)�س(

23�صتالني

50�صعد بن اأبي وقا�س

43-44-100�صعد بن عفي�صان

15�صعود الأول بن حممد بن مقرن

19 - 60-68-73-81-83-84-179-236�صعود بن عبد العزيز اآل �صعود )امللك(

117�صعود الفي�صل بن عبد العزيز )الأمري(

97�صعود بن هذلول )الأمري(

70-73-289�صعيد باخ�صوان

)القائد ــايل ــم ــك ال �ــصــفــيــق �ــصــلــيــمــان

الرتكي(97-66

67�صليمان مو�صى

224-235-271�صيد قطب

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

306

فهر�س االأعالم

)�س(

103-250�صالح عبد الـله العواد

103�صالح بن فرحان

)ط(

215طارق بن زياد

العا�س طــريــف بــن عــمــرو بــن الطفيل

الدو�صي الأزدي127

224-234-235طه ح�صني

233الطيب ال�صا�صي

)ع(

55-56عبا�س برادة

58عبا�س قطان

224-235عبا�س حممود العقاد

221-268عبا�س م�صطفى �صحلي

116-120-121-221-227-289عبد الـله اإبراهيم احلديثي

40-53-290عبد الـله اأبو را�س )الدكتور(

221-243عبد الـله اأحمد الأفندي

221-249عبد الـله اخلليفي

197عبد الـله بن �صامل )ال�صيخ(

57-58عبد الـله ال�صديري

81-84-88عبد الـله بن �صعود بن عبد العزيز )الأمري(

307

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فهر�س االأعالم

97-98-99-100عبد الـله ال�صالح العثيمني )الدكتور(

29عبد الـله بن عبا�س

95عبد الـله بن عبد العزيز )الأمري(

91عبد الـله عريف

الـــــلــه بــن عــبــد املــحــ�ــصــن الرتكي عــبــد

)الدكتور(217

16عبد الـله بن علي اآل ر�صيد

42-68عبد الـله العلي الزامل

74-75-255عبد الـله الفي�صل )الأمري(

35-39عبد الـله بن في�صل بن تركي )الإمام(

75- 289عبد الـله حممد الإبراهيم

95-106-107-289عبد الـله بن حممد ال�صبانة

35-37-38-39عبد الرحمن بن اإبراهيم

37-39عبد الرحمن بن حمد بن زيد

65عبد الرحمن الرافعي

117عبد الرحمن ال�صالح ال�صبيلي

39عبد الرحمن بن عبد اللطيف اآل ال�صيخ

16-128عبد الرحمن الفي�صل اآل �صعود )الإمام(

221-223- 235- 237عبد الرحمن بن في�صل املعمر

عبد العزيز بن اإبراهيم اآل اإبراهيم

-40-38-36-32-31-30-29-25-12-11

-52-50-49-47-46-45-44-43-42-41

-116-100-63-58-57-56-55-54-53

271-270-254-248-235-233-231

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

308

فهر�س االأعالم

العزيز عبد بن اإبراهيم بن العزيز عبد

الرباهيم289-275-236-217-216-215-204-37

87عبد العزيز بن باز )ال�صيخ(

221 - 241عبد العزيز �صامل الغامدي

�صعود اآل الرحمن عبد بن العزيز عبد

)امللك(

-36-35-30-29-26-25-23-19-18-17

-56-55-54-50-49-46-45-44-43-40

-98-97-89-68-67-63-60-59-58-57

-233 -197 -196 -183 -178 -100 -99

282-281-271-248-247-236-234

98عبد العزيز بن م�صاعد بن جلوي

38-39عبد الفتاح اأبو علية )الدكتور(

54-55-225-255عبد القدو�س الأن�صاري

38-39عثمان بن عبد الـله بن ب�رس

55علي برادة

88-89-289علي ب�صاوري

63-126-151-221-254-255علي حافظ

89-90-91-289علي ح�صن اأبو العال

9-47-151-157-193-254علي بن �صالح ال�صلوك

151علي بن �صالح الغامدي

29-51علي بن اأبي طالب

120-221-275علي عي�صى

50-127عمر بن اخلطاب

309

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فهر�س االأعالم

50عمرو بن العا�س

)ف(

15فوؤاد حمزة

36ف�صل بن ربيعة الطائي

16-35-38-39في�صل بن تركي اآل �صعود )الأمري(

48في�صل بن �صلطان الدوي�س

في�صل بن عبد العزيز اآل �صعود )امللك(-197-179-100-74-63-60-59-58-43

258-236

176-184-188-221فهد بن اإبراهيم بن عبد العزيز الرباهيم

73فهد احلمود

101فهد بن �صعد )الأمري(

)خادم �صعود اآل العزيز عبد بن فهد

احلرمني ال�رسيفني(

-147 -146 -143 -134 -131 -126 -20

-279-237-236-230-215-203-158

280

221-261-275فهد العرابي احلارثي )الدكتور(

54فيلبي، �صنت جون، عبد الـله

)ق(

30-231قابو�س بن النعمان

36-97قحطان

)ك(

214-215كارلو�س برييز )الرئي�س الفنزويلي(

30-231ك�رسى اأنو �رسوان

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

310

فهر�س االأعالم

23كريين�صكي

)ل(

36لم بن عمر بن طريف

23لفوف، جيورجي

)م(

81-88متعب بن عبد العزيز )الأمري(

71حممد بن اإبراهيم احلديثي

105-106حممد بن اإبراهيم الرا�صد احلديثي

67-96-98حممد الإدري�صي

118حممد احلبابي

30-221-231حممد ح�صني زيدان

32-54-116-224-235حممد ح�صني هيكل

117حممد احلمد ال�صبيلي

245حممد زاهد

45حممد اآل زلفة

42حممد �صعد ال�صويعر

221-252حممد ال�صليمان

233حممد �صطا

30حممد �صالح

30حممد �صقر

311

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فهر�س االأعالم

233حممد طاهر الدباغ

11-39-41-42-97-128حممد بن طالل بن الر�صيد

100حممد بن عائ�س

30-48-49حممد بن عبد العزيز اآل �صعود )الأمري(

النجدي التميمي الوهاب عبد بن حممد

)الإمام(127-96-15

38-65حممد علي با�صا )وايل م�رس(

221-245-254-256حممد علي حافظ

38حممد علي خالد بن �صعود

101-102-103-289حممد بن علي بن زيد

119حممد العلي العبد الـله الب�صام

151حممد م�صفر الزهراين

92-221-257حممد مو�صم املفرجي

30حممود احلم�صي

245-255حممود عارف

49م�صاري بن م�صاعد

141-271م�صعل بن عبد العزيز )الأمري(

221-270م�صطفى ح�صني عطار

245-255م�صطفى زاهد

71-72-289م�صطفى ال�صنقيطي

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

312

فهر�س االأعالم

38منري العجالين )الدكتور(

221-247مو�صى حممد ال�صليم

)ن(

64-129نايف بن عبد العزيز اآل �صعود )الأمري(

30-231النعمان بن املنذر

)هـــ(

245-255ها�صم زواوي

99ها�صم النعمي

221-245-254ه�صام علي حافظ

25هوغارث )الكوماندر(

)و(

)املندوب ريــجــنــالــد الــ�ــصــري ويــنــغــيــت،

ال�صامي الربيطاين يف م�رس(24

)ي(

49يا�صني الرواف

96-97يحيى حميد الدين )الإمام(

46يو�صف يا�صني

فهر�س الأماكن

315

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فهر�س االأماكن

فهر�س الأماكن

)اأ(

118اآبوت اآباد

36-37-39-197اأبا الكبا�س

اأبها-100-99-98-97-96-67-66-45- 55 -44-11

274-271-260-144-125-111-106-104-101

68اأحد بني زيد

26-38-56-127-207الأح�صاء

180الإ�صكندرية

117-212اأفغان�صتان

26-35-39-197الأفالج

18-23اأملانيا

120اإندوني�صيا

18-23-116-121-215-216-255اأوروبا

120اأو�صاكا

)ب(

الباحة

-127-126-125-95-63-21-20-12-9-8-7

-135 -134 -133 -132 -131 -130 -129 -128

-145 -144 -143 -140 -139 -138 -137 -136

-156 -155 -151 -150 -149 -148 -147 -146

-182 -175 -167 -166 -165 -160 -159 -157

-208 -199 -197 -195 -194 -193 -192 -187

-244 -243 -241 -235 -231 -229 -227 -221

-256 -255 -254 -252 -251 -250 -247 -245

-276-270272-269-268-265-262-261-260

283-281-280-279-278

117-118-119-213باك�صتان

120-275-276-277بانكوك

23-24برتوغراد

35-37-39-41-127بريدة

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

316

فهر�س االأماكن

18-24-25-121بريطانيا

38الربميي

118ب�صاور

15-117الب�رسة

96-117بغداد

26البكريية

بلجر�صي -151 -148 -147 -145 -143 -133 -129 -128

280-278-255-241

66-67البندر

96بني �صهر

68-119بومباي

24-38-67-68-74-97-121بريوت

95-98-144بي�صة

)ت(

120-176تاكوما

119-120-275-276-277تايالند

120تايوان

64تربة

118تربيال

تهامة-144 -143 -138 -130 -126 -67 -66 -65 -47

241-209-198-193-157-149-148-145

)ج(

جدة

-117-116-89-67-65-64-63-48-47-44-26

-278 -255 -149 -148 -144 -133 -130 -126

280-279

66جريد بالنما�س

64اجلموم

26اجلوف

64-65-76جيزان

317

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فهر�س االأماكن

)ح(

حائل

-42-41-40-39-37-36-29-26-25-16-11-7

-191-188-187-183-101-99-97-73-55-43

247-210-207-197-196

احلجاز

-59-58-48-46-43-24--38-18-17-16-15

-100-97-96-82-81-75-67-65-64-63-60

280-234-224-187-128-105

98احلجلة )اأو احلجالء(

97احلديدة

45-99-100حرملة

36حرميالء

66حلي )وادي(

26احلوطة

)خ(

26-38-184-187اخلرج

64اخلرمة

64خلي�س

44-98-99خمي�س م�صيط

118خيرب )ممر(

)د(

15-16-36-37-96-128 - 197الدرعية

26الدمل

49دم�صق

36الدوادمي

26-188الدوا�رس )وادي(

47-127-151-255دو�س

121ديرتويت

)ر(

64رابغ

96رجال اأملع

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

318

فهر�س االأماكن

37-64رنية

23-24-211-212رو�صيا

الريا�س

-42-40-39-37--38-29-26-25-16-12-11

-95-89-73-59-56-53-47-46-45-44-43

-127-121-117-107-106-100-99-98-97

-197 -193 -187 -180 -133 -130 -129 -128

-267 -263 -254 -253 -247 -224 -210 -204

280-279

23ريغا

)ز(

زهران-134 -132 -131 -127 -126 -99 -67 -47 -29

278-255-151-145-144-140

)�س(

121�صان فران�صي�صكو

26-188�صدير املحمل

67-98-126-138-143-145-148-193-241ال�رساة

26ال�صلمية

120-275�صنغافورة

66ال�صودة

قرن )انظر: الكبري: ال�صيل

املنازل(46

)�س(

15-16-36ال�صام

36-144ال�صعراء

26ال�صنانة

96�صهر

121�صيكاغو

)�س(

96�صبيا

)�س(

35-38-39�رسما

319

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فهر�س االأماكن

)ط(

الطائف

-125-64-48-47-46-37-35-30-29-26-11

-159 -148 -146 -144 -133 -130 -129 -127

-257 -247 -227 -225 -224 -223 -207 -197

280-279-258

117طهران

53-231-246طيبة

)ع(

36-38العار�س

117عبادان

68عدن

16-36-59-117العراق

51ع�صفان

ع�صري

-65-45-44-43-41-38-35-29-26-12-11-9

-101-100-99-98-97-96-95-88-71-67-66

-111 -109 -107 -106 -105 -104 -103 -102

-197 -194 -187 -171 -164 -130 -125 -116

-268 -262 -260 -259 -255 -251 -250 -241

282-272

38عمان

15العيينة

)غ(

29-47-67-96-126-127-131-134-151-255غامد

)ف(

18-24-121-255فرن�صا

25-177-178فل�صطني

)ق(

12-15-25-32-41-60-65-234القاهرة

51-52قباء

46قرن املنازل )ال�صيل الكبري(

26-38-39-127-282الق�صيم

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم

320

فهر�س االأماكن

القنفذة

-72-71-70-69-68-67-66-65-64-63-12-9

-104-100-96-84-83-82-77-76-75-74-73

-194 -183 -149 -144 -130 -116 -107 -105

255-251-241-208-199-197

)ك(

117-118كابل

64الكامل

121كندا

16-117الكويت

)ل(

119لهور

74-116-117-148-175لبنان

121لو�س اأجنل�س

64-68-130-145-149الليث

)م(

117-120-275ماليزيا

67-96حمايل

املدينة املنورة = يرثب

-51-50-49-48-37-35-32-31-30-26-11

-184 -115 -76 -59 -57 -56 -55 -54 -53 -52

276-271-255-254-246-245-235-224-210

118مردان

39املزاحمية

مكة املكرمة

-76-68-67-64-58-53-46-29-26-16-11

-125 -101 -96 -95 -91 -89 -88 -84 -83 -81

-210 -199 -197 -194 -146 -145 -141 -130

-258 -257 -255 -251 -246 -241 -236 -233

271-270-259

36ملهم

148-151-255املندق

321

اإبراهيم بن عبد العزيز اآل اإبراهيم فهر�س االأماكن

)ن(

جند-97-73-46-43-39-38-36-29-17-16-15

128-99

29جنران

117النجف

17-23النم�صا

41الني�صية

121نيويورك

)هـــ(

120هاواي )جزر(

67-117-119الهند

120هونغ كونغ

)و(

121وا�صنطن )العا�صمة(

120-176وا�صنطن )الولية(

26-36-188الو�صم

120-121-175-176-181-277الوليات املتحدة )اأمريكا(

)ي(

120اليابان

يرثب: )انظر: املدينة املنورة(

16-64-96-97-183-225اليمن

النا�شر: دار جنول لالإعالم

تلفون: 4504692 - �ض.ب 85464 الريا�ض 11691