39
اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ� ﺳﻌﻴﻔﺎن ﺳﻤ�

ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

  • Upload
    others

  • View
    4

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

البحث عن الديمقراطية االقتصادية

سم�� سعيفان

Page 2: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب
Page 3: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

مركز حرمون للدراســات املعاصرة هو مؤسســة بحثية وثقافية وإعالمية مســتقلة، ال �ســ��دف ع�ــ� �شــ�ل رئ�ــس بإنتــاج الدراســات والبحــوث املتعلقــة باملنطقــة العر�يــة، خصوصــا

الر�ــح، �

املد�ــي، ا��تمــع أداء و�عز�ــز اإلعالمــي والتطو�ــر الثقافيــة بالتنميــة و��تــم الســوري، الواقــع تقديــم إ�ــ� جانــب اإل�ســان، واح�ــ�ام حقــوق ا��ــوار قيــم و�عميــم الديمقراطــي الو�ــ� و�شــر االس�شــارات والتدر�ــب �ــ� املياديــن السياســية واإلعالميــة ل��هــات ال�ــ� تحتــاج إل��ــا �ــ� ا��تمــع

ا من الهو�ة الوطنية السور�ة.السوري انطالق

�عمــل مركــز حرمــون للدراســات املعاصــرة لتحقيــق أهدافــھ مــن خــالل مجموعــة مــن الوحــدات التخصصيــة (وحــدة دراســة السياســات، وحــدة البحــوث االجتماعيــة، وحــدة مراجعــات الكتــب، (برنامــج العمــل برامــج مــن وعــدد القانونيــة) املقار�ــات وحــدة والتعر�ــب، ال��جمــة وحــدة الــرأي وصناعــة اإلعالميــة وا��مــالت ا��دمــات برنامــج السياســية، واملبــادرات االس�شــارات و�مكــن برنامــج مســتقبل ســور�ة)، واملدنيــة، الثقافيــة والتنميــة ا��ــوار دعــم برنامــج العــام، للمركــز أن يضيــف برامــج جديــدة بحســب حاجــة املنطقــة والواقــع الســوري، و�عتمــد املركــز واملؤتمــرات والنــدوات العمــل وورشــات �ا��اضــرات برامجــھ، إنجــاز �ــ� دة متعــد آليــات

والدورات التدر��ية وال�شر الور�� واإللك��و�ي.

مركز حرمون للدراسات املعاصرة

Page 4: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

1

الفهرس

3 ................................................................................................................................................. البحث سؤال

4 .................................................................................................................................................. األول القسم

4 .................................................................................................................... السوفياتية التجربة في نظرة

7 .................................................................................. األوروبية االجتماعية الديمقراطية أنظمة تجربة

9 ...................................................................................................... األنكلوسكسوني الرأسمالي األنموذج

10 ............................................................... االقتصادية األزمات وحدوث التفاوت تزايد: اليوم اقتصاد

10 ................................................................................................................... الثروة استقطاب تزايد -أ

13 ...................................................................................................................... االقتصادية األزمات -ب

15 .............................................................................................................................................. الثاني القسم

15 ............................................................................................................................................... العمل؟ ما

15 ............................................................................. "الرأسمالية تجاوز "و" االقتصادية الديمقراطية"

18 ............................................................................... الحر السوق واقتصاد االقتصادية يةالديمقراط

19 .................................................................. االقتصادية للديمقراطية موجه كمبدأ االستحقاق مبدأ

22 ............................................................................................................................. امللكية قاعدة توسيع

أكثر عمل وسوق أجور سياسة

26 .................................................................................................... عدال

اعية سياسات 27 .................................................................................................................................. قط

27 ................................................................................................................................ للدولة الذكي الدور

Page 5: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

2

29 ................................................................................................... الشركات هيكلة إلعادة طوعي برنامج

30 ................................................................................................................... اجتماعي اقتصادي مجلس

31 ................................................................................................................................ فاعل مدني مجتمع

32 ................................................................................................................................................... تحديات

33 ........................................................................................... القديم قلب في البديل املجتمع نمو قياس

34 .............................................................................................................................................. أخيرة كلمة

Page 6: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

3

سؤال البحث

تبلور في القرن التاسع عشر سؤال: "تجاوز الرأسمالية"؛ بوصفها نظاما يقوم على "استغالل اإلنسان

ري ذالذي كتب أهم كتبه، بل أحد أهم الكتب التي عرفها لك القرن "كارل ماركس"لإلنسان"، وكان أبرز منظ

ه كتاب "رأس املال" الغني عن التعريف. وكان قد ساد الحركة االشتراكية التاريخ إلى يومنا هذا. إن

ز اتجاهان: أولهما دعا إلى تجاو "الشيوعية" العاملية، الداعية إلى تجاوز "القضاء" على الرأسمالية

ل االتجاه الثاني اعتقاد ماركس وأنصاره باستحالة ذلك، الرأسمالية من داخلها عبر تطور تدرجي، بينما مث

قد ولدت من رحم املنظومة للرأسمالية إذ كان يرى أن كل "املنظومات االقتصادية االجتماعية" السابقة

قطاع من قلب الرق، والنظام الرأسمالي التي سبقتها، فوالدة نظام الرق كانت من قلب املشاعية، ونظام اإل

من قلب اإلقطاعية؛ ألن الطبقات املسيطرة في املنظومة السابقة كانت نفسها تقود االنتقال، وملصلحتها.

ليست -في هذه الحالة –أما االنتقال من االشتراكية إلى الرأسمالية فاألمر يختلف؛ ألن من يقود االنتقال

سلطة والثروة في الرأسمالية نفسها، بل هي الطبقة العاملة عدوة الرأسمالية؛ لذا الطبقات القابضة على ال

وهي املحتكرة مقدرات البالد والدولة ومؤسساتها، من جيش -هذه -لن تسمح الرأسمالية بعملية االنتقال

عن االقتصاد؛ لذا كان ماركس يرى أن تجاوز الرأسمالية ال بد من أن

يتم بعملية وشرطة وكنيسة، فضال

قيودها.

قيصرية، بثورة تقودها "البروليتاريا" التي وعت ذاتها، وال تخسر في الثورة إال

، بعد أن انتصرت ثورتها الشيوعية، بادئة أول تجربة 1917وجدت أفكار ماركس تحقيقها في روسيا سنة

ية؛ فانبثق املعسكر االشتراكي، ولم "اشتراكية" في التاريخ، ما لبثت أن توسعت كنتيجة للحرب العاملية الثان

، 1949تمض سوى سنوات أربع حتى انتصرت الثورة الشيوعية في أكثر بلدان العالم سكانا )الصين( سنة

إلى معسكر عالمي كبير، يواجه معسكرا -بذلك -تبعتها دول عديدة من العالم الثالث؛ لتتحول االشتراكية

ا يسيطر على مقدرات العا لم، ولتبدأ حرب باردة بين املعسكرين، وسمت الحقبة الواقعة ما بين رأسمالي

. 1990و 1945

فا ندوبا في تاريخ البشرية بيد أن املعسكر السوفياتي "االشتراكي" مافتئ أن خسر املنافسة، وانهار، مخل

وذاكرة الناس، بعضها حزنا عليه، وبعضها فرحا بالتخلص منه.

Page 7: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

4

عن ممكنات تجاوز الرأسمالية بشروط. ولننجز ذلك؛ ال بد من املرور بتجارب -هذه في ورقتنا -سنبحث

تجاوز الرأسمالية السابقة، وتجارب إصالح الرأسمالية من داخلها، مستفيدين من تجاربها في تصور طريق

قدرا عاليا يمكنه أن يفض ي إلى تجاوز الرأسمالية، وينحو نحو مجتمع اقتصادي اجتماعي ديمقراطي، يحقق

من العدالة االجتماعية املتنامية، وسنبحث في األشكال املمكنة، وفي شروط نجاحها؛ لتنمية بذور نظام

محله.

اقتصادي اجتماعي بديل، ينمو في رحم النظام القديم، ويلد منه حاال

القسم األول

نظرة في التجربة السوفياتية

ق التاريخ بحماس كبير اجتاح العالم؛ فسارعت خمسة عشر أف 1917فتحت ثورة أكتوبر الروسية عام

دولة رأسمالية إلى الهجوم على الدولة الوليدة؛ لوأد ثورتها، وهذا ما تنبأ به ماركس حين قال: إن انتصار

ع حدوث الثورة االشتراكية في أكثر البلدان الرأسمالية قوة وتقدما االشتراكية في بلد واحد غير ممكن"، وتوق

بريطانيا أو أملانيا أو فرنسا، وليس في روسيا ذات التطور األدنى في حلقة الرأسمالية العاملية. غير أن لينين، ك

قائد ثورة أكتوبر، وجد أن الثورة في أضعف حلقات الرأسمالية ممكنة، وأن فتيل الثورة الروسية سيشعل

لكن فتيل الثورة الروسية لم يستطع أن يشعل أي الثورة في أملانيا، وستتبعها بلدان أوروبا األكثر تطورا.

ثورة أخرى في أوروبا؛ فقد استطاعت قوى رأس املال املسيطر تطويق الثورة األملانية، ولم تنفجر ثورات في

فرنسا أو بريطانيا أو إيطاليا.

ا النظام في بلدان تحولت الثورة الروسية إلى معكسر اشتراكي؛ نتيجة الحرب العاملية الثانية، وقد طبق هذ

بلدان كثيرة من -بنجاح أقل أو بفشل أكبر-الكتلة السوفياتية السابقة "املعسكر االشتراكي"، كما قلدته

العالم الثالث، منها بعض البلدان العربية كمصر عبد الناصر، ونظام البعث في سورية والعراق، ونظام

نوبي، وقدمت التجربة االشتراكية العريضة دروسا غنية الثورة الجزائرية، ونظام ليبيا القذافي واليمن الج

خسرت الحرب الباردة في صراعها مع -في نهاية املطاف-بنجاحاتها وإخفاقاتها على مدى سبعة عقود، لكنها

العصر هي التحول من الرأسمالية إلى االشتراكية"؛ فقد الرأسمالية، على الرغم من رفعها شعار: "إن سمة

Page 8: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

5

ري اليسار، مثل د. سمير أمين، أن جرى العكس؛ إذ تحولت االشتراكية إلى رأسمالية، بل يرى بعض مفك

نظام املعسكر االشتراكي لم يكن أكثر من "رأسمالية الدولة".

ه من الحقيقة القول: إن التجربة االشتراكية لم تخسر الحرب بسبب افتقارها إلى الفكرة والرؤية ولعل

ة، وإنما ألنها اتسمت، وبحكم أحوال عديدة، بمجموعة من نقاط الضعف القاتلة، والشرعية االجتماعي

أهمها:

استخدام العنف للوصول إلى السلطة، وتطبيق ما يسمى بـ "الشرعية الثورية"التي تجاوزت كل ما (1

هو قائم، وفرضت أنموذجها السياس ي واالقتصادي"االشتراكي"؛بالقلب العنيف للوضع السابق رأسا

ت في إعادة تنظيم املجتمع برمته من جديد، -بذلك-عقب ؛ فوضعت أمامها على مهمة ضخمة، تمثل

ا أيضا إلى حد بعيد، وفي زمن قصير، ا وقيمي ا وثقافي ا بالدرجة الرئيسة، واجتماعي ا واقتصادي سياسي

ة، وهي مهمة كبيرة وشاقة، ال يمكن أن نفذ بدون أخطاء وعلى نحو غير مسبوق، ومن جوانبه كاف

ت

كبيرة مكلفة، سينجم عنها مخاطر كبيرة، ما تلبث أن تغدو ماثلة؛ فبعد إنجازات العقود األولى،

بتكاليف بشرية باهظة، تراجعت القدرة اإلنتاجية للنظام االشتراكي بأنظمته الجامدة، وأصبح

عاجزا عن تعزيز قدرته التنافسية مع املعسكر الرأسمالي القوي،

ا، خاصةعبر تدخل تعميم (2 األنموذج الروس ي/ السوفياتي الذي نشأ ضمن صراع اتخذ طابعا عسكري

دولة، ثم الحصار الحديدي الذي فرض عليه؛ ما كرس الطابع 14عسكري أوروبي شاركت فيه

املستبد للسلطة السوفياتية الوليدة، وتحول النظام برمته الى ديكتاتورية الحزب، وديكتاتورية

من "ديكتاتورية البروليتاريا" و"سلطة السوفياتات"، أي: "مجالس الشعب"؛ ما كبح قيادته، بدال

عن تلبية -على املدى الطويل-القدرة اإلبداعية لألفراد واملجتمع، وأظهر عجز "النظام االشتراكي"

الحاجات املتنامية للسكان الذينأصبحوا تواقين للتغيير.

يولوجيته على تغليب الجانب االجتماعي على حساب القدرة اإلنتاجية بناء "النظام االشتراكي" أيد (3

م سياساته التطبيقية وفق أولوية القضاء على الطبقات الرأسمالية واالستغالل، للالقتصاد، ونظ

جد والكسول، وقاتل وإقامة مساواة في توزيع الدخل، طبقها على نحو غير عادل يساوي بين امل

في منظور الفقر وتأمين املأكل واملشرب واملسكن وامللبس والتعليم والطبابة لإلبداع، وحبس نفسه

بات الواقع املنشود ال جميعها، إضافة إلى اإلنفاق لعموم الناس، بدل أن يعد هذا الجانب أحد متطل

العسكري الكبير، وكان هذا على حساب التنمية االقتصادية، وبالتالي؛ لم ينظر بسعة إلى بناء مجتمع

Page 9: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

6

الزدهار املادي والروحي واالقتصادي اإلنتاجي واالجتماعي والثقافي، مجتمع الوفرة؛ ففنظرته اتسمت ا

بالفقر، عالوة على عيوب سياسية كثيرة.

ومنع االستثمار تغول الدولة وسيطرتها الشاملة على االقتصاد، وعلى الفائض االقتصادي وتوزيعه، (4

وتعطيل قوانين اقتصاد السوق، واالستعاضة عنها بنظام ،الخاص وامللكية الخاصة لوسائل االنتاج

أدى إلى تكوين جهاز بيروقراطي ضخم، ومركزية جامدة مكلفة، تعيق التطور أوامري إلزامي،

والتجدد؛ بحيث أصبحت مقاليد األمور، في قطاعات وأقسام كبيرة من املجتمع واالقتصاد، مرتهنة

وأصبح املجتمع برمته في بار، وأحيانا ملوظف كبير واحد؛ ألفهام وإرادات وقدرات بضعة موظفين ك

انتظار ما تجود به قريحة بيروقراطيين يحتكرون مناصبهم لفترات مديدة، وكأن تلك البلدان لم تلد

رغم من أن نظرية ماركس تنبأت على السواهم، وال تملك القدرة على محاسبتهم. كل هذا كان قائما

يوعية، وبحلول اإلدارة الشعبية الذاتية مكانها، لكن الذي حدث في التجربة بزوال الدولة في الش

السوفياتية كان النقيض.

جمود فكري وعقائدي وتشريعي وثقافي، وتحول الشيوعية إلى "دين" للدولة السوفياتية امللحدة؛ (5

مس، وكان النظام لدرجة أن تعاملت الدولة السوفياتية مع ما كتبه ماركس ولينين كش يء مقدس ال ي

كلي الجبروت؛ ألنه صحيح"، أي: ال يأتيه الباطل السوفياتي يكرر مقولة لينين: "إن مذهب ماركس ل

من خلفه وال من أمامه؛ فقتل هذا التقديس اإلبداع ومنع رؤية ضرورات التغيير ومنعها.

ف الفكر السوفياتي عن دور التقدم العلمي والتقني، وعن تصاعد حرك (6ة االستهالك، واضمحالل تخل

دوره في توجيه التنمية االقتصادية واالجتماعية، وببساطة؛ فإن هذا األنموذج قد قتل القدرة

اإلبداعية للمجتمع، وقتل قدرته اإلنتاجية، بينما بقي النظام الرأسمالي أكثر مرونة ودينامية وقدرة

الرأسمالية أكثر ثورية من نظام على التكيف مع السوق وحاجات العصر، وبعبارة أخرى كانت

ة؛ فخسر الرهان. "ثوري" تحول إلى "رجعية" في املجاالت كاف

تجاوز الرأسمالية، من خارجها، أوقع تجاربها الواقعية في مخاطر القطع مع نظام اقتصادي إن مساعي

لت في إعادة تنظيم الحياة السياسية واجتماعي وسياس ي قائم، ووضع على كاهلها مهمة هائلة، تمث

في مناخ من -عبر التجريب-واالقتصادية واالجتماعية والثقافية على أسس جديدة غير مسبوقة، توضع

رين"، واألهم على مجموعة ممن الصراع مع أنظمة راسخة منذ قرون، وكان على مجموعة من "املنظ

وروها عبر التجربة، وهي مهمة يمسكون بالقرار العملي، أن يجترحوا تلك األشكال الجديدة، ويطبقوها ويط

Page 10: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

7

وكفاءات مخلصة للمشروع، إذ ما تلبث الصراعات على السلطة أن تتدخل في أنماط

شاقة، تتطلب عقوال

من أن توجهها نحو

إعادة تنظيم االقتصاد واملجتمع، موجهة إياه نحو خدمة مصالح النخب املهيمنة، بدال

متعددة.نجاح األنموذج بأهدافه العامة الغائمة ال

تي يمكن أن تتخذ في التطبيق العملي أشكاال

تجربة أنظمة الديمقراطية االجتماعية األوروبية

في املقابل: تميزت أنظمة "الديمقراطية االجتماعية"، في بلدان أوروبا الغربية، بتطبيق نمط مختلط، يقوم

ي خلق هذا األنموذج أحزاب على مبادئ اقتصاد السوق، مع شبكة ضمان اجتماعي واسعة، وقد ساهم ف

األممية االشتراكية الثانية، التي صعدت في أوروبا بعد الحرب العاملية األولى، ثم بقوة أكبر بعد الحرب

فته من دمار اقتصادي واجتماعي، وغضب شعبي ناقم على األنظمة الرأسمالية، العاملية الثانية، وما خل

مليون إنسان، 60و 50بين كونيتين مدمرتين، قتل فيهما ما بين التي جرت أطماعها أوروبا والعالم إلى حر

ه خلق أرضية جيدة لرواج تلك األفكار، خاصة بعد عام ودمرت البنى التحتية، وهدمت املدن ...إلخ. هذا كل

؛ فكان من نتيجة هاتين الحربين أن صعدت األفكار االجتماعية، وقويت األحزاب الديمقراطية 1945

مختلف بلدان أوروبا الغربية، كما نمت األحزاب الشيوعية بقوة في عدد من البلدان، والسيما االجتماعية في

فرنسا وإيطاليا، وإن لم تصل إلى الحكم، حيث أصبحت أحزاب الديمقراطية االجتماعية أحزابا رئيسة،

وة وتطورا )حزب العمال في فازت، وتفوز، بانتخابات حرة مرارا في بلدان أوروبية غربية عديدة، هي األكثر ق

بريطانيا، واألحزاب االشتراكية في كل من فرنسا وأملانيا وإيطاليا وغيرها(، كما نمت الحركة النقابية حتى

غدت قوة كبيرة، وبرزت حركة يسارية اجتماعية وثقافية وفنية أوروبية ناشطة.

لهاا كبيرة إن العوامل الداخلية تلك، عالوة على التحديات التي يشك

النظام االشتراكي البديل، خلقت ضغوط

إقامة شبكة ضمان اجتماعي واسعة، -مضطرة –على الطبقة الرأسمالية في أوروبا الغربية؛ أدت إلى قبولها

ا وخدمات صحية تقدم للجميع، وضمان أماكن العمل ضد التسريح التعسفي، تشمل تعليما مجاني

م وتواكب ارتفاع إنتاجية العمل، وتوسع قطاع األعمال الحكومي؛ وزيادات في األجور تالحق التضخ

فأصبحت قطاعات كبيرة ملكية حكومية، أو تسيطر عليها الحكومة، مثل: البريد واالتصاالت والكهرباء

رضت معدالت وصناعات الحديد والطيران والخطوط الحديدية وبعض صناعات السيارات، وغيرها، وف

عائد للخزينة العامة، يساعدها في تغطية حاجات شبكة الضمان االجتماعي. ضريبية مرتفعة؛ لتحقيق

Page 11: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

8

، والتي تسمى بالثالثين املجيدة، 1975وحتى 1945أبقت تجربة أوروبا الغربية خالل العقود الثالثة، من

بجانب على هيكل اقتصاد السوق، وحافظت على املنافسة التي تبعث الحرارة في األفراد واملجتمع، واهتمت

م اإلنتاج ويزيد كمياته وأنواعه؛ بهدف اإلنتاج وتطويره، وتنظيم عملية اإلنتاج وتداوله في السوق؛ بما يعظ

تعظيم الربح أساسا، وفي املقابل: قضت التجربة االشتراكية على اقتصاد السوق واملنافسة، واهتمت

جتماعي كاملة، مع إهمال جانب اإلنتاج، بمسألة العدالة االجتماعية ومكافحة الفقر وإقامة شبكة ضمان ا

القدرة اإلنتاجية ألنظمتها؛ فخسرت املنافسة أمام النظام الرأسمالي -بذلك –بل على حسابه؛ فأضعفت

العالمي؛ على الرغم من أن هذه املمارسة تتعارض، كما يرى بعضهم، مع أفكار ماركس ذاته، خاصةمفهومه

فإحدى األفكار الجوهرية في فكر ماركس االشتراكي تقوم على أن نمو عن قوى اإلنتاج وعالقات اإلنتاج؛

قدرة قوى اإلنتاج، واتخاذ اإلنتاج طابعا اجتماعيا، يتناقض مع الطابع الفردي للتملك؛ ما يعوق تطور قوى

نجز؛ لتحول عالقات ا-إلنتاج اإلنتاج، وهذا التناقض هو القوة الدافعة للثورة االشتراكية التي ينبغي أن ت

إلى عالقات إنتاج ذات طابع اجتماعي، يتوائم مع الطابع االجتماعي لعملية -التي أصبحت معيقة للتطور

اإلنتاج؛ ما يفسح املجال أمام قوى اإلنتاج كي تنمو وتزدهر.

يمكن أن نختصر املقارنة بين التجربة االشتراكية، بأنموذجها السوفياتي الذي ساد، وتجربة الديمقراطيات

االجتماعية األوروبية الغربية؛ بتأكيد أن األخيرة تهتم باإلنتاج القائم على الربح، بينما تهتم األولى بالتوزيع

وفيما احتفظت تجربة الديمقراطيات االجتماعية بقوانين السوق واملنافسة، ورأت )سياسات توزيعية(.

وتنويعه؛ ليكون أقدر على التسويق، وفي الوقت فيها ضرورة؛ ألنها تدفع املنتجين إلى البحث وتطوير اإلنتاج

نفسه العمل على تخفيض التكاليف لزيادة الربح؛ فيدفع باإلنتاج واإلنتاجية نحو األمام؛ فإن التجربة

السوفياتية اعتقدت بمضار املنافسة؛ إذ رأت أنها ذات طابع استغاللي، تدفع املتنافسين إلى خرق القوانين،

ب على الخصم، وتحقيق وتجاوز أعراف السوق ، واألعراف االجتماعية، والحدود األخالقية؛ بغرض التغل

ربح أكثر؛ بحيث املنافسة قد تصل حد الغش والقتل، ولكن املقارنة تبين أن مضار غياب املنافسة أكثر

بكثير من منافع غيابها.

ها املنجزة خالل الفترة الواقعة ستكون تجربة أوروبا الغربية موضع اهتمام هذا البحث، سواء أكانت تجارب

،أم كانت تجاربها الواقعية الحالية؛ وذلك لالستفادة من تلك التجارب الواقعية 1975و 1945ما بين

في تشكيل حزمة القوى الدافعة نحو تجاوز الرأسمالية، -بقسط-امللموسة، التي يمكن لنموها أن يسهم

Page 12: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

9

ج، وفي الوقت نفسه، تربط دخل الفرد بمساهمته في إنتاج خاصةتلك التجارب التي تحقق نمو قوى اإلنتا

الدخل "مبدأ االستحقاق" ؛ بما يحقق عدالة اجتماعية متصاعدة.

األنموذج الرأسمالي األنكلوسكسوني

”Soziale Marktwirtschaft„مقابل أنموذج اقتصاد السوق االجتماعي، كما أطلق األملان على تجربتهم،

صاد السوق الحر الليبرالي "األنكلوسكسوني"، املطبق بخاصة في الواليات املتحدة، كان هناك أنموذج اقت

وفي بريطانيا إلى حدما، وقلدته، وتقلده اليوم، دول كثيرة، والذي حافظ على قاعدة "دعه يعمل، دعه يمر"

، ”Slim State“يلة" والثقة املطلقة بـ "اليد الخفية للسوق" التي تتعارض مع مبدأ تدخل الدولة "الدولة النح

ويدعو لترك رجل األعمال يعمل بمطلق حريته، إذ أنه من خالل سعيه لخدمة مصالحة الذاتية سيقدم

ها، قواعد تحكمها املنافسة وعدم االحتكار، خدمته لآلخرين وللمجتمع في إطار قواعد منصفة لألطراف كل

لحر؛ ما يخلق فرص العمل، ويوفر السلع وقاعدته األساسية الرامية إلى خلق مناخ صديق لالستثمار ا

والخدمات. ويعطي هذا األنموذج أهمية ثانوية للتوزيع أوالعدالة االجتماعية؛ إذ يعدها تابعا للعملية

خدمات ال يولي أي أهمية لعدالة توزيع الدخل، وال لتقديم أية و االستثمارية، وناتجا يكاد يكون ثانويا لها؛

فال مساعدة، وال طبابة، وال تعليم، وال ثقافة، وال رياضة، وال خدمات ومة السعر؛ أو سلع مجانية أو مدع

، وعلى املستفيد أن يدفع مقابل الحصول عليها، بغض النظر من غير دفع؛ فهذه كلها منتوجات تكلف ماال

لفرض عن قدرته الشرائية، وهذا املبدأ سيوفر على الخزينة مبالغ طائلة، تجعل الخزينة ليست بحاجة

الذي يعطي كامل الحقوق لرأس إنه األنموذج ضرائب مرتفعة، ترهق املبادرة الخاصة وتكبح االستثمار.

املال.

شن هذا األنموذج "األنكلوسكسوني" الليبرالي هجوما مزدوجا على النظام السوفياتي 1980ومنذ عام

من ذلك مع فوز حزب املحافظين البريطاني في برمته، وعلى ما يسمى "دولة الرفاه االجتماعي في الغرب"، تزا

لوزراء لبريطانيا، إذ أطلقت 1979انتخابات ، وصعود مارغريت تاتشر "املرأة الحديدية" سدة الحكم رئيسة

هجومها على دولة الرفاه االجتماعي في الغرب، آزرها في ذلك فوز "رونالد ريغان" برئاسة الواليات املتحدة

التي كان أبرز -، وقد لحق "تاتشر" في سياستها، وكان من توجهات تلك السياسة1980بات األميركية في انتخا

أن منحت مزايا مطلقة لقطاع األعمال -منظريها آنذاك كل من "ميلتون فريدمان" و"وفريدريش فون هايك"

Page 13: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

10

، واالستثمار الخاص، وخفضت الضرائب، وحررت حركة رؤوس األموال التي كانت مقيدة حتى حينه

ودفعت حركة تحرير التجارة، وكسرت الحدود الجمركية إلى حدود غير مسبوقة، وروجت لالستثمارات

األجنبية بشكل كبير، وحملت على "دولة الرفاه االجتماعي" وعلى النقابات إلضعافها؛ فتناقصت أعداد

ات أماكن العمل، النقابيين وتقلص عدد أيام اإلضراب، ورفعت قيود أسواق العمل الداخلية، وحماي

عيدت هيكلة وسلبت حقوق كثيرة من العاملين، وبيع القطاع العام على نطاق واسع "خصخصة"، وأ

الشركات؛ ما أفض ى إلى تسريح ماليين العمال عبر العالم، وإلى الحد من اإلنفاق على شبكة الضمان

عليم من املوازنات العامة، وفي االجتماعي، وتقليص ضمانات البطالة؛ وتحجيم اإلنفاق على الصحة والت

املقابل جرت حملة لتخفيف الضرائب عن أرباح الشركات، وتعويضها بفرض ضرائب على املستهلكين،

، وتوسيع "جنات" ضريبية للتهرب الضريبي، وفتح أسواق املال واالستثمار ”VAT “"ضريبة القيمة املضافة

بكة الضمان االجتماعي، وقلصت حقوق العاملين مقابل عبر العالم، وغيرها من اإلجراءات التي حجمت ش

منح االمتيازات ألرباب العمل، عبر سياسة ليبرالية جديدة متطرفة، ترفع الربح إلى غاية الغايات التي توجه

كل ش يء، وكان الهجوم الليبرالي قد بدأ في بريطانيا وأميركا وتبعتها أوروبا، ثم أصبحت سياسة سائدة في كل

لى يومنا هذا.العالم إ

كانت النتيجة أن تراجعت صورة العدالة االجتماعية، التي لم تصل صورتها إلى ما يقارب الكمال يوما.

واليوم نعيش في عالم يسوده التفاوت الكبير، غير العادل وغير املحق، ونكابد األزمات االقتصادية املدمرة.

تصاديةاقتصاد اليوم: تزايد التفاوت وحدوث األزمات االق

تزايد استقطاب الثروة -أ

، بالعدالة واالزدهار، تلتها أربعة عقود، 1975إلى 1945بعد الحرب العاملية الثانية تميزت ثالثة عقود، من

منذ منتصف السبعينيات وحتى الزمن الراهن، تميزت بتعاظم التفاوت بين شريحة صغيرة غنية وجماهير

يها الطبقات الوسطى.واسعة هبط مستواها املعيش ي، وانكمشت ف

Page 14: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

11

3كان في بريطانيا 1953" في عام 1يقول االقتصادي البريطاني "ستيوارت النسلي" في كتابه كلفة الالمساواة:

في املئة األغنى في بريطانيا من الدخل 1. وإن حصة ال 1000نحو 1939مليونيرات فقط، بينما كانوا عام

في املئة 10، ثم عادت لالرتفاع حتى 1978في املئة عام 4.2إلى 1937في املئة عام 12.6الصافي انخفضت من

marketفي املئة من الثروة السوقية 23في املئة من السكان نحو 1كانت حصة أغنى 2002، وعام 2000عام

wealth في املئة األدنى من السكان من 50في املئة، أما حصة شريحة ال 17نحو 1988، بينما كانت عام

." 2002في املئة عام 6إلى 1980في املئة عام 10هبطت من nation wealthوة القومية الثر

تميزت العقود الخمسة األخيرة بانقسام االقتصادات الغنية في مسارين: املسار األول ينتج النقود من النقود

الف من األغنياء ، الذي يقف على رأسه بضعة آmoney economyبسرعة فائقة، حيث نما اقتصاد النقود

تأمين ... الخ(، أما املسار اآلخر فيكاد يضم –أسواق مال –في الدول الكبرى ومديرو الشركات الكبرى )بنوك

بقية املجتمعات، وهو مسار االقتصاد الحقيقي املنتج، الذي كان ينمو بسرعة أقل بكثير في العقود األخيرة

الذي يخلق فرص العمل، وينتج ما هو نافع للبشر من سلع من اقتصاد النقود؛ ذلك على الرغم من إنه هو

مستوى املعيشة. لقد سيطر اقتصاد النقود على االقتصاد الفعلي، واستنزف دماءه.

وخدمات، ويرفع فعال

بينما ينمو االقتصاد من خالل االستثمارات في اإلنتاج الحقيقي، التي تواجه مخاطر فعلية في الفشل

باحا محدودة على مدى زمني طويل، وتهتم بتطوير البحث واالختراع وابتداع طرق ذكية والخسارة، وتحقق أر

لإلدارة وخفض التكاليف، وتخوض منافسة في ما بينها لبقاء األفضل، ومن أجل منتوجات أفضل وبسعر

ود أقل، بينما تم تعديل تصميم أنظمة البنوك واألسواق واملال واملضاربة باتجاه تنمية اقتصاد النق

املضارب، بحيث بات اقتصاد األوراق يعمل بواسطة "األخبار"؛ فمجرد خبر ما يؤدي إلى تعاظم سعر األسهم

أخبار االندماج takes،أو االستيالء mergeفي السوق؛ لتنمو على نحو فيه الكثير من التالعب، مثل: بث

over ،أو االستحواذ ،acquisitionتبدو فيه األرباح أكبر؛ ما يرفع سعر ، أو إعادة تنظيم امليزانية بشكل

السهم في سوق املال، وهذا فيه خداع، تمارسه أسواق املال وشركات التصنيف اإلئتماني والتدقيق ومجمل

مؤسسات خدمات السوق.

1 Stewart Lansely, The cost of inequality, The decades of the super -rich and the economy 2011 London, Gibson Sequare,

Page 15: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

12

زها وتمركزها؛ ما يهدد بمخاطر كثيرة، أولها حدوث األزمات ه أدى إلى مزيد من استقطاب الثروة، وترك

هذا كل

، الذي يعده برنامج األمم املتحدة للتنمية 20142تصادية، فبحسب تقرير التنمية البشرية لعام االق

(UNDP) شخصا في العالم )ومعظمهم يعيشون في والواليات املتحدة والصين وأوروبا 85، فإن: أغنى

قرا في العالم، وقد مليار شخص من األشد ف 3.5بثروة تعادل تقريبا ما يملكه -وحدهم-الغربية( يستأثرون

62، عن هذه القضية بقولها: "إن 2014، في تقريرها أواخر 3عبرت منظمة "أوكسفام" الخيرية البريطانية

ا في العالم، ال يتجاوز عددهم عدد ركاب حافلة من طابقين، يكتنزون ثروات تعادل ثروة نصف سكان ثري

وأورد التقرير الجدول التالي، يبين فيه أن عدد مليار نسمة."، 3.6العالم مجتمعين، أي: ما يعادل

املليارديرات في تناقص على مر السنين، وهم الذين يعادل مجموع ثرواتهم ثروات النصف األفقر من سكان

بما يعني زيادة استقطاب الثروة بشكل حاد: 2010منذ -بدوره-األرض، وهو عدد يتناقص

2015 2014 2013 2012 2011 2010 السنة

62 80 92 159 177 388 عدد املليارديرات

في املئة الباقية، 99في املئة، األغنى من سكان العالم، تعادل ثروات الـ 1ويذكر تقرير "أوكسفام" أن ثروات

مليار دوالر، وأصبحت 500، أي: بمقدار 2010في املئة منذ 44وأن ثروات فاحش ي الثراء قد زادت بنسبة

، بينهم تسع نساء فقط، بينما انخفضت ثروات النصف األفقر من 2015ن في عام تريليو 1.76ثرواتهم

في املئة، أي: ما يعادل تريليون دوالر، وأن النصف األفقر من السكان 38السكان خالل الفترة نفسها بنسبة

نما في املئة فقط من زيادة الدخل التي تحققت منذ بداية القرن الحادي والعشرين، بي 1قد حصل على

في املئة األغنى. وقد بلغت 1حصلت الفئات األغنى على الباقي، وأن نصف هذه الزيادة ذهبت الى جيوب ال

ما تجمدت أجور العاملين 7.6الثروات املسجلة "أوفشور" املتهربة من الضرائب نحو تريليون دوالر؛ وكل

ارتفعت رواتب وتعويضات القيادات على نحو جنوني.

.)UNDP(مم املتحدة للتنمية الذي يعده برنامج األ 2014تقرير التنمية البشرية لعام 2http://www.oxfam.org.uk/search-راجع تقارير اوكسفام على الرابط التالي 3

results?q=Dafos20بالمئة;show_all=ogb_mixed

Page 16: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

13

تصاديةاألزمات االق -ب

اعتادت كتب االقتصاد أن تحلل األزمات االقتصادية الدورية للسوق الحرة، كظاهرة عضوية في بنيان

: ركود، فأزمة، فانتعاش، فازدهار. لكن املفارقة اليوم أن اقتصاد السوق، وكانت تقسمها إلى أربع مراحل

أزمة 2001انفجرت في العام األزمات أصبحت أكبر وأعم وأشمل؛ ففي السنوات الخمس عشرة األخيرة

"فقاعة الدوت كوم ومؤشر نازداك"، وأدت إلى انتقال أموال الـ"دوت كوم" إلى العقارات، ولكنها بقيت

(، 1933-1929، التي لم تماثلها أزمة أخرى في العمق واألثر سوى أزمة )2008محدودة األثر مقارنة بأزمة

مع انفجار فقاعة 2008سمالية املتقدمة؛ فقد بدأت أزمة محصورة في البلدان الرأ -آنذاك-التي بقيت

الرهن العقاري، بعد أن بلغت الفقاعة سقفها، وتوقفت االرتفاعات الجنونية في أسعار العقارات بأكثر من

قيمتها السوقية الحقيقية بكثير، وأصبح املاليين من صغار املقترضين عاجزين عن سداد أقساط البنوك

مليون مسكن، وعرضتها في السوق خالل فترة 1.3ا؛ فقامت البنوك باالستيالء على نحو التي اقترضوا منه

كانت بعض املؤسسات املالية العمالقة، مثل: "فاني قياسية؛ ما أدى إلى الكساد، ثم االنهيار. وقد

، تضمن حقوق مشتري أوراق Ginnie Mae، "جيني ماي" Freddy Mac"فردي ماك" ،Fannie Maeماي"

"فاني ماي" و"فردي ماك" وحدهما تملكان، أو وكانت هون العقارية من خطر تعثر دفع األقساط.الر

12، وقد بلغ حجم تلك الرهون نحو 2008نصف الرهون العقارية في الواليات املتحدة عام -معا -تضمنان

ز والتمركز، وبالتالي؛ أدى انفجار الفقاعة العقارية إلى تدهور قيمة تريليون دوالر. وهذا مثال على الترك

األسهم بشكل جنوني.

، عن وضع اليد 2008أيلول/ سبتمبر 8وكنتيجة لتلك األزمة، اضطرت الحكومة األميركية إلى اإلعالن، في

؛ لحماية قيمة العقارات ككل، Freddy Macو"فردي ماك" ،Fannie Maeعلى الشركتين "فاني ماي"

؛ فكانت حكومية في Ginnie Maeلهما. أما الشركة الثالثة "جيني ماي" ووضعت مئتي مليار دوالر كضمانة

وما لبثت األزمة حتى انتقلت من قطاع الرهن العقاري إلى القطاع البنكي الذي يمول القطاع األصل.

الصناعة وبقية القطاعات؛ ألن البنوك العقاري، فقد استهلكت سيولتها، وانتقلت من القطاع البنكي إلى

التي تعتمد البنوك في توفير األموال، على تلبية حاجات القطاعات األخرى لالئتمان -حينئذ-قادرةلم تعد

لألسواق والبنوك -اليوم -فأصبحت األزمة تتخلل جسم االقتصاد األميركي، وبحكم الترابط العالمي

Page 17: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

14

النامية كذلك، والشركات؛ فقد انتشرت األزمة ليس في الدول املتقدمة فحسب، وإنما وصلت إلى الدول

ودفعت ثمنا لخطيئة لم ترتكبها؛ فقد أصبحت األزمات االقتصادية عوملية، ال يمكن االختباء منها، عكس

الكبرى؛ فحينها لم تتأثر بها دول العالم الثالث إال على نحو ثانوي، وفي بعض األحيان بأثر إيجابي. 1929أزمة

في الدول املتقدمة وصغار املستثمرين، دفعوا الثمن، خاصةوالنتيجة األهم أن مئات ماليين املواطنين،

التي تركزت األزمة فيها، إما بفقدانهم وظائفهم، وتحولهم إلى بطالة، أو بخسارتهم مدخراتهم الصغيرة التي

يت بأموال دافعي الضرائب؛ ذاستثمروها، واألدهى أن الشركات املنهارة، من بنوك وشركات تأمين وضمان، غ

ايتها من االنهيار، وقد خصصت كل من الواليات املتحدة وأوروبا واليابان مئات مليارات الدوالرات لدعم لحم

من إنفاق هذه األموال على برامج تعود تلك املؤسسات التي تسببت في اإلفالس لحمايتها من االنهيار، بدال

2009لة وغيرها. وقد شاع سنة بالنفع على عموم الناس كالتعليم والتدريب والصحة وتعويضات البطا

ه "خصخصة الربح واشتراكية الخسارة". تعبير عما يجري في اقتصاد السوق الحر بأن

ت؛ إذ ما لبث االستقرار نقذ االقتصاد إلى حين، لكنه إنقاذ موق

صحيح أن إجراءات عديدة قد اتخذت، وأ

االقتصاد العالمي من آثار أزمة حتى الحت بوادر أزمة اقتصادية في األفق، وحتى اآلن لم يت. 2008عاف

والدرس األهم أن فقاعة العقارات التي سببت تلك األزمة ناجمة عن دافع الربح الذي يقف خلف كافة

األزمات االقتصادية، إضافة إلى وقوفه خلف الكثير من مآس ي النظام الرأسمالي ومفاسده.

Page 18: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

15

القسم الثاني

ما العمل؟

د أن الحل ليس بالعودة إلى النظام الذي كان سائدا في املعسكر السوفياتي، وإلى الدولة املتغولة من املؤك

املستبدة، وفي املقابل: ال يكمن الحل في الليبرالية الجديدة السائدة، وتجريب املجرب؛ ألنه سيعطي النتائج

ج لها قد جربت مرارا، وكذ لك ليس الحل في العودة إلى الدولة نفسها؛ فالوصفة الليبرالية التي يرو

االجتماعية الديمقراطية في أوروبا الغربية، وبالتالي؛ ال بد من البحث عن نظام جديد، يستفيد من تجارب

املاض ي، ويستنبط منها منظومة تصلح للمستقبل.

يتجاوز الرأسمالية، وعجز عن

إنتاج نظرية جديدة، بعد انهيار االشتراكية لم يستطع اليسار أن يطور بديال

كما عجز عن إنتاج حركة جديدة؛ فظل الباب مفتوحا على كل اجتهاد ولكل مساهمة.

لكيفية تجاوز الرأسمالية، يتسم بتجاوزها من نسعى في هذ البحث إلى تقديم اجتهاد، وبناء تصور

قدرة إنتاجية تنموية داخلها عبر عملية تطور وبناء/ إحالل متدرج لنظام اقتصادي اجتماعي، يحقق

عالية مع عدالة اجتماعية متنامية، دون اللجوء إلى العنف، ويعتمد اقتصاد السوق وقواعده، فال

يقطع مع الواقع الذي تكون في كل بلد خالل عقود، وربما قرون، وله أسس وجذور راسخة.

بناء مجتمع اإلنتاج والعدالة، مجموعة من األفكار واألسس والقواعد التي نعتقد أنها تؤسس -هنا-نناقش

أو مجتمع العدالة املنتجة. وهذه بمنزلة دعوة لفتح حوار واسع بين املهتمين حول هذا املوضوع العريض،

موضوع تنمبة نظام ديمقراطي شامل، تشكل الديمقراطية االقتصادية أحد أركانه األساسية.

"الديمقراطية االقتصادية" و"تجاوز الرأسمالية"

ة إلى قوة مبدأ االستحقاق الذي يحرك البشر نحو املطالبة بتعديل توزيع الناتج/ الدخل بطرق أكثر إضاف

، ويخلق

حركات اجتماعية وسياسية وفكرية مؤيدة ملبدأ االستحقاق؛ فإن التناقض الذي -بالتالي -عدال

Page 19: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

16

صوره ماركس بين الطابع االجتماعي لإلنتاج، والشكل الخاص للتملك )ملكية وس

ائل االنتاج( يبقى عامال

ا يدفع باتجاه أن تأخذ ملكية وسائل االنتاج طابعا جمعيا واجتماعيا. وثمة عامل ثالث يجسده دور قوي

إحدى النقاط التي سيركز عليها البحث. -هذه -التكنولوجيا في الدفع باتجاه تجاوز الرأسمالية. وستكون

ـ"الديمقراطية االقتصادية"، مستفيدين من معنى الديمقراطية التي نتجه مبدئيا إلى تسمية ما نقوم به ب

فبينما تتوسع الديمقراطية السياسية في عاملنا املعاصر، وتتعدد وجوهها االجتماعية تعني عدم االحتكار،

والثقافية، ويتراجع االحتكار السياس ي )االستبداد(؛ كنتيجة لكفاح خاضته البشرية لقرون، ودفعت أثمانا

اهظة، فإن الديمقراطية مازالت تقتصر على الجانب السياس ي في العالم، فال تصل الديمقراطية إلى ب

جوانب املجتمع األخرى، ومازال االحتكار االقتصادي واستقطاب الثروة هو السمة السائدة والغالبة بل

ل األطراف، وإن كان ويتزايد داخل مجتمعات جميع دول العالم، وفي ما بين دول املركز الرأسمالي ودو

بدرجات متفاوتة. ومع االحتكار االقتصادي تصبح الديمقراطية السياسية، على الرغم من أهميتها، شكلية

ومنقوصة، إذ ال تتساوى قدرات من يملك املال، ويتحكم بفرص العمل، ويمتلك مؤسسات التعليم واإلعالم

ل السياسة وقادة الحكومة واملؤسسة الدينية، واإلعالن وصناعة الرأي العام، وقدرة التأثير على رجا

ويستطيع الترويج ألفكاره، بل وفرضها عبر قوى مختلفة، بمن ال يملك سوى القليل، أو بمن ال يملك أي

قوة تذكر؛ فاالحتكار السياس ي واالحتكار االقتصادي صنوان، ومن طبيعة واحدة، فال ديمقراطية سياسية

من دون ديمقراطية اقتصادية.

تهدف مبادرة "الديمقراطية االقتصادية" إلى جعل الديمقراطية تتوسع؛ لتشمل القطاع االقتصادي،

ضمن ما نسميه بـ "الديمقراطية الشاملة للمجتمع" بجوانبه السياسية واالقتصادية واالجتماعية

على مجال واحد، وكي والثقافية كافة. فإن كانت الديمقراطية تعني املساواة بين البش؛، فال يمكن قصرها

أن الديمقراطية االقتصادية تدعو إلى مساواة الدخل بين الجميع، بغض النظر عما يساهمون ال نفهم خطأ

به في إنتاج القيم املضافة من خالل العملية اإلنتاجية، فاألفراد مختلفون في مؤهالتهم وكدهم العضلي

بد من أن تكون مساهماتهم مختلفة، وما سيحصلون عليه من والذهني ومبادراتهم وقابلياتهم، وبالتالي؛ ال

ده فروقات مساهمة الفرد في إنتاج القيم -في النهاية -عائد ودخل سيكون مختلفا، ولكنه اختالف تحد

املضافة/ الدخل، ولن تصل الفروقات بأي حال آالف وال مئات املرات.

Page 20: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

17

ا الرئيسان: الجانب السياس ي والجانب االقتصادي؛ ولكي تتوازن الديمقراطية يجب أن يتضافر جانباه

-وهذا األمرفحين يتوازن هذان الجانبان األساسيان تتوازن الديمقراطية االجتماعية والثقافية أيضا،

موضوع خالف وصراع بين مفاهيم تمثل مصالح متناقضة؛ فأصحاب األرباح يعتقدون أنهم -كذلك

وحرمانهم من فرصة الربح أمر معاد للديمقراطية؛ ألن يحصلون على األرباح بشكل ديمقراطي،

تكافؤ فرص، والفرص في اقتصاد السوق متاحة على نحو متساو أمام الجميع، -في مفهومهم-الديمقراطية

ويحصل على الفرصة األقدر واألجدر، ومن ال يحصل عليها فتلك مسؤوليته. ويرد أصحاب اليسار بأن

؛ فاألمر أقرب إلى لعبة القمار. كثر من وهممسألة تكافؤ الفرص ليست أ

إن املوجه الرئيس للديمقراطية االقتصادية، ليس منع استقطاب الثروة في النهاية فحسب، بل وتقليص

الفروقات في الدخل على نحو متدرج أيضا، عبر صوغ سياسات تجتذب إليها قطاعات أوسع من الشعب؛

ل إلى التأثير في القرار االقتصادي والسياس ي. ولكن الفروقات ستبقى؛ العتمادها وتأييدها ودعمها، ولتص

لألسباب التي أوضحناها، والتي سنوضحها تباعا. واملعيار املوجه للديمقراطية االقتصادية هو أن تقترب

شيئا فشيئا من واقع تكون فيه حصة كل فرد من الدخل تتناسب ومساهمته في إنتاج الدخل )مبدأ

ق(، بحسب دوره ومساهمته في العملية اإلنتاجية، وفي عملية خلق السلع والخدمات في املجتمع. االستحقا

تتوزع القيمة املضافة املنتجه بين عائدين رئيسين: األول، هو عائد رأس املال "الربح" أي: عائد امللكية،

اعدة البسيطة تقول: والثاني هو عائد العمل، أي: األجور والرواتب والتعويضات، وبالتالي؛ فالق

كلما توسعت قاعدة امللكية، وكان عدد املالكين أكبر، ونسبة ملكياتهم الصغيرة هي األكبر؛ كلما

ع عليهم الربح أكبر وكلما كان استقطاب الثروة أقل، والعدالة أكبر؛ وكلما زادت كان عدد من يوز

قوة العمل على نصيب أكبر من حصة قوة العمل في الناتج املحلي اإلجمالي، وحصل أصحاب

الدخل، وكانت العدالة أكبر.

وعليه؛ يمكن أن نعرف الديمقراطية االقتصادية بأنها نظام اقتصادي يقوم على سياسات تحقق

مستوى متناميا من عدالة توزيع الدخل، في إطار آليات اقتصاد السوق، وباستخدام آليات السوق

زين

مفهوم "توسع قاعدة توزيع الدخل"، الذي يحقق حصول الفرد على ذاتها، وليس بإلغائها، مرك

Page 21: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

18

دخل يتناسب ومساهمته في عملية خلق القيم املضافة، أي: خلق الدخل والثروة التي تتحقق بواسطة

عاملين:

توسيع قاعدة امللكية باستمرار، وتنويع أشكالها؛ بحيث يتم توزيع عائد امللكية )الربح( على (1

من استقطاب امللكية وعائدها في أيد قليلة. شريحة واسعة، بدال

زيادة حصة عائد العمل في الناتج املحلي اإلجمالي. (2

يتم تعزيز العاملين السابقين بحزمة من السياسات االقتصادية والبرامج النشطة في مختلف

ها، تعزز نقدية ومالية وضريبية واستئجارية واستثمارية وتجارية وصناعية وغير القطاعات: سياسات

توسيع قاعدة الدخل، وتحقق سياسية أجرية عادلة.

الديمقراطية االقتصادية واقتصاد السوق الحر

يبقى املناح الذي تنمو فيه الديمقراطية االقتصادية مناخ اقتصاد السوق الحر، القائم على العرض

خول إلى السوق والخروج والطلب، وعلى حرية االستثمار، وحرية ممارسة النشاط االقتصادي، وحرية الد

ل األسعار عبر آليات العرض والطلب، وتعزيز املنافسة، ومكافحة االحتكار، واستكمال البنى شك

منه، وت

التشريعية والتنظيمية واملؤسسية القتصاد السوق، واستكمال تلك البنى التي تشجع االستثمار وتحسن

يد الدينامية، ويرفع القدرة التنافسية لالقتصاد مناخه؛ بما يرفع اإلنتاجية، ويخفض التكاليف، ويز

-في الوقت نفسه -الوطني، وهي مسألة حاسمة في االقتصاد العولمي املفتوح للمنافسة. لكن مع عدم األخذ

بيد السوق الخفية وقدرتها الذاتية على التنظيم، وعدم التدخل في مجرياتها، واالقتصار على مبدأ الرقابة

انت ثمة حاجة ملحة للتدخل؛ فليكن التدخل بأدوات ال تتعارض مع جوهر اقتصاد على السوق، وإن ك

السوق؛ لضبطها وتنظيم إخالالتها، كخلق مناخ استثماري وإشاعة بيئة استثمارية، وتشجيع االستثمار

الوطني، وتطوير البنى التشريعية والتنظيمية واملؤسسية املشجعة لالستثمار، والجاذبة الستثمارات

سياسات تحفز اإلنتاج وترفع اإلنتاجية؛ من أجل إنتاج مزيد من السلع رجية إضافية، ورسم خا

وتطوير آليات التشاور مع القطاع الخاص، بما يحفزه على استثمار يساهم في التنمية والخدمات،

.االقتصادية واالجتماعية املتوازنة

Page 22: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

19

والكبير، أعباء ومسؤوليات؛ ليعيد هيكلة ذاته يضع هذا الدور على كاهل القطاع الخاص املحلي، املتوسط

وتطوير آليات عمله وتطوير مؤسساته إلى املستويات القياسية اإلقليمية والعاملية؛ كي يساهم بقسطه في

رفع قدرته التنافسية.

مبدأ االستحقاق كمبدأ موجه للديمقراطية االقتصادية

للعدالة واإل

شامالنصاف؛ فهو يعني حصول الفرد على ما يستحقه لقاء ما يشكل "مبدأ االستحقاق" مبدأ

يقوم به. ويرى "سان سيمون" أن: "العدالة تتحقق عندما يحصل الناس على ش يء مكافئ في القيمة ملا

يقدمونه". وهو مثل ماركس حين يرى أن مبدأ االستحقاق من مبادئ االشتراكية، و"أنه الطريقة املثلى

. 4ي يحصل عليها الناس متناسبة مع املساهمات التي يقدمونها للمجتمع"لضمان أن تكون املكاسب الت

يعني أن يحصل الفرد على دخل يتناسب مع مقدار مساهمته في إنتاج القيم املضافة، -هنا -واالستحقاق

في إنتاج ما ينفع املجتمع؛ سيحصلون على -أكثر من غيرهم -أي: في إنتاج السلع والخدمات. ومن يسهمون

أكبر من أولئك الذين ال يقدمون سوى مساهمات قليلة، وهذا ما تبناه ماركس في مقولته عن مكاسب

االشتراكية: "من كل بحسب قدرته ولكل بحسب جهده".

ا بوسائل نقدية؟ ولكن هل باإلمكان قياس تلك املساهمة كمي

ل الصراع حوله جوهر الصراع االجتماعي في مسألة توزيع في الواقع إن األمر مختلف عليه كثيرا، ويمث

الدخل؛ فاالستحقاق يجب أن يكون لقاء املساهمة في اإلنتاج، كونه مكافأة على عناصر اإلنتاج، وعناصر

اإلنتاج. في عالم األعمال هي:

املواد األولية، واملساعدة التي تستهلك نهائيا خالل عملية اإلنتاج، سواء أدخلت في اإلنتاج وشكلت (1

.جزءا

منه، أم استهلكت للمساعدة في إنتاجه كالطاقة مثال

األصول الثابتة التي تستعمل في عملية اإلنتاج، وتسهتلك بنسب متفاوتة: )أدوات، عدد، معدات، (2

وسائط، مبان ...إلخ(.

قوة العمل البشرية التي تقوم باإلنتاج في مختلف أقسامه ومراحله. (3

2012لعام 237سلسة عالم المعرفة العدد 214سان سيمون نقال عن كتاب مختصر تاريخ العدالة لديفيد جونسون، صفحة 4

Page 23: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

20

قوق التصاميم وبراءات االختراع واالكتشاف والعالمات تعويض امللكية الفكرية عن استخدام ح (4

عما أنفق من قبل على التصاميم واالختراعات واالكتشافات وغيرها. التجارية، وما شابهها، تعويضا

تعويض/ مكافأة رأس املال الذي يمول العملية اإلنتاجية، سواء في مرحلة اإلنتاج أم التصريف. (5

ق إيرادا يغطي تكاليف املدخالت، من مواد أولية ومساعدة، ويعوض إن بيع السلعة في السوق يحق

اسهتالك األصول الثابتة، وتكاليف رأس املال املقترض، وأجور قوة العمل، ويعوض تكاليف أي خدمات

انفقت إلنتاج السلعة، ثم يحقق بعض الربح أو الخسارة. والربح الذي يحققه املستثمر هو تعويض

ومجازفته، ودوره في تنظيم اإلنتاج. مساهمته برأسماله،

هنا يبرز االختالف الكبير؛ فالنظرية االشتراكية تعتقد أن األجور والرواتب واألرباح هي قيم مضافة، تم

خلقها بفضل العمل الحي من خالل العملية اإلنتاجية، وما األرباح سوى اقتطاع جزء من استحقاق قوة

س "فضل القيمة، أي إنها "استغالل"، فرأس املال ليس أكثر من عمل العمل عما أنتجته، ويسميها مارك

بشري متراكم أنتجه آخرون من قبل، واستولى عليه بعض آخر؛ الستخدامه في االستيالء على مزيد من جهد

اآلخرين.، وعليه؛ فإن رأس املال بحد ذاته غير منتج، ويدخل في اإلنتاج كعمل متراكم بقيمته نفسها؛ ألنه

نفق على شراء مواد، أو أصول ثابتة لإلنتاج، أو نيل خدمات ...إلخ، والقيم املضافة الجديدة يخلقها سي

العمل الحي فقط. أما السلع والخدمات فتتخذ قيمتها التبادلية، أي قيمتها في السوق؛ ألن جهدا بشريا بذل

قيمته االستعمالية كبيرة، كالهواء والشمس في إنتاجها، فما ال يبذل فيه جهد بشري ال قيمة له، مهما كانت

على سبيل املثال.

في حين يرى أصحاب النظرية الرأسمالية أن الربح تعويض ومكافأة املبادرة واملخاطرة والتدبير واألفكار

الجديدة ...إلخ، وهو حق تحميه القوانين اإللهية والوضعية. ويرد اليساريون بأنها قوانين وضعها املالكون؛

لتكرس االستغالل وتحميه.

على النقيض من تبريرات الثروات الفاحشة، يمكننا أن نعد األرباح الصغيرة املكتسبة من أعمال أو ملكيات

صغيرة، مكافأة يستحقها صاحب رأس املال؛ ألنها في حدود املعقول واملقبول، لكن عندما تبلغ إيرادات

إيرادات أشخاص آخرين، فال يمكن قبول فكرة أنها "مكافأة" شخص واحد عدة مئات، بل ومئات اآلالف من

Page 24: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

21

عن مبادرة ومخاطرة وأفكار جديدة وحسن تدبير، فأي مكافأة تلك التي يفوق مقدارها آالف وعشرات آالف

املرات دخول األفراد من عامة الناس؟!

يرة لجدل توزيع الدخل بين قوة ندرك األهمية الكب -التي ذكرناها من قبل-إن عدنا إلى أمثلة تكدس الثروات

العمل ورأس املال، وندرك األمر أكثر عندما نعلم أن الثروات الكبيرة جميعها يتم جمعها باالحتكار

والسيطرة على األسواق املنظمة بما يخدم تكديس الثروة، بل وجزء كبير منها تحقق عبر الفساد، عبر

ثرياء الذين أفرزتهم روسيا، وبقية دول االتحاد السوفياتي الرشوة والسرقات واالتجار باملمنوعات، ولعل األ

واملعسكر االشتراكي القديم، خير دليل على ما ذهبنا إليه؛ فخالل بضع سنوات أصبح اآلالف "مليونيرية"

والعشرات "مليارديرية". وال يمكن عد هذا اإلثراء الفاحش املفاجئ مكافأة عن مخاطرة بأي شكل من

األشكال.

ظم أثرياء األرض حصلوا على ثرواتهم من السوق بطريقة ال غبار عليها قانونيا، ولكن من وجهة نظر مع

ؤوا بهذا الشكل الهائل؟ ماذا قدموا بأنفسهم؟ في الشركات املجتمع ومصلحته، ماذا فعل هؤالء حتى يكاف

لعمال املهرة خلف الكبرى والصغرى يصمم املهندسون املنتوجات، ويقبض هؤالء رواتب محدودة، وا

املكنات يصنعون السلع أو يقدمون الخدمات؛ ويتقاضون أجورا محدودة كذلك، وقطاع التخزين والنقل

والتسويق يسوق السلعة ويحقق اإليرادات، ويتقاض ى أجورا محدودة، واألعداد الكبيرة من املستهلكين هم

، والحكومة تقدم خدمات الحراسة وحما-ية ممتلكات الشركات، بينما تعود املنافع من يجعل الربح ممكنا

إلى املالك الكبير وحده، أو إلى بضعة مالكين دون سواهم. إذن، ينفرد صاحب الشركة يقبض -في النهاية

يه إدارة الشركة بنفسه. األرباح الكبيرة من دون أن يقدم جهدا يزيد على ما قدمه اآلخرون، هذا في حال تول

عدالة توزيع الدخل بين حصة العمل وحصة الربح/رأس املال، وفي أن مبدأ تطول املحاججة في عدم

ع بما يتناسب مع مقدار االستحقاق يتحقق في اقتصاد السوق بشكل غير عادل أبدا. وأن الدخل ال يوز

دافعا قويا باتجاه -هذا -مساهمة كل شخص في إنتاج القيمة املضافة/ الدخل، وسيبقى مبدأ االستحقاق

للدخل.ت

وزيع أكثر عدال

Page 25: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

22

على الرغم من كل هذا؛ فإن عملية تحقيق االستحقاق بشكل عادل، وإقامة نظام سياس ي اقتصادي عادل،

ال يتم عبر الثورة، وال بوسائل عنيفة، وال عبر القطع مع املجتمع القديم مرة واحدة، وبناء نظام جديد على

قلية مغايرة، بين عشية وضحاها؛ فقد أثبتت تجارب أسس جديدة وأنظمة جديدة وبمؤسسات مختلفة وع

العالم أن ثمة طرق أخرى أكثر أمنا وفائدة .

لم نلجأ إلى مفهوم "العدالة"؛ ألن عبارة العدالة تبقى فضفاضة، تعبر عن مضمون عريض غامض غير

الختالف الرؤى، ويمكن للمرء أن يفسرها على هواه، وحتى لو عرفنا محدد، ويخضع ملعايير مختلفة تبعا

من الثروة"، فالنظام الليبرالي يزعم بأنه يحقق العدالة االجتماعية

ا عادالالعدالة بأنها "نيل كل إنسان قسط

بإتاحته فرصا متساوية للربح، وتحصيل الدخل، بين الجميع، بغض النظر عن حجم الدخل أو الثروة التي

بلغ التفاوت. يحققها الفرد، موجبا عدم التدخل فيها مهما

صة في زمان ومكان محددين، ليست إال تكريسا لحقوق األقوياء في حين يرى اليسار أن العدالة، املشخ

الذين ثبتوها في قوانين وأعراف وقيم؛ لحماية منافعهم الخاصة، وهم الذين يضعون القوانين، ثم يروجون

ن من يخرقها، وبالتالي؛ يمكن أن تصبح العدالة أنها قوانين عادلة، وعلى الجميع االلتزام بها، ويعاقبو

مصطلحا تستعمله الطبقات السائدة؛ للتغطية والتمويه على القسوة الشديدة التي تكتنف عالقات

م السلطة التي تقوم عليها املجتمعات. إنها أداة لكبح النزعة الطبيعية للبشر نحو املساواة؛ فهي تنظ

ونواميس إلهية، تقمع نزوع الفرد إلى تحقيق العدالة، وتأمر بالصمت عن التفاوت، وتحميه بقوانين أرضية

التفاوت والصبر عليه.

توسيع قاعدة امللكية

"امللكية واملشاركة فيها حق لكل مواطن"، يمكن أن تكون الفكرة الرئيسة التي يقوم عليها مبدأ توسيع قاعدة

ؤدي توسع قاعدة امللكية إلى توسيع شريحة الناس امللكية مختزنة في عبارة: "كل مواطن مالك"؛ إذ سي

ليس عدد املستفيدين فحسب، بل نسبة مجموع -هنا -املستفيدين من عائد الربح، وما يلعب الدور

حصص أصحاب العوائد الصغيرة من عائد امللكية، إلى إجمالي حصص أصحاب العوائد الكبيرة كذلك،

وهذه تحتاج إلى مراقبة وتقدير مستمرين.

Page 26: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

23

يبدأ تحول املجتمع الرأسمالي إلى مجتمع جديد عندما يصبح الجزء األعظم من السكان حائزين ملكيات

، وتصبح امللكية الفردية الصغيرة وامللكية الخاصة املشتركة، أو الجماعية

صغيرة تدر عليهم دخال

الدور األكبر في االقتصاد، والتعاونية، واملساهمة غير االحتكارية، والنقابية والحكومية، هي التي تلعب

ل العدد األكبر من العاملين، ولها الحصة األكبر من حيث امتالكها لقيمة األصول، أو إنتاجها للسلع وتشغ

والخدمات؛ بحيث تنتج الجزء األكبر من الناتج املحلي اإلجمالي، ومن حيث حصتها من السوق وحصتها من

الربح.

عروفة للملكية الخاصة ذات الطابع املشترك، ال بد من تطوير أشكال إضافة إلى األشكال السائدة وامل

جديدة من املشاركة في امللكية. ولكن ال بد من إفساح املجال أمام جميع أشكال ملكية وسائل اإلنتاج،

وجميع أشكال امللكية الخاصة الكبيرة والصغيرة، وامللكية الخاصة الجماعية، وملكية الدولة، وعدم

ي تضاد يؤدي إلى التصادم واإلقصاء القسري ألي شكل؛ إذ سيكون لجميع أشكال امللكية أدوارها وضعها ف

أن تتنافس؛ إلثبات -هذه-املتكاملة في عملية التنمية االقتصادية واالجتماعية، ويمكن ألشكال امللكية

ذه الحال، ال يصبح جدارتها، وبالتالي؛ حجم مساهمتها ومساحتها في ساحات االقتصاد واملجتمع، وفي ه

للسؤال عن املفاضلة "اإلرادوية" بين أشكال امللكية معنى، وتصبح سياسات التأميم واملصادرة، والتضييق

على رأس املال الخاص، وإقامة اقتصاد شمولي مركزي سياسات عفى عليها الزمن، كما يصبح العداء مللكية

والدعوات للخصخصة، كطريق وحيد ملعالجة مشاكل الدولة، أو امللكية العامة، أو امللكية املجتمعية،

القطاع االقتصادي الحكومي، سياسات بالية كذلك، وبناء عليه؛ فإننا نعتقد بأن االنتقال من تطرف

يساري إلى تطرف يميني أمر ال يقل ضررا عن األول.

يقتصر على قطاع األعمال الرأسمالي الفردي الخاص، بل يجب أن يشمل إن مفهوم قطاع األعمال يجب أآل

أي نشاط اقتصادي، بغض النظر عن شكل امللكية وطبيعتها، بما فيه قطاع الدولة االقتصادي الذي يجب

أن يخضع، بدوره، لألنظمة والقوانين والقواعد نفسها التي تخضع لها بقية أشكال امللكية، كما أن مفهوم

امللكية الخاصة -كذلك-ة األفراد فحسب، بل وتشمل امللكية الخاصة لوسائل اإلنتاج يجب أال تعني ملكي

الجماعية أو املشتركة، مثل: امللكية املساهمة، وامللكية التعاونية، وامللكية البلدية، وامللكية النقابية،

وغيرها.

Page 27: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

24

عد ملكية وسائل اإلنتاج مسؤولية اجتماعية، وليست مسألة شخصية األمر املكمل لهذه الرافعة هو أن ت

ة محض، فأي منشأة تضم مجموعة من أصحاب املصالح إلى جانب املالكين، أو ما يسمى فردي

، مثل: عمال املنشأة الذين يخسرون فرص عملهم بتدهورها، والزبائن الذين Stake holderباالنكليزية

ألولية، ومن من يورد املواد ا -أيضا-يستخدمون منتوجاتها؛ فتدهورها يسبب الندرة ويرفع األسعار، وهناك

ص تدهورها أعمالهم، إضافة إلى الحكومة التي تحصل ضرائب للخزينة من يقدم خدمات للمنشأة؛ إذ يقل

. ولكون املنشأة مؤسسة اجتماعية مندمجة في stock hholderيسوا أصحاب األسهم املنشأة، وهؤالء ل

ؤولية اجتماعية، بمعنى أنها االقتصاد واملجتمع؛ فيجب النظر إليها على أنها مؤسسة اجتماعية بمس

مسؤولة عن أن تلعب دورا إيجابيا، تراعي فيه مصالح الجميع، وتضع عليه بعض االلتزامات.

تنمية أشكال امللكية التالية: توسيع قاعدة امللكيةيشمل

دعم امللكية الصغيرة والفردية )املشروعات الصغيرة، والصغيرة جدا واألسرية( ضمن القطاعات -أ

اسبة لها، وبسياسات وبرامج خاصة. املن

تنمية امللكية التعاونية سواء أكانت جمعيات تعاونية إنتاجية سلعية زراعية، أم جمعيات حرفية، -ب

أم جمعيات تعاونية خدمية، أم تعاونيات استهالكية، ويمكن للتعاونيات أن تكون مجمعات تجارية

م وفق أحدث أنماط وأسالينظ

ب وأنظمة املؤسسات العصرية الكبيرة، وليس أو إنتاجية كبيرة، وت

بوصفها مجرد منشآت صغيرة.؛ فعلى الرغم من أن القطاع التعاوني يحمل طاقات كبيرة؛ فإنه ما

زال ال يؤدي دورا يذكر؛ لذا فإن تطوير دور امللكية التعاونية يحتاج إلى دراسة واقعه، وتحديد

ن القطاعات املناسبة، وتحديد حزمة الحوافز مجمل حاجاته التشريعية والتنظيمية، وتعيي

أن لدى أوروبا تجربة تعاونية تستحق الدراسة، -في هذا املقام-ومستلزمات تنميته. وما يجدر ذكره

على الرغم من تراجعها في العقود األخيرة، وتحول بعض مؤسساتها الكبرى إلى األخذ بقواعد

دراسة طاقات القطاع التعاوني، وتقديم أفكار الشركات الخاصة؛ لذلك يسعى هذا البحث إلى

إضافية لتنمية دوره.

من الجدير بالتطوير "الشركات التعاونية"، وهي شركات ربحية، تعمل وفق قواعد السوق نفسها، -ت

وتخضع للنظم نفسها، وتدفع ضرائب، لكن مبدأها يقتض ي أن يكون جميع العاملين في الشركة

ك يحتاج دراسة؛ لتحديد مستلزماته التشريعية وغير التشريعية، شركاء فيها، وهذا الشكل كذل

Page 28: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

25

وتحديد حزمة الحوافزالالزمة لتنميته، وهو نمط من الشركات يمكن أن ينشط في أي قطاع من

القطاعات، وفي العالم بعض تجارب في هذا النمط، يسعى البحث إلى دراستها، واالستفادة من

صها. تجربتها، وتقديم أفكار جديدة بخصو

تعزيز دور الشركات املساهمة العامة، غير االحتكارية، التي يوضع سقف منخفض جدا مللكية -ث

الشخص الواحد الطبيعي أو االعتباري فيها، والتي تطرح أسهمها لالكتتاب العام. ومن املجدي منح

هذا النمط من الشركات معدالت ضريبية منخفضة، وأن تعطى أولوية في تعهد بعض األعمال

العامة، وسنسعى إللى معالجة هذا الجانب في بحثنا.

تنمية ملكية الهيئات األهلية، مثل: ملكية البلديات، وملكية النقابات والهيئات االجتماعية األخرى، -ج

واملنظمات غير الربحية، وقيامها بمشروعات اقتصادية، خاصةفي قطاعات تتناسب واملجال الذي

استغالل مرفق بلدي، أوإقامة شركة أدوية لنقابة الصيادلة، يساهم تختص به النقابة أو البلدية، ك

فيها الصيادلة أنفسهم، أومستشفى لنقابة األطباء، يساهم فيه األطباء، أو شركة مقاوالت لنقابة

املهندسين، يساهم فيها املهندسون، وغيرها، على أن تقام تلك املشروعات وفق قواعد الربحية،

قواعد اقتصاد السوق. والحساب االقتصادي، و

للملكية الخاصة في القطاع االقتصادي، مهما بلغت دعوات -ح

ستبقى امللكية الحكومية جزءا مكمال

الخصخصة والدولة النحيلة من غلو، ولكن يجب أن يتركز استثمار الدولة في القطاعات

ة إلى قطاعات االستراتيجية والقطاعات التي يحجم القطاع الخاص عن االستثمار فيها، إضاف

مختارة؛ لتحقق موارد للخزينة العامة. وحتى لو لجأت الدولة لتعهيد منشآتها وخدماتها وجزء من

مهماتها؛ فإن بعض الخدمات ال يمكن تعهيدها؛ ألنه ال يجوز إخضاعها للمصالح الخاصة،

رات خاصةمهمات مثل الجيش والشرطة والسجون والقضاء واإلدارت العامة للوزارات واإلدا

املحلية، وذلك تحقيقا ملبدأ حيادية الدولة. سنغطي في البحث األدوار املمكنة للقطاع الحكومي

االقتصادي "ملكية الدولة"، بشكل يأخذ املكان الذي يستحقه في البحث، متناولين سلبيات

التجارب السابقة، والقائمة، وإيجابياتها.

بة، يمكن ملجموعة من أشكال توسيع امللكية أن تجد إضافة إلى األشكال السائدة واملعروفة واملجر -خ

طريقها نحو النمو، وسنبحث عن هذه األشكال، مثل: امتالك أصحاب املصالح جزءا من ملكية

الشركة، كالذين يوردون بانتظام مواد أولية أو خدمات للشركة، أو يستجرون منتوجات منها على

لك الشركات، أو أن يمتلك املشتركون في خدمات نحو منتظم، أن يمتلكوا أسهما أو حصة في ت

Page 29: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

26

-الكهرباء واملاء والهاتف

أسهما في الشركة التي تقدم الخدمة؛ بحكم أنهم زبائنها لفترات طويلة، -مثال

ويمكن أن يمتلك من يستعمل شركة نقل باستمرار بعض األسهم فيها )قطارات، باصات، طائرات

ع وتنظيم وتحفيز...إلخ(، ويحتاج هذا األمر إلى تشري

ب -دولكي تنمو هذه األشكال املتعددة من امللكية الخاصة املشتركة، أو املشتركة الخاصة، فإنها تتطل

وعيا واسعا من األفراد بمصالحهم املادية، وبقدرتهم على العمل؛ لتنمية هذه األشكال من امللكية،

يمكن للحكومة أن تؤمنها، وأن واستعداهم لالنخراط فيها، كما يتطلب إنشاء صناديق تمويل،

تفرض تشريعات تشجع، أو ربما تلزم املصارف بتوجيه جزء من قروضها إلى هذه الفئات واألشكال

من النشاطات، بل يمكن منحها مجموعة من املزايا. وسيقوم البحث بتحليل بعضالسياسات،

مستفيدا من املوجود في العالم، طارحا أفكارا إضافية.

سياسة أج

ور وسوق عمل أكثر عدال

تشكل األجور وحزمة املزايا املمنوحة لقوة العمل الجزء اآلخر من الناتج، ويحصل عليها كل من يعمل بأجر

هي ربط األجر بتكاليف الحياة للعامل وأسرته، وبمستوى -لذلك-في أي قطاع عمل، والقاعدة األساسية

باإلنتاجية -كذلك-ضخم وارتفاع األسعار، ويجب ربطها وبمعدالت الت -وهذه موضوعات خالفية- -املعيشة

والجودة والكلفة؛ فال أجور مرتفعة من دون إنتاجية مرتفعة وجودة مرتفعة وكلفة منخفضة.

ل موضوعات صراع أبدي بين رب العمل واملشتغلين؛ إن موضوع األجور واملزايا وتنظيم سوق العمل تشك

ع من الربح، ما لم تقترن زيادة األجور برفع اإلنتاجية، وعادة ما تثير مسألة فكل زيادة لألجور واملزايا تقتط

رفع األجور حفيظة رجال األعمال؛ بسبب تأثير رفع األجور في الكلفة واألسعار والقدرة التنافسية

سع ملنتوجاتهم، خاصةفي عالم اليوم املفتوح؛ على الرغم من أن زيادة األجور من الناحية االقتصادية تو

السوق؛ ألنها تنعكس كقدرة شرائية أكبر؛ ما ينعش االقتصاد.

يظهر تحليل العالقة املثالية بين املشتغل ورب العمل، أنه من صالح رب العمل أيضا أن يرفع اإلنتاجية،

ويحسن النوعية، ويخفض كلفة اإلنتاج؛ وهذه العوامل الثالثة التي ترفع القدرة التنافسية تتحقق

لطرفين: رب العمل والعامل؛ فرب العمل عليه أن يطور التكنولوجيا املستخدمة، ويحسن بمساهمة ا

Page 30: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

27

تنظيم العمل، ويدرب العاملين، ويربط زيادة أجر العاملين بهذه العوامل الثالثة )إنتاجية ونوعية وكلفة(.

تصاد ال تنطبق مع والعامل من جانبه يقدم االلتزام ويقوم بواجبه بكل ما يحقق ذلك، ولكن حسابات االق

الحاالت املحددة ألوضاع الشركات التي تفكر بمصالحها الخاصة وعلى املدى القصير، وثمة شروط مكملة

ا من الحماية املرنة غير الصلبة لألجور واملزايا النقدية، أو العينية، شروط سوق العمل التي تؤمن حد

ا، للعامل؛ فتحميه من التسريح التعسفي وتحمي حقوقه، وسي ل موضوعا خالفياسات سوق العمل تشك

وموضوعا للصراع. ألن موضوع األجور واملزايا، وتنظيمات سوق العمل، هي مواضع صراع أبدي؛ فإن تنظيم

العمال في نقابات قوية توحد كلمتهم، مقابل كلمة وإرادة رب العمل الواحدة، تؤدي دورا رئيسا في حصول

، وكلما ضعف التنظيم النقابي كلما تراجعت حقوق املشتغلين. قوة العمل على أجور أكثر عد

ال

في إطار هذا الصراع، نعتقد أن مشاركة العمال في ملكية الشركة التي يعملون فيها ستغير طبيعة العالقة

ممكنة للمشاركة، مستفيدين من تجارب

ا، من عالقة تصادمية إلى عالقة تشاركية. وسنبحث أشكاال جذري

وقائمة، إضافة إلى بحث بقية الجوانب في نظام األجور والرواتب وأنظمة سوق العمل. سابقة

اعية سياسات قط

إن حزمة من السياسات النقدية واملالية والضريبية والتجارية واالستثمارية، وسياسات سوق العمل

يع قاعدة امللكية، وغيرها، إما أن تعزز استقطاب الثروة، أو تعزز توسيع قاعدة توزيع الدخل، وتوس

وتوسيع وتطوير سياسة أجرية وسياسة سوق عمل عادلة. وسيتناول البحث السياسات املناسبة لتنمية

توسيع قاعدة امللكية، وتدعم تنمية امللكية الخاصة -بدورها-توسيع قاعدة توزيع الدخل، والتي تعزز

املجتمعية التي عددناها.

الدور الذكي للدولة

ة دورها، على نحو يعزز توسيع قاعدة توزيع الدخل، وتلعب دورها االقتصادي االجتماعي كي تؤدي الدول

ب، فيمكن أن يتسم دورها بما يلي: التنموي املرك

Page 31: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

28

دور الدولة كمنظم،أي: خلق البنية التشريعية والتنظيمية واملؤسسية للنشاط االقتصادي، -1

واختالالتها االقتصادية واالجتماعية، بما في ذلك دورها التدخلي؛ لتصحيح تشوهات السوق

مستخدمة السياسات النقدية واملالية والتجارية؛ بما يخلق بيئة مشجعة لالستثمار.

دورها كحكم محايد بين طبقات املجتمع وفئاته؛ بحيث ترعى التوازن االجتماعي، وتسهم في -2

استقطاب امللكية، ومنع تصحيح التشوهات االجتماعية التي تخلقها السوق، بما في ذلك كبح

استقطاب الثروة، وتحفيز توسيع قاعدة امللكية وقاعدة توزيع الدخل، إضافة إلى أدوارها

االجتماعية والثقافية.

دورها كمستثمر مكمل ومبادر إلقامة االستثمارات التي يحجم عنها القطاع الخاص )األهلي(، -3

، أم تلك التي تسهم في توازن العرض والطلب، سواء أكانت في بعض القطاعات أم في بعض املناطق

ولكن وفق األنظمة نفسها، ودون أي مزايا غير مبررة، ويمكن لهذا الدور أن يتخذ شكل شركات

في املئة، وأن تدار 50حكومية خالصة، أو مشتركة مع القطاع الخاص، وبنسب تقل عن

، تتبع لصندوق استثمار حكومي استثمارات الدولة هذه من شركة، أو شركات، قابضة حكومية

وليس لوزارة املالية أو اية وزارة أو جهة إدارية، وتعمل وفق قواعد السوق.

إقامة البنية التحتية املادية واالجتماعية للنشاط االقتصادي واالجتماعي، وهذا يشمل املرافق -4

فاقها على التعليم العامة، من طرق وجسور وأقنية وسدود ومنشآت عامة معروفة، إضافة إلى إن

بمراحله كافة، وتقديم الخدمات الصحية مجانا، أو بتعرفة منخفضة للفئات محدودة الدخل،

وذلك؛ ملنع استقطاب املجتمع بين دائرتين: دائرة غنية، تمتلك التعليم والصحة، ودائرة فقيرة

ضة، وأن يكون لها برامج تملك الجهل واملرض، عالوة على ذلك، أن تنفق على الثقافة والفنون والريا

لدعم الفئات املهمشة.

للنهوض بهذه األدوار بكفاءة، البد من رفع معدالت الضريبة على األرباح املرتفعة؛ بتطبيق ضريبة -5

تصاعدية، وخفض ضريبة القيمة املضافة، أو إلغاؤها؛ ألنها ضريبة غير عادلة.

نعتقد أن الوصفة الليبرالية "الدولة النحيلة" إن دور الدولة موضع جدل، بل وخالف، ولكن ال -6

هي الوصفة التي تناسب الديمقراطية االقتصادية، ودور الدولة الذي يناسبها يمثله التشبيه البليغ

بالقبض على العصفور؛ حيث العصفور هو املجتمع، تقبض عليه يد الدولة، فإن شدت فإنه

التشبيه، أتذكر كم نحن في توق إلى الطيران، سيختنق، وإن أرخت فإنه سيطير؛ وإذ أورد هذا

Page 32: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

29

أن تكتم أنفاسنا، ومع ذلك يجب أال يدفعنا التطرف -في املاض ي-خاصة بعد أن كادت قبضة الدولة

إلى تطرف آخر.

حيادية الدولة تجاه الطبقات والفئات االجتماعية شرط ال بد منه؛ كي تقوم بدورها على النحو الصحيح.

الحيادية نسبية، ومن الصعب جعلها مطلقة، لكن تعزيز حيادية الدولة أمر ضروري؛ وعلى الرغم من أن

لقيام ديمقراطية اقتصادية، ال تكون فيها الدولة أداة بيد طبقة رجال األعمال، يستخدمونها بما يعزز

مراعاة مصالحهم فقط، بل يجب أن تكون حيادية إلى حد بعيد، وأن تؤدي دورا محايدا يحفظ التوازن، و

املصالح املشتركة بين الطبقات والفئات.

برنامج طوعي إلعادة هيكلة الشركات

ال بد من تخليص الشركة من سيطرة منطق الربح بشكل مطلق، وأن يكون هو املعيار الوحيد والدافع

الكيها، أي: الوحيد. وبالتالي العمل باتجاه جعلها مؤسسة اجتماعية، إلى جانب كونها مؤسسة إلنتاج الربح مل

باتجاه جعلها مؤسسة في نسيج اجتماعي، ترتبط بها وبنجاحها مصالح فئات واسعة، كمصالح من يعملون

فيها، فيتلقون أجورهم منها، ومصالح مستهلكي منتوجاتها من السلع والخدمات، ومصالح مزوديها باملواد

مين والضمان االجتماعي، وغيرها؛ والخدمات، ومصالح الجهات الضريبية، ومصالح البنوك وشركات التأ

فجميع هؤالء يتأثرون سلبا وإيجابا بنجاحات الشركة وفشلها، ويتأثرون بمدى التزامها بواجباتها، والتزاماتها

املالية واإلنتاجية واالجتماعية وغيرها.

تم:في إطار هذا التصور فمن الضروري، لتعزيز التطور االقتصادي واالجتماعي املستقر، أن ي

إشراك العاملين في جزء من ملكية الشركة على شكل حصص، أو أسهم مدفوعة القيمة نقدا أو -1

عوضا عن الحوافز أو أي شكل مالئم، حتى لو كانت نسبة ملكية املشتغلين صغيرة، وأن يشارك

ن ممثلو املشتغلين في االجتماع السنوي للشركة )جمعيتها العامة(؛ وهذا يعزز تقارب املصالح بي

املالكين املشتغلين بما ينعكس إيجابا على الجميع. إن اتجاه تمليك املشتغلين حصصا في الشركة

التي يعملون فيها يزداد ويتسع عبر العالم، وهو شكل قابل للتعميم.

Page 33: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

30

أن تخضع الشركة للمراجعة االجتماعية؛ لتقويم أدائها السنوي االقتصادي والتزاماتها -2

املراجعة إلى وضع أسس كاملة ونظام وآلية، وهي مراجعة مجتمعية االجتماعية، وتحتاج هذه

وليست حكومية، ويجب أن تكون ملصلحة الشركة؛ بحيث تقدم لها شهادة ذات قيمة أخالقية.

توسيع التزام الشركة ببرامج اجتماعية، مثل: تخصيص منح دراسية للطالب، أو إقامة برامج -3

يذ مرفق صغير، كمستوصف في حي، أو املساهمة في تنظيف تدريب لعاطلين عن العمل، أو تنف

البيئة في منطقة ما، أو دعم برنامج ثقافي معين، أو غيرها من برامج.

تختار الشركة الدخول فيه برنامج طوعي،إن برنامج إعادة هيكلة الشركات، بجانبيه املذكورين أعاله، هو

شهر الشركة، دون إلزام ودون تبعات إضافية على الشركة التي ال ترغب في تطبيقه؛ فهو مزية إضافية ت

بوصفها شركة تفي بالتزاماتها تجاه املشتغلين لديها، وتجاه الجهات الضريبية، وتجاه املتعاملين معها،

وبوصفها شفافة ال تخفي شيئا، وذات برنامج وطني.

ائد لآلخرين؛ فيجب أن تنال الشركة حافزا وبما أن هذا البرنامج طوعي، وبما أن التزام الشركة به يقدم فو

لتنفذه، إضافة إلى إشهارها كشركة ملتزمة اجتماعيا، يفيدها اإلشهار في معامالتها مع الضرائب والضمان

االجتماعي، وفي تقويمها عندما تتقدم إلى املناقصات الحكومية، وفي تعامالتها مع البنوك؛ فهي "شركة

نظيفة".

شركات كثيرة لتطبيق إعادة الهيكلة الحالية، ولكن يتوقع أن تبادر بعض الشركات ال يتوقع أن تبادر

إن كانت ستحذو -فيما بعد -الطليعية؛ لذلك، ستراقب الشركات األخرى نتائج مثل هذا البرنامج، وستقرر

ارتفاعه إلى حذو الشركة املبادرة أم ال، والشك في أن إطالق القطاع الخاص مثل هذه املبادرة،مقياس ملدى

مستوى الحاجات الوطنية، وتحوله من قطاع لشركات فردية وعائلية، تسعى وراء الربح إلى قطاع رئيس في

املجتمع له رؤية وطنية ومشروع وطني.

مجلس اقتصادي اجتماعي

ل فيه األطراف الثالثة الرئيسة للعقد االجتماعيمث

قامت عدة دول بتشكيل "مجلس اقتصادي اجتماعي" ت

وهي:

Page 34: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

31

الدولة، ممثلة بأجهزتها. -1

بغرف التجارة والصناعة، واتحادات رجال األعمال. -2

مجتمع قطاع األعمال املنظم، ممثال

بنقابات العمال، والنقابات املهنية، واملنظمات األهلية الكبرى للفالحين -3

املجتمع املدني، ممثال

ت التمثيلية. والنساء والشباب واألحزاب السياسية واملؤسسا

بحيث يكون املجلس ندوة للتشاور، واالتفاق على قواعد تحفظ التوازن، وتحفز التنمية االقتصادية

انسجاما -على األقل -واالجتماعية الشاملة؛ فإن لم تنجزهذه التجارب نجاحات ذات قيمة؛ فإنها ستحقق

لتجارب، ويحلل نجاحاتها وإخفاقاتها.في أسسها مع "الديمقراطية االقتصادية".سيغطي البحث بعض تلك ا

مجتمع مدني فاعل

املجتمع املدني الفاعل الذي يمتلك قدرات عالية على التنظيم والتعبير والعمل املشترك، هو شرط ال بد

منه لتنمية الديمقراطية االقتصادية، وتنمية أسس نظام سياس ي واقتصادي، يتجاوز الرأسمالية الليبرالية

ى. وكما أن قطاع األعمال الكبير ينظم نفسه في اتحادات؛ فإن الكتلة الرئيسة من املجتمع إلى درجة أعل

كلمة -موضوعيا –املدني املكون من املشتغلين واملستهلكين تحتاج إلى ما يجمع كلمة مكونيها؛ لتعادل

جتمع املدني.الدولة، وكلمة قطاع األعمال، في الشراكة الثالثية بين الدولة وقطاع األعمال وامل

إن بناء اقتصاد ديمقراطي يحتاج مساهمة واسعة من الناس، ويحتاج مبادراتهم العملية، خاصةإنشاء

دور النقابات العمالية واملهنية والجمعيات األهلية -هنا -الجمعيات التعاونية والشركات التعاونية، ويأتي

في الترويج والتحشيد. واألحزاب السياسية، ودائما يؤدي اإلعالم دورا مهما

ينبغي أن يكون املجتمع مبادرا ال مكتفيا، وكما هي العادة، باملبادرات التي تطرحها الحكومة؛ فمجتمع

االقتصاد الديمقراطي مجتمع املبادرات التي تأتي من األطراف الثالثة: الحكومة، وقطاع األعمال، واملجتمع

املدني.

صالحهم، وبأدوارهم، وبفوارق الثروة، ونمو استعدادهم نمو وعي طبقي لدى عموم الناس بم -أ

للعمل من أجل مصالحهم.

تطوير نظرية شاملة؛ لتجاوز الرأسمالية من داخلها. -ب

تكوين تيار فكري ثقافي، ينعكس في البحوث، وفي اإلعالم واألدب والفن...إلخ. -ت

Page 35: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

32

بنى الديمقراطية تكوين تيار سياس ي من أحزاب وجمعيات ونقابات ومنظمات غير ربحية، تت -ث

االقتصادية، وتروج لها.

يؤدي اإلعالم دورا رئيسا في الترويج للديمقراطية االقتصادية. -ج

كما يؤدي التعليم الدور املهم اآلخر. -ح

تحديات

الكلمة الفصل؛ لذلك فإن تنمية -دائما-من السهل أن نصوغ تصوراتنا عن األنظمة املثالية، ولكن للواقع

ا -هنا-ة االقتصادية ستواجهها تحديات كثيرة، نذكرها الديمقراطيسريعا، مع إدراكنا أنها تقتض ي بحث

وافيا:

تحدي تنمية نظام اقتصادي يختلف في أسسه عن السائد في العالم، ويناقض مصالح الطبقات -

وعلى ،وفرصه وموارد الرزقاملال ومراكز العمل إدارة املجتمع، و املتسيدة، كونها القابضة على

تكرس قناعة العامة بشرعية قواعد اقتصاد التي املؤسسة الدينية مؤسسات التعليم واإلعالم و

السوق السائدة، وبأنها الحل الوحيد واألفضل عبر التاريخ )نهاية التاريخ(، وتعزز شعور الناس

بالعجز عن الفعل، وبعدم جدوى أي محاوالت للتغيير،

بية عن "االشتراكية" التي كرستها التجارب السابقة.تحدي التغلب على الصورة السل -

تحدي تنمية أنظمة ضريبية ونقدية ومالية وتجارية جديدة، ال تتطابق مع السائد، في عالم يزداد -

انفتاحا وعوملة.

التحدي الذي يحول دون دفع البرملانات والحكومات املحليةإلى وضع تشريعات، تساعد في تنمية -

اصة املشتركة، وبناء أنواع من املنشآت االقتصادية التي تعزز الديمقراطية أشكال امللكية الخ

االقتصادية،

جديدة أفكار جديدة بديلة عن الرأسمالية،تحدي صوغ -

وصوغ سياسات جديدة، تنمي أشكاال

مالئمة للديمقراطية االقتصادية )سياسيات ضريبية، وسياسات مالية عامة، وسياسات امليزانية

وسياسات نقدية: من فائدة مدينة ودائنة وإقراض وتسليف وأسعار صرف، سياسات العامة،

تجارية، وسياسات إسكانية وسياسات التعهيد الحكومي التي تشجع أشكال امللكية الخاصة

الجماعية، وسياسات صناعية، وسياسات الخدمات الصحية، وسياسات التعليم في جميع

Page 36: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

33

النقل واالتصاالت، وسياسات إعالمية مالئمة، وسياسات مراحله، وسياسات التدريب، وسياسات

ثقافية لترويج مفاهيم الديمقراطية االقتصادية، وتطوير أدوات رقابة مجتمعية أكثر فاعلية؛

لقياس وضبط أداء الحكومة والهيئات الجماعية، وغيرها(،وذلك على أنقاض أنظمة وسياسات

وثقافات راسخة عميقة الجذور،

ا-وعي الذاتي لألفراد؛ بحيث يندفعون تحدي تنمية ال - للمشاركة الفاعلة في إقامة مؤسسات -ذاتي

ا. املجتمع الديمقراطي اقتصادي

تحدي صوغ ربط الدخل بمساهمة الفرد في خلق القيم املضافة/ الدخل )مبدأ االستحقاق(، -

امل املنتجة للقيم بأشكال عملية قابلة للتطبيق، وكيفية قياس هذه القيم املضافة، وتحديد العو

املضافة وعوائدها املقبولة.

ا؛ فال تقوم اإلدارات بإساءة - تحدي تأمين إدارة كفء، ونزيهة، للمؤسسات اململوكة جماعي

استخدامها، وتحدي التغلب على صعوبات من قبيل أن إدارات الشركات التعاونية والبلدية

تس يء استعمال صالحياتها؛ لخلق منافع ال -التي يديرها تكنوقراط يعملون بأجر -والنقابية

شخصية ضيقة.

ب على الصعوبات التي -تحدي دعم القطاع التعاوني؛ ليؤدي دورا أكبر من دوره الحالي، والتغل

تعترضه،

تحدي تطبيق سياسات سوق العمل املناسبة للديمقراطية االقتصادية، في الوقت الذي تتعارض -

الكبير.فيه مع مصالح قطاع األعمال الخاص

قياس نمو املجتمع البديل في قلب القديم

سينمو النظام الجديد في قلب النظام القائم، وسيسهم توسع التعليم ونمو املعرفة في أوساط الناس،

وتوسع الحوار والتواصل بين الناس عبر وسائط التواصل االجتماعي، وإفالت عقول الناس من رقابة

نمو وعي الناس بمصالحهم وبالصراع الطبقي، ويحفزهم على طرح أفكار في -ذلك كله-االستبداد، سيسهم

جديدة، مدفوعين بالعداء ملفاسد التفاوت والفساد عموما، وبالبحث عن سبل التغيير، وسيمهد انتشار

الديمقراطية السياسية الطريق إلى الديمقراطية االقتصادية، فال ديمقراطية اقتصادية وال عدالة

الستبداد.اجتماعية مع ا

Page 37: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب

34

سنستخدم العديد من املؤشرات التقنية لقياس هذا النمو، ولكن ثمة مؤشرات رئيسة:

نسب توزيع الناتج املحلي اإلجمالي بين حصة قوة العمل وحصة األرباح. -أ

حصص أعشار املجتمع من الثروة. -ب

هيكل امللكية ومدى تمركزها. -ت

ص صغيرة جدا، وصغيرة، ومتوسطة تركيب توزيع حصة األرباح، كأن توضع فئات ألصحاب حص -ث

دنيا، ومتوسطة ومتوسطة عليا، وعليا دنيا، وعليا، وفوق العليا.

نسبة مساهمة أشكال امللكيات الصغيرة والتعاونية، وامللكيات الجماعية واالجتماعية، في الناتج -ج

وحصتها من األرباح.

غيرها من مؤشرات كثيرة. -ح

صورة، ويحتاج األمر إلى تحليل حي يجرى باستمرار.ولكن تبقى املؤشرات عاجزة عن نقل ال

كلمة أخيرة

على الرغم مما قدمته هذه الورقة من أفكار؛ فإنها لم تقدم أكثر من فكرة أولية ومدخل، وهي ال تجيب عن

السؤال حول قضية الديمقراطية االقتصادية وتجاوز الرأسمالية؛ فالقصد منها إثارة السؤال حول تجاوز

.لكل من يرغب أن يشارك فيهمالية، وإقامة نظام ديمقراطي شامل، وطرحه على بساط البحث الرأس

Page 38: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب
Page 39: ﺔﻳدﺎﺼﺘﻗﻻا ﺔﻴﻃاﺮﻘﻤﻳﺪﻟا ﻦﻋ ﺚﺤﺒﻟا · ين }سكس }لكنلأا يلامسأرلا جذ }منلأا ... ايلاطيإ وأ ايناطيرب