431
ABCDEFG 199 اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺸﺮﻗﻲ اﻟﻘﺪﱘX¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI¦K wMÞu« fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WOUIŁ V² WKKÝ a c b ﺗــــــــﺄﻟــــــــﻴــــــــﻒ: ﺟــــــــﻮن ﻛــــــــﻮﻟـــــــــﺮ ﺗــﺮﺟــﻤـــﺔ: ﻛــﺎﻣــﻞ ﻳــﻮﺳــﻒ ﺣـــﺴـــﲔ ﻣﺮاﺟﻌـﺔ: د. إﻣﺎم ﻋﺒﺪاﻟـﻔـﺘـﺎح إﻣـﺎم

ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

  • Upload
    others

  • View
    0

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

ABCDEFG 199

الفكر الشرقي القدمي

X¹uJ�«

‡ »«œü

«Ë ÊuMH

�«Ë W�U

I¦K� wM

Þu�« f

K:« U¼

—bB¹ W¹

dNý WO�

UIŁ V²�

WK�KÝ

acb

جــــــــون كــــــــولـــــــــر تــــــــألــــــــيــــــــف:كــامــل يــوســف حـــســـنيتــرجــمـــة: د. إمام عبدالـفـتـاح إمـاممراجعـة:

Page 2: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

acbالفكر الشرقي القدمي

X¹uJ�« ‡ »«œü«Ë ÊuMH�«Ë W�UI¦K� wMÞu�« fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WO�UIŁ V²� WK�KÝ

199

صدرت السلسلة في يناير ١٩٧٨ بإشراف أحمد مشاري العدواني ١٩٢٣ ـ ١٩٩٠

ABCDEFG

uO�u¹

1995

جــــــــون كــــــــولـــــــــر تــــــــألــــــــيــــــــف:كــامــل يــوســف حـــســـنيتــرجــمـــة: د. إمام عبدالـفـتـاح إمـاممراجعـة:

Page 3: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

ا#واد ا#نشورة في هذه السلسلة تعبر عن رأي كاتبهاوال تعبر بالضرورة عن رأي اجمللس

Page 4: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

MMMM

٧مقدمة بقلم ا)راجع

١١تصدير

١٣تصدير الطبعة األولى

١٧مقدمة

اجلزء األول:٢٢ا#ذاهب الفلسفية الهندوسية

الفصل األول:٢٣السمات السائدة للفلسفة الهندية

الفصل الثاني:٣٣إطاللة تاريخية على الفلسفة الهندية

الفصل الثالث:٤١الفيدا واألوبانيشاد

الفصل الرابع:٦٣اجملتمع والفلسفة

الفصل اخلامس:٨١النفس والعالم: السامخايا-الفيشيشكا

الفصل السادس:١٠٥ا#عرفة والواقع: النايايا-الفيشيكا

Page 5: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

MMMM

الفصل السابع:١٢١التغير والواقع: الفيدانتا

الفصل الثامن:١٤٣تطورات التأليه: فيشنو وشيفا وكالي

الفصل التاسع:١٦١تراث متصل

اجلزء الثاني:١٧٨الفلسفات البوذية

الفصل العاشر:١٧٩البوذية وا#عاناة: التعاليم األساسية

الفصل احلادي عشر:١٩٥اعتبارات تاريخية

الفصل الثاني عشر:٢٠٧طبيعة النفس

الفصل الثالث عشر:٢٣٣طبيعة الواقع

الفصل الرابع عشر:٢٧٥بوذية زن

الفصل اخلامس عشر:٣٠٧اخلصائص األساسية للثقافة البوذية

اجلزء الثالث:٣١١الفلسفات الصينية

Page 6: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

MMMM

الفصل السادس عشر:٣١٧اخلصائص األساسية للفلسفات الصينية

الفصل السابع عشر:٣٣٣مالمح تاريخية

الفصل الثامن عشر:٣٥٧الكونفوشية

الفصل التاسع عشر:٣٧٩التاوية: الطريق الطبيعي للحرية

الفصل العشرون:٤٠٧الكونفوشية اجلديدة: التناسق الكبير

الفصل احلادي والعشرون:الفكر الصيني احلديث

٤٢٩ا)ؤلف في سطور

Page 7: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

7

مقدمة ا�راجع

إذا كانت نشأة الفلسفةI قد صارت منذ عصورIا)شكالت التي تدرسها الفلسفة Sمشكلة ب Iبعيدةفي محاولة لإلجابة عن السؤال: أين نشأت? عنداليونان أو في بـالد الـشـرق الـقـدY? فـقـد انـقـسـمالباحثون حيالها فريـقـS: األول يـؤيـد الـنـشـأة فـيبالد اليونانI ويرى أن الشرقي لم يكن سـوى فـكـرالهوتي من ألفه إلى يائه! أما اال^خـر فـقـد رأى أنهناك فلسفة شرقية خاصة ترتبط بالدين أحيانـا

وتنفصل عنه أحيانا أخرى.Iولقد كان أرسطو أول من ردها إلى بالد اليونانعـنـدمـا ذهـب إلـى أن «طـالـيـس هـو مـؤسـس ذلــكIالضرب من التفلسف» ـ يقصد الفلسفة الطبيعيةوهكذا جعل الفلسفة تبدأ با)درسة ا)لطية ـ طاليس

ـ في(×)ومدرسته ـ في القرن السادس قبل ا)يـالدحS أن ديوجنيس الاليرتيI أول من أشار إلـى أن

.)٢(×الفلسفة نشأت عند الشرقيS القدماءوهكذا ظهر رأيان متعارضانI انعقدت السيادةلـلـرأي األول طـوال الـعـصـور الـقـدoـةI والـعــصــورIواستمر حتى نهاية القرن التاسع عشر Iالوسيطةوبداية القرن العشرين ـ من أرسطو في القرن الرابعق.م. حتى برترانـد رسـل فـي الـقـرن احلـالـي! ـ ثـمIظهرت بحوث جديدة كشفت عن حضارات مزدهرة

مقدمة ا�راجع

(×)Aristole: Metaphysics, 983-B-20

×)٢ (Diogenes Laertius: Lives of Eminent Philosophers, volume I,

P.3, Trans. by R.D. Hicks

Page 8: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

8

الفكر الشرقي القد

وأفكار جديدة تقترب من ميتافيزيقا الفكر الغربيt Iا غير الفكرة القدoةبت الفكر الديني في حضارات الشرق.التي غل

وإذا كانت سلسلة «عالم ا)عرفة» قد قدمت ديانات الشرق القـدY فـيبعض فصول كتاب «ا)عتقدات الدينية لـدى الـشـعـوب» ـ الـعـدد ١٧٣ ـ الـذيIة في الشرق والغرب على الـسـواءoعرض أللوان شتى من الديانات القدفإن الكتاب احلالي يكمل صورة الفكر الشرقـي عـنـدمـا يـعـرض هـذه ا)ـرة

القفاز كل منهما يكمل اال^خر على نحوفلسفاتهI ومن هنا كانا أشبه بكفيضروري.

هاهنا ينتصر ا)ؤلف «جـون كـولـر» لـلـرأي الـثـانـي الـذي يـرى أن هـنـاكفلسفات شرقية ال تقل في عمقها ودقتها وأصالتها عن فلسـفـات الـغـرب.

وهو يقول إنه كتب الكتاب وفي ذهنه غايتان:األولى مساعدة القارىء على فهم العقل اال^سيوي.

والثانية: تعريفه با)شكالت األساسية في الفلسفة الشرقية.Iوهو يدعونا إلى أن نفهم هذه الفلسفة على نحو ما فهمها أصـحـابـهـا}عنى أال نحاول أن نفرض عليها مفاهيم جاهزة مسـتـمـدة مـن الـفـلـسـفـةالغربية. إن عليناI كما يقولI أن ندرس الفلسفة الشرقية في إطار معاييرها

اخلاصة.ويذهب «كولر» إلى أن فالسفة الغرب يتهمونI في بعض األحيانI بأنهميعيشون في أبراج عاجيةI عندما يعكفون على مفاهيم مجـردة بـعـيـدة عـنأرض الواقعI ويكتفون بتركيز اهتمامهم فيهاI متجاهلS ا)ـسـائـل الـكـبـرىا)تعلقة باحلياة. أما فالسفة الشرق فهمI في رأيهI قد جتنبوا هذه التهمةعندما استمر التواصل بينهم وبS مسائل احلياةI عائدين بصفة مستـمـرة

إلى محك التجربة اإلنسانية.لكن ذلك ال يعني أن فالسفة الشرق قد ركزوا فلسفاتهم ومذاهبهم علىمشكالت السلوك البشري والقيم األخالقية وحدهاI فنحن جند عند كثيرينمنهم اهتماما }شكالت ميتافيزيقية أساسية: فهناك مدرسة ترى أن الذاتIبل وتنظر إلى الواقع نفسه من هذا ا)نـظـور Iأو النفس جوهر قائم بذاتهفي حS تنكر مدارس أخرى فكرة اجلوهر وتعتبرها مجرد «وهم» ال أساسله! وهناك مدارس تؤمن بأن الواقع مـؤلـف مـن عـدد هـائـل مـن الـعـنـاصـر

Page 9: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

9

مقدمة ا�راجع

النهائيةI وهي التي يسميها بـ «الواقعية التعددية»I ثم تأتي مدرسـة أخـرىتفند هذه «الواقعية التعددية»I وترى أنها تنطـوي عـلـى تـنـاقـض ذاتـيI ألن

الواقع هو مجرد «خواء».Iترفـض «اجلـوهـر» و«الـهـويـة» والـدوام أو الـثـبـات Iإذن Iهناك مدارسوترى أن هوية األشياء ودوامها مسألة وهمية. ومن ثم فإن رؤية الواقع منخالل منظور اجلوهر هي زعم باطل ال أساس لهI ألن األشياء ال تكف عنIبل عناصر تنشأ وتتـفـرق Iاألشياء Sفال هوية دائمة ب Iالظهور واالختفاء

وتتوقف وتظهر وتختفي على نحو مستمر.I فإن هـنـاك أيـضـا مـدارسRealismوإذا كانـت هـنـاك مـدارس واقـعـيـة

I بل «مثالية ذاتية» تغالي في مثاليتها حتى ترى أن «ال شيءIdealismمثالية موجود ما لم يكن مدركا في الوعي». فكيف oكن لك أن تقول: «هذا لونأزرق» ما لم يقع في خبرة وعي ما..?! إنه ال oكن التمييز بS اللون األزرقنفسه وبS الوعـي بـهI فـهـمـا شـيء واحـدI أو قـل «إن وجـود الـشـيء يـعـنـي

.Gإدراكه»; tا يذكرنا بعبارة الفيلسوف اإليرلندي جورج باركلي الشهيرة BerKeley(١٦٨٥ ـ ١٧٥٣) الذي رفض أن تكون لألشياء ا)ادية وجود مستقل

عن الذهن ا)درك!» الشهيرة التي جتعل ا)بدأ األول ا)طلق لكلTaoوهناك مدرسة «التاو..

ن وال حتديدI لكن الوجود الذيشيء وجودا ال سمة له وال خواصI وال تعييخلو �اما من كل سمة هو «العدم»I وهـكـذا جنـد أن الـبـدايـة الـتـي كـانـتوجودا خالصا قد حتولت إلى عدم خالص ـ وذلك هو أول مثلث في ا)نطق

الهيجلي إذا أضفنا الصيرورة!وتستمر هذه ا)درسة في منحاها الهيجلي الواضح (وإن كانت سـابـقـةIعلى الهيجلية بقرون طويلة) لتخبرنا أن األضداد يتحول بعضها إلى بعضفعندما يصل شيء ماI وهو يسير في اجتاه معIS إلى حده األقصىI فإنهيعكس اجتاههI ويعود إلى االجتاه اال^خر. وينطبق هذا ا)بدأ على عالم ا)ادةوالروح على حد سواء. فعندما تغدو الدنيا باردة للغايةI فالبد أن نتوقع أنعكسا لألمور سوف يقع بحيث يبدأ الدفء في الـقـدومI وعـنـدمـا يـتـفـاقـماحلرI يبدأ في االنعدام ويظهر البردI وهذا هو طريق الطبيعة على نحو ماIنراه في تعاقب الفصول. كذلك عندما تكون هناك حياة. يكون هناك موت

Page 10: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

10

الفكر الشرقي القد

وعندما يكون هناك موت تكون هناك حياة. وقل مثل ذلك في األمور الروحية:فعندما يغدو شخص شديد الكبرياء والغرور فإن الفضيحة والذل يعقبان...إلخ. tا يذكرك باجلدلي الهيجلي الذي يسري في الكون كلهI بل إن بعضاألفكار هنا شديدة الشبه }ا كان يقوله هيـجـل «الـغـرور يـسـبـق االنـهـيـار»و«سرعان ما تفل السكS احلادة» و«ا)فرط في اخلداع واحليلة يخدع نفسه»

و«احلزن العميق يعبر عن نفسه بابتسامة!».وباختـصـار فـإن الـقـارىء خـالل صـفـحـات هـذا الـكـتـاب سـوف يـلـتـقـيبالفلسفات ا)ثالية والواقعية وا)ادية والروحيةI والواحدية والتعددية.. كماسيلتقي بالنزعة العدميةI والال أدريةI ومذهب الشك الفلسفي.. إلخI فضالIعن مناقشات مستفيضة )فاهيم فلسفية أساسية: كاجلزئي والكلي والفرديوالصيرورة والوجود والعدمI والدوام والثباتI والهويةI وا)طلقI والـنـسـبـيوا)شروطI والذات العارفةI وا)وضوع ا)عروفI والسببيةI واالعتماد ا)تبادلوالتأثير والتأثرI كما سيجد مناقشات لطرق ا)عرفة ا)مكنة أو مـا يـسـمـىبنظرية ا)عرفةI وا^راء منوعة حول ا)نطق.. إلـخt Iـا يـؤكـد لـك أن الـعـقـلاال^سيوي ال يقل عمقا وأصالة عن العقل الغربي ـ إذا صح أن كانت هـنـاكمثل هذه القسمة للعقل البشري! كما يؤكد لك أيضا خطأ القسمة التي كان

. من أن «ا)فكر إذا ظهر في الـغـرب كـانFarrington, Bيقول بها فارجنـتـون !». فسوف جند في هذا الكتاب عددافيلسوفا وإذا ظهر في الشرق كان نبيا

من ا)فكرين الفالسفة أصحاب مذاهب فلسفيةI بل وميتافيزيقيةI دون أنيكونوا أنبياء على اإلطالق!

والله نسأل أن يهدينا جميعا سبيل الرشاد

إمام عبدالفتاح إمام

Page 11: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

11

تصدير

خالل السنوات األربع عشرة التي انقضت منذإصـدار الـطـبـعـة األول مـن هـذا الـكـتـابI تـلـقـيـتتعليقـات عـديـدة مـن قـراء يـقـتـرحـون فـيـهـا إجـراءتغييرات في طبعة جديدة منهI ويسعدنـي أن تـتـاحلي هذه الفرصة لتنقيح الكتابI وأود أن أعرب عن

ها وشكلت عونا ليIامتناني لالقتراحات التي تلقيتوقد � إدراج معظمـهـا فـي هـذه الـطـبـعـة الـثـانـي.فقدأضيف فصل جديد بعنوان «تطورات التـألـيـه:فيشنوI شيفاI وكالي» استجابة القتراحات عديـدةبإدراج مادة جديدة تفسر الـفـلـسـفـة الـهـنـدوسـيـة.

ضيف قدر مـن ا)ـادة اجلـديـدة ال بـأس بـهـا إلـىوأالفصل الثالثI لتوضيح السمات الرئيـسـيـة لـفـكـرالفيداI وأدرج في الـفـصـل اخلـامـس إيـضـاح أكـثـر

في الفصل التاسع قسمااستفاضة لليوجا. وأضفتيتناول فلسفة غانديI وأعيدت كتابة الفصل اخلاص«بالزن» لتقدY معنى أفضل لفكر «الزن» وtارسته.

تبت بتنقيح الفصول التي كوفي القسم الثالث قمتعن «الكونفوشسية» و «الطاوية» و «الكونفوشسيـةاجلديدة»I و� توسيع نطاق الفصل األخير ليشملفـكـر «كـاجن يـو ـ وي» I و «تـشـاجن تـوجن ـ ســون»I و

إلى«هسيوجن شيه ـ الي»I و«فوجن يو ـ الجن»I جنباجنب مع فكر «ماوتسي توجن».

واألسباب التي دفعتني إلى تنقيح الكـتـاب هـي لتأليفه: مساعدة الـقـراءذاتها التي حدتني أصـال

على فهم العقل اال^سيويI وإدراك الكيفية التي �

تصدير

Page 12: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

12

الفكر الشرقي القد

بها بحث ا)سائل الفلسفية في التراث الشرقي الرئيسي. ويظـل اقـتـنـاعـي بناءا إحلاحـاأقوى tا كان عليه بأن من أكثر ا)هام التي يواجـهـهـا كـل مـن

صرح فلسفة للحياة تعكس حكمة تراث الشرق والغرب على حد سواء. ولئنساعد القارىء بأي شكل من األشكال علىر لهذه الطبعة اجلديدة أن تïدق

بناء مثل هذه الفلسفة اخلاصةI فذلك خير جزاء )ا بذلت من جهد. ساهم في هذانوإني ألنتهز هذه الفرصة لإلعراب عن شكري لكـل م

صارىالكتابI وقد حفزني طالبي وزمالئي في معهد رنسلير علـى بـذل قن القراء على رؤية قضايا مختلفة على نحوهديI وساعدتني تعقيبات مج

بي إلى إدخال العديد من التغييرات ا)اثلة في هذهI وأفضتأكثر وضوحا بالكثير ألساتذتيI وبـصـفـة خـاصـة «شـري�الطبعة اجلديدةI وإنـنـي مـديـن

كريشنا ساكسينا»I وتشارلـز أ. مـور»I و «كـيـنـيـث إيـنـادا»I و «تـشـوجن ـ يـنـجتشينج»I حتى أنه اليسعنـي إال أن ا^مـل فـي الـوفـاء بـه مـن خـالل تـدريـسـي

طوق عنقي فهو لزوجتي باتريشياIلال^خرين بدوري. أما الدين األكبر الذي ي إلثراء حياتيI ودونبها وتشجيعها على امتداد السنوات سـنـدافقد كان ح

وقوفها بجانبي ما كانت لتواتيني الشجاعة وال تتاح لي القوة لتأليـف هـذاالكتاب وتنقيحه. وقد أغنى ابنانا جون توماس وكـريـسـتـي حـيـاتـنـاI وإنـنـي

ال^مل أن يساعد هذا الكتاب في إغناء حياتهما.

جون كولر تروي ـ نيويورك

١٩٨٤ ٢٤ يونيو

Page 13: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

13

تصدير الطبعة األولى

� تأليف هذا الكتاب مع األخـذ فـي االعـتـبـارد بـه جـعـلصهدفS أساسـيـIS أولـهـمـا أنـه قـد ق

Sالـوصـول إلـى فـهــم الــفــكــر واحلــيــاة الــشــرقــيــريد به األخذ tكنا. وثانيهما أنه أوتقديرهما أمرا

بـيـد الـقـارىء فـي االقـتـراب مـن بـعـض ا)ـشـكـالتاألساسية وا)ميزة في الفلسفة على نحو ما ينظـرإليها في التراث الشرقيI ولقد � ذلك من خـاللمحاولة لتمكS القارىء من تفهم الردود ا)طروحةعلى األسئلة األساسية في احلياة. وفي اعـتـقـادي

ل قيمة وال أهميةقأن تراث الفلسفة الشرقية ال يعن تراث الفلسفة الغربية. أما الزعم بأنه ال oكناألخذ بيد شخص ما إلى رحاب الفـلـسـفـة إال مـنخالل دراسة كبار ا)فكرين وا)شكالت الـرئـيـسـيـةفي التراث الغربيI فهو افتراض ضيق األفق علـىنحو بالغ الوضوحI حتـى أن ا)ـرء لـيـعـجـب مـن أنـه

. له بصورة كاملة تقريبااستمر قائما دو�ا تصدنظر في الغرب إلى الفلسفةI عادةI من خاللوي

فالسفة العالم الغربي التقليديIS ولكن ليست هناكميزة خاصة في فهم طبيعة الفلـسـفـة وا)ـشـكـالتالفلسفيةI أن ندرس فالسفة تصادف أنهم عاشوافي نصف الكرة الغربيI فا)وقع اجلغرافي ال أهميةله هنا. وهناك بالطبعI ميزة في دراسة الفالسفةالغربيIS إذا لم يكن الـهـدف مـقـتـصـرا عـلـى فـهـمطبيعة النشاط الفلسـفـيI واالقـتـراب مـن مـواقـففلسفية معينة فحسبI وإ�ا فهم استخدام التراث

تصدير الطبعة األولى

Page 14: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

14

الفكر الشرقي القد

الفلسفي كوسيلة الستيعاب تلك األفكار التي شكلت الوضع الراهن لإلنسانفي نصف الكرة الغربيI ولكن هناكI للسبب نفسهI ميزة في دراسة الفالسفةالشرقيIS ذلك أنه باإلضافة إلى تعرف ا)رء على طبيعة الفـلـسـفـةI فـإنـه

يكتسب كذلك فهما للوضع الراهن لإلنسان في الشرق.ولسوف يجد القارىءI الذي اعتاد قراءة الفلسفة الغربـيـة وحـدهـاI أنمن ا)غري أن يصنف جانبا من ا)ادة ا)درجة فـي هـذا الـكـتـاب عـلـى أنـهـاتنتمي إلى الدينI أو علم النـفـسI أو حـتـى قـواعـد الـسـلـوكI وقـد يـحـذفمجاالت معينة من النقاش (ومعها ما تبقى) باعتبارها «غير فلسفية». ولكن

م أحدI على قدر علميI)اذا نفرض التعريفات الغربية على الشرق? لم يقبالبرهنة على تفوق ا)فاهيم الغربية للفسفة على نظيراتها الشرقية. وإلى

) فإن الفكر الشرقي ينبغي أن حقا القيام بذلك (إذا كان ذلك tكنا يتمأن دراسته في إطار معاييره اخلاصة. واألسئلة ا)هـمـة ا)ـتـعـلـقـة بـاحلـيـاةتتـم

ليست مختلفة بالنسبة للشرق عنها بالنسبة للغرب. وأسئلة من قـبـيـل: مـااإلنسان? ما هي طبيعة الكون الذي يحيا فيه اإلنسان? فيم تتمـثـل احلـيـاةالفلسفية? وكيف يتأتى لنا أن نعرف أن الدعاوى التي ندعيها عن طـبـيـعـةاإلنسان والكون واحلياة الطبيعية هي دعاوى حقيقـيـة? هـذه األسـئـلـة هـي

I على امتداد العالمI ألنهاأسئلة فلسفية أساسية مشتركة بS البشر جميعاIبالطبع Iتثور حينما وحيثما يتأمل اإلنسان في جتربته. وتثور هذه األسئلةفي سياقات مختلفةI وتتخذ أشكاال متباينةI بالنسبة ألنـاس يـعـيـشـون فـيأزمان مختلفةI وأماكن شتىI وقد تختلف اإلجابـات فـيـمـا بـيـنـهـا اخـتـالفـا

I تنشأ من الـفـضـول. ولكن تلك مشكالت اإلنسـان بـاعـتـبـاره إنـسـانـاكبيـراIظروف وجوده Sا)واكب لطبيعته الواعية بذاتها واإلحلاح الفطري لتحس

النظر فيها. وليس ا)هم oعنوما من موجود بشري oكن أن يحيا دون أن ستـكـون هذه األسئلة بـل مـا إذا كـانـت الـردودI أو ال جنيـبI عـن جنيـبأن

صريحة ومدروسةI وقوية احلجةI أو مطمـورةI ومـفـتـرضـةI وضـمـنـيـة فـي إلى االفتراض السـهـلاألعمال التي تشكل تاريخ شخص بعينـه. واسـتـنـادا

فهم هذه األسئلة على نحو ما طرحها الفالسفةI وحتليل اإلجاباتالقائل بأن اإلجابات التـي يتفهـمالتي قدموها من شأنه أن يساعد الشخص عـلـى أن

يقدمها في معرض الرد على هذه األسئلة وأن يقومها بشكل أفضل ـ استنادا

Page 15: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

15

تصدير الطبعة األولى

إلى هذا االفتراض يبدو جليا أنه من ا)هم معرفة األشكال والسياق اخلاصةباألسئلة الفلسفية األساسية والرد عليهاI ال على نحو ما تبدت في التراث

ت في تراث اإلنسان الفلسفي بأسره.الغربي فحسبI وإ�ا على نحو ما جتلو�س احلاجة إلى هذه ا)عرفة إلغناء اخليال باستبـصـارات حـول جتـربـةجديرة با)وجود البشري. وجتاهل التراث الفلسفي لغالبية البشرI وبالتاليحرمان ا)رء لذاته من الرؤى وا)عرفة التي �س إليها حاجته لبناء صـرح

تسم بالرعونةI وال مبرر له. م أمرفلسفي حلياة يرضى عنهاI هو يقيناد أمراع حاجة الفرد إلى أن يبني لنفسه فلسفة للحياة يإنني أعتقد أن

صارى جهدي لكي أضع قذلت هنا فقد بنناI ومال مندوحة عنه في عصر من استبصارات الفالسفة الشرقـيـIS والبS يدي القارىء العادي بعـضـا

يقتضي فهم هذه األفكار أي إ)ام سابق بالفـلـسـفـة }ـعـنـاهـا ا)ـتـخـصـص.فا)فاهيم والنظريات الفلسفية تضـرب بـجـذورهـاI عـلـى نـحـو شـامـلI فـيالتجارب اإلنسانية العاديةI وتعتمد في تبريرهاI ومعناهاI على هذه التجاربا)ألوفة للجميع. وهكذا فإن من ا)مكنI من خالل تتبع التأمالت ا)ناسـبـة

نوضح الكيفية التي تطور بها مفهـومفي اجلوانب اخملتلفة للتجربـةI أنمكن تبريره. وكتابنا احلالـي المعS أو نظرية بعينهاI ونبS معناهI وكيف ي

يفترض أي إ)ام مسبق بالفلسفةI وإ�ا يتعS أن يكون هو ذاته مقدمة لها.هذه األفكار تندرج ضمن التأمالت التي أفضت إلى هذه احملاولة لكتابةمقدمة للفلسفة الشرقية. وليس هناك شك في أننـا نـعـرض وجـودنـا ذاتـه

بنصـف على جـهـلنا هذاI بالسماح ألنفسـنـا بـأن نـظـلللخطرI فـي عـصـر كانت احلاجة أعظم tا هين قبل قط أن م على األقل. ولم يحدثالعالم

هنا فإنه بـنـاء عـلـىن كافـة. وم العالـم لشعـوباال^ن إلى الوصول إلـى فـهـم الضرورين بهI مافتراض أنه لفهم ما قام به شعب ماI وما يحتمل أن يقوم

فهم مواقف أبناء هذا الشعب األساسيةI جتاه احلياةI على نحو ما انعكست دراسة فلسـفـة الـشـرق تتم أنن األمور ا)ـلـحـةفي وجهات نظـرهـمI فـإن م

وفهمها. وهكذا فإن الوظيفتS اللتS قصد بهذا الكتاب االضطالع بهما ـالوصول بالقارىء إلى فهم العقل اال^سيوي واإلشارة إلـى الـطـرق اخملـتـلـفـةالتي جرى بها تدبر األسئلة الفلسفية األساسيـة فـي الـشـرق ـ تـنـبـعـان مـناالهتمام األساسي نفسهI االهتمام باحلفاظ على الوجود اإلنساني وحتسينه.

Page 16: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

16

الفكر الشرقي القد

Page 17: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

17

مقدمة

قصة الفلسفة هي قصة الـتـأمـل الـبـشـري فـياحلياةI ومشكالت احلياة هي نبع الفلسفة ومحك

احتياجاتنا العـمـلـيـة كـافـة �ـتاختبارهـا. ولـو أنتلبيتهاI وجرى إشباع قضولنا اإلنسانيI فمن غير

هناك أي نشاط فلسفيI ذلك أن يكونحتمل أنا)ا)صدرين األساسيS للفلسفة هما الفضول فيـمـايتعلق بالذات وبالعلم والرغبة في التغلب على جميع

ـفـضـي االحـتـيـاجـات الـعـمـلـيــةأنـواع ا)ـعـانــاة. إذ توالفضول النظري إلى النشاط الفلسفيI فالـنـاسيـتـأمـلـون ذواتـهـم عـلـى نـحـو طـبـيـعـيI ولـيــس لــنــااحتياجات وفضول فحسبI وإ�ـا نـحـن نـدرك أنلذواتنا هذه االحتياجات وذلك الفضولI ونحن ننظرإلى ذواتنا في سياق ما يحيط بناI باعتبارنا كائناتتكافح للتغلب على ا)عـانـاةI وحتـاول كـشـف أسـرارالوجود. وعلى هذا النحو فإننا نفحص أي نوع منا)وجودات نكون? وفي أي نوع من العالم نعيش كماIنفحص مصادر القيمة وا)عرفة التي �يز وجودنافالنشاط الذي يدور حول تأمل الذات هو ما يشكل

الفلسفة. أنا?»نوالسؤاالن اجلوهريان للفلسفة هما: «م

أحيا?». وال oكنناI فـيـمـا نـحـنو «كيف ينبـغـي أننتأمل جتربة حياتناI ونواجه حتمية مـوتـنـاI إال أننتساءل عن معنى احلـيـاة وقـيـمـتـهـا. و}ـا أن أهـمأنشطتنا ترمي إلى احلفاظ علـى احلـيـاة وإضـفـاء

من الطبيعي أن نتأمل في الكيفيةقيمة عليهاI فإن

مقدمة

Page 18: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

18

الفكر الشرقي القد

حول طبيعة الوجـودر أفكاراï نحيا بهاI وفيمن نكونI ونطـوالتي ينبغـي أناإلنساني واحلياة الطيبة.

التفكـيـر هذه األفكار صحيـحـة? إن أن نعـرفى لنـا أنولكن كيف يـتـأتالتأملي يضع كل فكرة موضع التساؤلI ويسعى إلى معيار يختـبـر بـه مـدى

وضع موضع التساؤلIمار هذه العملية تتولد أفكار جديدةI وتصحتها. وفي غ نحنIنرفض. وفي سعينا ألن نعرف على وجه اليقـS مقبل أو ت توأما أن

نحياI فإننا ال نتأمل جتربتنا فـحـسـبI وإ�ـا �ـحـصوكيف ينبغـي لـنـا أنأفكار اال^خرينI الذين أمعنوا التفكير }زيد من العناية في أسـئـلـة احلـيـاة

اجلوهرية. نتصدى لكل رد علينـا أنو)ا كانت هذه هي أكثر األسئلة أهميةI فـإن

oكن االعتماد�عنا من طرقI للتأكد من أنه رد نختبره بكل ما وسمقترحI وأنعليه. وكل صياغة للسؤال وكـل جـانـب مـن كـل رد يـنـبـغـي فـحـصـه مـن كـلIالوجوه. بل ينبغي التصدي بالفعل للمعايير التي تستخدم في اختبار ردودنا

? وما ا)عرفة? وكيف نعرف أنولكن كيف نعرف متى يكون اجلواب صحيحا?يه با)عرفة هو معرفة حقاïما نسم

شديد البعد عن ا)شـكـالتقد يبدو تأمل ما نعرفه عن معرفتـنـا أمـراI بل يتعـS حال نقتـرحI أو أنالعادية للحياة. فليس يكفـي أن نـطـرح سـؤاال

عن السؤال األصليIعلينا أن نحاول تبرير احلل ا)قترح باعتباره جوابا مقنعاI ور}ا رأيا ما حسبناه معرفة ليس في حقيقة األمر إال رأياوإذا اكتشفنا أن

I فإن نظريتنا بأسرهاI التي يبدو أنها توضح معنى احلياة وقيمتهاIخاطئارةïIينبغي أن تتغير. وعندما يحدث ذلكI فإن تـوجـهـنـا نـحـو احلـيـاة اخلـي

. أoكن أن يكون هناك ما هووفكرتنا عن وسائل حتقيقها قد يغيران أيضاأكثر اتصافا بالطابع العملي أو أقرب إلى احلياة اليوميـة مـن ذلـكI حـتـى

? ومراوغارغم كونه مجرداتهم الفالسفةI في بعض األحيانI بأنهم يـعـيـشـون فـي أبـراج عـاجـيـةIي

Sمـتـجـاهـلـ Iوأنهم اليركزون إال على الـتـفـريـعـات والـتـجـريـدات ا)ـنـطـقـيـة يكف التأملبرى ا)تعلقة باحلياة. وهناكI بالطبعI احتمال أناالهتمامات الك

عن االرتباط بقضايا احلياة األساسيةI وعندما يحدث ذلك فإن الفلـسـفـةتفقد الكثير من أهميتهاI وتكف عن خدمة الشخص العادي في تأمل وجوده

Page 19: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

19

مقدمة

في العالمI وتفشل في توفير ا)واد التي �س إليها احلاجة في بناء صـرحIإلى حد كبير Iفلسفة احلياة بالنسبة للشخص. ونحن في الغرب معتادون

عن احلياةI مغرقـا فـي مستقـالعلى النظر إلى الفلسفة باعتبـارهـا شـيـئـاالتجريدI وفي الطابع األكادoي بالنسبة للشخص العادي.

أما في الشرق فإن الهوة بS الفالسفة والناس العاديـIS لـيـسـت عـلـىهذا القدر من االتساعI ذلك أن الفالسفة الشرقيS يستمرون في التواصلIعائدين إلى محك التجربة اإلنسانية الختبار نظرياتهم Iعن كثب مع احلياةIتدون باهتمـامـاتـهـم إلـى مـا يـتـجـاوز حـيـاتـهـم الـعـاديـةo والناس العاديونويكافحون لرؤية الوضع الصحيح لوجودهم ولفـهـمـهI مـن خـالل ا)ـفـاهـيـم

الفلسفية.ويرجع هذا االختالف بS الشرق والغربI وهو على وجه اليقS اختالففي الدرجةI في جانب من جوانبهI إلى التشديد الشرقي على كمال احلياةوا)عرفة. وoيل الشرقيون إلى جتنب جتزئة وعزل احلياة وا)عرفةI والنتيجةا)ترتبة على ذلك هي أنهم اليفصلون بS ميادين الفلسفة اخملتلفةI مثـل:نظرية ا)عرفةI ونظرية الوجودI ونظرية الفنI ونظريـة الـسـلـوكI ونـظـريـةالتنظيم السياسي... الخ. فليس هناك �ييز قاطع بS الفلسفة الشرقـيـةنوالديانة الشرقيةI بS الفلسفة وعلم النفسI أو بS الفلسفـةوالـعـلـم. وم

النتائج ا)ترتبة على ذلك: ا)يل الشرقي إلى حمل الفـلـسـفـة مـحـمـل اجلـد بالطابع األكادoيI أو الI متسما مجرداالبالغI فهي في الشرق ليست أمرا

نظر إليها باعتبارها ا)شروع األكثرتربطه كبير صلة باحلياة اليوميةI وإ�ا يأهمية وجذرية للحياة.

كان من ا)ستحيل في الصIS بعد أن أصبحت الكونفوشسية الفلسفـةالرسميةI احلصول على وظيفة حكومية دون معرفة أعمال كونفوشـيـوس.ويحدثنا التاريخ الصيني عن العديد من ا)لوك والفنانS وا)ثقـفـS الـذيـنكانوا فالسفةI وينظر الصينيون إلى الفكر وا)مارسة علـى أنـه ال يـنـفـصـلأحدهما عن اال^خرI كجانبS لنشاط واحد. وتنعكس ا)شكالت اجلوهريةللفلسفة الصينية في هذين السؤالS: «كيف oكنني حتـقـيـق الـتـنـاغـم مـع

اإلنسانية بأسرها?. و «كيف oكنني حتقيق التناغم مع الطبيعة?».ن أن هذين السؤالS مرتبطان على نحو وثيقI ألنه فيما كانتïومن البي

Page 20: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

20

الفكر الشرقي القد

الفلسفة �ضي في التطور في الصIS كان هناك ميل متزايد إلى التوحيدبS الطبيعة ا)ادية وطبيعة اإلنسانI وبقدر حـدوث هـذا الـتـوحـيـد تـصـبـحمشكلة حتقيق التناغم مع الطبيعة هي مشكلة تناغم ا)رء مع نفسهI وبالتاليفإن كون ا)رء في حالة تناغم مع نفـسـه قـد نـظـر إلـيـه بـاعـتـبـاره األسـاسالضروري لتحقيق التناغم مع اال^خرين. وكون ا)رء في حالة تناغم مع نفسهومع بقية اإلنسانية هو «اخلير األسمى» في الفلسفة الصينـيـة. و)ـا كـانـت

I باعتبارها طبيعة أخالقيةIالطبيعة األساسية لإلنسان ينظر إليهاI أساسال في األخالق.فإن السائد في اجلانب األعظم من الفلسفة الصينية قد �ث

?» و «ما هو أساس اخلير?» هـمـاوالسؤاالن: «كيف oكنني أن أكـون خـيـراسؤاالن أساسيانI على امتداد تاريخ الفلسفة الصينية.

ه )ن ينشد احلكمةI وبإجاللهاوتشتهر الهند باالحترام الكبير الذي تكنوتوقيرها للحكماء. وتتخذ احلكمة العملية ا)تراكمة في الهند شكل ترويض

تاحالنفس (اليوجا) الذي يهدف إلى حتقيق التكامل ا)طلق للحياة. ولكي يهذا الترويض للنفس لكل األشخاصI فإنه يتم توجيهه عبر نشاطات العبادةوالتفانيI ونشاطات العملI ونشاطات ا)عـرفـة والـتـركـيـز. ودروب تـرويـضالنفس هذه هي احلكمة الفلسفيةI التي تناهت عبر العصورI وقد وضعهـاالناس موضع ا)مارسة. وoكن العثور على مصدر حكمة تـرويـض الـنـفـسهذه في ذلك التركيبI ا)ؤلف من التجربة الـشـخـصـيـة الـعـمـيـقـة والـثـريـة

والتفسير العقالني اجملرد إلى حد بعيدI الذي oيز العقلية الهندية.قبل ثالثمائة عام كان حكماء الهند يتأملون طبيعة الذات وطبيعة الواقعا)طلق. وقد وصل فالسفة األوبانيشاد في متابعتهم لهاتS ا)سألتـS إلـىإدراك أننا في أعمق أغوار وجودنا متحدون مع الطبيعة ا)طـلـقـة لـلـواقـع.وكانت ا)شكلة العملية الفوريةI التي نشأت من هذا االكتشافI هي كيفيـةلإدراك هذه الذات الداخليةI ومن ثم تتحد مـع جـوهـر الـكـون ذاتـهI وعـج

البحث عن إجابة بالعديد من التطورات في «اليوجا» والدينI وكذلك بـنـاءصرح فلسفات أخالقية واجتماعيةI و�حورت ا)شكالت النظرية التي أثارهاهذا االكتشاف حول صعوبة ربط تعددية الواقع ا)عايـش وتـنـوعـه بـالـرؤيـة

عن ذلك كان من الصعب التيقناليوبانيشادية لوحدة الوجود كلهI وفضالمن الكيفية التي oكن بها معرفة مثل هذا الواقع ا)طلق. وهذه ا)شكالت

Page 21: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

21

مقدمة

ـ التي oكن صياغتها من خالل أسئلة عن أساس األخالقI وطبيعة اجملتمعبل ا)عرفة الصحيحةI ومبادىء ا)نطقI والعالقة بS ا)ظـهـرووظيفتهI وس

والواقع ـ لهذه ا)شكالت كافة أساس مشترك يتمثل في الـسـؤال الـعـمـلـي:«كيف oكننا أن نحقق ا)اهية الروحية التي هي طبيعتنا احلقة?».

لقد اعتنق ا)اليS من الناسI في ا)نـاطـق الـبـوذيـة مـن ا^سـيـاI تـعـالـيـم لكل ضروبI الساعي وراء احلكمةI باعتبارها حال(×)«جوتاما سد هارت»

ا)عاناة التي حتفل بها احلياة. وا)شكلة اجلوهرية لدى البوذية هي مشكلةالتغلب على ا)عاناةI وتدور التعاليم األساسية التي قال بها بوذا حول هـذهاألسئلةI ما ا)عاناة? كيف تنشأ? كيف oكن القضاء عليها? كيف يتعS علينا

يخلو من ا)عاناة? غير أنه ال سبيل إلى اإلجابةأن نحيا لكي نحقق وجـوداعاني وطبيعة العـالـمعن هذه األسئلة دون البحث في طبيعة الـذات الـتـي ت

للمعاناة بالنسبة للذات. ويؤدي السؤال: «كيف تتسببل مصدراïشكالذي يا)عاناة?» إلى نظرية عامة عن السلبية تشكل نظريات الذات والواقع التـيتتمثل فيها ا)يتافيزيقيا البوذية. وتفضي مشكالت تبرير الدعاوى اخلاصةIإلى نظرية عامة تدور حول ا)نطق وا)عرفة Iوطبيعة الواقع Iبطبيعة الذاتوهكذا فإن ا)شكلة العمليةI على نحو بارزI واخلاصة بـقـهـر ا)ـعـانـاة تـثـيـر

شكل ا)بادىء النظرية للفلسفة البوذية.التأمالت التي توعلى الرغم من الفوارق العديدة بS فلسفات الهند والصS وا)نـاطـقIفإنها تتالقى عند االهتمام ا)شتـرك بـاحلـيـاة والـوجـود Iالبوذية من ا^سياوكذلك بالتعليم وا)عرفةI ولذلك كان للفلسفة والفالسفة أهمية فائقة فيالثقافات الشرقية كافة. ومن الضروري لفهم حياة الشعوب الشرقية ومواقفهامن فهم فلسفاتهاI ولفهم هذه الفلسفات من الضروري إمـعـان الـنـظـر فـيالتراث الذي تطورت فيه هذه الفلسفات والتي تـواصـل مـن خـاللـه تـغـذيـة

ثقافات ا^سيا.

بوذاI مؤسس الـبـوذيـةI وال يـعـرف عـن سـيـرتـه إالGautamma Siddhartha(×) جوتـامـا سـد هـارت ق.م. ابنا ألحد زعماء قبيلة ساكاسI عند احلدود٦٥٣القليلI باستثناء أنه ولد في حوالي العام

ل إلى ناسكI محققااجلنوبية لنيبالI وقد أدرك أن ا)وت يلقي بظالله على احلياة بأسرهاI فتحو ق.م. وواصل نشر تعاليمهI حتى وفاته في حوالي العام٥٢٥االستنارة حتت شجرة «بو» في العام

ق.م (ا)ترجم).٤٨٠

Page 22: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

22

الفكر الشرقي القد

اجلزء األولاملذاهب الفلسفية الهندوسية

Page 23: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

23

السمات السائدة في الفلسفية الهندية

السمات السائدة في الفلسفةالهندية

قصة الفلسفة الهندية طـويـلـةI ومـثـيـرةI ومـنـذبداية الفكر الفلسفي الهندي في تأمـالت حـكـمـاء

I قبل ا^الف السنIS وحتى الوقت الراهنI(١)الفيدا oثل شهادة شامخةيطرح ثراءI وحدة ذهنI وتوعا

لصالح الروح اإلنسانية. وعلى صعيد عمليI فإنهلكل رؤيـة أو ظـل تـأمـل مـعـروف وجـود فـي الـفـكـرالهندي. وهذا الثراء والتعقيد يجعالن من ا)ستحيلتلخيص الفلسفة الهندية بتعميمات بسيطة. ورغمذلك فإنه oكن حتديد سمات معينة سائدةI عـلـىIلدى الـفـالسـفـة Iأو رواجها Iأساس استمراريتها

أو أهميتها الذائعة في حياة غالبية الناس.وأكـثـر الـسـمـات إثـارة فـي الـفـكــر الــفــلــســفــيIتتمثل في طابعه العملي Iبعد ثرائه وشمولهIالهنديفقد نشأت تأمالت حكماء الهندI منذ البدايةI منمحاوالتهم حتسS احلياة. فقد واجه الـفـالسـفـةالهنود العذاب اجلسديI والذهنيI والروحيI وسعوالفهم مبرراته وأسبـابـهI وحـاولـوا حتـسـS فـهـمـهـملطبيعة اإلنسان والكونI كما أرادوا استئصال أسبابا)عاناة وحتقيق أفضل حياة tكنة. وتشكل احللول

1

Page 24: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

24

الفكر الشرقي القد

التي وصلوا إليها ومبررات النتائج الكامنة وراء هذه احللولI فلسفات هؤالءاحلكماء األوائل.

ولقد استجابت فلسفات الهند لدوافع عملية وتأملية. فقد كـان هـنـاكIعلى الصعيد العملي التعرف على األشكال ا)ألوفة من ا)عاناة ـ ا)رضـ والعلم بأن ا)وت سيحل في نهاية ا)طاف }ن حلت ا)عاناة اجلوع والوحدة بساحته. وكان هناكI على الصعيـد الـنـظـري حـب االسـتـطـالع اإلنـسـانـيالفطري لفهم التجربة وتنظيمهاI ودفعت اعتبارات عملية إلى البحث عنسبل التغلب على أشكال ا)عاناة اخملتلفةI وأدت اعتبارات تأملية إلى بناءوصف تفسيري لطبيعة الواقع والوجود اإلنسانيI ولكن هذه االعتبارات لمتؤخذ بصورة منفصلةI فقد استخدم الفهم وا)عرفة ا)ستمدان من الفضول

التأملي في محاولة للتغلب على العذاب وا)عاناة.وتشكل أولوية االعتبارات العمـلـيـة ا)ـنـدرجـة فـي الـفـلـسـفـات الـهـنـديـةجوهرهاI بينما حتدد ضرورة االعتبارات النظرية هـيـكـلـهـا. ويـنـبـنـي عـلـىذلك أنه على الرغم من أن ا)شكالت العملية ا)ندرجة في طبيعـة احلـيـاةاخليرة ـ ر}ا في ذلك احلياة االجتـمـاعـيـة ـ هـي دائـمـا فـي ا)ـقـدمـةI فـإنالتفسيرات النظرية ا)تعلقة الذاتI والواقعI وا)عرفة ـ وا)ستخدمة لتبرير

برى في الفلسفات الهندية.احللول ا)قترحة للمشكالت العملية ـ لها أهمية كهناك منظوران tكنانI ومختلفان بصورة جوهريةI في معاجلة مشكلة

الهما بأن ا)عاناة هي نتيجةالعذاب أو ا)عاناة. وهذا من ا)نظوران يقران كريد أن يكونه وما يـريـد أنهوة بS ما يكونه ا)رء وما oلكـهI أو بـS مـا ي

oلكهI فاإلنسان الفقيرI إذ يرغب في الثروة التـي يـفـتـقـر إلـيـهـاI يـعـانـي.Iعلى الرغم من أنه يعلم أن ا)وت حتمي Iواإلنسان الذي يرغب في اخللوديعاني من هذه احلتمية. ولو لم يكن هناك فارق بS ما يكون عليه اإلنسانوما oلكهI وبS ما يريد أن يكون عليه وأن oلكهI )ا كانت هناك مـعـانـاة.وعندما يكون هناك فارق فا)عاناة حتميةI وإذا كان األمر كذلـكI فـإن حـل

ا)شكلة واضح وهو: ينبغي أن يتطابق ما هو كائن وما هو مرغوب فيه.ولكن كيف oكن حتقيق هذا التطابق? يعتمد أحد مناهـج احلـل عـلـىمواءمة ما يكون عليه ا)رءI وما oلكهI مع ما يرغب فيه. فإذا كان اإلنسان

I ولكنه يرغب في الثروةI فإنه ينبغي أن يجتهد في جمعهاI ويتمثلفقيرا

Page 25: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

25

السمات السائدة في الفلسفية الهندية

ا)نهاج اال^خر في مواءمة رغبات ا)رء مع ما oكنـهI فـإذا كـان ا)ـرء فـقـيـراويرغب في الثروة فإن ا)شكلة الناجمة عن ذلك oكن التـغـلـب عـلـيـهـا مـن

خالل التغلب على هذه الرغبة.ينبغي أن نالحظ هنا أن العديد من ظالل التوفيـق tـكـنـة بـS هـذيـنا)نظورينI فإذا ما كان من ا)مكن أن يكون هناك شكل خالص من أشكـالكل منهاج على الصعيد النظريI فإن هناك على الدوامI عـلـى الـصـعـيـدالعملي حال وسطاI وال oكـن لـلـمـرء إال أن يـالحـظ أن الـتـركـيـز كـان مـننصيب هذه الطريقة أو تلك. وقد تبنت الفلسفة الهندية بـصـفـة أسـاسـيـةا)نظور الثاني. واختارت الهند التشديـد عـلـى ضـبـط الـرغـبـاتI ونـتـيـجـةلذلك فإن فلسفات الهـنـد �ـيـل إلـى الـتـشـديـد عـلـى االنـضـبـاط الـذاتـيوالسيطرة على النفسI كشرط مسبق للسعادة واحلياة اخليرة. فالسيطرةعلى الذاتI ال إشباع الرغباتI هي الطريق األساسي للقضاء على ا)عاناة.وهذه احلاجة إلى كبح جماح الرغبات والسيـطـرة عـلـيـهـا أكـدت عـلـىنحو غير عادي أهمية معرفة الذات. فمعرفة الذات والسيطرة على النفس

تؤديا إلى تخفيف ا)عاناة على نحو يفوق بكثير ما يقوم به عـلـممكن أنيالطبيعة. ومن هنا أصبحت ا)مارسة العملية للفلسفة الهنديةI في أحـسـن

صورهاI هي فن العيش في إطار سيطرة ا)رء الكاملة على ذاته.ويتجلى الطابع العملي للفلسفة الهندية بأشكال عدةI فالـكـلـمـة ذاتـهـا

Darshana (٢)التي تترجم عادة بـ «الفلسفة» تشير إلى ذلك. وكلمة دارشانا

» إنها ما تتم رؤيتهI وهي تعني في معناها الفنـيVisionتعني حرفيا «رؤيـة الدقيق ما تتم رؤيته عندما يجري بحث الواقع ا)طلق. وقد بـحـث حـكـمـاءالهندI في غمار سعيهم وراء حل لعذابات احلياةI ظروف ا)عاناةI وفحصوا

بل القضاءطبيعة احلياة اإلنسانية والعالمI للوصول إلى أسباب ا)عاناة وسعليهاI وما وصلوا إليه يشكل «دارشاناهم» أو رؤيتهمI أو فلسفتهم.

ومن ا)مكنI بالطبعI أن يخطىء أحدهم في رؤيتهI فهو قد اليرى األمورعلى نحو ما هي عليه بالفعلI ومن هنا فإن رؤية الفيلسوف ينبغي تبريرهابتقدY دليل على صحتها. وهناكI من الناحية التاريخيةI طريقتان لتبرير

ستخدم التحليل ا)نطقي لتحديدالتصورات الفلسفية. ففي الطريقة األولى يما إذا كانت وجهة النظر ا)عينة مبررة أم الI وإذا كانت ا)فاهيم والعبارات

Page 26: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

26

الفكر الشرقي القد

التي تعبر عن الرؤية يتضارب بعـضـهـا مـع بـعـضI فـإن هـذه الـرؤيـة oـكـنرفضهاI باعتبارها متناقضة ذاتياI فعلى سبيل ا)ثالI إذا قيل وفقا لرؤيةمعينة إن كل األشياء التي تولد البد أن �وتI ثم قيل كـذلـك إن اإلنـسـانيولد ولكنه لن oوتI فإن هذه الرؤية تتضمن وجهتي نظر تناقض إحداهمااألخرى. ومن الواضح أن هذه الرؤية الoكن قبولها دون التغلبI بشكل مناألشكالI على هذا التضارب الداخليI ذلك أن ا)رء الoكنه أن يقبلI فيوقت واحدI وكحقيقةI القول بأن «كل ما هو مولود oوت» والقول «ليس كل

ما يولد oوت» ذلك أن هذين القولS متناقضان.I لكنهاولكن لنفترض أن هناك كثرة من الرؤىI كل منها متسق داخلـيـا

تتضارب فيما بينهاI فعلى سبيل ا)ثال افرض أن رؤية تقولI باتساقI بأن إلى القول«كل ما يولد oوت»I بينما تذهب الرؤية األخرىI باتساق أيضا

بأنه «ما من مولود oوت»I فما األسباب التي جتعلنا نفضل إحداهما علىاألخرىI إن ا)نطق وحده ليس كافيا حلسم هذا األمرI فا)سألة ليستI في

ا)قام األولI مسألة اتساق داخلي.والطريقة الثانـيـةI فـي إدراك عـدم كـفـايـة ا)ـنـطـق وحـدهI هـي طـريـقـة

لوجهات النظر أو النظريـات فـي نـوعـيـةبرجماتية حتاول أن جتـد تـبـريـراا)مارسة الناجمة عنها. وقد شدد الفالسفة الهنود على الـدوام عـلـى أنا)مارسة العملية هي احملك النهائي للحقيقةI والرؤى الفلـسـفـيـة البـد أن

ثل العليا اخلاصة للمتطرح في مجال هذه ا)مارسةI وأن تعايش احلياةI وفقاثل العليا هي احملك النهائي لتلك ا)بهذه الرؤية. ونوعية احلياة ا)عايشة وفقا

ألي رؤيةI وكلما أصبحت احلياة أفضلI غدت الرؤية أكثر اقترابا من احلقيقةالكاملة.

وتستمد ا)عايير التي تستخدم لتحديد نوعية احلياة بدورهاI من القوةالدافعة الرئيسية للفلسفةI أعني من االجتاه لقهر ا)عاناة. ومن الصواب أن

I بأنها فلسفـة tكنـاتوصف الرؤية التي جتعل من احلياة بال معانـاة أمـراIوتتحدد درجات احلقيقة الفلسفية وفقا لدرجة التخفيف من ا)عاناة Iحقةوإذا شئنا التعبير عن األمر بصورة إيجابية قلنا إن الرؤى تكون صحيـحـة

بحسب ا)دى الذي تذهب إليه في حتسS نوعية احلياة.ومن شأن وضع التركيز اإليجابي فيما يتعلق بـتـبـريـر فـلـسـفـة مـا عـلـى

Page 27: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

27

السمات السائدة في الفلسفية الهندية

) من ذلك استبعاد ا)نطق �اماالتجربة أكثر منه على ا)نطق (وإن لم يعنشأنه أن يقتضي وضع الفلسفة موضع التطبيق أو ا)مارسة. وذلك يعني في

رةI تخلو من العذاب. والطريق هو جزءالهند ابتكار طريقة لتحقيق حياة خيمن الرؤيةI وإذا لم يكن من ا)مكن اتباع طريقة حتقيق أهداف الرؤية فإن

I ولكنهنظر إليها على أنها غير مناسبة. والقول: «جيد نظرياهذه األخيرة يليس كذلك عمليا». هو مالحظة ال معنى لهاI عندما تطبق على فلسفات

.الهندI فاجليد نظريا يعني بالضرورة أنه جيد عمليا أيضارةI ورؤية هذه احلياة اخليرة هووالتوحيد بS الطريق إلى احلياة اخلي

ذاته عنصر التكامل بS الدين والفلسفة في الهندI وعندما ينظر إلى الفلسفةباعتبارها ال تهتم إال بـ «نظرية» احلياة اخليرة فحسبI فإن االهتمام بالوسائل

نظر إلى وسائلI وقد ي فلسفياعد اهتماماالعملية لتحقيق احلياة اخليرة ال ياحلياة عندئذ على أنها تنتمي إلى اجملاالت الدينية أو االقتصاديةI ولكن

نظر إلى احلياة اخليرة باعتبارها «فيليس إلى اجملال الفلسفي. وعندما ينظر إليهـامستوى أسمى» من هذه احلياة العاديةI فإن وسائل حتقيـقـهـا ي

دينية. وعندما تسود وجهة نظـر مـاديـة عـن احلـيـاةعادة باعتبارهـا سـبـالنظر إلى وسائل حتقيقها على أنها وسائل اقتصادية.اخليرةI فإنه غالبا ما ي

وفي جميع هذه احلاالت ال يقع ا)وضوع في مجـال الـفـيـلـسـوف. وإذا كـان فإن اخلالفـات نظرياالدين واالقتصاد مجالS عمليIS والفلسـفـة مـجـاال

Iفي حـسـم Iوا)نهج ستحدد Iوالهدف Iا)ترتبة على ذلك من حيث النطاقمنظور كل منهما. ولكن في الهند يتعS اختبار نظرية الفيلسوف عن احلياةاخليرة من خالل التطبيق أو ا)مارسةI كما أنه ينبغي على الفيلـسـوف أن

I فليس هناكيتوصل إلى وسيلة لتحقيق احلياة اخليرةI لكي يكون فيلسوفاحتديد حاسم يفصل بS النظرية والتطبيقI فالفلسفة والـديـن اليـعـتـبـران

.Sمنفصل Sنشاطولتشديد الفكر الهندي على التطبيق العمليI كمحك الختبار احلقيقةالفلسفية أثر ا^خـرI هـو الـتـأكـيـد عـلـى أهـمـيـة مـنـظـور الـتـأمـل الـذاتـي أواالستبطانI إذ ينبغي على ا)رء لكي يتغلب على ا)ـعـانـاة أن يـنـغـمـس فـيIكن خاللها فهـم األوضـاع الـداخـلـيـة لـلـحـيـاةo التي Iعملية فحص الذات

. متواصال عميقا ذاتياوهذا يقتضي وعيا

Page 28: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

28

الفكر الشرقي القد

و)ا كانت الفلسفة الهندية معنية. في ا)قام األولI }عـانـاة ا)ـوجـوداتالبشرية فإن الذات اإلنسانية لها أهمية تفوق ا)وضوعات الـتـي تـأتـي فـيإطار جتربة هذه الذاتI والنفس التي تعاني هي على الدوام الذات مناطاالهتمام ومعاملتهاI خالف ذلكI يعني النظر إليها باعتبارها شيئاI وبحسبانهامجرد موضوع. وتوصف الذات ا)طلقة في الكتابات الفلسفيـة بـأنـهـا ذات

قط «الواحد الذي ال ثـانـي لـه».نقيةI أو ذات الoكن أن تصبـح مـوضـوعـاوالتجربة الكيفية للذات هي التي حتظى باالهتمام األسـاسـي فـي الـفـكـر

الهندي.وتهتم الفلسفةالهنديةI قبل كل شيءI بالبحث عن طرق لتحرير النفسمن التقيد بأ�اط هي شذرات محدودة من الوجودI وهي عبودية تسـبـب

)Brahman (٤) فإن القوة العظمى (براهمان(٣)ا)عاناة. وبحسب األوبانيشاد) هماAtman (٥)التي �نح الكون طاقتهI والطـاقـة الـروحـيـة لـلـذات (أ�ـان

شيء واحدI في نهاية ا)طاف. وهذه الرؤية التي توحد بS الذات واحلقيقةالنهائية تقدم األساس )ناهج التحريرI التي تشكل احملور العملي للفلسفـةالهنديةI وهي رؤية تنظر إلى األشياءI والعمليات اخملتلفة ا)تمايزة في هذاالعالمI باعتبارها جتليات لواقع أكثر عمقاI اليعرف االنقسام وال الـقـيـود.وهناك في داخل هذا الكل الذي الينقسم مستويات مختلـفـة لـلـواقـعI يـتـم�ييزها من خالل الدرجة التي من خاللها تساهم هذه ا)ستويات في وجودالواقع النهائي وحقيقته. وبسبب هذه الوحـدة لـلـوجـودI فـإن الـقـوى الـتـي�س إليها احلاجة لتحقيق التحرر متاحة لكل شخصI ولكن على الشخصأن يصبح مدركا لهذه القوى ووسائل تسخيرها لبلوغ التحررI ومن هنا كان

للمعرفةI السيما ا)عرفة الذاتيةI أهمية فائقة.والتأكيد على أهمية الذات يعني أن ا)عايير الفلسفية ا)ناسبة ليـسـتفي ا)قام األول كمية وال عامةI وإ�ا هـي بـاألحـرى تـنـتـمـي إلـى الـنـفـسكذاتI ومن هنا كان من ا)ستحيل بالنسبة لشخص ما أن يقر بفلسفة معينةعلى أنها «صحيحة»I وأن ينظر إلى الفلسفات األخرى على أنها زائفـة�اماI فاحلقيقة في الفلسفة تعتمـد عـلـى الـذات اإلنـسـانـيـةI أمـا جتـربـةاال^خر فال oكن أن تعرف إال كموضوع فحسب. فال سبيل ـ بحسب الطرقا)ألوفة في ا)عرفة على األقل ـ إلى معرفة اال^خر باعتباره ذاتا. وبالتالي

Page 29: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

29

السمات السائدة في الفلسفية الهندية

فال سبيل إلى رفض جتربة اال^خر ونبذهاI باعتبارها جتربـة غـيـر كـافـيـةIمـتـسـامـح Iوغير مقنعة. وقد أدى إدراك هذه الواقعة إلى موقـف مـركـبيعبر عنهI عادةI بالقول إنه بينما قد ال تكون رؤية ما بـذاتـهـاI صـحـيـحـةصحة مطلقة وكاملةI فإن كل رؤية حتتوي على حملـة مـن احلـقـيـقـة. ومـنIخالل احترام ا)رء لوجهات النظر وللتجارب ا)ندرجة في الرؤى اخملتلفةفإنه يقترب من احلقيقة ا)طلقة ومن الرؤية الكاملة. والتقدم الفلسفـي اليتم إحرازه من خالل االنتقال من الزيف إلى احلقيقةI وإ�ا باالنتقال من

حقيقة جزئية إلى حقيقة أكثر اكتماال.وباإلضافة إلى سمات الفلسفة الهندية هذهI التـي تـنـبـع مـن تـوجـهـهـاالعمليI هناك ميل واسع االنتشار في الفكر الهندي ألن يفـتـرض مـقـدمـاوجود عدالة أخالقية كليةI فالعالم ينظر إليه على أنه مسرح أخالقي كبير

نسب ويستحـقـه مكتتديره العدالةI وكل شيء خيرI أو شريرI أو محـايـد يلقي با)سؤولية عن الوضع اإلنساني ي شأن هذا ا)وقف أننيصل إليهI وم

على كاهل ا)وجودات البشرية ذاتهاI فنحن مسؤولون عما نحن فيهI وعمانؤول إليهI وقد قررنا بأنفسنا ماضيناI وسوف نقرر مستقبلناI بحسب مـايذهب إليه الفكر الهندي. ونحن جند في الكتابات ا)قدسةI مثل الفيداI أن

» (القانون األخالقي) يشير إلى العـدالـة عـلـى أنـهـاRita (٦)مفهوم «الريـتـاIومع التأكيد على أهمية الواجبات اإلنسانية استجابة للعدالة Iحتكم الكون

على نحو ما تقرره البنية األخالقية للكونDharma (٧)أصبح مفهوم الدارما يشير إلى العالقة بS ما فعلهKermaمفهوما سائدا. وغدا مفهوم الكارما

ا)رء وما كانهI وإلى التأثير السيىء ألفعال اإلنسانI التـي تـنـهـض كـمـبـدألتقرير ا)صير.

وهناك كذلك إجماع واسع االنتشار في الفكر الفلسفي الهندي بصدد«الالتعلق»I فا)عاناة تنشأ من تعلق ا)رء }ا ال oلكI بل وحتى }ا الoكنه

للمعاناةI يحصـلأن oلكI ثم تصبح هذه ا)وضوعات التي يتعلق بها سبباقدت منهI ومن هـنـا فـإنـه إذا مـا أمـكـن غـرس روح «الـالتـعـلـق»علـيـهـا أو ف

}وضوعات ا)عاناةI فإن هذه األخيرة oكن القـضـاء عـلـيـهـا. وهـكـذا فـإن«الالتعلق» يتم إقراره كوسيلة جوهرية لتحقيق احلياة اخليرة.

وبسبب سمات الفكر الهنديI ا)شار إليه فيما سبقI فإن شعب الهندي

Page 30: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

30

الفكر الشرقي القد

يقدر الفالسفةI عادةI أسمى تقدير I كما أنه ينظر إلى الفلسفة باعتبارهاأسمى معرفةI وأرفع حكمة.

Page 31: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

31

السمات السائدة في الفلسفية الهندية

الهوامش

}عنى «يعرف»: وا)قصود الكتبVid : كلمة سنسكريتية مشتقة من األصل فيد Vedas(١) الفيدا ا)قدسة الهندوسية األقدمI والتي تضم أربعة أسفار هي: الريج فيدا التي تضم مجموعة أناشيدلتمجيد اال^لهةI والسمافيدا وهي ترانيم تصاحب تقدY القرابIS والياجور فـيـدا وهـي نـصـوصإضافية مرتبة حسب القرابIS وأخيرا اإلثرفافيدا الذي يعرف بسفر الفقراء والذي يضم نصوصا

يفسرها البعض على أنها مادة للرقى السحرية. (ا)ترجم).

: كما يشير ا)¨I فإن الكلمة تعني حرفيا «يرى» أو «ينظر» وهي تنـصـرفDarshana(٢) دارشانا إلى تصنيف محدد لنسق أو رؤية أو تصور لم تتم مناقضته ولم جتر اإلضافة إليه. وهنا نالحظ

I قوامه أنه الoكن للفرد الذهاب إلى أنه قد أدرك احلـقـيـقـة لـلـمـرةأن هناك افتراضا ضمـنـيـااألولىI وإ�ا }قدوره أن يطرحI أو يفسرI أو يدافع عن شكل جديد للحقيقةI سبقت رؤيـتـه مـنقبلI أو طرحه ا^خرونI أو دافعوا عنهI ومن هنا يجيء ما درج عليه ا)فكرون الهنود من بدء طرحأفكارهم اخلاصة اجلديدة باإلشارة إلى أنها تابعة أو الحقة أو امتداد لدارشانا سابقة. (ا)ترجم).

I وهي تتألف١٨٠٥ : كلمة سنسكريتيةI دخلت اللغة اإلجنليزية في العام Upanisad(٣) األوبانيشاد }عنى يجلسI وا)راد «يجـلـس قـربni-shad }عنى قريب منI ونـيـشـاد Upaمن مقطعـS: أوبـا

ا)علم»I ويقصد بها في األدبيات السنسكريتية محاورات تأملية ميتافيزيقيـةI تـشـكـل قـسـمـا مـناألدب الفيديI وهي تضم مائة وثماني محاورات بS معلمS وحكماء كبـار وتـالمـيـذهـم صـيـغـت

Sق.م. وعلى الرغم من إحلاقها باألدب الفيدي فإنها ليست بالضبط شروحـا٥٠٠و ٨٠٠فيما ب لألسفار الفيدية األربعةI حيث تتميز بطابعها اخلاص (ا)ترجم).

: كلمة سنسكريتيةI شقت طريقها إلى االجنليزية في وقت جد مبكرI يعودBrahman(٤) براهمان I ويقصد بها االسم الذي أطلقه معلمو وحكماء األوبانيشاد على ا)وجود األسمىI وهم١٤٨١إلى

يجسدونه في اإلله اخلالق براهماI ويضعونه طرفا في ثالوث مقدس يتألق من براهما (اخلالق)وفشنو (احلافظ) وشيفا (ا)دمر). (ا)ترجم).

راد بها في األدبيات الهندوسية روح العالمI أو مبدأ احلياةI : كلمة سنسكريتيةI يAtman(٥)أ�ان أو الروح ا)طلقة أو نفس الكون الفعلية التي تتخلل كل شيء (ا)ترجم).

: النظام الطبيعي واألخالقي للكونI ووفقا للهندوسية فإن اإلله فارونـا هـو الـذيRita(٦) الريتا يقوم على حراسة هذا النظام. (ا)ترجم).

: هذه الكلمة السنسكريتية تعنيI في أبسط معانيهاI في تراث الهـنـدوسـيـةDharma(٧) الدارما

Page 32: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

32

الفكر الشرقي القد

والبوذيةI الشريعة الدينيةI أو العمل بأحكامهاI أو الدينI أو القانونI أو الفضيلةI أو صفة جوهرية.(ا)ترجم).

I١وتعني حرفيا «الفعـل» و٨٢٨ : كلمة سنسكريتيةI دخلت اللغة اإلجنلـيـزيـة عـام Karma(٨) كارما شير إلى مجمل أفعال الشخص في التراث الديني الهندي حيث ت مهماعد مصطلحا«ا)صير»I وت

في واحدة من حاالت الوجود ا)تواليةI وهي تقرر ما سيكون عليه وضعه في احلالة التي تـعـقـبذلكI بعد أن حتددت باحلالة التي سبقتها. (ا)ترجم).

Page 33: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

33

إطاللة تاريخية على الفلسفة الهندية

إطاللة تاريخية على الفلسفةالهندية

للفلسفة الهندية تاريخ طويل. والشذرات التأمليةاألولى التي oكن أن توصف بأنها «فلسفية» تنتمي

I التي ر}ا � تأليفهـا فـي وقـت(١)إلى الريج فيـدامبكر يعود إلى ١٥٠٠ ق.مI ومنذ تلك البدايات التي

ضـفـى عـلـيـهـا مـرور الـزمـن هـالـة مــن الــغــمــوضأوااللتباسI أحـرزت الـهـنـد ثـروة طـائـلـة مـن الـرؤىوالتأمـالت وا)ـنـاقـشـات الـفـلـسـفـيـةI غـيـر أنـه مـنالصعب حتديد الفلسفة الهندية من حيث تتابعـهـاالزمـنـيI ذلـك أن الـتـاريـخ الـهـنـدي حـافـل بـاألمـورIفيما يتعلق باألسماء Iالبعيدة عن الدقة والوضوح

Iواألماكن. فقد � التشديد فـي الـهـنـدوالتواريـخ بصورة بالغة على مضمون الفكرI وجرى الـتـركـيـزIوا)ـكـان Iبصورة محـدودة لـلـغـايـة عـلـى الـشـخـص

عرفوالزمانI بحيث إنه في العديد من احلاالت ال يمن هو ا)سؤول عن فلسفة بعينها. وعنـدمـا يـكـونا)ـؤلـف مـجـهــوالI فــإن الــزمــان وا)ــكــان ال oــكــنتقديرهما إال على نحو غير مباشرI ولهذا السبب

ر بالقرونI وليس بالسنواتفإن الزمان عادة مايقدأو العقودI والتأليف ينسب إلى مدارس وليس إلى

2

Page 34: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

34

الفكر الشرقي القد

Iأفراد بذواتهم. ومع ذلك فمن ا)مكن رؤية التغيرات في التفكير الفلسفيISوالالحق Sأي أنه من ا)مكن إدراك السابق ISوهي تقع في تسلسل مع

فيما يتعلق با)شكالت واحللول الفلسفية اخملتلفة.وما يجعل ا)نظور التاريخي سهال أن نتفقI بصفة عامةI على تصنيفلفترات في تطور التراث الفلسفي في الهند. و�تد ا)رحلة الفيدية من نحو١٥٠٠ ق.م. إلى ٧٠٠ ق.م. بينما شغلت ا)رحلة ا)لحمية الفترة من ٨٠٠ ق.م.

حتى نحو ٤٠٠ق.مI واستمرت حتى نحو(٢)إلى ٢٠٠م. ودامت مرحلة السوتراعام ١٧٠٠م. أما مرحلة النهضة التي مازالت مستمرة حتى اليومI فقد بدأت

نحـو عـام ١٨٠٠.

١ ـ املرحلة الفيدية:بدأ العصر الفيدي عندما انتقلت الشعوب اال^رية من ا^سيا الوسطى إلىوادي السند في نحو عام ١٥٠٠ ق.م. واختلط التراث الثقافي الذي حملـوهمعهم بتقاليد الشعوب التي التقوا بها وعاداتهمI وبدأ ماoكن تسميته بالثقافةالهندية با)عنى الصحيح في التشكلI و�ت تغذية �وهـا مـن خـالل مـنـاخ

.Sالسابقت Sوأوضاع الثقافتوقد اندرجت الثمرة الفلسفية لهذه ا)رحلة ا)بـكـرة فـي مـجـمـوعـة مـنالكتابات تعرف باسم «األوبانيشاد» التي �ثل ذروة التأمل الفلسـفـي لـهـذه

(٤) الفـيـديـة والـبـراهـمـانـا(٣)ا)رحـلـة األولـى ا)ـبـكـرة ونـصـوص الـسـامـهـيـتـا

فهي في الغالب األعمI ذات طابع دينيI وإذ وجد هؤالء اال^ريون(٥)واألرانياكاالوافدون أنفسهم في أرض جديدةI وقد بعد العهد بـيـنـهـم وبـS مـادرجـواعليه في حياتهم من أكثر من وجهI فقد طرحوا أسئلة عـن أنـفـسـهـم وعـنالعالم من حولهمI وموضعهم فيه. ما اخلطاب? ما مصدره? ما الذي يجعلالريح تهب? من الذي وضع الشمس ـ مانحة الدفء والضياء ـ في السماء?

عد وال حتصى منوكيف جتلب األرض الوافرة الصور هذه األشكال التي ال تIا احتوته التأمالت األولى في ا)رحلة الفيديةt احلياة? تلك أسئلة �وذجية

تعزو كل هـذه األشـيـاءI الـرائـعـةوهي أسئلة تـلـقـت فـي بـدايـة األمـر ردوداوالرهيبة معاI إلى اال^لهة.

واألسئلة التي تدور حول «كيف» و«)اذا»I هي جذور التأمل الفـلـسـفـي.

Page 35: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

35

إطاللة تاريخية على الفلسفة الهندية

ولقد حاول ا)فكرون في البداية اإلجابة عن هذه األسئلة }فاهيم الشخصيةIوعزوا األحداث التي تقع في الطبيعة إلى أشخاص فائقة لإلنسان Iاإلنسانيةأو إلى إلهة. وقد حال ذلك إلى تشجبيع الفكر الدينيI ال التأمل الفلسفي}عناه الدقيق. غير أن األذهانI التي ال تفتأ تطرح االستفساراتI واصلتالتعمق في بحث العلل فيما يتعلق بالطبيعة واإلنسانI وهكذا فإنها باإلضافة

(٧) والياجور فيدا(٦)إلى طقوس الفيدا والعبادة ا)تضمنة في نصوص الساما

قامت كذلك بتطوير االستفسار ا)عرفيI وهو روح الفلسفة وتقف نصوص«األرانياكا» و«األوبانيشاد» شاهدا على ذلك. ولم يتم فحسب حتديد قانون

باعتباره ا)بدأ األساسيRitaطلق عليه اسم «ريتا» شامل للسبب والنتيجة يللوجودI وإ�ا بحلول عهد األوبانيشاد � التوصل بالفعلI إلى ذلك االكتشافالذي يعد أروع االكتشافاتI أي اكتشاف أن ا)صدر ا)طلق للوجود بـأسـره

وقوته يتحد مع النفس ا)طلقة للمرء.Iكن تقسيم كتابات هذه ا)رحلة (التي يطلق عليها كلها اسم الفيـداoوإلى الفئات التالية: الريجفيداI السامافيداI ياجورا فيداI أثرفا فيدا. وكلنص من نصوص الفيدا الثالثة األولى تتضمن تراتيل لال^لهةI وكذلك أسئلةعديدة (القسم الذي يدعى بالسامهيتا) وترتيبات قسم السامهيتا الستخدامهفي تقدY األضحيات (قسم البراهمانا). وتفسير الطقوس (قسم األرانياكا).والتأمالت حول األسئلة الرئيسية التي يتضمنها الفكر الديني وtـارسـتـه(األوبانيشاد). وعلى الرغم من أن كل هذه الكتابات قد � تأليفها قبل عام٧٠٠ ق.م. فقد كان لها تأثير هائل في شعب الهندI استمر حـتـى عـصـورنـا

احلالية.

٢ ـ املرحلة امللحمية:شكلت حكمة الكتابات الفيدية جزءا من تراث مقدس تتم رعايته بحرصشديدI وكثيرا ما ال تتوافر لكثير من أعضاء اجملتمعI أو عندما تتوافر لهمفإنها جتاوز فهمهم. ولقد �ا األدب الشعبي لتعويضهم عن ذلكI وهو يرتلفي قصص وقصائدI أعدت لنقل كثير من ا)ثل العليا في التـراث ا)ـقـدسعند غالبية الناس. وأبرز مجموعتS من ا)واد التي تشكل هذا األدب هما

والرامايانا.(٨)ا)هابهارتا

Page 36: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

36

الفكر الشرقي القد

وا)هابهارتا ملحمة طويلة بشكل ملفت (تضم ترجمتها اإلجنليزية ثالثةعشر مجلدا)I وهي حتكي قصة غزو أرض الهندI وخالل ذلك تقدم تعليماتIوهي تقوم مرشدا للحياة في أبعادها كافة Iبشأن القواعد اخملتلفة للحياة}ا في ذلك الدين والفلسفة واالجتماع والسياسةI بل والطب كذلك. واجلزء

جيتا أو «أنشـودة(٩)األكثر تأثيرا من بS أجزاء ا)هابهارتـا هـو الـبـهـاجـفـادالعظيم». وتوضح «اجليتا» طبيعة اإلنسانية والكون. ومن خالل تفسير ا)ادة

رةوالروح تستمد طرق احلياة التي ستمكن ا)رء من أن يحقق احلياة اخلـيعلى نحو نهائي.

أما «الرامايانا» فهي قصيدة جميلة تقع في أربعة مجلداتI وتقدم ا)ثلIالعليا لألنوثة والرجولة مجسدة في شخص سيتا وزوجها راما وحياتهـمـاوتشير ا)لحمة إلى نظام مثالي للمجتمع بأسرهI وكذلك إلى تنظيم مثـالـيحلياة الفرد. وخالل هذه الفترة � تأليف رسائل عن العدالة واالستقـامـة

I وقد دارت هذهDharma Shastrasاألخالقية ـ أي نصوص الدارما شاستـرا الرسائل في ا)قام األول حول تنظيم حياة الفرد واجملتمعI وارتبطت بقواعدمحددة للسلوكI قدمت جنبا إلى جنب مع تبريرها في األدبيات التي دارت

(١٠) التي كتبها كوتيالياAritha Shastrasحول «الدراما». وتبرر األرتا شاسترا »

Koutilyaكنo وتوضح كيف Iاحلاجة إلى وسائل ا)عيشة اخملتلفة وأهميتها فتوضح كيف oكن ضمانManu Shastras (١١)الوصول إليها. أما ا)انوشاسترا

العدالة والنظام في اجملتمع على يد ا)لك وا)ؤسسـات احلـكـومـيـة. وتـؤكـد العدالة والنـظـام فـي حـيـاةShastra of Yajnavalkyaشاسترا ياجـنـا فـالـكـايـا

والتي تترجم في بـعـض األحـيـانKama Shastraالفرد. أما الكاما شـاسـتـرا I ا)نسوبة إلى فاتسيايانا فتعالج حتقيـقKama Sutraعلى أنها الكاماسوترا

اللذةI وتعد هذه النصوص األكثر تأثيرا بS تلك الرسائل.Iوال شك أنه خالل ذلك العهد ظهرت بدايات ا)ذاهب الفلسفية اخملتلفةفهناك إشارات في «ا)هابهارتا» إلى بعض هذه ا)ذاهبI لكن هذه ا)ذاهب

لم تتخذ شكال محددا إال قرب نهاية ا)رحلة ا)لحمية.

٣ ـ مرحلة السوترا:كـان قـد � بـالـفـعـل بـحـلـول عـام ٤٠٠ ق.م. إرسـاء بـدايـات الـعـديـد مـن

Page 37: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

37

إطاللة تاريخية على الفلسفة الهندية

التفسيرات الفلسفية النسقية للعالم وللطبيعة اإلنسانية. و�ثل هذه ا)ذاهبأول جهد فلسفي خالص في الهندI فـهـي لـم حتـاول أن تـفـسـر أسـاسـيـاتاحلياة والعالم فحسبI وإ�ا قامت بذلك بوعي ذاتي وبانتقاد ذاتيI مجادلة

من أجل صحة اإلجابات ا)قترحة على أساس العقل.(١٣)I واجلينـيـة(١٢)والسوتراتI أو األقول ا)أثورةI ا)نتـمـيـة إلـى الـبـوذيـة

تصنف على أنها «ناستيكا» أي غير أصوليةI وال متشددةI ألن(١٤)والكارفاكامؤلفيها لم يقبلوا أقوال الفيدا باعتبارها حقيقـيـة ونـهـائـيـةI كـمـا أنـهـم لـميسعوا إلى تبرير حتليالتهمI وحلولهم من خالل إظهار أنساقها مع نصوص

(١٥)الـفـيـدا. واألقـوال ا)ـأثــورة ا)ــعــبــرة عــن فــلــســفــات مــدارس الــنــايــايــا

تقبل(٢٠)) والفيدانتا(١٩ وا)يمامسا(١٨) واليوجا(١٧) والسامخاياا(١٦)والفيشيشكجميعهاI من ناحية أخرىI جمعية نصوص الفيدا وهيمنتها. ومن هنا فقدتواترت تفسيرات «أصولية» لنصوص الفيداI و� إظهار حق كل مدرسة فيا)طالبة }ا تذهب إليه من خالل االتفاق مع التفـسـيـر «الـصـحـيـح» لـتـلـك

التعاليم.غير أن االنقسام الكبير هو ذلك القائم بS مدرسة الكارفاكا وا)دارساألخرىI والكارفاكا مذهب مادي �اماI على حS أن ا)دارس األخرى كافةتسمح بالتعلق بالقيم الروحيةI وتهتم مدرسة النايايا في ا)قام األول بالتحليلIوحتلل الفيشسكا أنواع األشياء التي تتم معرفتـهـا Iا)نطقي لطرق ا)عرفةوتسعى السامخايا إلى ربط الذات بالعالم اخلارجيI وحتلل اليوجا طبيعةالذات وتوضح كيف oكن حتقيق الذات اخلالصة أو النقيةI وتركز ا)يمامساعلى ا)عايير اخلاصة بالصحة الذاتية لـلـمـعـرفـةI وحتـاول مـن خـالل ذلـكIأما الفيدانتا فهي تبدأ من نتائج األوبانـيـشـاد Iإقرار حقيقة أقوال الفيداوحتاول إيضاح أن التحليل العقالني للمعرفة والواقـع مـن شـأنـه أن يـدعـم

هذه النتائج.

٤ ـ مرحلة الشروح العظمى:Iبدراسة السوترات و�حيصها Sمع قيام أجيال من احلكماء والدارسعلى اختالف ا)دارس التي تنتمي إليهاI قام هؤالء بS احلS واال^خر بكتابةشروح لها وتعليقات عليهاI وعلى هذا النحو كتبت الشروح العظمى للجودابادا

Page 38: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

38

الفكر الشرقي القد

I(الشامكارا اليامونا (الـقـرن الـعـاشـر ا)ـيـالدي I((القرن السادس ا)يالديالرامانوجا (القرن احلادي عشر ا)يالدي)I النيمباركا (القرن الثاني عشـرا)يالدي) ا)ادفا (القرن الثالث عشر ا)يالدي) والفاالبها (القرن اخلـامـسعشر ا)يالدي) وذلك في معرض التعقيب على سوترات الفيدانتا ا)نتمـيـة

إلى البادارايانا.

٥ ـ مرحلة عصر النهضة:ونتيجة للمؤثرات اخلارجيةI السيما االحتكاك بالغربI بدأ الفالسـفـةIوالترجمات Iوابتداء بالدراسات Iالهنود في إعادة �حيص تراثهم الفلسفيوالشروحI التي قام بها «رام موهون روي» في القـرن الـتـاسـع عـشـر ازدهـرIوطـاغـور Iفي القرن ا)اضـي. ويـعـد غـانـدي IYهذا التجديد للتراث القدوراما كرشناI وأوروبيندوI وفيفيكانـا نـداI وراد أكـريـشـنـا مـن بـS مـفـكـري

النهضة األكثر تأثيرا في الهند.

Page 39: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

39

إطاللة تاريخية على الفلسفة الهندية

الهوامش: اصطالح سنسكريتيI يراد به ذلك السفر من أسـفـار الـفـيـدا األربـعـةRig Veda(١) الريج فيـدا

ا)عروف باسم «الفيدا النارية» أو الفيدا ا)نسوبة إلى النار. والسفر قسمانI أولهما أدعية وصلواتوتراتيل شعريةI واال^خر يشتمل على تعاليم تتعلق بالعبادات والواجبات الدينية. (ا)ترجم).

: كلمة سنسكريتيةI يعود استخدامها في اللغة اإلجنليزية إلى عـام I١٨٠١ وهـيSutra(٢) السوترا تعني أصال اخليط أو القاعدةI وقد انصرفت في األدب السنـسـكـريـتـي إلـى قـاعـدة مـوجـزة مـنIتقتضي تفصيل القول فيها من خالل التعقيب عليها. والسوترا Iقواعد اللغة أو القانون أو الفلسفةكما يراد في ا)¨I هي مرحلة التطويرI وفق ا)دارس اخملتلفة لنصوص الفيداI ويشار كذلك إلىأن الكلمة تعني تلخيصا جلانب من التعاليم الهندوسية أو مجموعة حكم أو محاورات. (ا)ترجم).

: اجملموعة األساسية من ترانيم الفيدا. (ا)ترجم).Samhitas(٣) السامهيتا

: الشروح على متون الفيداI التي تفسر معناها على نحو ما تستخدم فيBrahmanas(٤) البراهمان تقدY القرابIS وأدباء الطقوسI وتوضح ا)ضمون الرمزي ألعمال الكهنة. (ا)ترجم).

ساك I لكنها oكن أن تهدى لكبار السن: نصوص الغابةI وهي خاصة بالنAranyakas(٥) األرانياكا الذين تركوا أهليهم ليقيموا في الكهوف والغابات. (ا)ترجم).

(٦) السامافيدا: الفيدا الشمسيةI أو ا)نسوبة إلى الشمسI وهي مؤلفة من قسمIS األول تراتيلدينيةI والثاني تعاليم متعلقة بالعبادات والواجبات الدينية. (ا)ترجم).

: الفيدا الهوائيةI أو ا)نسوبة إلى الهواءI وتضم مجموعتـIS تـدعـىYajur Veda(٧) ياجورا فيـدا إحداهما بالياجورا فيدا البيضاء واألخرى بالياجورا فيدا السوداء. (ا)ترجم).

مة جي. أ. ب فان بويتنS للمهابهارتا والتي(٨) راجع ترجمتنا للمقدمة الضافية التي كتبها العالتعد هي نفسها من درر فقه اللغة ا)قارن بعنوان «مقدمة ا)هابهارتا». (ا)ترجم).

: األنشودة اإللهيةI أو أنشودة اإللهI تشكل جزءا من ا)هابـهـارتـاBhagvadgitaI(٩) البهاجفاد جيتـا وحتظى باهتمام خاصI بسبب أهميتها في احلياة الدينية والفكريـة الـهـنـدوسـيـةI ويـنـظـر إلـيـهـا

باعتبارها أحد مصادر فلسفة الفيدانتا. (ا)ترجم).

: وزير ا)لك كانورا جوبتا موراياI وينسب إليه القيام باجلهد الهائل ا)تمثلKautilya(١٠) كوتياليا في إضفاء الطابع ا)نهاجي على االقتصاد السياسي في األرتاشاستراد. (ا)ترجم).

Page 40: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

40

الفكر الشرقي القد

والذيManu(١١) مانو : ا)شرع ذو الشهرة األسطورية والذي ينسب إليه العمل ا)شار إليه في ا)لم القيم األخالقية على امتداد ا^سيا. (ا)ترجم).شكل القاعدة القوية للعديد من النظم القانونية وس

: ا)ذهب الذي قال به جون سدهارتا في شمالي الهند في القرن السادسBuddhism(١٢) البوذية ق. م. واستهدفI في جوهره التحرر بنور البصيرةI واعتمد على التأمل للوصول إلى حالة النيرفانا.

(ا)ترجم).

مذهب هنديI تزامن في ظهوره مع البوذيةI أسهم في تأسيسه عدد كبير منJainism(١٣) اجلينية احلكماء ا^خرهم مهافيرا. (ا)ترجم).

: مذهب فلسفي سابق للبوذيةI يعد من أقدم ا)دارس ا)ادية في الفـلـسـفـةCarvaka(١٤) كارفاكـا وتنسب إلى كارفاكا الذي حتمل اسمهI والذي يفترض أنه كـان مـن كـبـار مـعـلـمـي هـذه ا)ـدرسـة.

(ا)ترجم).

: أحد ا)ذاهب الهندوسية الستةI اهتم با)نطق ونظرية ا)عرفة. (ا)ترجم).Nyaya(١٥) النايايا : أحد ا)ذاهب الهندوسية الستةI ويرى القائلون به ليس في العالم إالVaishesika(١٦) الفيشيشكا

ذرات وفراغ. (ا)ترجم).

: االعتقاد با)ادة احلقيقية وتعددية األرواح الفردية. (ا)ترجم).Samkhya(١٧) السامخايا

: هذه الكلمة السنسكريتيةI التي دخلت اللغة اإلجنليزية في العام I١٦٨٤ تـعـنـيYoga(١٨) اليوجا حرفيا «النير» و«االحتاد»I وهي تشير إلى مدرسة على جانـب كـبـيـر مـن األهـمـيـة فـي الـفـلـسـفـةIويعد جانبها العملي أهم من النظري: ضبط التنـفـس Iأثرت بقوة في الفكر الهندي Iالهندوسيةاجللوس في وضع معIS االمتناع عن tارسة اجلنس... إلخ. ويالحظ أن تأثيرها قد امتد إلـى

العديد من بقاع العالم. (ا)ترجم).

: تعني حرفيا دراسة الطقوس بصفة عامةI وا)راد بها هنا مدرسة فـيMimamsa(١٩) ا)يمامسا الهندوسية لتفسير الفيدا. (ا)ترجم).

: أجزاء من األوبانيشاد تشمل ستة مذاهب تهدف إلى إزالة األلم بوساطةVedanta(٢٠) الفيدانتا اليوجاI وا)صطلح يعني في السنسكريتية «خا�ة الفيدا». (ا)ترجم).

Page 41: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

41

الفيدا واألوبانيشاد

الفيدا واألوبانيشاد

تكمن بدايات الفلسفة الهـنـديـة فـي الـتـأمـالتا)سجلة في نصوص الفيداI وهي نصوص احلكمةالتي تعود في أجزائها األقدم إلى ا)رحلة التي تبدأبعام ١٥٠٠ ق.م. وقد شكلت هذه النصوص مصدرIإلـهـام لـلـفـالسـفـة الـهـنـود عـلـى امـتـداد الـعــصــورواستمرت كتابة الشروح على متونها حتى الـعـصـراحلالي. وأقدم نص هو نص الريج فيدا الذي يعني«أشعار احلكمة»I ويعد ا)صدر األدبي األكثر أهميةفي الديانة والثقافة الهنديةI وقد أحلقت بنصوصIالفيدا كأجزاء ختامية لها مجموعة من النصوصتعرف بـ «األوبانيشاد»I وهذه النصوص التي جرىتأليفها فيما بS ٨٠٠ ق.م. و٥٠٠ ق.م. حتفل بالفكرالتأملي والتصوري فـيـمـا يـتـعـلـق بـطـبـيـعـة الـنـفـسوالواقعI وتقدم األسس التي قـام عـلـيـهـا الـتـفـكـيـرالفلسفي فيما بعد. ولـسـوف نـسـتـكـشـف فـي هـذاالفصل تصورات الذات والواقع ا)تضمنة في هذهIمركزين على األفكار الرئيسية للرج فيدا Iالكتاباتوا)فاهيم الفلسفية الرئيسـيـة فـي بـعـض نـصـوص

األوبانيشاد ا)بكرة.غير أنه البـد أن يـكـون مـفـهـومـا أنـه رغـم قـدمنصوص الفيداI فإنها ليست تعبيـرات صـادرة عـن

3

Page 42: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

42

الفكر الشرقي القد

شعب بدائيI فاألفكار ا)عبر عنها في نصوص الفيدا واألوبانيـشـاد جتـمـعبS العمق والصقلI وهي نتيجة لقرون من الفكر التأملي فيما يتعلق بأعمالأسرار احلياةI وهي تقدم استبصارات حول مسـار احلـيـاةI تـشـكـل شـهـادةتتجاوز كل األزمان على احلكمة اإلنسانيةI األمر الذي مكن هذه النصوص

من أن تلهم الثقافة الهندية وتغذيها حتى العصر احلالي.

١ ـ ثقافة السند:كانت اجلوانب ا)ادية في الثقافة الهندية القدoة على جانب كبير منا)ستوى الرفيع. فقبل أن ينحدر احلكماء اال^ريـون الـذيـن نـظـمـوا نـصـوصالفيدا إلى وادي السند بألف عام تقريباI كان ذلك الوادي سـاحـة لـثـقـافـةمدنية ثريةI عرفت بحضارة وادي السندI ور}ا بدأت هذه احلضارة بـعـدعـام ٣٠٠٠ ق.م. فـي وادي نـهـر الـسـنـد اجلـنـوبـيI وبـحـلـول عـام ٢٠٠٠ ق.م.احتلت مساحة تقدر بنحو ثلث مساحة الهندI حيث امتدت شماال إلى جبالالهيمااليا وجنوبا إلى مشارف بومبايI على وجه التقـريـبI ومـن الـسـاحـل

الغربي باجتاه الشرق وصوال إلى دلهي.وتكشف مدينة من أكبر ا)دن التي شهدت هذه احلضارةI وهي مديـنـةمهنجو داروI جانبا من ثرائهاI فقد بلغ سكان هذه ا)دينة في عام ٢٠٠٠ ق.منحو ٤٠ ألف نسمةI وقد صممت شوارعها ا)رصوفة بـاألحـجـار أخـذا فـياالعتبارI بشكل واضحI التخطيط ا)ركزي على شكل شبكة مستطيلة. وشكلتIمناطق إنتاج القمح الوفيرة مستودعا مناسبا للطعام بالنسبة للناس وللماشيةو�ثل أنظمتها اخلاصة با)ياه اجلوفية ا)زودة باأللواح اخلزفيةI وأنـظـمـة

هندسيا رائعا. وتشير درجة توحيد معايير القياس التي �صرفهاI إجنازاإجنازها إلى كفاءة دوائرها اخلاصة بالتخطـيـط واإلدارةt Iـا يـوحـي بـأنشعب وادي السندI قد حظي بتنظيـم اجـتـمـاعـي وسـيـاسـيI مـركـزي عـلـى

درجة رفيعة من الكفاءة.وتكشف اجلواهر البديعة عن وجود عمال مهرةI كما يشير التنوع الكبيرللعب اجلميلة واأللعاب اخملتلفة إلى ثقافة قدرت اللعب واألطفال. ويعكسوجود نظام دقيق للمقاييس وا)كاييلI يستخدم نظـامـا اعـتـيـاديـا وعـشـريـاللتوافق الرياضي كال من ا)نجزات الرياضية التي حققتها الثقافةI وتركيزها

Page 43: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

43

الفيدا واألوبانيشاد

على التجارة. ور}ا كانت التجارة واسعة االنتـشـارI حـيـث � الـعـثـور عـلـىالعديد من أختام السندI ا)ستخدمة ا)ـلـكـيـةI فـي مـنـاطـق �ـتـد إلـى بـالد

مابS النهرين.ومن الطبيعي �اما افتراض أن اجلوانب ا)ادية ا)تـطـورة فـي حـضـارةIكانت جتد ما يعادلها في نسق متطور من الفكر االجتماعي والديني Iالسندغير أن ذلك ينبغي أن يظل مجرد افتراضI حيث إنه ما من سجالت مكتوبةمتوافرة oكن أن تشكل دليال على منجـزات أدبـيـة أو ديـنـيـة أو فـلـسـفـيـة.

فها منذوتشير الدالئل ا)ادية التي عثر عليها في مئات ا)واقع التي � تعرSقبـل سـتـ Iأن قام «سيرجون مارشال» ألول مرة باكتشاف حضارة السندعاماI إلى أن الدين قد قام بدور كبير في هذه الثقافةI فحتى أصغر البلدانوالقرى كان لها مبان إلقامة الطقوسI وقد عثر على أقنعة عـديـدةI األمـرالذي يشير إلى وجود كهنوت. وتشير التماثيل األنثوية الصغيرة التي تؤكدأهمية احلمل والرضاعة ـ إلى عبادة ا^لهة ا^مرةI كما يشير انتـشـار �ـاثـيـلالثيران وحيوانات ذكورية أخرى إلى ديانة تهتم باخلصوبة. وتوصي تسهيالتاالستحمام ا)تطورة باهتمام بالتطهر الديني. وتشير األشكال ا)تخذة ألوضاعاليوجا وا)وجودة على األختامI إلى أن اليوجا ر}ا كانت لها جذور في هذهاحلضارة ا)بكرةI وتؤيد االفتراض القائل بأن الثقافة الهندية الالحقة �ثل

تزاوجا بS الثقافتS الهندية واال^رية.غير أنه تبقى احلقيقة القائلة إنه منذ عـام ١٥٠٠ ق.م. فـصـاعـدا خـيـمالطابع اال^ري تدريجيــا على شبــه القـارة الهنــــديـةI حـيـــث انـتـشـر الـنـفـوذ

اال^ري شرقا وجنـوبـا من وادي السنـد.Mauryan وبحلول القرن الرابع ق.م. ومع إنشاء اإلمبراطوريـة ا)ـاوريـة

أصبحت شبه القارة بكاملهاI عملياI حتت السيطرة السياسية اال^ريةI وغدتاللغة السنسكريتيةI التي تشكل نصوص الفيدا أقدم تعبيراتها التي بقـيـتلناI األداة األولى للفكر الهنديI وعلى الرغم من أن التراث السنسـكـريـتـيIوتـوافـقـات مـع هـــــذه ا)ـصـــــادر Iيعكـس استعــارة من مصــادر غيــر ا^ريــةفـإنـــه يخفي من هذه اإلسهامات أكثر tا يـكـشـفI حـيـث إنـهI فـي ا)ـقـاماألولى ا^ري شكال ومضموناI وهكذا فإنه على الـرغـم مـن عـظـمـة حـضـارةالسندI فإن نصوص الفيدا هي التي يجب أن نتجه إليها لفـهـم أقـدم فـكـر

Page 44: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

44

الفكر الشرقي القد

هندي.

٢ ـ الفكر الفيدي:Iتشكل جوهر طقوس الهند ا)قدسة Iنصوص الفيدا هي أشعار حكمة

تغنى بـهـاIوحتدثنا الفيدا ذاتها بأن هذه األشعار عندما تـرتـلI وتـنـشـدI ويIفإنها �كن اخللق جميعا من ا)شاركة في حكمـة الـواقـع اإللـهـي وطـاقـتـهوينظر إليها على أنها نوع من ا)عرفة ا)رتـبـطـة بـالـعـمـل الـقـادر عـلـى قـهـرالتجزئة واالغتراب في إطار عملية توحيد كل الكائناتI وملء احلياة بطاقة

مقدسة.Iأما التراث فهو ينظر إلى احلكمة الفـيـديـة عـلـى أنـهـا تـتـجـاوز الـزمـنوليس لها مؤلف بعينه. وهذه احلكمة تتجلى ألفئدة أشخاص عظامI امتدتجتربتهم إلى اجلوهر الداخلي للوجود. وهـي تـتـجـاوز الـزمـن ألنـهـا جتـلـتللبشر األوائل أنفسهم كما تتجلى اليوم لكل من تغوص جتربتهم في أغواراحلياة. وليس لها مؤلف بعينهI ألنها ال يكشف عنها أشخاصI وإ�ا الواقعذاته. وينظر إلى الريج فيداI على أنها أقدم مجموعة من أشعار تلك احلكمة.على أنها منبع النزعة الروحية الهنديةI فعلى امتداد ما يزيـد عـلـى سـبـعـة

ا^الف عام شكلت مصدر إلهام للتراث الهندي.ومعظم األشعار الفيدية موجهة إلى اال^لهة واإللهاتI ولها وظيفة مركزيةفي تأدية الطقوسI لكن ذلك ال يعني أنها مجرد ترانيم للعبادةI أو تراتيـلللطقوسI فبعضها أعمق من ذلك بكثيـر فـهـو يـقـدم رؤى عـمـيـقـة ودقـيـقـةللواقع. بل إن اال^لهة الذين تتم مخاطبتهم في هذه األشعار ليسوا موجوداتIوالوعي Iبل هي رموز للقوى األساسية للوجد. فاخلطاب Iذات سمات بشريةـ تلك من بS القوى ا)باركة التي يرمز إليها كا^لهة في واحلياةI وا)اءI والنار الفيداI وهي �ثل القوى التي تخلق احلياة وتدمرهاI والتي تسـيـطـر عـلـى

فيض الوجود وغيضه.I على سبيل ا)ثالI هو أحد اال^لهة الفيـديـة الـرئـيـسـيـةI(١)Agniوا^جنـي

Iواإلله ا^جني رمز لقوة النار الرهيبة Iوكلمة «ا^جني» تعني النار Iوهو إله النارIفإنها تدمر ا)نازل Iوعندما تخرج ألسنة اللهب ا)ندلعة عن نطاق السيطرةوالغابات وتقتل البشر واحليوانات. ولكن النار عندما تكون حتت السيطرة

Page 45: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

45

الفيدا واألوبانيشاد

في الفرنI فإنها حتول اللحـم الـنـيـىءI واخلـضـراوات إلـى طـعـامI وتـزودنـابالطاقة الضرورية للحياة. والنارI كالبرقI تخترق السماء واألرض وتضمهمافي إطار وحدة كونية. والنار رهيبة وغامضة بحيث إن ا^جني أصبـح سـيـدالطقوس العظمي ا)تعلقة باحتفـاالت الـتـضـحـيـةI والـتـي تـرمـز إلـى جتـددالوجود. وتشهد ترانيم الريج فيدا ا)وجهة ال^جني على األهمـيـة ا)ـرتـبـطـة

بقوة التحولI التي حظيت بها النار في العهود الفيدية.I فر}ا كان كبير اال^لهة في عهد سـابـقI وهـو األكـثـر(٢)Indraأما أنـدرا

Iوهو باعتباره سيدا للصاعقة يهزم األعداء Iا^لهة الفيدا Sشبها بالبشر بفسح الطـريـقويحمي شعبهI وهو يهزم قوى العماءI والـظـلـمـة الـكـونـيـةI وي

قةI ولكن في ا)قام األول فإن أندراI الذي يرد ذكـرهألشكال الوجود اخلـالفي الريج فيدا أكثر من أي إله ا^خرI يرمز إلى الشجاعة والقوةI اللتS �س

إليهما حاجة البشر إلى مقاومة أعدائهم وحلماية العائلة واجملتمع. التي يعني اسمها «اخلطاب» هي إلـهـة االتـصـالI وهـي ال(٣)Vacوفاك

�ثل الكلمات وحدهاI وإ�ا الوعي الكامن الذي يـجـعـل احلـديـث tـكـنـا.وقد أدرك شعب الفيدا القوة الهائلة التي يتمتع بها اخلطابI وعرفـوا أنـهيحول العوالمI ويصدر أوامر احلياة وا)وت. ولـذا فـقـد رمـزوا لـهـذه الـقـوةبربة االتصالI وجعلوها على هيئة سيدة جـمـيـلـة تـتـحـلـى بـالـوعـي ا)ـتـألـق

وبالكلمات اجلميلة.واال^لهة الفيدية األخرى على هذا الغرارI فهـي تـرمـز إلـى أكـثـر الـقـوىالكونية واإلنسانية أصالة ويخـبـرهـا ا)ـرء فـي صـورة بـشـريـةI األمـر الـذيoكن شعب الفيدا من الدخول في عالقات معهاI وهذه العالقات مع قوىاحلياة الشخصية والرمزيةI جلبت أكثر أبعاد الـوجـود الـكـونـي واإلنـسـانـي

عمقا إلى نسيج احلياة اليومية الفيدية.نظـروعلى الرغم من أن اال^لهة الفيدية ترمز لقوى الـوجـودI فـإنـهـا ال ي

إليها عادة باعتبارها خالقة الوجودI بل إن فكرة خالق منفصل عـن الـكـون من العقـل ومـادة�ذاته هيI في الواقعI فكرة غريبة عـن الـريـج فـيـداI فـكـل

الكون ينظر إليهما على أنهما متضمنان فـي الـوجـود ذاتـهI وال سـبـيـل إلـىفصل أحدهما عن اال^خر. وألن الوجود كان ينظر إليه على أنه عاقلI بحكم

I والنظـام منظـمـاما في مضمونهI فإن الكون قد نـظـر إلـيـه بـاعـتـبـاره كـال

Page 46: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

46

الفكر الشرقي القد

الكامن في ضروب االنتظام العضوية oضي إلى عمق أكبر ليصل إلى قلبالوجودI وهذا النظام العميقI الذي يقدم قواعد للتعبير عن الوجودI قواعد

. والريتا باعتبارهاRitaأخالقيةI نفسيةI جماليةI دينية عضويةI يعرف بالريتا اإليقاع اجلوهري للوجود وهيكل هذا الوجود أكثر أساسية من اال^لهةI فهذه

األخيرة بدورها خاضعة للمطالب.وعلى الرغم من أن «الريتا» أساسية أكثر من اال^لهة واإللهات فإنها تردعلى السؤال: «كيف يعمل الوجود?» وليس «ما مصدره?». وعـنـدمـا الـتـفـتحكماء الفيدا إلى السؤال الذي يدور حول أصل الوجودI لم يجدوا كلمات

I وإذا قيل إن الوجود قد جاء من وجود سابق فإنأو أفكارا ليصغوا بها رداالسؤال عن األصولI في هذه احلالةI ال تتم اإلجـابـة عـنـهI وإ�ـا يـرد إلـىمرحلة أسبق. أما الزعم بأن الوجود قد نبع من العدم فهو يناقض اخلبرةوالفطرةI إذ كيف oكن خلق شيء من ال شيء? وفي ترنيمة اخللق الشهيرة

فا)وجودة في الكتاب العاشر من الريج فيدا (١٠ ـ ١٢٩) يكافح احلكيم لتعرأصول الوجودI وحسبما تكشف الترجمة التاليةI فـإنـه بـعـد أن يـشـيـر إلـىحدودI ماهو موجودI وماهو غير موجودI فإن الوجود والعدم ينبغي تركهماوراءناI وهو ينـتـهـي مـن ذلـك إلـى أن ا)ـصـدر األصـلـيI ر}ـا كـان ال oـكـن

معرفته.

٣ ـ ترنيمة األصول:I١ ـ في البدء لم يكن هناك وجود وال عدم

ال وجود للعالم وال للسماء فيما وراءه.ما الذي أسدل عليه الستار? أين? من الذي منحه احلماية?

سبر له غور?أكان هناك ماد عميق ال يـ ا^نذاك لم يكن هناك موت وال خلودI وما من أثر لليل أو نهارI لم يكن ٢هناك سوى الواحد الذي يتنفسI دو�ا نفسI بدافع من ذاتهI وعدا ذلك لم

يكن ثمة شيء على اإلطالق.Iيلتف بالظالم I٣ ـ كان هناك ظالم

Iوكل هذا كان طاقة ال �ايز فيهاIذلك الواحد الذي حجبه اخلواء

Page 47: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

47

الفيدا واألوبانيشاد

شف النقاب عنه من خالل قوة احلرارة ـ الطاقة.كI٤ ـ في البدء كان احلب

الذي كان البذرة األولى للعقل.وفي سعي احلكماء احلكمة في أفئدتهمI اكتشفوا الصـلـة بـS الـوجـود

والعدم.٥ ـ لقد انقسموا بالعرضI فما الذي كان أسفل وما الذي كان أعلى?

Iكان هناك حاملون للبذرة والقوى الهائلةدافع من أسفل وحركة إلى األمام من أعلى.

٦ ـ من ذا الذي يعرف حقا? من ذا الذي oكنه أن يقول هنا?متى ولد هذا اخللق? ومن أين جاء?

لقد جاءت اال^لهة بعد خلق هذا العالمI فمن ذا الذي يعرف من أين جاء?I٧ ـ ذلك الذي من رحابه جاء اخللق

Iسواء كان يضمه معا أم الهو الذي يراه في السماء العالI هو وحده الذي يعرف ـ أو ر}ا حتى ال

يعرف!(١٠ ـ ٢٩ من ترجمة ا#ؤلف)

تكشف هذه األشعارI ا)قتطفة من قسم حديث نسبيا مـن الـريـج فـيـداعن إ)ام باحملاوالت السابقة لتحديد أصول الوجودI لكن احلكيم هنا يحاولالوصول إلى ماهو بصورة مطلقةI كل الفوارق واخلالفات. و)ا كان الوجودوالعدم يعارض أحدهما اال^خرI فإن احلكيم يفترض وجـود حـقـيـقـة واثـقـةأسبق هي مصدر هذا الزوج من األضدادI بل التضاد بينهما ذاته يشير إلىوحدتهما السابقةI �اما كما يحدث عندما تنشطر ثمرة الفاكهةI مثالI إلىشطرينI فإن هذين الشطرين يشيران إلى كل سابقI وهذا الكل غير ا)قسم

للوجود والعدم معا.للواقع هو ما ينشده احلكيم مصدراSغير أنه مادام الفكر التصوري يضرب بجذوره في االختالف ا)طلق ب«مايكون أو ما ال يكون»I فإن السعي وراء واقع أصلي غير مقسم ال oكن أنيكون سعيا تصوريا خالصا. هكذاI فإننا نرى الشاعر يكافح في إطار احلدوداحملصورة }ا هو كائن وغير كائنI ومع ذلك فإن كلماته تشير إلى مايتجاوزهذه احلدودI األمر الذي يوحي بعجز اللغة وبعمق مـايـجـاوز احلـدودI ومـا

Page 48: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

48

الفكر الشرقي القد

oكن أن يقالI في ا^ن واحد.إن احلكيم يتساءل: ما الذي كـان هـنـاك قـبـل الـوجـود والـعـدم? وتـروياألساطير أن الوجود كان مغطى با)اءI أو كيف أنه كانت حتميه قوة أعظمال تصل إلى كنهها. لكن احلكيم في غمار جهوده للـمـضـي إلـى مـا يـتـجـاوزالثنائيات التي تفصل ا)وت عن اخللـودI والـلـيـل عـن الـنـهـارI والـنـفـس عـنا)تنفسI ال يجد مجاال للنفي أو اإلثباتI فالعقـل الـذي يـبـحـث فـيـمـا وراء

الكينونة والالكينونة ال يجد إال ظالما.. ظالما يلتف في ظالم.ر}ا في احلبI الذي oضـي إلـى مـا وراء الـعـقـلo Iـكـن الـعـثـور عـلـى

حد األضدادالواقع األول. فجذور الوجود إ�ا توجد في احلبI وهو قوة توق. هكذاI فإن الشاعرI في ا)قطوعة الشعرية الـرابـعـةIفي كل جديد خـال

يشير إلى أنه في احلب تلتقي قوى الوجـود والـعـدمI لـتـلـد كـل أشـيـاء هـذاالعالم. لكنه يدرك أن ذلك ال يفسر أصول الـوجـود والـعـدمI وإ�ـا يـوضـحإنتاجهما ا)شترك للعالم. إذن من ذا الذي يعرف هذا السـر? مـن ذا الـذييستطيع اختراق لغز احلياة األساسي? إن الترنيمة تختتم باإلشارة إلى أنهحتى «هو الذي يراه في السماوات العـال» ال يـسـتـطـيـع أن يـصـل إلـى هـذها)عرفةI والفكرة التي تتضمنها هي أن ا)وجودات البشرية يتعS عليهـا أنتظل منفتحة على هذا السرI مشاركة في عملية التجدد الذاتيI التـي مـن

خاللها يتحقق الكل غير ا)نقسم في احلياة اليومية.واكـتـشـاف الـواقـع األسـاسـي الـذي يــجــاوز ا)ــنــطــق والــلــغــة هــو أحــداالستبصارات العظيمةI للفيداI فـ «ذلك الـواحـد» غـيـر ا)ـقـسـمI والـذي السبيل إلى تسميتهI يشكل األساس والـطـاقـة لـكـل وجـود. ولـقـد وقـف هـذا

إن هذاRitaاالكتشاف جنبا إلى جنب مع الرؤية القائلةI بحسـب «الـريـتـا» الواقع األصلي يعمل بطريقة منظمة على نحو جوهريI فمكن شعب الفيدامن النظر إلى أنفسهم باعتبارهم جزءا من كون محكم النظام. وقد وجدواسبيال إلى ا)شاركة في التجديد ا)تواصل للوجودI وذلك من خالل ا)شاركةYمن خالل تأدية الطقوس اخلاصة باالحتفال بتقد Iفي هذا النظام اإللهي

).YajnaالقرابS (ياجنا تعتمد الرؤية الفيدية على االستبصارات الفلسفية العميقة القـائـلـة إنالواقع هو كل ال يتجزأ على اإلطالقI وأن هذا الكل هو في جوهره عمليـة

Page 49: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

49

الفيدا واألوبانيشاد

محكمة النظام. وألن نصوص الفيدا معنية في ا)قام األول بتحقيق الكمالنظر إلـيـهـاIفي احلياة من خالل ا)مارسة الـديـنـيـةI فـإن هـذه الـنـصـوص ي

بصفة عامةI على أنها نصوص دينية أكثر منها فلسفية.ليس التمييز بS الدين والفلسفة باألمر الـهـS. وoـكـن أن يـقـال عـلـىاجلملة إن الفكر الفلسفي حرI في أن oضي في أي اجتاه تقوده التجربةإليهI دو�ا ضوابط من احلقيقة ا)قررة سلفا. وقد كانت األجـزاء ا)ـبـكـرةمن نصوص الفيدا فلسفيةI بقدر ما أفضت جتارب احلـكـمـاء وتـأمـالتـهـمإليه من نتائج حول طبيعة الواقع. ولكن عندما أصبح ينظر إلى هذه اإلجاباتIفإن ا)فكرين لم يعودوا أحرارا في مواصلة البحث Iباعتبارها مطلقة ونهائيةبل تقيدواI باإلطار الذي أماله ا)وقف الذي اعتبر اإلجابات السابقة نهائية

وحاسمة.ومن السمات األخرى للفكر الفلسفي أنه ناقد لذاتهI يدرك على الدوامأن اإلجابات ا)زعومة تعتمد في حقيقتها على الدليل الذي يبررها. وهـنـاIغـيـر فـلـسـفـي Iمرة أخـرى Iيبدو اجلانب األعظم من الفكر الفيدي ا)بكرذلك أنه لم تثر في الغالب مسألة ضرورة البرهان إلثبات صحة الـدعـاوى

العديدةI التي قامت على أساسها ا)مارسات الدينية.

٤ ـ األوبانيشاد:األقسام األخيرة من الفيداI والتي تعرف باألوبانيشاد ذات طابع فلسفيIذلك ألنها تخلو من قيود احلقيقة ا)قررة سلفا Iأكثر من األجزاء ا)تقدمةوهي تتضمن اعترافا باحلاجة إلى تقدY دليل على دعواهاI كما أنها تعنىبا)بادىء األساسية للوجود. ورغم ذلك فهي ليست فلسفية با)عنى الدقيقIدون أي حتليل شكلي )عايير احلقيقة Iذلك أنها �ضي قدما Iلهذا اللفظوللعالقة بS هذه األخـيـرة والـبـرهـان. وفـي أغـلـب األحـوال فـإن الـتـجـربـةIالشخصية )ا يتم طرحه تؤخذ على أنها برهان مقنع على صحة الدعـوىولكن ليست هناك أي محاولة إليضاح الكيفية التي oكن بها اعتبار أنواعمعينة من التجارب أدلة على دعاوى خاصة بالواقع. وبينما يوجد اعترافعام بأن وجهات النظر ا)تناقضة ال oكن أن تكون صحيحةI فإننـا نـغـالـيكثيرا إذا قلنا إن ذلك يعني أن العقل هو الذي يحدد صدق أو زيف وجهات

Page 50: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

50

الفكر الشرقي القد

النظرI ذلك أن مبادىء ا)نطق والعقل لم يثبت جناحها من الناحية الصورية.وبالتالي فإن األوبانيشاد �يل إلى تأكيد أهمية مضمون رؤية احلكـيـمأكثر من ميلها إلى التشديد على الوسائل التي oكن عن طريقها تبرير هذهالرؤية. والدعاوى الواردة في نصوص األوبانيشاد ينظر إلـيـهـا بـاعـتـبـارهـاتقارير عن جتربة احلكماءI وليست نظريات فلسفية تنتظر التبريرI فتجربة

احلكماء هي التي تقدم البرهان على صدق الدعاوى التي قدمت.والسؤال الرئيسي الذي تطرحه نصوص األوبانيشاد هو: «ما الطبيـعـةSاحلقة للواقع النهائي?» وهذا السؤال يفترض مقدما أن هناك اختالفا ب

نظر إليه على أنه يكفيما «يظهر» أنه واقع وما هو واقع حقاI فا)ظهر ال يلتبرير وجوده اخلاص. وإ�ا يعتقد أنه يعتمد على واقع أسـمـى. ولـم يـكـنالبحـث مـنـصـبـا عـلـى عـالـم ا)ـكـان والـزمـانI ا)ـلـيء بـاألصـواتI والـروائـحواأللوان... إلخI أو ما «يظهر» لنا على أنه عا)ناI وإ�ا هو «الشروط» التي

جتعل هذا العالم الظاهر أمرا tكنا.وهذا التمييز tاثل للتـمـيـيـز الـذي يـتـم بـS األلـوان الـتـي يـراهـا ا)ـرءوالشروط التي جتعل رؤية األلوان أمرا tكنا. وقد يقول قائل إن مـا يـراها)رء ليس إال ألوان الطيف اخملتلفةI معتـبـرا أن األلـوان شـيء مـوجـود فـيSالعالم. لكن قد يذهب شخص ا^خر إلى أن األلوان على نحو ما تراها العال توجد «حقا»I وإ�ا هي «تظهر» على أنها موجودة عـنـدمـا �ـر مـوجـات.Sضوئية طولية معينة خالل وسط خاص قبل أن تنـفـذ إلـى شـبـكـيـة الـعـواحلديث عن األلوان هو حديث عن ا)شروطI واحلديث عن ا)وجات الطوليةوالوسيط هو حديث عن مصادر الشروط التي �كنه من أن يوجد باعتبارهمظهرا. غير أنه هاهنا ينتهي التشابهI ذلك أن حكماء األوبانيشاد لم يبحثواالشروط اخلاصة }ظاهر بعينهاI وإ�ا كانوا يسعون إلى معرفة ذلك الذي

فرض الشروطI أو الذي جعل الوجود نفسه أمرا tكنا.لم يكن لدى هؤالء احلكماء تصور واضح عما يبحثون عنهI فقد كـانـواIيعرفون أنه البد من وجود ذلك الذي عن طريقه وجدت كل األشياء األخرى

»Brahmanوالذي جعلها عظيمة. واالسم ا)عطى لهذا «الشيء» هو «براهمان وهو يعني «ذلك الذي يضفي العظمة». وقد كان اسما غير وصفيI فهو اليسمي أي شيء محددI مجردا كان أم متعينا. ولـقـد سـجـلـت األوبـانـيـشـاد

Page 51: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

51

الفيدا واألوبانيشاد

البحث عن «براهمان» باعتباره بحثا عـن الـواقـع اخلـارجـي الـنـهـائـي. وقـدف ذلك «الشيء» عن طريـق الـرمـوزIكانت هناك في البداية محاولـة لـتـعـر

والطقوس الدينيةI وعن طريق األشياء الطبيعيةI مثل الشمس والقمرI وعنطريق وظائف سيكولوجية معينة للموجودات البشرية. وكل هذه احملاوالتلتحديد ماهية «براهمان» من خالل شيء ا^خر تفترض مقدما حدودا لتلكالقوة. ولكن إذا كان «براهمان» مطلقا فمن ا)ستحيل أن يكون مقيداI ذلكأنه ليس من ا)مكن أن يكون هناك شيء فيما وراءه ليـقـيـده. وعـنـدمـا بـدأاحلكماء يدركونI بصورة أكثر وضوحاI أن «براهمان» ال oكن وصفه علىنحو مناسب بااللتجاء إلى خبرتهم بعالم الظاهرI حاولوا حتديد هذا الواقع

بالسلب.ويقول «ياجنافاكا في أوبانيشاد بريها دارانياكا» إن براهمـان ال سـبـيـلإلى تصورهI فهو ال يتغيرI وال يناله أذى وال oكن إدراكه. وجاء في أوبانيشادكاثا أن براهمان ال سبيل إلى سماعهI وال مجال لرؤيـتـه أو تـذوقـهI ولـيـسبالوسع شمهI وهو بال بداية وال نهايةI وأعظم من العظيم. ويوصف براهمان

على صعيد السلب في «أوبانيشاد مونداكا» على النحو التالي:Iوال أذن Sوال لون بال ع Iال نسل له Iأو اإلحاطة به Iال سبيل إلى رؤيته»وبال أيد وال أقدامI يتخلل كل شيءI وهو كلي الوجودI إنه الواحد الـذي ال

.(٤)يتغيرI الذي ينظر إليه احلكماء باعتباره مصدرا للموجودات»وقد ساد شعورI واضحI بأن براهمان ليس متعددا وال ماديا. ولكن هذهاخلصائص سلبية. وبعد النظر إلى براهـمـان بـاعـتـبـاره ذلـك الـذي يـجـعـلالزمان وا)كان والسببية أمورا tكنةI كان من ا)ستحيل النظر إليه على أنهيتقيد بها. فكونه سابقا للمكان والـزمـان والـسـبـبـيـة يـعـنـي كـونـه مـتـجـاوزاخلصائص الكون التجريبيI ومن ثم متجاوزا للوصف اإليجابيI فذلك الذييجعل من التصور ذاته ومن ا)تصور أمرين tكنS ال تفلح في صيده شبكةاإلدراك الذهني. ولكن إذا كان األمـر كـذلـكI فـإن طـبـيـعـة بـراهـمـان تـظـل

مراوغة وغامضة.وعلى الرغم من احلقيقة القائلة إنه مع كل تركيز مفكري األوبانيـشـادIعلى براهمان فإنهم لم ينجحوا في حتديد الطبيعة ا)طلقة للواقع اخلارجيفإنهم لم يحبطوا بصورة كاملةI فقد حاول بعضهم بطرحه للسؤال بطريقة

Page 52: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

52

الفكر الشرقي القد

مختلفة أن يصل إلى الطبيعة النهائية للذات. وكان السـؤال الـذي طـرحـوههو: «ماذا عساي أن أكون في أعمق وجود لي?».

وقد كان هذا بدوره سؤاال حول شروط الظاهرI ولـيـس حـول الـظـاهـرنفسهI وهذا السؤال يفترض مسبقا أن الذات شيء يفوق ماتراه العIS ذلك

أن الكيان اجلسدي ليسI بصفة خاصةI مراوغا أو غامضا.ن الكيان اجلسدي من أن يوجد فذلك موضوع ا^خر.أما مسألة ما oك

فقد أبدو كيانا جسدياI ولكن هل ذلك هو ما أنا علـيـه حـقـا? وهـل «األنـا»الذي يظن الذاتI كيانا جسديا هو بدوره كيان جسدي? أليس من ا)ناسبأن نقول إن «األنا» هو الذات أكثر من أن نقول إنه اجلسد? تلك هي أنـواع

األسئلة التي طرأت على أذهان هؤالء ا)فكرين.ليس هناك شك في أن التمييز بS ماتبدو عليه الذاتI. وماهي علـيـهحقا قد افترضه مفكرو األوبانيشادI ولقد اسـتـرشـد بـحـثـهـم عـن ا)ـاهـيـة

العميقة لإلنسان بهذه الوصية:«إن الذات (أ�ان) ا)تحررة من الشرI وا)تحررة من الشيخوخةI وا)تحررةمن ا)وتI وا)تحررة من اخلوفI وا)تحررة من اجلوع والظمأI والتي تنشدالواقعيI والتي يواكب احلق أفكارهاI ينبغي أن يسعى إليها من يرغب فـي

.(٥)الفهمI ومن يعثر على هذه الذات ويتفهمها يظفر بكل العوالم والرغباتلقد كان السؤال هو: ما تلك الذات العجيبة والغامضة? ولقد قام حكماء«أوبانيشاد تايتيريا» «في غمار محاولتهم اإلجابة عن هذا السؤال بتحويلانتباههم إلى اجلوانب والوظائف اخملتلفة للشخص الفردI فيما هم يبحثونعن تلك الذات ا)طلقةI وذهبوا إلى إنه إذا كان من ا)عتـقـد أن الـذات هـياجلسدI فإنها تكون الطعام بصفة جوهريةI ذلك أن اجلسد هو طعام مهضوم.ولكن من ا)ؤكد أن الذات ال oكن أن تتحد مع اجلسد فحسبI ألنها شيءيفوق ذلكI فهي حسية ومتحركة. وإذا لم تكن الذات طعاماI فر}ـا كـانـتاحلياة ا)ستمدة من الطعام. ولكنهم أدركوا أنه بينما يفيد ذلك في �ـيـيـرا)ادة احلية من ا)ادة اجلامدةI فهي ليست ذات الشخص ا)طلقةI ذلك أنالشخص يزيد على كونه طعاما حياI والذات تـرىI وتـسـمـعI وحتـسI إلـخ.وoضي هذا التأمل ليقول إنه ر}ا كان ينبغي النظر إلى الذات من خاللمفاهيم العقل أو اإلدراك. ولكن هذا بدوره بدا غير مناسبI ذلك أن التفكير

Page 53: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

53

الفيدا واألوبانيشاد

والفهم يتعلقان على نحو أكثر مالءمة بالذات منهما باإلدراك. غير أن هذاالطرح رفض بدوره باعتباره طرحا غيـر مـنـاسـبI ذلـك أنـه البـد أن يـكـونهناك من oنح الوجود للتفكير والفهم. وكما تقول األوبانيشاد: «مـخـتـلـفـة

.(٦)عن ذلك الذي يتألف من الفهمI وقائمة في أغواره هي الذات ا)باركة»كان هذا البحث عن الذات ا)طلقة هو بصفة جوهرية مسألة تسير على

ظر إلـيـهـانحو أعمق وأعمق في أسـس الـوجـود اإلنـسـانـيI وهـي مـسـألـة نباعتبارها تتناول احلياةI وتلك بدورها تتناول الذات التي حتس. وكان النشاطالعقلي أعمق من اإلحساسI ولكن ماهو أكثر عمقا يتمثل في نعيم الوعـيالكليI وعلى ذلك فينبغي أال تتحد الذات مع أي من الصور األدنى للشخصعلى وجه احلصرI وإ�ا يتعS النظر إليها باعتبارها موجودة فـي صـمـيـمالطبقات اخملتلفة للوجودI تضفي عليها احلياةI بينما تظل متميزة عنها.

يتخذ البحث عن الذات ا)طلقة في «أوبانيشاد كينا» صورة السعي وراءالفاعل النهائي أو القائم بالنشاط اإلنساني. ويطرح السؤال التالي: «}شيئة

ن تتحرك احلياة األولى? وتوجيههI يشرق العقل على موضوعاته? بأمر منم}شيئة من يتفوه البشر بهذا احلديث? وأي إله ذلك يستحث العS واألذن?».Iويتم في الفقرة التالية مباشرة اإلجابة عن هذه األسئلة بأن هناك ذاتاأساساI أكثر هي التي توجه العS إلى اللونI واألذن إلى الصـوتI والـفـهـمإلى الوعي. ويقال إن هذه الذات هي «بخالف ا)عروف واجملهول». والسؤالهنا هو بصورة أساسية أمر متعلق بالتسـاؤل عـمـا يـجـعـل الـرؤيـة والـسـمـعIولكن السؤال ال يدور حول العمليات الفسيولوجية Iكنةt والتفكير أموراوإ�ا هو يدور حول الذات التي تسمعI والذات التي ترىI إلخ. أي قد يقالإنني شيء يسمع ويرى ويفكرI ولكن من خالل ماذا أقوم بهذه األمور? إننيSفكيف تـوجـه الـعـ ISعندما �ثل أمام الع Iأرى األلوان اخلضراء أماميعلى هذا النحو? أال يتعS أن يكون هـنـاك مـوجـه داخـلـيI أو فـاعـل يـوجـهوظائف الشخص وأنشطته? إن اإلجابة الواردة في نصوص األوبانيشاد هي

«نعم» مع تأكيد شديد.غير أنه يبقى سؤال ا^خر: ما ذلك الذي يوجه كل األنشطة اإلنسـانـيـة?واجلواب عن هذا السؤال هو أنه مجهولI ذلك أنه «حيث ال تعمل العIS واليعمل الكالمI وال الذهنI نحـن ال نـعـرفI وال نـفـهـم كـيـف oـكـن لـلـمـرء أن

Page 54: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

54

الفكر الشرقي القد

يعلم». والسبب في أن مايجاوز العS واألذن والفـهـم هـو أن مـا تـتـم رؤيـتـهوسماعه وفهمه هو على الدوام موضوع تعرفه الذات اإلنسانيةI ولكن الذاتا)طلقة هي الفاعل ا)طلقI وبالتالي فإنها ال oكن أن تكون موضوعا للمعرفةقطI ويتعS أن تظل فيما يجاوز ا)عرفة العادية. ورغم ذلكI و}ا أن هـذهالذات هي العامل ا)طلقI فإنه oكن إدراكها مباشرة على أنها الوعي الذاتيIوقد أضاءه نوره اخلاص. وهكذا Iحيث يقف العارف إذا صح التعبير IIالكليفعلى الرغم من أن الذات ا)طلقة }عنى من ا)عاني ال oكن معرفتهاI فإنها}عنى ا^خرI متصلة بالتجربة ا)باشرةI وoكن معرفتـهـا عـلـى نـحـو حـمـيـموكامل من جتربة الوعي الذاتي الكلي. وبهذا ا)عنى فإنها تعرف على نحـوIوجـود ا)ـرء Sوهذا هـو يـقـ Iأكثر يقينية واكتماال من أي موضوع للمعرفة

الذي يتجاوز أي شك أو تساؤل.

يعلم أندرا:(٧)برجباتييقدم البحث عن الذاتا)طلقة في «أوبانيشاد تشانـد وجـيـا» فـي صـورة

قة) بتعليمقصة مبهجةI يقوم فيها برجباتي (الذي oثل قوى الكون اخلـالأندرا (الذي oثل اال^لهة) وفيروكانا (الذي oثل الشياطS) فيما وراء حكمة

حاملS الزاد ليتلقيا الـعـلـم مـن بـرجـبـاتـي. وقـد أعـدGuruا)علـم الـروحـي نفسيهما على امتداد اثنS وثالثS عاما لتلقي تعالـيـمـهI وذلـك مـن خـاللالتزامهما بضبط النفس. وفي نهاية هذه ا)دة يحدثهما بأن الذات هي مايريانه عندما ينظران إلى انعكـاسـهـمـا فـي ا)ـرا^ة أو صـفـحـة ا)ـاء. فـنـظـراوشاهدا صورتهما العضويةI وقد اكتستا با)البس وجتملتا وقد ابتهج فيروكانابهذه ا)عرفةI فيعود إلى عالم الشياطIS ويعلم أن اجلسم هو الذات. وهكذاتكون تعليم الشياطS! ولكن أندرا يتأمل هذه التعاليمI ويرى أنه إذا كانـتالنفس هي واجلسم سواءI فإن النفس تفنى عندما يفنى اجلسمI وتلـك الoكن أن تكون النفس اخلالدة التي ينشـدهـاI ولـذا فـإنـه يـسـأل بـرجـبـاتـيمجددا عن النفس. وفي هذه ا)رة يحدثه برجباتي بأن النفس احلا)ة هيالنفس احلقيقيةI ولكن أندرا ال يزال يشعر بعـدم االرتـيـاحI ذلـك أنـه عـلـىIالرغم من أن النفس احلا)ة ليست معتـمـدة �ـام االعـتـمـاد عـلـى اجلـسـمفإنها في بعض األحيان تغدو بدورها عرضة لأللم وا)عاناة والدمار. وهكذا

Page 55: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

55

الفيدا واألوبانيشاد

فإنه يبحث من جديد عما تكونه النفس احلقيقية. وفي هذه ا)رة يقال لـهإن النفس الغافية التي جتاوز األحالم هي النفس احلقيقية. ويقتنع أنـدرابذلك في البداية. ولكنه يدرك قبل أن يصل إلى مقر اال^لهة أنه على الرغممن أن النفس الغافية ليست عرضة لأللـم وال الـدمـارI فـإنـهـا ال oـكـن أنتكون النفس احلقيقيةI وهو يحدث برجباتي بأن النفس في غفوتها ال تعي

نفسهاI فذلك يساوي أن يكون ا)رء ميتا.ونحو ذلك الوقت مضى أندرا مايقرب من مائة عام واحد في tارسة

) وهوParavidyamاالنضباط وإعداد نفسه لتلك ا)عرفة األسمى (بارافيديا اال^ن مستعد لإلصغاء )ا يتعلق بالنفس ا)طلقة. ويحدثه برجباتي بأن النفسالتي يجري السعي وراءها تتجاوز كل النفوس الـتـي � الـنـظـر فـيـهـا حـتـىIاال^ن. حقا إن هناك النفس العضوية التي يعتقد البعض أنها النفس الوحيدةوهناك النفس التي هي الذات التي تعايش األحالمI وهي نفس يعترف بهاالبعض. وهناك نفس تعايش اإلغفاءI وإال فإن اإلغفاء سيكـون هـو وا)ـوتسواء. ولكن النفس األسمى تتجاوز هذه النفـوس كـلـهـاI إنـهـا نـفـس جتـعـلجتربة اليقظة ونفس جتربة احللم ونفس اإلغفاء أمورا tكنةI وتلك النفوس

ال تعدو أن تكون أدوات للنفس األسمىI التي هي مصدر وجودها ذاته.واحلالة التي يدرك ا)رء فيها النفس ا)طلقةI التي �نح الوجود لنفوس

Turiyaالشخص ا)ستيقظ واحلالم والغافيI يطلق عليها أحيانا اسم تورايا

أو احلالة الرابعة. وعلى العكس من واقعة اإلغـفـاءI فـإن هـذه احلـالـة هـيحالة قوامها الوعي الذاتي الكلي واالستنارة. ويقال في أوبـانـيـشـاد بـريـهـادارانياكا: «عندما oضي ا)رء للنوم فإنه يأخذ معه مادة هذا العالم الـذييحوي كل شيءI وoزقها بنفسه إرباI ويشيد صرحها بنـفـسـهI ويـحـلـم مـنخالل سطوعهI من خالل سناهI وعندئذ يصبـح هـذا الـشـخـص مـسـتـنـيـرا

بنفسه».وعلى الرغم من أن ا)عرفة العاديةI التي تفترض بصورة مسبقة ثنائيةIمستحيلة في هذه احلالة الرابعة Iالعارف وا)عروف Iالذات وا)وضوع Sبفإنه ليس هناك شك في أصالة وجودهاI فهذه األوبانيشاد نفسها تواصل

القول:Iيعرف Iفي الواقع Iفإنه I«أنه لم يعرف شيئا هناك Sالواقع أنه على ح»

Page 56: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

56

الفكر الشرقي القد

عرف عادة) ذلك أنه ال توقف )عرفة العارفII بسببرغم أنه ال يعرف (ما يعدم قابليته للفناء (باعتباره عارفا). غيـر أنـه لـيـس شـيـئـا ا^خـر غـيـر ذاتـه

ومنفصال عنها ذلك الذي يعرف..».وهكذاI فإن األوبانيشاد جتيب عن السـؤال «مـاذا عـسـاي أن أكـون فـيأعمق وجودي?» بأن أساس الوجود ذاته هو الوعي الذي يضيء ذاته والذيoكن للشخص أن يخبره مباشرة عندما يجاوز التوحد مع النفس الزائفـةللعالم ا)تموضع. ومن ا)هم بصورة بالغة أن النفس ا)طلقة (أ�ـان) oـكـنمعرفتها مباشرة وفي احلالI باعتبارها مسألة جتـربـة مـبـاشـرةI ذلـك أنـههاهنا ال oكن أن توجد شكوك أو تأرجح لليقS. وهذه إجـابـة تـتـيـح لـدى

إدراكها الرضا التام للفرد.Iفحكماء نصوص األوبانيشاد Iوالكتشاف «أ�ان» أهميته من وجه ا^خرالذين كانوا يسعون وراء كل من الواقع اخلارجي ا)طلق (براهمان) والواقعSالداخلي ا)طلق (أ�ان) وصلوا إلى االستفسار عن العالقات والصالت بهذين الواقعS. واالكتشاف ا)ثـيـر الـذي وصـلـوا إلـيـه اال^ن هـو أن «أ�ـان»ليس إال براهمانI فهناك واقع مطلق واحد oكن الدنو منهI إما من خاللالنظر إلى خارج نفس ا)رءI أو بالنظر في أعماق نفسه. وهكذاI فإنه علىالرغم من أن بحث طبيعة الواقع اخلارجيI أو براهمانI قد بدا أنه انتهىباإلحباط بسبب استحالة قول أي شيء عن ا)وضوع ا)طـلـقI فـقـد حتـقـقاال^ن أن براهمان oكن أن يعرف من خالل التجربة التي تؤكد نفسـهـا فـيجتربة االستنارة الواعية الكليةI ألن براهمان هو الذات ا)طلقةI أو «أ�ان».فال فارق بS الذات ا)طلقة وا)وضوع ا)طلقI والواقع الذاتي ا)طلق والواقعا)وضوعي ا)طلق فهما شيء واحد! ومن الصعب تخيل اكتشاف أكثر إثارةمن ذلكI ففي غمار السعي لفهم الطبيعة ا)طلقة للعالم والنفس � اكتشافأن كل األشياء موجودة في داخل «أ�ان»I وأن كل شخص يحتوي كل األشياءفي داخل النفس األكثر عمقاI وما على ا)ـرء سـوى أن يـعـرف نـفـسـه لـكـي

عرف بأكثر الطرق يقينيةI فهي oكن أنيعرف كل شيءI والنفس oكن أن تتتجلىI عندما يتم جتاوز موضوعات الوعي التي حتول دون االستنارة الذاتية.وتعد وحدة أ�ان وبراهمان أعظم اكتشاف في األوبانيشاد. وهذه الوحدة

) التي يرعاهاUpanisatهي قبل كل شيءI السر والتعاليم ا)قدسة (أوبانيشات

Page 57: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

57

الفيدا واألوبانيشاد

حكماء األوبانيشاد }زيد من احلرصI والتـي تـشـكـل الـرسـالـة األسـاسـيـةلهذه الدراسات.

أرباب البيوت اخلمسة:البحث في طبيعة براهمان وأ�ان واكتشاف العالقة بـيـنـهـمـا يـشـرحـهبوضوح شديد صورة أرباب البيوت اخلمسة الذين درسوا على يد أشفاباتي

.(٨)كايطايااجتمع براسينشاال أو بامانيافاI وساتيا ياجنا بولوسيI وأندرا داoنابهاالمياI وجانـا شـاركـار كـسـايـاI وبـوديـال أشـفـاتـاراشـفـيI وهـم أربـاب بـيـوت

رفوا بعلمهم وحكمتهمI وكان اجتماعهم لبحث ماهية الـنـفـسمشهورونI عUddalakaوماهية براهمانI وقـد أجـمـعـوا عـلـى أنـه }ـا أن «أداالكـا أرونـي

Aruniيعكف في الوقت الراهن على دراسة الذات الكليـة فـالبـد لـهـم مـن «الذهاب إليه.

ولكن عندما أقبلوا عليهI راح «أداالكا» يحدث نفسهI قائال: «إن أربـابالبيوت العظام هؤالءI الذين تضلعوا في ا)عارف ا)قدسة سوف يطـرحـون

األسئلةI ولن أ�كن من الرد عليهم جميعاI ومن ثم فإنني سوف أوجههمعليإلى (معلم) ا^خر».

فقال لهم: «أيها السادة احملترمونI إن أشفاباكي كايكا يدرس اال^ن هذهالنفس الكليةI فلنذهب إليه». وعندما وصلـوا عـنـده أعـلـنـوا عـن غـرضـهـمقائلS: «سيديI أنت اال^ن تعرف ما النفس الكليةI فلتخبرنا عن أمرها..».وفيما راح أشفاباتي كايكايا يؤكد لنفسه أن هؤالء األشخاص مـؤهـلـونلتلقي تعليمه ا)قدسI اكتشف أن واحدا منهم يعتقد أن السماء هي النفسالكليةI في حS أن ا^خر يعتقد أن الشمس هي النفس الكليةI ويرى ثالث أنا)كان هو النفس الكليةI واعتقد الرابع أن الـنـفـس هـي الـهـواءI فـيـمـا رأىاخلامس أن ا)اء هو النـفـس الـكـلـيـة. أمـا «أداالكـا أرونـي» فـقـد بـحـث عـنالنفس في األرض. فقال أشفاباتي كايكايا: لكل رب بيت إن معرفته جزئيةومحدودة فحسبI وقال لهم: «الواقع أنكم تتناولون طعامكم وأنتم تعرفونأن هذه النفس الكلية كما لو كانت نفوسا كثيرةI غير أن من يتأمل النفـسالكليةI باعتبارها مقياسا لالتساعI أو على أنها متحدة مع النـفـسI سـوف

Page 58: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

58

الفكر الشرقي القد

يتناول الطعام في كل الدنياI وبS جميع ا)وجوداتI ومع النفوس كافة».وعادة ما يفسر هذا القول الوارد في تعاليم «أشفاباتي كايكايا» على أنهIدو�ا �ييـز Iوفي كل كائن Iيعني أن النفس الكونية كامنة في كل شخصوعلى أرباب البيوت أن يدركوا النفس الكلية أو الكونية في نفوسهمI ألنهم

ليسوا مختلفS عنها.وتتضمن «أوبانيـشـاد تـشـانـدوجـيـا» كـذلـك الـقـول الـشـهـيـر الـذي قـالـهشاتدياليا: «حقا إن هذا العالم كـلـه هـو بـراهـمـان. وهـو يـحـتـوي عـلـى كـلاألعمالI ويضم جميع الرغباتI ويشمـل الـروائـح كـافـةI ومـا يـحـيـط بـهـذاالعالم بأسره دو�ا حديثI وبـغـيـر اكـتـراثI إ�ـا هـي نـفـسـي (أ�ـان) فـي

.(٩)قلبيI إنها براهمان»وoيل ا)رءI بسبب اجلهل ا)طبق الذي يؤدي إلى �وضع العالمI وبسببالتعددية الناجمة عن ذلكI إلى النظر إلى الواقع ا)طلق باعتباره شيئا ا^خر.Iحيث إنه «في البدء كان كل هذا العالم براهمان فحسب Iولكن ذلك خطأ

Ahamومن يعرف األمر على هذا النحو: أنا البراهمان (أهام براهمان أسي

Brahman Asi.«فإنه يصبح ذلك كله (وهكذاI فإن التعليم الذي تلـقـاه أربـاب الـبـيـوت مـفـاده أنـهـم مـن خـاللمعرفتهم أنفسهم األكثر عمقا سيعرفون النفس الكونيةI سيعرفون كل شيء.وهذا التعليم يصاغ على نحو جميل في تلك الفقرة الشهيرة من «أوبانيشادIتشاندوجايا» التي يعلم فيها أداالكا ابنه «سفتاكيتو» ما يتعلق بالواقع ا)طلق

Tatحيث يحدثه بأنه هو ذلك الواقع ا)علق (تات تفام أسيI ياشفـتـا كـيـتـو

Tvam asi shefta Ketuوقد أصبح شفتا كيتو تلميذا في الثانـيـة عـشـرة مـن (عمرهI ودرس نصوص الفيدا طيلة اثني عشر عاما. وفي الرابعة والعشرينمن عمرهI داخله الكبر والغرور. حيث ظن أنه قد علمI وعندئذ قال له أبوه:«}ا أنك اال^نI ياشفتا كيتوI قد ساورك الغرورI وحتسب أنك قد تبـحـرتفي العلمI وأخذك الصلفI فهل سألت عن تلك التعاليم التـي }ـقـتـضـاهـاIوإدراك مـا ال سـبـيـل إلـى إدراكـه Iكن سماع ما يستعصـي عـلـى الـسـمـعoومعرفة ما ال قبل ألحد }عرفته?». وعندما تساءل شفتا كيتو كيف oـكـن)ثل هذه التعاليم حتى أن تكون tكنة? أجابه والده: «�اما يا عزيزيI كماأنه بكتلة من الطS يصبح كل ماهو مصنوع من الطS معروفاI والـتـعـديـل

Page 59: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

59

الفيدا واألوبانيشاد

الذي حدث ليس سوى اسم نشأ عن طريق الكالمI بينما احلقيقـة هـي أنهذه الكتلة ليست إال طينا». ومغزى هذا القول هو أن تنوع األشياء في هذاالعالم وتعددها ليس إال مظهرا خداعا يخفي الواقع ا)وحدI الذي يكمن في

قرار هذه األشياءI وأن الواقع الكامن هو واقع النفس.ثم �ضي التعاليم قدما لتصل إلى التوجيه الشهير: «ذلك هو اجلوهراخلفي ا)وجود في هذا العالم باعتباره ذاتـه أو نـفـسـه (أ�ـان) هـو احلـق.

) ياشفتا كيتو».Tat Tram asiذلك هو أ�ان. ذلك. هو أنت (تات تفام أسي و«اجلوهر اخلفي» ا)شار إليه هو «براهمان»I مصدر كل الوجود. وهكذافإنه عندما يتوحد شفتا كيتو مع ذاته أو نفسه العميقةI أو أ�انI ويـتـحـد

هذا األخير مع براهمان فإن التعاليم الصوفية يكون قد � نقلها.وبالطبعI فإن «شفتا كيتو» بفهمه لهذه التعاليم (}عنى فهم اللغة الـتـيIذلك اجلوهر اخلفي ا)ـراوغ Iصيغت بها) ال يصل بذلك إلى معرفة نفسهIوالتعاليم نفسها هي موضوع للتثقيف Iفمعرفته ال تزال معرفة با)وضوعاتبينما ماينبغي أن يعرف ليس إال الذات اخلالصة. ويطرح ياجنا فالكايا هذاعندما يرد على طلب «أوشاستا كاكريانا» بإيضاح عن «البراهمان احلاضرعلى الفور والذي يدرك مباشرةI أي النفس ا)وجودة فـي جـمـيـع األشـيـاء»ويأتي رده بأن يعلن «أن نفسك هي الكامنة في األشياء كافة». وعندما يعادطرح السؤال مجددا: «أهي كامنة في األشياء كافة?» فإن الرد يـأتـي عـلـىهذا النحو: «ليس }قدورك أن ترى رائي الرؤيةI ليس بوسـعـك أن تـسـمـعسامع السمعI ليس باستطاعتك أن تفكر في مفكر التفكيرI ليس بإمكانك

أن تدرك مدرك اإلدراك. إنها نفسك الكامنة في كل األشياء».هذه هي الذات ا)طلقة التي ال oكن أن تصبح موضوعا قط. وبالتاليفإنه ال oكن معرفتها بالطريقة الـتـي oـكـن بـهـا مـعـرفـة ا)ـوضـوعـات فـي

الوعيI وإ�ا يتعS إدراكها مباشرة من خالل التجارب ا)ضيئة للنفس.أسفرت ا)زايا التي � جلبها إلى البحث عن الواقع ا)ـطـلـق مـن خـاللطبيعة الوعي بأ�ان باعتباره جتربـة فـوريـة ومـبـاشـرة عـن إتـاحـة اجملـالإلثبات وجود «أ�ان» الذي ال سبيل إلى تفنيدهI لكن هذا النوع من ا)عرفةيحمل معه كذلك بعض ا)ثالبI فمعرفة ا)وضوعات هي معرفة شائعة علىنحو ال ينطبق على التجربة ا)باشرةI وهي متاحة ألي شـخـص لـتـمـحـيـص

Page 60: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

60

الفكر الشرقي القد

دليل على دعاوى معرفة موضوعات معروفـة. ولـكـن جتـربـة ا)ـرء الـفـوريـةليست متاحة إال له وحده. وهكذا فبينما ال يوجد بالنـسـبـة لـلـشـخـص ذيالتجربة ماهو أكثر يقينية من التجربة نفسهاI فإنه بالنسبة )ن يفتقر إلـىالتجربة ليس هناك إال برهان محـدود أو لـيـس هـنـاك بـرهـان بـا)ـرة عـلـى

الواقع ا)زعوم.وفي هذا الصددI فإن معرفة أ�ان �اثل معرفة احلبI فأولئك الذينيجربون احلب هم وحدهم الذين يعرفون طبيعته. وقد يطرح ا^خرون مزاعمشتى عن احلبI ولكنهم يفتقرون بجالء إلى التجربة ا)ناسبة. أما بالنسبةللشخص صاحب التجربة فإنه ما من شيء oكن أن يكون أكثر يقينية منوجوده. رغم أن الشخص الذي يفتقر إلى التجربةI يحتمل إلى حد كبير أنيتشكك في وجود احلب. وبطريقة tاثلة فإن من يفتقرون إلى اإلoان أوالتجربة قد يتشككون في وجود «أ�ان» وفي إمكان إدراكهI ولكن من جربوا

نعيم أ�ان يعرفون النشوة ا)طلقةI فقد حتققوا منه �ام التحقق.

Page 61: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

61

الفيدا واألوبانيشاد

الهوامش

I إله النار ا)قدسة في البانثيون الهندوسيI وهو احملور الذي يربط عالـم الـنـاسAgni(١) ا^جني وعالم اال^لهة في أسفار الفيداI وهو يشكل مع أندرا وسورايا ثالوثا هنديا مقدسا. (ا)ترجم).

: أحد اال^لهة احلارسة للشهور في الهندوسية وإله كل األحياءI أو هو الشمس التيIndra(٢) إندرا تولد احلي من احليI وهو إله احلرب والعواصف وملك اال^لهة وقائدهم في ا)ـعـارك فـي أسـفـار

الفيداI وغالبا ما oثل في صورة شخص بهي الطلعة يركب فيال. (ا)ترجم).

: إلهة االتصال التي � عن طريقها خلع اإلله إندرا من عرشه. (ا)ترجم).Vac(٣) فاك

(٤) أوبانيشاد مونداكا اجمللد األولI فقرة ٬١ ٦ من ترجمة ا)ؤلف.

(٥) شامدوجيا األوبانيشاد الكتاب السابع في األوبانيشاد الرئيسية الـتـي قـام عـلـى نـشـرهـا س.راداكريشتان لندن عام ١٩٥٣ ص ١٠٥ وجميع االقتباسات مأخوذة من هذه الطبعة ما لم نشر إلى

غير ذلك (ا)ؤلف).

(٦) أوبانيشاد تأثيرا الكتاب الثاني فقرة ٥ (ا)ؤلف).

: اإلله اخلالق عند الهندوس الذي خلعه اإلله أندرا عن عرشه. الحظ أنـهPrajapati(٧) برجباتي ليس tا يخلو من الداللة كذلك أن االسم يرتبط في األعراف الهندوسية باخمللوقات التي تصدرعن ذهن براهماI وأن االسم قد أطلق على العديد من اال^لهةI كذلك لكنه ارتبـط بـصـفـة خـاصـة

بالريشيI وهم احلكماء السبعة األسطوريون. (ا)ترجم).

(٨) أوبانيشاد شاندوجيا الكتاب اخلامس ١١ ـ ١٨ (ا)ؤلف).

(٩) أوبانيشاد تشاندوجايا: الكتاب الثالث ٤٠١ (ا)ؤلف).

Page 62: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

62

الفكر الشرقي القد

Page 63: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

63

اجملتمع والفلسفة

اجملتمع والفلسفة

١ـ حتقيق النفس:كان من ا)مكن أن توجد ثالثة مواقف أساسيةحـيـال مـعـرفـة «أ�ـان»I وذلـك بـسـبــب الــطــبــيــعــةالتجريبية لهذه ا)عرفة. فقد نفى ا)تشككون وجودأي ذات مطلقة من هذا النوعI على أساس أنهم لميجربوها. وكان ا^خرون على استعداد لقبول وجـود«أ�ان» وطبيعته كافتراض فلسفي يتعS إتباته علىأساس العقل. وكـان هـنـاك ا^خـرونI ور}ـا شـكـلـواالغالبية العظمى من شعب الـهـنـدI عـلـى اسـتـعـدادلقبول شهادة احلكماء والعرافS باعتبـارهـا دلـيـالمقنعا على إoانهم بوجود أ�ان وإمـكـان الـدخـولمعه في جتربةI فقد كان موضع االهتمـام الـكـبـيـربالنسبة لهؤالء الناس هوالـوصـول إلـى سـبـيـل إلـى

هذا التحقق ا)دهش.لم يكن هذا االهتمام ميزة يتمتع بها القلةI وإ�ايشترك فيه أعضاء اجملتمع كافة. ولم يكـن بـوسـععدد كبير من األشخاص الذين يكافحون من أجلحتقيق أ�ان أن يشاركواI للعديد من األسبابI فيمعرفة تعالـيـم األوبـانـيـشـاد الـصـوفـيـة وقـواعـدهـاالسلوكيةI وإ�ا اضطروا إلى االعتماد على وسائلأخرى للتعلـيـم واإلجنـاز. و�ـت بـصـورة تـدريـجـيـة

4

Page 64: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

64

الفكر الشرقي القد

أقاصيص خرافيةI وحكاياتI وقصائدI وقوانS قدمت للـعـامـة فـي الـهـنـدإرشادات ومثال عليا لنوعية احلياة التي من شأنها أن جتعل حتقيق أ�ان

. ويقدم هذه الكتابات الوسيلة األساسية لتحويل التعاليم ا)قدسةt Iكناأمراالتي قال بها كهنة الفيدا وحكماء األوبانيشادI إلى طـريـقـة حلـيـاة الـنـاس.وقد ارتبط التأكيد الفيدي ا)بكر على أهمية الطقوس الدينية مع التعاليمالفلسفية الواردة في نصوص األوبانيشاد بتشديدها على االنضباط الذاتي

وا)عرفةI وذلك بطريقة خففت كال من الطقوس والتجريد الفلسفي.Sوالقراب Iوالعبادة Iوقد مالت هذه الكتابات ليس إلى النظر إلى الصالةا)نتمية إلى التراث السابق باعتبارها متناقضة مع تأكيد األوبانيشاد على

أهمية ا)عرفة بأ�انI وإ�ا مالت إلى التأليف بS هذه االجتاهات. أو «األنشودةBhagarad Gitaوأهم محاولة لهذا التأليف هي البهاجفارجيتا

اإللهية»I وفي اجليتاI وهي جزء من ا)هابهارتاI تنقل عن نصوص األوبانيشادتقمص الشخص الفرد أل�ان وتقمص هذا األخيـر لـواقـع الـكـون ا)ـطـلـق.

I يشير(١)ولكن األ�ان يرمز له هنا بالربI وا)علم اإللهي في اجليتاI كرشنا Iإلى نفسه باعتباره الشكل ا)تناهـي لـالمـتـنـاهـي زاعـمـا أنـه اإللـه فـيـشـنـووبراهمان الوارد في نصوص األوبانيشاد في ا^ن معا. وليس ثمـة تـنـاقـضهناI ذلك أن فيشنوهوI ببساطةI صورة براهـمـانI أو الـنـفـس ا)ـطـلـقـةI أو

أ�ان. من السهل إدراك أن األحاديث الفلسفية اجملردة الواردة في نـصـوصاألوبانيشاد ما كانت لتلقى القبولI من جانب غالبية الناسI الذين اعتادواالتعامل مع احلياة في صورتها اجملسدة. ولكن عندما يضفي على براهماناجملرد شكل متعS في صورة شخص كرشناI فإن قبولها يصبح أمرا tكنا.Iوإذ شعرت غالبية الشعب الهندي في أعماق وجودها باندفاع الالمتناهيوهو يكافح لتحرير ذاته من أغالل ا)ـتـنـاهـي وا)ـتـعـIS فـقـد رحـبـت بـرمـزIفهاهنا شعاع مـن الـنـور واألمـل Iوقد غدا متناهيا في كرشنا Iالالمتناهيذلك أنه إذا كان الالمتناهي يستطيع الوصول هابطـا إلـى ا)ـتـنـاهـيI فـإنا)تناهي oكنه بدوره أن يصل صعودا إلى الالمتناهيI والهوة بS ا)تناهيوالالمتناهي ـ بS النفس التجريبية واأل�ان ـ oكن عبورها. كان هذا هوالوعد الذي قدمته اجليتاI وهو وعد منح األمل واإللهام )ئات ا)اليS من

Page 65: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

65

اجملتمع والفلسفة

الناس عبر ا^الف السنS. وكانت األشكال ا)تعينة للعبادة وسيـلـة لـتـحـقـيـقتلك النفس ا)طلقة التي يدور حولها الفكر في نصوص األوبانيشاد.

ولم تقدم اجليتا األمل واإللهام فحسبI وإ�ا قدمت كذلك دليال هادياSا)هم Sذلك أن السؤال Iإلى حياة تفضي لتحقق ذلك األمل وذلك اإللهاماللذين تتعرض لهما اجليتا هما: ١ـ ما العالقة بS النفس العادية التجريبيةوالنفس ا)طلقة (األ�ان) ? (أو إذا نظرنا من خالل وجهة النظر ا)وضوعية.ماهي العالقة بS الواقع العادي التجريبيI وبS الواقع ا)طلق (براهمان).٢ـ ما الوسيلة التي oكن أن يصل بها ا)رء إلى حتقيق أو معايشة النفس

ا)طلقة أو الواقع?وtا له أهميته أن هذين السؤالS يتم النظر إلـيـهـمـا فـي سـيـاق قـرار

I الذي oثل كل إنسانI نفـسـه(٣)أخالقيI فمع بدء «اجليتا» جنـد أرجـونـا عاجزا عن تقرير األمر الصواب يتعS القـيـام بـهI وهـو مـوقـف يـعـرفـه كـلشخصI والسؤال احملدد يدور حول خـوض غـمـار الـقـتـال أو عـدم خـوضـهIواإلجابة التي يقدمها كرشـنـا Iالستعادة ا)ملكة التي يستحقها عن جدارةا)تنكر في شخص سائق عربة أرجونا تقدم في إطار مفاهيم عامةI بحيثoكن تطبيقها على أي خيار أخالقي محدد. واإلجابةI التي تشغـل جـمـيـعالفصول الثمانية عشرة التي يتألف منها العمـلI عـدا فـصـل واحـدI تـلـقـيIأو الـغـايـة Iوالـهـدف Iوطبيعة الكـون Iالضوء على طبيعة الوجود اإلنساني

الناجم عن ذلكI واخلاص باحلياة.وينظر إلى الكون باعتباره ثابتا ال يتغير على نحو مـطـلـقI بـال كـثـرة أوتعدد. والنفس ا)طلقة هي بدورها دائمةI وهي الواقع ا)طلق بسواءI ولكننا

II متغيرا مركبابسبب جهلنا بطبيعتنا احلقةI نخطىء أنفسنا فنحسبها فردايحيا في عالم قوامه العديد من ا)وضوعات ا)تغيرة. وبعد أن توحد أنفسنامع نفس غير دائمة ومتغيرةI نسعى إلى اإلشباع في عالم من ا)وضوعـاتوالرغبات ا)تغيرةI وعلى الدوام ال يكلل سعينا بالنجاحI ألن السعي بكامله

مضلل بصورة جذرية.ولكن )اذا نرتكب هذا اخلطأ وننغمس في هذا السعي ا)ضلل? أن ذلكيرجع إلى الطبيعة ا)زدوجة للنفسI فهناك من ناحية النفس التجريبية أو

I وهذه النفس تغطي وتضفي الغموض بصورة مطلـقـة عـلـى(٤) Gunaجونا

Page 66: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

66

الفكر الشرقي القد

أو أ�ان. والنفس(٥) Purushaالنفس الروحية واحلقيقية التي هي بوروشا اجلونا هي الكائن النفسي ـ العضوي الذي يخطىء اجلاهل فيحسبه النفساحلقيقيةI وهكذا فإن أرجوناI الذي كان يشير إلى أنه سيكون من اخلـطـأخوض غمار هذه احلرب بسبب الدمار والقتل اللذين سيقعانI يعلمه كرشناأنه: الساكن (األ�ان) في جسم كل شخصI يا بهاراتا (ا)راد أرجونا) خالد

». ومغزى ما يتم تعليمه هو أن أرجونا قد عجز عنوال oكن أن يقتل أبداأن يأخذ في االعتبار أن النفس احلقيقـيـةI أو األ�ـانI أو الـبـوروشـاI هـيمستقلة بصورة جوهرية عن ا لوجود السيكو ـ فيزيائيI وأنه أخطأ فحسبالذات السيكو ـ الفيزيائي للنفس ا)طلقة. ومن هنا فقد اهتم بالسعي وراء

ا)تدينة تلـك. ولـكـن هـذا خـطـأGunaاحلصول على رضـا الـنـفـس «اجلـون أساسي. يقول كرشنا: إن من يقول إن هذا يذبحI ومن يعتقد أن هذا يتعرضللذبح يعجزان معا عن إدراك احلقيقةI فهذا ال يذبح وال يـتـعـرض لـلـذبـح.

.(٦)إنها (أي النفس) ال تتجلى للعيان وال سبيل إلى التفكير فيها وال تتغير ألنGunaولكن إذا كان الشخص الفرد يتوحدI خطأI مع النفس اجلونا

النفس احلقيقية يكتنفها الغموضI فكيف oكن السؤال أن يدور حول السبيلإلى حتقيق األ�ان. وفي اجليتا تستند اإلجابة على التعاليم القـائـلـة بـأنـه

)Prakritiعلى نحو مطلـقI تـعـد الـنـفـس (بـوروشـا) والـالنـفـس (بـراكـريـتـي (Sواإلجابة ا)وجزة عن هذا السؤال هي أن النفس التجريبية يتع .Sمستقلحتقيق انطباطها ووضعها حتت السيطرةI بحيث ال تعود قادرة على إرباكIفإنـهـا غـيـر كـافـيـة Iالشخص. ولكن حتى إذا كانت اإلجابة ا)وجزة دقيقةذلك أن نقطة االنطالق على الطريق إلى حتقق األ�ان تشعلها على الدوامالنفس اجلاهلة التي تنظر بالضرورة إلى التجريبي على أنه حقيقي. وا)همةاحلقيقية هي تقدY سبل أو طرق تفضي إلى ا)عـرفـة ا)ـطـلـقـةI تـبـدأ مـنIولكنها تفضي به على نحو مطرد إلى فهم أسمى Iحيث يكون الفرد بالفعل

إلى أن يتحرر ا)رء تدريجيا من جهله بصورة تامة.وهكذاI فإن كرشنا في «اجليتا» ال يخبر أرجونا بأنه مادام النشاط يبدأمن عالم اجلوناI أو الالنفسI فإنه ينبغي التخلي عنه. وإ�ا هو في حقيقةاألمر يعلمه أن الفعل ضروريI ذلك أنه ما من امرىء oكن أن يظلI حتىولو للحظة واحدةI دون القيام بعمل ماI فقد هيىء كل امرىء للعمل دون أن

Page 67: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

67

اجملتمع والفلسفة

I والقاعدة اجلوهرية(٨)oلك لذلك دفعا بفضل الدوافع ا)تولدة من الطبيعة هي االنغماس في النشاط دون الوصول إلى االرتباط أو بالنتائج الناجـمـة

عنه.والنفس «اجلونا» هي مركب مؤلف من ثالثة اجتاهات مختلفـة تـتـا^لـف

Sattva هي: الساتـفـا Gunasبأبعاد متباينة. وهـذه االجتـاهـات أو اجلـونـات

Iيل إلى نشاط العبادة.وهذه اجلونات الثالثةo وهو االجتاه الذي جعل ا)رءفي تركيباتها ا)تباينةI تبرز أ�ـاط الـشـخـصـيـات اخملـتـلـفـة ا)ـوجـودة لـدىاألشخاص.غير أن األمر اجلوهري هو أن �ط الشخصية ينتمي إلى الذاتالنفسية ـ العضويةI إلى نفس البراكريتيI أو الـالنـفـسI وبـاعـتـبـاره كـذلـكفإنه يشكل االغالل ا)قيدة للنفس احلقيقية. وعلى الرغم من أن أشخاصامختلفS تربطهم ميول وأ�اط شخصية مختلفةI فإنهم مع ذلك مقـيـدون

اال^نI إذا كان الفرد: (أ) مقيدا باغالل الساتفاI فإنـه tـا ال طـائـلجميعـاوراءه محاولة حتقيق احلرية عن طريق التركيـز عـلـى روابـط الـراجـاس أوالتاماس. والفرد (ب) يتعS عليه أن يركز علـى حتـقـيـق احلـريـة مـن قـيـودالراجاس. إذا سادت هذه اجلونا... الخ. وبناء على ذلك فإن طريق االنضباط

سيختلف باختالف �ط الشخصية.والتعرف على أن األشخاص اخملتلفS يرتبطون بقوى مختلفة أدى إلىالتمييز بS ثالثة طرق أو أساليبI مختلفة بصورة أساسيةI تصل با)رء إلىحتقيق األ�ان. وهذه الطرق التي طابق مع اجلونـاسI سـاتـفـا والـراجـاسوالتاماسI هي طرق االنضباط في ا)عـرفـةI واالنـضـبـاط فـي الـتـبـتـل أمـريتعلق بالقيام بصورة مطردة بتحرير النفس احلقيقية من النفس «اجلونا».وتلك هي طرق االنضباط أو اليوجا الشهيرةI التي يجرى تعليمها في اجليتا:يوجا ا)عرفةI يوجا األعمالI ويوجا التبتل. وبسبب طبيعة الـنـفـس اجلـونـافليس }قدور ا)رء جتنب االنغماس في النشاطI ولكنه من ا)مكن ضـبـطالنفس أو تهذيبهاI أيا كانت طبيعة النشاط الذي يتم االنغماس فيهI بحيثإن ا)رء يستطيع االنفصال عن النشاط نفسهI الذي ينتمي إلى عالم اجلونا.

وهذا هو جوهر الالارتباط الذي يتم تعليمه في اجليتا.ويرد في اجليتا أن ا)بدأين الرئيسيS الكامنS وراء تعليم هذه الطرق

الثالث لالنضباط أو التهذيب هما:

Page 68: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

68

الفكر الشرقي القد

١ـ أنه من ا)مكن حتقيق االستقالل اجلوهري للمرء عن اجلونا.٢ـ أنه لتحرير نفس ا)رء من النفس اجلونا من الـضـروري الـتـعـاون مـع

هذه النفس اجلوناI والعمل من خاللهاI وجتاوزها على نحو مطرد.وهذا ا)بدأ الثانيI وهو في ا)قام األول إجابة عن السؤال حول الكيفيةالتي oكن بها الفرد أن يحقق األ�ان على الرغم من النفس «اجلونا»I يؤكدالعديد من ا)مارساتI وا)ثل العلياI التي �يز احلياة االجتماعية العملـيـةللفرد. ومن الـواضـح أنـه إذا كـانـت الـنـفـس «اجلـونـا» قـادرة عـلـى أن تـوقـعاأل�ان في شركهاI فإنها ينبغي أن حتمل على مـحـمـل اجلـدI إذا مـا أريـدIحملاولة حتقيق األ�ان أن حتمل على احململ نفسه. وإذا كان األمر كذلكفإن حياة النفس التجريبية في اجملتمع يتعS النظر إليها بجديةI ذلـك أننوعية احلياة التي يعيشها ا)رء ستقرر مدى التقدم الذي سيتم إحرازه فيالسعي من أجل األ�انI ذلك أنه من اجللي أن البشر ال oكنهم العيش علىنحو مستقل عن اجملتمع. وهكذا يثور هذا السؤال: كيف oكن تنظيم حياةالفرد ومؤسسات اجملتمع بحيث oكن إحراز تقدم باجتاه حتقيق الذات?

٢ـ األهداف اإلنسانية:يتعS على ا)رءI لكي يتم تنظيم حيـاة الـفـرد ومـؤسـسـات اجملـتـمـعI أنيكون في ا)قام األول واضحاI فيما يتعلق باألغراض األساسية للحياة. وقدIمن خالل بحث األهداف الرئـيـسـيـة فـي احلـيـاة Iإجناز ذلك في الهند �التي من شأنها أن تسهم في كل من رخاء اجملتمعI وحتقق الفرد. والكلمـة

التي تـعـنـي «هـدفpurusharkaا)ستخدمة لـهـذه األهـداف هـي بـوروشـارثـا شخص ما». وبحسب التراث الهندي فإن لكل امرىء أربعة أهداف أساسيةفي احلياة. واألهداف الثالثة األولى وهي العيش الفاضل أو الورع (دارمـا

Dharma ووسائل احلياة (أرثا (Artha كاما) وا)تعة (Kamaإقرارها بالفعل � ((٩)في العهود الفيدية. وأضيف الهدف الرابعI وهو حترير النفس (موكشا

Mokshaمنذ ما يزيد على ٢٥٠٠ عام لتأكيد أهمـيـة حتـقـيـق الـذات. وقـد (شكلت هذه األهداف األربعة معا أساس القيم الهندية منذ عـهـد نـصـوص

األوبانيشادI محدد احلياة اخليرة.و�ثل البوروشارثات األهداف األربعة في احلياةI التي ينبغي علـى كـل

Page 69: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

69

اجملتمع والفلسفة

Iوألن الشخص مركب من وجود عضوي وروحي Iفرد أن يكافح للوصول إليهافإن من الضروري إشباع كل من احلاجات العضوية والروحية لـكـي تـعـاشIفلتحقيق الهدف الروحي ا)تمثل في ا)وكشا Iاحلياة بكامل زخمها. وهكذاIفإن من الضروري القيام أوال بإشباع احلاجات العضوية والنفسية للـفـردمن خالل الوصول إلى الوسائل الضرورية للحياة (أرثا) وا)تعة (كاما) التيجتعلها هذه الوسائل tكنة I وبالتالي فمن أجل تنظيم أنشطة األرثا والكاما

فإن الفضيلة ـ أو الدارما ـ تعد أمرا ضروريا.و�ثل نظرية األهداف اإلنسانية بصورة جوهرية محاولة لتقسيم القواعداألساسية التي تدور حول ا)سارات احملتملة للفعل إلى أربع فـئـات تـطـابـقا)كونات األربعة ا)تكاملة للحياة ا)ثالية. وهكذاI فإن القـواعـد الـتـي تـدورحول الكيفية التي ينبغي للمرء التصرف بهـا حـيـال اال^خـريـن تـنـدرج حتـتعنوان «الدارما». والقواعد التي تدور حول الكيفية التي ينـبـغـي لـلـمـرء أنيتصرف بها حـيـال الـثـروة واخلـيـرات ا)ـاديـةI تـنـدرج حتـت عـنـوان «أرثـا».والقواعد التي تدور حول الكيفية التي ينبغـي لـلـمـرء الـتـصـرف بـهـا حـيـالملذات العالمI ومتعه احملتملـةI تـنـدرج حتـت عـنـوان «كـامـا». وأخـيـراI فـإنالقواعد تدور حول الكيفية التي يتعS على ا)رء التصرف بها فيما يتـعـلـق

بتحقيق الذات تتجمع حتت عنوان «موكشا».وإذا نظرنا إلى األهداف اإلنسانية على هذا النحوI فإنها تعـد بـصـورةجوهرية إجابات عن السؤال: كيف نعيش احلياة اخليرة? وإذا سلـمـنـا بـأنIالغرض من التنظيم االجتماعي هو إتاحة الفرصة لتحقيق احلياة اخليرةفإن أهمية النظر في البوروشارثات في فهم نظرية التـنـظـيـم االجـتـمـاعـيتبدو واضحة. إذ سوف يكون من الصعوبة البالـغـة تـقـديـر سـبـل الـتـنـظـيـماالجتماعي ا)طلوبة لتنفيذ احلياة اخليرة في اجملتمعI ما لم نفهم عناصر

هذه احلياة.وعلى الرغم من أن كلمة «دارما» تستخدم بطرق شتى تثير احليرةI فإنهناك مفهوما مشتركا لقاعدة الفعل يتخلل ا)عاني اخملتلفة لهذا ا)صطلح.

» الذي يعني «يـدعـم» أو «يـحـافـظ».driوالكلمة مشـتـقـة مـن اجلـذر « دري فمبرر القاعدة هو أنها حتافظ وتدعمI وبالتالي فقد أصبحت كلمة دارماتعني ذلك الذي ينبغي على ا)رء القيام به ألنه الصواب. وهكذا فإن دارما

Page 70: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

70

الفكر الشرقي القد

هيI على نحو جوهريI دليل عمل وسلوك.وفيما يتعلق بالفردI فإن .دارما» ا)رء قد يكون واجبه األخالقي. ولكنSاحملتملة ب Iبالنسبة للمجتمع فإن الدارما يقدم القواعد لتسوية النزاعاتاألفرادI ذلك أنه عندما يتم إبقاء صراعات ا)صالح بS األفراد واجلماعاتعند احلد األدنى ـ عندئذ فقط oكن احلفاظ على اجملتمع بصورة جيدة.وهكذا فإن لـ «الدارما» معنى أهمية اجتماعيIS ألنه oثل القواعد احملتملةللفعل في اجملتمع التي ستمكن من حتقيق ذات الفردI وفي الـوقـت نـفـسـه

تقدم إسهاما في حتقيق ذوات اال^خرين.و)ا كان الشخص ال يحيا باالستـقـامـة والـعـدل وحـدهـمـاI وإ�ـا أيـضـاباخلبز والفراشI فإنه من الطبيعي أنه ينبغي أن يوجد باإلضافة إلى الهدفاإلنساني ا)تمثل في «الدارما» هدفان ا^خران ا^خران عن سائل احلياة (أرثا)

وا)تعة )(كاما).وقد ألف كوتياليا أطروحة عن األرثاI باعتباره دليال يرشد إلى احلصولعلى سبل احلياة في العالمI وأوضح فيها مفهوم األرثا على النحو التـالـي:إعالة البشر يقال لها «أرثا»I واألرض التي تضم البشر يقال لـهـا «ارثـا!..»

I ما يسعى إليه» الذي يعني حرفياRiوكلمة «أرثا» مشتقة من اجلذر «ري ا)رء. ومن هذا ا)عنى األساسيI وهو على وجه التقريب «هدف» أو «غرض»I«و«ثروة I«ومنها تنبع معاني «ميزة I«يستمد معنى «شيء» أو مادة أو «شأن

و«فائدة»I و«رخاء».وستكشــف الـفـقـــــرات الـتـــــالـيـة ا)ـقـتـــطـــفـة مـن «ا)ـــهـابـــــهـارتـــا ومـن

ا)وقف ا)تخذ حيال أرثا. يقال في «ا)هابهـارتـا إن: مـا(١٠)«البانشاتنتـرا» ينظر إليه هنا باعتباره «دارما» يعتمد كلية على الثروة (أرثا). فمن يـسـلـبIإ�ا يسلب منه «دارما» كذلك. والفقر حالة امتالء باخلطيئة Iمن ا^خر الثروةفكل أنواع األعمال اجلديرة بالتقدير تنبع من امتالك ثروة كبيرةI حيث إنهIالنشوة Iا)سرة Iاما كما أن الفيلة تأسر الفيلة. األعمال الدينية� Iمن الثروةالشجاعةI اجلدارةI والتعليمI كل هذه األمور تنطلق من الثـروة. وانـطـالقـامن الثروة تزيد جدارة ا)رءI ومن ال ثروة له لـن يـكـون لـه هـذا الـعـالـمI وال

العالم التالي.وتشير «األرثا»I باعتبارها أحد أهـداف احلـيـاة األربـعـةI إلـى الـوسـائـل

Page 71: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

71

اجملتمع والفلسفة

الضروريةI كائنا ما كانتI للحياة اإلنسانية. والتأكيد ينصـب عـلـى وسـائـلIولكن وسائل احلياة الروحية ليست مستبعدة Iاحلياة العضوية االجتماعيةحيث إن من األمور ا)فهومة أن احلياة العضوية واحلياة االجتماعـيـة هـمـاشرطان للحياة الروحيةI ويتم الدفاع عن تأمS الوفرة ا)ـاديـة كـهـدف فـياحلياة دون أن يخضع ذلك إال لقيد واحد منهمI هو أالI يـتـم الـسـعـي وراء

».Dharma«األرثا» في إطار انتهاك لـ «الدراما غير أنه }ا أن عمليات جتميع الثروة أو األمالك ليست في ا)قام األول

من إشبـاع ولـذة )ا جتعله tكـنـاقيمة في ذاتهاI وإ�ا هي كـذلـك أسـاسـا قـد �KamaومتعةI فإن الهدف اإلنـسـانـي ا)ـتـمـثـل فـي ا)ـتـعـة أو «كـامـا»

إدراجه كأحد األهداف األساسية في احلياة. والتعريف الكالسيكي للكاماموجود في «سوترا فاتسايايانا».

Iاللمس البصر Iكاما هي متعة األشياء ا)ناسبة للحواس اخلمس: السمعالتذوقI والشمI يساعدها العقلI جنبا إلى جنب مع الروح. واجلزء ا)ـقـومفي هذا هو االتصال اخلاص بS عضو احلاسة وموضوعهاI والوعي الذي

ينشأ من هذا االتصال يسمى كاما.ويقول «مانو»I في مناقشته للعالقات بS الدارما واألرثا والكاما: البعضيعلن أن خير اإلنسان يتمثل في الدارما واألرثاI ويرى ا^خرون أنه يكمن فياألرثا والكاماI ويقول البعض الدارما وحده oنح اخلير. ويؤكد الباقون أناألرثا وحدها هي اخلير الرئيسي لإلنسان هاهنا في الدنيا. ولكن ا)وقف

الصحيح هو أن خير اإلنسان يتمثل في التناسق ا)تناغم للثالثة.والسبـب الـرئـيـسـي لـلـنـظـر إلـى ا)ـتـعـة عـلـى أنـهـا هـدف مـن األهـداف

I فا)يـلالرئيسيةللحياة هو أن نهاية كل نشاط هي خـيـر مـفـتـرض مـقـدمـاالطبيعي لكل األشياء هو أن تسعى وراء إشباع الرغبات ا)ألوفة في الطعامIإنكارها وإحباطها Sومن ثم فإن هذه الرغبات ال يتع Iوالشراب واجلنسوإ�ا تنظيمها وإشباعها. وبالتالي كان االستمتاع بإشباع الرغبات ا)نظمةهو السبب في االنغماس في النشاطI كما أنه أحد األهداف الرئيسية في

احلياة.». وهذه الكلمـةMokshaوالهدف اإلنساني الرئيسي الرابع هو «موكـشـا

» الذي يعني «يعتـق» أو «يـحـرر». وبـحـسـبMucمشتقـة مـن اجلـذر «مـوك

Page 72: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

72

الفكر الشرقي القد

ا)عنى احلرفي لكلمة «موكشا» فإنها تعني التحررI واحلرية الكاملة. وهذاالهدف يعكس التأكيد على أهمية الطبيعة الروحية للحيـاة اإلنـسـانـيـة فـي

الهند.ووفقا للتعاليم الواردة في نصوص األوبانيشادI فإن األ�ان ينظر إليهاباعتبارها القوة الكامنة وراء قوى الكونI والقوة ا)طلـقـة لـلـنـفـسI وهـاتـانالقوتان ليستا إال شيئا واحدا. واتفاقا مع هذا التصور للطبيـعـة الـبـشـريـةينظر إلى الكمال ا)طلق للشخص باعتباره يكمن في حتـقـيـق الـذاتI وفـي

توحد ا)رء مع ا)صدر ا)طلقI ومع قوة الواقع.ومن شأن هذا التحقيــق أن يحــرر ا)ـرءI ذلـك أن هـــذه الـقـــوةI الـتـــــيتشكل اجلانب األكثــر عمـقـا وأهـمـيـــة فـي وجـــود ا)ـرءI ال oـكـن ألي قـوةأخرى أن تقيدها أو تكبح جماحهاI فهي القوة ا)طلقةI ومن هنا فإنه ما منقوةI وال حتى قوة ا)وتo Iكنها أن تقيد من يعرف أن النـفـس احلـقـة هـيالواقع األسمى. والشخص الذي يتوحـد مـع الـقـوى الـدنـيـا البـد أن تـقـيـدهالقوى العلياI والقوى الدنيا كذلك. وينبني على هذا أن الهدف هو إدراك أن

فحسبI وليس حياة عضوية فقـطI ولـيـس مـجـرد كـيـانا)رء ليس جسـمـاIعنى التطابق التام للمرء مع القوة ا)طلقة{ Iاجتماعي.. الخ. وهذا اإلدراكهو حتقيق «األ�ان»I أو النفس احلقةI وهو يسفر عن احلرية الـكـامـلـة أو

ا)وكشا.االفتراض األســاسي ا)سبـق للموكـشـا هو أن كـــل شـخـــص يـتـضـــمـــنبذور كــمالهI أو كمــالها. ولكن الكمــال بالقــوة يفتـــــرض ضـمـــنـا الـنـقـــصبالفعــل. ومن هنا فإن ا)شكلة هي مشكلة االنتقال من الوجود الناقص إلىالوجود الكامل. وبسبب الرؤية ا)تكاملة للطبيعة اإلنسانية التي � تبـنـيـهـافي الهندI فإن النظر إلى شخص ما باعـتـبـاره يـفـوق مـجـرد كـونـه حـيـوانـاIالبيولوجية واالجتمـاعـيـة Iأو أبعادها Iاجتماعيا لم يكن يعني إنكار أبعادهوإ�ا هو باألحرى يعني تأكيد أن الشخـص هـو شـيء يـتـجـاوز كـونـه كـيـانـا

I ومن ثم فقد قيـل إن حتـقـق اجلـانـبـS الـبـيـولـوجـيبيولوجـيـا واجـتـمـاعـيـاواالجتماعي شرطان ضروريانI وإن لم يـكـونـا كـافـيـIS لـتـحـقـيـق طـبـيـعـة

الشخص الروحية.

Page 73: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

73

اجملتمع والفلسفة

٣ـ الطبقات االجتماعية:من الواضح أن األهداف اإلنسانية األساسية تتطلب درجة رفـيـعـة مـنالتنظيم االجتماعيI ذلك أن أهداف «الدارما»I «األرثا»I «الكاما»I وا)وكشاال oكن حتقيقها في إطار من العزلة.I وليس من ا)مكن تـنـظـيـم اجملـتـمـععلى نحو ناجح إال عندما تتحقق كل الوظائف اخملتلفة الضرورية لصيانتهواحلفاظ عليه. وليس من ا)مكن حدوث هذا التنظيم إال عندما يتم توفيرعمالة تقوم بالوظائف األساسية اخملتلفةI ومن هنا فإن األمر يقتضي وجود

نظام أساسي للتصنيف االجتماعي.» هو نظام للتصنيف االجتماعي يقسم }قتضاه األفرادVarnaو«فارنا

في اجملتمع إلى أربع طبقاتI تختلف وظائفها في اجملتمع بحسب اخلصائصالشخصيةI واالحتياجات االجتماعية. والنظرية هي أن خير اجملتمع سيتمدعمه إذا كانت هناك طبقات منفصلة من األفراد تؤدي ا)هام اخملتلفة التيتقتضيها احلياة اخليرة في اجملتمع. وفضال عن ذلكI فإن هذا التصنيفسيكون في مصلحة الفردI من حيث إنه سيسهل عليه حتقيق ذاتهI والوصولإلى النفس احلقةI إذا ما انخرط ا)رء في تلك األنشطة التي تناسبه بشكل

خاصI من حيث احلالة ا)زاجية واالستعداد وا)قدرة الطبيعية.ومن ا)هم التمييز بS «الفارنا» أو الطبقة االجتـمـاعـيـة وبـS الـطـائـفـة

I فـ «الفارنا» حتيلCastes أو الطوائف االجتماعية Casteاالجتماعية ا)غلقة إلى نظام من التصنيف االجتماعي لألفراد بحسب مـؤهـالتـهـم ومـيـولـهـمواستعداداتهم. ونظام التصنيف هذا تنتج عنه أربع طبقات هي: البراهمانا

Brahmana (ا)ثقفون) والكشترايا Kshatriya(العسكريون اإلداريون) والفيشايا Vaishya (ا)نتجون) والشودرا Shudra(العمال). ومن ناحية أخرى فإن الطائفة

حتيل با)عنى الصحيح إلى نظام للتصنـيـف بـحـسـب ا)ـيـالد. وهـنـاك أربـعطبقات ال غيرI ولكن هناك عـلـى وجـه الـتـقـريـب ألـفـا طـائـفـة فـي الـهـنـد.Iوإ�ا بالوراثة Iليس }ؤهالت الفرد Iوالطوائف تتميز إحداهما عن األخرىوبقيود تناول الطعامI وبالزواج بS األقاربI وبالزواج بS األباعدI وبا)هنة

التي تعني ا)يالد. أما كلمةJetiوا)رتبة. والكلمة احمللية للطائفة هي جاتي I وهي كـلـمـة أطـلـقـهـاCasta فهي حديـثـة. وهـي مـشـتـقـة مـن Casteكـاسـت

البرتغاليون على tارسة التقسيم بحسب ا)يالدI وهي ا)مارسة التي وجدوها

Page 74: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

74

الفكر الشرقي القد

لدى وصولهم إلى الهند. من الكهنة وا)علمIS الذيـنBrahmana Varnaوتتألف طبقة البراهمـانـا

يعدون بصفة عامة حملة الثقافةI ومهماتهم هي احلفاظ على ا)عرفة والثقافةوإرضاء اال^لهةI واحلفاظ على العدالة واألخالق.

من حماة اجملتمعI والقائمـKshatriya VarnaSوتتألف طبقة الكشترايـا على إدارة شؤونه. وهم حراس باقي اجملتمعI والقائمون على أمنـهI وعـلـىتنفيذ القواعد اخملتلفة التي تقتضيها الوظائف االجتـمـاعـيـة الـضـروريـة.وجاء في اجليتا أن: البطولةI والقوةI واالستقامةI واحلـذقI وعـدم الـهـربحتى في ا)عركةI والكرم والقيادةI تلك هي واجبات رجل الكشترايـاI الـتـي

تولدت من طبيعته. من التجار وا)نتجS في اجملتمع.Vaishya Varnaوتتألف طبقة الفيشايا

وجاء في اجليتا أن االنخراط في الزراعـة وتـربـيـة ا)ـاشـيـة والـتـجـارة هـيواجبات رجل الفيشاياI التي تولد من طبيعته ومن نفسه «األجونا». ووظيفتهمالرئيسية هي بوضوحI إنتاج السلع الضرورية للحياةI والتي يتطلبها اجملتمع.

من العمال واخلدم في اجملـتـمـع.Shudra Varnaوتتألف طبقة الـشـودرا وتطرح اجليتا بإيجاز بارع واجبات هذه الطبقة بـالـقـول: «واجـب الـشـودرا

ا)تولد من طبيعته هو العمل ا)ؤلف من اخلدمة».وتقع على عاتق الفرد واجبات معينةI وتترتب له حقوق بـعـيـنـهـاI وفـقـا)بدأ الطبقةI بحكم انتمائه إلى طبقة ما في اجملتمع. وألن الواجبات واحلقوقاحملددة مقررة سلفا لكل طبقة من الطبقات األربعI فإنه ما أن تعرف طبقةفرد ماI حتى تعرف واجباته وحقوقه كذلك. غير أن حقوق وواجبات الطبقاتاألربع ال تستوعب كل دارما ا)رءI حيـث إن هـنـاك امـتـيـازات ومـسـؤولـيـات

في اجملتـمـع وعضـوا بشريـامعينة تنتمي إلى الشخـص بـاعـتـبـاره مـوجـودابغض النظر عن طبقته. وهكذا يقول بهيشما (١١) في ا)ـهـابـهـارتـاI إن كـلIعليهم القيام بواجبات عامة مثـل: كـبـح جـمـاح غـضـبـهـم Sاألشخاص يتعوقول احلقI ومسامحة اال^خرينI واإلجناب من زوجاتهم الشرعياتI والسلوكالنقيI وجتنب ا)شاجراتI ورعاية من يعولونهمI والتصرف على نحو عادل.

وكبح جماح النفس.Ahimsaوعادة ما يضاف إلى هذه القائمة الالأذى والواجبات اإلنسانية تستند إلى نظام الكون نفسهI فالكون ينظـر إلـيـه

Page 75: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

75

اجملتمع والفلسفة

باعتباره أخالقيا في جوهره. وكل شيء يحدث وفقا لقاعدة و)ا فيه مصلحةالكل. وتسهم كل طبقة من الكائنات في الكونI من خالل أداء وظيفتها علىالنحو ا)راد منها في نظام الكل رخائه. والكائـنـات الـبـشـريـة فـي اجملـتـمـعIليست استثناء من هذه القاعدةI ومـن ثـم فـإنـهـم مـن خـالل كـونـهـم بـشـرا

معينا في نظام الكونI لهم نشاطات ينخرطون فيها للحفاظويحتلون مكاناعلى الكون بصفة عامةI ورفــاه اجملتمـــع بصـفة خـاصة.

واخلطيئة والشر ينجمان عندما ال يتم القيام باألعمال الضرورية لرفاهالكل. والواجبات ا)شتركة بS عدة طبقات هي األعمال التـي يـتـعـS عـلـىا)رء القيام بهاI أو القواعد التي ينبغي على ا)رء اتباعها لتجنب اخلطيئة.وتنبع واجبات طبقة بعينها من القواعد التي ينبغي عليها اتباعها للحفـاظعلى النظام االجتماعيI الذي يعد جزءا من نظام اخللـق الـكـلـيI ويـعـتـبـرضروريا لتحقق النفس. وطبيعة الواجبات اخملتلـفـة مـسـتـمـدة مـن طـبـيـعـة«اجلونا» لشخص ما. ويقـول كـريـشـنـا فـي «اجلـيـتـا» لـقـد حـددت واجـبـاتالبراهمانيS والكشترايايS والفيشايايS والشودرايS بحسب اجلونا ا)تولدة

من طبيعتهم.

٤ـ مراحل احلياة:إذا سلمنا بأن بواجبات طبقة الفرد التي يتعS عليه القيام بها )صلحةاجملتمعI فإنه ما يزال من ا)مكن التساؤل عن الكيفية التي يتعS بها تنظيمحياة الفرد للوصول }ساهمتهI أو }ساهمتهاI في النظام االجتماعي إلىاحلد األقصىI مع القيامI في الوقت نفسهI بإحراز أعظم تقدم tكن في

على هذا السؤال � طرح نظرية مراحل احلياةإجناز حتقيق الذات. وردا. ويتمثل تراث «األشراما» االجتماعي في سلسـلـةAshramasأو اإلشرامات

من ا)راحل في احلياةI تصنف بحسب األنشطة ا)الئمة لكل مرحلة. وا)رحلة.Brahmacarya Ashramaاألولى هي مرحلة الدراسة أو البراهما كاريا شراما

وا)رحلة الثانية هي مرحلة ا)شاركة في اجملتمع أو «اجلريهاسثاإاشـرامـا»Grihastha Ashramaوا)رحلة الثالثة هي مرحلة التقاعد من العالم االجتماعي .

وبعد ا)رور بهذه ا)راحل الثالثVanaparatha Ashramaأو الفانابراسثا إشراما األولى في رحلة احلياة يدخل ا)رء إلى حياة التأمل والتدبر لكي يترسخ في

Page 76: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

76

الفكر الشرقي القد

SannyasaالكمالI وهـذه ا)ـرحـلـة األخـيـرة تـسـمـى «بـالـسـانـيـاسـا أشـرامـا»

Ashrama.ويتعIS عند مانوI اجتـيـاز مـراحـل احلـيـاة بـنـجـاحI ابـتـداء مـن مـرحـلـةالدراسةI وهو يقول: «oكن للمرء بعد أن يدرس نصوص الفيدا وفقا للقاعدةا)عمول بهاI وعقب إجنابه لألبناء حسب القـانـون ا)ـقـدسI وبـعـد تـقـدoـهللقرابS وفقا )قدرتهI بوسعه أن يوجه ذهنه إلى التحرر النهائي. والرجـل

Sوالذي يسعى إلـى الـتـحـرر الـنـهـائـي دون أن يـدرس(١٢)الذي يـولـد مـرتـ نصوص الفيداI وبغير إجناب األبـنـاءI ودون تـقـدY لـلـقـرابـS إ�ـا يـغـوص

.Sأسفل سافلوتنبع الواجبات اخملتلفة التي تقع على كاهل «األشرامات» اخملتلفة منالديون ا)ترتبة من خالل اجمليء با)يالد إلى هذا العالم. وينظر إلى احلياةفي هذا العالم باعتبارها فرصة تقدم كهبة لنا. إنها فرصة للنفس لتحـررذاتها من دائرة ا)يالد وا)وت. لكن الفرد ال يـقـوم بـشـيء السـتـحـقـاق هـذهالفرصة. واال^لهة تقدم هبـة احلـيـاة فـي هـذا الـعـالـمI ومـن ثـم فـإن الـبـشـرمدينون لال^لهةI ونحن مدينون كذلك ال^بائنا وأسالفناI ذلك أنه لوالهـم )ـاكانت احلياة tكنة كذلك. ومع ا)يالد الثاني للشخصI أي ا)يالد ا)فضيIالـذيـن يـنـشـرون Sينشأ دين للـحـكـمـاء وا)ـعـلـمـ Iإلى عالم الثقافة والروحويعلمونI ما يستحق ا)عرفة. وهذه الديون الثالثة oكن الوفاء بها بالدراسة(الدين للحكماء وا)علـمـS) وبـإجنـاب األطـفـال (الـديـن لـال^بـاء واألسـالف)وبتقدY القرابS (الدين لال^لهة). وأنواع احلياة الثالثة ا)طلوبة للوفاء بالديونتتطابق على الـتـوالـي مـع مـراحـل الـدارس وا)ـتـقـاعـد.ولـدى الـوفـاء بـهـذهااللتزامات للمجتمع ولال^لهة فحسب oكن للشخص أن يركز بصورة خاصة

على التأمل والتركيز ا)طلوبS للتحرير الكامل للنفس.وهذا التشديد على وفاء ا)رء بديونه من خالل األنواع اخملتلفة للعـمـلاالجتماعي يكشف عن األهمية ا)علقة على احلياة في اجملتمـع والـتـنـظـيـماالجتماعي في الهند. وفي حقيقة األمر فإن ا)بادىء ذاتها اخلاصة }راحلاحلياة والطبقات االجتماعية مبررة من خالل مفاهيم أهمية إشباع الطبيعة

التجريبيةI أو اجلوناI للشخص.Purusharthasويجد مبدأ األشرامـا تـبـريـره فـي مـفـهـوم الـبـوروشـارتـات

Page 77: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

77

اجملتمع والفلسفة

«فاألشراما» هي في حقيقة األمر مرحلة في رحلةI وهدف هذه الرحلة الI وهدف ا)وكشا هو الذيMokshaيعدو أن يكون احلرية الكاملة أو ا)وكشا

يطرح االجتاه الكلي للرحلة عبر احلياةI وما ا)راحل اخملتلفة إال الوسـائـلا)تخذة لتحقيق هذا الهدف. ولكن من ا)سـلـم بـه أن هـدف ا)ـسـافـر عـبـرطريق احلياة مركبI بحيث إنه لكي يتم حتقيق هدف ا)وكشاI فـالبـد أوالمن حتقيق أهداف «الدارما» و«األرثا»Iو«الكاما». وبناء على هذا فإن الرحلةتقسم إلى مراحل بحيث إن كال من األهداف األساسية oكن حتـقـيـقـه أوالوصول إليه بأقصى قدر tكن من الكفاءةI وبالطريقة األكثر إرضاء للفرد.و�نكن ا)رحلة األولى من مراحل احلياةI وهي مرحلة الدراسةI �كن

حول احلياة من كافة جوانبها اخملتلفة. هنا يتعلمالفرد من أن يتعلم دروساا)رء دروسا حول احلياة االجتماعية والروحيـةI ويـألـف ا)ـثـل الـعـلـيـا الـتـييتعS أن يسلك في احلياة وفقا لهاI وهنا يـتـعـلـم ا)ـرء أيـضـا دروسـا حـولالطبقات االجتماعية ومراحل احلياة واألهـداف اإلنـسـانـيـةI الـخI ويـجـري

لدخولتعريفه بفن ضبط النفس. وبعد مرحلة الدراسة يكون ا)رء مستعداا)رحلة الثانية من مراحل احلياةI أي مرحلة ا)شاركة. وتعترف النـصـوصكافةI }ا في ذلك النصوص ا)عـنـيـة فـي ا)ـقـام األول بـا)ـوكـشـا بـاألهـمـيـةاجلوهرية لهذه ا)رحلة من مراحل احلياةI ذلك أن اجملتمع بأسره يـعـتـمـدعلى السلع واخلدمات التي يقدمها ا)شارك. ويتـعـS لـلـحـفـاظ عـلـى دعـماجملتمع أن يعلي ا)شارك من شأن «الدارما»I وأن يؤمن االقتصادI وأن يؤيدSواحملتاج Iورعاية كبار السن Iقيم الثقافة. وعلى الرغم من أن تربية األطفالهي واجبات أولية تقع على كاهل ا)شارك. فإن تـلـك ا)ـرحـلـة مـن مـراحـل

احلياة هي أيضا ا)رحلة التي يتم فيها االستمتاع بالثروة وا)لذات.ويدخل الفرد مع الوفاء بااللتزامات قبل اجملتمع وإشباع االحـتـيـاجـاتالبيولوجية واالجتماعية مرحلة التدريب الروحي. والشخص الذي استـقـربقوة في غمار «الدارما»I يبذل اال^ن قصارى جهده لتحقيـق مـوقـف قـوامـه«الالتعلق» بأمور هذا العالم كافة. ومن خالل tارسة الزهد تزداد السيطرةعلى النفسI وتنمو القوة الروحية التي �س احلاجة إليها لتحقيق ا)وكشا.وتتسم ا)رحلة الرابعة بالتخلي الكامل عن األشياء والرغبات الدنيوية.والواقع أنه ينظر إلى هذا التخلي على أنه بالغ الكمالI لدرجة أن الزاهـد

Page 78: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

78

الفكر الشرقي القد

Sسنياسـ)Sannyasinعادة باعتباره قد مات بـالـفـعـل. وهـكـذا Iينظر إليه (.«Sفإنه لدى انتهاء احلياة العضوية ال تقام طقوس اجلنازة العادية «للسنياس

اخلاصةI اعترافـا بـأنSamadhiوبدال من ذلك تؤدى له طقـوس الـسـمـادي احلياة االجتماعية والشخصية قد انـتـهـتI لـدى دخـولـه هـذه ا)ـرحـلـة مـنمراحل احلياةI فال أهمية لشيء سوى الهدف الروحي للموكشاI أو احلرية

التامة في هذه ا)رحلة األخيرة من مراحل احلياة.ويكمن في قرار مؤسسات مراحل احلياة والطبقات االجتماعية ونظريةأهداف احلياةI التي جتد فيها هذه ا)ؤسسات مبررهـا االهـتـمـام الـهـنـديالدائم با)ساهمة بصورة كاملة في احلياةI بينما يتم في الوقت نفسه حتقيقطبيعة ا)رء الروحية. ويشدد الـتـراث الـهـنـدي عـلـى أن هـذيـن الـهـدفـS اليستبعد أحدهما اال^خرI وإ�ا كل منهما مكون ضروري للمثل األعلى للحياة.و�ثل مراحل احلياة. احلياة والطبقات االجتماعية ا)ثل العليا للتنظيم منأجل حياة الفردI وحياة الفردI وحياة اجملتمع بأسرهI التي تـسـهـل حتـقـيـقالنفس أو ا)وكشاI بينما تشجع حتقيق اإلمكانية اإلنسانية من خالل «الدارما»

و«ااألرثا»I و«الكاما».

Page 79: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

79

اجملتمع والفلسفة

هوامش

: هو التجسيد الثامن لإلله فيشنوI وهو من أكثر اال^لهة شعبـيـة لـدى الـهـنـودKrishnaI(١) كرشنـا وتروي القصص والقصائد عن مغامراته وعبثه مع الراعيات األسطـوريـات وعـزفـه عـلـى الـنـاي.واسمه يعني حرفيا «األسود» أو «الداكن» tا يدل على أنه كان إلها للهنود األصليS ا)ائلS إلى

السواد. (ا)ترجم).

: اإلله الثاني في الترoورتي أو ثالوث اال^لهة الرئيسي إلى جوار شيفا وشاكتيVishnouI(٢) فيشنو ووظيفته هي احلفظI وهو يتخلل كل األشياءI وتصوره الفيدا في صور قزم عبر الكون كله بثالثخطوات عمالقةI وهو عند أنصاره الروح احلية العظمىI وغالبا ما يصور وقد استقر على احليةIاألولى فيما براهما ينبعث من زهرة لوتس تنمو في سرته Iشيساجنا على سطح احمليط احلليبيوهم يتصورون أنه يهبط بS احلS واال^خر إلى األرض في صورة «أفتار» أو جتـسـيـد لـتـخـلـيـص

اإلنسانية من اخملاطر. (ا)ترجم).

: أحد أبطال ا)عركة التي روتها ملحمة ا)هابهارتا (ا)ترجم).Arjuna(٣) أرجونا

: هي في مذهب السامخايا الهندوسي القوى أو اخلصائص األساسية التي تسببGuna(٤) جونا اخلير واالنفعاالت الطاغية. (ا)ترجم).

: أرواح األفراد من جنس الذكر في الهندوسيةI على عكس براكريتي ا)ادة أوBurusha(٥) بوروشا أرواح األنثى ومن اجللي أن اإلصطالح يستخدم هنا معنى أوسع نطاقا وأثرى في أبعاده. (ا)ترجم).

(٦) رجيتاI ٢ ٢٥I٬٩I (ا)ؤلف).

(٧) انظر الهامش السابق مباشرة (ا)ترجم).(٨) رجيتاI ٬٣ ٥ (ا)ؤلف).

: كلمة سنسكريتية األصل تعني حرفيا االنعتاق أو الـفـرار مـن الـتـكـرار ا)ـمـلMoksha(٩) موكشـا لتجدد ا)وت وجتدد ا)يالد في الهندوسية. (ا)ترجم).

:التنترا كلمة سنسكريتية معناها احلرفي «خيوط الـطـيـف» وهـيPanchatantra(١٠) البانشاتنتـرا مجموعة من النصوص ا)قدسة التي تشبه السوتراI مع مالحظة أن األولى للخاصةI واألخيرة فيمتناول اجلميعI واإلصالح الوارد في ا)¨ كتاب شامل من كتب احلكمة يضم هذه اجملموعـة مـع

إيضاح للطقوس التي تستخدم }صاحبتها. (ا)ترجم).

Page 80: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

80

الفكر الشرقي القد

: أحد أبطال ا)هابهارتاI واسمه يعني حرفيا «الرهيب»I وهو ابن شامتانو منBhisma(١١) بهيشما ربة نهر اجلانحI وقد اكتسب اجلدارة باسمه من موافقته على الشرطS اللذين طرحا على أبيـهقبل زواج األخير من ساتيافاتيI وهما تنحيته ـ أي بهيشما ـ عن وراثة العرشI وعدم إجنابه ألبناءينافسون الفرع األصغر على حق الوراثةI الذي كان جوهر الصراع الذي دارت حوله ا)ـهـابـهـارتـا

بأسرها. (ا)ترجم).

(١٢)تعبير «الذي يولد مرتS» يشير إلى ا)يالد في عالم الروح باإلضافة إلى عالم الطبيعة. وكانتهناك في الهند القدoة طقوس مركبة لالحتفال بدخول الشباب إلى احلياة الثقافية والروحـيـة)ن يولدون مرتS. وكان الدخول إلى مرتبة من يولد مرتS يعتبر ميزة كبرىI وكان يقتصرI على

األقل نظرياI على من يحكم عليهم بأنهم مؤهلون لذلك. (ا)ؤلف).

Page 81: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

81

النفس والعالم: السامخايا ــ اليوجا

النفس والعالم:السامخايا ـ اليوجا

Iواالجـتـمـاعـيـة Iتفترض الفلسفات األخـالقـيـةIاخلــاصــة بــا)ـــالحـــم Iوالــديــنــيــة IوالــســيــاســيــةوالدارماشاستراI واجليتاI بصورة مسبقةI عالقاتمعـيـنـة بـS الـذات الـتـجـريـبـيـةI الـتـي هـي الـكـيـاناالجتماعيI والذات ا)طلقةI التي هي ذات خالصة.وهذا االفتراض ا)سبق يبدو واضحا من التشديدعلى الوصفات العالجية اخملتلفة للحياة في اجملتمعلكي يتم حتقيق «األ�ان». وما لم يكن هناك ارتباطبS الذات التجريبية واأل�انI فإن نشاطات الذاتالتجريبية ستكون بال أهـمـيـة بـالـنـسـبـة لـتـحـقـيـقاأل�ان. ويبدو أن نصوص األوبانيشاد مليئة للغايةباحلماسI حيال اكتشاف األ�انI بحيث إنهاI فيالغالبI التهتم بتحليل طبيعة الالأ�انI وال بتحليلالعالقـات بـS مـا هـو «أ�ـان»I وبـS مـا هـو «غـيـرأ�ان». وليس من ا)دهشI إذنI أن تقوم األذهـانالفلسـفـيـة والـنـقـديـة فـي وقـت الحـق بـبـحـث هـذها)سائلI ومحاولة إيضاح طبيعة العالقات ا)وجودةبS «النفس» و «الالنفس» إذا كان هناك مثل هذهالعالقاتI بS ا)طلق والتجريبي. والسؤال الكامن

5

Page 82: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

82

الفكر الشرقي القد

هو: كيف oكن للمرء أن يكون نفسا من حلم ودم ورغبات وعادات ويـكـونأيضا األ�ان الذي ال يتغير وا)تطابق مع الواقع ا)طلق للكون?

١ـ الذات واملوضوع:أقدم مدرسة فلسفية تناولت مسألة هذه العالقة بS النفس والالنفسكانت مدرسة السامخايا. وتشير تعليمات هذه ا)درسة إلى أنها قـد �ـتمباشرة من تلك األجزاء في نصوص األوبانيشاد التي تشدد علـى واقـعـيـة

قال في نصوص األوبانيشاد إن براهمـان قـدالالأ�ان أوالالبراهمـان. وي. وعالم ا)وضوعات أو األشياء الoكن أن يكون(١)خلق الكونI ثم دخل فيه

عا)ا غير واقعيI ألنه يتألف من األ�انI وهي موضوع كما أنها ذات. وفيقال إن األ�ان قد دخلت إلى الكون «حتى أطرافأوبانيشاد بريهادارانياكا ي

األصابعI مثلما تخفي السكS في غمدهاI أو النار التي �د الكل بأسبابSاحلياة في اخلشب الذي يبقي على النار». وتشير هذه الفقرات إلى واقعأساسيS: واقع البراهمانI وواقع العالـم ا)ـوضـوعـيI الـذي يـضـم الـذوات

واألشياء التجريبية.وليس هناك شك في أن ا)يل في الغالب في نصوص األوبانـيـشـاد هـوإلى النظر إلى البراهمان باعتباره «أكثر واقعية» من العـالـم الـتـجـريـبـي أوا)وضوعي. ومع ذلكI وكما رأينا من قبلI فإن معرفة البـراهـمـان لـيـسـتنوعا عاديا من ا)عرفةI وباستثناء معرفة البراهمانI فليس للمرء خيار إالأن يحمل على محمل اجلدI واقع الذات التجريبية والعالم ا)وضوعيI فليسهناك واقع ا^خر باد للعيان. وفضال عن ذلك فإن التجريـبـي وا)ـوضـوعـيينبغي أن يكون على الدوام نقطة االنطالق ألي �حيص للواقعI األمر الذييعني أنه عند هذا ا)ستوىI على األقلI يتعS اإلقرار بواقعية التجريبي.

ويبدو أن مدرسة السامخاياI التي أبدت استعدادها لتقبل واقعية العالمIر}ا في أحد اجلوانب على أساس مالحظات واقعيـة مـعـيـنـة Iالتجريبيوردت في نصوص األوبانيشادI قد ساد فيها بحدة الشـعـور بـاحلـاجـة إلـىالقيام }زيد من العناية بتحليل الـعـالقـة بـS الـواقـع الـتـجـريـبـي والـواقـع

ا)طلق.وقد نشأت احلاجة ا)لموسة إلى إقرار العالقة بS الـواقـع الـتـجـريـبـي

Page 83: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

83

النفس والعالم: السامخايا ــ اليوجا

وا)طلق من اعتبارين اثنS. فمن ناحية علمت نصوص األوبانيشاد أن حتقيقاأل�ان من شأنه أن يجلب نهاية ا)عاناة. ومن هنا فقد كان من الـضـروريللعثور على سبل لتحقيق هذه األ�انI ولوضع نهاية لأللم وا)عاناةI أن يتماكتشاف العالقة بS التجريبي واأل�انI وحتديد نوعيات األشياء التي منشأنها أن تفضي إلى معايشة األ�ان. ويبدأ «أشفارا كرشـنـا» حـديـثـه عـنالسامخايا بتقرير أنه: «من العذاب الناجم عن البؤس الثالثي األبعاد ينشأ

البحث عن سبل إنهاء هذا العذاب..».Iأما االعتبار اال^خر فهو أمر يتعلق بالدافع اإلنساني األساسي إلى ا)عرفةوإلى جعل كل التجارب اإلنسانيةI قابلة للفهمI من خالل عرض عـالقـات

معينة كامنة في هذه التجارب.ومن خالل تركيز االنتباه على ا)عرفة اإلنسانية العادية والعالم العاديا)علوم من خالل مثل هذه ا)عرفةI يذهب فالسفة السامخايا إلى القول بأن

نفس هذه الطبيعةI }عنىالعالم بأسرهI الذي oكن أن نخبره هو أساسـاأن الرغبات وا)شاعر والفكر.. الخ ليست مختلفةI بـصـورة أسـاسـيـةI عـناأللوان واألصوات والروائح.. الخI وهي كلها تشبه بصورة جذرية الـعـصـيواألحجار. ولكن هذا كله ـ العالم الذي oكن معايشته من حيث ا)بدأ ـ هومن طبيعة ا)وضوع (أو ا)وضوع احملتمل) أو الالنفسI في مواجهة النفـسالتي دائما ا)عايشI والتي هي ذات بصورة نهائية على نحو مطلق. ولسوفيبدو أن الذات ا)طلقة هي من طبيعة ونظام مختلفS عن العالمI حيث إن

صبح موضوعا قطI وما هو موضوع الoكنما هو ذات مطلقة الoكن أن ي مطلقة. والفارق بS النفس والعالم هو بصورة جوهرية الفارقأن يكون ذاتا

بS الذات وا)وضوع.ويتعS أن تكون نقطة االنطالق ألي حتليل للعالم هي جتربـة أو خـبـرةالنفس والعالم التي يجدها ا)رء متاحة للتحليل. وهذه التجربة تكشف عنوجود نفس عارفة في عالم متغـيـر. ومـا مـن شـيء أكـثـر وضـوحـا مـن أنـنـانتغيرI نحن والعلم من حولـنـا. وبـهـذه احلـقـيـقـة الـواضـحـة يـبـدأ فـالسـفـةIومنها يصلون إلى النتيجة القائلة بـأن كـل جتـربـة أو خـبـرة I«السامخايا»وكل ما جتري جتربته أو خبرته هو من طبيعة واحدة بصفة جوهريةI وإنكان مختلفا على نحو أساسي عن الذات ا)طلقة التي �ر بهذه التجربة.

Page 84: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

84

الفكر الشرقي القد

٢ـ السببية:ليس من ا)مكن رفض نظام العالم الذي �ر بخبرته واطرادهI باعتبـارأنهما ناجتان عن ا)صادفةI فالتغيرات التي حتدث لها أسبابها. وأيا كان ماIهو موجود أو ما سوف يوجد فإنه عائد أو سوف يعود إلى أسباب مختلفةوأول نتيجة مهمة تنتج عن ذلك هي أن ا)عرفة البشرية البد أن تكـون لـهـاIفهي أثر لسبب سابق. ولكن حيث إن السببية السبيل إلى إدراكها Iأسبابهامالم تستمد السمات السائدة للنتيجة من السببI فإنه ينبني على ذلك أنالنتيجة ينبغي أن تكون في جوهرها شبيهة على نحو جوهري بالعالم الذيجتري معرفته. و}ا أن ا)عرفة هي نتيجة لتنظيم اخلبرات أو ا)ـعـايـشـاتفإن طبيعة ا)عايشة يتعS أن تكون كالعالم سواء بسواء على نحو أساسي.ومن هنا يأتي القـول بـأن اخلـبـرة ومـا جتـده هـمـا شـيء واحـدI عـلـى نـحـو

أساسي.ويزودنا حتليل السببية با)بررات الرئيسية للدعاوى التي قالت بها مدرسةالسامخايا عن العالم والنفس. وتسمـى نـظـريـة الـسـبـبـيـة الـتـي تـأخـذ بـهـا

» وهي تعني أن النتيجـة مـوجـودة مـسـبـقـا فـيSatkaryavada«ساتكـارايـفـادا السبب. واال^ن إذا سلمنا بأنه ما من شيء يحدث بغير سببI وكذلك بأن كلنتيجة لها وجود مسبق في السببI كان معنى ذلك أن النتيجة ال تقدمI بأيمعنى مهمI بـأي واقـع جـديـدI ذلـك أن األمـر هـو أن جنـعـل مـا هـو مـوجـود

. ومعلنابالفعل بصورة ضمنية صريحاويختصر «أشفاراكرشنا» نظرية «السامخايا» عن طبيعة السببية عندما

):يقول: «إن النتيجة موجودة (موجودة مسبقا١ـ ألن ماليس }وجود الoكن أن يتم إنتاجه.

٢ـ ألن هناك عالقة محددة بS السبب والنتيجة.٣ـ ألن الكل ليس tكنا.

٤ـ ألن الكفء الoكن أن يقوم إال }ا هو كفء له.٥ـ ألن السبب هو من جوهر السبب نفسه.

Iوالسبب في الذهاب إلى القول بأن النتائج موجودة هو أن واقع النتيجةالoكن نفيه إال لدى نفي السببI حـيـث إن الـسـبـب هـو سـبـب }ـقـدار مـايحدث نتائجه. ومن هنا فإنه إذا لم تكن هناك نتائج حقيقيةI فليست هناك

Page 85: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

85

النفس والعالم: السامخايا ــ اليوجا

أسباب حقيقية. وفضال عن ذلك فإن النتيجة واقعية بقدر واقعية السبب�اماI ذلك أن النتيجة هي حتول السبب. وإذا ما أراد ا)رء أن ينفي وجودكل من السبب والنتيجةI فإنه سيجبر على نـفـي نـقـطـة الـبـدء فـي حتـلـيـلـهبأسرهاI األمر الذي يجعل كل االستنتاجات متناقضةI وبالتالي فإن وجود

النتائج الoكن نفيه.والقول بأن النتيجة تنتمي إلى اجلوهر نفسه الذي ينتمي إليه السـبـبهو قول بالغ األهمية «للسامخايا»I ذلك ألنه الدعامة الرئيسية للقول بـأنالواقع ا)وضوعي بأسره له نفس الطبيعة نفسها في نهاية التحليلI والصلةقوامها أن الواقع ا)وضوعي بأسره هو نتيجة للتحوالت اخملتلفة )ادة واحدة

نهائية.علينا ـ حتى نتبS قوة حجة السامخايا أن نثير بعض االعتراضات التيoكن إثارتها ضد نظرية السببية هذه. إذ oكن االعتراض بأن النتيجة هيكل جديد مختلف عن األجزاء ا)كونـةI ولـيـس حتـوال لـهـا. والـبـرهـان عـلـىصحة هذا االعتراض تقدمه احلقيقة القائلة بأنه ما من نتيجة oكن معرفتهاقبل أن حتدث فعال. ولكن إذا كانت كسببها سواء بسواء على نحو جوهري

عرف من خالل معرفة السبب قبل إحداث النتيجة. ووفقافإنها oكن أن تI ذلك أنه ال معـنـى)درسة السامخايا» فإن هذا االعتراض ليس صـحـيـحـا

للقول بأن الكل مختلف عن ا)ادة السببيـة لـه. وخـذ مـثـال ا)ـائـدةI فـقـطـعاخلشبI التي هي ا)ادة السببية للمائدة عندما تعد بطريقة معينةI ليستمختلفة عن ا)ائدة. وإذا كانت مختلفة فإن }قدور ا)رء أن يتصور ا)ائدةبصورة مستقلة عن أجزائها. ولكن من اجللي أن هذا مستحيل. والقول بأنSومـنـفـصـلـ Sالسبب والنتيجة مستقالن ومنفصالن ألنناندركهما مستقلـهو مصادرة على ا)طلوب. وتذهب «السامخايا» إلى القول بأن تصور نتيجةما هو تصور للسبب في حالة التحول. والسير من ذلك إلى نتيجة تـقـول:«ومن ثم فإن رؤية النتيجة هي رؤية كيان جديد «اليـعـنـي تـقـدY اعـتـراض

على اإلطالقI وإ�ا يعني مصادرة على ا)طلوب».وهناك اعتراض ا^خر قد يطرحI وقوامه أنه إذا كانت «السامخايا» علىحق في الذهاب إلى القول بأن السببية هي مسألة حتولI وليست إنـتـاجـاIأو السبب الفعال سيكون غـيـر ضـروري Iفإن نشاط الفاعل Iلشيء جديد

Page 86: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

86

الفكر الشرقي القد

حيث كانت النتيجة موجودة بالفعل. ولكن إذا كانت النتيجة موجودة مسبقافإنه ما من سبب فعال �س احلاجة إليه جللب النتيجة إلى حيز الوجود.وهذا االعتراض يتم التعامل معه من خالل �حيص االفتراض القائل بأنالنتيجة التوجد على نحو مسبق في السبب. وإذا كانت النتيجـة لـم تـوجـدمسبقا في السببI فإن السببية ستكون جلب شيء إلى الوجود من ال شيء.(ومن هنا يأتي القول «إن ما هو عدم الoكن أن يستحدث»). وإذا ما فكرنافي أشياء الوجود لهاI مثل الدوائر ا)ربعةI فلسوف نكتشف أنه ما من قدرمن اجلهد الشاق oكن أن يدفع بها إلى حيز الوجود. والزعـم بـأن مـا هـوكائن oكن أن يسببه ما ليس بكائن ليس تقـدoـا لـوجـهـة نـظـر بـديـلـة فـي

السببيةI وإ�ا هو نفي للسببية بصورة كاملة. عن ذلكI فإنك إذا لم تقر بأن النتيجة موجودة بصورة مسبقةIوفضالن عليك إذن القول بأنها ال وجود لها إلى أن يوجدهـا الـسـبـب أوفإنه يتعـي

يحدثهاI وهذا يعادل قولنا بأن النتيجة غير ا)وجودة تنتـمـي إلـى الـسـبـب. إلى السبـبIولكن حيث إن النتيجة ليست موجودة فال شيء يـنـتـمـي حـقـا

ذلك أن عالقة االنتماء ليست tكـنـة بـالـفـعـلI إال بـS األشـيـاء ا)ـوجـودة.وهكذاI فإنه إذا أمكن أن يقال إن النتيجة تنتمـي إلـى الـسـبـبI فـالبـد مـناإلقرار بأنها توجد مسبقا في السبب. ولكن عندئذ: مـاذا عـن االعـتـراضالقائل بأنه في هذه احلالة ليست هناك حاجة إلى السبب? اإلجابة هي أنالفاعل أو السبب الفعال يظهر أو يعلن ما كان متضمـنـا وغـيـر ظـاهـرI وال

. جديدايخلق شيئاوهناك رد ا^خر على االعتراض القائل بأن السبب والنتيجة هما كيانانمنفصالنI وقوام هذا الرد أن الوجود ا)سبق للنتيجة oكن النظر إليه منخالل حقيقة أنه: ما من شيء oكن أن يستحدث من سبب لم يكن موجودافيه. فعلى سبيل ا)ثال يتم احلصول على «اخلثارة» من الل­ ألنها موجودة

في الل­. وليس من ا)ستطاع احلصول عليها من ا)اء أو الزيت ألنهامسبقا في السبب ألمكن فيهما. ولو لم تكن النتيجة موجودة مسبقاالتوجد مسبقا

ألي نتيجة أن تترتب على أي سبب. ولكن من الواضـح أن هـذا لـيـس واقـعاحلالI فعلى سبيل ا)ثال الoكنك احلصول على احلديد من ا)اء.

معينةI هي التي oكن أن تؤدي إلى نتائجفإذا كان الوضع هو أن أسبابا

Page 87: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

87

النفس والعالم: السامخايا ــ اليوجا

Iفمن الواضح إذن أن بعض األسباب فعالة بالنسبة لبعض النـتـائـج Iمعينةولكنها ليست كذلك بالنسبة للبعض اال^خر. ولكن هذا يوضح أن الـنـتـيـجـة

ما هوتوجد مسبقا في السببI وإال فلن يكون هناك معنى للقول بأن سببافعال فيما يتعلق بنتيجة محـددة. والـسـر فـي ذلـك هـو أن الـسـبـب الـفـعـاللنتيجة ما له بعض القوة ا)رتبطة بالنتيجةI ودون الوجود ا)سبق للنـتـيـجـة

فال معنى لـلـحـديـث عـنñهناكI فليس ثمة ما تـرتـبـط الـقـوة بـهI ومـن ثـمأسباب فعالة أو عن إمكانية.

وثمة اعتراض ا^خر ر}ا أثيرI مفاده أن احلديث عن التجلـي والـتـحـولIعنى استحداث وقـائـع ومـوضـوعـات جـديـدة{ Iهو تهريب )فهوم السببيةوإعادته إلى الصورة في شكل تنكري. ويتم الرد على هذا االعتراض بإيضاحأن طبيعة التحول العالقة لها بتوقف صفات كانـت مـوجـودة مـن قـبـلI والبتكوين أخرى كانت معدومة من قبل. وإ�ا التحول يعنيI باألحرىI ظهـورخاصية أو سمة كانت موجودة على نـحـو ضـمـنـي فـي اجلـوهـرI وبـا)ـقـابـل

تراجع خاصية ظاهرة إلى وضع غير ظاهر.وحلسم القضية نهائيا يذهب فالسفة «السامخايا» إلى القول بأن تصوراإلمكان السببيI فالالوجودI الالكينونةI اليقتضي سببا. وهكذا فإنه إذا لميكن للنتيجة وجود في أي وقت فلن تثار مسألة حتديد سببها. ولـكـنـه مـنا)عقول احلديث عن إمكانية النتائج التي لم توجد بعدI ومحاولة حتديد ماالذي سيسبب وجود هذه النتائج. غير أن هذا يكون معقوال لدى افتـراض

I }عنى ما من ا)عاني فحسبI ألن مـا هـو عـدمIأن النتيجة توجد مسبـقـاعلى نحو مطلقI ليست له إمكانية الظهور إلى الوجود.

أن تؤيد الزعـموهذه احلجج ا)تواصلة هي كلها حجج أريد بها أساسابأن األسباب والنتائج هي في جوهرها مـن طـبـيـعـة واحـدةI والـسـبـب هـنـا

نظر إليه }عنى السبب ا)اديI أي ا)ادة التي منها يستحدث شيء ما. ومايمن نتيجة oكن أن توجد في مكان مختلف عن سببها ا)ادي. ومن هنا فإن

ضربالسبب والنتيجة هما متماثالن على الصعيد العددي. وا)ثال الذي يللتماثل اجلوهري للسبب والنتيجة هو السلحفاة التي تدخل قوقعتها وتخرجمنهاI فالسلحفاة اخلارجة هي النتيجة والسـلـحـفـاة الـداخـلـة هـي الـسـبـب(والعكس صحيح) ولكن هذا اليتضمن استحداث شيء جديد. وهناك مثال

Page 88: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

88

الفكر الشرقي القد

ا^خر هو قطعة ذهبية oكن سكها في العديد من األشكال والقـطـع. ولـكـن على نحو كلي. فالزهرة ا)صنوعة جديداتغيير شكلها اليجعل النتيجة شيئا

كالشجرة ا)صنوعة من الذهبI والفارقI �امامن الذهب هي ذهبI أساسااليشمل إال االسم والصورةI وليس ا)ادة التي تصنعان منها.

٣ـ تطور العالم:بعد أن أثبت فالسفة مدرسة «السامخايا» أن السببيةI التي يتعS افتراضوجودها لنجعل للتجربة اإلنسانية معنىI هي من طـبـيـعـة الـسـاتـكـارايـفـادا

إلى(}عنى أن النتيجة توجد مسبقا بالضرورة في السبب) مـضـوا قـدمـاI تخبر نتائجـه بـسـبـب مطلـقـا مبـدأ واحـداالقول بأن هذا يفتـرض ضـمـنـا

حتوالتهI على أنه العالم ا)وضوعي. وهذا الزعم ينتج }جرد تسلـيـم ا)ـرءبأن العالم الراهن يوجد نتيجة لتغيرات سـابـقـةI وأن الـتـغـيـر لـيـس نـتـاجـالشيء جديد كل اجلدة. فإذا سلمنا بذلكI فإنه يتعS عليناI لكي يتم جتنب

I واحدا مطلقا مادياالنكوص ا)طلق والالمتناهيI أن نسلم بأن هناك سببايشكل في حتوالته وجتلياته العديدةI علم التجربة أو اخلبرةI وينبع من ذلكأن عالم التجربة بأسره هو من الطبيعة األساسية ذاتها التي ينتمي إلـيـهـاهذا السبب ا)ادي ا)طلقI فكل شيء هو بصورة أساسـيـة حتـول فـحـسـبلهذا السبب األول. وبهذه الطريقة تصل مدرسة «السامخايا» إلى النتيجة

Prakritiالقائلة بأن العالم الذي نخبره هوI بأسرهI من طبيعة البـراكـريـتـي

(ا)ادة) وهو االسم الذي أطلق على ا)بدأ السببي ا)طلق.غير أن هذه النتيجة تبرز سؤاال ا^خر هو: كيـف يـخـرج عـالـم الـتـجـربـةا)تكثر خالل سالسل مـن الـتـحـوالت مـن هـذا الـواقـع األسـاسـي ا)ـسـمـىبالبراكريتي? من الواضح أنه إذا لم تكن هناك نتائج إال تلك النتـائـج الـتـيتوجد مسبقا في السببI فإن كل النتائج التي تشكل العالم الذي تتم معايشتهالبد أنها قد وجدت مسبقا في البراكريتي (ا)ادة) وبالتالي البد للبراكريتينفسه أن يتألف من نزعات أو خصائص مختلفة. ووفقا لهذا فإن «السامخايا»

Iهو االجتاه ا)سؤول عن التجلي(٢) »Sativaتفترض نزعات مختلفة: «الساتفا I وهو(٣) RajasالذاتيI واحلفاظ الذاتي اخلاص بالبـراكـريـتـيI الـراجـاس

I وهو ا)يل إلى الـقـصـور(٤)»Tamasاالجتاه إلى احلركة والفعـلI «الـتـامـاس

Page 89: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

89

النفس والعالم: السامخايا ــ اليوجا

الذاتي. ومن وجهة النظر النفسية فإن الساتفا والراجاس والتامـاس هـيا)بادىء ا)سؤولة عن اللذةI والالمباالةI على التوالي. ومن خـالل تـراكـيـبمختلفة لهذه ا)بادىء ا)تباينة فإن من ا)مكن تفسير تطوير العالمI حيث إنالنسب ا)تباينة التي جتسد هذه ا)بادىء تفسر كل ما في العالم من تنوع.ولكن ما الذي يسبب تطور البراكريتي (أو ا)ادة)? إذا نظرنا إلى العالمعلى أنه يتطورI فإن من ا)فترض ضمنا أنه كان هناك وقت منطقي كانـتفيه ا)بادىء ا)كونة للبراكريتي في حالة هادئة من التوازن. وإذا كان األمركذلكI فإن من الضروري افتراض مبدأ ا^خر للواقع في العالمI مبدأ مسؤولعـن اإلخـالل بـتـوازن الـنـزعـات أو ا)ـيـولI ومـن خـالل ذلـك حتـريـك تـطـور

(أو الروح)Purushaالبراكريتي. وهذا الواقع الثاني يطلق عليه اسم «بوروشا ويعتبر منتميا إلى طبيعة الوعي اخلالصI باعتباره الذات ا)طلقة. أنه في

.Sالواقع صياغة مدرسة السامخايا لأل�ان أو البراهمان األوبانيشاديI(ووجود «البوروشا (الروح) هو الذي يفـسـر تـطـور الـبـراكـريـتـي (ا)ـادةوليست ا)سألة أن للبوروشا بالفعلI أي عـالقـة بـالـبـراكـريـتـيI وإ�ـا قـوامIاألمر أنه بسبب وجود البوروشا وحضوره يتعرض توازن البراكريتي لالحتالل

وتبدأ عملية التطور.ويقدم أشفارا كرشنا موجزا للحجج ا)طروحة لوجود البوروشا (القـوة

الروحية) على النحو التالي: «(أ) ألن كل العناصر ا)ركبة هي من أجل أن يـسـتـخـدمـهـا اال^خـر (ب)وألنه يتعS أن يكون هناك غياب للسمات الـثـالث ولـلـخـواص األخـرى (ج)

يقـومنوألنه يتحتم وجود عملية ضبط (د) وألنه ينبغـي أن يـكـون هـنـاك م «لالنعزال» أو الغبطة النهائيةI فإنه البد أنبالتجربة (هـ) وألن هناك ميال

يوجد البوروشا». تقوم احلجتان (أ) و (ب) على ا)قدمتS القائلتS ١ـ إن كل ا)وضوعاتالتي تتم خبرتها أو جتربتها تتألف من أجزاءI وهذه األجزاء تنظم على نحوتخدم معه أغراض ا)وضوعات أو الكائنات األخرىI حتى تتماسك الطبيعةبأسرها في كل واحد منظمI و ٢ـ مالم يكن هناك ذلك الذي اليـتـألـف مـنأجزاء والذي من أجله توجد تلك األشياء ا)ؤلفة من أجزاءI فإننا نقـع فـينـكـوص المـتـنـاه. واخلـالصـة هـي أن عـالـم «الـبـراكـريـتـيI الـذي هـو عـالــم

Page 90: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

90

الفكر الشرقي القد

ا)وضوعاتI يوجد من أجل عالم ا^خرI األمر الذي يبرهن على وجود مبدأا^خر خالف البراكريتيI وهذا ا)بدأ هو «البوروشا».

وتفترض احلجة (ج) أن ا)وضوعات ا)اديةI أي ا)وضوعات التي تشكلI وكل منها موجه إلـىعالم البراكريتي (عالم ا)ادة)I الoكن أن تعـمـل مـعـا

غايته ا)ناسبةI مالم يكن هناك مبدأ عقلي هـو الـذي يـرشـد هـذا الـعـالـم.واخلالصة هي أن البوروشا البد من وجوده لكي يتم تنظيم العالم على ما

هو عليه.وتذهب احلجة (د) إلى القول بأنه من وجهة النظر السيكولوجـيـة فـإنكل موضوعات العالم تنتمي إلى طبيعة اللذة أو األلم أو الالمـبـاالة. ولـكـن

يقوم بالتجربة. واخلالصـة هـي أنناللذة واأللم الoكن أن يـوجـدا دون معالم البراكريتي (عالم ا)ادة) البد أن يوجد بالنسبة )ن يقوم بالتجربةI ومنهنا فإنه البد من وجود البوروشا (القوة الروحية) كمبدأ )ن يقوم بالتجربة.وتذهب احلجة (هـ) إلى أنه البد من وجود البوروشا بسبب الرغبة في

يصبح ا)يل الكلـي يحدث أنعلو الذات. وفي كون منظم ما كان oـكـن أننحو الالمتناهي ـ نحو حتقيق الذات ـ محبطا لهاـ وبالتالي فـال بـد مـن أنيكون البوروشا (الروح) موجودا لكي يتحققI حيث إنه يجرى السعي إليه.ولكن بغض النظر عن هذه احلجج فإن وجود البوروشا (الروح) يـتـموضعه بعيدا عن أي تساؤل أو شكI من خالل جتربة أولئك الذين جتاوزوا

عالم البراكريتي.ومن الواضح أنه ينظر إلى «البوروشـا» (الـروح) عـلـى أنـه مـسـتـقـل عـنالبراكريتي (ا)ادة)I فهو أمر واضح من القول بأنه: «من الدراسة ا)ـتـكـررة

(باعتباري براكريتـي)للحقيقةI تنتج احلكمة القائلة: «إنني لست موجـوداوال شيء ملك يدي. إنني لست (براكريتي) األمر الـذي اليـدع بـقـيـة بـاقـيـة

تعرفI إنني نقي متحرر من اجلهلI ومطلق».ولكن إذا كان البوروشا مستقال عن البراكريتي أال يغدو السؤاالن اللذانيدوران حول الكيفية التي يرتبطان بهاI وكيف تستطيع النفس التجريبـيـة

عن ذي قبل? إن مفتـاحإدراك البوروشا في داخلها ـ أكثر غموضا وإلـغـازاالرد متضمن في ا)قتطف الوارد أعالهI والذي ينص على أن احلكمة هـيالتي تطلق البوروشا وحتررها من البراكريتي. وإذا كان البوروشا حقا واقعا

Page 91: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

91

النفس والعالم: السامخايا ــ اليوجا

في قبضة البراكريتي ويكبح هذا األخير حركته. وإذا كـان الـبـوروشـا حـقـاواقعا في قبضة البراكريتي ويكبح هذا األخير حركتهI فإن من العبث القولبأن البوروشا مختلف �اما عن البراكريتي ومستقل عنه. ولكن وجهةالنظرالتي تتبناها مدرسة السامخايا هي أن العالقة بS البراكريتي والبـوروشـاجتد أساسها في اجلهلI ففي هـذا اجلـهـل يـرتـكـب خـطـأ مـأسـاويI ويـتـم

اخللط بS البوروشا والبراكريتي.ولكي نوضح كيف oكن أن تؤدي الرابطة الوهمية بS البوروشا (الروح)والبراكريتي (ا)ادة) إلى تطور حقيقي للبراكريتي (للمادة)I فإن من الضروريفهم الكيفية التي يؤثر بها مجرد وجود البوروشا وحضوره في البراكريتي.قيل إن البوروشا (الروح) نور ساطعI وإن البراكريتي بحيرة ماء تعكس ذلكالفورI دون قيام «البوروشا» (الروح) بشيء إال أن يشع بنورهI فإن االنعكاسعلى سطح البراكريتي (ا)ادة) ينعكس على ذاتهI لكن ذلك ليس نور البوروشا(الروح) احلقيقيI وإ�ا هو انعكاس في البراكريتي (ا)ادة)I وبالتالي فإنـهIينتمي على نحو جوهري إلى طبيعة البراكريتي (ا)ادة). وفي هذا االنعكاسIفإن البوروشا يغيب عن النظر Iالذي هو انعكاس البوروشا على البراكريتيويصبح البراكريتي (ا)ادة) هو الواقع ا)طلق. وبسبب هذا اخلطأ فإن إنارةالنفس التجريبيةI التي �كن ا)رء من أن يرى ويسمع ويحس ويفكر ويرغب...Iالـذي هـو الـبـوروشـا Iإلخ اليتم إدراكها باعتبارها تنطلق من النور العظيموينبي* ذلك على أنه فيما يواصل البراكريتي (ا)ادة) التطور فإن البوروشا(الروح) اليتم �ييزه عن البراكريتي (ا)ادة)I وإ�ا تتم مطابقته مع تطورات

البراكريتي.وينظر نظام تطور البراكريتي الذي جرى تصويره في فلسفة السامخاياإلى اإلضاءة األولى للبراكريتي (للمادة) من قبول البـوروشـا (الـروح) عـلـى

أي «العظيم» وعندمـا يـصـبـح هـذاMahat (٦) أو مهـاتBuddhi (٥)أنها بـوذي )Ahamkara» أو ا^هامكارا I Makerاالنعكاس واعيا بذاته فهو «صانع اال^نا

ا)سؤول عن التفرد في الطبيعة. ومن هذا الـتـطـور يـخـرج الـذهـن وكـذلـكأعضاء احلس وأعضاء الفعلI وجواهر األشياء التي نحسها ونعمل عليها.وأخيرا تنشأ موضوعات العالم اجلامدةI وعلى هذا النحو تفـسـر مـدرسـة

السامخايا أصل الواقع ا)عايش كله.

Page 92: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

92

الفكر الشرقي القد

٤ـ اليوجا: الطريق إلى ضبط النفس:يقدم التفسير السابق لطبيعة الذات والعالم التـجـريـبـيـS وعـالقـتـهـمـا

ألساليب ضبط النفس عقالنيابالبوروشا (الروح) أو النفس ا)طلقة أساسا. وtارسة اليوجا أمر مطلوب لتحقيق احلكمةYogaا)عروفة باسم اليوجا

Sالذي يتسـبـب فـي اخلـلـط بـ Iكن القضاء على اجلهلo التي من خاللها إدراك الطبيعة اجلوهريةالبورشا (الروح) والبراكريتي (ا)ادة)I وoكن أيضا

للذات باعتبارها البوروشا (الروح).والسؤال األساسي لليوجا : كيف oكن حتقيق تلـك احلـكـمـة الـتـي فـيIنفسه على نحو ما هو عليه Iأو الذات اخلالصة Iإطارها يدرك البوروشاأي ا)شاهد للبراكريتي (ا)ادة) وليس جزءا منه بالفعل أو مرتبطا به? عندمايتم إجناز هذه احلكمةI التعود هناك معاناةI إذ اليعـود الـبـوروشـا (الـروح)مرتبطا على نحو خاطىء بالبراكريتي (ا)ادة) ا)تغير وا)تعرض لـلـمـعـانـاة.وهكذا نفهم أن ا^الم البراكريتي ال عالقة لها بالبوروشا (الروح)I وال oكنها

أن تسبب ا)عاناة.أما كيف تسفر العالقة بS البوروشا (الروح) والبراكريتـي (ا)ـادة) عـنا)عاناةI على نحو ما توضحها مدرسة السامخاياI فيمكـن تـصـويـرهـا مـنخالل تخيل شخص ما في غرفة محاطا باألجهزة السمعية والبصرية. ويتمتشغيل جهاز عرض سينمائيI ويظهر شخص يتم انتشاله من البحر ورفعهفي الهواء إلى قمة صخرة ناتئة ترتفع عاليا وسط ا)اءI ثم يهوي ليـرتـطـمبالصخور عند السفح. ويتقمص ا)تفرج شخصية الضحية في هذا ا)صيرا)ؤلم. وتتكرر هذه العملية مرة بعد األخرىI وفي كل مرة تندمج الشظايـاوتبدأ العملية مرة أخرى. أما الشخص الـذي يـتـقـمـص هـذه الـصـورة فـهـويعاني ا^الم ألف ميتة رهيبة وعذابهاII وما من شيء oكن أن يكون أروع منالفرار من هذا ا)صير الرهيب. ولكن عندما يدرك ا)شاهد أنـه يـرى ذاتـاخلقتها مجرد فيلم وصوتI ويتحقق التحرر من ضروب ا)عاناة التي تعانيمنها هذه الذات الوهميـة. وا)ـهـم هـنـا هـو أن ا)ـشـاهـد كـان طـوال الـوقـتمتحررا من ا)عاناةI ولكن اجلهل حال بينه وبS هذا اإلدراك. ولـم تـنـجـمIوال عن طبيعة الشخص Iا)عاناة عن ا)ادة السمعية والبصرية في حد ذاتهاوإ�ا كان التوحيد اخلاطىء بـS الـشـخـص واال^خـر هـو الـذي أفـضـى إلـى

Page 93: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

93

النفس والعالم: السامخايا ــ اليوجا

ا)عاناةI وعلى نحو tاثل فإنه ال البوروشا وال البراكريتي ذاتـهـمـا قـادراتعلى جلب ا)عاناة. وإ�ا هذا التوحيد اخلاطىء ما بS البوروشا والبراكريتي

فضي إلى ا)عاناة. ولقهر معاناة النفس البـد مـن الـقـيـام بـشـيءهو الـذي يإلزالة اجلهل ا)ـفـضـي إلـى الـتـوحـيـد اخلـاطـىء مـا بـS الـذات اخلـالـصـة

والالذات.ولتحقيق هذه الغاية يوصى بنوع من ضبط النفس يعرف باسم اليوجا.وتشير األقوال األربعة األولى من أقوال «يوجا باتاجنالي ا)أثورة» إلى طبيعة

اليوجا هـيñاليوجا تلك والغاية منها: «اال^ن سنعرض مـا هـي الـيـوجـا. إن) ثم يسكن احلكيم (أعني النفس) فيCitaتقييد لتقلبات مادة الذهن (سيتا

ذاته. وفي أحيان أخرى تتخذ (النفس) األشكال ذاتها التي تتخذها تقلبات(مادة الذهن)».

وتشير مادة الذهن إلى الـوعـي عـلـى نـحـو مـا يـتـجـسـد فـي الـتـجـلـيـاتالسيكوفزيائية للمادة (البراكريتي). والبد من التميـيـز بـيـنـهـا وبـS الـوعـياخلالص أو البوروشاI ا)تميزI على نـحـو أزلـيI عـن الـبـراكـريـتـي. وتـذهـبمدرسة السامخايا إلى أن الروح (البوروشا)I على الـرغـم مـن أنـه فـي حـدذاته متميز عن ا)ادة (البراكريتي)I فإنه ينعكس في التجليـات الـتـطـويـريـةللطبيعة. وبسبب اجلهل فإن هذه االنعكاسات ا)تـجـسـدة فـي الـبـراكـريـتـي

يظن خطأI أنها الذات احلقة أو البوروشا (الروح) أو األ�ان (النفس).وقد ننظر إلى الروح (البوروشا) على أنه نور متألق منعكس عـلـى ا)ـاءIو)ا كنا النشاهد سوى النور ا)نعكس على البحيرة Iا)ترقرق في بحيرة ملوثةفإننا نعتقد أن النور نفسه هو ا)لون وا)ترقرق. ولكن عنـدمـا يـهـدأ سـطـحالبحيرةI ويسمح للتلوث بالركودI فإن النور يبدو صافيا وسـاكـنـاI وتـقـودنـاIالنور ذاته وانعكاسه على البحـيـرة Sإلى التمييز ب Sالصورت Sا)فارقة بوبطريقة tاثلة فإن أنشطة اليوجا اخلاصة بضبط النفسI تهدىء الذهنIبحيث نتمكن من رؤية البوروشـا Iواجلسم و�نع حركات الوعي ا)تجسدة

أو الوعي اخلالص.

٥ـ قوى العبودية:. وهو االفتقار إلى إدراك أن الذاتAvidya اجلهل (أوفيدايا (هناك أوال

Page 94: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

94

الفكر الشرقي القد

تنتمي في نهاية ا)طاف إلى طبيعة البوروشا (الـروح) ولـيـس إلـى طـبـيـعـةالبراكريتي (ا)ادة). وألن الذات تظنI على نحو خاطىءI أنها مجرد كيـاننفسي ـ عضويI فإنه ينظر إليهاI خطأ على أنهـا مـتـحـدة �ـامـا مـع ا)ـادة(البراكريتي). ونتيجة لذلك فإن هذه النفس ا)تجسدة تكافح للحفاظ علىوجودها باعتبارها كيانا ماديا براكريتيا «ناسية» أن طبيعتها النهائية هـي

من طبيعة الوعي اخلالص.والقوة الثانية التي تقيد نشاطات النفس ا)تجسدة هي اإلحلاح الدائم

) على أنهـاAsmitaخللق األنا ودعمه. ونحن نخبر قوة األنا هذه (أسمـيـتـا إرادة البقاء كموجود نفسي ــ عضويI وهي حتول كل شيء إلـى «مـلـكـي» و«ليس ملكي»I بينما حتاول الذات اجلاهلةI على نحو يائسI احلفاظ على

وجودها ا)ادي (البراكريتي).ر عن نفسه مـنIï هي افتتان باألشيـاءI يـعـبRagaوالقوة الثالثـةI راجـا

خالل التشبث والتـعـلـقI فـالـذات اجلـاهـلـة تـقـومI لـلـحـفـاظ عـلـى وجـودهـاالبراكريـتـيI بـالـتـشـبـث }ـوضـوعـات الـتـجـربـةI رابـطـة ذاتـهـا بـوجـود هـذها)وضوعات الهامشية. وتتعلق الذات ا)تجسدةI على نحو يائس ـ في غمار

ما �سك به ـ لكل خبرة أو جتربة تبعث على الشـعـورخوفها من أن يفلـتباللذة.

هي ا)قابل للقوة الثالثة. إنها كرهDevesaوالقوة ا)قيدة الرابعةI ديفسا كل شيء يهدد الذات البراكريتية ومقتهI وهـي حتـدث تـأثـيـرهـا مـن خـاللالكراهية واخلوفI وتسعى إلى جتنب أي شيء يهـدد الـذات ا)ـتـجـسـدة أو

I قوة التشبث وقوة ا)قت بدفع الشخـصIيقضي عليها. وتقوم القوتان معاوإذ تدفع كل منهما وجتذب على نحو مضاد لألخرىI فإنهما تتركان الفرد

في حالة من حاالت الوجود مترعة بالعذاب على نحو مستمر.AbhinivesaIوالقوة اخلامسةI إرادة احلياة لألبد كبراكريتي ابهيـنـفـسـا

هي قوة أكثر عمقا من ا)قت ومن االرتباطات وتكتسحها معا عندما تتهدداحلياة باخلطر. وهذه القوة حتكم الفرد بحيث يخاف ا)وتI وكل ما يرتبطبه. وهي إذ تضرب جذورها في اجلـهـلI فـإنـهـا تـدعـم دافـع األنـا اخلـاص

بالنفس ا)تجسدةI متشبثة بوعد زائف باخللود النفسي ـ العضوي.وألن هذه القوى اخلمس حتكم الكيفية التي تسلك بها الذات ا)تجسدة

Page 95: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

95

النفس والعالم: السامخايا ــ اليوجا

وتفكرI فإنه البد من فهمها بوضوح والتصدي لهاI فهي القوى األساسـيـةالتي تؤكد «تذبذبات وتقلبات مادة الذهن» التي تسعى اليوجا إلى إيقافها.ومن خالل وقف هذه التحركاتI والقضاء على القوى الدافعة التي تكمنوراءهاI فإن الوعي يغدو صافياI وoكن التمييز بينه وبS البراكريتي. وهكذافإن اليوجا هي على نحو جوهري عملية «إنهاء تقييد» النفس ذات الوعـي

ا)تجسد.

٦ـ أساليب اليوجا:يقسم «باتاجنالي» األساليب ا)تبعة إلنهاء التقييد من خالل اليوجا إلىثماني مجموعاتI ابتداء من األكثر سطحية وخارجية وانتهاء باألكثر جوانية

. وينظر إلى اجملموعات األقدم من هذه األساليب باعتبارها أوضاعاوعمقادمجت في األساليبضرورية للمجموعات التي جاءت في وقت الحقI وقد أ

I اخلاصة با)راحل الالحقة.األكثر تطورا

٧ـ الضوابط األخالقية:»Yama (٧)تبدأ اليوجا }جموعة من القواعد «أو األوامر األخالقية» ياما

ـ يقصد بها إعادة توجيه إرادة الشخص وأعمالهI فبدال من التصرف انطالقامن الشعور باالرتباط أو با)قتI بدافع من قوى األنـا الـعـمـيـاءI يـتـوقـع مـنالشخص أن يتصرف انطالقا من اإلشفاق ا)فعم بـالـتـعـاطـف حـيـال رخـاء

. وعلىAhimsa (٨)اال^خرين. هكذا فإن الضابط أو الكابح األول هو أهمساالرغم من أن هذه الكلمة تعني بصورة حرفيـة «الـال أذى» إال أنـهـا مـفـهـومإيجابي بصورة أساسية. وبينما هي تستبعد كافـة الـتـصـرفـات الـتـي تـؤذيالكائنات األخرىI وكل األعمال التـي تـقـوم عـلـى أسـاس الـكـراهـيـةI وسـوءالنيةI حيث اخمللوقات األخرىI فإنها بصفة جوهرية تعبر عن احلب ا)فعمبالتعاطف حيال كل اخمللوقات احلية. وتطوير هذا احلب الشامل يتم إقراره

كوسيلة فعالة للتخلص من النوازع األنانية لألنا.ويتعلق الضابط أو الكابح األخـالقـي الـثـانـي بـالـكـالمI ذلـك أن الـكـالم

سهم في رفاه اال^خرينI ويتعS جتنب النوايا السيئةI والكلـمـاتينبغي أن يالتي تؤذيهمI وهذا يشمل احلـديـث األجـوفI والـثـرثـرة اخلـرقـاءI والـكـذب

Page 96: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

96

الفكر الشرقي القد

وحيث إن ا)بدأ هو أن الكالم ينبغي أن يدفع خير اال^خرين قدماI فإن أيـةنوايا أو كلمات تؤذي اال^خرين تعتبر زائفةI ويتعS جتنبها.

وعدم السرقةI وهو الضابط األخالقي الثالثI يستبعد أخذ ما هو ملكاال^خر. ولكنه oضي إلى عمق أكبرI ذلك أنه يهدف في الواقعI إلى القضاءعلى احلالة الذهنية التي ترغب فيما oلكه شخص ا^خر. وينظر إلى التفوقإلى tتلكات شـخـص ا^خـرI فـي حـد ذاتـهI بـاعـتـبـاره نـوعـا مـن إيـذاء هـذا

الشخصI ومن ثم فإنه يتعS محوه من الذهن.وoضي الضابط الرابعI وهو عدم التـشـبـثI بـاحلـظـر ا)ـفـروض عـلـىالسرقة إلى مستوى أكثر عمقاI ذلك أن عدم التشبث يعني الـقـضـاء عـلـىالرغبة بأسرها في امتالك اخليراتI حتى ما يدعى بـ «ا)لكية ا)شروعة».ويقضي هذا ا)بدأ بأنه بينما يجوز استخدام كل ما هو ضروري للحياة منقبل أي شخص يحتاجهI فإن مبدأ ا)لكية نفسه هو تعبير عن الطمعI يدفعIقدما من خالل دافع األنا العمياء. وهذا هو األساس األخالقي لعدم التشبثوهو موقف إذا � ا)ضي به قدما إلى أقصاهI فإنه لن يسمح للمرء حـتـى

بأن يقبل هدية.والضابط األخالقي اخلامس موجه ضد النشاط اجلنسـيI وبـقـدر مـا

أمام الوعي بالذاتIينطلق هذا النشاط من األناI ويغذيهاI فإنه يشكل عائقاينبغي القضاء عليه. وعلى الرغم من أن النشاط اجلنسي له موضعه ا)شروعفي حياة الناس العاديIS فإنه بالنسبة )ن oارس «اليوجا» oثل لـونـا مـنالقيد أو العبودية. وهكذا فإن الدارس يقسم لدى بدء تكريس نفسه للدراسة

على التزام العفة.وهذه الضوابط األخالقية اخلمسةI التستهدف في مجملهـاI الـقـضـاءعلى النشاط احملرم فحسبI وإ�ا هي أيضا قضاء على الدافع الذي يثيرهذا النشاط. وألن هذه الدوافعI وبـصـفـة خـاصـة الـدافـع إلـى دعـم وجـوداألناI تقيد ا)رء بأشكال الوجود ا)ادي البراكريتيI التي حتجب نور الوعي

oارس اليوجا ينبغي عليه أن يقضـي عـلـيـهـا. وبـإحـاللناخلالصI فـإن ماحلب ا)فعم بالتعاطف محل الرغبة والكراهية كمنبع أساسي للفعـلI فـإن

oارس اليوجا يخطو خطوة أولى واثقة نحو التحرر.نم

Page 97: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

97

النفس والعالم: السامخايا ــ اليوجا

٨ـ االلتزامات الروحية:(٩)يقصد باجملموعة الثانية من أساليب االنضباط ا)عروفة باسم نياما

Niyamaعلى ا)رء مراعاة دفع ا)رء باجتاه وجود أكثر روحانية. فأوال Sيتع I على نحوالنقاء في الفعل والتفكير والكلمة. والبد من إبقاء اجلسم نظيفا

دقيقI ويتعS جتنب كل أشكال التلوث االجتـمـاعـي والـشـعـائـري. وعـنـدمـاSفإنه ينبغي القيام بالتطهير بالقراب Iا السبيل إلى جتنبهt يكون التلوثالتي يضحى بهاI غير أن األكثر أهمية بالنسبة )ن oارس اليوجا هو النقاءالداخليI ذلك أنه إذا لم يكن الذهن نقياI فمن ا)ستحيل أن تكون التصرفات

oارس اليوجا يتعS عليه أن يـقـضـي عـلـى كـل اال^ثـارنقيةI وبالتالـي فـمـنا)ترسبة عن األفكار واألفعال السابقةI ذلك ألن هذه األفكار من شأنها أن

مستقبلية. ومرة أخرى فإن تلك االنطباعات ا)ترسبة واألفكارتثير أفكاراالنشطة التي تغذي األنا تعتبر أسوأ اإلهانات التي يتعS القضاء عليها.

Iوالقاعدة الثانية هي أن ا)رء ينبغي أن يرضى }ا لديه كـائـنـا مـا كـاندون أن تقلقه األحداث والظروفI والرضا }ا لـدى ا)ـرء يـسـاعـده كـذلـك

باستقالل الذات احلقة.على أن يستشعر إحساساIوالضابط الثالث الذي يتم االلتزام به هو النزعة إلى الزهد أو التقشفوهنا يقوم ا)رء بالعديد من األنشطةI التي تستهدف نـكـران الـذاتI وكـبـحجماح شهواتها. والفكرة الكامنة وراء tارسة التقشف أو الزهد هي حتريرا)رء نفسه من جتاذب وضغوط ما يحب وما يكرهI من خالل توليد شـعـورباالستقالل عن اجلسد. والزاهدI على خالف الشخص العاديI الحتكمـه

الرغباتI وإ�ا هو سيدها ا)سيطر عليها.والقاعدة الرابعة هي الدراسة. وهذه القاعدة تشير في ا)قام األول إلىموقف من يبدأ السير في هذا الطريقI وهو موقف ينبغي أن يكون قوامـهالتواضع واالنفتاح على التعليمI وهي تشير في ا)قام الثاني إلـى الـتـعـالـيـمذاتها التي توجه ا)رء إلى حكمة ا)علمI نصوص الفيداI أو النصوص الـتـي

برى هنا فهم تعاليم التحرر وtارستها.تدور حول اليوجا. وtا له أهمية كوتدعو القاعدة اخلامسة إلى التكريسI وقد يشمل هذا إقامة الشعائرلواحد أو أكثر من األرباب والرباتI أو قد يشير إلى موقف قـوامـه خـدمـةقوى الكون األعظمI كما أنه قد يشمل كذلك موقفا قـوامـه اإلجـالل )ـعـلـم

Page 98: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

98

الفكر الشرقي القد

ا)رء. وهذه القاعدةI شأن القواعد األربع السابقةI يقصد بها تكريس ا)رءباجتاه حياة روحية oكن فيها قهر قوى األنا.

األوضاع: إذ يستقر الدارس في انضـبـاطـه األخـالقـي والـروحـيI فـإنـه» ـAsanasيغدو مستعدا للقيام بالتدريباتI أو ألداء األوضاع أو «األساناس

راد بها حتقيق انضباط اجلسد والسيطرة عليه. وهناك عشرات منالتي ين تعلمهاI وعندما يتم إدراج تنويعاتñاألوضاع اجلسدية اخملتلفة التي يتعي

» ـ يشير إلـىHatha Uoga (١٠)ا)واقع األساسية فإن بعض كتب «الهاثايـوجـاIمئات ا)واقف. وتكمن أهمية هذه األوضاع اخملتلفة في السيطرة على اجلسموهي سيطرة جتعل من ا)مكن االستقاء من معS قوى احلياة األكثر عمقا.

بصورة حقيقية عن اجلسمI فإن السيطرةوألن الوعي ا)تجسد ليس متميزاI تزيد من سيطـرة tكناعلى اجلسمI التي جتعلها األوضاع اخملتلفة أمـرا

tارس اليوجا على الوعي كذلك. وهذا أمر مهمI ألن مغزى اليوجا بأسرهIبحيث تصبح أدوات للتحرر Iهو السيطرة على األنشطة النفسية ـ العضوية

وليس للعبودية.وأوضاع اليوجاI التي الoكن تعلمها على نحو سليمI إال من معلم مؤهل

يؤدى بال مجهود. وإذ يتملذلكI ينبغي أن تتم tارستها إلى أن تصبح شيئاIفإنها ستصل باجلسم إلى حيث يغدو صلبا Iالقيام بها على الوجه الصحيحولكنه مسترخI وعلى أهبة االستعداد لالستجابة لتـوجـيـهـات الـوعـي. وفـيالبداية يتركز انتباه ا)رء بأسره على األنشطة العـضـويـةI الـتـي تـقـتـضـيـهـااألوضاعI ولكن مع زيادة مهارة ا)رء فإن هذه األنشطة تصبح عملـيـا tـايؤدى بال جهد يذكرI وoكن إلى حد بعيد جتاوز الوعي باجلسمI وعندئـذ

.Pranaيصبح اجلسم أداة مناسبة لقوة احلياة ا)عروفة باسم البرانا

٩ـ ضبط التنفس: بالنسبة )مارسة اليوجاI ذلك جوهرياتعد السيطرة على التنفس أمرا

أن التنفس يتيح الطاقة احليوية التي تدY احلياة وتغذيها. وهـذه الـطـاقـة لكل شخص عند ا)يالدI ويتم تغذيتها وتطهيرهاóىطعاحليويةI أو البراناI ت

من خالل التنفس. وينظر إلى الشهيق باعتباره يقدم الوقود الالزم لتجديد الوقود ا)ستهلك. وعندما يكون التنفـسهذه الطاقة. والزفير ينحي جانبا

Page 99: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

99

النفس والعالم: السامخايا ــ اليوجا

I فإن طاقة احلياة تقل بسبب النفايات ا)تراكمةI والتغذية غير الكافية.ضعيفاو}ا أن احلاجة �س إلى مستوى عال من الطاقة احليوية لتطهير الوعيوحتريرهI فمن ا)هم السيطرة على عملية التـنـفـس لـلـوصـول بـالـبـرانـا إلـى

احلد األقصى.وباإلضافة إلى زيادة مقدار الطاقة احليوية ا)تاحI فإن السيطـرة عـلـىالتنفس مهمة للتأملI فاضطالع ا)رء بوظائفه النفسية ـ العضويـة يـعـتـمـدبكامله على إيقاع طاقة التنفس وتـدفـقـهـا. وفـي غـمـار الـتـأمـلI فـإن فـتـرةIالشهيق والزفير هي التي تسمح بأعمق ولوج إلى رحاب الوعي Sالهدوء بIمحوال إياه إلى فوضى مدوية Iوالشهيق يفتت مجرى وعي ا)شاعر واألفكاروالزفير يبعثر طاقات الوعي في كل االجتاهات. ولكن بS الشهيق والزفيرهناك هدوء وسيكون oكن للذهن أن يركز فيهما كل طاقاته ومحتوياته فيرؤية تكشف من ذاتها. وينبني على ذلك أن تعلم كيفية االحتفاظ بالـنـفـس

لفترات طويلة دون جهد يذكر هو أمر يقدم مساعدة مهمة للتأمل.سحب احلواس: يقصد باجملموعة اخلامسة من أساليب tارسة اليوجاإغالق اجملال في مواجهة تزويد الوعي بـالـزاد احلـسـيI حـيـث يـنـظـر إلـىاحلواس باعتبارها األدوات التي �تد خارجه إلى العـالـم لـتـحـقـق اتـصـاال

نظر إليه للوعي. ولكن هذا الزاد يinputبا)وضوعات احلسيةI لتقدم الزاد بالفعل باعتباره نوعا من الضوضاء التي تسد الطريق فـي وجـه اإلشـاراتاخلالصة الصادرة عن الوعي الداخلي ا)كتفي بذاته. وللتـخـلـص مـن هـذاIيقوم العاكف على اليـوجـا }ـمـارسـة سـحـب احلـواس Iالزاد غير ا)طلوب�اماI كما تقول النصوصI على نحو ما تقوم السـلـحـفـاة بـسـحـب أرجـلـهـا

ورأسها إلى نفسهاI مبتعدة عن العالم اخلارجي.وينبغي أن تتم عملية سـحـب احلـواس عـلـى مـسـتـويـات عـدةI ذلـك أنـهIاليـنـبـغـي فـقـط وقـف االتـصـال بـاأللـوان واألصـوات والـروائـح اخلـارجـيــةوا)ـوضـوعـات ا)ـلـمـوسـةI وإ�ـا يـتـعـS كـذلـك الــقــضــاء عــلــى أي اتــصــالبا)وضوعات احلسية الداخلـيـة ا)ـتـولـدة عـن اتـصـال سـابـق بـا)ـوضـوعـاتاخلارجية. والبد بالفعل من إبعاد كل ا^ثار االتصال احلسي على ا)ستوياتكافةI بحيث يغدو العقل حرا في تنظيم وتوجيه نشاطه اخلاص. وفي نهايةا)طاف فإن السؤال ا)طروح هو ما إذا كان tارس اليوجا سيسمح للحواس

Page 100: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

100

الفكر الشرقي القد

بأن توجه أنشطة العقل أو ما إذا كان العقل سيتم حتريره على نـحـو كـافIبحيث يتمكن من توجيه احلواس. و}ا أن العقل قوة أسمـى مـن احلـواسIوالقاعدة السائدة في اليوجا هي سيطرة القوى األسمى على القوى األدنىفمن اجللي )مارس «اليوجا» أن العـقـل يـنـبـغـي أن يـسـيـطـر عـلـى احلـواسويوجهها. وإذ يتملك tارس اليوجا وسائل سحب احلواسI فإنه يغدو على

استعداد )مارسة التركيز.التركيز: يدخل ا)رء ا)رحلة التأملية من اليوجا }مارسـة الـتـركـيـز (أو

oارس اليوجاI عقب السيطرة على اجلسمن). ويستطيع مDharhnaالدارانا واحلواس أن يركز على وضع العقل حتت السـيـطـرة بـحـيـث oـكـن إيـقـافأنشطته. ونحن بحاجة إلى أن نتذكر أن العقل مختلف عن الوعي اخلالص

نظر إليهI في الواقعI على أنه نوع من التـدخـلأو البوروشاI بل إن العقـل يالذي يشوش الوعي اخلالص. وهكذاI فإنه البد من السيطرة علـى الـعـقـلIحركاته وتفريغ محتوياته Sوينبغي تسك Iارسة التركيزt من خالل عمليات

ا)سمى «بالبوروشا».وذلك للكشف عن الوعي األكبر عمقامارس اليوجا أن يتـأمـل صـورة ينولتركيز طاقات العقل يتـعـS عـلـى م

أو أيقونة ألحد األرباب. وفي بـعـض األحـيـان هندسـيـابصرية وتصمـيـمـايتخذ من الصوت موضوعا للتأملI وفي أحيان أخرى قد يـصـبـح مـوضـوع

(١١) ) shaktiميتافيزيقي مثل فكرة «براهمان» أو الطاقة الكونـيـة (شـاكـتـي

موضوعا للتأمل. ولكن موضوع التأمل يؤدي دائما وظيفة جتميع كل طاقاتالذهن وتركيزها في تيار واحد يدور حول نفسهI كاشفا إياها بـاعـتـبـارهـاوعيا زائفا قوامه البراكريتي وليس الوعي اخلالص الذي يتمثل قوامه فـي

البوروشا.I فإنه عاجز عن أن يقهر تأمليـاالتأمل: ألن التركيز يستخدم موضوعا

بصورة كاملة ثنائية الذات وا)وضوع في الوعي. ومن هنا فإنه في ا)رحلةالسابعة oضي tارس اليوجا إلى مـا وراء كـل مـوضـوعـات الـتـأمـل. هـنـايواجه الوعي نفسهI ال في صورة أي موضوعI وإ�ا على نحو ما هو عليهفي طبيعته اخلالصة ا)شعة بذاتها. واإلدراك األحادي للتركيز يتم تعميقه

عن الوعي الكامن حتته. هنا تكون وكاشفاإلى أن يصبح موضوعه شفافاكل حتركات مادة الذهن قد � تسكيـنـهـا وال يـعـود هـنـاك شـيء يـعـوق نـور

Page 101: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

101

النفس والعالم: السامخايا ــ اليوجا

البوروشا.سامادي: مع سكون حركة الوعي ا)تجسدI يتجلى البوروشا بنوره اخلاص.وهذا هو اإلجناز الكاملI الذي تصل فيه اليوجا إلى ذروتها. و}ا أن حالةالوجود هذه جتاوز كل ثنائية بS ا)وضوع ـ الذات فإنها تتـجـاوز الـوصـف.

التي تستخدم لإلشارة إلى هـذاSamadhi (١٢)ولكن الكلمة ا)ركبة سامادي » يعني الكمالI وحرفSamاإلدراك ا)طلق تبدو كلمة موحية. فا)قطع «سام

«أ» مؤشر انعكاسي يشير إلى الذات. وا)قطع «دي» هو مصدر فعل يشيرإلى الوضع في ا)كان. وعندما يتم دمج هذه ا)كونات في كلمة «سـامـادي»فإننا جند أمامنا مصطلحا يشير إلى الوضع الكامل من جانب الذات لنفسهافي الوعي اخلالص ا)سمى «بالبوروشا» أو «األ�ان». وهذاI بالطبع oـثـل

أي احلرية الكاملة.Mokshaالهدف الهندوسي ا)طلقI وقوامه ا)وكشا Iالتجريبي وا)طلق من جانب مدرسة الـسـامـخـايـا Sوتفسير العالقة بSوهو اخلطأ الذي يـتـعـ Iوطبيعة اخلطأ الذي يؤدي إلى العبودية وا)عاناةتصويبه من خالل ضبط النفس الذي جتلبه اليوجا يتم تلخيصه في قصةهندية قدoة وأثيرة. وتدور هذه القصـة حـول �ـر صـغـيـرI تـربـيـه ا)ـاعـز

م له ألوانا صحيحةñمه معلمI وقدالبريةI بعد أن حسبته من ا)اعزI وقد علمن اخلبرةI لكي يدرك طبيعته احلقةI طبيعة النمر.

فيكانت أم النمر قد ماتت وهي تضعهI وتركت النـمـر الـولـيـد وحـيـداIوتبنـت الـنـمـر الـصـغـيـر Iالدنيا. ومن حسن الطالع أن ا)اعز كانت رحيمةوراحت تعلمه كيف يلتهم العشب بأنيابه القاطعةI وكيف يثغو على نحو مـاتفعل. ومر الوقتI وحسب النمر أنه كباقي قـطـيـع ا)ـاعـز. ولـكـن ذات يـومIوهربت ا)اعز كافة في فزع Iصادف �ر عجوز قطيع ا)اعز الصغير هذاباستثناء النمر ـ ا)اعـزI الـذي كـان فـي مـنـتـصـف مـراحـل �ـوهI والـذي لـمIيساوره لسبب مجهول شعور باخلوف. وفيما وحش األدغال الضاري يدنوبدأ الصغير يحس بالوعي بنفسه ويشعر بعدم االرتياحI ولكي يخفي وعيهبنفسه بدأ يثغو قليالI ويقضم بعض العشـبI فـصـرخ الـنـمـر الـعـجـوز فـيالصغير في دهشة وغضبI وسأله عما عساه يفعل عندما يلتـهـم الـعـشـبويثغو كا)اعزI ولكن الصغير كان أكثر حرجـا حـيـال هـذا كـلـه مـن أن يـجـدجواباI فواصل قضم العشب. وعندما استبد بنمر األدغال الغـضـب حـيـال

Page 102: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

102

الفكر الشرقي القد

Iوأمسكه بإزاء ا)اء Iقبض على عنقه وحمله إلى بحيرة قريبة Iهذا السلوكوأمره بأن يتطلع إلى نفسهI وصرخ به: «أذلك وجه �ر يشبه القدر أم أنه

وجه مستطيل كوجوه ا)اعز?» يحير جواباI وهكذا حمله من أنكان النمر الصغير اليزال أعظم خوفا

Iاألحمر Iودفع بقطعة حلم كبيرة من اللحم الريان Iالنمر العجوز إلى كهفهالطازج بS فكيهI وفيما تقاطرت السوائل إلى معدة النمر الصغـيـرI شـرعIيحس بقوة جديدة وعنفوان جديدI ولم يعد يخطىء ويحسب نفسه ماعزاوهز ذيله بقوة من جانب إلى ا^خرI وزأر كما يليق به. لقد وصل إلى التحقق

مـارمن أنه �ر! ولم يعد ينظر إلى نفسه علـى أنـه مـا كـان يـبـدو لـه فـي غجهلهI وإ�ا أدرك طبيعته احلقة التي العالقة لها بعالم ا)اعز.

Page 103: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

103

النفس والعالم: السامخايا ــ اليوجا

الهوامش

(١) تتريانا أوبانيشاد الكتاب الثاني ٦ (ا)ؤلف).(٢) أحد العناصر ا)ادية الثالثية التي تتألف منها ا)ادة (ا)ترجم).

(٣) العنصر النشط في الوجود (ا)ترجم).(٤) العنصر الثالث لألشياء ا)ادية. (ا)ترجم).

: الكلمة تعني حرفيا العقلI وترتبط بفكرة انعكاس الروح في أعضاء ا)عـرفـةBuddhiI(٥) بوذي وبهذا ا)عنى فإن كل معرفة هي تعديل للبوذيI مع انعكاس الوعي عليه (ا)ترجم).

. (ا)ترجم). كونيا: هو اجلانب األول الذي يتطور من ا)ادة والذي يعني عقالMahat(٦) ماهات : أصل هذه الكلمة شديد الغموضI ومعانيها على قدر كبير من التباينI فهي فيYama(٧) ياما

التراث الهندوسي تعني أحد األديتايا أو اال^لهة ا)مارسة للشهور وحاكم العالم السفلي واجلنـوبه ا)وت عند بعض القبائل اال^سيوية. وفي الفيدا يرد أن ياما هو أول إنـسـانóوهي تشير إلـى إل

ماتI ففتح هذا الطريق ا)وحش أمام البشرI وهو حارس اجلنوبI الذي يشـيـر إلـى ا)ـوتI ومـنراد من هذه الكلمة في ا)¨ مخالف لهذه اخللفية العامة ومفارق لـهـا وهـيالواضح أن ا)عنـى ا)

عند باتاجنالي تعني كبح اجلماح وإحدى مساعدات ثمانية لليوجا. (ا)ترجم). : كلمة سنسكريتية تعني حرفيا الالأذىI وهي تشير إلى مـبـدأ أخـالقـي فـيAhimsa(٨) أهمسـا

الهندوسية واجلينية والبوذية يقضي بعدم إيذاء الكائنات احلية. (ا)ترجم). : تعني حرفيا االلتزام بالضوابط. (ا)ترجم).Niyama(٩)نياما

اجلهد العنيفI حيث تعني كلمة هاثا العنف في مواجهة : تعني حرفياHatha Yoga(١٠)الهاثايوجا الراجايو[اI أي اليوجا التي يصل فيها ا)رء إلى التحكم في النفس والسيطرة عليها. (ا)ترجم).

(١١) إلهة في الديانة الهندوسية ـ والكلمة تعني القوة أو النشاط. (ا)ترجم). : هي عند باتاجنالي الشعبة الثامنـة مـن الـطـريـق ذي الـشـعـب الـثـامـنـيSamadhi(١٢) سامـادي

)ساعدات اليوجاI ويتم التمييز بS مراحل مختلفة في الساماديI في مقدمتها الـوعـي والـوعـيالفائقI وهذه ا)راحل بدورها تقسم إلى منجزات ذات ظالل مختلفة من الـكـمـالI وفـي ا)ـراحـلاألخيرة تتوقف كل عمليات التعديل العقليةI وتترك النفس في حالة خالـصـة ال تـشـوبـهـا شـائـبـة

أو االستقالل ا)طلق. (ا)ترجم).Kaivalyaقوامها العزلة. وهذه هي احلرية (كايفاليا (

Page 104: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

104

الفكر الشرقي القد

Page 105: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

105

ا�عرفة والواقع: النايايا ـ الفيشيشكا

املعرفة والواقع:النايايا ـ الفيشيشكا

بينما أكدت نصوص األوبانيشاد الطبيعة ا)طلقةللواقع كوحدة تتم معايشـتـهـا وجتـربـتـهـاI وحـاولـتالسامخايا إيضاح مايتعS أن يكون الواقع عليه لهمكل من جتربتنا العادية ودعاوى األوبانـيـشـادI فـإنفلسفة النايايا تركز على طبيعة «معرفتنا» بالواقع.وليس السؤال الرئيسي هـو: مـا الـذي يـبـدو عـلـيـهالواقع? وإ�ا هـو: مـا الـذي تـبـدو عـلـيـه مـعـرفـتـنـابالواقع? ما الذي نعرفه عن معرفتـنـا? وبـنـاء عـلـىهذا فإن األقسام الرئيسية من فلسفة النايايا تكرسلبحث مشكالت ا)عرفة اخملتلفة. وقد أكدت فلسفةالفيشيشكا أهمية طبيعة ما تتم معرفتهI وطرحت

صورة ذرية لبنية الكون.ومشكلة ا)عرفة األساسية هي مشكلة الـتـيـقـن

طرح باعتباره مـعـرفـة هـو كـذلـكtا إذا كـان مـا يبالفعل وليس مـجـرد رأي خـاطـىءI أم ال. فـهـل مـانقول إنه معرفة يكشف حقا عن الواقع? إن األخطاءترتكب بسهـولـة فـي مـوضـوعـات اإلدراك احلـسـيواالسـتـدالل. فـفـي الـضـوء اخلـافـت يـبـدو احلــبــلا)طروح على األرض ثعـبـانـاI وهـو oـكـن أن يـدفـع

6

Page 106: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

106

الفكر الشرقي القد

بشخص إلى الزعم بأنه التقى بثعبان في الطريق. ولكن إذا لم يكن هنـاكإال حبل على الطريقI فإن من اجللي أنه ما من أحد oكن أن يقول إن لديهمعرفة بثعبان على الطريق. ومع إمعان النظر في أمثلة من هذا النوعI فإنهيغدو من ا)مكن التكهن بأن ما «يبدو» لناI ر}ا كان على الدوام مختلفا عماهو موجود بالفعل. ور}ا كان قوام األمر كما لو أن العينS تطرحـان عـلـىالدوام األشياء باعتبارها حمراء وصفـراء وزرقـاءI بـيـنـمـا كـل األشـيـاء فـيحقيقتها برتقالية وسوداء وخضراء. واألذن تقدم األصوات على نحو مختلفعما هي عليه بالفعلI واحلواس األخرى تقوم على النحو ذاته بتشويه الواقعالذي تتصل به. وتدفع تأمالت مفعمة بالشكI من هذا النوعI الفـيـلـسـوف

باجتاه محاولة حتليل طبيعة ا)عرفة.Iوفي فلسفة النايايا يتم تناول حتليل ا)عرفة من زاوية الـذات الـعـارفـةوا)وضوع الذي ستتم معرفتهI وا)ـوضـوع ا)ـعـروفI ووسـائـل الـوصـول إلـىمعرفة ا)وضوع. ويكشف حتليل دعاوى ا)عرفة أن هـذه الـعـنـاصـر األربـعـةمتضمنة في كل معرفةI ذلك أنه ال توجد معـرفـة إال حـS يـعـرف شـخـصشيئا. ومن يعرف هو الذاتI والشيء الذي تتم معرفته هو ا)وضوع. وهذا

رفاألخير إما أن يكون ا)وضوع الذي ستجري معرفتهI أو ا)وضوع الذي عبالفعل. وجوهر معرفة األشياء هو االنتقال مـن اجلـهـلI وهـو تـلـك احلـالـةالتي تكون فيها الذات منفصلة عن ا)وضوعI إلى ا)عرفةI أعني تلك احلالةالتي تصبح فيها الذاتI من خالل العديد من الوسائل مرتبطـة بـا)ـوضـوعبطرق معينة. وتشكل هذه العالقات عملية معرفة ا)وضوعI ومعنى ذلك أنأي شخص يرغب في الوصول إلى فهم لطبيعة ا)عرفة يتعS عليه أن يولي

عنايته لـ:١ ـ الذات العارفة.

٢ ـ ا)وضوع ا)راد معرفته.٣ ـ ا)وضوع كما هو معروف.

٤ ـ الوسائل التي من خاللها سيغدو ا)وضوع معروفا.وا)عرفة هي في جوهرهاI بحسب الناياياI الكشف عن موضوع ماI ويتم

فضي إلى اإلدراكالتمييز بS وسائل ا)عرفة وفقا لألسباب اخملتلفة هذا ياحلسيI واالستداللI والقياسI والبرهان كأربع وسائل أساسيةI أو مصادر

Page 107: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

107

ا�عرفة والواقع: النايايا ـ الفيشيشكا

للمعرفة.وا)بدأ ا)ستخدم للتميز بS هذه ا)صادر هو أن الشخص يقوم بأربعةأشياء مختلفة بصورة رئيسيـة فـي غـمـار الـوصـول إلـى مـعـرفـة شـيء بـكـلطريقة من الطرق اخملتلفة. ولسوف نبدأ مناقشتنـا لـنـظـريـة ا)ـعـرفـةI فـيفلسفة الناياياI بتحليل لهذه األساليب الصحيحة للمعرفةI موضحS الكيفية

التي تشكل بها طرقا مختلفة للمعرفة.

١ ـ املعرفة احلسية:تعرف ا)عرفة احلسية بأنها ا)عرفة احلقةI واحملددةI الناشئة عن اتصال

. ومن ا)عروفI من خالل وسائل اإلدراك(١)احلواس }وضوعاتها ا)ناسبةIإن هذه الكلمات التي تقرؤهـا اال^ن تـبـدو عـلـى قـطـعـة مـن الـورق Iاحلسيبسبب اتصال العS بالعالقات التي تشكـل الـكـلـمـات. وإذا كـان ا)ـرء عـلـىIفإنه ال يدرك حسيا إال بقعا سوداء على الورقـة Iمسافة كبيرة من الورقةوال يعرفI إذا كانت كلمات أو خربشات أو �الI ولن تكون هذه حالة أصيلةمن حاالت اإلدراك احلسيI ذلك أن ا)وضوع ا)درك غير محدد. وإذا قدرللمرء أن يخطىء فيحسب احلبل ثعباناI فإن ذلـك لـن يـكـون بـا)ـثـل إدراكـاحسيا أصيالI حيث لن يكون معرفة حقيقيةI إذ ال ثعبان هناك ليتم إدراكه.غير أنه حتى في حاالت اخلداع احلسي أو األخـطـاءI أال يـتـم بـالـفـعـلإدراك شيء ما يبدو أنه ال oكن للحواس أن تستكشف ا)وضوعات احلسيةIفما لم يكن هناك شيء تتصـل بـه احلـواس Iدون مثير خارجي من نوع مافلن يكون هناك ما يكـشـف عـنـه. وفـضـال عـن ذلـك فـلـو أنـه كـان }ـقـدورIاحلواس الكشف عن شيء ما عنـدمـا ال يـكـون هـنـاك اتـصـال مـن أي نـوعفر}ا اتضح أن التجربة احلسية ا)زعومة كـلـهـا مـن هـذا الـنـوعI وأنـه فـيIالواقع ال شيء في العالم لتدركه احلواس. ولكن هذا القول متناقض ذاتيا

فالزعم نفسه يقوم على أساس افتراض االتصال احلسي احلقيقي.لكنه ال يزال من الضروري أن نوضح كيف تختلف اإلدراكـات األصـيـلـةمن النوع ا)عترف به عن األخطاء احلسيةI وكيف oكن التمـيـيـز بـيـنـهـمـا.وإيضاح النايايا لهذه النقطة يقوم على أساس �ييز بS نوعS من اإلدراك.فاإلدراك احملدد ـ كإدراك الكلمات فوق هذه الورقةـ يسبـقـه إدراك غـيـر

Page 108: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

108

الفكر الشرقي القد

فها وتصنيفـهـامحدد ـ أي اتصال حسي بالعالمات فوق الـورقـةI قـبـل تـعـرباعتبارها كلمات. وال معنى لـلـحـديـث عـن اخلـطـأ اإلدراكـي بـاإلشـارة إلـىاإلدراك غير احملددI فال شيء يحمل على أنه شيءI وبـالـتـالـي فـال oـكـنالظن بأنه شيء مخـالـف )ـا هـو عـلـيـه. واإلدراك غـيـر احملـدد هـو اتـصـالاحلاسة }وضوعها. وهو أكثر التجارب احلسية أوليةI حيث يقتصر عـلـىوجه الدقة على ما يعطيه االتصال احلسي. ولكنه ال يصنف على أنه معرفة

حسية.تقتضي ا)عرفة احلسية إدراكا محدداI يتم فيه الكـشـف عـن الـتـجـربـةاحلسية األساسية لإلدراك غير احملددI باعتبـارهـا شـيـئـا مـن نـوع مـاI لـهخصائص وعالقات متعددةI قابلI من حيث ا)بدأI للتسمـيـة. وهـكـذا فـإنهناك �ييزا بS جتربة حسية مباشرة واإلدراكI على الرغم من أن األخيريشمل األولى على الدوام. وبالتالي فهناك �ييز بS اجلهل واخلطأI فاجلهلقد يكون راجعا لالفتقار إلى التجربة احلسـيـة ا)ـبـاشـرة أو لـالفـتـقـار إلـىاإلدراك ا)عIS ولكن اجلهل ينجم عن اخللط بS ماهو معطى في التجربةاحلسية ا)باشرة وبS شيء خالف ذلك. ومن خالل ا)ثال ا)شار إليه إلدراكثعبان على نحو خاطىء محل حبلI فإن التجربة احلسية ا)باشرة تـكـشـفعن بقعة لونية مستطيلة قا�ة وملتوية. ولكن في غمار اإلدراك فـإن هـذااحملتوى للتجربة احلسية تتم رؤيته على أنه ثعبانI بينما هو في احلقـيـقـةحبلI والنتيجة هي الزعم اخلاطىء بأنه �ت رؤية ثعبان. ومعنـى ذلـك أنIا)عرفة اإلدراكية احلقة هي إدراك ماهو مدرك على ماهو كائن عليه بالفعل

واخلطأ هو إدراك شيء بخالف ماهو عليه بالفعل.ولكن اال^ن قد يثار سؤالI حول الكيفية التي oكن بها معرفة ما إذا كانحكم إدراكي بعينه حقيقيا. ومن اجللي أنه من ا)ـسـتـحـيـل أن يـتـم بـصـورةمباشرة اختبار التطابق بS اإلدراك والواقع الذي يجري إدراكهI ألن ذلـكمن شأنه أن يعني معرفة ماهو معرفة حقيقية من خالل ا)ضي إلى خارجا)عرفة نفسها. ولكن معرفة شيء خارج ا)عرفة أمر مستحيل. غير أنه إذا� اختبار التطابق في إطار ا)عرفةI فإن كل ما سنصل إليه هو زعم معرفيا^خر حول التطابق ا)زعومI وoكن أن يستمر ذلك إلى ما ال نهـايـة دون أن

نكشف قط عن التطابق الفعلى بS الدعوى والواقع.

Page 109: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

109

ا�عرفة والواقع: النايايا ـ الفيشيشكا

» بناء على ذلكI إلى أن ا)زاعم ا)عرفـيـةNyayaوتشير فلسفة «النايايـا اخلاطئة يتم رصدها على نحو مطلق من خالل جناح ا)مارسـة. فـإذا كـانإدراك ا)رء للمادة البيضاء الناعمة احلبيبات ا)وضـوعـة فـي «وعـاء» عـلـى

هو إدراك خاطىءI ألن الوعاء يحتوي فـي الـواقـعا)ائدة باعتبارهـا سـكـراعلى ملحI فلن يجدى إلقاء عشرات النظرات األخرى على تلك ا)ادة. وإ�امن الضروريI باألحرىI القيام بعمـل عـلـى أسـاس مـن اإلدراكI ورؤيـة مـاسيسفر عنه هذا العمل. وإذا كان اإلدراك بعيدا عن اخلطأ فإن ملعقة منمحتويات الوعاء سوف جتعل القهوة مشروبا سائـغـا. أمـا إذا كـان اإلدراكخاطئا ألن الوعاء يحتوي على ملحI فإن ملعـقـة مـنـه فـي الـقـهـوة سـتـجـعـلمحتويات القدح شيئا ال سبيل إلى شربه. وفي غمـار تـوسـيـع نـطـاق مـبـدأالتحقق من صحة ا)زاعم اإلدراكية هذاI فإننا نصل إلى موقف مفاده أنـهكائنا ما كان ما يكلل بالتوفيق ـ }عنى أنه يزودنا النشاط الناجحI ويفضيبالفعل إلى السعادة والتحرير اإلنسانيS ـ فإنه يكون صحيحا ألنه يتم رؤيته

باعتباره متطابقا مع الواقع على نحو ما يشهد النشاط الناجح.وبهذه الطريقة حدد فالسفة «النـايـايـا» اإلدراك الـصـحـيـحI مـن خـاللالتطابق مع الواقعI ولكنهم يدعون إلى ا)مارسة باعتبارها األداة التي تشهد

على هذا التطابق.وoكن التمييز بS أنواع مختلفة من ا)عرفة اإلدراكية احلسية بحسـبIاحلـواس ومـوضـوعـاتـهـا Sالطرق التي يتم من خاللها حتقيق االتصـال بـواإلدراك احلسي العادي يـحـدث عـنـدمـا تـرى الـعـS لـونـا أو تـسـمـع األذنIأو تستشعر ا)قاومة Iأو يتذوق اللسان طعوما Iأو يشم األنف روائح Iصوتاأو يتصل الذهن باحلاالت والعمليات العضويةI وتؤدي األنواع اخلمسة األولىمن ا)عرفة احلسية إلى إدراك غير معIS أو إلى مجرد التجربـة احلـسـيـةIوهي معرفة داخلية Iاألساسية ذاتها. أما النوع السادس من ا)عرفة احلسيةفهو أمر متعلق بالشعور بالتجارب احلسية وإدراكهاI باعتبارها هذا الشيء

ن ا)ألوف.أو ذاكI وهو يتطابق مع اإلدراك احلسي ا)عيIوباإلضافة إلى ذلك تسلم فلسفة النايايا بوجود إدراك يجاوز ا)ألوففتحليل معرفتنا يكشف عن أنه ليس هناك جتارب حسية أساسيةI وإدراكاتحسية لألشياء الفردية فقطI وإ�ا هناك أيضا إدراكات لطبائع األشيـاء.

Page 110: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

110

الفكر الشرقي القد

فالتجربة البصرية لبقع لونية معينة ال تدرك باعتبارها شيئا فرديا فحسب» مثالI وإ�ا يدرك باعتباره ذلك الرجل «راما». و)ا كانRamaيقال له «راما

إدراك طبيعة الفردI والذي من خالله oكن تعرف الفرد بحسبانه عـضـوافي فئة (هي فئة «الرجل»)I ليس معطى باعتباره إدراكا عادياI فإنه ينـظـر

إليه على أنه نوع من ثالثة أنواع من اإلدراك يجاوز اإلدراك ا)ألوف.أما النوع الثاني من اإلدراك الذي يجاوز اإلدراك ا)ألوف فهو يوضح أنماهو مناسب ألحد أعضـاء احلـواسo Iـكـن أن يـصـبـح مـوضـوعـا حلـاسـةأخرى. فعلى سبيل ا)ثال: غالبا مايقال إن الثـلـج يـبـدو بـارداI وأن الـزهـورتبدو ناعمةI أو عبقةI ولكن البرودة والنعومـة والـعـبـق لـيـسـت مـوضـوعـاتمناسبة لإلبصارI ومن هنا فإن هذه األنواع من التجـارب اإلدراكـيـة يـنـظـر

إليها على أنها جتاوز اإلدراك ا)ألوف.ويشير النوع الثالث من اإلدراك الذي يجاوز اإلدراك ا)ألوف إلى إدراكاألشياء في ا)اضي أو ا)ستقبلI أو هي خبيئةI أو وهي صغيرة على نحو المتناهI في حجمها من قبل شخص يتمتع بقدرات غير عادية يولدها تـأمـل

.Yogaضبط النفس أو اليوجا

٢ ـ االستدالل:على الرغم من أن اإلدراك احلسي نوع أساسي من أنواع ا)عرفةI فـإن

I وينظرNyayaهناك ثالث وسائل أخرى للمعرفةI تعترف بها فلسفة النايايا إلى االستدالل باعتباره وسيلة مستقلةI من وسائل ا)عرفة ا)شروعةI تعرف

. فعلى سبيل ا)ثال oـكـن مـن(٢)بأنها نتاج )عرفة تأتي بعـد مـعـرفـة أخـرىا)عرفة احلسية أن نستدل شيئا عن الواقع لم يسبق إدراكه بالفعل من قبلقط. ونحن نعرف أن «الديناصورات» قد وجدت بسبب بقايا حفرية معينة�ت مشاهدتهاI فاالستدالل ينطلق tا � إدراكه بالفعل إلى شيء لم يتمإدراكه بعد. وذلك عن طريق «شيء ما» هو طرف ثالث يدعى سببا ويؤديوظيفة احلد األوسط في التفكير القياسيI فعلى سبيل ا)ثالI في االستداللالقياسي «هناك نار على التل بسبب وجود دخان ينبعث منه» وحيثما وجدالدخان وجدت النار فإن «االرتباط الكلي بS الـدخـان والـنـار هـو الـسـبـب(«الشيء» الثالث) في تأكيد وجود النار على التل حتى على الرغم من أنها

Page 111: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

111

ا�عرفة والواقع: النايايا ـ الفيشيشكا

لم يتم إدراكها بالفعل.ويضرب على النحو التالي مثل يستخدم بصورة شائعة لالستدالل فـي

صورته القياسية العادية:١ ـ هناك نار على التل البعيد.

٢ ـ ألن التل ينبعث منه الدخان.٣ ـ وكل ما ينبعث منه الدخان يوجد به نارI كا)وقد مثال.

٤ ـ ومن التل البعيد ينبعث دخان كالذي يصاحب النار باستمرار.٥ ـ إذن توجد نار على التل البعيد.

و�يز «فلسفة النايايا» بS التفكير لكي يقنع ا)رء نفسهI والتفكير إلقناعشخص ا^خر. ولدى التفكير إلقناع ا)رء لنفسهI فليس من الضروري قـطـعاخلطوات على نحو تفصيلي على نحو ما هو موضح فيما سبـقI إذ oـكـنإما استبعاد اخلطوتS األوليS أو اخلطوتS األخيرتS. ولكن عندما يطرحاالستداللI من الناحية الصوريةI ليتأمله شخص ا^خرI فالبد من اإلصرارعلى اخلطوات اخلمس كلها. واجلزء اجلوهري فـي االسـتـدالل فـي ا)ـثـال

السابق هو الوصول إلى معرفة وجود نار على التل على أساس:١ ـ الدخان ا)درك.

٢ ـ السبب الذي يشكله االرتباط الدائم بS الدخان والنار.وفي ا)ثال السابق oثل االفتراض األول الزعم ا)عرفي اجلديدI ويقدماالفتراض الثاني األسس اإلدراكية لهذا الزعم اجلديد. ويؤكـد االفـتـراضالثالث السبب في القيام بانتقال من زعم يتعلق بالدخان إلى ا^خر يدور حولالنار. إن بطاقة االستداللI إذا جاز استخدام هذا التعبيرI هي التي �كنا)رء من االنتقال إلى النتـيـجـة الـتـي يـشـكـل الـزعـم ا)ـعـرفـي االسـتـداللـي.واالفتراض الرابع يؤكد أن بطاقة االستدالل مناسبة لهـذه الـرحـلـةI أي أنالسبب ينطبق على هذه احلالة. ويكرر االفتراض اخلامس الزعمI الذي لميعد اال^ن مسألة توضع موضع االختبارI بل طرحا معرفيا صحيحا على نحو

ما أثبتته ا)بررات ا)قدمة.ومن الواضح أن اجلزء احلاسم أكثر من غيره في العملية االستدالليـةSموضوع Sأعني ذلك االرتباط الدائم ب Iأي اخلطوة الثالثة Iا)برر Yهو تقدأو حدثS. فإذا سلمنا بأنه قد لوحظ في مناسبةI أو في مائة مناسبة في

Page 112: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

112

الفكر الشرقي القد

ا)اضيI أن النار قد صاحبها الدخانI فهـل هـذا ضـمـان بـأنـه فـي احلـالـةا)قبلة ستكون النار مصاحبة للدخان? وفي النهاية إن كون أول عشرة أشخاصأو مائة شخصI دخلوا مبنى األ° ا)ـتـحـدة كـانـوا مـن الـذكـور ال يـعـنـي أن

الشخص التالي الذي يدخل ا)بنى سيكون ذكرا.Iوينظر فالسفة «النايايا» إلى عـدد ا)ـوضـوعـات أو األحـداث الـفـرديـةكجزء مهم من إقرار االرتباطات الكلية بS األحداث أو ا)وضوعـات. فـإذاIولم تتم مشاهدة غراب واحد ال يجلله السواد Iشوهدت عشرة غربان سوداءفإن هناك احتماال لوجود ارتباط كلي بS السواد وكون الطائر غراباI ولكنإذا شوهدت ا^الف الغربانI وكلها سوداءI فإن هذا االحتمال يزيد. غير أنهحتى إذا شوهدت ماليS الغربانI وكلها سوداءI ثم كان الغراب التالي فـيا)شاهدة غرابا أبيضI فإن احتمال وجود ارتباط كلي بS كون الطائر غرابا

I حتىI إن كنا نرغب في القول إن االحتمال كبـيـروكونه أسود يغدو صفـراألن يكون الغراب الثاني بعد ا)ليون أسود.

ولكن لـو أن األمـر كـذلـكI فـسـوف يـبـدو أنـه مـا مـن قـدر مـن احلـاالتا)ـؤكـدة سـيـقـدر لـه أن يـرسـي دعـائـم االرتـبـاط الـضــروري بــS األحــداثوا)وضوعات. ذلك أنه سيكون من ا)مكن علـى الـدوام أن تـدحـض احلـالـةالتالية التي نالحظـهـا ضـرورة االرتـبـاط. وفـي ضـوء هـذا اإلمـكـانI وعـلـىالرغم من أن فلسفة «النايايا» تؤكد كثيرا وجود التـجـربـة ا)ـوجـبـة وغـيـابالتجربة السالبةI فإن األمر ال يتوقف عند هذا احلد. وهم يقولون إنه فينهاية ا)طاف هناك فرق بS ادعاء مثل «حيثما يوجد دخان هناك نار» منناحية واالدعاء القائل «كل الغربان سوداء» من ناحية أخرى. والفرق هو أنهليس هناك شيء في طبيعة الغربان يقتضي السوادI ولكن هناك شيئا في

طبيعة الدخان يرتبط بالنار.ورغم ذلك فإنه حتى إذا كان هناك فرق حقا بS هاتS احلالتIS فإنالسؤال ال يزال يثور حول الكيفـيـة الـتـي oـكـن بـهـا حتـديـد أنـه فـي بـعـضاحلاالت جند أن االرتباط مطلق وضروري ألنه ارتباط سببيI بينما هو فيحاالت أخرى مجرد مصادفة ليس لها أي أساس سببي. و}ا أن الـقـيـاسينطلق من ا)عرفة احلسيةI فإنه إذا وجدت معرفة بارتباط مطلق وضروريبS األحداث أو ا)وضوعاتI فالبد أن هذه الضرورة مدركة وليست مستدال

Page 113: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

113

ا�عرفة والواقع: النايايا ـ الفيشيشكا

عليها. ومن هنا فإن فلسفـة «الـنـايـايـا» تـدرج فـي ا)ـعـرفـة احلـسـيـة إدراكIالطبيعة الطبقية للفرد. وهذا نوع من اإلدراك الذي يجاوز اإلدراك ا)ألوفوالذي }قتضاه يتم إدراك الفرد ال باعتباره هذا الشيء أو احلادث بعينه أوذاكI وإ�ا على أنه هذا الشيء بعينه وواحد من «نوع» معS أو «فئة» معينةمن األشياءI حيث يتم إدراك طبيعة الفئةI أو اجلوهرI جنبا إلى جنـب مـع

اخلصائص الفردية للشيء أو للحادث.Sوتنتمي هذه االستدالالت التي تتضمن ارتـبـاطـا كـلـيـا إلـى أحـد نـوعـاثنIS فإما ١ ـ أن النتيجة غير ا)دركة oكن االستدالل عليها مـن الـسـبـبا)دركI أو ٢ ـ أن السبب غير ا)درك oكن االستدالل علـيـه مـن الـنـتـيـجـةا)دركة. وتعتمد االستدالالت األخرى كافة على اطـراد غـيـر سـبـبـي وغـيـر

ضروريI وليس من ا)مكن إظهار أنها صحيحة بالضرورة.Iللمساعدة في جتنب أخطاء معينة شائعـة I«وقد قام فالسفة «النايايابإعداد قائمة بعدد من ا)غالطات أو األخطاء الشائعةI التي ينبغي جتنبها.وتعرف ا)غالطة بأنها مايبدو مبررا مشروعا الستدالل معـIS ولـكـنـهI فـيالواقعI ليس مبررا مشروعاI فـفـي االسـتـدالل «هـنـاك نـار عـلـى الـتـلI ألنهناك دخانا على التلI وحيثما وجد الدخان وجدت النـار». فـإن الـنـتـيـجـةا)ستدل عليها هي أن هناك نارا على التل. والقول: «هناك نار» إ�ا يقـال

.Sadhyaعن التل. ومن الناحية الفنية فإن اصطالح «النار» يسـمـى سـاديـا . ومبرر القول «هناك دخان» يسمـىPakshaواصطالح «التل» يسمى باكشا

. وما لم يكن ماينظر إليه على أنه مبرر للربط بS الساديا (النار)Hetoهيتو بالباكشا (التل) هو مبرر االستداللI أو هيتوI فإن االستدالل سيكون غـيـرIسيكون مبررا بالفعـل Iأو ا)برر Iمشروع. ولكي نتأكد من أن الهيتو ا)قدم

البد من مراعاة عدة قواعد:١ ـ أن ا)بررI أو الهيتوI البد أن يكون ماثال في الباكشا (التل) وفي كل

ا)وضوعات األخرى التي حتتوي على (النار) الساديا.٢ ـ البد للمبررI أو الهيتوI أن يكون غائبا من ا)وضوعات التي ال يوجد

بها (النار) الساديا.٣ ـ ينبغي أال يتنـاقـض االفـتـراض ا)ـسـتـدل عـلـيـه مـع اإلدراك احلـسـي

السليم.

Page 114: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

114

الفكر الشرقي القد

٤ ـ ينبغي أال يجعل ا)برر أو الهيتو من األمور ا)مكنة خالصة تتناقضمع االفتراض ا)ستدل عليه.

٣ ـ املقارنة:الوسيلة الثالثة للمعرفة الصحيحة التي يعترف بها فالسفة النايايا هيا)عرفة عن طريق ا)قارنة القائمة على أساس التشابهI فعلى سبيـل ا)ـثـالIوقيل لك إن الغزالة تشبه البقرة في جوانب مـعـيـنـة Iإذا عرفت ما البقرةفقد تصل إلى معـرفـة أن احلـيـوان الـذي صـادفـتـه فـي الـغـابـة لـم يـكـن إالغزالة. وهذا أمر مختلف عن أن يقال لك االسم الذي ينطبق على موضوعمعS. فعلى سبيل ا)ثال إذا شاهد ا)رء غزالة للمرة األولىI وقيل له: «تلكغزالة» فإن ا)عرفة ستكون راجعة للشهادةI وليس للمقارنة. وا)ـعـرفـة عـنطريق ا)قارنة تتحقق عندمـا يـتـم ربـط االسـم }ـوضـوع مـجـهـول عـلـى يـدالعارف على أساس من تشابه ا)وضوع اجملهول مع موضوع معلوم. واجلانباجلوهري في هذه الطريقة من طرق ا)عرفة هو مالحـظـة الـتـشـابـه. وقـداعتقد مفكرو «النايايا» أن ألوان التشابه موضوعية وقابلة لإلدراكI وبنـاءعلى هذاI فإن معرفة طبيعة موضوع جديد عـلـى أسـاس قـوة تـشـابـهـه مـعموضوع معروف تشكل وسيلة مستقلة للمعرفة. وبينما تتضمن ا)عرفة ا)قارنةكال من اإلدراك احلسي واالستداللI فليس من ا)ستطاع الهبوط بـهـا إلـىأي منهماI وبالتالي يتعS االعتراف بها كوسيلة ثالثة من وسائل ا)عرفة.

٤ ـ الشهادة:الطريقة الرابعة للمعرفة ا)شروعة ا)عترف بها في فلـسـفـة «الـنـايـايـا»

I الذي يعني حرفيا كلمةShabdaيطلق عليها من الناحية الفنية اسم شابدا يقولها شخصI ويشير إلى ا)عرفة التي يتم حتقيقها كنتيجة لقيام شخصoكن االعتماد عليه بقولها. والرأي ليس كـا)ـعـرفـة سـواء بـسـواءI ذلـك أنالرأي قد يكون خاطئاI لكن ا)عرفة ال oكن أن تكون كذلكI وينـبـنـي عـلـىذلك أن سماع رأي شخص ا^خرI ليس وسيلة للمعرفةI ولكـن إذا � سـمـاعالدعاوى ا)عرفية لشخص ا^خرI فإن معرفة أصيلة يتم الوصول إليـهـاI إذافهم ا)رء الدعوى. وا)عايير الثالثة للمعرفة التي تقوم على أساس شـهـادة

Page 115: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

115

ا�عرفة والواقع: النايايا ـ الفيشيشكا

شخص ا^خر هي:١ ـ ينبغي أن يكون الشخص ا)تحدث أمينا ويعتمد عليه بصورة مطلقة.

٢ ـ يتعS أن يعرف الشخص ا)تحدث بالفعل مايقوم بإيصاله.٣ ـ البد من أن يتفهم السامع على وجه الدقة ما يسمعه.

٥ ـ موضوعات املعرفة:بعد أن � حتليل الطرق ا)شروعة للمعرفةI فإن اخلـطـوة الـتـالـيـة هـي�حيص موضوعات ا)عرفة ا)شروعة. وتدرج فلسفة «النايايا» كموضوعاتIالـفـعـل Iالذهـن Iا)عرفة Iاحلواس وموضوعاتها Iاجلسم Iللمعرفة: النفساالختالالت العقليةI اللذةI األلمI ا)ـعـانـاةI والـتـحـرر مـن ا)ـعـانـاة. وتـعـتـمـدموضوعات ا)ـعـرفـة هـذه كـافـة عـلـى الـعـالقـة بـS ذات عـارفـة وعـالـم مـنا)وضوعاتI فهي ينبغي أن تكون على صلة بأعمال وانـطـبـاعـات ذات مـا.وإذا �عن ا)رء في موضوعات ا)عرفة من منظور وجودها ا)ستقـل فـإنـهـا

ستشمل مقوالت مذهب الفيشيشكا. وهذه ا)قوالت هي:١ ـ اجلوهر ٢ ـ الكيف ٣ ـ احلركة ٤ ـ العمومية ٥ ـ اجلزئية ٦ ـ احملايثة

.(٣)ـ ٧ ـ العدمهذه ا)قوالت هي أنواع ا)وضوعـات الـتـي تـقـابـل األنـواع اخملـتـلـفـة مـناألنواع ا)دركةI ومادامت اإلدراكات احلسية تعود إلى االتصال با)وضوعاتالتي تخبرها الذاتI فالبد أن تعود االختالفات في ا)وضوعات ا)دركة إلىموضوعات حقيقية مختلفة. وهكذا فإن تصنيف موضوعات ا)عرفة يؤديإلى تصنيف لألشياء ا)وجودةI مثلـمـا تـعـود االخـتـالفـات فـي اإلدراك إلـى

اختالفات في األشياء ا)دركة.النوع األول من الشيء ا)وجود هو اجلوهرI وهو يشير إلـى ذلـك الـذييوجد على نحو مستقل عن األنواع األخرى من األشياءI ولكنه «محل» وجوداألنواع األخرى من األشياء. و)ا كان اجلوهر حقيقة في حد ذاتـهـاI فـإ�ـاoكن النظر إليه على أنه احلامل للكيفيات واألفعال. وتشمل مقولة اجلوهرـ النفس ـ ا)كان ٨ ـ الزمان ٧ ـ األثير ٦ ـ الهواء ٥ ـ النور ٤ ـ ا)اء ٣ ـ التراب ٢ ١ـ الذهن. وينظر إلى التراب وا)اء والنور والهواء واألثير باعتبارها عناصر ٩ماديةI حيث إن كال منها يعرف بحاسة خـارجـيـة مـعـيـنـةI فـالـتـراب يـعـرف

Page 116: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

116

الفكر الشرقي القد

بالشم وا)اء بالذوقI والنور باإلبصارI والهواء باللمسI واألثير بالصوت.وoكن النظر إلى هذه اجلواهر بطريقتIS فمن ا)مـكـن أوال االعـتـقـادبأنها ذريةI أزليةI ال تنقسم وهي ثانيا نتاج جتميعات للذراتI وهي في هذهاحلالة زمنية مؤقتةI مركبةI قابلة للفناءI من حيث إنها نتـاج لـتـجـمـيـع مـن

همت }عنى األشياء ا)ـركـبـةI مـثـل هـذهالذرات. و)ا كانـت اجلـواهـرI إذا فعرف على أساس االستداللI وإذا ما حتطمتاجلرةI تتألف من ذراتI فإنها ت

اجلرة فإنها تتكسر إلى العديد من األجزاءI وكل من هذه األجزاء oكن أن ما كان مـدىينكسر من جديد ثم تنقسم إلى ا)زيد من األجزاء. ولكـن أيـا

Iفإن من ا)ستحيل أن يـغـدو كـل جـزء قـابـال لـلـفـنـاء Iاستمرار هذه العمليةIفذلك من شأنه أن يعني أنه مركب. ولكن إذا كانت األشياء ا)ركبة موجودةفإن من الضروري أن تكون مكوناتها النـهـائـيـة بـسـيـطـةI وإال فـإن األشـيـاءا)ركبةI بحسب الفيشيشكا لن يتم إنتاجها. ومن هنا فإن ا)كونات النهائيةللجواهر اجلامدة ينبغي أن تكون ذريـة ويـسـتـدل عـلـى جـوهـر ا)ـكـان عـلـىأساس أن الصوت يدرك حسياI وحيث إن الصوت كيفI فالبد مـن وجـودذلك الذي ينداح فيه الصوتI أو ذلك الذي ينتمي الصوت إليهI أي ا)كان.Iبسبب إدراكنا احلسي للهنـا Iونحن نعرف أن الزمان وا)كان موجودانI«ا)اضي واحلاضر وا)ستقبل. وا)ـعـرفـة «كـيـف Iالبعيد والقريب Iوالهناكوبالتالي فالبد من وجودها في جوهر يعرف على أنه الـذاتI وهـو أسـاسالوعي. ويستدل على الذهن على أساس أننا نعرف الشعور واإلرادة. ولكن}ا أنهما ال تتم معرفتهما عن طريق احلواس اخلارجيةI فال بد من أنهمايعرفان بالذهن. وباإلضافة إلى ذلك فهناك ما يوجه ويجمع اتصاالتها فيإطار من التجربة أو اخلبرةI وذلك الـذي تـسـتـقـر فـيـه اتـصـاالت احلـواس

باعتبارها كيفيات ليس إال اجلوهر ا)عروف باسم الذهن.والفئة الثانية من ا)وضوعـات ا)ـعـروفـة هـي الـكـيـفI وهـي تـشـيـر إلـىIالصوت Iاالتصال Iالرائحة Iوالتي تشمل اللون Iالكيفيات اخملتلفة للجواهرالعددI القياسI االختالفI االرتباطI االنفصالI الطول أو القصرI البعد أوIالسيولة Iالثقل Iاجلهد Iوالكراهية Iاإلرادة Iاحلزن Iالسعادة Iا)عرفة IالقربوالقدرةI اجلدارة النقص. وهذه القائمة من اخلواص هي طريقة للقول إناألشياء أو اجلواهر oكنI على سبيل ا)ثالI أن تكون حمراء أو زرقاءI نفاذة

Page 117: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

117

ا�عرفة والواقع: النايايا ـ الفيشيشكا

Iواحدة أو متعـددة Iدقيقة أو صاكة للسمع Iمتواصلة أو متباعدة Iأو عبقةIطويلة أو قصيرة Iمنفصلة أو متصلة Iمتشابهة أو مختلفة Iكبيرة أو صغيرةبعيدة أو قريبةI عارفة أو جاهلةI سعيدة أو شقيةI راغبة أو زاهدةI محبة أوكارهةI مضنية أو سهلة ا)نالI خفيفة أو ثقيلةI متحركة أو ثابتةI قادرة أوIخيرة أو شريرة. وهناك العديد من التقسيمات لبعض الكيـفـيـات Iعاجزةلكن القائمة التي أوردناها ينظر إليها باعتبارها تشير إلى األنواع األساسية

من خواص اجلواهر.والنوع الثالث من أنواع الواقع األساسي غـيـر الـقـابـل لـلـرد يـتـمـثـل فـياحلركة. وأنواع احلركة اخملتلفة هي ١ ـ إلى أعلى ٢ ـ إلى أسفل ٣ ـ التقلص٤ ـ التمدد ٥ ـ النقلة. وأنواع احلركة هي أنواع الواقع التي تفسر التغيـرات

التي تطرأ على اجلواهر.I وهي تفسرUniversal Essencesوالفئة الرابعة هي فئة ا)اهيات الكليـة

التشابه ا)وجود بS اجلواهر أو الكيفيات أو األفعالI فأربع بقرات وأربعةأشياء حمراء وأربع حركات علوية يظل كل منها هو نفسه أو على حاله منحيث إنه بقرات أو أشياء حمراء أو حركات علوية. وينظر إلى هذا التشابهأو البقاء على احلال باعتباره موضوعيا أو ينتمي إلى األشياء الـفـرد عـلـىنحو حقيقي كما هي احلال بالنسبة للكيفيـات. والـسـبـب فـي أن الـبـقـرات

فها جميعها بحسبانها بقرات هو أنها تشترك في اجلوهراألربع oكن تعرنفسه أو في الطبيعة عينها. وهذا اجلوهر هو الذي oكن ا)رء من أن يكون

فئة من التصورات وأن يصنف األشياء الفردية في فئات مختلفة.وتدرك األشياء اجلزئية في مجال متصل لـلـحـس والـنـشـاط الـذهـنـي.وترجع القدرة على اإلدراك احلسي )وضوعات جزئية ومتميزة إلى مقولةاجلزئية التي ينتمي إليها ا)وضوع الذي يتم إدراكه. وإذا لـم تـكـن األشـيـاءمتمتعة بطابع متميز عن األشياء األخرىI فلن يكون هناك مـبـرر إلدراكـهـاباعتبارها مختلفةI ولكن }ا أنها يتم إدراكها على أنها مختلفـةI فـالبـد أنهناك أساسا لهذا االختالف في الواقـعI ومـن هـنـا فـإن اجلـزئـيـة البـد أن

توجد في الواقع.تعكس مقولة احملايثة احلقيقة القائلة إن األشياء اخملتلفةI كاجلوهرI أوالكيفI أو الفعل... إلخ تبدو ككل واحد. وهكذا فإن حجم اإلنسـان ولـونـه

Page 118: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

118

الفكر الشرقي القد

وطبيعته كإنسانI وجزئيته باعتباره هذا اإلنسان على وجـه الـتـحـديـدI كـلIذلك يبدو متحدا للغاية بحيث إن ذهننا ينصرف إلى شيء واحد يبدو لناIوليس مجموعة من األشياء تتبدى أمامنا. وهكذا فإن الكل يتضمن أجزاءهفالقدح متضمن في الصلصالI والقلم متضمن في اخلشب... إلـخ. والبـدأن أساس وحدة ا)قوالت اخملتلفةI األخرىI كغيرها من ا)قوالتI كامن فيالواقعI باعتباره مختلفا عن األنواع األخرى من األشياء وإال لبدا كواحد مناألنواع األخرى من األشياءI وليس كشيء مـنـفـصـلI ومـن هـنـا فـإن مـقـولـة

احملايثة يتم االعتراف بها كنوع مستقل من أنواع الواقع.وباإلضافة إلى األنواع ا)وضحةI فيمـا سـبـق مـن ا)ـوضـوعـات الـقـابـلـةللمعرفةI فهناك العدم. وعلى الرغم من أن العدم قد يبدو نوعا غريبا منأنـواع الـواقـعI فـإن وجـوده ال oـكـن أن يـوضـع مـوضــع الــتــســاؤل فــي رأيالفيشيشكاI ذلك ألن وضعه موضع التسـاؤل يـعـنـي اإلشـارة إلـى أنـه لـيـسموجوداI وهو تأكيد لفئة العدم. وال يكون السلب أو النفي أمرا tكناI إال

بافتراض العدم. تصل فلسفتا النايايا والفيشيشـكـا إلـىوبالطريقة التي أوضحناها تـوا

رؤيتهما ا)يتافيزيقية للواقع. وهذه القائمة من األنواع األساسيـة لـألشـيـاءا)وجودة هي صورة تقريبية للكون األنطولوجي.

٦ ـ العارف:تذهب النايايا في بحثها للذات العارفةI وليس للموضوعات ا)عروفة أوا)وضوعات باعتبارها معلومة ـ إلى القول إن الذات جوهر فريد. وخواصهذا اجلوهر هي ا)عـرفـة والـشـعـور واإلرادةI ومـن هـنـا فـإن الـذات تـعـرفباعتبارها اجلوهر الذي يحوي بداخله كيفيات: الرغبة وا)قت واللذة واأللم...إلخ. فهذه الكيفيات تنبع من ا)عرفة والشعور واإلرادة. واال^ن ما مـن كـيـفمن هذه الكيفيات يتسم بالطابع ا)ادي حيث إنها ال oكن إدراكها على أنهاكيف مادي عن طريق احلواسI وبالتالي فالبد من التسليم بأنها تنتمي إلىجوهر ماI وليس إلى جوهر مادي. وفضال عن ذلك فإن الـذات البـد أنـهـامتميزة عن ا)وضوعات ا)ادية أو عن األحاسيـسI وعـن وعـي الـذهـنI ألنالذات تخبر هذا كله. وقد يتساءل ا)رء: من الذي يعرف الواقعI ومن الذي

Page 119: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

119

ا�عرفة والواقع: النايايا ـ الفيشيشكا

يدرك إدراكا حسياI ومن الذي يحصي... إلخ? وفي كل حالة تكون اإلجابة:«الذات». وحيث إن كل شيء ا^خر oكن أن يـكـون مـوضـوعـا لـلـذاتI ولـكـنIتصبح بالنسبة لها موضوعات Iا)وضوعات ـ باعتبارها كذلك ـ تقتضي ذاتافإنه ينبني على ذلك أن الذات ال oكن أن تكون موضوعاI وبالتالي ال oكنأن تتطابق مع أي شيء يصبح موضوعاI ذلك أنها ينبغي أن تكون ذاتا على

الدوام.و}ا أن الذات جوهر فريد ووعي ينتمي إليها كخاصيةI فإنها ال تعتمدفي وجودها على الوعيI فالواقع أنه بحسب فلسفة النايايا سيكون التحررا)طلقI أو احلريةI حتررا كذلك من الوعي. والسبب في هذا هو أن الوعيIبصورة مسبقة Iولكن ذلك يفترض Iينظر إليه باعتباره وعيا بشيء أو با^خرثنائية بS الذات وا)وضوعI وعندما تكون هناك ثنائيةI فإن هنـاك مـعـانـاةمحتملة أو عبوديةI ذلك أن الذات oكن أن يقيدها ا)وضـوع وأن تـتـعـرضIللمعاناة. ولكن للقضاء على ا)عاناة والعبودية البد من القضاء على الثنائيةوoكن القيام بهذا لدى القضاء على الـوعـيI ولـكـن إذا كـانـت الـنـفـس فـيجوهرها وعياI فإن هذا سيعني فناء النفسI غير أنه من حيـث إن الـوعـيطابع tيز للذات فحسبI فإنها ال يتم إفناؤها لدى القضاء على الـوعـي.وكل ما oكن أن يقال عن النفس في هذه احلالة هو أنها توجد باعتبارها

نفسا.

Page 120: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

120

الفكر الشرقي القد

هوامش

١) الكتاب ا)قدس للهندوس اجلزء الثامن عام ١٩٣٠. (ا)ؤلف).((٢) نيايا سوترا الكتاب األول ٥ (ا)ؤلف).

(٣) الكتب ا)قدسة للهندوس الكتاب السادس عام ١٩٢٣ (ا)ؤلف).

Page 121: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

121

التغير والواقع: الفيدانتا

التغير والواقع: الفيدانتا

تأثرت فلسفات الهند كافة أعظم التأثر بتعاليماألوبانيشادI وحتى فلسفـات اجلـيـنـيـة والـكـارفـاكـا

Carvakaالـتـي رفـضـت سـلـطـة نـصـوص Iوالبـوذيـة اليوبانيشاد تأثرت كثيرا بالتعاليم ا)تضمنة في هذهالنصوصI وباستثناء هذه الفلسفات األخيرةI فقدنظرت فلسفات الهند كافة إلى نفسها باعـتـبـارهـاعلى اتفاق جوهري مع تعاليم األوبـانـيـشـادI ولـكـن}ا أن قواعد التجربة والعـقـل قـد فـسـرت بـصـورمختلفةI فقد ظهر العديد من التفسيرات لنصوصاألوبانيشادI وبدأ متضاربا مع النتائج احلرفية لتلك

النصوص.وقد شرع فالسفة الفيـدانـتـاI وهـم عـلـى وعـي}ا يعملونI في تقدY تأويالت نقدية عـلـى مـتـونالنتائـج الـرئـيـسـيـة لـنـصـوص األوبـانـيـشـاد لـلـعـقـلوالتجربة ال تتناقض مع هذه النـتـائـج. ثـم حتـولـتفلسفات الفيدانتاI لتنقد نقدا عنيفا بعض النتائجالتي توصلت إليها ا)ذاهب الفلسفية األخرى. فعلىسبيل ا)ثال تذهب فلسفة السـامـخـايـا إلـى الـقـولبأن عالم الالذات هو عالم حقيقي على نحو أزليومـتـمـيـز عـن الـذات كـمـا تـعـرضــت ا^راء الــنــايــايــاوالفيشيشكا وا)يماسا عن العالم باعتباره حقيقيا

7

Page 122: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

122

الفكر الشرقي القد

وتعددياI وأنه مؤلف من أنواع مختلفة من الذراتI لنقد قاسI حيث إن هذهالنتائج قد بدا أنها تنحرف بعيدا جدا عن التأكيد على أهمية الواقع الوحيد

لأل�ان أو البراهمان في نصوص األوبانيشاد.وجتمع ا)ذاهب الفلسفية للناياياI والقيشيشاIوالسامخاياI وا)يمـاسـا ـعلى االتفاق على أن إدراكاتنا احلسية لها أساس في الواقعI وهذا األساسoكن التعبير عنه بالقول بأن ما يدرك يوجد على نحو مسـتـقـل عـن كـونـهمدركا. ونحن نحصل على ا)عرفة األصيلة عندما يصل الـعـارف إلـى رؤيـةاألشياء على ماهي عليه. ويعرف هذا ا)وقفI فلسفياI باسم ا)ذهب الواقعي

Realismإلى أن العالم ا)وضوعي الذي يتم الكشف عنه IببساطةIوهو يشير من خالل التجربة هو عالم واقعي حقيقـيI ويـوجـد بـصـورة مـسـتـقـلـة عـنمعرفته. وهذه ا)ذاهب كذلك تعددية مـن حـيـث إنـهـا جتـمـع عـلـى أن هـذاالواقع ا)وضوعي يتألف من العديد من ا)وضوعات اخملتلفة في نهاية ا)طاف.

I ليست رؤية مفزعةPluralistic Realismوهذه الرؤيةI أي الواقعية التعددية عن العالم. فهي في الواقع الرؤية التي يتبناها معظم الناس للعالم. وتذهبا)كونات الفلسفية لهذه الرؤية إلى القول بأنه عندما يراد النظر إلى جتاربا)رء نظرة جدية باعتبارها تقدم معرفةI فإن من الضروري أن تكون معرفةبـ «شيء ما». وإذا لم يكن هناك شيء ما لتتم معرفتهI فليس من ا)مكن أنتكون هناك معرفة. غير أنه إذا وجد شيء ليعرف فهناكI إذنI موضوعاتتوجد على نحو مستقل عن اإلدراك حتى على الـرغـم مـن أنـه مـن ا)ـمـكـنربطها }ن يقوم با)عرفة على نحو تصبح معه مدركة ومعروفة. ومن ثم فإنهمن الضروري منطقيا التسليم بالوجود الواقعي احلقيقي للعالمI الذي جتريمعايشته وجتربتهI إذا مازعمنا بأن هناك معرفة حقا. ولكن القول بأن ا)رء

I ذلك أنه يعني القولAbsurdلف محال يعرف أنه ليست هناك معرفة هو خبأن هناك معرفة. وأي أساس ا^خر هناك غير ا)عرفة للـقـول بـأنـه لـيـسـت

هناك معرفة بالعالم?هذه هي بعض الصعوبات التي واجهها فالسفة الفيدانتاI الذين ساورهمالشعور بأن نتائج ا)ذهب الواقعي والتعددي التي وصل إليها فالسفة ا)ذاهباألخرى تتعارض مباشرة مع نتائج نصوص األوبانيشاد. ففي نهاية ا)طافعلمت نصوص االوبانيشاد وحدة الواقع وهوية الذات مع الواقع في فقرات

Page 123: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

123

التغير والواقع: الفيدانتا

» و«عندما يعرف أال�ـان...Atmanكالفقرات التالية: «كل شـيء هـو أ�ـان .. كان واحدا ال ثانيBeingيعرف كل شيء. و«لم يكن في البدء سوى الوجود

» و«هذه الذات هي البراهمان» و«إنـيBrahmanله» و«كل شيء هو برهمـان أنا البراهمان».

كانت احلقيقة ذاتها القائلة بأن وحدة الواقع قد جرى تعليمها على هذاالنحو في نصوص األوبانيشادI سببا كافيا بالنسبة للهندوسيI لقبول هذهالنظرة على أنها صحيحةI ذلك أن نصوص األوبانيشاد تنـتـمـي إلـى تـراثأدبي معصوم من اخلطأ ورغم ذلك فإن من ا)هم بالنسبة لـلـعـقـل الـنـقـديإيضاح أن هذه التعاليم ال تتناقض مـع الـعـقـل وال مـع الـتـجـربـة. وكـان مـنا)مكن القيام بخطوة مهمة في هذا االجتاهI بإيضاح أن الدعاوى ا)عارضةا)تعلقة بالواقع مناقضة لنفسها وغير محتملة. ومن هنا فإن مهمة إيضاحأن الفلسفات ذات النتائج التي تتضارب مع التعـالـيـم الـواحـديـة لـنـصـوصاألوبانيشاد هي فلسفات غير مقبولةI قد أصبحت جزءا مهما من فلسفـةالفيدانتاI ونتيجة لذلك فقد جرى التشديد على أهمية التـحـلـيـل الـنـقـديللفلسفات األخرىI ولكن لم يكن يكفي أن نبS ببساطة أن ا)ذاهب األخرىغير مقبولةI بل كان من الضـروري إظـهـار أن مـذهـب الـواقـع الـذي ادعـتـهالتأويالت الفيدانتية لألوبانيشاد ال يتعرض لنفس االنتقادات التي وجهتإلى ا)ذاهب األخرى. وبهذه الطريقة نقدت فلسفات الفيدانتا الفلـسـفـات

عقليا. كما قدمت دفاعا عقليا عن تأويالتهاI وعن مـذهـبـهـااألخرى نقدااخلاص.

هناك ثالث مدارس رئيسية للفلسفة الفيدانتيةI تخـتـلـف أحـداهـا عـنIاألشـخـاص واألشـيـاء Sاألخرى في الطريقة التي تفسر بهـا الـعـالقـات بـوالواقع ا)طلق (البراهمان). وغالبا ما يشار إلى أقدم هذه ا)دارسI وهـي

I وهو)١(مدرسة الال-ثنائية على أنها ا)درسة الشانكاريةI نسبة إلى شانكاراواحد من فالسفتها األوائل البارزينI والذي عاش في القـرن الـثـامـنI أمـاا)درسة الثانيةI فهي مـدرسـة الـال-ثـنـائـيـة اجلـديـرة بـهـذا االسـمI ويـعـتـبـر

الذي عاش في القرن احلـادي عـشـر الـشـخـصـيـة)٢(الفيلسـوف رامـونـوجـاالرئيسية فيهاI ومن هنا فإنها تسمى في بعض األحيان مدرسة رامانوجا.وا)درسة الثالثةI وهي الفيدانتا الثنائيةI تعتبر شخصيتها احملورية فيلسوف

Page 124: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

124

الفكر الشرقي القد

.Madhva )٣(عاش في القرن الثالث عشر ا)يالديI يدعى مادفا

- ال- ثنائية شانكارا:١تتمثل رؤية شانكارا للواقع في أن هناك وقعا واحدا مطلقـا ومـسـتـقـال

Brahmanوهو وحده ا)وجود احلقيقي غير ا)تغير. وهذا الواقع هو براهمان

الذي حتدثت عنه األوبانيشاد. وتستبعد هذه الرؤية النظريات التي تنـظـرإلى العالم باعتباره نتاجا للعناصر ا)اديةI أو حتوال للمادة غير الواعية التيتتطورI أو تقول إنه نتاج لنوعS من الواقع ا)ستقل مثل: البراهمان وا)ادة.ويقول شانكارا إن البراهمان هو الواقع الذي يتيح وجود ا)ظاهر التـيتشكل العالم التجريبيI ولكنه كذلك متجاوز لهذه ا)ظاهرI وهي ال تستنفده.

ومن وجهة النظر ا)طلقة فإن البراهمان يتجاوز العالم.وال oكن إثبات طبيعة البراهمان ووجوده من خالل اإلدراك احلسي أوالتحليل العقليI وإ�ا ذلك يستمد أما على أساس شهادة النصوص (نصوصاألوبانيشاد)I أو من خالل التجربة ا)باشرة واحلدسية من النوع الذي يجعلهالتركيز اليوجي tكناI ورغم ذلك فإن العقل oكن أن يستخدم لتبرير هذه

األساليب اخلاصة }عرفة البراهمان.وللتوفيق بS التعددية ا)دركة والواقع ا)وضوعي للـلـعـالـم مـن الـنـتـائـجالواحدية لألوبانيشادI فإن شانكارا ينظر إلى العالم باعتباره مظهراI وليس

واقعا ولإلدراك احلسي على أنه وهم وليس معرفة.والنفس الفردية باعتبارها ذاتا خالصةI أو أ�انI ليست مختـلـفـة عـن

البراهمان.ومن خالل تفنيد الدعاوى ا)تضاربة عن طبيعة الواقع يبحث شانـكـاراأمر رؤية الفيشيشكا. ووفقا لفلسفة السامخايا أوالI ثم رؤية الفيشيشكا.ووفقا لفلسفة السامخايا فإن العالم هو نتيجة للتطور التلقائي للمادة غير

هيGunasالواعيةI أو البراكريتيI التي تتألف من ثالثة مكونات أو جونات . وتذهب السامخايا فـيTamas والتامـاس Rajas والراجاس Sattvaالساتفـا

رؤيتهاI إلى وجود هدف للعالمI فالعالم على ماهو عليه يصلح للذوات التيولدت مرة أخرىI وoكنها من أن تتحرر. ولكن كيف oكن للمرء أن يفترضأن العالم الذي هو نسق متناغم من ا)وضوعات ا)ترابطة واألحداث ا)نظمة

Page 125: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

125

التغير والواقع: الفيدانتا

على نحو ما نراه في جتربتنا ـ وعلى نحو ما تذهب فلسفة السامخايا ـ كيفoكن للمرء أن يفترض أن هذا العالم oكن أن يـكـون الـنـتـيـجـة الـعـرضـيـةلسبب غير واع? إن حتليل شانكارا يفيد أن إسناد هدف إلى طبيعـة غـيـرواعية هو أمر ال oكن قبوله عقالI وبالتالي فإن رؤية السامخايا ال سبيـل

إلى الدفاع منها.ورؤية الفيشيشكا هي أن سبب وجود العالم هو جتـمـع لـلـذرات. ولـكـنمرة أخرى كيف oكن للذرات غير الواعية أن تنتج من تركيبها النظام الذييجعل من ا)مكن وجود القانون األخالقي الذي يقول به فالسفة الفيشيشكا?وحتى إذا � جتاهل هذا االعتراضI فإن الفيشيشكا لم توضح كيف و)اذايتعS أن تبدأ الذرات غير الواعية في التحرك أوالI ثم االنضمام احداهاإلى األخرى لتنتج العالم. فإذا كانت الذرات في حركة دائمةI وينضم بعضهاإلى البعض اال^خرI بسبب طبيعتها ذاتهاI فإن أيا من بداية العالم أو انحاللهIلن يكون قابال للتفسير. ومن هنا فإن رؤية الفـيـشـيـشـكـا لـيـسـت مـقـبـولـة

بحسب حتليل شانكاراI حيث إنها تقول بكل من اإلنتاج والدمار معا.هكذاI فإن تفسيرات الفيشيشكا والسامـخـايـا يـنـظـر إلـيـهـا عـلـى أنـهـامتناقضة في إطار افتراضاتهما اخلاصة. ولكن افتراضـاتـهـمـا األسـاسـيـةليست مقنعة كذلكI فالنايايا والفيشيشكـا والـسـامـخـايـا وا)ـيـمـاسـا تـقـبـلجميعهاI كافتراض أساسيI حقيقة التغير احلقيقي والسببيةI أي أنها كلهاتسلم بالتغيرات الواقعية اخملتلفة التي حتدث في العالم وبأن لهذه التغيرات

أسبابها.وفيما يتعلق بالعالقة بS السبب والنتـيـجـة فـإن رؤيـتـS فـحـسـب هـمـاا)مكنتانI فإما أن النتيجة موجودة مسبقا فـي الـسـبـبI وإمـا أنـهـا لـيـسـتكذلك. ومالم تكن النتيجة موجودة مسبقا في السببI فإنها تكون جـديـدة

(انعدام النتيجة).Satkaryavadaكل اجلدة. وهذه الرؤية تسمى ساتكاريافادا فإذا زعمنا أن النتيجة توجـد مـسـبـقـا فـي الـسـبـب _ وهـذه الـرؤيـة تـسـمـى

فقد يترتب على هذا الزعم نتيجتان: فقد نسلمSatkaryavadaساتكاريافادا من ناحية بأن التغير والسببية ليسا سوى إظهار ماكان مضمرا في السببإلى العلن. أو oكن القول بأنه ليس هناك فارق بS السبب والنتيجة. وقد�سكت فلسفتا النايا والفيشيشكا بانعدام النتيجة أو ما يسمى باالساتكاريا

Page 126: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

126

الفكر الشرقي القد

فاداI على نحو ما فعل بعض فالسفة ا)يماساI على أساس أن النتائج تتممعايشتها باعتبارها شيئا جديدا �اما. و�سك فالسفة ا^خرون من فالسفةا)يماسا والسامخايا بالساتكاريافادا (النتيجة موجودة مقدما في السبب)Iعنى إظهار ماكان مضمرا في السبب إلى العلن الصريح{ Iبالتغيير Sمسلم

ولكنهم أنكروا أن تكون النتائج حقائق واقعية جديدة.وفي معرض التمحيص على الصعيد النقدي لوجهتي النظر هاتS فيالسببيةI يجد شانكارا أنهما معا غير مقبولتS منطقياI فما من شيء oكنأن يظهر نتيجة باعتبارها مختلفة عن سببها ا)اديI فالقدور الفخارية هيفخارI واخلوا� الذهبية هي ذهب... الـخ. وفـضـال عـن ذلـك فـإن الـقـدورالفخارية ال oكن أن توجد }عزل عن الفخارI وال اخلوا� الذهبية }عزلعن الذهبI وبالتالي فليس من الصواب القول بأنها نتيجة شيء جديد �إنتاجهI وأنها لم يكن لها وجود من قبلI فهي من منظور سببها ا)ادي كانتموجودة على الدوام. ومن وجهة نظر أخرى يتم الذهاب إلى القول بأنه منا)ستحيل تصور شيء جديد �اما يظهر إلى الوجودI وكل ما oكن التفكير

فيه هو حتول ا)ادةI ال استحداثها من عدم.وتذهب فلسفة السامخايا إلى القول بأنه لو كانت النتيجة شيئا جديدالوجدنا أنفسنا حيال ظهور ما لـيـس مـوجـودا إلـى الـوجـود. وإذا كـان ذلـكtكناI فلم ال نحصل على نفط ال وجود له من الرمل?. غير أنه على الرغممن أن فلسفة السامخايا قد تكون محقة في الذهاب إلى القول بأن نظريةاالساتكاريافادا غير مقبولةI فإن بعض فالسفة السامخايـا ال يـدركـون أنتفسيرهم للساتكاريافاد غير مقبول كذلك. فـإذا كـانـت الـنـتـيـجـة مـوجـودةمسبقا بالفعل في السببI فكيف oكن أن يكون هناك حتول أصيل للمادةإلى النتيجة? إذا كانت النتيجة موجودة بالفعلI كان من ا)ستحيل على ا)ادةأن تصبح نتيجةI ألن ذلك يعني أن تكون الصيرورة هي حتول ماهو موجود

فالسفة السامخايا بأنهñبالفعل إلى وجودI وهو أمر ال معنى لـهI وإذا ردعلى الرغم من أن ا)ادة التظهر إلى الوجـود فـإن الـصـورة هـي الـتـي تـقـوم

يتم إنتاجه ـ فإنهم يـسـلـمـون بـالـفـعـل بـوجـودبذلك ـ أي أن شكـال جـديـدااألساتكاريافاداI أي يقرون بالنتيجة باعتبارها شيئا لم يوجد من قبلI ولكن

ذلك يناقض حجمهم ضد االساتكاريافادا.

Page 127: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

127

التغير والواقع: الفيدانتا

غير أن القول بأن فالسفة السامخايا قد ناقضوا أنـفـسـهـمI ال يـنـبـنـيعليه بالضرورة أن شيئا جديدا ال يأتي إلى الوجودI لكن ما يترتب عليه هو:إما أنه ما من شيء جديد oكن أن يظهر إلى الوجودI أو أن حجتهم خاطئةوأن شيئا جديدا oكن أن يظهر إلى الوجود. وبناء على ذلك فإنه ما يزالمن الضروري بالنسبة لشانكارا أن ينتهي إلى التساؤل عما إذا كان تغـيـيـرالشكل هو تغييرا حقيقياI ذلك أنه من غير ا)مكن انكار أن التغـيـرات فـي

الشكل يتم إدراكها إدراكا حسيا.واحلل الذي يطرحه شانكارا هو أن يبS أنه على الرغم من أن التغيراتفي الشكل يتم إدراكها إدراكا حسياI إال أن ذلك ال يعني تغيرا في الواقع مالم يكن للشكل واقع خـاص بـه. ولـكـن الـشـكـل بـالـطـبـعI لـيـس لـه وجـود إالباالعتماد على ا)ادةI فليس هناك شكل إال في ا)ادة ا)تشكلة. فليس هناكشكل لكأس مالم تكن الكأس مصنوعة من مادةI ومن هنا فإن الشكل ليسله واقع مستقلI ولو أن التغير في الشكل كان تغيرا في الواقع لكان للشخصاجلالس واقع مختلف عن الشخص الواقفI حيث إن الشكل مختلفI ولكن

للشخص الواحد نفسهI بالطبعI واقعا وهو سواء جلس أو وقف.ومن جهة نظر أخرى تطرح احلجة القائلة بأنه إذا كانت اجلواهر متميزةSفإنه سيكون من ا)ستحيـل تـفـسـيـر الـعـالقـة بـ Iعن أشكالها أو كيفياتهاالكيف أو الشكل وبS اجلوهر. وإذا كان الشكل متميزا عن ا)اهية فلـيـسمن ا)مكن ربطه با)اهية إال من خالل واقع ثالث يربطهما أو يصلهما معا.Sولكن في هذه احلالة ومن أجل ربط هذا الواقع الثالث ا)تميـز بـالـواقـعـSولربط هذا الواقع بالواقع Iفإن احلاجة �س إلى واقع متميز ا^خر Iاال^خريناال^خرين �س احلاجة إلى واقع ا^خرI ولن تكون هناك نهاية لعملـيـة تـعـددالكيانات هذه لربط الصورة باجلوهر. ولكن إذا لم تكن هناك نهايـة لـهـذهالعملية فإن الشكل لن يرتبط باجلوهر. األمر الذي يجعل التغيير في الواقعIمستحيال. وإذا ما � اإلقرار بأن الشكل ليس له واقع مستـقـل عـن ا)ـادة

فلن يكون هناك إذن تغير يشهده الواقع.

- الوهم:٢من شأن هذه احلججI إن كانت مشروعةI أن تفضي إلى نتيجـة تـقـول:

Page 128: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

128

الفكر الشرقي القد

ليس من ا)مكن أن يوجد تغير. فقد سبق أن أوضحنا أن من ا)ستحيل أنتؤدي السببية إلى جلب التغيير. ولكـن هـنـاكI مـن نـاحـيـة أخـرىI اإلدراكاحلسي للتغيرات. واحلل الذي يطرحه شانكارا لهذه ا)عـضـلـة يـتـمـثـل فـياإلشارة إلى أنه من حيث إن التغيرات ا)دركة حسيا ال oـكـن الـقـبـول بـهـاعقال باعتبارها واقعيةI فإنه البد من النظر إليها على أنها تشـبـه إدراكـنـا

)وضوع وهمي.إذا كانت ا)وضوعات التي تشكل جتهيز الـعـالـم شـبـيـهـة بـا)ـوضـوعـاتالوهمية اخلاصة بتجربة احللمI فإنه يصبح من ا)مكن التوفيق بS وجـودالبراهمان وحده باعتباره الواقع ا)طلقI وبS وجود العالم التجريبي باعتبارهIفالثعبان الذي يتم إدراكه في احللم إ�ا «يوجد» في احلـلـم Iغير حقيقيلكنه ليس «واقعيا». والبد من التسـلـيـم بـأنـه مـوجـودI ذلـك أنـه بـغـيـر هـذاالتسليم لن يكون هناك حلم. لكن كونه واقعيا هو أمر ال سبيل إلى التسليمبهI ذلك أن ال واقعيته هي ما oيز هذه التجربةI احملددة باعتبارها جتربةحلمI وبطريقة tاثلة فإن موضوعات العالم التجريبي البد أن توجدI ألنناندركها إدراكا حسياI وإنكار وجود موضوعات العـالـم الـتـجـريـبـي إ�ـا هـوإنكار جتربة اإلدراك ا)ألوفة. ولكن إذا كان هناك تشابـه بـS مـوضـوعـاتاحللم وا)وضوعات التي يتم إدراكها في جتربة اليقظةI فر}ا oكن كذلكأن يقال عن موضوعات جتربة اليقظة إنها غير واقعية با)قـارنـة بـتـجـربـةواقع أعظمI ففي نهاية ا)طاف مادام أن ا)رء يحلم فمن ا)ستحيل الـنـظـرإلى موضوعات احللم بـاعـتـبـارهـا غـيـر واقـعـيـة. ومـن ا)ـمـكـن الـنـظـر إلـىموضوعات احللم باعتبارها غير واقعيـة فـي حـالـة الـوصـول إلـى مـسـتـوىIمختلف من التجربة فحسب. ومن النقطة ا)تقدمة اخلاصة بتجربة اليقظةoكن أن يقال إن موضوعات احللم غير واقعية. ولكن قد يكون من ا)مكنكذلك أنه من مستوى مختلف من مستويات التجربة ـ جتربة الـبـراهـمـان ـ

oكن النظر إلى موضوعات جتربة اليقظة باعتبارها غير واقعية.وهكذاI فإنه إذا كانت موضوعات جتربة اليقظة العادية تشبه موضوعاتSفسيكون من ا)مكن حتقيق التا^لف أو التصالح ب Iاحللم في هذا الصددوجود العالم التجريبي واإلدراكي مع واقع براهمان الوحيدI على نحو tاثل

للتصالح بS وجود موضوعات احللم وال واقعية هذه ا)وضوعات.

Page 129: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

129

التغير والواقع: الفيدانتا

وإذا ما أشير إلى أن عالم التجـربـة الـعـادي بـأسـره هـو عـلـى نـحـو مـناإلنحاء عالم وهميI فإنه يصبح من ا)هم فهم طبيعة «الوهم» لـكـي نـدركا)عنى الذي توحى به هذه اإلشارة. وهناك مثال طرحته الفيدانتا عن احلبلالذي يرى على سبيل اخلطأ على أنه ثعبان إذ يقال أن احلبل ثعبانI بسبباجلهل }ا هو موجود هناك حقا. ولو أنه عرف إن هناك ثعباناI فلن يكونهناك وهم. ولكن اجلهلI في حد ذاتهI ليس كافيا إلفراز الوهمI ففي نهايةا)طاف هناك العديد من األشياء التي يجهلـهـا ا)ـرءI ولـكـنـه ال يـقـول إنـهـاثعابIS ويتعS أن يكون للجهل الذي يفرز الوهم جانبانI أولهما أن يغطـيالواقع ا)اثل بالفعلI أي احلبلI على سبيل ا)ثال. والثاني أن يشوه بالفعـل

ماهو موجود حقاI ويقدمه باعتباره شيئا مخالفا )ا هو عليه.واال^ن إذا كانت طبيعة العالم تشبه ا)وضوع الـوهـمـيI فـالبـد أن يـكـونالعالم نتاجا للجهل كذلكI حيث الواقع األساسي لـيـس بـبـسـاطـة غـامـضـاومختفيا عن العيانI وإ�ا هو مشوه بالفعلI ومحول إلى شيء ا^خر خالفماهو عليه.. وبهذه الطريقة فإن الواقع احلقI أو براهمـانo Iـكـن اخلـلـطبينه وبS عالم ا)وضوعات العادية التجريبية نتيجة للجهلI وهذه ا)وضوعاتIالذي هو وحده احلقيقي. ولكن اجلهل بالطبع Iهي التشويه اخلفي لبراهمانيوجد من نظرة اجلاهل وحدها. ومن هذا اجلهل وحده ينطلق العالمI حيثإنه يخفي الطبيعة احلقة للواقعI ويتسبب في أن نـرى عـلـى نـحـو خـاطـىءشيئا ا^خر في موضعه. وكما أن الوهم يـتـم إحـداثـه عـنـدمـا يـجـعـل سـاحـرقطعة نقدية تختفي لتظهر قطعا عديدة ـ على الرغم من أن الوهـم يـوجـدبالنسبة للجاهل وحدهI وليس بالنسبة للساحر ـ فكذلـك بـا)ـثـل مـن وجـهـةنظر الواقع ا)طلق ليست هناك كثرة من ا)وضوعاتI ليس هناك وهـم بـلهناك واقع حقيقي واحدI �اما أنه بالنسبة للسـاحـر هـنـاك قـطـعـة نـقـودحقيقية واحدة. وبالنسبة للشخص احلكيم الذي ينجح في انتهـاك حـجـبالوهم الذي يفتعله الساحرI ال تظهر قطع نقدية كثيرة. وبا)ثل فإنه بالنسبةللشخص احلكيم الذي يعايش براهمان ال يظهر عالم ا)وضوعات التجريبية

باعتباره الواقع ا)طلق.ويترتب على ذلك أنه إذا كان العالم التجريبي غير حقيقيI فـال وجـودلتغيرات حقيـقـيـة فـي الـعـالـمI فـلـلـتـغـيـرات نـفـس الـواقـع الـذي حتـظـى بـه

Page 130: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

130

الفكر الشرقي القد

ا)وضوعاتI التي يفترض أنها تتغيرI وبالتالي فإن نظرية التغير الـوحـيـدةIوليست نظرية التغير احلقـيـقـي Iا)مكنة هي نظرية التغير الظاهر للعيانفالتغيرات واألسباب احلقيقية ال تغدو tكنةI إال إذا كانت هناك موضوعاتحقيقيةI وإذا كانت تتغير حقا. ولكن إذا كان شانكاراI على حقI فال oكنأن تكون هناك تغيرات وال أسباب حقيقية. ذلك أنه ليست هناك موضوعاتحقيقية لكي تتغيرI ومن شأن هذا أن يدعم ما ذهبت إليه الفيدانتا من أننظريات النايايا ـ الفيشيشكا والسامخـايـا عـن الـتـغـيـر هـي نـظـريـات غـيـر

صحيحة.و�كن هذه النظرية عن طبيعة العالم الـتـجـريـبـي شـانـكـارا كـذلـك مـنتفسير تلك الفقرات الواردة في نصوص األوبانيشـادI والـتـي تـتـحـدث عـنالعالم باعتباره مستخرجا من «براهمان». فالعالم oكـن أن يـسـتـخـرج مـن«براهمان»I على نحو ما تستخرج الثعابS من احلبالI وعلى نحو ما تستخرجالعصا ا)كسورة في ا)اء (بانكسار الضوء). هناك وجود بقدر ما هنالك منموضوعات oكن معايشتهاI ولكن ليس هناك واقع حقيقي ألن ا)وضوعات

وهميةI فهي ناجتة عن اجلهل.تعتمد هذه احملاولة من جانب شانكارا لتفسير العالمI باعتباره مظهراأحدثه اإلدراك الوهمي ـ تعتمد في جناحهـا إلـى حـد كـبـيـرI عـلـى تـطـبـيـقا)ماثلة على اإلدراك الوهميI ويتم القيام بذلك من خالل القيام بـتـحـلـيـل

مفهوم اخلطأ اإلدراكي }زيد من العناية.يذهب فالسفة ا)يماسا إلى القول بأن اخلطأ اإلدراكي هو أمر مستحيل.إذ ينبغي التسليمI على األقلI بأن اإلدراك ا)باشر أمر مشـروع وصـحـيـح.ذلك ألنه أساس كل معرفة. ويقوم فالسفـة ا)ـيـمـاسـاI فـي مـعـرض تـأيـيـددعواهم القائلة بأن اخلطأ اإلدراكي أمر مستحيلI بتحليل احلاالت ا)زعومةلهذا اخلطأ. ويذهبون إلى القول إنه في حالة إدراك احلبل على أنه ثعبانيتم ارتكاب خطأI ولكنه ليس خطأ إدراكياI فهذه ا)عرفة اخلاطئـة لـيـسـتشريحة من ا)عرفةI وإ�ا هي مزيج من اإلدراك والذاكرة جنبا إلى جنب معاإلخفاق في التمييز بS االثـنـS. وهـم يـقـولـون إنـه عـلـى هـذا الـنـحـو فـإناإلدراك نفسه صحيحI والذاكرة ذاتها صحيحةI ولكن األمرين أدمجا على

نحو خاطىءI واخلطأ يكمن في اإلخفاق في التمييز.

Page 131: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

131

التغير والواقع: الفيدانتا

ويرد فالسفة الفيدانتا على هذه احلجة بأن القول: «هذا ثعبان» ال oثلثالث شرائح من ا)عرفة ـ مع كمون اخلطأ في النـوع الـثـالـث ـ وإ�ـا oـثـلشريحة معرفية واحدةI وليس tا يـنـكـر أن لـلـذاكـرة دخـال بـاألمـرI ولـكـنالقول بأن الذاكرة توجد على نحو مستقل عن اإلدراك هو قول يتم التصديله وإنكارهI فما لم تتوحد الذاكرة مع اإلدراك لتقدY هذه الشريحة ا)عرفية

- «إنني أتذكر ثعبانا». ولكنـهـمـا٢- «أنني أدرك هـذا»I و١فسيظهر زعمـان: Iفي حقيقة األمر زعم واحد هو: «هذا ثعبان». وهذا يدفع إلى تعرف مؤكدوليس إال مجرد إخفاق في التعرف على الفارقI بS ماهو مدركI وما هـومتذكر. وبالطبعI إذا كانت األسباب التي يطرحها فالسفة ا)يماسا تأييـدالقولهم بأنه ما من خطأ إدراكي يدخل في حيز ا)مـكـنI هـي أسـبـاب غـيـر

مقبولةI فإن طرحهم ال ينبغي أن يحمل على محمل اجلد.وتتمثل رؤية النايايا ـ الفيشيشكا للخطأ في أنه أمر tكنI ولكنه حقامسألة متعلقة بإدراك غير عـاديI فـمـا يـحـدثI لـدى رؤيـة حـبـل عـلـى أنـهIهو أن هذا اإلدراك يطلق من عقالها صورة عالقة بالذاكرة لثعبان Iثعبانثم إدراكه بحدة بالغة للغايةI بحيث إن ا)رء يعي علـى الـفـور تـلـك الـصـورةخالطا بينها وبS ا)وضوع الذي يتم إدراكه. واجلزء األكثر أهمية من نظريةاخلطأ هذه بالنسبة للفيدانتاI هو القول بأن اخلطأ هو حمل شـيءI وجـدحقا في ا)اضـيI عـلـى أنـه يـدرك فـي احلـاضـر. وإذا كـانـت هـذه الـصـورةصحيحةI فإن ا)فهوم القائل بـأن الـوهـم اإلدراكـي أمـر tـكـن هـو مـفـهـومخاطىءI ذلك أن اإلدراك احلالي للعالم باعتباره وهما ال يكون له معنى إالإذا افترضنا أن العالم احلقيقي الذي � إدراكـه فـي ا)ـاضـيI يـجـري اال^نإحالل العالم الذي ندركه في احلاضر محله. ولكن هذا االدعاء يقول بواقعحقيقي للعالم التجريبيI وليس بالرؤية الفيدانتية للعالم باعتباره غير حقيقي.وأول اعتراض على هذه النظرية في اخلطأ اإلدراكيI هو أنه ليس منا)مكن أن يتم اال^ن «إدراك» شيء وجد في مكان وزمان ا^خرينI فما يجريإدراكه اال^ن هو «هذا» الشيء احملددI والذكرى على الدوام هي ذكرى «ذلكالشيء» بغض النظر عن مدى توهج هذه الذكرى وحيويتـهـا. وهـكـذا فـإنـهبناء على الصورة التي ترسمها النايايا فإن وجـود شـيء وهـمـي هـو أمـر السبيل إلى تفسيرهI وافتراض أن الفكرة ا)ستمدة من الذاكرة oكنها بالفعل

Page 132: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

132

الفكر الشرقي القد

أن تنقل موضوعات من زمان ومكان بعينهما إلى مكـان وزمـان ا^خـريـن هـوافتراض غير مقبول إلى حد بعيد.

وoكنI على أسس أخرىI االعتراض بأن رؤية النايايا غير مقنعةI ألنI«كن أن يبدو كمـا لـو كـان مـوجـودا «اال^ن وهـنـاo I«ماال يوجد «اال^ن- وهناوذلك بسبب اجلهل }ا هو كائن «اال^ن وهنا». وفي ضوء هذه االعتراضاتoكن القول بأن نظرية عن اخلطأ أكثر قبوال oكن أن تذهب إلى القول بأناألوهام يسببها ال إدراك ا)وضوع الراهن و «بناء» موضوع ا^خر يتم إحالله

محل ا)وضوع الراهنI الذي يحجبه اجلهل.Iفإن ا)وضوع الوهمي ينبغي أن يوجد باعتباره موضوعا وهميا Iوبالطبعحيث إن اجلهل هو الذي خلقه. غير أنه ال oكن أن يـقـال إنـه واقـعـيI والoكن أن يقال كذلك إنه غير واقعي. أنه ليس غير واقعي على نحو ما تعدالدائرة ا)ربعة أو طفل ا)رأة العقيم غير واقعيIS وإ�ا واقعيته تدوم بقدرما يدوم اجلهلI وعندما يتم اكتشاف أنه ال وجود إال حلبلI فإن الثعبان اليعود له وجود. وهكذا فإنه ال oكن أن يقال إنه واقعي. وصعوبة تصـنـيـفا)وضوع الوهمي باعتباره واقعياI أو غير واقعيo Iكن أن توضع ا)قارنة معالصعوبة التي يواجهها شانكارا في تصنيف العالم التجريبي باعتباره واقعياأو غير واقعيI فهو }عنى ما واقعيI ذلك ألنه جترى معايشتهI ولكنه }عنىا^خر غير واقعيI ذلك ألن ما جترى معايشته ليس هو ما هناك حقاI وإ�اهو تشويه )ا هناك. وكما أنه في القول بأن مـوضـوعـات احلـلـمI وأحـداثـهIال ينكر ا)رء وجود هذه ا)وضوعات واألحداث Iليست واقعية على نحو مطلقفإن شانكارا ال ينكر كذلك وجود العالم التجريبي وإن كان يـنـكـر واقـعـيـتـها)طلقة. ويقتضي حتليل شانكاراI في حقيقة األمرI تصنيفا أكثـر تـعـقـيـدا

لواقع موضوعات التجربة tا يوجد عادة.Iبأي معنى من ا)عاني Iكن أن يوجد على اإلطالقo هناك من ناحية ماالIمـثـل الـدوائـر ا)ـربـعـة Iوتلك هي األشياء ا)ستحيلة على الصعيد ا)نطقيوأطفال ا)رأة العقيمI ثم هناك ا)وضوعات التي توجد في األحالم واإلدراكاتالوهميةI ولكن يتم إنكارها من خالل جتربة اليقظةI وتلي ذلك موضوعاتجتربة اليقظة العادية التي يحملها اإلنسـان الـواقـعـي عـلـى مـحـمـل أشـيـاءالكون ا)طلقةI وهذه ا)وضوعات يجري إنكارهاI أو oكن أن يتم انـكـارهـا

Page 133: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

133

التغير والواقع: الفيدانتا

من خالل جتربة براهمان. وهناك أخيرا الوجود اخلالص أو النقيI اال�انوحدهI الواقع ا)طلقI الذي ال يتسم بأي حال بأنه غير واقعي.

هكذا فإن شانكارا ال يقترح بصورة حقيقية تغييرا لرؤيتنا ا)ألوفة يتمثلفي إنكار وجود الكـونI وهـو ال يـقـتـرح أن يـتـم نـفـي وجـود أي مـوضـوعـاتللتجربةI وإ�ا هو باألحرى oد نطاق طبيعة الواقعI بالذهاب إلـى الـقـولIوفـي وعـي الـيـقـظـة Iبأنه باإلضافة إلى ا)وضوعات ا)وجودة في األحالمهناك واقع مطلقI وأيا ما كانت موضوعات الواقع التي يطرحونهاI فإنه مامن أحد وال حتى شانكاراI يستطيع إلغاء ذلك. ولكن االعتراف بأن هنـاكرؤية أسمىI يعني القيام بإضافة بعد مهم إلى مفهومنا عن الواقعI ذلك أنهمن هذه الرؤية األسمى وحدها oكن النظر إلى باقي الوجود باعتباره غيرIواقعي على نحو مطلق. وفي هذا الصدد فإن األمر يشبه اليقظة واحللـمحيث إنه مالم يستيقظ ا)رء فإن من ا)ستحيل أن يـنـظـر إلـى مـوضـوعـاتاحللم باعتبارها غير واقعيةI ففي إطار احللم وحدهo Iـكـن الـنـظـر إلـيـهـاعلى أنها واقعيةI ولكن عندما يستيقظ ا)رءI فإن وجود موضوعات احللمال يتم إنكارهI وإ�ا يدرك ا)رء اال^ن أن موضوعات احللم ليست إال ماهـيعليه فحسبI إنها حتظى }ا لها مـن واقـعI واال^ن فـحـسـب يـتـم إدراك أنهناك مستوى أسمى من مستويات الواقـعI أي واقـع الـيـقـظـة. وعـلـى نـحـوtاثل فإن ا)رء قد يصحو على واقع التنوير األسمىI ويكتـشـف أنـه حـتـىاللحظة الراهنة لم يكن يواجه إال جتربة اليقظة العـاديـةI ولـيـسـت جتـربـة

االستنارة (حتقق األ�ان).وتقدم رؤية شانكارا لطبيعة الواقع تفسيرات لكل من التوفيق بS التعدديةا)دركة في العالمI وبS وحدته ا)طـلـقـةI وهـويـة الـنـفـس مـع هـذه الـوحـدةا)طلقة. إن }قدوره أن يقول: «كل هذا هو ذلك» عندما تشير كلمة «هذا»إلى العالم التجريبيI وكلمة «ذلك» إلى البراهمانI ألن العالم ليس إال إساءةفهم براهمان وإساءة إدراك له. واألمر يشبه القول بأن قطع نقود الساحرالعديدة هي حقا قطعة النقود الواحدة التي بدت لـلـعـيـان قـبـل أن oـارسIولكن بسبب جهلنا فإننا نحسب قطعة النقد الوحيدة قطعا عديدة Iسحره

ونحسب البراهمان عا)ا.وبطريقة tاثلة في القياس فإننا نـحـسـب أن الـذات الـسـيـكـولـوجـيـة ـ

Page 134: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

134

الفكر الشرقي القد

الفيزيولوجية هي الواقع احلقI بينما في حقيقة األمر أن الذات هي علـىنحو مطلق وهمية وغير واقعية.والقول «أنت هو ذلك» إ�ا يعني القول أن«أنت» ـ النفس التي يحسب ا)رء ذاته إياها فـي غـمـار جـهـلـه ـ لـيـسـت فـيIوإ�ا في أساسها ذاتـه هـي ذلـك الـبـراهـمـان ـ وبـسـبـب اجلـهـل IمظهرهابالطبعI فإن النفس هي البراهمان على صـعـيـد اإلمـكـان فـحـسـبI وهـذهاإلمكانية من خالل قهر اجلهل. غير أنه من منظور الـبـراهـمـان لـيـس مـنا)مكن أن تكون النفس هي البراهمان على صعيد اإلمكان فحسبI فقياماجلاهل بالنظر إلى الثعبان باعتبـاره حـبـال عـلـى صـعـيـد اإلمـكـان هـو أمـريختلف �ام االختالف عن افتراض أنه من منظور ما األشياء عليه حقا فإن

الثعبان هو حبل.إن ما يحدث في غمار اجلهلI هو أن النفس الفـرديـةI الـتـي هـي حـقـامركب من النفس والالنفسI تصبح جتربة العالم بسبب هذا اخللط. والتجربةظاهرة غريبةI ألنها تقتضي على نحو من األنـحـاء أن تـصـبـح الـنـفـس هـياال^خرI على الرغم من أنها ينبغي أن تظل النفس كذلكI واال^خر يتـعـS أنIيظل ا^خر. ولكن مالم يصبح اال^خر والنفس واحدا فلن تكون هناك جتربةوهذا يوضح أنه لكي تصبح التجربة tكنة فإنه يتعS أن يكون هناك مركبمن النفس والالنفس ـ النفس انطالقا من احلقيقة القائلة إن الذات تظـلعلى الدوام ذاتا ـ النفس عايشت التجربة ـ ينبني أن الذاتI أو النفس تكونمستقلة بصورة جوهرية عن ا)وضوع أو الالنفس. وهذه النفس ا)طلقة الoكنI بالطبعI «النظر» إليها باعتبارها النفس احلقةI ذلك أن النـظـر إلـىأي شيء (سواء على صعـيـد اإلدراك احلـسـي أو عـلـى الـصـعـيـد الـذهـنـي)يقتضي أن يكون موضوعا للتجربةI ولكن }ا أن االفتراض هو أن النفسهي موضوع نقي أو خالص فإنه يترتب على ذلك أنها ال oكن أن تعرف بأية

طريقة موضوعية.وقد يظهر سؤال عن الكيفية التي ترتبط بها هذه الذات ا)طلقة الـتـيIالتي هي مركب من النفس واال^خر Iمع الذات التجريبية Iتتحدد مع براهمانيقول شنكارا أن الذات أو «األنا» هي من التعارض الـشـديـد مـع الـالنـفـسبحيث إنهما ال oكن أن ترتبطا حقا إحداهـمـا بـاألخـرىI وتـلـك عـالقـة الIذلك أن الالنفس تـوجـد فـي غـمـار اجلـهـل Iنستطيع منطقيا التعبير عنها

Page 135: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

135

التغير والواقع: الفيدانتا

وموضوع اجلهل ال oكن أن يقال إنه حقيقي أو غير حقيقي على السواء.وفي إطار هذه الرؤية فإن التحول إلى براهمان يعني التخلص من اجلهلالذي ينشأ عن اخللط بS مظهر الالنفس وواقع النفس. وحقيـقـة الـواقـعهي الواقع الوحيد للبراهمان وتطابق النفسI أو األ�انI مـع الـبـراهـمـان.واجلهل هو قناع يخفي احلقيقةI ولكن اإلدراك العملي للنفس ا)طلقة مـنشأنه أن يقضي على اجلهلI وليس هناك مجال للمعرفة النظرية بالـواقـعا)طلقI فمثل هذه ا)عرفة تستبعدها احلقيقة القائلة إن الواقع ا)طلق هـوIذات واحدة ال ثاني لها. ومعرفة براهمان هي معرفة عملية Iذات محضةومسألة تتعلق بالتجربة ا)باشرة والفورية والشخصيةI مادام الكون يـتـحـدعلى نحو مطلق مع النفسI فإن إدراك براهمان هو أمر متعلق بتوحد ا)رء

مع نفسه �اما ومعايشته لواقعه ا)طلق.وليست الذات احلقةI أو أ�انI مظهراI وبالتالي فهي ليست خـاضـعـةلقوانS الظاهرI فقوانS السببية إ�ا تنطبق علـى عـالـم الـظـاهـرI ولـيـسعلى عالم الواقعI أو البراهمانI وبالتالي فال مجال للقول بأن النفس مرتبطةبا)ظاهرI فهي ليست سببا وال نتيجةI وهذه العالقات تنتمي إلى ا)ستوياتالدنيا من الظاهر وحده. وإذا لم يكن األ�ان مرتبطا با)ظاهر التي تشكلالعالم التجريبي بأية طريقة من الطرق oكن معـرفـتـهـاI فـإنـه يـصـبـح مـنا)ستحيل معرفة البراهمان إال من خالل جتربة وثيقة تغدو مستعصية علىالوصف والنقل إلى اال^خـريـن. وهـذا اإلدراك لـكـون ا)ـرء هـو الـنـفـس ذاتالوعي اخلالص ا)تحررة من التغير وا)عاناة يشهد عليـه اسـتـنـارة الـنـفـس.واألمر على نحو ما يتـسـاءل شـانـكـارا: «كـيـف oـكـن لـلـمـرء أن oـاري فـيحقيقة �لك ا^خر لناصية ا)عرفة بالبراهمان بينما هو مقتنع بها في قرارة

فؤاده?.وoكن أن يقالI ختاماI إن العالم التجريبي موجود والذات التجريـبـيـةموجودة عند شانكاراI ولكنهما ليسـا حـقـيـقـيـS بـصـورة مـطـلـقـةI وأسـاسوجودهما نفسه هو واقع أسمى من مظهرهما. وهذا األساس هو الـوجـوداخلالصI األساس ذاته الذي يقوم عليه التجـربـة وا)ـظـهـرI وبـالـتـالـي فـإنالنظر إلى العالم التجريبي والذات التجريبية على أنهـمـا واقـع مـطـلـق هـووقوع في اخللطI واعتبار الظاهرI خطأI أنه الواقع احلقيقي الذي يعتمـد

Page 136: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

136

الفكر الشرقي القد

عليه ا)ظهر ا)وجود. ووجود شيء يقع فيما يتجاوز الوجود ا)درك جتريبياهو أمر oكن إدراكهI من خالل احلقيقة القائلـة بـأن األشـيـاء الـتـجـريـبـيـةتظهر إلى الوجود وتختفيI ولكن إمكانية وجودها ال جتيء هي نفسها إلىالوجود وال ترحل عنه. فبالنسبة للوجود نفسه ليس هناك مجيء إلـيـه وال

رحيل عنهI حيث إنه سابق على التغيرI فالتغير نفسه يفترضه مسبقا.

- الواحدية املشروطة:٢Iيتفق رامانوجا مع شانكارا في القول بأن الواقـع واحـد ولـيـس بـكـثـيـرولكنه يختلف معه فيما تعلق بطبيعة هذا الواحدI ووجهة نظر رامانوجا هيأن البراهمان باعتباره الواقع ا)طلق ليس tيزا عن العالم التجريبيI وإ�اهذا العالم جزء مكون للبراهمانI وهذا األخير وحدة تتألف من االختالفات

التي تشكل العالم ا)عيش وأساسه كذلك.ويذهب رامانوجا إلى القول بأن الهوية واالختالف متضايفانI ويعتمدأحدهما على اال^خرI وافتراض أحدهما دون افتراض اال^خر إ�ا هو افتراضلالشيء بال محتوى. والوحدة هي وحدة األشياء اخملتلفة والهوية هي هويةاألجزاء. وعندما يتم نفي أو إنكار األشياء أو األجزاء اخملتلفةI فإنه ال oكنأن يكون هناك وحدة أو هويةI ويقول رامانوجا إن الوحدة ا)كونة للبراهمانهي وحدة النفوس واألشياء اخملتلفة التي تؤلف العالـمI والـهـويـة إ�ـا هـي

هوية هذه األجزاء في أسسها باعتبارها وجودا.ويذهب رامانوجا كذلك إلـى الـقـول بـأن الـذات ال oـكـن أن تـتـحـد مـعا)عرفةI ألن هذه األخيرة تقتضي شيئا مـعـروفـا وذاتـا عـارفـةI وحـيـثـمـا الوجود لشيء معروف فال وجود لعارفI وهكذا فإن النظر إلى الذات باعتبارهاعارفا خالصا بغير شيء تعرفه يعني نفي الذات واستبعادهاI وإ�ا ينبغـيباألحرى أن يقال إن الوعي هو أساس الذاتI الذي في إطـاره oـكـنـهـا أن

تعرف وحدة الواقع.وهكذا فإن وجهة نظـر رامـانـوجـا هـي أن بـراهـمـان وحـدة عـضـويـة �

I وإ�ا هو متعIS باعتبارهتشكيلها من خالل هوية األجزاءI فهو ليس مجردامركبا من موضوعات الوعي اخملتلـفـة وكـذلـك مـن الـوعـي نـفـسـهI ويـطـلـق

).Ishvaraرامانوجا على هذه الوحدة العضوية اسم براهمان أو إالله إياشفارا

Page 137: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

137

التغير والواقع: الفيدانتا

وهو يرى أن األشياء والذوات متميزة عن براهمان بـالـطـريـقـة نـفـسـهـاالتي �يز بها جسم شخص عن نفس هذا الشخصI وعـلـى أسـاس وجـهـةالنظر هذه فإن وحدة الواقع يتم احلـفـاظ عـلـيـهـا ألن الـشـخـص هـو شـيءواحدI ولكن التعددية يتم كذلك احلفاظ عليـهـا ألن الـشـخـص يـتـألـف مـنجسم ونفس معا. وفضال عن ذلك فإنه على أساس هذا القياس يعد براهمانIاما كما أن نفس الشخص أسمى من جسمه� Iأسمى من النفوس واألشياءواجلسم ينتمي إلى النفس باعتباره من قيود النفسI وهذا الوضع يطرحهرامانوجا على النحو التالي: «إن براهمان األسمى هو نفس الكل. والكياناتالواعية وغير الواعية تشكـل جـسـمـهI واجلـسـم كـيـانI ولـيـس لـه وجـود إالبفضل كونه إهاب أو شكل الروح التي هو جسم لها. واجلسم والنفس علىالرغم من أنهما يتميزان بخواص مختلفة ال يختلط أحدهما باال^خرI ومـنهذا كله ينبع التعليم احملوري القائل بأن براهمانI بكل الكيـانـات الـواعـيـة

وغير الواعية التي تتجلى كأشكال لهI هو ا)طلق».وبحسب هذا التفسير فإن الواقع واحدI مثل شخصI مع تشكيل األشياءوالنفوس العديدة في الكون جلسم الواقعI وتشكيل براهمان لنفس الواقع.واجلسم واقعيI وإن كانت صفة واقعي هذه ليست على نحو مستقلI وإ�اكشكل لوجود البراهمان. وهكذا فإن النفوس الفردية واألشياء الفردية هي

اخلواص أو األشكال احلقيقية للبراهمان.ووفقا للميتافيزيقا الكامنة خلف هذه الصورة لعالقة البراهمان بالنفوسواألشياء فإن اجلوهر هو وحده الواقعي عـلـى نـحـو مـسـتـقـلI وأيـا كـان مـاIيوجد باعتباره سمة أو خاصية للجوهر فإنه يوجد كشكل لذلـك اجلـوهـروoكن مطابقته مع اجلوهر الذي هو شكل له. وينبغي أال يحـمـل الـتـعـلـيـمالقائل بأن «الكل هو براهمان» على أنه يؤكد وجود البراهمان وحده بغـيـرحتفظI ذلك أنه بناء على ذلك التفسير فليس هناك «كل» oكن أن يتحد معالبراهمانI وإ�ا باألحرى «الكل» ينبغـي الـنـظـر إلـيـه عـلـى أنـه يـشـيـر إلـىاألشياء والنفوس العديدة في العالمI ألن هذه قـيـود حـقـيـقـيـة لـبـراهـمـان.وشكل وجودها هو شكل جسم براهمانI وكما أن اجلسم ال يوجد اال باعتبارهجسما بنفسI فكذلك األشياء والنـفـوس ال تـوجـد إال بـاعـتـبـارهـا مـنـتـمـيـة

لبراهمان.

Page 138: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

138

الفكر الشرقي القد

وتلقى وجهة النظر هذه تأييدا من جانب نظرية للمعنى ترى أن األلفاظالتي تشير إلى كيفيات جوهر ما تشير كذلك إلى اجلوهر الذي حتدده تلكالكيفياتI فعلى سبيل ا)ثال إذا قلنا: «ا)درس أشيب» فإن صـفـة «أشـيـب»تشير إلى لون شعر ا)درسI ولكنها تشيـر كـذلـك إلـى ا)ـدرس الـذي شـابشعرهI ذلك أن كون الشعر أشيب يحدد خاصـيـة ا)ـدرسI لـكـن اإلشـارة الIذلك أن كونه مدرسا هو خاصية لشخص هو ا)درس Iتقف عند هذا احلدوهكذا فإن «ا)درس األشيب» يشير إلى حتـديـد لـشـخـص مـاI ولـلـشـخـصIوكونه شخصا هو بدوره حتديد )ادة ولـنـفـس Iالذي حدد على هذا النحووهكذا فإن القول «شخص ما أشيب يقوم بالتدريس» يشير إلى ما يتجاوزالشخصI يشير إلى ما يعد الشخص حتديدا لهI وباالستمرارا بهذه الطريقةفإن وصف «أشيب» ينظر إليه في نهاية ا)طاف على أنه إشارة إلى الواقعIبـالـطـبـع Iالذي يعتمد علـيـه كـل شـيء ا^خـر فـي وجـوده. وهـذا هـو Iا)طلقبراهمانI وبالتالي فإن كل االصطالحات تشير في نهاية ا)طاف إلى براهمان.وما لم يكن هناك وجود لبراهمان باعتباره الواقع ا)طلق الذي تشير إليهكل االصطالحاتI )ا كان هناك شيء تشير إليه االصطالحاتI �اما كماأنه لو لم يكن هناك جوهر مطلقI فلن يكون هناك شيء تكون التحديداتهي حتديدات له ـ وذلك أمر ال oكن إنكارهI ذلك أن اخلواص احملددة هيا)وضوعات األولية لإلدراك التي تستند عليها ا)ـعـرفـة ـ والبـد كـذلـك مـنوجود براهمان باعتباره مالكا لهذه اخلواص احملددة. ويعبر «رامانوجا» عنهذه النقطة على النحو التالي: «هذه هي الـعـالقـة األسـاسـيـة بـS الـكـائـناألسمى والكون ا)ؤلف من النفوس الفرديةI والكيانات ا)ادية. إنها عالقـةالروح باجلسم... ذلك الذي في كليته يعتمد على ا^خر ويسيطر عليه ويساعدهIيسمى جسم األخير Iوبالتالي فهو شكله الذي ال سبيل إلى فصله عنه Iا^خروهكذا تكون العالقة على هذا النحو فإن النفس األسمى التي حتظى بكل

شيء باعتباره جسمهاI تشير إليها كل االصطالحات.وعلى هذا النحو يحافظ «رامانوجا» على واقع كل من النفوس والبراهمانبإقراره باخلالفات في داخل الهوية التي هي براهمانI فالـنـفـوس واقـعـيـة

باعتبارها �ايزت داخل (وليس عن) الواقع ا)طلق.

Page 139: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

139

التغير والواقع: الفيدانتا

- الفيدانتا الثنائية:٣تختلف مدرسة ثالثة من مـدارس الـفـيـدانـتـاI هـي مـدرسـة مـادفـاI عـنIموقفي مدرستي شانكارا ورامانوجا في القول بثنائية أساسية في العالـمفالعالم على نحو ما تتم معايشته على صعيد جتريبيI وأساسـه الـذي هـوIهما متمايزان أحدهـمـا عـن اال^خـر عـلـى نـحـو أبـدي وأسـاسـي Iبراهمانوالنفس ينظر إليها على أنها متميزة عن كل من براهمان واألشيـاء ا)ـاديـةالتي تشكل العالم التجريبي. واحلجة األساسية لهذا ا)وقف هي أن اإلدراكهو في جوهره مسألة وعي بتفرد شيء ما. و}ا أن اإلدراك هو أساس كلمعرفةI و}ا أنه يعتمد عـلـى إدراك االخـتـالفـاتI فـإن الـقـول بـعـدم وجـودخالفات إ�ا هو إنكار لألساس ذاته الذي تقوم علـيـه حـجـج الـقـول بـعـدموجود خالف. وا)وضوعات يتم إدراكها باعتبارها متميزة عن النفسI وأساساألشياء والنفس ينظر إليه على أنه مختلف عن أي من األشـيـاء والـنـفـس.وليس هناك برهان محتمل على أن هذه االختالفات الـتـي � إدراكـهـا قـدجرى الوقوع في خطأ فيما يتعلق بهاI حيث إنها تـشـكـل إمـكـانـيـة ا)ـعـرفـة

ذاتهاI ومن ثم فإن هذه اخلالفات األساسية البد من التسليم بها.Sفإن النفوس الفـرديـة البـد مـن الـتـمـيـيـز بـيـنـهـا وبـ Iوفضال عن ذلكبراهمانI إذا ما أريد القول بأنها غارقة في ا)عاناة وفي العبودية. و}ا أنكل محاولة لتحقيق التحرر البد أن تبدأ بالنفس الفردية ا)ـعـذبـةI فـإنـه السبيل إلى إنكار وجودالنفوس الفردية. ولكن إذا مـا � اإلقـرار بـوجـودهـا.فإنه ينبغي إقرارها باعتبارها مختلفة عن براهمان. ولن يكون مجديا القولبأن الفرد باعتباره «في غمار ا)عاناة» مختلف عن البراهمانI ولكنه باعتبارهمتحررا من ا)عاناةI فإنه متحد مع البراهمانI ذلك أن شيئS مختلفS حقاال oكن في «أي» وقت أن يقال إنهما شيء واحد. فكون شيء ما متحررا منا)عاناة هو أمر ال يغير من طبيعته ويجعله شيئا ا^خرI ولكـن إذا كـان األمـركذلكI و� افتراض وجود خالف أولىI فإن الـنـفـوس الـفـرديـة وبـراهـمـانينبغي أن تظل مختلفة على نحو أزلي. ويذهـب «مـادفـا» إلـى الـقـولI عـلـىالنحو نفسهI باالختالف األزلي بS براهمان وا)ادة. وهو على هذه ا)ساراتIالنفوس وا)ادة Sنفسها يذهب كذلك إلى القول بوجود اختالف حقيقي بوبS نفس وأخرىI وبS شيء وا^خر ويصل إلى «االختالفات اخلمسة» التي

Page 140: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

140

الفكر الشرقي القد

Sبراهمان والنفوس٢- براهمان وا)ادة ١قال بها. وهذه اخلالفات هي ب -- شيء وا^خر.٥- نفس وأخرى ٤- النفوس وا)ادة ٣

ويتمثل األساس األبستمولوجي لقول «مادفا» بوجود هذه االخـتـالفـاتاخلمسة في حتليله لعملية ا)عرفةI باعتبارهـا الـكـشـف ا)ـتـزامـن لـكـل مـنالذات التي تعرف وا)وضوع الذي تتم معرفته. ووفقا لهذا التحليل فإنه المجال إلنكار أن الذات مختلفة عـن ا)ـوضـوعI ذلـك أن ا)ـعـرفـة هـي دائـمـامعرفة «لـ» شيء ماI وهي دائما معرفة «من أجل» شخص ما. وفضال عـنذلك فإن معرفة شيء محدد هي معرفته باعتباره ذلك الشيء وليس شيئاا^خر. وهذا يعني الوعي باختالفاته عن األشياء األخرى. ولكن إذا كان هذاصـحـيـحـاI واالخـتـالفـات بـS الـذات وا)ـوضـوعI وبـS مـوضـوع وا^خـر هــياختالفات «معروفة»I فإنها البد أن تكشف في ا)عرفة. وهكذا فإن ا)عرفةفي طبيعتها ذاتها تكـشـف االخـتـالفـات فـي الـواقـع. وهـذه االخـتـالفـات الoكن أن توضع موضع التساؤلI دون أن يوضع موضع التساؤل كذلك أساسIا)عرفة وطبيعتها ذاتهما. وإذا �ت محاولة القيام بذلك في حدود ا)عرفةفإن هذه احملاولة تتضمن عناصر إخفاقهاI ألنها تقتضي رفض ذلك الذي

البد من الوقوف عليه للقيام بعملية الرفض.Iو}ا أن ا)عرفة تكشف عن كون األشيـاء مـخـتـلـفـة أحـدهـا عـن اال^خـرومختلفة عن النفسI وحيث إنه يتم اإلقرار بأن كال من النفـوس واألشـيـاءتعتمد في وجودها على براهمانI فإن «مادفا» يبقى على االختالف األزليبS براهمان والنفوس واألشياء. وعلى العكس tا جنده عند رامانوجا فإنهذه االختالفات ال تفسر من خالل القيود احملددة للبراهمانI ومن خاللذلك تتم احملافظة على وحدة الواقعI وإ�ا ينظر إليهـا عـلـى أنـهـا جـواهـرمختلفة. ولكن إذا � القول بأنها جواهر مختلفةI فمن الصعب تصور الكيفيةالتي oكن بها لألشياء والنفـوس ـ بـاعـتـبـارهـا جـواهـر مـطـلـقـة ـ أن تـكـونمعتمدة على جوهر ثالثI ذلك أن اجلوهر كامل فـي ذاتـهI ومـسـتـقـل عـمـاعداه. وفي حقيقة األمر فإنه من الصعب إدراك سبب افتراض جوهر ثالثباعتباره الواقع ا)طلق. و«مادفا»I بالطبع متردد في التسليم باعتماد النفوسعلى براهمانI ألنه البد عندئذ من التسليم بكل التعاليـم الـتـقـلـيـديـة حـولاخلالصI وإذا لم يسلم باالفتقار فحسبI وإ�ا بالبراهمان كذلك باعتباره

Page 141: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

141

التغير والواقع: الفيدانتا

الواقع ا)طلقI فإنه يسلم بالتراث الفكري بأسره!و�ثل مدارس الفيدانتا الثالث هذه الطرق الثالثة الرئيسية في النظرإلى العالقات بS العالم والبراهمانI وهكذا فإنها تشكل التفسيرات الثالثةالرئيسية لنصوص األوبانيشادI حيث يقول شانكارا إن البراهمان هو وحدهاحلقيقيI وإن العالم مجرد ظاهرI ويذهب «رامانوجا» إلى القول بأن العالمحقيقيI لكنه ليـس مـخـتـلـفـا عـن بـراهـمـانI حـيـث إن بـراهـمـان هـو وحـدةاالختالفات التي تشكل العالمI ويزعم «مادفا» أن العالم وبراهمان متميزانعلى نحو أزلي أحدهما عن اال^خرI والواقع هو الطبيعة الثنائية لبراهمـان

على الدوام متميزا ومختلفا عن عالم النفوس واألشياء.

Page 142: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

142

الفكر الشرقي القد

الهوامش

: يشكل مع راموناجا أبرز ا)عقبS للفيدانتاI وشأن مدارس الفيدانتا األخرىSankara) شانكارا ١(تستند فلسفته إلى ثالثة مصادر رئيسية هي: األوبانيشاد وسوترات الفيدانتاI والبهاجفارجيـتـا.

(ا)ترجم).: يتمثل إسهامه احلقيقي في سعيه إلى ا)واءمة بS التراث ا)متد طويالRamanuja) رامانوجا ٢(

للديانة اإللهية مع النزعة اإلطالقية ا)تضمنة في األوبانيشادI وهي مهـمـة لـم يـسـبـقـه إلـيـهـا إالمؤلفو البهاجفارجيتا أنفسهم (ا)ترجم).

ق.م-?) ينتمي إلى عرف فيشفـافـا الـديـنـيI وأفـصـح عـن روح٢٢٩٩: (ولد فـي Madhva) مادفـا ٣(مفعمة باحلماس في تفنيده لفلسفة شانكارا والدعوة ألفكاره (ا)ترجم).

Page 143: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

143

تطورات التألية: فيشنو وشيفا وكالي

تطورات التأليه: فيشنووشيفا وكالي

١ ـ جتليات الواقع اإللهية:رأينا في الفصل السابق كيف تصـور فـالسـفـةIالفيدانتا الواقع ا)طلق (براهمان) في صور مجردةفقد تصوره «شانكارا» باعتباره ال ثنائيا على نحـومطلقI وتصوره «رامانوجا» ال ثنائـيـا أيـضـاI ولـكـنمع وجود اختالفاتI وتصوره «مادفا» مزدوجا. وقدI«أدركوا جميعا أن البراهمان باعتباره «الواقع ا)طلقليس باإلمكان تعريفه بطريقة حرفية. ومن ا)مكناالقـتـراب مـنـه تـصـوريـا بـوصـفـه مـن خــالل أكــثــرخصائصه ا)تصورة كماال. ولكن }ـا أن بـراهـمـانيتجاوز التصورI فإنه في نهاية ا)طاف يتعS إنكارIالــوجــود وا)ــعــرفــة Iهـذه اخلـصـائـص الـســامــيــةوالقداسة. وهذا هو التعبيـر الـشـهـيـر «عـن طـريـق

» الذي � إيضاحه في التراثVia negativeالسلب » وهو تعبيرNeti, Netiالهندي باعتباره «نيتيI نيتي

يعني حرفيا «ليس كذاI وليس كذا». ومن اجللي أنهذا التعبير يكشف عن الفهم الفلسفي القـائـل إنبراهمان ال سبيل إلى إدراكه بلغة تصورية مجردة.غير أن الواقع oكن االقتراب منه بـطـرق أقـل

8

Page 144: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

144

الفكر الشرقي القد

Iإيغاال في التجريد. وقد تصور ا)فكرون الهنود «براهمان» في صورة شخصيةوكذلك في صورة مجردةI مستفيدين من الكثير من الـتـصـور احلـسـي فـيغمار هذه العملية. فاحلواس تنبه ا)شاعر واإلoانI وكذلك األفكارI وقـدقدرت الهند هذا الفهم الديني على نحو يرقى إلى تقديرها للفهم ا)تحققمن خالل التفكير التجريدي. وهذا الفهم الديني إيجابيI ويفضي بالشخصإلى تطويق الواقع أو رفضه في أشكاله الفورية وا)تعينة. وبهذا ا)نظور فإنا)عرفةI والقداسةI والوجودI التي تصف براهمان على نحو جتريدي تكتسيحلماI وشخصيةI باعتبارها اإللهة واإللهات التي oكن حبها واخلوف منها

ورؤيتها و)سها.يقول كرشناI عندما يظهر في «البها جفادجينا» في صورة سائق عربةأرجوناI األمير الشاب احملارب يقول إنه هـو حـقـا بـراهـمـان ا)ـطـلـق. ومـن

الذي يطوقونه بباقات من الزهور(١)يعبدون شيفا يعرفون أن «عضو شيفاهو الواقع الذي oضي إلى ما وراء الوجود والعدمI وأنه يقضي على الوجودويخلقه معا. ولكن األمر ا)هم بالنسبة لهم هو حضـوره ا)ـتـعـS فـي صـورة

الذين يعكـفـون(٢)شيفاI وليس مفهوم اجملرد. وبا)ثل فإن ا)تـبـتـلـS لـكـالـيعلى عبادة صورتها اخمليفة يعرفون أن هذه الربة العظيمة oكنها مساعدتهم

على التغلب على خوفهم من التغير وا)وت.وسوف نقوم في هذا الفصل بتمحيص ثالث صور متعيـنـة وشـخـصـيـةللواقع ا)طلق سادت الهندوسية: فيشنو وشيفا وكـالـيI وoـثـل كـل إلـه مـن

مختلفا من أبعاد الواقعI ذلك أن فيشنو هو قـدرة الـواقـعهذه اال^لهة بعـداعلى احلفاظ على احلياة وتغذيتهاI وشيفا هو كل من الـقـوة ا)ـدمـرة الـتـيتنحي القدY جانبا لتفسح اجملال للجديد والـلـغـز الـتـجـاوزي الـذي يـكـمـنفيما وراء اخللق والدمارI وكالي هي الطاقة اإللهية التي تكمن في قرار قوةالتغيير احملولةI وكما سنرى فإنه كما أن هناك العديد من الرموز للمطلـقكذلك هناك العديد من األشكـال لـكـل مـن هـذه األربـابI وكـل مـنـهـا oـثـل

وظيفة أو قوة لها أهميتها.

٢ ـ فيشنوIوكرمـه Iمن خالل عظمته Iيقوم فيشنو بتغذية احلياة واحلفاظ عليها

Page 145: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

145

تطورات التألية: فيشنو وشيفا وكالي

وهو يجسد حب الواقع وجماله وخيره. وفي العصور الفيدية لم يكن فيشنويعد ربا بارزاI على الرغم من أنه كان ينظر إلـيـه ا^نـذاك بـالـفـعـل عـلـى أنـهيحدد بثالث خطوات عمالقة تغطي العالم الذي ستسكنـه احلـيـاة. ويـبـدوأنه باضمحالل «أندرا» و«ا^جني» تعاظمت أهمية فيشنـوI وقـد حتـقـق هـذافي أحد جوانبه من خالل التوحد مع أرباب أخرى كان لها انتشارهـاI مـن

I ومن خالل عملية التوحـد(٥) وجوبال كرشنـا(٤) وفاسوديفا(٣)قبيل نارايانـاتلك حل منظور الوالء لفيشنوI ولو جزئياI محل منظور الطقوس الذي قالت

به نصوص الفيدا.Iحيث براهما يخلق وشيفا يدمر Iوفي التصور الهندوسي للثالوث اإللهيفإن وظيفة فيشنو هي احلفاظ على العالمI و)ا كانت التجـربـة اإلنـسـانـيـةالشاملة على وجه التقريب تقول إن احلب يغذي احلياةI ويبقي عليهاI فمنالطبيعي أن يتم النظر إلى فيشنوI بوصفه احملافظ على الوجودI على أنهالتجسيد للحبI وهو جتسيد يبدو واضحاI كأقصى مايكون الوضوحI فـيIلكن كرشنا ليس إال جتليا واحدا من جتليات فيشنو Iجتليه باعتباره كرشنا

ووظيفته اخلاصة باحلفاظ علي الوجود تظهر بطرق عديدة مختلفة.ويعد راما وكرشنا من أكثر أشكال فيشنو شعبية فراماI بـطـل مـلـحـمـة«الرامايانا»I هو التجسيد احلي للخيرI وهو oـثـل الـرجـل ا)ـثـالـيI وحـتـى

�ثل ا)رأة ا)ثاليةI بل إنهما �وذجان للفضيلة اإلنسانيةSitaIزوجته سيتا ويقدمان عبر العصور كمثالS للسلوك القوY. وكرشـنـا هـو أكـثـر األربـابشعبية وأحبهم إلى النفوسI ألنه جتسيد للحب واجلمال. وبيـنـمـا سـيـركـز�حيصنا لفيشنو في ا)قام األول على كرشنا في باقي هذا الفصلI فإنناينبغي أن نتذكر أن فيشنو قد اتخذ العديد من األشكال األخرىI في غمار

جهوده حلماية العالم واحلفاظ عليه.Iيذهب التراث الهندوسي إلى وجود عشرة جتليـات رئـيـسـيـة لـفـيـشـنـواإلله األعلى والرب احلافظ للكون. وكل جتل من هذه التجلياتI باعـتـبـارهشكال من أشكال فيشنوI هو جتل لبراهمانI الواقـع ا)ـطـلـقI أو احلـقـيـقـةالنهائية. وكل جتل منها كذلك يجسد سماحة فيشنو وكرمـهI الـذي يـظـهـربوضوح في جهود هذه التجليات إليقاع الهزoة بالشـر واإلعـالء مـن شـأناخلير. وعلى نحو مايقول كرشنا ألرجونا في اجليتا فإنه: «ما أن تضمحل

Page 146: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

146

الفكر الشرقي القد

االستقامة ويزدهر االعوجاجI يا ابن الهندI حتى انطلق بـذاتـي قـدمـاI مـنأجل احلفـاظ عـلـى اخلـيـرI مـن أجـل الـقـضـاء عـلـى الـشـرI إلرسـاء دعـائـم

.(٦)االستقامة أجيء إلى رحاب الوجود عصرا وراء عصر»Iوهـي سـمـكـة هـائـلـة Iويظهر فيشنو في جتليه األول على أنه ماتسـايـاإلنقاذ مانو خالل الفيضان العظيم. ومانوI الذي يعتبر «نوح» الهنـديI هـواإلنسان األولI اجلد األعلى للبشر جميعا. وعندمـا تـهـدد مـيـاه الـفـيـضـانبالقضاء عليهI وبالتالي بالقضاء على اجلنس البشري بأسره فإن فـيـشـنـويتجسد في صورة سمكة هائلةI لكي يستطيع حماية البشر من الفيضان.ومرة أخرىI عندما تقوم األرباب واألرواح احلارسة بتحريك مياه احمليطبعنف للحصول على أكسير اخللودI فإنها تهدد بغمر األرض بأسرها با)اءIوالقضاء عليها. وهكذا يظهر فيشنو في صورة «كورما» السلحفاة العمالقة

التي تسند األرض إلى ظهورهاI وبالتالي تنقذها من الدمار.ومرة أخرى كذلكI وبعد أن غمرت مياه احمليطات األرضI جتلى فيشنوفي صورة خنزير بري ضخمI هو فاراهاI يرفع األرض فوق ا)اء. وكما حدثIفقد اتخذ فيشنو صورة مناسـبـة )ـا يـقـتـضـيـه ا)ـقـام Iفي ا)رات السابقة

منقذا العالم من الدمار.وكان جتلي فيشنو في صورة ناراسيهماI وهو مخلوق نصفه رجل ونصفهأسد من أجل القضاء على مارد كان مقتنعا بأنه في عصمة من أي هجوميشنه عليه األرباب والبشر والوحوش ليال أو نهاراI ولم يحد خوف شره أوoنعه من االنطالقI ولذا فقد ظهرI فيشنو الذي كان يعرف موضع ضعفهاخلفيI في هيئة األسد عند رواق ا)ارد وقت الغسق (عندما لم يكن الوقت

.نهارا وال ليال) ومزقه إرباوقام فامانا القزم الذي جتسد فيه فيشنوI بإنقاذ الـعـالـم مـن عـفـريـتشرير يدعى «بالي». وكانت العفاريتI حتت قيادة «بالي»I قـد جنـحـت فـيالسيطرة على األرض بأسرها من خالل أساليبها ا)اكرة اخلبيثةI ولم تدعمجاال لألربابI فاتخذ فيشنو هيئة قزمI وتوسل إلى «بالي» أن يعطيه مـناألرض بقدر ما يستطيع أن يقطع في ثالث خطوات فقطI وقد وافق باليعلى ذلك معتقدا أن القدر الذي يستطيع هذا الشخص الصغير أن يقطعهال يعتد به وال قيمة لهI ولكن القزم استطـال فـجـأة فـغـدا عـمـالقـاI وقـطـع

Page 147: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

147

تطورات التألية: فيشنو وشيفا وكالي

األرض بكاملها بثالث خطواتI واستعادها لألرباب.وليس من اجللي على وجه الدقة )اذا يتعS النظر إلى باروشراما علىأنه جتل لفيشنوI ألن من الواضح أنه ال oثل سماحة فيشنو وإنقاذه للعالممن كارثة حلت به. فقد كان ماقام به «براهمانا»I هذا التجلي ذو الـشـاربIواجلنوب في وضعهم ا)ناسب Iهو وضع جموع الكشترايا Iوا)تميز بالفظاظةأي في مكانة أقل من جمـوع الـبـراهـمـانـاI ر}ـا مـنـع هـذا الـتـصـرفI ومـنمنظور البراهمانا كارثة كبرىI ولكنه ليس عمال من أعمال السماحة الربانية.I«بـطـل مـلـحـمـة «الـرامـايـانـا I«راما» Iو�ثل التجسيدات الثالثة التاليةو«كرشنا»I ا)علم الرباني الذي جنده في «اجليتا»I وبوذاI ا)ؤسس ا)ستنيرللبوذية �ثل بوضوح قوى اخلير. ويشير أدراج بوذا نفسه كتجل من جتلياتفيشنو إلى أنه قد نظر إلى جميع جتليات اخلير على أنها تنطلق أصال منفيشنوI ويشير كذلك إلى أن أتباع فيشنو كانوا يحاولون احتـواء احلـركـات

الدينية السائدة. Sكـالـكـ Iأما التجلي العاشرKalkinفسوف يـكـون Iعلى جواده األبيض

الهبوط التالي لفيشنوI وهو هبوط سيحدث في نـهـايـة الـعـصـر احلـاضـر.وهو نوع من اخمللصI جاء ليعاقب األشرارI وليكافىء األخيارI مطلقا العنانلعهد جديد من القداسة والنعيمI وليس من الواضح ما إذا كان هذا التجليمستلهما من التعاليم البوذية اخلاصة ببوذا ا)ستقبل أو من األفكار الزرادشتية

ص الذي سينتصر على الشر. وعلى أية حال فإن كالكS لم يلعبعن اخمللدورا كبيرا في الهندوسيةI بل إن تأثير كرشنا في التراث يفوق كثيرا تأثيرأي من هذه التجليات األخرى إلى حد أن باقي هذه الدراسة لفيشنو سيتركز

على وجه احلصر على جتليه في صورة كرشنا.

٣ ـ كرشنا:I«في الفصول الثمانية عشر للعمل الشعري ا)عروف باسم «أنشودة الربI(البهاجغد جيتا) يقدم كريشنا على النحو األكثـر كـمـاال إلـى الـعـالـم. هـنـاوعلى هيئة كرشنا سائق عربة أرجوناI يقوم كرشنا بإبالغ رسـالـتـه ا)ـؤثـرةللبشريةI معلما طريقة لعبادة الرب الذي يدمج طرق ا)عرفة والعقل. ويعلنكرشنا بعد أن يتأكد من أن أرجونا يدرك من يكون حقاI إنه على الرغم من

Page 148: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

148

الفكر الشرقي القد

أنه ماثل اال^ن في هيئة بشريةI باعتباره سائق عربـةI فـإنـه الـواقـع ا)ـطـلـقحقاI النبعI واحلاكمI والقوةI والوحدة الكامنة لكل الكون. وباعتباره الـرب

األعلى فإن كل األشياء ماثلة فيه وهو حال فيها:كل الكائنات تنشأ منها (طبيعتي)

Iأال فلتعرف ذلك عنها جميعهاوعن العالم بأسره.

إنني األصل والفناء.Iما من شيء أسمى مني على قيد الوجود

Iيا أرجوناحولي نظم هذا (الكون بأسره).(٧)مثلما تنظم الال^لىء في العقد

غير أن هذه الرؤية للحضور اإللهي في األشياء كافةI ليست رؤية متعلقةبالقول بوحدة الوجودI فهي ال توازن واقع اإلله بواقع األشياء ا)وجودةI ذلكIوسلطان Iوجالل Iأنه كما يعلن كرشنا: «أيا كان مايحظى به كائن. من مجدد

. وفي ا)قطع التالي(٨)فاعلم أنه في كل احلاالت صدر عن كسرة من مجدييؤكد مجددا أنه على الرغم من مثوله في األشياء كافةI فإن وجوده يتجاوزهاكثيراI حيث يقول: «إنني أدعم هذا العالم بأسره بكسرة واحدة (من ذاتي)»ويعلن كرشنا في مقطع ا^خر أنه على الرغم من اعتماد العالـم عـلـيـهI فـإنوجوده مستقل عن العالمI حيث يقول: «ذاتي هي مصدر كل الكائناتI وهي

.(٩)تبقي عليهاI لكنها ال تكمن فيها»ويوضح الفصل احلادي عشر من «البهاجفد جيتا» بصورة بليغة الفهـمالهندوسي لكون زخم الوجود اإللهي متجاوزا للفهم البشري العاديI فلكييرى أرجونا اإلله البد أن oنحه كرشنا رؤية الهيئةI والبد من أجلها أن oنحIوحتى عندئذ فإن رؤية اإلله فـي كـمـال مـجـددة تـبـهـر أرجـونـا Iعينا إلهيةوتقهرهI األمر الذي يدفعه إلى أن يتوسل لكرشنا أن يتخذ شكال أبسط.

Iويعرف أتباع كريشنا أنه في حالة كونه فيشنو فهو يتجاوز كل األشكالويظل مستعصيا على الفهم بالنسبة للبشرI ولكنهم يعرفون كذلك أنـه فـيغمار سماحته وبفضل رحمته يتجلى في أشكال oكن للبشر في بشريتهمالتواصل معها. وهكذا فإنهم يحملون واقع جتلياته محمل اجلدI إذ يعرفون

Page 149: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

149

تطورات التألية: فيشنو وشيفا وكالي

أن الرب ماثل حقا في جتلياته العديدة. ولكنهم يعرفونI للسـبـب ذاتـهI أنهذه التجليات اخملتلفة ليست إال رموزا للواقع األسمىI وال ينبغـي اخلـلـطبينها وبS الواقع األسمى نفسه. وهذه ا)عرفة هي التي �كن الهندوس منالقول بوجود العديد من األربابI ذلك أنها كلها ليست إال أشكاال مختلـفـةلواقع أسمى واحد. ولكن عندما يتخذ الرب هيئة إنـسـانـيـة ويـظـهـرI عـلـىسبيل ا)ثالI في صورة كريشنا فإن البشر oكنهـم عـنـدئـذ الـتـواصـل مـعـهبشكل شخصي ومباشر. وكرشنا في صورته الشخصية يوجه الدعـوة إلـىالبشر للقدوم إليه في تبتل مترع باحلبI وليسلموا أنفسهم لرعايته احملبوبة.ور}ا كان كرشنا الذي جتلى ألرجونا في «البهاجغد جيتا» مخيفـا فـيبهائه اجلليلI وسلطانه الذي يخلع القلوبI بحيث يصعب الدنو منه في حبSوب Iعلى نحو ما يبدو ألرجونا Iاإلله األعلى Sزوج باإلخالص. والهوة بtالبشر هي من االتساع بحـيـث ال سـبـيـل لـكـي oـد احلـب جـسـوره فـوقـهـا.والوضع اإلنساني يقتضي من اإلله شكال أكثر بساطةI وإنسانيةI لكي يوجد

».VrindavanaاحلبI شكال كذلك الذي جنده في كرشنا في الفرندافانا هكذا فإنه على الرغم من أن كرشنا الذي جنده في «البهاجغد جـيـتـا»يحظى بأهمية كبيرة بالنسبة ألتباع فيشنـوI إال أن كـرشـنـا فـرنـدافـانـا هـوالذي يطلق اخليال الهندوسي ا)تبتل من عقاله. وكرشـنـا هـذا يـتـبـدى فـيهيئة وليد صغير مثير لإلعجابI وصبي عابثI وشاب جميل مفعم القلبحبا. وفي ساحة فرندافانا الرعوية الـبـسـيـطـةI يـكـشـف راع مـتـواضـع فـيمقتبل العمر عناصر اجلمال اإللهي والنشوة واحلب ا)ـنـتـمـيـة إلـى الـواقـعIوا)فعم باحلماس وحب احلياة Iا)طلق. وهنا يعد لهوه اخلالي من االكتراث

دعوة موجهة ألتباعه ليشاركوه في مباهج الوجود.وترمز هذه الساحة الرعوية إلى قابلية اإلله للتواصل معهI فالفالحونا)نتمون إلى فئة دنياI والذين يقطنون هنا هم أكثر الناس عاديةI وقد حالانتماؤهم الطائفي بينهم وبS النصوص والطقوس الفيديةI وهم ال يعكفونعلى الزهد وال التأملI وإ�ا يبتهجون بجمال الواقع العادي الذي يجدونهحولهم وقداستهI فالتجربة اليومية العادية مقدسةI ذلك أن احلضور اإللهيIوإذا كان أهل «فرندافانا» يحظون بخصوصية �يزهم Iيتوهج في كل مكانفإن ذلك يرجع فحسب إلى أنهم يتعرفون قداسة الواقع العاديI ويفتحون

Page 150: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

150

الفكر الشرقي القد

قلوبهم للحب اإللهي الذي يشع في الوجود بأسره.إن كرشنا هذا عادي �اما كساحة فرندافانا. فهو كطفل يلهو مع أطفالالرعاة اال^خرين. وكشاب في مقتبل العمر يبادل الراعيات حبا بحبI ويتم

I وإ�ا كند يشاركه ا)رء احلب والنشوة. ويبتهجاالقتراب منه ال باعتباره رباالرواة بوصف جمال كرشنا الصغير ورشاقتهI ولهوه وعشقه هما ا)وضوعIوحتى عبثه الطفولي أثـيـر لـدى الـنـفـس Iالذي تدور حوله مئات القصص

ذلك أنه يرمز إلى حماسة ا)رح اإللهي وبهجة الوجود.و�كن هذه الرؤية لإلله كطفل صغير يلهو متحررا في مزيد من احلماسواحليوية �كن الهندوس من تأكيد أهمية التلقائية واللهو وا)تعة في احلياةIفهي تشدد على أن احلياة ينبغي أن يحتفى بها. ويعلن كـرشـنـا Iاإلنسانيةالطفل اإللهيI للعالم أن جوهر اإللهي ذاته هو النشوة الطروب ا)ـتـوهـجـةباحليوية واحلماسI وألنه طفل صغير فمن ا)مكن الدنو منه مباشرة وبجالء

ودو�ا طقوس شكليةI وبغير حذر مثقل باالهتمام.ويذكر كرشنا أتباعهI وهو في هيئة شاب مفعم القلب باحلب لراعياتالبقرI بأن التحقيق ا)نتشي ألعماق أشواق اإلنسان في عناق احملبوب يرمزإلى العالقة ا)فعمة حبا بالربI والتي هي اخلالص اإلنساني ا)طلقI وoكن

» الفرد من التحرر من جدرانBhaktiاإلخالص ا)فعم حبا ا)سمى «بهاكتي مركزية الذات التي ينحصر بداخلها. ومن خـالل االسـتـسـالم ا)ـفـعـم حـبـالكرشنا يتم السماح حلب ا)تعبد بأن يقوم أساسا جديدا للـوجـودI يـخـلـفوراءه صغار االهتمامات األنانيةI وا)تاعب الدنيويةI ويتم االنتقال إلى عالممن النشوة اإللهية ترمز إليها tارسة كرشنا للحب على ضفاف نهر يامونافي فرندافانا. وأعمال كرشنا ال تعلن أن احلب هو الـتـعـبـيـر األكـثـر كـمـاالوبهجة عن احلياة الذي oكن للبشر أن يعرفوه فحسبI وإ�ا كذلك أن حباإلله هو كمال احلب البشري ذاته. وكرشناI إذ يرود الـطـريـقI إ�ـا يـدعـوالبشرية إلى اجمليء إليهI من خالل احلب واللهو واجلمالI فتلك هي أعمق

أبعاد احلياة اإلنسانيةI والصفات اإللهية للرب نفسه.

٤ ـ كاليتطل كاليI شأن فيشنو وشيفاI بوجوه مختلفة على أتباعها. وباعتبارها

Page 151: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

151

تطورات التألية: فيشنو وشيفا وكالي

تشخيصا للموت والدمارI فإن مظهرها رهيب ومخيفI ولكنها كـأم إلـهـيـةتقدم ألبنائها العزاء واألمن النابعS من حب األم. وهي }ا أنها التشخيصا)تجسد ألبعاد الوجود ا)رعبة تساعد أتباعها علـى فـهـم عـنـاصـر الـعـنـفوا)عاناةI وا)وت التي تقتحم حياة كل إنسـان. فـمـواجـهـة كـالـي فـي أي مـنجتلياتها الوحشية والرهيبة إ�ا هي مواجهة الضطـراب الـعـالـم واخـتـاللاستقرارهI وإحساس بأهواله اخلفية. غير أنها باعتبارها األم العـظـمـى التنقذ أبناءها من أهوال العالم فحسبI وإ�ا تـؤكـد أن احلـب أسـاسـي مـن

العنفI وتقدم مخرجا لالبتعاد عن أهوال احلياة.تتسم أصول كالي بالغموض. وهي باعتبارها اإللهة الـعـظـيـمـةI األرضاألمI ر}ا تضرب جذورها في ا)اضي البعيدI الذي يعـود عـلـى األقـل إلـىحضارة وادي السندI ا)نتمية إلى ألـفـي عـام قـبـل ا)ـيـالد. ور}ـا أسـهـمـتاألمهات الفيديات في تكوين طبيعتهاI ذلك أن هذه اإللهةI باعتبارها القوةا)نشطة لطاقة الوعي واحلديثI تذكرنا بفاك ربة الفصاحةI ور}ا أسهمتألوان أخرى من التراثI تبددت منذ ذلك احلـIS فـي تـكـويـن مـالمـح تـلـكالربة الذائعة الصيت. و�نح نصوص «البـورانـا» و«الـتـنـرا» ـ كـالـي تـاريـخـاأسطورياI يفسر أصولهاI ويوضح صفاتها ووظائفها. وينظر إليها في بعض

I وهو أحد األسمـاء الـتـي(١٠)Durgaاألحيان على أنها جتـل خـاص لـدورجـا اشتهرت بها الربة العظيمة في الهند في القرون الوسطى.

وتفيد إحدى القصص الشهيرة أن «كالي» قد ظهرت إلى الوجود باعتبارهاقوة رهيبة مدمرة للمردة إلنقاذ األربابI واحلفاظ على العالـمI فـقـد غـداIجنس من ا)ردة من تعاظم القوة بحيث إنهم حتدوا بنجاح هـيـمـنـة اال^لـهـةوهددوا بالقضاء على أساس النظام السائد في الـعـالـم ذاتـهI وإذ عـجـزتاال^لهة عن القيام بنفسها بإيقاع الهزoة بهؤالء ا)ردةI و)ا غدت حقا علىIفقد استدعت القوة النابعة من غضبها ا)شـتـرك Iةoوشك التعرض للهزIفـي صـورة نـور يـخـطـف األبـصـار Iوهذه القوة التي نبعت من وجوه اال^لهةجتلت في هيئة ا^لهة انطلقت في أشكال شتى إلنقاذ اال^لهة في العديد من

ا)ناسباتI عندما بدا أن ا)ردة على يقS من انتزاع النصر.كانت كالي هي أشد صور هذه اال^لهة قوة وإثارة للرهبـة فـي الـنـفـوس.وتصف النصوص بتفصيل يعتد به مظهرها الرهيبI فهي ترتدي جلد �ر

Page 152: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

152

الفكر الشرقي القد

ضارب للسوادI وتتقلد قالدة من جماجمI وحتمل في يد عصا تعلوها جمجمةوفي األخرى أنشوطة ا)وتI وينفتح فمها فاغرا عن لسان دموي يبـرز مـنلثات خادة األنيابI ولها عيون غائرة محمرةI وبشرة خشنـةI وصـوت مـدو

oأل اال^فاقI إنها حقا صورة ا)وت والدمار ذاتها.وكاليI التي ولدت من صلب رب الغضبI هي قوة تفوق تلك القوة التييحظى بها األرباب أنفسهمI وهم يعتمدون عليها في مواصلة بقائهمI وهمoثلون قوى اخليرI ولكن عندما يتهدد الشر هذه القوىI فإن قوة هائلة }ايكفي للقضاء على الشرI هي وحدها التي تنقذ قوى اخلير. وكون كالي هيIأمر واضح ال من حيث أصولها باعتبارها منقذة األرباب فحسب Iهذه القوة

التي تعنيShaktiولكن كذلك من احلقيقة القائلة إنها غالبا ماتدعى شاكتي Iالطاقة أو القوة. وتتصور الهندوسية طاقة الكون النابضة على أنها أنـثـى

نظر إلى جوهر األشياء باعتباره ذكرا وسلبيا ومتسماعلى أنها شاكتيI بينما يبالقصور الذاتي. وفي إحدي القطبيات األساسية التي تعد من خصـائـصالهندوسيةI وهي قطبية شيفا ـ شاكتيI جند أن ا)بدأين األنثوي والذكـريينظر إليهما على أنهما يتعاونان في تزويد العالم بـالـطـاقـةI وفـي تـشـكـيـل

هيكله.وعلى الرغم من أن كالي هي جتسيـد لـلـرعـب والـغـضـبI حـيـث تـسـودحنقاI ويكسوها دم ضحاياهاI فإنها ليست جتسيدا للشرI وإ�ا باألحـرىللقوة على قهر الشر والقضاء عليه. وهكذا فإنها على الرغم من مظهرهاالرهيبI فإنها في نهاية ا)طاف خيرةI تنقذ اخمللصS لهاI �اما كما أنقذتIاال^لهة. وعلي الرغم من أنها في اللحظة ا)ناسبة تتخذ شكل ا)دمرة العظيمةفإنها الكيان األصلي غير ا)ولود الذي يصبح هذا الوجود بـأسـرهI ويـبـقـيعلى العالم. وذلك هو السبب في أن بعض النصوص oضي قدما ليصفها

اجلميلةI إلهة السعادةLakshmi (١١)) والكشميMataبأنها األم اإللهية (ماتا Iوالثروة. وا)عنى ا)تضمن في هذا هو أن اال^لهة تأخذ شكل «كالي» الرهيبةالتي جتسد ا)وتI وذلك على وجه الدقة لكي تقهر الرعب وا)وتI وبذلك

تفسح اجملال للحياة والنشوة.وثنائية كالي هي موضوع مألوف لألدب والفن اللذين تراكما حول هذهاال^لهةI فعلى سبيل ا)ثال هناك لوحات رائجة تظهرهـا وهـي تـرقـص عـلـى

Page 153: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

153

تطورات التألية: فيشنو وشيفا وكالي

Iجثة زوجها. وتقوم كالي السوداء بأداء رقصتها اخلالدة اخلاصة بالدمـاروقد أحاطت بها العظـام واجلـمـاجـم وبـنـات ا^ويI والـنـسـور (رمـوز ا)ـوت).وكا)عتاد فإن اللسان الدامي يبرز بS أنيابها ا)لتمعةI وقالدتها ا)ؤلفة منرؤوس الضحايا تتأرجح على إيقاع الرقص. ولكن اللوحة تظهر بجالء أنهاIالتي ترمز لقوتها اإللهية Iفأياديها ا)تعددة Iتفوق بكثير قوة ا)وت والدمارتقبض على رموز احلياةI وكذلك على رموز ا)وتI ففي يديها اليمنيS تلوحبسيف ومقصI رمزا لقدرتها على بتر حبل احلياة والقضاء عليهI وإحـدىIبينما األخرى تقدم زهرة لوتس Iرمزا للتغذية Iتقدم وعاء Sيديها اليسريوهي رمز احلياة والنقاء. وشأن األيدي التي تقدمI في وقت واحدI احلياةوا)وتI فإن القدمS الراقصتS تكشفان عن كل من القوى ا)دمرة والقوىIوشيـفـا األدنـى .Sالراقصت Sا)انحة للحياة. ويظهر جسمان حتت القدموهو زاهد ملتحI عـارI ال �سه طاقة «كـالـي» ا)ـانـحـة لـلـحـيـاةI يـبـدو جـثـة

). ولكن شيـفا األعلىI وهو شــاب جميــعI يتحــركSHavaهامدة �اما (شافا متنقال في رحــاب احلـياةI كنتيــجة للطاقة الربـانـــيـة الـتـــي تـلـــقـــــاهـا مـنرقصــتها. وهكذا فإن هذه الرقصة هي في وقت واحد رقصة ا)وت ورقصة

احلياة.وتعيد هذه اللوحة إلى ذهني قصة شهيرة حكاها لي أحد ا)رافقS فيمعبد كالي في مدينة كاليجاتI خالل زيارتي للهند فـي عـام I١٩٦٤ وتـفـيـدهذه القصة أن العالم قد تهدده مارد رهيبI منشـأ الـدمـاءI يـبـدو كـأنـه السبيل إلى اختراق قوته ألنه من كل قطرة دم يهرقها يندفع ألف مارد جديدعلى القدر نفسه من الضراوة والشر. وإذ شعرت اال^لهـة بـاإلحـبـاط حـيـالتعذر إيقاع الهزoة بهذا ا)اردI فقد استدعت الربة كاليI وانقـضـت كـالـيالرهيبة ا)تأهبة دوما خلوض غمار القـتـال مـع قـوى الـشـر والـدمـارI عـلـىا)ارد وجموعهI وتواثبتI واندفعت كالدوامة في صفوفهمI وسيفها ا)تألـقيحصدهم حصدا باأللوفI ولسانها ا)تعطش oتص دمهم قبل أن يستطيعIالوصول إلى األرض و)سها ودفع األلوف من ا)ردة اجلدد إلى رحاب الوجودوبعد أن قضت كالي ا)تلهفة للدماء على اجلموع التابعة للمارد منشأ الدماء

ابتلعته بدوره.وعندئذ شرعت في أداء رقصة نصرهاI فانغمست في الرقصI إلى حد

Page 154: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

154

الفكر الشرقي القد

الوصول إلى حالة من السعارI غافلـة عـن كـل شـيء حـولـهـاI وكـأنـهـمـا حـلاجلنون بها بعض الوقـــتI وخـرجـــت عـن نـطـاق كـل سـيـطـرةI وهـددت كـلاخللق. وراحت األرض ترجتفI وتتقلقلI مع تزايد سرعة إيـقـاع رقـصـتـهـاIفـقـد تـنـاشـدوا زوجـهـا Iاحملتدمة. وإذ خشي اال^لهة مـن دمـار الـكـون ذاتـهشيفاI ورجوه أن يتدخلI ويوقف رقصة الدمـار الـوحـشـيـة هـذه. وواصـلـت«كالي» الرقصI حيث أصمت أذنيــها عن كل النــداءاتI وفــي نهــاية ا)طافقام شيــفاI في غمـار يأسهI بإلقــاء نفسه حتت قدمـيـهـاI فـراحـت تـرقـصفوق جسدهI مهددة بأن يجتاحه ا)وت مع بقية العالم. وأخيرا أدركت أنهـاترقص على جسم زوجهاI وتوقفت عن الرقصI فأنقذت الكونI على هـذاالنحوI من اال^ثار ا)دمرة لرقصة الزمــــن اجملـــــنـونـة. وعـقـب ا)ـرافـقI فـيتفسيره لهذه القصةI بأن رقصة كالي الرهيبة هي في حقيقة األمر رقصةتقضي على الشرI فكل من يفدون إليها الئذين برحابهاI وملقS بأنفسهـمIوهي تقضـــي عـلـى الـشـــــر مـن أجـلـهـم Iتبادر إلى إنقاذهـــم Iعند قدميها�اما على نحو ما فعلت لإللهة واإللهات عندما ألقى شيفا بـنـفـسـه حتـت

قدميها.)اذا تظهر كالي في مثل هذه األشكال الرهيبة واخمليفـة إذا كـانـت فـينهاية ا)طاف راعية خيرة تكـفـل احلـمـايـة? إن الـرد الـهـنـدوسـي عـلـى هـذاالتساؤل واضح: إن هذه الصور تساعدنا على أن نتعرف على وجود الشـرفي احلياةI ووجود اخلوف والرعب واليأس وا)عاناة وا)وت. فمواجهة الربةIوا)وت Iوالرعب Iفي أشكالها اخمليفة إ�ا هي مواجهة خملاوفنا من الوحدةوإدراك للمعاناة ا)اثلة في الوجود بأسره. وكالي ترفض السماح لنا باالدعاءبأن كل شيء على مايرام حقا وأن نتكتم خوفنا ووجعناI فهي تصر على أننواجه اجلوانب اخمليفة في الوجودI ذلك أن اخلوف ال oكن قهره إال بعدأن ندركه. وهكذا فإن هدف كالي ليس إرهاب أتبـاعـهـا وإخـافـتـهـمI وإ�ـادفعهم إلى مواجهة احلياة على نحو ماهي عليه ـ خليط من اجلمالI والسالموالنشوةI مع القبح والعنف واحلزن ـ وبالنسبة )ن يتقبلونها ويلقون بأنفسهمعند قدميها طلبا للمالذ فإنها تقدم القوةI والشجاعةI لقهر اخلوفI وتسمحلهم بتقبل زخم احلياة الكامل واإلسهام من القلب في التعبير الكلي عـنـهـا

في كل حلظة من حلظات الوجود.

Page 155: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

155

تطورات التألية: فيشنو وشيفا وكالي

٥ ـ شيفا:يعد شيفا إلها ملغزا يتسم با)فارقةI فـهـو فـي وقـت واحـد سـيـد ا)ـوتIويرمز إليه بعضو تناسل الذكر Iواليوجي الساكن Iالراقص الكوني IواخللقIارسة اجلنس حتى مـع زوجـتـهt الذي يأبى Iولكنه كذلك الزاهد العظيموباإلضافة إلى هذه الصور فإنه ينظر إليه كذلك بـاعـتـبـاره مـتـجـاوزا لـكـل

الثنائياتI ومتعاليا على كل الصور.و)ا كان شيفا «اإلله العظيم» الذي يتجاوز كل الثنائياتI فإنه ليس فقطسيد الدمار الذي يعمل مشاركا لبراهماI سيد اخللقI و«فيشنو» سيد اإلبقاءعلى احلياةI وإ�ا هو اإلله األسمىI الذي يؤدي كل هذه األعمالI وفضالعن ذلك فإنه يقدم النعمة اإللهية التي }قتضاها oكن إزالة ضروب االفتقارإلى النقاءI التي تلوث النفسI والتي تتجلى في صورة نواقص وعيـوب فـي

النفس ا)قيدة.وoكن لشيفا أن يؤدي وظائف كل اال^لهة األخرىI ألنه الوعي األصـلـيا)اثل في الوجود بأسره. وكيانه هو في �اس مع كل الوجودI ولكنه يتجاوزهذاI ألنه كذلك الكل األصلي غير ا)تميزI والذي خلق الوجود انطالقا منهمتجاوزا كل أشكال الوجود وتعبيراته. وهو ال يضم في كيانه الغـامـض كـلماهو موجود فحسبI ولكنه يتجاوز الوجود كذلك. وهو باعتباره اليوجيالعظيم يحرس الكل غير ا)تمايز )ا لم يخلق بعدI ويحميهI وبحسبانه سيداخللق العظيمI شيفا الراقصI يعد الطاقة واإليقاعI اللذين يخرجان الوجود

من رحم براهمان.ويعد الرمز الرئيسي لشيفاI وهو اللنجـاI مـحـور الـكـونI وإذ oـتـد بـالانتهاء إلى ماوراء الكونI فإنه يعلن جتاوز ثنائية ا)تناهي/ والالمتناهي فيIالذي يرمز إلى السكون العميق للمطلـق قـبـل اخلـلـق Iكيان شيفا. واللنجاIيرمز في الوقت نفسه إلى القدرة النابضة باحليوية لقوة احلياة اخلالقةtا يشير إلى حل التعارض بS الوجود ا)علـنI ويـوضـح كـون شـيـفـا سـيـدالرقص واليوجي العظـيـم مـعـاI إنـه يـقـهـر كـذلـك الـتـعـارض بـS احملـايـثـة

Immanence والعلو Transcendence.وإلدراك الكيفية التي يجمع بها شيفا وظائف خلق الـعـالـمI واحلـفـاظعليه والتدميرI بينما يتجاوز في الوقـت نـفـسـه هـذه الـثـنـائـيـاتI فـإن مـن

Page 156: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

156

الفكر الشرقي القد

ا)فيد فحص صورته التي يبدو فيها سيدا للـرقـص. فـشـيـفـا وهـو يـرقـصداخل حلقة النارI إ�ا يجسد طاقـات الـوجـود اخلـالقـة األصـلـيـةI وإيـقـاعرقصه وطاقة حركاته يحوالن الطاقة األصلية إلى حياةI والكون بأسره هوالنتيجة ا)ترتبة على رقص شيفا اخلالدI الذي يخلق العالم ويدمرهI في

الوقت نفسهI في عملية ال تنتهي قط.ويحمل شيفا في راحة يده اليسرى العليا لسانا من لهبo Iثـل الـقـوىا)دمرة التي ارتبطت طويال بهذا اإللهI ويشير اللهب اخلافق إلى التغيراتالتي حتدثها ا)دمرة. وفي راحة اليد اليمنى العليا طبل يصدر عنـه إيـقـاعالرقصI إيقاع اخللق. وهي ترمز إلى الصوت اخلـالـد ا)ـنـسـاب فـي أثـيـرالفضاءI ليخلق التحرك األول لالنكشاف وللحقيقةI واألشكال األولى للوجود.وهاتان القوتان ا)تقابلتانI اخللق ا)تجسد في الصوتI والدمار ا)ـتـجـسـدفي النارI تكمل إحداهما األخرىI وهما في توازنهما ا)تناغم تشكالن اخللق

والدمار ا)تواصلIS اللذين oيزان الوجود.وتوضح اليد اليمنى السفلىI ا)تبدية بإشارة «ال تخف» التقـلـيـديـة أنرقصة اخللق والدمار الكونية هذه هي رقصة ال ينبغي اخلوف منهاI بل إناليد اليسرى السفلى تشير إلى القدم اليسرى ا)رفوعـةI الـتـي تـوضـح أنهذه الرقصة هي حقا رقصة للتحرر. ويعـلـم أتـبـاع شـيـفـا أنـهـم مـن خـاللعبادة قدمه ا)رفوعة سيجدون ا)الذ واخلالص. والقدم األخرى تستقـربحزم على الشكل الطفولي لشيطان اجلهلI األمر الذي يوضح أن اجلهليتعS أن يداس عليه للوصول إلى احلكمة اخلالصةI التي جتلـب الـتـحـرر

من العبودية.وبينما يقوم شيفا بإخراج العالم رقـص إلـى رحـاب الـوجـودI واحلـفـاظعليهI وإخراجه رقصا من الوجودI فإنه يزيـل قـنـاع الـوهـمI الـذي يـضـلـلـنـاوoضي بنا إلى حمل الوجود على أنه الواقع األساسي. وحركات الرقصـةورموزها يكشف النقاب عنها باعتبارها ال تعدو أن تـكـون جتـلـيـات شـيـفـانفسه: اخللقI الدمارI احلفاظI اإلخفاءI والرعاية اإللهية أو التحرر. و�ثلاليد ا)مسكة بالطبل اخللقI و�ثل اليد ا)مسـكـة بـالـلـهـب الـدمـارI و�ـثـلإoاءة «ال تخف» احلفاظI وترمز القدم ا)ستقرة على شيطان اجلهل إخفاء

الواقعI وتعني القدم ا)رفوعة العناية اإللهية التي جتعل التحرر tكنا.

Page 157: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

157

تطورات التألية: فيشنو وشيفا وكالي

وبينما تستقطب طاقة الرقص على الفور انتباهناI عندما نشرع فـيرؤية الرقصة ككلI فإن انتباهنا يجـتـذب إلـى قـلـب الـصـورة. وهـنـاك نـرىمحيا اإلله الهادىء على نحو مدهشI والذي يبدو مـسـتـقـال عـن الـرقـص.هذا الوجه الهادىء على نحو مفـعـم بـالـسـعـادة والـرأس الـسـاكـن ا)ـتـوازنيرمزان لتجاوز شيفا للزمان وللمكان ولرقصـة الـوجـود ا)ـهـتـاجـة. وتـوحـياالبتسامة اجلميلة التي تخاطب الداخل بسالم االستغراق في ذلك الواقع

األكثر عمقاI حيث تتصالح الثنائيات في تناغم.وترمز حلقة النار ا)قدسةI التي حتيط بالراقصI إلـى كـل مـن قـداسـةالوجود ودمار اجلهل. ومع دمار اجلهل يأتي التحرر من العبوديـة لـلـزمـانوللتغير. وهكذا فإن حلقة النار تشير كذلك إلى عملية التطهر التي }قتضاها

ينعتق الراقص من الرقص.ويعد شيفاI باعتباره إله الرقصI جتسيد طاقة الوجود ا)علن الكلية فيSالنابع Iوالهدوء Iيجسد السالم Iوهو وجه زاهد Iولكن وجهه Iكل أشكالهامن حتقق النفسI الذي يتجاوز كل ثنائيات الوجود ا)علن. غير أنـه }ـا أنشيفا هو كل من جسمه الراقص ووجهه ا)سالمI فإن هذه الصورة تبلغـنـابأن الطاقة واجلوهرI الظاهر والباطنI ا)ـتـجـاوزI واحلـال هـي فـي نـهـايـةا)طاف الواقع الواحد ذاتهI وفي شخص شيفا تتوحد كـل الـثـنـائـيـات فـي

وحدة أسمى.والثنائية ا)تعارضةI األساسيةI التي تتوحد في شيفاI هي ثنائية الواقعاخمللوق والظاهر من ناحيةI والواقع غير اخمللوق والباطن من ناحية أخرى.Iو�يل الهندوسية إلى النظر إلى الواقع األصلي غير اخمللوق باعتباره أولياواخللق أو التجلي هو نوع من تفسخ الكل األصلي غير ا)تمـايـزI وبـالـتـالـي

Rudra (١٢)فإنه يتم ربطه }ستوى أدنى من الـواقـع. وإذا نـظـرنـا إلـى رودرا

الوارد الفيدا على أنه نوع من الطراز البدئي لشيفـاI فـإن هـنـاك أسـطـورةقدoة للغاية تقدم شيفI في وقت واحدI باعتباره حـارس الـواقـع ا)ـطـلـقغير اخمللوقI وألنه سمح لهذا الواقع بـالـتـفـسـخI عـلـى أنـه حـارس الـوجـود

اخمللوق.وتفيد هذه القصة أن «رودرا»I الرامي الضاري بالسهامI كـان يـحـرسالواقع األصلي غير اخمللوقI ويحميه من أية جهود تبذل لتحويله إلى وجود

Page 158: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

158

الفكر الشرقي القد

ظاهرI وفجأة يرى األبI اخلالقI وهو يعد لغرس بذرة الواقع غير اخمللوقفي رحم أم الوجودI بحيث oكن أن يبرز الوجود اخمللـوقI وأطـلـق «رودرا»سهما للقضاء على األدبI قبل أن يستطيع إكمال فعلتهI ولكنه تأخر أكـثـرtا ينبغيI فقد غرست بذرة اخللق بالفعل. وألن سهم رودراI سهم الزمانIقد حقق البعد الذي �س إليه احلاجة إلى حدوث عـمـلـيـة اخلـلـق Iنفسهفإن رودرا قد أصبحI دو�ا وعي منه سببا للخلق نفسه الذي كـان يـحـاولمنعه. وعلى الرغم من أنه باعتباره حارس غير اخملـلـوق قـد حـاول أصـالاحليلولة دون حدوث عملية اخللقI فقد أصبـحـت مـهـمـتـهI بـعـد أن انـتـقـلالواقع إلى شكل مخلوقI هي حراسة الواقع متجسدا فـي أشـكـال الـوجـوداخملتلفة. ورقص شيفا الكونيI علـى نـحـو مـا رأيـنـاI يـقـضـي عـلـى أشـكـالالوجود القدoةI حتى وهو يخلـق اجلـديـد. وهـو فـي غـمـار فـعـل الـتـدمـيـرواخللق ا)زدوج هذا يحافظ على الوجود الذي سمح له بأن يخلق. وعـلـىIفـإنـه يـغـدو اال^ن حـامـي اخلـلـق Iالرغم من أنه أصال حارس لغير اخمللـوق

).Pashupatiويرقص دالفا إلى الوجود إلها وحاميا لكل اخمللوقات (باشوباتي ورمز شيفا األوليI اللنجاI الذي oتد من رحم الوجود اخمللوق ذاته إلىالعالم اخلفي اخلاص بالواقع األصلي غير اخمللوقI يضـم بـعـدي الـوجـودكليهماI العلوI واحملايثةI غير اخمللوق واخمللوق. وهو باعتبـاره إلـه الـرقـصIالغارق في الزهد Iولكنه باعتباره اليوجي العظيم Iيرمز إلى طاقات اخللقoضي متجاوزا إلى الوعي غير ا)تمايز الذي يصل إلى الواقع األصلي غير

اخمللوقI معيدا إلى األذهان وظيفته باعتباره حارسا على غير اخمللوق.عندما أصبح من األمور الذائعةI في إطار تراث الحقI النظر إلى طاقة

اإللهيةShaktiIالوجود اخلالقة باعتبارها طاقة أنثويةI أي على أنها شاكتي فإن شيفا غالبا ما كان يتم تصوره باعتبار أن له زوجـة إلـهـيـةI هـي غـالـبـا

. وهنا يرمز شيفا إلى الكل غير اخمللوق براهمانKaliI أو كالي Parvatiبارفاتي ولكن ألن شيفا هو األمران معا بالفعلI فإنه يصور كذلك على أنه يضم فيشخصه كال من الذكر اخلالد واألنثى اخلالدة. وباعتباره نصف ذكر ونصف

) فإنه يوحد على نحو جلي ثنائياتArdhanaraishvaraأنثى (أرذا أناريشفارا الذكر/ األنثى في كيانه.

غير أن األساطير والصور واألسماءI التي ال حصر لهاI والتي تنـتـمـي

Page 159: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

159

تطورات التألية: فيشنو وشيفا وكالي

إلى شيفاI ال تصل حتى إلى البدء بتحديد هذا اإللـه الـعـظـيـمI ذلـك أنـهIباعتباره حياة كل الكائنات وأساس الوجود ا)فارق لكل األسماء واألشكالال oكن لألسماء واألشكال التي تصفه أن حتيط به حتديدا وتعريفاI فشيفا

اخلالد هوI على الدوامI باطن وخفي في وجوده األسمى.

Page 160: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

160

الفكر الشرقي القد

الهوامش

(١)Shiva Linga كلمة :Lingaدخلت اللغة اإلجنليزية منذ I«هي كلمة سنسكريتية معناها «العالقة العام I١٧١٩ وعضو شيفا يعبد كرمز لشيفا نفـسـهI وهـو مـوضـوع الـعـبـادة الـرئـيـسـي فـي ا)ـعـابـد

الشيفية. (ا)ترجم).: اسمها يعني حرفيا «السوداء». وهي إلهة متعطشة للدماء دوما كما سنرى الحقاKaliI(٢) كالي

رهيبة ا)ظهرI وتصور عادة وقد تقلدت قالدة من اجلماجمI وراحت تدهس على جسم زوجها فيغمار رقصة مليئة باجلنون والفوضى. (ا)ترجم).

: يصور على أنه الشخصية التي جتسد فيها اإلله فيشنوI لكي يخلق العالمNarrayanaI(٣) نارايانا لكنه يصور في تراث العصور القدoة على أنه الكائن األصلي األسمى الـذي يـتـخـذ مـجـلـسـا لـهشيشاناجاI أفعي محيط احلليب الهائلة. وفي بعض ا)صـادر يـقـال إنـه اإلنـسـان األصـلـي I وفـي

مراجع أخرى تتم بوضوح ا)طابقة بينه وبS فيشنو الذي رأى. (ا)ترجم).: من أقدم احلركات الدينية في الهندوسيـةI وهـي جـمـاعـة ديـنـيـة تـعـبـدSavadeve(٤) فاسوديـفـا

كرشناI ور}ا أطلق االسم على أبرز معبود ألنصار هذه اجلماعة. (ا)ترجم).: ر}ا كان من التجليات األولى كرشنا. (ا)ترجم).Gopal Krishna(٥) جوبال كرشنا

(٦) بهاجنادجيتا ٤: ٧ ـ ٨ (ا)ؤلف).(٧) جيتا ٧: ٦ ـ ٧ . (ا)ترجم).

(٨) ا)رجع نفـسـه ١٠: ٤١.(٩) ا)رجع نفسه ٩: ٤ (ا)ؤلف).

: قد نستطيع فهم العالقة بS اإللهتS بشكل أوضح إذا ما تـذكـرنـا أن دورجـاDurga(١٠) دورجا تشكل مع كالي اجلانب الرهيب من برفتيI زوجة شيفا. ودورجا كـإلـهـة هـنـدوسـيـة هـي راعـيـة

الذي تنكر في صورة جاموسة.Mahishaاللصوص وقطاع الطرقI وقداشتهرت بذبحها ا)ارد ماهيشا (ا)ترجم).

: تعرف كذلك باسم سرىI وهي ربة اجلمال والثروةI وأم كـامـا إلـه احلـبLakshmi(١١) الكشمـي الشاب. وقد خرجت من زبد األمواج احلليبي في «تقليب مياه احمليط» وهي زوجة «فيشنو»I وقد

تبدلت في هيئات عديدةI لتصحبه في جتلياته اخملتلفة. (ا)ترجم).: اسمه يعني حرفيا «الـضـارب إلـى احلـمـرة». وهـو إلـه هـنـدي يـجـلـب ا)ـرضRudra(١٢) رودرا

والشفاء معاI وهو إله الرعد والعاصفةI وقد توحد بصورة جزئيةI في وقت الحق مع شيفاI علىنحو ما يشير ا)¨. (ا)ترجم).

Page 161: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

161

تراث متصل

تراث متصل

ليس الفلسفات الهندوسية التي قمنا بـبـحـثـهـاIوإ�ا هي تراث فكري حي Yمجرد بقايا لفكر قدوهي تتميز باستمرارية �تد من بداياتهـا مـنـذ مـايزيد على ألفي عام وصوال إلى عصرنا احلاضـر.ويـواصـل دعـاة كـل مـن هـذه الـفـلـسـفـات اخملـتـلـفـةومعلموها القيام بأنشطتهم في الهند الـيـومI عـلـىنحو oاثل إلى حد كبير ما قاموا به عـلـى امـتـدادالــعــصــورI فــهــم يــدرســون الــنــصــوص والــشــروحاألساسيةI وينغمسون في النقاش بعضهم مع البعضاال^خـرI ويـبـدعـون تــفــســيــرات جــديــدةI بــحــســبتصوراتهم وحتليالتهمI وعلى هذا النحو يواصلوناالنطالق قدما بالتراثI ويبقون عليه نابضا باحلياة

وباجلدة.وقد � على امتداد القرون إدخال أفكار وطرقجديدة في التفكيـر إلـى الـهـنـدI األمـر الـذي حـفـزالتفكير الفلسفي على االنطالقI ونتيجة لذلك فإنIا)واقف الفلسفية التقليديـة قـد جـرى تـفـسـيـرهـاو�ت إعادة تفسيرها بطرق مدهشة في تعددها.وفي العصور احلديثة كان تأثير الغرب كبيراI ويرجعذلك في ا)قام األول إلى قرن من احلكم البريطانيلشبه القارة الهنديةI وأحدث هذا التأثيـر الـغـربـي

9

Page 162: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

162

الفكر الشرقي القد

للنشاط الفلسفـياستجابة فكرية قوية من قبل ا)فكرين الهنودI وجتديـدافي القرنS التاسع عشر والعشرين. وسيركز هذا الفصل على فكر ثـالثـةفالسفةo Iثلون كل بطريقته اخلاصةI جتديد التراث الفلسفي في الـهـنـد

احلديثة.» أوAhimsa معا القيم التقليدية «األهـمـسـا (١)جمع موهانداس غـانـدي

» (احلقيقة) كأساس للفكر واحلركة االجتماعيةSatya(الالأذى) و«الساتيا لإلصالح االجتماعي. وفلسفته هي جتديد لرؤيةوالسياسيةI مقدما أساسا

القدoة أو النظام األخالقيI لكـنـهـا تـسـتـفـيـذ مـن فـهـمـهDharmaالذارمـا للمسيحية والفكر الغربي احلديثI وتتحدد }شاركته في األحداث ا)عاصرة.

الرئيس الهـنـديSarvapalli Radhakrishnan (٢)وكان سرفيبالي راذا كرشـنـاناألسبقI في األساسI من منظري ا)درسة الفيـديـةI أو غـيـر الـثـنـائـيـة فـيالفيدانتاI ولكنه �يز باحلساسية حيال الفكر الغربيI وتـأثـر بـهI وبـصـفـة

» ا)نظورAurobindo Ghose (٣)خاصة بكانط وهيجل. وoثل «أوروبندو جوزاليوجي التقليديI إلى حد كبيرI في الفلسفةI ولكنه يدمج فلسفة للتـطـور

والتقدمI شكلها عن طريق فهمه للفكر الغربي.

١ ـ غاندي:ليس من ا)مكن فصل فلسفة غانـدي عـن حـيـاتـهI الـتـي كـانـت جتـريـبـامستمرا لوضع األفكار موضع التطبيق وتطويرها من خالل ذلك. ويوضـح

عام Richard Attenborough١٩٨٢فيلم «غاندي» الذي أخرجه ريتشارد اتنبره تصميم الزعيم الكبير على وضع رؤيته للحياة موضع التطبيقI ويوضح علىنحو متوهج باحليوية جهودهI ال لتحويل مسار حياته فحسبI وإ�ا لتحويلمسار حياة الشعب الهندي بأسرهI ولم يتزعزع اعتقاده قط بأن احلـقـيـقـةواحلب هما القوتان األعظم اقتداراI واللتان تؤثران في حياة البشرI كما لميتزعزع �سكه }بدأ ا)ساواة ا)طلقـة لـكـل األشـخـاص بـغـض الـنـظـر عـن

الدينI أو العرقI أو اجلنس أو ا)نبت. من أبعاد أساسيانظر غاندي إلى النظام األخالقي للكون باعتباره بعدا

واقعهI وجزءا من احلقيقة اخلالدةI. القابلة لالكتشاف من خالل ا)مارسةفي غمار الوجود اليوميI ولكن ا)رء يتعS عليه الكتشاف هذه احلقيقة أن

Page 163: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

163

تراث متصل

يقهر مركزية الذاتI التي تفصل معظمنا عن الـواقـع األكـثـر عـمـقـاI الـذييشكل أساس وجودناI و�س احلاجة إلى الوعي الذاتي العميق وإلى حتولالنفس. وقد كرس غاندي حياته للتجريب ا)تعلق بالنفس وللممارسة ا)وجهةإلى اكتشاف احلقيقة وتنمية حب عميق لال^خرينI بل وحب األشرار. وكانشعاره هو محاربة الشر بكل قوتهI ولكن مع حب من يفترق الشر من أعماققلبه ويتعS أن يحلI محل أفكار االنتقام والغضب وا)قتI احلب والتراحموالتواد. وال شك في أن جانبا من عظمة غاندي يكمن في جهوده التـي لـمتتوقف لوضع أفكاره موضع ا)مارسة. ور}ا أسهمت تضحيته بالنفسI }افي ذلك زخارف احلضارة ا)عارصة ا)ترفة وإصراره الشديد على احلقيقة

واالستقامة بقدر يعادل أفكاره في التأثير في العالم.وعلى الرغم من أن فلسفة غانـدي قـد واصـلـت تـطـورهـا عـلـى امـتـدادحياتهI فإن أسسها قدمت في يفاعتهI حيث ولد في العام I١٨٦٩ ونشأ فيIوكانت أمه بصفة خاصة مخلصـة )ـعـتـقـداتـهـا Iظل عائلة هندوسية ورعة

واإلصغاء إلى احملاورات التي دارت بRamaS (٤)وجعلته يتأثر بحب رامـا)أبيه وبS منتمS إلى اجلينيةI واإلسالمI والزرادشتيةI قد علمه شيئا فـي

مقتبل حياته عن الطابع الشامل للدين.Sغير أن مايفوق ذلك أهمية قد �ثل في الدروس ا)تضمنـة فـي قـولـمأثورين هيمنا على احلياة العائليةI وحياة اجملـتـمـع احملـلـي فـي طـفـولـتـه.ويعكس القول األول منهما وهو «ال شيء أسمـى مـن احلـقـيـقـة» حـكـمـة �ـ فيدا قبل ثالثة ا^الف عام. ويستوعب القول الثاني بدوره تعليمها في الريج

ـ الالأذىI احملبة) هو أسمى فضيلة» احلكمة األخالقيةAhimsaوهو «أهمسا التي شكلت التراث الهندي عبر ا^الف السنوات. وقد عرف اجملتـمـع الـذيترعرع غاندي فيه بالتزامه الصارم }بدأ «األهمسا»I وقدم بذلك مثاال أثر

تأثيرا كبيرا في غاندي خالل شبابه.ويكشف غاندي في كتابه بعنوان «السيرة الذاتية» عن موضوع الـدرساألول الذي تلقاه عن قوة احلقيقة و«األهمسا». فقد قامI حتت تأثير طالبأكبر سنا منهI بالبدء في جتريب تدخS السجائر. وأكل اللحمI وهما أمران

لشراء هذهمحظوران بشدة في دارهI بل ماهو أسوأ من ذلك أنه سرق نقودا بالذنب. وفي نهايـة عميقااألشياء احملرمةI األمر الذي أوجد لديه شعورا

Page 164: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

164

الفكر الشرقي القد

Iوبعد أن أفعمت نفسه باخلزي والندم اعترف ألبيه باألمر بأسره Iا)طافمبديا استعداده ألي عقاب قد يوقعه أبوه. ولدهشته التـامـةI لـم يـقـم أبـوه

ا. وقد بلغ من عمق تأثر غانديبتوبيخهI وال بعقابهI ولكنه سامحه منتحـببهذا كله أنه لم يعد مرة أخرى قط للتدخIS أو تناول اللحمI وقال إن هذاكان أول درس حقيقي له في قدرة الصدق على إثارة احلبI وقـدرة احلـب

على حتويل مسار القلب.وأقنعته السنوات الثالث (١٨٨٨ ـ ١٨٩١) التي أمضاها في لندن لدراسةالقانون بعظمة الثقافة الهـنـديـةI فـقـد واجـه هـنـا كـال مـن الـعـهـد اجلـديـدو«اجليتا»I وأدرك رسالتهما ا)شتركةI وفضال عن ذلك أدرك وحدة األديانجميعهاI وكان ما تأثر به على نحو خاصI في ذلك الـوقـتI هـو الـتـشـديـدالديني الكلي على أهمية احلبI باعتباره القوة األعظم لتغيير النفسI فكلIينبغي التخلـي عـنـهـا Iواألثرة Iوالطمع Iمن ا)سيح وكرشنا أكدا أن الغرورإلفساح اجملال أمام احلبI ونظر غاندي إلى هذا التخلي باعتبـاره أسـمـى

أشكال الدينI وكرس حياته )مارسته.Iمن االشتغال باحملاماة في الهند Iوبعد فترة قصيرة غير ناضجة نسبياتوجه غاندي إلى جنوب إفريقيا. وخالل العشرين عاما تقريبا التي قضاهاهناك عاكفا على ضمان حقوق جماعة الهنود «ا)لونS» قام بصياغة فلسفته

Dharmaاألساسية للحياة. وهنا تدعمت تأثيرات ا)بادىء القدoة للذارمـا

(التمسك باالستقامة) و«األهمسا» (الالأذى) على طفولته وصباهI من خالل.Sوعبر دراسته لكبار الكتاب الغربي ISوا)سلم Sاتصاالته با)سيحي

بعنوان(٥)يحدثنا غاندي في كتابه «السيرة الذاتية» بأن كتاب تولستوي حتى هذا اليوم األخير قدt»Ruskinلكة الرب في داخلك» وكتاب رسكن

ال �حىI فقد تعلم من تولستوي أن ا)سيحية معنية فيتركا في نفسه ا^ثاراا)قام األول بتشرب احلياة لقوة اإللهI الذي يسعه قلب كـل مـنـا فـي صـورةاحلب. وقد أقنعه هذا على نحو ما أقنع تولستويI بـأن «مـوعـظـة اجلـبـل»Sوهي التعاليم القائلة بأن احلب يتعـ Iثل التعاليم اجلوهرية للمسيحية�أن يقهر الكره. وأن الال مقاومة ستقهر الشرI بدت لغاندي تردادا لصدىالتعاليم اجلينيةI والبوذية والهندوسية اخلاصة «باألهمـسـا» الـتـي ألـهـمـت

حياة الهند األخالقية على امتداد ا^الف السنوات.

Page 165: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

165

تراث متصل

أما كتاب «رسكن» فقد أثر في نفـس غـانـدي بـإضـفـائـه الـكـرامـة عـلـىIودعم تعاليم جيتا القائلة بأن أسمى حياة هي حياة اخلدمة Iالعمل اليدويSاألمر الذي ساعده علـى ردراك أن حتـقـق كـل مـن الـفـرد واجملـتـمـع يـتـعـالوصول إليه من خالل العمل الذي يختاره ا)رء. وهنا أيضاI على نحو مـايشير رسكنI تكمن رابطة طبيعية بS طبقتي ا)تعلم والفالحو وهي رابطةمست احلاجة إلى تكوينهاI لتوحيد الهند في غمار جهودها ا)بذولة لتحقيق

احلرية.tا يثير االهتمام أن فكرة غاندي اخلاصة باستخدام التشبث باحلقيقة

) كوسيلة للمقاومة النشطة وغير العنيفة للحـكـمSatyagraha(ساتياجراها البريطاني قد استمدت وحيعـا مـن مـقـال «ثـورو» حتـت عـنـوان «الـعـصـيـانا)دني»I ألن ثورو نفسه قد تأثر «باجليتا» و«األوبانيشاد»I وقد كان غانديمقتنعا �اما االقتناع بأن كل الشرور oكن قهرها من خالل احلبI شريطجةأن يتمسك ا)رء بشدة باحلقيقةI ولكن التمسك باحلقيـقـة وأعـمـال احلـبفي مواجهة مظالم العالم هو حتد بالغ الصعوبة على نحو ما أدرك غاندي

بجالء.ويرى غاندي أن السبب في قدرتنا على قهر صعوبات هذا التحدي هوأننا جنبا إلى جنب مع كل الكائنات األخري تغمرنا احلقيقةI ونحن نتحركوفق قوتهاI قوة احلبI وهو يقول إن هذا هو ما يفترضه ا)انترا األول فيIأوبانيشاد إيشا (وهو النص الذي كان أثيرا لديه) والذي يعلن أن كل هـذاكائنا ما كانI مايتحرك ويتغير في هذا العالم ا)تغيرI فهو يهيمن عليه اإللهويحتويه. فاإلله هو خالق كل هذا الوجودI القانون اإللهي للكون. وهذا يعنيIونحيا وفقا حلكمها Iأنه عندما جند هذه احلقيقة Iعلى نحو مايفسره غانديفإن }قدورنا أن نعثر على كمال حياتنا ومجتمعنا. وهذا هو أساس مـبـدأالتشبث باحلقيقة (الساتيا جراها) ذلك أن التشبث باحلقيقةI معبرا عنهافي صورة القانون اإللهي للوجودI يعني التصرف بحسب طبيعة ا)رء وهدفهوفي الوقت نفسه التصرف في توافق مع طبيعة كل الكائنات األخرى وهدفها.وعلى الرغم من أن غاندي قد أدرك أن احلقيقة الـتـي يـنـبـع مـنـهـا كـلالوجود ماثلة في كل كائنI فإنه أدرك أن اجلهل والرذيلة يحجبانهاI ويلقيانبظاللهما عليهاI و�س احلاجة إلي تطهير النفس والتضحية بهاI والتأمل

Page 166: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

166

الفكر الشرقي القد

النقدي إلدراك هذه احلقيقة الداخليةI وا)رء يتعS عليه أن يكون متيقظاعلى الدوامI وعلى حذر في مواجهة مطالب الكبرياء والطمعI التي تتـقـدم

بها الذات ا)تمركزة حول نفسها.ولكن اليقظة وحدها ليست كافيـة ويـتـعـS الـسـمـاح لـقـوة احلـب الـذييكمن في كل الكائناتI واحلب هو القوة الروحـيـة الـتـي تـتـحـرك بـهـا هـذهالكائناتI فمن خالل احلب يتجلى اإلله أو احلقيقة. والكلمة التي استخدمها

) التي تعني حرفيـاI كـمـا رأيـنـاAhimsaIغاندي ليعني احلـب هـي «أهـمـسـا «الالأذى»I لكنه أدرك أن هذا ا)عني الذي قصدهI فأوضح أنه يستخدم هذااالصطالح }عناه األوسع نطاقا ليشيـر إلـى حـب نـقـي وخـالـص. أنـه حـبينطلق من أعماق ذات ا)رءI ويعبر عنها في الودI والتعاطف واخلدمة ا)تجردة

من الذاتية لال^خرين. «لألهمسا» باعتباره احلب رفض غانديويؤكد هذا ا)عنى األوسع نطاقا

Iفهذا األخير هو تعبير عن اخلوف والغضب ينشأ من الضعف Iالقاطع للعنفويحاول أن يعوض عن ذاته. وبا)قابل فإن احلب هو القوةI وتنشأ من احلقيقة

لكيان ا)رء وحدة كل الوجود. والعنف اليدعو إال إلى ا)زيد مناألكثر عمقاالعنفI ومن ثم يزيد من ضعف الفرد واجملتمعI غير أن احلـب يـدعـو إلـىا)زيد من احلبI ويقوي كال من الذات واال^خرينI وهذا يوضح سر اقتنـاع

عنهما في ا)قاومة الـبـعـيـدة عـنغاندي التام بأن احلقيقـة واحلـب مـعـبـراالعنف القتراف الشر ـ ما^لهما النجاح.

٢ - راداكر شنان:I الرئيس األسبـقSarvapali Radhakrishnonكتب سرفيبالي راداكر شنان

الحصر له من ا)قاالت الفلسفيةI وعشرات الكتب في الفلسفةIللهندI عدداوoكن تصنيفهI بشكل أو با^خرI شأن شانكاراI باعتباره من ا)تعمقـS فـي

. وهو يتفق مع شانكارا في القول بأن التجريبيVedantinدراسة الفيدانتا ليس الواقع ا)طلقI ولكنه يدرك أنه كما أن معياري ا)نطق والتجربة يقتضيانأن تسلم الفلسفة بوجود واقع مطلقI فإنهما يتطلبـان كـذلـك إدراج الـواقـعالتجريبي والعلميI وبالنسبة له فهناك تضارب في موقف فيلسوف يساهمبصورة نشطة في الشؤون االجتماعية والسياسـيـةI ألن هـذه الـشـؤون هـي

Page 167: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

167

تراث متصل

مظاهر لبراهمانI وهكذا فإنها أدوات يتعS استغاللها في غمـار اجملـهـودا)بذول لتحقيق جتربة الواقع ا)طلق.

وإذ يدرك راذاكرشنان أن جتربة الواقع ا)طلق ـ حتـقـيـق األ�ـان ـ هـيهدف حياة البشرI ويرى الدين باعتباره األداة الرئيسـيـة ا)ـسـتـخـدمـة فـيالسعي اإلنساني من أجل األساس ا)طلق للواقع كلهI فإن مشكلته الفلسفيةاألساسية تتمثل في التوصل إلى فلسفة دينية مرضيةI ومهمة هذه الفلسفةهي وضع نظرية لطبيعة األشياء والنفوس فـي الـعـالـم تـفـسـر الـتـداخـالتالقائمة بS هذه األ�اط الثالثة من الواقعI أي األشياء والنفوس والعالم.ويتعS على هذه النظرية أن تعلل حلقائق التجربة الدينية وفي الوقت نفسهتالئم العقلI ذلك أنه ما من محاولة للتفسير تتضارب جزئياتها oـكـن أنتكون مقبولةI وإذا سلمنا للنظرية با)اسك ا)نطقيI فإنهايجب أن تـسـتـنـدإلى أن التجربة الدينية نفـسـهـاI والبـد لـفـلـسـفـة الـديـن أن تـقـوم بـتـفـسـيـر

جتربةالشخصياتالدينية وأقوالهاI وليس إنكارهاأو جتاهلها.Iوالـعـقـيـدة والـطـقـوس Iويرى تصور راداكر شـنـان لـلـديـن أن الـالهـوتوا)ؤسسات اخملتلفة زخارف خارجية للـديـنI وال جـوهـرهI ذلـك أن جـوهـرالدين محاولة الكتشاف اإلمكانات ا)ثلىI وهذا السعي شخصـيI ويـنـبـغـيبالضرورة أن ينغمس فيه الشخص بكل كيانهI فالتجربة التي ينغمس فيهاجانب واحد من جوانب الشخصI كالشعورI أو التفكيرI أو االختيار اإلداريليست جتربة دينيةI وماoيز هذه األخيرة عن علم اجلمال والعـلـم }ـعـنـاهالضيقI والفلسفة واألخالق هو أن هـذه اجلـوانـب األخـيـرة تـسـتـرشـد فـيا)قام األول بالشعور والعقل واإلرادة على التوالي. والدين يـشـمـل الـشـعـوروالعقل واإلرادةنI ولكنه يتجاوزها إلى ا)ركز األكثر جوانية للشخصI إلـىا)نبع ذاته الذي صدرت عنه هذه اجلوانب من جوانب اإلنسانيـةI فـيـدمـجهذه ا)لكات ويوجهها انطالقا من الكل الذي يهو منبعهـاI مـسـتـخـدمـا إيـاهلتغيير حياة الشخص وحتويلـهـا إلـى شـيء كـامـلI ومـتـوحـد مـع ذاتـه. هـذهالنفس الداخليةI التي تشكل ا)صدر ذاته الذي نبعث منه اجلوانب وا)لكات

». ويـرىSpiritاخلاصة بالطبيعة اإلنسانيـة يـشـار إلـيـهـابـاعـتـبـارهـا «الـروح راداكرشنان أن مادةالدين وجوهره هي جتربة حياة الروحI ال على نحو مـاهي عند البشرI أو على نحو ما هي ف يالعالمI ولكن الروح علـى نـحـو مـا

Page 168: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

168

الفكر الشرقي القد

جتمع النفس واال^خر في كل واحد كاملI ومتكامل في ذاته. وعلى الرغم منأن هذه التجربة ذاتها جوانيةI على نحو عميقI وتستعـصـي عـلـى مـحـاولـةالوصول إليهاI فإن هناك مؤشرات تدل على طابعهاI ذلك أن هذه التجربةتتشكل في جتليات اللقاء الروحي الذي يشكل جوهر احلياة الدينية بأسرها.وبحسبانها كذلك فإنها تصاحبها الطقوس وا)عتقدات I والتأويل وا)ؤسسات

تتيح التعبير عن االتصال بالروحI على نحو قابلا)تغايرة التي تقوم أشكااللإلدارك والفهم الذي يرشد اال^خرين إلى التجربة ا)باشرة لاللتقاء الروحي.وأشكال الدين هذه قد تتغير جـمـيـعـهـاI عـلـى نـحـو مـا تـتـغـيـر الـثـقـافـةواحلضارة. وفي حقيقة األمر أنه كما تتغير أشكال الثقافة واحلضارةI فإنأشكال الدين يجب أن تتغيرI إذا أريد لها أن تعلن وتبS على نحو مناسب

التجربة ا)باشرة للقاء الروحي. ويقول رادكرشنان في هذا الصدد.«تتغير النظرية والفكر النظري وا)ـعـتـقـدات مـن وقـت ال^خـر مـع تـفـهـماحلقائق على نحو أفضل. وهي تكسب قيمتها من مالءمتها للتجربة. وعندماتتحلل األشكالI فإن ذلك يكون }نزلة دعوة للعودة إلى التجربة ذاتها وإلعادة

صياغة محتواها من خالل مفهيم مناسبة أكثر.وعلى الرغم من أن فيلسوف الدين ليس }قدوره ا)ضي قدمـا إال مـنخالل إعطاء األولوية للتجربة الدينيةI أي من خالل اعـتـبـار أن مـعـطـيـات

منها يصـوغ ا)ـرءالتجربة الدينية هي ا)علومات األساسـيـة الـتـي انـطـالقـانظريةالدين ـ على الرغم من هذا فإن القيام بذلك هو أمر معقد على نحومتفاقمI بسبب الصعوبة الكبرى ا)تضمنة في وصف التجربة الدينيةI فهذهاألخيرة هي على خالف التجربة العاديةI التي تقدم أسس التفكير واحلديث

أن الشيءعن واتناI وعن العالم من حولنا. وجتربتنا العادية تفترض مسبقاالذي جنربه هو على الدوام متميز ومنفصل عمن يعايش التجربةI فالذات

أوالoكن أن تكون ا)وضوع قطI والعكس صحيح.& فالشخص يرى حجراI وعقله يعي بإحساس معS الحق لتأمل عمل فنيI أو أن شعوريسمع طائرا

ا)رء يدرك عقله وهو oارس فعاليته. ونحن في هذه احلاالت نبقـي عـلـىالتمييز بS الذات وا)وضوعI ولكن في التجربة الدينية يتعلق األمر بالشخصكله. فليس ثمة شيء خارج الشخصI ولذا فإن التجربة مـخـتـلـفـة أشـد مـايكون االختالف عن التجربة العادية. وبسبب هذا الفارق الكبير. فإن عمليات

Page 169: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

169

تراث متصل

بS الذات وا)وضوعالتمييز التي يتم عادة القيام بهاI أو التي تفترض مسبقا. والقول ا)طروح هنا هو أنه في التجربة الدينية يتداخل الذاتتترك بعيدا

I وينخرط الشخص بكليتهI وليس ملكات معينةوا)وضوع ويصبحان واحدافيه فحسبI في التجربة. ولكن عندما يتم التغلب على التمييز بS الذات

تتركوا)وضوعI فإن كل عميات التمييز العادية التي يفترضها الفكر مسبقاوراء الظهور كذلك. ويصبح ا)اضي واحلاضر وا)ستقبـل ثـالثـة جتـريـدات

من أيـة أبـعـاد. �امـاليس لها وقـاعI وإ�ـا هـنـاك «اال^ن» فـحـسـب مـجـرداIفليس هناك إال «هنا» فحسب Iوالمجال بعمليات �وضوع مختلفة في ا)كان

دو�ا موضع.ويوضح راداكرشنان التجربة الدينية كمايلي:

«إن نوع التجربة التي التنفرق بوضوح إلى ذات وموضوعI بل تكون وعيا اليقسمI اليبدو فيها أن هذا اجلانب أو ذاك من طبيـعـة اإلنـسـانمندمجـا

يقوم بذاتهI إنها حالة من الوعي تختلط فيها امشاعر وتذوب األفكار إحداهافي األخرىI وتتداعى احلواجز ويتم جتاوز التصنيفات العاديةI ينداح ا)اضيواحلاضر متالششيS في كيان يغيب عنه الزمان. فهناك الوعي والوجـوددون أن oختلف أحدهما عـن اال^خـرI فـكـل وجـود هـو وعـي وكـل وعـي هـوIوينشأ عن ذلك اندماج خالق للذات وا)وضوع Iويندمج الفكر والوقاع Iوجودوتنمو احلياة واعية من أعماقها التي تستعصي على التصـديـق. وفـي هـذاالزخم من احلياة واحلرية احملسوستIS يختفي الفاصل بـS الـعـارف ومـاIوتغزوها النفس الكلـيـة Iوتتحطم خصوصية النفس الفردية Iيتم معرفته

التي يحس الفرد بأنها نفسه.إذا سلمنا بهذا التصور للدين وللتجربة الدينيةI فما هي نوعية نظريـةالنفوس (الذوات) واألشياء والواقع ا)طلق ـ براهمان ـ عـلـى أنـه هـو وحـدهالواقعيI فإن من ا)تعذر إدراك الكيفية اتي oكن أن يكون الدين بها شيئا

ذلك أن النفس (أو الذات) التي تكافـح حلـقـيـق بـراهـمـان سـيـتـعـtSكـنـاالنظر إليها على أنهاغير حقيقيةI ومن دون ذات أو نفس تكافـح لـتـحـقـيـقالواقع ا)طلق فليس من ا)مكن أن يكون هناك دين. ومن ناحـيـة أحـرى إذا

متمايزة ومختلفة مننظر إلى النفوس والبراهمان على أنها تشكل ضروباالوقاعI فإن من ا)تعذر إذراك الكفـيـة الـتـي oـكـن لـلـنـفـس أن تـتـوحـد مـن

Page 170: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

170

الفكر الشرقي القد

خاللها بنجاح مع براهمانI دو�ا إنكار للنفس أوقضاء عليها.إن احلل الذي يطرحه راداكرشنان لهذه ا)عضلة هو تفسير براهمانI ال

I فالبراهمان هو الواقع ديناميكياعلى أنه وجود ساكنI ولكن باعتباره وجوداا)طلق الذي يتيح األساس لكل وجودI ويـضـفـي الـوحـدة عـلـى الـكـونI وكـلاألشياء تتحد في بارهمانI الذي يعد منبع كل وجود وأساسه. وهو باعتباره

I ويعبر من خالل وظيفته عن طبيعته اجلوهرية. وتلككذلك إيجابي دوماهي وظيفة برااهمانI اتي التختلف عن وجودهI فهو الي يفصح عن ذاته فياألشياء والتطورات اخملتلفةI التي تشكل الكون ا)ؤلف من النفوس واألشياء.وهكذا فإن األشياء والنفوس ليست غير واقعيةI ذلك أنها تعبير عن وظائفبراهمان. ولكنها باعتبارها تعبيرات عن براهمان ليست متميزة ومنفصلـةSعلى نحو كلي عن براهمان كذلك. وهذا التفسير يتيح عمليات التمييز باألشياء الفردية والنفوس I ألن وظائف براهمان ديناميكية ودائبة التجدد.و}ا أنه ما من وظيفة من وظائف براهمان (وما من جانب من جوانب أداء

طبيعته فإن أي تعبير محدد عن وظـيـفـةبراهمان لوظيفته) يستفـد �ـامـابراهمان يفتقر إلى واقعه الكلي الذي حتدد فيه كل وظائف براهمان وكـل

تعبير عنه. من هذا التأويل لبراهمانo Iضي راداكـرشـنـان لـيـنـظـر إلـىوانطالقـا

Iبوصفه الروح ا)طـلـقـة Iالنفس باعتبارها ا)وضع الذي يحل فيه براهمانذلك أن الشخص يجمع بS الروح وا)ادة. ويطرح راداكرشنان هذه النقطةـ وبS النفس الروحية أو ـ أو األدنى من خالل التمييز بS النفس التجريبية األسمىI التي تتوحد في نقائها مع الروح ا)طلقة. وجوهر السعي الـديـنـييفسر اال^ن باجتاه حتول النفس ـ وليس الـقـضـاء عـلـيـهـا وال إنـكـارهـا ـ فـي

التوحد مع مصدرهاI أي أ�ان ـ براهمان.Iالنفوس واألشياء Sفي غمار إيضاحه للعالقات ب Iويتخلى راداكرشنان

له يعتقد أنوبينها وبS براهمان ـ عن التصور السكوني للواقعI والذي وفقاالعالم مكون من العديد من الكائنات واجلواهر ا)ستقلة. كل منها يلحق به

من ذلك ينظر إلى العالمعدد أقل أو أكبر من اخلصائص والصفات. وبدال من عمليات أو تطورات. وهيكل الواقع اليرجع إلى العالقاتباعتباره مؤلفا

Iوإ�ا يرجع إلى الهيكل الداخلي لألنشطة Iالتي تربط ا)واد بخصائصخا

Page 171: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

171

تراث متصل

التي تشكل الواقع. هكذا فإن العالم في جوهره ديناميكيI وتترابط العملياتIكن �ييز هذه العمليات إحداها عن األخرىoاخملتلفة جميعها فيما بينها. و

I فإن (األشياء) احلية oكنبحسب هيكل توظيفها. وعلى هذا النحوI مثال�ييزها من األشياء اجلامدةI والوعي من غياب الوعي... إلخ. وهذه العمليات

أنشطةI ولكنهـامتشابهة من حيث طبيعة ا)سار ومن حيـث أنـهـاI أسـاسـا لبنية األنشطة ا)وجودة.تختلف تبعا

وإليضاح البنية ا)تنوعة ا)وجودة في العمليات ا)تطـابـقـة مـع األشـكـال اليتوقف مـن جـانـب الـروحاخملتلفة للوجودI يفتـرض راداكـرشـنـان نـشـاطـا

ا)طلقةI فالروح هي نبع وأساس الدرجات اخملتلفة للوجود التي نلتقي بهاعلى ا)ستوى التجريبيI لكن هذه التمييزات اخملتلفة ال تعني ضمنا خالفاتمطلقةI وهي ال تؤدي إال عملية �ييز أ�اط النشاط الروحيI وحتى ا)ادةا)ادة هيI في نهاية ا)طاق نشاط روحيI إنها شكل مختلف للروح فقط عنIالوعي أواحلياة.ولكن بغض النظر عن �ط التجلي فإن الروح تظل روحاومادامت هي روح فليس هناك إنكار لواقعها. والدرجات اخملتلفة من ا)ادةواحلياة هي واقعيةI وتعد تعبيرات عن براهمانI الروح ا)طلقةI ولكن شكلواحد في ذاته هو مجمل براهمانI وما من شكـل oـكـن مـعـادلـتـه بـالـواقـع

ا)طلق.وإزاء هذه اخللفية فإن الغرض الرئيسي من الدين هو مساعدة الشخصفي االرتفاع عن القيود التي تفرضها عليه ا)ادةI واحلياةI والواعي. وإدراكأن ا)فس األكثر جوانية متطابقة مع الروح ا)طلقةI ومتحررة على نحو تاممن القيود الكامنة في التوحد مع �ط خاصI �ط بعينه أو وظيفة بعينهاللروح. وهذا اإلدراك ليس tكناI إال من خالل النشاط العلميI وهو نشاطللوجود أكثر منه معرفة.. ويقول راداكرشنان إن هذا هو اإلدراك الروحيالذي جنده في الوصية التي أفضى بها اداالكا البنه شـفـتـاكـيـتـو إنـك أنـت

هو... (براهمان).

٣ـ أوروبندو:I فيلسوف ويوجي منطقة «بونـدSri Aurobindoاكتسب سراي أوروبنـدو

جملموعة ثـوريـة باعتباره زعـيـمـاميشري» العظيمI صـيـتـه الـذي طـار أوال

Page 172: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

172

الفكر الشرقي القد

بنغالية تدعو إلى اإلطاحة باحلكم البريطاني باللجوء إلى العنف.غـيـر أنـهبعد إيداعه السجن لفترة قصيرةI بتهمة التا^مر لإلطاحة باحلكومةI تخلىعن سياساته الثوريةI يكرس نفسه للقيام بثورة في احلياة الروحيةI وأفضىبه هذا إلى استكشافات في ا)يتافيزيقاI والفلسفة االجتماعيةI كما أدى به

إلى انغماس مكثفI استغرق عمرهI في اليوجا والتا^مل.وفي غمار تشريد سراي أوروبند على أهمية الطابع الروحاني للوجـوداإلنسانيI أدرك أن ا)شكلة الكبرى لعصرنا هـي حتـويـل أحـوالـنـا الـراهـنـةا)تدنيةI والتي يغمرها اجلهلI إلى العظمة التي يجدر بنا الوصول إلـيـهـا.وللوصول إلى هذه الغاية وضع نظرية في النـظـام االجـتـمـاعـي ال تـخـتـلـف

»I و«الفارناPurusharhas عن ا)ثل العليا ا)تضمنة في نظريات «البورشارثا كثيراVarnas و«األشرامـا I«Asshramasويعد كتاباه األكثر أهميـة وهـمـا«احلـيـاة .«

اإللهية» و«خالصة اليوجا» }نزلة مـحـاولـتـS إليـضـاح �ـط احلـيـاة الـذيoكننا أن نحققه من خالل انضباط كلي وشامـلI أو بـاألحـرى مـن خـاللاليوجاI و«احلياة اإللهية» هي بالطبعI احلياة التي تعاس في حتقيق كـامـلللبراهمانI واليوجا هي الوسيلة ا)فضيـة إلـى هـذه احلـيـاة. ويـؤكـد سـرايأوروبندو ـ أن اليوجا ينبغي أن oارسها الناس في حالتهم الراهنةI كوسيلة

لتغيير هذه احلالةI حيث يكمن فيها سر التحول إلى الشخص ا)ثالي.ويشار إلى مفهوم أوروبندو عن مهمة الفلسفة وطبيعة الواقع في العبارةالتالية: «إن مشكلة الفكر الصحيحة والطريق الصحيح إلى التناغمI وإعادةصياغة احلقيقة الروحية العتيقةI واألزلية اخلاصة بالنفسI بحيث تشملمن جديد احلياة الذهنية وا)ادة وتتخللهـا وتـهـمـS عـلـيـهـاI والـوصـول إلـى

وحيوية لالنضباط الذاتي النفسيةI والنمـو الـذاتـياألساليب األكثر عمقـابحيث إن امتداد احلياة الذهنية والنفسية لإلنسان تعبر عن حياته الروحيةمن خالل أقصى امتداد tكن لزخمها وقوتها وتـعـقـدهـاI والـسـعـي وراءاألساليب واحلوافز التي oكن من خاللهـا حلـيـاتـه اخلـارجـيـة وجملـتـمـعـهومؤسساته أن تعيد صياغة نفسها على نحو مطرد فيتقدمه فـي حـقـيـقـةالـروح والـنـمـو بـاجتـاه أكـبـر تـنـاغـم tـكـن بـS احلـريـة الـفـرديـة والـوحــدة

االجتماعية.وتفيد هذه الرؤية أن الواقع الذي تشكله األشياء والنفوس هو قوة الروح

Page 173: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

173

تراث متصل

ا)تجليةI فالروح تتيح وحدة الواقعI والقوة ا)تجلية للروح تقدم تعدد جوانبالكون. ومستويات الوجود اخملتلفة ـ ا)ادة احلياةI احلياة العـقـلـيـةI احلـيـاةالفائقة للعقل ـ يتم التمييز بينها على حسب مدى انبثاق زخم الروحI خالل

هذه التجليات لقوى الروح.وا)شكلة الرئيسية بالنسبة «ألوروبندو» هي مشكلة تفسير كيفية وجوداألشياء العديدةI التي جتري معايشتها كافة ـ على ا)ستوى الواعي للتجريبيوالعقالنيI وا)ستوى الفائق للعقل ا)تعلق بـاحلـدس الـصـوفـيI والـسـر فـياختالفها. واحلل الذي يطرحه لهذه ا)شكلة هو إيضاح أو الوجود ا)ـطـلـقالذي يجعل من ا)مكن وجود أي شيء كائنا مـا كـانI هـو فـي ذاتـه الـوجـودIوهذا الوجود ـ براهمان ـ ودو�ا سبب على اإلطالق Iالتام الكامل Iاخلالص

اخلاصة بـهI أو(٧) Mayaومن جراء روعة كينونته وحدهـا يـعـلـن عـن ا)ـايـا . وتشكل جتـلـيـات هـذه الـقـوةCreative playقوتهI فـي صـورة لـهـو إبـداعـي

الكون الذي يزخر باألشياء ا)وجودةI ومن ثم فإن الكون يوجد باعتباره اللهواإلبداعي للوجود اخلالص. ولكن األمر ليس نزويا وال متقلبا فحسـبI ألنهذا اللهو توجهه «نشوة الوعي بالوجود» التي تشكل الروح ا)طلقة للكـون.وينظر إلى تطور الكون ككلI وتطور أنواع محددة داخلهI باعتباره عودة قوىبراهمان ا)تجلية إلى نبعهاI فمع عودة هذه القوى إلى نبعهاI يتحرك التطور

قدما نحو أشكال أسمى فأكثر سموا من احلياة والوعي.ووفقا لهذا التفسيرI فإن الفوارق بS مستويات الواقع تعود إلى تطـورالروحI ذلك أن دفع تطور الروح يوجد أشكاال أعلى من أشكال احلياةI ولكنهذا التطور ليس بتطور نوع معS من األشياء إلى نوع ا^خر منهاI مثل حتولا)ادة إلى روحI وإ�ا هو باألحرى تطور شـيء واحـد ـ الـروح ـ مـن أشـكـالـهوجتلياته الدنيا العديدة إلى أشكال أسمىI والهدف هو الوصول إلى جوهر

الوجودI والوعيI والنشوة التي تشكل الروح.وال تنشأ عند «أوروبندو» ـ ا)شكالت ا)عتادة التي تواكب الصور التطوريةللوجودI مشكلة ا)ادة العمياء التي تتلمس طريقها على نحو مستحيـل إلـىالتطور فيما يتجاوز ذاتهاI إلى شيء مخالف �اما لـذاتـهـاI مـشـكـلـة ا)ـادةالعمياءI وهي ترفع إلى ما يتجاوز ذاتها من خالل واقـع ا^خـر ومـن دون أيجـهـد مـن جـانـبـهـا. ووفـقـا لـهـذا الـتـفـسـيـر فـإن األدنـى يـتـطــور دومــا إلــى

Page 174: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

174

الفكر الشرقي القد

األسمىIولكنهما ليس مختلفS على نحو مطـلـقI فـاألسـمـى يـجـعـل نـفـسـهSملموسا من خالل األدنى واألدنى يكافح للتعبير عن نفسه بحسـب قـوانـروح األسمى القابعة في أعماقهI وهذا جهد متبادل يشـكـل لـهـو بـراهـمـان

الذي يفصح عن ذاته من خالل قواهI ولكن يظل دائما براهمان.وللنظر إلى التطور باعتباره يتضمن النشاط ا)تبادل لكل من األشـكـالالدنيا والعليا للروح نتائج مهمةI بالنسبة للحياة اإلنسانيةI ذلك أنه ال يعنيفقط أن من ا)مكن التطور إلى توعية أعلى للوجود كذلك أن }قدورنا علىاألقل بصورة جزئيةI أن نوجه هذا التطور. فليس هدف الوجود اإلنساني ـفي وعيه الذاتي األسيمى من وجود أشكال احلياة ا)ادية وغير الواعية ـ هوالبقاء عند مستواه الراهنI وإ�ا جتاوز ذاتهI واالنتقال إلى مستويات أسمىللوجودI على نحو ما انتقلت مستويات كانت في السابق أدنيمن مستويـاتالوجود وصعدت إلى مستوى الوجوداإلنسانيI وهذا أمر tكن على نحوما

يشير أوروبندو.ذلك أن التطور قد مضى قدمـا فـي ا)ـاضـي بـاالنـدفـاعI فـي كـل حـالـةحرجةI من جانب قوة كامـنـة مـن تـطـورهـا فـي الـكـمـونI كـذلـك مـن خـاللالهبوط من أعلىI من مستواها اخلاصI من جانب تلك القوةI التي حققت

بالفعل ذاتها في مجالها الطبيعي األسمى...كيف oكن للبشر أن يوجهوا مسار تطورهم? إن إجابة أوروبندو هي أنهIارسة ضبط النفس (اليوجا) الذي يحـقـق االحـتـواء الـكـلـيt علينا Sيتعدو�ا جتاهل ألي جزء من وجـودنـاI عـلـيـنـا أن نـدمـج اجلـوانـب واخلـواصاخملتلفة لوجودناI بحيث إن األدنى يخضع لسيطرة األسيمى وتوجيههt IاIالروح ا)سـتـقـرة فـي أعـمـاقـنـا Sيسمح لناتدريجيا بأن نحيا في كل قوانباعتبارها محور وجودنا ذاتهI وهذا يقتضيI ضمن أمور أخرى توفير األوضاعا)ادية واالجتماعية إلى ما يتجـاوز أنـفـسـهـمI واالرتـقـاء بـوجـودهـم إلـى أن

يصبح هذا الوجود هو «احلياة اإللهية».ويذهب أوربندو وإلى القول بأنه في هذه الفلسفة االجتماعية يتعS أنيقوم اجملتمع بتحقيق الـعـدالـة واحلـريـة كـشـرطـS لـتـطـور اإلنـسـانـيـة إلـى

األسميى. ورؤيته لهدف اجملتمع بأسره قوامها: توفير ظروف احلياة والنمو التي oكن من خاللها لإلنسان الفردI«أوال

Page 175: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

175

تراث متصل

وليس للبشر ا)عزولS بحسب طاقة كل منهمI واجلنس البشري من خاللIوالبد أن يكون هذا الهدف ثانيـا Iاالنطالق نحو كماله اإللهي Iو أفراده�مع �و البشر بصفة عامة شيئا فشيئا واقتـرابـهـم مـن تـصـور لـهI ذلـك أنالدوائر عديدةI وكل دائرة لها تصورها )ا هو إلهي في اإلنسانI البد له أنIوجـمـالـهـا Iيكون التعبير في احلياة العامة للبشر عن نور الـنـفـس وقـوتـهـاوتوافقهاI ونشوتهاI التي � الوصول إليها والتي تصب نفسها في إنسانيـة

أكثر حرية ونبال».

Page 176: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

176

الفكر الشرقي القد

الهوامش

ـ ١٩٤٨) شكل حلقة وسطى في الفكر١Mohandas Gandi)موهانداس غاندي : ا)ها�ا غاندي (١٨٦٩ الهندي احلديث بS ا)تطرف السابق أوربندو وجوز وا)عـتـدل رابـنـدرانـات طـاغـوI وارتـفـعـبـمـدأاألهمسا إلى مستوى احلقيقة ا)هيمنة على احلركة السياسيةI األمر الذي كفل له في وقت واحد

القدرة على مواجهة االجنليز والسيطرة الفعلية على حزب ا)ؤ�ر.لقي مصرعه على يد أحد ا)تطرفS الهندوس رميا بالرصاص في ٣٠ يناير ١٩٤٨. ور}ا كان هونفسه أبرع من قام بتلخيص منجزاتهI وذلك في قوله الشهير «الفضـيـلـة الـوحـيـدة الـتـي ادعـيـهـا

لنفسي هي احلقيقة والالأذى». ا)ترجم.: الرئيس الهندي األسبق والفيلسوف ا)عاصرI ولـدRadhakrishnan ٢S٨)سرفيبالي زادا كرشنـان

في تيروتراني بنواحي مدراس في العام I١٨٨٨ وتعلم في كلـيـة مـدراس ا)ـسـيـحـيـةI ثـم عـS بـعـدتخرجه مدرسا للفلسفة. في كلية الرئاسة أعـيـر أسـتـاذا فـي جـامـعـات مـيـسـور وكـالـكـتـاI ودعـيللتدريس في إكسفورد في I١٩٢٦ في ١٩٢٩. وعمل بالسياسة بدءا من عضوية البر)ان الهندي في١٩٤٧ إلى تولي الرئاسة في الفترة من ١٩٦٢ وتوفي في العـام ١٩٧٥. حـاول اجلـمـع بـS الـفـلـسـفـةاألوروبية والتيارات الفكرية الهندية ا)مثلة في مختلف أديانهـا خـصـوصـا الـهـنـدوسـيـة والـبـوذيـة

واجلينية. (ا)ترجم).: (١٧٧٢ ـ ١٩٥٠) درس فـي سـانـت بـول بـاجنـلـتـرا ثـم٣Sri Aurobindo Ghose)سـراي أوروبـنـدو جـوز

كامبردج. وانغمس في احلياة السياسيةI لكنه تقاعدI وعكف على التأمل في بـونـد شـيـري الـتـيكانت في ذلك الوقت (١٩٠٩) خاضعة للحكم الفرنسي. ركز دائما على القيم الهندية في مواجهةالقيماإلجنليزيةI وتعتبر قصائده األخيرة أعماال فذة.ويعد تأثير برجسون في نزعته الهندوسيـةتأثيرا مهماI كما كان تأثير الهندوسية على برجسونI ر}ا مـن خـالل شـوبـنـهـورI تـأثـيـرا مـهـمـا.

(ا)ترجم).: راما صاحب الفأسI التجسيد السادس لإلله فيشنوI الذي دافع عن البراهمة ضد٤Rama)راما

النهب ا)لكي في الهندوسية. الحظ أن البـعـض يـخـلـط بـS رامـا ورامـا أيـوذاI وهـذا األخـيـر هـوالتجسيد السابع لإلله فيشنوI وهو ة بطل الرامـايـانـا الـذي قـتـل رافـانـاI خـاطـف زوجـتـه سـيـتـا.

(ا)ترجم).: (١٩٢٨ ـ ١٩١٠) الكاتب الروائي الروسي الشهيرI تشتمل مواقفه الفلسفية٥Leo Tolestoy)ليوتولستوي

واألخالقية على المقاومة الشرI والتخلي عن ا)لكية وإلغاء احلكومـات والـكـنـائـس. وفـي الـوقـتنفسه اإلoان باإلله بال حدود وحب البشرI ومن الـطـبـيـعـي أن يـؤدي هـذا كـلـه إلـى الـصـدام مـعالرقابة القيصرية من ناحية ومع الكنيسة األرثوذكسية الروسية من ناحية أخرىI لكنه بـا)ـقـابـل

بحيث حتول مقره في ياسنايا يوليانا إلى مزار تشد الرحال.كفل له نفوذا وتأثيرا أخالقيا فريدا(ا)ترجم).

: (١٨١٧ ـ ١٨٦٢) الكاتب األمريكي الذائع الصيتI ولد في كونكورد٦H.D. Theoreau)هنري ديفيد ثوروبوالية ماساشوستس وتعلم في هارفردI ربطته صلة الصداقة والزمالة مع إمرسون يصف نفسه

Page 177: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

177

تراث متصل

وفق تعبير شهير له بأنه فيلسوف صوفي وجتاوزي وطبيعي حتى أطراف األصابع. لم يصدر فيحياته إال كتابIS واعتزل اجملتمع في كوخ بجوار بحيرة والدن حيث كرس نفسه لدراسة الطبيعةوالكتابة. وصدرت مؤلفاته بعد وفاته في عشرين مجلدا في ١٩٠٦. وفي ١٩٧١ بدأ إصدار طـبـعـة

منقحة من أعماله. (ا)ترجم).: مفهوم الوهم وال واقعية العالمI أو التجسيد ا)شخص لهذا ا)فهوم. (ا)ترجم).٧Maya)ا)ايا

Page 178: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

178

الفكر الشرقي القد

اجلزء الثانيالفلسفات البوذية

Page 179: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

179

البوذية وا�عاناة: التعاليم األساسية

البوذية واملعاناة:التعاليم األساسية

ليس من ا)مكن )ن يعيـش فـي هـذا الـعـالـم أنيظل بعيدا عن ا)عاناة اإلنسانية. فالبد لكل حيـاةأن تعاني من الظلمI أو ا)رض أو البؤس أو القلق أوا)وتI أو أي شكل ا^خر من أشكال النقص والشر.فالوجود اإلنساني بعيد عن الكمالI وحتـى أسـعـدالناسI وأوفرهم حظاI يتعS عليه التسـلـيـم بـقـدرمن البؤس أو التعاسة. وفي حقيقة األمر فإن معظمالناس يدركون أن احلياة ليست كاملةI وهم إما أنيهزوا أكتافهم ويقولوا: «تلك هي حال احلـيـاة»I أوينطلقوا في محاولة لتقليل ضروب القصورI الـتـيتشوب احلياة. وفي العادة عندما يتم تبني ا)وقفاألخيرI فإن اجلهد يوجه نحو التقـلـيـل مـن الـفـقـرعن طريق زيادة الثروة ا)تاحةI ونحو تخفيفI ا)رضأو تقليل حاالت الوفاة ا)بكرة من خالل توسيع نطاقالـصـحـة الـعـامـة والـدعـوة لـتـنـاول الـدواء. واتـخـاذ

إجراءات أخرى لتحسS احلياة بصفة عامة.Iولكن نادرا مايكون هناك شخص يوجه االنتباهبعنايةI وبصورة منتظمةI إلى «األسباب» األساسيةللمعاناة وسبل القضاء على هذه األسباب. وقد كان

10

Page 180: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

180

الفكر الشرقي القد

I شخصا من هذه النوعيةI والفلسفة الدينية التي(١)جوتاما سد هارتاI بوذانبعت من تعاليمه �ثل حتليال نسقيا لطبيعة ا)عاناة وأسبابهاI وتقدم العديد

من الوسائل لقهر ا)عاناة أو التغلب عليها.والبوذيةI باعتبارها «طريقا للحكمة» يتم تعليمها وtارستهـا مـن أجـلIنوعية احلياة من خالل إزالة منابـع ا)ـعـانـاة. هـي فـي تـفـاصـيـلـهـا Sحتسظاهرة معقدةI تتضمن تغيرات تاريخية عظيـمـة ومـتـعـددة. غـيـر أنـهـا فـيجوهرهاI وعلى نحو ماقال بوذاI هي تعاليم بسيطةI نسبياI يسهل استيعابها.ولكن على ا)رء أن يسارع إلى القول إن فهم اخلطوط العامة لطريق احلكمةهو أمر مختلف �اما عن اتباع هذا الطريقI فاتباع الطريق أمر صعبI بلIبحيث إنه لم يتم �لك ناصيته من خالل االنضباط Iإنه من الصعوبة البالغةوالسيطرة على النفس من جانب غالبية البشرI ويتعS بـنـاء عـلـى ذلـك أننضع في اعتبارناI أن هناك فارقا هائال بS «اتبـاع» الـطـريـق و«احلـديـث»عنه. فلكي تتبع الطريق ليس هناك بديل عن ا)مارسة. وفي حقيقة األمرفإنه دون tارسة الطريقة ليس من احملتمل أن يصل ا)رء إلى فهم عقليكاف لطبيعة الطريقة. ومع ذلكI فإن من ا)مكن حتقيق قدر يـعـتـد بـه مـنا)عرفة عن البوذية من خالل دراسة السمات األساسيةI التي تكون طريقة

احلياة تلكI ومن خالل حتليلها.

١ ـ بوذا:تفيد الروايات التي قبلها الناسI على نطاق واسعI فيما يتـعـلـق بـحـيـاةبوذا التاريخيI جوتاماI أنه تلقى دفعة فورية باجتاه التأمل والتركيـز عـلـىمشكلة ا)عاناة من خالل لـقـاءات درامـيـة مـع ا)ـرض والـشـيـخـوخـة وا)ـوتوالزهد. وكان أبوهI وهو حاكم إمارة مزدهرةI قد قيل له إنـه إذا مـا عـرفابنه شرور العالمI فسوف يتخلى عن ا)ملكةI ويصبح زاهدا ومعلما عظيماIالذي لم يكن يرغب في فقدان ابنه على هذا النحو Iللبشر. وقد عقد األبالعزم على القيام بكل شيء إلبعاده عن العالم القاسي. وبناء على هذا فقدقام ا)لك بإمداده بكل الثـروة وا)ـبـاهـجI الـتـي oـكـن لـلـمـرء أن يـرغـب فـياحلصول عليها من احلياة ـ القصورI اخلادمات الشابات اجلميالتI القائماتبالترفيه عنهI زوجة جميلةI وذلك حلمايته من التعرض )عاناة العالم. وصمم

Page 181: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

181

البوذية وا�عاناة: التعاليم األساسية

األب على أن جوتاما ينبغي أن يظل جاهال باألحزان التي حتيق بالبشر.ولكن ذات يومI وعندما كان الشاب جوتاما يتريض بعربته التي جترهااجليادI رأى السيد الشاب رجال عجوزا «في انحناء سقف مائلI وقد استبدIوقد حـاقـت بـه األوجـاع Iمتعثرا في مشيته Iوانحنى على عصا Iبه العجز

وأوغل مبتعدا عن ريعان عمره».وعندما را^ه جوتاماI سأل سائق عربته عن السر في أن ذلك الرجل ليسكالرجال اال^خرينI فأبلغه السائق بأن الرجل عجوزI لكن جوتاما لم يتفهمهذه الكلمةI حيث لم يسبق أن كانت له خبرة بالشيخوخةI فأوضح له سائقالعربة أن هذا الرجل قد اقترب من النهايةI وأنه سرعان ما oوتI وتساءل

السيد الشابI عندما بدأ الفهم يزعج روحه ويضايقه:ـ «ولكنI أيها السائق الطيبI هل أنا معرض للشيخوخة أيضاI وما كنت

قد اقتربت منها في ا)اضي قط?».أثارت اإلجابة فزع جوتاماI وشرع مـنـذ ذلـك الـوقـت فـي الـتـفـكـيـر فـي

ـ «أنتمI يا مواليI ونحن أيضاI جميعنا من نوع ق ر عليهدمعاناة الشيخوخة: أن يشيخI وال منجاة لنا من الشيخوخة».

وبعد عدة أيام من هذه احلادثةI كان جوتاما في طريقه مرة أخرى إلىاحلديقةI عندما صادف «رجال مريضاI يعانيI وقد استبد به ا)رضI وأغرقه

بولهI فحمله البعضI وألبسه ا^خرون مالبسه».ولدى رؤية هذا ا)شهدI سأل جوتاما سائق عربته عما فعله هذا الرجلبحيث اختلف عن اال^خرينI فأوضح السـائـق أن الـرجـل مـريـضI وأن هـذايعني أنه ال يبعد كثيرا عن النهايةI وأنه قد ال يشفى. ومـرة أخـرى تـسـاءل

جوتاما:ض للسقوط مريضاI ألم أخرجـ «ولكنI أيها السائق الطيبI هل أنا معر

من نطاق قبضة ا)رض?».وكانت اإلجابةI التي أعادته إلى قصرهI وقد عكف على التأملI هي:

ـ «أنتم يامواليI ونحن أيضاI جميعنا عرضة للسقوط مرضىI فنحن لمنخرج من نطاق قبضة ا)رض».

وبعد عدة أيامI وبينما كان جوتاما ينطلق مرة أخرى بعربته إلى احلديقةونشاهد «حشدا عظيما من الناسI يرتدون ثيابا مختلفة األلوانI وهم يعد

Page 182: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

182

الفكر الشرقي القد

محرقة جنائزية». ولدى مشاهدته هذا ا)نظر سأل سائق عربته:ـ «)اذا أقبل كل هؤالء الناس اال^ن معا في ثياب مختلفة األلوانI وعكفوا

على إعداد تلك الكومة?».وعندما قيل له إن هذا يرجع إلى أن أحدهم قد ماتI طلب جوتاما رؤيةاجلثةI ليكتشف حقيقة هذا الشيء الذي يقال له ا)وت. وحينما � إبالغه

بأمر ا)وتI سألI كما في السابق:ـ «ولكن هل أنا بدوري عرضة للموتI ألم أخرج من نطاق قبضته? ألنيواصل أي من الراجا (ا)لك) والراني (ا)لكـة) أو أي مـن أقـاربـي اال^خـريـن

رؤيتي بعد ذلكI وهل تقدر لي رؤيتهم مرة أخرى?».ومرة أخرى كانت اإلجابة:

ـ «أنتم يامواليI ونحن أيضاI جميعنا عرضة للموتI فنحن لم نخرج مننطاق قبضته».

وبعد عدة أيام من رؤية ا)يتI كان جوتاما oضي مجـددا بـعـربـتـه إلـىIيرتدي ثوبا أصفر Iورأى في الطريق رجال حليق الرأس متنسكا Iاحلديقةويبدو قانعا وفي سالم مع نفسه. وعندما علم جوتاما من سائق عربته أنهذا الناسك هو شخص يقال إنه «مضى قدما» استبد به الفضول )عرفة ما

يعنيه هذا التعبير. وعندما اقترب من الناسك سأله:ـ «ما الذي فعلتهI أيها ا)علمI بحيث إن رأسك غدا مختـلـفـا عـن رؤوس

اال^خرينI ومالبسك مغايرة )البسهم?».ـ «إننيI يا مواليI شخص مضى قدما».

ـ «ما الذي يعنيه هذا أيها ا)علم?!».ـ «إنه يعنيI يامواليI كون ا)رء ضليعا في احلياة الدينيـةI ضـلـيـعـا فـياحلياة ا)سا)ةI ضليعا في األعمال الطيبةI ضـلـيـعـا فـي الـسـلـوك اجلـديـر

بالتقديرI ضليعا في الال أذىI ضليعا في الشفقة على كل الكائنات».Iأمر جوتاما سائق عربته بالعودة إلى قصره Iولدى سماعه هذه العبارة

قائال:ـ «أما أنا فسأبقى هنا أقص شعريI وأرتدي الثوب األصفرI وألمضـي

قدما من الدار إلى حال التشرد».وبعد أن تأثرI بحقI على هذا النحو بـ «حقيقة» ا)عاناةI تأمـل جـوتـامـا

Page 183: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

183

البوذية وا�عاناة: التعاليم األساسية

في تلك «احلقيقة» مركزا على اكتشاف سبيل إلى وقف كل مـعـانـاة. وبـعـدIا في ذلك أقسى أشكال الـتـقـشـف{ Iسنوات من بذل اجلهد واالنضباطخلص جوتاما إلى أنه ال الطرف األقصى لالنغماس في ا)لذاتI وال الطرفاألقصى في التقشف البالغo Iكن أن يفـضـي إلـى الـقـضـاء عـلـى ا)ـعـانـاة.وعندئذ تبنى جوتاما طريقا وسطا بS هذين االجتاهS ا)تطرفIS واستعانبضبط النفس والتطهرI وركز كل طاقاته على اكتشاف أسباب ا)عاناة. وفيغمار قيامه بالتركيز انكشفت له أسباب ا)عاناةI وأصبح جوتاما سدهارتاهو بوذا ا)ستنيرI وأصبحت االستنارة فيما يتعلق بأسباب ا)عاناة ووقـفـهـا

ملك oينه.

٢ ـ احلقائق األربع النبيلة:يشكل مضمون هذه االستنارة الرسالة األساسية للبوذية. وتتمثـل هـذهالرسالةI في أبسط صورةI في احلقائق األربع النبيلةI والطريق النبيل ذي

الشعاب الثماني. وهذه احلقائق هي:١ ـ هناك معاناة.

٢ ـ للمعاناة أسبابها.٣ ـ ا)عاناة oكن القضاء عليها من خالل التخلص من أسبابها.

I٤ ـ السبيل إلى القضاء على أسباب ا)عاناة هو اتباع الطـريـق الـوسـطالذي يشكله الطريق ذو الشعاب الثماني.

وتشكل هذه التعاليم أولى عظات بوذاI بعد استنارتهI والتي ألقاها في. وقد كانت تعاليم الطريق األوسط:Benaresحديقة الغزالن في بنارس

«هي التي تفضي إلى البصيرةI وهي التي تـفـضـي إلـى احلـكـمـةI وهـيالتي توصل إلى الهدوءI وإلى ا)عرفةI وإلى االستنارة الكاملةI وإلى النيبانا

.(٢)(النرفانا)»وفيما يتعلق باحلقيقة النبيلة األولىI فقد علمهـا جـوتـامـا عـلـى الـنـحـو

اال^تي:«تلكI أيها الرهبانI هي احلقيقة النبيلة للمعاناةI فا)يالد معاناة وا)للIووجود األشياء التي نكرهها معاناة Iوا)وت معاناة Iوا)رض معاناة Iمعاناةواالنفصال عن األشياء التي نحبها معاناةI وعدم احلصول عـلـى مـانـرغـب

Page 184: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

184

الفكر الشرقي القد

فيه معاناة. وباختصارI فإن اجملموعات اخلمس التي تنبع من التملك مؤ)ة».ويقول جوتاما مفسرا احلقيقة النبيلة الثانية: أن ا)عاناة:

(أو الشهوة) التي تسببCraving«تضرب جذورها في تلك الرغبة ا)لحة جتدد الصيرورة أو ا)يالد من جديدI وتصحبها اللذة احلسيةI وتسعى إلىاإلشباع في التو واللحظة (هنـاI واال^ن) أي الـتـوق إلـى ا)ـلـذات: الـتـوق إلـى

الصيرورةI التوق إلى الالصيرورة».وفي تناوله للحقيقة النبيلة الثالثةI أوضحها على النحو التالي:

Iهي احلقيقة النبيلة الثالثة ا)تعلقة بتوقف ا)عاناة Iأيها الرهبان Iهذه»إنهاI حقاI التجرد من االنفعالI التوقف دو�ا أثر لهذا التوق ذاتهI تنحـيـة

هذه الرغبة ا)لحةI والتخلي عنهاI والتحرر منهاI وعدم التعلق بها».فإذا وصلنا إلى احلقيقة النبيلة الرابعة التي تتعلق بالطريق ا)فضي إلى

وقف ا)عاناة جنده يقول:«إنها الطريق ذو الشعاب الثمانيI أعني أنـهـا سـالمـة الـرأيI وسـالمـةIوسـالمـة اجلـهـد Iوسـالمـة الـعـيـش Iوسالمة الفعـل Iوسالمة القول Iالنية

عنى بهI وسالمة التركيز..».وسالمة ما نم احلقائق األساسيةI على هذا النحوI فيما يتعلق با)عاناةIوبعد أن عل

اختتم بوذا عظته األولى بقوله:Iأيـهـا الـرهـبـان Iلقد فهمت هذه احلقيقة النبيلة حول ا)عاناة. وهكذا»حصلت في األشياء التي لم يسمع بها أحد من قبل على البصيرة وا)عرفة

والفهم واحلكمة واحلدس».وتشمل احلقيقة األولى ا)تعلقة بوجود ا)عاناة سبعة مجاالت للـمـعـانـاةمألوفة للجميع. ولكن هذه اجملاالت السبعة ال ينبغـي أن تـؤخـذ عـلـى أنـهـانتعريف للمعاناةI ذلك أنها ليست إال أمثلة للمعاناةI أمثلة واضحة لكـن م

ر له العيش في هذا العالم. وا)عاناة �ضي أبعد غورا من هذه األمثلةIدقوينبغي اإلقرار بأن ملذات شخص ما كثيرا ما تكون ا^الم شخص ا^خرI وا^الماال^خرين تزعزع شعور ا)رء بالقناعة والرضا. وهكذاI فعلى الرغم من أنـهيبدو أن الثري الذي يجد كل خيرات اجملتمع حتت تصرفهI ينبغي أن يكونسعيداI فإن األمر قد ال يكون كذلك. وبالنسبة للموجود البشري احلساس

ة تفسد متعة الثروة. والوعي بأنرحقاI فإن فقر اال^خرين قد يكون توابل م

Page 185: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

185

البوذية وا�عاناة: التعاليم األساسية

ملذات ا)رء قد تكون على حساب شخص ا^خر ال يجلب ا)عاناة إلى اال^خرفحسبI وإ�ا يجلب ا)عاناة إلى ا)رء نفسه.

Iولكن حتى إذا لم تكن ملذات ا)رء مرتبـطـة }ـعـانـاة أي شـخـص ا^خـرفإنها تظل مشحونة با)عاناةI فا)لذات التي يستمتع بها ا)ـرء جتـلـب مـعـهـاتعلقا باألشياء واألنشطة. التي يتم االستمتاع بهاI والقلق الناجم عن احتمالIاالنقطاع عن هذه األشياء واألنشطة هو سرطان خفي كامـن فـي ا)ـلـذات

وبالتالي مصدر للمعاناة.وتدور سمة أخرى من سمات ا)عاناة الكامنة في أعماق اللذات اخملتلفةللحياةI حول احلقيقة القائلة إنها ليست مستمرة بذاتها فحسبI وإ�ا هيكذلك تتعجل نفسهاI ونشأة اللذة من نشاط ما أو موضوع معS ال يقلل منالدافع إلى تلك اللذةI وإ�ا هو باألحرى يعـمـل عـلـى تـقـويـة ذلـك الـدافـع.وكلما زادت ا)لذات التي يحققـهـا ا)ـرء زادت ا)ـلـذات الـتـي يـسـعـى إلـيـهـا.و�ضي هذه الدورة بال انتهاء محتوية ا)رء في غمار إيقاعـهـاI عـلـى نـحـويبدو أنه ال فكاك منه. وإذا سـلـمـنـا بـأن حتـقـيـق الـلـذة ال يـجـلـب الـسـعـادةIوإ�ا هو باألحرى يخلق ا)رء وقد عظـم سـخـطـه Iالكاملة أو الرضا التاموازدادت تعاستهI فإنه يبدو أن التشبث }لذات احلياة يزيد من ا)عاناة في

نهاية ا)طاف.وترتبط هذه النقطة األخيرة بافتراض أساسي للبوذيةI قوامه أن الدافعإلى اللذة هو أكثر ضحالة وافتقارا لألهمية من أن يكفل حتقق الشخص أو

القول بأن «الطريق(٣)يجلب له السعادة احلقة. وقد ورد في «الدهمابـادا»ا)فضي إلى الكسب الدنيوي مختلف أ� االختالف عن الطريق ا)وصل إلى

». وإذا كان األمر كذلكI فإن ا)لذات التي يجدها ا)رء فيNibbanaالنبيابنا العالم هيI بحكم كونها سطحيةI في حقيقة األمرI عناصر تؤدي إلى التعاسة.وإقرارا بهذا فإن ا)الحظة الواردة في «الدهمابادا» والتي أشرنا إليها اال^ن

تتلوها هذه النصيحة:توا تلميذ الواحد ا)ستيقـظI يـبـتـهـج(٤)«وإذا فهم هذاI فال تدعوا البـهـخـو

بالتكرY الدنيويI وإ�ا عليه بدال من ذلك أن يسير نحو االنقطاع عنه..».وهكذاI فإن تلك األمثلة السبعةI التي ضربها بوذا في عظته األولىI التنتمي وحدها إلى ا)عاناةI وإ�ا حتى تلك األمثلة التي قد تضرب للجانب

Page 186: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

186

الفكر الشرقي القد

«الطيب» من الوجود ليست في أعماقها إال معاناة مقنعة. ذلـك أن ا)ـرضIاألساسي ا)سؤول عن ا)عاناة يسير على نحو أعمق من األمثلة ا)ضروبـة

إنه إدراك لعناصر النفس أو مكوناتها.واحلقيقة النبيلة الثانية هي احلقيقة القائلة بأن ا)عاناة oـتـد أصـلـهـاإلى الرغبة ا)لحة أو الشهوةI و}عنى من ا)عاني فإن ا)عاناة يسـبـبـهـا تـوقا)رء إلى ما ال يستطيع حيازتهI أو الرغبة ا)ـلـحـة فـي جتـنـب مـا ال سـبـيـلIIعندما يـكـون ا)ـرء فـقـيـرا Iلتجنبه. وهكذا فإن الرغبة الشديدة في ا)الIحينما يكون ا)رء مريضا Iوالرغبة الشديدة في الصحة Iتفضي إلى ا)عاناةتقود إلى ا)عاناةI والتوق إلى اخللودI في مواجهة حتمية ا)ـوتI يـؤدي إلـىا)عاناةI والتوق إلى الفناءI الذي تواجهه استمرارية ا)ادة التي صيغت منهااحلياةI يؤدي إلى ا)عاناة... إلخ. ولكن هناك معنى أكثر عمقا للتوق. وهذاا)عنى هو التوق }عنى «اإلكراه األعمى على أن يكون ا)رء ذاتا أوأن تكون له

ذات».Sفسوف جند أنها تشمل عامل Iوإذا� حتليل األشكال الواضحة للمعاناةأساسيS. فهناك أوال ما oكن تسميته بوجود عوامل موضوعية معينة فيالعالم. هناك احلقيقة القائلة بأن «زيدا» ليس لديه مالI أو أن طفل «عمرو»قد مات لتوهI أو أن ساق «فريد» قد بترت. ولكن هذه احلقائق ا)وضوعيةالقائمة في العالم ال تتضمن ا)عاناة من تلقاء ذاتهاI ففي نهاية ا)طاف: منذا الذي يعاني عندما ينشطر حجر كبير شطرين? من ذا الذي يعاني عندماتنكسر سنديانة صغيرة حتت وطأة الريح العاصفة? لـن يـفـكـر أحـدI عـلـىاألرجح أن ينسب ا)عاناة إلى احلجر أو إلى السنديانة «األم». ولكن اجلميعSأو «فريـد». والـفـارق بـ «Iسيبادرون إلى نسبة ا)عاناة إلى «زيد» أو «عمرهذه احلاالت واضحI فاألشجار واألحجار ليست لها نفوسI ومن ثم فليس

I وهـذههناك من يعانيI ولكـن لـكـل مـن «زيـد»I و«عـمـرو»I و«فـريـد» نـفـسـاالنفس تعي التغيرات التي تطرأ على حالتها.

ويشير هذا إلي العامل الثاني ا)تضمن في ا)عـانـاةI وهـو وجـود نـفـس.Iإال إذا ارتبطت العوامل ا)وضوعية في العالم بنفس ما Iفال وجود للمعاناةوعندما ترتبط هذه العوامل ا)وضوعـيـة بـنـفـس مـاI فـإن هـذه الـنـفـس قـدتشتاق إلى تلك العوامل أو تتوق إلى جتنبهاI وعندما ال يتم احلصول على ما

Page 187: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

187

البوذية وا�عاناة: التعاليم األساسية

تشتاق إليه تنشأ ا)عاناة.ولكن ما هذه النفس التي تشكل العنصر األساسي الثاني الذي تشتملعليه ا)عاناة? وهل tا له معنى أن ننسب نفسا إلى شخص ما? ما هذه الـ«أنا» التي يشار إليها عندما يصيح شخص: «أنا فقدت طفلي»? إن حقيقةIكن القولoأصل ا)عاناة هي أن «توق النفس هو الذي تنشأ عنه ا)عاناة». وعلى نحو عشوائيI أن الشخص يتوق إلى نفس تتعلقI على الرغم من كونهامنفصلةI بالعناصر التي تكون الشـخـص. ويـفـضـي هـذا الـتـوق إلـى إيـجـادIبحكم تعلقها بالعوامل التي تشكل الشخص Iالنفس وإبرازها. وهذه النفستعاني عندما تتعرض هذه الهوية للتهديد من خالل التغيرات في الـعـوامـلالتي تتعلق بها هذه النفسI سواء أكانت عوامل ذلك الشخصI أو أشخاص

ا^خرينI أو موضوعات وأنشطة أخرى في العالم.ووفقا للبوذية فإن حتليل شخص ما يكشف عن وجود:

١ ـ األنشطة التي تشكل ما نسميه بالذات البدنية أو العضوية.٢ ـ أنشطة اإلحساس.

٣ ـ أنشطة اإلدراك.٤ ـ الدوافع إلى احلركة.

٥ ـ أنشطة الوعي.ولكنI ال وجود لشيء ا^خرI باإلضافة إلى هذه اجملموعات اخلمس مناألنشطة والنفس باعتبارها ذلك الذي تنتـمـي إلـيـه مـجـمـوعـات األنـشـطـة

مI وهم خلقه التوق اجلاهلI والتوق إلى هذه النـفـساخلمس تلكI هـي وهالوهمية هو الذي يشكل أساس كل معاناة.

Iكن القضاء عليهـاo حقيقة أن ا)عاناة Iوتنبني احلقيقة النبيلة الثالثةعلى حتليل أسباب ا)عاناةI فإذا كان التوق األناني هو سـبـب ا)ـعـانـاةI فـإنتوقف ا)عاناة يكمن في انقطاع ذلك التوق. وذلك هوI على وجه الدقةI ماأوصى به بوذاI والواقع أن الهدف احلقيقي للرجل البوذي هو النرفانا وهويحمل معنى «اإلخماد أو االنطفاء» ـ وما يتم إطفاؤه كا)صباح ـ أو إخـمـادههو الرغبة ا)لحة أو التوق األناني. وعندما يتم إطـفـاء هـذا الـتـوق األنـانـيجتتث ا)عاناة من جذرها. وهكذا فإن حقيقة توقف ا)عاناة هـي احلـقـيـقـة

القائلة إن انقطاع التوق من شأنه أن يجلب معه توقف ا)عاناة.

Page 188: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

188

الفكر الشرقي القد

ف مايجلب توقف ا)عانـاة وبـSغير أن الطريق oتد طويال مابـS تـعـراإلجناز الفعلي لذلك التوقف. ولم يتوقف بوذاI حلكم كونـه ذلـك الـطـبـيـبالبارعI عند حتليل ا)رض وتشخيصهI وال عند تعرف ماهو مطلوب لتحقيقالشفاءI وإ�ا وصف طريقة للعالجI من شأنها القضاء على ا)رضI وتتألفالوصفة العالجية من احلقيقة النبيلة الرابـعـةI الـتـي تـعـلـم الـنـاس «طـريـق

البوذية األوسط» الشهير.

٣ ـ الطريق النبيل ذو الشعاب الثماني:يقوم هذا الطريق األوسطI الذي يلخص طريقة احلياة التي �يز البوذيةكفلسفة عمليةI على ا)بادىء الثمانيةI التي تشكل احلقيقة النبيلة الرابعة.

وهذه ا)بادىء هي:)١Samma Dithi ـ سالمة الرأي (ساماديثي

) احلكمة٢Samma Sankappa ـ سالمة النية (ساما سنكابا )٣Samma Vaca ـ سالمة القول (سامافكا

) السلوك٤Samma Kammanta ـ سالمة الفعل (ساما كامنتا )٥Samma Ajiva ـ سالمة العيش (ساما أجيفا ) االنضباط الذهني٦Samma Vayama ـ سالمة اجلهد (ساما فاياما

)٧Samma Sati ـ سالمة الوعي أو االنتباه العقلي (ساما ساتي )٨Samma Samudhi ـ سالمة التركيز (ساما سماذي

وينبغي أللوان السلوك اخملتلفة في احلياةI الـتـي تـعـمـل بـهـذه ا)ـبـادىءالثمانية وتعبر عنهاI أن �ضي بشكل متزامن على نحو أو ا^خـرI حـيـث إنالهدف هو حتقيق حياة مستقيمة من أسمى طراز. والعالقات بS التصرفاتاحلياتية وا)بادىء التي تشكل أساس هذه الـتـصـرفـات oـكـن إدراكـهـا مـنخالل تأمل احلقائق الثالث اخلاصة بالسلوك األخالقي واالنضباط الذهنيواحلكمةI التي تشكل أساس ا)بادىء والتصرفات كـافـة. وتـشـمـل حـقـيـقـةالسلوك األخالقي: سالمةالقولI وسالمة الفعلI وسالمةالعيـش. وتـشـمـلحقيقة االنضباط الذهني سالمة اجلهدI وسالمة االنتباه العقليI وسالمةالتركيز. وتشمل حقيقة احلكمة: سالمة الرأيI وسالمة النية. والهدف منالسلوك األخالقي هو كبح جماح التدفق ا)ستمر لضروب الرغبة ا)لحة أو

Page 189: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

189

البوذية وا�عاناة: التعاليم األساسية

التوقI واحلكمة توصف حلياةتخلو من ا)عاناة.وإذ فهمنا أنفسنا والكون الذي نحيا فيهI فإن الفعل سيقوم على أساسحب شامل وحنان عام. وبناء على هذا فإن السلوك األخالقـي يـقـوم عـلـىأساس احلب واحلنانI وينبع من احلكمة أو من عقل مستنير. ولكن لتحقيقاحلكمة و)راعاة احلب واحلنان فإن انضباط الـنـفـس يـعـد أمـرا مـطـلـوبـا.وهكذا فإن السلوك األخالقي واالنضباط واحلكمة هي احلـقـائـق الـثـالث

للحياة اخليرة.وتشمل احلكمة كال من الفهم الصحيح لألشياء على ماهي عليهI والعزمعلى السلوك طبقا لهذا الفهم. وتعتمد سالمة الرأي على رؤية األشياء عليماهي عليهI ويشمل هذاI على مستوى أدنىI الفهم العقلي لألشياء. ولكـنا)عرفة العقلية تتم داخل نسقI أو شبكة من ا)فاهيم وا)بادىء التي تعكسبالضرورة منظورا ضيقا يكمن خلفها كفرض أساسي. وبناء على هذا تعتبرا)عرفة العقلية مشروطة بتصورات ومبادىء النسقI وترتبط حقيقتها بحقيقةالنسق الذي تقع بداخله. وينبني علي هذا أن ا)عرفة العقلية تـعـتـبـر نـوعـاأدنى من الفهم با)قارنة بالفهم الناجت عن رؤية األشياء عـلـى نـحـو مـاهـيعليه في طريق النفاذ ا)باشر. وهذه الرؤية ا)بـاشـرة هـي اإلنـارة الـكـامـلـةلألشياء علي نحو ماهي عليه في ذاتهاI وال تقيدها ا)فاهيم وال التصنيفات.

دعىI عن حقI بـاحلـكـمـةI فـهـووهذا النفاذ ا)بـاشـر فـي األشـيـاء هـو مـا ييكشف عن الطبيعة النسبية وا)شروطة لكل األشـيـاءI ويـوضـح أن ا)ـعـانـاة

ناجتة عن اجلشع األناني.تكشف احلكمة عن طبيعة األشياء وأسباب ا)عاناةI ولكـنـهـا ال تـتـوقـفعند هذا احلدI وإ�ا هي تعبر كذلك عن نفسها في التصـمـيـم عـلـي قـهـرا)عاناةI من خالل تنحية كل ضروب الرغبة األنانيةI ويتضمن هذا التصميمIيكشف عن نفسه في الشفقة والال أذى Iغرس حب شامل في عمقه ومداهIحيث يتم التخلي كلية عن الرغبات األنانية وسوء النية والكراهية والعنف

عندما نبلغ احلكمة.وليس من ا)مكن بلوغ احلكمة دون انضباطI ومن ثم oارس ا)رء اجلهداحلقI واالنتباه العقلي احلقI والتركيز احلق. وتشمل tارسة اجلهد احلق

١ ـ احليلولة دون نشوء الشر وحاالت القصور الذهني

Page 190: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

190

الفكر الشرقي القد

٢ ـ التخلص من مثل هذا الشر وتلك احلاالت ا)وجودة بالفعل٣ ـ إحالل اخليرI وحاالت الصحة الذهنية

٤ ـ تطوير اخلير وحاالت الصحة الذهنية ا)وجودة بالفعل واالرتقاء بهانحو الكمال.

ويتمثل االنتباه العقلي احلق في كون ا)رء واعيا بنشاطاته ومنتبها لها.وذلك يشمل نشاطات ١ ـ اجلسم ٢ ـ احلس والشعور ٣ ـ اإلدراك ٤ ـ التفكير

والوعي.وكون ا)رء واعيا بنشاطاته ومنتبها لها يعني فهم طبيعة هذه األنشطـةكيف تنشأو وكيف تختفيI وكيف يتم تطويرها والسيطرة عليها والتخلـص

منها وربطها معاI وماهي عليه في ذاتها.أما سالمة التركيز فهي في جوهرها مسألة تـتـعـلـق بـإعـادة خـلـق ذاتا)رء بوصفه شخصا مستنيراI فاجلهل واالستنارة وا)عاناة والسعادة تضرب

جذرها في نشاطات ا)رء العقلية. وقد ورد في «الدهمابادا» أن:«العقل يسبق كل حاالت القصورI وهو عمادهاI فهي جميـعـهـا مـفـعـمـةبالعقلI وإذا ما حتـدث شـخـص مـا أو تـصـرف بـعـقـل دنـسI فـإن الـشـقـاءسيالحقهI كما تالحق عجالت العربة قدم الـثـور. والـعـقـل يـسـبـق حـاالتالكمالI وهو عمادهاI فهي جميعها مفعمة بالعقل. وإذا ما حتدث شحـص

أو تصرف بعقل نقيI فإن السعادة ستتبعهI كظله الذي ال يفارقه».وإذا كان األمر كذلكI فإن من ا)مكن التركيز على تطهير أنشطة ا)ـرء

العقلية كوسيلة لتحقيق السعادة.وعادة مايتم التمييز بS أربع مراحل من التركيز. وفي ا)رحـلـة األولـيIوالـقـلـق Iوالكسل والـهـم Iوسوء النية Iيركز ا)رء على التخلص من الشهوةوالشكI وهذه األنشطة الذهنية القاصرة وغير الصحيةI حتل محلها مشاعرالبهجة والسعادة. وفي ا)رحلة الثانية يركز ا)رء علي النفاذ ببصيرته عبراألنشطة الذهنية والوصول إلى ما وراءهاI على الرغم من احتفاظه بالوعيبالبهجة والسعادة. وفي ا)رحلة الثالثة oضـي ا)ـرء إلـي مـاوراء الـنـشـاطالذهني ا)سؤول عن البهجةI ويحقق اتزانا تتخلله السعـادة. وفـي ا)ـرحـلـةالرابعة واألخيرة من مراحل التركيز هناك اتزان كامل ووعي كلـي يـتـجـاوز

السعادة والتعاسة في ا^ن معا.

Page 191: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

191

البوذية وا�عاناة: التعاليم األساسية

والسلوك األخالقي هوI في ا^ن واحدI انعكاس لـلـحـكـمـة واالنـضـبـاطIوشرط لهماI فالشخص احلـكـيـم هـو وحـده الـذي oـكـن أن يـكـون خـيـرا

ر هو وحده الذي oكن أن يكون حكيماI وكل مـن احلـكـمـةوالشخص اخلـيواخلير يقتضي االنضباطI وبناء على هذا فإن ا)رء يبدأ وينتهي باألمورIوالسلوك على نحو أخالقي يعني سالمـة الـقـول Iالثالثة بصورة متزامنة

وسالمة الفعلI ووسائل كسب العيش.Iجتنب كل قول يفضي إلى التعاسـة Iبصفة عامة Iوسالمة القول تعنيواستخدام العبارات التي جتلب السعادة. ويشمل تطـبـيـقـه الـسـلـبـي: ١ ـ الكذب ٢ ـ ال �يمة وال اغتياب وال حديث قد يجلب الكراهـيـة أو الـغـيـرة أوالعداء أو الفرقة بS اال^خرين ٣ ـ ال حديث يتسم بالشدة أو الوقاحةI والحديث يشوبه اخلبثI وال أسلوب ينقصه األدب أو االحتشام ٤ ـ ال ثرثرةنابعة من الكسل أو اخلبث أو احلمق. ويعلمنا تطـبـيـقـه اإليـجـابـي أن ا)ـرءينبغي أن يقول احلقI وأن يتحدث على نحو رقيق وودودI وأن يستخدم اللغةعلى نحو له معناه وفائدتهI وهذا يشمل معـرفـة الـوقـت ا)ـنـاسـبI وا)ـكـانا)الئم لقول بعينه. وذلك يفترض ضـمـنـا أنـه يـتـعـS عـلـى ا)ـرء فـي بـعـض

األحيان أن يلزم «الصمت النبيل».وسالمة السلوك تعني جتنب القتل أو اإليذاءI والـتـعـفـف عـن الـسـرقـةوالغشI والنشاط اجلنسي غير األخالقي. وهو على الصعيد اإليجابي يعنيIأن سلوكيات ا)رء ينبغي أن تهدف إلى دعـم الـسـالم والـسـعـادة لـال^خـريـن

واحترام خير الكائنات احلية جميعا.أما سالمة العيش فهي �د نطاق مبدأ السلوك احلق إلى ا)هنـة الـتـييختارها ا)رءI على امتداد حياتهI وبناء على هذا فإنها تستبعد ا)هن التيIواخلـمـور Iمثل االجتار في األسلحة النـاريـة Iمن شأنها أن تؤذي اال^خرينواخملدراتI والسمومI والقتلI والدعارةI إلخ. وسبل كسب العيش التي تنشر

السالم واخلير هي وحدها التي تتفق مع هذا ا)بدأ.وهكذا يتضح كيف تقوم قاعدة السلوك األخالقي علـى الـشـفـقـة عـلـىاال^خرين وحبهمI ولكن فضال عن ذلك فإن هذه الشفقة وهذا احلـب هـمـاالنتيجة الطبيعية إلدراك نسبـيـة األشـيـاء وشـروطـهـا. وإذا لـم تـكـن هـنـاك

) فإن ذلك يعني أن األشـيـاءSvabhavaأشياء ذات وجود مستقل (سفبـهـاف

Page 192: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

192

الفكر الشرقي القد

Iكلها يعتمد أحدها على اال^خر. ولكن هذا ال يترك موطىء قـدم لـألنـانـيـةوبالتالي فإن اجلهل واألنانية ينبغي أن حتل محلهما احلكمة والشفقة.

Page 193: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

193

البوذية وا�عاناة: التعاليم األساسية

الهوامش

ور» أو «ا)ستيقظ»: الكلمة تعني حرفيا «ا)ستنير» أو «ا)تنBuddha(١) بوذا وهي لقب واحد من ألقاب عديدة تطلق على سد هارتا جوتاماI مؤسس البوذية (٥٦٣ ـ ٤٨٣ ق.م.)Iأي حكيم قبيلة شاكيا التي ينحدر منها سد هارتا Iلقب شاكياموني Iوأبرز ألقابه إلى جوار بوذاوكذلك لقب تاثاجاتاI وهو لقب غامضI ولكنه ر}ا كان يعني الذي مضى على هذا النحو «أي ذلكالذي oكن أن يشار إلى حياته العملية دو�ا سبيل إلى وضـعـهـا. وهـنـاك كـذلـك لـقـب جـيـنـا أي

ا)نتصرI وغيره من األلقاب». (ا)ترجم).: كلمة سنسكريتيةI يعود استخدامها في اللـغـة اإلجنـلـيـزيـة إلـى الـعـام Nirvana١٨٣٦(٢) النرفانـا

يطفـىء أوNir هي مقابلها في لغة باليI وهي تتألف أصال مـن ا)ـقـطـعـS: نـر Nibbanaوالنبيانـا }عنى ينفحI األمر الذي يجعل الكلمة تعني في مجملها «االنطفاء» أو «اإلخماد»VaIيخمدI وفا

أي الهدف البوذي ا)تمثل في الوجود اخلالي من ا)عاناةI حيث تسعى البوذيـة إلـى الـوصـول إلـىحالة سامية من التحرر عن طريق إخماد رغبات الفرد ووعيه. (ا)ترجم).

: الدهما كلمة سنسكريتيةI تعد من ا)صطلحات الرئيسية ذات ا)عانيDhamapada(٣) الدهمابادا ا)تعددة فهي في الهندوسية «القانون األخالقي». وفي البوذية «احلقيقة الكاملة». وفي اجلينـيـة«الفضيلةاألخالقية» واجلوهر األزلي الذي يحرك العالم فـي ا^ن واحـد. أمـا «الـدهـمـابـادا» فـهـوكتاب يضم مجموعة من احلكمI التي تصور احلقيقة الكاملة أو النسق األخالقيI من ا)نظـورالبوذيI ويقال له «الدامابادا» في لغة باليI وهو اجلزء ا)هم في الكتاب ا)عتمد في ديانة البوذيةفي العديد من أرجاء ا^سيا وا)عروف باسم «تري بتاكا» أو «األوعية الثالثة». واسم «الدهمابـادا»مؤلف من مقطعIS هما «الدهما» الذي أشرنا إليه حاال و«بادا» }عنى الطـريـقI أو الـقـوةI أوSالبحث وجود أكثر من صياغة متاحة لهـذا الـعـمـل بـ Sا يسهل على الدارسt األساس. ولعلهأيديناI منها ترجمة د. رؤوف شلبي لنصه في كتابه: األديان القدoة في الشرق ـ دار الشـروق ـ

القاهرة ـ I١٩٨٣ وطبعة البنجوينThe Dhammapada - Trans: Juan Mascaro - Penguin Books, 1973Sونـحـسـب أن الـفـروق الـكـبـيـرة بــالنصS تبرر إصدار ترجمة عربية جديدةI شاملة مع إيضاحات وتفسيرات تقدoية. (ا)ترجم).

: الراهب البوذي (ا)ترجم).Bhikka(٤) البهخو

Page 194: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

194

الفكر الشرقي القد

Page 195: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

195

اعتبارات تاريخية

اعتبارات تاريخية

دار الفصل السابق حول التعاليم األخـالقـيـة ـالدينـيـة الـتـي تـشـكـل اجلـوهـر األسـاسـي لـلـبـوذيـةكطريقة حياةI والتي تعكس التعاليم األساسية لبوذاالتاريخي. وهذه التعاليمI التي تستـهـدف تـكـريـساالنضباط والشفقةI اللذين oيزان حياة اإلنـسـانالبوذي ومواقفهI التختلف اليـوم بـصـورة أسـاسـيـةعما كانت عليه قبل خمسة وعشريـن قـرنـا خـلـت.ومن ناحية أخرىI فإن فلسفات البوذيةI التي تعكسYولتـقـد Iاحملاوالت لتنظيم طريقة احلياة البوذيةأساس عقلي لهذه التعاليم األخالقية ـ الدينية قد

.Sتعرضت لتغير وتطور هائلSالـبـوذيـة كـطـريــقــة حــيــاة وبــ Sوالـتـمـيـيـز بـالفلسفات البوذية هو �ييز بS أسلوب في العيشوبS احملاوالت التي يتـم الـقـيـام بـهـا لـتـبـريـر ذلـكSاألسلوب. وهكذا فإنه على الرغم من أن البوذيـكان }قدورهم على امتداد العصـور االتـفـاق عـلـىكيـفـيـة احلـيـاةI فـإنـهـم كـان بـاسـتـطـاعـتـهـم كـذلـكاالختالف حول السؤال ا)تـعـلـق بـلـمـاذا يـنـبـغـي أنيعيشوا بتلك الطريقة. وإذا كان ا)ـرء بـوذيـاI فـإنـهيترتب على ذلك قبول الطريقة البوذية باعتبـارهـاأفضل طريقة للحياة. ولكن مسألة تبرير هذا القبول

11

Page 196: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

196

الفكر الشرقي القد

تظل مطروحة. وتتسم البوذية بقدر من الصالبة الذهنيةI و�يل على الصعيدالتجريبي إلى استبعاد تبرير الطريق األوسطI وذلك بالرجوع إلى احلقيقةالقائلة بأن بوذا قد قال إنه الطريق األسـمـى. والـواقـع أن بـوذا نـفـسـه قـداستبعد الرجوع إلى اإلoانI باعتباره ا)برر الوحيد للطريق األوسطI حيثإنه قد شجع أنصاره على �حيص ا)ذهب بأنفسهم وإلى جوار الـرجـوعإلى اإلoان فإن }قدور ا)رء االستناد إلى نتائج سلوك الطريق ذي الشعابالثماني. وإذا كانت نوعية احلياة تلك تتيح اخلير والسعادةI فإنه الoكن أن

قال إنها طريقة حياة متدنية. ولكن إذا سلمنا جدال بهذا النوع من التبريرIيبل وإذا سلمنا }عنى على جانب كبير من األهمية بأن نتائج نوعية معـيـنـةمن احلياة هي التبرير الوحيد لتلك النوعيةI فإن من ا)مكن طرح الـسـؤالا)تعلق بلماذا تفضي نوعية احلياة تلك با)رء إلى اخلروج من حـد ا)ـعـانـاة

لـ «فلسفات»شكل منطلقـاوتتيح السالم والرضا. وهذا السؤال هو الذي يالبوذية. وفي اإلجابات اخملتلفة عليه جند فلسفات البوذية اخملتلفة.

ومن خالل تقدY اجتاه أسـاسـي لـلـظـاهـرة الـثـقـافـيـة لـلـبـوذيـة وإدراكالعالقات التاريخية بS ديانة البوذية وفلسفاتهاI فإن هذا الـفـصـل سـيـتـم

تكريسه لرسم معالم صورة تاريخية موجزة لتطوير البوذية.

١ـ الهند قبل البوذية:Iالذي ظهرت فيه البوذية Iسادت ثالثة مواقف ا)ناخ الفلسفي في الهندفي القرنS السادس واخلامس قبل ا)ـيـالد. وكـان هـنـاك فـي ا)ـقـام األولا)وقف القائل بأن تأدية الشعائر وتقدY القرابS هما الوسيلتان الرئيسيتانالفعالتان في تأمS ما هو مرغوب فيه. وقد ارتبط هذا ا)وقف باالعتقاد ـالذي ر}ا كان يرجع بالفعل إلى ا^الف السنS في ذلك الوقـت. بـأن خـلـقالعالم وإدارته يرجعان وتسيـطـر عـلـيـهـمـا نـتـائـج تـقـدY الـقـرابـS وتـأديـةالطقوس. وقد نظر ا)وقف الثانيI الذي انعكس في نصوص األوبـانـيـشـادإلى العالم القابل للمالحظةI والنفس القابلة للمالحظةI باعتبارهما مجرد

I وال وعابرا مؤقتا«اسم وصورة»I وما هو مجرد اسم وصورة ليس إال شيئا. أما ما له واقع ثابت فهو النفس التي ال تتغير والواقعي ثابتاoلك واقعا

باعتبارهAtmanالذي ال يتغيرI وقد ارتبط هذا ا)وقف باالعتقاد باأل�ان

Page 197: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

197

اعتبارات تاريخية

باعتباره الواقع اخلارجي الثابتBrahmanIالواقع الداخلي الثابت والبراهمان I ور}ا متشككاوبهوية األ�ان والبراهمان. أما ا)وقف الثالث فكان موقفا

بإنكار ا)عتقدات الرئيسية التي تشكل أساس ا)وقفS اال^خرين.ارتبط أساساوفي ضوء احلكم من خالل االنتقادات اخملتلفة للفلسفة التشككيةI يبدو أنIواألخـالقـيـة Iالذين أنكروا السببية الفيـزيـائـيـة ISأتباعها كانوا من ا)ادي

وا)تعلقة بتقدY القرابIS والذين أنكروا إمكان ا)عرفة.ومن الواضح أن ا)وقف الشكي لم يـسـاعـد فـي الـكـفـاح مـن أجـل قـهـرا)عاناةI ألنه يعتمد في ا)قام األول على إنكار االحتماالت التي يشير إليهاا)وقفان اال^خران. وكان ا)وقف ا)تعلق باألضحيات والطقوس في ذلك الوقتبالغ التداخل مع السحر والفرق الدينية وفساد الـكـهـنـةI بـحـيـث إنـه فـشـلكذلك في تقدY أي أمل حقيقي في غـمـار الـكـفـاح الـدائـب ضـد ا)ـعـانـاة.وبينما لم يكن ا)وقف ا)نعكس في نصوص األوبانيشاد في مثل وضوح عجزا)وقفS اال^خرينI فإن جتريده الفلسـفـيI واالعـتـقـاد الـكـامـن فـي أسـاسـهبالطبيعة غير ا)تغيرة للواقعي جعلوه يبدو على نحو نسبي ال oكن االستعانةبه كأساس لطريقة لقهر ا)عاناة أو التخفيف منها. ومن هنـا فـإنـه عـنـدمـاظهر بوذاI وراح يعلم الناس أسباب ا)عاناةI والطريق إلى إنهائهاI وجد قبوال

ألفكاره.سريعا

٢ـ بدايات البوذية: قبل ا)يـالدI فـي كـابـيـال٥٦٣ جوتاما سد هـارتـا فـي حـوالـي الـعـام ـدلو

. وقد وقـاه أبـوهNepalعرف اليوم بـاسـم نـيـبـال I فيـمـا يKapilavastuفاسـتـو مشاهد ا)عاناة البشعة التي تنتشر من حولهI وتزوج زيجة سعيدة من فتـاةIالتي يعيشها أمير مـتـرف Iا)ترعة با)لذات Iوعاش احلياة ا)رفهة IجميلةIثم بعد أن تعرض )شاهد الشيخوخة Iإلى أن بلغ التاسعة والعشرين من العمروا)رضI وا)وتI وبعد أن فكر في أنه سيكـون مـن اخلـيـر اكـتـشـاف بـعـضوسائل قهر ا)عاناةI غادر قصوره وعائلته ولزم حياة الزهد. وعلـى امـتـداد

I بال طائـل.ستة أعوام مارس أشد أشكال ضبط النفس وإنكارهـا تـطـرفـاI وبينما هو على حافة ا)وتI توصل إلى أن احلقيقة اخلاصة بسببوأخيرا

ا)عاناة ووقفها لن يتم الوصول إليها بالتزام أقصى درجات الزهد. ومن هنا

Page 198: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

198

الفكر الشرقي القد

فقد عقد العزم على سلوك الطـريـق األوسـط بـS االنـغـمـاس فـي ا)ـلـذاتSالتي كان ينشدها. وطوال األربعـ Iوسرعان ما حقق االستنارة Iوالتنسك

التالية من حياته ضرب بوذا في أرجاء الهندI معلما للحقـائـق األربـععاماالنبيلة والطريق ذي الشعاب الثماني. وخالل سنوات التعليم هذهI اجتذب

ق. م. كان سلك٤٨٣بوذا العديد من األتباع. وعندما مات بوذا حوالي عـام بالفعل. كبيراالرهبان البوذيS يضم عددا

ويعتبر تاريخ البوذية بعد وفاة بوذا موضوعا بالغ التعقيدI وoكن النظرSإلى تاريخها ا)بكر من خالل التغيرات في النظام قبل انقسامه إلى حركترئيستIS هما احلركة األكثر محافظةI والتي oكن �ييزها في أدب مدرسة

Mahayana ا)عروفة باسم ا)هايانا واحلركة األكثر حترراTheravadaالثرافادا

من هذا ا)فترقI أصبح التاريخ البوذي هو ما يحدث من تغييرات. وانطالقا.Sاحلركت Sداخل كل من هات

٣ـ اجملالس البوذية:اليوجد مضمون البوذية ا)بكرةI في تعاليـم بـوذا الـفـعـلـيـة عـن ا)ـعـانـاةوإيقافها فحسبI وإ�ا كذلك في القواعد اخلاصة با)عيشة التـي طـورهـانظام الرهبان. والواقع أن التضارب في الرأي قد حدثI فيما يبدوI داخلهذا النظامI حول تفسير قواعد االنضباطI في وقت سابق للخالفات فـيالرأي حول التعاليم الدينية ـ الفلسفية. وفضال عن ذلك فإن هذه اخلالفاتIفي الرأي حول قواعد االنضباط اعتبرت أكثر خطورة من اخلالفات األخرىفقد كان موضوع االنضباط من األهميـة بـحـيـث إن اخلـالفـات األولـى فـيالبوذية وتكوين مدارس مختلفة كانت نـاجتـة فـي ا)ـقـام األول عـن اجلـدالحول هذه ا)وضوعات. وليس هذا باألمر ا)دهشI بالطبعI ففي نهاية ا)طاف

بصفة رئيسية بالقضاء على ا)عاناةI وهو أمر مرتبط بالكيفيةكان بوذا معنياالتي نحيا بها أكثر من ارتباطه بالتعاليـم الـنـظـريـة. وهـكـذا فـإن اجملـالـسالبوذية الثالثة األولى قد عقدت بهدف مناقشة اخلالفات في الرأي حول

تفسير قواعد االنضباط وحسم هذه اخلالفات.وقد عقد أول مجلس للبوذيS بعد وقت قصير من وفاة بوذا في راجاجها

RajagahaIالذي شارك فيه خمسمـائـة مـن الـرهـبـان Iووصل هذا اجمللس .

Page 199: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

199

اعتبارات تاريخية

إلى أنه ـ في معارضة االقتراح الذي يقول: }ا أن ا)علم قد مات فإن بإمكانالرهبان أن يختاروا السلوك الذي يردونه ـ توصل هذا اجمللس إلى قرار بأن

على نحو ما حددها بوذاI دو�ا حذفيتم االحتفاظ بالقواعد نفسها �اماأو إضافة.

وقد عقد مجلس ا^خرI ر}ا بعد مرور قرن من اجمللس األولI وذلك في. ومرة أخرى كانت مناسبة انعقاد اجمللس ظهور خالف حولVesaliفيسالي

االنضباطI ولكن يبدو أن عدد الرهبان الذين كانوا يريدون التخفـيـف مـن. وقد حدث االنقسام الرئـيـسـي نسبـيـاحدة القواعد كان هذه ا)ـرة كـبـيـرا

فـيدـقاألولI أما في هذا اجمللـس أو فـي اجملـلـس الـذي أعـقـبـه والـذي ع(١)I وقد أسفر هذا االنقسام عن نشأة مدرسة ا)هاسنغيكاPataliputtaبتاليبوتا

Mahasanghikaفـي كـل مـن Iوأعقبت ذلك سلسلة من االنقسامات األخرى Iالنظام القدIY وداخل مدرسة ا)هاسنغيكا. ويـظـهـر هـذا الـتـطـور اخلـاص

با)دارس اخملتلفة في الشكل اإليضاحي ا)اثل أمام القارىء.

٤Theravada and Mahayanaـ الثرافادا واملهايانا...

غير أن التعاليم الدقيقة لكل من هذه ا)دارس اخملتلفة التـزال مـوضـعشك كبيرI فال شك أنها قد تختلف إحداها عن األخرىI في أمـور تـتـعـلـقبكل من ا)ذاهب وقواعد االنضباطI ولكن الطبيعة الدقيقة لهذه اخلالفاتليست معروفة. ويرجع االلتباسI بصورة جزئيةI في هذا اجملالI إلى احلقيقةالقائلة بأنه بحلول القرن اخلامس لظهور البوذيةI فإن االنقسام الكبير لميكن إلى هذه ا)دارس العشرينI وإ�ا باألحرى إلى مدرستـي أو مـذهـبـي

على أسس دينيةI حيث تتـعـلـقالثرافادا وا)هايانا. وقد كان هذا انـقـسـامـااخلالفات الرئيسية بتفسيرات تعاليم بوذا اخلاصة بالوصول إلى النرفانا.وقد كان هناك في الثرافادا تشديد كبير على ضبط النـفـس واإلجنـاز

(مرحلة القداسة) التيArhatship (٢)الفرديI فقد كان الهدف هو اإلرهاتيةترمز إلى انطفاء نيران الشهوة والتوق لدى الفردI والتي تتحقق من خـالل

I(٣)جهود هذا الفرد. أما الهدف في ا)هايانا فهو أن يصبح ا)رء «بوذيستفا»أي كائنا مناط اهتمامه الوحيد هو مساعدة اال^خريـن عـلـى الـقـضـاء عـلـىا)عاناة. وقد � إلى حد كبير الـتـأكـيـد عـلـى الـشـفـقـةI الـتـي أبـداهـا بـوذا

Page 200: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

200

الفكر الشرقي القد

التاريخيI وكنتيجة لذلك حدث اعتماد أقل على اجلهد الفـرديI وضـبـطالنفس الفرديI واعتماد أكبر علـى اإلoـان بـبـوذا والـبـوذيـسـتـفـاتI الـذيـنسيقدمون ا)ساعدة في قهر ا)عاناة. و}رور الـوقـت دعـمـت ا)ـيـتـافـيـزيـقـااخملتلفة هذه التأكيدات اخملتلفة في إطار البوذيةI حيث دعمت ميتافيزيقانزعة الشك الفلسفيةI ونزعة السلطة ا)طلقةI اخلالص الكلي الذي oثلها)ثل األعلى للبوذيستفا (بوزذا ا)نتظر) في ا)هايانا. أما التأكيد على اخلالصالفرديI الذي oثله ا)ثل األعلى لال^هات (راهب البوذية) في الثرافاداI فقددعمته ميتافيزيقا التدفق ا)ستمر للواقعيةI على نحو ما �ت صياغتها في

.Momentarinessمذهب اللحظة ق.م٤٨٣ ق.م ومات في ٥٦٣بوذا (ولد في

ق.م)٤٨٣(اجملـلـس األول - راجـاجـراهــا ق.م)٣٨٣(اجملـلـس الـثـانــي - فــيــســالــى ق.م)٢٤٧(اجملـلـس الـثـالـث - تـبـلـيــبــوتــا

النظــام

سيثما ميرارا (ترافادا) مدارس ا)هاسنخيكا

ناتايما

هاكا

وبت ج

رمادا

شكايبه

ــ فاــــــ

شكمهي

بيتاشيا

كايكا

رانتسوت

رايابوت

سيفات

ديرستف

رفاس

يكاهد

افافاي

إكادين

اماتار

وكول

يكاكول

كوتايا

شروبهو

دينتفا

نا باج

بريكا

كايتيلو

اشبار

أيلو

اشتار

أو

رياوتا

رامد

انياراي

هادب

تاياامي

سيكا

اجشان

ت

صورة تاريخية عامة للتطور ا)بكر للمدارس البوذية

Page 201: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

201

اعتبارات تاريخية

٥ـ املدارس الفلسفية: بSعد االنقسام الرئيسي قائماهكذا فإنه بينماI من ا)نظور الدينيI ي

ا)هايانا والثرافاداI فإن االنقسام من ا)نظور الفلسفي قائم بـS فـلـسـفـاتالواقعية في مواجهة فلسفات ا)ثالية والسلطة ا)طلقة. وفلسفات الواقعيةالتي �يل إلى توحيد نفسها مع بوذية الثرافادا �ثلها مدرستا فيـبـهـشـكـا

Vaibhshika وسوترانتـيـكـا Sautrantikaوالفلسفات التي تتحـد مـع ا)ـهـايـانـا .هي:

.١Ashvaghosaـ السلطة ا)طلقة «الفجة» ـ ا)نتمية إلى اشفاجوسا ٢ـ نسبية مدرسة مدهيا ميكا.

٣ـ السلطة ا)طلقة ا)ثالية )درسة اليوجاكارا.Iوقبل مواصلة رسم صورة تاريخية عامة للمدارس الفلسـفـيـة الـبـوذيـةينبغي اإلشارة إلى أن تقسيم البوذية إلى مدارس دينية وفلسفية هو تقسيمتعسفيI إلى حد ماI ومن الضروري التشديد علـى أن هـذا الـتـقـسـيـم أمـرtكن من منظور معS فحسبI وهو في هذه احلالة منظور يتم افتراضـهSالتي يتم القيام بها عادة بـ Iفي ا)قام األول على أساس عمليات التمييزديانات الغرب وفلسفاته. والبوذية باعتبارها الظاهرة الثقافية احلية للشرق

من الدين والفلسفةI وإ�ا هيI كالليست فلسفة وال ديناI وهي ليست حقا ال تنطبق عليها. وقدشار إليها ا^نفاببساطةI البوذية. وعمليات التمييـز ا)

شبه البحث عـن ا^ثـاريحسن القول إن البحث عن فلسفة مـا فـي الـبـوذيـة يIذلك أن البوذية هي في جوهرها طريقة حيـاة Iانطالق الطيور في الهواء

وليست فلسفة تدور حول احلياة.ولكن إذا سلمنا بهذا فإن البوذيةI باعتبارها طريقة حياةI تظل قـائـمـةعلى تصورات معينة للطبيعة البشرية والعالم. واحلقيقة القائلة بأن البوذيةتفترض بصورة مسبقة تصورات فلسفية معينة تعني أن أحد الطرق ا)فضيةإلى فهم البوذية oر بتحليل هذه التصورات. غير أن من ا)هم أال نـخـلـطبS التصورات ا)يتافيزيقية ا)وجودة فـي فـلـسـفـات الـبـوذيـة وبـS «جـوهـرالبوذية»I ذلك أن هذا األخير يتمثل في فهم ا)عاناة والقضاء عليهاI وليسفي تصورات عن اإلنسان والعالم. ولكن فهم التصورات ا)تضمنة في البوذيةoكن أن يفضي با)رء إلى إدراك األسس ا)نطقـيـة لـلـبـوذيـةI ويـجـعـل مـن

Page 202: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

202

الفكر الشرقي القد

ا)مكن الوصول إلى تقوY فلسفي لهذه القواعد األساسية. هي أولى ا)دارس الفلـسـفـيـةVaibhashikaI (٤)ور}ا كانت الفيـبـهـاشـكـا

حيث إن كل ا)ـدارس األخـرى تـشـيـر إلـى تـعـالـيـم هـذه ا)ـدرسـة. وتـكـشـفاالنـتـقـادات الـواردة فـي ا)ـدارس الـبـوذيـة األخــرىI وكــذلــك فــي ا)ــدارسالهندوسية عن أن الفيبواشكا قد ذهبت إلى القول بأن العالم مصنـوع مـنذرات في حالة حركة مستمرةI وكذلك أن هذا العالم oكن إدراكه مباشرةعلى نحو ما هو موجودI ولكن الفالسفة ا)نـتـمـS إلـى هـذه ا)ـدرسـة غـيـر

.Sمعروف بدورها أقدم من ا)دارسSautrantika (٥)ور}ا كانت مدرسة السوترانتيكا

األخرى ا)نتمية إلى ا)هاياناI ولكن الفالسفة الذين عرفوا باتصالهم بهـذه واليوجـاكـاراMadhymikeا)درسة هم من معاصري فالسفة ا)ـدهـيـامـيـكـه

Yogacara ور}ا عاشت كومارالبدها IKumaralabdheوهو معاصر للراهب I في القرن الثاني ا)يالديI ور}ا لم يـكـنNagarjunaالفيلسوف ناجارجونـا

أول فالسفة هذه ا)درسةI ولكنه أقدم فالسفتها ا)ـعـروفـS لـديـنـا الـيـوم. الذيVasubandhaومن الفالسفة اال^خرين ا)رتبطS بهذه ا)درسة فاسبندو

» كموجز للفلسفةAbhidharma Koshaألف الكتاب الشهير «األبهيدارماكوشا الواقعية ر}ـا فـي وقـت يـعـود إلـى الـقـرن اخلـامـس ا)ـيـالديI ويـاسـومـتـرا

Yasomitraذلك العمل. ومن مناطقه هذه ا)درسة الذي كتب شرحا على م الذي عاشت في القرن التاسع ا)يالدي.Dharmottaraدارما أوتار

عن اال^راء ا)اثلة في(٧) واليوجاكارا(٦)ور}ا تطورت فلسفتا ا)دهياميكاLan Kavatara Sutra و «الالنكافتاراسوترا Ashvaghosaفلسفات أشفاجوسا

». وقد صاغ اشفاجوسا فلسفة الواقعية «الفجة» الـتـي قـال بـهـا فـي وقـتيعود إلى القرن األول ا)يالدي. وتؤكد هذه الفلسفة دور الوعي في ا)عرفة

. وكـذلـك شـددتوالـفـهـمI وتـشـيـر إلـى عـدم إمـكـان مـعـرفـة الـواقـع �ـامــا«الالنكافتارا سوترا» على نشاط العقـل فـي الـتـجـربـةI ور}ـا كـانـت أسـبـق

عهدا من أشفاجوسا.I منوتركز مدرسة ا)دهياميكا على عدم إمكان معرفـة الـواقـع �ـامـا

خالل وسائل ذهنية وحسيةI وهي على هذا النحو مدرسة لـنـزعـة الـشـكالفلسفية. غير أنها ليست مدرسة للشك ا)فرطI ذلك أن الواقـع الـذهـنـي

Page 203: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

203

اعتبارات تاريخية

والنشاط الذهني اليتم النظر إليهما على أنهما الواقع النـهـائـي. وقـد كـان أقدم وأعظم فالسفة ا)دهياميكاI ور}ا ينبغـي أن يـوضـع(٨)ناجاحرجونـا

زمنيا في منتصف القرن الثاني ا)يالدي. وكتب تلـمـيـذه أريـاديـفـا شـروحـاعلى متون بعض أعماله. وفالسفة هذه ا)درسة الالحقون الذين اجتـذبـوااالهتمام في الهند والصS هم كومارجيفاI الذي عـاش فـي الـقـرن الـرابـعا)يالديI وبوداباليتا وكندراكرتيI وقد ازدهرا كالهما في حوالي منتصف

القرن السادس ا)يالدي. العديد من ا)عتقدات الواردة فيYogacaraو�ثل مدرسة اليوجاركارا

«الالنكافتاراسوترا» حيث إنها تؤكد على نشـاط الـعـقـل ـ مـع اسـتـبـعـاد كـلماعدا ذلكI بحسب ما يقول نقادها. وقد كان مذهب «العقل وحده» الذيقال به فاسوبند وفي إطار هذه ا)درسة هو الذي أثار معظم االنتقادات منجانب الفالسفة خارجها. وهذا الفيلسوف هو نفسه الذي خلص الفلسفةالواقعية اخلاصة بالسوترانتيكا. وقد اجتذبه من السوترانتيكا إلى اليوجارا

. وحتى قبل أساجنا هناك فـيـلـسـوف يـدعـىAsungaأخوه األكبر أسـاجنـا مترياناتا كان ينتمي إلى هذه ا)درسة.

Iوهو أحد تالميذDinnagaواكتسبت فلسفة اليوجاكارا على يد دنـاجـا فاسوبندوI تأكيدا على ا)نطق جعلها أقرب إلى مدرسة السوترانتيكا. ودناجاودارما كتري وداروموتارا هم جميعا مناطقة يـبـدو أنـه كـانـت لـهـم فـلـسـفـةوسيطة بS مدرستي السوترانتيكا واليوجاكارا. وفي بعض األحيـان يـشـار

. ومنSvatantra Yogacaraإلى هذه الفلسفة باعتبارها سفاتنـتـرا يـوجـاكـارافالسفة اليوجاكارا الالحقS شنتراكشيتا وكاماشيال.

بدأت الفلسفات البوذية من الهند بعد القرن التاسع. وعلى الرغم مـنSحيث انتشرت البوذية إلـى الـصـ Iأن النشاط الفلسفي البوذي لم يختفوأجزاء أخرى من ا^سياI فإنه لم يـحـدث مـجـددا ذلـك الـنـشـاط الـفـلـسـفـيا)كثف والنقدي حول البوذيةI والذي شهدته القرون الثالثة عشـرة األولـىمن ا)رحلة البوذية في الهندI ومن ا)تعذر حتديد ما إذا كان عدم رغبة أحد

إلى الشعورفي أن يكرس حياته للنشاط العقلي اخلاص بالتفلسف راجعـاالواسع االنتشار بعدم قدرة العقل على حل ا)شكالت ا)تعلقة بالواقع النهائي

للميول األكثرالذي أصبح بالغ الوضوح في ذلك الوقتI أو ما إذا كان راجعا

Page 204: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

204

الفكر الشرقي القد

عملية للروح الشرقي خارج الهند. ولكن على الرغم من أن البوذية كطريقةحياة كانت قوية تعهدهاI أو أقوى tا كانت عليهI فإن ذروة الفلسفة البوذية

في الهند كانت قد انتهت بحلول عام ١٠٠٠م.

Page 205: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

205

اعتبارات تاريخية

الهوامش

: وفقا للتصورات التقليدية فإن أصحاب هذه ا)درسة الذين يعنيMahasang hika(١) ا)هاسنغيكا اسمهم حرفيا أتباع النظام العظيم أو اجمللسI قد انفصلوا عن البوذيS اال^خرين في القرن الثالثقبل ا)يالدI فيما ر}ا كان االنقسام األصلي للبوذيةI وتركز تأكيدهم على مجتمع أكثـر انـفـتـاحـا

من أ�اط االنضباط ورؤية ميتافيزيقية محددة لبوذاI وتشدد ال على بوذاوعلى �ط أقل تشدداالتاريخيI وإ�ا على بوذا التجاوزيI أي الذي يتجاوز العالمI ويخاطب البشرI لكـنـهـم اليـدركـون

حديثهI إال بحسب درجة نقاء كل منهم. (ا)ترجم). يترجمها عبداحلميد سليم في كتاب «فالسفة الشرق» لتوملS بالقدسية.Arhatship(٢) االرهاتية

(ا)ترجم). : ا)عنى احلرفي هوبوذا ا)نتظرI أو الشخص الذي oضـي فـيBODHISATTAVA(٣) بوذيستفا

بأن يكون بـوذا.طريقه إلى أن يكون بوذاI حيث وصل إلى مرحلة ما قبـل االسـتـنـارة وغـدا وعـداIكن القول بأن ا)قدمة اجلوهرية )ثال البوذيستفا األعلى هي ضرورة أن تتم فـي نـفـس ا)ـرءoوعملية توليد لفكر االستنارة وحتمية الوفاء بالتعهد بأن يغدو ا)رء هو نـفـسـه بـوذاI مـتـخـلـيـا عـنالدخول إلى النرفاناI ليظل في العالمI مادامت هناك مخلوقات يتعS إنقاذها من ا)عاناة. (ا)ترجم).

: مدرسة البوذيS الذين يقيمون صرح تصوراتهم على أساس الواقعيةVaibhashika(٤) الفيبهاشكا ا)باشرة. (ا)ترجم).

: مدرسة بوذية تقوم على الواقعية االنتقاديةI وكمـا يـوحـي اسـمـهـاSautrantika(٥) السوترانتيـكـا Iويرد القائلون بها مدرستهـم إلـى أنـانـدا Iفإنها تركز على األجزاء األخيرة من النصوص البوذيةوهم من أتباع بوذا ا)قربIS وهذه ا)درسة على جانب كبير من األهمية ألن ما ذهبت إليه من ا^راء

كان مقدمة )درسة فيجنانفادا. (ا)ترجم). : إحدى أبرز مدارس البوذية ا)اهايانيةI وتتمـيـز بـوقـوفـهـا مـوقـفـاMadhyamika(٦) ا)دهياميـكـا

وسطاI بS الواقعية وا)ثالية في الفلسفة البوذية. (ا)ترجم). : مدرسة مثالية في البوذية ا)اهيانيةI عرفت بهجومها النـقـدي احلـادYogacara(٧) اليوجاكارا

على ا)دارس البوذية األخرى. (ا)ترجم). : يعد من أبرز ا)ناطقة الهنودI وعلى الرغم من أن ا)ؤلف يرجح ازدهارهNagarjuna(٨) ناجارجونا

في القرن الثانيI إال أن هناك من يقول بازدهاره في القرن الثالـثI وحتـاول تـعـالـيـمـه وتـعـالـيـم إقرار موقف وسط بS االجتاهS ا)تطرفS ا)تمثلS في الوجودAryadevaتلميذه ا)قرب ارياديفا

Iوذلك من خالل الكشف عن الطبيعة ا)تناقضة للفلسفات اخملتلفة Iأو اإليجاب والسلب Iوالعدموذلك دون أن يتخذا موقفا يتسم باجلمود. (ا)ترجم).

Page 206: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

206

الفكر الشرقي القد

Page 207: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

207

طبيعة النفس

طبيعة النفس

تندرج ا)ضامS الفلسفية الرئيسيـة لـلـتـعـالـيـماألــخالقـــية ـ الدينـيـــــــة لـلـبـــــوذيـة فـي مـذهـبـــــــي

).Anicca (٢)) والزوال (أنيكاAnatta (١)الالنفـس (أناتاوكل من هذين ا)ذهـــــبـS يـدعـمـــــه بـدور. مـبـــــدأالنشــوء ا)عتمد على غيــــــره (بـاتـيـــــكـا ســـامـوبـادا

Paticca Samuppadaوالـذي وفـقـــــــا لـه فـــــإن كـــل I(مـــاهـو موجود يتغير على نحو مستمر ويعتمد علىكـل شـيء ا^خـر. والـفـارق األسـاســي بــS مــذهــبــي«الالنفس»I و«الزوال»I هو أن ا)ذهب األول يشيـرإلى ال جوهرية النفسI بينما ا)ذهب الثاني يشيـرإلى ال جوهرية األشياء في العالم. ويفترض كل منا)ذهبS بصورة مسبقة نظرية النشوء ا)عتمد على

غيره.ومع تطور البوذيةI خضع مبدأ النشوء ا)عتمـدعلى غيره لتفسيرات مختلفةI ثم استخدمـت هـذهالتفسيرات لدعم النظريات اخملتلفة اخلاصـة بـالجوهرية األشياء والنفس. وoكن دراسة الفلسفاتالبوذية األساسية بالـقـيـام أوال بـبـحـث الـنـظـريـاتا)تعلقة بالنفسI ثم النـظـريـات ا)ـتـعـلـقـة بـطـبـيـعـةاألشياء في العالم. وفي هذا الفصل سنبحث وجهات

النظر اخملتلفة حول النفس.

12

Page 208: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

208

الفكر الشرقي القد

١ ـ املبادىء الرئيسية:يعتمد الدواء الذي أوصى به بـوذا لـعـالج شـرور احلـيـاةI عـلـى حتـلـيـلـهألسباب هذه الشرور. فقد أوصى بالطريق النبيل ذي الشعاب الثمانيI ألنههو ما �س احلاجة إليه القتالع أسباب ا)عاناة من جذورهـا. وال شـك أنعبقرية بوذا الدينية هي التي مكنته من تشخيص أسباب ا)ـعـانـاة ووصـفIولكن كال من اكتشاف أسباب ا)عاناة ووصف الدواء الشافي Iالدواء ا)ناسب

يعتمد على احلقيقة النبيلة الثانيةI التي تقول إن ا)عاناة لها أسبابها.والتعرف على أن للمعاناة أسبابها يعكس فهما للعالقات بـS األحـداثواألشياء في العالمI وينعكس الفهم البوذي لهذه العالقات في نظرية النشوءا)عتمد على غيره (باتيكا ساموبادا) التي تذهب بصورة تقريبية إلى القولإن كل ماهو كائن يعتمد على شيء ا^خر. وصياغة هذه النظـريـة هـي عـلـى

النحو التالي:١ ـ إذا كان هذا موجوداI فإنه يصبح شيئا ما.

Page 209: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

209

طبيعة النفس

٢ ـ من نشأة هذا ينشأ ذاك.٣ ـ إذا لم يكن هذا كائناI فإنه ال يصبح شيئا ما.

٤ ـ متى توقف هذا توقف ذاك.وهناك العديد من السمات لهذه الرؤية للنشوء ا)عتمد على غيرهI علينا

مالحظتها قبل تطبيق هذه النظرية على حتليل للنفس.أوال: إذا كان كل ماهو كائن معتمد على ا^خرI فإن ذلك يعني استبعاد أينوع من السببية يتخذ شكل اخلط ا)ستقيم. فليست هناك كائنات مستقلةمسؤولة عن وجود كائنات تابعة. وعلى سبيل ا)ثالI فإن فكرة التأليه التيIتقول إن كائنا واحدا مستقال على نحو مطلق ـ اإلله ـ قد خلق بقية ا)وجوداتوأن هذا الكون اخمللوق يعتمد في وجوده على اإللهI هي فكرة ال معنى لهامن وجهة النظر البوذية اخلاصة بالنشوء ا)عتمد على غيـرهI بـل بـاألحـرىفإن كل ماهو مخلوقI يخلق كذلك وتسير عمليـات اخلـالـق واخملـلـوق عـلـى

نحو متزامن بال بداية وال نهاية.ثانيا: كنتيجة لالعتماد ا)تبادل من قبل كل الكائـنـاتI يـنـتـج أنـه مـامـنكائنات «مخلوقة من قبل اال^خر» وحده وإ�ا الكائنات تخلـق نـفـسـهـا عـلـىنحو متبادل. والعمليات ا)تواصلة التي تشكل الكون معتمدة بـعـضـهـا عـلـىالبعض اال^خرI وتتبادل التأثير والتأثر. وكل جانب من جوانب هذه العملية

يشارك في خلق اجلوانب األخرى منها.Iثالثا: تستبعد النظرية البوذية اخلاصة بـالـنـشـوء ا)ـعـتـمـد عـلـى غـيـرها)فهومS العاديS للزمان وا)كانI وهذان ا)فهومان يعتمدان عـلـى مـوضـعالكائنات ا)ستقلة ودعومتها. واخلصائص ا)كانية مستمدة من مقارنة موضعكائن واحد بالنسبة لغيره. واخلصائص الزمانية مستمدة من مقارنة عمـركائن با^خر. ولكن وفقا لنظرية النشوء التابع ليست هناك كائنات مستقـلـةبعضها عن البعض اال^خرI وإ�ا هناك عمليات قوامها عناصر يعتمد أحدهاعلى اال^خر. وللواقع طبيعة العملية التـطـوريـةI أمـا «األشـيـاء» فـهـي مـجـردجتريداتI ومن هنا فإنها بدورهـا يـنـبـغـي أن تـنـدرج فـي فـئـة اجملـردات الاحلقائق الواقعيةI فليست هناك موجوداتI وإ�ا هناك صيرورة فحسب.رابعا: التعريفات ا)ناسبة مستحيلة. فإذا قلنا إن الكون يتألف من أشياءكاملةI ومستقلة على نحو نسبيI كان من ا)مكن تعريف األشياء التي تشكل

Page 210: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

210

الفكر الشرقي القد

Iالكون تعريفا مناسبا. ولكن عندما يعتبر الكون منتميا إلى الطبيعة التطوريةفإن التعريفات ال تغدو tكنةI ذلك أنه كـائـنـا مـا كـان مـا قـد يـعـرف فـإنـهIوليس إلى واقع التطـور الـراهـن Iسينتمي إلى ا)راحل ا)اضية من التطوروفضال عن ذلك فإنه بسبب ترابط كل شيء فإن تعريف شيء معIS يتضمن

تعريف كل شيء ا^خر.

٢ ـ النشوء التابع وعجلة الصيرورة:جتنب البوذيون ا)فهوم الطولي للزمان وا)كانI ورسموا على نحو بـارعاحللقة ا)تصلة والالمتناهية للتطورات التي تشكل الواقعI وذلك باستخدام

) اجلوانب الكبرىBhavackraشكل العجلة. و�ثل عجلة الصيرورة (البهافكارا للمسار ا)تصل الذي يشكل من ندعوهI عادةI بالشخصI وهي في جوهرهاتطبيق لنظرية النشوء التابع (أو ا)عتمد على غيره) على ا)سار الذي يشكلالنفسI و�ثل محاولة إليضاح أسباب ا)ـعـانـاة. ومـراحـل الـصـيـرورة الـتـيتشكل الشخص الذي يتعرض للمعاناة �ثل عادة على نحو ماهو موضح في

الرسم ا)اثل بS يدي القارىء.) في دائرة احليـاة الـتـي تـصـورهـاDukka (٣)يرمز إلى ا)ـعـانـاة (الـدوخـا

العجلة بالشيخوخة وا)وت. وال يعني ذلك أن الدوخا تتمثل في الشيخوخةIبصفة خاصة Sمرهوبت Sوإ�ا باألحرى }ا أن هناك علت Iوا)وت فحسبفإنهما تخدمان أغراض التحليل على نحو جيد بتمـثـيـل كـل شـرور احلـيـاة

يعتمد الشيخوخة وا)وت? واإلجابة هيالموعللها. واال^ن يطرح التساؤل: عأن ا)وت يوجد اعتمادا على نشأة ا)يالدI ذلك أن ا)وت يتبع ا)ـيـالدI كـمـايتبع الليل النهارI وبغير ميالد لن يكون هناك موتI وا)يالد لن يحدث مالم

) تتيح ا)يالد. وبدورها فإن «قوىBhavaتكن هناك «قوى الصيرورة» (بهافا الصيرورة» تعتمد فى وجودها على التشبث باحلياة والتمسك بهاI فالتشبثIوالرغبات تعتمد على اإلدراك Iكن أن يوجدا من دون الرغبةo والتمسك الواإلدراك يتبع االنطباعات احلسيةI التي لن تكون tكنة دون أعضاء احلواسالست. وتعتمد احلواس الست بدورهـا عـلـى الـعـقـل واجلـسـم (نـامـا ـ روبـا

Nama - Rupaوالوعي يعتمد Iولكن إعمال العقل واجلسم يعتمد على الوعي (على دوافع الفعلI ذلك أن الوعي هو على نحو جلي نـشـاطI ودون الـدافـع

Page 211: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

211

طبيعة النفس

للفعل ال oكن أن يكون هناك وعيI وهذه ا)راحل والـتـطـورات واألنـشـطـةكلها التي تشكل حياة الفرد ال oكن أن تنتمـي إلـى الـنـفـس إال لـدى وجـوداجلهل. واجلهل بدوره يعتمد على العناصر السـابـقـة فـي الـدائـرةI وهـكـذا�ضي الدائرة بغير بداية وال نهاية. وكل مرحلة أو عنصر جتلبه بال هوادةمراحل أو عناصر أخرىI جتلبها بدورها مراحل أو عناصر أخرىI ويشكلIالـذي ال يـنـتـهـي Iعناصر الوجود اخملتلفـة ا)ـسـار ا)ـتـصـل Iنشوء وسقوطIإذ يـولـدون Iوالذي يشكل الواقع. والبشر واقعون في قبضة هـذه الـدائـرةويعانونI وoوتونI ويولدونI ويعانون وoـوتـون مـرة بـعـد األخـرىI واحلـيـاةجتلب ا)وتI وا)وت يجلب احلياةI حيث إنهما ليسا إال مرحلتS في العملية

األبدية.وعلى الرغم من أن كل العناصر التي تشكل كائنا ما متداخلة ومترابطةوتشكل عملية واحدة مستمرةI فإن عنصر اجلهل ينظر إليه عادة باعتبارهالسبب اجلذري للعمليات التي تسبب ا)عاناة. وبالتالي فإن عجلة الصيرورةoكن كذلك تفسيرها من خالل البدء با)عاناةI ثم نحصلها في نظام أبعـدفي ا)ستقبل. وعندما يتم القيام بذلكI فإن الصور ا)نـعـكـسـة تـكـون عـلـىالنحو التالي: اجلهل يجعل دوافع الفعل tكنةI ودوافع الفعل جتعل الوعيtكناI وهذه العناصر معا جتعل نظام العقل واجلسم tكناI وفي حضورالعقل واجلسم فإن استخدام احلواس الست يغدو tكناI األمر الذي يجعلاالنطباعات احلسية tكنةI وهذه األخيرة جتعل اإلدراك tكناI وهو يفضيإلى الرغبة في حتقيق ما يتم إدراكه أو في جتنبهI والرغبة تفتـح الـطـريـقأمام التمسك باحلياة والتشبث بها في جوانبها اخملتلفةI األمر الذي يتـيـحبدوره قوى الصيرورةI التي من دونها لن تولد النفسI ودون ميالد النفس لن

تكون هناك معاناة.ومن ا)عتادI لدى التعليق على عجلة احلياة وإيضاحهاI أن تقسم العناصر:إلى عناصر متعلقة باحلياة الراهنةI وعناصر متعلقة با)اضيI وعناصرمتعلقةبا)ستقبلI بحيث يعتبر اجلهل ودوافع الفعل أسبابا من ا)اضيI وينظر إلىا)يالد والشيخوخة وا)وت على أنها نتائج تقع في ا)ستقبل. وتشكل العناصراألخرى وجود الفرد الراهن. ولكن هذا التقسيم إلى ماض وحاضر ومستقبلهو تقسيم مضلل إلى حد ماI ففي نهاية ا)طاف إذا كانت النـفـس تـنـتـمـى

Page 212: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

212

الفكر الشرقي القد

Sفليســت هــــناك خطــوط حــــــــادة تـفـصـــــــل بـ Iحقا إلى طبيعة التطـــورا)اضــــي واحلاضر وا)ستقبلI ذلك أن ا)اضي واحلاضر وا)ستقبل ال تنطلقإال من منظورات معينة متعسـفةI ينجـــم عنها تأكيد «الـشـيـــئـيـــــة» ولـــيـس

الطبيعة التطورية للواقع. وoكن إدراك هذا في يسر من مالحظة أن من نسميه بالشخص ما أنيولد حتى يبدأ في ا)وتI ومسار العمر الذي يصل إلى ذروته في ا)وت كانقد بدأ بالفعل أثناء احلمل. ولكن في اإلطار نفسه فإن مسار العمر وا)وتهو أيضا جزء من عملية احلمل وا)يالد. وقد يقالI في الواقعI إن اجلهـلبهذا ا)سار وما يعقبه من تقطيع التطور إلى شرائح ـ ينظر إليها على أنهامستقلة إحداها عن األخرى ـ يكمنI أساسـا فـي قـرار الـتـشـبـث والـتـمـكـناللذين يفضيان بصورة حتمية إلى ا)عاناةI وذلك يعني أن الفرد ليسI على

الدوامI على انسجام مع الواقع.تنشــأ التقسيـمـات إلى ماض وحاضــــر ومستقبـــل من تبنــــــي وجـهـــــةنظر متعسفة تنظـر إلى الواقـــع كـمـا لـو كـــــان مـجـــزأ إلـى قـطـع أو أشـيـاءمتميزة ومنفصــلةI ال النظر إليـــه على أنه عمليــة منـدمـجـــــة ال تـتـجـــــزأ.ولكن تقسيــم الصيـــرورة إلى اثنــي عشر عنصــرا �ثـــــلـهـا الـعـجـلـة oـثـلكذلك وجــهة نظر تعسفــيةI فهنـــــاك فـي الـواقـع عـدد غـيـــــر مـحـدود مـنIكن التمييز بينها في مسـار الـتـطـور الـذي يـشـكـل الـفـردo العوامـــل التيدو�ا وجود خطوط واضحة للفصل بينهاI ومن هنا فإن قائـمـة الـعـنـاصـرهذه ال ينبغي النظر إليها باعتبارها قائمة كاملة من عناصر الواقع ا)نفصلة.وإ�ا يتعS بدال من ذلك النظر إليها على أنها محاولة إلحداث انتقال منموقف يجزىء الواقعI ويجعل من ا)مكن التشبث والتمسك بهI إلى موقـفمتسق مع التدفق ا)ستمر للواقع. وا)وقف األخير ال oكن أن نتمثـلـهI فـيذاتهI على نحو مناسب تصورياI ذلك ألن ا)نظور التصوري بأسره يـعـتـمـدعلى موقف قوامه أن الواقع ينتمي إلى طبيعة الوجود أكثر tا ينتمي إلىطبيعة التطورI وال oكن للتصورات أن تكشفI على نحو منـاسـبI إال عـنالواقع الساكن. غير أنها oكن أن تشير إلى (وال تـعـبـر عـن) نـوع ا^خـر مـن

الواقع.وإذا حرصنــــا على عدم النظـــر إلى صــورة الواقـــعI التي �ـثلها عجـلـة

Page 213: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

213

طبيعة النفس

الصيرورةI على أنها الكلــمة واحلقيـــقة األخـيـــــــــرةI فـيـــمـا يـتـعـلـــــق بـهـذاا)وضــــوعI فإن هناك مزالق أخرى يتعS على ا)رء جتنبهاI لدى تأمل رمزالعجلة هذاI فسوف يكون من السهل االنـزالق إلـى االعـتـقـاد بـأن الـبـوذيـةعدمية بصورة أساسيةI إذا توصل ا)رء إلى تأويل خاطىء ألسباب ا)عاناةوسبيل إزالتها. فإذا كان الشيخوخـة وا)ـوت يـتـبـعـان ا)ـيـالدI وإذا � وقـفا)يالد فإن الشيخوخة وا)وت سيتم وقفهما. أليس هذا ما كان بـوذا يـقـومبتعليمه? «ارصدوا العناصر التي تعتمد عليها ا)عاناةI وأزيلوهاI وسيجـلـب

هذا إزالة ا)عاناة».صحيح أن بوذا كان يقوم بتعليم الناس أن إزالة أسباب ا)عاناة ستـؤديإلى إزالة ا)عاناةI ولكن ال ينبني على هذا أنه ذهب إلى القول إن الال وجودهو طريق الالمعاناةI فحق إذا أخذنا األمر على عالقة من الناحية الشكليةلبدا لنا بوضوح أن تعليم الناس أن الالوجود هو السبيل إلى الالمعاناة هو

I ومن ذا الذي سيسـتـجـيـب لـهـذا الـقـول كـسـبـيـل إلـىAbsurdلـف مـحـال خاخلالص? ويوضح لنا التاريخ أن البوذيـة قـد رحـب بـهـا مـئـات األلـوف مـناألشخاص على امتداد قرون عديدة كتعاليم منقذة. وإذا لم يـكـن بـوذا قـدقام بتعليم العدمية فما الذي قام بتعليمه? وبناء على «عدم ماذا» سيحدثعدم ا)عاناة? من الضروري لإلجابة عن هذا السؤال تأمل ا)فهوم الـبـوذي

اخلاص بطبيعة الشخص.

٣ ـ وقف عجلة الصيرورة:عندما نتحدث عادة عما يكون الشخصI وبصفة خاصة حينما نتحدثعما يكوننا نحنI فإننا نفترض أنه باإلضـافـة إلـى اخلـصـائـص اجلـسـمـيـةوالذهنية التي تشكل الفردI فإن هـنـاك كـذلـك ذاتـا أو «أنـا». هـكـذا فـإنـنـانقول: «أنا سأقوم بذلكI أنا سأقوم بهذا» إلـخI ويـطـرح الـقـول بـأن أشـيـاءمختلفةI }ا في ذلك أجسامناI وعقولناI تنتمي إلى الشخصI ونقول «إنـهجسمي» أو «إنني أقوم بإصالح ذهنـي» إن هـذه الـذات ـ أو األنـا هـي الـتـيتنسب إليها ا)عاناةI على نحو مانقول مثال: «إنه أمر رهيبI فـقـد أبـلـغـنـيالطبيب لتوي بأنني سأموت بالسرطانI وهذا هو السبب في أننـي أعـانـيأشد ا)عاناة». ومن اجللي أنه إذا لم تكن هناك ذات ـ نفـس أو «أنـا» ـ فـلـن

Page 214: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

214

الفكر الشرقي القد

تكون هناك معاناةI ذلك أن ا)عاناة هي دائما معاناة ذاتI وهي دائما تنتميإلى شخص ما.

ما أساس االعتقاد السائد بوجود ذات ـ أو أنا? هذا هو الـسـؤال الـذييكمن في قرار التحليل البوذي للذاتI الذي يتم القيام به النتزاع األوضاع

تشير إلـىAnattaالتي تعتمد عليها ا)عاناة من جذورها. إن نظريـة األنـاتـا الال ذات أو إلى األنا التي تنعتق من ا)عاناة ويتم الوصول إليها بالتغلب على

التعلق بـ «األنا». وعلى نحو ما قال بوذا: قد حقــق اخلـــالصI وحتـــــررTathagata«من هنـــا أقول إن تاثاجاتــــــا

مــن التعلقI بقدر ما في كل تخــيل أو إثـــارةI أو تفكيــر متبــاه حــول األنا أوأي شيء يتعلـــق باألناI وتالشــىI أو توقـــفI أو تــم التخلي عـنـهI والـتـنـكـر

له».ولكن من ا)ؤكد أنه ألمر ينطوي على مفارقة بالنسـبـة ألي شـخـص أنيقول إنه ليس موجودا. ومن اجللي أن القول: «إنني لست موجودا» ال يعنيطرح أي شيء على اإلطالقI حيث إن هذه ا)الحظة تنفي ذاتهاI حيـث إنالكائن الذي ال وجــود له ليس }ـقـدوره طـرح أي شـيءI والـكـائـن ا)ـوجـودسيؤكد الوجود باإلدالء بالطرح. وبالتـالـي فـإن الـطـرح الـبـــوذي الـقـائـل إنالنفس ال وجود لها ال يعني أنه ليس هناك وجود فرديI أو أن الشخص ال

وجود له.ويبــــــدو معقـوال أكثـــــر أن ننظــر إلـــــى مـالحـظـة مـثـــل «إنـنـي لـســـــتموجـــودا» باعتبارها محاولة جلذب االنتـــباه لقـــــــول ا^خـر سـيـقـولـه ا)ـرء.فعلى سبيل ا)ثال قد يذهب ا)رء بصــورة معقــولةI إلى القـول إنـنـي لـسـتموجودا كجوهر مستقل عن العمليات التي تشكلني. وهذا ليس حديثا عن

I وإ�ا هو حديثI عن وجـودي بـاعـتـبـاره «كـذا وكـذا»Per seوجودي بـذاتـه وهذان أمران مختلفان أ� االختالف.

واحلديث البوذي الذي يدور حول الالذات هـو طـرح عـن عـدم الـنـفـسباعتبارها «إضافة إلى» أو «جزءا من» العناصر اخملتلفةI الـتـي يـقـال عـادةإنها تنتمي إلى الذات. وهوI بوضوحI ليس طرحا عن عدم العنـاصـر الـتـيتشكل الشخص الفردI وهذا واضح من رد بوذا على السؤال الـذي طـرحـه

حول ما إذا كانت لدى تاثاجاتا نظريات خاصة (عن طـبـيـعـة(٤)فكشاجوتـا

Page 215: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

215

طبيعة النفس

الذات). حيث كان رده كالتالي:I متحرر من كل النظرياتI لكنهI يا فكشاVacchaI«إن تاثاجاتا ـ يا فكشا

وكيف يفنىI طبيـعـة اإلدراك احلـسـي وكـيـف يـنـشـأ وكـيـف يـفـنـىI طـبـيـعـةاالستحداث ا)سبقةI وكيف تنشأ وكيف تفنى».

ويكشف هذا الرد عن أن بوذاI بدال من بحث النظريات اخملتلفة اخلاصةبجوهرية النفسI ألقى نظرة طويلة ومتعمقة على مايـكـون الـشـخـصI ولـمI«كن أن تشير إليه كلمة «الـنـفـسo Iيجد شيئا عقليا زائدا أو بدنيا زائداوباألحرى لدى حتليل األمر بدا واضحا أن الشخص يشكله عدد كبير مـنالعملياتI وهذه العمليات oكن جتميعها معاI لكي نريح أنفسناI على النحوالذي أشار إليه رد بوذا عن السؤال الذي طرحه فكشا جوتا. وoكن بصورة

تخطيطية تقدY هذا التحليل للشخص على النحو التالي:

وكل األشياء اخملتلفة الـتـي oـكـن أن تـقـال عـن شـخـص مـا تـدور حـولعملية أو أخرى من هذه العمـلـيـات. ومـا مـن شـخـص يـقـوم بـأي نـشـاط الينتمي إلى مجموعة أو أخرى من هـذه اجملـمـوعـات. ولـكـن إذا لـم يـكـشـفIحتليل الشخص عن أي شيء ا^خر غير هذه اجملموعات اخلمس من العملياتفأي أساس هنالك للقول بوجود مكون ا^خرI هو النفس أو «األنا»? إننا نقولعادة إن اجلسم أو العادات أو األفكار اخلـاصـة بـشـخـص مـا «تـنـتـمـي إلـىنفسI وهكذا نشير إلى أنه باإلضافة إلى ماهو tلوك هناك مـالـك لـهـذه

الشخص

)Rupaالعمليات البدنية (روبا

العمليات الذهنية

)Vedantaاالحساس (فيدانتا

)Sana االدراك احلسي (سانا

)Sankharaدوافع الفعل (سنخارا

)Vinnanaالوعي (فينانا

Page 216: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

216

الفكر الشرقي القد

العمليات. غير أنه من الواضح لدى التحليل أن تلك طريقة في التعبيرI والoكن النظر إليها كبرهان على وجود نفس باإلضافة إلى اجملموعات التي

تشكل الشخص.ومن ا)مكن اال^ن أن نكون أكثر وضوحا فيما يتعلق }ا يقصد على وجه

أو الالذاتI التي تنكر جوهرية النفس. فـهـذهAnattaالدقة بنظرية األناتـا النظرية تنكر وجود النفس فقط عندما ينظر إلى كلمة «النفس» باعتبارهاشيئا ما يضاف إلى مجموعة العوامل التي تشكل الشخص. ونظرية «األناتا»ال تنكر وجود نفسI عندما ينظر إلى كـلـمـة «نـفـس» عـلـى أنـهـا تـشـيـر إلـىاجملموعات اخلمس التي تشكل الشخص وحدها. وهكذا فإن مذهب «األناتا»ينكر وجهة النظر التي تقول إن النفس هي جوهر مستقل عن العمليات التي

تشكل الشخص.وإذا وضعنا هذا التفسير لنظرية األناتا فـي ذهـنـنـاI أمـكـن أن نـرى أننظرية النشوء التابع ا)طبقة على نشأة وسقوط ا)عاناة في عجلة الصيرورةال عالقة لها بالعدمية. واجلهل الذي يتعS القضاء عليه هو اجلهـل الـذييتمثل في العيش كما لو أن النفس موجودة فوقI وعلى نحو يتجاوزI مجموعةIالعمليات. واالقتناع بأن هناك نفسا جوهرية هو السبب اجلذري للمعاناةفهذا االقتناع يسفر عن ا)وقف الذي يكمن في أعماق التعلـق بـالـعـمـلـيـاتاخملتلفة بالنفسI ويجعل هذا التعلق tكنا. وهذا اجلهل هو الذي يـسـمـح

بالتعلقI ومن ثم يجعل ا)عاناة tكنة.Iومن ا)هم أن نالحظ أن العمليات في حد ذاتها ليست قابلة للمـعـانـاةفالنفس وحدها هي التي تعاني. وبسبب اجلهل فإن النفس تعتبر موجودةومرتبطة باجملموعاتI واال^ن عندما تتغير اجملموعات من حـيـث عـالقـتـهـا

بالنفس حتدث ا)عاناة.ومن ناحية أخرى فإنه إذا لم تولد الذات فال oكن أن يكون هناك تعلقباجملموعاتI وهذه اجملموعات ستواصل تدفقها على نحو يتوافق مع الطبيعةالتطورية للواقع. وليس هناك توقف لهذا التدفق ا)ستمرI حـتـى إذا رغـبا)رء في القيام بذلك. ولكن الذات أو «األنا» حتتاج إلى أن تولدI حتتاج إلىأن تنشأ أو تصحو. ومن صحوة هذه الذات تنشأ ا)عاناةI ولدى وقف تلـك

الذات ومنعها من الصحوة سيتم وقف ا)عاناة.

Page 217: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

217

طبيعة النفس

ويوضح هذا في االعتبارI فإن عجلة الصيرورة oكن تأملها على النحوالتالي: يحل الشيخوخة وا)وت بنفس ما ألن هذه النفس تولدI وهي تـولـدألن هناك تعلقا بقوى الصيرورةI وهناك تعلق بقوى الـصـيـرورة ألن هـنـاكتشبثاI وهناك تشبث ألن هناك رغبة. والشعور يفـضـي إلـى الـرغـبـةI وهـوtكن بسبب التعلق باالنطباعات احلسيةI ويتم تلقي االنطباعات ألن هناكIوالتعلق بأعضاء احلس ينبني على التعـلـق بـالـوعـي Iتعلقا بأعضاء احلس

الذي ينبني على التعلق بدوافع الفعلI الذي ينطلق من اجلهل.ولدى تأمل عجلة الصيرورة في نظام ينطلق إلى األمامI فإن الـتـفـكـيـريكشف عن أنه بغير اجلهل لن يكون هناك تعلـق بـدوافـع الـفـعـلI وال تـعـلـقبـعـمـلـيـات الـوعـيI وال تـعـلـق بـالـذهـن واجلـسـمI وال بـأعــضــاء احلــسI والIوال التشبث والتمسك Iوال عمليات التوق Iوال ا)شاعر Iباالنطباعات احلسيةوال قوى الصيرورةI ولن تكون هناك عندئذ ذات تولدI وال نفس تطعن في

السن و�وت.Iومن ا)هم أن نالحظ أن العمليات اخملتلـفـة سـتـسـتـمـر دو�ـا انـقـطـاعوإزالة اجلهل لن تغير ذلك. ولكن العمليـات لـن تـسـبـب ا)ـعـانـاة إال بـسـبـبIسواها بتجزئة الواقع Sوهو موقف يخلط بينها وب Iا)وقف اخلاطىء حيالهاوربط هذا الواقع اجملزأ بالنفس التي يعتقد في غمار اجلهل أنها موجودة».

والتعلق باجملموعات وليس اجملموعات ذاتها هو الذي يجلب ا)عاناة. (٤٠٠م) الـفـارق بـS مـجـمـوعـات الـعـمـلـيــات(٥)وقـد أوضـح بـوداجـهــوزا

ومجموعات التعلق على النحو التالي:«اجملموعات» اصطلح عامI بينما اصطالح «مجموعات» التعـلـق يـحـدد

تلك اجملموعات التي تقرن بS احلرمان والتعلق.ثم بعد اإلشارة إلى عزمه تعليم الناس الفارق بS اجملموعات اخلمـس

ومجموعات التعلق اخلمسI يواصل القول:«تنتمي كل صورة كائنا ما كانتI إلى مجموعة الصور. وجميع اإلحساساتكائنا ما كانتI وكل إدراك حسي كائنا ما كانI وجميع االستعدادات ا)سبقة(دوافع الفعل) كائنا ما كانتI وكل وعي كائنا مـاكـانI هـذه ـ أيـهـا الـكـهـنـة ـ

تدعى باجملموعات اخلمس».وهو إذ oيز بS اجملموعات باعتبارها كذلك واجملموعات على نحو ما

Page 218: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

218

الفكر الشرقي القد

ترتبط بذاتI يقول:«... تلك اجملموعات الواقعة في قبضة التعلق هي مجموعات تعلق».

وoضي بوداجهوزا في إيضاحه للتمييز بS اجملـمـوعـات ومـجـمـوعـاتالتعلق إلى القول:

(عندما تكون هناك صورةI أيها الكهنـةI فـإنـه مـن خـالل الـتـعـلـق بـهـذهالصورةI من خالل االستغراق فيهاI ينشـأ االقـتـنـاع ا)ـتـمـثـل فـي مـثـل هـذهالعبارات «هذا ملكيI هـذا هـو أنـاI هـذه هـي ذاتـي». عـنـدمـا يـكـون هـنـاكإحساسI عندما يكون هناك إدراك حسيI حيثما كان هـنـاك اسـتـعـداداتIعندما يكون هناك وعي ـ أيها الكهنة ـ فإنه من خالل التعلق بالوعي Iمسبقةمن خالل االستغراق في الوعيI ينشأ االقتناع «هذا ملكيI هذا هو أناI هذه

هي ذاتي».ويوضح هذا التمييز بS مجموعات الوجودI ومجموعات التعلق (التعلق}جموعات الوجود) السر في أن التعاليم البوذية القائلة إنه للتخلـص مـنIال عالقـة لـهـا بـالـعـدمـيـة Iا)عاناة فإن النفس ينبغي انتزاعها من جذورهاولكنها متصلة فقط بالقضاء على نتاج اجلهلI ومجموعات العمليات التـيتشكل الوجود ال يتعS القضاء عليها. وإ�ا النفس ا)تخيلة على نحو زائفهي وحدها التي ينبغي القضاء عليهاI والسبب في أن هذه النفس الزائفةينبغي القضاء عليها هو أنها جتعل من ا)مكن حدوث التعلق بـاجملـمـوعـاتالتي تشكل أساس كل صور ا)عاناة. ودون هذه الذاتI النفس الزائفةI التيIلن يكون هناك تطلع إلى ا)اضي Iال تعدو أن تكون من خلق اجلهل فحسبوال حتسر على ماضاعI ولن يكون هناك تطلع إلى األمام نحو ا)ستقبلI والبكاء على ما لم يقبل بعد. ودون هذه الذات ـ النفس فإن احليـاة oـكـن أنتعاش بكامل إمالء اللحظة الراهنةI دو�ا �ييز وال تقسيم وال تعلق. ومنهنا فإنه ما أن يزال هذا اجلهلI فإن احلياة سيعثر عليها كاملة وتامة على

نحو ماهي عليه �اما.وهذا اإلدراك لكمال احلياة و�امها يتم التعبير عنه بصورة جميلة فيمالحظة قالتها امرأة في اخلامسة والـعـشـريـن مـن عـمـرهـا تـدعـى يـايـكـو

حققت االستـنـارة بـعـد خـمـسـة أعـوام فـقـط مـنYaeko Iwasakiإيواسـاكـي Haradeاالنضباط والتأمل. وفي رسالة كتبتها إلى أستاذها هارادا ـ روشي

Page 219: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

219

طبيعة النفس

- Roshiيعود تاريخها إلى ٢٧ ديسمبر ١٩٣٥ قالت: «في استطاعتك أن تقدر كم يرضينيI إلى أبعد حدI أن أكتشفI أخيرا وبإدراك كاملI أنني بحالتي

الراهنة ال ينقصني شيء..».إن النقص واالفتقار إلى األمن ومشاعر الوحدة والغربة التي يتصف بهاالقلق األساسيI الذي يشكل أساس معاناة معظم الناس ينطلق من نشـاطالذات التي تتعلق بالعمليات اخملتلفة وتشبث وتتمسك في جهد يائس حليازةالوجود. والسمة التي �يز الذات هي على نحو ال سبيل إلى إنكاره مجالدةمن أجل الوجودI إنها ليست كائنا اكتمل بالفعلI كما أنها ليست جانبا منجوانب عمليةI بل هي محاولة للوجود وتشبث بهI تسعى إلى جتميع الواقعIوالسيطرة عليه بأسره. فال عـجـب إذن أن إدراك أن الـذات غـيـر واقـعـيـةوأنها نتاج للجهلI يحرر ا)رء من األسباب األساسـيـة لـلـمـعـانـاةI وهـذا هـوالسبب في أن مذهب األناتا يعد واحدا من ا)بادى* الرئيسية للبوذيةI ذلكأن االعتقاد بحقيقة النفس ال يتسق مع انقطاع ا)عاناةI الذي تـهـدف إلـيـه

البوذية.

٤ ـ نظريات الالنفس:على الرغم من اإلجماع السائد بS ا)ـدارس الـبـوذيـة عـلـى أن مـذهـباألناتا هو أحد التعاليم األساسية الـتـي قـال بـهـا بـوذاI وأنـه يـحـتـل مـوقـعـارئيسيا في رسالة البوذية. فقد ثار قدر كبير من اخلالف حول ما يسمح بهمذهب الالنفس هذا على وجه الدقة وما ال يسمح بـهI وحـيـث إن مـذهـباألناتا هوI على األقل من الناحية الشكليةI نظرية سلبية تنفي وجود نظريةللنفسI وحيث إن من ا)مكن القول بالعديد من نظريات النفسI فال غرو أنيوجد اختالف حول أي نظريات الـنـفـس يـنـكـرهـا مـذهـب األنـاتـا وأيـهـا ال

ينكرها.وبالتالي فعلى الرغم من أن البوذيS يتفقون على أن مذهب األناتا هومن التعاليم األساسية واحلقة التي قال بها بوذا. فإنه قد ثار خالف كبيـرحول من oكن الذي يكتب له اخلالص بالسير في هذا الطريق. وقد تركوضع اجملموعات اخلمس التي تـشـكـل الـفـرد الـتـجـريـبـيI ورفـض الـوجـودا)فترض جلوهرI باإلضافة إلـى هـذه اجملـمـوعـاتI تـركـا مـسـألـة مـا oـيـز

Page 220: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

220

الفكر الشرقي القد

مجموعة من اجملموعات اخلمس عن األخرىI وطبيعة الصلة بS االنطالقعلى الطريق والتحول لالستنارةI مطروحا للنقاش. وقد طرحت هذه ا)شكلةنفسها باعتبارها مشكلة حادةI وبصفة خاصة بالنسبة للذهن البوذيI ذلكأنه ما لم تكن هناك وسائل لتمييز مجموعة مـن اجملـمـوعـات عـن األخـرىفلن يكون هناك أساس للتمييز بS شخص يراد إنقاذه وا^خر. وفضال عنذلك فلن يكون هناك أساس للتمييز بS اجلاهل والشخص ا)ستنيرI ما لمIيكن هناك نوع من الهوية أو االستمرارية داخل كل مجموعة من اجملموعاتوإذا لم يكن من ا)مكن القيام بالتمييز األخيرI فسوف يتبع ذلك أن بوذا لنيكون مختلفا عن الناس الغارقS في اجلهل وا)عاناة الذين يتوجه بحديثـهإليهم. ومثل هذه النتيجة فيما يتعلق «بالواحد ا)ستنير» (أي بوذا) ال يقبلها

أي بوذي.

٥ ـ حتليل النفس (الذات) من منظور العناصر:I أو تعاليم بوذاDharmaIأدرجت التأمالت الفلسفية ا)بكرة عن الدارما

في القسم الثالث من اجملموعة األصولية (شريعة بالي) لألعمـال الـبـوذيـة. ولم يكن مناط االهتمامAbhidharma Basket (٦)ا)عروف باسم «سلة أبهيدارما»

الرئيسي عند كتاب «األبهيدارما» متمثـال فـي مـسـألـة مـا إذا كـانـت هـنـاكجواهر أو نفوس أم الI فقد افترضوا أن الوجود ليس منتميـا إلـى طـبـيـعـةاجلوهرI وإ�ا هو باألحرى يتمثل في تدافع مستـمـر مـن الـعـنـاصـرI الـتـي

». وكانت ا)شكلة بالنسـبـة لـهـم هـيDharmaأطلقوا عليها اسـم «الـدارمـات مشكلة تصنيف هذه الدارمات وحتديد العالقات فيما بينها.

ويذهب أحد التعاليم األساسية األبهيدارمية حول طبيعة النفس إلى أنهفي صميم الوجود الفرديI وبدال من جوهر دائم ال يتغـيـرI أو روحI هـنـاكIوالوعي Iا)تدفقة على نحو مستمر من اإلحساس Iتيار من العناصر ا)تفردةوالشعورI ودوافع النشاطI والعمليات البدنية. وهذه العناصر ا)تحركة علىSنحو مستمر تؤدي إلى نشأة مظهر لنفس دائمة. ولكن هذا ا)ظـهـر يـتـعـجتاهلهI ذلك أن الفرد ال يعدو أن يكون قط أي شيء يتجاوز هذه العناصراخملتلفة ا)تحركة. وفوق هذه العناصرI التي على الرغم من كونها مشروطةIينظرون إليها على أنها واقعية في نهاية ا)طاف Sفإن األبهيدارمي Iوعابرة

Page 221: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

221

طبيعة النفس

الذي يعتقد أنه غير مشروطI وغيـرNirvanaفوقها يوجد عنصر النرفـانـا عابر. وينظر إلى عنصر «النرفانا» بصورة شاملـة بـاعـتـبـاره فـوق الـوصـفوالتعريف. ولكن عندما كان الفالسفـة يـشـعـرونI بـS حـS وا^خـرI بـأنـهـممضطرون إلى قول شيء عنهI فإنهم كانوا يطلقون عليه وصف اجلوهر غيرالقابل للتحديد للعناصر اخملتلفة ا)شروطة في وضع ساكن. وا)نطق الكامنIفحتى إذا استعصى التوصيف على اإلدراك Iكن فهمه في يسرo وراء هذافتعاليم بوذا تدفع باجتاه «سكينة» عناصر الوجود. وحيث إنه من ا)ستحيلالنظر إلى الفناء التام كنوع من اخلالصI فإن الفالسفة قد نصوا على أن

اخلالصI أو النرفاناI ينبغي أن يتمثل في سكينة العناصر ا)شروطة.وهناك العديد من القوائم للعناصر األساسية ترد في أدب األبهيدارماموضحة التداخل بS هذه العناصر. وتختلف القوائم إحداها عن األخرىIولكنها كلها تشير إلى أن العناصر األساسية Iوغالبا ما تتداخل Iبصورة عابرةأو الدارماتI هي من طبيعة قوى العناصر أكثر منها من طبيـعـة اجلـواهـرالعنصرية. وباستخدام القياس أمكن أن يقال إن الدارمات تشبه بشحناتمن الطاقة العنصرية أكثر tا تشبه بجزئـيـات مـن ا)ـادة الـصـلـبـةI وعـلـىالرغم من أنها هي نفسها مجردة من اخلصائص الزمانية وا)كانيةI فإنهـابحركاتها وتداخالتها تؤدي إلى نشوء العناصر ا)ركبة أو العـمـلـيـاتI الـتـيoكن رصدهـا زمـانـيـا ومـكـانـيـا. والـفـرد هـو مـركـب مـن هـذه الـقـوى غـيـر

الشخصيةI التي تواصل احلركة.وفيما يتعلق بالنفسI فإن السؤال الذي تطرحه األبهيدارمـا هـو: كـيـفتصنف الدارمات األساسية التي تشكل الفرد? تتخذ مجموعات خمساI أو

كفئات أساسية للنفس التجريبيةI ثم حتلل هذه الفئاتSkandhasسكاندات . وبهذه الطريقة تعد قوائم كالقائمةDharmasإلى مكونات جزئية أو دارمات

التالية:) تكونها دارمـات١Rupa ـ اجملموعة التي تضم العمليات البدنـيـة (روبـا

Iوالصوت Iوالبشرة. والدارمات ا)الئمة للون Iواللسان Iواألنف ISوالع IاألذنوالرائحةI والذوقI واالحتكاك.

).٢Vedana ـ اجملموعة التي تضم العمليات ا)تعلقة بالشعور (فيدانا ٣ ـ العمليات ا)كونة لإلدراك وهي تترك عند هذه ا)رحلة دو�ا تقسيم..

Page 222: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

222

الفكر الشرقي القد

ولكن.٤ ـ العمليات ا)كونة لدوافع الـفـعـل الـواعـيـة وغـيـر الـواعـيـة (سـانـخـارا

Sankhara.تقسم بطريقة تكشف الدارمات ا)كونة لإلدراك والشعور كذلك (والتقسيم يتم على النحو التالي:

Iاإلدراك احلسي Iأ ـ مكونات النشاط العقلي ا)اثل في الوعي: الشعوراإلرادةI اإلحساس ا)باشرI الرغبةI الفهمI الذاكرةI االنتباهI ا)يلI والتركيز.ب ـ مكونات الفضيلة: اإلoانI الشجاعةI االتزانI التواضعI التقزز من

األشياء ا)رفوضةI القناعةI التسامحI الشفقةI والتعقل.Iالغضب Iالكبر Iالالمباالة Iالكسل Iالشك Iج ـ مكونات الرذيلة: البالدة

النفاقI احلسدI الغيرةI الغشI اخلداعI الكراهيةI التعالي.Iأو الدارمات I٥ ـ اجملموعة ا)كونة ألنشطة الوعي تقسم إلى العناصرا)سؤولة عن فئات الوعي الثالث: الطاهرI غيـر الـطـاهـرI الـالمـتـعـS (أيالذي oكن أن يكـون طـاهـرا أو غـيـر طـاهـر). وإجـمـاال فـإن فـئـات الـوعـيالثالث هذه تشمل تسعة وثمانS عنصرا أو دارماI عندما تتصل بالعمليات

.Sankharaاخملتلفة ا)كونة للسانخارا غير أن تقسيم اجملموعات اخلمس من العملياتI التي تشكل الفردI إلىهذه الدارمات ليس نهاية ا)طافI فهذه الدارمـات جـمـيـعـهـا مـشـروطـة أومصنوعةI }عنى أنها ليست مستقلةI وليس لها وجود في ذاتهاI وتعتمد في

تتخذ هذهوجودها على شيء ا^خر. ومن هنا oكن طرح هذا السـؤال: °الدارمات? وعندما يؤخذ هذا السؤال مأخذ اجلدI فإن الدارمات نفـسـهـاتقسم إلى عدد غير معS (ور}ا ال حد له) من ا)كوناتI أو اللحظاتI التيينظر إليها على أنها الدارمات النهائيـة لـلـوجـود. وكـل مـن هـذه الـدارمـاتالنهائية قائم بذاتهI ودو�ا خصائص الكتلة أو الدoومةI ولكنها في مجموعها

مسؤولة عن خصائص األشياء في العالم.وهذا التحليل للنفس يدمر فكرة النفس الدائمة وا)ستقلةI فـال يـوجـدفي أي مكان أثر للذات أو األناI وإ�ا توجد العناصر الالشخصية وحدها.

في اقتران وتطور مستمرينI مؤدية إلى نشوء مظهر نفس باقية.وبينما يتسق مبدأ األبهيدارما هذا مع تعاليم بوذا القائلة إنـه ال وجـودلنفس في أي موضعI وإن كل الدارمات هي بال نفسI وأن االستنارة تقتضي

Page 223: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

223

طبيعة النفس

التخلي عن كل تعلق باألنا. فإنه ال يقدم كبير مساعدة في فهم استمراريةالفردI كما أنه ال يقدم تفسيرا لكيف oكن أن تؤثر نتائج أفعال شخص فيذلك الشخص في وقت الحقI ولكن ما لم يكن هذا tكنـاI فـإن الـتـعـالـيـمالقائلة إن األشخاص األفراد }قدورهم قهر ا)عاناةI تغدو بال أهمية با)رة.اال^ن من الصحيح أن تفسيرا اسميا قد � تقدoه لهذه النـقـاط فـي إطـارالقول إن جتميع العناصر يقدم اتصال فرديا. وهذا االتصال الفردي يخدمالهدف ا)تمثل في تفسير اخلصائص الباقية للشخصI وذلك بالقول بالبقاءدو�ا دوام. كما أنه يتـيـح كـذلـك الـتـمـيـيـز مـا بـS اتـصـاال وا^خـر. غـيـر أنالصعوبة في هذه الرؤية اخلاصة باالتصال الشخصي تكمن في أنه ما منسبب يدفع العمليات إلى تكوين مثل هذا االتصال. وما لم حتتو الدارماتعلى شيء ا^خر بخالف القوى ا)تفردة غير الشخصيةI فإن هذه القوى لن

تتداخل بالضرورة متحولة إلى هذا االتصال الشخصي.

٦ ـ الرؤية الشخصانية:دفعت هذه الصعوبات التي واجهها تفسير األبهـيـدارمـا )ـذهـب األنـاتـاالبوذيS في مدارس فاتسيبوترايا وسـامـيـتـايـا ودارمـوتـارايـا وبـهـادرايـانـيـاوتشاجنكا إلى القول إنه باإلضافة إلى الدارمات غـيـر الـشـخـصـيـة هـنـاك

) oكن العثور عليه. وقد سعى هؤالء البوذيونPudgala (٧)شخص (بودجاال) إلى الوصول إلى تفسيرPudgalavdinا)عروفون بالشخصانيS (بودجاالفادين

تعاليم األناتاI التي قال بها بوذا ينسجم مع االعتقاد السائد في النفسI والينتهك في الوقت نفسه التعاليم األساسية حول تخفيف ا)عاناة.

ف «الشخص» الذي قال به الشخصانـيـون بـاعـتـبـاره شـيـئـاوقد � تعـرحقيقياI في حد ذاتهI يعايشه الشخـص ا)ـسـتـنـيـر. وهـذا «الـشـخـص» هـوالذي يعلل إضفاء الطابع الفردي على العمليات بحيث oكن �ييز األشخاصاألفراد واألشياء ا)فردة الواحد من اال^خر. وهو يجـعـل كـذلـك مـن ا)ـمـكـنحدوث االستمرارية في داخل عملية tيـزة ومـتـواصـلـةI بـحـيـث إن نـتـائـجأنشطة شخص بعينه تصبح حـقـا لـذلـك الـشـخـص ولـيـس لـشـخـص ا^خـر.و«الشخص» هو الذي يقـدم عـنـصـر االتـصـال بـS الـفـرد اجلـاهـل والـفـردا)ستنير. وهذا «الشخص» هو وسيط األنشطة. وهو مسؤول عـن تـنـسـيـق

Page 224: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

224

الفكر الشرقي القد

أنشطة العمليات الذهنية اخملتلفة ا)ندرجة في ا)عرفة والفعل.وعلى الرغم مـن أن إضـافـة «الـشـخـص» إلـى احلـقـائـق الـواقـعـيـة غـيـرالشخصية التي وضع األبهيدارميون قوائمها قـد جـعـل مـن ا)ـمـكـن الـتـزامIوا)عبرة عن النظرة السليمة في احلديث عن النفس والتجربة Iالطرق ا)ألوفةفإن الشخصانيS لم يكن بوسعهم إجناز نظرية مقـنـعـةI. مـا لـم يـوضـحـواالكيفية التي يرتبط بها هذا «الشخص» بالعناصر غير الشخصيةI كما كانعليهم كذلك إيضاح أن وجهة نظرهم متسقة مع تعاليم بوذا اخلاصة بالالنفس. وقد برهنت الصعوبة التي تكتنف إجناز هاتS النقطتـS عـلـى أنـهـايصعب جتاوزها بالنسبة للشخصانيIS فهـم لـتـجـنـب االعـتـقـاد اخلـاطـى*بالنفسI لم يكن بوسعهم التوحيد بS «الشخص» واجملموعات نفسهاI كمالم يكن }قدورهم القول إن الشخص داخل أو خارج اجملموعات. وإذا ما �التوحيد بS «الشخص» واجملموعات فإن ذلك لن يحقق كسبا يذكرI ذلـكأن «الشخص» سيظهر ويختفيI عندما تظهر اجملموعات وتختفيI وإذا �Iفإنه البد من ربطه بها بشكل من األشكال Iالشخص واجملموعات Sالتمييز ب

ولكن ذلك ينتهك بوضوح تعاليم الال تعلق التي يقبلها البوذيون جميعا.ما الذي يبقى كإمـكـان لـلـعـالقـة بـS اجملـمـوعـات و«الـشـخـص»? يـقـول

ويكتفون بالقـولCorrelationالشخصانيون إن العالقة هي عالقة تـضـايـف إنه ال oكن إيضاحها على نحو أكبر في ضوء العالقات األخرى. وصعوبةهذا الطرح تتمـثـل فـي أن أحـد ا)ـضـايـفـات هـو وحـده ا)ـعـروفI ذلـك أنـهاعتراف الشخصانيS أنفسهم يعد «الشخص» غير قابل للتحديـد فـي كـلجانب من جوانبه. ولكن إذا كان أحد عنصرين يعتقد أن بينـهـمـا تـضـايـفـامجهوال �اماI فليس هناك أساس )عرفة وجود تضـايـفI أو طـبـيـعـة هـذاالتضايفI إن كان له وجود. ويلجأ الشخصانيون في محاولة مـن جـانـبـهـملتجنب هذه الصعوبة إلى ضرب مثل: «الشخص» يشبه النارI التي ترتـبـطبالتضايف مع الوقود واللهبI فعلى الرغم من أنها توجـد مـعـا دائـمـاI فـإنالنار لها واقع خاص بهاI يتجلى في طبيعتـهـا كـحـرارةI والـنـار لـيـسـت هـي

نفسها الوقودI أو ألسنة اللهب.وتكمن صعوبة األمثلةI بصورة عامةI في أنها بينما قد تصور معنى مافإنها ال تبرهن على هذا ا)عنى. والصعوبة في هذا ا)ثل بالتحديد تكمن في

Page 225: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

225

طبيعة النفس

أنه ليس واضحا في ذاتهI وبالتالي فهو حتى ال يؤدي إلـى إيـضـاح ا)ـعـنـى.وكنتيجة لذلك فإن النظرية الشخصانيةI التي تنفرد من بS كل النظرياتالبوذية عن النفي بأنها األقرب إلى وجهة النظر ا)ألوفة ا)واكـبـة لـلـفـطـرةالسليمةI ال تعدو أن تكون مجرد إصـرار بـالـغ الـعـنـاد عـلـى أنـه حـيـث إنـنـانتحدث عادة ونتصرف كما لو كان هناك شخص باإلضافة إلى مجموعاتالعمليات التي تشكل الفردI فإن ذلـك «الـشـخـص» البـد أنـه مـوجـودI عـلـىالرغم من أنه ليس من ا)مكن القول بطبيعته أو كيف يرتبط بهذه العمليات.

:٧Suchness ـ النفس «مباهي كذلك» Iدفع عدم الرضا عن النظرية التي قال بها الشخصانيـون فـي الـنـفـسفالسفة ا)هايانا إلى السعي للوصول إلى طرق حلل مشكالت االستمراريةالشخصيةI واالستنارةI دون طرح نظرية عن اجلوهر. وبالنسبة ألشفاجوسافإن «الشخص» أو البودجاال الذي قـال بـه الـشـخـصـانـيـون قـد حـل مـحـلـه

. وبالنسبـةSuchness أو أخذ الشيء على نحو ما هـو عـلـيـه Tathataالتاثاتـا أو الفراغ هو الذي اضطلـعShunyateلفالسفة ا)دهياميكا كان الشوفيـاتـا

Iبدور البودجاال. ومن ا)هم أن نالحظ هنا أن أخذ الشيء على ماهو عليهوالفراغ لم يتم طرحهما كنظريتS لتفسير االستمرارية التجريبيـة لـلـفـرد.وا)شكلة على نحو ما يراها فالسفة ا)هايانا تضرب جذورها في محـاولـةفهم االتصال بS الفرد التجريبي والفرد ا)ستـنـيـرI بـS الـنـفـس اجلـاهـلـة

. ولم تنشأ مشكلةBuddhiوالنفس التي بلغت مرتبة النرفانا بتحقيق ا)تنور فيما يتعلق بالهوية التجريبية واالستمراريةI ألنه كـان مـن ا)ـقـبـول بـصـورةشاملة أن ماهو جتريبي مركبI وغير حقيقيI وزائلI وينتمي إلـى طـبـيـعـةالدوخا (ا)عاناة)I وينبغي استئصاله ال تفسيره. ولكن إذا كـان يـرد ألولـئـكاألشخاص الذين توجه إليهم بوذا بعظاته أن تتحقق استنارتهمI فـالبـد أنقوام األمر أنه على نحو ما موضع داخل العالم التجريبي البد أن يوجد ذلكالذي ال ينتمي إلى طبيعة ا)ركب والذي ال يستعصـي فـصـلـه عـن ا)ـعـانـاة.ولسوف يكون هذا ـ كائنا ما كان ـ هو الذي سيشكل طبيعة الشخص ا)ستنير.وا)شكلة التي تطرح نفسها هنا ليست مشكلة حتديد جوهر النفس التجريبيةاجلاهلةI وإ�ا هي مشكلة فهم جوهر النفس ا)ستنيرة ـ طبيعة بوذا نفسها.

Page 226: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

226

الفكر الشرقي القد

وتتفاقم صعوبة هذه ا)شكلة التي ال حل لهاI تقريباI من واقعة أن النـفـساجلاهلة هي التي حتاول فهم النفس ا)ستنيرة.

وال شك في أن تضخيم ا)شكلة التي خلقتها النفس اجلاهلة في غمارمحاولتها فهم النفس ا)ستنيرة هو الذي دفع بالشخصانيS إلى القـول إنالشخص غير قابل للتعريف بصورة تامة. ولكن كما يشير فالسفة ا)هايانافإنه إذا كان هذا «الشخص» غير قابل للتعريف �امـاI فـإنـه ال يـنـبـغـي أنيسمى «شخصا» ألن الشخص شيء محدد وoكن وصفه (على األقل بصورةتقريبية). وإذا كانت طبيعة النفس ا)ستنيرة تعلو على التجريبي والذهـنـيفإنها ال oكن أن تسمى بكلمة «شخص» أو بأي شيء ا^خر. وبتـعـبـيـر ا^خـرفإن النفس ا)ستنيرة هي ماهي عليه فحسبI و}ا أنه ما من شيء oكن أنيقال عنه إنه على ماهو عليهI بدال من محاولة جعله شيئا محدداI فإن من

».Suchnessاألفضل أن يشار إليه باستخدام الال اسم «}ا هو كذلك وقد اعترض فالسفة مدرسة ا)دهياميكا كذلك إحلاق االسم «شخص»أو «بودجاال» بالنفس ا)ستنيرة. وكان الال اسم الذي أطلقـوه عـلـى الـنـفـس

أو اخلواءI ويغدو ا)دخل إلى ما كان يرمي إليهShunateا)ستنيرة هو شوناتا فالسفة ا)دهياميكا واضحا من خالل السؤال الذي يعقب القول إن شيئـا

ما خاوI أي «خاو °?». الذيPudgalaوكان ما يطرحه فالسفة ا)دهياميكا هـو أن «الـبـودجـاال

قال به الشخصانيون» خاو من الواقع. وقد جرى دعم اجلملة الكامنة وراءهذا الطرح من خالل الوضعية القائلة إن كل ما يتم إقراره ذهنيا وعـقـلـيـاينتمي إلى طبيعة العقل ال الواقعI فالطروحات الذهنيية والعقلية تقوم علىأساس جتزئة الواقعI وهكذا ال �ثل الواقع على نحو ماهو عليهI ومن هنافإن مثل هذه الطروحات خاو من الواقع. والطرح الشخـصـانـي الـقـائـل إنهناك «بودجاال» فوق مجموعات العمليات اخلمس هو مجرد طرح خاو إذاكان يدور حول أي شخص محدد. ومن نـاحـيـة أخـرىI فـإنـه إذا كـان طـرح«البودجاال» ال ينظر إليه على أنه طرح حول أي شيء محددI فإنه ال يكونطرحا حول الواقع بصورة حقيقية. وإ�ا oكن في أفضل احلاالت النظـرإليه على أنه طرح قوامه أنه حيث إن نظرية اجملموعات تقوم على جتزئـةالواقعI فإن هذه النظرية حتقق بالضرورة في إثبات وجود النفس احلقيقية.

Page 227: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

227

طبيعة النفس

ومن شأن وجهة النظر هذه أن تقترب من موقف مدرسة ا)دهياميكاI ولكنليس هناك دليل على أن «البودجاال فيديS» قد طوروا مثل هذه الوجهة من

النظر.ووجهة نظر فالسفة مدرسة ا)دهياميكا حول طبيعة الذات ا)ستنـيـرةIفـا)ـدهـيـامـيـكـا ال تـقـول بـأي وجـهـة نـظـر I«هي في الواقع «ال وجهة نظرIوبأخرى على أنـهـا زائـفـة Iوتتجنب التمسك بأي نظرية على أنها حقيقيةوتتفهم أن أي نظرية حول النفس من شأنها أن تكون أحادية وناقصة. وبلوغاالستنارة سيكشفI مباشرةI عن سالم النرفانا ونـعـمـاهـا. وهـكـذاI فـعـلـىالرغم من أن جنارجونا لديه نظرية عن النظريات األخرىI فلـيـسـت لـديـهنظرية عن النفس ا)ستنيرةI وهو يعرف أن ا)فاهيم ال تستطيـع اإلمـسـاك

بهذا الواقع.

٨ ـ النفس باعتبارها وعيا:يحل فالسفة مدرسة اليوجاكارا محل نظرية البودجـاال الـشـخـصـانـيـة

أو «الوعي ـ البذرة». وطرحهم مفـادهAlya-Vijnanaنظرية األاليا ـ فيجنانـا Iيشكل أساس الوعي العادي Iأن هناك وعيا دقيقا ومنتشرا إلى أبعد احلدودوالذي انطالقا منه يتطور الوعي العادي وإليه يعـود. ويـتـيـح هـذا الـوعـي ـبالبذرة االستمرار فيما بS أنشطة الوعي ا)طلوبة إلعطاء االستمرار للنشاطSكما أنه يقدم كذلك الرد على السـؤال ا)ـتـعـلـق بـالـصـلـة بـ Iالعقلي للفردالسير على الطريق وحتقق اإلنقاذI ذلك أن جوهر النفس متضمن في هذاالوعي ـ البذرةI وعندما يزال كل ماهو دنس وشرير من هذا الوعي األساسي

فإن «الدوخا» كلها سيتم القضاء عليهاI وتتحقق «النرفانا».وoكن إدراك أنه البد من وجود وعي ـ بذرةI بحسب مايقوله فالسـفـةاليوجاكاراI من خالل بحث طبيعة النشاط الواعي. ومن منطلق البناء علىIإلى تيار من اللحظات Iأو النشاط الواعي Iحتليل األبهيدارما يتم تقليل الوعيأو نقاط الوعي. وفي بعض األحيان يجري هذا التيار حتت السطـحI وفـيأحيان أخرى يبرز فوقهI على نحو ما يحدث عندما نكون واعS باألشياء أواألنشطة من حولنا. وحيث إن الوعي ليس }قدوره الوصول إلى الصدا رةمالم يكن ماثال في صورة كامنةI أو على شكل بذرةI فالبد أن قوام األمر أن

Page 228: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

228

الفكر الشرقي القد

هناك وعيا ـ بذرة. وإلى هذا الوعي البذرة oضي مايبقى من كل حلظاتالوعي ا)اضيةI ومنه يجيء أساس الوعي احلاضر.

» وحصـولKarmaوحتظى هذه النظرية }يزة تقدY تـفـسـيـر «لـلـكـرمـا الفاعل على جزاء النتائج ا)ترتبة على أفعاله والتناسخ (الفرد يولد وoوتمرات عديدة) التمييز بS فرد وا^خر (بذور مختلفة) والصلة بS السير على

الطريق وحتقق االستنارة (نقاء الوعي ـ البذرة). النقد الـذي تـوجـهـه مـدرسـةYogacarinsويرفض فالسـفـة الـيـوجـاكـارا

والقائل إن كل الـدارمـات ـ }ـا فـي ذلـك دارمـاتMadhymikaا)دهيامـيـكـا الوعي ـ غير واقعية بسبب الوصول عقليا أو حسيا من خالل جتزئة الواقع.Iوحجتهم في هذا الرفض هي أنه إذا نظر إلى الوعي باعتباره غير واقعيفإن كل احلجج التي يبرهن فالسفة ا)دهـيـامـيـكـا مـن خـاللـهـا عـلـى عـدمواقعية كل الدارمات ستتهاوى من أساسهاI حيث إنها حجج ذهنيـةI تـنـشـأداخل الوعي. غير أن فالسفة اليوجاكارا إذ يرفضون عدم واقعية الدارماتخارج الوعيI فإنهم يتركون بال أساس للقول بوجـود األفـراد اال^خـريـنI دعجانبا التمييز بينهم. والسبب هو أنه إذا كان الواقع الوحيد الذي يتم اإلقراربه هو واقع الوعي اخلاص بيI فـإن أي وجـود ا^خـر ال oـكـن أن يـعـرف إال

}قدار مايوجد في وعيي فهي مسألة ستظل مجهولة إلى األبد.وإلى جانب هذه الصعوبة فإن فالسفة اليوجاكارا يتعرضـون لـضـغـوطبالغة للبرهنة على صحة نظريتهم اخلاصة بالـوعـي ـ الـبـذرةI فـفـي نـهـايـةا)طاف قد توجد نظريات أخرى تنسجم مع التجربة العادية. وهناك فارقبS اقتراح نظرية محتملة عن النفس وإظهار كونها صحيحـة أو تـفـوق كـلالنظريات األخرى. ووفقا لنظرية الوعي ـ البذرة فإن الوعي العادي يـنـشـأانطالقا من وعي ـ بذرة ويوجد فيهI ولكن انطالقا من ماذا ينشأ الـوعـي ـISالبذرة? وفيم يوجد? إذا ماطرح شيء في معرض الرد على هذين السؤالفإنه يبدو أن الوعي ـ البذرة ليس النفس ا)طلقةI وإ�ا مرحلة وسيطة فيالتحليل. ومن ناحية أخرى إذا قيل إن الوعي ـ البذرة موجود بصورةI وأنهيوجد في ذاته فحسبI فإن من ا)تعذر فهم السبب في أنه ال oكن أن يقالالشيء نفسه عن الوعي العادي. وهناك صعوبة إضافية هي أنه من منظورالوعي العادي وحده oكن ألي شيء أن يقال عن الوعي ـ البذرةI ومن هنا

Page 229: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

229

طبيعة النفس

Iـامـا� Iفإن ا)زاعم التي تقال عن الوعي ـ البذرة هي نفسـهـا غـيـر قـابـلـةلالختبار أو التحقق من مدى صحتها.

تكشف الصعوبات التي تواجه هذه النظريات اخملتلفة التي تدور حـولYالنفس عن بعض ا)شكالت التي جتري مواجهتها في غمار محاولة تقدSصـورة مـقـبـولـة فـلـسـفـيـا )ـن هـو الـشـخــص. ومــن الــواضــح أن الــرؤيــتــ«الشخصانية»I و«اليوجاكارية»I كلتاهما من الصعـب اإلبـقـاء عـلـيـهـمـا دونانتهاك )بدأ النشوء التابع أما ا)عتمد على غيره. وباإلضافة إلى ذلك فإنهماتواجهان ا)شكالت الفلسفية العديدة التي أشرنـا إلـيـهـا فـيـمـا سـبـق. ومـن

وفالسفة مـدرسـةAshvaghosaناحية أخرى فإن وجهات نظر أشـفـاجـوسـا ا)دهياميكا التي تقدم األساس الرئيسي للممارسات التـي تـشـكـل طـريـقـةاحلياة في بوذية ا)هاياناI ال توفر نظرية محددة بوضوح عن النفس. ويبدوفالسفة ا)دهياميكاI بحكم كونهم نسبيS �اماI األكثر اتـسـاقـا مـع مـبـدأالنشوء التابع. ولكن هذه احلقيقة نفسها منعتهم من أن تكون لهـم نـظـريـةنهائية خاصة بهمI فليست لديهم أفكار نهائية يقيمون على أسـاسـهـا مـثـلIفي حـد ذاتـه Iوحتى قولهم إن كل وجهات النظر نسبية هو Iهذه النظرية

قول نسبي.ويبدو أن فالسفة مدرسة ا)دهياميكا هم وحدهم الذين فسـروا مـبـدأالنشوء التابع باعتباره ينطبق على كل وجود oكن تصوره. ونظر فـالسـفـة«األبهيدارما» الواقعيون إلى اللحظات النهائية للوجود باعتبارها أسـاسـيـةأو مطلقةI وربطوا كل وجود ا^خر بهذه العناصـر األسـاسـيـة. أمـا فـالسـفـةمدرسة اليوجاكارا ا)ثاليونI فقد نظروا إلى الوعي ـ البذرة باعتباره أساسيا

ومطلقاI وربطوا كل وجود ا^خر بهذا الواقع األساسي.وألن كال من الفالسفة الواقعيS وا)ثاليS سمحوا بوجـود اسـتـثـنـاءاتمن مبدأ النشوء التابعI فقد توافر لهم أساس ليقيموا عليه نظرياتهم اخلاصةبالنفس. غير أن فالسفة ا)دهياميكا لم يفسروا هذا ا)بدأ على نحو تصبحمعه أنواع معينة من الوجود استثناءاتt Iا يسمح لها بأن تكون مطلقـاتفي نسق فلسفيI والثمن الذي دفعوه لقاء رفضهم السماح باستثناءات هوأنهم عجزوا عن إقرار وجهة نظر خاصة بهمI إذ ليـس لـديـهـم أسـاس أليوجهة نظر. غير أن هذا الثمن يبدو ثمنا زهيداI فعلى نـحـو مـا رأيـنـا مـن

Page 230: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

230

الفكر الشرقي القد

قبلI أقر بوذا كذلك بأنه ليست لديه وجهة نظر فيما يتعلق بالنفس. وفيحقيقة األمر فإنه بالنسبة للبوذي الذي oارس البوذية كطريقة حياة يـعـدعدم وجود وجهات نظر لديه �ثيال لتقدم يعتد به على الطريقI ألن ذلـكيقضي على إمكان التشبث بكيانات ذهنية محضةI كما يدل على الال تعلق

بـ «أنا» اجلهل التي تكمن في قرار ا)عاناة.

Page 231: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

231

طبيعة النفس

الهوامش

: الالنفس أو الال ذات أو الال جوهرI ومن منظور البوذية ال يوجد في اإلنـسـانAnatta(١) أناتا جوهر خالد دائم يسمح بالروحI ويتم الوصول إلى ذلك بتحليل العمليات التي يتكون منها والوصولإلى أنه ليس في مكونات هذه العمليات ماهو زائد أو مجهول وoكن أن يسمى بالنفس. (ا)ترجم).

: الال دوام وهو بحسب البوذية صفة أساسية لكل ا)وجودات. (ا)ترجم).Anicca(٢) الزوال : كلمة تشمل جميع ا)عاني ا)تضمنة في كـلـمـات: ا)ـرض والـشـر والـضـيـق أوDukka(٣) الدوخـا

السخط والنقص والداء أو العلةI والبوذية تؤكد أن الوجود الفاني يتسم كله بالدوخـاI وتـسـعـىللوصول إلى إزالتها. (ا)ترجم).

: اسم يرد في الكتابات البوذيةI مشارا إليه بأنه الرجل الذي سأل بوذاVacchagota(٤) فكشاجوتا عن طبيعة النفس أو الذات. (ا)ترجم).

: مفكر هنديI يعتقد أنه ازدهر في القرن الرابع ا)يالدي أو أوائلBuddhaghosa(٥) بودا جهوزا القرن اخلامس ا)يالدي في إطار البوذية الثرافادية. واشتهر بصفة خاصة بكتابه «الطريق إلى

النقاء أو الطهارة» وهو تلخيص للمذاهب البوذية الرئيسية في عصره. (ا)ترجم).: تسمى أيضا أبهيدارما بتاكاI وهي مجـمـوعـة الـنـصـوصAbhidharma Basket(٦) سلة أبهيـدارمـا

الثالثة التي تشكل شريعة الثرافادا (أي طريق القدامى أو الكبار أو الشـيـوخ) فـي بـوذيـة جـنـوبشرقي ا^سياI وهي مجموعة أقوال بوذا ا)وجهة لألتباع ولفقهاء البوذية. (ا)ترجم).

: كلمة تعني أصال طبقة أو شريحة من الشخصية. (ا)ترجم).Pudgala(٧) بودجاال

Page 232: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

232

الفكر الشرقي القد

Page 233: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

233

طبيعة الواقع

طبيعة الواقع

١ ـ موجز لوجهات النظر اخملتلفة حولالواقع:

كما تشكلت النظريات البوذية بحسب تفسيراتهاIكـذلـك تـأثـرت بـهـذا ا)ـبـدأ Iـبـدأ الـنـشـوء الـتـابـع(النظريات اخملتلفة عن طـبـيـعـة الـواقـع اخلـارجـي.وكنتيجة لتقاسم ا)بدأ ا)شترك اخلـاص بـالـنـشـوءالتابعI فإن النظريات البوذية عن العـالـم والـنـفـس

لها سمات معينة مشتركة:١ ـ ال ينتمي أي من النفوس أو األشياء اخلارجية

إلى طبيعة اجلوهر.٢ ـ كل من النفوش واألشياء تشكـلـهـا عـمـلـيـات

قوى العناصر .٣ ـ الـدوام ال وجــود لــه ســواء فــي األشــيــاء أو

النفوس.Sمـحـددتـ S٤ ـ الزمان وا)كان ليسـا خـاصـيـتـألي من األشياء أو النفوسI حيث إن الزمان وا)كاننسبيان للعمليات (التي هي بالفعل نسبية إحداهـالألخرى). ومع ذلكI وعـلـى الـرغـم مـن هـذا الـلـبا)ؤلف من ا)ذهب ا)شترك بS كل ا)ـدارسI فـإنهناك العديد من اخلالفات بS وجهات نظر هذها)ـدارس حـول طـبـيـعـة الـعـالـم اخلـارجـي كـنـتـيـجـة

13

Page 234: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

234

الفكر الشرقي القد

للتفسيرات اخملتلفة )بدأ النشوء التابع.وoكن تلخيص اخلالفات الرئيسية في التعـالـيـم حـول طـبـيـعـة الـعـالـم

»Vaibhasikaاخلـارجـي مـن خـالل وجـهـات نـظـر مــدارس «الــفــيــبــهــاشــكــا »I و«اليـوجـاكـاراMadhyamika» و«ا)دهيـامـيـكـا Sautrantikaو«السوتـرانـتـيـكـا

Yogacaraوهي مدرسة الفيبهاشكا بالبـوذيـة Iوترتبط أولى هذه ا)دارس .«ا)بكرةI أو الثرافاداI وقوام رؤيتها للعالم أن العناصر (الدارمات) التي تشكلالعالم التجريبي هي ما يؤلف الواقع النهائيI وهذه العناصر تشكل احملتوىاألساسي للتجربة وتقدم بشكل مباشر في التجربة. وحيث إنه من ا)عتقدأن هناك عددا كبيرا من هذه العناصر النهائيةI فإن ميتافيزيقا «الفيبهاشكا»

oكن أن تسمى بالواقعية التعددية.وعلى الرغم من أن مدرسة السوترانتيكا غالبا ما يتم ربطها بـالـبـوذيـةSتـشـكـل جـسـرا لـلـعـبـور بـ Iفإنها في حقيقتها فلسفة انتقالية Iالثرافاديةالثرافادا وا)هايانا. ويبدو من النظرة األولى أن رؤية السوترانتيـكـا لـلـعـالـمtاثلة �اما لرؤية الفيبهاشكاI ذلك أن الرؤيتS كلتيهما تعددية وواقعيـة.غير أن هناك اختالفا مهماI حيث إن فالسفة مدرسة السوترانتيكا يرفضونا)فهوم القائل إن السمات األساسية للتجربة العادية تشكل العناصر النهائيةلألشياءI وهم يذهبون إلى القول إن كل ماجتري جتربته ومعايشته يعتـمـدعلى عناصر أخرىI ال جتري جتربتها بصورة مباشرةI ففي نهاية ا)ـطـافينص مبدأ النشوء التابع على أنه ليست هناك كائنات أو موجوداتI وإ�اهناك عمليات انطالق نحو الوجودI وهذه العمليات تـعـتـمـد إحـداهـا عـلـىاألخرىI وما من عملية منها لها واقع مستقل خاص بها. ولكن إذا كان األمركذلكI فالبد أن العناصر األساسية للواقع الذي جتري جتربته تفتقر كذلكإلى الواقع ا)ستقل. وبناء على ذلك فإن فالسفة مدرسة «السـوتـرانـتـيـكـا»يعلمون أن العناصر األساسية للواقع ال تتم معرفتها بصورة مباشرةI وإ�اهي تقع فيما وراء مضامS التجربةI وتعطي لهذه ا)ضامS النشوءI كما أن

هذه ا)ضامS هي التي �ثلها.يتخلى فالسفة مدرسة ا)دهياميكا �اما عن الواقعية التعـدديـةI وهـمإذ يتفقون مع فالسفة «السوترانتيكا» في أن التفسير الصحيح )بدأ النشوءالتابع ال يسمح بـ «الواقعيات» التي جتري جتربتها على نحو مباشرI والتي

Page 235: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

235

طبيعة الواقع

يقول بها فالسفة الفيبهاشكاI فإنهم oضون قدماI ويقولون إن الـعـنـاصـراألساسيةI أو الدارماتI التي قال بها فالسفة السوتـرانـتـيـكـا يـكـونـون قـدأسلموا هذه العناصر إلى عالم العدمI ومن ا)فترض أن العناصر النهائـيـةIالتجربة العادية Sلألشياء التي قال بها فالسفة السوترانتيكا �ثلها مضامولكن }ا أنه ليست هناك طريقة جلسم ما إذا كانت مضامS التجربة �ثل

التيRepresentationalismالعناصر األساسية أم الI فإن نزعة التمثل العقلي قال بها فالسفة السوترانتيكا تكون بال أساس.

شدد فالسفة مدرسة ا)دهياميكا على نسبية مكونات األشيـاءI وقـوامتفكيرهم في هذه النقطة هو أنه إذا كان ماهو موجودI كائنا ما كانI معتمداعلى شيء ا^خرI فليس من ا)مكنI إذنI حتديد بعض ا)وجودات (الدارمات)التي توجد أوال وهي مستقلة عن ا)وجودات األخرى. والسعي للوصول إلىعناصر مطلقةI حقيقية في ذاتهاI هو سعـي مـضـلـل لـلـوصـول إلـى مـجـردوهم. وهي نتيجة للفشل في التغلغل إلى أعماق مبدأ النشوء التابعI ذلك أنهيكذب التشبث بالرؤية اخلاطئة للجوهر. وإذ أكد فالسفة ا)دهياميكا تشابكالعناصر واعتماد أحدها على اال^خر. ونسبيتها اجلوهريةI غدوا مشهورين

. وكلمة الشونياتا تعـنـي «اخلـواء».Shunyataبنظريتهم اخلاصة بالشونـيـاتـا وتذهب نظرية الشونياتا إلى أن كل العناصر خاوية من الواقع ا)طـلـقI أيأنه ال وجود في ذاته ومن تلقاء ذاتهI فكل وجود مـعـتـمـد عـلـى غـيـرهI وكـل

موجود هو نسبيI لكل شيء ا^خرI ومعتمد عليه.وافق فالسفة اليوجاكارا على أن الواقعية التعددية لم تكن متسقـة مـعنظرية النشوء التابعI وأنه ال oكن القول إنه توجد في العالم عناصر وجودمطلقة ونهائيةI ومن ثم فقد كان فالسفة ا)دهياميكا على حق في اإلشارةالنسبية األساسيةI واالعتماد ا)تبادلI اللذين oيزان الواقع اخلارجي. ولكنفالسفة اليوجاكارا أحسوا بأنهم قد مضوا إلى أبعد tا ينبغي في توصيف«كل الوجود» بأنه نسبيI ومن ثم غير واقعي (}عنى أنـه ال يـحـظـى بـواقـعمستقل) ذلك أنه إذا كان القول صحيحاI فإنه ينـبـنـي عـلـى ذلـك أن وجـودالوعي نسبي وغير واقعي أيضاI ولكن لو أن األمر كان كذلـكI فـإن نـتـائـجالوعـي سـتـكـون نـسـبـيـةI وغـيـر واقـعـيـة أيـضـا. وحـيـث إن حـجـج فـالسـفـةا)دهياميكا هي نتائج نشاط واعI فإنها ستكون نسبية وغيـر واقـعـيـةI ولـن

Page 236: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

236

الفكر الشرقي القد

يكون هناك سبيل للحفاظ على وضعها. وبناء على ذلك فقد شدد فالسفة«اليوجاكارا» على أن الوعي ينبغي السماح له بأن يوجد في حد ذاتهI فهووحده الواقعي بصورة مستقلةI وكل شيء ا^خر له واقع بالنسبة للوعي فقط.I«هنا دار فالسفة «اليوجاكارا» دورة كاملة حول وجهة نظر «الفيبهاشكاففالسفة «الفيبهـاشـكـا» يـحـددون الـعـنـاصـر األسـاسـيـة لـلـواقـع اخلـارجـيباعتبارها مطلقةI وكل شيء ا^خر له واقع نسبي لهذه الدارمات األساسيـةفقط. وقد نظر فالسفة «اليوجاكارا» إلى هذه العناصر باعتبارها نسبـيـةللوعيI ومنحوا الوعي نفسه وضعية الواقع األساسي وا)طلق في النـسـق.وتعرف هذه الرؤية أن كل موجودI كائنا ما كانI يوجد بالنسبة للوعي وحده

.Idealismـ تعرف با)ثالية والفارق الرئيسي بS الواقعية وا)ثالية هو أن الواقعية تنظر إلى واقـعIـا فـي ذلـك الـوعـي{ Iوكـل شـيء ا^خـر Iاألشياء اخلارجية باعتباره نهائـيـانسبي أمام الواقع اخلارجي. أما ا)ثالية فهي تنـظـر إلـى الـوعـي بـاعـتـبـارهنهائياI وكل شيء ا^خرI }ا فـي ذلـك األشـيـاء اخلـارجـيـةI واقـعـي فـحـسـببالنسبة للواقع. وتختلف الرؤية ا)دهياميكية ـ القائلة إن كل شيء خاو منالواقع ـ عن كل من الواقعية وا)ثاليةI في أنها ال تنظر إلى أي من الوعي أوIومن هنا فإنها نسبية تامة دو�ـا مـطـلـق Iالواقع اخلارجي باعتباره نهائياوالوعي والواقع اخلارجي يقومان على أساس أنطولوجي واحدI فكل منهما

ال يكون حقيقة إال من حيث صلته باال^خر فحسب.

٢ ـ الواقعية التعددية:وفقا لتفسير النشوء التابعI الذي يشكل أساس البوذية الثرافاديةI فإنالعمليات التي تشكل الواقع تتألف من عدد ال حصر لـه مـن الـعـنـاصـرI أوالقوىI ا)فصلةI والزائلةI في حـالـة حـركـة مـسـتـمـرة. وهـذه الـعـنـاصـرI أوالدارماتI هي القوى ا)طلقة في الكونI وهي ا)سؤولة عن كـل مـا يـوجـد.وهي توجد على نحو مستقل في طبيعتها اخلاصةI وكـل شـيء ا^خـر يـنـشـأIاعتمادا على هذه العناصر ا)طلقة. وعلى الرغم من عمرها البالغ القصرفإنه يعتقد أنها واقعية بصورة مطلقةI ذلك أن لها نتائج تترتب عليهاI وهذهالنتائج هي العصىI واألحجارI وا)وائدI وا)قاعد... إلخ التي تشكـل عـالـم

Page 237: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

237

طبيعة الواقع

التجربة ا)ألوف.والعالقة بS الدارمات األساسية وعالم التجربة ا)ألوف oمكن مقارنتهاIالنظرية العلمية احلديثة اخلاصة با)كونات الذرية لألشـيـاء Sبالعالقة بواإلدراك القائم على الفطرة السليمة لهذه األشياءI ورؤية الفطرة السليمةقوامها أن ا)وائد وا)قاعد هي أشياء ثابتة ومعمرةI وهي من الصالبة بقدرما يحلو لك القولI ولكن العالم يبلغنا بأن مايدعى با)ائدةI ويعتقد أنه شيءثابت ودائمI هو في حقيقة أمره مجوعـة مـن الـقـوى والـعـنـاصـر فـي حـالـةحركة مستمرة. وهذا tاثل �اما للرؤية البوذية للدارمات باعتبارها ا)كوناتالنهائية لألشياءI فالبوذيون بدورهم يعتقدون أن أشياء الفطرة السليمة التعدو أن تكون مجموعات من قوى أكثر أولية بكثير في حالة حركة مستمرة.وبالنسبة للبوذيI كما هي احلال بالنسبة للـعـالـمI فـإن هـذه الـطـريـقـة فـيالنظر إلى األشياءI ال تعني إنكار عالم الفطرة السليمة أو تفنيدهI أو إنكارأي من موضوعاتهI فالعالم الواقعي موجود هنالـك خـارجـاI وهـو حـقـيـقـيعلى نحو ما يعتقد أي شخص أنه كذلكI ولكن واقعه تشكل بطريقة مختلفةعما يتم تصوره عادة. إنه في حقيقة األمر مؤلف من مجموعات مـن قـوى

العناصر ا)نفصلةI والزائلةI في حالة حركة مستمرة.وفي غمار وصول فالسفة الفيبهاشكا والسوترانتـيـكـا إلـى تـصـوراتـهـما)يتافيزيقيةI قبلوا واقع عالم التجربة ا)ألوفI لكنهم رفضوا فرض نظريةمجرد عن اجلوهر على هذا الواقع. فالتجربة ال سبيل إلى إنكارهاI وماجتريجتربته ومعايشتهI كائنـا مـا كـانI هـو أمـر واقـعـيI وإال )ـا أمـكـن جتـربـتـه.ومعطيات التجربةI التي توضع في أهاب نظريةo Iكن جتـاهـلـهـاI عـنـدمـانركز االنتباه على الكيانات النظرية التي نفترض أنها تفسر التجربة. ورؤيةالواقع من منظور اجلوهر هي مثال بارز لذلك. فالتجربة في ذاتها وبذاتهاIال حتمل معها قط معطيات عن هوية األشياء ودوامـهـا. والـهـويـة والـدواموهما أمران أساسيان للرؤية اجلوهرية للواقعI يتم فرضهما على معطياتIوهذا اإلطار هو الذي يرغب البوذي في رفـضـه Iالتجربة كإطار تفسيري

Aniccaألنه ليس معطى من خالل التجربة نفسها. ومذهب الزوال أو األنيكا

(اللدوام) هو في أساسه إنكار للرؤية اجلوهـريـة لـلـواقـع. إنـه إنـكـار لـواقـعالعالم كـ «جوهر» فقطI وهو يترك البدائل األخرى متاحة. فالبوذيون يقولون

Page 238: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

238

الفكر الشرقي القد

إن الواقع يتألف من عملياتI ال من جواهر.أما السؤال: ما العملية? وكيف تشكل العمليات عالم التجربة اليوميـة?فهو موضوع ا^خر. ولكن من اجللي أن واقـع الـعـمـلـيـة ال يـنـكـره أحـد. وقـداكتسب فالسفة الفيبهاشكا والسوترانتيكا اسم «الـواقـعـي» بـسـبـب تـأكـيـدواقع العملية. وهم باإلضافة إلى ذلك واقعيون «تعدديون» ألنهم يعتقدون أنالعمليات التي تشكل الواقع تتألف من عدد هائل من العـنـاصـر ا)ـنـفـصـلـة

وا)تفاعلة.

٣ ـ الوجود:تـتـحـدد الـسـمـات الـرئـيـسـيـة )ـيـتـافـيـزيـقـا فـالسـفــة «الــفــيــبــهــاشــكــا»و«السوترانتيكا»I برفضهم لرؤية الوااقع من خالل اجلوهر. وهي رؤية �سكبها العديد من الفالسفة الهندوسيIS وبصفة خاصة أولئك الذين ينتمونإلى مدرستي النيايا والفيشيشكا. والرؤية اجلوهرية في ا)يتافيزيقا تؤكـدواقع الوجود أكثر tا تؤكد واقع الصيرورةI حيث ينظر إلى الـوجـود غـيـرا)تغير على أنه أساسيI ويتعS تفسير التغير والصـيـرورة فـي عـالقـتـهـمـابهذا الواقع بأفضل طريقة tكنةI وإذا تبS أنه ما من نظرية للتغير oكنIفرن التغير ينبغي إنكاره Iالعثور عليها وتتسم باالتساق مع الدوام والوجود

في(١)على نحو ما ذهب إليه فالسفة أقدم عهـدا فـي الـهـنـد (وبـامـنـيـدساليونان القدoة).

I«وإلدراك ما ترفضصه ميتافيزيقا فالسفة «آلفيبهاشكا» و«السوترانتيكامن الضروري �حيص االفتراضات ا)تضمنة في الرؤية اجلوهرية. وتبنى

الرؤية اجلوهرية للواقع على قبول:١ ـ الدوام.

٢ ـ الشمولية.٣ ـ الهوية.

٤ ـ الوحدةI كخصائص أساسية لكل ماهو موجود.١ ـ يتمثل تأكيد الدوام في التشديد على ثبات وبقاء األشياء في الكون.وفي إطار هذه الرؤية ينظر إلى السمات غير ا)تغيرةI وليست إلى السماتا)تغيرة. باعتبارها رئيسيةI ويصبح الالتغير معيار احلـقـيـقـي. وكـثـيـرا مـا

Page 239: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

239

طبيعة الواقع

يصحب قبول الدوام كخاصية رئيسية للوجود قبول خاصية الهوية.٢ ـ تشير الهوية إلى السمة الواحدة لألشياءI على الرغم من التغيراتالظاهرة. فعلى سبيل ا)ثال قد يقول ا)رء في معرض تأكيد الهويةI إنه علىالرغم من أن اجلرو يكبرI ويصبح كلبا عـجـوزاI وعـلـى الـرغـم مـن أنـه فـيIفإنه يظل احليوان الفرد ذاته Iغمار هذه العملية يتم استبدال كل اخلالياورغم التغيرات اخملتلفة فإن الكلب العجوز متحد مع اجلـرو الـصـغـيـر فـيهوية واحدةI باستثناء ما يتعلق بالعمر. وغالبا ما يكون قبول الهوية مصحوبا

بقبول الشمول.٣ ـ يعني النظر إلى الوجود باعتباره متصفا أساسا بالشمول النظر إلىاالختالفات في األشياء ا)وجودة باعتبارها أقل أساسـيـة مـن الـتـشـابـهـاتبينهاI فعلى سبيل ا)ثالI وفي معرض تأكيد التشابهات تدرج حيوانات مختلفةمعا في فئة «كلب» على أساس االفتراض بأن هناك شيئا مهما في كل منهاتشترك فيه هذه احليوانات جميعهاI على الرغم من االختالفات الـقـائـمـة

والنوع ا)سمى سان برنارPoodleعلى سبيل ا)ثال بS النوع ا)سمى البودل St. Bernardوينظر إليه على I«وهذا التشابه هو «كون هذه احليوانات كالبا .

أنه هو نفسه موجود فيها جميعها في كل األوقات في نطـاق مـعـS. وهـذهاال)اهية شاملة ومستقلة أساسا عن الزمان وا)كانI ولدى قبـول الـشـمـولكخاصية أساسية من خصائص الوجودI يصبح من ا)مكن القول إنـه عـلـىالرغم من أن هناك العديد من الكالب اخملتلـفـةI بـل وعـلـى الـرغـم مـن أناألنواع تتطور فإن «ما يجعل احليوان كلبا» ال يـتـغـيـر. وهـذا «الـذي يـجـعـلاحليوان كلبا» هو العنصر الكلي الشـامـل ا)ـوجـود فـي كـل الـكـالب فـي كـل

األوقاتI ويشكل واقعها األساسي.I٤ ـ عادة مايكون تقسيم الوجود إلى أشياء متميزة ذات طبيعة شـامـلـةوتتميز بأنها دائمة وفي هويةمع ذاتها على امتداد فـتـرة مـن الـزمـنI عـادةمايكون مصحوبا كذلك بقبول وحدة األشياء ا)تميزةI فـعـلـى سـبـيـل ا)ـثـاليتألف شيء جزء معIS لنقل إنه كلبI من العديد من األجزاء. ولكن عـلـىالرغم من أنه يتألف من العديد من األجزاء. فإنه يظل شيئا واحدا. وإدراجالعديد من األجزاءI أو اجلوانبI حتت عنوان «شيء واحد» هو ا)عنى ا)رادبوحدة الشيء. وعلى الرغم من أن اللحم ليس عظماI وأن الدم شيء ثالث

Page 240: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

240

الفكر الشرقي القد

مختلف عنهماI وثالثتهم مختلفون عن العادات وا)يولI وأن الكلـب يـتـألـفمن كل هذه األشياء اخملتلفة (إلى جانب كثيـر غـيـرهـا) فـإن مـن ا)ـفـتـرضبصورة شائعة أنها كلها شديدة االرتباط أحدها باال^خر بحيث إنها تـشـكـلشيئا واحداI هو هذا الكلب. وفي بعض األحيان يترادف مبدأ الوحدة هذامع مبدأي الشمول والهيةI ومن ا)عتقد أن السبب في أن األجزاء اخملتلفةفي الكائن احلي مرتبطة على نحو تشكل معه شيئـا واحـدا هـو أنـهـا كـلـهـاتنتمي إلى الشيء الكامن ذاتهI أي ا)ادة التي يعيش عليها الكلب. وبناء على

عزى إلى مادة غير مدركةهذه الرؤية فإن وحدة األشياء وهويتها وشمولها تحسيا يعتقد أن اخلصائص القابلة لإلدراك احلسي لألشياء تكمن فيها.

وإذا وضعنا في اعتبارنا ا)عالم الرئيسية للرؤية اجلوهرية للوجودI فإنمن ا)مكن اال^ن مناقشة وجهات النظر ا)يتافيزيقيةI التي قال بها فالسفة«الفيبهاشكا»I و«السوترانتيكا»I الذين كانوا مهتمS في ا)قام األول بإنكارالرؤية اجلوهريةI ورؤاهم الرئيسيـة هـي عـلـى وجـه الـدقـة نـقـيـض الـدواموالوحدة والهوية والشمولI فنقيض الدوام هو الزوالI ونقيض الوحدة هوالتركيبI ونقيض الشمول هو اخلـصـوصـيـةI ونـقـيـض الـهـويـة واالنـفـصـال

والتمايز.وينظر إلى الوجود بأسره في الرؤية البوذية باعتباره زائالI نظرا لكونهمؤلفا من جزئيات متمايزة ومنفصلة تنـدج فـي تـركـيـبـات مـخـتـلـفـة. وهـذهالرؤية للوجود مشتركة بS فالسفة الفيبهاشكا والسوترانتيكا الذين يشتركون

كذلك في وجهات النظر التالية:١ ـ اجلزئيات ا)تمايزة التي تشكل الوجود هي «حركة حلظة» من القوة

أو الطاقة.٢ ـ و«حركات اللحظات» هذه في حالة تدفق مستمر.

٣ ـ النشوء والتوقف كامنان في الوجود.٤ ـ معيار الوجود احلقيقي يتمثل في القدرة على إحداث النتائـجI فـمـاoكن اإلقرار بأنه حقيقي هو وحده الذي يحدث النتائجI ذلك أن احلقائق

الواقعية تعرفة بنتائجها.Iتقبل ا)بدأ البوذي الشـامـل Sا)درست Sفإن كال من هات I٥ ـ وبالطبعالقائل إن عناصر الوجود مترابطة بـحـسـب مـبـدأ الـنـشـوء الـتـابـع (بـاتـيـكـا

Page 241: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

241

طبيعة الواقع

سامبودا) قانون نشأة وتوقف عناصر الوجود.Sقبل أن نعرض احلجج ا)ستخدمة لتأييد الرؤى ا)يتافـيـزيـقـيـة لـهـاتـا)درستIS �س احلاجة إلى اإلشارة إلى خالفات معينة في هـذه الـرؤى.

I حيث يذهبDuration of Existenceويدور اخلالف األول حول دoومة الوجود فالسفة الفيبهاشكا إلى القول بأن إنتاج اللحظة الالحقة في سياق الصيرورةالذي يشكل الواقع سيكون مستحـيـال مـا لـم تـكـن كـل حلـظـة مـوجـودة فـيا)اضي وا)ستقبل كما هي مـوجـودة فـي احلـاضـرI فـهـي مـا لـم تـوجـد فـيا)اضي لن تتأثر بلحظة الوجود التي سبقتها مـبـاشـرة فـي ا)ـاضـي. ومـناجللي أنها موجودة في احلاضرI ولكنها ينبغي كذلك أن توجد في ا)ستقبللكي تؤثر في اللحظة التالية من الوجودI الـتـي لـم تـظـهـر بـعـد. ومـن شـأنالصورة ا)بسطة على نحو كبير للوجودI في هذه الرؤيةI أن تكشف أن كلحلظة من حلظات الوجود لها جزء صغير من وجودها في ا)اضـيI وجـزء

ا^خر صغير في ا)ستقبلI والكتلة الرئيسية من وجودها في احلاضر.ويرفض فالسفة السوترانتيكا الـرؤيـة الـقـائـلـة إن ا)ـاضـي وا)ـسـتـقـبـليشكالن جزءا من الواقعI فهم ال يقرون إال باحلاضر باعتباره واقعيا وذلك

على أساس أن:١ ـ اللحظات النهائية للوجود ال oكن ا)ضي في تقسيمها إلى حلظات

ماضية وحاضرة ومستقبلةI وإذا ما كانت نهائية حقا.٢ ـ ا)اضيI بتعريفه ذاتهI قد مضىI ولم يعد له وجودI وا)ـسـتـقـبـل لـم?Sكن النظر إلى ا)اضي وا)ستقبل باعتبارهما واقعيo فكيف إذن Iيحل بعدويدور اخلالف الثاني حول طبيعة عناصرI أو حلظاتI الوجود النهائية.ويقول فالسفة الفيبهاشكا إن هذه العناصر هي العـنـاصـر األسـاسـيـة فـيمعطيات التجربةI وتشكل أكثر السمات أولية لهذه ا)عطـيـات الـتـي جتـريSيز فالسفـة الـفـيـبـهـاشـكـا بـo ولم Iجتربتها اللحظات النهائية لوجودهاسمات ا)عطى (ا)وضوع) كما هو في ذاته وسمات ا)عطى على نحو ما يقعفي التجربة. ومن ناحية أخرى نظر فالسفة السوترانتيكا إلى الدارمات أوالعناصر النهائية على أنها هي ذاتها غير قابلة للتجربةI فهي خارج مجالالزمان وا)كانI وهي باعتبارها تشكل ا)كونات األساسية للوجود تعد بنـاءعلى هذا شروط الزمان وا)كانI وال oكن أن توجد هي ذاتها في الـزمـان

Page 242: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

242

الفكر الشرقي القد

وا)كان. وهكذاI وبناء على التمييز بS ا)عطى على نحو ما يتم إدراكه حسياوا)عطى ا)ستقل عن اإلدراكI نظر فالسفة السوترانـتـيـكـا إلـى الـدارمـاتالنهائية باعتبارها ا)كنات التي ال تدخل في نطاق التجربةI وا)كونات التي

ال تدخل في نطاق التجربةI وا)كونات التي oكن وصفها فيما ندركه.ويدور اخلالف الثالث بS فالسفة الفيبهاشكا والسوترانتيكا حول طرقا)عرفةI فمدرسة الفيبهاشكا هي مدرسة واقعية مباشرةI تؤمن بأن ماهـوIموجود يتم إدراكه إدراكا حسيا بصورة مباشرة على نحو ماهو عليه حقـاوليس هناك فارق بS ما يوجد وما يتم إدراكـه عـلـى أنـه مـوجـودI ذلـك أناإلدراك يتوافق على وجه الدقة ما يتم إدراكهI أمالم مدرسة السوترانتيكافهي مدرسة واقعية غـيـر مـبـاشـرةI أو �ـثـل ذهـنـيI تـؤمـن بـأنـنـا ال نـدركاألشياء «مباشرة» على نحو ماهي موجودة في ذاتهاI ولكننا ندركها بصورةغير مباشرة فحسب باالستعانة بتمثالت معينةI فمعطيات التجربـةI الـتـيتتميز عن ا)عطيات التي جتري جتربتهاI ينظر إليها على أنها وسائل يرتبطالعارف من خاللها بالوجود. وoكن طرح تشـبـيـه تـقـريـبـي هـنـا مـن خـاللالصورةI فالصورة ليست هي الواقع ذاتهI وإ�ا هي �ثل الواقـع لـنـا. وإذاكانت جيدةI فإن ا)علومة ا)صورة ال تتشوهI وتقدم لنا على نحو ماهي عليهحقا. ولكن رغم ذلك فـإن الـصـورة لـيـسـت هـي الـواقـعI وإ�ـا هـي وسـيـلـة

يعتقدونSautrantikaلتمثيل الواقع فحسبI وبا)ثل فإن فالسفة السوترانتيكا أن اإلحساسات وا)دركات احلسية في التجربة ليست وسائل لتمثيل الواقع

نظر إليها على أنها مناسبI من حيث إنها الوعلى الرغم من أن الوسائل يتشوه الواقع عادةI فإن الواقع يظل مقدما على نحو غير مباشر فحسب من

خالل هذه الوسائل.

٤ ـ حجج ضد اجلوهر:عندما ننتقل اال^ن لتناول احلجج التي استخدمها فالسفة الفيبهـاشـكـاIوالسوترانتيكا لتأييد ميتافيزيقا التدفق ا)ستمر والـزوال الـتـي قـالـوا بـهـاIفإننا جند أن احلجة اإلجمالية هي من نوع الـقـيـاس الـشـرطـي ا)ـنـفـصـلفاالفتراض األساسي هو أنه إما أن الرؤية اجلوهرية للواقع صحـيـحـةI أوأن الرؤية ا)ناقضة ـ رؤية التدفق ا)ستمر ـ هي الصحيحة. وبالتالي يوجـه

Page 243: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

243

طبيعة الواقع

اجلهد الرئيسي نحو إظهار أن الرؤية اجلوهرية ال سبيل للدفاع عنها.واحلجج ا)ستخدمة في تفنيد الرؤية اجلوهرية للواقع هي حجج ضد ١

ـ الدوام ٢ ـ الهوية ٣ ـ الوحدة ـ ٤ ـ الشمول (أو الكليات). أن واقع شيء ماoكن١Permenence ـ تفترض احلجج ا)وجهة ضد الدوام

اختباره من خالل حتديد ما إذا كان قوة قادرة على إحداث التغييرات أم ال.وال oكن التسليم إال بواقعيـة مـا oـكـن أن يـعـرف أن لـه نـتـائـج. والـتـأيـيـدا)يتافيزيقي لهذا االفتراض مفاده أن السعي وراء الواقع النهائي هو سعيوراء األسباب التي ليس لها نتائج. وعلى الصعيد اإلبستمولوجي فإن هـذاتدعمه واقعة أن ا)عرفة �ثل تغييرا في العارفI وما من شيء oكن معرفتهال يحدث تغييرا في العارفI وبالتالي فإن من ا)ستحيل إحراز معرفة بالواقع

ال تؤدي إلى إحداث تغييرات أو تكون لها نتائج.وبافتراض أن الفعل هو اختبار للواقعي (ذلك أنه ما من تغيرات oكـنالتسبب فيها إال بإحداث تغيير) فإنه يظل من ا)تعS إيضاح أن الـدائـم أوالباقي ليس نشطا وال فعاالI وoكن القيام بهذا عن طريق إيـضـاح أن كـالمن طرفي القياس ا)نفصل التالي غير صحيح: أما أن فعل السببيةI حلظيوكاملI أو أنه tتد زمانيا. وفعل السببية ال oكن أن يكون حلظيا وكامالألنه عندئذ ستفرز النتائج في احلالI ويغدو الواقع سكونياI باستثناء تلـكاللحظةI وفضال عن ذلك فإنه إذا كان الفعل حلظيا وكامالI فسـوف يـثـورIسؤال عما إذا كان الدائم أو الباقي سيوجد بعد حلظة التغيير األولى أم الIوإذا وجد فإنه سيحدث النتائج نفسها التي أحدثـهـا فـي الـلـحـظـة األولـى

لف مـحـالواألمر نفسه ينطبق بالنسبة لـكـل حلـظـة الحـقـة. ولـكـن ذلـك خAbsurdألنه يسفر عما ال نهاية له من األكوان الكاملة. وإذا واصل الدائم I

وجودهI بعد حلظة التسبب األولىI ولكن ليس بوصفه سبباI فإنه فيما يبدويكون قد تغير من سبب إلى ال سبب. ولكن التغير ليس دائماI كما أن ذلكمن شأنه أن يجعل الباقي شيئـS مـتـعـارضـIS فـي وقـت واحـدI حـيـث إنـهسيتعS أن يكون سببا وال سببI و}ا أنه ليس من ا)مكـن أن يـوجـد شـيء

مناقض لنفسهI فإن مثل هذا الواقع ليس tكنا.والبديل للفعل السببي اللحظي والكامل هو الفعل السببي ا)متد زمنيا.وهذه الرؤية ال oكن الدفاع عنها كذلـكI ذلـك أنـه إذا كـانـت وا)ـسـألـة أن

Page 244: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

244

الفكر الشرقي القد

السبب الدائم قـد أدى أوال إلـى «س» ثـم «ص» ثـم «ع»... إلـخI فـإنـه oـكـنالتساؤل عما إذا كان «ص» أو «ع» قد � إحداثهما بينما كان يجري إحداث«س» أم ال. وإذا كان الرد باإليجاب فسوف نتبS أن كل النتائج كانت قابلةللظهور في وقت واحدI وأن هذا البديل ال oكن �ييزه عن الوضع األول.ولكن رذا لم يكن }قدور السبب األول أن يحدث النتائج «ص» و«ع».... إلخ.في أي وقتI ولنقل في الوقت الذي كان يتم فيه إحداث «س»I فإنه سيستحيلعلى هذا السبب األول أن يسبب هذه النتائج في أي وقت الحقI ألن ما اليقدر على إحداث نتيجة بعينها في وقت معIS ال oكن أن يحدثها في أيوقت ا^خرI إال بافتراض نشاط سببي ا^خر. وعلى سبيـل ا)ـثـالI فـإن ا)ـرأةالعقيم ال oكنها أن تنجب طفال اال^نI ولهذا السبب نفسهI فإنها ال تستطيع

أن تنجب طفال في أي وقت ا^خر.قد يظهر اعتراض على حجة مدرسة السوترانـتـيـكـاI عـلـى أسـاس أنـهبينما ليس بوسع الوقت ذاته أن يحدث مقدرة في السبب فإنه على الرغممن ذلك قد يسمح بحدوث تعديالت معينةI بحيث تغدو السببـيـة tـكـنـة.Iكن في بعض األحيان لبذرة أن تتسبب في �و نباتo فعلى سبيل ا)ثال الولكنها في بعض األحيان oكنها ذلكI والسر في ذلك هو أن الزمن يسمحبتغييرات معينة في األوضاع التي �كن البذرة من التسبب في �و النباتفي وقت بعينهI على الرغم من عدم �كنها من ذلك في وقت ا^خـر. ولـكـنهذا االعتراض يدور حول مسألة التسبب بكاملها وال يواجههاI ذلك أنه إذا� التسليم بأن الزمان نفسه ال يسبـب األشـيـاءI فـال oـكـن الـتـسـلـيـم بـأنالزمان نفسه ال يسبب األشياءI فال oكن التسليم بأن الزمان يجـلـب مـعـهتعديالتI ذلك أن التعديالت ليـسـت إال تـغـيـيـرات أو نـتـائـجI وهـكـذا فـإنـهيقتضي وجود سببية أخرىI ويثور السؤال نفسه حول إمكان هذا التسبب.وحتى إذا � التسليم بأن األمر يحتاج إلى تعديالت معينة في السببI فإنالنجاح يكون حليف احلجة البوذيةI ألن ذلك إقرار بأن السـبـب قـد تـغـيـر.ولكن إذا كان السبب قد تغيرI فإن هناك إذن شيئS حقا: السبب السابـقIفيما يحدث النتائج Iوالسبب الالحق له. والتسليم بأن اجلوهر يتغير IللتغييرIهو إنكار للدائم وإقرار بضروب مختلفة من الوجود في حلظات مختـلـفـة

وهذا متفق مع مبدأ الزوال الذي يرغب البوذيون في مساندته.

Page 245: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

245

طبيعة الواقع

من خالل محاولة إظهار٢Identity ـ تنطلق احلجج ا)وجهة ضد الهوية أن هوية األشياء هـو أمـر وهـمـي. ويـذهـب أنـصـار رؤيـة الـواقـع مـن خـاللIعلى امتداد فترة من الزمن Iاجلوهر إلى أن الشيء يظل في هوية مع نفسهIولم يتم القضاء عليه Iبافتراض أن الشيء يواصل على نحو طبيعي الوجودIمن خالل القوى اخلارجية والعنيفة. ولكن هذا االفتراض باطل Iأو تغييرهذلك أنه ما لم يكن الشيء معرضا بصورة طبيعية للتغير والتوقفI فإنه مامن شيء oكن أن يجلب التغير والتوقف لذلك الشيءI فعلى سبيـل ا)ـثـالعندما تنال قوة كضربه عصا على جرةI فإن هذه اجلرة تتحطمI ولكن ليسIدو�ا تغيير Iبوسع ا)رء القول إن طبيعة اجلرة أن توةد في هوية مع ذاتهاإال أثرت فيها قوة خارجيةI ففي نهاية ا)طاف ما لم يكن النشوء والتوقفينتميان إلى اجلرةI كجزء من طبيعتهاI فإنه ما من شيء oكنه التسبب فيوجودها وحتطيمها. وما لم يكن التحطيـم كـامـنـا فـي اجلـرة فـإن ضـربـاتالعصى لن تعني شيئاI وستواصل اجلرة وجودها. ولكن طبيعة اجلـرة هـيأن ضربات العصى تتيح ا)ناسبة لتوقفها عن الـوجـودI وإذا لـم يـكـن األمـرراجعا إلى ضربة عصاI فإن مناسبة أخرى ستصاحب حتطم اجلرةI فليس

من طبيعة اجلرة أن توجد في هوية مع نفسها إلى األبد.وتبدو السمة الوهمية للهوية جلية �امـا فـي حـالـة تـقـدم كـلـب مـا فـيالعمر. فمن الواضح أن قوام األمر ليس أن الكلب oضي دو�ا تغيير لعدةسنوات ثم عند وقت محدد يشرع في التقدم في العمرI فعملية التقدم فيالعمر تبدأ عند احلمل بـاجلـروI ولـدى مـيـالده يـكـون قـد تـقـدم فـي عـمـرهبصورة كبيرة. والتقدم في العمر ليس إال تغيـيـراI هـي مـزيـج مـن عـنـاصـرIالتوقف والنشوء. ووهم الهوية يقوم على أساس تصورات تعسفية مـعـيـنـةIفإننا نحزن إزاء الشيخوخة Iونالحظ توقفها Iفعندما نحدد عناصر معينةوالتحللI وا)وت الكامن في األشياءI وعندما ال نركز على توقف العنـاصـرذاك. وإ�ا نشود العناصرI فإننا نبتهج حيال ا)يالدI واحلـيـاةI والـشـبـاب.ولكن في حقيقة األمر فإن النشوء مرتبط دائما بالتوقفI والتوقف مرتبطSواتخاذ موقف مع Iوا)وت وا)يالد جزءان من عملية واحدة Iدائما بالنشوءحيال جزء من العملية هو الذي يفضي إلى الغثيان واليأسI من ناحيةI أوIمن ناحية أخرى. واحلقيقـة هـي أنـه لـيـس هـنـاك هـويـة Iالبشر واالبتهاج

Page 246: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

246

الفكر الشرقي القد

وإ�ا هناك نشوء العناصر ا)ستمر وتوقفها فقط. على أساس استحالة معرفة٣Unity ـ تقوم احلجة ا)وجهة ضد الوحدة

». وبحسب الرؤية اجلوهرية فإن موضوعا مثـل ا)ـائـدةI عـلـىa whole«كل الرغم من كونه يتألف من العديد من األجزاءI إال أنه مـن ا)ـعـتـقـد أنـه كـلواحد. وتنطلق حجة السوترانتيكا ضد هذه الـرؤيـة مـن خـالل إيـضـاح أنـهليس من ا)مكن معرفة الكل. فعلى سبيل ا)ثال ليس من ا)مكن رؤية ا)ائدةكلهاI وإ�ا تتم رؤية جزء صغير منهاI وoكن )س جزء صغير فقط... إلخ.Iوعادة ما يتم تفسير هذا بالقول إن جانبا واحدا من ا)ائدة كلها تتم رؤيتهوأنه باالنتقال إلى ألوان مختلفة من ا)نظور oكن للمرءI على التعاقبI أنيرى ا)ائدة كلها. ولكن هذا التفسير ال يعني في أحسن األحوال سوى أن كلما ستتم رؤيته هو «أسطح» مختلفة للمائدة. ولن يكون من ا)ستطاع رؤية ماوراء سطح ا)ائدة على الرغم من أن ا)ائدة يفترض أنها تتألف tا هو أكثرمن مجرد السطح. وحتى إذا أمكن رؤية ماهو أكثر من السطـحI فـإن هـذاالتفسير لن يكون مقنعاI ألن اإلدراكات البصرية ا)تخلفة ا)تحققة من ألوانمختلفة من ا)تطور ال نحمل معـهـاI فـي ذاتـهـا إدراك أنـهـا تـنـتـمـي إلـى كـلIإدراكا لشيء مختلف Iواحد. ومن ا)مكن �اما أن يكون كل إدراك مختلفIفليس هناك شيء في اإلدراك نفسه يضمن أنه ينتمي إلى ا)ـوضـوع ذاتـهالذي تنتمي إليه اإلدراكات األخرى ومن هنا فليس هناك أساس للقول إنهناك ضروبا من الكل تتألف من أجزاء مختلفةI وكل ما oكن القول به هواإلدراكاتI و}ا أنه ليس هناك أساس صحـيـح لـربـط هـذه اإلدراكـات فـي

» ا)فترضة لألشياء البد أنOnenessإطار ضروب من الكلI فإن «الواحدية Iتكون وهمية. وكما أن الفيلم ال يعدو أن يكون حقا صـورا ثـابـتـة مـتـتـابـعـةفكذلك الواقع ال يعدو أن يكون عناصر متـتـابـعـةI وكـمـا أن ا)ـرور ا)ـتـتـابـعللصور الثابتة يؤدي إلى ظهور فيلم متحرك واحد متتابع بـأسـرهI فـكـذلـكظهور العناصر واختفائها الذي ال يتوقف يـتـولـد عـنـه ظـهـور وحـدة أشـيـاءبأسرها. غير أنه في الواقع فإن حلظات الوجود ال تعدو أن تكون «حـركـة

حلظة» من القوةI تظهر وتختفيI معتمدة كل منها على األخرى. على عدم قابليـة مـثـل٤Iniversals ـ تقوم احلجة ا)وجهة ضد الكـلـيـات

ISمائدت Sكالتشابه التام ب Iهذه الكيانات ألن تعرف. فهوية شيء ما مع غيره

Page 247: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

247

طبيعة الواقع

» كليـة.Tablenessمن خالل كونهما مائدتIS يعتمد على افتراض «مـائـديـة فكيف oكن لكيان كلي واحد أن يوجد في العديد من الكيانات ا)ـتـبـاعـدةتباعدا كبيرا في الزمان وا)كان وأال يتأثر �اما }ا يحدث للكيانات األخريالتي يوجد فيها? وفضال عن ذلك إذا وجدت مـثـل هـذه الـكـيـانـات الـكـلـيـةفكيف oكن معرفتها? وحتى أنصار الرؤية اجلوهرية يـقـرون بـأن اإلدراك

. وهم لتفسير إدراك الكيانات الكلية يفترضونParticularsهو إدراك اجلزئيات نوعا من اإلدراك ا)زدوجI حيـث يـتـم أوال إدراك اجلـزئـيI ثـم يـأتـي إدراكالكليI كنوع من النسخة الالزمانية والالمكانية للجزئي. ولكن ليس هناكدليل على هذا النوع من االزدواج في اإلدراكI وبالتالي فإن فالسفة مدرسةالسوترانتيكا يتبنون موقفا قوامه أن الكليـاتI الـتـي تـنـسـب إلـى الـواقـع التعدو أن تكون بناءات منطقية مفروضة على الواقع الذي هوI في كل جانب

من جوانبهI جزئي.وباإلضافة إلى قيام فالسفة السوترانتيكا بالدفاع عن موقفهم بـشـكـلغير مباشرI عن طريق اجملادلة ضد وجهة النظر ا)عارضةI فإنهم يدعمونIموقفهم بالقول إن مشكالت معينة تنشأ كنتيجة حملاولة تفسير الواقع نسقياoكن حلها بسهولة أكثر بتبني رؤية التدفـق ا)ـسـتـمـر لـلـواقـع. وال شـك أنا)شكلة األساسية أمام الفيلسوف ا)يتافيزيقـي هـي مـشـكـلـة الـتـغـيـر. وإذاسلمنا بالتغيرI فسوف يبدو أن الدوام يتعS كذلك اإلقرار بهI ألن الـتـغـيـرهوI باستمرارI تغير شيء ما إلى شيء ا^خرI كما هي احلال عندtا تتغيرورقة شجرة خضراء لتصبح حمراء. والشيء الذي يتعرض يتعرض للتغييرـ ورقة الشجرة ـ ال يتغيرI ولكن بعض خواصه تبدو للعيان (اللون األحمـر)

وبعضها يختفي (اللون األخضر).والزعم بوجود واقع دائم هو موقف يصعب الدفاع عنـهI عـلـى نـحـو مـاIمن خالل احلجج السابقة. ومن ناحية أخرى فإنه إذا � إنكار التغير Iرأينافإن ا)يتافيزيقا بأسرها تغدو غير متسقة مع جتربتنا األساسية وا)باشرة.ولكي يتم الدفاع عن القول إن الواقع في تدفق كاملI وال يتعرض إال إلىSفإن من الواضح أن البوذي Iدون أية ا^ثار للدوام أو البقاء Iالتغيير فحسبليس }قدورهم التفكير في التغيير باعتباره تبديـل شـيء دائـم يـكـمـن فـيأساس اخلصائص اخملتلفة لألشياء. والواقع أنه ليس }قدورهم قبول أية

Page 248: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

248

الفكر الشرقي القد

مفاهيم مألوفة للسببيةI ذلك أنه ما من شيء يبقـى وقـتـا طـويـال }ـا فـيـهالكفاية ليحدث نتيجةI وما يحلونخ محل السببية هو قانون النشوء التابع أوا)عتمد على غيرهI الذي وفقا له فإن الكيانات والعناصر «يحل أحدها محلاال^خرI وال يتسبب أحدها فـي اال^خـر». وقـانـون الـنـشـوء الـتـابـع هـو قـانـونلالرتباط بS اللحظاتI ولكنه ليس قانونا لالرتباط السببيI ولـو أنـه كـانقانونا لالرتباط السببيI فإن حلظة واحدة في سياق tتد ستكـون سـبـبـاللحظة التي تليهاI وسيكون من الضروري أن تعزى االستمرارية الزمنية إلىاللحظاتI على نحو مافعل بعض فالسفة الفيبهشكا. ولكن نسبة االستمرارية

الزمنية إلى اللحظات يعني القول بنوع من الدوام.وبإحالل قانون النشوء التابع محل قانون االرتباط السببي يجد البوذيونأنفسهم في وضع oكنهم من تفسير ظهور االستمرارية واالمتداد الزمنـياللذين oيزان }يزان رؤية الفطرة السليمة للواقع دون الـتـخـلـي عـن زوالالوجود. فهناك تغير مستمرI دو�ا دوامI ألن التغير هو «إحالل» حلظة منحلـظـات الـوجـود مـحـل أخـرى. وإحـالل الـلـحـظـات يـحـدث بـسـرعـة تـبـدوكاالستمرارية واالمتداد الزمنيI وهذا ا)ظهر الزائف هو الذي يشكل أساسا)زاعم اخلاطئة حول الـدوام والـهـويـةI والـبـنـاءات الـذهـنـيـة مـن مـضـمـون

اإلدراكات تتولد عنها الوحدة والكليات الظاهرية.وكـمـا أشـارت هـذه احلـجـجI فـإن فـالسـفـة مــدرســتــي الــفــيــبــهــاشــكــاوالسوترانتيكا يتمسكون }وقف ميتـافـيـزيـقـي مـخـتـلـف �ـامـا عـن الـرؤيـةاجلوهرية. ويذهب أنصار رؤية الواقع من منـظـور اجلـوهـر إلـى الـقـول إنالواقع يحظى بدوام يفوق ما يبدو أنه يحظى بهI ويذهب البوذيون إلـى أناألشياء ال حتظى بالوحدة التــي يـبـدو أنـهـا حتـظـى بـهـا. ويـقـول أصـحـابنظرية اجلوهر إن هناك تغيرا في األفرا أقل ما يبدوI لناI ويقول البوذيونIفـي عـالـم الـواقـع Iإن هناك تغيرا أكبر. ويعتقد اجلوهريـــون أن هنــــــــاكقدرا من التشابه (الكلية) أعظم tا يبدو لنا. ويعتقد البـوذيـون أن هـنـاكقدرا أقل tا يبدو. وهكذا فإن نظـــرية الفيبهاشكا والسوترانتيـكـا تـوجـزفي القول إن الـقـول يـتـألـف مـن عـدد ال حـصـر لـه مـن الـقـوى الـالزمـانـيـةوالالمكانيةI التي تظهر وتختفي بصفة مـسـتـمـرةI مـعـتـمـدة إحـداهـا عـلـى

األخرى.

Page 249: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

249

طبيعة الواقع

٥ ـ املعرفة:نظريات ا)عرفة التي تكمن خلف اال^راء ا)يتافيزيقية التي قال بها فالسفةمدرستي الفيبهاشكا والسوترانتيكا تختلف فيما بينها أ� االختالف. وعلىالرغم من أن هؤالء الفالسفة يجمعون على أن الواقع oكن معرفـتـه عـلـىنحو ماهو في ذاتهI وبالتالي فهم يصنفون كواقعيIS ال كمثاليIS إال أنهـم

يختلفون في الكيفية التي يعرف بها الواقع.هناك وجهتا نظر رئيسيتان tكنتانI فيما يتعلق }عرفة الواقع. ووفقالوجهة النظر األولى فإن ا)وضوعات اخلارجية تعرف على نحو ماهي موجودةفي ذاتهاI فليس هناك فارق بS ماهو موجودI وما يعرف أنه موجود. ووفقالوجهة النظر األخرى فإن كـل مـا عـرف فـي أي وقـت مـضـى هـو مـضـمـونالوعيI وليست هناك طريقة إليضاح أن مضامS الوعي تتفق مع مايوجدحقا أو ال تتفق معه. ووجهة النظر األخيرةI والتي تعرف با)ثالية يرفضهـافالسفة الفيبهاشكا والسوترانتيكاI ألنهم يذهبون إلى القول بأنها ال تسمح

بطريقة التمييز:١ ـ الوعي نفسه عن مضمونه.

٢ ـ أو الوعي الصحيح من الوعي اخلاطى*.ووجهة النظر القائلة إنه في ا)عرفة يتم الكشف عن ا)وضوعـات عـلـىنحو ماهي موجودة في ذاتها لها شكالن بارزانI ويتميز الشكل األول بالقولإن الواقع اخلارجي يتم إدراك وجوده بصورة مباشرةI أمـا الـشـكـل الـثـانـيفيتميز بالقول إن الواقع اخلارجي ال تتم معرفته بصورة مباشرةI وإ�ا يتماالستدالل على وجوده من الدليل اإلدراكي احلسي. وأولى وجهتـي الـنـظـرSالذين يطلق عليهم من هنا لقب الواقعي Iيقول بها فالسفة الفيبهاشكا Sهاتا)باشرينI ووجهة النظر األخرى يقول بها فالسفة السـوتـرانـتـيـكـاI الـذيـنيطلق عليهم من هنا لقب الواقعـيـS غـيـر ا)ـبـاشـريـن أو أصـحـاب الـنـزعـة

التمثيلية.ويؤيد فالسفة الفيبهاشكا واقعيتهم ا)باشرة ضد وجهة نظر فالسـفـةالسوترانتيكا بالذهاب إلى القول إن الـنـزعـة الـتـمـثـيـلـيـة هـي نـظـريـة غـيـرصحيحةI فوفقا للرؤية التمثيلية ال يتم إدراك العناصر ا)ـطـلـقـة لـألشـيـاءبصورة مباشرة قطI وإ�ا يستدل على وجودهاI حيث إنها «�ثلها» التجربة

Page 250: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

250

الفكر الشرقي القد

اإلدراكية احلسيةI واألمر باألحرى كما لو أن شخصا لم يسـبـق لـه أن رأى من قبل قطI ولكنه رأى صورا لهo Iكنه أن يستدلMt Everestجبل إفرست

منها على وجود اجلبل. ذلك ألنه إذا لم يكن اجلبل موجودا فـال oـكـن أنتوجد صور له. وبطريقة tاثلة فإنه على الرغم من أن الزرقة ا)اثـلـة فـيIاإلدراك البصري )وضوع أزرق ليست كالزرقة ا)وجودة في ا)وضوع نفسهفإنها نوع من النسخة عنهاI وهي �كن الناظر إليها من االستدالل على أن

هناك حقا زرقة مستقلة توجدI بصورة موضوعيةI في الواقع.والصعوبة التي تواجهها وجهة النظر هذه هي أنه إذا لم يتم إدراك شيءبصورة مباشرةI فلن يكون هناك أي أسـاس لـالسـتـدالل قـط. ورؤيـة جـبـلإفرست هي أمر مختلف �اما عن رؤية صورة له عقب ذلك واحلكـم بـنـاءعلى ذلك بأن الصورة حتمل شبها جيدا أو رديئا للجبل. ولكن إذا لم يشاهدا)رء شيئا إال الصورI وإذا لم تقدر له جتربة رؤية جبل حقيقي قطI فسوفيكون من ا)ستحيل عليه احلكم }ا إذا كانت الصـور �ـاثـل اجلـبـال أم ال.وفي حقيقة األمر فإنه لن يكـون هـنـاك أسـاس جملـرد الـتـخـمـIS دع عـنـكا)عرفةI بأن أي شيء قد وجد غير الصور. فإذا لم تكن ا)وضوعات اخلارجيةمألوفة لدى ا)رءI فليس من احملتمل أن يكون باإلمكان ظهور أي مضمـون

للوعي احلسي كعالمة أو �ثيل لوجود موضوع ما.وأساس حجة فالسفة الفيبهاشكا هو القول إن ا)عرفة االستداللية هيبالضرورة معرفة ثانويةI ألن السمة الرئيسية لالستدالل هي أنه ينطلق منا)عرفة ا)سبقةI ودون هذه ا)عرفة ا)سبقة لن يكون هناك استدالل. ولكنإذا كانت كل ا)عرفة احلسية هي أساسا معرفة استدالليـة فـمـاذا سـيـكـونمصدر ا)عرفة النسبقة ا)طلوبة? }ا أنه من اجللي أنه ليست هناك معرفةسابقة على ا)عرفة احلسيةI فال oكن أن تكون ا)ـعـرفـة احلـسـيـة مـعـرفـةIعـلـى األقـل Iوالبد من التسليم بأن بعض ا)عرفة احلسية هـي Iاستداللية

معرفة مباشرة.من األسباب الرئيسية لرفض مدرسة السوترانتيكا للواقعية ا)باشرة أنIفالسفة هذه ا)درسة يعتقدون أن هذه الواقعية تتضارب مع نظرية الزوالفبما أن حلظات الوجود ليس لها امتداد زمنيI فليس من ا)مكن بالنسـبـةللموضوعات أن تكون حاضرة في الوقت الذي يجري فيه إدراكها. ذلك أن

Page 251: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

251

طبيعة الواقع

تلك ا)وضوعات تكونI بحلول وقت إدراكهاI قد أعطت مكانها )وضوعـاتحتل محلها وتليها. ووفقا لفالسفة السوترانتيكا فإن مايحدث في اإلدراكأن حلظة الوجود خالل ظهورها واختفائها السريع تتـرك أثـرا فـي الـوعـيIإلى إدراك حسي للموضوع Iفي الوعي Iا)درك. وهذا األثر يجري حتويلهولكن بحلول الوقت الذي يحدث فيه هذا يكون ا)وضوع األصلي قد كف عنالوجودI وحل محله موضوع ا^خرI وبالتالي فإن مايحدث هو األثر ا)تـروكفي الوعي ا)دركI ومنه يتم االستدالل على الوجود ا)سبق للموضوع. وقدoكن تشبيه هذا التفسير بالطريقة التي نرى بها جنـمـاI فـبـمـا أن الـنـجـمبعيد للغايةI فإن ا)وجات الضوئية الصادرة عنه قد ال تصلـنـاI إال بـعـد أنيكون النجم نفسه قد كف عن الوجود. ومع ذلكI فإنه رغم أنه لم يتم إدراكهبصورة مباشرةI وإ�ا جرى ذلك على نحو غير مباشرI مـن خـالل الـضـوءالصادر عنهI من خالل األثر (الضوء) الذي تركه على الذهنI نستطيع أن

نستدل بصورة صحيحة على أن النجم موجود بالفعل.وباإلضافة إلى ذلكI شدد فالسفة السوترانتيكا على أن رؤية مـدرسـةالفيبهاشكا ال تسمح حقا باخلطـأ اإلدراكـي. وإذا كـان مـايـتـم إداكـه يـدركمباشرة على نحو ماهو فكيف oكن حدوث اخلطأ? ووفقا لرؤيـة مـدرسـةالسوترانتيكا فإن التمثيل قد يربط على نحو خاطى* }وضوع ماI وهكذايسفر عم مزاعم معرفية خاطئةI ولكن مدرسة الفيبهاشكا ال تسمح }ثـل

هذا التفسير للخطأ.

٦ ـ املثالية:تنكسر مدرسة اليوجاكارا وجود واقع منفصل عن الوعي ومستقل عنه.ومصدر اجلاذبية الرئيسي في هذا ا)وقف مستمد من صعوبة وجود واقعIمعرفته داخل الوعي Iبحكم تعريفه Iذلك أن مايعرف فإنه يتم Iخارج الوعي

ومن ثم فليس من ا)مكن معرفة واقع منفصل انفصاال تاما عن الوعي.والعقبة الرئيسية التي تعترض طريق قبول وجهة النظر هذه هي ا)يـلا)ألوف إلى افتراض أن الوعي هو دائما وعي «عن» شيء ماI حيث إنه ماIفلن يكون هناك شيء يعيه الوعي Iلم تكن هناك موضوعات خارج الوعيومن ثم فلن يكون هناك وعي. و}ا أن وجهة النظر األخيرة هي التي يقول

Page 252: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

252

الفكر الشرقي القد

بها الواقعيونI فقد وجه اليوجاكاريون العديد من حـجـجـهـم ضـد وجـهـاتنظر مدرستي الفيبهاشكا والسوترانتيكا ا)تعلقة بالواقع.

وفي ا)قام األولo Iكن اعتبار وجهة النظر الواقعية القائـلـة إن هـنـاكIفـي أفـضـل األحـوال Iموضوعات خارج الوعي نظرية قائمة علـى الـتـكـهـنيراد بها الرد على أسئلة حول نشوء الوعي والتغيرات التي حتدث فيهI والoكن النظر إليها باعتبارها «حقيقة»I حـيـث إنـه ال يـوجـد بـرهـان مـبـاشـرعليهاI وليس من ا)مكن بالنسبة ألي إنسان أن يجرب أو يعايش أي موضوعخارج الوعيI ذلك أن جتربة أي شيء تعني جتربته داخل الوعيI وبناء علىهذا فإن كل األدلة والبراهS ا)زعومة على وجود موضوعات خارج الوعيينبغي أن جتىء من الوعي ذاتهI ولكن مـن الـواضـح أن وجـود ا)ـوضـوعـاتداخل الوعي ال oكن النظر إليه كدلـيـل عـلـى أن هـذه ا)ـوضـوعـات تـوجـد

خارجه.ليس هناك دليل مباشـر tـكـن عـلـى وجـود مـوضـوعـات مـخـتـلـفـة عـنموضوعات الوعي. ويذهب فالسفة اليـوجـاكـارا إلـى أن هـذا oـكـن رؤيـتـهبوضوح ببحث مثال اللون. فكثيرا ما يتم التميز بS الـوعـي بـالـلـون األزرقواللون األزرق نفسه. غير أنه وفقا لفالسفة اليوجاكارا يعد هذا التمييز بالIذلك أن اللون األزرق ال يتم إدراكه قط إال أثناء الوعي بشيء أزرق Iأساسو}ا أنهما ال يتم أبدا إدراكهما على نحو منفصل أو مستقلI فليس هنـاكإمكان الفتراض أن الوعي باللـون األزرقI والـلـون األزرق نـفـسـهo Iـكـن أالIفإن التمييز بينهما يختـفـي Iيكونا شيئا واحدا. ولكن إذا كانا شيئا واحداوعندما يحدث ذلكI يختفي أيضا أساس القول بوجود واقع خارج الوعي.ويذهب نوع من االعتراض احلدسي على نتيجة احلجة السـابـقـةI إلـىأنه يتعS أن يكون هناك فارق بS الوعي }وضوع ما وا)وضوع نفسهI ألنكل إنسانI تقريباI يشعر بأن االثنo Sكن التمييز بينهـمـا. ويـرد فـالسـفـةاليوجاكارا على هذا االعتراض }ثال احللمI فمعظم الناس يحلمونI وبينماهم يحلمون يفترضون أن ا)وضوعات التي يـعـونـهـاI لـهـا وجـود مـوضـوعـيخارج حلمهم. واال^ن كما أن االفتراض داخل احللم بأن هناك مـوضـوعـاتموجودة خارج احللمI ليس دليال على وجود مثل هذه ا)وضوعاتI فكذلكافتراض الناس الذين يعيشون في حـالـة جـهـل أن مـوضـوعـات الـوعـي لـهـا

Page 253: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

253

طبيعة الواقع

وجود موضوعي خارجهI ليس دليال على وجود مثل هذه ا)وضوعات.و}ا أن واقعية فالسفة الفيبهاشكا والسوترانتيكا ليست مجرد مسألةأمر واقع واضح. وإ�ا هي نظرية فلسفية عن طبيعة العالم وا)عرفةI فإنفالسفة اليوجاكارا كان }قدورهم الدفاع عن رؤيـتـهـم الـقـائـلـة بــ «الـوعـيوحده»I من خالل إظهار أن الواقعية تستند إلى أساس ال oكن الدفاع عنه.ولتحقيق هذا الغرض � طرح حجج إلظهار استحالة الوجود «ا)وضوعي».فلو كانت ا)وضوعات توجد بصورة مستقلة عن الوعي لكان من الضروري

بسيطة دون أية أجزاءI وإما «كليات» مؤلفة منWholesإما أن تكون «كليات» أجزاء. والوجود ا)وضوعيI }عني الكل البسيطI مستبعد بـحـكـم طـبـيـعـةا)عرفة التي يقول بها الفيلسوف الواقعيI الذي يعتقد أن ا)عرفة تتمثل فيالكشف عن عالقات. و}ا أنه ال وجود للعالقاتI ما لم تكن هناك أجـزاءترتبط في هذه العالقاتI فإنه ال oكن أن تكون هناك مـعـرفـة بـالـكـلـيـاتIالبسيطة. وإذا قيل إن الكليات البسيطة هي التي يرتبط أحـدهـا بـاال^خـرفإن الصعوبة تظل قائمةI ذلك أن جميع ضروب الكل معا تؤخذ على أنهـاتشكل كال جديداI تتالزم فيه ضروب الكل البسيطة في عالقاتها اخملتلفة.ولكن هذا معادل للرؤية الذرية للواقعI التي وفقا لها تتألف ا)وضوعات منذرات أو أجزاءI ومشكلة وجهة النظر هذه هـي أن الـذرات أو األجـزاء فـيذاتها غير قابلة ألن تعرفI ولكنها يفترض أنها تفسر موضوعات الوعي.

ويقول فالسفة اليوجاكارا إن الصعوبة الرئيسية الكامـنـة فـي مـحـاولـةإثبات وجود موضوعات خارج الوعيI ترتبط بعدم قابلية ا)وضوع للفصـلعن ا)عرفةI فليست هناك على اإلطالق أدني جزئية من دليل عـلـى وجـودموضوعI إال إذا عرف هذا ا)وضوعI ولكن }ا أن ا)وضوع تتم عرفـتـه فـيالوعي فقطI فال oكن أن يكون هناك دليل على وجود ا)وضوعـات خـارج

الوعي.ويرفض فالسفة اليوجاكارا احلجة القائلة إن وجود الوعي ذاته يشكلدليال على وجود موضوعات مستقلةI ألن الوعي يتشكل من خـالل نـشـاطا)وضوعات ا)رتبطة أحدها باال^خر وبذات عارفة. فقد يقالI على سـبـيـلا)ثالI إنه في حالة الوعي }قعدI يـفـتـرض وجـود مـقـعـدI وإال فـلـن يـكـونهناك شيء ما يتم ربطه بالذات العارفةI ولن يكون هناك وعيI فالوعي هو

Page 254: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

254

الفكر الشرقي القد

دائما وعي بشيء ماI وأي برهان على أنه ليس هناك «شيء ما»I هو }قتضىاحلجة نفسها برهان على أنه ليس هناك وعلىI وكما أن محاولة البرهـنـة

Absurdعلى عدم وجود الوعي من خالل tارسة الوعي هي خلف tحال

فكذلك محاولة إثبات بطالن موضوعات الوعي هي خلف محال.Iكن إنكارعo فإنه على الرغم من أن الوعي ال Iووفقا لتحليل اليوجاكاراIفإن هذا ال يقدم دليال على وجود موضوعات Iحيث إنه يكشف عن نفسهفمن طبيعة الوعي أن يكون موجودا بذاته. وكون الوعي ال يقتضي موضوعاهو أمر واضح من مثال األحالمI حيث إنه ما من أحد يقر بأن موضوعاتاحللم لها وجود موضوعيI ولكن اجلميع يسلم بأن لها وجودا في الوعـي.وإذا كان األمر كذلك بالنسبة لبعض حاالت الوعيI فـإنـه يـبـرهـن عـلـى أنالوعي oكن أن يوجد دون افتراض موضوعات خارج الـوعـيI غـيـر أنـه الIكن أن يوجدo يبرهن على أن الوعي «في حقيقة األمر» إما أنه يوجد أوفي كل األحوالI دون افتراض موضوعات خارج الـوعـي. وإذا � الـتـسـلـيـمباستحالة البرهنة على أن هناك موضوعات خارج الوعيI والتسليم بإمكانالوعي دون موضوعات خارجهI كما هو واضح من األحـالمI فـإن فـالسـفـةاليوجاكارا يذهبون إلى أنه من ا)نطقي بصورة أكبر القول إن ا)وضوعـاتاخملتلفة للوعي هي مـن إبـداعـات وتـصـورات الـوعـي. وتـخـتـفـي الـصـعـوبـةا)فترضة في تفسير تنوع موضوعات الوعي وأ�اطه لدى إدراك أن الوعي

نشط )كوناته.Unfoldingهو فض Iوإذ يلقى موقف اليوجاكارا الدعم من االعتراضات السابقة على الواقعيةفإنه يدافع عن القول إن الوعي وحده هو الواقعي. والتمييزات التي عادة مايتم القيام بها بS الذات وا)وضوعI بS األشياء واألفكارI بS الوجود وا)عرفةSوهـي لـيـسـت �ـيـيـزات بـ Iليست في حقيقتها إال �ييزات داخل الوعـيماهو داخل الوعي وما هو خارجه قطI وبناء ذلك فإن األطروحة احملورية

لهذه ا)درسة هي أن كل ما تتم جتربته يشكله العقل.هذه النظريةI التي تـؤيـدهـا احلـجـج ا)ـوجـهـة ضـد الـواقـعـيـةI الـتـي ��حيصها فيما سبقI تقوم كذلك على التجـربـة الـنـفـسـيـة. واحلـجـج ضـدالواقعية ليست قاطعةI فهي مرتبطة بوجهات النظر تلكI وليست صحيحةبصورة مستقلةI ولكن اإلدراك ا)باشر للوعي ا)طلق باعتباره الواقع الوحيد

Page 255: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

255

طبيعة الواقع

ينهض كتبرير ال سبيل لتفنيده لنظرية اليوجاكارا هـذه. وبـالـنـسـبـة )ـن لـميحققوا مثل هـذا اإلدراك ا)ـبـاشـر ال يـزال هـنـاك دلـيـل الـوعـي فـي نـشـوةالتأملI فإذا افترضنا أن شخصا حقق االنضباط وطور قوى التأملI فإنـه

ر له حتقيق ذلك. وواقعة أن حشدايري الواقع على نحو أعمق tن لم يقدمن الصور واأللوان ا)تنوعة oكن جتربتها ومعايشتها بصورة مستمرة فـيحاالت تأملية هي برهان مقنع على أن ا)وضوعات هي حقا جتليات للوعي.وبالنسبة ألولئك الذين لم يعرفوا جتربة النشوة يبقى االعتقاد بصحة مايقولها)ستنيرونI الذين خبروا الواقع ا)طلقI وجربوه. وبالنسبة لال^خرين هناكحجج مختلفة ضد الواقعيةI والتفسيرات اخملتلفة لطبيعة الوعيI تـضـفـي

قبوال على نظرة «الوعي وحده» للواقع.وال يكفي إليضاح أن وجهات النظر الواقعية ليست مرضية ـ إظهار أناحلجج التي تدعم نظريات الواقعيS غير مقـنـعـةI كـمـا أن مـن الـضـروريإيضاح أن إمكان الرؤية الواقعية تعتمد على تفسير خاطى* للتجربة. ويعدهذاI بصورة أساسيةI يتعلق بإظهار أن االعتقاد بالواقع اخلارجـي يـعـتـمـدعلى تفسير خاطى* للتجربة الداخلية أو للوعيI وإساءة التفسير هذه تقوم

على عدم إدراك طبيعة الوعي ووظائفه.oيز فالسفة اليوجاكارا بS مستويات مختلفة من الوعيI تعتمد جميعها

. وباإلشارة(٢)على الوعي ا)طلق ا)سمى «اإليافيجنانا» أو «الوعي ـ البذرة»إلى الوعي ـ البذرة هذا يتم الذهاب إلى أن الوعي oكن أن يوجد بـصـورةمستقلةI وأن األنشطة الواعية اخملتلفة تنشأ من إمكاناتها اخلاصة. وفضالعن ذلكI فإن هذا الوعـي يـحـدد ذاتـهI ويـكـشـف عـن نـفـسـه �ـامـا. وهـذاالوعي هو الذي يخلق ا)وضوعات التي يعتقد اجلاهل أنها موجـودة خـارج

الوعي.Iوهناك إدراك ـ عند أحد مستويات الوعي ـ )وضوعات احلواس اخملتلفةtا يفسر ضروب الوعي الستةI اخلاصة بالـعـS واألذن واألنـف والـلـسـانواللمس والذهن. ولكن عند مستوى ا^خر هناك وعيا بضروب الوعي الستةIهذه. وهذا نوع من الوعي الذاتي الذي يشكل أساس ضروب الوعي األخرىويضفي عليها الوحدة. ويقع هذان ا)ستويان من مـسـتـويـات الـواقـع داخـلنطاق ماoكن جتربته. أما ا)ستوى الثالث من مستويات الوعي فال سبـيـل

Page 256: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

256

الفكر الشرقي القد

إلى جتربتهI إال باالستنارة ا)طلقةI وهو الوعي ـ البذرة الـذي يـعـد الـوعـيا)طلقI والذي يشكل األساس لكل مستويات الوعي األخرى وأ�اطهI وهذاIما تتم جتربته في أ�اط الوعي اخملتلفة Sالوعي ال ينبغي اخللط بينه وبولكنه ال يجري �ييزه على اإلطالق وال التفريق بينهI وبS ا)ستويات األخرى.فمن هذا الوعي ـ البذرة تنطلق أنشطة الوعي األخرىI وإلى هذا الوعـي ـ

البذرةI تعود نتائج تلك الوظائف األخرى للوعي.وطبيعة هذا الوعي ـ البذرة ال oكن صياغتها بصورة حرفيةI ألنها تقعوراء كل التفرقةI وعمليات التمييزI وكنتيجة لذلك فإن العالقات بS هـذاالوعي األساسي والتجربة العادية ال يشار إليها إال فـي إطـار الـتـشـبـيـهـات

فحسبI فعلى سبيل ا)ثال يعطي اإليضاح التالي في «النكافتارا سوتر». (مجموعات خمـس) ومـنSkandhasينشأ الوعيI ا)ؤلف من سكـانـدات

(مجاالت احلواس) التيAyatanas (عناصر الوجود) وإياتانات Dhatusداتوت ـ ينشأ من اجلهل والكرما Karmaهي بال نفس أو أي شيء له طبيعة النفس

Sويعمل من خالل تعلقه بالتشبث باألشياء عن طريق العـ Iوالرغبة ا)لحةوكل األعضاء ويجعل �ثالت ذهنه اخلازن (الوعي ـ البذرة) تبدو كأجسام

وأوعيةI هي جتليات لعقله هو (الوعي اخلازن).Iفبما أن الواقع بأسره ينظر إليه على أنه وعي فـقـط Iوكما هو متوقعIو الوعـي ـ الـبـذرة Iفإن الواقع النهائي جتري معادلته مع الوعي األساسيوباعتباره الواقع ا)طلق فإنه يعلو على التمايز والتعدديةI وهكذا فال محل

لطرح التساؤل سواء عن كونه واحدا أو كثيرا.ما الذي يتعIS إذنI القيام به حيال التمييزات التي يتم عادة القيام بهاوالتي يفترضها احلقائق النبيلة األربع والطريق ذات الشعاب الثمان? وفقالفالسفة اليوجاكارا فإنه البد من القيام بالتمييز بS الواقع ا)طلق واحلقيقةا)طلقة من ناحية والواقع النسبي واحلقيقة النسبية من ناحية أخرى. ومنمنظور الشخص غير ا)ستنير فإن الواقع النسبـيI الـذي يـشـكـل الـتـجـربـةالعاديةo Iكن أن ينظر إليه كتجل للواقع ا)طلقI ينطلق من الوعي ـ البذرةاألساسي. والواقع ـ البذرة هو نفسه الذي يتجلى بوصفه اللمسI والنشاطالعقليI والشعورI واإلدراك حسيI واالختـيـار. والـوعـي ـ الـبـذرة هـو الـذييفصح عن ذاته باعتباره الوعي الذاتي الكامن. وهكذا تصبح بدعة النفس

Page 257: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

257

طبيعة الواقع

tكنة. ولكن هذا كله من وجهة نظر الشخص غير ا)ستنير.وفي غمار اجلهلI فإن األنشطة ا)نطلقة من الوعي ـ البذرة تتمايز عنذلك الوعيI وينظر إليها على أنها موجـودة فـي ذاتـهـاI وهـذا يـتـيـح اجملـاللظهور اخلطأ ا)تمثل في خارجية ا)وضوعات. وفي اجلهل باحلقيقة القائلةIوالوعي الذاتي ليسا إال جتليات للوعي ـ البذرة Iإن كال من الوعي با)وضوعفإن الوعي الذاتي oيز نفسه عن الوعي با)وضوعI ويربط نفسه بهذا النوعمن الوعي كما تربط الذات نفسها با)وضـوعI وهـذا يـتـجـلـى فـي الـتـشـبـثبا)وضوعاتI الذي تتسم بـه ا)ـسـتـويـات األدنـى مـن الـوعـي. غـيـر أن هـذا

التشبث ليس له أساس حقيقيI ذلك أنه على نحو مايشير فاسوبندو:«ضروب الوعي اخملتلفة ليست إال جتلياتI وبسبب هذا فإن ذلك الذيoيزI وذلك الذي يجري �ييزه هما كالهما غير حقيقيI ولهذا السبب فإن

كل شيء عقل فحسب».«إن اإلمساك بشيء أمام ا)رءI والقول إنه واقع العقل وحده. ليس حالةالعقل وحدهI ألنه نتيجة للتشبث. ولكن عـنـدمـا يـتـم الـتـخـلـص مـن كـل مـن(العالم الذي هو) أساس االرتباط بالشروط وكذلـك احلـكـمـة (الـتـي تـقـومبعملية الربط بالشروط) فإن حالة العقل وحده يتم إدراكهاI مادامت أعضاء

احلواس الست وموضوعاتها لم تعد موجودة».

٧ـ النسبية:بينما اتخذ فالسفة مدرستي السوترانتيكا والهيبهاشكا من وجود عناصرا)وضوعات اخلارجية أساسا مطلقا لنظريتهم حول الواقعI وجعل فالسفةاليوجاكارا من وجود الوعي األساسي أساسا مطلقا لنظريتهم حول الواقعفقد نظر فالسفة ا)دهياميكا إلى الواقع اخلارجـي والـوعـي بـاعـتـبـارهـمـاواقعيS بصورة نسبية فحسبI وألن فلسفة ا)دهياميكا لم تعتـرف بـشـيءفي اجملال الفكري باعتباره واقعيا بصورة مطلقة أو نهـائـيـةI فـقـد عـرفـت

.RELATIVISM أو النسبية (٣)باسم فلسفة الشونياتاوال شك في أن كل مدارس البوذية جتمع على أن السـالم واحلـكـمـة اليوجدان في النظريات التصورية الدقيقةI وإ�ا oكن حتقيقهما من خاللا)شاركة ا)باشرة في عمليات الواقع فقط. وطبيعة بوذا هي الواقع ا)طلق

Page 258: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

258

الفكر الشرقي القد

بغض النظر عن كيفية تصورهاI وهي األساس ا)طلق لكل شـخـص. وبـنـاءعلى هذا فإن ا)شاركة في طبيعة بوذا تلك هي وحدها األساس ا)طلق لكلشخص. وبناء على هذا فإن ا)شاركة في طبيعة بوذا تلك هي وحدها التيستجلب االستنارةI وتنهي ا)عاناة. غير أنه في فلسفـة ا)ـدهـيـامـيـكـا أحلـقبهذا ا)وقف حتليل نقدي للبناء التصوريI وما من رؤية فلسفية أفلتت مننقد ا)دهياميكاI وما من مطلقات تصورية � التسليم بهاI ذلـك أنـه وفـقـالناجارجوناI الفيلسوف الرئيسي لهذه ا)درسةI فإن اخللط بS ا)طـلـقـات

التصورية والواقع ا)طلق يكمن في صميم معاناة اإلنسان.Iويبدو أن نظرية ناجارجونا الفلسفية تدرك أن الواقـعـة األكـثـر عـمـقـاوإثارةI فيما يتعلق بالبشرI هي سعيهم إلى أن يوجدوا. وهـذا الـسـعـي إلـىالوجود ـ وهو األكثر بروزا بS كـل ضـروب الـسـعـي ـ يـعـلـن عـن نـفـسـه فـيالنشاط اخلاص بخلق العالم انطالقا من عناصر التجربة األساسيةI فنحنال نرى حولنا إال «اال^خر». وفي غمار سعينا للوجودI فإننا ال نستطيع حتملـ جزءا من أنفسنا هو التحدي الذي نواجهه ويحدث ـ ذات ـ ذلك الال اال^خر أوضح جهد يبذل لتحويل اال^خر إلى ذات في غمار ا)ـعـرفـةI حـيـث هـنـاكتوحيد لال^خر مع الذات في القيام با)عرفةI ففي ا)عرفـة }ـقـدورنـا جـعـلاال^خر ذاتاI ذلك أن ا)عرفة هي وحدة للذات مع اال^خرI والظمأ إلى ا)عرفةهو أحد جتليات السعـي لـلـوجـودI ذلـك أنـه فـي غـمـار مـحـاولـة إرواء ذلـكIجـعـل جـزءا مـن وجـودنـا Iالظمأ نقوم }حاولة جعل العالم عا)نا اخلـاص

وفي معرفتنا نخلق عا)ا هو جزء من وجودنا.وا)شكلة في هذا اإلحجراء هو أنه من السهل على نحو مغر بالنسبة لناأن نخلط بS العالم الذي خلقناهI في معـرفـتـنـاI والـذي ال يـعـدو أن يـكـونمجرد عالم من األسماء والصورI وبS الواقع نفسه. وعندما نستسلم لهذااإلغراء فإننا نقوم بتثبيت اسم الذات الذي خلقناها في معرفتنا وصورتهاباعتبارهما ذاتياI ونطابق بS وجودنا وبنـاء االسـم والـصـورةI ثـم تـتـعـرضالنفس احلقيقية التي أثفلهـا عـبء اجلـهـل الـنـاجـم عـن اخلـلـط بـS نـفـسوعالم االسم والصورة والنفس احلقيقية والعالم احلقيقي ـ تتعرض لإلهمالفي غمار الصراع الذي ينشب بS نفس االسم والصورة الزائفةI وبS عالماالسم والصورة الزائف. والتمزق الناجم عن ذلكI والذي يشكل أساس هذا

Page 259: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

259

طبيعة الواقع

الوجود غير األصيل في هـذا الـعـالـم غـيـر األصـيـلI مـسـؤول عـن ا)ـرض ـالدوخا ـ الذي ترغب البوذية في التغلب عليه.

ويحاول ناجارجوناI لذي oيز بS الواقع ذاتهI ورؤيتنا للواقعI أن يوضحاألخطار الكامنة في النظر إلى أي رؤية واحدة للواقع باعتبارها حقـيـقـيـةبصورة مطلقةI فالرؤى هي بناءات تصـوريـة السـم يـصـورهI والـقـول إن أيرؤية هي رؤية حقيقية بصورة مطلقة هو رفض إلدراك االستبصارات التيوصلت لها الرؤى األخرىI وبالتالي فهو استبعاد لطرق محتملة تفضي بنـا

إلى االستنارة.والتصور اإليجابي الذي تبناه ناجارجونا هو أنه بينما تـعـد الـنـظـريـاتووجهات النظر بناءات لالسم والصورةI وبالتالي ال oكن معادلتها بالواقعنفسهI فإن هذه البناءات التصورية oكنها أن تشير إلى الواقـعI ومـن هـنـافإن جدل وجهات النظر oمكن أن يتيح أساسا الستبصارات تتعلق بأعماقالواقع نفسهI على الرغم من أن ا)شاركة ا)ـبـاشـرة فـي الـواقـع هـي يـقـيـنـامسألة تتجاوز كل وجهات النظر. ومع ذلك فإن وجهات النظر تشكل عوناال يقدر باجتاه اإلدراكI إذا ما نظر إليها ال على أنها مطلقة ومستقلةI وإ�ا

على أنها نسبية وتكميلية.ويبدو على الصعيد التاريخي أن أحد أهـداف نـاجـارجـونـا األولـى كـانالتخلص من مصادر الشقاق واخلالفات ا)وجودة بS ا)دارس البوذية العديدة

I وقد حاول القيام بذلك عن طريق تقدY قاعدة على قدر كاف(٤)اخملتلفةمن االتساع لتعاليم بوذاI و}ا أن كل مدرسة من هذه ا)دارس قد تشبـثـتبتفسيرها اخلاص لتعاليم بوذاI و}ا أن بوذا قد علم الناس بوضوح احلاجةإلى عدم التشبـثI فـمـن ا)ـؤكـد أن هـذه ا)ـدارس تـرتـكـب خـطـأI وقـد كـانإيضاح هذا اخلطأ هي ا)همة التي حددها ناجارجونا لنفسهI و�ثلت هذها)همة في افتراض وجهات نظر (النتائج واحلجج) كل مدرسة فلسفية بوذيةوإيضاح أنها في نهاية ا)طاف تناقض نفسها. والدرس ا)ستفاد من وجهاتالنظر احمليطة لذاتهاI واخلاصة بالفلسفات اخملتلفةI هو أن ا)رء ال ينبغيأن يتشبث برؤية نظرية واحدة ويخلط بينها وبS احلقـيـقـة الـكـامـلـة حـول

الواقع.واجلدلI الذي افترض النتائج وجهات النظر اخملتلفة اخلاصة با)ذاهب

Page 260: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

260

الفكر الشرقي القد

الفلسفية ا)تباينةI وطبق عليها بقوة مبادى* ا)نطق والتفكير العقالني التييقبلها مؤيدو هذه ا)ذاهبI لم يكن هو نفسه جزءا من مذهب فلسفيI فهولم يشكل رؤية للواقع ولم يستند إلى مثل هذه الرؤيةI وإ�ا كـان بـاألحـرىمنهجاI وهو حتى كمنهاج لم يكن لديه من ذاته ما يعطيهI ذلك أن التحليالتالنقدية ا)شكلة جلدل ا)دهياميكا تفترض ا)بادى* وا)ناهج التي يستخدمهاأنصار ا)ذاهب الفلسفية اخملتلفة. وقد � تناول مفهوم بعد اال^خرI وإظهارأنه يتضمن بداخله بذور تناقصهI وكل مذهب � �حيصه جرى إيضاح أنهIولكن اجلدل قام على افتراضـات ا)ـذاهـب اخملـتـلـفـة Iمتضارب مع نفسهوليس على افتراضات قبلها فالسفة ا)دهياميكا باعتبارها حـقـيـقـة. وكـلمذهب يتضمن افتراضات معينة ال توضع موضع التساؤلI على األقل فيداخل ذلك ا)ذهبI غير أن فالسفة ا)دهياميكا رفضوا قبول أي افتراضات

على أنها صحيحة على نحو ال oكن إنكاره.ومع ذلكI فإن اجلانب النقدي من مدرسة ا)دهياميكا ال oثل إال جانباواحدا من تطورها داخل البوذيةI وعلى اجلانب اال^خر جند التأكيد البوذيا)ألوف على االنضباط والتأمل والتحقق ا)باشـر. ومـن خـالل ا)ـمـارسـاتالتأملية يستطيع ا)رء الذهاب إلى ماوراء خواء ا)فاهيم وا)ذاهب وصـوالإلى امتالء الواقع كما هو في ذاته. واالستدالل العقلي هو مسألة تصوريةIويستند باستمرار إلى االفتراضات. وعلى الرغم من أن فالسفة ا)دهياميكافي ضوء تناولهم ا)نهجيI ال ينظرون إلى افتراضات حـجـجـهـم عـلـى أنـهـاحقيقيةI وإ�ا على أنها فقط مقـبـولـة مـن جـانـب خـصـومـهـمI فـإن كـل مـايحتمل أن تقوم به احلجج هو الكشف عن شيء ما فيـمـا يـتـعـلـق بـا)ـذهـبالذي توجد فيه هذه االفتراضاتI ولـيـس }ـقـدورهـا أن تـكـشـف قـط عـنحقيقة األشياء على نحو ماهي عليه في ذاتهاI مستقلة عن العملية التصورية.وبالتالي فإنه حتى جدل ا)دهياميكا ال يتعS قبوله بوصفه صاحلا في ذاتهللكشف عن طبيعة الواقع. بل البد من التخلي عنهI بدورهI في مرحلة مـن

ا)راحل لصالح االستبصار والتحقق ا)باشرين.وهكذاI فإنه على الرغم من أن وجهة نظر ناجارجونا هي أن التـشـبـثبالتصورات اخملتلفة عن الواقع بسبب النسبية التامة لكل ا)ذاهب التصورية.فإنه في غمار اتساقه مع النسبية ال يتمسك بها كذلكI أي أنه يعـتـبـر مـن

Page 261: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

261

طبيعة الواقع

قبيل اخلطأ النظر إلى النسبية على أنها حقيقة تتعلق بالواقعI �اما كمـاأنه من اخلطأ اعتبار أي وجهة نظر أخرى حقيقة فيما يتعلق بالواقع. وفيحقيقة األمرI فإن ناجارجونا يقول: «ولكن إذا بدأ الناس عندئذ في التشبث}فهوم النسبية هذا نفسهI فإنهم ينبغي أن يوصفـوا بـأنـهـم ال سـبـيـل إلـى

ردهم جلادة الصواب».I الذي كتب شرحا بالغ الدقة عـلـىCandra Kirti (٥)ويقدم كندرا كيـرتـي

م¨ أثوال جنارجونا ا)أثورةI وعقد مقارنة خالية �اما من اجملاملةI فيمابS أولئك الذين يصرون على النظر إلى النسـبـيـة عـلـى أنـهـا هـي نـفـسـهـامطلقةI وهكذا يتشبثون بالال تشبثI فيقول: «يبدو األمر كما لو أن أحدهمقال: ليس لدي ما أبيعه لكI فيتلقـى الـرد الـتـالـي: لـيـكـنI مـاعـلـيـك إال أن

تبيعني هذا ـ أي غياب السلع ا)عدة للبيع!».وهناك على اجلانب اإليجابي من فلسفـة ا)ـدهـيـامـيـكـا إدراك أنـه مـنخالل tارسة الالتشبث والتأمل يستطيع ا)رء أن يدرك بصـورة مـبـاشـرةامتالء الوجودI والوظيفة الرئيسية للفلسفة هي أن تفضي با)رء إلـى هـذاIوتفضي تشابكات العقد التصورية ووجهات النظر األحادية اجلانب Iاإلدراكالتي تشكل احلاجز أمام ا)شاركة الكاملة وا)باشرة في الواقع. إن صياغةمذاهب فلسفيةI في محاولة لتحديد طبيعة هذا الواقعI واحملاوالت النقديةإلظهار نسبية مثل هذه ا)ذاهب وعدم اكتمالها همـا فـي ا^ن مـعـا مـهـمـتـان

ثانويتان بالنسبة )واجهة الواقع غير ا)شروط ذاته.وينبغي تأكيد أن هذا االقتناعI الذي يشكل أساس ا)دهياميكاI ال يطرحكنظرية فلسفيةI وإ�ا هو استبصار أساسيI نابع من جتربة أشد عمقا منا)نطق والتفكير العقالني. وعلى الرغم من أن هذين األخيرين لهما جدوىكبيرةI عندما يتم فهمهما بالشكل الصحيح واستخدامها بحكـمـةI فـإنـهـمـاوسيلتان ثانويتانI وأدنى مرتبة للوصول إلى إدراك الـواقـع غـيـر ا)ـشـروط

وغير ا)قسم.Iغير أنه عندما يتم استخدام ا)نطق والعقل بصورة مـنـافـيـة لـلـحـكـمـةفإنهما يصبحان عقبتS حتوالن دون هذا اإلدراك. وحقيقة «الشونياتا» هيأنه ما من نظريات أو وجهات نظر تعد في ذاتها كاملة أو حقيقية بـصـورةمطلقةI وا)فاهيم وا)ذاهب التي تضم هذه ا)فاهيم نسبية أحدها لال^خر.

Page 262: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

262

الفكر الشرقي القد

وهكذا فإن أي حقيقة يكشف عنها من خالل التصورات ومذاهب التصوراتهي على الدوام نسبية لتصورات ومذاهب أخرىI وهي في أفضل األحوالحقيقة جزئية فحسبI وتلك هي النسبية األسـاسـيـة لـوجـهـة الـنـظـر الـتـييحاول جنارجونا أن يظهرها باالستعانة بجدله النقدي. غيـر أن هـذا يـتـمالقيام به ال من أجل ذاتهI وال من أجل القضاءعلى الثقة في الـقـدرة عـلـىحتقيق لقاء أصيل مع الواقعI وإ�ا من أجل إعداد الشخص لسلوك الطريق

ـ الذيPrajna ParamitaاألسمىI طريق احلكمة األعظم ـ البراجنا باراميتـا يفضي به إلى ما وراء احلكمة احملدودة لوجود ا)شروط والنسبي.

تذهب مدرسة ا)دهياميكا إلى أن كال من ا)ثاليS والواقعيS يرتكبوناخلطأ ا)تمثل في اخللط بS ا)شروط وغيـر ا)ـشـروط. وال يـقـوم أي مـن

-is وماهو غير موجود isالفريقS بسلوك الطريق الوسط بS ماهو موجود

notIوكلمة «غير موجود» احلصرية كالهما خطأ Iوكلمة «موجود» احلصرية .ذلك أن «موجود» احلصرية ال تتجنب عثرة نزعة السرمديةI و«غير موجود»احلصرية ال تتجنب عثرة نزعة العدميةI وكال الرؤيتS تنظر إلى ا)شروطوالنسبي على أنه غير مشروط ومـطـلـقI وهـذا هـو اخلـطـأ األسـاسـي. واليكمن الغلط في إدراك أن هناك واقعا غير مشروط أو مطلـقـاI وإ�ـا فـي

اعتبار ماهو مشروط ونسبي غير مشروط ومطلقا.Iويدرك فالسفة ا)دهياميكا كذلك أن هناك واقعا مطلقا وغير مشروطولكنهم ال يقعون في فخ اخللط بS التصوري وغير ا)شروطI فبالنسبة لهميعد غير ا)شروط متجاوزا لوجهات النظرI أي أنه حقيقة مطلقة ال oكناإلمساك بها ذهنياI وال oكن إدراكها إال من خالل االسـتـبـصـار ا)ـبـاشـر.Iاألرضي وا)طـلـق ISوكما يقول ناجارجونا: «تقوم تعاليم بوذا على حقيقتومن ال يعزفون التمييز بS هاتS احلقيقـتـS اليـفـهـم ا)ـعـنـى الـعـمـيـق فـي

تعاليم بوذا».

٨ ـ اجلدل النقدي:» إيضاحThe Madhyamika Karika (٦)يستهدف كتاب «ا)دهياميكا كارايكا

نسبية ا)ذاهب اخملتلفة ونقصانها وتضارب ا)فاهيم ا)طروحة كتفسيراتللواقع. ويشمل ا)نهج ا)ستخدم في كتاب «الكاريكا» إيضاح أنه عندما يتم

Page 263: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

263

طبيعة الواقع

بدقة حتليل النظريات اخملتلفة حول الواقع التي طرحت كحقيقـة مـطـلـقـةعن هذا الواقعI وفقا )نطق بنائها نفسهI فسوف تبدو متناقضة مع نفسها.وال ينبغي إلى سلسلة براهS اخللف التي جرى �حيصها في كتاب «الكاريكا

Karikaوإ�ا على أنها توضح ا)غالطة Iعلى أنها �ثل وجهة نظر إيجابية «ا)تمثلة في اخللط بS ا)شروط والنسبي وبS غير ا)شروط وا)طلق.

ويكشف الفصل األول من كتاب «الكاريكا» بنية الكتاب ومنهجهI ويتضمنSالتي تشكل أساس كل نظرية من نظريات الواقع. ويتع Iحيص السببية�إلدراك األهمية األساسية لتحليل السببية إدراك أن كل محاولة لـتـوضـيـحطبيعة الواقع تقوم على افتراض حول االرتباط السببي للواقعI فما لم يتمافتراض ارتباط بS وقائع العالمI فلن يكون هناك أساس لالستدالالت من«واقعة».. تتم مالحظتها على واقعة أخرىI وبغير االرتباطات السببيةI فإنا)عرفة لن تعدو أن تكونI في أفضل األحوالI مجرد مجموعة عشوائية منا)الحظات. وتنظيم ا)الحظات يفترض مسبقا ارتباطا بS هذه ا)الحظات.واالستدالالت واالستنتاجـات الـتـي �ـيـز كـال مـن الـنـظـريـات الـعـلـمـيـةوالفلسفية عن الواقع هي ذات طبيعة منطقيةI وتعتمد مـشـروعـاتـهـا عـلـىطبيعة التصورات والنظريات داخل العالقات اخملتلفة التي تـشـكـل أسـاستلك االستدالالت واالستنتاجات. ونحن نفترض عادة أنه على الرغم من أنIاالستدالالت واالستنتاجات التي �يز هذه النظريات ذات طبيعة منطقيةفإن لها أساسا في العالم الواقعيI وهذا هو االفتراض بأن هنـاك تـوافـقـابS االتصاالت ا)طروحة في النظريات عن العالم واالتصاالت داخل العالمنفسه. وهذا االفتراض ينبغي أن يظل على الدوام افتراضاI ذلك أن محاولةإظهار حقيقته لن تكون إال إظهارا للضرورة ا)نطقية لنظرية أو مفهومI ولنتفيد أي شيء فيما يتـعـلـق بـالـواقـع (فـيـمـا عـدا أن الـواقـع يـنـاظـر ا)ـنـطـق

با)صادفة).وتتشكل حلقة االتصال ا)همة بS ارتباط التصورات واالرتباط ا)فترضللواقع نفسه من خالل مفهوم السببية. فهناك نظـريـات عـديـدة لـلـسـبـبـيـةمحتملةI ولكنها تشترك جميعها في القول بأن كل ماهو كائن أو يكون إ�اهو كائن أو يكون اعتمادا على شيء ا^خرI والبحث عن األسباب هو أساساالبحث عن شروط العالم التي جتري جتربتهاI وعندما تعرف الشروط التي

Page 264: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

264

الفكر الشرقي القد

يعتمد عليها شيء ما في وجوده أو في وصوله إلى الوجودI فإن ا)شروط ـأي ذلك الذي يصل إلى الوجود اعتمادا على الشروط ـ تتم معرفته كذلك.واالفتراض الذي يشكل أساس كل نظريات السببية هو أن الواقع الذيجتري جتربته ليس موجودا بذاته وال مفسرا لذاتهI وإ�ا وجوده وتفسيرهيرتبطان بعناصر عديدة أكثر أساسـيـةI والبـد مـن مـعـرفـة هـذه الـعـنـاصـرللحصول على ا)عرفة الكاملة بالواقع الـذي جتـري جتـربـتـه ذاتـه. مـن أيـنجاء? )اذا تشكل على هذا النحو? وكيف يفعل ذلك?... إلخ تلك كلها أسئلةيطرحها شخص يرغب في معرفة الواقع الذي جتري مالحظتهI وتلك كلها

أسئلة عن الشروط واألسباب اخلاصة با)وضوع ا)طروح.وهدف الفصل األول من كتاب «الكاريـكـا» هـو إظـهـار أن االفـتـراضـاتاخلاصة بالسببيةI والتي تشكل أساس النظريات السائدة عن الواقعI حتفلبالتضارباتI وأن هذه النظريات هي في أعماقها متناقضة ذاتياI وال oكنالدفاع عنها. وإذا أمكن القيام بهذاI فسوف يتم ـ على األقل بالنسبة للنظرياتـ إيضاح أن النظريات الفلسفية ال تقدم احلقيقة ا)طلقة عن الواقع. ا)عنية وتفيد احلكمة األولى الواردة في الفصل األول من كتاب «الكاريكا» أن:«ليس من ا)مكن في أي زمان أو مكان أن توجد كيانات علـى اإلطـالق مـنذاتهاI أو من غيرهاI أو منهما معا (الذات اال^خر) أو من االفتقار لألسباب».

طرح هنا هو أنه ال oكن الدفاع عن أي من وجهات النظروالقول الذي ياحملتملة للسببية. ووجهات النظر هذه هي:١ ـ كل ما ينشأ إ�ا ينشأ من تلقاء ذاته.

٢ ـ كل ما ينشأ إ�ا ينشأ عن ا^خر.٣ ـ كل ما ينشأ إ�ا ينشأ عن كل من الذات اال^خر.

٤ ـ كل ما ينشأ إ�ا ينشأ ال عن ذاتهI وال عن اال^خرI وال عن مركب منذاته واال^خرI وال من ال شيء.

وكما سبق أن أشرناI فإن احلجج ا)وجهة ضد كل مـن وحـهـات الـنـظـرIهذه عن السببية ال تقوم على أية مزاعم قال بها فيلـسـوف ا)ـدهـيـامـيـكـاوإ�ا تنطلق من خالل قبول ا)بادى* واالستنتاجاتI الـتـي تـبـنـاهـا أنـصـاروجهة النظر موضع التمحيصI وبناء على ذلك فإن نتيجـة احلـجـة لـيـسـتالتقدم بأي طرح مستقل عن طبـيـعـة الـواقـعI وإ�ـا اإلشـارة فـقـط إلـى أن

Page 265: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

265

طبيعة الواقع

الطرح موضع التناول ال oكن الدفاع عنه.ويتم رفض وجهة النظر األولى اخلاصة بالسببيةI والقائلة إن األشـيـاءتسبب نفسهاI وهذا الرفض يقوم على أساس أن تطابق السبب والنتيجة اليسمح بالسببيةI فإذا كانت األشياء هي سبب نفسهاI فلن يكون هناك فارقبS السبب والنتيجةI ولكن إذا كان السبب والنتيجة متطابقIS فال معـنـىISشيئ Sكنة إال كعالقة بt ألن هذه األخيرة ليست Iللحدث عن السببيةIأحدهما ينتج اال^خر. غير أن الهوية تستبعد إمكان كل العـالقـات األخـرى}ا في ذلك العالقة السببيةI ألن هذه األخيرة حتول دون الفوارق احلقيقيةوالتمييزات األصيلة. وهكذا فإن افتراض الهية الكاملة بS السبب والنتيجةهو استبعاد للعالقة بS السبب ا)فترض والنتيجة ا)فترضةI وإذا ما جرياالعتقاد بأن السبب والنتيجة متحدان في جوانب معينة فحسبI ومختلفانفي جوانب أخرىI فإن ا)شكلة تظل قائمةI ذلك أنهما إذا كانا متحدين فياجلوانب ا)تعلقة بالتسببI فإن االختالفات تكون بال قيمة. ولكن إذا كانـامختلفS فيما يتعلق باجلوانب اخلاصة بالتسبـبI فـإنـه يـتـعـلـق بـاجلـوانـباخلاصة بالتسببI فإنه ال يكون هناك مجال للتسبب الذاتيI حيث يعتقـدأن الشيء كسبب مختلف عنه كنتيجةI ووجهة النظر ا)تعلقة بالتسبب هيحقا وجهة نظر تسبب األشياء ال من خالل نفسهاI وإ�ا من خالل ا^خر.

وال شك أن وجهة النظر الثانيةI القائلة إن األشياء يتسبب فيـهـا ا^خـر.وليس األشياء نفسهاI هي وجهة النظر العادية وا)ألوفـة لـلـتـسـبـبI فـعـلـىسبيل ا)ثال عندما يقال إن اخلزاف هو السبب (أو الوسيط) الفعال للوعاءاخلزفيI ويقال إن الصلصال هو السبـب ا)ـاديI فـإن الـسـبـب يـنـظـر إلـيـهبوضوح على أنه شيء ا^خر غير النتيجةI وهذه هي وجهة النظر التي وفقالها عندما ينتج شيء جديد حقا فإنه يكون كذلك بسبب الطاقة اإلنتاجيةوالنشاط اخلاصS بعناصر أخرى هي أسباب هذا الشيء اجلديد. وتـلـكهي وجهةالنظر التي يتبناها فالسفة الفيبهاشكـا والـسـوتـرانـتـيـكـاI الـذيـنيوافقون على أن افتراض التسبب الذاتي هو محض هراءI على أساس أنهيقول بالوجود ا)سبق للشيء موضع التناولI ويزيل أساس التسبب كليةI من

خالل افتراض الوجود األبدي لذلك الشيء.Iفي معارضة وجهة النظر هذه في التسبب Iويقول فالسفة ا)دهياميكا

Page 266: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

266

الفكر الشرقي القد

أنها ترادف قولنا إن الوجود oكن أن ينتجه الالوجودI أي خروج شيء منال شيء. وإذا كان السبب والنتيجة مختلفIS فماذا عسى أن تكون العالقةIبينهما? إن القول بأنهما مرتبطان بقدر ما أن أحدهما سبب واال^خر نتيجةيعني جتنب األمر بكامله والدوران حولهI ذلك أن السؤال ا)طروح للنقاشهو «العلة» في تسمية شيء بالسبب وا^خر بالنتيجة. وهكذا فإن الـقـول إنالسبب والنتيجة مختلفان بصورة تامة أحدهما عن اال^خرI إال بقدر مايتعلقاألمر بالقول إن أحدهما سبب واال^خر نتيجـةI يـرادف قـولـنـا إن أحـدهـمـاسبب ألنه يسمى سببا واال^خر نتيجة ألنه يسمـى نـتـيـجـة. ولـكـن لـن يـكـونلذلك معنى إال لدى افتراض أن القول إن شيئا ما هو شيء ا^خر يجعله ذلك

الشيء اال^خر!ومن ناحية أخرىI فقد سبق أن ذكرنا بأنه }ـقـدار مـا تـوجـد الـنـتـائـجمسبقا في أسبابهخاI فإنها تتحد مع هذه األسـبـابI ولـكـن هـويـة الـسـبـبوالنتيجة يقضي على مفهوم التسببI ألن التسبب عالقةI والشيء ال oكنأن يكون على عالقة بنفسه. وهكذا فإن صاحب النزعة الواقعية ال oكنـهإال القول إن السبب والنتيجة مختلفان أحدهما عن اال^خر في كل اجلوانبا)تعلقة }سألة السببيةI ولكن هذا يعني أن النتيـجـة كـانـت غـيـر مـوجـودةبا)رة قبل ظهورها. غير أنه إذا ما نظر إلى هذا الظهور على أنه يعني جتليعالقة معينة ـ هي العالقة السببية بS السبب والنتيجة ـ فسوف يبـدو أنالنتائج ما كان oكن إحداثها قطI ذلك أن ما ال وجود له ال oكن أن يرتبطبعالقة مع أي شيء. وبناء على ذلك فليس من ا)مكن لنتيجة ال وجود لها أن

ترتبط بعالقة سببية مع السببI لكي يتم إحداثها.وإذا لم يتمن افتراض عالقة بS السبب والنتيجةI فال معنى للحـديـثعن السببيةI ذلك أنه عندئذ oكن ألي شيء أن يحدثه شيء ا^خرI أي أنهما لم يكن تسبب البذرة في البرعم واحلليب في اخلثارة راجـعـا لـعـالقـاتمعينة بS البذور والبراعم أو احلليب واخلثارةI فلن يكون هـنـاك مـا oـنـعإنتاج الذهب من احلليب والرمل من البذور. وا)ـعـنـى ا)ـقـصـودهـنـا هـو أنالغياب التام للعالقات بS السبب والنتيجة يفضي بصورة حتمية إلى التخليعن السببيةI و}ا أن الوجود ا)سبق للنتيجة في السبب يفضي بدوره إلـىالتخلي عن السببية باعتبارها غير ضروريةI فإن ناجارجونا يشير إلـى أن

Page 267: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

267

طبيعة الواقع

األشياد ال oكن أن تسبب نفسها أو غيرها.Iويعقب ذلك مباشرة الدعوى التالية الواردة في احلكمـة ا)ـشـار إلـيـهـاذلكأن الفكرة القائلة إن األشياء تنشأ من نفسها ال oكن الدفاع عنهاI وإذاكانت وجهة النظر القائلة إنها تنشأ من شيء ا^خـر ال oـكـن الـدفـاع عـنـهـاكذلكI فإنه ينبني على ذلك أن األشيـاء ال تـنـشـأ مـن غـيـاب األسـبـاب ـ أنناجارجونا ال يتخلى عن مبدأ النشوء التابع في غمار رفضه لهذه النظريات

اخملتلفة في السببية.و�ثل وحهات النظر األربع التي قمنا ببحثها لتونا نـظـريـة «قـويـة» فـيالسببيةo Iثل السبب فيها قوة حقيقية خالقة يحدث من خاللها النتيجة.ووفقا لهذه النظرية «القوية» فإن العالقة بS السبب والنتيجة تضرب جذورهاIفي قوة السبب اخلالقة هذه. وهناك نظرية في السبب أضعف من سابقتهاووفقا لها فإن العالقة بS السبب والنتيجة هي عالقة تنسيق وليس عالقةإحداث خالق. وهذه هي وجهة النظر في السببية التي يضعها كندراكيرتي

على فم البوذيS الواقعيIS عندما يجعلهم يقولون:«إننا راضون بإقرار احلقيقة القائلة إن الكياناتI مثل اإلحساس I تنشأفي غمار تنسيق معS مع (الكيانات األخرى) ومنها على سبيل ا)ثال هضوالنظر... إلخ (هذا كل ما نقصدهI عندما نؤكد أن وجود عضو النظر... إلخ

يشكل الشروط التي في ظلها oكن أن ينشأ اإلحساس البصري).ووفقا لوجهة النظر هذه فإن هناك شروطـا مـعـيـنـةI ال تـعـد فـي ذاتـهـاأسباباI ومنها على سبيل ا)ثال زهرة زرقاء. وهناك شروط أخرى مثل عينيالشخصI ال تعد في ذاتها أسباباI ولكن عندما جتتمع هذه الـشـروط مـعـافإنها تؤدي إلى عنصر ثالث هو اإلحـسـاس بـالـزرقـةI وعـنـدمـا يـنـشـأ هـذاالعنصر الثالث فإن الشروط السابقةI أي عنصري الزهـرة والـعـo ISـكـن

النظر إليها باعتبارها أسباباI }عنى شروط الشعور باللون األزرق.وفالسفة ا)دهياميكا يرفضون كذلك هذه الرؤية األضعف للتسببI أوالتنسيقI والصعوبة التي تواجهها هذه الرؤية هي أن عناصر معينة ـ الزهرةالزرقاء والعS ـ يقال إنها شروط لنشأة عنصر ثالثI هو اإلحساس بالزرقة.ولكن إذا كان اإلحساس بالزرقة لم ينشأ بعد فكيف نقول إنه البد أن تكونله شروط? إن العS والزهرة الزرقاء ستكونان ال ـ شرطS. ولكـن إذا كـان

Page 268: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

268

الفكر الشرقي القد

اإلحساس بالزرقة قد نشأ بالفـعـلI فـلـن يـكـون هـنـاك داع لـشـروط تـكـفـلIنشأته. وهكذا فالبد أن يفترض إما أن اإلحساس بالزرقة موجـود دائـمـاوإما أن يفترض أنه قد وجد اعتمادا عـلـى ال ـ شـروط. واألمـر األول غـيـرمحتملI أما الثاني فيجعل من التنسيق التابع كتفسير لنشوء عوامل جديدة

محض هراء.واإلمكان الوحيد الباقي هو أنـه عـلـى الـرغـم مـن أن عـنـصـري الـزهـرةIالزرقاء واإلدراك البصري هما ذاتهما شرطان إلحداث اإلحساس بالزرقةفإنهما شرطان لتالزم هو شرط إلحداث الزرقة. وهذه هي وجـهـة الـنـظـر.Sوإ�ا تالزم االثن Iوال الزهرة الزرقاء Sالقائلة إن الشرط السببي ليس العولكن البد للدفاع عن وجهة النظر هذه إما أن يفترض أن تالزم شيئS هوشيء مختلف عن الوجود ا)تزامن لشرطI ISأن هذا التزامن يسبب حتولالال ـ شرطS ا)تمثلS في الزهرة الزرقاء والعS إلـى شـرطـS. ولـكـن إذاكان التزامن نفسه شرطا سببيا فإن تالزم أي عناصر ينبغي أن يكون كافياإلحداث عنصر جديد. ولكـن تـالزم زهـرة زرقـاء وإذن ال يـحـدث الـعـنـصـرالثالث ا)تمثل في اإلحساس بالزرقةI وإذا كان مجرد التالزم ليس منـتـجـاسببيا فكيف oكن أن يـؤدي إلـى نـتـيـجـة قـوامـهـا تـغـيـر الـال ـ أسـبـاب إلـىأسباب? إن «كندراكيرتي» يعبر عن احلجج ا)وجهة ضد النظر إلى التالزمباعتباره شرطا سببيا على النحو التالي: «ال طائل من وراء ذلك أيضا! ألنشرط التالزم هذاI التالزم مع شيء ا^خرI لم يصبح شرطـا بـعـدI ال oـكـناعتباره شرطا إال إذا كانت الواقعة األخرى شرطا (حقيقيا). إننا في هذهاحلالة نواجه الصعوبة نفسها التي واجهناها من قبلI ومـن هـنـا فـإن هـذا

التفسير ال oكن قبوله».

٩ ـ بناء العالم بالعقل:إذا كان هجوم ا)دهياميكا على وجهات النظر اخلاصة بالسببية التي �بحثها ناجحاI ورفضت وجهات النظر كافةI فهـل يـنـبـنـي عـلـى ذلـك أنـه التوجد في العالم أسباب وإ�ا هناك نتائج فقط? مـن الـواضـح أن األمـر الoكن أن يكون كذلكI ذلك ألن النتائج هي نتائج ألسباب فحسبI وحيث الوجود ألسباب فال وجود لنتائج كذلك. ولكن إذا � إنكار كل من األسـبـاب

Page 269: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

269

طبيعة الواقع

ـ التي قال والنتائج أال يتم إنكار العالم? أليس أحد الشراك ـ شرك العدمية بوذا إنه يتعS علينا جتنبها?

اإلجابة عن هذا السـؤال هـي أنـه لـدى افـتـراض أن الـواقـع مـؤلـف مـنالنتائج واألسباب فحسبI يكون إنكار النتائج واألسـبـاب مـتـضـمـنـا إلنـكـارالواقع. و}ا أنه ال معنى ألي محاولة إلنكار الواقعI فمن الواضح أن ا)عنىا)تضمكن في حجج ا)دهياميكا هو إنكار افتراض أن الواقع تشكله األسبابوالنتائج. وغياب االختالف بS السبب والنتيجة قد يجعل مفهومي السببوالنتيجة خاويS وبال معنى. غير أن مسافة طويلة تفصل بS خواء ا)فاهيموخواء الواقعI ومن خالل مطابقة ا)فاهيم والـواقـع فـحـسـب oـكـن لـلـمـرءقبول خواء ا)فاهيم على أنه خواء الواقعII وكما رأينا فإن ناجارجونا يحرصعلى اإلشارة إلى أنه بينما ال تنشأ األشياء مـن األسـبـابI فـإنـهـا كـذلـك ال

تنشأ من الال ـ أسباب.وقد ميز فالسفة ا)دهياميكا بS عـالـم الـتـصـورات ـ عـالـم مـن الـبـنـاءا)نطقيI عالم حتدده النظريات الفلسفية عن الواقع ـ وبS الواقع نفـسـه.واألخيرI على نحو ماهو في ذاتهI يجاوز �اما وجهـات الـنـظـر. أمـا األولفإنه ال oكن أن يكون الواقع النهائيI ألنه مليء بالتناقضات والتضاتربات.ومع ذلك فإن عالم البناء ا)نطقي يـقـوم عـلـى أسـاس الـواقـع نـفـسـهI عـلـىالرغم من أنه يسىء �ثيله باعتباره شيئا ا^خر غير ذاتهI واألمر مشابه )ـايحدث عندما نخلط بS قوقعة المعة وعملة معدنية. فالشيء ـ القـوقـعـة ـموجود هناك حقاI ولكن الناظر إليه في غمار اجلهل يسىء �ثيله على أنهعملة معدنية. فالعملة ا)عدنية ليست حقيقةI حيث إنها توجد فقط كبنـاءفي ذهن الناظر إليهاI ومع ذلك فإنها ليست بناء لالشيء. وإ�ا هي تقومعلى أساس واقع موجود ـ القوقعة ـ ال تتم رؤيته على ماهو عليه في حقيقته.وبطريقة tاثلةI فإن العالم الذي يتحرك فيه معظم الناس هو العالـمIالذي قاموا ببنائه في ذهنهـم. وال شـك فـي أن هـنـاك واقـعـا يـتـصـلـون بـهويوفر أساسا لبناء عالم الكيانات والعالقات احملددةI ولكن هذا الواقـع التتم رؤيته على ماهو عليه في ذاتهI وإ�ا يتم اخللط بينه وبS عالم األسماء

والصورI الذي oيز العالم الذي بناه العقل.ويقوم العالم ا)بنيI الذي � خلقه من خالل جهل بانيهI بـوضـع نـقـاب

Page 270: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

270

الفكر الشرقي القد

على حقيقة الواقعI الذي يشكل أساس هذا العالم ا)بنـيI ويـتـمـثـل األثـاثالرئيسي في هذا العالم ا)بني في:

١ ـ األشياء «الغليظة»I مثل ا)وائد وا)قاعد واألشخاص واألشجار.٢ ـ العناصر ا)كونة لهذه األشياء.

٣ ـ كيانات العالقات.واألشياء الغليظةI مثل ا)وائد وا)قاعدI هي مجموعـات مـن اإلدراكـاتاحلسية يشار إليها بالتعبيرات «مقعد»I «مائدة»... إلخ. فعلى سبيل ا)ثـالتعد خثارة الل­ شيئا غليظا يـتـشـكـل مـن خـالل الـسـطـح ا)ـقـاوم والـلـمـسوالرائحة والذوقI وبتوافر مجموعة الكيانات هذهI التي ينتجها العقـل فـيغمار االحتكاك بشيءI يتم إنتاج «الشيء» الذي ينسبق علـيـه اسـم «خـثـارةIوإ�ا هي تـشـبـه الـغـابـة Iالل­». واخلثارة في ذاتها ليس لها واقع مستقلليس لها واقع في ذاتها مستقل عن األشياء ا)فردة (األشجار) التي تشكلها.واسم «اخلثارة» هو اصطالح تقليدي يطبق على مجموعة من ا)وضوعـاتا)دركة حسيا التي يرتبط كل منها باال^خر. وعناصر الوجود الدقيقةI التيهي مكونات العناصر الغليظة في بناء العالمI هي بدورها كيانات متعارفعليها. وعندما يتم إخضاع مدركات العقلI مثل ا)وائد واخلثارةI للتحـلـيـلا)نطقيI نعرف أنها تتشكل من عناصر أكثر بساطة. والعناصر التـي تـعـدنهائية في مثل هذا التحليل ينظر إليها على أنها العناصر الواقعية بصورةنهائية. غير أنه ليس هناك أساس للنظر إلى نتائج حتليل الكيانات ا)تعارفعليهاI مثل اخلثارةI على أنها حتظى هي نفسها بأكثـر مـن واقـع مـتـعـارفعليهI ففي نهاية ا)طاف ال يطلق اسم «العنصر الدقيق» إال علـى مـايـنـظـرإليه أحدهم على أنه أدق عنصر في جتربته. و}ا أنـه مـن خـالل ا)ـقـارنـةوحدها مع الكيانات «الغليظة» oكن أنتوجد كيانات «دقيقة»I و}ا أن الكياناتالغليظة ينظر إليها على أنها متعارف عليها فحسبI فإنه ينبني على ذلـكأن العناصر الدقيقة بدورها ليست إال مجرد بنى منطقية شاد العقل صرحها.ويشمل النوع الثالث من الكيانات في العالم ا)بني عقليا أشياء من قبيلالطول والوزن واالجتاه والزمان وا)وت وغيرها كـثـيـر. ومـن اجلـلـي أنـتـلـككيانات عالقيةI حيث إنها تستمد من خالل ربط الكيانات اإلجمالية أحدهاباال^خر والكيانات الدقيقة أحدها باال^خرI ومن خالل ربط العناصر الدقيقة

Page 271: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

271

طبيعة الواقع

بالعناصر الغليظةI فليس هنا طول دون قصرI وال خفة دون ثقلI وال شرقدون غرب... إلخ وأسماء كيانات العالقات ال تـعـدو أن تـكـون إشـارات إلـىمقارنة ا)فاهيم التي تنشأ عنها أشياء التجربة الغليظةI فليس هناك زمانإال }عنى االمتداد الزمني للكيانات األخرى. وا)وت بدوره لـيـس لـه وجـودفي ذاتهIوإ�ا هو اسم يطلق على بناء يقوم على أساس مقـارنـة تـغـيـيـرات

معينة بتغييرات معينة أخرى.Iبـالـطـبـع Iوالعالم ا)شار إليه هنا بالعالم ا)بنى بالتركيب الـعـقـلـي «هـوالعالم الذي ينظر إليه معظمنا على أنه العالم الواقعي. إنه عـالـم األشـيـاءا)ألوفةI مثل الناس واألبقارI عالم مكونات األشياء العادية (مثـل الـذرات)وعالم العالقات بS األشياء ا)ألوفة ومكوناتها. ولكن هذا كله تنـظـر إلـيـهمدرسة ا)دهياميكا على أنه عالم بناه العقـل لـألسـبـاب الـتـي أوضـحـنـاهـالتونا. واألشياء في هذا العالم قام العقل ببنائهـاI وقـام كـذلـك بـتـحـلـيـلـهـا.Iوالعقل بذاته عاجز عن التعامل مع أي شيء ا^خر إال ماهو مصنوع عقليـاوماهو مصنوع عقليا هو عالئقيI ذلك أن طبيعة البناء العقلي تقتضي أن

يكون الشيء الواحد على عالقة با^خر.ووجهات النظر الفلسفيةI شأن كل ا)ـوضـوعـات األخـرى الـتـي خـلـقـهـاالعقلI هي بنىI ومن ثم فإنها نسبية. ولـيـس هـنـاك قـوىI مـن مـنـظـور أيوجهة نظر فلسفيةI بأن ما بناه العقل ينتمي إلى طبيعة الواقعI أو أنه oثلالواقع على ماهو عليه في ذاتهI كما أنه ال oكن أن يقال إن ماهو من طبيعةالعقل ال يشبه الواقعI وأنه يشوه الواقع. وال oكن للتمييز بS العالم النسبياخلاص بالبنى العقلية والعالم النهائي اخلاص باالستبصار ا)باشـر إال أنيقوم على أساس االستبصار ا)باشر. وكما في حالة اخللط بـS الـقـوقـعـةوالعملة ا)عدنيةI فمن خالل رؤية العملة ا)عدنية على ماهي عليه فحسـبoكن للمرء إدراك أن ما أدركه حسيا على أنه عملة معدنية ليس في الواقع

إال قوقعة.ويكشف اجلدلI الذي من خالله يتم إيضاح النسبية األساسية للـعـالـمIعن عدم ـ نهائية وجهات النظر اخملتلفة حول هذا العالم Iالذي بناه العقلويوضح الطابع ا)تقيد بالشروط والتابع لكيانات هذا العالمI وهكذا oهـدالطريق للمضي إلى ما يتجاوز مجرد وجهات نظر حول الواقع إلـى إدراك

Page 272: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

272

الفكر الشرقي القد

مباشرI ولكنه ال يقدمI بذاتهI مثل هذا اإلدراكI ذلك أن مثل هذا اإلدراكهو بالضرورةI وبصورة كاملةI يجاوز عالم التفكير العقالني.

Iوبإدراك النسبية الكاملة (الشونياتا) للعـالـم األرضـي لـلـبـنـى الـعـقـلـيـةسيختفي كل أساس للتشبث بأي شيء باعتباره مطلقا ونهائياI وسينظر إلىجميع التمييزاتI }ا في ذلك التمييز بـS الـنـرفـانـا والـسـمـسـارة(الـوجـودالعادي) على أنها نسبية فحسب. وبالتخلي عن اجلهل واالرتكاسI اللذيـنيشددان على النظر إلى العالم ا)بني عقليا على أنه الواقع النهائيI وبا)شاركةا)باشرة في الواقع سيتمI وفق مايقول ناجارجوناI إدراك أنه «ال فارق على

اإلطالق بS السمسارة والنرفانا».

Page 273: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

273

طبيعة الواقع

الهوامش

: الفيلسوف اليوناني الشهيرI ولد نحو عام ٥١٥ ق.م. في إيليا بجنـوبـي١Parmenides) بارمنيدس إيطالياI نظم قصيدة فلسفية بقيت منها شذرات على جانب كبير من األهميةI ويعده الـكـثـيـرونأول الفالسفة احلقيقيS في ا)درسة اإليليةI وينظر إليه البعض على أنه أول فيلسوف ميتافيزيقيIوقال إن الشيء احلقيقي الوحيـد هـو الـوجـود Iوجد في بالد اليونان. انطلق من مسألة الوجودوأنه يتصف بالوحدة ألنه ال شيء غير ا)وجودI ويتصف كذلك بالثبات ألن كل تغير هو من الوجودإلى الوجودI ومعنى هذا أنه ال تغير مطلقاI ألن التغير من الوجود إلى العدم ال oكن فهمهI إذ من

الوجود ال ينتج إال الوجود وال oكن أن ينتج العدمI وعلى هذا فالتغير غير tكن. (ا)ترجم).: يشير نينيان سمارت في إسهاماتـه }ـادةAlayavignane أو Seed-Conciousness(٢) الوعي البـذرة

البوذية في «ا)وسوعة الفلسفية» من حترير بول إدواردز ـ اجمللد األول ص ٤١٨ إلى هذا ا)فـهـوم» الذي يضم جذور احلاالت العـقـلـيـةI والـهـدف مـنStore-conciousnessعلى أنه «الـوعـي اخملـتـزن

إعماله هو إدراك ال واقعية العالم من خالل التجربة التأمـلـيـةI وبـالـتـالـي الـتـخـلـص مـن أوهـامـهوالتوحد مع ا)طلق. (ا)ترجم).

: ا)عنى األصلي للكلمة هو اخلواءI وا)قصود بها ا)طلق عند البوذيS وهوShyunyota(٣) شونياتا يخلو من كل صفةI وقد ارتبطت الكلمة بجهود ناجارجونا في غمار محاولته إلثبات أن كل الفكرالدنيوي خواء أو نسبيI وإليضاح اعتقاد بأن الطريق احلق هو الطريق «بI«S أو باألحرى «فوق»

كل أوجه التطرف إلى احلدود القصوى. (ا)ترجم).ـ أن مدرسة ـ ويا للمفارقة (٤) من الطريف حقا أننا في ضوء هذا الهدف جند في القرن اخلامس ا)دهياميكا نفسها تشهد صراعا عنيفا بS مجموعتIS حول مقاصد ناجارجوناI فقد اعتقـدت

أن ا)دهياميكا ينبغي أن تتبنى موقفا فلسفيا خاصاBhavavivekaمجموعة على رأسها بهافاففيكا إلى ضرورة الـوصـولBuddhapalitaبهاI بينما ذهبت اجملموعة الثانـيـة وعـلـى رأسـهـا بـوذا بـالـيـتـا

باحلجج الفلسفيةI }ا فيها حجج ا)رء نفسه إلى مستـوى الـعـبـثI عـلـى أمـل أن يـؤدي هـذا إلـىاإلدراك احلدسي للواقعI فيما وراء كل معرفة عاديةونسبية. (ا)ترجم).

: أحد فالسفة مدرسة ا)دهياميكاI ازدهر في القرن السادس ا)يالدي.Candrakirti(٥) كندرا كيرتي (ا)ترجم).

: يعد من أبرز مؤلفات ناجارجوناI والعنوان يعنيThe Madhyamika Karika(٦) ا)دهياميكا كاريكا حرفيا «رسالة الطريق األوسط» وقد كانت ترجمتهI في القرن اخلامس ا)يالديI من السنسكريتيةإلى الصينية مع مجموعة أعمال أخرى من أبرز العوامل التي ساعدت على انتـقـال الـبـوذيـة مـن

الهند إلى الصS. (ا)ترجم).

Page 274: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

274

الفكر الشرقي القد

Page 275: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

275

بوذية زن

بوذية زن

١ـ اجلذور الهندية والصينية:Iمنذ ألف وخمسمائة عام Sتطورت زن في الصوهي شكل فريد مـن أشـكـال الـبـوذيـةI يـؤكـد عـلـىtارسة التطلع مباشرة إلى الطبيعة غير اجملزأة

»I (أي نـظــامZazenلـلـواقـع ا)ـعـروفـة بــاســم «زازن Bodhidharma. وترتبط جذورها ببوذيدارمـا (١)زن)

قال إنه جاء إلى الصS في القرنوهو بوذي هندي ياخلامسI وقام بنقل tارسة التأمل خالل اجللوسوتعاليم االستنارة ا)فاجـئـةI وتـقـول األسـطـورة إنـهقد أسس tارسة «اجلـلـوس لـلـتـأمـل» عـن طـريـقاجلــلــوس بــال حــراك والــتــأمــل (الــتــحــديـــق فـــياجلدار)طوال تسعة أعوام في ديـرشـاو ـ لـS ـ سـو

Shaw- Linssa.ووفقـا لـتـراث الـزن فـإن بـوذيـدارمـا هـو ا)ـعـلـمالصيني األولI وا)علم الهندي الثامن والعشرون فيتسلسل مباشر oتد إلى بوذا التاريخي. واحلفاظعلى هذا التسلسل هو أمر شديد األهمية في تراثالزنI فهو في ا)قام األول يؤكد التواصـل ا)ـبـاشـرللزن مع استنارة بوذا التاريخي وتعاليمهI وثانيا }اأن الزن تنظر إلى تعاليم التجربة ـ وليس الكلماتوالنصوص ـ على أنها حتتل ا)رتبة األولى فإن أصالة

14

Page 276: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

276

الفكر الشرقي القد

جتربة االستنارة بحاجة إلى أن يجيزها شخص مؤهل للقيام بذلك. و}ا أنشخصا مستنيرا بالفعل هو وحده الذي يستطيع احلكم على أصالة جتربةاستنارة شخص ا^خرI فإن نقل التعاليم ـ من خالل الـتـجـربـة ـ يـتـم بـصـورة

ريد. وهكذا فإن التواصل ا)ـتـسـلـسـلطبيعية من ا)علم إلـى الـتـلـمـيـذ أو ا)يشهد على أصالة التعليم مـن بـوذا الـتـاريـخـي حـتـى الـوقـت الـراهـن. وألنبوذيدارما كان }قدوره أن يجيز جتربة االستنارة اخلاصة بتلميذه هوي ـ كو

Hui-koمقرا Iفقد استطاع تسليم عهد روح بوذا إليه Iبذلك أنه ا)علم الصيني وهكذا حافظ على استمرارية التواصل مع بوذا التاريخي كما هي.

تؤكد أن التعليم احلق الينتقل مـن خـاللZenوعلى الرغم من أن الـزن النصوصI وإ�ا مباشرة من خالل التجربة التي يجيزها شخص معترف بهباعتباره قد جرب إدراك الواقع احلقI فإنها تعلق أهمية كبيرة على احلقيقةIالقائلة بأن عهد االنتقال يعود في تسلسل لم يعرف االنكسار إلى شاكياموني

» وهو مجموعة من الكواناتMumonkanبوذا التاريخي. وكتاب «مومونكان (٢) Koans (أقوال الزن) مع شرح للمعلم مومـون MumonIعلى م¨ كل قول

والذي نشر في الصS قرب نهاية عهد أسرة سوجن اجلنوبية (القرن الثالثعشر) يرصد أصول tارسة الزن القائمة على نقل التعليم بال كلمات في

. ووفقـاKashyapaلقاء بS شاكياموني (بوذا التاريخـي) ومـريـده كـاشـيـابـا للكوان فإنه «منذ زمن بعيدI عندما كان الواحـد الـذي كـرمـه الـعـالـم (بـوذا

أمام اجلمع.الشاكياموني) في جبل جردراكوتا إللقاء كلمةI رفع زهرة عاليا الدارماوعند هذا لزم اجلميع الصمتI فقال الواحد الذي كرمه العالم «لدي

احلقة التي تسود كل شيءI والنرفانا التي النظـيـر لـهـاI والـتـعـلـيـم الـفـريـدللصورة اجملردة من الصورةI وهـو ال يـعـتـمـد عـلـى احلـروفI ويـنـقـل خـارج

النصوص. وإني أسلمه اال^ن )هاكاشو (مهاكاشيابا)».Iارسة الزن واالستنارة بـبـوذا الـتـاريـخـي فـقـطt وهذا الكوان اليربطوإ�ا يقدم السبب في أن الزن تؤكد على أن التعليم األساسي ينقـل خـارج

Dhamaالنصوص I وعبر التجربة مباشرة. وقد أعلن بوذا نفسه أن التعليم

هو «صورة مجردة من الصورة»I أي أنه متجاوز للكلمات وا)فاهيم: «اليعتمد مع روح هذا التعليمI فقـدعلى احلروفI وينقل خارج النصوص». واتفـاقـا

أن احلقيقة األسمى الoكن أن تصـاغ فـي كـلـمـات. وقـدأكدت الزن دائمـا

Page 277: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

277

بوذية زن

يكشف صمت عميق تتخلله ابتسامة أو ضحكة عن االنتقال ا)نعم بتجربـةاالستنارةI ولكن ما من كلمات oكن أن تصفها.

I فإن(٣)وعلى الرغم من أنه لم يعرف إال القليل عن بوذيدارما التاريخيبوذيدارما األسطوري يعد شخصية بـارزة فـي تـراث الـزنI وهـو يـرمـز إلـىالتأكيد على التأمل خالل اجللوس واالستنارة ا)فاجئة واحلكمة التي تتجاوزالكلماتI وهي األمور التي �نح الزن طابعها الفريد. وقد سبق لنا بالفعلأن الحظنا أن بوذيدارما قد قيل إنه أمضى تسعة أعوام في التأمل خـاللاجللوسI أو الزازنI دو�ا حراك محدقا في اجلدار خالل هذه السنوات.ويرمز اجلدار الذي حدق فيه خـالل tـارسـتـه لـلـتـأمـل إلـى عـمـق جتـربـة

ضت على التجربةIرنى التي فاالستنارةI التي في إطارها تنهار فجأة كل البكاشفة عن العملية التجريبية الكامنة في طبيعـتـهـا الـتـي ال تـتـجـزأ. وهـذه

نـىالتجربةI ألنها على وجه الدقة �ـضـي إلـى مـا يـتـجـاوز ازدواجـيـات الـبالفكريةI الoكن إدراكها أو نقلها ذهنياI والصمت العميق هـو وحـده الـذي

ر عنها.oïكن أن يعبرة التي تستهدف حتقيق اجلدارة والصياغات اللفظيةïواألعمال اخلي

للحقيقة تنحى جانبا في إطار تأكيد بوذيدارما على ا)عرفة ا)باشرة النابعةمن التجربةI ويكشف بوضوح عن استهجانه لزخارف البوذية ا)ؤسسية في

I وهـو بـوذيWu-tiصورة رائـجـة فـي الـزن حلـوار مـن اإلمـبـراطـور وو ـ تـي شديد احلماس لعقيدتهI وفخور للغاية }نجزاته في دعم تطور البوذية فيعهدهI مع بوذيدارما لدى وصول األخير إلى الصS. وقد سأل اإلمبراطورخالل احلوار بوذيدارما عن مدى اجلدارة التي أحرزهـا مـن خـالل قـيـامـهبتشييد العديد من ا)عابدI وإ�ام رسامة العديد من الكهنةI ونسخ الكثيـرIوعندما رد بوذيدارما بأن كل ذلك لم يعد عليه بجدارة تذكر Iمن النصوصذهل اإلمبراطورI وتساءل: «كيف أمكن أال تعود على كل هذه األعمال الرائعةبجدارة تذكر?» رد بوذيدارما: «ألنها دوافع غير نقية للجدارةI تـشـبـه ظـال

يتبع شخصاI فهي الواقع لها».وعندما سأل اإلمبراطور عماله جدارة حـقـيـقـيـة ومـا هـو واقـعـيI قـالبوذيدارما: «إنها ا)عرفة اخلالصة الرائعة والكاملةI لب ما هو خواء. ومثلIأشياء دنيوية». وتساءل اإلمبراطور Yكن اكتسابها بتقدoهذه اجلدارة ال

Page 278: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

278

الفكر الشرقي القد

مار سؤاله عن الكيفية التي توجد بها مثل هذه ا)ـعـرفـةI عـن أسـاسفي غهذه احلقيقة ا)قدسةI ولكن بوذيدارما قال: «خواء شاسعI وال شيء مقدس».

فق الذي ينر في اختبار بوذيدارما: «مñواال^ن سأل اإلمبراطورI وقد فك إلى اإلدالء بجواب تأكيديجردتسأمامي اال^ن?». ولكن بوذيدارما ما كان لي

دري». أ: «لستنهائيI فرد قائالويكشف هذا احلوار عن موقف الزن احملدد مـن الـسـعـي إلـى اجلـدارة

ل في رفع دعـائـمـذـبالدينية وا)ذهب الـديـنـي. فـمـا مـن قـدر مـن اجلـهـد يا)ؤسسات الدينية يسهم في حتقيق االستبصار ا)باشر للطبيعة غير اجملزأةللواقع الذي تؤكد الزن أنه شرط ضروري للعيش التقي. وهكذا فإن بوذيدارمايبلغ اإلمبراطور بأن كل جهوده ا)بذولة لدعم البوذية لم جتلب لـه جـدارةعلى اإلطالقI ولكن عندما يسأله اإلمبراطـور عـن احلـقـيـقـة احملـوريـةI أوا)ذهب اخلاص با)عرفة الرائعة والنقية والكاملة التي تستهدفها الزنI فإنبوذيدارما يقول إنه ليس هناك مثل هـذا ا)ـذهـبI ألنـه يـعـرف أن ا)ـعـرفـةتتجاوز كل ا)فاهيم والكلماتI بل إنـه يـبـلـغ اإلمـبـراطـور بـأن هـذه ا)ـعـرفـةالينبغي حتى أن توصف با)قـدسـةI ألن ذلـك مـن شـأنـه إدخـال ضـرب مـنSفـالـتـعـارض بـ Iالقسمة الثنائية التي ترغب الزن في أن تخـلـفـهـا وراءهـا«ا)قدس» و «العادي»I يشعب الواقع وoزقهI �اما كالتعـارض بـS «أنـا» و«ذلك»I والتعارض بS «كائن» و «غير كائن». وهذه التعارضات ا)سؤولة عن

نقوم بفرضهاóىننظر إليها على أنهـا بجتزئة الواقع وإبعاده عن ذواتناI يعلى الواقع الذي هو غير مجزأ في ذاته. وهكذاI عندما سأل اإلمبراطورعمن يقف أمامه رفض بوذيـدارمـا أن يـقـول إنـه ال أحـد هـنـاكI وإ�ـا هـز

أدري».كتفيه قائال: «لستóنىويكشف التأكيد على الرؤية ا)باشرةI الـتـي �ـضـي إلـى مـا وراء ب

التجربةI لتصل إلى الواقع ا)طلق وغير اجملزأ الذي تربطه الزن ببوذيدارماعن تأثيرات التراث ا)اهاياني. وتؤكد نصوص «كمال احلكمة» التي تشكل

تدفق الواقع غيرó التي نفرضها علىóنى تعاليم ا)اهيانا خواء كل الببلقال عنها وحدها إنها خاوية من الواقع وإ�ااجملزأI فاألشياء والنفس ال ي

اخلاويةóIنىعلن كذلك أن السمسارة والنرفانا خاويان. واخللط بS هذه البيوالواقع نفسهI هو جذر احلياة الناقصة وا)مزقةI والتي المعنى لهاI والتي

Page 279: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

279

بوذية زن

ألنها تشكل أساس كل أشكال التمسك والتشبث.(٤)توصف بأنها «الدوخا»نى ا)فروضة على العملية اجملزأة التي تشكل الواقع الoكنولكن خواء الب

إدراكه إال عندما يتم جتريب الواقع مباشرةI ودون تأمل ا)فاهيم. والoكنجتريب الكل الواحد وغير ا)تجزىء للواقع إال من خالل التجربة التأملـيـة

نى العقلية. وجتربة كلية الواقعI جتربة الا)تمثلة في إفراغ ا)رء من كل البازدواجية النفس والعالم الoكن التعبير عنها بالكـلـمـاتI وهـي الoـكـن أنيجري تعليمها. وهكذا فإن جلوس بوذيدارما بال حراك وإصراره على التعليم

مع تعاليم ا)اهيانا ا)بكرة.بال كلمات يتسقان �اماكانت هذه التعاليم ا)اهيانية مالئمة �اما للعقـل الـصـيـنـيI ذلـك أنـهـارددت أصداء التعاليم األساسية للتاوية (الطاوية) وهي طريقة حياة تضرب

I احلكيم الصينيI الـذي عـاش فـيLao Tzuجذورها في تعاليـمI ال وتـسـو القرن اخلامس عشر قبل ا)يالدI وقد أكد الوتسو أن الطريق ا)طلق (التاو)Iوأنه هو نفسـه غـيـر مـجـزأ. إنـه مـصـدر كـل األشـيـاء Iيتجاوز كل الكلماتوتنشأ عنه األشياء العديدة ا)ميزة التي تشكل العالم من حولناI وهكذا فإنه}عنى من ا)عاني ماثل في كل األشياءI غير أنه في طبيـعـتـه غـيـر اجملـزأةoضي إلى ما وراء األشياء التي تنشأ عنهI والتي يتدفق من خاللها. وينظرالوو إلى التاو على أنه جذر كل األشياءI فهو يغذيهاI وoنحها احلياةI وهويقول إن العيـش فـي اتـسـاق مـع الـتـاو عـودة إلـى جـذور ا)ـرءI لـالحتـاد مـعا)صدر من جديدI ولكن الكلمات التصل إلى ا)صدرI فهنا في جذر احلياة

oتدI سكون رحب وعميق.وتؤكد التاوية كذلك ا)مارسات التأملية من أجل تهدئة الذهن والسماحللروح باالحتاد مع مصدرها مجددا. وقد كان «اجللوس في حالة نـسـيـان»tارسة تاوية يوصي بها قبل وقت طويل من ظهور البوذية في الصS. وفي

» وهو نص بوذي مؤلف فيChuang Tzuالفصل السادس من «التشواجن تسو في حوار مع كونفوشيوسYenh uiIالقرن الرابع قبل ا)يالد يصور ين هوي

موضحا كيف يجلس في حالة نسيان: «إنني أرخي أوصاليI وأنفصـل عـنقال له اجللوسIكل من اجلسم والذهنI وأتوحد مع التاو العظيـم. وهـذا ي

ونسيان كل شيء». وهذه اليوجا التاوية tاثلة في روحها )مارسات البوذاالتأملية ا)ستعارة من تراث اليوجا الهـنـديـة. وبـقـدر مـا نـعـلـم فـإن جـلـوس

Page 280: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

280

الفكر الشرقي القد

بوذيدارما بال حراك أمام اجلدار يدين للتراث التاوي التأملي بقدر ما يدينللتراث البوذي. والشـك فـي أن الـتـراث الـتـاوي قـد دعـم tـارسـات بـوذيـةا)اهيانا الرئيسية وتعاليمهاI األمر الـذي أسـهـم إلـى حـد كـبـيـر فـي تـطـور

الزن.

٢ـ أهداف زن:هل يعني عدم ثقة الزن في الفكر التأملي والكلمـات وإصـرارهـا عـلـىالنظر ا)باشر إلى الطبيعة غير اجملزأة للنفس والواقعI أنه ليس من ا)مكنوصف الزن نفسها? الI عـلـى اإلطـالق. إذا تـذكـرنـا أن أوصـافـنـا اخلـاصـةبواقع الزن هي أوصاف وليست الزن ذاتهاI فإن هناك العديد من األشيـاء

قال )ساعدتنا في فهم هذه الظـاهـرةI ولـكـن هـذاالنافعة التـي oـكـن أن تالتمييز مهم. ذلك أنه ما من قدر من الفهم النظري سيوفر التطلع ا)باشرإلى الواقعI الذي تستهدفه tارسة الزنI ومجرد الفهم النظري للزن اليحققجدارة تزيد عن اجلدارة التي سعى إليها اإلمبراطور وو ـ تي من وراء بناء

األديرة ورسامة الكهنة!ن علينا البدء بتعريف الزن كطريقة حياةI ال كمجموعةوبهذه الروح يتعي

Iارسات مختلفةt وتصف Iوهي كطريقة حياة لها أهداف معينة Iمن التعاليموتقوم على فهم للواقع oيزها عن طرق احلياة األخرى. وعلى الـرغـم مـنأننا قد النكون قادرينI في التحليل النهائيI على فهم الزن فهما كامال دونtارستهاI فإننا إذا درسنا أهدافها وtارستها وتعاليمها فيما يتعلق بالواقع

فسنصل إلى إدراك جيد )ا تدور حوله.وأول ما ينبغي مالحظته هو أن الزن كطريقة حياة ليست أمرا متعلـقـابا)عتقدات بقدر ما هي أمر متعلق بالفعل. ما الذي يفعله ا)رء لكي يسيـرفي طريق الزن? إن لب ا)مارسة يتمثـل فـي الـتـدريـب عـلـى جتـربـة الـنـظـرمباشرة إلى ذات ا)رء الكاملة في امتالء اللحظة التي جتري جتربتها دونتأمل من جانب الذهن. وفي سياق جتربة الزن فإن محاولة التحديد هـذهتعاني من ضروب عدم ا)الءمة احلتمية التي تتسم بها كـل مـحـاولـة لـفـهـماألشياء بطريقة ذهنية فحسب. والسبب في هـذا هـو أن نـشـاط الـتـفـكـيـر

I ألنه يقوم عـلـىبكامله غير مالئم لفهم األشياء عـلـى مـا هـي عـلـيـه حـقـا

Page 281: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

281

بوذية زن

التقسيم التعسفـيI والـذي يـضـفـي الـزيـف عـلـى األشـيـاء لـلـواقـع إلـى ذاتوموضوع. والزن تؤكد تكامل واندماج التجربـة الـراهـنـةI الـتـي لـيـس فـيـهـا

�ييز بS الذات وا)وضوع.وفي مواجهة تأكيد الزن على كمال التجربة الراهنةI فهناك طرق حياةأخرى تشدد على العيش في ا)اضيI أما رغبة في استعادة هذا ا)اضي أوفي جتنبه. وهناك كذلك طرق للحياة تشدد على العيش في ا)ستقبلI وهناينصب التأكيد على الغدI فالغد سيغير العالم بإزالـة األحـيـاء والـضـواحـيالعشوائيةI وغزو اجملموعات الشمسيـة األخـرىI وإعـادة مـرضـى سـرطـاناألمس إلى حالتهم العادية بعد إنهاء جتمـيـدهـم ثـم يـتـم شـفـاؤهـم... إلـخ.

واليهودية هـو(٥)والغد من ا)نظور الديني الذي يتبناه ا)سيـحـيـة واإلسـالمهيI ونحنóاحلدث الكبيرI لسوف يرانا الغدI إذا ما غمـرنـا الـلـطـف اإلل

نحظى }ملكة الرب.ونحن نعرف حق ا)عرفةI من فهمنا للعـصـور الـوسـطـى فـي أوروبـاI مـاالذي oكن أن يفعله هذا ا)وقفI القائم على التطلع بشدة إلى ا)ـسـتـقـبـلبحيث يتم بالفعل جتاهل احلاضرI في اجملاالت االقتصاديةI ولكن ما oكنأن يفعله للنفس الروحية والعاطفية ليس مفهوما }ثل هذا القدر من الوضوح.Iومن ا)مكن أن نحصل على حملة مـن األخـطـار الـكـامـنـة فـي هـذا ا)ـوقـفعندما نرى األخطار واخملاوف الناجمة من النظر عـلـى مـحـمـل اجلـد إلـى

في الغرب بأن «الرب قد مات». وما يعنيهالزعم الذي جرت صياغته حديثاموت الرب في اجملال الديني هو أن مصدر احلياة والقيمة في الـكـون قـداختفىI ذلك أن اخللق وإضفاء القيمة هما الوظيفتان الرئيسـيـتـان الـلـتـانيقوم بهما الرب. ولكن بالنسبة )ن يحملون على محمل اجلـد الـزعـم «بـأنالرب قد مات» فإن اإلoان بالله باعتباره مصدر القيمة وا)عنى في احلياة

نظر إليه اال^ن ال على أنه وهم فقط ـ حتقيق رغبة في صورة ألبينبغي أن يIألنه ال وجود للرب. ولكن إذا كان الرب Iقوي ـ وإ�ا على أنه خدعة كذلكالذي خلق العالمI وأضفى عليه قيمةI لم يعد له وجودI فما هو إذن مصدر

القيمة وضمانها في الكون?إن اإلجابة احلديثة العهد عن هذا السؤال هي أن البشر أنفـسـهـم هـممصدر القيمة في الكون. ولكن هذاI وعلى نحو معروف بسوء صـيـتـهI قـد

Page 282: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

282

الفكر الشرقي القد

ترك الناس وقد سيطر عليهم شعور غير مريحI فنحن ندرك أعظم ما يكوناإلدراك ضروب عدم صالحيتنا للقيام بدور الرب. ولكن في الوقت نفسه

على نحو تام في االفتراضات ا)سـبـقـة عـن وجـودقد نكون أكثر انغـمـاسـاالرب من أن نرضى دون حتقق وظائف الرب. وعندما يعتمد الـبـشـر عـلـىIعليهم أن يواجهوا ضروب افتقارهم للقدرة وا)الءمة Sفإنه يتع Iأنفسهموحتويل العالم من خالل ا)عرفة هو طموح نبيلI ولكن الثغرات الكبيرة فيمعرفتناI وفي فهمناI تتركنا عن حق نهبا للشكوكI ومشاعر الـقـلـقI فـيـمـا

يتعلق بنتائج التحول. في الغربI وناجارجونا وشانكارا(٧) وهيوم(٦)كانت نتيجة فلسفات كانت

في الشرق هي لفت األنظار إلى ضروب قـصـور الـعـقـل. وفـي هـذا الـقـرنتزعزع اإلoان بقوة العقلI بصورة قاسيةI عندما اكتشف في الرياضيات ــ أن كمال اإلنساق الرياضية الoكن حتقيقهI وكان اجملال األثير للعقل ذاته

جرعة دواء مقيتة )ن يثقون بأن(٩)مبدأ الالنهائية الذي قال به هايزنبـرجالفيزياء احلديثة ستوضح الهيكل ا)نظم للكون. وباختصارI فإن الكون اليظهر

I يحس العقل فيه باأللفة التامة. �اماأي مؤشرات لكونه بناء عقالنياغير أنه على الرغم من احلقيقة القائلة بأن ضروب عدم مالءمة العقليسود الشعور بها في الوقت الراهنI فإن تغيرات احلياة الـسـريـعـة التـزال

ـ الفهم التام للحياة. والـعـقـلI أهداف العقل األقدم عـهـداتفترض مسبـقـاIبوسائل عقالنية. إننا لم نتواءم بصورة جيدة مع ضروب عدم مالءمة العقل

ـ وكـأن ـ وإن كان ذلك يتم بعدم ارتـيـاح مـؤخـراونحن مازلنا �ـضـي قـدمـاالعقل هو الدليل ا)ناسب الذي يرشدنا حلياة كاملة ومحققة لذواتناI وهكذافإننا نواصل رؤية أنفسنا موجـوديـن فـي حلـظـةI ولـكـن فـي حلـظـة مـقـبـلـةحاصدين امتالء ذلك الوجود. ولكن حتت خطط التحـقـيـق فـي ا)ـسـتـقـبـل

ـ يكون في بعض األحيان غائما للغاية بحيث إنه oضي ومضببايكمن وعي على نحو مقلق للغاية بحيث يثـيـردو�ا رصد لهI وفي أحيان أخرى حـادا

اخلوف في النفوس ـ بأنه ال وجود وال حياة إال في اللحظة الراهنةI فاللحظةا)ستقبلية تنتمي إلى ا)ستقبلI الذي ينتمي ال إلى احلياة وإ�ا إلى أشكال

كما أن ا)اضي ينتمي إلى الذاكرة.من الفهمI �اماوما تقوم به الزنI بدال من تأجيل احلياة الكاملة إلى حلظة وهمية في

Page 283: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

283

بوذية زن

ا)ستقبلI هو االنطالق إلى أقصى مدى باللحظـة الـراهـنـةI والـعـثـور عـلـىالنفس بكليتها وعلى كمال احلياة. إن نوعية التجربة اال^ن وهنا هي التي

حتظى بأهمية فائقة بالنسبة لبوذي الزن.Iوهدف الزن هذا اخلاص باكتشاف امتالء احلياة في كل حلظة جتربةيعكس كال من تعاليم التاوية وا)هايانا القائلة بأن ا)طلق ليس منفصال عناليوميI وأن األشياء العادية عندما تتم رؤيتها بالشكل الصحيح هي الواقعالفائق. واالستنارة ال�ضي بنا إلى مايتجاوز أشياء احلياة العـاديـةI وإ�ـاتسمح لنا بأن جنربها في ضوء جديدI كاشفة عمقها الشديد. ويسرد علينا

I الذي ينظر إليه الكثيرون باعتباره فيلسوف الزن الرئيسيDogen (٩)دوجنفي اليابانI قصتS عن جتربته في الصIS جعلتاه يدرك احلقيقة القائلـةإن الهدف احلقيقي للزن هوعيش احلياة العادية بكامـل امـتـالئـهـاI ولـيـسجتاوزها. وكلتا القصتS تضمان أحاديث مع راهب «تنزو» (الراهب الرئيسي

ا)سؤول عن الطهو). جتاذب دوجن أطرافه مع راهب تنزو منوتسجل القصة األولى حديثا

كان قد جاء لشراء بعض الفطر الياباني من السفـيـنـةAyuwanدير أيوان التي كانت تقل دوجن خالل زيارته األولى للصS في إبريل عام ١٢٢٣. وإذ

ق اال^مال على إقناعه بالبقاء فيتلهف دوجن حملادثة هذا الراهبI فقد علالسفينة باقي اليومI وقال له:

تاح لي الفرصة غير ا)توقعة لاللتقاء بكI واحلديث«يسعدني للغاية أن تمعك قليالI هنا على م¨ السفينة. اسمح ليI لطفاI فأن أقدم لك شيئا يا

معلم التنزو الزني.ـ معذرةI ولكن دون إشرافي على وجبات الغد فإنها لن تغدو جيدة.

ـ في دير كبير مثل دير أيوان ـ شان البد أن هناك ما يكفي من الرهباناال^خرين ا)كلفS بالطهو إلعداد الوجباتI ومن ا)ؤكد أن }قدورهم ا)ضي

في إعدادها في غياب راهب تنزو واحد.دماقـ رغم تقدمي في العمرI فإنني أشغل مرتبة الرئـاسـة فـي ديـر الـتـنـزو.وهذا هو دوري خـالل شـيـخـوخـتـي. فـكـيـف oـكـن أن أتـرك هـذا الـواجـبلال^خرين? وفضال عن ذلك فإنني لم أحصل على إذن بقضاء الـلـيـل خـارج

الدير عند مغادرتي له.

Page 284: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

284

الفكر الشرقي القد

دامى?ـ يا سيدي ا)بجلI و)اذا التقوم بالزازن أو دراسة كوان ا)علمS القما جدوى العمل الشاق على هذا النحو كراهب تنزو?

I وقال: «أيها األجنبي الطيبI إنكولدى سماعه ما قلتI انفجر ضاحكا بالتدريب احلق و}عنى البوذية». وفي حلظـةI ولـدى شـعـوريتبدو جاهـال

باخلجل والدهشةI إزاء ما قالهI قلت له: «وما هما?».: «إذا فهمت ا)عنى احلق لسؤالـكI فـإنـك سـتـكـون قـد أدركـترد قائـال

على فهم مـاا)عنى احلق للبوذية». غير أنني في ذلك الوقت لم أكن قـادراقصده».

Iإنها الطهو Iإن ما يقوله راهب التنزو لدوجن هو أن البوذية هي احلياةأو التنظيفI أو الدراسةI أو أيا ما كان ما يقوم به ا)رء وقـتـهـا. وtـارسـةالزازن والكوان تدريب مهمI ولكن ا)مارسة احلقيقية للزن هي العيش اليوميللحياةI وشراء الفطر هو زازنI ومحادثة دوجن هي كوانI وإعداد الفطر هو

كذلك tارسة للزن بالنسبة له.وتشتمل قصة دوجن الثانية كذلك على راهب تنزوI فقد مـضـى عـقـبمغادرة السفينة إلى دير «تاين ـ توجن» لتلقي ا)زيد من التدريب حتت إشرافIوهو في طريقه لزيارة ا)علم قابل راهب تنـزو Iا)علم وو ـ تشي. وذات يومعجوزاI اليعتمر شيئاo Iسك بعصا خيزران في يده. وقد عكف على جتفيفبعض الفطر أمام قاعة بوذا. وراحت الشمس تلهبه بسياطهاI األمـر الـذي

I ورغم ذلك فقد واصل احلركة هنا وهناكIجعل العرق ينسال منه غزيـرا الفطر. وإذ تأثر دوجن بهذا ا)ـشـهـدI دنـا مـنـهI وسـألـه: «كـم يـبـلـغمجفـفـا

?»(١٠)عمرك البوذي«رد راهب التنزو: ثمانية وستS عاما.

ـ )اذا الجتعل الرهبان اال^خرين الذين يعملون حتـت إشـرافـك يـقـومـونبذلك?

ـ إنهم ليسوا أنا.I ولكنني أتساءل عن السر في كدحك على هذاـ إنك عليم بالبوذية حقا

النحو حتت الشمس احلارقة.ـ في أي وقت ا^خر غير اال^ن oكنني القيام بذلك?».

Sأن الزن واحلياة ليسا شـيـئـ Iشأن القصة األولى Iوتؤكد هذه القصة

Page 285: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

285

بوذية زن

مختلفIS وإ�ا الزن هي عيش احلياة بأكثر السبل ا)مكنـة امـتـالء. ولـكـنIالقصة الثانية تبرز كيف أن عيش كل حلظة بكامل امتالئها أمر ملح وعاجلفليس هناك وقت ا^خرI بخالف اللحظة الراهنةI يعيش احليـاةI فـا)ـاضـيقد ولىI وال يحتفظ به إال كذكرى. وا)ستقبل ليس ماثال إال كـتـوقـعI وفـياحلاضر الثمS تعاش احلياةI وكما يتساءل الراهب: «في أي وقت ا^خر غير

اال^ن oكنني القيام بذلك?». فيإن الزن تؤكد على الفوريةI وكمال التجربة الـراهـنـة يـبـرز واضـحـا

Iارسة الزن في ا)كانة الرفيعة للحياة ا)ستنيرةt ا)بادىء التي تشكل أساسوفي التعاليم التي تشكل أساس الزن. ومن بS هذه ا)عالم الثـالثـة لـلـزن ـا)مارسة واالستنارة والتعاليم ـ تأتي ا)مارسة في ا)قام األولI فاالستـنـارةIوتتحدد بهـمـا Iوالتعاليم تساند ا)مارسة واالستنارة Iتعتمد على ا)مارسة

ومن هنا فإن من ا)ناسب أن ننتقل اال^ن إلى وصف tارسة الزن.

٣ـ املمارسة:Iالذي يشكل القاعدة الرئيسية )مارسة الزن I(النظام) Iيتم تبني الزازنIلتحقيق احلد األمثل من الظروف ا)الئمة للتطلع مباشرة إلى نفـس ا)ـرءواكتشاف الطبيعة احلقة لكل وجود من خالل نقاء وجود ا)ـرء. وتـقـتـضـيISوالساق Iواليدين ISهذه القاعدة افتراض السيطرة الكاملة على القدموالذراعIS واجلذعI والرأسI وتنظيمهاI ويلي ذلك ضرورة تنظيم التنفـسبحيث oكن السيطرة على أنشطـة الـعـقـل. وخـالل سـالسـل مـن األشـكـالاخلاصة من التركيز يتم جتميع أنشطة العقل وتوحيدها وتسكيـنـهـا. وتـتـمكذلك السيطرة على االنفعاالت والنزعات وتنسيقها مع الذهنI وبعد حتقيق

سمى عادة بالصمت العميق في أعمق أبعاد كيانهذا كله يبقى غرس ما يا)رء.

)اذا االنغماس في قاعدة الـزازن? إن الـرد مـتـضـمـن فـي االفـتـراضـات أن الشخص العادي ضائع فيا)سبقة الفورية للزن. فالزن تفترض مسبقا

متاهة من األفكارI والنظرياتI والتأمالتI والنزعاتI وا)شاعرI واالنفعاالتجزأ إلى العديد من الشرائح. وهذه الشرائحا)تشابكةI بحيث إن كل جتربة ت

ؤخذ عقب ذلك كأجزاء من جتربة oكن أن تركب في كـل واحـد. وهـكـذات

Page 286: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

286

الفكر الشرقي القد

I وإ�ا شبكة من األفكارفإن الشخص ال يجرب بصورة اعتيادية الواقع حقاوا)عاشر عن الواقع فقط. وهذه األفكار وا)شاعر تـقـف دائـمـا بـS الـفـردوالواقعI محتلة موقع الوسيط في التجربة. وهدف الزازن (النظام) هو أنيحررنا من هذه الشبكة الوسيطةI ويسمح لنا بأن نلج الواقع مباشرةI وعلى

نحو كامل االمتالء.هناك ثالثة أهداف رئيسية للزازنI األول هو زيادة قوى التركيز بالتخلصمن كل العناصر ا)شوشة وكل االزدواجيات. وعادة ما تبعثر طاقات العقـلفي العديد من االجتاهاتI األمر الذي يخلق طوفانا من التشويشاتI التيجتعل التركيز مستحيالI على وجه التقريب. وعن طريق توحيد العقل فإنهذه التشويشات oكن التغلب عليها وتركيز طاقة العقل الديناميكية بصورةكاملة على األشياء موضع التناول. وتنمية قوة الوعـي ا)ـركـزة هـذه تـعـطـي

رامI حتـى بأن ا)رء علـى مـا يا)رء احلرية واالتزان اللذين يخلـقـان شـعـوراI أو الهدف الثاني من أهداف الزازن.Satori (١١)فيما هي تعهد للساتوري

Iأو النظر إلى نفس ا)رء ا)طلقة Iحتقيق الساتوري هو صحوة االستنارةواكتشاف الطبيـعـة احلـقـة لـلـواقـع وكـمـال والـوجـود. وقـد تـأتـي االسـتـنـارة

مكثفا بالنسبـة )ـعـظـم الـنـاس.كالومضةI ولكنها تفـتـرض مـسـبـقـا تـدريـبـاوالكواناتI أو ا)شكالتI التي تستخدم على نحو شائع في جلـسـات تـضـمالكثيرين في األديرةI واألسئلة والردود التي تستخدم في اجللسات اخلاصةبS ا)علم وا)ريد مشهورة كوسائل لإلطالق الفجائي لالستنارة. وعلى سبيلIمعلم الزن الشهير الذي قام بالزازن طوال سنوات عديدة Iا)ثال فإن دوجنكان قد سمع معلمه يقول في مناسبات عديدة إنه لكي تتحقق االسـتـنـارةينبغي على اجلسم والعقل أن «ينسحبا». ولكنه فـي نـهـايـة ا)ـطـافI وذاتيومI عندما سمع هذا «انسحب» عقلهI وجسمهI وحتققت استنارتهI أي أنهاال^ن وصل إلى مستوى من التركيـز واالسـتـبـصـار أصـبـح عـنـده خـاويـا مـن

مفاهيم العقل واجلسم.وألن جتربة االستنارة �ضي إلى ما يتجاوز ازدواجيات الفكر النظري

وصف على نحو كامل بالكلمات. ولكن معلمي الزن غالبافإنها الoكن أن تـ نينج Hui- nengما يختبرون طالبهم بسؤالهم عن جتاربهم. وفي حالة هوي

ا)علم الصيني السادسI أصبحت ا)ـقـطـوعـة الـشـعـريـة الـدالـة عـلـى عـمـق

Page 287: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

287

بوذية زن

استنارته إحدى كالسيكيات الزن. فقد طلب هوجن ـ جS ا)علم اخلامس منمريديه نظم قصيدة تفصح عن مدى استنارتهمI فكتب شS ـ هسيوI وهوراهب حاد الذكاءI ومتعمق في الدراسةI يعد في الصدارة من بS مريديهوجن ـ جS ا)قطوعة الشعرية التاليةI على جدار ا)عبدI في تلك الليلة:

«اجلسم هو شجرة البوذي (االستنارة)Iوالعقل يشبه مرا^ة تنهض صافية

Iفاحرص على تألقها طوال الوقتوالتسمح لذرة تراب بأن تعلق بها

من التعليمI أحلق للعمل بكوخوطلب «هوي ـ نينج»I وهو فتى لم ينل حظايعمل في فصل األرز عن القشI ألنه ال يستطيع الـقـراءة وال الـكـتـابـةI مـنالبعض قراءة مقطـوعـة شـS ـ هـسـيـو لـهI وعـنـدهـا أدرك فـي احلـال أنـهـاIفنظم مقطوعة شعرية من إبداعه Iالتظهر إال القليل من عالمات االستنارة

وطلب من صبي با)عبد أن يكتبها على اجلدار:Iليس البوذي كالشجرة»

Iوا)را^ة التنهض في أي مكانIوال وجود لشيء واحد أساسافأين إذن تعلق ذرة التراب?»

Iهو ا)ستنير Iـ هسيو Sوليس ش I«وأدرك ا)علم اخلامس أن «هوي ـ نينجفعهد إليه باحلفاظ على امتداد التسلسلI وجعل منه ا)علم السادس.

نظر إلى مقطوعة شS ـ هسيو الشعرية باعتبارها متدنـيـة الـقـيـمـةIويألنها تعجز عن إدراك الطابع الديناميكي لعقل ا)رء احلقI وهو ينظر إلـىالعقل احلق على أنه سلبيI وtارسة الزن هي مسألة عدم السماح للنقاءبأن تشوبه شائبةI وذرات التراب �ثل التلوثI الذي تسببه األفكار وا)شاعروالرغبات اخلاطئةI والتأمل يهدف إلى احليلولة دون ظهور هذا التلوث.

I فالعقل الذي يشبه ا)را^ة واالستنارةوتعد مقطوعة هوي ـ نينج أكثر عمقاالتي تشبه الشجرة كالهما يتم إنكارهI فيما «هوي ـ نينـج» oـضـي إلـى مـا

». هنـا أنه «الوجود لشيء واحد أساسـانىI معلـنـايتجاوز كل ا)قـوالت والـبIـ هسيو الشعرية Sينحني بعيدا التفكير الثنائي الذي عبرت عنه مقطوعة شفيما «هوي ـ نينج» يفضي إلينا بأن امتالء الواقع ا)طلق الoكن اصطياده

Page 288: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

288

الفكر الشرقي القد

بشبكة ا)فاهيم النظرية. فالواقع بالنسبة للعقل ا)ستنير كلي وديـنـامـيـكـيI ال وجود هنا للغبار وال ألي شيء قد يعلق بهI فالغباروليس مجزأ وال سلبيا

على أنهما بناء من أبنيةزال عنها ينظر إليهما معاوالنفس التي يجب أن يالتفكير الثنائي.

والهدف الثالث للزازن هو إدماج االستنارة الكاملة للنفس الكلية في كلاألنشطة اليومية. وهكذا فإن كل فعلI وكل حلظةI هما فعل وحلظة يعاشانIوقد سبق أن أشرنا بالفعل إلى حديثي دوجن مع راهب التنزو Iفي استنارةاألمر الذي يبرز هوية tارسة الـزن مـع األنـشـطـة الـيـومـيـةI بـل حـتـى مـع

قاس با)دى الذي تذهب إليهأكثرها روتينية. وعمق االستنارة الoكن أن يفي غمر احلياة بأسرها في تألقهاI وكما يقول دوجن فإن:

Iدراسة الطريق هي دراسة للنفس»Iودراسة النفس نسيان لها

Iونسيانها استنارة باألشياء كافةواالستنارة باألشياء كافة إزالة

للحواجز بS نفس ا)رء واال^خرين».ستخدم فـي tـارسـةوباإلضافة إلى الزازنI فإن الكوانـات غـالـبـا مـا ت

Iودرجة التشديد عليها Iعلى الرغم من أن الطريقة التي تستخدم بها IالزنIتختلفان بحسب ا)درسة وا)علم. والكوانات هي عبارات قالها معلـم الـزنوغالبا ما كان ذلك في معرض الرد على أسئـلـة حـول الـتـعـالـيـمI فـهـي فـي

تستخدم كموضوعات للتأمل من قبل الرهبان اجلددRinzaiIمدرسة رينزاي Soto ١)٢(تساعدهم في جتاوز فخ التفكير الثنائي. وتستخدم مدرسة سوتو

كذلك الكواناتI ولكنها عادة ما تتم دراستها هنا في معرض اإلشارة فقطإلى حياة ا)رء وtارستهI وليس كتجليات حلقيقة التعاليم األساسية. ويرجع

مع أفكار دوجن ـ توحد بS احلياة اليوميةذلك إلى مدرسة سوتو ـ �اشياوtارسة الواقع. وهكذا فإن احلياة نـفـسـهـا هـي الـكـوان الـذي يـنـبـغـي أن

للحقيقة األسمى.يصارعه ا)رءI فحياة ا)رء العادية يجب أن تكون جتليا من غرضي تعليم السائرين اجلـدد عـلـى الـطـريـقوتؤدي الكوانات كـال

واختبار السالك منهمI وهي إذ تستخـدم كـاخـتـبـار تـكـشـف عـمـا إذا كـانـتجهود الزازن قد جنحتI أم الI في الوصول إلى مستوى معS من التركيـز

Page 289: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

289

بوذية زن

واالستنارة. و�ثل الكوانات كأدوات تعليمية تـعـبـيـرات مـصـاحلـة لـلـمـضـي إلى ا)شاركة ا)ـبـاشـرةبالشخص إلى ما يتجاوز تشـعـبـات الـذهـنI وصـوال

والفورية في الواقع احليI الكاملI وغير اجملزأ.ويعرف واحد من أشهر الكواناتI التي قيلـت عـلـى سـبـيـل الـردI بـاسـم

Joshuكوان ـ مو. فقد سأل أحد الكهنة ذات يومI بجدية بالغة ا)علم جوشو

? «وعلى الفور رد جوشو قائال: «مو!» (وهو ما(١٣): «هل للكلب طبيعة بوذايعني حرفيا «الشيء» ولكنه يستخدم هنا ككلمة عبثيةI المعنى لها).

إن ما يقصد بتعبير «طبيعة بوذا» عادة هو أن طبيعة كل شيء هي علىIكن معه أن تصبح مستنيرة. وهذه إحدى تعاليم ا)اهيانا الـشـائـعـةo نحووهي موجودة في العديد من النصوص. ولكن جوشو رفض أن يقول «نعم»وال شك في أنه كان سيواكبه الصـواب فـي رفـضـه لـلـرد بـاإليـجـاب لـو أنـه

يدعى بطبيعة البوذا يختفيتشكك في أن الراهب يفكر في أن هناك شيئافي موضع ما بداخل الكائنات. ورفض جوشو اإلجابة ب «نعم» أو «ال» كان

I فقد أدرك أن السؤال اليفترض بشكل مسبق مفهومي طبيعةأشد تطرفاا إذامار التـسـاؤل عـمبوذا والكلب فقطI وإ�ا األسـوأ مـن ذلـك أنـه فـي غ

»isكانت للكلب طبيعة بوذا يفترض مسبقا القسمة الثنـائـيـة بـS «كـائـن »I وهذاNon -Being» و «غــير موجود Being» وبS «موجود is notو«غير كائن

طرحه لم يخرج من طيات العقلنيظهر إن السؤال نظري فحسبI وأن مالنظريI و)ا كان هدف الزن هو ا)ضي إلى ما وراء قيـود الـفـهـم الـنـظـري

!).فحسب فإن جوشو يقول: «مو!» أي أنه لم يقل شيئا (ولـكـنـه قـالـه فـوراوهذه هي النقطة األساسية فيما يتعلق بالكـوانـاتI أي أنـهـا التـضـم ردودانظريةI وهي التبدو مشكالت إال لدى افتراض أساسات وتصورات معينة ـ

ينبغي تنحيتها جميعها.ذات مرة سأل أحد الرهبان معلما: «ما الذي يحدث )ذاهبنا الفـكـريـةعندما ال �يز بS ا)وجود وغير ا)وجود?». وفي معرض الرد ضحك ا)علممن القلبI وشرب شايا. وبالطبع كان هذا هو الرد الوحيد! وما كان oكنألي رد على السؤال أن يكون كافياI ألنه كان سيقتضي قبول التمييزات التيجتعل السؤال tكناI وفي هذه احلالة التمييز بS ا)وجود وغير ا)وجود.

) التي تستهدفها بوذية الزن تقتضي جتـاوزSatoriواالستنارة (ساتـوري

Page 290: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

290

الفكر الشرقي القد

كل التمييزاتI }ا في ذلك التمييـز بـS «الـكـائـن» و «غـيـر الـكـائـن»I الـتـيتستند إليها كل ا)ذاهب الفـكـريـةI وبـنـاء عـلـى ذلـك فـإنـه مـا مـن تـعـريـفلالستنارة يعد tكناI باستثناء تـعـريـف سـلـبـي واحـد يـشـيـر إلـى مـا لـيـسباستنارة. ولكن حتى هذا التعريف يفترض بصورة مسبقة التمييز بS «كائن»و «غير كائن» ويحقق في الكشف عن جتربة االستنارة. وبخالف tـارسـةالزن وحتقيق قدر من االستنارةI فر}ا كان السبيل الوحيد لتلمس اإلحساسبتجربة «الساتوري» يتمثل في قراءة قصص حياة من حققوا «الساتوري» أواحلديث معهم. واألمر ا)ؤثر فيما يتعلق بهذه التجارب ا)سجلة للسـاتـوريهو اإلشادة اإلجماعية إلى التغلب على التمييزاتI وجمال العـالـم وكـمـالـهعلى نحو ما هو عليه ـ دون أي �ييزات. فعلى سبيل ا)ـثـال كـتـبـت يـايـكـوا

تلميذة هارادا ـ روشى له قـائـلـة: «}ـقـدورك أنYueko Iwasakiإيواساكـي I ومن خاللر كم هو مرض إلى أبعد حد بالنسبة لي أن اكتشفI أخيراïتقد

اإلدراك الكاملI أنني بحالتي الراهنة الينقصني شيء».

٤ـ التعاليم:يتعIS لدى االنتقال إلى تعاليم بوذية الزنI أيضاح أن تعاليم الزن الفعليةهي في ا)قام األول تعاليم مرتبطة }مارسة «الزازن» و «الكوان». وجلساتالسؤال واإلجابةI أي أنها تعاليم عملية موجهة نحو تعزيز طـريـقـة احلـيـاةالتي تتمـثـل فـي الـزن. وعـلـى الـرغـم مـن ذلـكI فـإن هـذه األسـئـلـة وكـذلـكIلها افتراضات فلسفية مسبقة Iبصورة أساسية Iا)مارسات التي ترتبط بها

.Yogacaraوهذه االفتراضات oكن رؤيتها في فلسفة اليوجاكارا.... مع تطور فلسفة اليوجاكارا أصبحت تنظر إلى العالم التجريبي ـ عالـمالوعي النظري ـ باعتباره عالم «العقل وحده»I حيث إن ما يعرف من خالل

وراء هذا نفترض مقدما وجوده.ذلك هو وعي فحسبI ولكن هناك واقعاوهو بالطبعI واقع يتجاوز العقلI ولكن oكـن جتـربـتـه مـن خـالل tـارسـةالسير في «الطريق النبيل ذي الشعاب الثماني». واألمر األكـثـر أهـمـيـة أن

شار إلى هذا الواقع ا)طلق بصـورجتريب هذا الواقع هو إنهاء للمعاناةI ويمختلفة على أنه «العقل اخلالص» و«الوجود غير اجملزأ» و «طبيـعـة بـوذا».Iوطبيعة بوذا أو العقل اخلالص هو أحد التعاليم األساسية في بوذية ا)هايانا

Page 291: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

291

بوذية زن

ويشكل أساس الهدف العملي ا)تمثل في التوحد مع وعي بوذا ا)نير للكل.وحتقيق االستنارة هو مضي إلى ما يتجاوز رؤية كل شيء كظاهرة عقليةI أومن طبيعة الوعيI أو رؤية الواقع ككل غير مجزأ ودو�ا �ييز بS أجزائه.وتعد هذه التعاليم مهمة بالنسبة للزنI ولكن النصوص احملتويـة عـلـى

رة للغايةI ألن تعبير «العـقـل...ïالتعاليم التي تدور حول هذه النقطة مـحـيMindستخدم بطرق مختلفة. ومعنى العقل الذي جنده في ا)ـهـايـانـا هـو» ي

النظرة ا)ألوفة للعقل باعتباره وعيا ينخرط في التمييز بS األشياء. ومفهومI«و«اخلواء Iو «العقل ا)ستنير I«العقل يطلق على أنحاء شتى فهو «طبيعة بوذاو «الالعقل» و «العقل وحده»I و «األشياء على ما هي عليـه». وتـشـيـر هـذهالتعبيرات جميعها إلى واقع واحد هو أساس الواقع اإلنساني ذاته. والوعيIالذي يقوم بالتمييز هـو مـجـرد تـعـبـيـر واحـد عـن هـذا الـواقـع. وا)ـشـاعـرواالنفعاالتI والنزعات هي جوانـب أخـرى. و}ـقـدور ا)ـرء أن oـضـي بـالانتهاء في تعداد جوانب هذا الواقع. ولكن الشيء ا)هم الذي ينبغي مالحظتههو أن هذا اإلحصاءI وكل زعم )نظور يجعل جانبا ما tكنا هو نشاط ا^خر

من أنشطة التمييز.وحتى اال^ن ليست هناك مشكلةI ولكن الضرر يقع عندما يقدم نـشـاطالتمييز هذاI الذي يقوم به العقل نفسهI على أنه احلكم النهائي للحقيقة أونظرة الرب التي تشمل كل ا)نظورات وكل احلقائق. والنتيجة هي أن منظوراتالذهن ينظر إليها على أنها مطلقة ونهائيةI بينما هي جزئية وتابعة فحسب.والتفـكـيـر الـثـنـائـي يـجـزىء الـواقـعI ويـعـزل اجلـوانـب ا)ـقـسـمـةI ويـقـدمـهـاكموضوعات أو كأنشطة قائمة بصورة مستقلة أحدها عن اال^خر. وفضال

فإن االنقسام بـSنظر إليه باعتباره مـطـلـقـاعن ذلك فإن الذهن عنـدمـا يالذات وا)وضوعI بS «األنا» و «ذلك» ينظر إليه علـى أنـه انـقـسـام مـطـلـق.

والنتيجة هي أننا يتم عزلنا عن الواقع الذي نحيا فيه.اال^ن عندما يوصف العالم ا)ؤلف من موضوعات معرفتنا بالقول «هذاكله هو العقل وحده» فإن اإلشادة تنصرف بوضوح إلى الـعـالـم الـذي مـيـزه

نتاج للعقل وحده. ولكن ذلك اليعني أنـهالذهنI األمر الذي يعني أنه حقـاليس هناك شيء ا^خر غير الوعيI وإ�ا هو يعني فقط أن العالم الذي نعيه

هو عالم مقدم من منظور واحد فحسبI هو منظور الوعي التمييزيذهنيا

Page 292: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

292

الفكر الشرقي القد

األدنىI وينبغي إدراكه على ما هو عليهI أي على أنه نتيجة للتمييز الذهني. إ�ا هو ـدمـاوأعتقد اال^ن أنه oكن إدراك أن دفع فكرة «العـقـل وحـده» ق

على األقل بصورة جزئية ـ لفت لألنظار إلى احلقيقة القائلة بأننا نتجاهل للوجود اإلنساني باخللط بS جانب أو تعـبـيـر واحـدمقااألساس األكثـر ع

عن ذلك األساسI وبS الواقع كله.وقد حقق التأكيدI على الطبيعة العقلية للعالم ا)عروف في الوعيI فيإطار بوذية يوجاكاراI على خدمة غرض نزع التأكيد على العقـل بـاعـتـبـارهوسيلة الوصول إلى احلقيقة واحلكمة ا)طلقS. وعندما اسنـد دور ثـانـوي

الذي oكن أن يقوم به العقلThatnessIللعقلI فإن وصف األشياء بأنها تلك قد أصبح ثانويا كذلك. وأصبح األمر الذي يحظى با)كـان األول هـو «كـوناألشياء ما هي عليه»I والنظر ا)باشر إلى األشياء على نحو ما هي علـيـه.وكنتيجة لذلك فإن تطوير األساليب اخلاصة بتجربة كون الواقع على ما هوعليه قد اكتسب أهمية أكبر من محاوالت حتديد وتقريـر طـبـيـعـة الـواقـع.وقد أسفر ذلك عن التأكيد على ا)مارسة الذي يعد أبرز خصائص بـوذيـة

الزن.

٥ـ الثور وراعي الثور: مراحل املمارسة:على الرغم من أن االستنارة التي تستهدفها بوذية الزن تأتي من تلقـاءذاتهاI فجأةI منطلقة من خالل البنى التي تخـفـي الـنـفـس احلـقـة والـواقـعاحلقI فإن األمر يقتضي ا)مارسة ا)نضبطة إلنارة الطريق. وتوضح الصورالعشر لراعي الثورI ا)وجودة على الصفحات التاليةI والشروح ا)ـصـاحـبـةلها مراحل ا)مارسة ا)فضية إلى االستنارةI وهي تضفي الطابـع الـدرامـيعلى احلقيقة القائلة بأن االستنارة تكشف عن النفس احلقةI وتوضح أنها

.النفس ا)ألوفة وهي تقوم بأشياء عاديةI بطريقة غير عادية �اماوقصة الثور وراعي الثورI ا)نفصلS في البدايةI وا)تحدين عند إدراك

حتديثها وتعديلهاñالوحدة الداخلية للوجود بأسرهI هي قصة تاوية قدoة �على يد أحد معلمي بوذية الزن الصينية في القـرن الـثـانـي عـشـر لـتـوضـحالطريق إلى االستنارة. والثور يـرمـز إلـى الـواقـع ا)ـطـلـق وغـيـر اجملـزأI أيطبيعة بوذاI التي هي أساس الوجود بأسره. وراعي الثور هو النفسI الذي

Page 293: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

293

بوذية زن

عن الثورI ولكنه مع التقـدميتحد في البداية مع الذات ا)تفردةI منفـصـالفي االستنارة يصل إلى إدراك الهوية األساسية مـع الـواقـع الـنـهـائـي الـذييتجاوز كل التمييزاتI وعندما يحدث هذا فإن الراعي يدرك اجلانب النهائيفي كل وجودI فليس هناك شيء ليس طبيعة بوذا. وهو يتفهم اال^ن قـيـمـةأكثر أشياء احلياة عادية وعمقهاI األمر الذي يجعله ينـيـر احلـيـاة الـعـاديـة

باالستنارة. في كل مكان عن ثورهر الصورة األولى الراعي وهو يبحث يائسـاهظوت

ا)فقود. وتوضح الصورة الثانية أنه قد )ح ا^ثار حوافـر الـثـورI األمـر الـذيأعاد له األمل في أن ثوره لم يفقد لألبد. وفي الصورة الثالثة يلمح الثور

جلامبالفعل. وتوضح الصورة الرابعة أنـه أمـسـك اال^ن بـثـورهI مـسـتـخـدمـااالنضباط للسيطرة عليهI ويرمز ذلك إلى االنضبـاط الـشـديـد الـذي البـد

ر الصورة اخلامسة فإن هذا االنضباطهظمارس بوذية الزن. وكما تمنه )ن ييصل با)رء إلى االتساق مع الطبيعة احلقة للواقـع. فـاال^ن يـتـبـع الـثـور عـنطواعية راعيه إلى الدار. وتشير الـصـورة الـسـادسـة إلـى الـهـدوء والـنـشـوة

مع مصدر الوجودI فاال^ن oتطي الـراعـياللذين يجلبهما التوحـد مـجـدداالثورI وهو يعزف على الناي في نشوة. وفي الصورة السابعة أدرك الراعيهويته مع الثورI حتى أنه oكن نسيان الثورI ألنه اليعدو أن يـكـون الـنـفـساحلقةI وتخبرنا الصورة الثامنة بأنه عندما يتم التغلب على ثنائية النـفـس

نسيان الواقع (الثور) وحدهI وإ�ا كذلك النفسوالواقعI فإنه اليجري حقا(الراعي)I والدائرة ترمز إلى اخلواء الذي يحتوي كل شيءI والذي يـشـكـلأساس كل األشياء. وكما تظهر الصورة التاسعة فإنه عندما نترك الـنـفـسوالواقع (كبناءين عقليS) بعيدا وراء ظهرنا فإن األشياء تتكشف على نحوما هي عليه في ذاتهاI فالغدران تنساب من تلقاء ذاتها والـزهـور احلـمـراء

تظهر الصورة العاشرة راعي الثورتزدهر حمرتها بصورة طبيعية. وأخيراوهو يدخل سوق البلدةI ويـقـوم بـكـل األشـيـاء الـعـاديـة الـتـي يـقـوم بـهـا كـلاال^خرين. إنه الينسحب من العالمI وإ�ا يشرك اجلميع من حوله في وجودها)ستنيرI ماضيا بتجار السمك وأصحاب ا)نزل في طريق بوذاI بل وبسبب

تألق حياته يجعل األشجار الذابلة تزدهر.

Page 294: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

294

الفكر الشرقي القد

:(١٤)١ـ البحث عن الثور

البحث عنه? إن الرجل بعد أن أدار ظهرهملم يضل الثور طريقه قطI فللطبيعته احلقة لم يعد يرى الثور. وهو بسبب ما ارتكبه من دنسI فقد كلأثر له. وفجأة يجد نفسه في مواجهة متاهة من الطرق ا)تشابكةI ويـقـفـزIكـألـسـنـة لـهـب مـسـتـعـرة Iالطمع في الكسب الدنيوي والقلق من اخلسـارة

وتتدافع أفكار الصواب واخلطأ كما تندفع السهام. في الغابات خائفا في األدغالI«كان بائسا

.وهو يبحث عن ثور اليجد له أثراIوأنهار تفيض بغزارة Iبغير اسم Iظالم يعلو ويهبط

عاب.وفي أجمات جبلية عميقة كان يقطع العديد من الدروب والشIوبعظام مكدودة وقلب مثقل يواصل بحثه

Iعن هذا الشيء الذي لم يستطع العثور عليه بعدوعند ا)ساء يسمع صرير احلشرات في األشجار».

٢ـ العثور على اال^ثار: والتعاليم يرصد ا^ثـار حـوافـر الـثـور (لـقـد �)١(٥من خالل الـسـوتـرات

Page 295: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

295

بوذية زن

كما أن) األواني (الذهبية) اخملتلفة األشـكـال هـي كـلـهـاإبالغه بأنه �ـامـا من الذهب نفسهI فكذلك كل شيء هو جتل للنفس. ولكنه عجز عنأساسا

Iاحلق والباطل. إنه لم يلج البـوابـة بـالـفـعـل Sاخلير والشر وب Sالتمييز ب متردد ا^ثار الثور.لكنه يرى على نحو

Iرأى ا^ثار حوافر عديدة»في الغابةI وعلى طول ضفة النهر.

يرى العشب الذي دهسته احلوافر?أهنالك بعيداحتى أعمق tرات أعلى اجلبال

الoكنها أن تخفي خطم هذا الثورI الذي يصل إلى عنان السماء».

٣ـ حملة أولى من الثور:لو أنه أصاخ السمع إلى األصوات ا)ألوفـةI لـوصـل إلـى اإلدراكI ورأىفي تلك اللحظة ا)صدر ذاته. احلواس الست ليست مختلفـة عـن ا)ـصـدراحلق. وا)صدر ماثل على نحو جلي في كل نشاطI وهو يحاكي ا)لح في ا)اءأو مادة التماسك في الطالء. وعندما تتركز بؤرة الرؤية الداخلية على نحوسليمI فإن ا)رء يصل إلى إدراك أن ذلك الذي تتم رؤيته متحد مع ا)صدر

احلق.

Page 296: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

296

الفكر الشرقي القد

Iيغرد عندليب على غصن صغير»وتتألق الشمس على أشجار صفصاف تتماوج.

هنالك يقف الثورI أين أمكنه االختباء?Iهذان القرنان البديعان Iذلك الرأس الرائع

أي فنان }قدوره تصويرها?»

٤ـ اإلمساك بالثور: لوقت طويل في البريةI وأمسك بهاليوم واجه الثورI الذي تواثب مرحا

. متعذرابالفعل. لطا)ا ابتهج }ا يحيط به حتى غدا إبعاده عن عاداته أمراI لم يستقر اللجامإنه يواصل احلنS إلى األعشاب العطرةI واليزال عنيدا

يستخدم سوطه.ن أ أراد ترويضه �امانعلى خطمهI ويتعS على الرجل إIعليه اإلمساك باحلبل وأال يفلته Sيتع»

ذلك أن الثور التزال له ميول غير صحية.Iاال^ن هو ذا يندفع إلى الهضاب

اال^ن ها هو يتراجع إلى الوهاد ا)تسربلة بالضباب».

٥ـ ترويض الثور:مع نشأة فكرة تولد أخرى وثالثة. واالستنارة جتلب إدراك أن مثل هذه

Page 297: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

297

بوذية زن

األفكار ليست غير واقعيةI حيث إنه حتى هذه األفكار تنشأ من طبيـعـتـهـااحلقة. وال يرجع تصورها على أنها غير حـقـيـقـة إال ألن اخلـديـعـة التـزالباقية. وحالة اخلديعة هذه ال تنشأ في العالم ا)وضوعيI وإ�ا في عقولنا.

Iوأال يسمح للثور بالتجوال Iعليه أن يحكم احلبل حول اخلطم»حتى ال يضل طريقهI ماضيا إلى مأوى طيني.

I ولS العريكةIإذا ما أجيدت رعايتهI فإنه يغدو نظيفاودو�ا قيد يتبع صاحبه عن طواعية».

٦ـ ركوب الثور إلى الدار:انتهى الصراعI ولم يعد «الربح» أو «اخلسارة» يؤثران فيـه. إنـه يـدنـدنحلن احلطاب الريفيI ويعزف أنغام أغنيات أطفال القرية البسيطةI وtتطياالثور يحدق متأمال في السحب ا)ارة فوقهI رأسه اليلتفت (باجتاه اإلغراءات).

وأيا كانت محاوالت ا)رء إلثارة ضيقهI فإنه يظل على هدوئه.I كالهواءI يصل للدار مستبشرا الثور حرا«tتطيا

رداء قبعة عريضة من القـشI وطـارحـامن خالل غمام ا)ساء معـتـمـراIعلى كتفيه

Iوحيثما مضى حمل معه نسيما منعشا

Page 298: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

298

الفكر الشرقي القد

بينما تسود فؤاده سكينة عميقة.

هذا الثور اليتطلب ورقة عشب».

٧ـ نسيان الثور، النفس مبفردها: (االستقامة) أثنانية. والثور هو طبيعته األولى.Dharmaليست في الدارما

اال^ن هاقد أدرك ذلك. ليست ثمة حاجة للفخ بعد اصطياد األرنبI والشبكةتغدو بال جدوى لدى صيد السمكة بالفخ. وشأن الذهب الذي يفصل عـن

شعاع من سنااخلبثI ومثل البدر الذي يطل من خلل السحابI يتألق أبدامتوهج.

الثور فحسب كان }قدوره العودة إلى الدارt»Iتطيا }فردهI! هو ذا الثور قد اختفىI والرجل يجلس هادئاولكن عجبا

Iالشمس احلمراء توغل عاليا في السماءفيما هو يحلم في سكينة.

Iوهناك حتت السطح ا)سقوف باألعشابoتد سوطه وحبله الكسوالن».

:٨ـ نسيان الثور والنفس معافنيت كل ا)شاعر اخلادعةI واختفت بدورها أفكار القداسة. إنه اليتوانى

Page 299: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

299

بوذية زن

في (حالة القول بأنني) بوذاI ثم oضي مسرعا عبر (مرحلة يقول فيها«واال^ن ها قد طهرت نفسي من الشعور ا)تكبر» فأنا) لست بوذا». وحتى

األلف عS (اخلاصة بخمسمائة بوذا ومعلم) الoكنها أن ترصد فيه سمةر لها اال^ن أن تنثر الزهور حول غرفتهïIدمحددة. ولو أن مائة عصفور ق

)ا كان بوسعه إال الشعور باخلجل من نفسه.«السوط واحلبلI والثورI والرجل I على السواءI ينتمون للخواء.

Iبعيدة للغاية وال متناهية هي السماء الالزوديةحتى أنه ما من تصور من أي نوع oكنه أن يبلغها.

فوق نيران تتلظى الoكن لندفة ثلج أن تواصل البقاء.Iوعندما تتحقق حالة الذهن هذه

دامى». إلى فهم روح ا)علمS القفإننا نصل أخيرا

٩ـ العودة إلى النبع:منذ البداية لم يكن هناك قدر ذرة من غبار (لتشوب النقاء احلقيقي).إنه يالحظ سقم وتهافت احلياة في العالمI بينما يقبع دو�ا جزم في حالةمن هدوء السبيل إلى زعزعته. وهذا (السقم والتـهـافـت) لـيـس شـبـحـا والوهما (وإ�ا جتل¸ للنبع). )اذا إذن ثمة حاجة للصراع على أي شـيء? ا)ـاءأزرقI واجلبال خضراء. ووحيدا مع نفسه يرقب األشياءI وهي تتغيـر بـال

Page 300: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

300

الفكر الشرقي القد

انتهاء.«لقد عاد إلى األصلI رجع إلى النبع

.لكن خطاه قطعت عبثااألمر يبدو كما لو أنه اال^ن أعمى وأصم.

عن األشياءIجلس في كوخهI ولم يضرب في اخلارج بحثاالغدران تنساب من تلقاء ذاتها

والزهور تتألق بطبيعتها باحلمرة».

١٠ـ دخول السوق بيدين متتدان بالعون:باب كوخه موصدI وحتى من هم أكثر حكمة الoكنهم العثور عليه. لقدتبددت صورته العقلية الشاملة أخيرا. إنه oضي اال^ن في طريـقـهI دو�ـا

طى احلكماء السابقS. وعلى مهل oضي إلى السوق حامالمحاولة لتتبع خيقطينهI ومستندا إلى عصاه يعود للدارI وهو oضي بأصحاب النزلI وجتار

السمك على طريق بوذا.«عاري الصدرI وحافي القدمIS يقبل إلى السوق.

متسخا بالطIS ومثقال بالغبارI ما أعرض ابتسامته!ودو�ا جلوء للقوى الصوفـيـةI يـدفـع بـاألشـجـار الـذابـلـة إلـى االزدهـار

بسرعة.

Page 301: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

301

بوذية زن

الهوامش

(١)Zenهذا هو الرسم الصحيح للكلمة على الرغم من أن البعض يؤثر كتابتها «زين». وقد ا^ثرنا الرسم األول في ضوء أننا الحظنا خالل مناقشات عديدة مع عدد من الباحثS من مختلف أرجاءاليابانI حيث تختلف اللهجات باختالف ا)ناطقI حول تأثير الزن في تطور األدب اليابانيI أنهم

لكتابتها على النحو الثانيI وكما هو مشار في ا)¨ فإنينطقون الكلمة خطفاI و}ا اليدع مجاال أخيرا قويا في اليابانI وإن كان قد ترك أثرازن شكل من أشكال البوذية ا)هايانيةI يوجد أساسا

Iشـخـص Sويقدر عدد أتباع زن بحوالي ٩مـاليـ Iوبصفة خاصة في الواليات ا)تحدة Iفي الغرب وهذه بدورها تعود إلـىChan «التأمل»I وهي مستمدة من الكلمة الصـيـنـيـة والكلمة تعني حرفـيـا وتشدد زن على نوع معS من االنضباط الروحيThanaI وفي لغة بالي Dhyanaالكلمة السنسكريتية

يساعد على حتقيق استنارة مفاجئةI هي بدورها مرحلة على طريق االستنارة الكاملة. (ا)ترجم).

: الكوان كلمة تعني حرفيا «الوثيقة العامة» وهي عادة من أقوال معلمي الزنKoans(٢) الكوانات دامىI تطرح على السائرين في الطريق من التالميذ وا)ريدين في صورة سؤال ملغز يعبر عنالق

) على الكاهن ا)بتدى*I وا)ثال على ذلك الـقـولRoshiمأزق عقلي يطرحه ا)علم الروحـي (روسـيالشهير: «عندما تصفق اليدان حتدثان صوتا. هل تستطيع اإلصغاء إلى صوت اليد الـواحـدة?».وا)قصود ليس انتزاع إجابة تعكس براعة من وجه إليه السؤالI وإ�ا ا)راد كسر دورة التفـكـيـرالنظري ا)فروض على تدفق التجربةI وحتقيق استبصار حدسي. والسبيل إلى فهم قيمة الكواناتإال إذا علمنا أن مناهج التدريب في إطار «الززي» وهو أحد ا)ذهبS الرئيسيS في الزن إلى جوار«السوتو» تنقسم إلى قسمS رئيسيS أولهما tارسة «الزازين» أو التأمل خالل اجللوسI حيـث

Page 302: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

302

الفكر الشرقي القد

الكوانات تشكل موضوعات للتفكير خالل التأمل في وصفية اجلـلـوسI والـقـسـم الـثـانـي الـفـنـونومنها ا)بارزة بالسيوف والرمي بالسهام وحفالت الشاي وغيرها. (ا)ترجم).

دخلت على يد بوذيدارما إلى اليابـان مـن(٣) بوذيدارما التاريخي: يؤكد التراث البوذي أن الـزن أI وإن بوذيدارما قدم من جنوبي الهندI ولكن هذه الـرؤيـة ر}ـا كـانـت tـا٥٢٠الصS في العـام

يندرج فيما هو مشكوك في صحته. بل إن كتابات الزن القدoة تذهب إلى أن أصل الزن يعود إلىبوذا نفسه. ولكن مدرسة الزن لم تأخذ شكل احلركة البوذية ا)نفصلـة واحملـددة إال فـي الـقـرن

دخلت إلى اليابان في). وقد أ٧١٣- ٦٣٧السابع ا)يالديI حتت إشراف ا)علم الصيني هوي ـ ينتج (القرنS الثاني عشر والثالث عشرI في صور خالصة جتمـع األفـكـار الـبـوذيـة الـهـنـديـة واألفـكـار

) وشكلت الثقافة اليابانيةI وتشكلت بها في الوقت نفسه. (ا)ترجم).الصينية (التاوية أساسا

: سبقت اإلشارة إلى أنها تعني ا)عاناة أو األلمI وبالنسبة لبوذا وأتباعهI كماDuhkha(٤) الدوخا هي احلال بالنسبة لكل مفكري الهند منذ عهود األوبانيشادI فإن كل شيء هو مـعـانـاةI فـالـوالدةمعاناةI والشيخوخة كذلكI وا)رض مثلهماI وا)وت معاناةI وارتباط ا)رء }ن يحب معاناةI وابتعادهعنه كذلك. وهنا ينبغي أن نالحظ أن بعض أشكال السعادة توصف بحـيـث تـبـدو لـنـا فـي صـورةالدوخاI فعلى سبيل ا)ثال بعد أن يشيد بوذا بالغبطة الروحية لبعض حاالت الـيـوجـا يـؤكـد أنـهـا«متغيرات دوخا وخاضعة للتغيير»I هكذا فإنها تندرج في إطار الدوخا خلضوعها للتغيـيـرI وبـذايختصر األنا في خلط اجملموعات أو السكانداتI وكأنه يشير إلى أن الدوخا تكمـن فـي صـمـيـم

هذه اجملموعات التي تشكل اإلنسانI (ا)ترجم).

(٥) لسنا ندري من أين أتى ا)ؤلف بهذا ا)فهوم بالنسبة لإلسالم. ووجهة نظر اإلسالم فـي هـذاالصدد صريحةI وواضحةI وال مجال للبس فيهاI ويوجزها القول ا)أثور: «اعمـل لـدنـيـاك كـأنـك

Page 303: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

303

بوذية زن

تعيش أبداI واعمل ال^خرتك كأنك �وت غدا». وهو صدى لال^ية الكرoة {وابتغ فيما ا^تاك الـلـهالدار اال^خرة وال تنس نصيبك من الدنيا} ومن الواضح أن ا)ؤلف قد جافاه الصواب في سحـب

التعميمI الذي أطلقه في ا)¨I على اإلسالم كذلك. (ا)ترجم).

) يعده الكثيرون أعظم فالسفة العصر احلديثI �يز بنزعة عقلية١٨٠٤ - ١٧٢٤ ( Kant(٦) كانت تامةI ولهذا أحب العلوم كالرياضيات والفيزياء والفلكI واتخذ منـهـا نـقـطـة انـطـالق نـحـو نـظـرةشاملة في الكون. اهتم }ا أسماه «نقائض العقل اخلالص»I وإن لم يذهب إلى تناقض التفكير أو

التفكير اجلدلي على نحو ما فعل هيجل. (ا)ترجم).

مؤسس النزعة الوضعية التجريبية في الفلسفة احلديثة. قيد ا)عرفة اإلنسانيةHume(٧) هيوم }مارسة التجربة واالنطباعات tارسة جزئية وفرديةI وأصبح ذا تأثير بالغ األهمية في الفكـر

ا)يتافيزيقي احلديث. (ا)ترجم).

) عالم الفيزياء الذي صاغ مبدأ الريبة أو الاليقينية. وهو١٩٧٦ - ١٩٠١ (Heisinberg(٨) هايزنبرج يعني في أبسط مفاهيمه أننا في أي حلظة زمنية بعينها oكننا أن نحدد مكان جسم ما والسرعةالتي يتحرك بهاI ولكننا ال نستطيع حتديد األمرين معا في وقت واحدI ويرجع ذلك إلى أن جميععمليات القياس تتضمن استخدام شكل من أشكال الطاقة األمر الذي سينعكس بالضرورة علىاجلسم موضع القياس على نحو السبيل إلى التنبؤ به مسبقا. وينطبق مبدأ الاليـقـيـنـيـة ال عـلـىاجلسيمات دون الذرية فحسبI وإ�ا كذلك على أشياء من قبيل حركة وضع طائرة محلقة على

سبيل ا)ثال. (ا)ترجم).

التي تعد إحدى مدرستS رئيـسـيـتـS لـلـزن فـيSoto: مؤسس مدرسـة الـسـوتـو Dogen(٩) دوجن

Page 304: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

304

الفكر الشرقي القد

Iوكان قد التحق بدير تنداي في جبل هابي في سن مبكرة Iوذلك في القرن الثالث عشر Iاليابانمار بحثه عنبعد وفاة أمه وأبيهt Iا لفت نظره بشدة إلى الطابع الفاني للحياة البشريةI وفي غ

الصينيةI ولدى عودتهChanالطريق احلق للبوذية سافر إلى الصIS حيث تأثر بتعاليم التشان Iإلى اليابان علم مبدأ الزازن القائم على اجللوس والتأمل دون توجيه أي جهد نحو حتقيق االستنارةغير أنه على العكس من نظرائه الصينيS درس النصوص البوذية القدoةI وانتقد من لم يدرسوها

أو قالوا بأنه الفائدة من دراستها. (ا)ترجم).

I فالبوذية تعلم أن دورات الوجود أو السمسارة(١٠) ا)راد عمره في حياته الراهنة باعتباره كاهناتظل مستمرة في حيوان متتابعة إلى أن يتم االنعتاق من لعنتها باالستنارة. (ا)ترجم).

في اللغة الصيـنـيـةwuI: االستنارة باللغة اليابانيةI وهي ا)ـقـابـل لـلـفـظ وو Satori(١١) الساتـوري بطبيعة بوذا أو بعقل بوذا الذي يعادل غالباóوبحسب التراث ا)بكر للزن فإن كل الكائنات حتظى

}فهوم اخلواء (شونيا) وإدراك هذه احلقيقة بوضوح وجالء ليس إال الساتوري. والشخص ا)ستنير الoكنه أن يوضح هذه احلقيقة ا)طلقة أو يفسرها ألنها تـتـجـاوز ثـنـائـيـة الـذات ـ ا)ـوضـوعحقـا

العاديةI وكذلك الoكن للكاتب وال النصوص وال الكلمات وال ا)فاهيم وال ا)درسS نقلهاI وإ�ـامار التجربة الشخصية ا)باشرة. (ا)ترجم).ينبغي إدراكها في غ

إحدى ا)درستS الرئيسيتS الزنI قام بتأسيسها دوجن في القرن الثالث عشرSotoI(١٢) سوتو وا)درسة األخرى هي الرنزاي. (ا)ترجم).

S(١٣) طبيعة بوذا أو عقل بوذا: كان هذا ا)وضوع على وجه الدقة أحد أهم عناصر االختالف با)درستS الشمالية واجلنوبية في «التشان» الصيـنـيـةI الـتـي انـحـدرت عـنـهـا الـزنI وقـد جـادلـتا)درسة اجلنوبيةI التي قدر لها االنتصار في نهاية األمرI بأن القول بأن لكل شيء طـبـيـعـة بـوذايعني إمكان القول }عادلة بوذا بكومة من الروثI ومن الواضح أن السؤال الوارد في ا)¨ يصبفي ا)عركة الفكرية التي دارت بS ا)درستS حول هذا ا)وضوعI إلى جوار قضايـا أخـرى كـقـولا)درسة الشمالية بأن االستنارة تتحقق تدريجيا مـقـابـل قـول ا)ـدرسـة اجلـنـوبـيـة بـأن االسـتـنـارة

تتحقق فجأة وبصورة عفوية. (ا)ترجم).

جون كاسي صور الثور والراعي لهذا الكتاب بصفة خـاصـة. والـشـروح وا)ـقـطـوعـاتñ(١٤) أعدالشعرية التي ألفها معلم الزن الصيني كو ـ ان في القرن الثاني عشر وا)صاحبة للصور منقولة عن

وأعاد١٩٦٥ الذي أصدره في Philip Kapleauكتاب «أعمدة الزن الثالثة» جمع وحترير فيليب كابلو مركز الزن إصداره في ١٩٨٠. (ا)ؤلف).

: كلمة سنسكريتية األصلI يعود استخدامها في اللغة اإلجنليزية إلى العامSutras(١٥) السوترات اخليط أو القاعدةI وقد انصرفت في األدب السنسكريتي إلىI أي السوتراI يراد بها أصال١٨٠١

قاعدة موجزة من قواعد اللغةI أو القانونI أو الفلسفةI تقتضي تفصيل القـول فـيـهـاI مـن خـاللالتعقيب عليهاI وقد طبقت كذلك على نصوص الكتب البوذية. وا)عنى ا)راد في ا)¨ يشيـر إلـى

Page 305: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

305

بوذية زن

حكم وأقوال بوذا. (ا)ترجم).

Page 306: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

306

الفكر الشرقي القد

Page 307: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

307

اخلصائص األساسية للثقافة البوذية

اخلصائص األساسية للثقافةالبوذية

تركت التعاليـم الـديـنـيـة ـ الـفـلـسـفـيـة اخلـاصـةبالبوذيةI التي � حتديد مـعـا)ـهـا فـي الـصـفـحـاتالـسـابـقـةI أثـرهـا فـي جـانـب كـبـيـر مـن احلــضــارةاال^سيويةI فقد تغلغلت البوذيةI على نحو يفوق أيدين ا^خرI في الثقافات التي ارتبطت بها. ومن هناIفإنه في سريالنكا وبورما وكمبوديا وتايالند والوسSوفي التبت والص Iحيث سيطرت البوذية الثرفاديةوكوريا واليابان وفيتنامI حيث كانت البوذية ا)هايانيةمؤثرةI جند معالم ثقافية بوذية بالغة الوضوح. وفي

مقدمة هذه اخلصائص الثقافية مايلي:١ـ التأكيد على الـكـرامـة اإلنـسـانـيـة [٢ـ مـوقـفالالتعلق [٣ـ التسامح [٤ـ روح الشفقة والالعنف [٥ـ

ميل إلى التأمل [٦ـ توجه عملي.

١ـ الكرامة اإلنسانية:لم يتم في الـثـقـافـات الـبـوذيـة إخـضـاع الـبـشـرلألشياء واال^التI فالبشر ينـظـر إلـيـهـم عـلـى أنـهـممبدعون ألنفسهم وقادرون على حتديد مصيـرهـممـن خـالل جــهــودهــمI وأي كــرامــة أعــظــم oــكــن

15

Page 308: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

308

الفكر الشرقي القد

إضفاؤها على األشخاص من االعتـراف بـأنـهـم يـسـيـطـرون عـلـى حـيـاتـهـمومصيرهم? في ديانات التأليه يخضع األشخاص عادة للربI وينظر إليهمعلى أنهم شيء خلقه الرب ليتفق مع أهدافه. وعلى اجلانب اال^خر فإنه فيالثقافة ا)ادية يتم إخضاع البشر غالبا للطبيعة ولألشياء اخلارجية. ولكنIوفقا للتعاليم البوذية فإن هذه البدائل �ثل بروزا جلهلنا ووقوعا في شركهواألمر يتوقف �اما علينا فيما إذا كنا سنخضع أنفسنا للرب أو للطبيعة أو

ألشخاص ا^خرين.

٢ـ الالتعلق:ال يربط البوذيون أنفسهم إلى الذات أو األشياء في هذا العالمI وذلـكبسبب اقتناعهم بأنه ليست هناك نفوس أو أشياء تبقى لألبدI وإذ يدركونأن الزوال هو سمة العالم الذي توجد فيه ا)عاناةI فإنهم يرفضون التشبث}فاهيم الدوام العبثيةI وكنتيجة لهذا فإن التغيير ال يزعجهمI وهم يواجهون

على ما مضىI وتتميز مـعـظـما)ستقبل برباطة جأشI وال يحـزنـون كـثـيـراالثقافات البوذية بروح تقبل احلياة عن طواعية.

٣ ـ التسامح:البوذية هي طريقة لإلدراك العملـي حلـقـيـقـة الـالمـعـانـاةI الـتـي oـكـنالوصول إليها عن طريق االنضباط الذاتي والنقاء الـعـقـلـيI وهـي ال تـقـومعلى أساس نواهي أرباب غيورةI وال تتأثر بدعاوي االقتصار التي تـنـطـلـقمن مثل هذه الغيرة. وبناء على هذا فإنها متسامحةI حيال كل من الدياناتاألخرى والتفسيرات الفردية اخملتلفة للتعاليم البوذيـة. وعـلـى الـرغـم مـناخلالفات العديدة ا)وجودة بS البوذيS في بالد العالم اخملتلفةI إال أنهميعترفون أحدهم باال^خر كبوذيS. وفضال عن ذلك فإنـهـم ال يـنـظـرون إلـىغير البوذيS باعتبارهم أدنى مـنـهـمI ودون أمـل فـي الـسـعـادةI ويـسـتـحـيـلاخلالص بالنسبة إليهمI ألنهم يعيشون خارج إطار البوذية. وا)رض وا)عاناةاللذان يطاردان البشر يحدثان للشخص الفردI والشخص الفرد هو الـذيينبغي أن يقطع الطريق من ا)عاناة إلـى الـسـالم والـسـعـادة. وهـذا اإلدراكIيكمن في قرار احترام اخلالفات الفردية في اجملاالت اخملتلفة في احلياة

Page 309: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

309

اخلصائص األساسية للثقافة البوذية

وهي اخلالفات التي �يز الثقافات البوذية.

٤ـ الالعنف:في القرون اخلمسة والعشرين التي انقضت منذ بدايات البوذيةI انتشرتفي أرجاء ا^سياI بل وانتقلت إلى القارات األخرىI وحظيت اليوم بأربعمائةمليون من ا)ؤمنS بها. وخالل هذا الزمن ا)متد لم تشن حروب ولم تسفكIفالعنف مناقض لتعاليم البوذية و)مارسـتـهـا Iدماء في غمار نشر التعاليمويشيع بS البوذيS في كل مكان أن الغضب والعنف ال سبيل إلى تهدئتهماوالتخلص منهما إال بالطيبة والشفقة التS أبداهما جوتـاهـاI وهـو يـجـوبIقد تخللت البوذية بأسرها Iأرجاء الريف معلما أسباب ا)عاناة وكيفية وقفهاوهي تشغل في ا)هايانا مرتبة محورية في الدينI في شكل مثال البوذيستفا

بصورة نسبية القول: «أحبـوا أعـداءكـم» ولـكـن شيئا يسـيـرا عداألعلـى. ويالقيام بذلك أمر أشد صعوبةI في مواجهة غضب األعداء وكراهيتهم وعنفهم.ورغم ذلك فإن السجل البوذي في هذا اجملال يعد رائعاI على نحو مايبدومن الغياب النسبي للحرب والثورةI والعـنـف فـي الـثـقـافـات الـتـي تـسـودهـا

البوذية.وفي هذا القرن من ا)ؤكد أن القتال الوحشي في جنوب شرقي ا^سيا قدجلب الكثير من العنف إلى هذا اجلزء من العالمI ولكن حتى في هذا اجملالIفإن النفوذ البوذي قد عمل على التخفيف من الكثير من العنف وا)ـعـانـاةاللذين سببتهما احلرب. وينبغي أن تذكر أن معظم هذا القتال تسببت فيه

قوى أجنبية.

٥ـ التأمل:نتيجة للتأكيد البوذي على االنضباط الذاتي وتنقـيـة الـنـفـسI فـإن مـنا)مارسات الشائعة بS البوذيS في كل مكان التركيز على إفراغ أنفـسـهـممن كل ما هو غير نقي ومؤد إلى ا)عاناة. ورغم التنوع الكبير في األشكال أوالدرجاتI فإن األساليب التأملية ا)تضمنة في هذه ا)مارسات هي أساساSوالهدف منها هو �ك Iوحتقيق اإلنضباط الذاتي Iمتعلقة بتنمية النفسالشخص من ا)شاركة بصورة مباشرة في الواقع دون وسائط من األنـفـس

Page 310: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

310

الفكر الشرقي القد

الزائفة والرغبات والطموحات التي تؤدي إلى اغتراب ا)رء عن الواقع. وأثرهذه ا)مارسات في األراضي البوذية يتمثل في مسا)ة هادئة �يز غالبـيـة

الناس.

٦ـ التوجه العملي:تؤدي ا)مارسة في مجال التأمل إلى موقف يبدو للمراقب عمليا وواقعياSإلى قدرة البوذي Iعلى األقل في بعض جوانبه Iللغاية والشك أن ذلك يرجععلى أن ينغمسوا في نشاط اللحظة الراهنة. وعندما يكون ا)رء في سالممع نفسهI وال تتجاذبه ألـف رغـبـةI وال يـعـذبـه عـشـرة ا^الف شـكI فـإن مـنا)مكن أن ينغمس بحرية وبصورة كاملة في األنشطة ا)طروحة أمامهI فعلىسبيل ا)ثال ال ينظر البوذيI عادة إلى تناول الطعامI والعملI واللهوI عـلـىأنها أنشطة يتعS القيام بها للتفرغ «لشؤون احلياة احلقيقية». وإ�ـا تـعـدهذه األنشطة خالصة احلياة ذاتها وصميمهاI وبالتالي فـإنـه يـنـظـر إلـيـهـاباعتبارها مهمةI ويتم االشتراك فيها بإقبال تامI وتشغل انـتـبـاه الـشـخـصبكامله. ومع ذلك فإن الناس ال يتشبثون بهذه األنشطةI وال يغمرهم احلزنوالكربI عندما ال يوجد ما يكفي من الطعامI أو حينما يكون العمل شاقا.ويعد التعلم من ا)اضي والتخطيط للمستقبلI بالطبع من األمور األساسيةلتحسS مستوى احلياة في كـل اجملـاالت. ولـكـن هـذيـن األمـريـن هـمـا فـيIوال ينبغـي اخلـلـط بـيـنـهـمـا Iذاتهما نشاطان ينتميان إلى اللحظة الراهنةوبS العيش في ا)اضي أو ا)ـسـتـقـبـلI فـال oـكـن أن تـكـون هـنـاك سـعـادةحقيقية في التفكير في ا)ستقبل الذي لم يجىء بعدI كما ال oكن أن توجدالسعادة في البكاء على ا)اضي. ويـؤدي إدراك الـبـوذيـS لـهـذه احلـقـيـقـة ـوبالتالي انهماكهم وانغماسهم النسبي في أنشـطـة احلـاضـر الـفـردي ـ إلـى

موقف عملى إلى أقصى حد.

Page 311: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

311

اخلصائص األساسية للفلسفات الصينية

اخلصائص األساسيةللفلسفات الصينية

تقوم احلضارة والثقافة الصينيتان على أساسفلسفي تشكلهI في ا)قام األولI مبادىء الكونفوشيةوالتاوية والكونفوشـيـة اجلـديـدة. وقـد قـامـت هـذهIالفلسفات الثالث بتشكيل حياة الشعب ومؤسساتهوكانت مصدر إلهام لها عبر ما يزيد علـى خـمـسـةIوعشرين قرنا من الزمان. وكانت الفلسفة الصينيةالـتـي أكـدت عـلـى أهـمـيـة احملـافـظـة عـلـى احلـيــاةاإلنسانية العظيمة ورعايتهاI مرتبطة أوثق االرتباطبالسياسة واألخالقI واضطلـعـت }ـعـظـم وظـائـفالدينI ومن هنا فإن دراسة الفلسفة الصينية هـيدراسة لها قيمتهاI ال بسـبـب جـدارتـهـا اجلـوهـريـةفحسبI وإ�ا كذلك بسـبـب االسـتـبـصـارات الـتـي

جتعلها tكنة للعقل الصيني.ولم يكن الهدف الرئيسي للفلسفة الصينية هوفـي ا)ـقـام األول فـهـم الـعـالـمI وإ�ـا جـعـل الـنــاسعظماء. وعلى الرغم من أن الفلسـفـات الـصـيـنـيـةIاخملتلفة يشكل هذا الهدف قاسما مشتركا بيـنـهـافإنها تختلف إلى حد كبيرI نتيجة االسـتـبـصـاراتاخملتلفة عن مصدر العظمة اإلنسانية. ففي التاوية

16

Page 312: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

312

الفكر الشرقي القد

(الطاوية) ينصب التأكيد على اكتساب العظمة بالتوحد مع النهج الداخليللكونI ومن ناحية أخرى انصب التركيز في الكونفوشية على تطوير اإلنسانيةمن خالل النزوع اإلنساني للقلب والفضائل االجتماعيةI وجتمع الكونفوشيةاجلديدةI التي استمدت إلهامها إلى حد ماI من البوذية الصينية بS هذين

.Sاالجتاهولكن ا)رء عظيما وجهانI فـي الـفـكـر الـصـيـنـيI فـهـو فـي ا)ـقـام األوليتضمن «عظمة داخلية» هي شموخ الروحI منعكسا في سالم الفرد ورضائهبكماله. وهو يتضمن ثانيا «عظمة خارجية»I تظهر في القدرة على العيشبصورة جيدة على الصعيد العمليI مع الشعور بالعزة في السياق االجتماعيالذي يوجد فيه ا)رء في حياته اليومية ا)ألوفة. وهذا ا)ثل األعلى يسمى بـ

«احلكمة في الداخل والنبل في اخلارج». بالنسبة لكل من الكونفوشيةوتعد هذه العظمة ا)زدوجة شيئا أساسيا

والتاويةI وهما الفلسفتان اللتان تقدمان األسس واإللهام للفلسفة الكونفوشية إنه ما لم يعرف ا)رءI(١) » Lao Tzuاجلديدة الالحقة زمنيا. ويقول «الوتسو

ويحيىI وفقا لقوانS الكون الداخلية التي يسميها «الثوابـت» فـإنـه يـنـتـهـيبكارثةI ووفقا لهذا احلكيم الصوفي:

تدعى معرفة الثوابت باالستنارة. ومن يعرف الثابت يتحررI ومن يتحرريخل من الهوى والتحيزI ومن يخل من الهوى والتحيـز يـتـسـع إدراكـهI ومـنIومن يصبح رحب األفق يكن مع احلقيقة Iيتسع إدراكه يصبح رحب األفقومن يكن مع احلقيقة يستمر إلـى األبـدI وال يـعـرف الـفـشـل عـلـى امـتـدادعمره. أما اجلهل بالثابت والتصرف على نحو يفتقر للبصيرة فـهـو مـضـى

إلى الكارثة.وبالنسبة لكونفوشيوسI كان الشيء األكثر أساسية هو رعاية إنسـانـيـةا)رءI وتنظيم كل األنشطة بحسب هـذه اإلنـسـانـيـة ا)ـتـطـورةI ويـقـول أحـد

النصوص األساسية في الكونفوشية:«كان القدماء الذين يرغبون في إبراز شخصيتهم النقية للعالمI يعمدونأوال إلى نشر النظام في دولهمI والذين رغبوا في نشر النـظـام فـي دولـهـمكانوا ينظمون عائالتهم أوالI والذين رغبوا في تنظيم عائالتهمI كانوا يرعون

حياتهم اخلاصة أوال».

Page 313: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

313

اخلصائص األساسية للفلسفات الصينية

وقد مال هذا الهدفI الذي يتخلل كل شيءI وا)تمثل في العظمة داخليا إلى جعل الفلسفة الصينية شاملة لكل جوانبوإظهار هذه العظمة خارجيا

النشاط اإلنساني. والفلسفة ليست منفصلة عن احلياةI وا)مارسة ال oكنأن تنفصل عن النظرية. وقد كانت هناك قلة قليلة للـغـايـة مـن الـفـالسـفـةاحملترفS في الصS. وقد شغل كل فالسفة الصS العظامI تقريباI مناصبإدارية في احلكومةI أو كانوا من الفنانIS وقد اعتمد تقدير الفالسفة فيالصIS في التحليل النهائيI على طابعهم األخالقي. وليس من ا)تصور أن

oكن أن جيداI أو أن فيلسوفا oكن أن يكون فيلسوفا جيدا سيئالشخصا. واالختبار احلقيقي للفلسفة هو قدرتهـا عـلـى حتـويـل سيئـايكون شخصـا

دعاتها إلى أشخاص أعظم.I فـإن(٢)و)ا كانت عـظـمـة األشـخـاص هـي مـنـاط االهـتـمـام الـرئـيـسـي

االهتمامات بالناس تأتي أوال في الصIS فالعالم اإلنساني له الصدارة. أماعالم األشياء فيحتل مرتبة ثانويةI وهذه السمة تتجلى في الكونفوشية فيالتأكيد على النزعة اإلنسانية االجتماعيةI وتبدو واضحة في الـتـاويـة فـي

الوحدة الصوفية األنطولوجية بS النفس والكون.يؤدي التأكيد على العظمة اإلنسانيةI بصورة طبيعيةI إلى التأكيد علىاألخالق واحلياة الروحيةI فالروحI وليس اجلسمI هـي اجلـانـب األهـم فـيالوجود البشريI وهذه الروح البد من تعذيبها ورعايتهاI لكي تتطور بحسبقدراتهاI ولقد كانت احلياة األخالقية مطلبا مسبـقـا لـهـذا الـتـطـورI وتـلـكإحدى اخلصائص البالغة الوضوح في الكونـفـوشـيـةI حـيـث ال يـوجـد حـقـا�ييز بS األخالقي والروحيI وحيث يتم الـدفـاع عـن الـبـشـر بـاعـتـبـارهـمحيوانات أخالقيةI ولكنها كذلك من خصائص الـتـاويـة ا لـتـي تـشـدد عـلـىالنوعية الرفيعة للحياة وتهدف إلى الوصول إلـى مـسـتـوى أسـمـى لـلـوجـود

اإلنساني.وقد أدى وضع العظمة موضع ا)مارسةI إلـى الـتـأكـيـد عـلـى الـفـضـائـلالعائليةI وبصفة خاصة على مفهوم حب بـنـاء لـال^بـاءI الـذي يـشـكـل حـجـرالزاوية في األخالق الصينيةI فالبيئة ا)باشرة احمليطة بالصغار في اجملتمعا)تحضر هي بناء اجتماعي تشكله العائلةI وهنا يجـري تـشـكـيـل وصـيـاغـةشخصية الطفل األخالقية والروحيةI وهنا يتم إقرار بدايات الوضـاعـة أو

Page 314: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

314

الفكر الشرقي القد

العظمةI ومن خالل حب واحترام عظيمS في داخل العائـلـة oـكـن غـرسالعظمة في األفراد.

فإذا انتقلنا إلى اجلانب ا)نهجيI استطعنا أن ندرك أن الـتـأكـيـد عـلـىIفقد مال الفكر الصيني Iوجهات النظر كان اعتبارا له الصدارة Sاجلمع ببدال من السعي إلى احلقيقة عن طريق استبـعـاد وجـهـات الـنـظـر الـبـديـلـةاخملتلفةI إلى البحث عن احلقيقة في مجموع وجهـات الـنـظـر الـصـحـيـحـةبصورة جزئيةI وهذا من شأنه أن يفضي إلى روح التركيب واالنسجامI التيتسفر عن التسامح والتعاطف. فاألشخاصI وا)مارساتI ووجهات الـنـظـراخملتلفةI يتعS التسامح معهاI والنظر إليها على نحو متـعـاطـفI مـن أجـل

تقدير قيمتها.ومن اخلصائص ا)ميزة للفلسفـة الـصـيـنـيـة الـتـأكـيـد عـلـى الـتـكـامـل الالتناقضI وغالبا ما يتم النظر إلى اال^راء وا)بـادىء ال عـلـى أنـهـا مـخـتـلـفـةفحسب وإ�ا على أنها متعارضة كذلك. ولكنها بالطبع إذا كانت متعارضةفمن الضروري أن لها أساسا مشتركا. وفي الفكر الصينـي يـتـم الـتـشـديـدعلى ذلك األساس ا)شتركI وينظر إلى اخلالفات على أنها تكامليةI وليستتناقضيةI حيث يتم النظر إلى اخلالفات باعتبارها مكملة بعضها للبـعـض

. وبدال من التفكير في أن «أ» و«ب»اال^خرI وبالتالي فإنها تشكل كال واحدامتعارضان وبالتالي يتعS على ا)رء أن يعتمد «أ» فإنه يفكر في أن «أ» و«ب»متعارضانI وبالتالي فإن احلاجة ماسة إليهما من أجل الكل الواحد. وعلىسبيل ا)ثالI ال يختار ا)رء بS ا)مارسة والـنـظـريـةI وإ�ـا يـخـتـار كـال مـن

ا)مارسة والنظرية.هذا التأكيد على التكاملI في الفلسفة الصينيةI ينـعـكـس فـي مـوقـفتركيبيI يرى االنسجام في نظريات تبدو متعـارضـة ظـاهـريـاI وبـا)ـثـل فـيأ�اط من احلياةI فيمزج بينهاI في إطار كل جديد. على سبيل ا)ثال فهناكخالفات أساسية بS التاوية والكونفوشيةI ويبدو أن البوذية ليس لها الكثيرtا يربطها بهاتS الفلسفتIS ومع ذلك فإن البوذية وجدت موطنا مرحبابها في الصIS ومنذ ما يزيد على ألف عام قدمت هذه الفلسفات الثالثا)واد ا)طلوبة لبناء صرح الـكـونـفـوشـيـة اجلـديـدةI الـذي يـأخـذ بـاأللـبـاب.وباإلضافة إلى ذلكI فإن هذا ا)وقف التركيبي يفضي إلى التسامح حيـال

Page 315: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

315

اخلصائص األساسية للفلسفات الصينية

أفكار اال^خرين وسلوكهمI ويدعو إلى التعاطف والتقدير حيال ما هو مختلف.يشير هذا التلخيص للخصائص األساسية للفلسفة الصينية إلى تراثفلسفيI ثري وكاملI ويوحي هذا التأكيد على عظمة اإلنسانيةI وتفـضـيـلIبأن هذا التراث ينبغي النظر إلـيـه فـي سـيـاقـه اخلـاص Iالشمول ا)نهجيومن خالل ميزته اخلاصة. وهو ال يندرج بسـهـولـة فـي إطـار الـتـصـنـيـفـاتالفكرية األوروبيةI التي نشأت من تأكيدها لعظمة العالم اخلارجيI وتفضيلها

)نهج احلذف ـ ال اجلمع ـ )وضوعات بعينها.

الهوامشه الكثيرون أعظم فالسفةصيني بارزI ر}ا يعود إلى القرن اخلامس ق.م. ويعد١Lao Tzu) الوتسو

Iقبل كونفوشيوس وان كان قد عاصر ا)عنى احلرفي السمه «ا)علم العجوز» أسس التاوية Sالص» الذي ترجمه إلى العربية د. عبد الغفار مكاوي حتت عنوانTao te ching كتاب «تاوتي كنج ñألف

«تاوتي كنج ـ كتاب الطريق إلى الفضيلة» وراجعه د. مصطفى ماهرI وصدر في القاهرة في العام١٩٦٧ ضمن سلسلة االلف كتاب حتت رقم I٦٤٣ ورغم أن البعض ال يتردد في القول بأنه قد يكونشخصية اسطورية إال أن الكثير من ا)راجع يحد العام ٦٠٤ ف.م. كتاريخ ميالد والعام ٥١٧ ق.م.

كتاريخ لرحيله عن عا)نا. (ا)ترجم).

٢) من ا)هم أن نالحظ أن النغمة األساسية في الفلسفة الصينية هي النزعة اإلنسانيةI فقد احتلIعبر الـعـصـور Sاهتمام الفالسفة الصيني Iإن لم قد احتكرا Iاإلنسان واجملتمع الذي يعيش فيهوألقت ا)ناقشات األخالقيات والسياسية بطاللها على التأمالت ا)يتافيزيقيةI والبد أن يـضـافهنا كذلك أن النزعة اإلنسانية ال تعني الالمباالة حـيـال الـطـبـيـعـة أو الـقـوة األسـمـىI وإ�ـا كـانالسقف الذي حلقت إليه الفلسفة الصينية متمثال في وحدة اإلنسان والسماءI وقد شكلـت هـذه

الروح التركيبية السمة التي فرضت نفسها على امتداد تاريخ الفلسفة الصينية. (ا)ترجم).

Page 316: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

316

الفكر الشرقي القد

Page 317: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

317

مالمح تاريخية

مالمح تاريخية

ترجع بدايات الفـلـسـفـة الـصـيـنـيـة بـاعـتـبـارهـا�حيصا نقديا للطبيعة اإلنسانيةI وطريقة احلياةالصحيحةI إلى أقوال كونفوشيوس وال وتسو. وعلىالرغم من أن هذا يعني أن الفكر الصيني السـابـقعلى حوالي منتصف القرن الـسـادس قـبـل ا)ـيـالدهو فكر ما قبل الفكر الفلسفيI فإن ذلك ال يعنـيأن فلسفة كونفوشيوس وال وتسو oكن فهمهما دون�حيص لتراث الصS السابق على الفلسفة. وإ�ااألمر على العكس من ذلكI وحيث إن الكونفوشيةوالتاوية هما استجابتان نقـديـتـان حـيـال نـظـريـاتوtارسات سابقة مـن الـضـروري أن نـضـع صـورةIفي مرحلة ماقبل الـفـلـسـفـة فـي أذهـانـنـا Sللصلكي نضع هاتS الفلسفتS في السيـاق ا)ـطـلـوب

لفهمهما.

١ ـ الصني قبل كونفوشيوس:على الرغم من أن هناك أدلة على وجد حضارةمتقدمةفي الصIS في كل العصور القـدoـةI فـإن

Shang (١)التاريخ الفعلى ا)سجل يبدأ بأسرة شاجن

في القرن الرابع عشر قبل ا)يـالد. وتـشـيـر األدلـةIا)تاحة إلى أن هذه احلضارة كانت حضارة متقدمة

17

Page 318: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

318

الفكر الشرقي القد

فالفن الذي يعود إلى هذه الفترة هو فن مصقول ومركبI حتى وفقا للمعايير األكثرChouاحلديثة. وقد انتهت هذه األسرة بالغزو على يد شعب تشـو

بدائيةI والذي يفيد التراث أنه قد أسس أسرة تشو في عام ١١٢٢ ق.م.وعلى الرغم من أن« التشو» كانوا أكثر بدائية على الصعيـديـن الـفـنـيوالثقافيI فإنهم كانوا شعبا قويا ذا عزم وتصميمI وقد قاموا بغـزو أجـزاءكبيرة من الصIS معتمدين على القوة والعنفوان وحدهمـاI وإذ لـم تـتـوافـرلهم السبل التي �كنهم من إدارة كل األراضي التي قـامـوا بـغـزوهـا كـدولـةمركزية واحدةI فقد فوضوا سلطة إدارية لزعماء القبائل والنبالءI الذينتربطهم بهم عالقات طيبةI وقدموا مساحات من األرض مقابل والتعـاون

نحوا األرض. ويبدو أن هذا النظاممن جانب هؤالء ا)الك اجلدد الذين ماإلقطاعي قد ساد بشكل جيد خالل صدر عهد التشI حيث حظى كل تابعبقدر يعتد به من احلرية والسلطة داخل األراضي التي يحكمهاI وبدا هذاشيئا يستحق عناء الضرائب والتجنيد التي يحصل عليها ا)لك لقـاء هـذهاالمتيازات. وعلى الرغم من أنه ليس هناك ما يشير إلى أن النصف األولمن عهد التشو كان متقدما على نحو يقترب بأي حـال مـن عـصـر الـشـاجنالذي سبقهI فإنه كان عهد سالم وأمن نسبيS داخل بنية النظام اإلقطاعياجلديد. ولهذا السبب أصبح ينظر إليه في وقت الحق على أنه «العصر

الذهبي» في تاريخ الصS ا)بكر.غير أن هذا السالم كان قصير األمد بصورة نسبيةI كـانـت قـوة مـلـوكالتشو هي وحدها التي منعت األتباع من اإلقطاعيS واألقنان ا)قهورين منالتمردI و}رور الوقت تبS أن ا)لوك ال يحظون حقا بالقدرة على السيطرةعلى كل األراضي ا)فتوحةI حتى ولو من خالل النظام الـرقـطـاعـي. حـيـثIوانقلب احلكام اإلقطاعيون أحدهم على اال^خر Iوقع ا)زيد من القالقلIو�رد األقنان عندما اعتقدوا أن احلكام أصبحوا على قدر كبير من الضعفوعدم القدرة على التأثيرI ومع تعرض الدول ا)تجاورة للضعف مـن جـراء

احلرب والصراعI انقض عليها حكام أوسع نفوذا وأبعد موقعا.وبحلول عام ٧٧٠ ق.م كانت األمور قد تردت إلى حد �كن معه حتالفIمن شن هجوم ناجح على عاصمة التشو في ا)غرب Sمن احلكام اإلقطاعيوقتل ا)لك واغتصاب سلطته. ومنذ ذلك الوقت فصاعدا غدا ملوك أسرة

Page 319: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

319

مالمح تاريخية

«التشو» دمى يسيطر عليها حتالف احلكـام اإلقـطـاعـيـIS الـذيـن تـصـادفوجودهم في السلطة في ذلك الوقـت. وكـانـت الـسـلـطـة تـتـداولـهـا األيـديSوكان الصراع واحلرب يفرضان حضورهما خالل القرن Iبصورة مستمرةاللذين سبقا ميالد كونفوشيوس. وشكل العنف والتا^مر الطابع السائد للساحةالسياسيةI وتغلبت النفعـيـة عـلـى األخـالقI وشـكـل الـغـش واخلـداع أسـاسا)ؤامراتI التي حلت محل احلكم السياسي. وكانت عواقب هذه ا)ؤامراتواحلروب التي جنمت عنها tا يتجاوز القدرة على التخيلt Iا �ثل في

الفقر وا)عاناة وا)وت.

٢ ـ الكونفوشية:Sفي القرن Sفي سياق هذه األزمة القاسية التي تردت فيها الص SيتعالسابقS على ميالد كونفوشيوس والوتسوI دراسة هذين الفيلسوفS. وإذاISفلن نندهش إذا عرفنا أنهما معـا كـانـا مـصـلـحـ Iما سلمنا بهذا السياقولقد كان من الواضح بالنسبة لكونفوشيوس الذي ولد في عام ٥٥١ ق.م. أنIالتي �ارس بغير مبدأ أخالقي Iمشكالت الشعب تنبع من السلطة احلاكمةوجملرد حتقيق مصلحة احلاكمI ورفاهيته فحسبI فال عجب إذن أن جندهيدعو إلى اإلصالحات االجتماعيةI التي مـن شـأنـهـا أن تـسـمـح بـأن تـداراحلكومة )صلحة الناس جميعاI وقد شدد على أن ذلك oكن القيام بهI إذاIن يتميزون بأقصى قدر من االستقامة الشخصيةt كان أعضاء احلكومةويتفهمون احتياجات الناسI ويهتمون }صاحلهم وسعادتهم قدر اهتمامهم

بأنفسهم.والقاعدة التي تقوم: أجنز للناس ما كنت حريا بإجنازه لنفسك» �ثلمبدأ رائعا وجريئا من مباديد اإلصالح في سيـاق ا)ـرحـلـة الـسـابـقـة عـلـىكونفوشيوس في الصS التي خلصنا معا)ها اال^ن تواI وهو مبـدأ نـاجت عـنتأمالت في الشروط ا)طلوبة جملتمع مثالي. وينظر ا)وقـف الـذي يـشـكـلأساس هذه التأمالت إلى معرفة اإلنسان على أنها أكثر أهمية من معرفـةالطبيعةI فإذا لم يكن }قدور الناس معرفة أنفسهم وتنظيمها فكيف لهم أنيأملوا في أن يعرفوا الطبيعة بأسرها وأن يسيطـروا عـلـيـهـا? ولـم يـبـحـثكونفوشيوس عن أساس الطيبة واألخالق خارج البشرI فداخل اإلنسانيـة

Page 320: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

320

الفكر الشرقي القد

ذاتها يوجد مصدر الطيبة والسعادة اإلنسانيتS وبنيـتـهـمـا. وهـذا ا)ـوقـفنفسه هو الذي يجعل الكونفوشية نزعة إنسانية أكثر منها نزعة طبيعية.عاش كونفوشيوس من ٥٥١ إلى ٤٧٩ ق.مI ولكن بعض أفكار الكونفوشيةمستمد من عصور سابقةI بينما لم يتم تطـويـر أفـكـار أخـرى إال فـي وقـتالحق. ووفقا للتراث فإن كونفوشيوس استمد إلهامه من الكتب الكالسيكيةاخلمسةI والتعبري عن فكره متضمن في الكتب األربعـة. والـكـالسـيـكـيـات

اخلمسة هي كالتالي:) وهو مجموعة من األشـعـار١Shih Ching ـ كتاب الشعر (شيه تشـيـنـج

تعود إلى عهد تشو.) وهو مجموعة من السـجـالت٢Shu Ching ـ كتاب لتاريخ (شو تشيـنـج

واخلطب والوثائق الرسمية من ٢٠٠٠ إلى ٧٠٠ ق.م.) وهو مجموعة من الصياغات٣H-Ching ـ كتاب التغيرات (ا^ي ـ تشينج

لتفسير الطبيعة تستخدم على نطاق واسع في أغـراض الـعـرافـة (ويـعـزى ١١٠٠ ق.م).Weng Wangهذا العمل تقليديا إلى وينج واجن

ـ كتاب الطقس (لي تشي ٤Li chiوهو مجموعة من القواعد التي تنظم (السلوك االجتماعي. وقد � تأليف هذا الكتاب بعد كـونـفـوشـيـوس بـوقـتطويلI ولكنه قد oثل بصورة جيدة القواعد والعادات التي تعود إلى عصور

سابقة.) وهو تأريخ لألحداث٥Chun chiu ـ حوليات الربيع واخلريف (تشو تشو

في الفترة من ٧٢٢ إلى ٤٦٤ ق.م.والكتب األربعة هي:

) وهي أقوال كـونـفـوشـيـوس١Lun yu ـ مختارات كـونـفـوشـيـوس لـون يـو لتالميذهI وقد قاموا بجمعها وتنسيقها.

ـ العلمالعظيم (تا هسو ٢Ta hsuehالتي Iوهو يضم تعاليم كونفوشيوس (حتتوي اقتراحاته اخلاصة بنظام احلـكـم. ويـعـكـس هـذا الـكـتـاب تـطـويـر

هسون تسو لفكر كونفوشيوس.) ويضم تـعـالـيـم تـنـسـب٣Chung yung ـ عقـيـدة الـوسـط (تـشـوجن يـوجن

إليكونفوشيوس حول تنظيم احلياة. مبادىء٤Meng tzu ـ كتاب منشيوس (منج تسو ) وهو شروح على م

Page 321: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

321

مالمح تاريخية

كونفوشيوسI كتبها منشيوسI الذي يعد من الشراح األوائل لكونفوشيوس.وجوهر تعاليم كونفوشيوس ا)تضمن في هذه الكتابات يعبر عنه بالقولبأن الشخص من خالل تطويره جلوانبه إلنسانيته الداخلية oكن أن يصبحعظيما في السلوك الشخصي I واحلياة اخلاصةI وكذلك في العالقات معاال^خرين. وعندما يقوم كل األفراد بذلكI فإن اخلير سينـتـشـر والـسـعـادة

ستتحقق.Iوباإلضافة إلى تطوير منشيوس (حوالي ٣٧١ ـ ٢٨٩ق.م) للكونفوشـيـةفإن ا)زيد من الشروح توجد في كتاب هسون تسو ا)نسوب إلى هسون تسو(حـوالـي (٣٢٠ ـ ٢٣٨ ق.م) وقـد أكـد هـسـون تـسـو احلـاجـة إلـى الـفــضــائــلالكونفوشية باإلشارة إلى الشر الكمن في الطبيعة اإلنسانية. وهكذا بينمايؤكد منشيوس على احلاجة إلى tارسة الفضائل اإلنسانية واالسـتـقـامـةووالء األبناء لال^باء للحفاظ على الطابع اإلنسانيI فإن هسون تسو ذهـبإلى القول بأنه البد من tارستها القتالع جذور الشر الكامن في البـشـر

وإحالل اخلير محله.

٣ ـ التاوية:تقدم األوضاع اليائسة لتلك العصور كذلك تفسيرا للسياق الذي نشأتفيه التاويةI التي أكدت على احلاجة إلى النظر فيما يتجاوز وعود البشـروا)عاهدات التي يبرمونهاI وذلك للوصول إلى نبع الـسـالم والـرضـاI وقـددعا «الوتسو»I الذي ولد في أواخر القرن السادس قبل ا)يالدI إلـى حـيـاةبسيطة ومتناسقةI حياة يتم التخلي فيها عن دافع الربحI وتنحية احلذقجانباI والتخلص من األنانيةI وتقليل الرغبات. وفيما يتعلق بالصIS الـتـيجلب الطمع والرغبة فيها صعوبة ومعاناة ال سبيل إليتصورهما علـى وجـهالتقريب I فإن فلسفة تؤكد على احلاجة إلى العودة إلى نهج الطبيعة كانمن شأنها أن تلقىI على نحو مفهوم التأييد عن طواعية. وقـد ذهـب يـاجن

(حوالي ٤٤٠ ـ حوالي ٣٦٦ ق.م) إلى القول بأنه ال يعطيYang chua (٢)تشوشعرة واحدة لقاء أرباح العالم بأسـرهI ويـبـدو قـولـه هـذا مـعـقـوالI بـإزاءخلفية قوامها الكسب غير ا)شروع والفسادI اللذان جتمـعـا مـن االنـشـغـالا)سبق بالريح والعائد. وقد شـعـر «الوتـسـو»I الـذي عـاش فـي وقـت سـابـق

Page 322: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

322

الفكر الشرقي القد

«لياجن تشو»I بأنه مادام الطمع وحب اكتساب ا)ال يشكالن دوافع األفعالاإلنسانيةI فليس هناك أمل في حتقيق السالم والرضاI وبناء على هذا فقددعا إلى ا)بدأ القائل بأنه ال ينبغي القيام إال بتلك األفعال التي تتسق مع

الطبيعة.Iالتي استهلها الوتسو Iفلسفة النهج الطبيعي والبسيط Iوقد تلقت التاوية

Chang tzu (٣) ا)يتافيزيقية من تشواجن تسـوMonisnتلقت أساس الواحديـة

(القرن الرابع ق.م). وقد أكد هذا الفيلسوفI بقوة على النهج الطبيعي فيمواجهة النهج االصطناعي وا)ستنبط الذي يتبعه األشخاص. وفي حقيقةاألمر فقد كان إحياء مبادىء تشواجن تسو ا)يتافيزيقية اخلاصـة بـالـنـزعـةالطبيعية هو الذي قدم القاسم ا)شترك بS التاوية والبوذيةI التي تطورت

.Sالرابع واخلامس ا)يالدي Sخالل القرن Sفي الص:(٤)٤ ـ املوهية

Sعلى الرغم من أن الكونفوشية والتاوية قدر لهما أن تصبحا الفلسفتSفإنهما لم تشكال بحال الفلسفت Iاألولى Sفلسفات الص Sاألكثر تأثيرا بالوحيدتS في ذلك العصر. فقد شاركت ا)وهبة التي تلقت اجتاهها الرئيسي

(٤٦٨ ـ ٣٧٦ق.م) في االهتمام الكونفوشـي بـالـدعـوة إلـىMo tzuمن موتـسـو ا)زيد من رفاهية البشرية نفسهاI ووافقت كذلك على أن معيار الرفاهـيـةاإلنساني يتمثل في الناس وليس الطبيعة أو األرواح. ولكن موتسو شعر بأنالتأكيد الكونفوشي على رعاية اإلنسانية كان أشد غموضا وعمومية من أنيجلب بالفعل وضعا إنسانيا متحسناI وجادل بـأن الـطـريـق ا)ـفـضـي إلـىحتسS الوضع اإلنساني هو االهتمام بالرفاهية الفـوريـة لـلـنـاسI وأصـبـحشعار هذه ا)درسة هو «طوروا الصالح العام وأزيلـوا الـشـر». وكـان الـنـفـع

Utilityهو ا)عيار الذي �ت الدعـوة إلـى اسـتـخـدامـه فـي قـيـاس الـسـعـادة اإلنسانيةI ففي نهاية ا)طافI وحسبما تقول ا)وهيةI تقاس من خالل الفوائدالتي يجنيها الناسI وهذه الفوائد بدورها oكن أن تقاس من خالل تزايـد

الثروة والسكان والرضا.ن موتسو نفسه كان في موقع ا)عارضة لكونفوشيوسI ر}ـا ألنـه نـظـرIوإلى كونفوشيوس بحسبانه حا)ا مثاليا Iإلى نفسه باعتباره مصلحاعمليافإن التأثير البعيد ا)دى لفلسفته قد �ثـل فـي تـقـويـة الـكـونـفـوشـيـةI مـن

Page 323: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

323

مالمح تاريخية

خالل إضافة ضوابط ومعايير خارجية إلى الضوابط وا)عايير الـداخـلـيـةالتي دعا إليها كونفوشيوسI وكانت النتيجة نزعة إنسانية ذات مذاق نفعيوتأكيد عملي أكبر. وقد رجعت القوة اخلاصة لهـذا ا)ـركـب إلـى الـتـأكـيـدIاألخالقي للكونفوشية الذي كان }نزلة عامل تصحيح للـنـزعـة الـنـفـعـيـة

بينما أضافت هذه األخيرة طابعا عمليا إلى األخالق الكونفوشية.

٥ ـ مدرسة األسماء:Hui shih (٥)�ثل التطور الباكر )درسة األسماء في أعمال هوي شيـه

(ولد في حوالي عـامKung-sun lung (٦)(٣٨٠ ـ ٣٠٥ ق.م) وكوجن ـ سون لوجن٣٨٠ ق.م). وكان مناط االهتمام الرئيسي لدى فالسفة هذه ا)درسة متمثالIويبدو أن دافعهم كان نظريا في ا)قام األول Iاللغة والواقع Sفي العالقة بحيث كان هؤالء ا)ناطقة مهتمS با)عرفة لـذاتـهـاI ولـيـس لـنـفـسـهـا. وهـذااالهتمام با)عرفة لذاتها يجعل هذه ا)درسة فـريـدة مـن نـوعـهـاI كـمـا كـانالسبب في أنها أصبحت موضعا للتندر من جانب أعضاء ا)دارس األخرى.ولكن على الرغم من التعارض بS هؤالء ا)ناطقة وفالسفة الصS اال^خرينفي هذا العهد فإن سبر أغوار العالقات بS الكلمات واألشياء واالهـتـمـامبا)عرفة في ذاتها قد شكال ترياقا مهما ضد اإلغراق في النزوع العملي منجانب الفالسفة اال^خرين. وأبقى على توهج االهتمام بالنظريةI وأصبحتIفي وقت الحق Iالكلمات واألشياء مفيدة Sالدراسات ا)تعلقة بالعالقات بفي كل من التاوية والكونفوشية. فيما هما تبحثان عن أساس ميتافيزيقي

.Sلفلسفتهما االجتماعيت

٦yin - yang ـ ين ياجن

وعلم الكونياتCosmogonyكان )درسة ينت ياجنI التي عنيت بنشأة الكون Cosmologyتأثيرا في عصر الكونفوشـيـة ا)ـبـكـرة والـتـاويـة. و}ـا أنـه لـم I

I فليس من ا)مـكـن(٧)يعرف أي فالسفة بعينهم قد ارتبطوا بـهـذه ا)ـدرسـةحتديد أوقات معينة تتعـلـق بـهـا. ولـكـن األمـر األكـثـر احـتـمـاال هـو أن هـذها)درسة تعود بدايتها إلى أواخر عهد شاجن أو أوائل عهد تشوI وقد واصلت

االحتفاظ بأهميتها بعد كونفوشيوس بوقت طويل.

Page 324: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

324

الفكر الشرقي القد

وتندرج بدايات تفكير مدرسة الينج ياجن في الفضول الطبيعـي حـولحتوالت الطبيعةI وبالنسبة لشعب زراعيI يعيش على قرب وثيق من الطبيعةويشعر بإيقاع بتحوالتهاI فإنه ما من شيء oكن أن يكون أكثر طبيعية منالتفكير في ا)بادىءI أو «التحوالت الداخلية» لوظائف الطبيـعـة. وقـد كـانهناك سؤاالن متضمنان في هذا الفضول ا)بكر حول الطبيعـة. وقـد كـانهناك سؤاالن متضمنان في هذا الفضول ا)بكر حول الطبيـعـة. فـقـد كـانهناك من ناحية سؤال عن بنية الكون: ماهو تنظيم أو خـطـة الـكـون? ومـنناحية أخرى كان هناك السؤال ا)تعلق بأصل الكون: من أين جـاء الـكـون

وكيف نشأ?وتعد نظرية العناصر اخلمسةI في جوهرهاI ردا على السؤال ا)ـتـعـلـقببنية الكون. ونظرية ينج ياجن في جوهرها رد على السؤال اخلاص بأصلالكون. وتفيد الصياغات األولى لنظرية العناصر اخلمسـة أن قـوى الـكـونIثلها على نحو رمزي اخلشبo اخلمس التي تسيطر على مسار الطبيعةوالنارI وا)عدنI وا)اءI والتراب. ومركبات هذه القوى حتدد الـكـون. فـعـلـىسبيل ا)ثالI عندما تسود القوة التي oثلها اخلشبI فإن الربيع يكـون قـدحلI وعندما تكون قوة النار سائدةI فإن الصـيـف يـضـرب أطـنـابـهI وoـثـلاخلريف صعود ا)عدنI وينجم الشتاء عندما يسود ا)اء. وفي أواخر الصيفيسود التراب. واألمر ا)هم فيما يتعلق بنظرية العناصر اخلمسة أنها محاولةلتفسير وظائف الطبيعة من خالل التوجه إلى مبادىء داخليةI أو قوى هي

في احلقيقة القوى ا)سؤولة عن جتليات الطبيعة.ووفقا )درسة الS ـ ياجن فإن الكون قد جاء لرحاب كنتيجة للتفاعالتبS قوتي الS والياجن الكونيتS ا)تعارضتIS وينظر إلى وجود الكون باعتبارهقائما في التوترات الناجمة عن قوة العدم الكونيـةI أو الـIS وقـوة الـوجـودالكونيـةI أو الـيـاجنI وأيـا كـان مـا جتـري جتـربـتـهI فـلـه فـي ا^ن واحـد وجـودIضي خارجا عن الوجودoو Iفهو يأتي إلى رحاب الوجود Iويفتقر إلى الوجودولكن ذلك ال يعني إال القول إنه يجري جتاذبه بS قوتي «الS» و«اليـاجن».والعالم ا)تغير الذي جتري جتربته ـ والذي يحدد بأنه الطبيعة ـ ال oكن أنيوجد إال عندما يكون هناك الوجود والعدمI ذلك أنه بغير الوجود ال يكونهناك مجـيء إلـى رحـاب الـوجـودI ودون الـعـدم ال يـكـون هـنـاك خـروج عـن

Page 325: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

325

مالمح تاريخية

الوجودI ومن هناك فإن الIS السلبيI والياجنI اإليجابيI مطلوبان كمصدرللوجود.

ولكن كال من نظرية العناصر اخلمسة ونظـريـة «الـS يـاجن» كـان لـهـمـاSففي صياغات ا)فكرين اخملتلف Iتأثيرهما في نشأة الكونفوشية اجلديدةالالحقS تعرضت هاتان النظريتان للتفسير ا)يتافيزيقيI ووجدنا مكانهما

في نظرية عامة للوجود.

٧ ـ املدرسة القانونية:ا)درسة ا)بكرة األخرى ذات األهمية الكبيرة هي ا)درسة القانونيـة أومدرسة الشرائعI والفيلسوف األكثر أهمية في هذه ا)درسة هو «هان فاي

(توفي في العام ٢٣٣ ق.م) على الرغم من أن ا)درسـةHan Fei Tzu (٨)تسو بعدة قرون. واالفتراض ا)سبق الرئيسي لهذه ا)ـدرسـةنفسها أقدم عمـرا

I وبالتالي فإن سلطة القوانS والدولة مطلـوبـةهو أن الناس أشرار أساسالتحقيق رفاهية البشر. وتعارض هذه ا)درسة ا)درسـة الـكـونـفـوشـيـةI مـنحيث إن ا)درسة الكونفوشية قد أكدت األخالق واخلير فوق القوانS والعقابكوسائل لتطوير السعادة اإلنسانيةI بينما دعا فالسفة ا)درسة الـقـانـونـيـةإلى القانون والسلطة. ولكن التأثير الطويل ا)دى للتأكيد القانوني هو إضافةالبعد القانوني لألخالقI األمر الذي جعل القانون وسيلة لألخالق. وعـلـىهذا النحـو فـإن ا)ـدرسـة الـقـانـونـيـة أضـافـت درجـة كـبـيـرة مـن الـقـوة إلـى

الكونفوشية.

٨ ـ تطورات أوائل القرون الوسطى: (توفـيHui- Nan- Tzuفي أوائل العصور الوسطىI قام هوي ـ نان تـسـو

عام ١٢٢ ق.م) وهو مفكر تأوي يعود إلى عهد متـأخـر نـسـبـيـا بـتـطـور عـلـم لينتجI على التوالي ا)كانI والعالمI والقوىTaoللكونيات حيث يفضل التاو

ا)اديةI و«الS والياجن»I وكل األشياء. ووفقا لهذه النظرية فإن «الS والياجن»أصبحا مبدأي اإلنتاج والتغير بS جميع األشياء فـي الـعـالـم. وأشـار تـوجن

(١٧٦ - ١٠٤ ق.م) وهو كونفوشي ينتمي إلـىTung Chung- Shuتشوجن ـ شو Iوالياجن» باعتبارهمـا مـبـدأي األشـيـاء Sعهد متأخر ـ أشار كذلك إلى «ال

Page 326: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

326

الفكر الشرقي القد

ووفقا له فإن كل األشياء ترجع إلى قـوتـي الـS والـيـاجن»I الـلـتـS تـظـهـراننفسيهما من خالل العناصر اخلمسة.

والكونفـوشـي تـوجنHui- Nanوالقول بن الفيـلـسـوف الـتـاوى هـوى ـ نـان Iوالعناصر اخلمسة Iـ ياجن Sتشوجن ـ شو قد استخدما كالهما نظريتي الIفي ذلك العهد Iكانا يقتربان أحدهما من اال^خر Sيعني أن هذين الفيلسوفويجد أن أرضية مشتركة للتفسير. غير أنه كان البد لعملـيـة إعـادة إحـيـاءIوما جنم عن ذلك من إخصاب متبادل Iكنتيجة للقائهما Sالفلسفت SهاتIأن تنتظر قرونا عديدة إلى أن يتم إدخال العامل ا)ساعد ا)تمثل في البوذيةوفي حقيقة األمر فإن لقاء الكونفوشية والتاويةI الذي أعد له «هوي ـ نانتسو»I و«توجن تشوجن شو»I لم يؤت �رته في صورة فلسفة جديدة قويةI إال

في حوالي عام ٩٠٠م.ويرجع جانب من السبب في هذا التأخير الطويل إلى احلقيقة القائلةبأن توجن تشـوجن شـوكـان قـد جنـح فـي جـعـل الـدولـة تـتـبـنـى الـكـونـفـوشـيـةكأيديولوجية. وكان معنى هذا بالطبعI أن التاوية ليست موضعا للتـرحـيـبالرسميI األمر الذي أزاح معظم التحديات النقدية ا)طلوبة لفلسفة قـويـةوصحية. وقدر للفلسفة الكونفوشية على امتداد قرابة ألف عامI بعد تبنيهاكأيديولوجية رسميةI أن تشهد تطورا محدودا نسبياI حيث انصب معـظـمIمـوضـع ا)ـمـارسـة Iالتأكيد على وضع الفلسفة التي � تطـويـرهـا بـالـفـعـل

وليس تطوير ا)زيد من الفلسفة ذاتها.

٩ ـ البوذية الصينية:على الرغم من أن البوذية قد � إدخالها إلى الصS من الهند قبل نهاية

دو�ا تأثير حتى ماالقرن األول ا)يالديI إال أنها ظلت بصورة تامةI تقريبا إدخال مدارس الفلسفة البوذية اخملتلفة إلـىبعد القرن اخلامسI وقـد �

الصIS ولكن تلك ا)دارس التي أمكن حتقيق توافقها مع مبادىء التاوية أوالكونفوشية هي وحدها التي أصبحت قوى لها تأثيرها في تشكيل الـعـقـلالصيني. وقد أخفقت فلسفتا الفيبهاشكا والسوترانتيكا الواقعيتانI اللتان

مت الدوذية الثيرافادية فرص حضورهما في الصIS بسبب تشديدهمادععلى الطابع العابر والزائل للواقع. ولم تتناسب النزعة ا)ثالية في فـلـسـفـة

Page 327: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

327

مالمح تاريخية

اليوجاكارا مع التأكيد العملي للمزاج الصينيI ولكن بفـضـل تـراث الـيـوجـاالتاوية الذي يعود أللف عام استقبل تأكيد البوجاجارا على tارسة التأملاستقباال طيبا. وبا)ثلI وعلى الرغم من أن النزعة الشكية للمدهياميكا فيا)عرفة العادية كانت شديدة التطرف بالنسـبـة لـلـصـيـنـيـIS فـإنـهـم رحـبـوابتأكيدها على الطبيعة غير اجملزأة للواقعI وهو الـتـأكـيـد الـذي أعـاد دعـم

الرؤية التقليدية لوحدة كل األشياء.Iووجدت ا)درسة البوذية اخلاصة با)ثالية التي ال تعرف احللول الوسط

Hua- yenوالتي تؤكد واقعية «الوعي وحده» نظيرتها في مدرسـة هـوا ـ يـن

اخلاصة بالبوذية الصينيةI ولكن هنا أصبح التسبب الفكري تسببا كليا أوشامالI و}قتضاه فإن كل عناصر الواقع تعد واقعـيـة �ـامـاI ويـعـكـس كـلمنها اال^خرI فالكون هو تناسق كبيـر بـS الـوعـي والـالوعـيI بـS اخلـالـص

وغيراخلالصI بS البسيط وا)عقد. وأصبح القياس الشرطي ا)نفصل الذييقول: الهندي «إما الواعي أو الـالوعـي» قـيـاسـا اقـتـرانـيـا يـقـول: «الـواعـي

» واالنسجام العظيمI أي انسجام كل أضداد الكونI هووالالوعي في ا^ن معاأمر tكن ألن كل العناصر ا)طلقة التي يتألف منها الكون حتتوي في ذاتها

كل اجلوانب واالجتاهات اخملتلفة ا)وجودة في العالم.I التي تعود بداياتها إلىTient-tai (٩)وقد طورت مدرسة بوذية التيان تاي

Roundحوالي بداية القـرن الـسـابـع ا)ـيـالدي مـا تـدعـوه بــ ا)ـبـدأ الـدائـري

Doctrineومن مبدأ Iوقد بدأت هذه ا)درسة بتعليم «ال وجود» الواقع بأشره Iاخلواء هذاI الذي يعتقد في إطاره أن األشياء غير واقعيةI انتقل فالسفةهذه ا)درسة إلى موقف قوامه أن األشياء لها وجود مـؤقـتI وانـتـقـلـوا مـنالوجود ا)ؤقت لألشياء إلى موقف قوامه أن األشياء �ثل في وجودا ا)ؤقتاحلالة احلقيقية للوجود. وتتمثل «دائرية» هذا ا)بدأ في احلقيقة القـائـلـةبأن هذه ا)بادىء الثالثة ـ اخلواءI ا)ؤقتI احلقيقي ـ تشكل امتالء الوجود.

وهذه الثالثة متحدة في نهاية ا)طاف.وا)درستان األخريان من مدارس البوذية الصينية اللتان ازدهرتـا هـمـا

ومدرسـةI التي هــــي مـدرسـة ديـنـيـة أسـاسـا(١٠)مدرسة األرض الطـاهـرة (زن). وهذه األخيرة هي في حقيقة أمرها طريقة للـتـأمـل أكـثـر(١١)نشان

Page 328: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

328

الفكر الشرقي القد

منها فلسفةI ولكن يدهمها موقف فلسفيI قوامه أنه من خالل نفي األضداديتم تأكيد الواقع في طبيعته احلقةI ويتضمن التأمل نفيا أو سلبا لكل مـنIوالوحدة والتعدد Iواالنقضاء والدوام Iوالظهور واالختفاء Iالتكاثر واالنقطاعولكن هذا النفي أو السلب هو جانب من جوانب تأكيد وجود الطبيعة احلقةلألشياء كافة. واالستنارة التي �يز بالوصول إلى رؤيـة األشـيـاء كـافـة فـي

.Chanطبيعتها احلقة تعد هدف التأمل في مدرسة تشان

١٠ ـ الكونفوشية اجلديدة:كان ا)يل إلى استيعاب اخلصائص ا)تعارضة لوجهات النظر ا)يتافيزيقيةفي صورة مركب أعلىI وهو ا)يل الذي يبدو وبجالء في البوذية الصيـنـيـةالعامل اال^ثر أهمية في نشأة الكونفوشيـة اجلـديـدةI فـقـد مـال الـفـالسـفـةالصينيون إلى تبني موقف نقدي إلى كبير من الفلسفات البوذية منذ إدخالهاإلى الصIS وقد اعترضوا على تأكيد الـقـدرة عـلـى الـتـغـلـب عـلـى ا)ـعـانـاةوا)وتIالذي بدا لهم أنه مجرد نزعة هروبية أنانيةI وبدا جانب الرهبنة فيالبوذيةI الذي يتضمن نبذ العائلة واجملتمع تشبتا برأي خاطىءI حيـث إنـهمن اجللي أنه من ا)ستحيل أن يستطيع البـشـر الـهـرب مـن اجملـتـمـعI كـمـاانتقدوا كذلك التشديد البوذي على ا)يتافيزيقا التي تنظر إلى األشياء كافةباعتبارها خاوية من الواقعI وقالوا إن النظر إلى األشياء كافة ـ }ا في ذلكIواالعتماد عليهـا مـع ذلـك Iالطعام والكساء ـ باعتبارها أشياء غير واقعيةISالفالسـفـة الـصـيـنـيـ Sهو أمر متناقض. ولكن ر}ا كان أعمق خالف بوا)دارس البوذيةI التي أدخلت إلى الصIS هو التأكيد على الواقع االجتماعي

I في مواجهة الـوعـي أساسيـاواألخالقي من قبل الصينيS باعـتـبـاره أمـراوالواقع ا)يتافيزيقيI اللذين شدد البوذيون عليهما.

وإذا سلمنا بهذه اخلالافات وا)واقف النقدية التي صاحبتها من جانبالفالسفة الصينيS جتاه البوذية فإن نشأة الكونفوشية اجلديدة ال يصعبIابتداء من القرن العاشر ا)يالدي Iفهي �ثل محاولة الفالسفة Iعلينا فهمهاللتصدي للبوذية بفلسفة أرقى وأكثر شموال. وإذا أخذنا في اعتبارنا ا)يـلالتركيبي لدى الفالسفة الصينيIS فإنه ال يصعب التنبؤ بأن الفلسفة اجلديدةسوف تضم خصائص من البوذية جنبا إلى جنب مع خصائص من التاويـة

Page 329: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

329

مالمح تاريخية

والكونفوشيةI وفضال عن ذلكI إذا وضعنا في ذهننا االنشغال ا)سبق بالواقعاالجتماعي واألخالقي الذي ميز الفلسفة الصينينة األقدم عهداI فلن تندهش

أن تضطلع الكونفوشية بدور الصدارة في عملية إعادة البناء هذه.وعلى الرغم من أن بدايات الكونفوشية اجلديدة oكن ردها إلى هان يو

Han huـ ٨٢٤) فإنه لم يتم حتقيق صياغة شاملة ومحددة إال في عصر ٧٦٨) . فخالل ذلك العصر (٩٦٠ ـ ١٢٧٩) نشأت مدرسة ا)نطق ا)نطقSungIسوجن

» (١٠٣٢ ـ ١٠٨٥) وتشينجCheng Haoالتي شاد صرحها اإلخوان «تشينج هاو (١٠٣٣ ـ ١١٠٨) و� حتقيق خالصة هذه الفترة كذلك مدرسة الروح(١٢)لي

Minlالتي مالت باجتاه النزعة ا)ثالية. وكان أعظم فالسفتها شأنا لوتشيو Iـ يوان (١١٣٩ ـ ١١٩٣). وياجن ياجن ـ مينج (١٤٧٣ ـ ١٥٢٩)I وتتمثل ا)رحلة الثالثة

(١٦٤٤ ـChingمن تطور الكونفوشية اجلديدة في التجريبية لعـهـد تـشـيـنـج .(١٩١١

وا)فهوم الرئيسي في مدرسة العقل اخلاصة بالكونفوشية اجلديدة هو). أنه السبب أو ا)بدأ الكامن فيTai-Chiمفهوم ا)طلق العظيم (تاي ـ تشي

(ا)بدأ اإليجابي)YanIكل نشاط ووجودI وهو من خالل النشاط يولد الياجن I أو سكينةولدى وصول النشاط إلى حدة.. األقصىI فإنه يصبح أكثر هدوءا

ومن خالل الهدوء إلى حده األقصىI يبدأ النشاطI وهكذا يفرز أحـدهـمـااال^خر باعتباره ضده.

وانقالب األضداد هذغ هو من مفاهيم التاويةI حيث يعتقد أن االنقالب الكون. ومن خالل التـفـاعـل بـS الـTaoSهو نهج «الطريق الـعـظـيـم»I تـاو

والياجن توجد العناصر اخلمسةI وتنتج األشياءعشرة ا^الف في الكونI وتنطلقا)واسم في مسارها.

وا)طلق العظيمI الذي ينتج األشياء كافةI ويحدد وظائفهاI هو تـركـيـب)I وطبيعة األشياء هي نتيجـة مـاهـيLi) وا)بدأ (لـي Chiيضم ا)ادة (تشـي

عليه والكيفية التي تؤدي بها وظيفتهاI وا)ادة التي جعلت منها هي جوهرهاأو «تشي»I أما وظيفتها فهي مبـدأهـاI أو «لـي». وعـنـدمـا يـغـدو تـشـي ولـي(ا)ادة وا)بدأ) في حالة انسجام فإن األشياء تكون منظمة ويسود االنسجامالعظيم. و)ا كان ا)طلق العظيم oثـل تـنـاسـق تـشـي ولـيI فـإن الـنـظـام هـوقانون الكون. وبقي أن يالحظ تشوهسي أن ا)طلق العظيم ال يعدو أن يكون

Page 330: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

330

الفكر الشرقي القد

مبدأ اخلير ا)طلقI وأن يحاول هذه ا)يتافيزيقا ا)نتشرة في كل شيء إلـى�هيد لفلسفة اجتماعية وأخالقية.

كانت مدرسة العقل ثـنـائـيـة فـي طـرحـهـا لـلـمـادة (تـشـي) والـعـقـل (لـي)Wangباعتبارهما احلقيقتS الواقعيتS ا)طلقتS. وكان واجن ياجن ميـنـج ـ

Yang mingواحديا (١٧٤٢ ـ ١٥٢٩) فيلسوفا Monisticفي تأكيده القائل بأن Iالعقل وحده هو الواقعي بصورة مطلقة. ولم ينكر واقعية األشياء اخلارجيةIأو العقل يصبح الشخص مدركا لألشياء Iولكنه أكد من خالل الوعي وحده

وهكذا فإن العقل هو الواقع األولي.وقول واجن ياجن ـ مينج أن الطابع اجلوهري للعقل هو قدرته على احلبفالعقل اإلنساني في خيره احملتفظ بنقائه األصلي يشكل وحدة مع السماءواألرضI وبالتالي فإن الشخص ا)ثالي ينظر إلى األشياء كافة باعـتـبـارهـا

I وoد نطاق حب شامل إلى كل شيءI وهذا احلب الشامل هوشيئا واحداأساس الوجود بأسره والعالقات كافة.

ـ ١٩١١) � تخفيف النزعة ا)ثالثة عند واجن ياجن وفي عهد تشينج (١٦٤٤ ـ منح بالنزعة التجريبية )درسة تاي تشS التجريبية. وكان تشوهسـي قـدأكد سمو ا)بدأI أو العقلI على ا)ـادةI واعـتـرض تـاي تـشـS (١٧٢٣ ـ ١٧٧٧)على هذا التأكيدI وذهب إلى القول بأن أيا من ا)ادة أو ا)بدأ ال ينبغـي أنيعتبر أسمى من اال^خرI حيث الواقع ليس منفـصـال بـهـذه الـطـريـقـةI فـفـيIا)بدأ وا)ادة. وفي حتوالت ا)ادة يتجلى ا)بـدأ Sالواقع ال وجود للفصل بويرجع انتظام هذه التحوالت إلى ا)بدأ. ولكن ليـسـت هـنـاك حتـوالت دونSوليس هناك نظام دون حتول. وفي أفضل األحوال فإن هذين اإلثن Iنظام

ـ ا)ادة وا)بدأ ـ هما طريقتان مختلفتان في النظر إلى الواقع. وفي ا)درسة التجريبية هناك عودة إلـى اللـتـجـريـبـي واجلـزئـيI وإلـىاهتمام أعظم بوضع الفرد في اجملتمعI واهتمام أقل با)تيافيزيقا التأملية.وفي هذا الصدد فإن ا)رحلة الثالثة من الكونفوشية اجلـديـدة تـعـد أقـرب

.إلى الكونفوشية األقدم عهداوoكن أن يقال في معـرض تـلـخـيـص تـطـور الـفـلـسـفـة فـي الـصـS: إن

Yin في الفلسفة الصينية بينما التاوية �ثل ين Yanالكونفوشية �ثل ياجن

في هذه الفلسفة. وشأن كل شيء ا^خر فالفلسفة لها «ين» و«ياجن» اخلاص

Page 331: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

331

مالمح تاريخية

.Sهذيـن ا)ـبـدأيـن ا)ـتـعـارضـ Sوجتد الكمال في االنسجام العظيم ب Iبهاوقد كانت الكونفوشية اجلديدة هي التي سعـت فـي الـصـS لـلـوصـول إلـى

انسجام كل ا)بادىء مستلهمة في ذلك الفلسفات السابقة.

هوامش: األسرة ا)الكة التي يبدأ بها التاريخ ا)سجل للصIS وتختلف الروايات بشأن مدة١Shang) شاجن

حكمها للبالدI وعلى الرغم من إشارة ا)¨ إلى القرن الرابع عشر ق.م. فإن بعض ا)راجع يشيرإلى أن حكمها قد استمر من القرن السادس عشر حتى حتى القرن احلادي عـشـر ق.مI وقـد �إلقذاء أضواء قوية على احلياة في حكم هذه األسرةI وذلك لدى اكتشاف مجموعـة مـن الـعـظـام

نقشت عليها بعض النصوصI وذلك قرب نهاية القرن التاسع عشر. (ا)ترجم).

: فيلسوف تاوي مبكر أكد على احلفاظ على النفسI وارتبط اسمه }ذهب٢Yang chu) ياجن تشو اللذة الذي شكل مع مذهب ا)نفعة حتديا جادا وخطيرا للكونفوشية ا)بكرة. (ا)ترجم).

: فيلسوف تاوي ازدهر في القرن الثالث أو الرابع ق.م (هـ.م).٣Chuang Tzu) تشواجن تسو

): هذه ا)درسة القدoة في الفلسفة الصينية (والتي أسسهاMoism) ٤Mohism) ا)وهبة أو ا)وية في موتسو القرن اخلامس ق.م) تعد من أغرب ا)دارس الفلسفية في مصيرها وحتوالتهـاI ر}ـاعلى مستوى العالمI فـقـد كـان لـهـا تـأثـيـر قـوي فـي عـصـر الـفـالسـفـة ولـكـنـه تـضـاءل فـي عـصـراإلمبراطيوريةI بحيث عانت ا)وهبة من انحسار حقيقيI لكن االهتمام بها عاد في العصر احلديثليتزايد من جديد وعلى نطاق واسعI نظرا الحتوائها على أفكار سارت في تواز مع تعاليم ا)سيحيةوا)اركسية في ا^ن واحد. وقد كانت في العصور القدoة ا)نافس القوي للكونفوشية قبل أن تنتزع إلى أن تصب في تقوية ودعم الكونفوشية منها التاوية هذه ا)كانةI وانتهى بها ا)ال كما يشير ا)

التي كانت تقف ضدها في كافة اجملاالت ا)ذهبية على وجه التقريب. (ا)ترجم).

: أحد ا)ناطقة الصينية بS ا)نتمS إلى مدرسة األسماءI قال إن األشـيـاء٥Hui shih) هوي شيه نسبيةI وأكد على التغييرI وشأن ا)ساهمS في هذه ا)ـدرسـة احملـدودة لـم تـتـرك أثـرا قـويـا فـيالفكر الصينيI إال أن األمر الذي oيزها هو أنها كانت ا)درسة الوحيدة في الصS القدoة التي

اهتمت النوعية من ا)فاهيم من أجل ذاتها. (هـ.م).

: أحد ا)ناطقة ا)ساهمS في مدرسة األسماءI اهتم با)طلـق٦Kung-sun-lung) كوجن ـ سون لوجن خالفا لهوي شيه وأكد على اإلطالقية والدوام خالفا له أيضا. (ا)ترجم).

٧) على الرغم من هذه اإلشارة الواردة في ا)¨I فإنه ال يعرف وجود فالسفة بعينهم ارتبطوا بهذه الذي أثـرTsou yenا)درسةI إذ كثيرا ما يشار إلى ارتباط هذه ا)درسة باسم الفيلسوف تسـويـن

Page 332: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

332

الفكر الشرقي القد

فكره تأثيرا عميقا في مسار الفلسفة في عهد أسرة هان وفي عهود تالية. (ا)ترجم).: يرجع تألق اسم هذا الفيلسوف الذي ارتبط با)درسة القانونية إلى٨Han Fei Tzu) هان فاي تسو

أنه جمع في خالصة واحدة تياراتها الرئيسية الثالثةI فأصبح ا)مثل الرئيسي لها. فعلى الرغـممن أن الفلسفة الصينية القدoة قد سيدت حول اإلنسان والسمـاء أو الـطـبـيـعـة إال أن ا)ـدرسـةالقانونية جتاهلت هذا كلهI حيث كان هدفها الوحيد هو تركيز السـلـطـة فـي يـد احلـاكـم. ولـهـذاالهدف دعا مفكروها إلى فرض القانون بالكثير من ا)كافأةI وبالعقاب الرادعI وبأعمال ا)هاراتالسياسيةI وtارسة السلطةI وقد جمع هان ـ فاي تسو بS هذه األساليب جميعهـا فـيـمـا دعـال

إليه. (ا)ترجم).: مدرسة في الفكر البوذي أسسها شيه ا^ي (٥٣٨ ـ ٥٩٧) في جيل تيان تاي٩Tient-tain) التيان تاي

(الشرفة السماوية) الذي استمدت ا)درسة اسمها منه بشر في الصS. وعلى الرغم من أن شيهأي قد استند في مرجعيته إلى نص هندي هو «سوترا اللوتس» إال أن حقيقة أن هذه ا)درسة ليسلها اسم هندي وحتمل اسما صينيا فقط تشير إلى طابعها الصيني. وقد قبل شيه ا^ي مستـويـي

التي تعتمـدDharmasاحلقيقةIوأي مستوى احلقيقة الدنيوية لـ «األسماء ا)ؤقـتـة» أي الـدارامـات على األسباب في وجودهاI ومستوى احلقيقة ا)طلقة للخواءI ولكنه ذهب إلى القول إلى أن كونالدارمات خاوية ومؤقتة يشكل طبيعتها ذاتهاI ودعا إلى «التناسق التام بS ا)ستويات الثالثة» أيIوالواحد الثالثة Iومستوى اجلمع بينهما. وفي هذا التناسق الثالثة هي الواحد Sاألول Sا)ستويفالطريق األوسط إذن يعني خالصة تضم الظواهر واحلقائق الواقعية اخلفية. هنا يتناسق التجاوز

وا)ثول بحيث إن «كل لون أو عبق ال يعدو أن يكون الطريق األوسط» (ا)ترجم).: يقال لها أيضا مدرسة اللوتسI نسبة١٠Ching tu) مدرسة األرض الطاهرة أو مدرسة تشنج تو

إلى البسوترا الشهيرةI ومدرسة أميداI نسبة إلى «أميتيها» أو«النور الالمتنـاهـي»I وهـو مـوضـوعاإلoان األول في البوذية ا)هايانية. وهي في جوهرها مدرسة اإلoـان الـبـسـيـطI وقـد كـان أحـدالفروق بS ا)هايانا والهنايانا أو األولى تذهب إلى أن من يعجز عن بلوغ االستنارة بنفسهo Iكنأن يصل إليها عن طريق اإلoان بفالعلية بوذا والبوذ يستفا. وبوذا ا)نتظرI فبعض البوذا خلـقـواأرض بوذاI وأرض أمتبها هي األرض الطاهرة في الغربI والتضرع البسيط السم أمتبها مقرونا

باإلoان بفاعليته يضمن للمؤمن ا)يالد من جديد في األرض الطاهرة. (ا)ترجم).١١) سبقت اإلشارة إلى معناهاI وهي البوذية ا)هـايـانـيـة فـي الـصـIS والـتـي ركـزت عـلـى الـتـأمـلوسميت ببوذية التأمل وعرفت في اليابان ببوذية زنI وقدر لها أن تلقى انتشارا كبيرا في الغرب

حديثاI وبصفة خاصة في الواليات ا)تحدة. (ا)ترجم).: مؤسسا الكونفوشية اجلديدةI مدرسة الطبيعةLi†ChengI: وتشينج لي ١٢Cheng Hao) تشينج هاو

وقد تولى األولى بعض ا)ناصب غير البارزة وكرس معظم حياته للتدريسI فيما كان الثاني أبرزمعلمي عصرهI بل وحاضر األباطرة في الكالسيكيات الكونفوشية. ومـن خـالل جـعـلـهـمـا ا)ـبـدأأساسا لفلسفتهما وتوحيده مع طبيعة اإلنسان واألشياء فإنهما صاغا �وذج احلركة الفـلـسـفـيـةالكونفوشية اجلديدة التي عرفت منذ القرن احلادي عشر باسم مدرسة الطبيعة وا)بدأ. (ا)ترجم).

Page 333: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

333

الكونفوشية

الكونفوشية

١-كونفوشيوسسبقت اإلشارة إلى أن العصر الذي عاش فيـهكونفوشيوس اتسم بالتفكك السياسي واالجتماعيوالتردي الـواسـع الـنـطـاق لـألخـالق. وقـد كـان مـنالــطــبــيــعــي فــي ضــوء هــذه األوضـــاع أن يـــتـــجـــهكونفوشيوس إلى إصالح حال اجملتمع. وقد عرفIفي سن مبكرة Iوا)سؤولية Iوا)عاناة Iالعمل الشاقوأدرك من خالل التجربة الشخصية الفقرI وسوءاستخدام السلطة السياسيةI والشدة والضيقI والتيأثرت في حـيـاة الـنـاس الـعـاديـS. وال شـك فـي أنهذه اخللفية قد ساعدته على فهم كل من احلكومة

.Sومشكالت الناس العاديقبل كونفوشيوس في شبابه منصبا حكوميا في

الذ ولد بهاI وهنالـك لـم يـالحـظ فـقـط(١)دولة لـوIلكة لوt سوء اإلدارة احلكومية وعدم كفايتها فيولكنه استطاع كذلكI وبطـريـقـة مـحـدودةI الـقـيـامبشيء حيال هذه اإلدارة باالضطالع بواجباته علىنحو مالئم. ور}ا كانت خبرته في مجال السياسةالعملية عنصرا من عناصر اتخـاذه لـقـرار االجتـاهنحو االهتمام }شكـالت اجملـتـمـع. فـانـطـالقـا مـنخلفية كان }قدوره معها أن يرى بؤسI وسوء إدارة

18

Page 334: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

334

الفكر الشرقي القد

Iبالنسبة لشخص له ميل كونفوشيوس اإلنساني Iكان من الطبيعي Iاحلكامأن يكرس نفسه للتفكير في تصحيح مسار اجملتمع.

ما الذي كان على كونفوشيوس القيام بعـد بـعـد أن أدرك أن عـصـره الoضي على نحو ماينبغي له أن يكون كيف oكن حتقيق رفاهية اجملتمع?كان رد كونفوشيوس على هذا السؤال هو فلسفته. وهي فلسفة إنسانيةاجتماعية. ومن الواضح أنه إذا كانت فلسفة كونفوشيوس فلسفة اجتماعيةفإنها تدور حول البشر ومجتمعهمI وليس حول الطبيعة أو معرفة الطبيعة.ولكن ما الذي يعنيه القول بأن هذه الفلسفة هي فلسفة «إنسانية» اجتماعية?Iيعد االقتناع بأن البشر موجودات مطلقة أهم معالم النزعة اإلنسانيةولهذا القول معنى خاصI على نحو ماoكن فهمه من خالل مقارنة النزعةاإلنسانيةI والنزعة الطبيعيةI والنزعة الطبيعيةI والنزعة الفائقة للطبيعة.وتعتبر الطبيعة وفقا للنزعة الطبيعية أو العالم الال إنساني ـ مطلقةI وهناتستمد مبادىء الفعل واحلياة اإلنسانيـة مـن الـطـبـيـعـةI فـالـبـشـر يـجـب أنيتصرفوا بطرق معينة ألن العالم هو ماهو عليه. أما اكتشاف الكيفية التيIينبغي أن يتصرف بها البشر فهو أمر يتعلق باكتشاف كيفية تصرف الطبيعة

بحيث oكن ن تكون أفعال اإلنسان متسقة مع أفعال الطبيعة.هناك ـ وفقا للنزعة الفائقة للطبيـعـة ـ قـوة أو قـدرة غـيـر إنـسـانـيـةI أو

نظر إلى هذه القوة الفائقة للطبيعةطبيعيةI ينظر إليها على أنها مطلقةI ويباعتبارهاتنظم كال من الطبيعة والبشرI وجتعلهم خاضعS لهذه القوة الفائقةللطبيعة وللبشر. والفائق للطبيعي قد ينظر إليه باعتبـاره خـالـقـا لـكـل مـنالطبيعة والبشرI وكذلك محددا لسلوكهم. ووفقا لهذه الرؤية فإن اكتشافالكيفية التي يجب أن يتصرف بها البشر هو أمر يتعلق باكتشاف الكيـفـيـةالتي قصدت بها هذه القوة الفائقة للطبيعة أن يتصرفوا. وفي ديانة التأليةفإن هذا قد ينظر إليه باعتباره أمرا خاصا }عرفة إرادة اإلله وتنفيذها.وتصبح النزعة اإلنسانية tكنة حينما ينظر إلى اإلنسانيةI وليس إلىالطبيعة أو الفائق للطبيعةI على أنها مطلقة. وعندما يتم النظر إلى اإلنسانيةبهذه النظرةI ال يـكـون هـنـاك شـيء أسـمـى مـن الـبـشـر مـصـدرا لـلـمـبـادىءIأو الفائـق لـلـطـبـيـعـة Iوهنا ال يتطلع الناس إلى أي من الطبيعة Iاإلنسانيةبحثا عن أعراف احلياة والفعلI وإ�ا يتطلعون إلى إنسانيتهم ليجدوا ا)بادىء

Page 335: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

335

الكونفوشية

التي تتيح اخلير والسعادة. وهكذا فإن وصف الكونفوشية بأنها نزعة إنسانيةهو إشارة إلى أنها فلسفة ترد على هذا السؤال: «كيف oكن حتقيق اخليروالسعادة?» باإلشارة إلى مبادىء الفعلI التي يتم العثور عليها في اإلنسانية

ذاتها. ومصدر هذه ا)بادىء هو ما يجعل من البشر مخلوقات إنسانية.

Jen (٢)٢- جني

.«Sعلى نحو فريد هو «ج Sيقول كونفوشيوس إن مايجعل البشر إنسانيوهذا هو السر في أن الطريق الكونفوشي هو في جوهره طريق «جـS» أوطيبة القلب اإلنسانية. ولقد ترجمت كلمة «جS» بـطـرق شـتـىI ومـن هـذهIالطابع األخالقي Iالرجولة احلقة Iاإلحسان Iاإلنسانية Iالترجمات: الفضيلة

HumanاحلبI اخلير اإلنسانيI وطيبة القلب اإلنسانية. والتعبير اإلجنليزي

Heartednessوأنـهـا أمـر مـتـعـلـق ISهي ما يجعلنا إنسانـيـ «Sيوحي بأن «ج بالشعور وكذلك بالتفكيرI وأنها أساس العالقات اإلنسانية كافةI وتكـشـفترجمة كلمة «جS» بطيبة القلب اإلنسانية كذلك عن التشديد الصيني على

القلبI وليس على العقلI باعتباره السمة احملددة للطبيعة اإلنسانية.وفي كتاب كونفوشيوس («اخملتارات» لون-يو) ال يقدم وال يدافع قط عنتعريف لـ «جS». ور}ا يعكس هذا فهمه لكون طريق اإلنسانية هو طريقاشخصيا إلى حد كبيرI ويكمن في أعماق كل مخلوق بشريI ويتعS إدراكهفي حياة ا)رء الشخصيةI ومن شأن جعله خاصية موضوعية أو سمـة مـنسمات العالم أن يكون تشويها لـ «جS». لكن كونفوشيوس غالبا ما حتدثIمحاوال مساعدتهم على إدراك معناها في حـيـاتـهـم «Sمع أتباعه عن «ج

عما هـي «جـS» ردFan Chihفعلى سبيل ا)ثـال عـنـدمـا سـألـه فـان تـشـيـه كونفوشيوس قائال: «إنها حب الـبـشـر» (١٢: ٢٢) مـوحـيـا بـأن قـدرتـنـا عـلـى

احلب تشكل جوهر إنسانيتنا.غير أن قدرتنا على حب اال^خرين لها تبعات أخالقية مهمةI األمر الذيـ «جS» من منظور أخالقي. وهكذا فإن كونفوشيوس يقتضي التفكير في ال

يقول:«يرغب كل إنسان في الثروة والشرفI ولكنهما إذا � حتـقـيـقـهـمـا عـنطريق مخالف )بادىء األخالقI فإنه ال ينبغي اإلبقـاء عـلـيـهـمـا. ويـكـره كـل

Page 336: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

336

الفكر الشرقي القد

إنسان الفقر وتواضع ا)رتبةI ولكن إذا لم يكن باإلمكان جتنبهما إال }خالفةا)بادىء األخالقيةI فإنه ال ينبغي جتنبهماI وإذا ما نأى شخص رفيع ا)كانةعن اإلنسانية (اجلS) فكيف oكن أن يحقق تلك ا)كانة? ذلك أن اإلنسانالرفيع ا)كانة ال oكنه قط التخلي عن اإلنسـانـيـة (اجلـS)I حـتـى ولـو مـنIفهو في حلظات التعجل وهو مسرع يعمل وفقا لها Iأجل وجبة طعام واحدة

وهو في أوقات الشدة واالضطراب يعمل وفقا لها».وتشير هذه الـعـبـارة بـوضـوح إلـى أن «جـS» هـي ا)ـبـدأ ا)ـطـلـق لـلـفـعـلاإلنسانيI والكائن البشري احلق ال ينحرف عن طريق «اجلـS» قـطI ومـنينحرف عن هذا الطريق ال يعبر عن كمال اإلنسانية. والكلمة التي تترجـمبا)بادىء األخالقية في هذه الفقرة هي «الـتـاو» أو «الـطـريـق» األمـر الـذييعني ضمنا أن الطريق السليم للفعل اإلنساني ليس طريق حتقيق ما يحبها)رء وجتنب ما يكرههI وإ�ا هو طريق العمل وفق مبدأ أعمـقI هـو مـبـدأ

.(٤-٥) «Sاجل»ويقول كونفوشيوس إن «اجلS» بالغ األهمية بحيث إن احلياة من دونهاIويعد مثقفا حقيقياIليست جديرة بأن يحياها اإلنسان. ومن يتسم باحلكمةـ «اجلS». ويقول كونفوشيوس: «إن ا)ثقف ال يقترف ما من شأنه اإلضرار باحلازمI ورجل اإلنسانية (اجلS) ال يسعى قط للحياة على حساب اإلضرار«(Sاجل) وهو يؤثر التضحية بحياته لكي يحقق اإلنسانية .(Sاجل) باإلنسانية(١٥ ـ ٨). وألن «اجلS» هي على وجه الدقة ما يجعلنا إنسانيS حقـاI فـإنالتخلي عنها هو تخل عن احلياة اإلنسانية بصورة كاملة. و«اجلS» جديرةISفهي أساس كل قيمة وجدارة إنسانيت Iبأن يضحي ا)رء بحياته من أجلها

و«اجلS» هي في نهاية ا)طاف مايجعل احلياة جديرة بأن تعاش.ما الذي يعنيه العيش وفقا لنهج «اجلS»? لقد فهم أتباع كونفوشـيـوسأن العيش وفقا لـ «اجلS» يقتضي تطوير طيبة قلب ا)رء اإلنسانـيـةI ومـد

Tzengنطاق هذه الطيبة ا)طورة إلى اال^خرين. وهكذا فـإن تـسـيـنـج تـسـو

Tzuيذكر أتباع كونفوشيوس اال^خرين بأن «نهج معـلـمـنـا ال يـعـدو أن يـكـون واإليثار (شو)» (٤-١٥). وتتمثل يقظة الضميرChungيقظة الضمير (تشوجن

أن تشوجن في التطوير احلريص إلنسانية ا)رء واإلفصاح عنهاI بينما اإليثارأو «شو» يتمثل في مد نطاق «اجلS» إلى اال^خرين. ونحن هنـا بـإزاء مـبـدأ

Page 337: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

337

الكونفوشية

ا)بادلةI الذي يشكل أساس قاعدة كونفوشيوس الذهبية الشهيرةI أي «عاملاال^خرين }ا حتب أن يعاملـوك بـه» أو «ال تـفـعـل بـاال^خـريـن مـا ال تـريـد أن

يفعلوه بك» (١٢ -٢).

٣Li- لي

على الرغم من أن «اجلS» هي أساس اإلنسانيةI وبالتالي الدليل ا)طلقللفعل اإلنسانيI فقد أدرك كونفوشيوس أن احلاجة ماسة في احلياة اليوميةإلى أدلة مبشرة أكثر وأشد تعينا. وقد وجد هذه األدلة ا)تعينة في قواعد

) التي حتكم العادات وا)راسم والـعـالقـاتLiاللياقة أو ا^داب اجملتمـع (لـي التي � االعتراف بها من خالل tارسة الناس لها عبر العصور. ويعـكـسIوجتسيدها في ا)اضي «Sلـ «اجل Sأفضل هذه ا)مارسات التجسيد ا)تعوبالتالي فهي تشكل دليال لتحقيق «اجلS» في احلاضرI وهذا هو السبـبفي أنه عندما سأل ين يوان عن «اجلS» قال كونـفـوشـيـوس: «أن يـسـيـطـر«(Sج) ا)رء على نفسه وأن يعود إلى ا^داب اجملتمع (لي) تلك هي اإلنسانية

.(١٢-١)Iوتشير السيطرة على النفس في االقتباس السابق إلي تنـمـيـة الـنـفـسالتي تقهر األنانيةI وتغـرس اخلـواص الـداخـلـيـة لـإلنـسـانـيـةI الـتـي تـشـمـلاإلخالص واالستقامة الشخصية. ويبدو من الواضح أن كونفوشيوس ينظرإليها باعتبارها أساس «لي» (ا^داب اجملتمع)I ذلك أنه يضيف علـى الـفـور:«إذا كان }قدور إنسان (احلاكم) أن يسيطر علـى نـفـسـه لـيـوم واحـدI وأنI(Sجـ) فإن كل ما حتت السمـاء سـيـعـود إلـى اإلنـسـانـيـة Iيعود إلى اللياقة«Sارسة اإلنسانية تعتمد على ا)رء نفسه». ويشـيـر هـذا إلـى أن «اجلـtوهي أساس «لي»I وأن يجعل «لي» أساسا للسلوك هي احلقيقة القائلة بأن«لي» تتفق مع «جS». والعادات والقواعد التي ال تتـفـق مـع «جـS» لـيـسـتIبحسب ما يقول كونفوشيوس. ولكن «لي» احلقيقية Iلي» بصورة حقيقية»قواعد السلوك الصحيح تلكI التي جتسد «جS» بصـورة أصـيـلـةI تـصـبـحالوسيلة التي عن طريقهـا oـكـن اسـتـحـضـار إنـسـانـيـة الـفـرد وتـطـويـرهـا.Sوكونفوشيوس يؤكد هذه القواعد (وهو يستخدم كلمة «لي» خمسا وسبعمرة في كتابه «اخملتارات») باعتبارها الوسـيـلـة الـتـي عـن طـريـقـهـا نـروض

Page 338: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

338

الفكر الشرقي القد

دوافعنا الضاريةI ونحولها إلى تعبيرات متحضرة عن طبيعة اإلنسانية.كانت أنشطة ا)راسم باعتبارها جتسيدات لـ «لي» لدى كونفـوشـيـوس.Iوقد سجل أنه بعد حضور أحد االحتفاالت تنفس كونفوشيوس الصـعـداءوعندما سئل عن السبب في ذلكI رد قائال: «ا^هI لقد كنت أفكر في العصرالذهبيI ويساورني الشعور باألسفI إذ لم يقدر لي أن أولد فيهI وأن أرتبطباحلكامI والوزراء احلكماء في األسر ا)الكة». وفيما واصل كونـفـوشـيـوسحديثه ليوضح أن هذا العصر قد حل بسبـب الـتـأكـيـد عـلـى «جـS» و«لـي»

أشار إلى أن مؤسسي األسر ا)الكة الثالث:» الذي من خالله تتم احملافظةLi«كانوا يهتمون أعظم االهتمام }بدأ «لي

على العدالةI وتختبر الثقة العامةI وتكشف األخطاء الناجمة عن ا)مارسةاخلاطئةI ورفع لواء جIS باعتبارها مثال أعلى للرجولـة احلـقـةI وغـرسـتفي النفوس األخالق احلميدة وروح اجملاملة كمبادىء راسخة يعمل العامة

بها...».وتتجلى األهمية التي يعلقها كونفوشيوس علـى «لـي» كـذلـك مـن خـاللمالحظته: «لي هي ا)بدأ الذي جسد من خـاللـه ا)ـلـوك الـقـدامـى شـرائـعالسماءI ونظموا التعبير عن الطبيعة اإلنسانيةI ومن هنا فإن من يحرز لي

يعيش ومن يفقدها oت».ويتعS علينا لفهم األهمية التي يعلقها كونفوشيوس على «لي» أن نفحص

العديد مـنLiمعاني هذا ا)فهومI بالنسبة له لسابقيه. وتعنـي كـلـمـة «لـي» األشياءI فهي تعني الدينI وتعني ا)بدأ العام للـنـظـام االجـتـمـاعـيI وتـعـنـيIالذي علمه كونفـوشـيـوس Iكيان ا)مارسات االجتماعية واألخالقية بأسرهوأضفى عليه طابعا عقالنياI كما أنها تعني الطقوس واالحتفاالت. وتعـنـينظاما من العالقات االجتماعيـة احملـددة بـوضـوح مـع مـواقـف نـهـائـيـة مـنجانب كل طرف جتاه الطرف اال^خرI احلب في حالة اال^باءI الوالء البـنـويفي حالة األبناءI االحترام في حالـة اإلخـوة األصـغـرI الـصـداقـة فـي حـالـةاإلخوة األكبرI الوالء بS األصدقاءI االحترام للسلطة بS الرعاياI والنزوعإلى اخلير في حالة احلكامI وهي تعني االنضباط األخالقي فـي الـسـلـوك

الشخصيI وتعني اال^داب العامة في كل شيء. على مثل هذا القدر من األهمية في الفلسفة الكونفوشيةLiIو}ا أن «لي»

Page 339: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

339

الكونفوشية

فإن من ا)ناسب أن يتم اسـتـكـشـاف هـذا ا)ـفـهـوم مـن كـل مـن وجـهـة نـظـرتاريخهI ومن منظور محتـواه. وأقـدم مـفـهـوم ديـنـيI حـيـث يـعـنـى بـطـقـوسا)مارسات الدينيةI وسرعان ما أصبح يشير إلى طقوس أخرىI مثل طقوسالزواج واالحتفاالت العسكرية واحلكوميةI ويتوافق هذا ا)عنى مـن مـعـانـي«لي» مع مجموعة تفصيليةI بشكل أو با^خرI من القـواعـد واألعـراف الـتـيتتطلب مراعاة منضبطة في القيام بأنشطة مخـتـلـفـةI ذات طـابـع ديـنـي أو

اجتماعي أساسا.ويشير ا)فهوم الثاني من مفاهيم «لي» إلى مجموعة عرفـيـة مـن ألـوانالسلوك االجتماعيI وبهذا ا)عنى فإن «لي» هي القانون العرفيI أو األخالقالسائدةI وبهذا ا)عنى فإن «لي» حتل محل القانون ا)كتوبI على الرغم منأنها تختلف عن القانون ا)كتوب في أنها إيجابيةI وليست سلبية }عنى أنهاتقول «افعل هذا» بدال من «ال تفعـل هـذا». وهـي ال جتـلـب مـعـهـا الـعـقـاب.التلقائيI ويفترض بشكل عام أنها تشير إلى سلوك األرستقراطيةI ولـيـس

العامة.وا)عنى الثالث وا)وسع من معاني «لي» هو أي شيء مناسبI }عنى أنهاتتوافق مع أعراف اإلنسانية (جS). وهذا ا)عنى الثالث من معاني «لي» هوالذي يعد أكثر أهمية لفهم كونفوشيوسI على الـرغـم مـن أن هـذا األخـيـريستخدم اصطالح «لي» بكل معانيهI وليس هذا باألمر ا)دهـشI حـيـث إنمعاني «لي» مرتبطة بعضها بالبعض اال^خر. وهي كلـهـا تـشـيـر إلـى أعـمـالعلنية وطقوسيةI أعمال تشكل شعائر احلياة ا)همة. ور}ا تكون الشـعـائـرمسيطرةI كتبادل اثنS من الناس للتحيات فيما بينهـمـا لـدى لـقـائـهـمـاI أوIارسة ا^داب ا)ائدة الرفيعة أو معقدة كشعائر احلداد على قـريـب مـيـتtغير أنه بغض النظر عن التعقيد فإن األعمال الطقوسية لها بعد احتفالييؤكد الطابع االجتماعي والعام للفعل اإلنساني. واالحتفال علني }عنى أنهيضم شخصS على األقل على عالقة أحدهما باال^خـر. وفـضـال عـن ذلـكفإن فعل االحتفال ـ بسبب tارسته في العلنI وعدم كونه خاصا أو سريا ـيؤكد انفتاح ا)شاركS كل مـنـهـم عـلـى اال^خـر. وهـذه ا)ـشـاركـة فـي احلـيـاةا)فتوحة والتي يتقاسمها أشخاص متشابهون بصورة أساسية في طبيعتهماإلنسانية ا)شتركة هيI على وجه الدقةI التي حتفز تطوير «اجلS» وتدعمه.

Page 340: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

340

الفكر الشرقي القد

وإذا نظرنا إلى «اجلS» باعتبارها بذرة اإلنسانية ا)اثلة في كل البشرI فإن}قدورنا اعتبار «لي» ذلك الذي يتيح األوضاع والدعم الذي �س احلاجة

إليه لكي تنمو هذه البذرة وتزدهر.

(وال األبناء)٤Hsiao- هسياو أكد كونفوشيوس أهمية العائلة في تطوير «جـI«S ألن الـعـائـلـة تـشـكـلالبيئة االجتماعية ا)باشرة للطفلI ففي العائلة يتعلم الطفل احترام اال^خرينوحبهمI حيث يأتي اال^باء أوال فاإلخوة واألخوات واألقاربI ¼ باتساع النطاق

وهو تـابـع مـن أتـبـاعTutzuالتدريـجـيI اإلنـسـانـيـة كـافـة. وقـد قـال تـوتـسـو ) واالحترام األخوي هما جذرHsiaoكونفوشيوس إن: «الوالء البنوي (هسياو

اإلنسانية» (٢-١).Iهو فضيلة توقير العائلة واحترامها. فأوال Iأو الوالء البنوي I«هسياو»وقبل كل شيء يتم توفير األبوينI ألن احلياة نفسها مـتـولـدة عـنـهـمـاI وفـيIمن ا)هم حماية اجلسم من أن يلحق به أذى Iغمار إظهار التوقير للوالدينIلألبوين Yومن هنا فإن حمايةاجلسم هي تكر Iحيث إن اجلسم من األبوينبل أكثر من ذلك فإن التوقير ينبغي إظهاره لألبوين من خالل حسن السلوكفي احلياةI وجعل إسهامهما معروفا ومبجال. وإذا لم يكن }قدور ا)رء أنيشرف اسم أبويه فعليه أال يجلب لهما اخلزي والعارI على األقـل. وهـكـذاIفإن «هسياو» ال يتمثل في الرعاية البدنية من جانب ا)رء بوالديه فحسبوإ�ا كذلك في جلب الثراء العاطفي والروحي. ومن ا)هم بالقدر نفسه أنتكون أهدافهما وأغراضهما التي لم تتحقق هي نفسهاI بعد موتهاI أهدافأبنائهما وأغراضهمI بل أن هذا أكثر أهمية مـن تـقـدY الـقـرابـS إلـى روح

.Sالوالدين الراحلولكن «هسياو» ليس فضيلة عائلية فقطI فهذه الفضيلة التي تنشأ فيالعائلة تؤثر في األفعال خارج احمليط العائـلـيI وتـصـبـح مـن خـالل اتـسـاعنطاقها فضيلة أخالقية واجتماعية. وعندما يتعلم األطفال احترام أبويهـموتوقيرهمI فإن }قدورهم أن يحبوا إخوتهم وأن يحترموهم. وعندما يحققونذلكI فإن بإمكانهم أن يحبوا اإلنسانية بأسرهاI وأن يحترموهـا. وعـنـدمـايوجه حب اإلنسانية كل األفعال فإنهم يتصرفون وفقا إلنسانيتهمI أو وفقا

Page 341: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

341

الكونفوشية

للجIS وهكذا فإن بدايات «جS» إ�ا توجد في «هسياو».

٥Yi ـ يى

الفضيلة األخرى التي شدد عليها كونفوشيوس باعتبارها ضرورية لتطوير».Righteousnesse» التي تترجم عادة على أنها «االستقامة YiجS هي «يى

»Yiوقد قال كونفـوشـيـوس: «يـنـظـر الـرجـل األسـمـى إلـى االسـتـقـامـة «يـى باعتبارها جوهر كل شيءI وهو يلتزم بها بحسب مبدأ ا^داب اجملـتـمـع (لـي

LIإنـه حـقـا Iضي بها إلى نهايـتـهـا فـي إخـالصoو Iويبرزها في تواضع I(الرجل األسمى!» ١٥ ـ ١٧).

إن «يى» تدلنا على الطريق الصحيح للتصرف في مواقف محددةI بحيثأننا نكون على توافق مع (جS)I وهكذا فإن (يى) هو االستعداد األخالقيللقيام بالسلوك والقدرة على إدراك ما هو صحيح في ا^ن معا ـ وهي قدرةتعمل كنوع من احلس أو احلدس األخـالقـي. ويـتـحـدث كـونـفـوشـيـوس فـيبعـض األحـيـان عـن هـذه الـقـدرة مـن خـالل شـخـصـيـة ا)ـرء أو اسـتـقـامـتـهاألخالقيةI ذلك أن الشخص ذا الشخصـيـة األخـالقـيـة الـقـويـة الـذي يـرىفرصة للكسب يفكر أوال فيما إذا كان القيام بذلك من شأنه أن يكون صوابا

) ومثل هذا الشخص على استعداد للتضحيةYIعلى الصيعد األخالقي (يى بحياته من أجل شخص يتعرض للخطر.

وما هو متسق مع «يى» إ�ا هو غير ا)شروط وا)طلقI وبعض األفعـاليتعS القيام بها ال لشيء إال ألنها صواب وحقI فالشخص ينبغي أن يحترمأبويه ويطيعهماI ألن ذلك صواب على الصعيـد األخـالقـي والـتـزام يـنـبـغـيالقيام بهI وليس ألي سبب ا^خر. وقد يتم القيام بأفعال أخرى من أجل شيءثمS تعود به علـى ا)ـرءI أي مـن أجـل الـربـح. وهـذه األفـعـال تـتـعـارض مـعIاألفعال التي تؤدى اتساقا مع «يى» والتي تؤدى ال لشيء ألنها صواب وحقوليس )ا يترتب عليهاI والشخص الـذي يـتـصـرف مـن أجـل «يـى» ألن ذلـكالفعل هو الشيء الصوابI ليس بعـيـدا عـن «جـI«S وtـارسـة «جـS» هـيالتصرف انطالقا من حب اإلنسانية واحترامها ال لسبب إال ألن تـلـك هـي

الطريقة الصحيحة واإلنسانية في التصرف.و«يى» و«هسياو» وجS» هي خصائص الشخص األسمىI الشخص الذي

Page 342: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

342

الفكر الشرقي القد

طورت إنسانيتهI والذي تفتحت مداركه ونضج وعيه. وهذا الشخص األسمىهو نقيض الشخص الضئيل أو ا)نحط الـذي لـم تـتـفـتـح مـداركـه أخـالقـيـا

والذي يتصرف بوحي الغريزة ومن أجل النفع.وقد كان كونفوشيوس مقتنعا بأن العنـايـة بـاإلنـسـانـيـة مـن خـالل «لـي»Iو«هسياو» ويى» سوف تفضي بالشخص إلى جتسيد شخـصـي لـلـفـضـيـلـةاألمر الذي سيفسر عن مجتمع منظم خير تنظيم. وليس هناك �ييز حادهنا بS األخالق والسياسةI فإذا كان الناس صادقS مع أنفسهمI ويتسمونباإلخالصI فإنهم سيجسدون الفضائل اخملتلفةI وإذا مـا قـام كـل شـخـصبهذا فمن ا)ؤكد أنه ستكون هناك حكومة جـيـدة ونـظـام اجـتـمـاعـي تـعـمـه

السعادة.

٦ـ احلكم عن طريق الفضيلة:قد تبدو فكرة احلكم عن طريق الفضيلةI أو اخليرI وليـس عـن طـريـقالقانون بالغة الغرابة بالنسبة لألذن الغريبةI ولكن احلكم عن طريق الفضيلةهو على وجه الدقة ما كان كونفوشيوس يأمل في حتقيقهI وقبل وضع هذهSالقيام بتمحيـص الـعـالقـات اخملـتـلـفـة بـ Sيتع Iاليوتوبيا موضع التساؤل

.«Sالفضائل ا)تجسدة في «جIيضم كتاب «العلم العظيم» أكثر العبارات شموال للفلسفة الكونفوشيـةوفي هذا الكتابI وبعد مالحظة أن العظمة احلقيقية تتمثل في التعبير عنالفضائل العظيمةI وحب الناسI وحتقيق اخلير األسمىI يتم اإلعالن عـنثمانية عناصر أخالقية سياسية باعتبارها وسائل لتحقيق العظمةI وoضي

النص على النحو التالي:«كان القدماء الذين رغبوا في احلفاظ عـلـى الـطـابـع ا)ـتـجـدد والـنـقـيلسكان ا)عمورة ينطلقون أوال لتنظيم احلياة الوطنيةI وعندما أرادوا تنظيماحلياة الوطنية كان عليهم اإلنطالق أوال لتنظيم حياتهم العائليةI و)ا أرادواتنظيم حياتهم العائلية كان عليهم ا)ضي لرعاية حياتهم الـشـخـصـيـةI كـانعليهم اإلنطالق أوال لكي يعيدوا النشاط لقلوبهم. ومن أرادوا إعادة النشاطIلقلوبهم كان عليهم أن يبدأو أوال لتحقيق إخالص نواياهم وتطهير قلوبهمكان عليهم أن يعملوا أوال لتحقيق ا)عرفة احلقةI وحتقـيـق ا)ـعـرفـة احلـقـة

Page 343: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

343

الكونفوشية

يعتمد على �حيص األشياء. وعندما يجري �حيص األشياءI فإن ا)عرفةتتحققI وعندما بلغوا ا)عرفة احلقة أصبحت اإلرادةI عندئذ مخلصةI وعندماتصبح اإلرادة مخلصةI فإن القلب يعود إليه النشاطI وعندما يعود النشاطإلى القلبI فإن احلياة الشخصية تتم رعايتهاI وعندما تتـم رعـايـة احلـيـاةالشخصية فإن احلياة العائلية تنتظمI وعندما تنتظم احلياة العائليـةI فـإناحلياة الوطنية تغدو منظمةI وعندما تنظم احلياة الـوطـنـيـةI فـإن الـسـالم

يسود العالم».واجلملة األخيرة في هذا اإلقتباس «عندما تنظم احلياة الوطنيةI فـإنالسالم يسود العالم» ـ هي تعبيرI ر}ا كان طوبا وياI عما يـتـوقـعـه مـعـظـمالناس من احلكـومـة. والـسـالم فـي أرجـاء أمـة بـعـيـنـهـاI والـسـالم بـS األما)تجاورةI يعتمدان على عدد كبير من العناصرI مثل وجود ما يكفي إلقامةأورد كل الناسI ومكان إليـوائـهـمI واحلـمـايـة مـن األمـراضI والـتـعـبـيـر عـنالنفس... الخI وهي عناصر قد oكن اختزالها إلى عناصر الكفاية ا)اديةوالروحيةI فالثروة ا)ادية الكافية والوسائل ا)ناسبة والفرصة ا)تاحة للنموالروحيI والتعبير (الفنI التعليم I الدين... الخ) هي شروط ضرورية للسالم(وإن لم تكن كافية). وقد �س احلاجة كذلك إلى األخالق التي تشمل كل

شيء لتنظيم التنافس وللحيلولة دون نشوب النزاع والصراع.من هنا يتعS إدراك أن ا)همةI التي يضعها كونـفـوشـيـوس عـلـى كـاهـلاحلكومةI هي مهمة عمالقةI ألنها طوباويـة لـلـغـايـةI وهـو يـقـول إن مـهـمـةاحلكومة التأكد من وجود الوفرة ا)ادية والروحـيـة وأن الـنـاس يـتـصـرفـونعلى نحو أخالقيI وذلك لكي يتحقق السالمI وإذا سلمنا بأن ذلك يعد مثالأعلى بديعا فإنه يدعو للتساؤل: أال يفتقر إلى الـطـابـع الـعـلـمـي عـلـى نـحـوفظيع? ففي نهاية ا)طاف كيف oكن للحكومة أن تعني بكـل االحـتـيـاجـاتا)ادية لكل فرد ناهيك عن احتياجاته الروحية? أليست األخالق أمرا متعلقا

بالفرد وليس باحلكومة احمللية?وباإلضافة إلى اإلشارة للحقيقة القائلة بأن هدف احلكومةI بـالـنـسـبـةلكونفوشيوسI كان بالغ السموI فإن مثل هـذه األسـئـلـة تـشـيـر إلـى الـطـرقاخملتلفة للتفكير في احلكومة. وتتبنى إحدى هذه الطرق موقفا قـوامـه أنالوسائل الواضحة للوصول إلى الوفرة ا)ادية والـروحـيـة ـ إذا كـان حتـقـيـق

Page 344: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

344

الفكر الشرقي القد

ISهذه الوفرة ينظر إليه باعتبـاره وظـيـفـة احلـكـومـة ـ هـي إصـدار الـقـوانـوجمع الضرائبI وبناء ا)دارس وا)عابد وا)تاحفI وتنظيم العمل واإلنـتـاجبحيث � إنتاج ما يكفيI ويحصل كل شخص على نصيبه من اإلنتاج ولكييوضع التنفيذ فإن ذلك يقتضيI بالطبعI مكاتب هائلةI مع تداول الكثير مناألوراقI وحشودا كـبـيـرة مـن ا)ـوظـفـS احلـكـومـيـS. غـيـر أنـه فـي الـدولـةالكونفوشية ا)ثالية يتم القيام بالوظائف احلكومية األساسية على ا)ستوىIأي في إطار اجلماعات الصغيـرة والـعـائـالت Iوليس على القومي Iاحملليواحلاكم القومي هو }نزلة ا)شرف. واحلكم الفعلي يتم الـقـيـام بـه ال عـنطريق ا)وظفS احلكوميS. وإ�ا على يد أفراد يحرصون على عالقاتـهـمالسليمة مع األفراد اال^خرينI وعندما توجد العالقات السليمة بS جـمـيـع

األشخاص في اجملتمع فإن هدف احلكم سيكون قد حتقق.ومن اجللي أن مفهوم كونفوشـيـوس عـن احلـكـم هـو مـفـهـوم عـن نـظـامأخالقيI فعندما يتصرف كل األفراد على نحو أخالقي في عالقاتهم كافةمع األشخاص اال^خرينI لن تكون هناك مشكالت اجتماعية. وهذا هو السرفي أن كونفوشيوس oكنه القـول بـأنـه لـتـحـقـيـق الـسـالم الـعـا)ـي فـإن مـنالـضـروريI وهـذا يـكـفـيI إعـادة الـنـشـاط إلـى قـلـب ا)ـرءI ورعـايـة حـيـاتــهالشخصيةI وتنظيم حياته العائلية على نحو سليم. وعندما يتم القيام بهذهاألمور الثالثة فإن «جS» سيتم تطويرها وسيسود اخلير واألخالق. ويعكساالقتباس السابقI الذي يدور حول الـطـريـق إلـى الـسـالم الـعـا)ـيI الـفـكـرةالقائلة بأن التعليم (�حيص األشياء) هو عنصر أساسي من عناصر الفلسفةIاالجتماعية الكونفوشية وتشدد الكونفوشية على فلسفة معينة في التعليمتؤكد أن الهدف األكثر أهمية هو الوصول إلى معرفة اإلنسانI فمن الضروريمعرفة كل من طبيعة اإلنسانيةI وطبيعة األشياء. بحيث يتم تنظيم احلـيـاةعلى نحو موصل إلى الرفاهية اإلنسانيةI والقيام بأفضل استخدام tكـنلألشياء في العالم. ويقول كونفوشيوس «تتمثل مبادىء التعليم األسمى فياحلفاظ على طابع اإلنسان النقيI وفي إعطاء حياة جديـدة لـلـنـاسI وفـيالشكنى (أو االستقرار) في الكمالI أو اخلير ا)طلق» فمن خـالل الـتـعـلـيـموحده سيعرف الناس أنفسهم والعالم. ومن الصعبI دون هذه ا)عرفـةI أنيتم تنظيم احلياة بحيث تنسجم مع أمور العالمI فالسالم والسعادة ال يسودان

Page 345: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

345

الكونفوشية

إال عندما تنسجم احلياة مع العالم.ووفقا لكونفوشيوس فإنن «ا)عرفة احلقة» تنشأ عندما تتم معرفة جذراألشياء أو أساسها. ويضرب كونفوشيوس مثال )ا يعنيه �لك ناصية ا)عرفةاحلقيقيةI عندما يقول: «في التصدي للفصل في القضاياI فإنني في كفاءةأي شخص ا^خر. واألمر اجلوهري هو أننا ينبغي أن جنعل هدفنا أال تكونهناك قضايا على اإلطالق..» وبتعبير ا^خرI فإن على ا)رء أن يقضي علـىالشرI بالقضاء على أسبابهI ومعرفة األسباب الرئيسية هي في ا)قام األولIفي تصحيح أوجه االختالل. وهكذا فإن ا)رء إذ �لك ناصية ا)عرفة احلقةأي معرفة األسباب األساسية للجرائمI فإنه سيكون من ا)مكن القضاء على

اجلرoة ذاتهاI وبالتالي التخلص من القضايا.غير أن أهم معرفة هي معرفة الناسI وليس ا)عـرفـة الـتـي تـدور حـولاألشياء اخلارجيةI مثل األوضاع وا)ؤسسات االجتماعية. فـ«�لك ناصـيـةا)عرفة» هو في ا)قام األول معرفـة: «مـن ومـاذا يـكـون ا)ـرء?» وهـذا يـعـنـيمعرفة ا)بادىء التي على أساسها يتصرف ا)رءI وبناء على هذا فإن ا)عرفةاحلقة ال يتم احلصول عليها إال عندما تكون هناك معرفة بالنفسI ذلك أنهفي الكونفوشية ينظر دائما إلى النفس األخالقية واالجتماعيـة عـلـى أنـهـا

هي ا)طلقة.وعندما يقول إن اإلدارة تصبح مخلصة حينما تتوافر ا)عرفةI فإن اإلشارةهنا تنصرف إلى معرفة اإلنسان بنفسهI وا)عنى ا)قصود هو أن من oتلكناصية ا)عرفة الذاتية لن يخخدع نفسه فيما يتعلق بدوافع أفعاله وا)بادىءالتي حتكمها. وهكذا يقال: «معنـى أن تـكـون اإلدارة مـخـلـصـة هـو أن ا)ـرءينبغي أال يخدع نفسه» فالناس ال ينبغي أن يحاولوا خداع أنفسهم بأنهم إذافعلوا شيئا في خلوة فإنه ما من أحد سيعرف ذلكI وبالتالي فال بأس منفعلهI ذلك ألن الفعل اخلاطىء سيعرف )ن يقترفـه عـلـى الـفـورI وسـرعـانماستعرف النتائج بدورهاI وفساد الشخصية اخلاصة ال يظل شيئا خاصابصورة خالصة ـ ذلك أن الشخص ال يحيا في عزلة ـ وإ�ا يؤثر في مجموعة

البشر بأسرها ويتأثر بها.وحينما �زق ألوان الهموم والقلق شخصاماI أو تقهره العواطـفI فـإنفلبه يضطرب I وال يكون هذا الشخص في وضع يـتـيـح لـه اتـخـاذ قـرارات

Page 346: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

346

الفكر الشرقي القد

عادلة ومنصفة حول أي موضوعات خاصة أو عامة. ومن ناحية أخرى فإنهIوألوان القصور Iعندما «يعاد النشاط للقلب» فإن ا)رء يتجنب التجاوزاتالتي تؤثر في مقدرته في اتخاذ القرارات الصحيحةI وذلك هو السبب فيأن كونفوشيوس يقول: «إن رعاية حياة ا)رء الشخصية تعتـمـد عـلـى إعـادةالنشاط إلى قلبه». وبا)وقف السليم من احلياة سيظل ا)رء هادئا حتى في

غمار النشوة واأللمI وسيكون }قدوره أن يحيا حياة شخصية صاحلة.وإذا ما قام األبوان برعاية حياتيهما الشخصيتIS فإن }قدورهمـا أنتكون لهما عائلة توجد فيها عالقات سليمةI وعن طريق ضرب ا)ثل بحياتهما

«Sفإنهما يستطيعان إظهار طريق «جJenوعندما تسلك العائلة Iالبنائهما Sطريق جـJenوإذا مـا سـاد االنـسـجـام كـل Iسيسود االنسجام في البـيـت

البيوتI فإن اجملتمع بأسره سيسوده االنسجام.ويعد هذا التأكيد على الـعـالقـات الـعـائـلـيـة الـسـلـيـمـةI مـن أهـم أفـكـاركونفوشيوسI وهو جدير ببعض التفصيلI لنفترض أن أطفاال قد ولودا فيعائلة يسودها احلب واخليرI ولسوف يكبر هؤالء األطفال وهم يرون أبويهماوكل منهما يحب اال^خر ويحترمهI وسيتـوافـر لـديـهـم �ـوذج يـطـورون عـلـىأساسه شعورهم باحلب واالحترام. هنا يرى األطفال والديهم وهما يحترمانالكبار اال^خرينI وا)ناصبI وا)سؤولS احلكومـيـIS واألخـالقI والـقـانـون.وليس من ا)مكن بالنسبة لألبوين أن يحكما بشكل سليم في هـذه الـعـائـلـةفحسبI وإ�ا سيغدو االحترام والطاعة أمرين طبيعS بالنسبة لألطفال.يذهب علماء الطنفس إلى أن السنوات اخلمس األولى في حياة اإلنسانهي السنوات األكثر أهمية بالنسبة الستقرار ا)واقف األساسية واأل�ـاط

السلوكية.وإذا كان األمر كذلك فأي طريقة لضمان احـتـرام الـقـانـون واحلـكـومـةوالناس من التربية اجليدة للطفل في هذه السنوات األولىIوحيث إن هـذهالسنوات اخلمسI أو نحو ذلكI عادة مـاتـقـضـي فـي الـبـيـتI فـإن الـتـربـيـةاألساسية يجب أن تتم في البيت. وليس هناك مجال للتساؤل عما إذا كاناألطفال الصغار ستتم تربيتهم أم الI فالتربية ستـتـمI وتـقـوم أسـاسـا عـلـىتقليد ا)ثال ا)وجودI والسؤال ا)طروح هو ما إذا كانت هذه التربية ستغدوجيدة أو سيئةI وهذا السؤال بدوره يصبح سؤاال قوامه ما إذا كان الوالدان

Page 347: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

347

الكونفوشية

يقدمان مثالS صاحلS ألطفالهما أم ال.لنفترض أن األطفالI الذين لم يكونوا شيئا مرغوبا فيه ا)قام األولI قدولدوا في عائلة يظهر األبوان أحدهما لال^خر إال قدرا محدودا من احلب أواالحترامI والشجار جزء من الروتS اليوميI ولنفترض أيضا أن األبوين اليظهران احتراماI ألي شيء ا^خر. فمـا الـذي سـيـتـعـلـمـه األطـفـال فـي هـذاالبيت? وأين سيتعلمون احترام أنفسهم واال^خرين ومؤسسات اجملتـمـع? إناإلحصائياتI التي يقدمها علماء االجتمـاعI تـشـيـر إلـى أن هـذا الـنـوع مـنا)واقف العائلية يفرز مجرمIS أو في أفضل األحوال كبارا ال يتكيفون مع

اجملتمع.من العسير أن يرد على الذهن أي شيء أكثر أهميةI بالنسبة للحكومةاجليدة وللسالمI من العالقات العائلية السليمة التي �كن األطفال من أنينشأوا على حب اال^خرين واحتـرامـهـم وإحـسـاس بـالـلـيـاقـة فـي الـعـالقـاتاإلنسانيةI فاألمة هي في جوهرها عائلةI حيث يرتبـط خـيـر الـفـردI عـلـىنحو ال سبيل إلى فصم عراهI بخير اجملتمع بأسرهI وفي اإلطار نفسه فإنخير اجملتمع هو خير الكثير من األفراد. و)ا كانت احلكومة تستهدفI فينهاية ا)طافI مصلحة الفردI و)ا كان الفرد هو الـذي يـسـتـفـيـد أو يـعـانـيمنهاI فإنه يبدو من الطبيعي أن تتم دراسة وسائل وسبل احلكم من منظورIوبتعبير ا^خر فإن دراسة احلكومة ينبغي أن تبدأ من البشر ISاألفراد ا)عنيال من ا)ؤسسات. وهذا هو على وجه الدقة ما يقوم له كونفـوشـيـوسI هـويبدأ بالناس في عالقاتهم األساسية مع اال^خرين. وأين يوجد أفضل موضوعننطلق منه لدراسة الناس? لنبدأ من البداية! إن الشخص يبدأ في األسرةالتي يولد فيها. وإذا كانت التربية هي مفتاح اجملتمع اجليدI فإنها ينبغي أنتبدأ في األسرة لدى مولد الشخصI فاألسرة هي الوحدة األساسية الثابتة

للمجتمعI وهي تقليديا الوحدة األثر تأثيرا.وإذا نظرنا إلى الفرد واألسرة على هذا النحـوI فـإن مـن الـيـسـيـر فـهـمالسر في تشديد كونفوشيوس على فضيلة «هسياو»I ونظره إليها على أنهاأساس لكل الفضائلI فما من شيء oكن أن يكون أكثر أهمية من ضرورةأن يطور الطفل ا)واقف األساسية مع باقي األسرةI وهو بتحليه باالحترامواحلب للوالدين واإلخوة واألخوات وبتعلمه منهم احترام اال^خرين إ�ا يطور

Page 348: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

348

الفكر الشرقي القد

احترام النفسI وكذلك احترام اال^خرين.من اليسير اال^ن إدراك أن لتحليل كونفوشيوس للتطور أهمية بالنسـبـةلعصرنا الراهن. واألمر غير ا)ألوف هو الدور الذي يتوقع من اخلير القيامIفاخلير بالنسبة للكثيرين اليوم هو شيء يتحدث عنه الفالسفة Iبه في احلكمأو هو موضوع من موضوعات الدينI وقيام حكومة علـى أسـاس اخلـيـر أوالفضيلة هو على وجه التقريب شيء ال يخطر على بالI ومع ذلك فقد كانIأحد أتباع كونفوشيوس Iوما كان منشيوس Iهذا هو مايقترحه كونفوشيوسيـعـلـمـه عـلـى نـحـو أكـثـر جـالء ووضـوحـا. ومـن ا)ـهـمـم أن نــدرك كــيــف أنكونفوشيوس استطاع بجدية بالغة أن يقترح كأساس للحكم ذلك الذي يبدواليومI للوهلة األولى على األقلI شيئا مستحيال وغير عملي با)رة. ال يرجعاألمر إلى أن كونفوشيوس له وجهة نظر مختلفة عن طبيعة البشر با)قارنة}ا يشبع االعتقاد به اليومI وإ�ا مناط األمر باألخرى أن لكونـفـوشـيـوسفكرة مختلفة أ� االختالف عن أهداف التربية واحلكومة عن فكرتنا اليوم.وبينما ال يؤدكد كونفوشيوس في أي موضوع من كتاباته صراحة أن الطبيعةاإلنسانية هي أساسا طبيعة جيدةI فإن ذلك وارد ضمنا في وجهة نظره عن

احلكم والتربيةI وقد عبر عنه منشيوس بجالء.ويعتقد الكثير من الناس اليوم كذلك أن البشر هم أخيار بصورة أساسية

I(٣)واليحتاجون إال أن تنمية هذا اخلير. ويتبنى ا^خرون وجهة نظـر هـوبـز I ويستغلون غيرهم خلدمة أهدافهمفيرون أن الناس أنانيون وشرهونI أساسا

ISاخلاصة. وليس هناك فرق كبير في حالة تبني أي من وجهتي النظر هاتففي أي من احلالتS سيتم الذهاب إلـى الـقـول بـأن اخلـيـر األخـالقـي هـوأساس مستحيل للحكمI فلسوف تظل احلاجة إلى سن القـوانـS ومـعـاقـبـة

فر}امخالفيها إحدى مهام احلكومة األكثر جذرية. وإذا كان الناس أخيارا القيام بتنفيذ القوانIS }عنى فرضهاI ولكن ذلك لنيكون من األكثر يسرا

يجعل القوانS غير ضرورية قطI وهذا هو ا)وقف احلديث.وهناك سبب مهم لهذا ا)وقف في عصرناI فاليوم وسواء أكـان الـنـاس

على أنهم أخيار أم أشرارI في الـعـالـم الـغـربـيI يـعـدينظر إليـهـمـا أسـاسـاالهدف من التربية هو �لك ناصيـة مـهـارة أو مـهـنـيـةI قـد �ـكـن ا)ـرء مـناحلصول على مايكفيه من العوائد ا)اديـة. ويـدفـع الـشـبـاب إلـى االلـتـحـاق

Page 349: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

349

الكونفوشية

باجلامعة لكي يتمكنوا من احلصول على وظيفة جيدةI و}جرد التحاقـهـمبها يوجه إليهم النصح حول كيفية إعداد أنفسهم على أفضل وجه لدخولسوق العمل ا)هنيI وهذا يشير إلى فارق أساسي بـS فـلـسـفـتـنـا الـتـربـويـةا)عاصرة وبS الرؤية الكونفوشية للتربـيـة بـاعـتـبـارهـا تـنـمـيـة لـلـشـخـصـيـةاألخالقيةI فكونفوشيوس يحدثنا بأن «الطريق الوحيد ا)تاح أمام اإلنساناألسمى للقيام بتموين الناس وإرساء عادات اجتماعية جيدة هو إجناز ذلك

فنيامن خالل التربيةI فقطعة من األحجار الكرoة الoكن أن تغدو عمال فنيا دونخالل التربيةI فقطعة من األحجار الكرoة الoكن أن تغدو عمال

نحتهاI واإلنسان الoكنه الوصول إلى معرفة القانون األخالقي دون تربية.وإذا �I دو�ا فرض لقانون إيجابي (با)عنى ا)ناسب للمقام هنا) إقرارIفإن من الضروري أن يتصرف اجلميع بصورة مالئمـة Iالسالم والرفاهية

. ولكي يتصرف ا)رء بصورة مالئمةI فإن عليه أنLiأو oارس فضيلة «لي» «Sارس فضيلة «اجلo أو أن Iيحترم اال^خرين ويهتم بهمJenوهذا االحترام

يتم تعلمه في وقت مبكر من خالل احترام الوالدينI أو من خالل tارسةI ولسوف يفضي هذا إلـى وجـود نـفـس أخـالقـيـةHsiaoفضيلة «الـهـسـيـاو»

حقة. «إنسان حقيقي». هكذا فإنه إذا ما أريد حتقيـق الـنـفـس األخـالقـيـةاحلقةI فالبد أن تكون هناك تربية على كل ا)ستوياتI ويتعS على كل فردأن يحمل محمل اجلد مسؤولية إرشاد أولئك الذين يؤثر فيهم. وعندما يتمحتقيق الذات األخالقية احلقةI فإن الشخص يغدو في حالة انسـجـام مـع

كل األشياءI ويسود السالم ويتحقق ا)راد.وفي تفسيره للكيفية التي ينفذ بها تطور «اجلS» في اجملتمعI يلخـص

باحث معاصر اقتناع كونفوشيوس بأنه:«لكي يتم اإلبقاء على ثبات اجملتمع يتعS أن يكون له قادة oكن الوثوقIكن الوثوق بهم هم الرجال ذوو الشخصيةo وأن القادة الوحيدين الذين Iبهموتلك الشخصية يتعS تطويرها من خالل التربية التي يتـم اكـتـسـابـهـا مـن

إذا ما مأموناI وأنه ما من إنسان يعد قائدااال^خرين. ومن ضبط النفس معامضى إلى أقصى حدود التطرفI وأن الرعاية السليمة لشخصية كل قائدينبغي أن تكون مناط اهتمامه الرئيسيI وأنه ما من أب أو معلم أو صاحبمنصب عام يحق له أن ينظر باستخفاف إلى مسؤولياته عن توجيه سلوك

Page 350: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

350

الفكر الشرقي القد

من يرعى أمرهمI وذلك من خالل اإلدارك احلسي والقواعد وا)ـثـل الـذييضربه لهم».

ور}ا كانت الفلسفة الكونفوشية التي � حتديد خطوطـهـا الـرئـيـسـيـةحتى اال^ن �ثل في ا)قام األول فكر كونفوشيوسI وذلك على الرغم من أنهمن الصعب إلى أبعد احلدود فصل التيارات الفكرية اخملتلفة التي ساهمتفي إقامة صرح الكونفوشيةI والشك في أن واقعية «هسون تسو»I ومثالية«منشيوس» كانتا مؤثرتS في تطوير فكر كونفوشيوس داخل الكونفوشيـة.فبينما أكد كونفوشيوس علـى «اجلـS» ونـظـر إلـى «لـي» و«يـي» و«هـسـيـاو»بحسبانها ضرورية لفرد أجيد تطويره وتنظيمه وجملتمع أجيد تربـيـتـهI لـميلتفت إلى السؤال ا)تعلق بالسبـب فـي أنـه مـن الـضـروري أن �ـارس هـذهالفضائل. لقد افترض أنناI إذا أردنا أن نكون سعداء فإن علينا أن نتصرفبهذه الطريقة. ومن ناحية أخرى كان منشيوس وهسون تسو معنيS �اما

لـ «اجلI«Sبالسؤال الذي يدور حول السبب في أننا ينبغي أن نحـيـا وفـقـاوأن �ارس «يي» و «هسياو». فقد اعتقد مـنـشـيـوس أن عـلـيـنـا أن �ـارسالفضائل التي أكدها كونفوشيوس بسبب اخلير األصلي للطبيعة البشرية.ومن ناحية أخرى تبنى «هسون تسو» وجهة النظر القائلة بأنه بسبب الشر

األصلي للطبيعة البشرية يتعS علينا أن �ارس هذه الفضائل.

٧Mencius ـ منشويوس

Sوافق منشيوس كونفوشيوس على أن «اجلJenوأنه نبع Iأمر أساسي «» أو قواعد السلوكLiكل فضيلة وخير وأساسهماI كما وافقه على أن «لي

القوY مطلوبة لتـنـمـيـة «اجلـS» وجتـلـيـهـا. وبـاإلضـافـة إلـى ذلـكI فـقـد � بوصفه نقطة االنطالق إلى اخليرI لكن منشيوسHsiaoاالعتراف بـ «هسياو»

أكثر أهمية من الدور الذي أسنده إليها كونفوشيوس.» دوراYiأنسد إلى «يي فالـ «يي» أو االستقامة هيI قبل كل شيء ا^خرI حتتوي ا)فتاح ا)فضي إلى

)ا ذهب إليه منشيوس.تنيمة «اجلS» ورعايتها وفقا إلى إقرار منشيوس للتمييز بYiSويرجع السبب في التأكيد على «يي»

I ذلك أن «اجلS» تشيـر إلـى اخلـيـرI الـذي هـوRightnessاخلير والـصـواب Iولكن «يي» تشير إلى صواب األفعال اإلنسانية Iأساس الطبيعة اإلنسانية

Page 351: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

351

الكونفوشية

واحلاجة إلى هذا التمييز مردها إلى احلقيقة القائلة بأنه على الرغم من بطريقة صائبة.أن كل الناس oتلكون «اجلS» فإنهم اليتصرفون جميعا

وبالنسبة )نشيوسI الذي ذهب إلى القول بأن «اجلS» هي بداية فعليةللخير ا)اثل في كل شخصI فإن ا)شكلة �ثلت في تفسير وجود الشر في

إلى األفعال اخلاطئةI فإنه يصبح مـنالعالمI ذلك أنه إذا كان الشر راجعاالضروري التمييز بS صواب األفعال وخير الطبيعة البشرية. وعلى الرغممن وجود اخليرI فإنه oكن للبشر أن يتصرفوا بطـريـقـة خـاطـئـةI وهـكـذاI«وألن األمر كذلك فإن من الضروري تأكيد الـ«يي Iفإنهم يجلبون الشر للعالمأي صحة الفعلI لتخليص العالم من الشرI وبالطبع لم يعتقد منشيوس أن

وال يلتقيانI» يعني أنهما مختلفان �اماJen» و«اجلYi Sالتمييز بS الـ«يي بل إنه باألحرى أعتقد أنه إذا تطورت «اجلS» بصورة كاملـة فـإن الــ «يـي»ستحذو حذوها بصورة طبيعية. وإذا كانت األفعال تتفق مع الـ «يي» ألنه من

أن نبدأ بتطوير الطبيعة البشرية عن طريق تصحيحاأليسرI واألكثر جناحااألفعال.

وموضعا االختالف األكثر أهمية بS كونفوشيوس ومنشويوس هما وجهتانظريهماI فيما يتعلق بالطبيعة البشرية والعالقة بS اخلير والصواب. فقدIذهب كونفوشيوس إلى القول بأن الناس لديهم «إمكانية» بالنسبة لـلـخـيـرأما منشيوس فذهب إلى أنهم يحطون بـ «خير فعلي» كجزء من طبيعتـهـم.ونظر كونفوشيوس إلى اخلير والصواب على أنهما شيء واحدI بينما ميـز

منشيوس بينهما.ولم يذكر منشيوس فحسب إلى أن الناس يحظون بخير فطـريI وإ�ـا

طرح حججا لتأييد وجهة النظر هذه. واحلجة األولى مفادها كالتالي:١ـ كل البشر سواء بحكم طبيعتهم.

٢ ـ احلكيمI وهو خير بحكم طبيعتهI هي شخص ما.٣ ـ ومن ثم فإن كل البشر أخيار بحكم طبيعتهم.

للحجة الثانية فإن خير البشر يتجلى في فضـائـل «اجلـS» و الــووفقا» (احلكمة األخالقية). وكل البشر يحـظـونChih«يي» والـ «لي» والـ «تشيـه

ببدايات هذه الفضائل علـى نـحـو مـا oـكـن إداركـه مـن شـمـولـيـة ا)ـشـاعـراألساسية التي تشكل البداية بالنسبة لهمI فالشفقة هي بداية «اجلS» وأي

Page 352: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

352

الفكر الشرقي القد

شخص ستأخذه الشفقة بطفل يوشك على السـقـوط فـي بـئـرI وسـيـحـاولإنقاذ هذا الطفل. والشعور باخلجل هو جذر الـ «يي» فأي شخص يـسـطـوعلى ا^خرI األمر الذي يفضي إلى موت هذا اال^خرI سيشعر باخلجل واخلزيويحاول أن يكفر عما جنته يداهI والتوقير هو بداية الـ «لي»I وشمولية هذهالبدايات oكن إدراكها في احلقيقة القائلة بأن كل األطفال يكنون توقـيـرا

ال^بائهمI وفي حضور األشخاص األسمى يشعر كل الناس بـضـروبطبيعياقصورهم فيغلب عليهم التواضع وتوقير هؤالء األشخاص. ولو قدر أن يلقي

من دفنهI وقدر له أن يعود في وقت الحقI وأنبجثمان أبيه في خندق بدال طبيعيا سيدفعهيرى الطيور والوحوش وقد انقضت على اجلثمانI فإن توقيرا

إلى اإلسراع بدفنهI ومعرفة الصواب واخلطأ هي جذر فضيلة الـ «شـيـه».و}ا أن كل شخص يستمد أفكاره عن الطابع الصائب أو اخلاطىء لألفعالمن التأمالت التي يديرها في ذهنهI فإنه ينبني على ذلك أن أفكار الصوابواخلطأ ا)تأصلة هذه البد لها أن توجد لدى كـل شـخـص. وخـالصـة هـذهIوبـسـبـب هـذا اخلـيـر الـفـطـري Iاحلجج هي أن البشر أخالقيون بالفطـرةIويستشعرون الشفقة والتوقير والتواضع Iواخلطأ Iفإنهم يعرفون الصوابويعرفون الشعور باخلجلI وهذا يعني أن }قدورهم التمييز بـS الـصـواب

واخلطأI و�لك ناصية أساس احلكم األخالقي والشخصية األخالقية.ولكن إذا � التسليم بهذا اخلير الطبيعي لدى البشرI فكيف يعلل ا)رءوجود الشر في العالم? يقول منشيوس إن الشر ا)وجود في العالم له ثالثةمصادر: أوال: الشر يرجـع إلـى الـظـروف اخلـارجـيـةI فـعـلـى الـرغـم مـن أنIالناس أخيار بطبيعتهم إال أن هذه الطبيعة تشوهها عناصر احلياة اخلارجيةواجملتمع والثقافة مسؤوالن عن وجود األعمال اخلاطئة والشر في العالم.

: الشر يرجع إلى التخلي عن النفسI حيث يتخلى الناس عن خـيـرهـمثانياIوبدال من السماح لطبيعتهم بأن تفصـح عـن نـفـسـهـا فـي اخلـيـر Iالفطريفإنهم يتخلون عن اخلير ويعقدون العزم على اإلتيان بالـشـر. ثـالـثـا: الـشـريرجع إلى عدم تغذية ا)شاعر واحلواسI أي أنه على الرغم من كون النواياحميدةI فإن ا)رء يعجز عن القيام باألمور السـلـيـمـة بـسـبـب االفـتـقـار إلـى

ا)عرفة التي يتخذ القرار السليم من خاللها.إذا قبل ا)رء بحجج منشيوس ا)دافعة عـن اخلـيـر الـفـطـري لـلـطـبـيـعـة

Page 353: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

353

الكونفوشية

اإلنسانيةI ووافقه على تفسيره )صادر الشر في العالمI فإنه يتـرتـب عـلـى لـ «اجلS» والـ «ييو والـ «لي»I ألنه منذلك أن الناس ينبغي أن يعيشوا وفقا

خالل التصرف بشكل سليم تتطور إنسانية ا)رءI ويصبح السلوك اإلنساني. وفضال عن ذلك فإن تنظيم أفعال ا)رء عن طريق «لي» يعني العيشمنظما

بالنسبة للطبيعة البشرية. وباختصار للخير الفطريI الذي يعد أساسياوفقافإن على ا)رء أن oارس الطريقة الكونفوشيةI ألنها طريقة حتقق الطبيعة

اإلنسانية.

٨Hsun Tzuـ هسون تسو

تعد وجهات نظر «هسون تسو» حول هذه النقطة معارضة �ام ا)عارضةال^راء منشويسI حيث يقول «هسون تسو» إن الـطـبـيـعـة اإلنـسـانـيـة شـريـرة

I ومن خالل ا)ؤسسات االجتماعية والثقافة يـصـبـح الـنـاس أخـيـاراIأصالIفالبشر اليفتقرن إلى بدايات الفضائل األربع التي قال بها منشيوس فقط

بدايات الشر في رغبتهم الكامنة في الربح وا)تـع.وإ�ا هم oتلكون فعالومع ذلك فإنه من ا)مكن لكل شخص أن يصبح حكيماI ذلك أن كل شخصيحظى بالعقلI ومن خالل إعمال العقل يظهر اخليـرI فـيـمـا يـقـول هـسـونتسو. وقد قال منشويوس إن البشر يولدون أخياراI ويقـول «هـسـون تـسـو»Iإنهم يولدون أشرارا. وقال منشيوس إن اجملتمع والثـقـافـة يـجـلـبـان الـشـرويقول «هسون تسو» إن اجملتمع والثقافة يجلبان اخليرI وبينما يقول منشيوسإن أي شخص oكن أن يصبح حكيما بسبب خيره األصليI فإن هسون تسويقول إن أي شخص oكن أن يصبح حكيما بسبب عقله األصلي وقابـلـيـتـه

للتربية.وا)شكلة «بالنسبة لهسون تسـو» هـي إيـضـاح كـيـف أنـه إذا كـان الـبـشـريولدون أخياراI فإن }قدورهم أن يصبحوا أخياراI وهو يذهب إلى القـولبأن اخلير يجيء كنتيجة للتنظيم االجتماعي والثقافيI والنظام االجتماعي

والثقافة يجيئان نتيجة:١ـ الدافع حلياة أفضل.

٢ـ احلاجة إلى التغلب على اخمللوقات األخرى.واحلجج هي أن:

Page 354: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

354

الفكر الشرقي القد

١ـ الناس ليس }قدورهم تقدY ا)تطلـبـات الـالزمـة لـلـعـيـشI دع عـنـكاحلياة على نحو أفضلI إال من خالل تعاون اال^خرين.

٢ـ الناس ليس }قدورهم تأمS أنفسهم ضد اخمللوقات وقوى الطبيعةاخملتلفة دون التعاون ا)تبادل.

وحيث إنه من الواضحI لهذين السببIS أن النـاس يـتـطـلـبـون الـتـنـظـيـماالجتماعيI فإن السؤال هو ما يلي: كيف يجلب التنظيم االجتماعي اخلير?وإجابة «هسون تسو» عن هذا السؤال هي أن التنظيم االجتماعي يقتضـيقواعد للسلوكI واتباع هذه القواعد من شأنه أن يجلب اخليـر. ونـظـريـتـههي أن الناس يولدون برغبات اليتم إشباع بعضها عادة. وعندما تظل الرغباتغير مشبعةI فإن الناس يبذولون قصارى جهدهم إلشباعها وعندمـا يـقـومعدد كبير من األشخاص ببذل قصارى جهودهم إلشباع رغباتهم ا)تضاربةدو�ا قواعد أو قيود ينشأ تنافس وصراع يجـلـبـان الـفـوضـىI األمـر الـذييضر باجلميعI ومن هنا فقد قام ا)لوك األوائل بوضع قواعد للسلوك تنظماألنشطة ا)تضمنةI في محاولة إشباع الرغباتI وبهذه الطريقة استحدثتالقواعد اخملتلفة ا)طلوبة للحياة االجتماعيةI و}قتضى هذه الطريقة فيIالتفكير فإن اخلير األخالقي قد � جلبه كنتيجةلتنظيم السلوك اإلنساني

الذي تقتضيه احلياة االجتماعية.ويذهب «هسون تسو» كذلك إلى القول بخلق اخليـر مـن خـالل إعـمـالالعقلI ويالحظ أن غياب الفراء أو الريش عن جلد هذا اخمللوق ذي القدoنليس هو ما oيز اإلنسان عن احليوانات األخرىI وإ�ا ما oيزه هو قدرتهعلى القيام بعمليات التمييز االجتماعيI وحيث إن القيام بعمليات التمييزاالجتماعيI وحيث إن القيام بعمليات التمييز هذه والعالقات االجتماعـيـة

هي التي �يز البشر عن الـطـيـورLiالناجمة عنها والتي تنظمهـا الــ «لـي» والوحوشI فإن الناس ينبغي أن يتصرفوا بحـسـب الــ «لـي» لـكـي يـحـفـظـوا

طبيعتهم يحفظوا طبيعتهم يفصحوا عنها.ويؤكد أسلوبا اجلدل هذانI اللذان استعان بهما هسون تسو أن اخليـرهو نتيجة اإلبداع اإلنسـانـيI سـواء مـن خـالل إعـمـال الـعـقـل أو مـن خـاللالقيام بعمليات التمييز في اجملال االجتماعيI وهو يختلف عن كونفوشيوسفي التمييز بS اخلير والعقل وفي التأكيـد عـلـى الـشـر الـفـعـلـي ا)ـاثـل فـي

Page 355: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

355

الكونفوشية

الطبيعة.Iقام «هسون تسو» و «منشيوس» بتقوية فلسفة كونفوشيوس االجتماعيةمن خالل محاوالتهما لدعمها عن طريق إجابة عن هذا السؤال: )اذا تنظماحلياة عن طريق الـ «لي» وتـطـور «اجلـS» }ـمـارسـة الــ «يـي»? ومـا حـدث

لال^خرI وإ�اتاريخيا هو أن أيا من هذين الفيلسوفS لم يتم رفضه حتبيذاIأضيفت مثالية منشيوس وواقعية هسون تسو معا إلى فلسفة كونفوشيوسوعلى هذا النحو اكتملت الكونفوشية. حيث أخذ من منشيوس التأكيد علىحتديد سالمة الفعل كوسيلة لتطوير اإلنسانيةI وأخذ من هسون تسو التأكيدعلى اتباع قواعد السلوك لتطوير الطبيعة البشرية. ومن خالل تبني وجهتيالنظر كليتهما دعمت الكونفوشية احترام الضوابط الداخليةI مسـتـخـدمـةا)شاعر الداخلـيـة كـأدلـة تـرشـد لـلـسـلـوك الـصـحـيـحI واحـتـرام الـضـوابـطاخلارجيةI مستخدمة القواعد االجتماعية كأدلة للسلوكI وهذا يعادل بصورةتقريبية استخدام كل من معايير الضمير الداخلية ومعيار القانون اخلارجيلتحديد الكيفية التي ينبغي أن يعيش بها ا)رء. وبالطبعI مال الضمير إلىالظفر باألولوية في الطريق الكونفوشيI ألن تلك القواعد االجتماعية التي

من الطريق األخالقي.توافقت مع «اجلS» كانت جزءاوعلى الرغم من أن الكونفوشيةI كنتيجةI لتـأثـيـر الـعـديـد مـن ا)ـدارساألخرى اخملتلفة ومساهمات منشيوس وهسون تسوI قد اتيحت لها معاييرخارجية عديدة لتحديد صحة األفعالI فقد استمر الوضع على أن االهتماماألول ينصب على اإلنسانية التي يحظى بها كل شخصI فالشخص يعـرفما يتعS عليه القيام به من هنـا واال^نI ألن فـي أعـمـاق كـل الـنـاس مـعـيـارا«Sألن اجلميع يحظى بـ«اجل Iالقيام بشيء ما أم ال Sلتحديد ما إذا كان يتعIأو اإلنسانية. وكل ما هو مطلوب اليعود أن يكون تطبيق القاعدة الذهبيـةفإذا لم حتب شيئا أتاه البعض حيالكI فال تأت به حيال أي شخص ا^خر.ور}ا كانت هذه الدرجة اإلنسانية من اخلير هي التي تشكل اجلوهر اخلالدللكونفوشيةI فهذه األخيرة بوصفها نزعة إنسانية شاملة يصحبها احـتـرام

مهما من ا)نظـور الـتـاريـخـي واألثـري)سار احلياة واجملتمـع لـيـسـت شـيـئـافحسبI وإ�ا هي روح اجتماعية دائمة ستـوجـد مـادام الـنـاس يـحـتـرمـون

.أنفسهم وغيرهم من الناسI ومادام البشر إنسانيون حقا

Page 356: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

356

الفكر الشرقي القد

الهوامش

: والية صغيرة عاصمتها ليو ـ ياجن وهي هومان احلالية. (ا)ترجم).١Lu ـ لو

S٢ـ جJenكما سترد اإلشارة في ا)¨ فإنه الحدود حقا :Iلألشكال التي ترجمت بها هذه الكلمة وقد نستطيع أن نضيف إلى ما هو وراد في ا)¨ أنها تعنيI ضمن أشياء أخرى الود أو العطف أوالشفقةI وأنها في نهاية ا)طاف صفة أخالقية أساسية في الكونـفـوشـيـة البـد مـن تـوافـرهـا فـياحلاكم الصالحI لكني الأستطيع مقاومة ربطها بكلمة «إنسانية» في ذهني بشكل مستمر. (ا)ترجم).

: الفيلسوف اإلجنليزي وا)فكر السياسي الكبيرI ولد في وستيـورت فـي ٥أبـريـل٣Hobbes ـ هوبز في القـوة١٥٨٨ وتوفي في ٤ ديسمبر ١٦٧٩. قال بأن الناس في حالة الطبيعـة مـتـسـاوون تـقـريـبـا

والقدرة الفعلية واخلبرةI ولكل منهم احلق الذي لغيره في كل شيءI فلو كانوا دون حكـومـة ألدىIكـل إنـسـان ضـد كـل إنـسـان Sالنزاع عن شهواتهم وعدم ثقتهم بعضهم ببعض إلى حالة حرب بوفيها لن توجد ملكية وال عدل وال حلمI وستكون احلياة «متوحدة فقيرةI قذرةI متوحشةI وقصيرة».

وتلك هي وجهة النظر ا)شار إليها في ا)¨. (ا)ترجم).

Page 357: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

357

التاوية: الطريق الطبيعي إلى احلرية

التاوية: الطريق الطبيعي إلىاحلرية

للكونـفـوشـيـةI مـبـادئـهـاتنشـد الـتـاويـةI خـالفـاIوقواعدها اخلاصة باحلياة اإلنسانية في الطبيعةال في اإلنسانI ومن هنا فإن هذه الفـلـسـفـة تـؤكـدعلى األسس ا)يتافيزيقية للطبيعةI بدال من التشديد

على اجملتمع اإلنسانيISكن لـقـصـة الـتـاويـة أن تـروى فـي حـلـقـتـoوñويتناول اجلزء األول من القصة الفلسفة التي �

تطويرها في الـعـمـل الـكـالسـيـكـي ا)ـعـروف بـاسـم«رسالة حول الطريق وقوته» (تاوتي كنج). وينظـر

على أنها فلسفة الو تسوإلى هذه الفلسفة تقليدياLao Tzuأما اجلزء الثانـي فـيـعـنـى بـتـاويـة شـواجن . الـــــذي حـــــدد ا)ـــــضـــــامــــــChuang TzuSتـــــســــــو

األبستمولوجية والصوفية لهذه الفلسفة.

١Lao Tzuـ ال و تسو

Iشأن بدايات الكونفوشية Iترجع بدايات التاويةإلى االحتجاج الفلسفي على الظـروف الـتـي كـانـتسائدة في عصرهاI وعصر الو تسو هو نفسه علىوجـه الـتـقـريـب عـصـر كــونــفــوشــيــوسI وتــكــشــف

19

Page 358: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

358

الفكر الشرقي القد

االتهامات التي وجهها الو تسو ـ والقائلة بأن الفقر واجلوع سببهما احلكامالسيئونI وأن الطمع واجلشع تسببا في احلروب واجملازرI وأن الرغبات فيالثروة والسلطةI واجملدI جتلب دمار اجملتمع ـ عن أن فلسفته قد استمدت

من القلق إزاء األوضاع االجتماعية اجلديرة باإلدانة التي كانت سائدةإلهامافي ذلك العصر. غير أن الفلسفتS على الرغم من أنهما يستمدان إلهامهمامن مـصـدر واحـد إال أنـهـمـا تـطـورتـا بـطـرق مـخـتـلـفـة �ـام االخـتـالف بـلومتناقضةI فبينما شددت الكونفوشية على خير البشر األخالقي باعتباره

للسعادةI أكد التاويون على تناسق الطبيعة وكمالها. وقوام ا)وقـفمفتاحانñفضي إلى الشر والتعاسةI ويتعـيالتاوي هو أن حيل البشر وأفاعيلهم ت

Iأو «تاو» الـكـون Iعليهم للعثور على السالم والرضا أن يتبعوا طريق الكونوأن يحققوا التوحد مع هذا التاو.

وينظر في الكونفوشية إلى احلياة ا)ركبة وا)وغلة في التطور باعتبارهااحلياة ا)ثاليةI غير أن «الو تسو» يرى أن احلياة ا)ثالية هي احلياة البسيطةوا)تناسقة. واحلياة البسيطة هي احلياة العـاديـةI الـتـي يـتـم فـيـهـا جتـاهـلالربحI والتخلي عن احلذقI وتقليل األنانية إلى حدها األدنىI وكبح جمـاحالرغباتI وهذه السمة األخيرة من سمات احلياة البسيطة تفيد في إيضاحالتباين بS «الو تسو» «كونفوشيوس»I فقد دعا هذا األخير إلى الـطـقـوسوا)وسيقىI بحيث وoكن إعالء الرغبات واالنفعاالت وتنظيمهاI ففي ذلكيكمن تطوير «اجلS» أو اإلنسانية. أما بالنسبة لـ «الو تـسـو» فـإن اجلـهـودا)بذولة لتطوير الرغبات واالنفعاالت وتنظيمها قد بدت مصطنعةI و�يـلإلى التدخل في تناسق الطبيعة. وبدال من تنظيم األشياء وضبطها لتحقيق

إلى كمالها على نحـوالكمالI فإن «الو تسو»سيترك األشياء تعـمـل وصـوالطبيعيI وهذا يعني دعم األشياء كافة في وضعها الطبيعيI والـسـمـاح لـهـاISوبهذه الطريقة ال �س احلاجة إلى فعل معـ Iبالتحول على نحو تلقائيوال يقتضي األمر ضوابط بذاتهاI ومع ذلك فإن كل شيء يتم القيام بهI وكلاألشياء يجري تنظيمها. وليس قوام األمر أن التباين بS كونفوشيوس والوتسو هو التباين بS الفعل والالفعلI وبS العمل والالعملI وإ�ا هو باألحرىتباين بS االعتقاد بأن البشر هم معيار كل األشياء ومصيرهاI وبS االعتقاد

بأن الطبيعة هي معيار كل األشياء ومصدرها.

Page 359: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

359

التاوية: الطريق الطبيعي إلى احلرية

هناك �ييزI في الكونفوشيةI بS البشر والطبيعة واخلير والـرفـاهـيـةينطلقان tا ينتمي إلى البشر ال إلـى الـطـبـيـعـة. أمـا الـتـاويـة فـتـنـظـر إلـىاإلنسانية والطبيعة باعتبارهما وحدة واحدةI وال �يز بينهما. ووفقا لهذهالفلسفة فإن أساس اإلنسانية ليس من صنعناI وإ�ا هو متضمن في شمولالكون وعملهI وبناء على هذا فإن التاوية في جوانبهـا الـنـقـديـة والـسـلـبـيـةحتلل العيوب والشرور التي تواجه اجملتمع البشريI وتصل إلى أنها تنبع في

ا)قام األول من وجهة النظر اخلاطئة لإلنسان والكون.وتقدم التاويةI بصورة بناءةI رؤية للكون واإلنـسـان بـاعـتـبـارهـمـا وحـدةواحدة. وا)عرفة اإلنسانية تتجاوز حدود ا)دركات والتصوراتI فهي مباشرةوفوريةI وال تعتمد على ثنائية زائفة بS الذات العارفة وا)وضوع ا)عروف.وا)بادىء التي ينبغي أن ترشد احلياةI وأن تنظم أفعال البشر هي ا)بادىءالتي تنظم الطبيعةI فاحلياة ال تعاش بصورة طيبة إال عندما يتوافق الناسبصورة كاملة مع الكون بأسره وعندما تغدو أفعالهم هي أفعال الكون متدفقةعبرهم. ومؤسسات اجملتمع تنتظم من خالل السماح لهم بأن يكون ما هم

ن عليه بدوره أن يتوافق مـعñعليه بصورة طبيعيةI فاجملتمع بـأسـره يـتـعـيالكون.

ومهمة الفلسفة هي أن تقود البـشـر إلـى الـوحـدة مـع الـكـون مـن خـاللIأو طريقه. وتشير كلمة «تاو» إلى الدرب أو الطريق Iإضاءة «تاو» هذا الكونوهي تعني في التاوية ا)صدر وا)بدأ الذي يعمل علـى أسـاسـه كـل مـا هـوموجود. وعندما يتوحد تاو اإلنسانيـة وتـاو الـكـونI فـإن الـبـشـر سـيـدركـون

طبيعتهم الالمتناهيةI وعندئذ سيسود السالم والتناسق.و�ثل تعاليم التاوية األخالقية واالجتماعية محاولة بناءة للحفاظ علىاحلياة اإلنسانية وجعلها عظيمة. واحلفاظ على احلياة يعني حمايتهـا مـنالتهديدات لوجودها ذاته. أما جعلها عظيمة فهو يفترض احلفـاظ عـلـيـهـاويتمثل في حتسينها ورفع مستواها. ومحاولة الوصول إلى التاوI أو الطريق

هي في ا)قام األول التي تشكل احلافـزإلى حياة مرضية ومتحققة �ـامـااحملرك للفيلسوف التاوي. وoكن تلخيص تعالـيـم الو تـسـو ا)ـتـعـلـقـة بـتـاو

احلياة اإلنسانية في اجملتمع في ا)بادىء التسعة التالية:١ـ يتحرك الناس بصفة عامة لتحقيق رغباتهم.

Page 360: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

360

الفكر الشرقي القد

٢ـ ينتج عن محاوالت األفراد العديدة إلشباع رغباتهم حدوث التنافـسوالصراع.

٣ـ إلقرار السالم والتناسق بS األفراد الذين يكافحون إلشباع رغباتهميتم التوصل إلى معايير لالستقامة واألخالق اإلنسانية.

٤ـ من الواضح أن وضع ا)عايير األخالقيـة اليـحـل ا)ـشـكـالتI ذلـك أنالتنافس والصراع يبقيان على حالهماI والقواعد تنتهكI ويتم إقرار قواعدجديدة حلماية القواعد القدoةI ولكن القواعد القدoة واجلديدة تنتهـك

وتظل الرغبات دو�ا إشباع بينما يتدعم الشر واقتراف اخلطأ.٥ـ }ا أن التوصل إلى معايير أخالقية ال يحل ا)شكلةI فإن احلل يكمن

في التخلي عن هذه ا)عايير.٦ـ الoكن التخلي عن األفعال الصادرة عن الرغبات إال عنـدمـا يـتـبـنـى

الناس «الطريق السهل» للفعل.٨ـ «الطريق السهل» في الفعل يفترض مقدما التناغم مع الكون والتصرف

للتاو الكوني الشامل.وفقا للطريق الطبيـعـي٩ـ ينبغي أن يكون تنظيم اجملتمع وحكم الـنـاس وفـقـا

السهلI كما ينبغي أن يدعم الطريق الطبيعي في نفوس الناس.وفي محاولة معاجلة الشرور ا)اثلة في اجملتمـع الـذي عـاش فـيـه «الوIأدرك ضرورة فهم األسباب األساسـيـة الـكـامـنـة وراء هـذه الـشـرور I«تسوولكي نصل إلى ذلكI من ا)هم أن نعرف مصادر األفعال اإلنسانية واألدلـة

ل الو تسو انتباهه نحو هذه األمورI بدا جليا له أنñا)رشدة لهاI وفيما حوخيارات معظم الناس وأفعالهم تنطلق من رغباتهمI وتسترشد بإشباع هذهالرغباتI وبناء على هذا فإن أكثر ا)بادىء األساسية تـنـظـيـمـا لـلـفـعـل هـو

حتقيق الرغبات.وإذا كان الناس يعملون إلشباع رغباتهمI وإذا كان األشخاص اخملتلفونيرغبون في األشياء نفسهاI فإنه عندما اليتوافر ما يكفي من السلع واخلدماتفسوف يتنافس بعضهم مع بعض وينشأ الصراع. ومن ا)عروفI بالطبعI أن

يرغبون في األشياءالناس اليتمكنون من إشباع كل رغباتهم قطI وهم غالباعينهاI وبالتالي فإنهم ينافس أحدهم اال^خرI وتنشأ الصـراعـات. وعـنـدمـااليتم تنظيم التنافس وحتسم الصراعات باستخـدام الـقـوة والـبـطـشI فـإن

Page 361: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

361

التاوية: الطريق الطبيعي إلى احلرية

نسيج اجملتمع كله يتهدده اخلطرI ومن هنا فإنه لتنظيم التـنـافـس وتـقـلـيـلالصراعات يتم إدخال القواعد األخالقية كمرشد يهدي السلوك اإلنساني.والوظيفة األولى للقواعد األخالقية وا)ؤسسات االجتماعية هي تنظيمأفعال الناس لكي يتحقق احلد األقصى من اإلشباع للجميع. ولم يكن لدى«الو تسو» اعتراض على األهداف التي ترمي األخالق لتحقيقهاI لكنه تساءلعن إمكان حتقيق هذا الهدف من خالل تنظيم الـتـنـافـس والـصـراع. وإذيالحظ أنه عندما ساد التاو العظيم لم يعد هناك نـزاع وال تـنـافـسI فـإنـهيشير إلى أنه: «عندما تدهور التاو العظيم نشأت مـذاهـب عـن اإلنـسـانـيـةواالستقامة «ومبادىء اإلنسانية (اجلS) واالستقامة (بي) هي أساس األخالقالكونفوشيـةI ومـوضـوعـهـا هـو الـتـنـظـيـم ا)ـقـبـول لـكـل األفـعـال اإلنـسـانـيـةوا)ؤسسات االجتماعية. غير أن مالحظة الو تسو تكشـف عـن أنـه يـعـتـبـراألخالق حال غير مناسبI ألنها تأتي كنتيجة لتدهور الطريق العظيم للطبيعة.وال شك أن «الو تسو» قد نظر إلى فشل األخالق الكونفوشية في حتقيقIاألوضاع االجتماعية ا)ثالية على أنه مؤشر على عدم كفاية ا)نظور األخالقيفاألخالق التدرس ا)شكلة في جذورهاI ومن خالل السماح للرغـبـات بـأنتعمل كمصادر شرعية للفعل اإلنسانيI لهذا فإن األخالق تعجز عن القضاءعلى التنافس والنزاع وأقصى ما تستطيع عمله هو تنظيم التنافس والنزاعوأقصى ما تستطيع عمله هو تنظيم التنافس والتقليل من النزاعI ولكن هذايؤديI ببساطة إلى تعقيد مسألة إشباع الرغبات على نحو يتفق مع القواعدIوبذلك يظهر السلوك الالأخالقي Iويؤدي إلى حتطيم القاعدة Iاألخالقيةفهي التقضي على التنافس وال تتيح اجملال لإلشباع الكامل للرغباتI ومنهنا فقد قال الو تسو: «عندما يضيع التاوI وعندئـذ فـقـط يـنـشـأ مـذهـبالفضيلةI وعندما تضيع الفضيلةI عندئذ فقط ينشأ مبدأ اإلنسانية» (الفصل

الثامن والثالثون).و}ا أن األخالق تعجز عن إقرار السالم والسعادةI فإنه ينبغي الـنـظـر

)شكلة حتقيق اجملتمع ا)ثاليI ويتعS التخـلـي فاشالإليها باعتبارها حـالعنها واللجوء إلى حل مختلفI ولكن األخـالق الoـكـن الـتـخـلـي عـنـهـا دونتغيير األوضاع التي أفضت بصورة حتميـة إلـى تـنـظـيـم الـفـعـل مـن خـالل

عضخالقواعد األخالقية. وهذه األوضاعI وهي عالم من الصراع والتنافس ي

Page 362: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

362

الفكر الشرقي القد

فيه األقوياء الضعفاء حسبما يحلو لهمI هي نتـاج الـفـعـل الـذي يـسـتـهـدفإشباع الرغبات. و}ا أن التحرك إرضاء للرغبات من شأنه أن يجلب األوضاعالتي تقتضي األخالقI فإن هذه األخيرة الoكن التخلي عنها إال بعد التخليعن الرغبات كمصدر لألفعالI والسبب في أن التصرف انطالقا من الرغبات

فضي إلى الشر هو أن ذلك مناقض للطريقI ذلك أن التاو العظيم هو علىيIواخلير اليتحقق من خالل الفعل الذي حتركه الرغـبـة Iالدوام بال رغباتوإ�ا يحققه اإلحجام عن الفعل الذي يستمد وحيه من بساطة التاوI حسبمايرى الو تسوI وهو يقول: «البساطةI التي يسود الـسـالم الـعـالـم مـن تـلـقـاء

ذاته». (الفصل السابع والثالثون).مار الدعوة إلى التخلي عن الرغبات كمصادر للفعل فإن السؤالوفي غ

ا)هم بالنسبة لالوتسو يغدو: كيف يتعS على الناس إذن أن يسلكوا? ورده على هذا السؤال هو بإيجاز أن الناس ينبغي أن يتبنوا طريق التاوالسهلI وأال يفرضوا رغباتهم على الطبيعةI وإ�ا أن يتبعوا مبادىء الطبيعة.وقد دعاI فيما يتعلق باجملتمعI إلى حكومة للشعب تتفق مع الطريق السهل

والطبيعي للتاوI الذي يعزز الطريق الطبيعي في حياة الناس.

٢ـ التاو وجتلياته: وجتلياتهTaoمن الضروري لفهم رد الو تسو أن ننتقل إلى تصوره للتاو

نظر إليهما». وقبل الو تسوI كان مبدا^ الS والياجن معروفIS وكان يTe«تي للتفاعل بـS الـSباعتبارهما هذينI وكانت كل أشياء العالم تعـتـبـر نـتـاجـا

Iوالـبـرد والـدفء Iكالـنـور والـظـالم :Sوالياجن ا)تعارض Sوالياجن. ولكن الوالوجود والعدم... إلخI وبحكم تعارضهماI لم يكن }قدورهما انطالقا منطبيعتهما إنتاج نفسيهما أو التفاعل أحدهما مع اال^خر. وكان وجـود شـيء

مطلوباI وكان اإلسهام الكبيرثالث يقدم األساس والسياق لتفاعلهما أمـراIالذي أجنزه الوتسو هو إدراك التاو باعتباره مصدرا لكل من الوجود والعدملكل من الS والياجن ـ ووظيفة التاو باعتباره أساس التفاعل بS الS والياجن.والتاوI باعتباره ا)بدأ األول على نحو مطلق هو بغير سمات أو خواصعلى اإلطالق. و}ا أنه هو نفسه بغير سمات أو خواصI فهو ا)صدر والشرطاخلاص بكل السمات واخلصائصI وبهذا ا)عنى فإنه الـعـدمI ولـكـنـه لـيـس

Page 363: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

363

التاوية: الطريق الطبيعي إلى احلرية

I «ذلك ألنه مصدر كل شيء. إنـه سـابـق لـكـل األشـيـاء)١(ببساطـة «الشـيء»ا)وجودةo Iنحها احلياة والداللةI ويشكل الواحدية التي تشكل أساس كـلالتنوع والتعدد في العالم. ويقول الوتسو: إن التاو الذي oكن احلديث عنهليس التاو األزليI واالسم الذي oكن أن يسمى ليس االسم األزليI واجملردمن االسم هو أصل السماء واألرضI أما ا)سمى فهو أم كل األشياء» (الفصل

األول).والسر في أن التاو الoكن تسميته هو أنه بال تقسيمات وال �ييزات وال

دI شأن كتلة لم �سI بحكم كونه دو�ا تغييرI التعرفخصائصI إنه موحالبدء وال االنتهاء. ولكن إذا لم يكن من ا)مكن تسمية التـاوI فـمـا هـو ذلـكـ إن «الوتسو» يهدف بقوله إن التاو يتجاوز كل األسماء الذي يسمى بالتاو?? إلى إيضاح أن ا)صدر وا)بدأ األساسي الoكن تسميتهI ألنه ا)صدر ذاتهلكل األسماء واألوصافI وينبني على ذلك أن التاو هو ال ـ اسمI فهو ال يشيرإلى أي شيء واحدI وإ�ا هو باألحرى يشير إلى ذلك الذي oكن األشيـاءمن أن تكون ما هي عليهI إنه ذلك الذي oنحها الوجودI ويسمـح لـهـا بـأن

قال إن التاو هو مصدر كل الوجود والعدمI فإنتنداح إلى العدم. وعندما يقال: «ذلك الذي منه يـنـطـلـقكلمة «تاو» تعمل مثـل كـلـمـة «ذلـك»I عـنـدمـا ي

الوجود والعدم». علـى ومتقـدمـا سابقـاوتكمن أهمية «التاو» في إدراك أن هـنـاك شـيـئـا

األشياء اخملتلفة احملددة ا)وجودة في العالمI شـيـئـا يـضـفـي الـوحـدة عـلـىاألشياء ا)وجودةI والتي حتدد وجود كل شيءI ووظيفته علـى وجـه الـدقـة.

قالI ذلك أن كل ما oكنأما ما هو ذلك الشيء فأمر الoكنI بالطبعI أن يقال إن ا)صـدر مـحـدوداحلديث عنه محدود مـحـتـومI بـيـنـمـا الoـكـن أن ي

ومحتومI ذلك أنه هو نفسه الذي يضع القيود واحلتميات.قال ما هو التاوI وإ�ا oكن فحسب أنوعلى الرغم من أنه الoكن أن ي

شار إليهI فإن شعورا بطبيعةالتاو oكن حتقيقه من خالل بحـث تـوظـيـفيالتاو. والoكن على وجه التحديد إيضاح وظيفة (تي) التاوI ولكـن }ـا أنIكن النظر إليهاo فإن وظيفته Iالتاو يدعم كل األشياء في حالتها الطبيعيةعلى األقل بصورة جزئيةI من خالل النظر إلى الطبيعةI فالتاو يتجلى فـي

»Teأعمال الطبيعةI ذلك إن ما �تلكه األشياء الفردية من التاو هو الـ «تي

Page 364: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

364

الفكر الشرقي القد

. والتاوI كمصـدرI يـتـيـح اجملـال لـوجـود األشـيـاء ذاتـهTaoIأو وظيفـة الـتـاو وظيفة التاو تتيح اجملال لتميزها.

وعندما فحص الوتسو حتوالت األشياء في أوضاعها الطبيعية الحظ) هـو مـا تـرثـه األشـيـاء مـن الـتـاو بـاعـتـبــارهWu Weiأن الـالفـعـل (وو ـ وي

وظيفتها. ويقول: «اليقوم التاو في كل األحوال بأي فعل ومع ذلـك مـا مـنشيء يترك دو�ا إجناز» (الفصل السابع والثالثون). وما يعنيه بقوله: «اليقومIالتاو في كل األحوال بأي فعل» ليس بذل قصارى اجلهود والكفاح لإلجنازوإ�ا ترك األشياء تنجز نفسها بطريقة طبيعية وتلقائيةI وهكذا فإنه عقبا)الحظة التي اقتبسناها فيما سبق يقول: «إذا كا }قدور ا)لوك والنـبـالءاحلفاظ عليهI فإن كل األشياء ستتحول بصورة تلـقـائـيـة (الـفـصـل الـسـابـعوالثالثون). واإلشارة هنا هي إلى التاو. فإذا كان احلاكـم سـيـحـافـظ عـلـىطريق التاوI فإن احلكم سينطلق بطريقة طبيعية وتلقائيةI ولن تكون هناك

حاجة إلى القوانS الصارمةI وا)صادرات والعقاب واحلروب.ونصيحة «الوتسو» للحكام هي أنهم ينبغي أن يحـكـمـوا فـي إطـار أدنـىحد tكنI وأن يتمسكوا بالطريق الطبيعيI وأن يتركوا الناس oضون فيطريقهمI وهو يشير إلى أن الناس يصعب حكمهم ألن احلاكم يقـوم بـأكـثـرtا ينبغي من األمور. وما ينبغي أن يضعه احلاكم في ذهنه هـو أن «حـكـمنبلد كبير يشبه طهو سمكة صغيرة».وفي القيام بطهو سمكة صغيرة يتعي

على ا)رء أال يعـالـج أمـرهـا بـخـشـونـة وقـسـوةI ألن ا)ـبـالـغـة فـي ا)ـعـاجلـةستفسدها. وفي إطار حكم بلد يتعS احلرص على عدم دفع النـاس دفـعـاوإجبارهم على التمرد. وعندما يتم إرضاء الناس فلن يكون هناك �رد أوحروبI وبالتالي فإن الطريق السهل في احلكم هو إعطاء الناس مايرغبونفيهI وجعل احلكومة تتوافق مع إرادة الناسI وليس محاولـة إجـبـار الـنـاس

على التوافق مع إرادة احلكومة.Iوعندما يشير «الوتسو» إلى أن احلاكم ينبغي أن يعرف التاو الغامض وأن يضاهي في حكمه وظيفة التـاوI فـإنـه كـان يـضـع فـي ذهـنـه أن كـمـال

. ووظيفة احلاكمTao يكمن في تعبيرها عما حتمله من تاو األشياء جميعاهي أن يدع التاو يعمل بصورة حرةI وأال يحاول مقاومة وظيفته وتغييرها.ويتم الكشف عن طبيعة التاو وكيفية أدائه لوظيفته في الفصل الرابـع مـن

Page 365: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

365

التاوية: الطريق الطبيعي إلى احلرية

كتاب «تاو تي كنج» حيث يقول الوتسو:«التاو خاو (كالوعاء).«التاو خاو (كالوعاء).«التاو خاو (كالوعاء).«التاو خاو (كالوعاء).«التاو خاو (كالوعاء).

قد يتم استخدامهI لكن طاقته التستنفد.قد يتم استخدامهI لكن طاقته التستنفد.قد يتم استخدامهI لكن طاقته التستنفد.قد يتم استخدامهI لكن طاقته التستنفد.قد يتم استخدامهI لكن طاقته التستنفد.إنه بال قاعI ور}ا كان اجلد األول لكل األشياء.إنه بال قاعI ور}ا كان اجلد األول لكل األشياء.إنه بال قاعI ور}ا كان اجلد األول لكل األشياء.إنه بال قاعI ور}ا كان اجلد األول لكل األشياء.إنه بال قاعI ور}ا كان اجلد األول لكل األشياء.

إنه يثلم حدتها.إنه يثلم حدتها.إنه يثلم حدتها.إنه يثلم حدتها.إنه يثلم حدتها.ويفك تشابكاتها.ويفك تشابكاتها.ويفك تشابكاتها.ويفك تشابكاتها.ويفك تشابكاتها.

ويخفت نورها.ويخفت نورها.ويخفت نورها.ويخفت نورها.ويخفت نورها.ويتوحد مع العالم الترابي.ويتوحد مع العالم الترابي.ويتوحد مع العالم الترابي.ويتوحد مع العالم الترابي.ويتوحد مع العالم الترابي.

وهو في عمقهI وسكونهI يبدو أنه موجود إلى األبد».وهو في عمقهI وسكونهI يبدو أنه موجود إلى األبد».وهو في عمقهI وسكونهI يبدو أنه موجود إلى األبد».وهو في عمقهI وسكونهI يبدو أنه موجود إلى األبد».وهو في عمقهI وسكونهI يبدو أنه موجود إلى األبد».والقول بأن التاو خاو هو إشارة إلى أنه بال سمـات أو خـصـائـصI إنـهخاو من كل خصوصيةI ذلك إنه إمكانية. ومصـدر كـل خـصـوصـيـةI وعـلـى

من بS كل األشياءIالرغم من أنه خاو من أشياء محددة فإنه األكثر نفـعـا في الدار هو خواؤها ـ الفراغ ا)وجـود فـيـهـا ـوكما أن الشيء األكثـر نـفـعـا

في التاو هو خلوه من اخلصائص والسماتI ألنفكذلك الشيء األكثر نفعاهذا يعني أن له طاقة النهاية لهاI وهكذا فـإن خـواء الـتـاو مـرادف لـكـونـه

ا)صدر غير ا)تناهي لكل األشياء.وعمل التاو خالد ومتكرر ويفرز كل األشياءI ويوجه كل األنشطةI وتشبيه

يجذب االنتباه إلىعمل التاو بثلم احلدة وحل التشابكات وجعل النور خافتااالنعكاس أو االنقالب باعتباره حركة التاو. والدرس الذي يستمده التاويونمن الطبيعة هو أنه اال^خر. وهكذا تعطى النصيحة القائـلـة بـأنـه )ـسـاعـدةاحلاكم التاو اليستخدم ا)رء القوة والعنفI ألن ذلك مـن شـأنـه أن يـحـدث

على عقب (الفصل الثالثون). وعندما تغدو لألمور رأسا أو عكساانقالبا لألمور يحدثI ويبدأ الـدفء فـي الـقـدومIالدنيا باردة للغـايـة فـإن عـكـسـا

ويبدأ البـرد فـي لألمور يحـدث مـجـدداوعندما يتفاقم احلـرI فـإن عـكـسـارى في تعاقب الفـصـول.االنعدام. وهذا هو طريق الطبيعة على نـحـو مـا ي

وبطريقة tاثلة فإنه عندما يغـدو شـخـص شـديـد الـكـبـريـاء والـغـرور فـإن. ومعرفة االنعكاسات أو االنقالبات التي)٢(الفضيحة والذل سيعقبان ذلك

تشكل عمل التاوI وحتقق التوافق مع التحركات ليس إال الطريق إلى السالموالرضا. وكما أن ا)رء اليرتدي مالبس خفيفة في الشتاء ويعاني من جراء

Page 366: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

366

الفكر الشرقي القد

البردI واليرتدي مالبس ثقيلة في الصيف ويعاني من احلرI وإ�ـا يـرتـديمالبس ثقيلة في الشتاء ويستمتع بالبردI ويرتدي مالبس خفيفة في الصيفIفكذلك الينبغي للمرء أن يقاوم الطريق الطبيعي I*ويستمتع با)ناخ الدافى

وإ�ا يتعS أن يتصرف }ا يتفق مع طريق التاو العظيم في كل األمور.وإدراك أن التاو يتوحد مع العالم الترابي هو فهم حلقيقة أن التاو ليس

I وإ�ا هو كامن في األشياءI أي أن التاو اليظل }نأى عنمتعاليا ومفارقاالعالم يوجهه من بعيدI وإ�ا هو يعمل من خالل العالمI والoكن �ييزه عن

عن احلياةI وإ�ا هو في قلـب بعيداوظيفته في العالمI فهو ليس موجـودااحلياة وفي العالم.

عن طريقواحلاكم الذي يعرف التاو وجتلياته «تي» يعر كيف يبقى بعيداالناس وكيف يخدمهم دون أن يقتحم عليهم حياتهم عنوة. وهكذا فإن الوتسويقول إن الناس «يصعب حكمهمI ألن احلاكم يـقـوم بـأكـثـر tـا يـنـبـغـي مـناألمور» (الفصل اخلامس والعشرون). ويقول الوتسو عـلـى نـحـو يـتـفـق مـعوظيفة التاو: «قم بإدارة اإلمبراطـوريـة مـن خـالل عـدم االنـهـمـاك فـي أينشاط». ويالحظ في معرض دعمه لهذه النصيحة أنه: «كلما زادت احملرمات

»I و«كلما فرضت قوانS وأوامروالضوابط في العالم غدا الناس أكثر فقراإضافية زاد عدد اللصوص وقطاع الطريق» (الفصل السابع واخلمسون).ومن خالل التخلي عن الرغبات وترك التاو يلج نفس ا)رء ويتخللهاI فإناحلياة ستعلو على ألوان التمييز بـS اخلـيـر والـشـرI ولـسـوف تـنـطـلـق كـلاألنشطة من التاوI مصدر الوجود ذاتهI وستتوحد اإلنسانية مع العالم. هذاهو احلل الذي طرحه الوتسو )شكلة الشر والتعاسة في حياة البشرI وهوحل يعتمد في نهاية ا)طاف على حتقيق الوحدة مع ا)بدأ الداخلي العظيم

للواقعI وبالتالي فهو حل صوفي بصورة أساسية.

٣Chuang Tzuـ شواجن تسو

على الرغم من أن األسس اإليجابية للتاوية هي أسس صـوفـيـةI إال أن وجيهة تدعونا حلمل طريقة احلياة هذه مـحـمـل اجلـدI كـمـاهناك أسبابـا

يشير شواجن تسو. وقد قام تشواجن تسو (حوالـي ٣٦٩ ـ ٢٨٦ق.م.) بـتـطـويـرفلسفة التختلف بصورة أساسية عن فلسفة «الوتسو» على الـرغـم مـن أنـه

Page 367: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

367

التاوية: الطريق الطبيعي إلى احلرية

على نحو أبعد في تطوير مفاهيم التلقائية الشاملة للطبيعةoIضي موغالونشاط األشياء الذي اليعرف التوقفI والوحدة التي تشكل أساس الوجود

«تاو»uبأسره. وقد أكد أن احلرية ا)طـلـقـة تـتـحـقـق مـن خـالل الـتـوحـد مالواقع. وطرح شواجن تسو كذلك احلجج لرفض طرق احلياة األخرىI وقبول

طريق التاو.وتقوم فلسفة شواجن تسو على أساس االعتقاد بأن السعادة احلقيقـيـةتعتمد على جتاوز عالم التجربة العاديةI ومعرفة ذات ا)رء وتوحيـدهـا مـع

في وصفه للشخصالتناهي الكونI ويبدو هذا االقتناع على نحو جلي �اماIالذي حقق السعادة الكاملة. ويـقـول شـواجن تـسـو عـن الـشـخـص الـسـعـيـد

ينطلق بعربة في الـنـظـام الـعـاديـنواحلكيم احلق: «لنفـتـرض أن هـنـاك مللكونI ويركب حتوالت العناصر الستةI إنه على هذا النحو يقوم برحـالت

قال إن اإلنسان الكاملإلى الالمتناهيI فماذا لديه ليعتمد عليه? من هنا يهو إنسان بال ذاتI إن اإلنسان الروحي ال إجناز لهI إن احلكيم ال اسم له».يراد بهذه ا)الحظة اإلشارة إلى أن ا)شروع ا)عرفي العاديI الذي oيزا)رء في إطاره بS الذات واال^خرI بS الفعل وعدم الـفـعـلI وبـS األسـمـاء(الكلمات) وبS الوقائع (األشياء) هو مشروع غير مقنع وغير كاف. وبالتاليفإنه غير مناسب بسبب قصوره وتناهيه. ومن هنا يشار في «كتاب شواجنتسو» إلى أن وجهة النظر ا)تناهية (وجهـة الـنـظـر ا)ـعـرفـيـة الـعـاديـة الـتـيتعتمد على اإلدراك احلسي والتصور العقلي) ينبغي أن حتل محلها وجـهـةنظر «المتناهية» أو «متعالية». وينظر إلى وجهة النظر الـالمـتـنـاهـيـة هـذه

باعتبارها تغدو ومتوحدة مع التاوI جوهر (النظام ا)ألوف) في الكون.شار في مناسبات ليست بالقليلة إلى أن جوانب فلسفة شواجن تـسـووي

ا)شار إليهاI تعد برهانا على أنه صوفي صيني. وفي ضوء وصف شواجن دو�ا مزيد من البحثتسو على هذا النحوI فإنه من ا)مكن تنحيته جانبا

سيى* الطالعI ذلك أن شـواجنالفلسفيI ولكن مثل هذه التنحية تعـد أمـراتسو ال يشير فحسب إلى أن وجهة النظر ا)تناهية ينبغـي أن حتـل مـحـلـهـا

عن قبـولوجهة نظر المتناهيةI وإ�ا هو يجـادلI بـصـراحـة تـامـةI دفـاعـاوجهة النظر الالمتناهية من خالل محاولة إيضاح أن وجهة النظر ا)تناهية

(ا)شروع ا)عرفي العادي) غير مقنع وغير واف.

Page 368: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

368

الفكر الشرقي القد

واحلجج ا)ضادة لقبول ا)شروع ا)عرفي الـعـاديI والـتـي تـشـكـل حـجـج عن وجهة النظر الالمتناهيةo Iكن أن تصنفشواجن تسو ا)طروحة دفاعا

على أنها: ١ـ احلجة التي تنطلق من نسبية التمييزات.

٢ـ احلجة التي تنطلق من تكامل األضداد. ٣ـ احلجة التي تنطلق من ا)نظورات.

٤ـ احلجة التي تنطلق من نزعة الشك العامة.١ـ تذهب احلجة األولىI وهي احلجة التي تنطلق من نسـبـيـة عـمـلـيـاتالتمييزI إلى أن األحكام ا)تعلقة بالـقـيـم ومـوضـوعـات الـتـذوق هـي أحـكـامذاتيةI وبالتالي فهي نسبيةI فقد تكون صلصة معينة حريفة بالنسبة لذوقالشخص. (أ) ولكنها قد تكون أقرب إلى احلالوة بالنسبة لذوق الشخص.

بالنسبة للشخص(ب) والتفكير في نسبية عمليات التمييز قد يكون جيدا«س» وسيئا بالنسبة للشخص «ص». وهذه النسبية ينظر إلـيـهـا عـلـى أنـهـاتسري على عمليات التمييز كافة. ويقول شواجن تـسـو: «دعـنـا نـأخـذ عـلـىسبيل ا)ثال دعامة خشبية كبيرة ودعامة صغيرةI أو امـرأة قـبـيـحـة وهـي ـIوالـغـرابـة Iالـكـرم Iأو (ـةoالقد Sحسناء شهيرة من حسناوات الص) شبهواخلداعI واخلروج على ا)ألوف. إن التاو ينظر إلى هذا كله على أنه شيء»وحدث». وهو يقول كذلك: «ليس هناك في العالم ما هو أعظم من طرف

صغير. وما مـن أحـدMount Taiشعره ينمو في اخلريفI بينـمـا جـبـل تـاي ـ تسو (الذي ع رïميعيش حياة أطول من طفل oوت في طفولتهI ولكن بينج

I وأنا وكلعدة مئات من السنS) مات قبل األوانI إنني والكون نوجد مـعـااألشياء شيء واحد».

والسبب الرئيسي في النظر إلى كل التمييزات باعتبارها نسبية هو أنمـاراخلصائـص الـتـي تـعـزى إلـى األشـيـاء أو األحـداثI أو األحـداث فـي غ

القيام بهذه التمييزات يولدها الذهنI الذي ينظر إليه بـاعـتـبـاره مـسـتـقـالسمى بخصائص األشياء التي قام بتـولـيـدهـا. ويـقـول شـواجن تـسـو:عمـا ي

«الطريق يصبح كذلك عندما يسلكه الناسI واألشياء تصبح كذا وكذا (بالنسبةللناس) ألن الناس يطلقون عليـهـا كـذا وكـذا. كـيـف أصـبـحـت كـذلـك? لـقـدأصبحت كذلك ألن الناس يسمونها كذا وكذا. كيف لم تصبح كذلك? إنها لم

Page 369: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

369

التاوية: الطريق الطبيعي إلى احلرية

تصبح كذلك ألن (الناس يقولون) إنها ليست كذلك». احلجة ا)نطلـقـة مـنعمليات التمييز يقصد بها أن تبرهن على هـوان شـأن ا)ـعـرفـة. فـإذا قـيـلبإمكانية معرفة ما هو خير أو حلو ا)ذاقI وإذا كان مـن ا)ـمـكـن إظـهـار أنمفاهيم اخلير والكبر واحلالوة نسبية فإنه ينبني على ذلك أن ا)عرفة التي� القول بها تغدو معرفة نسبيةI وبالتالي oكن النظر إليها على أنها تافهة

والقيمة لها.ISوا)ـوهـيـ Sضد الـكـونـفـوشـيـ Iفي ا)قام األول Iوهذه احلجة موجهةالذين ذهبوا إلى القول بأن لديهم معرفة أصيلـة }ـا هـو صـواب و}ـا هـوخطأI ولكنهم اختلفوا في كل نقطة على وجه التقريب. ويقول شواجن تسو:«لقد نشأت اخلالفات بS الكونفوشيS وا)وهيIS ونظرت كل مدرسة إلىمانظرت إليه ا)درسة األخرى على أنه صوابI باعتباره خطأ..» كان ا)وهيون

للمعرفةI وكانت وجهة نظرهمبرجماتيS يقبلون با)مارسة باعتبارها معياراهي أن ا)عرفة tكنةI ففي األساس يحيا الناس على نحو يتـجـنـبـون مـعـهالكثير tا يسوء. واال^ن }ا أن األسس النفعية أو البرجـمـاتـيـة خـاطـئـه أوصواب األفعال تتقرر من خالل مدى األلم في احلالة األولى والسرور فـياحلالة الثانيةI فإن كون األفعال صحيحة أو خطائة oكن معرفته من خاللالنظر إلى األلم أو السرور الذي جتـلـبـه األفـعـال. ومـن نـاحـيـة أخـرى فـإنالكونفوشيS ذهبوا إلى القول بأن معرفة الصواب واخلطأ تنطلق بـصـورة

فورية وحدسية من احلس األخالقي الداخلي.ويستخدم شواجن تسو احلجة ا)نطلقة من النسبية إليضاح أن السـروروالضيق هما مفهومان نسبيانI وعلى الرغم من أن الناس يبدون على مايرامفي هذه احلياةI فإن هذا قد يكون مجرد مظـهـر ولـيـس واقـع احلـال عـلـىاإلطالقI فضال عن ذلكI فليس من الواضح كيف oكن للممارسة أن تكون

للمعرفةI وقد يكون من ا)مكن أنه ليست هناك طريقة لنعلم بها مامعيارا مناسبا للمعرفةI ذلك أن ا)مارسة نفسها نسبيةIإذا كانت ا)مارسة معيارا

وتكمن ا)شكلة بالنسبة للكونفوشي في إيضاح أن احلـس األخـالقـي الـذييفترض أنه يتيح معرفة الصواب واخلطأ أقل نسبية بأي شكل من أي حس

ا^خر.ويوافق كل من الكونفوشي وا)وهيI وإن يكن ألسباب مختلفةI علـى أن

Page 370: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

370

الفكر الشرقي القد

}قدورنا أن تكون لدينا معرفة أصيلة باحلقيقة القائلة بـأنـه مـن اخلـطـأاقتراف القتل. غير أنه باستخدام حجة النسبية التي قال بها شواجن تسـوIوإ�ا معرفة نسـبـيـة فـحـسـب Iكن إدراك أن هذه ا)عرفة ليست مطلقةoفهي من منظور ا^خر قد يتبS أنها خاطئةI ولنفترض أنـنـا قـلـنـا إن الـقـتـل

والطريقة الوحيدة لنجاتـهخطأI واال^ن إذا كان هناك إنسان يتضور جوعـامن ا)وت هي بقتل أرنبI فإن اجلميع سيوافق علـى أن مـن الـصـواب قـتـلاألرنب. ولكن قد يعترض معترض فيقول إنه على الرغم من أنه من الصوابالقيام وقت احلاجة بقتل احليواناتI فإنه من اخلطأ دائما قتـل اإلنـسـان.غير أنه إذا كانت الطريقة الوحيدة بالنسبة لرجل مال كي oنع موت زوجته

بأنه في هذهوعائلته هي بقتل من يهاجمهمI فسوف يتم التسلـيـم مـجـددااحلالة اخلاصة سيكون من الصواب أن يقوم اإلنسان بالقتلI ولكن بسبـبهذه الظروف اخلاصة فقط. وفي موضع مـا مـن خـط اجلـدل هـذا oـكـنلشخص يستخدم حجة شواجن تسو أن يشير إلى أنه الoكن أن تكون هناكمعرفة حقيقية قط بخطأ فعل كالقتلI ألن الصواب واخلطأ نسبيان بصورةخالصةI فكل شيء يعتمد على مـن يـقـوم بـالـقـتـلI ومـن يـقـوم بـالـنـظـر فـيا)سألة وطبيعة الظروف. والoكن أن يكون هـنـاك صـواب مـطـلـقI وخـطـأمطلقI ألن اخلطأ والصواب نسبيان ومرتبطان بالظروف ا)تعلقة باألفعالموضع ا)ناقشةI ولكن هذا يعني أنه ليس هناك معرفة حقيقية بالـصـواب

واخلطأ.وقد تتم اجملادلةI بالطبعI ضد شواجن تسو بأنه إذا كـانـت كـل ا)ـعـرفـةنسبية بصورة خالصةI فكذلك احلال إذن بالنسبة لهذه ا)عرفةI أي ا)عرفةبأن كل معرفة نسبيةI ولكن إشارة شواجن هي أنه بـسـبـب نـسـبـيـة ا)ـعـرفـة

أن تلك ا)عرفة نسبية. ولن يكون من أن تعرف فعـالفليس }قدورك حقااجملدي رد التحية بأحسن منها بالذهاب إلى القول بأنه ليس }قدوره قط

ما إذا كانت تلك ا)عرفةI أو أي معرفةI تافهة أو غير تافهةIIأن يعرف حقاألن معنى حجة شواجن تسو ا)نطلقة من نزعة الشك هو على وجه التحديد:

استمرار استحالة معرفة مؤكدة السبيل إلى الشك فيها.وموقف شواجن تسو واضح: إذا كانت يقينية ا)ـعـرفـة هـي الـتـي تـوضـعموضع الشكI فإن ا)عرفة التي السبيل إلى الشك فيها تغدو مستحيلة دون

Page 371: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

371

التاوية: الطريق الطبيعي إلى احلرية

Iبخالف طريق ا)عرفة Iا)صادرة على ا)طلوب. ويبدو أنه ليس هناك طريقللتيقن من أن هناك معرفة السـبـيـل إلـى الـشـك فـيـهـا. وهـكـذا فـإن حـجـة

إلى هذه األسس.شواجن تسو ال سبيل إلى الرد عليهاI على األقل استنادا٢ـ تشير احلجة الثانيةI وهي احلجـة ا)ـنـطـلـقـة مـن الـطـابـع الـتـكـامـلـيلألضدادI إلى أن أي مفهوم يفترض على نحو منطقي نفيه أو سلبهI وأنـهدون نفيهI أو ضدهI فإن ا)فهوم الoكن أن يوجد. وا)راد بهذه احلجـة هـوإيضاح أن النفي (أو اإليجاب والسلب) هما طريقتان مختلفتان في النـظـرإلى الشيء ذاته. وإذا كان «أ» هو «أ»I فإن «أ» عندئذ لن يكون ماليس «أ». أونفي «أ» هو إثبات لنفي «أ». وإذا كان «أ» صوابا فإن «أ» ليس إذن خطأ. وإذالم يكن هناك صواب فلن يكون هناك خطأ (والعكس صحيح) ذلك أنه إذا

أن اخلطأ ليس فإن «أ» ليس خطأI األمر الذي يعني ضمناكان «أ» صوابا. وبتعبير من ذلك فإن «أ» صوابI أو oكن أن يكون صوابـا«أ»I وانطالقا

ا^خر فإن ما هو موجود يتضمن ما ليس }وجودI ويتضح من وجهة النظـرهذه أن األضداد متكاملة. ويقول شواجن تسو «رغم ذلكI فإنه عندما تكونهناك حياة فهناك موتI وعندما يكون موت تكون هناك حياةI وحS يوجدIتوجد استحالة فثمة إمكان. وبسبب الصواب Sوح Iإمكان فثمة استحالةهناك خطأI وبسبب اخلطأ هناك صواب». وهو يقول كذلك: ليـس هـنـاكشيء ليس «ذلك» وليس هناك شيء ليس «هذا»I ومن هنا فإننـي أقـول إن

«ذلك» يحدثه «هذا»I وإن «هذا» يحدثه ذلك أيضا».ويبدو أن شوان تسو يفكر من خالل أزواج من ا)صطلحات ا)تضـايـفـةالتي يرتبط أحدها باال^خرI فعلى سبيل ا)ثال إذا لم يوجد مفـهـوم )ـا هـو«أعلى» فليس هناك مفهوم )ا هو «أسفل»I والـشـيء نـفـسـه يـنـطـبـق عـلـىاليسار واليمS والصواب واخلطأI والذات واال^خر... إلخ. وبالنسبـة لـهـذهاألزواج من ا)فاهيم فإن وجود أحدها يفترض اال^خر بصورة مسبقةI وإزالةأحدها تعني إزالة اال^خر. وقد يعترض معترض فيقول: ليس من الواضح ماإذا كانت كل ا)فاهيم الoكن إال أن تكون متضايفة فحسب: والواقع أنه إذاجتنب ا)رء ا)فاهيم الوصفية وركز على ا)فاهيم اجلوهرية فليس من الواضح

فقط إذا عارضه مفهوم ا^خرI فمن خالل أيبحال أن ا)فهوم سيكون tكناا)فاهيم يتعS معارضة مفاهيم: اإلنسانI والدارI والكلب... إلخ لكي تعمل

Page 372: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

372

الفكر الشرقي القد

كمفاهيم?.غير أنه وفقا حلجة شواجن تسو فإنه حتى مفهوم مثل «كـلـب» يـشـتـمـلضمنا على األقلI على مفهوم «ال كلـب» ذلـك أنـه إذا لـم يـوجـد مـفـهـوم «ال

ستخدم على نحو متميز. }ـعـنـى أنـهكلب» فإن مفهوم «كلـب» الoـكـن أن يسيكون من ا)ستحيل حتديد ما يدعى بكلب وما ال يدعى به. والعجـز عـناستخدام مفهوم ما على الوجه الصحيح بطريقة متميـزة هـو بـرهـان كـافعلى القول بأن الشخص ليس لديه هذا ا)فهـوم عـلـى اإلطـالق. ولـكـن مـنالشروط الضرورية الستخدام مفهوم ما بصورة سليمة القدرة على التمييزبS ما يشير إليه ا)فهوم وما اليشير إليه. وهكذا من خالل ا)ثال الـراهـنفإن وجود مفهوم «كلب» يتضمن معرفة ماليس بكلبI أو أن لديك فكرة عماهو «ال كلب». وطريقة التفكير نفـسـهـا oـكـن أن تـسـتـخـدم مـع أي مـفـهـومجوهريI فإذا كان لديك فكر عن أي شيء فإن ذلك يفترض بصورة مسبقةقدرتك على التمييز بS ذلك الذي تشير إليه الفكرة وذلـك الـذي التـشـيـرإليهI وهذا يتضمن معرفة ما ليس عليه ا)فهوم. وهكـذا نـدرك أن مـفـهـومشيء ما هو على الدوام مرتبط }ا ليس عليه ذلك الشـيء. وهـكـذا يـقـولIشواجن تسو: «إن هذا هو أيضا ذلك» و «عندما اليكـون لـهـذا وذاك هـذان

فهناك يوجد محور التاو ذاته».Iوقد أمكن طرح هذا السؤال: أيهما هو اخلاصية اجلوهرية للـمـعـرفـة

في أي منهمـاIالالكلب أو الكلب? يقول شواجن تسو إن الرد ليـس مـتـمـثـال إلى جنب مـعحيث إن كال منهما ضروري. وإذا وضعت هذه احلجة جـنـبـا

احلجة ا)ستمدة من نزعة الشكI فإنها التفترض أنه ليست هناك معـرفـةوال أن ا)عرفة احلقيقية مستحيلةI وإ�ا أنه ليس }قدورنا أن نعرف قط(أي أن نتأكد) سواء ما تتمثل فيه هذه ا)عرفة أو تلكI أو ما إذا كانت لدينا

معرفة حقيقية أم ال.Iوهي احلجة التي تنطلق من ا)نظورات I٣ـ تفترض احلجة الثالثة مقدما

بالنسبةاحلجتS السابقتS. فمن الواضح أن الشيء الواحد يبدو مختلفاخملتلف الناس إذا كانت منظوراتهم مخـتـلـفـةI أو يـبـدو لـي الـشـيء نـفـسـه

إذا ما غيرت منظور رؤيتي له. وإذا ما كانت أعضاء حواسي مختلفةIمختلفافال شك أنني سأدرك األشياء بصورة مختلفة. وا)غزى من وراء هذا هو أن

Page 373: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

373

التاوية: الطريق الطبيعي إلى احلرية

الشيء الواحد له مظاهر عديدة تتوقف على من يقوم بإدراكه: فأي ا)ظاهرهو ا)ظهر الصحيح أو احلقيقي? هل ما تدركه الدورة أو القطة هو نفسـهما يدركه اإلنسان? وهل ما يجري إدراكه اال^ن هو نفسه ما جرى إدراكه منذ

دقيقة.وا)هم عند شواجن تسو هو أن هذه األسئلة الoكن اإلجابة عنهاI فكلشيء هو ما هو عليهI وليس شيئا ا^خرI وما هو عليه مستقل عن الكـيـفـيـةالتي يبدو بها ألي شيء أو ألي شخص. إنه متضمن في ذاتهI في منظـورهاخلاصI والطريقة الوحيدة للوصول إليه هي جتاوز منظورناI والنظر إلى

من منظوره اخلاص. والدعوى التي تطرح هنـاTotalityاال^خر كشمول كلي Iولها منظورها اخلاص Iهي أن كل شيء في العالم هو وحدة مكتفية بذاتهاوكل شيء له رؤية لذاتهI وله وظيفة. ومن وجهة نـظـره فـإن كـل شـيء هـو

. ولكن إذا كان كل شيء هو شموال من وجهة نظره اخلاصةTotalityIشمول وليس من أي وجهة نظر أخرىI فـإنـه يـبـدو عـنـدئـذ أن األخـالق وا)ـعـرفـةنسبيتان بصورة خالصـة. وإذا كـان كـل شـيء يـنـظـر إلـيـه مـن وجـهـة نـظـرهاخلاصة فإن الصواب واخلطأ يختفيان. وهذا هو على وجه الدقة ما يوصيبه شواجن تسو: فلتكن لك وجهة نظر متعالـيـة تـرى كـل شـيء مـن مـنـظـورهIوعندئذ ستكون هناك وحدة مـع الـكـون Iمن وجهة نظره اخلاصة Iالسليموستكون هناك استنارةI وسيتم العثور على التاو في كل شيء. ويقول شواجنتسو: «ال تعرف األشياء أنها (ذلك) بالنسـبـة لـألشـيـاء األخـرىI وإ�ـا هـيتعرف حسب ما تعرفه هي نفسها». ويقول كذلك: «ذو العقل وحده يعـرفكيف يحدد كل األشياء باعتبارها واحدا». وهذا ا)عنى يتم تصويره بقصـة

الفراشة:«ذات مرة حلمتI أنا شواجن تسوI بأنـنـي كـنـت فـراشـةI وكـنـت سـعـيـداباعتباري فراشة. وكنت أعي أنني مسرور �اما بنفـسـيI ولـكـنـنـي لـم أكـنأعرف أنني تشو. وفجأة استيقظتI وهنالك عرفت بجالء أنني تسو. ولمأدر ما إذا كان تشو يحلم بأنه فراشة أم أن الفراشة هي التي حتلـم بـأنـهـا

تسو». أبعدI فينصح بالتخلي عن ا)نظـور اجلـزئـيويقطع شواجن تسو شوطـا

شامال:اخلاصI ويتبنى منظورا

Page 374: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

374

الفكر الشرقي القد

«إننا نقول إن هذا صواب أو خطأI وهو كذلك أو ليس كذلك. وإذا كان بصورة حقيقيةI فإن احلقيقة القائلة بأنه مختلف عن اخلطأالصواب صوابا

ال تدع مجاال للنقاش. فلتنس مرور الوقت (احلياة وا)وت). فلتنس التمييزبS الصواب واخلطأI واسترح في عالم الالمتناهيI وعلى هذا النحو ابـق

في نطاق الالمتناهي». ماومغزى احلجة ا)طروحة هنا هو أنه ليس }قدورنا أن نعـرف حـقـا

هو الشيء في ذاته قطI وإليضاح هذا ا)غزى فإن احلجة «تفترض» وجهةنظر متعاليةI فبمقتضى مقدماتها اخلاصة ذاتها الoكن للتجربة الـعـاديـةأن توضح أي شيء عن األشياء على نحو ما هي في حد ذاتهاI باعتبـارهـاشموالت لها منظوراتها اخلاصة. ومن خالل افتراض وجهة نظر جتاوزيـةفحسب oكن أن يعرف أن هناك أشياء في حد ذاتها مدرجة في منظوراتهااخلاصة وال سبيل لطرق ا)عرفة ا)ألوفة. للوصول إليها. وافتراض وجـهـةنظر معينة ليس هو نفسه الدفاع عن وجهة النظر ا)تعالية على إيضاح أنوجهة النظر ا)عرفية ا)ألـوفـة تـؤدي إلـى نـزعـة الـشـكI وبـسـبـب هـذا فـإن

احلجة التي تنطلق من نزعة الشك لها أهميتها هنا.٤ـ �ضي حجة شواجن تسو الرابعةI وهي احلجة التي تنطلق من نزعة

دما إلى القول بأن السؤال: «هل األمر كذلك حقا?» الoكن اإلجابةالشك قعنه قط. لنفترضI على سبيل ا)ثال أنه يقال إن «س. أحمر». والرد السريعهو «لكن كيف oكن إيضاح أنه أحمر حقا?» ومكمن الصعوبة في البرهنـةعلى أن هذا القول صحيح هو أن القول الoكن مقارنته مع مـا هـو احلـالعليه بالفعلI ألن أي قول حول ما هو احلال عليه بالفعـل سـيـكـون عـرضـةللشكوك ذاتها �اما كالقول األصلي. وما �ـس احلـاجـة إلـيـه هـو مـعـيـارللحكم على ا)عيار األولI ومعيار للحكم على ا)عيار الثاني.. الخI وهكذا إلىماال نهاية. ولكن يبدو أنه اختيار معيار ثالث هو أمر مستحيلI ذلك أنه إذاكانت لـ «أ». و «ب». ا^راء متناقضة فإن من شأن معيار مقبول لدى «أ». أنيكون مرفوضا من جانب «ب»I ومن شأن معيار مقبول لدى «ب» أن يكون

من جانب أحد فال فائدةمرفوضا من جانب «أ». وإذا لم يكن ا)عيار مقبوالترجى منه. وبالتالي سيبدو من ا)ستحيل الدفاع عن القول بـأن «س». هـو

أحمر حقا.

Page 375: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

375

التاوية: الطريق الطبيعي إلى احلرية

وفي إحدى ا)ناسبات طرح شاجن تسو حجة الشك فـي صـورة الـسـؤالالتالي: «كيف oكن أن يعرف أن ما أدعوه با)عرفة ليس في حقيقـة األمـرعدم معرفةI وما ادعوه عدم معرفة ليس في حقيقة األمـر مـعـرفـة». وفـيمناسبة أخرى طرح احلـجـة فـي صـورة سـؤال مـخـتـلـف: «ذلـك أن ا)ـعـرفـة

I لكن ما تعتمد عليه غيـر مـؤكـدتعتمد على شيء يتعS أن يكون صحـيـحـاوقابل للتغيير. فكيف نعرف أن ما أدعوه بالطبيعة ليس في حقـيـقـة األمـر

I وما أدعوه باإلنسان ليس في حقيقة أمره طبيعة».إنساناونزعة الشك هذه تتلقى دفعة أقوى إلى اإلمام في العبارة التالية:

«لنفترض أننا ندلي بعبارةI ونحن النعرف ما إذا كانت تنتمي إلى فئة أوأخرى. وسواء تنتمي إلى هذه الفئة أو غيرها. ولكن إذا أدرجنا الفئتS فيفئة واحدةI فإن أحداهما التختلف عن األخرىI غير أنه يتعS أن تدعـنـيأوضح األمر. كانت هناك بدايةI وكان هناك زمان قبل تلك البـدايـةI وكـانهناك زمان قبل ذلك الزمان الذي سبق تلك البداية. كان هناك وجودI كانهناك عدم. كان هناك زمان قبل ذلك العدمI وكان هـنـاك زمـان قـبـل ذلـكالزمان الذي سبق ذلك العدم. وفجأة هناك وجود وهناك عدمI ولكنني ال

وجود أو عدم. لقد قلـت لـتـوي شـيـئـاIأعرف أي وجود وأي عدم هـو حـقـا.I أوال يقول شيئاولكنني ما إذا كان ما قلت يقول شيئا حقا

مار اإلشارة إلى أنهومن اجللي أن شواجن تسو يقوم بدور ا)تشكك في غ أم أنه طبيعـةسمى باإلنسان هو إنسان حـقـامن ا)ستحيل معرفة أن مـن ي

I من ا)ستحيل القول }ا إذا كان شواجن تسو يحلم أنه فـراشـة حتـلـمحقابأنها شواجن تسو. وإذا أخذنا مثال الفراشة oكن إدراك أن مشكلة شواجنتسو هي مشكلة التيقن من أنه يحلم أو أنه يجري احللم به. وهو اليستطيعالعثور على معايير السبيل إلى الشك فيهاo Iكن أن تستخدم في التميـيـز

I وعلى معايير السبيل إلى الشـك فـيـهـا وكونه حـا)ـابS كون ا)رء متيقـظـاللتمييز بS كون ا)رء يحلم به وكونه يحلمI ومن هنا فليس }قدوره التيقن

من أنه ليس موجودا كشخص في حلم فراشة.والرد الواضح على هذا النوع من نزعة الشك هـو أن الـشـكـوك ا)ـعـبـرعنها هنا المعنى لها إال في إطار مشروع معرفي معIS هو في هذه احلالةمشروع معرفي oكن في إطاره التعرف على أفراد مثل شواجن تسو والفراشة

Page 376: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

376

الفكر الشرقي القد

والتمييز بينهما. وعندما oضي شواجن تسو الستخدام هذا ا)شروع لرفضهذا التعرف والتمييزI فإنه يرفض األوضاع ذاتها التي في ظلها يكون tاله معناه وضع هذا التعرف والتمييز موضع التساؤلI وبهذه الطريقة فإنـه

والتي �ـس احلـاجـة tكنـايرفض األسس التي جتـعـل الـشـك األول أمـراإليها لتبS معنى نزعة الشك هذهI ذلك إنه مالم يكن }قدور شواجن تسوأن يقبل القول: «ذات مرةI حلمت أنا شواجن تسو بأنني فراشة» فإنه ليس

}قدوره أن oضي للشك فيما إذا كان قد حلم أنه كان موضعا للحلم.وعلى الرغم من أن الرد السابق قد يكون كافيـا لـدحـض نـزعـة الـشـكبصفة عامةI فإنهI لن يدحض موقف شواجن تسو. وإلدراك ذلك فلنتذكـرIأن شواجن تسو يدافع عن وجهة نظر متعالية. وحججه هي حجج سلبـيـة}عنى أنها تستهدف دحض نظرة متناهية. لنفترض للحظة أن حجة شواجنتسو الوحيدة هي حجة تشككيةI وإن احلجـة الـواردة فـيـمـا سـبـق تـدحـض

بصورة مناسبة احلجة التشككية.هل دحضت احلجة الواردة أعاله شواجن تسو? الI على اإلطالق. وفـيحقيقة األمر أن موقفـه ازداد قـوةI والـسـبـب فـي هـذا هـو أن شـواجن تـسـويذهب إلى القول بأن اإلطار ا)عرفي ا)ألوفI غير مقنع وغيـر كـافI وأنـهالبد من تبني إطار معرفي جديدI إطار معرفي شاملI لإلفالت مـن قـيـودا)شروع ا)عرفي احملدود الذي يتم توظيفه عادة. ولهذا السبب فإن احلقيقةالقائلة بأنه على الرغم من أن نزعة الشك الشاملة مناقضة لذاتـهـا فـيـمـايتعلق بإطار تصوري مقيد بالطرق التي تعنينا هنا (على سبيل ا)ثال إطـار

مكاني ـ زماني) .. هذه احلقيقة ليست حجة لـصـالـحتصوري هو أساسـارفض نزعة الشك الشاملةI وإ�ا هي حجة لرفض مشروع معرفي محدود.هل يعني التعرف على قصور ا)شروعات ا)عرفية ا)ألوفة وتبني منظور

رفض العالم العادي والدنيوي? إن اجلواب هو بالنفيI ذلك أن تفسيرمتعال«الوتسو» و «شواجن تسو» بهذه الطريقة هو جتاهل الهتـمـامـهـا بـاإلصـالحIوهو االهتمام الذي ألهمهما فلسفتيهما. ويـعـبـر كـوهـسـيـاجن Iاالجتماعي

وهو أحد الشراح الالحقS لشواجن تسوI عن األمر على النحو التالي:«البكاء على نحو ما يبكي الناس هو جتل للعالم الدنيويI أما التوحيـدبS احلياة وا)وتI ونسيان الفرح واحلزنI والقدرة على الغناء أمام اجلثـة

Page 377: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

377

التاوية: الطريق الطبيعي إلى احلرية

فذلك هو كمال العالم ا)تعالي...».وعقب ذلك oضي قدماI فيشير إلى أن احلكيم احلقI الشخص الذييستطيع بصورة كاملة أن يتجاوز العالم الدنيـويI يـجـد الـسـعـادة فـي ذلـك

العالم الدنيويI وهو يقول:«لم يحدث قط أن كان هناك شـخـص جـال فـي الـعـالـم ا)ـتـعـالـي حـتـى

على نحو صامت مع العالم الدنيويI كماأقصاهI ومع ذلك لم يكن متناغمالم يحدث قط أن كان هناك أي شخص متناغم على نحو صامت مع العالمالدنيوي ومع ذلك لم يطف بالعالم ا)تعالي. ومن هنا فإن احلـكـيـم يـطـوفدوما في العالم ا)تعالي لكي يوسع نطاق العالم الدنيوي. وهـو يـتـوافـق مـع

األشياء ألنه ليس لديه ذهن متأن ومترو».في احلكيم يلتقي ا)تعالي والدنيويI فها هنا يتحد تـاو الـبـشـر مـع تـاو

الكون في هوية واحدة ويعبر شواجن تسو عن األمر على النحو التالي:«في حالة احلكيم تكون حياته من إبداع السماءI ويكون موته هو حتولاألشياء. وهو في حالة السكونI يشترك مع «الS» في فضيلة واحدةI وفياحلركة يشترك مع «الياجن» في تدفق واحـد. إنـه لـيـس حـامـل لـواء احلـظالطيبI وليس هو الذي يطلق احلظ السيى* من عقاله وهو عندما يـثـيـرهIوعـنـدمـا يـضـغـط عـلـيـه Iعندئذ فحسب يستـجـيـب Iشيء من خارج نفسهعندئذ يتحركI وعندما يجد أنه ليس أمامه خيارI عندئذ فحسب ينهض.وهو ينحي ا)عرفة والغرضI وoضـي مـع تـعـقـل الـسـمـاء. ومـن هـنـا فـإنـه

من األشياءI وال معارضة من اإلنسانIاليجلب كارثة من السماءI وال تشابكاوال لوما من األرواح».

:الهوامش

(١) تقترب من فكرة هيـجـل فـي «الـوجـود اخلـالـص» الـذي يـخـلـو مـن كـل سـمـة أو تـعـIS ولـذلـكقال عن «العدم» العام الذي السمة له والحتديد (فهو ليسفهو«العدم» ذلك ألن كل ما oكن أن ي

انعدام الشجرة أو ا)نزل أو اإلنسان فذلك عدم محدد) أنه موجود فحسب. (ا)راجع).

(٢) مرة أخرى نالحظ تشابها قويا بS هذه الفكرةI فكرة انتقال األشياء ا)ادية والـروحـيـة الـتـيSوالفكر اجلدلي الهيجلي الذي يرى أن «الغرور يسبق االنهيار» وسرعان ما تفل السك Iأضدادها

Page 378: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

378

الفكر الشرقي القد

كتابنا «ا)نهج اجلدلي عند هيجل» ص ١٣٣ وما بعدها طبعة دار ا)عارفاحلادة ... إلخ انظر مثالبالقاهرة. (ا)راجع).

Page 379: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

379

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

الكونفوشية اجلديدة:التناسق العظيم

١ ـ حتديات للكونفوشية:احلركة الفلسفية الوطنية الثالـثـة الـكـبـرى فـيالصS هي حركة الكونفوشية اجلديدة. و�ثل هذهالفـلـسـفـة تـنـاسـقـا لـلـمـبـادىء الـتـي تـشـكـل أسـاسالكونفوشية والتاوية واستمدت إلهامهاI على األقلفي بعض جوانبهI من تأثير البوذية الصينيةI فقدكان دخـول الـبـوذيـة إلـى الـصـS وتـطـورهـا عـامـالمساعدا قويا في ا)ـنـاخ الـفـلـسـفـي خـالل الـقـرونالوسطى في الصS. ولكن الكونفـوشـيـة اجلـديـدةIمدينة كذلك للتطور الذي شهدته التاوية اجلديدةومدرسة األسماءI والتطورات ا)ـيـتـفـاقـزيـقـيـة فـيمدرسة إلينج ـ الياجن التفاعلية. ودون هذه العناصركافـة مـا كـان oـكـن أن يـحـتـمـل أن يـكـون }ـقـدوراألخوين تشينج ونشوهسي إعادة تفـسـيـر مـبـادىءالكونفوشية ومفاهيمها علـى نـحـو يـشـمـل ويـنـسـقا)بادىء التي تبدو متصارعة في ا)دارس الفلسفية

.Sاألخرى في الص فـيChinفي عام ٢٢١ ق.م. جنحت والية تشـن

إخضاع كل الواليات األخـرى فـي الـصـIS ولـلـمـرة

20

Page 380: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

380

الفكر الشرقي القد

األولى أصبحت الصS دولة موحدة. وعلى الرغم من التعاليم الكونفوشيةالقائلة إن احلكم ينبغي أن يتم }ا يتفق وا)بادىء األخالقيةI وعلى الرغممن التعاليم التاوية القائلة إن احلكومة ينبغي أن تدع الناس وشأنهم بقدراإلمكانI باستثناء ماهو ضروري لرفاهيتهم ـ على الرغم من هذا كلـه فـإنتوحيد الصS قد � نتيجة للقوة العسكرية والسيطرة االقتصادية. غير أنهذه الواقعة على الرغم من وقوعها من خالل وسائل تتعارض مـع كـل مـنالتاوية والكونفوشية فإنها لم تدحض أيا من هاتS الفلـسـفـتـS. بـل إنـهـامالت في حقيقة األمرI على ا)دى الطويـلI إلـى تـأكـيـدهـمـا مـعـاI ذلـك أنالتقييد الزائد على احلد للناسI جنبا إلى جنب مع صرامة احلكم واالفتقارإلى االهتمام بالصفات وا)زايا األخالقيةI قد أدى إلى التمـرد عـلـى أسـرةIوبحلول العام ٢٠٦ ق.م. أي بعد ذلك بخمـسـة عـشـر عـامـا فـحـسـب Iتشن

على البالد. وقد دامت هذه األسرة ما يزيد علـىHanسيطرت أسرة هان أربعمائة عامI ويعود طول عمرهاI على األقل في جانب منهI إلى محاوالتهاإقرار الوحدة السياسية وبناء صرح نظام اجتماعي جديدI وفقا للخطوط

التي حددتها الفلسفة الكونفوشية.وفي أوائل عهد أسرة هانI ومن خالل جهود توجن تشوجن شو (١٧٩ ـ ١٠٤ق.م) أساساI ثم تبني الكونفوشية كفلسفة قومية لـلـصـS. وقـد كـان هـذاtكنا بسبب العالقة الوثيقة بS السـيـاسـة والـفـلـسـفـة فـي الـصـIS وهـيالعالقة التي سمحت بأن يقوم نظام اختبار ا)لتحقS باخلدمة العامة وهوالنظام الذي وضعه توجن تشوجن ـ شو على أساس النصوص الكونفوشية.وباإلضافة إلى هذاI فقد ساعد توجن تشوجن ـ شـو فـي تـأسـيـس اجلـامـعـةاإلمبراطوريةI حيث كانت النصوص الكونفوشية أساسا للـتـعـلـيـم بـأسـره.وعلى الرغم من أن هذه البرامج قد كفلت استمرار الكونفوشيةI فإنهـا لـمحتافظ على كونفوشية: كونفوشيوس ومنشيوس في نقائهـاI ذلـك أن تـوجنتشوجن ـ شو قد قام بتفسير النصوص الكونفوشية في ضوء مذهبه وشروحها)سهبة على نظريات إلينج ـ ياجن والعناصر اخلمسةI التي أدمج فيها جوانب

معينة من التاوية.وكان من نتائج تبني الكونفوشية للدولة أن حتديات ا)نظوراتI وا)واقفIفأصبحت الكونفوشية Iقد أسدل عليها ستار الصمت Iالفلسفية األخرى

Page 381: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

381

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

بغير هذه التحدياتI محافظة. وكان اجلهد الرئيسي الذي بذله الباحثـونالكونفوشيون هو أن يضعوا هذه الفلسفة موضع التطبيق وا)مارسI وليسالقيام با)زيد من تطويرها على الصعيد الفلسفي. غير أنه ال oكن للفلسفةأن تظل جامدةI وما لم يتم إخضاعها للـنـقـد والـتـحـلـيـل فـإنـهـا تـعـجـز عـنالتطور. وبناء على هذاI و}ا أن ا)دارس الفلسفية األخرى كانت دون دعمرسميI فإنها لم تصبح مؤثرة }ا فيه الـكـفـايـة الجـتـذاب ذلـك الـنـوع مـناالنتباه العقلي الـذي مـسـت إلـيـه احلـاجـة لـتـحـقـيـق تـطـور أكـبـرI وحـرمـتالكونفوشية من التحديات التي مست حاجتها إلى حتقـيـق �ـوهـا الـقـوي.وهكذا لم يتحقق تطور فلسفي وطني كبير في الصS في الفترة في بداية

عصر ظهور ا)سيحية حتى بدايات الكونفوشية اجلديدة تقريبا.ISغير أنه خالل هذه الفترة نفـسـهـا كـانـت الـبـوذيـة قـد دخـلـت الـصـوأصبحت مؤثرة �اماI والواقع أن جميع الفالسفة الكونفـوشـيـS اجلـددقد تكبدوا عناء مناقشة نقاط الضعف في البوذيةI في حالة مـن جـانـبـهـملتقليص نفوذهاI وزيادة أهمية الكونفوشيـة وتـأثـيـرهـا. ويـرجـع جـانـب مـنالسبب في �و البوذية في الصS وتـطـورهـا إلـى أن كـل ا)ـدارس الـبـوذيـةاخملتلفة قد جاءت إلى الصS من خارجها وبالتالي كان هناك احلافز عنالنقد ا)تبادل منذ البداية ذاتها. وباإلضافة إلى ذلك فإن البوذية قد مثلتتفسيرا نسقيا للعالم وللحياة اإلنسانيةI حددت احلياة العملـيـة فـي إطـارهIأو طبيعة قداسة بـوذا Iمثل طبيعة السببية Iباإلشارة إلى ا)باد½ النظرية

أو طبيعة الضميرI أو طبيعة الذهن.ولم يفلح فالسفة الصS الـوطـنـيـون فـي اجلـمـع بـS الـكـمـال الـنـظـريالنسقيI والوصف التفصيلي )عاجلة شؤون العيش. ففي التاوية كان هناكأساس عريض }ا فيه الكفايةI ولكن الفلسفة ظـلـت أكـثـر جتـريـدا مـن أنتغدو عملية. وفي الكونفوشية كان هناك ثراء في القواعد التفصيلية التيتشكل مرشدا للحياةI ولكن كان هناك أساس نظري غير كاف لهذه الوصفاتIوعلـى نـحـو فـوري Iالعالجية. ومن هنا فإن البوذية ظهرت با)قابل جذابةواكتسبت مايكفي من االهتمام من جانب الباحثS وا)ثقفS الصينيS لضمانترجمتها ال إلى اللغة الصينية فحسبI وإ�ا كذلك إلى ا)فاهيم الفلسفيةوا)مارسية الصينية أيضا. وقد تبS أن الكثير من ا)دارس البـوذيـة كـانـت

Page 382: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

382

الفكر الشرقي القد

ISأكثر إغراقا في اجلانب النظري من أن تستقطـب االهـتـمـام فـي الـصـوالفلسفات البوذية التي ضربت جذورها في الصIS مرت بتعديالت زادتاهتمامها باألخالق وبالسياسةI األمر الذي أعطاها منحى أكـثـر اتـصـافـا

بالطابع العملي.Iولكن على الرغم من ا)دى الذي مضت إليه مدارس مـثـل هـوان ـ يـنSوتشان و«تشينج تو» ـ في التعديل على يد الباحث Iوتيان ـ تاي Iوتشن ـ ينالصينيS ا)سؤولS عن تطورهاI فقد استمرت النظرة إلـى هـذه ا)ـدارسSعلى أنها فلسفات أجنبية وافدة. وساد حرص متزايد في صفوف الباحثالكونفوشيS على أن يحل محل هذه الفلسفات األجنبية شيء يضرب جذورهفي ماضي الصS القدY. و}ا أن الكونفوشية كانت ال تزال فلسفة الدولةرسمياI وكانت أنظمةاخلدمة ا)دنية واجلامعة تقوم على أساسهاI فإن منالطبيعي أن ينظر إليها على أنها األساس الذي oكن أن تستمد منـه هـذهالفلسفةI التي قد تبرهن على أنها أسمى من الفـلـسـفـات الـبـوذيـة. وبـهـذهالطريقة فقد برهنت البوذية على أنها العنصر ا)ساعد النقدي في الدراسات

الكونفوشية التي أفرزت الكونفوشية اجلديدة.بدأت الكونفوشية اجلديدة }حاولة للعثور على تفسـيـر مـيـتـافـيـزيـقـيللكون يتسم بالشمول شأن التفسير البوذيI لكن ا)يتافيزيقيا اجلديدة كانISفهي مبنية على تفوق األشخاص الفـرديـ Iينبغي أن تكون إيجابية �اماواألشياء ا)فردةI كما أنها ينبغي أن تؤكد السمات األخالقية للكونI و�هدIالناس. وبهذا اإلجناز ا)يتـافـيـزيـقـي Sالسبيل لتحقيق اخلير األخالقي بأمكن إعادة صياغة الفلسفات األخالقية واالجتماعية للكونفوشيةI وأقامتهاعلى هذا األساس. والواقع أن هـذا األسـاس اجلـديـد مـن شـأنـه الـسـمـاح}ركب أو خالصة من ا)بادى* واالجتاهات التاوية والبوذية والكونفوشـيـة

.Sوالتعبير عن فلسفتي التاوية والكونفوشية العمليتوقد كانت البوذية شديدة التأثير في الصS في الفترة من نحـو عـام٨٠٠ إلى عام ١٢٠٠. غير أنه بعد هذه ا)رحلـةI ومـنـذ بـدايـة الـقـرن الـثـالـثعشرI عندما تكاملت الكونفوشية اجلديدةI أخذت الـبـوذيـة فـي الـتـراجـع.واألعوام السبعمائة من التاريخ الفلسفي الصينــــي التي أعقــبت ذلكI هي

بوضــوح كونفوشية جديدة.

Page 383: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

383

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

٢Chou Tun-i ـ شوتون ـ ا^ي

كان شوتون ـ ا^ي (١٠١٧ ـ ١٠٧٣) هو ا)سؤولI بصورة مباشرةI عن وضعأسس الكونفوشية اجلديدة. وقـد ولـد فـي عـصـر نـظـر خـاللـه ا)ـسـؤولـوناحلكوميون إلى هيمنة الفلسفات البوذية في الصS على أنه تهديد للتنظيمSوقد خشي هـؤالء ا)ـسـؤولـون أن يـؤدي مـوقـف الـبـوذيـ Iاالجتماعي للبالالسلبي حيال احلياة في العالم وتفضيلهم االنسحاب من احلياة االجتماعيةالنشطة إلى األديرة ـ يؤدي إلى تقويض أشكال التنظيم االجتماعي الصيني.

(١٠٠٧ ـ ١٠٧٢) على سـبـيـلOu - Yang Hsiuوقد حـاول أو ـ يـاجن هـسـيـو ا)ثال صياغة هذا الشعور بالقلق في صورة برنامج عملI باإلشارة إلى أنالبوذية oكن التصدي لها بإظهار فلسفات الصS الوطنيةI وإيـضـاح أنـهـاأسمى من الفلسفات البوذية. وقد عادت صعوبة تنفيذ ما اقترحه أو ـ ياجنهسيو في ا)قام األول إلى احلقيقة القائلة إن الفلسفات البوذية كان بوسعهاأن تفخر بفلسفة كاملة للحياة تستند االعتبارات العملية في إطارها إلىمبادى* ميتافيزيقية واسخة. وبا)قابل لم تكن الفلسفات الصينية كاملة منالناحية النسقيةI فقد مال الفالسفة الصـيـنـيـون إلـى االهـتـمـامـا بـاألمـورا)طروحة أمامهمI ولم يكترثوا بروعة ا)ذاهب النـظـريـةI ومـن هـنـا فـإنـهـمعلى الرغم من أنه كانت لديهم أقوال مأثورة وقواعد للعيشI لم يكونوا فيوضع يتيح لهم تبرير هذه األقوال ا)أثورة والقواعد بااللتجاء إلى فـلـسـفـة

شاملة.وهكذا فإن ا)شكلة في التصدي للبوذية كانت مشكلة االضطرار لبـنـاءصرح فلسفة نسقية للطبيعة والعالم تؤكد احلياة �اماI وتشدد على أهمية

.Sأمور بعينها واألشخاص الفرديـ ٨٢٤) الذي غرس بذور الكونفوشية اجلديدةHan Yuوكان هان يو ٧٦٨)

يعبر عن انتفاء سائد في عصره عنـدمـا قـال: «ولـكـن أتـبـاع الوتـسـو وبـوذاالذين يتحدثون عن إصالح العقلI يتجاهلون اال^ن هذا العالم كما يتجاهلونIوينحدرون بالواجبات ا)ألوفة التي تقتضيـهـا الـسـمـاء إلـى الـعـدم IوطنهمIعليه أن ينظر ألبيه كأب Sفإذا سرنا وراء أفكار «الو تسو» فإن االبن ال يتعوال يتعS على الرجل أن ينظر إلى ا)لك باعتباره ملكاI بل إنه ال يتعS عليه

أن يؤدي واجباته كأحد الرعايا.

Page 384: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

384

الفكر الشرقي القد

غير أن هان يو مضى إلى مايتجاوز مجرد النقدI ودعا إلى العودة إلىكونفوشيوس. وكان معنى هذاI على نحو ما تصورهI العودةإلى حب شـامـلكأساس مشترك لكل نشاط إنساني. وهذا احلب الشامل ينطلق من الطبيعةاإلنسانية األساسيةI ذلك أنه oثل ماهو أسـاسـي بـالـنـسـبـة لـكـل الـنـاس.Iفإن الطبيعة اإلنسانية تتألف من: اللياقة واإلخالص Iوباإلضافة إلى احلب

واالستقامة واحلكمة.وoكن التمييز بS ثالث درجات من األشخاص عـلـى أسـاس الـكـيـفـيـةالتي تتم بها tارسة هذه الفضائل اخلمس التي تشكل الطبيعة البشرية.

Sوهي فضيلة اجل Iوإذا كانت إحدى هذه الفضائلJenIهي الفضيلة السائدة وإذا كانت الفضائل اخلمس جتري tارستها كذلكI فإن الـشـخـص يـكـونساميا ومتفوقا. أما إذا لم تكن أي من هذه الفضائل قد بلغت الكمال ولمجتر tارستها إال في بعض األحيان وبصورة تفتقر إلى النقاءI فإن الشخصينتمي إلى الدرجة ا)توسطة. وعندما ترفـض «اجلـI«S وال تـكـون األفـعـالمتفقة مع الفضائل األربع األخرى فإن الشخص يكون متدنيا. ويؤكد نظامالدرجات الثالث هذاI الذي يعترف به عادة كمساهمة فكريـة أصـيـلـة مـن

جانب هان يوI األولوية التي جعله ا )بادىء الكونفوشية األخالقية.كانت اعتراضات هان يو راجعة في ا)قام األول لالهتمام الزائد علـىIعلى حـسـاب األمـور Iاحلد بالتأمل ا)يتافيزيقي في إطار التاوية والبوذيةIومن هنا ذهب إلى القول إن تاو (طريق) احلياة يتألـف مـن مـحـبـة الـنـاسومراعاة العالقات اإلنسانية واال^داب العامة (اللياقة). وهذا االهتمام باألمورالعملية واالعتقاد بأن الكونفوشيـة عـلـى قـدم ا)ـسـاواة بـصـورة كـامـلـة مـع

وهو أحد تالميذ هانLi Aoالبوذية والتاويةI يبدو بالغ اجلالء عند لي أو يو. ويقول لي أو: لي احلق اجلميع }دارس «لو تسـو» و«بـوذا»I و«شـواجن ـتسو»I و«ليه تسو»I وهم جميعا يعتقدون أن ا)فكرين الكونفوشـيـS لـيـسـواIوالنظام السـمـاوي Iمن التضلع في ا)عرفة بحيث يحيطون علما بالطبيعةولكنهم هم على هذا القدر من التضلع فيهـا. وفـي مـواجـهـة أولـئـك الـذيـن

يثيرون هذا الضجيج أبذل قصارى جهدي إلظهار النقيض )ا يقولونه.ويذهب «لي أو»I في غمار محاولته إظهار الطابع ا)الئم الـذي تـتـم بـهالكونفوشيةI إلى القول إن الطبيعة اإلنسانية هي طبيعة خيرة أصالI ولكن

Page 385: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

385

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

العجز عن السيطرة على ا)شاعر أو االنـفـعـاالت أو تـهـدئـتـهـا يـفـضـي إلـىالفسادI ولهذا مست احلاجة إلى الفضائل الكونفوشية لتنظـيـم ا)ـشـاعـر.ولكنه لم oيزI فيما يبدوI بوضوح بS الفضائل الكـونـفـوشـيـةI والـطـريـقـة(تشان) البوذية للتغلب على الرغباتI والشهواتI فحينما سئل عن الكيفيةالتي oكن لإلنسان أن يعود بها إلـى اخلـيـر األصـلـي لـطـبـيـعـتـه رد قـائـال:«مادام أنه ليس هناك رؤية وإمعان للفكرI فإن انفعـاالت ا)ـرء ال تـتـحـرك.وعندما يتم كبح جماح االنفعاالت فإن ا)رء تتاح له الطريقة الصحيحة فيالتفكيرI والتفكير الصحيح ال يعني الرؤية وال إعمال الفكر. فقـد ورد فـيكتاب (ا^ي ـ كنج) أنه: «حيثما تزول األفـكـار الـشـريـرة فـإنـنـا نـحـافـظ عـلـى

احلقيقة».وعلى الرغم من أن «هان يـو»I و«لـي أو»I لـم يـنـجـحـا فـي مـحـاوالتـهـمـاإلحياء الكونفوشية كمنافس قوي للبوذيةI فإنهما مـهـدا الـطـريـق بـالـفـعـلللمحاولة األولى لتقدY أساس نظري للكونفوشية على يد «شو تون ـ ا^ي».وقد أفلح «شو تون ـ ا^ي»I من خـالل جتـمـيـع مـفـاهـيـم مـن الـعـديـد مـنالفلسفات وإعادة تفسيرهاI في بناء أساس ميتافيزيقي oتد ليشمل الوجودبأسره. وكان مفهوما «الS» و«الياجن»I كفكرة إيجابية بالنسبة لألولI وسلبيةفي حالة الثاني عن الواقعI مألوفS لدى شو تون ـ ا^ي. وكان الفكرة القائلةIمألوفة كـذلـك بـالـنـسـبـة لـه Iبصورة مطلقة Sإن هذين ا)بدأين لياس أولفقد ذهب التاويون إلى القول إن «التـاو» سـابـق عـلـى األشـيـاء كـافـةI وهـومصدر الوجود والعدمI أو «اليـاجن والـS». غـيـر أن الـصـعـوبـة فـي ا)ـفـهـومالتاوي كانت تكمن في أن التاو نفسه قد نظر إليه باعتباره عدماI وبالتاليمالت الفلسفة بأسرها إلى اتخاذ طابع سلبي. ولكن لو أن مصـدر مـبـدأي«الS والياجن»I كان إيجابيا بدال من أن يكون سلبيـاI فـإنـه oـكـن أن يـكـونIوهو يـحـوي Iكن أن يؤكد الطابع ا)طلق للجزئيo أساسا لتفسير فلسفيوفي الوقت نفسه مبدأ لتفسير هذا اجلزئي. وهذا هو على وجه الدقة ما

- Taiحققه شو تون ـ ا^ي من خالل النظر إلى ا)طلق العظيـم (تـاي ـ تـشـي

Chiويـلـي ذلـك أن Iوالـيـاجن Sومـنـتـج الـ Iباعتبـاره مـصـدر األشـيـاء كـافـة (Iوالـنـار Iوالـيـاجن تـنـتـج الـعـنـاصـر اخلـمـسـة وهـي ا)ـاء Sال Sالتفاعالت بواخلشبI وا)عدنI والتراب. ومن خالل ا)زيد من التـفـاعـل يـتـم إنـتـاج كـل

Page 386: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

386

الفكر الشرقي القد

مابقي من الواقع.ويقول «شو تون ـ ا^ي»I في معرض وصفه إلنتاج الS والياجن من ا)طلقالعظيم: «يقوم ا)طلق العظيم من خالل احلركة بتوليد الياجن. وعندما تصلحركته إلى ذروتهاI فإنها تصبـح هـادئـة. ومـن خـالل الـهـدوء يـقـوم ا)ـطـلـقالعظيم بتوليد الS». وoيل تفسيره للكيفية التي يتم بها إنتاج الS والياجنمن ا)طلق العظيمI إلى حد كبيرI إلى االعتماد �اما على ا)فـهـوم الـتـاوياخلاص بـ «االرتداد أو االنعكاس بوصفه حركة للتاو»I حيث يقول التاويونإن الواقع هو جتلي الرتداد التاو أو انعكاسهI فيما هـو oـضـي مـن جـانـبأقصى متطرف إلى اال^خر. وهكذاI فإنه oضي إلى القول: «عندمـا يـصـلالسكون إلى ذروته يبدأ النشاطI وهكذا فإن احلركة والسـكـون يـتـراوحـانSاألمر الذي ينشأ عنه التمييز ب Iفيما بينهما ويصبح أحدهما جذر اال^خر

.«Sوهكذا يتم إقرار النمط Iوالياجن SالSوبعد أن أرسى «شو تون ـ ا^ي» علـى هـذا الـنـحـو أسـاس مـبـدأي «الـIهذين ا)بدأين Sيوضح أنه من خالل التفاعل ب Iوالياجن» ا)طلق العظيموالتحول ا)تبادل الناجمI تنتج قوى أو مبادى* أشياء خاصةI ويـقـول: «مـنIوالـنـار Iتنشأ العناصر اخلمسة: ا)ـاء Sخالل حتول الياجن واحتاده مع الواخلشبI وا)عدنI والتراب» وينظر هذه العناصر اخلمسة على أنها ا)بادى*Iا)ادية لألشياء. وعلى سبيل ا)ثال فإن اخلشب كمبدأ لالجتاه هو الشرقوكمبدأ للمواسم هو الربيعI وكمبدأ للجسـم هـو الـكـبـدI وكـمـبـدأ لـلـون هـواألزرق. وألن هذه العناصر اخلمسة ال ينظر إليها على أنـهـا أشـيـاءI وإ�ـا

على أنها مبادى*I فإنها oن أن تعتبر األساس ا)شترك لألشياء كافة.وفي ضوء ا)طلق العظيمI ومبدأي الS والياجنI ومبادى* عناصر الكونا)اديةI فإنه مازال يتعS تفسير الكيفية التي oكن تؤشر بها هذه ا)بادى*في العدم لدفعه إلى الوجود. ويوضح شو تون ـ ا^ي ذلك على النحو التالي:«عندما تتحد حقيقة غير ا)طلق (أو غير ا)وجود) وماهية الS والياجن

Sينشأ التكامل. ويشكل «تشي Iوالعناصر اخلمسة في وحدة غامضةChien« (األرض) العامل األنثوي. ومن تفاعلKun(السماء) العامل الذكوريI وكون

هاتS القوتS ا)اديتS «تولد األشياء التـي ال حـصـر لـهـا وتـتـحـولI وهـذهاألشياء تنتج وتعاود اإلنتـــــاجI األمــــر الذي جنـــم عنه حتول ال ينتـــــــهـي»

Page 387: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

387

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

(ص ٤٦٣).و�وذج اإلنتاجهو الذكر الرمزي واألنثى الرمزيةI ذلك أن الذكر واألنثىيفهمانI في احلالI باعتبارهما ا)بدأين اللذين باحتادهما يجليان إلى الوجودما لم يكن في السابق موجودا. ويقال إن الوحدة بS الـالمـوجـود ومـبـدأيالS والياجن والعناصر اخلمسة غامضI ألنه ليس من الواضح كيف oكنا)اهو موجود أن يرتبط }ا ليس موجودا. ومع ذلك إذا لم تكن هناك عالقةما tكنةI فكيف oكن جلب ما ليس }وجود إلى رحاب الوجود? إن األشياءاحملددة التي جتلب إلى الوجود من خالل هذا االحتاد الغامض لها أ�اطها

اخلاصة إلعادة التوالدI فهناك نشاط إنتاجي ال يتوقف لألشياء.ـ ا^ي» في هذا اجلزء من تفسيره للمطلق العظيمI في وقد أفلح «شو تون تقدY صورة ميتافيزيقية ألصــــل األشياءI حيث تتبعها وصوال إلى ا)طلـقالعظيمI وإلكمال تفسيره مست احلاجة إلى أن يبS كيف تندرج ا)وجودات

البشرية في هذه الصورة. وقد قام بذلك في الكلمات التالية:«إن اإلنسان وحده هو الذي oتلك (القوى ا)ادية) في أقـصـى امـتـيـازIومن ثم فإنه األكثر ذكاء. فتظـــهر صورتـــه الفيـــزيقية وتتجلى للعيان Iلهاوتعمل روحه على تطوير الوعي. وا)باد½ األخالقية اخلمسة اخلاصة بطبيعة(اإلنسانية أو «اجلـــــS» واالستقامة واللياقـــــة واحلكمةI واإلoان) يثيرهاالعالم اخلارجي وتتفاعل معهI وتنغمس في النشاطI فيتم التمييز بS اخلير

والشرI وتأخذ الشؤون اإلنسانية مكانها» (٤٦٣).ومعنى هذا الوصف )كانة اإلنسانية في النظـام الـكـلـي لـلـكـون هـو أنمبدأ احلكيمI أو الشخص الكاملI متحد مع مبدأ ا)طلق العظيمI وبالتاليفإن البشر في كمالهم يشكلون تناسقا مع الكون. وبدايات احلكمة تستمدمن ا)طلق العظيمI �اما شأن بدايات كـل شـيء مـوجـود ا^خـر. وفـي حـالـة(Sاجلــــ) الـبـشـر فـإن هـذه الـبـدايـات هـي ا)ـبـاد½ األخـالقـيـة لـإلنـسـانـيـةIعلى ا)رء لكي يصبح حكيما Sان. ويتعoواإل Iواحلكمة Iواالستقامة واللياقةويغدو في تناسق مع الكونI أن يكـــون صادقا مع هذه ا)باد½ األخـالقـيـة.

» هـوChengوهذا هو ما يقصده شـوتـون ـ ا^ي عـنـدمـا يـقـول إن «الـتـشـيـنـج أساس احلكيمI ذلك أن التشينج (اإلoان أو اخلالص) يعني أن تكون صادقا

مع طبيعتك».

Page 388: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

388

الفكر الشرقي القد

٣ ـ فلسفة املبدأ: اإلخوان تشينجعلى الرغم من أن شو تون ـ ا^ي قد أرسى أساس الكونفوشية اجلديدةفقد كان أخوانI هما تشينج هاو (١٠٣٢ ـ ١٠٨٥) وتشيـنـج ا^ي (١٠٣٣ ـ ١١٠٧)هما اللذان منحا الكونفوشية اجلديدة هيكلها الذي دام طويال. وقد حققا

) أساسا لفلسفتهما. وقد أضاف األخوان تـشـيـنـجLiهذا بجعل مبـدأ (لـي جهدهما إلى ما أجنزه شوتون ـ ا^يI الذي درسا على يديه )دة عامI فقامابإحالل هذا ا)بدأ محل ا)طلق العظيمI الذي بدا لهما مفرقا في التجريد

وتاويا إلى حد بعيد.وقد كان السبب الفلسفي األساسي لهذا اإلحالل هو إرساء كمال الطبيعةاإلنسانية على أساس ا^من. وقد كـان شـوتـون ـ ا^ي مـعـنـيـا فـي ا)ـقـام األول}يتافزيقا الواقعI ووجد في مفهوم ا)طلق العظيم ا)فتاح لوحـدة األشـيـاءا)هيمنة. غير أن مفهوم ا)طلق العظيم كان أكثر جتريدا من أن يقدم أساسالفلسفة عملية لألخالقI وهي الفلسفة التي كانت موضع االهتمام الرئيسي

لدى تشينج هاو وتشينج ا^ي.واستطاع األخوان تشينج التركيز بصورة كاملةI تقريبـاI عـلـى فـلـسـفـةالفعل اإلنسانيI ألن شو تون ـ ا^ي كـان قـد قـدم بـالـفـعـل تـفـسـيـرا لـلـوحـدةا)يتافيزيقية للواقع. وإذا قاما بالتركيز على إيضاح الكيفية التي oكن بهاالوصول إلى كمال الطبيعة اإلنسانية بحيث يستطيع كل شـخـص أن يـغـدوحكيماI وبحيث يستطيع اجلميع احلياة معا في تناغمI فقد أدركا احلاجـةإلى أن يكون هناك مبدأ أول oكن إعماله في مواجهة كل شيء وكل شخصوكل فعل. ويتعS أن يكون هذا ا)بدأ أكثر من مجرد مصدر ينطلق منه كلشيء. كما أنه ينبغي كذلك أن يعمل باعتباره قانون كونه كامنا في صميم كل

شيءI يفضي عليه الوجودI ويوجه وظيفته.وألن ا)بدأ الذي تنطلق منه كل األشياء هو نفسـه كـا)ـبـدأ الـكـامـن فـيأشياء محددة (حيث يكمن الفارق الوحيد في التجلي أو التجسد) فإن كلاألشياء تشكل وحدة فيما يتعلق با)بدأ. وعندما يتم حتقيق ا)بدأI وإظهارهفي األفعال كافةI فإن التناغم الكامل سيتم حتقيقهI ويقول تشينج ا^ي: «إنذلك الكامن في األشياء هو ا)بدأ و: «ا)بدأ واحد في العالم. وعلى الرغمIفإن ا)قصد يـظـل هـو نـفـسـه Iمن أن هناك العديد من الطرق في العالم

Page 389: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

389

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

وعلى الرغم من أن هناك مائة من ا)داوالت فإن النتيجة تظل واحدة. وعلىالرغم من أن األشياء تتضمن العديد من التجلياتI واألحداث �ضي عبرحتول ال نهائيI إال أنها عندما يوحدها الواحدI فال oكن أن يكون هـنـاك

تناقض» (ص ٥٧١).ويقول «تشينج هاو»I في غمار مناقشته للمبدأ باعتباره العامل ا)وحـدفي الواقع: «إن السبب في أنه يقال إن كل األشياء تشكل كيانـا واحـدا هـوأنها كلها لها هذا ا)بدأ» (ص ٥٣٣). ويقول كذلك: «هناك مبدأ واحـد فـي

العالم» (ص ٥٣٤).وتكشف هذه ا)الحظات من جانب األخوين تشينج عن أنهما قد نظراإلى ا)بدأ باعتبارهI في وقت واحدI مصدرا لألشياء وقوة موجهة في داخلاألشياءI أي أنه على الرغم من أن ا)بدأ ينظر إليه على أنه واحدI وا)صدرلكل شيءI فإنه ينظر إليه علـى أنـه كـثـيـر كـذلـكI حـيـث إنـه كـامـن فـي كـلاألشياء الكثيرة التي انطلقت من ا)صدر. كيف oكن للمبدأ أن يكون واحداوكثيرا معا? من الضروري لإلجابة عن هذا السؤال أن نفهم كل مـن فـكـرةا)بدأ بشكل عامI وا)فهوم احملدد للمبدأ الذي استخدمه األخوان تشينج.يقول األخوان تشينج إنه من الضروري لـكـي يـتـم إنـتـاج أي شـيءI أن

) معا. والقوة ا)ادية هيLi) وا)بدأ (لي Chiيكون هناك القوة ا)ادية (تشي Iا)ادة» الديناميكية التي تتألف منها األشياء اخملتلفة تكون مختلفة بالفعل»فالتفاحات ليست أشجاراI واألشجار ليسـت نـاسـا. إالم يـعـود االخـتـالف?جواب األخوين تشينج هو أنه يعود إلى «الشكل» و«الوظيفة». فالتفاحات التؤدي وظيفة وال تتصرف على نحو ما تفعل األشجار أو الناسI وهي ليستلها األلوانI وال الروائح وال األصواتI وال النكهات... إلخ ذاتها. والسبب فيأنها تبدو مختلفة في اللونI والرائحةI والصوتI وا)ذاقI والشكل راجع إلىمبادئها اخملتلفة. وإذا كان األمر كذلكI فمن اجللي أن ا)فهوم العام للمبدأهو مفهوم «السبب في أن شيئا ماهو عليه فـحـسـبI ولـيـس شـيـئـا ا^خـر».وحيث إن هناك اختالفات بS األشـيـاءI وحـيـث إن هـذه اخلـالفـات oـكـنتفسيرهاI فإنه ينبني على ذلك أن تكون هناك أسباب للخالفاتI واألسبابtكنة ألن األشياء �يز بحسب مبادئهاI أي أنه في التحليل النهائي تتمثلأسباب التمييز بS أي شيئS في تعرف مبدأي هذين الشـيـئـIS حـيـث إن

Page 390: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

390

الفكر الشرقي القد

األسباب تكشف النقاب عن ا)بادى*.وقد قام األخوان تشينج بتوسيع نطاق هذا ا)فهوم عـن ا)ـبـدأ لـيـشـمـلإجمالي ماهو موجود. فكل ماهو موجود ـ السماء واألرض و«األشياء العشرةا^الف» ـ إ�ا يوجد بسبب ا)بدأI أي أن هناك سببا لوجود األشياء. وفضالعن ذلكI فإن مبدأ الكون هذا ليس مختلفا بصورة حقيقية عن ا)بدأ فـيأي شيء بعينهI ألن الشـيء احملـدد أو ا)ـتـعـS ال يـوجـد إال كـتـجـل لـلـمـبـدأاألسمى. واألشياء �يز بحسب «جتسيد» ا)بدأI وليس بحسب ا)بدأ باعتبارهكذلك. وما يجعل شيئا ما ماهو عليه إ�ا هو ا)بدأ مجسدا ومتجليا بطريقة

معينة في قوة مادية.Iأن ا)بدأ في فلسفة األخوين تشينج قد أشار إلى السبب Iإذن Iيبدوأو القانونI الذي يعمل في داخل األشياءI فيمنح الكون نظامه. ومـن هـنـافإن أهمية جعل ا)بدأ أساسا لفلسفتهما هي أنه أتاح لهمـا كـونـا مـنـظـمـا.وهكذا فقد ذهبا إلى القول إن النظام في اجملتمع الذي يـنـبـع مـن تـنـظـيـمالفرد وتهذيبه يجد أساسا له في هيكل الكون ذاته. وقد منح هذا ا)فهـومالكونفوشية اجلديدة األساس ا)يتافيزيقي لفلسفتها االجتماعية الذي كانت

تفتقر إليه.ومن ا)مكنI باالستعانة بفهم عام لفكرة ا)بدأ والوظيفجة التي يضطلعبها في فلسفة األخوين تشينجI التحول إلى كتابتهما للقيـام بـتـحـلـيـل أكـثـر

تفصيال للمبدأ وتطبيق ا)بدأ على الشؤون اإلنسانية العملية.ذات مرة سأل أحـدهـم «تـشـيـج ا^ي» عـمـا إذا لـم يـكـن ا)ـرء فـي غـمـار�حيصه لألشياء للوصول إلى فهم يسمح له بأن يصبح حكيما يتعS عليهIأو باألشياء اخلارجية Iواخلواطر Iأن يهتم باألشياء الداخلية. مثل ا)شاعرمثل األحداث الطبيعيةI فرد قائال: «ال يهم. فكل ما يوجد أمام أعيننا ليسإال أشياءI وكل األشياء لها مبادئها. فعلى سبيل ا)ثالI ابتداء من ذلك الذيIاحلاكـم والـوزيـر Sوا)اء باردا إلى العالقات ب Iقتضاه تغدو النار حارة{

وبS األب واالبنI تلك كلها مبادى* (ص ٥٦٨).ويوضح هذا من مبدأ الشيء ينظر إليه باعتباره مصدر النشاط اجلوهريلذلك الشيءI ألن النشاط اجلوهري للنار هو أن تشع احلرارةI وما يجعلالنار حارة هو ا)بدأ. ولكن من الواضح كذلك أن ما يتعS �حيصه ليـس

Page 391: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

391

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

تعدد التفصيالتI وإ�ا ا)بادى* فـقـط الـتـي تـعـمـل مـن خـالل الـتـجـلـيـاتالتفصيلية لألشياء. وهكذا فإنه في مـعـرض الـرد عـلـى الـسـؤال: «إذا قـاما)رء بتمحيص شيء واحد فقطI فهل يفهم شيئا واحدا فحسب أم يفـهـما)بادى* اخملتلفة?» يقال: «إن علينا أن نسعى لفهم األمر كله. غير أنه حتىين تسو (حكيم يشار إليه في كتاب «اخملتارات» لكونفوشيوس) ال oكنه أنيفهم عشر نقاط عندما يسمع نقطة واحدة. وعندما يفهم ا)رء ا)بـدأ فـي

نهاية ا)طافI فإنه حتى ماليS األشياء oكن فهمها». (ص ٥٦٨ ـ ٥٦٩).Iاألشياء بتفاصيلهاهي ما يستعصى على الفهم Sومن الواضح أن ماليومن ثم فإن ا)عنى ا)قصود هو أن ماليS األشياء oكن فهمهـا مـن خـاللمبدأها األساسيI فعلى سبيل ا)ثـال: عـنـدمـا يـتـم فـهـم الـعـالقـة بـS األبواالبنI فإن العالقات بS اال^باء واألبناء في ماليS من احلـاالت اجلـزئـيـةيتم فهمها. وعندما يتم فهم حب األم لوليدها )رةI فإن حـب ا)ـاليـS مـناألمهات لألطفال حديثي الوالدة يتم فهـمـهI حـتـى دون �ـحـيـص احلـاالتاجلزئية. والسبب هو أن ا)رء يعرف ا)بدأ ا)عني باألمر. وهذا هو السببفي أن تشينج ا^ي يقول: «كل األشياء ا)وجودة حتت السماء oكن فهمها فيضوء مبدأهاI وكما أن هناك أشياءI فالبد أن هناك مبادى* مـحـدد» (ص

.(٥٦٣وفي مناسبة أخرى قال: «الشيد واقعةI وإذا ما � �حيـص ا)ـبـادى*Iالتي تشكل أسس الوقائع فإن كل ا)بادى* سيتم فهمها» (ص ٥٥٢). ويبدوإذنI أن مبادى* أشياء محددة أو نوعيات محددة من األشياء ـ كمبدأ ـ هيواحدةI على الرغم من أنها تختلف فيما يتعلق بتجسـيـدهـا والـتـجـلـي فـيالقوة ا)ادية. وعلى سبيل ا)ثال فإن مبدأ كلب يختلف عن مبـدأ شـخـص.وإذا لم يكن األمر كذلك )ا كان }قدور ا)رء أن oيز بS االثنS. ولكن هذااخلالف يرجع إلى جتسيد ا)بدأ في خصوصية القوة ا)اديةةI وال يـنـطـلـقمن طبيعة ا)بدأ باعتباره كذلك. وبالقياس على ذلك فإن ا)رء قد يالحظفي معرض ا)قارنة بS قطع خزفية أن األقداح تختلف عن األطبـاقI وقـدIولكن كال من القدح واألطباق Iيشار إلى أن ذلك يعود إلى مبادئها اخملتلفةوقد يشار إلى أن ذلك يعود إلى مبـادئـهـا اخملـتـلـفـةI ولـكـن كـال مـن الـقـدحواألطباق سواء من حيث إنهما مؤلفان من نـوع مـن ا)ـواد يـعـرف بـالـرمـاد

Page 392: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

392

الفكر الشرقي القد

العظميI والبد من اإلقرار بأن الرماد العظمي ا)تجسد في القدح والطبقال يختلف في حالة أحدهما عن اال^خر. وبا)ثل oكـن أن يـقـال إن ا)ـبـدأالعظيم ا)شترك في العشرة ا^الف شيء ال يختلف في كل حالةعلى الرغم

من أن التجسيد مختلف.واألسئلة التي تبرز من هذا التحليل هي:

١ ـ ما طبيعة ا)بدأ ا)سؤول عن مادة الكون ووظيفته?٢ ـ كيف يرتبط مبدأ الكون بالبشر?

٣ ـ هل العقل مختلف عن ا)بدأ أم أنه متحد معه?والردود على هذه األسئلة تكشف عنها النقاب الفلسفة العملية التـي

دعا إليها األخوان تشينج..Sيقول تشينج هاو: «على الدارس قبل كل شيء أن يفهم طبيعة اجلـIيشكل كيانا واحدا مع كل األشياء دو�ا اختالف. واالستقامة Sوإنسان اجلواللياقةI واحلكمةI واإلoان هي كلهـا (تـعـبـيـرات) عـن اجلـS» (ص ٥٢٣).والسبب في أن الدارس يتعS عليه أوال أن يفهـم اجلـS هـو أن اجلـS هـوا)بدأ. وبتعبير ا^خر فإن طبيعة ا)بدأ في حالةالبشر هي اجلS. ولكن }اأن ا)بدأ هو نفسه في الطبيعة كما هو في البشرI فإنغرس اجلS هو فيالوقت نفسه إقرار للوحدة مع كل األشياء. وكما يشير تشينـج هـاو: «لـيـسهناك فارق بS الطبيعة واإلنسان» (ص ٥٣٨). وهكذا فإن معرفة اجلS هيمعرفة ا)بدأ ومعرفة ا)بدأ هي معرفة (بـطـريـقـة مـا) لـألشـيـاد كـافـةI وأن

تكون في تناغم معها (تكوين لكيان واحد).يشير تشينج ا^ي إلى أن معرفة اجلS ليست مسألة تتعلق بتوافر معلوماتعنهاI وإ�ا هي مسألة معايشة لهذا ا)بدأ. وهو يوضح هذه النقطة على

النحو التالي:«ا)عرفة احلقةI وا)عرفة ا)ألوفة مختلفان. لقد رأيت ذات مرة فـالحـاIجرحه �ر. وعندما قال أحدهم إن النمر عاكف على إحلاق األذى بالناساستبد الفزع باجلميعI ولكن محيا الفالح استجاب على نحو مختلف عـنالباقIS وحتى الصبي الصغير يعرف أن النـمـور }ـقـدورهـا إحلـاق األذىبالناسI ولكنها ليست معرفة حقةI وا)عرفة ال تغدو حقا إال عنـدمـا تـكـونمن نوعية معرفة الفالح. ومن هنا فإنه عندما يعرف الناس الشرI ويواصلون

Page 393: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

393

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

اقترافهI فإن تلك ال تعدو معرفة حقةI ولو أنها كانت كـذلـك لـتـوقـفـوا عـناقتراف الشر حقا» (ص ٥٥١). هكذا فـإنـه عـنـدمـا يـقـول تـشـيـنـج هـاو إنالدارس يتعS عليه أوال وقبل كل شيء أن يصقل إنسانيتهI وأن يحيا وفقا)بدأ اجلS. وتلك هيI بالطبع أصعب ا)هام قاطبةI ذلك ألنها مهمة قوامها

أن يصبح ا)رء حكيما.يالحظ تشينج ا^ي أنه في مدرسة كونفوشيوس كان هناك ثـالثـة ا^الفتلميذI ولكن واحدا فحسب ـ هو ين تزو ـ جرت اإلشادة به باعتباره مـحـبـاللتعلم. وسبب اإلشادة بS تسو هو أنه هو وحده قد ركز �اما علـى تـعـلـمطريقة التحول إلى حكيمI والتحول إلى حكيم هو الهدف األسمى. ذلك أناحلكيم oثل الشخص الكاملI وفي فلسفة ينظـر فـي إطـارهـا إلـى واقـعالشخص باعتباره الواقع األسمى فإن كمال الـشـخـص oـثـل كـمـال الـواقـع

ا)طلق.ولكن هل من ا)مكن بالنسبة للشخص أن يتعلم أن يصبح حكيما? ويرد

تشينج ا^ي على هذا السؤال باإليجاب:«من جوهر احلياة ا)تجمع في السماء واألرضI يتلقى اإلنسان العناصراخلمسة (ا)اءI النارI اخلشبI ا)عدنI والتراب) في أعلى امتياز لها. وطبيعتهاألصلية نقية وهادئة. وقبل أن تثار ا)بادى* األخالقية اخلمسة لطبيعـتـه

وا)سماة: اإلنساني باالستقامةI اللياقة احلكمةI واإلoان فإنها متسمـة بـالـكـمـال. وفـيـمـاIتظهر صورته الفيزيقية فإنها تتصل باألشياء اخلارجية وتثار من الداخـلIوالـغـضـب Iوعندما تثار من الداخل تنشأ ا)شاعر الـسـبـعـة وهـي الـسـرورواألسىI والنشوةI واحلب والكراهية والرغبة. وعندما يقوى الشعور ويغدو

ال مباليا على نحو متزايدI فإن الضرر يلحق بطبيعته» (ص ٥٤٨).وبعد أن � حتديد اخلير والنقاء األصليS لإلنسان ورد الشر فيه إلىاختالل هذا اخلير األصلي بسبب ا)شار التي فقدت السيطرة عليهاI فإنمن ا)مكن اإلشارة إلى أن }قدور ا)رء أن يصبح حكيما بتعلم الـسـيـطـرةعلى ا)شاعرI ومن خالل ذلك العودة إلى ا)بدأ األصيل في نقائه. ومن هناقال تشينج ا^ي: «طريق التعلم ال يعدو أن يكون إصـالح ذهـن ا)ـرء وتـغـذيـةIويصبح مخلصا Iويعايش االنضباط Iطبيعته. وعندما يتحمل ا)رء الوضاعة

Page 394: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

394

الفكر الشرقي القد

فإنه يغدو حكيما (ص ٥٤٨).وتكشف هذه العبارات عن أن ا)بدأ هو بالنسبة لألخوين تشينج القانونالداخلي لطبيعة الشيءI وهو القانون الذي يتم تلقيه من القانون الداخلـيIللكون. والبشر بدورهم يتلقون قانون وجودهم من القانون الداخلي للكونوبالتالي فهم متوحدون مع الكون فيما يتعلق با)بدأ. وحيث إن العقل يشيرإلى اجلوهر األصلي لإلنسانيةI فإنه يبS أن العقـل مـتـحـد مـع ا)ـبـدأ فـيهوية واحدةI وأن يكون ا)رء إنسانيا معناه أن يكون ا)رء إنسانيا معـنـاه أنيكون أخالقياI وحيث إن األخالق تنبع من «اجلS» فإنه ينبني على ذلك أنIوحيث إن هذا هو ا)بدأ األصلي لوجودنـا «Sالطبيعة اإلنسانية هي «اجلفإننا يتعS علينا إلدراك الكمال أن نكون صادقS مع هذا ا)بدأ (tارسةالتشينج أو اإلخالص) وأن نراعيهI ولهذا �س احلاجة أيضا إلى فضائـل

اللياقة واحلكمة واالستقامة.

٤Chu Hsi ـ تشو هسي

تعد ا)شكلة اخلاصة بالكيفية التي oكن بها رعاية «اجلS» (اإلنسانية)Sوالوصول بها إلى الكمال مشكلة محورية بالنسبة جلـمـيـع الـكـونـفـوشـيـاجلدد. والعقبة الرئيسية التي يتعS التغلب عليها أثناء رحل هذه ا)شكلـةهي عقبة العالقة بS اخلير والشر. وترجع األهمية التي يحتلها تشو هسيفي الذهن الصـيـنـي (حـيـث يـوضـع فـي ا)ـرتـبـة نـفـسـهـا مـع كـونـفـوشـيـوسومنشيوس) في ا)قام األول إلى قدرته على إعادة تفسير وتركيب فلسفاتا)فكرين الكونفوشسيS اجلدد وبناء صرح فلسفة نسقية كاملة وفق فيهابS وجود الشر واخلير األصلي للطبيعة اإلنسانية.وقد كان }قدوره القيامبذلك وفقا للخطوط التي اقترحها كونفوشيوس ومنشيوس بإدراج الفلسفاتا)يتافيزيقية لفالسفة كونفوشسيS جدد سابقـIS األمـر الـذي مـكـنـه مـنحتقيق كمال نسقي افتقر له كونفوشيوس ومنشيوسI بينـمـا قـدم فـلـسـفـة

عملية أكثر تفصيال tا أفلح سابقوه الكونفوشيون اجلدد في تقدoه.وكان موضع االهتمام احملوري بالنسبة لكل من الكونفوشيS اجلدد هورعاية «اجلS» وإصالح العالقات اإلنسانية األساسيةI وتطويـر الـفـضـائـل:Sاألشخاص هي تلك التي تنشأ ب Sالدائبة. والعالقات اخلمس الدائمة ب

Page 395: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

395

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

١ ـ احلاكم واحملكوم.٢ ـ األب واالبن.

٣ ـ الزوج والزوجة.٤ ـ الكبار واألطفال الصغار.

٥ ـ األصدقاء.Iواحلـكـمـة Iواإلخـالص Iوالـلـيـاقـة Iوالفضائل الدائبـة هـي االسـتـقـامـةونشاطات الفلسفة الثالثةI وهي الرعاية واإلصالح والتطوير هي كلها سواءبضعة جوهريةI ذلك أنه عندما يتم إصالح العالقاتI وتطوير الفضائل فإن«اجلS» ستتم رعايتهاI وعندمـا تـتـم رعـايـة «اجلـI«S فـإن «اجلـS» سـتـتـمرعايتهاI وعندما تتم رعاية «اجلI«S فإن الفضائل سيتم تطويرهاI وسيتمIفإن الشر سيزول Iإصالح العالقات. وعندما يتم حتقيق هذه األمور الثالثة

وسيسود السالم واخلير العالم.كانت الصعوبة الرئيسية التي وجهتها هذه الـفـلـسـفـة صـعـوبـة إيـضـاحمصادر اخلير والشر والعالقات بينهما. وكان الشعور بهذه الصعوبة ملموساقبل منشيوسI الذي حاول حسم ا)شكلة بالقول إن الطبيعة اإلنسانية هيطبيعة خيرة في جوهرهاI ولكن اجملتمع والثقافة يفسدانها. وبا)قابل حاول«هسون تسو» حسم ا)شكلة بالقول إن الطبيعة اإلنسانية هي في جوهرهاشريرةI ولكن من خالل التربية والثقافة فإن هذا الشر oكن اقتالعه مـن

من هاتS النظريتS لم يبرهن علىجذوره وإجالل اخلير محله. غير أن أياأنه مرضI فلو أن الطبيعة اإلنسانية كانت في جوهرها طبيعة خيرةI علىنحو ما �نى منشيوس إقناعنا بهI فكيف oكن للثقافـة واجملـتـمـع الـلـذيـنينطلقان من البشر أن يكونا شريرين ومفسدين? ومن ناحية أخرى إذا كانتالطبيعة اإلنسانية شريرة في جوهرهاI على نحو ما �ـنـى «هـسـون تـسـو»إقناعناI فكيف oكن )ا ينطلق من الطبيعة اإلنسانيـة فـي صـورة الـثـقـافـة

والتعليم أن تكون خيرة.I«مـنـشـيـوس» و«هـسـون تـسـو» Sخالل القرون التي أعقبت اخلـالف بـأجمع الكونفوشيون بصفة عامة على أن الطبيعة اإلنسانيـة خـيـرة بـصـورةأساسيةI ولكنه لم يتم التوصل إلى دعم نظري مقنع لهـذا ا)ـوقـف. وأشـار

الذي يعد شخصية رائدة في حركة الكونفوشية اجلديدةHan Yuهان يو

Page 396: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

396

الفكر الشرقي القد

ـ إلى أن الطبيعة اإلنسانية تنتمي إلى ثالثة أنواعI هي اخليرI والشر وخليطمن االثنIS ولكن لم يكن هناك تفسير مرض للكيفية التي oكن بها للطبيعةالبشرية أن تكون األنواع الثالثة في وقـت واحـدI وبـنـاء عـلـى هـذا اسـتـمـرالشعور احلاد باحلاجة ا)اسة من قبل الكونفوشيS إلى نظرية فلسفية عنطبيعة اخلير والشرI ذلك أنه دون هذه النظرية سيكون تـأكـيـدهـم إزاحـة

الشر عن طريق رعاية «اجلS» تأكيدا بال أساس. خطوة كبيرة إلى األمام عندما ميز بChang TsaiSوخطا تشاجن تساي

الطبيعة اإلنسانية اجلوهرية والطبيعة الفيزيقيةI ولكن }ا أنه أخـفـق فـيإقامة عالقة مقنعة بS االثنS فإن نظريته لم تكن كافـيـة. وقـام األخـوانتشينج بإسهام مهم كذلك في حل هذه ا)شكلة بنظريتهما القائلة إن ا)بدأوالطبيعة البشرية متحدان في هويـة واحـدةI ولـكـن وقـع عـلـى كـاهـل تـشـوهسي إيضاح كيف أن الطبيعة اإلنسانية األساسية متحدة في هوية واحدةIوبالتالي فإنها تنتمي إلـى طـبـيـعـة اخلـيـر الـنـقـي Iمع ا)بدأ السامي للكونبينما كانت الطبيعة اإلنسانية الثانويـة الـتـي خـلـقـهـا االرتـبـاط بـS ا)ـبـدأ

) طبيعة غير نقية ومصدرا للشر. ووفقا لهذا التفسيرChiوا)ادة ا)ادية (تشي فإن مصدر اخلير هو الطبيعة اإلنسانية الرئيسيةI ولكن الشخص هو موجودمتعS له جسم ومشاعر وكذلك له عقلI وجتسيد الطبيعة اإلنـسـانـيـة هـوالذي يثير الشرI ذلك أنه من ا)شاعر تأتي تلك العواطف التي تلقي بالظاللعلى اخلير األصليI والتي تنحرف عن «اجلS» ومبدأ اإلنسانية األسمى.و)ا كان تشو هسي oيز بS ا)بدأ في حد ذاته وا)بدأ الذي يتجسد فيأشياء متعينةI فإنه يقول: «إن مايوجد قبل الهيئة العضوية هو ا)بدأ الواحدوا)تناسق والذي ال �ييز وال مفاضلة فيهI وهو خير في كل األحوال. غيرأن مايوجد بعد الهيئة العضوية مختلـط ومـضـطـرب ومـن خـالل ذلـك يـتـمالتمييز بS اخليروالشر» (ص ٥٩٧). وتعد هذه العـبـارة هـي ا)ـفـتـاح حلـل«تشو هسي» )شكلة كيف نوفق بS وجود الشر ووجود اخليـر. والـتـمـيـيـزالذي يقوم به هو بS خيرية ا)بدأ وا)ادة التي تنتج الشر التي تتألف منهاأشياء محددة. وفي البشرI كما هي احلال في األشياء كافة يتحد ا)بدأ معا)ادةI وبالتالي يختلط اخلير بالشر. ولكن الطبيعة اإلنسـانـيـة األسـاسـيـةI«Sا)بدأ الذي ينتمي بطبيعته إلـى «اجلـ Iتتحد مع ا)بدأ في هوية واحدة

Page 397: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

397

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

بينما تشكل ا)ادة طبيعة ثانوية. و}ا أن «اجلS» أساسية فإن إزالة الـشـرتعتمد على وعاية «اجلS» وتطويرها على حساب الطبيعة الثانوية.

ويقتضي هذا التمييز بS الطبيعتS األساسية والثانويـةI عـلـى أسـاسالتمييز بS ا)بدأ وا)ادة ـ نظرية عامة لطبيعة األشياء ومصدرها كسيـاقتفسيري. ويقول تشو هسي إن كل األشياء هي نتاج )زيج من ا)ادة (تشي)وا)بدأ (لي). ويضيف: «يحظى اإلنسان واألشياء جميعا }بدأ الكون كطبيعةلهمI ويتلقون قوة الكون ا)ادية باعتبارها شكلهم الفيزيقي...» (ص ٦٢٠).ووجود مبدأ هو أمر يتضح في احلقيقة القائلة إن األشياء هي ماهي عليهوليست أي شيء ا^خر. ويرجع كون الناس مختلفS عن الكالب إلى ا)بادى*

اخملتلفة.غير أن االختالف في ا)بادى* ليست اختالفا في ا)بادى فحسبI وإ�اهي تتضمن اختالفا في ا)ادة. فال وجود لشيء ال يتعـلـق بـكـل مـن ا)ـبـدأوا)ادةI وجتلي ا)بدأ يتم تنظيمه من خالل ا)ادةI بينما ا)ـبـدأ فـي الـوقـتنفسه يحدد ا)ادة. وعندما طلب من تشو هسي أن يـقـدم بـرهـانـا عـلـى أنهناك مبدأ في القوة ا)ادية رد قائال: «على سبيل ا)ثال هنـاك نـظـام فـيالتالحم ا)عقد للS والياجن وتالحم العناصر اخلمسة. أن ا)بدأ هناكI وإذالم تكن القوة ا)ادية قائمة بالدعم واالستيعاب فإن ا)بدأ لن يجد مايربـط

نفسه به» (ص ٦٣٥).ويقول تشو هسيI في معرض تفسير طبيعة ا)بدأ والقوة ا)ادية والكيفية

التي يرتبطان بها:«في كل أرجاء الكون هناك كل من ا)بدأ والقوة ا)ادية. وا)بدأ يشير إلىالطريق الذي يوجد قبل الشكل الـفـيـزيـقـي (وهـو مـوجـود مـن دونـه). وهـوا)شار الذي انطالقا منه تنتج كل األشياء. والقوة ا)ادية تشير إلى ا)وضوعاتا)اديةI التي توجد بعد الشكل الفيزيقي (ومعه) أنها األداة التـي بـهـا تـنـتـجاألشياءI ومن هنا قضى إنتاج اإلنسان واألشياء البد لهم من مبدأ قبـل أنتكون لهم طبيعةI والبد لهم من قوة مادية قبل أن يكون لهم شكل فيزيقي»

(ص ٦٣٦).ويبدو من هذا التفسير أن ا)بدأ سباق على القوة ا)ادية }عنيIS ذلكأن ا)بدأ هو السبب اجلوهري لوجود شيء ماI وا)بدأ هو كـذلـك خـاصـيـة

Page 398: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

398

الفكر الشرقي القد

الشيء القابلة ألن تعرف. وهكذا فإن ا)بدأ يأتـي أوال فـي تـرتـيـب الـوجـودوفي ترتيب ا)عرفةI وعلى الرغم من هذه األولوية فإن قوام األمر يظل أنه

ال شيء يوجد إال من خالل مزيج من ا)بدأ وا)ادة.ومع ذلك فإن األشياء التي توجد لها مصدر تستمد منه طبائعها. وبالنسبةلتفسير «تشو هسي»I فإنه لكي يكتمل هذا التفسير فالبد له من أن يربطا)بدأ وا)ادة ـ باعتبارهما التوأم احملدد لألشياء ـ }صدرهما. وهو يحققهذا من خالل إدراج مفهوم «شو تون ـ ا^ي» عن ا)طلق الـعـظـيـم فـي إطـارنسقه. ووجهة نظره هي أن «آ)طلق العظيم ال يعـدو أن يـكـون ا)ـبـدأ» (ص٦٣٨). وبتعبير ا^خر فإن ا)بدأ هو ا)صدر ا)طلق لألشياء كافةI وهو باعتبارهكذلك يضفي الوحدة ـ وحدة البدأ ـ على تعددية الواقعI ويعمل على إدماجالواقع بأسره في كل متناسق. وعند «تشو هسي» ينظر إلى الواقع العظيم

باعتباره «مبدأ السماء واألرض وعدد ضخم من األشياء».«بالنسبة حلشد األشياء الهائل فإن هناك مطلقا عظيما في كـل شـيءمنها. وقبل أن توجد السماء واألرض كان هذا ا)بدأ على وجه اليقS. إنها)بدأ القائل إنه «خالل احلركة يتولد الياجن» وهو كذلك ا)بدأ القـائـل إنـه

«خالل السكون يتولد الS» (ص ٦٣٨).وبالطبع خالل نشاط «الS والياجن» تتولد العناصر اخلمسةI وعن طريققوتها توجد األشياء العشرة ا^الف التي تشكـاللـواقـع ا)ـتـعـS احملـيـط بـنـا.وهكذا فإن تشو هسي مهد لتفسير نسقي لنشأة طبيعة األشياءI من خالل

اكتشافه للمبدأ وا)ادة والعالقة بينهما.ويقول «تشو هسي»I في معرض تطبيق هذا التفسير على مشكلة الشرفي الطبيعة البشرية: «إن ا)طلق العـظـيـم هـو مـبـدأ اخلـيـر األسـمـى. وكـلشخص يضم بS جوانحه ا)طلق العظيمI وكل شيء يضم في أعماقه ا)طلقالعظيم» (ص ٦٤٠). وترتبط أهمية وجهة النظر هـذه بـأولـويـة ا)ـبـدأ عـلـىا)ادةI فألن ا)بدأ أكثر جذرية من ا)ادة يعد خير الطبيعة البشرية أساسيا.وألن اإلنسان يضم بS جوانحه ا)طلق العظيم فإنه ينبني على ذلك أن«اجلS» هي الطبية األساسية لإلنسانية. ويوضح «تشو هسي» هذا باإلشارةإلى عالقتS جوهريتS يتعلق األمر بهما. فأوال بعد مطابقة العقل بطبيعةاإلنسان األساسية يقول: «إن مبدأ العـقـل هـو ا)ـطـلـق الـعـظـيـم» ص ٦٢٨).

Page 399: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

399

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

وثانيا يقول: «إن اجلS هي العقل» (ص ٥٩٤). وهاتان العبارتان معا تعنيانأن ا)طلق العظيم متحد في هوية مع «اجلS». ويدعم تشـو هـسـي وجـهـة

النظر هذه في رسالته عن «اجلS» حيث يقول:«في غمار أحداث اإلنسان واألشياء فإنهم يتلقون عقل السماء واألرضباعتباره عقلهم. ومن هنا وباإلشارة إلى طابع العقل فإنه على الرغم منأنه يحتوي ويخترق كل شيء وال يدع مجاال )ستزيـدI إال أن كـلـمـة واحـدة

ستغطيه بأسرهI وهي اجلS (اإلنسانية ص ٥٩٣ ـ ٥٩٤).وفي ضوء كون اجلS أساسية ـ «ا)بدأ كامن أصال في عقل اإلنسان» ـفإن السؤال األكثر أهمية هو كيف يتم حتـقـيـق «اجلـS» (ص ٦٣٣). ووفـقـالفلسفة «تشو هسي» فإن هناك أسلوبS متساويS في األهـمـيـة لـتـحـقـيـق«اجلS». فمن ناحية }ا أن «اجلS» موجودة هناك بالفعل باعتبارها طبيعةأساسيةI فإن على ا)رء أن يركز للحفاظ على طبيعته احلقة. ومن نـاحـيـةأخرى يتم العلم بطبيعة الشخص وحتقيـقـهـا مـن خـالل وظـيـفـتـهـاI وفـهـم

وظيفة أي شيء يعتمد على الفحص التجريبي الكتشاف طبيعة ا)بدأ.Iوكل ا)بادى* كاملة في هذا الكيان الواحد I*يحتوي العقل كل ا)بادى»العقل. وإذا لم يتمكن ا)رء من احلفاظ على العقلI فإنه سيعجز عن بحثا)بدأ إلى أقصى حد. وإذا عجز عن فحص العقل وصوال إلى أقصاهI فإنه

سيعجز عن إعمال عقله إلى أقصى حد» (ص ٦٠٦).ويستند ا)بدا^ن التوأم اخلاصان باحلفاظ (على اخلير) وفحص (العقل)Iفاجلوهر يشير إلى طبـيـعـة شـيء مـا Iاجلوهر والوظيفة Sعلى التمييز بوالوظيفة تشير إلى الكيفية التي يعمل بها شيء ما. وهذا التمـيـيـز نـفـسـه

(وظيفـةTe (اجلوهر) والـتـي Taoيعود إلى «الوتسو»I الذي ميـز بـS الـتـاو التاو). ولكن التمييز عند تشو هسي يطبق على ا)بدأ. وهكذا فإن الطبيعة.«Sأو ا)بدأ ـ طابع العقل ـ باعتبارها اجلوهر هي «اجل Iاإلنسانية األساسيةولكن وظيفة العقل اإلنساني هي الب. وبتعبير ا^خر فإن وظيفة اإلنسانيةهي احلب. واحلبI باعتباره وظيفة «اجلS» يشكل الفضائل األخرىI وهوأساس العالقات اإلنسانية السليمة. ويعبر تشو هسي عن األمر على النحو

التالي:«إن الصفات األخالقية لعقل السماء واألرض هي أربع: النشأة واالزدهار

Page 400: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

400

الفكر الشرقي القد

وا)زايا والتماسك... ومن هنـا فـإنـه فـي عـقـل اإلنـسـان تـوجـد أيـضـا أربـع«Sو«اجلـ Iواحلـكـمـة Iواالستقـامـة والـلـيـاقـة «Sأي «اجل Iخواص أخالقيةحتتويها جميعهاI وهي في نشأتها ووظيفتها تشكل الشعور باحلب وباالحترامو}الزمة الصوابI وبالتمييز بS مالزمة الصواب وحجـافـاتـهI والـشـعـور

بالرثاء يتخللها جميعها» (ص ٥٩٤).وطبيعة شيء ما �هد لوظيفتهI ووظيفته تعبر عن طبيـعـتـهI ومـن هـنـاIأي السلوك طبقا للصفات األخالقية Iهد لوظيفة اإلنسانية�» «Sفإن «اجلوأداء الوظيفة وفقا للخواص األخالقيةI وأداء الوظـيـفـة وفـقـا لـلـخـواص

.«Sاألخالقية إ�ا هو تعبير عن «اجل«إذا كان }قدورنا حقا أن �ارس احلبI وأن نحافظ عليهI فإننا جندفيه نبع كل الفضائلI وجذر كل األعمال اخليرةI وهذا هو السبب في أنهفي تعاليم ا)درسة الكونفوشية يهاب بالدارس على الدوام أن يبذل جـهـدا

دائبا ال يعرف التوقف في متابعة اجلS» (ص ٥٩٤).ذلكI إذنI هو األساس الذي يقدمه «تشـو هـسـي» لـلـفـلـسـفـة الـعـمـلـيـةللكونفوشية اجلديدةI والذي oكن اختصـاره فـي كـلـمـاتـه هـو نـفـسـه عـلـىالنحو التالي: «أساس التصرف وفقا للحب هو أن نكون مخلصS وبنفوسصافية ومجاملS وهادئS... وأن نحب اال^خرين كما نحب أنفسنا ذلك هو

أرقى باحلب إلى الكمال».٥Wang Yan-ming ـ واجن ياجن ـ مينج:

مكن التمييز بS ا)بدأ والقوة ا)ادية تشو هسي من أن يدرك معا واقعالعقل مواقع األشياء اخلارجية بالنسبة للعقل. وإذا شئنا استخدام تعبيراتفلسفية لقلنا إنه كان عقالنيا بقدر ما أكد ا)بدأI لكنه كان جتريبيا }قدارتأكيده على فحص األشياءI وكان مثاليا بقدر ماشدد على ا)طلق العـظـيـمباعتباره كال من الطبيعة األساسية لكل األشياء وجوهر العقـلI لـكـنـه أكـدكذلك أنه ال oكن أن يكون هناك شيء دون القوة ا)ادية الضرورية لتجسيد

ا)بدأ.غير أنه بعد تشو هسي أدت التطورات في مدرسة ا)ـبـدأI ومـن خـالل

وتالميذه إلى التوحيد بS ا)بـدأLu Hsiang Shanأعمال لو هسياجن ـ شـان (١٤٧٢ ـ ١٥٢٩) الذي يعدWang Yang-mingوالعقل. وقال واجن ياجن ـ مينـج

Page 401: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

401

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

أبرز tثلي ا)ثالية الكونفوشية اجلديدة: «ليس هنـاك مـبـادى* وال أشـيـاءخارج العقل» (ص ٦٧٣). وهذه الفلسفة متعارضة أشد التعارض مع فلسفةتشو هسيI ذلك أنه عندما يتم التمييز بS ماينتمي إلى العقل وماهو خارجالعقل ـ عندئذ فحسب oكن تأكيد فحص األشياء باعتباره ا)فتاح ا)فضيإلى رعاية «اجلS». وفحص األشياء هو أحد العمودين اللذين تقوم عليهمافلسفة تشو هسي. وقد كـان الـعـمـود الـثـانـي ـ وهـو احلـفـاظ عـلـى الـعـقـلاألصلي ـ مقبوال �اما بالنسبة لواجن ياجن ـ مينجI ولكن أتباع تشو هسي لم

يؤكده.ويبرز سببان محددان من بS أسباب بروز مثالية واجن ياجن ـ مينج خاللعهد أسرة مينج (١٣٦٨ ـ ١٦٤٤). أوال في الفترة مـن ١٣١٣ فـصـاعـدا حـظـيتفسير تشو هسي لألعمال الكونفوشية الكالسيكية با)كـانـة ا)ـتـمـثـلـة فـيكونه الفلسفة الرسمية في الصS. وكان معنى هذاI باإلضافة إلى تثبـيـطالفلسفات األخرىI إن اختبارات االلتحاق باخلدمة ا)دنية كانت تقوم علىأساس تفسيراته. وكما يحدث كثيرا فـإن األمـن الـذي يـصـاحـب مـثـل هـذااالستقرار قد أدى إلى اضمحالل فلسفة «تشو هسي»I فدون احلاجة إلىتكريس نفسها في مواجهة مـذاهـب فـكـريـة قـويـة أخـرىI جـرت مـحـاوالتمتزايدة لدعم وتنقيح الترجماتI والتعريفاتI و� إبداء اهـتـمـام أقـل tـاينبغي بإعادة فحص ا)بادى*I واحلجج األساسيةI وإعادة الـتـفـكـيـر فـيـهـا.Iالباحث الصيني ا)رموق في أمريكا Iوعلى نحو ما أشار وينج ـ تسيت تشانفبما أن تفسير تشو هسي للكونفوشية «قد انحط إلى عبث ال قيمة له معما وصفه واجن (ياجن مينج) بأنه شذرات متناثرة ومـعـزولـة وقـطـع مـجـزأة»(ص ٦٥٤) فإنه لم يقدم أساسا كافيا )ساعدة الناس فـي تـشـكـيـل فـلـسـفـةحياة مرضيةI ولهذا كان هناك استقبال حافل وترحـيـب بـفـلـسـفـة جـديـدة

قوية مثل تلك التي اقترحها واجن ياجن ـ مينج.Sومخفض Iمقتدين بتأكيده فحص األشياء I«ثانيا: قام أتباع «تشو هسيقليال من تشديده على احلفاظ على العقل األصلي لإلنسانI بأال يغال أكثرفأكثر في االبتعاد عن التشديد األخالقيI الذي كان الطابع ا)ميز للفكرالكونفوشي. وعندما حول واجن ياجن ـ مينج اهتمامه بصورة كلية تقريبا إلىا)وضوعات األخالقيةI قوبل ذلك بالترحيب على أنه عودة إلى االهـتـمـام

Page 402: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

402

الفكر الشرقي القد

احملوري للفلسفة.وتتميز فلسفة «واجن ياجن ـ مينج» بانشغالهـا بـالـقـيـم األخـالقـيـة. وهـيتستند إلى مباد½ الطابع احملتـوي عـلـى كـل شـيء وا)ـمـيـز لـلـعـقـلI ووحـدةا)عرفةI والفعل. ومن هذين ا)بدأين ظهر مذهب امتداد ا)عرفة الفـطـريـة

). وتنعكس هذه السمات ا)ميـزةChih Liang-chihللخير (تشيه لياجن تشيه لفلسفته جميعها في العبارة التالية:

«تتمثل تعاليم الرجل العظيم �اما في الـتـخـلـص مـن ظـلـمـة الـرغـبـاتIلكي يتمكن من خالل جهوده اخلاصة من إبراز شخصيته احلقـة IاألنانيةIلكي يستعيد وضع تكوين جسم ا)رء مع األرض والسماء وحـشـد األشـيـاءوهو وضع كان على هذا النحو أصالI وذلك كل مافي األمر إذ ال oكن أن

يضاف شيء خارج اجلوهر األصلي» (ص ٦٦٠).ليس هاهنا التجاء إلى فحص األشـيـاء كـجـزء أسـاسـي مـن ا)ـعـرفـة أومراعاة «اجلS» كما أنه ال يتم التمييز بS ا)عرفة والفعلI ذلك ألن ا)عرفةاحلقة هي فعل ينطلق من احلب الذي يشكل أساس اإلنسانية. وبتعبير واجنـ مينج فإن «ا)عرفة هي بداية الفعلI والفعل هو �ام ا)عرفة. وعندما ياجن تتعلم كيف تكون حكيما فستعرف أن ذلك ال يقتضي إال جهدا واحداI هو أن

ا)عرفة والفعل ال ينبغي فصلهما» (ص ٦٧٤).وأساس توحيد ا)عرفة والفعل هو تأكيد واجن ياجن ـ مينـج عـلـى اإلرادةواالختيار وليس على العقل وا)عرفة. وا)عرفة العقلية أو ا)نطقية من النوعالذي oيز العلوم oكنI بالطبعI أن تفصل عن االختـيـار واألخـالقI ولـكـنا)عرفة العملية لقيمة األشياء ال معنى لها }عزل عن نشاط االختيار والفعل.وعندما ينظر إلى القيام بشيء ما على أنه أكثر أساسية من ا)عـرفـةI فـإننوعية ا)عرفة ا)طلوبة للقيام باالختيارات تصبح أكثر أهـمـيـة مـن ا)ـعـرفـةالنظرية. وفضال عن ذلك فإن اختيارات الشخص يكشـف عـنـهـا الـنـقـابالفعل الذي يتم القيام بهI وهذا يوضح تركيبات الفعل وا)عرفةI وهـذا هـوالسبب في أن واجن ياجن مينج oكنه القول إن تعاليم احلكـيـم تـتـمـثـل فـي

ر. وا)غزى العالم ا)تضمن هنا هوالتخلص من األنانية وإظهار الطابع اخليأن الفعل أكثر أساسية من ا)عرفةI وكل ا)عرفة إ�ا هي مـكـرسـة لـلـفـعـل.

ويعني هذا بلغة الفلسفة الكالسيكية أن اإلرادة أسمى من العقل.

Page 403: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

403

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

ويتم الكشف عن فلسفة واجن ياجن مينج كأوضح ماتكون في تفسيره لـ) وهو نص كونفوشي كالسيكي كـانTa Hsueh«ا)طلق العظيم» (تاه هسويه

}نزلة مصدر إلهام للعديد من الفالسفة الكونفوشيS اجلدد. ويتألف نص«ا)طلق العظيم» من طرح وتفسير لـ «األوتـار الـثـالثـة الـكـبـر» و«األسـالك

الثمانية الصغيرة» واألوتار الثالثة الكبرى هي:١ ـ جتلي الطابع الصريح.

٢ ـ محبة الناس.٣ ـ االستقرار في اخلير األسمى.

فلدى سؤال واجن ياجن ـ مينج عن جتلي الشخصية احلقة رد قائال: «إنالرجل العظيم ينظر إلى السماء واألرض وحشد األشياء باعتبـارهـا كـيـانـاواحدا. وهو يعتبر العالم أسرة واحدة والبـلـد شـخـصـا واحـدا. أمـا أولـئـكالذين يفصلون بS ا)وضوعات وoيزون بS النفس واال^خـريـن فـإنـهـم مـن

صغار الناس» (ص ٦٥٩).والتفكير الكامن وراء الدعوى هو أن كل األشياء تشكل بصورة حقيقيةأجزاء ال تتجزأ من كل واحدI �اما كما أن األطفال واألم واألب هم أسرةواحدة بصورة حقيقية. وفي األسرة فإن صلة احلب األسري التي تـنـطـلـقمن إنسانية الشخص الفرد هي التي تخلق وحدة العائلة. وفي العالم تخلقالوحدة من خالل رابطة احلب العظيم التي تنطلق من «جS» الكون. وعند«الرجاللعظيم» فإن «جS» الكون يتحد مع «جS» الفردI وهناك وحدة لكل

األشياء «شكل كيانا واحدا».وعندما سئل واجن ياجن ـ مينج عن السر في أن معرفة الرجل الـعـظـيـمتتمثل في محبة الناسI رد قائال: «يتمثل جتلي الشخصية احلقة في محبةالناسI ومحبة الناس هي الطريق لتجلي الشخصية احلقةI ومن هنا فإننيعندما أحب أبيI وا^باء اال^خرينI وا^باء كل البشـرI عـنـدئـذ فـخـسـب oـكـنألنسانيتي حقا أن تشكل كيانا واحدا مع أبي وا^باء اال^خرين وا^باء كل البشر»(ص ٦٦٠). والتفسير الكامن وراء هذا القول هو أن ا)قصود بـ «الشخصية

احلقة» التقاء األصلي وخير الطبيعة اإلنسانية األساسية أو العقل.ووفقا لواجن ياجن ـ مينج فإن هذا اخلير األصلي يتمثل فـي احلـبI فـيحب شامل وكوني يشكل وينبع من ا)بادى* األساسية لكل األشـيـاء فـي ا^ن

Page 404: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

404

الفكر الشرقي القد

واحد. وعندما تكون األشياء متوافقة مع هذا احلبI فإنها بدورها تكون قدوصلت إلى الكمال. وoكن رؤية هذا في احلقيقة القائلة إنه عندما يتجلىالطابع الصريح للحب فإن الفضائل الدائبة تصل عندئذ إلى الكمالI ويتمإصالح شأن العالقات اإلنسانـيـة. وهـكـذا oـضـي واجن يـاجن ـ مـيـنـج إلـىالقول إنه عندما تشكل إنسانيته كيانا واحدا مع ا^باء كل البشر فإن الطابعالصريح للوالء البنوي يتجلى عندئذI وعندما تشكل إنسانيته كيـانـا واحـدامع أخوة كل البشر فإن الطابع الصريح للحب األخوي سيتجلىI وخالصة

القول:Iوالـزوجـة Iوالـزوج Iوالوزيـر Iالبد من حب كل شيء ابتداء من احلاكم»Iواألصدقاء إلى اجلبال واألنهار والكيانات الروحية واحليوانات والنباتـاتحبا حقيقيا لكي أحقق إنسانيتي التي تشكل كيانا واحدا مـعـهـمI وعـنـدئـذفإن شخصيتي احلقة سيتجلى بصورة كاملةI وسأشكل حقا كيانـا واحـدا

مع السماء واألرض وحشد األشياء» (ص ٦٦١).ـ مينج عن السر في أن معرفة احلكيم تتمثل في وعندما سئل واجن ياجن

االستقرار في اخلير األسمى رد قائال:«إن اخلير األسمى هو ا)بدأ ا)طلق لتجلي الشخصية ومحبة الـنـاس.والطبيعة التي جبلتنا السماء عليها هي طبيعة نقية وكاملةI وحقيقة كونهاواعية وصافية وبعيدة عن الضبابية تبدو واضحة في نشود اخلير األسمىوالكشف عنهI واجلوهر األصلي للشخصية احلقة هو الذي يسمى با)عرفة

الفطرية للخير» (ص ٦٦١).Iالتي تشكل أساس الطبيعة اإلنسانية «Sإن كل األشياء ماثلة في «اجلومن هنا فإنه لتحقيق كمال الناس البد من رعاية هذه الطبيعة األساسية.ولكن األمر ال يقتضي شيئا خارجيا للقيام بهذه ا)همةI حيث إن هذه الطبيعةنقية وكاملةفي ذاتهاI ومعرفة اخلير هي فعل اخليرI ومعرفة اخلير متضمنةبالفعل في الطبيعة اإلنسانية األساسـيـة فـي صـورة «اجلـS». وهـكـذا فـإنمايقتضيه األمر هو مد نطاق هذه ا)عرفة الفطرية باخلير إلى كل مجاالتالفعل. واألمر على نحو مايعبر عنه واجن ياجن ـ مينج: «هذا هو ا)قـصـد بــجتلي الشخصية احلقة في كل أنحاء اإلمـبـراطـوريـة. هـذا هـو ا)ـقـصـد بــ«تنظيم العائلة» و«ترتيب الدولة» و«إقرار السالم في العالم». هذا هو ا)قصود

Page 405: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

405

الكونفوشية اجلديدة: التناسق العظيم

بـ «التطوير الكامل لطبيعة ا)رء» (ص ٦٦١).

٦Tai Chen ـ تاي تشني

أكدت الفلسفة الكونفوشية اجلديدة من خالل واجن ياجن ـ مينج مبادى*األشياء في مواجهة تكوينـهـا ا)ـادي. وأعـلـت مـن شـأن «الـعـقـل األسـاسـي»ليسمو على ا)شاعر. وحدث في القرنS السابـع عـشـر والـثـامـن عـشـر ردفعل مضاد للنزعة العقلية وا)ثاليةI وانصب ا)زيد وا)زيد من تأكيد اجلانبالتجريبي في كل من دراسات الطبيعة اإلنسانية ودراسات األشياءI ونـظـرإلى الدراسة ا)وضوعية لألشياء والتي تتميز بعملـيـات تـدقـيـق تـفـصـيـلـيـةوحتليلية لألشياء على أنها الطريق إلى احلقيقة. بينما نظـر إلـى مـشـاعـراألشخاص التي تظهر في احلياة اليومية على أنها ا)صدر احلقيقي لألفعالاإلنسانية ووفقا لتاي تشS (١٧٢٣ ـ ١٧٧٧) والذي يلقى بصفـة عـامـة قـبـوالباعتباره الفالسفة التجريبيS الكونفوشيS اجلددI فإن «الشيء هو حدثأو واقعةI وعندما تتحدث عن واقعة فنحن ال �ضي إلى مايتجاوز الشؤوناليومية مثل األكل والشرب. وإهمال هذه األمور واحلـديـث عـن ا)ـبـادى*

ليس هو ماعناه با)بدأ احلكماء القدامى وأصحاب اجلدارة» (ص ٧١٣).تشير هذه ا)الحظة بجالء إلى ضيق هذا الفيلسوف التجريبي بالتأملا)يتافيزيقي واالستبطان ا)ثالي. وكان تاي تشن معنيا با)بادى* التي oكناكتشافها جتريبا في األشياء وا)شاعر واألفعالI أما التجديدات فقد نظرإليها على أنها بال جدوى. وليس قوام األمر أن تاي تشS قد رفض مبادى*الفالسفة السابقS في عهد أسرة سوجن ومفاهيمهمI وإ�ـا هـو بـاألحـرىقام بإعادة تفسيرها على نحو ال يتم مـعـه إهـمـال ا)ـتـعـS واجلـزئـي. وقـدأعطى هذا بالطبع توازنا للكونفوشية اجلديدةI وهبط با)ـيـتـافـيـزيـقـا إلـىIفـي الـوقـت نـفـسـه Iوكـان ذلـك Iكن التحقق من صحته جتريبياo مستوى�هيدا للطريق أمام علمي الطبيعة والنفس التجريبيS اللذين قدر لهما أنيظهرا في وقت الحق. ففي حقيقة األمر فإن جانبا كبيرا من أعـمـال تـايتشS ينظر إليه على أنه علمي أكثر منه فلسفي بسبب �حيصـه الـدقـيـق

لألشياء اجلزئية.وقد استمر التأكيدI على الرغم من ذلكI خالل هذه ا)رحلة ا)ـتـأخـرة

Page 406: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

406

الفكر الشرقي القد

من الكونفوشية اجلديدةI في التركيز على الطبيعة اإلنسانيةI التي استمرالنظر إليها على أنها مصدر األخالق. وبناء على ذلك فقد ظلت ا)وضوعاتالتي حتتل مكان الصدارة في البحث هي أفـعـال الـبـشـرI وكـانـت ا)ـقـوالتا)ستخدمة في هذا البحث مقوالت أخالقية في ا)قام األولI وهـذا يـعـنـيIمكونات األشياء اخلارجية و�حيصها Sأنه بدال من تصنيف العالقات بجرى تصنيف األفعال اإلنسانية والعالقيات بS األشخـاص و�ـحـيـصـهـا.وعندما يتم فحص األشياء اخلارجية فإنه من ا)هم على سبيل ا)ثال معرفةIوكيفية ارتباط كل منها باال^خر Iواإللكترونات Iوالبروتونات Iطبيعة النيتروناتولكن عندما يجري بحث األخالق فإنه البد من معرفة فضائـل اإلنـسـانـيـةSواحلكمة والبد من بحث العـالقـات بـ Iواللياقة Iواالستقامة واإلخالص

هذه الفضائل من خالل العالقات ا)بدئية بS األشخاص.وعلى امتداد التراث الكونفوشي األسبق زمنيـا � الـنـظـر إلـى الـبـشـربوصفهم الفاعل األخالقي وإلى اجملتـمـع كـمـؤسـسـة أخـالقـيـةI وتـلـك هـيا)وضوعات األولى التي يتعS معرفتها. وفي التراث الكونـفـوشـي اجلـديـدكانت هناك محاولة لتقدY دعم ميتافيزيقي لوجهة النظر هذه التي تقولإن األخالق هي موضوع االهتمام ا)طـلـق. وقـد بـدا لـتـاي تـشـS أن بـعـضالكونفوشيS اجلدد قد سمحوا )يتافيزيقا األخـالق بـأن تـصـبـح ا)ـوضـوعIوقد عني بتعديل هـذا الـوضـع Iالذي يحظى با)رتبة األولى في االهتمامذلك أنـه مـن اجلـلـي أن الـعـالقـات األخـالقـيـة بـS األشـخـاص والـفـضـائـلاألخالقية هي التي ينبغي أن حتظى با)كانة األولى. وأن حتتل ميتافيزيقا

األخالق مرتبة ثانوية.

Page 407: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

407

الفكر الصيني احلديث

الفكر الصيني احلديث

اهتم الفكر الصيني خالل القرن ونصف القرنا)اضيS بإقرار أساس مناسب للتحديث. وتشكـلحرب األفيون (١٨٤٠ ـ ١٨٤٢) التـي أحلـق اإلجنـلـيـزفيها هزoة حاسمة بالصIS خطا فاصال في تاريخالفكر الصـيـنـيI فـقـد أجـبـر غـزو الـصـS وإحلـاقالهزoة بها على يد القوى الغربية في أوائل القرنYعلى إعادة تقـو Sالتاسع عشر ا)فكرين الصينيأساس حضارتهم وثقافتهم نـفـسـه. وتـسـاءلـوا: مـاالذي يعيب تراثنا بحيث يـسـمـح لـلـقـوى األجـنـبـيـةبإحلاق الهزoة بنا وحكمنا }ثل هـذه الـسـهـولـة?ولم تكن اإلجابة عـن هـذا الـسـؤال واضـحـة عـلـىاإلطالق. وظن البعض أن األمر يرجع إلى أن التراثالقدY قد غدا فاسدا وأنه بحاجة إلى اإلصـالح.وذهب ا^خرون إلى القـول إن ا)ـوقـف ا)ـتـمـثـل فـيالتطلع إلى ا)اضي بحثا عن ملوك )شكالت معاصرةهو في حد ذاته جذر ا)شكلة. ودعـا بـعـض هـؤالءا)فكرين إلى االجتاه إلى الغرب واسـتـعـادة أ�ـاطالتفكير وا)مارسة التي مكنتـه مـن حتـقـيـق الـبـروزعلى مستوى العالم. وبالنسبة لهؤالء ا)فكرين كانتا)سألة اجلوهرية هي ما إذا كان من ا)مكن استعادةالعلمI والتكنولوجيا الغربيIS ودمجهما في الثقافة

21

Page 408: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

408

الفكر الشرقي القد

التقليدية الصينية مع االحتفاظ بجوهر الثقافة الصينية ولكن مع �كينهامن أداء وظيفتها في العالم احلديث مع قدم ا)ساواة مع الغرب أم أن جعلالصS أمة حديثة يقتضي برنامجا يحمل طابع الغرب أوسع نـطـاقـا مـن

هذا.وأثار النقاش حول ما إذا كان حتديث الصS ينبغي أن يقوم على أساسمن تراثها اخلاص أم أنه يجب أن يقوم على أساس التراث الغربي ـ إعادةتقوY نقدي للفكر التقليديI وفتـح الـبـاب لـلـدراسـات الـغـربـيـة. وفـي هـذاالفصل سنتناول خمسة مفكرين oثلون غيرهمI حملو هـذا الـنـقـاش عـلـىكاهلهمI وأثرا في الشكل وا)سار اللذين اتخذتهما تنمية الصS في القرن

العشرين.

١Kang - Yu-Wei ـ كاجن يو ـ وي

ر}ا لم يكن كاجن يو ـ وي مشهورا بشيء قدر شهرتـه كـزعـيـم إلصـالحا)ائة يوم الذي يعود إلى عام I١٨٩٨ ففي عام I١٨٩٥ وبعد أن أحلقت اليابانالهزoة بالصS في احلرب الصينية ـ اليابانية األولىI قام كاجن بتـنـظـيـمشباب ا)ثقفS من ثاني عشرة مقاطعة لالحتجاج على معاهدة السالم معاليابان. كما قام بإقنااع اإلمبراطور على اإلنهماك في اإلصـالح بـدال مـنالتسليم با)طالب اليابانيةI فقوبل بنجاح أوليI أقنـع اإلمـبـراطـور بـإصـدارسلسلة من ا)راسيم التي تقضي بإجراء إصالحات واسعة النطاق في العام

لإلصالحات أدت إلى١٨٩٨Dowager. غير أن معارضة اإلمبراطورة دواجر التخلي عنها بعد ثالثة أشهر وأجبر كاجن على الهرب من الصIS وعندمـاIعاد في عام ١٩١٢ وجد نفسه يلعب دور الشخصية السياسيـة احملـافـظـةوعارض سياسات سن يات ـ سS الدoقراطيةI وفي ١٩١٨ دعا إلى تبـنـيالكونفوشية كديانة للدولةI وبعد ثالث سنوات شارك في احملاولة الفاشلةإلعادة اإلمبراطور اخمللوع «هـسـوان ـ تـوجن». وعـلـى الـرغـم مـن أنـه قـضـىحياته بأسرها في محاولة وضع ا)بادى* الكونفوشية موضع التطبيقI فإنه

قد بدأ كمفكر ثوريI ولكنه انتهى }حاولة إعادة الطرق القدoة.Iوقد استمد أساس جهود كاجن اإلصالحية من فلسفة للتقدم التاريخيوتصور لإلنسانيةI باعتبارهما مرتبطS بحب شاملI وهـو أسـاس شـكـلـتـه

Page 409: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

409

الفكر الصيني احلديث

تربيته التي تلقاها في إطار كل من الفكرين التقلـيـدي والـغـربـيI وتـركـزتتربيته األولى على الكونفوشية والبوذية والتاويةI غير أنه في نحو الثـانـيـةوالعشرين بدأ في قراءة أعمال ا)ؤلفS الغـربـيـS واهـتـم بـأفـكـار الـتـقـدمواإلصالح واجملتمعات ا)ثاليةI وهي أفكار غذت طموحه إلصالح اجملتمـعالصينيI وقاده ذلك إلى البحث عن أ�اط يقاس عليها في الفكر الصينيالتقليديI وعندما يستطيع الوصول إلى هذه األ�اط قام بابتكـارهـا عـلـى

Tung Chung-Shuنحو ماحدث عندما أعاد تفسير نظرية توجن توشنج ـ سو

الدائرية عن العصور الثالثة أنها نظرية تقدمية للتطور االجتماعي أو عندماقدم كونفوشيوس باعتباره مفكرا تطوريا ال يهتم إال بتحويل ا)اضي.

وقد طرح كاجن نظريته عن التقدم التاريخي في إطار شرحه إلعمالكونفوشيوسI وذهب في هذه النظرية إلى القول إن كونفوشيوس لم يؤلففقط كتاب «حوليات الربيع واخلريف» بالفعلI وإ�ا قام بذلك لكي يطرحرؤيته التقدمية أو التطورية للتاريخ. وقد نظر ا)فكرون الصينيون تقليـديـاإلى كتاب «احلوليات» على أنه عمل من أعمال ا)ؤرخS األسبق عهداI بـلإنه مضى قدما إلى حد اإلشـارة إلـى أن كـونـفـوشـيـوس قـام بـاإلصـالحـاتالتاريخية التي تعزى إلى احلكيمS األسطوريS يا وشون ا)نتمS إلى األلفالثالث قبل ا)يالد لكيI تتاح له أحداث تشكل سابقة إلصالحاته اخلاصة.وألن كونفوشيوس قد عاش في العصر األولI عصر الفوضىI فقد كان منالضروري بالنسبة له أن يبتكر سابقة اإلصالحات األسطورية التي قام بهااحلكيمان القدoان إلقناع الناس بالتغييرI وعندئذ فـحـسـب oـكـن دخـولالعصر الثانيI عصر السالم الناشىءI والوصول إلى العصر الثالثI عصر

السالم العظيم. ويقول كاجن:«ولد كونفوشيوس في عصر الفوضى. واال^ن وقد امـتـدت االتـصـاالتفي أرجاء األرض العظيمة وحدثت تغيرات مهمة في أوروبا وأمريكـا فـقـددخل العالم عصر السـالم الـنـاشـىءI وفـي وقـت الحـقI وعـنـدمـا تـغـدو كـلIكبيرها وصغيرها Iبعيدها وقريبها I اجلماعات على امتداد األرض العظيمةجماعة واحدةI وتكف كل األ° عـن الـوجـودI وعـنـدمـا ال حتـدث عـمـلـيـات�ييز عرقيI وعندما توجد كل العادات سـيـغـدو اجلـمـيـع واحـدI وسـيـحـل

.(١)عصر السالم العظيم. وقد عرف كونفوشيوس هذا كله مسبقا»

Page 410: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

410

الفكر الشرقي القد

رؤية كاجن لكونفوشيوس باعتباره مصلـحـا أمـدتـه بـنـمـوذج لـطـمـوحـاتـهاخلاصة بإصالح اجملتمع الصينيI وبثت رؤيته التقدمية للتاريخI التي رأيناكيف أنها قد عزيت إلى كونفوشيوسI الثـقـة فـي إمـكـان الـنـجـاح الـفـعـلـىللجهود اإلصالحية. وقد احتاج كانةI باإلضافة إلى ذلكI إلى رؤية فلسفتهللطبيعة البشرية واجملتمع كقاعدة لإلصالح. وقد وجـد هـذا بـدوره عـنـدكونفوشيوس وبصفة خاصة في وجه نظر كونفوشـيـوس الـتـي عـبـر عـنـهـاIكنها احتمال معاناة اال^خـريـنo والقائلة إن اإلنسانية احلقة ال Iمنشيوسومن ثم فإنها تتحرك للتخفيف من حدة معاناتهـم. وا)ـشـاركـة اإلنـسـانـيـةالتي تشكل جوهر احلب تبدأ بS اال^باء واألبناءI ولكن ألنها سمة شاملةمن سمات الطبيعية البشرية فإنه oكن بالتغذية احلريصة توسيع نطاقهالتشمل الناس جميعاI بل إنه في عصر الوحدة العظيمة سيتم توسيع نطاق

هذا احلب ليشمل كل الكائنات كشفقة مقرعة بالرحمة.و)ا كان كاجن ينطلق من ا)بدأ القائل إن «العقل الذي ال oكنه احتمـالرؤية معاناة اال^خرين هو اإلنسانية (اجلS)» فإنه oـضـي قـدمـا لـيـقـول إن«تتألف كلمة اجلS من مقطع يعني اإلنسانI ومقطع ا^خر يعني الكثيرI وهيتعني أن طريق البشر قوامه احلياة معاI وهي تومى* إلى التجاذبI إنها قوة

» ويستهلم كاجن من كونفوشيوس مرجعا(٢)احلبI وهي حقا طاقة كهربائيةفي سعيه للحصول على تأييد لتصوره عن عملية إضفاء الطابع اإلنسانـي

التقدمية من خالل اإلصالح والرعايةI فيقول:«لقد أرسى كونفوشيوس مخطط العصور الثالثة. ففي عصر الفوضىال oكن مذ نطاق اإلنسانية بعيداI ومن ثم فإن الناس ال يستشعرون العاطفةإال نحو أبنائهمI وفي عصر السالم الناشىء oتد نطاق اإلنسانية إلى النوعالذي ينتمي إليه ا)رءI وبالتالي يغدو الناس إنسانيS جتاه كل الناس. وفيعصر السالم االعظيم تشكل جمـيـع الـكـائـنـات وحـدة واحـدةI ولـذلـك فـإن

.(٣)الناس يستشعرون احلب نحو كل اخمللوقات كذلكIويعد عصر السالم العظيم ا)لهم لتصور كاجن العالم هو جتسيد لليوتوبياعالم يصفه بأنه عصر الوحدة العظيمة. هنا سيتم التغلب على االنقساماتبS طبقات الشعبI وبS األ°I وبS األعراقI وبS اجلنسIS بحيث إن كلالبشر سيعايشون الوحدة التي تستشعرها العائـلـة الـواحـدة. ويـقـوم كـاجن

Page 411: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

411

الفكر الصيني احلديث

باستلهام الفكر البوذيI والتاوي والغربيI وكذلك الكونفوشي لصياغة التصوراليوتوبي األكثر امتالء الذي قدر )ؤلف صيني أن يبدعهI وقد نظر إلى هذاالتطور على أنه بالغ التطرف بحيث إنه لم يتم نشره إال في عام I١٩٣٦ أيبعد ثمانيـة أعـوام مـن مـوت كـاجنI بـل إن مـاوتـسـي ـ تـوجن قـد وجـد هـذاالتصور للشيوعية الدoقراطية جذاباI على الرغم من أنه انتقد كاجن إلخفاقهفي إدراك نوعية النضال الثوري الـذي �ـس احلـاجـة إلـيـه لـتـحـقـيـق هـذا

.(٤)اجملتمع بالفعل

٢Chang Tung -Sun ـ تشاجن توجن ـ سون

أصبحت الفلسفة الغربية ذائعة للغاية في الصS في العقد األخير منI«مـثـل «جـون ديـوي Iو�ت دعوة فـالسـفـة مـشـهـوريـن Iالقرن التاسع عشرو«برتراند راسل»I إللـقـاء احملـاضـراتI وأصـبـح ا^خـرونI مـثـل «بـرجـسـون»و«وايتهيد» محط اهتمام الصحف واألندية. وترجمت معظم أعمال الفالسفةالكالسيكيS واحملدثS إلى اللغة الصينيةI وغدت موضوعا لدراسة مكثفة.وبدا في العشرينيات والثالثينيات أن أقسام الفلسفة في اجلامعات الصينيةيحتمل أن تصبح }نزلة مكاتب فرعية ألقسام الفلسفة الكبيرة في أوروباIوأمريكا. وعلى الرغم من أن ذلك لم يحدث قط ـ وذلـك فـي ا)ـقـام األولبسبب االنتعاش ا)تزامن للفكر التقليدي فـي مـخـتـلـف األشـكـال الـتـأمـلـيـةوالقائمة على النقد الذاتي من ناحيةI وتأثير الفكـر ا)ـاركـسـي مـن نـاحـيـةأخرى ـ فإن هذه ا)وجة من االهتمام بالغرب كان له تأثير طويل ا)دى على

تطور الصS احلديثة.وقد كان تشاجن توجن ـ سون (١٨٨٦ ـ ١٩٦٢) وهـو فـيـلـسـوف عـلـم نـفـسـهبنفسهI إلى حد كبيرI من أقوى مفسري الفكر الغربي تأثيراI ويقول وينج ـتسيت تشان عنه إن الفيلسوف لذي قام باستيعاب معـظـم الـفـكـر الـغـربـيوإرساء ا)ذهب الفلسفي األكثر شموال واألفضل تنسيقاI وحظـي بـالـنـفـوذاألقوى بS الفالسفة الصينيS الذين اجتهوا إلـى الـغـرب ـ هـو بـال مـنـازع

.(٥)تشاجن توجن ـ سون»Iوكان تأثير تشوجن يرجع في أحد جوانبه إلى قراءته الواسعة النطاقوفهمه العميق للفالسفة الغربيIS وقد ترجم العديد من النصوص الغربية

Page 412: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

412

الفكر الشرقي القد

إلى اللغة الصينيةI }ا في ذلك أعمال أفالطونI وكانطI وبرجسون. وعلىالرغم من أن نظريته في ا)عرفة تقوم إلى حد كبير على أساس كانطI فإنهاتعكس كذلك تأثير «راسل» و«ديوي»I و«سي. ا^ي. لويـس». أمـا مـاهـو أكـثـرأهمية من ذلك فيتمثل في أن فلسفته �ضي إلى مايتجاوز ثنائيات الفكرالغربي احلديثI وتشدد على وحدة ا)عرفةI والفعلI ووحدة اجلوهر والدالة

Functionوقد مكنه هذا من التغلب على ا)شكالت الـكـانـتـيـة الـنـابـعـة مـن .التعارض بS ا)عرفة واإلرادة والهيكل الذي ال سبيل )عرفته لـألشـيـاء فـيذواتهاI وهيكل العملية ا)فروض. وتوضح كتبه العديدة تفاصيـل خـالصـتـهالفريدة التي جتمع األفكار احلديثة والتقليدية التي تدور حول طبيعة العقلالبشريI والعمليات االجتماعية التي ضمها مع فهمه للمنطق واإلبستمولوجي

.Sاحلديثوعلى الرغم من أن اهتمام تشاجن ا)بكر كان منصبا في ا)قام األول علىا)يتافيزيقا ونظرية ا)عرفةI فإنه مع وصوله إلى مرحلة النضجI أصبح أكثراهتماما باجملتمع والثقافة. وأدى اجلمع بS هذه االهتـمـامـات إلـى وضـعنظرية في ا)عرفة تؤكد دور ا)صالحI وا)شاعـر االجـتـمـاعـيـةI فـي عـمـلـيـةا)عرفة. وهذا بدوره جعله أقرب إلى الفلسفة ا)اركسيةI التي كان يعارضهابقوة في منتصف الثالثينياتI بل إن تأكيده ا)فاهيم بوصفها نتاجا للعملياتاالجتماعية قد أفضى به إلى إدراك ضرورة قيام ثورة اجتـمـاعـيـة شـامـلـةفيالصIS وهذا بدوره قاده إلى ا)زيد من التحول باجتاه اليسارI وذلك معانضمامه أوال إلى احلزب التقدمي ثم إلى حزب الدولة االشتراكيI وبعداحلرب إلى العصبة الدoقراطية. وفي عام ١٩٤٩ أصبح عضوا في اللجنة

ا)ركزية حلكومة الشعب.وعند تشاجن فإن الناس يؤمنون بصدق فكرة ما عندما تلبي احتياجاتاجتماعية أساسيةI وهو يشير إلى أن الناس قد قبلوا حقيـقـة وجـود اإللـهلقرون طويلةI ألن اإلoان بذلك منحهم شعورا بالوحدة االجتماعيةI وقهرقوى التشظي الكامنة في عالقاتهم االجتماعية ا)تـعـيـنـة. وكـمـا يـقـول فـيكتابه الصادر عام ١٩٤٦ حتت عنوان «ا)عرفة والثقافة» إنه «عندما يحتاجاجملتمع إلى قوة جاذبة نحو ا)ركز تفوق القوة الطاردة ا)ركزيةI فالبد مننشوء نظرية أو فكرة للربط بS الناس بحيث يشعرون في قرارة أذهانهم

Page 413: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

413

الفكر الصيني احلديث

...». ومن ناحية أحرى فعندما يشعر الناس باحلاجة إلـى(٦)بأنها احلقيقةالتغيير أو الثورةI على نحو يفوق حاجتهم إلى الوحدة والـتـمـاسـكI فـإنـهـمسيؤكدون حقيقة احلرية أو الفردية أو الطبيعية الطبقية للمجتمـعI وهـيأفكار تعكس بصورة كامنة الصراع االجتماعي. وهكذا فإنه بحسب مايقولتشاجن ال تعكس احلقائق األكثر عمقا والتي يقبلها الناس الطبيعة الفيريقيةأو ا)يتافيزيقية للواقعI وإ�ا تعكس احتياجاتهم ا)لموسة بأعظم قدر مـن

القوةI وهكذا نراه يقول:«إن ما كنا نتحدث عنه ال يـعـنـي اجملـتـمـع بـاعـتـبـاره كـذلـكI وإ�ـا هـويستهدف إظهار كيف أن الظروف االجتماعية تـنـعـكـس فـي األفـكـارI لـكـييدرك القراء أنه بينما تبدو األفكار ظاهريا مستقلة و�ثل قوانS ا)نطقأو بنية الكون التي نتحدث عنهاI فإنها في حقيقة األمر حتكمها االحتياجات

».(٧)االجتماعية سرا...

٣Hsiung Shih-Li ـ شوجن شيه ـ لي

(١٨٨٥ ـ ١٩٦٨) اجلهود الصينيHsiung Shih - Liيعكس شوجن شيه ـ لي الذي بذل للوصول إلى أساس للتحديث في الفكرالتقـلـيـدي. ور}ـا أمـكـنIوصف فلسفته على نحو يعكس توسعا في ا)عنى بأنها كونفوشية جديدةوتفسير إبداعي للجناح ا)ثالي في الفكر الكونفوشي اجلديدI ومقاربة فيـ مينجI لكنه تعتمد إلى حد كبير على «كتاب الروح إلى حد بعيد لواجن ياجن التغيرات» وعلى مدرسة الوعي وحدة البوذية. وoـيـل ا)ـفـكـرون احملـدثـونإلى النظر إليه باعتباره ا)فكر الكونفوشي اجلديد األكثر أصالة في العصوراحلديثةI وكان ألعماله تأثير كبير في الدراسات احلديثة في الفكر التقليدي.وقد بدأ «شون»I شأن معظم ا)ثقفS الشبان الصينيS في نهاية القرنا)اضي وبدايةالقرن العشرين I دراساته باهـتـمـام قـوي بـالـعـلـوم الـغـربـيـةوبالسياسةI وسعى للوصول إلى طريقة تكفل حتديث الصS بأسرع ماoكن.ولعدد من األسبابI من بينها اقتناعه بأن الصS اجلديدة البد لها من أنتقوم على أساس الثقافة التقليدية إذا ما أريد لها الصمودI سرعان ماحتولاهتمامه إلى دراسات أكثر تقليدية. وقد كان مهتما ابتداء بالبـوذيـة ودرسفلسفة الوعي وحدهI وتتبعها إلى جذورها الهنديةI وقد وجد بالفعل ثنائيات

Page 414: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

414

الفكر الشرقي القد

كامنة في ا)دارس البوذية الهنديةغير متجانسة مع شعوره بوحدة اإلنسانيةوالطبيعة. وقد أصبح «كتاب التغييرات» الذي ال يؤكد فقط وحدة الوجـود

العميقةI وإ�ا كذلك على الطبيعة التطورية للواقع يشكل بؤرة دراسته.وفي وقت الحقI وبينما حتول انتباهه إلى فلسـفـة «اجلـS» اإلنـسـانـيـةعند واجن ياجن ـ مينجI وجد أن مفهوم «الـعـقـل األصـلـي» أو «طـبـيـعـة بـوذاالكامنة في كل األشياء في البوذية»I قد قدمت أساسا ميتافيزيقيا وطيداللطبيعة اإلنسانية الشاملة التي شدد عليها واجن. وقد مكنه تأكيد التحولاألزلي والدائب الذي � التشديد عليه في «كتاب التغييرات» من أن ينظـرإلى الطبيعة البشرية من منظور التطورI وليس من منظور اجلوهرI األمـرالذي قدم أساسا جلدل التغير أفضى إلى ا)زيد وا)زيد من الكمال والتناسق.وبهذه الطريقة كان شوجن قادرا على وضع أساس فلسفي للصS احلديثةالتقدميةI يقوم على الفكر التقليدي الذي كان }قدوره أن يـقـدمـه كـبـديـل

للفكر ا)اركسي ـ اللينيني الذي أكده ماوتسي توجن.وكأستاذ للفلسفة في جامعة بكS صـاغ شـوجن أوال الـفـلـسـفـة الـتـي �تداولها سرا عام I١٩٣٢ ثم نشرت عام ١٩٤٤ حتت عنوان «ا)ذهب اجلـديـدللوعي وحده»I وقام في هذا العمل بتطوير ثالث أفكار محورية ومترابطة.أوال: أن طبيعة الوجود ذاتها التي يدعوها شوجن «اجلوهر األصلي» هيطبيعة التغير الدائب واإلنتاج الذي ال يتوقف وإعادة اإلنتاج ا)ستمرة �يز

الواقع في جوهره ذاته.ثانيا: أن التغير الديناميكي يتاح من خالل مايسميه بـ «انفتاح» و«انغالق»الواقع األساسي الدائب التغير. و«االنفتاح» هو ميل الوقع لإلبقاء على ذاتهواحلفاظ عليهاI وهذا ا)يل oكن مالحظته من جهود الناس لـكـي يـكـونـواسادة أنفسهم ومتحررين من السيطرة اخلارجية. و«االنغالق» هو ا)يل إلى

االندماج والتجلي الذي يوجد في أشياء محددة.ثالثا: أن الواقع األساسي وجتلياتهI اجلوهر والوظيفةI ال انفصال بينهماIفهما في نهاية ا)طاف جانبا مختلفان من التطـور ذاتـه Iفي حقيقة األمر

مع رؤية االنغالق واالنفتاح كمرحلتS مختلفتS في التطور نفسه.ويقول شوجنI فيما يتعلق بالفكرة: «وهكذا فإذا قلنا إن اجلوهر األصليهو ذلك الذي oكنه أن يتحولI أو إذا سميناه بالتحول الدائبI فإن علينـا

Page 415: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

415

الفكر الصيني احلديث

أن ندرك أن الـتـحـول الـدائـب ال شـكـل لـهI وهـو مـراوغ فـي حـركـتـهI وهـذه. وهو هنا يهتم بإيضاح أن الواقع ا)طلقI أو(٨)احلركة مستمرة بال توقف»

اجلوهر األصليI ليس شيئا محدداI وإ�ا هو ا)تأصل الديناميكي الداخليفي ل األشياءI والذي بفضله تتغير كل ااألشيـاء . وهـو يـؤكـد هـذا مـجـدداIعندما يقول: «إن علينا أن ندرك أن اجلوهر األصلي ليس له شكل عصويIكلي Iوهو مطلق Iوليس له طابع وال يعترضه شيء على الصعيد الفيزيقي

.(٩)نقيI قويI ومترع باحليوية»وفي إيضاحه )فهوم االنغالقI جند أن ميل التغير إلى توجيه نفسه نحوإنتاج أو إحداث شيء جديدI يدعم البدايات ويدمجها في متكامل للوجود.

ويواصل شوجن قائال:«غير أن اجلوهر األصلي وهو يعمل ليصبح العديد من التجلياتI فإنهال مندوحة عن أن يكن هناك ما ندعوه باالنغالق. وهذا االنغالق له ميل إلىأن يصبح أشكاال فيزيقية ومادة متعينةI وبتعبير ا^خر فإنه من خالل عملياتاالنغالق حترز األشياء ا)تعينة ا)فردة شكلها الفيريقي. وكتحول دائب يظهرنفسه كميل إلى االنغالقI فإنه يتعS عليه تقريبا أن يتجسد كما لو لم يكن

.(١٠)بسبيله إلى احلفاظ على طبيعته اخلاصة»غير أن االنغالق جانب واحد من عملية حتـول أوسـع نـطـاقـاI وعـنـدمـاتنفصل هذه العملية الواحدة حتليلياI فإن القوة القائمة بعملية الغلق oكنرؤيتها بوضوح أكبر. ولكن هذا التحليل يكشف كذلك عن نوع معارض مـنالقوةI يعمل على انفتاح الواقع على طبيعته األساسية. وهكذا oضي شوجن

ليقول:«غير أنه مع بروز ا)يل إلى االنغالق يظهر ميل ا^خر في الوقت نفـسـه.وهو يظهر مع التحول الدائب كأساس لهI وهو ثابت ومـكـثـف بـذاتـهI ولـنيغير نفسه إلى عملية انغالقI أي أن هذا ا)يل يعمل وسط االنغالق ولكنهسيد نفسهI وهكذا فإنه يظهر ثباته ا)طلقI ويدفع بعملية االنغالق إلى أنحتذو حذو عملياته. وهذا ا)يل ـ القوي وا)تدفق باحليوية وغير ا)تجسد ـ

.(١١)يدعى باالنفتاح...»وoثل االنفتاح واالنغالقI شأن «الS والياجن» في الفكر التقليديI الوظيفةالديناميكية للواقعI القطبان النشطان للتحول الذي ال يتوقفI وهذا ا)يالن

Page 416: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

416

الفكر الشرقي القد

يفسران الظهور إلى الوجود واالختفاء ا)تزامن معه إلى خارج الوجود الذيoيز حياة كل ماهو موجود. وعندمـا تـتـنـاغـم احلـيـاة مـع الـنـشـاط احملـولاخلاص باالنفتاح واالنغالق فإنها تكون متكامـلـة وقـويـةI وإال فـإنـهـا تـتـأثـروتضعف. وهكذا فإنه من الضروري للعثور علـى طـريـق الـتـقـدم اإلنـسـانـيواالجتماعي فهم عمليات االنفتاح واالنطالق التي تسيطر على عمل الوجود

بأسره.Iالشعبية تقاعد شوجن في شنغهاي Sوبعد احلرب وإنشاء جمهورية الصحيث واصل التفكير والكتابة قرابة عشرين عاما. وهنا قدم عمله الكونفوشياجلـديـد األكـثـر وضـوحـاI والـذي نـشـر فـي عـام ١٩٥٦ بـعـنــوان «بــحــث فــيالكونفوشية» وكذلك «تطور فلسفة التغيير» الذي نشر عام I١٩٦١ وهو عمل

ينظر إليه على أنه جتاوز كتاب «ا)ذهب اجلديد للوعي وحده».ويؤكد شوجن في كتابه «بحث في الكونفوشية» وحدة اجلوهر والدالة أو

I موضحا أن اجلوهر يعني مـاهـو هـنـاك أصـالI الـواقـعfunctionالوظيـفـة ا)طلقI والوظيفة تعني العملية الشاملة لهذا الواقع ا)طلقo Iضي ليوضح

(×)كيف أنهما متحدان ومع ذلك فهما مختلفان. وهو يقدم قيـاس tـاثـلـة

خاص با)اء واألمواجI فهما يشكالن احمليطI مشيرا إلى أن ا)اء واحدI لكنIكن وضعها موضع ا)قارنة مع وظيفة ا)اءo التي Iاألمواج كثيرة. واألمواجoكن �ييزها إحداها عن األخرى وعن سكون احمليط األكثر عمقـاI ومـعذلك فإن هذا كله ليس إال ماءI وهو اجلوهر األصليI وهو يقول في معرض

تطبيق هذا القياس.«ونحن نقولI إذنI إن العملية الشاملة للـجـوهـر األصـلـي هـي وظـيـفـتـهالعظيمةI ويقصد بالوظيفة وضع اجلوهر موضع التوظيفI ويقصد باجلوهرالطابع احلقيقي للتوظيفI ومن هنـا فـإن اجلـوهـر والـتـوظـيـف هـمـا شـيءواحد بصورة أساسية. غير أنه على الرغم م أنهما واحدI فإنهما في التحليلالنهائي ال oكن إال أن يكونا مختلفIS ذلك أنه في العملية الشاملةI هناكأشكال فيزيقية oكن أن يسبر غورهاI بينما اجلوهر األصلي للعملية الشاملة

.(١٢)ليس لك شكل فيزيقيI وهو األكثر اختفاء ومراوغةI وتصعب معرفته»ويقوم شوجن في اجلزء الثاني من هذا العمل ببناء حوار ليوضح موقفهفيما يتعلق بوحدة اجلوهر والوظيفة. وفيه يوافق السائل على أن التعاليـم

يعني إحلاق جزئـي بـجـزئـيAmalagy(×) قياس ا)ماثـلـة آخر في حكم )عنى مشترك بينهماI كالقول بـأن الـنـبـيـذمثل اخلمر فهو حرام. ومنه القياس الفقهي. (ا)راجع)

Page 417: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

417

الفكر الصيني احلديث

Iاحملورية في «كتاب التغييرات» هي أن اجلوهر هو في الوقت نفسه وظيفةوالوظيفة هي جوهر في الوقت نفسهI وoضي ليسأل: هل يعـنـي ذلـك أن«األشياء العشرة ا^الف» (كل ا)وجودات ا)تعينة) هي توظيف للجوهر األصليأم أنه يعني أنها نتاجات لهذا التوظيف? ويرد شوجن بقوله: «... إن األشياءالعشرة ا^الف والتوظيف العظيم ال سبيل إلى الفصل بينها» وoضي قائـالإنه إذا كان اإلنتاج يعني قدوم شيء جديد ومختلف إلى الوجودI (على نحومايحدث عندما تنجب األم ابنا) فإن األشياء العشرة ا^الف ال oكن االعتقادبأنها نتاجاتI ألنها ليست منفصلة عن التوظيف العظيم للجوهر األصلي.وإذ يشدد على أن األشياء والوظيفة ليست مختلفة في نهاية ا)طاف يواصلالقول: «وبتعبير مختلف فإن الطبيعة الذاتية ا)تعينة لألشياء العشرة ا^الفتتمثل في التوظيف العظيمI الذي يعمل بال توقف وبطريقة نشطة وtتلئة

.(١٣)للغاية باحليوية. هل oكن أن يقال إنها والتوظيف العظيم شيئان?»ثم يعرض السائل بقوله إن شوجنI بهذا ا)ذهبI استبعد �يز األشيـاءا)تعينة ووضوحهاI ويقول: «إذا كانت األشياء العشرة ا^الف والتوظيف العظيمشيئا واحداI فإن األشياء العشرة ا^الف تفقد ذواتها. فلم يكن األمر كذلك?إن السبب هو أنه إذا كانت األشيـاء الـعـشـرة ا^الف ال تـعـدو أن تـكـون ا^ثـارا

.(١٤)لتحوالت فكيف oكن أن �تلكI بوضوحI ذوات مستقلة»ويرد شوجن بقوةI مؤكدا أن العمليات ا)تواصلة للـتـغـيـر الـتـي نـسـمـيـهـاباألشياء العشرة ا^الف ليست خارجة أو منفصلة عـن الـتـوظـيـف الـعـظـيـمللجوهر األصلي وإ�ا هي مشكلة للتوظيف الشامل للجوهرI أي أن التوظيفالعظيم ليس شيئا يضاف إلى توظيف أشياد متعينةI وهو يقولI عائدا من

جديد إلى قياس ا)ماثلة اخلاص بأمواج احمليط ومياهه:«إن األمواج الكثيرة هي أيضا ا^ثار وأشكال. هـل تـعـتـقـد أن ا)ـاء خـارجاألمواج أوخذ على سبيل ا)ثال سيال يندفع في عنفI ترتطم خاللـه ا^الفوا^الف من القطرات ا)زبدة صعودا وهبوطا. إن هذه القطرات ا)زيـد هـيأيضا ا^ثار وأشكال. هل تعتقد أنها خارج السيل? فكر في األمر لـطـفـا! إناألشياء العشرة ا^الف تظهر نفسهاI وتبدو موضوعات مفردةI ولكن طبيعتها

.(١٥)الذاتية تتمثل حقا في التوظيف العظيم ا)نطلق دو�ا توقف»وإذ يقوم «شوجن» بتطبيق هذه النظرية في التغـيـيـرI الـتـي تـشـدد عـلـى

Page 418: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

418

الفكر الشرقي القد

تطابق اجلوهر والتوظيفI وعلى الشؤون اإلنسانية واالجتماعيةI فإنه يدعوإلى مجتمع منظم على أساس اجلماعات احملـلـيـةI ويـذهـب إلـى الـقـول إننتيجة تطبيق التأكيد الكونفوشي عل تطوير «احلكمة في الداخل والنبل فياخلارج» هي قهر التمحور حول الذات الذي يجعل األفراد واجلماعات فيتضارب أحدهم مع اال^خرI ورقرار معاجلة الكل على قدم ا)ساواةI وباستخدامإنسانية ا)رء ا)تطورة كدليل له. وا)بدأ الكونفوشي القائل: «عامل كل اال^باءكما تعامل أباكI وعامل كل األبناء كما تعامل ابنك». إذا وضع موضع التطبيقفإن من شأنه أن oحو وجود طبقات حاكمة وأخرى مستعبدةI ويحل محلهانزعة جماعية محلية تقوم علـى أسـاس إنـسـانـي. غـيـر أنـه بـسـبـب إصـرارشوجن على ا)بدأ (لي) فإن اجلدل الذي يشكل أساس هذه النزعة اجلماعيةIذلك أن فلسفة شوجن االجتماعية Iاحمللية مختلف عن اجلدل ا)ادي ا)اركسيبشأن فلسفة كونفوشيوس وواجن ياجن ـ مينج تـضـرب جـذورهـا بـثـبـات فـيIوالـنـمـو اإلنـسـانـي Iوا)فتاح ا)طلق للتقدم االجتماعـي .(Sاجل) اإلنسانيةليس التحول االقتصاديI وإ�ا التطور األخالقي. فبالتطوير إلنسانية ا)رءالداخلية وتعبيرها اخلارجي oكن فقط للتحـول االقـتـصـادي والـسـيـاسـي

الفعال أن يجدث.

٤Fung Yu - Lan ـ فوجن يو ـ الن

معروف بصورة جيـدة فـي الـغـرب بـسـبـبFung Yu - Lanفوجن يـو ـ الن عمله الكالسيكي الذي يقع في مجلدين بعنوان «تاريخ الفلسفة الصيـنـيـة»Sتخـرج فـي جـامـعـتـي بـكـ Iو«روح الفلسفة الصينية». وهو شخصية دوليةوكولومبياI وقام بالتدريس في جامعتي هـاواي وبـنـسـلـفـانـيـا. وبـعـد إنـشـاءISباعتباره أستاذا في جامعة بك Iالشعبية شارك بحماس Sجمهورية الصفي اجلهود ا)اوية لإلصالح السياسي واأليديولوجيI وانغـمـس فـي الـنـقـدSالذاتي النتزاع أفكاره البرجوازية من جذورها وضرب مثال جيد للمثقفالصينيS اال^خرينI وبالفعل أصبح مؤيدا متوهج احلماس لفكر ماوتسـي ـتوجنI والناقد الصيني الرئيسي لكـونـفـوشـيـوس خـالل احلـمـلـة ا)ـنـاهـضـةلكونفوشيوس في أوائل السبعينيات. وفي الوقت نفسه كان مستشارا ثقافيالزوجة ماوI ا)عروفة باسم «شياجن شينج» وأصدقائهاI وهي اجملموعة التي

Page 419: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

419

الفكر الصيني احلديث

عرفت في وقت الحق باسم «عصابة األربعة». وبعد وقت قصير مـن مـوتماو عام ١٩٧٦ سقطت شياجن ومجموعتـهـا مـن الـسـلـطـةI وجـلـلـوا بـاخلـزيوالعارI اللذين كانا كذلك من نصيب «فوجن»I األمر الذي جعل اإلذالل خا�ة

)سيرة فلسفية متألقة.وoكن تتبع تطور فوجن الفلسفي عبر مجموعة من ا)راحلI تشكل معالمIرحلته من الفكر التقليدي إلى الفكر ا)اوي ا)تطرف. وخالل ا)رحلة األولىالتي انتهت بعودته إلى الصS بعد حصوله على درجة الدكتوراه من جامعةIكان فوجن متعاطفا مع الفلسفة الكونفوشية التقليدية Iكولومبيا في عام ١٩٢٣وانهمك في دراسات جادة للنزعة البراجماتية في إطار جهد للوصول إلى

صياغة فلسفية حديثة لالستبصارات التراث الكونفوشي وحكمته.وجند ثمار هذه ا)رحلة األولى في كتاباته ا)بكرة التي تـشـكـل ا)ـرحـلـةالثانيةI فهو هنا حاول تأمل اخلالف بS من أرادوا رفض التراث حلسابالعلم احلديثI ومن ذهبوا إلى القول إن األساس ا)يتافيزيقي التقليدي أمرمطلوب لتبني العلم والتكنولوجيا الغربيS. وكان منهاج «فوجن» هو تطبـيـقالفلسفة البراجماتية التي درسها في جامعة كولومبيا على هذه القضية معالذهاب إلى القول إن كال من احلقيقة العلمية واألخالق اإلنسانية مستمدانفي الفعل ويختبران من خالله. وكتابه «فلسفة احلياة» هو تعبير عـن هـذها)رحلة الثانية من تطورهI حيث راح يطور متطورا مقارنـا شـرفـيـا ـ غـربـيـا

للفلسفة.وحتول فوجن في مرحلته الثالثة باهتمامه إلى دراسة شاملة للـفـلـسـفـةالصينيةI فقدم مجلديه اللذين حظيا بصدى واسع النطاق بعنـوان «تـاريـخIبصفة أساسية Iالفلسفة الصينية». وبينما يعد هذا العمل تفسيرا تقليدياللفلسفة الصينيةI فإنه عمل حديث من حيث إنـه يـحـاول رصـد ا)ـؤشـراتاالجتماعية على تطور األفكار ا)يتافيزيقية. وعلى الرغم من أن فوجن قدرلهI في وقت الحقI أن يرفض هذا العمل ألنه ال يعكس بصورة مالئمة تأثيرالظروف ا)ادية على الفكر التقليديI فإنه عمل من أعمال الثقافة الوظيفة

.Sيواصل تأثيره في الباحثIأما ا)رحلة الرابعة من تطور فوجن فيمثلها مذهب فلسفي شديد األصالةطرح عبر سلسلة من ستة كتبI يعد كتاب «الفلسفة العقالنية اجلديدة» هو

Page 420: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

420

الفكر الشرقي القد

العمل احملوري فيها. وهذا ا)ذهب هو العمل الفلسفي األكثر أصالةI واألكثر.(١٦)إثارة للنقاش في هذا القرن فيما يقول برونسو وينج ـ تسيت تشان

ويقوم فوجنI متخذا فلسفة األخوين تشينج وتشوهسي كأساس لهI بإعادةبناء الفلسفة الكونفوشية اجلديدة بطريقة أساسية وشاملة. وإذا كان oيزبشدة بS الفلسفة والعلمI فإنه يفسر ا)فاهيم الفلسفية باعتبارها منطقيةأو شكلية بصورة خالصةI فإنه يفسر ا)فاهيم الفلسفية باعتبارها منطقيةأو شكلية بصورة خالصةI وليس لها مضمون محدد وال وجود ماديI وبا)قابلفإن العلم يتناول الوجود الفعلىI ويدرس البنى ا)تـجـسـدة فـي ا)ـادة. وألنIهناك أشياء فإن هناك كال من ا)بادى* أو بالطبيـعـة ا)ـنـطـقـيـة لـألشـيـاءوالعلم معني با)ادةI أو بالوجود ا)ادي الفعلى لألشياءI وبهذه الطريقة فإنالفلسفة تقدم األساس للعلمI ولكن العلم مطلوب لتقدم ا)عرفة بالعلم الفعلى

الوقعي.ويدخل فوجن فكرة «التاو» لكي يفسر احلركة التي من خاللها يتـفـاعـلا)بدأ والقوة ا)ادية و)ا كان «التاو» والطريق الديناميكي لكل األشياء فإنه اليعدو أن يكون التطور الذي من خالله يتجسد ا)بدأ في األشياء الفعلية منخالل تفاعله مع القوة ا)ادية. ويستخدم فوجن هذا ا)فهوم لتفسيـر الـكـونباعتباره تطورا وتغيرا ال يتوقف وجتددا متواصال. وإذ يستلهم فوجن «كتابالتغييرات» والفلسفة التطورية احلديثة فإنه ينظر إلى الصيرورةI ال الوجود

باعتبارها الطبيعة األساسية للواقع.ولكن فوجن ال يتجاهل الوجودI وهو إذ يدرك أن احلركة التي ال تتوقفلـ «التاو» هي ا)سؤولة عن اإلنتاج وإعادة اإلنتاج ا)تواصلS لألشياءI فإنـهيوظف مفهوم «الكل العظيم» لإلشارة إلى شمول األشياءI ولكن هذا الشمولليس ساكناI وليس مجرد تعددI وإ�ا هو إعادة تفسير ديناميكي لألشـيـاءبعضها في البعض اال^خرI تتحد فـيـه كـل األشـيـاء. وهـنـا يـدرج فـوجن رؤيـةبوذية نافذة قوامها أنه بسبب االعتماد ا)تبادل بS كل األشياءI فإن الكونبأسره ماثل في كل شيء متعIS وما من شـيء مـتـعـS يـوجـد إال فـي إطـارعالقة تربطه بكل شيء ا^خر. ولكي يفسر العالقة بS التاو والكل العظيـميتساءل فوجن: «)اذا يكون لدينا التاو إلى جوار الكل العظيـم أو الـكـون? إنردنا هو أننا عندما نتحدث عن الكل العظيم أو الكون فإننا نتكلم من منظور

Page 421: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

421

الفكر الصيني احلديث

سكون األشياء جميعاI بينما عندما نتحدث عن التاو فإننا نتكلم من منظور.(١٧)نشا كل األشياء»

ويقدم تداخل ا)بدأ والقوة ا)ادية والهوية بS التاو والكل العظيم أساساللهوية بS احلكمة في الداخل والنبل في اخلارج الذي دعا إليه فـوجن فـيكتابه «روح الفلسفة الصينية». وهو هنا يؤكد أنه على وجـه الـدقـة بـسـبـبوجود ا)طلق (الكل العظيم) في األشياء ا)تعينة والعمليات الفعلية للـحـيـاةاليوميةI فإن هدف احلياة ينبغي أن يكون حتقيق الكمال في صميم ا)مارسةاليوميةI فالكمال ال oكن حتقيقه من خالل االنفصال أو التخلي عن عالمالتجربة الفعلىI وإ�ا باألحرى ينبغي حتويل هذا العالمI وهذه النفس منخالل ا)مارسة ا)نتظمة ألسمى مثال أعلى في صميم شؤون احلياة العادية.ومع إنشـاء جـمـهـوريـة الـصـS الـشـعـبـيـة فـي ١٩٤٨ دخـل فـوجن ا)ـرحـلـةاخلاtسة من تطوره الفلسفيI وحول انتباهه إلى الدراسة اجلادة للماركسيةاللينينيةI وفكر ماوتسي ـ توجنI وراح يبحث عن طريقة تقوم بها الفـلـسـفـة}همة حتويل اجملتمع الصيني. وغـدا هـدفـه هـو جتـاوز ا)ـثـالـيـة واألفـكـاراجملردة ا)نتمية إلى أعماله السابقة لتحسS حياة الناس. وفي غمار القيامIلألفكار الفلسفية Sا)عنى اجملرد وا)عنى ا)تع Sبذها التحول ميز «فوجن» بوأكد على أهمية ا)تعS بالنسبة لتحسS حياة الـنـاسI لـكـنـه شـدد كـذلـكعلى أنه دون إمعان للنظـر في ا)عنى اجملرد ال oكن للمرء أن يرى الصورة

كاملة.وقد قال «فوجن» في مؤ�ر بارز للفلسفة في ١٩٥٧:

«لقد أبديت في ا)اضي اهتماماI بصورة تامةI تقريباI با)ـعـنـى اجملـردلبعض هذه ا)قدمات (الفلسفية). وهذا خطأI بالطبع. وفي السنوات األخيرةفحسب أبديت اهتماما }عناها ا)تعS. ولكن معناها اجملرد ينبغي أن يؤخذ

.(١٨)في االعتبار كذلكI حيث إن إهماله يعني غيـاب الـصـورة الـكـامـلـة...»وفي وقت الحقI أضاف فوجن في إطـار روح الـنـقـد الـذاتـي ا)ـتـبـادل الـتـي

سادت ا)ؤ�ر:إن ما يتعS علينا مواصلته هو على نحو أسـاسـي الـتـفـكـيـر ا)ـادي فـيIذلك النوع من التفكير ا)كرس مـن أجـل الـشـعـب Iتاريخ الفلسفة الصينيةالتفكير العلمي والتقدمي. ولم ا^ت على ذكر هذا بصفة خاصة ألنني اعتقدت

Page 422: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

422

الفكر الشرقي القد

Iوذلك يوضح أنني اعتقدت }ـواصـلـة أي شـيء جتـريـدي Iأنه أمر طبيعيسواء أكان مثاليا أم ماديا»..

ومن اجللي أن هذا يوضح اجلهد الذي بذله فوجن ألضفاء الطابع الثوريعلى فكرهI ومحاولته تغلب على ما أصبح ينظر إليه اال^ن على أنـه أخـطـاءمثالثة في فكره السابقI وكان }قدوره من خالل النقد الذاتي ا)تبـادل أنيدرك أن مقوالت الفكر األقدم عهدا وعاداته ال تزال سائدةI وقد أفـضـىهذا به إلى أن يلحق عبارة «اعترافية» أخرى }الحظاته السابقة: «إن مـا

.(١٩)قلته في مقالي ناقص وطرحي للمشكلة غير صحيح كذلك»وقد بدأ فوجنI في إطار tارسته للنقـد الـذاتـي بـإعـادة كـتـابـة مـؤلـفـهIتاريخ الفلسفة الصينية» ولكن عندما بدأ الثورة الثقـافـيـة فـي عـام ١٩٦٦»أعلن أن اجمللدين األولS من كتابه «التاريخ اجلديد للفلسفة الصيـنـيـة» اليزاالن مكتوبS إلى حد كبير من منظور مثالي ومجردI و)ا كان قد أصبـحملتزما �اما االلتزام بالفكر ا)اركسي ا)اويI فقد قرر إعادة كتابه «التاريخ»برمته من منظور ماوي ـ ماركسيI مستخدما أيديولوجية الثورة الـثـقـافـيـة

كمرشد لهI وهو مشروع مازال عاكفا على إجنازه حتى اال^ن.

٥Mao Tse Tung ـ ماوتسي ـ توج

Iا)ـعـاصـرة Sساد فكر ماوتسي ـ توجن (١٨٩٤ ـ ١٩٧٦) الفلسفة في الصوقد تأثر ماو إلى حد كبير }اركس ولينIS ولكن فلسفته غالبا ما تتفق معمبادى* الفلسفات الصينية التقليدية ومواقفها. وبعد موتـهI وفـيـمـا تـبـنـتالصS موقفا أكثر تصاحلا جتاه كل من الغرب والفكر التقليديI تعرضـتالفلسفة ا)اوية لنقد مكثفI لكنها استمرت تستخدم كمرشد لتفسير إبداعي

لتجربة حتقيق التناغم بS الفكر ا)اركسي والفكر التقليدي.ور}ا كان أهم عمل فلسفي من أعمال ماو هو احملاضرة التي ألـقـاهـافي عام ١٩٣٧ بعنوان «في ا)مارسة العملية». فقد أوضح في هذه احملاضرةالعالقة بS النظرية وا)مارسةI وبS كيف أن النظرية تضرب جذورها فيا)مارسة وتعود إلى ا)مارسة وصوال إلى تبريرها وحتققهـا. وقـد �ـا هـذاا)نظور في حتديد العالقية بS النظرية وا)مارسة انطـالقـا مـن tـارسـةماو في التغلب على اخلالفات بS الناس كقائد للقوات الثورية. إنها ليست

Page 423: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

423

الفكر الصيني احلديث

نظرية �ت صياغتها من أجل ذاتهاI وإ�ا من أجل الهدف العملي ا)تمثلفي إقرار التناسق العظيم ـ تلك اليوتوبيا الصينية القدoة قدم الدهر.

ومن ا)فيدI إلدراك األهداف العملية التي تفترضها مسبقا نظرية ماواخلاصة بالعالقة بS ا)مارسة والنظريةI أن نبحث اخلطاب الذي ألقاه فياالحتفال بالذكرى الثامنة والعشرين إلنشاء احلزب الشيوعي الصينيI فقدحدد ماو في ذلك اخلطاب أهداف ا)مارسات الشيوعية في الصـS عـلـىالنحو التالي: «عندما تختفي الطبقاتI فـإن كـل أدوات الـكـفـاح الـطـبـقـي ـاألحزاب وا^لية الدولةI ستفقد وظيفتهاI وال تعود ضروريةI وبالتالي فإنهـاستذوى تدريجياI وتنتهي مهمتها التاريخيةI وستنتقل اإلنسانية إلى مرحلة

. وتكشف العبارة األخيرة «ستنتقل اإلنسانية إلـى مـرحـلـة أرقـى»(٢٠)أرقي»Iبالطبع Iالوضع اإلنساني Sعن اهتمام ماو بالوضع اإلنساني. وقد كان حتسوعلى الدوامI االعتبار األكثر أهمية لدى الفالسفة الصينييـةI وكـان األمـلالذي تطلع إليه الكونفوشيونI والكونفوشيون اجلـددI هـو أنـه عـنـدمـا يـتـمحتقيق انتشار «اجلS» وسيادتها فإن التناسق العظيم سيتم حتقيقه. وكون«ماو» يرى أن هدف ا)مارسات الشيوعية هو حتقيق التناسق العـظـيـم هـوأمر واضح من مالحظته أن وظيفة احلـزب هـي وظـيـفـة «... الـعـمـل يـجـدإليجاد األوضاع التي فيهـا تـتـالشـى الـطـبـقـات وسـلـطـة الـدولـة واألحـزابالسـيـاسـيـة بـصـورة طـبـيـعـيـة لـلـغـايـةI وتـدخـل اإلنـسـانـيـة رحـاب الـتـنـاسـق

.(٢١)العظيم»وقد اعتبر «ماو» أن من الضروري لتحقيق التناسق العظيم فهم األوضاعالتي تنظم �و اإلنسانية والعالم وتطورهماI بحيث إن عمليات النمو والتطورالطبيعية oكن مساعدتها في الوصول إلى هدفها النهائي. ور}ا كان ا)بدأاألكثر أهمية والذي يتعS فهمه في هذا الصدد هو أن «كل العمليـات لـهـابداية ونهايةI كل العمليات حتول ذواتها إلى أضدادها. وثبات كل العملياتنسبي ولكن التبادلية التي تظهر في حتول عملية إلـى أخـرى هـي تـبـادلـيـة

. وال شك في أن هذا ا)بدأ هو اخلاصية احملوريـة فـي اجلـدل(٢٢)مطلقـة»ا)اركسيI ولكنه يعيد كذلك طرح ا)بدأ التاوي القائل إن «العكس أو االنقالبهو نهج التاو» وأن «لكل األشيـاء أضـدادهـا». إنـهـا إعـادة طـرح لـلـتـفـسـيـرالكونفوشي )صدر كل األشياء وبنيتها وهو التـفـسـيـر الـذي يـجـد الـتـعـبـيـر

Page 424: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

424

الفكر الشرقي القد

األولي عنه لدى شو تون ـ ا^ي في مفهومه عن ا)طلق العظيمI الذي يولد كلاألشياء من خالل تفاعل الضدين ين وياجن. وماو يدرك �ـام اإلدراك أنـههنا مندرج في صميم التيار الرئيسي للفكر الصيني التقـلـيـديI حـيـث إنـهيالحظ في الفقرة نفسها: «إننا نحن الصينيS غالبا ما نقول: األشياء التي

.(٢٣)يضاد كل منها اال^خر يكمل كل منها اال^خر»ووفقا للعالقة اجلدلية بS ا)عرفة والعمل التي يقدمها ماو في محاضرتهبعنوان «في ا)مارسة العملية» فإن ا)عرفة تبدأ با)مارسةI وتنتقل إلى مرحلةالنظريةI وتكتمل في العمل. والنظرية �ـثـل اسـتـراحـة مـنـتـصـف الـطـريـقاخلاصة با)عرفة. و)ا كان «ماو» يأخذ جادا ا)بدأ القائل إن اجلدل العظيم.Sللطبيعة هي «انقالب أو انعكاس األضداد» واعتقد أن جدل أي شيء متعهو كذلك بحسب هذا ا)بدأI فقد اهتم بالضدين: النظرية وا)مارسة. وقدكان مناط اهتمامهI بالطبعI هو بإضفاء الطابع االشـتـراكـي الـدoـقـراطـيIشأن أي عملية أخرى Iالشعبية. وهذه العملية Sالناجح على جمهورية الص�ضي وفقا جلدلها الداخليI ومن أجل ا)مارسة الناجحة اهتم ماو بفهـمالعالقة اجلدلية بS ا)مارسة والنظرية ألن هذين هما الضدان األوليان في

البرنامج الشيوعي.وقد كانت هذه ا)شكلة ـ أي العالقة بS ا)عـرفـة والـعـمـلI ذات أهـمـيـةكبيرة على الدوام بالنسبة للفالسفة الصينيS. ويتفق احلـل الـذي طـرحـهIفهو يعتقد أن ا)عرفة والعمل يـشـكـالن وحـدة Iماو» مع احللول التقليدية»وتقول نظريته اخلاصة با)عرفة إن «ا)عرفة اإلنسانية ال oـكـن أن تـفـصـلبأدنى قدر عن ا)مارسةI وهي تفند كل النظريات اخلاطئة التي تنكر أهمية

وال يتم التحقق من صحـة(٢٤)ا)مارسة أو تفصل ا)عرفة عن ا)مـارسـة...»ا)عرفة إال عندما يتم حتقيق النتائج ا)نتـظـرة فـي إطـار عـمـلـيـة ا)ـمـارسـةاالجتماعية. وا)بدأ هو أنه «إذا كان اإلنسان يرغب في إحراز النـجـاح فـيعملهI أي في حتقيق النتائج ا)نتظرةI فإن عليه أن يجعل أفـكـاره تـتـطـابـققوانS العالم ا)وضوعي احملـيـط بـهI وإذا لـم تـتـطـابـق فـإنـه سـيـفـشـل فـي

.(٢٥)ا)مارسة»وفي محاولة إلظهار صحة القول إن ا)مارسة االجتماعيـة هـي ا)ـعـيـارIيذهب ماو إلى أن كل معرفة تكمن بداياتها في ا)مارسة Iالوحيد للحقيقة

Page 425: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

425

الفكر الصيني احلديث

في نشاط قوامه تغيير العالم». إذا أردت أن تعرف طعم ثمرة كمثرىI فإن. وهذه هي ا)رحلـة األولـى فـي(٢٦)عليك أن تغير الكمثرى بأكلـهـا بـنـفـسـة»

احلصول على ا)عرفةI وهي مرحلة اإلدراك احلسي. وتتمثل اخلطوة الثانيةIوهذا يـنـتـمـي إلـى مـرحـلـة الـفـهـم Iفي «القيام بإعادة ترتيب أو إعادة بناء

. والفهم واحلكم واالستدالل تشكل معرفة عقالنية(٢٧)واحلكمI واالستدالل»في مواجهة معرفة إدراكية فحسبI وهي باعتبارها كذلك �هد للنظرياتعن األشياء التي � إدراكها. ولكن �لك ناصية ا)عرفة ال يتوقف هناI فكماIأن ا)عرفة اإلدراكية تفضي إلى ا)عرفة العقالنية وهي ناقصـة مـن دونـهـافكذلك تظل ا)عرفة العقالنية ناقصة إلى أن يتم وضعها موضع ا)مارسة.وكما يشير ماو فإن «ماتنظر إليه الفلسفة ا)اركسية على أنه ا)شكلة األكثرأهمية ال يكمن في فهم قوانS العالم ا)وضوعي والتمكن من خالل ذلك منتفسيرهI وإ�ا في تغيير العالم على نحو إيجابي من خالل تطبيق مـعـرفـة

.(٢٨)قوانينه ا)وضوعية»تظل ا)عرفة كلمات ال معنى لهاI وأفكـارا خـاويـةI إلـى أن تـتـجـسـد فـياجتربة. وال تصبح ا)عرفة حقيقية إال عندما يتم تغيير الـشـخـص وتـغـيـيـرIالواقع الذي تتم مواجهته في النشاط العملي. من ا)مارسة تأتي النظريةISمختلف Sومن النظرية تنطلق ا)مارسة. ولكن النظرية وا)مارسة ليستا شيئوإ�ا هما الضدان اجلدليان في عملية واحدةI هي احلياة في هذا العالم.وتقدم ا)عرفة يقترن جدليا بتقدم ا)مارسة. وليس }قدور تطور االشتراكية

من النظرية أو ا)مارسةI وإ�ا البدالدoقراطية في الصS أن يتجاهل أياله من أن يجمعهما معاI إذا ما أريد للقضية أن �ضي قدما. وقد دعا ماوإلى أن «... تطور األشياء ينبغي النظر إليه باعتباره حركتها الذاتية الداخليةوالضروريةI وأن الشيء في حركته واألشياء من حوله ينبغي الـنـظـر إلـيـهـاعلى أنها متداخلةI ومتفاعلةI أحدها مع اال^خر. والسبـب األسـاسـي لـنـمـو

.(٢٩)األشياء ال يكمن خارجها وإ�ا داخلهاI في تناقضاتها الداخلية»Iإن هذا القول يتشابه على نحو ملحوظ مع النظرية الكونفوشية اجلديدةالقائلة إنه من خالل تفاعل مبدأي «لي» و«تشيه» ا)تضادين تتطور األشياءا)فردة وتنموI والكون ككل هو تركيب ديناميكي كوني مؤلف من «لي» و«تشيه».والكون ككل ـ باعتباره ا)طلق ـ يؤدي وظيفته من خالل الضدين «ين» و«ياجن».

Page 426: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

426

الفكر الشرقي القد

الكون هو وحدة كل األشياءI والبشر يشاركون في هذه الوحدةI وهذه الوحدةينظر إليها على أنها ديناميكية وليست سكونيةI حـيـث إنـهـا فـي جـوهـرهـاتطورI وهذا التطور تشكله تطورات ألشياء متعينة. وهذا الفهم ا)يتافيزيقيللكون يصفه ماو على النحو التالي: «... في التطور ا)طلق والشامل اخلاصبنمو الكونI يعد �و كل تطور متعS �وا نسبياI ومن هنا فإنه في اجملرىالهائل للحقيقة ا)طلقة تعد معرفة اإلنسان بالتطور ا)تعS في أي مرحلـةبعينها معرفة حقيقية بصورة نسبية فحسب. وإجمالي احلقائـق الـنـسـبـيـة

.(٣٠)التي ال حتصى هو احلقيقة ا)طلقة»هكذا يبدو أن «ماو» في غمار ا)يتافيزيقيا واإلبستمولوجي اللتS طرحهماقد مضى قدما با)وقف التقليدي الذي يرى في أشياء متعينة وحدةI والذيينظر إلى ا)عرفة على أنها ال تنفصل عن ا)مارسةI ومن هنا فإن فلسفـتـهتلقي بدورها بثقل التأكيد التقليدي على توحيد اإلنسانية من خالل احلياة

العملية التي � حتسينها.

الهوامش:١ ـ على نحو ما ترجمه وينج ـ تسيت تشان في «مرجع في الفلسفة الصينية» (برنستون: مطبـعـة

جامعة برنسـتـون ـ ١٩٦٣) ص ٧٢٦.٢ ـ ا)رجع السـابـق ص ٧٣٥.

٣ ـ ا)رجع السـابـق ص ٧٣٤ ـ ٧٣٥.٤ ـ انظر: «مختارات من أعمال ماوتسي ـ توجن» اجمللد ٥ (بكبت فورين الجنويج ـ ١٩٧٧) ص ٣٢٩ ـ

.٣٣٢٥ ـ وينج ـ تسيت تشان «مرجع في الفلسفة الصينـيـة» ص ٧٤٤.

٦ ـ ا)رجع السابق ص ٧٤٩ ـ ٧٥٠٧ ـ ا)رجع السـابـق ص ٧٥٠.٨ ـ ا)رجع السـابـق ص ٧٦٥.٩ ـ ا)رجع السـابـق ص ٧٦٦.

I١٠ ـ ا)رجع السابق١١ ـ ا)رجع السابق.

١٢ ـ ا)رجع السـابـق ص ٧٦٩.

١٣ ـ ا)رجع السـابـق ص ٧٧١.١٤ ـ ا)رجع السابق.

Page 427: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

427

الفكر الصيني احلديث

١٥ ـ ا)رجع السـابـق ص ٧٧٢.

١٦ ـ ا)رجع السـابـق ص ٧٥١.

١٧ ـ ا)رجع السـابـق ص ٧٥٩.

١٨ ـ ا)رجع السـابـق ص ٧٧٨.

١٩ ـ ا)رجع السـابـق ص ٧٧٩.ـ توجن: «مختارات من كتاباته»I حترير وتقدY ا^ن فرoانتل ـ ماوتس ٢٠Ann Freemantle:نيويورك)

ا)كتبة األمريكية اجلـديـدة ـ ١٩٦٢) ص ١٨٤.٢١ ـ ا)رجع السـابـق ص ١٨٥.٢٢ ـ ا)رجع السـابـق ص ٢٣٧.٢٣ ـ ا)رجع السـابـق ص ٢٣٨.٢٤ ـ ا)رجع السـابـق ص ٢٠٣.

٢٥ ـ ا)رجع السـابـق ص ٢٠١ ـ ٢٠٢.٢٦ ـ ا)رجع السـابـق ص ٢٠٥..٢٧ ـ ا)رجع السـابـق ص ٢٠٧.٢٨ ـ ا)رجع السـابـق ص ٢٠٩.٢٩ ـ ا)رجع السـابـق ص ٢١٦.٣٠ ـ ا)رجع السابق ص ٢١٢.

Page 428: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

428

الفكر الشرقي القد

Page 429: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

429

ا#ؤلف في سطور:«جون كولر»

رئيس قسم الفلسفة في معهد رنسلر بالواليات ا)تحدة األمريكية. درسالفلسفة على يد أساطينها في الشرق والغربI وفي مقدمتهم شري كرشناسكسيناI وتشارلز مورI وكينيث أنادا. وقام بدوره بتـدريـسـهـاI مـع اهـتـمـامخاص بفلسفات الشرقI ألجيال من الباحثIS على امتداد أكثر مـن ثـالثـةعقود. طاف بكثير من بلدان الشرقI وخاصة شـبـه الـقـارة الـهـنـديـةIوألـفالعديد من الكتبI بينها إلى جوار الكـتـاب ا)ـاثـل بـS يـدي الـقـارىء كـتـابـهالشهير «الطريقة الهندية» الذي يلقي عبـر فـصـولـه الـسـبـعـة عـشـر ضـوءافريدا على اخلصائص األساسية للفكر الفلسفي والديني الهنديI ويـتـابـعالتطورات التاريخية التي خاضها هذا الفكر عبر مسيرتهI منذ عهود الفيدا

حتى اليوم.

ا#ترجم في سطور:eكامل يوسف حس

× مـاجـسـتـيـر فـي الـعـلـومالسياسية من جامعة االقاهرة

.١٩٧٩Iكــتــابــا Sتـرجـم أربــعــ ×أبـرزهـا: «االغــتــراب» ١٩٨٠ ـ«احلب والقوة والعدالة» ١٩٨١ـ «الشجاعة من الوجود» ١٩٨١ـ «برتولد بريـشـت: الـنـظـريـةالسياسية وا)مارسة األدبية»١٩٨٦ ـ «الــــــنــــــقــــــاب» ١٩٨٧ ـ«رباعية بحر اخلصب» (١٩٩٠ـ ١٩٩٣) ـ «ثـالثـيـة نـيـويــورك»١٩٩٣ ـ «التراجيديا والفلسفة»

١٩٩٣. وفي هذه السلسلة

الزالزلحقيقتها وآثارها

تأليف: د. شاهر جمال أغا

الكتابالقادم

Page 430: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

430

«ا)وت في الفكر الغربي» العدد I٧٦ أبريل ١٩٨٤.× عمل في الصحافةI ويعمل حاليا بـجـريـدة «الـبـيـان» بـدولـة اإلمـارات

العربيةا)تحدة.

ا#راجع في سطور:د. إمام عبدالفتاح إمام

× رئيس قسم الفلسفة بجامعة الكويت منذ عام ١٩٩٢.* ولد }حافظة الشرقية }صر× نال درجة الدكتوراه سنة ١٩٧٢.

× له عدد من ا)ؤلفات منها: ا)نهج اجلدلي عند هيجل ١٩٦٩ ـ كيركجورجـI١ جـ٢ (١٩٨٢ ـ ١٩٨٦) ـ توماس هوبز (١٩٨٥) ودراسـات هـيـجـلـيـة (١٩٨١).وا)ترجمة منها: فلسفة هيجل (١٩٨٠) محاضرات في فلسفة التاريخ (١٩٨٠ـ ١٩٨٤) وأصول فلسفة احلق (١٩٨٢) وفي السلسلة ترجم «الوجودية) ـ عدد٥٨ أكتوبر ١٩٨٢ ـ ومراجعة «ا)وت في الفكر الغربي» عـدد ٧٦ أبـريـل ١٩٨٤.

وترجمة ا)عتقدات الدينية لدى الشعوب عدد ١٧٣ مايو ١٩٩٣.

Page 431: ab c ABCDEFGkenanaonline.com/files/0045/45516/الفكر الشرقي...acb ﱘﺪﻘﻟا ﻲﻗﺮﺸﻟا ﺮﻜﻔﻟا X¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI K wMÞu« fK:« U¼—bB¹

deسبق أن أصدرت هذه السلسلة كتابا بعنوان «ا)عتقدات الـديـنـيـةلدى الشعوب» ـ العدد ١٧٣ ـ الذي تضمن فـصـوال عـن ديـانـة الـشـرقIبل ضرورية للكتاب السابـق Iوكتابنا احلالي تكملة أساسية .Yالقدألنه ال يتحدث عن «الديانات» بل «الفلسفات الشرقية». فها هنا جندا)ؤلف «جون كولر» يتحدث عن فهم الشرقيS لـ «الوجود»I و«العدم»و«الصيرورة»I و«طبيعة الذات» و«النفس»I و«الواقع»I وعن «ا)نـطـق»I«وعن «النفس والعالـم I«وعن «الفلسفة واجملتمع I«و«نظرية ا)عرفةوعن «التغير وا)عرفة».. إلخ. باختصار عن ميتافيزيقا الفكر الشرقيالقدY! ومن الطريف أننا سنكتشف في النـهـايـة أن بـعـض ا)ـدارسالفلسفية في الصIS وقد سبقت الفكـر اجلـدلـي الـهـيـجـلـي عـنـدمـاأعلنتI صراحةI أن ال شـيء يـسـتـقـر عـلـى حـالI وأن األمـور ا)ـاديـةوالروحية معا البد أن تنتقل إلى أضدادها. كما أنـنـا سـنـجـد كـذلـكمدارس مثاليةI ومدارس مادية ومدارس تعدديةI وواحديةI ومدارسللشك الفلسفي تذهب إلى أننا يستحيل أن نعرف شيئا علـى سـبـيـلاليقt !Sا يؤكد لك أن الفلسفة بدأت فـي الـشـرق الـقـدIY ولـيـس

عند اليونان على نحو ما هو شائع!