االسم و اللقب: حمدوش رياض الرتبة األكاديمية: أستاذ محاضر

الشهادة المحصل عليها : دكتوراهالتخصص: عالقات دولية

الجزائر3جهة العمل: كلية العلوم السياسية – جامعة قسنطينة 0557469428الهاتف النقال:

hamdouche71@yahoo.fr البريد االلكتروني: عنوان المداخلة: تطور مفهوم بناء السالم: دراسة في النظرية و

المقاربات

مقدمة لقد ظهرت مع نهاية الحرب الباردة وبروز النظام الدولي الجديد، أش��كال جدي��دة من النزاعات ساهمت في تطوير حقل حل النزاعات الدولية الذي يع��نى بدراس��ة أسباب الحرب و النزاع و العمل على حلها،وهذا التطور في حقل النزاعات عرف نقاشات فكرية ونظرية من طرف المحللين ، السياسيين واألكاديميين الذين أب��دو اهتمام بالغ ،ومحاولة لتوضيح الغموض ألمفاهيمي وتدارك بعض العج��ز في إيج��اد

وهذا راج��ع إلى التش��ابك"بناء السالم"،نظرية تلم بكل جوانب وحيثيات مفهوم و التداخل في المفاهيم والرؤى حول هذا الموضوع .

ال��ذي ارتب��ط بمرحل��ة الح��رب الب��اردة يعت��بر منبن^اء الس^الم إن مفه��وم المواضيع المهمة والمثيرة للنقاش، ألنه يعبر عن اهتمام الدول واألف��راد على ح��د س��واء في توف��ير الس��لم واالس��تقرار. كب��ديل للح��روب وإلص��الح ف��ترة م��ا بع��د النزاعات،الش�يء ال��ذي أدى إلى تك��ثيف الجه�ود وتنس��يقها من أج��ل إنج��اح ه��ذه العملية وتحقي��ق غاياته��ا المنش��ودة ال��تي من ش��أنها مس��اعدة اإلنس��انية وإرس��اء

دعائم السلم واألمن الدوليين.

إن فهم أسباب النزاع والعوامل التي تؤدي إلى تصاعده تتطلب تح��ديث ط��رق لحل هذا النزاع، إليجاد بديل لتجنب الوقوع فيه مج��ددا. وق��د تتخ��ذ ب��رامج خاص��ة لتنفي��ذ ه��ذه الط��رق من خالل إتب��اع خط��وات طويل��ة األج��ل بغ��رض إص��الح النزاع،وتتطلب هذه العملية تدخل طرف ثالث لتسويته عبر أساليب مختلفة مث��ل

.بناء السالمحفظ السالم،صنع السالم،

ولكن توطيد السالم الدائم. يتطلب تشييد البنية األساسية الهيكلي��ة وتوف��ير األمن اإلنساني،وحماية حقوق اإلنسان والدفع بعجلة التنمية ومعالج��ة االقتص��اد المنه��ار نتيجة الحروب ،كذلك إلزالة األس��باب العميق��ة لل��نزاع بحيث يتمكن األط��راف من

1

إصالح عالقتهم مع بعض��هم البعض وإص��الح االدراك��ات الخاطئ��ة تج��اه األخ��ر ع��بر إعادة بناء الثقة،فعملية بناء السالم تتضمن مث��ل ه�ذه األنش��طة،فلق��د أص��بح ه��ذا المفهوم الجدي��د مح��ط اهتم��ام ك��ل ال��دول إذ أن��ه يع��بر عن أولوي��اتهم وخططهم

ج��اء ليكم��ل عملي��ات حف��ظفبناء الس^الملتحقي��ق الديمقراطي��ة والمص��الحة. السالم وصنع السالم وهذا لتأسيس السالم الدائم والحفاظ على النظام الدولي.

^^ تعريف مفهوم بناء السالم.1 يمكن القول أن المالمح األولى لهذا المفهوم بدأت مع مبادئ ويلسون األربع

عشر ة التي كان ينظر إليها على أنها ركائز لديمومة السالم بعد الحرب العالمية األولى ، ووسيلة

للحفاظ على المكتسبات التي تم إحرازها على طريق إرساء السالم، وذلك بواسطة إقامة سالم توفيقي

وضمان ديمومته بإقامة مؤسسة دولية راعية له وهي عصبة األمم ، لكن هذا المفهوم بدأ يتبلور

مؤسساتيا مع تقرير األمين المعروف بخطة1992العام األسبق لألمم المتحدة بطرس غالي الصادر عام

للسالم والذي قدم فيه رؤيته حول تعزيز وزيادة قدرة األمم المتحدة على تحقيق مفهوم شامل متكامل

إلرساء السلم واألمن الدوليين، مضمنا إياه أربعة مصطلحات رئيسية تشكل حلقة متكاملة تبدأ

بالدبلوماسية الوقائية و تستمر مع صنع السالم وحفظ السالم لتصل إلى مرحلة بناء السالم، ومنذ ذلك

التاريخ والمفهوم.1متداول في أدبيات السلم واألمن الدوليين

عن "أس��باب الص��راع والعم��ل على تحقي��ق1998 وفي تقري��ره المق��دم ع��ام ما أقص^دهالمستدامة في أفريقي��ة" ذهب إلى الق��ول: " السالم الدائم والتنمية

بعبارة بناء السالم بع^د انته^اء الص^راع ه^و اإلج^راءات المتخ^ذة في وك��ان 2"نهاية الصراع لتعزيز الس^الم ومن^ع ع^ودة المجابه^ة المس^لحة

تقرير الفريق رفيع المستوى المعني بالتهديدات والتحديات والتغي��ير الص��ادر ع��ام ، ب��أن بن��اء الس��الم يحق��ق انس��جام عم��ل األمم المتح��دة م��ع التح��ديات 2004

الجديدة التي أض�حى األمن ال�دولي عرض�ة ل�ه وفي ه�ذا التقري�ر انطلقت فك�رة إنشاء هيئة مستقلة في منظومة األمم المتح��دة يوك��ل إلي��ه مهم��ة بن��اء الس��الم،

، دمشق، منشورات جامعةتاريخ العالقات الدولية : مفاوضات السالم-رياض الداودي، 11دمشق، الطبعة الخامسة،

؛39 ، ص1998 ،مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصاديةدور األمم المتحدة في بناء السالم- خولة محي الدين: 2

.491(.ص2011) - العدد الثالث 27والقانونية - المجلد

2

ولعل أبرز التحديات التي تعترض دراسة هذا المفهوم تتمثل في االفتق�ار لتعري�ف في في حين أنه ثمة اختال فا على الصعيد ال��دولي لبناء السالم محدد متفق عليه

أسس وطبيعة عملية بناء السالم وفقا للجهة ال��تي تتن��اول ه��ذا الموض��وع ، فعلى الواليات المتحدة األمريكية في بن��اء الس��الم عملي��ة سياس��ية - سبيل المثال ترى

جانب من ه��ذه الج��وانب ، في حين تؤك��د اقتصادية وفقا لمفاهيمها المتعلقة بكل في أن أولوي�ات ه�ذه بعض المنظم�ات الدولي�ة ، كبرن�امج األمم المتح��دة للتنمية

��تيح مش��اركة المجتم��ع الم��دني ، UNDPالعملية هي تحقيق التنمية وخلق ثقاف��ة ت.1للوصول إلى حلول سلمية للنزاعات

Johan Galtungعم��ل على الدراس��ات الميداني��ة للس��الم ، ومن��ع نش��وب : ويركز على مستويات حل النزاع خارج وداخل الدول^ة منالصراعات ، "

قبل مجموع^ات بن^اء الس^الم ، ويهتم ب^دور النخب في ه^ذه العملي^ة بالتركيز على األبعاد النفسية، االجتماعية، الدينية وغيرها من األبعادفي عملية بناء السالم على الصعيد المحلي و المستوى المجتمعي".

Necla Tshirgi" ^ع وح^ل: ^دف إلى من ^وهره يه ^اء الس^الم في ج بن النزاع^ات العنيف^ة ، بتعزي^ز الس^الم بع^د إن يك^ون العن^ف ق^د انقص منه ، وعادة بناء السالم لفترة ما بعد النزاع يهدف إلى تجنب الوقوع فيه مجددا ، فبناء السالم يسعى لمعالجة األس^باب الجذري^ة لل^نزاع ،^ة ، ^ة ، ثقافي^ ^ة ،اجتماعي^ ^ة، هيكلي^ ^باب سياس^ ^ا من أس^ ^ا فيه^ بم^

اقتصادية ..." ويجمع بين الوقاية من الحرب ،حل النزاع و إعادة االستقرار لما بعد النزاع و يوضح ان بناء السالم هو أفضل تصور لنشاطات موجهة نحو^اء ^أداة لبن ^اء الس^الم ك ^ف بن األه^داف المش^تركة ، و ج^وهره تعري المؤسسات و البنى التحتية للدول ال^تي ع^انت من الح^روب األهلي^ة^ة ^اس المنفع ^وم على أس ^لمية تق ^ات س ^اء عالق ^ات ، وبن والنزاع^ة ^ذا بمعالج ^رب،وه ^ة ح ^انت في حال ^تي ك ^دول ال ^ة بين ال المتبادل

.2األسباب العميقة للصراع بأنه مفه^وم يض^م العملي^ات بناء الس��الم "" جون بول ليدراخكما يعرف

التي يقوم بها الفواعل المحلية ال^تي هي ك^ل ق^وى المجتم^ع ف^ردا وجماع^ة وك^ذا الس^لطة ،والفواع^ل الدولي^ة من مؤسس^ات دولي^ة^ع ^اش المجتم ^دف إلى إلنع ^تي ته ^ة ودول ال ^ير دولي ومؤسس^ات غ الم^دني و إع^ادة بن^اء البني^ة التحتي^ة و اس^تعادة المؤسس^ات ال^تي حطمتها الحرب أو النزاعات األهلي^ة للمجتمع^ات، و ق^د تس^عى ه^ذه العمليات إلى إقامة ه^ذه المؤسس^ات إذا لم تكن موج^ودة بم^ا يمن^ع

؛29-رياض الداودي، مرجع سابق الذكر،ص 112 -Necla Tshirgi, strongtheningthe security;devloppementnexus;conflict peace and peacebuilding as the link between security and developpement ,is the windows of opportunityclosing!international peace academy studies in securityand development;december2003;new York.p.2

3

^اء الس^الم نشوب الحرب مرة أخرى من شأنها تدفع لتمتين عملية بن3".

من خالل تحليل تعريفه ن��رى أن��ه ح��دد الفواع��ل في عملي��ة بن��اء الس��الم أن بن��اء السالم ينطوي على البحث في األسباب العميقة للنزاع من خالل إعادة بناء البنى

التحتية ككل وهذا ما يدفع إلنهاء النزاع ككل. الف��ترة الزمني��ة لبن��اء الس��الم وال��تي يجب أن تك��ون طويل��ةLederach- ح��دد

ان بناء السالم ش��كل اساس��ي يعتم��د على ال��دخولlederachالمدى. كما يؤكد في عالقات.

إذن فإن بناء السالم هو عملية تنطلق مع نهاية ن��زاع مس��لح وتنط��وي على جه��ود ومحلي��ة بغ��رض الحف��اظ على م��ا تم إنج��ازه من خط��وات ع��دة أط��راف دولية

والتأسيس لمرحلة جدي��دة من ش��أنها أسفرت عن التوصل إلنهاء النزاع من جهة،.1)كما هو مبين بالشكلضمان ديمومة هذه النتائج من جهة أخرى،

مسارات بناء السالم1شكل رقم

، الجزائر،دار، فض النزاعات في الفكر والممارسة الغربيةمحمد احمد عبد الغفارالمصدر: .2003هومة للطباعة والنشر والتوزيع،

*المس��ار االول: يتم في ه��ذا المس��ار ك��ل من المفاوض��ات ، حف��ظ الس��الم،التحكيم، دعم السالم .

الوساطة العضلية : سياسة التهديد بالقوة بين االطراف. *المس��ار الث��اني: ويتم في��ه اس��تعمال ك��ل من : المس��اعي الحمي��دة ، التوفي��ق،

والوساطة النقيةنهج حل المشكلة: التكامل وسيادة التهديد بالقوة.

*المسار الثالث: دوائر السالم داخل بؤرة النزاع، بناء الترابط االجتماعي.إيجاد أرضية مشتركة: التكامل وسيادة التهديد بالقوة.

ويلخص "ليدراخ" إلى أن السالم سيكون الهدف األول واألخ��ير وان��ه س��وف يع��برعنه في القرن الحادي والعشرين بإحدى ثالث وسائل ليست متباينة.

، الجزائر، دار هومة، فض النزاعات في الفكر والممارسة الغربيةمحمد احمد عبد الغفار- 3.22.ص2003للطباعة والنشر والتوزيع،

4

أوال: فهو عملية وهيكل في آن واحد قابلة للتشكيل وفقا للعالقات اإلنسانية ال��تيتتصف بقدر عال من العدالة وانحسار العنف.

ثانيا: يعبر عن بنية أساسية لمنظم�ة او نظ�ام حكم يتج��اوب م��ع ال�نزاع اإلنس��انيبوسائل غير عنيفة كحل اول واخير.

ثالثا: هو رؤيا لنظم تتجاوب مع عنص��ري االس��تمرارية والتالزم في العالق��ات وفي 1المتغيرات.

باإلض��افة "لي���دراخ" رأى بن��اء الس��الم على أن��ه يتض��من المس��اواة والعدال��ة االجتماعية، إضافة إلى األفعال االجتماعية التي تهدف إلى تحسين العالقات وتلبية

االحتياجات األساسية ،إضافة إلى نشاطات تغذي وتقوي السالم الموجود . كما يعرف بناء السالم أيضا على أنه "تشييد البنية األساسية و الهياكل التي

تساعد أطراف النزاع على العبور من مرحلة النزاع إلى مرحلة السالم االيجابي"

^^^ الظروف الدولية التي أدت إلى ظهور مفهوم بناء السالم.2 تزامن ظهور مفهوم بن��اء الس��الم في م��ع ع��دة متغ��يرات فرض��ت نفس��ها على

الدولية وتمثلت بما يأتي: الساحةأ- توسع نطاق التهديدات التي تعترض السلم واألمن الدوليين:

إن تبنى ميثاق األمم المتحدة مفهوما تقلي��ديا للس��لم واألمن ال��دوليين يق��وم علىأساس أن التهديدات التي

يمكن أن تعترض��هما تكمن في اللج��وء إلى اس��تخدام الق��وة المس��لحة أو التهدي��دبذلك، وعلى الرغم من

االهتمام ال��ذي أب��داه الميث��اق بالمس��ائل االقتص��ادية واالجتماعي��ة وقض��ايا حق��وقاإلنسان إال أنه لم يربط

هذه المسائل ربطا عضويا محكما بالسلم واألمن الدوليين، التقلي��دي ذ ي األبع��اد وعليه تطور مفهوم األمن الجماعي ال��ذي خ��رج من إط��اره

العسكرية، لينطلق نحو تص��ور جدي��د لألمن الجم��اعي ذ ي أبع��اد إنس��انية لم تغب ، األم��ر ال��ذي يس��تخلص مم��ا ورد في عبارات��ه2يوم��ا عن ب��ال واض��عي الميث��اق

ب��الحقوق األساس��ية لإلنس��ان وب��دفع عجل��ة ال��رقي االفتتاحي��ة من تأكي��د االل��تزام اإلشارات التي تضمنها الميثاق بهذا االجتماعي قدما ورفع مستوى الحياة وغيرها من

بع��دا في النظ��ر الش��أن. وأض��حى تحقي��ق االس��تقرار في المجتم��ع ال��دولي يتطلب يتخطى معالج��ة المخ��اطر المرتبط��ة ب��ا لنزاع��ات المس��لحة ، بإعط��اء القض��ايا

واالجتماعية والثقافية والبيئية حيزا أكبر من االهتمام . االقتصادية ويأتي مفهوم بناء السالم متسقا مع هذه الرؤية الجديدة للسلم واألمن ال�دوليين ،

فكما أن عناصر

؛23 محمد احمد عبد الغفار، مرجع سابق الذكر،ص12-United Nations, Peacekeeping Operations: Principles and Guidelines, United Nations, Departmentof peacekeeping operations- Department of field support, 2008, p.18.

5

جديدة قد فرضت نفسها في مواجهة هذا المفهوم ، فإن بناء الس��الم ي��أتي كآلي��ة جديدة تأخذ عل ىعاتقه��ا، كم��ا س��نرى الحق��ا، معالج��ة ج��وانب متنوع��ة من ش��أنها

.1المساهمة في إرسائهماب - تزايد المخاطر المنبثقة عن النزاعات المسلحة غير الدولية:

يعد تعامل األمم المتحدة م��ع النزاع��ات المس��لحة غ��ير الدولي��ة ح��ديثا نس��بيا م��عالنزاعات ذات الطابع غير

الدولي، ولم يتعرض ميثاق األمم المتحدة لمثل هذه النزاعات كأحد عوامل تهدي��د السلم واألمن الدوليين، على عكس تلك ذات الطابع الدولي ، في وقت تصاعدت فيه وتيرة هذه النزاعات لتصبح أحد التهديدات الرئيسية للسلم واألمن ال��دوليين ،

��تيح34علم��ا ب��أن الم��ادة فرص��ة ت��دخلها في مث��ل ه��ذه من الميث��اق يمكن أن ت النزاعات، إذ تمنحها ه��ذه الم��ادة فرص��ة فحص أي ن��زاع أو موق��ف من ش��أنه أن يؤدي إلى احتك��اك دولي، دون تحدي��د الص��فة الدولي��ة أو غ��ير الدولي��ة لمث��ل ه��ذا

النزاع أو الموقف. وقد أصبحت النزاعات المسلحة غير الدولية، بحد ذاتها، تشكل خطرا على السلم

واألمن الدوليين إذا كان من شأنه ا أن تعرض شعب الدولة التي يقوم ضمن ح��دودها ال��نزاع ألعم��ال

تنطوي على انتهاكات لحقوقهم األساسية، أو إذا أسفر النزاع عن موج��ات اللج��وء وال��نزوح، وم��ا يعقب

ذلك من مشكالت قد تطال دوال أخرى، أو في حال امتلك النزاع قابلية لل تحول إلى ن��زاع د ولي بحكم

ارتباط الدولة المعنية .2بروابط عرقية أو دينية أو سياسية مع دول أخرى خاصة المجاورة منها

ويأتي مفهوم بناء السالم بما يمتلكه من رؤية لمرحلة ما بعد النزاع��ات المس��لحة حساسة تعقب النزاعات المسلحة على اختالف أنواعها، إال أنها تبدو ليعالج مرحلة

النزاعات المسلحة غير الدولية لما تنط��وي علي��ه بيئ��ة أكثر ح سياسية في مرحلة قابلي��ة للع��ودة مج��ددا إلى دوام��ة ه��ذه النزاع��ات من تناقض��ات واختالف��ات أك��ثر

النزاع. ويختلف مفهوم بناء السالم عن مجموعة من المفاهيم المشابهة له نذكر منها م��ا

يلي: : ������Peacekeeping حفظ السالم 1

و هو مصطلح يشير إلى كل الجهود التي تتخذ أثناء النزاع بغرض تخفيضه أو إزالة مظاهر النزاع و تثبيت تفاعليات النزاع على درجة من الالعنف يمكن معها

استكشاف أساليب لحل و إصالح النزاع. إن الغرض من حفظ السالم ليس حل. 3النزاع من جذوره و إنما استعادة الالعنف

.491مرجع ساق الذكر،ص خولة محي الدين، 1؛492 المرجع السابق،ص2

3 Susan Bliss , Peace building and conflict and resolution, Global eduction learing emphases, Directr NSW 2001-2010 .p5.

6

: Peace Making- صنع السالم2 يشير صنع السالم إلى الجهود و العمليات التي تتضمن أي عمل يهدف إلى دفع

األطراف المتحاربة للتوصل إلى اتفاق سالم من خالل الوسائل السلمية كالتفاوض و التحاور بين األطراف و استعمال الوسائل الدبلوماسية لحل النزاع ،و

تجدر اإلشارة إلى أن صنع السالم ال يتضمن استخدام القوة العسكرية ضد أي 1من األطراف إلنهاء الصراع.

: .Peace Enforcement- فرض السالم 3 ينصرف هذا المفهوم إلى استخدام القوة المسلحة أو التهديد من أجل إرغام

الطرف المعني على االمتثال للقرارات و العقوبات المفروضة من أجل الحفاظ على السلم و النظام، و قد تتضمن جهود فرض السالم إجراءات غير عسكرية

2كالعقوبات، و إجراءات عسكرية. إن االنتقال من حفظ السالم وصنع السالم الى بناء السالم كانت له مقدمات

بحيث عمل العديد من المفكرين على ايجاد طريقة لدعم عمليات حفظ السالم وصنع السالم ومحاولة ايجاد بديل يمكن االطراف من المتنازعة من استعادة

الثقة واستعادة ما دمرته الحرب من بنى تحتية للدول وكدا المؤسسات الهيكلية بجمع المعلومات والتخطيط1970 في Edward azarحيث بدأ ادوارد ازار

Johnلديناميكية النزاع االجتماعي المطول، وفي نفس السنة قام جون بورتنBurtonبالعمل على فهم تهميش الحاجيات االساسية لإلنسان واعتبرها كمصدر

رئيسي للنزاع، و Louis Dimamend وJohn Macdonald عمل كل من 1980 وفي سنةJohn ficherعلى دعم دور تدخل الطرف الثالث في ال��نزاع بحث اوض��حو ن��وع

التدخل الذي يجب ان يكون مناسبا مع مستوى التصعيد في النزاع. Fen حدد 1990 أما سنة Oslerمفهوم النضج و j.Rpenessالتدخل الن��اجح

Louisوبض ان��واع ال��دعم ال��تي تك��ون الزم��ة لإللم��ام بعملي��ة الس��الم، وح��دد Kniesbery.المساهمة المحتملة للتصعيد في حل ال��نزاع ونش��اط الس��الم، كم��ا

Paul Leadrach Jساهم في تحديد نجاح نتائج تقنيات حل ال��نزاع، وفي نفس السنة مول البنك العلمي ابحاث اجريت على نزع السالح واعادة االندماج.

ول��ذلك ف��إن بن��اء الس��الم مرتب��ط بحف��ظ الس��الم إذ يمثالن بعض المب��ادئ قوات حفظ السالم وعدد كبير1980المشتركة و هذا إلنجاح عملية السالم فمند

من النشطاء المدنيين في بناء السالم انتش�روا داخ�ل ال�دول وه��ذا للحف�اظ على النظام و المساعدة على تطبيق االتفاقيات فهناك عملي��ات جمعت حف��ظ الس��الم

وبناء السالم .

مصر،دارتطور دور مجلس األمن في حفظ السلم واألمن الدوليينأحمد أبو العال ، - 1.9،ص2005الكتب القانونية،

.24 محمد احمد عبد الغفار، مرجع سابق ، ص27

^^^ مفهوم بناء السالم من خالل منظورات العالقات الدولية3 لقد عالجت منظورات العالقات الدولية مفهوم بن��اء الس��الم على أس��اس أص��ولها ومبادئها ومنطلقاتها وعليه أدت اإلختالفات بين هذه المنظورات من حيث األسس

والمبادئ إلى زبادة التعقيد في شرح وتعريف هذا المفهومأ ^^ النظرية الواقعية

ان النظرية الواقعية تركز على ميزان القوة بين الدول ذات السيادة ،وهي ترى ان النظ��ام الع��المي ه��و نظ��ام فوض��وي يعم��ه العن��ف والص��راع ال��ذي تحكم��ه القوة ،ودول تقودها المصلحة ، والمصلحة الوطنية التي تعني الحفاظ على البق��اء و االس��تمرار و بن��اء الس��الم بالنس��بة للواقعي��ة،وه��و يعم��ل على الحف��اظ على

االستقرار من خالل الحفاظ على السلطة و المصلحة . وبالتالي فالطبيع��ة الفوض��وية لل��دول وع��دم وج��ود س��لطة تعل��و على س��لطة الدول ، هذا ما سيخلق الشك بين الدول وعن��ه ينتج الم��أزق األم��ني ، ولكن كي ال تدخل الدول في حروب ، تلجا الى تحالفات مع بعضها البعض وه��ذا لتحاف��ظ على بقائها ومصالحها ، من خالل خلق عالقات تعاوني��ة و بن��اء ش��راكات ،لكن م��ا يعيب على هذه النظرية هو إهمالها لدور فواع��ل كالمنظم��ات الدولي��ة الحكومي��ة وغ��ير الحكومية، فالنظرية الواقعية تعترف بالدولة كفاعل وحيد في العالقات الدولية، و بالتالي فان عملية بناء السالم هي من اختصاص الدول فق��ط ، بحيث تعم��ل على

.1الحفاظ على األمن والسالم

ب ^^ النظرية الليبرالية. على عكس النظري��ة الواقعي��ة فاللبرالي��ة ينظ��ر إليه��ا على أنه��ا من النظري��ات الداعمة للسالم ، حيث ترى أن المجتمع ال��دولي يجب أن يخل��ق منظم��ات دولي��ة

تقوم على قواعد ومعايير للحفاظ على األمن واالستقرار والسالم الدائم ، إن بناء السالم بالنسبة لهذه النظرية يه�دف إلى تحقي��ق الس�الم بين ال�دول من خالل التأس��يس للقواع��د والمع��ايير و خل��ق كي��ان ق��ادر على تحقي��ق ه��ذه الغاي��ة ، مث��ل األمم المتح��دة ، ال��تي يمكن أن تس��اعد على المراقب��ة و تنظيم العالقات و الحفاظ على األمن والسلم ال��دوليين ، كم��ا أن بن��اء الس��الم بالنس��بة له��ذه النظري��ة يتمث��ل في التع��اون والتنس��يق كدعام��ة أساس��ية لس��ير العالق��ات

الدولية . كما تدعم انخراط األفراد والجماعات في العمل والمشاركة السياسية بهدف تدعيم أواصر األمن والسلم الدوليين، كما ترى إن الشركات المتع�ددة الجنس��يات

كانت السبب وراء اندالع العديد من الحروب بهدف زيادة بيعها لألسلحة. وبالنس��بة للبرالي��ة الح��روب هي مس��الة دولي��ة وبن��اء الس��الم يتطلب تك��تيف الجهود الجماعية بدال من الجهود الفردي��ة للقض��اء ع��ل ه��ذه الح��روب والنزاع��ات

"، يتمث��ل فيقولدستينومن تم تدعيم االمن والس��لم ال��دوليين كم��ا ك��ا ق��ال "

1 Thania paffenholz ;civil society and peacebuilding,history,theory; current practice;version06january;2009,p.08.

8

تشكيل تحالف موسع يضم أغلب الف^اعلين األساس^يين في النظ^ام" ، فالتفاع��ل واالنس��جام بين ال��دول1"الدولي بقصد مواجه^ة أي فاع^ل آخر

2يدفع الى التعاون والتنسيق االمر الذي يعزز من جهود السلم واألمن.

كم��ا أن أدوات المحافظ��ة على األمن والس��لم ال��دوليين تتمث��ل في األدوات القانونية و السياسية من قبل القضاء و التحكيم الدوليين باإلض��افة إلى الوس��اطة

و المفاوضات. كما يمكن اعتبار نزع السالح هي األخرى كأداة لتحقيق األمن والسلم الدوليين

باعتبار ان عملية السباق نحو التسلح تعتبر كتهديد لعمليات وجهود بناء السالم.

ج ^^ النظرية الماركسية. ان هذه النظرية تركز تحليلها على العدالة والمساواة كم��ا ان طبيع��ة العالق��ات االجتماعية أي العالقة بين الطبقات تؤثر بشكل مباشر على طبيع��ة ق��وى اإلنت��اج في المجتمع كما تقل عالقات القوة داخل النظام ، و بالنسبة لهذه النظري��ة ف��ان عملية بناء السالم تمثل عملية فورية لتحريك أو تعبئة الجماهير من اج��ل تحقي��ق

.3التغيير الجدري في النظام الدولي كما أن بناء السالم في هذه النظرية في عون األف��راد و المجتم��ع و العم��ل ال��ذي يقوم به الفرد كما ان طبيعة اإلنسان تمنح له قدرات طبيعية تساعده على تحقيق غايات��ه ، كم��ا ت��رى ه��ذه النظري��ة ان س��قوط الطبق��ة البرجوازي��ة يع��ني ص��عود البروليتاري��ا وال��تي تع��ني توق��ف الث��ورة العمالي��ة و بالت��الي س��تتحقق العدال��ة

والمساواة و هذا ما تتل عاليه عملية بناء السالم. كذل ك نجد م��ا بع��د البنيوي��ة تش��ترك م��ع النظري��ة الماركس��ية في تركيزه��ا على العدالة و المساواة و عالقات القوة ولكن يكمن تركيزه��ا على الخطاب��ات أو على تهميش الفواع��ل ، وبالنس��بة له��ا ف��ان بن��اء الس��الم ي��دور ح��ول فهم االختالف��ات واحتواء الخطابات حول السالم اليومي لألفراد الع��اديين ض��من النق��اش ال��دولي

تحت الشعور التحرري

^^^ أهم المقاربات المفسرة لمفهوم بناء السالم.4مقاربة التغيير في بناء السالم.

_ إن نظرية التغيير هي األداة ال��تي تش��رح تط��ور التغي��ير ،ن ويمكن أن تس��تخدم لتحدد وتفيم مبادرات التغيير االجتماعي مع بعضها البعض، وكيفي�ة المس�اهمة في تحقيق نتائج على مستويات المدخالت والمخرجات والنتائج،فنظرية التغي��ير يمكن

أن تفسر من خالل الصلة بين األنشطة ونتائجها."اهتمامات نظرية التغيير 1رقم "مخطط

والت - 1 متعددة ، ستيفن نظريات واحد عالم الدولية ترجمة العالقات ع�ادل زقاق و زيدان زياني.،www. Gescities. Com.

2 Thania paffenholz , op. cit,09.33- Ibid,p9.

9

Archama Aryal ,theoriesof change in المصدر:peacebuilding,learningfromthe experience of peacebuilding ;initiatives

in nepal ,european union,publication.2012,p 2

_ إن نظري��ة التغي��ير تش��رح وتح��دد الط��رق ال��تي توص��ل إلى تحقي��ق األه��داف المطلوبة، أي التغيير على المدى الطويل،كم��ا تق��دم ص��ورة واض��حة عن النتيج��ة

المقصودة من العمل المباشر. _كم��ا تش��رح طريق��ة انتق��ال التغي��ير، فهن��اك بني��ات مختلف��ة، ومراح��ل لل��نزاع والمستويات المختلفة لبناء الثقة داخ��ل المجتم��ع أو بالمجموع��ة التش��اركية، ه��ذا

.1في المجتمع الذي يكون في حالة تحولمستويات التغيير:

هناك أربع مستويات للتغيير حسب" ليدراخ"، وبدرجات مختلفة وبأه��داف مختلف��ةمع درجات متفاوتة من النجاح وهي:

- التغي��ير الس��لوكي - تغ��ير في العالق��ات - التغي��ير الهيكلي الب��نيوي - التغي��يرالثقافي.

التغي��ير الس��لوكي، وه��ذا من خالل بن��اء ج��و من التس��امح والثق��ة، وتب��ني حل��ول النزاعات وطرق غير عنيفة، وممارستها واالرتباط بمجموعات أخرى، مثل وسائل اإلعالم والمنظم����ات ،والمجتم����ع الم����دني،وحث الش����باب على المش����اركة السياسية،وهذا للحد من العنف، وهذا من أجل اكتساب مهارات على القدرة على االستماع إلى اآلخر، والنظر إلى انشغاالته، والتفكير قبل اتخاذ قرار االنفت��اح على الح��وار وتوعي��ة األف�راد ح��ول حق�وقهم وواجب��اتهم،والعم�ل على التغي��ير باالتج�اه

اإليجابي، وتغير المواقف و السلوكات. التغير في العالقات، وهذا للتقليل من العن��ف ، وأيض��ا للمس��اعدة على لعب أدوار مهمة،وبناءه في عملية بناء الس��الم، العم��ل التش��اركي بين الش��باب وتفعي��ل دور المجتمع المدني،واألحزاب السياس��ية، والمس��اهمة في تغي��ير العالق��ات بين ق��ادة

األحزاب السياسية من خالل خلق أرضية مشتركة للحوار.ثالثا: التغيير الهيكلي )البنيوي(

1 Archama aryal and others ,theories of change in peace building: learning from the experiences of peace building initation in nepal – janurary. Eurohean union_puplication .2012. P.41.42.43.44.

10

بناء السالم

وهذا من خالل ترس��يخ تغ��ير هياك��ل الس��لطة المحلي��ة والمتمثل��ة في تغ��ير ص��ناع القرار، وإشراك الشباب واإللتزام بالقواعد والسلوك المنصوص عليه��ا،فأولوي��ات بناء السالم تحولت إلى التغيير الهيكلي ومشاركة الطبقة الفقيرة، وإصالح القطاع

الحيوي كالصحة واإلقتصاد...إلخ. التغيير الثق��افي إلن مب��ادرات وأعم��ال المنظم��ات المحلي��ة ،ومنظم��ات المجتم��ع المدني التي تدعم المواقف وتروج لثقافة السالم، ال تكون فعالة إال عن��دما تتمكن من الوصول إلى قاعدة جماهيري��ة من الن��اس،والتغلب على التمي��يز على أس��اس الجنس، أوالطائفة، أو الدين، أو المنطقة، وهذه المجموعة ت��بين كي��ف أن التغي��ير

.1الثقافي يساعد على تحقيق مبادرات بناء السالم أما العوامل التي تسهل عملي��ة التغي��ير فك��ل نظري��ات التغي��ير تس�تخدم من قب��ل المنظم��ات في أبحاثه��ا،وه��ذا للحاج��ة من أج��ل التح��ول في العن��ف الس��لوكي، والهيكلي، والثق��افي، وخاص��ة في مرحل��ة اإلنتقالي��ة لم��ا بع��د ال��نزاع، من ن��زاع ديناميكي عنيف، إلى تغيير إجتماعي بناء،وكل هذا ال يمكن أن يتحقق إال من خالل مجموعة من اإلستراتيجيات المتكاملة ،والتنسيق مع فواعل أخرى مشاركة على

المستوى المحلي والوطني. وعلى الرغم من أنه ال يزال تحديا يبدو ،من خالل تحديد نوع البيانات والمعلوم��ات التي من خاللها يمكنها أن تكون مقياس أفضل لفعالية نظريات التغي��ير في إحالل بناء السالم،وتأكيد التدخالت المساهمة في هذه التغيرات، ومحاول��ة وض��ع مع��ايير أساسية لتعميم فعالية، وكفاءة نظريات التغيير،فإن عوامل التي تس��هل التغي��ير ،

وقد حددت للدفع بعملية السالم كما يلي: - الوساطة، فهي تعتبر مفتاح أو أداة رئيسية لبناء ثقافة السلم وزيادة إحتماالت1

حدوث السالم المستدام )المستمر(، فالوساطة ليست فقط تس��اعد على تحوي�ل ال��نزاع، أو تخفي��ف الت��وتر بين المجتمع��ات أو المنظم��ات المحلي��ة،ولكن أيض��ا، تخليص األف����راد من التهميش والفق����ر،فالوس����اطة والمجه����ودات المتداول����ة بخصوصها،ساهمت في شكل كبير في بناء السالم مع عدد النزاع��ات والمش��اكل

.2التي عولجت وحلت، كما تساعد على بناء الثقة والسرية بين األفراد والجماعات - الحوار، وهذا بالتركيز على تحويل ال��نزاع وبن��اء الس��الم، فه��و يع��د عام��ل مهم2

يساعد على التغيير، واإلنتقال السياس��ي وتك��ثيف الح��وار، من خالل خل��ق قن��وات من الحوار واإلتصال بما يتضمن الطبقة الجماهيرية، والنخبة المحلية، وكذلك فئ��ة عريضة من المجتمع المدني بما أنها منظمات غير حكومي��ة مث��ل:إعالم، جماع��ات تجارية،مثقفين،....إلخ،كذلك قادة المجتمع المحلي، وتعزيز الدبلوماسية المتع��ددة المس��ارات،لبن��اء الس��الم،ك��ل ه��ذا يس��اعد على تعزي��ز الس��الم والوئ��ام في

المجتمعات. وك��ذا مس��اعدة األف��راد وإعط��ائهم الف��رص من أج��ل تق��ديم وجه��ات ونظ��رهم ، والتصريح بانشغاالتهم، واإللتزام بالحوار، والنق��اش ال��ذي يرك��ز على بن��اء الس��الم

1 Ibid.p47.2- Archama Ayal  l, op. cit ,p4;

11

وتحويل النزاع ، كذلك وتنمية المهارات العادية في المتوس��ط في النزاع��ات، ب��ل توفر لها وسائل ح��ل النزاع��ات ب��دون اللج��وء، واس��تخدام العن��ف ، ومن ثم ف��إن مجال الحوار قد يتح��ول ليس فق�ط الس�لوك ولكن أيض��ا العالق�ات والممارس��ات

الثقافية إلى حد ما. - الطبقة الجماهرية، وهو يعد من العوامل المهم��ة ال��تي تس��هل عملي��ة التغي��ير3

في بناء السالم،ألن معظم المنظمات تنادي بالحاجة أو الضرورة النخراط الم��رأةوالفئات األخرى، لتهيئة التواصل الفعال.

إن المنظمات الدولي��ة، ت��رى أن تأثيره��ا لم يقتص��ر فق��ط على ال��دفاع المحلي أو الفردي، واإلتصال، ولكن ك��ذلك ك��ان له��ا دورا مهم��ا في الض��غط على األح��زاب السياسية واألجهزة األمنية، إلنتاج المسائل المتعلق��ة ببن��اء الس��الم، وال��دعوة إلى

السالم من خالل عدة طرق، مثل تنظيم مسيرات سلمية. وهك���ذا فق���د اس���تخدمت ه���ذه المنظم���ات الحمالت الدعائي���ة والحلق���ات الدراسية...إلخ، من األنش�طة ال�تي ته�دف إلى الوص�ول إلى جمه�ور واس�ع وإلى

.1المجتمعات المحلية - تنمية المعرف�ة وتعزي��ز القي��ادة، من خالل تنمي��ة معرف��ة العملي��ة السياس�ية،4

وعملية بن��اء الس��الم، والتأكي��د على مش��اركة المجتم��ع في المج��االت السياس��ية، وخلق مشاريع من خالل التوعي��ة وإح�داث التغي��ير، في المف��اهيم والمواق��ف، بين األفراد وال سيما فئ�ة الش�باب وزي�ادة دوره�ا في ح�ل المش�اكل، ومه�ارات ص�نع القرار، وإشراكهم في األنشطة على الصعيد المحلي،وإبراز فوائد هذه المش��اركة على المجتمع الديمقراطي، فه��ذه المعرف��ة والق��درة المكتس��بة ال��تي ال يجب أن تكون محدودة ورغم أنها ال تعتمد على المشاركة في مشاريع التنمية المجتمعي��ة،

ولكن أيضا للمساعدة على بناء قدرات...التعليم ، اإلنفتاح...إلخ. -القدرة والتأثير، فكل البرامج التي توضع في عملية بناء السالم، تركز على بناء5

القدرات وهذا لزيادة التأثير على القرارات العام��ة، وعلى ص��نع السياس��ات، وم��ع ه��ذه الزي��ادة في القق��درات س��يمكن األف��راد ، وخاص��ة الفئ��ة الش��بابية، ض��من المشاركة واإلنخراط في المجتم�ع، والبيئ��ة اإلجتماعي�ة، والمس�اهمة في الحف�اظ على التناغم اإلجتم��اعي، ورغم ه��ذا ف��إن الفئ��ة الش��بابية لم تح��ظ بق��ول واس��ع كشركاء، ومازالت تعاني من التبعية في المجال السياس��ي،وله��ذا ف��إن الت��دريب المكثف لزيادة القدرات وبناء الس��الم ومه��ارات التف��اوض على أع��داد كب��يرة من األفراد،وصناع القرار،فهذا يساهم على تقليل اإلدراك��ات الخاطئ��ة، وتعزي��ز آلي��ات

. 2التعاون من األفراد وهيئات صنع القرار، وهذا بغرض تحقيق األهداف المنشودة

Basic Human Needsنظرية اإلحتياجات األساسية

1 Ibid,p45.46. برنامج دراسات السالم ، -نسخة منقحة للمنظور األردني - حل النزاعاتزياد الصمادي: 2

؛13،ص2009 -2010الدولي جامعة السالم التابعة لألمم المتحدة ،12

Johan من أهم الب��احثين في ه��ذه النظري��ة هم Galtung وJohn Burton والذين بحثوا في أحد أهم االحتياجات هو الس��الم وبن��اء الس��الم الى "إيج��اد س��بل

فهم السالم عملية التغيير على أساس بناء العالقات". ه��ذه النظري��ة تق��وم على اف��تراض أن جمي��ع البش��ر ل��ديهم احتياج��ات أساس��ية يسعون إلشباعها وأن النزاعات تحدث وتتفاقم عندما يج��د اإلنس��ان أن احتياجات��ه األساسية ال يمكن إشباعها أو أن هن��اك آخ��رين يعوق��ون إش��باعها. ويف��رق مؤي��دو هذه النظرية بين اإلحتياجات والمتطلبات ويورون أن عدم إشباع األولى هو مصدر النزاعات وليس الثانية. على سبيل المثال، إن الحاجة للطعام هي إحتياج أساسي

.ولكن تفضيل نوع معين من الطعام هو متطلب وليس احتياجا أن نج��د له��ا ب��ديال. إن الحاجات األساسية ال ب��ديل له��ا بينم��ا المتطلب��ات يمكن

وتشمل االحتياجات األساسية ما هو مادي وما ه��و معن��وي، فالحاج��ة الى الطع��ام والمسكن والصحة كلها حاجات مادية باإلضافة إلى ذل��ك ف��إن هن��اك حاج��ات غ��ير

.1مادية مثل الحاجة للحرية والحاجة لإلنتماء والهوية والحاجة للعدالة وفقا لهذه النظرية فإن النزاعات تحدث عندما يشعر الفرد أو الجماعة بأن أح��د هذه اإلحتياجات غير مشبعة. وعليه فإن حل المنازعات له��ذه اإلحتياج��ات، وطبع��ا

ه��و أس��لوبSatisfiersفد تكون هذه المسألة في غاية الص��عوبة عن��دما يتن��ازع يسعى إلى إيجاد مشبعاتهم. على سبيل المثال، فإن النزاع الع��ربي – اإلس��رائيلي من وجهة نظر كل ط��رف أن ذات األف��راد على نفس المص��در إلش��باع إحتياج�ات

االفراد من الحاجة لإلنتماء والهوية. وبالتالي فإن إيجاد حلول هن��ا ه��و أم��ر ب��الغ الص��عوبة ويتطلب قدرات إبداعية الرقعة األرضية هي التي تشبع إحتياجا إلشباع حاجات كل

األطراف.

Genderنظرية النوع اإلفتراض األساسي في نظريات النوع والنظري��ات النس��ائية بص��فة عام��ة ه��و أن

Genderحركة اإلنسانية قد شهدت ظلما ش��ديدا تج��اه حيث إن الرج��ل والم��رأة النساء وهن نصف البشرية. وتف��رق تل��ك النظري��ات بين فك��رةSexوفكرة النوع

الجنس ال��بيولوجي يختلف��ان من ناحي��ة الجنس ال��بيولوجي وه��و اختالف ط��بيعي،ولكن اختالفهما من حيث النوع هو اختالف فرضته التركيبة اإلجتماعية.

وهذا األخير هو الذي سيطرت عليه أفكار تفوق الرجل على المرأة ثم تولدت قيم اجتماعية وديني��ة كرس��ت ه�ذا التف�وق مم�ا أدى إلى قص��ر جه�دها في ح�دود المجال الخاص وإقصاءها من المجال العام حيث حملت الم��رأة مس��ؤولية ش��رف الجماعة وشرف األسرة خاصة في مجال العالقة مع الرجال غ��ير المق�ربين. وق��د أدى هذا الظلم وهذه التفرقة إلى أضرار نفسية وإجتماعيةعلى النس��اء والرج��ال،

أعضائها. كما أدى إلى حرمان البشرية من مجهودات نصف

.13- المرجع السابق، ص113

كم��ا ي��رى مؤي��دو ه��ذه النظري��ة أن ع��دم تفهم ه��ذه األم��ور س��وف ي��ؤدي إلى إس��تمرار العدي��د من النزاع��ات اإلجتماعي��ة والدولي��ة بس��بب ع��دم إش��باع حق��وق

.1المرأة األساسية بعدل وكرامة هذا ويرى بعض الباحثين في تلك النظريات – وليس جلهم – أن الم��رأة ق��ادرة بطبيعتها على أن تكون صانع سالم أفض��ل من الرج��ل، ول��ذلك ف��إن إقص��ائها من المجال العام يحرم البش��رية من جهوده��ا في ص��نع وبن��اء الس��الم. وعلى الج��انب اآلخر يرى معارضو هذه الفكرة أن سبب اإلعتقاد بأن المرأة ص��انع س��الم أفض��ل من الرجل يعود إلى سياسات إخضاع المرأة لق��رون طويل��ة واستئناس��ها لترض��ي

الرجل، وأنه لو ا ستبدي نفس التوجه لصنع السالم أو عدمه. وربم��ا يك��ون دور النس��اء في إبق��اء نار الثأر تم التعامل مع المرأة مثل التعامل مع الرجل فإ مشتعلة هو أحد النم��اذج

المؤيدة لهذا اإلتجاه.

وبغض النظر عن الج��دل الس��ابق بش��أن دور الم��رأة في ص��نع الس��الم، ف��إن الثابت والمتفق عليه أن المفاهيم االجتماعية لدور ووضع الم��رأة تأخ��ذ اآلن ح��يزا

.2كبيرا في دراسات مصادر النزاع وفعاليته. ووصفت الباحثة "إليز بول��دينغ" عملي��ة بن��اء الس��الم على أن��ه أح��د النش��اطات التقليدي��ة للنس��اء ،وهن اللحم��ة االجتماعي��ة لك��ل مجتم��ع، يتعلمن كأطف��ال من أمهاتهن على األغلب، مهارات صنع الس��الم وأدوارا "س��يتوجب عليهن أداؤه��ا بع��د الزواج، وداخل األسرة، ومع الجيران، ومع القرى المجاورة، و )بالنسبة للطبق��ات العليا) مع الدول المجاورة ( ،وتأكيدا لمالحظات بولدينغ، تص��ف كتاب��ات منظم��ات نسائية قاعدية، دينية وعلمانية، النساء على أنهن يلعبن دورا رئيسيا في صنع وبناء الس��الم. على س��بيل المث��ال، ففي س��ائر أنح��اء أفريقي��ا، اعتم��دت النس��اء على السلطة األخالقية التي يكتس��بنها وك��ونهن مانح��ات للحي��اة )أمه��ات( ومحافظ��ات على الحياة )أمهات، وزوجات وبنات(، للدعوة إلى السالم، وقد استعملت النس��اء تكتيكات من ه�ذا القبي��ل في الجزائ��ر، وجمهوري��ة الكونغ�و الديمقراطي��ة، وكيني��ا،

.3وليبيريا، ورواندا، والصومال، وجنوب أفريقيا، والسودان حيث تقول كذلك الباحثة "إليز بولدينغ" رغم ذل��ك ف��إن العن��ف الب��نيوي وغ��ير المباشر، وخصوصا العنف ضد المرأة، واس��ع االنتش��ار في كاف��ة أنح��اء الوالي��ات المتح��دة ، لكن يش��جعنا أن ن��رى النش��اطات النس��ائية في بن��اء الس��الم تح��دث بأشكال تمضي إلى ما وراء تقييد بناء السالم بمجاالت ما بعد ال��نزاع، إض��افة إلى نظر الغربيين إلى الطرق التي يحدث فيها العنف في بيوتهم ومجتمع��اتهم، وإدان��ة

4بلدانهم للعنف ضد اآلخرين.

؛13- زياد الصمادي: مرجع سابق الذكر،ص12- Liza Schirch, women in peacebuilding, Rousource and manual, west African ketwork for peacebuilding and conflict trans formation program at eastern ammonite university,2004, p20;

13 زياد الصمادي: مرجع سابق الذكر،ص3.13 خولة محي الدين يوسف ، مرجع سبق دكره، ص 4

14

كما تؤكد النظرية على دور الم��رأة في تحقي��ق الس��الم وال��ذي أص��بح من أهم القضايا النظرية والعملية التي تشغل بال المفكرين والسياسيين ، ويعود االهتم�ام بهذه القضية إلى نهاية العقد األخير من القرن العشرين، حيث شهدت هذه الفترة تطورا ملحوظا وبوتيرة متسارعة وملفتة للنظر في مناقشة قضايا المرأة وربطها بعدد من القضايا األخرى الهامة على الس�احة الدولي�ة كالتنمي��ة، حق�وق اإلنس�ان،

مكافحة اإلرهاب والعنف، اإلصالح السياسي، وأخيرا بتحقيق السالم العالمي. لقد تم النظر للمرأة في ه��ذا الج��انب على أنه��ا ش��ريك أساس��ي في ت��دعيم قيم السالم في المجتمع. في ضوء ذل��ك واس��تنادا إلى حقيق��ة حيوي��ة دور الم��رأة في عملية التنشئة بفرعيها االجتم��اعي والسياس��ي، ، و تن��اقش كيفي��ة االس��تفادة من الم��رأة باعتباره��ا عنص��را مهم��ا من عناص��ر المجتم��ع في ت��دعيم قيم الس��الم، كالتضامن، والتعاون، ونبذ العنف، والتسامح، والتشبث بالتعاليم الديني��ة الس��ماوية التي تدعو لهذه القيم وغرسها في الش��باب، وذل��ك من خالل توعيته��ا به��ذه القيم

. 1وإرشادها لكيفية استخدامها في توجيه أبناءها، من خالل المنظمات الحكوميةنظرية التعليم االجتماعي.

تمثل هذه النظرية أحد نظريات علم النفس التي تساعد بش��كل كب��ير في فهم ما يدور داخل اإلنسان في حالة النزاع وكيفية التعامل معه من أجل إيجاد وس��ائل س��لمية لتس��وية ال��نزاع. ونظري��ة التعلم اإلجتم��اعي فيم��ا يخص مج��ال دراس��ات الس�الم وال�نزاع هي مبني�ة على انتق�اد نظري�ات ك�انت ق�د س�ادت بش�أن ال�نزاع وأسست السلوك اإلنساني فيه على فكرة الرد العدواني على إحس��اس اإلنزع��اج

: ويعد السلوك العدواني هو أحد هذه السلوكياتFrustration Aggressionأي وDollardالتي يتعلمها اإلنسان كرد فعل. ومن مؤسسي ه��ذه النظري��ة الب��احثين

Miller إال أن باحثين ج��ددا في مج��ال التعلم اإلجتم��اعي اختلف��وا م��ع المنظ��رين الس��ابقين وق��دموا نظري��ات جدي��دة في التعلم اإلجتم��اعي أظه��رت أن الس��لوك العدواني كرد فعل لإلنزعاج والتوتر هو مجرد سلوك واحد وأن التربية اإلجتماعي��ة في مق��دورها أن ت��وفر لألف��راد س��لوكيات س��لمية غ��ير عدواني��ة ت��ؤدي إلى إحالل

2الطمأنينة بدل الخوف ومعالجة أوجه النزاع.

نظرية نضج النزاعات الدولية للحل.

يفترض زارتمان أنه خالل مرحلة معينة من النزاع ، تظهر األطراف المتحاربة استعدادها للتداول بشأن مقترحات التسوية التي طالما تغاضت عنها في السابق،

ويعود ذلك إلى إدراكها بأن أي بديل عن التفاوض سيؤدي إلى كارثة، فضال عنأنه ال تلوح في األفق أية عالمات إلمكانية الحسم العسكري.

1- Liza Schirch, op. cit ,p22;.15مرجع سابق،ص خولة محي الدين ،2

15

والتي تحسن وبشكلRipe moment هنا نكون أمام ما يسمى بلحظة النضج مفاجئ من فرص النجاح لجهود الوساطة. حيث يتحول قادة أطراف النزاع عن

Conciliating لصالح عقلية التوفيق Winning Mentalityعقلية االنتصار Mentality وحسب تعبير .Campbellفإن القبول بالحل التفاوضي ال يعود إلى

إتباع إجراءات معينة فحسب، ولكنه يعود باألساس إلى مدى جاهزية األطراف الستغالل الفرص، ومواجهة الخيارات الصعبة، وتقديم تنازالت متبادلة ومتكافئة،

.1باختصار يجب أن تفعل الشيء الصحيح في الوقت المناسب

إن دمج النموذجين الذين اقترحهما "زارتمان" ضمن نموذج واحد يعد دعامتان جوهريتان لمفهوم لحظة النضج، إذ يصنعان وبشكل متكامل الظروف المواتية والسياق المالئم للحل، ومن هنا فإن التمييز بينهما هو ألغراض تحليلية وليس

ألسباب مفهوماتية. واستعمالها بشكل مترابط يمدد من فرص نضج النزاع لجهودالحل.

وعلى هذا األساس، فإن تصور لحظة النضج يقوم على إدراك أطراف النزاع    ، ال تبدو فيHurting Stalemate  Mutuallyبأنهم يعيشون مأزقا صعبا متبادال

األفق أية نهاية له، وحيث ال يمكنك الحصول على النجدة وال تظهر هناك أية Imminentإمكانية لتصعيد حاسم يحقق النصر. بينما تماثل الكارثة المتبادلة

Mutual Catastrophe تخطي حافة الهاوية Precipeأو النقطة التي تسوء فيها األمور بشكل مفاجئ.

إن إدراك أطراف النزاع بأنها في مأزق، ولو بدرجات متفاوتة، يجعلها تحس    بأنها محتجزة ضمن وضعية ال تكون لهم معها أية مكاسب من خالل االستمرار في التصعيد، وهنا يدركون بأنه يتعين عليهم البحث عن سياسة بديلة أو مخرج

"، مهندس عمليةهنري كيسنجر. ويؤكد "deadlockلهذا النفق المسدود السالم في الشرق األوسط ذلك، بإقراره بأن المأزق ]المتبادل[ هو إحدى

الشروط األساسية لنجاح التسوية. ويستند إحساس أطراف النزاع بأنها أمام مأزق إلى المعاناة وتزايد الخسائر   

التي ترتبط باستمرار التصعيد وعندما يرتفع معامل التكاليف نسبة إلى المكاسب بشكل دراماتيكي، تشعر باالحتج�از وتبح�ث ع�ن بدي�ل آخ�ر. وي�رتكز ذلك على

خاصية التعلم حيث أن المجموعات اإلثنية المتنازعة تعتبر بدروس الماضي، وفي خياراتها المستقبلية، فإنها تأخذ بعين االعتبار معاناتها السابقة والتكاليف التي

تحملتها. ومن منظور نظرية المباريات، يمكن التعبير عن المأزق باالنتقال من "ورطة   

Chicken إلى "ورطة الجبان" Prisoner Dilemma Gameالسجين" Dilemma Gameأي من المحصلة السلبية التي تميز الوضع القائم أو التفاوض .2إلى محصلة إيجابية

وأخيرا، البد من اإلشارة إلى أن عجز مفهوم لحظة النضج عن تقديم تفسير.16 نفس المرجع السابق، ص،1

16

للكثير من حاالت نجاح جهود التسوية والحل قاد بعض الباحثين إلى إحداث .John Sتعديالت على التصور العام للنضج. حيث"جون ستيفن ستيدمان"

Stedmanومن خالل بحثه حول زمبابوي أظهر أن نجاح عملية الوساطة ال ، تستدعي حصول مأزق ضار متبادل بل يكفي أن يتم إدراك المأزق من قبل

الراعي الذي يقف وراء طرف معين. وأضاف لهذا الطرح عنصرا آخر وهو أن الجناح العسكري هو أهم طرف معني في المعادلة بتلقي أو إدراك المأزق، ثم

1أنه يجب أن يقتنع األطراف بأن المفاوضات بديل جيد لتحقيق النصر. المصيدة بأنها نوع منRubin و"روبين" Brockner ويعرف "بروكنر"    

التصعيد تتزايد فيه الضغوط على المتنازعين لالنسحاب من النزاع وللحفاظ على الوضع القائم في نفس الوقت، وهي "عملية لصناعة القرار يظهر من خاللها

الفاعلون التزامهم بسياستهم السابقة، رغم فشلها اعتقادا منهم بأنهم "سيقطفون ثمارها الحقا" ويقوم هذا االعتقاد على كون الرجوع عن العنف يسبب

2لهم فقدان ماء الوجه أو تشويه سمعتهم.

كما يفترض منظرو المصيدة أن صانعي القرار في النزاعات المستعصيةيمرون عبر أربعة مراحل:

- في المرحلة األولى يركزون على تحقيق إنجازات محددة. - في المرحلة الثانية يتم استنزاف الموارد عبر تقديم التزامات معينة للمكونات

.Domestic Constituentsالداخلية أما في المرحلة الثالثة فيعملون على تعظيم صور الخسائر التي لحقت   -

بالخصم، والتقليل من شأن خسائرهم. وفي المرحلة الرابعة يتم البحث عن مخرج بسبب استنفاذ الموارد.   -

لم، فإن المنعطف الحاسم لنضج النزاع يكمن في المرحلة وبناء على هذا الس االنتقالية بين المرحلتين الثالثة والرابعة أين يكف صانعوا القرار عن اعتبار التضحيات بمثابة ثمن للنصر وبدال من ذلك يقتنعون بضرورة إنقاذ ما يمكن

إنقاذه.

خاتمة إن مصطلح بناء السالم غالبا ما يستعمل كمصطلح يتقاطع مع عدة مف��اهيم مث��ل حل النزاع ، إدارة النزاع، الوقاية والتحويل، فهو يظم عدة نش��اطات ال��تي ته��دف إلى منع ظهور النزاع مجددا من خالل إعداد إطار عمل متكامل يشمل العديد من

األبعاد ويمر عبر مختلف مراحل النزاع مرورا بحفظ السالم وصنع السالم. يرتبط بناء السالم بعدة أبعاد ك��انت مح��ط نقاش��ات المفك��رين،فق��د اختلف��وا حول أي من المعايير هي األنس��ب إلنج��اح عملي��ة الس��الم، فهن��اك من رب��ط ه��ذه2 - Stefan Wolff ,Conflict Resolution: Theories and Practice Edited by Stefan Wolff and Christalla Yakinthou London and New York: Routledge, 2011.p30.1 Ibid,p.40.2 Ibid.42.

17

العملية بمجال واسع يشمل كل مجاالت بناء الس��الم ومعالج��ة األس��باب العميق��ة للنزاع على المدى الطويل بإشراك الفواعل الداخلية،ومن جهة أخ��رى هن��اك من يحصر بناء الس��الم في مج��ال ض��يق ل��يركز االهتم��ام على إص�الح البني��ة الهيكلي��ة

للدولة بمساعدة دول ومنظمات حكومية على المدى القصير. كما اختلفت الرؤى حول بناء السالم كخطوة تأتي مباش��رة في ف��ترة م��ا بع��د النزاع وبناء السالم على المدى الطويل فاألول يهدف إلى إصالح مادمرته الح��رب

مرتبط بعمليات حفظ السالم أما الثاني فيهتم بإعادة بناء العالقات من خالل مشاركة سياسية واقتصادية فعالة وإعادة بناء الثقة

بين األطراف المتنازعة سابقا. ويعاني بناء السالم من نقص مفاهيمي وعدم وجود نظرية شاملة ، مااستدعى

األمر إلى إيجاد نظريات جزئية تعمل على تحليل وتفسير مفهوم بناء السالم. إن بناء السالم قضية تعني كل البلدان في مراحل النمو، و بالنسبة إلى البلدان التي تخرج من حالة الصراع يمنح مفه��وم بن��اء الس��الم فرص��ة إنش��اء مؤسس��ات اجتماعية و سياسية و قض��ائية جدي��دة و هي بمثاب��ة الق��وة الدافع��ة نح��و التط��ور،

بتبني استراتيجيات سياسية ،أمنية وهيكلية .وإشراك فواعل دولية ومحلية.

18