1009
ﻛﺘﺎﺏ: ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳌﺆﻟﻒ: ﺍﻹﳚﻲ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻀﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﷲ ﺑﺴﻢ ﺍﻟﺘﻐﲑ ﻭﺻﻤﺔ ﻋﻦ ﺟﻼﻟﻪ ﺳﺮﺍﺩﻗﺎﺕ ﻭﺗﻨﺰﻫﺖ ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﻝ ﺍﳊﺪﻭﺙ ﲰﺔ ﻋﻦ ﲨﺎﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺗﻘﺪﺳﺖ ﻣﻦ ﺳﺒﺤﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎ ﻭﺟﻨﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻠﻠﺖ ﻭﺳﻠﻄﺎﻧﻪ ﺟﱪﻭﺗﻪ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﻸﻷﺕ ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻠﻜﻮﺗﻪ ﺁﺛﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺩﻝ ﻣﻦ ﻳﺎ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﻋﻈﻤﺔ ﺑﻴﺪﺍﺀ ﻭﺍﻷﻭﻫﺎﻡ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﻭﺗﻮﳍﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﻛﱪﻳﺎﺀ ﻭﺍﻷﻓﻬﺎﻡ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﲢﲑﺕ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﻪ ﺇﱃ ﺑﺎﳍﺪﻯ ﺍﳌﺒﻌﻮﺙ ﳏﻤﺪﺘﱯ ﻭﺭﺳﻮﻟﻚ ﺍﳌﺼﻄﻔﻰ ﻧﺒﻴﻚ ﻋﻠﻰ ﺻﻞ ﻣﺼﻨﻮﻋﺎﺗﻪ ﻧﻈﺎﻡ ﺑﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺘﻪ ﻭﺷﻬﺪ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﺫﺍﺗﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎ ﺍﻷﺗﻘﻴﺎﺀ ﺍﻟﱪﺭﺓ ﺁﻟﻪ ﻭﻋﻠ ﻰ ﺍﻟﻮﺭﻯ ﻛﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻀﻴﺎﺀ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺗﻌﺎﻗﺒﺖ ﻣﺎ ﺍﻷﺻﻔﻴﺎﺀ ﺍﳋﲑﺓ ﺑﻪ ﺍﻟﺮﻏﺎﺋﺐ ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻭﺟﻼﻻ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﳌﻨﺎﺻﺐ ﻭﺃﻛﻤﻞ ﻭﻛﻤﺎﻻ ﻣﻨﻘﺒﺔ ﺍﳌﺂﺭﺏ ﻭﺃﺭﻓﻊ ﻭﻣﺎﻻ ﺣﺎﻻ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺃﻧﻔﻊ ﻓﺈﻥ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﺪﻭﺭ ﺇﺫ ﺍﻟﻴﻘﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﳌﻌﺎﱂ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﻫﻮ ﻭﲨﺎﻻ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻷﻭﱃ ﻫﻮ ﺑﻞ ﻭﺍﻗﺘﺒﺎﺳﻬﺎ ﺍﻗﺘﻨﺎﺻﻬﺎ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻭﺇﻟﻴﻪ ﻭﺃﺳﺎﺳﻬﺎ ﻣﺄﺧﺬﻫﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﺗﺒﻴﺎﻧﺎ ﻭﺃﻭﺿﺤﻬﺎ ﺑﻨﻴﺎﻧﺎ ﻭﺃﻭﺛﻘﻬﺎ ﺑﺮﻫﺎﻧﺎ ﻭﺃﻗﻮﺍﻫﺎ ﺷﺄﻧﺎ ﺍﶈﺮﺭﺓ ﺍﳌﻬﺬﺑﺔ ﺍﻟﺰﺑﺮ ﻣﻦ ﻓﻴﻪ ﻭﺃﻟﻒ ﺍﳌﻌﺘﱪﺓ ﺍﳌﻨﻘﺤﺔ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻣﻦ ﻓﻴﻪ ﺻﻨﻒ ﻭﳑﺎ ﻭﺭﺃﺳﻬﺎ ﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﺑﻪ ﻭﺻﻒ ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺎﺏ ﻭﺃﺳﻨﺎﻫﺎ ﺃﻟﻄﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﻓﻮﺍﺋﺪﻩ ﺷﻌﺒﻪ ﻭﻣﻦ ﻭﺃﻭﻻﻫﺎ ﺃﳘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﻗﻮﺍﻋﺪﻩ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﺇﺣﺘﻮﻯ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﻄﻮﻯ ﻭﻗﺪ ﻛﻴﻒ ﻭﺃﺟﺪﺍﻫﺎ ﺃﻓﻴﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﻠﻴﺔ ﺷﻮﺍﻫﺪﻩ ﻭﻣﻦ ﻭﺃﺟﻼﻫﺎ ﺃﻋﻤﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺩﻻﺋﻠﻪ ﻭﻣﻦ ﺍﻟ ﻟﺴﺎﻥ ﳋﺼﻪ ﻣﺎ ﻭﳏﺼﻞ ﻭﺍﻷﻧﻈﺎﺭ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝﺎﻳﺔ ﻭﺯﺑﺪﺓ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺃﺑﻜﺎﺭ ﺧﻼﺻﺔ ﺑﻨﺎﻥ ﺣﺮﺭﻩ ﻣﺎ ﻭﻣﻠﺨﺺ ﺘﺤﻘﻴﻖ ﺭﺍﺑﻌﺔ ﻛﺎﻟﺸﻤﺲ ﺍﻻﺷﺘﻬﺎﺭ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﺼﺎﺭ ﻣﻮﺟﺰﺓ ﺷﺎﺋﻘﺔ ﻭﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﺭﺍﺋﻘﺔ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ﻭﱂ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﻋﺒﺎﺭﺍﺗﻪ ﺑﻜﻨﻮﺯ ﻓﺎﺳﺘﻬﺘﺮﻭﺍ ﻭﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﻷﻣﺼﺎﺭ ﺃﺫﻛﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻷﺑﺼﺎﺭ ﺃﻭﱄ ﺑﺼﺎﺋﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺍﺳﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺇﺷﺎ ﺑﺮﻣﻮﺯ ﻭﺍﺳﺘﻬﻴﻤﻮﺍ ﺩﻟﻴﻼ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﳚﺪﻭﺍ ﺍﻷﺣﺒﺎﺏ ﺃﺟﻠﺔ ﻣﻦ ﻧﻔﺮ ﺇﱄ ﻓﺎﺟﺘﻤﻊ ﺳﺒﻴﻼ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻳﻬﺘﺪﻭﺍ ﻭﱂ ﺍﻟﻼﻣﻌﺔ ﺭﺍﺗﻪ ﺍﳊﺠﺎﺏ ﻧﻘﺎﺏ ﻣﻦ ﳍﻢ ﻭﺃﺑﺮﺯ ﺍﻷﺳﺘﺎﺭ ﳐﺪﺭﺍﺗﻪ ﻋﻦ ﳍﻢ ﺃﻛﺸﻒ ﺃﻥ ﻋﻠﻲ ﻭﺍﻗﺘﺮﺣﻮﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺳﺮﺍﺋﺮ ﺇﱃ ﺍﳌﺘﻄﻠﻌﲔ ﻣﺘﻤﺴﻜﺎ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﻓﺄﺳﻌﻔﺘﻬﻢ ﻓﻄﺮ ﲟﺤﺎﺳﻦ ﻣﺘﺒﺨﺘﺮﺍﺕ ﺑﺰﻳﻨﺘﻬﺎ ﻣﺘﱪﺟﺎﺕ ﺑﺄﻋﻴﻨﻬﻢ ﻟﻴﺠﺘﻠﻮﻫﺎ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻫﺎﺗﻴﻚ ﲝﺒﻞ ﻧﻘﺎ ﺧﺮﺍﺋﺪﻩ ﻋﻦ ﻭﳝﻴﻂ ﺻﻌﺎ ﺷﻮﺍﺭﺩﻩ ﻣﻦ ﻳﺬﻟﻞ ﺷﺮﺣﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﷲ ﲝﻤﺪ ﻭﺷﺮﺣﺘﻪ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﱃ ﻭﻣﺴﺘﻬﺪﻳﺎ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﳛﺘﺎﺝ ﻣﺎ ﲨﻴﻊ ﻭﺿﻤﻨﺘﻪ ﺍﻟﻌﺠﺎﺏ ﺍﻟﺘﻌﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺷﻲ ﺑﻪ ﻭﻳﻄﻠﻊ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ ﻟﺐ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﺎﺩﻱ ﺑﻪ ﻳﻬﺘﺪﻱ ﺍﻹﻧﺼﺎ ﺷﺮﻳﻄﺔ ﺫﻟﻚ ﻣﺮﺍﻋﻴﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻣﺎ ﻟﻪ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻭﺧﺘﻢ ﺇﲤﺎﻣﻪ ﺗﻴﺴﺮ ﻭﳌﺎ ﺍﻻﻋﺘﺴﺎﻑ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﻦ ﳎﺎﻧﺒﺎ ﻭﺍﻟﻨﺪﻯ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺑﺴﻄﺔ ﻭﺯﺍﺩﻩ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﻭﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﺍﷲ ﺃﻳﺪﻩ ﳌﻦ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﺀ ﺧﱪﺕ ﺍﺧﺘﺘﺎﻣﻪ ﺑﺎﳋﲑ ﺑﺄﻣﺮ ﺧﻠﻔﻪ ﻭﻣﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﺑﲔ ﻣﻦ ﳛﻔﻈﻮﻧﻪ ﺍﻟﻌﻠﻰ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﲟﻌﻘﺒﺎﺕ ﻭﺃﻣﺪﻩ ﺍﻟﻌﺪﻯ ﻣﻦ ﳍﺎ ﻗﺒﻞ ﲜﻨﻮﺩ ﻣﻠﻜﻪ ﻭﺷﻴﺪ ﺭﺑ ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻷﻋﻠﻰ

كتاب المواقف 1 - islamicbook.ws · ﺽﺭﻷﺍ ﱃﺇ ﺔﻌﺑﺎﺴﻟﺍ ﺀﺎﻤﺴﻟﺍ ﻦﻣ ﻦﻬﻨﻴﺑ ﻝﺰﻨﺘﻳ ﻩﲑﺑﺪﺗ ﻭﺃ ﻪﻤﻜﺣ

  • Upload
    others

  • View
    8

  • Download
    1

Embed Size (px)

Citation preview

  • املواقف: كتاب كتاب أمحد اإلجيي: املؤلف بن د الرمحن عضد الدين عب

    بسم اهللا الرمحن الرحيم

    سبحات من تقدست سبحان مجاله عن مسة احلدوث والزوال وتنزهت سرادقات جالله عن وصمة التغري

    ت آثار ملكوته واالنتقال تألألت على صفحات املوجودات أنوار جربوته وسلطانه وهتللت على وجنات الكائناوإحسانه حتريت العقول واألفهام يف كربياء ذاته وتوهلت األذهان واألوهام يف بيداء عظمة صفاته يا من دل على

    ذاته بذاته وشهد بوحدانيته نظام مصنوعاته صل على نبيك املصطفى ورسولك اجملتيب حممد املبعوث باهلدى إىل به اخلرية األصفياء ما تعاقبت الظلم والضياء كافة الورى وعلى آله الربرة األتقياء وأصحا

    وبعد فإن أنفع املطالب حاال وماال وأرفع املآرب منقبة وكماال وأكمل املناصب مرتبة وجالال وأفضل الرغائب أهبة ومجاال هو املعارف الدينية واملعامل اليقينية إذ يدور عليها الفوز بالسعادة العظمى والكرامة الكربى يف اآلخرة

    األوىل وعلم الكالم يف عقائد اإلسالم من بينها و

    شأنا وأقواها برهانا وأوثقها بنيانا وأوضحها تبيانا فإنه مأخذها وأساسها وإليه يستند اقتناصها واقتباسها بل هو كما وصف به رئيسها ورأسها ومما صنف فيه من الكتب املنقحة املعتربة وألف فيه من الزبر املهذبة احملررة

    املواقف الذي إحتوى من أصوله وقواعده على أمهها وأوالها ومن شعبه وفوائده على ألطفها وأسناها كتاب ومن دالئله العقلية على أعمدها وأجالها ومن شواهده النقلية على أفيدها وأجداها كيف ال وقد انطوى على

    تحقيق وملخص ما حرره بنان خالصة أبكار األفكار وزبدة هناية العقول واألنظار وحمصل ما خلصه لسان الالتدقيق يف ضمن عبارات رائقة معجزة وإشارات شائقة موجزة فصار بذلك يف االشتهار كالشمس يف رابعة النهار واستمال إليه بصائر أويل األبصار من أذكياء األمصار واألقطار فاستهتروا بكنوز عباراته اجلامعة ومل

    راته الالمعة ومل يهتدوا إليها سبيال فاجتمع إيل نفر من أجلة األحباب جيدوا عليها دليال واستهيموا برموز إشااملتطلعني إىل سرائر الكتاب واقترحوا علي أن أكشف هلم عن خمدراته األستار وأبرز هلم من نقاب احلجاب حببل هاتيك األسرار ليجتلوها بأعينهم متربجات بزينتها متبخترات مبحاسن فطرهتا فأسعفتهم إىل ذلك متمسكا

    التوفيق ومستهديا إىل الطريق وشرحته حبمد اهللا سبحانه شرحا يذلل من شوارده صعاهبا ومييط عن خرائده نقاهبا يهتدي به السادي إىل لب األلباب ويطلع به الناشي على التعجب العجاب وضمنته مجيع ما حيتاج إليه من بيان

    ا عليه مراعيا يف ذلك شريطة اإلنصا ف جمانبا عن طريقة االعتساف وملا تيسر يل إمتامه وختم ما فيه وما له ومباخلري اختتامه خربت بالدعاء ملن أيده اهللا بالسلطنة العظمى واخلالفة الكربى وزاده بسطة يف الفضل والندى

    وشيد ملكه جبنود ال قبل هلا من العدى وأمده مبعقبات من السموات العلى حيفظونه من بني يديه ومن خلفه بأمر ه األعلى وذلك رب

  • فضل اهللا يؤتيه من يشاء ليحق به احلق ويقطع دابر الكافرين ويبطل به الباطل ويشفي غيظ صدور قوم مؤمنني وجيعل له لسان صدق يف اآلخرين ويرفع مكانه يوم الدين يف أعلى عليني وما هو إال حضرة املوىل السلطان

    ن طوائف العرب والعجم املختص من لدن حكيم عليم األعظم واخلاقان األعلم األكرم مالك رقاب األمم مبفضل جسيم وخلق عظيم ولطف عميم مشل الورى ألطافه وعمهم أعطافه وصاهنم أكنافه من كل ما ال يرتضي

    مكارمه ال حتصى ومآثره ال تستقصى وتباعدت عن رتبة اإلدراك ... موىل عطاياه مست فوق املدى

    ا يف البحر واألفالك فتحصن... الدر والدرى خافا جوده من التجأ إىل جنابه جيد له مكانا عليا ومن أعرض عن بابه مل جيد له نصريا وال وليا إذا هم مبنقبة أمضى وإذا عن

    له مكرمة أسرع إليها ومضى لو مل يكن للصارمات فلول ... عزماته مثل السيوف صوارما

    ن يف األيام هو الذي رفع رايات العلم والكمال بعد ناشر العدل واإلحسان على األنام وباسط األمن واألماانتكاسها وعمر رباع الفضل واإلفضال بعد اندراسها فعادت رياض العلوم إىل روائها خمضرة األطراف وآضت حدائقها إىل هبائها مزهرة اجلوانب واألكناف ملجأ سالطني العامل باالستحقاق ومفخر أساطني بين آدم يف اآلفاق

    ؤيد املنصور املظفر غياث احلق والدولة والدين بري حممد اسكندر خلد اهللا ملكه وسلطانه وأفاض السلطان امل على العاملني بره وإحسانه

    صالح ألصناف الربية شامل ... وهذا دعاء ال يرد ألنه أقول قال املص وها أنا أفيض يف املقصود متوكال على الصمد املعبود ف

    م بسم اهللا الرمحن الرحي - ٨ضمن خطبة كتابه اإلشارة إىل مقاصد علم الكالم رعاية لرباعة االستهالل فبسمل أوال تيمنا مث قال احلمد هللا

    العلي شأنه أمره وحاله يف ذاته وصفاته وأفعاله فإنه تعاىل جامع جلهات علو الشأن ال يتطرق إىل سرادقات قدسه ا دالة على وجود ذاته واتصافه بكماالته وهي آياته املنبثة شائبة النقصان اجللي برهانه حجته القاطعة اليت نصبه

    يف اآلفاق واألنفس جتتليها بصائر أويل األبصار وتشاهد هبا أسرارا يضيق عن تصويرها نطاق اإلظهار القوي ا يشاء سلطانه سلطنته ونفاذ حكمه إذ ال يستعصى على إرادته شيء من األشياء وال جيري يف ملكوته إال م

    حوله قوته احملولة للممكنات من حال إىل حال إجيادا وإفناء إعادة وابداء الشامل طوله فضله ونواله فإن الكامل رمحته وسعت كل شيء على حسب حاله مث أنه قرر مجيع ما ذكر مبا اقتبس من قوله تعاىل الذي خلق سبع

    مسوات سيا وعرشا هي أفالك الكواكب السبعة السيارة فإن الفلكني اآلخرين يسميان كر

    ومن األرض مثلهن مثل السموات يف العدد كما ورد يف األثر من أن األرض أيضا سبع طبقات ويف كل طبقة منها خملوقات وما

    يعلم جنود ربك إال هو وقد تؤول تارة باألقاليم السبعة وأخرى بطبقات العناصر األربعة حيث

  • أو تدبريه يتنزل بينهن من السماء السابعة إىل األرض سبعا بكمال قدرته متعلق خبلق وجعل األمر أي حكمه السفلى ببالغ حكمته اليت هي إتقانه وإحكامه يف علمه وفعله وكرم بين آدم نوع اإلنسان على غريه بالعقل

    الغريزي أي بالقوة املستعدة إلدراك املعقوالت اليت جبلت عليها فطرهتم ويسمى عقال هيوالنيا والعلم هلم بال اكتساب املسمى عقال بامللكة وأهلهم جعلهم أهال ويف نسخة األصل وأهله بتأويل الضروري احلاصل

    اإلنسان للنظر واالستدالل بالعلوم الضرورية واالرتقاء يف مدارج الكمال وذلك بأن يرتقي أوال من حتصل له الضروريات إىل مشاهدة النظريات ويسمى عقال مستفادا مث تتكرر مشاهدهتا مرة بعد أخرى حىت

    ملكة استحضارها مىت أريد بال جتشم كسب جديد ويسمى عقال بالفعل وهو وإن كان متأخرا عن املستفاد يف احلدوث لكنه وسيلة إليه متقدمة عليه يف البقاء وقد يقال العقل املستفاد هو أن تصري النفس الناطقة حبيث

    ا أصال وهذا هو الغاية القصوى يف االرتقاء يف تشاهد معقوالهتا بأسرها دفعة واحدة فال يغيب عنها شيء منهالكماالت العلمية ومستقره الدار اآلخرة وأما يف الدار الدنيا فقد يرجتى حملات منه للنفوس اجملردة عن العالئق ا عطف عليه وكلمة مث على معناها األصلي الذي هو املهلة واملراد أنه البشرية مث أمرهم عطف على كرم مع م

    هم على ألسنة الرسل بالتفكر يف خملوقاته وأحواهلا والتدبر ملصنوعاته وأطوارها ويف قوله ليؤديهم أي تعاىل أمرالتفكر والتدبر فيها مع ما يف حيزه نوع تفصيل ملا أمجله من مباحث اإلهليات واالستدالل عليها باملمكنات يف

    ت حادثة وال بد للحادث من صانع قدمي ال أول قوله العلي شأنه وما يعقبه إىل العلم بوجود صانع ألن املخلوقا لوجوده إذ لو كان أيضا حادثا الحتاج

    إىل صانع آخر فتسلسل أو دار قيوم قائم بنفسه مقيم لغريه فإن ذلك الزم لكونه صانعا حقيقيا ظام املشاهد حكيم لظهور إتقانه يف آثاره الصادرة عنه واحد يف صفات األلوهية ال شريك له فيها وإال الختل الن

    يف العامل أحد يف حد ذاته ال تركيب فيه وإال لكان ممكنا وحادثا

    فرد ال شفع له من صاحبة أو ولد لعدم جمانسته غريه صمد سيد يقصد يف احلوائج من صمده يصمده صمدا أي قصده منزه عن األشباه املشاركة له يف صفاته

    واألمثال املوافقة إياه يف حقيقة ذاته صفات اجلالل أي العظمة يقال جل فالن إذا عظم قدره وجالل اهللا عظمته متصف ب

    مربأ عن شوائب النقص جامع جلهات الكمال أي يف الذات

    ذكرناه والصفات واألفعال غين يف مجيع ذلك عما سواه فال حيتاج إىل شيء من األشياء فيما ا سيأيت من أن املقتضى لعلمه خصوص ية ذاته واملصحح للمعلومية ذوات املفهومات وال عامل جبميع املعلومات مل

    شك أن نسبة ذاته إىل مجيعها على السواء فوجب عموم علمه إياها فال يعزب عن علمه مثقال ذرة يف األرض وال يف السماء أي ال يبعد وال يغيب عنه أقل قليل هو مثل يف القلة فكيف بالزائد املشتمل عليه

    مقتضى القدرة ذاته ومصحح املقدورية هو اإلمكان املشترك بينها فوجب مشول قادر على مجيع املمكنات ألنقدرته أياها على سبيل االختراع واإلنشاء أي بال احتذاء مثال يقال اخترعه أي ابتدعه وأصل اخلرع هو الشق

    وأنشأ يفعل كذا أي ابتدأ يفعل كذا

  • بل يكرهه كما زعمت املعتزلة يستلزم عجزه املنايف مريد جلميع الكائنات خريها وشرها ألن وقوع ما ال يريده لأللوهية

    تفرد مبتقنات األفعال باألفعال املتقنة احملكمة اخلالية عن االختالل وأحاسن األمساء وإمنا اختار صيغة الفعل أعين شري إليه تفرد على متفرد تنبيها على أنه استئناف يدل على اتصاف ذاته مبا ذكر من الصفات فإن اإلتقان امل

    قوله تعاىل صنع اهللا الذي أتقن كل شيء

    يدل على ذلك علمه وقدرته وإرادته كما أن أمساءه احلسىن تنىبء عن اتصاف املسمى بالكماالت والتربؤ من النقائص

    أزيل هو أعم من القدمي ألن إعدام احلوادث أزلية وليست بقدمية وإمنا ذكره مع االستغناء عنه بقدمي ليقارنه لفظا أب دي فإهنما يذكران غالبا مع

    توحد بالقدم والبقاء ربط باألزيل على طريق االستئناف بصيغة الفعل توحده بالقدم وذلك ال ينايف كون صفاته الزائدة على ذاته قدمية ألهنا ليست مغايرة له وربط باألبدي توحده بالبقاء فإنه الباقي بذاته وما سواه إمنا هو

    ضى أي حكم على ما عداه بالعدم والفناء هو العدم الطارىء على الوجود فهو أخص من باق به وبإرادته وقا يذكره من صفاته الفعلية وما يتعلق هبا وإمنا ذكرها بصيغ األفعال ملناسبتها إياها العدم مطلقا له امللك توطئة مل

    ذلك على وفق مشيئته ال جيب حييي ويبيد من اإلبادة مبعىن اإلهالك ويبديء ويعيد وينقص من خلقه ويزيد كلعليه شيء من األفعال كما يزعمه أهل االعتزال إذ ال حاكم فوقه يوجبه عليه تعاىل عن ذلك علوا كبريا وكون العقل حاكما باطال كما ستعرفه له اخللق واألمر له اإلجياد واحلكم يفعل ما يشاء بقدرته وحيكم ما يريد حبكمته

    ال تعلل أفعاله باألغراض والعلل ألن ثبوت الغرض للفاعل من فعل يستلزم ال مانع ملشيئته وال راد حل كمه اعليته وليس من يلزم من ذلك عبث يف أفعاله تعاىل ألهنا استكماله بغريه وثبوت علة لفعله يستلزم نقصانه يف ف

    مشتملة على حكم ومصاحل ال حتصى إال أهنا ليست علال ألفعاله وال أغراضا له منها ألرزاق واآلجال يف األزل أشار به إىل القضاء الذي يتبعه القدر والرزق عندنا ما ينتفع به حالال كان أو وقدر ا

    حراما واألجل يطلق على مجيع مدة الشيء كالعمر وعلى آخره الذي ينقرض فيه كوقت املوت وقوله مث أنه بعث إليهم األنبياء والرسل إشارة إىل مباحث النبوات

    اخي يف الرتبة فإن البعثة مشتملة على أحكام كثرية أشار إليها ههنا سوى األمر بالتفكر الذي وكلمة مث للترذكره فيما سبق وال جيوز محلها على املهلة بناء على أن ذلك األمر يعرف بالعقل فإنه باطل عند املصنف

    بله كيوشع عليه السالم والرسول نيب معه كتاب والنيب غري الرسول من ال كتاب معه بل أمر مبتابعة شرع م ن قمثال مصدقا هلم لألنبياء والرسل باملعجزات الظاهرة واآليات الباهرة فإن ما يصدق اهللا به أنبياءه يف دعوى

    النبوة يسمى معجزة إلعجازه الناس عن اإلتيان مبثله وآية أيضا لكونه عالمة دالة على تصديقه إياهم والباهرة ء حىت غلب ضوءه ضوء الكواكب ليدعوهم بتسكني الواو إىل تنزيهه عن النقائص الغالبة من هبر القمر إذا أضا

    وتوحيده عن الشركاء وخص التوحيد بالذكر مع اندراجه يف التنزيه ملزيد اهتمام بشأنه ويأمروهم مبعرفته مبعرفة للمبعوث إليهم يف وجوده وتعظيمه بإثبات الكماالت الوصفية الذاتية ومتجيده بإثبات الكماالت الفعلية تكميال

    قوهتم النظرية ويبلغوا أحكامه املتعلقة بأفعاهلم إليهم تكميال هلم يف قوهتم العملية مبشرين ومنذرين بوعده بنعيمه

  • املقيم ووعيده بنار اجلحيم فأقام هبم على املكلفني احلجة وأوضح احملجة فانقطعت بذلك أعذارهم بالكلية قال على اهللا حجة بعد الرسل اهللا تعاىل لئال يكون للناس

    وأما من نشأ على شاهق جبل ومل تبلغه دعوة نيب أصال فإنه معذور عند اإلشاعرة يف ترك األعمال واإلميان أيضا مث ختمهم بأجلهم قدرا مرتبة وشرفا وأمتهم بدرا شرعا يهتدى به يف ظلمات اهلوى

    احلديث املشهور وأزكاهم مغرسا مكان غرس وأشرفهم نسبا فإن اهللا اصطفاه من أشرف القبائل كما نطق بهوأطيبهم منبتا موضع نبات وأكرمهم حمتدا مكان إقامة من حتد باملكان حيتد إذا أقام به واملراد هبذه الثالثة مكة

    شرفها اهللا فإن األماكن هلا مدخل يف زكاء األخالق وطهارهتا وطيب األوصاف ووسامتها وحسن األفعال لبالد عند املشركني الذين هم جنس قد طردوا عنها بقوله تعاىل فال يقربوا املسجد احلرام وكرامتها وهي أزكى ا

    به عامهم هذا بلد وأحبك إيل وأطيبها وأحبها إىل رسول اهللا لقوله عليه السالم ما أطيبك من

    وأكرمها عند اهللا لقوله عليه السالم إنك خلري أرض وأحب أرض اهللا إىل اهللا وأعدهلم ملة الدين وامللة يتحدان بالذات وخيتلفان باالعتبار فإن الشريعة من حيث أهنا تطاع وأقوامهم دينا

    تسمى دينا ومن حيث أهنا جيتمع عليها تسمى ملة وإمنا كان شرعه أقوم وأعدل خللوه عن اآلصار والتكاليف الشاقة اليت كانت على اليهود من وجوب قطع موضع النجاسة وحرمة البيتوتة

    احلائض يف بيت واحد وتعني القود وعن التخفيف املفرط املفوت حملاسن اآلداب الذي كان يف دين النصارى مع من خمامرة النجاسات ومباضعة احليض وتعني العفو يف القصاص إىل غري ذلك وأوسطهم أمة األوسط كالوسط مبعىن األفضل وكذلك جعلناكم أمة وسطا

    أول بيت وضع للناس مباركا وأسد ما استقبل إليه وأشدهم عصمة فإن وأسدهم أصوهبم قبلة فإن الكعبة األنبياء معصومون وكان عليه الصالة و السالم أشدهم وأقواهم يف العصمة ألن اهللا تعاىل أعانه على قرينه من

    اجلن فلم يأمره إال خبري نه خص بالرعب مسرية شهر وأكثرهم حكمة علمية وعملية كما تشهد به سريته ملن تتبعها وأعزهم نصرة فإ

    قال تعاىل وينصرك اهللا نصرا عزيزا بالغا يف العز والغلبة سيد البشر كما اشتهر يف اخلرب

    املبعوث إىل األسود واألمحر إىل العرب والعجم وقيل إىل األنس واجلن حشر حيشر وحيشر الشفيع املشفع املقبول الشفاعة يقال شفعته أي قبلت شفاعته يوم احملشر بكسر الشني من

    حبيب اهللا قل إن كنتم حتبون اهللا فاتبعوين حيببكم اهللا

    أيب القاسم حممد بن عبد اهللا بن عبد املطلب بن هاشم كين عليه السالم بأيب القاسم إما ألن القاسم أكرب أوالده سمة وإما ألنه يقسم للناس حظوظهم يف دينهم ودنياهم وذكر األب حينئذ مبالغة يف مباشرة الق

    وأنزل معه عطف على ختمهم وأشار إىل أظهر معجزاته الدالة على نبوته فإن الباقي على وجه كل زمان والدائر

  • على كل لسان بكل مكان كتابا عربيا مبينا أي ظاهرا إعجازه أو مظهرا لألحكام من أبان مبعىن ظهر أو أظهر ينا مأخوذ من قوله تعاىل اليوم أكملت لكم دينكم فأكمل لعباده دينهم وأمت عليهم نعمته ورضي هلم اإلسالم د

    اآلية كتابا بدل من كتابا عربيا

    كرميا مرضيا جامعا ملنافع ال تستقصى وقرآنا مقروءا قدميا ألن كالمه تعاىل من صفاته احلقيقية اليت ال جمال للحدوث فيها ذا غايات هي أواخر السور

    ب ويروى يف الصدور مقروءا باأللسن مكتوبا يف املصاحف وصف ومواقف هي فواصل اآليات حمفوظا يف القلوالقرآن بالقدم مث صرح مبا يدل على أن هذه العبارات املنظومة كما هو مذهب السلف حيث قالوا إن احلفظ والقراءة والكتابة حادثة لكن متعلقها أعين احملفوظ واملقروء واملكتوب قدمي وما يتوهم من أن ترتب الكلمات

    وف وعروض االنتهاء والوقوف مما يدل على احلدوث فباطل ألن ذلك لقصور يف آالت القراءة وأما ما واحلراشتهر عن الشيخ أيب احلسن األشعري من أن القدمي معىن قائم بذاته تعاىل قد عرب عنه هبذه العبارات احلادثة فقد

    ا يقوم بغريه وسيزداد ذلك وضوحا قيل إنه غلط من الناقل منشأة اشتراك لفظ املعىن بني ما يقابل الل فظ وبني م فيما بعد إن شاء اهللا تعاىل

    ال يأتيه الباطل من بني يديه وال من خلفه ال جيد إليه الباطل سبيال من جهة من اجلهات إال أنه خص هاتني كمه بعد زمانه اجلهتني ألن من يأيت شيئا يأتيه غالبا من قدامه أو من خلفه وال يتطرق إليه نسخ أي ال ينتهي ح

    عليه السالم وذلك النقطاع الوحي وتقرر أحكامه إىل يوم القيامة وال حتريف يف أصله بأن تبدل كلماته عن مواضعها كما فعلت اليهود بكلم التوراة أو وصفه بأن يغري مثال

    ى من جارية إعرابه أو تشديده كما غريت النصارى تشديد ما أنزل إليهم يف اإلجنيل من قوله ولد اهللا عيس عذراء أي جعله متولدا منها وإمنا مل يتطرق إىل القرآن حتريف أصال لقوله تعاىل وإنا له حلافظون

    وملا توفاه إشارة إىل مباحث اإلمامة فإهنا وإن كانت من فروع الدين إال أهنا أحلقت بأصوله دفعا خلرافات أهل ال يفضي بالقاصرين إىل سوء اعتقاد فيهم وفق أصحابه البدع واألهواء وصوتا لألئمة املهديني عن مطاعنهم كي

    لنصب أكرمهم وأتقاهم يعين أبا بكر رضي اهللا عنه إذ قد نزل فيه وسيجنبها األتقى وقد علم أن أكرمهم عند اهللا أتقاهم وأشار إىل أن انعقاد إمامته كان بالبيعة واإلمجاع أحقهم خبالفته وأوالهم

    ة له يف إمامة الصالة حال حياته فأبرم قواعد الدين أحكمها ومهد بسطها ووطأها فإنه عليه السالم جعله خليف من ذلك تصلبه يف دفع مانعي الزكاة معللني بأن صالته عليه السالم

    كانت سكنا هلم دون صالته ورفع مبانيه وشيد يقال شيد البناء طوله وأقام األود ورتق الفتق األود االعوجاج الشق ومل الشعث يقال مل اهللا شعثه أي أصلح ومجع ما تفرق من أموره وسد الثلمة اخللل والرتق ضد الفتق وهو

    وقام قيام األبد بأمر دينهم ودنياهم األيد بوزن السيد هو القوي وجلب املصاحل جذهبا ودرأ املفاسد دفعها بعده من اخللفاء الراشدين ألوالهم وأخراهم وكفاه يف دفع املفاسد أن قتل مسيلمة الكذاب يف خالفته وتبع من

    سريته واقتفى اتبع أثره هو بتحريك الثاء ما بقي من رسم الشيء والتزم وتريته طريقته فجربوا فقهروا عتاة اجلبابرة مها مجع العايت وهو املتجاوز احلد ومجع اجلبار وهو الذي يقتل على الغضب وقسروا أعناق األكاسرة

  • خسرو وهو لقب ملوك الفرس حىت أضاءت بدينه االفاق وأشرقت مجع كسرى بفتح الكاف وكسرها معرب اآلفاق بذلك كل اإلشراق وزينوا املغارب واملشارق باملعارف بالعلوم واالعتقادات احلقة وحماسن األفعال

    املرضية ومكارم األخالق الزكية وطهروا من التطهري الظواهر من الفسوق من اخلروج عن الطاعة والبطالة وهي الكسالة املؤدية إىل إمهال املهمات والبواطن من الزيغ وهو امليل إىل العقائد الزائفة الباطلة بكسر الباء

    واجلهالة واحلرية وهي التردد بني احلق والباطل والضاللة وهي سلوك ما ال يوصل إىل املطلوب صلى اهللا عليه وإفنائه وتضاهي تشابه حسن غنائه نفعه صالة تكافئ متاثل سابق بالئه سابق مشقته وعنائه يف إزهاق الباطل

    وكفايته يف إظهار احلق

    وإعالئه ما طلع جنم وهوى وعلى آله جنوم اهلدى ومصابيح الدجى يهتدى هبم يف مسالك األفكار ومنازل األعمال وعلى مجيع أصحابه ممن هاجر إليه من أوطانه أو نصر وآوى يف مكانه وسلم عليه وعلى آله وأصحابه

    كثريا وبعد شرع يبني الباعث على تأليف الكتاب فإن كمال كل نوع يعين أن كماله بعد حتصله تسليما وتكمله نوعا مبنوعه املسمى كماال أول على اإلطالق إمنا هو حبصول صفاته اخلاصة به وصدور آثاره املقصودة

    منه ويسمى هذا الكمال كماال ثانيا ئمة به غري صادرة عنه كالعلم لإلنسان مثال والثاين آثار صادرة وأشار إىل أنه قسمان أحدمها صفات ختصه قا

    عنه مقصودة منه خبصوصه فتختص به أيضا كالكتابة الصادرة عنه وكاملضاء للسيف وحبسب زيادة ذلك املذكور أعين الكمال الثاين ونقصانه بفضل بعض أفراده أي أفراد ذلك النوع بعضا إىل أن يعد أحدهم بألف

    إىل اجملد حىت عد ألف بواحد ... ال الرجال تفاوتت ومل أر أمث بل يعد أحدهم مساء واآلخر أرضا

    وأنت من فوقهم مساء ... الناس أرض بكل أرض وأما تفاضل األنواع فيما بينها فبحسب تفاضل منوعاهتا املستتبعة خلواصها وآثارها املقصودة منها كما أشار إليه

    جسام يف احلصول يف احليز يف املكان والفضاء اخلايل عن املتحيز وللنباتات يف بقوله واإلنسان مشارك لسائر األ اإلغتداء والنشوء والنماء وللحيوانات العجم يف حياته بأنفاسه وحركته باإلدارة وإحساسه

    وهذه األمور املشتركة بينه وبني غريه ليست كماال له من حيث أنه إنسان بل إمنا هي للجسم مطلقا أو للجسمالنامي أو للحيوان وإمنا يتميز اإلنسان عن هذه األمور املشاركة فيما ذكر مبا أعطي من القوة النطقية اليت هي

    كماله األول املنوع إياه وما يتبعها من الكماالت الثانية اليت

    صلة له هبا تتفاضل أفراده بعضها عن بعض من العقل أي استعداده إلدراك املعقوالت والعلوم الضرورية احلاباستعمال احلواس وإدراك احملسوسات والتنبه ملا بينها من املشاركات واملباينات وأهليته للنظر واالستدالل

    وترقيه بذلك يف درجات الكمال وعلمه مبا أمكن واستحال فإذا كماله األشرف األعلى إمنا هو بتعقل سنة التابعة لألعمال الصاحلة كماال له معتدا املعقوالت األوىل واكتساب اجملهوالت منها وإن كانت األخالق احل

    به أيضا لكن الكماالت العلمية أرفع وأسىن إذ ال كمال له كمعرفته تعاىل والعلوم متشعبة متكثرة واإلحاطة جبملتها متعسرة أو متعذرة فلذلك أي فلتعسر اإلحاطة بل لتعذرها افترق أهل

    ي ما بينهم زبرا هو بفتح الباء مجع زبرة وهي القطعة من احلديد العلم زمرا فرقا وتقطعوا أي تقسموا أمرهم ف

  • وحنوها وبضمها مجع زبور مبعىن الكتاب أي اختذوا أمر العلم وطلبهم إياه فيما بينهم قطعا خمتلفة أو كتبا متفاوتة دائرا أمرهم فيه بني منقول متخالف األصناف ومعقول متابني األطراف وفروع متدانية اجلنوب وأصول

    تشابكة العروق وتفاوت عطف على افترق حاهلم يف اقتناء العلوم وتفاضل رجاهلم يف الترقي إىل مراتبها إىل أن م قال ابن عباس

    رضي اهللا عنهما يف درجاهتم إهنا مخسمائة درجة ما بني الدرجتني من تلك الدرج مسرية مخسمائة عام واملراد تصوير الكثرة ال احلصر يف هذه العدة

    عض أكابر األئمة وأحبار األمة احلرب بالكسر والفتح العامل الذي حيرب الكالم ويزينه يف بيان معىن اخلرب وقال ب املشهور واحلديث املأثور املروي من أثرت احلديث إذا ذكرته عن غريك

    م اختالف أميت رمحة عطف بيان للخرب وقوله يعين أي يريد الرسول باختالف أمته اختالف مهمهم يف العلومقول ذلك البعض وما بعده تفصيل لذلك االختالف أعين قوله فهمة واحد يف الفقه لضبط األحكام املتعلقة

    باألفعال ومهة آخر يف الكالم حلفظ العقائد فينتظم هبما أمر املعاد وقانون العدل املقيم للنوع كما اختلفت مهم ة فيتم النظام يف املعاش املعني لذلك االنتظام أصحاب احلرب والصناعات ليقوم كل واحد منهم حبرفة أو صناع

    ذكر من تعذر وهذا االختالف أيضا رمحة كما ال خيفى لكنه مذكور ههنا تبعا ونظريا وإذا كان األمر على ما اإلحاطة جبملة العلوم فإذا الواجب على العاقل االشتغال باألهم وما الفائدة فيه أمت هذا كما ذكر وإن أرفع

    ومنقبة وأعالها فضيلة ودرجة وأنفعها فائدة وأجداها عائدة وأحراها أي أجدرها بعقد اهلمة هبا العلوم مرتبةوإلقاء الشراشر عليها يقال ألقى شراشره أي نفسه بالكلية حرصا وحمبة وهي يف األصل مبعىن األثقال مجع

    م املتكفل بإثبات الصانع شرشرة وإدآب النفس إتعاهبا فيها وتعويدها هبا وصرف الزمان إليها علم الكال وتوحيده يف األلوهية وتنزيهه عن مشاهبة األجسام ترك األعراض إذ ال يتوهم مشاهبته إياها واتصافه بصفات

    اجلالل واإلكرام أي بصفات العظمة واإلحسان إىل املخلصني من عباده أو بالصفات السلبية والثبوتية أو القهر س اإلسالم بل ال مرتبة أشرف منها بعد األلوهية وعليه مبىن الشرائع واللطف وإثبات النبوة اليت هي أسا

    واألحكام أي وعلى علم الكالم بناء العلوم الشرعية واألحكام الفقهية إذ لوال ثبوت الصانع بصفاته مل يتصور إىل درجة علم التفسري واحلديث وال علم الفقه وأصوله وبه يترقى يف اإلميان باليوم اآلخر من درجة التقليد

    اإليقان وذلك اإليقان هو السبب للهدى والنجاح يف الدنيا والفوز والفالح يف العقىب فوجب أن يعتىن هبذا العلم كل االعتناء وأنه يف زماننا هذا قد اختذ ظهريا أي أمرا منسيا قد ألقي وراء الظهر وصار طلبه عند

    ا مل يبق منه من علم الكالم بني الناس إال قليل ومطمح نظر األكثرين شيئا فريا بديعا عجيبا وقيل مصنوعا خمتلف من يشتغل به على الندرة

    قال وقيل مها فعالن واملعىن أن منتهى ما يرتفع إليه نظر من يشتغل به نادرا هو النقل عن شخص معني أو لب التدقيق جمهول من غري التفات إىل دراية واستبصار يف رواية فوجب علينا أن نرغب طلبة زماننا يف ط

    ا وقع إيل من الكتب املصنفة يف هذا الفن فلم أر ونسلك هبم يف ذلك العلم مسالك التحقيق وإين قد طالعت مفيها ما فيه شفاء لعليل بأمراض األهواء يف اآلراء أو رواء أي ري أو إرواء لغليل حلرارة العطش بفقدان

  • اء باملد وفتح الراء هو املاء العذب وبكسرها مجع ريان املطالب االعتقادية والشوق إليها ويف الصحاح أن الرو وبضمها املنظر احلسن سيما حذف منه كلمة

    ال لكثرة االستعمال واجلملة احلالية أعين قوله واهلمم قاصرة مؤولة بالظرف نظرا إىل قرب احلال من ظرف يقتضيه اللفظ بظاهره أي انتفى الزمان فصح وقوعها صلة ملا وهذا من قبيل امليل إىل املعىن واإلعراض عما

    حصول الشفاء واإلرواء عن تلك الكتب يف كل زمان ال مثل انتفائه يف زمان قصور اهلمم فإن هذا االنتفاء ا أمجله من حال تلك أقوى والرغبات يف تعلمه فاترة والدواعي إليه قليلة والصوارف عنه متكاثرة مث أنه بني م

    عن إفادة املرام باختصارها املخل ومطوالهتا مع اإلسام مبا فيها من اإلسهاب الكتب بقوله فمختصراهتا قاصرة اململ مدهشة لألفهام يف الوصول إىل حقائق املسائل مث زاد يف ذلك البيان بذكر أحوال املصنفني يف تصانيفهم

    ولكنه قنع من الكالمية فقال فمنهم من كشف عن مقاصده أي مقاصد علم الكالم القناع بإزالة أستارها عنهادالئله باإلقناع مبا يفيد الظن ويقنع ومنهم من سلك املسلك السديد يف الدالئل لكن يلحظ املقاصد ينظر إليهاا مبؤخرة عينه من مكان بعيد فلم يكشفها ومل حيررها ومنهم من غرضه نقل املذاهب اليت ذهبت إليها طوائف من

    ا على نقل يف وجوه االستدالل الناس واستقروا عليها واألقوال اليت صدرت ع بله والتصرف بالرفع عطف من قوتكثري السؤال واجلواب وال يبايل إالم املآل إىل أي شيء مرجع نقله وتصرفه وتكثريه هل يترتب عليها مثرة أو

    يزداد هبا حرية ومنهم من يلفق جيمع ويضم مغالط شبها يغلط فيها لترويج رأيه وال يدري أن النقاد من ورائه فيزيفها ويفضحها ومنهم من ينظر يف مقدمة مقدمة وخيتار منها من املقدمات اليت نظر فيها ما يؤدي إليه بادئ

    رأيه أي أوله بال إمعان وتأمل ويبين عليها مطالبه ورمبا يكر يرجع وحيمل بعضها بعض تلك املقدمات على بعض باإلبطال ويتطرق إىل املقاصد بسبب

    حجم الكتاب بالبسط يف العبارة والتكرار يف املعىن ليظن به أنه حبر زخار كثري املاء االختالل ومنهم من يكربمواج من زخر البحر امتد وارتفع ومنهم من هو كحاطب ليل كمن جيمع احلطب يف الليل فال مييز بني الرطب

    لفرسان يعين واليابس والضار والنافع وجالب رجل وخيل الرجل مجع الراجل وهو خالف الفارس واخليل اكجالب العسكر بأسره ضعيفة وقوية مث أشار إىل وجه الشبه يف جانب املشبه يف كال التشبيهني بقوله جيمع ما ا جيده من كالم القوم ينقله نقال وال يستعمل عقال ليعرف أغث ما أخذه أم مثني وسخيف أي رقيق ركيك م

    ا له على تأليف الكتاب كما أشار إليه بقوله فحداين ألفاه ما وجده أم متني أي قوي فصار مجيع ما ذكره باعثساقين وبعثين احلدب العطف والشفقة على أهل الطلب هلذا العلم ومن له يف حتقيق احلق فيه إرب حاجة إىل أن كتبت هذا إشارة إىل كتابه كتابا مقتصدا متوسطا ال مطوال ممال بتطويله وال خمتصرا خمال بإجيازه أودعته أوردت

    لب األلباب خالصة العقول وميزت فيه القشر من اللباب ومل آل أي مل أترك جهدا سعيا وطاقة يف حترير فيه املطالب الكالمية وتقرير املذاهب االعتقادية وتركت احلجج تتبختر تتمايل يف مشيها كاملتدلل جبماله اتضاحا

    ه وانكشفت سوآته ونبهت يف النقد مفعول له والشبه تتضاءل تتصاغر وتتحاقر افتضاحا كالذي ظهرت قبائحوالتزييف للدالئل واهلدم والترصيف أي اإلحكام للمقاصد على نكت هي ينابيع التحقيق وفقر هتدي إىل مظان

    التدقيق النكتة طائفة من الكالم منقحة مشتملة على لطيفة مؤثرة يف القلوب والينبوع عني املاء والفقرة جود بيت يف القصيدة تشبيها له هبا وعلى قرينة االسجاع أيضا وأنا أنظر بالسكون فقارة الظهر وتطلق على أ

  • من املوارد مواضع الورود مجع مورد من ورد املاء إىل املصادر مواضع الرجوع من صدر إذا رجع وأتأمل يف املخارج قبل أن أضع قدمي يف املداخل مث

    من قصور فأزيله وأمته وأرجع البصر كرة بعد أرجع القهقري أي الرجوع إىل خلف أتأمل فيما قدمت هل فيه شق فأسده وأصلحه حافظا حال من فاعل كتبت وما يف حيزه من أودعته وما أخرى هل أرى من فطور أي

    عطف عليه أي فعلت كل ذلك حافظا لألوضاع اليت ينبغي أن حيافظ عليها رامزا مشريا بإجياز العبارة مشبعا اإلشباع ولقد بالغ يف حترير كتابه ونصح طالبيه حىت جاء متعلق بتلك األفعال موضحا بأطناهبا يف مقام الرمز و

    املذكورة كما أردت ووفق اهللا وسدد يف إمتام ما قصدت مث بني جميئه على وفق إرادته بقوله جاء كالما ال عوج متعانقا سوابقه فيه وال إرتياب وال جللجة أي وال تردد وال اضطراب متناسبا صدوره أوائله وروادفه أواخره

    ولو احقه وقوله بكرا بدل من كالما من أبكار اجلنان مل يطمثها مل ميسها من قبل إنس وال جان وكنت برهة من الزمان

    مدة طويلة منه أجيل رأيي أديره وأردد قدامي كما يفعله الياسر حال تفكره يف امليسر وأؤامر نفسي من املؤامرة اورين يأمر صاحبه مبا يراه وأشاور ذوي النهى مجع هنية وهي العقل ألنه ينهى وهي املشاورة ألن كال من املتش

    عن الفحشاء من أصدقائي مع تعدد خاطبيها من اخلطبة والضمري للبكر ومن مجلة خاطبيها سلطان اهلند حممد العروس إىل شاه جونه وكثرة الراغبني فيها وقوله يف كفء متعلق بأجيل وما عطف عليها أزفها إليه يقال زففت

    زوجها أزف بالضم زفا وزفافا يعرف قدرها ويغلي مهرها يكثره موفق من عند اهللا له مواقف مجع موقف من الوقوف مبعىن

    اللبث يعز الدين فيها بالسيف والسنان وهو متطلع ناظر مستشرف إىل مواقف مجع موقف من الوقوف مبعىن ا باحلجة والربهان وال بد لذلك اإلعزاز من النصرة فإن السيف الدراية وفيه إشارة إىل اسم الكتاب ينصره فيه

    القاضب القاطع إذا مل متض احلجة حده كما قيل خمراق العب وهو منديل يلف ليضرب به عند التالعب حىت وقع غاية إلجالة الرأي وما عطف عليها االختيار على من ال يوازن من وازنت بني الشيئني إذا وزنت أحدمها

    لتعرف أيهما األرجح وال يوازى ال حياذى وال يقابل بأحد وهو غين عن أن يباهي غريه ويفاخره وأجل باآلخر من أن يباهي يوفاخر واملعىن أنه أجل من متعلق املباهاة أي مما ميكن أن تتعلق به فال يتصور أن يفاخره أحد أصال

    ن النسبة يف أعظم وأعالهم منزال ومكانا وهو أعظم من ملك البالد وساس أي حفظ وضبط العباد شأنا متييز عوأنداهم راحة وبنانا يقا الفالن ندي الكف إذا كان سخيا وأشجعهم جأشا هو باهلمزة رواع القلب إذا

    اضطرب وفالن رابط اجلأش أي يربط نفسه عن الفرار بشجاعته وجنانا وأقواهم دينا وإميانا وأروعهم سيفا ته ففزع وأبسطهم ملكا وسلطانا وأمشلهم عدال وإحسانا وأعزهم أنصارا وسنانا يقال رعته فارتاع أي أفزع

    وأعوانا وأمجعهم للفضائل النفسية اليت أصوهلا ثالثة احلكمة والعفة والشجاعة وأوالهم بالرياسة األنسية من م شيد رفع وأحكم قواعد الدين بعد أن كادت تنهدم واستبقى حشاشة الكرم بقية روحه حني أرادت أن تنعد

    ورفع رايات املعايل أوان زمان ناهزت قاربت االنتكاس االنقالب على رؤوسها وجدد مكارم الشريعة الفضائل اليت دعي إليها يف الشرع ولو أبدل لفظ املكارم باملعامل لكان أقعد وقد آذنت أعلمت باالندراس باالمنحاء حمرز

  • ق ال زالت األفالك متابعة هلواه واألقدار متحرية ممالك األكاسرة واالستحقاق مجال الدنيا والدين أبو إسحا لرضاه هذا دعاء قد

    يف عباراهتم لكن االحتراز عن أمثاله أوىل إذ فيه مبالغة غري مرضية وإىل اهللا أبتهل أتضرع بأطلق لسان وأرق دمي أيام جنان أي برغبة وافرة توجب طالقة اللسان ورقة قلب تامة يلزمها اإلخالص املستدعي لإلجابة أن ي

    دولته وميتعه مبا خوله أعطاه وملكه دهرا طويال ويوفقه ألن يكتسب به مبا خوله ذكرا مجيال يف هذه الدار وأجرا جزيال يف دار القرار إنه على ذلك قدير وباإلجابة جدير والكتاب مرتب على ستة مواقف وذلك ألن ما يذكر

    األول يف املقدمات أو ال جيب وحينئذ إما أن يبحث فيه عما فيه إما أن جيب تقدميه يف علم الكالم وهو املوقف ال خيتص بواحد من األقسام الثالثة للموجود وهو املوقف الثاين يف األمور العامة أو عما خيتص فإما باملمكن ع الذي ال يقوم بنفسه بل بغريه وهو املوقف الثالث يف األعراض أو باملمكن الذي يقوم بنفسه وهو املوقف الراب

    يف اجلواهر وإما بالواجب تعاىل فإما باعتبار إرساله الرسل وبعثه األنبياء وهو املوقف السادس يف السمعيات أو ال باعتباره وهو املوقف اخلامس يف اإلهليات والوجه يف التقدمي والتأخري أن املقدمات جيب تقدميها على الكل

    فة على اإلهليات املتوقفة على مباحث املمكنات وأما تقدمي واألمور العامة كاملبادئ ملا عداها والسمعيات متوق العرض على اجلوهر فألنه قد يستدل بأحوال األعراض على أحوال اجلواهر كما

    يستدل بأحوال احلركة والسكون على حدوث األجسام وبقطع املسافة املتناهية يف زمان متناه على عدم تركبها ومنهم من قدم مباحث اجلوهر نظرا إىل أن وجود العرض متوقف على من اجلواهر األفراد اليت ال تتناهى

    وجوده

    املوقف

    األول يف املقدمات وفيه مراصد ١ -

    املرصد األول فيما جيب تقدميه يف كل علم

    ٣ -

    املرصد الثاين يف تريف مطلق العلم

    املرصد الثالث يف أقسام العلم - ٣٤ -

    لضروريةاملرصد الرابع يف إثبات العلوم ا

  • ٥ -

    املرصد اخلامس يف النظر إذ به حيصل املطلوب

    املرصد السادس يف الطريق وهو املوصل إىل املقصود - ٦

    املرصد األول فيما جيب تقدميه يف كل علم وفيه مقاصد

    املقصد األول تعريفه

    املنت الم علم يقتدر معه على ليكون طالبه على بصرية فإنه من ركب منت عمياء أوشك أن خيبط خبط عشواء والك

    إثبات العقائد الدينية بإيراد احلجج ودفع الشبهة واملراد بالعقائد ما يقصد به نفس االعتقاد دون العمل وبالدينية املنسوبة إىل دين حممد فإن اخلصم وإن خطأناه ال خنرجه من علماء الكالم

    الشرح كما ستعرفه ومل يرد بوجوب التقدمي أنه ال بد منه عقال بل وأما املراصد الباقية ففيما جيب تقدميه يف هذا العلم

    أريد الوجوب العريف الذي مرجعه اعتبار األوىل واألحق يف طرق التعليم وفيه مقاصد ستة أيضا طلبه األول تعريفه أي تعريف العلم الذي يطلب حتصيله وإمنا وجب تقدمي تعريفه ليكون طالبه على بصرية يف

    بتعريفه سواء كان حدا ملفهوم امسه أو رمسا له فقد أحاط جبميعه إحاطة إمجالية باعتبار أمر شامل فإنه إذا تصوره له يضبطه ومييزه عما عداه خبالف ما إذا تصوره بغريه فإنه وإن فرض أنه يكفيه يف طلبه لكنه ال يفيده بصرية

    فيه فإن من ركب منت عمياء وهي العماية مبعىن

    خبط عشواء وهي الناقة اليت ال تبصر قدامها فهي ختبط بيديها كل شيء ويقال فالن الباطل أوشك أن خيبط ركب العشواء إذا خبط أمره على غري بصرية والكالم علم بأمور يقتدر معه أي حيصل مع ذلك العلم حصوال

    ليها ودفع الشبه عنها دائميا عاديا قدرة تامة على إثبات العقائد الدينية على الغري وإلزامه إياها بإيراد احلجج ع فاألول إشارة إىل املقتضى والثاين إىل انتفاء املانع وههنا أحباث

    األول أنه أراد بالعلم معناه األعم أو التصديق مطلقا ليتناول إدراك املخطئ يف العقائد ودالئلها على ما صرح به لى املصاحبة الدائمة فينطبق التعريف على العلم الثاين أنه نبه بصيغة االقتدار على القدرة التامة وبإطالق املعية ع

    جبميع العقائد مع ما يتوقف عليه إثباهتا من األدلة ورد الشبه ألن تلك القدرة على ذلك اإلثبات إمنا تصاحب دائما هذا العلم دون العلم بالقوانني اليت يستفاد منها صور الدالئل فقط ودون علم اجلدل الذي يتوسل به إىل

    ضع يراد إذ ليس فيه اقتدار تام على ذلك وإن سلم فال اختصاص له بإثبات هذه العقائد واملتبادر حفظ أي ومن هذا احلد ما له نوع اختصاص به ودون علم النحو اجملامع لعلم الكالم مثال إذ ليس يترتب عليه تلك القدرة

    دائما على مجيع التقادير بل ال مدخل له يف ذلك الترتب العادي أصال

  • لثالث أنه اختار يقتدر على يثبت ألن اإلثبات بالفعل غري الزم واختار معه على به مع شيوع استعماله تنبيها ا على انتفاء السببية احلقيقية

    املتبادرة من الباء ههنا واختار إثبات العقائد على حتصيلها إشعارا بأن مثرة الكالم إثباهتا على الغري وأن العقائد لشرع ليعتد هبا وإن كانت مما يستقل العقل فيه وال جيوز محل اإلثبات ههنا على التحصيل جيب أن تؤخذ من ا

    واالكتساب إذ يلزم منه أن يكون العلم بالعقائد خارجا عن علم الكالم مثرة له وال شك يف بطالنه لها على السببية العادية الرابع أن املتبادر من الباء يف قوله بإيراد هو االستعانة دون السببية ولئن سلم وجب عم

    دون احلقيقية بقرينة ذلك التنبيه السابق وليس املراد باحلجج والشبه ما هي كذلك يف نفس األمر بل حبسب زعم من تصدى لإلثبات بناء على قصد املخطئ ومل يرد بالغري الذي يثبت عليه العقائد غريا معينا حىت يرد أهنا

    على إثباهتا قطعا فيخرج احملدود عن احلد إذا أثبتت عليه مرة مل يبق اقتدار اخلامس أن هذا التعريف إمنا هو لعلم الكالم كما قررناه ال ملعلومه وإن أمكن تطبيقه عليه بنوع تكلف فيقال

    علم أي معلوم يقتدر معه أي مع العلم به اخل واملراد بالعقائد ما يقصد به نفس االعتقاد دون العمل فإن ن الشرع قسمان األحكام املأخودة م

    أحدمها ما يقصد به نفس االعتقاد كقولنا اهللا تعاىل عامل قادر مسيع بصري وهذه تسمى إعتقادية وأصلية وعقائد وقد دون علم الكالم حلفظها

    والثاين ما يقصد به العمل كقولنا الوتر واجب والزكاة فريضة وهذه تسمى عملية وفرعية وأحكاما ظاهرية وقد هلا وإهنا دون علم الفقه

    ال تكاد تنحصر يف عدد بل تتزايد بتعاقب احلوادث الفعلية فال يتأتى أن حياط هبا كلها وإمنا مبلغ من يعلمها هو التهيؤ التام هلا أعين أن يكون عنده ما يكفيه يف استعالمها إذا رجع إليه وإن استدعى زمانا خبالف العقائد فإهنا

    تتعذر اإلحاطة هبا واالقتدار على إثباهتا وإمنا تتكثر وجوه استدالالهتا وطرق مضبوطة ال تزايد فيها أنفسها فال دفع شبهاهتا وبالدينية املنسوبة إىل دين حممد صوابا كانت أو خطأ فإن اخلصم كاملعتزلة مثال وإن خطأناه يف

    معه على إثبات عقائده اعتقاده وما يتمسك به يف إثباته ال خنرجه من علماء الكالم وال خيرج علمه الذي يقتدر الباطلة من علم الكالم

    املقصد الثاين موضوعه

    موضوع العلم الذي يراد حتصيله وإمنا وجب تقدمي موضوعه أي التصديق مبوضوعيته ليمتاز العلم املطلوب عند ة يف قوهتا الطالب مزيد امتياز إذ به أي باملوضوع تتمايز العلوم يف أنفسها وبيان ذلك أن كمال النفس اإلنساني

    اإلدراكية إمنا هو مبعرفة حقائق األشياء وأحواهلا بقدر الطاقة البشرية وملا كانت تلك احلقائق وأحواهلا متكثرة متنوعة وكانت معرفتها خمتلطة منتشرة متعسرة وغري مستحسنة اقتضى حسن التعليم وتسهيله أن جتعل

    ألعراض الذاتية املتعلقة بشيء واحد إما مطلقا أو مضبوطة متمايزة فتصدى لذلك األوائل فسموا األحوال وامن جهة واحدة أو بأشياء متناسبة تناسبا معتدا به سواء كان يف ذايت أو عرضي علما واحدا ودونوه على حدة

  • ومسوا ذلك الشيء أو تلك األشياء موضوعا لذلك العلم ألن موضوعات مسائله راجعة إليه فصارت عندهم كل طائفة من األحوال

    متشاركة يف موضوع علما منفردا ممتازا يف نفسه عن طائفة أخرى متشاركة يف موضوع آخر فجاءت علومهم متمايزة يف أنفسها مبوضوعاهتا وسلكت األواخر أيضا هذه الطريقة يف علومهم وهو أمر استحساين إذ ال مانع

    سائل كثرية غري متشاركة يف موضوع عقال من أن تعد كل مسألة علما برأسه وتفرد بالتعليم وال من أن تعد مواحد سواء كانت متناسبة من وجه آخر أو ال علما واحدا وتفرد بالتدوين واعلم أن االمتياز احلاصل للطالب

    باملوضوع إمنا هو للمعلومات باألصالة وللعلوم بالتبع واحلاصل بالتعريف على عكس ذلك إن كان تعريفا للعلم فالفرق أنه قد ال يالحظ املوضوع يف التعريف كما يف تعريف الكالم أن جعل وأما إن كان تعريفا للمعلوم

    تعريفا املعلومه وهو أي موضوع الكالم املعلوم من حيث يتعلق به إثبات العقائد الدينية تعلقا قريبا أو بعيدا وصحة اإلعادة وذلك ألن مسائل هذا العلم إما عقائد دينية كإثبات القدم والوحدة للصانع وإثبات احلدوث

    لألجسام وإما قضايا تتوقف عليها تلك العقائد كتركب األجسام من اجلواهر الفردة وجواز اخلالء وكانتفاء احلال وعدم متايز املعدومات احملتاج إليهما يف اعتقاد كون صفاته تعاىل متعددة موجودة يف ذاته

    د واملعدوم واحلال فإن حكم على املعلوم مبا هو والشامل ملوضوعات هذه املسائل هو املعلوم املتناول للموجوا بعيدا العقائد الدينية تعلق به إثباهتا تعلقا قريبا وإن حكم عليه مبا هو وسيلة إليها تعلق به إثباهتا تعلق

    وللبعد مراتب متفاوتة وقد يقال املعلوم من هذه احليثية املذكورة يتناول حمموالت مسائله أيضا فاألوىل أن يقال ملعلوم من حيث يثبت له ما هو العقائد الدينية أو وسيلة إليها ال يقال إن أريد باملعلوم مفهومه فأكثر حمموالت ا

    املسائل أخص منه فال يكون عرضا ذاتيا له وإن أريد به ما صدق عليه من إفراده كان أعم منه فال يكون أيضا عرضا ذاتيا مبحوثا عنه

    كما حقق يف موضعه ألنا نقول قد حقق هناك أيضا أن العرض الذايت جيوز أن يكون مامل يقيد مبا جيعله مساويا لهأخص من معروضه نعم يتجه أن احليثية املذكورة ال مدخل هلا يف عروض القدرة للمعلوم مثال فال يكون عرضا

    ذاتيا له من تلك احليثية وإن كان حبث املتكلم عن قدرته تعاىل إلثبات عقيدة دينية و أي موضوع الكالم ذات اهللا تعاىل والقائل بذلك هو القاضي األرموي إذ يبحث فيه عن أعراضه وقيل ه

    الذاتية أعين عن صفاته الثبوتية والسلبية وعن أفعاله إما يف الدنيا كحدوث العامل أي إحداثه وإما يف اآلخرة ال كاحلشر لألجساد وعن أحكامه فيهما كبعث الرسول ونصب اإلمام يف الدنيا م ن حيث أهنما واجبان عليه أم

    والثواب والعقاب يف اآلخرة من حيث أهنما جيبان عليه أم ال وال بد يف هذه األربعة من اعتبار قيد الوجوب أوعدمه وإال لكانت من قبيل األفعال دون األحكام وفيه نظر من وجهني ذكرت من األعراض الذاتية لذاته تعاىل األول أنه قد يبحث فيه أي يف الكالم عن غريها أي عن غري ما

    كاجلواهر واألعراض أي أحواهلما ال من حيث هي مستندة إليه تعاىل حىت ميكن أن تدرج يف البحث عن أعراضه الذاتية وذلك مثل قوهلم اجلوهران ال يتداخالن واألعراض ال تنتقل ال يقال ذلك البحث إمنا يورد يف

    أنه من مسائله فال يلزم أن يكون راجعا إىل أحوال موضوعه ألنا نقول هذا العلم على سبيل املبدئية ال على

  • ليس ذلك البحث من األمور البينة بذاهتا حىت تكون من املبادئ املطلقة املستغنية بالكلية عن البيان فال بد من بيانه يف علم فإن بني يف هذا

    س كذلك كما عرفت وال شبهة يف جواز العلم فهو من مسائله فوجب أن يكون راجعا إىل أحوال موضوعه وليكون بعض مسائل علم مبدأ ملسائل أخرى منه إذا مل تتوقف األوىل على األخرى فتكون مسألة من جهة ومبدأ من جهة أخرى كما سيأيت أو يف علم أخر أي وإن بني يف علم آخر كان مثة علم أعلى منه أي من علم الكالم

    أن تبني مباديه يف علم أعلى غري شرعي وإال الحتاج رئيس العلوم الشرعية تبني فيه مباديه شرعي إذ ال جيوز على اإلطالق إىل علم أعلى غري شرعي وإنه أي ثبوت علم شرعي أعلى من علم الكالم باطل اتفاقا

    ولقائل أن يقول إن مبادئ العلم األعلى قد تبني وإن كان على قلة يف العلم األدىن فالالزم على ذلك التقديرثبوت علم شرعي تبني فيه مبادئ الكالم أو احتياجه يف مباديه إىل علم غري شرعي فإن سلم بطالن الثاين فقد ال

    يسلم بطالن األول إال أن يقال ليس لنا علم شرعي يبني فيه ما حنن بصدده راض الذاتية ملوضوعه الثاين أن موضوع العلم الا يبني فيه وجوده وذلك ألن املطلوب املبني يف العلم إثبات األع

    وال شك أنه متوقف على وجوده فال يكون وجوده عرضا ذاتيا مبينا فيه وإال لزم توقفه على نفسه واعترض ا إثباته فال حمذور فيه أصال وأجيب بأن عليه بأن إثبات العرض الذايت الذي هو غري الوجود متوقف عليه وأم

    يكون عرضا ذاتيا لشيء منها وأما الوجود اخلاص بواحد الوجود املطلق مشترك بني املوجودات بأسرها فالا ورمبا يقال ملا امتاز الوجود عما عداه من األعراض الذاتية منها فهو جزئي حقيقي ال حيمل على شيء قطع

    بتوقفها عليه مل يستحسنوا أن جيعل معها يف قرن فيطلب إثباته مع إثباهتا يف علم واحد فيلزم إذا كان

    م ذاته تعاىل إما كون إثبات الصانع بينا بذاته فال حيتاج إىل بيان أصال أو كونه مبينا يف علم أعلى موضوع الكالال فإن بيان وجود املوضوع إمنا جيوز يف األعلى الذي هو أعم موضوعا دون األدىن ألن سواء كان شرعيا أو

    األخص يثبت يف األعم بانقسامه إليه وإىل غريه دون العكس أعلى من الكالم باطالن أما بطالن األول فمما ال والقسمان يعين كون إثباته تعاىل بينا بذاته وكونه مبينا يف علم

    ينبغي أن يشك فيه وأما بطالن الثاين فقد خالف فيه األرموي حيث جوز أن يكون ذاته تعاىل مسلم اآلنية يف موجود املنقسم إىل الواجب وغريه وهو مردود الكالم مبينا يف العلم اإلهلي الباحث عن أحوال املوجود مبا هو

    بأن إثباته تعاىل هو املقصد األعلى يف علمنا هذا وأيضا كيف جيوز كون أعلى العلوم الشرعية أدىن من علم غري شرعي بل احتياجه إىل ما ليس علما شرعيا مع كونه أعلى منه مما يستنكر أيضا فإن قلت املعلوم الذي جعلته

    ذا حال آنيته قلت هي بينة بذاهتا غري حمتاجة إىل بيان كآنية املوجود الذي هو موضوع العلم موضوع الكالم مااإلهلي وال نعين بآنيتهما سوى محلهما على غريمها إجيابا فتدبر وقيل هو أي موضوع الكالم املوجود مبا هو

    موجود أي من حيث هو هو غري مقيد بشيء والقائل به طائفة منهم حجة اإلسالم وميتاز الكالم عن اإلهلي املشارك له يف أن موضوعه أيضا هو املوجود مطلقا باعتبار وهو أن البحث ههنا أي يف

    الكالم على قانون

  • اإلسالم خبالف البحث يف اإلهلي فإنه على قانون عقوهلم وافق اإلسالم أو خالفه وفيه أيضا كالقول األول نظر من وجهني

    يف الكالم عن أحوال املعدوم واحلال وعن أحوال أمور ال باعتبار أهنا موجودة يف األول أنه قد يبحث فيه أي اخلارج أي يبحث فيه عن أحوال ألمور ال تتوقف تلك األحوال على وجود تلك األمور يف اخلارج سواء كانت

    اللته كذا وينقسم موجودة فيه أم ال كالنظر والدليل فيقال مثال النظر الصحيح يفيد العلم أم ال والدليل وجه دال يعترب فيها وجود موضوعاهتا يف اخلارج وأما الوجود يف إىل كذا فإن هذه كلها مسائل كالمية كما ستعرفه الذهن فهم أي املتكلمون ال يقولون به حىت يقال النظر والدليل وكذا املعلوم اخلارجي واحلال من املوجودات

    وال شك أن أحواهلا إمنا تعرضها من حيث أهنا موجودة مطلقا فال الذهنية فيندرج حتت املوجود مبا هو موجود إشكال

    الثاين قانون اإلسالم ما هو احلق من هذه املسائل الكالمية إذ املسائل الباطلة خارجة عن قانون اإلسالم قطعا القدر أي بكون فإن زعم هذا القائل أن الكالم هو هذه املسائل احلقة فقط ورد عليه ما أشار إليه بقوله وهبذا

    املسائل حقة على قانون اإلسالم ال يتميز العلم أي علم الكالم عما ليس علم الكالم كيف وكل من صاحيب املسائل احلقة والباطلة يدعي ذلك أي كون مسائله حقة على قانون اإلسالم مع أن هذا الزعم منه باطل قطعا

    الكالم كما أشري إليه بقوله وإن كفر ذلك املخطىء ألن املخطىء من أرباب علم الكالم ومسائله من مسائل كاجملسمة املصرحني بكونه تعاىل جسما دون القائلني باتصافه بصفات األجسام املتسترين بالبلكفة أو بدع

    كاملعتزلة وقد جياب عنه بأن املراد بكون البحث على قانون اإلسالم أن تلك املسائل مأخوذة من الكتاب إليهما فيتناول الكل والسنة وما ينسب

    ولقائل أن يقول إن مل جتعل حيثية كون البحث على قانون اإلسالم قيدا للموضوع مل يتوقف متايز العلوم على متايز املوضوعات وهو باطل ملا مر وإن جعلت قيدا له اجته أن تلك احليثية ال مدخل هلا يف عروض احملموالت

    ا مر يف حيثية امل علوم ملوضوعاهتا على قياس م

    املقصد الثالث فائدته

    وإمنا وجب تقدمي فائدة العلم الذي يراد أن يشرع فيه دفعا للعبث فإن الطالب إن مل يعتقد فيه فائدة أصال مل يتصور منه الشروع فيه قطعا وذلك لظهوره مل يتعرض له وإن اعتقد فيه فائدة غري ما هي فائدته غري ما هي

    ا هو فائدته ورمبا مل تكن موافقة لغرضه فيعد سعيه فائدة أمكنه الشروع فيه إال أن ه ال يترتب عليه ما اعتقده بل ميف حتصيله عبثا عرفا وليزداد عطف على دفعا رغبة فيه إذا كان ذلك العلم مهما للطالب بسبب فائدته اليت

    كالم أمور عرفها فيوفيه حقه من اجلد واالجتهاد يف حتصيله حبسب تلك الفائدة وهي أي فائدة علم ال األول بالنظر إىل الشخص يف قوته النظرية وهو الترقي من حضيض التقليد إىل ذروة اإليقان

    يرفع اهللا الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات خص العلماء املوقنني بالذكر مع اندراجهم يف املؤمنني رفعا ملنزلتهم كأنه قال وخصوصا هؤالء األعالم منكم

  • النظر إىل تكميل الغري وهو إرشاد املسترشدين بإيضاح احملجة هلم إىل عقائد الدين وإلزام املعاندين بإقامة الثاين ب احلجة عليهم فإن هذا

    اإللزام املشتمل على تفضيح املعاند رمبا جره إىل اإلذعان واالسترشاد فيكون نافعا له ومكمال إياه قواعد الدين وهي عقائده عن أن تزلزهلا شبه املبطلني الثالث بالنسبة إىل أصول اإلسالم وهو حفظ

    الرابع بالنظر إىل فروعه وهو أن تبىن عليه العلوم الشرعية أي يبىن عليه ما عداه منها فإنه أساسها وإليه يؤول أخذها واقتباسها فإنه ما مل يثبت وجود صانع عامل قادر مكلف مرسل للرسل منزل للكتب مل يتصور علم تفسري

    ديث وال علم فقه وأصوله فكلها متوقفة على علم الكالم مقتبسة منه فاآلخذ فيها بدونه كبان على غري وحأساس وإذا سئل عما هو فيه مل يقدر على برهان وال قياس خبالف املستنبطني هلا فإهنم كانوا عاملني حبقيقته وإن مل

    علم الفقه بعينه تكن فيما بينهم هذه االصطالحات املستحدثة فيما بيننا كما يفاخلامس بالنظر إىل الشخص يف قوته العملية وهو صحة النية بإخالصهم يف األعمال وصحة االعتقاد بقوته يف

    األحكام املتعلقة باألفعال إذ هبا أي هبذه الصحة يف النية واالعتقاد يرجى قبول العمل وترتب الثواب عليه وغاية ذكر من األمور اخلمسة وتنتهي إليها هي الفوز بسعادة الدارين فإن هذا ذلك كله أي والفائدة اليت يفيدها ما

    الفوز مطلوب لذاته فهو منتهى األغراض وغاية الغايات

    املقصد الرابع مرتبته

    املنت ليعرف قدره فيويف حقه من اجلد

    حيكم هبا صريح قد علمت أن موضوعه أعم األمور وأعالها وغايته أشرف الغايات وأجداها ودالئله يقينية العقل وقد تأيدت بالنقل وهي الغاية يف الوثاقة

    وهذه هي جهات شرف العلم ال تعدوها فهو أشرف العلوم الشرح

    يما بني العلوم فيوىف أي شرفه وإمنا وجب تقدمي مرتبة العلم الذي يطلب أن يشرع فيه ليعرف قدره ورتبته فإذا عرفت هذا فنقول قد علمت أن موضوعه أي موضوع الكالم حقه من اجلد واالعتناء يف اكتسابه واقتنائه

    وهو املعلوم أعم األمور وأعالها فيتناول أشرف املعلومات اليت هي مباحث ذاته تعاىل وصفاته وأفعاله وال شك أنه إذا كان املعلوم أشرف كان العلم به أشرف مع أن موضوعه مقيد حبيثية تنىبء عن شرفه أيضا وغايته أعين

    ك السعادة املترتبة على األمور اخلمسة أشرف الغايات وأجداها نفعا ودالئله يقينية حيكم هبا أي بصحة تلمقدماهتا وحقية الصور العارضة هلا صريح العقل بال شائبة من الوهم وقد تأيدت تلك الدالئل بالنقل وهي أي

    ذ ال يبقى شبهة يف صحة الدليل الذي تطابق فيه شهادة العقل هلا بصحتها مع تأيدها بالنقل هي الغاية يف الوثاقة إالعقل والنقل قطعا خبالف دالئل العلم اإلهلي فإن خمالفة النقل إياها شهادة عليها بأن أحكام عقوهلم هبا مأخوذة

    من أوهامهم ال من صرائحها فال وثوق هبا أصال وهذه األمور املذكورة يف شرف علم الكالم أعين معلومه

  • ات شرف العلم ال تعدوها أي ال تتجاوز جهات الشرف هذه األمور اليت ذكرناها وأما كون وغايته هي جه مسائل العلم أقوم فراجع إىل فضيلة الدالئل ووثاقتها فهو فالكالم إذا شرف العلوم حبسب مجيع جهات الشرف

    املقصد اخلامس مسائله

    املنت ائد الدينية أو يتوقف عليه إثبات شيء منها وهو العلم اليت هي املقاصد وهي كل حكم نظري ملعلوم هو من العق

    األعلى فليست له مباد تبني يف علم آخر بل مباديه إما بينة بنفسها أو بينة فيه فهي مسائل له ومباد ملسائل أخر ال يستمد من غريه فهو رئيس العلوم على اإلطال ق منه ال تتوقف عليها لئال يلزم الدور فمنه تستمد العلوم وهو

    الشرح بدون كلمة يف وهو املناسب ملا تقدم وما تأخر واملوجود يف كثري من النسخ يف مسائله وإمنا وجب تقدمي اإلشارة

    اإلمجالية إىل مسائل العلم الذي يطلب الشروع فيه ليتنبه الطالب على ما يتوجه إليه من املطالب تنبها موجبا املقاصد ألن كل علم مدون له مسائل هي املقاصد األصلية فيه وهي ملزيد استبصاره يف طلبها وإمنا قال اليت هي

    حقيقته ومباد إما تصورية أو تصديقية هي وسائل إىل تلك املقاصد ورمبا عدت جزءا منه لشدة احلاجة إليها وأما عد موضوعه جزءا ثالثا منه ففيه أن املوضوع نفسه من املبادىء التصورية وكونه موضوعا له من مقدمات

    الشروع فيه اخلارجة عنه اتفاقا وآنيته أعين وجوده من املبادىء التصديقية املسماة عندهم أصوال موضوعة كما صرح به ابن سينا يف برهان الشفاء وهي أي مسائل الكالم كل حكم نظري جعل املسألة نفس احلكم ألنه

    املقصود يف القضية

    تصورية ووصف احلكم بكونه نظريا بناء على الغالب وإال فاملسألة املطلوبة يف العلم وأما أطرافه فمن املبادىء القد تكون ضرورية فتورد يف العلم إما الحتياجها إىل تنبيه يزيل عنها خفاءها أو لبيان مليتها وإمنا محل كل حكم

    ري من نظري على املسائل نظرا إىل مآل معناه كأنه قال وهي األحكام النظرية ملعلوم هو أي ذلك احلكم النظالعقائد الدينية أو يتوقف عليه إثبات شيء منها سواء كان توقفا قريبا أو بعيدا وهو أي الكالم العلم األعلى

    الذي إليه تنتهي العلوم الشرعية كلها وفيه تثبت موضوعاهتا أو حيثياهتا فليست له مباد تبني يف علم آخر سواء ا أو غري شرعي وذلك أن علماء اإلس الم قد دونوا إلثبات العقائد الدينية املتعلقة بالصانع تعاىل كان علما شرعي

    وصفاته وأفعاله وما يتفرع عليها من مباحث النبوة واملعاد علما يتوصل به إىل إعالء كلمة احلق فيها ومل يرضوا رية أن يكونوا حمتاجني فيه إىل علم آخر أصال فأخذوا موضوعه على وجه يتناول تلك العقائد واملباحث النظ

    اليت تتوقف عليها تلك العقائد سواء كان توقفها عليها باعتبار مواد أدلتها أو باعتبار صورها وجعلوا مجيع ذلك مقاصد مطلوبة يف علمهم هذا فجاء علما مستغنيا يف نفسه عما عداه ليس له مباد يف علم آخر بل مباديه إما

    فهي أي فتلك املبادىء املبينة فيه مسائل له من هذه احليثية بينة بنفسها مستغنية عن البيان بالكلية أو مبينة فيهومباد ملسائل أخر منه ال تتوقف تلك املبادىء عليها أي على املسائل األخر لئال يلزم الدور ومما قررناه تبني لك

    أن أحوال املعدوم واحلال ومباحث النظر والدليل

  • لشرع مبينة يف علم غري شرعي وحتتاج بذلك إليه مما ال مسائل كالمية وجتويز أن تكون مبادىء أعلى علوم اجيترىء عليه إال فلسفي أو متفلسف يلحس من فضالت الفالسفة وتشبيه ذلك باحتياج أصول الفقه إىل العربية

    مما ال يفوه به حمصل ا فذلك من فإن وجدت يف الكتب الكالمية مسائل ال يتوقف عليها إثبات العقائد أصال وال دفع الشبه عنها ق طع

    ال يستمد خلط مسائل علم آخر به تكثريا للفائدة يف الكتاب فمنه أي من الكالم تستمد العلوم الشرعية وهو من غريه أصال فهو رئيس العلوم الشرعية على اإلطالق لنفاذ حكمه فيها بأسرها وليس ينفذ فيه حكم شيء

    البعض رياسة مقيدة مث إن نفع الكالم فيما منها نعم قد ينفذ حكم بعض منها على بعض آخر فيكون لذلك عداه بطريق اإلفاضة واإلنعام من األعلى على األدىن دون اخلدمة فال يناسب تسميته خادم العلوم

    املقصد السادس تسميته

    املنت ة الكالم إمنا مسي كالما إما ألنه بازاء املنطق للفالسفة أو ألن أبوابه عنونت أوال بالكالم يف كذا أو ألن مسأل

    أشهر أجزائه حىت كثر فيه التناحر والسفك فغلب عليه أو ألنه يورث قدرة على الكالم يف الشرعيات ومع اخلصم

    الشرح وإمنا وجب تقدميها ألن يف بيان تسمية العلم الذي يتوجه إىل حتصيله مزيد اطالع على حالة تفضي الطالب مع

    ي الكالم كالما إما ألنه بإزاء املنطق للفالسفة يعين أن هلم علما نافعا ما سبق إىل كمال استبصاره يف شأنه إمنا مسا مسيناه يف مقابلته بالكالم إال أن نفع املنطق يف علومهم يف علومهم مسوه باملنطق ولنا أيضا علم نافع يف علومن

    فاذ حكمه فيها ونفع بطريق اآللية واخلدمة ومن مثة يسمى خادم العلوم وآلتها ورمبا يسمى رئيسها نظرا إىل نا بطريق اإلحسان واملرمحة فال يسمى إال رئيسا هلا أو ألن أبوابه عنونت أوال أي يف كتب الكالم يف علومن

    املتقدمني بالكالم يف كذا فبعد تغري العنوان بقي ذلك االسم حباله أو ألن مسألة الكالم يعين قدم القرآن وحدوثه كثر فيه أي يف حكم الكالم أنه قدمي أو حادث التناحر أي التقاتل أشهر أجزائه وسبب أيضا لتدوينه حىت

    والسفك إذ قد روي أن بعض اخللفاء العباسيني كان على االعتزال فقتل مجاعة من علماء األمة طالبا منهم االعتراف حبدوث القرآن فغلب عليه تسمية للشيء باسم أشهر أجزائه أو ألنه يورث قدرة على الكالم يف

    يات مع اخلصم على قياس ما قيل يف املنطق من أنه يفيد قوة على النطق يف العقليات واملخاصمات الشرع

    املرصد الثاين يف تعريف مطلق العلم

    من ههنا شرع يف مقاصد علم الكالم وما تقدم يف املرصد األول كان مقدمة للشروع فيه وال بد للمتكلم من مه إىل ضروري ومكتسب ثانيا ومن اإلشارة إىل ثبوت العلوم الضرورية حتقيق ماهية العلم أوال ومن بيان انقسا

    اليت إليها املنتهى ثالثا ومن بيان أحوال النظر وإفادته للعلم رابعا ومن بيان الطريق الذي يقع فيه النظر ويوصل ا العقائد وقد إىل املطلوب خامسا إذ هبذه املباحث يتوصل إىل إثبات العقائد وإثبات مباحث أخرى تتوقف عليه

  • عرفت أنه قد جعل مجيع ما يتوقف عليه إثبات العقائد من القضايا املكتسبة مقاصد يف علمه كيال حيتاج فيه إىل علم آخر فاملباحث املذكورة يف هذه املراصد اخلمسة مسائل كالمية ويف أبكار األفكار تصريح بذلك حيث

    األصول األوىل يف العلم وأقسامه الثانية يف النظر وما جعله مشتمال على مثاين قواعد متضمنة جلميع مسائل يتعلق به الثالثة يف الطرق املوصلة إىل املطلوبات النظرية وفيه أي يف العلم املطلق ثالثة مذاهب

    املذهب األول أنه ضروري أي تصور ماهيته بالكنه واختاره اإلمام الرازي لوجهني بأنه موجود ضروري أي حاصل له بال اكتساب ونظر وهذا علم الوجه األول أن علم كل أحد بوجوده أي

    خاص متعلق مبعلوم خاص هو وجوده والعلم املطلق جزء منه ألن املطلق ذايت للمقيد والعلم باجلزء سابق على العلم بالكل فإذا حصل العلم اخلاص الذي هو كل لكل أحد بالضرورة كان العلم املطلق الذي هو جزؤه سابقا

    لسابق على الضروري أوىل أن يكون ضروريا فالعلم املطلق ضروري وهو املطلوب واجلواب عنه أن عليه واالضروري حصول علم جزئي متعلق بوجوده فإن هذا العلم حاصل لكل أحد بال نظر وهو أي حصول ذلك

    ا حتصل لنا علوم جزئية مبعلومات خمصوصة وال نتصور العلم اجلزئي غري تصوره وغري مستلزم له إذ كثريا مشيئا من تلك العلوم مع كوهنا حاصلة لنا بل حنتاج يف تصورها إىل توجه مستأنف إليها فال يكون حصوهلا عني

    تصورها وال مستلزما له وإذا مل يكن ذلك العلم اجلزئي املتعلق بوجوده متصورا فال يلزم تصور العلم املطلق ب عنه أيضا بأنه إمنا يتم إذا كان العلم ذاتيا ملا حتته أصال فضال عن أن ي