455
ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﻭﻫﺭﺍﻥ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ، ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ﺍﻟﺩﺭﺍﻤﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ﻗﺴﻡ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻲ ﺍﻷﺩﺒﻲ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ ﺸﻬﺎﺩﺓ ﻟﻨﻴلﻤﺔ ﻤﻘﺩ ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻤﻭﺴﻭﻤﺔ: ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻴ ﺍﻟﻔﻴﻠﻤﻲ ﻤﻘﺎﺭﺒﺔ ﺴﻴﻤﻴﻭ- ﺸﻌﺭﻴﺔ" Titanic " ﻜﹶﻤﺭﻭﻥ ﺠﻴﻤﺱ ﺇﺨﺭﺍﺝ ؛" J. Cameron " ﺃﻨﻤﻭﺫﺠﺎﹰ. ﺘﻘﺩﻴﻡ: ﺇﺸﺭﺍﻑ: ﺠﻴﻼﻟﻲ ﺒﻥ ﻋﺩﻻﻥ ﻤﺤﻤ. . ﻋﺸﺭﺍﺘﻲ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻟﺠﻨﺔ رﺋﯿﺴﺎ ﺃﺤﻤﺩﻭﻤﻲ ﺤﻤ ﻣﺤﺎﺿﺮ أﺳﺘﺎذ- أ- وھﺮان ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻘﺮرا ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﺸﺭﺍﺘﻲ أﺳﺘﺎذ وھﺮان ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻘﺮرا ﻣﺴﺎﻋﺪ ا ﺠﺎﺯﻴﺔ ﻓﺭﻗﺎﻨﻲ أﺳﺘﺎذة وھﺮان ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎ ﺭﺸﻴﺩ ﻤﺎﻟﻙ ﺒﻥ أﺳﺘﺎذ ﺗﻠﻤﺴﺎن ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎ ﻗﺎﺩﺓ ﻋﻘﺎﻕ أﺳﺘﺎذ ﺑﻠﻌﺒﺎس ﺳﯿﺪي ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎ ﺤﻤﺩﺍﻭﻱ ﻤﺤﻤﺩ ﻣﺤﺎﺿﺮ أﺳﺘﺎذ- أ- ﻣﺴﺘﻐﺎﻧﻢ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ: 2009 - 2010

ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

  • Upload
    others

  • View
    3

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

جامعة وهران

قسم الفنون الدرامية والفنون ،اللغاتو كلية اآلداب،

رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في النقد األدبي والتمثيلي :موسومة

الفيلميسينمائية الخطاب شعرية -سيميو مقاربة

"Titanic " ؛ إخراج جيمس كمرون"J. Cameron "أنموذجا.

:إشراف : تقديم سليمان عشراتي. د. أ محمد عدالنبن جياللي

لجنة المناقشة

جامعة وھران -أ-أستاذ محاضر حمومي أحمد رئیسا

جامعة وھران أستاذ عشراتي سليمان مقررا

جامعة وھران أستاذة فرقاني جازية امساعد قررام

جامعة تلمسان أستاذ بن مالك رشيد مناقشا

جامعة سیدي بلعباس أستاذ عقاق قادة مناقشا

جامعة مستغانم - أ-أستاذ محاضر محمدحمداوي مناقشا

2010 - 2009 :السنة الجامعية

Page 2: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

حيمالر محنالر اهللا باسم

Page 3: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

"قالوا سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم احلكيم "

.32اآلية : سورة البقرة

Page 4: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

إهداء

إىل والدي الكرميني وإىل والدي الكرميني

ين،كاتفاليت ما لبثت تإىل زوجي الطيبة ..وتكاتف هذا البحث ليل ار

سلسبيل فردوس: إىل ابنيت الغالية؛ فردوسي إليهموإليهن إليكم وإليكن؛

. أهدي مثرة هذا التعب اجلميل

Page 5: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

كلمة شكر

الواحد األحد أمحد محدا كثريا اهللا ..طيبا ومباركا فيه

ها ما حييتاليت ال أحصي له الشكر على نعمه، وأفضاله مث؛

الشكر الفذ أتقدم به إىل أستاذي املشرف؛ الدكتور عشرايت سليمان الذي تعلمت من .، أكثر مما تعلمت من بالغة محروفهصمتهحكمة

حفتين برعاية علمية خاصة،اليت وإىل أستاذيت الدكتورة فرقاين جازية ..وأبت إال أن يبلغ هذا البحث مرفأ األمان

كل من كان يل عضدا يف بناء هذا البحث؛الشكر اخلالص إىل عبد الرمحن أخي الذي ولدته أمي،

عبد القادر بلقرنني أخي الذي مل تلده أمي ...حممد خاينفريد مزدك، غامن نقاش، نضرية ولد هنية، وأخيها سفيان،

..باءإىل طلبيت النج .إىل كل من ساعدين ولو بدعاء

Page 6: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقدمة

Page 7: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقدمة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أ

مةمقد الذي ي الحقيقي ما المعياربين فيلم، وآخر؟فاضل به الم الموضوعة، أم شكلها شاهد أهي ،

.السينمائي ؟الحق إن هذا السؤال لطالما هجست به أنفس البحاثة، والدارسين السينمائيين، وغير

بين نظرة خارجية، ما حت األجوبةوقد تراو. منذ الزمن األول لظاهرة السينماالسينمائيين، أو جمالي ،ومنطق لغوي ،ر أنطولوجيوتصو ..والمنازع، وتخالفت فكان أن تشظت المذاهب ،

النظريات، والرؤى التي سعت حثيثا إلى استكناه الظاهرة السينمائية، ومكاشفة آلياتها اإلنتاجية،ا ما حصر السينما في معلم التقنية، واآلالت، فعدها ورشة من واستبار تمظهراتها الفنية، إذ منه

اكتفى بنعتها مصدر ترفيه، ووسيلة من وسائل الترف، ورشات الصناعة ليس إال، ومنها ما، فأراح نفسه، وجمهورها، من مشقة التنقيب في أركيولوجيا الجماليات، والمسوغات النقدية

أ في ضوئها األفالم، فأدخل السينما في معجم ومنها ما عكف على سنأبجدية سينمائية تقر ..لغوي ال يقيم لقضايا الجمال، ومسائل الفن أي اعتبار

ارتأينا أن نعتمد األطاريح المترسبة، والمقاربات المتباينة حيال هوية السينما، هأمام هذفوتسدي من مراجعة السؤال المطروح أعاله، عسى أن تمكننا، في هذا البحث، مقاربة مركبة

إلينا بزوايا نظر غير مطروقة، ومن ثم، تفتح لنا آفاقا منهجية مستحدثة، ال توصل إال إلى نتائج .بحثية مستحدثة

في البدء التجأنا إلى اإلرث الشكالني)Le formalisme( الت نقديةلما يوفره من تأمشيء من سر الفعل اإلبداعي، واالشتغال اللغوي لمختلف األجناس الخطابية، معلمنة باحت ب

المعرفي سندا منهجيا، ومتكأ نظريا من شأنه التمكين )La poétique(الشعرية قولةفوجدنا في مالطريق أمامه نحو استشفاف جوهر الخطاب السينمائي وفي هذا المقام، أبينا .لهذا البحث، وفتح

ارا بمسLe métalangage( (، متخذين من اللغة الواصفة ال أن نركز على الشعرية الجاكوبسونيةإؤال في س نتوسمفضال عن ذلك استطعنا أن ؛المحورية هاتحليليا نستكشف به مفاهيم

لق منه الذي انط األنيس اإلبستمولوجي" ما الذي يجعل من رسالة قولية عمال فنيا : " جاكوبسون . استنبط منه ما أمكن من المصادرات، والمفاتيح التأسيسيةهذا البحث، وغرف من معينه، و

Page 8: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقدمة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ب

إعادة صوغ ذلك السؤال فعلى هذا األساس، ومن موقع هذا البحث، لم نجد حرجا في ليتمخض عنه سؤال آخر، يشبهه في المنطلق، ولكن ينماز عنه في نمط االشتغال، هو ما نتمثله

ما الذي يجعل من رسالة فيلمية عمال فنيا ؟: اال رئيسا يحرك بحثنا مباحث، وفصوالإشكعلى أننا ربطنا هذا اإلشكال بمقترح افتراضي، وعضدناه بخلفية نظرية مسبقة، هي

أن موضوع الدراسة السينمائية األخرى مستخلصة من صلب التصور الجاكوبسوني، مؤداها؛ ، أي ما يجعل من فيلم ما عمال )La cinématographicité(السينما، وإنما السينمائية ليس هو .سينمائيا

إن هذا التصور، بما يحمل من مساءالت وإشكاالت، لم يكن بمقدورنا التوصل إليه لو لم ومان نعتمد عددا من البحوث الناجزة، والدراسات السابقة، نخص منها بالذكر مؤلف ر

Essais de linguistique générale, Les fondations des؛ )Roman Jakobson(جاكوبسون

langues لهذا البحث كما نتمثله على خلفية السؤال المشار إليه الذي باح لنا بالمنطلق التأسيسيه الحادي ، السيما بعد إمعاننا النظر في فصل" Littérarité –األدبية " أعاله، وفي ضوء مقولة

وهو المنطلق الذي انسحبت تداعياته التقعيدية على . Linguistique et poétique: عشر المعنونجزء هام من بنية المقاربة في صورة تمحيصية قد حرصنا على إخضاعها لمنطق اللغة

تز كما نخص بالذكر أيضا مؤلف كريستان مي. الواصفة، وتحصينها بمسلك نمذجي خاص)Christian Metz( ؛Essais sur la signification au cinéma جنس جاهزيةأوحى لنا ب الذي

للتأصل، وأوعز إلينا بإمكانات تحري الخصوصية السينمائية، تحت غطاء مصطلحي السينمابديال مصطلحا" La cinématographicité -السينمائية " ألفينا فيه الكثير مما يحفز على اقتراح

".األدبية " لذاك الذي وضعه جاكوبسون في حقله األم؛ ولئن كان الخطاب السينمائي ظاهرة متناهية في التركب، والتعقيد، فإننا رأينا في

ال يستوعب كل حيثيات السينما، وال يستغرق كل قاصرة، وإجراء منهجيا الشعرية مقاربة ، على تعضيد الشعرية بالسيميائيات األمر الذي دعانا إلى ؛مطالب اإلشكال، وكل مراميه

اختالف اتجاهاتها، ونماذجها التحليلية، إذ خضعت، هي األخرى، لقراءة شارحة كان الغرض .شعرية - سيميومنها تسويغ الربط بين قطبي التركيب في معادلة المقاربة؛

Page 9: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقدمة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ج

وإذن، فإسقاط المنطلق الشعرياتي ه إلى اقتراب سيميائيعلى حقل السينما، بعد ضمبعض فصول هذا محسوب، قد تفتقت عنه جملة من اإلشكاالت الفرعية، دارت على محورها

:البحث، نذكرها على النحو التالي .؟ تيمته المؤفلمة، أم من بنيته الفيلميةمن أي جهة تتأتى سينمائية الفيلم؛ من -، وهل بوسع خطابية السينما أن تكون بالسينمائية الصرفمعقولية القول ما مدى -

.اإلنتاج الداللي ؟خالصة أحادية االشتغال اللغوي، و- ،غ نظرين معالم السينمائية خارج السينما ؟، وهل من مسوكيف يمكن أن تتحي

.؟ لشعرية المؤفلمأو إجرائي يؤثل كيبي الذي جاء عليه هذا اإلشكال، وبنية لم خيوطه، وضم علقات من منطلق النسيج التر

، شعرية - الخطاب الفيلمي، مقاربة سيميو سينمائية: أطرافه، ارتأينا أن نسم بحثنا بهذه العتبةالمدونة )James Cameron(للمخرج جيمس كمرون )Titanic(فيلم التيتانيك من اتخذنا ناعلى أنحاولنا االشتغال عليها بغية تمثل أهم المفاهيم، والمقترحات النظرية المطروقة ائية التي السينم

.في الفصول السالفةولوجيا هذه العتبة العنوانية أن ورفاإلشكال اإلبستمولوجية، وم طبيعةولقد أملت علينا

. ضال عن مدخل، ومقدمة، وخاتمةنمفصل البحث في أربعة فصول، فبتوضيح المسالك فكان في مقام ذهنية البحث، وعقله المدبر؛ إذ اختص أما المدخل،

فأحال إلى منطق المنهجية، واألدوات التحليلية التي تمكن الباحث من تحقيق توأمة المقاربة، استثمار ما أمكن من المقوالت، في وما يتيحه من طرائق مؤسسة تعتمدوالتناهج، النمذجة،

تبين ؛، زودناه بخطاطتينوبحكم تعاليه التجريدي مختلفة الحقول، والمناهل،الوالتصورات نسق المقاربة في ضع أخراهماومإحداهما مقومات االستناد إلى نظرية السلوك النمذجي، وت

.السياق الجديد المفروض من لدن الموسومفاختصصناه لتوصيف الشعرية باستعمال لغة واصفة تتوخى التحوط، لفصل األول، وأما ا

ولقد ركزنا، في هذا .من مفاهيمها، ودحض ما يجب دحضهواالحتذار في اعتماد ما يجب الفصل، على شعرية جاكوبسون، ومنطلقاته الرئيسة بحكم أنها المنهل الرسمي الذي انفطرت

Page 10: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقدمة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

د

، ولم نتوان، رغم ذلك، عن تدعيم الفصل ببعض التصورات شكال لهذه الدراسةاإل منه علقة .T(الشعرياتية، والمطارحات النقدية الخاصة بأبرز األعالم؛ على سبيل تزيفيتان تودوروف

Todorov( وأومبيرتو إيكو ،)U. Eco( وجوليا كريستيفا ،)J. Kristeva( رفقة مارتن هايدغر)M. Heidegger(إلى الشعرية األرسطية من الختامأننا ارتأينا أن نحيل القارئ، في ، على ،

وال ضير، قد كان .ها على مر العصورمستودع ألكبر األنساق التنظيرية، وأرشيف حيث هيالتأسيس لشعرية تقبل الهجرة من كنف اللسان إلى أفضية أن نحاولالغرض من ذلك كله

.السينماشعرية، استلزامات -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو مناه؛والفصل الثاني، فقد وس

إذ بعد رسونا عند مقترح شخصي لمفهوم الشعرية، تأثلت لنا المعالم الكبرى التي من . ومبرراتيوائمها من مفاهيم سيميائية على اختالف شأنها تسهيل مهمة التركيب بين الشعرية، وبين ما

La(فكان لنا أن صوبنا اهتمامنا نحو مقولة الشكل العاني . التأسيسية مرجعياتهاين تباتياراتها، و

forme signifiante(ات شارل سندرس بيرس ي، ونحو المقوالت المحورية لسيميائ)Charles. S.

Peirce(فانبرينا ن ،ضمفيها ما يقبل االنسحاب على األبعاد الشكلية، والداللية للخطاب حمنازع فلسفية، ئي، وما تم لنا ذلك إال بعد محاولة اختبار حقيقة ما يقارف الشعرية من السينما

، واألسلوبية، والبنيوية، )أو فلسفة الفن(ومناهج نقدية حديثة؛ إذ وقع اختيارنا على علم الجمال ة، برصد بؤر ، حيث اكتفينا، تحقيقا لهذه الغاي)J. Derrida(والتفكيكية محصورة في جاك دريدا

.االختالف، ثم دحضها، ورصد بؤر االئتالف، ثم أخذها La(تجرأنا على اقتراح السينمائية ففيه .البحث من الفصل الثالث تبتدئ، بحق، مغامرة

cinématographicité( شعرية، وذاك بدافع احترام سياق -مصطلحا بديال للمقاربة سيميوستثمار بعض الفراغات البانية، م يتأت لنا ذلك إال من طريق ا، وأصالة التخصص، ولالحقل

ثم طفقنا . )Ch. Metz(والمتروكة، على نحو ما، في النسق المفاهيمي ألطروحة كريستيان ميتز ، ونستشف أصعدة تجلياتها في بنية الفيلم من مرحلة الصمت، إلى نجوس البصمة السينمائية

المونتاج، على المكونات المحورية لترسانة اللغة السينمائية؛ ررمببتركيز مرحلة الصوت، اقتنعنا أن سينمائية واللقطة بعناصرها الخارجية وأنساقها الداخلية، والخداع السينمائي، إلى أن

Page 11: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقدمة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ه

،تقنوالفيلم ال تنهض إال على خلفية السينمائية، وأنها، من ثم سلوك- تجريدي يقبل بنيوي . مظهر في مختلف األجناس الفيلمية، واألشكال الخطابيةالت

عينيا لمفاهيم البحث، وتصوراته الكبرى، وإجابة وأما الفصل الرابع، فقد جاء تتويجاإجرائية عن إشكاالته المطروحة في الفصول السابقة، ال تلبث تحمل في أحشائها أسئلة آلفاق

لنا أن يكون تحليلنا لفيلم تيتانيك مقتصرا على بعض مقاطعه في هذا االتجاه، فض. بحثية أخرىذات األهمية حيال موضوعنا، ال حيال موضوع الفيلم، بحكم نسقية المقاربة من جهة، ومن

لذا، لم .من جهة أخرى ،منطلق أن األمر يكفي للكشف عن طبيعة االشتغال السينمائي للسينمامائية الفيلم بأكمله، وإنما لقراءة في سينمائيته، وهو ما حاولنا يخصص هذا الفصل لقراءة سين

.قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمروناإلفصاح عنه بعنونته؛ حسغرى من بحر السينما، ولم يضئ سوى بهذا البحث لم يغرف سوى قطرة ص نا أن

ألستاذنا اإلشراف النبيلليكتمل لوال ركن ركين من فضاءات العلم، وأكوان المعرفة، وما كانالوجيه على إنجازه، وإتمامه، ، ولوال حرصهسليمان عشراتي ؛لقفالباحث الم ،الفاضل الكريم

تجثو الرياح، وتستكين فكان لنا، بحق، شعلة قنديل تكتسح دهاليز البحث، وتنير متاهاته، .العواصف أمام ضوءها

إلى جانب هذا فرقاني جازية؛ المناضلةالفاضلة، الباحثة وقوف أستاذتنا وال ننسى الزوج الكريمة البحث بتوجيهات منهجية توصل اآلخذ بها إلى مرفأ الحقيقة، وكذا تعب ،

على ترجمة أعسر المصطلحات، والنصوص التي كم كان هذا البحث في وعكوفها المضني .مسيس الحاجة إليها

باهللا العلي العظيم، له الحمد في األول واآلخر، وهو المستعانثم ال حول وال قوة إال على كل أمر، والمعين ء، نحمده على فوق عباده، ليس بعد علمه شي على كل خير، وهو القاهر

. ما علمنا، يمن على عباده، وال يمن أحد عليه

Page 12: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لـمدخ

للبحث لألفق التقعيدي منهاجية توطئة

Page 13: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

« Si la matière demande une complication ou une modification de nos

principes, nous l’opérons immédiatement ». B. Eikhenbaum.

Page 14: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مدخل توطئة منهاجية لألفق التقعيدي للبحث

العودة إلى الذاكرة االقتراب وتأويلية تزامنية -1ى لقتتفال يجب أن ". الشعرية " صطلحنحو ذاكرة م البتة، ،بحثهذا المقاربة نحو تال

يما هإن .للمفاهيم المنضوية تحته، والنحناءاته التطورية ، وتاريخيفعل سرديد مجر اهنأعلى دفي ثباته، وآنيته، آخذا بعين الحسبان تعد - سمذ تأس – صطلحالم ىه أن يتقصنوات عمل

- أو اتجاه – ها من باحث آلخر، ومن مذهبوتقاطع ،هاها، واختالفعوتنو ،وجهات النظر إليه . آلخر

ولئن كان المصطلح نسقا فكريا، وغالفا لسانيا يحوي داخله منظومة من المفاهيم، ال ضمن سيرورة .. يرى النور إال بعد تراكم مظاهره، وتكثف مالمحه، وتناغم أفكاره وال ،يتفتق

الفعل المعرفي،* ها على العودة إلى الوراء، أمال في فإن أدنى محاولة لتحديده، تجبر صاحبيضمن أن وفقها عبر التاريخ، عل ذلك لالوقوف على حاالته الجنينية، وعلى الكيفية التي تشك

**.س نجاعة أكبر في مالمسة جوهر المصطلح، ومكاشفة حقيقته التأسيسيةللدار. ، وتحليال، واستقصاءذلك ما سنصبو إلى تحقيقه ونحن نتناول مصطلح الشعرية مدارسة

بيد أننا نفضض ألبرز المنظرين الذين أسهموا في بناء صرح المصطلح، ل االكتفاء بالتعرفي إعادة تحديده وتفعيله، ،على نحو يفيدنا، بشكل أو بآخر.. ورسم معالمه، ونحت مفاهيمه

.تحويرا، أو تعديال، أو تجديدا، وفق ما يستجيب لغايات، وطموحات بحثناخطابا -ة لهذا البحث التقعيدي محطاتال عبر –سنحاول أن ننجز فمن هذا المنظور،

من -في طريقة اشتغاله وتحليله –ا ، منطلق للشعرية متأمال، من جديد، في النسق المفاهيميالسرد، ال بنزعة التأريخ، و.. ماضيهالمصطلح جاهزا، ومفضال العودة، عن طواعية، إلى

.، بل بنزعة االستنباط، والمحاججة، والتأويلصوالوصف الخال

حسين . د". إن تكوين المفاهيم في نهاية المطاف، عملية معقدة تعتبر محصلة جهود فكرية متواصلة عبر التاريخ "حيث *

، مركز )5(الزاوي، الفلسفة الواصفة، مقاربة ألشكال التعبير في الخطاب الفلسفي المعاصر، اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية .85:، ص2002، 1ب للنشر، مصر الجديدة، القاهرة، طالكتا

ويمكننا .. إذ أن استكناه حقيقة المصطلح، ههنا، والوقوف على طبيعته، يسنح لنا بتوظيفه في شتى الحقول المعرفية والفنية **لك باعتباره قطعة من أيضا من اعتماد ما يصلح من أجزائه الفكرية، في مقاربة أي نوع من الخطابات تكييفا وتطويعا، وذ

األفكار ممتدة عبر الزمن، من ثمة، إن الرجوع إلى هذه األفكار التي تشكل مرحلة قبلية للمصطلح، يكون إما ا اضطرارا وإم يكشف الحقل قبل المفاهيمي عن انتظامات وإلزامات خطابية سمحت بإمكان عدد متباين من المفاهيم، "بطريقة آلية، حيث

ميشال فوكو، حفريات المعرفة، ".من األفكار والمعتقدات والتمثالت التي ننساق نحوها طوعا، كلما أردنا التأريخ لألفكاروبسيل 61:، ص1986، 1سالم يفوت، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط: تر

Page 15: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

للبحث لألفق التقعيدي جيةمنها توطئة مدخل

15

ية التزامنية، أو اآلن والحال هذه، سنعتمد أساسا في مقاربتنا لمفاهيم الشعرية، محور إننا،الطابع النسقي(L’axe synchronique)المحور ببعض خصوصيات ما، مطع التعاقبي التاريخي

(L’axe diachronique)،* وبعض امتيازاته اإلجرائية. للشعرية )آنية( إلى إنجاز مقاربة تزامنية -فعال –تجدر اإلشارة إلى أننا نطمح كما

(Approche synchroniqueعلى أنها سكونية جوفاء، -ههنا – تفهم التزامنية ، ولكن شريطة أالتاريخية بمباحثة شعرية حبيسة مرحلة - بطبيعة الموقف –إذ لسنا معنيين . أو ستاتية مطلقة

معينة، من دون التفتح على مراحل وأزمنة أخرى، سابقة أم الحقة، تكون قد اكتسبت فيها هذه –الصرف، تتنافى فالتزامنية، بهذا المفهوم السكوني. الشعرية مفاهيم، و مقوالت، ورؤى جديدة

وطموح المحاولة إلى إعادة تأثيث مفاهيم المصطلح، بتوحيدها أو تجديدها، أو تعديلها - برأينامراجعة ، وجردها، وتحليلها، ووتحويرها، بل وهي تتناقض حتى مع نية شرح تلك المفاهيم

.بعض تجلياتها وآفاقها اإلجرائيةشيئا من الحفرية، - ولو بنوع من التحوط -التزامنية، بهذا المنظور، نضمإذن، تت

يمنحنا إمكانية المحاذاة بين ما وهو. دون إقصاء لعامل السكونيةمن والتاريخية التطورية على أقل تقدير، عبر زمنين زمنة متمايزة، أوأالمفاهيم التي توسم بها مصطلح الشعرية عبر

طامحا .. إما من توحيد المفاهيم، توحيدا تحليليا، ونقديا -عمليا –نحو يمكننا تاريخيين، على

وإننا نتبنى هذه الترجمة . بي، تاريخيتعاق: بـ Diachroniqueبـ تزامني، و (L’axe synchronique)يترجم بسام بركة *

.لكونها تتساوق واالتجاه التحليلي و اإلجرائي لبحثناCf : Bassam Barake. Dictionnaire de linguistique. Fran-AR. Faculté des lettres et des sciences humaines. Université libanaise. Tripoli-liban.1er ed - janvier 1985 s.p 197,d p : 59.

وإننا سنعمد بشكل من األشكال، وبنوع من الحذر، إلى المزاوجة بين مبدأ التزامنية، الذي يعنى بالعالقات المنطقية، واإلدراكية ، وبين مبدأ التعاقبية الذي شتركوعي جماعي م الرابطة بين مفاهيم متواشجة فيما بينها تواشجا يشكل نظاما قابال للتعقل من قبل

ا يجعلها تحتاج، من أجل إدراكها، إلى ، ممالمقابل، إلى مدارسة العالقات بين مفاهيم متتابعة، وال تشكل من ثم، نظامايسعى ب : Cf, F.De.Saussure, Cours de linguistique générale, Ed, TALANTIKIT, Bejaia, 2002, p(..وعي مشتت عبر التاريخ

بين سجة بين هذين المبدأين صعوبة التحكم في عواقبها، وربما الوقوع في االلتباوصحيح أن من مخاطر هذه المزاو ،).120 Point de)أن ما يمكن أن يتمخض عنها هو المبدأ الثالث؛ مبدأ الثبات والالتغير ، إال(Cf, Ibid, p :116 à p :120)المبدأين ذاتيهما

vue panchronique) ،مقرا، في الوقت نفسه، أنه يمثل وجهة نظر ليس بوسعها البتة ، والذي تساءل سوسير عن إمكانية وجوده، لذلك نشير هنا إلى أننا سنركز تركيزا يكاد يكون كليا على (Cf, Ibid, pp :115-116) بلوغ الحقائق الجوهرية للغة أو الظاهرة

التزامنية، دراك لمفهوميلمزيد من اإل. ألي نوع من االلتباس المنهجي واالرتباك الفكري المحور التزامني تالفيا . (Cf, Ibid, p :112 à p :114):والتعاقبية

Page 16: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

للبحث لألفق التقعيدي جيةمنها توطئة مدخل

16

إلى اختزالها في نسق، أو نظام تقعيدي مبتكر، وإما من تشكيل رؤيا جديدة، أو وجهة نظر .شعريةبالمخصوصة

من لصة، وال تشوبها شائبة في وجود شعرية تاريخية سردية خا نشك - بالمقابل –ننا إ ،، بل كم هو صعب تعقل مفهومها، إال إذا التصقت بمحور التزامنيةوالنسقي التأمل اآلنيشوائب

ال يجب الخلط بين "نوازع التحليل والثبات، ومن ثمة، ب شبعتالنسقية، وت بحبال اعتصمتوالشعرية، كما في مجال حيث إن الدراسة التاريخية ]...[بين السكونية،و[...] الشعرية التزامنية

بمسألة التحوالت فحسب، وإنما يجدر بها أيضا االعتناء بظواهر في مجال اللسانيات، ال تعنى 1." متصلة، ودائمة، وسكونية

الشعرية لذاتها عبر باحثةم؛ بحثهذا ال في مطلعذلك هو الدرب الذي سنسير عليه أن ننتزع من ذهن القارئ، وهو -إلصراربشيء من ا –غير أننا نود .األعالم الزمن، أو عبر

لح عليه فكرة أن هذا الفصل هو بمثابة دراسة تندرج ضمن ما اصط، "عبر الزمن"يتلقى عبارة ضة عن التي تعنى بتوصيف الشعرية ضمن سلسلة المفاهيم المتمخ *،" الشعرية التاريخية "بـ

**.وحقب تاريخية متتابعة ،مراحل

1 R. Jakobson. Essais de linguistique générale. Les fondations des langues, traduit et préfacé par Nicolas Ruwet, Les éditions de minuit, Paris 1963 p : 212.

فذلك ما يتطلب .. لتأريخ للشعرية، وال بصدد الحديث عن نشأتها بشكل سردي، ومنطقي آليبصدد ا - صراحة –إذ لسنا *لبحثنا، فإنه يوقع أيضا في أزمة مفاهيمية، وباإلضافة إلى كون ذلك يتعارض واألفق المنهاجي. دراسة كاملة مستقلة بذاتها

إنما هي أزمة تأسيسية نحن في غنى . (Variabilité)" التحولية "و (Genèse)" النشأة "بسبب ذلك التداخل الشائك بين مفهومي عنها، على الرغم من أن تحليلنا سيكون أقرب إلى تفعيل مفهوم التحولية الذي تعتبر دراسته جزءا منخرطا في كيان الدراسة

نسق ألخر، ومن مرحلة ألخرى، داخل النسق والبنية، وبرصد تغيرها من.. الشعرية، والذي يهتم بالكشف عن حياة المفاهيم، فإننا سنركز على جانبه النسقي البنيوي، أكثر منه على جانبه التحقيبي " التحولية "على أننا، إن كنا سنتعامل مع

، ص 1987، 1شكري المبخوث و رجاء بن سالمة، دار توبقال للنشر، ط: تزفيطان طودوروف، الشعرية، تر: ينظر .التسلسلي .77، 76، 75: صإن : "من خالل قول جاكوبسون (Poétique Historique)" لشعرية التاريخيةا "مفهوم -و بشكل صريح –حيث يتجلى **

فهمها، يجب إدراكها بوصفها بنية فوقية تشكلت فضال عن - حقيقة –الشعرية التاريخية شأنها شأن تاريخ اللغة، فإن شئنا – ، وهو مفهوم يقترب.R. Jakobson. Essais de linguistique générale. P : 212". ةسلسلة من التوصيفات التزامنية المتتابع

غير أنه مفهوم صعب التحقق، إذ . المحدد من قبل تودوروف كما سبقت اإلحالة إليه Variabilitéإلى مفهوم التحولية -ا ضمني عرية التاريخية هي القطاع األقل تبلورا من قطاعات الشعريةالش "ما يزال بحاجة كبيرة إلى أبحاث مستقلة وقائمة بذاتها، إذ أن

. 79:شكري المبخوث و رجاء بن سالمة، ص: تزفيطان طودوروف، الشعرية، تر".

Page 17: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

للبحث لألفق التقعيدي جيةمنها توطئة مدخل

17

رضيا فيما ننجزه من توصيف نقدي للشعرية، ومقاربة شارحة فمجال التاريخية يبقى عوحيثياته ، حيث سنتجه مباشرة صوب معايرة مصطلح الشعرية، ومكاشفة مفاهيمه .لها

وال نقف عند عتبة التاريخ إال بدافع التحقق أكثر من جوهر المصطلح، من خالل .. التنظيريةإلى معرفة ذلك يفضي أنعل .. المترسبة امتداداته المفهوميةالكشف عن جذوره، وإدراك

.الشعرية ظاهرة، أي؛ قبل أن تصير مصطلحا، وفي النسق في النسق األفالطوني علما أن عودتنا إلى الماضي، ستكون مختزلة

دة بآليات التأويل، . على وجه الخصوص األرسطيوهي بمثابة قراءة نموذجية، معض .على صعيد ذلك التراث رةوموفواالستقصاء، وملء الفراغات ال

ذلك ألننا نرى في إجراء تلك المحاذاة بين الحمولة الفكرية للمصطلح النهائي، وبين عامال استراتيجيا يسهم، وبشكل فعال، في غربلة المفاهيم .. الته األوليةوتشك مظاهره البدائية،

لها، وتعقلها تفسيرا، وتحليال، ونقداالمتمايزة للشعرية، ومراجعة أنساقها المتعددة، بإعادة تأم ..انطالقا من طبيعة .. إلى محاولة توحيدها وتجديدها األمر الذي يبرر سعينا الحثيث إنهو

، الذي جعلنا نقرر أن يكون أيضااالحتياجات المنهاجية والتأسيسية للبحث، وإنه األمر، .والتشكالت، مرجعا وأرشيفا رأي المظاه، الحاضر، أي المصطلح، منطلقا، والماضيما الداعي الحقيقي إلى مباحثة، ومحاورة مصطلح : لننتبه، اآلن، إلى جرس هذا التساؤل

من لفظتي ؟ ثم ما القصد الفعلي ؟ وكيف يفضي ذلك إلى توحيد أو تجديد مفاهيمها الشعرية .؟ من ذلك ها بحثنامكن أن يجني؟ وما الفائدة المنهاجية، واإلجرائية التي ي "تجديد"و" توحيد"

االستحداث ورهان.. هاها و ائتالفدواعي توحيد المفاهيم؛ اختالف -2من قبل منظرين وباحثين كثر، يختلفون في المرجعيات درستال شك أن الشعرية قد

من جاتمثل موضوعا معال ما تزالومن ثمة، . والمذهبية ،الفكرية، واالنتماءات األيديولوجيةالمتشابهة ،المفاهيم والتصورات تنوعا واختالفا، ما حولها إلى مصطلح شبكي ،زوايا متعددة

.والمنسجمة في مستوى، والمتقاطعة والمتضاربة في مستوى آخرعن الشعرية (Roman Jakobson) يكون خطاب رومان جاكوبسون أنلذلك يستحيل

، كما أنه ليس من الموضوعية في شيء، (Julia Krestiva)نسخة مطابقة لخطاب جوليا كرستيفا

Page 18: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

للبحث لألفق التقعيدي جيةمنها توطئة مدخل

18

تمييز شعرية تزيفيتان تودوروف عدم (Tzevetan Todorov) عن شعرية جون كوهان (John

Cohen) أو عن شعرية أمبرتو إيكو ،(Umberto. Eco)..* بين المفاهيم التي تصنع –شكليا كان أم جوهريا – فهذا التعدد، والتنوع، والتخالف

مصطلحية الشعرية، إنما هو داع من الدواعي المحورية إلعادة النظر فيها بالمدارسة، .؟ لكن، ما الغاية من وراء ذلك .واالستقصاء، والقراءة المؤولة

، إلى من خالل قراءتنا للشعرية، توصيفا، ومراجعة، وتأويال - وال ريب –إننا نرمي موضوعا أساسا لها، نساق التي اتخذت الشعريةمحاولة تذليل الفوارق بين التصورات، واأل

من جهة، بتكتيل أبرز المفاهيم المتقاربة، والمتشابهة، تصنيفا، وإدراجا، على النحو الذي يسمح،ويسمح، من جهة أخرى بإقصاء، وإبطال بعض -على الرغم من اختالف مصادرها –وترتيبا

المفاهيم فضال عن شكليبالنظر إلى خصوصية بحثنا بطبيعة الحال تهاتها أو عرضي. معتبرين .. ر المفهوم، وكثرة تداوله بين المنظرينإذ سنعتمد، في المقام األول، معيار تكر

دليال منطقيا على موضوعيته وأصالته، وهو ما يجعله مفهوما جديرا ذلك التداول المكرورا في عرضيته، إم أو نعتمد معيار شذوذ المفهوم،لمقام الثاني، فسا في أما ،باالستحواذ، واإلبقاء

نظر النسق المفاهيمي لبحثنا، اإلجرائي ا في نظر المبتكر نفسه للمفهوم، وهو ما يجعله وإم .عرضة للسقوط واإلقصاء

، بشكل مباشر، إلى محاولة نحت زاوية مخصوصة، وذات هذا اإلجراء المبدئي إنما يصبوحيث تكون هذه الزاوية ب. من خاللها إلى مفهوم الشعرية صبغة علمية، يمكن النظر

وتكون أيضا نتاج شبكة .. مجموعة من الزوايا يالمخصوصة في صلبها حصيلة تداخل وتدانر الموجودة بين تنظيرات وتأصيالت شتى للشعرية، مما يحولها إلى صواألوا من العالئق،

موحدا مبتكر، سواء أكان ق مفاهيميوجهة نظر متصفة بالخصوبة والقابلية إلنتاج نس Le)ينحو المفهوم " إذ ،ومصنفا لها ، أم مجددا، أو مركباعليها أو مشتمال لمفاهيم السابقةل

concept) إلى اشتمال جملة ظواهر وهو يحقق هذه الغاية من خالل فاعليته في التصنيف وأنواع معلال ذلك بقواعد عامة تؤسس إن المفهوم يرتب المتعدد في جنس، واإللحاق واإلدراج

1." بدورها نسقا ذا تراكب متين

.بحثهذا الالفصل األول من وهو ما سنقوم بتوضيحه، و تحليله، في مواضع الحقة من * .192:، ص2002، مركز الكتاب للنشر، القاهرة، مصر، 1طبيقه، طمحمد قاري، سيميائية المعرفة المنطقية، منهج و ت 1

Page 19: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

للبحث لألفق التقعيدي جيةمنها توطئة مدخل

19

فعل توحيد المتعدد الموسوم به مصطلح القواعد العامة التي بها نحاول تعليلأما عن هذه الذي قد يحصل على .. الشعرية، فنعتقد أنها استلهام تعضيدي يتغذى من ذلك التناسق، والتساوق

ذا المصطلح لدى السواد األعظم من المسهمين في التأسيس له، وهوصعيد جهة من جهات هاألمر الذي يجعل هذه الجهات المتساوقة عنصرا واحدا وقارا من عناصر تكوين الشعرية، يكاد

.وتفنيده يكون مستحيال على أي باحث دحضه،ن العديد من مناحي على أن هذه المبادئ الممكن استنباطها من خالل التوافقات التنظيرية بي

إنما ..ليست مبادئ نهائية وقطعية، وال حتى واضحة المعالم له، المفهوم ولدى معظم المنظرينأفعال استنتاجيه تتطلع إلى اإلبقاء على المتوافق والمتآلف، وإبطال المتنافر محض هي

موضوع المفهوم وفروعه، وتكويناته الجزئية، وذلك وفق طبيعة ال والمتخالف من مزايا *.المتعاطية معه هذه األفعال

ويشترط في هذه المبادئ، فضال عن ذلك، المرونة، وقابلية التعديل، وسرعة التكيف مع نا ادئنا، فإنإن اقتضت المادة تكثيفا أو تعديال لمب" خصائص المادة البحثية المعطاة، ومن ثمة

هي تليين أبرز طات التأسيسية لبحثناالمحالغاية من ستكون هكذا، 1." حاال وغهانعيد صمفاهيم الشعرية، وتحويلها إلى مجرد إجراءات منهاجية مرنة، أو جعلها نسقا فكريا طيعا، له

.ينمائيالخطاب السالقدرة على التفاعل والتجاوب مع مادتنا البحثية الطارئة؛ ئية مشروطة بزئبقية غايتنا من وراء ذلك كله؛ هي إنتاج شعرية سينماإن اختصارا،

.! المفاهيم، وعدم استقرارها على حال واحدةترى، ما هي الفاعليات، واإلجراءات، والقرارات المنهاجية التي ال مناص من اعتمادها

وتبنيها سبيال إلى توحيد المتعدةد من مفاهيم الشعرية؟ بعبارة أخرى، هل من تقنية منهاجي والتنظيرات المتناولة لمصطلح الشعرية؟ ،واألفكار ،ارنة المواقفومق تفضي، عمليا، إلى تحليل

.إنما هذا تساؤل ملح، نحن في مسيس الحاجة إلى تداعيات اإلجابة عنه اآلن

مباحثة يالذين ال يعترفون بوجود مبادئ دوغمائية تعتمد ف )Les formalistes russes(دأبنا في ذلك دأب الشكالنيين الروس *

أمام الوصول إلى عائقاائيتها الظواهر، وتعقل الموضوعات، بل إن في ذلك مجازفة من عواقبها أن تقف تلك العواقب بدوغم ,Cf, T. Todorov.في شكل نظرية، أو منهج، أو نموذج تحليلي تجريدها، وتنسيقهاو بتعقلها، عمق الوقائع، وصوال يسنح

Théorie de la littérature. Textes des formalistes russes réunis. Présentés et traduits par T. Todorov, préface de R. Jakobson, collection " Tel quel ", ed; du seuil, Paris, 1965, P: 66.

1 Op. cit, p : 32.

Page 20: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

للبحث لألفق التقعيدي جيةمنها توطئة مدخل

20

سلوك النمذجة مقاربة المصطلح و -3من المفاهيم والتصورات التي انسحبت على االقترابحقيقة، إن تطلعنا إلى محاولة

أجوف، إنما هو تطلع اندفاع حماسي دليس مجر.. ايقترابا استقصائيا تصنيفمصطلح الشعرية ا د -بالعلمية االتصاف أو طامح إلى –علميسلوكا نمذجيا، -وإن جزئيا –من حيث كونه يجس

يكاد يكون نظرية، أو هو يصبو ألن يكون أو مستوى من مستوياته، ذلك أن السلوك النمذجي *.كذلك

1،" على تحليل شامل ومقارن للمواقف المعرفية "نمذجية هذا السلوك أن يعمل وفحوى ينا لهذا اإلجراء وسيكون واضحا تبن. مفتاحيا ينبني عليه فعل النمذجة ذاته وهو ما يشكل إجراء

في المفتاحي عملية استقصاء وتقليص سعة التعدد ذاته الذي يطبع مفاهيم الشعرية، لكونه إجراء والمواقف الفكرية المتناولة ،لبحثنا في صفة المقارنة بين المفاهيم المنهاجي ك مع الحسيشتر

.لموضوع واحدأنه ال يتسنى لنا التقريب بين المفاهيم المنضوية تحت مصطلح الشعرية، ومن ثم فمنطقي

ادخار ي تناولت آخر، إال بعد تحليل شامل ومقارن للمواقف، والتصورات الت مفهوم، وإقصاءالمنتجة من قبل منظرين كثيرين، حاولوا التأسيس له في شكل نظريات وأنساق و هذا المصطلح،

بناء نموذج خاص أو.. وال ينبغي أن يفهم من وراء ذلك أننا نروم إنتاج نظرية .مختلفةإلى غربلة المصطلح على -ات النمذجةفضال عن بعض خصوصي –بل إننا نصبوبالشعرية،

ة الفيلم باعتباره تقعيد لشعريل إلبداع إستراتيجية فكرية تكون في مستوى اليؤه نحو ماالموضوع لهذا البحث األساس.

* في اعتقادنا، نظرية مكتملة األسس والمبادئ، وآية ذلك أن أحال إليها الباحث محمد قاري بالصيغة ليس السلوك النمذجي ،

ينظر . ليتها، وبعدم اكتمالهاوهي صيغة توحي بمبدئية هذه النظرية، وبأو ،" نحو نظرية في السلوك النمذجي" العنوانية التالية؛ فما نود تأكيده في هذالكننا نشير هنا إلى أن هذه المسألة ال تعني بحثنا في أي شيء، . 80: محمد قاري، مرجع سابق، ص

فعيل آلياتها، واإلفادة من حسها ، وت"النظرية " هو أننا لسنا سوى ساعين إلى استثمار بعض من جوانب هذه السياق، .والتصنيفي، المحاذي لوازع الموضوعية، والمتوخي خصائص األكاديمية التحليلي، والتركيبي،

.نفسه 1

Page 21: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

للبحث لألفق التقعيدي جيةمنها توطئة مدخل

21

، تحفظنا على بعض مبادئ نظرية السلوك النمذجي - في الوقت نفسه –كما أننا ال نخفي طنا إزاء بعض مستوياته اإلجرائية التي ال تنسجم والبنية العميقة للحسوتحو المعتمد اإلقترابي

*.في هذه الدراسةظاهرة االستحواذ ومن مستويات السلوك النمذجي التي نراها جديرة باالعتماد، نجد

النمذجيومأو لمفه –، تحت تأثير شديد لنموذج معرفي ؛ مفاده أن يقع الباحث، الفاعل المعرفي فال وجود ألدنى شك 1.اقع مختلفنتج في ظروف مختلفة، وله عالقة مع ويكون قد أ، جاهز –

ذين من قبل بعض مفاهيم الشعرية في أننا سنستثمر هذه الواقعة المنهاجية، بحيث سنكون مستحو .إما لعلة كامنة فيها، وإما لكونها تتساوق وطبيعة موضوع المقاربة

ي تحقيق صريح من لدننا بأولوية استثمار هذا المبدأ النمذجي، أمال ف إنما هو اعترافإنجازية المقاربة، وتجسيد فعاليتها في تحليل الموضوع المقترب منه، إذ أن تأثرنا المباشر

" مقاربة"الجاهزة، هو أمر فيه تأكيد على ال منطقية أن تحمل مفردة ببعض النظريات والمفاهيما المنضوية تحت لحمولة المفاهيم كلهدحضا نهائيا -..والنقدية مهما كانت آلياتها التحليلية –

.لواء مصطلح الشعريةإن سعينا الدؤوب إلى مقارنة المواقف والمفاهيم التأسيسية المنتجة من قبل منظري

في إبطال بعض من تلك الشعرية، يفرض علينا سلوكا نقديا خاصا، من سماته البارزة القصديةإنما في ذلك إيحاء بأن فعل المقارنة .أو إسقاط مكون من مكوناتها البنائية.. المواقف والمفاهيم

كل ما يطمح إليه استخالص المتشابه ..الذي نروم ممارسته ههنا، ليس فعال خالصابل هو فعل ..اربة شيئاـوالمختلف في شكل تصنيفي تقليدي ال يضيف إلى حركية المق

استنباطي استنتاجي ..أو إلى محاولة إبداع تصور يشرئب ،علميمستخرج نسق مفهومي ،ز عنها في الوقت نفسهمن األنساق التنظيرية السابقة، ومتمي. د مستوى آخر من ذلك ما يجسيتمثل في مستويات السلوك النمذجي ،ظاهرة اإلبطال النمذجي ف الباحثالتي بموجبها يتصر –

ليس تحفظنا هذا حكرا على نظرية السلوك النمذجي، إنما هو سالحنا في التعامل مع معظم النظريات واألنساق الفكرية التي *

وبعدم اكتمال النظريات المعرضة للزوال مهما .. لبحث، وذلك إيمانا منا بعدم قطعية العلوم والمناهج المعرفيةستعترض طريق ا مجرد فرضيات تدرك بفضلها الوقائع -في نظرنا، وفي نظر منظرين كثر –إنما تظل .. بلغت من الدقة و االنسجام

Cf : T. Todorov. Théorie de la littérature. Textes des formalistes. لبرهنة والحجاجبعد أن يتم إخضاعها لسلطة ا.. واألفكار

russes. PP : 32.59. .81: محمد قاري، مرجع سابق، ص: ينظر 1

Page 22: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

للبحث لألفق التقعيدي جيةمنها توطئة مدخل

22

ا يتوفر من نظريات، بنوع من النقدية اإليجابية، الملتزمة برقابة صارمة على م -أو المنظرمن التصورات الكليانية، من النفور المنهجيوأساليب بحثية، والمتصفة بنوع ونماذج،

1.والشمولية المؤمنة بالحقيقة األحادية أو المطلقةى بالروح النقدية في تفعيل المقارنة بينأن نتحل فمن هذا المنظور، إنه لمن الضروري

دارسة لمصطلح الشعرية، على نحو يفي بغرض النمذجة الم والنظريات الجاهزة المواقفأنعل ذلك اعية إلى تحقيقه نظرية السلوك النمذجي ذاتها، الس يخوف ل لنا فرصة التصر

سنح ذلك بتسرب شيء من الذاتية إلى حتى وإن ،ومكاشفتها ،اإلبداعي في مقاربة المفاهيمعلى هإلقاء - بفضلها –ة اللوم إن تم بمشروعي كيان المقاربة، نحن نراها ذاتية موسومة

في نجد وفرة.. والنظريات جه حتى على صعيد تأسيس النماذنإإذ .ة االقترابموضوعي بصورة –تظل بالضرورة وفي مجموعها، مجاال يوظف فيه الباحث "اإلجراءات الخاصة التي

2." كفاءته وإبداعيته ونوازعه - غالبا ما تكون ضمنية إنما هو من سمات.. توظيف الكفاءة الذاتية، والطاقة اإلبداعية في مقاربة المفاهيم إنو

باالعتماد، وهو ما تجسده مستوى آخر من مستويات السلوك النمذجي، نراه هو اآلخر جديرا والتي فحواها أن يتعامل الباحث مع موضوع نظر له من قبل، من ؛ظاهرة االقتصاد النمذجي

ن يحول ذلك بينه وبين إمكانية بناء نموذج تحليلي أو نسق مستحدث من المفاهيم حول دون أالباحث التمتع بروح نقدية، واستقاللية فكرية، فذلك، بالتحديد، ما يقتضي من .الموضوع نفسه قولةفي عملية تشريح م وهو األمر الذي نراه منسحبا على تطلعنا المنهاجي 3..وجرأة إبداعية

.يةالشعر

.86، 85 :ص ،المرجع السابق، ص: ينظر 1: ، الموقع9: عنقد، عبد الباسط لكراري، النمذجة وآفاق التنظير في الخطاب النقدي الحديث، مجلة فكر و2

www.aljabriabed.com18/10/2006: ، تاريخ التحديث. .88: س، ص .محمد قاري، مر: ينظر 3

Page 23: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

للبحث لألفق التقعيدي جيةمنها توطئة مدخل

23

ويتضمقصديا –من األساليب المنهاجية، سنكتفي جملة أيضا ن االقتصاد النمذجي- وفضال عن كون هذا *،بأسلوب واحد منها، فضال عن خصوصية الرؤيا المتبناة في هذا البحث

وإمكانية نحت نسق مفاهيمي متجدد للشعرية، إذ - فيما نعتقد – يتساوق األسلوب المنهاجيوالمجتمعة في حقل معرفي قائم بذاته، سبيال إلى ،د إلى استعارة جملة من األسس الجاهزةيستن

ومن ثم يتجلى استنادنا إلى هذا األسلوب في محاورتنا 1.الشروع في إنجاز بناء نظري آخرتمثل في حقل الدراسات الشعرية بجاهزية األسس والمقوالت الموفورة لحقل معرفي واحد،

، فس جديد لذات الحقل المعرفيمن أجل إعطاء ن - كليا أو جزئيا –ي سنعتمدها فيه، والتإلى بناء تصور خاص للشعرية - رغم جاهزية تلك األسس والمفاهيم –على نحو يفضي

هكذا، لن نخوض في حقول معرفية واتجاهات فكرية أخرى، .يفرضه موضوع المقاربة فرضا **.عرضيا عابراتناولت الشعرية تناوال

هذه إذن، هي األساليب المنهاجية، مختصرة ومختزلة، نرى أنها بمثابة اللبنة األساسية لكل بمسلكها -بيد أن النمذجة .. فعل نمذجي، بل ولكل سلوك فيه وازع التأسيس والتقعيد والبناء

ح عليه حقيقة األمر، معضدة بفعل نمذجي آخر، يمكن االصطال في هي، -االقتصادي.. ر للدارس وعيا إبداعيا نقديا في تلقي النظريات واألنساق، وهو ما يوف"االستثمار النمذجي"بـ

بشرط أن يكون مركوزا على مجموعة من األنماط المنهاجية، والفاعليات التأسيسية التي تختلف 2.أو النمذجةالواقع عليه فعل التأسيس - وانتمائه المعرفي –باختالف طبيعة الموضوع

سنستند إلى نمط واحد دون سواه، لما فيه من توافق .. فمن بين تلك األنماط، والفاعلياتمع ذهنية البحث وطموحه الفكري؛ وهو النمط الذي يتأسس فيه االستثمار النمذجي على

ك مفاهيمية، من خالل تفكيالبناءات النظريات والمرجعية انتقائية مؤسسة، تسمح بتحليل موفور

نجد ذلك عن جوهر بحثنا، - فيما نرى –تقنية االقتصاد النمذجي، والتي تبتعد التي تتيحهامثال، من بين األساليب المنهاجية *

األسلوب الذي يوفر للباحث فرصة التعامل مع أسس جاهزة، لكنها متفرقة وموزعة على حقول معرفية متباعدة، ليقوم، فيما المرجع : ينظر. ظريبعد، بالتأليف بينها سعيا إلى الحصول على مركب تأسيسي مبتكر، يأخذ صفة الركيزة األساس لبنائه الن

.89:السابق، ص .88: ، صنفسهرجع الم: ينظر 1

قبل االقتصاد النمذجي، والمشار إليه في الهامش توا، والذي يقتضي من من –دائما -هذا لنؤكد اختالفنا مع األسلوب المنهاجي المتاح ** .الباحث اعتماد أسس ومفاهيم متفرقة ووافدة من حقول معرفية مختلفة ومتنائية

. 93 ،90: ، صينظر المرجع نفسه، ص 2

Page 24: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

للبحث لألفق التقعيدي جيةمنها توطئة مدخل

24

ومن ثم التعامل معها بذهنية االستبدال - أم صيغا بنائية ،أسسا كانت –عناصرها فيما –فيتم اإلبقاء على بعض منها، وإقصاء البعض اآلخر، ليصبح بوسع الباحث .. واالصطفاء

أن يركب بين العناصر المستبقاة، تركيبا إبداعيا، في حدود ما يتناسق والمنظور الذي -بعد 1.من خالله التأمل في بؤرة، ونواة، وإشكالية بحثه يمارس

نا نرى أن االستثمار النمذجيتإن الطبيعة التحليلية لهذا النمط الذي فضلنا اعتماده، قد جعلالظواهر الثالثة المتعرض لها آنفا؛ اإلبطال واالستحواذ واالقتصاد، وبوسعه أن بوسعه اشتمال

واإلبداع دفعة ،والنقد ،واإلبقاء ،على حس اإلبطال وائه، ضمنيا،بحكم انط مستغرقا لها يكون *.واحدة

عصارة القول، إننا سنحاول التحاور مع أبرز النظريات، والخطابات التأسيسية التي –اتخذت من الشعرية موضوعا رئيسا لها، من خالل بعض آليات السلوك النمذجي، بل ويكفينا

الذي يتسم به هذا السلوك، مختزال في آلية االستثمار، ونمط التصفية المنهاجي الحس – في ذلك .إبطاال و إبقاء، نقدا و إبداعا

حيال الشعرية النسق الجاكوبسوني - على سبيل المثال –فليس من المعقول أن نتبنى ات تحوير، كما ال يعقل أيضا اعتماد المفاهيم والمصطلح أو ،ومن دون تعديل بشكل حرفي،

(Les formalistes russes)كلها، والنماذج والمقوالت كلها، المنتجة من قبل الشكالنيين الروسإنما في خطاباتهم المنجزة حول موضوع الشعرية، – على اختالف مشاربهم ورؤاهم -

–تلك، استعارة فطنة مبنية منسنسعى حثيثا نحو استعارة هذا وذاك، ومن هذه النظرية وبشكل يستجيب لغرض و ..النمذجية األطرعلى نوع من المقايضة بين المفاهيم و - ىاألخر هي

ة في هذا لرؤيا الخاصة التي نطمح أن نعالج من خاللها اإلشكاليا قيعمالمقاربة المعتمدة، و .ويعطي الضوء األخضر إلعادة تأثيث بيت الشعرية ،البحث

وأنماطه ،تبني بعض قراراتهلكن، إالم يفضي انتهاج سلوك النمذجة، وما جدوى ؟ وما هوية هذه الرؤيا البحثية الخاصة التي فرضت علينا اعتماد سلوك االستبدال المنهاجية

ءاالستقصاو ،ثم ما تفسير أن يقع فعل االستثمار ،؟ والتأليف واالنتقاء، وارتضاء ذهنية التفكيك . !؟ ية وصفا تأسيسياالشعر -بدوره –ويصف يستقصي، -تنظيري –والوصف على خطاب

.90: ، صالسابقينظر المرجع 1 .أينظر الخطاطة *

Page 25: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح و محاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةال الفصل األول

25

انتقاء نمط واحد من أنماطه )إقصاء المتبقي(

..من كل نظرية أو نموذج.. انتقاء أسس، و مفاهيم

التسليم و اإلحتفاظ ببعض التصورات يكافئ و المفاهيم المنتجة من قبل النظريات استقاللية فكرية، و جرأة إبداعية – ). لشعريةحول ا(و الرؤى الجاهزة

بناء نموذج أو نسق مفاهيمي )الشعرية(مستحدث حول الموضوع

مراقبة النظريات، و نقد بعض من مكوناتها )إمكانية توليد المفاهيم(نقدا إيجابيا،

توضح طريقة االستناد إلى نظرية السلوك النمذجي :أالخطاطة

تهوا ن

االستثمار النمذجي

النمط

..إبقاء أسس و مفاهيم -1 ..إقصاء أسس و مفاهيم -2

االستحواذ النمذجي

اإلبطال النمذجي

االقتصاد النمذجي

نظرية السلوك النمذجي

Page 26: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح و محاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةال الفصل األول

26

الشعرية بين التموقع وأفق التأسيس لمقاربة مركبة - 4- اقتصادي، وتداولي بال أدنى شك، إذ يصبو إلى إن انتهاجنا لسياسة النمذجة فعل قصدي، و

.. محاولة تضييق الخناق على مصطلح الشعرية بطريقة ال يتيحها سوى سلوك الغربلة واالنتقاءوإننا نطمح من وراء ذلك إلى إعادة بناء عمارة المصطلح ذاته، على نحو ما يمنحه هوية تجعله

جد شيئا من اليسر في مقارنته بمناهج واتجاهات نقدية هكذا سن. قع والتمركزومأكثر قابلية للتحايثة له أحيانا أخرىشتى، مجاورة له أحيانا، ومشابهة، أو م.

فالسعي إلى متثبيته مثل وتد في مكان - في هذه الحال –عة مصطلح الشعرية، يشبه قوبابية الموسوم بها فضال ومسح الض ،محدد، أو تجريده من زئبقية المفاهيم المنضوية تحت رايته

.عن اختالف تعاريفه، وتنوعها من منظر آلخر، ومن مرحلة ألخرى

.وكيف بوسعنا االصطالح على اإلجراء المعتمد في ذلك ؟ ،لكن، ما آفاق ذلك التموقع ؟هل هو ت ثممقوع وال طائل منه سوى االختصار وتبذير الوصف ؟ اعتباطي!.

إن إقدامنا على إيجاد موقع واضح للشعرية، إقدام منوط بتجهيزها ألن تكون عنصرا -في اعتقادنا –منخرطا في الهيئة التأليفية للمقاربة المعول عليها في هذه الدراسة، إذ ال شعرية

ب من دون إدراجها ضمن بنية التحليل السيميولوجيغم من وفرة اتجاهاته، وتشععلى الرفالعديد من الخواص الشعرية ال يستمد من علم اللغة . "يمه، وتنوع أدواته اإلجرائيةمفاه

فحسب، وإنما أيضا من مجموع نظريات العالمات، أو بتعبير آخر، من السيميولوجياومن ثمة ال مجال ألي شك في وجود أواصر تجمع بين الشعرية 1،" العامة )أو السيميائية(

ة على اختالفها في المبادئ والمنطلق أحيانا، وفي األهداف والمنتهى أحيانا أخرى، والسيميائيمبدئيا –بحيث نجد كفاية ،لتحديد من منهما يشكل جزءا من اآلخر -ههنا –وال يتسع المقام

له على نحو يؤكد إمكانية التركيب ايث اآلخر، ويتخلحفي كون الواحد منهما ي -على األقل .نهما في وحدة مقارباتية متكاملةبي

ا، من دون إدخال مقاربة أي نوع من الخطابات شعري - من هذا المنظور –فيستحيل على الخصوص، ما ذلك، .ة في تكوين المقاربةمجموعة من المفاهيم واإلجراءات السيميائي

تسهيال لعملية أوجب علينا محاصرة مصطلح الشعرية سبيال إلى وضعه في موقع بين، ومن ثم . التأليف بينه وبين نظيره؛ مصطلح السيميولوجيا، في مقاربة واحدة

1 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, P : 210.

Page 27: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح و محاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةال الفصل األول

27

التمهيد المنهاجي إذن، إنلهذا التأليف بين الشعرية والسيميائية ، والتوطيد اإلجرائي، د للمقاربة المركبة المستن التقعيدي دبير، والتضمن التعليل العلمي -بشكل من األشكال –ليندرج

-Sémio)" شعرية -سيميو : "ر على صعيد صياغته العنوانيةمؤش إليها في هذا البحث كما هو

poétique)، بة هذه، إنما هي، في صلبها، نوع من التأثيل المنهاجي يكفل والمقاربة المركوتشريح إشكاالته، سومهجرأة إبداعية، وجسارة نقدية في مدارسة مو ..للبحث، فصوال ومباحث

.الرئيسة منها، والفرعية.. حليلهاوت ةمشروعي )شعرية - سيميو(بة ما يسدي إلى هذه المقاربة المرك فإنوعالوة على ذلك،

كون البحث يشتغل على الخطاب السينمائي؛ ذلك الخطاب المعروف والممارسة، هو االعتمادالبصري لخطاب المرئي أوم اصتعقيدا يفوق التعقيد الذي ي.. وهويته بمدى تعقده، في بنيته

ذاته، فضال عن خاصية الحركيل ميدانا خطاب يشك -بذلك –فهو .تهة المنضافة إلى بصريمشاكله، وتتعاطى مع قضاياه، بحثيا ذا أفق تعددي ال يمكن لمقاربة واحدة أن تستغرقه، وتحل

ةوإشكاالته التقنية والفنية، الشكلية والتيمي .. والمصطلحات المنحدرة من ،إلى فيض من المفاهيم –وسيظل –نه في حاجة ومن ثمة، فإ

عسى وتذويبها في بوتقة منهاجية واحدة، ،صهرها شرط أن يتم ،نظريات، ومناهج نقدية مختلفةحتى وإن أفرزت شيئا من ،ومتناغمة فيما بينها، ل منظومة من المفاهيم منسجمةتشكأن

بعيدا عن اإلبهام ،زه من قراءات متعددة، وتأويالت متباينةالغموض المفروض بفضل ما يفر .المنبوذ الذي ينتج بسبب خلل فكري في التركيبة المفاهيمية

فإنه -الخطاب السينمائي –هكذا، لئن كانت هذه هي مزايا موضوع اشتغال البحث ذات أ يستجيب لممكنات العقل المعاصر التي تفضي به إلى التمفصل عبر مفاهيمدي، فق تعد

بمعنى أن الخطاب 1." العقل المركب "بـ (Edgar Morin)وهو ما اصطلح عليه إدغار موران .. وعلى تفرع خصائصه، وتعقد مسائله السينمائي، بما نمتلكه من معرفة تنظيرية مسبقة عنه،

*،له البسيط، ومتجاوز أسمى من فعالية وطموح العقل الكالسي.. فني حقل معرفي إنما هوالمس يأو – فالمقاربة الشعرية بمفردها ليس في مقدورها أن تضمن تحليال موضوعيا

.121:د،حسين الزاوي، مرجع سابق، ص: ينظر 1

جاوز ال ينبغي أن يفهم من ذلك أن العقل المركب يدعي أن المعرفة مخطئة كليا، أو مستحيلة بمنطق العقل البسيط المت * لكنه يرمي إلى التنبيه فحسب بأن ذلك الشكل من العقل لم يعد قادرا على استيعاب العالم المعاصر بكل ثرائه .. تاريخيا

.122، 121:المرجع نفسه، ص ص: ينظر. وتناقضاته

Page 28: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح و محاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةال الفصل األول

28

شفراته، وتمييز تفكيك - منعزلة –بوسعها ةلفيلم من األفالم، وال السيميائي - الموضوعية وخصائصه الفنية المعقدة، ،الستكشاف سماته وال في فلسفة الجمال كفاية.. بنياته ودالالته

والمذاهب الفكرية التي وغيرها من المناهج النقدية،.. واستكناه مواصفاته الجمالية الهجينة .مدت على انفراد في تناول خطاب السينما مدارسة وتحليالنراها قاصرة، ومجحفة إن اعت

. من تعقيد التفكير إذا كان يعالج موضوعا معقدا في سبيل نجاعة المعالجة -إذن –فالبد آت من فعل التركيب بين روافد فكرية ومنهاجية أخرى مختلفة المشارب -ههنا –عقيد والت

ال - وفق إستراتيجية نمذجية معينة – والمناهل، لتتماهى في تركيبة تقعيدية موحدة ومتجانسةتتكئ عليه تلك اإلستراتيجية المتبناة في مقاربة ،تعدو أن تكون سندا منهاجيا، تعضيديا

يرفض التفكير المركب مطلقا الوضوح، والنظام، والحتمية، إنما هو يدرك "إذ ال .موضوعهاالمشاكل والتفكير المركب ال يحل[...] بحيث يفترض التعقيد إستراتيجية [...] عدم كفايتها

1." هاتلقائيا، بل يعتبر مساعدا لإلستراتيجية التي يمكن أن تحلتشبيه موضوع -ولو على الصعيد االفتراضي –نا هكذا، ومن خالل ما سلف، بوسع

إصبعا واحدا من ها، حيث إنبكنزة صوف متشابكة خيوط - وهو الخطاب السينمائي –دراستنا كاف الفتكاك رأس الخيط أصابع اليدين غير !

هي –فإن السيميائية ستجد نفسها .. عيتطل يلئن كانت الشعرية بحاجة إلى تموقع استراتيج ف نمذجيفي مسيس الحاجة إلى موقعة محكمة، ال تتم هي أيضا، إال من خالل تصر - ألخرىا

إنما *.عة إلى اتجاهات سيميائية مختلفة، ومتمايزةمتفر -في ذاتها –ذلك بحكم كونها .خاصهي موقعة منهاجية، توفر إمكانية القضاء على الشوائب المفهومية ة، والزوائد التنظيري

ب المستند إليه، المرك ناالتي ال يحتاجها اقتراب - دهاعلى اختالف اتجاهاتها وتعد –ة ميائيللسيد، على نحو يهيئها لبناء توأمة في نسق تحليلي موح - ةأي السيميائي –بل ويختزلها

منهاجية مع نظيرتها الشعريةة تأسيسي. قائية المدروسة، والنمذجة بانتهاج االنت ،إن مقاربة الشعرية، ومحاورة مفاهيمها

إنما وليس أمرا منوطا بتهيئتها لتنخرط مع السيميائية في مقاربة مركبة فحسب، .. طةالمتحوعلى ظاهرة الخطاب البصري، والسينمائي -تقعيدا وإنجازا –يرتبط ذلك أيضا بكونها ستشتغل

1 Edgard Morin, Introduction à la pensée complexe, Cll, Communication et complicité, ESF Edition, 5éme tirage, Mars, Paris, 1994, pp : 110, 111.

.ذلك ما سيتم إنجازه في فصل خاص، حيث يتعرف القارئ إلى أبرز اإلتجاهات السيميائية في صورة واضحة ومختزلة *

Page 29: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح و محاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةال الفصل األول

29

–يها، باعتبار أن الشعرية على الخصوص، ما يشكل لها سياقا جديدا غير معهود بالنسبة إللم تبتن، ولم تتأسس، بصورة محورية، إال بين أحضان - أو منهجا ،أو نظرية ،مصطلحا

ما نجد تنظيرات اتجهت، بشكل مباشر ونهائي، نحو نحت معالم فقل .المسرود النسق اللساني .ومكتفية بذاتها ،رات لسانية قبليةودونما استناد إلى مبر.. الشعرية داخل النسق البصري

هذا المصطلح الذي –ة من هنا، يتوجب على الباحث أن يقوم بتهجير مفاهيم الشعريإلى عالم المرئي بعامة، .. من عالم المحروف - ترعرع، دونما أدنى شك، في تربة لسانية

ة، ولن يتأتى له تهجيرإال من خالل تمريرها عبر مخبر - فيما نعتقد –ها والفيلمي بخاص علها تتخذ هيئة ومضمونا جديدين ..المراجعة، والتعديل، والتحوير، والنمذجة االستثمارية

ران على الخطاب السينمائي مهمة استضافتها بوصفه سياقا جديدا يتحمل مسؤولية ذلك كلهييس،* يتقرر المضمون لكن هذا ن المفاهيم ال تحوز بذاتها نوعا من المضمون الذاتي والنهائي،إ "إذ

1." تبعا للسياق الذي يرد فيه المفهومينضاف إلى ذلك، أن عملية التهجير هذه، يقف وراءها حافز استحالة تساوق شعرية النسق ،اللساني مع شعرية النسق البصري، فضال عن حتمية التخالف بين النسقين كليهما في اآلليات

والبصرية، اللسانية –ق بين الشعريتين بل وتزداد استحالة التواف.. والمكونات، والخصوصياتإذا كان النسق البصري متحركا أي؛ سينمائيا، إذ ال أحد بمقدوره أن ينكر أن اللغة السينمائية -

.لغة أكثر تعقدا، وخصوصية، وتفردا -ال محالة –من جهة أخرى، إن مقاربة الشعرية، ومدارسة الخطاب الذي تناولها، سينتج

أو الشرح حينا، ويعتمد آلية التحليل، أو النقد، أو التأويل ،ر ينتهج تقنية الوصفخطابا آخوصوغ تمفصالته التكوينية على ،إنما هو خطاب ثان يتكئ في بناء فحواه. أحايين أخرى

.. في خطاب الشعرية المبتكر من قبل المنظرين -على جاهزيته –الخطاب األول والمتمثل ، )ظاهرة الشعرية(وعا واحدا القتراب خطابين أثنين يقتسمان موضوبذلك سيكون محصول ا

.)التنظير للشعرية(في طموح واحد أيضا - إلى حد ما –يشتركان و

وفق ما يلبي رغبة إال .. من ثمة، حري بنا أن نشير إلى أننا سوف لن نبطل شيئا من مفاهيم الشعرية، وال نستحوذ على شيء *وهو ما يجعل البحث يتطلع ،الخطاب السينمائي، ويتكيف مع نزعته الخطابية، وذهنيته الفنية والجمالية، وطبيعة إنتاجيته اللغوية

إلى أي مدى يكون التأسيس لمفهوم الشعرية السينمائية ممكنا ؟ : يمكن التعبير عنه بهذا السؤال الملحاح نحو أفق تأسيسي قق ذلك دونما إشراك لالقتراب السيميائي في فعل التأسيس ؟وهل يتح

.184:محمد قاري، مرجع سابق، ص 1

Page 30: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح و محاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةال الفصل األول

30

أما الخطاب األول، فهو قاعديكما هو ملك .، ويشكل خلفية إبداعية للخطاب الثاني، ناجزوأما الخطاب الثاني، فإنما هو من إنتاج .والمعالجة ،لمنظرين كثر، اختلفوا في طرائق التناول

.. الباحث، وهو مرتبط في كينونته بفيزيقية الخطاب األول، بحيث يسعى إلى وصفه، وشرحهمن حيث كونه يصبو إلى استشفاف آلياته -أو نقديا على األقل –بل ويكاد يكون خطابا فلسفيا

زاء الشعرية، وتحديد منهجه الذي من خالله التقعيدية، وتفكيك بنيته التركيبية، وتمييز رؤاه إأسأن نتهم هذا الخطاب الواصف بالتطفل، - من هذا المنظور –فال يجوز ...، ونظر لهاس

نحو - هو اآلخر –إذ يطمح .. ، والوصف المبتذلوالميوعة الفكرية، أو بالجفاف المنهجيغة من قبل ومسو في أعماقه،استنباط مفاهيمه الخاصة للشعرية، فضال عن إبداعية كامنة

السياقات المنهاجية، والتأسيسيق إليها آنفاة المتطر.* ولئن كانت شاكلة هذا الخطاب الثاني على هذا النحو من الوصف، والشرح، وحتى النقد،

حيث " Meta discours - الخطاب الواصف "فال مانع من أن نطلق عليه صفة .. والتأويل **". Meta- poétique – الشعرية الواصفة "، من خالله إلى مرفأ ئبيمكن للباحث أن يشر

ما سبق التعرض له من إشارة لم هوأدوات ،البحث احة إلى رؤىفحوى القول، إن الذي بمثابة الهيكل العظمي هو.. تأسيسيةالة تاستراتيجي إلى مقتضبةمنهاجية، ومن إحالة ال

فيما يتعلق بالتصرف البحثي السيما ،ائها، وحيثياتهاجسد هذه الدراسة في مجمل أجز سيشدد ما يرسم مالمحها األكاديمية، ويحد - أيضا – إنما هو. إزاء الشعرية والسيميائية على حد سواء

سلوكها الفكريتها العلمية، ويصنع شخصي، اهدراسة أدبية، أو فنية، أن تت ذاك ما يجدر بأيغي بل ،واستقالليته النسقية في موضوعيته، -أو إلى ما يحاذيه –علم ل إلى إذا أرادت أن تتحو

–أو الخطاب -حسين الزاوي، حينما حاول تحسس حقيقة النص. نجد سندا تعضيديا في موقف د –وال ريب - إننا *

النص الفلسفي الواصف هو بمثابة إبداع يتأسس أن " الواصف على الرغم من أنه ركز في ذلك على الخطاب الفلسفي، إذ رأى على خلفية إبداع آخر سابق عليه، وبذلك فهو يشتمل على أهم عناصره األولية، ويمكن أن نعتبره بمثابة نص واصف ينتظر

حسين الزاوي، . د". وصفا أو شرحا ال يمكن أن يكون حائزا على وضوح يتجاوز ما هو متوفر لدى النص الفلسفي األول .11، 10: رجع سابق، ص صم

.تجليات الشعرية الواصفة في ثنايا الفصل األول من هذا البحث -بعد قراءة متأنية -سيلمح القارئ **

Page 31: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح و محاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةال الفصل األول

31

وإننا لنفضل اختزال 1،ويجب عليها االعتراف بالطريقة، أو المنهج على أنه شخصيتها الوحيدة : نوردها على النحو التالي *،شخصية بحثنا في شكل خطاطة

: ، الموقع اإللكتروني22: محمد القاسمي، الشعرية الموضوعية والنقد األدبي، مجلة فكر ونقد، ع: ينظر 1

http://aljabriabed.com 2006، 11، 18: تاريخ التحديث. .ب ولتكن الخطاطة *

Page 32: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح و محاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةال الفصل األول

32

سيـاق جديـد

استحواذ بما يسمح ببناء/ إبطال )شعرية - سيميو(المقاربة المركبة

إنتاج شعرية مهاجرة فعل االستثمار النمذجي

استحواذ بما يسمح بالتأسيس / إبطال

سيـاق جديــد

Méta poétique) الشارحة(فعل يقع على خطاب الشعرية إنتاج خطاب واصف الشعرية الواصفة

ا مصطلح الشعرية وآفاقه آليات مقاربة :الخطاطة ب

الشعـريـة الـدالــةLa poétique Signifiante

لشعريـة سينمائيـة

مقاربة مصطلح الشعرية

Page 33: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لالفصل األو

الشعرية لمصطلحفي ا واصفة مقاربة

اجرة هفي التأسيس لشعرية م ومحاولة

Page 34: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

« L’objet de la poétique, c’est, avant tout, de répondre à la question : Qu’est ce qui fait d’un message verbal une œuvre d’art ? ».

Roman Jakobson.

Page 35: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

.–نحو شعرية واصفة -الشعرية أم شعريات ؟ -1

.الشعرية الجاكوبسونية -1-1 .شعرية اللسان أم لسانية الشعرية -1-1-1 .في الوظيفة الشعرية استحواذ على األدبية وتعديل -1-1-2

.وري االنتقاء والتنسيق وشعرية المعادلحتعانق م -1-1-3 . تودورف وإيكو وشعرية االنفتاح -1-2

.ن تودوروفشعرية تزيفيتا -1- 2- 1 .التجريدية والخطاب المتعالي -1-2-1-1 . النسقية وغائية الذات؛ شعرية ناقصة -1-2-1-2 .النسق والمعنى وشعرية االنفتاح -1-2-1-3

.شعرية أومبيرتو إيكو -2- 2- 1 .المشروع؛ إجرائية وتقعيد -الشعرية -1-2-2-1 .دينامية االنفتاح وشعرية التلقي -1-2-2-2 .المرجعي واالنفتاح سيميائيا -التفاعل النسق -1-2-2-3

1-3- هايدجري شعرية جوليا كريستيفا؛ اقتراب ! .خلفية فكرية للشعرية الكريستيفية" لسانية -عبر"ـال -1-3-1 .ة؛ تعبير عن المرجع أم تعبير بالمرجع ؟الشعري -1-3-2 .النسقية واألدائية وشعرية الفضلة -1-3-3

.الشعرية األرسطية؛ محاولة في أرشفة المفاهيم -2

Page 36: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةالشعرية؛ مقاربة واصفة في ال الفصل األول

36

1- ة أم شعرياتالشعري ة واصفة ؟ نحو شعري ، (Formalisme)ن الذين نظروا للشعرية قد خرجوا، معظمهم، من عباءة الشكالنية إالحق

عن اختالف مشاربهم الفكرية، مع أنهم مختلفون في زوايا النظر، وآفاق التنظير فضالهناك من الشكالنية بقدر ما هناك من " فذلك ما يزيد في التأكيد على أن *،انتماءاتهم المذهبيةو

إن هناك من الشعرية بقدر ما هناك من منظرين - منطقيا –من هنا، يصح القول 1،" شكالنيين **.لها

د الشعريات، وتباينها لهو الحافز نحو تفعيل مقاربة شارحة لمختلف األجهزة وإن تعدنتالمفاهيمية المتطاع مصطلح الشعرية استغراقها، ي اسة من قبل أبرز المنظرين، والتج

بفضل هذه المقاربة، في اختزال تلك المفاهيم في جهاز ،يسهمأن عسى ذلك ليها،إاإلحالة وتحليلي واضح المعالم واألسس، يتساوق وآفاق البحث، إذ به يحاصالمتعدد، ويستثمر ر

.المختلفكون الوصف مجرد إجراء من إنتاج لغة واصفة حيث ال ي - والحال هذه –فال مناص

، يتوخى العلمية، تأويلي ه ابستيمولوجيإنما هو وصف منزع.. تقليدي، ذي صبغة أدبية

بزعامة رومان جاكوبسون (OPAIAZ)قة اللسانيات بموسكو ما جعل للشكالنية مدرستين بارزتين هما؛ حل ذلك *(R.Jakobson)بزعامة بوريس إيخنباوم " بيترسبورج" ، وجمعية الدراسات اللغوية بـ(B. Eikhenbaum) .وحسن، بأحمد : ينظر

تاريخ http : // aljabriabed.com:الموقع اإللكتروني ،9 :ع الشكالنيون الروس و النقد المغربي الحديث، مجلة فكر و نقد، .202006.11.: التحديث

.نفسه 1إذ نلحظ وجود تباين في ضبط مصطلح الشعرية، واختالف في المطارحات التنظيرية بين الشكالنيين الروس أنفسهم، فهناك **

كي ، شكلوفسR. Jakobsonرومان جاكوبسون : بتمايز وجهات نظر هؤالء الباحثين - إلى حد ما –شعريات متمايزة Chkloveski توماتشفسكي ،Tomachevski بروب ،Propp إيخنباوم ،Eikhenbaum تينيانوف ،Tinianov باختين ،Bakhtine..

التي بزغت في ألمانيا، في (L’école morphologique)كما ينضاف إلى هؤالء الشكالنيين، المدرسة المرفولوجية .وغيرهممسار يث أعطت، بدورها، نسختها الخاصة عن الشعرية، و يمكن حتى أن ندرج ضمن ال، ح1955و، 1925الفترة الممتدة ما بين

" والذي إن كان معاديا لمفهوم ،(New criticism)، "ديدالنقد الج" جلوسكسونيا عرف باسم ديا انالتنظيري للشعرية اتجاها نقألنساق النظرية المشتغلة مع ا -و مواضيعهافحواها في –، ومن ثم للشعرية، فإنه قد انبثقت منه رؤى نقدية تشترك "النظرية

من آراء النقد الجديد، ومن رواد هذه الرؤى، ابقة لها، والمستمدة، ضمنيا، من الشكالنية الروسية، وتصريحياعلى الشعرية، السلوبوك . و ب ،(W. Empson)إمبسون . وو، (I.A.Richard)أ ريتشارد .إ: نذكر -في مجال الشعرية –والمحاوالت التنظيرية

(P. Lubbock)ونحوهم ،..Cf, Oswald Ducroit, Tzvetan Todorove, Dictionnaire Encyclopédique des sciences du langage,

Ed du seuil, 1972, pp : 110-111..

Page 37: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةالشعرية؛ مقاربة واصفة في ال الفصل األول

37

حسبنا في ذلك أن ننتقل من وضع وعلى آلية النقد تارة أخرى؛ ي على سمة التحليل تارة،ومبنلى وضع تتمخض عنه أولي يتجلى عبر انتقائنا لمجموعة من المتون التنظيرية حول الشعرية، إ

مما يفضي إلى ،- في الوضع األول –خالصة الفعاليات التأويلية التي انصبت على تلك المتون مختص في مجال الشعرية، ومتمتع بقابلية الهجرة 1،بناء تصور علمي عن نموذج تحليلي

.والتحقق على صعيد الخطابات البصرية بعامة، والخطاب السينمائي بخاصة

(Roman Jakobson .1896-1982)ية الجاكوبسونية الشعر -1-11-1-1 - شعرية اللسان أم لسانيةة الشعري

الخطاب التنظيري لرومان جاكوبسون عن الشعرية بتقفيه أثر - وال ريب –يتميز من مجال دراسة .. لذلك نلفيه يقصي الرأي، والذوق، والحكم المسبق. العلمية، والموضوعيةفليس بوسع أية دراسة، تنشد األذواق، واآلراء المتعلقة بنقد "عرية بخاصة، األدب بعامة، والش

ولقد كان لعلم 2." األدب اإلبداعي، أن تكون في مقام تحليل علمي، و موضوعي للغة الفنإن كل بحث "اللسانيات، الفضل الواضح في تمثل هذه العلمية، والسمو إليها، إذ أو اللغة،

ثم إن ربط اللسانيات بدراسة 3." ة، يقتضي مبادئ في علم اللغةيتعرض لدراسة الشعريليس، حسب جاكوبسون، شرطا من شروط علمنة الدراسة -على تفرع إشكاالتها –الشعرية

ال وجود ألية علة مشروعة تسنح "إذ فحسب، بل يكاد يكون ذلك أمرا منطقيا، يستحيل تفنيده،فإن العبور إلى جوهر من هنا، 4." بشكل عام ياتبفصل قضايا األدب عن قضايا اللسان

*.على جسر اللسانياتإال يكون لن الشعرية الجاكوبسونية

الموقع 9:، ععبد الباسط لكراري، النمذجة وآفاق التنظير في الخطاب النقدي الحديث، مجلة فكر ونقد: ينظر 1

.2006.11.20: تاريخ التحديث http : aljabriabed.com:اإللكتروني2 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, p : 212. 3 R. Jakobson, Questions de poétique, Ed Seuil, Paris, 1973, p : 485 4 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, p : 248.

و قد كان واحدا منهم، أسهم بكثير من أعماله في –حيث أصر جاكوبسون على إقامة همزة وصل بين الشكالنيين الروس * ,Cf, David Fontaine, La poétique.وبين اللسانيات البنيوية التي كان من ألمع المنظرين لها –تفعيل مسارهم النقدي

Introduction à la théorie générale des formes littéraires, Ed Nathan, Paris,1993, p : 82.. فكونه من اللسانيين البنيويين قد .نزوعه البارز نحو المستوى اللساني لمفهوم الشعرية - الحقا –يفسر

Page 38: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةالشعرية؛ مقاربة واصفة في ال الفصل األول

38

فليس غريبا أن نجد جاكوبسون يشترط على من رام المغامرة في تحليل الظاهرة األدبية، واإلجراءات أن يكون لسانيا هاضما تماما للمناهج،.. و مباحثة الشعرية على نحو علمي مؤسس

لم يكتف بعزل دراسة اللغة عن دراسة األدب، "من ذلك حينما ولقد ذهب إلى أبعد 1.اللسانية 2." بل راح يجعل من العالقة بينهما عالقة لزوم، واقتضاء

لكن من منهما يلزم اآلخر، ويقتضيه؟ لىوة عهي السند، والمتكأ، وعال -وفق الطرح الجاكوبسوني –بال شك، إن اللسانيات

3،ذلك؛ فإن انبعاث مصطلح الشعرية قد اقترن إشراقه، وبحدة، بانبعاث الدراسات اللسانية الخاصومن ثمة، فإن فهمنا العميق للنسق التقعيدي الجاكوبسوني .. وتجديد آفاقها اإلجرائية

ون الشعرية، منوط بتصويب قراءة حذرة نحو طبيعة التواشج بينها، وبين اللسانيات من حيث كب .االحتياجالشعرية هي التي تحتل موقع

*.؟ ، ونفسر حقيقة هذا التعالق المحتوم بين اللسانيات، وبين الشعرية- إذن –فكيف نقرأ فإنه بوسعنا 4،"جوهر الشعر[..] اللساني يسعى إلى استشفاف "حينما يقر جاكوبسون أن

–فإنها تقود **،لعلمية، و الموضوعيةتفسير ذلك بأن الدراسة اللسانية، لكونها متوسمة بطابع اثم إن اللسانيات تفضي إلى جوهر الظواهر، والموضوعات المدروسة، إلى جوهر - ال محالةإلى جوهر قبل أن تفضي.. نظاما متعدد المكونات، ومتباين المستويات (La langue)اللسان

، يتمظهر عبر اللسان، منطوقا - راشعرا كان أم نث –وما دام األدب .الشعر، واألدب بشكل عام

1 Cf, Gerard Desson, Introduction à la poétique, Approche des théories de la littérature, Ed nathan /VUEF, Paris, 2001, p : 233. 2 Idem. 3 Cf. David Fontaine, Op. cit : p : 33.

فنحن، إذ نطرح . في الواقع، إننا ال ننفي أن اإلجابة عن هذا السؤال تحتاج إلى بحث خاص، و هو ما يتالفى و هذا المقام * هو مراجعة مسألة تبعية الشعرية للسانيات، حيث الغرض منها - ذات طابع نقدي –هذا السؤال، نروم التمهيد ألسئلة أخرى

.سيتضح ذلك الحقا. وارتباطها التعسفي بها4 R. Jakobson, Question de poétique ; p : 503.

اللسانيات ضمن العلم الذي يدرس اللسان، وقد (Ferdinand de Saussure) -)1913-1857(حيث موقع فارديناند دي سوسير **، بل و قد تكرست عموما فكرة .Cf, F. De Saussure, Op.cit, p : 25.الحقيقية في الدراسة اللغوية على العموممنحه المكانة

Cf, Jean.1916عام )في اللسانيات العامة دروس(اعتبار اللسانيات الدراسة العلمية للغة منذ أن تم طبع و نشر مؤلف سوسير Dubois, et autres, Dictionnaire de linguistique, Ed : Libraire larousse, Paris, VI,p : 300.

Page 39: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةالشعرية؛ مقاربة واصفة في ال الفصل األول

39

تستوجب استضافة اللسانيات، واالستئناس ..وتنظيرادراسته، تحليال، ونقدا، مكتوبا، فإن أو .واالستنجاد بنزعتها التأسيسية، وجنوحها إلى الموضوعية، والعلمية *،بمفاهيمها، وإجراءاتها

.)اللغة(على اللسان - خربشكل أو بآ –فاللسانيات، والشعرية كالهما يشتغل ا األولى؛ فيشكل اللسان ذاته هدفا لها، إذ ترنو، أساسا، إلى مالمسة جوهره بوصفه أم

معبرا **أما الثانية؛ فيكون فيها اللسان.. ة، ودالليةيعلى بنى؛ صوتية، وتركيب نظاما منطويا: ، ويكون ضفة أي)اللسان(غة ضفة في الوقت نفسه؛ يكون معبرا ألن األدب يتجسد بوساطة اللو

غاية حينما يضحى األدب بمظهره اللساني موضوعا للدراسة اللسانية، وهنا بؤرة االلتحام بين –لكلمة شعرية )التقريري(المستوى االشتقاقي اللسانيات والشعرية، إذ حتى وإن عدنا إلى

Poétique -اع األعمال، وتأليفها حيث ، أدركنا أن الشعرية تعنى بدراسة كل ما له عالقة بإبد 1.تكون اللغة جوهرا و وسيلة

نا بعد تفسير وتحليل، فإناآلن، وقد أصبح أمر حتمية العالقة بين اللسانيات، والشعرية بي اإلشكال الملحاح الذي نرانا مضطرين لمكاشفته هو؛ إلى أي مدى تكون اللسانيات وحدها كفيلة

؟ بأسلوب آخر أكثر حها القدرة على التأفهم والتقعيدبترصد، وتحسس جوهر الشعرية، ومنوهل الشعرية ،؟ نتساءل؛ من منهما يشمل اآلخر ويحتويه يللمرحلية التحل اتركيزا، واحترام

.؟ والتبعية تحتل دوما موقع االحتياجمن –فالشعرية . إنه لمن اليسر إدراك الموقف النهائي لجاكوبسون حيال هذا التساؤل

و قد اتخذت حجته في ذلك شكل . فت إلى ذلك آنفاجزء ال يتجزأ من اللسانيات كما الت - منظوره

من اللسانيات السوسيرية، إذ من أبرز -في معظمه –ال أحد يسطع نكران أن البناء النظري للشعرية الجاكوبسونية مستلهم *

، والمحور (L’axe syntagmatique)ثنائية المحور الركني التركيبي: المفاهيم اللسانية المستثمرة من قبل جاكوبسون نجدذلك ما .. (Synchronie)اآلنية /، والتزامنية(Diachronie)التاريخية /، وكذا ثنائية التعاقبية(L’axe paradigmatique)االستبدالي

في المباحث الالحقة من هذا الفصل، حيث سنناقش ظاهرة طغيان السمة اللسانية - بنوع من التفصيل و التضمين –سيتجلى لماذا إلحاق : عرية جاكوبسون، إذ لسنا بصدد رصد جوانبها اللسانية بقدر ما نحن بصدد البحث في حقيقة هذا السؤالعلى ش

.؟ الجوانب اللسانية تلك بالشعرية الجاكوبسونية؟ و ما هي الحدود التي عندها تنتهي صحة، و منطقية ذلك اإللحاقولإلطالع أكثر على حيثيات هذه الثنائية . Paroleالكالم /Langueاللسان نقصد في مستواه اإلنجازي، و هنا تبرز ثنائية **

.F. De Saussure, Op.cit, Chapitre 3, Objet de linguistique, p : 13 à p : 24: ينظرالسيد، أسامة : غسان السيد، مر :تزيفتان تودوروف من الشكالنية الروسية إلى أخالقيات التاريخ، ترجون فيريي، : ينظر 1 .64: ، ص2002، الجمعية التعاونية للطباعة، سوريا، 1ط

Page 40: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةالشعرية؛ مقاربة واصفة في ال الفصل األول

40

مفادها أن اهتمام - بناها هو بنفسه –من حيث كونها مركوزة على مسلمة ،بناء منطقيإذا كانت اللسانيات من ثمة،و *،اللسان بنية أو محصور في مدارسة البنية اللسانية، الشعرية

ومتضمن لها للشعرية، - منطقيا –شامل بالبنيات اللسانية، فإنهلكل ما يتصل العلم الشامل من خالل هذه الصيغة التي ورد عليها قول ذلك ما يمكن استنتاجه، وبجالء،.. فرعا من فروعه

، وإذا كانت اللسانيات العلم [...]إشكاالت تتعلق بالبنية اللسانية إن الشعرية تجابه : "جاكوبسون ** 1." ي للبنيات اللسانية، فإنه بوسعنا اعتبار الشعرية جزءا مكمال للسانياتاإلجمال

مع –إلى االعتراف - ال محالة –لو تأملنا مليا بنية هذا القول اللغوية، الستدرجنا األمر ويكتفي بوضعها في إحدى 2،" مبدأ جامعا يسمو على الشعرية "أن اللسانيات تمثل -جاكوبسونسنتدرج، في الوقت نفسه، إلى مراجعة هذه النتيجة التي تبدو منطقية، ولكننا ،تمامهخانات اهكونها بكما عرضنا –ت على مسلمة هي من صنع الحجاج الجاكوبسوني ذاته، والتي فحواها ني

- في رأينا –إنما هي . أن الشعرية تحصر انشغالها في البنية اللسانية وحسب - ذلك أعالهفهو ! نحتاج إلدراكها إلى حجج تسكن خارج النسق التنظيري ذاته لجاكوبسونوثبة ذهنية ال

: بوسعنا تمثله عبر هذا التساؤل - سيتضح أكثر فيما يتلو من تحليل –داخليا يكاد يكون تناقضا أو ال يمكن ،؟ اشتغال الشعرية في البنية اللسانية - متيقنا أو معتقدا -لماذا حصر جاكوبسون

!؟ (Extra-linguistique )أن تشتغل على بنيات غير لسانية للشعريةإن جاكوبسون وهو يحصر وظيفة الشعرية في مجابهة إشكاالت البنية اللسانية، قد راح

على البنيات البصرية، وهو ما يتجلى من خالل - أساسا –ه ذلك بتحليل الرسم الذي يشتغل يشبإن الشعرية تجابه إشكاالت تتعلق بالبنية اللسانية، ": عبارة وردت في القول المذكور أعاله

، و هو ما يبرر (La linguistique structurale)يحيل إلى مفهوم اللسانيات البنيوية " اللسان بنية" ال ريب أن القول بـ *

قا من لسانيات بنيوية، يمكن التفكير انطال" حيث ارتأى أنه " الشعرية البنيوية " لجاكوبسون استناده إليها في استخالص مفهوم ..J. Desson, Op. cit, p : 234" في شعرية بنيوية - إذن –

1 R. Jakobson, Essais de linguistique général, p : 210. :بوسعنا إعادة صوغ هذا القول على النحو التالي **

.علم إجمالي يدرس البنيات اللسانية ←اللسانيات .إشكاالت البنية اللسانية - حصريا –ج تعال ←الشعرية

ــــــــــــــــــــــــــــ . اللسانيات تحوي الشعرية /الشعرية جزء من اللسانيات ⇐

2 J. Desson, Op.cit, p : 234.

Page 41: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةالشعرية؛ مقاربة واصفة في ال الفصل األول

41

حيث قمنا بإسقاط هذه العبارة 1،" ريةكتحليل الرسم، على وجه الدقة، الذي يهتم بالبنيات الصوإذ .. ى القراءاتحة على شتيجعل من فكرة القول ذاته متفت بدافع استراتيجي - من بنية القول –

. إلى مراجعة قضية تسامي اللسانيات على الشعرية – ألقلعلى ا –من بينها ما يدفع التي ركبت بين الشعرية من جهة، وبين تحليل الرسم من جهة (comme)التشبيه ففكا

ي بين حد - وتطابق بالكاد –اثلة مبمثابة أداة م - النظر جيدا نمعنلو –أخرى، إنما هي وهو األمر . )-تدقيقا - Exactement (ة بمفردة مسبوق - كاف التشبيه –التشبيه، خاصة وأنها

على البنيات البصرية -هو اآلخر –إمكانية اعتبار الشعرية تحليال يشتغل على ؤكدالذي ي .بشكل يسنح بالتأسيس لشعرية بصرية

بل وآية ذلك أيضا، أن جاكوبسون لم يكتف بالموازنة بين الشعرية وبين التحليل البصري، .. راف بقابلية الحديث عن شعرية تتجاوز حدود اللغة لتكتسح مجال المرئياتذهب إلى االعت

لشعرية ال يقتصر ادارسة مأنه من الواضح تماما، أن عددا معتبرا من مناهج "حيث صرح نقل أساطير القرون الوسطى في شكل جداريات،[...] نعلم أنه بوسعنا إذ . على فن اللغة فقط

2." أو في شكل منمنمات -كالهما –باعتبارهما يشكالن .. فإن الرسم الجداري، والمنمنماتوبناء على ذلك،

خطابا بصريا، سنحتاج، إذا رمنا تحليله، إلى شعرية متحررة من قيود الخطاب اللساني، – حتما – بخصوصيات النسق المرئي، ومعاييره المختلفة - من ثمة –ومنوطة .. وضوابطه

أن الحافز "في ذلك كله، هو مه نغوما ن.. وآليات تمفصله، واشتغاله ،عن قوانين اللسان * 3." الشعري ليس دائما مجرد أداة لسانية معروفة

قد أسهموا في توجيه الدراسات -ومن بينهم جاكوبسون - فصحيح أن الشكالنيين الروسفي تناولهم لظاهرة –وا أيضا ، بيد أنهم ارتكزها العلميمنبر اللسانيات تفاؤال بحس األدبية نحو

غير التي أتاحها الدرس على مبادئ أخرى، مقترحين أهدافا، وآفاقا تقعيدية -الشعرية خصوصا

1 « La poétique à affaire à des problèmes des structures linguistiques, exactement comme l’analyse de la peinture s’occupe des structures picturales » R. Jakobson, Essais de linguistique générale, p : 210. 2 Idem.

//:http:، الموقع االلكتروني 09: أحمد بوحسن، الشكالنيون الروس والنقد المغربي الحديث، مجلة فكر ونقد، ع 3

algabriabed.com م 2006 – 11 – 20: تاريخ التحديث. ممارستها للوظيفة في بترسبورج، وفي مقابل ذلك، تبنت حلقة موسكو مبدأ أن الشعر لغةوهو المنظور المعتمد من قبل حلقة *

. نفسه: ينظر. الجمالية

Page 42: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةالشعرية؛ مقاربة واصفة في ال الفصل األول

42

1.الخالص اللساني رت الشعرية من قبضة الخطاب اللساني، ومن مواضعاته على هكذا، تحرمختلف أجناسه، بى عالم الفن المسموع، لتنفتح عل /والمنطوق المقروء، /الصعيدين؛ المكتوب

الحديث مشروعا عن شعرية مسرحية، أو سينمائية، وعن - بذلك –وأنماطه الخطابية، فأصبح الشعرية ضمن "ومن ثمة، بات ممكنا إدراج .. تشكيلية أو موسيقية، أو فوتوغرافية أخرى

في إطار [...] دراستها العلوم التي تهتم بالخطابات وتتخذ الدليل في مختلف تجلياته موضوعا ل * 2." إنتاج علم الخطابات مهما تعددت: المشروع الشعري العام

إذا كان بمقدور الشعرية البحث بوسعنا القول، من هذا المنظور، استنتاجا واختصارا، إنه مكتفية بالبحث فيما هو لساني - بالمقابل –في اللساني وغير اللساني معا، وكانت اللسانيات

هذه .مقارنة باللسانيات.. أرحب نطاقا، وأخصب إجراء - بال شك –فستكون الشعرية فقط، النتيجة المستخلصة، إنما هي من إحدى البذرات التي سنستثمرها في إحقاق مشروعية المحاولة نحو التأسيس لشعرية خاصة بالخطابات غير اللسانية، مما يعبد الطريق أمام مقاربة موضوعنا

.السينمائي بوصفه خطابا غير لساني وعلى أكمل وجه وهو الخطاب الطتين مبسطتين، أمنحاول اآلن أن نختزل ما سلف من تحليل ومساءلة، في شكل خطا

–وإيضاح المقاصد إيضاحا صارما؛ إذ تصبو الخطاطة األولى .. في تبئير المفاهيم والنتائجاة التأسيسية للشعرية الجاكوبسونية، بينما إلى تجسيد النو -وهي التي سنشرع في التعليق عليها

تحاول الخطاطة الثانية تمثل أحدى المنطلقات التجريدية للشعرية التي سنعتمدها في بناء :المقاربة

1 Cf, T.Todorov, Théorie de la littérature, p : 38.

.6: ة، صشكري المبخوث ورجاء بن سالم: تزيفيتان تودوروف، الشعرية، تر 2* أن الشعرية تؤدي دورا انتقاليا، وستقودنا نحو التعرف على خطابات " تودوروف إلى استخالص فكرة ذلك ما حث الشكالني

يفهم من موقف تودوروف . 164: جون فيريي، تزيفتان تودوروف من الشكالنية الروسية إلى أخالقيات التاريخ، ص" أخرى المدلول مهما كانت طبيعة الوسط اللغوي المتمظهرة عبره، من أجل استشفاف شعرية الخطاب، أنه يكفي حضور ثنائية الدال و

.ستتضح هذه الفكرة أكثر من خالل مدارستنا لشعرية تودوروف الحقا.. وإدراكها

Page 43: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةالشعرية؛ مقاربة واصفة في ال الفصل األول

43

شعرية لسانية

المظهر اللساني للشعرية(الشعرية ةلساني(

.ق و القاعدةلشعرية جاكوبسون؛ المنط: 1 الخطاطة رقم

ذات مظهر –لهذه الخطاطة إلى كشف النقاب عن مفارقة جدلية تفضي القراءة الضمنية مراوغ منطقي – فإذا كانت . ك بها جاكوبسون في هندسة تصوره اللساني عن الشعريةقد تمسأن كل ما فعله – على نحو مباشر –أوسع من دائرة الشعرية، ذاك ما يعني تاللسانيادائرة

بحيث ال (، للمظهر اللساني للشعرية أو األدب عموماجاكوبسون مقتصر على محاولة التأسيس التأسيس للمظهر الشعري للسانيات ما دامت – منطقيا –ب صيغة الفكرة؛ فال يمكن يعقل قل

*.)..عن األدب مستقال بوصفها علما ،مكتفية بذاتهالعل مكمن المفارقة يتجلى ههنا؛ إذ كيف يمكن اإلقرار برحابة مجال اللسانيات، وباحتوائها

أال ،؟ جوانبها، ومظهر من مظاهرها ال تشكل سوى جانب من – اللسانيات –للشعرية، وهي آخر غير التمظهر اللساني أن يكون لها تمظهر يمكن الأو ،توجد جوانب أخرى للشعرية ؟

.البحت ؟

.كأن جاكوبسون قد مضى في التأسيس للشعرية المحينة لسانيا، أي في الوسط اللساني الصرف *

اللسانيـات

الشعرية

Page 44: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةالشعرية؛ مقاربة واصفة في ال الفصل األول

44

اللساني العميق المسكون به جاكوبسون هو الذي شحذ شعوره بتبعية الوعي أن نعتقد

يمكن "، في الوقت الذي " سانياتالل "، ومن مجال تخصصه الشعرية له، وبأنها جزء منهلها لوهو ما يخو 1،" تعنى بالفن، وعلم القصيدة على حد سواءبأنها تعريف الشعرية مؤقتا

، مدارسة الفن مهما تشعبت مجاالتهإلى –النثر وحتى –الحق في تجاوز مدارسة الشعرأو قطعة زيتية،أو لوحة فيلما، فقد يكون الفن شعرا، كما قد يكون *،وتنوعت أجناسه

، من خالل هذا الوصف، ستكون الجديرة بسمة الشمولو من هنا؛ فإن الشعرية، ..موسيقية .واتساع المجال، ليصبح من التعسف شدها إلى وتد الدراسة اللسانية

فتدنو إلى مالمسة جوهر اإلبداع من وفضال عن ذلك، ترتقي الشعرية إلى قبة التجريد، وهو األمر 2،" من ناحية االشتقاق (Créateur)تعني المبدع (Poète)شاعر مفردة "حيث كون

La poétique)الشعرية العامة "الذي يسنح بصنيفها في مجال ما يمكن االصطالح عليه بـgénérale) "تلك التي تسعى إلى البحث في المالمح المشتركة بين جميع المواضيع الفنية ،

3.إثارة الوجدان الشعريأو الطبيعية، والتي من شأنها بوسعنا القول عن الشعرية الجاكوبسونية إنها شعرية لسانية بناء على ما سبق،

)Poétique linguistique( في هذه الحال –؛ حيث تكون اللسانيات– بذلك –كون تا، لثابت كال– العام، اإلبداعي ، والمنطلقةأما في حال تبني المفهوم الواسع للشعري. تابعا الشعرية جزءا

من مجاالت اللسانيات مجاال غدووالمتحرر من قيود اللسان كما أشير إلى ذلك أعاله، فست ، والشعرية كاللتضحى جزءا.. ، أو مجرد أداة بحثيةة، وزاوية نظر مخصوصةالشعريسجم وأفق وهو أيضا ما ين ،" ة الشعريةلساني " :عبارةهذا هو المعنى الذي ترمي إليه .وشموال

1 J. Desson, Op. cit, p : 6.

إذ ما يعضد الفكرة هو مجرد تلميح إلى أن الفن مجال شاسع، قد تتسرب .. ال يتسع المجال هنا لتحليل مفهوم الفن، ومساءلته *إلى شتى مجالت الحياة شريطة حضور مستوى من مستويات التعبير عن الجمال، ومن ثم فقد يكون .. خصوصيته، ومالمحه

حية، أو خطابة، مسر( دراميا ، أو عمال)مجموعة قواعد ينبغي احترامها من أجل امتهان حرفة ما(رفة ح أو ،، لوحةتمثاال: أثرا ,Cf, Claude Dubois, Pluridictionnaire.)وغيرها مما يمكن أن ينسحب عليها مفهوم الفن) ..رسم، نحت(أو فنا تشكيليا

Larousse, 17 rue du Montparnasse, Paris : A, p : 95. 2 J. Desson, Op. cit, p : 6. 3 Cf, J. Cohen, structure du langage poétique, Flammarion, collection particulière, «champ» , 1987, p : 8.

Page 45: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةالشعرية؛ مقاربة واصفة في ال الفصل األول

45

البحث؛ بحيث تنفعنا جزئية اللسانيات من الشعرية في مقاربة الخطاب السينمائي بوصفه خطابابإبطال األداة اللسانية، ،، وعلى نحو يسمح، من جهة)Extra-linguistique –غير لساني ( بصريا

.المستوى التجريدي، واإلبداعي، والال لساني للشعرية من جهة أخرى روباستثما *،وإقصائهافمن باب اإلنصاف، ووضع األشياء في مواضعها الحق، نقول إن نظرية جاكوبسون قد

وبنثره؛ الرواية، ،يمسعت إلى التأسيس لشعرية األدب اللساني؛ بشعره؛ الغنائي، والملحوسيلة، وغاية في اآلن - أو اللسان نظاما وإنجازا –ة حيث تكون اللغ ؛أي.. والقصة، والخطابة

الشعرية "تصنيف شعرية جاكوبسون ضمن ما اصطلح عليه بـعلى هذا األساس، يمكن .نفسه La poétique particulière)(.1" الخاصة

: و لعل الرؤية ستزداد انفتاحا، واتضاحا بفضل الخطاطة التالية

)رومان جاكوبسون(: شعرية اللسان شعر /نثر: "اللساني"شعرية األدب (Poétique particulière) صةشعرية خا

..سمعية /بصرية: شعرية الخطابات الفنية (Poétique générale) شعرية عامة

- موقع المقاربة -

.شعرية الفن أو شعرية الخطابات: 2 الخطاطة رقم

الشعرية ال يفرض عليها احتواء اللسانيات والتعامل معها فحسب، بل إن رحابة نطاق ولئن كانت الشعرية تشتغل على . يجبرها أيضا على محاورة حقول بحثية، ومناهج علمية أخرى

ما يشتغل أيضا .. اهج، واالتجاهات النقديةاللغة موضوعا في ذاته، فإن هناك من العلوم، والمنعلى اللغة مهما اختلفت طرائق االشتغال، وتنوعت مظاهره، مما يفتح المجال أمام الشعرية

فكل "ومن ثمة، . بحكم كونها انبجست كلها من قمقم اللغة.. والمناهج لمناهجة هذه العلوماعري، لكن هذه العالقة، وقد صيغت على معرفة باللغة ستكون تبعا لذالك ذات أهمية بالنسبة للش

.يمكن اإلفادة من إجراءات الدرس اللساني في حاالت استثنائية قد تقتضيها حيثيات المدارسة *

1 CF. J. Desson, Op. cit, p : 6.

الشعرية الفن

اللسان األدب

Page 46: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةالشعرية؛ مقاربة واصفة في ال الفصل األول

46

هذا النحو، ال تربط بين الشعرية واللسانيات بقدر ما تربط بين األدب واللغة، وبالتالي بين 1." الشعرية وكل علوم اللغة

هي من بين أبرز علوم sémiotique)(السيميائية ، أوsémiologie)(ولعل السيميولوجيا فال ضير . المنجز عن اللغة من أخصب ما أفرزه النشاط المعرفي – تدقيقا –اللغة هذه، أوهي

وتستأنس ببعض –على كثرة اتجاهاتها، وتباينها –أن تلتحم الشعرية بالسيميائية –إذن –ما دامتا مشتركتين في قضية واحدة هي التأمل المنهاجي في .. مقوماتها اإلجرائية، والمفاهيمية

بسون نفسه ال يسقط السيميائية من تصوره النظري إزاء منطلقات إن ذلك ما جعل جاكو.. اللغةهناك العديد من "ذلك في قوله إن مختصرا * الشعرية، فصرح بوجود نوع من القرابة بينهما

2." العالمات في مجملها مالمح الشعرية التي ال تعود إلى علم اللغة فحسب، وإنما إلى نظرية إلى ذلك من حيث كونها ممارسة لغوية كما أشير –ة إنه من واجب الشعريفمن هنا،

"وال خالص لها من ذلك ما دامت ،أن تستضيف الدرس السيميائي، وتفيد منه –أعاله 3." المشكلة اللغوية هي، قبل كل شيء، مشكلة سيميائية

يكاد بناء على ذلك، سيهفو بحثنا إلى محاولة تفعيل الصلة بين الشعرية والسيميائية تفعيال ره استحالة وجود شعرية اعتباطية، وجزافية يستحوذ على تفاصيل المقاربة المعتمدة، حيث تبر

عن تماما -من ثمة –ة ضرعاالشتغال، ومحصورة في الهيئة الشكلية الصرف لألثر الفني، وم – ائيةالشعرية والسيمي –اشتغال كليهما ،أيضا ،ويبرره **.المدلوالت، واإليحاءات المخبوءة فيه

***.لى حد سواءع (Extra-linguistique) وغير اللسانية اللسانية، على العالمتين؛

.27: شكري المبخوت و رجاء بن سالمة، ص: تزيفيطان طودوروف، الشعرية، تر 1

أن جاكوبسون لم يمض في التأسيس لهذه التوأمة بين الشعرية و السيميائية، إذ اكتفى بمجرد اإلحالة إلى –مع ذلك –نلحظ * .ما تفسير لحقيقة التعاضد بينهماوجودها دون

2 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, p : 210. 3 F. De Saussure, Cours de linguistique générale, p : 34.

يتضح، من منطلق ذلك، أن العالقة بين الشعرية، والسيميائية ال تقتضيها طبيعة األفق اإلشكالي لبحثنا فحسب، إنما هي **وهو ما لم يؤمن به ، طق الحديث عن شكلية مفرغة من أي محتوىعالقة موجودة بالقوة، مما يجعل أي باحث ال يستسيغ من

.ستتضح هذه المسألة الحقا. حتى الشكالنيون الروس وقد كانوا أحرص المنظرين على تحديد مفهوم الشكل في األدبساني، وما هو إذ تمت البرهنة، أعاله، على وجود شعرية أرحب نطاقا من اللسانيات، ومن ثم أقدر على مدارسة ما هو ل ***

. غير لساني على حد سواء

Page 47: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرةالشعرية؛ مقاربة واصفة في ال الفصل األول

47

يزيد في سبل التعاضد بينهما من أجل مقاربة فعالة لشتى الخطابات إنه األمر الذي وقد . في الخطاب السينمائي المتمثلموضوعنا – بطبيعة الحال –البصرية والتي ندرج ضمنها

مما يجعل 1،" اللغة تتدخل دائما كإبدال وخصوصا في أنظمة الصور "لى األذهان أن يتبادر إ –من اللسانيات، وبنية منضوية تحتها الخطاب غير اللساني، والبصري على الخصوص، جزءافيحرم اإلجراء السيميائي، فضال عن –على أساس أن الصورة تدرك بأبجديات اللسان المكتسبة

يمسي غير مجد في تدعيم الشعرية نحو مقاربة وسامي على العالمة اللسانية، ذلك، من صفة الت .. الخطاب السينمائي

أن اللغة البصرية التي -ومن دون الخوض في مناقشة هذا الطرح البارثي –لكننا نرى .. نقصدها هي ذلك النسق اللغوي المتميز في ذاته، والمنطوي على نظام تمفصلي، وتأليفي

من .. ما عن الطريقة التي يتمفصل بها النظام اللساني، وتتركب وفقها وحداته اللغويةمختلف حتيجعل العالمة اللسانية عاجزة تماما تجاوزاهنا يستمد الخطاب المرئي سلطته في تجاوز اللسان

.. أمام تشفيره، وتأويله، وقراءته

.38: ، ص1993، دار تينمل للطباعة والنشر، مراكش، 1عبد الرحيم زحل، ط: روالن بارث، المغامرة السيميولوجية، تر 1

Page 48: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

48

*)Poéticité( الشعرية الوظيفة في وتعديل األدبية على استحواذ - 1-2- 1حينما ألفت االنتباه إلى فعاال )Jerard Desson(" جرار ديسون"العلمي لـ لقد كان الحس

الذي أطلقه جاكوبسون - )Littérarité(أن عملية نحت المفاهيم المنطوي عليها مصطلح األدبية من –الجاكوبسونية –ة بوجود نسيج من العالئق يربط بين الشعرية مرهون – 1م1919عام

2.جهة، وبين الوظيفة الشعرية من جهة أخرى- د، ونعض- من التلميح الذي اكتفى به ديسون على الرغم –ننتصر لهذا الطرح لإننا و ، يدعو داال الدى جاكوبسون أمر المحاذاة بين مفهومين ثابتين للشعريةرأيه في كون – من ثمة

يكمن هدف " -1: هذان المفهومان هما على التوالي 3؛إلى نوع من التأويل واالستقصاءي يجعل من رسالة قولية عمال ما الذ: الشعرية، أوال وقبل كل شيء، في اإلجابة عن السؤال

هذا الصنف من اللسانيات الذي يعالج الوظيفة الشعرية في ضوء "الشعرية هي -2 4،" ؟فنيا 5." مع الوظائف األخرى للغة عالقاتها، إنه من األجدى بنا أن فلتشريح هذا النسيج العالئقي الرابط بين هذين المفهومين ؟ وأيهما األجدر بمقاربة الخطابات عن صلب شعرية جاكوبسون هما أكثر إفصاحاأي: نتساءل

؟ في انتماءاتها النمطية والنوعية ، واختلفتدتمهما تعد. تعامال مع هذا التساؤل، أن نصف شعرية جاكوبسون وصفا منوطا بطبيعة ما سنحاول،

إلى االستحواذ على أحد المفهومين – في خضم ذلك –ا يحتاجه موضوع المقاربة، ومؤدي . المذكورين أعاله، وإبطال، أو تعديل أحدهما اآلخر

)La fonction poétique(بدال من نظيره الوظيفة الشعرية «Poéticité» يحلو لبعض الشكالنيين الروس اعتماد مصطلح *

,Cf, R. Jakobson, Questions de poétique.قاصدين بذلك مفهوما واحدا، وقد أكدوا على اعتماده في مواطن كثيرة من أبحاثهم

p : 123. . مصطلحا ينوب عن مصطلح " الوظيفة الشعرية " وإننا لنفضل توظيفPoéticité يسقط عنا عبء المخاطرة عل ذلك .في ترجمته

. 84: شكري المبخوث ورجاء بن سالمة، ص: تزيفطان طودوروف، الشعرية، تر: ينظر 12 Cf, J. Desson, Op. cit, p : 240. 3 Cf, Idem. 4 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, p : 210. 5 Ibid, p : 222.

Page 49: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

49

1 -1-2-1 - فرار ة من قبضة األدباألدبي بين األدبية والشعرية داخل – ولو طفيف –س وجود تباين لعلمية أن نتحسإنه لمن ا

إذ يكفي أن د أن هذه المسألة ال تشكل حجر األساس في بحثنا، بي .النسق الجاكوبسوني نفسهفالجانب األفيد من هذه . صالت، ووشائج تربطها بالشعرية –ذكركما أسلفنا ال –تكون لألدبية

يتمتعان –األدبية والشعرية – كان هذان المصطلحان لبحث فيما إذاالمسألة، هو محاولة ااألدبية منها .. والممارسات القولية، واإلنتاجات النصية على استغراق مختلف الخطابات،بالقدرة

.وغير األدبيةما الذي يجعل من : "فحينما حصر جاكوبسون موضوع الشعرية في اإلجابة عن السؤال

تقف .. فقد لفت انتباهنا إلى أن ثمة قوانين، ومعايير، وخصائص 1،" فنيارسالة قولية عمالبل وكأنها هي المسؤولة عن ، بشكل عام أي عمل أدبي أو فني –ة أو فني –وراء إنتاج أدبية

أو ،خطاب من مرحلة الالأدبية انتقال أي الالفنية إلى مرحلة األدبيبحيث يكون من ةة أو الفني ،أو في صورة حقل ،هيئة منهج علميفي ة الكشف عنها، واحتواؤها، وضبطهاريمهمة الشع

بحثي ومكتف بذاته ،دمحد. بالبحث في سبل تقنين الظاهرة األدبية، فالشعرية، من هذا المنظور، هي دراسة تختص

يمنح لهذه اتحديدا علمي تتوفر عليها بنية العمل األدبيينبغي أن وتحديد الخواص التي، لتتحول، في قدرة على التجرد، واالنفصال عن العمل األدبي نفسه –ته بفضل علمي –الخواص

المفاهيم التي تصبوا إلى التحكم في شروط انتقال النهاية، إلى منظومة من القوانين، ونسق من ا إلى المرحلة التي تبلورت فيه أدبيا الخطاب أو العمل األدبي من مرحلة لم يكن فيها عمال

هو وصف عمل النظام "هكذا، سيكون هدف الشعرية . مالمحه الفنية والجمالية ته، وانبلجتأدبيأو بمعنى أكثر تحديدا، الوصف ،األدبي، وتحليل عناصره البنائية، والوضع الحي لقوانينه

إشكالية التحويل هذه ثم إن 2." العلمي لنص أدبي– هي – تحويل الرسالة القولية إلى عمل فنيفي فهم مصطلح الشعرية، بل يها إلمربط الفرس، والركيزة التي من األجدى بالباحث االستناد

1 Op. cit, p : 210.

أحمد المديني، : ، مارك أنجينو، في أصول الخطاب النقدي الجديد، تر]إكو[ فتان تودوروف، روالن بارث، أمبرتو إكسو تز 2 . 13: ، ص1987، 1دار الشروق الثقافية العامة، آفاق عربية، ط

Page 50: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

50

وجود توافق، –ذلك نع فضال –حيث نلحظ هنا *،أو بسواه في بنائه، بالمنظور الجاكوبسونيمن د جاكوبسون مفهومها في موضع هذه التي حدبين الشعرية وبين األدبية ،يكاد يكون تطابقاتعني، بأسلوب [...] األدبية "ومنطق التحويل المشار إليه أعاله، إذ أدلى بأن أبحاثه بما يتساوق

* 1." القوانين التي تحقق عملية التحويل هذه نظام تحويل الكالم إلى عمل شعري، وكذا ،مغايرهما ي، أاواحد فهوماالشعرية رديف األدبية، وأنهما يشكالن م إن، بوسعنا القول هكذا

؛ من حيث كونهما يتضمنان آلية التحويل من حال إلى واحدا مفاهيميا مصطلحان يغطيان نسقا ...واالنتهجات ،حال، ومنطق إخضاع هذه اآللية عينها لنظام من القوانين، والمعايير

نسى أن األدبية قد تبلورت، وترعرعت بين أحضان األدب،نصحيح أنه ال يجب أن نجدسلكن ، معه مقارنة بغيره من الممارسات اإلبداعية األخرى أكثر تعامال –ن ثمة م –وأنها متحوطين حيال هذه الفكرة بمجرد أن نتأمل مليا موقفا آخر لجاكوبسون إزاء مفهوم أنفسنا

هو األدب، وإنما األدبية؛ أي ما يجعل من عمل علم األدبيليس موضوع ال "األدبية، فحواه أنه ومتملصة من سلطة األدب ،ة مجردةمفهوميأال يعني ذلك أن األدبية كينونة 2." أدبيا ما عمال

ما الذي دفع جاكوبسون إلى صوغ هذا القول بلى، ولكن ؟ على الرغم من كثرة تعاملها معه )فنيا ما الذي يجعل من رسالة قولية عمال( صوغا مشابها لنظيره المتعلق بمفهوم الشعرية

.؟ " Œuvre littéraire -أدبيا عمال "بـ " Œuvre d’art -عمال فنيا " مستبدال

.إذ نرى أن هذه الركيزة جديرة أيضا باالستثمار في بناء المقاربة التي ستعتمد في هذا البحث *

1 R. Jakobson, Questions de poétique, p : 486. –نشير، في هذا المقام، إلى أن جاكوبسون ما برح قوله هذا إال بعد تأكيد ملحاح على قوة التالحم، بل وحتميته، بين الشعرية *

األدبية وبين تحليل القصيدة، وهو وبين اللسانيات، أو بين التحليل الشعري وبين الباحث اللساني، إذ ربط ربطا بين –أو األدبية ، لنخلص في " ..la transformation en une œuvre poétique… : " األمر الذي نمى فينا الوعي بضرورة التمعن في قراءة قوله

ود وبيت القصيد في ذلك كله ، هو وج. تحيل هنا إلى الصفة ال إلى الجوهر أو المفهوم" شعري – poétique" النهاية إلى أن بين مطلع القول وبين خاتمته، حيث إذا سلمنا بمنطق التحويل، وسمة التجريد المطبوعة بها –وإن لم يكن تناقضا –تعارض

أن مفهوم –ضمنيا ومنطقيا –تلك القوانين، والخصائص لتي إذا ما توفرت في خطاب ما أنتجت شعريته، فإن ذلك يعني فإذا كان األمر على هذا النحو، إنما هو .. ى ذات انتماءات مختلفة نمطا، وجنساالشعرية بوسعه المهاجرة إلى خطابات أخر

بالشعر أو القصيدة فقط، وحصره في الخطابات اللسانية الصرف –أو األدبية –يتعارض والتأكيد على ربط موضوع الشعرية باحث اللساني بتطويره في تحليله للقصائد هذا هو الموضوع الذي يقوم ال: " حصرا، وهو ما ظهر جليا في ختام قول جاكوبسون

."Idem . 2 Ibid, p : 15.

Page 51: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

51

لجاكوبسون بدوام االرتباط ربما كان الدافع إلى ذلك، هو اإلقرار الضمني– من األدب ميدانا – فعال –بمعنى أن األدبية قد اتخذت ! بين األدبية واألدب –أو بمبدئيته

تم تلها امخبري ،ولكنها على الرغم ومفهوما دت حتى انفصلت، أو اختلفت عنه مصطلحاجر ،هل يجوز لنا أن نفهم من ذلك أن األدبية ال أو. من ذلك، ظلت مرتبطة باألعمال األدبية ال غير

؟ )أي غير المرتبطة باألدب(الفنية خصوصيات األعمال واألجناس مدارسة يحق لها أن تعنى بالذي - المذكور أعاله – ك إلى الشعرية ما دام مفهومها قد ارتبط بالتساؤلفهل أسندت مهمة ذل

.؟ " أدبيا عمال "بدال من عبارة " فنيا عمال "ذكرت فيه عبارة –مع جاكوبسون –دنا منها إذا ما أك ، قد تكون الشعرية متعالية على األدبية، وأشملفعال

– من أجناس تعبيرية متباينة، والذي هو عليه فن بما يتوفرأي؛ بال على ارتباطها بالعمل الفني، La(مسألة اإلبداعية كاشفةم لعل ذلك ما يفتح المجال أمام. أشمل وأعم من األدب –بدوره

créativité( من حيث قدرتها على احتواء أنها تتجاوز الشعرية واألدبية كليهما –نعتقد –التيت راية واحدة هي اإلبداعها تحأنواع الفنون جميعها، وضم.*

ما يخصب أفق بحثنا هو ذلك الفصل إن إذ .مسألة ال يتسع المقام لمباحثتها ههنا تلك ول ـبجالء في بنية الق أيضا والمكشوف ،وبين األدب )األدبية(لم األدب ـن والصارخ بين عالبي

من حيث كونهما **،حدةبفضله، وضع الشعرية واألدبية في كفة وا إذ يجوز،المذكور أعاله، وتجريدها، وصوغها في شكل قواعد تكون في يهدفان معا إلى عزل الخواص األدبية أو الفنية،

.. مستوى مسؤولية نقل الرسالة القولية، أو الخطاب من مرحلة قبلية متعددة الهويات واألجناس .)العمل األدبي أو الفني(إلى مرحلة بعدية محددة الهوية أوالجنسية

ثم الشعرية إن وقد اعتقد البعض .ها في تربة الشعرقد أنتشت، هي األخرى، مفاهيم–وذلك تأثرا بالتقليد التاريخي القديم الذي جعل أن الشعرية والشعر أمر سواء، –فضال عن ذلك

كما أشير إلى ذلك آنفا؛ حيث يتجلى ارتباطها بكل ما " شعرية " ذلك ما يؤكد، مرة أخرى، على الجانب االشتقاقي لمفردة *

. 39: ينظر البحث، ص. يمت لإلبداع بصلةإن المظاهر األشد أدبية في األدب ، والتي ينفرد لوحده بامتالكها، هي التي : " ية قائالحيث يعلق تودوروف على مفهوم األدب **

، وإننا نرى في 84: شكري المبخوث ورجاء بن سالمة، ص: تزيفتان تودوروف، الشعرية، تر" تكون موضوع الشعرية مؤكدا أمرا" هي التي تكون موضوع الشعرية " و، "المظاهر األشد أدبية في األدب " الترادف الوارد في هذا القول بين عبارتي

. على مدى التالحم، والتواشج بين الشعرية واألدبية

Page 52: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

52

بيد أن النظرة العلمية والمؤسسة إزاء هذه 1.بمدارسة الشعر أو القصيدة منطلق الشعرية لصيقامكتمل الذات، وبين أدبيا لقضية ال يمكنها أن تتبلور إال بعدم الخلط بين الشعرية صفة أو جنساا

عن الشعر نفسه على الرغم من إمكانية تبرير ذلك الخلط منفصال ومفهوما الشعرية مصطلحاالجوهر - من هنا، وجب الفصل بين الشعرية .!مفرداتيا ، أومعجميا بينهما تبريرا

)Substantif(نعتا - وبين الشعرية.. ، أو النسق المفهومي )Adjectif( أي؛ 1،لخطاب القصيدة ".شعر "للموصوف صفة

عن –كالهما –األدبية والشعرية قد انسلختا إن القوللنا بناء على ما سلف، يحق من موقع لهما، ومن ثمة قد ارتحلتا الصفة الرسمية، وهجرتا الموطن األصلية، العرضي

ت األدبية من قبضة األدب، فكما فر *.ة، والتقعيدة، والمصطلحيإلى موقع الجوهري ،والوصفت الشعرية من قبضة الشعرفر .

1 Cf, J. Desson, Op. cit, PP : 5, et 6. 1 Cf, Op. cit, P : 5.

على " عناصر األدبية" صالح فضل حينما حصر موضوع الشعرية في تحليل . في هذا السياق، إلى أننا نوافق د، نشير *الرغم من اختالف وجهات النظر حوله، وتعددها، إذ ذلك ما يدعم رأينا المتعلق بتواؤم الشعرية مع األدبية من جهة،

إال أننا نختلف معه في جعل جميع المنظرين يسلمون بأن موضوع . وباشتراكهما في سمة التجريد، واالستقاللية من جهة أخرىاللغوية التي تمنح لغة األدب خصوصية مميزة تفصلها عن أنماط التعبير الفنية واللغوية الشعرية يتركز في دراسة اإلجراءات

، المجلس الوطني للثقافة والفنون 164: صالح فضل، بالغة الخطاب وعلم النص، سلسلة عالم المعرفة، ع. د: ينظر - األخرىة تلك العناصر األدبية، ومن ثمة مع قدرتها حيث يتعارض ذلك مع تجريدي – 62: ، ص1992واآلداب، الكويت، دط، أوت،

. إلى شتى األجناس الفنية، واللغوية - بفضل تجريديتها تلك - على الهجرة

Page 53: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

53

:هاتين الخطاطتينبوسعنا اآلن، أن نختزل البنية العميقة لما سبق من تحليل في شكل

)Œuvre d’art( عمل فني ←ويقتضي ينتحويل يخضع لقوان ← )خطاب(رسالة قولية ← الشعرية -

..وجود خصوصيات

موقع التوافق

عمل أدبي تحويل يخضع لقوانين ويقتضي )Œuvre donnée( أثر معين األدبية - )Œuvre littéraire( ..وجود خصوصيات

. ذاتالتحويل إلى الالشعرية واألدبية ومبدأ : 3 الخطاطة رقم

المرحلة البعدية تحويل الخطاب باستحضار قوانين المرحلة القبلية و خصوصيات األدبية و الشعرية

عمل فني أو أدبي )األدبية(مرحلة الشعرية رسالة قولية أو أثر والعلمنة ،والتقعيد ،بؤرة التأسيس )خطاب( معين

.ة الشعرية و انفصالها عن الخطابتجريدي: 4الخطاطة رقم

كما –هما د التي يشتركان فيها، من سمة التجري الشعرية واألدبية، انطالقا إذن، إن ومن ثمة، فهو. كيان مفهومي، وتجريدي، مكتف بذاته بمثابة – 4: توضحه الخطاطة رقم

إلى –فضال عن ذلك –وإنه ليحتاج *،ر من جميع األغلفة النصية، والقوالب الخطابيةمتحركل .لمية، أو النظريةكيان، أو خطاب آخر يقعده، ويعضده، ويبنيه بناء يرفعه إلى مصاف الع

قابلية الهجرة، في هيئة مجموعة من الخصائص، والسمات، )األدبية(ذلك يسدي إلى الشعرية

. 49: ينظر البحث، ص. آية ذلك، أن تحررت الشعرية من قالب القصيدة، واألدبية من قالب األدب *

Page 54: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

54

الحديث بمقدورنا ، بحيث يصيروالمالمح، إلى حيث شاءت من النصوص واإلنجازات الخطابية دباأل ذلك أن بعض الخصائص التي تميز " ! عن شعرية خطاب ال صلة له باألدب والفن

في الخطاب غير األدبي وخاصة في الخطاب اإلشهاري والشعارات السياسية توجد أيضافإنه بمجرد أن تتمظهر تلك الخصائص األدبية على صعيد من هنا؛ 1،" الخ...اليومي والحديث

حتى وإن أصر 2 خطاب ما، غير أدبي، ستعطي له قيمة تميزه عن باقي الخطابات المنتجة ...أم فلسفيا، تاريخياأم ،اأم إشهاري ،كان مطه األصلي؛ إعالمياعلى االحتفاظ بن

إن الشعريالمتعالي على قوانين اإلجناسية، والنمطية ة بهذا المفهوم التجريدي..* بناء مقاربة هذا البحث على مكمن االستحواذ في سعينا نحو منحها قابلية الهجرة، هيوالذي

نحو يجعل من الحديث عن أدبيومتسمامنطقيا موضوعاة الخطاب السينمائي ة أو شعري ، بالعلميبعد تحليل وتأويل – وال نكران لكون ذلك المفهوم التجريدي مستنبطا ،ةة والتأسيسي– .نظرية الجاكوبسونية عن مصطلح الشعريةمن ال

1-1– 2– 2 - واالستقاللية **ة المفهوم وجدلية التخاللنسقي ، ال صفة عرضية، فإن ذلك ما يفضي إلى إدراك ، أو مفهوماعرية جوهرالئن كانت الش

سمة االكتفاء بالذات، واالنفصال عن هي امسمة أخرى تدخل في تكوين بنية المفهوم ذاته، إن – تحليليا إجراء مبوصفها دراسة أ –وعليه، فإن مسعى الشعرية . الكيان الخارجي وسياقاته

من أجل الكشف عن مكوناته، وخصائصه، ألدبي أو الفنيعلى ذات الخطاب ا ينصب

، http : aljabriabed.com: ، الموقع االلكتروني22: ألدبي، مجلة فكر ونقد، عمحمد القاسمي، الشعرية الموضوعية والنقد ا 1 . 2006 – 11 -18: تاريخ التحديث

2 Cf, J. Desson, Op. cit, p : 7. وهو المفهوم الذي ينسحب على األدبية كما تعرضنا إلى ذلك أعاله، إال أننا نفضل اعتماد مصطلح الشعرية بحكم كونه أكثر *

. وحتى من لدن جاكوبسون نفسه.. في األوساط األكاديمية، والنقدية تداوالهنا التخلل، أي؛ أن يكون النسق األدبي متخلال بأجناس أدبية، وأنواع فنية أخرى، وألننا سنقدم على " التخالل " نقصد ب **

لمالمح والخصائص األدبية أنساقا أخرى، فنية أن تتخلل ا: تحليل هذا المفهوم أخذا بعين االعتبار المعنى المعكوس أيضا؛ أيلكونها تحترم المستوى التبادلي بين النسقين؛ األدبي " تفاعل " على وزن " التخالل" فإننا ارتأينا اعتماد مفردة وغير فنية،

من طرف واحد ، إذ هي تكرس مفهوم التخلل"التخلل " مفردة –في رأينا –وغير األدبي خاصة، وهو المعنى الذي ال تعطيه كما نشير أيضا، وفي السياق نفسه، . )سيتضح ذلك الحقا(بشكل يتعارض مع المفهوم الذي نصبو إلى تبنيه في هذا البحث فقط

لكن بالمفهوم الذي نبهنا إليه توا، والمقابل لمفردة " المحايثة "أو " التحايث " )مفردة(إلى أننا سنعتمد، في بعض المواضع، (Intercalage) أو)Intercalation( أي؛ أن يحايث شيء شيئا آخر، وذلك "الحيثية " في اللسان الفرنسي، والمرتكز على معنى ،

من شحنة داللية ومفهومية مكثفة تجلب اللبس واإلبهام للبحث أكثر من إضاءته، " المحايثة " بعيدا عن كل ما يحمله مصطلح .وتوجيهه نحو الهدف المنشود

Page 55: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

55

صر اشتغال من ثمة، حو .في إنتاج أدبيته انطالقا من داخله التي كانت سببا.. وعناصرهعن ، بعيداداخلية دراسة دراسة النص الفني "، من قبل العديد من المنظرين، في الشعرية

إذا عمل أدبي ما إال على إطالق صفة الشعريةلنا يصح فال 1،" المؤثرات الخارجية للنص، هو تلك له على أنه شعريما ندركه، ونؤو إن "، إذ عليها اإلى ذاته، ومنكب موجها كان

، من هنا نرى أن الشعرية مفهوم نسقي، ال سياقي 2."الكتابات التي لم تكن موجهة إلى اآلخر،في استشفافه، خاصة سوني ال يجد الباحث عسراجاكوب ذلك إنما هو موقفو وآني، ال تاريخي

نا بعين االعتبار االنتماء الشكالني لجاكوبسون الذي جعله يصبو دائما إلى الفصل بين ذإذا أخوبين تاريخ األدب؛ ذلك الذي يدرس السياقات –لذاته وهو الذي يدرس األدب –علم األدب

بين علم األدب وبين –إن هذا الفصل وألدب، المحيطة با.. االجتماعية، والنفسية، والسياسيةد من خالله الشكالني زيرمنسكي بفضل األسلوب الصارم الذي حد ليزداد جالء –تاريخه

الركيزة اإلبستيمولوجية المنبني عليها صرح االشكالنية، مقر أن ز الشكالنيين ليس هو ما يمي، إنما هو سعيهم إلى وضع علم ظاما مغلقاالشكالنية بوصفها نظرية جمالية، وال المنهجية ن

وقد امتد السعي إلى تكريس استقاللية األدب، وبلورة مفهومه النسقي إلى 3.لاألدب المستقوشطب معطياته النفسية من خانة الدراسة العلمية لألدب الذي ينتجه، وقد مس إقصاء األديب،

ب من منظور نفسية المؤلف أو القارئ، ال يجوز أن ينظر إلى األد "ذلك حتى متلقيه، ومن ثم، دارس األدب الذي ينساق وراء ر ذلك هو أنما يبر وإن 4." بل من منظور العمل عينه

، وال حتى هو األدب صافيا نفسية ال يدرك جوهر - حيثياته التاريخية، وسياقاته السوسيوومرتبطة بحقول لمواضيع عائدة إلى علوم أخرى، بصدد دراسة األدب، إنما هو دارس

.. مثل الفلسفة، وعلم النفس، والتاريخ ،مختلفة تظل تابعة لألدب، وطارئة عليهمعرفية 5.ونحوها

.مي، مرجع سابقمحمد القاس 1

2 R. Jakobson, Question de poétique, P: 35. 3 // : http:الموقع اإللكتروني 9:أحمد بوحسن، الشكالنيون الروس و النقد المغربي الحديث، مجلة فكر و نقد، ع: ينظر

aljabriabed.com 202006.11.: تاريخ التحديث. 4 Erlish Victor, russian formalish, history, doctrin (1st ed 1955) 3 ed, yale up, 1981, p: 173. 5 Cf, R. Jakopson, Questions de poétique, p : 15.

Page 56: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

56

ما طبيعة هذه السؤال الذي يجب طرحه حيال الطابع النسقي لمفهوم الشعرية، هو لكن نها جعلهل هي نسقية مطلقة من شأ .؟ شعرية العمل األدبي أو الفني تقتضيهاالنسقية التي .؟ كليا على ذاته انطواء األثر منطويا

الخصوصية "تحديد مفهومي شكال إال من خالل التعريج على لن تتأتى لنا معالجة هذا اإل المفهوم األول مظهرا إذ يعدL’autonomie(.* (" االستقاللية "، و)La spécificité(" أو النوعية

التمييز بينه وبين قد أكد عليه جاكوبسون محاوال )La littérarité(" األدبية "من مظاهر آخر .الذي طالما تداخل معه في بوتقة من اللبس والمغالطة –االستقاللية –نظيره المفهوم الثاني

الهدف الذي يجب أن يرنو إلى تفعيله علم األدب هو دراسة الخصائص ال ريب أنوهو الهدف نفسه الذي يجب على 1،أخرىل مادة التي تميزها عن ك والنوعية للمواد األدبية

الصواب في شيء أن نفهم ذلك التمييز بين المادة األدبية وبين لكن، ليس من. األدبية تمثلهذلك ما جعل جاكوبسون .المواد األخرى على أنه فصل نهائي بينهما، واستقاللية مطلقة لكليهما

أثر أدبي معطى أثرا أدبيا ما يجعل من " طلقمع من اتفاقا –فكرة الخصوصية "يلح على أن من هنا، ستكون الخصوصية األدبية مفهوما 2." ال تتضمن بالضرورة فكرة االستقاللية –"

على سمات، وخصوصيات ومتفتحاغير متعصب إزاء الوافد إلى كيان العمل األدبي، نسقيابحتمية التجاور، والتفاعل بين أخرى، بل ومؤمنامنحدرة من أجناس فنية، وحقول معرفية

فضال عن –نسقية العمل األدبي أو الفني باتت هكذا، إن .األدب وبين شتى مجاالت الحياةلهي ما يزيد .. التجاوربؤر االنفتاح تلك، ومكامن نسقية مفتوحة، وإن –مفهوم الخصوصية

–محتم عليه االرتباط .. في، خاصة إذا أدركنا أن األدب فعل لغوي، وعالماتي، وثقا!في أدبيته 3.بالمجاالت األنتروبولوجية األخرى –نسبيا ولو

كانت مبثوثة في وسط من استشفاف الخصوصية األدبية إال إذا –إذن –ليس بوسعنا ذاته ال إن الخصوصي ثم. الخصوصيات غير األدبية، ومنخرطة فيما هو غير أدبي صرف

من !، وانماز عنه، واتصف بغير ما اتصفالخصوصي يمكن تمييزه إال إذا تحاذى مع غير

,Les futuristes(، Cf, J. Desson, Op. cit(قد ابتكر من قبل المستقبليين )L autonomie(" االستقاللية " نلمح إلى أن مصطلح *

p : 219.. 1 Cf, T.Todorov, Théorie de la littérature, p : 37. 2 G. Desson, Op. cit, p : 219. 3 Cf, Idem

Page 57: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

57

، هو ما يملك هذا الفن من موضوع دراسة تتناول الفنيجب أن يكون "هذا المنظور، 1." يميزه عن المجاالت األخرى للنشاط الفكري خصوصي

بمبدأ على دعامة التحايث، ومعترفا مبنيا " الخصوصية األدبية "وإذا كان مفهوم –على عكسه –" االستقاللية "فإن مفهوم ، " بين الداخل والخارج التعالق "أو ،"ور معالتجا"

بتغييب العالقة، وأي شكل من –من ثم –ويعترف مركوز على منطق النسقية المتزمتة،أجناس، وأنماط أخرى؛ فنية التواصل الذي يمكن أن يكون بين األثر األدبي أو الفني وبين

س لنظام من تفترض غياب العالقة، أو هي، باألحرى، تؤس[..] الستقاللية فا " .وغير فنيةإنما هي مفهوم يجعل من العمل األدبي غير مضياف، هكذا، 2." العالقات الداخلية الصرف

ألي نوع من أنواع التخالل بينه وبين ما يختلف عنه شكال ، ورافضاوغير استئناسي وال يأبه إال .. االستدخال واالنخراط ، وسمةينكر الدخيل قامغل ويجعله أيضا نسقا، ومضمونا

!بالعالقة بينه وبين نفسه وانغالقه انغالقا، القول باستقاللية األثر الفني كليا ، هو أنما ال يساورنا فيه شك أن بيد - بذالك –سليم، وإنه ليحتاج قول مبني على وثبة ذهنية، وال يقبله تفكير منطقي ، هومطلقا

االستقالل النسقي المطلق هو المستحيل " نإإلى مراجعة صارمة، ودحض صريح؛ إذ فال يوجد حتى اآلن وال يبدو أنه سيوجد أي نوع من النسق المعرفي أو سواه المغلق ،! المطلق

)Système clos( ما " حاجة "، وهو األهم، وأيضاق هناك دائما وبالضرورة ثغرة، منفذ، تشق * 3." التآثرات واالستدخاالت عمق كل نسق أو منظومة تسمح وتستدعي كل في

األدبي والفني على حد سواء –األثر إن– يحوي األصيل والدخيل، هجين، خطابومثلما هو يقبل استضافة خصوصيات، ومالمح وافدة من أجناس، وأنماط تعبيرية أخرى، فإنه

ما –تدقيقا –ذلك ، غيرها من الخطابات المجاورة يقبل أيضا بهجرة خواصه، ومالمحه إلىالذي نبقي عليه، ونستثمره بوضوح في " La spécificité -الخصوصية "يستغرقه مفهوم ندحضه، الذي " L’autonomie -االستقاللية "ما يستنكره مفهوم ،بالمقابل ،هذا البحث، وإنه

1 Jouri. Tynianov, Le vers lui même, U. G. E, coll «10-18 », 1977, p : 47. 2 G. Desson, Op. cit, p : 219.

.126: محمد قاري، مرجع سابق، ص 3هو بالضرورة نسق مفتوح على وسط خارج عنه يتغذى منه ويتعاطى –سواه معرفي أو –إن كل نسق " بناء على ذلك، *

.102: المرجع نفسه، ص" معه في ضروب من التآثر والتفاعل

Page 58: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

58

والشعرية مشتركة استندتا إليها األدبية ولما كان مفهوم الخصوصية هذا لبنة .ونبطله إبطاالمن أجل نا، استحواذا بيLittérarité(( على حد السواء، فإننا نستحوذ أيضا على مصطلح األدبية

.تحت عباءة واحدة ،من ذلك المنظور عينه، ، بل ونضع المصطلحين كليهماتفعيله في بحثنا

1-1-2 -3 - شعريةة الوظيفة الشعري ضبط مفهوم الشعرية ضبطا تكشف من خالله أمر ، في سياق آخر،ونيحاول جاكوبس

التداخل بين الشعرية وبين الوظيفة الشعرية، ذلك التداخل الذي نرى أنه ليس ببعيد عن كنف أنه يمكن تعريف الشعرية على أنها الدراسة "قد تجلى ذلك حينما ارتأى . الغموض واإليحاء

* 1." ياق الرسائل القولية عامة وعلى صعيد الشعر خاصةاللسانية للوظيفة الشعرية ضمن سبصيغة ؟ أو مدارسة الوظيفة الشعرية علىمفهوم الشعرية مقتصر فقط فهل بوسعنا اإلقرار أن

؟ محور اشتغالها موضوع الشعرية و الوظيفة الشعرية صميم أخرى؛ إلى أي مدى تكون دراسة –أنه على صعيد نظرية اللغة لرومان جاكوبسون ") G. Desson(حقيقة، قد أقر ديسون

R. Jakobson -لكن، أيفهم من ذلك 2،" ، تمثل الوظيفة الشعرية الموضوع المركزي للشعريةأم أن هناك بؤر تالحم، وتداخل بينهما ؟ بين الشعرية والوظيفة الشعرية فاصال أن ثمة حجابا

.؟ طلح الجاكوبسوني ويتأسسحيث تكون هذه البؤر عينها ما ينبني عليه المصعلى أن وهو يصركنا قد أشرنا في مطلع هذا المبحث إلى التلميح الذي اكتفى به ديسون

على وجود عالئق بين –حسب جاكوبسون –الرهان األكبر لمفهوم األدبية أو الشعرية متوقف بين مفهومين موحياالتجاور -انطالقا من ذلك – ، بحيث يكونالشعرية وبين الوظيفة الشعرية

هي ذلك الجزء من اللسانيات الذي يعالج الوظيفة الشعرية في عالقاتها مع -: شعريةبارزين لل ما الذي يجعل من رسالة قولية أثرا: هي أن نجيب عن السؤال -الوظائف األخرى للغة،

بين هذين تلك المحاذاةإنما هي دعوة وجهها ديسون إلى المتلقي من أجل قراءة **.فنيا

1 R. Jakobson, Question de poétique, p : 486. : في هذا األمر سالفا؛ ينظرإثارة إشكالية ما إذا كانت الشعرية دراسة لسانية أم غير لسانية، إذ فصل –ههنا –لسنا نريد *

كما نملك الحق أيضا في تحاشي التفصيل في قضية . 47 :إلى ص 37: البحث، لسانية الشعرية أم شعرية اللسان، من صلفكرة إمكانية –أعاله –التخصيص التي تضمنها قول جاكوبسون والمتعلقة بحصر الشعرية في الشعر، ما دمنا قد تعرضنا

. 54: إلى ص 49: البحث، فرار األدبية من قبضة األدب، من ص: بنية القصيدة؛ ينظرتجلى الشعرية خارج 2 G. Desson, Op. cit, p : 239.

.48: ينظر البحث، ص **

Page 59: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

59

-أفضت إلى نتائج يحتاجها بحثنا من زاوية محددة ، وقد قرأناها آنفاالمفهومين قراءة معمقةنمضي من خاللها من زاوية أخرى ها هذه المرة ؤسنقرلكننا ***،في مواضع عديدة -الحقامركزها إلى حد ما، وتحسس ، ونقدياشارحا نحو تحليل مفهوم الوظيفة الشعرية تحليال قدما

الشعرية مصطلحاس طبيعة العالقة بينها وبين الحقيقي بين الوظائف اللغوية األخرى، وكذا تلم .واسع المفهوم

واضح إلى أن دعوة ديسون إلى تأويل التقارب بين المفهومين المذكورين أعاله يجروانخراطي بين هناك عالقة ذات طابع تحايثي، أولية بينة، وال يطالها شك؛ إدراك فكرة

، الشعرية والوظيفة الشعرية، وبينها وبين الوظائف األخرى للغة وفق التحديد الجاكوبسوني، متسق تسهم في حياكة نسيج مفهومي –في رأينا –وإن هذه العالقات مجتمعة هي التي

لكن السؤال .ومنسجم، مسؤول عن إعطاء الصورة المثلى واألشمل للشعرية الجاكوبسونية، هي عالقات تخالل وتفاعل، هل هذه العالقات المشار إليها توا: نروم االنطالق منه هو الذي

.؟ أم هي عالقات تعارض وتنافر

تسطيح اللغة واغتيال المرجع -1- 3- 1-1-2 للغة عن جميع الوظائف اللغوية األخرى عزال" الوظيفة الشعرية " ترى، هل يمكن عزل

،تعامال مع هذا اإلشكال ،فلنتأمل .التحقق ؟ ، ومستحيلناقصا هومايجعلها ذلك مف أال. ؟ تاماهدف إن "األسلوب اللغوي الذي من خالله أسدى جاكوبسون إلى الوظيفة الشعرية مفهومها؛

1."هو ما يميز الوظيفة الشعرية للغةالتشديد على الرسالة لذاتها إن الرسالة بوصفها رسالة، أو .؟ بالتشديد، أو التركيز، على الرسالة لذاتهامن قوله –قيقاتد –فما المقصود

الرسالة غاية ذاتها، فتنقطع الروابط بينها وبين الواقع – وال ريب –هو أن تكون فالوظيفة الشعرية تتجلى، إذن، في أن . "واألشياء، مما يفضي إلى اغتيال الطابع اإلحالي للغة

مجرد بديل عن شيء مسمى، أو تفجيرا لعاطفة، من هنا الكلمة تدرك من حيث كونها كلمة، الفإن الكلمات، وتركيبها، وداللتها، وأشكالها الخارجية والداخلية، ليست إحاالت جوفاء عن

يصنع الوظيفة الشعرية هو نفهم من ذلك أن ما 2." الواقع، وإنما تمتلك في ذاتها وزنا وقيمة

. 54: إلى ص 49: من ص: ينظر البحث ***1 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, p : 218. 2 R. Jakobson, Questions de poétique, p : 124.

Page 60: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

60

هو النسق الذي ال يحيل إلى عالم .. ة تسكن خارجهاالكلمات التي ال تنوب عن شيء، أو فكرخارجي أو ذهني وال يضمر وجدانا في أحشائهوافتراضي ،.. * 1،" الهدف الشعري يتجلى في ترك استخدام الكلمة لتحل محل الشيء " أن ذاك معناه

أي كما لو . ليةيتم في حدود بنيتها المادية الشك[...] تلقي المرسلة الشعرية أن" ومعناه أيضا ال [...] أن لها معنى متضمنا يحصر غايتها في ذاتها ال في مرجعيتها، فالنص األدبي إذن

نزعم التكلم عن "كأننا عندما ف 2،" يحيل إلى شيء خارجي بقدر ما يتمحور حول مادته الداخليةك كله، إلى أنه نخلص من ذل 3." !آخذين في التكلم عن الكالمننا ال نكون فعليا إال إالواقع، ف

ها في وجه أيلأبوابه كلها، أن يوصد ألدبيته، وتكريسا يتوجب على الخطاب األدبي، ضماناال مانع أن نلمح في والقاطنة في العالم الخارجي، .. كان من الحقائق، والمعارف، والمرجعيات

أكثر حقيقةإلى سن مضى الشكالنيون األوائل حينما استحكاماقد ازداد ،متطرفا ذلك موقفاكان السلف من الشكالنيين ينكر حضور األفكار، واألحاسيس في "أحادية وتزمتا؛ إذ لطالما

خالصة من أنه من المستحيل استنتاج أي باكانوا يكتفون بالتصريح تعصالعمل الشعري، أو 4." ما عمل أدبي خطاب شعرية الانبثاق ننيط يكون من الصواب، والمنطقي أن مدى فإلى أيأو نتساءل بأسلوب آخر؛ إلى أي مدى ؟ اره للمرجع كليوتنك ،بانغالقه المطلقالفني أو األدبي

الموضوع المركزي للشعرية، هذه الوظيفة – **ديسونقول على حد –تكون الوظيفة الشعرية أن االستقالل لم نثبت، أعاله،أو ،!؟ صارما التي تحرم األثر من عالمه الخارجي حرمانا

.؟ النسقي المطلق هو المستحيل المطلق

.56: صالح فضل، مرجع سابق، ص. د 1" إذ الخطاب الشعري، أو األدبي، وهو يتبنى الوظيفة الشعرية بهذا المفهوم، ماضيا في التشديد على الرسالة لذاتها ، يوضح *

شارات اللغوية من جهة وبين األشياء الثنائية األساسية التي تفصل بين اإل] أنه يعمق [ الجانب الظاهر لإلشارات اللغوية، أي بسام بركة، المؤسسة الجامعية للدراسات : ، جورج مولينيه، األسلوبية، تر"التي تدل عليها هذه اإلشارات من جهة أخرى

. 16: ، ص 1999، بيروت، لبنان، 1والنشر والتوزيع، ط .18: المرجع نفسه، ص 2

3 Resweber ( p), Philosophie du langage, P. U. F, 1979, P : 90. 4 Umberto Eco, L’œuvre ouverte, Traduit de l’italien par Chantal Roux de Bézieux avec le concours d’André Boucourechliev, Ed : Seuil, 1965, p : 65.

. 58: البحث، ص: ينظر **

Page 61: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

61

مسطح، مكتف في كينونته ببعدين أال وجود لخطاب -إذن – ليس لنا بد من االعتراف إنما يستمد كل .ذلك أم غير اثنين متمثلين في الدال والمدلول، سواء أكان هذا الخطاب أدبيا

ي من بعده الثالث متمثال في المراجع، والحموالت خطاب وجوده الخطابي، والنصي، والتداولإلى بنية العالمة، بدالها فالمرجع مضافا. بمختلف أطيافها اإلنسانية، والفيزيقية الواقعية

يحقق منطق وجود النص، ويحدد محتواه المعرفي إن كان نصا فكريا، ومدلولها، هو الذيأن يكون " ا، لسنا نجد طريقة نستسيغ من خاللهامن هن .فنيا أو يفتق إبداعيته إن كان نصا

1،"ثمة كالم له معنى دون أن يستلزم ذلك حصول المرجع، أي واقع فعلي مشخص خارج عنه؟سكن العالمات أكثر مما يسكن إن المرجع ي " القائلين المضي مع ولسنا أيضا نتقبل بسهولة

إدراك عقيم، بل ومستحيل –في رأينا –إذ أن إدراك الكلمة بمنطق كونها كلمة، هو 2،"ذاتهلما خلقت ثنائية الدال والمدلول، ولما سارع الناس إلى إنشائها، )الواقع(فلوال المرجع التحقق، ، سيبقى عزل الوظيفة الشعرية عن بقية الوظائف هكذا *.واتفاقا ولو مواضعة، وصوغها

. 19: محمد قاري، مرجع سابق، ص 1 . 56 :المرجع نفسه، ص 2وذلك في " )العالمة(الدال والمدلول " ، و " )الواقع(المرجع " لقد اقترح الباحث محمد قاري اصطالحات أخرى تقابل كال من *

، حيث هو يتعلق بالواقع "المرجع " مصطلحا مقابال لـ" الموضوع الشيئي"فكان ". نظام تعقل الواقع " إطار ما اصطلح عليه بـأما مصطلح . وساكنا خارج الذات اإلنسانية العاقلة، أي؛ في شكل مادة خام لم تمر بعد بآلة العقل واإلدراكبوصفه شيئا خالصا

: ، فقد اقترحه الباحث في مقابل المفهوم، أو الفكرة المجردة على أنه طرف رابع يضاف إلى ثالثية"الموضوع المرتسم " كن الخاضع لفاعلية التعقل من أجل إعادة إنتاجه هو نفسه معرفيا ومنهاجيا ، وهو الذي يعنى بالواقع المم"مدلول -دال -مرجع

وفق محددات علمية معينة، أي أنه شيء أو قطعة من الواقع قد دخلت آلة العقل والتجريد، ولم تخرج بعد منها، لتستقر في عالم إن هذه . 67 ،66: المرجع نفسه، ص، ص: ينظر. النص، عالم الممكنات المتحققة فعليا في صورة نسق من العالمات والرموز

في التأكيد على استحالة –على الرغم من الطابع الفلسفي الذي اتسمت به –المصطلحات المقترحة من لدن هذا الباحث لتفيد –أن النص عزل النص عن المرجع مهما تم الضغط عليه لذاته، وفي ذاته أمال في تفتيق وظيفته الشعرية، بل وتؤكد أكثر على

هو المرحلة األخيرة في عملية إنتاجه وإبداعه، إذ يجب على المبدع، هذا الناص الخاص، –وليكن هنا العمل الفني خصوصا تالفيا " الموضوع الشيئي " بدال من " يالشيء الشيئ" وهنا نقترح مصطلح (أن يمر بمرحلة االقتطاع من الواقع بشيئيته الصافية

وإن ذلك ما -والتي يمكن أن تعني هنا أن الشيء قد علم وأدرك فصار موضوعا -" موضوع "به لفظة للبس الذي قد تسبإلى التأمل في تلك القطعة الواقعية، ليصل إلى مرحلة -المبدع –، ثم ينتقل )نوضح ذلك الحقا. ينطبق تماما ونظرة هايدغر

إال أننا ال نتفق والباحث . مستقل بذاته.. نصي، نسقي، بنائيتحويل ما افرزه ذلك التأمل من أحاسيس، وأفكار إلى حضور ، ومن ثمة فهو "المدلول " ال يكاد البتة يختلف عن –في رأينا –طرفا في المعادلة، كونه " الموضوع المرتسم " حينما أضاف

المة تحيل إلى نوعين من المرجع؛ الواقعي أكثر انتماء إلى بنية العالمة منه إلى ذاته، ذلك حتى وإن دلت إضافته على أن الع مادام المرجع الذهني ،االفتراضي والذهني ،هو ذاته حاصل تحصيل إلدراك ذلك الواقع بشيئيته الخالصة )المدلول(الشيئي .

Page 62: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

62

إذ – وظيفيتها، وال يمنحها هاأن يحقق ل علىقدر حتى ، إذ هو المتناقضا اللغوية األخرى أمراأن إلى -بناء على ما سبق – إن نبهنا فليس غريبا. جدواها داخل اللغة أو الخطاب - ذاك

مبنية هي األخرى على مفارقة؛ حيث إن "الوظيفة الشعرية"البنية اللغوية لهذا المصطلح؛ أي؛ أنها !لغة على ذاتها ال تصبح وظيفةهمت على أنها انطواء الالوظيفة الشعرية إذا ما ف

تتجرد من وظيفتها الخطابية في حال عدم انفتاحها على مداخل الخطاب األدبي، ومخارجه فالبحث المتواصل في القوانين الداخلية للفن الشعري، لم " *.المرجعية، والثقافية بشكل عام

ذا الفن وبين المجاالت األخرى، للعالقة بين ه يكن ليقصي من برنامجه اإلشكاالت المعقدةوالمحايثة، بالوظيفة الشعرية أن تمتلك مفهوم العالئقية، وعليه، إنه حري 1،" الثقافية والواقعية

**.التعاطي مع مختلف منافذ الخطابوالشعرية في الوظيفة" يضع، بناء على المنظور الجاكوبسوني، –إذن –فالخطاب األدبي

ظيفة المرجعية التي توجه المرسلة نحو اإلطار غير اللساني وتبعدها موقع يتعارض مع الوغير أنه إذا استندنا إلى منطق حتمية إحالة الخطاب 2،" عن البنية والتراكيب الداخلية للكالم

منه، فهل من مسوغ لتحفظنا ومثيرا، فإننا سنجد ذلك التعارض مشبوهااألدبي إلى المرجع، بين الوظيفتين؛ ،رضا؟ وهل سيبقى هذا التع في مشروعية هذا التعارضيمكننا من البحث إذا ما أثبتنا مشروعيته، وأحقيته، أم من الجدير به أن يتحول إلى ، تعارضاالشعرية والمرجعية

.؟ تجاوب، وتفاعل بينهما

االستخدامي، إشكالية الطابع –معلقا على التصور الجاكوبسوني للوظيفة الشعرية –ديسون يثير . لعل ذلك ما جعل ج * ,Cf, G. Desson.. واالتصالي، واإلرسالي للغة، ويضع موضع السؤال مفهوم المحمولية، واإلحالة إلى الواقع، والنفس البشرية

p : 238.. 1 T.Todorov, Théorie de la littérature, p : 10.

و الفني، وعن طبيعة تواصله مع العالم تأجيل الحديث عن مفهوم المحتوى المرجعي للعمل األدبي أ –هنا –فضلنا **هو حتمية وجود المرجع، أو المحتوى، ولنا دليل آخر يؤكد ذلك، مؤداه أنه حتى مقولة –في هذا المقام –الخارجي، فما يكفينا

شكل الشكل التي حرص الشكالنيون الروس على تداولها، لم تكن تعني مجرد غالف، بل حملوها معنى جديدا، قد أضحى البفضله يعني كتلة متكاملة، ودينامية، وتجسيدية، إذ يتضمن هو ذاته محتوى دون أن يحصل له أي نوع من العالقة المباشرة مع

Cf, Op. cit, p : 44. خارجه .18: مولينيه، مرجع سابق، ص. ج 2

Page 63: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

63

أن يؤكد –)اإلستراتيجي( العفوي، أو القصدي –، قد يكون من التناقض إفصاحا ن، من جهة، على صلة الوظيفة الشعرية بالوظائف األخرى للغة بوصفها موضوعا جاكوبسو

للشعرية، ثم يمضي ، من جهة أخرى، إلى اإلقرار أن الوظيفة الشعرية هي انغالق ) لسانيا(لكن، !، وهي إدراك الكلمات كلمات، ال تحيل إلى عوالم خارجية أو مرجعيةالرسالة على ذاتها

عالقة بين الوظيفة الشعرية بوجود إنه معترف –بسون في تناقضه هذا إنصافا لجاكو –لنقل هذه أن أيضا وبين نظيرتها المرجعية، بل بينها وبين مختلف الوظائف األخرى للغة، ومعترف

إنما هو تعارض. ، إذ ذلك ما ال ينسجم و فطرة اللغةافهو ليس قار العالقة إن كانت تعارضاوعلى جدليته، وإننا لمحافظة على حيوية التصور الجاكوبسوني للشعريةمن شأنه ا مرحلي ،

لنعتبر ذلك خطوة منهاجية نحو البحث في مشروعية التعارض، وشعرية التفاعل، وعالئقية * ! المفهوم

1-1-2 -3 -2 - المفهوم اللغوية وعالئقية بين الوظائف التخاللة شعري ن الوظيفة الشعرية وبين ما للغة من وظائف ال مناص، إذن، من إحالل العالئق بي ففي الحق إن عزل الوظيفة الشعرية أمر منطقي وال يحدث خلال ال في المفهوم، وال .أخرى

آبها باإلشكاالت، والوظائف، ، و، ومؤقتافي بنيته، ولكن شرط أن يكون عزال منهجياأن عزل عنصر "ا المنظور، على فلنتفق، من هذ. األخرى الداخلة في تكوين اللغة.. والعناصر

1." خالل التحليل ليس سوى طريقة عمل؛ إن داللته تكمن في عالقته بالعوامل األخرى أجاكوبسون نفسه، بعد إنن كان أكد على تمي ،ز الوظيفة الشعرية بغائية الذات، راح يقر

، إذا أزحنا من وجهة هذه الوظيفة ال يمكن أن تدرس، بشكل مثمر وفعال " أن في موضع آخر،إذا ما أدركنا حقيقة ، يقع فيه جاكوبسون، ليس هذا تناقضا 2." العامة للغة تنظرنا اإلشكاال

يتضمن معنى اإلضعاف، ال معنى ( L’accent mise sur ) – الرسالة على –أن التشديد رد التشديد،اإللغاء المطلق والنهائي للقنوات، والمكونات األخرى للخطاب، إذ أن مج

الشعرية، وبين الوظيفة الشعرية، ال بين في رأينا، إن التعارض الذي نستسيغ إمكانية البحث في وجوده، هو ذلك الكامن بين *

. 62: إلى ص 58: البحث، شعرية الوظيفة الشعرية، من ص: ينظر. الوظيفتين؛ الشعرية، والمرجعيةأحمد المديني، : ، مارك أنجينو، في أصول الخطاب النقدي الجديد، تر]إكو[ تزفتان تودوروف، روالن بارث، أمبرتو إكسو 1 . 15: ص

2 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, p : 218.

Page 64: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

64

إن "وعلى هذا األساس، .الطرف اآلخر -ال إقصاء – أو الضغط، على طرف يعني إضعاففي األهمية الوظائف الست ال تظهر أبدا على انفراد في الملفوظات المجسدة، إنما هي تتباين

3." من دون حجب للوظائف األخرىعلى أن تسيطر إحداها ال يعني تغييبا –مثال – (La fonction référentielle)ظيفة المرجعية فالتشديد على الو للواقع، كليا استحضارا –بالمقابل –للوظيفة الشعرية في النسق اللغوي، كما ال يعني كليا

*.أو المرجع، فيهذلك التعالق بين هو ما كنه إن السؤال الذي من األجدى بنا الخوض في غماره اآلن، أم على معنى ،هل هو تعالق منطو على معنى التصادم والتنافر ،؟وما هويتهظائف اللغة، و

يؤديها على ، فهل يفهم من ذلك أن له وظيفة مخصوصة؟ وإن كان تفاعليا التفاعل والتجاذبلنتساءل، ؟ آخر أسمى من الوظيفة الشعرية الجاكوبسونية عينها نحو ما يحقق مفهوما، " لشعرية الوظيفة" ى لنا التأسيس ليتسن" الوظيفة الشعرية"دورنا أن نتجاوز باختصار، هل بمق

**.؟ " وظيفة التفاعل "أي قبل الشروع في التعاطي مع هذه األسئلة، نرى أنه من الحكمة المنهجية أن نتناول هذه

سنتعرض إال من حيث أننا تناوال سرديا - ***حسب التحديد الجاكوبسوني –الوظائف اللغوية من منظور عالقتها مع الوظيفة الشعرية، وكذا من زاوية ، ومناقشة، وتحلياللكل وظيفة وصفا

3 David Fontaine, Op. cit, p : 83.

أنا واقعي، ولكن بالمعنى المتعالي لهذه : "في ثوب العبارة التالية )Dostoiveski(لعلها الفكرة عينها التي صاغها دويستوفسكي * ,T.Todorov" الخ العبارة ذاتها تقريبا..اإليطاليون والروس- ، وكذا المستقبليون-رهم بدو –وقد ردد الرمزيون [...] الكلمة،

Théorie de la littérature, p:105. السيريالي مهما ادعى التعالي على الواقع، -على سبيل المثال –، فمن هذا المنظور، إن فني بتفاصيله، وقضاياه المنحدرة من كل -مع هذا الواقع الخارج أو ربما مقاطعته، سيظل، بشكل أو بآخر، وااقعيا، ومتعاطيا

إلى نسقه الفني رغم أنفة الفوقية التي يزعم تبنيها حيال .. بحيث ال بد أن يتسرب شيء من المرجعية، ومن مادة الواقع.. فج الواقع وسياقاته

. ية، وقنوات، وعناصر خطابية متعددة ومختلفةبكل ما فيها من مكونات بنيو.. نقصد هنا اللغة األدبية، والفنية **، والوظيفة )La f. Poétique(الوظيفة الشعرية : لقد حدد جاكوبسون ستة وظائف للغة، مكرسا طابعها االتصالي، هي ***

فة التنبيهية، أو وظيفة ، والوظي)La f. Expressive- Emotive(، والوظيفة التعبيرية، أو االنفعالية )La f. Référentielle(المرجعية –، والوظيفة اإلفهامية، أو الندائية )La f. Meta-langage( )الواصفة(، ووظيفة اللغة الشارحة )La f. Phatique(إبقاء االتصال

Cf, R. Jakobson, Essais de linguistique générale, PP : 214 et 218؛ )La f. Conative( - وفق ترجمة بسام بركة

Page 65: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

65

مع التركيز أكثر على طبيعة العالقة بين الوظيفتين؛ و جدلية الحضور والغياب داخل الخطاب، . الشعرية، والمرجعية

رية بكل وظيفة من الوظائف من البدء بمكاشفة عالقة الوظيفة الشع -إذن –ال مناص لنا ؛ هل هو مرتكزا نستند إليه الستقراء نشاط الوظائف جميعها –إذ ذاك –، فنعتبرها األخرى

أم أنه مجرد نشاط ،؟ نشاط تفاعلي ينم عن عالقات توالج بينها تصنع، وحدها، شعرية الخطاب؟ يكشف عن تصادم بينها، وتسابق نحو اعتالء عرش اللغة عفوي.

حيث إن أبرزها يؤكد على أن ؛ ل إليها توامن النتائج المتوص –بال ريب –سننطلق وإنناوواسع ،مركبا مفاهيميا للوظيفة الشعرية عالقة تحايث، وتقاطع مع الشعرية بوصفها جهازا

، مما يجعل النطاق من جهة، ومع الوظائف األخرى موزعة داخل الخطاب من جهة أخرى .، ومستحيالمعتاصا أمرا ينسق اللغوانعزالها عن ال

إدراك أن شعرية النص، أو الخطاب ليست متوقفة على هذه النتيجة عينها إنما تفضي إلى المنبع –وحدها –حضور الوظيفة الشعرية بداخلها، أي أن هذه الوظيفة ال يمكن أن تكون

الوحيد اكوبسون من ج يمكن اقتناصه قيقا، ماذاك، تد.. لشعرية النتاج األدبي، أو الفني األصليمن واجب الدراسة اللسانية للوظيفة الشعرية أن تتجاوز حدود الشعر، " نفسه حينما أقر أنه

لشعر أال يتوقف عند حدود الوظيفة لعلى التحليل اللساني -من جهة أخرى –يتوجب مثلما توجد عناصر، ووظائف أخرى، ،ما يوحي ذلك أنه حتى على صعيد بنية الشعرإن 1." الشعرية

شعرية الشعر شكال في تفجير على الرغم من كونها ثانوية، فإنها تزاحم الوظيفة الشعرية،يمكن للقصيدة الشعرية أن تنطوي على بعض البنيات التي ال "ومن ثمة، فإنه ،ومضمونا

وال يعني ذلك * 2،" أدبيا رها من حيث كونها عماليأثتتؤدي نشاطها على صعيد وظيفتها، و

1 R. Jakobson, Op. cit, P : 219. 2 R. Jakobson, Questions de poétique, P : 488.

* ستهلك في مالمحه األولى، بل يعيش كذالك بواسطة المالمح الثانوية " من هذا المنظور، يمكن التسليم بأنجوهر الشعر ال ي؛ محمد القاسمي، الشعرية الموضوعية والنقد " مح الثانوية وإنه يمكن كتابة أشعار ال تلتزم إال هذه المال[...] ألثره الصوتي

، فما يصنع 2006 – 11 -18: ، تاريخ التحديثhttp : aljabriabed.com: ، الموقع االلكتروني22: األدبي، مجلة فكر ونقد، ع. دا الوظيفة الشعريةهو الشعري الصرف، والالشعري الذي تتموضع في مستواه الوظائف اللغوية األخرى ع -إذن –الشعر

التي لطالما " الوظيفة الشعرية " في مكان " الوظيفة البالغية" البلجيكية اعتماد اسم " مو" وعلى هذا األساس، ارتأت جماعة .نفسه: ينظر. أوهمت باقتصارها على فن الشعر فقط

Page 66: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

66

البتة أن هذه البنيات هامشية الوظيفة رغم مكوثها في الهامش، وال هي، من ثم، خاملة، وعقيمة الجدوى، إنما هي عناصر منخرطة في تكوين نسيج القصيدة، وهي أيضا بمثابة وظائف ظلية

لرغم من على ا –تنشط في الخفاء، رافضة الطفو على سطح الخطاب الشعري، ومساندة وبوعي منها في سبك شكله –فضال عن ذلك –عناصره الجوهرية، ومسهمة –ضمورها

إن ما ينبغي علينا استثماره من ذلك كله، هو تلك .الجمالي النهائي، وتفجير شعريته تفجيراالعرضية التجلي في الخطاب الشعري، فإنه التبادلية في المفهوم؛ إذ كما يمكن للوظائف

ا انتهاك حدود الشعر، والتواجد في أشكال خطابية أخرى والذي قد يكون بمظهر بمقدورهالطفو ال التواري، فكذلك هو األمر بالنسبة للوظيفة الشعرية التي في وسعها هي األخرى

هو ال التفوق باعتبار أن موطنها األصلي التواجد خارج خطاب الشعر ولكن بمظهر التراجععنى بالوظيفة الشعرية ال في تالشعرية، بالمفهوم الواسع للكلمة، "م بأن وعليه، فلنسل القصيدة،

عنى بها كذلك ما تعر وحسب، حيث تكون هذه الوظيفة في مقدمة الوظائف األخرى للغة، وإنشال 1." خارج الشعر، حيث تتفوق إحدى الوظائف األخرى على الوظيفة الشعرية

إلى السطح، أو النزول إلى بوسعنا القول إ على ذلك، فبناء األمر متعلق بفعل الطفو نذلك ما يفضي بنا إلى تناول وظيفة أخرى . ال بين وظائف اللغةالعمق بوصفه فعال متداو وإن

التي بمقتضاها تتحكم وظيفة في فهي. بكونها وظيفة ، ونحن نسلم مبدئيابالدراسة، والتحليلجهة اللغة، ومسارها الداللي، وهيئتها التركيبية، وفحواها و -فضال عن ذلك –أخرى، وتتحدد

التي يمكن )La f.dominante( –أو المسيطرة الطاغية – البالغي؛ إنها الوظيفة المهيمنةأن الوظيفة " استخالص مفهومها على نحو ضمني من خالل إشارة جاكوبسون الحازمة إلى

وهي، [...] ، حسبالشعرية ليست هي الوظيفة الوحيدة لفن اللغة، إنما هي وظيفته المهيمنة فن إ * 2." أو إضافي، األخرى سوى فعل فرعي لفظيةال تؤدي على صعيد النشاطات البالمقابل،

للتداول على سلطة الخطاب، واألخذ بزمامه، إذ يكون ذلك –جميعها –الوظائف معرضة

1 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, p : 222. 2 Ibid, P : 218.

ضل هذه الوظيفة المهيمنة تبرز عناصر معينة في مقدمة الخطاب، وتحتل مكانة أمامية السيما على صعيد بنيته الشكلية، ففب *الذي يعني مجموع العناصر البارزة " ) The for ground (األمامية " والمورفولوجية، ومن هنا استوحى موكاروفيسكي مفهوم

أو ما سماه، " األمامية " الذي يخص تلك الثانوية التي تسهم في إبراز " ) The background ( خلفيةال" في العمل الفني، ومفهوم . محمد القاسمي، الشعرية الموضوعية والنقد األدبي، مرجع سابق: ؛ ينظر" العنصر المهيمن " موكاروفسكي نفسه، بـ

Page 67: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

67

حسب طبيعة القواعد الفنية، وفلسفة التعاطي مع العالم للجنس الفني الذي تنتمي إليه هذه إنما تتبدل سلمية األنساق يصغر ويضعف في جنس آخر، الوظائف، فما يهيمن في جنس،

** 1.شائي معين، مؤثرا في األنواع اإلنشائية ذاتهاالفنية في نوع إنهو ما يتعلق بمنطق هذه الهيمنة، ، الذي نلفي اإلفادة من تداعيات معالجتهاإلشكال لكن

ة إلى الخلف في نسق ما فهل يعني تراجع الوظيفة الشعري وعالقته بشعرية الخطاب في كليته؛انطفاء شعريبمعنى؛ هل ؟ نهائيا صلة بينه وبين الجمال قطعاال ة هذا النسق كلها، وقطع

جاعلى نحو يسنح لنا بترتيب الوظائف ترتيبا متدر" درجة الشعرية" بوسعنا الحديث عن القيام بعمل تصنيفي للشعرية؛ – استنادا إلى ذلك –داخل خطاب أدبي معين ؟ وهل نستطيع

* ؟ فنقول هذه شعرية حادة، وأخرى واهنة، أو معتدلةداخل أي نوع من رياضيا وظائف اللغة ترتيبا ترتيب –في رأينا – من العسيرإنه ل

الحضور اللغوي ال يكون – كان أم بصريا لسانيا –للخطاب األنساق، أو الخطابات، حيث إنوعليه، ليس من ..، وداللة، وتركيبا، ذائبة عناصره بعضها في بعض صوتامعقدا إال حضورا

سهل التمييز بين وظائف اللغة، الشكلية والتيمية، تمييزا آليا ومباشرا كما نفعل ذلك مع الإن الوظيفة الشعرية ليست " ذلك ما نستشف فحواه من قول جاكوبسون !أطياف قوس قزح

يغير، بالضرورة، في العناصر األخرى، ويشترك معها في تحديد سوى مكون لبنية معقدةمطلقة في نسق معين، إنما هي )The for ground( فال وجود ألمامية 2." لطريقة اشتغال الك

3.أحد المكونات األخرى أو أكثر آلية دهاعضمجرد مكون من مكوناته التي ال بد أن تال ريب قد أضحى الترتيب السلمي لوظائف اللغة أمرا محتاجا لكثير من الموضوعية،

ر طبيعة فكرة التفاعل بين الوظائف، ونعتمدها منطقا يسي والمنطقية، وإننا، من ثمة، نرجح

.نفسه: ينظر 1

لفنية الكبرى ممرحلة، ومصنفة؛ فمن واقعية، ورومانسية، وسيريالية، في وجود المذاهب ا –وال ضير –إنه السر **ونحوها، فال شك أن الختالف مفهوم الهيمنة، وتباينه فعال في اختالف هذه المذاهب وتباينها .. وطبيعيانية، ودادية، وانطباعية

. )تحتاج هذه الفكرة إلى بحث خاص ال يتسع له المقام(بتراجع الوظيفة " الواهنة " من خالل احتالل الوظيفة الشعرية مقدمة الترتيب، وأن تتجسد " حادةالالشعرية " كأن تتجسد *

.الشعرية، والمرجعية: بتوازن يتحقق بين جميع الوظائف، خاصة بين الوظيفتين" المعتدلة" الشعرية إلى مؤخرته، وأن تتجسد 2 R. Jakobson, Questions de poétique, p : 124.

.محمد القاسمي، مرجع سابق: ظرين 3

Page 68: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

68

بين عناصر عديدة، معقدا د تفاعالإن كل عمل فني يجس "اشتغال األثر، وتجليه الجمالي، إذ 1." وعليه، سيكون الهدف من البحث هو تحديد الميزة الخاصة لذلك التفاعل

حديد خصوصية التفاعل بين الوظائف اعتبار فكرة تإلى –ذلك من خالل –إننا لنسارع للمقاربة الشعرية في النسق المفاهيمي اللغوية، وتوصيف ميزاتها داخل الخطاب جزءا منخرطا

مفهوم استبدال –منظورهذا من –ثم إننا نود . التي نصبو إلى تفعيلها في هذا البحثالوظيفة التي في وسعنا استخالص هذه ،" وظيفة التفاعل" بمفهوم " الوظيفة المهيمنة "

على أال كل واحد، اللغة هي، في أساسها، " من خالل قناعة جاكوبسون الجلية بأن وجودهامركبة، وموجهة بوظيفة ما على نحو أحادية متحجرة، بل متخللة بأنظمة متعددةتكون إلى لتي نسعى حثيثاإلى أن الوظيفة الشعرية ا –مؤكدين –ومن هنا، نومئ * 2."متبادل

ما يحقق مفهوم االنخراط، والتفاعل بين الوظائف جميعها، إنما هي وظيفة يها هي تبنههنا –ة العمل بأكمله، وكأننا معنيون الوظائف كلها ؛ أي هي ما تتبلور، بفضلها، شعري-

"ني لـمن المضي نحو تكريس المفهوم الجاكوبسو بدال" شعرية الوظيفة"بالبحث في مسألة اختصارا، إنها شعرية التخالل بين مختلف الوظائف اللغوية هي التي تعنينا ،" الوظيفة الشعرية

.في صناعة مقاربة هذا البحثبين وظائف اللغة في ما أكثر التلميحات التي تبرهن على وجود ذلك المنطق التفاعلي

- ** التعيينية، أو المعرفيةأو – فإذا عنت الوظيفة المرجعية. الخطاب الجاكوبسوني ذاتهوبالتالي نحو كل ما يرتبط بما هو كائن خارج البنية النسقية 3،التوجه نحو السياق االتصالي

للخطاب، هل يعني ذلك أن حضورها داخل خطاب، أو رسالة ما يتعارض تماما مع حضور نحو النسق؛ أي عكس التي تعني، بالمقابل، التوجه -داخل الرسالة نفسها –الوظيفة الشعرية

1 T.Todorov, Théorie de la littérature, p : 65. 2 David Fontaine, Op. cit, P : 82.

نستخلص من ذلك أيضا أن نشاط بعض الوظائف وهي مخفية ومستترة أقوى وأكثر فاعلية، في تفتيق شعرية النص برمته، * . من نشاطها وهي مكشوفة ومفضوحة

" Fonction cognitive "، كما فضلنا اعتماد ترجمته لـ)أو ذاتي(تعييني، : بـ" Dénotatif " نعتمد هنا ترجمة بسام بركة لـ **تكاد تستحوذ على الخطابات )السياقية(وظيفة معرفية، وقد أوردناها في سياق الكالم أعاله لكون الوظيفة المرجعية : بـ

.,Bassam Barake, Dictionnaire de linguistique, Fran-Ara, Op.cit, PP: 39, 55, 56. Cf المعرفية استحواذا كامال3 Cf, R. Jakobson, Essais de linguistique générale, p : 214.

Page 69: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

69

ال داخل خطاب واحد مهما كان أن يتعايشا، ويتفاع كيف يمكن لهاتين الوظيفتينف السياق؟ .؟ وكيف يسهم ذلك في انبثاق شعرية الخطاب ،؟جنسه

–لكن يستحيل .صحيح أنه يستحيل أن يتجرد خطاب ما من سمته اإلحالية تجردا كامال ائل ذات النشاط المكثف للوظيفة المرجعية أن تغفل االلتفات على الخطابات والرس –بالمقابل

لخطاب ما المرجعي الحضور إذ مهما تكثف. كليا هندامها النسقي، وبنيتها الوجدانية إغفاالإلى أن تتر تتخذ منها الوظيفة –ولو ضيقة –ك فيه مساحة فضال عن جوهره المعرفي، فإنه ال بد

هو ذلك تمارس من خالله نشاطها العرضي، و حيويا ، مجاالف األخرىرفقة الوظائالشعرية، 1.إال باحث لساني نبيه إدراكه المغزى الذي ال يتمكن من

ذات النشاط النسقي المكثف، والمتمتعة ليس من المعقول أن تتخلى الخطابات إنه ذلككال وجود لنص ال يحمل ولو إذ.. بشعرية عالية عن نزعتها المرجعية، وانتماءاتها السياقية

فما بشر !إلى المتلقي، وإن وجد، فهو مبهم وعقيم ..، والمعلوماتجزءا ضئيال من األفكاروا على اعتباره قطعة من بفن مكتف بذاته، إنما حض –جميعهم، أو معظمهم –الشكالنيون قط

هكذا نستطيع القول إن * 2.البناء االجتماعي، ومكونا له عالقة متبادلة مع المكونات األخرىحضور الوظيفة الشعرية في النص اإلبداعي ال يعني حتى إضعافا للوجود المرجعي فيه، وال تذليال لكفاءته على اإلحالة إلى خارج النسق، إنما يفضي ذلك إلى تحويل الحمولة المرجعية

ملة من القراءات إثارة جأو إلى كيان إدراكي قادر على .. المتضمنة في هذا النص إلى إيحاء، )التعيين(فتفوق الوظيفة الشعرية على الوظيفة المرجعية ال يزيح المرجع " في ذهن المتلقي،

الواضح ثم إن الغموض الذي يفرزه التفوق النسقي ** 3."وإنما يحوله إلى نوع من الغموضتمس كل للخطاب ال يلف المرجع وكفى، بل تمتد عدواه إلى مختلف حيثيات الخطاب، و

..فال المرسل، وال المتلقي، وال الرسالة، وال المرجعأقطابه، وعناصره، وأسباب وجوده،

1 Cf, Op. cit, P : 214. 2 Cf, R. Jakobson, Questions de poétique, p : 123.

ن للفن في ادعائه القطيعة مع الواقع، أو التعالي عليه، داحضا مبدأه الهش في من هذه الزاوية انتقد جاكوبسون مذهب الف * .Cf, Idem .على مدى متانة الصلة بين الفن والمجتمع - في مقابل ذلك –إقصاء المرجعية الواقعية بمختلف أبعادها، ومؤكدا

3 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, p : 238. ** الغموض الذي يقصده جاكوبسون في هذا السياق هو اإليحاء نعتقد أن)La connotation( وآية ذلك أن أدرج مصطلح ،

ذلك ما يجعل . )Le référent(" مرجع " بين قوسين في متن القول المقتبس أعاله، توضيحا منه لمعنى ) La dénotation(التعيين طابات المركوزة على ذاتها بوصفها عنصرا يسهم في إبراز إحدى الجوانب من الغموض سمة جوهرية ال بد أن تتبناها كل الخ

.Cf, Idemاألدبية فيها ؛

Page 70: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

70

ما يؤكد على سمة التفاعل بين مكونات –تدقيقا –ذلك 1.يسلم من عدوى الوظيفة الشعرية .اللغة بوصفها عنصرا جوهريا داخال في تأليف مفهوم الشعرية

من تعايش الوظيفتين؛ الشعرية والمرجعية تحت نخلص، مما سبق، إلى أنه ال مناصراية واحدة، هي راية التفاعل اللغوي، فال تقصي إحداهما األخرى، بل األمر متعلق بفعل

.تخضعا له لحظة االشتغال داخل بنية الخطاب يجب أنالتنظيم، والتنسيق الذي ، فإنه -ى مختلف أجزاءه حيث تسيطر فيه النسقية عل -، ، أو فنيافإذا كان الخطاب أدبيا

–من ثمة –فيكون ، ، وكيفياواعيا أي يوظفه توظيفا.. ومنسقا *،يستحضر المرجع منظماانخراطه في –ودرجة –لقصدية مشروطة بطبيعة ، وخاضعاحضوره في النسق استراتيجيا

وظيفتين؛ الشعرية وإن ذلك ما ينسحب تماما على مفهوم التخالل، والتفاعل بين ال. ذلك النسق **.للوظيفة الشعرية ، وإجرائيافعليا والمرجعية بوصفه مفهوما

هذا االستحضار القصدي للمرجع، والتصرف إن ه عبر مسامات في بث االستراتيجيمفهوم الوظيفة المرجعية على صعيد خطاب أدبي، فني، –في رأينا –النسق، هو الذي يحقق

د من هنا لم تعد الوظيفة المرجعية في الخطاب األدبي مجر. ه عناية ملفتةيعنى بذات.. جماليوكل ما هو كائن خارج لية إلى المرجع آ ةوإحال، يه مكشوف نحو السياق االتصالتوج

.النسق، وإنما أضحت تعني كيفية اإلحالة من النسق إلى المرجع أما إذا تعلق األمر بخطاب مرجعياال.. ، معرفي ستحضارفإن للوظيفة االستراتيجي

في –ومن هنا سيتحول . ال اعتباطا الشعرية فيه سيتضمن معنى محايثة النسق للمرجع تفاعالمفهوم الوظيفة الشعرية داخل خطاب معرفي من مجرد التشديد على الرسالة لذاتها –رأينا

.إلى مفهوم كيفية اإلحالة من المرجع إلى النسقفي شكلين تخطيطيين، مختزلين، تصريحيين نوردهما لمحصول التحليلي غ هذا اصلن

:على هذا النحو

1 Cf, David Fontaine, Op. cit, p : 86.

يبدو منظما إلى حد أن من يتلقاه ال يمكنه أن يقتصر على مجرد إكمال عملية ..] الفني، األدبي[ إن المحفز الجمالي " حيث *ذات االستعمال المرجعي الخالص والتي تقوم على تقسيم مكونات التعبير للتحقق من كل واحدة من الحقائق المدلول التوصيل

. 93: ، مارك أنجينو، مرجع سابق، ص ]إيكو[؛ تزيفيتان تودوروف، رولن بارث، أمبرتو إكسو "عليها ن النسق والمرجع، ومفجرا لشعرية الخطاب برمته، وليس مجرد إننا نقصد في هذا المقام التخالل بوصفه تفاعال مدروسا بي **

. تداخل آلي، واعتباطي بينهما

Page 71: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

71

.نسق ث؛ تفاعل بين النسقيتحا .)بؤرة مرجعية(مرجع )المرجع يخالل النسق(و المرجع .شعرية الخطاب=

)إيحائي تضميني،(فني / خطاب أدبي .أ:الشكل

. مرجع المرجعتحايث؛ تفاعل بين ).نسقيةبؤرة ( نسق )مرجعيخالل ال نسقال(نسقو ال .شعرية الخطاب=

)تقريري، عيينيت( إدراكي/ معرفيخطاب . ب:الشكل

، يفضي بنا إلى القول إن األصل في الخطاب األدبي،الشكل أإن إمعان النظر في وظيفة الشعرية وفق التصور أو الفني، هو الحضور النسقي، حيث تكون الغلبة فيه للبيد أن . ، والتشديد على نسقيتهالجاكوبسوني؛ أي أن الخطاب األدبي مجبول على االكتفاء بذاته

وحده غير كاف إلنتاج شعرية الخطاب األدبي، إذ ليس له بد من أن ينفتح الحضور النسقيأي في شكل بؤر ا، بطريقة تجعله يستحضر المرجع منظما، وكيفي *على عالمه الخارجي

تتخلل النسق وفق استراتيجية بنائية ومدروسة، تتوقف .. مرجعية، أو مسامات إحالية سياقية .)..شعر، رواية، فيلم سينمائي(.. على جنس الخطاب األدبي، وأسلوبيته

إننا ال ننكر مدى إسهام تراتبية الوظائف، وكذا كمية الحضور المرجعي على صعيد ، حيث إن اختالف )حدتها، أو خفوتها(لخطاب األدبي في تحديد درجة شعريته البنية النسقية ل

تسم الوظيفة االنفعالية "منوط باختالف األجناس األدبية، فمثال، – ضعفا، أو قوة –هذه الدرجة الشعر )Référentielle(المرجعية ، في حين تطبع الوظيفةالشعر الغنائي )Emotive -الوجدانية(

. 54: البحث، نسقية المفهوم وجدلية التخالل واالستقاللية، ص: ذلك من باب أن النسق المغلق هو المستحيل المطلق، ينظر *

Page 72: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

72

د ،لإليضاحو 1." الملحميالمحددين أعاله، )ب(، و)ا(باستعارة طريقة الشكلين هذه الفكرة نجسعلنا نبين أكثر طبيعة اشتغال الشعرية من حيث جدلية المرجع، والنسق، والحدة، والخفوت في

: )أو المسرحي(، بنية الخطابين؛ الشعري، والروائي

مرجعية بؤرة بؤرة مرجعية محايثة تفاعل محايثة

حايثنسق م نسق محايث ...خطاب روائي أو مسرحي .د: الشكل خطاب شعري .ج: الشكل

يوحيان بفكرة مؤداها أنه كلما يزداد عدد البؤر المرجعية في )د(، و)ج(: هذان الشكالن إلى أن يتحول إلى خطاب مرجعي، .. إيحائيته نسق الخطاب األدبي، تضعف شعريته، وتخفت

ما تعلق األمر بخطاب في حين سيتحقق العكس إذا.. قوي الحمولة المعرفية، وحاد في تقريريتهفضال عن اختالل التوازن بين –معرفي، إذ كلما يزداد عدد البؤر النسقية فيه، تخبو شعريته

ت تقريريته، وتضمحل وظيفته السياقية، وتتبدد ، أو تخف-شحنته المرجعية، ومكامنه النسقية وإما إلى نسق مبهم، أو إلى .. ، مما قد يحوله إما إلى خطاب أدبي)األصلية فيه(سمته التداولية !شظايا نسق

هذا الكالم، إلى أن انفتاح النسق على المرجع ليس هو مكمن شعرية بناءنخلص، لل بين الهيكل البنيوي والبؤر المرجعية الموفورة فيه بما يحقق الخطاب، وجماليته، إنما هو التخا

أن ال النسق وحده بقادر على تحقيق ومن ثمة، نعي .. لهذا التخالل عينه سمة التفاعل واالتزان. شعرية الخطابات األدبية، والفنية، وال البقع اإلحالية والمرجعية بوسعها، وحدها، أن تحقق ذلك

أنه إذا تعلق األمر بشعرية العمل األدبي، فإن –م المنظور عينه من صمي –وسنعي أيضا بينما إذا تعلق األمر .)محايثا( مخالال ، والمرجع)محايثا( النسق هو الذي سيكون فيه مخالال

قلب مواقع –إلدراك هويتها الشعرية –فإنه يكفينا بشعرية الخطابات المعرفية اإلدراكية،فنقول إنه ال المرجع وحده بقادر على تحقيق شعرية خطاب لقة، والمتخاللة، األطراف المتعا

وال البقع النسقية بوسعها، وحدها، أن تحقق ذلك؛ إذ ال بد من .. مرجعي، ذي حمولة إعالمية

1 David Fontaine, Op. cit, P : 84.

Page 73: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية الفصل األول

73

مخالال ، والنسق)محايثا( مخالال المرجع –في هذا المقام –محايثة أحدهما لآلخر، ليكون .)محايثا(

واضح أننا ركزنا، في مباحثة شعرية التخالل بين وظائف اللغة، على الوظيفتين؛ حيث بني ذلك على اعتقاد منا أن الوظائف المتبقاة تتأرجح بين مالمسة . الشعرية، والمرجعيةالنسق على نحو يوبين مجاورة السياق، والتماهي ، واشتغاالنيها من الوظيفة الشعرية جوهراد ،

.!ه على نحو يجعلها تنافس الوظيفة المرجعية في المفهوم، وفي سمة اإلحالةفيأخصب منابع شعرية اللغة، سيما من ذلك كله، هو كون التخالل عينه من األفيد نبيد أ

إذا تعلق األمر بمحايثة إحدى الوظيفتين لألخرى؛ الشعرية، والمرجعية، تلك التي تتخذ أجلى .في الفصول، والمباحث الالحقة يتبينكما س ااألنساق، البصرية خصوص يدعلى صعصورة لها

مجرد مكون جزئي من البناء – بالمفهوم الجاكوبسوني –ستبقى الوظيفة الشعرية ،هكذا .المفهومي للشعرية

Page 74: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

74

المعادل ةاالنتقاء و التنسيق و شعري محوري تعانق - 1-1-3إن حسب –بالتأليف في اللغة، لهي االستبدالوالجزر التي تحكم عالقة سمة المد

إذ . الوظيفة الشعريةسهمة، بشكل بارز، في تفجير من العوامل الم -التصور الجاكوبسوني يضو قبل الم 1." محور االنتقاء على محور التنسيقبإسقاط مبدأ التعادل المتعلق ب "يتحقق ذلك

نحو تحليل طبيعة هذا التجاذب بين االنتقائية و التركيبة، و كيف تتبلور من خالله شعرية اللغة، : رية المعتمدة من قبل جاكوبسون في نحت مفهومييفإنه حري بنا اإلحالة إلى المرجعية السوس

. (La combinaison)وكذا التنسيق أو التأليف ،(La sélection)أو االختيار االنتقاءالحضور في كل بعد أن طرح سؤاال متعلقا بالعنصر ضروري –لقد سارع جاكوبسون

عتمدان في الصياغة القولية، إلى التذكير بوجود طريقتين أساسيتين للتنظيم، ت - عمل شعري: وال ريب، إلى ثنائية التضاد المتعلقة بـ وقد كان مستندا في ذلك، 2.والتنسيق االنتقاء :هما

، والتي (Rapport associatif)، والعالقة الترابطية (Rapport syntagmatique)العالقة التركيبية كل عالقة موجودة بين " ؛ فتصطلح على ا العالقة التركيبيةأم. كان لسوسير الشأن في بنائها

بين المفردات روعليه؛ فإن التجاو 3،" سلة الكالميةوحدتين أو أكثر، ومتمظهرة فعليا في السلدا عبر اللغة إمنا، ومجسا منطوقة هو الذي يصنع المحور التركيبي للغة، شريطة أن يكون محي

ليست مجبرة على المحاذاة بين - في اللغة –ة العالئق الركني فإنومن ثمة، .أو مكتوبةوالتمظهر في شكل هي ملزمة أيضا بسمة الحضور،أكثر فحسب، وإنما وحدتين لغويتين أو

محروفة أو منطوقة –ة متوالية لساني - ذاك ما حث دي سوسير إلى .ة معينةذات استمراري، أيضا، ، ومرتكزة]In praesentia[ ةحضوريالعالقة التركيبية، إنما هي عالقة "اإلقرار بأن

وبناء على ذلك، فإن الحضور العيني 4." لسلةعلى الحضور الفعلي لمفردتين أو أكثر في الس 5،للمحور التركيبي يعزو للغة مظهرا أفقيا، إذ من خالله تتحدد العالقات الداخلية بين وحداتها

بلهذا المظهر األفقي للغة، وإنمستواه التجسيدي أثرا راجحا في تقييد مستعمل والحضوري ،تزام فعل الربط بين الكلمات، والتأليف بينها، والمحافظة على بال - ناطقا كان أم كاتبا –اللغة

–فمن هنا .محدد ينتج المعنى المراد، وخطي ارتكانها بعضها إلى بعض وفق مسار تأليفي 1 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, P : 220. 2 Idem. 3 Jean Dubois, et autres, Op. cit, P : 477. 4 F. De saussure, Op. cit, P : 148. 5 CF, Jean Dubois, Op. cit, P : 60.

Page 75: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

75

لكأن .المعتمد من قبل جاكوبسون (Combinaison) قد انبثق مفهوم التنسيق - يمكننا القولومراعاة وشائجه، في إنتاج اللغة، ال لشيء، فقط لكونه المحور التركيبي يقيدنا بالتنسيق،

.ا عينيا، وحضوريا، وتجاوريامحوروأمفإنه يحيل إلى تلك الروابط التي تجمع ، األمر بمفهوم العالقات الترابطية ا إذا اختص

التمفصل، و اللغة الكامنة في الذهن، وهي، من ثم، ال تخضع لخاصية التوسع، بين وحدات 1.بل تدخل في تكوين الذخيرة اللغوية المدخرة، والتي من شأنها بناء لغة كل فرد.. متدادواال

فإن كانت الركنية .. هكذا يفهم من ذلك، أن المحور الترابطي يقابل المحور التركيبي، ويناظرهتقتضي الغياب، واإلطالق - على عكس ذلك –الترابطية تقتضي الحضور، والتحيين، فإن..

دوتوحتبعا لذلك، بين المفردات غيابيا، أي؛ في مستوى ذهني ،2.، وافتراضي وإن لخاصيتي ، ، وتجريديع بوجود قبليالكمون الذهني إسهاما في جعل المحور الترابطي يتمتواالفتراض،

هو ما يمنحنا القدرة على ممارسة االستبدال بين وحداته اللغوية،و *،تركيبي - أي؛ قبلدا دها، ونصنع لها ركنا محدجسنعطينا أيضا، الفرصة النتقاء الوحدة بدل األخرى قبل أن وي

من خالله مفهوم االنتقاء رولبالذي ت -برأينا –ما هذا هو المنطلق إن .التركيبي في المحور(Sélection) ر المبدئي في ربطه بالمحور الترابطيلدى جاكوبسون، وهو نفسه، المبر

**.أو االستبداليإذا كان جاكوبسون يعتبر إسقاط مبدأ التعادل الماثل في محور االستبدال على محور

هل : ، ههنا، أن نتساءل على هذا النحولنا الحق التأليف منبعا من منابع الوظيفة الشعرية، فإن؟ أم هو خاللها هذا اإلسقاطمن م في اآللية التي يتممن شأنها التحك.. ، ومقاييسمن ضوابط

ال طائل منه سوى ضمان االحتكاك بين محوري االنتقاء، .. د إسقاط تلقائي، واعتباطيمجرهل كل إسقاط لمبدأ التعادل في محور االستبدال على محور التركيب ؟ بمعنى أدق؛ والتنسيق

.؟ بإنتاج الوظيفة الشعرية كفيل 1 CF, F. De Saussure, Op. cit, P : 148. 2 CF, Idem.

.ي، وتجسيدبوجود بعدي - هو اآلخر –ع يتمت )الركني(مما يجعل المحور التركيبي * Axe)المحور االستبدالي : بمصطلح (Axe associatif)اعتاد السوسيريون الجدد على اإلشارة إلى مفهوم المحور الترابطي **

paradigmatique)عة االستبدال؛ ، هذا المحور الشاقولي الذي تربط بين وحداته عالقاتافتراضية طيCF, Jean Dubois, Op. cit, P : 60..

Page 76: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

76

1-1-3 -1 - االنتقائيلمعادل الشارحدة واة المقي الموسوم (Equivalent)ج على تحليل مفهوم المعادل هذا اإلشكال، يجدر بنا أن نعر لحل

تركيبي -منا جدال أن مبدأ التعادل هذا مشروط بالتقارب المورفولو سل. به محور االستبدال(Morpho-syntaxique)، الداللي أو /و(Sémantique) الذي بفضله تنشأ مجموعة من

سيغدو فعل البحث عن المعادل إن الحالف 1*،لعالقات االفتراضية بين شتى وحدات اللغةانشاطا ذهنيا مكببين مفردات الذخيرة ه لشرط التشابه اللفظي، والدالليال من حيث خضوع

أيضا، بمجرد إسقاطه على -المعادل –وهكذا، سيكون . االنتقاء اللغوية التي يتيحها محوروعليه، . وكذا بنيته التأليفية، والداللية هذا المحور، ةما فيه من قبل نزعالركني، متحكالمحور

ه األمر إن. دة هي المنتهىاالستبدالية المجر كوندة هي المنطلق، لتة المجسالركني كونستعنه ضياع االنسجام الذي سينجر** االنتقاء، والتنسيق على نحو يسهم في بين محوري

وظيفة اللغة الشارحة، وطفوها على سطح التركيب اللغوي، وفي أفول الوظيفة بزوغفيها بنبرة –جاكوبسون نفسه إلى القول ذلك ما حث لعل .الشعرية، وتراجعها إلى الخلف

بوسعنا لفت االنتباه إلى أن اللغة الشارحة تقتضي، هي األخرى، " إنه – شيء من التراجعقترح المثال ن وتعميقها ومن أجل تجسيد، هذه الفكرة، 2." وحدات المعادلةاالستعمال التسلسلي لل

: اآلتيد العصفورغر المنتبهين في بيته فأطرب.

الركني لهذه العبارة من حيث لف منها المحورألو ننتقي معادالت للوحدات اللغوية المتفعل االنتقاء مرتكزا على التعادل كون– تجانس، والتباين، والترادف، ، وال-بمعناه اآللي

- المعادالت نفسها مشروطة بالمشترك الداللي والمورفو وكذا من حيث كون 3،والتقريريةتركيبي، ألفضى ذلك إلى توجيه البنية التجاورية المجسدة لمحور التنسيق في هذه العبارة نحو

ي على فعلى نحو يضبل ونحو محاصرة المعنى، والتدقيق فيه .. وظيفة الشرح، ونسخ الواقع .التجاور بين الوحدات طابعا منطقيا، وحجاجيا أحيانا

1 CF, Op. cit, P : 353.

.F.De Saussure, Op. cit: طالع على عدد من األمثلة التي ضريها دسيوسير في هذا السياق، ينظرضالل *

.نقصد االنسجام الذي يتطلبه المستوى الجمالي لبنية النص **2 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, P : 220. 3 CF, Idem.

Page 77: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

77

عشه، أو في "بـ" بيته "، و"الطائر "بـ" العصفور "، و" زقزق "بـ" غرد "فاستبدال ، ال يزيد العبارة إال " السامعين "بـ" المنتبهين "، و" أمتع، أو أعجب" بـ" أطرب "، و" سمائه

، ومنطقا في التعبير عنه، وتقريرية في الطبيعة /(Le référent) عالمرجفي وصف دقة ، بل وهي أكثر محاكاة" دغر "ليست سوى شرح لـ" زقزق "حيث إن ،تجسيده، وشرحه

ينطوي على شيء من " الطائر "بـ" العصفور "كما أن استبدال .لصوت العصفور، ومطابقة لهإذ ترتبط الزقزقة أكثر (ي المنطق في سرد الوضعية ، وتوخاآللية غايتها التدقيق في الوصف

على استعارية الجملة التي ى، فهو معادل قض" في سمائه "أو" في عشه "ا أم. )بالطيران، ومن ثم أعاد )إذ اإلنسان هو الذي يسكن بيتا(" في بيته "و" العصفور "صنعها التجاور بين *."العصفور "و" في عشه"التصوير بفضل المجاورة بين في هاها، وحرفيتإلى ذات الجملة منطق

ما دام الطرب من خصوصية اإلنسان" أعجب "بـ" أطرب " واألمر نفسه قد أحدثه تعويض/ "ا أم. شعري آخر قد توفرت عليه الجملة /، بذلك، مستوى استعاريالمغني، فاضمحل

فيها لما " المنتبهين" و ما لم تتضمنه لفظة فقد أعطت معنى حياديا، ومباشرا، وه" السامعينن ال تتوفر عليه هذه العبارة معي في االستماع، واإلنصات، منوطة بسياق سردي ةمن قصدي

.زأةجتلكونها مقتضبة، وماالنتقاء، قد خضعت للتوافق الداللي، والترادف معادالت أتاحها محور هذه كلها

- ، وللتشابه المورفو)..العصفور، الطائر، الهدهد /..ة، الشدوالزقزق التغريد،(والتقريرية تارة؛ .)..غصنه، حزنه، فنه /..عشه، قشه /..أطرب، أعجب، أتعب(تركيبي تارة أخرى؛

ما يمنحه القدرة على إنتاج الوظيفة الشعرية بهذا - والحال هذه –فهل بقي للمعادل !؟ من اإلسقاط على محور الركنيةاآللي األسلوب

1-1-3 -2 - ة المعادل ومرفأ اإليحاءشعري ما يدفع بالركنية نحو تفتيق شعرية العبارة، إنما هو اإلتيان بالمعادل من منظور إن

ر مفهوم التعادل من قيد المشترك الداللي، وهو ما يحر. وإستراتيجية االستبدال حرية االنتقاء،وإننا نجد في العودة إلى سوسير .. ترادفالتجانس، والتباين، والوتركيبي، -والتوافق المورفو

ما يعض د موقفنا هذا، إذ أقر" المفردات ل بالربط الذهني ال تنحصر فيالتركيبات التي تتشك أن

.لوجود ارتباط منطقي بين الطيران، والسماء" في سمائه: " ، فنفضل اإلبقاء على المعادل"الطائر" ى المعادل إذا أبقينا عل *

Page 78: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

78

ك فيما بينهاالمنطوية على شيء مشتر ؛ ثم الذهن يدرك طبيعة العالقات التي تربط بينها في إنفلو 1." عةسالت ترابطية بقدر ما يوجد من عالقات متنومرة، ليبدع، انطالقا من ذلك، سل كل

" بـ" غرد"ا تحفظنا حيال استبدال ة، لمسالفال اعتمدنا هذا المنظور في التعامل مع الجملةدونما مراعاة ألدنى تشابه قد يجمع بين هذه ".. غضب"، أو "رقص"أو " تكلم"أو " اشتكى

من الحصول على استبداالت ال متناهية، - ور نفسهوفق المنظ –المعادالت المنتقاة، ولتمكنا :نورد بعضها وفق الطريقة التالية

...غضب -رقص -متكل -اشتكى ← غرد -أ ...القلم -الفالح -البحر -الشاعر ← العصفور -ب ...في قفصه -على أيكه -على رأسه -في قصره ← في بيته -ج ...أفرح -قصف -أدهش - أبكى ← فأطرب - د

...الشعراء -األشجار -الورقة -الحجر ← لمنتبهينا -هـعلى محور التنسيق الذي - بعد ذلك –لننتقي بعضا من هذه المعادالت، لنسقطها ف

وردت عليه الجملة المعطاة، وسنكتشف، فضال عن ذلك، القيم الجمالية، والشعرية، والمستويات :التركيبية، والداللية لهذه الجملة اإليحائية التي سيصنعها اإلسقاط على صعيد البنيتين؛

.اشتكى العصفور في قفصه فأبكى الحجر -أ .رقص القلم على رأسه فأدهش الورقة -ب .تكلم البحر في قصره فصفق الشعراء -ج .غرد العصفور على أيكه فانتبه اإلعصار -د .غضب الفالح في حقله فأفرح األشجار -هـ

صوغها باعتماد المعادالت المقترحة أعاله، إذ هناك هذه نماذج معدودة للجمل التي تم– ما نلحظه، ألول وهلة، من خالل من النماذج ما ال يمكن حصره، من هنا، فإن -في اعتقادنا

منها المتألفسلوك االستبدال المتجسد عبر هذه النماذج، هو ال نهائية العناصر، أو المعادالت واألكثر من ذلك، ،ر االنتقاء، في حين ظل محور التنسيق محتفظا بمحدودية عدد عناصرهمحو

أنه ظل مستندا إلى ركنية قارال - * النحوي خاصة ،هاة بين الوحدات، وثابتة من حيث جوهر 1 F. De Saussure, Op. cit, P : 150.

.5 :خطاطة، رقمال :ينظر *

Page 79: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

79

وعليه، فإن كانت هوية العناصر المعجمية متغيرة، وعلى أهبة *.من حيث صيغتها الترتيبيةبالمحافظة الدؤوبة على هيئة كة، ومتمسدائمة هوية التجاور النحوية للتبديل، فإنمستمرة

" ومن ثمة فإن .االنعطاف الجملي، ومظهر التمفصل التركيبي المعطى من قبل محور التأليف –وهو ما يمنع المعادل 1،" تنسيق، وبناء الوصلة الكالمية يرتكز على خصوصية المجاورة

من تجاوز طبيعة المجاورة، - لغوي، وحرا في تمظهره - ن كونه سلوكا قبلعلى الرغم موكسر نحو الركنيفالتعادل، من هذا المنظور، ملزم باالرتقاء .التركيب ة الذي يفرضه محور

وال يعني ذلك البتة أنه عاجز عن خرق الترتيب 2،إلى مستوى الطريقة البنائية لسلسلة الكالموهو األمر الذي نلحظه أيضا على سلوك **،المتجاورة في التركيب عناصرالذي جاءت عليه ال

ت في النماذج المقدمة أعاله؛ حيث نكتشف أن نشاط االنتقاء بوسعه أن يطال حتى البنية الاإلبدا ***.وخصوصية التجاور التركيبية لمحور التأليف من دون المساس بطبيعة االرتكان،

بالجملة خاصةال ،موعة من االختيارات الترتيبية الممكنةمج ،على سبيل التمثيل، فهذه : )أ(

.اشتكى في قفصه العصفور، فأبكى الحجر -1 .في قفصه اشتكى العصفور فأبكى الحجر -2 .أبكى الحجر إذ اشتكى العصفور في قفصه -3 .أبكى الحجر إذ اشتكى في قفصه العصفور -4 .كى العصفور الحجر إذ في قفصه اشتكىأب -5 .أبكى العصفور الحجر حين اشتكى في قفصه -6

ور التنسيق دونما مساس حيث يمكن أن يخل المحور االستبدالي بالنظام الترتيبي للوحدات اللغوية المحمولة على ظهر مح *

سنشرح هذه . بالطبيعة النحوية لبؤر االرتكان الموجودة بينها، و دونما أيضا أن يحدث ذلك تغييرا ملحوظا في معنى الجملة . الفكرة فيما يلي شرحا مفصال و معضدا بأمثلة، وبرسم توضيحي

1 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, P : 220. 2 CF, Idem.

، إذ يتعلق (Combinaison)" التأليف " أو (syntagme)" التركيب " ، وبين (Ordre)" الترتيب : " ال بد من التمييز هنا بين ** .الجملة كلها تاألول برتبة كل مفردة في الجملة، بينما يتعلق الثاني بالتجاور، والتآلف، والتعالق بين مفردا

.6: مينظر الخطاطة رق ***

Page 80: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

80

محور الشعراء فصفق في قصره البحـر تكلـم االنتقاء + + + + +

L’axe) فأدهش الورقـة على رأسه القلـم رقص ال نهائية de + + + + + المعادل

(sélection فأبكـى الحجـر في قفصه العصفور اشتكى

محور التنسيق . . . . . . . . . . . . . . .

(L’axe de

(combinaison مفعول به+ فاء السببية فعل ماض+ جار و مجرور شبه جملة -فاعل فاعل+ فعل ماض

مقرون بضمير متصل مقرونة بفعل ماضي

جملة النتيجة+ جملة السبب

.5: خطاطة رقمال

Page 81: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

81

إلى فكرة وجود ذا كان التركيب يحيل فوراإ" أنه من خالل هذا المثال –إذن –قد تبين محدد، فإنه ليس للمفردات ذات الصلة الترابطية عددنظام تسلسلي، وعدد محدد من العناصر،

أنإلى ،في هذا السياق ،ولكن تجدر اإلشارة 1." كما أنها ليست ترد وفق ترتيب محدد أيضاالنظام الترتيبي لوحدا اإلبداالت التي تمسلنوع ت المحور التركيبي تخضع، وبشكل حتمي ،

تشكيلها في ها، وإمكاناتاحتماالت –عالوة على ذلك –وتكاد تنحصر .. من المراقبة، والتنقيحمن هنا، فإن خاصية الترتيب هي، وحدها، المجبرة دائما على االمتثال لفعل .عدد معين

أن تفلت من )Le nombre indéfini(الالنهائي ، بينما يمكن لخاصية العدد ..التعديل، والمراجعة، 6في الجملة " حين"و ،5، 4، 3: في الجمل" إذ"على ذلك، إن ما يبرر لنا إضافة تأسيسا 2.ذلك

أبكى الحجر " –حتى في الشعر – ليس سوى الحرص على سالمة التركيب؛ إذ ال يصح القولالطبيعة النحوية ل البنية التأليفية للجملة لم يمس، علما أن هذا التنقيح الذي طا"اشتكى العصفور

ماض متعلقا بالفاعل فعل )اشتكى(مفعوال به، و )الحجر(لسمة التعالق بين الوحدات، فظل *..)الحجر(فعال صانعا لمفعولية )أبكى(، كما ظل )العصفور(

البنية التركيبية المنتقاة مسحة جمالية جلية على المعادالت تإنه لمن المنتظر أن أضفتلك المعادالت شعرية فكيف نفسر ذلك ؟ بمعنى آخر؛ لماذا، وكيف أنتجت. المذكورة أعاله

.؟ النسقتركيبي، -ال شك أن تملص هذه المعادالت من قبضة المشترك الداللي، والتشابه المورفو

من عقدة ة، وخلصهاهو الذي مكن العبارة من االلتفات إلى بنيتها اللغوي.. وما جاور ذلك ومن نزعة الشرح، وتقريرية الوصف، والتدليل، وأكسبها، فضال عن اإلحالة إلى مرجع منطقي،

تكسر الواقعي ] التركيب[لية التلصيق مج" حيث إن ؛ ذلك، مستوى جماليا، وإيحائيا ملحوظا 3." تمزج مفاهيم المرجع وتشوش االستقبال[...] المالزم للعمل الفني

ة في انتقاء المفردات، ومرونة في ثمحري ر المعادالت ذلك يمنح الناصتحر إنى بمشروعية الضغط على نسق العبارة، ويظفر ظاستبدالها، وإسقاطها على محور التنسيق، فيح

1 F. De Saussure, Op. cit, P : 150. 2 Cf, Idem.

يشكل " ، هو الصياغة، والتركيبة اللغوية الجديدة التي قد ترد عليها؛ لذلك ، وجمالياحيث إن ما يتأثر من البنية النحوية شعريا * R. Jakobson, Questions poétiques, Op. cit, P: 490" من القيمة الجوهرية للغة الشعرية هاما النسيج النحوي جزءا

. 78: ، ص2000، بيروت، لبنان، 2محمد نظيف، إفريقيا الشرق، ط : برنار توسان، ما هي السيميولوجيا، تر 3

Page 82: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

82

وإن ذلك كله ، بقوة التشديد عليه بطريقة تعزو إلى العبارة ذاتها صفة النسقية، وغائية الذات *.وإن ذلك كله لينسحب عليه مفهوم الوظيفة الشعرية حب عليه مفهوملينس

ال تحيل، كلها، إلى مرجع منطقي، –تمثيال ال حصرا –فالجمل الخمس المذكورة أعاله ومعنى تقريري موجود في الطبيعة، وذلك فضال عن استبدالية حرة قد مورست على ركنية

فحرية االستبدال تلك قد أنتجت . )فأطرب المنتبهين غرد العصفور في بيته(الجملة األولى مجاورات غير منطقية بين المفردات تسببت، بدورها، في عدم اإلحالة إلى خارج النسق

، )العصفور+اشتكى(، فال العصفور يشتكي ..، وفي لفت النظر إلى هيكل الرسالة عينه)المرجع(في + البحر (، وال للبحر قصر )رقص القلم(، وال القلم يرقص )الحجر+أبكى( وال الحجر يبكي

..)اإلعصار+ فانتبه (وال اإلعصار ينتبه ،)قصرهبيد أن ما يلفت االنتباه هنا هو أن حرية االستبدال قد أنتجت خمس جمل متباينة المعاني

–فهل يعقل . وكان بوسعها إنتاج عدد النهائي من الجمل باعتماد الركنية ذاتها !بركنية واحدةأن يتمتع االستبدال بحرية مطلقة بحيث يستحيل انتقاء جملة معينة، ومن ثم تثبيتها، –ذنإ

إذا كان األمر هكذا، فمن المسؤول عن توجبه النشاط . وإدراجها في السياق الداللي للخطاب؟؟ أي ما الذي يحفز فعل الذهني المختص به محور االنتقاء إلى المفاضلة بين المعادالت

غرد العصفور على أيكه : "دال على انتقاء معادل بدل اآلخر ؟ فمثال؛ ما يدفعني إلى القولاالستب ** .؟ "غرد العصفور على أيكه فانتبه اإلعصار: "بدال من القول" فأبكى الحجر

خاصية الوظيفة الشعرية منوطة بإخالل العالقة الموجودة بين محوري صحيح أنإال أن ما ال يجب أن *** 1،وضع أحد المحورين فوق اآلخراالنتقاء، والتنسيق بما يسمح ب

..ك، وما شابه ذليتصف به هذا اإلخالل هو التلقائية، والالقصدية

. 63إلى 54: البحث، من ص: ينظر *

، )المبدع(بط بسيكولوجيا الباث ال يتسع المقام هنا لمناقشة عوامل شتى تسهم في تأطير االستبدالية، وضبطها، إذ منها ما يرت ** . اوهلم جر.. ، ومنها ما يتعلق بالسياق االتصالي، والتداولي للخطاب..وموسوعته الثقافية

. 52: صالح فضل، مرجع سابق، ص. د: ينظر 1لشعرية فضال عما في هذا المقام، نعتقد أن وضع محور االنتقاء على محور التنسيق هو األكثر إسهاما في إنتاج الوظيفة ا ***

، في حين لو وضع محور التنسيق على نظيره )57:ينظر المثال السابق، ص(يتيحه ذلك من النهائية اإلبداالت، وحريتها .. االنتقائي لظلت المعاني حبيسة البنية التركيبية للنسق، مما يحصر شعريته في جوانب شكلية ضئيلة اإليحاء، كاإليقاع، والقافية

. )59:المثال السابق، ص: ينظر(ق األمر بنسق القصيدة؛ السيما إذا تعل

Page 83: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

83

في قفصه العصفور إذ اشتكى رحجأبكى ال

محور التنسيق الخاص ... ... ... ... ...

في المثال 3بالجملة رقم

جار و مجرور+ فاعل فاعل+ إذ الظرفية الزمنية فعل ماض+ مفعول به مفعول به+ فعل ماض مقرون بضمير متصل متبوعة بفعل ماضي

جملـة النتيجـة جملـة السبـب

مفعول به + فاء السببية فعل ماض+ جار و مجرور شبه جملة+ علفاعل فا+ فعل ماض

مقرون بضمير متصل مقرونة بفعل ماضي

... ... ... ... ...و هكذا دواليك .مع باقي الترتيبات التركيبية الممكنة

.6: الخطاطة رقم

ب صية الترتي

ضته خاتنقيح اقت

(ordre)

محور االنتقاء

... ... ... ... ...

Page 84: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

84

من هنا، فإن عملية إسقاط المعادالت اللغوية على محور التنسيق، لكي تنجح في حياكة نسجام بين العالقات االستبدالية، وبين اال عليها أن تراعي ،وسبك جماليتهأدبية الخطاب،

النص دهكذا يعتم .العالقات النظمية التي تمثل سلسلة الكالم البعيدة عن العفوية واالعتباطوكأنه اإلخالل المنسجم بين محوري االنتقاء، والتركيب هو الذي 1.اإلبداعي المعادالت الكالمية

.! ة الخطابات اإلبداعيةيبتكر شعرية ما وراء عملية اختيار المعادالت، علها تجعل ذلك النشاط ال بد أن تقف قصدي إذن،

بحيث يضفي على المعادل صفة االنتهازية، . استراتيجيا الذهني، واالستبدالي، والغيابي نشاطاحتى وإن .. نة، والمقصودةوتحين فرص الظهور المناسبة، أو فرص التواري، والتخفي الممك

امتطى المعادل، ههنا، ركنيذلك ما يسدي إلى المعادل استراتيجية تحل .ة ثابتةة منطقي إنفي الدل، حرفيته، وتلقائيته –بالمقابل –مكان اعتباطيته، ومن ثم تتكثف شعريته، وتضعف

على إبراز ية تعمل دائماالوظيفة الشعر "وهو ما يؤكد، أيضا، أن *..واإلحالة إلى الخارجفقط، بل ] عالمات[فلم يبق المقصود نمط تأليف إشارات [...] بعض الجوانب دون أخرى

ثم إن استراتيجية المعادل هذه، ال 2." ت في التسلسل المنطقي نفسهتعادال إظهار توازنات، أوالتركيب، إال بجعله تسهم في تركيز شعريته، وبالتالي في إبراز الوظيفة الشعرية على محور

على النحو الذي يريده منتقي المعادل، ومنتج لغة .. يرنو إلى أفق اإليحاءات، وتعدد القراءات –ة كيفي –ة ة المعادل تتكشف عبر استراتيجيإن شعري القولبصيغة أخرى بوسعنا . الخطاب

نة في انتقاء المعادالت، أومعي إلى مرفأ اإليحاءات، لبما يضمن الوصو.. ةالوحدات اللغوي **.والدالالت، والمعاني التي يصر أن يرسو عنده الناص، أو الباث

. 10 :مولينيه، مرجع سابق، ص. ج: ينظر 1ة تهفو إلى محاصرة المعنى، ومطابقته ة معينة في انتقاء المعادالت، غير أنها استراتيجيارحة أيضا باستراتيجيترتبط اللغة الش *

.76، 75، 74: دل الشارح، ص صانتقائية المقيدة والمعالبحث، اال: ينظر. متعددة لهمع المرجع، ال إلى تكثيفه، وتوليد قراءات ، http : aljabriabed.com، الموقع االلكتروني 22: محمد القاسمي، الشعرية الموضوعية والنقد األدبي، مجلة فكر ونقد، ع 2

. 2006 – 11 -18: تاريخ التحديثإضفاء الحزن على تغريد العصفور، –بال شك –، فإنني أريد "فأبكى الحجر ور على أيكهغرد العصف : "مثال؛ حينما أقول **

، "أبكى: " ما كان الوصول إليها ممكنا إال بانتقاء معادلي داللة فشدة الحزن، وحدته هنا. وتبئير يأسه، وكآبته وهو سجين األيك. )الحزين حزنا مذهال د الن، بل وبكى متعاطفا مع العصفورإذ الحجر معروف بصالبته، وقساوته، ورغم ذلك فق(؛ "الحجر" و

، فإنني أصبو إلى إضفاء درجة عالية من الحسن، وروعة "غرد العصفور على أيكه فانتبه اإلعصار : " أما في حال لو قلتففي . )..روتهوهو ما جعل اإلعصار يرق، وينحني مصغيا رغم عدوانيته، وجب(مدهشة من التطريب على تغريدة العصفور؛

: هما اللتان وجهتا فعل اختياري للمعادالت" روعة التغريد المدهشة " ، و"شدة الحزن المذهلة " كلتا الحالين، نرى أن داللتي هذه إجابة مختزلة عن السؤال ( .شعرية المعادل، واستراتيجيته –إذن –هنا تكمن . )اإلعصار+ انتبه (، و)الحجر+ أبكى (

.).82 :البحث، ص: نظرالمطروح أعاله؛ ي

Page 85: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

85

لركنية المحمولة على محور ل ال مفرأ -عكسنا زاوية النظر لو –من ذلك صيستخلإذا ما أسقط عليها محور االنتقاء )Contiguïté signifiante(التنسيق من أن تكون ركنية دالة

ومن ثمة، فإن الشكل الذي يتصف به نسق . طا يراد من ورائه إنتاج الوظيفة الشعريةإسقامجانيا، ، ليس شكالمتناغما العبارة، بعد تعانق محوريه االنتقائي والتأليفي، وتداخلهما تداخال

جة بفضل دمج محورمما يفضي إلى أن الشعرية المنت .إنما هو شكل دال هو اآلخر.. وسطحيا، ليست سوى شعرية - *وحتى بفضل تقنيات، وعوامل أخرى –االستبدال في محور التركيب

**.عانية، ودالة هي األخرىكذلك نرى أن من نتائج استرلتيجية المعادل، وشعريته، انبثاق المظهر االستعاري لركنية

ظهر االستعارة ت" إنما . التركيب، وتجلي المستوى المجازي لتركيبة المجاورة بين المفرداتحيث يتم استبدال مفردة بأخرى وفق عالقة المشابهة بينهما، في حين تصنع عالقة المجاورة

كما في –" رقص القلم"نيت االستعارة في تركيبة فمثال؛ قد ب 1." بين مفردة وأخرى مجازا مرساليتضح شيء من إذ ،"انجر"أو ،"خط"، و"رقص"على أساس المشابهة بين – المثال الفائت

بينما تنكشف المجازية . التشابه بين رقصة اإلنسان، وبين انجرار القلم على الورقة لحظة الكتابة، حيث ال وجود لقرينة لصيقة بصفة من صفات الورقة " فأدهش الورقة "من خالل تركيبة

، "أدهش"توحي بأدنى تشابه بينها، وبين دهشة اإلنسان، ومن ثمة، كان في المجاورة بين .كفاية في إنتاج المجاز ال غير" الورقة"و

ما نروم إضافته إلى هذا التصو بيد أناإلستعارة، ر الجاكوبسوني حيال مفهوميفي ، هو أن انقضاض االستبدالية على محور الركنية وفق نهج استراتيجي2والمجاز المرسل

بين المرجع، والنسق على ستميزاخل متد ض عنه أيضايتمخ.. انتقاء المعادالت واإليحاء بهاوهو ما . المرجعية، والشعرية: بين الوظيفتين نحو يكشف عن انخراط مدروس، وتخالل مبني

لمفهوم الوظيفة الشعرية إلى بلورة الشعرية بمفهومها األرحب، والمتجاوز –كذلك –يهدي .***ذاته المحبوك من لدن جاكوبسون

. لقد تعرضنا لبعض هذه العوامل في المباحث التي سلفت، ومنها ما سنعرضه مفصال في خالل المباحث الالحقة *

** من مفاهيم السيميائية، وهو ما يهيئ –في هذا السياق –ح إننا نلم إلى الشعرية بوصفها مصطلحا يدخل في تكوينه بعض . 18:البحث، الفصل األول، الخطاطة ب، ص: المقاربة المركبة المتبناة في هذا البحث، ينظر المسار نحو بناء

1 David Fontaine, Op. cit, p : 84. 2 Idem.

. 59، 58: ص، البحث، الفصل األول، شعرية الوظيفة الشعرية، ص: ينظر ***

Page 86: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

86

، )..دهشة طفل، أو إنسان(مرجع واضح، وموجود في الواقع تحيل إلى" أدهش "فمفردة في -هو اآلخر –، إذ هي تحيل إلى مرجع موجود " الورقة "كذلك األمر بالنسبة إلى مفردة

هو ما .. الواقع ، وغير موجود فيوإيحائي *،لكن ما هو غامض ،)..ورقة كتاب، دفتر( الواقعهل تندهش الورقة في الواقع ؟(" الورقة + أدهش " ده بؤرة التنسيق ببن المفردتين تجس(.

، )الورقة+ أدهش (بين محور التأليف .. فعلى هذا النحو من التداخل المنسجم، والمقصود .تتفتق شعرية اللغة )...أدهش بدال من؛ سود، خطط، خربش، مأل(وبين محور االنتقاء

النتائج، والتحاليل، والقراءات هاتان خطاطتان، إنما هما بمثابة اختزال موح ألبرز : المذكورة أعاله، نوردهما على النحو التالي

أليف بين المفردات عن المرجع، فإنه يظل مرتبطا به، بحيث هو أنه مهما ابتعد الت -حسب هذا السياق –إن فحوى الغموض *

.. ال يقصيه كليا، بل يخفيه على نحو ما يضفي عليه هالة من الغموض ال اإلبهام؛ أي يفتحه على شتى القراءات، والتأويالتدرجة تحت لواء التسامي تظل من -الكشف عنها في المثال" سود " التي كان بوسع مفردة –من هنا، فإن الوظيفة المرجعية

". سود " بدال من نظيرتها " أدهش " للوظيفة الشعرية ولو بزيها الغامض، وحلتها الموحية فضال عن انتقاء مفردة

Page 87: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

87

إلى منمن

يفرض تالزم

تقائية مقيدة بالمشترك إستراتيجية ان مرفأ الشرح و الوصف احترام المعنى الذي

تركيبي-الداللي، و التشابه المورفو .. حجاج و ال يؤديه التركيب

و التجانس، و التباين، و الترادف، ينتج

.. و التقرير (Méta-équivalent) -معادال شارحا

(Méta-langage)وظيفة اللغة الشارحة

.(F.Référentielle)الوظيفة المرجعية

.7:رقم الخطاطة

.الشارحد على محور التنسيق، و المعادل المقياإلسقاط

)Sélection( االنتقاء (Combinaison) التنسيقمن

يتحكم التنسيق في االنتقاء يتحكم الحضور في الغياب

االنتقاء مشروط بالتنسيق الغياب حبيس الحضور

Page 88: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

88

إلى

ينتج مشروط بـ

شعرية المعادل، الوظيفة الشعرية... مرفأ الداللة و اإليحاء استراتيجية االنتقاء

Fonction. poétique * وحرية االستبدال

.8:رقم الخطاطة

ة اإلسقاطالمعادل، و محور التنسيق، و شعري.

هذه النتائج المتوصل إليها من خالل هذا المبحث، إنما هي حصيلة قراءة واصفة متضمنة التصور الجاكوبسوني حيال قضية إسقاط ة علىومنصب.. شيئا من التحليل، والتوجيه، والتأويل

ولقد وردت تلك النتائج على ما وردت . محور التنسيق االنتقاء على التعادل الخاص بمحوراقة إلى أفق البحث المتمثل في الخطاب كانت تو –التي أفضت إليها –قراءتنا نعليه، أل

فكيف ... بما يستجيب لمزاياه الشعرية، وقضاياه الجمالية –من ثم –السينمائي، ومرتبطة ؟ وكيف والمفاهيم المطروقة، والمشروحة أعاله على بنية الفيلمالسبيل إلى إسقاط هذه النتائج،

،؟ يتعانق محورا التنسيق، واالنتقاء في الخطاب الفيلمي على النحو الذي ينتج شعرية سينمائية –؟ أوهل بوسعنا وهل يمكن التقعيد لهما بشكل يميزهما عن الركنية، واالستبدالية اللسانية

؟ أفال يمكن استشفاف للقطات المتوالية بفعل تقنية المونتاجحصرهما في سلسلة ا –مثال

إذ يمكن اعتبار ذلك كله من المعايير، ...ينتج عن ذلك أيضا الغموض، وتعدد المعاني، والنسقية، والتداخل بين وظائف اللغة *لعله الجواب مقتضبا عن السؤال (المتحكمة في عملية إسقاط المعادل الخاص بمحور االنتقاء على محور التنسيق والمقاييس

قد نرجع بعضها إلى .. غير أننا نرى أن ثمة حوافز، وعوامل أخرى من شأنها توجيه االنتقاء .)المطروح في مطلع هذا المبحثمونان . ولعله األمر الذي حض كال من ج. ف السياقية للعمل اإلبداعي ذاتهسيكولوجية المبدع، وإلى كل ما يرتبط بالظرو

)G.Mounin( وهنري ميشونيك ،)H. Michonic( ،على دحض النظرية الجاكوبسونية؛ حيث أدان األول جاكوبسون، وأتباعه: ، ينظر"نسيان وجود معنى شاعري أن مبتكري هذه البويطيقا الحديثة ربما يهدفون إلى حملنا على" بسخرية واضحة، معتبرا

، فإنها تظل جامدة، ]جاكوبسون[أنه على الرغم من القيمة الكبرى لنظريته " بينما رأى الثاني . محمد القاسمي، مرجع سابقا وذلك عندما نظر إلى العمل األدبي نموذجا تركيبيا، وإذا كان العمل األدبي نظام[...] تنتمي بصلة القرابة لبنائية سوسور

. نفسه ".) مجموعة أقيسة، فهو في الوقت نفسه التناقض المنسق للغة والكالم(

)Combinaison(التنسيق )Sélection( من االنتقاء

يتحكم اإلنتقاء في التنسيق يتحكم الغياب في الحضور

ر الغيابيمظهر التنسيق اإلنتقاء يمظهر الحضو

Page 89: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: عريةالش الفصل األول

89

ك داخليا محوريومن ثم تتمفصل التنسيق، واالنتقاء على صعيد اللقطة الواحدة ما دامت تتحر ،طبيعة المعادل –والحال هذه –؟ كيف تتجلى دونما حاجة إلى مونتاج ..وحداتها األيقونية

في حديث عن المجاز، واالستعارةما جدوى الو ،؟ ب شعريته؟، وكيف يحقق للخطا السينمائي ؟السينما خطاب

، وبما يكفل للمسائل سلسلة من األسئلة نؤجل مجابهتها إلى حيث يتسع المقام –إذن –هذه ...التي تثيرها جالء، وانصياعا، وانكشافا

Page 90: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

90

1-2- التجريد واالنفتاح ةتودوروف وإيكو وشعري تودوروف زيفيتانباألفق الفكري لبحثنا، ألبرز ما كتباه ت المشروط ،إن اضطالعنا

)Tzevtan Todorov(إكو ومبيرتو، وأ)Umberto Eco( في مقام الشعرية، والدراسات األدبيةوبؤر تقاطع يتقاسمانها على صعيد قد أسدى بنا إلى اكتشاف وجود تخاطر تنظيري،.. والفنية

إن ذلك ما حثنا على محاولة الجمع بينهما . ، والنتائج والمنتهيات أحايين أخرىالمنطلقات حينا، نريد من ورائه إلى اعتصار ما يشتركان فيه من رؤى تأسيسية، ومناح في مبحث واحديتساوق واحتياجات دراستنا، ، فنقصي الزوائد واالستطرادات، ونبقي على ماتقعيدية اعتصارا

، والتخلص من شطط دنستطيع تذويبها في بوتقة موحدة من شأنها احتواء المفيأن عسى . الترديداإلطناب، والتجريدية، واالنفتاح قد ارتأينا أن نكتفي بالتركيز على مفهومي – والحال هذه –إننا

نظري للشعرية لدى كل من تودوروف، بوصفهما بنيتين عميقتين داخلتين في تكوين النسق النورد منها؛ وإيكو، وكذا على ما ينجر عنهما من تداعيات تنظيرية أخرى تسم العمل األدبي

فما .. النهائية التدليل والمعنى، والنسقية المحكومة بالتخالل مع المرجع، والتفتح على المتلقيالتي تتهيأ بها تلك المفاهيم، – ا سنرىكم –يبرر انتقاءنا هذا هو الشحنة الداللية المتعالية

.وتنصاع في يد الباحث الذي يروم مقاربة الخطابات البصرية، والسينمائية على الخصوص

تزيفيتان تودوروف شعرية - 1-2-11-2-1 -1 - ةالتجريدي المتعالي والخطاب

ن في مطارحات تودوروف التنظيرية، يكفي لندرك أنه قليال إنة أميل إلى من التمعنظريأن على أصر، بصريح القول، نفسه قد وبل ه .في الخطاب األدبي منه إلى خطاب الشعرية

ومع ذلك، ال شيء يحول دون استشفاف معالم 1.يؤثر خطاب األدب على خطاب الشعرية. بناء جهاز مفاهيمي خاص بشعرية تودوروفمنهاجية، وقرارات تقعيدية صارمة من شأنها

في اتجاه استثمار نستعين بأداة النمذجة سيراعمل الذي سنجتهد من أجل بلوغه، على أن ه الوإنه الكلياني، ورؤاه التجريدية أهم من فيصبح، فضال عن ذلك، حسما نريد من شعريته،

التجريد، بتساميه، وشموله، أفيد لبحثنا لما يتمتع به من قدرة المحصول التنظيري، حيث إن

. 28: تزيفيطان تودوروف، الشعرية، مرجع سابق، ص: ينظر 1

Page 91: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

91

والتي )العالماتية(اع الظواهر اللغوية غراق جميع الخطابات، واالنسحاب على شتى أنوعلى استيحتجز الخطاب السينمائي – له من بينها خانة –دراستنا موضوع.

جملة محتملة تختزن من التجريد، وبنية مستوى – من منظور تودوروف – إن الشعريةالتي تستميز بالفاعلية في .. واإلجراءات اعدمن الخصائص والسمات، وتوفر نسقا من القو

ليس العمل األدبي في " من هنا،. تحليل أي نموذج عيني من اإلعمال األدبية مهما كان جنسهاحد ذاته هو موضوع الشعرية، فما تستنطقه هو خصائص هذا الخطاب األدبي، وكل عمل

ولكل مل إال إنجازا من إنجازاتها الممكنة،عندئذ ال يعتبر إال تجليا لبنية مجردة وعامة، ليس العبتلك الخصائص المجردة التي تصنع فرادة الحدث األدبي، أي ىيعن[...] ذلك فإن هذا العلم

.كيف السبيل إلى تلك الخصائص المجردة، أي إلى أدبية األثر؟ لكن 1." األدبيةللشعرية، ال دائمالفتراضي الأن تلك البنية المجردة، التي هي بمثابة اإلعالن االحق

، حيث مع ذات األثر العيني تحليال وتأويال صر من خالل التصادم الفعليعتتأتي من عدم، إنما تستند *،ال منتهى د، وبخواصه الشكلية والجوهرية، منطلقايكون هذا األثر، بحضوره المجسي

ومن ثم تصنيفها، ته،نعت عينيإليه في سبيل استخالص تلك الخواص وكذا القواعد التي صعلى نحو يمنحها طاقة التعالي، والشمول، والتعميم على جميع أنواع متهاهفموتجريدها، و

تصنيفات بلورة إلى تقصد "، بناء على ذلك، فالشعرية .الخطابات واألجناس األدبية والفنيةألثر، ا سيكون دبية، حيثتسنح، دفعة واحدة، بتناول المؤتلف والمختلف في كل األعمال األ

ثم إن تلك التصنيفات، 2." نهائية غايةال تمثيل لهذه التصنيفات، فيعتد به مثاال ، مجردمنفرداوما جاورها من خصائص وقواعد، والتي ما لبثت تتبنين، وتتخذ شكل جهاز مفاهيمي محكم

رية إمكانية البحث في األعمال سيخول للشعما هي ، النوعي ذاتهومضبوط، ومستقل عن العمل الممكنة، والمحتملة، أي فيما يجب أن يتوفر عليه األثر األدبي، أو الفني المنفرد، وعليه، بوسعنا

يتأسس، بشكل أفضل، من خالل األعمال "، ب تودورفحس، القول إن هدف الشعريةد إلى تحديد منظومة من يري – إذ ذاك –وإنه 3،" العينيةاالفتراضية، ال من خالل األعمال

. 23: ، صالمرجع السابق 1 . نفسه: ، ينظر"بوصف خصائص األدب لن يكون النص النوعي إال حجة تسمح" أي؛ *

2 Oswald Ducrot, Tzvetan Todorove, Dictionnaire Encyclopédique des sciences du langage, P: 106. 3 Idem.

Page 92: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

92

توافرت في أثر، أو خطاب التي إذا ما *الخصائص، والقوانين، والسمات الدائمة للفعل األدبي ..جماليته شعريته، وصنعت تقفت – مهما كان انتماؤه النوعي –ما

، ، بل األعمال المجردةذا لم يكن موضوع الشعرية هو األعمال المحققةإنه أنفهم من ذلك السمات، والقواعد، الجمالية الموجودة في نص ما، ليست سوى قواعد مؤقتة، وال تمثل فإن تلك

من قواعد أخرى ممكنة، مما يجعل الشعرية أوابة إلى تفجير االحتماالت الممكنة إال جزءا، ليست بالعلمية باعتبار أن غاية العلم، هي األخرى يسمها وسماما –تدقيقا –ذلك ** 1،للخطاب

وذاك ما يتقاطع 2،استنتاج القوانين التي سنحت بوجودهمحصورة في العمل الخاص، وإنما في في –نحن –فيه تودوروف مع جاكوبسون، ومع غيره من الشكالنيين، وهو أيضا ما نستثمره

مسألة اعتياص ثم إن البحث في ممكنات الخطاب األدبي، واحتماالته يتضمن ***.بحتنا هذائية ، من ثمة، النهاكرسعلى التنظير والتحديد، وي – جميع الممارسات الخطابية بل – األدب

فيصبح، بذلك، 3،؟ الذي هو من أولويات الشعرية، وأبجدياتها ما األدب: األجوبة عن السؤالعلى حال واحدة ها شبيهاأمر بأمر الزئبق الذي يرفض أن يستقر.

أن نستحوذ منها على خاصيتين –إذن –ال ضير ولئن كانت الشعرية على هذه الحال،ة التي هي حاصل تحصيل الخاصية الالتحديد أو الالنهائي: ة، وثانيهمادييالتجر: اثنتين؛ أوالهما

كيان أي حال إلىترة بامتياز الهجرة واالعن ذلك كله أن تحضى الشعري األولى، حيث ينتجاألمر الذي استخلصناه في خضم مساءلتنا إنه .اكتملت فيه صفة الخطاب واإلنتاج اللغوي

، لكونه يمنحنا مشروعية يقظا استثمارا هلشعرية جاكوبسون، وإننا لنؤكد على ضرورة استثمار .دونما خلخلة للمفاهيم، وتزويرها" الخطاب السينمائي "اإلسقاط على موضوع دراستنا

غسان السيد، دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، : روالن بارث، جيرار جينيت، من البنيوية إلى الشعرية، تر: ينظر * . 64: ، ص2001، سوريا، دمشق، 1ط

http : aljabriabed.com ، الموقع االلكتروني22: ي، مجلة فكر ونقد، عمحمد القاسمي، الشعرية الموضوعية والنقد األدب: ينظر 1

.2006 – 11 -18: تاريخ التحديثحيث إن لنص األدبي بعينه ليس سوى عينة فردية، تستند إليها الشعرية من أجل أن تسن لها مفهوما إجرائيا، وعلى هذا **

: ينظر. وعامة ما دامت تتجاوز األثر منجزا لتهتم بالبنى المجردة لألدب األساس، تميل شعرية تودوروف إلى أن تكون بنيوية، . نفسه

2 Cf, Oswald Ducrot, Tzvetan Todorove, Op. cit, p: 106. .20: البحث، ص: ينظر ***

3 Cf, Oswald Ducrot, Tzvetan Todorove, Op. cit, pp: 106, 107

Page 93: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

93

متجاوزة للنصوص األدبية وال تعني خاصية التجريد أنها ما يجعل شعرية تودوروفاهاومسقطة دة، المجسإي ة العامة للمصطلحمن البنية المفهومي. مع األثر إن التصادم الفعلي

خطوة محتمة، يجب المرور عبرها من أجل االرتفاع إلى مصاف البنية المجردة، العيني لهو يمثل .ذاتهافي تأليف البنية داخل والتنظيرية للشعرية، بل هو عنصر غير أنه فعل تأويلي

المرتبطة باألسس، والقواعد ، والذي هو بمثابة الوعاء الحاوي للمعرفةللمفهومالنمط األول إلى رؤيا فكرية منطوية تحت لواء ،رفضال عن التحليل المباشر لألثستتحول، اإلبداعية التي 1.يعتبر كل نص معين تجليا لبنية مجردةالنمط الثاني للشعرية الذي – من ثم –العلم، فيتحقق

ل - المحللإنهو الذي ينعجن بال المؤو ولكنه سرعان ما يتخلى عنه، عينه منفردانص النوعي ،هدفه وضع القوانين العامة التي يكون هذا النص "يصبح ف معانيه، للوعن نزعة االرتكاض خ

.منظرا، أو عالما - محلال ،هو اآلخر، وهكذا، سيصبح 2،" النوعي نتاجا لهاإذ ".الخطاب السينمائي: "رسة موضوعنافي مدا سنعتمد النمطين معا إنناالحال

ال لشيء، سوى من أجل مالمسة الخصائص، .. ، وتأويالسنصطدم باألفالم المنجزة تحليال، من األفالم التي ، وستجعل، أيضاجعلت من تلك األفالم أفالماوالمفاهيم العامة المجردة التي

أننا أميل إلى استثمار النمط الثاني بوصفه –مع ذلك –ولسنا نخفي ! لم تنجز بعد أفالماى األجناس، واألنواع الخطابية، فلواله لظلت على شت ، ومستحوذا، شامالاتجريدي خطابا

.بجنس القصيدة وكفى الشعرية سجينة الشعر، ومرتبطةالخطاب"قولة مالنمط الثاني، إنما هي تقتضي التشبث ب هذا خالل الشعرية، من إن"

تتسامى على العمل األدبي نصا، وجمال، ، إذن،فهي. إزاء مفهوم األدب شامال بوصفها مفهوماهكذا، ستكون بمثابة الخطاب المتعالي 3..، لتعنى به مسيجا بمحيطه االجتماعي والثقافيوألفاظا

تهيئة األدوات السانحة بتحليل لألعمال السالفة، وإنما "صحيح ال" ته التأويلمهم"الذي ليس من هو مجموع األعمال األدبية الموجودة، وإنما هو الخطاب األدبي فليس موضوعه. هذه األعمال

.22، 20 :ع سابق، ص، صتزيفيطان تودوروف، الشعرية، مرج: ينظر 1 .22: المرجع نفسه، ص 2، المملكة العربية السعودية، النادي الثقافي بجدة، دت، 1منذر عياشي، ط. د: تزيفيتان تودوروف، مفهوم األدب، تر: ينظر 3

. 54: ص

Page 94: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

94

ولئن كان األمر على هذا النحو، ستضطر 4."المتناه من النصوص مبدأ لتوليد عددبوصفه جميع الخطابات، ولكن من لعمل األدبي ذاته، حتى يتسنى لها مكاشفة الشعرية إلى تجاوز ا

. جانب تقاطعها مع األدب؛ أي من حيث ما يمكن أن يجعلها أدبا، أو يكرس فيها سمات األدبيةتوصيف ل الشعرية إلى علم للخطابات، أو إلى خطاب مختص في ما يحو -بالتدقيق –ذلك

أو عن : في شكل األشكال "تها على البحث صر مهمق، وي!نساعلى اختالفها نمطا، وج الخطاباتفمن هذا المنظور، يتبين المسار الدائري للشعرية؛ إذ 2." فاعلية الشعرية العامة لجميع األشكال

ز العلم، أو التقعيدية الشاملةتنتقل من حيبها المقام في حي فتتعامل مع ( ز األدب والشعر، ليستقرالمتوافرة فيها، أو من حيث ما يميزها عن األدبيةا من حيث المالمح الخطابات إم العديد من

لة بمرجعية علمية مجردة، دائرة األدب، محم إلى -آخر المسارفي –، لتعود )الخطاب األدبيمؤس وحس فرزيإذاك – س، فتكون – ما الذي جعل من هذا األدب :على مجابهة السؤال أقدر

ها تودوروف اختزاال قد اختزل -في مستواها الثاني المشار إليه أعاله -شعرية ه الهذ *.؟ أدبا" كاشفا "القيام بدور انتقالي بارز، فتكون بذلك قد استعملت "مكثفا حينما عزا إليها مهمة

ولكن ما إن يتم هذا االكتشاف وما إن يكن علم الخطابات قد دشن حتى يختزل [...] للخطابات في أمر هو البحث عن األسباب التي تجعل بعض النصوص في هذا العصر أو ذاك تعد دورها

3." "أدبا " الشعري ة بوصفها علماإن اسالحس د للخطابات، وبوصفها المحكللسؤال المجر رالمفج :

ة ؟ هو ما نستثمره، في بحثنا هذا، من نظري "سينا" "سين"ما األسباب التي تجعل من .فتودورو

ناقصة الذات؛ شعرية ةوغائي ةقيسالن - 2- 1-2-1سمة النسقية، والنظامية في – على غرار الشكالنيين –ال غرو أن تودورف قد كرس

فالنسقية 4.إلى كل نظرية داخلية لألدب ،في الدرجة األولى ،هذا الذي يحيل. مصطلح الشعرية 4 Oswald Ducrot, Tzvetan Todorove, Op. cit, PP: 106, 107.

.51: صالح فضل، مرجع سابق، ص 2ما يجعل من عمل ما : لعل هذه المرحلة األخيرة من مسار الشعرية هي ما يجمع بين تودورف وجاكوبسون صاحب السؤال *

. 49: البحث، ص: عمال أدبيا ؟، ينظر .86: س، ص .تزيفيطان تودوروف، الشعرية، مر 3

4 Cf, Oswald Ducrot, Tzvetan Todorove, Op. cit, p : 106.

Page 95: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

95

في خضم عرضنا لهوإن ذلك ما .بماء األدبية بيهي من أجلى المنابع التي تزود األثر األدوهاهو ذا تودوروف يرى، بدوره، أن الشعرية الحديثة . مساءلتنا للشعرية الجاكوبسونية أعاله

انبنت على أساس شكالني تنحصر بموجبه الدراسة في مكاشفة نظام العمل األدبي، فتصبح لغة ففي 1.تصبح غاية ذاتهاأي ذبة االنتباه إليها، األدب، فضال عن ذلك، اللغة المنظمة، والجا

أي تطفح بفضله شعرية األثر، نظره، إن ،لألدب إنما هو استعمال أدبي داخلي ،استعمال بنوييبدو أن 2.ويتجسم نسيجه العالماتي على نحو يجعل المادة الواقعية المستحضرة فيه تخييلية

الخطاب في يحصرهاتها، بل ومال األدبية، ومتشبث بدواخليهذا المفهوم متعصب لنسقية األع األدبي– تودوروف لم يتوقف عند هذا الحد، فسرعان ما .وحده – الفني شرع فيإال أن

استكناه هذه النسقية، وتوصيف هويتها، متسائال عما إذا كانت نسقية موصدة، وكذا لصيقة .؟ من الخطابات تجلي في أي نوع آخرباألدب وحده، ومن ثم، ممنوعة من ال

إضافة مفهوم التخييل إلى جدل تساؤالته تلك إال من طريق دبدأن يلم يكن لتودوروف :المسلمات، والمعادالت الثالثة التاليةالنظامية ربطا تنتج عنه وربطه بالنسقية، أوالقضية، .)شعرية(أدبية /تخييل= ال شفافية /نسقية /نظام -1 .)ال شعرية(ال أدبية /ال تخييل= ال شفافية /نسقية /ظامن -2 .)حاالت نادرة(أدبية /تخييل= شفافية /مرجعية /ال نظام -3

حينما ك ما خلص إليه تودوروفاذ. لشعرية األثر الوحيد النبع –إذن –ليست النسقية حيال إلى أن ثمة األدبية هي الشيء النظامي الوحيد، م أن تكون اللغة قطعيا رفض رفضالجملة من ال – ذلك مع – أدبية لكنها خاضعة خطابات غيربمستوى تمتعةقواعد الداخلية، وم

بمعنى أنه قد تتوفر 3..السياسي أو محدد من النظامية، والتنسيق مثل الخطاب القانوني،با أدبيا جماليا من دون أن تجعل منه خطاة، ونزعة االلتفات إلى الداخل في الخطاب النظامي

ة والنسقي ة،النظامي ،بالمقابل ،ولو كانت. المحددة أعاله )2(وهو ما ينطبق على المسلمة ..فنيامن هنا إننا .لما توفرت إال فيه ،تهفي سبك شعري الوحيد السببالموفورة في الخطاب األدبي

.؟ مان إنتاج شعريتهالخطاب من أجل ضما الذي يفترض إضافته إلى نسقية : نتساءل

. 45: س، ص .فتان تودوروف، مفهوم األدب، مرتزيف: ينظر 1 .51: المرجع نفسه، ص: ينظر 2 .45: ن، ص. الم: ينظر 3

Page 96: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

96

ما يكمن فحوى ذلك إن، )2(ليست اإلجابة عن هذا السؤال ما يمثل فحوى المسلمة الثانية ، مرتحال افي ترسيخ خاصية الهجرة التي تطبع مصطلح الشعرية ؛ إذ ما دامت النظامية مفهوم

ابات غير فإنه باستقراره، أو بتوفره داخل الخطيرفض االستقرار في جنس خطابي معين، *.على الرغم من عدم كفاية شرط النظامية األدبية قد يسهم في إضفاء مسحة شعرية عليها

على صلة األدب، من حيث هو "في التأكيد –صريحا –على ذلك، مضى تودوروف تأسيساخطاب متميز، بالخطابات والممارسات الرمزية األخرى مثل الخطابات الفلسفية والسياسية

االرتحالية، هكذا بوسعنا القول إن 1...."، الخوالمسرح ق اليومي والسينماوالمنطوالدينية وة، وليس ذلك مقصورا على معطى من شروط قيام كيان الشعريهما .. واالنفالت الدائم

، بجميع ةوكأن الشعري. وإنما هو منوط بجميع معطيات المصطلحالنسقية، والنظامية فقط، فمن **.، وخطاب الالأدب)الفن(خطاب األدب : ث يقع بين خطابين اثنينثال خطاب معالمها،

كما حث إلى 2،" تقوم أيضا خارج األدب "األدبية " أن الخواص "منطلق ذلك، أقر تودوروف وبأن 3،"مهامها أن تقنن قوانين الخطاب غير األدبي من[..] بأن الشعرية "ضرورة االعتراف مطلوب من ] وبأنه [...تعلق بكل النصوص وليس فقط بالنصوص األدبية ي "درس الشعرية هذه

4." ستفيد في الكشف عن الخطاب] حيث[الشعرية، إذن، أن تقوم بدور انتقالي؛ ن الداخلي المميزة للخطاب األدبي، ينبإذا، مما سبق، وبالرجوع إلى خاصية النظامية، والت

سيدخل ميدان األدب راح يؤكد انه حتى الكتاب التاريخيسيكون فراي صادقا، فيما يبدو، حينما ؛ )1(بحيث يحقق ذلك اقتراح المسلمة األولى 5،إذا ما التزم بمبدأ التماثل، والنظام، وغائية الذات

كما . اجمالي االتأريخ، والسرد شعري خية منظمة، ومنسقة، ويصبح كيفيأي ستصبح المادة التارمرجعيا، ؛ فيكون كتاب التاريخ هنا بناء)3(يضا، اقتراح المسلمة الثالثة ، بذلك أيمكن أن يتحقق

إن رهان النسقية أساسي في صناعة . لسنا ندحض كليا إسهام النظامية، والنسقية في تفتيق شعرية الخطابات غير األدبية *

.)سقالن(شعرية أي خطاب ما دام موطنها األصلي هو األدب .06: ، صس. تزيفيطان تودوروف، الشعرية، مر 1

.53: ، تجريدية الشعرية، وانفصالها عن الخطاب، ص4: البحث، الفصل األول، الخطاطة رقم: ينظر ** . 56: س، ص .تزيففتان تودوروف، مفهوم األدب، مر 2 .46، 45: المرجع السابق، ص،ص 3 .70، 69: لتاريخ، مرجع سابق، ص،صالشكالنية الروسية إلى أخالقيات ا جون فيريي، تزيفتان تودوروف من 4 .51:تزيففتان تودوروف، مفهوم األدب، مرجع سابق، ص: ينظر 5

Page 97: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

97

بشيء من الجمالية، واألدبية على –مع ذلك –ون الداخلي، ومتمتعا كشفافا، توصيليا، ضئيل التبعالقة التبادل التالزمية سيظل مرهونا فراي هذا لكن موقف. ضآلة بنائيته، وقصدية نظاميته

،ثم من، لمفهوم التخييل، ومرتبطا ويظل، كذلك، خاضعا، "داخلي"مفردة عنييبين م 1.؟ فاف، وكون كل غير شفاف تخييالبافتراضية، واحتمالية كون كل تخييل غير ش

فهي خصيصة أكثر .مطلقا طبعا، ليس باستطاعتنا نفي التخييلية عن العمل األدبي نفيا. على السواء )الشعرية(ة األدب، واألدبية عادلإلى م آيلة –في رأينا –هي التصاقا به، ومن ثمة،

األثر غير شفاف؛ أي دواخليا، ونظاميا، وتماثليا، وغير ،وال ريب ،إن التخييل هو ما يجعل مثلنصغ تساؤل تودوروف السالف صوغا آخر؛ .مكترث باإلحالة الخارجية، والتوصيل المرجعي

فهل كل ما هو تالزم بين التخييل، واألدبية، وبين النظامية، والبنائية، وعدم اإلحالة؟ ما حقيقة الأال توجد نصوص، أو خطابات نظامية، ومبنية ؟ تخييلي أدبي يكون بالضرورة نسقيا ال إحاليا

.؟ األنساق، ومضبوطة الشفافية من دون أن تكون تخييلية شعرية. غير شفاف تخييال يستحيل أن يكون كل. من شقه الثاني نشرع في تناول هذا التساؤل

وال يكون .. ما على أجلى مستويات النظام، والتنسيق، والتكوين الداخلي فقد ينطوي خطاب– أن يكون على درجة عالية [..] خطاب سياسي "فمثال، بوسع .جماليا اتخييلي خطابا –مع ذلك

إن هدف النظام والقصد المنصب على [...] .ا من أجل ذلكولن يكون تخييلي[..] من النظام، إلى أن –والحال هذه –ال بد أن نشير 2." التنظيم الداخلي ال يستلزمان أن يكون النص تخييليا

نظامية النصوص غير المعنية بالتخييل، والشعرية، ال تقتضي تمام الال شفافية، ومطلقية .! ، ولكنه شفافيا، فعال، وليس تخييلالسياسي نظاميفالخطاب . التماثل، واالنغالق

، فليس صحيحا. شفافا ،على نحو ما، بل الخطاب األدبي التخييلي عينه يأبى إال أن يكون ا نظاميا إلى درجة أننا نستطيع أن "وال معقوال، أنيعتبر نص أدبي عنه إنه نقول كل نص "

–فالتخييل قد يتنافى وغائية الخطاب لذاته، ويتعارض 3." شفاف غير" الزم " ،" غائي الذاتإن هناك نصوصا "حيث ة الال شفافة؛ة النسقيمع جودة التنظيم، وكذا مع خصوصي -إذ ذاك

يمكن لمنطق التتابع والسببية أن يحكم القصة وحده ] إذ[: تخييلية خالية من هذه الخصوصية

.س. المر: ينظر 1 .52: المرجع نفسه، ص 2 . 47: ن، ص .المر 3

Page 98: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

98

أنه قد يقع األدب –ال محالة –ذاك ما معناه 1." )النصوص نادراوإن كان هذا النوع من ( يحقق احتمال ما وهو .أدبا القصةتلك ال يسعنا إال أن نعد بحيثدون وقوع النظام، والبنية،

إن الال شفافية، والنسقية درجات، وإنما هي مقرونة .المسرودة أعاله )3(المسلمة الثالثة لذلك نجدها في أعلى درجاتها داخل خطاب الشعر، حيث ال يستطيع .ييعة الجنس الخطابببط

. ولوال ذلك لخفتت أدبية القصيدة. وال شفافا، وغائي الذات، نسق القصيدة إال أن يكون نسقياال شفافا، وأدبيا تخييليا في الوقت عينه ال تنطبق جيدا إال فاحتمالية كون النص غائي الذات،

.سالفة الذكر )1(وهو ما يجسد اقتراح المسلمة األولى .2يدةعلى نسق القص إذا ما حصرت في ال شفافيتها، وغائيتها حصرا شعرية القصيدة واهنة –مع ذلك –تبقى

ة المغلقة ة المطلقة، والنسقيفالالشفافي *.، وإذا لم تنفتح على أتون المعنى، وسديم اإليحاءمطلقامسألة طغيان لهما على ،إذن ،هي. ة مبهمة، ضحلة، منقوصةشعري ،وحدهما ،إنما تنتجان

الخطاب إذا ما تعلق األمر بالشعر المحض، طغيان ال مناص له من التفتح على اآلخر، واألخذ ..بزمامه، إن أراد أن يضمن وضوحه، وديمومته

وال . بامتياز خطاب شفاف، ومرآتي، يعكس الواقع – مثال –بال شك، إن خطاب الرواية ، إنما كال ؟، فهل يعني ذلك أال نظام لهبكونه قطعة من الحياة؛ أدل على ذلك من وصفه دائما

تلتفت الرواية إلى ذاتها من دون أن يكون نسقها غير شفاف، إذ هي تعرض المواضيع، **.يةخطابال يتهامن قبل جنس مفروضا عرضا 3..والحوادث، واألفعال، والشخصيات

.53، 52: ، ص، صالسابقالمرجع 1 .47: المرجع نفسه، ص: ينظر 2وشرطية التخالل المتعلقين بوظائف اللغة الجاكوبسونية كما حددناهما في المباحث السالفة؛ يستجيب لمفهوم الهيمنة ذلك ما *

بوسعنا القول إن ثمة هيمنة وعليه، . 61، 60 ،59، 58: البحث، الفصل األول، تسطيح اللغة واغتيال المرجع، ص، ص: ينظروهي هيمنة مشروطة بالتعاضد مع وظائف، وعناصر أخرى تصنع ذلك . ال غيرلغائية الذات، والالشفافية في خطاب الشعر

. الخطاب .47: س، ص .تزيففتان تودوروف، مفهوم األدب، مر: ينظر 3

وكذلك بالرؤى، . ظهر من خالله موضوعاتهانشير إلى أن التنسيقي، والال شفاف في بنية الرواية هو ما يتعلق بالكيف الذي ت **فكرة التعالق بين العالم واألرض لدى هايدغر، -الحقا –وإننا سنناقش . نفسه: ينظر. أو بالعالم المعروض من لدن لروائي

.فكرة التعالق بين النسق والمرجعالشبيهة ب

Page 99: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

99

هو ما ينتج شعرية عبر الال نظامي النظامي إلى أن تواجد –مما سلف –نخلص *.عبر النظامي شعرية الخطابات األدبية ، بينما ينتج تواجد الال نظاميالخطابات غير األدبية

وفوق ذلك، .وال شعرية لنسق إال بوجود الال نسق. فال معنى للتخييل إال من خالل الال تخييليعني أنها فذاك ما الشعرية، وال تحتملها، تحتمل –كما رأينا أعاله – كانت نسقية الخطابإذا

. ستظل عاجزة أمام آفاق إنتاج شعرية ناضجة، ومكتملة النمو تذوقا، ودرسا، واقترابا منهاجياذلك ما فما ينقص جدلية النسق والال نسق، أو النظامية والتخييلية هذه لكي تحقق ذلك؟ نعتقد أن

أخرى أبعادا –وهو يحدد مفهوم الشعري –يضيف إلى مفهوم دخائلية األدب تودوروف جعلالتي يتبناها )..التيماتيكية، التركيبية، األسلوبية(من بينها ما يمثل مجموع اإلمكانات األدبية

1.كاتب ما، وما يتعلق بكل إحالة على الترميزات المعيارية اإلجبارية لمدرسة مالكننا نكتفي بالتأكيد على أن . سوف لن نخوض في تحليل هذه األبعاد، وتأويل خفاياها

..بك النصيبنسبية الشعرية مصطلحا، ومظهرا من مظاهر السمن هذا القبيل يوحي كالما ال نظامية + )تخييل/ال شفافية(نظامية : ولتمثيل هذه النسبية نقترح صوغ المعادلة التالية

**.شعرية+... = خارج + أو داخل . شعرية+... = )التخييل/ةشفافي( ن لشعرية سيظل بنية غائبة لالحق مفهوم الهكذا، نرى أنتارة، تتضم والمرجعي النسقي

كثيرة ال أشياءبوتارة أخرى تعنى بإمكانات الكاتب التعبيرية، ومذهبه، وأسلوبيته، وسجيته، وعلى التفسير، واإلدراك، والتنظير المبدع معتاصة – حسن حظمن –وهي بنية . تقبل الحصر

! أبديا اعتياصانعتقد أنه يكفينا أن نختزل ما الذي نجنيه من اقترابنا الواصف لشعرية تودوروف هذه ؟

الخطاب السينمائي، وفق النحو : إسقاط المفاهيم المطروقة أعاله على موضوع هذه الدراسة :التالي

.)1: المسلمة( .ةينمائيالس+ ... = تخييل + الشفافية /نظامية= مائيخطاب سين -

* عبر المرجع /من خالل/وجود النسق في" ، "ق للمرجع مخاللة النس" يكافئ " تواجد النظامي عبر الال نظامي " بمعنى أن ."

. 69، 68: البحث، الفصل األول، ص، ص: ظرين. والقول بالعكس صواب .محمد القاسمي، مرجع سابق: ينظر 1

.شعرية+ ... = ال نسق + أو نسق **

Page 100: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

100

. ةأفلم+ ... = ال تخييل + الشفافية /نظاميية= "بصري - سمعي"خطاب فيلمي - *..الفيلم الروبورتاجي، والفيلم الوثائقي، والفيلم العلمي: مثل. )2 :المسلمة(

+ تخييل + )مرجعية(شفافية + ) نسقيةال(النظامية = "بصري -سمعي"خطاب فيلمي -، ..)الفيديوكليب(الفيلم اإلشهاري، والميكروفيلم : مثل . )3 :المسلمة( .سينمائية الفيلم= ...

.لشعرية المؤفلممما يسمح للتأسيس )2(أمثلة المسلمة ويمكن إضافة إنما . سينمائيلتي يحتمل أن تكون عليها شعرية الخطاب الاأبرز المستويات –إذن –هذه

بمثابة المحصول المفاهيمي الناتج عن توصيفنا لشعرية تودوروف توصيفا –بال شك –هي استقرائها، والتفصيل فيها، بإذ سنقوم . أخذ منه التحليل، والتأويل، واإلسقاط قسطا ملحوظا

.والتقعيد لها في الفصل، والمقام المناسبين من هذه الدراسة

معنى وشعرية االنفتاحالنسق وال - 3- 1-2-1حتمية التعاضد بين الداخلي، والخارجي، في أي خطاب كان، أن –مما سلف –أال يعني

؟ " المعنى "إلى شيء اسمه هي أمر يفرض على الشعرية االلتفاتال أحد يموقف تودوروفس حيال هذه با في اآلن ذاتهكان واضحا، ومرك طع النكران أن

بخالف تأويل األعمال النوعية، ال تسعى إلى تسمية المعنى "يث ارتأى أن الشعرية ح. المسألةفهل هذا موقف معارض النفتاح 1." م والدة كل عملبل إلى معرفة القوانين العامة التي تنظ

–كما نرى –ال يدرك ؟ المدارسة الشعرية على دهاليز المعنى، واإليحاء الذي تثيره بنية األثرتقضي بضرورة التمييز هر هذا الموقف إال بالرجوع إلى الخلفية الفكرية لصاحبه، والتي جو

خطين –في الوقت عينه –بين التأويل، والعلمنة في حقل الدراسات األدبية، وبعدم جعلهما فال تنساق الشعرية وراء االنعجان باألثر العيني الواحد، فتغرق في 2؛متوازيين ال يلتقيان أبدا

وال هو معقول أن تقنن الظاهرة األدبية من دون االستناد إلى .. االنطباعية، والنسبيةالذاتية، ومن هنا، أضاف توتوروف إلى قوله أعاله ! عمل أدبي واحد، إذ تقع في فخ التجريدية المبهمة

ن األصل فيها هو كونها شفافة، وكاشفة عن نومئ هنا إلى ضآلة الال شفافية في مثل هذا النوع من الخطابات الفيلمية، أل *

إذ يمكن أن ندرج !تكون فيها النظامية، والتخييلية غائبتين معا مسلمة رابعةوليس غريبا أن نضيف . حمولة معرفية معتبرة ! ع الحدوثغائبا متوق - أيضا –الذي ال يعترف بالتخييل، واألدبية إطالقا، والذي يبقى النسق فيه الفيلم الجنائيضمنها

.23: س، ص .تزيفيطان تودوروف، الشعرية، مر 1 .نفسه: ينظر 2

Page 101: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

101

هذه الخ، تبحث عن ... بخالف هذه العلوم التي هي علم النفس وعلم االجتماع" أن الشعرية 1." في اآلن نفسه" باطنية "و" مجردة "إذن مقاربة لألدب ] فهي[.. القوانين داخل األدب ذاته،

إلى تحديد القوانين، بدال من المعاني، فإنما تصبو - من هذا المنطلق –لئن كانت الشعرية . القوانين التي بفضلها تتفتق تلك المعاني، وتنصهر في بنية الخطاب

إذ ال . مرسخا لبنيوية المصطلح، وشكلالنيتهالموقف السالف لتودوروف مع ذلك، يبقى القاضي بإقصاء – ساوق لتصريحات الشكالنيين معظمهمالم –أدل على ذلك من تصريحه

وما .. علم النفس، وعلم االجتماع: مثل ؛مختلف السياقات الخارجية لألثرمتابعة المعنى، ولعجلة ح لم يعد له بليغ أثر، حيث خضع فحواه، فيما بعد، بيد أن مثل ذلك التصري. جاورها

التي تخترق إلقامة نظرية كاملة المعمرة النقد، والدحض على غرار التصورات الدوغمائية في معجمهما -)Ducrot(بمعية ديكرو –آية ذلك أن أقر تودوروف 2.على أنقاضها

، مع ]في النص األدبي[ ىن مستويات المعنيتبأن "الموسوعاتي، أنه يتوجب على الشعرية أيضا بوسعنا القول، 3." تحديد هوية الوحدات التي تصنعه، ووصف العالقات المشتركة فيما بينها

.في مشروعها التقعيدي –ال محالة – ة، وداخلمن أهداف الشعري بعد هذا، إن المعنى هدفإنتاج علم الخطابات : "تشييد صرحهإلى إنما هو المشروع العام الذي لطالما هفا تودوروف

4." مهما تعددت، وعلم شروط المعنى مهما بدت متغيرةسلوك الشعرية في انفتاحها على ضفاف المعنى عبر ثنائية ئأن نستقر ،ال شك ،بوسعنا

أنطولوجيا، وبنائيا، –مهما كان جنسه –تتحكم في الخطاب الحضور، والغياب، تلك التي ة الخطاب، ما دام درس جماليفهل في الحضور يتموقع الدرس الشعرياتي، وتنبلج . اوسيميائي؟ ة يلهث خلف مداليل الغيابالسيميائي

افعال، إن عالقات الحضور، على صعيد خطاب ما، هي عالقات تشكيل، وبناء، فيمال وقد توارى خلفه ، إذ ال يحضر دال، إتكون عالقاته الغيابية عالقات معنى، وترميز، وإيحاء

لكن . نفهم من ذلك، للوهلة األولى، أال مكان للشعرية إال بين ثنايا العالقات الحضورية 5.مدلول

.المرجع السابق 12 Cf, T.Todorov, Théorie de la littérature, Op. cit, p : 17. 3 Oswald Ducrot, Tzvetan Todorove, Op. cit, p : 107.

.06: س، ص. روف، الشعرية، مرتزيفيطان تودو 4 .31: المرجع نفسه، ص: ظرين 5

Page 102: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

102

أن – على نحو آخر –انفتاح النسق على متاهات المعنى، فإننا سنقر إن نحن انطلقنا من بديهيةتحكمه ضوابط معينة احاة ال تتحقق إال بانفتاح الحاضر على الغائب انفتالشعري. إن ثمب الغياب هاة الحضور ال تتحقق إال من حيث كونحضوريبدون الغياب ال يمكن "، إذ تغي

نرى أنه ال شعرية إال بانخراط الغائب في الحاضر من هنا، 1." تصور وجود لغة باألساسطيعا، وجليا، إال إذا يكون نل لعل هذا التصور !تحكمه، هو اآلخر، ضوابط معينة انخراطا

، )Syntagmatique/ Combinaison(تنسيق /قرئ من زاوية حقيقة التعالق بين محوري تركيبفي مبحث مما التي تم إعمال النظر فيها )Paradigmatique/ Sélection(انتقاء /واستبدال

لشعرية، امن إناطة درس –والحال هذه –فال مناص *.خصصناه لتوصيف شعرية جاكوبسونبمهمة استشفاف الطرائق، واألساليب التي بموجبها ينفتح المحور الركني النظمي وإجرائيتها

الغيابي االنتقائي بما يحمل من مزايا، وخواص، على المحور االستبدالي ،ودونما الحضوري ،لمحور الغيابي هذا، ويتجلى بين ا –أيضا –تفريط في مهمة استشفاف الطريقة التي ينكشف بها

الذي هو خاصية تكتسيها العالئق الترابطية –حيث إن الغياب .الحاضرة خاليا الخطابمسؤول عن توحيد األجزاء، والمعاني التي ال تتجسد في ظاهر النص، ألنها – )االستبدالية(

عندئذ سيكون مفهوم 2..واتهبين ثناياه، وفج ،من ثم ،تخضع للتداعي، والال نهائية، فتوجداإلسقاط، وشعريمن أبرز الضوابط التي تتحكم في انفتاح **ءاالنتقاة ة المعادل، وكذا إيحائي

كما أومأنا إلى ذلك أعاله دونما الحضور على الغياب، وفي انثيال الغياب داخل الحضور .تصريح

المنفتحة، والحضورية الحالمة ؛ مبدأ النسقية على هذا المبدأ -إذن – لئن كانت الشعريةتحليلية، وإنتاج قوانين موضوعية، ترنو إلى أدوات بتسييج الغياب، فستكون األجدى بتفعيل

لكن .. العلمية، لتضعها في متناول قارئ النص األدبي، كان قارئا محلال، أم مؤوال، أم متذوقالتطبيق اآللي الساذج الذي يسفر مباشرة قابلية ل شرط أال تكون تلك األدوات، والقوانين ذات

، معهد اللغة العربية وآدابها، جامعة وهران، 4أحمد يوسف، شعرية الغياب وجمالية الفراغ الباني، مجلة تجليات الحداثة، ع 1

. 111: ، ص1996يونيو، .89، 74: ق وشعرية المعادل، ص، صوالتنسي ءالبحث، تعانق محوري االنتقا: ينظر * .110: أحمد يوسف، مرجع سابق، ص :ينظر 2

. 88، 77: البحث، شعرية المعادل ومرفأ اإليحاء، ص، ص: ينظر **

Page 103: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

103

هو توضيح بل ينبغي أن يكون المغزى من ورائها ،عن اإلمساك بتالبيب معاني ذلك النص 1.ممكنات المعنى الكامنة فيه مع االعتراف بعدم القدرة على استنفاذها نهائيا

ارسة البنية، وتقنين مد ظل أميل إلىت" الشعرية " قولةلهذه العلة بالذات، نرى أن م حاالتها النسقية، منه إلى وصف المعنى، وتحديد احتماالته التي ال تحد!.

رتو إيكوبيشعرية أم - 1-2-2 المشروع ؛ إجرائية وتقعيد -الشعرية - 1- 1-2-2

على إدخال الشعرية حيز األفق التقنيني، لماحا حرصا -هو اآلخر –يحرص إيكو صعوبة في تلمس الطابع الكليانيفال . ليات الكتابة، واإلنتاج األدبي والفنيوالتوصيفي آل

لمفهوم الشعرية لديه، بيد أنها تقعيدية تظل مشدودة إلى وتد اإلجرائية التي تتيحها التقعيديمن القواعد الصارمة، والمطلقة، ليس نظاما " -حسب إيكو –فمصطلح الشعرية . عينية األثر

هذا –ال شك –يضمر 2." الذي يقترحه الفنان على نفسه في كل مرة لمشروع العمليولكنه االتحديد المفهومي الخلفية المنهاجية التي تبناها إكو في مكاشفة المصطلح، ومساءلته؛ إنها

بوعي منه، –والتي بمقتضاها منح ، )La phénoménologie( * الفينومينولوجيا الظاهراتية، أووذلك ، مشروعية التصميم، والتقنين، والتسامي التنظيري )..المؤلف، الناص( الفنان – غيرهأو ب

إدراكها له، لحظة اإلنجاز أو بعده، إدراكا له إمكانيةفضال عن التقاء ذاته المتأملة باألثر، والشعرية، فكل بحث يرنو إلى مالمسة جوهر 3.غلته المعرفية المفهومية إن تصريحا، أو تلميحا

لىع، وإما [...]لى التصريحات المباشرة للفنانين عإما رتكزأن ي" -في نظر إيكو -ال بد له أنجز من خاللها أي أن الكيفية التي: من بنية األعمال )ومتجاوز في اآلن ذاته(تحليل منطلق

هذان المستويان؛ 4." األثر، إنما تسمح بتحديد الكيفية التي كان يراد له أن ينجز من خاللهاإنما – ، وتقعيداتحيينا –مصدري اإللمام بحقيقة الشعرية التصريحي، والتضميني، بوصفهما

1 Cf, Oswald Ducrot, Tzvetan Todorove, Op. cit, p: 107. 2 Umberto Eco, L’œuvre ouverte, P : 10.

، أن الفينومينولوجيا هي " L’œuvre ouverte –المفتوح األثر " وقد كان في غاية من الصراحة حينما أقر، في مقدمة مؤلفه *حيال العمل الفني حتى وإن كان غير " المشروع " المقاربة التي سيعتمدها في تمحيص مفاهيم الشعرية، مؤكدا على فكرة

: Cf, Ibid, P. 12.ناضج؛ أي ناقصا، وليس في المستوى المرجو3 Cf, Ibid, P: 10. 4 Ibid, PP: 10, 11.

Page 104: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

104

بنيوي، أو، إن شئنا، -منزع فينومينو ة إيكو ذاتعن كون نظري –في رأينا –ينمان نجازي اآلني لألثر، د، بجرأة، وجالء، على الجانب العيني اإل، حيث إنها تشدنسقي - هرمينو

انفراديا ومن ثم، على التأويالت، والقراءات التي يمكن أن تفرزها لحظة التصادم معه تصادماولكنها ما تفتأ تنصرف إلى .آخر - رمنظ –بامتياز، إن من قبل مبدعه، أو من قبل أي قارئ

النمذجة على نحو يحول شرطية بنينة تلك التأويالت، واالرتفاع بها إلى مصاف التأكيد على األثر في ذاته مجرد معطى ثانوي غات واضحة تسنح بمقاربة الممكن، يرتجى منه اكتسابمسو

مشروع "بفهم الشعرية على أنها ،من ثمة ،وتسنح، " الذي يجب أن يكون "واالحتمالي، و 1." لتشكيل، وبناء األثر

أكثر –برأينا –وإنما هي 2،ية فحسبموضوع هذه، ليست األكثر ن مقاربة إيكوإالحق ، وتنظيرعيني تأويل: القطبينم، والقائم بين للتجاذب الجدلي المحت ، بل واحترامامنطقية

إيكوامع ذلك، باستطاعتنا *. تجريدي ح موقعة الشعرية لقول إنفي خانة –مصطلحا –يرجالتوصيف التقنيني الكيفي الدراسات التي أ" ، إذ ارتأى ألدبية، والخطابيةللظاهرة ا المتعالي ن

ألعمال التي كانت في أصل وجودها، ولكنها تساعد اتقدمها الشعرية ال تصلح دائما أداة لفهم عن الشعرية – أطروحتهف 3." أيضا على فهم كيفية حل مشكلة تقنية كقضية إنتاج عمل أدبي ما

مسعاها التقني، والتقعيدي الذي يتعدى خرسوالبنيوية، ويت مسحتها النسقية، أكدههنا، إنما تت –كيف ال، وهو .األثر المنفرد المجسد، ومؤلفه إلى الوصف القبلي لآلثار األدبية، والفنية الالحقة

لكي ال يشوش على ] مثال[لرواية ما على المؤلف أن يموت بعد كتابته "الذي أوجب –إيكو –تلتقي مع موقف تودوروف التأسيسي تجاه –وال ريب –ولعل هذه الرؤيا 4 ! " مصير النص

1 Op. cit, P : 11. 2 Cf, G. Desson, Op. cit, P : 8.

شعرية خاصة فردية، فيما يصنع التنظير التجريدي شعرية عامة، –في اعتقادنا –حيث إن التأويل العيني هو الذي يصنع *بل ومن األجدى القول إن .ال يوجد، في الواقع، تعارض نظري حقيقي بين وجهتي النظر؛ العامة، والخاصة للشعرية" وعليه،

هذين المنظورين ال ينبغي لهما أن يتعارضا من حيث كون الدراسة الشعرية منوطة بالدراسة المتاحة من قبل الشعريات جدلي الخاصة، على نحو حركي."Idem .

، الموقع اإللكتروني 2004، 15:، ع سعيد بن كراد، مجلة عالمات: ، آليات الكتابة، تر"اسم الوردة " أمبيرتو إكو، حاشية على 3:[email protected] 2007، تاريخ التحديث، جانفي.

.نفسه 4

Page 105: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

105

رغم ترجيح لكن **.موقع الشعرية من ثنائية تأويل األعمال المحققة، وصوغ البنيات المجردةنالكفة للكليانية، والشمول، والبإكو ال يزيح، من مشروع الشعرية، فعل التأويل، ني ة، فإن

؛ حيث يرى ذلك أداة مشروعة، بل شرطية في يد المتلقيينية األثر إزاحة نهائية، واالرتباط بعإنما منع .)مشكوك في رصانة شعريته متناهيا من التأويالت عمل يتيح عددا الال فالعمل الذي (

.. بالتجريد، والتقعيد سانحا التأويل عن المؤلف صاحب األثر، لكن ليس بوصفه مفهوما مؤسساااللتصاق باألثر منفردا، وفي سذاجة التفسير، وأحادية ه شرحا متزمتا يوقع في شرك بل بوصف

ليس من حق المؤلف أن يؤول، ولكن من "من هنا، لم يتردد إيكو في االعتراف بأن . التحليل 1." حقه أن يحكي لماذا وكيف كتب ما كتب

صب التأويل، ب على كمن كوية إأن سعي نظري بوسعنا االستنتاجعلى ذلك، تأسيسابنزعته االتصاليبه ،ة، في بنية من التنسيق، والتقنينة وسمته اإلجرائيما –مما يقر إلى حد–

للشعرية المحكوم بوظائف اللغة من المنظور الجاكوبسوني. الفعل : الصعيدين على إلى التسليم بانفتاح شعرية إيكو –ال محالة –تفضي هذه النتيجة

أما االنفتاح على . )محصول التأويالت(نتاجي اإلبداعي عينه، والفعل التجريدي التنظيري اإلة األثر، وشموليته المكتسبة فضال عن تلك البنية التقعيدية افتراضيالصعيد األول فيتضمن معنى

عمال التي انطلقت منه وال غرابة، مما يقتضي التسليم بديمومة، وال نهائية تحقيق تجارب، وأوأما االنفتاح على الصعيد الثاني ففحواه أن مفهوم الشعرية ال نهائي التقعيد هو 2.عينية جديدة

وان المنظر له أمره شبيه بأمر العالم التجريبي إزاء تجربته، حيث يكون القصور اآلخر، في النظام المعرفي 3.ضروريا من أجل صوغه، وبنائه شرطا، والمفهومي

* .في نقصانه األبدي إن كمال مصطلح الشعرية كامن هكذا،

. 92، 91 ،90: البحث، شعرية تزيفيتان تودوروف، ص، ص: ينظر ** .، آليات الكتابة، مرجع سابق"اسم الوردة"أمبيرتو إيكو، حاشية على 1

2 Umberto Eco, Op. cit, P: 63. 3 2 Cf, Ibid, P : 30.

Fausse(لم يخف إكو، من منطلق ذلك، استياءه إزاء بعض النزعات الجمالية التي أسماها بالمزيفة، أو المغلوطة *esthétique(ولم يفعل . ، لكونها حصرت غاياتها في تحديد ما يمكن للفن أن يقترحه، وينتجه، ويثيره، ويستلهمه تحديدا تقنينيا

L’esthétique(المغلوطة عن فلسفة الجمال الحقة، أو الجمالية الفلسفية " الجماليات"إال لكي يميز هذه –ا برأين –ذلك philosophique (الجمالية، والشعرية لإلحالة إلى معنى واحد. على حد تعبيره ل لنفسه، بموجب هذا التمييز، استخدامإذ خو.Cf,

Umberto Eco, La structure absente, introduction à la recherche sémiotique, traduit de l’italien par Uccio Esposito-Torrigiani, ed ; Mercure de France, Paris, 1972, P : 133. . رسم الفوارق الحساسة بين الشعرية، وعلم سنقف علىومع ذلك

. الجمال في سياق الحق

Page 106: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

106

وما مسوغاته، وخلفياته ،وما شروطه اإلجرائية ؟ ،اآلن، ما جوهر هذا االنفتاح ؟ ؟النظرية

التلقي االنفتاح وشعرية دينامية - 2- 1-2-2إقرار إيكو بمشروعي في تشييد صرح مصطلح الشعرية يفضي إن إلى ة التأويل العيني

على أن يكون المتلقي .األنساق األدبية، والفنية على عوالمها الخارجية حبداهة انفتاإدراك مدى القطب الحسفالفنان، وهو ينتج أثرا ما، يعلم أنه يبني من " .الذي تنفتح عليه تلك األنساق اس

على 1." ماأنه يشتغل من أجل متلق حيث ليس في وسعه التجاهلخالل مادته رسالة موجهة، ة أن تتجاوز مقولة الشعرية عقدتها البنيوي –حسب إيكو – سيكون منطقيا، هذا األساس

لتنصرف، فضال عن ذلك، إلى محاولة التخصة للعمل الفني ص في تحليل البنيات القار 2.اتصالي منحى باعتبارها بنيات دالة، وذات

اقتراح نظري في جماليات االتصال، فهل يعني موقف إيكو هذا، أن شعريته هي مجرد *.؟ أو هي مجرد نظرية خالصة في التلقي

على نحو يحصر صحيح أن إيكو قد أصر على جدولة االتصال ضمن مشروع الشعريةالمتلقي، وهو ما اصطلح عليه بالشعرية التصريحية فيالمفهوم في ثنائية العمل، وتأثيراته

)Poétique explicite( .ا لبث أن أومأ إلى وجود شعرية ضمنية لكنه م)Poétique implicite( وصحيح أنه .بمقتضاها يرتبط مشروع الشعرية بالكيفية التي نتلقى، ونتذوق من خاللها أثرا

La(، واالستهالك )La production(أيضا حصر مفهوم الشعرية في عاملي اإلنتاج

consommation(، ط إنتاجية العمل بإال أنه سرعان ما تراجع لينيينتهنأسلبة االستهالك، وب ، نفهم من ذلك، 3.أو باقتراح نمط استهالكي معين يسدي للمستهلك كما من اإلمكانات لتلقي العمل

مسار استهالكه أن ذلك األثر ذاته، أو مس مس الة إلى نزعة التنسيق، سواءالشعرية مي . 1 Umberto Eco, L’œuvre ouverte, P : 11. 2 Idem.

بوصفه مصطلحا، أو نظرية، إذ ال المقام، وال وجهة نظرنا " التلقي"لسنا بصدد تناول أنه البد أن نشير في هذا السياق إلى *من منظور إيكو نفسه، على أن يكون ذلك باللغة الشارحة، والناقدة في " التلقي"إنما نريد إلى تناول . المنهاجية يسمحان بذلك

. هاآلن عين3 Cf, Idem.

Page 107: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

107

وهو األمر الذي كرسه إيكو نفسه، إذ .ه إلى إرادة المتلقيإلى بنية األثر من أقرب ،بذلك، فهيهذه ] ولكن[وضع العالقة بين العمل الفني وقارئه أساسا الشتغال ذلك العمل، "هو، فعال،

قد ألح على أن تنصب –عالوة على ذلك –كما أنه 1." العالقة يفرضها العمل بشكل قسريلعمل في حد ذاته، ال على االنفعاالت الداخلية للذات، كما ألح مساءلة العمل من قبل قارئه على ا

2.أيضا على أن تتخذ تلك المساءلة صورة حركة جدلية تقرن بين األمانة، والحرية .ن العمل األدبي، أو الفني هو مركز الدراسة الشعرية حيال كل ما يقيم خارجهإهكذا،

فإن المتلقي لن يستنفذ ، -أعاله ذكركما أسلفنا ال –وتقعيدا ولئن كانت الالنهائية تطاله إنجازا،احتماالته القرائية، مما يضطره إلى ممارسة االنتقاء ممارسة محكومة بطبيعة األثر المفتوحة

في محاورة دينامية جدلية مع ذلك ،من ثمة ،ن مبدعه، فينخرطدانفتاحا محسوبا، ومنظما من لالذي أدلى به " La consommation- االستهالك "فهوم رى أن ممن هذا المنظور ن. األثر

إيكو ال يليق بمقام الشعريممكنات الخطاب ذي الشعري ستهلك ة الطافحة ال تة، ذلك ألن! لنسلم، إذن، بأن األثر يكون مفتوحا وال ضير، ولكن شرط أن يحصل ذلك في حدود ما

صنف من الشعرية الضمنية العالئقية المنفتحة هو ما إن هذا ال 3.يتيحه من عالقات داخلية .نستثمره من شعرية إيكو، عسى أن نوظفه إسقاطيا بما يتساوق وطبيعة موسوم هذا البحث

إنما هو .بين النسق اإلبداعي، ومتلقيه –وهو ما سنستثمره أيضا – محكماإن ثمة تجاذبا له أن يكون مؤطرا بشروط، و تجاذب البدا، خصائصمن شأنها أن تصنع منه انفتاحا دينامي

النص لذاته واحدة من بين وإن النسقية، وامتالك. تتفتق بفضله شعرية األثر واستراتيجيافإيكو لم يدحض هذه الخاصية رغم سعيه البين نحو تأكيد المشروع االتصالي .هذه الشروط

أى أن تجلي شعرية األعمال بعامة، والوظيفة ارتحذا حذو جاكوبسون حينما للشعرية؛ إنما اعتبر غير أنه * L’auto-réflexivité(.4(بخاصية االنعكاس الذاتي شروطةم ،الجمالية بخاصة

الموقع . 1998، مكناس، المغرب، 10: محمد العماري، مجلة عالمات، ع: أمبيرتو إيكو، مالحظات حول سيميائية التلقي، تر 1

. 2007، جانفي [email protected]: اإللكتروني .نفسه: ينظر 2

3 Cf, Umberto Eco, L’œuvre ouverte, P : 34. 4 Cf, Umberto Eco, La structure absente, Op. cit, P : 124.

,Cf, G. Desson)غائية الذات(" Autotélisme: " ديسون إلى الخطابات التي تضع ذاتها غاية اشتغالها بالمصطلح. يحيل ج *

Op. cit, P : 238 كو كما أومأنا في المتن أعاله، وهو ما يتواءم والمصطلح المعتمد من لدن إي .

Page 108: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

108

عبرها إلى األعماق جالمتلقي الولوأن يستطيع تلك النسقية تتضمن فجوات شتى، عسى ،، بل على أهبة مستديمة لإلنجاز، األمر الذي يجعل هذا األثر غير ناجزاإليحائية لألثر

يسمح بماألقل، انظامه المقدر بدقة، ويكون مفتوحا، على من حيث اكتمال فيكون مغلقا "هو ذلك - إذن –إن ما يفجر الشعرية 1." المتجذرة بتأويله تأويالت مختلفة دون تغييب لفرادته

اح، ال االعتباطياللم المفضوح؛ أي الذي يحافظ على تبادلية الذهاب، االنفتاح االستراتيجيولكي يتحقق ذلك، ينبغي أن تتوفر في بنيته المتجسدة سمة التوالد .األثر ومتلقيهواإلياب بين

يمنح لكل قارئ متعة اكتشافها، على نحووفجواته اإليحائية، ،)النسقية(الدائم لعالئقه الداخلية ، وديناميته التي هي من هنا تتأتى حركية المتلقي 2.تلقيه األثر وممارسة االنتقاء حتى في أثناء

ينسق عمله، ويبنيه باثا فيه عددا من فالناص. من جنس حركية األثر، ودينامية االنفتاحوكأن العمل *..، ورغباته، وتوقعاتهالمسامات، والفتحات، لكن بما يضمن له بلوغ مرفأ المتلقي

األدبي)حجرة شبيه بال –اعتماد منظور إيكو الذي نوافقه ب – )الفنيها مواربا، ال التي يكون باب . مغلقا، وال مفتوحا على مصراعيه

ة التي إنها البنية الديناميا جليا يخضع له ال تنفتح، وال تنغلق هي ما يمثل مبدأ شعري، وذا شكل متنام )Œuvre en mouvement(إذ بفضل هذا المبدأ، يصبح األثر متحركا ،األثر

مما والضبط، والتصنيفية،يرفض التفسير التام، والنهائي، وال يقبل أي نوع من الفهرسة، يجعل مفهوم االنفتاح رديفا لمفهوم الحركيحهكذا، ترتبط الشعرية بشرط االنفتا .ةة والدينامي

غير منته، بل منتعشا ودائم أي حيويا؛ المتحرك الذي يجعل من العمل األدبي، أو الفني نسقاوعليه، نستطيع القول إن االنفتاح وحده 3.النمو فضال عن تضمنه عناصر، وأشكاال متنوعة

.غير كفيل بإنتاج الشعريةشرط . لشعرية التجاذب بين األثر، ومتلقيهمن الضوابط المنظمة كذلك الغموض هو واحد

)استراتجيا(، وبالتالي عن انفتاحه نصفيا )استراتيجيا(نصفيا أن يكون ناتجا عن انغالق األثر هو نوع من االنفتاح المضبوط، والموجه، أي ذلك الذي ال –هنا –نفهم أن الغموض ؛ أيضا

في مطلقة يتسبب في عشوائية االتصال، والتباسه، والذي ال يعني أن يتمتع المتلقي بحرية 1 Umberto Eco, L’œuvre ouverte, P : 17. 2 Cf, Ibid, P : 35.

. 85، 77 :البحث، شعرية المعادل ومرفأ اإليحاء، ص، ص: ينظر *3 Cf, Umberto Eco, L’œuvre ouverte, P : 25, 26, 35 et 37.

Page 109: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

109

ومدروسة ينطوي األثر على مساحة محدودة، من احتماالت القراءة،إنما ينبغي أن . التأويلفيسير في االتجاه الذي بطريقة تجعل التجاوب التأويلي معه ال ينفلت أبدا من مراقبة المؤلف،

وبالمقابل، ال ينتج االنغالق الكلي ألثر ما غموضا، 1.هذا المؤلف أيضا –أو فرضه–ابتغاه تكون أبواب الولوج إلى فحواه كلها مغلقة موصدة، مما يعطب شعريته، ولكن ينتج إبهاما حيث

هو الذي يجعل العمل األدبي يحاول أن – بهذا المفهوم –إن الغموض .يخل بأصل وجودهبل و 2،على الرغم من أنه نتيجة متوقعة النكفاء نسق العمل على ذاته، وهو. وال يجعله يقول ،يقول

معلقا " –بوصفي متلقيا –خبرية معينة، غير أنها حمولة مضببة تتركني يسنح بتوصيل حمولة ، في عمق ضباب وتدفعني إلى التساؤل عما يراد قوله إلى أن ألمح ،المعلومة، والحشوين ب

الصنف من الغموض يحث صف بهذا ثر المتألفا 3." من شأنه توجيهي في تبديده شيئا الغموض، –تدقيقا – وإن هذا األمر 4،إلى التأمل فيه بحثا عن الكيفية التي صيغ بها –ال محالة –متلقيه

.لمصطلح الشعريةتقعيدية هو ما يندرج ضمن الخطاطة البنيوية، والألن إن األثر الغامض، من منظور ما سبق، نسق يحقق أسمى مستويات الشعرية،

وليس سببا ات، و تعدد خيارات التأويل، غموضه ذاك سبب في ثرائه من حيث زحمة المعلومإن ما يفعل شعرية وعليه، . في تشويشه، وإدخاله دوامة الفوضى التي تقود إلى حيث االنسداد

من تلك الذي يوقظ في المتلقي جذوة التأويل، فيخار واحدا األثر هو الغموض اإلنتاجيوإشعال قنديل ستكشاف وجهات فك رموزه، ويندفع نحو افي ثناياه، االحتماالت المبثوثة قصدا

لكأن العمل األدبي فوضى منظمة، أو نظام فوضوي، حيث يكون 5.نظامه إلنارة دهاليز فوضاه .!مؤلفه كالذي يشيد كهفا من دون أن ينسى تعليق قنديل عند العتبة

و أجلى مقارنة قد ربط الشعرية بمفهوم الغموض على نح –في رأينا – هكذا، يكون إيكوبيد أننا نعتقد أن مسألة ترك عدد من المسامات، والمفاتيح، والخيارات التأويلية . بجاكوبسون

الداعي إلى أنPousseur( (داخل األثر ليست فعال رياضيا، ومن ثم إننا ننتصر لموقف بوسور ، مما يسمح األثرشعرية االنفتاح منوطة بوجود شبكة ال تنضب أبدا من العالئق داخل بنية

متحررا من أي إكراه حتى وإن انحدر عن ال وفق ما يريد،ـومنحه شكللمتلقي بإعادة بنائه، 1 Cf, Ibid, P : 19, 51, et 54. 2 Cf, Umberto Eco, La structure absente, P : 124. 3 Ibid, P : 126. 4 Cf, Idem. 5 Cf, Ibid, P : 125.

Page 110: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

110

أعطى وإن وقف، ونستثمره في دراستنا هذه،إننا نستحوذ على هذا الم 1.تنظيم األثر عينه . لشعرية التلقي معنى نسقيا مفصوال عن نية الباث

سيميائيا مرجعي واالنفتاح -قالنس التفاعل - 3- 1-2-2موقعا جليا ،، بوصفه خاصية تصنع شعرية الخطابل بين النصي، والمرجعيفاعيحتل الت

فهو الذي جاهد وكده في سبيل تكريس مفهوم انفتاح النص على عوالمه .في نظرية إيكوظائف اللغة كلها و "م على لذا كان رأيه صريحا في أن حك. مستوياتالفي شتى الخارجية

نصادف في الجزء األكبر من اللغة بينها على صعيد الرسالة الواحدة، حيث ابالتعايش فيمإن 2." من بين تلك الوظائف هي المهيمنة واحدة اليومية تعالقا، وتداخال حتى وإن كانت وظيفة

أو توصيف هي البحث الذي يحاول توضيح أنظمة تعريف، –من هذا المنطلق –الشعرية أي 3،بنيوية-، ما يصمها بالنزعة السيميوالظاهرة اإلبداعية على الصعيدين؛ الشيفرة، والرسالة

هنا تتأكد شرطية السيميائية لتفعيل . أنها معنية بمدارسة النسق دونما عزل لسياقاته المرجعيةحقية المقاربة أ ،من ثمة ،مقاربة شعرية ناجحة السيما إذا تعلقت بالخطابات المرئية، وتتضح

جسد األثر –حقا –فالعالمة التي تحبك .المتبناة في هذا البحث" شعرية -سيميو "المركبة عن مسوغ خارجي، يمنح لنسق األثر عينه سمة فضالها الفني هي ما تعالقا دالها، ومدلول

المرجعي اه .التفاعل مع السياقيا نبعا شعريا، حينما وقد كشف إيكو عن هذه السمة معتبرا إيوعليه، سيكون 4." أن الدوال تمتلك مدلوالت خاصة من خالل تفاعل سياقي ليس إال "ارتأى

بمعنى أن 5،كشكول من المدلوالت المتعايشة، والمرتبطة بدال واحد، بمثابة األثر الفني، أساسانسق واحد هو ذات على مدار الشعرية هي مجرد تخريجات مرجعية، وتنويعات سياقية تدور

شرعية االشتغال بمنطق - حتما –ويمنحه ذلك ما يعطي لالنفتاح بعدا سيميائيا، بل. األثرحيث يستحيل تحديد هويته إال باسم بين النسق، والمرجع،بنيوي، والتخالل -التعاضد السيميو

6.ها من مجرة الرسالةالداللة، وتنامي المعاني، والتوالد المستديم الحتماالت انبثاق 1 Cf, Umberto Eco, L’œuvre ouverte, P : 18. 2 Umberto Eco, La structure absente, P : 125. 3 Ibid, P : 138. 4 Ibid, P : 126. 5 Cf, Umberto Eco, L’œuvre ouverte, P : 9. 6 Cf, Ibid, P : 62.

Page 111: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

111

في العالماتية، ، من حيث كونها بحثايفضي منطق إيكو هذا إلى االعتراف بقدرة الشعريةالتأسيس لشعرية وههنا يصبح هاجس 1.مدارسة أنظمة العالمات كلها بناء نماذج لها كفاءة على

ة السيميائية الدراس " –وفق المنطق نفسه –كما تصبح الشعرية بصرية أمرا مشروعا،وهو شق من مقترح إيكو ال نتوانى في أن نبدي منه تحفظا، 2،" لالتصال ذي الوظيفة الجمالية

*.وتحوطاما هي ؟ أي؛ فالسؤال، إذن، ما حقيقة هذا الطابع االتصالي الذي ليس للشعرية بد منه

مستويات الشعرية الناتجة من مستويات التخالل الممكنة بين النسق، والمرجع، وماذا يقابلها ؟عنها

النصي، وبين النسق - بين المرجع خارج متبادال اانخراطي فعالال ينكر إيكو أن ثمة النسق [لنا أن المعلومة، والحشو يمكن أن يبين [..] أبسط عمل إبداعي "حيث إن . النصيومن مستويات الواقع، والحرفية، 3." يتعاضدان في مختلف المستويات وبتفاعل متبادل] اللغوي

أن يجعلها العمل األدبي قيد االشتغال، نجد المستوى -حسب إيكو –والمرجعية التي يمكن التقني، والفيزيقي للمادة الخام التي تصنع خطاب العمل عالماتيا، والمستوى الخاص بالطبيعة

نفسية، والمنطقية، والعلمية التي تحيل إليها االختالفية للدوال، وكذا مستوى أنظمة االنتظار اله المستويات مجتمعة، إنما تتآلف فيما بينها وفق نظام من العالقات البنيوية هذ. العالمات

السيما جانب – )الفني أيضا(لعمل األدبي العالماتي ل أما المستوى 4.المنسجمة، والمتشاكلةى نصيا داخليا، إذ هو بمثابة شكل قالب األثر الذي ، فنراه، حسب اعتقادنا، مستو- الدوال فيه

وعليه، إننا نعتبر طريقة عزل ماكس . تسكب فيه بقية المستويات الخارجية المشار إليها توانجاعة في تحديد الفيصل الحاسم بين للمعلومة في رسالة جمالية أكثرMax Bense( (بانس

يضيف إلى فيزيقية الخطاب، وهيواله مستويي إذ النسق، والمرجع على صعيد أثر ما؛

1 Cf, Umberto Eco, La structure absente, P : 138. 2 Op. cit, P : 138.

الشعرية دراسة(ومع ذلك نحتفظ بهذا المفهوم . ألننا نعتقد أن الشعرية أميل إلى الطابع النسقي، منه إلى الطابع االتصالي *ه على الخطابات اإلعالمية المدرجة ضمن دراستنا هذه؛ الفيلم خصيصا من أجل تفعيل )لالتصال ذي الوظيفة الجمالية

هكذا، إن الشعرية التي تعنينا .وذلك ألنها خطابات اتصالية أصال، وجمالية فرعا... الروبورتاجي، الوثائقي، اإلشهاري، العلمي !للوظيفة الجمالية ذات الطابع االتصاليالدراسة السيميائية بالدرجة األولى هي ما يمكن أن يحققه قلب صيغة المفهوم لتكون

3 Ibid, P: 128. 4 Cf, Ibid, P: 127.

Page 112: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

112

Codes-الشيفرات في ذاتها أو( االستبدالية والركنية، وأيضا مستوى المدلوالت الذاتية

proprement dits(، ه الخاص بالمدلوالت اإليحائيةونظير)أو الشيفرات الفرعية الخاصة-Sous

codes spécifiques(اإليحائية وجية بوصفها، وكذا مستوى التوقعات األيديول)Connotatum( من – رغم نجاعة طريقة العزل هذه -وال مانع 1.الحاوية لكل المستويات المعلوماتية السالفة

اإلشارة إلى أن اعتبار االستبدالية، والركنية مستوى مرجعيا منوط بعدم االلتفات إلى الكيفية في ثم إن األجدى . نسقيته، ونصيتهمن صميم تي هيصناعة االستبدال، واالرتكان داخل األثر ال

باالستحواذ في هذا كله، هو كون هذه المستويات المرجعية كلها محل انطماس بعدوى الوظيفة .الشعرية وظيفة تفاعليةيؤكد على أن مما 2،الجمالية

ألثر، وإنما التخالل بين النسق، والمرجع على صعيد بنية ا ليس المغزى كامنا في ثبوتعلى نحو ينتج الل الواحد منهما اآلخرخ؛ كيف يهو كامن في الكيفية التي يرد عليها ذلك التخالل

وها نحن نجد . استنبطت سالفا من النسق الجاكوبسوني حول الشعريةقد تلك فكرة الشعرية ؟ الكيف "بدال من لفظة " الاالستعم "لها ظال في المقاربة التي يقترحها إيكو، بيد أنه اعتمد لفظة

اللغة (للغة االستعمال الجمالي "إذ ارتأى أن . يؤدي معنى واحدا -في رأينا –، وكالهما "؛ حيث واستعماال مرجعيا لالنفعاالت انفعاليا للمراجع،يتضمن، في الحقيقة، استعماال )الشعريةفاالستعمال االنفعالي 3." قة الداللةاه نحو بوتالعاطفي، تحديدا، إلى توجيه االنتب التفاعليهدف

، وهو، من ثمة، نزوح هو، في حقيقته، محاولة لتنسيق المرجع، وتغييبه –كما نرى –للمرجع من منظورنا –وهو . يحقق الوظيفة الشعرية بالمفهوم الجاكوبسوني نحو النسقية، واألدبية، بما

المرجع، وإن ذلك ما ينتج الشعرية في موطنها عبارة عن انتقالة كيفية من النسق إلى – ما دامت اإلحالة من النسق إلى النسق أمرا مستحيال: األصلي ،الفني بينما . الخطاب األدبي

االستعمال المرجعي لالنفعال، ففحواه النزوع نخو تكريس الوظيفة المرجعية للخطاب، ولكنه بما يحقق مفهوم كيفية .. عال، واألدبية، والنسقيةيتضمن معنى االستدعاء االستراتيجي لالنف

الخطابات : اإلحالة من المرجع إلى النسق، حيث ينتج ذلك الشعرية خارج موطنها األصليالمرجعية، باعتبار أن اإلحالة من المرجع إلى المرجع ال تنتج سوى الحرفية، والخبرية التي ال

نفهم أن مركز الشعرية ليس في النسق وحده، وال هكذا ! انفعال فيها، وال شعرية تنبعث منها 1 Cf, Ibid, PP: 128, 129. 2 Cf, Op. cit, P : 127. 3 Umberto Eco, L’œuvre ouverte, P : 55.

Page 113: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

113

–ولعل إيكو نفسه اندفع .في المرجع وحده، بل في كيفية اإلحالة منهما، وإليهما في اآلن نفسهح بها دفعة رقتة التي يكيفيبأننا نتذوق المرجع الالمحدد، وال "إلى االعتراف –على هذا األساس

1." واحدةحيث في تأويل نظرية إيكو؛ –من دون مبالغة –سعنا الذهاب بعيدا من جانب آخر، بو

نجد أن مفهوم االستعمال االنفعالي للمرجع، وما يتيحه من كيفية في التعالق بين النسق والذي )Ratio difficilis( " ئية المفارقةاإلنشا "، أو "التقنين الصعب"والمرجع، يقابله مفهوم ال ينطلق من أي نموذج قبلي في سبك التواشج بين التعبير عي مؤداه أن العمل اإلبدا

، وإنما األمر متوقف عليه في بناء تعالق جديد )المرجع/المادة(، والمحتوى )النسق/الشكل(أي في –شعرية العمل األدبي هل نفهم من ذلك أن 2.بينهما، وفي منحه قابلية الفهم، والتلقي

متموقعة إلى ضي أن تكون كيفية اإلحالة من النسقتقت - موطنها األصلي المرجع فريدة، وغير– طبعا، إننا ال ننكر التعقيد الذي يصم هذا المصطلح 3.؟ في السجل الثقافي للمتلقي –بعد:

Ratio difficilisكونه يعتبر األثر السيما من حيث *، على أننا نبدي نوعا من التحفظ إزاءه ها الشكلية، وال ميزاتها الداللية بأي امتداد،ة تدليلية مجردة ال ترتبط خصائصاإلبداعي وحد

Des(الفضائية الموجهة أو تمثيل مادي، اللهم إال إذا تعلق األمر بالخطابات التصويرية

configurations spatiales ou vecteurs( ذات الميزات الرسمية، أو الحسية)Toposensitives(4 –بهذا المفهوم –فاألثر .ث يخف شذوذ العالقة بين النسق، والمرجع في بنية الخطابحي

إذ على هذا األساس اصطلح عنه اختالفا جذريا، للواقع، والعالم المرجعي، ومختلف مفارق" والذي بمقتضاه " Invention radicale –** االختالق / اإلبداع الجذري "عليه إيكو بـ

] Continuum -األمثول[مباشرة على المادة الخام " يشتغل"النموذج اإلدراكي والمرسل " يتجاوز"

1 Ibid, P : 53. 2 Cf, Umberto Eco, La production des signes, Librairie générale Française, 1992, P : 95. 3 Cf, Ibid, P : 103.

.وهو التحفظ الذي سيبديه إيكو نفسه في نهاية المطاف *4 Cf, Ibid, P, P : 97, 98.

في بناء الخطاب، وهو المقصود من " العدم " إيفاء بمعنى االنطالق من " االختالق " نفضل ترجمة المصطلح الفرنسي بـ **؛ حيث إن اإلبداع ال يمكن أن يكون من عدم، )الشعرية( لذي قد يقع بين اإلبداع، واإلبداعية أو الجماليةلدن إيكو، وتالفيا للخلط ا

، بمعنى أن الجذرية، "اإلبداع الجذري " اإلبداعية والجمالية بالضرورة، وهذا ما ال تؤديه عبارة –فوق ذلك –وال يقتضي .واإلبداع ال يمكن أن يلتقيان في عبارة واحدة

Page 114: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

114

قد يسمح 1." صانعا لهذا المدرك شكال في الوقت الذي يقوم بتحويله إلى تعبيرالالمتشكلة، لنسق األثر بالتسامي الكلي على المرجع، وباستخدامه استخداما –والحال هذه –االختالق

مشكال، - لكن، ال يمكن للمرجع . ة طافحة، ومؤثرةمما يكسوه شعريمنقطع النظير، كيفياأن يخضع للنسق خضوعا مطلقا – مشكل أم غير غ اإلنتاج الطافح للشعريإذ ال ،ةبمسو

" اإلبداعية الجمالية"اإلبداع ليس مرادفا لـ "أن آية ذلك و .يمكن، البتة، أن يكون اإلبداع جذريا الجمالي فمقولة اإلبداع إنما هي ما يسمح بتحديد . بالمبادرات اإلبداعيةحتى وإن ازدحم النص

هكذا، نرى أن جذرية اإلبداع ال تعني 2." لسيميائي بمعزل عن أثره الجماليطريقة في البناء اماتية الجديدة لألثر بقدر ما تكون االتفاقية العال أن تكون إحالة النسق الجمالي إلى المرجع جذريا

قد ال ينتج الشعرية، ال " L’invention radicale-االختالق "إن وعليه، 3.اقتراحا جذريا Poétique –شعرية جذرية "ثم إلى أي مدى بوسع الحديث عن !طافحة، وال باهتة

radicale "؟ أن يكون حديثا معقوال! م االستعمال المرجعي لالنفعال من زاوية مصطلح باستطاعتنا قراءة مفهو إنه ،بالمقابل

من اقتراح إيكو أيضا، وهو آخر"اإلنشائية المسالمة "، أو "هلالتقنين الس ")Ratio facilis(. ففي هذه الحال، نعتقد أن األمر متعلق إما باالنتقالة من النسق إلى المرجع، في الخطاب األدبي،

في نظر المتلقي، وإما بكيفية اإلحالة من المرجع إلى النسق في وفق كيفية مألوفة، ومستساغة الخطاب المعرفي)الال أدبي( .مقتضى هذا المفهوم حسب نا أنRatio facilis أن يحاكي الخطاب

د كيفية واضحة في التعالق بين النسق، والمرجع، حيث ال تطرح اعتمبامرجعا، أو نمطا قبليا خصائص ومن ثمة، فهو لن يقوم سوى بإعادة إنتاج .. اءته، وتأويلهصعوبات كبيرة في قر

إما خطابا –فضال عن ذلك –فيكون ذلك النمط المرجعي عبر الوسيلة المادية التي تحكمه،ه على تنسيق مرجعيا جافا، أو طامحا إلى االستئناس ببعض مالمح الشعرية من حيث مواظبت

4،ي مهضوما، من قبل المتلقي، بوصفه مجرد تصنع تعبيري بسيطمراجعه تنسيقا طارئا، أوإذ ذاك نكون بصدد الشعرية في غير موطنها األصلي. الخطاب ال -من هذا المنظور – إن

وإنما يتكئ على سند تعبيري سابق، أو يقتطع من الواقع خالصا بشرط أن يمنح ينطلق من عدم،

1 Ibid, P : 108. 2 Op. cit, P : 112. 3 Cf, Ibid, 109. 4 Cf, Ibid, P : 96 et 107.

Page 115: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

115

؛ ذلك ما اصطلح عليه ن خالله في تكريس قواعد اإلنتاج الخطابيلمحتواه شكال مألوفا يزيد م L’invention modérée ".1 – اإلبداع المعتدل "إيكو بـ

، واعتماده في مقاربة هذا "اإلبداع المعتدل"الحق أننا نميل إلى استثمار هذا المفهوم التي بمحضها يتفاعل نسق ؛ أي أن تكون الكيفية مألوفاالتعبير ال البحث، شريطة أن يكون شكل

تحفضنا قائما حيال مفهوم –في الوقت عينه –وإننا نبقي .األثر، ومحتواه فريدة، بل وجذريةإذ ما يعضد ، )Ratio difficilis(، وكذا مفهوم التقنين الصعب )L’invention radicale(االختالق

ا بعدم وجود إبداع جذريمحض على اإلطالق، مبديا موقفنا أن استدرك إيكو األمر مقرفي )La convention(اعترافه بوجود اإلبداع المعتدل الخالص، مبررا ذلك بشرطية المواضعة

2.كل عمل إبداعي، حيث إن إبداع ما لم يقل بعد مرهون حتما بما قد قيل قبال، Ratio difficilis /Invention radicale: بدورنا نستخلص أن المعاضدة بين القطبين

. أمر ال مناص منه من أجل تفتيق شعرية الخطاب Ratio facilis/ Invention modéréeو

1 Cf, Ibid, P : 106. 2 Cf, Op. cit, P : 110.

Page 116: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

116

!اقتراب هايدجري ؛شعرية جوليا كريستيفا -1-3كريستيفا جوليا ة قد يبدو األمر مدعاة طرافة حينما نروم مقاربة شعري)Julia Kristeva(

في توصيف هوية )Martin Heidegger(ي الرؤيا الوجودية التي عمد إليها مارتن هايدجر بتبنقد –وإن كنا ال ننكر طرافة األمر –نا في ذلك لكن رغبت .العمل الفني، وتحليل حاالت اشتغاله

إلعطاء مفهوم ،هااتقدت جذوتها بفضل ذلك السند االنطولوجي الذي استثمرته كريستيفا نفس "" ال مرجعية /مرجعية" أو ،" وجود ال /وجود" جدلية الللشعرية، مختزال في " وجودي -تقنو

المرجعية اللسانية ب أعيننا خيوط التواشج بين من هنا، انكشفت نص .الماثلة في بنية األثر متعددة التخصصات المتبناة من لدن كريستيفا، وبين بعض المفاهيم الهايدجيرية عنالالنصية، و

ومن ثمة، لم يكن لنا سوى أن نستثمر تلك اللحمة . وواقعا جوهر االعتمال األدبي، والفني نسقافي الرؤيا الشعرياتية الكريستيفية من جهة، وكذا الواصلة بين المنظورين أمال في تبئير

فضح حقيقة استحواذ بعض مفاهيم هايدجر من جهة أجرى، لكونها أكثر ليونة، وفعالية في إلى توطيده، وبناءه، وإرساء الطامح هذا البحث" السينمائية " الخطاب السينمائي، ومفهوم

. دعائمه

ةة الكريستيفيللشعري فكريةة خلفي" لسانية -عبر" الـ - 1-3-1ليس من الهين على أحد اإلمساك بتالبيب شعرية كريستيفا دونما هضم للطموح

ذاك متكأ علمي .حفها متمثال في رغبة التأسيس لنظرية في علم النصاإلبيستمولوجي الذي كريست .ها عن الشعريةلطالما رشحت به مفاهيم معتبر يفا مغامرة من حيث وإننا لنوافقه الرأي

صياغة رؤية كلية للنص تكون نسقية ومتحررة، بنيوية ووظيفية، علمية وتحليلية، " تطلعها إلى نزعة –فضال عن ذلك –إذ تنكشف 1." ننظرية وإجرائية، محايثة وخارجية في نفس اآل

التركيب المتسمة بها نظرية، ة كريستيفا في الشعريد والتي بموجبها يتحدالعمل األدبي بوصفه منطقة تفاعل بين اإلجرائيبين االنغالق، واالنفتاحة، والتقعيدي ،ة، ومن ثم

)أو النسقيهنا، تدقيقا، تتجلى خلفية كريستيفا العلمية في مقاربة مصطلح .)ةة، والمرجعي

، الدار البيضاء، المغرب، 2:عبد الجليل ناظم، دار توبقال للنشر، ط: فريد الزاهي، مر: جوليا كريسطيفا، علم النص، تر 1

.5: ، ص1997

Page 117: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

117

بنية نصية تعبرها مراجع لسانيا ؛ أي -على أنها ما يجعل العمل األدبي جهازا عبرالشعرية، 1.خارجية شتى، وتخترقها حموالت ثقافية، وفكرية، وتاريخية متباينة

را للمعطى الخارجي بمختلف مستوياته، معب –كأي خطاب –ومن كون الخطاب األدبي البحث –بفضلها –نزعة التركيب الواسمة للنظرية الكريستيفية، حيث يصبح تنحدر أيضا

الفكر الفلسفي، على فال يتوانى عن االنفتاح .با، أو تركيبيااآلخر بحثا مرك هو الشعرياتيمما يصمه بالخصوبة ... والمنطقي، وعلم االجتماع، والتحليل النفسي، والبحث اللساني

توطيد ذلك ما نراه سندا منهاجيا لنا نستثمره في 2.والتحليل المعرفية، وبالفرادة في الطرح،في مقاربة واحدة كما يظهر ذلك في بنية ، وتذويبهماب بين الشعرية، والسيميائيةفكرة التركي

بل إن ما يعزز فحوى مقاربتنا تلك، هو أن ". شعرية -مقاربة سيميو: " عنوان هذا البحثاللغة الشعرية نمطا من االشتغال السيميائي من بين الممارسات الدالة " اعتبرت كريستيفا نفسها

من هذا المنظور، 3."في ذاته ومتبادال في سيرورة التواصل )منتهيا(دة، ال موضوعا المتعدالشكالنيين، والبنيويين، معظم منطلقا مشتركا بين " الشعرية الدالة " بوسعنا اعتبار

بل وبوسعنا حتى قلب صيغة التركيب ،والمنظرين المداعبين لمصطلح الشعرية إجراء، وتقنيناوذلك من )Poético- sémiotique(سيميائية -شعر: المتبناة لتكون على هذا النحو ربةفي المقا

! دون أن تتأثر الرؤيا المنهاجية لهذا البحثبال معيارية مفاعلة التقعيد باإلجراء، والبنية بالسيمياء إلى التسليم حتما كما تفضي

.المفقوهة أعالهق مع سمة النهائية التحديد وهو ما يتف. مصطلح الشعرية تنظيرا، وإنتاجا نصيابالمواجهة بين " إال –حسب كريستيفا –فالخطاب األدبي، والفني أيضا، نص ال تقوم له قائمة

السيميائيات وبين اشتغال يتموضع خارج المنطق األرسطي، ويطالب ببناء مغاير، دافعا بذلك اإلنتاج األدبي اشتغال بمعنى أن 4."التجدد أو عنف التنازل خطاب المعرفة المعيارية إلى

في اآلن ذاته؛ -، وخارجعالماتي إأي عالماتيزئبقي على التحديد، .. نه نص معتاصرة من قيود المعياريأن تكون ،إنصافا ،أو لنقل ة،ويطالب أن تكون مدارسته الشعرية متحر

.21، 7:المرجع السابق، ص، ص: ينظر 1 .6: ن، ص. المر: ينظر 2 . 72، 71:ن، ص، ص. المر 3 . 19:ن، ص. المر 4

Page 118: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

118

دةخاضعة لنوع من المعيارية المتجد. ذلك كله ومردهو أن اإلنتاج عبر.. األدبي إنتاج - العمل في كعب أشيل أسهم الدرس الشعرياتي إلى يفهم من ذلك أنه ينبغي تصويب. لساني

، وال يمكن حصرها في لالختزالاألدبي؛ أي إلى منطقة في اللغة الشعرية غير قابلة رة دمج مقاربات أخرى في توأمة ذلك ما يوحي بضرو 1.دال -مدلول -مرجع: طوبولوجية

–على نحو ما –مختلفة .. فكرية، ونقدية ، هي مقاربات ذات ينابيع"شعرية -السيميو" الـ *.عن تلك التي انحدرت منها الشعرية، والسيميائية على حد سواء

تعبير عن المرجع، أم تعبير بالمرجع ؟: الشعرية - 1-3-2 حضور واحد في حضرة الشعرية.. رالحضور والالحضو - 1- 1-3-2

في هذا المقام، هو ذلك الوضع التبادلي " الالحضور " ، و"الحضور " إن ما نقصده بـحسب –فالحضور، إن كان من جهة المرجع، يعني .بين النسق ومرجعه في بنية الخطاب

إنه كل ما يتعلق ه؛ ه فيمثول الواقع المحسوس عبر النسيج النصي، وانعكاس –منطقنا المؤقت أما إن .منزع الصدق فيه، والثبوت، والتثبيت، واإليجاب ،من ثمة ،بخوارجية النسق، وما يجسد

وتبئير مظهره الشكلي، ،كان من جهة النسق، فيعني تجسيم النص، بتفخيم عالقاته التركيبيةالكذب، والنفي، والتصحيف، وبنينته؛ إنه كل ما يتعلق بدواخلية النسق، وما يجسد فيه منزع

.والسلبوهل وسؤالنا الملحاح هو ما جدوى هذه التبادلية حيال الشعرية مفهوما، واشتغاال ؟

يقتضي الالحضور المطلق؛ أي الغياب المطلق ؟ –هنا –الحضور فهو ال تتردد كريستيفا أمام اعتبار الخطاب المنطقي إما خطابا حضوريا، أو الحضوريا ؛

يقبل االشتغال إال بإلغاء قطب من طرفي المعادلة، وال هو يقبل إال بمنطق الصدق، والكذب ال مؤتلفا [..] أن يكون الكالم صحيحا أو خاطئا " إنما هو يقتضي . في عالقته مع خارجه

ن ذلك أن هذا م مقد نفه 2."أو مختلفا، موجودا أو غير موجود، لكن لن يكون أبدا االثنين معا

.92: ق، صالمرجع الساب: ينظر 1

على هذا األساس، فضلنا أن نخصص فصال . ونحوها.. فلسفة الجمال، التفكيكية، التأويلية: نذكر منها على سبيل التمثيل * .)الفصل الثاني(كامال نتناول فيه هذه المسألة

.73: المرجع نفسه، ص 2

Page 119: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

119

الصنف من الخطاب ال يكون إال خبريا نسخيا، متمتعا بعالقة أحادية إزاء الواقع، بحيث ال نتلقاه ة، لكن أليس بمقدور الخطابات الخبري. إال من خالل حساب درجة الحضور المرجعي فيه

فاسحة المجال للنسق ة واإلعالمي ل، وتتشعرنب بأن يح –الغائب –أن تتجمضر، ويتسر !؟فيها

الحكم عليه بمنطق الصدق، –في الحاالت كلها – الشعرية يرفض خطابمع ذلك، ه من خالل حساب ة الحضور، والالحضور، وكذا تقبلوتذوقه، وتلقيه من حيث ثنائيوالكذب،

ل في قو" غير موجود " ، و"موجود " ورود لفظتي ثم إن .جزيئات المرجع الكامنة فيهإن موقفه يكاد ال .لى استحضار موقف هايدجر من المسألةعكريستيفا المسرود أعاله يحث حثا

يختلف عن رؤى كريستسفا، بيد أنه يتبنى مصطلحات، ومفاهيم وجودية انطولوجية من قبيل ؛ فاجتهادا 1..ود، والكشف والخفاء، والحضور واألدائيةـالشيء والشيئية، والوجـود والموج

سواء أكان شيئا بسيطا معاكسا للعدم، أم " المرجع" ما يقابل " الشيء" ا، وإسقاطا، نعتبر منالوجود الخارجي الذي يسبق وجود العمل األدبي، والفني مجردا حقيقيا غير استهالكي؛ إنه

ب الفنية، خالصا من كل شوائ الشيء نعنيهو ما يمكن أن نعبر عنه بشيئية الشيء، أي ه،ـذات –ومن هنا سيكون العمل األدبي عينه، في كليته، شيئا ووجودا، ليصبح الشيء ..والشعرية

ما يقابل بنيته النسقية؛ أي كيان العالمة الذي تصنعه عالقات الدال، والمدلول، إنها شيئية -ههناطق الشيء والشيئية تأسيسا على ذلك، سيكون من 2.التي تجعل من شيئية الشيء بنية تحتية األثرفي استكناه حقيقة األعمال األدبية، والفنية، واستشفاف - * فشل منطق الصدق، والكذب – فاشالمحاولة إدراك صفة العمل الفني " لذلك إننا نوافق على فشل . الشعرية، والجمالية هامكامن

لفني على نحو مسبق من ألننا نرغم العمل ا. [...] الشيئية بمساعدة المفاهيم الشيئية المعتادةمن –إننا 3."به مدخلنا إلى وجود العمل الفني خالل التساؤل عن بنيته الشيئية التحتية، ونسد

، الجزائر 1:العيد دودو، منشورات االختالف، ط أبو: غادامير، تر: مارتن هايدغر، أصل العمل الفني، تقديم: ينظر 1

. 2001العاصمة، . 57، و35، و34: المرجع نفسه، ص، ص: ينظر 2" فها هو ذا تودوروف يقر بأن األدب ليس . كل المنظرين للشعرية، من أرسطو إلى يومنا هذا، يقرون بفشل ذلك المنطق *

بخالف كالم العلوم، إنه الكالم الذي يستعصى على امتحان الصدق، ال هو بالحق وال كالما يمكن، أو يجب، أن يكون خاطئا . 35: س، ص. ؛ تزيفيطان توتوروف، الشعرية، مر"هو بالباطل، وال معنى لطرح هذا السؤال

.57: مارتن هايدغر، مرجع سابق، ص 3

Page 120: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

120

–المرجعية المتأتية من خارجه –حين نقرأ أثرا ما، متكئين على بنيته التحتية –منظور ذلك ى، كم على مرجعه، واقعه المحاك، ألننا، إذ نفعل ذلك، ننساق وراء الحسنظلمه، بل ونتجاوزه

منا مالمسة الشعرية الحق ألي هكذا، ينبغي، إذا ما ر .متناسين الذي حاكاه، وأحال إليهحيث إن طريقة وجود الخطاب األدبي في خطاب، أن نميز بين وجوده، وبين الموجود فيه،

إن مفهوم الشيء " ، التشيؤ تختلف حتما عن الطريقة التي يتشيأ بها الموجود فيه، وعليهال يساعدنا، مباشرة على األقل، في رغبتنا في حصر الموجود على طريقة وجود ] المرجع[

نعي أن الوجود الفني، أن كما ينبغي أيضا 1."الشيء والموجود على طريقة وجود العمل الفني في وجود .. ويتفاعالوالموجود فيه موجودان معا، وال مناص لهما من أن يتعايشا، ويتحايثا،

وحده، وال من شيئية في- الموجود، ال من شيئية واحد، حيث تتأتى الشعرية من تعالقهما معاهي نزوع نحو اإلنتاجية الداللية، وكيان –فضال عن ذلك –إنما الشعرية .الوجود وحده أيضا

رفي لتبادلية المتعالي على المنطق الح *يتغذى من ذاته، من جنوحه السيميائي اإليحائيإنها حركة تجمع، بتتابع، بين اإليجاب والسلب، بين ما يوجد بالنسبة .. " الحضور، والغياب

ذلك ما برع هايدجر في تجسيده حينما اعتبر العمل الفني مبنيا 2."للكالم وما ال يوجد بالنسبة له العمل أو ، خراآل الشيء ؛ أي ، وناتج تصنيعه ؛ الشيء الشيئي على فعل الجمع بين شيئين

هكذا، 3.، علما أن الجمع في اليونانية يعني كون العمل الفني رمزاأو الشيء الثاني ذاته،بمثابة هو.. الصدق والكذبنستطيع القول إن الجمع بين هذين الشيئين، الوجود والالوجود،

حقيقة الشعرية المدارسة نحوها إن نحن رمنا حقا االقتراب إلى البؤرة التي ينبغي تصويبيتحدى التفرقة " أن األدب ليس أدبا إال ألنه –ال محالة –بعد ذلك سيتأكد لنا .مفهوما، وتكنيكا

ويمكن القول فوق هذا إنه بفضل األدب . بين الواقع والخيال، التفرقة بين ما يوجد وما ال يوجد 4." والفن أصبح من المستحيل تأكيد هذا التمييز

.34: المرجع السابق، ص 1

إذ يعتبر . لشيئية سوى نوع من الجنوح نحو المقدرة على التدليل، واإليحاء، والسميأةوما تجاوز العمل الفني لكينونته ا * .16:المرجع نفسه، ص: هايدجر العمل ذاته شيئا ال يعني شيئا آخر إال بالقفز على شيئيته على نحو ينتج الرمز، والمجاز؛ ينظر

. 75: س، ص. كريسطيفا، علم النص، مر. ج 2 . 33، 32: س، ص، ص .غر، مرهايد. م: ينظر 3، http: //aljabriabed.com: ، الموقع االلكتروني3: نعيمة بنعبد العالي، فكر ونقد، ع: تودوروف، األدب والفانتاستيك، تر. ت 4

.م2008، 04، 20: تاريخ التحديث

Page 121: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

121

ما يدفع إلى .إذا ما نظر إليه من جانب إحالي سيميائي اتقني االجمع ذاك طابع لمفهومإن و التسليم بأن "ن؛ إنه موجود وغير المدلول الشعرييحيل وال يحيل، معا، إلى مرجع معي

يبدو أن اللغة الشعرية، في لحظة أولى، تعين ما هو . فهو في اآلن نفسه كائن وال كائن. موجوداإلحالة " تدعي" المدلوالت التي [..] إال أن [...] كموجود )المنطق(، أي ما يعينه الكالم كائن

كأطراف غير موجودة ) المنطق(إلى مراجع محددة، تدمج في داخلها فجأة أطرافا يعينها الكالم يتم الجمع أو ترابط متواليات ووحدات داللية متباينة[...] مثل النعوت الحية لألشياء غير الحية

إن هذا المنظور الكريستيفي إزاء شعرية اإلحالة 1."بينها انطالقا من إحدى وحداتها الداللية التي .. الكتابية، الصيغية -إلى األدوات، والتقنيات القولية –لو أمعنا النظر –يلفت االنتباه

وإننا لنرجع .. ا شعرياجمالي )الالوجود(، والنسق )الوجود(بفضلها يتحقق الجمع بين المرجع الكيفية التي سبق لنا التوقف عندها في المباحث السالفة؛ إنها ما يتمخض " مقولة " جميعها إلى

عنها إمكان الجمع بين الحي وغير الحي، وبين المجرد والمحسوس فضال عن إستراتيجية فالرئة . رئة الكتاب: قول مثالكأن ن. انتقائية مرتبطة بتقنيتي االستبدال، والتوالي التركيبي

هو األمر غير عنصر موجود، والكتاب كذلك، بينما الكيفية التي بها جمع بين العنصرين *الوجود الجديد، واإلضافة الجديدة الموجود في نظر الخطاب المنطقي المرجعي الصرف، لكنه

ألنها يل بالمجاورة بينها، فقطفي نظر اللغة الشعرية، هذه التي تحيل بوحداتها منعزلة، وال تحإذ هل ( 2،ال تصلح ألي استعمال برهاني منطقي، بل لتأسيس الكذب المرادف لال وجود مرجعيا

بعد تجريده )المغزى من رئة الكتاب(بمنحه وجودا نصيا سيميائيا وذلك ،)!له رئة ؟ كتاب يوجدالحسي من وجوده الشيئي..

ار هذه التخريجات المفهومية المستنبطة من المنظورين، كيف نستطيع اآلن استثمهل يحق لنا عد التقنية دجيري، في مقاربة الخطاب السينمائي شعريا ؟يالكريستيفي والها

. 77، 76: ص كريسطيفا، مرجع سابق، ص،. ج 1تجعله يخرج منها وقد تغير بطريقةد شبل الكومي بأن الواقع يمر عبر وعاء االستعارة عل ذلك ما يمكن فهمه من قول محم *

إن خلق أي عمل فني ال يكون بمجرد عملية محاكاة بسيطة - على لسان الفكر المعادي للواقعية –شكال، ومن قوله أيضا محمد : ي، النقد السينمائي من منظور أدبي، تقديممحمد شبل الكوم: للعالم، ولكن بإضافة شيء آخر خاص جدا إليه؛ ينظر

L'œuvre:هذه الفكرة عينها مشروحة بأسلوب أجلى في. 159: ، ص2003عناني، الهيئة المصرية العامة للكتاب، دط، القاهرة،

ouverte, PP:28 et 32. إليكو . . 246: س، ص .محمد قاري، مر 2

Page 122: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

122

السينمائية خطاب السينماة وحدها من قبيل شيئيوالحضوري ،بالمقابل، هل ته ؟ته؛ أي المرجعيمثل، بالنسبة إليه، الشيء الشيئي، أو بنيته الشيئية التحتية، أي ما ي وحدها مادة الواقع الخام هي

في –مثال –أال يمكن أن تكون مساحة الفوتوغرافيا في ؟ -المرجع، والحضور، والوجود )نسقا تقنيا ال إحاليا(، والحضورا )في-وجودا -مرجعا خارجيا(الخطاب السينمائي، حضورا

أما .. علق األمر بمساحات الفنون األخرى؛ موسيقى، رسم، مسرحكذلك يتفي اآلن ذاته ؟ مجرد - وفة أعاله انطالقا من المفاهيم الموص –هي البصرية، أليست - الخطابات السمعية

أكبر من مساحة النسق، )الشيء الشيئي(في - كيانات خطابية تكون فيها مساحة الموجودالتي تتعايش وفقها مساحتا الشيء الشيئي، الكيفية فإن كانت هذه هي والوجود الذاتي للخطاب ؟

التصرف فيها على نحو ما يبلور ،إذن ،وشيئية النسق في مثل هذا النمط من األفالم، أال يمكنسنحاول مجابهتها في واإلسقاطات المفهومية، تلك جملة من اإلشكاالت، شعرية خاصة بها ؟

.مقاماتها المناسبة

أعمق لالمرجعية رؤيا.. بالعالم تفاعل األرض - 2- 1-3-2تلك العبارة المستعجلة الطائرة من أفواه كثير من نعتقد أنه قد آن األوان إلعادة النظر في

–التحفة فهل جمال . إنه فيلم رائع الجمال ألنه يعبر عن الواقع ببراعة": المعجبين"المتلقين عبر ت توإن كان !عبر بالواقع ؟ت ان كونهعبر عن الواقع، أم مت امنبعث من كونه - أيما كانت

بالواقع فعن ماذا ؟مجرد كينونة شيئية منغلقة على ذاتها، ومتحررة من أي أن يكون " الواقع " ال يعدو ذلك

وتوخيا للدقة في التوصيف، استبدل هايدجر، بحذقه . انتماء خارجي دخيل عليها، أو دخيلة عليهالجهد وال العناء وال اإلرغام " تلك التي ال تعرف " األرض"صطلح بم" الواقع" الفلسفي، لفظة

صلبة صماء، وخالصة من شوائب التعبير، ،والحال هذه، فاألرض 1." على فعل شيء ماإنها الحضور المرجعي الذي ال مناص لألثر الفني من العودة إليه، وإنها . والتدخل اإلنساني

لتتحول إلى سرعان ما تختفي إذا ما أدخلها األثر في مجاله، أيضا واضحة بارزة فيزيقيا، لكنهاعلى اقتحامها، وإرغامها، وإدراكها ترابيا جيولوجيا، ، البتة ،بنيته الشيئية التحتية التي ال يجرؤ

. 65: هايدجر، مرجع سابق، ص. م 1

Page 123: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

123

ألنها معتاصة على كل إدراك، ومن ثم، مغلقة إلى األبد، وعليه، سيكون حريا باألثر أن 1.ا سندا له في مكاشفة جوهرهايصونها، معتمدا إياه

العمل الفني بنية نسقية تخرج األرض إلى أن في ها من وضوحها لتدخل هكذا نخلصألنه يمتطيها من أجل إيضاح شيء آخر، وال -أو الخفاء بالمفهوم الهايدجري –مجال الغموض

؟عمل نحو إيضاحهآلخر الذي يرنو الوما هو هذا الشيء ا *.يمتطي أي شيء من أجل إيضاحها" ، وهو، إذ ذاك، يعبر عن !ي يعبر باألرض، وال يعبر عنها أن العمل الفنفحوى ذلك

على نحو يسدي ،فضال عن التقاء شيئية األرض بشيئية العمل ،الذي ينكشف، وينفتح" العالم ا يلبث إلى إقامة نوع خاص من النزاع، والتناقض المتبادل بين األرض، والعالم، والذي م

بين - إذن –إن التفاعل 2.يتحول إلى خيط من االنسجام، والتفاعل، والتوافق داخل بنية العملذلك ما .هو مجالها الحيوياألرض والعالم هو الفضاء الذي تتحرك فيه شعرية األثر، و

يث المدلول الشعري هو هذا الفضاء ح" مقاربة كريستيفا القاضية بان –ال محالة –يستحضر –الالوجود –ههنا –يمثل العالم إذ 3."وجود بالوجود بطريقة خادعة تماما يترابط عبره الال

.داخله –ا ا تحتيمخفي –خارج شكل العمل، في حين تمثل األرض الوجود –فيزيقيا شيئيا لمرجع وعليه، ليس بوسعنا قراءة هذه المعادلة إال من خالل منطق التخالل بين النسق، وا

يمكن حيث 4.المدروس سالفا، وهو ما اعترفت به كريستيفا حينما أسمته فضاء متداخال نصياإذ هو يشمل النسق، وسياقاته عده توصيفا تفصيليا لمفهوم األرض في المقاربة الهايدجيرية،

ة واحدة يستحيل معها اختزال النصفي –الفني أو العمل –االجتماعية، والتاريخية في كلي ، "الوحدة األيديولوجية " إن ذلك ما يغطيه مصطلح .. ملفوظاته، أو مكوناته العينية اآلنية

فبمقتضى هذا .الذي حاولت كريستيفا نحته، وتأصيله Idéologème " 5 –األيديولوجيم " أوا، بل وتصبح األرض، وماالمصطلح تصبح مراجع الخطاب كلها نصاألمر الذي ،ن عليها، نص

.66، 65: ، ص، صالسابقالمرجع : ينظر 1، في )العمل الفني(هذه نسخة أخرى عن مفهوم الغموض ال تختلف عن الطرح الجاكوبسوني الذي يعتبر أن الوظيفة الشعرية *

. 69: البحث، ص: غامضة، وال تلغيها البتة، ينظر )األرض(تفوقها، تجعل الوظيفة المرجعية . 93و 69: س، ص، ص. هايدجر، مر. م: ينظر 2 . 75: س، ص .كريسطيفا، مر. ج 3 . 78: ن، ص .المر: ينظر 4 . 212: وصالح فضل، مرجع سابق، ص ،22ن، ص، .المر: ينظر 5

Page 124: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

124

الذي " L'intertextualité –التناصية " ال يمكن استساغته إال من خالل عميق إدراك لمفهوم يكاد ال يفرق بين النسق والسياق في بناء مفهوم الشعرية، فيعتبر الباث، والمتلقي، واللغة،

ا اشتغاال أفقيا اللغة الشعرية بوصفه" فضائية " والنصوص الخارجية جميعها نصا، ويؤمن بـ 1.أو عموديا متوجها نحو النماذج األدبية السالفة، أو المتزامنة رابطا بين الباث، والمتلقي،

تأسيسا على ما سبق، بوسعنا أن نرى أن " أو تعدله"التناصية " تشمل مفهوم " األرض ،. بجميع أطرافها، –فنيا كان، أم منطقيا –تحوي لعبة اإلنتاج اللغوي –حسب تخميننا –ألنها

إقصاءه لألرض، بل يعنيال لشعرينص اإن القول بال مرجعية المن ثمة، .وسياقاتها الممكنةالعالم، بما يؤدي إلى فتح كوة الزرقة، و *،ستهلك أبدااستعماله لعناصرها التي ال ت

ما يجعل من عمل فني عمال فنيا ؛ أي أن إنما هو التخالل بين األرض، والسماء **..واإليحاءالفلسفية العميقة هذه هي الخلفية 2.يقوم العالم على األرض، وأن تبرز األرض عبر العالم

ألنفسنا إعادة صياغة المفهوم على ؛ فلنجزلصورة التفاعل بين المرجع، والنسق المتناولة أعالهعلى المرجع، ومن كون المرجع يبرز عبر تنبثق الشعرية من كون النسق يقوم : هذا النحو

! النسق إن ا، ثماستعمال األرض ال يكون آلي ،تقني نشاط صناعي وإال كان العمل الفني محض

أن إنتاج – ضمربحس شكالني م –من هنا اعترف هايدجر .وهذا ما يسلب منه أدبيته، وفنيتهألن االستعمال 3.ت الحقيقة في الشكليثبتض فيه إلى األر األعمال الفنية هو ما يصبو استعمال

اآللي لألرض تكرار لها، وإن هو أنتج أثرا، فسيكون نصف فني؛ أي يدويا أدائيا كما سنفصل لنقر الجاكوبسوني ففي هذا السياق ال مناص لنا من استحضار مفهوم االنتقائية .لك الحقاذفي أنل له تحقيق مآربه –وال ينتقيها - من األرض نتقيي العمل األدبي، والفنيبما يخو

1 Cf, Sophie Rabeau, L'intertextualité, commentaires: Vade-Mecum, GF corpus, Flammarion, 2002, PP: 54, 55, et 56.

: س، ص .هايدجر، مر. م: ينظر. يستعمل الحجر، ويتعامل معه، ولكنه ال يستهلك الحجر حتى وإن أراد ذلك ،مثال ،حاتفالن *67 . المرجع نفسه، ". حملها إلى المفتوح بوصفها ما هو منغلق على ذاته : إنتاج األرض يعني: " ذلك ما يبوح به قول هايدجر **

أن يكون العمل األدبي، والفني مفتوحا من خالل : لك ما يتساوق مع فكرة األثر المفتوح إليكووبمقدورنا القول إن ذ. 66: ص . 109 إلى 104: البحث، ص، ص: ينظر. الفجوات المتروكة فيه قصدا لضمان احتماالت التلقي من دون أن يفقد ذاته المنغلقة

. 68: س، ص .هايدجر، مر. م: ينظر 2 . 87، 86: ص ن، ص، .المر: ينظر 3

Page 125: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

125

ال يستخدم األرض بنية استهالكها –بالطرح الهايدجري –إنما هو ..الجمالية، واإليحائيةنتج سوى وثانيا، ألنه لو تحقق ذلك، لن ي *،غير قابلة أبدا لالستهالك، أوال ،ألنها 1؛كاملة

يجدف عكس تيار وهو األمر الذي .الذي يعكسه، أو يتعاطى معهخطاب ناسخ، ومطابق للواقع يخلص الذات من تطابقها مع الخطاب الموصول ويهشم، عبر / األدب" األدبية، إذ إن النص

وبما أن النص وليد خارج واقعي . خارج معين" لبنيات " نفس الحركة، كونها مرآة عاكسة فإنه يبني لنفسه منطقة تعدد للسمات [...] حركته المادية فيوال متناه ] أرضي بمنظور هايدجر[

من منظور 2."والفواصل تمكن كتابتها غير الممركزة من ممارسة تعدد ال يقبل الوحدة أبدا " في األعمال اإلبداعية استخداما احتماليا، وما مفهوم )المرجع(ذلك، سيكون استخدام األرض

تجليات أعز وإنه لمن . ظاهر ال مرجعية خطاب الشعريةسوى مظهر آخر من م" المحتمل ألن خطاب اإلنتاج الحاضر (بحاضر " ال هو ف 3،انقطاع الصلة الفعلية بين الخطاب و خارجه

" وإذن فهو . إنه السعي إلى الكونية. )ألن خطاب اإلنتاج الماضي تاريخ(، وال بماض )معرفةمع [..] ألنه متالئم " فعالية " و" تطابق " الزمن كـ أي أنه يقدم نفسه خارج". فن " و" أدب

مع خارجه معترفا غير أنه يجب أن تكون ال عالقة المحتمل ** 4."موجود سلفا )خطابي(نظام عالقة، إذ لوالها لما –فضال عن ذلك –فتصبح الال عالقة 5،بها، ومقبولة، ومتواضعا عليها

يكون ، لكي ال يكون المحتمل هدميا، بل قناعيا بالغيا، أن بوعليه، يج !كان المحتمل محتمال من هنا، .في بناء خطابي محدد )المرجعية -األرضية(تنسكب حمولته الواقعية أي أن 6؛مقننا

وإننا .به إلى خارجهما الحالذي ي" الكيف " ليس األدب أدبا، وال الفن فنا، إال من خالل طبيعة

. 67: ، صالسابقالمرجع : ينظر 1 . مع مفهوم ال نهائية االستهالك الذي توصلنا إليه من خالل توصيفنا لشعرية إيكو –وال ريب –تنسجم هذه الفكرة * . 10: س، ص .كريستيفا، مر. ج 2 . 121، 120، 119: تودوروف، مفهوم األدب، ص، ص. ت: ينظر 3 . 47: س، ص .كريستيفا، مر. ج 4

لو نمعن النظر في هذا الكالم لوجدناه يتناغم مع فكرة تموقع خطاب الشعرية بين المرحلتين؛ القبلية، والبعدية على نحو يدفعه **بحث، ال: ينظر. وهي فكرة تمت بلورتها في المباحث السالفة الخاصة بالشعرية الجاكوبسونية.. دائما نحو الكونية، والتجريدية

. 53: ، ص4: الخطاطة رقم . 45: س، ص .كريستيفا، مر. ج: ينظر 5 .121: تودوروف، مفهوم األدب، ص. ت: ينظر 6

Page 126: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

126

: ، نسردها على هذا النحوهذه" الكيف " أنتج صيغا قولية متعددة تجسيدا لفكرة لنجد هايدجر قد جوهر سبق تشكيله وليس نسخ الموجود من قبل هما اللذان يشكالن ليس تغيير صورة ما –"

يتم حدوث الحقيقة في –. الفن، وإنما التصميم هو الذي ينتج عنه شيء جديد بصفته حقيقةوهكذا هو عمل الفن، الذي –. ى الطريقة التي يعمل بها العمل الفني عملهعلالعمل الفني بناء

يجب علينا أن ندرك أن ظهور حقيقة من هذا النوع ينجم عن العمل . يبرز هنا حقيقة الموجود ،"الطريقة " ، و"التصميم " فـ 1." وفقا لكيفية حدوثها فيه، وليس عن بنيته التحتية الشيئية

وإلى المرجع والنسق، /كلها مفردات ترشح مفهوم كيفية اإلحالة من" حدوث كيفية ال" ومن قبل )المرجع( على مسلك النظر إلى الشيئي –في رأينا –بيد أن هايدجر قد ركز . وتكرسه

إلى الخطاب من النظر( المعاكس المسلكمن اهتمامه ، مغفال، أو مقصيا )النسق(العمل الفني ال ينبغي أن ينكر وجود الشيئي في العمل الفني، على أن : " يتجلى ذلك في قوله .)جهة الشيئيفيه[ ، إذا كان البد من انتمائه إلى وجود العمل بوصفه عمال فنيا، يجب التفكير فيها هذا الشيئي [

الشيئية هكذا، فإن الطريق يؤدي إلى تحديد الحقيقة األمرإذا تم . انطالقا من عملية العمل الفنيال عن طريق الشيء المفضي إلى العمل الفني وإنما عن طريق العمل الفني المفضي إلى

لشعرية الخطابات نظيربأن هايدجر اختص في الت على هذا األساس باستطاعتنا القول 2."الشيء .النسقية الجمالية وحسب

، وتقابال، نختزل هذا المبحث، مبرزين طريقة استثمار مفاهيمه إسقاطا مع ذلك، :على النحو التاليواستشرافا،

)التقنية(كيفية استخدام األدوات ) التقنية(أدوات الشعرية األرض/ المرجع -

موقع الشعرية شيئية النص الشيء الشيئي )تفاعل( ) لفوقيةالبنية ا( ) البنية التحتية(

- خطاب أدبي= العالم ة اإلحالة من األرض إلىكيفي ،نسقي، فنيؤويعوالمي ر .ة الخطاب السينمائيشعري= )مساحة العالم أكبر من مساحة األرض(

. 17و، 95و، 25: س، ص، ص .هايدجر، مر. م 1 . 57، 56: ، ص، صنفسهالمرجع 2

Page 127: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

127

- خطاب معرفي تقني، مرجعي، أرضي = ة اإلحالة من العالم إلى األرضكيفية الخطاب المؤفلم، شعري= )األرض أكبر من مساحة العالممساحة ( صناعي ..؛ الروبورتاجي، الوثائقي، االشهاريالبصري- السمعي

- =الشعريباألرض عن العالم داخل بنية األثر ة تعبير / الشعريبالمرجع ة تعبير .داخل بنية النسقعن الداللة

1-3-3 - النسقية واألدائيضلةة الفة وشعري نروم، في هذا المقام، سوى تفعيل قراءة أخرى لنسقية الخطاب األدبي، والفني لسنا

يمنعنا ذلكوال . من مفاهيم كريستيفا، وهايدجر على حد سواء ويتناص مركوزة على ما يتناغم،المشروطة بقابلية اإلسقاط على موسوم –حول الموضوع – الشخصيةمن نحت بعض الرؤى

.نمائيهذا البحث؛ الخطاب السيدبوسع النسقية أن تكون مجر ينص وال ينبغي اعتبار ذلك . امتداد تعبيريانيا تكرارا مج

إن األمر يختلف في اللغة الشعرية، إذ هنا تكون الوحدات " .التعبير جميال خطابإذا ما كان أنها أثر معنى إال[...] أو بصيغة أخرى، ال تظل الوحدة المكررة هي هي غير قابلة للتكرار،

ر( المقطع نقرأ فيالص يتمثل في أننا ـخ شعرينفسه وشيئا آخر )المكر هي آثار [...] المقطعبقدر ما 1."ث عنها يامسليف اإليحاء التي تحد مباح ينص إنما هو فائض فاالمتداد التعبيري

هنا من –ريف الغموض بل ويمكن تع، مباحا هو اآلخر يجلب لخطابات األدب، والفن غموضاوما ينتج ذلك .أعاله كما أسلفنا التحليل ةبأنه فائض نصي مشروع بسبب إنتاجيته اإليحائي –

،ة المزدوجة التي تلزم الشعرية، فيحضر المرجعيهو الحضوري يالنص والفائض ،الالمرجعي" ال " والـ" النعم " ر الـحضو" وعليه، سيكون . والصدق، والكذب دفعة واحدة في بنية اللغة

في الخطاب هو ما يجعله غامضا، حيث تكون الحقيقة فيه ذكرى حاضرة ثانويا ولكنها موجودة األجزاء –نرى أن المراجع من منظور آخر، 2."فتكون، من هنا، شبحية وأصيلة باستمرار،

ا، ومتمادية في وهي خارج مجال النسق التعبيري، منسحبة منتكون، –العينية للواقع تدخل المجال مكتسبة وجها نصيا هو بمثابة مكمن ى، وتحضر بمجرد أنلكنها تتبد.. الغياب

. 81، 80: كريستيفا، مرجع سابق، ص، ص. ج 1 . 46: المرجع نفسه، ص 2

Page 128: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

128

هذه الزيادة في الظهور هي أيضا " ..الفضلة، والزيادة مقارنة بحاالتها خارج النسق الفني 3."منبع الجميل في الفن الرفيع

،يعلى الجمال بالهامشية، واإلسراف النصأن نحكم ،إنه لمن الطريف، فضال عن ذلكوإننا لنستثمر هذا المفهوم، التسامه بنوع من التحرر من قيد . وأن نموقع الشعرية في الفضلة

.محاولة التأسيس لشعرية الفضلة البصرية، والسينمائية خصوصا ، فياإلجناسية. معادية لفعل االستخدامفهي لئن كانت النسقية تتضمن مفهوم الفضلة، والفائض الذاتي،

متملصا من ته إال إذا استقر في ذاته والفني ال يحقق حضوره، وال يضمن شعري األدبي، فالعملإن استعمال الشيء يغيبه، ويحرمه من الظهور، 1.التصرف الوظيفي الخضوع ألي صنف من

هكذا هو أمر 2،االنتباه وكلما كان هذا الشيء أكثر طواعية في اليد، ضعفت قدرته على لفتالشعريض األثرة؛ تحر ذاته وتجبره ،ستعملعلى رفضه أن ي حقا –ليتمكن على أن يتغي–

همن لفت النظر إليه، ويمنعبه ذاتا أخرى غير لعل ذلك ما دفع تودوروف إلى .نا من أن نتغي األدب أخيرا، ليس أداة، إنه لغة" التسليم معترفا بأن وهو أيضا ما حث 3،"ها في ذاتها قيم

يدلل - ، وكون )النسقية(كون حضور : هايدجر على التمييز بين مستويين من كينونة األشياء، حتل حيزا ما في بنية العمل الفنيي، ال بد له أن "ل المستعم" على أن 4.)المرجعية - األدائية(

نضاف ت )بنية تحتية(هو أداة يفهم استنباطا أن العمل الفني وعليه .ما يمثل بنيته التحتية وإذ هإنها الفضلة .. ففي تلك اإلضافة تتكشف الشعرية، والجمالية 5.لها بنية فوقية تتضمن ما هو فني

بيد أن ما .إلنتاج أي نوع من الخطابات األدبية، والفنية على السواءساسية، والضرورية األهو أن ثمة إمكانية للتصرف في رتبة في هذا السياق، منظور الهايدجريبوسعنا إضافته إلى ال

الخطاب النوعية، والنمطية الذي نروم وذلك على حسب طبيعة البنيتين؛ التحتية، والفوقية،خطاب مرجعي استعمالي بصدد – ال محالة –سنكون ،فلو غلب الجانب التحتي .تهشعري تفتيق

: ، الموقع اإللكتروني1: إسماعيل المصدق، مجلة فكر ونقد، ع: كالوس هيلد، األشياء والعالم، قراءة لفلسفة هايدجر، تر 3

http: //aljabriabed. Com 2008، 04، 20: تاريخ التحديث . .س. المر: ينظر 1 .88: س، ص .هايدجر، مر. م: ينظر 2 .44: تودوروف، مفهوم األدب، ص. ت 3 .إسماعيل المصدق، مرجع سابق: كالوس هيلد، األشياء والعالم، قراءة لفلسفة هايدجر، تر 4 . 56، 55: س، ص، ص .هايدجر، مر. م: ينظر 5

Page 129: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة: الشعرية صل األول الف

129

مرجعا ليس –رغم أدائيته –وهو عنه أكثر مما يتغي دواخله، خارج أدائي، يتغي ما هوعلى شيء رغم انطوائه –خالصا؛ أي شيئا شيئيا مجردا من أدنى مستويات الصوغ، وال هو

، وفوقية مكتملة ما دام التبليغ مهمته األساس، وليس لفت نسق خالص –من الصناعة، والبنائية لذا بوسعنا تسمية هذا الصنف . ته، وخفوت بنائيتهييسهم في تواضع صناع مما، إلى ذاته النظر

محددة عن طريق ] لكونها[األداة هي نصف شيء، " ، ألن "األداة -بطاالخ" من الخطاب بـنفس الوقت نصف عمل فني، ومع ذلك فهو أقل من الشيئية، ومع هذا فهي أكثر من ذلك، وفي

فاألداة لها منزلة خاصة بين الشيء . لذاتي الخاص بالعمل الفنيذلك، ألنه ليس له االكتفاء اتنسحب هذه السمة 1."يكون تنسيق لتسوية من هذا النوع مسموحا به أنوالعمل الفني، شريطة

ةالمفهومي – تتوق والتي على بعض الخطابات المعرفية، ذات الطابع اإلحالي، –دونما شك ..التوصيل، واإلقناعفي فعالية به تضمن علها يةمالمسة مستوى ما من الجمالإلى

هذه السمة، إلى أي مدى نستطيع اعتبار الخطابات السمعية لنتساءل ههنا، ونحن نستثمر في مستوى -مثال – أليس الفيلم الوثائقيالبصرية ذات المنزع اإلعالمي أنصاف فنون ؟ –

شهاري خطابا يدويا، شبيها بالمصنوعات الفنية،اإل أوال يجسد الفيلم األداة ؟ -مفهوم الخطاب * 2.التبليغ عن الواقع ؟يمنعه من ال ومنطويا على ذلك التنسيق المسموح الذي

يستعمل ، جعل منه ذلك خطابا نسقيافمنطقي أن يأما لو غلب الجانب الفوقي في الخطاب، فعال األ شعرية تؤديهذلك ما . لة إلى المرجعلإلحالة إلى ذاته، وال يستعمل ذاته لإلحا المرجع، حيث تظل وظيفتها األولية هي كيفية الداللة التي ال تقصد تبليغ شيء ما عن الواقع الجماليةحيث ،ينمائي انسحابا جلياالخاصية على الخطاب الس وإنه لتنسحب هذه 3،الداللة وليست

.سنرى كيف يتحقق ذلك في المقام الموائم

. 44، 43: ، ص، صالسابقالمرجع 1 . 104: ، ص1990، بيروت، لبنان، 1عادل فاخوري، تيارات في السيمياء، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط: ينظر 2 ". شريطة أن يكون تنسيق لتسوية من هذا النوع مسموحا به : " -أعاله –ذلك ما عناه هايدجر بقوله * .نفسه: ينظر 3

Page 130: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

130

محاولة في أرشفة المفاهيم: الشعرية األرسطية -2من بمقدوره التفنيد أن ما ألفه أرسطو عن الفن، واألدب هو النبع األصيل الذي نهل منه

بؤرة للمفهمة، ومجاال )Mimésis(الشعرية عبر العصور؟ فقد ظل مصطلح المحاكاة منظروالعالقة بين العمل الفني، وبين العالم، ومتأمال في متوجها نحو مكاشفة حقيقة ، حيويا للتقعيد

1.خصوصية الفن، واألدب بخاصةمن هنا، سنصبو، وبأسلوب مختزل إيحائي إشكالي، نحو تبئير الرؤى األرسطية التي فيها

. لمصطلح الشعرية كما تناوله المنظرون المعتمدون في هذا البحثالسند التأسيسي شيء منة، ها اللغويتخريجات ة فكرة واحدة، اختلفتنبرهن على أن الشعريوراء ذلك أن وغايتنا من

.، وأن نزيد أيضا في تمتين المقاربة..والسياقات، ة باختالف الحقبها االصطالحيواستعماالتكيف نبين حتى مختصرا قبل ذلك، إننا لنجد أنفسنا مضطرين لتحديد المنظور األفالطوني

فمن ،كلونحن إذ نفعل ذ. لطرح األرسطي، ومن ثم مع الطرح المتبنى في بحثنايتعارض مع ا .ح الطرفين المتعارضين كليهمايقبيل أن توضيح التعارض يزيد في توض

لعالقة النسق الفني ة في تناوله التطابق، والحرفي نزعة – وال ريب –إن ألفالطون ا،يه فعال وهو ما جعل المحاكاة لد .بعالمه المرجعيلذا انساق منطقه ،يحذو حذو المرآة نسخي

بالواقع ملتبسة بمفهوم الحقيقة، منصرفا وراء المراهنة على التأسيسي عالقة الفن– من ثم– من هنا يصح القول إن النظرية 2.األثر الفني ذاتهفي خصوصية عن المراهنة على البحث

ها عن مفهوم النسقية الملتزم به دجعية المنطلق، مما يبعاألفالطونية سياقية المنحى، ومرالطبيعة، والفن كليهما وإنه ليرجع ذلك إلى مثالية أفالطون القاضية بكون . مصطلح الشعرية

الواقع " –لسانيا مرئيا كان، أم –لن يحاكي الفن فباسم المثالية .نسخة، وعالم المثل أصال مطلقاحيث إن ما 3،"وال يحاكي الحقيقة، والجوهر[...] حاكي الظاهري كما ظهر ي] وإنما[كما هو

األعمال كون الهيئات المظهرية، وليس الحقائق الجوهرية، هي ما يصنع مادة "يبرر ذلك هو . فإن الفنان محكوم عليه بمحاكاة المحاكاة، وإنتاج النسخة باستعمال النسخةوعليه، 4." الشعرية

1 Cf, G. Desson, Op. cit, P: 27. 2 Cf, Ibid, PP: 18, 19. 3 Platon, République, traduction: Léon Robin et M. J. Moreau, ed: Gallimard, coll; " Bibliothèque de la Pléade ", des

Œuvres complétes de Platon, tome 1, 1950, X, 598 b. P: 1209. 4 Ibid, X, 599 a, P: 1210.

Page 131: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

131

أفالطون للشعراء من جمهوريته ما داموا ال يتعاملون مع الحقيقة مباشرة، ر طرد وهو ما يفس 1.زيف، وتضليلصناع وهم، وخداع، وفنهم فن إياهم بل مع ظلها وحسب، معتبرا

بسعيها ة الحكم على المحاكاة االفالطونيذلك هو المعطى المحوري الذي بفضله نستطيع ديني سياسي، ومؤطرة مثاليا، عرية مؤدلجة، ذات منزع تيميالتقعيد لش إلى المفضوح

استدعى أفالطون بعض الشعراء إلى جمهوريته، أولئك الذين أيضا أن آية ذلك .وميتافيزيقياهم أكثر تشددا، وأقل جاذبية، والذين يجوز لهم صناعة الوهم شرط أن يكون نفعيا، وخاضعا

2.تشريع القانوني الخاص بالجمهوريةلمنطق اإلنسان الخير، وللبوسعنا القول إن نظرية أفالطون هي أبعد ما يكون عما يمت بصلة بناء على ما سبق،

نسقية؛ تؤسس لأليديولوجيا -فهي نظرية خارج. الشعرية ناجزا، ومكتمل التقعيدلمصطلح الذي ال نراه يدخل ضمن ميعلى حساب الجمالية، ومن ثمة فهي أنسب للطرح التداولي التعلي

. نااألفق المنهاجي، والتأسيسي لبحثإجرائيا أما أرسطو فيختلف اختالفا بينا عن أفالطون في كونه أسدى للمحاكاة مفهوما

ما دام ذلك االختالف عائدا اختلف جنسهاتكون قانونا عاما لجميع الفنون مهما يخول لها بأن وهو ما نلمسه جليا 3.وأدواتها، وموضوعاتها، ال إلى فعل المحاكاة ذاته إلى وسائل المحاكاة،

والديثرمبوس، وجل صناعة العزف بالناي والقيثارة، الملحمة والمأساة، بل والملهاة : "في قولهألنها : لكنها فيما بينها تختلف على أنحاء ثالثة هي كلها أنواع من المحاكاة في مجموعها،

ل مفاهيم إن أو 4." ئل مختلفة، أو موضوعات متباينة أو بأسلوب متمايزتحاكي إما بوساييوشك أن التي سالفا،المطروقة ،ةالشعرية،حملها هذا المنظور األرسطي هو جانب التجريدي

على نحو –حيث لم تعد المحاكاة ههنا محصورة في جنس فني معين، إنما تحولت والتعالي، ما ،من ثمة ،إنها .جميعها بداعيةة تشمل الخطابات اإلإلى بنية تجريدي –تودوروف ما قال به بشكل يقصي األجناس األدبية، ويجعل موضوعا للشعرية، ومركز اشتغال لها، يكونيصلح ألن

1 Cf, G. Desson, Op. cit, PP: 20, 21 et 22. 2 Cf, Platon, République, traduction: Léon Robin et M. J. Moreau, Op. cit, ///, 398 a-b, P: 951.

ابن رشد، ترجمه عن اليونانية أرسطوطاليس، فن الشعر، مع الترجمة العربية القديمة وشروح الفرابي وابن سينا و :ينظر 3 .49: ، ص1973الرحمن بدوي، تصدير عام، دار الثقافة، بيروت، لبنان، دت، وشرحه وحقق نصوصه عبد

.4: المصدر نفسه، ص 4

Page 132: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

132

إن كان أرسطو قد و 1."فن الشعر "اتكأ عليها أرسطو في مؤلفه خلفية هامشيةالتراجيديا مجرد ر منه، فبوصفه منطلقا، ال منتهى، وهنا يتحقق في ينظأنموذجا عمليا " لكاأوديب م" اعتمد

شخصيةال ته مفهومتبادلي ال يتعامل مع -مما يصنع منه محلالة، والتقعيد، بين العينيمؤوة التنظير، - دة، وفي الوقت نفسه، محلالالنصوص مجسواستنباط عالما يتطلع إلى قب

أن أرسطو كان يضع نصب عينيه " لعل ذلك ما حذا بفريدرش شلر إلى مالحظة .القوانينحية من المآسي والمالحم اليونانية، ولم يكن مجرد باحث نظري مجرد، ووجود هذه نماذج

تعالي أرسطو إن 2." بأن يدفعه إلى إثارة كل المسائل التي تحيط بهاالنماذج أمام نظره كفيل فضال عن ذلك –ئ، والخطة الناجزة، وقربها المهي بسمة التصميم طبع المحاكاة التجريدي قد

وإنه األمر عينه الذي *.يقترحه الفنان على نفسه كل مرة إلى مفهوم المشروع العملي الذي –ومنحها طاقة التمظهر في أي على األجناس الفنية كلها، مكن المحاكاة أيضا من التسامي

بقابلية الهجرة إلى مختلف تتمتع – على أساس ذلك –ابية كانت، وجعلها ممارسة خطا كان الشاعر محاكيا، شأنه شأن مل: " وال أدل على ذلك من قول أرسطو .اإلبداعية الخطابات

إلى أن الربط بين األثر -منتقدا – أضف إلى ذلك أن نبه 3،"...الرسام وكل فنان يصنع الصورهو مما شاع بين الناس، واعتادوا عليه، فسموا الشاعر شاعرا ليس ألنه الوزنالشعري، و

ة، يجوز أن تتحقق هي كالشعرية فالمحاكاة األرسطيهكذا، 4.يحاكي، بل ألنه يستخدم وزنامن ربقة األدب، ةة من ربقة الشعر، واألدبي، إذ مثلما تملصت الشعريخارج الشعر، والوزن

ذلك هو **.التراجيديا، والنوع الفني على العموم ربقةمن ،اة، هي األخرىتملصت المحاك

1 Cf, G. Desson, Op. cit, P: 27. .43: أرسطوطاليس، فن الشعر، مصدر سابق، ص 2 . 105 ،103: البحث، شعرية أمبرتو إيكو، ص، ص: ينظر * .71: أرسطوطاليس، فن الشعر، ص 3 . 6: نفسه، ص: ينظر 4

، حتى تلك التي ال تدخل "المحاكاة " واألساس في الفنون كلها : " عبد الرحمن بدوي على هذا الموقف األرسطي. إذ يعلق د **هنا مسألة خطيرة : " أعاله، على هذا النحو، كما يلفت االنتباه، وهو يقرأ قول أرسطو المشار إليه في المتن "في مفهوم الشعر

مادا نسمي شعرا ؟ أهو كل قول موزون مقفى، أو الشعر له خصائص مستقلة عن الوزن ؟ وهو : يثيرها أرسطو وهي مسألة؛ "ما يرى أن من الممكن أن يكون اإلنسان شاعرا وهو ال يكتب إلى نثرا، وأن يكون ناثرا وهو ال يكتب إال شعرا أعني نظ

ما الذي يجعل من عمل أدبي عمال أدبيا ؟ ضاربة جذوره في : وكأن التساؤل الجاكوبسوني. 6و، 4: المصدر نفسه، ص، صة، حيث ال نجد مانعا من طرح التساؤل األرسطية األرسطيما الذي يجعل من المحاكاة محاكاة ؟ وما األسلوب : عمق النظري

Page 133: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

133

د موقفنا المتمثل في مشروعيالذي يعض األسة، وسينمائية مهاجرة، بصرية ة التأسيس لشعريمشروعا في نظر أمرا.. ةة، والتشكيلية، والموسيقيت المحاكاة البصريخصوصا، ما دام

.أرسطوه نحو زحزحة مفهوم المحاكاة من موقعه آلن مقبوال أن ننكر جهد أرسطو، وسعيلم يعد ا

1.وتوجيهه صوب مصطلح الشعرية، عله يسهم في توطيد دعائم نظرية في األدب وني،فالطاألضي تمما يق طابع المصطلحية، ا، وخلع عليهاالمحاكاة، ومفهمه وعليه، فقد علمن أرسطو

فحوى وال يتأتى للباحث، فوق ذلك، إدراكبل التقليد األفالطوني، تجنب قراءتها بمنطقمثلما فاضلنا، Fonction mimétique(،2(الشعرية األرسطية إال بعزلها عن الوظيفة المحاكاتية

وبين الوظيفة الشعرية في مدارستنا لشعرية جاكوبسون، بين الشعرية مفهوما جوهريا شموليا،لخصائص لكثير من اأرسطو مهدا أن تكون شعرية ه يترتب عن ذلك ما .وحسب مفهوما حيثيا

: ، نفضل أن نذكر أبرزها مختزال على النحو التاليالمفهومية المتعلقة بمصطلح الشعريةمن ،حيث يتكشف .منطلقها النسقي البنيويإن أجلى ما يسم شعرية أرسطو هو -

3.محاولة لفت النظر إلى الفن في ذاته، ولذاته ، عزم كبير على"رفن الشع: "األسطر األولى لـة الذات، من حيث غائيبأن أرسطو كان يتعامل مع األثر الفني –ال محالة –ذاك ما يوحي

ته، مثيراوبمقتضى البحث في خصوصي في عالقتها بغاية الجمال الكيف، والبنية ةإشكالي.* "Système -النظام"لدى أرسطو، في مواطن كثيرة من مؤلفه، فكرة أن تبلورت ينجر عن ذلك

إال إذا فال شعرية، وال جمال 4،أن األثر بناء عالئقي داخليالتي بموجبها توصل إلى حقيقة

مشاكل وحلول، إال ": فن الشعر " في اعتماده وهو يعنون فصله الخامس والعشرين من مؤلفه الميتالغوي الذي برع أرسطو

على شاكلة )Méta-imitation(ثم أال يدعو ذلك إلى اعتباره فصال يطمح إلى التأسيس لمحاكاة واصفة .دليل على صحة التساؤل .!ما حاولناه في المباحث السالفة مع الشعرية الواصفة ؟

1 Cf, G. Desson, Op. cit, P: 23. 2 Cf, Idem. 3 Ibid, P: 17.

يكون حتىالحكاية طريقة تأليفوبكل منها، الطابع الخاصووأنواعه، حقيقته: حديثنا هذا في الشعر: " فليتمعن القارئ قوله * دات المكتوبة بلون داكن هي من اقتراح المفر(. 1 :أرسطوطاليس، فن الشعر، مصدر سابق، ص؛ " جميالاألثر الشعري

. )الباحث4 Cf, G. Desson, Op. cit, P: 25.

Page 134: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

134

ينطوي على نظام يقوم بالضرورة [...] كذلك الجميل "(تضمن شيئا من النظامية، والتنسيق؛ .)1." بين أجزائه

- نسقي أن صحيحإذا ما تعلق األمر "( ؛ة، واالنغالقة أرسطو تنزع نحو االستقالليفهو غريب كليا عن الفن، وال عالقة له بالشعرية ما دامت التراجيديا ستحقق [...] بالجمهور

، فهل يعني ذلك أن أرسطو )2" غرضها حتى وإن كان ذلك من دون مسابقة، ومن دون ممثلينكال، فلطالما ركز أرسطو على المتلقي، . المطلقة ؟سلطة المتلقي مخوال للبنية، والنص ال يقصي

ته، إذ ما فتئ يؤكد على مبدأي لسلوسبناء الحدث التراجيدي، مثال، والعالم الخارجي برمته في يؤلف، في االحتمال، والضرورة، واللذين بهما يتحقق عرض ما يمكن أن يقبله المتلقي، وما

فالنسقية األرسطية، تأسيسا على ذلك، إنما هي 3.الوقت عينه، كال متماسكا تماسكا داخلياوهي كذلك حتى في أسمى مستويات انغالقها حينما يتعلق مفتوحة، ومتجاوبة مع خارجها،

4 !د منهيفلسفة تتعاطى مع الواقع، وتظل مع ذلك نظيفة ال األمر بالمنطقمنطلقا تنظيريا يؤسس، لخطاب بمرجعه اك يعد أرسطو أول من اتخذ من عالقة كذل -

، ويستبدل بفضله نسخية أفالطون بمفهوم التماثلية مبدأ من مبادئ تفتيق المحتمل منه، لمفهوممهمة الشاعر ليست في رواية "مما يجعل ،المرجعيخطاب الفن - خطاب األدب إن . الشعرية إما بحسب االحتمال، : كما وقعت فعال، بل رواية ما يمكن أن يقع، واألشياء الممكنة األمور

يستحضر المرجع بتقنية المشابهة، وهو، إن كان خطابا مرجعيا، 5." أو بحسب الضرورةمن * 6.العالم أمام المتلقي كما هوعرض : من حلم ال يتحقق ستفيقام والتماثل، وإعادة البناء،

.23: أرسطوطاليس، فن الشعر، مصدر سابق، ص 1

2 Aristote, Poétique, texte, traduction, notes par roselyne Dupont-Roc et Lallot, ed; Seuil, 1980, 50. b. 17. P: 57. ، الموقع 2000، 13: لحظات في تاريخ الشعرية، أرسطو، وحازم، وجاكوبسون، مجلة عالمات، ع ثالثمحمد الولي، 3

.2008 -04 -17: ، تاريخ التحديث [email protected]: اإللكترونيث أحمد يوسف أن النسقية األرسطية تربط العالمات وفي السياق مثله، يؤكد الباح. 191: س، ص .محمد قاري، مر: ينظر 4

نها ذات أبعاد أنطولوجية بحيث ال يمكن إبالعوالم العيانية الفعلية، وذلك لكون هذه العالمات منتظمة داخل قوانين الوجود، أي أحمد يوسف، . د: نظرللصورة المنطقية االنفصال عن الوجود نفسه برغم أنها ال تعير مسألة الممارسة أهمية كبيرة؛ ي

السيميائيات الواصفة، المنطق السيميائي وجبر العالمات، منشورات االختالف، المركز الثقافي العربي، الدار العربية للعلوم، .19: ، ص2005، بيروت لبنان، 1ط

.26: س، ص .أرسطوطاليس، فن الشعر، مص 56 Cf, G. Desson, Op. cit, P: 24.

Page 135: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

135

والكذب، ليجعل الصدق، كان سعي أرسطو حازما نحو تخليص الفعل اإلبداعي من مقولتيهنا، حيث تصبح العالقة بين الخطاب، وما يعتقد القراءمن المحتمل أبرز خصاله، وأدق مفاهيمه،

الفني، وبين خطاب -عالقة بين الخطاب األدبي هيإنما ،)األدبية(أنه صحيح مبتغى للشعرية -لم يعد مشروطا أن يرتبط األدب، وعليه، متلك كل فرد من أفراد مجتمع ما بعضا منهمبثوث ي

تعددية من القراءات المحتملة، يحملها خطاب ثالث مستقل الفن بواقع ملموس محدد، وإنما بومن ثمة، ليس من الغريب في شيء أن سما أرسطو بالشعرية ألن يقع بين النص، والواقع،

1 ! ة في الكذبتكون نظري. - الإنتأم في مستوى التعالق بين الخطاب، ومرجعه المحكوم بخاص امليالتماثل، يتي

إلى الكشف عن طرح وجودي أنطولوجي إرهاصا تشع به –ال محالة –يفضي واالحتمال فني سيختلف الواقع بما يشبهه، ال بما يتطابق معه، يعني أن عملي الفأن أحاكي .شعرية أرسطو

تشابه على صعيد هو : االختالف يقتضي - هنا –ن التشابه إ أيعنه بفضل نسقيته، ودواخليته؛ ،من خارج النص واختالف على صعيد البنية الفوقية، تلك البنية التحتية، المرجع المستمد

ة، ة األرسطييإن المشابهة التي هي رهان الشعرهكذا، ، التي تصنع حقيقة النص، وجماليتهعينهومصدر ة للخطاب، وإنما من الفعل الفنيلذا، فليس 2.ها، ال تتأتى من الحمولة المرجعيقول وبهذا المفتاح ينبغي قراءة 3،المحاكاة ما ينال إعجابنا، وإنما منطق إنجازيتها موضوعالحياة كيفية عمل ال وغاية] .[..المأساة ال تحاكي الناس، بل تحاكي الفعل والحياة : "أرسطو

وإال كيف نؤول ذلك ما يمثل أيضا إرهاصا لمفهوم التعبير بالمادة، ال عنها، .4"كيفية وجودفي التلوين بأجمل األلوان ولكن بغير خطة مرسومة لجاء عمله فلو أن رساما أفاض: " قوله

" Représentation"بـ " Mimèsis: " ترجمة أخرى للمصطلح اإلغريقي Lallot، وR. Dupont. Rocل من لهذا السبب اقترح ك *الوارد في بنية " Re" والسابق . )حتما عن التقليد النسخي ألفالطون –هنا –أي المماثلة، أو المحاكاة التماثلية التي تختلف (

ة التكرار، بل للتدليل على الالتوافق بين الخطاب األدبي، ومرجعه، إنما هو المصطلح المقترح من قبل اللو، وروك ليس إلفاد . Cf, Idemحرف يختزل أسمى معاني اإلبداعية، والشعرية؛

.246: س، ص .، ومحمد قاري، مر36: س، ص .تودوروف، الشعرية، مر. ت: ينظر 12 Cf, G. Desson, Op. cit, PP: 29, 30. 3 Cf, Aristote, Rhétorique, traduction de Charles-Emile Ruelle revue par Patricia Vanhemelryck, le livre de poche, 1991, 1371, b, P: 151.

.20: س، ص .أرسطوطاليس، فن الشعر، مص 4

Page 136: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

136

لنا اعتبار النسق أال يحق، فبعد هذا 1." تخطيطية أدنى منزلة وجماال من رسام يرسم صورةة األرسطيوأنساق نظري ،ومناهج ،ان مفاهيم؟ شتىخز.

استخالص* قد حاول هذا الفصل ما استطاع أن يالمس أشد مفاهيم الشعرية نفعا في تأليف مقاربة هذا

شحت فضال عن مقاربتنا المفاهيم التي ر منلوإن . البحث، وأقواها فعالية في مدارسة موسومهمن صميم عدتنا المنهجية، ما نسرده على مفتاحية الواصفة للمصطلح، والتي نرشحها أدوات

:النحو التالي- من –وهي .بين تجريد وتحليل بين تنظير وتأويل، أوة محتومة الشعرية تبادلي

ثم– التقعيد، مشتغل على كيان أدبي مصطلح النهائي- هو –فني ،خطابيإنها الخطاب الثالث المتملص من قبضة الكشف، . اآلخر، النهائي التأويل

.قصورا أبديا، والحامل لوهم المعيارية المتجددة صرالقا.. والتحديدقابلية هجرته من، –فضال عن تجريديته تلك –الشعرية كيان تجريدي يحمل -

في مقاربة الخطابات تأهيله، وكفاءته وإلى مختلف األجناس الخطابية، وكذا .ة التأسيس لشعرية بصرية سينمائيةبما يعطي مشروعيالبصرية

إنما . الشعرية فعل سيميائي ألنها اشتغال منصب على شتى الممارسات اللغوية -مما هي مشروع تقنيني، بنيوي ال يقصي المعنى، والسياق من بؤرة اهتمامه،

على ، وأحقية إجرائيةعلميا شعرية طابعا - سيميو: ربة المركبةيمنح للمقاالرغم من كون المقاربة الشعرية أميل إلى مدارسة البنية، وتقنين حاالتها النسقية

.منه إلى توصيف المعنى، وتحديد احتماالته الالمحدودة

خطاب الشعرية بحث في وظيفة التفاعل بين النسق، والمرجع على صعيد بنية ال - من . الخصوص المرجعية، والشعرية على :مهما يكن جنسه؛ أي بين الوظيفتين

.21: ن، ص .المص 1

Page 137: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

137

بل في كيفية هنا، ليس مركز الشعرية في النسق وحده، وال في المرجع وحده، .اإلحالة منهما، وإليهما في اآلن نفسه

- ينتجه االنفتاح الدينامي ،ينص ،خطابي الشعرية ملمح ة بين بني االستراتيجيفهي نتاج تبادلية إنتاجية بين الخطاب، .الفني، وبين قراءة المتلقي-األثر األدبي

.ومتلقيهالوجود، /الشعرية، مفهوما وتكنيكا، هي مدارسة بؤرة الجمع بين الحضور -

إذ . )الالمرجع(، وبين النسق )الالنسق(الالوجود، أي بين المرجع /والالحضورئية المرجع بشيئية النسق التقاء مشرئبا إلى التعبير عن إن ما يحققها هو التقاء شي

هي التعبير بالمرجع عن الداللة داخل - إذن –فالشعرية .. الرؤيا، والعالم . النسق

مجموعة التوصيفات المفاهيمية، التي أفرزها الفصل األول من هذا -إذن –هذه هي وإننا لنرى أن ليس لنا *.ألبرز أعالم الشعرية البحث، المتمخضة عن تداعيات قراءتنا، وتأويلنا

إعادة صوغها في نسق مفهومي –إثر ذلك –ليتسنى لنا .. بد من صهرها في بوتقة واحدة :على هذا النحو –قدر المحاولة –وهو ما نقترح صياغته . واحد، متراص ومنسجم

افتراضي، واحتمالي، لتأويل،الشعرية خطاب ثالث يقع بين تجريدية التنظير، وعينية اومطلق التحديد، سيميائي االشتغال، منسحب على جميع الممارسات اللغوية؛ الفنية، والالفنية،

وإننا لنرد . مفاهيمي المعتمد في البحثمن مجال منظورنا ال )J.Cohen(ننبه هنا إلى إزاحتنا القصدية لنظرية االنزياح لكوهن *

- اعتياص المفهوم على الترحيل إلى عالم المرئيات بما يسنح ببناء فكرة بينة عن االنزياح البصري -1: ذلك إلى علتين اثنتينثورة –مثال –موجة النقود التي جوبهت بها نظرية كوهن؛ نذكر منها -2. السينمائي السيما في مستواه التحليلي اإلجرائي

. جاكوبسون ضد فرضية جعل اللغة الشعرية في مقابل لغة التواصل لكونها تحفل بتعدد األنظمة، وتنماز بخاصيتها الوظيفية: ينظر(، وإهمالها لمقولة السياق، والعالقات المتغيرة من نص إلى آخر؛ )س .محمد القاسمي، الشعرية الموضوعية، مر: ينظر(

تاريخ http : aljabriabed.com:الموقع اإللكتروني 9:مجلة فكر ونقد، ع لشعرية اللسانية والشعرية األسلوبية،محمد القاسمي، احيث يصبح المعياري، في أغلب الحاالت، –، وعجزها أمام إمكانية فرز المعياري من الالمعياري )2006.11.20: التحديث

إقرارها -نذكر أيضا –، ومن ثمة ).Cf, U. Eco, la structure absente, p : 140(معياريا بفعل الزمن، ونظام القواعد المتداول إيكو، التأويل : ينظر( ! المشبوه بوجود درجة الصفر في اللغة، وتمييزها الغامض بين المعنى الحرفي، وبين المعنى المجازي

صالح . ، وكذا د146: ، صم2000،الدار البيضاء، 1، طسعيد بنكراد، المركز الثقافي العربي: بين السيميائيات والتفكيكية، ترومع ذلك نلمح إلى أننا ال نمانع في استثمار بعض من مقوالت االنزياح . )60: س، ص .فضل؛ بالغة الخطاب وعلم النص، مر

. في حاالت طارئة يفرضها البحث في فصله األخير

Page 138: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل األول الشعرية؛ مقاربة واصفة للمصطلح ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

138

؛ تنتجه دينامية انفتاح البنية على متلقيها، وتفتقهالمسطورة، والمرئية، نسقي التحيينالتعبير بالمرجع عن الداللة داخل بنية "لمنطق عة الخاض" مرجعي- النسق"استراتيجية التفاعل

".النسق. ولسنا ندعي، البتة، أن هذه الصياغة المفهومية تحديد جامع مانع لمصطلح الشعرية

بما يمنح للباحث شرعية اختراق عتبة .. أن تحملنا عبء المحاولة، واالقتراححسبنا، في ذلك، في التحليل، أو تصنع في القراءة، والتأويل، أو عل الخطاب السينمائي دون أن يبدو يه عناء

على أن .. ، ومحفوفة بنقاط االستفهامإنها لمحاولة معبأة بالفراغات .تعسف في إسقاط المفاهيمإلى أن تكون مجاال تساؤليا –مثل نظرية األدب -شفيعنا في ذلك هو نزوع الشعرية، باألصل،

وضبط التعاريف الجامعة 1،الصطياد األجوبة الفاصلة ى أن تكون مجاالإشكاليا أكثر منه إل .المانعة

هو مفهومنا عن الشعرية مستخلصا، ومعتصرا بعد اصطدامنا بترسانة -أعاله – ذاكتراه مستوف .التي لطالما صيغت لها من قبل البحاثة، والمنظرين ..من المفاهيم، والمقوالت؟ أي؛ أكاف هو لتحقيق ذلك اإلسقاط المفاهيمي البحثهذا لموسوم اجعةشروط تفعيل مقاربة ن

.؟ "أدبية الخطاب األدبي" على شاكلة " سينمائية الخطاب السينمائي " المرتجى؛ أن نموقع هذا المفهوم –ونحن على عتبة الفصل الثاني –في هذا المقام، إنه لحري بنا

امتثاال لشرطية الرسو على ية، والسيميائية المعاصرة؛ المستخلص ضمن دوامة االتجاهات النقدحبك نهائي لخيوط التركيبة التي وردت عليها مقاربة هذا البحث، وانصياعا لحقيقة أن الشعرية

باطنا، بالتعاطي مع تلك االتجاهات، محكومة، ظاهرا، أو – مفهوم المستخلص أعالهالالسيما – . و تضايفاأ إن تحايثا، أو تشابكا،

1 Cf, G. Desson, Op. cit, P : 09.

Page 139: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثاني

نحو بناء المقاربة المركبة؛ شعرية - سيميو

استلزامات، ومبررات

Page 140: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

« Nous ne croyons pas que l’on puisse faire de la recherche théorique sans avoir le courage de proposer une théorie, c’est-à-dire un modèle élémentaire pouvant servir de guide au discours ».

Umberto Eco. «Ainsi la gestualité, les divers signaux visuels, et jusqu’à l’image, la photographie, le cinéma et la peinture, sont autant de langage dans la mesure où ils transmettent un message entre un sujet et un destinataire en se servant d’un code spécifique, sans pour autant obéir aux règles de construction du langage verbal codifié par la grammaire ».

Julia kristeva.

Page 141: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

.تمهيد -1 .استحواذ المؤتلف ودحض المختلف؛ النقديةالمناهج في كنفالشعرية -2

.اهي بين الشعرية وعلم الجمالمحدود الت -2-1 .بين البنية والحكم الجمالي -2-1-1 ! ولست أعلم إن هي جميلة.. هذه القصيدة قصيدة -2-1-2 .عن االختصاص الفني وحسية الطرح -2-1-3 شعرية واألسلوبية؛ هل هما مصطلحان لمفهوم واحد ؟ال -2-2 .مفاهيم أسلوبية في معبر االستلهام -2-2-1 .مفاهيم بالغية في خدمة المقاربة -2-2-2 .جمالية محايدة ؛األسلوبية -2-2-3 .عالئقية البنيوية وصوفية التفكيك -2-32-3-1- اللسانيات السوسيرية تجليات وعي بنيوي. .البنيوية السوسيريا وجاهزية اإلسقاط -2-3-2 .فيزيقا التفكيك وتطويق اإلخالف -2-3-3

.شعرية في غربال التناهج -السيميو -3 .أنطولوجيا التركيب في بنية المقاربة -إبستمو -3-1 .الشعرية شكالنية عانية؛ قراءة في مقولة الشكل -3-2 .ية الالمتناهيالسيميائيات البيرسية وشعر -3-3

Page 142: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية، استلزامات ومبررات -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

142

تمهيد-1 ، قدرالسيميائية –من خاللها – الشعرية فتتكا ،بةمرك هذا البحث مقاربة يعتمدأن

ولو باقتضاب –ة التكوين وفق التعليل الذي قدمناه ة، أنطولوجيفهي توأمة مفهومي. ممحتولشعرية ؛ ذلك الذي مؤداه أن افي خضم الفصل السالف متكئين على موقف جاكوبسون –تلميحي

، بل وتستوحي معالمها من شتى - العامة أو السيميائية – تقي أبعادها من كنف السيميولوجياستناقصة ة مقاربةستكون الشعريمن هنا، 1.أنظمة العالمات حتى و إن لم تكن لها صلة بالفن

المفعول، ضحلة اإلنجازيد بإجرائية السيمة في مكاشفة الخطابات إن هي لم تتعضة، ولم يائي Jan(إلى قناعة جان موكارفسكي ،هنا، لعلنا نحتكم .تستأنس بعنفوانها المفاهيمي

mukarovsky( دراسة بنية العمل الفني ستظل غير مكتملة ما لم يسلط الضوء على الطابع " بأنه هيكل شكلي السيميولوجي للفن، فبدون هذا المنحى ينزلق منظر الفن إلى العمل الفني على أن

2." بحتمة، زود بمرجعية سيميائية محكناجزة، ما لم ت مقاربة –بعد هذا –لن تكون الشعرية

فكيف، إذا، ال 3.السيما إذا ما كانت ترنو إلى مقاربة الخطابات السردية، أو ذات السمة السرديةي لهذا البحث وهو الذي أمرا محتوما على المسار المنهاج" شعرية -سيميو" تكون التركيبة

–إذ تتشابك الشعرية . يتوق إلى مباحثة السردية السينمائية ؟ بل األمر يفوق ذلك، ويتجاوزه، إن وعيا أو اعتباطا، مع مختلف مناهج األدب، وعلومه -عالوة على تشابكها مع السيميائية

الحدود ما بين مختلف " لى أن ع .اوهلم جر ..كالبنيوية، وفلسفة الجمال، واألسلوبية 4،الحديثةولكن . ال حيلة معها" تضاريس طبيعية " مهما كانت ليست مسألة [...] حقول علوم اإلنسان

[...] " قرارات منهاجية" مات أو في أحسن األحوال فهي وليدة تلك الحدود إن هي إال محك –تدقيقا –فعلى هذا األساس 5."يمكن عند الضرورة إبطالها وتعويضها بقرارات منهاجية بديلة

1 CF, R. Jakobson, essais de linguistique générale, Op. cit, P : 210.

سيزا قاسم، أنظمة العالمات في اللغة واألدب، والثقافة، مدخل إلى : جان موكارفسكي، الفن باعتباره حقيقة سيميوطيقية، تر 2 . 290: ، ص1986، القاهرة، مصر، -دط -السيميوطيقا، إشراف؛ س، قاسم، نصر حاد أبو زيد، دار إلياس العصرية،

، الموقع 1999، 12:محمد أودادا، الشعري في الروائي، مستويات التجلي وطرائق التحليل، مجلة؛ عالمات، ع: ينظر 3 s- [email protected]: االلكتروني

.نفسه: ينظر 4 . 33: س، ص .محمد قاري، مر 5

Page 143: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية، استلزامات ومبررات -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

143

محض توليف آلي، إنما مرادنا من وراء لم نشأ أن تكون التركيبة المنهاجية التي نروم تفعيلها : ذلك منوط بحافز إبستيمولوجي يدفع إلى مراجعة حقيقة ذلك التقاطع بين قطبي التركيبة

ان فيه، وما يختلفان عليه بطريقة على إعادة قراءة ما يشتركبل ويحض . الشعرية، والسيميائيةإلى تشييد بناء مفاهيمي منهاجي شخصي، إبداعي التركيب، كفيل، – ال محالة –تفضي بنا

وحسب، " السيميائية -الشعرية" ولن يكون ذلك مقتصرا على ثنائية . حقا، بمقاربة الموسومطن القرابة، والتجاور بين إلى مساءلة موا – وبالحافز نفسه –وإنما نحن مدعوون أيضا

المستقلة عن .. واالتجاهات الفكرية، والفلسفيةالشعرية، وبين جيرانها من المناهج النقدية، كما –ة فقد يزيد ذلك في تضييق الخناق على مصطلح الشعري .السيميائية بطريقة، أو بأخرى

إذ *.ة مبدعةاقة منهاجي، ويسهم في تطويع المقاربة، وتليينها، وتزويدها بط- فقهناه أعالهأن يجمع بين أسس )Paradigme(يجوز للباحث إذا ما رام إنتاج بناء نظري، أو نموذج تحليلي

مؤلفا بين مادتها على نحو جاهزة متفرقة، وموزعة على حقول معرفية متباعدة، ويلم شتاتها،دع، يصلح ألن يعتمد في بنائه المبت" المركب التأسيسي" الحصول على نوع من –فعال –يضمن

1.النظري ذاكيخضع ذلك كله لحافز نمذجي إبستيمولوجي كما أسلفنا، بحيث بوسعنا أن نبرره بإيمان كانط أن الموقعة الجيدة للعلم، والحصر الدقيق له، بما يحول دون تسريب أخطاء إلى كيانه،

** 2.ريبة منهقيز هذا العلم عن العلوم الوشوائب معرفية متعددة األصول، لن تتحقق إال بتميإننا لنفضل تقديم الحديث عن جوهر التقاطع بين الشعرية، وبين ما يتاخمها من وعليه،

بنيانها على نحو ي مناهج نقدية، ونظريات مجاورة، أمال في أن يتكثف مفهومها، ويشتدر من يسسيميائية في ألمع اتجاهاتها، وآفاقها التقعيدية، مهمة تأويل لب التواشج بينها، وبين قرينتها ال

: وهو يقصد هنا[ أن تجد في كل علم من هذه العلوم ...] [يمكن لشعرية " كان موقف تودوروف حصيفا حينما رأى أنه *

عونا كبيرا ما دامت اللغة جزءا من موضوعها، ...] التأويل، أو نظرية التأويل، والسيميائية، واللسانيات، وفلسفة اللغة، والبنيوية . 28، و27: س، ص، ص. مر؛ تودوروف، الشعرية، "وستكون العلوم األخرى التي تعالج الخطاب أقرب أقربائها علما

. 19: س، ص .محمد قاري، مر: ينظر 12 Cf, Emmanuel Kant, logique, J. Vrin (FRC), 1966, P : 21.

أننا ننساق، بدون قدرة منا على تأكيد أي نوع من المشروطية، إلى االستئناس بما " حسين الزاوي رأيه . ثم إننا لنشاطر د **يمكننا أن نتقاطع معه، وكلما كان تقاطعنا إبداعيا، وكثيفا كلما كان إسهامنا أكثر جدة، وأكثر قدرة على إثارة ينجز في مجال

. 62: حسين الزاوي، مرجع سابق، ص. د" فعل التفكير لدى من يشاركنا نفس الهاجس

Page 144: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية، استلزامات ومبررات -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

144

نحو تحويل نتائج ذلك إلى عدة منهاجية تضاف إلى ذخيرة –من ثمة –ويمهد الطريق .المقاربة

ها مع الشعرية لدرس النمذجة، رالتي ارتأينا أن يخضع تجاو.. هذه المناهج، واالتجاهات :على النحو التالي –في هذا الفصل – مرتبةلتكن .. وفعل التأويل، والتخيير

.)L’esthétique(فلسفة الجمال - .)إشارة ضمنية(؛ )La rhétorique(، والبالغة )La stylistique(األسلوبية -

.)La deconstruction(، والتفكيكية )Le structuralisme(البنيوية - .)L’herméneutique(مع إحالة مختزلة إلى التأويلية -

–إلى أن المفهوم المستخلص عن الشعرية أعاله، سيكون ،في هذا المقام ،شارةتجدر اإل" ، والتقابالت "المقارنات " بمثابة بؤرة استقطاب، ومركز توجيه حيال سلوك –في هذا الفصل

الذي سننتهجه في قراءة منطق التعالق بين مصطلح الشعرية، وبين ما يخالفه، أو يوائمه من نستطيع، على .. ة، ومنطقا إستراتيجياإنما سيكون نواة منهاجي. ت أخرىمناهج، واتجاها

األساسي، (ب ، وأن نرت)نزاوج، أو نوحد(، وأن نجمع )نميز، أو نفصل(أساسه، أن نفرق تشريح ذلك مما تتيحه تداعيات –في نهاية المطاف –ف ، ونكث1، وأن نمركز)والثانوي

..التعالق، وتأويلهنلفت االنتباه أيضا إلى أنه إذا ما تم المسار اإلجرائي لهذا الفصل على هذا النحو، كما

في تشكيل نسق –أيما إسهام –التي تسهم 2ستتمخض عنه مجموعة من المفاهيم الظلية .! المقاربة، من دون أن تعلن عن اسمها إعالنا رسميا

1 Cf, Edgare Mourin, introduction à la pensée complexe, E.S.F, (FRC), 1992, P : 16.

، والتي يتشكل موقف نظري من إسهامها الطموح في بناء النسق العام الذي تتواجد "مفاهيم الظل": هي ما اصطلح عليه بـ 2: س، ص.الزاوي، مر. ح: ينظر. داخله دون أن يكون حضورها قابال للتغيب، رافضة أن يتأسس الفكر في لحظة غفلة منها

36 .

Page 145: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية، استلزامات ومبررات -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

145

- المختلف المؤتلف ودحض استحواذ؛ المناهج النقدية في كنفالشعرية -2

2-1 - التماهي بين حدودوعلم الجمال ةالشعري كم هو صعب على القراءة األولية أن تتحسس الخيط الفاصل بين الشعرية، وبين رديفها

لو بنسب متفاوتة من العمق، وإشكاالت الجمال و ،فكالهما منشغل بأسئلة الفن". علم الجمال "وكان الفن من أكبر انشغاالت علم -تدارس اللساني، والفني، ولئن كانت الشعرية .ومتخالفةمما يجعلها تشغل " نظرية الفن " إلى التعاطي مع –إن علنا، أو خفية –فهي مدعوة –الجمال

1.فسحة من فسح منطقة الجمال منأ : "ي يؤرقنا على نحو ما أرق تودوروف نفسه هومن هنا، فإن السؤال الذ

أي؛ إلى أي 2،" ؟ الضروري رسم حد بين الشعرية، وبين علم الجمال، ال يقبل التجاوز البتةالتساؤل بل إننا لنرى أن؟ ؟، وما جدوى ذلك مدى يكون ذلك أمرا مستساغا، وسهل المنال

ة التي سنستثمر وفقها بؤر التآلف بين خص الكيفيه هو ما ياألجدى بهذا البحث مجابهت؟ ة، وعلم الجمال، متالفين مكامن التخالف على نحو يسهم في ترسيخ دعائم المقاربةالشعري.

مجابهة هذا التساؤل لن تجدي نفعا إال بعد المرور على عتبة سابقه؛ أي بعد الحال أن .ة عن علم الجمالمحاولة الكشف عما تنماز به الشعري

بين البنية والحكم الجمالي - 2-1-1بين بنية قالفارمن جنس –ال ريب –إن الفارق بين الشعرية، وبين علم الجمال هو

استكمل تودوروف تساؤله عن الحد الفاصل بينهما وإال فلم .العمل الفني، وبين قيمته الجماليةأن تختص الشعرية بشؤون ،إذن ،فال غرو 3.ل فني ما ؟بالتساؤل عنه بين البنية، والقيمة لعم

–، وال غرابة الفني -البنية، وتنحصر في توصيف تحيينات النسق الذي جاء عليه العمل األدبيأن ينهمك درس الجمالية في استنباط األحكام التقويمية، ومتابعة تداعياتها –في مقابل ذلك

*.فا إلى محاوالت تبئير مواطن الذوقية، والحساسية في العملمنصر.. النفسية المذوتة المنفلتة

. 111: س، ص. فيريي، تودوروف تزيفيتان، مر. ج: ينظر 12 T. Tzvetan, Qu’est – ce- que le structuralisme ? Poétique, Op. cit, P : 103. 3 Cf, Idem.

؛"علم الحساسية " بأنه )Esthétique(ال علم الجم –اإلستيتيقا )A. G. Baumgarten(بومجارتن . ج. آية ذلك أن عرف أ *Gerard Genette, esthétique et poétique, Textes réunis et présentés par G. Genette, Timothy Binkley, pièce, contre

l’esthétique, Ed, Seuil, Paris, Septembre, 1992, Pm 39.

Page 146: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية، استلزامات ومبررات -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

146

- الذي بني بوساطته الخطاب األدبي" كيفال" إلى هنا، بوسعنا القول إنك حين تلتزم بوصف الفني متالفيا رصد منابعه في اإلمتاع، وقياس مستواه في استثارة اإلعجاب، والذوق، جامحا

فيعني أنك تقاربه شعرياتيا متموقعا أبعد ما يكون عن كل ما .. جرأتك على تقويمه، وتقييمهأن فعل الفصل بين البنية، والقيمة -في اآلن ذاته–لكن، أيعني ذلك !يمت لفلسفة الجمال بسبب

.؟ فعل رياضي مطلقحيث يستعصى . ما هي مقولة تظل غامضة، ومعقدةالحقيقة أن مقولة الجمالية هذه، إن

فال عجب أن يظل فصل 1.ى االقتراب الشعرياتي الصرف رصدها، وضبط معانيهاعلفهل باستطاعتنا أن نحكم . البنية، والقيمة أمرا بالغ االعتياص، ومستحيل الوقوع: المستويين

محكما تقويميا بمعزل عن محاورة بنيته، ودونما اصطدا - مهما يكن جنسه –على عمل فني أنما هي حقيقة ال جدال فيها اليوم، أن يكون حكم القيمة على عمل ما ". كال بحضوره النسقي ؟

إلى أن الشعرية، وهي المعنية بمدارسة ، بوسعنا أن نخلص، من هذا المنظور 2." تابعا لبنيتهالبنية، ال خالص لها من مداعبة قيم العمل الجمالية، ومن الوقوع في شرك تفسير أسباب

إلى مقاربة جمالية ولو على صعيد توفير جو -أحيانا –قيه، بل ومن التحول المتعة في تلأن تقارب الشعرية البنية، : لكن إذا ما تم األمر هكذا .إصدار األحكام التقويمية وحسب

أيفقده لعلم الجمال فعله؟ -والحال هذه –وجمالها، وتكاشف النسق، وتقومه في آن، فماذا يبقى من بؤرة التقويم الجمالي ليستقر في بؤرة التوصيف للتحول أم أنه هو اآلخر مرشحذلك جدواه،

!؟ البنيويما األمر الذي ال يجانبه صواب، هو كون إن .ليس من المعقول في شيء أن يقع ذلك

–الفحوى الجمالي القيمي لصيقا بالبنية، مما يجعل إطالق أي نوع من األحكام التقويمية ومن ثمة، فإن . منوطا بطبيعة الهيئة التركيبية التي توسمت بها تلك البنية - ثمنة، والمنتقدةالم

ما يجب على الشعرية أن تلتزم به، هو أن تعرف بالبنية، وتفضح عالئقها النسقية، وتكشف عن اهل المقاربة كيما تسهل من مهمة التقويم، والتفضيل الذوقي الملقاة على ك.. مقوماتها التكوينية

مالمسة الهوية الجمالية لعمل فني معطى، وال ، البتة ،فعالم الجمال ليس بوسعه .الجماليةثم إن البنية هذه ليست العامل . محاكمة طاقته على إنتاج الجمال إال بالمرور على جسر البنية

1 Cf, T. Tzvetan, Qu’est – ce- que le structuralisme ? Poétique, Op. cit, P : 104. 2 Idem.

Page 147: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية، استلزامات ومبررات -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

147

عامل المتلقي بمحدداته الوحيد في تفسير الحكم الجمالي، وتعليله، وتثبيته، إنما يضاف إليهنفهم من ذلك أن الشعرية ليس من وظيفتها استظهار القيم 1..الثقافية، والذوقية، واإلدراكية

وال هي تجرؤ على ترشيح علل الجمال الكامنة في األعمال .. الفنية، واستنطاق األحكام القيميةل، وأفقا بشرط أن تتوفر على خاصية الفنية، لكنها تكتفي بأن تكون منطلقا لعالم الجما-األدبية

االنفتاح بما يجعل بنى تلك األعمال متطلعة إلى المتلقي، وتواقة إلى استفزاز شراهته في هو مفهوم و – االنفتاحهكذا نخلص إلى أن .. التذوق، ووخز غريزته في إصدار األحكام

شكل إن كلة الجمالية، حيث من شروط المتع" أيضا يعد - يراهن عليه مصطلح الشعرية 2." "مفتوح"تذوقه لما شحن به من قيمة جمالية، إنما هو شكل نستطيع، ]ألثر ما[

ن استظهار بنية العمل بوصفه طريقا تفضي نحو الحكم عليه، وتقويمه إ بناء على ذلك،إذ ليست البنية من يصدر بيد أنه غير كاف لتشكيل ذلك الحكم، وبنائه، .لهو أمر منطقي الوقوع

إلى حين يصطدم بها المتلقي؛ فيقرأ البنية قراءة وحسب، الحكم على القيمة، بل هي من يحتويهاإلى إجراء نقدي -وهو يرنو إلى الحكم على قيمة العمل –، فيما بعد قراءته تجلية، لتتحول

–، ههنا، أن مهمة عالم الجمال يتبين 3.تقويمي على الرغم من اصطباغه بلون من ألوان الذاتيةمستقرة ؛ فهو يشتغل على البنية، وعلى أشياء أخرى مهمة بالغة التعقيد ال محالة –وكذا متلقيه

المتلقي وما يحمله من ذات متشعبة المدارك، ومن تجربة ذاتية فردية، القيمة الفنية، : خارجها، ثقافية، والحساسية -نفسية، ومواصفاته السوسيووالحكم التقويمي مشروطين بحاالت الذوق ال

.. المعروفة بحدة التعذر على التفسير، والتثبيت والوجدانيةمع الشعرية في شرطية التبنين، وسمة –وال ضير –مع ذلك نلحظ أن الجمالية تشترك

فنية، والحموالت فهل بوسع عالم الجمال أن يتوصل إلى تلك المضامين ال .التمظهر النسقية ليست كيانا إن القيمة الجمالي. ما لم تكن مسيجة ببنية العمل الفني، ومتضمنة فيها ؟.. الذوقية

، ةحسي متشبث بمكامن الخطاب البنيوي بل هي حضور *،مجردا، معلقا خارج موطن النسقاالرتباطومرتبط بتمفصالته التركيبي من ولع .ة أشد له االرتباط الذي يحمي الحكم التقويمي

1 Cf, Op. cit, P : 105. 2 Eco. U, L’œuvre ouverte, Op. cit, P : 59.

.113: فيريي، من الشكالنية الروسية إلى أخالقية التاريخ، ص. ، وج83: تودوروف، الشعرية، ص. ت: ينظر 3 .Cf, T. Tzevetan, Poétique, Op. cit, P : 105فالسؤال عن الجمال في ذاته ال معنى له؛ *

Page 148: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية، استلزامات ومبررات -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

148

ة عاطفي طحةش ومحض 1،التذوت المفرط، ويمنعه من أن يكون مجرد حكم ذاتي متملص .هاربة

اهتمام الشعرية بتفسير نكران اإلبستيمولوجي أنه من الواجب المنهجي عترفمن هنا، ن هأن –رغم ذلك –لكننا نرى 2،اتية للمؤلف، والقارئ معاتعلقه بالتجربة الذ لعلةالحكم الجمالي

ا من االنزالق نحو ممارسة ضرب من ضروب التقويم الفنليس هناك ما يمنعنا منعا قطعيي ،للخطاب اهتماما مشتركا بين االقتراب والتفضيل الجمالي ما دام يشكل المستوى البنيوي

وما دامت الشعرية عينها ال تقصي المتلقي من مجال اشتغالها، ،ةالي، والقراءة الجمعرياتيالش .األدبية الفنية اإلنتاجيةبل هي منوطة بالتفتح عليه، واالعتراف به أفقا حساسا من آفاق

في هذا السياق – وإننا لنلح– اس في سلوكيعلى لفت االنتباه إلى وجود اختالف حس - إنما يسلك سلوكا سيميو" الشعرياتي "بين الشعرية، والجمالية؛ فاالنفتاح " التلقي"، و"االنفتاح"

. توليد القراءات، وضخ اإليحاء، وتحريك وازع التأويل لدى المتلقيبنيويا، يصبو، بموجبه، إلى إذ يتجه نحو دغدغة حواس المتلقي، وتحريض طريقا أخرى، " الجمالياتي "بينما يسلك االنفتاح

إنه النفتاح مهدد باالنغالق، أو الضالل إذا ما خبت طاقته على تسويغ فعل .. له الذوقيفضو "سيختلف المتلقي هكذا، وعلى هذا النحو،.. استخالص القيم الفنية، وبناء األحكام التقويمية

س يهمه سوى أن ؛ إذ يكتفي األول بتلقي البنية، ولي" الجمالياتي "عن المتلقي " عرياتيالشيدرك طرائق اشتغالها من حيث ما يمكنه من محاصرة اإليحاء، والوقوف على أكبر عدد ممكن من الدالالت المندسة في ثناياها، أما الثاني فهو أيضا يتلقى البنية، لكن بوصفها معبرا

مسار التوصل إلى إذ ال تهمه طريقة اشتغالها بقدر ما يهمه.. نحو ضفة المتعة الجماليةة الفنيةاستنطاق الحكم، واستجالء مكامن القو.

التقويم النقديمن تأسيسا على ذلك، سنظطر، بين الفينة واألخرى، إلى االستئناس بنوع بمثابة مفهوم ظلي، وإجراء تحتي –فضال عن ذلك –ليكون ، في مقاربة موسوم هذا البحثعلى أن يكون التقويم، والنقد، ههنا، مجرد نزعة .مي للمقاربةمنخرط في البناء المفاهي

تفضيلية ال تروم محاكمة طاقة الخطاب على إفراز الجمال، واحتواء القيمة، بل تسمو إلى .! مكاشفة إمكانات السميأة، واحتماالت إنتاج اإليحاء التي أوجبها على نفسه

.83: س، ص. تودوروف، الشعرية، مر. ت: ينظر 1

2 Cf, T. Tzevetan, Op. cit, P : 105.

Page 149: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية، استلزامات ومبررات -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

149

؟، أي هل ، وجود البنية وجود قيمة فنيةلكن اإلشكال المباغت هو؛ هل يقتضي، حتمابمعنى . ؟ عالم الجمال –ال محالة –يشترط على البنية أن تحوي دائما شحنة جمالية تسترعي

أيصح، إذا ما لم تتوفر اآلثار األدبية، والفنية على قيم فنية معينة، أن نسقط عنها أدبيتها، . لمدارسة الشعرية ؟وفنيتها، ونخرجها من مجال اهتمام ا

! ولست أعلم إن هي جميلة.. هذه القصيدة قصيدة - 2-1-2أن نثبت أننا كتبناه أن نروي كيف كتبنا عمال أدبيا، ال يعني : "إيكوأومبيرتو حينما يقول

ية فأفق الشعر. بما يمكن أن نجابه به اإلشكال المطروح توا – ال ريب –فإنه يمدنا 1،" " جيدا "حيث بوسعنا أن نستشف من قول إيكو البد أنه مختلف عن أفق علم الجمال؛ –والحال هذه –

تشريح الكيفية التي انبنى وفقها العمل األدبي ووصف مستوياتها النسقية، هو -أعاله أن ،الفنيلم تكن تلك وحده ما يشكل أفق المقاربة الشعرية حتى وإن كان هذا العمل رديئا، بل حتى وإن

ذلك ألن الرداءة، أو الجودة، إنما هما سمتان تأتيان بعد المرحلة التي تتحقق . الكيفية علة جماله[...] لكي يكون العمل عمال سيئا " فيها كينونة العمل؛ أي بعد أن يكون العمل عمال، وعليه،

تقديمه للتقويم الجمالي، فإنه يجب أن يكون عمال، و ما يحدده كشيء من صنع اإلنسان هو فال غرو بعد هذا أن نصادف درسا شعرياتيا فائق 2." بالضرورة، النجاح في هذا التقويم وليس

.! الجودة لعمل أدبي فائق الرداءةصف القوانين التي بني عليها عمل أدبي ما، وتحليل وأن ،مما سلف، هكذا، يتبين

تي صنعت وجوده ال يفضي حتما إلى إنتاج الجمال فيه، وال يعلل حتى البنيات، على اختالفها، المن هذا المنطلق، يجب القول إن الشعرية تصبو، أساسا، إلى . إذا ما كان هذا العمل جميال

حقيقة أال وجود –ههنا –وإنه لتتكشف 3.بنية العمل األدبي سواء أكان جميال، أم ال توصيفإذ إن الدرس الشعرياتي، 4،عمالها، بالضرورة، إلى أنتاج تجربة جماليةلطريقة أدبية يفضي است

، وإال ..فنيا ما، ليس مطالبا بوصف جماله، وال بشرح أسبابه، ودواعيه -وهو يصف عمال أدبيا

nizwa 99: ، الموقع اإللكتروني1998، إبريل، 14: مجلة؛ نزوى، ع. عبد الرحمان بوعلي، مع أومبيرتو إيكو، تقديم وترجمة 1

@ omantel. Net. com2008أفريل : ، تاريخ التحديث. .93: س، ص. السيد، مر. غ: جيرار، من البنيوية إلى الشعرية، تر. ، جبارث روالن 2

3 Cf, T. Tzevetan, Poétque, Op. cit, P : 99. 4 Ibid, P : 103.

Page 150: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية، استلزامات ومبررات -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

150

معرفة القوانين، والمعايير، التي " اصطدم أفق الشعرية بأفق علم الجمال، ذاك الذي ينحصر في التي والخصوصيات للمعايير، العمل، بينما ترنو الشعرية إلى المعرفة الجيدة أنتجت جمال

- إذن –إن مورد الشعرية 1." ا معرفة إن هي تنتج الجمال أم التؤلف العمل، وتميزه دونممن هنا ال يخضع . الفني -مختلف، ال جرم، عن المورد الذي تنهل منه جمالية العمل األدبي

إللحاح الحاجة إلى المرور ببنية العمل من أجل تعليل جماليته ما دام في عالم الجمال دوما استطاعته أن يجد موارد أخرى يستلهم منها ما يساعد على تفسير الجمال، ويبرر طبيعة اللذة

لذلك فإن طريقه تظل محفوفة بمخاطر الذاتية، وشبهات النسبية لكون تلك . من العمل التي تندالسبب الذي "وهذا هو .إلى وتد واضح كما هو حال البنية بتة، وغير مشدودةالموارد غير مث

أن تطرح على نفسها شرح الحكم الجمالي كمهمة –بل ال ينبغي لها –جعل الشعرية ال تستطيع 2." فهذه المهمة ال تفترض مسبقا معرفة بنية العمل الذي يجب على الشعرية تيسيره فقط. أولى

نفهم من ذلك أن المتعة الجمالية المنحدر، ومعتاصة ة، وما شابهها، مسألة ذاتي– من ثم- عن بنية العمل من دون أن تكون من بين على المسك، والمفهمة، وأنها محض حاالت تند

العمل الفني " فصحيح أن .العناصر األصلية التي تدخل في تكوين البنية، وتسهم في ميالدهاولكننا نخطئ إذا ] فيه[كامنة "داللة إضافية " ا تكتسب موضوعية نسبية باعتبارها قد يولد لذة م

3."أكدنا أن هذه اللذة تكون جزءا الزما وضروريا من عملية إدراك العمل الفنيبناء على ما سيق، سوف لن نتحمل، في هذا البحث، عناء تسديد أسهم المقاربة نحو

و إننا لنرد ذلك إلى كون المقاربة . في بنية العمل الفني.. المتعة، واإلعجاب و مواطن اللذة،" المعجب "، ال شخصية " العالم "شعرية تفرض على الباحث أن يتقمص شخصية عينها مقاربة

المورد، ونسبي غامض ،عالوة على ذلك، ولئن كان علم الجمال *.لحظة التعاطي مع العمل 4.إنه يتعذر الحديث عن حساسية جمالية صرف، وبالتالي، عن تقويم جمالي خالصالتحليل، ف

1 Op. cit, P : 99.

.84: س، ص. تودوروف، الشعرية، مر. ت 2 .287: س، ص. سيزا قاسم، مر: ه حقيقة سيميوطيقية، ترموكاروفسكي، الفن باعتبار. ج 3". علم " بدال من الفعل " أعجب " من هنا نشاطر تودوروف رأيه حينما انتقد مفهوم الجميل الذي لطالما ارتكز على الفعل *

. 43: س، ص. تودوروف، مفهوم األدب ، مر. ت: ينظر4 Cf, G. Genette, Op. cit, George Dikie, Définire l’art, P : 27.

Page 151: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية، استلزامات ومبررات -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

151

وعليه، سوف لن يتأتى للمقاربة الجمالية ذاتها أن تمسك بتالبيب الحساسيلمن الذوقية، ة، وتع .!سر القيمة الفنية ألي عمل فني كان نهتكسوالمتعة، وت

في مقاربة البنية، ووصف الهندسة، – ى الشعريةبوصفنا نتبن –أجل، سننحصر لكن من يضمن لنا عدم تسرب شيء من شذرات التوصيف الذوقي .. واستجالء األشكال

الجمالي إلى جوف المقاربة ؟، وما يمنعنا من االنزالق نحو محاكمة محتوى البنية القيمي، نحو ؟ نعكف ؟ أومن أجل البنية نصف البنية ا بعدوصفنا البنية، وماذ !؟ الجمال: تفسير ما ال يفسر

على وصف البناء النحوي، والصوتي، والعروضي لقصيدة ما، ثم نتوقف عند هذا الحد؛ فما 1.؟ بفهم علة الحكم على هذه القصيدة بالجمال حقا الجدوى؟ أيسمح لنا ذلك

أن يضطرب منهج نا الشإننا لن ننفيعرياتي األسئلة في مقاربة موضوع هذه اضطرابثم 2.ة صارمةمما يضطرنا للتسليم باستحالة إقامة شعري. الخطاب السينمائي: هذه الدراسة

وقد أعلم، ،هذه القصيدة قصيدة : "أما آن لنا أن نعيد صوغ عبارة العنوان أعاله على هذا النحو .! " وقد ال أعلم إن كانت جميلة

فني وحسية الطرحعن االختصاص ال - 2-1-3لقد أثبتنا، في خالل الفصل السالف، أن الشعرية تختص بمدارسة الفني، والالفني من

ليست محصورة في مكاشفة اإلنتاج القولي فحسب، وإنما –فضال عن ذلك –الخطابات، وأنها وفي 3.يزي السيميائييمتد انشغالها إلى جميع النصوص، والممارسات ذات المنشأ اللغوي الترم

نية فال يشترط الجنسية ال –هو اآلخر –هذا المقام، إننا لنصبو إلى معرفة ما إذا كان علم الجمال .على اإلنتاجات النصية، الخطابية مقابل انخراطها في دائرة اهتمامه

إلى يومنا هذا يحيل إلى ذلك الصنف من " Esthétique -علم الجمال" ما يزال مصطلح إنما هو اعتقاد تجذر فينا بفعل القراءة . سفة الذي يتخذ من الفن، وإشكاالته موضوعا لهالفل

4.مخطوط نظري عن الفن في فلكهالتي لطالما طفقت تموقع كل العامة، أو األولية، للمصطلح - فلسفة الفن "، و" علم الجمال : "المصطلحين وقد انجر عن ذلك أن ضاعت الحدود بين

.80: س، ص. تودوروف، الشعرية، مر. ت: ينظر 1

.نفسه: ينظر 23 Cf, T. Tzevetan, Poétque, Op. cit, P : 108. 4 Cf, G. Genette, Op. cit, Timothy Binkley, « pièce » : contre l’esthétique, PP : 33 et 39.

Page 152: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية، استلزامات ومبررات -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

152

Philosophie de l’art " في كثير من السياقات –جعلنا نسارع ، فاختلطا على نحو – إلى عدبيد أن إمعان النظر في القضية سيجود بغير ذلك االعتقاد، ويكشف 1.علم الجمال هو فلسفة الفن

– اسة بين المصطلحين –من ثمعن تباينات حس . إن حقل . مخصوصا بمدارسة الظواهر الفنية وكفى علم الجمال أبدا ما كان" هنإالحق

2."دراسته أكثر شساعة من المجال الفني، ما دامت التجربة الجمالية غير متوقفة عند حدود الفنفهو مأخوذ بمطاردة الحس الجمالي أينما وجد، ومعني بتفقه النوعية الجمالية، وتحسس

أي إن ما يشكل بؤرة اهتمامه هو مطارحة ،..هاأطيافها، وإدراك مدى صفائها، وأصالتالتجربة الجمالية، ومكاشفة خباياها بوصفها نشاطا إنسانيا خاصا يتجاوز البنية الفنية،

من ثمة، فالدرس الجمالياتي إنما هو منشغل بمقاربة نمط من التجارب . ويرفض التكتل داخلهاتجارب مثلما يمكن أن تنتج عبر األعمال الفنية، يمكن، اإلنسانية ذات النزعة الجمالية، وهي

3.الالفنية )Les artefacts(أيضا، أن يتحقق لها ذلك عبر الطبيعة، أو المصطنعات أن علم الجمال ميال إلى تقفي أثر اللمسة الجمالية حتى وإن بناء على ذلك، نرى

انزلقت بنا المقاربة، في بحثنا هذا، إلى تبني فإذا ما. تواجدت خارج جغرافيا النص، أو النسقعلى الرغم من كونه يشكل مستوى من التحليل الجمالياتي فإننا ندحض هذا النزوع الالنسقي ،

ذلك ألننا محكومون بمدارسة بنية .لمصطلح علم الجمال جزءا أصليا من البناء المفاهيميجي رسمي يفقد الدرس الشعرياتي من دونه الخطاب، ألنها أصل وجوده، ومنطلق أنطولو

! جميع مبرراته المفهومية –من ثمة –جدواه، وشروط قيامه، وينتفي إن علم الجمال، وهو يجوز البنية ويتعداها إلى الطبيعة، إنما هو مصطلح حسي النزعة،

نشأته، لمدارسة العالم المحسوس فهو مكرس، منذ . هيولي التمثل، هالمي التكوين، واألفق ا من الكيان الجمالية في التلقي، واإلدراك، وإميحدد طريقة خاص ا من موقف جماليمنطلقا إم

فحسية المنطلق هذه، هي ما يمثل مفرق االختالف بين علم الجمال، وبين الشعرية 4.عينهمظهرت بنيته، وتجلت حدوده النسقية، والفن معا؛ إذ ال تنتصب شعرية النص إال إذا ت

النص مكان تبنى فيه األدبية، إنه الميدان الذي يظهر فيه العمل "ما إن، ومداركه العالئقية

1 Cf, Op. cit, PP : 39 et 40. 2 Ibid, P : 41. 3 Cf, Ibid, P : 33. 4 Cf, Ibid, P : 40.

Page 153: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية، استلزامات ومبررات -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

153

والفن هو كذلك؛ في جل أشكاله، وأجناسه 5." األدبي، وهو العملة الوحيدة التي يعرفها األدبمشقة عارمة في التكيف مع النموذج النظري المؤسس الكبرى، السيما األدب منها ، إنما يجد

مرد ذلك إلى أن ثمة . للفن ذاته، أو للجمال، والعلم المتخصص في تفسيرهالطبيعة الحسية علىفصحيح 1.أشياء كثيرة بوسعنا أن نستشف فيها تجربة جمالية من دون تلمسها، وإدراكها حسيا

فضال –يحتل أولى مراتب اهتمامات الفن، غير أن العمل الفني ال يحتاج " ماليةالج" أن إشكال إلى أن يكون شيئا جميال، أو تمظهرا جماليا، بل وال يحتاج حتى إلى أن – عن كونه كذلك

وعليه، بوسعنا ، *فالجمالية، من هنا، ليست وحدها ما يصنع فنية الفن 2.يكون محض شيءفالقطعة ، ن خطاب الفن، على كثرة أجناسه، ال يقتضي الحسية، وال يشترط الجماليةالقول إ

"من طبعتها، وانتمائها الفنيين، ذلك فحواه أن – مع ذلك –الفنية قد ال تكون جميلة، ولن تحرم نا أن حسب 3." الفنيشرطية امتالك المظهر الجمالي ال تعد ضرورة، وال كافية لتحقيق االنتماء

ة الفنية التي من أجلى مظاهرها إنتاج شرطا حاسما هو تلك القصدي يما يقتضيه الخطاب الفنالنصية، والبنائية، والتنسيق، وهي قصدية ال تعترف باللمسة الفنية، والحسية الجمالية

ائي بناك، حيث جمال الطبيعة، الجمال الهإنها مفقودة ه. الثاوية خارج البناء، وفعل السميأة ..مهووسة بإنتاج البنى، واألطر، واألشكال الذي يستحيل أن تقف وراءه إرادة بشرية

على الرغم ة، والتنصيص هي ما يمثل عروة الربط بين الشعرية، والفن إن حقيقة البنينعكس الشعرية التي تجوز ذلك متطلعة من كون عناية الدرس الفني محصورة في البنى الفنية

عنى هو أن كليهما ي –على الخصوص –فما يجمعهما . إلى معاينة البنية وإن لم تكن فنيةبمقاربة الجميل، والالجميل شرط أن يتجليا نسقيا، بنيويا، بينما ينشغل علم الجمال بمقاربة

فقد يدارس علم .. ط أن يتجليا حسيا، وذوقياالفني، والالفني؛ أي النسقي، والالنسقي شر ال محالة –وهو األمر الذي يخرج .الجمال الالبنية على أن تتوفر الحسية، والتجربة الجمالية

.هذا البحثفي عن نطاق المقاربة التي نصبو إلى احترافها –

. 153: س، ص. ج، األسلوبية، مر. مولينيه 51 Cf, G. Genette, Op. cit, Timothy Binkley, « pièce » : contre l’esthétique, PP : 44 et 45. 2 Cf, Ibid, P : 33, 34 et 53.

بقة، وال حتى المشابهة، بين فلسفة الفن، وعلم الجمال على نحو ما يحول العمل ما يبرر فعل المطا -إذن –لم يعد هنالك *فالخلط بينهما إنما يفضي إلى أوخم العواقب التي تؤثر سلبا في نتائج ممارسة . إلى مجرد شيء جمالي حسي -أيا كان –الفني

.Cf, Ibid, P : 41. التحليل على الخطابات الفنية3 Ibid, P : 42.

Page 154: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

شعرية، استلزامات ومبررات -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

154

نسقية، وسمة بناء على ما سبق، هل بوسعنا القول إن علم الجمال ال يقتضي شرط ال .العالئقية ؟

أو شعريتها إال إذا كانت نسقية التحيين، /ال شك أن التحفة الفنية ال تتحقق فنيتها، ويلتقي مع الشعرية في قضية النسقية، ويقتسم معه منطق االنسجام -إذن –فالفن 1.وغاية ذاتها

أن الفعل " يعتنق مبدأ ضا، غائي، حيث أي أما علم الجمال فهو،. الدواخلي، وشرط العالئقيةأن الجميل الفعلي هو أن الشيء "ويقر 2،" عالئقيا الجمالي ال يمكنه أن يكون، في جوهره، إال

3." ال يعني شيئا سواه، وال يدل على شيء إاله، وال يحتوي إال على نفسه، وهو كل تام بذاتهعتبر النسقية، واالشتغال العالئقي الذاتي خاصية تجمع ثالثتهم في بوتقة هكذا باستطاعتنا أن ن

بيد أن علم الجمال ينحرف عنهما، ويخالف عن . الشعرية، والفن، وعلم الجمال: واحدةإذ قد ينشغل بتفسير تناسق الجمال، .سبيليهما متعاليا على النص، ومخترقا حدود البنينة أحيانا

) أو شعرية(يكون كل فن بين ثنايا الطبيعة، ولعلة ذلك، ال -دونما قصدية –ا وانسجامه مبعثرجماليا ما دام يتالفى مستوى الحسية، ويرنو إلى مكاشفة الدالالت القصدية القابعة خلف مظاهر

االشتغال "لشرط –بصفة محورية –من هنا، نرى أن علم الجمال ال يستجيب 4.السطح، والبنيةلكنه، مع ذلك، يبقى نزاعا إلى . المثبت في تعريفنا المستخلص عن الشعرية أعاله" يائيالسيم

مقاربة الجمال في مستوياته المرئية، ال المسطورة، كما أنه يعترف بمنطق المخاللة بين جميل حيث إن الكيان الجميل ال بد أن يتخلله الال 5،الخصائص الجمالية، ونظيرتها الالجمالية

.!حتى يبدو جماله، ويتجلى في مدارسة هندسة البناء توصيفا، وتأويال، فإن عصارة القول، إذا كانت الشعرية تختص

.!علم الجمال هو ما يهفو إلى نعت إفريزه، ويلتزم بتعليل خانات تزويقه ذوقيا، وفلسفيا

1 Op. cit, P : 60.

.90: س، ص. السيد، مر. غ: جيرار، من البنيوية إلى الشعرية، تر. ، جبارث روالن 2 .44، 43:س، ص، ص. تودوروف، مفهوم األدب ، مر. ت 3

4 Cf, G. Genette, Op. cit, P : 66. 5 Cf, Ibid, P : 46.

Page 155: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

زامات ومبرراتاستل. شعرية -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

155

2-2- الشعرية؛ هل هما مصطلحان لمفهوم واحد ؟ة واألسلوبي حتى ليكاد الدارس يحسبهما نسختين متطابقتين تمام الشعرية مع األسلوبية يترادف ذكر

؛ فهذا وظف المصطلحين في وصف واقعة مفهومية واحدةإذ نجد نفرا من األسلوبيين ي .التطابقوطفق ، " األسلوبية "تعليق على شعرية جاكوبسون بمصطلح العبد السالم المسدي قد مضى في

بنية عدها مفهوما لألسلوب، وتوصيفا " الوظيفة الشعرية "مقولة ،في سياق آخر، يستحضر، وشعرية في معرض المنحى عينه، فما فرق بين أسلوبيةولم يخرج نور الدين السد عن 1.له

ظاهرةأما صالح فضل، فكم كان صريحا في تبئير 2.لشعرية الجاكوبسونيةعن ا حديثهمستوى قائما [...] تمثل الخواص األسلوبية للنصوص األدبية.. : "الترادف بينهما حين قال

التوصيف " آخرين ، ويسمى لدى"اللغة الشعرية " بذاته، قد يسمى لدى بعض الباحثين 3." األسلوبي لألدب

دونما أي ما اآلخرهل يعني كاله ؟، أو بعينها ةاألسلوبيهي -بعد هذا –فهل الشعرية .؟ لبس، وأي تباين قد يقع بينهما في الحمولة المفهومية

لسنا ننكر تالقيه ،ة،بال شكإنما حسبنا ما في نقط شتى من المفاهيم، واألبعاد األنطولوجياألصلي الحتمي ما هوإال كيف نفسر افتراقا، أن هناك تمايزا حساسا ال مناص من وجوده بينهم

أسلوبيات * إن األسلوبية .؟ " Poétique " ،" Stylistique " مفرق االصطالح، والتسمية؛عند حيث إن تعدد مناحي مدارسة األسلوب ذاته هو الذي أفضى إلى .على غرار شعريات الشعرية

، 47و، 46: ص، ص، 1993، الصفاة، الكويت، 4: عبد السالم المسدي، األسلوبية واألسلوب، دار سعاد الصباح، ط: ينظر 1

. 96: وص، دار هومة 1، ج)األسلوبية واألسلوب(نور الدين السد، األسلوبية وتحليل الخطاب، دراسة في النقد العربي الحديث : ينظر 2

. 15: للنشر والتوزيع، دط، دت، بوزريعة، الجزائر، صفي بجدة، الطبعة الثالثة مزيدة ومنقحة، المملكة العربية صالح فضل، علم األسلوب، مبادئه وإجراءاته، الندي األدبي الثقا 3

. 154: ، ص1988، أبريل، 02السعودية، ترجمة " أسلوبيات " على اعتماد نظيره "Stylistique "ترجمة للمصطلح الفرنسي " أسلوبية " إننا لنؤثر اعتماد مصطلح *

سعد : ينظر(.. لدن سعد مصلوح على نهج سيميائيات، تداوليات، ونحوهما ، مقترحة من"Stylistics "للمصطلح اإلنجليزي ، 1990، جدة، السعودية، 59: مصلوح، مشكل العالقة بين البالغة العربية واألسلوبيات اللسانية، كتاب النادي األدبي الثقافي، ع

سلوبيات بوصفها علما، ومصطلحا، وبين ونحن، إذ نفعل ذلك، إنما حرصا منا على التمييز بين األ. )868، 821: ص، ص . األسلوبيات بوصفها جمعا، وعددا كما ورد في سياق المتن أعاله

Page 156: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

زامات ومبرراتاستل. شعرية -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

156

وبغض الطرف عن تكاثر اتجاهاتها، *،ورا، متكاملة إجراءإنتاج اتجاهات أسلوبية متخالفة منظأصاب األسلوبية من داخلها، فكيف بها ال هو كون التباين قد - في مقامنا هذا –فإن ما يثيرنا

إنما بيت القصيد . تتباين عن كيان مصطلحي يسكن خارجها، متمتع بوجوده الذاتي، هو الشعريةاآلخر، إن مفهومية تأسيسية بين مصطلحين ينماز الواحد منهما عن هو في وجود بؤر تقاطع

جاء مصدر اإللزام في استبار حال التجاور بينهما، على أن نجوس ن هنا، م .قليال، أو كثيراوفي االتجاه المفاهيمي الخاص للشعرية المحدد التي تخدم مقاربة هذا البحث ةاألسلوبي لمفاهيما

عالقة األسلوبية بسواها من الحقول المعرفية لم "لم أن خاصة إذا ع **،ل الباحثسلفا من قبفي حاجة إلى تقصي اتجاهاتها جميعها، وفرزها فرزا -إذ ذاك –ولسنا 1." تحسم حسما كليا

.. إلى تبني منطق االستلهام، والتخير من جملة االتجاهات، والنظريات سنعمدإذ سرديا، " الرامي إلى عدم وجود " Hatzfeld Helmut - هاتزفيلد" تندين، في ذلك، إلى موقف مس

2." بل ال بد من إدماجها وتكاملها في اتجاه واحد[...] اتجاهات متخالفة في علم األسلوب

مفاهيم أسلوبية في معبر االستلهام - 2-2-1 في سبيل التجريد.. العينية واالنفراد - 1- 2-2-1

وهل بوسعنا .بالجانب التجسيمي التحييني للخطاب األدبي – ال ريب –ترتبط األسلوبية ؟ فني محدد -، أو في أي جنس أدبيأن نتحسس أسلوبا لم يتجسد بعد في قصيدة، أو رواية

يز العملي إال بالجدول الثاني من الظاهرة وهو الح] األسلوبية[إذ ال يمكن أن تتصل . "كالأصعدة ولئن كانت 3." عبارة أو خطابا أو نصا أو رسالة أو طاقة بالفعل: المحسوس المسمى

والداللي ،والنحوي ،التحيين، واإلنجاز في الخطاب األدبي متمايزة، إذ منها المعجمي ..اك الذي يمثل ؛ ذوحسب" األسلوب "بمكاشفة صعيد - ئذعند – اختصت األسلوبيةونحوها،

اقترابا عينيا فرديا من أعمال أدبية فردية مكتملة بل ويحتم عليها أال تكون إال بؤرة انشغالها، كلمة أسلوب تشمل كل عنصر خالق في اللغة ينتمي إلى "كون حيث يرجع ذلك إلى .اإلنجاز

.نور الدين السد، مرجع سابق: لالطالع على أبرز اتجاهات األسلوبية في صورة تصنيفية واضحة، ينظر *

. 137: البحث، الفصل األول، ص:ينظر ** . 42: س، ص.نور الدين السد، مر 1 . 165: صالح فضل، علم األسلوب، مبادئه وإجراءاته، ص 2 . 39: س، ص.عبد السالم المسدي، مر 3

Page 157: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

زامات ومبرراتاستل. شعرية -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

157

إال " وب الرجل هو الرجل نفسهأسل": " Buffon "وما العبارة الشهيرة لصاحبها بيفون 1." الفردأن – فيما تعنيه –إذ هي تعني دليل على انفرادية ظاهرة األسلوب، ومن ثم، كشافها األسلوبية؛

وميزة فردية ال تتكرر، لصيقة بصاحب ثمة، في األثر األدبي، ختما شخصيا ال يقبل التزوير، 2.األثر

األسلوبيين، أولئك الذين يسعون حثيثا إلى إذا، إذا كان األسلوب يتجلى حس رصديا، فإن إال من خالل التصادم الفعلي معه البؤر األسلوبية المضمنة في العمل األدبي، لن يتأتى لهم ذلك

"الحيثية المتعلقة بـ هنا، يحق لنا اعتبار األسلوبية شريكة الشعرية في. تصادما تحليليا تأويليا .سالفا مفهومنا المستخلص نص من" ية التأويلعين

يعبره جسر باألثر األدبي بالمباحثة؛ هل التصادم الكشفي التأويليلكن السؤال الجدير .؟ األسلوبي نحو ضفة التجريد، والمفهمة، أم هو هدف نهائي مختوم

ب األدبي في جوانبه الشكلية مدارسة الخطا إلىبال شك، تهفو األسلوبية، هفو الشعرية، تحاول أن ،من ثم، وهي 3،الموضوعاتية ةالبنيوية دونما اهتمام رسمي بجوانبه اإليديولوجي

4.تختص بمعايرة التراكيب اللغوية الخاصة باألدبية شرط أن تكون محققة في خطاب محددكيف ال، وقد سلمنا أعاله بأن .االشتغال الكيفي على عمل أدبي منفردهي –إذن –فاألسلوبية

كيفية "إال بوصفه –هو اآلخر –األسلوب، الذي يمثل المادة المركزية الشتغالها، ال يتحدد بناء على ذلك، سيجد األسلوبي نفسه في مثابة قناص أساليب 5." الكتابة المتميزة لمؤلف معين

" لهذه العلة، ظلت األسلوبية تصر. اص آلخرمن نص آلخر، ومن ن ،حتما، المنتهية، تختلفخصائص أدبي لكل نص ه الجمالية على أنه ومظاهرالتي تحدد أدبي نته والتي ينبغي أن تعايبيد أن هذا اإلصرار، من قبل األسلوبية، على تقفي أثر 6." باستقالل عن النصوص األخرى

. 36: س، ص.نور الدين السد، مر 1

2 Cf, Oswald Ducrot, Todorove, T, Op. cit, P: 101. .163: س، ص. ج، مر. مولينيه: ينظر 3 .22: المرجع نفسه، ص: ينظر 4 .116: صالح فضل، علم األسلوب، مبادئه وإجراءاته، ص 5 .http aljabriabed : ، الموقع االلكتروني 22: محمد القاسمي، الشعرية اللسانية والشعرية األسلوبية ، مجلة فكر ونقد، ع 6

com، 2006 – 11 -22: تاريخ التحديث.

Page 158: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

زامات ومبرراتاستل. شعرية -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

158

إذ يستحيل دون تمكنها من التقعد، والتأسس، –ما نرى ك –كيان آلخر، سيحول األساليب من .ختلفة المنشأأن يتحكم منطق استقصائي واحد في استشفاف خواص أسلوبية م

جميع ، بموجبه،سنظام تقعيدي تدار عاجزة عن تجريد –والحال هذه –أليست األسلوبية ،العلمي هايعني ذلك انتقاصا من شأنال أ؟ اخطابات مهما اختلفت أنماطها، وآليات انبنائهال . ؟ اإلجرائيو

ففيما تظل األولى األسلوبية، والشعرية؛ ن ذلك هو مفصل االفتراق بين خطي إالحق المجسدة، تنصرف الثانية إلى البحث عن البنيات المشتركة بين مختلف مشدودة إلى وتد النماذج

إذا وعليه، . خطابي -أي إنتاج نصي كاشفةألن تعتمد في م مما يؤهلها 1،النصوص اإلبداعية، فال نرانا في مسيس الحاجة إلى ةفي هذا المستوى من الخصوصية، والفر دانيكانت األسلوبية

الخطاب " ين في مقاربة موسوم هذا البحث فقد نكون أسلوبي. اعتمادها في دراستنا هذه ،، وبشرط أال يكون الفيلمالتأويلي ة في طابعها النسقيي، على أن نستثمر األسلوب" السينمائي

ننا نقبل باألسلوبية، وإن نسبيا، إذا ما كنا نسلم إأي؛ .محطة في مشوار المقاربة آخر ،منفردا 2." الغالف اللغوي لشعرية اآلثار األدبيةاألسلوب هو " بأن

لوبية بال سند نظري يؤمن مسارها ه ليس من الحكمة في شيء أن تبقى األسإال أنمن خالل محاوالت أسلوبيين كثر على –فلطالما اشرأبت .واتها التحليليةاإلجرائي، ويعلمن أد

تجريديا ألن تكون علما تحليليا هلهابما يؤ إلى مفهمة التفكير األسلوبي – اختالف اتجاهاتهمد أمر التالبس بينها، وبين 3.انية في حقل إنسيصبو إلى مالمسة الموضوعيمن هنا، يتجد

ية مجردة، وجاهزة، وظيفتها أن تتحمل عبء إذ كالهما يجاهد وكده في سبيل تمثل بن الشعرية؛ذلك ما *.زهاتستطيع توصيف العمل األدبي قبل نج ..اختزال منظومة من المفاهيم، واإلجراءات

المثبتة في النص المعتصر " الخطاب الثالث "مع فكرة يدعو إلى تساوق المشروع األسلوبي مراوحة بين ، أيضا،ةإذ تعرف األسلوبيالفصل السالف، استخالص عن مفهوم الشعرية في

.المرجع السابق: ينظر 1

2 G. Desson, Op. cit, P : 09. .37: س، ص. م، مر. عبد السالم: ينظر 3إن المنهج األسلوبي ال يمكن أن يكون إال قبليا بمعنى أنه البد من وضوح أدواته اإلجرائية وتحديد مفاهيمه تحديدا " حيث *

. 137: س، ص. ، نور الدين السد، مر"علميا دقيقا، وذلك يكون قبل الشروع في تحليل الخطاب األدبي

Page 159: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

زامات ومبرراتاستل. شعرية -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

159

اشتغال نظري في حال تبنيها مشروع فهي ذات *؛نزعة التنظير، ولهفة التحليل العينيال ي في حال أن تصرفت بوصفها فرعا لسانياتيا اشتغال تجريب وذاتالتأسيس لعلم األسلوب،

1.يحتاج سوى إلى منهج واضحشرعية هجران -على غرار الشعرية –أن اكتسبت األسلوبية وقد انجر عن ذلك أيضا

بأنها الدراسة العلمية لألسلوب أي أسلوب كان، [..] تعرف " فأضحت ، حاضنة األدب، والبالغةإلى كل اإلنتاجات اللغوية -بالمدارسة والتحليل –ومن ثمة، التفتت 2." بي وحدهال األسلوب األد

حتى وإن لم تكن أدبية األصل، مما منحها أحقية تقصي كل الصياغات الهادفة إلى ،البشريةبمقدورها أن تضم أكثر من األدب، والبالغة في دائرة – إذ ذاك –غاية تعبيرية معينة، ليصبح

تختص (شطرين؛ أسلوبية خاصة - ** على نحو الشعرية – هكذا انشطرت األسلوبية 3.شتغالاالوهي ما 4،)تختص باألسلوب في جميع اللغات دون تحيين(وأخرى عامة ، )باألسلوب األدبي

ة ة بصريأمام الحديث عن أسلوبي لمجالا فسحنأن يجدر بنا استثماره، في بحثنا هذا، عسى ةسينمائي!

ودينامية البنية شتغال السيميائياال - 2- 2-2-1ذلك فحواه أن أفق . سيميائيا كون إالياألسلوبية أن مشغل من منظور ما سبق، ليس بوسع

- يجتاز الشرطية اللسانية في قيام الخطاب األدبي –في جميع اتجاهاتها –المدارسة األسلوبية ذلك إلى أن األسلوب عينه مرد 5.لنشاط الداللي، ويقبع اإليحاءيعتمل ا إلى حيث الفني، متطلعا

حتى وإن قد من نسيج لساني –ألي إنتاج خطابي إذ إن الهيكل الذاتي لساني، -حدث فوقال يمثل سوى الدرجة األولى، أو السند القاعدي الحرفي الذي يرتكز علية بروز –بحت

6،فية التي بها يتم التوليف بين عناصر ذلك الهيكل درجة ثانيةفيما تمثل الكياألسلوب،

. 137: ؛ ينظر الفصل األول من هذا البحث، ص"الشعرية خطاب ثالث يقع بين تجريدية التنظير، وعينية التأويل " *1 Cf, G. Desson, Op. cit, P : 09.

.15: س، ص. نور الدين السد، مر 2 .23: ن، ص. مر: ينظر 3

. 44: صالفصل األول، البحث، : ينظر ** .39: س، ص. لدين السد، مرنور ا: ينظر 4 .18: س، ص. ، ونور الدين السد، مر26: س، ص. مولينيه، مر. ج: ينظر 5 . 77: س، ص. عبد السالم المسدي، مر: ينظر 6

Page 160: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

زامات ومبرراتاستل. شعرية -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

160

إنما هي تشكالت لغوية عالماتية ، ة، في نص مافالبقع األسلوبي .أو مستوى عرضيا تضمينيانظام "-وال ضير –ه إن ناشئة، تنتظر القراءة، والتأويل، وكأن األسلوب لغة طارئة تحتل لغة

األسلوبية، لسبر هذا النظام، إال أن تجعل من فال يسع 1،"عالمي في صلب نظام عالمي آخرإال أن تنافس – من ثمة –وال يسعها 2،محور اشتغالها )La connotation(الداللة اإليحائية

عاتها، إجراءوطموحا ،السيميائية، بمختلف تفر! ننكر أن المواطن التي تفرز األسلوب في خطاب ما مواطن ال يمكن أنمن هذا المنظور،

ببؤر األسلوب ة شبيهة ة التي تمثل أجلى مصادر الشعريإذ بوسعنا اعتبار البؤر النسقي. نسقيةالذي استوقف م. ةالتي هي محل الدراسة األسلوبي ريفاتير . فالبروز األسلوبي)Michael

Riffatérre(،إنما هو ، نسقي نت ،ملفت في حقيقته، بروزوإال فما يجذبنا إلى المج الخطابي وإنه .؟ لوال تلك التوليفات البنيوية الرافضة ألن تكون محض مسارات شفافة نقالة للمعلومة

أن يكون هذا البروز األسلوبي النسقي، فضال عن جاذبيته، منفتحا -عالوة على ذلك –ليجب ضربة في الكيان اإلنتاجي لهااميالت القارئ انفتاحا استفزازيا، بحيث يكون إهتأوعلى

بعض عناصر ما حمل ريفاتير إلى تعريف األسلوب على أنه إبراز -إذن –ذلك .للخطاباكتشف وإذا حللها ، إليها بحيث إذا غفل عنها شوه النص القارئتوجيه انتباه و ية،سلسلة الكالمال

–فال جرم 3.مما يسمح بتقرير أن الكالم يعبر واألسلوب يبرز ،دالالت تمييزية خاصة لهاتنطلق من لكونها ،في تعضيد مقاربتنا" األسلوبية البنيوية "نتبنى اتجاه أن – والحال هذه

وجه، على أنها وقائع حمالة أ * 4،" دراسة الظاهرة األدبية ووقائعها األسلوبية في النص ذاته"فحوى ذلك أن .وتمتلك القدرة على قنص تأويالت القارئ، واستثارة ردود أفعالهوقراءات،

ة هي األخرىة البنية األسلوبيبنية دينامي ، بين قطب نسقي إنتاجي تقتضي وجود تجاذب إيجابي

. 77 :المرجع السابق، ص 1 .13، 12: س، ص، ص. مولينيه، مر. ج: ينظر 2

3 Cf, R. Michael, Essais de stylistique structurale, ed ; Flammarion, Paris, 1971, P : 31. .91: س، ص. نور الدين السد، مر 4؛ أي تلك التي تعنى بنسق الرسالة لذاته، وإننا لنتبناه ألنه يتساوق، بل "أسلوبية الرسالة " وهو االتجاه الذي يمكن تسميته بـ *

محمد العمري، تحليل الخطاب : الباحثون لألسلوبية؛ ينظريتطابق، مع منطق الشعرية، فضال عن كونه قاعدة ألي تقدم يريده ، ص، 1990، 1الشعري، البنية الصوتية في الشعر، الكثافة، الفضاء التفاعل، الدار العالمية للكتاب، الدار البيضاء، المغرب، ط

. 49، 47: ص

Page 161: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

زامات ومبرراتاستل. شعرية -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

161

فاعليات حمله مننسقي تمثله كينونة المتلقي بكل ما ت -خارجيحتضن الوقائع األسلوبية، وقطب ولكن بشرط أن 1،" األسلوب هو النص في ذاته" فصحيح أن ..ثقافية اجتماعية نفسية وجودية

إن –بمنطق معكوس –أي يحمل في ثناياه قابلية استشفافه من قبل متلق يوجد خارج النص، داخل بنية -2 نثرا غير أخرق –البؤر األسلوبية هي عبارة عن ردود أفعال المتلقي منثورة

هاالنص بحيث يتوجها، ورصدسبر 3.ب على األسلوبي أن ينتظم وفق استراتيجية التفاعل بين يه وفضال عن دينامية األسلوب، فإنه يتعين عل

4،التضمينيالتوصيل اإلخباري، والتنسيق طاقتي مما يعتتب البنيوي حي امن لزم األسلوبيفال يرتكض خلف تثبيت المساحات المرجع في بنية الخطاب األدبي؛التوالج بين النسق، و

ح الواقع سرصد فالنسق المغلق، وال هو ينحصر في النسقية وحدها فيه، فيسقط في أغلوطة ة التخييل في قيام ينسى شرطيالمبثوثة فيه بحثا عن مدى دقته في محاكاة العالم الخارجي، ف

التي !الهوية العالئقية "اهتمام األسلوبية البنيوية على استكشاف إنما ينصب 5.األدب، واإلبداعوهو األمر الذي نراه يتناغم مع 6،" تتحدد معها الوحدات بوظيفتها داخل العالقات اآلتية للبنية

المتمخض عن مقاربتنا الواصفة لمصطلح " مرجعي -استراتيجية التفاعل النسق" مفهوممن حيث )Ch. Bally(استثمار أسلوبية شارل بالي ،أيضا ،مر يستدعيوهو أ. الشعرية أعاله

،من ثمة، ، ويستدعينه جعل األسلوب استعماال تفاعليا كيماويا لعناصر اللغة المعزولةإإدراكية االعتراف بأبدية سؤال األسلوبي، واعتياص األسلوب على التحديد لكونه امتزاجا بين

7.واإليحاءير اإلبالغ، وميوعة التأث

2- 2- 1- 3 - التنسيق واالنتقاءضلة وة الفأسلوبي

. 135: س، ص. نور الدين السد، مر 1 . 26، 24: ، ص، ص1988، تونس، 1في النص األدبي، الدار العربية للكتاب، ط محمد الهادي الطرابلسي، بحوث: ينظر 2 . 22: س، ص. نور الدين السد، مر: ينظر 3 . 96: س، ص. عبد السالم المسدي، مر: ينظر 4 . 89: س، ص. نور الدين السد، مر: ينظر 5 . 90: المرجع نفسه، ص 6 . 36: ، وص106: ، وص89: ص س،. عبد السالم المسدي، مر: ينظر 7

Page 162: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

زامات ومبرراتاستل. شعرية -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

162

مع مفهوم الفضلة النصية المشار إليه في الفصل -فيما نرى –كذلك تلتقي األسلوبية النفسية البنيوية؛ )Léo Spitzer(إحدى حيثيات أسلوبية ليو سبيتزر اوإننا لنستثمر هاهن .السالف

اها أنفي درسه ما يتسم به الخطاب األدبي من عوامل " مؤد على دارس األسلوب أن يراعيفال يحق لدارس األسلوب أن يهمل أي عنصر من عناصر النص األدبي [...] تبدو أنها تافهة

يستمد العنصر الحي وجوده وإن كان يبدو ميتا وال فعالية له في النص، فبالعنصر الميت مناطق التأسلب في جسم الخطاب قد تكون بمثابة خاليا ميتة على أال تكون الحال أن 1."وشكله

بمعنى أنها بموتها الفعال . تتعزز أسلوبية الخطاب ذاته – المتواجد –قابلة للسقوط، إذ بموتها القول، نستطيع وعليه، عامال في بروز األسلوب، وتجسمه، ،من ثم ،تلفت انتباهنا، وتكون

ال تملك إالها، ولو لم تكن كذلك، لعنت شيئا، أو لما كانت شعرية عنها، إنما هي أنسجة نسقية !ألسلوب في بنية الخطابامميزة بموتها، وباعثا من بواعث

ي -إذن –البدي في مساحة األصل النصمن انخراط الفائض النص . نفهم من ذلك أن.. ى ضرب من التنسيق يمارسه الناص بحذر سيميائي تداولي جماليالزوائد النصية ليست سو

. )L’axe de sélection(ها نشاطا انتقائيا استبداليا مستحضرا عبر محور التنسيق مما يجعل 2.صنع من مصانع إنتاجية األسلوبالركني، واالستبدالي هو، أيضا، م :فالتناغم بين المحورين

نتيجة النتقاء المؤلف من بين إمكانات اللغة االختيارية التي تقوم [..] يولد األسلوب" معناه أنشريطة أن يكون نشاط االنتقاء المسلط على ما توفره اللغة من سعة، 3،" بينها عالقة التبادل

وتخلف تبئيرا 4،إذ ليس كل صياغة منتقاة تنتج أسلوبا قصديا موحيا، وطاقات، نشاطا واعياولما كان األسلوب مرتبطا بوعي الناص، لم يكن .جعيا بنائيا إيحائيا في نسيج الخطابالمر

معنى هذا أن األسلوب معان " هناك ما يمنعنا من عده ظاهرة غيابية تحينها حضورية النص؛ به ن يجري به اللسان ويجري مرتبة قبل أن يكون ألفاظا منسقة وهو يتكون في العقل قبل أ

. 74: س، ص. نور الدين السد، مر 1 . 178: ، إلى ص157: ن، ص. مر: ينظر 2 . 132: صالح فضل، علم األسلوب، مبادئه وإجراءاته، ص 3 . 142: س، ص. ونور الدين السد، مر. 75، 74: س، ص، ص. عبد السالم المسدي، مر: ينظر 4

Page 163: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

زامات ومبرراتاستل. شعرية -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

163

الوجود، /لمبدأ التفاعل بين الحضور -جرم ال – بما يستجي -إذن –ذلك 5."القلم .الالوجود بوصفه محرضا على إنتاجية السبك الشعرياتي للخطاب/والالحضور

2-2-2 - مفاهيم في خدمة المقاربة ةبالغي حدا بنا إلى تخصيص هو ما 1 بال ريب، إن اعتبار األسلوبية وريثا شرعيا لعلوم البالغة

" البالغة"إلى جوس مالبسات هذه الوقفة المختزلة مع بعض الجوانب البالغية بغير ما حاجة ، من األسلوبية ذاتها، إلى إنما هي أقرب -فضال عن ذلك –والبالغة .المفهومية، والتأسيسية

وعليه، إننا . بحثعصب المقاربة في هذا ال ،ههنا ،تمثل ومساءالتها التي * 2،تخوم الشعريةفامتلكت التأهيل تكيفت مع معطيات الدرس األدبي الحديث، لنقصد، في هذا المقام، البالغة وقد

بطاقة االنخراط في ما ت، وبالتالي، اكتسب"نظرية األدب " طرق أبواب في تجريد المدارسة، و 3.ةة، أو اللسانية البنيويعرييعرف بالش

لالقتراب من مناطق "ها المخلص إن ما يعنينا من البالغة هو سعي، تأسيسا على ذلكواشتغالها على الخطاب من دون تقيد 4،" القوة في التعبير والتأثير ومكوناتها اللغوية، والجمالية

ن، إجناسيمعي انحصارها في بحث قوانين الخطاب األدبي دون سواه نمطي فهذه 5.أي عدممقاربة ظاهرة الخطاب، إنما هي ما يقرب البالغة من منظوري األسلوبية، اإلطالقية في

من إنتاج مستوىمحاولة ما سنستأنس به في -تدقيقا –وهي والشعرية على حد سواء، .تحليل بالغي سينمائي كما يقتضيه سياق هذا البحث

. 65: س، ص. دي، مرعبد السالم المس 5

1 Cf, Guiraud. Pierre, La stylistique, coll, Que sais-je, N 646, D, U, F, 7éme ed, Paris, 1972, P : 5, 11, et p : 28. .س. محمد القاسمي، الشعرية الموضوعية والنقد األدبي، مر: ينظر 2البلجيكية إلى تجديد مفاهيم البالغة على نحو يصنف " مو"فع جماعة جينيت يعتبر الشعرية بالغة جديدة، ود. ذلك ما جعل ج *

.نفسه: الشعرية من أبرز ركائزها؛ ينظر .س. محمد القاسمي، الشعرية اللسانية والشعرية األسلوبية، مر: ينظر 3 .202: س، ص. صالح فضل، علم األسلوب، مر 4 .28: س، ص. نور الدين السد، مر: ينظر 5

Page 164: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

زامات ومبرراتاستل. شعرية -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

164

األسلوبية؛ جمالية محايدة - 2-2-3وهي تحذو، في . ضمنايد من مقوالت علم الجمال إن علنا، أو تتمازج األسلوبية مع العد

مقولة جمالية تنسحب ألسلوبا" حتى أن بعض األسلوبيين قد عد .وال شك ذلك، حذو الشعريةبناء –وإننا لنجد 1." بصورة مماثلة على جميع أشكال الفن، وتتسم بها الحياة والكالم الجاري

ألنها التزمت التأثيرية أكثر تساوقا مع مثل هذا التصور؛ " بالي ارلش "أسلوبية -على ذلكفاألسلوبية 2.التزاما بينا بمحاولة سبر ظواهر تعبير الكالم، وكشف آثارها في صفحة الحساسية

حينما تسلك سلوكا جماليا، يعني أنها تريد إلى معاينة مساحات من الوجدانية، -إذن –. على أن تكون مساحات تختزن الباث، والمتلقي في آنالنص، والحساسية المضمرات في

محض تمظهرات لغوية ذات آليات خاصة في استحواذ ، أيضا،األمر الذي يجعل من األسلوب .ردود فعل المتلقي، ما منعطفات نصية تلتقي عندها حساسيتا المبدع، والمتلقي أن األسلوب هو فحوى ذلك

ليس بوسعه أن يكون إال طفرة إذ مقصدية من طراز عال، تواصليا ذا يصيره مسلكا خطابيامع المفهوم الهايدجري " األسلوب"وههنا، يصبح مفهوم ،نصه نسيجالمبدع في رؤيوية يزرعها

3!.في كفة واحدة" العالم "لـمحصورة من أن كل ما في األمر هو مجرد سلوك جمالي تتبناه األسلوبية في جوانب بيد

بدال من -لعلم الجمال كما أراد بومجارتن –فال يعقل أن تكون علما للحساسية . التحليل ليس إالأن التعريف العام "رأيه " جينيت. ج"المنظور، إننا لنشاطر ومن هذا !أن تكون علما لألسلوبيبقى محايدا أي اعتبار للقيمة، ويمكن لوصف أسلوب خاص أن[..] لألسلوب ال يستدعي

اهتمام ال تعير أي -ةالشعري ها شأنشأن –ة مما يعني أن األسلوبي 4،" تقويميا بصورة كاملةن المحلل األسلوبي إوالحق .في الخطاب ، وحوافز الحكم القيميالجمالي تقويملمقتضيات ال

أفعاله إزاء رشحان األسلوب، المجسدة في ردود ، وأحكامهحينما ينشغل برصد ذاتية المتلقيبنية النص، ودونما نوطة بالم يفعل ذلك محاوال ربطها بمسبباتها القصدية الموضوعية إنما

.27: نفسه، صالمرجع 1

2 Cf, Bally. Charles, Traité de stylistique française, Klincksiek, 3ém ed, Paris, 1951, P : 16. .119: س، ص. صالح فضل، علم األسلوب، مر: ينظر 3 .94: س، ص. السيد، مر. غ: جيرار، من البنيوية إلى الشعرية، تر. روالن، ج. ب 4

Page 165: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

زامات ومبرراتاستل. شعرية -الفصل الثاني نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

165

هكذا، إن غاية األسلوبي محصورة في تحديد مواقع 1.انشغال بتبرير تلك األحكام جمالياكان ذلك األسلوب جيدا، أم الخطاب، وليس من مهمته، البتة، أن يخبرنا ما إذا داخل األسلوب

*.رديئا " مفاهيم الظل "على اإلحالة إلى – في ختام هذا المبحث –عالوة على ما سبق، نحرص

والتي نرى أننا نحتاجها في مقاربة التي بوسعنا استخالصها مما تتيحه النظرية األسلوبية، سمة التكرار كر، في هذا المقام، نذ .موسوم هذا البحث السيما على الصعيد اإلجرائي التحليلي

ا يكسبه قوة اإلحالة به إلى واجهة الخطاب، مم صعدسهم في بروز عنصر على آخر، فتتالتي من –فالتكرار .ةة الجماليالوظيفة الشعري ة، ومدارحيز النسقي ،ةمن ثم ،إلى الذات، فيدخله

ي البنية النصية، فسمح بالتعرف على عمل عنصر ما هو الوسيلة الوحيدة التي ت" -هذا المنطلقإنه، في حقيقته، توزع لماح ملفت 2." وتحديد هويته وتقييم مدى داللته وذلك باكتشاف وجوده

منابت في ذاتهالمساحات لغوية توليفية على صعيد النسق الخطابي، تشعر المتلقي بأنها تمثل -الوسم" مفهوم ن للدارس تمثل هذه الحقيقة إال باستعارة كوال يم .األسلوب، ومنابع الشعرية

Le marquage "فيكون محل الشعور ، ناط باكتشاف السمات المحققة للوظيفة الشعريةالذي ي La-التحديد الزائد "مفهوم أما 3.بانتشار خطابي لجمالية يصنعها االشتغال اللغوي ال غير

surdétermination " الوظيفة الطاغية" لمفهوم نعكاسنرى فيه غير افلسنا- La fonction

dominante "يختص بوصف النص أكثر من وصف الخطاب فهو جاكوبسون؛ الذي أنتجه 4.، حيث يقال عن النص الذي تحقق فيه إنه نص محدد تحديدا زائدااألدبي

. !؟ في حلة قشيبة " سلوبيةاأل "لنا اآلن أن نحكم على الشعرية بأنها أال يحقوبعد،

.84: س، ص. دي، مرعبد السالم المس: ينظر 1روالن، . ؛ ب"ال يعني، أبدا، أن لكل نص أسلوبا جيدا )لكل نص أسلوب(إن [...] القول " جينيت أن . لهذه العلة ارتأى ج * . 94: جيرار، من البنيوية إلى الشعرية، ص. ج .13: س، ص. مولينيه، األسلوبية، مر. ج 2 . 168: ن، ص. مرال: ينظر 3 .174: ن، ص. مرال: ينظر 4

Page 166: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

166

عالئقية البنيوية وصوفية التفكيك -2-3مرامي توحي هذه العتبة العنوانية بأننا سنقتصر، في هذا المبحث، على تصويب

الوظيفي النسقي من جانب التعالق حيثية النظام، و االستثمار المفاهيمي المنهجي نحو استبارمن –مرد ذلك .تناهي من جانب التفكيكيةوكذا حيثية اإلخالف الداللي الغيابي الالم البنيوية،

خصائص اإلنتاج اإلبداعي جلىإلى كون هاتين الحيثيتين هما من أ – منظورنا على األقلاألدبي- السيما، المتخص ،ومن أقرب المفاهيم إلى فلك الدرس الشعرياتي ،في مفاتحة صالفني

. الخطابات اإليحائيةمعناه . عة الشعرية إزاء البنيوية، والتفكيكية معاضول إلى موعلى هذا النحو، سنجد السبي

ملحة المناسبة التي تقتضيها في المحطات المن كليهما أننا سنعمد إلى توظيف بعض المفاهيمعلى في هذا المقام،أو التمركز، وال ضير إننا سنشدد قبضة التقصي، .مقاربة هذا البحث

على أن تكون لنا سندا إجرائيا نستكشف من خالله الخطاب" ةالبنيوية األدبي " محوركة السينمائية متحربه نحو .بوصفه بنية مرئيالتفكيكية، فسنصو ا استقصاءالتقاط مزاياها أم

.التي سنحتاج إليها عضدا منهجيا تحليليا في قراءة األنموذج المقترح في بحثنا هذاالنقدية

تجليات وعي بنيوي يةوسيرسالسانيات للا- 2-3-1يتمثله في محاضراته إنما هو دي سوسير . الذي انبرى ف اللسانياتي التأثيلي الحس ذلك

جميع معالم البنيوية في مختلف تداعياتها المنهجية، الصخرة األولى التي تشظت منها !؟ يا متأخرا، أم كان البنيوي األولفهل كان دي سوسير بنيو. وانحرافاتها الفلسفية

في محاضرات " في مؤلفه " البنية " ن دي سوسير لم يوظف البتة مصطلح إالحق وعلى الرغم من Le système ".1 –النظام "، أو "ق النس "إنما كان يعتمد ،" اللسانيات العامة

نايا الطرح حمي البنيوية المندسة بين نكران المرا –وال المعقول –، ليس من الممكن ذلكلم يتكرس، ولم يعتمد موضوعا مستقال يقبل المباحثة، " البنية "فصحيح أن مبدأ . السوسيري

ضد على يد مجموعة محصورة من اللسانيين الذين انتفضوا 1930والتأصيل إال قبيل عام دي سوسير ظل مسيطرا، بمنطلقاته إال أن 2..لسانيات كانت تفكك اللسان إلى عناصر معزولة

عبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، معرفة اآلخر؛ مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي، : ينظر 1 . 40، 39: ، ص، ص1996، الدار البيضاء، المغرب، 2: ط . 40: نفسه، صالمرجع : ينظر 2

Page 167: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

167

التصور التاريخي الصرف - على منواله – على هؤالء، فما لبثوا يناهضون ومصادراته،الحال أن مفهوم 1.البنيوية المعاصرة على نحو ما ، حتى أن أحدهم قد رأى فيه رائدللسانتالف، وال ينماز عنه بالشكل الذي يجعل من البنيوية يختلف عن مفهوم البنية تمام االخ ال النسق

ر اللسانياتيغير منسلخ، إطالقا، من نسيج التصو ،فلئن كانت .الخاص بسوسير أمرا آخركما سنبين ذلك في المقام –البنيوية تراهن على خاصية التعالق بين العناصر الداخلية للبنية

ببعيدة، في جوهرها، عن رهان البنيوية ذاك، إذ ال يتحقق فكذلك فكرة النسق ليست، - الموائم، بحيث تخضع ،ها مركزي، واألخرى فرعيةإال بوجود مجموعة من العناصر؛ أحدما نسق

2.لنظام محدد من العالقات المتبادلة فيما بينها، ومع أنساق أخرى خارجية جميعها،كان بمثابة المسبار المعرفي الموضوعي إن ما جاء به دي سوسير قدفحوى القول، ة، فلم يكن بنيويا بالمعنى اشتغاله، وانبنائه الذاتي غوي من حيث طريقةلحقيقة النظام الل

من رحم البنيوية منبثقة وعليه، إذا ما تمادينا في عد المصطلحي، ولكنه كان يحمل وعيا بنيويا،ض من ذلك أن ننتصر، انتصارا فجا، للسانيات على أنها ، فليس الغراللسانيات السوسيرية

البنيوية بمحض تحول منهجي، وإنما الصواب أن نقول بأن اللسانيات قد أتاحت ظروف "أنجبت الوعي بما كان مستترا في خبايا اللغة الطبيعية، فاللغة هي الرحم األولى لنشأة المعيار البنيوي،

من هذا 3."تمثل صورة االنبناء كأحسن ما يكون التصوير[...] ددة إذ هي عبر هندستها المتج المنظور، بوسعنا القول إن الكيان اللغوي– للمعرفة اللسانية، – اللساني هو الهدف الرسمي

أي إن اللسانيات ال يسعها إال أن تكون 4؛بينما هو ال يمثل سوى مظهر تكويني للمعرفة البنيويةما دامت اللغة بناء، والبناء منطلقا تكوينيا منهجيا تستند إليه البنيوية ال محالة، ومن ثمة، بنيوية

ا أنها بنيوية أو ال تكون" إن5." كل علم لغوي هو بنيوي بالضرورة، وإذ ذاك فاللسانيات إم . هل كل بنيوية هي، بالضرورة، لسانية ؟: ولكن السؤالام هنا للفصل في هذا السؤال، إنما يكمن اللغز في كون التعاطي النمذجي ال يتسع المق

اإلسقاطي مع ذخيرة اللسانيات السوسيرية ظل يمثل ملهما رئيسا في اإلبداع التنظيري لجميع

.40: س، ص. المر: ينظر 1 .106: س، ص .محمد قاري، مر: ينظر 2 .14: ، ص1995عبد السالم المسدي، قضية البنيوية، دراسة ونماذج، دار الجنوب للنشر، دط، تونس، 3 .16: ، إلى ص11: المرجع نفسه، ص: ينظر 4 .17: المرجع نفسه، ص 5

Page 168: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

168

الفكر البنيوي لم يتنصل من أمومة " أن -إذن –ال ريب . البنيويات، وفي أوج عطائهاومن أجلى 1." اهرة وفي تفسير حيثياتها الفكريةالمرجع األساسي في تحليل الظ اللسانيات فكانت

مظاهر ذلك أن تبنى مؤسسو حلقة براغ اللغوية، في مكاشفاتهم للغة الشعرية، محور التزامن )L’axe synchronique( 2،خصوبة الدراسة التعاقبيةلمن دون إغفال الذي اكتشفه دي سوسير

بل المنهل .. المطلقة للبنيوية بكل أطيافهالركيزة ااآلنية /من مقولة التزامنيةاألمر الذي جعل جل مفاهيمهم، وتقعيداتهم، ومختلف –وتابعين ،روادا –األول الذي امتشق منه البنيويون

حملت الجنين بمثابة النطفة التي "فاآلنية، والحال هذه، إنما كانت . تخريجاتهم المصطلحيةوي على حد ما مثل العلم اللغوي الرحم التي تخلقت فيها البنيوية نطفة فعلقة فمولودا البني 3."راسيا

إلى بنيوية لسانية باستثناء بعض المناحي –في بحثنا هذا –فلن نحتاج ،أما نحنال يمكن ألية نظرية ف .اإلبستمولوجية، والضوابط التأسيسية الموضوعة من لدن دي سوسير

مكافئة، في وظيفتها، لمفاهيم اللسان، أن تقوم ما لم تمتلك مفاهيم، في مجال اللغويات ،علمية -الخطاب السينمائي –نا إن موضوع 4.والكالم، والتزامنية، والتعاقبية، والركنية، واالستبدالية

ني، ظاهرة لغوية غير لسانية، فيستحيل أن يستجيب للمفاهيم عينها التي تصم النظام اللساإن مشروعية اإلفادة من هكذا .ويخضع، بالتالي، للدرس اللسانياتي السوسيري خضوعا حرفيا

حسب –لسانية ال بد أن تتوقف -جل دراسة ظواهر أخرى خارجألالنموذج البنيوي السوسيري اعية، الظواهر االجتم عالماتية رين اثنين؛مبرحدود عند -)Jonathan culler(جوناثان كولر

، مما ها لمنطق العالئق الداخلية، والخارجيةوخضوع. والثقافية، أي إنها ذات معنى، وإحاالت 5.يجعلها محكومة بنظام تحتي من التمييزات، واألعراف التي تعطي للمعنى مسوغا مفقوها

على ذلك، ي بناءجال في استكناه ل بنا أن نقول مالنموذج السوسيري فع حقل من إن أيقد بدأ الشك " فلعلة ذلك .الحقول المعرفية منهجيا منطقيا، ولكنه عاجز عن ذلك أدواتيا إجرائيا

.14: ص جع السابق،المر 1 .16: س، ص. اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، مرعبد : ينظر 2 .12: س، ص. عبد السالم المسدي، قضية البنيوية، مر 3 .25: ، ص2001ثائر ديب، وزارة الثقافة، سوريا،: ليونارد جاكسون، بؤس البنيوية، األدب والنظرية البنيوية، تر: ينظر 4 .41: س، ص. عواد علي، مرعبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، : ينظر 5

Page 169: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

169

يدب في كفاية النموذج اللغوي، فهو مهم في ضبط المنهجيات، ولكنه غير كاف في بلوغ إلى أنه يتوجب علينا أن من هنا نشير 1." التشعبات والزوايا الدقيقة لمنحنيات الخطاب الخصبة

أي في مجال اسمه السينما، والخطابات السمعية البصرية، نستثمر البنيوية اللسانية إسقاطيا د منطق الكليانية في النموذج اللسانياتي عينه، لعل األمر سيتمبالتركيز على البؤر التي تجس

النموذج اللغوي في مجال مستثمر )Lévi-Strauss, Claude(ليفي ستراوس على منوال أو لعله سيتم على 2،مقوما للكليات – موضوع اللسانيات –اللغة ألنه رأى فياالنثروبولوجيا

مستحدث منوال آخر ! كما سنحاول أن نتعلم من الدرس اللسانياتي درس العلمية، وإحكام المنهج في ممارسة

على أال تكون ، ا ، وتعضيد دعائمها المفاهيميةمقترحات المقاربة التي نحن بصدد اجتراحهفي وجه االعتبارات الجمالية، والتسربات الذاتية المحتمة التي علمية متزمتة تسد األبواب

"ذلك لسنا نقبل تصنيفنا في خانة ونحن إذ نفعل ؛ترفض الخنوع للدرس الموضوعي الجافالموضوعية، إيديولوجيا التعقل " إيديولوجيا "ه بـالذين ناهضوا ما أسمو" الما بعد بنيويين

النسبية التي - إنها العلمية 3.الشمولي، والمتماسك المنسجم الذي يشكل أساسا لكل العلومدخل عامل النسبية في تقدير الظواهر، وتتخل نحرص على احتذائها؛ إذ البنيوية ذاتها لو لم ت

في أو لبقيت محجوزة 4،ئدتلم اللغوي تاريخا طويال، لوعن ناموس اإلطالق، الذي قيد الع !غرفة دي سوسير

قلدإنستثمر، وال يق، يطبستلهم، وال ياالبس. دي سوسير ي تإنه الوعي اآلني مولوجيها ذلك الذي عبد الطريق أمام تفتق معالم البنيوية بمختلف تمظهرات ،السوسيري بمكامن اللسان .في تطعيم مقاربة هذا البحث ،فعال ،هو ما نحتاجه.. األدبية، والنقدية، والفلسفية

2-3-2 - ة ال سوسيالبنيوية االسقاط رياوجاهزي ولم .لقد كان منتظرا أن يجتاح النموذج السوسيري، بوعيه البنيوي، عالم النقد، واألدب

إلى طور آخر من حياتها، فطفقت تتمفهم نقديا، وأدبيا، يكن لذلك االجتياح سوى أن دفع البنيوية

.28: ص جع السابق،المر 1 .19: ن، ص. المر: ينظر 2 .73: س، ص. ليونارد جاكسون، مر: ينظر 3 .14: س، ص. عبد السالم المسدي، قضية البنيوية، مر: ينظر 4

Page 170: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

170

إذ يعود ". البنيوية األدبية " عرف بـأمام بزوغ ما وتتمظهر بطرائق مختلفة، مما فسح المجال إلى جهود الشكالنيين الروس، على تباين رؤاهم، وتأمالت –ال محالة –الفضل في ذلك

ة، في طورها هذا، على الرغم من جرأتها في والبنيوي. رائدهم رومان جاكوبسون خصوصا .ةة لسانياتيسوسيري ظلت متشحة بمالمحمحاولة قيامها منهجا مستقال السوسيريا، إال أنها

من لحقل اللسانياتمن منظور ذلك، لم تكن البنيوية األدبية سوى حصيلة استلهام بنيويمصدر التيار الذي [..] مصدر اللسانيات البنيوية، أو " ن كانوا بمثابة قبل الشكالنيين، هؤالء الذي

–دونما مشقة–من هنا تدقيقا، سنفهم .تخصيصا 1" كان يمثله النادي اللساني في مدينة براغ عضدا ألبرز مصطلحات )Le structuralisme linguistique(كيف كانت البنيوية اللسانية

المالئمة في الخطاب الوحدات شعرية ، أو األدبية، بحيث أتاح له استشفافال: المذهب الشكالنيإن اتكاء البنيوية األدبية على المتصورات 2.األدبي، في مختلف مستوياته، وسبر عالقاتها

اللسانية يأخذ أجلى مظاهره مع الشعرية الجاكوبسونية تحديدا، وبما أننا قد سعينا حثيثا إلى لمصطلح الشعرية، فال حرج أن نكتفي بدعوة القارئ السالفة ي مقاربتنا الواصفة إثبات ذلك ف

المبحث األول، والثاني، والمبحث الثالث على الخصوص من الفصل األول لهذه إلى مراجعة ة، والتعرف إلى موقع بحثنا منها، وفهم ة األدبيإذا ما رام إدراك حقيقة البنيويالدراسة،

.ا النمذجي حيالهاسلوكن المنطلق اللساني د تأكيد على أنما نريد إضافته في هذا السياق، هو مجر بيد أن–

ة لدى المتبنى من قبل جاكوبسون في سبك مفاهيم الشعرية – السوسيريقد ظل يمثل تيمة جليستلهام ثنائية في ا جاكوبسونيانبرينا نحلل المنهج الفعندما *..كثير من الدارسين، والنقاد

شيئا جديدا، بل زدنا جالء ،في حقيقة األمر ،لدي سوسير، لم نبتكر" االستبدالية / الركنية"

.95: ، صجع السابقالمر 1

2 Cf, David Fontaine, Op. cit, P : 34. أي االستبدالية، –على حد قوله –ال، إلى إقرار سعيد الغانمي باستثمار جاكوبسون لعالقتي التبادلية نحيل، على سبيل المث *

عبد اهللا إبراهيم، سعيد : ى بهما العالمة في تعالقها مع بقية العالمات استثمارا عميقا؛ ينظرظوالتتابعية، أي الركنية التي تح –كما نحيل أيضا إلى موقف عبد السالم المسدي الذي مفاده أن األسلوبية . 46، 45: س، ص، ص. الغانمي، عواد علي، مر

تتوسط اللسانيات، والنقد الحديث تتويجا لتضايف ثالثي متبادل بين البنيوية، واللسانيات، –ومن ثم الشعرية على نحو ما . 46: س، ص. عبد السالم المسدي، قضية البنيوية، مر: واألدب؛ ينظر

Page 171: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

171

ها، النمذجية المفهومية التي حاولنا قدر اإلمكان صوغاألمر جالء، باستثناء بعض التحويرات مسآل كيما تتواءموبناء الظاهرة السينمائية ها، وتثبيتها بأسلوب إشكالي وجوهر.

في إشباع حاجتنا إلى تحصين " كفايتها" بنيوية جاكوبسون، و " فعالية" وعلى الرغم من . باالقتراض، واالستثمارثمة مفاهيم بنيوية أخرى نرى أنها خليقة أن مقاربة هذا البحث، إال

رت أن تتمنهج بمعزل عن النموذج وهي المفاهيم التي تمخضت عن البنيوية بعد أن قرتقعيدية إنما هي مفاهيم تتوزعها جهود. إلى أفق تأسيسي مستقل مشرئبةالسوسيري البحت،

متشعبة، إذ فيها شيء من رؤى الشكالنية، وشيء من التخريجات النقدية ألتباع النقد نقدية - لم تكن البنيويةبحيث سانية تاريخئذ، الحلق اللالجديد في أمريكا، وكذا شيء من إرساءات

1.المنهج إال تتويجا لهذه الجهود، والروافدوازعها الفلسفي يجذبنا إليها جذبا، هوإن ما يغرينا في البنيوية، وما فبناء على ذلك، االرتحالي ف أي طاقتها على استغراق جميع الميادين المعرفية، واستحواذ مختل ؛المنهاجي

ولسنا نقصد بالوازع الفلسفي هنا أننا نروم تبني البنيوية، في مقام هذا البحث، . مستويات الحياةالتفلسف، والتقعيد، وإنما حسبنا أن نستغل حسها التجريدي اإلسقاطي بوصفها فلسفة مغرقة في

أنها فلسفة مع " ة عينها ال تدعي ثم إن البنيوي. لكونه حررها من االرتباط بحقل معرفي محددالذي – ننطلق من هذا الزعملإننا 2."أنها تزعم أن منهجها قادر على استكناه الوجود بأسره

من الحيثية المنهجية التي طفقت ..في القدرة على تغطية الكون تحليال، وتأويال –نراه معقوال بمعنى أنه من ،دة الحياة كلها، فروعا، وأصوالالبنيوية تكرسها، وتفعلها، وتعممها على أصع

وفق ما تقتضيه 3معدل، ومكيف أن نعتمد البنيوية بوصفها برنامج بحث عملي األجدى بنا التجريب إجراء تحليليا مؤقتا، أو متحينا فرص أحقيةمما يمنحها طبيعة موضوع هذا البحث،

من هنا، نرى انه ليس في وسعنا أن نسقط عن الشعرية، .نمامجال السي فيالتطبيق المواتية التي نصبو إلى تفعيلها في بحثنا، بنيويتها المحتمة، بيد أن ما ندحضه هو أن يكون أساس

4.الشعرية بعامة، وصلب اقترابنا الشعرياتي بخاصة، مرتبطا ارتباطا جوهريا بالبنيوية

.18، 17: س، ص، ص. عبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، مر: ينظر 1 .119: س، ص. عبد السالم المسدي، قضية البنيوية، مر 2 .24: س، ص. ليونارد جاكسون، مر: ينظر 3

4 Cf, G. Desson, P : 11.

Page 172: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

172

يوية المنهجي ألمر جانبي من منظور هذا البحث، لكنه منوط حتما، فعال، إن جانب البنما ينحصر في إنهاعتى مصادراتها المفهومية، وأكثرها استحكاما؛ من منظور البنيوية عينها، بأ

لكننا سنعمد إلى استثمار هذه .الذي تقتضيه، ويقتضيها" العالئقية "، ومفهوم " البنية "مقولة رة بنوع من التحوط، والتريث، إن لم يكن استثمارا جانبيا هو اآلخر على الرغم من بالغ المصاد

.لحقل الذي نشأت بين ظهرانيهلأهميتها بالنسبة أسدي إلى البنية ذلك تخريج مفهومي 1؛" مجموعة من األجزاء المرتبطة معا"إن البنية

كيف بوسعنا أن نفيد منه في تعضيد ، فإلى أي مدى، ويةفي مرحلة من مراحل تأسس البنيويشف هذا المفهوم عن خاصية الالتناهي في إنتاج البنى باستخدام في الحقيقة، . مقاربة البحث؟

2 إذ هي خاصية تنماز بها مختلف االتجاهات البنيوية ،مجموعة واحدة من أجزاء محدودةافتراضية "اإليحائي لألعمال اإلبداعية، وكذا مع منطلق نرى أن فيها ما يتناغم مع السلوك

كما هو مثبت في ختام بوصفها خطابا ثالثا نطبع به الشعرية تالذي " التحديد، واحتماليتهبل هو ويحرص هذا المفهوم أيضا على تعقل العالم كله بوصفه بنية، .الف أعالهالفصل الس

3،التمظهر البنيوي لألشياء، واألفكار معا شرفعينه بنية، مما يمنح " التعقل "يجعل من فعل انسحاب خطاب الشعرية، اإلبداعي " فهل يحق لنا أن نعتبر هذا المنطق متساوقا مع حيثية

من منطلق " والتقعيدي، على جميع الممارسات اللغوية؛ الفنية والالفنية، المسطورة والمرئية أن االكتفاء بتبني هذا المفهوم سيورطنا –والحال هذه –إننا لنعتقد . ؟ تمظهرات بنيويةكونها

على نحو –وبالتالي سنظلم البنيوية ، مأزم الخلط بين ظاهر البنية، وبين اعتمالها الداخليفي .حين نختصرها في فكرة تجلي األشياء، واألفكار بنيويا –ما

إنه ما ا يضطرنا إلى التعريج على مستوى مفهومي آخر للبنية؛ م ثمةمن منظور ذلك، هو ما –أو األفكار –بين األشياء " االرتباط " يكرس خاصية التعالق بين األجزاء، فيضحى فرضية منهجية " وبذلك ال تكون البنيوية سوى .يمثل مصب االنتهاج البنيوي، ال األشياء ذاتها

وشبكة الروابط أكثر مما ،أن هوية الظواهر تتحدد بعالقة المكونات قصارى ما تصادر عليه

.44: س، ص. ليونارد جاكسون، مر 1 .نفسه: ينظر 2 .45: ن، ص. المر: ينظر 3

Page 173: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

173

،دقة، وتخصيصا مقارنة بسالفه هكذا اكتسبت البنية مفهوما أكثر 1."تتحدد بماهيات األشياء فالبنية، 2." مجموعة الروابط بين األجزاء، في مجموعة من األجزاء المرتبطة معا "مؤداه أنها

القارئ إال من خالل فعل - إنما هي اشتغال عالئقي سيميائي ال ينفضح للدارسمفهوم، بهذا الوعليه، إن هوية التأويل الذي ينبغي أن يطال العالقات بين العنصر، والعنصر التي تبنيها،

ية أن ننيط تحديد بن -إذن – فال ضير .البنية ليست في عناصرها، بل في العالقات التي بينهامن دون أن يستوجب ذلك تحديد هذه األجزاء جزاء هذا الشيءأشيء ما بتحديد الروابط بين

العالئقية هذه، بوصفها تكشفا إن 3.ذاتها إال بالقدر الذي تقتضيه ضرورة تحديد هذه الروابطرخصة استغراق سيميائيا وظيفيا يصنع البنية، هي ما يسم البنيوية بالمطلقية، ويمنحها، بالتالي، ، وهي ما يؤكد، سائر الظواهر، الطبيعية والمعنوية، وطاقة استيعاب جميع األنشطة البشرية

4، همه الوحيد تقصي العالئقاأيضا، على أن البنيوية منهج، ال فلسفة، وطريقة، ال إيديولوجيمن النموذج –مطاففي نهاية ال –وهي ما يقرب البنيوية أينما وجدت، وكيفما تحينت،

.الشعرياتي الذي نحرص على اعتماده في هذا البحث إن نا حتما إلى التمييز بين ثميجر توجيه االهتمام إلى سمة التعالق بين األجزاء لهو أمر

أو بين العياني فيها، والمجرد؛ أي بين البنية، والشكل، ، مظهرهالبنية، وبين النشاط الداخلي لفالبنيوية، على عكس " .بمنطلق ليفي ستراوس، أو بغيره بين البنيوية، وبين الشكالنيةومن ثمة

على . واالعتراف لهذا المجرد بقيمة مميزةالشكالنية، ترفض المعارضة بين العياني، والمجرد، ز، إنما ضمون مميأن الشكل يتحدد بالتعارض مع مادة هي غريبة عنه، بينما البنية فليس لها م

هي المضمون عينه مدرر بوصفه خاصية متعلقة بالواقع كا في نظام منطقيتصوفلو 5." يأو الخطاب، أكان أدبي ،نسقط هذا المفهوم الستراوسي للبنية على ظاهرة النصا أم غير أدبي ،

بالتعامل معه أقرب إلى جوهر الظاهرة مقارنةهو التعامل معه بوصفه بنية الكتشفنا أناللهم إال إذا كان الشكل الذي نعنيه في هذا المقام . بوصفه شكال، أو ترسيمة خارجية مجردة

.29: س، ص. نور الدين السد، األسلوبية وتحليل الخطاب، مر 1 .46: س، ص. ليونارد جاكسون، مر 2 . 46: المرجع السابق، ص: ينظر 3

س، . يد الغانمي، عواد علي، مر، وعبد اهللا إبراهيم، سع18: س، ص. عبد السالم المسدي، قضية البنيوية، مر: ينظر 4 . 39:ص

5 Paul-Antoine Miquel, Epistémologie des sciences humaines, Repères philosophiques ; collection dirigée par Denis Huisman, Ed ; NATHAN, Paris, P : 13.

Page 174: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

174

*.هو الشكل الدال الحامل لمحتواه بمعزل عن المحتوى الذي كنا نعرفه قبل مجيء الشكالنيةمن البنية، والبنيوية المفهومي ال نجد ما يمنع من استثمار هذا المستوى ،فضال عن ذلك ،وإننا

واالهتمام *،" تالفي المؤثر الخارجي "في بحثنا؛ التركيز على الشروط الداخلية للتطور، و 1.بالوظيفة، ال بالتكوين في مظهره الميكانيكي

إلى التقرب من صرح البنيوية الوظيفية مع االحتفاظ –ال جرم –نا هذا المنطق يحثبياجي . جإذ نرى أن المفهوم الذي عزاه . يطة اتجاه بعض من قراراتها المنهاجيةبشيء من الح

)Jean. Piaget( لهذا البحث؛ اآلفاق التقعيدية االبستمولوجيةإلى البنية فيه كثير من المواءمة معتسهم قوانين حيث بتحوليا، وكليانيا، وذاتيا في اآلن ذاته، يكفينا أن نستثمر البنية بوصفها نظاماف

التحويل في صيانة البنية، أو اغتنائها، وفي تعضيد تماسكها الداخلي بسلطة ذاتية ترفض اعتمادفلئن كانت البنية 2.ة عنه أيضانتائج خارج تحول دون اإلفضاء إلىعناصر من خارج النظام، و

تحولية، وتعنيها، مما هي الموضوع عينه، أو الشيء عينه، فهي تتضمن العالئقية، وتقتضي اليمنحها طاقة االنسحاب على أي ظاهرة، ملموسة أو معقولة، في الوجود، بل ويكون في وسعها

على صعيد الشيء الواحد، بمعنى أن الموضوع العيني الواحد يمكن أن –بنيويا –أن تتعدد بط بين أجزاءه، ومكوناته، من هنا احدة تبعا لعدد الطرائق الممكنة في الريكتسب أكثر من بنية و

عدم –والحال هذه –لكننا نشترط .. ومن ثم، الدالالت 3،نستطيع أن نقر بالنهائية إنتاج البنىالخلط بين البنية، وبين التحويل الذي نراه ال يتعدى كونه خاصيتها، إذ ليس هو ما يصنع

بحيث يكون ،ويتها، وجنسها، وأبعادها الوظيفيةالبنية على الرغم من كونه قادرا على تبئير ه –في بحثنا على األقل –لم وبهذا سنس 4،من بنية إلى أخرى منوطا بطبيعة تفاعل قوانينه لاالنتقا

حيث إن أو بينها، وبين وظيفيتها؛ المزج بين البنية، وبين استعمالها،من الوقوع في شرك " إنما ؛عن تخالف حساس بين البنية، والوظيفة ،ال محالة ،تدقيق النظر في هذه المسألة، يكشف

الكيان البنيوي ال يتناسب بالضرورة مع الكيان الوظيفي األكيد، ذلك ألن الوظيفة والبنية ال

.سنحقق في وجهة نظر الشكالنيين إزاء مقولة الشكل في المحطة الالحقة من هذا الفصل * .بين مزدوجين داللة على تحفظنا حيال الفكرة التي تثيرها؛ يستحيل تالفي المؤثر الخارجي تالفيا مطلقا نضع هذه الجملة * . 85: س، ص. نور الدين السد، مر: ينظر 1

.50: س، ص. ليونارد جاكسون، مر: ينظر 2 .53: ن، ص. المر: ينظر 3 . 51، 50: ن، ص، ص. المر: ينظر 4

Page 175: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

175

نعتقد وعليه، 1." يستدعيان بعضهما بعضا بشكل دقيق، وإن كنا نستطيع مالحظة قرابة بينهمانة البنية قد تتحقق بفضل عالئقية عناصرها في غياب الوظيفة، كما أن كينو –من دون جزم –

لجملة من الوظائف أن تتحقق خارج البنية إذا ما تعلق األمر بمستوى تجريدي معين؛ يمكنذلك معناه أنه يمكن للبنية أن تكون جزءا من الوظائف، ويمكن أن تشملها، وبالمقابل، يمكن

. بها تكونويمكن أن ت 2،البنية كونللوظائف أن تبين " وسطا " أنه من األجدى بنا أن نأخذ موقعا بحثنا هذا، فنرىمقام أما نحن، في

في مقاربة الخطابات، البنية، والوظيفة، وال نخفي، رغم ذلك، انحيازنا إلى منطق البنيةالتركيز على وظيفية الخطاب الذلك ومكاشفتها؛ مرد تكشف عن جوهر كيانه بقدر ما إلى أن

أي إن مقاربة الخطاب بالنظر إلى وظيفته تعني أننا نقارب تكشف عن جوهر الوظيفة،يمت بصلة لشعريته، ال" خارجي"الوظيفة، ال الخطاب، مقاربة ال تعدو أن تكون محض تحليل

وجود كيان تفضي .ا، وال لبنيته الذاتية إن كان غير أدبيإن كان أدبي هذه الحقيقة إلى أنأو ألي كيان –وظيفي أدبي ال يستلزم أبدا وجود كيان بنيوي، ثم إن التعاريف الوظيفية لألدب

.! والتقنين 3،ال تقبل الحصر أي التي تستند إلى ما يفعله األدب، إنما هي تعاريف –لغوينب الوظيفي للخطاب إقصاء قطعيا، سوى أننا لسنا نقصي الجانشير إلى بناء على ذلك،

، بحيث نكون أقرب إلى ...بالداللة، واإليحاء، والرؤيا" الوظيفة " أننا نصبو إلى استبدال وعلى نحو يمكننا من المزاوجة * !البنية، منه إلى مساءلة بنية الوظيفة )ية(مساءلة وظيفة

تلك التي تهدف إلى تركيب –موسوم هذا البحثفي مقاربة –" البنية التحليلية "تبني بين إياب من الكل إلى األجزاء، ومن األجزاء إلى الكل، والمعطيات بعد تفكيكها من خالل ذهاب

التعالق بين عناصر الخطاب، وشرح التي تعتمد تأويل" )التأويلية(البنية التفسيرية "وبين تبني 4.ذاته، أو من الحيثيات المالبسة له في وجوده، وتحوالتهانتظام بنائه بعد اشتقاق قرائنه من

.38: س، ص. هوم األدب، مرت، مف. تودوروف 1 .38: المرجع السابق، ص: ينظر 2 .نفسه: ينظر 3فهل يمكن : وفق تخريج لغوي مفهومي آخر )داخله(الخطاب، وبين نسقه )خارج(وكأننا نسترجع فكرة التخالل بين مرجع *

.لشعرية ؟للمخاللة، أوالمفاعلة بين البنية، والوظيفة أن تكون عامال من عوامل تفتق ا .18: س، ص. عبد السالم المسدي، قضية البنيوية، مر: ينظر 4

Page 176: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

176

الفني عن مختلف - عزل العمل األدبيتمادي البنيوية في غايتنا من وراء ذلك أن نتالفى . تاريخية، وأن نقلل من حدة تطرفها العلمي في تجريد الظواهر، وتقعيدها -سياقاته السوسيو

تكريس تمادى في تقديس الشكل، وتليها هذا البحث أن فليس من شأن المقاربة المركوز ععرض –بأي صفة من الظهور كان –ضرب المحتوى تاالهتمام بالنظام اللغوي والبنائي، و

بوصفه بنية –الخطاب السينمائي –موسومها مع ىوال هو من شأنها أيضا أن تتعاط الحائط،إذ 1؛يرفض التفتح على الخارجي، والتفاعل به سكونية تتخطى نواميس السياق، وبناء داخليا

منطق التناوب المحتوم، والسرمدي بين تجريدية خطاب الشعرية، وعينية ذاك ما ال ينسجم مع مع األعمال األدبية، وغير األدبية، –بوصفها صرحا نظريا –التأويالت التي يقتضيها حوارها

*.تجليا إبداعيا وتحتمها شرطية االنتاج والتلقي بوصفهاج إبداعي إن إغراق البنيوية في تجريد بنية الخطاب األدبي، وعقلنتها جعلها تصف أي منت

الدراسة األدبية فنشدانها علمنة. توصيفه، واستنطاق مكنوناتهفي ،من ثم، تتعسفوقبل إنتاجه، نظرة سابقة "ة هي في جوهرها نظريفي شكل صوغهايعني انحصارها في استنباط القوانين، و

تقديسها للتوصيف الشكلي البنيوي قد أوقعها في حيادية نقدية ثم إن 2." أصال للعملية اإلبداعيةحين تتحاشى التدخل في - **على غرار الشعرية بالمفهوم التودوروفي –فهي جوفاء خرساء؛

صيف بنيته لسن القوانين التي كلما تحققت ، مكتفية بتوبعينه محاورة محتوى العمل األدبي، إنما ال تقوم سوى بالمساواة بين النص الجيد، والنص آخر أسفرت عن ميالد عمل أدبي

وصحيح أن النقد، مذهبا 3.في مجال الكتابة اإلبداعية النقد من النقد عريةالرديء، وبتأداة، ه دي للمقاربة، إال أن ذلك ال يمنعنا من تبنيأو اتجاها، ال يندرج ضمن المشروع التقعي

.11: س، ص. ، وكذا عبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، مر119: ، وص107: ن، ص. المر: ينظر 1تنتجه دينامية [...] طلق التحديد الشعرية خطاب ثالث يقع بين تجريدية التنظير، وعينية التأويل؛ افتراضي، واحتمالي، وم" *

. 137: البحث، الفصل األول، ص: ، ينظر"انفتاح البنية على متلقيها . 21: س، ص. عبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، مر 2

** أن إلى تسمية المعنى بل بخالف تأويل األعمال النوعية، ال تسعى" الشعرية حيث كان رأي تودوروف واضحا حينما أقر، وقد تمت معالجة هذا الموقف، بما يحمل من تجاذب جدلي بين البنية "إلى معرفة القوانين العامة التي تنظم والدة كل عمل

. 101، 100: البحث، ص، ص: والمعنى، في الفصل السالف أعاله؛ ينظر .110: س، ص. عبد السالم المسدي، قضية البنيوية، مر: ينظر 3

Page 177: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

177

أفردنا مبحثا خاصا لالقتراب وإال كيف نفسر أن ،وآلية تحليلية إجرائية في مقتضى الحال !؟ الجمالياتي في هذا البحث

عمل األدبي ما في الواقع، لم يجد غلو البنيوية في االحتكام التجريدي إلى البنية الشكلية للوقيامها اتجاها بنيويا ،" Le structuralisme génétique - البنيوية التكوينية "إال ببزوغ يكبحه

حيث سعت حثيثا إلى . خصب التصور إزاء عالقة بنية اإلبداع ببنية مجتمعهمعتدل المفاهيم، و -خارج في عملية اإلنتاج األدبيإعادة تبئير حقيقة االرتباط بين النسق ومرجعه، بين الداخل وال

،تاريخي الذي يحوي -ومراجعة قلة احتفاء الشكالنية، والبنيوية األدبية بالسياق السوسيوالفني Lucien(في نظر لوسيان غولدمان ،-وغير األدبي –فالخطاب األدبي . بنية الخطاب

Goldman( ة، وبنية إنما هو بنيتا، أبرز أعالم البنيوية التكوينيةة فكرين اثنتان؛ بنية نسقيهي ما ينبغي توجيه أهداف انعكاس جدلي عميقمجتمعية طبقية، بينهما وشائج تفاعل، و

المدارسة إليها بغية الكشف عن مدى تمثل النصوص اإلبداعية لفكر المجموعة االجتماعية التي 1.ينتمي إليها الناص

حفزنا إلى إدراج البنيوية التكوينية ضمن األفق المنهاجي لهذا ذلك هو المنظور الذي قط منهجا اجتماعيا إذ لم تكن . البحث رغم سوسيولوجية االنتماء المعرفي الذي عرفت به

تجاوز اآللية التي وقع فيها " خالصا تقليدي األسس، واألهداف؛ فلطالما حاول غولدمان نفسه تتوسط لعالملالتقليدي لألدب، وذلك بتركيزه على بنية فكرية تتمثل في رؤية التحليل االجتماعي

ما بين األساس االجتماعي الطبقي الذي تصدر عنه، واألنساق األدبية والفنية والفكرية التي لم تعد مجرد حمالة -أو النص –أن بنية الخطاب ذاك فحواه 2." تحكمها هذه الرؤية وتولدها

فأن ينعكس ماعية جاهزة على نحو ما انبرى يكرسه منطق النقد السوسيولوجي القديم،أبعاد اجتبنية مرآة على ونحوها، انعكاسا مباشرا آليا.. الواقع، بمختلف حموالته االجتماعية والثقافية

العمل اإلبداعي ،تالفيا و ؛ساذج، بل ومستحيل الوقوع، ومجحف في حق مبدع البنية لهو أمر، أبرز الممهدين للبنيوية التكوينية، )George Lukacs(لسذاجة تلك، ها هو ذا جورج لوكاش ل

أن األدب في جوهره هو معرفة بالواقع ناتجة عن رؤية وتحليل، وليس انعكاسا "يصر على

، دمشق، )2(عمر عيالن، في مناهج تحليل الخطاب السردي، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دط، سلسلة الدراسات : ينظر 1 . 252: ، ص2008

.108: ، ص1998، دمشق، 1جابر عصفور، نظريات معاصرة، دار المدى للثقافة والنشر، ط 2

Page 178: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

178

من 1." سطحيا لمظاهر الواقع الذي يعطينا نصوصا سمتها األساسية هو الوصف اإلثنوغرافيفعل إنتاج الخطابات والنصوص، اإلبداعية إن –استنباطا –المنظور، ال ضير أن نقول هذا

شكلين؛ شكل الخطاب، وشكل العالم الوالالإبداعية، لهو فعل مركوز على منطق المفاعلة بين 2.الحقيقي، منضافا إليهما الحضور الذاتي اإلبداعي لمنتج الخطاب

بنيوية للظاهرة األدبية التي تحرص البنيوية التكوينية -وفي ظل هذه المقاربات السوسينعتبر دحضها لالنعكاسية هو ما يمثل الينبوع الذي تتفتق منه أدبية أن يصح لنا على تبنيها، أال

،على األقل، األدب، وشعرية الخطاب ؟ أي؛ أليس ذلك مدعاة استحضار للشعرية التودوروفيةلية االنعكاس بين شكل الخطاب، وشكل الواقع هو محض تمظهر على أساس أن رفض آ

تنضيدها بوصفها التي عكف تودوروف على ،أو الالشفافية، "التخييل"مفهومي آخر لمقولة تتموضع البنية ثم حين يمضى غولدمان في التأكيد على ضرورة أن .؟ مسلكا شعرياتيا

ة بين النسق األدبيوبين - الفكرية الرؤيوي ،أال " الخارج"الفني ،يوحي لنا ذلك المجتمعيالتي توصلنا " " مرجعي - النسق" إستراتيجية التفاعل " بوجود تخاطر مفهمي ما مع فكرة

والحديث . إلى توطيدها من خالل مقاربتنا الواصفة لمصطلح الشعرية في الفصل السالف أعاله؟الهايدغرية، ذلك العالم الذي يتمخض " العالم "بمقولة كر أليس فيه ما يذ " للعالم رؤية "عن

.!بنية المجتمع ؟و بنية النص ىقتالتعن تالق بين األرض، والسماء على نحو ما استثميكون ا نأ، إذن، بناحسمختزال لبنيوية التكوينية في مقاربة موسوم هذا البحثل نار

.ج هذه األسئلةجعلى لاإلبحار في جملة من المفاهيم المقترحة من لدن غولدمان، إذ إلى –فضال عن ذلك –مل اإلشارة وتج

نرى أن فيها ما يعزز االستئناس بها في بناء مقاربة بحثنا من قبيل طابعها اإلجرائي ذلك المفهوم الذي ، " رؤية العالم "منها 3؛دبية، وتكوينهاالمخصوص بمكاشفة بنية األعمال األ

أن يضفي على مبدعتقني يخول لل -توا في معرض حديثنا أعاله؛ إنما هو سند بسيكونا استوقفلهموم في شرك الوصف الحرفي الفوتوغرافي مسحة جمالية إيحائية تحول دون وقوعه خطابه

نصه، بنية في ضمنهامجتمعه، وقضايا عصره، فأن يمتلك المبدع رؤيا خاصة حيال الوجود ي

.238: س، ص. عمر عيالن، مر 1 .35: ، ص1999، حلب، سوريا، 1ي تأويل النقد األدبي االجتماعي، عبد المنعم، ناشرون، طخالد أعرج، ف: ينظر 2 .254: س، ص. عمر عيالن، مر: ينظر 3

Page 179: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

179

حيث 1." عصره بغريزة فنية مؤكدةحياته، ومشاكل مشاكل "نه في مستوى إدراك يعني أبمفهوم آخر ،المرتبط أساسا بالحس الرؤوي المحين في النص ،يفضي هذا المستوى اإلدراكي

"فحواه أن ثمة ؛" La conscience possible-الوعي الممكن"قد نحت له غولدمان مصطلح ستوى المتداول من الوعي الفعلي، ألنه يتميز بالشمولية واالتساع في نظرته يتجاوز الم وعي

متسم ،في رأينا، فهو وعي 2؛"أو المجموعة االجتماعية وسياق وجودها التاريخي لوضع الطبقة.. حسية الواقع، وقطاعاته الراهنة االجتماعية، واالقتصادية، والدينية، والتسامي على بالتجريد

La conscience réelle "،3- )الحاصل(واقع الوعي ال"التي يستغرقها وعي آخر، هو تلك التأدلج، والتدليل يمتنع، بفضل هذا الوعي الممكن، عن الفني -إن الخطاب األدبي وعليه،

المباشر رغم تعاطيه الصريح مع اإليديولوجيا، وهموم الطبقة، ورغم سعيه الحثيث إلى ، في لغة الخطاب، الداللة فبالوعي الممكن تتوهج .خياني أرشيفي لقضايا الحقبةتارياستحواذ –، إنه )La dénotation(ضوء الداللة الذاتية –بالمقابل–، ويخفت )La connotation(اإليحائية . المسؤول عن رشحان شعرية الخطاب، وترائي جماليته –بالكاد

اشتدت عراه، وتكثفت ا ما أنجز بخلفية الوعي الممكن هذا،أن العمل األدبي إذآية ذلك ؛ هذه التي بها " البنية الدالة "وشائج نسيجه، وتوطدت في أحشائه ما اصطلح عليه غولدمان بـ

القابع خارج البنية بالعناصر الداخلية للعمل، الشكلية والفكرية بحيث ال يحصل هذا يرتبط الواقعمفهوم لحيظ " البنية الدالة " ال جرم أن تكون، هكذا 4." رؤية العالم "عبر حبل االرتباط إال

نسق ولئن كانت بمثابة الجسر الذي يصل ،له تحصيل حاصل ، أوصنوه، و"ة العالمرؤي"اإلبداع بشتى المرجعيات المجتمعية، فما يمنعها من أن تكون صورة أخرى لمنطق المخاللة

إنها ؟، ا تناولناه سالفا، ومن ثم، حافزا تحريضيا من حوافز الشعريةبين النسق والمرجع كممحملة بأبعاد المجتمع، لكن بشرط أال تسطح العمل األدبي، فيضحى ،ال محالة، بنية ذهنية

5.مفتقرا إلى أدنى قيم الجمالمجرد بوق ألصداء مباشرة لوعي المجموعة، و

.173: ، ص1989، الدار البيضاء، المغرب، 1فاطمة أوزرويل، مفاهيم نقد الرواية بالمغرب، دار الفنك، ط 1 .260: س، ص. عمر عيالن، مر 2 .259: ن، ص. المر: ينظر 3 .262: ن، ص. المر: ينظر 4 .264: ن، ص. المر: ينظر 5

Page 180: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

180

يعترف بالوازع االجتماعي " منهج "البنيوية التكوينية أنتأسيسا على ما سلف، نرى للخطاب األدبي - ،إذ ال يمكن لهذا الخطاب أن ،على أن يكون وازعا انتقائيا إبداعياالفني القيم الفكرية للمجتمع بأكمله، إنما حسبه أن يصبو إلى تمثل بنية ذهنية ألحدى ينسحب على

أما المتبقي من مساحة ي الواقع، والمتبناة من قبل فئة دون أخرى، التصورات الراسخة ف 1.وحسب )النسقي( الخطاب، فيوفر للتشكيل الجمالي

وإننا، من خالل هذه المفاهيم المسرودة أعاله، لنتوسم في البنيوية التكوينية أداة منهجية مزاياه مكاسبه، ولبعض يب تستجخصوصيات موضوع بحثنا، ومع ،على نحو ما ،تتساوق

تهوبنيوي ،تحترم دواخل النص ة؛مرجعي -بنيوية نسق ،كما نرى ،ذلك ألنهااألنطولوجية، تقدس، في الوقت عينه، وظيفيته، واندماجه في سياق مجتمعي المستقلة المتنكرة لمؤلفها، و

-التفسير"و ،"Compréhension -الفهم"ما إنما هو إجراء مزدوج يبرره مفهو .! أشمل، وأعمExplication" ل المقترحان دائما من قبل غولدمان؛ حيثمسألة تتعلق بالتماسك " يمثل األو

ومن 1." الباطني للنص، وهو يفترض أن نتناول النص حرفيا، كل النص وال شيء سوى النصاتها الجمالية والفكرية، دون االستعانة البحث في بنية النص الداخلية ومكون" يقتضيثمة، فهو

السعي إلدماج البنية الداللية للنص باعتبارها "أما الثاني، فالغرض منه هو 2." بوسائط خارجية 3." عنصرا تكوينيا ووظيفيا، ضمن بنية أشمل وأوسع هي البنية المجتمعية، أو الطبقية

جماليا -مسلكا نسقلتكوينية بوصفها البنيوية ا ،وال ضير، هكذا إننا سنستثمر)Systymatico-esthétique(، ،ة البنيةتها الزمكانية، ويسدي إلى العالم يعترف بديناميوبتفاعلي

ومن ثم 4،مشروعية الحضور في إنتاج الجمال، واستساغة كنهه، ومالمسة جوهرهالخارجي عالقة الفن ماركسيا متجددا، يبالغ في تمجيد سنحيد عنها من حيث كونها انبعاثا إيديولوجيا

5.شيء هالمي اسمه الطبقةب

1 Cf, Lucien, Goldman, Pour une sociologie du roman, Ed ; Gallimard, Paris, 1964, 345. : ، ص1981 ، بيروت، لبنان،1مصطفى المسناوي، دار الحداثة، ط: لوسيان غولدمان، المنهجية في علم االجتماع األدبي، تر 1

14 . . 266: س، ص. عمر عيالن، مر 2 . 267: ن، ص. المر 3 . 147: س، ص. عبد السالم المسدي، قضية البنيوية، مر: ينظر 4، ]قارورة نصف مألى نصف فارغة [ ، أو )النظرية والتطبيق في النقد المغربي(إدريس نقوري، البنيوية التكوينية : ينظر 5

. م2008ماي : ، تاريخ التحديثhttp : aljabriabed.com: لموقع اإللكتروني، ا06: فكر ونقد، ع

Page 181: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

181

*)ceanLa défér( " اإلخالف "لتفكيك وتطويق فيزيقا ا - 2-3-3وتوصيفها توصيفا مفصال كما لو أنها ،التفكيكيةلسنا، في هذا المقام، بصدد مدارسة

حيثياتها مساءلة عض من منطلقاتها التحليلية، وبإنما نريد إلى تسييج . موضوع هذا البحثوإيحاءاته التقويضية ، )Jacques Derrida(النقدية باتكاء مباشر على مطارحات جاك دريدا

التسويغي إلقحام التفكيكية ضمن ينكشف اإلطارعلى أننا نأمل، من وراء ذلك، أن . المثيرة لبحثنا هذاالمشروع المنهجي.

الطرح الدريدي في مواجهة ، بال ريب، عصبLa différance " -اإلخالف " يمثلإنه ما يسهم في تأبيد المعنى إنتاجا، . الخطاب، والخطاب اإلبداعي، تحليال، وتشريحا، وتأويال

الخطاب إلى مجرد نسخة نصية مؤجلة الداللة تأجيال غير محدود، يتحول حيث ،وقراءةفدال ؛دونما انقطاع لمدلوالتإلى بؤرة تفريخ، أو تخليف ل –فضال عن ذلك –العالمة وتتحول

لعل ذلك ما يحدو إلى قبول . وهكذا دواليك.. يخلف مدلوال آخر آخر يخلف مدلوال هو دال .باإلخالف، واستساغة فحواها Différanceترجمة

رسو عند مرفأه يال وجود مدلول نهائي معطلة في ح لتبدواإلخالف هذه، وإن آلةبحيث إنLe signifié transcendantal "، -المدلول المتعالي" وهو ما أسماه دريدا . الخطاب

فلوال تواري هذا المدلول المرجعي النهائي، 1.غيابه هو الذي يفتح على النهاية لعبة الداللةولوال عدلها، وتدحرجها نحو منحدر ه، النغلقت بنية النص، وختمت معانميه ختما، بدال من تأج

اإلخالف، واإلرجاء، –على سبيل المثال –؛ إذ نجد La différance" مصطلح " لم يرس مترجمونا عند ترجمة واحدة لـ *

أما نحن فنفضل . إلى لغة الضاد" مصطلح ال" قد تراوح اعتمادها بين المترجمين لنقل هذا .. والتأجيل، والفارق أو التفريقلكونه يفعل، على قدر ملفت، سمة الالتناهي الداللي في الوقت الذي يحافظ على ذلك التالعب اللفظي " اإلخالف " استخدام

رف واحد نقصان ح" اإلخالف " ، و"االختالف " ؛ فبين Différanceو، Différenceالحاذق الذي حرص دريدا على تجسيده بين محمد شوقي الزين، بركانية النص وأتون المعنى، بختي بن عودة قارئا : ؛ ينظر!، لكن له بالغ أثر على صعيد المعنى)التاء(

عبد اهللا ، وم2009جوان : ، تاريخ التحديثhttp : // aljabriabed.com: ، الموقع اإللكتروني25: لجاك دريدا، مجلة فكر ونقد، ع . 118و، 117: س، ص، ص. الغانمي، عواد علي، مرإبراهيم، سعيد

. 59: محمد قاري، سيميائية المعرفة المنطقية، ص: ينظر 1

Page 182: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

182

ال يحتوي على أي مدلول منفرد "نصا ،بمنطق اإلخالف ،هكذا سيكون النص .غير معلومومطلق، وال وجود ألي مدلول متعال، وال يرتبط الدال بشكل مباشر بمدلول يعمل النص على

ال شيء هناك سوى السلسلة أن آخر بحيث دال يرتبط بدال فكل. تأجيله وإرجائه باستمرارحين يحتضن النص معنى بينا، -إذن –ال إخالف 1." الدالة المحكومة بمبدأ الالتناهي

بل ،إنما اإلخالف هو إرجاء المعنى، وتأجيله، أو هو المعنى مرجأ، ومؤجال ،ومحسوما داإلخالف هو التأجيل الداللية وجوده، ومشروعية اشتغاله، إذا لم يكن ، إذ هو يفقدامؤبأحقي

الحال أن ،بالنهائية التأجيل واإلرجاءإذا لم يرتبط للمعاني، والنسخ النصية، المتناهياإخالفا غير قابل للتحقق بمقدار ما تحيل كل عالمة، بال انقطاع، إلى -حسب دريدا –حضور المعنى

فالمعنى ليس حاضرا أبدا، ألنه يكون قد بات دائما مرجأ في حركة الدالالت السابقة، والالحقة؛ بالتأجيل، ذلك ولعللنا، هنا، نجد ما يعضد ترجمة Différance،2هي ما يسميها دريدا

.األكثر قدرة على تبئير خاصية الالتناهي، وشرط األبدية –في رأينا –ألنها ، أو اإلرجاءباالختالف ارتباطا تالزميا، أو نكاد نقول تالبسيا؛ –ال جرم –خالف كما يرتبط اإل

إنما مؤداه، من المنظور المعجمي السيميائي، هو التمايز بين )La différence( فاالختالف، "التفكيكية"الحد، ما يوقظ نزعته وليس فيه، إلى هذا والتعارض بينها داال، ومدلوال،العالمات،

يتكثف فحواه، بل انخراطه في دوامة اإلخالف، لكنه فور، "المصطلحي"ر وازعه ويستثيفهم ويتم - 3 ة دريدا إزاء المفاهيمرغم حساسي-، نليطبع، ة اإلرجاء،هو اآلخر، بالنهائي

خيار مرجأ، يحرر المتلقي من استحضار المرجع المحدد، ويترك له] ا[اختالف" فيضحى يزيد في حدة التشابك، والتالبس ى أنإنه األمر الذي عس 4." مرجع خاص به..] [استحضار

ثم إن االختالف، . بين اإلخالف، واالختالف، لكون الالتناهي سمة تطال كليهما على حد سواءدل ، الحاضرة، والغائبة، والتي ال يمثالخيارات التأويليةجميع التأجيل، يعني اإلبقاء على ممدة ،ويعني ،حيالها سوى مصطبة تثبيت، وشوكة إيعاز النصمن ثم، الحسم في تفضيل عدم

، الدار البيضاء، المغرب، 1سعيد بن كراد، المركز الثقافي العربي، ط: أمبرتو إيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، تر 1

.125: ، ص2000 ،2أسامة الحاج، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط: زيما، التفكيكية، دراسة نقدية، تر. بيير، ف: ينظر 2

.76، 75: ، ص، ص2006بيروت، لبنان، .259: س، ص. ليونارد جاكسون، مر: ينظر 3 .118: س، ص. عبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، مر 4

Page 183: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

183

يسوغ ز البت في مسألة التفاوت بين المفردات، واإليحاءات على نحو وعج معنى عن آخر، ، والنصالجمع بين النص فعل" يمنطق " دونما توليف بينهما، و نقيضهإلى المعنىانضمام .ة القراءة، والتأويلحري *؛لف عنه في بوتقة واحدةالمخت

لالختالف الداللي بين إخالفبناء على ذلك، بوسعنا القول إن اإلخالف إخالفان؛ هو ما يقترن باإلرجاء، والتأجيل، إخالف زمانيأي العالمات، وإخالف للعالمات ذاتها؛

طباعي إخالف مكاني ر اللحظات الزمنية، وبتعويق استمرالكونها حاالت تختص ..والتوانيد ، واالختالفهو ما معناه عدم التشابه، والمغايرة كتابيلكونها .. في الشكل، والخاصة، والتبد

هذا الكالم ينسحب أيضا على االختالف 1.زخواص ترتبط بمفاهيم الفضاء، والحي والطريف أنار اإلخالف، سلوكا زمكانيا؛ حيث ال يشتغل إال بوجود يسلك، على غر" مصطلحا "حين يصير

خط العالمات التي تختلف كل واحدة عن األخرى، وخط المتوالية : متوالجينخطين متعامدين 2.المؤجلة من سلسلة العالمات الالنهائية

تعزو إلى االختالف، أقوى المرتكزات التي من " الكتابة" عالوة على ما سلف، تبقى لكن ليس بمعناها التقليدي في التمفهم، ومشروعية في االشتغال، واإلخالف كليهما خصوبة

" علما"المتداول، وإنما بالمفهوم الذي ما لبث دريدا يصبو إلى تكريسه، وترسيخه؛ أي بوصفها " نصي"تأليف الكتابة إن **."كتابة -كالم" تبوأ الرتبة األولى في الثنائية ت –أو مشروع علم –

في عيون أي شعب التأويلي، والتالداللي يمنحها طاقة التعددالمؤلف، والمؤلف له، ما مجهولإن نقش المعنى بوساطة العالمات يهبه استقالال "وعليه، ،!قارئ يحضر ليلتطم بها، وتلتطم به

وهذا بالضبط ما يعنيه . ت التفسيرعن المؤلف األصلي ولذلك، فإنه يمنحه مزيدا من إمكانا[..]

، حيث يمكن تصور وحدة األضداد من دون تأليف )Aporie(ذلك ما حدا بدريدا إلى وصف التفكيكية بالمأزق المنطقي الفريد *

. 66: س، ص. زيما، التفكيكية، دراسة نقدية، مر. بيير، ف: ينظر. بينها .117: س، ص. عبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، مر: ينظر 1 . 118: ن، ص. المر: ينظر 2

، وبالتالي إلى محاوالته المستميتة في دحض المركزية الغربية بمختلف " De la grammatologie" هنا إشارة إلى مؤلفه **تسع ، وهو أمر ال ي" Phonocentrisme - المركزية الصوتية "، و"Logocentrisme -المركزية العقلية "أشكالها، وتجلياتها، السيما

: وإننا لندعو القارئ إلى مراجعة. من متن هذا المبحث قله مقام البحث، سوى أن بعض مالبساته متضمن في نسيج الالحDerrida. J, De la grammatologie, Ed ; Minuit, Paris, 1967زيما، التفكيكية، دراسة نقدية، . بيير، ف :، وكذا الفصل الثاني من

. س. مر

Page 184: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

184

إن هذا التغريب أو اإلبعاد في المعنى يتوضح بصورة جلية، عندما . عند دريدا" االختالف "هذه هي 1." تستمر العالمات المكتوبة بتوليد بعدها الداللي بغياب المؤلف وحتى بعد موته

يجعلني، بوصفي قارئا، أتلقاها من إذ هو ما خصائص الكتابة؛ غياب المتكلم، بوعيه وقصديته، عن غيري ،حتما ،ختلفأل 2،معانيهامضاعفة مراميها، وإخصاب دون قيد، وإلزام، فأسهم في

.من القراء، السابقين والالحقين، الختالف في األسيقة، واألوعيةتضميناته وتجرد النص من نصيته، ومن مقوماته الخطابية، - المنظور بهذا - والكتابة

ومحض حضور تيبوغرافي غائب؛ يحضر بوصفه التداولية، ليضحى محض تثبيت محروف، – لكتابةذلك، تدقيقا، ما يمنح ل .تسويدا على بياض، ويغيب بوصفه قراءة مؤجلة لقارئ مؤجل

حدة الو "، ويكسبها مفهوم " Tracé-المخطوط "، أو " Trace-ثراأل" صفة –والنص أيضا تسلك سلوكا عالماتيا تماثليا تشابهيا، وإنما هي، على عكس ذلك، تنم ، فال " Gramme-النحوية

، ومن هنا تنكشف المعالم عن آلية اختالف، وتخالف، حيث ال وجود لمنطق إحالي تمثيلي ثابتفي كنف النحوية ،المةإن الع .الدريدية La grammatologie " 3- النحوية "األولى لـالتأسيسية

، فال وجود لمدلول مباشر، متعال يمكن أن تحيل إليه، ذاك ال تدل، وال تحيل، وإن أحالت ،هذهسلوكها السوسيري ل فاقدة - والحال هذه –إنما هي ، الذي ال يقبل اإلحالة إال إلى ذاته

المنوط بع السيميائيرفيبط بين الدال، والمدلول، وتقة الربل هي 4،ة التمييز بين األشياءليدي،خارجي وعليه، سيكون هناك فاقدة لوجودها، وأصل وجودها؛ إذ ال عالمة بال منطق إحالي

إن ، ، والمرجع هو، والعالمةعج، هو المرال خارج، وال داخل له –أو شظايا نسق–نسق ..نفصمة الدال، والمدلول، موجدت، ستكون، هي األخرى، مفتتة

حينذلك كله يحصل للنص شظتيضحى أثرا محروف الحضور، معلق األسيقة، فم يأن يقرأ وتعاد قراءته ضمن " بقابلية ، حتما ،ليتصف ه،كلهاإلحالة، وحين يغيب منتجه، ومست

La différanceة اإلرجاءيللمعنى تكون نتيجتها الرئيس تسياقات مختلفة تخلص إلى إنتاج انزالقاي اإلحالة، وعدم إفضائها إلى معنى قار باالختالف، ظيرتبط تش هكذا 5." الذي وصفه دريدا

. 126: س، ص. عبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، مر 1 .131و، 125: ن، ص، ص. المر: ينظر 2

3 Cf, Julia. K, Le langage, cet inconnu, Op. cit, P : 23. 4 Cf, Derrida. J, Positions, Ed ; Minuit, Paris, 1972, PP : 26 et 28.

.78: س، ص. زيما، مر. بيير، ف 5

Page 185: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

185

ومشدودة إليها، هي وإنها لخاصية تفكيكية بامتياز، مستوعبة بخاصية أخرى، واإلخالف معا، ث يتحول النص، حي 1؛" Dissémination- االنشطار، أو البعثرة" ما عبر دريدا عنها بمفهوم

.فضية إلى عتمة اإليحاءتمأله الدهاليز المإلى كهف فضال عنها، إلى كائن عنكبوتي مشجر، حاله حال 2،، ولعبة نسقية بين االختالفات، وفيها- أو بنية متحركة–إنما هو بنية، وحركة

ما -تحديدا –ذلك ،ات، أو صفيحة تتوزعها جملة من الثقوب، والفجومتنقل رملي بكثيالنص هو ذاته وغيره في آن، هو جملة من النسخ ظهر مفهوم االختالف في أجلى صوره؛ مي

فثمة نص آخر ثاو فيه، ال مكان له محددا في النص . ليس واحدا" هو، النصية المتناسخةنص األصلي األصلي، ال يقع وراءه أو خلفا أو جانبه، وليس مخفيا وال ظاهرا، وال يأتي قبل ال

هو نسخة كربونية ضائعة –وفق هذا التصور التفكيكي الشاذ –وكأن النص 3." وال بعده .!األصل، ويضيع كل من حاول البحث عن نسخته األصلية في متاهات األبد

ة مثلما هل نفهم من ذلك أند من ماديته النصيهو من يعنى بالنص محاوال التجر التفكيكيفعال، ذلك ما صبونا إلى مالمسته من خالل . *؟ ول بوذي صوفي أن يتجرد من جسدهيحا

ة ية النصاختزال التفكيكية في كونها ضربا من الصوفيفقد أردنا إلى عنونة هذا المبحث أعاله؛لسنا -نؤكد هنا –على أننا .في تشبيهها بصوفية الجسد" مفاهيميا" من دون أن نجد حرجا

نتطابق حرفيا مع جاكسون حينما اتهم التفكيكية بعدها شكال من المثالية النصية، أو الصوفية .فيها بالبت -ههنا –تلك قضية يضيق المقام .4انسيةالنصية الروم

استكملنا الحديث عن وبا بغموض استعاري مريب إال إذا إن مرادنا من ذلك ليظل مشحيال ثنائية الحضور، والغياب، –الدريدية بخاصة –صوفية النص بطرافة رؤى التفكيكية

.الفيزيقا، والميتافيزيقا

.95: إلى ص 86: المرجع السابق، ص: ينظر 1

2 Cf, Julia. K, Le langage, cet inconnu, une initiation à la linguistique, Ed ; Seuil, Paris, 1981 , P : 23. : ، الموقع اإللكتروني2000، يولو 23: محمد حافظ دياب، جاك ديريدا ومغامرة االختالف، مجلة نزوى، ع 3

www.nizwa.com،م2009جوان ، تاريخ التحديث . الكتابة هي هذا الحياد، هذا التاليف واللف الذي تتيه فيه ذاتيتنا الفاعلة، إنها السواد : " يدعم رأينا هذا قول محمد شوقي الزين *محمد شوقي الزين، بركانية النص وأتون المعنى، : ؛ ينظر"يكتب الذي تضيع فيه كل هوية ابتداء من هوية الجسد الذي ضالبيا . س. مر

. 252: س، ص. ليونارد جاكسون، مر: ينظر 4

Page 186: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

186

ألنه مجرد ذاك . ليس النص بحضوره الكتابي ممرا فيزيقيا نعبره إلى غياب داللي معلوم بوصفه أثرا، ال عالمةاالشتغال السيميائي؛ أي إن النص " ديكتاتورية"تحرر متمرد على أثر م

"من أجل ضرب كأ عليه دريدا تهو المعطى الذي ا" المدلول النهائي "محكوما عليها بمشنقة ية ة النص مطلقة، ومترامففيزيقي .!عرض الحائط " ميتافيزيقا الحضور "، و" مركزية العقل

من األطراف، ال يمكن كبتها، وحصرها في مدلول غيبي متعال يضع نهاية مطمئنة لإلحالة بمعنى أنه ليس ثمة شيء ميتافيزيقي يقبع خلف النص بحيث يتحكم في 1.عالمة إلى أخرى

من وهنا يتضح المغزىفيزيقيته، ويملي عليه قوانين التدليل، ومبادئ االعتمال اللغوي، ، وتحول ، وفرضه فرضا على المتلقي)المركز(مركزية النص؛ إنها تمنعه من احتكار المعنى ال

من التعاطي مع –والحال هذه –مناص للتفكيكي فال .دون تحنيط إمكانات إثراءه، وتأويله النص على أنه بنية ممزقة، أو حضور مفكك، ال مركز له، وإن وجد، ففي داخله، وخارجه معا

*.متعة الحومان، والتأويل ضمنوي 2،على نحو ما يفتح لعبة متواصلة بين المركز، والتخوم الميتافيزيقا، وبأنها علم نطاقي، كنفلكأن دريدا قد قلب المعادلة القاضية بجزئية الفيزيقا من

بحيث 3،اة بهاي الكون كله، كبيره وصغيره، فإنها مغططأو فرع متخصص منها، وإن كانت تغ في منظور الميتافيزيقا –، بعدما كان الحضور )النصي(أضحى الغياب هو المشمول بالحضور

على الجمع -بتطرف فلسفي منقطع النظير –بل األدهى أن أصر دريدا .مشموال بالغياب –غياب، مما وكأنه كالهما حضور، وكالهما 4؛بينهما تحت صومعة االختالف زمانا، ومكانا

ة –يجعل النصخاص الفني تخترق كالغربال بحيث أنيطت وظيفته بعدد الثغرات التي –األدبيإلى خصائص التكوين المجسد والتشكيل المادي وكذا قانون ألن الغياب وإن افتقر "ذاك ،كيانه

[...] بقى النص األدبي التجاور والخطية؛ فإنه حاضر من خالل الفجوات والثغرات، ولكن ياألمر الذي 5،" والعالقة الحضورية بكيفية تتسم بالتركيب الغيابيةيتميز بأنه يتضمن العالقة

.257: ص جع السابق،المر: ينظر 1 .س. محمد حافظ دياب، مر: ينظر 2الذي يفترض أنه أحل فكرة اللعب، والتأويل )Nietzsche(نومئ هنا إلى أن دريدا قد استمد نقده للميتافيزيقا من فلسفة نيتشه *

. 67: س، ص. زيما، مر. بيير، ف: محل مفهومي الكون، والحقيقة مجردا العالمة من حضور الحقيقة عينها؛ ينظر . 255: س، ص. ليونارد جاكسون، مر: ينظر 3 . 259: ن، ص. المر: ينظر 4 . 115: غياب وجمالية الفراغ الباني، صأحمد يوسف، شعرية ال 5

Page 187: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

187

ليجد يسكن المتلقي بهاجس البحث عما يمكن أن يمأل به تلك البياضات المحينة عبر سواد النصبين المفردات يجاوروكيفما شاء، دلفيستبحرية ممتعة في مشاركة الناص إنتاجية المعاني،

أراد دريدا للخطاب، والخطاب األدبي خاصة، أن يكون تيارا -ال غير –لهذه العلة . كيفما شاءغير متناه من الداالت يفضي إلى توالد المعاني المؤجلة ضمن نظام االختالف المحكومة بحركة

1.حددةحرة أفقية عمودية ال يتوقع لها نهاية مضمن المدار المنهاجي الجوهر اآلن؛ ما الغاية، وما القصد من إدراج التفكيكية -والسؤال

مقاربته، فيستوجب استثماره، " شعرية "خصوصية موسومنا، وما المتآلف منها مع أي؛ لبحثنا؟ .؟ وتفعيله، وما المتخالف منها، فيقتضي استنكاره، وتذليله

في مطارحات التفكيكية حرصها على استضاءة - ال غرو –اإلغراء إن أشد مواطن، ويكتنفه على " التفكيكي "فالشك الذي يراود الباحث .ها لمحطة الوصولالدرب، وتهميش

تضييع الوقت، الدوام، إنما هو ما يحضه على التفكير في استكشاف طرائق البحث، بدال من يقلل من عجرفة وهو، من ثمة، ما 2،ت المسك بيقينية المبحوث عنهتوهما وغرورا، مع محاوال

إلى أرحب باإلبداع –مقابل ذلك –، ويلين من صرامته العلمية، وسلوكه البنيوي، ويدفع التحليل نسختين متناغمتين تداخال، وتنافرا، أو محض وأمتعها، ليضحى كالهما محض اآلفاق،

إذ بوسعنا أن نحافظ، بموجبها، على نسل المعرفة، ، *)Devenir- absent(صيرورة غائبة .ونحفظ ماء وجه الفكر اإلنساني

مكمن آخر من مكامن الجاذبية، واإلغراء في استراتيجية بنا الحديث إلىتدحرج ي من هناضاض تحرير شغل المخيلة، وافت "التفكيك؛ إنه الوازع اإلبداعي األدبي االستعاري الهادف إلى

فذلك ما نحن في أمس حاجة إليه مادمنا معنيين بالتعاطي 3." آفاق بكر أمام العملية اإلبداعيةمع الخطاب السينمائي؛ أعقد الظواهر اإلبداعية إنتاجا، ونقدا كما سيثبته الفصالن المتبقيان

؟؛هجم عليهاو في أعنف سياقات التأولم يعترف جاكسون ذاته بأدبية التفكيك وه .من هذا البحث

.120، 119: س، ص، ص. عبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، مر: ينظر 1 .31: ص نفسه،المرجع : ينظر 2 -Devenir(بأنه صيرورة غائبة، أو صيرورة الواعية –أو التفريق على حد ترجمة عمر مهيبل –يحدد دريدا االختالف *

inconscient( اهرة مؤطرا إيحوعمر مهيبل، البنيوية في الفكر الفلسفي المعاصر، ديوان : ينظر. بلمسة فينومنولوجية م . 273: ، ص1993، الساحة المركزية، بن عكنون، الجزائر، 2المطبوعات الجامعية، ط

. 116: س، ص. عبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، مر 3

Page 188: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

188

تحرر التفكيكية من مقتضيات الموضوعية، واالتساق سببا في عظمة اإلعجاب ،رأيهفي ، فكانثم إن خوف 1.؟ وكانت الكتابة تغطي حقل اإلبداع البشري بأكمله ،بدريدا بين منظري األدب

نجزات الرياضيات النقاد، واألدباء من الميتافيزيقا المتمركزة على العقل، والمسؤولة عن مإنما هو خوف أنطولوجي مبرر، من شأنه المحافظة على كنه اإلبداع، 2،والعلوم الطبيعية

الفني إلى -، بالتالي، دون تحول الخطاب األدبيوحماية جذره االستعاري، والحؤولبليونة نستأنسأن ،في هذا المقام ،حسبنا .جافة، أو إلى قطعة من خشب يابسة" رياضيات"

إنها ،اإلبداعي خصوصا السلوك المفاهيمي الذي انمازت به التفكيكية في معايرة الخطابتقلبات اإلبداع ما في وسعه مجاراةهي 3،على حد قول روالن بارث االستعارة - المفاهيم

مقارباتي من ية، وإننا لنفعل ذلك أمال في إعتاق نموذجنا التحليلي النيوالتكانحناءاته الداللية، وه المناهج اللسانياتية، والبنيوية تطبيق مختلف العلمي الصارخ الذي لطالما ادعت اإلحكاموطأة . حرفيا

ها النقدية المجنحة،جرأتبعض مناحي التفكيكية في هذا البحث، احتكامنا إلىومن دواعي مع افتراضية مصطلح الشعرية، إذ ذلك ما نراه منسجما. وديمومة منزعها التفضيلي االفتراضي

فالتفكيك .تتضمن معنى كمالهالتي تصمه، و مع خاصية النقصان األبدي واحتماليته، ومتناغما، ، أي؛ إنه يحوي الذهنية النقديةالعملية النقدية على الرغم من عدم كونه نقدايوقد الجرأة في

4 سلطة حاسمة ،فضال عن ذلك ،ه، فيمتلكويوليها جل اهتمامه، لكنه يتجاوزها في الوقت عينهكذا تتأتى نقدية خطاب .يمارسها، دون هوادة، في توسيع رقعة القراءة، واالقتراح، والتأويل

واحدية المعنى، بما يعني "خ األصلية للنصوص، ويمقت سالتفكيك من حيث كونه ال يعترف بالن ةتتضمن قوى متناقضة ومرجعيات متعدد عدم التعامل معها كأنساق مغلقة، بل مفتوحة،

فمن الضروري إغفال كل ما يعتبر أصال مسلما به في هذه [...] تعرضت لتوجيه صاحبها تخير النسخ منفتحا، ودائم التأهب إلى أن يكون خطاب التفكيك ب ىكف ،لذا 5."النصوص

.280: ، وص260: س، ص. ليونارد جاكسون، مر: ينظر 1 .258: ن، ص.المر : ينظر 2 .248: ن، ص.المر: ينظر 3 .116: س، ص. عبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، مر: ينظر 4 . س. محمد حافظ دياب، جاك ديريدا ومغامرة االختالف، مر 5

Page 189: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

189

نا، ظفحتذا البحث رغم ندرجه في بنية مقاربة هنحتضنه، و ز التأويالت، لكيالنصية، وفر .بعض الشيء، على مسألة الدوام تلك

الجمع أما ما نضعه في حيز الدحض، واإلبطال من التفكيكية هو إصرارها العنيد على على نحو يسحب النص من ثنائية الداخل، والخارج بين الحضور، والغياب في علبة واحدة

التخالل منطق –ال محالة –ينتفي قول 1لنصفقول دريدا بعدم وجود شيء اسمه خارج ا. العتيدةالنص، وبين فما معنى التفاعل بين . أهميته البالغة في تفتيق الشعريةبين النسق، ومرجعه على

واقع موجود خارجه إذا كان فحوى غراماتولوجيا دريدا أال تعيد إنتاج واقع خارج نفسها، وإنما النص، ومحيطه إقصاء المسافة بين إن. !؟ 2الوجودأن تفجر واقعا جديدا، وتبرزه إلى

تجريد لها من أبعادها األنطولوجية، والتقنية، وضرب للمحاكاة في الصميم، المرجعي لهو وينعدم البون بين األنا الحضور بالغياب، حينما يمتزج النسق بالمرجع، امتزاجف، ..والجمالية

ر له واآلخر، تفقد الشعرية مركزها، فتتخذ منحىا ال مبرا تصحيفيحيث تتساوى جميع ،هالمي. النثرية -ويضمحل خيط التمييز في ثنائية الشعرية ، بل نشعرتاألجناس الخطابية في درجة ال

بين ظهراني التفكيك، فاقدة ألدنى شروط القوامة المصطلحية، واإلجرائية ؛هكذا هي الشعريةليس بتهديم وليس ببناء، ليس [...] ذلك أن التفكيك . عايؤسس لالختالف ولالحتواء م "هذا الذي

بخطاب الخاص الهامش في مقابل المركز، أو العدم في مقابل الوجود أو العكس؛ إنه أغرب أي فائدة يمكن أن نجنيها من الشعرية في غياب ثنائية – وال غرابة –، لسنا نرى اإذ 3." ثنائية

لنستمسك بعروة أنطولوجيا مجيء التفكيكية، وعليه، إننا نعرفها قبل ثلماالغياب م -الحضوراستثمار خطاب تفكيكي المغامرة في بدال من 4،الراكضة خلف حقيقة الكون األصيلةهايدغر ت الخطاب الميتافيزيقي ال مليء بالعقبات ومحفوف بالمزالق لكونه يشتغل داخل بنيا "مفكك؛ 5." خارجها

امتداد إحاالت مسلك تدليلي ثابت،لمقابلة بين الحضور، والغياب في عن عدم ا ينجركما في إبداء تحفظنا عليه، ورفض ،البتة، الخطاب إلى نهايات غير مسماة، وهو أمر آخر ال نتردد

.128: ن السيميائيات والتفكيكية، صأمبرتو إيكو، التأويل بي: ينظر 1 . 136: س، ص. عبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، مر: ينظر 2 . س. محمد شوقي الزين، بركانية النص وأتون المعنى، مر 3 . 51: ، وص47: س، ص. زيما، مر. بيير، ف: ينظر 4 .114: اغ الباني، صأحمد يوسف، شعرية الغياب وجمالية الفر 5

Page 190: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

190

النهائية الداللة، كما تفقهها مرد ذلك إلى أن .منهاجيا من بنود المقاربة االعتراف به بندامرضي، حيث تجعل النص رخوا، غير مرتبط بأي مرفأ من مرافئ الداللة وضعة، يكيالتفك

على محوري لعب التفكيكي ائه إلى واحد منها، بمعنى أنه على إيصال قرصاحب التي يلحسيمره االستبدال، والتركيب لعب * يخلف لذة طفولي ة ويرشح متع 1،ة غير واعيةمتاهي

بصمة شعري ة دونما إنتاج أية مؤطرةهستيري. ،ة تلك، هي ما يجعل التفكيكيالالنهائي إن ثميعاني غثيانا دالليا، فيمارس االرتباك بدل القراءة، والتأويل، ، على الخصوص، ناصا وقارئا

. نه بمنطق التفكيكألن النص الذي أمامه حاضر، وغائب، يمثل نفسه، وغيره في الوقت عيفي الوقت الذي لمعاني المحتملةبا متخممن الفجوات، و ملفقنص " التفكيكي "النص وكيف ال،

. عله يستند إليها لغاية حسم األمر في عملية االنتقاء التأويلي قرينة يمنحها للقارئيفتقد فيه إلى بطاحونة تدور على نفسها بال –، وتنظيراتحريرا -أن نشبه خطاب التفكيك -بعد هذا –هل لنا

لكثرة ما فيه من تشعبات استعارية تأويلية تتناسل على نحو سرطاني يفضي، هدف ما تتغياهأن نوافق الرأي القائل – بناء على ذلك –، وهل لنا !؟ حتما، إلى موت المعنى، ال إلى ميالده

ل الذي يمثل بإسقاط "رج تخ" التفكيكية تدور بال نتيجة حين "بأنمن النص لتنصرف إلى التأم !؟ 2 " على النص )دريدا(تعسفي لتداعيات أفكار قارئ

تأسيسا –فهو يدعونا ذلك إلى رفض الطريقة التي ينفتح بها خطاب التفكيك على متلقيه؛ أنه من شدة وك، ! منفتح من الداخل على الداخل، أو من الخارج على الخارج –على ما سلف

ة ، وتعضد قابليملموسة تمثل متكأه السيمائي انطوائه على ركيزةانفتاحه منغلق لعدم ف الذ ،تهمقروئي موطن اإلشكال قبل ممارسة االنفتاح هو تحديد ما ينبغي اعتباره يقينيا في "إن

–ال نستسيغ أن يكون االختالف ،في مقام بحثنا هذا، وعليه، فإننا 3." الحد األدنى وليس العكس، يفقد بحثنا مصداقيته العلمية –إن تبنيناه –ألن ذلك أمرا 4،" فاعلية حرة، غير مقيدة" -مثال

وهو إله إغريقي متعدد الوظائف والمجاالت واالختصاصات ويرمز إلى hermèsنسبة إلى : )Hermétisme(الهرمسية " *

أمبرتو إيكو، التأويل بين ؛ "وباإلضافة إلى ذلك فهو إله الفصاحة ورمز للتعدد التأويلي [...] المعرفة الكلية والتأويل الشامل . 138: والتفكيكية، الهامش، صالسيميائيات

.123: ن، ص. المر: ينظر 1 . 103: س، ص. زيما، مر. بيير، ف 2 .س. ، مر10: محمد العماري، عالمات؛ ع: أمبيرتو إيكو، مالحظات حول سيميائية التلقي، تر 3 .122: س، ص. عبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، مر 4

Page 191: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

191

ض أنها تدفترق أواصر الصلة بينه، وبين المقاربة التي يط ويمززيمتنا على قراءة ععمه، ويثبنا ال نجد حرجا في تبني االختالف، أو التأويل، بوصفه فعال لكن. المقترح) السينمائي(األنموذج

.أو نشاطا مشرئبا إلى أفق إيحائي محدود 1،دائرياإلى أن الحديث عن التأويل، ومالبساته الوضعية، - اضطرارا –عالوة على هذا، نومئ

ال جرم –قتضي منا يسديه إلى شعرية الخطاب، يوشروطه األنطولوجية حيال ما في وسعه أن بعض ما تقترحه من مفاهيم إجرائية، ونماذج في )L’herméneutique(استحضار التأويلية –

–التثبيت /التسطير "إلى مفهوم ،على سبيل الذكر، ويكفي، في هذا السياق، أن نحيل .تحليليةInscription " الذي ما فتئ يعتبره بول ريكور )Paul Ricœur( يا هائال يخفي الواقع إنجازا ثقاف

- الخطاب"البشري، بحيث يعنى بطبيعة الخطاب أوال، ثم بالمعنى تاليا، مما يجعل الكتابة مالذ 2.ي حال انفالته من لحظية الواقعة الكالميةفبت، ويستمر ث؛ يلجأ إليه لي" الكالم

ن لنا معقولير التأويلي حيال مفهوم الهكذا تتبيد أثركتابة؛ ة التصوليست الكتابة مجر )Trace(، كما أراد لها دريدا أن تكون، إنما هي ر ريكور –أو تسويد تحريضيوفق تصو - "

إمكانية نقل [...] وال نحتاج سوى إلى تذكير أنفسنا بـ .بكثير من مجرد تثبيت مادي أكثرولئن كان المقام ال يتسع 3." رةيلة، دون تعريضها لتشويهات خطيلمسافات طو] مكتوبة[األوامر

ههنا للتنويه بمختلف معالم التأويلية، واستظهار مبررات استثمارها، وشروط إدراجها في ملف والتي مؤداها أن يحررها مما اعتراها من ور إزاء التأويليةكالمقاربة، نكتفي بتبئيير رؤيا ري

يليتين؛ هذي التي تقوم على مقولة الواقعة الكالمية، انحيازات نفسية، ووجودية، وأن يتوسط التأو 4.ولحظية اإلنجاز، وتلك التي تقوم على تحليل بنيوي نسقي للنصوص

منطلقا يحول دون اعتماد هذه الرؤيا التي سنستند إليها بوصفها ننا ال نجد مانعانحسب أ . يتخطى حدود المقاربة تأويال ال تأويل خطاب السينما نستنير به في إبستمولوجيا

. س. مد حافظ دياب، جاك ديريدا ومغامرة االختالف، مرمح: ينظر 1، الدار البيضاء، 1سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي، ط: بول ريكور، نظرية التأويل، الخطاب وفائض المعنى، تر: ينظر 2

. 57: ، ص2003المغرب، .59: ن، ص .المر 3 .53: ن، ص. المر: ينظر 4

Page 192: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات. شعرية -المركبة؛ سيميونحو بناء المقاربة الفصل الثاني

192

في غربال التناهج ةشعري -السيميو -3

أنطولوجيا التركيب في بنية المقاربة - إبستمو -3-1من ها على مصطلح الشعريةالمفهومية المفترض انسحابالتخريجات صور ها قد اكتملت

،ةالنقدي ةالنظري طارحاتالمة، والتوجهات المنهجيخالل سبر نقط تقاطعاته مع مختلف ، نأمل أن نكون قد جسدناه، تجسيدا يؤثل للشعرية يذاك مبتغى إبستيمولوج .ةنازع الفلسفيوالم

.هوية محصورة مكثفة، في المباحث السالفة أعاله، فتتراكبان للتضافر مع لحيظها السيميائيةوإنه األمر الذي تغدو به الشعرية أكثر جاهزية

أو ة أقل مافي بوتقة منهاجي ،عته فكري ها من أيغها خلوإجرائييسو ولئن . اختالل منهجيربطها ما يعزو إلى فإن ذلك أول *،كانت الشعرية ترشح، عبر تالفيف الخطاب، سيميائياعلى صعيد أنطولوجي –بل ويجعلها بالسيميائية معقولية منتظرة، ومشروعية مقررة،

–أن الشعرية مما يعني .ا، ومشمولة برؤاها، ومنطلقاتها المعرفيةمشروطة به –مناورالذي قد ستكون مؤطرة بالسيميائية، وبالتالي، محمية من التذبذب التقعيدي –والحال هذه

باعتبار أن السيميائية على نحو ما ورد أعاله، ينجر عن كثرة الحقول، والمناهج المتاخمة لهايوحد بين حقول مختلفة، ويحارب تفتت العلوم "فحوى مساعيه أن وجي طموح إبستيمول

واالنشطار القائم بين التصنيف المبني على المالحظة اإلمبريقية من جهة وبين التنظير المبني وعي حصيف يصبو يصدر فعل التوحيد هنا عن إذ 1،" على المالحظة الذهنية من جهة أخرى

وهو أمر ال لحقول المعرفية المتباينة، والمقاربات النقدية المتمايزة، إلى رصد بؤر التفاعل بين ايتم إال بالوصول إلى مستوى مشترك بوسعه التقريب بين مقومات هذه الحقول، والمقاربات؛ إنه

.2 العامل السيميائي ليس إالين مصطلح الشعرية، وبين تثبيت اللحم بإننا لنحتاج إذن، إلى السيميائية، في هذا البحث، ل

من مناهج، ونظريات مجاورة، بعد درء ما يشوبه منها، ويالبسه، من مفاهيم، وزوائد ما يداخله

كريستيفا الذي يعتبر اللغة الشعرية نمطا من االشتغال السيميائي من بين . قد أومأنا، في الفصل السالف، إلى موقف ج * . 117: صالفصل األول، البحث، : ينظر. متعددةالممارسات الدالة ال

سيزا قاسم، نصر حامد أبو زيد، أنظمة العالمات في اللغة واألدب والثقافة، مدخل إلى السيميوطيقا، مقاالت مترجمة 1 . 12: س، ص. ودراسات، فريال جبوري غزول، علم العالمات، مدخل استهاللي، مر

. 13: ن، ص. المر: ينظر 2

Page 193: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات. شعرية -المركبة؛ سيميونحو بناء المقاربة الفصل الثاني

193

،نبذ االنشطار المعرفي بين المناهج والعلومذلك ألن الطموح السيميائي إلى . تقعيدية مشوشةطموح تأثيلي –من ثمة –فهو 1،امبني، في الوقت عينه، على احترام الفوارق بينهإنما هو

منحى إبداعيا قلما تحضى " شعرية – سيميو " نمذجي، إننا لنرجو أن يحقق لتركيبة المقاربة؛ في لهما وجود ال خاصيتان الصفاء والنقاء "إذ ،الصافية المقارباتالمناهج المنفردة، وبه

اختصاص وفي بين أكثر من والتالقح عددوالت االختراق يسود حيث اإلبداع الفكري، مجال 2." سياقات متناقضة

كبح ثم إن للسيميائية، بوصفها فاعلية إجرائية على الخصوص، فضال ال يمارى في رات الشعرياتية، على اختالف فتئت تستغرق المتصوالتجنيحات البنيوية، والشكالنية التي ما

ال غرو من هنا، .الي، عن كل ما يمت لفلك الفحوى بماتةبالتمؤسسيها ومشاربها، وتنأى بها، البحث هذا يعتلي المنظور السيميائي واجهة المقاربة، ويحتل الصدارة في تصويب مسلكية أن

ة في جل مواالمنهجيوما اللغة الواصفة التي صبونا من خاللها .إال لماما ضعهة، والمفهوميإال إجراء سيميائي شعريات، في الفصل السابق، توثيقا استقصائيا تكييفيانحو توثيق ما أتيح من

خفي، أجلى ما يكشفه نزوعه القرائي التأويلي المفضوح نحو استبار مدلوالت األنساق .!المنظرة

حينما يتصل األمر بشعرية ئيالسيمياور ولكم تتفاقم سندية هذا البحث إلى المنظالوجود على يتيح للمنظرين أن يتعرفوا "فهو وحده ما من شأنه أن الفنية؛ –ألدبية الخطابات ا

المستقل للبنية الفنية وعلى ديناميكيتها األساسية؛ وأن يفهموا تطور هذه البنية باعتبارها حركة 3." كامنة ولكنها في عالقة جدلية دائمة مع تطور المجاالت األخرى للثقافة

بين -أو التنافر –التقاطع جغرافياإال في طنهي كالشعرية، ال تتوئية بيد أن السيميا يزيد في تسوييغ فكرة التوليف الحقول المعرفية، واألنساق الفكرية، وإنه ألمر تحفيزي إيجابي

مت ما دا 4،"أولى لها أن تتجلى بوصفها محال لتقاطع العلوم " فالسيميائية . بين حدي المقاربةالرسمي في الوقت الذي ال يمكن ألي علم تشكل منطلقها – إن سوسيريا، أو بيرسيا –العالمة

.13: المرجع السابق، ص: نظري 1 . 20: س، ص. حسين الزاوي، الفلسفة الواصفة، مر 2 .290: سيزا قاسم، ص: س، جان موكاروفسكي، الفن باعتباره حقيقة سيميوطيقية، تر. سيزا قاسم، نصر حامد أبو زيد، مر 3

4 Julia. K, La sémiologie, science de la critique et /ou critique de la science in : Théorie d’ensemble (collectif), Ed, seuil, 1968, P : 82.

Page 194: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات. شعرية -المركبة؛ سيميونحو بناء المقاربة الفصل الثاني

194

المتقاطعة، ألي نسق معرفي، أو سلوكي أن يتأسس، ويتقعد، ويشتغل خارج من تلك العلوم .نطاق العالماتية

شامال للعالمات، السيميائية، بوصفها علما" ال غرابة إن طفقت من هذا المنظور من قبيل علم االجتماع، واألنتروبولوجيا، والتحليل واألنظمة الدالة، تفتق كل العلوم اإلنسانية

االنفسانيوأنها وال يعني ذلك أنها أسمى من هذه العلوم جميعها، 1،.."، ونظرية الفن، وهلم جرإنما ليس بوسع السيميائية، على اختالف .أحادية التأثير فيها، فتغذيها، وال تتغذى منها

إذ ليس ،العلوم، والمعارف، والتخصصاتاتجاهاتها وكثرتها، أن تتنجز، وتتفعل خارج أكسيوم من المنطق في شيء أن يس أوإجراء لم أي نمذجي ،من ضحالة الوصف، سيميائي ،تحليلي

جذر ذهنية المجال المعرفي الذي ع علىوسطحية الكشف، ما لم يكن معضدا بعميق اضطال .يحاول إلى سميأته، ونمذجته، وتحليله

- ، والنظرية التي تروم إخصابها، على سبيل نظرية سوسيوفلوال الترافق بين السيميائيةلظلت مجرد توصيف ساذج، بغير ما طاقة تفسيرية .. منطقية، أو أنتروبولوجية، أو نفسانية

2.كبيرةتبادل "باكتشافها للخطابات في "ذلك، سوف لن يكون للسيميائية بد من اإلسهام بناء على

وتتموضع من ثم في موقع تقاطع عدة علوم هي نفسها نتاج سيرورة [...] بين العلوم " تطبيقي، ينجر عن ذلك اعتياص السيميائية على االكتمال المفاهيميوإنه ل 3." تداخل العلوم فيما بينها

إنما هي حال من حاالت التقلب التنظيري المستديم، إذ الناجز، جزها عن التموضع النظري وعتاخمها، وتصطبغ باللون أو ت شكل النظرية التي ترافقها، – ال عن طواعية –تكاد تنتحل

ير في تقصد إلى التنظ ،ىفي أحايين شت، األصلي للمجال المعرفي الذي تتواجد فيه، مما يجعلها .دونما انقطاع ذاته، ولذاته، فتنتجه، وتنتج عنه

1 Julia. K, Le langage, cet inconnu, Op. cit, P : 295. 2 Cf, Op. cit, P : 295.

. 16: س، ص. كريسطيفا، علم النص، مر. جوليا 3

Page 195: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات. شعرية -المركبة؛ سيميونحو بناء المقاربة الفصل الثاني

195

ما يميز السيميولوجيا عن العلوم األخرى، هو أنها في نفس الوقت نتاج "من هنا، إنوهذا ما يفسر كيف أنها . إنها إذن نظرية نفسها الخاصة. النظرية المنمذجة التي هي نفسها إياها

* 1." "اصة، تفكر فيها، وتحولهاتنقلب بال انقطاع على أسسها الخ" ة، لهو أمرص أجهزتها المقوالتية إلى مقاسمة العلوم مسلماتها، وتقمنزوع السيميائي إن

يناط اختالفها باختالف حقيقة النسق الدال يقتضي تشققها، وتفرعها إلى مناهج، واتجاهات شتى،فلكل خطاب معرفي سيميائيته، ولكل . امها السيميائيللعلم، أو النظرية المرجو الكشف عن نظ

البد من وجود تواؤم بين المقترح السيميائي، وبين المجترح ؛ نمط خطابي سيميائيته أيضا، أي االشتغال السيميائي حتى يتكشف جوهر التدليل الخاص بنظام النظرية من جهة، ويتم النظري

هكذا، إن سيميائية خطاب منطقي، .، من جهة أخرىا، أو نقدعليه بأكمل وجه، إن وصفا كما ال يسع االقتراب السيميائي ،شعري ،لتختلف حتما عن سيميائية خطاب أدبي رياضي

.لخطاب لساني محروف إال أن ينماز عن ذلك الذي يقارب خطابا سينمائيا مرئيا ة سيميولوجنفهم من ذلك أنيات ال سيميولوجيا واحدة على نحو ما يشاكل الشعرية ثم

توجد بعد سيميولوجيا واحدة ذات مجموعة من " فال ،في تناسل شعرياتها، وتشظي تياراتهاالمفاهيم والمناهج متوفرة، على وجه الخصوص، على مشاكل تقويم الحلول ومعايير هذا

تركة بين كل أولئك الذين يعتبرون أنفسهم التقويم، مجموعة من شأنها أن تكون مش 2." "سيميولوجيين"

حميد لحمداني، محمد العمري، عبد : لبحث السيميائي، ترمارسيلو داسكال، االتجاهات السيميولوجية المعاصرة، سلسلة ا 1

. 74: ، ص1987الرحمن طنكول، محمد الولي، مبارك حنون، دار إفريقيا الشرق، دط، الدار البيضاء، المغرب، ا مصطلحان هم" Sémiologie-سيميولوجيا" ، و" )سيميوطيقا( Sémiotique-سيميائية" نلفت االنتباه هنا إلى أن مصطلحي *

، يسكسون مترادفان إلى حد بعيد، إذ يستخدمان، في كثير من األحيان، من أجل المعنى عينه، غير أن األول مصطلح أنجلوأما . دي سوسير على وجه الخصوص. ارتبط بكتابات جون لوك، أما الثاني فمصطلح مرتبط بالثقافة الفرنسية، وبكتابات ف

البحث، تبني مصطلح السيميائية، ليس للموافقة على انتخابه من قبل الجمعية الدولية للسيميائية التي تم نحن فنفضل، في هذا وإنما لكونه مصطلحا إجرائيا يقبل االنسحاب على جميع الفروع، وأجدى بمدارسة فحسب، 1974تأسيسها في فرنسا عام

حين يختص " السيميولوجيا"وقد نضطر الستخدام مصطلح . ونمطا مختلف الخطابات، وأنظمة العالمات على كثرتها جنسا، . 351: س، ص. سيزا قاسم، نصر حامد أبو زيد، ثبت المصطلحات، مر: ينظر .الشأن بالسياقات التنظيرية األنطولوجية

. 17: س، ص. مارسيلو داسكال، االتجاهات السيميولوجية المعاصرة، مر 2

Page 196: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات. شعرية -المركبة؛ سيميونحو بناء المقاربة الفصل الثاني

196

من مناحيها، وأي منحى عة المرامي، فأيبة المناحي، متفرولئن كانت السيميائية متشعمرمى من مراميها هو األجدى بمعاضدة الشعرية، واصطحابها في تفعيل الرؤيا المنهاجية لهذا

-سيميو ؛ها، وإدراجها ضمن توليفة المقاربةة يحق لنا ادخاروأي سيميائي؟، البحث .؟شعرية

حسبنا أننا نتواجد في سياق مشابه، تمام المشابهة، لذاك الذي اقتضته وفرة المناظير المفهومية المخصوصة بمصطلح الشعرية، وكذا كثرة المدارس، والتوجهات النظرية المنشغلة

ار اللغة الواصفة ابتغاء انتخاب ما يناسبنا، من جعبة مما يشي بفكرة استحض، بهوإنها لفكرة مشروعة، وواردة، وممكنة .السيميولوجيا، لتوطيد صرح المقاربة منهجا، وإجراء

إلى مشروعية التأسيس لسيميائية تصف )L. Hjelmslev(التفعيل مذ أحال الدانمركي هيلمسليف ورائية أو فوقية أو أيضا من الدرجة الثانية سيمياء ما " السيميائية، أي ذاتها، إنما هي

Métasémiotique1." ، إذ هي سيمياء تتكلم عن سيمياء إنما هو حصر المسلك هذه، " السيميائية الواصفة" فإن ما ننشده من وراء استعارة منطق

واألقدر على تفكيك بنيته السيميائي األجدر بمرافقة الشعرية في مقاربة الخطاب السينمائي،أي؛ لما كانت السيميائية .الداللية، وتوصيف مقوماته الذاتية، وسبر أسرار اعتماله الخطابي

وكان موسوم بحثنا خطابا بصريا مفارقا 2،" جهدا عظيما حتى تتلمس حدود مجالها "تحتاج ذل جهد، ليس بالهين، بغية تلمس حدود ألبجدية النظام اللساني، فإننا لنحتاج، من جانبنا، إلى ب

وليس ذلك بمتأت لنا إال باجتباه بعض . القراءة السيميائية التي تقتضيها مقامات هذا البحثالمفاهيم المحورية من بعض أعتى المطارحات السيميائية ذات األثر البين في تاريخ

.السيميولوجياجرد على فيما تبقى من مباحث من هذا الفصل،وإننا لنرى أن من األنسب االقتصار،

باعتبارها ما يكاد أن يكون تيمة بارزة تشترك فيها الشعرية، مقولة الشكل، وتعليلها سيميائيا،، بيرس. س. نكتفي باستبار سيميائية شكما يجمل بنا، أيضا، أن . والسيميائية كالهما

لمقاربة البحث، على تركيبيتها، واألكثر إيناسا واقتناص جوانب منها، نحسبها األكثر تعضيدا

. 38: ، ص1990، بيروت، لبنان، نوفمبر، 1اخوري، تيارات في السيمياء، دار الطليعة للطباعة، والنشر، طعادل ف 1 .171: س، ص. سيزا قاسم، نصر حامد أبو زيد، مر 2

Page 197: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات. شعرية -المركبة؛ سيميونحو بناء المقاربة الفصل الثاني

197

منحدرة من أخرى روافدمن – تحوطا واحتذارا - لمساره المنهجي، و ال يفوتنا أن نغرف . محيط السيميائية

ميزة االلتفاف ملف السيميائية في المقام األول، إنما هو أما ما نراه خليقا باالقتراض من األمر الذي يمنح السيميائية، في الذاتي النقدي على الذات الدارسة، والذات المدروسة في آن؛

أي نموذج من نماذجها التحليلية، رشحانا فلسفيا تتمادى تخميناته المفهومية، وتترى، فتمتنع عنتلك ميزة لترتفع . س السيميائيالسيميائية ذاتها لنقدية الدر االنغالق النظري السيما حين تخضع

ممثلة لها بالسيميائية إلى مصاف اإلبستيمولوجيا، وتدنو بها إلى قمة الكليانية، والتجريد،،مادامت موضوعاتها عالماتية التكوين، .. سند مرور تخترق به كل العلوم، والتخصصات

لمنهجها نقداولكونها "ئل إن السيميائية، من هنا، إننا لنستصوب الرأي القا 1.وداللية الوقائع، فهي نوع من )لموضوعها، لنماذجها، لخطابها باعتبارها جميعا من وضع الدليل(الخاص " نموذج ما"وهذا المنهج يبدو أيضا قريبا من اإلبستيمولوجيا، ألنه مادام [..].الفلسفي المنهج

نقدا ذاتيا، ولكنها أيضا نقد لكل علم، موضوعا سيميوطيقيا، فإن السيموطيقا ليست فقط 2." باعتبارها بانية للنماذجنستشف أن السيميولوجيا ال يسعها إال أن تكون مشروعا فكريا مفتوحا فضال عن ذلك، بالنقص الذي ينبغي أن يعتور مفاهيمه، واقتراحاته اإلجرائية، على الدوام، ومشروطا

– بال شك –سنحرص على استثمارها في هذا البحث، لكونها تمثل ةوإنها لحيثي، والنقديةقاسما مشتركا بين المصطلحين؛ السيميولوجيا، والشعرية من جهة، وتنسجم، من جهة أخرى، مع مائية اإلبداع الذي هو صلب موضوعنا، والذي يتأبى على المفهمة، والتنظير بألف طريقة،

ميائي الذي نلفيه فعاال في إحكام دعائم مقاربة هذا البحث هو ذلك لذا، فالتحليل السي. ! وطريقةالتي تكون (ينتزع مجموع األنساق الدالة للعلوم من أحاديتها الالنقدية "الذي يطلع إلى أن

، وينظم األنساق الدالة بطريقة نقدية، مساهما بذلك ال )موجهة نحو موضوعها ومتجاهلة للذاتمحكم للمعرفة، وإنما في تأسيس سلسلة خفية من االقتراحات المتعلقة في تأسيس نسق

3." بالممارسات الدالة

. 75: س، ص. مارسيلو داسكال، مر: ينظر 1 . 75، 74: المرجع نفسه، ص، ص 2 .18: س، ص. جوليا كريسطيفا، علم النص، مر 3

Page 198: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات. شعرية -المركبة؛ سيميونحو بناء المقاربة الفصل الثاني

198

ثم إن اعتياص السيميائية على أي صنف من صنوف المفهمة المقفلة، لهو شأن ما لبث السيميولوجيون، على اختالف مناهلهم، وتخالف رؤاهم، يبدرون إلى تأكيده، وتكريسه كل على

وهذه بعض التعاريف االختزالية القصد، والتعابير الشمولية الطرح التي أدلي بها في ته، شاكلهذا االتجاه، نفضل إيرادها على هذا النحو التسلسلي عسى أن تضيف إلى القضية وضوحا،

: وجالء- " ا العبارات التنبسا، أممشروع أكثر منه علما مؤس السيميائية لتظل محض ة إنؤي

1." ليس إال لسوسير، فتحتفظ بتعريض رجائي إن التحليل الدالئلي، وهو المشروع النقدي قبل كل شيء، ال يتشكل كبناء مكتمل " -

" ". "... نهائية " ، وال كقمة أخيرة ولغة واصفة " كموسوعة عامة للبنيات السيميائية "أو تحليل الدالئلي بالشكلنة التي يهدف بها إلى التفكيك، بدون وبالعالقة مع الذات وخطاباتها، يقوم ال

2." أن يقترح أي نسق عام مغلقإنه ال جدوى من بحث سيميائي إال إذا فقهت بنية الحقل السيميائي بوصفها كيانا " -

لذي يغدو ، وهو ا)مستدرجا إياه، باستمرار، إلى مناقضة ذاته(ه غامضا، يتولى المنهج استجالء 3." "نهائية"، و"موضوعية"، و"خالصة"بال معنى في حال تدرك تلك البنية المستنبطة على أنها

ال يمكن بعد اعتبار السيمياء نسقا نظريا متكامال وجاهزا، بل ليس هناك سوى " - 4." طروحات متفاوتة من حيث المنهجية والشمول

رح نسقا عالميا ومنغلقا، فإنها تصوغ األشكال من ودون أن تقت[...] فالسيميولوجيا " -، ]"علم[علما "ل كل شيء موقف ومنهج أكثر منها هي قب[...] وبهذا المعنى . أجل أن تهدم

5." باعتبار أن العلم هو مجموعة األطروحات المقبولة بإجماع العلماء في فترة زمنية معطاةاالطمئنان إلى لمسرودة أعاله، بوسعنا اآلن، وفضال عن هذه التنويهات األنطولوجية ا

من حيث هو في مستوى أن الجهوزية المنهجية، واإلجرائية التي يتمتع بها المنطلق السيميائيأي ضرب من تعتضد به الشعرية سبيال إلى تشييد مقاربة موجهة، أساسا، نحو استغراق

1 Oswald Ducrot, Todorov. T, Op. cit, P: 120.

.18: س، ص. جوليا كريسطيفا، علم النص، مر 23 Umberto Eco, La structure absente, Op. cit, P: 12.

.8: س، ص. عادل فاخوري، مر 4 .75: س، ص. مارسيلو داسكال، مر 5

Page 199: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات. شعرية -المركبة؛ سيميونحو بناء المقاربة الفصل الثاني

199

،الخطابي إذن –نسطع الجزم .نمائياإلنتاج السي السيماضروب اإلنتاج اللغوي– أنمضفورين، خطين منهجيين السيميائية، والشعرية هما، في مثل هذا السياق البحثي، بمثابة

امفتولين، يشكالن نسالطرح، معقول التحيين لدى مستساغ نرجو أن يكون – جا مقارباتيه ليكفي، من باب أولى، وإن .يناهج الواحد منهما اآلخر دونما شطط، أو اعتسافإذ – القارئ

- واقتدارهما على مدارسة اللساني، والخارجيكون نهوض كليهما على افتراضية مفتوحة، أن .التناهج بينهما نواة *،لساني من الخطابات

هذين الخطين المنهجيين رق الحاسم بينفيوشك أن يشكل الموفي الحق، ثمة خيط أبيض مساءلة تتجه، بكامل قواها، نحو المدارسة الشعريةكانت إذا فنهما؛ رغم وثاقة التوالج بي

يكاد ينحصر في الدرس السيميائيتطلع أدبيا كان، أم غيره، فإن الخطاب من حيث هو خطاب، . مكاشفة الخطاب من حيث هو تجل عالماتي، ومن حيث إنتاجيته الداللية

بار بنيويمس الذي للفهل الشعرية هي غير وهو .؟ جعل من بنية الخطاب بنيةيخفيوهل السيميائية، في مقابل ذلك، هي . بار ليس هناك ما يضمن براءته من بصمات الجماليةمس

س مكامن الفحوى غيرمنابع المعنى، وتحس محاوالت نمذجية، وتمثالت تقعيدية لجس .؟ الخطابذلك في بنية ةالمحتوا

من الحقة، في المحطات السنقفنومئ إلى أننا ضية، يبقى أنبغض الطرف عن هذه القبعض تشعبات السيميائية، ونزعاتها ما يستأهل االنخراط في بنية المقاربة من هذا الفصل، على

خاص، نبقي، من خالله، على ما المنهجية، والفكرية المختلفة، محاولين اقتراح نموذج سيميائي **.ا ينبغي إسقاطه من حقل السيميائية العامينبغي إبقاءه، ونسقط م

، إلى أن موضوع " Le langage cet inconnu"ريستيفا، في مؤلفها يكفي دليال على ذلك، من جهة السيميائية، إحالة ك *

السيميائية، هذا العلم الفسيح الذي ما فتئ يتشكل، يشمل كل األنظمة الممكنة، القولية، والالقولية باعتبارها خاضعة لمنطق . Cf, J. Kristeva, Op. cit, P: 292لغوي، أي؛ باعتبارها أنظمة، أو عالمات تتمفصل وفق اختالفات تركيبية ما؛

ليس من االستطاعة بمكان ما لم -وحتى تطبيقي –إيكو معتقدا أن إنجاز بحث نظري . إنما هو أمر قد مضى في تأكيده أ ** Cf, Umberto. E, La structureيكن صاحبه مشحونا بشجاعة تمكنه، حقا، من اقتراح نظرية، أو نموذجي استقرائي تصوري؛

absente, Op. cit, PP: 11, et 12.

Page 200: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

200

في مقولة الشكل.. عانية؛ قراءة الشعرية شكالنية - 3-2يمصطلح الشعرية ال ايستغرقه مصطبة المفاهيم التيثل الشكل موضعا رهيفا في م

. الذي ما لبثت الشكالنية الروسية تلفه بهاالت من التقعيد، والمفهمة على أن يكون الشكل .محالة ،بين الشعرية، والشكالنية على صعيد تمثالتهما التنظيرية أن يمثل بؤرة تالقبل إنه ليكاد

ذات الطابع البنيوي، ،التي تفرض التمييز بينهما السيما إذا غض الطرف عن بعض الفوارق .والتقني ال غير

ولما كان الشكل يقتضي مضمونا ينضوي تحته، مثلما تقتضي البؤرة البيضاء خلفية لكي تظهر، فإن ل، في عالم الفن واألدب خاصة، مثتالعالقة بين الشكل ومضمونه ظلت سوداء

لغزا استعصى على الفالسفة، والمنظرين فكه من أول إرهاص فكري رام مالمسة الظاهرة تمظهرات الشكل أمن يزال يؤرق الباحثين إلى اليوم؛ فالسؤال الذي ما .اإلبداعية تنظيرا، ونقدا

.؟ ضمراتهأم من تخوم المضمون، وم.. أو أدبية األدب تنبع فنية الفن،رسميا لتفتح اإلضاءات قد كان، منذ التخريجات األرسطية، مصدراالحق إن الشكل

وال يتسع . الفني أن يحفل بها -ينبغي على العمل األدبي الجمالية التي ،الروحية ،الجوهريةرات التي لطالما المقام ههنا الستقصاء اآلراء، والتصوأيعلى أن تحرصمكانة الشكل تبو

أما قضية المضمون فقد .حيال مهمة إنتاج عنصر الجمال، وتحقيق شرطية اإلبداع" مقدسة"نتج من ما يالهامشية، والفعالية في بناء الرؤى التفسيرية، والتأمالت النقدية حول تراوحت بين

ي قعيدا لقضية ما فتئت تقبع، في أغلب المرات، على هامش الفعل التوإنه .أعمال أدبية، وفنيةتلك هي حال التجاذب الجدلي بين الشكل، . الفنية - النقدي الموصول بالظاهرة األدبية

الذي استمر يتكشف، ويتكرس على الوتيرة ذاتها؛ وتيرة الوصف التقليدي الذي ال والمضمون . التصنيف الشكالني المستحدثيسعه إال أن يبقى خارج

المراوحة بين الشكل والمضمون، بقدر ما ليس جانبيهمنا في هذا االتجاه، بيد أن ما شحنة التنظير التي تحض عليهما، وتقتضيهما أدنى محاولة في تلمس حس المفهمة، وهو

ما يدعم هذا )Valéry. P(لعلنا نجد في رأي بول فاليري .فحوى الفيصل بين حدي المراوحةلغوية يعتبر الفصل بين الشكل، والمضمون ما يجعل من قيام نظرية المنطلق الفكري؛ إذ هو

تحيز للشكل، وانتصر له من حيث جعله يدحض المضمون، ، مع أنهشكلية أمرا مشروعا

Page 201: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

201

يا استطاع أن يبشر وعلى الرغم من ذلك، يبقى هذا الموقف الفاليري تنويها استشراف 1.وينقضهمباشرة بعد ،بالبصمة الشكالنية التي توسم بها الشكل، وامتأل بحمولتها األنطولوجية الجديدة

مقبلين ، حلقة الجدل القديم المفرغة الذين لم يتوانوا لحظة عن تخليصه من الشكالنيين طفورمصطلحا، ال مجرد مفردة في فالشكل قد بات .إقباال ملفتا تعديله، وشحذ أبعاده المصطلحية على

تعديل معنى هذا المصطلح الغامض " حيث بدر الشكالنيون إلى ، المعاجم اللغوية لفالسفة الفن، التي كانت بدورها أكثر غموضا "مضمون " حتى ال يعرقل عملهم اإلشراك الشائع له بكلمة

هذا التشارك التقليدي، لقد كان االهتمام ينصب في مجرى تحطيم . وأقل صالحية لالستعمال 2." بغية إغناء مفهوم الشكل بمعنى جديد

ما هي التداعيات المفهومية التي حفت مصطلح الشكل وهو بين ظهراني السؤال اآلن؛ وإذا أضحى الفصل بين الشكل، والمضمون أمرا تقليديا، بل وغامضا، ؟، الشكالنيين الروس

ثم ما موقع . الشكل بال مضمون، أو المضمون بال شكل ؟ غير مفقوه، فهل معنى ذلك أن يغدو .بحثنا من ذلك ؟

الشكل هو المضمون - 1- 3-2ال ضير، لم يعد الشكل، مع الشكالنيين الروس، شكال خارجيا ملفوفا على مضمون

،لم يعد سطحا ظاهرا يعلو عمقا ضامرا،. وإنما غدا هو المضمون عينهمختلف عنه، داخلي فالشكل بهذا المبدأ المشبع باإلحاالت، واإليحاءات، هو ما نراه . وإنما غدا هو العمق عينه

.متساوقا، متناغما مع المنطلق المنهجي للمقاربة في هذا البحثللشكل في مواضع شتى من كتابات " الشكالني "ولقد تكررت اإلحالة إلى هذا المبدأ

/شكل: ذلك الترابط التقليدي، إنما كانوا يسعون إلى التحرر من وننيالشكال" هؤالء الشكالنيين؛ 3." )المحتوى(وعاء نسكب فيه السائل غالف، أو هو بمثابة فكرة أن الشكل مضمون، وكذا من

مصطلح الشكل، وتحسس عقلشرع األبواب، وجدد المسالك نحو تأفما كان لسعيهم هذا إال أن ل المفاهيم المتمخضة عن دحض التعالق بين الشكل، والمضمون كما درج عجأ إذ من ،هيوافح

1 Cf, G. Desson, Op. cit, P : 137.

إبراهيم الخطيب، مؤسسة األبحاث العربية، الشركة : ت، نظرية المنهج الشكلي، نصوص الشكالنيين الروس، تر.تودوروف 2 . 43: ، ص1982، لبنان، المغرب، 1المغربية للناشرين المتحدين، ط

3 T.Todorov, Théorie de la littérature, Op. cit, P : 43.

Page 202: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

202

بعدا - األدبي الفني بخاصة –اتخذ الشكل أن على تداوله السلف من الفالسفة، والمنظرين، على النحو الذي يمكن من تحليله بوصفه المضمون ماديا، فتكرست ملموسيته، وتكثفت

مضمونه، وينفصل الحديث عن شكل الخطاب األدبي بوصفه ما يتعارض مع الحال أن 1.ذاتهإال إذا ،عنه، وال يندمج فيه، سيكون حديثا فارغا، بغير ما جدوى في الكشف عن أدبية الخطاب

وعليه، بوسعنا القول 2.تمت معالجته على أنه، هو في ذاته، المضمون الحقيقي الفعلي للخطابنصيا، أو كينونة خطابية كيما تتأدى عبره شعرية الخطاب، لبا ي بالشكل أن يكون صإنه لحر

ال أن يكون مجرد قشرة خارجية، أو مجموعة من المالمح العرضية الجوفاء، ،وترشح أبعادها .وال حتى سمة زخرفية راجحة

الف أنماطها وأجناسها، أن من هنا، يتوجب على محلل األعمال األدبية، والفنية، على اختبل وإنه لمن األجدى به أن يعترف، يتجه رأسا نحو تقصي أشكالها، ومضامينها دفعة واحدة،

، بأن الشكل، والمضمون ال ينفصالن، وبأنهما من طبيعة واحدة، فال على شاكلة ليفي ستراوسهذا النحو، هل لنا أن نتساءل ولئن كان األمر يتم على 3.غرابة في أن يخضعا للتحليل نفسه

يمتاز بها، ووظائف نوعية هل ثمة خصائص ، أي؛ ؟ المضمون –عن هوية هذا الشكل أن ينفي وجود " المضموني " كيف يمكن لهذا الضرب من الشكل ثم ؟ يتنجز وفقهاإجرائية

.؟ مضمون شفيف، ومستقل بذاتهطاعته أن يحين العمل األدبي برمته، من دون أن المضمون هو ما باست –إن الشكل

– وإنه .غيرهمن أم ،مضمونمن عجينة اليترك مساحة لشيء آخر ينظاف إليه، سواء أكان لفي مستوى اإلجابة عن أسئلة األدبية، أو الشعرية، واستغراق مسالكها، –بهذا المفهوم

ويربط العناصر فيما [..] وأقسامه، انب العمليشمل كل جو "إنما هو ما .ومساراتها األدائيةباختصار إن الشكل . ويربط العمل باألدب الوطني، الخ بينها، ويربط العناصر بالعمل كله،

إلى الشكل داللة - ال محالة –عزو هي ما يفهذه الخصيصة بالذات 4." مجموعة من الوظائفهنا يتحدد الموضع همتلك وظائف شتى، و، على أنه بوسع الشكل الواحد أن يوظيفية الفتة

1 Cf, Op. cit, P: 44. 2 Cf, Ibid, P: 60.

.58: جون فيريي، تزيفتان تودوروف من الشكالنية الروسية إلى أخالقيات التاريخ، ص: ينظر 3 .54، 53: المرجع نفسه، ص، ص 4

Page 203: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

203

تخول كذلك وهي خصيصة 1.الحساس الذي من طريقه نستطيع مالمسة سر اإلنتاج اإلبداعيالحق في أن نستبدل المضمون بالوظيفة في الثنائية الموصوفة أعاله، فتتكون بين أيدينا لنا

2." شكال تسمح بمعرفة العالقات الوظيفيةدراسة األ"على اعتبار أن ،الوظيفة –الشكل : تركيبة .ليس إال

مواصفات الوظيفة هذا على تذكر مقولة البنية بكل ما تحمله من –أوال يستحثنا الشكل إذ على الرغم من التمييز الحاذق بينهما الذي ألمح . تأسيسية، وتداخالت مفهومية رهيفة ؟، بلى

فإن الشكل، بالوسم المفهومي المذكور توا، ليالمس ،ه سالفاإليه ليفي ستراوس كما حددناالبنية في فحواها، ويالبس بخصائص مويقاسمها التوس ،العالئقي ها في االشتغال الوظائفي

.أخرى سنقف على ذكرها فيما يتلو من هذا المبحثهو مافإن 3،لمضمون عينهألنها هي افإذا كان قد أدلى ستراوس بأنه ليس للبنية مضمون

ملموس، مادي بأن الشكل حضورإدالء يكاد ال يختلف في شيء عن رأي الشكالنيين القاضي يضاف ..ال يمكن تحليله إال بوصفه المضمون الحقيقي الخالص للخطاب الشعري، أو األدبيإذ

انطالقا من المعطيات الموثقة في يغدو خاصية مشتركة بينهماالذي السلوك الوظائفيإلى ذلك .أعلى هذا المبحث بالنسبة للشكل، وفي مبحث سالف بالنسبة للبنية

يتفق أن توجد في البنية، والشكل على حد سواء، التي ومن الخصائص األخرى ما يحقق هو جديدا، إنما فالشكل الذي أراد له الشكالنيون أن يكتسي معنى .، والعالئقيةالدينامية

على 4.تمتلك معنى في ذاتها، وخارج كل عنصر إضافي )Intégrité dynamique(وحدة دينامية بنيوي إيعازب تحققهاعلل وجودها، وإناطة شروط هن أن دينامية الشكل هنا ال مناص لنا من ر

أعالم بها حفالمفاهيم التي منظومةاضطالع مترو على سرعان ما ندركه بعد مفضوح، أشد ارتباطا هذه " الشكلية " أن الدينامية –غرو وال –بيد أننا نحسب . البنيوية مقولة البنية

أو العلمي ،منه بالخطاب المعرفي ،والفني ،؛ األدبيبين بونتضح اليحيث بالخطاب اإلبداعيما يعضد هذا )I. Tynianov(ولعلنا نجد في رأي تينيانوف .الدال، والمدلول لدى المتلقي

.55: المرجع نفسه، ص: ينظر 1 .21: س، ص. أ، في أصول الخطاب النقدي الجديد، مر. إ، مارك. ب، أمبرتو. ت، روالن. تزفتان 2

3 Cf, Paul-Antoine Miquel, Epistémologie des sciences humaines, Op. cit, P : 13. .41: س، ص. ت، نظرية المنهج الشكلي، مر. تودوروف: ينظر 4

Page 204: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

204

فعلى هذا 1." أن الشكل األدبي يجب أن يدرك بوصفه شكال ديناميا " االعتقاد، حيث يرىضيقا، األساس، نلفي مفهوم الشكل، على ما يتصف به من دينامية ومضمونية شاخصتين،

الثابت، إذا ما قورن –ومخصوصا بالخطابات ذات الشأن األدبي الفني بالمستوى التجريدي .الذي تتمتع به مقولة البنية، وبقابلية انسحابها، الطافحة على أي نمط خطابي ممكن الجريء

، أيضا، وبصرف النظر عن هذه النقطة الفاصلة بين الشكل، والبنية، فإننا نراهمادينامية فضال عن خضوعهما لمنطق الالنظام، أو النسق، مشتركين في خاصية أخرى هي

نظام، والعكس الثل أمامنا بوصفه حاصل تحصيل؛ إذ تقتضي الدينامية وجود فهو أمر يم *.ذاك . جائز، وصائب إلى حد ما

المصطلح، ذلك الغائي الذات، –هذه هي التوصيفات المفاهيمية الموصولة بالشكلوال صلة له بشعرية ،يإنه شكل بنيوي التكشف، عالئق، والمكتسي معاني جديدة ومبدعة

إنه مبدأ حيوي، "بل 2،التي تستخدم بها عناصره، ووشائجه الكيفيةاألعمال إال من خالل 3."..وحالة من الكشف والظهور، وهو يتجاوز القواعد والحيل

الذي يحق لنا إضافة مفهومه إلى جعبة المقاربة؛ إنه الحامل على " الشكل " إذن، هذا هو .لكل إمكانات االنبالج الشعرياتي، ومسالكه الممكنة نسائجه

السيميائي الشكل - 2- 3-2منعجنا بمضمونه، ذائبا في وظيفيته، فال بد له من أن " الشكالني " لئن كان الشكل

على – ال جرم –يضعنا ذلك . طاقة سيميائية طافحةب تحصنيتوافر على شحنة داللية عالية، وي. المنظور السيميائي الذي يمتلك أحقية االستئذان لقاء مناقشة مقولة الشكل على أكمل وجهعتبة

األولى التي فتحت الطريق أمام – دون شكمن –قد كانت الشكالنية الروسية "كيف ال، و

1 G. Desson, Op. cit, P : 222.

الدينامي أن يرتبط ديسون موقف تينيانوف، المذكور في المتن أعاله، بقوله إنه على الشكل. فمن جهة الشكل، يستكمل ج *بنية ما تنم " ، أما من جهة البنية، فقد أقر ستراوس بأنCf, Idem آخر؛ هو النظام، عله يتصف بالتفرد، والخصوصية؛ مبمفهو

". Paul-Antoine Miquel, P : 14 " Une structure offre un caractère de système ،"عن خاصية النظام . 41: ، ص1998، القاهرة، بيروت، 1ح فضل، نظرية البنائية في النقد األدبي، دار الشروق، طصال: ينظر 2 . 61، 60: س، ص، ص. جون فيريي، مر 3

Page 205: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

205

الوفية الفينومينولوجية إلى المحاولة وقد انضافت بنزعتها. سيميائيات للنصوص األدبية 1." حلقة براغ اللسانية للتخطيط إلى سيميائيات األدب والفنونالمحتشمة ل

، ال يكون سوى قناة عبور إلى داللة الخطاب، وأدغاله في كنف السيميائية ،فالشكلالشكالنيين أنفسهم؛ أولئك بل إنه لعلى هذا المستوى من الوصف حتى بين ظهرانياإليحائية،

على غرار –أن الشكل مما يعني 2.الشكل أيما سعي سعوا إلى بناء نظرية في داللة الذينمتلئ بعنفوان داللي رهيب، المعنى، وم هو ذائب أيضا في –ذوبانه في المضمون، أو الوظيفة

نتجه( إنما هو في ذاته حال من حاالت التجلي السيميائياألمر ،)بشرط أن تتوفر قصدية مالذي ال يكتفي ذلك المعتمد في هذا البحث، شروع الشعرياتيالذي يؤكد على عضويته في الم

بغية سبر ما هو خفي، بالوقوف عند حدود الظاهر في البناء اللغوي للنص األدبي، بل يتعداه 3.وضمني

يجمل بالشكل أن يلتحم بالمعنى، أو الداللة مكونا ثنائية أخرى، أكثر من هذا المنظور، لشكل ة من ثنائية اأريحي– منها مالمسة لصلب الظاهرة األدبية الوظيفة المسرودة أعاله، وأشد

أو الشكل الدال، أي؛ هي ما يمكن أن يفرز مصطلحاللة، الد –الشكل إنها ثنائية الفنية؛ –مقولة وإنا لنستلهم هذه الفكرة، على نحو ما، من .)La forme signifiante(الشكل العاني

وتداعب عواطفنا الجمالية أشكال، وعالقات لألشكال : ".. التالية )Clive Bill(كاليف بيل واأللوان، وهذه األشكال الجمالية المتحركة أسميها معينة، وهذه العالقات واالمتزاجات للخطوط

الوحيدة المشتركة في أعمال الفنون البصرية ، والشكل العاني هو الخصيصة"الشكل العاني " 4." كافة

أن مقولة كاليف تعطي للشكل، في األعمال األدبية والفنية، بعدا سيميائيا ال نلحظ في ديناميته قوةفتؤكد على بصريته، أو على وتحيل إلى ما هو أبعد من ذلك؛ يمارى،

.19: س، ص. جوليا كريسطيفا، علم النص، مر 1

2 Cf, G. Desson, Op. cit, P : 220. .س. ي، مرمحمد القاسمي، الشعرية الموضوعية والنقد األدب: ينظر 3جبرا إبراهيم جبرا، المؤسسة : فخري خليل، مر: ناثان نوبلر، حوار الرؤية، مدخل إلى تذوق الفن والتجربة الجمالية، تر 4

. 34: ، ص1992، بيروت، 1العربية للدراسات والنشر، ط

Page 206: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

206

به في هذه الدراسة، نظرا لتساوقه مع مر جدير بنا أن نحتفيأل إنهو ،الخطابات البصرية خاصة .الخطاب السينمائي: ة البصرية األصيلة التي ينعم بها الموسومالطبيع

وهو موضوع السيميائية على نحو ما كان إن الشكل معطى سيميائي بامتياز، ، ال محالةتهتم السيميائية اهتماما خاصا بوصف شكل "هي األخرى، ،إذ ،إلى حد بعيد موضوع الشعرية

لدال، في هذه الحال، رديف ثنائية الدال، والمدلول بغض على أن يكون الشكل ا 1." المحتوى –من هنا . الطرف عن المالبسات التنظيرية التي انسحبت عليها من دي سوسير إلى يومنا هذا

يفرض الشكل الدال على المتلقي قراءته، وتأويله، وتتبع مسارات التدليل التي من –إذنما هو جوهري في " مر الذي ينبهنا إلى ضرورة التسليم بأن األ ،خاللها دل، وأحال، وعنى

فضال عن ،ليغدو 2،" "تأويله " وداللته أو " الدليل " فارق دقيق بين مةفكرة الشكلنة هو إقاللمقاربة السيميائية التي هدف الحقيقي، وتلقف دالالته ال))ـات(العالمة(تأويل الدليل ، ذلك

.في هذا البحثتفعيلها نحاول إلىمنهجا "إن السيميائية التي ننتصر لها، في هذا المقام البحثي، هي ما من شأنه أن يكون

غير أن نظرية الدالئل ليست إال دراسة تمهيدية لمنهج [...] لتأويل الدالئل وليس نظرية للدالئل 3." التأويل، وال ينبغي لتلك أن تأخذ مكان هذه

ال محل له من التأويلحرض على االستكشاف، والقراءة، ولذا، فالشكل الذي ال ي .المقاربة

مكنون الخطاب، وذاته ن الشكل الذي نعنيه في هذا البحث هو إ –إذن –نوشك أن نقول إلى حد أن تغييرا بكل ما تختزن من حموالت تيمية، وتحمل من مضامين، ومن نفحات إيحائية،

أحد الشكالنيين قد استند إلى هذا لعل .غيير في المضمونفي الشكل يقتضي أن يصحبه تمما يبرهن على مدى 4،" الشكل الجديد يتجلى ليعبر عن محتوى جديد "أن مقرراالمنطلق

وما عساه أن السيميائية، ويكشف عن طاقته التحريضية إزاء اإلنتاج الداللي، حساسية الشكل

الحداثة، معهد اللغة العربية وآدابها، رشيد بن مالك، مجلة تجليات : نظرية لتحليل الخطاب، تر. جان كلود جيرو، السيميائية 1 .212: ، ص1996، جامعة السانية، وهران، الجزائر، يونيو، 4: ع . 67: مارسيلو داسكال، االتجاهات السيميولوجية المعاصرة، ص 2 .66: المرجع نفسه، ص 3

4 T.Todorov, Théorie de la littérature, Op. cit, P : 50.

Page 207: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

207

مادام ثمة شكل جديد، فثمة أيضا محتوى : "يفيد إمعان النظر في هذه العبارة الجاكوبسونية .1؟ " جديد، إن الشكل، كذلك، ليحدد المضمون

إن إلحاحنا على المسلك الداللي للشكل، المسوغ له مشروعية االنخراط في بنية المقاربة، هل ثمة أشكال غير دالة، مجانية التجلي، اعتباطية : عنه هذا السؤاللهو إلحاح قد ينشق

.اإليعاز؟ذلك ما يستدعي أن نعرج على مناقشة مفهوم الشكل في ضوء تعالقه مع طرف آخر،

. وفق االصطالح الشكالني " Le matériau –المادة " غير طرف المعنى أو الداللة، إنما هو .مختزال ،تصراعلى أن يكون النقاش مخ

المادة تلميحات نظرية، وإيحاءات فلسفية يضيق بفرزها –بال شك، تتضمن ثنائية الشكل حسبنا أننا سنحاول المحافظة على المنظور الشكالني في جس أبعاد هذه . هذا المقام فرزا شامال

. على وجه الخصوصالثنائية، في الوقت الذي نسعى إلى تطويقها تطويقا فلسفيا هايدغريا شكل العمل األدبي لهو من مادته، وهيواله؛ –ال محالة، إن وبالمقابل، تبقى مادة الفني

المادة " إن مفهوم " فعلى هذا األساس، . العمل، هي األخرى، منوطة بشكله، وباستداراته البنائيةبينها وبين عناصر خارجة ال يتعدى حدود الشكل، فالمادة هي أيضا شكلية، ومن الخطأ الخلط "

أن نستشف مفهوم –إذا كان األمر على هذا النحو التبادلي الرهيف –فهل لنا 1." عن البناءالسالف ذكره ؟، وهل الشكل العانيعلى طراز * " La forme constituante – الشكل الباني"

. ثمة فرق حقيقي بين الشكلين ؟مجلى المكاني حيث ال شكل يكون لها سوى توزيع ؛تيبالحق إن المادة توزيع، وتر

انتشار كتلي ال منته، ومحض انبساط هي، في هذه الحال، .األولي الذي تمنحه لها الهيولىإنما المادة هي الشكل الذي ليس ..مؤسسة تحكم التوزيع جزيئي، موزع العناصر بغير عالئقية

1 R. Jakobson, Question de poétique ; p : 13.

. 59: س، ص. ت، نظرية المنهج الشكلي، مر. تودوروف 1وهو الشكل الباني للعمل األدبي، حيث ال يمكن له أن يمتزج مع عناصر أخرى خارج مبنى هذا العمل، وخارج تكوينه *

. Cf, G. Desson, Op. cit, P : 220.المورفولوجي

Page 208: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

208

: المادة الصرف وهي ذات شكل معين دون أن توضع في بنية "ي بعبارة هايدغر، ه. له بنية 2." ا مما ينتج معلما خاصا بالكتلةتعني هنا التوزيع المكاني ألجزاء المادة وترتيبه هيو

هي الشكل في أدنى مستوياته فالمادة، من حيث هي انبساط مكاني صرف، إنما وعليه، ليس شكل المادة الخام هو ما يركب .يلالسيميائية، وأضعفها حثا على القراءة، والتأو

ولكنه التصرف في تلك المادة يسوغ مسالكه التداولية، عمال فنيا، وينتج مداركه الخطابية، و فة، وبالمرمى السيميائيللذات المتصر تها، ومحكوما بالمنطق العقليفا منوطا بنوعيتصر

مثال ال حصرا –للوحة الزيتية فا .المراد تحقيقه.. الجمالي – د األلوانفيها شكلها الخام، تجسعرضيا، داال ومادتها الموزعة توزيعا مكانيا خالصا، بينما يمنحها التصرف في ألوانها شكال

. من رسام آلخر –ال محالة –لكونه ناجما عن أسلوب خاص في ترتيب األلوان، يختلف للوحة، يكون شكال أصم، ومنتشرا، وبانيا، لكنه سرعان ما يغدو، بعد اللوحة، فاللون، قبل ا

وإنه ألمر يدعو إلى ضرورة التمييز بين اللون، والتلوين، وبالتالي، ،شكال داال، ومرتبا، ومبنيا .بين الشكل، والتشكيل

في هضم التحليل السالف ادة إذا ما رام استز –ولسنا، هنا، في غنى عن حث القارئ توجد المادة المشكلة : "التأمل في فكرة هايدغر اآلتية، والتدبر في فحاويها الدسمةإلى –توا

كالجرة أو الحذاء حيث يكون شكلها معلما ناتجا عن ترتيب المادة ال عن توزيعها، ومرتبطا ءنسبة إلى الجرة، وقابلية االنثناوجوب عدم التسرب بال(بنوعية تلك المادة وطريقة اختيارها

فالمتحكم في عملية التعالق بين الشكل والمادة هو . )والصالبة في اآلن نفسه بالنسبة للحذاء 1." المنفعة أو األدائية

استنادا إلى ما سبق، نخلص إلى أن المنجز الخطابي، في أي نمط كان، هو، في األصل، –أو هو . حسومة تعتمد أساسا في الربط بين المادة، والشكلمادة مشكلة وفق استراتيجية م

شكل صرف لمادة خام، سرعان ما تغدو، بعد – هبمعنى آخر أكثر استيفاء لمراحل إنجازاألدبي الفني –إذن، بوسعنا القول إن الخطاب .التصرف فيها، ترتيبا وبناء، مادة مشكلة تشكيال

وهيواله، ونسائجه التكوينية، ه، ان اثنتان؛ مساحة تتوزع عبرها أجزاءتنشئه مساحت –خصوصا

. 42: عمل الفني، صمارتن هايدغر، أصل ال 2 . 43، 42: المرجع السابق، ص، ص 1

Page 209: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

209

بعد ظاهراتي صريح، هي ما يلخصها مفهوم التوزيع الهايدغري، ويستغرقها مصطلح ذات، ومساحة أخرى مخصصة لتدخل المبدع، وتصرفه في معطيات المساحة المادة الشكالني

ون لي، هي ما عبر عنه هايدغر بالترتيب، واكتفى الشكالنيوازع مقصدي تدلي األولى، ذاتهنا إلى أن المساحة الثانية هي الخانة التي نومئول .اجل اإلشارة إليهأبمقولة الشكل من

يتموقع فيها الشكل السيميائي دون سواه من األشكال، وهي األجدى بالمدارسة الشعرية، . نواميس المقاربةهي، بالتالي، الفضاء الذي تنتعش فيه والمكاشفة الجمالية النقدية، و

ما يمثل عامال فعليا بل التوالج بين هاتين المساحتين، والتمازج، والتخالل بينهما هو ، على أن تكون المنتهية ينشئ الخطاب، ويبلور شعريته، ويفتح أمامه أفقا ذا احتمالية مفهومية

المساحة الثانية بمثابة ادة الصماء التابعة لما هو غير عقلي، لتكون المساحة األولى بمثابة الم 1.الشكل العاني الخاضع لشروط العقل اإلدراكية، ولمواضعاته القصدية

هي ما من شأنه منع الخطاب من أن يكون مادة تلك، بين المادة، والشكل، والجفبؤرة التتجعل من شعرية الخطاب ظاهرة –ها كذلك ألن –وهي من دون شكل، أو شكال من دون مادة،

الخطاب[هي السمة األساسية للموجود " إذ ، نفضل تسميتها ال شكال، وال مادة، بل تشكيالبالتشكيل وما يرتبط به من اختيار الشكل المعطى على /بحيث تقوم على ] )األدبي الفني(

2." السواء، وبذلك تكون السيادة لبنية الشكل والمادةإلى من االرتباط الشرطي، مستوىهذا البالتوالج بين المادة، والشكل، رجعنايم أال ث نا التحليلاستدرج الداخل في تكوين خطاب الشعرية كما" التفاعل بين النسق، والمرجع"مفهوم

.؟ إلى استخالصه في ختام الفصل السالف

3-2 -3 - شعرية تلقيهة الشكل وجمالي متشعبة المقاصد، ووفيرة المناحي شكال، في المجال اإلبداعي بخاصة، قضية إن تلقي األ

من وأكثر، ومعالجة، أكثر من صعيد تحليلي واحد، فسيراال محالة، إذ يقتضي اإللمام بمباحثها تلكننا سنتغاضى، في سياق بحثنا هذا، عن زوايا نظر شتى تمت بصلة .اتجاه مذهبي واحد

.، أو القراءةالشكل في األعمال األدبية، والفنية، السيما تلك الموصولة بنظرية التلقي لتلقي

.42: ، صالسابقالمرجع : ينظر 1 . 43: ص نفسه،المرجع 2

Page 210: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

210

ونحن، إذ نفعل ذلك، فألن المقام ال يتسع، وألننا نبغي إلى تجنب التطنيب، واالنزالق عن جادة . االقتراب المنهجي في هذا البحث

ي فلقي الشعرياتي، ونتوق إلى سبره وهو ة الشكل في بؤرة التعضوم –هنا –إنما نروم ؛ إنه الشكل الموجود بفعل فاعل همه أن يباغت المتلقي بحفر وقع خاص كنف المتعة الجماليةال يفسر إال بمنطق شعرياتي شكالني حصيف، وال يدرك إال بمسوغ على لوح مداركه،

1." جد إال إذا شكله أحدالشيء الفني ال يمكن أن يو" صريح، إذ جمالياتي جماليا إال حين تتعدد أوجهه، وتتكثف أو ،إن الشكل ال يمثل أمام المتلقي شعرياالحق

فليس من الغرابة .مراميه من دون أن يكون ذلك على حساب ثباته الذاتيإيحاءاته، وتتنوع د الدالليهمة في ضخ من – للشكل الواحد –في شيء أن يكون التعدسأبرز الخصائص الم

في يصح الشكل، ويستوي جماليا " إنما جمالية الشكل، وترشيح شعريته نصب أعين المتلقين، تلقفه، وإدراكه وفق مناظير متعددة، حيث يكون له أن يمظهر تنوعا جما في حدود إمكانية

2." ذاته دونما تخل عن دوامالتأثيرات األوجه، وسمة أخرى تستفز، أيضا، جر عن خاصية التعدد الداللي هذه، وانقرائيته المتشظية وين

بالغموض يعرف ستقطب نقط الجمال فيه؛ إنما هي، تحديدا، ماشعرية الشكل، وت)L’obscurité(. خ القرائية التي يتيحها شكل الخطاب للمتلقي، إنما تطبع الخطابفكثرة النس– ، إذ كلما اصطدم المتلقي )ال اإلبهام(بهالة من القداسة، والرهبة، والغموض –بداعي تدقيقا اإل

نسخة تأويلية أخرى، مما يضعه ،في ذهنه ،بشكله، تعرى له شكل آخر كامن فيه، وتكشفتممتع، وأصيل، فيستشعر ع الخطاب، مناب، في الجمال، ويستشف نكهة في مأزم انتقائي

إنها طريقة في "هو النهج الذي تنهض عليه خطابات األدب، والفن بخاصة، هكذا .شعريتهالزيادة في الشكل، وعلى ] Obscurcir[األشياء، مرتكزة على تضبيب ] Singularisation[تفريد

3." صعوبة اإلدراك، ومدتهه، الفني أن يمتطي –من هنا، تتبين لنا حقيقة الشكل الذي ينبغي على الخطاب األدبي

ممضطربا، ويحيل إليه في لحظة ارتيابه، به، تلك التي مفادها أن يؤطر الشكل معنى ويتوس

.36: ناثان نوبلر، حوار الرؤية، مدخل إلى تذوق الفن والتجربة الجمالية، ص 1

2 Eco. U, L’œuvre ouverte, Op. cit, P : 17. 3 G. Desson, Op. cit, P : 217.

Page 211: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

211

نستطيع إناطة شعرية الشكل، حيال ، وعليه 1،وارتجاجه، ال أن يؤطر معنى مغلقا، وبينا، وثابتابشرط أن يكون .. هض بوحومغو ،هإحاالت ةزئبقيو، هج نسيجموبتاستثارة مدارك المتلقي،

وبهذا المعنى، " ، وتكون منسجمة أطرافه، وقوانين وجوده،هتدحمحكما بناؤه، ومتسقا مشكال غامضا، وغير شيئايصف أن )بل القضية مطروحة بالنسبة لجميع الفنون(سيكون على األدب

2." أكيد، بطريقة واضحة، وأكيدة L’automatisme de la(التذليل من تلقائية اإلدراك، وآليته تقنية وإننا لنلفي أيضا

perception(، تهبين من ،المبتذلة وميكانيكي الشكالنية " عوامل الأخص ") لأي التي لطالما عووإن هذه . ةركبم جماليةوفعل تلقي الشكل صبغة شعرية، ل المانحة )عليها معظم الشكالنيين

فإذا ورد شكل الخطاب . تلك الخاصيات التي سلف ذكرها توا ال محالة لخاصية مترتبة عنإدراكه آليا، ومباشرا، وبالتالي، لن –وال ريب – كونحرفي المعنى، وأحادي المقصد، سي

ولهذا الغرض، قد امتلك االهتمام ،يكون تلقيه إال أمرا مكرورا، ومستهلكا، ومهضوما سلفاولعله 3،للعمل الفني قيمة نقدية من حيث هو اشتغال ينادد كل إدراك آلي رتيب بالبعد الشكلي

يعزو إلى الفن مهمة تحرير األشياء من رتابة )V. Chklovski(األمر الذي جعل شكلوفسكي بما يحول هذه األشياء إلى مدركات رؤيوية، ال – !أو حرفيته اآللية -التلقي، وآليته الحرفية

4.ية، مباشرة، معهودةمعرفتأسيسا على ما سبق، بوسعنا القول إن الشكل الذي يقبل االنصياع لمطالب مقاربة هذا

الغامض البحث، إنما هو الشكل اإليحائي ض على إدراك المنعجنبما هو منضو تحته، المحراختصارا، .ية رتيبة، مملةالمنتظر تلقيا ديناميا معاديا لكل ميكانيك.. مضطرب، متموج، مشوش

إنه الشكل الذي تجتمع فيه، وله، جميع الشروط الممكنة التي يقتضيها الدرس السيميائي على .اختالف منطلقاته، وتفرع منتهياته

1 Cf, Eco. U, L’œuvre ouverte, Op. cit, P : 38. 2 Idem. 3 Cf, G. Desson, Op. cit, P : 216. 4 Cf, Ibid, P : 217.

Page 212: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

212

ة الالمتناهيرسية وشعرييالسيميائيات الب -3-3 .Charles. S(على الجهاز السيميائي لشارل سندرس بيرس ، ههنا، ليس في وقوفنا

Peirce(في مبحث كامل، ما ، يا من لدننا نحوه، وال في ذلك ما ينتقص من مظهر انحيازا ذاتيإنما قد اختصصنا هذا . يما الطرح السوسيرياألطروحات السيميائياتية األخرى، السقيمة

لكون ال لشيء سوى ولم نفعل ذلك مع دي سوسير، لمنظور بيرس السيميائي وحسب، المبحث في إحالته الذي فتحه دي سوسير )السيميولوجي(من األفق السيميائي أرحب بيرس منظور

1.ى حياة العالمات داخل المجتمعالشهيرة إلى إمكان قيام السيميولوجيا بوصفها علما يتقص كونه طرحا مبنيا على الوضع الثنائي ويرجع ضيق الطرح السيميائي لسوسير إلى

ما الدال، والمدلولإذ ظلت العالقة بين ،ولمستواها التبليغي على حد سواءالبحت للعالمة، حضور ،حتما ،عالمة ذاتها تقتضيمما جعل اليمثل مفتاح النظرية السوسيرية، وأنطولوجياها،

ئيات السوسيرية تعني العلم ولما كانت السيميا ،اهها، ومستقبللمرس قطبين اثنين ال ثالث لهما؛منظور سوسير، ووصمته الالكفاية، ألنه فإنه من ههنا اعترى النقصالذي يدارس العالمات،

اليوم باالشتغال السيميائي، أو بأنها ذات صلة أقصى من مجاله ظواهر شتى، إننا لنعترف لهاالتي بدال من أن تعير )La théorie de l’information(نظرية اإلعالم من قبيل بالسيميائيات،

)Unités de transmissions(مجرد وحدات إرسال اهتمامها إلى المدلول، تكتفي بإعارته إلىة االشتغال، وفي غنىإشاري عن أي داللي مسلك عالماتي 2.يذكر تواصلي

، كنا نتحفظ دائما على استثمار سوسير، في شحن مقاربة هذا البحث، استثمارا لهذه العلة: ألن نقول، دونما مواربة، ودونما إيحاءوإن هذا السياق لفي منتهى المواءمة .مباشراو ،حرفيا

ثنائية الدال، والمدلول لهي معطى إن تمام القصور أمام سيميائي تمام العجز، وقاصر عاجزة في غاية من التعقيد، والتركيب اسة فنيمجابهة ظاهرة لغويأكان ،"الخطاب السينمائي " ها م

..ذلك تحليال، أم تأويال، أم نقداواألبعاد منظورا سيميائيا ثالثي التكوين،ينحت ، فعلى خالف سوسير، ما لبث بيرسأما

األمر الذي أهل سيميائياته ألن تنسحب حتى على الظواهر عديمة المرسل؛ على كما سنرى،، بشريمن قبل مستقبل ) symptômes(تتلقى بوصفها أعراضا غرار الظواهر الطبيعية التي

1 Cf, Umberto Eco, La structure absente, Op. cit, P: 23 et 21. 2 Cf, Ibid, PP : 21, 22, 23.

Page 213: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

213

فكرة يسمح بتسويغ 1،خطا ظاهراتيا مشهوداللسيميائيات نسجأن استطاع بيرس أن ي فكان 2.البحث في داللة إدراك الظواهر الطبيعية

أهمل السيبرنتيكا وعلى الرغم من كون بيرس، بإصراره على التفريع الثالثي للعالمة، قد )La cybernétique( بين قطبين ة من مستوى آخر يتمبوصفها سيرورة سيميائي "آلياثنين " ن ي

من حيث خاصية وإنمايميائياتي ال في جميع جوانبه، بطرحه السفإننا نبقى مستمسكين 3،فقطعلى استيعاب الكون كله، والتجربة اإلنسانية كلها تمنحه القدرةالشمول التي تطبعه، و

وإنها لخاصية قد حررت سيميائيات بيرس من ضغط اللسانيات، واللسان معا .استيعابا سيميائيا الحقيقي ؛ الموضوعمن التجربة اإلنسانية بحكم أن اللسان جزء ،)من دون إقصاء نهائي لهما(

كان يرمي إلى تأسيس نظرية " -بال ريب –ذلك فحواه أن بيرس 4.لسيميائيات بيرس عينهاأن تشمل، فضال عن العالمات اللغوية، جميع أنواع العالمات على أن " في العالمة يكون لها داخل إمبراطورية العالمات هذه، مع احتفاظ النسق اللغوي بدور المثال تتحول اللغة إلى إقليم

5." "أو حتى النموذج لسائر األنساقخرج النشاط السيميائي، بأي نمط كان، من قمقم العالمة، ومن استطاع بيرس أن يهكذا

في ن يكون أل، وإننا لنرى في ذلك ما يؤهل منظوره السيميائي قوقعة المقترح السوسيريخاصة إذا ،البصري -الخطاب السينمائي، والسمعي؛ مستوى مكاشفة موسوم هذا البحث

ميكانيزم صلب إلى أقرب الذي نراه – في تكوين العالمة –" األيقونة "التفتنا إلى تفريع من مستعجلة ، في محطة احين علله، وموضاهمفسرين كنه، اسنعرج عليه تلك مسألة( .السينما

. )، وفي وقفة خاصة من الفصل الالحقذا المبحثهثم إن مجاوزة النطاق الثنائي الذي كرسه التصور السوسيري للعالمة، لهو أمر يضمن

فأن يتحرر التحليل لمقاربة هذا البحث امتيازا آخر، ويدنو بها أكثر إلى عصب الموسوم؛ ، مترفعا على منطق "الخطاب " أن يمتطي مقولة السيميائي من قيد العالمة، ال يعني إال

سعيد بنكراد، السيميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، منشورات الزمن، مطبعة النجاح الجديدة، دط، الدار البيضاء، : ينظر 1

. 59، 58: ، ص، ص2003المغرب، 2 Cf, Umberto Eco, La structure absente, Op. cit, P: 23. 3 Cf, Op. cit, P : 23.

.62: سعيد بنكراد، السيميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، ص: ينظر 4 .12: س، ص. محمد قاري، سيميائية المعرفة المنطقية، مر 5

Page 214: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

214

لهو ظاهرة لغوية أيقونية إن موسوم هذه الدراسة .ومتحاشيا مأزم البنية، والنظامالجملة، ة بامتياز، فهل بإمكان السيميائية جماليحذاقته في مهما كانت براعته في التحليل، و –بصري

ظل ما ستكشف مجاهلها الداللية، ويفك ألغازها الفنية، إذا أن يسبر أغوارها، وي –التأويل !؟ مستمسكا بعروة العالمة، ومشدودا إلى وتد الجملة

وجود لسيميائيات "بأال –السيما في مقام هذا البحث –من هذا المنظور، يجب اإلقرار زولة ستكون عاجزة على إن نظرية للعالمة كوحدة مع] حيث. [للعالمة دون سيميائيات للخطاب

شرح االستعمال الجمالي للعالمات، ولهذا فإن سيميائيات للفن يجب أن تكون بالضرورة هو وحدة ذات بعد أسمى من الجملة، - ال محالة -فالخطاب 1." سيميائيات للخطاب والنص

شروطة بوضعية وال تقوم له قائمة إال محينا، وال يتكشف إال عبر جملة من الملفوظات المالمفاهيم التي مختلفع الحديث عن ولسنا، هنا، في سياق يس 2.اجتماعية، أو إيديولوجية معينة

من التخصصات التي جملة نتباي ، وتباينت" Discours "لطالما توشحت بها مقولة الخطاب بيرس هوفي آخر المطاف، إنما بيت القصيد،.. إلى تبنيها، وتثميرها تفزع فضال عن –أن

منحدر الخطاب، وزودها بسلطة كونية في ات إلى آب بالسيميائيقد –تثليثه لكيان العالمة استغراق الظواهر، اللسانية والاللسانية، وقربها إلى فلك الفنون، على اختالف أجناسها،

.السينما" جنس " وتمايز أنماطها، بما فيها سنركز، أيضا، في معرض هذا المبحث، على جانب آخر نومئ إلى أننا عالوة على ذلك،

التداعي الالنهائي الذي ينماز به اعتمال العالمةخاصية إنها من مصطلحية بيرس؛بوسعها أن تضيفه ها، ومساءلة مراميها في ضوء ما اويإذ سنحاول إلى مباحثة فح .)أو الخطاب(

الحد النهائي " لحقيقة من دون تجاهلعلى أن يتم ذلك ية في مركب المقاربة، إلى طرف الشعر "بفضلها ،التي اختلف للتأويل السيميائي، ين الذين جعلوا من النهائية التأويل بيرس عن التفكيكي

.ال بداية له، وال نهاية ..جنونيا تجنيحا صوفيا

)Sémiosis(يس العالمة في كنف السيميوز - 3-3-1

.34: سعيد بنكراد، السيميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، ص 1

2 Cf, Maingueneau. D, L’analyse du discours, Hachette supérieure, Nouvelle éd, Paris, PP : 9 et 10.

Page 215: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

215

في استكناه العالمة، وتحسس فحواها، ونحت هيكلها نحتا – وال ريب –لقد برع بيرس دواليب معالمها، ويستكشف مقوماتها، و ي، ويجلهايؤسس لفكان أن طفق .تأثيليا الفتافلسفيا

المة، ويستوضح إنما انبرى بيرس يجوس كينونة الع. حصيف أنطولوجيمسلكيتها في محتد وجودها، مسلطا ضوء التقعيد، والمفهمة على عالقاتها بالموجودات األخرى المقارفة لها،

1.والمفارقةونحن، في هذا المقام البحثي، ال يسعنا، إذا ما رمنا التولج إلى النسق السيميائي لبيرس،

رها، عل أن ضمتعريف، واستجالء منطرق باب تعريفه للعالمة، ليتسنى لنا تفكيك لغة الإال أن نحو استثمار ما يجب استثمار ذلك في تهيئة مسارنا النمذجي وهجر يجدي ،ه من النسق البيرسي

هما يجب هجر . حيال شخص ، شيء ما يحل محل شيء آخر *،الماثولهي العالمة، أو " ؛حسب بيرس

ه إلى شخص ما، أي تفتق في ذهنه عالمة أخرى إنما هي تتوج .ما ، أو بصفةومن وجهة ما،وهي ما يحل **،العالمة األولى مؤولة، إذ أسمي هذه العالمة المتفتقة تعدلها، أو تفوقها تبلورا

إنما باالستناد إلى فكرة، وجهات، والولكن ليس من جميع ها، موضوعمحل شيء ما هو 2." أساس الماثول ين،تها، بعض األحاييأسمو صنفتها،

.19، 18: حول بعض المفاهيم واألبعاد، ص، ص: س، سيزا قاسم، السيميوطيقا. أبو زيد، مر. ح. سيزا قاسم، نصر: ينظر 1. ، بينما توافقت ترجمة س26: ن، ص. المر: ؛ ينظر"المصورة " بـ" Représentamen "قاسم المصطلح البيرسي . يترجم س *

على أن فاخوري . بنكراد مع نظيرتها لعادل فاخوري، فاستقرا على ترجمته بالماثول التي نؤثر استخدامها في نسختنا الشخصيةا الستغراق ، وإننا لنتوسم فيها ما يؤهله)بكسر الضاد( "المستحضر " قد اقترح ترجمة أخرى لهذا المصطلح انتقى لها مفردة

.حدود المصطلح "المؤولة"، أما نحن فننحاز إلى اقتراح " المفسرة "قاسم بـ. ، ويترجمه س" التعبير "بـ" Interprétant "فاخوري . يترجم ع **

، " Interpretant"ن بنكراد، وذلك لغرض تبئير التمييز بي. المقترحة من لدن س " المؤول "ترجمة له، إذ يالحظ أننا أنثنا مفردة –" التأويل "بـ )Interprétant(وقد نستسيغ ترجمة هذا المصطلح . كما هو في اللسان اإلنجليزي، لسان بيرس" Interpreter"و

لما في ذلك من استجابة للحساسية التدليلية التي يتمتع بها موضع هذا العنصر في –على إيقاع مفردة التعبير للفاخوري . كما سيتبين الحقا عالمة البيرسيةتركيبة ال

2 Charles. S. Peirce, Ecrits sur le signe, Rassemblés, traduits et commentés par Gérard Deledalle, L’ordre philosophique, Coll dirigée par Paul Ricœur et François Wahl, IX éd du Seuil, Paris, P : 121 ; « Un signe, ou representamen, est quelque chose qui tient lieu pour quelqu’un de quelque chose sous quelque rapport ou à quelque titre. Il s’adresse à quelqu’un, c’est-à-dire crée dans l’esprit de cette personne un signe équivalent ou peut-être un signe plus développé. Ce signe qu’il crée, je l’appelle l’interprétant du premier signe. Ce signe tient lieu de quelque chose : de son objet. Il tient lieu de cet objet, non sous tous rapports, mais par référence à une sort d’idée que j’ai appelée quelquefois le fondement du representamen ».

Page 216: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

216

، ومطارحات مفهومية، ماذا بوسع المتمعن في هذا النص المفهمي أن يستنبط من تحاليل .وتسويغات إجرائية ؟

– ولو بنحو إقصائي –فاخوري قد اسطاع أن يختزل هذا النص .في الواقع، نرى أن عر عنه من ك أو معبقائم لشيء آخر ومدرشيء ما [..] العالمة هي " في جملة مشحونة لماحة؛

وقد حذا حذوه سعيد بنكراد فصاغ مفهوم بيرس للعالمة، على تفرعه، في جملة 1." شخص ماولكن على الرغم من اختزالية 2."إن العالمة شيء تفيد معرفته معرفة شيء آخر "مكثفة؛

في كعبمتظل شبكية المفهوم، شبيهة بالإال أن العالمة البيرسية فاخوري، وإيحائية بنكراد، ذلك أمر يشي به .هيكلها، كونية االشتغال، واالنبساط إزاء ملموسية العالم، وإدراكية اإلنسان

، كما وضعه بيرس، بنحو بين، ال محالة، ومن الوهلة تعريف العالمةالمسرود أعاله لنص ال .األولى

إذ تشمل األشياء، واألشخاص، كون مصغر، هي – سفي نظر بير –وإذن، فالعالمة التي تحكم مسارات التواشج ء، وأسس التمثيل، ووجهات االنتقاوالمواضيع، وروابط التأويل

فوض إليها سلطة تقفي إنه األمر الذي يكرس للسيميائيات بعدا تجريديا عالميا، وي .فيما بينهاكما يستجيب ذلك أيضا لمقوم 3." ساني وراء كل ظاهرة مفردةالعالمي والكلي واإلن "أثر

إبستيمولوجي من عينه" – اأو السيميولوجي -السيميائيات " راسخ في مصطلح أنطولوجي .الظواهر، والجواهر في مكاشفة 4 حيث هو يتغي الشمولية، والعمومية

بنية مركوزة ونية االشتغال إلى كونها ويرجع اتسام العالمة البيرسية بشمولية التقويم، وكفلم يتوان بيرس عن إناطة مفهومها على خلفية فلسفية، وحضورا ممتشقا من بنية الوجود عينه؛

مما أسفر عن موضوع، رابطة، محمول، : من ثالثية –هي األخرى –بثالث مقوالت مشتقة بحد ةدوجالموتستغرق كل الموجودات التي" Firstness –األوالنية /األولية "تفتق مقولة

ويجدر بالقارئ أن يطلع على الترجمة المفصلة للمقتبس الذي يعرف من . 50: عادل فاخوري، تيارات في السيمياء، ص 1

من المرجع عينه، عله يظفر بشيء إضافي فات أن يتضمنه نص ترجمتنا، 14: في الصفحة )الماثول(خالله بيرس العالمة . )اإلنجليزية(قد تمت عن النص في نسخته األصلية بحكم أن ترجمة فاخوري

.120: سعيد بنكراد، ص: أمبرتو إيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، تر 2 .18: حول بعض المفاهيم واألبعاد، ص: س، سيزا قاسم، السيميوطيقا. أبو زيد، مر. ح. سيزا قاسم، نصر 3 . 16: تجاهات السيميولوجية المعاصرة، صمارسيلو داسكال، اال: ينظر 4

Page 217: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

217

دونما نسبة وأمامنا في شكل كيفيات مجردة، ومفصولة عن أي سياق زمكاني، الماثلةذاتها، والتي تنسحب على كل موجود " Secondness –نيانية الثا /الثانوية "إلى شيء آخر، ومقولة

توذاته، ذي نسبة إلى شيء ثان، لكن من دون أن ي طا بشيء ثالث؛ أي ذي مستوى بحدستحيل إلى كل موجود بحد التي " Thirdness –الثالثانية /الثالثية "ومقولة تجسيدي تحييني،

ذاته، من حيث إنه يوقع نسبة بين ثان، وثالث على نحو ما يجرده من ماديته، ويخلع عليه صفة 1.ة التأويلالمواضعة، ويمنحه شرعي *

تتوزع العالمة البيرسية العالم قاطبة، وتستغرق موجوداته جميعها، وتغطي –نإذ –هكذا في العالم .. حتى أن بيرس قد عد أي شيء، أي ظاهرة، أي علم، أو تخصص حيثياته جميعها،

عالمة، ولم يك العالم آخر يرى في المنطق إال وجها ،فضال عن ذلك ،عالمة، وعدإن الكون هو العالمة، والعالمة هي الكون؛ ذاك ما تبوح به 2.يائيات، واسما ثانيا لهللسيم

التي تطبع أداءها إزاء التكوين عالئقيةالوالمذكورات، ثالثتهن أعاله، تراتبية المقوالت للسيميائيات األنطولوجي ر البيرسينموذجا العالمة ككل تشكل "إنما ،للعالمة وفق التصو

فالعالمة . المقوالت الثالثحقيقيا للعالم، إذ أنها تتضمن كل الكائنات الممكنة التي تتصور تحت تعد جزءا من العالم المادي، ومن حيث كونها ] من المقولة األولى[من حيث أنها وسيلة

ونها تعبيرا تعد جزءا من عالم األشياء واألحداث، ومن حيث ك] من المقولة الثانية[موضوعا 3." تنتمي إلى مجال القواعد واألشكال الذهنية] مؤولة، من المقولة الثالثة[

ل التلك هي جى بهاي يتترعة البوح األوأعاله ند بيرس المسرود نص. ذلك النص ح العالمة كاشفا عن العناصر التي تصنعها، أو تشملها، بل إنليشر

هو فضاء االشتغال السيميائي، والمناورة الداللية، وهو حيفس إنتاجي وتتجاوزها إلى فضاء

.59: ، وسعيد بنكراد، السيميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، ص48: س، ص. عادل فاخوري، مر: ينظر 1 "اإلحساس، والنوعية " قد وشى بيرس هذه المقوالت الثالثة بعنونة فرعية من شانها فضح الفحوى األولي لكل مقولة؛ فكان *

,Cfوسما للمقولة الثالثة؛ " التفكير، والقانون" وسما للمقولة الثانية، و " التجربة، والصراع، والفعل" للمقولة األولى، و وسما

Charles. S. Peirce, Op. cit, PP : 83, 105. 2 Cf, Ibid, P : 120.

. 53: ن، ص. المر: ، وينظر54: س، ص. عادل فاخوري، مر 3

Page 218: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

218

فليس .**" La sémiosis –السيميوزيس " مصطلح عمد بيرس إلى اختزاله في الفضاء الذيإذا بوسع باحث أن يستكنه العالمة البيرسية، ويمسك بتالبيب اآلليات التي تشتغل وفقها، إال

السيميوزيس، أو بوصفها سيميوزيسا،بها وهي في بوتقة قار بيرس إلى عزوهالذي ي إذ القصدثالثة حدود، من قبيل ا بينتضمن تشاركيعني، أو ي أثرحركة، أو " االسيميوزيس هو أنه

حال من األحوال، قابال ، بأيالثالثي ثراأل اهذيكون ال، على أالعالمة، وموضوعها، ومؤولتهاسابقه بمفهوم السيميوزيس أن يكرر إنما يكاد هذا النص الراشح 1." كات ثنائيةحرلالختزال في

ة في الصميم، عدا بعضه دونما إضافة مفهوميبمفهوم العالمة، ويطابقه، ويجتر المخصوصأبعاد تكوينية وظيفية يستحيل أن تتحقق، في اإلضاءات اللماحة التي أحال إليها، فكشفت عن

وهي اإلضاءات .السيميائيات، إن مفهوما، أو اشتغاال يابها، كينونة العالمة، ويتنجز مشروعغ، حساسة التموضع، وبينة األبعاد، النصهذا التي يمكن أن نستشفها من خالل بعض مفردات

، " )Coopération(تشارك أو تعاضد "و ،" )Influence(أثر "، و" )Action(حركة "من مثل؛ -cette influence tri ..(وكذا العبارة التي تؤكد على عدم إمكانية تثنية أثر، أو سيرورة العالمة

relative n’étant en aucune façon réductible à des actions entre paires (. السابق له،الواقع أننا نريد إلى مساءلة هذا النص مة بغية تسييج العال ، بمعية النص

عسى أن يؤوب بنا ذلك إلى استثمار النسق السيميائياتي .. تسييجا وصفيا أنطولوجياالبيرسية حدود الوعي لن تكون إال في ،أن المساءلة تلكلبيرس في اتجاه مالئم، وفعال، بمعنى

ذي تمخض ال الشعرياتي وبما ينسجم والمقترح ليه مقاربة هذا البحث،إالنمذجي الذي تستند .عن مطارحات الفصل السالف، التوصيفية، واالستقرائية

من دون أن يعني منفصال عن عالم األشياءلن تكون العالمة عالمة إال إذا كانت نسقا وهو ما عناه بيرس حين .هنا انتفاء ألي خيط عالئقي تبادلي يصل العالمة بالشيء االنفصال

العالمة شيء بأن هو، بالذات، ما من )أو النيابة(فأمر الحلول . شيء آخر محل يحلما أقر

بيد أننا نفضل تعريبه عن ترجمته . " السيميوز" بنكراد بـ. ، فيما يعربه س" التسويم" فاخوري هذا المصطلح بـ. يترجم ع **

؛ " simaio’sis": مادام المصطلح منحوتا، وجديدا حتى على اللسان الذي انبثق فيه، وبه، السيما وأن بيرس قد درج على نطقهCf, Op. cit, P : 133.

1 Idem. «.. an action, an influence, which is, or involves, a cooperation of three subjects, such as a singe, its object and its interpretant, this thrirelative influence not being in any way resolvable into actions between pairs» ; U.Eco, La structure absente, Op. cit, P: 22.

Page 219: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

219

أي من إطالقية المرجع ؛دالةالالثرثارة شأنه تحقيق النقلة من الشيئية الخرساء إلى العالمية )Le référent( ذلك ما نفهمه، بشيء من اليسر، من قول بيرس .ر الدال والمدلولإلى أس" إن

2."هاموضوعشيئا ما آخر يسمى " يستحضر "أن -كما يقال –لكي يغدو عالمة، يجب شيئا ما، المرجع كما بديال لعنصرقد بات ، " Objet –الموضوع "عنصر أن -والحال هذه –إذ نلحظ

مموضع في مثلث العالمة المقترح من قبل رتشارد تصورناه في فصلنا السالف، أو كما هو)Richard( وأوجدن ،)Ogden(،1 ،ة تالبسا بينهما ، أو يكاد يطابقهوهو بديل مطابق لهثم ألنزحزحة السيميائيات البيرسية إلى مسؤوال عن – طفافتهعلى –نتهاه أنهما يتمايزان تمايزا م

منطقة أعقدز مقولة المرجعم ، وأبعدن التداعيات التأسيسية التي يحتفي بها حي!. إلى أي مدى تستجيب السيميائيات البيرسية، من ابه هذا اإلشكال بطرح هذا السؤال؛لنج

مثلث السيميوزيس، لخاصية التخالل بين النسق، والمرجع ذات خالل موقع الموضوع في وهل بوسعنا اعتبار القوام الثالثي لعالمة بيرس ؟ اإلسهام البين في سبك شعرية الخطاب

تساوق النسق مع الماثول، للتجاوب مع تصورنا الشعرياتي، خاصة من حيث تصورا مهيأ .؟ والمرجع مع الموضوع، والمؤولة مع كيفية اإلحالة

ال ريب، ليس هناك ما يدعو إلى مناقشة التفريع الثالثي للعالمة البيرسية، غير أن ماهية إذ يعتور كل فرع من هذه مباحثة؛كل فرع من فروعها هو ما يحرض على التساؤل، وال

ذاته للعالمة توجد عالمة الفروع شيء من الشبهة، واللبس، والتماهي، ففي داخل الكيان الثالثيتنضاف إلى فرعيSign in itself " –بحد ذاتها /العالمة بعينها "أخرى أسماها بيرس

–كيفية مجردة "مستويات؛ فإما أن تكون وهي، ذاتها، مفرعة إلى ثالثة 2،الموضوع، والمؤولةQuqli-sign (Qualisigne) " ا أن تكوننت، وإمدت، وتحيال تشتغل بوصفها عالمة إال إذا تجس

عالمة قانونية "؛ أي كائنا واقعيا ملموسا، وإما أن تكون " Sin-sign (Sinsigne) –عالمة عينية "–Legi-sign (Légisigne) "3.على المواضعة، والعموم فقوهةم

2 Charles. S. Peirce, Op. cit, P : 122.

حول : س، سيزا قاسم، السيميوطيقا. أبو زيد، مر. ح. ، وسيزا قاسم، نصر18، 17: س، ص، ص. فاخوري، مر. ع: ينظر 1 . 24، 23: بعض المفاهيم واألبعاد، ص، ص

. 50، 49: س، ص، ص. فاخوري، مر. ع: ينظر 2 .Charles. S. Peirce, Op. cit, PP : 138, 139، وكذا 55: ن، ص. رالم: ينظر 3

Page 220: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

220

العالمة بعينها هي بمثابة القوام المادي فهل نستخلص من ذلك أن للعالمة العيانيلسيميوزيس ا ههذز الحسي لالمشاركة في تثليث هيكل السيميوزيس، أو هي بمثابة المرتك

ذلك هو شأن العالمة بال شك، .الثالثة ؟ اتسلسال متداعيا ديناميا يقع بين حدوده ابوصفه، بدليل أن بيرس لموضوعها تجسيم للعالمة، أو السيميوزيس، وتمثيل لها، البعينها، فهي

الموضوع، وتحل محله، أو تحيل إليه، وال تجسده، رادف بينها، وبين الماثول ألنها تستحضر someع مباشرة، بل من وجه ما العالمة بحد ذاتها ال تنال الموضو" لذا، فإن أو تشيؤه،

respect ]aspect[ أساس المستحضر "أو " أساس الماثول "، يسميه "the ground of the

representamen ال ومع ذلك 1." مصطلح مرادف للعالمة بحد ذاتها] بيرس[، والماثول عندهبالمصطلح اللساني ، بالتطابق أو التشابه، للمرجعيمكن أن نعتبر الموضوع عنصرا مرادفا

سواء من ، -فهمناه في الفصل السابق كما – بالمصطلح الهايدغري البحت، أو للشيء الشيئيال – وفق التصور البيرسي –أن الموضوع مرد ذلك إلى حيث الهوية، أو من حيث الوظيفة؛

ما هو مكون رسمي من المسلك الثالثي للعالمة، إنخارطة السيميوزيس، أو خارج يقيم خارج يجب "لعلة ذلك، . مكونات هذا المسلك، إذ له فيه مكان يحتله جنبا إلى جنب مع العالمة بعينها

ال مجرد )داخل السيميوز(أن ننظر إلى الموضوع باعتباره عنصرا داخل السيرورة التدليلية وزيس لبدد للعالمة هالتها فلو أنه ينسحب من فلك السيمي 2،" شيء معزول ومكتف بذاته

إذا كان الموضوع، كما " وعليه، ،السيميائية، ولفقد، هو ذاته، طاقته على اإلحالة، والتدليل، ال يعين مرجعا منفصال عن فعل من التصور البورسي للعالمة بصفة عامة[..] هو واضح

ال يتعلق بموضوعات تتحرك إن األمر . [..] العالمة ذاتها، فإنه ال يمكن أن يشتغل إال كعالمةخارج دائرة فعل السيميوز، بل يتعلق األمر بعنصر يعد جزءا من العالمة وقابال لالشتغال

3." كعالمةله، فما يوجد خارج )وجود(العالمة ال " خارج " أن شيئا اسمه يوحي منطق بيرس هذا

"، إنها "الخارجي "ن العالمة، والعالم بمعنى أن ثمة امتدادا عالماتيا بي ! العالمة هو عالمةفما يؤثث الكون ليس . فكرة االمتداد التي تجعل من الكون بكل مكوناته وحدة ال تنفصم عراها

.50: س، ص. فاخوري، مر. ع 1 .30: سعيد بنكراد، السيميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، ص 2 . 66، 65: ن، ص، ص .المر 3

Page 221: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

221

أشياء مادية، بل عالمات، ونحن ال نتحاور مع واقع مصنوع من ماديات، بل نتداول هذا الواقع و 1." من خالل وجهه السيميائي السيميائية تطال كل عدوى األدهى أنالتثليث الذي يهكل ي

من عد - إذن –فما يمنع .. حمل السيميوزيس من عناصر، وأفعالتالعالمة، وتصيب كل ما .؟ الموضوع عالمة، بدال من عده مرجعا خارجيا، وهو جار العالمة في عمارة السيميوزيس

2." العالمة األولى ه عالمة لها نفس مقوماتفالموضوع ليس شيئا، إن "جة بلور مكعبة، إلى أي جهة فيها زجاب شبيه - في هذه الحال –وكأن السيميوزيس هو

..وليت نظرك، لمحت شعاع عالمةبيرس ال يعترف، أساسا، بوجود مرجع، أو بؤرة ما أو ة "يعني هذا الكالم أنتقبع " شيئي

إذا صح ذلك، كيف سيكون مصير المخاللة بين النسق، . ؟ سخارج نسيج العالمة، أو السيميوزيونحن نتبنى سيميائيات بيرس مقاربة والمرجع بوصفها حافزا جوهريا من حوافز إنتاج الشعرية

بهالتها ،إلى أي مدى تكون العالمةأي؛ ،مرافقة لمقاربة الشعرية في هذا البحث؟ .؟ ألشياءالسيميوزيسية، بريئة من المراجع، وا

مثل بيرس كمثل سوسير، كالهما يعتبر العالقة مع المرجع شيئا خارجيا نإ "ال جرم، وأن هذا العالم، خارج نطاق اللغة،أبدا ما يعني أن األشياء ال تدل 2،" على الجوهر الدال للغة

نسانية، محض كتل مادية بمستوياته الحسية كلها، سيظل، وهو خارج الوعي اللساني للذات اإلإذ لو لم ينخرط في بنية اللغة، " العالم "بل ما كان له أن يتخذ اسم ، سصماء ال تنطق، وال تهم

فعلى هذا األساس، لم يكن في وسع اإلنسان إال أن يخترع . !مامن سمى نفسه عالهو م ليس العالأن عله ..ثقافية -ات التسنين السوسيوجهاز اللغة بما تحمله من تسويغات الفكر، ومواضع

يتجاوز ة العالم، ويجريا إلى النطق، والتدليلحسه جر. بشرية ، وإنما يتبنى من خالل استراتيجيةمباشرةليس العالم معطى على ال "وإذن،

استنطاق بحث سبل محاولة ب بيرس، في، حساألمر الذي حصر الدرس السيميائياتي 3."للداللةالمتالحم، العضوي، ،المادي متدادهالمحايدة، واختراق ار حسية المحيط وكساألشياء،

.61: ن، ص. المر 1 .62: ، صجع السابقالمر 2 . 83: س، ص. مرتزيفيتان تودوروف، مفهوم األدب، 2

3 Charaudeau. P, Langage et discours, éléments de sémio- linguistique, Ed ; HACHETTE (Frc), Paris, 1983, P : 14.

Page 222: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

222

هو منطق العالئقية، والشكلنةتبنيه لحيث إن نهوضه على ذهنية التفريع العالماتي، و ..المكبوتمتصلة، .. لمحيطا /العالم /ما يمثل عزاءه الوحيد في تحقيق ذلك، بحكم أن فيزيقية الكون

لهذه 4.مادة عمياء، بكماء ال تدل، وال تحيل على أي شيء سوى ذاتها )Continuum(والمتصل المرجع من بؤرة اهتمام " إخراج "العلة بالذات، كان بيرس من بين السيميائيين الذين بدروا إلى

.المفرطة البكماء ملموسيتهالسيميائيات، تقعيدا وإجراء، جراء ودارة إنتاج لم يكن متعسفا في إقصاء المرجع إقصاء كليا من دورة التدليل، هأن بيد

–وليس األمر عائدا ؛)كما سنعرض لذلك بعد حين(سوسير، وإيكو نحو ما فعلالمعنى على لنظرية )الوجودي(إلى المرجعية التأسيسية ذات المنحى المنطقي األنطولوجي – فيما نرى

طبيعة اإلحالة، وجوهرها الظاهراتي اإليديولوجي، ومسلكها التقني س، بقدر ما هو عائد إلى بير –إذ يستحيل، استحالة كبرى، أن تستحضر العالمة الذي يميز العالمة، ويقيم لها قائمة،

إلحالة تشهد فا" ،..والخفية تفاصيله الفيزيقية،هيواله، وبكل المرجع بكل –اللسانية بخاصة على أن العالمة لن يكون في مقدورها البتة أن تباشر العالم الواقعي، إذ هي وعلى االبتداء إنما

1." تدرج العالم المدرك تحت أفق قد فصلت فيه وقررته التكوينات اإليديولوجية لثقافة معطاة العالمة شكل رمزي بتعبير كاسيرير –إن)E. Cassirer(-ة، ، وطفرة نتخلق "سقي "

وهو ما يعلل، على نحو ما، التصور الخاص الذي عزاه بيرس 2،الواقع، وتنتجه، وال تستنسخهوهي خطوة (سندا من مساند العالمة، " الموضوع " بحيثية مستبدال إياه ،" المرجع "إلى مقولة

ظاهرة ، عن ذلكفضال، فكان أن أضحت اللغة، )أولى نحو تحقيق خصوصية ذلك التصورإن كان بيرس لم من هنا، 3.إنتاجية، ال مجرد خزان لكون مرجعي، أو ذهني ثابت، وقطعي

يقص المرجع من حلقة العالمة، ولم يسقطه من مصطبة التدليل، فذاك معناه أنه دعا إلى " إذ إن كل ..، ثقافياتكريس مبدأ مواراته، بحيث يكون مغيبا حسيا، مستحضرا لسانيا، رمزيا

ما ينتمي إلى العالم الخارجي ال يحضر في التجربة اإلنسانية من خالل أبعاده الملموسة، بل هو

.31: سعيد بنكراد، السيميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، ص: ينظر 4 . 55: س، ص. محمد قاري، مر 1 .61: السيميولوجية المعاصرة، صمارسيلو داسكال، االتجاهات : ينظر 2 .70: سعيد بنكراد، السيميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، ص: ينظر 3

Page 223: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

223

وفق خصوصية التصور –هكذا، لم يعد المرجع 1." موجود من خالل إحاالته الثقافيةفها؛ –البيرسيه العالمة، وال يعريوج خارجي دخل لألشياء في تعريف فال سوى دليل شيئي

، مما يشي بعدم هي ال تتسرب إلى الذهن إال بوصفها نظاما لسانيا، أو سيميائياإذ العالمة، استبعاد المرجع من تعريف العالمة نهائيا، ويؤكد، بالتالي، حضوره المفاهيمي الوحيد داخل

2.اللغة تقنيا،صور البيرسي، ونستشف لها مسوغا هذا التللشعرية موقعا ما في لفيههنا، قد ن

من إسهام تفاعل المرجع بنسق العالمة في إنتاج القيم الضمنيتحفظه يبرر لبيرس عقالنياأو فمواراة المرجع، وعدم درءه نهائيا قد يبقي على حظ العالمة ، بل الشعرية للخطاب؛ السيميائية

، أي وفق ما يتجاوب لى إمكانية استعمالها جمالياتيا، شعرياتياوبالتالي، ع 3،في تضبيب الواقعإن تفوق الوظيفة الشعرية على الوظيفة "(ومفهوم الغموض كما انبرى الشكالنيون يؤسسون له؛

التشديد على ثم إن. )4" له إلى نوع من الغموضما يحو، وإن)التعيين( المرجعية ال يزيح المرجععالمة، فضال عن إخراج مشكلة المرجع من دائرة السيميائيات من باب أن قضايا نسق ال

لهو أمر قد يستحضر تسويغات 5،الصدق، والكذب، ومطابقة الواقع ال تسترعي اهتمامها .من حيث مبدأ النسقية، وغائية الرسالةإذا ما قرئ الشعرية، ومنطقها في تصور بيرس للعالمة؛ فهو يلتبس حل لبس، وارتيابفإن المرجع يظل م أما خال ذلك،

ذاك ما يؤكده كون الموضوع في ذاته ، )العالمة بعينها(بالموضوع تارة، وتارة يلتبس بالماثول فضال عن 6 عالمة، أو معرفة تقتضيها العالمة ابتغاء وصفه، أو تزويده بمعلومات إضافية

أن الموضوع ليس مرجعا، وإنما هو محض ألمر الذي يعني المؤولة، ا: تدخل عالمة التأويلما تشي به ووه المرجع،: معلومة، أو وجهة تأويلية تستحضر في مكان شيئية الموضوع

مؤولة إذ أسمي هذه العالمة المتفتقة ".. : عبارة بيرس في نص تعريفه للعالمة المذكور أعاله "...ولكن ليس من جميع الوجهاتشيء ما هو موضوعها، وهي ما يحل محل العالمة األولى،

. 29: ن، ص. المر 1 . 26، 25: ، ص، صالسابق جعالمر: ينظر 2 . 13: س، ص. محمد قاري، مر". العالمة تغيب األشياء بأكثر مما تحيل عليها " 3

4 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, p : 238. .23، 22: حول بعض المفاهيم واألبعاد، ص، ص: قاسم، السيميوطيقا. س، س. أبو زيد، مر. ح. قاسم، ن. س: ينظر 5

6 Cf, Charles. S. Peirce, Op. cit, P : 123.

Page 224: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

224

ا الماثول، فيالشيء(إذ ال يشتغل إال بوصفه ممثال للموضوع ستبعد أن ينتحل هوية المرجع،أم( الحامل المادي لثالثية العالمة أي هو 1،ودونما تعريف به، أو شحن له بمعرفة إضافية

حتى وإن كان عالقة استحضار – المرجع أو –، بينه وبين الموضوع )السيميوزيس( .في حال أن تكون العالمة أيقونة )شيئيا(االستحضار حسيا

بناء على ذلك، يصح القول إن كل ما فعله بيرس هو استبدال واقعة الشيء بواقعة 2،ن الشيءالمعنى، أو التأويل، بعد أن مضى يؤكد أن ما تحيل عليه العالمة فعال هو معنى ع

ال تنوب عن األشياء بطريقة شفافة " – في التصور البيرسي –فالعالمات ، وليس الشيء عينهولكنها تتميز بنوع من الكثافة تضفيها هي على األشياء، وتأتي هذه الكثافة من األفكار

، إننا وفضال عن طبيعة هذا التصور 3." والتصورات عن األشياء التي تصاحب إبداع العالماتنرى أن بيرس، على حذاقته في تفتيت المفاهيم ونسجها، لم يسلم من الوقوع في وثبة مفهومية؛

لألعمال الفنية، وغير الفنية، في –واألدهى الشعرية –إذ كيف تتجلى القيمة السيميائية من أين ثم ،يباشر تلقيها في ضوء عالقاتها مع مراجعها الخارجية ؟عيون المتلقي ما لم

" الخارج "بلها إذا قطعت كل روابطها بـتقصحة اشتغالها، وقابلية ) الخطاب(تستمد العالمة عضدا في موقف ريتشارد، وأوجدن اللذين ارتأيا أن ،ههنا ،؟، وعليه، إننا لنجد الذي تحيل إليه

طعت أواصرها بمناهج نظرية العالمات عندما أغفلت تمام األشياء التي تحل العالمات محلها، ق"أن تحيل العالمة إلى العالمة على نحو يوحي باستحالة وجود ،إذن ،هل يعقل 4."اإلثبات العلمي

5.؟ من خاللها عالقة تربط العالمة بشيء آخر غيرها وجود نقطة خارج سياجها نستقرئمثل ناس الفنية؛جمادية المرجع إلى بنية العالمة في بعض األ تسرب -إذن – كيف نفسر

. ؟ غيرهاو.. النحت، والمنمنمات، والمسرح، والتصويرالعالمة كون بامتياز؛ من هذا المنظور، نخلص إلى أن كيان الواحد المعزول "إذ عالئقي

فالعالئقية إنما هي 6،" متناه، ووحده التحقق من خالل محمول مضاف يمكن أن ينتج الداللة 1 Cf, Ibid, P : 123.

.13: س، ص. محمد قاري، مر: ينظر 2 .28: حول بعض المفاهيم واألبعاد، ص: قاسم، السيميوطيقا. س، س. زيد، مر أبو. ح. قاسم، ن. س 3 .23: ن، ص. المر 4 .28: ن، ص. المر: ينظر 5 .21: سعيد بنكراد، السيميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، ص 6

Page 225: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

225

سة، ومدة، ومؤسفبنية مجرمة، معلىه م بها تالسيميوزيس محتومأن تتوسمعناه "ما ما،وسفمعرفتنا . [...] هويتها ليس مادة أصلية وال عناصر معزولة، بل مفهوم العالقة ذاته أن ما يحدد

1." المادة المضمونية الكلية الوجود للعالم تستند إلى العالقات ال إلىن فإنها، ممحل إنتاج داللي إيحائي ممتد، –رس في نظر بي –ولئن كانت العالئقية

من هنا، بوسعنا القول إن ، زاوية هذا البحث، ما يكون محل إنتاج شعرياتي جمالياتي رصيفإذ تمتلك ض عن سيرورة داللية من مستوى آخر، هي كذلك ما يتمخ )الفنية( العالمة الشعرياتية

ومختلف عنه من حيث ، شبيه بالسيميوزيس سيميوزيسا هو، من حيث الجوهر ،البيرسيعن ، ال محالة، يختلف – مثال –والتحقق، لذا فإن سيميوزيس الشعر ،كيفية االشتغال

2..سيميوزيس المسرح، أو الرواية، أو الصورةهوية السيميوزيس ما ؛راسةهل يكون السؤال الذي يشكل عصب هذه الدوههنا، .؟ يقة اشتغالهطر ماالسينمائي، و

سيميائيات اللسانيةالمشابهة في ضوء مأزمو األيقونة - 3-3-2فضال في االتجاه الذي يؤهلها الستغراق الكون إن السيميائيات البيرسية، لئن انبرت تتأثل

،بيرسمن عالمة )Icône(صنف األيقونة بينة، فإن عن مرجعية وجودية أنطولوجية ظاهراتيةبطاقة التسويغ بحظوة االنفالت من قبضة اللسان، وبالتالي، سيميائياته خصقد هو اآلخر،

لمقاربة األنساق البصرية، واإليمائيةة، والحركي.. موضوعالما يميزه خيط التشابه بينه، وبين اتيعالمكيان واأليقونة إنما هي

الذي تحيل الموضوعال ترتبط ب عالمة " –حسب بيرس –فهي ،الذي يحيل إليه )المدلولأو ( 3." ، سواء أكان هذا الموضوع موجودا فعليا، أم الإليه سوى بمقتضى الخصائص التي يحوزها

ستحوذ على األيقونة، ليشي بأن شيئا من ملموسية الموضوعالذي يهذا ،إن مبدأ المشابهةه العالمة مسرب، ال محالة، إلى كيانها، وهو ما يؤكد على الذي تحيل إلي) أو المرجع(

. أو ينتصر لاللسانية االعتمال األيقوني على أقل تقدير المستويات المرئية التي تسم األيقونة،إلى المراجع، واألشياء، والعوالم إحالة صافية مباشرة، ترى وال تنطق، فاإلحالة األيقونية

.22: ، صنفسهالمرجع 1 .20: ، صجع السابقالمر: ينظر 2

3 Charles. S. Peirce, Op. cit, P : 140.

Page 226: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

226

الطريقة الوحيدة في التوصيل المباشر لفكرة ما يتم على "يتبين أن إذ من هنا تب،ترسم وال تكالعالقة القائمة بين دال الصورة ومدلولها عالقة "وعلى هذا األساس، كانت 1،" جسر األيقونة

2." يحيل على الثاني دون وسائط قائمة على تشابه يجعل من األولالتوصيل الحرفي البصري لألشياء لأليقونية بد من شرطيةلن يكون فضال عن ذلك،

ولن يكون لها بد من قيد المحاكاة، وسمة التماثل بين المحيل، والمحال إليه.. والموضوعاتعالمة تدل على موضوعها "ذه العلة إذن، حرص بيرس على عد األيقونة له ؛في بنية الخطاب

وبالتالي يشترط فيها أن تشاركه ببعض الخصائص، أي أن . همن حيث أنها ترسمه أو تحاكي 3." تمثله من جهة التشابه ما بينهما

الذي يصم األيقونة؛ إذ الرسمي هنا يحتمل معنيين متالحمين الرسميذلك هو البعد ما أقوى الدليل الجنائي، في المحاكم،( الرسم والتصوير، والقطعية واإلثبات؛هما : متالزمين

.)!عندما يرد صورة، أو شريطا فيلميااأليقونة هاالت المفهمة التي أحاط بها بيرس نستطيع أن نعتبر ،بناء على ما سبق

ومدخال مفتاحا إجرائيا في يد المحلل السيميائي الذي يروم االشتغال على الخطابات المرئية، متحررة، على نحو ما، من ..ية بصريةإلى التأسيس لنظرية سيميائ ال يستهان بهتأصيليا

تستجيب لحوافز الشعرية وهي النظرية التي نراها، إذ ذاك، .إسقاطات النموذج اللسانياتي العتيد" والمرئيةالفنية، والالفنية، المسطورة، ؛جميع الممارسات اللغوية "بوصفها ما ينسحب على

.هو مثبت في استخالص الفصل السالفكما إلى أقصى حد، غير أن العالمة، حتى وإن لم ال، إن الخطاب البصري وسط أيقونيفع

شذرات تكن أيقونية االشتغال، مفطورة على سلوك المشابهة والتجسيد، فإنها ال تكاد تخلو من محل إذ إن الموضوع، في بنية العالمة البيرسية، ليس سوى ما يحل، وروابط التمثيل؛ األيقنة

، مثل المدلول، في بنية العالمة السوسيرية، )* أو وهميا(شيء آخر موجود وجودا حسيا بصريا

1 Op. cit, P : 149.

.79: بنكراد، السيميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، ص. س 2 .57: فاخوري، تيارات في السيمياء، ص. ع 3ال يلزم بالضرورة أن تكون األيقونة متوقفة على وجود موضوع خارجي معين، إذ كثيرة هي األيقونات التي ال تدل إال " *

. ؛ المرجع نفسه"والمسرحيات واألفالم )صورة العنقاء(أو متخيلة كما في بعض الرسوم على موضوعات وهمية

Page 227: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

227

كانت من هنا،. )أو متخيل(الذي ال يمثل سوى صورة ذهنية وافدة من مرجع واقعي ملموس وجب طريقة غير مباشرة في توصيل فكرة ما، تست" العالمة، على عكس األيقونة، مجرد

مما يعني أن األيقونية هي سند العالمات، وأرضية السميأة 1،" قيامهااستعمال األيقونة بغية ضمرة، في جهاز العالمة، ومعدومة بالكاد م تمهيديةضنينة الحضور، على أن تكون والتدليل،

تكون، بالمقابل، طافحة في بعض األنماط العالماتية ذات النشاط المفهومي التجريدي العارم، وعلى ( ؛نهائية عيانية، في جهاز األيقونة، ومتراوحة المقدار من نمط أيقوني آلخر الحضور،

. )La métaphore"2"، واالستعارة "Le diagramme"، والرسم البياني "L’image"غرار الصورة القول إن كل عالمة أيقونة، هل يصح لنا لكن السؤال اإلشكالي الذي نخلص إليه اآلن؛

؟ وكل أيقونة عالمةإن الشق األول من هذا السؤال ال نخاله يستدعي جهدا كبيرا لقاء إثبات صحته، فقد الحق

تدل، وتبلغ األفكار والمدلوالت، وتستوفي شروط رأينا للتو، من خالل بيرس، كيف أن العالمة أما الشق . بشيء من رواسب المشابهة، والعيانية – على األقل –ة، أو قيامها بوساطة األيقون

أنه يقتضي تريثا، وإمعان نظر قبل المغامرة في إثبات صحة الثاني من ذلك السؤال، فنرى بين الدال )أو التماثل، أو التناظر(إحالته البينة إلى قضية التشابه من بابوذلك ،فحواه، أو نفيها

..عنفوان اإلنتاج الداللييسد منافذ التدليل، ويكبح " حسيا"مدلول التي طالما اعتبرت عائقا والالذي تنهض عليه العالمة في مباشرة العالم، واألشياء ما هو إال وجه إن عدم المباشرة

خالن في من أوجه اعتباطية العالقة بينها، وبين موضوعها، أو بين الدال والمدلول اللذين يداالرتباط التعليلي الحال أن االعتباطية هي ما من شأنه تغييب. تكوينها وفق الطرح السوسيري

- الدال، أو الموضوع(تحيل منه ، وبين ما)المدلول، أو المؤولة(بين ما تحيل إليه العالمة ون العالمة معللة فأن تك.. ، والمواضعة العرفية، والثقافيةيإلحالل االتفاق االجتماع )المرجع

وكأنها تغدو هي الدال والمدلول في آن، أو الدال يعني أن ثمة تطابقا بين دالها ومدلولها، المة ومرجعها، ، األمر الذي يجعلنا ندرك أنه كلما اتسعت رقعة المساحة بين الع!منعزال

ما ضاقت، ضاق معها اصطالح اتسعت معها فسحة اإلحالة، والتدليل، واإلنتاج السيميائي، وكل 1 Charles. S. Peirce, Op. cit, P : 149.

س، ص، . حول بعض المفاهيم واألبعاد، مر: قاسم، السيميوطيقا. ، وس26، 25: س، ص، ص. فاخوري، مر. ع: ينظر 2 .32، 31: ص

Page 228: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

228

ت من عالم العالمات إلى عالم األيقونات باعتباره يقوم على أسالعالمة على العالمة، وأخرجلم يلبث سوسير أن أقصى العالمات فمن هذا المنطلق .المشابهة بين الدوال، والمدلوالت

رج نظام التعاقد، والعادات، والتسنين المعللة بأي رابط داخلي بين دوالها ومدلوالتها، والقابعة خاإنما تدل بواسطة التعاقد الذي "أن العالمات ،فضال عن ذلك ،وارتأى *،من مجال السيميولوجيا

غير التعاقدية من شأنه أن يعتم طبيعة الدليل وبمعنى ما، فإن وجود مثل هذه الروابط. يثبتهاالئل التامة االعتباطية، أفضل من الدالئل األخرى، تحقق الد "ولهذا السبب . الحقيقية] العالمة[

1." " نموذج الطريقة السيميولوجيةوالمشابهة حيز تدليلي ة على أساس المشابهة، ال المطابقة،مبنيإنما هي بيد أن األيقونة

إلى ، ومنحصروالحق إنه حيز ضيق. ينبغي االعتراف بوجوده بين دال األيقونة، ومدلولهاض على استثماره سيميائيا من قبالذي يحر الحدسة المجتمع إنعبر االستعمال ل مؤس

نجد ال جرم أنمن هنا، .مختلفة )Contextualisation(التواضعي، أو عبر آليات تسييق ما يسوغه، داخل الوسط األيقوني خاصة شرط االعتباطية الندفاع إيكو نحو إعادة مفهمة

إليه بمنطق اإلدراك وقوانينه، ال بمنطق العالقة القائمة بين صوت حيث أناط النظره؛ ويبررولما كان إدراك اإلنسان ومعنى، أو صورة سمعية وتصور ذهني كما هو الحال في اللسان،

ين ب المتعالي على الوسائط المثنىالمباشر للعالم الخارجي معقدا، ومتراكبا، غير مكتف بالربط عالمة بعينها، ( نلفي التثليث البيرسي للعالمة فإننا، 2ذاته المدركة، والموضوع المدرك

من شأنه مقوما عالئقيا شبكيا )أيقونة، مؤشر، رمز(، بل وللموضوع عينه )موضوع، مؤولةعلى يفرضنحو التعضيد لدينامية العالمة، والتأكيد، من ثم، على حركية الكيان األيقوني وب

أي نمط من األنساق المرئية التماثلية التناظرية مجاوزة حيادية الذات إلى تعددية التواصل، وما قضية حلول الشيء محل شيء آخر التي ارتكز عليها بيرس في تعريفه ثرثرة اإليحاء،و

للماثول إال صيغة أنطولوجية تبرهن على داللية العالمة، واأليقونة سي ان، وما إصرار بيرس

* بنكراد، السيميائيات، . ؛ س"ضوع السيميولوجيا يتكون من مجموع األنساق ذات الطبيعة االعتباطية مو" فهو يرى أن

. 77: مفاهيمها وتطبيقاتها، ص .26: س، ص. مارسيلو داسكال، مر 1

.78: بنكراد، السيميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، ص. س: ينظر 2

Page 229: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

229

إنتاجيتها السيميائية عالمة، على عدم اختزال السيميوزيس إلى قطبين اثنين إال دليل على ..ومؤولة، وموضوعا؛ وأيقونة، ومؤشرا، ورمزامشاركة الموضوع، بوصفه ظال إن ة العالمة لهو ثمفي بناء حركي ،يانييستدرج للع أمر

نظرية من حيث هو )La sémantique(ائيات البيرسية إلى تقمص هوية علم الداللة السيميتختص بمدارسة العالقات بين اللغة، وبين ما تتحدث عنه، وتنهض على محاولة استشفاف بؤر

تطعيم شق وعليه، يجمل بنا، من جهتنا، 1.التضايف بين العالمة، وبين ما تعينه، وتحيل إليهفي األطروحة البارثيةمركزين على سيميائيات الداللةيائية من مقاربة هذا البحث، برافد السيم

جعل السيميائيات هي المشمولة بعض ما تتيحه من مفاهيم، وأدوات إجرائية، السيما من حيثية المقترح السوسيري القاضي بجزئية )R. Barthes(بالمنطق اللسانياتي بعد أن قلب روالن بارت

2.العاماللسانيات من علم العالمة شرط أن نذلل حجم المشابهة بينها، وبين ما تحيل ، بوسعنا اآلن مقاربة األيقونة دالليا

إذ من آليات سميأة األنساق باعتباطية، أو عرفية من مستوى آخر،معللها إليه، ونستبدلالتسنين إلى مسوغات السميأة المذكورة أعاله، األيقونية المرئية التي ال تمارى، والتي نضيفها

اتالذي بموجبه الثقافيتها في رسم المعطيات الموضوعية، تتخلى المرئيوتتخطى عن حياديالثقافية، والمعرفية مسلكية الممارسات التجربة اإلنسانية، وتنصهر فيبلتنعجن عينيتها،أزمة المشابهة، ومن إكو من حصر العالمات األيقونية في رفمن هذا المنطلق قد حذ 3.المختلفة

عالقة عرفية ثقافية بحكم أن التشابه بين الصورة، - في نظره – اعتبارها علة مطلقة، بل هيأن تتكئ مقاربة بحثنا –إذن –فال ضير 4.والشيء الذي تمثله، إنما هو نتاج لممارسة ثقافية

من حيث إنها كرست للمرجع، بكل ظالله األنطولوجية، سيميائيات الثقافةأيضا على رافد ، حضوره في ثالثية العالمة بوصفها جملة من األنظمة، وسلوكا ةواإلنسانية، واإليديولوجي

.نة، وتحويلها إلى عالمةمن شأنه استنطاق األيقو 5 نمذجيا

. 28 ،27: س، ص، ص. مارسيلو داسكال، مر: ينظر 1 . 39: ، ص1986محمد البكري، دار الشؤون الثقافية العامة، دط، بغداد، : روالن بارث، مبادئ في علم الداللة، تر: ينظر 2 . 79: بنكراد، السيميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، ص. س: ينظر 3 .32حول بعض المفاهيم واألبعاد، ص، : قاسم، السيميوطيقا. س: ينظر 4 .111، إلى 106: عبد اهللا إبراهيم، وآخرون، معرفة اآلخر، ص، ص: ظرين 5

Page 230: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

230

،مشحونة بالتماثالتو، بامتياز أيقونية لئن كانت السينما، موسوم هذه الدراسة، ظاهرةفما عسى أن تكون مصادر سميأة النسق السينمائي، وآليات مجاوزة صمت .. والتناظرات

؟ األيقنة فيه إلى صخب التدليل

شعرية الالمتناهي وقفل العادة - 3-3-3 في اقترائها،و ، وفي غاية من الجالء، فكرة الالتناهي في إنتاج العالمات،بيرس يوجه

عن النهائية التفكيك التي طالما انبرى دريدا يبشر بها – ال محالة –ينماز مفهوميا توجيهامبنية، ومؤسسة، إنما هي بمثابة تداع إسنادي مشروط فالنهائية التدليل عند بيرس . تبشيرا

تقويضية المنحى، فهي ند دريدا، أما النهائية التدليل ع .بمسلك التثليث، واإلحالة المروضة له بوجود سند إحالي وال تقر ،ية النصة المسعى، إذ ال تعترف بنصة الكنه، جزافيسرطاني

.ينطلق منه فعل القراءة، أو يرسو عنده إلى حينإن ة هرة عالمة تكاد تكون متاهيالعالمة التفكيكيةمجعية بكل المقاييس، لوال المر * سي

تحدي النصوص المقفلة، والمحكومة بمدلول في سياقالفلسفية التي حرص دريدا على تبنيها 1.قول أكثر مما تقوله ألفاظها مباشرة فية اللغة المتجلية وق البرهنة علىنهائي صريح، وبغية ز خطا المتناهيا من التي تستند إلى تصور النص آلة تفر الدريديةالتفكيكية فعلى خالف المتاهة

فإن ما تمتاز به 2،أي مرجع نهائي يمكن أن يحال إليهغياب اإلحاالت، بحيث ينتشي من المتاهة الهرمسية هو أنها تقارب النص، والنص الكوني، بمنطق البحث عن امتالء المدلول، ال

رادة ذلك إلى ذاتية ،يا مكتمالأي إنها تؤمن بوجود المدلول على أال يكون نهائ؛ عن غيابهوإلى هشاشة خيط اإلحالة من شيء آلخر، ومن عالمة المفطور عليها هذا العالم، التدليل

3.يجعل من قضية المدلول النهائي سرمدية مبهمة األمر الذيألخرى،

وهو إله إغريقي متعدد الوظائف، والمجاالت، واالختصاصات، إذ Hermèsنسبة إلى هرمس : )Hermétisme(الهرمسية *

أمبرتو إيكو، :ينظر .التأويليورمز للتعدد وهو، إضافة إلى ذلك، إله الفصاحة، والتأويل الشامل،يرمز إلى المعرفة الكلية، . 138: سعيد بنكراد، ص: التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، تر

.124: المرجع نفسه، ص: ينظر 1 .نفسه: ينظر 2 .119: ، صنفسهالمرجع : ينظر 3

Page 231: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

231

احدا من وعلى الرغم من ذلك، فإن لكل من الدهليزين؛ التفكيكي والهرمسي، شططا وويخبط خبط عشواء في دروب إن كليهما ينهض على مبدأ الالنهائية المبعثرة اللزجة، حيث

نعني أن المتاهة الهرمسية، شأنها شأن االنشطار الداللي الحر الذي آمنت به .اإلنتاج الدالليبقدرتها على " تتصف هي، إنما )كما هو مبين في المبحث الثالث من هذا الفصل(تفكيكية دريدا

1،" االنتقال من مدلول إلى آخر، ومن تشابه إلى آخر ومن رابط إلى آخر دون ضابط أو رقيبيشتغل على شاكلة السيميوزيس ألن يكون سيميوزيسا ، في آخر المدار،وهو ما يرشح كليهما

!البيرسيةيوزيسين؛ التفكيكية، لكن السؤال اآلن؛ هل ثمة ما يميز سيميوزيس بيرس عن السيم

إن صح ذلك، فكيف يمكن له أن يخدم مقاربة هذا البحث؟؟ والهرمسية على حد سواءأشبه ما يكون بالسيميوزيس الهرمسية، وكذا إن السيموزيس البيرسية لتبدو، ألول وهلة،

حاالت المكرورة يتجلى ذلك في مواطن اإللحد التطابق في الهوية، ومسار االشتغال، التفكيكيةشامل، أو من إن من جانب أنطولوجي سمة الالنهائية التي تطبع سيرورة العالمة،لبيرس إلى

هي كل ما "أن العالمة إلى ،بلمسة استنباطية ص،خلفهو الذي .جانب تقني ظاهراتي شفيف د شيئا آخرلته(يحدمؤو( ،لة ذاتلإلحالة إلى موضوع ماها إلى حيث تحيل المؤو)هذا الموضوع(

مما يحول المؤولة، من جهتها، إلى عالمة، وهكذا يتم األمر إلى بطريقة اإلحالة األولى نفسها، النهائية التدليل فترجع أما على الصعيد األنطولوجي الوجوديad infinitum[ ".2 ،[ما النهاية

ة ة إلى للعالمة البيرسية طبيعة الكون الفيزيقيالمحكومة بمبدأ االمتداد المطلق، وبخاصيهو ما يغرقه في )Continuum( حيث إن مثول العالم أمامنا متصال؛ " الكتلي "االتصال

إن المتصل " لذا، ،محتمال، أي؛ خارج أي تحيين إدراكي تعريفيالالتحديد، ويبقي عليه 3." ن األفراد استنفاد كل ممكناته التحديديةالحقيقي هو الشيء الذي ال يمكن لمجموعة كبيرة م

موضوعا –حسب االصطالح البيرسي –وقد تنخرط هيولى العالم في بنية سياقية معينة، فتغدو بمحدودية العالم، ونهائية امتداده، بيد أن التحديد، ههنا، " واهما "من شأنه أن يخلف انطباعا

حايث للموضوع، والمتاخم لخصائصه، وخال ذلك، فإن هذا منوط بذلك التأطير السياقي الم

. 118: ، صجع السابقالمر 12 Charles. S. Peirce, Op. cit, P : 126.

.130: لتأويل بين السيميائيات والتفكيكية، صأمبرتو إيكو، ا 3

Page 232: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

232

تحديد، حيث يستحيل أن تستنفد الموضوع، الهيولى المؤطرة المقتطعة، يظل قابعا خارج أي 1.تحديداته األخرى غير المتناهية

سية إن حديثنا عن المحدودية الموضوع ليجرنا إلى تمحيص النهائية السيميوزيس البيرعصب ما يمثل إنما هو من عنصر آلخر، " الحلولي"فالتداعي اإلحالي ؛ جانب تقني تكوينيمن

وهو كما يشي به نص تعريفه لها المذكور، والمشروح أعاله، ميكانيكا العالمة عند بيرساب الثالثية كل قطب من أقطيرشح تثليث العالمة لتثليثات عالماتية أخرى ما دام األمر الذي

هي شيء )الماثول( فالعالمة بعينها ؛يشتغل بوصفه عالمة من حيث هو إحالة عن شيء آخريحل محل شيء آخر، والموضوع هو جزئية معرفية تحل محل حسية العالم الخارجي،

المؤولة هي نسخة تأويلية منبثقة في ذهن المؤول تحل محل الموضوع، أو تستحضر جزءاوهكذا لم يبق إال أن نستسيغ السلوك الالنهائي لسيرورة العالمة التدليلية، ونستسيغ أيضا أن .. منه

ولو شئنا وضع اليد على المنبع .. يكون الماثول عالمة، والموضوع عالمة، والمؤولة عالمةوضع، أساسا، الفعلي لتداعي العالمات، وانثيالها المستديم في جهاز السيميوزيس، أللفيناه يتم

بعد أن يتلقى الموضوع، يقرأه، ويؤوله منتجا Interpreterفالمؤول ؛بين الموضوع والمؤولة، ظاهري أو باطني ذهني، يعبر به عن الموضوع تعبيرا ال ي بمثابة رد فعلهتأويلية ةنسخ

إن 2.إلى ما النهاية مانع من أن يشكل، هو اآلخر، عالمة تستدعي تعبيرا ثانيا وهلم جراال يمكن أن تستغرقه مؤولة واحدة، وتأتي على أخضره ويابسه، إذ هي –إذن -الموضوع

نتاج تصادم، وتفاعل بين وعي المؤول، ومرجع الموضوع وفق مسار ظاهراتي مفروض، عن الوعي، يؤكد على استقاللية ذاتها، وانفصالها ما ،لذلك فهي تختلف، حتما، من مؤول آلخر

وعلى أن لها وجودا قبليا هو محض احتماالت المنتهية ينطوي عليها موضوع العالمة األولى، 3.ال يسع وعي المؤول إال أن ينتقي احتماال واحدا منها

ا سبق من توصيف، وتقرير، ال يمكن أن تكون السيميوزيسغم ممإال أنه، على الر وهلة األولى، وبعد الة، البيرسية المنزع، وال تفكيكيحال من األحوال، ال هرمسي ة االتجاه؛بأي

إذ .أفق ضيق، ومعلومإنما حرص بيرس حرصا بينا على غلق سيرورة العالمة، وشدها إلى

. 131، 130: ، ص، صجع السابقالمر: ينظر 1 .51: س، ص .فاخوري، مر. ع: ينظر 2 .27: حول بعض المفاهيم واألبعاد، ص: قاسم، السيميوطيقا. س: ينظر 3

Page 233: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

233

، فقد صيغت فكرة المدلول عند بورس " االلتباس "و" االمتداد "و" الهشاشة "رغم وجود " ويلية، ثقافيةأت -آلية تقنوبحيث ال يتم ذلك إال وفق 1،" إلى اإلحالة على غاية مابشكل يقود

اإلحالة تلك هو لجام السيميوزيس الذي من شأنه كبح تداعيها " ايةغ "إن القصد من . معطاةتها التأويلية المنطلقة، العالماتيإنتاجي ل، من وما الوجهة القرائية التي ينتقيها ا، وإرشادلمؤو

وجهات الموضوع الالمحدودة، إال تمظهر واف من تمظهرات تلك الغاية، وذلك األفق المعلوم، هنا هو ما يمثل لجام العالمة )Le fondement du représentamen(فلعل أساس الماثول

.السيميوزيس، وضابطها التأويلي دالبيرسية، ويجسد سنق اصطالحات متمايزة على عناصر آلية وقف أطالل في هو الذي استرس بل إن بيرس

ةالمنطقي ةالمؤول" ه يتوسم في إذ نجد النهائية السيميوزيس، وبحس تصنيفي مفهمي رصيف؛ةالنهائي – L’interprétant logique ultime " طوفان السيرورة العامل المسؤول عن صد

بوعيه أو بوعي مجتمعه، خيرة التي يبلغها المؤول، إن ألالتأويلية للعالمة، باعتبارها المحطة ا المؤولة الطاقوية"، وكذا " L’interprétant affectif -)الوجدانية( لة اإلدراكيةالمؤو "مرورا بـ

فالنسخ التأويلية التي يقترحها المؤول على وإذن، L’interprétant énergétique ".2 -)الدينامية(التي تعين المؤولة اإلدراكيةفهناك بة،كما تمر بثالثة مستويات متراموضوع العالمة، إن

المعرفة المباشرة المعطى من قبل العالمة، وهي لصيقة بالموضوع المباشر بحيث ال تتجاوز تقطع خيط 3،في الدارة الكهربائية )Interrupteur(، شأنها شأن قاطع التيار الفحوى الصافي له

أويلية التي يكون عليها الموضوع قبل انخراطه في بنية الماثول، وتفتح، في االحتماالت التالوقت عينه، تيار التدليل مباشرة بعد أن يقع اختيار المؤول على وجهة ما من وجهات

دخلها بوتقة التعدد، ، ويفهي ما يتجاوز تقريرية العالمة المؤولة الديناميةأما . الموضوع لتأتي الالتناهي التأويلي، وبؤرة التوالد اإلحالي في بنية السيميوزيس،وهي موضع واإليحاء،

يقترح "دينامية التأويل، وتوصد أبواب عنفوانه المطلق، إنما هي ما فتقفل المؤولة النهائية

.131: أمبرتو إيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، ص 1

2 Cf, Charles. S. Peirce, Op. cit, P : 130. .69، 68: بنكراد، السيميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، ص، ص. س: ينظر 3

Page 234: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

234

في وجه القوة التأويلية ] ويقف. [...على الذات المؤولة خانة تأويلية تمنحها الراحة واالطمئنان 1." التي يطلق عنانها المؤول الديناميكي المدمرة

بيد أن توقف سيرورة السيميوزيس الداللية، ورسوها عند مرفأ المؤولة النهائية، ال يكون على المؤولة " L’habitude –العادة "إطالق اسم إال ظرفيا، مما آب به إلى –حسب بيرس –

إلى حين يكتشف سياقا آخر يفرض يألفه الفرد ، ومسيقا،ينابوصفها دأبا سلوكيا محالنهائية ذاتها إطارا للفعل، يؤدي، ولو مؤقتا، إلى توقف السيميوزيس "دأبا آخر يوائمه، أي؛ بوصفها

التجسيد ليس له هي المستوى التجسيدي لنشاط التدليل، والحال أن العادة 2." الالنهائية للتأويلتقبل عددا المتناهيا من حاالت لما كانت البنية التجريدية للسيميوزيس، وبد من تجميد المجرد

التمظهر، فإن تجسيدية العادة ال تكون إال مؤقتة، أي متجددة، ومتباينة تباين تحيينات هكذا، سيكون في وسع العادة شل دينامية السيرورة السيميائية من حيث هي . السيميوزيس

3.ند، من خالله، هذه الداللة إلى تلك العالمة داخل سياق ألفناه ال غيرسلوك نملكه، ونسال يمكن له إال أن يكون سلوكا مرتبطا بأسيقة المجتمع، ثم إن مصطلح العادة هذا،

أنتروبولوجية على نحو خاص، -تفكيره، لتعتوره، بذلك، شوائب سوسيو خاضعا لمواضعاتإنما هي عادة التأويل التي ترتفع إلى مصاف ما يشبه المحفل فالعادة التي يعنيها بيرس،

ل مجموعة المتعالي على نحو يؤهلها ألن تكون بمثابة النسخة الداللية المنتقاة لعالمة ما من قبمختلف القصديات بشرية تضفي، من جهتها، هالة الحقيقة على النسخة تلك، متعالية على

العادة سلوك تفضيلي إزاء االنشطار المستديم للمدلوالت، يتم إن 4.الفردية للمؤول الفردإن المجموعة البشرية عندما تتفق على تأويل ما، فإنها "حيث ،بموجب اتفاق جمعي مؤقت

سيتم، على أية حال، تفضيله على أي تأويل آخر لم يتم الحصول عليه نتيجة [...] تنتج مدلوال بوسعنا فهم العادة على أنها شرط من شروط حصر وعليه، 5." إجماع المجموعة البشرية عليه

العالمة في مقام تواصلي مضبوط، يسهم في توجيه حمولتها الداللية وجهة يفقهها قطبا

. 70: ص السابق،المرجع 1 .134: أمبرتو إيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، ص 2

3 Cf, Nicole Everaert-Desmedt, Le processus impératif, Introduction à la sémiotique de C.S. Peirce, éd ; Mardaga, Bruxelles, 1990, P : 42.

.135، 134: أمبرتو إيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، ص، ص: ينظر 4 .135: المرجع نفسه، ص 5

Page 235: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

235

فهي، فضال عن ذلك، تمتلك طاقة تجميد اإلحالة الالمنتهية من عالمة إلى .التواصل كالهماعلى المتكلمين من مهم رة االتفاق على سياق إبالغي معين ليس إال، على أن يكون أخرى لتيس

التجميد مؤقتا مادامت العادة عينها وليدة عالمات سابقة لها، مما يعني أنها ستظل عرضة إما 1.ألن تترسخ، وإما ألن تتغير

موجودة في إن اإلدراك العميق لمؤقتية العادة ليوحي بأن المؤولة النهائية ليستإكراهاته وضوعة في السياق الذي يسيجها، ومستمدة من، إنما هي ماالسيميوزيس ذاته

وجوده المدلول المتعالي الذي نفى دريدا حالها، في ذلك، حال ،العرفية، ومواضعاته التقنينية؛ )البيرسي(والسيميائي ، عدا أن ثمة فرقا طفيفا، ولكنه جوهري، بين المدلولين، التفكيكي، أصال

كمم من أي وجودا مفترضا داخل بنية السيميوزيس البيرسية، وال يهم للمدلول النهائي نه أننبثق، وهو الوجود الذي بفضله يتمكن المؤول السيميائي من غلق أبواب السيرورة يمنحدر

فتح سيرورة داللية أخرى، ومن الداللية على أن يترك المفاتيح في جيب مؤول آخر عل أن يالذي ال يعترف أصال بوجود مدلول ختامي يسنح بغلق عكس المؤول التفكيكي *..نمط آخر

إن المدلول المتعالي ال يوجد في أساس السيرورة "وعليه، .باب التدليل، أو بتركه مواربافهل لنا اآلن 2." كل سيرورةالسيميوزيسية، بل علينا أن نسلم به باعتباره هدفا ممكنا ومؤقتا ل

أن نشبه النهائية السيميوزيس التفكيكية بخط مستقيم متصل، لتكون النهائية السيميوزيس ؟ ئية خطا مستقيما، لكن، متقطعاالسيميا

نخلص، في ختام هذا المبحث، إلى أن هناك مواطن كثيرة يلتقي فيها نص تعريفنا لفصل السالف، مع مقولة السيميوزيس البيرسية؛ فإلى جانب للشعرية، المذكور في استخالص ا

دينامية انفتاح نحو ضمني أعاله، يكفي أن نصرح، ههنا، بأن مواطن التالقي التي سردت على "المؤولة الطاقوية"إنما هي من جنس دينامية األعمال الفنية، وغير الفنية، على متلقيها،

التي يشترط أن يتحرك داخلها ذلك االنفتاح لهي ما يمثل قفال له نسقبنية ال، وأن )الدينامية(

1 Cf, Nicole Everaert-Desmedt, Op. cit, PP: 42, 43.

ق ببداية ونهاية مسار تدليلي ما، وما يبدو كنهاية منطقية لمسار، سيتحول إلى نقطة استهاللية داخل هنا تتعل" النهائية " إن " * . 71: بنكراد، السيميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، ص. ؛ س"مسار آخر

.136: أمبرتو إيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، ص 2

Page 236: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

236

باعتبار بنية العمل تحيينا نسقيا مؤقتا ،" المؤولة النهائية "أو ،" العادة "على شاكلة قفل .لخيارات المبدع، والمتلقي سيان

مساءلة في هذا البحث، عالوة على ذلك، نرى أن السيميوزيس الشعرياتية التي هي محللكونها تتسم بلزوجة مفهومية منقطعة لتظل في منأى عن كل محاولة تقنين، ومفهمة،

النظير، ليس من السهولة في شيء أن نصنفها في خانة محددة، األمر الذي يجعلها تنفلت من ات بعض مبادئ السيميوزيس السيميائية، والبيرسية على الخصوص، وتتنكر إلكراه

ولهذا فإن النصوص الفنية عادة ما ال تتحدد باعتبارها حاملة لهذه السيرورة "..اشتغالهاالتأويلية أو تلك، بل تشتغل باعتبارها ذاكرة مفتوحة على آفاق متعددة ال يحينها سوى القارئ

1." الذي يدرج معطيات النص ضمن مسارات تأويلية هي من انتقائه وافتراضاتهمقام هذه الدراسة، إذ نحاول إلى قراءة األنموذج السينمائي الذي بين ونحن هنا، في

نقوم سوى باستقراء مسارات التدليل التي يحملها، وتحمله، ونستشف نسخ سوف لن أيدينا، وليس ..التأويل المشروطة ببناه، والمنوطة بتخميناتنا االفتراضية، واقتراحاتنا االنتقائية

لبحث في جوهر التدليل، نهائيا كان، أم النهائيا، ولكن في السيرورة التي يعنينا، إذ ذاك، ا؛ )مؤسسا على نحو ما، وحرا على نحو ما(أن نكسوه معنى : ليس تأويل نص "أفضت إليه، فـ

2." ولكن لنالحظ من أي جمعانية أنشئأويالت الرديئة، من هنا، يجدر بنا أن نحذو حذو إكو، فنسعى، على األقل، إلى مجانبة الت

بدل تضييع الوقت في تقفي أثر التأويل الصحيح، من باب أن كل .. والتحاليل المسترسلة الهشةرديءتأويل صحيح 3 ! ، وليس كل تأويل غير

مراميه من خالل فضحنحسب أن ما سلف من مساءلة، ومكاشفة، ستنجلي معالمه، وتنعلى عارضة الخطاب ، في الفصل الالحق،حاول تفعيلهاجملة اإلسقاطات المفهومية التي ن

.السينمائي

.72: تطبيقاتها، صبنكراد، السيميائيات، مفاهيمها و. س 1، جامعة 04: عبد الملك مرتاض، تجليات الحداثة، القراءة بين القيود النظرية وحرية التلقي، معهد اللغة العربية وآدابها، ع 2

.26: ، ص1996وهران، يونيو، .137: أمبرتو إيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، ص: ينظر 3

Page 237: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

237

استخالص* بعد استبار مكامن التجاور بين مصطلح الشعريالمنازع ها من ة، وبين ما يحاذيها، ويتاخم

الفلسفية، والتيارات الفكرية، والمناهج النقدية، قد بات بوسعنا أن نحوز على جملة من التي من شأنها شحن جعبة المقاربة المركبة المبررات المنهجيةو ية،التخريجات المفهوم

.المركوز عليها بحثنا، واستيفاء شروط قيامها، واشتغالها، وانسحابها على الموسوموإننا لنفضل سرد تلك التخريجات، والمبررات في أسلوب اختزالي نبغي من ورائه

مقاربة تلك، واإلفصاح عن فحاويها، ومراميها الصريحة، الكشف عن الصورة النهائية لهيئة ال : على الشاكلة التاليةذلك وليكن . والضمنيةهي المعبر الوصفي البنيوي المفضي إلى الممارسة الشعرية، تمفهما وتمظهرا، -

أننا سننزلق، ذلك فحواه .الجمالياتية، إن بوصفها تقييما ذوقيا، أو بوصفها تقويما نقديا، وكذا فلسفة الفن، بعض الجمال علممقاسمة في بعض المواطن من هذا البحث، إلى

نصف فال نصف القيم الجمالية ذاتها، ولكن االنشغال التأسيسي، والوازع األنطولوجي؛ عي تفسيرا للمتعة الذوقية، ولكن الوسط البنيوير الحوافز الذي ينتجها، وال ندقد نفس

أن يمهد الدرب – في بعض األحايين – وكأن من مهمة الشعرياتي. التي تند منها النصيةأمام الجمالياتي، ويبين له حتى المسالك المنهجية التي يجدر به انتهاجها لبلوغ

التقييم ، والتقويم الذوقيعلى هذا األساس، سيكون من حقنا تبني . الموضوعية في عملهجملة –إذن –تلك . ى أن يكون الحكم الجمالي من حق عالم الجمال ال غيرعل.. النقدي

.من الفاعليات الجمالياتية التي سيعتضد بها مسلك المقاربة بوصفها مفاهيم جوارية ظليةالتحليل لها من وعي النمذجة، وسلطة ألن الشعرية أسلوبية مؤقتة، وبالغة مطلقة؛ -

عينية االعتمال، فردانية من حيث هو ظاهرة نسقية التكوين، لوبما يؤهلها لمكاشفة األس والمباشر على الخطاب ذلك فيلها النزوع، وبشرط أن يتم ،ا . مرحلة االشتغال العينيأم

والتصنيف التقنيني ،فيظل خطاب الشعرية أشمل من أفق في مرحلة التجريد التعميمي ،نا، ليس هناك ما يمنعنا من أن نكون أسلوبيين في مقاربة من ه. األسلوبية، ومتصوراتها

محطة في المنفرد آخر –، على أال يكون الفيلم موسوم هذا البحث؛ الخطاب السينمائييسنح بمدارسة جميع " األسلوبية العامة " مشوار المقاربة، خاصة إذا علمنا أن فرع

Page 238: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

238

، األمر الذي قد يجرنا، دب، وما جاورهاللغات دونما تحيين، ودونما قصور على جنس األالمتحرر من قيد مالمسة الدرس البالغي في منظوره المعاصرمن حين آلخر، إلى

ومن المفاهيم التحتية التي أتاحها لنا مصب األسلوبية المستثمر في . اإلجناسية العتيد La( ديد الزائدالتحو، )Le marquage( الوسم، والتكرار مقاربة هذا البحث، نجد سمة

surdétermination( م بها ؛ كلهاالذخيرة اإلجرائية للمقاربةمفاهيم سنحاول أن ندع ، . للتحليل، والمكاشفةمن قبل الباحث السيما في مواجهة األنموذج الفيلمي المقترح

- لمصطلح الشعري من الجهاز المفاهيمي إنها ما يشكل . ة، وليست كلهالبنيوية جزء، ومفتاحه اإلجرائي في أطوارها السوسيري في طورها اللسانياتي عيه اإلبستمولوجيو

والفلسفي ،والمنهجي ،أن يكون خطاب الشعرية، في –إذن –ال ضير .المتأخرة؛ النقدي، ويفيد عالئقية البنيةكونه يستثمر مستوياته النظرية والتحيينية، خطابا بنيويا من حيث

لما في ذلك من تساوق مع انفتاحها على العالم الخارجيشريطة تجلياتها الالنهائية منمعزوال " داخال "ليس النص " فطرة اإلبداع، وخصوصية الخطابات األدبية، والفنية؛ إذ

هو حضور في النص ينهض به عالما مستقال، " الخارج . "هو مرجعه" خارج "عن ناعنا به أدبيا متميزا ببنيته، بما هو نسق هذه البنية، هيئتها يساعد استقالله على إق[..]

إن النظر في هذه العالقات الداخلية هو أيضا وفي الوقت نفسه النظر في [...] ونظامها " خارجية"ففي ضوء هذا الحرص على 1."في هذه العالقات في النص" الخارج "حضور مما أفضى إلينا حلتها التكوينيةاتي إلى البنيوية في تحتمت سندية الخطاب الشعريالبنية،

اإلجرائية في تمثل هوية موسوم هذا البحث؛ نذكر ببعض مفاهيم الظل ذات الخصوبة La conscience( الوعي الواقع، )La conscience possible( الوعي الممكن: منها

réelle( ،البنية الدالة )La structure signifiante(، الفهم )La compréhension( ، . )L’explication( التفسيرو- تفكيكي مسلكا أي؛ إنها تنتهج التفكيك بوصفه .منضبط، ومسالم الشعرية خطاب

بإضاءة النص، وال تهمه محطة الوصول إلى داللته األخيرة، ويمتاز يكتفي منهجيا نقديا، من حيث فالشعرية .ستعاري المفتوحزعها االووابليونة مفاهيمه، وجرأتها اإلبداعية،

. 159: البنيوية، صعبد السالم المسدي، قضية 1

Page 239: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

239

–) La différance(تعترف باإلخالف هيكونها خطابا ثالثا افتراضيا واحتماليا، إنما أي أن يكون ذا أفق ؛مؤسسا، وتثبيتيا نشاطا تأويلياشرط أن يكون –وكذا االختالف

اإلبداعية الطافحة ومع ذلك، قد نجد .. مايحده ولو مؤقتا، ال أن يكون تقويضيا هدامسوغا معقوال الستثمار – موسوم هذا البحث – السينمائي التي تصم الخطاب المعقدة

ة التأسيس، وشراسة النقد المجنح، المركوز طرافما تحمله من بكل يةبعض مفاهيم التفكيكطاب التفكيك أن يكون النهائي التأهب فكفى بخ. على ديمومة المنزع االنتقائي االفتراضي

سمةغير أننا نتحفظ على ، نا هذابحث فيلنحتضنه حاالت، وفرز اإلنصيةلتخير النسخ التجعل من بنية الخطاب جسما تكشف عن وضع مرضي، و سمة ألنها ،الالنهائية تلك

ذي انتهى بنا إلى التحصن ، األمر اللةخيط من خيوط الدال بأي غير مرتبط ،رخواة بول ريكور بتأويلي)P. Ricœur( المبنية على منطلق التسطير)L’inscription( الجاعل

الكالم، يتثبت من خالله، ويستمر، وليس محض أثر، يتبعثر –من الكتابة مالذا للخطاب ويتالشىشطرن، ويمن خالله النص ،.

- نظر بالعال خطابا؛الشعرية ين سيميائيلذا فهو مشروط بمنطلقات مات، ويتحي مي بوازعها اإلبستمولوجي من حالتأثيلية النمذجية، وم السيميائيات، ومسيج برؤاها

الشعرية رديف إن وإذن، . التذبذب التقعيدي بين الحقول، والمعارف التي تزاحمهتماسكا منح لمقاربة تضمهما معا األمر الذي نرجو منه أن ي وقرينها،السيميائيات،

إن ثم . قلما تتوفر لمقاربة صافية أحادية وطاقة إبداعيةوانسجاما إجرائيا، منهجيا، ما يشكل بؤرة المعلقة، واالعتياص على التقعيد المغلق، لهما موضعافتراضية الت

اية بأننا سنستثمر ذلك ما من شأنه الوش ؛شعرية –االشتراك بين خطي السيميو ونعتمد تحليال ،مشروعا فكريا دائم االنفتاحالسيميائيات، في هذا البحث، بوصفها

يكتفي ؛يتغي الشكلنة، والتفكيك، أيال يقترح أي نسق تعريفي عام مغلق، وإنما سيميائيا بها إلى سديم يجر الشعرية إلى منعطف الداللة، ويرنو وهو ما .بصوغ األشكال لهدمها

غ ،" عانية شكالنية" اشتغاال سيميائياتيا في صورة المعنى، لتغدوتلك التي ما لبثنا نسوكاليف : لصاحبها" La forme signifiante –الشكل العاني " لها باالرتكاز على مقولة

إثبات هوية الشكل التي تستجيب ألهداف وههنا، قد عمدنا إلى ،)Clive Bill(بيل

Page 240: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

240

ي، والسيميائي، والمادي الشكل المضموني الوظيفي، والعالئقي الديناملمقاربة؛ إنما هو ااختصارا، إنه ما يحرض على القراءة، والتأويل، وليس ما يمثل أمامنا .ترتيبا، ال توزيعا

جي يلور عزاه وفي هذا المقام، يحضرنا توصيف اختزالي مشف. مثوال مجانيا أجوفنحاول أن نترجمه في ضوء حقيقة الشكل، إلى العمل الفني )Luigi. Pareyson(باريزون

، أو هو، على إنما هو شكل؛ أي حركة مختومة[...] إن العمل الفني : "على هذا النحومنخرط في النهائي هإذ ينشأ . نحو ما، النهائيوال ينبغي، ، عن ختمهفضال مجموع

وإنما هو انفتاح لالنهائي متكتل داخل لواقع سكوني وثابت، اانغالق اعتبارهوالحال هذه، 1." شكل

يحذو حذو السيميوزيس البيرسية في ،سيميوزيسي من نمط خاص سلوكالشعرية -لهو المفتاح الذي حرر السيميائيات من إن تثليث العالمة من قبل بيرس .جوانب كثيرة

اها ل ثنائية الدال والمدلول، كبدها بطاقة استغراق جميع الظواهر الكونية، مانحا إيوزوولئن كان . السيما األنساق البصريةمشروعية االشتغال على مختلف األنساق الدالة،

تسهم في تكوينه أنساق بصرية من أنماط متباينة، ،معقدا موسوم بحثنا نسقا سينمائياالمنظور بغض الطرف عن يمكن أن تتماولة للكشف عن شعريته ال فإن أدنى مح

لجرأة إقدامه على تدقيق النظر في المنطق الذي يحكم آليات اإلنتاج البيرسي للسيميائيات التخريجثم إن .والتساع رقعة تسويغ إسقاطه على شتى الممارسات اللغويةالسيميائي،

األيقونة ابتغاء إبعادها عن صدى المشابهة األخرس، لهو س المفهومي الذي أحاط به بيرخطاب أيقوني بصري أن مفتاح آخر أجدى بالمحلل السيميائي الذي يصبو إلى تأويل

وهو، أيضا، أمر رام أن يؤصل لنظرية سيميائية بصرية، وإنيعتمده، ويستند إليه حتى عصب الطرح البيرسي نظرا لكثافة من )السينما(يزيد في تقريب موسوم هذا البحث

ومن أفضال السيميوزيس البيرسية .الجرعات األيقونية التي تمأل بنية الخطاب السينمائيلعالمة؛ ا يةالتي سنسعى إلى استثمارها، نجد خاصية العالئقية التي تسيطر على ثالث

سق الشعرياتي،ألنها تكاد تكون من جنس عالئقية الن الماثول، والموضوع، والمؤولةالمتجلي خصوصا عبر المؤولة، الفحوى الظاهراتي التأويليونستشف، أيضا، ذلك

1 Eco. U, L’œuvre ouverte, Op. cit, P : 36.

Page 241: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

استلزامات ومبررات . شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو الفصل الثاني

241

المؤولة المنطقية (بقانون العادة المروض المنوط بمبدأ الالتناهي والشخص المؤول، و. يا مؤقتاالذي من شأنه توقيف االنشطار المستديم للمدلوالت توقيفا اتفاقيا جمع) النهائيةتأويل داللي بوصفها فاعلية مزدوجة؛ ة التأويل فاعلينستثمر أن –ههنا –ونقبل

ينجم عن العملية التي بفضلها يمنح القارئ التجلي الخطي داللة للنص، سيميوزيسيسيميائياتي ر األسباب البنيوية التي تجعل النص قادرا على إنتاج هذا وتأويل نقدييفس

1.لتأويل الداللي أو ذاكا، هنا، على أن الداللة. نقدا" الداللة " الشعرية خطاب داللي إبداعا، وخطاب يقتفي أثر -

التي تتركها قواعد " النصية " البقايابعض لى إاإلحالة هي ما يتجلى عبر محاوالتة، من ثقب شبكة اللغة، ألنها بمثابة مظاهر التجربة التي تنفلت، ال محال ،التسنين اللغوي

، غامضة رقعةالحياتية مستوياتهاوتحيين ها، تبحيث يولد أي مجهود مبذول الستعاد 2.يستغرقه مصطلح الداللةهو ما وكيانا لزجا

يرفض الصفاء، واألحادية في مدارسة ؛جهاز مقارباتي مركبشعرية –فالسيميو وإذن، ،المفاهيم المجاورةجملة من ، والمقاربات التحتيةائه مجموعة من إنما تسهم في بن .موسومال

.يظل محل مساءلة، ويظل معتاصا على التصنيف، متحررا من إكراهات المفهمة ،إذ ذاك ،وهوقد افترض وجود ناقد مثالي ال تكون طريقته إال تركيبا لكل " ستانلي هايمن "وإذا كان

الوسائل المتاحة، المتضاربة والمتنافسة، ليركب منها حيث يستعير من جميع األساليب العملية، بفهل 3، قصد بناء منهج نقدي متكامل، ومركوز على رؤيا مؤسسة، وخطة مهيكلة خلقا سويا

.!؟ لنا، في مقام هذه الدراسة، شيء من الحظ لنكون في مستوى هذا الناقد المثالي

. س. ، مر10: محمد العماري، عالمات، ع: أمبيرتو إيكو، مالحظات حول سيميائية التلقي، تر: ينظر 1 . 72: س، ص. مارسيلو داسكال، االتجاهات السيميولوجية المعاصرة، مر: ينظر 2، دار الفكر العربي، القاهرة، 2إحسان عباس، محمد يوسف نجم، ج: لنقد األدبي ومدارسه الحديثة، ترهايمن، س، ا: ينظر 3

. 248و، 245: دت، ص، ص

Page 242: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث

سينمائية الفيلم ينما والالسينما في بنية الخطابدية الساضعوت

Page 243: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

« Ce qui est du cinéma, c’est la " forme " et elle seul; le " contenu " est simplement repris par le film, comme il aurait pu être repris par un roman ou une pièce de théâtre ».

Christian Metz.

Page 244: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

.)محاولة في بناء المفهوم(السينمائية من اإلرهاص إلى التمفهم؛ -1

. صطالح وحوافزه المفهومية والمنطقيةاال -1-1- الشعرية الدالة؛ والسينمائية مصطلحا بديال -1-1-1

.السينمائية بين الصمت والنطق -1-2- 1-2-1- سينمائينة؛ صمت لغوينية الب. .؛ دخيل أم حاسة سينمائية ؟)الكالم(الصوت -1-2-2

.سينمائية الخطاب السينمائي؛ التقنية وإنتاج المعنى -2 -2-1- المونتاج والسةردي السةينمائي.

.مسرح مؤفلم أم فيلم ممسرح ؟ -2-1-1 .المرجعية المونتاج ونسقية السرد -2-1-2

. مصادر السينما في بنية اللقطة - 2- 2- .اللقطة كائن سينمائي: مفاهيم -2-2-1 .شعرية االجتزاء من اإلطار إلى التأطير -2-2-2 .الحركة الداخلية وسينمائية األداء -2-2-3 .حركات الكاميرا؛ تحيين سينمائي للمرجع -2-2-4 . الصورة والصوت وامتياز الالتزامن -2-2-5

.الخدعة السينمائية بين مرجعية التمويه ونسقية اإليهام -2-3- . السينمائية خارج السينما -3

Page 245: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

245

)بناء المفهومفي محاولة (م هفمالسينمائية من اإلرهاص إلى الت -1 ةية والمنطقميوحوافزه المفهو االصطالح - 1-1

Christian(كريستيان ميتز انبرىالتحفظ، حينما وألم يكن هناك ما يدعو إلى التشكيك، Metz (– في خضم السينمائية لمفاهيم الخدعة قارباتهم- من شيء، بيعتبر الحذق التحليلي ،

بيد أن ما 1،من االنزياح عن السمة الفوتوغرافية الصرف ضربا األساليب والمؤثرات الخاصةالذي اعتمده ميتز في احتواء مفهوم " La photographicité" لفت انتباهنا في ذلك، هو مصطلح

أال يمكن أن : تساؤل على هذا النحوالإلى –لحظة القراءة –ففزعنا ،" الفوتوغرافية الخالصة" إلى الذهن وثبفكان أن ؟ خالصة يحوي مفهوم السينمائية ال ، مصطلحاذلك مقابلفي نقترح، مصطلح لألسف – آخر لبنظيره المذكور اشبيهيكاد يكون –في لسانه األجنبي،شكال لتو ،

". La cinématographicité "إنه ؛ ، ومفهوماعنه جوهرا مختلفلكنه ، وووزناولسنا ندري، بصراحة، ما الذي منع ميتز من اعتماد هذا المصطلح، أو ذكره على األقل،

في رغم أنه قصد إلى معايرة الخصوصية السينمائية، وتطويقها بالتوصيف والدقة العلميين أن نجد أثرا وواردة من دون ،المكرورة، والتي أتينا فيها على كل شاردة مساءالتهالعديد من

، إلى أن الهدف المتوخى في وفي السياق ذاته المذكور آنفا –مثال –فقد أومأ !لهذا المصطلحطريق استعماالت من مختلف المؤثرات البصرية المحققة" سة الخدع السينمائية هو تحديد رمدا

ميتز قد نلحظ هنا 2؛"ولكن ال فوتوغرافية مرئية ها مادةمواتية، حيث يشكل مجموع اكتفى أنالعناصر المنحدرة من أجناس تعبيرية مختلفللداللة على " non photographique" عبارةب

فهو، من ثمة، اصطالح ال يحوي السمة السينمائية الصافية، بل أخرى غير جنس الفوتوغرافيا،لطرائق التعبيرية التي ، وما أكثر األنواع الفنية، واإنه يتضمن السينمائي، والالسينمائي أيضا

تنماز عن الخصوصية الفوتوغرافية، بل وتسهم في تذليل حضورها المحض إذا ما اجتمعت، non( " فوتوغرافي ال "ن هذه التركيبة إثم *،متباينة، داخل الخطاب السينمائي أو متشاكلة

photographique( مع مصطلح على طرفي نقيض مطلق تقف، بالضرورة، ليست بصمة عن ما دام بوسع جملة من الفنون المختلفة أن تتميز " الفوتوغرافية الصرف"

ية، والمناددةالفوتوغرافيا من دون أن يتضمن ذلك معنى الضد. 1 Cf, Christian Metz, Essais sur la signification au cinéma, T2, 4em tirage, Ed: klincksieck, 1986, P: 175. 2 Ibid, P : 173.

.الالحقة مباحثالسنتناول هذه المسألة بشيء من التفصيل في *

Page 246: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

246

ي جوهره، ليس هو ما يعاكس، ف " Photographicité"أن مصطلح –إذن –نفهم من ذلك وعليه، فإن مصطلح .يعني ما تعنيههو وال ،" non photographique "تركيبة

" Cinématographicité "، معه، األولى بالتضاد، أو التناظر هو اجتراحه، نصبو إلى الذي* **.وهو ما يمثل حجر الزاوية في هذه الدراسة

مواد مرئية

.1: الخطاطة رقم ا من المغامرة في ترجمته، ونقله إلى لغة الضاد،وأمام هذا المصطلح الفرنسيلم نجد بد ،

.؟ ؟ ولماذا فكيف .هل مقابال مصطلحا" السينمائية " فعزمنا على اقتراح بين ،على صعيد اللفظ، فرق ههناأال مفادها فكرةإلى ذهن القارئ قفزت، قد فعال

بيد أن ذلك ما تمنحه القراءة األولى لهذا ،" الصفة - السينمائية" و ،" المصطلح – السينمائية" .عجولةسطحية، و –بال أدنى شك –المصطلح، وهي قراءة

، والبنية )Le substantif( الجوهرئية التي نقصدها في هذا المقام هي إن السينماصفة في شيء، ة، وليست،المفهومي – عرفة آية ذلك أنها ترد دائما. لموصوف – ةضيا معرإم

للجملة، وإما بذاتها في السياق التركيبي ، ومكتفيةباأللف والالم في حال وجودها منفردةندرك من هذه إذ.. الوثائقي فيلمسينمائية ال: عن موصوفها على نحو تقدم لزومافتباإلضافة

إنما هو يحتويها، سينمائي في صفائه المطلق ال يمكنه أن يتضاد كليا مع الخصوصية الفوتوغرافية، حتى الخطاب ال *

يزداد هذا .ويمتطيها بوصفها جزءا ال يتجزأ منه، تساعده على بناء مادته التركيبية، وعلى بلوغ مرتبة التدليل وإنتاج المعنى . الجدل جالء في المباحث اآلتية

.1:ة رقمالخطاط: ينظر **

ناظرتضاد أو ت ةالفوتوغرافي ةالسينمائي

La cinématographicité La photographicité

تميز نوعي نوعي تميز ) Non photographique(ال فوتوغرافي

... سينما، تصوير فوتوغرافي، فنون تشكيلية، مسرح، نحت

Page 247: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

247

ها في بنية الخطاب السينمائية التي يمكن توافر صدد التعريف بالخصائص فيها التركيبة أنبفضل ،هذه الجملة قد اتخذتسياق في " سينمائية "فإن مفردة ، من ثمةو ،الوثائقيللفيلم

رتبة النعت، " الوثائقي "مفردة والثبات، فيما احتلت *،ةة، والعلميموقع المفهومي، تقديمهااألفق أمام إمكانات البحث في المالمح السينمائية لخطابات أخرى بصفات فتحا يمم ،والتحول

.حوهاون.. اإلشهاري ، أو، أو التلفزيوني؛ كالخطاب الروبورتاجي" الوثائقي" أخرى غير صفة عن " المصطلح - السينمائية" ما هي الفيصل الحساس الذي به تنماز فآلية التقديم والتأخير إن

" Cinématographique" بـ م في اللسان الفرنسيرجت، هذه التي ت" الصفة - السينمائية" 1.نماعلى أن األمر متعلق بالسي والتي ال تأتي إال بعد االسم الموصوف داللة

، وتفعيل مفاهيمها، ستشفافهاالتي نصبو إلى ا السينمائيةمن هذا المنظور إذن، إن حال – وإن ذلك **،أو القصيدة للموصوف؛ الشعر ، ال صفةهي حال الشعرية جوهرا، ومفهوما

: هذا البحث تبةة لعما يبرر الصيغة التركيبية التي وردت عليها الجملة المحوري – تدقيقا "سينمائية الخطاب الفيلمي ".

تحديد الضوء األخضر للشروع في محاولة " السينمائية " هذا المصطلح منحناسيوإذن، قتضي على نحو ي ***التجريد ملف، وتوصيفها، ثم تصنيفها في خصوصيات الخطاب السينمائي

األجناس بقية زه عنلتمي ته السينمائية، وضمانادائيأل يلتزم بها تفعيالأن عمل سينمائي أيمن ،قديم حافز إنسانيإنما هو ،نحو ذلكالذي يحركنا حافز الولسنا نخفي أن .الخطابية، والفنية

إلى ترتيب األفكار، وتصنيفها في خانات محددة ىتسعطالما التي " النمذجة " من نزعة منبثق هو الحافز عينه الذيو 2.ص عن غير المتخصصللمتخص وتمييزا لألصيل عن الدخيل، عزال

، فتصبح"سينمائية " إضافة حرف الياء، أو الواو في لفظة –من أجل تكريس خاصية العلمية في هذا المصطلح –لم نشأ *وذلك تالفيا لثقل المصطلح، وغرابته المشبوهة عن على شاكلة بنوية، "سينماوية " على وزن لسانياتية، أو "سينمائياتية "

.بيأذن المتلقي العر1 Cf, Josette Rey- Debove, Dictionnaire du français, référence apprentissage, Cle international, le robert, Paris X111, P : 169.

.52، 51: ، صالبحث، الفصل األول، ص: ينظر **: من خالل اقترابنا الواصف من شعريته؛ ينظر لعلنا نفيد، في هذا المقام، من شعرية تودوروف بالمفهوم الذي انتهينا إليه ***

. 103: إلى ص 90:البحث، الفصل األول، تودوروف، وإكو، وشعرية التجريد واالنفتاح، من ص . 61: حسين الزاوي، مرجع سابق، ص. د: ينظر 2

Page 248: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

248

ما الذي يجعل من فيلم سينمائي: على هذا النحو *إلى إعادة صوغ السؤال الجاكوبسونينا حث سينمائيا ؟ ما فيلما

مصطلحاالشتغال على من صميم ،بال شك ،اإلشكالي لهوإن التعاطي مع هذا السؤال الفنون خواص من الباحث على تصفية الخطاب السينمائي يحضما هو ما إن؛ "ية السينمائ "

مارسل مارتن طمحولقد . بين ثنايا نسيجه اللغوي –عينه في الوقت –والمبثوثة الدخيلة عليه،)Marcel Martin( ولكن إلى تناول هذا المنحى متينعن وعي غير – معتمداالمفهومي -

لة األصا" مصطلح ")L’originalité(، أصالة صفي طفقف - اللغة السينمائية بأنها –ة أو أصليوالالمحدودة ،كفاءتها الفريدة ومناإليحاء، التصوير، والكبيرة على امن قدرته ،أساسا ،نابعة" على تصوير المجرد والمعيش في الوقت كذا على حد سواء، و إظهار المرئي والالمرئي في

1..."الماضي، وتحيين المستقبل لتفنن في تحقيق التوالج بين الحلم والواقع، واستحضارعينه، وا نسقبالسينمائية، ويغطي نظيره المتعلقدل يع ،بهذا التحديد ،هل مفهوم األصالة ،لكن

أفكاره، وينسحب ة ؟على جميع حيثياته المفهومي األصالة، والسينمائية في كفة أن نضع مفهومينرفض لنا وإن .نا ال نعتقد ذلك، إنمبدئيا

.واحدة بالجدة، واالستقاللية المطلقة لذلك الشيء األصيل،ألن األصالة، في جوهرها، منوطة

. قاطعا عنها رفضا مما يجعلها ترفض الدخيل، والمختلف 2،األصيلة بجنسها أو الظاهرةمن التحليل، يتساوق ومفهوم السينمائية الذي وصحيح أن هذا المفهوم عينه، وفي هذه المرحلة

ومستقل بذاته في بنية الخطاب وابتكاري، كل ما هو فريد،يعنى بتحديد –كما أسلفنا –أن اآلليات أنه سيتأكد الحقا إال، السينمائي، وبإقصاء كل ما هو وافد من أجناس فنية أخرى

دونما اتكاء على الفنون األخرى، واستثمار السينمائية الصرف ال تستطيع البتة االشتغال .تها الدالليةل خطابية اللغة السينمائية، وتخبو إنتاجيلبعض من خصائصها، وإال تتعط

، ويدحض منطق االستقاللية )La spécificité(مصطلح يتبنى مفهوم الخصوصية فالسينمائية)L’autonomie(،** م ثم إن .المزايا قطالة اللغة السينمائية، لم يذكر ه، وهو يحدد أصمارتن نفس

. 49: صالبحث، الفصل األول، : ينظر *

1 Marcel Martin, Le langage cinématographique, les éditions du Cerf, Ed : 5, Latour-Maubourg, Paris, 1992, P : 19. 2 Cf, Claude Dubois, pluridictionnaire, Larousse, 17 rue du Montparnasse, Paris : O, p : 983.

.الحقا الخطاب السينمائي ستتضح كيفية انسحاب مفهوم الخصوصية على. 57، 53: ، صالبحث، الفصل األول، ص: ينظر **

Page 249: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

249

فطاقة التمثيل، والتجسيد، واإليحاء التي تحتكرها السينما دون سواها من الفنون األخرى؛ ، وتصويروالالمرئي إبراز المرئي لدى أجناس فنية أخرى كالمسرح، وكفاءة موفورة أيضاخصائص فن الفوتوغرافيا، والفن التشكيلي، من تانخاصي أيضا إنما هما.. دةالفكرة المجر

كما أن التداخل بين الواقع والحلم، وبعث الماضي، واستحضار المستقبل كلها ظواهر.. والنحت ،م ،، حقالعل ذلك ما حث. تحقيقها ولو بتقنياتها السردية الخاصة –مثال –الرواية فنية بوسع

صية بالنسبة للفن السينمائي، بحكم أنها ال مارتن على االعتراف بوجود عناصر غير خصو * 1..المسرح، والرسممن قبيل معتمدة من قبل فنون أخرى بالتالي، ،تمثل أصل وجوده، وأنها

أن ثمة عناصر ال تنتمي إالمن ذلك، بمنطق المخالفة، خلصنااستما إذا –إذن –فال ضير ته، ، فتصنع خصوصيته،للفن السينمائين .. ادتهوفر ونوعيأعاله –ولكن ألم نبي– أنال ي الخصوصيشترط فيه عدم ؟ االنتماء لغير موطنه األصلي

عروة هذا الجدل اإلشكالي حول حقيقة الصفاء المطلق للخطاب ليس في وسعنا اآلن فكالفنون األخرى إال باستخدام مصطلحات، ومفاهيم هي من صميم المجال من شوائب السينمائيونحوها، إنما هي .. ، واالستقاللية، والوظيفة الشعريةاألدبية فالخصوصية. عينه السينمائيعن حقل السينما مهما أخضعناها للتعديل، – غريبةحتى ال نقول – بعيدة تظل مفاهيم

أن ،وافيا شافيا توصيفا " السينمائية" وعليه، فإنه ينبغي علينا، إذا ما شئنا توصيف . والتحويرعامة، فنحصل على مصطلحين نميز بين اللغة السينمائية المحض، وبين الفيلم بوصفه رسالة

ل عنى األو، بحيث يLe filmé(( األفلمةو، )Le filmique( الفيلمية: اثنين متباينين همابالدالالت، أو العناصر الفيلمي2.عنى الثاني بالدالالت، أو العناصر المؤفلمةة، فيما ي

، الفيلميةبين –إن لم نقل المطابقة –المساوقة هكذا، لم يعد هناك ما يمنعنا منفي مدارسة العناصر السينمائية الصرف المؤلفة من باب كونهما محصورين معا السينمائيةو

لبنية الخطاب السينمائي .ومصطلحا ،جوهراتناول الفيلمية بصدد ، من هذا القبيل، أيضا فنكون ، ،فهو" المؤفلم" أو ،" األفلمة" ا أم .منه أو متأتيا ،" الفيلم "إلى المنعوت؛ مسندا تاال نع

، بل هو المحتوى،متعلق بالعناصر، والمواد المحتواة داخل البنية الفيلمية مفهوم ،بالمقابل

1 Cf, Marcel Martin, Op. cit, P : 62.

!بالدراسة، والتحليل في خضم مباحثته لخصوصية الخطاب السينمائي –هو وغيره –وعلى الرغم من ذلك فقد تناولها *2 Cf, Christian Metz, Op. cit, PP : 96, 110.

Page 250: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

250

أن تمتلك المادة اإلنسانية التي تظهر عبر الفيلم من دون " المتجلي بفضل عينه *أو المضمونوبذلك فهي ملتقطة بالفيلم وحسب، مثلما كان باإلمكان التقاطها ذاتها خصوصية فيلمية في حد ،

بمثابة الحضور –بهذا التحديد – هوإنما ،فالمؤفلم 1."مسرحية من طريق رواية، أولل الالسينمائيلوافدة إلى ا ** هو مجموعة العناصر الالسينمائية ؛أي ،)الفيلم( خطاب السينمائي

، أو موسيقى، ا، أو شعر؛ قد تكون مسرحامختلفةفنية، وحقلية جنسيات ب محملةجنس السينما، 2..أو فلسفة، أو أيديولوجيا أو سيكولوجيا، أو سوسيولوجيا،الذي وظفه ميتز في سياقات )L’extra-cinématographique( وعليه، فإن الالسينمائي

ن أإلى ،انخلص، إذ. سواء، ويمكن للواحد منهما أن يحيل إلى اآلخر هما أمر المؤفلمو 3،شتىسينمائيا ليس تحليال ،أي الالسينمائية ،مع العناصر المؤفلمة طيعلى التعا التحليل الذي ينكب ،

بل للخصائص السينمائية ذاتها،ف اوال هو، البتة، من صميم الدراسة السينمائية، وال هو بكش ملفوف، " سينمائي – تحت "خطاب علىالسينما، ويشتغل خارج قعيل هامشي، يتحل حضهو م

***.عينه الخطاب السينمائي علىيشتغل والبخطاب السينما،

.)1(: الصورة

.)الدال والمدلول(، و)الشكل والمضمون(ن خالل تحليلنا لثنائيتي فيما يلحق، ستتضح هذه الفكرة أكثر م *

1 Op, cit, P : 100. ؟، وبالمقابل هل يجوز لنا القول إن نمائيةيلعناصر الس السينمائي حضور هل بوسعنا القول إن المؤفلم هو دائمالكن، **

سنعالج اإلشكال الثاني فيما يتلو من هذا المبحث، في حين، ؟ مائيةلعناصر سين سينمائي حضور الفيلمية هي دائما/السينمائية . نؤجل معالجة اإلشكال األول في المباحث األخيرة من هذا الفصل

2 Cf, Christian Metz, Op. cit, P : 97. 3 Cf, Ibid, PP : 106, 110.

: ؛ إخراج" The silence of the lamps – صمت الخرفان: " هذه اللقطة من فيلم تطعاقت. )1(الصورة؛ : ينظر ***Jonathan Demme .

Page 251: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

251

سننجر ألننا ،)سينمائيا(تحليال فيلميا ال محالة، لو ننكب على تحليل محتوى هذه اللقطة، لن ننجز وعليه، فإن كل . ، وما صاحبه، المؤطر بحواف اللقطةالصحفي؛ أي عنوان الخبر لسانيةجملة راء قراءةو

ما تظهره الصحيفة عنصر،السينمائي ،ال يكشف تحليله عن الخصوصية السينمائية في المشهد، بينما و مؤفلمهو ما يقع في بؤرة االشتغال السينمائي، ويندرج .. موقعها المونتاجيو، إطارهاو، اللقطة حجمااللتفات إلى

.حقال الدراسة السينمائيةضمن

بالضرورة )ةالفيلمي(ة هل تقتضي السينمائي ؛من محاورته هو مناصال لكن السؤال الذي أن يكون هل يمكن للخطاب السينمائيبمعنى؛ ،؟ )سينمائيةالالعناصر ال(للمؤفلم إقصاء كليا

بحيث ال يتكئ، في كينونته، على كل ما ليس من جنسه ؟ صفاء مطلقا فياصابين السينمائية، الفيصل اإلجرائي إنه لمن الصعوبة، والمجازفة تحديد في الحقيقة،

وإنه لتنجر عن ذلك استحالة تصفية الخطاب . تاما تحديدا فلمة، على صعيد بنية الفيلم،واألعناصره السينمائية محاولة عزل من ما يجعل ،كليا هاتجريده منولمؤفلمة، من مواده ا السينمائي وشائجوجود رد ذلك إلى إذ ي .عصيبة تحليليةنظرية، ونطوي على مفارقة ي أمراالصرف

ا لخطاب الفيلم، يماد تجليا كونهما من حيث، والمؤفلم ين؛ السينمائييمشتركة بين المستو ؛عينهومؤفلما في الوقت ،)أي سينمائيا(كليهما فيلميا اعتبار –ساس على هذا األ –فيمكن

هذين بين تمييزعجزها عن الفي و، " مؤفلم - فيلمي" ثنائية في التباسلسبب من هنا كان او" Filmique -فيلمي " المطاف، بمصطلح آخرلكن كريستيان ميتز قد احتفظ، في 1.المستوييناها في سبيل خطوة مبدئية تبنمجرد –في رأينا – وهو ما يمثل 1،ين معاالمفهوم للداللة على

ليس إال ة، أو تخطيهتبديد لبس الثنائي. إلى أقرب – اإلجرائي العيني مستواهفي – يظل )Le filmique(فإن الفيلمي ،ومع ذلك، الفيلمتي يستغرقها ، والتيمات الالمرئية ، من ثمة، بالمواد، وألصق)Le filmé(مقولة المؤفلم

فيلميا، دائما السينمائييكون ماإن: " قول ميتز فحوى لنتقصى، من أجل إدراك ذلكو .ويحويها السينمائي "ال يعني بالضرورة " الفيلمي" فكون 2؛"سينمائيا ال يكون دائما فيلميالإن في حين

ة سنح لنا بترجيح مفهوم الفيلميما هوالصرف، اصر السينمائيةإلى العن - حتما - ، وال يحيل"مصطلح –ة الفيلمي أو – الفيلمي إن، استنباطا ،القول بوسعناوعليه، ،لصالح كفة األفلمة

1 Cf, Christian Metz, Op. cit, p: 110. 1 Cf, Op. cit, P: 110. 2 Idem.

Page 252: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

252

، بنحو أو بآخر )L’extra-cinématographique( الالسينمائيويستغرق حتما، المؤفلم يتضمن .عرضا، واحتماالإال )Le cinématographique(لسينمائي يتضمن اال بينما هو

مختلف الخطابات على –ال محالة –تنسحب ل " الخطاب الفيلمي" عبارةإن ،من هنا يمكنوهي ما .. محط نظر، ومحل دراسة، وتحليل حيث ال يكون النسق السينمائي المؤفلمة

*..، والخبريذات الفحوى اإلعالميالبصرية و ،البصرية – الخطابات السمعيةحصره في ، محسوسا مدلوال المذكورة توا،في العبارة ،" الفيلمي" فردةإن ذلك ما يعزو إلى مالحال

فيه، اتجذر ،)Roll film(خصائص الفيلم الملفوف مالبسةومستوى عينيا ملموسا يدنو بها إلى س عنه اعوتفرالبصمة العلى نحو يكروينأى، 3،ة، ويوطد نزعة التصوير، والتسجيلفوتوغرافي

.للسينمائية جوهرا، واشتغاال ماتةعن كل ما يمت ب" الفيلمي" مفهوممن ثم، بفي حال " السينمائي" إلى " الفيلمي" باحتمالية إحالة يجب علينا االعتراف ،ذلك رغم

، ذاكإذ و .جوانبه النسقيةإلى صرية المؤفلمة،ه البمواد ةجاوزمو الضغط على بنية الخطاب، **السينمائي، والالسينمائي في آن،" الخطاب الفيلمي " مقولةمن الجائز أن تغطي غدوسي ..يته، ونزعته التسجيلية، والفوتوغرافيةالفيلم على ماد أن يتسامى خطاب شريطة ؛أي

.س االستقاللية، والصفاءتأسيس لمفهوم الخصوصية، وليال متجاوبا مع مسوغففحواه ، حسب رأي ميتز المؤشر آنفا،الفيلمي بالضرورة، إلى، السينمائييحيل أنأما

الفيلمي في تحوي ، و؛ أي المؤفلم افي، والالسينمائيالسينمائي الص حويأن السينمائية تاالحتمال ، ال فيمستواه األساسي الحرفي إذا –وسعنا أن ندرك في هكذا، .يمستواه العرضي

؛ التسجيل، والتصوير، األفلمة قد تنزاح عن وظيفتها األصليةأن –هذه الفكرة محصناما تستعير بعضافالسينمائية أتون –عن ذلك فضال – المسلت.. )Le référent(وتثبيت المرجع

هي تؤول إلى السينمائية وال ماإنبهذا المنظور، ،واألفلمة. ميزات الوظيفة الشعريةمن

، بشتى أنواعها ضمن هذا البحث، بل واعتبارها من صميم )المؤفلمة( إن ذلك ما يبرر لنا إدراج الخطابات السمعية البصرية *

على نحو يبرز مدى تجريدية مصطلح التمظهر السينمائي في بنيتها مستوياتشريطة أن تتناول من زاوية ئيسة، إشكاالته الر .، واالتصاف بالجمالية، والشعرية، وقدرته على التعالي"السينمائية " .406: ، ص2004دة، القاهرة، ، النزهة الجدي1محمد منير حجاب، المعجم اإلعالمي، دار الفجر للنشر والتوزيع، ط: ينظر 3

الستغراق " Filmique" الذي أجاز استخدام مصطلح –المذكور في متن الصفحة السالفة –ذلك ما ينتصر لموقف ميتز ** . Cf, Op. cit, P : 110؛)Le filmé(، والمؤفلم، أو األفلمة )Le filmique(الفيلمي، أو الفيلمية : المفهومين معا

Page 253: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

253

المستوى ما يجسده ذلك ، هو تلكلحظة المآل المنحى الذي تنحوهبحيث إن ، هاتطابقالعرضيواالحتمالي ، التسامي على التسجيلية، والفوتوغرافية: ةللفيلمي. ا من بناءلم إدراج الخطاب المؤفعلى هذه المنطلقات المفهومية التصنيفية، لم نجد بد–

، الخطاب بالضرورة، قاسملكونه يذلك ،ضمن أهداف دراستنا هذه – ماطهأنعلى اختالف ولكون الخطاب .المكونات المادية المحورية لبنية الفيلمفي في الكينونة التقنية، و السينمائي

مية لى كإيستند ما لم عينه ال يمكن أن تقوم له قائمة ما لم يمتط صهوة المؤفلم، و السينمائيالتصوير أو التفليم،الخاضعة لفعل والمرئية الخام، معينة من المواد الفيلمي )Le filmage(.*

قاضيةميتز ال. ك فكرةي إلى تبن ،بحثهذا الفي الذي دعانا، المنطلق هو - إذن – ذلكما هوو .، والمؤفلم معاالسينمائي لإلحالة على مفهومي" الفيلمي" توظيف مصطلح مشروعيةب

:" عوضا عن عنونته بـ" سينمائية الخطاب الفيلمي :" البحث بـهذا إلى عنونة دعانا أيضا" السينمائية "مساءلة إلى - ههنا –ضطرون نا مما يعني أن؛ "سينمائية الخطاب السينمائي

رعلى غراخطابات فيلمية أخرى ، ومهاجرة إلى )الخطاب السينمائي(في موطنها مستقرة الفيلم الوثائقيوالروبرتاجي ،االتسام بشيء من مزايا السينما في سياق أي؛ ...، واإلشهاري.

الذي قد يفجره، اللبس حاشيتتحاول إلى لكونها على ذلك أننا اقتنعنا بهذه العتبة العنوانية زدبـ" السينمائية " في ذهن القارئ، التقاء "حدة كما هو شأن في تركيبة جملية وا" السينمائي .جملة العنوان المتحاشى

من السينمائيةنحاول أن نختزل من خاللها مفهوم إنما هذه خطاطة تبسيطية، توضيحية، :المؤفلم، والفيلميبشقيه؛ بالالسينمائي، وكذا بالسينمائي الصرفعالقتها جوهرحيث

فنقول إن )126 إلى 122: ص: ينظر(المشروح في ثنايا الفصل األول المنظور الهايدغريذه الفكرة باعتماد بوسعنا صوغ ه *

ر عن الفيلميالواقع(الخطاب المؤفلم هو الذي يعب( أو المؤفلم ،بالفيلمي السينمائي ر الخطاببينما يعب ،)وليس عنه)الواقع ، .

Page 254: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

254

.السينمائية

وأساسا ،ن حتماتتضم.

الصرف السينمائي. الالسينمائي.

.)استحالة التحقق(

الفيلمي. المؤفلم. .سينمائي عرضا واحتماال

.2 :رقم الخطاطة

لعناصر السينمائية الصافية، على ا ضرورة،بال، نيينب لئن كانت السينمائية مصطلحااصطالحية المصطلح كرس أن ما يحقيقة ،البتة ،نا ال نداريوالعناصر الالسينمائية في آن، فإن

اسينمائيبوصفه المثولاالحتكام إلى كل ما من شأنه هو ويلتمس له التسويغات، إنما ،هنا عن –بالمقابل – امبتعداألصلية فيه، على الخصائص ادلنسقية الخطاب، مشد ا، معضدخالصا

" السينمائية" لسنا نتوانى لحظة عن تصنيف من هنا، .مالبسات المؤفلم، وتخوم الموضوعاتيةمع السينما بوصفها فنا طىبدواخل البناء السينمائي، وتتعاالتي تعنى "نظرية السينما " خانة في

الذين " )Les filmologues( ينالفيلمولوجيصف ا يجعلنا ننسحب من مم 1،في المرتبة األولى، إنجازا ذا أبعاد بسيكولوجية، وسوسيولوجية هاعتبرينتناول السينما من خارجها ميبدرون إلى

يوحي بوجود مفهوم له إن هذا التصنيف عين 2."وفيزيولوجية، وكذا جمالية في أندر األحيان ة "مصطلح السينمائية؛ إنه مفهوم ما إسهام، في توطيد دعائمآخر يسهم، أيالذي بموجبه " الفني

بوصفه لغة، وإنتاجا عالماتيا ويتأس د آليات جماليا،س الخطاب السينمائيال بوصفه مجر، سنجد أنفسنا وهكذا. االشتغال شحيحةتصويرية، وتقنيات سينمائية أحادية االستعمال، و

ما الذي (إلعادة صوغ سؤالنا السالف – * م األدبيةكما حدث لجاكوبسون مع مفهو –مضطرين 1 Cf, Christian Metz, Op. cit, P : 13. 2 Idem.

ما الذي يجعل من رسالة قولية عمال(: سؤالين اثنين؛ أحدهما متعلق بمفهوم الشعرية -تقريبا –لم يفت جاكوبسون أن طرح *ليس موضوع العلم األدبي هو األدب، وإنما األدبية؛ أي ما يجعل من (:، وثانيهما متعلق باألدبية، ومستخلص من قوله)؟ فنيا

Page 255: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

255

ما الذي يجعل من فيلم سينمائي: على هذه الشاكلة )سينمائيا ؟ ما فيلما يجعل من فيلم سينمائي عمال فنيا ؟ ما

يسدي إلىلهو أمر إثارة هذا التساؤل، استحضار التصور الجاكوبسوني في إن الحق لخطاب اإدراك أنله السينمائي يجمع بمقتضاه بين الخالص فيه، يمتلك مستوى فنياأن البد

التكامل،النهوض على من – إذن –فال مناص له .إلى تفتيق سينمائيته سبيال بووالمشقدرة على ب تزويدهمن شأنه ماالمؤفلمة، وبين بطانته أو التخالل بين جوانبه السينمائية الصرف،

أن إننا لننبه إلى فإذا كان األمر على هذا النحو، **.معنى، واإليحاء منقطعة النظيرإنتاج النظرية أن" إذ نرد ذلك إلى فيه شيء من االحتياط واالحتذار، انسحابنا من دائرة الفيلمولوجية

على و ،ما روابط متوترة إلى حدفي بعض األحايين، ، كالهما،اعرف السينما، والفيلمولوجيا قدأن ليكفي هثم إن 1."إثراء بعضهما البعض نزعان نحو التكامل، وإنما هما ي الرغم من ذلك،

السينما " فكرة التكامل هذه؛رسخ تمحيصا معجميا حتى تت" Cinéma -سينما " مفردة نمحص ه هذافما يفضح 2،"، وهي فن إخراج األفالم عرضهاثم أداة تسمح بتسجيل صور متحركة، هي

التسجيلية: بين أمرين اثنين يعاضدليس في وسعه سوى أن أن الخطاب السينمائيهو التعريفإليه ما ال مضيفة ه،بسالتي تخترق هذا المرجع، وتال الفنيةآليا، و حرفيا، المرجعالتي تلتقط

..داللية مستوياتو، فكرية يوجد فيه من أبعادهذه المعاضدة بين هذين القطبين انبثقت وفقه تما المعيار الذي إذا ما تم ،لكن

سينمائية الفيلم ؟ ما انفك ينفلتالذي ومذ ولدت، السينما اتجماليفي سر الوهنا مكمن ،!هنا مربط الفرس

ين، والفيلمولوجمن قبضة المنظرين السينمائيعلى السواء يني.* مرة أخرى –بيد أننا نلح -

أشمل، وأقرب إلى فحوى الشعرية، ومن السؤال األول لكونه –في هذا السياق الجديد –ننا نتبنى بيد أ. )أدبيا العمل ما عم

كما سيتضح من خالل ما يلحق من تحليل في متن هذا ثم هو خليق بتفعيل مفهوم سينمائية الخطاب الفيلمي، وكذا توسيعه .52 ،48: ص ص،البحث، الفصل األول، : ينظر. المبحث

.72، 63: البحث، الفصل األول، ص، ص: ينظر. المؤفلم المرجعالسينمائي، وبين النسقبين لتخاللا ،بأسلوب آخر ،نعني **1 Christian Metz, Op. cit, P: 13. 2 Josette Rey- Debove, Op. cit, P: 169.

* بين النظرية لقد عبر ميتز بحذق تحليلي كيف نفهم السينما من دون أن : " ، والفيلمولوجيا حينما تساءلعن هذا المأزق الجدلي ، باعتبار أن الفيلم يوظف كثيرا من الظواهر التي تتجاوزه ؟ ولكن، كيف نفهمها من دون أن نكونقليال" فيلمولوجيين "نكون

Christian Metz, Op. cit, P :14 "نعونها ؟ قليال، باعتبار أن السينما ال وجود لها في غياب المخرجين الذين يص" منظرين "

Page 256: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

256

مفضوحا إلى قطب الفنية على حساب التسجيلية، ومن ثم، ضي ميالأن السينمائية تقتعلى فهي تقتضي الضرب نعلى وتر النسقية، والمبالغة في التبن، ولفت االنتباه إلى معالم الذاتي.

إن كل ما هو : " على هذا النحو التعريف بالسينمايختم أن إلى المعجم ا بدحولعله األمر الذي 1."لفت االنتباه إلى الذات بغيةعنى باالصطناع، والمبالغة سينما، هو ما ي

ين في هذه فيلمولوجيالين أكثر من سينمائيال حاول أن نحذو حذوبناء على ما سبق، سنة الفيلم، ال إلى إلى بنائي.. ، والنقديأن نتوجه بوعينا التحليليوإنه لخليق بنا . الدراسة

المحتوى السرديالذ ، والتيميإإذ ،ةي تعكسه تلك البنائيكل التحليالت التي ترغب في " نالنموذج المبني وليس – وهو ما ال ينبغي أن ننساه –استخالص العالقة البنائية تخص فقط

مقولة الشكل الفيلميعلى قليال الوقوف هنا ينزلق الحديث بنا إلى 2."القصة في حد ذاتها )فتحليل الشكل؛ )السينمائي إن في الخطاب السينمائياستقراء مزاياعتبر من صميم ما هو ما ي

ما يندرج هو أي؛، كانت، أم محروفة مرئية زها عن جميع اللغات،اللغة السينمائية التي تمييتمظهر عبر اللغة، وال ما فهو ا المضمون الفيلميأم. ضمن صالحيات مصطلح السينمائية

ة في جميع هو أهل ألن يكون خلفية مضمونية، تيمي إنمايبنيها، ويبين عنها، والها، ظهري، " شكل" نفهم، من خالل مفردة " نا إن من هنا .ألن يحمل خصائص أي لغة اللغات، وليس أهال

المادة" محتوى "جملة من األساليب السينمائية الصرف، كما نعني بنظيرتها بها نقصد أو 3."من الخصوصية الفيلمية من دون أن تمتلك في ذاتها شيئاي الفيلم اإلنسانية التي تظهر ف

للخطاب إحصاء المواصفات الخالصةبالمباحثة من أجل جدرهو األ ،بعد هذا ،إن الشكلا يختبئ في أعماقه من أسرار داللية، ولالسينمائيوالكشف عم ،وفالشكل هو .. " إيحائيةنات ي

وعلى هذا 1،] "الفيلم[ عن العمق، إنه هو الذي يحمل ميتافيزياءالذي يناسب أن نبحث فيه الفيلم ليس في موضوعه الفيلم ليس كاتبه بل مخرجه، وجوهر مؤلف أن" األساس، فلنعترف

، في أي فيلم من األفالم، براق، ومعقد، " الشكل "أن " هيوالعلة في ذلك 2."بل في إخراجه 1 Josette Rey- Debove, Op. cit, P : 169.

.24: س، ص .، مارك أنجينو، مر]إكو[ تزفتان تودوروف، روالن بارث، أمبرتو إكسو 23 Christian Metz, Op. cit, P : 100.

المؤسسة العامة للسينما، دط، –ي، منشورات وزارة الثقافة أنطون حمص: جاك أومون، ميشال ماري، تحليل األفالم، تر 1 .37: ، ص1999دمشق،

منى الصبان، المونتاج الخالق ما بين القديم والحديث، دراسة في التطور التاريخي ألبعاد الخلق المونتاجي، دار غريب 2 .193: للطباعة والنشر والتوزيع، دط، القاهرة، دت، ص

Page 257: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

257

توىالمح "وأصيل، في حين إن " ،الشكل إذن؛القول نستطيع 3."ساذج وأهزيل، وتبسيطي إنلجينات هو الحامل األساسي هو ، والخطاب السينمائيلتداعيات مصطلح السند المحوري

. السينمائية، وتمظهراته اإلجرائيةقراءة الشكل السينمائي بمنطق بيد أن ،بنيوي محفوف ب، منفرد شعرياتي ر، مخاطأمر

التي من شأنها مقاربة الدال، والمدلول بإدخال فلن تكتمل القراءة تلك، إال .تمارىال توتعقيدامن الممكن أن يس، لوعليه. ليةشكال هطبقاتمختلف مهمة تفتيت بنية الفيلم، وتشريح تسهيل

التحليلإذا ارتبط إال ،لفيلم ما )أو في مستوى الشكل( نياشكال ؛أي ا،، ودقيقاصارم تحليال نجزنالمدلوالت الفيلمية تحليل – بالمقابل – ، ليكون)Signifiants filmiques(بالدوال الفيلمية

)Signifiés filmiques( لشخص المحلل كاشفا عن اإلحساس اإلنساني)وعن نفسه )المخرج أو ،على نزعاته الوجودية وعن مواقفه السياسية، كذا حيال الفيلم، و ةالخاص تهانفعاالعواطفه، و

4.وجه الخصوص مصطلح بؤرة يقع فيهو ما أن تحليل الدال السينمائي ، أول ما يعني،يعنياألمر الذي

، خارج بأي آلية من آليات التحليل، المدلول السينمائي على شتغالاال يقع مافي، " السينمائية" غير أن .حت لواء مصطلح األفلمةإلى االنطواء ت ، فضال عن ذلك،ينحازفسلطة الشكل،

–صف ألنها تت؛ إدراكا، وتوصيفاال يكون بهذه البساطة العالمة السينمائية ويةهعن الحديثفاإلشكال . مدلولالدال، والتمفصل المشروط بثنائية البشيء من االعتياص على -ال محالة

إنما هو ما يستوجب االطالع على ته في هذا المقام،في مسيس الحاجة إلى مباحث نحنالذي هل يعقل لنسيج الدوال، والمدلوالت داخل بنية الخطاب السينمائي؛ العالماتي عتمالطبيعة اال

للدال السينمائي القول إن )ممدلوال كامنا خارج نسق الفيلم ؟ ) الفيلمي دلول وإذا افترضنا أنالمادة األولية هذه فكيف نفسر كون ،السينمائيهو المادة الخام للخطاب ةالسينمائي عالمةال

ما الفرق بين وإذن؛ الشكل الفيلمي؟بنية قبل انخراطها في تال، ومدلوالومن د تتألفها عين لخطاب السينمائيأن يشتغل اوكيف تتعاضدان من أجل ؟ العالمة السينمائية، والعالمة المؤفلمة

.شعرياتيا ؟و سيميائياتيا، اشتغاال مركبا؛

مصطلحا بديال ةوالسينمائي ؛الدالة الشعرية - 1- 1-1 3 Christian Metz, Op. cit, P: 97. 4 Cf, Ibid, PP: 99, 100.

Page 258: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

258

احتواء على " السينمائية" مصطلح مدى استطاعةأن نكشف عن ، مقامنريد، في هذا الالسالف تشريحها، وأن نعترف له، بالتالي، بمشروعية اإلنابة عن "الدال الشكل" مقولة

ذلك من باب أننا نقف بين ظهراني الخطاب السينمائي .ة هذا البحث؛ مقاربالشعرية –السيميو على الرغم من أن الشعرية، الذي يستوجب علينا أن نتعاطى معه بمصطلحات هي من جنسه،

فالسينما . والسيميائيات مصطلحان استغراقيان يجوز استخدامهما في مختلف الحقول المعرفيةاللسان، دونما استناد إلى التأصل، واالشتغالالتي بوسعها الدالة إنما تعد من بين األنظمة

ونموذجه اللغوي، شأنها في ذلك شأن العديد من األنظمة المرئية، اإليمائية التي يكفيها أن تمثل يتأبى على نظاما خاصارسل إلى مستقبل معتمدة قدرتها على بث رسالة من ملغة من حيث فذلك النظام الخاص 1.تشفيرا نحويا -قوال، وكتابة –النظام اللساني المشفر دقواعاالنصياع ل

)Le code spécifique( نشئ لغة السينما، إنما هو ما يحوم على مداره مصطلحالذي يد، وفرادته في التقعولو كنا في الداللي، نتاجاإلته في السينمائية عل أن يستشف خصوصي

، لكان مصطلحالفوتوغرافي يقوم عليه التصوير ام مكاشفة النظام الخاص الذيمقاألجدى بفعل المكاشفة، ألنه هو" La photographicité –الفوتوغرافياتية / الفوتوغرافية"

ظمة كذلك هو األمر مع مختلف األن. من جنس النظام من نسيج الفوتوغرافيا، ومنحدر ممتشق .الخاصة في مختلف األنساق اللغوية

ندارسها بوصفها نظاما من يقتضي أن السينما ظاهرةغ اللغوي لبالنسثم إن مجرد التسليم ال يتحقق ذلك إال بإدخال السيميائيات بحيث في شكل تركيبي مغاير، العالمات التي تتمفصل

، ال مناص فضال عن ذلك 2.التي من أجلى غاياتها إخضاع األنظمة العالماتية للكشف، والتحليل أي إن من أن يكون للغة السينمائية أبجدية خاصة، ونحو خاص على غرار شفرتها الخاصة؛

غير 1."ومواضعات، ونحو ب، واحتباك، السينما لغة من الصور؛ لها معجم، وصرف، وإعرا" سلك الوصفي التحليلي أن اإلقتراب السيميائي من خطاب السينما ال ينبغي له أن يكتفي بالم

فحسب، وإنما من شروطه أن يسمو إلى بناء وعي نمذجي تقعيدي من شأنه استكناه جوهر ،قالخطاب السينمائيوتعميق النظر إلى نسقه تعميقا ال تتسع له ل آليات نشاطه التوتع ،دليلي

1 Cf, Julia. K, Le langage, cet inconnu, Op. cit, P : 292. 2 Idem. 1 Marcel Martin, Op. cit, P: 15.

Page 259: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

259

ولسنا ندعى هنا قدرة 2.على إنتاج نظرية محددة، بطريقة ما، سوى خلفية تجريدية تحرضص شخصية المظنعلى تقم ،ينبغي ذيالمفهمة ال سلوكبصدد التأكيد على ولكننار السينمائي

الحال أن السينمائية خطاب يستدعي، ؛" السينمائية" مشغلأخذ جانبا ال يستهان به من يأن نزوع تنظيري بنيوي، وبين كذلك، االحتذاء بخطاب الشعرية من حيث هو خطاب يراوح بين

أسلوبي تحليل تأويلي. يسوغ انخراطها إنما باعتبارها قطبا رئيسا من البناء المقارباتي لهذا البحث، والشعرية،

إذ ال ؛)الواقع(أيضا من زاوية معطى التخالل بين النسق، والمرجع " السينمائية " ي مشروعففي أن يكون الحضور المكثف للمقاطع المرجعية األيقونية داخل بنية النسق السينمائي من مراء

أهمية بعما تنإن" أجلى المظاهر التي يتأتى منها سحر السينما، وترشح عبرها سينمائية الفيلم، تشتمل، بين لغة . بإلحاح، هي أنها لغة من نمط جديدإلينا اوحي بهن فكرة تالسينما، تدقيقا، ع

3."بالمسعى اإلبداعي للفن مقتطعة من الواقع، ومشمولة نسخطياتها، على معالم الدرس السينمائي، فضال عن مسلكيه الشعرياتي، بال شك، قد اتضحت

فليس من المقاربة وتكشفت مواصفاته األنطولوجية، وفحاويه النقدية؛ لسيميائياتي بخاصة،واالسينمائية في شيء أن ننكب على وصف البطانة المضمونية لفيلم ما ضاربين المستويات

الشكلية التي حع الوقت في الفيلم، وإنما ندارس ها عرض الحائط، فنحن، إذ ذاك، التونضيقضايا متنوعة، وعامة، ال فضل لها على الفيلم سوى ريح ما ليس منه، أي؛ في الحديث عن تش

التي ينطلق منها ليس إال، وإذن، فإن الدراسة الحق لمضمون فيلم الخام تهمن حيث كونها ماد 4.شكل مضمونهما، إنما هي الدراسة التي تطال

والتيمي لهو مادة الفيلم، وركيزة وجوده األولى، الفوتوغرافي األيقوني،إن الحضور هذا المحتوى المستحضر عبر تقنيات الفيلم، على تباين حموالته والحق إن .وهيواله البانية

على مساحة الشريط الفيلمي كي ينتج خطابا توزيعهالفكرية، وتعدد مراجعه الشيئية، ال يكفي المادة " إنتاج شكل لتلك من خالله يتم إعادة ترتيب، أو ترتيبتاج إلى وإنما يحمكتمال، سينمائيا

فهذا الشكل المنتج *.أشكال مبنيةإلى هيولى بانية، وبالتالي، تحويلها من مجرد " المحتوى -

. 17: جوليا كريسطيفا، علم النص، ص: ينظر 23 Christian Metz, Op. cit, P : 15. 4 Cf, Ibid, P : 99.

. 209، 207: اني، ص، صالفصل الث: ينظر *

Page 260: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

260

، وهو ما راسخةهو ما يحمل، على صعيد الفيلم، البصمة السينمائية ال -المادة المشكلة - سفي ثنايا نسيجه جينات جنسية السينما تند.

وكيف يمكن أن نفك شفراته من منظور ،شكل الفيلم ؟ما هوية هو لكن السؤالالسيميائيات ؟ هذا الذي تسهم في صناعته ترسانة من اآلليات السينمائية، واألجهزة التقنية التي

.!ما برحت تتطور، وتتناسلاشتغاال يتبنى فيلم ما تقتضي االشتغال على مجمله، وكليته، إن مدارسة شكل في الحقيقة،

" الفيلمية " والبنية على تحليل تنظيمه، ى البحث في بنية الفيلم وينصبيتوخما دام منطقا بنيوياهي، أيضا، بنية العواطف، **،هنا، بقدر ما هي بنية الصور، واألصوات؛ أي شكل الدال

فهل لنا أن نخلص إذن، لو شئنا الفصل بين الدوال، والمدلوالت 1.المدلولواألفكار؛ أي شكل أن الصور وترتيبها، والكالم المنطوق، والضجيج المسموع، وأزياء في شكل الفيلم، إلى

إيماءاتها، وتعبيرات أوجهها، والحضور العرضي لرموز بينة؛ نفسانية،و ،الشخصياتكل يمثلهاالفيلم، أما مجموع مدلوالته ف هي ما يمثل مجموع دوال.. لوجيةأو اجتماعية، أو إيديوغير أن التمييز 2.ةومحتواه االجتماعي، ورسالة المخرج اإليديولوجي من نفسية الشخصيات،

غاية في تعليمي منحىبين دوال، ومدلوالت الشكل الفيلمي بهذا األسلوب، إنما هو أمر ذو إذ كيف ذاجة، بل ويورط صاحبه في كثير من األغاليط، والمالبسات المفهومية؛اإلفراط والس

العسكري ر أن يكون الزيمستقلة الدال والمدلول قبل انخراطها في بنية عالمة –مثال –نفسنتماء هو الدال في بنية هذه العالمة، أما مدلولها فهو اال.. الفيلم؛ فلون البزة، وتصميمها، ورتبتها

فما محل الشكل ..العسكري الذي تحيل إليه بما يحمله من أبعاد نفسية، واجتماعية، وثقافية، بكل براءة يستحضرها، وما جدواه سوى أنه هذه الفيلمي، بدواله ومدلوالته، من كيان العالمة

ال عالمة فيلمية 1،)سينمائية -خارج (عالمة مؤفلمة البزة العسكرية هنا، إنما هي !؟وشفافية فإذا كان الحامل الفيلمي، في . على بقية الدوال المصنفة أعاله قاسي هواألمر عين ،)سينمائية(

ن لمدلول واحد؛ وهل من المستساغ أن يكون هناك داالهذه الحال، داال، فكيف يكون مدلوله ؟ !العالمة المؤفلمة، ومدلولها ؟ الحامل الفيلمي، ودال دال

. نفسر ذلك الحقا". شكل المدلول "بدال من "مدلوالت الشكل"، وبـ "شكل الدال"بدال من " داالت الشكل "نفضل القول بـ **

1 Cf, Christian Metz, Op. cit, P: 99. 2 Cf, Ibid, P: 97. 1 Cf, Op. cit, P: 101.

Page 261: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

261

يكن على وعي ال يمكن لباحث أن يستجمع علقات هذا اإلشكال، ويبدد مبهمه، ما لم مكشوف على صعيد التمييز بين الدال والمدلول من جهة، وبين الشكل بوجود تالبس شبه

المنطق الذي نفرق به بين الدال إذ إن من جهة أخرى؛) Substance(الجوهر / والمادةالسيما حين )أو المحتوى(منطق عينه الذي نفرق به بين الشكل والمادة والمدلول ليس هو ال

يعني أن الدال ال يمكن له أن يكون شكال، مثلما ال يمكن ، مايتصل األمر ببنية اللغة السينمائيةنعارض بين مصطلح الدال، والمادة غير أنه عادة ماللمدلول أن يكون مادة، أو محتوى،

فنقع في فخ الخلط ي بأن لهما مفهومين مختلفين اختالف مفهومي الشكل، والمادة، معارضة تش، والشكل، بحيث تشي بأن المدلولبين المناظرةواألمر عينه ينطبق على الدال، والشكل، بين

قع، أيضا، في فخ الخلط بين يومما والشكل، لهما مفهومين يختلفان اختالف مفهومي المحتوى،إنما يوحي ذلك، في الحقيقة، بوجود قرابة من نوع خاص بين اشتغال ،دلول، والمحتوىالم

وهي المحتوى من جهة أخرى؛اشتغال الدال واشتغال الشكل من جهة، وبين اشتغال المدلول وهل الدال هو الشكل، أم هو ما :القرابة التي يتمخض عنها، بعد إمعان النظر فيها، إشكال معلق

حتوى، أم هو ما يمتلك محتوىوهل المدلول هو الم ك شكال بحيث ال يكون للمدلول شكل ؟يمتل 2.؟ حتوىبحيث ال يكون للدال م

تبني مقولة الشكل في التحليل السينمائي التباين المفقوه لسانياتيا من منظور الحق إناألمر الذي يؤكد على باس،لهو قضية يشوبها كثير من الغموض، وااللت بين الدال والمدلول

،وعلى اعتياص الفصل بين دواله ومدلوالته، لزوجة مفهوم الشكل في الخطاب السينمائي .وبالتالي، بين الشكل الفيلمي، والشكل المؤفلم؛ أي ذلك المحمول على عاتق التقنية السينمائية

ييز دوال الفيلم عن ميتز عل أن نجد السبيل إلى تم. وهنا نتكئ، إلى حين، على رؤيا كوليكن هنا، على سبيل المثال، ،ذاته، إنما له شكل ومادة )السينمائي(فالدال الفيلمي مدلوالته؛

، والتزامن بين الصورة، والصوت، )Oppositions de motifs(الموتيفات المونتاج، وتعارض الصورة المتحركة، : ربعةعلى أن تكون مواد الدال الفيلمي أ ..وبين الصورة، والكالم

والصوت النطقي ،الكالمي /والضجيج، والصوت الموسيقي)Le son phonétique( اأم ،

2 Cf, Ibid, PP: 97, 98.

Page 262: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

262

،"إنسانية " حمولة داللية ثل بوصفها مت ؛محتوى، أو مادة يمتلك المدلول في الفيلم فهو ذاته 1.في كل فيلم )Le thème(قة الموضوعاتية العمي شكال يحين البنيةويمتلك ،"اجتماعية " أو

إن هذه الطريقة في التمييز بين عناصر الدال، وبين عناصر المدلول على ال محالة،هل ثمة جنسان من العالمات ليس : على إثارة جملة من التساؤالت لتحرض صعيد بنية الفيلم

ين على اآلخر، لخطاب الفيلم بد من النهوض عليهما، إذ يعلو الواحد من هذين الجنسويشمله؛ عالمة فيلمية سينمائية، وعالمة مؤفلمة تيمية محتواة في العالمة األولى،

اعتبار شكل العالمة –وفق هذا الطرح –يجوز لنا وإذن، هل ومشروطة االشتغال باشتغالها ؟مدلول العالمة ، ليكون، بذلك،"المحض " المؤفلمة، أو دالها مدلوال في بنية العالمة الفيلمية

–السينمائية " مصطلح اختصاص السينما، وعن جنس عن عد ما يكونتها، أبماد أو المؤفلمة،La cinématographicité "؟.*

التي انزلق إليها ميتز " اللغة المباشرة" في يتعرض لهذا اإلشكال، إننا لنلمس شيئا مما إن مادة المدلول لهي المحتوى " فيلم؛ بنية المجمل موضع الدال، والمدلول في ثبيتتبغية

االجتماعي ،ا شكل المدلول فهو البنية الداللية العميقة للخطاب السينمائية(أماة البنية التيميالمسم ، والتأكيد ذلك المحتوى على صعيد بنية الفيلم، نسيقوالتي من شأنها ت )أحيانا] الموضوعاتية[

، ومشابه إلى حدإجماليانطالقا من محتوى [..] على أنه يمكن تصوير أفالم أخرى ،خاصة، إنما تتمثل في )الفيلم لغة مركبةال، باعتبار أن أو باألحرى مواد الد( ،أما مادة الدال .بعيد

والصوت الموسيقي ،كة، والضجيج، والصوت النطقيا.].[.الصورة المتحرال ، أمشكل الدالتي يمكن استشفافها على صعيد هذه المواد األربعة، التمظهرات المدركة فيتمثل في مجموع

1."التكرار المنتظم للربط التركيبي بين جملة ما في الحوار، وبين معطى بصري معينوكذا في –و السيمي قمنطفما نستطيع جنيه من إصرار ميتز على استقراء اللغة السينمائية بهذا ال

،لساني هو أنللفيلم ليس هو ما يحمل جيناته السينمائية، مادة المدلول؛ المحتوى االجتماعي 1 Cf, Op. cit, P: 98.

، )لقطتين(هو تقنية التوليف بين صورتين )شكلها(المونتاج عالمة سينمائية صرف؛ دالها : لنستشف ذلك من خالل هذا المثال *فكيف نفسر أن تكون الصورة أما مدلولها، فهل هو ما يتمثل في تلك المواد األيقونية التي توفرها الصورتان ؟ إذا صح ذلك،

بوسعنا القول إن فهل عينها عالمة مستقلة عن بنية المونتاج؛ دالها هو الحضور األيقوني، ومدلولها هو المحتوى البصري ؟فهل هو مدلول سينمائي صرف مع أنه منحدر من جنس شكل الصورة، أو دالها هو مدلول عالمة المونتاج ؟ إذا كان نعم،

!قنية السينمائية ؟الصورة، ال من جنس الت1 Op. cit, P : 108.

Page 263: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

263

وبالتالي، ،ويحقق انتماءه النوعي إلى جنس السينما ينشئ صلبه، ويبصم هويته،وال هو ما مرد ذلك إلى ..ناقداكان، أم ال ينبغي أن يكون هو المقصود من قبل الدارس السينمائي؛ محلال

رواية، أن بمقدور هذا المحتوى أن يكون محتوى لفيلم آخر، بل ولجنس إبداعي آخر؛عبر الدال، وإنما إن الشكل السينمائي الصرف ال يتنجز بوساطة موادثم ..مسرحية، قصيدة

ره تصومن األخيرة لعبارةتشي به ا ،ذلك اعتراف ضمني من لدن ميتز ؛التركيب فيما بينهاألن تكون مدلوال سينمائيا لفيلم )شكل المدلول(وقد نرشح البنية الموضوعاتية .توا المعروض

غير أنه ال يتسنى لها ما باعتبارها تنسيقا لمادة المدلول، ومن ثمة، ترتيبا لمحتوى الفيلم عينه، يب، إال من خالل آليات الدال، ومعطيات اشتغاله، إنالتنسيق، وال الترت سوغ لهاذلك، وال ي

األمر ستظل البنية الموضوعاتية بنية تحتية في الخطاب السينمائي، وعليه، . بشكله، أو بمادتهوينأى بها عن نسق يدنو بها إلى تخوم المرجع، وحموالت الواقع الخارجي المتدافعة،الذي

يشكل حيز التحليل ما يمكن أن –والحال هذه –إنها .الخالصة الفيلم، ونسائجه السينمائيةالفيلمولوجي الذي من أولى غاياته فضح تيمات الخطاب السينمائي، وتشريح مادته المعرفية

التي أظهرت تلك التيمات، المطروحة دونما اهتمام بالحوامل التقنية، والخصائص السينمائية . وبأرت تلك المادة

وهي من هنا، بوسعنا القول؛ ال يسع البنية الموضوعاتية أن تكون فيلما، ألنها موضوعه، ، )أو مدلوالت مؤفلمة(إن كانت مستوى شكليا لمدلوالته، فال يسعها إال أن تكون مدلوال مؤفلما

، ضنينة -حسب الطرح الميتزي -وإذن هي جزء من عالمة مؤفلمة، ذات شكل، ومادة أجدى بالمخرج، والناقد معا وعلى هذا األساس، . إلسهام في بلورة سينمائية الخطاب السينمائيا

ضمانا ألصالة الطرح، أن يصوبا االهتمام نحو دوال الفيلم، بأشكالها وموادها، قبل مدلوالتهالفيلم في كلما قل تدخل صانع : " فكيف نستسيغ، بعد هذا، قول القائل .ووفاء لهوية االختصاص

أليس العكس هو األصوب، إذ 1،؟" التخلص من الواقعية، كلما زاد عمله من الناحية السينمائية .اإلذالل من الحضور المرجعي في بنية الفيلم إفساح لمجال الحضور التقني، والسينمائي ؟

. 158: محمد شبل الكومي، النقد السينمائي من منظور أدبي، مرجع سابق، ص 1

Page 264: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

264

فكيف يكون البنية الموضوعاتية مدلوال مؤفلما، أو بنية داللية مؤفلمة، لكن، إذا كانت ال(المدلول الفيلمي وما موضعه من تراتبية التدليل في نسيج اللغة ،؟ )صرفالسينمائي

.؟ السينمائية بشكله ومادته ال نرى أن ،ر ميتز المشار إليه أعاله -الدال السينمائيوفق تصو- قادر ،

؛ غائيةإنتاج دالالت سينمائية ترشيح الخصوصية السينمائية في بنية الخطاب، وعلى وحده علىوحده، فمثال، إن اإليحاءات التي تنبثق من التركيب بين لقطتين ليست نتاجا صافيا لدال المونتاج

األيقوني، والصوتيالنسق عناصر تسهم في اشتغالها هجينة، نتاج سيرورة تدليليةوإنما هي غير سينمائية، لكونها بسمات –حالة ال م – وهي عناصر مطبوعة لكل لقطة على حدة،

إلى فن المسرح، وإلى )الحوار(إذ يستدرجنا الصوت النطقي ؛أخرىتنحدر من أجناس فنية المستوى نفحات األدب أحيانا، ويستحضر الصوت الموسيقي فينا متعة فن الموسيقى، ويمثل

اشتغال المنمنمات، بعض األحايين، ، فيالبصري للقطة أمامنا مثول اللوحة الزيتية، ويشتغل .. وفن التشكيل

أن ندرك مدى صعوبة التمييز بين الدالالت الناتجة عن ، يجمل بنا من هذا المنطلقالتيمية ض عن اشتغال الحمولة السينمائي، وبين تلك التي تتمخ )Le filmage(لتفليم اشتغال ا

السيما إذا فقهنا حقيقة وجود تعاضد، ، تجلت ي شكل إجناسيالمؤفلمة بأي نمط كانت، وفي أتذكرة –وال ريب –ذلك ما يفسر نسقي، تأويلي، بين العالمات الفيلمية، والعالمات المؤفلمة؛

انسياقا مطلقا ينم عن استصغاربناءات السينما، وتجنيحاتها التقنية، بعدم االنسياق وراءميتز سين -خارجالالنشاط الدالليمائي )Extra -cinématographique(ه نشاطا سطحيا، ، وعن عد

ويخضع لفعل التنسيق، يحمل المعنى، ويرشح باإليحاءات، نشاطإنما هو وحشوا ال طائل منه، ورغم .. ثقافيا كان، أم تاريخانيا -وهاجس البنينة رغم سلوكه الخارجي المرجعي؛ سوسيو

2.جزءا منه كونه محموال بالفيلم، الالفيلمية أن تشتغل إال باشتغال العالمة المؤفلمة؛ إنما هما وإذن، ليس بوسع العالمة

ال تتجلى، وال تستشف إال عبر جالء " السينمائية " إن . واحد" تقني " مظهران متالحمان لنسيج إال بقيام )الفيلمي(م قائمة للخطاب السينمائي اآلخر، فال تقو هرظيم، وكأن كليهما "الالسينمائية "

أن خطاب السينما وبطريقة نستطيع معها استخالص )مؤفلمةال(جملة من الخطابات الالسينمائية 2 Cf, Christian Metz, Op. cit, P : 106.

Page 265: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

265

تصور وههنا إنما نستحضر، إسقاطيا، .سينمائي –خطابان؛ خطاب سينمائي، وخطاب تحت بوصفها طبيعة متماسكة، لقاء الظفر بمفهوم " الالأدبية " في تودوروف القاضي بشرطية التأمل

1."األدبية " المركوز يلمس القارئ مراوحة بين وضوح، وبين غموض على صعيد اللغة الواصفة قد بين بين العالمة الفيلمية، و" القطعي" في مقاربة تصورات ميتز إزاء مغامرة الفصل عليها

المؤفلم، شكال ومادة، لمدلول ابين بين الدال السينمائي، شكال ومادة، والعالمة المؤفلمة، أو وثباتها لكي نستشف ،إذ يكفي من نسيج التصور الميتزي عينه؛ وإنها، بحق، لمراوحة انبثقت

هوية المدلول السينمائي الصرف، نلقي بسؤالنا إلى ميتز، وحتى إلى غيره، عن المفهومية، أنتنظيرية إجابة مستقرة، كيفية تمظهره على مصطبة الفيلم، فال نجد له في مطارحاته ال وعن

غالبا ما قلنا إن السينما " ( لغوية الظاهرة السينمائية؛ثم إن ميتز طالما تحفظ على . وشافية كافيةون، في مستواها بدعوى أنها ظاهرة تشتغل وفق مستويين اثنين؛ إذ تك ، وذلك)2" ليست لغة

لتكون، في مستوى ولو بشيء من العدول عنه، ، أو إعادة تمثيل له، للواقع نسخاألول، مجرد ا، أو عالما متخييلي أكثر تبلورا، بناء عا، أو كونا مصغرآخرته؛ أي ابتدهي، في رغم تماثلي

ال يسع خطاب الفيلم إال أن هكذا، .لبأي حال من األحوا إبداع لفن، ال للغة نهاية المطاف، ؛أي ، ما هو دون اللغة؛ االستنساخ، وبين ما هو أسمى منها؛ اإلبداع، والفنيةيتأرجح بين

مسلكها التمثيلي، وبين التحرر الفوتوغرافية، وتكريس إنما هو مخير بين التمسك ببصمته التي تتيحها الذخيرة التقنية آللة 3، والتأليفيةمنها، والجنوح نحو استثمار إمكاناته البنائية

.الكاميراالحرفية حقيقة، ينم هذا الطرح المزدوج، الداعي إلى موضعة اإلنتاج السينمائي بين

ال غبار على مدى بينة اتيةلساني - مرجعية سيميو، عن )التقنية(، وبين اإلبداعية )الفوتوغرافية(نستطيع أن ندرج مفهوم األفلمة ضمن إذ ؛انب البحث الحساسةإسهامها في إثراء بعض جو

وهو ما يستجيب له نمط من األفالم يكتفي بسلوك النسخ، المستوى األول لخطاب السينما،بالدالالت الذاتية عنى أساسا والتعيين، وي)Dénotation( سند تفعيل التي ال تكلفه أكثر من

،قى إلى مصاف االشتغال السيميائي للغة حسب تصور ميتزال ير فوتوغرافي سردي مباشر،

. 53: س، ص. تودوروف، مر. ت: ينظر 12 Christian Metz, Op. cit, P: 14. 3 Cf, Idem.

Page 266: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ة السينما والالسينما في بنية الخطاب سينمائية الفيلم وتعاضدي الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

266

المستوى الثاني، أما . )مثل؛ األفالم العلمية، والوثائقية، واإلعالمية على وجه االشتمال(الفيلمي سه نمط )السينمائية(ة فنستطيع أن ندرج ضمنه مفهوماألفالم السينمائية ذات الذي يكر

الجمالي يحائيةإنتاج عدد المتناه من الدالالت اإلخلف لالهثا العارم، النشاط الفني )Connotation(ر ميتز أيضاب تصوالمتعالي على أن يكون محض لغة حس ، .

يرفض ميتز أن تكون السينما فكيف . بيد أن ثمة مفارقة ما تسكن هذا التصور، ال محالةرا رفضلغة مبرسيميائي المقوالت اللسانياتية التي حصيف، متعاطيا معه بكل ه بمنطق لغوي

ال خلل في أن تجتمع اللغة، والفن تحت غطاء خطابي واحد، وال حرج في أن ف. تدعمه ؟قد تأتى نظرية ميتز في لإنما اإلشكاتشتغل اللغة اشتغاال فنيا، أو أن يشتغل الفن اشتغاال لغويا؛

، السيما على نحو "الدال، والمدلول " للغة السينمائية بتبني مقولة من محاولة فهم جوهر افي حين إن منطق العالمة، وما جاوره من مصطلحات لسانياتية، ال يمكن أن سوسيري أخاذ،

.يتسع لمقام الخطاب السينمائي على تعقد تراكيبه، وتعدد األجناس الفنية المنضوية تحت بنيتهج اللغوي لخطاب السينما، يي ثنائية الدال، والمدلول، ثم يسارع إلى تشريح النسفمن ينحصر ف

مفهومية جمة، سببها المحوري استحالة خضوع النسق إرباكات في – ال محالة –يتورط هو أن ميتز نفسه قد انزلق، في آية ذلك، .السينمائي لنظام اللسان المغاير، والمكتفي بذاته

مطارحاته التحليلية، إلى االعتراف بمدى ميوعة المصطلحية اللسانية في مقاربة اللغة خضمأن العنصر الواحد من الفيلم قد يشتغل داال، وقد يشتغل مدلوال بحسب السينمائية، فألمح إلى

1.الموقع الذي يحتله في بنية الفيلم، والجهة التي نحلله منها أمر أنطولوجيالسينمائية الصرف على التمحيص، والفرز، وإذن، إن اعتياص العالمة

كما ستثبته المباحث الالحقة، بحيث إنما هو سمة عضوية من سمات الخطاب السينمائي ،سديدنرى أن السيميوزيس البيرسية هي األجدى باستشفاف هذه السمة، بدال من المراوحة بين الدال،

.والمدلول ذهابا، وإيابا

1 Cf, Op. cit, P : 97.

Page 267: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

267

1-2- ة بين الصمت والنطقالسينمائي

.وقدر الفيلم أن يخترع من دون صوت، ومن دون كالم .قدر السينما أن تولد صامتةأنطولوجي، وتأسيسي ق هذا اإلشكال، بكل ما يحمل من فحوىاانبثاألمر الذي أفضى إلى

، أو معنى ما ن تبلغ رسالةكيف يكون للسينما الصامتة أن تقول ؟، وكيف يكون لها أ: مشروع 1.؟ إلى متلقيها

يبتكرون للفيلم الصامت لم يكن لممارسي السينما األوائل إال أن طفقوا فضال عن ذلك، محفل السينمائية أقل ما يقال عنه إنه ما يمثل وفنيا ،لغة خاصة، وينحتون له معجما دالليا

إلى .الفنون المتاخمةنسية السينما، وتصفيتها من شوائب الصرف الذي من شأنه تكريس ج، واستحوذ على ذهنية اعتماله اللغوي، فانكسر شعاع إلى مشغل الفيلم )الكالم( أن طفر الصوت

2؛يمنع الكالم السينما من الكالم ؟هل : ، ليحل محله سؤال آخر، وانكفأ مرادهالمعهود السؤالالتي طالما " ة السينمائي" م، بوصفه خاضعا لنظام لساني محايد، تلك اللغة أي؛ أال يزيح الكال

بالسينما نحو منطق مغاير في هنا، انعطف التاريخ .؟ تعود عليها جمهور الفيلم الصامت ،الجمالي والنشاط التعبيري ،وماانفكت المطارحات التقعيدية، والرؤى النقدية االشتغال السيميائي

–جدد حول الظاهرة السينمائية، تجدد االستكشافات التقنية، والمقاربات اإلنتاجية التي لحقت تت .بخطاب الفيلم -وما تزال

فبناء على جدلية الصمت، والصوت ذات اآلثار البليغة في توجيه خطابية الفيلم، ارتأينا، أبعادها و ،الصرف، ومكاشفة آلياتها التدليلية جس السمة السينمائية إلى ىعسفي هذا المقام، أن ن

ثانيا، على أن نخلص، في ) الناطق(ية داخل بنية الفيلم الصامت أوال، ثم الفيلم الصائت الجمال مفتوحالنهاية، إلى موقف تركيبي.

1-2 -1 - نةسينمائينية الب؛ صمت لغوي ع الفيلمخترح صامتا إال لم يهذا التخمين على أن يكون بمحض إرادة مخترعيه؛ قد نرج

ففي وعي السينمائيين . صمت السينما، في زمنها األول، منوطا بعجز تقني مفروض تاريخئذ

1 « .. le cinéma muet doit pourtant résoudre cette question : comment s’exprimer sans la parole ? ». Alain Masson, L’image et la parole, l’avènement du cinéma parlant, Ed ; E. L. A. La différence, Paris, 1989, P : 99.

ال يمنع الكالم : " هم إثبات وجود السينما الناطقة، وتبرير مشروعية إمكاناتها التعبيرية على هذا النحو، حاول أحد1930عام 2 . Ibid, P : 18؛ "منعا نهائيا ] اللغة[السينما من الكالم

Page 268: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

268

،رغم أنها كانت منقوصة من آلية األوائل، لم تكن السينما الصامتة صامتة، أي؛ خرساءنى في ب مقصود نحو تكثيف مستويات الترميز، والسميأةذلك ما يفسر نزوعهم ال الصوت؛

أفالمهم، ومضاعفة استثمار مختلف آليات التعبير البصري " فالفيلم " .الصافي" السينمائيمحروما من الصوت، يبني عالما كان إنما ،)André Bazin(حسب أندري بازان الصامت،

وهو عجز لم يكن، إذ 1،"العجز لتعويض هذا صصختالرموز المتعددة كانتبحيث من هنا ذاك، إال عجزا بانيا؛ أي عنصرا داخال في تكوين بنية الفيلم الصامت، وجزءا ال يتجزأ من

! التصور السينمائي ألولئك المخرجين، وفي وقت متقدم جدا صنف بعض المنظرين،" فليس من الطرافة في شيء، حينما لذا،

إنما ينم ذلك عن عميق إدراك لفرادة اللغة 2،"الصمت ضمن الخواص البنيوية للسينما السينمائية، ويكشف عن نزوع ممارسيها، وقتئذ، نحو حمايتها من شوائب الفنون الدخيلة التي ،بوسع الصوت أن يجلبها معه إلى عالم السينما؛ من قبيل الموسيقى، والحوار المسرحي

فبمقتضى هذا التصور .ا لهاا تعبيرين األجناس الفنية التي يشكل اللسان مرتكزوغيرها م )S. M. Eisenstein( إيزنشتاين. م. البنيوي السينمائي الجاف حيال قضية الصمت، لم يتوان س

/ عن قلب متراجحة الجدال حول السينما الصامتة؛ إذ تناول اإلشكال من منطلق حضوريتم أنه ليس الصوت هو ما لم " فارتأى ،*الصوت صمت، ال من منطلق غياباستحضار ال

دفع السينما الصامتة إلى إدخاله في السينما الصامتة، وإنما هو ما تم إخراجه منها؛ وذلك بغية 3."اكتساح مجال التعبير التشكيلي الخالص

اسم 1927 م التي انتهت قبل عامعلى الرغم من أننا اعتدنا أن نطلق على األفال" وإذن، إذ النطق الذي يستميز 4."إال أن هذه األفالم في الواقع لم تكن أبدا صامتة " األفالم الصامتة "

إنما هو الصامت به الفيلم؛نطق لغويىيتأتى من المواضعات الفيلمية، ويت ، ال نطق لسانيأد شأنها صناعة الفارق بين اللغة السينمائية، وبين اللغات األخرى من وفق أبجدية بصرية، حركية

على صمت لغويكذلك إن الصمت في الفيلم الصامت هو . على اختالف أنماطها، وأجناسها

1 Marcel Martin, Le langage cinématographique, Op. cit, P : 125. 2 R. Jakobson, Questions de poétique, P : 107.

.من منطلق تغييب الصوت، ال من منطلق غيابه: القول أيضا يجوز *3 Marcel Martin, Op. cit, P : 125.

.111: منى الصبان، المونتاج الخالق، مرجع سابق، ص 4

Page 269: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

269

، بوصفها ملكة ذهنية، وجهازا إدراكيا أشمل )Langage(وهنا نعي أن اللغة غرار لغوية نطقه،مشتركا بين الصمت، والنطق في مختلف نطاقا تمثل ،)Parole(والكالم )Langue(من اللسان

)R. Barthes(يكرس لقناعة روالن بارت الخطابات المرئية، السيما في الخطاب السينمائي، مما 1."اللغة تتدخل دائما كإبدال وخصوصا في أنظمة الصور " بأن

خاصيتي الصمت ق السينما، بين اللغة، وبين بناء على ذلك، ينبغي أن نميز، في سياالخطأ الفادح االعتقاد بأن السينما لم يأتها النطق ولم تجد لغتها إال بعد " والنطق؛ إذ إنه لمن

" صامت " أن مفهومي " ، ما يعني " يئان مختلفان تماماشتلقيها الصوت، فاللغة والصوت النطق في السينما، سواء أكانت إن 2."ال متطابقين ليسا بأي حال من األحو" بدون لغة " و

وترشيح اإليحاء 3،العالماتاشتغال سيميائي خاضع لنظام خاص في إنتاج صامتة، أم ناطقة، ، منطوق، إضافي صوت الكالمي بخاصة، إال سند لسانيوما الشريط الصوتي، وال والجمالية،

هو -إذن –ذلك *.د به السينما الناطقة في تبليغ الرسالة، وتوصيل الفحوىأو محروف، تعتض، بحكم أن " الفيلم الصائت" بـ" الفيلم الناطق " المنطلق الذي نراه كافيا من أجل استبدال تسمية

الكالمي النطق الصوتي النطق المقصود ههنا لم يعد مقصورا على تقنية الصوت، وبحكم أنأصيل سينمائيا، لكونه الفيلم في جزئي مغاير، و، وغير به؛ مشروطامنحدرا من نظام سيميائي

. إنه اللسانالص إنمت في السالنينما الص طق في امتة ال يسعه إال أن يكون نطقا سينمائيا، وإن

السلسانياائتة ال يسعه إال أن يكون صمتا ينما الص! كيفأي؛ في الفيلم الصامت ؟، ، ومناحي اللغةالنطق تكمن آليات فيم حاح؛المل فالسؤال

لتكريس مدعاةوإلى أي حد يكون حرمانه من الصوت ؟، ةالسيميائي يتهيشتغل نظام إنتاج .األخرى ؟ سائر األجناس الفنيةن عخطابه مييزتوداعما أنطولوجيا في سينمائيته،

. 38: ، ص1993، مراكش، المغرب، 1عبد الرحيم حزل، ط: روالن بارث، المغامرة السيميولوجية، تر 1

قيس الزبيدي، النادي : نبيل الدبس، مر: يوري لوتمان، قضايا علم الجمال السينمائي، مدخل إلى سيميائية الفيلم، تر 2 . 06، 05: ، ص، ص1989، دمشق، سوريا، 1السينمائي، ط

. 06: المرجع نفسه، ص: ينظر 3أمام تفعيل نوعية اللغة السينمائية، وتجلية أصالتها، " تشويشيا " فيلم، عائقا األدهى أنه يكون، في مواطن شتى من خطاب ال *

. تلك قضية نحيل إليها في موضع الحق من هذا المبحث. وفرادتها

Page 270: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

270

سند بنيوي، ويتكئ على محتوى بصريا مباشراليمتطي الفيلم الصامت إنبال ريب، . بناء لغته، وتمكين مسالكها التعبيرية، وتسويغ نشاطها التداوليفي كشوفتشكيلي حصيف، وم

أن غياب الكلمة قد فرض على السينمائيين التفنن في االختراع، وإيجاد التعبير " مرد ذلك إلى المحتوم، للسينمائيين نعتبر اإللتجاء المحتوم، وغيرفمن ههنا نكاد 1".لدقيق ألي فعل التشكيلي ا

، وإيزنشتاين، )G. Méliès( ه، وجورج ميلي)R. Griffith(ريتشارد جريفيث األوائل، من أمثال أجلى مؤشرات النزوع نحو مكاشفة مناللسان، أو الكالم، " لغة " ونحوهم، إلى لغة غير

ألن الكالم، في شكله الحواري إرهاصات التمكين لسينمائية السينما؛ الفيلم، ومن أقدم ةفيلميإنما هو محكوم بنظام لساني مخالف مثل مثوال سينمائيا خالصا،ي خاصة، ليس في وسعه قط أن

محض كما أسلفنا، بل هو ما بوسعه أن يكون محض حامل تعبيري ألجناس فنية أخرى، أو ...على سبيل الشعر، والمسرح، والرواية، وهلم جرا مكون جزئي فيها

Le( ، وأكثفها سينمائية؛ المونتاجتعبيريةفمن أعذب موارد هذه اللغة، ومن أرقاها

montage( ،م في المورد الثاني 2.وتشكيلية الصورةر –إال أننا نتوسة الصورة وفق تصوتشكيليتوطيد دعائم التعبير السينمائي الصرف مقارنة بمدى إسهام مورد ضآلة إسهام في -زانبا

الديكور، والماكياج، االرتكاز على المونتاج؛ ذلك ألن التشكيلية، على صعيد بنية الفيلم، تقتضي برأينا، وتلك، 3المكون النهائي لبنية الصورة، ،وأداء الممثلين، واإلضاءة، وحتى على اإلطار

ناته الذاتية روافدحال من األحوال، من مكو ة دخيلة على جنس السينما، وليست، بأيإذ ،فنيالجذور في تربة إنما هي مستويات تعبيرية راسخة، واإلضاءة الديكور، والماكياج، والتمثيل

فعاال من عناصر " ا لغوي" عنصرا –على ماديته –المسرح ال محالة، أما اإلطار فهو يشكل . التصوير الفوتوغرافي، والفن التشكيلي على وجه الخصوص

في الفيلم " النطق" مع ذلك، تظل تشكيلية الصورة مصدرا ال يستهان به من مصادر ، وركيزة ال بديل عنها من ركائز لغته ما دام منقوصا من توليفة الصوت، وعضد الصامتلغة، ،وسط الخرس الذي يشملهلنتلقفه، لصور الفيلم الصامت طى األيقوني إن المع. الكالم

. 39: ، ص1981، ، بيروت، لبنان1عدنان مدانات، دار الفرابي، ط: ميخائيل روم، أحاديث حول اإلخراج السينمائي، تر 1أحمد بدرخان، مكتبة األنجلو : ريمون فرنسيس، مر: ، نشأة السينما ولغتها، تر1أندريه بازان، ما هي السينما، ج: ينظر 2

. 149و 146: ، ص، ص1968المصرية باالشتراك مع مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر، دط، القاهرة، نيويورك، ديسمبر، . 146: المرجع نفسه، ص: ينظر 3

Page 271: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

271

صورنا عن العالم تأتي مصبوبة في لغة " أو في شكل لغة، ولسنا في غنى عن ذلك مادامت غير أن االعتمال 1".وجود لشيء يشبه أن يكون معقولية خالصة متحررة من اللغة فال[...]

إنما يشترط ان الشعرياتي الجمالي للصورة، في الفيلم الصامت، والناطق حتى، اللغوي، والرشحمفهوم اللقطة على صعيد كيفية إنشائها، ونسجها، من شأنه إحاللتدخال بنيويا، تشكيليا

له مبحثا اختصصنااألمر الذي بها إلى مصاف السمة السينمائية الصافية، االرتفاعومكانها، .من المساحات الالحقة لهذا البحث مستقال

، ال ريب، إنه النبع األصيل لسينمائية السينما الصامتة، والصائتة على حد أما المونتاجالمحين أن يكون المرشح الوحيد لتجليات السينما في الفيلم الصامت، وسواء، خال أنه يوشك

وهو الذي يميزه حقيقة : يشكل مولد الفيلم كفن" إنه . الفنية الوحيد لمساراته التدليلية، ومعالمهأن جنين السينما ما كان له أن الحال 2".عن مجرد التصوير الحي، ويجعل منه باختصار لغة

من فعلى الرغم محاكاة الحياة، حيالمنتشيا بجينات التصور المونتاجي يرى النور لو لم يكن لألخويين " L’arrivé du train –وصول القطار إلى المحطة " ار السينما؛ أن أول فيلم في مشو

مجزأة، ومفصولة بعضها عن بعض بحكم أن الكاميرا التي لقطاته لم تكن *)Lumière(لوميير يسنح باستخراج مجموعة من لأن اقتراب األشياء منها باستمرار تم تصويره بها كانت ثابتة، إال

3.ور من هذا الفيلم، تختلف تبعا لألحجام المتتابعة في المونتاج الحديثالصاألفالم األولى، وجل رواد السينما الصامتة، يؤثلون للمونتاج، وقد انبرى مخرجو

دون لمستوييه التقنية اإلسهام في إرساء دعائم أنطولوجيا السينما، ويقعسون له أسبقيويكر والفناآللياتي ،إنه األمر الذي ح ي ،إا، ال محالة، بدالجمالياتي يزنشتاين إلى المخرج الروسي 4". ..لك يعني قبل كل شيء المونتاجذ.. !فن السينما: " القول

. 231: ، ص1987فؤاد كامل، دار الشؤون الثقافية العامة، دط، العراق، : روديجر، الفلسفة األلمانية الحديثة، تر بوبنر 1 . 146: س، ص. ، مر1أندريه بازان، ما هي السينما، ج 2وقد عمدا مخرجا . 14ت رقم م أمام مدخل المقهى الكبير بشارع التجمعا1995ديسمبر عام 28بباريس، في ظهر هذا الفيلم *

إلى تصميم صور متحركة، وعرضها ) August et Louis Lumière(هذا الفيلم، رحم السينما، األخوان أوغست، ولويس لوميير صورة في الثانية، فيما تختص األخرى بتحريكها 18على قطعة قماش فضال عن اختراعهما آللتين؛ تلتقط الواحدة منهما

,Cf, Pic Odej, Fabri, Encyclopédie du cinéma, Tout/ univers, tout l’univers, 1961, 1965, Ed Milan. بالسرعة عينهاimprimé en France par Bordard Tampin Coulonnier, Paris, P : 70.

. 24: منى الصبان، مرجع سابق، ص: ينظر 3 . 67: يوري لوتمان، مرجع سابق، ص 4

Page 272: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

272

السياق ههنا ليضيق عن تناول مفاهيم المونتاج كلها، وسر جاالت، د مختلف إنالسبتسليط الضوء على جوانبه لذا سنلتزم *له،التي دارت رحاها حوالتأسيسية المقاربات و

من أن يكون محض تقنية ، في ظل غياب الصوت،، وأبعاده اإليحائية التي تمنعهالسينمائيةوسنعمد، أيضا، إلى استشفاف ما يترتب عنه فوتوغرافيا، ه نسخاغايتها تسجيل الواقع، ونسخ

.إلى سينمائيته اوعلى سندية السينمبنيوية، وظيفية تؤكد على فرادته، من تداعيات خلق معنى ال تحويه الصور بصفة " عتيد؛ سيميائي - تقنويقوم المونتاج على مبدأ

الكيفية التي يسهم إنه لمفهوم كاف لتبين 1".موضوعية، معنى ينتج من ارتباطها وعالقتها فقط د بنية الفيلم الصامت، وفي تبئيربها المونتاج في تطويع مستوى اللغة، والتدليل على صعي

ما لهي" الحركة " إن .. مواطن امتيازه السينمائي، وكذا استجالء أوجهه اإليحائية، والجمالية نتاج –ال محالة –وهي السينمائي في السينما، والسينما الصامتة، زأولى بؤر االمتيا يمثل

ة ترت المونتاج؛لتقنية مباشرتجاور بين الصور يقع متسلسال بفضل عنبت خاصي مسار تقنيمكشوف كانتا تحققانه آلتا العرض، والتصوير منخرطتين معا في تأليف جهاز واحد من اختراع

، ذلك الجهاز الذي أرهص، " Cinématographe –سينماتوغراف " األخوين لوميير إذ سمياه ة، ستنتشر في العالم أيما انتشار؛ إنها كلمة كعن الصور المتحر تطلق كناية ،لكلمة ،بحق

)Cinéma( ن م التي اشتقت)Kinema( الة، تمام الداللة، على معنى الحركة اليونانيةفال 2.الدبما تمنحه من تماثل ساحر بين النسخة أن تكون حركية الزمان والمكان، -إذن –ضير

على جنس السينما، إذ ال تستحضر الحركة في خاصية مقصورة المرجعيالفنية، و األصل على سبيل المسرح، والرقص خصوصا، بالنحو لمختلف الفنون األخرى، األنساق التعبيرية

فالحركة في المسرح محض عنصر منمط يخضع الذي تستحضر به في بنية النسق السينمائي؛وفي الرقص، إنما هي بر جسد الممثل، وال تتأدى إال ع، ومشفر، لمنطق ترميزي مضخم

محض تمظهر إيقاعي لجسد الراقص، مشروط بجنس فني آخر؛ الموسيقى، ال يخرج عن . إطاره، وال شأن له بقضايا محاكاة الحياة في جميع مستوياتها

.لدواع منهجية واضحة تأجيل مناقشة ذلك في مبحث الحق من هذا الفصل، إذ ارتأينا * .147: س، ص. ، مر1أندريه بازان، ما هي السينما، ج 1 . 19: منى الصبان، ص: ينظر 2

Page 273: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

273

اء، ويحرك األشيفهي السينما ذاتها، هي ما يشمل الحياة برمتها، أما الحركة في السينما –إذ ذاك –يكاد يكون مطبقهي ما ينم عن سلوك تسجيلي .. واألحياء، الزمان، والمكان

على الرغم من كونه مقوم النطق الوحيد في السينما الصامتة، وزادها التعبيري األمثل، .منقوصا من تسجيلية الصوت

فارقة، واشتغال مزدوج؛ إذ كيف بهأن ذلك المنحى التسجيلي ال يلبث أن يكون محل م بيدحرفية ال تترك لدواعي الجمالية فرادة سينمائية، ومصدر مصدر ، في آن،يكون يستطيع أن

مجاال، وتهشم نسقية الفيلم على صخرة الوظيفية، واإلبالغية التي من شأنها أن تجعل السينما رهان التنسيق لتقع بين امتياز التسجيل، وبين إن المفارقة ههنا ؟ كون فناتشيئا آخر إال أن

الشعرية بشقيها؛ عن مصطلح بديل" السينمائية " بأن سلفا الشعرياتي الدال مادمنا قد سلمنا والسيميائي ،النسقي.*

حد إذ ال أ بين، ومفضوح، ال تتحقق إال بدعم فوتوغرافي فيلم الصامتثم إن تسجيلية الالرحم الفوتوغرافي البحت للسينما كما تكشف عنه تجربة األخوين لوميير بوسعه التغاضي عن

، ولم تكن الصورة الثابتة ختراعال االصورة المتحركة الحقالمشار إليها أعاله؛ إنما كان اختراع ائل بأن ولو ننساق وراء الرأي الق 1.مجموعة متصلة من الصور الثابتة المتحركة سوى الصورة

امتياز آلة التصوير السينمائي عن آلة التصوير الفوتوغرافي محصور في قدرتها الرهيبة على إن إذ ، على نحو آخر، في أغلوطة الحرفية، ومفارقة النسخ واإليحاء؛ لوقعنا 2تسجيل الحركة،ة، وبالتالي، خارجي لمراجع، لو نمعن النظر، ال يزيد السينما إال مطابقة تسجيل الحركة

النسقية التي يضمن االشتغال عليها، بحق، مكسبها في التفرد، يحرمها من مزاياها التركيبية،لذا إن اكتشاف الحركة في عالم التصوير ليس سوى استبدال للتسجيلية الفوتوغرافية ..والتأصل

مشدودا إلى قاعدته بتسجيلية أخرى أشد منها صرامة في اإلبقاء على الفيلم الصامت في مفاهيم الرسوم وحصرها ،مصطلحية السينما تضييقالفوتوغرافية، وأكثر إصرارا على

3.تقنيات التصوير الفوتوغرافي كذاالمتحركة، و

. 266إلى 258: البحث، ص، ص: ينظر * . 13 :ص، 1997، القاهرة، 1نانية، طالدار المصرية اللب محمود سامي عطا اهللا، السينما وفنون التلفزيون،: ينظر 1 . 25: منى الصبان، ص: ينظر 2 . 16: ، ص1999إبراهيم قنديل، المجلس األعلى للثقافة، دط، : جورج سادول، تاريخ السينما العالمية، تر: ينظر 3

Page 274: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

274

من هنا، كان المونتاج العزاء األفالم الصامتة في الوحيد سعيهم نحو تذليل نسبة لصانعيوإن ، على نحو ما ينتج البصمة السينمائية المتفردةأو استثمارها ا،الحضور الفوتوغرافي فيه

فإذا كان ؛ حقيقة هذا المسعى عن كشفيمزيدا من التدبر في مفهوم المونتاج الذي سقناه أعاله لمنعزلة، بل يستخلص من بؤرة الصورة المونتاج يستهدف إنتاج معنى ال تبوح به ذات

ى دليل على نسقيته، وعلى عبقريته في التفعيل قوألة أخرى، فإن ذلك ارتباطها بصورومفارقة المرجعي والالمرجعي وفق التصور والالحضور، الشعرياتي لمعادلة الحضور

ل من هذا البحث الكريستيفيل في الفصل األوتناواللقطة الواحدة *.الم ها من سند إنعلى خلو ،لتمثل أمامنا عاجزة عن الدل، والتوصيل السيميائي بسبب ما تتوفر عليه من الصوت والكالم،

أي عن الصورة ال تدل من خالل طاقتها المعنوية الذاتية المفصولة " إذ (شحنة أيقونية فائقة؛ عن نطاق نظام ا التدليل فيه ، فال يخرج مساقعلى معنى ما وإن هي دلت، )1" ..سياق

،خاص، وفي ذلك تجاهلتصويري ،أو مسرحي جنسيل فوتوغرافية اللغة السينمائية، وانتقاص .من شأن إمكاناتها التعبيرية األصيلة ال محالة

اإلخوة غالبية أفالم " اهتدى سينمائيو السينما الصامتة إلى إدراك حقيقة أن من هذا الباب،حداث الواقع، أو من مواقف قصيرة يتم إما من تسجيل مباشر أل نلوميير تتكو ]األخوين[

سبل تكسير أيقونية يستكشفون ، فضال عن ذلك،فطفقوا 2،"تصوير أي منها في لقطة واحدة ..نسيقتجزئة، وإعادة بناء، وت أداةالمونتاج بوصفها معتمدين مزيةبنية التصوير في الفيلم،

التسجيلية عن آلة الكاميرا، متحسسا احتماالت رفع سمة ولقد كان جريفيث من بين السباقين إلىالتعبير المتباينة التي يتيحها استخدامها الواعي بقدرتها على التشكيل، والتحكم في المادة الخام

يؤسس لمفهوم االقتطاع من الواقع، وتحويل معطياته الصماء إلى تمفصل فانبرى 3،ةطالملتق الذي يستغرق اللقطة المنفردة، وإضعاف غايته خلخلة االممشهدي التماثل بصمةتداد األيقوني

ا بجريفيث إلى التعالي داألمر الذي ح. ، وكل ما يقع خارجهمادته األوليةبين بين نسق الفيلم، والذي كان يجعل من اللقطة )I. Porter(مطورا تصور إدوين بورتر -على مشهدية اللقطة

. 122، 118: البحث، الفصل األول، ص، ص :ينظر * . 88: ها وتطبيقاتها، صسعيد بنكراد، السيميائيات، مفاهيم 1 . 30، 29: منى الصبان، ص، ص 2 . 51: المرجع نفسه، ص :ينظر 3

Page 275: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

275

المشهد مكونا من " حرص على جعل ف –مه، مشهدا كامال؛ تطابقه وتستنسخه الواحدة، في أفالعدد من اللقطات تصور أهم تفاصيله، وابتكر بذلك أجرومية لغة الفيلم، وفتح الباب نحو الخلق

1".المونتاج قني عن طريفال ذلك لينم نة الذي كان يستحوذ على رؤى –برأينا –إننيعن وازع الب خرج الفيلم م

،مجاال ،على الخصوص ،ما يجعل من السينما الصامتة الصامت، ويكشف عن وعيه البنيويالناجمة عن ثنائية المادة اومفاهيمها، السيما القضايحيويا الختبار بعض مصطلحات البنيوية،

.الصامتة ؟أن نعتبر البنيوية المنهج األجدى بمقاربة األفالم -إذن – فهل لنا *.والبناءمن هذا المنظور، لن تكون الحركة، على حرفية تجليها في السينما، مصدر حرفية،

الترافلينج خالفتتحرك الكاميرا، ال األشياء المصورة، أي بوانسداد تأويلي بشرط أن )Travelling( المعكوس الذيوصهي ما ، حيث لم تكن الكاميرا " وصول القطار" فيلم لوميير م

ذلك فحواه أن الحركة 2.يتنقل إلى األشياء، ولكن األشياء هي التي كانت تقترب منها، أو تبتعدجديرة بتفعيل سينمائية السينما، وإعالء فرادتها النوعية هي تلك النابعة من نسق الفيلم، وذاته؛ ال

مكامن الواقع الخارجي، التي تتأدى من ذوات األشياء، وتصدر عن أما الحركة آلة وآليات، تقتطع منه مختلف األنساق الفنية، ذيالخام المواد اليشكل خزان شيئيا كان، أم إنسانيا، فهي ماوتمتثل إلكراهات حين تخضع الحركة لمنطق التفليم،هكذا، .على غرار النسق السينمائي

" السينمائية " صبغة – الةال مح -االشتغال السينمائي، واعتباراته الجمالية، ستكتسي وبال شك، ذلك هو .الصرف من جهة، وتحول دون نسخية الخطاب السينمائي من جهة أخرى

الفيلم، ومنظريه إلى اإلجماع على اعتبار المنطلق التأسيسي خيتحرير" الذي أفضى بمؤر - Libération " تحريكها " الكاميرا، أو– Mobilisation " دت النقلة ات الرئيسة التيمن السمجس

، والمستنسخ ألسلوب المسرح في تسييج من مرحلة التصوير المشهدي المشدود إلى كاميرا ثابتةالفضاء، إلى مرحلة التعبير السينمائي الذي ال ينبثق إال عن كاميرا متحررة، تبلور الفضاء، وال

3.تكرره

. 61: المرجع السابق، ص 1 . 209، 207: البحث، الفصل الثاني، ص، ص: ينظر * . 24: منى الصبان، ص :ينظر 2

3 Cf, Christian Metz, Essais sur la signification au cinéma, T2, Op. cit, P: 89.

Page 276: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

276

تحرير بنية الفيلم ي يتم من داخلها هو ما له الفضل األكبر فيغير أن تحريك الكاميرا الذظهر األيقونيوالتم ،لطة االشتغال الفوتوغرافيو .الصامت من س "ومالزمه (، إنه المونتاج

مقارنة بحركات اآللة، في تحرير الكاميرا اما أسهم ما، ه)التقطيع على 1،"، على نحو قطعيالتحريك غال أنآللة الكاميرا ي نداخلي ل السفريحيها عن تغيير الموضع، وعن التر

)Travelling( ،اللذين كانها، فإنهما يحافظان على مستوىحرمن االمتداد شاخص وإن كانا يمونتاجي، أي مسلكوالتمفصل في التبنين،ؤ، والتجزفوتوغرافي الذي يحرم نسق الفيلم من ال

.ائي محضسينمأن المونتاج هو المورد األصيل لسينمائية السينما، وقد كاد يكون يتكشف عما سلفوإذن،

و الفيلم الصامت بغية التأسيس لتقليد سينمائيالمورد األوحد الذي طالما غرف منه سينمائيبغية السمو باللغة وكذا مستقل في إنتاج األفالم، ومتحرر من ربقة األجناس الفنية المتاخمة،

*، وقتئذ، من مستوى التصور النحوي الجاف إلى مستوى االعتمال الفني اإليحائيالسينمائيةلتحقيق هذا الغرض، امتياز ويكفي، ..بمختلف تصوراته الجمالياتية، ومقارباته الفلسفية

و يربط بين صورتين إذ ه المونتاج بكفاءة فذة على تحيين المخاللة بين النسق، والمرجع؛مشحونتين بالحموالت المرجعية، إال أن النسق المتمخض عن ذلك الربط ال أصل لوجوده في

،الصورتين كلتيهما، إنما هو نسق المرجعي ،عالئقيه، .. إيحائيعلى المتلقي استخالص . وقراءته

، )Poudovkine(بودفكين ين؛ الروسي نيللمخرجMosjokine " –موسجوكين " لعل تجربة إذ سنعرض 2،هي خير نموذج يمكن االحتذاء به في هذا الشأن )Koulechov( كوليتشوفو

.سينمائية -لقراءته بشيء من التفصيل في المبحث الخاص بالمونتاج، ومالبساته التقنومن أحجام وما شابهها ، )Gros plan(كذلك إن للمونتاج فضال في اكتشاف اللقطة الكبيرة

لمخرجي األفالم الصامتة، السيما في المراحل المتأخرة من عمرها، بأن بحيث سنحتصويرية، ، متجذع في لمنزع إبداعي –بال شك –وإنه . يحافظوا على منزع التفصيل، والتجزئة، والبناء

1 Op. cit, P : 90.

Jacques؛"باللغة أمرا يخاطر بقولبة بنياتها، واالنزالق بها من مستوى اللغة إلى مستوى النحو ] السينما[لقد كان وصفها " *Aumont et autres, Esthétique du film, Ed ; Fernand Nathan, Paris, 1983, P : 111. .

أنبال باالشتراك مع ألن، وأوديت غيرمو، المدارس ، وجي68: س، ص. ، مر1ندريه بازان، ما هي السينما، جأ :ينظر 2 . 27، 26: ، ص، ص2000مي التلمساني، المجلس األعلى للثقافة، دط، : الجمالية الكبرى في السينما العالمية، تر

Page 277: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

277

اللقطات الكبيرة ر بعض تمريإذ إن التصور الذاتي لجميع األجناس اإلبداعية دونما استثناء، تسجيلي، إنما هو يدعو – بعد فوق انطوائه على ، فضال عنفي متوالية التصوير التفصيلية

قراءة الحدث المصور، وتأويله، بعد تفكيك بنيته في في المتلقي –أيضا إلى إشراك المتفرج من هنا بوسعنا القول 1.داعية للفيلمكما لو أنه يشارك في السيرورة اإلبوعيه، ومن ثم، يشعره

إن إصرار السينما الصامتة على استخدام اللقطات الكبيرة جعلها تحقق مكسبا شعرياتيا على المتلقي واضحا من حيث إسهام د له أ ذلك في انفتاح النسق الفيلميوفق الطرح الذي قع .

.ة، ووظيفية النسقوغيره من المدافعين عن مقولة دينامية البني 2إيكو،

أم حاسة سينمائية ؟ ؛ دخيل)الكالم(الصوت - 2- 1-2 إن السؤال الذي أرقنا مذ شرعنا نؤثل لثوابت اللغة، ومراميها في السينما الصامتة، إنما

واتباع منهج ،)Intertitres( العنوانات الفاصلة كيف نفسر التجاء الفيلم الصامت إلى توظيف: هوهل في توصيل بعض الرسائل إلى الجمهور؟،ثنايا مشاهده بغية اللوحات المكتوبة في حام إق

على تمكين السينما الصامتة من بناء لغة البصري الشتغالذلك مدعاة للتشكيك في جدارة الم ، ثم هل يكفي اعتماد الفيمنطوقا ؟أم ، كان دونما اتكاء على ركيزة النظام اللساني؛ محروفا

نساقبالبقاء في فلك الفوتوغرافيا، واأللكي نحكم عليه ، بهذا الشكل،الصامت سند اللسان .األيقونية، وبالتالي، االبتعاد عن رهان التعبير السينمائي األصيل ؟

، "أنا حزين : " حقا، أن تتجسد مالمح الحزن، وتنتقل إلى المتلقي من دون استخدام عبارةبيد أن ثمة وضعيات *ل عصب التعبير السينمائي الخالص في السينما الصامتة،ذلك هو ما يمث

منطوق، أو مكتوب، ،)كالمي(جملة، أو جملتين، أو حوار تقتضي، ال محالة، إدخال سرديةولوال ذلك، العتاص هذا الموقف . ، واإلفهام عند المتلقي، ويتحقق بفضله الفهميكتمل به التعبير

بصريا، ألن في ذلك إثقاال )الكالم(حتى وإن تم تعويض غياب النطق على اإلدراك، الخاصأي؛ ي ،نا لكاهل النسق األيقونيمهبيأو يضفي 3على نحو يضعف سردية الفيلم، ضخمه، ويجس

. 38، 37: ص، صميخائيل روم، أحاديث حول اإلخراج السينمائي، :ينظر 1 . 109، 106: البحث، الفصل األول، دينامية االنفتاح وشعرية التلقي، ص، ص: ينظر 2، إذ يتم اإلعالن عن ذلك جهارة، "لم أر أبخل من فالن : " مثال؛ يعبر عن البخل في الفيلم الناطق من خالل عبارات الحوار *

ميخائيل : ينظر. برهن، أمام الجمهور، على أن المعني بخيل بوساطة لقطات ممتلئة بصريافي حين يجمل بالفيلم الصامت أن ي . 40: روم، ص

3 Cf, Marcel Martin, Op. cit, P, P : 125, 128.

Page 278: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

278

، )Charlot Chaplin(اضطر شارلي شابلن لعل من هنا . ال تمارى عليها مسحة من الطرافةباإليضاح اللفظي تعضيد الصمت، والتغيرات المظهرية غم عداءه الشديد للسينما الناطقة، إلى ر

بالرغم من كل محاوالت تعويض " ، أيضاذا المنطلق ومن ه 1ألشياء،اابتغاء التخلص من ثقل عنى الدقيق الصمت سينمائيا، إال أن الفيلم الصامت ظل يمثل عالما بعيدا عن عالمنا الواقعي بالم

2".للكلمة في بنية الفيلم بين –الكالمي بخاصة –قضية إدراج الصوت وفي الحق، قد تراوحت

ال نملك إال أن نقارب هذه القضية، معارض ناقم، ومرحب مستشرف؛ ونحن، في هذا المقام، ، "يط الصوتي الشر" اآلليات، والمناحي التي من شأنها أن ترتفع بمكون وجهة ونجسها من

حاجب لغائيتها اللغوية، إلى السيما الكالم، من خانة الدخيل المتطفل على جنس السينما، وال .لسينمائية الفيلم، والكاشف عن آفاق جماليات سينمائية جديدة مصاف الرافد المعضد

للفيلم" الكالم " إن الصوت . ليحنط الصورة، ويصرف النظر عن النسق المرئي وإنتلك هي .الصامت فيلمبها ال ليغني عن الصمت بما له، وما فيه من إمكانات التعبير التي امتاز

خ المباغتة التي صدمت السواد األعظم من محترفي السينما الصامتة، إنتاجا ونقدا، تاريالحقيقة بتشويه يتهمون الفيلم الناطق ن، تاريخئذ،منظروالو ،نقادالفما برح طفور أولى األفالم الناطقة؛

السينما، وبالحد من إمكاناتها الفنية في االشتغال والتعبير، الراسخة رسوخ قوانين الفيلم " إيزنشتين، مثال، فعليل؛ وقد تنوعت حججهم في ذلك، وتباينت مرتكزاتهم في الت 3الصامت،

يقع في سلبية ته،، إذ يغدو هدفا لتجسيديلكونه يجعل اإلدراك] La sonorisation[يدين اإلصوات فجميعهم، .خرجمرتبطا بحافز يتحكم فيه الم صدىفيمتنع من أن يكون ، ]المرئي[المشابهة

من 4".الذي ال يمثل شكله إال اللسان إذن، يرفض، على صعيد المعنى، الجوهر الذاتي للصوتإذا ما انخرط في البنية التصويرية للفيلم، يمنح خطاب الصورة بعدا أحاديا، فالصوتهنا،

–كالما " ويسلبه سحره، وعبقريته، وقدرته على شد انتباه المتلقي إليه، خاصة حين يكون وهو المقصود أساسا ( مسلك تبليغي واضح، ومباشر؛ أي تحيينا لنظام لساني يمتاز ب"حوارا

–والحال هذه –، فإنه )المذكور توا A. Masson - من قبل إيزنشتين حسب موقف أالن ماسون

1 Cf, Alain Masson, L’image et la parole, Op, cit, P : 23.

. 118: س، ص. ، مرمنى الصبان 23 Cf, R. Jakobson, Questions de poétique, P : 107. 4 Alain Masson, L’image et la parole, P : 24.

Page 279: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

279

السينمائي في –مساحات المرئي " تقوله " المتلقي، ويشغله عما –يستحوذ على ذهن المتفرج يتصدر الصوتهكذا .تقريرالتوصيل، وسهولة في الالصورة، لما يتصف به الكالم من

" الكالمي " ،فاللقطة، بل ويجعلها تتقهقر إلى الخلف في البناء الفيلمييمر، بذلك، معالم ض .!السينمائي الذي هو أصل اللغة في خطاب السينما – تشكيلياالشتغال ال

)Béla Balàzs(ناطق، وفق هذا التصور، قد عده بيال بالز في الفيلم ال" الكالمي " فالنطق الصورة، خطابيةرم الجمهور من حالتعبير البصري، ويدحضه، إذ يجديدا تاريخيا يهدد ت

دافعا بالفيلم إلى االستنامة لسلطة خطاب التعبيري للعالم المرئي، ثراءمن الووانسجامها، حقيقية للنوع لم يكن الصوت، في نظر بعضهم، سوى أداة إفساد فضال عن ذلك، 1.الكالم

السينمائي، أسفرت عن مرحلة انحطاط مزاياه في التسامي الفني، إذ األدهى أنها أداة تحرض لك على حساب االشتغال على ذنسخة عنه، حيث يتم ، ومجردلواقعبديل اعلى جعل السينما المنطوقة إذا ما قارفت اللغة –أن اللغة المسرودة الذي يعني األمر 2.الصورة، أو الحركة

مستوياته التماثلية، محولة إياها البصرية في بنية الفيلم، اخترقت حجب أيقونيته، واختزلتتوجه وعي المتلقي، وتطفئ فيه حاسة التأويل، وحس .. مطواعة، مفقوهة إلى جملة إحاالت

، يستغرق المرجع، نسقا شفافا –إذ ذاك –فيغدو خطاب الفيلم ي الفعل اإلبداعي،المشاركة ففي "السينمائية " ما يخاطر بمشروع الجمالية، ويضع رهان ويطابقه مطابقة النسخة لألصل،

.!حرج كبير جيناتحمل بم هبحكم أن يةبنية الفيلمالإدخال شريط الصوت في استهجن عالوة على ذلك،

أدبية، وفنية أخرى؛ فهو يستحضر النثر، والشعر، والموسيقى، واألغنية، والقص، والحوار، األمر الذي يجعل من خطاب السينما خطابا هجينا يحكمه خليط أجناس، ويحول بينه، وبين

،ل، واالكتفاء الذاتيمنوإمكانية التأص لمكانت " خيل، إذ تطفل الد حتى السينما الصامتة لم تسومن ثمة، كنا نصادف في الفيلم [...] العنوانات الفاصلة في األفالم الصامتة وسيلة تركيب هامة

3".صبغة أدبية خالصة تأليف ذات أساليب] الصامت[نهض على حجة ما ي وهف الفيلم الناطق، المعترضين على المتداول في وسط منطقالأما

، ليست بالهينة، من وسائل التعبير السينمائي األصيلة، وكاد يزيح مساحة قصىأأن الصوت قد

1 Cf, Op, cit, P : 21. 2 Cf, Jacques Aumont et autre, Esthétique du film, P : 32. 3 R. Jakobson, Questions de poétique, P : 109.

Page 280: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

280

وإننا لنحتضن 1.، من التصور السينمائي إلبداع األفالمالمونتاج؛ دعامة اللغة السينمائية الراسخةرصد منطلقات هذا البحث، ويرهص لتطلعاته نحو هذا المنطق لكونه يدعم، بوجه أو بآخر،

إعالء الخصوصية السينمائية، و لمواصفات الخطابية، واآلليات التقنية التي من شأنها إنتاجاففي هذا السياق، لسنا نرى في األمر طرافة إذا اعتبرنا مظاهر النقص في الفيلم . سينمائية الفيلم

إلى حيث إن إضافة الصوت وحصانة له من ضياع فرادة جنسه؛ 2الصامت دليال على أصالته،، إنما ينم عن في الفيلم الصامت "النطق " ة صينقعالم السينما من باب السعي إلى تدارك

لفضائل الصمت على شخصية فاحش بينة للبصمة السينمائية المتفردة، وعن تجاهل إساءةمن حيث إسهامه في المحافظة على صفاء لغة الفيلم، وتركيبية أسلوبه في التوصيل، السينما

و، ونعز)ونجعل منه صوتا( لذا ليس من المفارقة في شيء أن نسمي الصمت لغة .لتعبيروا ته التعبيرية،الفيلم الصامت إلى ما يمثل نقصا فيه، مادام يصون على صعيدعبقرية الفن3بنائي

ا للغة السينمائية، والذي، بفضله، تستمدا غائيس منزعا نسقيقيا ويكر مها من ذاتها، ال من أسباب . ذوات أجناس فنية خارجية

واستبدل مسلكه قد أذهب فيلماستقدام الصوت، والكالم إلى ال وإذن، إن ،منطقه التوليفيال شاشة السينما إلى ركح مسرحيفي الزمان والمكان، محو كي الممتدبوازع الح المونتاجي .

السينما الناطقة بالمسخ الرهيب، واالختراع " ال أن وصف إ )René Clair(كلير رونيل فما كانوما كان لكتاب 4،" أضحى مسرحا فقيرا، أو مسرحا حقيقيا للفقرالمناقض للطبيعة الذي

السيناريو إال أن بدروا إلى اعتماد الصفحات الطويلة من الحوار في كتابة سيناريوهاتهم على إلى تجميد الصورة، والترفع عن آليات النسج البصري، حتى أنهم مما دعا شاكلة المسرحيات،

ثم إن ظهور الممثل المتكلم على * 5".المسرح المعبأ في علب " درجوا على تسمية السينما بـ كم أربك المخرجين حيال إمكانية تقطيعه، فهجروا تقنية المونتاج مستمسكين بصيغة لالشاشة

. 127: وص، 118: س، ص. منى الصبان، مر: ينظر 1 . 54: س، ص. ، مر1أندريه بازان، ما هي السينما، ج: ينظر 2

3 Cf, Alain Masson, L’image et la parole, P : 24. 4 Ibid, P : 25.

. 127: س، ص. منى الصبان، مر: ينظر 5 .Cf, Alain Masson, Op. cit, P : 24؛ "مؤفلم المسرح ال" مما حدا بخصوم السينما الناطقة إلى التخوف من شيوع ما أسموه بـ * .في المبحث الالحق الممسرح الفيلم، والمسرح المؤفلموقفة مع تشريح حقيقة الفيصل بين لنا

Page 281: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

281

المجال لتسرب النوع المسرحي إلى بناء الفيلم، ومثوله على حساب المشهدية التي فسحت 1.قطاتللا دينامية تتابع

لكننا، على الرغم من رجاحة التفكير التي بدت على تصورات الداحضين للسينما الناطقة، لصوت في إدخال ا" ونهلل للموقف الرائي أن نرى أن من المبالغ فيه أن نحذو حذو هؤالء،

2.!" السينما قد عاد بالفن السينمائي خمسة وعشرين عاما إلى الوراء ال ضير، بوسع الصوت، بما يحمل من كالم، أن يتحول إلى مكون سينمائي؛ يشتغل

ورهن أساس ه لمنطق التفليم، وذلك بشرط أن يتم إخضاع ،اشتغاال سينمائيا داخل بنية الفيلم" ارأو إن المنتصرين لهذا الموقف هم أولئك الذين. التعبير السينمائي البحتوجوده بمقومات

"نزوع لا" ـلاستكمال أن السينما الصائتة، والناطقة فيما بعد، قد تم الترحيب بها على أنها النزوع الذي كان معلقا، لغاية اليوم، بسبب غياب في – الحقيقي الخاص باللغة السينمائية

تقوم على تحرير الصوت غت أشكال سينمائية مستحدثة زوفضال عن ذلك، ب 3،"الوسائل التقنية من إكراه التزامن بينه، وبين الصورة، ليصبح عنصرا تعبيريا مستقال على شاكلة بقية عناصر

4.صورةالفيلم الذاتية، أي بما يمنحه العديد من احتماالت المزج مع ال ندركلو نمعن النظر في حقيقة االعتراض على الصوت في السينما، سنطلق، من هذا الم

موجها إلى ذات الصوت، بقدر ما كان يستهدف طريقة توظيفه في اعتراضا ه لم يكن تماما أن هة المسيئةالنسق الفيلميوكم راق لنا، في هذا إلى فطرته السينمائية، والمشو ،لجدواه البصري

لما في ذلك من 5بإدراج صوت الضجيج في األفالم ، وأقرانه)Bélazs(أن سمح بيالز االتجاه، نة على أنبين الحوار - الكالم" صوت " بيلعداوة المتعص الرسمي ضهو ما كان يمثل المحر

لذي ا الكالمة هي ما يمنح إذ نحسب أن نظامية اللسان، واتفاقيته المجتمعي .للسينما الصامتةأسبقية، وقوة على تصدر عارضة الفيلم، وستر نشاطها السينمائي، مقارنة يتنجز في ظلها

ة النظام السيميائيالذي يوشك أن يكون جزءا للصوتبتناظري ة التصويرمن أيقوني.

. 224: ، وص48: س، ص. ميخائيل روم، مر: ينظر 1 . 121 :س، ص. منى الصبان، مر 2

3 Jacques Aumont et autre, Esthétique du film, P : 32. 4 Cf, Ibid, P : 33. 5 Cf, Alain Masson, L’image et la parole, P : 21.

Page 282: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

282

مصاحبة الفيلم الصامت، منذ العروض –إذن –لو لم يكن األمر كذلك، كيف نفسر ،منفرد كمان عازف بيان، أو لسينمائية األولى، بصوت وحيد غالبا ما كان ينتجه عازفا

، )Sonore(هنا، نرى أنه آن لنا أن نميز بين السينما الصائتة هاف 1.أو أعضاء جوقة صغيرة ؟ت من تعتمد األولى الصو ،من وجهة نظر هذا البحث النسقية ،إذ ،)Parlant( والسينما المتكلمة

مما يعني كليهما؛ الصوت، والكالم في شكله الحواري خصوصا، دون كالم، فيما تعتمد الثانيةمادام هناك سينما ال يحيل بالضرورة إلى السينما المتكلمة" Sonore –صائتة " أن مصطلح

ال يشترط أن يحيل أنه والطريف ،)ال تستخدم الكالم بطريقة الفيلم الصامت(صائتة بغير تكلم إلى السينما الصائتة على الرغم من كون السينما المتكلمة صائتة " Parlant –متكلمة " مصطلح

فيتخذ منحى " الصمت " ، و"النطق " أما استعمال هذين المصطلحين إزاء ثنائية !بالضرورة السينمائيتين الصامتة، رق بينما من شأنه الوشاية بجوهر الف )أو أكثر إفادة(آخر أكثر طرافة

إذ قد يكون الفيلم الصامت متكلما غير ناطق، فيما قد يكون الفيلم الناطق صائتا غير ؛ والناطقة *.)ال يتحقق للقارئ فهم هذه المعادلة إال في ضوء التصور السينمائي للصمت، والنطق( ! متكلم

بفعل )Sonore(كان صائتا )Muet(يلم الصامت إن الف بوسعنا القول على هذا األساس،إال أن الصوت، وفق هذه الوضعية، لم يكن مكونا بنيويا على أصوات الموسيقى المرافقة له،

من نسق الفيلم، وإنما كان يأتيه من منوال الصمت كما أسلفنا الذكر أعاله، لم يكن جزءاتهيؤ ةاقتراح خلفية موسيقي لغرض )Plateau(لين ، من منصة العرض، أو حلبة الممثخارجه

تغطية األصوات الصادرة من أجهزة العرض " أو لغرض 2الجو الذي يريده المخرج لفيلميه،ة تؤثر سلبا في لغ(وبالتالي، لم يك مصدر لغة 3،"ومن المقاعد ومن المخرجين أنفسهم

ر تاآللة باآللة، وس صدإنما وظف من باب ؛ أي لم يك صوتا ذا وظيفة سينمائية، و)السينما .! العورة بالعورة

يستثمر اكتشاف تقنية الصوت استثمارا سينمائيا في السينما الصامتة، هكذا وجب أن طقة في السينما النابكيفية أكثر سينمائية والناطقة على حد سواء، ووجب أن يستغل شريط الكالم

. الصمت لى الخصائص المتراكمة للغة السينمائية إبان مرحلةأن يحافظ ع سىوحسب، ع

1 Cf, Jacques Aumont et autre, Esthétique du film, P : 30. .كما تم تثبيته في مطلع هذا المبحث *

2 Cf, Idem. . 126: ، ص1967الكتاب العربي للطباعة والنشر، دط، سعد الدين توفيق، دار: آرثر نايت، قصة السينما في العالم، تر 3

Page 283: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

283

ظيف المباشر لتقنية الصوت، والكالم هو ما عزز موقف المعادين للسينما الناطقة فالتو)خطاب فني ةوينسحب ذلك على أي تقنية في أي( ، رات التقنية ال " آية ذلك أنتاريخ التطو

قد تأخر ظهور أول فيلم صائت حوالى ومن جهة، 1،" ا الناطقةيفسر إال نادرا مجيء السينمعاما على الرغم من معالجة معظم العوائق التقنية إلنتاج الصوت منذ عامي أكثر من ثالثين

وحدها ما ينبغي أن يجعل من الفيلم الناطق )الصوتية(، ليست التقنية وإذن 2.م 1912، و1911 .ناطقا

يتم على حساب أولوية الألكالم ااستثمار اآلليات السينمائية في برز من هنا، قد كان من أالحال أنه ينبغي أن تنصهر جمل الحوار الدائر المونتاج في سبك لغة الفيلم، وترصيع سينمائيته؛

تنسجم كل مفردة، منطوقة أو مكتوبة، داخل النسق التركيبي لمساق اللقطات، و بين الممثلين فيذلك ال اللقطة، أو خارجه مع اإليقاع البصري، المونتاجي السائد في السياق الذي ترد فيه، مج

تفطن لهذه الخاصية سينمائيون وقد .ما يمنع الفيلم الناطق من الوقوع في مأزم الثرثرة ال محالةنما ناطقة المطالبة بسي" الذي سارع إلى )Marcel Lapierre(كثر، على غرار مارسيل البيير

تجعل معنى الكلمات الملفوظة التي طريقة البالحوار في األفالم فقه؛ ما معناه أن نأقل ثرثرةإن التعاضد بين لغة الحوار، وبين بصرية 3". ، ونبرته المعطاةمدركا من خالل سياق الحدثما أن تطلق الشخصيات أ، منهجا سينمائيا في اقتصاد الكلماتالفيلم، وتقنياته ليقتضي إذن،

4يمسرح خطاب الفيلم، ويطمس شخصيته السينمائية، المتحاورة العنان أللسنتها، فذلك ما .وينزلق به نحو أجناس سردية مجاورة

مثله مثل فال طريقة أمثل من جع ويتركب ،ل كالم الحوار تابعا لشيفرة المونتاج؛ فيتقطعوهي الطريقة التي سرعان ما .ومكوناته السينمائية، وغير السينمائيةسائر عناصر الفيلم،

متقدم، فطفقوا يقطعون الحوار على نحو استفاق لها سينمائيو األفالم الناطقة في طورال ي استراتيجياعى فيه ذلك التبادلر بين المتحاور والفوري ،اآلليمن الممكن في " ن، فغدا يوهنا . [...] أن يبدأ المستمع في الرد قبل أن ينتهي المتكلم من كالمه[...] ارية المشاهد الحو

1 Alain Masson, Op. cit, P : 144. 2 Cf, Jacques Aumont et autre, Esthétique du film, P : 31. 3 Alain Masson, P : 19.

. 50: س، ص. ميخائيل روم، مر :ينظر 4

Page 284: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

284

إن هذا األسلوب من المخاللة بين المرئي، 1".وصل مبدأ عدم التزامن أقصى جمالياته والنطقي(والصوتي ،ما دفع بخطاب الفيلم نحو أسمى مستويات السينمائية، ، هو)الصمتي –وما تزال –ركبتها أشكال سينمائية المنتهية لميالد فاتحة، أيضا، ما كان وهو.. والشعرياتية

وإننا لنجد في البيان الموقع من قبل كل من إيزنشتين، وبودوفكين، .السينما المعاصرة أفالم تفليم الشريطإرهاصا متقدا لهذا األسلوب؛ أي لفكرة م1928 عام )Alexandrov(وأليكسوندروف ، بحيث اشترطوا بأن يكون استخدام المؤثرات )Cinématisation(" تسنيمه " الصوتي، و

نفصم، وكذا متقطع إزاء المونتاج، والواقع المرئي2.الصوتية في خط مفكك، م تطاع المونتاج أن يستعيد مكانته التي كاد يفقدها مع أولى أفالم السينما الناطقة، هكذا اس

ا استعادها كاملة، وبالطاقة ذاتها التي كانت له عهد السينما الصامتة، حيث بات يقتسم مع أنه مإنما بيت القصيد ههنا هو أن 3.شطر ال يستهان به من الصوتياتمهمة التوصيل، والتدليل مع

بين ، أي؛)النطقي(، والصوت )المرئي(جنبيها؛ الصمت وجدت السينما ضالتها في التوازن بين من عمرها ليس سهال، وال معقوال، أن يتجرد الفيلم منهما، وال ينبغي له أن حقبتين تاريخيتين

*.يكون إذا ما أردنا أن تتكشف سينمائيته على أكمل وجهما سلف، إننا لنقتنع بحقيقة التعاضد بين منطقي السينما الصامتة، والسينما بناء على آية كاد يكون مفروضا، إذ له ما يبرره على الصعيد األنطولوجي، والتأسيسي؛الناطقة تعاضدا ي

ذلك أنه لم يكن لرجال السينما، مخرجين ونقادا، أن يدركوا جوهر الفيلم الصامت إال بعد إدراك ف شتكان ينبغي أن توجد األفالم الناطقة حتى يك" وعليه، فقد عميق لجوهر الفيلم الناطق،

جمهور السينما الصامتة ممتعضا من ثم لو كان . على حد تعبير جاكوبسون 4،"الصمت وغير هاضم لثراء نطقها البصري، فكيف نفسر طول زمن االمتعاض، وعدم صمتها،

ذاك ما يوحي .!)السينما الصامتةعمرت كما (عمر وال ي ،ض ال يدومإن ما يرف 5االستساغة ؟،ويؤكد على ن مفاهيم السينما الصامتة في ميزان التعاضد بينها، وبين نظيرتها الناطقة،برجحا

. 138: س، ص. منى الصبان، مر 1

2 Cf, Alain Masson, Op. cit, P : 20. . 148: منى الصبان، ص: ينظر 3* ،الصمت، والصوت على صعيد الخطاب السينمائي هناك عددا المتناهيا من آليات إحداث التعاضد بين بنيتي ولسنا ننكر أن

. سنعرض لها مرحليا في المباحث الالحقة4 Alain Masson, Op. cit, P : 115. 5 Cf, Ibid, P : 17.

Page 285: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الخطاببنية سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

285

، ونحت مبادئ ثابتة، قابلة للتجديد، تتنجز وفقها "السينمائية " أسبقية تصوراتها في بناء مشروع س السينما، وحتى إننا نعتبر أسا" فمن هنا . لغة الفيلم، وتفضي بمكنوناتها الفنية إلى الجمهور

وإذا ما تأملتم في ماهية الخصوصية السينمائية، . ، هو السينما الصامتة نفسهاالمعاصرة، الناطقةفإن هذه الخصوصية كليا أو تقريبا كليا، موجودة في مجال الحل [...] ألي مشهد سينمائي

1".التشكيلي للمشهد، وبالذات الجانب البصري منه ثنا حثا، من منطلق التطلعات التأسيسية لهذا البحث، إلى اعتبار إنه األمر الذي يح

متأتية من جهة الصورة، ومنحى الصمت أكثر مما هي )الكالم، المعاصرة -( سينمائية السينماتكون حيثية الصوت، أو الحوار ومن يدري، قد . تعرجات الحوارماثلة عبر آلية الصوت، و

بالج المستويات السينمائية اإليحائية في مقطع فيلمي ما، لكن بشرط أن يكون البؤرة الوحيدة النما يحوله إلى مكسب ب ،ةالسينمائي لغةالصوت ههنا حاسة سينمائية، أي؛ أن ينصاع لجبلية ال

ا إتقان الصوت واالستخدام المناسب له دفع" يسهم في إنتاج طرائق مبتكرة للتعبير بالفيلم، إذ إن 2".السينما بال جدال في طريق التقدم، وفتحا أمامها آفاقا جديدة، كما غيرا جماليتها تغيرا عميقا

جمهور السينما أمام تصور جديد للغة السينمائية، " الصائت المتكلم " هكذا وضع الفيلم األفالم وكشف له عن مدارك جمالياتية غير معهودة، وعن تصرف سينمائي في صناعة

وقد طفقت السينما، فضال عن ذلك، تتخذ أساليب تعبيرية شتى، وتمثل .. مستجد، وغير مسبوقالتطور عبر تمظهرات بنيوية شكلية مختلفة، ومضت نحو أفق استكشافي مفتوح على قدر

إن " ومن ثمة، العلمي، والمكاسب التكنولوجية التي ما فتئت تتوالى، وتترى إلى يومنا هذا،إنها مرحلة الشروع [...] الحال الراهنة للفيلم الناطق لتتصل بمرحلة االهتمام بمكاسب جديدة

سيظل موقع الصمت في اللغة .. مهما حصل من تطورلكن، و 3".في البحث عن أشكال جديدة وإذ ذاك، ال ضير أن 4،!السينمائية شبيها بموقع الحرف الصامت في أبجدية اللغة البشرية

ترتبط سينمائية السينما بالنمطين كليهما؛ الصامتة، والناطقة، وحينها سنكون في غنى عن إتباع . هناك سينما تضمر النمطين معاسينما بأي من الصفتين؛ : الموصوف

. 42: س، ص. ميخائيل روم، مر 1 .135: س، ص. منى الصبان، مر 2

3 R. Jakobson, Questions de poétique, P : 107. 4 Cf, Alain Masson, Op. cit, P : 162.

Page 286: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

286

المعنى وإنتاج الخطاب السينمائي؛ التقنية سينمائية -2

إلى مكاشفة البصمة السينمائية في موطنها األصلي؛لنسعى حثيثا إننافي هذا المقام، ما الذي يجعل من : المرشح ألن يكون محور هذه المكاشفة هوما معناه أن السؤال . السينما

سينمائي ما إنجازنصوغه على هذا النحو؛ ما الذي يجعل من ، بل األحرى أنالسينما سينما ؟مكنون السؤال الجاكوبسوني وفق القراءة وال مراء، إنه لسؤال مستوحى من . ؟ عمال فنيا

*.في خضم الفصل األول من هذه الدراسة الواصفة التي حففناه بهاة مست فقد رأينا في المبحث السالف أنصاف، وراق من االشتغال السيميو السينمائي وى–

ه، ويتمثله، ينبغي لخطاب الفيلم ،بنيويون األوائل يتقفون أثره أن يحذوإذ ما برح السينمائيالتحرر من هاجس التقنية، واالختراع، وسعيا منهم إلى غربلة جنس السينما من رغبة منهم في

نوا من استكناه الخاصية السينمائية في أسمى حاالتها، كل شائبة فنية دخيلة، عسى أن يتمكسينما، أو تحين خطابا سينمائيا مهما كانت فليس بوسع التقنية وحدها أن تنتج. وأصفاها

، واألدهى أنها تعجز عن تأكيد سينمائية الخطاب، وال تحرك من اختراعها دقتها، وحداثة رفعة .تفعيل جماليته، وتبئير مستوياته الفنية داخل بنية السينما عينهااألمر شيئا إزاء قضايا

مع مختلف السينما فالتقنية ليست سوى مستودع من األليات، والقواعد الجاهزة التي تتقاسمها واإلشهاري ،وكذا العلمي ،الخطابات الفيلمية من قبيل؛ التلفزيون، والفيلم الوثائقي .. ،ومن ثم "

وإنتاج فيلم سينمائي يتمتع بكل 1،"عرفة هذه القواعد أننا نستطيع كتابة سيناريو ال تعني م .مواصفاته الغائية، ونشاطاته اإليحائية الفنية

وإذن، نحن معنيون، فيما سيأتي من مباحث، بمدارسة السينمائية ال بوصفها إرهاصا، عند آخر، وتتسق في محطة، وتختلف في تتقد عند مخرج، وتخفت" أسلوبية " ومحض تجليات

ولسنا . ولكن بوصفها كيانا مفاهيميا مكتمال، ومنسجما قد بلغ أوجه من النمو، والتطورأخرى، إذ فضال عن هنا ندعي إحاطة بكل مالبسات التطور التكنولوجي الذي لحق بالتقنية السينمائية،

ر بهذا البحث أن يتخصص في توصيف التقنية، وسرد مراحل عدم اتساع السياق لذلك، ال يجد ،وية الفنيةاللغاإلنجازية هو يصبو إلى تحسس تلك المسافة بين التقنية، وبين تطورها، بل

. 52، 48: البحث، ص، ص: ينظر * . 187: محمد شبل الكومي، النقد السينمائي من منظور أدبي، مرجع سابق، ص 1

Page 287: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

287

وتعقلها على نحو ما يسهم في تحيين سينمائية الفيلم، ويجلو فلسفة استثمارها فنيا، ويمنحيمكننا أن نتعلم التقنية في " آية ذلك أنه .ية التمفهم، والتقعيدمشروع" السينمائية " لمصطلح

في حين تلزمنا حقب زمنية ، )Orson Welles(على حد تعبير أورسون ويلز 1،"نصف يوم . لكي نتعلم كيف نحول التقنية إلى سينما، وكيف ننسج منها فنا سينمائيا أصيالجمة

فالسينما ليست اختراعا بقدر " وعليه، . هائي لهو آلة كاميرا، واستعمالإن الخطاب السينماوعنصر تنطوي على عنصر جمالي وعنصر تقني..] إنما هي. [ما هي حالة تطور معقد

وهذه العناصر األربعة سوف تضع دائما شروط . اقتصادي باإلضافة إلى عنصر الجمهور 2".زمان ومكان الصورة التي تظهر على الشاشة في أي

الطرح المنهجي، األنطولوجي، يتعين علينا أن نحيل إلى موقع مقولة ذا من منطلق هده من الخطاب السينمائي، في سياق هذا ما نقصفالحق إن من الكنف السينمائي؛ الخطابة التفليم، ونهائية ة التقنية إلى عينيهو ذلك المستوى اإلنجازي الذي يتخطى افتراضيالبحث،

في تشريح موفور التقنية – إذن –لن ننحصر .التصوير، مرورا بنسخة السيناريو المؤقتةالكاميرا، وبعد الترتيبات البعدية ألنها بمثابة النظام القبلي الذي ال يتحين إال بفضل نقر آلة

على أبجديات لنهائي، ولن نشتغلالتي ينجزها المخرج إلخراج الفيلم في شكله ا )المخبرية(باعتبارها، أيضا، خطوة افتراضية بالنظر إلى لحظية التصوير، وعيانية الكتابة السيناريوهاتية

لمفهوم الخطاب سندا لنا )P. Ricœur(من تصور بول ريكور في هذا المقام، ،وإننا نتخذ. الفيلمأن النظام ال يوجد، " للفيلم؛ ففي تصوره )النهائية(المرئية في تبرير توجهنا الرأسي إلى الرسالة

والرسالة وحدها هي التي تضفي الفعلية على اللغة، ثم يأتي . بل إن له وجودا افتراضيا فقط" قعة الكالمية لواا" مقولتهكما أننا نتبنى، في السياق ذاته، 3،"الخطاب ليوطد وجود اللغة نفسه

النسق اللغوي أو أن الخطاب يدرك زمنيا وفي لحظة آنية، في حين إن النظام" يعني بها التيأمرا " الخطاب السينمائي " ، و"السينما " هكذا سيكون التمييز بين 4".افتراضي وخارج الزمن

حقل من يال زمن له، أو هعلى حد السواء؛ السينما نظام .. في متناول الباحث، والمتلقي

. 187: المرجع السابق، ص 1 . 11: سينما العالمية، مصدر سابق، صجورج سادول، تاريخ ال 2 . 34: نظرية التأويل، الخطاب وفائض المعنى، مرجع سابق، صبول ريكور، 3 . 37: المرجع نفسه، ص 4

Page 288: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

288

ؤثثه ترسانة من التقنيات التي ال تلبث تتجدد، والفيلم السينمائي خطاب آني، لغة ناجزة نظمة تاأل،رهين بمتكلم واحد هو المخرج " قول"أي " ملفوظ"هو " أو واقعة كالمية، إنما 1عبر كالم فردي 2".وجي كالشخوص مثال، ورهين بسياق ثقافي، جمالي وإيديول أو بعدة متكلمين

ولئن كانت التقنيات . فكأن التقنية، في عالم السينما، معجم، واستعمالها كالم، أو خطاب هذا المعجم ر مستديم، فإنل، –اد، أو من حسنه قمن سوء حظ الن -السينمائية في تطومتحو

،ونسبي يحتل رتبة" السينمائية " غير أننا نرى أن آخر ة صعيدأرقى من مستوى إنجازي بمجازية ىعنإنها ما ي.. الخطاب بحكم ما تتضمنه من مفاهيم شعرياتية، وأبعاد ذوقية

" وبالتالي، فهي 3لتقنية الفيلمية بناء لقطاتيا، وتمفصال مونتاجيا،عن ااالستعمال، وانزياحه به إلى ما هو أبعد من التواصل أفق لتغذية الخطاب السينمائي وتقوية حموالته واالرتفاع

:نحب أن نمثل لهذا المقصد بالخطاطة التبسيطية اآلتية 4".البصري العابر

.ةالسينمائي الخطاب / التصوير السينمائي السيناريو آلة الكاميرا

). شعرية االستعمال( ) ةسينمائيالواقعة ال/ االستعمال ( )المرحلة( )تقنيةال(

2-1- المونتاج والسةردي السةينمائي ال جرم، قد صممنا أن يكون المونتاج فاتحة االقتراب من فواعل السينمائية في بنية

بيد أن مقاربة سينما المونتاج ،لكونه يمثل رحم اللغة السينمائية وال غرابة لسينمائياالخطاب ة الحديبحكم أنها تحتل مرحلة ال يستهان جيث عن سينما الالمونتاضمر، بطريقة أو بأخرى، ني

بها في تاريخ السينما العالمية، السيما من حيث التصور المستحدث عن أنطولوجيا الخطاب السينمائي .

لفيلمية البارزة على بعض المواصفات ا، وقوفا مختصرا شبه إجرائي، لذا ارتأينا أن نقفيب المونتاج، غيطبعت بنية هذا النمط من السينما، وميزت سلوكه اإلخراجي الذي كان التي

1 Cf, Julia. K, Le langage, cet inconnu, Op. cit, P : 16.

تاريخ ،http aljabriabed. com قع اإللكتروني؛ ، المو47: بشير القمري، السينما والشعر، مقاربة عامة، فكر ونقد، ع 2 .م2009جوان :التحديث

.نفسه: ينظر 3 . نفسه 4

Page 289: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

289

إنما عقدنا العزم على تبديد .!ويستحضر البصمة المسرحية على نحو مريب، ومؤسس في آنوقررنا أن ا الالمونتاج،طفور أسلوب سينم التي طالما أرقت المنظرين تاريخ كثير من األسئلة

الصبغة المسرحية التي كادت تقضي على التحفظات التي ساورت النقاد بشأن حقيقةنتحرى .!جنسية السينما، وتعود بها آالف الخطوات إلى الوراء

2-1-1 - أم فيلم مؤفلم ح ؟ مسرحرسمم عن الفيلم سينمائي -صور تقنوأول مبشر بت )André Bazin(بال شك، كان أندري بازان

فطفق ينحت من المصطلحات ما . يؤثل لتغييب المونتاج، ويبرر إسقاطه من مسار التصوير، والسينما )Cinéma du non-montage(سينما الالمونتاج : هايوائم هذا التصور، ويستغرقه؛ من

وهي كلها ،)Le cinéma moderne(، والسينما الحديثة )Cinéma de continuité(المتصلة ى، قدر تحاشأن تمصطلحات تحيل إلى األساليب الجديدة في التصوير الفيلمي التي من شأنها

القبلية للعرض الرامية إلى إنتاج مزيد من التفاصيل إلعادة ترتيبها بالمونتاج، التجزئة اإلمكان، 1.واهرية العالمما يسمح بمسح شامل، وأكثر احتراما لالمتداد الزمكني لظ

هرولين، والم"المتهورين " بازان ضمن زمرة . فمن منطلق هذا التصور، لم ينخرط أبدعوى أن الحوار ينحو بالفيلم )Dialogué -الحوارية (الرفض القطعي للسينما المتكلمة إلى

يؤسس لخطاب برىبل ان 2رأسا مع جمالية التعبير السينمائي،إلى مشابهة المسرح، ويتنافى حتى وإن استدعى ذلك سينمائي بعيد تماما عن ضوضاء التركيبية، ونظام القطع، واللصق،

واألدهى . وسمه بخصائص ليست له، ومالمح وافدة من خارجه على غرار الخاصية المسرحيةإنه هو العنصر بل ئية؛ اللغة السينما الفيلم، وجوهر يتوسم في المونتاج ركيزةأن بازان لم يكن

القول عنه في الذي يعيدون "فهذا المونتاج ،!الغريب عنها، واألداة الدخيلة على نظام السينماهو بمعنى الكلمة الوسيلة األدبية والمناقضة [..] أغلب األحيان بأنه جوهر السينما وأساسها

دركناها في نوعيتها الخالصة وحالتها النقية، إن الذاتية السينمائية إذا أ. تماما للوسيلة السينمائية 3".تكمن مع هذا في مجرد االحترام الفوتوغرافي لوحدة المكان

1 Cf, Christian Metz, Op. cit, P P: 37, 38. 2 Cf, Alain Masson, Op, cit, P : 25.

. 154: س، ص. منى الصبان، مر 3

Page 290: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

290

التمظهرات المسرحية المترتبة عن مناددة المونتاج، قد احتضنتالحال أن نظرية بازان داخل الفيلم، سوى أنها نجحت، على نحو ما، في تعقلها من وإقصائه من معجم السينما،

بمعنى أن عدائية بازان للمونتاج، وتهجمه القاسي على وإخضاعها لمنطق سينمائي حصيف، إذ عكف على تعضيد موقفه بمفاهيم مفتاحية، وسلوكا ممنطقا، 1رواده كان تصرفا مذهبيا،

جليها في بنية الفيلم السمة المسرحية، وعدم االكتراث بت من شأنها امتصاص وآليات إخراجيةنحو األمام، وتحرره من مادلحساب التوصل إلى أطاريح نقدية جديدة تدفع بجماليات السينما ق

.دلية الصمت، والنطق القديمة العقيمةج، " La profondeur du champ –عمق المجال " ومن بين هذه المفاهيم، واآلليات، نجد

الجانب السردي، " جسد اآللية األولى حيث ت ؛" Le plan-séquence –المشهد –اللقطة " و عالقات تنشأ بين اللقطة األولى، واللقطة الثانية، واألسلوبي الذي يستخلص منه اإلخراج

مدة )وإذن لقطة(بمجرد أن يستغرق التقاط صورة مستديم " فيما تتجسد اآللية الثانية ، "والخلفية حسية، عية تحركات مركبة لشخصيات مؤفلمة، تصاحبها حركات الكادر الطويلة نسبيا بم

فعمق المجال يبدو للوهلة األولى مظهرا مسرحيا، يكرس أليقونية النسق، 2".والمرئية ومرجعية المعنى على حساب تركيبية المشهد، وتعددية التأويل، إال أنه، في الحقيقة، يعرض

ى على صعيد اللقطة، إذ يعرضها ة شتئة، والبنينة، ويمظهر مستويات قرائيلنمط آخر من التجزبمثابة اإلقصاء )Tournage en continuité(إنما كان التصوير المتصل . بأسلوب سينمائي خاص

م، انتباه المشاهد في تلقي المحتوى البصري للفيللكونه يقيد، خطوة بخطوة، المطلق للمونتاجعكس الحرية التي ينعم بها جمهور السينما المتصلة في انتقاء المستوى القرائي الذي يروق له

عمق مجالها، وشساعتها، وتحركها، فضال عنعلى صعيد اللقطة من بين المستويات المقترحة .)المرجع(كبر حجم المشابهة بينها، وبين الواقع ورغما عن 3وتشابك معطياتها السردية،

من هنا، نحسب أن الفيلم البازاني يضمر المونتاج، وال يقصيه، أو هو يقوم على إذ المستويات التأويلية التي يمنحها عمق المجال، ن التقنية،ممونتاجية مضمرة، تتم في غفلة

مقطع المرجو والحركة الداخلية للقطة المشهدية، ال يتم انتقاؤها إال وفق استبدالية ذهنية تتخير ال

1 Cf, Christian Metz, Op. cit, P : 38. 2 René Gardies, Comprendre le cinéma et les images, Armand Colin, paris, 2007, P : 29. 3 Cf, Christian Metz, Op. cit, P : 38.

Page 291: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

291

عمق " إن . همن بنية المشهد، وتهمش المقطع غير المرغوب على نحو ما يفعل المونتاج عينالمجال يفترض بالتالي موقفا ذهنيا أكثر نشاطا، بل يفترض مساهمة إيجابية يقوم بها المتفرج

نتباهه في انتباه يصب ا[..] فبينما هو في المونتاج التحليلي ليس عليه إال أن . تجاه اإلخراجالمخرج الذي يختار من أجله ما يجب مشاهدته، فإنه يطلب منه أقل قدر من االختبار الشخصي

ثم إن مستويات 1".على انتباهه وعلى إرادته يتوقف إلى حد ما على كون الصورة لها معنى ة المطابقة الواقعية المماثلة، وأغلوط يحمي سينما بازان من الوقوع في فخ االستبدال تلك هي ما

فالواقعية . ال تحيل إال إلى ذاتها، وال تمنح أي نسخة تأويلية ممكنة –بعكس تصوره –التي ليست مطلقة، بل تتخللها التقنية الفيلمية مجسدة في اآلليات المرافقة 2التي كان ينشدها بازان

المخرج، ال إلرادة المتفرج، األمر الذي حدا المشهد، التابعة لرؤيا –لعمق المجال، وكذا اللقطة أن المعطى الفيلمي يظل عرضا نظميا، وإعادة " إلى الحسم في )Jean Mitry(ون ميتري بج

تأويل للواقع، حتى وإن صور على نحو متصل، إذ ليس بوسعه أن يالمس الصفة الوهمية 3".للنسخة الكاملة

فسلم ل طرافة، أن يؤسس لسينمائية السينما من خارج السينما،هكذا حاول بازان، وبك. مفاتيح التذوق كلها، مشركا إياه في عملية إنتاج اللقطة، متنازال له عن مهمة إخراجها لمتلقيل

إن لفي السينمائية البازانية نفحات من نظريات التلقي المعاصرة، ومطارحات إيكو بخصوص أنه اعتدل في موقفه على شاكلة جون ، بيد أنه ما كان ليغرد خارج السرب لوحاألثر المفتو

اإلخراجية، والتأويلية االستهالكية، إذ أدلى بنسبية ةميتري الذي وازن بين الحريتين؛ اإلنتاجيشياء، رات الداخلية لألماكن، والعالقات بين األبفعل التغي الحرية في تلقي أفالم السينما الحديثة

كات الممثلين، والتنويعات والشخصيات، وكذا التأطير، واإلضاءة، وحركات الكاميرا، وتحر 4..مستمرة للديكورال

ر البازانين في التصوالتمع وفي كل األحوال، إنالشتغال الفيلم يس مكن من تحس إذ؛ )السينما الممسرحة( حسرملفيلم الم، وبين ا)المسرحية السينمائية(الفارق بين المسرح المؤفلم

. 161: ، ص1أندريه بازان، ما هي السينما، ج 1 .نفسه 2

3 Christian Metz, Op. cit, P : 39. 4 Cf, René Gardies, Op. cit, PP : 29 et 30. Et Christian Metz, Op. cit, P : 39.

Page 292: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

292

ال يمثل البناء السينمائي في حال العبارة األولى سوى الحامل المادي للمسرحية، فيما يمثل في حال العبارة الثانية بؤرة الخطاب السينمائي الذي، وإن كان مشربا ببعض خصائص المسرح،

.سينمائي ليس إاليظل محتكما إلى جادة االشتغال الللمخرج اإليرلندي براناه كينيث )Hamlet(فيلم هملت للقطة من فيما يلي، نقترح تحليال

)Branagh Kenneth( المفاهيم المسرودة أعاله بغية إعطاء صورة إجرائية عن أهم:*

ما للمشهدية لإلى ركح مسرحي ماثل بك **كاد عمق المجال أن يحول هذه اللقطة المسرحية من مواصفات، ومزايا، وقد كان للحوار، وطريقة أفلمته، وإدارته بين الشخصيات

ة للمتلقي ههنا مفعول إضافية ما . يغذى تأثير السمة المسرحية في المدارك البصريثم بيد أنة لهذه اللقطة، ويجعل من الوسم المسرحيهامشية ليس إال يوطد الحصانة السينمائي فيها مالمح.

تقترح بنية هذه اللقطة على المشاهد ثالثة مستويات للقراءة، والتأويل فضال عن عمق ل ***سطح؛مجالها، ومثولها المة المستوى األومن الجهة األمامي ها األيمند جانبحيث )أ(إذ يجس

في الخادم ولدسترن، وروزنكنتر، ويجسد وقوفنشاهد حوارا دائرا بين كل من جورترود، وغ

.1996، وألفه، ومثل فيه متقمصا شخصية هاملت، عام )Branagh Kenneth( كينيثبراناه الذي أخرجه صدر هذا الفيلم *

.)2(الصورة؛ : ينظر ***** ر السينمائيعن ذلك بمصطلح ونغالبا ما يعب "Planéité "ة التي تظهر اللقطة أي؛ التسطح، للداللة إلى التأثيرات البصري

. Cf, René Gardies, Op. cit, P : 29.مسطحة، وهي تأثيرات مترتبة عن توظيف عمق المجال، واللقطة المشهدية

ǚ :)2(.

Page 293: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

293

الخادمة الماثلة في الخلفية، والمنشغلة ما تجسدنيب، )ب(المتوسط المستوى الثاني )اللقطة(عمقها .)ج(بترتيب أثاث البهو المستوى الثالث

ذي نسطع القول إن هناك مونتاجا مضمرا يربط بين هذه المستويات، األمر ال من هنا،يجاور بين المستوى، واآلخر على )Axe syntagmatique(يعزو إلى بنية اللقطة محورا ركنيا

الرغم من كونه يشتغل اشتغاال فوتوغرافيا بعيدا عن حشرجة التقطيع، إذ هو ما يحقق لتعبيرية االستبدالية، الركنية هي صنو بحكم أنParadigmatique( (المشهد، ال محالة، مكسبا استبداليا

لذا، فإن النشاط *.تستحضر الواحدة منهما األخرى رغم حضورية االرتكان، وغيابية االستبدالسينمائي لهذه اللقطة يقوم على حرية استبدال مستوى بآخر في بنية المجاورة البصرية -السيميو

:التاليةلنحاول التمثيل لذلك من خالل الخطاطة . التي يقع عليها اختيار المتلقي . محور الحدث؛ عالقة قضية هملت بزيارة غولدسترن، وروزنكنتر : )أ(المستوى - .عادات، ونظم الحياة الملكية انطباع عن :)ج(المستوى + )ب(المستوى - .إحالة خافتة إلى طبيعة الحياة الملكية : )ج(+ )أ(أو / )ب(+ )أ(المستوى - .غير مرشح بقوة لالنتقاء لكونه يقصي الحدث المحوري: )ج(أو / )ب(ى المستو -

لة للمتلقي النتقاء ما يريد من هذه المستويات محدودة، بل مشروطة غير أنالحرية المخوبآليات تقنية، وخصائص تعبيرية هي من لدن السينما دون سواها من األجناس الفنية األخرى،

فالمشهد (، ههنا، السمة المسرحية، وتنتهي حدود التأويل عند عتبة التأطير بحيث تتراجعالمستويات للظهور، أو الضمور حسب المبتغى التدليلي بعض رشحالذي ي )المسرحي ال يؤطر

ينضاف إلى ذلك التحرك الداخلي للقطة، وغيرها من اآلليات السينمائية التي تحد انتباه . للمخرج .تفرج، وتوجهه، وتحول دون أن يغدو متفرجا مسرحياالم

. 89، 74: ينظر البحث، الفصل األول، ص، ص *

Page 294: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

294

لكن ألم يكن بوسع المخرج أن يجزأ هذه اللقطة مخصصا لكل مستوى من مستوياتها . لقطة باستعمال المونتاج ؟ وما الجدوى إذا كان هذا المونتاج يوصل إلى المبتغى الداللي ذاته ؟

**.ال غير أسلوبإنها مسألة

السرد المونتاج ونسقية المرجعية - 2-1-2هو ما يشكل بؤرة )Découpage(ال جرم إن المونتاج بوصفه تقنية تتضمن فعل القطع

إذ هو، بهذا الوصف، ال وجود له في أي جنس فني .االعتمال السينمائي الخالص في بنية الفيلم ،عن باقي الفنون ويحقق لهاآخر ما يمنح السينما امتيازها الذاتي المونتاج . استقاللها النوعي

.هو النبع الصافي الذي ينبغي أن ينهل منه كل مخرج سينمائي لقاء تفعيل سينمائية السينماتمظهرا شعرياتيا، ولئن كانت السينمائية، وفق التصور المقارباتي لهذا البحث، تقتضي

فنا، أو مصدرا فعليا نينا في هذا المقام؛ متى يكون المونتاج وسلوكا دالليا، فإن السؤال الذي يع .لسينمائية الفيلم ؟، أي؛ كيف يمكن االنزياح به من التقنية إلى الفنية ؟

مونتاج، كل قطع ووصل بين اللقطات يعد إنتاجا فنيا لخطاب الفيلم، وترشيحا ليس كل بين لقطاتها، ، والوثائقية، مثال، تعتمد، ال محالة، المونتاجكافيا لسينمائيته، فاألفالم العلمية

الفن " من هنا يأتي تحفظنا من بودفكين حين قرر أن وليست، مع ذلك، إنتاجا سينمائيا؛متناوال جمالية 1،"السينمائي يبدأ من اللحظة التي يبدأ فيها المخرج في وصل أجزاء فيلمه

فالقول بالوصل بين أجزاء الفيلم من دون اإلحالة إلى .المادة، والبناءالسينما من منظور جدلية وال الطريقة التي يتم بها، قول ناقص، وال يستوفي مفهوم الفن في مصطلح اللغة السينمائية،

أن مادة العمل السينمائي هي قطع " نعتقد أن بودوفكين لم يكن يحيل إلى ذلك، فهو الذي ارتأى حيث يظهر 2،"ن م، وأن وسيلة استخدامها تتمثل في وصل هذه القطع حسب ترتيب فني معيالفيل، ما يعني أن كينونة المونتاج في ذاتها "الترتيب الفني " أخضع فعل منتجة اللقطات لشرطية أنه

Cf, Christianالمشهد إلى خيار أسلوبي منذ سنوات السبعينات؛ آية ذلك أن تحولت آلية التصوير بعمق المجال، أو باللقطة **

Metz, Op. cit, P : 38 في بنية األفالم المعاصرة؛ واالستمراري ،مما أفضى إلى وجود توازن بين االتجاهين؛ المونتاجي ، . 216: س، ص. منى الصبان، مر: ينظر

. 70: س، ص. منى الصبان، مر 1 .نفسه 2

Page 295: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

295

المجاورة ة، إنماتقني -لتحويل الحضور المادي التقني للفيلم إلى واجهة فنية، وفوقغير كافية ستوى استعاريا ال يمكن فهمه إال يعزو للمتتالية الفيلمية م ماهي ، واألخرى بين اللقطة * الذكية

صحيح أن بودوفكين قد ف. بوصفه امتيازا سينمائيا صرف يستهدف محاكاة الحياة، ال استنساخهاحدثا إلى صور جزئية ليجد بعد " يشرح " المخرج السينمائي بأن يعرف كيف موهبة" فسر

يعيد تتابعها بناء الحدث في مجموعه، إنه على أنلتنظيم هذه الصور، األمثل يبرتذلك الت إال أن 1،"هو الذي يجعل من السينما فنا، ويميزه عن مجرد إعادة إنتاج بسيط للحياة المونتاج

، ، وضوابطه التقعيدية"الترتيب األمثل " الذي يقتضي منا التفسير حقا، هو طبيعة ذلك .اإلخراجية التطبيقية ؟و

الجاكوبسونية التي اختصصنا لها مبحثا في –نحب هنا أن نستنجد بالمرجعية اللسانياتية /)Combinaison(التنسيق " ي الفصل األول من هذه الدراسة، وأن نستند، أساسا، إلى مفهوم

ركنية المونتاج لتظهر عبر التنسيق بين إن *؛"االستبدالية )/Sélection(االنتقاء " ، و"الركنية ، وكأن لقطة، ونظيرتها في بنية النسق العام للفيلم، وهو النظام الذي يترتب عنه إنتاج المعاني

ف منها جمل الفيلم، إذ ال يمكن للقطة معزولة أن تنتج اللقطات هي الوحدات المعجمية التي تتأل" :لتقنية المونتاج )األولي(العام ذلك ما ينسحب عليه المفهوم **المطلوب،" السينمائي " المعنى

أي؛ 2،"خلق معنى ال تحويه الصور بصفة موضوعية، معنى ينتج من ارتباطها وعالقتها فقط يكمن في الصورة ذاتها، بل هو ظل الصورة الساقط، عبر المونتاج،المعنى ال " هي ما تجعل

3".مستوى وعي المتفرج على دة التي اكتنفت المونتاج بيد أنابتدائيا بالنظر إلى مجمل الوظائف المتعد عدهذا المفهوم ي

استعاريا، وإيحائية منح للتجاور بين اللقطات مظهرابتطور اللغة السينمائية، كما ال يشترط أن ي

بالتوظيف الذكي للمونتاج الذي غدا من أبرز الوسائل السينمائية المستخدمة في السينما )Lee Bobker( و ما عناه لي بوبكروه * . 217: المرجع نفسه، ص: المعاصرة؛ ينظر

1 Christian Metz, Op. cit, P : 91. . 89، 74: البحث، ص، ص: ينظر *

التي يمكن استخالصها من المحتوى الداخلي لبنية اللقطة الواحدة، إذ سنتناولها على نحو عن تلك الركنية هنا نغض الطرف ** .آخر في المبحث الالحق

.147: س، ص. ، مر1أندريه بازان، ما هي السينما، ج 2 . 68: س، ص. قضايا علم الجمال السينمائي، مر يوري لوتمان، 3

Page 296: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

296

جمالية، وال أن يحقق الترتيب الفني وفق ما عناه بودوفكين أعاله، وذلك ألن المعنى الذي ينتجه تكميلي ر، إنما هو، في حقيقته، معنىب هذا التصوالمونتاج، حس إلى المحتوى األيقوني إضافي

يب، خال أنه محتوى مرحلي، ناقص بالنسبة إلى الحركي الصوتي الذي تحمله اللقطات قبل التركبوصفه محض تقنية أحادية ففي هذه الحال يشتغل المونتاج 4.المعنى الناتج عن المونتاج

إخباري، " نثري " تسجيلية، وبتجاور الوظيفة، من شأنها سبك المتوالية الفيلمية بركنية حرفية انعكاس آثاره الالالسرد وه الوحيد هو إنتاج وهم غرض على وعي نفسيةحركة، وضمان

طة، ال يقوم إال بإتمام المعنى الناقص في اللقطة طة بلقفهذا المونتاج، وهو يربط لق *المتفرج، 1.الذي توفره اللقطة الالحقة -الناقص هو اآلخر –السابقة بالمعنى

+

.)4(: الصورة . )3(: الصورة ، بحيث تكمل الواحدة منهما واضح) نثري( ربط منطقييقوم المونتاج بين هاتين اللقطتين على

بالشخصية التي تتلقى مهاتفة الشخصية األولى الماثلة في األخرى أيقونيا، وصوتيا؛ فاللقطة الثانية تعرفنا. بين اللقطتين )المتناوب(التسلسل المباشر كذلك جمل الحوار يتمم بعضها البعض من خالل و. اللقطة السالفة

..حرفية، تسجيلية، خافتة التجلي السينمائي، وضنينة اإليحاء، والتأويلوإذن، فإن المجاورة بينهما

بينها بأوجه رجاوتركنية اللقطات، ومساحات ال ه في وسع المخرج استثمارإن الحق، األمر الذي أفضى إلى اختراع العديد من النماذج المونتاجية تركيبية متباينة، وغير محدودة

ما يهمنا في ذلك هو طاقة االستبدال الهائلة غير أن **،التي ال تزال قيد التداول إلى غاية اليوم

4 Cf, René Gardies, Op. cit, P : 39.

.؛ مصدر سابق" الخرفان صمت" أخذتا هاتان اللقطتان من فيلم . )4(، و)3(الصورتان؛ : ينظر *1 Cf, Marcel Martin, Le langage cinématographique, Op. cit, PP : 157 à 164.

ته، وسرديته، والمونتاج الذي يكون غير مرئي من حيث حركيOrdinaire, narratif( (على سبيل المونتاج العادي، أو السردي ** الغنائي)Lyrique( نة الواقع، والمونتاج الذهنيرشاهد على نحو يسهم في شعالذي تجزئة الفيلم إلى أكبر عدد من الم

Page 297: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

297

لية السينمائية ليكاد يكون نسخة لمنطق إن منطق االستبدا التي تمتاز بها ركنية النسق السينمائي؛ال سيما من حيث حرية االنتقاء التي ينعم بها المخرج حيال معادل اللقطة في االستبدالية اللسانية

تناط شعرية اإليحاء 2،فمن منطلق مشروعية المشابهة بين اللقطة، والكلمة ***المتوالية الفيلمية؛خرى على أن يكون فعال انتقائيا، أي؛ استراتيجيا يعضد نسقية السينمائي بفعل استبدال لقطة بأ

اللقطاتي، فيغدو المونتاج أسمى من مجرد تقنية تنتج معنى حرفيا يكمل ما نقص في التجاورفي بيد أن مساحة االستبدال في السينما أوسع منها في اللسان، وحرية السينمائي. اللقطتين

ذلك راجع إلى كون النهائية المعادل السينمائي مضاعفة حرية اللسانياتي، االنتقاء أكبر منهي تتم من خارج اللقطة، أو من مجملها؛ أي من خالل اإلمكانات، التقنية ؛ إذ )مزدوجة(

والتصويرية، الالمنتهية في إنتاج اللقطات، وتتم أيضا من داخلها؛ أي على صعيد اللقطة أن ثمة استبدالية أخرى، غير استبدالية المونتاج، تتكشف داخل اللقطة ذاتها ما يعنيالواحدة،

1.فضال عن ديناميتها، ووحداتها الصغرى، وتفاصيلها التكوينيةفإن الطابع األيقوني التماثلي للقطة يحرر محور االستبدال في النسج عالوة على ذلك،

تركيبي الذي ينماز -ك اللفظي، والداللي، ومن التوافق المورفوالسينمائي من خاصيتي المشترترتيب اللقطات في محور –ذاتها )Ordre(األمر الذي يجعل خاصية الترتيب به اللسان،

غير مشروطة نحويا، وإعرابيا، فتنضاف إلى ذخيرة المخرج في استثمار –المونتاج ، فإن ولما كان المونتاج تقنية سينمائية محض .المشهدياالستبداالت، وتعزيز إمكانات التنسيق

متمخضة عنه لهي األقرب إلى وريد السينما، وصميمها مقارنة مع استبدالية اللقطة ستبدالية الاالالواحدة التي تشترك في إتاحتها جملة من العناصر الفنية الالسينمائية؛ الفوتوغرافيا، التشكيل

مما يفضي بها إلى إنتاج تمظهرات بنيوية، .. الصوت، األداء التمثيليالبصري، مستويات .ودالالت أقل درجة من حيث الخصوصية السينمائية

)Intellectuel( سيه، ونحوها من األساليب المونتاجية التي اختلفت بحسب فلسفة التحكم فيالذي كان إيزنشتين من أكبر مؤس

.Cf, Christian M, PP : 29 et 30. طبيعة التجاور بين اللقطة، واألخرى .84، 77 :البحث، الفصل األول، ص، ص: ، ينظراتيةالستذكار خصائص المحور االستبدالي، ومستوياته الشعري ***

. 42: يوري لوتمان، مرجع سابق، ص: ينظر 2تفاصيل : للدالالت أيضا وحدات أصغر. ر اللقطة؛ الحامل الوحيد للدالالت السينمائيةال تعتب". " اللقطة هي ظاهرة دينامية " 1

. 42، 41: ، ص، صالمرجع السابق؛ "اللقطة

Page 298: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

298

وإذن، إن ما يكرس للمونتاج سينمائيته هو اشتغاله النسقي، وسلوكه االنتقائي، وذلك . ، واالستبدال في اللغة السينمائيةبحكم أنه التقنية المسؤولة عن مداعبة محوري التركيب

إضعاف تسجيلية الربط بين اللقطات، ههنا يعني اتباع استراتيجية مونتاجية من شأنها ءواالنتقالعله األمر الذي حدا بإيزنشتين إلى . شدا انتباه الجمهور، وشده إلى نسق الفيلم وبالتالي، استثارة

فنيا، معتقدا أن الحصول على التعبير بمجرد " خلقا " ال ينتج رفض التسجيل المجرد للحياة ألنه وصل سلسلة من لقطات تفصيلية هو، في الواقع، تطبيق بدائي للتركيب السينمائي، وأن الفيلم

من مجموعة من الصدمات؛ أي اإليحاءات، بدال من ربط اللقطات وراء بعضها يجب أن يركب 1.البعض في سالسة

للمخرجين الروسيين؛ بودفكين، " موسجوكين " في تجربة اإليحاءات محالة، لنا من ال –السيميو يوضح سينمائية اشتغال الركنية، واالستبدالية، ويدعم استقصاءنا ما 2كوليتشوف،و

حيث إن هذين المخرجين قد عمدا إلى إسقاط مجموعة من المعادالت شعرياتي لهما أعاله؛ نظرة ال على ركنية لقطة محورية في المشهد المصور، وهي لقطة كبيرة تجسد )طاتاللق(

وهنا نلحظ أن االستبدالية قد تعلقت ،)لتكن اللقطة أ( معنى لها قصدا لوجه الممثل موسجوكينطبقا التي تمثل )ب(اللقطة : وهي ،)أ(باللقطات المقترحة، من قبل المخرجين، لمجاورة اللقطة

فإيحاءات ومن ثم .لطفل يلهو )د(المرأة شابة ميتة، واللقطة )ج(يفوح منه الدخان، واللقطة نظرة موسجوكين كانت تختلف باختالف اللقطة التي تجاورها من بين هذه اللقطات، وكانت

. ت، والتأويالتيمنح لتركيبيته قدرة على إنتاج شتى القراءابؤرة المنتجة في هذا المشهد هي ما :لنبين ذلك على هذا النحو

...الشراهة، ما أشهى هذا الطبق، ليتني أستطيع تذوقه= )ب(اللقطة + ) أ(اللقطة - ...الذهول، الحسرة على موت المرأة، من قتلهاالحزن، = )ج(اللقطة + )أ(اللقطة - ... الرغبة في ضمه اإلشفاق حيال الطفل، المحبة،= ) د(اللقطة + )أ(اللقطة -

تكشف هذه التجربة عن كون المونتاج يقع في صميم االشتغال السيميائي ،بال شكيمثل حتى أننا نستطيع اعتباره المحرك الفعلي للسيميوزيس السينمائية، 3لخطاب السينما،

. 103، 94: س، ص، ص. منى الصبان، مر: ينظر 1 .68: س، ص. ، مر1أندريه بازان، ما هي السينما، ج: ينظر 2

3 Cf, Christian Metz, Op. cit, P :93.

Page 299: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

299

ية –على موضوع ؛ أي وجهة تأويلية تضفي )Interprétant(بوصفه أساس ماثول، أو مؤولة )Objet( ل .. اللقطات هاالت من المعنى، واإليحاءخرج عنصر المؤوعلى أن يكون الم)Interpréteur( االستبدال *.في سيرورة التدليل هذه كما نستخلص من وحي هذه التجربة أن)نيم )المونتاجيرنته، بل **ال يكفي وحده لتسالمونتاج، وشعهو ما يضمن السلوك االنتقائي

للسرد في بنية الخطاب السينمائي ثل الالمرجعيس التممظهرا فنيا، ويكر للنسق السينمائي . وإن ثمة تجربة أخرى قام بها كوليتشوف نراها أكثر تجسيدا لنسقية المونتاج، ولجدلية

،تمثيال لفكرة المخاللة بين المرجعي نا عنها في الحضور، والغياب، وأكثركما أب والالمرجعيصورت مشهدا المرأة تتزين، كانت تصفف شعرها وتتجمل " الفصل األول من هذا البحث؛

واليدين والساقين وهكذا صورت الوجه والرأس والشعر... وترتدي جواربها وحذاءها وثوبهاموجودة بالفعل حقيقة، لكنهاوبفضل المونتاج استطعت أن أخلق امرأة ال وجود لها في ال[...]

فالمرأة هنا موجودة، وغير موجودة، حاضرة، وغائبة؛ إنما هي موجودة بنيويا، 1".في السينما سينمائيا بفضل المونتاج الحاذق بين قطع اللقطات المأخوذة عن شظايا جسد، وهي غير موجودة

لقطات المعزولة ما كانت لتحيل إلى أي شيئيا، مرجعيا؛ أي خارج النسق الفيلمي بحكم أن ال *لهذه المرأة، في هذا المشهد، حضور نسقي المرجعي تخييلي،. امرأة لوال تدخل المونتاج

وغياب شيئيعنها سينمائية المونتاج، وبالتالي، مرجعي وإنها للمفارقة التي تنجر ،واقعيوتتكشف من خاللها مستويات ، - ألجناس الفنية كلهاكما هو الشأن مع ا - ،جمالية السينما

التخالل بين النسق، والمرجع وفق تصورنا له المشروح في الفصل األول أعاله؛ إذ تمثل لقطات في بنية المشهد، بينما )بؤرا مرجعية(حضورا مرجعيا .. اليدين، والساقين، والوجه، والشعر

. )بؤرا نسقية(قيا يمثل التنسيق بينها حضورا نسلسنا نبغي، في هذا السياق، إثارة اإلشكال المتعلق بطبيعة الفارق بين المادة الشيئية، وبين النسق السينمائي؛ هل العالمة هي المادة التي يشتغل عليها المخرج بحكم أن ال أحد بوسعه

.البحث، الفصل الثاني، السيميائيات البيرسية وشعرية الالمتناهي: ينظر *

.هنا صيغة التفعيل المشتقة من السينما؛ أي الضغط على سينمائية المونتاج، وتكثيف نسقيته) Cinématiser( المراد بالتسنيم ** . 27: لسينما العالمية، صجي أنيبال، والن أوديت غيرمو، المدارس الجمالية الكبرى في ا 1 . البحث، الفصل األول، شعرية تزيفيتان تودوروف: ينظر *

Page 300: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

300

ا التصور منطق بودوفكين لكن أال يناقض هذ 2دحض الجوهر السيميولوجي لظاهرة السينما ؟،مواد أولية في يد المخرج ؟، أليست اللقطة ذاتها )اللقطات(المذكور أعاله الذي يعتبر قطع الفيلم

.عالمة، أو كيانا عالماتيا يحيل إلى أشياء مادية خارجها ؟ نرجعه إلى الطبيعةنحسب أن السياق ال يتسع لمناقشة هذا اإلشكال، وهو أمر

.S(األنطولوجية المعقدة لخطاب السينما، لكننا نكتفي باإلحالة إلى تصور سانت أوغسطين

Augustin( زبين العالمة، والشيء جامعا بينهما في بنية اللغة السينمائية، إذ ،بحق ،الذي ميالمحول إلى )المرئي السمعي(أن الشيء إلى الثاني، مقررا اإلحالةحصر وظيفة األولى في

1.عالمة هو ما يؤسس لخصوصية المادة السينمائيةالتصورات الفنية، والفواعل الفيلمية لة إلى أن نكتفي باإلحا ، في هذا المقام،كما نفضل

التي تحقق للسرد السينمائي سينمائيته، على أن يأتي التفصيل إجرائيا في الفصل الالحق من هذا سينمائية السرد منوطة بالنسقية ذاتها، وبالحوافز الركنية، واالستبدالية ذاتها ن نقول إ. البحث

التي لزم أن تتحكم في تقنية المونتاج، بمعنى أن ثمة سردية مؤفلمة إذ هي نابعة من ذات ، وعلى هذا األساسالحدث، لكنها ال تعني سينمائية السرد، وال سينمائية السينما في شيء،

ينبغي أن يصدر السرد عن بنية اللغة السينمائية عينها، وبخاصة عن فعلي التقطيع، والتوليف كي يكون بمقدور عنصرين أن يأتلفا معا البد أوال أن " لكونهما يمثالن جوهر هذه اللغة؛ لذا،

ائل من هنا تبرز مسألة تقطيع النص وتقسيمه إلى أجزاء كإحدى أهم الوس. يوجدا منفصلين 2".األساسية في بناء العمل السردي

فإما أن نكاشف بنى مستويين في التحليل السينمائي للسرد،تمن هذا المنظور، ارتأينا أن نفتغدو سينمائية 3،"سمة يختلف اشتغالها باختالف اللغات التي تحينه " السردية من حيث هي

نضيف أنطولوجية للغة السينمائية ذاتها، وإما أن -ميوالسرد، عندئذ، لصيقة بالمنطلقات السيالوسيلة، ( يتمظهر عبره السردالذي يأخذ بعين الحسبان الوسيط" إلى هذا التصور مستوى آخر

، على يعطي للحامل التقني، وآلالت التصوير السينمائي األمر الذي 4،" )وليس اللغة فحسب

2 Cf, R. Jakobson, Questions de poétique, P : 106. 1 Cf, Op. cit, P : 106.

.95: س، ص. يوري لوتمان، مر 23 René Gardies, Op. cit, P :85. 4 Ibid, P : 86.

Page 301: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

لم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

301

وهنا ال . لمواضعات الكتابة السينمائية إخضاعهفي تسنيم السرد، ونة بيفاعلية تباينها وكثرتها، .!محال أن تكون سردية اللقطة أكثف سينمائية من سردية المونتاج: يسعنا إال أن نقول

لتدعيم تصورنا أعاله الخاص *في ختام هذا المبحث، نقترح التعليق على هاتين اللقطتين :صعيد ركنية المونتاجبسينمائية االستبدال على

+

.)6(: الصورة .)5( :الصورة هل بوسع المتلقي أن يستخلص معنى محايدا، أو نسخة قرائية ثابتة من مسار المونتاج المقترح بين

تسلسل بين مرجعين بؤرة نسقيةوييهما البصريين بوصفه إذ يمثل التجاور بين محت. كال. هاتين اللقطتين ؟. مبتسما، ومحدقا نحو األعلى Gladiatorمختلفين، وغر متجانسين؛ العصفور على الغصن، ووجه البطل

، ومفرغة من أي محتوى سردي غير منطقيةالحال إن ركنية المونتاج، في هذا الموضع من الفيلم، إنما هي ما يعني أن المخرج في هذا المشهد، .)؟ Gladiatorما عالقة العصفور بالبطل (يمكن هضمه؛ )ونولوجيكر(

التي نراها تطال لقطة العصفور؛ ما شأن العصفور في فيلم ممتلئ صخبا، االستبداليةقد ضرب على وتر من . ، أو شجرة، أو أي شيء آخر ؟، وبين جوادGladiatorوعنفا، وحروبا ؟، لماذا لم يجاور المخرج بين

، بوصفه محض تقنية ، على أنه مونتاج يتجاوز نفسهسينمائية المونتاج بين هاتين اللقطتينهنا، تتكشف يتوق إلى العيش حرا Gladiator؛ فسح التأويل، واإليحاء أخرى كيفما اتفق، إلىوجوفاء تربط بين لقطة،

... يحلق كهذا العصفور في سماء المجد، والنصرس Gladiatorكهذا العصفور،

. Ridley Scott: ؛ إخراج" Gladiator" : من فيلم .)6(، و)5(الصورتان؛ : ينظر *

Page 302: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

302

مصادر السينما في بنية اللقطة -2-2 سينمائي اللقطة كائن: مفاهيم - 2-2-1

الفوتوغرافية؛ فكلتاهما يؤطر قطعة من ، في مظهرها، الصورة)Le plan(تشبه اللقطة عنصر فاللقطة، بهذا التصور األولي، .الوجود، وكلتاهما يعاني من ضغط المماثلة، واأليقونية

ة الذي يقتضيه . منخرط في بنية سينمائية هي بنية الفيلم السينمائينتجإذ تتعارض مع منطلق المخطاب السينما، والذي تنجر عنه منطلقات سينمائية أخرى على غرار الحركة، والتقطيع،

وهي كلها منطلقات تتعالى على فوتوغرافية اللقطة، وتتجاوز .. ومزامنة الصوت، وهلم جراسها النسخي إلى ما يكرس للخطاب السينمائي انتماءه النوعي، ويؤسس للسينما أبجدية مستقلة، ح

.ومكينةحساسة سيكشف، ال محالة، عن وجود فوارقبيد أن التمحيص الجيد لمصطلح اللقطة

د كبير من الصور صحيح أن الفيلم مؤلف من عد بين كيان اللقطة، والكيان الفوتوغرافي؛بحيث يتجاوزها، ويتجاوز مثولها التناظري، الفوتوغرافي الخالص، بفضل تقنية الفوتوغرافية،

إال أن ذلك ال يلزم عنه 1المونتاج قصد التمكن من التدليل وفق مبادئه اللغوية الخاصة، واحدة مة أفالما صنعتها لقطةأن يكون الفيلم مؤلفا من مجموعة لقطات، بدليل أن ث بالضرورة

ما يعني أن اللقطة ذاتها تشمل عددا من الصور *.على شاكلة سينما األخوين لوميير وهنا تتجلى أولى الفروق بين هذين النمطين التصويريين؛ اللقطة، والفوتوغرافيا، الفوتوغرافية،

الوحدة " "سينمائية الفارق بينهما؛ إنها يكفي أن نراجع المفهوم التقني للقطة كي نستشف بحيثالجزء من الشريط الذي يصور بين لحظة تشغيل الكاميرا ولحظة إيقافها ". الفيلمية الصغرى

2".التالية مهما كان مضمونه بنية دينامية تحتاج إلى سكونية الصورة ليست اللقطة كيانا فوتوغرافيا قط، إنما هي

وتعتضد بثباتها األيقوني، إن اللقطة خطابان؛ خطاب فوتوغرافي ساكن، وخطاب الفوتوغرافية،

1 Cf, Christian Metz, Op. cit, P P: 94 et 95.

كانت آلة التصوير تثبت في مكان واحد بعيدة بعدا كافيا مما تصوره حتى تستوعبه بكامله، وتترك للمتفرج فيما بعد " حيث *قد )J. L. Goudar(جودار . ل. كما نجد ج. 30: س، ص. ؛ منى الصبان، مر"حرية اختيار الجزء الذي يرغب في مشاهدته

. 197: ن، ص. المر: في لقطة واحدة؛ ينظر" عاشت حياتها " فضل تصوير فصل من فصول فيلم .38: يوري لوتمان، مرجع سابق، ص 2

Page 303: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

303

لهذا السبب ال يمكن المطابقة بين اللقطة، والصورة " متحرك يمتطي األول، ويعلوه، اللقطة . المطبوعة على شريط الفيلم -الكادر –" الصورة الصغيرة "الفوتوغرافية المنفردة، تلك

حسبنا أن الفوتوغرافيا ليست سوى مادة 1".ة دينامية، إنها تسمح بالحركة داخل حدودها ظاهربمعنى أن اللقطة خام يستثمر منها المخرج ما يمكنه من بناء اللقطة، وتشكيل معالمها السينمائية،

تنهل بخطوتين مادامت الصورة الفوتوغرافية عينها هي بمثابة وحدة لغوية بعيدة عن المرجع رأينا السالف أن اللقطة ليست المادة يؤكد من مادة الواقع الكامنة خارج اإلطار، األمر الذي

،أ من نسيجه البنيويال يتجز ومصدر من مصادر األولية لخطاب السينما، وإنما هي جزءال على األشياء إذا كانت السينما لغة، فألنها تشتغل على صور األشياء، " وعليه، .سينمائيته

2".اتها وذإن اللقطة لهي كيان سينمائي بامتياز، وال ضير أنها تجاور المونتاج، وتشاركه بعض

من الخصائص، والمكونات هاما يشي بأن لسماته، وخصائصه، أكثر مما تجاور الفوتوغرافيا، التي يرشحها ةك في مستوى السينمائيالبنيوية ما يؤهلها لتعضيد سينمائية الفيلم، وإن لم يكن ذل

المونتاج، ويصخرها للمخرج في شكل إمكانات تعبيرية خالصة، وذلك بسبب الشبه المشبوه .بينها، وبينه الصورة الفوتوغرافية الذي يظل يسيطر على معالمها التكوينية

س التي تفصلها عن ، والمزية األساالمباشر لسينمائية اللقطة المصدر الحركةتعد وإذن، قد يزيد من –الداخلية خصوصا –غير أن رهان الحركة ؛أي نمط تصويري يعتمد التأطير

حجم المطابقة بين نسخة اللقطة، والمرجع الخارجي الملتقط، فيحنط مسالكها التعبيرية، ويضعف مونتاجي نهج تقطيعي لذا كان لزاما أن تحرك اللقطة وفق مسينمائي، -اشتغالها السيميو

تستقر داخل نسق التقطيع هو محدد اللقطة، واللقطة هي محدد الحركة التي " مدروس، ما جعل من هنا، فإن القطع، والجمع كليهما يدخل في 3".مغلق بين عناصر المجموع، أو بين أجزاءه

، إذ هي من زاوية القطع تنزع تحديد الهوية السينمائية للقطة؛ األمر الذي يمنحها وجها مزدوجاإلى تجسيد التغييرات بين األجزاء في مجموعها، وتنزع من زاوية الجمع إلى التعبير عن

. 41: المرجع السابق، ص 1

2 Marcel Martin, Le langage cinématographique, P : 17. 3 Gilles Deleuze, L’image mouvante, CINEMA 1, Collection « CRITIQUE », Ed ; Minuit, Paris, 1983, P : 32.

Page 304: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

304

أجزاء المجموع الممتد في كيرالتحول الكلي، وهكذا تكون اللقطة حركة على الصعيدين؛ تح 4.تحويل كلي يتغير في الزمنالفضاء، و

لسمة المونتاجية التي تنتج، حقا، سينمائية اللقطة ليست متأتية من انفهم من ذلك أنفقد يفلح المونتاج في تحريك . خارجها، حيث تكون الحركة فيها نتاجا مباشرا لتقنية المونتاج

، ويعجز، مع ذلك، عن تفعيل أي نوع من السينمائية )الثابتة(مجموعة من الصور الفوتوغرافية إن الحركة الداخلية للقطة الواحدة هو . حضور الفوتوغرافي في البنية الكلية للفيلمنظرا لكثافة ال

يحافظ على سينمائيتها، ويحصن الفيلم من رتابة النظم، وحرج التسجيلية، بشرط أن تكون ما حركة منقوصة المحتوى، وبالتالي، مشدودة إلى المونتاج، ومكتملة به؛ فاللقطة ذات الجوهر

هي الوحدة التي يجب ] و[المسجل عليها جزء غير كامل من الحركة، " لسينمائي هي اللقطة اإنها لخلية مونتاجية، على حد وصف إيزنشتين، تكمن حدودها في 1، "أن يتكون منها الفيلم

أو األحرى، هي البؤرة الفيلمية 2الموضع الذي يلصق فيه المخرج حدثا مصورا مع حدث آخر،، حالها حال شرطية التخالف بين المفردة، والتفعيلة لتي ينشطر عندها جزءان لحدث واحدا

!لضمان كتابة الشعر، بدال من النظم مجموع، وبين تركيب وسيطا بين تأطير ال" فالسلوك السينمائي للقطة نابع من كونها

وهو األمر عينه الذي 3؛"مونتاج ، مرة، إلى طرف التأطير، ومرة، إلى طرف الةالكل، مشدوديطبع الحركة بانسيابية فائقة، وانسجام جمالي فذ، قلما نجد له نظيرا خارج السينما، مرد ذلك

، وحركة الكل، حامل )المؤطرة ببنية اللقطة(ة السينمائية مزدوجة؛ حركة األجزاء إلى أن الحرك . )المونتاج(األجزاء

، وهو ما لم يمنع جيل دولوز الزمن، إلى مفهوم اللقطة عنصر ذلك ما يضيف، أيضا)Gilles Deleuze( كة من الزمن " من تعريفها على أنهاتجمع –إذ ذاك –وهي 4،"قطعة متحر

4 Cf, Ibid, P : 33.

. 42: س، ص. منى الصبان، مر 1 . 39: س، ص. يوري لوتمان، مر: ينظر 2

3 Gilles Deleuze, Op. cit, P : 33. 4 Ibid, P : 36.

Page 305: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

305

مما يؤكد على أصالتها السينمائية، وعلى 5بين الحركتين؛ المكانية، والزمانية في مقطع منسجم، .الزمكانية المحنطة للصورة الفوتوغرافية اختالفها الجذري عن

تستمد منها اللقطة ما يذلل ملمحها الفوتوغرافي، والتشكيلي، ال ضير، ثمة مصادر أخرى أو يحوله إلى خاصية سينمائية من حيث طريقة االشتغال، نتناولها من خالل العناصر المدرجة

. ي هذا المبحث أدناهف

جتزاء من اإلطار إلى التأطيرشعرية اال - 2-2-2. خطاب الصورةإن وضع قطعة من الوجود داخل إطار لهي الخطوة األولى نحو انبثاق

هو أول ما يسميئ األشياء، ويمنحها طاقة التدليل، ويفشي إليها بسرLe cadre( (فاإلطار ين المرجع، والنسق، والوثبة هو المفرق األول ب واإلطار. الجمالية، وحكمة إعادة إنتاج العالم

.األولى من خرس األشياء، إلى صخب اللغةال محالة، ينم اإلطار عن نزعة فنية خطابية حتى وإن كان يسيج صورة فوتوغرافية،

ئقة إذ يرجع ذلك، على نحو ما، إلى تمظهره البنيوي الشكلي، واحتكاره لقدرة فا أو لوحة مائية،ة الحدود المباشرة إلنشائية المساحة المرئية التي يحوزها، فمعنى الصورة على تجلي

الفوتوغرافية، وقيمتها، إنما يكمنان في إنشاء الصورة بوصفها انبثاقا إلرادة الخطاب، ويرتبطان ثم إن 1.بالذكاء التصويري متمثال هنا في تحقيق البناء داخل إطار مباشر، وفوري ألخذ الرؤية

حسية العالم الخارجي إلى مجاله لخطوط تحول دون تسرب بوصفه أربعة مثول اإلطار Le( هالبصري، يمكنه من إضعاف شدة الحضور األيقوني للصورة المعروضة؛ فالبورتري

portrait( حال من مثال، على الرغم من كونه رسما نسخيا لشخص بعينه، ال يكون، بأيأن قطعة القماش المدهونة ال تملك، ال بنية نيا بكل دقة، وصرامة، باعتبار األحوال، أيقو

البشرة، وال خصوصية الطريقة في الكالم، والتحرك، إنما يعود األمر إلى درجة األيقونية )L’iconicité( 2 اإلطار التي تسمح بمرورها حواف.

مرجع الخارجي، وإطارها هنا هو كاف أن يشبه موسومها بالفأيقنة الصورة تعني عه، أي؛ إن اإلطار ليكثف األلق األيقوني للصورة، ويشب. التشبيه، وأداة الحذف في االستعارة

5 Cf, René Gardies, Op. cit, P : 17.

. 81: محمد نظيف، مرجع سابق، ص: سان، ما هي السيميولوجيا، تربرنار تو: ينظر 12 Cf, Umberto Eco, L’œuvre ouverte, Op. cit, P : 65.

Page 306: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

306

وجهد التشبع والتألق هذا، في " يضيف إلى األشياء المصورة ما لم يكن فيها قبل مثولها داخله، قماشة ذات البعدين، في مقابل التآكل البصري داخل مساحة صغيرة في اإلطار وعلى سطح ال

انكشاف " هكذا تعني األيقونية 1".المناسب للنظرة اليومية، هو المقصود بالزيادة األيقونية على أن يكون لهيكل اإلطار السبق البين 2،"الواقعي أكثر واقعية من الواقع اليومي االعتيادي

.في تحقيق هذه الغايةي يقع في صميم هذا البحث؛ هل إلطار اللقطة المواصفات ذاتها التي الذلكن السؤال

، وكيف باستطاعته أن يكون عتبة نحو سينمائية اللقطة يتسم بها اإلطار في الصور الثابتة ؟ .ذاتها، والفيلم معا ؟

د من الحق إن اإلطار، بوصفه شكال هندسيا، هو خاصية مشتركة بين السينما، وبين العديوحتى الحركة التي يحويها إطار اللقطة ليست سمة سينمائية خالصة، باعتبار أن الفنون،

نلفي اإلطار مصطلحا ال يستوعب من هنا، 3.المسرح، هو اآلخر، يؤطر الحركة، ويحتويها وهو، من مفهوم اللقطة، وشكال هندسيا ليس بإمكانه أن يشمل معطياتها البصرية، والحركية،

الذي نراه المصطلح األجدى باالستعمال في )Le cadrage(ثم، مختلف تماما عن التأطير الهندسية (فاإلطار كثيرا ما يرتبط مفهومه بالحدود الحسية . مقامات الحديث عن حدود اللقطة

ه وجودا للصورة، لذلك يتصف بالثبات، ويمتاز بالحياد السيميائي إلى حد ما، ألن ل *)الفيزيائيةفعال انتقائيا – إذن –قبليا، أي؛ قبل مجيء الفنان ليحشوه بالصورة التي يريد، ليس اإلطار

من –وعليه، ال يكون التأطير في الصور الثابتة .. يمارسه الفنان، أو المصور الفوتوغرافي الذي ت صوراحإال ضمنيا، وم –حيث هو إنتاج قصدي نه الصورة عكس في المجال المرئيحي

التأطير السينمائي الذي يعنى بالمحين، والمفترض، بالحاضر، والغائب كما سنحيل إلى ذلك .أدناه

. 76 :س، ص. بول ريكور، نظرية التأويل، الخطاب وفائض المعنى، مر 1 .78: المرجع نفسه، ص 2أكاديمية الفنون، –فيفي فريد، مركز اللغات والترجمة : ت صادق، مرشحا: دومينيك قيالن، الكادراج السينمائي، تر: ينظر 3

. 08: دط، دت، ص؛ المستوى الهندسي الفيزيائي يمثل من خاللهاتمثل اإلطار، ودولوز الخاصة بالمستويات المتباينة التي . راجع تأمالت ج *)Géométrique physique( والمستوى الفضائي ،)Composition d’espace( والمستوى الدينامي ،)Construction

dynamique(؛Gilles Deleuze, Op. cit, PP : 23, 24 et 25 Cf, .

Page 307: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

307

،كمتحر ما يستوجب التمييز بين فمن خصائص التأطير السينمائية الصرف أنه إطارتشكيل التعبيري حواف الشاشة، وتأطير اللقطة؛ إذ ال تسهم حواف الشاشة في التدليل، وال

فعل، وما يتمخض " أما تأطير اللقطة فهو صنعة، أي؛ *،نينلمحتوى اللقطة إال على نحو ض بصريا، ويبنيه بغية تحويله إلى فضاء تمثيلي ن فضاءالتأطير، في 1،"عنه، يعي ذاك فحواه أنل ترتكز عليه ركنية اللقطة، السينما، يتضمن الفعلية، والقصدية، ويشتغل بوصفه محور استبدا

المرئي الذي )نسخية(تكريس تمثيليتها، وتذليل أيقونية من شأنه تمظهرا نسقيا هامما يضمن لالحركي التشكيلاإلخراج، أو ال محالة، تجعل هذه الخاصية التأطير يرتبط بمفهوم . تعرضه

)Mis en scène( ل إلى أداة انتقاءحيث يتحو ،)ر(المخرج يعتمدها )استبدالفي أثناء ،)المصو، والديكور، واإلضاءة، وتحرك )Profilmiques(تجاه مجموع العناصر ما قبل التفليم التصوير، 2..الممثلين

،تكويني بنيوي لهو عنصر التأطير السينمائي على ذلك، إن يرتبط ارتباطا وثيقا فبناءكان " ه بالقبلية، واللحظية، والبعدية، لذا ذاك، يتصف اشتغالبالتقطيع، والمونتاج، وهو، إذ

كان يريد . [...] آيزنشتاين يقوم بالتكوين قبل التصوير، وأثناء التصوير، وبعد التصوير، وكان يتوصل إلى [..]الصورة وشموليتها Expressivitéالتوصل على أقصى قدر من تعبيرية

وإننا لنجد هذا التصور ينسجم مع إحدى التباينات المفهومية 3".هذه الشمولية بحساب الكادراج يدرك اإلطار بوصفه بناء ديناميا " ؛ )Le cadre(التي عزاها جيل دولوز إلى مصطلح اإلطار

4".ه متحركا، إذ يرتبط، على نحو دقيق، بالمشهد، والصورة، واألشخاص، واألشياء التي تمألتؤسس لسينمائية التأطير أكثر، هي ما المقام، خاصية أخرى ولسنا نتجاهل، في هذا

،يتمثل في قدرته على تسييج الصوت، وشكلنته، بنحو يكشف عن توليفات بنيوية بين المرئي

نذكر هنا بالمحاوالت التي قام بها جريفيث في تغير النسب الثابتة لحجم الشاشة، من أجل إنتاج بعض اإليحاءات الخاصة لدى *

من الصورة للتأكيد على عرضية المكان وشساعة األفق، أو إخفاء لوي، والسفليالجمهور؛ على سبيل إخفاء الجزأين، الع: أرنست لندنجرن، فن الفيلم، تر: ينظر.. جانبيها للتأكيد على عمودية التكوينات المستطيلة، ويزيد من اإلحساس باالرتفاع . 108: ، ص1959ة، صالح التهامي، مر، أحمد كامل مرسي، مؤسسة كامل مهدي للطباعة والنشر، القاهر

1 René Gardie, Op. cit, P : 21. 2 Ibid, P : 23.

.214: س، ص. دومينيك قيالن، مر 34 Gilles Deleuze, Op. cit, PP : 24 et 25.

Page 308: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

308

ذلك ضمن مسائل الصوت، والصورة والمسموع غاية في التفرد، والتأصل، وإنما فضلنا تناول .ا مما يلي من هذا المبحثفي عنصر خاص يتسع له بيد أننا نرى أن المناور، قيام التأطير على مفارقة الحضور، والغياب، ومثوله التفكيكي

السينما على وسينمائيةته، وأكثرها تفردا، التي تتأتى منها سينمائي من أطرف الخصائص،هو التي أسديت ، والتصوراتنظر في هذه المفاهيمفقد توصلنا إلى ذلك بعد أن أمعنا ال .حد سواء

:إلى التأطير من لدن بعض الدارسين، والمنظرينإلى ما ال نسمعه، وال نراه، ومع ذلك هو )Le hors champ(يحيل خارج المجال " -

1".حاضر تمام الحضور الخط األول، والحاسم فعند هذا . ، وإنشاءإقصاء، في المقام األول، إن التأطير هو" -

لغاية الذي يفصل بين ما يبقيه، وبين ما يزيحه فعل التأطير ذاته، تنضاف الخيارات التي يمنحها 2".التمثيل، وإنتاج المعنى

ما أن تتوجه عين الكاميرا نحو شيء ما حتى يولد التساؤل ليس فقط حول ما تراه " -وبالتالي فإن بنية . ا عنها وغير موجود بالنسبة لهاول ما يبقى بعيدحهذه العين ولكن أيضا

3".العالم القائم خارج حدود الشاشة تطرح نفسها كقضية جوهرية بالنسبة للسينما حجاب ليست وظيفته حجب الواقع بل كشفه؛ وما يكشفه يتخذ أهميته مما : الكادر" - 4".يحجبه

، في السينما، هو ما يجعل اللقطة التي نشاهد أن التأطيرال محالة، يتبين من هذه المفاهيم غيابا يحيل إلى اللقطة الحاضرة؛ فما يوجد خارج إطار اللقطة هو ما يقع عليه انتباهنا منصرفا

إن اللقطة الفعلية توجد خارج اإلطار، وهي المحك المحوري الذي عما تحينه اللقطة الماثلة، األمر الذي يعني . السينمائي، وتنبثق منه أبعاده التأويلية التفكيكية تتأسس عليه سيميائية الخطاب

–أن الفهم الجيد لسينمائية التأطير، ومالبساته الجمالية يفرض االستئناس بمفاهيم التفكيكية حيث تغدو اللقطة، في ضوئها، محض تأشير، أو أثر ؛ - *الدريدية على وجه الخصوص

1 Op. cit, P : 28. 2 René Gardie, Op. cit, P : 21.

.37: س، ص. يوري لوتمان، مر 3 . 217: س، ص. دومينيك قيالن، مر 4 . 190، 181: البحث، الفصل الثاني، ص، ص: ينظر *

Page 309: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

309

)Trace( ب مجالها، ويستحضر ما هو خارج المجال، ويغدو الفيلم، فضال عن ذلك، شظايا يغيإن ما يقبع . من اللقطات، يخترقه الغياب من كل حدب، وصوب) Dissémination(منشطرة

الذي يجعل من التأطير سلوكا إخالفيا يمنح عددا خارج المجال هو بمثابة المدلول المتعاليذلك . حسب مفهوم روني غاردي المسرود أعاله *وإنتاج المعنى المتناهيا من خيارات التمثيل،

حينما )M. L. Gunzburg(جنزبرج .ل . ما حاول أن يعبر عنه الناقد السينمائي م –تدقيقا –سوف نصل سريعا إلى ذلك اليوم الذي تتمكن فيه الجماهير من مشاهدة الفيلم " شعر بأننا

1".اشة قد أزيلت تماما ورفع الحجاب عن الحياة نفسها السينمائي، كما لو كانت الش ينماز عن هذا الطرح التفكيكي التأطير السينمائي بكونه يشكل حلقة وصل بين بيد أن

الغياب، والحضور في بنية اللقطة، بمعنى أن خارج المجال جزء من المجال، إذ نستطيع التنبؤ تأمل المفهوم األول، والرابع (ه المرئي في اللقطة الماثلة به، من خالل الصوت، أو بفضل امتداد

لمفهوم النهائية التأويل أنسب لفهم حقيقة االشتغال السينمائي لذا نرى أن تصور بيرس .)أعاله .للتأطير

إن اللقطة لقطتان يفصل بينهما التأطير؛ لقطة حاضرة في البصر، ولقطة حاضرة وإذن، .!في الذهن

.)7(: الصورة

- إذ ذاك –فهو يحرمنا اإلطار في هذه اللقطة، من التعرف إلى صاحب اليد التي يمنحها للمشاهدة؛، ويوجه أبصارنا نحو ما بداخل يقيدنافي قراءة المشهد، ويطلق العنان لفعل التأويل من حيث يحررنا

.من الفيلم السابق. )7(: الصورة :ينظر *: برلنتي منصور، المؤسسة المصرية للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، دط، دت، ص: روجر مانفل، الفيلم والجمهور، تر 1

103.

Page 310: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

310

، مما يضاعف من التي ينفتح بها الفيلم اللقطة األولىيد تؤطرها نحن ال نعرف لمن هذه اليد؛ ألنها .المجال فما. ال يقاوم تأويلياال تقاس، واستفزازا الحضوركثافة في خارجها، ويمنح لما هو الغياب داخلهامساحة

هنا هو ي الجسدباقإن نشاهد هو اللقطة الغائبة، أما ما يقع خارج حيز المشاهدة فهو اللقطة الحاضرة؛، فضال هكذا تتدحرج هذه اللقطة..نقب عن أسرارهي الذي طالما انبرى اإلنسان، منذ آدم، المدلول المتعالي

مضاعفة من عدد احتماالته عدد حبات السنابل التي عن تحريك الكاميرا، محرضة عقولنا على التأويل،على مر ل الفيلم، أم لعدوه، لمخرج الفيلم، أم لإلنسان المبدعلبط راحت اليد تمسح عليها؛ لمن هذه اليد ؟

جسد الكاميرا، ويمثل أمامنا إلى أن تتوقف حركة.. طة تؤطر يدا ؟بلق؟، وكيف نفسر أن ينفتح فيلم ..العصور .)السيميوزيس(الخاص بطبيعة سيرورة التدليل الطرح البيرسيالبطل شامخا على نحو يحقق

عالقة عضوية مع حجم اللقطة؛ إذ يسهم، عالوة على ما سلف، نحيل إلى أن للتأطير على نحو بين، في اقتراح األحجام التي يمكن للمخرج اعتمادها، وإدراجها ضمن متوالية

عن اشتغال سينمائي اللقطات، وهو ما ينم– سيميائي فريد، حيث تختلف داللة –شكالني صورباختالف الحجم الذي ترد عليه، وهنا نحب أن نستند إلى التصنيف العام ألحجام الاللقطة

" الحركة –الصورة " حيث أفرد فصال لكل صنف من مؤلفه الذي اعتمده جيل دولوز؛ )L’image-mouvement( ا بوجوداإلدراك –الصورة " ، مقر ")L’image-perception( التي

التي )L’image-affection(" االنفعال –الصورة " ، و)Plan universel(عامة تقابلها اللقطة ال" الفعل –الصورة " ، وكذا )Gros plan(تنسحب على لقطة الوجه، أو اللقطة الكبيرة

)L’image-action ( التي تستغرق المكان، ومستوياته النوعية، والحركية، وهي الصورة التيعلى أن مسألة األحجام في السينما معقدة، وال يمكن Plan moyen(.1(تقابلها اللقطة المتوسطة

أن نعطيها حقها من المدارسة، والتحليل في مثل هذه السياقات الضيقة، لكننا سنسعى إلى اإلفادة .من هذه المفاهيم على نحو إجرائي في خضم الفصل الالحق من هذا البحث

ائية األداءالحركة الداخلية وسينم - 2-2-3من داخلها دونما حاجة إلى تقنية المونتاج، ودونما تحريك آللة تستطيع اللقطة أن تتحرك

من شأنه 2وهي الحركة التي يمكن عدها، وفق تصور بازان، مونتاجا داخليا المرئيا،. الكاميراتفعيل خطابية اللقطة، وإنتاج المعنى عبر محتواها البصري.

1 Gilles Deleuze, Op. cit, PP : 104 à 242.

.166: س، ص. منى الصبان، مر: ينظر 2

Page 311: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

311

نا ال نريد ههنا إلى مناقشة التحرك الداخلي من حيث كونه مونتاجا داخليا يسلسل إال أنعلى ذلك النحو التقليدي، بل سنوجه اهتمامنا أساسا إلى نمط من جملة من الصور الفوتوغرافية

الحركة يمتاز بحمل البصمة السينمائية الصافية، وبالتفرد في تمكين اللقطة من مثولها لسينمائي، ونشاطها التدليلي، مقارنة بحرفية الحركة الناجمة عن محض تتابع للصور ا

.الفوتوغرافيةالتصوير البؤري ببعديه؛ الطويل، )Zoom(الحركة التي تصنعها تقنية الزوم ، هنا، نعنيا بتقريب إذ ترتبط هذه التقنية بعدسة التصوير، ومن ثم، فهي امتياز تقني يسمح إم .والقصير

دمة في حال كان مقالاألشياء الموجودة في خلفية اللقطة، وبمضاعفة أحجامها، ووضعها في ، وإما بإبعادها، وتسطيحها، وتضبيبها، )Zoom avant –زوم أمامي (البعد البؤري قصيرا

Zoom –زوم ورائي (وإبقائها في المشهد الخلفي للقطة في حال كان البعد البؤري طويال

arrière(.1 لكن هذا التمظهر التقني اآللي لحركة الزوم ال يستجيب لتساؤالت البحث، وتصوراته

إال من حيث طرائق استعماله، وما تخلفه من إمكانات تعبيرية، ودالالت من صميم النظريةوكيف تشتغل فكيف يمكن لحركة الزوم أن تكون جزءا من لغة اللقطة،. اللغة السينمائية فحسب

بوصفها باعثا من بواعث السمة السينمائية الصرف في بنية الفيلم ؟ نرى " نعالج هذا التساؤل من خالل هذا المثال الذي يجسد مقطعا من فيلم ألماني؛ حيث

في أحد المشاهد إليزابيث برجز وهي جالسة في قاعة موسيقية تستمع إلى عازف الناي، ونرى عازف الناي مباشرة تطل فيها الكاميرا من فوق كتفه إلى المستمعين في لقطة من نقطة خلف

تماما بينما يبدو القاعة، وفي أول اللقطة يبدو عازف الناي في مقدمة الصورة واضحاالمستمعون عن بعد غير واضحين ثم يتغير البعد البؤري للعدسة بحيث يقل وضوح عازف

تمعين تدريجيا، فيجد وجه إليزابيث برجز وسطهم واضحا الناي تدريجيا بينما يزيد وضوح المس 2".تماما

. 124، 123: أرنست لندنجرن، مرجع سابق، ص، ص: ينظر 1 . 124: المرجع نفسه، ص 2

Page 312: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

312

موقع العازف في اللقطة إلى موقع المستمعين، وبخاصة، يتضح هنا أن االنتقال من إليزابيث لم يكن نتاج حركة الممثلين بأنفسهم، إذ قل وضوح العازف، وتوارى عن أنظارنا من

المستمعون، ومعهم وجه إليزابيث من دون أن يغادروا دون أدنى حركة قام بها، كما انتقل نا بنيويا مقاعدهم، ما يعني، في هذه الحال، أنالحركة كانت جزءا من بنية اللقطة ذاتها، ومكو

من نسيج الخطاب الفيلمي ذاته، ولم تكن، قط، ملكا ألصحابها، أي للممثلين المصورين، وإن دل دل على أن الحركة كانت، في هذا المشهد، فيلمية، ولم تكن مؤفلمة، ذلك على شيء، إنما ي

سيميائيا على الدرجة -األمر الذي أهلها ألن تكون بؤرة نسقية على صعيد اللقطة، وشاهدا تقنو .العالية لسينمائية المشهد

اعتماده المونتاجلعل من هنا ندرك قصدية استعمال الزوم من قبل المخرج، ونتفهم عدم وال (بحيث يخصص لقطة للعازف، وأخرى إلليزابيث ثم يجمع بينهما لينتج الدالالت التي يريد

سينمائية مخصوصة به، أي على حساب فاستعمال المونتاج في هذا السياق قد يحقق ،)يريدجية موزعة بين لقطتين سينمائية اللقطة إذ يقضي على تحركها الداخلي، ويحولها إلى حركة خار

ثم إن المونتاج في هذه اللقطة قد يجرد الزوم من امتيازه السيميائي، ويحرم المشهد . مركبتينذلك التناغم بين انسيابية العزف، وانسيابية الحركة، ذات اإليحاءات العاطفية، الممتدة من من

.العازف إلى وجه إليزابيث وسط حضور المستمعينعن ذلك، بوسعنا القول إن الزوم، أماميا كان، أم ورائيا، لهو واحد من أبرز فضال

أنه خاصية مشتركة بين السينما، للبعض وقد يبدو . مصادر السينمائية في كيان اللقطةالحركة التي ينتجها الزوم الفوتوغرافي محنطة، أن والفوتوغرافيا، ولكن يكفي أن نذكر هنا

. بتة، ومؤيقنةوثا

في سياق تقمص الشخصية، كذلك تتحرك اللقطة داخليا عبر التحرك الفعلي للممثل بيد أن الممثل، والحركات التي تنتج عنه، إنما هو خاصية .وأدائية التمثيل أمام عين الكاميرا

نصر مؤفلم ال يمت لبنية فهل هو مجرد ع على نحو ملفت؛ بين السينما، والمسرح مشتركة .الخطاب السينمائي بأي سبب ؟

،مقارنة بين الممثل المسرحي أي في الحقيقة، لسنا نستهدف، في هذا المقام، إجراءس الفوارق بين الممثل ، وإنما نسعى إلى والممثل السينمائيالنسق –الجسد، والممثل –تحس

Page 313: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

313

حاول، بالتالي، إلى مكاشفة اآلليات السينمائية التي من شأنها تحويل داخل البنية الفيلمية ذاتها، ونالممثل المؤفلم إلى ممثل فيلمي. التي ينبغي أن يلتزم بها رئيسةيكون عدم التحرك من القواعد الإنه لمن المفارقة أن

Bernard( وهنا نستحضر عبارتين لبرنار شو الممثل السينمائي وهو يقف قبالة الكاميرا؛

Show ( الحدود السينمائية للممثل، ونزن من خالله سينمائية هما بمثابة المفتاح الذي نسبر بهعلى الممثل أن ال ينسى أبدا أنهم ينظرون إليه كما لو كانوا ينظرون إلى حشرة من : " أدائه

1".السينما هي فن عدم القيام بحركة " ، "خالل عدسة مكبرة مجرد من حرية التحرك، بل ومن حضوره ارتان بأن الممثل في السينماتشي هاتان العب

مرد . الجسماني تجريدا كامال، بعكس التواجد اللحمي والدموي الذي ينعم به على خشبة المسرح 2،"تستقبل جميع الحقائق ما عدا حقيقة الوجود الجسماني للممثل " ذلك إلى أن السينما بطبيعتها

ومنطلقا أوليا يستند ،ألمر الذي نفهمه، من وجهة نظر بحثنا هذا، تكريسا مبدئيا لنسقية الممثلاإليه المخرج في تمكين سينمائية األداء، وترشيحها عبر بنية الفيلم، فالممثل السينمائي، بكل

ينبغي لها أن فيلمية –ل ليس سوى مادة قب.. مستوياته األدائية؛ الحركية، واإليمائية، والصوتية للمشهد، شأنه في ذلك شأن ب التكوين البنيويللقطة، وحس ب المعطى التقنيالمواد تتشكل حس

وعليه، إذا كان على المخرج أن يحمل . األيقونية، والعناصر الشيئية التي يتطلبها تصوير الفيلممهم للفيلم، فإن ة الممثل تقتصر على تقديم المادة الالزمة لهذا في خياله صورة البناء النهائي

3البناء، الممثل في المسرح يكون بمثابة المصدر القاعدي لالشتغال من هذا المنظور، يتضح أن

والجماليات، ولكنه 4الرئيس لمختلف الرسائل، السيميائي الخاص باللغة المسرحية، والحاملمؤفلمة تنتظر االندماج في البنية السينمائية للفيلم لحظة سرعان ما يتحول إلى مجرد عالمة

، إذا كان بمقدور آلة براز العينينإل" لمخرج من الممثل ل اجةفمثال، ال ح. مثوله أمام العدسة

. 86 :، ص1972، بيروت، لبنان، )يناير(، كانون الثاني 1فايزكم نقش، منشورات عويدات، ط: لو دوكا، تقنية السينما، تر 1ريمون فرنسيس، مراجعة وتقديم أحمد بدرخان، مكتبة : ، تر2ا، السينما والفنون األخرى، جأندري بازان، ما هي السينم 2

. 101: ، ص1968األنجلو المصرية باالشتراك مع مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر، القاهرة، نيويورك، دط، . 73: س، ص. منى الصبان، مر: ينظر 3 .118: س، ص. يوري لوتمان، مر: ينظر 4

Page 314: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

314

مرئية بوضوح من خالل اللقطة التصوير االقتراب من اإلنسان إلى هذا الحد، بحيث تبدو عيناهال حاجة للقفز أو التلويح باأليدي في حالة الغضب، إذا كان باإلمكان عرض اليد على . الكبيرة

* 5".شكل قبضة مضمومة

.)8(: الصورة

إلى التكلف في إنتاج اإليماءة الوجهية )Anthony Hoppkins(ال حاجة للممثل أنتوني هوبكينس قد ناب عنه في تبئير عينيه، والمالمح حجم اللقطة الكبير جداذا السياق من الفيلم، ما دام المالئمة في ه

يتقمص الشخصية، ويفتق جملة من اإليحاءات هنا هو الممثل الفعلي الذي التأطيرإن . الحساسة من الوجه ...سيتهانف تفكيرها، مرضية ها، عمقالمطلوبة؛ خطورة الشخصية، خبث

المهمة الموكلة إليه في التقنية، على اختالف تجلياتها السينمائية، الممثل اسمهكذا تقضبط الحركات واإلقالل منها وذلك ألن الكاميرا تستطيع " حيث يطلب منه تقمص الشخصية،

، من ويتوجب عليه 1،"أن تقترب من الممثل وتسجل صورة مكبرة واضحة ألقل التفاصيل ذلك النمط من التحرك المسرحي المبالغ فيه، ويتخلى عن النبرة المنطلق ذاته، أن يتحاشى

أدنى تضخيم االنفعالية العالية في الحديث، ويمارس قدرا أكبر من التحكم في انفعاالته، ألنبتذال، للحركة، أو الصوت، على نحو ما هو مشروع في المسرح، سرعان ما يبدو عليه اال

كذلك هي كلمات الحوار التي يلفظها الممثل أمام الكاميرا هي 2.في السينما واالفتعال، والتصنعمشروطة بالنسق السينمائي، وخاضعة للمالبسات التقنية، والسمعية، والبصرية التي تحيط

. 36: يخائيل روم، أحاديث حول اإلخراج السينمائي، صم 5 . ؛ مصدر سابقصمت الخرفان: من الفيلم. )8(: الصورة :ينظر * . 144أرنست لندنجرن، مرجع سابق، ص، 1 .نفسه: ينظر 2

Page 315: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

315

من تضخيم صوته تمنع الممثل السينمائي –مثال –فتقنيات التقاط الصوت المتطورة باللقطة،حتى يسمعه الجمهور، ولو يفعل ذلك لبدا على طريقة إلقاءه الكلمات، وإدارته الحوار تكلف ال

3.يمارى، وال يستساغ إال على الركحواألدهى أنه بوسع التقنية أن تقوم مقام الممثل، وتنوب عنه في تقمص الدور، ليتضاءل

ه التقنية، ربعتمظهر أيقوني تأداؤه الحركي، فيغدو محض حضوره الشخصياتي، وينعدم واإليحائي ،اه في شكل قطع مرئية مركبة بغية تجسيد الغرض التعبيريوتخترقه، مستعملة إي

فالمرأة التي راحت تتزين قرب المرآة، وتسرح شعرها في تجربة كوليتشوف السالفة، لم . للقطةلة فعلية، وإنما مجرد قطع تصويرية ألعضاء مختلفة من جسد أنثوي ما، تكن في األصل ممث

أما الممثلة فكانت شخصا مما يعني، في هذه الحال، أن المونتاج هو الذي تقمص الدور، ولعبه، . )1ينطبق األمر ذاته على تجربة موسجوكين(. ليس إال )مغيبا(افتراضيا

ضدتعلممثل عنصر مرجعي، السينمائي، لكنه سرعان ما يغدو قطعة نسقية تحقيقة، إن افي ،يغدو عدماإنه لسينمائيا، بل و -بها سينمائية اللقطة، إذا ما استحضر استحضارا تقنو

*.)Doublure(التجأ المخرج إلى بديله ما إذا ،سياقات الخدع السينمائية

يرا؛ تحيين سينمائي للمرجعحركات الكام - 2-2-4، ومن خارج المتوالية الفيلمية عينها التي قد تتسرب الحركة إلى عمق اللقطة من خارجها

المونتاج، وال أي عنصر من أي؛ هي حركة ال تشارك في إنتاجها تقنية. يصنعها المونتاجمن خارج التصوير، أو في أثناءه؛ وإنما تأتي.. التأليفية، واأليقونية الداخلية للقطة؛ عناصرال

.إنها حركة اآللة، آلة الكاميراليس من المبالغة في شيء إذا اعتبرنا تحركات الكاميرا، على اختالفها، وبما يتمخض

محتوى اللقطة، خاصية سينمائية صافية ال يحوز مورفولوجية في -سيميوعنها من تأثيرات .خر على سبيل التصوير الفوتوغرافي الذي يظل حبيس ثبات آلتهامتيازها أي جنس تصويري آ

لثقافة والفنون، دار اليقظة وإبراهيم الكيالني، العالم السينمائي وصلته با. 87، 86: ص، ص لو دوكا، تقنية السينما،: ينظر 3

. 89: للتأليف والترجمة والنشر، دط، دت، ص . 119 :س، ص. يوري لوتمان، مر: ينظر 1 . ود السينمائية للخدعة في مبحث الحقدسنقف على الح *

Page 316: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

316

-طبيعة التعالق بين النسق التقنوب صلغير أن اإلشكال الذي يثيره تحرك الكاميرا هو ما يت ، وتنسحب عليها عينالتصويرية سينمائي، وبين المراجع الخارجية التي تمسحها الحركة

،االتجاهالكاميرا في خط مستمر واحتمالي. بإمكاننا عد حركات الكاميرا إجراء تقنيا يستخدم لتكريس مرجعية اللقطة، والخطاب فهل

فنية الفيلم، التي من شأنها تعضيد ةالسينمائي على حساب المستويات النسقية، واإليحائينصر من النسق الفيلمي، هنا، هي ع اوهم التعيين، والحرفية ؟، هل حركة الكامير وتحصينه من

.أم قطعة من مرجعه الخارجي ؟ا إلى حد بعيد حيال هذا اإلشكال، مستساغ )J. Mitry(ميتري . ال جرم، يظهر تصور ج

، ]حركة الكاميرا[الحركة إنه دائما ما تدرك " ميتز؛ . فضال عن الموافقة العمياء له من قبل كأي إنها حركة ال يمكن تلمسها (فهي غير محسوسة .لحظة اإلدراكبوصفها واقعا، ابتداء من

إعادة إنتاج للواقع يهإنما ،؛ وإذن، إن إعادة إنتاج الحسية البصرية)عدم كونها شيئامن منطلق سينمائية النسق البصري الناجم ل –على نحو ما –بيد أننا نلفي هذا التصور متجاهال 1".كله فنية، تحركة الكاميرا، أي؛ غير آبه بما يمكن أن يتفتق عن تحريك اآللة من امتيازا عن

إذ هو تصور يكاد ال يقيم حدا فاصال، تمييزيا بين نسق الفيلم، . وتمظهرات داللية شعرياتيةفض تجسيم ، السيما حين ير)المؤفلمة(متمثال هنا في تحرك الكاميرا، وبين المادة الملتقطة

. المصور" الواقع " التقنية، معتقدا بانصهارها في ثنايا /الحركة بنيوية -تشهدها اللقطة، في حال تحريك آلة الكاميرا، لهي حركة تقنوإن الحركة التي

الم ذاته، ال إلى العالم الخارجي األشياء، والمعطيات. طقتلتابعة للنسق السينمائي آية ذلك أن األيقونية التي تسيجها اللقطة، ليست هي ما يتحرك، وليست هي ما يتجه صوب عدسة الكاميرا،

حسبنا أن النسق . بل إن مصدر تحركها تقنياتي سينمائي صرف، منوط بتحرك اآللة ذاتها، وانخداع بصري الحركةالفيلمي هو ما يتجه نحو المرجع، والعكس ال يصح إال على أنه إيهام ب

.!بالطريقة التي تحدث لنا عندما نتوهم األشجار تتحرك من خلف زجاج الحافلةسينمائية، ال حركة –من هذا المنطلق، بوسعنا اعتبار حركة الكاميرا حركة نسقية

مع المرجع، تحويل اللقطة إلى بنية دينامية يتقاطع فيها النسق واقعية؛ ما من شأنه –مرجعية

1 Christian Metz, Op. cit, P : 42.

Page 317: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

317

حسب مصطلحية بيرس، وبالتالي يحقق للخطاب السينمائي سينمائيته بكل )Objet(الموضوع أووال أدل على ذلك من كون أحد السينمائيين قد صنف حركات *.أبعادها الشعرية، والجمالية

ضمن **)وعاموديةتراجع واقتراب، بانوراما أفقية (الكاميرا، على اختالف أنماطها، واتجاهاتها العناصر الدينامية الخاصة باللغة السينمائية على الرغم من أنه عدها أقل سينمائية من المونتاج،

1.دنو بالسينما إلى فلك المسرحتإذ ميتري السالف، والمدعوم بموقف ميتز، ال يمنعنا من توسم . إن تحفظنا من تصور جإذ نستشف من ؤصل لسينمائية الفيلم من حيثية تحريك الكاميرا؛ يشيء من أصالة الطرح الذي

–التحيين " هي ما يتمثل في هذا التصور خاصية أخرى نراها أشد ارتباطا بجنس السينما، Actualisation "ولئن كان ميتز قد ربط هذه تعزوه حركة اآللة إلى الواقع المؤفلم الذي ،

باإلجراء فإننا نربطها 2،" )ية(الواقع " من باب تجسيد " ه يحدث اآلن كأن" الخاصية بمنطق التقني ذاته، وبالتالي، بالنسيج السينمائي المتمخض عنه، ما يمنحنا مشروعية القول إن ذلك

؛ أي هو منخرط في بنية اللغة السينمائية، ال منصهرالمرجعي ،سينمائي في التحيين لهو تحيين .ولى الواقعهي

بال شك، ال تستشف المعالم السينمائية لحركة الكاميرا، إال إذا استقرأت في ضوء مكاشفة وهنا ينبغي مراجعة الفرق بين التحريك، والحركة، إذ يرتبط فاحصة؛ تفكيكية، أو سيميائية

ة، بينما ترتبط الثانية األول باآللة، ما معناه دفعها في اتجاهات مختلفة، ووفق مستويات متباين .بالنتاج التصويري الذي يسكن اللقطة؛ فالتحريك تقنية، وإجراء، والحركة نص، وخطاب

مشاهد قلق، ويسكنه هاجس ، ينتاب ال..فعندما تتحرك الكاميرا، نحو األمام، أو الوراء 3إياها إلى نهاية المطاف،التشوق، والتطلع إلى المجهول الذي ستكشف عنه الكاميرا متتبعا

لدريدا )Devenir-absent(الصيرورة الغائبة األمر الذي نراه يجسد، على نحو ما، مفهوم

. 57، 54: واالستقاللية، ص، ص البحث، الفصل األول، نسقية المفهوم وجدلية التخالل،: ينظر *

، إال أننا "اللغة السينمائية " مارتن في مؤلفه . هناك اتجاهات مختلفة لحركات الكاميرا، ومستويات وظيفية شتى تناولها م **إلى األقربDynamisation de l’espace( (، وكذا دينامية الفضاء )Dramatique(، والدرامية )rythmique(نعتبر الوظيفة اإليقاعية . Cf, M, Martin, Op. cit, PP : 49, 50 et 51. روح تصور هذا البحث

. 118: ، ص1980 ، بيروت،1إبراهيم لعريس، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط: هنري آجيل، علم جمال السينما، تر: ينظر 12 Cf, Christian Metz, Op. cit, PP : 42 et 43. 3 Cf, Marcel Martin, Op. ct, P: 49.

Page 318: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

318

إذ يعطي تحرك الكاميرا انطباعا بتناسل العالمات على صعيد *المحال إليه في الفصل السابق؛ر بعد حين، أو هذا الذي هذا الذي ستكشف عنه عين الكاميرا هو الغياب الذي سيحض: اللقطة

غير أن اإلنتاج العالماتي الذي !يغيب لحظة بلحظةنلمحه عبر تحركها هو الحضور الذي القراءة تتيحه حركة الكاميرا مشروط بالنقطة التي تتوقف عندها اآللة، لذا نرى أنه ينبغي ربط

. وال تتم إال بتمام الحركة، وإقفالها الكاميرا، فال تصح، عنه حركة تفالسيميائية بما كش

نالصورة والصوت وامتياز الال تزام - 2-2-5إن مجيء الصوت إلى عالم السينما قد بشر بوجود إمكانات تعبيرية جمة، تتسع ال ريب،

س هو ذلك والصوت الذي نصبو إلى تدارسه في هذا المقام، لي. لها بنية الفيلم التأليفية، والتدليليةبين للسينما الصامتة، الشاتمين له، هؤالء الذين اتهموه بالقضاء على سينمائية الذي أقلق المتعص

ة المسرحالسينما، واستبدالها بمسرحي ! يضاف إلى مونتاج الصورة ليصبحا معا " هو العنصر الذي إن الصوت الذي يعنينا هنا

ال سمة سينمائية في ذات الصوت مهما ذاك فحواه أ 1؛"نون خاصية الفيلم التي تميزه عن بقية الفوعليه فالخاصية التي يمتلكها الصوت .. كانت تمثالته النوعية؛ كالم، موسيقى، ضوضاء، في حين )األيقونية(تمثيلية ذاته الفيزيائية، ال المنعزل، المنفصل عن بنية الفيلم، إنما هي خاصية

شريط ال "في المحاكاة السينمائية، ثم إن مفهوم ما نسميه " عياطبي "الصوت معطى ليس" ندرك 2".على نحو فاحش لغاية اليوم، بحسب األفالم ،، ووظيفته، قد تغيرا، ويتغيران" صوتيالله، أو مادة )Référent( عن شريط الفيلم يمثل مرجعا أن الصوت في ذاته، المنفصل -إذن –

إليه، ويتصل به، فيغدو قطعة من نسيجه، وآلية من آلياته اللغوية والصوت، أن ينتمي خام إلى، لكن متصفا بسلوك سينمائي ،، وافدا)Extra-linguistique(إذ ذاك، يظل مكونا السينمائيا

.لسينما، ومواضعاتها اإلخراجيةخاضع إلكراهات اواشتغال من الخصائص – أو كليهما –الصورة ما يجرد الصوت هي بؤرة الربط بين الصوت، و

مكون سينمائي إلى –أو كليهما –سينمائية، وهي، بالتالي، ما يحول الصوت –قبل ،الذاتية

. 187: البحث، الفصل الثاني، ص: ينظر * .141: س، ص. منى الصبان، المونتاج الخالق، مر 1

2 Jacques Aumont et autres, Esthétique du film, Op. cit, P : 30.

Page 319: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

319

لكن، هل كل ربط بين الصورة، والصوت يعد تفعيال . رصين داخل البينة اإلجمالية للفيلم .تقنية ؟ -؟، ما منطلقاته السيميوسينمائيا لخطاب الفيلم ؟، ما شروطه

يمثل الصوت في بنية الفيلم بوصفه شريطا شأنه شأن شريط الصورة، ال محالة، الحقيقة، إن شريط الصوت، منذ اختراع السينما المتكلمة، لهو، نظريا، صنو شريط الصورة " و

من اللقطة ارتباطا فنيا ذا ولن يتحقق له ذلك إال 3،"في بناء المعنى الفيلمي إذا ارتبط بالمرئيمسوغ تركيبي دينامي يحرض على التأويل، ويقصي مالمح التسجيلية، والتناظرية من بنية

تلك هي النظرية الجديدة التي انبرى يدافع عنها السينمائيون الروس؛ إيزنشتين، . المشهدالمرئية والمسموعة يجب أن الجمع بين الصور" أن وألكسندروف، وبودوفكين، إذ توصلوا إلى

يكون معلال فنيا ال أن يتم بصورة آلية، وأوضحوا أن عدم التزامن بين الصورة والصوت هو 1".الذي يكشف هذا التعليل

إن الالتزامن بين الصوت، والصورة هو الموطن الذي تستقر فيه سينمائية الصوت إذن، )Mixage(الحال أن الالتزامن يتم وفق آليات المزج . رة منهافي السينما، السيما المعاص

مما يوحي بوجود المعروفة، وينم عن حاسة التوليف ذاتها التي تختص بها تقنية المونتاج؛ نحسب أن . استبداالت هائلة بوسع المخرج استثمارها من خالل مجاورة الصوت للصورة

مرئي اللقطة، وهو ما عناه بودوفكين حين فصله عنب إالتأتى تال الوظيفة السينمائية للصوت أن أولى وظائف الصوت تكمن في زيادة القدرة التعبيرية للفيلم، ويتأتي ذلك عن طريق " ارتأى

والمقصود هنا من فصل الصوت * 2".تطور الصورة والصوت تبعا إليقاع متميز ومنفصل ن شريط اللقطات، وإنما المقصود هو عدم المزامنة بينهما، ع )المادي(عن المرئي ليس فصله

مرد ذلك إلى االختالف البين بين تأطير الصوت، وتأطير والمخاللة بين إحاالتهما المرجعية؛ صوت مؤطر ألننا نسمعه، مع ذلك هالمرئي في اللقطة، فقد يكون الصوت خارج اإلطار، ولكن

ين تأطير الصوت، وبين تأطير مصدره، بينما يقتضي تأطير الصورة وجود لذا علينا أن نفرق ب

3 Jacques Aumont et Michel Marie, L’analyse des films, Coll ; NATHAN, 2ème édition, Paris, 1999, P : 147.

. 26: س، ص. يوري لوتمان، مر 1 . 111: ، ص1957، 1صالح التهامي، دار الفكر، ط: فسيفولود بودوفكين، الفن السينمائي، تر 2 .؛ المصدر السابق" صمت الخرفان: " فيلم. )9(: الصورة: ينظر *

Page 320: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

320

مقولتي ر دائما داخل اإلطار، وعليه، إنال تنسحبان " داخل المجال –خارج المجال " المصو 3.نحو ما تنسحبان على الصورةبعلى الصوت

انتهاج ياألمر الذي يستدعنى؛ من هنا، ال يفسر الالتزامن إال بمبدأ اإليحاء، وفائض المعكل ما تظهره الصورة، ال يجب أن يقوله الكالم، وال يجب أن يحيل إليه : " هذا اإلجراء

4".ال يجب أن يسمع الصوت إال إذا لم تظهر الصورة المصدر الصوتي " ، أو "الصوت لتأويل، واقتراح جملة من فتغييب المصدر المرئي للصوت يحث المتلقي حثا على ممارسة ا

عدم المزامنة بين وراء االقتراحات التي تحاول تحري مصدر الصوت، أو قراءة القصد من الصوت، ومصدره البصري .

.)9(: الصورة،إذ تصدر مؤفلماالتي نسمعها في هذا المشهد، عنصرا )Piano(على الرغم من كون موسيقى البيان

بحيث حولها إلى قطعة موسيقية ال تتجزأ سينمائياأن المخرج صمم على استثمارها ، إالشريط الكاسيتعن ؛ فغذى تعبيرية اللقطة، وشحن فحواها بأبعاد فكرية، ومستويات )موسيقى تصويرية( شريط الفيلم ذاتهمن

دموية :يينية المتداولةناقض بين الصوت، والصورة من حيث الطبيعة التعواألدهى أنه . داللية ال تمارىالبيان الدافئة، العاطفية من جهة أخرى؛ هل أراد أن يفلسف فعل ىالصورة وعنف المشهد من جهة، وموسيق

. القتل، ويبرر للقاتل بشاعته ؟

)Pléonasme(ولد إال حشوا تأما المطابقة بين الصوت، والصورة، في بناء اللقطة، ال وتهوي، من ثمة، باللقطة نحو درك التعيين، والتقريرية التي تتعارض وتكرارا بصريا،دالليا، 1

. 163: صدومينيك قيالن، الكادراج السينمائي، : ينظر 3

4 Christian Metz, Op. cit, P: 49. 1 Cf, Op. cit, P: 48.

Page 321: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

321

مع نسقية المنطلق السينمائي، في الوقت الذي تتفق فيه مع مبدأ صريح في بناء األفالم تزامن مع صوت نباحه، هو ال منتهىعرض علينا لقطة ما صورة كلب ينبح في فأن ت. التسجيلية 2.من ناحية الواقعية، ولكنه ال يخبرنا بأي شيء جديد مقارنة بما كنا نعرفه قبال ب كسببال ري

محموال على شريط مواز لشريط اللقطات، فإنه مؤهل ولما كان الصوت شريطا، أوالكالم، والصوت، والضوضاء، : أهمها لحمل عناصر صوتية متباينة في النوع، والوظيفة؛

ث تتراوح وظائفها حيال نسق الفيلم، وتيمته بين تفسير، وتوصيف، ووصف، وهي ال بحي، بل )عن جنس السينما(القواعد التي تحكمها في انتماءاتها النوعية المستقلة تشتغل من منطلق

دها من وازعها التوصيليمن منطلق انتمائها إلى أبجدية الممارسة التقنية لألفالم التي تجر 1.المعتاد

لكن بالنسبة لمحللي األفالم، الفيلمولوجيين الذين 2 فهو ملك الشريط الصوتيأما الكالم، تحديد موضوعة الفيلم، ومقاربة فحواه السردي، وفي هذه الحال يكون الحوار ينحصرون في

ما يمثل بؤرا غالبابيد أن هذا الحوار المشهدي . في الفيلم ضالتهم نحو تحقيق الغاية تلكللتمظهر المسرحي داخل بنية الفيلم باعتبار أن المسرح هو الموطن األصلي لخاصية الحوار،

–حوار السلوك " لذا فإن ثمة نمطا آخر من الحوار يحمل الخاصية السينمائية دون سواها؛ هو السلوكي)Dialogue de comportement( " ب مصطلحية جإذ يلتبس بسلوكية ميتري، . حس

الحوار اليومي متخلصا من قيد الخشبة، والنبرة العالية، وهو، مع ذلك، يجمع بين التعبيرية التبليغية، والداللة، واإليحاء، بحيث يستطيع الممثل بوساطته إثارة تأويل المتلقي، حين يقول

.ة السينمافضال عن اإلمكانات التركيبية للغ 3أشياء تعاكس حقيقتها الباطنية ، فشأنها شأن الكالم السينمائي، تتأتى من حيث كونها تدرج في أما سينمائية الموسيقى

بمعنى أن الموسيقى المطلوبة في السينما ليست هي ذلك 4.بنية الفيلم لكي ترى، ال لكي تسمعإنما .. ف الموسيقيالفن القائم بذاته الذي أنجب بيتهوفن، وموزار ونحوهما من عظماء التألي

ينبغي أن تخضع الموسيقى للدواليب التركيبية التي تعتمد في بناء المشهد الفيلمي، وال ينبغي لها

. 89: س، ص. أرنست لندنجرن، مر :ينظر 2

1 Cf, Jacques Aumont et Michel Marie, L’analyse des films, P : 149. 2 Cf, Ibid, P: 155. 3 Cf, Christian Metz, Op. cit, P: 52. 4 Cf, R. Jakobson, Questions de poétique, P : 109.

Page 322: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

322

أن تكون ذا جودة عالية ألنها ستصرف انتباه المتلقي عن مواطن اللغة السينمائية في بنية الفيلم، جعلها تجذب انتباه المتفرج على حساب الفيلم الموسيقى التي تبلغ حدا من الجودة ت" وعليه، إن

ال محل لها، ومن هنا جاءت المالحظة الشائعة وهي أن أفضل موسيقى األفالم هي تلك التي ال 5".يسمعها أحد

فضال عن ذلك، اكتسبت الموسيقى خصائص أخرى عضدت حضورها السينمائي البكر الصمت، أو الفاصلة الصوتية في المقاطع فقد استطاعت أن تمثل في خطاب السينما؛

كما استطاعت أن ترافق المرئي، وتحركه، وتجسمه، 1التصويرية التي ينسحب منها الحوار، *..ةالالمتناهي مشاركة في ضبط إيقاع اللقطة، وإنتاج إيحاءاتها

لم بكل واألمر نفسه ينطبق على شريط الضجيج، فال ينبغي أن يستحضر في سياق الفي. )إال في الحاالت التي يحتاج فيها المخرج إلى التشويش(مواصفاته اليومية، وتردداته التشويشية

تخليصنا من كابوس الضجيج المرتبك لجعلنا " إن الضجيج السينمائي هو ما تنحصر مهمته في 2".نستقبل هذا الضجيج بوصفه تعبيرا وداللة ورسالة

.يج بين ظهراني الخطاب السينمائي ضجيجا، وإنما هو لغة، وتدليلوإذن، ليس الضجوأصالتها، وفرادة –السيما المعاصرة –هل لنا أن نخلص اآلن إلى أن امتياز السينما

خطابها، ال هو في شريط الصورة بكل ما يحمل من آليات تعبيرية مجاورة، وتمظهرات متاخمة، وحوامل لسانية لصوت بكل ما يحمل من لغاتإجناسية دخيلة، وال هو في شريط ا

سينمائيا يصهر جميع التجليات -بوصفه تعاضدا سيميو الالتزامن مفصلوإنما هو في .. وافدةالفنية في بوتقة سينمائية حصينة، تلك التجليات التي استطاعا أن يحمالها شريطا الصورة،

. والصوت في بنية الفيلم

. 135: س، ص. أرنست لندنجرن، مر 5

1 Cf, R. Jakobson, Questions de poétique, P : 108. إيزنشتين في العديد من أفالمه على إمكانية تحريك الصورة موسيقيا؛ تأمل تجربة ذيل الطاووس الذي يتألأل . م. لقد برهن س *

سهيل : إيزنشتاين، اإلحساس السينمائي، تر. م. سيرجي: عنها من إيحاءات إيقاعية، ودالالت تعبيرية؛ ينظر موسيقيا، وما انجر .148: ، ص1975إبراهيم فتحي، دار الفرابي، دط، بيروت، آذار، : جبرا، مر

.86: هنري آجيل، علم جمال السينما، ص 2

Page 323: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

323

الخدعة السينمائية بين مرجعية التمويه ونسقية اإليهام -2-3 . بين خداع البصر، وخيانة الحقيقة يستقر أصل السينما

حالها حال ما ذهب إلى تأكيده .خداع بصري، وإيهام إدراكي ، في أصلها،هي السينما 1.؛ إن الكالم كله مجاز)Frederik Nitche(فريديريك نيتشه

فتدفعه دفعا مخادعة السينما لألبصار، واألسماع، ل إن ،خرجهي منوطة بقصدية تحذو المة اللغة السينمائية، وتنسيق في منتج" المبالغة " وإلى التشديد على نسق الرسالة الفيلمية،

بفعل مشهد فالحزن الذي بدا على وجه موسجوكين. الحقيقة –عناصرها على حساب المرجع لم يكن حزنا حقيقيا، ولم يكن لوجوده أي أثر خارج البنية الفيلمية، وإنما أوهمنا ة الميتة،الشاب

كوليتشوف ما كانت " امرأة " ثم إن. بعد أن كذب علينا كذبة الصدق السينمائي به المونتاج،ي كان، بحق، في هذه لوال إيهام المونتاج؛ هذا الذ.. لتكتمل، وتستوي، فتمشط شعرها، وتتزين

*.التجربة، خدعة سينمائية قبل أن يكون تقنية قطع، ولصق بين جملة من لقطاتأن نستشف، من وحي هاتين التجربتين، أن الخدعة السينمائية –إذن –ال ضير

)Trucage( وما يجاورها من مؤثرات خاصة ،)Effets spéciaux(مشروطة ، غ بالنس رة بجذاألنطولوجي؛ آلةالشتغال اللغة السينمائية، ومبراآللياتي وهي تظل .الكاميرا رها التقني

ظهكذلك حتى وإن تجلت في أسمى مفاهيمها، وتمتر ل لفي أرقى أشكالها التقنية، وأبهى الح مرشح ،من عناصرهاما يعني أن كل آلية من آليات اللغة السينمائية، وكل عنصر التكنولوجية،

.ألن يكون خدعة سينمائية، أو لتقمص وظيفتها، ولو على نحو انزياحي مكشوفعلى نحو ما يفعل ذلك مرده إلى أن قدر السينما هو أن تستحضر الواقع من دون أسلبة

في السينما فوجود الشجرة ، أزياء الممثلين على الخشبةبالمسرح بعناصر الديكور، ولواحقه، و، أي بعيدا عن كل مالبسات التنميط، والتفخيم )ال بالستيكيا(طبيعيا، ينبغي أن يكون وجودا

الذي يتواءم مع ذهنية التعبير في الخطاب المسرحي ر إلى طرح هذا ،افهاهن 2.الترميزيدنب .ونما أسلبة ؟بهه من مشاهد الخطورة، داكيف تصور السينما مشهد الموت، وما ش: السؤال

. 67: س، ص.تزيفيتان تودوروف، مفهوم األدب، مر: ينظر 1* ة أخرى تجربتيل مرراءة السيميوالمعروضتين في المبحث الثالث من هذا الفصل وفق الق بودوفكين، وكوليتشوف تأم -

. سينمائية التي حاولنا إجراءها، واستحكامها . 226: ، ص، أحاديث حول اإلخراج السينمائيميخائيل روم: ينظر 2

Page 324: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

324

التي لوالها، في االعتراف بأفضال الخدع السينمائية وهنا ال يسعنا إال. هنا بيت القصيدالمشهد فقده، ويالموت، وبالتالي، يمسرح ةبلسأمثل هذه الحال، لوقع المخرج في حرج

موت طبيعيا، حقيقيا، سينمائيا فيجعل اليراوغ أبصارنا، أن فيما كان عليهالسينمائي سينمائيته، .داخل بنية الفيلم، من دون أن يهمه كون هذا الموت كاذبا خارج البنية

يستحيل بمكان أن يتسع هذا المبحث لتناول جميع قضايا عالم الخدع السينمائية الفسيح ك فضلنا أن نكتفي لذل تكنولوجي رهيب، بحرالذي ما لبثت تتتجدد إنجازاته، وتترى في ظل ت

بمقاربة التصنيف الميتزي)Ch. Metz( ،تصنيفا يسمح –كما نرى –لكونه للخدع السينمائيةباختبار درجة التخصص السينمائي في كل صنف، ويمكن، بالتالي، من معرفة الصنف األكثر

.قربا من صميم اللغة السينمائيةآليات ييز بين الخدع السينمائية؛ مستوى الكاميرا وقد اعتمد ميتز ثالثة مستويات في التم

استخدامها في التقاط الصور، ومستوى تحضير المشهد، وتمويه الممثلين، ومستوى تركيب الفيلم بما يمكن من هضم داللة الخدعة هضما كثيرا ما يسنده اإلدراك العادي إلى المهارات

ن نتكئ على مصطلحية ميتز، فننتقي مصطلحين وال مناص، في هذا السياق، من أ 1.التقنيةفق، على نحو ملفت، مع زاوية لخدع السينمائية تمييزا يتااثنين يميزان بين نمطين بارزين من

Trucage(الفيلمية –هذان المصطلحان هما؛ الخدعة قبل . سينمائية الخدعة: هذا البحث

profilmique( والخدعة السينمائية ،)Trucage cinématographique( . تدخالت المخرجين، وقت ففي ضوء هذين المصطلحين، نستطيع أن نميز بين نوعين من

التفليم، قصد إنتاج الخدع، يختلفان من حيث الموقع، والمسافة إزاء السيرورة العامة لصناعة هوم الخدعة وهو ما ينسحب عليه مفالفيلم؛ إذ قد يمارس المخرج الخداع قبل تشغيل الكاميرا،

بالحدث، أو األشياء الموضوعة أمام الكاميرا، إنما قد الفيلمية؛ تزييف طفيف يلحق مسبقا –قبل بال شك، يندرج هذا النمط من الخدع ضمن المستوى الثاني 2.وقعت الخدعة قبل التصوير

، وتحريف )Maquillage( المشار إليه أعاله الخاص بتهيئة المشهد، وتمويه وجوه الممثلينوعليه، فإن الخدعة في هذا المستوى ال يصح أن تستتبع بصفة 3تحريفا كليا، أشكالهم

. 55: س، ص. برنار توسان، ما هي السيميولوجيا، مر: ينظر 1

2 Cf, Christian Metz, Op. cit, P: 177. . 90، 88: ، صص س،. مرلو دوكا، تقنية السينما، : ينظر 3

Page 325: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

325

-Trucage extra(سينمائية –ألنها، بكل بساطة، خدعة خارج " السينمائية "

cinématographique(مية فيل –قبل : المفهوم الذي يستغرقها ، وهو ما يحيل إليه اصطالح)Profilmique(.

الفيلمية خارج بؤرة اهتمام الدراسات السينمائية، –تأسيسا على ذلك، تقع الخدع قبل مرجعي ةألنها خدع )Référentiels( أو ترتبط بمراجع الفيلم، ال بنسائجه، وأنساقه الذاتية، ومن ،

سينمائية في المشهد، ثمة، ليس بوسع التحليل المنصب عليها أن يكشف عن أي خصوصية القبلي لهذا النمط من الخدع لهو أشبه ما يكون بالنشاط بل إن التحضير .أو الفيلم بأكمله

مما ، أو يمارس عليهم، في الغرف الخلفية للخشبة،المسرحيون التمويهي الذي يمارسه الممثلونإنما هي خدع . اهد بعد تفليمهايكسب الخدعة ذاتها سمة مسرحية سرعان ما يفضحها المش

تخريجا مفهوميا " Profilmique" تكون مقولة أن آية على ذلك، ويكفي مؤفلمة، ال فيلمية،التي تعتبر كل ما يستحضر أمام عين الكاميرا اللتقاطه *مستوحى من مصطلحية الفيلمولوجيا

1.فيلميا –أمرا قبل سينمائية، –ليس سوى عالمة مؤفلمة، أو باألحرى، قبل Doublure( 2(فالممثل البديل

لذا، كم هو سهل أن . ألنه ال يشكل جزءا من نسق الفيلم، وال ينتج عن تقنية سينمائية بحت، في السينما، ال لشيء سوى ألنها تظهر للعيان بوصفها عناصر هجينة نفضح خدع البدائل

**.لسينمائيةعلى معجم اللغة ا دخيلة

البحث، الفصل الثالث، االصطالح : رق بين الفيلمية، واألفلمة، ينظرفالستذكار مفهومي الدراسة السينمائية، والفيلمولوجيا، وال * . 258، 245: وحوافزه المفهومية، ص، ص

1 Cf, Christian Metz, Op. cit, P: 177. 2 Cf, Ibid, PP : 177 et 178.

. )James Cameron(جيمس كمرون ؛ إخراج " Terminator: " من فيلم. )11(، و)10(لصورتان؛ ا: ينظر **

Page 326: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

326

.)11(: الصورة. )10(: الصورة

. يكتشف المتفرج أمر الخدعة السينمائية البادية للعيان في هاتين اللقطتين ؟ بلى أليس سهال أنالممثل ، وإنما هي ذراع )Arnold Schwarzenegger(زنيغر رليست ذراع أرنولد شوو المؤطرةفالذراع

المثقوب، ذو العين اآللية المضيئة ليس وجه أرنولد أيضا، بل ؛ رجل آلي مخترع ومصنوع، والوجهالبديل أي؛ نجزت خدعة مؤفلمةفليست هذه خدعة سينمائية، وإنما هي . الناجز قبل التصويرهو وجه الرجل اآللي ،

.! ، إذ تمت لبنية الفيلم ههنا بأوهى األسباب، وأضعف الصالتقبل التفليم

إن السالف؛ نمطالخدع السينمائية على طرفي نقيض مع النمط بالمقابل، يضع ميتز بحيث ال تتنجز إال الخدعة السينمائية امتياز سينمائي صرف، أو هي خاصية تحتكرها السينما

إذ يتم إنتاجها ي خدعة تنخرط في نسق التفليم، ال في نسق المؤفلم، ، أي؛ ه"نسقي " على نحو على صعيد الشريط داخل الكاميرا، وإما بعده ، عن طريق)Tournage(إما لحظة التصوير

Trucage de bande(.1(المخبر ن من وإذن، إذا كانت الخدعة السينمائية تتم عبر آلة التصوير، فال يسعها إال أن تكو

جنس اآللة، أو من جنس التصوير عينه، األمر الذي يضمن لها أكبر قدر من الكثافة السينمائية، إنها ضرب من الخداع البنيوي، أو من بنيوية وأعلى درجة من التجلي السينمائي الخالص،

تكون محل الذي يكسب الفيلم مزيدا من السينمائية، والجمالية، والتخييل، السيما حين الخداعال تبليغي ،ها ميتز، أيضا، من المؤثرات البصرية قد فمن هنا، . استخدام نسقيعد)Effets

optiques ( – التي تشتغل بوصفها إشارات نحوية –وحتى الصوتية)Signaux syntaxiques ( ،وتسريعه، من قبيل إرجاع الشريط إلى الوراء، )Marques de ponctuations(أو عالمات ترقيم

بيد أن الذي لفت انتباهنا 2..وإبطائه، وكذا إظهار صورة للممثل نفسه في لقطة واحدة، ونحوهافي تصور ميتز، هو أن الخدع السينمائية التي تتم بعد التصوير تظهر أقل سينمائية، وأقل درجة

1 Cf, Op. cit, P : 178. 2 Cf, Ibid, P : 174.

Page 327: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

327

الشريط، أي؛ ة؛ علة ذلك هو أن خدع في التخصص السينمائي مقارنة بالخدع السينمائية اللحظي إنتاجها على أرضية فوتوغرافيةخدع الشريط هو، في أصله، مجموعة من المخبر يتم بحكم أن

مثال، أو تسريعها إنما هما خاصيتان )Le flou(الصور الفوتوغرافية المتتالية، فتضبيب الصورة تتأتى السينمائية فيهما من فعل التضبيب، نصف سينمائيتين، أو نصف فوتوغرافيتين؛ إذ

أما السمة الفوتوغرافية أو التسريع ذاته ألنه ال يتم إال عبر آلة التصوير، وداخل بنية التفليم، 1.فمصدرها جملة الصور الفوتوغرافية التي تتوالى مسرعة، أو تخضع للمسة التضبيب

السينمائية بأفالم الخيال، وسينما الفانتازيا، والفضاءات ال جرم، قد ارتبط استخدام الخدع الغريبة، بحيث نجم رهة أساسا مذهل عن ذلك تطوفي المهارات الفنية، والوسائل التقنية الموج

Optical printing(آالت المسح التصويري : نحو صناعة الحيل، وابتكار الخدع؛ من مثل

machines(كة، وآالت الطباعة البصرية، وكذا عملية التصوير المتدفق للرسوم المتحر وهلم ،أن المنطلق األنطولوجي للخدعة السينمائية، وتصورنا السينمائياتي لها، ال يقتضيان، إال 2..جرا

الخدعة ليست وليدة حاجة التخيل " بمعنى أن بالضرورة، ارتباطها بالخيال، والعوالم الوهمية، –أي إنها تلك البنية 3،"بل هي كذلك وليدة الحاجة إلى حل مشاكل تقنية بعينها [..] فحسب

التمظهر اللغوي، والغرض التعبيري الذي من شأنه أن يحولها من مجرد أداة تخيل المفهوم ذات . وتنسيق، وبنينة *إلى بؤرة تخييل،

اآلالت الموظفة في تصنيع الخدع فبعيدا عن زخم أحدث التكنولوجيات، وهرج أدق ليستشف كيف أن التأطير استطاع أن **السينمائية، ندعو القارئ إلى التمعن في هذه اللقطة، :يتقمص هوية الخدعة في منتهى احترام جنسية السينما

1 Cf, Op. cit, PP : 178 et 179.

، 16: ، ص، ص1996، أربد، األردن، 1انتصار الغريب، سينما الخيال العلمي اآلن، دار الكندي للنشر والتوزيع، ط: ينظر 217 .

.39: ص لو دوكا، تقنية السينما، 3 . 100، 94: البحث، الفصل األول، ص، ص: ينظر *

.مصدر سابق؛ " Gladiator: " من الفيلم. )12( الصورة؛: ينظر **

Page 328: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

328

.)12(: الصورة

موضع صية المشنوقة، ولم يظهرالشخ –قدمي الممثلة بتأطيرلماذا اكتفى المخرج، في هذه اللقطة، في الكادراجإذ أسهم لبصر المتلقي، –مكشوفة –الشنق ؟ إن تغييب باقي الجسد المشنوق لينم عن مخادعة

؛ فهل يفوت Gladiatorاألداء المسرحي لممثل " ببراعة " بناء الخدعة، وإيهامه بواقعية الشنق معضدا قد تكون الممثلة محمولة (: يوجد خارج اإلطار ليس امرأة حقيقية مشنوقة شنقا حقيقياالمتفرج أن يدرك بأن ما

سينمائية خدعةهي بيد أن بيت القصيد في هذا كله، هو أن الخدعة المحبوكة هنا .؟ )من فوق بشيء ماال تحفل به غير الكادراج الذي ، وتمخضت عن فعلاإلطار: ت عن جزء من نسق اللقطةجتلكونها ن )فيلمية(

. اللغة السينمائية

هل إذن، هل لنا أن نصف الخدعة السينمائية األصيلة بأنها الخيانة الحقيقية للحقيقة ؟، ولنا اآلن أن نشاطر ميتز رأيذلك هو 1.؟ "متسعة السينما بأكملها هي، بنحو ما، خدعة " ه أن

.نفتتح به مطلع هذا المبحثالمغزى الذي قصدنا قصدا أن

1 Christian Metz, Op. cit, P: 187.

Page 329: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

329

السينمائية خارج السينما -3فبعد أن خلصنا إلى . آن لنا أن نجوس السمة السينمائية خارج موطنها األصلي؛ السينما

دة أنة بنية مجرسينمائية الخطاب فيها السينمائي من اآلليات، والخصائص التي من شأنها إنتاجالسينما متوجهة، أساسا، نحو نمط السينمائي، لم يعد هناك ما يحول دون ارتحالها إلى خارج .جهوزية التقنيةمن الخطابات الفيلمية ال يلتقي مع الخطاب السينمائي إال في

تقبل *فمثلما تقبل الشعرية أن تهاجر إلى خارج الشعر، واألدبية إلى خارج األدب، .السينمائية، أيضا، أن تهاجر إلى خارج السينما

لتي بوسع السينمائية أن تهاجر إليه، وتتجلى فيه، فهو ما يشمل كل فيلم أما نمط األفالم االواقع في شكل حمولة معرفية إعالمية إلى حرفي تسجيلي، أولى وظائفه نقلذي منزع

من األنماط الفيلمية التي يمكن ، في جوهره، مجموعةيضمالنمط والحق إن هذا. المتلقي –الفيلم اإلعالمي " أو اإلحالة إليها بمصطلح واحد هو األفالم التسجيلية،إدراجها ضمن ملف

Information film " أحد المستويات التي يشملها قطاع الفيلم الواقعي " لكونه مصطلحا يغطيالفيلم التسجيلي، فيلم الحقيقة، : أو غير الروائي حيث يشتمل على المستويات السينمائية التالية

1".الرحالت، األفالم التعليمية، أفالم التدريب، المجلة السينمائية، األفالم العلمية فيلم على حدة، " اإلعالمية " المدارسة التفصيلية لكل نمط من هذه األفالم بصدد ولسنا هنا

المنافذ التقنية، والمسالك التعبيرية التي من خاللها يستطيع بقدر ما نحن نصبو إلى الوقوف على. أن يستأنس بالوازع السينمائي في االشتغال بغية تحقيق غرض ما )السينمائي(ي فيلم إعالمي أارتأينا أن البصري، –ظاهرة باتت متداولة على نحو ملفت في الوسط اإلعالمي السمعي ل إنهاو

سطح التعبير في نقاربها من منطلق الوظيفة السينمائية التي قد تطفو، بين الفينة واألخرى، إلى .ها األصلية؛ اإلعالم، واإلخبار، والتوصيلبنية األفالم التسجيلية مزاحمة وظيفت

من في مبحث من مباحث الفصل األول من هذا البحث، ،كنا قد أومأنا إلى هذه الظاهرةالشعرياتي حسب التصور )الشفافية(، والمرجعية )التخييل(احتماالت التناظر بين النسقية زاوية

، 90، و53، 49: البحث، الفصل األول، فرار األدبية من قبضة األدب، ومفهوم الشعرية بوصفها بنية مجردة، ص، ص: ينظر *

94 . .403: ، ص2004جديدة، القاهرة، ، النزهة ال1محمد منير حجاب، المعجم اإلعالمي، دار الفجر للنشر والتوزيع، ط 1

Page 330: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

330

، في ، متكئينبالخطابات المؤفلمةلتودوروف، فتوصلنا إلى نعت هذا النمط من األفالم اإلعالمية وها هو ذا .على مصطلحية ميتز المشروحة في المبحث األول من هذا الفصل أعاله ذلك،

على استقبال ونحقق في مدى قدرتها السياق يناسب أن نختبر حقيقة األفلمة في هذه الخطابات، الخاصية السينمائية، بعد أن اكتملت لنا الصورة عن األبعاد المفهومية لالشتغال السينمائي فضال

.عن المطارحات التحليلية المضمنة في مباحث هذا الفصل الفيلم اإلعالمي إن)عنى بنقل المرجع في منتهى األمانة، )التسجيليي ،مؤفلم لهو خطاب

ورغم ذلك ال يجب التسليم . لم الواقع من دون أن يلتفت إلى مكامن فيلميتهة، فهو يؤفوالتعيينيالذي ليس له بد من استعماله الوحيد ه، والنسقإذ تمثل التقنية فيه ذاتبعدم نظاميتة، ونسقيته،

غير على شاكلة الخطاب القانوني، أو السياسي في المثال الذي ضربه تودورف عن الخطاباتاألدبية التي تخضع لجملة من القواعد الداخلية، ولمستوى من التنسيق من دون أن يحقق لها ذلك

في خانة المسلمة الثانية )البصرية السمعية(، ومن هنا صنفنا األفالم التسجيلية أي شعرية تذكرفلمة هي مستوى من األمر الذي يوحي بأن األ *.التي تقتضي حضور النظامية، وغياب التخييل

السينما، " ، إذ !قبل الهجرة إلى خارج السينماذاته يتواجد في الفيلم السينمائي " التقنية " النسقية كاختراع تقني، قبل أن تكون فنا هي صور فوتوغرافية متحركة، وقد ساهمت قدرتها على

1".أكثر تسجيل الحركة في دفع درجة الثقة بالمصداقية الوثائقية للفيلم أكثر فما يرشحها ألن تطال الخطاب . فالتسجيلية إنما هي أصل السينما، وذكرى طفولتها

السينمائي كلما تحول إلى وسيلة، ال يولي اهتماما لذاته، ويقتصر على أن يكون مجرد ناقل سينما يصيب ال )Maladie infantile(من المرض الطفولي نوع هفيعتورللعواطف، واألفكار، الفيلم وعليه، إن قائمة من الوصفات، واألساليب اللغوية القارة ليس إال، فيحصرها في تحيين

2.، سيمثل عاريا من الجمالية، والغائية الفيلمية، بل وينعدم فنياالذي يشتغل على هذا النحو نحو السينمائية، سوالالتقنية، من حيث االستعمال، وإذن، إن برعت بالخطاب ء أتعلقهي م

.السينمائي، أم بالخطاب المؤفلم

. 100، 94: البحث، الفصل األول، النسقية وغائية الذات؛ شعرية ناقصة، ص، ص: ينظر * . 21: س، ص. يوري لوتمان، مر 1

2 Cf, Marcel Martin, Le langage cinématographique, P : 18.

Page 331: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

331

لو نتحرى قراءة واصفة في بعض التعاريف المتعلقة بمختلف األنواع من هذا المنطلق، لتكشف لنا أنها تنطوي أصال الصحفية، واإلعالمية التي نضعها في حيز الخطابات المؤفلمة،

عن ملن. ، ما من شأنه أن يعزز مسلمة ارتحال السينمائية إليهاعلى سمة الفيلمية، ونزعة النسقية :المنتقاة ، والتوصيفاتالنظر في هذه التعاريف

الصلة الجدليةتلك " ، وهو يقوم على "للواقع يالتفسير اإلبداعلتسجيلي هو االفيلم " - * 1". الفيلم وبين الواقعالقائمة بين ذلك

ع الصحفي الذي ال يكتفي فيه الصحافي بتقديم تقرير عن هو النو جإن الروبرتا -فالقيام " 2.األحداث، والسرد، والمعالجة يسمح بتدخل شخصيته، وحساسيته في انتقاءالحدث، بل

الجيد لزاوية ما على ء، االنتقاء دائما، حيث غالبا ما يتم االنتقااالنتقاءبروبورتاج، إنما يعني 3".كلهم حساب اآلخرين

ليس من حق المؤرخ أن يتغاضى عن القراءة النقدية للفيلم الوثائقي من حيث كونه - ة الوثيقة –النصثم ا أدنى من االشتغال على أشكال التعبير الفيلمية، ما يعني أنيفرض حد

4.نفسه ال محالةإن عبر الشاشة الغة البصريةالبإن المونتاج لهو من العناصر الهامة التي تصنع - 5.التلفزيون، أو عبر الشاشة الصغيرة في السينمافي الكبيرة

لتكشف عن مسلكية واضحة ينهض عليها الفيلم ةال شك أن هذه النصوص التوصيفيمحاوالت المعاضدة بين الذات الفيلمية، والواقع الذي يسجله؛ إذ تكاد تتلخص التسجيلي في

سا في بؤرة الجمع بين عناصر البناء الفيلمي، وبين مراجع السرد، والوقائع، هويته أسا، ملفيلمن المخاللة بين البنية النسقية ل مستوى معينوهو جمع ينم عن جدلية، أو عن واألحداث،

وبين مرجعه، األمر الذي يطبعه بمسحة إبداعية، جمالية شاخصة، تختلف نكهتها، وشدتها

. 151: ، األردن، ص1، التأويل، النقد، دار الشروق للنشر والتوزيع، ططاهر عبد المسلم، عبقرية الصورة والمكان، التعبير 1 . تسطير الجمل في النصوص المقتبسة هو من لدن الباحث *

2 Cf, Christine Lenteintureier, Dictionnaire multimédia, Presse, Radio, TV, Publicité, Ed ; Eryelles, Paris, 1990, P : 79. 3 Jean Dominique boucher, Le reportage écrit, Ed ; centre de formation et de perfectionnement des journalistes, Paris, P : 38. 4 Cf, René Gardies, Comprendre le cinéma et les images, P : 113.

.135: ، صالسينما وفنون التلفزيونمحمود سامي عطا اهللا، : ينظر 5

Page 332: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

332

لذا، ليس معقوال أن تكون تسجيلية الخطابات . احات التنسيق المستحضرة في البنيةحسب مسعلى نحو ما، تعنى في كثير من مواطن الفيلم تسجيلية منسقةالمؤفلمة مطلقة، إنما هي

من هنا، تدقيقا، *.بالتشديد على ذات الرسالة الفيلمية، وبكيفية اإلحالة من المرجع إلى النسق .المؤفلم )شعرية(لسينمائية المضي قدما نحو التأسيس بوسعنا

شرطية المراوحة، وأنماط وإذن، هل يستوجب أن تتوقف سينمائية الخطاب المؤفلم على .؟ )Filmique(، والفيلمية )Filmé(التدرج بين األفلمة إلى ذاته مشروط نحسب أن بلية النقل، بأصله اإلخباري، وبجالتفات الفيلم اإلعالمي

ةوالتسجيل، ونخال انتهاجه الوازع السينمائي في توظيف التقنية الفيلمية منوطا بالطبيعبمعنى أنه إذا كانت لإلعالم الفيلمي بالغة، كما يبين النص األخير المقتبس . التوصيلية للنوع

سع السينمائية أن تتجلى في ومن ثم، ليس في و 1أعاله، فهي بالغة معنية بدرجة أولى بالخبرية،بحيث يكون لها ما يكون من **المؤفلمات إال في شكل بؤر نسقية تتوزعها تسجيلية الخطاب،

ونحوها من .. وتموضع الكاميرا يا التصوير،المونتاج، وزواعلى غرار المنافذ، واآلليات؛ في أقصى حدود استعمالها الحرفي ظهررا من صرامة التقنيات التي تمنشاطا انتقائيا متحر

ه التأويليخرج، وحساآللة، فمرتبطا بقصدية الم.*** جماليات ذلك هو الطرح الذي كان أومبيرتو إيكو ينشده، وهو يتطلع إلى التأسيس ل

التلفزيون التي ال تعدو أن تكون محض تأمالت تتوخى قياس نسبة الحضور الفني في الخطاب التقاط ففي رأيه، يستحيل أن يكون. وني حتى وإن تعلق األمر بالبث الحي للبرامجالتلفزي

بل إن فعل االلتقاط ذاته هو فعل تأويلي حتى وإن الصور على المباشر نقال صافيا للحدث، –رج يشي بنية المخكانت مساحة التأويل ضيقة إلى أقصى حد، ذلك ألن موقعة الكاميرا

حسب –المصور، ويكشف عن منطقه االنتقائي ولو في مستوى أولي من التصوير، واالنتقاء سلوك تأليفي، سردي يعزو، ال محالة، لمساق اللقطات في البنية الفيلمية بعدا خطابيا ال –إيكو

. 70: ث، الفصل األول، صالبح: ينظر *عشراتي سليمان، الخطاب السياسي والخطاب اإلعالمي في الجزائر، مدارسة لسيمونتيك القول والفعل والحال، دار : ينظر 1

. 82: ، ص2003الغرب للنشر والتوزيع، دط، . 71 :ص ب،: الشكلالبحث، الفصل األول، : ينظر **

. Arthus Bertrand: ؛ للمخرج" Home": من الفيلم الوثائقي. )15(، و)14(، و)13(: الصور: ينظر ***

Page 333: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

333

جب على المخرج حين يتعلق األمر بنقل حي لمباراة في كرة القدم، يتويمكن تجاهله؛ فمثال، توجيه عين الكاميرا رأسا إلى بؤرة اللعب، ومواقع تنقل الكرة، إال أنه ال شيء يمنعه من إدخال

فضال عن إمالءاته المسداة إلى أعضاء .. بعض اللقطات الخاصة بالجمهور، أو طاقم التدريبعن بؤرة " نسقية " ياحات فرقة التصوير لتغير الموقع، أو زاوية التصوير، ذلك ما يمثل انز

فهل لنا، من هذا المنظور، وفي هذا السياق من البحث، أن نتبنى 1.التسجيل في تفليم المباراةمن أجل وصف Cinéma-vérité " 2 -)أو سينما الحقيقة(الحقيقة -سينماال" :مصطلح إيكو

*.سينمائية المؤفلم، وتسويغ تجلياتها لما تكون خارج الديار ؟ن الخطاب المؤفلم هو بمثابة النظم السينمائي أهل لنا أن نستخلص، بناء على ما سلف، و

، وأما إذا ما )على شاكلة النظم في الشعر الذي يعطي بيتا بال شعر( فيلما بال سينماالذي يعطي استحضرث ع السينما، انقلبت ت فيه خصائصسينمائية ن المعادلة، وغدا من األجدى أن نتحد .؟ بال سينما

.)15(: الصورة . )14(: الصورة ). 13(: الصورة

التي طفح بها هذا الفيلم، إال أن مصوره قد حاول جاهدا )الوثائقية(على الرغم من الحمولة المعرفية إال دليل على المسحة التصوير الفوقي، البانوراميي بعض المواطن منه؛ وما ف إيقاظ الحاسة السينمائيةإلى

فعالوة على وثائقية الفيلم التي تبرر القصد إلى توظيف اللقطات التي طبعت جل لقطاته، ومشاهده، الجماليةا السلوك التصويري المتبنى من قبل يسوغ لهذ ، إيحائياحافزا إبداعيانلمح أن ثمة .. الشاملة، والبانورامية

...كونية الخطر البيئي الذي يهدد اإلنسان، شمولية مسؤوليتنا حيال أسبابه: المخرج

1 Cf, Umberto Eco, L’œuvre ouverte, Op. cit, PP :149 et 150. 2 Cf, Ibid, 155.

Micro(ليب ، وفي أفالم الفيديو ك)Spots publicitaires(نشير إلى أن بمقدور السينمائية أن تتجلى في الومضات اإلشهارية *

film( . وإنها لظاهرة تستدعي تخصيص بحوث كاملة للوقوف على مالبساتها التأسيسية، ودواعيها التسويقية ال يتسع لها مقام . البحث

Page 334: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

334

استخالص *نحب أن نفضح شيئا من بنية الالمقول التي تركناها عمدا بين ثنايا هذا الفصل؛ فال

ليقبل 1،" لذي يجعل من رسالة قولية عمال فنياما ا: " الجاكوبسوني الشعرية سؤالإن ،ريبسندا منهجيا، ناهتخذامنطق الدراسة السينمائية للفيلم أيما انسحاب، األمر الذي االنسحاب على

في مطارحة الظاهرة السينمائية، واستشفاف أبعادها األنطولوجية، ومنطلقا إبستمولوجيارسالة فيلمية ما الذي يجعل من : فكان لنا أن امتحنا من هذا السؤال سؤالناومستوياتها التكوينية،

. عمال فنيا ؟يس ل: " التي لخص جاكوبسون فحواها في قوله" األدبية " كذلك هو الشأن بالنسبة لمقولة

نا لم فإن 2،" أدبيا هو األدب، وإنما األدبية؛ أي ما يجعل من عمل ما عمال موضوع العلم األدبيإسقاطها على حقل السينما، وتحويلها إلى تصور محوري من التصورات نجد أي عسر في

، من أولها آلخرها، تصبو إلى تقديم الحجج النمذجية لهذا البحث، أولم تكن مباحث هذا الفصل يجعل من فيلم موضوع الدراسة السينمائية ليس هو السينما، وإنما السينمائية، أي ما " على أن

.؟" ما عمال سينمائيا هنا أننا رحلنا هذين المنطلقين الجاكوبسونيين إلى مجال السينما في صورة ولسنا ننفي

سس من أي معدلة، ومنقحة، حيث عمدنا إلى تطعيمهما ببعض المصادرات، واأل *منمذجة؛الذي يميز بين )Ch. Metz(كريستان ميتز داخل الحقل السينمائي ذاته، فركزنا على تصور

االشتغال على محك السينمائية في على أن تنحصرFilmé( (، واألفلمة )Filmique(الفيلمية الفيلمية، أي؛ مقاربة النسيج السينمائي الذي يمثل نسق الفيلم، وتكتفي الفيلمولوجيا بسرد

**.الفيلم ية التي يرشحها خطابالمحتوى المؤفلم، ورصد إحاالت البنية الموضوعاتومن النتائج التي تمخضت عن ذلك، هو أن السينمائية مصطلح يعاضد بين المفهمة،

أي هي بنية تجريدية لها تحيينات شتى، تختلف، أو تتباين حسب حقبة الفيلم، وحسب واإلنجاز، بار الذي يكشف عن مؤشرات مثابة المسإن السينمائية لهي ب. التصور األسلوبي لمخرجه

1 R. Jakobson, Essais de linguistique générale, p : 210. 2 R. Jakobson, Questions de poétique, p : 15.

.البحث مدخل هذا: ينظر * .البحث، الفصل الثالث، االصطالح وحوافزه المفهومية، والمنطقية: ينظر **

Page 335: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

335

النوعي للسينما زفي الخطاب الفيلمي، والجهاز الذي يقيس درجة االمتيا الخصوصية السينمائيةولم من هنا، كانت للسينمائية تمظهرات إرهاصية منذ النشأة األولى لظاهرة السينما؛ . عينها

اللذين سيطرا على الوعي اإلخراجي لجل ت تكن، وقتئذ، مشروطة بعاملي الصمت، والصوالسينمائيين األوائل، واستقطبا اهتمام معظم المتأملين في اللغة السينمائية زمن الطفولة، وإنما كانت السينمائية، في مظهرها اإلرهاصي، مشدودة إلى ذات البنية اللغوية للفيلم، وما تتصف به

ت تدليلية إيحائية، سواء أكان الفيلم صامتا أم صائتا، أخرس، من مستويات تقنية نسقية، ومساقا .أم متكلما

فالفيلم ليس محض انجر عن ذلك أن سينمائية الفيلم ليست مقصورة على عدته التقنية،. " آلالت، والماكينات الموفورة في ورشة المخرجاجهاز تقني، أو آلة تصوير، أو مجموعة من

1،"يقتضي الفن التدخل الخاص للفنان ج اآللي للواقع ليس هو من الفن في شيء، إذ إن اإلنتاولئن كانت مقتضيات الفن عوامل داخلة في تكوين مفهوم السينمائية، فإن كيفية استخدام التقنية

تثمار ت التوظيف، واالسهو ما يصنع سينمائية السينما، وليست التقنية ذاتها بمعزل عن رهاناها التكنولوجيفآلة الكاميرا وحدها إنما تلتقط صورا في منتهى التسجيلية، إذ هي . مهما كان رقي

أقرب إلى روح الفوتوغرافيا منه إلى روح السينما؛ أو لنقل إن اإلنتاج التقني اآللي للقطات ليقع قعيئي أن يرتكز عليه، فيما الذي ال مناص للخطاب السينما )Dénotation(في مستوى التعيين

اإلنتاج الكيفي لصور الفيلم، الناجم عن أساليب منتهجة في استعمال التقنية، في مستوى اإليحاء )Connotation( الجمالي ها الفني2.الذي هو صميم السينمائية، وجوهر

نية هي ما وليست التق 3".ليست الصور هي ما يصنع فيلما، بل هي روح الصور " إذن، .! يسبك سينمائية السينما، بل هي روح التقنية

فحسب، وإنما هي مواألدهى، أن سينمائية الفيلم ليس بوسعها أن تتأتى من داخل الفيلسيميائي ،على مختلف المراجع والمرجعيات، وكذا اشتغال لغوي يستلزم أن ينفتح النسق الفيلمي

. حتم على السينما أن تستأنس بما أمكن من األجناس الفنية المغايرةوي األنساق الخطابية الكائنة،الطرح القائل بصفاء الفيلم، حيال )J. Mitry(ففي هذا السياق، نستحضر موقف جون ميتري

1 Thérèse giraud, Cinéma et technologie, Presse Université de France, 1ere éd, Janvier, 2001, P : 32. 2 Cf, Christian Metz, Op. cit, P: 17. 3 Cf, Marcel Martin, Op. cit, P: 18.

Page 336: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

336

وخلوه من شوائب الفنون األخرى؛ مؤداه أن السينما كل متكامل يحوي الموسيقى، واألدب، يث هي عناصر لها اشتغالها الخاص داخل البنية الكلية للفيلم، ومن هذا من ح والرسم والشعر،

السينما أن ينساق وراء سراب السينمائية الخالصة التيفي شؤون للمختصالمنطلق، ال ينبغي 1.تتنجز من داخل الفيلم بوصفه نسقا مغلقا

سينما، والالسينما؛ ما معناه وإذن، فالسينمائية هي بمثابة الخطاب الثالث الذي يقع بين الأن سينمائية فيلم ما ال تتحقق إال من خالل السينمائيته، على نحو ما تتحقق أدبية األدب من

وملتقى تجتمع إن الخطاب السينمائي خطاب هجين يتحرك داخل بنية الفيلم، *.خالل الأدبيتهلكن بشرط أن يخضع كل جنس فني .. ها، وأجناسهاعنده الفنون على اختالف أشكالها، وأنماط

–فالمسرح .. ثقافية -منها لمواضعات اللغة السينمائية، وإكراهاتها التقنية، والتدليلية، والسوسيويتجرد من مسرحيته، حينما يستحضر في اللقطات المشهدية، أو ذات عمق في المجال، –مثال

االشتغال، تقنيا في المسلك، والتمفصل، واألمر سيان بالنسبة ألي ليغدو مسرحا سينمائيا فييمكن أن تتغذى منه لحمة الخطاب السينمائي نوع فني .

تأسيسا على ذلك، ال غرابة أن نلمح في النسيج السينمائي لفيلم ما، الرسم والتصوير من نحت من حيث براعة استثمار الفراغ بأبعاده حيث استخدام التفاعل الدقيق للضوء، والظل، وال

الثالثة، والبانتوميم من حيث التبئير على الصورة المتحركة، ونلمح، أيضا، الرقص من حيث إيقاع الصورة، والموسيقى، والشعر من حيث التوصيل المجازي، واالستعاري، والرواية من

2..بكل حرية لى الوراء، واألمامحيث القدرة على تكثيف السرد، وتحريك الزمان إ، لى أن خطاب السينما مفرع في تكوينه النوعي، مشجر القنوات التدليليةإهكذا، نخلص

متعدد المستويات الجمالية، على أن ينهض على تعاضدية نصية مدروسة بين السينمائي فيه، وتكشفه المرجعي، األمر الذي يجعل من النوع تمفصله النسقي،بين كذاوبين الالسينمائي، و

**.)Autonomie(، ال لوهم االستقاللية )Spécificité(السينمائي ينتصر لمطلب الخصوصية

1 Cf, J. Mitry, La nécessité de l’histoire par Marcel Oms, revue ; Cinémaction, Directeur ; Guy Heunbelle, Les théories du cinéma aujourd’hui, Numéro-éditeur : 8550, 1988, P : 26.

. 97، 95: البحث، الفصل األول، ص، ص: ينظر * . 20: ص مي، النقد السينمائي من منظور أدبي،محمد شبل الكو :ينظر 2

.واالستقاللية نسقية المفهوم وجدلية التخاللالبحث، الفصل األول، : ينظر **

Page 337: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

السينما والالسينما في بنية الخطابالفصل الثالث سينمائية الفيلم وتعاضدية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

337

كما يمنح ذلك التعاضد بين السينما، والالسينما داخل بنية الفيلم مشروعية إلمكانية تهجير يسوغ، بالتالي، فكرة االحتكام إلى نمط من البصمة السينمائية نحو أجناس فيلمية أخرى، و

لمحاوالت بناء جسور التعاون بين السينما، وقطاع السينمائية ال يتجاوز حدود المؤفلم، ويؤصل فحسب، –السمعي فيليس على صعيد حر ما فتئ 1البصري تسويقي ،بل على صعيد جمالي

.يتضاعف شأنه في عصرنا الحالي

أحمد بدرخان، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، : حليم طوسون، مر: ميشيل وين، حرفيات السينما، تر: ينظر 1

. 306، 305: ، ص، ص1970وزارة الثقافة، الجمهورية العربية المتحدة،

Page 338: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون

Page 339: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

".إلضفاء طابع االحتمال على األحداث الجارية التاريخية ذريعة الحقيقة"

.عبد الرحمن بدوي: أرسطو؛ فن الشعر؛ ترجمة

« Si la technologie n'apparaît pas en tant que telle ici, l'esthétique qu'elle a générée, permet à Cameron de réinventer le film historique, tombé en désuétude. Titanic est une œuvre sur le passé, tournée comme un film de science-fiction. ».

Raphael Bassan.

Page 340: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

.وقفة نظام -1 .قسالن -جع، والتيتانيكرالم –التيتانيك -2 .المرجع -خطاطة التيتانيك -2-1 .الفيلم -خطاطة التيتانيك -2-2 .واألسلوب ةالسينمائي جيمس كمرون؛ الهوية -3 .جيمس كمرون؛ المهد وخلفيات التكوين -3-1 .أفالمه وبصمته األسلوبية -3-2 .القراءة آليات -4 .والفلسفية ه السرديةة المونتاج وإيحاءاتسقين -5 .اللقطة؛ الزخرف السينمائي ومصادره -6 .المونتاج الداخلي ومزايا الصوت واألحجام -6-1 .حركات الكاميرا؛ بالغة تصويرية -6-2 .تفكيكية الكادراج وشعرية الجنس -6-3 .التمويه وسينمائية الممثل - الكاميرا -78- مواطن األفلمة أو النثر السينمائي. 8-1- السينمائية واللمسة ةفشاألر. .المسرحة والحوار المؤرخ -8-2

Page 341: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

341

وقفة نظام -1في ال غرابة، ليس موضوع فيلم التيتانيك هو التيتانيك؛ أي، غرق الباخرة العمالقة

. م1912عرض المحيط األطلسي عام العشق الطارئة التي دارت أحداثها موضوع هذا الفيلم هو قصة وال غرابة أيضا، ليس

.العاشق في سبيل حياة العاشقة ، وانتهت بموت" Rose –روز " ، و" Jack –جاك " بين الذي نقصده ههنا، هو الموضوع " الموضوع" إن " الفني" ، " الذي ينخرط " السينمائي

ونحن هنا، بال . في بنية تكوين الفيلم، ال في بنية تكوين الواقعة المؤرخة، أو الحدث المسرود" في ضبط مفهوم –البنيوية – )Yu. M. Lotman(ريب، نتكئ على مقاربة يوري لوتمان

و " الموضوع الفني ،الذي بفضله ينشأ النصمن فحاوي ه الداللية؛قه، وتتراكب طبقاتيتركب نس الموضوع في الفن، بسبب من طبيعته الدينامية والمركبة ديالكتيكيا، إنما يزيد " هذه المقاربة، أن

العناصر )séquence مقطع(والموضوع هو متتالية . من تعقيد الجوهر البنيوي للعمل الفنياألمر الذي يعني أن موضوع فيلم ما هو 1.".الدالة لنص ما يتعارض ديناميكيا مع نظام تصنيفه

تركيبي ،للفيلم، وينهض على اشتغال بنيوي ن عبر التمفصل النسقيالفيلم ذاته، هو ما يتحية المعروضة سوى جملة معطيات قبلية، منفصلة عن شكل القصمقصود، ومدروس، بحيث ال ت

.بنية الموضوع الفيلمي، بل متعارضة معه في أكثر من موطنواقعة غرق نحو من هنا، ليس معقوال أن نصوب مداركنا القرائية، وأدواتنا التحليلية

تعلق حينا بالباخرة، التيتانك، بكل تفاصيلها التاريخية التي ت )Transatlantique(عابرة المحيطات .وبركابها حينا آخر، مدعين أننا ندارس فيلم جيمس كمرون، وموضوعه، وإيحاءاته السينمائية

البحث، ال يعد، في ا، أنموذج هذرأسا نحو تناول المرجعية التاريخية لفيلم التيتانيكإن التوجه إلى إنتاجها في هذا الفصل، وليس له أي شيء، من صميم القراءة السينمائية التي نطمح

بعض الخيوط خال عالقة بفيلم كمرون، أو بغيره من األفالم التي حاولت تجسيد الواقعة،لفؤالرهيفة التي تربط، ال محالة، الفيلم بتاريخ منا بعضفي مفاهيم المقاربة مه، والتي تضطر ،

.لإلحالة إليها، والوقوف عليها هذا البحث،

. 92: وتمان، قضايا علم الجمال السينمائي، مدخل إلى سيميائية الفيلم، صيوري ل 1

Page 342: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

342

فتناول حدث الغرق، ومالبساته التاريخية، إنما هو شأن من شؤون المؤرخ، أو المحقق الصحفي .. وال محل له في بنية الفيلم الذي يتناول الحدث عينه، وال شأن له بالتحليل السينمائي

الفصول المؤصل لها في، وأطاريحنا بل إنه ألمر ال يستجيب أصال إلشكاالتنالهذا الفيلم، .السابقة من بحثنا هذا

الكيفتأسيسا على ذلك، ليس غرق التيتانك هو موضوع الفيلم الذي بين أيدينا، وإنما هو خرج جيمس كمرون السينمائيمن لدن الم التي . لحادث الغرق كما اقترح ة الحبوليست قص

جمت من هي موضوع الفيلم، وإنما هو ا "روز"، و"جاك"بين تعرظهالذي تم لكيف السينمائي *.كما اقترحه المخرج أيضا ، وما تفتق عنه من دالالت،خالله

فالنص نا قضية الكيف هذه إلى منطلق آخر من مقاربة لوتمان المشار إليها أعاله؛ حيلوتمن دون "ما هذا ؟، أو كيف صنع هذا ؟، إنما هو نص : الذي يختصر ذاته في مداعبة السؤال

، إذ يقوم على نوع من التنسيق، والنظامية، والتصنيف، يكتفي بإظهار بنية الواقع في "موضوع ة بماتة، بينما النصال يمت للفني سكوني حرفي مباحثة السؤالالذي تتمحور ذاته على مستوى :

يحرض على 1 كيف حدث هذا، وبأي طريقة ؟، فهو النص الذي يمتلك، فعال، موضوعا ..القراءة، والتحليل

ر ظاللهذا التصو المقاربة في هذه الدراسة،" تأثيليا " الحق إن ا على مساحة فصليممتد بل إن هناك من المفاهيم التأسيسية، والمفاتيح اإلجرائية المضمنة فيما سلف من الدراسة كلها ما

– "كيفية اإلحالة " فيكفي أن نستحضر مفهوم يغنينا عنه؛ يكرس تصور لوتمان أعاله، أو ما كي ندرك أن الموضوع في فيلم األنموذج –من النسق إلى المرجع، أو من المرجع إلى النسق

من داخل الفيلم إلى الواقعة التاريخية لغرق )السينمائية(ههنا، هو ما يرتبط بكيفية اإلحالة ما يمثل وظيفته المرجعية، ويحافظ، في اآلن عينه، على على أن ذلك )1912(التيتانيك

في تصويره " الماذا " يستهدف الذي )النص(أما الفيلم **.مستوياته الفنية، وأبعاده الجمالية ب لوتمان –لواقعة الغرق، إنما هو فيلمله، إذ ينبني على جرد الحدث جردا –حس ال موضوع

ال ننكر أن للواقعة التاريخية كيفا تاريخيا ما، ولكنه يظل، رغم ذلك، مختلفا عن الكيف السينمائي الذي يتضمنه، ويتعالى *

.)نوضح هذه الفكرة الحقا(. عليه، وال ينخرط فيه، ويكافئه . 91: المرجع السابق، ص: ينظر 1

. 70 :البحث، الفصل األول، ص: ينظر **

Page 343: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

343

حسب –وهو للقارئ بهذا الحدث، الوعي التاريخي المسبقيد إلى حرفيا ال يضيف أي جد يشتغل وفق منطق األفلمة، تغمره الوظيفة المرجعية، إذ يحترم حادث فيلم – البحث تصور

هذا رغملكن بوسع الفيلم، .. الغرق، ويتغي التبئير على تفاصيله التاريخية، ومالبساته الظرفيةأن يمتلك بعض موضوع، أو يضحى هو ذاته موضوعا؛ أي المنطق، أن ينطوي على

*،"كيفية اإلحالة من المرجع إلى النسق"، أو مبدأ "الكيف"اإلضاءات السينمائية إذا ما تبنى نهج على الرغم من كونه أمرا ال يصح أن يتم ه على الرسالة الفيلمية ذاتهاشدد مخرجإذا ما ؛أي

التي غطت واقعة غرق التيتانيك؛ )المعلوماتية(الشديد للحمولة المعرفية إال في حدود الوفاء **.)ذلك ما يتفق مع منطلق بعض األفالم الوثائقية(

كذلك يكفي أن نستحضر من مفاهيم هذه الدراسة التي تقترب من تصور لوتمان ،؛ الفيلمية، واألفلمة ثنائيةأو تتجاوزه، للموضوع الفنيكمرون . الموضوع في فيلم ج إذ إن– الذي ينبغي أن تنصب عليه قراءتنا، هو ما يندرج ضمن حيز الفيلمية، ال –مدونة هذا البحث

سينمائي، بينما تندرج الواقعة التاريخية، -األفلمة؛ أي ما يشكل نسيجه اإلخراجي، التقنومما يحتم إسقاطها من مشروع التحليل ، الكارثية، لغرق باخرة التيتانيك ضمن حيز األفلمة

الفيلم، وقياس درجات تواترها التي تتنجز داخل –الموجه أساسا إلى مكاشفة سينمائية التيتانيك .الفيلم، ال خارجه

، لهي وقائع مؤفلمة، تقع خارج "روز"، و"جاك"وإذن، إن غرق الباخرة، وقصة ي سرد وقائع الغرق، وصور مشاهد القصة لهو الموضوع كله؛ الموضوع، وإن نسائج الفيلم الذ

كممته، و نالتحليل الذي من األحرى تفعيلفيلمي هه، وممارستصميم. لصاحبها " La conscience possible -الوعي الممكن " هل لنا، أيضا، أن نعتبر مقولة

لم تيتانيك لكمرون، باعتبارها تتسامى غولدمان تمظهرا آخر من تمظهرات الموضوع في في. لالوعي " تلك التي تشملها مقولة .. وقطاعاته االجتماعية، وسياقاته التاريخية على حسية الواقع،

إذ بوسعنا أن نعقل بنية الفيلم هنا على أساس أنها وعي ***؛" La conscience réelle -الحاصل

.المرجع السابق: ينظر *

.المرجع نفسه، الفصل الثالث، السينمائية خارج السينما: ينظر ** . 179: الفصل الثاني، ص ه،سينظر المرجع نف ***

Page 344: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

344

نسقية شتى؛ من قبيل العناصر التقنية، والمستويات تجريدية،ممكن أسهمت في تكوينها معطيات . كنولوجية، والخلفية الرؤيوية للمخرج كمرون التي تبناها بهدف الصوغ النهائي للبناء الفيلميالت

على أن تكون الواقعة التاريخية لغرق التيتانيك وعيا حاصال، يحوزه المشاهد قبل المشاهدة .األولى للفيلم

أساس أي موضوع هو الحدث، الواقعة التي تدخل في تناقض مع " أن ضحهكذا، يتأن هذا ذاك فحواه 1؛"إحدى قواعد تصنيف النص، أو إحدى قواعد تصنيف وعينا بشكل عام

ن؛ محور يقوم على محورين محورييإنما الفيلم الذي نروم مكاشفة سينمائيته، وأي فيلم آخر، وال شيء، فيما قلناه، يحيل إلى ،)السينمائية(، ومحور النسق، والفيلمية التاريخ، واألفلمة

حتمية وجود موضوع فني أنهما محوران متوازيان، ال يلتقيان، بل إن)يمتاز به )سينمائيلهو األمر الذي يجعل المحور األول يعارض المحور شح بفضله مستوياته السردية،رالفيلم، وتو يخالل معطياته وفق استراتيجية تركيبية، إخراجية معينة، تتداعى في اتجاه إيحائي ال الثاني، أ

. ينضب إيحاؤه، وتحرض على تأويل ال تخبو جمرته

. 100: س، ص. يوري لوتمان، مر 1

Page 345: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

345

قسالن -جع، والتيتانيكرالم –التيتانيك -2إللمام بأطرافها، واستغراقها في نسق فني، من الصعب ايقوم فيلم التيتانيك على مفارقة

ال غبار ،إنها مفارقة الحقيقة والخيال، التاريخ والسينما، أو هي، من .على سينمائيته سينمائي .)Le texte(، والنسق )Le réfèrent(لسانياتي، مفارقة المرجع -منطلق سيميو

ضمان بد من االشتغال عليه لقاء ذلك هو الرهان المحوري الذي لم يكن لجيمس كمرون: تحيين أكبر قدر ممكن من البؤر السينمائية، واألصعدة الجمالية في نموذجه الفيلمي المقترح

. Titanic –تيتانيك ، على جيمس كمرون أن فال جرم، إن ثمة محورا تاريخيا يتصف بالمرجعية، والحرفية

أن يكون في منتهى األمانة وهو ينقل تفاصيله من مستوى الواقعة يحترمه في بناء فيلمه، وعليه" تيتانيك " إذا كان هذا الفيلم :التاريخية، إلى مستوى الواقعة السينمائية، وهنا ينطرح السؤال

، فهل يعني أنه "الماذا التاريخية " يروي حدثا وقع فعال، وينحصر، من أوله آلخره، في تجسيد ؟، أم من األجدى أن نطرح السؤال )حسب تصور لوتمان المعروض أعاله(موضوع فيلم بال .كيف استطاع كمرون أن يحين التاريخ سينمائيا، ويستحضر المرجع نسقيا ؟: هكذا

التي يقترحها كمرون عنوانا لفيلمه لتشي، في الوهلة األولى، " Titanic" إن مفردة بحكم أنها بمثابة تأشير على كل بنيات الفيلم السردية، والمشهدية، بمنحى تسجيلي سيسيطر

،مغلق المعنى، يحيل المتلقي، إحالة مباشرة، إلى الحدث التاريخي ،إذ ال مانع من أن حرفيوفي هذه الحال، . تكون المفردة ذاتها عنوانا لفيلم وثائقي، أو روبورتاجي يتناول الحدث عينه

ال تسعفه نفسه في تلقي العناوين المكثفة، ن محترما لذلك القارئ الكسول الذي يبدو كمرووبالتالي، هل يحق لنا أن نعتبر كمرون متسلطا في وسم فيلمه والتفتيش عن إيحاءاتها المختلفة،

اءة، من حيث إنه تدخل في وعي المشاهد، ووجهه توجيها أحاديا، ال يترك أي مساحة للقر .والتأويل ؟

[...] العنوان يمكن أن يؤول على أنه تدخل مبالغ فيه من لدن المؤلف /إن االسم " فعال، نرى أن عنوان هذا الفيلم الذي بين لكننا 1،"يشوش على األفكار ال أن يقولبها أن إذ يجب

، الموقع 2004، 15:سعيد بن كراد، مجلة عالمات، ع : ، آليات الكتابة، تر"اسم الوردة " على أمبيرتو إكو، حاشية 1

.2007، تاريخ التحديث، جانفي [email protected]:اإللكتروني

Page 346: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

346

انات التي يمكن أن يقع عليها أيدينا، على الرغم من كثافته التوثيقية، إنما يضمر جملة من العنونصية التي تصلح ألن تكون عارضة اختيار المتلقي، ويفضي إلى عدد المتناه من العتبات ال

السردية - اإلحاالت البنيوية جسم الفيلم ذاته، ونسقه، وطرائقعنوانية لهذا الفيلم، قد فرضها : إذ ال نجد حرجا في عنونة الفيلم ؛اإلى الحدث الفعلي التي برع كمرون في ابتكارها، واقتراحه

ونحوها .. أو الموت وكبرياء األثرياءجاك وروز، أو رحلة نحو المجهول، أو باخرة الموت، .من العناوين التي لها ما يبررها داخل بنية الفيلم

تانيك من هذا المنطلق، بوسعنا أن نميز بين محورين اثنين، بارزين، يتغذى منهما فيلم تينميز بينهما لوال بنيوية السرد التي جاء عليها خطاب الفيلم، ولوال أن وما كان لنا لكمرون،

، كما سنتبين ذلك خطوة بعد خطوة إلى شكالنية الرؤيا اإلخراجية التي قصد كمرون إليها قصدا .نهاية هذا الفصل

، )Extra-cinématographique(سينمائي ال – المحور خارج: هما هذان المحوران والمحور السينمائي ،التاريخي ،المرجعي )Cinématographique(الفني ،النسقي ،. ولم نجد عناء

، وتحسس الفارق بينهما في بنية الخطاب السينمائي لفيلم كمرون، السيما ونحن في استشفافهمااربات السرد، ومقوالت الخطاب؛ فعلى نحتكم إلى خلفية من المفاهيم التي تمنحها مختلف مق

ط إلى التمييز بين مخط" ادعقد )Emile Benveniste(سبيل المثال نذكر أن إميل بنفنيست وهي دعوة 1،" سردبالنسبة لتحليل ال هذا التمييز أساسي ة، حيث إنط القصوبين مخط ،الخطاب

ه في هذا المقام؛ إذ بوسعنا وضع مخطط ال تختلف عن المنحى التصنيفي الذي نرتكز عليومستوى تاريخيا المرجع، واعتباره، بالتالي، محورا السينمائيا، -القصة في خانة التيتانيك

النسق، فيمثل بوصفه محورا -مؤفلما، ليندرج، بالمقابل، مخطط الخطاب ضمن مجال التيتانيك ..ن يكون محل دراسة، وتحليل، وقراءةسينمائيا، فنيا، هو ما ينبغي أ

إن الموضوع في فيلم تيتانيك لجيمس كمرون هو الخطاب السينمائي، وخطاطته وإذن، أما . السردية، واآلليات اإلخراجية، والبنيوية التي أسهمت في تحيين هذه الخطاطة –اللغوية

عن ظهر قلب، ألنها محفوظة في كتب التاريخ، سلفا )المطلع(خطاطة القصة، فيحفظها المتلقي .ومجلدات الكوارث البحرية

1 Emile Benveniste, Problèmes de linguistique générale, Gallimard, « Tel », Paris, 1976, PP : 237-251.

Page 347: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

347

أن لمالخطاب هو بيت القصيد في هذا الفيلم؛ تيتانيك، ويكفي، لنفقه ذلك، أن نع إن نقل القصة بفعل سارد يحكي أمام قارئ يدرك من خاللها المقصود بالخطاب هو الكيفية التي يتم

؛الكيفية التي يطلعنا بها السارد على األحداث أي في مقابل فال أهمية للقصة عليه،وهذا الحكي، 1.الخطاب

البناء السردي شيئا مما عن )Robert Shools(كذلك إننا نجد في تصور روبرت شولز القص والسرد، معتبرا أن ،أعاله؛ فهو يخالف بين القص د اقتراحنا التصنيفيعضعملية تتأتى ي

ندركها [..] كلنا نقوم به كل يوم، وحين تكون هذه العملية متماسكة بما يكفي " للجميع، إذ األمر الذي يعني أن القص يستميز باليومية، واالرتجال، والتضعضع، بينما 2،"بوصفها سردا

وال ضير، .كيتكشف السرد عن خيط استراتيجي، متماسك، ويشتغل على نحو مبني، ومحبوالالفني الذي تقترب ثنائية شولز هذه من فحوى ثنائية لوتمان التي تقيم تعارضا بين الموضوع

يتصف بالخطية، ويقبل التمثيل بيانا بمسار نقطة متحركة، وبين الموضوع الفني الذي يمثل 3.نامي معقدبوصفه تشابكا لعدد من الخطوط التي ال تكتسب معنى ما إال وسط سياق دي

أوليست واقعة التيتانيك التاريخية بمثابة القصة التي يحكيها كل على شاكلته، والموضوع ، أوليست بنية الفيلم السينمائية المقترحة من لدن كمرون بمثابة !الذي ال جمال، وال فنية فيه ؟

اال، وإيحاء، ويثير إعجاب منظري الفن الحلقات السردية المبنية، والموضوع الذي يرشح جم !رغم بشاعة المأساة التي يؤفلمها ؟

.ذلك ما سنتقصاه في السياق المالئم مما سيأتيهذه التصانيف المفهومية لفعل السرد، لنحاول اآلن، وفي ضوء ما يمكن أن تسديه إلينا

تيتانيك التاريخية المرجعية، والفيلمية النسقية، ال )محوري(مسافة الفرق بين خطاطتي استشفاف ، وسبر ما ترتب عنه من تداع الفحوى السينمائي في الخطاطة الثانية مكاشفةعلى أن نهتدي إلى

.إيحائي، وعوارض جمالية

. 31: ، ص1988، دط، 9، 8: الحسين سحبان، وفؤاد صفا، مجلة آفاق، ع: تودوروف، مقوالت السرد األدبي، تر. ت :ينظر 1: ، ص1994، بيروت، لبنان، 1سعيد الغانمي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط: روبرت شولز، السيمياء والتأويل، تر 2

107 . .93، 92: ص، صس، . لوتمان، مر. ي: ينظر 3

Page 348: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

348

المرجع - خطاطة التيتانيك -2-1قريرية الزمكنة، بحرفية المحتوى، وتسجيلية الوقائع، وت ال محالة، تتصف هذه الخطاطة

تطال ثالثة مستويات من واقعة التيتانيك؛ مستوى الباخرة ذاتها، ومستوى الركاب وإنها لصفات، وأخلص التفاصيلبأدق إذ نلفي المستوى األول مشحونا . المسافرين، ومستوى مسار الرحلة

لمحيطات، تابعة للمؤسسة هي باخرة عابرة لالمعلومات عن مالبسات بناء الباخرة تيتانيك؛ وإنزالها إلى البحر م، 1909تم بناؤها عام ، )White Star Line(البريطانية وايت ستار الين

مترا بغير 30: مترا، وعلوها 29: هامترا، وعرض 269: هام، يبلغ طول1911، و، ماي31بتاريخ فائقة في التهيئة، إذ تضم أربعة مطاعم ، وهي تمتاز بخاصيتين بارزتين؛ برفاهية علو المداخن

تظهر على ، وبهندسة تجديدية ..فاخرة، وصالة مسرح، وبهو تنس، وملعب غولف مصغرأن هيكلها المزدوج العمق، ومن خالل سلسلة من المقصورات المحكمة التي من المفترض

* 1.قابلة للغرقتجعل السفينة غير

**.)"Southampton"بـ 1912 -04 -10( رة التيتانيكصورة أرشيفية لباخ

إذ ،المستوى الثاني، فنلفيه أيضا عيني المعطيات، مثبت المعلومات على شاكلة سابقه أما 2201يتعلق بعدد ركاب التيتانيك، وشخوص المسافرين ربانا، وطاقما أمنيا، وخدماتيا؛ فقد كان

بيد أننا نرى أن المستوى الثالث 2منهم ينتمي لطاقم المالحة، 885لباخرة، شخصا على متن ا

1 Cf, Yves Gautier, Titanic, in : Encyclopaedia Universalis, 2010.

حيثيات أخرى ال يتسع لها المقام، منها مثال؛ أن بناء الباخرة كان بمبادرة جوزيف بروس نخرط في هذا المستوىتكذلك *، حيث شرع في عملية )Thomas Andrews(، ووفقا لتصور المهندس توماس أندريو1907سنة )yJoseph Bruce Isma(إيسمي

.Cf, www. Wikipédia ORG.1912، وفرغ منها سنة Belfast ببالفاست 1909البناء سنة ** Cf, www. Wikipédia. ORG." Avril, 2010 ". 2 Cf, Yves Gautier, Op. cit.

Page 349: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

349

لكونه، من جهة، يجسد الخاص بمشوار الرحلة هو األبرز في تركيبة واقعة التيتانيك الفعلية، المحور الحدثي)L’axe événementiel( إلى أن وقع إحداثياته الذي تتابعت أحداثه، وتداعت

غرق الباخرة، ويمثل، من جهة أخرى، المادة التاريخية، والوثيقة المرجعية : الرئيس الحدثنفضل عرضه مختزال على . ؛ تيتانيكاللتين استند إليهما كمرون في إنتاج النسخة النهائية لفيلمه

:النحو اآلتيتصل إلى /Southampton( 11 /04(التيتانيك تغادر إنجلترا ؛1912/ 04/ 10 -

Queenstown الطبقة الثالثة من تتلقى رسالة /12/04 إلنزال بعض مسافريLa Touraine تشير إلى وجود ضباب كثيف، وبساط من الجليد، وجبل جليدي)Iceberg( وسفينة مهجورة ،

راري رقم بصالة المولد الح يندلع حريق 04/ 13 على نقاط مختلفة من الشمال األطلسيفي أقل من أمتارا من هيكلهاتلتطم التيتانيك بجبل جليدي كشط /04/ 14ليلة 05

د انفجار مولدات البخار، وغرق 20سا، و 2/ 15/04ساعة ظهرت مداخل كبيرة من المياه 711 نجاة: الناجين الحصيلة ذإلنقا Carpathiaسا صباحا وصول 04التيتانيك 1.رجال 1329امرأة، و 109طفال، و 52شخصا، وهالك

أنه الواقعة، -مرجعية التيتانيكجزءا حساسا من مستوى الذي يشكل على هذا النلحظ ال يخضع ألي –بال شك –دخل فيه إال لمشيئة األقدار، فهو يمثل وفق تسلسل كرونولوجي ال

هو االمتداد الحدثي صودة، وال يتجاوب مع أي نظام ترتيبي منسجم، إنما نمط من البنينة المق الذي وقع كما وقع، وال شأن له بخطاب السينما، بل هو المادة التاريخية، والمستودع المعلوماتي

منه كمرون، كما نهل منه مخرجون آخرون أذهلهم الحدث، وحرك قرائحهم اإلبداعية لهالذي ن .الليس إ

يمتد في شكل منحنى ذي تسلسل منطقي بين إحداثياته، ووقائعه،لإن هذا المستوى هكذا ، وخال من لذا كانت محطاته تتدافع وفق زمنية أفقية خالصة، وفي اتجاه سببي صاف

لسببية فا" ى الغامضة التي قد تضبب نتيجة الغرق التي آل إليها التيتانيك، وعليه، نالبالفراغات، المحض تحيلنا على الخطاب النفعي والزمنية المحض تحيلنا على األشكال األساسية للتاريخ

1 Cf, Yves Gautier, Op. cit, et www. Wikipédia. ORG. Op. cit.

Page 350: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

350

على المستويين السالفين أيضا، بل التجاور بين األحداث وال ضير، تنسحب منطقية 2". )العلم(زمي، األمر الذي ويوشك التتابع الزمني لوقائع بناء الباخرة أن يخلو من كل سببية، وارتباط تالر اليوميات، والخطابات البيدنو بالحديث عنه إلى صنف الحوليات، وسية على شاكلة هيد

فبناء على هذه الخصائص، والمعطيات، ال يمكن الثنين أن يختلفا حول 1.خطابات المناطقةوقائعها هي قراءة خطاطة التيتانيك المرجعية؛ كل مستوياتها هي محفوظة في األرشيف، وكل

إنها .. فال محل ألي تأويل، وأي انزياحمشمولة بأبحاث المؤرخين، ومعاجم الكوارث اإلنسانية، .خطاطة خطية المسار، وتفتقر، لهذه العلة، إلى كل ما يمت للجماليات بماتة

لتيتانيك هل يعقل أن تكون خطاطة جيمس كمرون مطابقة لخطاطة ا: السؤال الجوهر .، وإال كيف كانت مواصفات خطاطة الفيلم، وآليات اشتغالها ؟؟ االتاريخية بكل حذافيره

الفيلم - خطاطة التيتانيك -2-2واقعة التيتانيك، كما لم يجرؤ على لم يجرؤ كمرون على استنساخ الخطاطة المرجعية ل

ال سينمائيا من أجل أن يقترح خطاطة على النسخة التاريخية تحاي ايلحت. تشويهها، وخيانتها .األصل -نسقية؛ أي فنية ذات امتيازات خاصة، ومواصفات فريدة غير مواصفات الخطاطة

، بوعي سينمائي حصيف، وحس جمالي رهيف، إلى بنينة التاريخ، وتنسيق مراجع ىسع، )المرجع(تركيبي بين المعلوم بكل حذق لالفأنتج نسقا فيلميا، وجسد حدثا مؤفلما؛ خ. الواقعة

را، ومختلفا، وإال دونما تطاول على الحقيقة، فأبدع فيلما سينمائيا مبتك )النسق(وبين المنظوم أوسكارا، ولم يحصدها غيره من األفالم غير القليلة التي تعاطت مع الحقيقة )11(كيف حصد

ذاتها ؟الذي كان يتوسم ، )Corneille(كورناي صة التيتانيك، حالحال كمرون في تجاوبه مع ق

2".الحقيقة التاريخية ذريعة إلضفاء طابع االحتمال على األحداث الجارية في المسرحية " في

. 65: ص شكري المبخوث ورجاء بن سالمة،: الشعرية، ترروف، تودو. ت 2 . 60: المرجع السابق، ص: ينظر 1أرسطوطاليس، فن الشعر، مع الترجمة العربية القديمة وشروح الفرابي وابن سينا وابن رشد، ترجمه عن اليونانية وشرحه 2

. 27 :، ص1973روت، لبنان، دت، الرحمن بدوي، تصدير عام، دار الثقافة، بي وحقق نصوصه عبد

Page 351: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

351

يجد ، لم )السردي(فأمام كثافة الحضور التاريخي لواقعة التيتانيك، وأمام حرفية محورها نة الواقعة، وإخضاعها لمحور سردي، إيحائي مغاير سوى مسوغين بنيكمرون ما يسوغ له

، االتكنولوجيأحدث وسائل اثنين، هما من أكبر السمات اإلخراجية في أفالمه كلها؛ تسخير أما المسوغ األول، فهو ما يمثل بؤرة التحدي، والعناد في شخصية كمرون 3.وأسطرة البطل

ن المستويات التقريرية، والمواطن المرجعية في بنية الفيلم، وهي مستويات، إزاء إمكانات تحييالتخلص منها، والقفز عليها بحكم أنها محطات محورية في بنية الخطاطة ومواطن ال يمكن

التاريخية للواقعة؛ فلوال التكنولوجيا، لما استطاع كمرون أن يبني باخرة طبق األصل لباخرة مترا مكعبا، 65000مترا، وفي حوض اصطناعي مساحته؛ 236، بطول )المرجعية(التيتانيك

ممثل صامت ألفإلكترونيا، ،يمظهر أن، فضال عن لوجيسيال خاص، ولما استطاع)Figurants( ونحوها من اآلليات التكنولوجية .. عبر اللقطات النهائية لمشهد الغرق الجماعي

خصيصا لتحقيق البؤر المرجعية في بنية الفيلم، والتي كلفت كمرون أكثر الفائقة التي وظفتخمس سنوات تحضيرا، وسبعة أشهر تصويرا من مليون أورو، واستغرقت من حياته 256من

1 .1997، إلى مارس عام 1996جويلية عام ا المستثمرة في بنائه من ه حري بالمحلل السينمائي لهذا الفيلم أن يتناول التكنولوجيبيد أن

–تكريس تجلياتها السينمائية، ومن جهة المفارقات األنطولوجية جهة اإلسهام في بلورة لغته، والجمالية؛ وجود البحر حقيقي من حيث المرجعية التاريخية، ووجوده اصطناعي)من )كاذب

ي من حيث المعلومة، غرق المسافرين حقيق، )حوض مائي مصطنع(حيث الخدعة السينمائية ..إلكتروني من حيث النسق الفيلمي وغرق

، إذ حاول "روز"، و"جاك"فيرتبط بقصة حب عنيفة دارت أحداثها بين أما المسوغ الثاني،أضفى عليها بعض الروتوشات السردية، كمرون التشديد عليها، وإعادة بعث حيثياتها بنحو

األمر الذي جعل الفيلم، في نهاية المطاف، .بعادا تأويلية ال تمارىوأكسبها هاالت داللية، وأحيث اتخذها كمرون سندا يصنع من خالله يترك انطباعا بنسبية الوقوع التاريخي لهذه القصة،

..إيقاع أحداث الفيلم، ويكثف الصراع بين شخصياتهويصعد به 2بطال، ويؤسطره،

3 Cf, Raphael Bassan, Cameron James (1954- ), in: Encyclopaedia Universalis, 2010. 1 Cf, Kristian Feigelson, Titanic, Op. cit. 2 Cf, Ibid.

Page 352: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

352

محورين سرديين داخل بنية الفيلم ذاته؛ محور عام يتعلق وبهذا بوسعنا أن نستشفبالخطاطة الكلية التي تضم تراكم األحداث المفضي إلى غرق التيتانيك من لحظة اإلقالع إلى لحظة الغرق، من دون أن نقصي المدخل شبه األرشيفي الخاص باكتشاف حطام الباخرة،

، ومالبسات الجوهرة؛ القلب األزرق "روز"ساردة؛ العجوز السردي الخاص بوضعية ال والالحق)Le cœur bleu( بين ة الحبد أطوار قصيجس ضمني ل لقطة "روز"، و"جاك"، ومحوريبدأ بأو ،

.غرقا إلى عمق البحر" جاك"بآخر لقطة تعلن عن موت البطل ل ف، ويأهماعينا اتلتقي فيهن المسوغين؛ البنينة التكنولوجية، وعجائبية البطل التعاضد بين هذيإذن، في ضوء

وينتج عددا ملفتا من المقاطع ، مضى كمرون يمارس التدليل على هامش التاريخ، "جاك"ذلك هو . داخل النسق العام للفيلم *فضلة نصية التصويرية، واللقطات الجانبية، الماثلة بوصفها

استعارة عن " تيتانيك لكمرون إلى عد فيلم )eigelsonKristian F( األمر الذي دعا أحد المحللينقراءة وعي وحثه، أيضا، إلى ** 1،..."المعاناة اإلنسانية، وعن اإليمان، والجسارة، والتضحية

متعجرف، وغير سفينة عرض المحيط األطلسي على أنه غرق لمجتمع غرق ال مؤوال المخرج،مانوية من زاوية " روز"، و"جاك"إلى مقاربة قصة الحب بين كذا مبال في أكثر الحاالت، و

)Manichéenne( د والعبدس أبدية الصراع بين السيعلى تفاهة السيد، وسطحية عاداته، 2تكر .ومنطق تفكيرهما يؤكد على جمالية المسوغ )Raphael Bassan(في تصور رفاييل باسون لنجد ثم إننا

التكنولوجي المشار إليه أعاله، حيث ارتأى أن كمرون لم يعتمد هذا المسوغ لذاته، وإنما امتطاه ن إعادة ما مكنه مالقراءة، مستويات اإليحاء، و نقطسبيال إلى توليد المساحات الجمالية، وتبئير

إنتاج الواقعة التاريخية للتيتانيك، واكتشاف مواطن اإلبداع فيها، تلك الواقعة القابعة في أعماق وهل فيلم التيتانيك لكمرون، فضال عن ذلك، إال أثر فني !المحيط، المطوية في سجل النسيان

3.عن الماضي، تم تصويره على شاكلة أفالم الخيال العلمي

. 129، 127: البحث، الفصل األول، ص، ص: نظري *

1 Kristian Feigelson, Titanic, Op. cit. . )3(، )2(، و)1(؛ صورال: ينظر **

2 Cf, Ibid. 3 Cf, Raphael Bassan, Cameron James (1954- ), Op. cit.

Page 353: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

353

.لثنائيجسارة ا ؛)3( :الصورة .صلوات القس؛ )2(: الصورة .؛ معاناة اإلنسان)1(: الصورة

، مما سبق، الخطاطة الكلية لسردية الفيلم، مع اإلحالة إلى ما تضمره من محاور نقترححاس في مفارقة خطاطة الواقعة المعروضةثية لها فعلدأعاله ها الحس:

Page 354: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

354

hjkjjkjkgngfhااا

.الخطاطة الكلية لنسق الفيلم

+ استهالل أرشيفي :المقطع السردي القاعديمقطع سردي من نسق الفيلم؛ وقائع اكتشاف حطام

مقر إلى روزباخرة تيتانيك، واستدعاء السيدة . االكتشاف

عودة الى من الغرق روزنجاة :تح خطاطة الواقعةتفم

بنية المقطع .طة الواقعةخطا وانتهاء لقطات. (غرق الباخرة السردي لميناء والباخرةبانورامية ل

.القاعدي ..).المسافرينو مكان (

) + ... الراوية .الجنيريك

. وروز جاكبين خطاطة قصة الحبموت ) + أول لقاء بينهما عبر النظرات(

.جاك

Page 355: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

355

لى مقاطع داخلية للفيلم موزعة إ الخطاطة الكليةالل هذا اإليضاح البياني أن يتبين من خيمكن الفصل بينها، والتمييز بين محتوياتها السردية، إذ يمثل كل مقطع منها خطاطة حثية د

.مصغرة، أو محورا سرديا فرعيا يغذي المحتوى العام للخطاطة الكليةخطاطة الواقعة التاريخية خارج تموضعي بمقطع سردي قاعديهكذا تنفتح خطاطة الفيلم

ية وبن *ثانية، 32لغرق التيتانيك، وهو مقطع يشمل استهالال وثائقيا أرشيفيا يستغرق حوالى ، وتختصر اث50 /د20ية تستمر مدة بسرد أحداث خطاطة الواقعة، وهي بن االرتكاز الخاصة

شأن قصد محاورتها ب" روز"أحداث اكتشاف حطام الباخرة في أعماق البحر، واستدعاء السيدة . خزنة الماس، وحيثيات الواقعة

، )يةالتاريخ(وهنا، تدقيقا، تتكشف أولى نقط التخالف بين خطاطتي التيتانيك؛ المرجعية آخر محطة في المحور السردي للواقعة إذ استهل كمرون فيلمه من ،)السينمائية(والنسقية

ضي سنوات عن تاريخ الواقعة، وهي ما مالفعلية، بل استهله من وضعية متأخرة جاءت بعد ما فتئت تنظم بغية فرنسية، التي -يحيلنا إلى واحدة من تلك الحمالت االستكشافية، األمريكو 1 .1996، إلى عام 1985تحديد موقع الحطام في عمق البحر منذ شهر سبتمبر عام

.من مقطع االستهالللقطة أرشيفية ؛)4(: الصورة إلى االستهالليفمن هذا المنطلق، نستطيع القول إن كمرون قد قصد، بهذا المقطع

؛ أي سينمائية تختلف، ال محالة، عن خطية التسلسل الزمني، والحدثي التمهيد إلنتاج سببية نسقية

. 4الصورة؛ : ينظر *

1 Cf, Yves Gautier, Op. cit.

Page 356: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

356

تعترف بالصفاء المرجعي، ودقة المحتمة على خطاطة الواقعة التاريخية لغرق التيتانيك، والوتستعين بآليات السينما بغية تحيين فني لسردية السرد، بل تمتثل لتمفصالت خطاطة الفيلم،

يستعاض " فإذن، ينبغي أن . ، أو االستباق)Flash-back( الخطاب على سبيل آلية اإلرجاعنسقية بكل ما تعنيه هذه من تفاعالت تدريجيا عن مفهوم السببية الخطية بمفهوم السببية ال

1".يمكن لنسق قائم أن يحتويها [..] وارتجاعات يدرج لقطتين ضمن مقطع االستهالل هو ما أتاح لكمرون أن هذافمبدأ السببية النسقية

في رسم " جاك"مشهد انهماك إحداهما إذ تستحضر ؛"روز"تجسدان فعل التذكر من قبل السيدة األمر ، )ثا38/د19(، وتعرض أخراهما ألحد مداخل صاالت الباخرة )ثا26/د15( عارية" روز"

الذي عضد سينمائية التسلسل بين لقطات المقطع، وأضفى عليه مسحة جمالية على الرغم من وبداهة محتواه الفكري ،رتابة منحاه السردي .

خطاطة الواقعة التاريخية لم تنفتح إال بعد مضي إن أكثر من عشرين دقيقة من نسق ثمالفيلم، وهي، فضال عن ذلك، خطاطة فيلمية تنماز عن المسار التاريخي لغرق التيتانيك من

آية ذلك أن انفتحت من سينمائي؛ -التمظهر التقنومن حيث حيث طبيعة التنسيق، وخاصة، le..": في الفيلم" ة الراوي شخصي" التي ما لبثت أن تحولت إلى "روز"خالل صوت السيدة

Titanic était surnommé le paquebot de rêve, et il l’était, il l’était vraiment.."، مع *.أولى لقطات خطاطة الواقعة التحل محله" روز"وجه تدريجي لصورة نسحابا

..et il l’était vraiment..؛)5(: الصورة

. 107، 106: ص، ص محمد قاري، سيميائية المعرفة المنطقية، منهج و تطبيقه، 1 . 5الصورة؛ : ينظر *

Page 357: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

357

، حتى انفتحت )ثا53/د34(وما أن بلغ نسق خطاطة الواقعة الدقيقة الخامسة والثالثين حيث ؛"روز"، و"جاك"خطاطة لواقعة أخرى داخل بنية الفيلم، هي خطاطة قصة الحب بين

فالقى بين نظرتي العشيقين ألول مرة بمونتاج أعلن كمرون عن بدايتها بمؤشر مونتاجي دال، ذكية ستجمع بينهما، مة قصثم ؤ بأنخطاطة واقعة توقد تشاكل *.وح، يساعد المتلقي على التنب

، وتناغمت معها في شكل خطين متزامنين، متوازيين، " الغرق "الحب هذه مع خطاطة واقعة له السرديفصوطبع تم ،د نسقية الفيلم أكثرمتداخلين في الوقت نفسه، ما عض ،بمستوى فني

شعرياتي ال يمكن أن تتصف به خطاطة السرد خارج بنية الفيلم؛ أي في الواقعة التاريخية .الصافية

+

.روز ؛)7(: اللقاء األول الصورة . جاك ؛)6(: صورةال

معلنا عن موت ة قصة الحبأغلق كمرون خطاطثا 56، ود51وبعد مضي ساعتين، ووهو حدث، في حقيقته، يترجم معلومة حرفية . غرقا في أعماق البحر السحيقة" جاك"البطل

ليم هذه المعلومة فالكيف الفيلمي الذي استخدمه كمرون في ت، إال أن "روز"حسب رواية السيدة **.وشات اإلبداعية، والفضالت النسقيةالروت كثير من هموتا سينمائيا في" جاك"ت وجعل من م

. 7و، 6 الصورة؛ :ينظر *

. 8الصورة؛ : ينظر **

Page 358: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

358

.؛ جاك يغرق سينمائيا)8(: صورةال

، "روز"إذ استمرت لتروي حيثيات نجاة انتهت خطاطة الحب، ولم تنته خطاطة الغرق؛ األمان، إلى أن ختم آخر مشهد انطوت *،)ثا09/د56/اس2(ت بمشهد تمثال الحرية وبلوغها بر

انتهاء عليه خطاطة الواقعة لتتم منه العودة إلى المقطع القاعدي لسردية الفيلم، وهنا نلحظ فر عن إنتاج لقطات ختامية تنحو، في سخطاطة الواقعة، واستمرار الخطاطة الكلية للفيلم لت

ا يلتف على مرجعه، يؤكد على نسقية الفيلم، وفتشكيليا، انزياحيا معظمها، منحىته، أكثر ممني .ويرتد إلى ذاكرة الواقعة، وأرشيفها

. ؛ تمثال الحرية، روز تتحرر من قيد األرستقراطية)9(: الصورة

. وهل هو آخر مشهد في خطاطة الواقعة ؟

الفيلم خطاطة نسقية، تنبني على استراتيجية -تانيكبناء على ما سبق، أن خطاطة التيوعي فني محسوبة في تنسيق مشاهد الفيلم، وترتيب محاوره السردية الفرعية، ذلك إنما ينم عن

. 9الصورة؛ : ينظر *

Page 359: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

359

خلخلة هما ما فرضا عليه السعي نحو كمرون، شخصية نحصيف، ووازع جمالي متقد يعتوراوإال .. وإيحائية البناءونولوجيا السرد بنسقية التركيب، واستبدال كر المرجع، -خطاطة التيتانيك

من تس ر أن تخلل بنية الفيلم، بخطاطتيها؛ الواقعة والحب، أكثرة كيف نفسعة تدخالت لشخصيصوتية، خال ثالثة " روز"حيث كانت جل تدخالت الساردة (؟ " روز"السارد الممثلة في السيدة

.)الت بصريةمنها كانت تدخالفيلم عن رؤيا فكرية، فنية مختلفة لموضوع ثابت، ومحفوظ، -ال ريب، يكشف التيتانيك

ال نكون أبدا بإزاء أحداث أو وقائع خام، وإنما بإزاء أحداث تقدم لنا على " إذ إن كمرون جعلنا ويتجدد كل مظهر .واقعتين متمايزتين فرؤيتان مختلفتان لواقعة واحدة تجعالن منها. نحو معين

وقد كشف عن هذه األهمية في الفنون . من مظاهر موضوع واحد بحسب الرؤية التي تقدمه لنا 1".البصرية باستمرار

هكذا إذن؛ نكاد نعتبر الواقعة المرجعية لغرق التيتانيك مادة أولية انبرى كمرون يشكلها، وإنها . عسى أن يحقق تصوره السينمائي المرتجى. .ويبنينها وفق منطلقاته الرؤيوية، واإلبداعية

لغاية نلتقط لها العديد من مواطن التجلي على صعيد المنعطفات الداخلية، والبنيات الجانبية ، إذ سنأتي على تحليل بعض منها في السياق " Titanic" ؛ المحشوة في البنية الكلية للفيلم

. المالئم

.58: تودوروف، الشعرية، ص. ت 1

Page 360: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون رابعالفصل ال ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

360

واألسلوب ةالسينمائي جيمس كمرون؛ الهوية -3هجست به أنفس يسعى هذا المبحث إلى إضاءة زوايا أخرى من ذلك التساؤل الذي طالما

في حلته السينمائية الكمرونية؛ ما الذي يمتاز به هذا الفيلم ؟، وكيف " Titanic" المتتبعين لفيلم مسجلة، في التعاطي مع واقعة تاريخية السينما آليات استطاع أن يستثمر مساحات شاسعة من .وثابتة، ال تقبل زيادة، وال تقبل انتقاصا ؟

، إال أن المنطلق الحق إننا قد حاولنا مكاشفة هذا التساؤل، ولو جزئيا، في المبحث السالفلتفسير أسباب الجمالية الذي احتكمنا إليه في تبرير سينمائية فيلم كمرون؛ تيتانيك، واعتمدناه

إلى ذات الفيلم، فهضمنا حقيقة بنيويا، نسقيا؛ أي إننا رددنا نجاح الفيلم المبهرفيه، كان منطلقا المسافة بين الخطاب السينمائي، وبين المسار التاريخي للواقعة من داخل النسق الفيلمي، ال من

يم البنيوية على غرار السببية النسقية، وكيفية متكئين على بعض المفاهسياقاته الخارجية، ..اإلحالة، ونحوهما

لكنا نريد هنا إلى معرفة حقيقة النهج السينمائي المبتدع من قبل كمرون بغية تسنيم أهم سياقات الواقعة، وإخراجها من قوقعة التاريخ، بالتوجه إلى خارج ذات الفيلم، والوقوف على

إننا نعني، ههنا، جيمس كمرون، . ، ومرجعياتها التكوينية، وخلفياتها الفكريةالذات التي أبدعته .مشاربه المعرفية، وتأثيراتها في بناء هويته السينمائية، وتمييز لمسته األسلوبية

العمل الفني يدرك في عالقته باألعمال " إنما نرجع األمر إلى كون –إذ ذاك –ونحن على أننا ال نبغي من وراء 1،"الستناد إلى الترابطات التي نقيمها فيما بينها الفنية األخرى، وبا

الواقعة ذاتها؛ غرق ذلك إجراء مقارنات بين فيلم كمرون، وبين ما سبقه من أفالم تعاطت معالتيتانيك، إذ نتوسم في جس الفوارق بين تيتانيك كمرون، وبين تيتانيك التاريخ واألقدار كفاية

.وسعها الكشف عن جوهر اللمسة األسلوبية التي انماز بها كمرون في إخراج فيلمه؛ تيتانيكب

وخلفيات التكوين لمهدا ؛كمرونجيمس -3-1، م1954أوت عام 16بتاريخ؛ )James Francis Cameron(ولد جيمس فرانسيس كمرون

هو ابنCanada( . (بدولة كندا ، )Ontario(بأونتاريو ) Kapuskasing(زين ابمدينة كابوسك

. 41: ص المرجع السابق، 1

Page 361: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون رابعالفصل ال ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

361

كندا، ، وقد أمضى طفولته ب)Shirley(؛ شيرلي فنانةال، و)Phillip(؛ فيليب كهربائيالمهندس للالذي كان له أثر ما في تذكية الجغرافي موقعذلك ال Niagara(،1(نياغارا القرب من شالالتب

الفضاءات الكواكب، وجمال، وغزو الحس الفني لكمرون، وتوجيهه نحو اكتساح عوالم ال .ئيا باستعمال آلة، هي آلة الكاميراالغريبة غزوا سينما

*.)2009عام (صورة حديثة لجيمس كمرون

استقر به المقام في كاليفورنيا بالواليات المتحدة األمريكية، حيث قضى 1971 وفي عام، إلى أن تخرج من )Fullerton Collège(ي بثانوية فولرتون مراهقته، وتابع تكوينه الدراس

ال محالة، إن 2.الفيزياءحامال لشهادة في )California State University(جامعة كاليفورنيا لتخصص كمرون في الدراسات الفيزيائية بالغ أثر في تكوين تصوره السينمائي عن عملية

جه األسلوبي في انتقاء الموضوعات، وهندسة أشكالها الفيلمية منذ وتحديد نهإخراج األفالم، Effets(استهواه االشتغال على المؤثرات الخاصة حيث بداياته األولى في امتهان السينما؛

spéciaux( وبناء التصاميم ،)Maquettes(رةوالنماذج البشرية، والحيوانية المصغرة، والمكب ، .ذب أيما انجذاب إلى التخصص في إنتاج الخدع السينمائية بشتى األساليب، جعله ينجاألمر الذي

وأحدث التقنيات، وابتكار التصاميم، والنماذج، واختراع المؤثرات الخاصة، فضال عن إظهاره -Co( وكتابة السيناريو، )Producteur(، واإلنتاج )Réalisateur(لقدرات عالية في اإلخراج

scénariste(التركيب ، و)Monteur( وإدارة التصوير الفوتوغرافي ،)Directeur de la

photographie( ت له تجربة سينمائية ملفتة، قد أثارت انتباه المخرج روجرسأن تكر إلى حد ، 1 Cf, Raphael Bassan, Op. cit, et www. Wikipédia. ORG. * Cf, www. Wikipédia. ORG. 2 Cf, Ibid.

Page 362: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون رابعالفصل ال ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

362

New(، فأقحمه ضمن طاقم شركته؛ عالم الصورة الجديد 1980عام )Roger Corman(كارمن

World Picture(.1 * للشخصية السينمائية التي تحلى بها كمرون، وحافظ هكذا، بدأت تتضح المعالم الكبرى

عليها طيلة مشواره اإلبداعي؛ إذ نلفي ألسلوب الصنعة التكنولوجية، بكل فواعله التقنية في كل فيلم من أفالمه، السيما األفالم المحورية، واألكثر شهرة، وإثارة للجدل والعلمية، بصمة

،"Avatar "، و" Judgement Day "األول، والثاني، والثالث، و" Terminator " على غرار؛ . أنموذج هذه الدراسة " Titanic"و

شكل جزءا ال يتجزأ من فال طرافة أن نلمح الخدعة السينمائية، السمعية والبصرية، توي ألفالم كمرون، وال طرافة أيضا، أن نلحظ، في جل أفالمه، تعويض الممثل نسق اللغال

لكن .. بممثل إلكتروني، وتعويض الطبيعة بأكوان موازية خيالية النسج، عجائبية التمظهره التكنولوجيي هي؛ هل سمح هذا التوجف " ، هذا المسألة الجديرة بالتقصالتطر " الصناعي

لكمرون بأن يبتكر له أسلوبا خاصا في بناء األفالم، وإخراجها، وإبداعها ؟، وكيف السبيل إلى الزخم من التقنيات المتطورة، وتلك الترسانة من آليات تفسير ما يترتب عن توظيف ذلك

. التصوير، والخداع، والتأثير المبهرة في إنتاج أفالمه ؟وما يقف وراءها من رؤى إخراجية، أن تكون –مثال –هل بوسع المؤثرات الخاصة

. جزءا من الهوية السينمائية لجيمس كمرون ؟

أفالمه وبصمته األسلوبية -3-2يستشف، ال إن من يتتبع أفالم جيمس كمرون بشيء من الوعي السينمائي المطلع، س

هذه .بنيوية من فيلم آلخر -تقنوكبرى تتكرر وفق تمظهرات محالة، جملة من العالمات الكالعالمات إنما هي بمثابة بؤر نسقية مرفي إخراج ة، تكشف عن نزوعور كمرون الفرداني

األفالم، وبناء موضوعاتها، من األجدى أن يكاشفها الباحث في ضوء مقاربة أسلوبية مركوزة

1 Cf, Op. cit.

Les Mercenaires - جنود الفضاء " على المؤثرات الخاصة قبل أن يرسم مديرا فنيا لفيلم فقد اشتغل جيمس كمرون أساسا" *

de l'espace "،خرجا في الفرقة الثانية لفيلم ، ثم مديرا للتصوير الفوتوغرافيعب " ومة الرمجر- Galaxy of terror " . عمل كما . Carpenter John( ،Cf, Idem(لمخرجه جون كاربنتر " York New 1997 -ويورك ني" أيضا بمجال المؤثرات الخاصة في فيلم

Page 363: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون رابعالفصل ال ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

363

التحديد ، و)Le marquage(الوسم ، والتكرارمثل؛ على بعض من مفاهيمها المحورية من *.)La surdétermination( الزائد

لذا، فمشاهدة أفالم كمرون بمنظار األسلوبية ترفع النقاب عن أسلوبه، وتجلوه ال محالة، 1".ظاهرة نسقية التكوين، عينية االعتمال، فردانية النزوع " ما دام األسلوب بحد ذاته هو

إن االستعمال المكثف للتكنولوجيات الحديثة، والمؤثرات الخاصة من ذلك المنطلق، فمن في أفالمه، ويحين فيها مستويات السينمائية، والجمالية قبل كمرون لهو ما يمثل بؤر التنسيق

فيلم،بوصفها تكرارا؛ أي عناصر أكثر بروزا من غيرها، ووسما؛ أي انتشارا نسقيا للغة ال األساسحسبنا أن ذلك هو **.وتحديدات زائدة؛ أي وظائف طاغية في البنية السينمائية للخطاب

التي يبوح بها بعض الدارسين السينمائيين "األسلوبية " الذي نفهم من خالله التصنيفات فعلى سبيل التمثيل ال الحصر، قد عد الباحث المتخصصين في قراءة سينما جيمس كمرون؛

Cinéma(من أحسن ممثلي التيار الجديد لسينما الحركة " كمرون )R. Bassan(ائيل باسان رف

d’action( إذ ،األمريكية، ذلك الذي يقوم أساسا على استقاء موضوعات من الخيال العلميلصالح التخمين )صور التركيب، الخدع اإللكترونية(عرف كيف يفيد من التكنولوجيات الحديثة

األول؛ ( Terminatorفيلم : اآللة -ساطير مقلقة بشأن مستقبل اإلنسانية، وعالقات اإلنسانعلى أ *** Judgement Day 1991( ."2مع فيلم يوم القيامة (الثاني و، )1984

تشكل محاور تقاطع كنا قد ركزنا على هذه المفاهيم األسلوبية في محطة من محطات الفصل الثاني من هذا البحث، لكونها *

. 651: ص ؟البحث، الشعرية واألسلوبية؛ هل هما مصطلحان لمفهوم واحد: ينظر .بين األسلوبية، والشعرية .237: ينظر استخالص الفصل الثاني من البحث، ص 1

. 132: البحث، الفصل الثاني، ص: ينظر **2 Cf, Raphael Bassan, Op. cit.

. 10الصورة؛ : ينظر ***

Page 364: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون رابعالفصل ال ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

364

).10(: الصورة

، حيث أبعد " Film d’action –فيلم الحركة " قد أعطى كمرون نبرة مستحدثة لمفهوم من األفالم عن صخب البناءات الفيلمية المسطحة، وخلصه من أزمة الموضوعات النمطهذا

، ومن هنا جاء سعيه الحثيث إلى )األمريكية(تحنط آفاق السينما الهوليودية التي ما برحت تعضيد الحقيقة بالخيال على نحو يسمح له بالجمع بين القوة بغيةالتقنية الفائقة توظيف

في تحيين الخطاب السينمائي، األمر الذي جعل من الخيال )االنسيابية( ، وبين الرهافة)ميةاالدين( . في سينما كمرون ذريعة لتعميق الواقع ليس إال

ذلك هو أسلوب كمرون السينمائي؛ دينامي، وسلس في آن، وإنه األسلوب الذي مكنه من ، وسنح له بإعادة )Titanic )1997ة من خالل فيلمه؛ وسم تاريخية قصة التيتانيك باإلبداعي

.رغم كونها حدثا مسجال، مغلق التأويل 1اكتشافها ومن اللمسات األسلوبية المكرورة التي نلحظها في أفالم كمرون، أسطرة العنصر

،ه مع الرجال، إذ غدت المرأة أقل شبقية، النسويالبطولة نفس زوأكثر جرأة على وإدخاله حي Sarah(مواجهة األخطار، بكل أنواعها، ومهما كانت شدتها، كما هو حال البطلة سارة كونور

Connor( في فيلمTerminator وكذا حال البطلة روز دوسون ،)Rose Dowssen( في فيلمTitanic ،د شخصية ضحية في أفالم السين، بعكس المرأة التي طالما ظهرت ضعيفةما ومجر * 2.الكالسية

1 Cf, Op. cit. 2 Cf, Idem.

. 11الصورة؛ : ينظر *

Page 365: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون رابعالفصل ال ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

365

. ؛ األنوثة تزاحم الرجولة في تحيين رمز البطولة)11(: الصورة

على أننا سنحاول إلى الكشف عن سمات أخرى تستميز بها سينما كمرون من خالل " السينمائية"في سياق التمثيل لمفاهيم Titanicتحليلنا للقطات المقترحة من أنموذج هذه الدراسة؛

.مستخلصة في خضم الفصول السالفة أعالهال 1:وفيما يلي، نقترح هذه القائمة التي تضم أبرز أفالم جيمس كمرون

1 Cf, Cf, www. Wikipédia. ORG.

تاريخ إنتاجه عنوان الفيلم

- Terminator.

- Aliens. - Abyss.

- Terminator -2 -. - Judgment day. - True Lies . - Titanic . - Avatar .

- 1984. - 1986. - 1989. - 1991. - 1991. - 1994 . - 1997. - 2009 .

Page 366: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

366

آليات القراءة -4نتعاطى مع هذه المدونة السينمائية التي بين أحرى بنا أن ،بأي آلية من آليات القراءة

ثم ماذا نعني بالقراءة حين نتوجه إلى خطاب سينمائي ال يخضع إلكراهات اللسان، وال . أيدينا ؟ .يستجيب لمواضعات النص، والكتابة ؟ ،في هذا المقام، ة، واعتباراتها النظرية، إننا لنروملمفهوميبعيدا عن حموالت القراءة ا

حصر "استظهاربه الذي نستطيع " المنطلق التحليلي اتيالسيميو(درجات التمظهر السينمائي- لبعض اللقطات من فيلم )شعرياتيTitanic ولسنا نخالف . لجيمس كمرون، أنموذج هذه الدراسة

إلتاحة األدوات المنهجية كافيا أمرا ،ثالمقاربة المحتكم إليه في هذا البحرأي الذي يعتبر جهاز بيد أننا نجد ته،تحليل مقاطع الفيلم، وضبط طرائق ممارسبتثبيت الخلفيات النظرية لفعل الكفيلة

من العديد كتنفهايالنزول إلى ميدان التحليل بهدف التعاطي المباشر مع نسق الفيلم، خطوة عينية اآلليات التحليلية، والمناظير القرائية التي لم تشملها المقاربة على نحو صريح، األمر الذي قد يورط الباحث في مسلكية تحليلية هجينة، وضائعة المنطلق والمنتهى؛ حيث يجتمع فيها التحليل

صورات التي اآلليات، والتتقويم بالتأويل، ونحوها من والتفسير، وال ،بالوصف، والنقد بالتنظير ..لقاء اكتناه فحاوي النصوص، وتفكيك بناءاتها" القارئ " يستند إليها

من هنا جاء هذا المبحث الذي اختصصناه، أساسا، لمقعة الذات القارئة، المحللة، حيال و، خاصة وأن الموضوع الذي سيمارس ذلك الرهط من اآلليات التحليلية، والمتصورات القرائية

.القراءة خطاب سينمائي ذو طبيعة تركيبية معقدة، واشتغال تدليلي أعقد ه فعلعليعلى لقطات الفيلم، ننشغل، في خضمه، بتقييمها، وتقويمها، وإعالن ما نقداسنمارس هل

.يجب أن تكون عليه ؟، تقييما إذ إن شق الشعرية من مقاربة هذا البحث ال يقبل االنصياع لسلوك النقد. كال

، التحليل ذات الحس النقدي التي تقتضيها عينية الجمالياتيةعدا بعض المستويات تقويماوبنية المقطع الفيلمي وصفا نصففيكون النقد حاصل تحصيل، ال غاية نبغي تحقيقها؛ أي إننا قد

لقراءة النظرية المعاصرة هي ثم إن سياقات ا *.ايمهد السبيل إلى النقد، من دون أن نعلن نقدهليست القراءة نقدا نصدر من خالله " يتم بنحو آلي على األثر اإلبداعي، أكبر من أن تكون نقدا

. 241: البحث، الفصل الثاني، استخالص، ص: ينظر *

Page 367: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

367

وتبدع هو أن تبتكر، . تقرأ هو أن تبدع. وإنما القراءة شيء آخر[...] األحكام بالحق والباطل 1".ه المبدعون حين، حقا، يبدعون تأتي كل ما يأتي. وتسرح، وتعجب، وتبهر، وتسحر

من شأنها تعميق لذا، سوف تنطبع قراءتنا لفيلم كمرون بشيء من الجرأة اإلبداعية التي إذ . الوعي المعرفي بأبنيته، وخطابيته السينمائية، على أال تتخطى عيانية الفيلم إلى ما ليس فيه

ى مستوى التحفة الفنية، فإنها مع ذلك تتقيد بفضاء بمقدار ما تكون القراءة ملزمة باالرتقاء إلوهنا ال بد من ربط القراءة 2النص، ال تتجاوزه إال في حدود ما يمتد إليه عبر أحيازه الخلفية،

في سياقها السينمائي، أي؛ بمناهج تحليل األفالم، وركائزها المفهومية، " التحليل" بمقولة 3..واإلجرائية

.له ؟ نقداما تحليل فيلمتضي فهل يقهذا البحث، وبناء على ما تقدم توا، نجيب؛ ال، على أنها إجابة " مقاربة" من منطلق

الغرض األسمى للتحليل أنه يوسع اإلدراك، ويعمق " إذ .غير قطعية كإجابات العلوم الدقيقةووظيفة األجزاء والعالقة ] مالئمة[الءمة فالتحليل يعني تفكيك العمل لكشف طبيعة وم[...] الفهم

وهو، بهذا، ينسجم مع المنحى النسقي للمقاربة الرسمية في هذا البحث، ويتنجز 4،"الداخلية لها تتجه نحو نسق الفيلم، ومستوياته الشكلية قبل غيرها من المستويات التي بوصفه فاعلية بنيوية

حملها الفيلم ذاته، وال إلى القواعد المتحكمة فيه، وفي عملية تلتفت إلى القيم التي يتؤلفه، وال . إنتاج تلك القيم

ال بتحديد شروط العملية اإلبداعية، وطرائقها، وال بإطالق أحكام هكذا ال يعنى التحليلالحال أن 5.ن قوانين رغم أنه يفضي إلى توصيفها، وتوضيح معالم اشتغالهامية، وال بسيق

موسوم وصفل ليس كالناقد، يعلم ويمنح حكما تقويميا، وإنما هو ملزم بأدنى حد من المحل افإذ 6.وبتفكيك عناصر األثر، وإدخال أكبر قدر ممكن من مظاهر هذا األثر في تعليقهبحثه،

يته في كان المحلل بهذا المستوى من الوعي البنيوي، فإنه ال يبقى أمامنا إال أن نتقمص شخص

. 28: لملك مرتاض، القراءة بين القيود النظرية وحرية التلقي، مرجع سابق، صعبد ا 1 . 29: المرجع نفسه، ص: ينظر 2

3 Cf, Jacques Aumont et Michel Marie, L’analyse des films, Op. cit, et Raymond Bellour, L’analyse du film, Ed ; CALMANN-LEVY, 1995.

. 26: ي، النقد السينمائي من منظور أدبي، صمحمد شبل الكوم 45 Cf, Jacques Aumont et Michel Marie, Op. cit, P : 10. 6 Cf, Idem.

Page 368: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

368

الذي بين أيدينا، وهو أمر يحافظ على مهمة استشفاف مواطن السينمائية على صعيد بنية الفيلم .وفائنا لمفاهيم المقاربة، وآفاقها اإلسقاطية كما سطرنا لها في الفصول السابقة

النقد" مع ذلك، قد تلتقي آلية التحليل مع نمط معين من النقد، اصطلح عليه بـ، لكونه يتناول العمل الفني مستقال عن صاحبه، وجمهوره، ومحيطه، ويحلله على " موضوعيال

جملة من العناصر الداخلية مثل البناء العضوي المحكوم أنه كيان مكتف بذاته، وينهض على 1.بعالقات الترابط، والتوازن، والتكامل التي تكونه

لتندرج ضمن سياق التقريب بين نصبو إلى اقتراحه لذيالتحليل االغاية المنشودة من إن جعلوالترغيب في تأمله، وتفكيك شفرات لغته السينمائية، فضال عن المتلقي، والفيلم،

إدراكا عميقا ال يقف عند حدود المضمون األولي الذي تظهره كا دروم 2موضوعه مفهوما،رسة التحليل السينمائي، على أكمل وجه، لوال أن فما كان سيسهل علينا مما. لقطات الفيلم

إذ يجب أن يكون الموضوع سينمائيا *،Titanicسارعنا، سلفا، إلى تحديد الموضوع الفعلي لفيلم إن تحديد الموضوع " فال ريب، حتى إذا ما وقع عليه التحليل كان هو اآلخر سينمائيا، )فيلميا(

3".لها قيمتها في التحليل السينمائي الحقيقي للفيلم يعتبر خطوةأن ينصب التحليل على استنطاق محتوى الفيلم، فلن يكون، في هذه الحال، سوى أما

وال مراء، إن . النسق الفيلمي ذاتهتحليل مؤفلم ألنه ارتبط بموضوع مؤفلم، وتخلى عن تشريح لموضوعه، له، وصفتحليل محتوى الفيلم ال يعدو أن يكون محض وهل نحن وتكرار حشوي

بوصف فحاوي اللقطات، ومضامين المقاطع ، في سياق تعاملنا مع مدونة هذا البحث،سنكتفي ذلك من صميم المقاربة السينمائية للفيلم، مع علمنا أن عي أنإال لن يكون الوصفالفيلمية وند

ث ال يكون االثنان إال شيئا واحدا، مع علمنا أن تكرارا حرفيا للعمل نفسه، ومالحقا ألشكاله بحي 4.األفضل للعمل هو العمل نفسه ؟الوصف .ما بين الفيلمية، واألفلمة مسافة وصف، والتحليلبين ال. بلى

. 88 :س، ص. محمد شبل الكومي، مر: ينظر 1

2 Cf, Jacques Aumont et Michel Marie, Op. cit, P : 08. . 344، 341: ، ص، صة نظامفالبحث، الفصل الرابع، وق: ينظر * . 44 :س، ص. محمد شبل الكومي، مر 3 . 21: تودوروف، الشعرية، ص. ت: ينظر 4

Page 369: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

369

إذا كان المحلل الفيلمي، ذاك الذي يعتبر نشاطه من صلب السينمائية، يتعالى على لكنللفيلم، ويتحاشى تكراره، أال يترتب عن ذلك أنه مستدرج، )لمباشرا(وصف المعطى المؤفلم

.، وتفسيره ؟تأويلهحتما، إلى على لقطات الفيلم المقترحة، )Interprétation( التأويلمستوى ما من مارس ال محالة، سن

ا تضاعف فالتأويل إذا م. بشرط أال نقع في فخ اإلطناب، واالستطراد، والخروج عن النص)Surinterprétation( واسترسل في سرد الشروح، واإليضاحات الزائدة، انحطت قيمته، وغدا ،

أما التأويل الذي يجوز للمحلل أن يعتضد 1والهلوسة، فعال اعتباطيا، معادال للهذيان، والتوهم،خطاب، وما ذلك بأمر به، فهو ذلك الذي يرتبط بالمادة المحللة، أي بالحضور المسطور لل

في سياق ملف المقاربة في هذا البحث؛ إذ كنا قد التجأنا إلى تأويلية بول ريكور غريب عن )Inscription(التحصن من تطرف تفكيكية دريدا، فعمدنا، خاصة، إلى تبني مفهوم التسطير

*.الذي من شأنه عقلنة الفعل التأويلي، وربطه بحضورية المؤولما يعني ثم إن التأويل فاعلية مقدرة على التحليل، تتاخمه، وتقارفه باألصل، والطبيعة،

آللة التحليل، ونشاط الي، واإلبداعييأنه من األجدى بالتأويل أن يكون بمثابة المحرك المخ 2.المحلل على أن يخضع هذا المحرك للمراقبة، والتمحيص قدر اإلمكان

في ضوء المعطيات التركيبية، والقرائن نؤولما أمكن من لقطات الفيلم، و سنحللإذن، و **.السينمائية الماثلة

وهل يجرنا التحليل، إذا ما تكرست فيه هذه األبعاد المعروضة توا، إلى ممارسة شكل ما .؟ التنظيرمن أشكال

إذ كالهما يتعاطى مع الظاهرة 3يستحيل الفصل بين النظرية، والتحليل؛ال ضير، ، وأوسع من من التأمل مستوى أرقى، غل، ليب)ال المؤفلم(منطلق الفيلمي، من السينمائية

1 Cf, Jacques Aumont et Michel Marie, Op. cit, P : 12.

. 239: البحث، الفصل الثاني، استخالص، ص: ينظر *2 Cf, Jacques Aumont et Michel Marie, Idem.

بتشابه بين التأويل، وبين الوصف من حيث هما يختلفان في الدرجة، ال في الصفة، ويوحي أيضا بتقارب األمر الذي يوحي **الذي يمنح معنى آخر للنص غير المعنى الذي يمتلكه سلفا، ويكشف، في نهاية المطاف، عن " التفسير المجازي" بين التأويل، و

، 22: تودوروف، الشعرية، ص. ت: ينظر. والفقر، والسطحية والعمق عدم جدوى التأويل من حيث الصحة والخطأ، والغنى . 18: ، وص11-10: وص

3 Cf, G. Desson, Introduction à la poétique, Op. cit, P: 261.

Page 370: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

370

وكالهما يلتبس بعلم الجمال، ويتبنى بعض قراراته المنهجية في قراءة األعمال التوصيف، وبخاصة، في الجامعات، ومعاهد البحث األدبية، والفنية، وكالهما معترف به في معاهد التربية،

1.المتخصصةإن المحلل ليحتاج إلى سند نظري يحلل في ضوئه الفيلم الشاخص بين يديه، كما ال يمكن

)العلمي(فالتحليل .للمنظر أن يسن قانونا، أو يبني نظرية سينمائية من دون أن يحلل فيلما ناجزالخلفية نظرية حتى وإن كانت ال يعقل أن يتم إال في ظل افتراض دائم -والتأويل أيضا –

يحتاج إلى مفاهيم وصفية أو ببساطة " –والمؤول أيضا –موجودة في الالوعي، ألن المحلل 2".إلى مصطلحات من أجل التمكن من اإلحالة على العمل المدروس

حيال مقترح اللقطات، نمارس شيئا من التنظير من هذا الباب، تدقيقا، بإمكاننا أن ندعي اختراع نظرية، أو إنتاج -إذن –ولسنا . والمشاهد التي نروم تحليلها تحليال سينمائيا

.معيار جديد تقرأ بموجبه األفالمنحيل إلى قضية تثبيت اللقطة السينمائية بغية تحليلها، وما ينجر عن ذلك من يبقى أن

. ي استخالص نتائج التحليلمساوئ فإن اقتطاع لقطة من شريط الفيلم، وتثبيتها لغاية تحليلها لهو أمر فيه كثير من المطبات،

على شاكلة الصور صورة ثابتةيحولها، ال محالة، إلى اللقطةواألغاليط، ذلك ألن تثبيت ل الذي يقع على اللقطة، وهي ثابتة، لن وعليه، فإن التحليالفوتوغرافية، أو اللوحات التشكيلية،

يكون إال من جنس الثبات، وبالتالي، من جنس الفوتوغرافيا، والفن التشكيلي، ال من جنس المحصول . الحركة، والتفليم السينمائي ذاك معناه أن " لتحليل لقطة يختلف حتما عن " التأويلي

تثبيت اللقطة يقصي فيها عددا من الصور الداخلية ألننظيره المتعلق بتحليل صورة ثابتة، الناتجة عن الحركة؛ مزية السينما، والتي تشكل جزءا ال يتجزأ من المحتوى المعرفي العام

. للقطةوإذن إن قراءة اللقطة في ثباتها ال يعني سوى تحليل نسخة واحدة بالكاد من محتواها

.ة، إلى أوخم العواقب في أغلب األحايينالكلي، وهو أمر يفضي، ال محال

1 Cf, Jacques Aumont et Michel Marie, Op. cit, P : 11.

.88: تودوروف، الشعرية، ص. ت 2

Page 371: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

371

من هنا ندرك حقيقة الفرق بين الرسام، أو المصور الفوتوغرافي، وبين المخرج الذي يضع دائما في حسبانه عنصر السينمائي على تكوين اللقطة، والطاغي الحركة المسيطر

ا نتابع الحركة كلها وال نتوقف إذ عندما تعرض اللقطة على الشاشة، فإننعلى كل ما عداها، لنتأمل تلك اللحظة العابرة التي أعيد طبعها في الصورة، وهذه هي العلة التي تفسر كيف تكون

1.الصورة الثابتة خادعة للغاية عندما تستخدم إلعطاء فكرة عن الفيلمي تحليل تأليفي إن حركية الصورة السينمائية هي ما يحول، إجرائيا، دون أ" هكذا،

البنيات التي يجلوها التوقف لن (لإلطار الفيلمي د أن "تصمد " باعتبار أنعلى العموم، بمجر ،من هذا المنظور، يستحيل أن يحدث التطابق الكلي بين 2". )ينساب الفيلم في جهاز العرض

لنا أن نتساءل عن سينمائية ، فهل"المتحرك " ، وبين نتائج التحليل "الثابت " نتائج التحليل !التحليل ؟

للفيلم، يحافظ على حركية المقطع " سينمائي" بل السؤال؛ كيف السبيل إلى تحليل .المرشح للتحليل ؟

بمحروف اللسان في استحضار الحركية المغيبة على ضةنرى أن ال مناص من االستعاإزاء تلقي األنساق " التحليلي " هذا اإلجراء إذ ثمة ما يعضد صعيد اللقطة بفعل تثبيتها؛

البصرية، والسينمائية على وجه الخصوص؛ استحالة وجود تفكير خارج منطقة النظام اللساني)Extra-linguistique(،3 ،لها بما نملك من أبجدية اللسان كتابةفنحن نشاهد الصور باللغة، ونتأم

. احي لسيميولوجيا بارث ما يؤسس لهذا المنطلقولعل في التصور المفتونطقا، ،؛ أي بين التحليل السينمائيبمدى خطورة المقابلة بين الفيلم، والنص مع ذلك إننا نقروالتحليل القائم على آليات اللسانيات النصية، وهنا ال يسعنا إال أن نحيل القارئ إلى تأمل مقولة

Raymond(من خاللها ريموند بولور التي حاول" Le texte introuvable –النص المفقود "

Bellour( ر عن خصوصيةالنص " أن يعب "4.السينمائي

. 107: جرن، فن الفيلم، مرجع سابق، صأرنست لندن: ينظر 1

2 Jacques Aumont et Michel Marie, Op. cit, P : 123. 3 J. Kristeva, Le langage cet inconu, Op. cit, P : 12. 4 Raymond Bellour, Op. cit, PP : 09, 10, et 35.

Page 372: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

372

ض إلى منوبعد، إنه لمن حسن حظنا أن تتعدد مفاتيح التحليل الفيلمي، وتتباين آلياته، ولليل جملة من اللقطات لمخرجه جيمس كمرون من خالل تح Titanicمكاشفة سينمائية الـ

.مقفالالمقترحة تحليال ال نعده في شيء نهائيا، و

Page 373: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

373

والفلسفية ه السرديةة المونتاج وإيحاءاتسقين -5تكشف استعماالت كمرون لتقنية المونتاج عن هوسه الشديد بالتنسيق، والصناعة،

وهو هوس غير اعتباطي في شيء، بل ينم عن وعي بنيوي، وتأويلي في .والبنينة، ال محالةل لقطة في الفيلم، إلى الجنيريك الوقت عينه، قد تحلى به كمرون من أو)Le générique( بل ،

. وفي أفالمه معظمها، أو كلهايمتلئ بالمونتاجات ذات التمظهر النسقي؛ بحيث تحيل إلى Titanicاألمر الذي جعل فيلم

التيتانيك نصا، ال بالتيتانيك مرجعا، وتاريخا، وتنفلت دالالت، ورؤى ترتبط، أشد ما ترتبط، بن كنف الرؤيا اإلخراجية لكمرون، خالق الفيلم، على تشبعها بالمعارف، والقراءات، م

خرج الذي لطالما تحكم في منطق البنيوي، التشكيلي، لهذا الم فمن هنا يتأتى الوعي.. والثقافاتشاهده،الربط بين لقطات الفيلم، وم* نفهم فهما منظور البناء وحده يسمح لنا أن" على أساس أن

1".وظيفة النص المسمى تمثيلي صحيحااقتطعناها من الفيلم على سبيل التمثيل، ال الحصر، عل أن نوضح من هذه بعض األمثلة

خاللها ذلك المسعى النسقي الشعرياتي التي حرص كمرون على تحقيقه بوساطة المونتاج، وعل فيها؛ أن نستطيع قياس درجة التمظهر السينمائي

يجمع به بين مشهدين مختلفين من حيث يستخدم كمرون مونتاجا موحيافي مطلع الفيلم، ر المشهد؛ إذ يصول الفتاة المكان، والتواجد الشخصياتيها في اتجاهها نحو ، وعائلتروز األو

طاولة على )Fabrizzo( فابريدزو، وصديقة جاكامتطاء الباخرة، بينما يصور المشهد الثاني دخنة المدوي فكيف نفسر الربط بين هذين المشهدين، السيما أنه جاء مباشرة بعد لقطة **القمار،

.؟ « j’ai hurlée.. »: اويةالر روزالمتزامن مع صوت

.الفيلم -البحث، الفصل الرابع، التيتانيك المرجع والتيتانيك: ينظر * . 12: تودوروف، مفهوم األدب، مرجع سابق، ص. ت 1

. 13، و12: ناالصورت: ينظر **

Page 374: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

374

+

،العمر؛ جاك يربح صفقة )13(: الصورة ؛ روز في منتهى األبهة )12(: الصورة .ويتجه نحو حتفه األسطوري مظهريا، والرفض داخليا متجهة نحو امتطاء .باخرة الخالص

إنه مونتاج تنبؤي، استشرافي يوحي بمستقبل الفيلم العاطفي، وكأنه يقدم دعوة خفية ، وال طرافة إن اعتبرنا هذا بروز جاكخاللها بقصة الحب التي ستجمع للمتلقي يعلمه من

وهل هو، *عين، وال باألجسام،المونتاج أول لقاء حقيقي بين البطلين؛ لقاء تم بالتقنية، ال باأل .!إذن، غير لقاء نسقي يكشف عن قمة السينمائية في الحكي، والسرد

المتناقضة؛ )Dichotomies(فارقات الفيلم، وأولى ثنائياته أولى م إلى حيلبل هو مونتاج ياألدهى . الذي يمثل طبقة البذخ والثراء مسار روزوالذي يمثل طبقة الكدح والفقر، مسار جاك

.أن هذين المسارين سيتجليان في مختلف السياقات التصويرية للفيلم، وبشتى التقنيات السينمائية .؟ ليس إال قيان ؟ أم أنهما سيتقاطعانلكن السؤال، كيف سيلت

؛ فكان اللقاء تقنيا بين مشهدين، فبصريا روز، وجاكسمي بين ر، في اإلعالن عن اللقاء ال"سينمائيا " على أننا نلحظ تدرجا *

.)52: الصورة: ينظر(، فجسميا داخل العربة )7، و6: صورتانال: ينظر(بين نظرتين

Page 375: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

375

+

؛ قائد التيتانيك إدوارد )15(: الصورة هل جاك هو ربان ؛)14( :الصورة

. Edward John Smithجون سميث ، وقائدها الحقيقي، أم هو سيدالتيتانيك maître « Je suis le :لعالم حينما يصيحا

du monde ? «.

من بين مئات البؤر، 1بؤرة نسقية، وبنية دالة *اللقطتينيمثل المونتاج بين هاتين زلها ، لو أننا نع14قد ال نستلم إال الفحوى األيقوني من اللقطة .والبنى التي انطوى عليها الفيلم

أنا : عن السياق التركيبي الذي انخرطت فيه؛ جاك يعتلي أعلى شرفة التيتانيك صارخا بكل قواهأمرا باعثا على السخرية، والتقزز، لكن ، وقد يكون )Je suis le maître du monde(سيد العالم

د وقفة قائد التيتانيك سميث ربط هذه اللقطة بلقطة سابقة تجس)Edward. John. Smith( وخلفه ، )المرجعي(يحثنا على تجاوز الحضور األيقوني ما تقف مدخنة من مداخن السفينة شامخة، هو

لكلتا اللقطتين إلى فسح من القراءات، والتأويل؛ سفينة قائد سميث، أن الفهل نفهم من هذا التنسيق المونتاجي بين جاك بجملته الصارخة، و

كالعالم الذي يزعم جاك تسيده ؟، أم هو القائد الفعلي لما سيدور من أحداث على التيتانيك هي تشبيه بين التيتانيك، وبين العالم، أو بين كاف المسرح السفينة ؟ أليس المونتاج هنا هو بمثابة

بطل القصة، وبين بطل السفينة ؟نمائي، التأويلي الذي يريدنا الحق إن إسقاط فكرة العالم على السفينة هو العصب السي

.كمرون أن نتلقى في ضوئه نسق الفيلم برمتهثل في بنية الفيلم على نحو ومن المونتاجات التي وقع عليها اختيارنا، تلك التي تم

في بودوفكيني، كوليتشيفي، حيث إنها تسلك سلوك اإلحالة الداخلية، وال تعترف بوجود المعنى

. 15، و14: ناالصورت: ينظر * . 179، 178: ، ص، ص"رؤية العالم " ، و "البنية الدالة " البحث، الفصل الثاني، مفهوما : ينظر 1

Page 376: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

376

" تأثر كمرون بتجربة تحسسففي المونتاجين التاليين نكاد ن *طة، أي خارج التركيب؛ذات اللقسينمائية في الفصل السالف، ترى، هل من معنى -التي وقفنا على جوانبها التقنو" موسجوكين **.؟ ، لو لم ترتبط لقطة الرائية بلقطة المرئية في المشهدروزأن نستشفه في عيني كان بوسعنا

تستمد فحاويها، ومراميها من محتوى اللقطة هنا كنظرة موسجوكين، روزإن نظرة المجاورة لها فضال عن تقنية المونتاج، وهي اللقطة التي تمشهد طفلة صغيرة، أرستقراطية . السلوك، والملبس، والجمال، إذ نلحظها تمتثل لتعاليم أمها الخاصة بأدبيات تناول الطعام

ما أتفه إيحاء فلسفيا ال ينكر؛ روزور بين هاتين اللقطتين إنما هو ما يضفى على نظرة فالتجاأدبيات التصرف، وشكليات الحياة التي يرتكز عليها األرستقراطيون ارتكازا محوريا ألجل

، ذلك ليس سوى نسخة من جملة اإليحاءات التي يمكن !)الباخرة(إثبات مكانتهم في المجتمع الوجود األرستقراطي، سطحية آفاقه، خواءه ***إلى الطفلة؛ عبثية روزراؤها عبر نظرة استق

.. من المعنىتحدق إلى الفتاة بقدر ما كانت تتأمل حقيقة ذاتها عبر هذا النموذج المصغر روزلم تكن

واحدة عن طبقة األرستقراطيين الذي استطاع كمرون استحضاره مكثفا، ومختزال في لقطة عدائية ما يتفهل هذا المونتاج يب. المبأر في نظرة عينيها المشدوهتين روزتصطدم بوعي

.األسلوب الحياتي للطبقات الراقية في المجتمع ؟لكمرون تجاه

+

.)17( :لصورةا .)16(: الصورة« ..toujours les mêmes gens [..] toujours les mêmes bavardages futiles, j’avais l’impression

d’être au bord d’un grand précipice. »

. 300، 298 :، صصالفصل الثالث، البحث، : ينظر * . 17، و16: الصورتان: ينظر **

*** Voir Martin Esslin, Théâtre de l’absurde, Traduit par ; M. Buchet, et autres, Ed ; Buchet- Chastel, Paris, 1971.

Page 377: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

377

المونتاج الذي نلفيه أكثر نسقية، وإيحائية، فهو ذاك الذي يجمع بين لقطتين متشابهتين أما إذ تؤطر اللقطة األولى *ى صعيد التحيين األيقوني؛على صعيد البناء والتأطير، متناظرتين عل

قدمة، رواقا من أروقة الطابق الثالث للباخرة، وعددا من الفئران الهاربة من مياه البحر في الموجزءا من األقدام الحافية لمسافري هذا الطابق، فيما تؤطر اللقطة الثانية رواقا من طابق الطبقة

إحدى )Bruce Ismay(إسمي الراقية، تؤثثه سجادة مزخرفة غاية في الجمال تخطو عليها قدماتين من السياق فما محل هاتين اللقطتين . الشخصيات المعروفة في الوسط األرستقراطينتجمالم

التاريخي، والسردي العام لفيلم تيتانيك ؟

+

.)19(:الصورة .)18(:الصورة ال يستثني طبقة دون سواها من طبقات المجتمع خطر الموت الداهم.

اللقطتين بؤرة نسقية لماحة تكاد تختزل البنية تبر التركيب بين هاتين قد نغامر لو نعيدخل هاتين اللقطتين في العميقة للفيلم كله، لكن الذي ال يخامرنا فيه شك، هو أن كمرون لم

كلية عرنة البنية الإلى شثنايا اآلالف من اللقطات عبثا، ولم يجاور بينهما اعتباطا؛ إنما حاول من تجاوز أيقونية الفيلم المشاهد مكنعسى أن ي.. للفيلم بإخضاعها لمنطق االستعارة، أو الكناية

..كلها، وتسجيلية القصة، ويستدرجه، بالتالي، نحو أفق داللي مفتوح، والمنتهة الفيلم بأي لقصحقا، إن المونتاج بين هاتين اللقطتين ليمثل بوصفه فضلة نصية، ال تمت

ماتة، وال تضيف إلى سردية أحداثه أي إضافة، لكنها تكشف، بحق، عن جمالية طافحة في التوصيل السينمائي، وتفصح عن مكنون الفيلم أيما إفصاح، أولم نبرهن، في فصولنا السابقة،

*.على أن في الفضلة النسقية يستقر اإليحاء، وتتجلى الرؤى ؟

. 19، و18: الصورتان: ينظر * .129، 271: النسقية، واألدائية، وشعرية الفضلة، ص، ص األول،البحث، الفصل : ينظر *

Page 378: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

378

مؤداها أن ةإيديولوجي -إحالة سوسيويكتفي كمرون، في هذا المقطع التركيبي، بهل الفارق بين األثرياء، والفقراء يظل موجودا في المجتمع، ونافذا فيه حتى في أحلك الظروف ؟، أم هو على عكس ذلك تماما، ينزع نحو ممارسة نوع من التفلسف الهامشي؛ يتماثل البشر بكل

.!نافهم، وانتماءاتهم الطبقية، أمام ظاهرة الموت ؟أص،المونتاج في هذا المقطع الفيلمي إن ثم ليخالص، لو شئنا أن بين ر سينمائيظهعن تم

تركب بينهما عالمة ؤفلمتينمفاللقطتان هنا هما بمثابة عالمتين نقاربه من منظور سيميائي؛قطة األولى، عن الل ، أي إن المدلول، أو المدلوالت المتمخضةاجهي تقنية المونت فيلمية

- أو الثانية، خارج المونتاج ليست بمدلوالت سينمائية صرف، بل هي مؤفلمة، أو خارج بوسعها التمظهر عبر جنس فني آخر عير السينما؛ من قبيل )Extra-linguistique(سينمائية

وعليه، فإن ما يمثل مدلوال فيلميا؛ أي سينمائيا محض، .. ، أو الرسمالمسرح، أو الفوتوغرافياإذ ينفرد (تمثل، ههنا، داال سينمائيا محض هو ما يرتبط بتقنية المونتاج، ويتمخض عنها لكونها

فلسفية إيديولوجية، أو اإلحالة ال -فن السينما بالمونتاج عن بقية الفنون، ثم إن اإلحالة السوسيو .)المشار إليهما أعاله قد تفتقتا عن المونتاج بين اللقطتين، ال عن محتوى اللقطة الواحدة

حوى هذا الكالم بالخطاطة التاليةنوضح ف

Page 379: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

379

دال سينمائي محض )المونتاج(

سينمائية - عالمة خارج سينمائية –خارج )دال ومدلول(عالمة رواق الباخرة، أقدام : 18: قدما إسمي، الصورة رواق الباخرة،: 19 :الصورة فارة فئرانمياه، حافية مهرولة، )الطبقة الراقية( .سجادة مزخرفة

)طبقة الفقراء(

مدلول سينمائي محض .. التماثل البشري أمام الموت /تكريس التمييز بين الفقراء، واألثرياء

عالمة سينمائية

بيد أن فيلم كمرون قد بلغ أوج التمظهر السينمائي، واستثمر أكبر قدر ممكن من المشهد قد استهلك من لتنسيق في المشهد الذي يجسد غرق التيتانيك؛ هذااحتماالت المنتجة، وا روز، وجاكلقطة، ومونتاجا، إذ بدأ، تقريبا، من اللقطة التي نرى فيها 31شريط الفيلم حوالى

د 1مستغرقا حوالى *، وانتهى في لقطة الغرق النهائي،متمسكين بحواف الشرفة األمامية للباخرة

.ثا 19و/

. 21و، 20: الصورتان: ينظر *

Page 380: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

380

.)21(: الصورة .)20(:الصورة

.سينمائي وهل هذا إال غرق

وقد ضم هذا المقطع الفيلمي لقطات من مختلف األحجام، واألطر، ولم يلبث يتضاعف والسؤال الملحاح؛ هل غرقت باخرة . إيقاعه في شكل متتالية هندسية إلى غاية اللقطة األخيرة

Titanic (، وبهذا األسلوب )السينمائية(البريطانية فعال بهذه الكيفية؟ )التصويري. فلماذا لم يكتف كمرون بلقطتين، . إن غرق التيتانيك لم يكن إال غرقا سينمائيا. كال

د إلى بنينة الغرق، وإفراغه من إحالته المرجعية، إنما قص !أو ثالثة من أجل إغراق الباخرة ؟الحكاية، غرق البطولة، غرق لينزاح به نحو كنف القراءة، والتأويل؛ غرق المرحلة، غرق

..غرق الكون والوجود *التاريخ، والمدينة، والكتابة،

.)22(:الصورة

!لبدء كانت الكلمة، وفي الختم كانت الكلمة في ا

.22: الصورة: ينظر *

Page 381: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

381

اللقطة؛ الزخرف السينمائي ومصادره -6، ال يسعنا Titanicحين نمعن النظر في الطريقة التي بنيت بها أي لقطة من لقطات فيلم

جاكيؤطر يد وهو الذي ما فتئ . إال أن نقول إن مخرجه جيمس كمرون رسام سينمائي بامتيازال اللقطة إلى مجال البورتريه، ويخصص لهذه اليد ، ونقلها من مجروزفي رسم لحظة انهماكه

هي يد جاكعددا ال يستهان به من اللقطات كبيرة الحجم، حتى أنه يشعر المتفرج بأن يد .عين الكاميرا، وحجم اللقطةبجاك يرسم بالقلم، وكمرون يتبع يده 1كمرون نفسه؛

فأولى لى وتر التشكيل الداخلي للقطة، فال شك إن كمرون، في فيلمه هذا، قد ضرب عوتسنيمها؛ أي االرتفاع بها إلى اللقطة، بالغ اهتمام لمختلف آليات التصوير التي من شأنها تنميق

.دونما سندية مباشرة إلى تقنية المونتاج أعلى مراتب التدليل السينمائي الخالصعن ذلك، بحيث ارتأينا أن نركز على ولقد اختصصنا هذا المبحث لضرب بعض األمثلة

حاالت( كساج الصوتييأكثر العناصر التصويرية التصاقا بجسم اللقطة؛ الحركة الداخلية، والم .واألحجام، وحركة الكاميرا، والكادراج، )مزج الصورة بالصوت

المونتاج الداخلي ومزايا الصوت واألحجام -6-1م لقطة يبدو عليها أنها عابرة، التقطت من باب الزخرف أثارت انتباهنا في مطلع الفيل

*.التصويري ال غير، وهي ما يؤطر مرور باخرة تيتانيك بمحاذاة قارب صيد صغير يترنح

.)23(: الصورة

.تلك صورة أخرى عن ثنائية الثراء والفقر، أو الكلفة والبساطة

1 Cf, Alexandre Tylski, Le corps dans Titanic : www. Lumière. ORG.

. 23: الصورة: ينظر *

Page 382: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

382

سينمائية حمالة إيعاز، وتدليل؛ ولئن كان تثبيتها في صورة لكننا نعتبر هذه اللقطة بؤرةكان .زيح جزءا من معلمها اإليحائي، فإننا نستعين هنا بمحروف اللغة السترجاع ما أمكن منهي

القارب الصغير يتوسط اللقطة قبل أن نلحظ جزءا فارها من الجهة األمامية لباخرة تيتانيك .. من طريقه القارب ، وينخرط في بنيتها تدريجيا، ووفق إيقاع رتيب، مزيحايكتسح إطارها

كب بين باخرة ضخمة، وقارب صغير من دون استعانة رفضال عن ذلك، تتشكل لقطة تبالمونتاج، األمر الذي يحرض المتلقي على استخالص المجاز؛ المجاورة بين الباخرة، والقارب

في الوقت ي،ب من االستعراض، والتشهير لعظمة التيتانيك، وهفي صورة واحدة هي ضربل األدهى أن كمرون حاول من خالل هذه اللقطة أن . ما يزيد القارب تناهيا في الصغر عينه،

.طبقة األثرياء، وطبقة الكادحين: يعطي تمظهرا آخر لثنائية التناظر المحورية في الفيلمإلى هذا األفق اإليحائي الباخرة، ولقطة القارب أن تفضي فهل بإمكان المونتاج بين لقطة

.المناور ؟، سينمائي إلى خاصية التحرك الداخلي -اشتغالها السيميوومن اللقطات التي تستند في

مسار نراهما تشكالن ركيزة تأويلية بوسع المتلقي أن يستشرف من خاللها مستقبل انتقينا لقطتين *:روزو ،جاكالعالقة بين

.)في العمق روز( ؛)25(: الصورة .)في العمق جاك( ؛)24(: الصورة

« Jack.. j’ai changé d’avis ».

إلى أن يحتل موقعا في مجالها، لجاكفعلى صعيد اللقطة األولى، نلحظ دخوال متدرجا بضمة في أوضح صورة من صور روزبة، مزاحما في الخلفية بمالمح مالتي كانت تحتل المقد

تحريك يقد شارك ف. اإلقدام على االنتحار وهي تتأهب للرمي بنفسها من أعلى شرفة الباخرة

. 25، و24: الصورتان: ينظر *

Page 383: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

383

، وآلة الكاميرا )Leonardo Di Caprio- Jack(الشخصية -هذه اللقطة عنصران؛ تحرك الممثلير البؤري القريب، وعليه، فإنه في ضوء هذين العنصرين نستطيع أن بوساطة الزوم، أو التصو

نستخلص لهذه اللقطة تسويغا دالليا يرتبط أكثر بخطاطة السرد الفرعية في الفيلم، الخاصة لبداية العالقة بين بطلي هذه الخطاطة ؛ هل هي لقطة تؤشر رسميا روز، وجاكبقصة الحب بين لتولجه المتمرحل إلى )سينمائية -تقنو(إلى مجال اللقطة هو إحالة لجاكمتدرج ؟، هل الدخول ال

.؟ روزحياة من بؤرة الغموض ليدخل بؤرة أخرى بمالمح ضبابية سرعان ما تتضح بعد جاكخرج

إلى نهاية روزأن أضرب كمرون عن التصوير البؤري معلنا رسميا عن الرجل الذي سيرافق ، إلى عوالمها الدفينة، روزعبر حواف إطار اللقطة إلى حياة جاكإنما تسلل . الحب خطاطة

..بالشبهات والمخاطرالمليئة بالتناقضات، المحفوفة وينطبق األمر نفسه على اللقطة الثانية؛ إذ عمد كمرون إلى محاكاة اللقطة السابقة من

الجهة األمامية جاكيحتل عبر إطار اللقطة؛ حيث توظيف الزوم، والدخول التدريجي للممثل تنساب داخل مجال اللقطة لتقف في الخلفية بوجه مضبب، بروزللقطة بوجه واضح الكآبة، فإذا وبعدها مباشرة، يتضح الوجهوالموقف، والمشهد ، :Jack, j’ai changé d’avis..» « .

هو إعالن . جاك بروزالعشق التي ستجمع هكذا يأتي اإلعالن الرسمي عن ميالد مغامرةسينمائي أسهم في تحريره كل من التأطير، والتصوير البؤري، وتحرك الممثل من خارج

بيد أننا نعيب على كمرون سرعة اإلنجاز في اللقطة . إلى المجال )Hors champ(المجال في دورة جاكأن استعجل إدخال األولى لكونها أضعفت من مستواها اإليحائي، السيما بعد

، أما في اللقطة الثانية، فلم يستثمر كمرون تقنية الزوم على نحو يدعم المحتوى الفكري الحوارلم يكن تدريجيا، وإنما جاء في اللقطة روزللقطة، إذ نلحظ أن انقشاع الضبابية من على وجه

. ع في بنية المشهدع وقطالموالية بعد قالعبارة التي تلفظت بها ثم المشار إليها أعاله، قد حنطت إيحائية المشهد، روزإن ،

.على فكر المتلقي موجهة إياه نحو الموطن الالسينمائي في البينة الكلية للقطة واستحوذت

Page 384: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

384

تنوع اآلالت الموسيقية يمتاز الشريط الصوتي في هذا الفيلم بثراء ملحوظ من حيث La(الناي *؛لشريط التصويرموظفة بطرائق شتى، وفي مواطن متباينة من النسق البصري ال

flûte( والبيان ،)Le piano( والكمنجة ،)Le violon( .. الذي يتدخل وحتى ذلك الصوت الشجيفيلم من حين آلخر في بعض المشاهد الحساسة ثم ينسحب تدريجيا، يمكن عده آلة من آالت ال

Sissel(.1(؛ وهو صوت المغنية النرويجية سيسيل الموسيقيةغير أننا لسنا، ههنا، بصدد مدارسة موسيقى الفيلم لذاتها، فليس ذلك من صميم التحليل

الجوانب السينمائية لتوظيف هذه وإنما الغرض المقصود هو الوقوف على **السينمائي للفيلم،ما يحمله الشريط الصوتي من حوارات، وضجات، وأصوات الموسيقى من قبل كمرون، ولكل

:وفي هذا السياق آثرنا أن نحلل طبيعة التعالق بين صوت الحوار، وبين اللقطة التالية ..مبهمة

.)26(: الصورة

« .. intérieurement, j’ai hurlé ».

؛ صوت ، عدا ظاهرها األيقو***معنى في ذاتهاال تحمل هذه اللقطة أيالحرفي ،نيلكن المثير فيها هو ذلك الصوت . مدخنة الباخرة مدويا، ومرفقا بغيمة صغيرة من الدخان

، والذي يأتلف في منحى ال روزالحواري، السردي الذي نسمعه، وال نرى صاحبته؛ السيدة ,C’était le paquebot de rêve, pour tout les autres »: تزامني مع جملة من اللقطات السابقة

pour moi, c’était un grillé qui me ramenait enchaînée en Amérique, extérieurement, j’étais tout ce que doit être une jeune fille bien élevée, intérieurement, j’ai hurlé ». ،

. )James Horner(يمس أورنر جل Titanicكان التأليف الموسيقي في فيلم *

1 Cf, Alexandre Tylski, Op. cit. . 322، 318: البحث، الفصل الثالث، ص، ص :ينظر **

.)26(: الصورة: ينظر ***

Page 385: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

385

خنة هو ما يحرضنا على تجاوز بنية السرد هذه، وبين لقطة المدفالربط بين الجملة األخيرة من سطح وعمق، روزلشخصية جملة السرد، ومرئي اللقطة في آن، إلى أفق داللي مفتوح؛

وجوهر منحط الفكر واآلفاق: أو مظهر ابتذالي راق، وجوهر أرستقراطي وهذان .. مظهرمتنافران، متضادان حسب التصريح إنما هما )الخارجي، والداخلي(المستويان؛ السطح والعمق

لروزالسردي :« j’ai hurlé » . لباخرة تيتانيك مظهرا، وجوهرا؛ فمظهريا، هي باخرة كذلك إن، وجوهريا، إنما هي تخبئ مفاجأة الرعب، والغرق لركابها في )Submersible(جبارة ال تغرق

أيضا؛ فعلى صعيد ه على مفارقة السطح والعمقوينهض الفيلم ذات. ! عرض المحيط األطلسيم، ويجسد 1912بنيته السطحية، هو فيلم يروى وقائع كارثة تاريخية مأساوية؛ غرق تيتانيك عام

، لكن بنيته العميقة توحي بغير ذلك؛ جملة من الرؤى روز، وجاكأطوار قصة حب بين التي يختص بها فن السينمائية جمالياتوال، والفلسفية، ونسق من اإليحاءات، ةاإليديولوجي

*.السينما دون سواه من األجناس الفنية المجاورةوإذن، فالمزج بين الصوت، والصورة هنا ليس سوى آلية من بين اآلليات السينمائية األخرى التي اعتمدها كمرون للتبئير على منطق التناظر الثنائي المتحكم في الخطاطة الكلية

.لمللفيومن مشاهد الالتزامن بين الصورة، والصوت التي حتحليلها، وتوصيف صنا علىر

**:درجة التمظهر السينمائي فيها، مشهد الموسيقيين

.)29(: الصورة. )28(:الصورة. )27(:الصورة

.النسق -المرجع، والتيتانيك -البحث، الفصل الرابع، التيتانيك: ينظر *

. 35و، 34و، 33و، 32و، 31و، 30و، 29و، 28و، 27: الصور: ينظر **

Page 386: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

386

. )32(:الصورة . )31(: الصورة . )30(: الصورة

.)35(: الصورة . )34(: الصورة . )33(: الصورة

.موسيقى الكمان؛ من ملكية العازفين إلى ملكية المخرج

، )Contrebasse -والكمان الكبير(سيقى الكمان، بين مو ، في هذا المشهد،ألف كمرون موسيقيينإذ ينطلق المشهد بلقطة تؤطر ثالثة وبين سلسلة من اللقطات بحذق سينمائي ملفت؛

نسمع ل، وهنا، إننا )27: اللقطة(في منتهى التعبير عن مأساوية المآل طفقوا يعزفون لحنا حشو رئي اللقطة تزامنا حرفيا، ترتب عنه فهي تتزامن مع م الموسيقى، ونرى مصدرها،

تعبيري)Pléonasme(،* للقطة الحال . ال طائل منه سوى االنتقاص من قيمة الحضور السينمائينسق أن موسيقى الكمان في هذه اللقطة، إنما هي موسيقى مؤفلمة، أي؛ هي جزء ال يتجزأ من

تقع خارج بنية الفيلم، وداخل بنية الحدث، ما يؤكد على ملكية القصة المسرودة، وبالتالي، فهي ! العزف للعازفين

فيستمر، إذ قيا على صوت العزف؛بن كمرون سرعان ما يتخلى عن هذه اللقطة، مكلوتتوقف رؤيتنا لمصدرها المرئي، حيث طفق كمرون، عن قصد ذاك، سماعنا لموسيقى الكمان

فنشأ عن نها، وبين متوالية من اللقطات المنتقاة وفق استبدالية دالة، ومعبرة، وال ريب، يمزج بيائتلفت الموسيقى مع عدد من الصور في منحى التزامني مكشوف؛ مع لقطة الربان ذلك أن

. 321، 320: البحث، الفصل الثالث، ص، ص: ينظر *

Page 387: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

387

توماس أندروز ، مع لقطة)28 :الصورة(في غرفة القيادة، منتظرا لحظة الموت األخيرة سميث العجوزين، مع لقطة )Thomas Andrews(مم السفينة مقلبا عقارب الساعة مص )29: الصورة(

الحوار األزلي ابنيهاوهي تحاور األممع لقطة ،)30 :الصورة(ن العناق األخير يمتعانق، مع حوالى ثالثين )32: الصورة( ، مع لقطة المياه التي غمرت جوف السفينة)31: الصورة(انتقينا ( حجام تصب كلها في تصوير الوضع العام للتيتانيك، ومن عليهالقطة مختلفة األ )30(

، لقطة المرتكز بعمق العازفينأعادنا كمرون للقطة ، إلى أن )34: منها لقطة واحدة؛ الصورة .)35: الصورة(مجال غايته التأهب لسرد ما تبقى من أحداث

اللقطات قد جعل الموسيقى ذاتها تنسحب نرى أن هذا التوليف بين موسيقى الكمان، وبين؛ فغدت وكأنها موسيقى إخراج )الفيلمي(لتنخرط في بنية الفيلم ) المؤفلم(من بنية القصة

، المخرجإلى ملكية العازفينأي، انتقلت من ملكية ، )مصورة(، ال موسيقى سرد )تصويرية(أي إلى عنصر سينمائي محض من حيث الفيلم، لغةاألمر الذي حولها إلى قطعة نسقية من

.السينمائية في المشهد نه الرفع من درجةأطريقة التوظيف، من شالصور، قد بين لكننا نلحظ أن كمرون، في خضم بنية الالتزامن هذه بين الموسيقى و

واحد معانقا عازفاسترجع وضعية اللقطة األولى بلقطة واحدة، متوسطة الحجم، تؤطر وجه ليعود بذلك إلى منحى التزامن، والحشو، والحرفية؛ فهل قصد كمرون ، )33: الصورة(كمانه

من وراء ذلك إلى تذكيرنا بأن موسيقى الكمان التي نسمعها، وال نرى مصدرها ليست بموسيقى ؟، إن كان ذلك هو القصد بعينه، فهل يمنعنا من اعتبار العازفالفيلم، وإنما هي ملك لهذا

على براعته يقة كمرون في التوليف بين موسيقى الكمان هنا، وبين متوالية اللقطات مؤشراطر .في استثمار الالسينمائي سينمائيا ؟

عالوة على ما سبق، إن هذا الفيلم الذي بين أيدينا ليعج بلقطات من مختلف األحجام، العالمة الفارقة في أسلوب كمرون بيد أن. واألطر على غرار معظم أفالم السينما المعاصرة

.Très G(، والكبيرة جدا )Gros plans(تكمن في كونه أسهب في توظيف اللقطات الكبيرة

Plans( نسق الفيلم، األمر الذي يؤكد على منطقه في مواطن شتى من " الرامي إلى " الشكالني .. المقاصد، واإليحاءاتبنينة المشهد، وزخرفة اللقطة، وشحنها بما أمكن من

Page 388: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

388

فيبين في سياق ما لها من إسهام نعرض لها .. هذه بعض النماذج من اللقطات الكبيرة : تبئير سينمائية بعض المواطن من الفيلم على النحو التالي

.)36(: الصورة

.روزفيلم كمرون مختزن في ذاكرة

وهي تحمل في فمها صفارة تحاول بها بةروز الشايعود بنا كمرون من لقطة تسيج وجه العجوز الراوية عبر لقطة روزاإلعالن عن بقائها حية أمال في إدراك قارب النجاة إلى بنية

فحجم اللقطة ههنا يعطى *.كبيرة جدا تؤطر عينيها مغمضتين وفي طريقهما نحو االنفتاحينتج معنى استعادة الماضي بكل حرقة، ، وروز السيدةالمشاهد اإلحساس بانفعال ذاكرة

االنفعال هي ما يعدلها -الصورة : نرتكز في هذا المثال على تصور جيل دولوز(.. وتحسراالنسيابي لإن ما زاد في انفعالية هذه اللقطة هو ذلك االنتقاثم 1.)لقطة الوجه، أو اللقطة الكبيرة

خة، حيث عمد كمرون إلى استخدام تقنية طبع صورة على من زمن الشباب إلى زمن الشيخوفي لمح من روز العجوزلتحل محلها صورة روز الشابةصورة؛ فالحظنا أفول صورة

! البصرالعجوز وهما روزقدمي كذلك عمد كمرون إلى توظيف اللقطة الكبيرة بغية تبئير

لقطة كبيرة أخرى كما أدخلرقاء في البحر، متجهتان نحو شرفة السفينة بنية رمي الجوهرة الز

. 36: الصورة: ينظر * . 310: البحث، الفصل الثالث، ص: ينظر 1

Page 389: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

389

لم يكن لهاتين اللقطتين الكبيرتين *أطر من خاللها يدها ذات التجاعيد وهي تصعد شباك الشرفة؛تحاوالن تحيين معنى الشيخوخة، والكبر، وفارق الزمن بين خال أنهما ،كبيرسينمائي من أثر

.بنية الفيلم، وبنية القصةالملفت في هذا المشهد األخير من الفيلم، هو ذلك االنتقال المباغت من لقطة شاملة لكن

فما عسى كمرون أن يعني **التي تحملها، إلى لقطة اليد الكبيرة؛ من بعيد، والسفينة روزتؤطر . بذلك ؟

. )39(: الصورة . )38(: الصورة . )37(:الصورة

.الكبيرة؛ فما الغرض من ذلك ؟ روزيباغتنا المونتاج بين شمول اللقطة، وبين يد

جد المشاهد أي عسر في مالحظة عدد اللقطات الكبيرة التي انبرى كمرون وال يإذ بوسعنا أن نحصي أكثر ؛ لروز الجسد العاريرسم المنهمكة في يد جاكيخصصها لتأطير

في إعطاء المشهد دينامية ممزوجة بشبقية تمه، أسجاكلقطات كبيرة ليد ) 10(عشر من ***.مؤجلة، أو متوارية خلف احترافية المقام

. 39، و37: الصورتان: ينظر *

. 38: الصورة: ينظر ** . 40: الصورة: ينظر ***

Page 390: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

390

. )40(: الصورة

.يد منفعلة، ومحترفة في آن

كما تثيرنا لقطة كبيرة أدخلها كمرون ضمن متوالية اللقطات األولى من الفيلم، تظهر –برأينا –حيث كان الغرض منها *هما من بقايا حطام الباخرة، حذاء شتويا، بقربه نظارة

تقدير عمق الكارثة، واستحضارإنتاج بعض التأثيرات الوجدانية في وعي المتفرج من شأنها التي كادت تطغى على )التسجيلية(مسار النثرية، حجم المأساة اإلنسانية من جهة، وكسر

.من جهة أخرى حات التجاور بين لقطات المشهدمسا

.)41(: الصورة

. المسافة بيننا، وبين حقيقة األشياء لغاءعادة ما نرتدي النظارات إل

.41: الصورة: ينظر *

Page 391: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

391

حركات الكاميرا؛ بالغة تصويرية -6-2المواقع بعدلم يتوان كمرون عن تحريك الكاميرا في مختلف االتجاهات، وتثبيتها في أ

من تحيين وضعيات السرد، وتجديد االنطباع، والرؤى حيال واقعة تيتانيك يتمكن عل أنوالمالحظ أن معظم الحركات التصويرية التي امتأل بها هذا الفيلم مثلت بوصفها . التاريخية

مسالك توصيلية، بعيدة عن كل ما يمت للحياد البالغي بصلة، وتجسدت في سياقات تعبيرية من بمنأى عن كل اعتباطية، الجمالي هترشيح نشاطتكريس االشتغال السينمائي للفيلم، وشأنها .وارتجال

وفي هذا المقام، ارتأينا أن نقف على تحليل اللقطة التالية، ونبرز فيها موطن الخصوصية ات داخلية ، في جوهرها، لقطة يؤلفها عدد من لقطفاللقطة التي انتقيناها، إنما هي .السينمائية

، إذ استخدم كمرون آللة الكاميرا )الممنتج( متصلة بعضها ببعض بفعل التحريك غير المنقطعتنطلق من مقدمة التصوير؛ )فوقية(، بانورامية )Travelling -ترافلينج (إلنتاجها حركة مترحلة

ثم تمضي وفق إيقاع سلس *،ن أعلى الشرفةيمعتلي فابريتزو، وصديقه جاكالباخرة مؤطرة Plan(لتنسحب بلقطة بانورامية شاملة **رتيب نحو األعلى، مصورة مداخن الباخرة األربعة،

panoramique - universel(.***

. )44(: الصورة . )43(: الصورة . )42(: الصورة

. 42: الصورة: ينظر *

. 46 ،45، 44، 43 :الصور :ينظر ** . 47: الصورة: ينظر ***

Page 392: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

392

. )47(: الصورة .)46(: الصورة. )45(: الصورة

.! ما أعظم باخرة تيتانيك

من تحريكها بهذا األسلوب الفوقي الفعلي وظف كمرون هذه الحركة ؟، وما الغرض فلم .الماسح ؟

؛ ور تلقيه هذه اللقطة بأول انطباعليس من المستبعد في شيء أن ينطبع ذهن المشاهد فكل العظمة، والقوة، والصالبة، Titanic: هو ما يعكس ضخامة الباخرة، ويكرس السمها

ما : المترحلة معادل لساني لهذه الحركةأكثر من طع اقتراح سفضال عن ذلك، إننا لن.. والشهرةهذه الباخرة المسماة تيتانيك، كبيرة جدا، ! ةكم هي ضخمة هذه الباخر ! أعظم باخرة تيتانيك

.على أن تصب هذه المعادالت اللسانية في اتجاه واحد؛ التأكيد على ضخامة الباخرة.. جدايتكشف المستوى التعبيري لهذه اللقطة، ويتضح المنحى البالغي الذي بوسع من هنا

بل إن ما يعضد . اختالفها في التقنية، واألسلوب حركات الكاميرا أن تؤديه، وتتسم به علىفي هذا السياق بالحجة، والدليل، هو أن كمرون قد اقترح معادال افكرتنا هذه، ويؤسس لموقفن

وهو المعادل الذي ( مدير الباخرة )Bruce Ismay( إسميلسانيا لهذه اللقطة على لسان شخصية c’est le plus grand objet mobile »؛ )ا في الجمل األولى منهتال اللقطة مباشرة، متقاطعا معه

jamais construit par la main de l’homme de toute l’histoire » .كمرون إن لدهائه ثم ،السينمائي، قد تحاشى المزامنة بين صوت هذه الجملة، وبين شريط اللقطة، حتى ال يقع في فخ

ة، فينزاح بالمشهد من مستوى التعبير، واإليحاء، إلى مستوى التوثيق، ومأزم التسجيليالحشو،

Page 393: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

393

مشاهدة اللقطة بجملة ( *.والتوصيل الحرفي المسرودة أعاله يعطي المشاهد إسميال نستبعد أنإحساسا بأنه يتلقى لقطة من فيلم وثائقي(.

الحركة األفقية التي قامت بها ومن الحركات التصويرية التي لفتت انتباهنا في الفيلم، تلكهل **؛روزفي الختام، ماسحة عددا من الصور الفوتوغرافية الشخصية للسيدة عين الكاميرا

أراد كمرون، بهذه الختم، أن يكرس الفارق بين السمة الفوتوغرافية، وبين اللمسة السينمائية قبل لم يكن فيها إال الحضور )تحركةالم(فمساحة اللقطة .أن ينصرف إلى عمل سينمائي آخر؟

الفوتوغرافي، ومع ذلك استطاع كمرون أن يجعلها لقطة سينمائية بكل المقاييس، والمزايا؛

. )50(: الصورة. )49(: الصورة. )48(: الصورة

فوتوغرافي حياة اإلنسان ألبوم .

نحو تبديد الكثافة األولىيث إن الحركة األفقية آللة الكاميرا كانت بمثابة الخطوة حفي اللقطة، وتحرير ثباتها، إنما بثت الحياة في جماد الصور، وأضفت عليها الفوتوغرافية

وما زاد في تعضيد سينمائية .. دينامية خاصة؛ سلطة الماضي على الحاضر، ودفء الذكرىطبع الصورة على الصورة الذي حرر الفوتوغرافيا من ثباتها، وجعلها تنساب سينمائيا اللقطة، تلك آليات سينمائية .. الدافق )Sissel(نغمات موسيقية شجية، ومناجاة صوت سيسيل رفقة

.أرغمت الفوتوغرافيا على االستجابة لمنطق السينما في منتهى الجمال، واإليحاء

شيئا من التعليمية في التركيب بين جملة إسمي، وبين اللقطة السابقة لها، وكأن كمرون أصر على أن يبين مع ذلك نلمح *

فكان حريا به أن يتخلى عن جملة الحوار نهائيا، مستثمرا، بذلك، إحدى خصائص السينما .. للمشاهد أنه فعل كذا ألجل كذا .بير المرئيالصامتة في سلوك اللقطة؛ قوة التع

. 50، و49، و48: الصور: ينظر **

Page 394: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

394

الحركة بلقطة خالية من الحضور الفوتوغرافي؛ إذ تؤطر وجه إلى أن ختم كمرون هذه هل هي ما يمثل الفارق الحتمي بين الحقيقة السينمائية، والحقيقة *المسكون بالتجاعيد، روز

. الفوتوغرافية ؟

.)51(: الصورة

! المرجع بين الحقيقة السينمائية، والحقيقة الفوتوغرافية؛ تقع حقيقة

ية الكادراج وشعرية الجنستفكيك -6-3التي ضمها فيلم تيتانيك هي أكثر ما يتوفر على نحسب أن مشاهد الجنس، والشبق

لتنطبق عليها تصورات التفكيكية بنحو يثير شهوة التحليل، والتأويل لدى )كادرات(تأطيرات شاهد الدافئة، فإطار اللقطة في الم. المتخصص، والعامة من جمهور السينما على السواء

والمواضع الشبقية من الفيلم، إنما هو لمسة حساسة، ال يجرؤ المخرج على وضعها إال بعد .دراسة، واستشرافتريث، وتخمين، و

La(على هذا األساس، فضلنا أن نكتفي، في هذا المقام، بتحليل لقطة من مشهد العربة

diligence( على أن يستند التحليل إلى بعض من روز، وجاكن الذي احتفى بواقعة الجنس بي ، **.مطارحات التفكيك كما عرضنا لها في الفصل السالف

. 51: الصورة: ينظر *

. 310، 305: الفصل الثالث، شعرية االجتزاء من اإلطار إلى التأطير، ص، ص: ينظر **

Page 395: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

395

بسرعةفي لمح من البصر، وتؤطر اللقطة يدا ملساء، نلحظها تلتصق بزجاج العربة د، الغريزة، ثم ال تلبث تنسحب مرتجفة من مساحة اللقطة إلى خارج اإلطار، مخلفة أثر الي

*.واألصابع على زجاج النافذة

. )53(: الصورة .)52(: الصورة

.إحالة تأويلية إلى اللقطة الفعلية؛ الغائبة الحاضرة روزيد

الرهان السينمائي الذي ترتكز عليه –ال محالة، إن هذه اللقطة لمنوط بطريقة التأويلي تحيل إلى فاإلطار هو ما جعل اليدتسيج حضورها األيقوني، تأطيرها، وبلمسة الكادراج التي

خارج اللقطة، بل وتسفر عن بلوغه أوج روزو جاكبين –أو وقع –الفعل الجنسي الذي يقع .المشهد الشهوة، لينحدر، انحدار اليد على صفيح الزجاج، نحو نهاية

إدراك مغزى اإلحالة الجنسية لليد هو كون المشهد الكلي الذي وما يساعد المتلقي على ثمة فضم هذه اللقطة قد ورد مفككا، وموزعا إلى جملة من اللقطات ال ترتبط كلها بتيمة الجنس،

ليل، وأخرى لضابطين لقطة شاملة للباخرة في ظلمة ال(؛ بعض اللقطات ما ارتبط بحبكة الفيلمإذ تخللت هذه اللقطات مسلك ،)في برج المراقبة، وأخرى لحوار مقتضب بين ضابطين آخرين

من هنا، يكفي المتلقي أن يطلع على اللقطة األولى . المتعلقة بمشهد العربة" الجنسية " اللقطات التي تكشف عن نية معا، لكي يتكهن بجنسية المشهد، وهي اللقطة روز، وجاكالتي تؤطر

المفتاحية روز، السيما بعد جملة البطلين في مباشرة الفعل الجنسي :« Pose ta main sur moi

Jack » .

. 53، و52: الصورتان: ينظر *

Page 396: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

396

إن اإلطار هنا ليؤطر الغائب عن اللقطة أكثر مما يؤطر الحاضر منها؛ فاللقطة التي ،زاوتجا ما يقع خارج نرى ليست هي اللقطة الفعلية، إنها الحضور المأم ،ثول المبدئيوالم

هو اللقطة التي نشرئب إلى مشاهدة مجرياتها، ومعرفة فحواها؛ –أو خارج المجال –اإلطار ؟، أو األحرى، كيف يحدث الذي روزو ،جاك، وداخل العربة بين ماذا يحدث خارج اإلطار

؟، وهل تكفي نعومة اليد التي روزهذه التي نشاهد داخل اإلطار، أم هي يد جاكيد . يحدث ؟جاك يضع يده على روز، (؟ روزنشاهد، ووضعية التصاقها بزجاج النافذة لكي نقول إنها يد

.)وروز تضع يدها على صفحة التأويل الغائبة: أم أن شيئا لم يكن خارج مجال اللقطة الماثلة؛ خاصة على الصعيد األدائي للممثلين

L.Di Caprioو ،Kate Winslet ؟ هل هي الخدعة السينمائية التي كان للتأطير النصيب األكبر .تخريجها، وإخراجها إلى الجمهور ؟في صناعتها، و

هي عينة من تساؤالت ال تنتهي، ترتبط جميعها باللقطة الغائبة في شريط التصوير، اليد التي نرى هي وإذن، إن لقطة. ويلالمتلقي؛ في شريط القراءة والتأوالحاضرة بقوة في ذهن

ما يفضي إلى الغياب، أو هي الغياب المطلق، أما اللقطة القابعة خارج التأطير، فهي الحضور ! المطلق، هي المدلول المتعالي الذي ال يمكن المسك بتالبيبه

لي، قد تمت ، أو ليوناردو بكيت وينسجاك بروزما يعني أن الواقعة الجنسية التي وصلت األمر الذي حف المشهد بهالة طقسية ما، وأضفى على . جسديابنيويا، ال مرجعيا، وسينمائيا، ال

، ولفه بإيحاءات جمالية ال بعدا صوفيا، متعاليا أعطاهوالفعل الجنسي مسحة رمزية مكثفة، ، السيما وأن الواقعة الجنسية قد تمت خصب، واإلنتاج، والتعبئةفاليد المؤطرة هي يد ال: تضاهى

..في الطابق الخاص بمحرك الباخرة بما فيه من فحم، وناريد اإلبداع الذي يتم وفق آليات ال يمكن تفسيرها، وال الكشف عنها، هي يد ،وهي، أيضا

. ! التي تظل غامضة إلى أبد اآلبدين" الفنية " العبقرية

Page 397: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

397

التمويه وسينمائية الممثل - الكاميرا -7أسلوبا عندما ينتهج الم أن يكون " شكالنيا " خرج السينمائي نتظرفي صناعة فيلمه، ي

لها، دونما إطالة في .مثلوه قطعة من بنية التصويرمتلك هي المالحظة األولى التي نكاد نسجإن معظمهم ال . جيمس كمرون للمخرج Titanicلم التمعن، بخصوص أداء الممثلين في في

..يتقمص دوره إال بمساعدة عين الكاميرا بما تمتاز من آليات تفليم، وتقنيات فبركة، وخداع مثلين، إذ إنخرج كمرون، وال عيب في أداء المخضوع مع ذلك، ال حرج على الم

وارتباط أدائه بتمفصالت المتوالية الفيلمية ليعد من الممثل، في عالم السينما، لنسقية التصوير، *.مواضعات األداء السينمائي الذي يختلف حتما عن أبجديات األداء على خشبة المسرح

يبيد أنالتمادي في شكلنة أداء الممثلين، هو ، في هذا السياق،الجدير بالمالحظة والتقص. تسنيمها الذي ما برح كمرون ينتهجه في إخراج العديد من مشاهد الفيلمبنينة انفعاالتهم، وو

وليام مردوخوللكشف عن حقيقة هذا النهج، أحببنا أن نقارب مشهد انتحار الضابط األول؛ )William Murdoch( ألداء -سيميومقاربة بنيوية تستهدف قياس درجة التمظهر السينمائي

مثل المكلف بتقمص هذه الشخصيةالم. حيث بوسع المتفرج أن يستشف لقطة من أجل بناء هذا المشهد؛ 27بذل كمرون حوالى

، جاكأحد أصدقاء )Tony( توني، ووليامتؤطر الضابط مفصل انطالقه من اللقطة التي . اةوتعرض للشجار المحتدم الدائر بينهما بشأن السماح لجموع المسافرين بامتطاء قوارب النج

:نحددها على النحو التاليأما اللقطات المتبقية التي انطوى عليها المشهد، فنحاول أن .ومن حوله تونييشهر مسدسه في وجه وليامالضابط : متوسطة: )2(: اللقطة -وليام يتعصب لقراره القاضي بمنع : متباينة األحجام: )8، 7، 6، 5، 4، 3(: اللقطات -

Caledon( كالالذي عرضه عليه " المالي " اء القوارب، يرفض االتفاق الرجال من امتط

Hockley( يرمي وجهه باألوراق النقديةروزخطيب ،. .يتراجع بطيئا إلى الوراء بوجه قلق وليام: متوسطة: )9(: اللقطة -: هوجزءا من كتفي ولياممتوسطتان، ولقطة كبيرة تؤطر وجه : )12، 11، 10(: اللقطات -

.يطلق النار على أحد الركاب وليام

. 315، 310: البحث، الفصل الثالث، الحركة الداخلية وسينمائية األداء، ص، ص: ينظر *

Page 398: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

398

يندفع أحد المسافرين على ظهر : كبيرة الحجم في أغلبها: )15، 14، 13(: اللقطات - .الذي يطلق النار عليه فيرديه قتيال وليام، فيدفعه نحو توني

مشدوها، يدرك وليام: وجزءا من كتفيه وليامتؤطر وجه : كبيرة الحجم: )16(: اللقطة - .يقة ما فعلحق

ولياميرفع رأسه ساخطا على . ، ويناجيهتونييعانق فابريتزو: كبيرة: )17( :اللقطة -« Bastardo » .

إزاء ما اقترف، يتراجع بعض الخطوات وليامتتضاعف دهشة : كبيرة: )18(: اللقطة - ..إلى الوراء .لولياملقطة فوقية : )19(: اللقطة - .؛ يحدق بحسرة نحو أحد مالحي السفينةلولياممتوسطة لقطة : )20(: اللقطة - .، بعينين حاقدتين، وسط زحمة الركابروز، خطيب كال: متوسطة: )21(: اللقطة - .يستعد، ويقدم التحية وليام: )18(تقريبية إلى اللقطة عودة : )22(: اللقطة - . ليه بعيني استفهام، وحيرةيحدق إ وليامالضابط مساعد : كبيرة: )23(: اللقطة - .يكمل التحية، ويصوب مسدسه نحو رأسه وليام: كبيرة :)24(: اللقطة - . « Non Will »: مساعده يترجاه أن يتراجع عن فعلته: كبيرة :)25(: اللقطة - .وليامالعودة إلى لقطة تصويب المسدس نحو الرأس من قبل : كبيرة :)26(: اللقطة -. يطلق النار على رأسه، ويسقط في الماء وليام: لقطة فوقية شاملة :)27(: اللقطة -

.ينتحر وليام هائل بالنظر إلى لاللقطات من عدد هذا الال جرم، إن المحورية اللحظةقصر هو عدد

لقطة لتجسيد 28فكيف بكمرون يوظف . وليامبني عليها المشهد؛ لحظة انتحار الضابط التيص لقطة، أو لقطتين فقط يخصيكتفي بتألم يكن بمقدوره أن ،دة أشبه بلمح البصر؟لحظة واح

على أنه ضرب من من اللقطات هل يصح لنا أن نقرأ هذا العدد الهائل ،لتصوير فعل االنتحار؟ " و"التبذير البصري ، " واإلسراف في إنتاج الكادرات ليس إال ؟"الحشو التصويري ،.

ثم غ له ذلك ؟أم أنة منطلقا نظريا، جماليا يسوة حاجة في نفس كمرون، وثم.

Page 399: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

399

كان انتحاره .الممثل - وليامعلى شاكلة الغرق السينمائي لباخرة تيتانيك، انتحر الضابط ، لم يبذل جهدا كبيرا، ولم يكن قلقه ولياموهو يتقمص شخصية الممثلإذن، انتحارا فيلميا؛ إذ

دا كما ينبغي على قسمات وجهه، ولم تكن انفعاالته ملحوظة تماما على حركية أدائهمجس .، وعن بعض توني ممثلفي هذا المشهد، بغض الطرف عن حواره العصبي مع وليام فممثل

الخطوات القصيرة المرتبكة التي تراجع بها إلى الخلف، وعن الطلقات النارية التي وجهها إلى . ، وإلى نفسه، قد ظل صامتا، وثابتا في مكانه إلى أن انتحرتوني، وفرالمسا

يقنعنا بأدائه، ويوصل إلينا حرارة انفعاالته، ويحسسنا بجمرة غضبه، فكيف استطاع أن .وشدة قلقه ؟

وما عدد اللقطات، وزوايا ؛ وليامإن عين الكاميرا هي المتقمص الفعلي لشخصية الضابط )مادي(إال دليل قاطع وليام –الممثليرها، وطبيعة أحجامها التي استثمرت في تصوير تصو

وأكثرها ،)26، 24، 18 ،16(: على ذلك، فمعظم لقطات هذا المشهد كان من الحجم الكبيراألمر الذي نعلله بكون ؛)27، 19(حساسية، وارتباطا بدخائل الممثل كان من زاوية نظر فوقية

–إذ تؤطر وجه الممثل )18(فاللقطة اللقطة الكبيرة أقدر على استبطان االنفعال، وتجسيده، تحين انفعاله، وتخرج حسرته من أعماقه، وتنبئ بإقدامه على االنتحار دونما حاجة إلى ، وليام

*.نفسه الممثلتعابير وجهه التي تحتاج لبذل مجهود ما من قبل رون إدخاله لقطتين فوقيتين في متوالية المشهد، هو كون التصوير وما يبرر، أيضا، لكم

الفوقي، في أبجدية السينما، يمنح داللة التقزيم، ويشعر المتلقي بضعف الشخصية المصورة : في اللقطتين الشخصية وليام –الممثل وعليه، فإن حال الضعف الذي استحوذت على 1فوقيا،

بل كانت بفعل موقع الكاميرا، وبالتالي، بفعل براعته في تقمص الدور،لم تكن نتاج )27، 19( **.فوقية التصوير

من هنا يتبين كيف أن أحجام اللقطات المنخرطة في بنية هذا المشهد، على كثرتها، مهمة تقمص شخصية الضابط الممثلقد قاسمت .. واختالف أحجامها، وتباين زوايا تصويرها

. 54: الصورة: ينظر * . 111: أرنست لندنجرن، فن الفيلم، مرجع سابق، ص: ينظر 1

. 59و ،55: الصورتان: ينظر **

Page 400: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

400

بل وقد وفرت عنه الجهد الكثير في تصعيد انفعاالته، وإيماءاته، واالرتفاع بها ،وليامر المنتح . )27(إلى حافة المشهد؛ لقطة االنتحار

ثم إن النمو البنيوي لمتوالية المشهد قد ولد فيه إيقاعا مونتاجيا تصاعديا عضد أداء من هذا . شأنها تهيئة المتلقي الستساغة انتحار الضابط، ودعمه بمسوغات نفسية من الممثل

ه نحو نقطة االنتحارلممثل وليامالمنظور، لم يبق لنا إال أن نعتبر تفاقم القلق النفسيوتصاعد ، ! الممثلجزءا من نسق المشهد، ال أزمة نفسية من جسد

، حيث انسحب )18(حار ينطلق من اللقطة والحق إننا نرى أن المفتتح الفعلي لمشهد االنتفسح المجال كله همن بؤرة الفعل، واألداء الخارجي، متجها نحو دواخل الذات، لكنالممثل

*.اللقطات جرا إلى حتفه ، فجرته متوالية)المخرج(لنسقية المشهد، وأداء الكاميرا

.)56(: الصورة. )55(: الصورة . )54(: الصورة

.)59(: الصورة . )58(: الصورة . )57(: الصورة

.لم ينتحر الممثل، بل متوالية التصوير هي التي انتحرت

: لقطات مرتبة وفق التسلسل الذي وردت عليه في بنية المشهد، وهي حسب ترقيمها في المتن )6(نقترح من هذا المقطع ست * . 59، 58، 57، 56، 55، 54: الصور: ينظر. )27(، و)25(، و)24(، و)22(، و)19(، و)18(

Page 401: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

401

مثل، وفق هذا الطرح البنيويلم يكن سوى قطعة من قطع المشهد، – فالم ،السينمائي وليامأو لنقل؛ إن . ية التصوير هي التي انتحرتلم ينتحر الممثل، بل بن. أو لقطة من لقطاته

.مرجعيا وليامقد انتحر سينمائيا، بينما انتحر الممثلمثل انتحاره؛ أي إن الممثلانتحر، و .!؟ ام مردوخوليوهل فعال انتحر

وليامذلك هو السؤال الذي لو نحاول اإلجابة عنه، نزداد تمسكا بسينمائية انتحار الضابط *.، ونزداد إعجابا بشعريته، وجماليتهTitanicكمرون؛ داخل النسق التصويري لفيلم

مائيأن نقرأ االنتحار السين ، أيضا،في ضوء هذه المعطيات، والنتائج التحليلية، نستطيعالخدعة السينمائية، والتمويه البصري؛ لم ينتحر من منظور وليام مردوخلممثل الضابط

إنه األمر الذي يفضح سلوك كمرون في .وإنما آليات تصويره هي ما جعلنا نراه ينتحر ،الممثلل سرعة المونتاج تمديد المشهد نصيا، أي؛ سرديا، ويفسر، بالتالي، حقيقة تناسل لقطاته، ويعل

. بينها، وتسارعه على صعيد اللقطات األخيرةثم إن خلفية التمويه هذه، إنما تتحكم حتى في خيارات المخرج حيال شكل اللقطة،

بقدر ما قزمت ،)28( وحجمها؛ فمثال، إن اللقطة الفوقية األخيرة في المسار التركيبي للمشهدعفت حاله النفسية في ذهن المتلقي، بقدر ما أسهمت في إبعاد فعل إطالق ، وأضوليام –الممثل

النار عن أعيننا، حتى ال يتسنى لنا إدراك خفايا اللعبة التصويرية، وكشف مكمن الخدعة إذ ال يستبعد أن تكون اللقطة قد صممت إلكترونيا، ما (السينمائية المعتمدة من قبل المخرج؛

وانتحاره لم يكن إال إلكترونيا الممثل يعني ههنا أن ،بديل إلكتروني(. قد ننجح في ترسيخ هذا الطرح من خالل تحليل مقطع جزئي من المشهد الذي يصور

واقفة على أمشاط قدميها كما يفعل رياضيو الجمباز تقريبا؛ فبإمعان النظر في طبيعة روزم والتشكيل، رئيسة بالنسبة للبنية الكلية للمشهد، نستطيع ، واضحة المعالالتعالق بين ثالث لقطات

أن نستشف مستوى األداء السينمائي)ت وينسليالذي حف الممثلة )التصويريوكان لها كي ، .في تمكنها من الوقوف على أخمص القدمين" تمويهيا " عضدا

استياءها إزاء مشهد االنتحار، داحضة خبر وقوع الحدث، وقد دعم )الحقيقية(بط العرض األول للفيلم، أبدت عائلة الضافبعد *

.Cf, www. مجرد إشاعة، أو معلومة غير مؤكدة وليام مردوخموقفها بعض النقاد السينمائيين إذ اعتبروا حادثة انتحار الضابط

Wikipédia. ORG.

Page 402: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

402

واقفتين على األمشاط روز قدميتؤطر اللقطة األولى، من بين هذه اللقطات الثالث، *بحجم كبير من شأنه تبئير الطرافة، وإثارة الدهشة؛

.)60(: الصورة

لماذا لم يظهر المخرج الجسد الواقف كله حتى نتأكد من واقعية اللقطة ؟ .إن اإلطار هنا هو الممثل

اهدة المتبقي من جسد فاللقطة هذه، فضال عن حجمها وطريقة تأطيرها، تحرمنا من مشاألمر الذي يزرع . الممثلةالتي تؤديها " الخطيرة " ، وتحول دون إدراكنا الكلي للحركة روز

فعال على أمشاط قدميها ؟، كيت وينسليهل تقف :جملة من األسئلةفينا الشك، ويثير في أذهانا الواقف كله على نحو يسمح لنا بالتأكد إذا كان ذلك أمرا حقيقيا، فلماذا لم يظهر المخرج الجسد

حتى ال الممثلةمن واقعية اللقطة ؟ أولم يكن ثمة شيء ما خارج إطار اللقطة بحيث تمسكت به .تقف على األرض إال سطحيا ؟

ثم إن ما يغذي هذه الشكوك، ويفجر مزيدا من األسئلة، هو كون اللقطة الموالية لم تؤطر ؛ إذ قصد كمرون إلى تأطير الجهة العلوية من جسد كله، ولم تكشف عن شمول الحركةالجسد ، )من شدة الضرر الذي سببه لها الوقوف على هذا النحو(الوجه بمالمح التألم : الممثلة

الحال أن كمرون قد أخرج القدمين، الواقفتين على األمشاط، من مجال اللقطة، **.والذراعين

. 60: الصورة: ينظر * . 61: الصورة: ينظر **

Page 403: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

403

متألما، وذراعيها في هيئة جناحين؛ أال يمكن أن يوحي ذلك بأن الممثلةانهما وجه وأدخل مك .نرى قدميها ؟في هذه اللقطة بالذات، ال تقف على أمشاط القدمين، مادمنا ال الممثلة

.إن األمر قد يدفع إلى االعتقاد بما هو أبعد من ذلك. بلىبأداء الممثلةحقا، لم يطالب كمرون هذه ! التفليملم تفعل شيئا خارج بنية ت وينسلييك

لكن بيت القصيد هو أنه ساعدها باإلخراج، وطريقة الحركة تلك من دون أن يدربها عليها، ،لها إلى قطعتين منفصلتين *التصوير؛ بالمونتاج وفق المنطق الكوليتشيفيقطعة القدمين، (إذ حو

.بينهما على نحو ينتج معنى الوقوف على أمشاط القدمين ليركب )وقطعة الوجه والذراعين

. )61(: الصورة

.يت وينسلي الواقفتان على األمشاط من مجال اللقطة ؟لماذا أخرجت قدما الممثلة ك .هل تقف كيت وينسلي، فعال، على أمشاط القدمين ؟

ناها للتحليل، وهي اللقطة التي ختم التي انتقي وما يعضد قراءتنا هذه، هي اللقطة الثالثة، المعجبينو المتفرجينروز وسط جموع –بها كمرون بنية المشهد؛ لقطة شاملة تؤطر الممثلة

إذ نلحظ فتمنحنا فرصة المشاهدة الكلية لحركة الوقوف، **،جاك –الممثل وبين ذراعي عشيقها

. 299: البحث، الفصل الثالث، تجربة كوليتشيف، ص: ينظر *

. 62: الصورة: ينظر **

Page 404: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون الفصل الرابع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

404

لوقوف الخطيرة، وسرعان ما تخور ، من رأسها إلى أخمص قدميها، تؤدي حركة االممثلة .من صعوبة الموقف، وشدة األلم جاك –الممثل قواها، فتسط بين ذراعي

شاملة، وعميقة عندما تعلق األمر بالتصوير لكن السؤال؛ لماذا استخدم كمرون لقطة بة ؟ ؟ ألم يكن بإمكانه استخدام لقطة متوسطة، أو شاملة مقر الممثلةالكلي لحركة

، في هذه اللقطة بالذات، قد وقفت فعال على أمشاط قدميها، روز –الممثلة ثم إذا كانت .!الواحدة ةثانيالفليس فيها ما يثير الدهشة، ويقتضي الخطورة ما دام زمن اللقطة لم يتعد

ود قطع حدفي هذا المشهد، لم يتجاوز كيت وينسليوإذن، فإن األداء الصافي للممثلة الجسد التي أبدتها للتصوير، والتأطير، بما فيها إيماءات األلم الوجهية، وزمن الوقفة المقتضب،

. المزروعة في عمق اللقطة الشاملة .الكاميراأما ما تبقى من مساحة األداء، في هذا المشهد، فهو ملك لعين

. )62(: الصورة

وعميقة لماذا استخدم كمرون لقطة شاملة،لحركة الممثلة ؟ عندما تعلق األمر بتصوير األداء الكلي

Page 405: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

405

8- مواطن األفلمة أو النثر السينمائي رصد بعض المواطن الالسينمائية في بنية الفيلم هذا المبحث بأننا سنعمد إلى توحي عتبة

ونحن، إذ ذاك، لن ننحصر في وصف هذه المواطن وصفا آليا يقلل من شأنها، .الذي بين أيدينامة الرؤيا اإلخراجية لجيمس كمرون، وإنما يقدم نفسه على أنه إجراء نقدي ينتقص من قيو

، ما القصد هو محاولة الوقوف على استراتيجية إدخال تلك المواطن في النسق السينمائي للفيلم *.من شأنه التسويغ لها تسويغا سينمائيا من منطلق أن الالسينما جزء من بنية السينما

ولسنا ننكر أنة الفصل بين السينمائيمهم )الفيلمي( والالسينمائي ،)فيلم )المؤفلم في أيمن األفالم، السيما ذات الشحنة الفنية العالية، هي مهمة غاية في الصعوبة، ورهان يظل مشوبا

ارتأينا أن نقتصر لذا،. المقام ههنا لشرحها، وتوضيحها بالتناقضات، واألغاليط، بحيث ال يتسعمستويين اثنين من مستويات األفلمة، والالسينما الراجحة في بنية في هذا المبحث، على مقاربة

الفيلم؛ األرشفة، والمرحةس.

لسينمائيةاألرشفة واللمسة ا -8-1مه بمدخل أرشيفي يوثق الحدث التاريخي؛ إقالع الباخرة أبى كمرون إال أن يستهل فيل

فيلمي بالنظر إلى بنية -إنه مقطع قبل .بإنجلترا Southamptonمن ميناء Titanicالعمالقة التصوير الكلية للفيلم، إذ هو يقع خارجها زمنا، وسردا، ويسبق الخطاطة الفنية لإلخراج

.بكمرون ةالسينمائي الخاصتتح الرسمي لنسق الفيلم ف، وبين الم"التوثيقي " آية ذلك أنه تم الفصل بين هذا المقطع

تؤطر أمواج البحر في عتمة الليل بألوان أصيلة " مفصلية " ن التي استغرقت لقطة بلوحة العنوا **.غير ألوان األرشيف الباهتة التي طبعت صور شريط االستهالل

ومن المواصفات التي أبرزت تسجيلية هذا المقطع، وحينته في شكل وثيقة تاريخية، الممتد ه األيقونيه محضورأثر لمونتاجية صريحة، مباشرة بين لقطة، وأخرىن ، وخلو أي .

على النهج الذي يسلكه حتى أن أحجام اللقطات الموظفة فيه قد تراوح بين شاملة، ومتوسطة . مصورو األفالم الوثائقية في الحاالت العادية

.البحث، الفصل الثالث، السينمائية خارج السينما: ينظر *

. 63: الصورة: ينظر **

Page 406: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

406

. )63(: الصورة

.من هنا تبتدئ الخطاطة السردية للفيلم

نية المقطع، وتتسع فضال عن حركة واحدة آللة الكاميرا، تمسح الميناء، ومتمتد بن، والفضاء البحري دونما أي تقطيع صريح، يتخلل المشهد، فيسيء إلى حرفيته، عليه، والباخرة

وما يعضد السلوك األرشيفي لمتوالية هذا المشهد، طغيان اللون . ويضعف شحنته الوثائقيةاألمر *على مساحاتها؛ )Des grains(حبيبات سوداء على تفاصيل صوره، وانتشار األصفر

ويطبعه بالقدم، 1الذي بقدر ما يستحضر الحدث، ويبعث فيه الحياة، بقدر ما يغيبه، ويدفنه، .ويختم عليه في أرشيف الذكرى

. 64: الصورة: ينظر *

1 Cf, Alexandre Tylski, Op. cit.

Page 407: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

407

.)64(: الصورة

.الصفرة، والحبيبات السوداء عالمات األرشفة

كمرون هذا المقطع األرشيفي " أقحم " كن السؤال الجدير بالمباحثة في هذا المقام؛ لماذا لهل كان يرمي إلى تكريس الفارق بين السينما، وبين .في البنية التصويرية لشريط الفيلم ؟

.الحس التسجيلي الذي تختص به األفالم الوثائقية ؟هذا المقطع االستهاللي ما يدعو إلى التحقق من لتي حينت لفيلمية ااالحق إن لفي البنية

ته، والتحفظ شيئا ما على حأرشيفيفيتهر . ، ال يمكن جحدها ، لمسات سينمائية)ثا34(قد تضمن هذا المقطع، على قصر زمنه

قطع بأول فمن اللحظة األولى، ينفتح الميس سهال غض الطرف عنها؛ ل إضاءات فنيةوفرض امتزاج صوت المغنية سيسيل : بشرى فنية، وأول بؤرة من بؤر التنسيق السينمائي البحت

)Sissel ( جعل انطالقة الفيلم الذي 1باللقطة األولى من فضاء المقطع، ذلك الصوت التراجيدياع التدريجي لستارة انسيابية، متدرجة تدرج السواد نحو ضياء اللقطة األولى على شاكلة االرتف

، متأوها حتى يقدم أول إعالن رسمي -تموج البحر –فصوت المغنية قد جاء متموجا . المسرحالمقطع، فقد متواليةب )مركبا(فنية الفيلم، وانتمائه السينمائي، وهو إذا جاء ممتزجا للجمهور عن

جب الماضي، أو واصال بينه، وبين جسمه، وتعالى على حضوره الفوتوغرافي مخترقا ح . الحاضر، والمستقبل

1 Cf, Op. cit.

Page 408: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

408

فة لحساسا بأإن هذا الصوت، وهو يرافق لقطات المشهد حتى النهاية، إنما يولد فينا إ .ةفشمذلال من حجم األر 1الميناء، وحلمية الفضاء،

لكاميرا في تحريك ا التخفيف من ضغط تسجيلية المقطع، عمد كمرون إلى سياقوفي موقع في الميناء، ذي علو متوسط، مارا بمواضع متباينة اتجاهات بانورامية مختلفة، منطلقا من

ذلك ما . من فضائه، منتهيا إلى شرفة عالية من شرفات الباخرة؛ آخر لقطة في مسار الحركة .أعطى تحيينا واقعيا للمكان، وتجسيدا آنيا للحدث

التحري هو أن هذه الحركة المستطيلة هي ملك آللة لمالحظة، وبيد أن األجدى باالكاميرا، وجزء ال يتجزأ من النسق الفيلمي، وليست، في شيء، ملكا لتاريخية الحدث، وال ملفا

تها دونما تدخل يإلى إبطائها، ومفصلت بن" قصد " من مخزون األرشيف، السيما أن كمرون قد لتحقيق النقلة من لقطة ل استخدام تقنية طبع الصور، بعضها فوق بعضي ملفت، إذ فضتركيب

*.إلى أخرىمرجعية؛ أي سينمائية، لجأ إليها كمرون بغرض -أما إبطاء الحركة، فهي تقنية فوق

الحركة بطبع ةأما منتج. اإليحاء بثقل الذاكرة، والتنبؤ بالمستقبل الكارثي الذي سيصيب الباخرةالصور فوق بعضها البعض، فكان من آثاره أن صنع توازنا بين التسجيلية، والجمالية في

مفطور على اإلبداعية، في حين إن استمرارية التصوير )المفضوح(المقطع، بحكم أن المونتاج . مرجعية المشهدتمنح اإلحساس بواقعية المصور، و

ة تجلت في بنية المقطع في شكل بؤر سينمائية من شأنها التقليل تلك كلها آليات تصويري .من كثافة األرشيفية، وإنتاج مساحات زائدة ينفتح فيها اإليحاء، ويتجسد التعبير

1 Voir, Gaston Bachelard, La poétique de l’espace, P. U. F, Paris, 1972.

.65: الصورة: ينظر *

Page 409: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

409

. )65(: الصورة

طبع الصورة على الصورة تقنية تؤرشف اللقطة، .ولكنها تخطفها من ملكية التاريخ

رك أن كمرون لم يفتح فيلمه بهذا االستهالل األرشيفي من باب االرتجال، هكذا ندأو االعتباط، فهو لم يقحمه في بنية الفيلم، وإنما نسقه، وركبه، وحمله بما يطيق من لمسات

إيحائية، واستشراف قرائي؛ها في طريقة تصويره، هل هو تحية تقدير للسينما الصامتة، وإحياء لذكراها مادام يشبه

.)فلم نسمع ضجة، وال حوارا خال صوت المغنية سيسيل( 1وإخراجه ؟،تكريس المسافة بين المرجع، والنسق، بين على –من لدن المخرج –هل هو اإلصرار

المتفرج إلى المقارنة بين –في ضوء هذا السؤال، إننا لندعو القارئ . الوثائقية، والسينما ؟لقطة مشابهة لها وردت في مطلع البنية ألخيرة التي وردت في مقطع األرشيف، وبين اللقطة ا

*.الرسمية للفيلم ؟هذه التي تؤطر فتاة تلوح من على -ال محالة، إن كمرون قد استثمر لقطة األرشيف

.السينما، وكررها، لكنه عكس زاوية التصوير حينما تعلق األمر بلقطة - .. شرفة الباخرة .! وهنا بيت القصيد، ومربط الفرس

1 Cf, Alexandre Tylski, Op. cit.

. 67، 66: الصورتان: ينظر *

Page 410: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

410

. )67(: الصورة. )66(: الصورة

كمرون يكرر لقطة األرشيف ولكنه عكس زاوية التصوير؛ .؟ بين المرجع، والنسق لفارقتكريس اهل هو إصرار منه على

8-2- المسرخ حة والحوارالمؤر وهي . لم يوظف كمرون مشاهد ممسرحة إال في السياقات المحتمة من مسار الفيلم

، وتفرضها حاجة السرد إلى )الممثلين(السياقات التي يقتضيها التحاور بين الشخصيات بحكم أن ذي الحدث، وتدفعه نحو النهاية،المعلومات الحرفية، والمادة التاريخية الموثقة التي تغ

. الفيلم يجسد واقعة حقيقيةصعب من ال.. إن بعض المعلومات الخاصة بحيثيات الباخرة، وتفاصيل المسافرين

توصيلها إلى المتلقي بالصورة وحدها؛ على سبيل طول الباخرة، وعلوها، وعدد الركاب، طريقة ثم إن استحضار التوثيق في مشاهد الفيلم، ب. القصةوطبائع بعض الشخصيات الهامة في

أو بأخرى، لهو أمر يحافظ على توازنه النصي، ويبقي على جدلية النسق، والمرجع، أو الفن، ينسج المخرج من خالله خيط اإلثارة، وشد انتباه )سينمائيا(والحقيقة بوصفها رهانا محوريا

.طة في الفيلمالمتفرج إلى آخر لق La(مع ذلك، لم نرصد في فيلم كمرون مشاهد مبنية باستعمال آلية عمق المجال

profondeur de champ( أو المنظور ،)La perspective( إذ نلحظ نوعا من إال العدد القليل؛ البحت(االستخدام اآللي رحة الذي انتهجه كمرون في مشاهده القل) المسرحيسيلة ألسلوب الم

في جالسين روز، وجاكتلك؛ فعلى سبيل المثال، لو نمعن النظر في ذلك المشهد الذي يؤطر لبدا لنا عمق المجال فيه طبيعيا، وثابتا، ال طائل منه سوى الكشف عن عدد من *بهو السفينة،

. 68: الصورة: ينظر *

Page 411: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

411

الركاب الذين يذلك شيئا من الواقعيع جيئة، وذهابا، عسى أن يضفي ة على محتوى برون خطه 1.اللقطة، ويحرر المتفرج من ضغط القصة

.)68(: الصورة

خلص مما يحدثستيأن ى المشاهدعس ما .؟ على صفحة الخلفية في هذه اللقطة

فعمق المجال، ال يشكل عنصرا ديناميا يشارك في بناء سينمائية هذه اللقطة، كأن يظهر ، ، إن من حيث السردروز، وجاكحدثا فرعيا، أو شخصية ثانوية لها ما يربطها بالشخصيتين

.الصراعالحبكة، وأو من حيث اللقطة، وتوسيع الحضور ليس عمق المجال، إذن، مجرد آلية تزويق يراد بها مسرحة

األيقوني للمشهد فحسب، وإنما ينبغي له أن يكون مشروطا بمسلكية خطاب السينما على والسيميائي ،الصعيدين؛ الجمالي . ينبغي له أن يكون لوحة قراءة، وتأويل، ليس الغرض النهائي

كح مسرحيمنها تحويل اللقطة إلى ر. نطلق الذي حذا بكمرون، في بعض المشاهد الممسرحة، إلى لعل أن يكون ذلك الم

فاستعان ثقل السمة المسرحية التي يخلفها عمق المجال في بنية اللقطة؛ محاولة التخفيف من في المشاهد المصورة داخل المطعم )الراوية(السيدة روزبتقنية التبئير السردي عبر صوت

، وبين )صوت ال نرى صورة صاحبته( روزتركيب بين صوت خاصة، إذ عمد كمرون إلى ال .)صورة ال نسمع صوتها(.. يعزفون نوشخصيات مجتمعة حول مائدة، موسيقي: صورة المطعم

1 Cf, Op. cit.

Page 412: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

412

، وبين الصورة في مثل هذه المشاهد يقلل من حدة )السارد(الحال أن الالتزامن بين الصوت ورغم أن الصوت . لغة السينمائية فحسبالتمظهر المسرحي، لكونه تقنية مخصوصة بال

)عبأ بالمعلومات المتعلقة بشخصيات)السردية، السيما ، في هذه الحال، كان يرد مالقصإال أن اللقطات التي زامنها ظلت تحتفظ بمستوى ما من الجمالية، واالشتغال *،جاكشخصية

.السينمائي الرهيف

.69: الصورة

« .. il devait être intimidé, mais il n’a jamais fait un faut pas ».

واألدهى، أن بعض اللقطات قد فرضت على المخرج كمرون أن يحترم التطابق بينها، خلوها من أي عمق في المجال؛ إنها اللقطات وبين الصوت الكامن فيها، أو الصادر منها رغم

األحداث، وتزود المتلقي بالوثيقة الثابتة عن هويات الشخصيات، الحوار التي تؤرخ للسرد، و – .. وعن طبائعهم، وبعض تفاصيل حياتهم

في المشهد الذي راح )Ismay( إسميفهل كان بمقدور كمرون أن يتخلى عن صوت ، ويعلمنا بأنه مصمم سفينة تيتانيك ؟، )Thomas Andrews( توماس أندروزيعرفنا بشخصية

كان بمقدوره أن يتخلى عن صوت أندروز، في المشهد عينه، وقد راح يعلمنا بأن بروس وهل

. 69: الصورة: ينظر *

Page 413: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

413

هو مدير السفينة، وصاحب فكرة بنائها ؟، وهو يعلمنا، في مشهد آخر، )Bruce Ismay( إسمي *.دي ؟بالزمن المتبقي لغرق السفينة بعد حادث التطامها بالجبل الجلي

هذه المشاهد، ينبغي أن يكون حياديا، بحيث يجعل من المجاورة حتى المونتاج، في مثلمجال في المراوحة بين لقطة ؛ كأن تنحصر مهمته"نثرية " بين اللقطات تسلسال منطقيا، وجملة

)Champ( ولقطة مجال معكوس ،)Contre-champ( في تجسيد الحوارات الثنائية . .تي لم يكن لكمرون بد من تحاشيها في بناء الفيلمتلك هي مواطن األفلمة، والحرفية ال

، والذي Titanic: إنها البؤر المرجعية التي لوالها ما رشحت سينمائية هذا الفيلم المسمى . Titanic: يروي قصة مؤرخة لغرق باخرة مسماة

. )71(: الصورة .)70(: الصورة :أندروز يخبرنا بالزمن المتبقي لغرق الباخرة أندروز هو مصمم الباخرة: إسمي يخبرنا

.« C’est une certitude mathématique ». إسمي مدير الباخرة: وأندروز يخبرنا

.71، و70: الصورتان: ينظر *

Page 414: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

414

استخالص* ولم تستغرق كل تفاصيله هذا الفيلم الذي بين أيدينا شروطها، لم تستوف قراءتنا ل

" المنهجية " تلك هي الحقيقة .فيه ، والجماليةاإلخراجية، ولم تعرض لكل التمظهرات السينمائيةبدافع كلها، وال نقول ذلك من باب التواضع العلمي الذي ينبغي توفره في شخص الباحث، وال

حيث الغرض منه –والبحث كله –بالنقائص التي اعتورت هذا الفصل " المسبق " االعتراف .في البحوث األكاديمية جزء من كماله ها بحجة أن النقصلها، وتبرير التسويغ

بنيوية، ويتأبى -لجيمس كمرون ليعتاص على اإللمام بكل حيثياته التقنو Titanicإن فيلم ، ويمنح لقراءتنا هذه إمكان تحققها، "يشفع لنا " بيد أن ما. لقراءة المقفلةعلى التأويل النهائي، وا

سينمائي دونما انسياق - مقاربة الفيلم من حيث طرائق االشتغال السيميوهو اإللحاح على الغاية التي يكفي لتحقيقها يوه .ونسخ التأويالت المعلقة، المؤجلة وراء سراب المضامين،

في تحليل بعض منالتخص تتكشف، لنا لقطات الفيلم، ومشاهده التصويرية، عسى أن صالتجلي السينمائي الصرف الذي بفضله ينماز جنس السينما عن مختلف األجناس وللقارئ، حقيقة

،ويستقل بفرادة بنيته الفنية الزاخر بها عالم اإلبداع، ويفترق عنها بخصوصية اشتغاله الخطابي . لغويةال

في الفيلم، ال إلى البؤر السينمائيةلذا، كانت القراءة التي حاولنا تفعيلها ههنا موجهة إلى . الفيلم كله

شعرية على المدونة - إسقاط مفاهيم المقاربة؛ سيميوثم إن الغاية منها قد كمنت في مناخها األصلي، ويمنحنا، نحن، بما يسمح باختبارها في مناخ مغاير ل السينمائية لهذا البحث،

التبني في قراءة الخطاب السينمائي، وجدارتها باالستعمال في فرصة البرهنة على أحقيتها ب .مقاربة األنماط الفيلمية على تباينها في الشكل، والوظيفة

:التي تمخضت عن هذا الفصل، فنذكرها على النحو التالي النتائج الضمنية أما

خصوصا، أن له وعيا بنيويا ينهض عليه Titanicن، من خالل فيلمه أثبت كمرو -نمإن تبنينا فال غرابة بناء أشكالها؛ه في إخراج األفالم، وتصوير مشاهدها، وهج

، البنيوي التكويني، واعتبرنا هذا )Lucien Goldman(لوسيان غولدمان مصطلحية يرتبط فيها خيط الواقعة التاريخية لغرق ، لةدا" سينمائية " بنية الفيلم بالذات

Page 415: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

415

وع آلياته اإلخراجية، وضخامة نالباخرة تيتانيك بخيط النسق الداخلي للفيلم على تكمرون الفكرية، رؤىفر، حقا، عن ترسانته التكنولوجية، وهو االرتباط الذي أس

)La conscience possible( الوعي الممكنإنه . العالمثقافية حيال -والسوسيوالذي بني بمنطقه فيلم تيتانيك؛ حيث الحظنا، من خالل تحليل اللقطات المقترحة أعاله، أن كمرون قد تجاوز الوجود التاريخي لواقعة الغرق، وتسامى على

، األمر الذي يعزى، في الجانب معطياتها التيمية، ومستوياتها القرائية المتداولةفته الفكرية العالية، وإفادته من أحدث ما جادت به التكنولوجيا األكبر منه، إلى ثقا

. في عالم الصناعة السينمائية، ال " Ratio difficilis - اإلنشائية المفارقة " أخرج كمرون فيلمه هذا بمنطق -

حسب مصطلحية أومبيرتو إيكو؛" Ratio facilis -اإلنشائية المسالمة " بمنطق فالم السينمائية السالفة التي تناولت واقعة التيتانيك، فلم ينطلق بمعنى أنه تجاوز األ

من أي نموذج فيلمي قبلي في صياغة الربط بين المادة التاريخية للواقعة، وبين إنما سعى بكل ما أوتي من قريحة إبداعية، الشكل السينمائي الذي جاء عليه الفيلم؛

إلى اقتراح تعالق جديد بين معطى ية، وبكل ما توفر له من وسائل تكنولوجإن كمرون، في هذا الفيلم .التاريخ، ونسق الفيلم يسهل فهمه، ويحلو تلقيه

تعاطى مع المادة التاريخية، وهيولى الواقع بغير وسائط إبداعية مبقة، عدا ليسمن عدم، وسيط التقنية، والكاميرا، حتى أنه يوشك أن يوهمنا بأنه اختلق الفيلم

، فال Ratio facilisأما منطق الـ . )L’invention radicale(وأبدعه إبداعا جذريا ما عرضنا المخرج كفي مواطن األفلمة، والحرفية المحتمة على نلفي له أثرا إال

نألف كيفية النسج في مسار الفيلم، ونستسيغ في المبحث السالف أعاله، حيث ذلكل .واقعة، فال نجد في األمر عالمة فارقة تسترعي القراءة، والتنظيرطريقة محاكاة ال

غرق : المرجع؛ أي عن الواقعة التاريخية يعبر عنكمرون، في هذا الفيلم، لم -رؤاه اإلخراجية، ومراميه السينمائية، عبر به، أي بها عنالباخرة، بقدر ما

..ومطارحاته الفكرية، والفلسفية- عبر بالتيتانيك عن كمرون لم يورؤانارؤاهر عن التيتانيك، وإنما عب ،.

Page 416: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

خاتمة

Page 417: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

خاتمة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

417

خاتمةنجالبحث، وما تم لت . زفصوله، ومباحثه، وما انتهت تطلعاته المنهجية، وما وكم

. انطفأت هواجسه المعرفية ..هه، ومساءالتوبلغ البحث ذروة المطارحة، والمكاشفة، وما استغرقت آفاق

، آملين أن نجد في آراء بكل قصور اعتراه، وبكل نقيصة تركت في ثناياهإننا لنعترف . قرائه، وتوجيهاتهم ما يتدارك القصور، ويستكمل النقائصآفاقه، اعتمل في في تطلعاته، وتردد لكننا نحب أن نختم هذا البحث بحوصلة أهم ما

فمن خالل المنطلق اإلبستمولوجي وباإلحالة إلى الغرض الضمني الذي حثنا حثا إلى إنجازه؛ ما الذي يجعل من فيلم : ، هذا البحث، والذي يلخصه السؤال المطروح في مطلعهي بني عليهالذ

بحث يستهدف علمنة قراءة األفالم، وتحليلها، وتثقيف المشاهد ما عمال سينمائيا ؟، يتبين أنه سة، وبمنظومة من المفاهيم، واالسينمائيلمصطلحات من خالل تزويده بخلفية نظرية مؤس

.المتخصصة في تشريح لغة السينمافمن يحلل محتوى الفيلم، ال يحلل الفيلم مهما بلغت رؤاه من مستوى رفيع في لغة

–لذا انبرينا، في خضم هذا البحث، نسوغ لمنطق توجيه عين المشاهد التحليل، ودقة التوصيف، نته، من منطلق اعتقادنا الراسخ بأن، ال إلى موضوعته وبطاالمحلل إلى نسق الفيلم وشكله

من مراجع، وإحاالت معرفية تالخصوصية السينمائية ترتبط ببنية الفيلم وذاته، ال بما حوبالحامل نيط مختلفة االنتماءات الحقلية؛ أي ال يكون تحليل فيلم ما تحليال سينمائيا إال إذا أ

د عناصره، وآلياته الفيلميج، وحركة كاميرا، وكادراج، ومزج، وتصوير ؛ مونتاعلى تعدرف عن .. بؤريالمحمول المؤفلموص.

Christian(باعتماد المعجم المصطلحي لكريستيان ميتز ذلك اعتقاد إنما بنيناه، وأثلنا له

Metz( الفيلمية القائم على منطق الفصل بين مفهومي ره السينمائيواستثمار تصو ،)Filmique(، واألفلمة)Filmé( السينمائية الدراسةإذ تقع ؛ الحق في بؤرة الفيلمية، وتنصب

التي تنحصر في بؤرة األفلمة، وتكتفي بتحليل الفيلمولوجياعلى مكاشفة ذات الفيلم بعكس ، الحاوي، دونما التفات إلى )Extra-cinématographques(سينمائية –، وقضاياه خارجالمحتوى

.ويةوتمفصالته اللغ

Page 418: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

خاتمة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

418

يحز فينا أن نجد الخلط بين هذين المفهومين مستشريا في الوسط النقدي الخاص ولكمووصفه وصفا بالسينما العربية، إذ ما أكثر أولئك الذي يتهافتون على جرد محتوى األفالم،

فوتوغرافيا، ويقولون ما يقولون عن قصصها، وحبكاتها، وأبعادها االجتماعية، والنفسية، . سينمائيا أصيال –أو تحليال –انين أنهم يمارسون نقدا ظ.. يديولوجية، والفلسفيةواإل

تلك قناعتنا العلمية التي لم نجد عن سواها . تقع السينما في الفيلم، ال في مؤفلمهوإذن، الذي " La cinématographicité -السينمائية " عضدا إبستمولوجيا نؤسس من خالله لمصطلح

مقاربة األفالم، والكشف عن درجة التجلي عينا حثيثا للتأصيل له، والتسويغ لفاعليته فيسولسنا ننكر ههنا إسهام الخلفية الجاكوبسونية في اكتشاف هذا المصطلح، . السينمائي فيها

.منطلق أدبية األدب، استقينا منطلق سينمائية السينمامن وإرساء دعائمه؛ إذ ا، خلصنا إلى أن السينمائية ال تتأتى من خارج الفيلم، بل من دخائله، تأسيسا على هذ

وأنها، رغم ذلك، تشتغل بوصفها بنية متعالية بوسعها الهجرة إلى أنماط من األفالم غير التلفزيون، والوثائقي ونحوهما، بشرط أن تمتثل هذه األفالم، في بعض من سينمائية؛ على غرار

.عات اإلخراج السينمائي، وتخضع ألحد إكراهات اللغة السينمائيةمواطنها، لمواض ،هجين خطاب السينما خطاب لنا، أيضا، إلى أنولئن كان األمر على هذا النحو، توص

فدحضنا، من هذا المنطلق، االعتقاد بوجود غوية، لتشترك في صناعته شتى الفنون، واآلليات الستعمال االتنبثق من فرادة لغته لبل إن أصالة الفيلم، و خالصة؛ سينما مغلقة، أو سينمائية

دواته، وتقنياته الصرف، ومن قدرته على استثمار ما أمكن من أجناس فنية مغايرة، الخالص أل .التعبيرالسينما في التبليغ، وبأبجدية ومجاورة، استثمارا يظل مشروطا

ببناء أرضية منهجية من مهدنا لهأن كل ذلك ما كان ليتحقق لنا، في هذا البحث، لوال العلمي، والموضوعي لهذه التصورات، واألطاريح، وتحصينها من شطحات شأنها التمكين

تتقاطع فيه ملتقى تأثيلي المركوز عليها بحثنا بمثابة المقاربة المركبةفكانت االنطباعية العابرة؛والتصورات النظرية، وتنصهر في كنفه بعض المقوالت الفلسفية، جملة من الحقول المعرفية،

هي ما حتم علينا إذ إن الطبيعة التركيبية التي تصم خطاب السينما والمناهج النقدية الحديثة؛ بنا إلى إدراج مختلف المن سلوك التركيبانتهاج اهج النسقية، والداللية في بناء المقاربة، وآب

.في بنية الوعي المنهجي، والتأسيسي لهذا البحث

Page 419: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

خاتمة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

419

المقوالت وقد أبانت حيثيات البحث اإلجرائية عن الكيفية التي فرضت بها بعض نفسها علينا، بحكم تجذع المسلك الفني في اللغة السينمائية، وينطبق األمر عينه على الجمالية

إدراكنا لجوهر حيث عضدت ومنطلقاتها، وإجراءات األسلوبية؛نية، مفاهيم الشكالعدد من االشتغال السينمائي الذي ينبغي أن تمتاز به لغة الفيلم، وأسدت إلينا بالمفاتيح العملية في مكاشفة

؛ فاستطعنا أن نرصد )James Cameron(للمخرج جيمس كمرون Titanicفيلم : أنموذج الدراسةخرج، بأر على اللمسات األسلوبية التيالسينمائية، ون في بنيته مواطنتطبع معظم أفالم هذا الم

، لم Titanic: واستطعنا أن نقتنع في آخر المطاف أن كمرون لم يخرج هذا الفيلم المسمى ! يصور فيلما، بل كتب قصيدة سينمائية

فال ضمن خريطته المنهجية؛ التفكيكيةمغزى إدراج إجرائية هذا البحث عن كذلك أبانتالتأويلي، ومن تعاليه عن سلوك المفهمة )Jacques Derrida( دريداضير، كم أفدنا من تطرف

فعل تأطير اللقطة، وفي الوقوف على فهم الخصوصية السينمائية التي يتشبع بها في ..مستوياته التدليلية، والفلسفية

لبينة في تحليل لقطة اليد من المدونة السينمائية لهذا فهل ننكر لتفكيكية دريدا نجاعتها ا .البحث تحليال نرجو أن يجد صداه عند المتلقي العام، والخاص على حد سواء ؟

قد عمقت التي تشكل طرفا رسميا من بنية المقاربة، فال محالة السيميائيات البيرسيةأما وعبطريقة التدليل التي ينهض عليهانا ي وكشفت عن طبقاته اللغوية، السينما، خطاب

األنموذج، –فهل لنا أن نستخلص مما تمخض عن قراءتنا في سينمائية الفيلم ..والبنيوية، )Objet(سيرورة السيميوزيس، وأقطابها، فنعتبر الواقعة التاريخية لغرق الباخرة موضوعا

، وأسلوب استخدامها مؤوالت )Représentamen(ال والحامل الفيلمي، أي ترسانة التقنيات ماثو)Interprétant( تأويل ورؤى كمرون اإلخراجية، والثقافية أسس ،)Fondement de

l’interprétant( ؟. ما الذي يجعل من رسالة ما المعيار الحقيقي الذي يفاضل به المشاهد بين فيلم، وآخر؟، و

.ي جهة تتأتى سينمائية الفيلم ؟من أ ، وفيلمية عمال فنيا ؟وإذن، هل أجاب البحث فعال عن هذه األسئلة ؟، أو على األقل، هل استطاع أن يستغرق

.الفضاء التقعيدي الذي تفجره هذه األسئلة ؟

Page 420: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

خاتمة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

420

الذي سيبقى المنظرون، والدارسون، والنقاد، والمتتبعون األبديذلك هو السؤال .أبديتهمن يقتاتون .. العاديون

.نجز هذا البحث بحول اهللا، وإذنه .السينمائية العربية ؟ما أحوال : وليس له أن يتم إال بهذا السؤال

Page 421: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

421

معجم البحث

Page 422: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

422

معجم البحث Créativité (La)) الـ( إبداعية

وتمتلك القدرة على التمظهر في شتى أنواع الفنون، وأنماط كليهما، ، واألدبيةسمة تتجاوز الشعرية .اإلبداع

Invention radicale اختالق /يإبداع جذرأقل طرافة –أو بتقدير آخر . في عملية بناء الخطاب "الالشيء"، واالنطالق من "عدم"هو اإلبداع من

مادة الخام، ، ويشتغل مباشرة على ال)الثقافي المتداول(المرسل النموذج اإلدراكي " يتجاوز"هو أن – .بحيث يحولها إلى مدرك مانحا إياه شكال، وتعبيرا

Trace أثر تسمية أطلقها دريدا على الكتابة مؤداها أن النص ليس سوى شكل تخطيطي، أو تسويد محروف ال

.)Gramme - وحدة نحوية (. منطق اإلحالة، والتمفصل العالماتيل يخضع

ك أثرالـ(متحر( Œuvre (L’) en mouvement بنية دينامية، ال تنفتح، وال تنغلق، متنامية الشكل بحيث ال تقبل التفسير التام، والنهائي، وال أي نوع من

.، والتصنيفيةالفهرسة

Différance إرجاء / إخالف، ومؤجلة الداللة تأجيال فالنص نسخة مؤقتة. تأجيل المعنى، وتأبيد إمكانية الظفر به قراءة، وإنتاجا

ت دونما انقطاعبؤرة تخليف للمدلوال النهائيا، والعالمة محض.

Littérarité (La)) الـ(أدبية ق أن موضوع لالخصوصية األدبية لألدب، من منط مصطلح يستغرق كل بحث يسعى إلى مكاشفة

.من عمل ما عمال أدبياالدراسة األدبية ليس هو األدب، وإنما األدبية؛ أي ما يجعل

Fondement du représentamen أساس الماثول .زاوية نظر الشخص المؤول إلى موضوع العالمة

Autonomieاستقاللية -العالقة، أي؛ يؤسس لنظام من العالقات الداخلية الصرف في بناء األثر األدبيمفهوم يفترض غياب

الفني، مما يكرس لمنطق النسقية المغلقة، والقطيعة المطلقة بين األثر، وبين مختلف مجاالت اإلبداع .األخرى

Page 423: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

423

Stylistique/ Stylisticsأسلوبيات )/الـ(أسلوبية الفني، تتقصى بؤر األسلوب على أصعدة مختلفة -الدراسة العلمية في الجانب التحييني للخطاب األدبي

..منه؛ صوتية، معجمية، تركيبية، داللية

structurale Stylistique (La)) الـ(أسلوبية بنيوية .لوبية للظاهرة األدبية داخل بنية النص ذاتهدراسة الوقائع األس

Stylistique Impressionniste (La) )الـ(أسلوبية تأثيرية ، يعتبر األسلوب مقولة جمالية يمكن سبر تجلياتها في مختلف "شارل بالي"اتجاه أسلوبي، أسس له

.اهر الحياةأشكال الفنون، وأنماط الكالم، وظو

Ratio facilis مقيدة / إنشائية مسالمة؛ أي مألوفة "مسالمة"هي أن يحاكي الخطاب، أو المنتج اإلبداعي، مرجعا مباشرا، أو نمطا قبليا بكيفية

وب يكتفي بإعادة إنتاج خصائص ذلك النمط من حيث التعالق بين شكل التعبير، ومادة المحتوى، وبأسل .المرجعي عبر الوسيلة المادية التي تحكمه، فيكون، بذلك، محض تصنع بسيط

Ratio difficilis منطلقة / إنشائية مفارقة ،)النسق(قبلي في نسج العالئق بين التعبير ال ينطلق، بمقتضاها، العمل اإلبداعي من أي نموذج

ويقبل الفهم رغم كونه للواقع الخارجي، ابينهما، ومفارق اجديد اتعالق يبنيوإنما ،)المرجع(والمحتوى .الثقافي للمتلقي وغير مفقوهة في السجل ،في اإلحالة يعتمد كيفية فريدة

Synchronie تزامنية /آنيةمستوى من المدارسة، غائي، نسقي، يعنى بتحليل الظواهر في ذاتها، بمعزل عن سياقات التطور،

.ومالبسات التمرحل

Dissémination انشطار / بعثرةمبعثرة، في كل كتلة " نصية"بموجبها مجرد شظايا نسق، وكتل )الكتابة(" النص"خاصية تفكيكية يكون

..يمكن استشفاف نص، أو نسخة نصية مختلفة

Structure signifianteبنية دالة الفني، وهي ما -العمل األدبي) في(ارجي، وبين العناصر الداخلية لـ بين الواقع الخ جمواطن التواش

.شكليا، وفكريا وفي اتجاه تحكمه رؤيا معينة إزاء العالم –فيه –يتفاعل

Structuralisme génétique (Le) )الـ(بنيوية تكوينية

Page 424: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

424

غولدمان . ل(اده أحد اتجاهات البنيوية، سعى روL. Goldman( ،إلى ربط بنية اإلبداع ببنية مجتمعهتاريخي -فضال عن مراجعة تزمت الشكالنيين، وبعض البنيويين األوائل، حيال السياق السوسيو

لإلنتاج األدبي- الفني.

Inscription تسطير / تثبيت كتابي كن من مسك المعنى فبل انفالته من لحظية الواقعة - لكالم )تيبوغرافي(تحيينمالخطاب ي

. الكالمية، ويحفظه في هيئة سجل ثقافي محمل بالواقع البشري

Surdétermination تحديد زائد في مدونة جاكوبسون المصطلحية، مع أنه يختص بوصف " الوظيفة الشعرية"اصطالح أسلوبي لمفهوم

النص أكثر من وصف الخطاب األدبي قال عن النص الذي طغت فيه سمة أسلوبية ما إنه نصحيث ي ، .محدد تحديدا زائدا

Intercalage/ Intercalation حايثت /تخاللمتخلال - أن يكون النسق األدبي ثا(الفنيحايبأجناس أدبية، وأنواع فنية أخرى، أو يكون متخلال ) م

.)فنية(، في شكل مالمح، أو تمظهرات جزئية، ألنساق مغايرة غير أدبية )محايثا(

Cinématiser (Cinématisation) تسنيم؛ يراد بها التشديد على نسق الفيلم، أو على مقطع من مقاطعه، " سينما "صيغة تفعيل مشتقة من كلمة

هو فالغرض من التسنيم . يكثف من خصوصيته السينمائيةأو على تقنية من تقنيات إخراجه، تشديدا السمو بالنسق الفيلمي إلى أعلى درجات التدليل السينمائي المحض، من دون سندية مباشرة إلى أي

. جنس فني آخر

Diachronie تطورية / تاريخية/ تعاقبيةقات التطورية للظواهر، ويسمح باستظهار آثار مستوى من المدارسة، تاريخي، يعنى بمكاشفة السيا

.التغير من مرحلة إلى أخرى

Interaction systématico- référentielle مرجعي -تفاعل نسق .تداخل استراتيجي بين بنية النص، ومراجعه؛ وهو عامل من عوامل صناعة شعرية الخطاب

Filmage تفليم .)الفيلم الملفوف(يعتمد آليات اإلخراج السينمائي، وشريط التصوير . فعل تصوير الفيلم

Esthétique philosophique فلسفية جمالية

Page 425: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

425

ع الشعرية في كثير من المنطلقات المنهجية، والغايات التأسيسية؛ على سبيل االنطالق من بنية تشترك م .األثر بغية استشراف معايير التذوق، واستنباط األحكام الجمالية

Fausse esthétique جمالية مزيفة .للمنتج الفني، بعيد عن العمق الفكري، والتدبر التقعيدي) تعليمي(ني تحديد تقني

Trucage ) حيلة( سينمائية خدعة )لينعلى الممث(يستعصى حل تقني يلجأ إليه المخرجون السينمائيون بغية تصوير المشاهد التي

يتطلب احترافية عالية في هندسة الوهم، ومخادعة البصر، ألنه يستحضر الالواقعي بالواقعية .تجسيدها .)جسديا(، وليس موت الممثل )سينمائيا(الموت، مثال، هو موت الشخصية : )السينمائية(التصويرية

Trucage Cinématographique )ياتية(ة سينمائي/ خدعة فيلميةخدعة تنخرط في نسق التفليم، إذ يتم إنتاجها عبر آلة الكاميرا؛ إما لحظة التصوير، وإما بعده على

لذلك فهي امتياز سينمائي صرف، وأسلوب إيهامي نسقي، يصعب على . صعيد الشريط في المخبر .السينمائيالمتفرج فضحه، ويحافظ، من ثم، على أصالة التعبير

Trucage pro-filmique فيلمية -خدعة قبلفهي بمثابة تزييف طفيف، أو كلي يمارسه . نجز قبل تشغيل الكاميراالتي تت" السينمائية"نمط من الخدع

إنما هي خدع السينمائية . الكاميراالمخرج قبل التصوير على الحدث، بأشيائه وشخوصه، الماثل أمام . تتم بأسلوب مرجعي يحظر خارج بنية الفيلم على شاكلة التمويه الذي تعرفه خشبة المسرح

Spécificité )النوعية(خصوصية الدرس الشعرياتي، وسمة في الخطاب األدبي ال مظهر آخر من مظاهر األدبية، وهدف من أهداف

، بل تجعل منه وسطا نسقيا مفتوحا؛ يتعايش فيه األدبي بالالأدبي، "استقالليته"تقتضي بالضرورة .واألصيل بالدخيل

Discoursخطاب مانسق م ق؛ أي منخرط في سياق تداولييأسمى من الجملة، والنص، وال يتكشف إال عبر سلسلة . س

.من الملفوظات المشروطة بوضعية اجتماعية، أو إيديولوجية معينة

Zoom تصوير بؤري / زومتحرك اللقطة من داخل آلة الكاميرا على نحو تبئيري مزدوج؛ فإما أن . ر ترتبط بالعدسةتقنية تصوي

يكون التبئير قصيرا، فيقرب األشياء الرابضة في خلفية اللقطة، ويضاعف أحجامها بوضعها في

Page 426: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

426

د الخلفي في الصعي ، وإما أن يكون طويال، فيبعدها، ويضببها)Zoom avant -زوم أمامي( المقدمة .)Zoom arrière -زوم ورائي(للمشهد

Sémiotique/ Sémiologie (La) ) الـ(سيميولوجيا / سيميائيات .الدراسة الشاملة للعالمات، ولمختلف األنظمة الدالة

Sémiosis سيميوزيسالتأويل التي األشياء، واألشخاص بوجهات نظرهم، وروابط سيرورة تدليلية مصغرة عن العالم؛ تشمل

: حركة، أو أثرا يتضمن تشاركا بين ثالثة حدود )Ch. S. Peirce(ويعني بها بيرس . تصل فيما بينها .حركات ثنائيةألثر الثالثي االختزال في العالمة، وموضوعها، ومؤولتها بحيث ال يقبل هذا ا

Cinéma سينماكما أنها مفطورة على . هي أداة تسمح بتسجيل صور متحركة، ثم عرضها، وهي فن إخراج األفالم

.، والمبالغة بغية لفت االنتباه إلى الذاتعمنزع التصن

Cinématographicité (La) )الـ(سينمائية وهو ما يتحقق من خالل بروز المستويات النسقية . االشتغال السينمائي المحض لخطاب السينما

يعني سبر )ياتية(والقول بالمقاربة السينمائية . لمةفي بنية الفيلم، وتواري حموالته المؤف )الفيلمية(الخصوصية السينمائية، وكشف وجهها السيميائي، ونشاطها الجمالي من دون عزلها عن األجناس

.اإلبداعية المجاورة، والمتاخمة

Cinéma- vérité )الحقيقة(الواقع - سينماالتي )النقل الحي(هذا المصطلح لنعت األفالم التسجيلية، وأفالم البث المباشر )U. Eco(إيكو . ترح أيق

تستأنس بالوازع السينمائي في استخدام الكاميرا، وتوظيف تقنيات التفليم توظيفا يكاد يوازن بين .التوصيلية، وبين جمالية البناء

Cinéma du non montage متصلة / سينما الالمونتاجينتهج الوصل بين مشاهد الفيلم، ويؤسس لجمالية .أسلوب السينما الحديثة في تصوير األفالم، وإخراجها

فهو أسلوب يتحاشى استخدام القطع بوصفه .االمتداد الزمكني لظواهرية العالم بين مقاطع التصوير .رمي إلى مجرد إنتاج التفاصيل إلعادة ترتيبها بالمونتاج ليس إالتجزئة قبلية ت

Cinéma muet بكماء / سينما صامتةلكن غياب . إذ فرض عليها ذلك في أولى مراحل اختراعها. سينما بغير شريط الصوت، والكالم

ناطقة من حيث كثافة التشفير " الصامتة"؛ إنما كانت السينما )النطق اللغوي(ني غياب اللغة ال يع" الكالم"

Page 427: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

427

صائتة -بنحو ما –ثم إن هذه السينما كانت . الخالص )السينمائي(التقني، وقصدية التعبير البصري )Sonore(تعتمد صوت الموسيقى ، "ة العرض لتغطية ضجيج آالت العرض، "الخارجيالقادم من منص ،

كات المخرجينوصالة الجمهور، وتحر ..

Cinéma parlant/ Dialogué حوارية/ سينما متكلمةوالحق . م1927يتها منذ عام وقد ذاع ص. هي سينما الكالم الذي غدا جمهورها يتلقاه من أفواه الممثلين

الذي نراه غير مستوف لفحوى اشتغالها؛ فيمكن للفيلم أن يكون " السينما الناطقة"إنها عرفت باسم .لغوية -، ولكن صامتا من حيث ضحالة بالغته التصويرية، وفقر آلياته التقنو)لسانيا(متكلما -ناطقا

Poétique (La) )الـ(شعرية يحيل إلى كل نظرية نسقية تعنى بالعالقات الداخلية لألثر األدبي مصطلح- وتختلف مفاهيم . الفني

الشعرية باختالف المنظرين، ونزعاتهم، وانتماءاتهم النقدية، كما تتباين إجرائيا من مبدع آلخر، ومن .خرجنس فني آل

Poétique expliciteشعرية تصريحية المسلك تتأسس على مبدأ البحث المباشر في جمالية األثر الفني المفضوحة، أي؛ المحصورة في

.)المتلقي(االتصالي، وتداعياته على المستهلك

Poétique particulière شعرية خاصةوسيطا لغويا له على نحو آني، هي ما يختص بالبحث في توصيف األدب الذي يتخذ من اللسان

.ومنوط بمقوالت الشعرية، واعتباراتها اإلجرائية

Poétique impliciteشعرية ضمنية ، وتنهض على مدارسة بنية االستهالك؛ أي تتجلى في مبدأ الربط بين األثر الفني، وخصائص تلقيه

.الكيفية التي نستهلك وفقها أثرا، ونتذوقه Poétique générale شعرية عامة

ر في مقاربة األعمال األدبية، بل يتجاوزه إلى البحث في المالمح المشتركة بين جميع هي ما ال ينحص .المواضيع الفنية، أو الطبيعية

Meta- poétique (La) )الـ(شعرية واصفة مها المتباينة من منظر آلخر في خطاب نقدي شارح يقوم على توصيف مقولة الشعرية، وسبر مفاهي

.اتجاه إبستمولوجي يتغي التأسيس لطرح مستحدث، وموحد

Page 428: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

428

Formalisme (Les) russes الروسية) الـ(شكالنية ، )بنيته(له يرون قيمة األثر األدبي في شك )لينينغراد، وموسكو(مدرسة نقدية أنشأها باحثون روس

ما مفاهيم مستحدثة تتمحور حول محك العالقات بين مادة األثر، وبنائه، و" الشكل"بحيث نحتوا لمقولة ".المنهج"انفكوا يرفضون تسمية رؤاهم، ومطارحاتهم بـ

Forme signifianteعاني / شكل داليتمظهر في األعمال . مادي نحو الداللة؛ مستوى محسوس أشبه ما يكون في اشتغاله بالبنيةهو المعبر ال

اإلبداعية تمظهرا سيميائيا، وينم عن قصدية محسومة، تميز بينه، وبين األشكال االعتباطية، وتخول له . أن يكون الخصيصة الوحيدة المشتركة بين الفنون البصرية كافة

Translinguistiqueلساني - عبر راجع خارجية شتى، وتخترقه حموالت ثقافية، وفكرية، وتاريخية متباينة، حيث تتمه مربتع يوسط نص

تبليغي ،مختلف الملفوظات ، وبينفيه إعادة توزيع نظام اللغة من خالل الربط بين كالم تواصلي .السابقة، واآلنية

Profondeur du champ عمق المجال تسمح بإزاحة المونتاج، والتقليل . في بناء مشاهد الفيلم )السينما الحديثة(آلية من آليات سينما الالمونتاج

تسهم في إنتاج سردية المشهد على عاتق ما يمكن أن يستخلص من من حضوره في بنية التصوير، كما لكنها آلية كثيرا ما تمسرح الفيلم على حساب . عالقات تنشأ بين اللقطة األولى، والثانية، والخلفية

.األصالة السينمائية

Photographicité (La)) الـ) (ياتية(فوتوغرافية تلك التي تنجم عن اشتغال فوتوغرافي محض لخطاب الفوتوغرافيا؛ أي . السمة الفوتوغرافية الخالصة

.نظام آلة التصوير الفوتوغرافي: التي تنحدر من جنس النظام

Filmologie فيلمولوجيامعتبرا إياها إنجازا ذا أبعاد بسيكولوجية، وسوسيولوجية، اتجاه نقدي يتناول السينما من خارجها،

وهو، من ثم، يكرس لمقاربة األفالم من حيث الحمولة . وفيزيولوجية، وكذا جمالية في أندر األحيان .الموضوعاتية؛ أي من منظور األفلمة، ال الفيلمية

مية فيل/ فيلمي Filmique وهو الموقع الذي .. مونتاج، حركات الكاميرا، كادراج، زوم: نسق الفيلم، ودالالته، وعناصره الذاتية

.)السينمائية(تنطلق منه الدراسة السينمائية، وتتحين عبره الخصوصية السينمائية

Page 429: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

429

Découpage تقطيع / قطعفلوال القطع ما تسنى للمخرج أن يركب بين . وجه ثان لتقنية المونتاج، وعنصر قبلي متضمن فيها

ي، بحيث تكون طريقة الوصل بين لذا فهو يعد المادة األولية في العمل السينمائ. اللقطات، ويبني فيلما .قطع التصوير المنطلق األساس في إنتاج أسلوب مونتاجي ما ينبني عليه الفيلم

Cadre إطار / كادرللصورة، إذ يتسم بالثبات، )يائيةالفيز(شكل هندسي ذو أربع حواف، يرتبط مفهومه بالحدود الحسية

حيال محتواها البصري والحياد السيميائي.

Cadrage تأطير / كادراج؛ إطار متحرك ليس له حواف حسية ثابتة، يعين )اللقطة(هو من إحدى خصائص الصورة السينمائية

ئيا ديناميا يرتبط أساسا بالمشهد، والصورة، واألشخاص، واألشياء التي تمأله، وينبني على فضاء مر .إذ يتصل مدلول ما يكشفه بما يحجبه: جدلية اإلقصاء، واإلنشاء، التغييب، واالستحضار

Plan لقطة أما تقنيا، هي الوحدة الفيلمية الصغرى في أبجدية السينما، الجزء من الشريط الذي يصور بين لحظة

- وأما فنيا، فهي كيان دينامي، فوق. تشغيل الكاميرا، ولحظة إيقافها التالية مهما كان مضمونهعلى فوتوغرافي، يصنعه كل من القطع، واللصق، والتأطير، ما يجعله ي ج جزءا من الحركة، فيسمويس

. الحس األيقوني، والفوتوغرافيا الموزعة حتما على مساحات اللقطة

Plan- séquence لقطة مشهدية / )الـ(مشهد - لقطةالمشهد أن يستغرق التقاط –فمن خصائص اللقطة. مجموعة لقطات متصلة التصوير في لقطة واحدة

صورة مستديم زمنا طويال نسبيا بمعية تحركات مركبة لشخصيات مؤفلمة، تصاحبها حركات الكادر . الحسية، والمرئية

Representamen مستحضر / ماثولالتي )األربعة(وهو أحد المستويات الثالثة . لمادي الذي يستحضر العالمةهو العالمة، أو الحامل ا

. الموضوع، والمؤولة، والشخص المؤول، وأساس الماثول: يعزوها بيرس إلى نسق العالمة

Axe paradigmatique/ associatif (sélectif) )انتقائي(ترابطي /محور استبداليينماز باالفتراضية، –من ثمة –وهو . الكامنة في الذهنية بين وحدات اللغة محور العالقات الغياب

.تركيبي -)فوق(واالنتقائية، ويتمتع بوجود قبلي، وتجريدي، أي؛ قبل

Axe syntagmatique/ (combinatoire)) تنسيقي(تركيبي / محور ركني

Page 430: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

430

ينهض على عدد . ن أو أكثر محينتين فعليا في السلسلة الكالميةمحور العالقات الحضورية بين وحدتي .النحوي بين المفردات )التجاور(محسوب من احتماالت التمفصل الجملي، واالرتكان

Signifié transcendantalمدلول متعالي الذي المدلول النهائي"ون " عتقديبينما يرفض التفكيكي ،دريدا . ج(بوجوده في النصJ. Derrida( أصل

.وجوده، ويؤكدون على غيابه المطلق الذي يفتح على الدوام لعبة التدليل

Objet موضوع تلك مقومات العالمة ميإذ . في دارة العالمة البيرسية )الممثل(المستحضر )ءالشي(هو بمثابة المرجع

.ذاتها

Montageمونتاج لقطة، وأخرى داللي بين - وهي الربط التقنو. التقنية الرئيسة، والمحورية التي تنشأ منها لغة السينما

أي؛ هي خلق معنى ال تحويه الصور موضوعيا، وإنما ينتج من . في المتوالية التصويرية للفيلميكون المونتاج جماليا حين يكون الربط استراتيجيا ال يراعي التجاور (. ارتباطها، وعالقاتها فحسب

.)حرفيا، ومبررا منطقياحين يكون الربط مرجعيا - المنطقي بين اللقطات، ويكون تسجيليا

Filmé أفلمة / مؤفلمإنه الوافد من .مضمون الفيلم، وحضوره الالسينمائي الذي يمكن له التمظهر عبر وسط لغوي آخر

مسرح، موسيقى، نحت، رسم، سيكولوجيا، : سينمائية -جأجناس فنية، وأنماط تعبيرية خار . ، وعليه، فيمثل محور البحث في المقاربة الفيلمولوجية..سوسيولوجيا، فلسفة، إيديولوجيا

Interprétant )تعبير( تأويل/ مؤولةتختلف باختالف المؤولين، وتتعدد . حيال الشيء، أو موضوع العالمة وجهة نظر الشخص المؤول

فهي ما يحل محل المرجع أو الموضوع الذي تحيل إليه العالمة من . حسب زوايا النظر إلى الموضوع . جهة مخصوصة

Interprétant logique ultime مؤولة منطقية نهائية خانة تأويلية تحد من زحف التوالد ونقطة وقف تقترح على المؤول. قفل السيرورة التأويلية للعالمة

.اإلحالي الالنهائي الذي تمتاز به السيميوزيس

Théorie du cinéma نظرية السينما

Page 431: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

431

بحث يتعاطى مع الفيلم من منظور الفيلمية، ال األفلمة، ويعنى بدواخل بناءه السينمائي عناية هي كل لذا فهي تقوم أساسا على مدارسة الخصوصية السينمائية من منطلق أن موضوع الدراسة . فنية صريحة

.سينمائياالسينمائية ليس هو السينما، وإنما السينمائية؛ أي ما يجعل من فيلم ما عمال

Marquageوسم وهي السمات التي تتمظهر . للوظيفة الشعرية في النص آلية أسلوبية تسمح باكتشاف السمات المحققة

.في شكل انتشار خطابي ينتجها االشتغال اللغوي ال غير

Conscience possible وعي ممكنالوعي الذي يتخطى المستوى المتداول من الوعي الفعلي، باعتباره يستميز بالشمولية في نظرته لوضع

اته المجموعة االجتماعية، وسياق وجودها التاريخي، ويتسم بالتسامي على حسية الواقع، ومختلف قطاع .الراهنة

Conscience réelle )حاصل(وعي واقع هو عكس الوعي الممكن؛ ينماز بالعيانية، والوقوع، وبالتالي، فهو ينسحب على كل ما يحفل به

.المجتمع من تداعيات، ووقائع في شتى قطاعاته

Fonction d’interaction وظيفة التفاعل تداخل الوظائف اللغوية داخل بنية الخطاب، وتشابك القنوات، واألنظمة على نحو تبادلي موحد يسهم

.في تفتيق شعرية األثر بأكمله Fonction (La) Poétique )الـ(وظيفة شعرية

ةالخطاب الخارجية، ووظائفه الالنسقي ضعف مسالكالتشديد على الرسالة في ذاتها، ولذاتها تشديدا ي ، .وال يقصيها إقصاء كليا

Fonction (La) référentielle ) الـ(وظيفة مرجعية ، واالبتعاد به إلى خارج تراكيبه سياقاته االتصاليةنحو خطابلاإلحالة إلى خارج النسق، وتوجيه ا

.الداخلية، وبنيته النسقية

Hermétisme هرمسية مستشتق من هرHermèsد الوظائف، واالختصاصات، يرمز إلى المعرمتعد فة ، وهو إله إغريقي

لذلك فهي تستخدم في سياق اإلحالة إلى التعدد التأويلي، والتناسل الجزافي . الكلية، والتأويل الشامل . للمعنى، واإليحاء

Page 432: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

432

مكتبة البحث

Page 433: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

433

مكتبة البحث

المراجع العربية*

.1999، حلب، سوريا، 1خالد، في تأويل النقد األدبي االجتماعي، عبد المنعم، ناشرون، طأعرج -1

.1989، الدار البيضاء، المغرب، 1أوزرويل فاطمة، مفاهيم نقد الرواية بالمغرب، دار الفنك، ط -2

يائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها، منشورات الزمن، مطبعة النجاح الجديدة، دط، بنكراد سعيد، السيم -3

.2003الدار البيضاء، المغرب،

الزاوي حسين، الفلسفة الواصفة، مقاربة ألشكال التعبير في الخطاب الفلسفي المعاصر، اتحاد -4

. 2002، 1ة، ط، مركز الكتاب للنشر، مصر الجديدة، القاهر)5( الجمعيات الفلسفية العربية

، )األسلوبية واألسلوب(السد نور الدين، األسلوبية وتحليل الخطاب، دراسة في النقد العربي الحديث -5

. ، دار هومة للنشر والتوزيع، دط، دت، بوزريعة، الجزائر1ج

سيزا قاسم، نصر حامد أبو زيد، أنظمة العالمات في اللغة واألدب، والثقافة، مدخل إلى -6

.1986، القاهرة، مصر، -دط -يقا، دار إلياس العصرية، السيميوط

محمد عناني، الهيئة المصرية العامة : شبل الكومي محمد، النقد السينمائي من منظور أدبي، تقديم -7

.2003للكتاب، دط، القاهرة،

د الخلق الصبان منى، المونتاج الخالق ما بين القديم والحديث، دراسة في التطور التاريخي ألبعا -8

.المونتاجي، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، دط، القاهرة، دت

طاهر عبد المسلم، عبقرية الصورة والمكان، التعبير، التأويل، النقد، دار الشروق للنشر والتوزيع، -9

.، دت، األردن1ط

. 1988ونس، ، ت1الطرابلسي محمد الهادي، بحوث في النص األدبي، الدار العربية للكتاب، ط -10

Page 434: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

434

عبد اهللا إبراهيم، سعيد الغانمي، عواد علي، معرفة اآلخر؛ مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، -11

. 1996، الدار البيضاء، المغرب، 2: المركز الثقافي العربي، ط

ربية عبد الملك مرتاض، تجليات الحداثة، القراءة بين القيود النظرية وحرية التلقي، معهد اللغة الع -12

.1996، جامعة وهران، يونيو، 04: وآدابها، ع

عشراتي سليمان، الخطاب السياسي والخطاب اإلعالمي في الجزائر، مدارسة لسيمونتيك القول -13

.2003والفعل والحال، دار الغرب للنشر والتوزيع، دط،

.1998، دمشق، 1عصفور جابر، نظريات معاصرة، دار المدى للثقافة والنشر، ط -14

.1997، القاهرة، 1عطا اهللا محمود سامي، السينما وفنون التلفزيون، الدار المصرية اللبنانية، ط -15

العمري محمد، تحليل الخطاب الشعري، البنية الصوتية في الشعر، الكثافة، الفضاء التفاعل، الدار -16

. 1990، 1العالمية للكتاب، الدار البيضاء، المغرب، ط

ي مناهج تحليل الخطاب السردي، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دط، سلسلة عيالن عمر، ف -17

. 2008، دمشق، )2(الدراسات

، أربد، األردن، 1انتصار، سينما الخيال العلمي اآلن، دار الكندي للنشر والتوزيع، طالغريب -18

1996.

.1990، بيروت، لبنان، 1طفاخوري عادل، تيارات في السيمياء، دار الطليعة للطباعة والنشر، -19

، المجلس الوطني 164: صالح، بالغة الخطاب وعلم النص، سلسلة عالم المعرفة، عفضل -20

.1992للثقافة والفنون واآلداب، الكويت، دط، أوت،

فضل صالح، علم األسلوب، مبادئه وإجراءاته، الندي األدبي الثقافي بجدة، الطبعة الثالثة مزيدة -21

.1988، أبريل، 02ملكة العربية السعودية، ومنقحة، الم

. 1998، القاهرة، بيروت، 1فضل صالح، نظرية البنائية في النقد األدبي، دار الشروق، ط -22

Page 435: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

435

، مركز الكتاب للنشر، القاهرة، 1قاري محمد، سيميائية المعرفة المنطقية، منهج وتطبيقه، ط -23

. 2002مصر،

لسينمائي وصلته بالثقافة والفنون، دار اليقظة للتأليف والترجمة والنشر، إبراهيم، العالم االكيالني -24

.دط، دت

.1993، الصفاة، الكويت، 4: المسدي عبد السالم، األسلوبية واألسلوب، دار سعاد الصباح، ط -25

. 1995المسدي عبد السالم، قضية البنيوية، دراسة ونماذج، دار الجنوب للنشر، دط، تونس، -26

مصلوح سعد، مشكل العالقة بين البالغة العربية واألسلوبيات اللسانية، كتاب النادي األدبي -27

. 1990، جدة، السعودية، 59: الثقافي، ع

، النزهة الجديدة، القاهرة، 1منير حجاب محمد، المعجم اإلعالمي، دار الفجر للنشر والتوزيع، ط -28

2004 .

، الساحة 2لفلسفي المعاصر، ديوان المطبوعات الجامعية، طعمر، البنيوية في الفكر امهيبل -29

. 1993المركزية، بن عكنون، الجزائر،

أحمد، السيميائيات الواصفة، المنطق السيميائي وجبر العالمات، منشورات االختالف، يوسف -30

.2005، بيروت لبنان، 1المركز الثقافي العربي، الدار العربية للعلوم، ط

، معهد اللغة 4، شعرية الغياب وجمالية الفراغ الباني، مجلة تجليات الحداثة، ع يوسف أحمد -31

. 1996العربية وآدابها، جامعة وهران، يونيو،

Page 436: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

436

مترجمةالمصادر ال*

أرسطوطاليس، فن الشعر، مع الترجمة العربية القديمة وشروح الفرابي وابن سينا وابن رشد، -1

دط، قق نصوصه عبد الرحمن بدوي، تصدير عام، دار الثقافة، ترجمه عن اليونانية وشرحه وح

.1973بيروت، لبنان،

المراجع المترجمة*

سعد الدين توفيق، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، : آرثر نايت، قصة السينما في العالم، تر -1

.1967دط،

ل مرسي، مؤسسة كامل مهدي صالح التهامي، مر، أحمد كام: أرنست لندنجرن، فن الفيلم، تر -2

.1959للطباعة والنشر، القاهرة،

، 1سعيد بن كراد، المركز الثقافي العربي، ط: أمبرتو إيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، تر -3

.2000الدار البيضاء، المغرب،

س، مراجعة وتقديم ريمون فرنسي: ، تر2أندري بازان، ما هي السينما، السينما والفنون األخرى، ج -4

القاهرة، دط، أحمد بدرخان، مكتبة األنجلو المصرية باالشتراك مع مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر،

.1968نيويورك،

أحمد بدرخان، : ريمون فرنسيس، مر: ، نشأة السينما ولغتها، تر1أندريه بازان، ما هي السينما، ج -5

سة فرانكلين للطباعة والنشر، دط، القاهرة، نيويورك، مكتبة األنجلو المصرية باالشتراك مع مؤس

. 1968ديسمبر،

. 2000، بيروت، لبنان، 2محمد نظيف، إفريقيا الشرق، ط : برنار توسان، ما هي السيميولوجيا، تر -6

Page 437: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

437

فؤاد كامل، دار الشؤون الثقافية العامة، دط، : بوبنر روديجر، الفلسفة األلمانية الحديثة، تر -7

. 1987، العراق

سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي، : بول ريكور، نظرية التأويل، الخطاب وفائض المعنى، تر -8

.2003، الدار البيضاء، المغرب، 1ط

أسامة الحاج، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات : زيما، التفكيكية، دراسة نقدية، تر. بيير، ف -9

.2006نان، ، بيروت، لب2والنشر والتوزيع، ط

، مارك أنجينو، في أصول الخطاب النقدي ]إكو[ تزفتان تودوروف، روالن بارث، أمبرتو إكسو -10

. 1987، 1أحمد المديني، دار الشروق الثقافية العامة، آفاق عربية، ط : الجديد، تر

، 1، طشكري المبخوث و رجاء بن سالمة، دار توبقال للنشر: تزفيطان طودوروف، الشعرية، تر -11

1987 .

، المملكة العربية السعودية، النادي 1منذر عياشي، ط. د: تزيفيتان تودوروف، مفهوم األدب، تر -12

.الثقافي بجدة، دت

، 8: الحسين سحبان، وفؤاد صفا، مجلة آفاق، ع: تزيفيتان تودوروف، مقوالت السرد األدبي، تر -13

.1988، دط، 9

إبراهيم الخطيب، : هج الشكلي، نصوص الشكالنيين الروس، ترتزيفيتان تودوروف، نظرية المن -14

.1982، لبنان، المغرب، 1مؤسسة األبحاث العربية، الشركة المغربية للناشرين المتحدين، ط

–أنطون حمصي، منشورات وزارة الثقافة : جاك أومون، ميشال ماري، تحليل األفالم، تر -15

. 1999المؤسسة العامة للسينما، دط، دمشق،

رشيد بن مالك، مجلة تجليات الحداثة، : نظرية لتحليل الخطاب، تر. جان كلود جيرو، السيميائية -16

. 1996، جامعة السانية، وهران، الجزائر، يونيو، 4: معهد اللغة العربية وآدابها، ع

Page 438: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

438

. 1999دط، إبراهيم قنديل، المجلس األعلى للثقافة،: جورج سادول، تاريخ السينما العالمية، تر -17

، 1بسام بركة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط: جورج مولينيه، األسلوبية، تر -18

. 1999بيروت، لبنان،

، 2:عبد الجليل ناظم، دار توبقال للنشر، ط: فريد الزاهي، مر: جوليا كريسطيفا، علم النص، تر -19

.1997الدار البيضاء، المغرب،

غسان السيد، : ريي، تزيفتان تودوروف من الشكالنية الروسية إلى أخالقيات التاريخ، ترجون في -20

، 2002، الجمعية التعاونية للطباعة، سوريا، 1أسامة السيد، ط: مر

: جي أنبال باالشتراك مع ألن، وأوديت غيرمو، المدارس الجمالية الكبرى في السينما العالمية، تر -21

. 2000س األعلى للثقافة، دط، مي التلمساني، المجل

فيفي فريد، مركز اللغات والترجمة : شحات صادق، مر: دومينيك قيالن، الكادراج السينمائي، تر -22

.أكاديمية الفنون، دط، دت –

، 1سعيد الغانمي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط: وبرت شولز، السيمياء والتأويل، تر -23

. 1994بيروت، لبنان،

برلنتي منصور، المؤسسة المصرية للتأليف والترجمة : روجر مانفل، الفيلم والجمهور، تر -24

.والطباعة والنشر، دط، دت

، دار تينمل للطباعة والنشر، 1عبد الرحيم زحل، ط: روالن بارث، المغامرة السيميولوجية، تر -25

.1993المغرب، مراكش،

غسان السيد، دار نينوى للدراسات : وية إلى الشعرية، ترروالن بارث، جيرار جينيت، من البني -26

. 2001، سوريا، دمشق، 1والنشر والتوزيع، ط

Page 439: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

439

محمد البكري، دار الشؤون الثقافية العامة، دط، بغداد، : روالن بارث، مبادئ في علم الداللة، تر -27

1986 .

إبراهيم فتحي، دار الفرابي، :سهيل جبرا، مر: إيزنشتاين، اإلحساس السينمائي، تر. م. سيرجي -28

.1975دط، بيروت، آذار،

. 1957، 1صالح التهامي، دار الفكر، ط: فسيفولود بودوفكين، الفن السينمائي، تر -29

، بيروت، )يناير(، كانون الثاني 1فايزكم نقش، منشورات عويدات، ط: لو دوكا، تقنية السينما، تر -30

.1972لبنان،

، 1مصطفى المسناوي، دار الحداثة، ط: المنهجية في علم االجتماع األدبي، ترلوسيان غولدمان، -31

.1981بيروت، لبنان،

ثائر ديب، وزارة الثقافة، : ليونارد جاكسون، بؤس البنيوية، األدب والنظرية البنيوية، تر -34

.2001سوريا،

ودو، منشورات االختالف، أبو العيد د: غادامير، تر: مارتن هايدغر، أصل العمل الفني، تقديم -35

. 2001، الجزائر العاصمة، 1:ط

حميد : مارسيلو داسكال، االتجاهات السيميولوجية المعاصرة، سلسلة البحث السيميائي، تر -36

لحمداني، محمد العمري، عبد الرحمن طنكول، محمد الولي، مبارك حنون، دار إفريقيا الشرق، دط،

. 1987الدار البيضاء، المغرب،

، بيروت، 1عدنان مدانات، دار الفرابي، ط: ميخائيل روم، أحاديث حول اإلخراج السينمائي، تر -37

. 1981لبنان،

، 1سالم يفوت، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط: ميشال فوكو، حفريات المعرفة، تر -38

1986.

Page 440: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

440

رخان، الهيئة المصرية العامة أحمد بد: حليم طوسون، مر: ميشيل وين، حرفيات السينما، تر -39

. 1970للتأليف والنشر، الجمهورية العربية المتحدة، وزارة الثقافة،

جبرا : فخري خليل، مر: ناثان نوبلر، حوار الرؤية، مدخل إلى تذوق الفن والتجربة الجمالية، تر -40

. 1992، بيروت، 1إبراهيم جبرا، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط

، دار الفكر 2إحسان عباس، محمد يوسف نجم، ج: هايمن، س، النقد األدبي ومدارسه الحديثة، تر -41

.العربي، القاهرة، دت

، بيروت، 1إبراهيم لعريس، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط: هنري آجيل، علم جمال السينما، تر -42

1980 .

: نبيل الدبس، مر: إلى سيميائية الفيلم، تر يوري لوتمان، قضايا علم الجمال السينمائي، مدخل -43

. 1989، دمشق، سوريا، 1قيس الزبيدي، النادي السينمائي، ط

المجالت اإللكترونية*

سعيد بن كراد، مجلة عالمات، ع : ، آليات الكتابة، تر" اسم الوردة "أمبيرتو إكو، حاشية على -1

[email protected]:، الموقع اإللكتروني 2004، 15:

، 10: محمد العماري، مجلة عالمات، ع: أمبيرتو إيكو، مالحظات حول سيميائية التلقي، تر -2

[email protected] :الموقع اإللكتروني. 1998مكناس، المغرب،

، 12:ق التحليل، مجلة؛ عالمات، عمحمد، الشعري في الروائي، مستويات التجلي وطرائأودادا -3

.s- [email protected]: ، الموقع االلكتروني1999

الموقع ،9 :أحمد، الشكالنيون الروس و النقد المغربي الحديث، مجلة فكر و نقد، عبوحسن -4

.http : // aljabriabed.com:اإللكتروني

Page 441: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

441

، 1998، إبريل، 14: مجلة؛ نزوى، ع. لرحمان، مع أومبيرتو إيكو، تقديم وترجمةبوعلي عبد ا -5

. nizwa 99 @ omantel. Net. Com: الموقع اإللكتروني

، الموقع 3: نعيمة بنعبد العالي، فكر ونقد، ع: تزيفيتان تودوروف، األدب والفانتاستيك، تر -6

. http: //aljabriabed.com: االلكتروني

، الموقع 2000، يولو 23: دياب محمد، جاك ديريدا ومغامرة االختالف، مجلة نزوى، عحافظ -7

.www.nizwa.com: اإللكتروني

محمد، بركانية النص وأتون المعنى، بختي بن عودة قارئا لجاك دريدا، مجلة فكر شوقي الزين -8

.http : // aljabriabed.com: لكتروني، الموقع اإل25: ونقد، ع

الموقع 9:القاسمي محمد، الشعرية اللسانية والشعرية األسلوبية، مجلة فكر ونقد، ع -9

. http : aljabriabed.com:اإللكتروني

: ، الموقع اإللكتروني22: القاسمي محمد، الشعرية الموضوعية والنقد األدبي، مجلة فكر ونقد، ع -10

http://aljabriabed.com .

http ، الموقع اإللكتروني؛ 47: القمري بشير، السينما والشعر، مقاربة عامة، فكر ونقد، ع -11

aljabriabed. Com.

: إسماعيل المصدق، مجلة فكر ونقد، ع: كالوس هيلد، األشياء والعالم، قراءة لفلسفة هايدجر، تر -12

. http: //aljabriabed. Com: الموقع اإللكتروني، 1

، 9: لكراري عبد الباسط، النمذجة وآفاق التنظير في الخطاب النقدي الحديث، مجلة فكر ونقد، ع -13

.www.aljabriabed.com: الموقع

قارورة نصف [ ، أو )والتطبيق في النقد المغربي النظرية(نقوري إدريس، البنيوية التكوينية -14

.http : aljabriabed.com: ، الموقع اإللكتروني06: ، فكر ونقد، ع]مألى نصف فارغة

Page 442: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

442

الولي محمد، ثالث لحظات في تاريخ الشعرية، أرسطو، وحازم، وجاكوبسون، مجلة عالمات، -15

[email protected]: ، الموقع اإللكتروني2000، 13: ع

المصادر األجنبية* 1- Aristote, Poétique, texte, traduction, notes par roselyne Dupont-Roc et Lallot, ed; Seuil,

1980.

2- Aristote, Rhétorique, traduction de Charles-Emile Ruelle revue par Patricia Vanhemelryck,

le livre de poche, 1991.

3- Bassam Barake. Dictionnaire de linguistique. Fran-AR. Faculté des lettres et des sciences

humaines. Université libanaise. Tripoli-liban.1er ed - janvier 1985.

4- Claude Dubois, Pluridictionnaire, Larousse, 17 rue du Montparnasse, Paris.

5- Jean Dubois, et autres, Dictionnaire de linguistique, Ed : Libraire larousse, Paris, VI.

6- Josette Rey- Debove, Dictionnaire du français, référence apprentissage, Cle international,

le robert, Paris X111.

7- Oswald Ducroit, Tzvetan Todorove, Dictionnaire Encyclopédique des sciences du langage,

Ed du seuil, 1972.

8- Pic Odej, Fabri, Encyclopédie du cinéma, Tout/ univers, tout l’univers, 1961, 1965,

Ed Milan, imprimé en France par Bordard Tampin Coulonnier, Paris.

9- Platon, République, traduction: Léon Robin et M. J. Moreau, ed: Gallimard, coll;"

Bibliothèque de la Pléade ", des Œuvres complétes de Platon, tome 1, 1950.

المراجع األجنبية* 1- Alain Masson, L’image et la parole, l’avènement du cinéma parlant, Ed ; E. L. A. La

différence, Paris, 1989.

2- Bally. Charles, Traité de stylistique française, Klincksiek, 3ém ed, Paris, 1951.

3- Charaudeau. P, Langage et discours, éléments de sémio- linguistique, Ed ; HACHETTE

(Frc), Paris, 1983.

4- Charles. S. Peirce, Ecrits sur le signe, Rassemblés, traduits et commentés par Gérard

Deledalle, L’ordre philosophique, Coll dirigée par Paul Ricœur et François Wahl, IX éd du

Seuil, Paris.

Page 443: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

443

5- Christian Metz, Essais sur la signification au cinéma, T2, 4em tirage, Ed: klincksieck,

1986.

6- Christine Lenteintureier, Dictionnaire multimédia, Presse, Radio, TV, Publicité, Ed ;

Eryelles, Paris, 1990.

7- David Fontaine, La poétique, Introduction à la théorie générale des formes littéraires, Ed

Nathan, Paris,1993,

8- Derrida. J, De la grammatologie, Ed ; Minuit, Paris, 1967.

9- Derrida. Jaques, Positions, Ed ; Minuit, Paris, 1972.

10- Edgard Morin, Introduction à la pensée complexe, Cll, Communication et complicité, ESF

Edition, 5éme tirage, Mars, Paris, 1994.

11- Edgare Mourin, introduction à la pensée complexe, E.S.F, (FRC), 1992.

12- Emile Benveniste, Problèmes de linguistique générale, Gallimard, « Tel », Paris, 1976.

13- Emmanuel Kant, logique, J. Vrin (FRC), 1966.

14- Erlish Victor, russian formalish, history, doctrin (1st ed 1955) 3 ed, yale up, 1981.

15- F.De.Saussure, Cours de linguistique générale, Ed, TALANTIKIT, Bejaia, 2002.

16- Gaston Bachelard, La poétique de l’espace, P. U. F, Paris, 1972.

17- Gerard Desson, Introduction à la poétique, Approche des théories de la littérature, Ed

nathan /VUEF, Paris, 2001,

18- Gerard Genette, Esthétique et poétique, Textes réunis et présentés par G. Genette, Ed,

Seuil, Paris, Septembre, 1992.

19- Gilles Deleuze, L’image mouvante, CINEMA 1, Collection « CRITIQUE », Ed ; Minuit,

Paris, 1983.

20- Guiraud. Pierre, La stylistique, coll, Que sais-je, N 646, D, U, F, 7éme ed, Paris, 1972.

21- J. Cohen, structure du langage poétique, Flammarion, collection particulière, «champ»,

1987.

22- J. Mitry, La nécessité de l’histoire par Marcel Oms, revue ; Cinémaction, Directeur ; Guy

Heunbelle, Les théories du cinéma aujourd’hui, Numéro-éditeur : 8550, 1988. 23- Jacques Aumont et autres, Esthétique du film, Ed ; Fernand Nathan, Paris, 1983.

24- Jacques Aumont et Michel Marie, L’analyse des films, Coll ; NATHAN, 2ème édition,

Paris, 1999.

25- Jean Dominique boucher, Le reportage écrit, Ed ; centre de formation et de

perfectionnement des journalistes, Paris.

26- Jouri. Tynianov, Le vers lui même, U. G. E, coll «10-18 », 1977.

Page 444: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

444

27- Julia. K, La sémiologie, science de la critique et /ou critique de la science in : Théorie

d’ensemble (collectif), Ed, seuil, 1968.

28- Julia. K, Le langage, cet inconnu, une initiation à la linguistique, Ed ; Seuil, Paris, 1981.

29- Kristian Feigelson, Titanic, in: Encyclopaedia Universalis, 2010.

30- Lucien, Goldman, Pour une sociologie du roman, Ed ; Gallimard, Paris.

31- Maingueneau. D, L’analyse du discours, Hachette supérieure, Nouvelle éd, Paris.

32- Marcel Martin, Le langage cinématographique, les éditions du Cerf, Ed : 5, Latour-

Maubourg, Paris, 1992.

33- Martin Esslin, Théatre de l’absurde, Traduit par ; M. Buchet, et autres, Ed ; Buchet-

Chastel, Paris, 1971.

34- Nicole Everaert-Desmedt, Le processus impératif, Introduction à la sémiotique de C.S.

Peirce, éd ; Mardaga, Bruxelles, 1990.

35- Paul-Antoine Miquel, Epistémologie des sciences humaines, Repères philosophiques ;

collection dirigée par Denis Huisman, Ed ; NATHAN, Paris.

36- Roman. Jakobson, Questions de poétique, Ed Seuil, Paris, 1973.

37- Roman. Jakobson. Essais de linguistique générale. Les fondations des langues, traduit et

préfacé par Nicolas Ruwet, Les éditions de minuit, Paris 1963.

38- R. Michael, Essais de stylistique structurale, ed ; Flammarion, Paris, 1971.

39- Raphael Bassan, Cameron James (1954- ), in: Encyclopaedia Universalis, 2010.

40- Raymond Bellour, L’analyse du film, Ed ; CALMANN-LEVY, 1995.

41- René Gardies, Comprendre le cinéma et les images, Armand Colin, paris, 2007.

42- Resweber ( p), Philosophie du langage, P. U. F, 1979.

43- Sophie Rabeau, L'intertextualité, commentaires: Vade-Mecum, GF corpus, Flammarion,

2002.

44- Tzvetan Todorov, Théorie de la littérature. Textes des formalistes russes réunis. Présentés

et traduits par T. Todorov, préface de R. Jakobson, collection " Tel quel ", ed; du seuil, Paris,

1965.

45- Tzvetan Todorov, Qu’est – ce- que le structuralisme ? Poétique, Ed ; Seuil, Paris, 1968.

46- Thérèse giraud, Cinéma et technologie, Presse Université de France, 1ere éd, Janvier,

2001.

47- Umberto Eco, L’œuvre ouverte, Traduit de l’italien par Chantal Roux de Bézieux avec le

concours d’André Boucourechliev, Ed : Seuil, 1965.

48- Umberto Eco, La production des signes, Librairie générale Française, 1992.

Page 445: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

445

49- Umberto Eco, La structure absente, introduction à la recherche sémiotique, traduit de

l’italien par Uccio Esposito-Torrigiani, ed ; Mercure de France, Paris, 1972.

50- Yves Gautier, Titanic, in : Encyclopaedia Universalis, France, S. A, 2010.

مواقع األنترنيت* 1- www. lumière. org ; Alexandre Tylski : Le corps dans Titanic.

2- www. Wikipédia. org.

مكتبة األفالم* 1- Arthus Bertrand; Home.

2- Branagh Kenneth; Hamlet.

3- James Cameron; Terminator.

4- James Cameron; Titanic.

5- Jonathan Demme; The silence of the lamps.

6- Ridley Scott; Gladiator.

Page 446: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

فهترس

Page 447: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

رستفه

.كلمة شكر

.إهداء

ه -أ.............................................................................مقدمة

مدخل

14............................. .......تزامنية االقتراب وتأويلية العودة إلى الذاكرة -1

17......... ...........م؛ اختالفها وائتالفها ورهان االستحداث دواعي توحيد المفاهي -2

20............................................... مقاربة المصطلح وسلوك النمذجة -3

26 ...............................الشعرية بين التموقع وأفق التأسيس لمقاربة مركبة -4

الفصل األول ؛ مقاربة واصفة في المصطلحالشعرية

ومحاولة في التأسيس لشعرية مهاجرة

36 ...................................... الشعرية أم شعريات ؟ نحو شعرية واصفة -1

37....................................................... الشعرية الجاكوبسونية -1-1

37.......................................... ة الشعرية شعرية اللسان أم لساني -1-1-1

48 .........................استحواذ على األدبية وتعديل في الوظيفة الشعرية -1-1-2

49......................................... فرار األدبية من قبضة األدب - 1-1-2-1

54............................. تخالل واالستقاللية نسقية المفهوم وجدلية ال - 1-1-2-2

Page 448: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

58............................................... شعرية الوظيفة الشعرية - 1-1-2-3

59...................................... تسطيح اللغة واغتيال المرجع -1- 1-1-2-3

63.............. لغوية وعالئقية المفهوم شعرية التخالل بين الوظائف ال -2- 1-1-2-3

74......................... وري االنتقاء والتنسيق وشعرية المعادل حتعانق م -1-1-3

76..................................... االنتقائية المقيدة والمعادل الشارح - 1-1-3-1

77................................ .........شعرية المعادل ومرفأ اإليحاء - 1-1-3-2

90.................................. تودوروف وإيكو وشعريد التجريد واالنفتاح -1-2

90............................................... شعرية تزيفيتان تودوروف -1-2-1

90......................... ...................التجريدية والخطاب المتعالي - 1-2-1-1

94.................................... النسقية وغائية الذات؛ شعرية ناقصة - 1-2-1-2

100....................................... النسق والمعنى وشعرية االنفتاح - 1-2-1-3

103 ......................... .......................... شعرية أومبيرتو إيكو -1-2-2

103.................................... المشروع؛ إجرائية وتقعيد -الشعرية - 1-2-2-1

106 ........................................ دينامية االنفتاح وشعرية التلقي - 1-2-2-2

110......................... ..... مرجعي والنفتاح سيميائيا -التفاعل النسق - 1-2-2-3

116...................................... ! شعرية جوليا كريستيفا؛ اقتراب هايدجري -1-3

116........................ خلفية فكرية للشعرية الكريستيفية" لسانية -عبر"الـ -1-3-1

118........................... تعبير عن المرجع، أم تعبير بالمرجع : الشعرية -1-3-2

Page 449: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

118............ الحضور والالحضور؛ حضور واحد في حضرة الشعرية - 1-3-2-1

122......................... تفاعل األرض بالعالم؛ رؤيا أعمق لالمرجعية - 1-3-2-2

127.......... ...............................النسقية واألدائية وشعرية الفضلة -1-3-3

130 ..................................الشعرية األرسطية؛ محاولة في أرشفة المفاهيم -2

136........................................................................ استخالص

الفصل الثاني شعرية -نحو بناء المقاربة المركبة؛ سيميو

رراتاستلزامات ومب 142......................................................................... . تمهيد -1

145.......... . الشعرية في كنف المناهج النقدية؛ استحواذ المؤتلف ودحض المختلف -2

145 ....................................حدود التماهي بين الشعرية وعلم الجمال -2-1

145................................................ بين البنية والحكم الجمالي -2-1-1

149........................ ! ولست أعلم إن هي جميلة.. هذه القصيدة قصيدة -2-1-2

151.................................... عن االختصاص الفني وحسية الطرح -2-1-3

155..................... الشعرية واألسلوبية؛ هل هما مصطلحان لمفهوم واحد ؟ -2-2

156........................................ مفاهيم أسلوبية في معبر االستلهام -2-2-1

156..................................... العينية واالنفراد في سبيل التجريد - 2-2-1-1

159..................................... االشتغال السيميائي ودينامية البنية - 2-2-1-2

161..................................... أسلوبية الفضلة والتنسيق واالنتقاء - 2-2-1-3

Page 450: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

163......................................... مفاهيم بالغية في خدمة المقاربة -2-2-2

163................................................. ألسلوبية؛ جمالية محايدةا -2-2-3

166............................................ عالئقية البنيوية وصوفية التفكيك -2-3

2-3-1- 166................................. اللسانيات السوسيرية تجليات وعي بنيوي

169..................................... البنيوية السوسيريا وجاهزية اإلسقاط -2-3-2

181......................................... فيزيقا التفكيك وتطويق اإلخالف -2-3-3

192............................................ شعرية في غربال التناهج -السيميو -3

192............................... أنطولوجيا التركيب في بنية المقاربة -إبستمو -3-1

200.............................. الشعرية شكالنية عانية؛ قراءة في مقولة الشكل -3-2

201..................................................... الشكل هو المضمون -3-2-1

3-2-2- 204......................................................... الشكل السيميائي

209.............................................. شعرية الشكل وجمالية تلقيه -3-2-3

212 .................................... السيميائيات البيرسية وشعرية الالمتناهي -3-3

214............................................ العالمة في كنف السيميوزيس -3-3-1

225..................... األيقونة ومأزم المشابهة في ضوء سيميائيات اللسانية -3-3-2

230............................................ شعرية الالمتناهي وقفل العادة -3-3-3

237....................................................................... .استخالص

Page 451: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

الفصل الثالث سينمائية الفيلم

وتعاضدية السينما والالسينما في بنية الخطاب

245................. )محاولة في بناء المفهوم(السينمائية من اإلرهاص إلى التمفهم؛ -1

245.................................... االصطالح وحوافزه المفهومية والمنطقية -1-1

258................................ الشعرية الدالة؛ والسينمائية مصطلحا بديال -1-1-1

267............................................. السينمائية بين الصمت والنطق -1-2

1-2-1- نة؛ صمت لغوينية الب267............................................ سينمائي

277.............................. ؛ دخيل أم حاسة سينمائية ؟)الكالم(الصوت -1-2-2

286............. ................. سينمائية الخطاب السينمائي؛ التقنية وإنتاج المعنى -2

288................................................ المونتاج والسردية السينمائية -2-1

289........................................... مسرح مؤفلم أم فيلم ممسرح ؟ -2-1-1

294.............................. ........... المرجعية المونتاج ونسقية السرد -2-1-2

302.............................................. مصادر السينما في بنية اللقطة -2-2

302............................................. اللقطة كائن سينمائي: مفاهيم -2-2-1

305................................ .. شعرية االجتزاء من اإلطار إلى التأطير -2-2-2

310......................................... الحركة الداخلية وسينمائية األداء -2-2-3

315................................. حركات الكاميرا؛ تحيين سينمائي للمرجع -2-2-4

318.............................. ....... الصورة والصوت وامتياز الالتزامن -2-2-5

Page 452: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

323...................... الخدعة السينمائية بين مرجعية التمويه ونسقية اإليهام - 2-3-

329....................................................... السينمائية خارج السينما -3

334................................. ....................................... استخالص

الفصل الرابع قراءة في سينمائية التيتانيك لجيمس كمرون

341..................................................................... وقفة نظام -1

345.......... ................................ النسق -المرجع، والتيتانيك –التيتانيك -2

347.................................................. المرجع -خطاطة التيتانيك -2-1

350................................................... الفيلم -خطاطة التيتانيك -2-2

360.............. ...................... جيمس كمرون؛ الهوية السينمائية واألسلوب -3

360..................................... جيمس كمرون؛ المهد وخلفيات التكوين -3-1

362................................................... أفالمه وبصمته األسلوبية -3-2

366................... ............................................... آليات القراءة -4

373.................................... نسقية المونتاج وإيحاءاته السردية والفلسفية -5

381 .......................................... اللقطة؛ الزخرف السينمائي ومصادره -6

381.......................... ........ المونتاج الداخلي ومزايا الصوت واألحجام -6-1

391.......................................... حركات الكاميرا؛ بالغة تصويرية -6-2

394............................................ تفكيكية الكادراج وشعرية الجنس -6-3

Page 453: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

397............................... ............. الممثل وسينمائية التمويه -الكاميرا -7

8- 405.............................................. مواطن األفلمة أو النثر السينمائي

8-1- 405.................................................. السينمائية واللمسة ةفشاألر

410........................................... ....... المسرحة والحوار المؤرخ -8-2

414........................................................................ استخالص

417.................................. ...........................................خاتمة

422............................................. ........................ معجم البحث

433... ................................................................... مكتبة البحث

.فهرست

.ملخص الرسالة

Page 454: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

سالةلخص المر .ما الذي يجعل من فيلم ما عمال سينمائيا ؟

ضوئهاإلشكال الذي انبنت عليه مساءالت هذا البحث، وحاولت أن تتأسس في ذلك هو بأن كل إنه لسؤال يوقظ في الوعي انطباعا، أو قناعة .منطلقاته المنهجية، ومصادراته المعرفية

-السينما" هذا البحث، بفصوله، ومباحثه، وتفاصيله، إنما هو محض تأمالت في ما قدمناه في، والوقوف على أوالياتها الخصوصية السينمائيةما من شأنه أن جنح بنا إلى مكاشفة ،"المحض

حتى أن هذا السؤال يقبل التقلب على أوجه شتى في الصوغ ..اللغوية، ومكامنها الجمالية، األمر الذي تركيبي، من قبيل؛ ما الفيلم ؟ وما يجعل منه فنا ؟، أو كيف تكون السينما سينما ؟ال

: يحول دون وقوع أي حرج في حال ما إذا استبدلنا العنوان الرسمي للبحث بهذه العتبة ! )L’ontologie du cinéma( أنطولوجيا السينما

تكشف عن الخلفية الجاكوبسونية روح أعاله رنة وال ضير، إن لمورفولوجيا السؤال المطأفق إبستيمولوجي للبحث، وهي نا التأسيسية، واقتراحالتي اعتضدنا بها في اجتراح تصورات

دها السؤالالخلفية التي ية "ما الذي يجعل من رسالة قولية عمال فنيا : " جسقناعةال تلك، بمعي هو األدب، ليس موضوع العلم األدبي" بأنRoman Jakobson( (من لدن جاكوبسون ةالراسخ

في بحثنا هذا، –إذ ذاك –؛ فكان لنا نحن " أدبيا ما األدبية؛ أي ما يجعل من عمل ما عمالوإن السينمائية موضوع الدراسة السينمائية ليس هو السينما، وإنماأن اقتنعنا بأن )La

cinématographicité(، ذلك، .ا يجعل من فيلم ما عمال سينمائياأي م فنا، في خضمولقد غر؛ بحيث اتكأنا، بشكل خاص، على منطقه )Christian Metz(من مصطلحية كريستيان ميتز

الداعي إلى الفصل بين مفهومي الفيلمية السينمائي)Filmique( ،لفاألوة م)Filmé(، على أنفي بؤرة الفيلمية، وتنصب على مكاشفة ذات الفيلم بعكس قع تالحق السينمائية الدراسة

.يعلى حساب الفيلم ؤفلمالمتنحصر في تحليل تكاد التي )La filmologie( الفيلمولوجياغاياته شيئا من ما كان لهذه الركائز المنهجية، والمرجعيات النظرية أن تحقق لبحثنا

أن مكنا له بمقاربة مركبة؛ قطباها مع تساؤالته، وهواجسه المعرفية، لوال ، وتتفاعلالعلميةنرى أن جوهر اللغة السينمائية يعتاص على الوعي من ؛ إذالسيميولوجيا، و)يات(الشعرية

هنا من . داخل السينما، فهل بوسعنا فهم الفيلم بالفيلم ؟، وهل بوسعنا التنظير للسينما بالسينما ؟الحقول تتقاطع فيه جملة من نمذجيتكون بمثابة ملتقى تأتت حاجتنا الماسة إلى مقاربة

النقدية المناهج، والمقوالت الفلسفية، والتصورات النظرية، وتنصهر في كنفه بعض المعرفية

Page 455: ﻲ ﻤﻠﻴﻔﻟﺍ ﺏﺎﻁﺨﻟﺍ ﹸﺔ ﻴﺌ ﺎﻤﻨﻴﺴ · " ﻢﻴﻜﹶﳊﺍ ﻢ ﻴﻠ ﻌﻟﺍ ﺖ ﻧﹶﺃ ﻚ ﻧﺇ ﺎ ﻨ ﺘ ﻤ ﱠﻠ ﻋ ﺎ ﻣ ﱠﻻﺇ

ي تطبع نة اإلجناسية التولطبيعة التركيب، أو لخاصية الهج البحث ستجيب، حتى يالحديثة . خطاب السينما

ذلك ما نلتمس منه التسويغ، على نحو ما، لكون هذه المقاربة قد احتلت فصلين كاملين مصطبة من المفاهيم خولت لنا أن ننهل من معين البحث؛ إذ جاءت على شاكلة مساحةمن

أحايين أخرى، السيميائيات حينا، ونستثمر من إرث الشكالنيين، والمنظرين لمقولة الشعرية أن المتبقي من البحث قد ورد ميدانا على . النمذجة، وسلوك حذر في لغة واصفةباعتماد

وتوظيفها في اتجاه يحاول إلى استكناه الظاهرة إلسقاط المفاهيم تلك، وتشخيصها،" سينمائيا " .السينمائية، وفهمها فهما أعمق

أثرالم، وآخر؟، وما يجعل الفيلم فيلما، وما يصنع منه المفاضلة بين في تصحبأي أساس ؛ على غير سينمائيةأن تهاجر نحو أنواع فيلمية أخرى، للسينمائيةوكيف يكون ؟،سينمائيا

واإلنتاج التلفزيوني ،؟ ..سبيل الفيلم الوثائقي إننا لنشرئب إلى بل هذه األسئلة، اإلجابة عن الحق، إن البحث قد انتهى، ولم ينته أرق

. !أفق تساؤلي آخر؛ ما السينمائية العربية ؟