8
1

الحورية وقصص قصيرة أخرى بقلم الكاتب فريد أبوسرايا

Embed Size (px)

DESCRIPTION

مجموعة قصصية تتألف من أربع قصص قصيرة للكاتب فريد أبوسرايا ، بعنوان ( الحورية وقصص قصيرة أخرى )

Citation preview

Page 1: الحورية وقصص قصيرة أخرى بقلم الكاتب فريد أبوسرايا

1

Page 2: الحورية وقصص قصيرة أخرى بقلم الكاتب فريد أبوسرايا

2

الحورية

بقلم : فريد أبوسرايا

" أشد األلمفهي تتألم الكن ليس لحورية البحر أي دموع ، ولذ"

حورية البحر الصغيرة " هانز كريستيان أندرسن ، "

هرع أهل القرية إلى شاطئ البحر ليستجلوا صحة الخبر القائل بأن إحدى الحوريات قد غرقت وهي ملقاة على

. شاطئ البحر

،كان الرجال أول الواصلين ، وقد وقفوا على رمال الشاطئ فاغرين أفواههم من رهبة المنظر وجالل الموقف

بعد هنيهة جاءت النساء واألطفال ، وعندما رأى األطفال الحورية مسجاة على رمال الشاطئ ، تقدموا إليها و

. م وجذبنهم إلى الخلفوأيديهم ممدودة إلى األمام ليلمسوا جسمها ، بيد أن النساء نهرنه

Page 3: الحورية وقصص قصيرة أخرى بقلم الكاتب فريد أبوسرايا

3

أستولى على النساء شعور غريب وطاغي بالخوف من هذا المخلوق الجميل الذي زين شاطئ قريتهن ، وبينما

ترددهن يقدمن رجال ويؤخرن أخرى ، تساءل الرجال ، كيف تحجر قلب البحر ليقدم على اإلساءة إلى في كن

هذه الحورية ؟

في حيرتهم يترددون ، أكفهرت السماء فجأة ، وتلبدت بالغيوم ، وتوارت الشمس وراء أهل القرية كان بينما

المزن ، ولم يعد هناك عائقا أمام المطر من الهطول . نزل الحيا ، وتساقطت قطراته على جسم الحورية ، وفي

ة لتسحبها إلى البحر كانت األمواج تحاول وهي في رمقها األخير أن تغافل الجميع لتصل إلى الحوري غضون ذلك

. وتتصالح معها

ضية يبدو أن السماء لم ترض بأن يكون البحر هو صاحب القرار فيما يخص الحورية ، وهي بكل تأكيد لم تكن را

هاعن فعلته الرهيبة بحق

في الوقت الذي حزمت فيه السماء أمرها ، ألمت بالبحر صحوة ضمير ، وأراد أن يصحح الخطأ الذي أرتكبه ،

أمواج البحر على الشاطئ على تقديم بلسم شافي للحورية فأنتفض جسمها مع قطرات الحيا من السماء لفرتفتظ

المتعب ومدت يديها إلى المطر ، وتلمست القطرات المتساقطة فأحست براحة وطمأنينة وأغتسلت بالمطر لتزيل

، الملح العالق بجسدها وبخصالت شعرها ، ثم جمعت قليال من ماء المطر ف ي كفيها وتذوقته ، فوجدته عذبا

. فقررت أن تنفطم نهائيا عن ماء البحر األجاج الذي عاشت به ، وفيه طوال حياتها

أستغرب أهل القرية من رؤية الحورية وهي ترتشف ماء المطر وتستعذبه وأزداد استغرابهم عندما رأوها تمسك

بخيوط المطر المنهمر ، وكما يحدث في خدعة الحبل الهندية ، وبدفعة قوية من ذيلها العريض ، أخذت تتسلق

.خيوط المطر ، وتصعد إلى األعالي

منذ ذلك الحين، و ،إلى هناك الطريق المطر لها مهدفقررت العيش في المزن ، و الحورية للبحر هفوته ،لم تغفر

كلما أعتزمت السماء سقاية أرض القرية ونواحيها ، تقول األمهات ألبناءهن : أنظروا جيدا إلى المزن لعلكم

. تحظون برؤية الحورية التي أنفطمت عن ماء البحر

Page 4: الحورية وقصص قصيرة أخرى بقلم الكاتب فريد أبوسرايا

4

الطلب الذي حدده كمكافأة على اإلختراع ؟ ختراع أمصصه بن داهر : أيهما األعجب ، اال

فريد أبوسرايابقلم :

" فقال الملك لصصه : أنت في اقتراحك ما اقترحت أعجب حاال من وضعك الشطرنج "

" وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان ابن خلكان ، "

، ذاك، وأراد مكافأته على اختراعه أيما العجب للعبة الشطرنج صصه بن داهرباختراع شهرامأعجب الملك

عجيبا ، والبد أن نكافئك بشئ ال يقل عنه عجبا ، فأطلب ما تريدفريدا ، لقد أخترعت شيئا يا صصه فقال له :

. فقال صصه : إن رضا موالي هو غاية المنى ، وهو المكافأة التي ال أطمح في أي شئ ولك علينا اإلجابة

الملك شهرام على مكافأة صصه ، وأمره بأن يطلب شيئا نفيسا يكون جائزة مناسبة الختراع شئ سواها. أصر

، قال صصه : طالما إن هذه هي مشيئة موالي الملك ، فأنا أتمنى أن وإلحاحه . إزاء إصرار الملك كالشطرنج

ي ، وأربع حبات على المربع تعطيني حبة قمح على المربع األول من رقعة الشطرنج ، وحبتان على المربع الثان

أستغرب الملك شهرام من . الثالث ، وثمان حبات على المربع الرابع ، وهكذا دواليك حتى المربع الرابع والستين

هذا الطلب ، ولكنه أمر وزير خزانته بأن يعطي صصه ما طلبه . بناء على أمر الملك ، كلف الوزير أحد عماله

لوزير بعد اا كان معدل العد هو ثالثة حبات في الثانية ، فقد جاء العامل إلى بعد حبوب القمح المطلوبة ، ولم

بليون سنة ( ، بعد أن فرغ من عد حبوب القمح التي طلبها صصه بن 194سنة ) حوالي 194980805785

. داهر من الملك شهرام ، ولكن لم يكن بإستطاعته حملها معه ، فقد كانت إلى حد ما ثقيلة الوزن

Page 5: الحورية وقصص قصيرة أخرى بقلم الكاتب فريد أبوسرايا

5

Bipolarityبية ثنائية قط

للكاتب فريد أبوسرايا

متناقضتان أفضل من متناقضة واحدة ، فهما قد تطرحا حل

إدوارد تيلر

كحمل صغير قد شب لتوه عن الطوق ، لم يكن لدي خبرة كافية وال معرفة شافية عن المخاطر التي يتعرض لها

وعماتي النعجات ، أو التي لدى أعمامي وأخوالي الخرفان . لم مجتمع األغنام كتل الخبرة التي تتمتع بها خاالتي

يكن لدي هم في الحياة سوى التنطط هنا وهناك ، والتناطح مع بقية الحمالن ، أو الجثو على ركبتي والبصبصة

لقد بذيلي الصغير وأن أستمتع بالرضاعة ، وبين الفينة والفينة أدفع ثدي أمي ألعلى ، ألمتص مزيدا من اللبن .

أختزل العالم كله في نظري في هذه النشاطات ، ولم أدر ما هو الذئب ، وما يمكن أن يفعله بأنيابه ، كما أن

معرفتي بالضباع لم تكن بأكثر مما أعرفه عن الذئاب . ببساطة شديدة ، كنت حمال صغيرا غارقا في رغد الجهل

، وقال لي : أي بني ، لقد بلغت مبلغ ونعومته . ذات مرة ، أقترب مني الكبش الرئيس ، وأنت حى بي جانبا

الخرفان ، وصار لك ما يمكن تسميته بمشروع قرنين ، وآن لك أن تعلم بعض األشياء . إن حياتنا نحن معشر

بالشعير وبالتبن ، بل هي ساحة مفروشة في أكثر األحيان بنباتات العنصل مفروشا األغنام ليست طريقا

رآني قد سرحت بذهني بعيدا ، وأنا أستذكر التنطط مع الحمالن ، نطحني الرئيس نطحة خفيفة والدرياس . عندما

بقرنيه الهائلين ليستحوذ على اهتمامي ، وليصرف عني وساوس التنطط والتناطح ، وأردف قائال : يا بني ، على

ا ، ومن حشرات القراد التي تكبر الرغم من كثرة األخطار التي نواجهها نحن معشر األغنام من العقارب وسمومه

وتتضخم على حساب دمائنا ، ومن الثعالب والنسور التي تخطف حمالننا الصغيرة في غفلة من أمهاتهم ، إال أن

الخطر الداهم ، والطامة الكبرى تتجسدان في شيئين ال ثالث لهما ، وهما : الذئب والضبع .توقف الكبش قليال

ثم أستأنف موعظته لي ، قائال : الذئب يا بني ، هو المصيبة العمياء ، ففي كل ليحك رأسه على جذع شجرة ،

مرة يهاجمنا فيها ، نبتلى بمحنة عظيمة تبقر فيها بطون أغنام كثيرة ، بيد أن الذئاب ليست هي مصدر الشر

ي الدوران ، إال أن لها الوحيد بالنسبة لنا ، فهناك الضباع ، وهي وإن كانت تفتقد إلى الرشاقة والخفة والسرعة ف

أسنانا وفكوكا لو أطبقت على أقسى جمجمة لهشمتها ، وجعلت صاحبها نسيا منسيا . الضبع يا بني ، هو مصدر

الشر اآلخر ، فخطره ، وإن لم يكن بجسامة الخطر الذي يشكله الذئب ، إال أنه يظل خطر عظيم حتى بالنسبة

مه لي بقوله : تذكر كالمي هذا جيدا يا بني ، إن تناوبنا مرة بين أنياب للذئب نفسه . أختتم الكبش الرئيس كال

الذئاب ، ومرة أخرى بين فكوك الضباع ، أمر من شأنه أن يجعلنا في حالة ضياع .

Page 6: الحورية وقصص قصيرة أخرى بقلم الكاتب فريد أبوسرايا

6

، وفي يوم من األيام زارنا جرت األيام في أعنتها ، ودار دوالب الزمان ، وهو يعلي سافال ، ويسفل عاليا

م يكن زانك الزائران سوى ذئب وضبع ، ألتقيا عند حظيرتنا وهما يقوما بزيارتهما لنا. لم يوقع مرأى زائران، ول

منهما بإفشاء الضبع السرور في نفس الذئب ، وكذلك لم يرتح الضبع لوجود الذئب بالقرب منا ، ولم يبادر أيا

ي إشارة لعدم رضاه عن وجود اآلخر قرب السالم ، وإلقاء التحية على اآلخر ، بل كشر كل منهما عن أنيابه ف

حضيرتنا .

تزامنت زيارة كل من الضبع والذئب لحضيرتنا ، وبدال من أن ينشغال بأداء فروض الزيارة ، أنشغل كل منهما

باآلخر . أخذ الذئب يدور حول الضبع ، وصار الضبع يبرم في مكانه لمتابعة دوران الذئب . أستحكمت حلقتا

، وأطبقتا حول الذئب والضبع ، وكان ألنياب كل منهما بريق محفز في عيني اآلخر . الدوران والبرم

عندما رأت عماتي وخاالتي النعجات ، وأعمامي وأخوالي الخرفان ما رأوه ، مأمأوا جميعا بصوت عال قائلين :

اللهم سلط علينا الذئب والضبع

ا ، وال تحرمنا من كليهما معا .ومأمأت أنا بدوري وراءهم قائال : اللهم سلطهما علين

Page 7: الحورية وقصص قصيرة أخرى بقلم الكاتب فريد أبوسرايا

7

القاعد على نعل نيوتن

للكاتب فريد أبوسرايا

" إذا كان البصر قد حلق بي بعيدا ، فذلك بوقوفي على أكتاف العمالقة "

( ، رياضي وفيزيائي إنجليزي 1727ـ 1642إسحق نيوتن )

1675فبراير 5رسالة إلى روبرت هوك ،

العلم ورحاب المعرفة ، وأجواء الثقافة ، أعتاش كعالة على النابهين والعباقرة والمفكرين ، فاعيل في مجاالت

نفسي بالتسكع حول منازلهم ، وألج إلى الداخل ، أللتقط فتات الطعام الساقط من موائدهم العامرة ، ووالئمهم

أصنع منها أرغفة سمراء شهية ، وإذا ما الباذخة . في بعض األحيان ، أقوم بجمع كسرات الخبز ، ثم أطحنها و

سقطت قطرات من الزيت أو الخل ، يكون كفي لها بالمرصاد . أضع ما جمعته من الزيت في المصباح ، فينير

لي طريقي ، وينجيني من مهالك ، ويهديني إلى مسالك وممالك ، أما الخل ، فيكون اإلدام الذي أتدم به ، فيتبل

عروقي . مهما كان الفتات المتساقط من موائد اآلخرين ضئيل أو حقيرا ، فأنا ال به لساني ، وتسترطب به

أستصغره ، وال أحتقره .

Page 8: الحورية وقصص قصيرة أخرى بقلم الكاتب فريد أبوسرايا

8

كنت آراه جالسا تحت شجرة تفاح ، هائما في أفكاره وتأملته ، وإذ ما سقطت تفاحة على األرض ، ألتقطها ،

ه وبعقله ، ال بفمه وأسنانه . وصار يقلبها بين يديه ، محدقا فيها ، وكأنه يأكلها بعيني

على قدميه ويتشبث بأحد في بعض األحيان يمر أحد العمالقة بالقرب من شجرة التفاح فيهب صاحبنا واقفا

رجلي العملق كما يفعل األطفال عندما يتشبثون بالعربات التي تجرها الخيول، ثم يأخذ بالتسلق حتى يصل إلى

، ويمد بصره إلى اآلفاق المجهولة القصية ، وعلمات الرضا واإلنشراح كتفي العملق ، فيقف على أحدهما

.بادية على محياه

بشسع نعله ، وعندما أرتقى إلى األعالي ووقف على ذات مرة ، رأيته يتسلق رجل أحد العمالقة ، فأمسكت

ح ثاني قتيل للشسع ، تشبثت بالشسع لئل أقع من تلك االرتفاعات الشاهقة فيدق عنقي وأصب العملقأكتاف

بعد بجير الخيرات . أستقر بي المقام على ظهر نعله ، فقعدت هناك أرى وأتأمل وأتعجب وأسرح وأهيم ، فمن

ذلك العلو أنداحت أمام ناظري األرض وتجلت لي مشاهد ومناظر وعجائب لم يكن بوسعي رؤيتها إال من على

حلى أحلمي من قبل ، وسقطت على رأسي تفاحات حمراوات هذا المكان ، وأنتابتني رؤى لم أر مثيل لها في أ

لذيذات ، شهيات ، وعندما أكلت واحدة منها شعرت بخفة عجيبة ، ولم أعد أخشى السقوط ألن الجاذبية لم تعد

تؤثر في .

وما توفيقي إال باهلل

فريد أبو سرايا

هجري 1437ربيع األول 12الموافق 2015ديسمبر 23األربعاء ،