فنون الشعر األندلسي المحدثة الموشحات األندلسية .-1الزجل األندلسي .-2شعر االستغاثة .-3

أوال : الموشحات األندلسية

تعد الموشحات أول هذه الفنون التي يرجع الفضل في استحداثها وابتداعها إلى األندلسيين , وقد أجمع مؤرخو الشعر

العربي على أن " الموشحات " فن أندلسي خالص . فابن بسام صاحب " الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة " يقرر

أن أهل األندلس هم الذين وضعوا حقيقة صنعة التوشيح ونهجواطريقتها .

وصالح الدين بن أيبك الصفدي في كتابه " تشيع التوشيح" يقول : " الموشح فن تفرد به أهل المغرب , وامتازوا به على أهل

المشرق , وتوسعوا في فنونه , وأكثروا من أنواعه وضروبه " وابن خلدون في " مقدمته " يؤكد هذه الحقيقة بقوله : " وأما

أهل األندلس فلما كثر الشعر في قطرهم , وتهذبت مناحيه وفنونه , وبلغ التنميق فيه الغاية , استحدث المتأخرون منهم فنا منه

سموه بالموشح " سبب التسمية :

ال أحد ممن أرخوا لنشأة فن الموشحات قديما أو حديثا أشار إلىسبب تسميته بهذا االسم .

ولهذا ترك األمر في ذلك إلى اجتهادات الدارسين لهذا الفن , وكلها مستمدة من معنى الوشاح , فالوشاح في أصل الوضع

اللغوي يحمل معنيين هما : عقaaد من لؤلaaؤ وجaaوهر منظaaومين مخaaالف بينهمaaا معطaaوف-

أحدهما على اآلخر تتوشح به المرأة , والشبه بين الموشaaحات والوشاح بهذا المعنى ظaaاهر في اختالف الaaوزن والقافيaaة في األبيات مثل اختالف هذا العقد بوجود اللؤلؤ والجوهر فيaaه , أو الترصيع والتزيين والصنعة الaaتي توجaaد في الموشaaحات تشaaبه

الوشاح المرصع باللؤلؤ والجوهر . أما المعنى الثاني فهو الثوب الموشaaح الaaذي يكaaون بaaه وشaaي-

وزينة , فكأن هذه األسماط واألغصان الaaتي يزينونaaه بهaaا , هيمن الكالم في سبيل الوشي من الثوب .

نشأة الموشحات : اتفق المؤرخون على أن الموشحات فن أندلسي خالص ,

ولكنهم اختلفوا في مخترعها . فمثال أبو الحسن علي بن بسام يقول عن ذلك في كتاب الذخيرة : " وأول من صنع

أوزان هذه الموشحات بأفقنا واخترع طريقتها – فيما بلغني إن ابن عبد.وقيل : محمد بن محمود القبري الضرير–

صاحب كتاب "العقد" أول من سبق إلى هذا النوع منربه الموشحات عندنا "

يقول عن ذلك في مقدمته :" وكان المخترع لها –وابن خلدون , منمقدم بن مع11افى القب11ريالموشحات- بجزيرة األندلس

أبو عم11رشعراء األمير عبدالله بن محمaaد المaaرواني , وأخaaذ عنaaه صaaاحب كتaaاب العقaaد , ولم يظهaaر لهمaaا مaaععب11د ربه أحم11د بن

المتaaأخرين ذكaaر , وكسaaدت موشaaحاتهما " واالختالف في حقيقaaة مخترعه ال ينفي حقيقة نشأته ووجوده , وهذا ما يهمنaaا في المحaaل األول , إذ ليس لزامaaا في فن متعaaدد العناصaaر متشaaعب الفaaروع كالموشaaحات أن يكaaون لaaه مخaaترع واحaaد . فمن الجaaائز أن تكaaون الفكرة قد سنحت لخاطر شاعر فأبرزها في صورة ما , ثم التقطها منه بعض معاصaaريه , وأسaaهموا معaه في نشaأتها , أو في المرحلaة األولى من نشaaأتها , كمaaا هaaو الشaaأن في نشaaأة كثaaير من الفنaaون

والعلوم . وإذا كانت الموشحات قaaد ظهaرت في أواخaر القaرن الثaالث , فإن القرن الرابع قد شهد التفات شaaعراء األنaaدلس إليهaaا وإقبaaالهم

عليها . ويبaaدأ تaaاريخ النبaaوغ في التوشaaيح بعصaaر الطوائaaف في القaaرن

, الذي يقالالسماء عبادة بن ماءالخامس , وكان ذلك على يد بأنه لم يسبقه وشاح من معاصريه , ثم جaaاءت الحلبaaة الaaتي كaaانت في دور المaaرابطين إلى القaرن السaaادس , فظهaرت لهم البaaدائع ,

, واشتهر بعد ذلaaك فياألعمى التطيليوسابق فرسان حلبتهم , أما المائة الثامنةالفيلسوف أبو بكر بن زهرصدر الموحدين

ابنوتلميذهلسان الدين بن الخطيب , في األندلس فقد كان زمرك .

بناء الموشح :

الموشح في بنائه يتركب من أجزاء معينة تواضع عليها الوشاحون و التزموها في صنع موشحاتهم , وأعطوها مصطلحات

عرفت بها .وهذه األجزاء هي : المطلع أو المذهب و القفل و الخرجة و الغصن والدور و السمط

والبيت . يطلق على القفل األول من الموشحة وهو يتألف- المطلع :1

عادة من شطرين أو أربعة أشطر وهو هنا في موشحة ابن زهر يتألف من شطرين أو غصنين هما :

ع فهو للنفس أنفضاسلم األمر للق وقد تختلف قافية الشطرين أو الغصنين ,كما هو الشأن في هذا

المثال , وقد تتفق القافية كما الشأن في المطلع التالي :قا وارحموا من عشقاسامروا من أر

ويسمى الموشح ) تاما ( إذا بدأ بالمطلع , فإذا خال من المطلع سلم األمر للقضا فهوسمي ) بالموشح األقرع ( .

للنفس أنفع المطلع واغتنم حين أقبال وجه بدر تهلaaaال ال تقل بالهموم ال

كل ما فات وانقضى ليس بالحزن يرجع واصطبح بابنة الكروم من يدي شادن رخيم حين يفتر عن نظيم

فيه برق قد اومضا ورحيق مشعشع ما ترى حين أضعنا

وسرى الركب موهنانا واكتسى الليل بالس

نورهم ذا الذي أضا أم مع الركب يوشع ؟- القفل :2

هو الجزء المتكرر في الموشحة و المتفق مع المطلع أو القفل األول في وزنه وقافيته وعدد أجزائه . فالقفل الثاني في موشحة

ابن زهر , والذي يجيء بعد المطلع أو القفل األول : كل ما فات وانقضى ليس بالحزن يرجع

والقفل الثالث فيها هو : فيه برق قد اومضا ورحيق مشعشع

والقفل يتردد في الموشح التام ست مرات , وفي الموشح األقرع سلم األمرخمس مرات .

للقضا فهو للنفس أنفع المطلع واغتنم حين أقبال وجه بدر تهلaaaال ال تقل بالهموم

كل ما فات وانقضى ليس بالحزن يرجع القفل واصطبح بابنة الكروم

من يدي شادن رخيم حين يفتر عن نظيم

فيه برق قد اومضا ورحيق مشعشع القفل ما ترى حين أضعنا وسرى الركب موهنانا واكتسى الليل بالس

نورهم ذا الذي أضا أم مع الركب يوشع ؟- الخرجة :3

هي القفل األخير من الموشحة . وهي في موشحة ابن زهر تتمثل في قوله : نورهم ذا

الذي أضا أم مع الركب يوشع ؟ والفرق بين المطلع واألقفال والخرجة , أن المطلع غير ملتزم

في الموشح كعنصر أو جزء أساسي , أما األقفال والخرجة فيشكالن جزءين أساسيين في بناء الموشح , وبدونهما ال يسمى

الموشح موشحا سلم األمر للقضا فهو للنفس أنفع المطلع

واغتنم حين أقبال وجه بدر تهلaaaال ال تقل بالهموم

كل ما فات وانقضى ليس بالحزن يرجع القفل واصطبح بابنة الكروم من يدي شادن رخيم حين يفتر عن نظيم

فيه برق قد اومضا ورحيق مشعشع القفل ما ترى حين أضعنا وسرى الركب موهنانا واكتسى الليل بالس

نورهم ذا الذي أضا أم مع الركب يوشع ؟ الخرجة أنواع الخرجة :

- خرجة معربة األلفاظ فصيحة , مثل : 1قد نما حبك عندي وزكا ال تقل في الحب إني مدعي

- خرجة ملحونة األلفاظ عامية , مثل :2يا رب ما اصبرني نرى حبيب قلبي ونعشقو

قو aaaaaaaو يعaن aلو كان يكون سنة فيمن لقي خل- خرجة أعجمية األلفاظ , مثل :3

بن يا سحارةألب قشت كن بلفغور كند بني بدي أمور

وترجمة هذه الخرجة :تعالي , يا سحارة !

الفجر الذي هو جميل كعادته حين يجيء , يتطلب حبيبا

والخرجتان األخيرتان تكثران في الموشحات التي يتغنى بها , وكأن القصد منهما هو اإلشعار عند وصول المغني إليهما بأن هذا

هو ختام الموشح , أما الخرجة العربية الفصيحة فتتميز بها الموشحات الشعرية التي تقال في الغزل أو المدح أو ماأشبه ذلك

- الغصن :4

هو اسم لكل شطر من أشطر المطلع أو األقفال أو الخرجة وتتساوى األقفال والخرجة مع المطلع من حيث , في الموشح

عدد األغصان وترتيبها وقوافيها . وأقل عدد لألغصان اثنان , هذان الغصنان قد يكونان من قافية

حيتك أربع وهن واحدة مثل : ر ظل وماء والمدام والوترالعم

وقد يكونان من قافيتين مختلفتين مثل: ع قد دعوناك وإن لم تسمكى أيها الساقي إليك المشت

وأقل ما يتركب منه القفل جزءان , ومن األقفال ما يتركب من ثالثة أجزاء فأكثر حتى تبلغ ألحد عشر جزءا ولكن المبالغة إلى هذا

الحد ضرب من التكلف . غصن غصن

سلم األمر للقضا فهو للنفس أنفع المطلع واغتنم حين أقبال

وجه بدر تهلaaaال ال تقل بالهموم ال

غصن غصن كل ما فات وانقضى ليس بالحزن يرجع القفل

واصطبح بابنة الكروم من يدي شادن رخيم حين يفتر عن نظيم

فيه برق قد اومضا ورحيق مشعشع القفل ما ترى حين أضعنا وسرى الركب موهنانا واكتسى الليل بالس

نورهم ذا الذي أضا أم مع الركب يوشع ؟الخرجة

- الدور :5

هو ما يأتي بعد المطلع في الموشح التام , وإن كان الموشحأقرع , فإن الدور يأتي في مستهل الموشح .ونجد الدور في موشحة ابن زهر في قوله :

واغتنم حين أقبال وجه بدر تهلaaaال

ال تقaل بالهموم ال فهذا الدور يتكون من ثالثة أشطر أو أسماط ذات قافية واحدة ,

ثم يعقبه قفل يليه الدور الثاني وهو قوله : واصطبح بابنة الكروم

من يدي شaادن رخيaم حين يفتaر عaن نظيaaم

ثم يأتي قفل يليه الدور الثالث , وهكذا حتى ختام الموشحسلم األمر للقضا فهو للنفس أنفع المطلع

واغتنم حين أقبال وجه بدر تهلaaaال الدور

ال تقل بالهموم ال كل ما فات وانقضى ليس بالحزن يرجع القفل

واصطبح بابنة الكروم من يدي شادن رخيم الدور

حين يفتر عن نظيم فيه برق قد اومضا ورحيق مشعشع القفل

ما ترى حين أضعنا وسرى الركب موهنا الدور

نا واكتسى الليل بالس نورهم ذا الذي أضا أم مع الركب يوشع ؟ الخرجة ويشترط في الدور أن يكون وزنه من وزن المطلع أو القفل

األول , ولكن قافيته الموحدة في أشطره وأسماطه تختلف عنقافية المطلع .

وليس للموشح عدد معين من األدوار يلتزم به الوشاح , وإن كان ابن سناء الملك قد الحظ أنها في أغلب الموشحات لم تتجاوز

خمسة أدوار .

والموشحات التي لم تتجاوز خمسة أدوار هي في الغالب ) الموشحات الغنائية ( , أما ) الموشحات الشعرية ( فلم يتقيد

الوشاحون فيها بعدد معين من األدوار . مط :6 - الس

هو اسم لكل شطر من أشطر الدور . وال يقل عدد األسماط في الدور الواحد من الموشح عن ثالثة , وقد تزيد عن ذلك العدد إلى أي عدد يرتئيه الوشاح .ويشترط في قوافي أسماط كل دور أن

تكون على روي واحد . وعدد أسماط الدور األول من الموشحة هو الذي يحدد عددها في

وقد يكون السمط سائر أدوار الموشحة . مفردا , أي مكون من فقرة واحدة , كما هو الحال في موشحة

ابن زهر , وقد يكون مركبا من فقرتين مثل :جaا والتمنaaي جعaلaت حظaaaaي منaaه بين الرaي لم أظهر اليaaأس عنaaه لمaaaا أطaال التaجنبل قلت : يا قلب صنه لديك عن سوء ظني

فهذا الدور, كما نرى , ثالثة أسماط أو أشطر , يتألف كل واحدمنها من فقرتين .

وقد يكون السمط مركبا من أكثر من فقرتين , مثل : 1بدر تم * شمس ضحى * غصن نقا * مسك شم

مaaا أتaم * ما أوضaaaaaaحا * ما أورقaaaaaaا * مaaaaaا 2أنaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaم

ال جرم * مaaن لaaaaaaaaaaمaحaaaا * قaaaد عشقaaا * قد حaaaaaaaaaaرم3 1 2 3 4

فالدور هنا مؤلف من ثالثة أسماط , يتركب كل سمط منها منأربع فقرات .

وعدد فقرات السمط األول من الدور األول من الموشحة , هو الذي يحدد عدد الفقرات في جميع أسماط الموشحة.

وعلى الوشاح أن يلتزم في األسماط التي تزيد على فقرتين ترتيب القوافي الداخلية لكل سمط , وإال عد ذلك عيبا في

الموشحة .غصن سلم األمر للقضا فهو للنفس أنفع المطلع

واغتنم حين أقبال سمط وجه بدر تهلaaaال سمط الدور

ال تقل بالهموم ال سمط غصن كل ما فات وانقضى ليس بالحزن يرجع القفل

واصطبح بابنة الكروم سمط من يدي شادن رخيم سمط الدور

حين يفتر عن نظيم سمط غصن فيه برق قد اومضا ورحيق مشعشع القفل

ما ترى حين أضعنا وسرى الركب موهنا الدور

نا واكتسى الليل بالس غصن نورهم ذا الذي أضا أم مع الركب يوشع ؟ الخرجة

- البيت :7 مفهوم البيت في الموشحة غير مفهومه في القصيدة التقليدية .

فالبيت في الموشحة يتكون عادة من الدور ومن القفل الذي يليه وعلى سبيل مجتمعين .

المثال فالبيت األول من موشحة ابن زهر هو : واغتنم حين أقبال

وجaaaه بدر تهلال الدور

ال تقل بالهموم ال كل ما فات وانقضى ليس بالحزن يرجع القفل

بسيط ومركب . والبيت في الموشحة نوعان : - البيت البسيط :1

أعداد أسماط دوره ثالثة أو أربعة أو من فقرة واحدة , وما كانخمسة .من أمثلة ما يتألف دوره من أربعة أسماط البيت التالي :

1 ليت شعري هل درى 2 من نفى عني الكرى

3 أنaaaaه لaaaو أمaaaaaaرا aaaaرى 4 لتوخيت الس

ادرعaaت الغسaقaaaا مثaaaل نجaaم طرقا ؟- البيت المركب:2

هو ما تألف كل سمط من دوره من فقرتين أو ثالث أو أربع أوخمس فقرات .

يaaaه * أبعaaaaaaaدا ! الله ما أقaaaaaaaرب * علaaaى محبسمط

حلو اللمى أشنب * آسى الضنى فيه * وأسعaaaaaaدا سمطالدور

aaaaيaaaaaه * طال المدى سمط أحبaaب به أحبب * ويا تجaنالفقرة األولى الفقرة الثانية الفقرة الثالثة

والموشحات التي تتالف أسماط أدوارها من ثالث فقرات فأكثرتكون أقفالها في الغالب مزدوجة

فقفل الدور السابق هو :أما ترى حزني * نارا على قلبي * تحaaaرق ؟حبي له جنaaaة * يا ماء يا ظaaaل * يا رونق !

وقد يسمى القفل في الموشحة الزمة , إذا كان القفل مؤلفا من بيتين صدراهما من قافية واحدة وعجزاهما كذلك ، ثم يأتي بعد

ذلك دور من ثالثة أسماط ,كل سمط منها فقرتان , متفقة صدورها في القافية وكذلك أعجازها , ثم يلي ذلك قفل آخر وهكذا

حتى ختام الموشح. من ذلك قول ابن زمرك : الفقرة األولى الفقرة الثانية

قد طلعت راية الصبaaaاح وآذن الليaaل بالaرحيaaaaaaل فباكر الروض باصطباح واشرب على زهره البليل

القفل 1فالورق هبت من السبات لمنبر الدوح تخطaaaaب 2تسجع مفتنة اللغaaaaaaaaات كل عن الشوق يعرب

الدور3والغصن بعد الذهاب ياتي ألكؤس الطل يشaaرب

وأدمع السحب في انسياح في كل روض لها سبيل والجو مستبشaaر النواحي يلعب بالصaaaارم الصقيل

القفل

أوزان الموشحات :

يختلف علم العروض عن سائر العلوم من حيث النشأة . فإذا كان كل علم ينشأ أويستحدث إنما ينمو باشتغال علمائه به جيال بعد

جيل وعصرا بعد عصر حتى يبلغ ذروة نضجه واكتماله , فإن العروض قد أخرجه الخليل بن أحمد علما يكاد يكون متكامال .

ولعل ذلك هو السر في أن من أتى بعد الخليل من العروضيين أو الشعراء , لم يستطيعوا أن يزيدوا على عروضه أي زيادة تذكر أو

تمس الجوهر . فمنذ أن فرغ الخليل من حصر الشعر العربي في خمسة عشر

بحرا تاما مع بعض مجزوءاتها , لم يحدث تطور أو تجديد في هذهاألوزان , إال زيادة بحر المتدارك الذي استحدثه األخفش .

ولم يستطع المتأخرون الخروج على أوزان الخليل التي استنبطها من أوزان الشعر الجاهلي , ولما كانت أوزان الشعر هي

موسيقاه , فإن هناك إذن صلة تجمع بين موسيقى الشعر والموسيقى بصفة عامة . وكما تطورت الموسيقى العربية خالل العصور , وكانت موسيقى العصر العباسي غير موسيقى العصر األموي , وهما غير موسيقى الجاهلية , كان المأمول أن يحدث

الشعراء تطورا مماثال في موسيقى الشعر , وال يقفوا عند الحدالذي رسمه الجاهليون , ولكن شيئا من ذلك لم يحدث .

وظل الشعر مقيدا بأوزان الشعر الجاهلي وقوافيه , حتى اخترعت الموشحات األندلسية , فكانت أول محاولة جريئة للتجديد في

أوزان الشعر العربي وقوافيه , والخروج بها على ما ألفه الشعراء السابقون .ولعل خير من عرض ألوزان الموشحات بالدرس

واالستقصاء هو ابن سناء الملك في كتابه " دار الطراز في عمل الموشحات " . ففي هذا كتابه هذا يقسم الموشحات من حيث أوزانها إلى قسمين : األول / ما جاء

على أوزان أشعار العرب . والثاني / ما ال وزن له فيها ) أوزان جديدة لم تعرف في األوزان

العربية الخليلية ( .ال

رقم

ما جاء على أوزان أشعار العرب

ما ال يتخلل أقفاله وأبياته كلمة تخرج بالفقرة1

التي جاءت عن الوزن الشعري , وهو لديه مرذول مخذول ,وهو أشبه بالمخمسات منه

بالموشحات .

تخرجه عن أن كلمةما تخلل أقفاله وأبياته2يكون شعرا صرفا , وقريضا محضا , مثل :

صبرت والصبر شيمة العاني ولم أقلللمطيل هجراني معذبي كفاني

فهذا البيت على بحر المنسرح , وأخرجه منهقوله : ) معذبي كفاني (

-كسرة كانت أوحركةما تخلل أقفاله وأبياته 3

ضمة أو فتحة - تخرجه عن أن يكون شعرا

صرفا , وقريضا محضا , مثل : له نظر وفيقيا ويح صب إلى البر

له وطر قالبكاء على الور فهذا البيت من بحر البسيط , والتزام القافية في وسط الوزن على الحركة المخفوضة في

" البرق" و " والورق" أخرجه عن وزنه .

الرقم

ما جاء على غير أوزان أشعار العرب

ما خرج منها على أوزان الشعر المعروفة , وال وزن1

له إال التلحين , وال يفتقر إلى ما يعينه عليه , وهوأكثر الموشحات .

ما خرج منها على أوزان الشعر المعروفة , وال وزن2

له إال التلحين , ولكنه يحتاج إلى لفظة ال معنى لهاتكون دعامة للتلحين , وسندا للمعنى , مثل :

من طالب ثار قتلي ظبيات الحدوج فتاناتالحجيج

فإن التلحين ال يستقيم إال بأن يقول :"ال ال" بين الجزئين الجيميين من هذا الوزن ) ظبيات الحدوج

ال ال فتانات الحجيج (

فنون الموشحات )أغراضها (:

واكب اختراع الموشحات ظهور فن الغناء باألندلس , وقد أفاد كالهما من اآلخر , فتأثر به وأثر فيه . وإذا كانت الموشحات قد

نشأت أو أنشئت لتكون في خدمة الغناء , فإن ذلك يعني أن الغزل كان أول فن اتجهت إليه الموشحات , ألنه بطبيعة معانيه أكثر

فنون الشعر مالءمة للغناء .

ولما كانت مجالس الغناء ال تخلو عادة من لهو وشراب , وأكثرها يقام بين مجالي الطبيعة األندلسية المتنوعة الجميلة , فإن

احين لم يقفوا بموشحاتهم عند الغزل ؛ وإنما نراهم يتجاوزونه الوش إلى وصف مجالس اللهو والشراب ومظاهر الطبيعة , وقديمزجون الغزل بهذه األغراض أو ببعضها في موشحاتهم .

ثم شيئا فشيئا توسع الوشاحون في موضوعات الموشحات , فنظموها في معظم فنون الشعر المعروفة ,من مدح ورثاء وهجاء

وزهد وتصوف وغيرها . وبهذا فإن فن الموشحات فن أندلسي جديد لم يعرف من قبل

في غير هذه البيئة اإلسالمية الجديدة .- الزجل األندلسي 2

نشأة الزجل وتطوره :

يلتقي الزجل مع الموشحات في أنه مثلها من فنون الشعر التي استحدثها األندلسيون , وعلى هذا فهو وليد البيئة األندلسية , ومنها

خرج إلى البيئات العربية األخرى وانتشر فيها . ومن األقوال التي تثبت أن الزجل فن أندلسي مستحدث قول

التوشيح في أهلابن خلدون في مقدمته : " ولما شاع , وأخذ به الجمهور لسالسته وتنميق كالمه وترصيعاألندلس

أجزائه , نسجت العامة من أهل األمصار على منواله , ونظموا في طريقته بلغتهم الحضرية من غير أن يلتزموا فيها إعرابا ,

, والتزموا النظم فيه علىواستحدثوا فنا سموه بالزجل مناحيهم لهذا العهد , فجاءوا فيه بالغرائب , واتسع فيه للبالغة

مجال بحسب لغتهم المستعجمة " وقد مرت نشأة الزجل في األندلس بمجموعة من األدوار :

الدور األول :

دور زجل العامة أو شعر العامة , ويتمثل في األغنية الشعبية العامية , التي تنبع تلقائيا لدى بعض العامة بباعث تجربة شخصية ,

أو من وحي حدث عام أو موقف معين , ثم تشيع على ألسنالناس , ويتغنون بها فرادى وجماعات .

فإذا كان للمثقفين شعرهم الفصيح ممثال في القصائد والموشحات التي ال ترقى إلى أفهام العامة , فإن لهؤالء أيضا

شعرهم الشعبي ممثال في أغانيهم الشعبية التي هي مظهر لنفسياتهم , وحالتهم العقلية , وآرائهم االجتماعية , وآدابهم

وأخالقهم .الدور الثاني :

زجل الشعراء المعربين , ويبدو أنه جاء تاليا في النشأة ’ لزجل العامة ولعل الشعراء الذين حاولوا هذا النوع من الزجل قبل عصر

ابن قزمان كانوا مدفوعين إليه : بالرغبaaة في أن تنتشaaر أزجaaالهم المصaaطنعة بين الطبقaaات-

المثقفة كنوع من الطرافة . أو بالرغبة في أن يعرفوا لدى العامaة معaaرفتهم لaaدى الخاصaaة-

وذلك بوضع أزجال لهم يتغنون بها . وربمaا لaaرغبتهم في التمaيز بالزجaل عنaدما وجaدوا أنفسaهم ال-

يقعون مع فحول الشعراء المعاصرين لهم في شيء .الدور الثالث :

هو دور زجالي القرن السادس الذي شهد نهاية عصر ملوك الطوائف وبداية عصر المرابطين في األندلس . ولما كان ملوك المرابطين ال يتقنون اللغة العربية , فإن شعراء القصائد والموشحات لم يلقوا منهم تشجيعا , ولهذا ازدهر

الزجل في هذا القرن . ومن زجالي القرن السادس :اإلشبيلي ,وأبو بكر بن قزمان إمام الزجالين على اإلطالق .

الدور الرابع : ظهر بقيام دولة الموحدين وسابق حلبة الزجالين في هذاس الزجال . العصر هو أحمد بن الحاج المعروف باسم مدغلي

موضوعات الزجل : الزجل األندلسي مثله مثل الموشحات من حيث تناوله لموضوعات الشعر التي تناولتها القصيدة المعربة . والذي

يتصفح ما وصل من أزجال األندلسيين يرى أنهم قالوا الزجل في : الغزل والمدح والوصف والخمريات والمجون والتصوف

وغير ذلك من فنون الشعر التقليدية المعروفة .

أشكال األزجال وأوزانها وسماتها :

جمعت األزجال بين القصائد والموشحات من حيث . األشكال واألوزان

فالقصائد الزجلية , في أول صورة ظهرت لهذا القصائد المعربةالفن العامي المستحدث تتفق مع

في التزام الوزن الواحد , والقافية ,التقليديةع , وال تختلف عنها في شيء غير والمطلع المصر

اللحن واإلعراب واللغة . في : الوزنيتفقان الزجل + القصيدة المعربة التقليدية )

ع ( الواحد + القافية + المطلع المصر في : اللحن +يختلفان الزجل - القصيدة المعربة التقليدية )

اإلعراب + اللغة ( في األجزاء األساسيةالموشحات األزجال مع تتفق كما

التي تبنى عليها من : مطلع وأسماط وأقفال وأدوار وخرجة , ثم هي عن الموشحات في البعد عن تعدد فقرات بعضتختلف

األجزاء , وفي التقليل من قوافي الفقرات الداخلية , ثم في التزامخرجة واحدة عامية دائما .

في : األجزاء األساسية التي تبنىاتفقتااألزجال +الموشحات ) عليها من مطلع وأغصان وأسماط وأقفال وأدوار وخرجة (

في : البعد عن تعدد فقرات ,اختلفتااألزجال- الموشحات ) والتقليل من قوافي الفقرات الداخلية , والتزام خرجة واحدة

عامية ( التقاليد الفنيةهذا فيما يخص األشكال واألوزان , أما

, فقد تأثر الزجل بها , فأغراض القول واحدة , وافتتاحالموروثة المديح بالنسيب واحد , وذرائع االنتقال من النسيب إلى المديح

واحدة , والمعاني التي طرقها الزجالون في شتى األغراض , وأساليب التعبير البيانية التي استخدموها كالتشبيه وضروب المجاز

تذكرنا في جملتها بمعاني وأساليب الشعراء المعربين .-شعر االستغاثة 3

هو شعر يقوم على استنهاض عزائم ملوكشعر االستغاثة : في المحل األول , وهمم المسلمين في شتى المغرب العربي

وا بباعث األخوة اإلسالمية لنجدة إخوانهم أقطارهم , كي يهب باألندلس , ومد يد العون لهم في جهادهم ضد أعدائهم من نصارى

األندلس الذين أطمعهم ضعف ملوك المسلمين بها , فراحوا يضاعفون من إغاراتهم على مدنهم ويهددون أهلها باالكتساح

الشامل . ومنذ القرن السادس فصاعدا , وبسبب تخاذل ملوك

االندلس , وتفرق كلمتهم , وإسرافهم على أنفسهم في اللهو والمجون , وانشغالهم عن أمور الجهاد بمحاربة بعضهم بعضا , أخذ

العدو يتجرأ عليهم , ويباغتهم باإلغارة من وقت آلخر واالستيالء على أطراف بالدهم شيئا فشيئا , وكلما مر الزمن ازداد المسلمون

ضعفا , وازداد األعداء تبعا لذلك قوة وجرأة عليهم ! وكان شعراء األندلس كبقية مسلميها يشاهدون تساقط

قواعدهم ومدائنهم تباعا في يد النصارى , كما يشاهدوا محو معالمها اإلسالمية , وطرد أهلها منها , واالفتنان في صور تعذيبهم , فيستولي عليهم األسى والذهول , وال يملكون إال أن يجأروا بشعر

االستغاثة , يخاطبون به قلوب ملوك المسلمين عامة , وملوك المغرب العربي خاصة من مرابطين وموحدين , فيستجاب

لصريخهم حينا , وتصم اآلذان عنه أحيانا , إما النشغال هؤالء الملوك بأحداث وهموم بالدهم , وإما ليأسهم من أهل األندلس أنفسهم , لما عانوه معهم من قبل , وما عرفوه عنهم من تآمر

بعضهم مع أعداء البالد عليهم وعلى إخوانهم باألندلس , فيمناسبات سابقة .

وقد كثر شعر االستغاثة هذا في األدب األندلسي , حتى صار بكثرته وتنوع صوره فنا جديدا في الشعر األندلسي بل في الشعر

العربي كله , ألنه نابع من صميم مأساة األندلس , التي لم يكن لهانظير من قبل في التاريخ اإلسالمي .

فشعر االستغاثة نابع من وحي قلوب تنزف ألما وحسرة ويأسا , وقيمته ليست في أساليبه , بمقدار ما هي عاطفته المشبوبة , ومشاعره الصادقة , وصوره الشاجبة الباكية , وصرخاته التي تستجدي العون من ملوك المسلمين , حتى إذا لم تجد منهم

سميعا أو معينا , راحت تلتمسه من الله . وفي قصيدة ابن األبار القضاعي خير شاهد على شعر االستغاثة ,

حيث قال في رثائه لألندلس واستنجاده بالخليفة العباسي :

أدرك بaخaيلك خaيaل الله أنaدلسا ***إن الaسaبيل إلaaى مaنجاتهادرسا

وهب لها من عزيز النصر ما التمست *** فaلم يaزل مaنك عزالنصر ملتمسا

يaا للجزيرة أضaحى أهaلها جaرزا *** لaلحادثات، وأمaسى جaدهاتaعسا

فaفaي بaلaنسية مaنها وقaرطبة *** مaا ينسف النفس أو ما ينزفالنفسا

مaدائaن حaلها األشaرك مaبتسما *** جaذالن وارتaحل األيaمانمaبتئسا

وصaيرتها الaعوادي الaعابثات بها *** يستوحش الطرف منها ضعفما أنسا

يaا لaلمساجد عaaادت لaلعدا بaيعا *** ولaلaنداء غaaدا أثaنائها جaرسا

لaهفي عaليها إلaى استرجاع فائتها *** مaدارسا لaلمثاني أصaبحتدرسaا

يaا أيaها الaملك المنصور أنت لها *** عaلياء تaوسع أعaداء الهدىتعسا

وقaد تaواترت األنaباء أنaك مaن *** يaحيي بaقتل مaلوك الصفر أندلسا