www.alukah.net

www.alukah.net

www.alukah.net

سماتاالجتهاد المقاصدي

د/ حماد محمدإبراهيم

أستاذ الفقه وأصوله المساعد بجامعة الطائف

www.alukah.net

المقدمة الحمد لله رب العالمين، والصالة والسالم على سيدنا محم��د خ��اتم الن��بيبن، وإمام الفقهاء والمجتهدين، وس��يد الخل��ق أجمعين، وعلى آل��ه وص��حبه ومن

تبعه واهتدى بهديه إلى يوم الدين، وبعد: فإن للعلماء عند فهم النصوص، وإصدار األحكام اتجاهات وس��مات مختلف��ة، كل على حسب علمه وأولويات��ه، فمنهم من يوج��ه اهتمام��ه وترك��يزه األك��بر على األلف��اظ والمب��اني، وم��ا تتض��منه من دالالت لغوي��ة دون االلتف��ات إلى

المعاني والغايات والمقاصد التي يريدها صاحب النص من وراء كالمه. ومنهم من يهتم بالمعاني والمقاصد التي يريدها المش��رع من ك��ل نص ومن كل حكم، وفى الوقت نفسه ال يهمل األلفاظ، بل يهتم بها، وينظر إليها بعين االعتبار، ولكن على أساس أنه��ا وس��ائل لفهم وإدراك غاي��ة المتكلم، ال على أساس أنها غاي��ات في ح��د ذاته��ا، يق��ول ابن القيم رحم��ه الل��ه: " واأللف��اظ

.(1)ليست تعبدية، والعارف يقول: ماذا أراد؟ واللفظي يقول: ماذا قال؟" ونحن اآلن في أمس الحاجة إلى هذا االجتهاد، اجته�اد المقاص�د ال�ذي ينظ�ر إلى كل نص، وإلى ك��ل حكم في الش��ريعة، على أن ل��ه مقص��دا ن��بيال، وه��و جلب مص��لحة أو دف��ع مض��رة، وينظ��ر إلى ال��دين اإلس��المي كل��ه – ش��ريعة وعقيدة – على أن له مقصدا أساسيا، أال وهو تحقيق الرحمة؛ لقوله تع��الى:

[. واعتب��ار المقاص��د عن��د108" وما أرسلناك إال رحمة للعالمين" ] األنبياء: االجتهاد أهم األسباب إلصابة الح��ق وتقلي��ل االختالف، فق��د نق��ل الس��يوطي عن اإلم��ام الغ��زالي رحم��ه الل��ه أن��ه ق��ال في كتاب��ه ) حقيق��ة الق��ولين (: "

. (2)مقاصد الشرع قبلة المجتهدين من توجه إلى جهة منها أصاب الحق " وقد جعل اإلمام الشاطبي رحمه الله معرفة المقاصد نصف أسباب ش��روط

االجتهاد فقال: " وإنما تحصل درجة االجتهاد لمن اتصف بوصفين: أحدهما: فهم مقاصد الشريعة على كمالها.

.(3)والثاني: التمكن من االستنباط بناء على فهمه فيها !؟ " هذا، واالجتهاد المقاصدي له أصول يرتكز أو يقوم عليها، وله سمات يتص��ف به��ا، وق��د تح��دثت عن أص��وله في بح��ثي ) مراع��اة مقاص��د الش��ريعة في

، وذك���رت أن أص���ول المقاص���د ثالث���ة و هي: تعلي���ل(4)الم���ذهب الحنبلي ( األحك��ام، واإليم��ان ب��أن لك��ل حكم عل��ة ومقص��دا، واألص��ل الث��اني: مراع��اة

المصالح، والثالث النظر إلى مآالت األفعال واعتبارها. وأما هذا البحث فإنني أحاول في��ه – ق��در اس��تطاعتي واجته��ادي – اس��تنباط وبيان أهم سمات االجتهاد المقاصدي، ح��تى نتع��رف عليه��ا، ونس��تفيد منه��ا،

ونفهم ديننا حق الفهم، دون إفراط أو تفريط.

. 1/119 إعالم الموقعين 1. 182 الرد على من أخلد إلى األرض وجهل أن االجتهاد في كل عصر فرض ص 2106، 4/105 الموافقات 3 رسالة دكتوراه، كلية دار العلوم – جامعة القاهرة. 4

www.alukah.net

ولقد جاء هذا البحث – بع��د ه��ذه المقدم��ة – في س��تة مب��احث، على النح��واآلتى:

المبحث األول: فهم النصوص الجزئية في ضوء القواعد الكلية. المبحث الثاني: مراعاة فقه األولويات. المبحث الثالث: الموازنة بين المصالح.

المبحث الرابع: مراعاة الحاجة. المبحث الخامس: مراعاة أحوال الناس وواقعهم.

المبحث السادس: التيسير ورفع الحرج. وبعد، فهذا بحثي أقدمه للقارئ الكريم، فما كان من توفيق فمن فضل الل��ه، وما كان من خطأ أو تقص��ير فم��ني ومن الش��يطان، وأس��أل الل��ه ع��ز على وج��ل أن يجع��ل ه��ذا العم��ل خالص��ا لوجه��ه الك��ريم، وأن ينف��ع ب��ه اإلس��الم

والمسلمين.

والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.

www.alukah.net

المبحث األول فهم النصوص الجزئية في ضوء النصوص الكلية

والقواعد العامة االجتهاد المقاصدي ينظر الى نصوص الشريعة وقواعدها وأحكامها على أنها كل مترابط ومتكامل فيفهم النصوص الجزئية ويفسرها في ض��وء النص��وص والقواعد الكلية ف��يرد الج��زئي إلى الكلي والف��رع إلى األص��ل، فه��و ال يلغي نصا أو يهدر قاع��دة أو مص��لحة. فمن أراد أن يفق��ه الش��ريعة حق��ا ويعرفه��ا على حقيقتها كما أراد منزلها وكما دعا إليها رس�ول الل��ه ) ص��لى الل��ه علي�ه وس��لم ( وكم��ا فهمه��ا أص��حابه وت��ابيعهم بإحس��ان، ف��إن علي��ه أال ينظ��ر في نصوصها وأحكامها مجزأة مبعثرة، ال رابط بينها وال ص��لة لبعض��ها ببعض، ب��ل عليه أن يربط بين أجزائها بعضها ببعض، و ينظر في أحكامها نظرة ش��مولية

( 1مستوعبة )مثاالن للتوضيح:

- إجارة الفحل للضراب:1 النبي )صلى الله عليه وسلم( نهى عن عسب الفحل" عن ابن عمر أن"

وعن جابرقال:"نهى رسول الله )ص�لى الل�ه علي�ه وس�لم( عن بي�ع ض�راب23الفحل"

4وعسب الفحل ضرابه، وبيعه أخذ عوضه، كما جاء في المغني.

فظاهر هذين الحديثين يدل على عدم جواز أخذ العوض على ضراب الفحل، ولكن العمل بذلك يؤدي إلى ضرر، وهو امتناع أصحاب الفحول عن الس��ماح للناس باس��تخدامها في الض��راب؛ ألن الض��راب ي��ؤثر على تس��مين الفح��ول ويؤدي إلى نقصان لحمها، مما يجعلها تحتاج إلى مزيد من العل��ف والتكلف��ة، وبذلك ال يجد الن��اس من يق��دم لهم فح��وال للض��راب بالمج��ان، فيق��ع عليهم

الضرر وتقل الثروة الحيوانية. وعند النظر في نصوص الشريعة الكلية وقواعدها ومقاصدها العام��ة س��نجد أن األخذ بهذا العموم يتعارض معها، وعليه فإنه من الممكن حمل النهي في الحديثين السابقين على التنزي��ه لم��ا في ه��ذه المعامل��ة من غ��رر، أو حمل��ه على حالة اشتراط اللقاح، وبذلك يمكن القول بجواز أخذ األجر على ضراب الفحل، وحمل معامل��ة الن��اس ال��تي اعت��ادوا عليه��ا وال غ��نى لهم عنه��ا على

الصحة ال البطالن. ومن النصوص والقواعد العامة التي تتعارض مع عم��وم ه��ذين الح��ديثين م��ا

يأتي:

149 دراسة في فقه مقاصد الشريعة ص 1 رواه البخاري )كتاب اإلجارة-باب عسب الفحل( 2 رواه مسلم )كتاب المساقاة-باب تحريم بيع فضل الماء( 3 6/302 المغني 4

www.alukah.net

ملة أبيكموما جعGGل عليكم في الGGدين من حGGرج -قول��ه تع��الى:"1[78" ]الحج:إبراهيم

ر - قوله تعالى:"2 GGد بكم العسGGالبق��رةيريد الله بكم اليسر وال يري( "185)

1- قوله )ص(:"ال ضرر وال ضرار"3

- القاع��دة المتف��ق عليه��ا وهي أن "األص��ل في المع��امالت االلتف��ات إلى42المعاني ومراعاة المصالح"

-كما أنه يتعارض مع مقصد حفظ المال الذي ه��و من المقاص��د الض��رورية5للشريعة اإلسالمية.

ه��ذا، وق��د حكي عن اإلم��ام مال��ك واإلم��ام الخط��ابي ج��واز إج��ارة الفح��ل(3للضراب)

- ميراث المسلم من غير المسلم:24قال )ص(:"ال يرث المسلم الكافر، وال الكافر المسلم"

أخذ جمهور الفقهاء بهذا الحديث، وذهبوا إلى أن المسلم ال يرث الكافر، كما أن الكافر ال يرث المسلم، وهذا الرأي مروي عن الخلفاء الراش��دين، وإلي��ه

ذهب األئمة األربعة. وروي عن عمر ومع��اذ ومعاوي��ة رض��ي الل��ه عنهم، أنهم ورث��وا المس��لم من الكافر ولم يورثوا الكافر من المس��لم، وحكي ذل��ك عن محم��د بن الحنفي��ة، وعلي بن الحسين، وس��عيد بن المس��يب، ومس��روق، وعب��د الل��ه بن معق��ل،

5والشعبي، ويحيى بن يعمر، وإسحاق.

وقد عرض اإلمام ابن القيم لهذه القضية في كتابه أحكام أه��ل الذم��ة ورجحهذا الرأي ونقل عن شيخه ابن تيمية كالما نفيسا في ذلك.

هذا وإذا رجعنا إلى النصوص والقواعد والمقاصد العامة للشريعة سنجد أنه�ا تؤيد جواز أن يرث المسلم من الكافر، وذلك أنه ق��د ثبت بالس��نة المت��واترة أن الن��بي ) ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم (ك��ان يج��ري الزنادق��ة المن��افقين في األحكام الظاهرة مجرى المسلمين، فيرثون ويورثون، وقد مات عبد الله بن أبي وغ��يره ممن ش��هد الق��رآن بنف��اقهم، ونهى الرس��ول )ص��لى الل��ه علي��ه وسلم (عن الصالة عليه واالستغفار له، وورثهم ورثتهم المؤمنون، كما ورث

أخرجه مالك)كتاب االقضية-باب القضاء في المرفق( وأخرجه أحمد في المسند1 ، وابن ماجه )كتاب األحكام-باب من بنى في حقه ما يضر جاره(، والحاكم1/313

، وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وصححه األلباني في2/58(250الصحيحة)

51 انظر: مراعاة مقاصد الشريعة في المذهب الحنبلي ص2 انظر ص3 رواه البخاري )كتاب الفرائض-باب ال يرث المسلم الكافر( 4 .وقال:"ليس بموثوق به عنهم، فإن أحمد قال: ليس بين الناس9/154 المغني5

اختالف في أن المسلم ال يرث الكافر"

www.alukah.net

عبد الله بن أبي ابنه، ولم يأخذ النبي) صلى الله عليه وسلم ( من تركة أحد من المنافقين شيئا، وال جعل شيئا من ذلك فيئا، ب�ل أعط�اه ل�ورثتهم، وه��ذا

أمر معلوم بيقن. فعلم أن الم��يراث م��داره على النص��رة الظ��اهرة، ال على إيم��ان القل��وب والم���واالة الباطن���ة. والمن���افقون في الظ���اهر ينص���رون المس���لمين على أعدائهم، وإن كانوا من وجه آخر يفعل��ون خالف ذل��ك ف��الميراث مبن��اه على

األمور الظاهرة ال على ما في القلوب. وقد حمل طائفة من العلماء قول النبي )صلى الله عليه وسلم (: " ال يقت��ل

على الحربي دون الذمي، وال ريب أن في حمل قوله:"اليرث1مسلم بكافر" المس���لم الك���افر" على الح���ربي أولى وأق���رب محمال، ف���إن في ت���وريث المسلمين منهم ترغيبا في اإلسالم لمن أراد ال��دخول في��ه من أه��ل الذم��ة، فإن كثيرا منهم يمنعهم من ال��دخول في اإلس��الم خ��وف أن يم��وت أق��اربهم ولهم أم��وال فال يرث��ون منهم ش��يئا. وق��د س��معنا ذل��ك من غ��ير واح��د منهم ش��فاها، ف��إذا علم أن إس��المه ال يس��قط ميراث��ه ض��عف الم��انع من اإلس��الم وصارت رغبته في��ه قوي��ة. وه��ذا وح��ده ك��اف في التخص��يص. وهم يخص��ون العموم بما هو دون ذلك بكثير، فإن هذه مصلحة ظ��اهرة يش��هد له��ا الش��رع باالعتبار في كثير من تصرفاته، وقد تكون مصلحتها أعظم من مصلحة نكاح نس��ائهم، وليس ه��ذا مم�ا يخ�الف األص�ول، ف��إن أه��ل الذم�ة إنم�ا ينص��رهم ويقات��ل عنهم المس��لمون ويفت��دون أس��راهم، والم��يراث يس��تحق بالنص��رة، ف��يرثهم المس��لمون، وهم ال ينص��رون المس��لمين فال يرث��ونهم، ف��إن أص��ل الميراث ليس هو بمواالة القلوب، ولو كان هذا معتبرا فيه كان المنافقون ال

2يرثون وال يورثون. وقد مضت السنة بأنهم يرثون ويورثون. فالقول بتوريث المسلم من غير المسلم يوافق مقاصد الش��ريعة في حف��ظ الدين بتأليف القلوب وزوال المانع من عدم الدخول فيه؛ خوفا من الحرمان من الميراث، ويوافقها أيضا في حفظ المال وجعل��ه في أي��دي المس��لمين ال

في يد غير المسلمين الذين قد يرصدونه لحرب المسلمين. يقول الشيخ القرض�اوي: "وأن�ا أرجح ه��ذا ال�رأي وإن لم يق�ل ب�ه الجمه�ور، وأرى أن اإلسالم ال يقف عقبة في سبيل خير أو نفع يأتي للمسلم، يس��تعين به على توحيد الله تعالى وطاعته ونصرة دينه الحق، واألص��ل في الم��ال أن يرصد لطاعة الله تعالى ال لمعص��يته، وأولى الن��اس ب��ه هم المؤمن��ون، ف��إذا سمحت األنظمة الوض��عية لهم بم��ال أو ترك��ة، فال ينبغي أن نح��رمهم منه��ا، وندعها ألهل الكفر يستمتعون بها في أوجه ق��د تك��ون محرم��ة، أو مرص��ودة

.3لضررنا"

أخرجه البخاري )كتاب الديات-باب ال يقتل المسلم بالكافر( وأبو داود في الموضع1نفسه

وما بعدها323أحكام أهل الذمة 2279دراسة في فقه مقاصد الشريعة ص 3

www.alukah.net

ومما يتصل بهذه السمة أيضا مسألة جم�ع النص��وص ال��واردة في الموض��وع الواح��د والتوفي��ق بينه��ا. وفي الس��طور اآلتي��ة ش��يء من البي��ان ح��ول ه��ذه

المسألة جمع النصوص الواردة في الموضوع الواحد والتوفيق بينها:

لكي نصل إلى أحكام صحيحة يجب أن نجمع جمي��ع النص��وص الص��حيحة في الموض��وع الواح��د وندرس��ها ونفهمه��ا في ض��وء القواع��د والمقاص��د العام��ة للش��ريعة، ون��رد المتش��ابه إلى المحكم، ونحم��ل المطل��ق على المقي��د،

ونخصص العام بما يخصصه

www.alukah.net

مثال توضيحي:طلب الواليات العامة والمناصب:

ورد عن النبي )صلى الله عليه وسلم ( أنه قال: "إنا ال نولي هذا األمر أح��دا1سأله أو حرص عليه "

وورد عنه )صلى الله عليه وسلم ( أنه قال: "يا عبد الله بن سمرة ال تس��أل اإلمارة؛ فإنك عن أوتيتها عن مسألة وكلت أليها، وإن أوتيتها عن غير مسألة

2أعنت عليها "

فعموم ه��ذين الح��ديثين ي��دل على ع��دم ج��واز طلب الوالي��ات أو المناص��ب القيادي�ة، ولكنن��ا نج�د في نص�وص أخ�رى م�ا ي�بيح طلب الوالي�ة، ومن ه��ذه النصوص قوله تعالى عن س��يدنا يوس��ف علي��ه الس��الم: "ق��ال اجعل��ني على

[وقد استجاب لس��يدنا يوس��ف55خزائن األرض إني حفيظ عليم" ]يوسف: عليه السالم الملك وواله الوزارة وأعان��ه الل��ه وق��ام به��ا خ��ير قي��ام وتحق��ق

الرخاء على يديه كما روى البيهقي أن وفد صداء ممن أسلموا من قبائل اليمن جاء الى النبي )صلى الله عليه وسلم ( فسأله زي��اد بن الح��ارث الص��دائي أن ي��ؤمره على قومه، ويكتب له بذلك كتابا، فقب��ل الن��بي)ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم ( وفع��ل

3ذلك.

ومن هنا يتبين لنا أن النهي عن طلب اإلمارة ليس على العموم وال في ك��لالحاالت وال كل الظروف، ولكن��ه-من خالل التأم��ل في المقص��د من النهي – يكون في حاالت الطمع والجشع وحب الس��لطة للمص��لحة الشخص��ية، وأم��ا إذا انتفت هذه المقاص��د الس��يئة، وك��ان طلبه��ا من أج��ل المص��لحة العام��ة، ورأى الشخص في نفسه الكفاءة واألمانة الالزمتين لت��ولي الس��لطة وحم��ل األمانة، فال مانع في هذه الحالة، ب��ل يك��ون م��أجورا على مقص��ده الحس��ن.

والله أعلم.

( رواه البخاري)كتاب األحكام-باب ما يكره من الحرص على اإلمارة( 1( رواه البخاري)كتاب اإلحكام-باب من لم يسأل اإلمارة أعانه الله( 2 1/399( السنن الكبرى3

www.alukah.net

المبحث الثانيمراعاة فقه األولويات

االجتهاد المقاصدي يؤمن أن أحك��ام الش��ريعة والمص��الح والمفاس��د ليس��ت على درجة واحدة في األهمية، وإنما بينه��ا تف��اوت وت��رتيب ينبغي أن ي��راعى

في العمل وأن يوضع في االعتبار. فالطاع��ات فيه��ا األرك��ان والف��روض والمس��تحبات، والمعاص��ي فيه��ا أك��بر الكب���ائر، والكب���ائر، والص���غائر، والمص���الح فيه���ا الض���روري، والح���اجي،

والتحسيني، واألصلي، والتابع أو المكمل، وبين كل ذلك تفاوت كبير. واالجتهاد المقاصدي يؤمن بذلك كله، ويراعيه في االجتهاد، فيق��دم م��ا حق��ه التقديم، ويؤخر ما حقه التأخير ويضع كل شيء في موضعه ال��ذي يلي��ق ب��ه،

وال يكبر الصغير، وال يهون الخطير. وهناك أدلة كثيرة من القرآن والسنة تؤك�د أن األعم�ال والمص�الح متفاوت�ه

فيما بينها، وإليك هذه األدلة:األدلة على أن األعمال والمصالح بينها تفاوت وتفاضل:

في القرآن الكريم والسنة النبوية أدل��ة كث��يرة تؤك��د أن األعم��ال والمص��الح بينه��ا تف��اوت وتفاض��ل في األهمي��ة والخط��ر وأن المطل��وب مراع��اة ه��ذا

التفاوت والبدء باألعلى مرتبة. ومن هذه األدلة: أوال: في جانب الطاعات:

جد الحGGرام- قول��ه تع��الى: " 1 GGارة المسGGاج وعمGGأجعلتم سقاية الح بيل الله GGتوونكمن آمن بالله واليوم اآلخر وجاهد في س GGال يس

وم الظالمينعند الله GGدي القGGاجروا والله ال يهGGوا وهGGالذين آمن هم أعظم درجGGة عنGGد GGأموالهم وأنفسGGبيل الله ب GGوجاهدوا في س

[. 20، 19 " ] التوبة: وأولئك هم الفائزونالله - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ) صلى الله عليه وس��لم ( بعث2

معاذا رضي الله عنه إلى اليمن فق��ال: " إن��ك ت��أتي قوم��ا من أه��ل الكت��اب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن ال إله إال الله، فإن هم أطاعوك ل��ذلك فاعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل ي��وم وليل��ة، ف��إن هم أطاعوك لذلك ف��أعلمهم أن الل��ه اف��ترض عليهم ص��دقة تؤخ��ذ من أغني��ائهم

(1)فترد على فقرائهم... "

- قوله ) صلى الله عليه وس��لم (: " اإليم��ان بض��ع وس��بعون ش��عبة أعاله��ا3 ق��ول ال إل��ه إال الل��ه وأدناه��ا إماط��ة األذى عن الطري��ق والحي��اء ش��عبة من

(2)اإليمان ".

رواه البخارى)كتاب المغازي-باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن( 1 رواه مسلم)كتاب اإليمان-باب بيان عدد شعب اإليمان....( وأبو داود)كتاب السنة-باب 2

رد اإلرجاء(

www.alukah.net

فليست شعب اإليمان مركوم بعضها فوق بعض، وليس��ت في درج��ة واح��دة أو في مكانة واحدة، بل هي متفاوتة الخطر والقيمة، ولكل منها وضع وق��در

ال يعدوه. - قوله صلى الله عليه وسلم: " ص��الة الجماع��ة تفض��ل ص��الة الف��ذ بس��بع4

(1)وعشرين درجة ".

- قوله صلى الله علي��ه وس��لم: " فض��ل الع��الم على العاب��د كفض��لي على5(2)أدناكم ".

- ما ورد عن ابن مسعود أنه قال: س��ألت رس��ول الل��ه ) ص��لى الل��ه علي��ه6 وسلم ( أي األعمال أحب إلى الل��ه؟ ق��ال: " الص��الة على وقته��ا " قلت: ثم

(3)أي؟ قال: " بر الوالدين " قلت: ثم أي؟ قال: " الجهاد في سبيل الله ".

وهذا يدل على حرص الصحابة الكرام على معرفة أفض��ل األعم��ال وأواله��ا،ليتقربوا بها إلى الله تعالى.

ثانيا: في مجال المعاصي: نجد في القرآن الكريم والسنة نصوصا كثيرة تدل على أن المعاصي ليس��ت على درجة واح��دة وإنم��ا هي متفاوت��ة تفاوت��ا كب��يرا، ففيه��ا الص��غير والكب��ير

واألكبر، ومن هذه النصوص: - قوله تع��الى: " ولكن الل��ه حبب إليكم اإليم��ان وزين��ه في قل��وبكم وك��ره1

[.7إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون " ] الحجرات: فقسم المعاصي إلى كفر وفسوق وعصيان.

- قوله عز وجل: " إن تجتنبوا كب��ائر م��ا تنه��ون عن��ه نكف��ر عنكم س��يئاتكم2 [.31وندخلكم مدخال كريما " ] النساء:

- قوله ) صلى الله عليه وسلم (: " أال أنبئكم بأكبر الكب��ائر " ثالث��ا – ق��الوا3 بلى يا رسول الله، قال: " اإلش��راك بالل��ه وعق��وق الوال��دين " وك��ان متكئ��ا

(4)فجلس فقال: " أال وقول الزور، أال وشهادة الزور "

- عن عبد الله بن مسعود أنه ق��ال للن��بي ) ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم (: أي4 الذنب أعظم عند الله تعالى؟ قال: " أن تجعل لله ندا وهو خلقك " قال: ثم أي؟ قال: " أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " قال: ثم أي؟ ق��ال: " أن

(5)تزاني حليلة جارك ".

أخرجه البخارى ) كتاب األذان – باب صالة الجمعة (، ومسلم في )كتاب المساجد- 1بلب فضل صالة الجماعة(.

(، والدرامي، في:المقدمة، باب من7836رواه الطبراني في المعجم الكبيربرقم) 2قال العلم من الخشية.

.7/103رواه اإلمام أحمد في المسند 3 أخرجه البخارى ) كتاب الشهادات – باب ما قيل في شهادة الزور (، ومسلم في 4

) كتاب اإليمان، باب الكبائر (. البخارى ) كتاب التفسير، باب قوله تعالى: " فال تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون "، 5

ومسلم ) كتاب اإليمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب (.

www.alukah.net

فهذه النصوص – وغيرها كث��ير – ت��دل على أن الطاع��ات والمص��الح وك��ذلك المعاصي والمضار، ليست على درجة واحدة، وإنما هي متفاوتة تفاوتا بليغا،

وعلينا أن نراعي هذا التفاوت عند العمل. حاجة أمتنا اآلن إلى فقه األولويات:

إن أمتنا اإلسالمية اآلن في أشد الحاجة إلى فقه األولويات؛ ألن الن��اظر إلى حياة المسلمين يجد أن ميزان األولويات فيها مختل أيم��ا اختالل، ويج��د ه��ذا االختالل يشمل جوانب الحياة المختلفة، اجتماعية، أو اقتصادية، أو سياسية، أو ديني��ة، وي��راه أيض��ا ال يقتص��ر على ع��وام المس��لمين فق��ط، ب��ل يش��مل المت��دينين منهم أو المنتس��بين إلى الت��دين، وفيم��ا ي��أتي بعض مظ��اهر ه��ذا

االختالل: بعض مظاهر اختالل ميزان األولويات في األمة:

االشتغال بالفروع والجزئيات أكثر من األصول و-1الكليات:

فنجد كثيرا من الناس اآلن يشغل نفسه ويشغل الناس بأمور فرعية خالفية يسيرة مثل: اللحية، وتقصير الثياب، والنقاب، والموسيقى، ونحو ذل��ك، وق��د يقيم معارك حامية الوطيس على مثل هذه المسائل، مع أنها مسائل ليست من أصول الدين وال من أصول العقيدة أو أرك��ان اإلس��الم األساس��ية، وإنم��ا هي مسائل خالفية، الخالف فيها معتبر وال يجوز اإلنكار على المخالف فيه��ا؛

ألن العلماء األجالء اختلفوا فيها ولم يجمعوا على رأى واحد فيها. تقام المعارك من أجل ه��ذه المس��ائل، في حين نج��د إهم��اال ألم��ور أص��ولية وقضايا كبرى تمس جوهر الدين وحياة األمة، مث��ل بن��اء العقي��دة الص��حيحة، وتقوية أركان اإلسالم، ومقاومة الظلم والفساد، وتطبيق الش��ريعة، وتحري��ر األقصى، ونصرة المظلومين، وحفظ نظام األم��ة، والنه��وض به��ا من كبوته��ا في مجال السياسة واالقتصاد والتعليم، وحفظ الض��روريات: ال��دين والنفس والعقل والنسل والنسب والعرض والمال، وغير ذلك من قضايا كبرى، تمس

جوهر الدين وتحفظ كيان األمة. فعلينا أن نجعل األولوية لألصول والكليات والقضايا المصيرية الك��برى ال��تي

تتعلق بوجود األمة وال ننشغل عنها بالمسائل الفرعية اليسيرة. - العناية بالشكل والمظهر أكثر من العناية بالجوهر أو2

المضمون: من مظاهر اختالل ميزان األولويات في األمة ما ن��راه عن��د كث��ير من الن��اس من مبالغ���ة كب���يرة في العناي���ة بالش���كل والمظه���ر وإهم���ال للج���وهر أو المض��مون، أو عناي��ة باأللف��اظ والمب��اني وإهم��ال للمقاص��د والمع��اني. ومن

ذلك: في الصالة نجد اشتغاال كبيرا بالهيئات والشكليات مثل: البسملة، ه��ل يجه��ر بها أم ال؟ النزول يكون باليدين أم بالركبتين؟ األصبع في التشهد، هل تحرك أم ال؟ المسبحة والمصافحة بعد الصالة هما بدعة أم ال؟ نج��د اش��تغاال كب��يرا

www.alukah.net

بمثل هذه األمور، وقد تقام ال��دنيا وال تقع��د من أجله��ا، في حين نج��د ه��ؤالء يغفلون عن الخضوع و الخشوع والت��دبر وإنه��اء الص��الة عن المنك��ر، م��ع أن هذه األمور هي جوهر الصالة ومقاصدها األساسية التي ش��رعت الص��الة من

أجلها. ومثال ذل��ك أيض��ا، إنن��ا نالح��ظ بعض الن��اس عن��د ق��راءة الق��رآن أو س��ماعه يتشددون كثيرا في تطبيق أحك��ام التجوي��د مث��ل مخ��ارج الح��روف والتفخيم والترقيق وأحكام المدود، ونحو ذلك، في حين نجد إهماال كبيرا لتدبر القرآن

والعمل به اللذين هما أهم مقاصد القرآن الكريم. ومثال ذلك في العادات: أننا نجد أناسا يبالغون في االهتمام بش��كل الث��وب، طوله وقص��ره، والجل��وس على األرض عن��د تن��اول الطع��ام، ولع��ق األص��ابع ونحوه، ويهملون جوهر هذه األمور ومقصدها، وهو التواض��ع وص��يانة النعم��ة

وعدم اإلسراف والمخيلة. هذا، وليس معنى ذلك إهمال الشكل والهيئ��ات الظ��اهرة ب��ل المقص��ود ه��و ع��دم إعطائه��ا أك��ثر من حجمه��ا، وع��دم وض��عها في غ��ير موض��عها، وع��دم االهتمام بها على حساب الجوهر، فإن االهتمام بالشكل غالبا ما يك��ون على حساب الجوهر، كما قال معاوية رضي الله عنه: " ما رأيت تبذيرا إال وبجانبه

. 1حق مضيع " فاألولى هو االهتمام بالجوهر أو المضمون والمقصد أو المعنى، ثم يأتي بع��د ذلك االهتمام بالشكل أو المظهر واللفظ أو المبنى، فمن القواع��د المق��ررة

والثابتة أن (2)" العبرة بالمقاصد والمعاني ال األلفاظ والمباني ".

هGGGذا وإن للمبالغGGGة في الوقGGGوف عنGGGد الرسGGGوم والظGGGواهروالشكليات، والتشدد في أمرها آثارا غير محمودة، منها:

أ- غياب المقاصد والمعاني وتفريغ العب��ادات من روحه��ا ومض��امينها، فتغ��دو العبادات في الغالب أشكاال وظواهر ال تأثير لها في السلوك، فيق��رأ الق��رآن

بال تدبر، وتصلى الصالة بال خشوع وال تناه عن المنكر. ب- ض��ياع الجه��ود واألوق��ات في غ��ير م��ا ينبغي ض��ياعها في��ه، وي��ا حب��ذا ل��و

صرفت تلك الجهود في العناية بالجواهر والمقاصد. ج�- توس�يع دائ�رة الخالف بين المس�لمين بك�ثرة الج�دال وال�نزاع في أم�ور ليس��ت جوهري��ة، وم��ا ك��ان الص��حابة الك��رام يعيب بعض��هم على بعض عن��د

االختالف فيها. د- سوء التقدير للمصالح أو المفاسد في بعض الفتاوى الشرعية مم��ا ي��ؤدي

(3)إلى فوات مصالح مهمة أو جلب أضرار بالغة كنا في غنى عنها.

)القسم الثالث-باب احتجاج البخالء وتحسينهم1/153 نهاية األرب في فنون األدب 1للبخل(

.3/19انظر: أعالم الموقعين 2. 30انظر: فقة األولويات، محمد الوكيلى، ص 3

www.alukah.net

- العناية بالسنن والمستحبات أكثر من العناية بالفروض3 والواجبات.

من المعل��وم ومن المق��رر أن الف��روض والواجب��ات آك��د و أولى من الس��نن والمس�تحبات بكث��ير؛ لقول�ه تع�الى في الح�ديث القدس�ي: " م�ا تق�رب إلي عب��دى بش��يء أحب إلى مم��ا افترض��ت علي��ه، وال ي��زال عب��دي يتق��رب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه ال��ذي يس��مع ب��ه، وبص��ره ال��ذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمش��ي به��ا وإن س��ألني ألعطين��ه

(1)ولئن استعاذني ألعيذنه... ".

وألن المص��الح المترتب��ة على الف��روض والواجب��ات، أك��ثر وأهم بكث��ير من المصالح المترتب��ة على النواف��ل، وألن من ت��رك الف��رائض ي��أثم، وال أثم في

ترك النوافل. وفق��ه األولوي��ات يقتض��ي من��ا أن نق��دم الف��روض والواجب��ات على الس��نن والمس��تحبات، وأن نق��دم الف��روض األك��ثر تأكي��دا على غيره��ا، فمثال في العبادات نجد أن الصالة هي آكد الفروض ومن أعظم حقوق الله علينا، فق��د سمى الرسول صلى الله عليه وسلم تركها كف��را حيث ق��ال: " العه��د ال��ذي

(2)بيننا و بينهم الصالة فمن تركها فقد كفر ".

وذكر أنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيام��ة فق��ال: " أول م��ا يحاس��ب عليه العبد يوم القيامة من عمله الص��الة ف��إن ص�لحت فق��د أفلح وأنجح وإن

(3)فسدت فقد خاب وخسر ".

ثم ت�أتي بع�دها الزك�اة في األهمي��ة، فق��د ق��رن الل��ه بينه�ا وبين الص�الة في القرآن في ثمانية وعشرين موضعا، وقاتل أبو بكر الصديق رض��ي الل��ه عن��ه

من امتنع عن آدائها. وفى المعامالت وحقوق العباد نج��د أن أولى الف��روض ه��و حف��ظ ال��دماء ثم األعراض واألموال، فقد قال ) صلى الله عليه وسلم (: " أول ما يقضى بين

(4)الناس يوم القيامة في الدماء ".

(5)وقال أيضا: " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ".

وينبغي أن نتس��اهل في الس��نن والنواف��ل م��ا ال نتس��اهل في��ه في الف��روض والواجبات، وهذا هو مسلك الشرع الحنيف، فإننا نجده يبيح في النافلة ما ال يبيح��ه في الف��رض، فيج��وز ص��الة النافل��ة على الداب��ة، وال يج��وز ذل��ك في

رواه البخاري)كتاب الرقاق-باب التواضع(، وابن حبان)كتاب البر واإلحسان-باب ما 1جاء في الطاعات(

رواه الترمذى ) كتاب اإليمان، باب ما جاء في ترك الصالة (، والنسائى في ) الصالة 2األولى – باب الحكم في ترك الصالة (.

أخرجه الترمذى في كتاب ) الصالة – باب أول ما يحاسب به العبد... ( والنسائى في 3) كتاب الصالة – باب المحاسبة على الصالة(.

أخرجه البخارى في ) كتاب الرقاق – باب القصاص يوم القيامة (، ومسلم في 4) كتاب القسامة – باب المجازاة (.

رواه مسلم ) كتاب البر والصلة – باب تحريم ظلم المسلم وخذله ( والبيهقى في 5. 6/92الكبرى

www.alukah.net

الفريض��ة، والقي��ام ركن في الفريض��ة وليس ركن��ا وال فرض��ا في النافل��ة، ويشترط تحديد النية من الليل في صيام الفريضة وأما صيام التطوع فيج��وز

فيه عقد النيه بعد الفجر وأثناء النهار. إذا من الخطأ الكبير اشتغال بعض الناس بالسنن والنوافل وإهمال الفرائض والواجبات، كما نالحظ كث��يرا من المت��دينين يك��ثرون من النواف��ل، ويهمل��ون كثيرا من الفرائض، وخاصة الفرائض االجتماعي��ة، مث��ل ب��ر الوال��دين، وص��لة الرحم، واإلحسان إلى الجار ونصرة المظلوم، واألمر بالمعروف والنهي عن

المنكر. ومثل ذلك أيضا ما ذك��ره الش��يخ القرض��اوي-حفظ��ه الل��ه- في كتاب��ه القيم ) فقه األولوي��ات (: أنن��ا ن��رى من المت��دينين من يق��وم اللي��ل ثم ي��ذهب إلى عمله الذي يتقاضى عليه أجرا متعبا، فال يق��وم بواجب��ه كم��ا ينبغي، ول��و علم

وأن(1)أن إحسان العمل فريضة " إن الله كتب اإلحس��ان على ك��ل ش��يء" التفريط فيه خيانة لألمانة، وأكل للمال – آخر الشهر – بالباط��ل، ل��وفر على

نفسه قيام ليله؛ ألنه ليس أكثر من نفل، لم يلزمه الله به ورسوله ".ا في أي��ام ومثل��ه من يص��وم اإلث��نين والخميس، فيجه��ده الص��يام، وخصوص�� الصيف، فيمضي إلى عمله مكدودا مهدودا، وكث��ير م�ا ي�ؤخر مص��الح الن��اس بتأثير الصيام عليه، والصوم نفل غير واجب وال الزم، وإنج��از مص��الح الخل��ق

واجب والزم. وقد نهى النبي ) صلى الله عليه وسلم ( المرأة أن تص��وم تطوع��ا، وزوجه��ا

، ألن حق��ه عليه��ا أوجب من ص��يام(2)شاهد – حاضر غير مسافر – أي بإذن��ه نافلة.

ومثل ذلك أيضا حج التطوع، وعمرة التطوع، فمن المتدينين من يحج الحجة الخامس��ة أو العاش��رة... وفى ك��ل ع��ام في ش��هر رمض��ان ي��ذهب للعم��رة، وينفق ألوف الجنيه��ات... وهن��اك مس��لمون يموت��ون من الج��وع – حقيق��ة ال مجازا – في بعض األقطار كالصومال، وآخرون يتعرضون لإلبادة الجماعية... وهم في حاجة إلى أي معونة من إخوانهم، إلطعام الجائع، وكس��وة الع��اري، ومداوة المريض، وإيواء المش��رد، وكفال��ة الي��تيم، ورعاي��ة الش��يخ، واألرمل��ة والمعوق، أو لشراء السالح الضروري، للدفاع عن النفس وآخرون يتعرضون للغزو التنص��يري، وال يج��دون مدرس��ة للتعليم، وال مس��جدا للص��الة، وال دارا للرعاية، وال مستوص��فا للعالج وال مرك��زا لل��دعوة... على حين نج��د س��بعين في المائة من الحجاج كل ع�ام ممن حج�وا قب�ل ذل�ك، أي يحج��ون تطوع��ا، ينفقون مئات الماليين طيبة بها أنفسهم !! ول��و فقه��وا دينهم وعرف��وا ش��يئا من فق��ه األولوي��ات، لق��دموا إنق��اذ إخ��وانهم المس��لمين على اس��تمتاعهم الروحي بالحج والعمرة، ل��و ت��دبروا لعلم��وا أن االس��تمتاع بإنق��اذ المس��لمين

صحيح مسلم ) كتاب الصيد والذبائح – باب األمر بإحسان الذبح والقتل (. 1 البخارى ) كتاب النكاح ) باب ال تأذن المرأة في بيت زوجها أحد (. 2

www.alukah.net

أعم��ق وأعظم من اس��تمتاع ع��ارض ق��د يش��وبه بعض التظ��اهر أو الري��اء.(3)وصاحبه ال يشعر

- العناية بالتحسينيات والمكمالت أكثر من الحاجيات4 والضروريات:

من المعل��وم أن المص��الح تنقس��م إلى مص��الح ض��رورية ومص��الح حاجي��ة ومصالح تحسينية، وأن المص��الح الض��رورية تعت��بر أص��ول المص��الح وأهمه��ا، وأن المصالح الحاجية خادمة ومكملة للضرورية، والتحسينية خادمة ومكمل��ة

للحاجية، فالكل إذا حائم حول الضروريات يقويها ويكملها ويحسنها. وعليه، ف��إن الض��روريات مقدم��ة على الحاجي��ات والتحس��ينات، والحاجي��ات مقدم��ة على التحس��ينيات، ل��ذا يجب أن يك��ون االهتم��ام األك��بر منص��با على الض��روريات واألساس��يات، مث��ل حف��ظ ال��دين والنفس والعق��ل والنس��ل والنسب والعرض والمال، واألمن، واالهتمام بالصحة والتعليم، وتوفير الغذاء والمسكن، والحياة الكريمة التي تليق باإلنسان الذي كرمه الله، وتوفير ك��ل ما يحتاج الن��اس إلي��ه مم��ا ي��دفع عنهم المش��قة والح��رج ثم ي��أتي بع��د ذل��ك

االهتمام بالتحسينيات والكماليات. فليس مقب����وال أن نهتم بالتحس���ينيات أك����ثر من اهتمامن���ا بالض���روريات والحاجيات، كما كنا نراه في مجتمعنا من قبل من إنفاق مبالغ هائلة وأموال طائل���ة على الرياض���ة والفن واإلعالم، في حين يش���كو التعليم والص���حة والخدمات األساسية من اإلهمال والتقت��ير ونقص الحاج��ات األساس��ية ال��تي تمكنه��ا من أداء الخ��دمات المنوط��ة به��ا وتجعله��ا تط��ور نفس��ها لت��واكب

متطلبات عصرها. هذا على مستوى الدولة، أما على مستوى األفراد فإننا نجد كثيرا من األفراد يقع���ون في ه���ذا الخط���أ فيهتم���ون بالتحس���ينيات أك���ثر من الض���روريات والحاجيات، حيث ينفقون أمواال طائلة على كماليات مثل األجه��زة الحديث��ة، والمالبس األنيقة، ووسائل اللهو وأمور الزينة، ويهملون جوانب أساس��ية في حياتهم مثل توف��ير المس��كن الالئ��ق، واالهتم��ام بالص��حة والتعليم، واإلنف��اق

على من يعولون ورعايتهم، وتوفير حياة كريمة لهم حاضرا ومستقبال. وفقه األولويات يف��رض علين��ا أن ن��ولي ك��ل العناي��ة واالهتم��ام بالض��روريات

والحاجيات ثم نبحث عن الكماليات والتحسينيات. - العناية بالعمل المقصور نفعه على صاحبه أكثر من العناية5

بالعمل الذى يتعدى نفعه. ومن مظ��اهر اختالل فق��ه األولوي��ات أيض��ا عناي��ة بعض الن��اس باألعم��ال الصالحة ال��تى يقتص�ر نفعه�ا على ص��احبها مث��ل نواف��ل العب��ادات من ص�الة وصيام وحج وعمرة، وإهمال أو ت��رك األعم��ال الص��الحة ال��تي يتع��دى نفعه��ا ويشمل غير صاحبها، مث��ل القي��ام بال�دعوة ونش�ر العلم، واألم�ر ب�المعروف

.137 فقة األولويات ص 3

www.alukah.net

والنهي عن المنكر، ومساعدة الناس وقضاء ح��وائجهم والص��لح بينهم، وغ��يرذلك من األعمال النافعة.

وهذه األعمال النافع��ة أحب إلى الل��ه ع��ز وج��ل، وأعظم أج��را من األعم��ال المقصور نفعها على صاحبها، وعلى قدر نف��ع العم��ل لآلخ��رين يك��ون فض��له

وأجره عند الله. وفى القرآن والسنة أدلة كثيرة تؤكد هذا المبدأ، منها:

قاية الحGGاجأ- قول��ه تع��الى عن الجه��اد في س��بيل الل��ه: " GGأجعلتم س وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم اآلخر وجاهد في

بيل الله GGGGد الله سGGGGتوون عن GGGGوم ال يس GGGGدي القGGGGوالله ال يه بيل الله الظالمين GGGGدوا في سGGGGاجروا وجاهGGGGوا وهGGGGالذين آمن

هم أعظم درجGGGGة عنGGGGد الله GGGGأموالهم وأنفسGGGGوأولئك همب [. 20: 19". ] التوبة: الفائزون

ب- ما رواه اإلم��ام الترم��ذي وغ��يره عن الن��بي ) ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم ( فيمن جاء يس��تأذنه في اع��تزال الن��اس والتف��رغ للعب��ادة، أن��ه ق��ال ل��ه: " ال تفعل؛ فإن مقام أحدكم في سبيل الل��ه أفض��ل من ص��الته في بيت��ه س��بعين عاما أال تحبون أن يغفر الله لكم، ويدخلكم الجنة، اغ��زوا في س��بيل الل��ه ".

(1)

ج�- قوله ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم في تفض��يل العلم على العب��ادة: " فض��ل(2)العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ".

وقوله ) صلى الله عليه وسلم (: " فضل الع��الم على العاب��د كفض��لي على(3)أدناكم ".

د- قوله صلى الله عليه وسلم في الصلح بين الناس: " أال أخ��بركم بأفض��ل من درجة الص��الة والص��يام والص��دقة؟ إص��الح ذات ال��بين، ف��إن فس��اد ذات

(4)البين هي الحالقة ".

ه�- قوله ) صلى الله عليه وسلم ( في فضل اإلمام العادل: " يوم من إم��ام(5)عادل خير من عبادة ستين سنة ".

يقول الشيخ القرضاوي معلال هذا الفض�ل الكب�ير لإلم�ام الع�ادل: " ألن�ه في اليوم الواحد قد يصدر من القرارات ما ينصف آالف المظل��ومين أو مالينهم، ويرد الحق الضائع إلى أهل��ه، ويعي��د البس��مة إلى ش��فاء ح��رمت منه��ا، وق��د يصدر من العقوبات ما يقطع سبيل المجرمين، ويستأص��ل ش��أفتهم، أو يفتح لهم باب الهداية والتوبة. وقد يهيىء للناس من األسباب، ويفتح لهم األب��واب

ما يرد الشاردين إلى الله، ويهدي الضالين إلى االستقامة. ( والحاكم وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهنى1650رواه الترمذى وحسنه ) 1

2/68 .( (.4212رواه أبو نعيم في الحلية ) صحيح الجامع الصغير ) 2 ( وهو في صحيح الجامع الصغير )2686رواه الترمذى، وقال حسن صحيح غريب ) 3

4213.) ( (.2595رواه أحمد وأبو داود، والترمزى، وابن حبان ) صحيح الجامع الصغير ) 4.5/197رواه الطبرانى، انظر مجمع الزوائد 5

www.alukah.net

وقد يقيم من المشروعات البناءة والنافعة ما يساعد على إيجاد عم��ل لك��ل عاطل، وخبز لكل جائع، ودواء لكل مريض، وبيت لكل مش��رد، وكفال��ة لك��ل

(1)محتاج ".

و- قوله صلى الله عليه وسلم في العم��ل الن��افع عام��ة: " أحب الن��اس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب األعمال إلى الل��ه ع��ز وج��ل: س��رور تدخل��ه على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضى عنه دين��ا، أو تط��رد عن��ه جوع��ا، وألن أمشي م��ع أخي المس��لم في حاج��ة أحب إلى من أن أعتك��ف في المس��جد

(2)شهرأ ".

وهك��ذا، ك��ان ك��ل عم��ل يتعل��ق بإص��الح المجتم��ع ونفع��ه أفض��ل من العم��ل المقصورعلى صاحبه، وقد كان سلفنا الص��الح على وعي كب��ير ب��ذلك، فه��ذا اإلمام أحمد – رحمه الل�ه – س�أله أح�د أص�حابه: " ت�رى للرج�ل أن ينش�غل

وجهه وقال: "(3)بالصوم والصالة، ويسكت عن الكالم في أهل البدع؟ فكلح إذا هو صام وصلى واعتزل الناس، أليس إنما هو لنفسه؟ " قال: بلى. ق��ال:

(4)" فإذا تكلم كان له ولغيره، يتكلم أفضل "

قواعد عامة في فقه األولويات: فيم��ا يلى مجموع��ة من القواع��د العام��ة في فق��ه األولوي��ات مس��تمدة من

نصوص الشريعة، يجب مراعاتها عند القيام بأي عمل من األعمال: - األصول مقدمة على الفروع. 1- الضروريات مقدمة على الحاجيات والتحسينيات. 2- الحاجيات مقدمة على التحسينيات والكماليات. 3- مصلحة الدين مقدمة على مصلحة الدنيا عند التعارض. 4- مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد عند التعارض. 5- الفروض والواجبات أولى من السنن والمستحبات. 6- المتفق عليه أولى من المتخلف فيه. 7- حفظ النفس والعقل والعرض مقدم على حفظ المال. 8- العمل الذى يتعدى نفعه أولى من العمل الذى يقتصر نفعه على صاحبه. 9

- األقربون أولى بالمعروف. 10- العمل المطلوب على الفور مقدم على العمل الذى يحتمل التأخير. 11- درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة. 12- االهتمام بالجوهر والمقصد أولى من االهتمام بالشكل واللفظ. 13- الكيف والنوع أولى من الكم والحجم. 14- العلم مقدم على العمل. 15- التخفيف والتيسير أولى من التشديد والتعسير. 16

. 106فقه األولويات ص 1 رواه ابن أبى الدنيا في قضاء الحوائج، والطبرانى عن ابن عمر، وحسنه في صحيح 2

(.176الجامع الصغير )كلح: أى اشتد عبوسه. 3.2/216طبقات الحنابلة 4

www.alukah.net

- حق العباد مقدم على حق الله المجرد، ألن حقوق الله مبنية على 17المسامحة، وحقوق العباد مبنية على المشاحة.

- بناء العقول أولى من بناء األجسام. 18- نظافة القلب أولى من نظافة البدن. 19- الفهم أولى من الحفظ. 20

www.alukah.net

المبحث الثالثالموازنة بين المصالح والمفاسد

عرفنا في السمة السابقة أن المص��الح والمفاس��د ليس��ت كله��ا على درج��ة واحدة من األهمية، فالمصالح منها ما هو ضروري ومنها ما هو حاجي، ومنه�ا التكميلي أو التحسيني، والمفاسد منه��ا الكب��ير واألك��بر، والص��غير واألص��غر،

وهكذا. والطاعات فيها الركن والفرض والمندوب والمستحب، والمعاصي فيها أك��بر

الكبائر والكبائر، والمحرمات والصغائر والمكروهات. واالجتهاد المقاصدي يفرض على المجتهد أال ينظر إلى الفعل أو القضية من جانب واحد فال ينظر إلى ما فيها من مصلحة فقط فيحكم بالصحة، أو ينظ��ر إلى م��ا فيه��ا من مفس��دة فق��ط فيحكم ب��البطالن بن��اء على ه��ذه النظ��رة القاصرة، فقد يكون مع المصلحة مفسدة أكبر منها، وقد يكون مع المفسدة

مصلحة أكبر منها. وعلى هذا تنبني قاعدة أن " الشرع يحصل األصلح بتفويت الصالح، كما يدرأ

.(1)األفسد بارتكاب الفاسد " – هي لب المسألة وثمرته��ا،(2)وهذه القاعدة – كما يقول الدكتور الريسوني

وبيت القصيد فيها. فالتفاضل والتفاوت، وما ينبني عليهما من ترتيب وتقديم وتأخير ورفع وخفض يستلزمان في كثير من الحاالت تفويت ال��ذي ه��و أدنى للحص��ول أو اإلبق��اء على ال��ذي ه��و خ��ير، وتق��ديم الفاض��ل على المفض��ول

والتضحية بالخسيس من أجل النفيس، وارتكاب السيء تجنبا لألسوأ. فالمطلوب إذن أن يقوم المجتهد بالموازنة والترجيح بين المصالح والمفاسد عند التزاحم أو التعارض ليقدم أعلى المص��لحتين، عن��د تع��ارض المص��الح أو أخف الضررين عند تعارض المضار، وإذا ك��ان الفع��ل يش��تمل على مص��لحة ومفسده معا، يجب أن ينظر إلى الغالب منهما، فإن غلبت المصلحة قدمت، وإن كانت المفسدة هى الغالب��ة ت��رك ه��ذا الفع��ل، وه��ذا مس��تمد من قول��ه

ر تعالى في الخمر: " GGر والميسGGا إثميسألونك عن الخمGGل فيهمGGق [. 219... " ] البقرة: كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما

ويقول اإلمام الشاطبي في ذلك: " والمصالح والمفاسد الراجع��ة إلى ال��دنيا إنم��ا تفهم على مقتض��ى م��ا غلب، ف��إن ك��ان الغ��الب جه��ة المص��لحة، فهي المصلحة المفهومة عرفا، وإذا غلبت الجهة األخرى فهي المفسدة المفهومة عرفا، ولذلك كان الفعل ذو الجهين منسوبا إلى الجهة الراجحة، فإذا رجحت المص��لحة فمرغ��وب، ويق��ال في��ه أن��ه مص��لحة. وإذا غلبت جه��ة المفس��دة

. (3)فمهروب عنه، ويقال إنه مفسدة على ما جرت به العادات " فالموازنة بين المصالح والمفاسد، وتقديم أعلى المصلحتين وتف��ويت أخط��ر الضررين عند التعارض من أهم األمور وهو في نظر كثير من العلم��اء، العلم

. 1/63قواعد األحكام 1. 75الفكر المقاصدى قواعده وفوائده ص 2. 2/62الموافقات 3

www.alukah.net

يقGGول شGGيخ اإلسGGالم ابن تيميGGة: " ليسالحقيقي والفق��ه الحقيقي، الشGر، أو يمGGيز الخGير من الشGر، العاقل الذي يعGرف الخGGير من

ولكن العاقل والفقيه هو من يعرف خير الخيرين وشر الشGGرين "(1) .

فتفطن لحقيقة الدين وانظGGر مGGا اشGGتملت عليGGهويق��ول أيض��ا: " األفعال من المصالح الشرعية والمفاسد، بحيث تعرف ما ينبغي من مراتب المعGGروف ومGGراتب المنكGGر، حGGتى تقGGدم أهمهGGا عنGGد المزاحمة. فإن هذا حقيقة العمGGل بمGGا جGGاءت بGGه الرسGGل، فGGإن التمييز بين جنس المعروف وجنس المنكر وجنس الGGدليل وغGGير الدليل، يتيسر كثيرا، فأمGGا مGGراتب المعGGروف والمنكGGر، ومGGراتب الدليل بحيث تقدم عند التزاحم أعرف المعروفين فتGGدعوا إليGGه، وتنكر أنكر المنكرين، وترجح أقوى الدليلين، فإنه خاصة العلمGGاء

(2) " بهذا الدين

وهذا النوع من جنس القضايا المتشابهة أو المشتبهة، كما في الحديث: " الحالل بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات ال يعلمها كثير من الناس "

فتمي���يز م���راتب المص���الح وم���راتب المفاس���د، ومعرف���ة األرجح من(3) المصلحتين، واألرجح من المفسدتين، أو األرجح بين مصلحة ومفسدة، ه��ذه أمور مشتبهات ال يعلمهن كثير من الناس، وإنما تحتاج إلى علماء أكثر علم��ا

وفقها وتحتاج إلى قواعد وموازين علمية هذا، وأفضل من اهتم بهذا الموضوع وكتب فيه، ووضع له قواع��د وم��وازين، العالم الكبير ع��ز ال��دين بن عب��د الس��الم، فق��د أل��ف كتاب�ا مس�تقال في ه��ذا الموضوع، وهو كتاب ) قواع��د األحك��ام في مص��الح األن��ام ( ومم��ا قال��ه في ذلك:" الواجبات والمندوبات ضربان: أحدهما مقاصد والثاني وسائل. وكذلك المكروهات والمحرمات ضربان: أحدهما مقاصد والثاني وس�ائل. وللوس�ائل أحك��ام المقاص��د، فالوس��يلة إلى أفض��ل المقاص��د هي أفض��ل الوس��ائل، والوسيلة إلى أرذل المقاصد هي أرذل الوسائل، ثم تترتب الوسائل ب��ترتيب المصالح والمفاسد، فمن وفقه الل�ه للوق��وف على ت�رتيب المص�الح، ع�رف فاضلها من مفضولها، ومقدمها من مؤخرها. وق��د يختل��ف العلم��اء في بعض رتب المصالح فيختلفون في تقديمها عند تعذر الجمع، وكذلك من وفقه الل��ه

.(4)لمعرفة رتب المفاسد، فإنه يدرأ أعظمها بأخفضها عند تزاحمهما " " فإذا ال يكفي أن يكون العمل صالحا لكي يق��دم ويش��تغل ب��ه، ب��ل ال يق��دم الصالح إال إذا لم يكن عندنا وأمامنا م��ا ه��و أص��لح من��ه س��نفوته. فيجب- إذا تعذر الجمع – تقديم األصلح على الصالح، واألصلح على األصلح ال��ذي دون��ه.

. 2/45مجموع الفتاوى 1. 1/298اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجيحم 2رواه البخارى)كتاب اإليمان-باب الحالل بين والحرام بين(، ومسلم)كتاب المساقاة- 3

باب أخذ الحالل وترك الشبهات( . 73/ 1قواعد األحكام 4

www.alukah.net

وك��ذلك ي��درأ األفس��د فال��ذي دون��ه، فال��ذي يلي��ه. ف��الوقوع في األفس��د م��ع إمكانية االنتقال إلى الفاسد، هذا أيضا من الخلل والزلل الذي ال يقدم علي��ه

. (1)إال جاهل بالمراتب " وأخيرا أنبه على أننا ال نحتاج إلى الموازنة والترجيح بين المصالح والمفاس��د إال عند حص��ول التع��ارض أو ال��تزاحم، فاألص��ل ه��و الجم��ع بين المص��الح م��ا أمكن، ودرء المفاسد ما أمكن بغض النظر عن وزنها ومرتبته�ا. واألص��ل ه��و تحصيل المصلحة دون الوقوع في ش��يء من المفاس��د المرتبط��ة به��ا، وه��و اجتناب المفسدة دون تضييع المصلحة المرتبطة بها فإذا تعذر هذا لجأنا إلى

. (2)الموازنة والترجيح "

المبحث الرابعمراعاة الحاجة

من السمات المهمة عند أصحاب االجتهاد المقاص��دي أنهم يراع��ون حاج��ات الحاجةالن��اس وال يغفل��ون عنه��ا، ويعمل��ون بالقاع��دة الش��رعية الثابت��ة: "

.(3)العامة تنزل منزلة الضرورة ". واألصل في ذلك نصوص كثيرة من القرآن والسنة، منها:

" ] البق��رة:يريد الله بكم اليسر وال يريد بكم العسر* قوله تعالى: " 185 .]

ف عنكم * وقوله تعالى: " " وخلق اإلنسان ضعيفايريد الله أن يخف [. 28] النساء:

ملة أبيكموما جعGGل عليكم في الGGدين من حGGرج * وقوله تعالى: " [. 78... " ] الحج إبراهيم

* وقوله ) صلى الله عليه وسلم (: " يسروا وال تعسروا وبش��روا وال تنف��روا ."(4)

* وقوله ) صلى الله عليه وسلم (: " أحب الدين إلى الله الحنفي��ة الس��محة ."(5)

وأن المقصد العام للشريعة هو جلب المصالح ودرء المفاسد لقوله تعالى: " [. يق��ول اإلم��ام ابن107 " ] األنبي��اء وما أرسلناك إال رحمة للعالمين

القيم: " ف��إن " الش��ريعة مبناه��ا وأساس��ها على الحكم ومص��الح العب��اد في(6)المعاش والمعاد... ".

. 200محاضرات في مقاصد الشريعة للدكتور الريسوني ص 1. 199السابق ص 2. 88األشباه والنظائر ص 3 أخرجه البخارى ) كتاب األدب – باب قول النبى )ص( يسروا وال تعسروا.. ( ومسلم ) 4

كتاب الجهاد والسير – باب األمر بالتيسير وترك التنفير ( ( وذكره البخارى تعليقا في )كتاب اإليمان،7/229أخرجه الطبرانى في األوسط ) 5

(.881باب الدين يسر ( وصححه األلبانى في الصحيحة برقم ) . 3/3إعالم الموقعين 6

www.alukah.net

ا اس��تقرينا من الش��ريعة أنه��ا ويقول اإلمام الشاطبي: " والمعتمد إنما هو أن(1)وضعت لمصالح العباد... ".

كما أن المنع من الشيء م��ع حاج��ة الن��اس إلي��ه ي��ؤدي إلى ض��رر، والض��رر(2)مرفوع بقوله ) صلى الله عليه وسلم (: " ال ضرر وال ضرار "

هذا، وإن في الشريعة اإلسالمية أحكاما كثGGيرة تشGGهد لقاعGGدة "الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة "

ومن هذه األحكام: - إباحة السلم: 1

السلم معناه: أن يسلم عوضا حاض��را، في ع��وض موص��وف في الذم��ة إلى(3)أجل.

وهو ثابت بقوله ) صلى الله عليه وسلم (: " من أسلف في شيء فليس��لف(4)في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم ".

" فالسلم بذلك معناه أن الشخص يبيع شيئا غ��ير موج��ود عن��ده وقت ال��بيع، ولكنه موصوف ومحدد، ويأخ��ذ الثمن وقت ال��بيع، ويس��لم للمش��تري الم��بيع عند وجوده أو توافره وهذا البيع – به��ذه الص��ورة – يع��د اس��تثناء من قاع��دة منع بيع المعدوم المأخوذة من قوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن ح��زام:

(5)"ال تبع ما ليس عندك ".

وال شك أن هذا االستثناء من القاع��دة ج��اء مراع��اة لحاج��ة الن��اس إلى ه��ذا البيع. يقول ابن قدامة مبين��ا س��بب إباح��ة ه��ذا ال��بيع: " وألن أرب��اب ال��زروع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفس��هم وعليه��ا، لتكم��ل، وق��د تعوزهم النفقة، فجوز لهم السلم؛ ليرتفقوا ويرتفق المسلم باالسترخاص ".

(6)

- حق الشفعة: 2 الشفعة هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقلة عنه، من يد من

(7)انتقلت إليه ".

وهى ثابتة بالسنة أيضا، لما رواه الشيخان عن جابر رضي الله عنه قال:رك لم " قضى رسول الله ) صلى الله عليه وس��لم ( بالش��فعة في ك��ل ش�� يقسم ربعة، أو حائط، ال يحل له أن يبيع حتى يستأذن شريكه، فإن شاء أخذ

( 8)وإن شاء ترك، فإن باع ولم يستأذنه فهو أحق به ".

. 2/6الموافقات 1سبق تخريجه. 2. 6/385المغنى 3. 3/1227، ومسلم 3/111رواه البخارى 4أخرجه أبو داود في ) كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده (. 5.6/385المغنى 6.7/435المغنى 7 راوه البخاري)كتاب البيوع-باب الشفعة فيما لم يقسم(ومسلم )كتاب المساقاة-باب 8

الشفعة(

www.alukah.net

فالشفعة إذا ثبتت على خالف األصل، إذ هي انتزاع ملك المشتري بغير رضامنه، وإجبار له على المعاوضة. فهي استثناء من قاعدة احترام الملكية.

وال شك أيضا أن هذا االستثناء جاء مراعاة لحاج��ة الن��اس ورف��ع الض��رر عنالشريك أو الجار.

www.alukah.net

- إباحة النظر إلى األجنبية للخطبة وللعالج: 3 معلوم أن المرأة ع��ورة، وعلى الم��رء المس��لم أن يحف��ظ بص��ره، وال ي��ديم

قلالنظ��ر إلى ام��رأة ال تح��ل ل��ه، س��دا لذريع��ة الفتن��ة، ولقول��ه تع��الى: " ارهم ويحفظGGوا فGGروجهم GGوا من أبص ذلGGك أزكىللمؤمنين يغض

[. 30 "]النور: إن الله خبير بما يصنعونلهم ولكنه قد ورد عن رسول الل��ه ) ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم ( أن��ه أب��اح النظ��ر للحاجة، فقد قال لمن ذهب يخطب امرأة: " انظر إليها فإنه أحرى أن ي��ؤدم

(1)بينكما ".

وقد أجاز الفقهاء النظر إلى عورة المرأة عند العالج. قال ابن مفلح: " ف��إن مرضت المرأة، ولم يوجد من يطبها غير رجل ج��از ل��ه منه��ا نظ��ر م��ا ت��دعو

(2)الحاجة إلى نظره منه، حتى الفرجين... "

- إباحة لبس الذهب للنساء 4 معل��وم أن رس��ول الل��ه ) ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم ( نهى عن لبس ال��ذهب

(3)للرجال.

وقد ذكر بعض العلماء أن العلة من النهي عن لبس الذهب هى إفض��اؤه إلى(4)اإلسراف والخيالء وكسر قلوب الفقراء.

وه��ذه العل�ة متحقق��ة عن�د ارت�داء النس�اء ل�ه، إال أن الش�ريعة أب�احت لبس الذهب لهن. وقد ذكر بعض العلماء أن العل��ة في إباح��ة ال��ذهب للنس��اء هى

(2)حاجتهن إلى التزين

- إباحة لبس الحرير للرجال: 5 وق��د ورد عن الن��بي ) ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم ( النهى عن لبس الحري��ر للرجال، فقد روى اإلمام مس�لم عن الن�بي ) ص�لى الل�ه علي��ه وس�لم ( أن�ه

قال: " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في اآلخرة ". وعن البراء بن عازب قال: " أمرنا رسول الل��ه ) ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم ( بس��بع ونهان��ا عن س��بع: أمرن��ا بعي��ادة الم��ريض واتب��اع الجن��ازة وتش��ميت العاطس، وإبرار القسم أو المقسم ونصرة المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء الس��الم، ونهان��ا عن خ��واتيم أو تختم بال��ذهب، وعن ش��رب بالفض��ة، وعن

المياثر، وعن القسي، وعن لبس الحرير واالستبرق والديباج ". وعن حذيفة قال سمعت رسول الله ) صلى الل��ه علي��ه وس��لم ( يق��ول: " ال تلبسوا الحرير وال الديباج، وال تشربوا في آنية الذهب والفضة، وال تأكلوا في

.(5)صحافها؛ فإنها لهم في الدينا " أخرجه الترمذى ) كتاب النكاح – باب ما جاء في النظر إلى المخطوبة، وقال حديث 1

حسن، وابن ماجه ) كتاب النكاح – باب النظر إلى المرأة – ( (.. 2/300اآلدارب الشرعية 2. 4/288المغنى 3. 24/275مجموع الفتاوى البن تيمية 4 األحاديث الثالثة السابقة رواها مسلم في ) كتاب اللباس والزينة - باب تحريم 5

استعمال إناء الذهب والفضة على الرجالوالنساء...(

www.alukah.net

فهذه األحاديث تدل على أن األصل أنه ال يجوز لبس الحرير للرجال، غير أنه قد ورد في السنة عن الرس��ول ) ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم ( أن��ه أج��از لبس الحرير للحاجة، فقد روى اإلمام البخاري عن أنس أن عبد الرحمن بن عوف والزبير شكوا إلى النبى ) صلى الله عليه وسلم ( – يعنى القمل – ف��أرخص

.(1)لهما في الحرير، فرأيته عليهما في غزاه " - إباحة ما تدعو إليه الحاجة من شجر الحرم: 6

لماحرم رسول الله صلى الله علي��ه وس��لم مك��ة، ونهى عن قط��ع ش��جرها، طلب منه بعض الصحابة أن يرخص لهم فيما تدعو إليه الحاجة ف��رخص لهم

الرسول صلى الله عليه وسلم. فقد روى اإلمام البخاري أن النبي ) صلى الله عليه وسلم ( قال عن مكة: "

ش�جرها ، وال ينف�ر ص�يدها " فق�ال العب�اس: ي�ا رس�ول الل�ه إال(2)ال يعض�د وبيوتهم، فقال رسول الله ) صلى الله عليه وس��لم (:4 فإنه لقينهم 3اإلذخر

(5)" إال اإلذخر ".

فهذه األمثلة السابقة ليست أحكاما تعبديه غير معقول��ة المع��نى ال ينبغي أن يقاس عليها، لكنها – بال شك – أحكام�ا معلل�ة، وعلته�ا واض�حة، وهى رعاي�ة المصلحة والحاجة، وتدل بوضوح على أن الشريعة اإلسالمية سلكت طري��ق رفع الحرج، ومراعاة حاجات الناس، وعلى علماء الش��ريعة أن يراع��و ذل��ك، وأن يضعوا حاجات الن��اس في أذه��انهم، وينظ��روا إليه��ا بعين االعتب��ار، عن��د

إصدار األحكام. هذا، وقد اهتم فقهاء السلف بحاجات الناس وراعوه��ا في فت��اويهم وآرائهم، ومن هؤالء العلماء شيخ اإلسالم ابن تيمية، فقد تميزت فتاويه بهذا، ول��ه في

ذلك أقوال نفيسة، منها: قوله:" من استقرأ الشريعة في مواردها ومصادرها وجدها مبنية على قول��ه

إن الله غفGGورفمن اضطر غير باغ وال عاد فال إثم عليه تعالى: " فمن اضطر في مخمصة غيGر [ وقوله تعالى " 173 " ] البقرة: رحيم

[ فك��ل م��ا احت��اج3 " ] المائ��دة: فإن الله غفور رحيممتجانف إلثم إليه الن��اس في معاش��هم، ولم يكن س��ببه معص��ية هى ت��رك واجب أو فع��ل محرم، لم يحرم عليهم، ألنهم في معنى المضطر الذى ليس بب��اغ وال ع��اد "

(6) . وقوله: "ال ينبغي أن ينظر إلى غلظ المفس��دة المقتض��ي للحظ��ر إال وينظ��ر

.(7)مع ذلك إلى الحاجة الموجبة لإلذن، بل الموجبة لالستحباب أو اإليجاب " البخارى ) كتاب الجهاد والسير – باب الحرير في الحرب (، ومسلم ) كتاب اللباس 1

والزينة – باب إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة أو نحوها (. يعضد: يقطع. 2. 1/33اإلذخر: نبات طيب الرائحة. النهاية 3. 4/135القين: هو الحداد والصائع. النهاية 4أخرجه البخارى، كتاب الجنائز، باب اإلذخر ومسلم كتاب الحج، باب تحريم مكة. 5. 29/64مجموع الفتاوى 6. 26/181السابق 7

www.alukah.net

- وقوله:" والش��ريعة كله��ا مبني��ة على أن المفس��دة المقتض��ية للتح��ريم إذا.(1)عارضها حاجة راجحة أبيح المحرم "

نماذج من اآلراء والفتاوى المبنية على مراعاة الحاجة عند مطالعة ف��روع الفق��ه س��نجد كث��يرا من اآلراء واالختي��ارات المبني��ة على

مراعاة حاجات الناس، ومن هذه اآلراء:-جواز تخصيص بعض األوالد بعطية: 1

روى البخاري عن النعمان بن بشير أنه قال: " تصدق على أبي ببعض مال��ه، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: ال أرضى حتى تشهد عليها رسول الل��ه ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم، فج��اء أبي إلى رس��ول الل��ه ) ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم ( ليشهده على صدقته، فقال: " أكل ولدك أعطيت مثل��ه؟ " ق��ال: ال. ق��ال: "

.(2)فاتقوا الله، واعدلوا بين أوالدكم " فه��ذا الح��ديث ي��دل على ع��دم ج��واز تفض��يل بعض األوالد على بعض في

العطية، ويفرض على الوالد أن يسوي بين أوالده. هذا، وقد ذهب اإلمام أحمد- رحمه الله – وغيره من العلماء – إلى ج��واز أن

يخص الشخص أحد أوالده بعطية لحاجة معتبرة أو مصلحة شرعية يق��ول ابن قدام��ة: " ف��إن خص بعض��هم لمع��نى يقتض��ي تخصيص��ه، مث��ل اختصاصه بحاجة، أو زمان��ة، أو عمى، أو ك��ثرة عائل��ة، أو اش��تغاله ب��العلم أو نحوه من الفضائل، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معص��ية الل��ه، أو ينفق��ه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك، لقوله في تخصيص بعضهم

.(3)بالوقف: ال بأس به، إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل األثرة " - إجارة الفحل للضراب: 2

عن ابن عمر رضى الل��ه عن��ه " أن الن��بى ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم نهى عن . وعن جابر ق��ال: " نهى رس��ول الل��ه ) ص��لى الل��ه علي��ه(4)عسب الفحل "

(5)وسلم ( عن بيع ضراب الفحل "

. وقد أخذ بعموم الحديثين األئمة(6)وعسب الفحل ضرابه، وبيعه أخذ عوضه (.7)أبو حنيفة والشافعي وأحمد، وقالوا بعدم جواز إجارة الفحل للضراب

. وقال بجوازه أيضا اإلمامان ابن عقي��ل(8)وقد حكي عن اإلمام مالك جوازه والخطابي من شيوخ الحنابلة، مراعاة لحاجة الناس، إلى هذه المعاملة

قال ابن قدامة: " وال يج��وز إج��ارة الفح��ل للض��راب... وخ��رج أب��و الخط��اب وجها في جوازه، ألنه انتفاع مباح، والحاجة تدعو إلي��ه، فج��از كإج��ارة الظ��ئر

. 155القواعد النورانية ص 1 أخرجه البخاري ) كتاب الهبة – باب اإلشهاد في الهبة (، ومسلم ) كتاب الهبات – 2

باب كراهية تفضيل بعض األوالد في الهبة ( . 4/285، وانظر كشاف القناع 8/258المغنى 3رواه البخاري ) كتاب اإلجازة – باب عسب الفحل (. 4رواه مسلم ) كتاب المساقاة – باب تحريم بيع فضل الماء (. 5. 6/302المغنى 6. 3/395، وروضة الطالبين 104، وانظر: مختصر القدوري ص 6/302السابق 7. 3/401المدونة 8

www.alukah.net

للرض��اع، والب��ئر يس��قى منه��ا الم��اء، ألنه��ا منفع��ة تب��اح باإلع��ارة، فتس��تباح. (1)باإلجازة، كسائر المنافع "

والقول بجواز إجارة الفحل للض��راب ق��ول معت��بر، ألن في��ه مراع��اة لحاج��ة الن��اس له��ذه المعامل��ة، ومص��لحة ش��رعية معت��برة، ف��إن الفح��ول المع��دة للضراب ينفق عليها أصحابها كثيرا، واستخدامها للضراب ينقص من قيمته��ا، مما يجعلها تحتاج إلى مزيد من نفقة، فإذا منعنا أصحابها أخذ األجر فس��وف

يمتنعون عن تقديمها للناس، فيقع ضرر، والضرر مرفوع. أم��ا عن النهي ال��وارد عن��ه في الح��ديث فيمكن حمل��ه على التنزي��ه أو على الندب واإلرشاد، أو على حالة االشتراط، أو اعتبار أن المقص��د من��ه ال��ترفق

والسماحة، كما قيل في النهي عن المزارعة. - إباحة بعض البيوع التى تشتمل على غرر: 3

عن أبي هريرة رضي الله عنه " أن النبي) ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم ( " نهى(3) وعن بيع الغرز " (2)عن بيع الحصاة

فهذا نهي من الرسول ) صلى الل��ه علي��ه وس��لم (عن ال��بيوع ال��تى تش��تمل على غرر غير أن هناك بيوعا يتعذر فيها الس�المة من الغ�رر، والب�د فيه�ا من االشتمال على شيء منه، وذلك مث��ل بي��ع األص��ول المغيب��ة في األرض مث��ل الفجل والجزر والبطاطس ونحوه��ا، ومث��ل بي��ع الثم��ار ال��تى تتك��رر ثمرته��ا،

كالقثاء والبطيخ جملة واحدة إذا بدى صالح أولها. وقد أجاز ابن تيمية – وكثير من العلم��اء – ه��ذه ال��بيوع لحاج��ة الن��اس إليه��ا

ومعلGGوم أن الضGGرر على النGGاس بتحGGريم هGGذهويق��ول في ذل��ك: " المعامالت أشد عليهم مما قد يتخوف فيهGGا من تبGGاغض أو أكGGل مGGال بالباطGGل، ألن الغGGرر فيهGGا يسGGير، والحاجGGة إليهGGا ماسGGة، والحاجGة الشGديدة ينGGدفع بهGGا يسGGير الغGGرر. والشGGريعة جميعهGا مبنية على أن المفسGGدة المقتضGGية للتحGGريم إذا عارضGGها حاجGGة

.(4) راجحة أبيح المحرم "ويقول الشيخ السعدي رحمه الله عن هذه البيوع:

" فهذا م��ازال أه��ل نج��د يس��تعملونه والمش��ايخ يق��رونهم على ذل��ك، وذل��ك.(5)لدعاء الحاجة إليه، وما اشتدت حاجة الناس إليه، وسع فيه الشارع "

. 8/130المغنى 1 بيع الحصاة هو أن يقول أرم هذه الحصاة، فعلى أى ثوب وقعت فهو لك بدرهم.. 2

(6/298المغنى ) أخرجه مسلم )كتاب البيوع – باب بطالن بيع الحصاة والبيع الذى فيه غرر( وأبو داود 3

)كتاب البيوع – باب بيع العرر(. 4/19، وانظر الفروع 186القواعد النورانية ص 4. 275الفتاوى السعدية ص 5

www.alukah.net

المبحث الخامسمراعاة أحوال الناس

مراع����اة أح����وال الن����اس من حيث مس����توى تفك��يرهم وعلمهم وإيم��انهم وق��دراتهم وغن��اهم وفق��رهم، وجمي��ع ظ��روفهم

وأحوالهم مبدأ قرأني ونبوي. ففي القرأن الكريم نجد أن الله عز وج��ل لم يح��رم الخم��ر أول األم��ر وفي بداية الدعوة، وإنما حرمها بعد أن اس��تقر اإليم��ان في قل��وب أهل��ه وص��اروا

مهيئين ومستعدين لقبول حكم التحريم وتركها. وقد عبرت السيدة عائشة )رضي الله عنها( عن ذلك فقالت: "إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ث��اب الن��اس إلى اإلسالم نزل الحالل والح��رام، ول��و ن��زل أول ش��يء: ال تش��ربوا الخم��ر، لقالوا: ال ندع الخمر أبدا، ولو نزل ال تزنوا لقالوا: ال ندع الزنا أبدا، لق��د ن��زل

اعةبمكة على محمد )صلى الله عليه وسلم (وإني لجارية ألعب " بل الساعة أدهى وأمر [وم��ا ن��زلت س��ورة البق��رة46"]القمر: موعدهم والس

1والنساء إال وأنا عنده"

وفي السنة نجد أن الرسول ) ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم ( ت��رك ه��دم الكعب��ة وبناءها على قواعد إبراهيم عليه السالم مراع��اة لح��ال الن��اس آن��ذاك، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي ) صلى الله علي��ه وس��لم ( ق��ال له��ا: "ل��وال

2حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة ولجعلتها على أساس إبراهيم.. "

ومن مراعاة أحوال الناس في السنة أيضا أن النبي ) صلى الله عليه وسلم ( كان يأتيه السائل فيسأله فيجيبه النبي ) صلى الله علي��ه وس��لم ( ثم يأتي��ه سائل آخر فيسأله نفس السؤل فيجيبه النبي ) صلى الله عليه وسلم ( بغير م��ا أج��اب الس��ائل األول، وال ش��ك أن ذل��ك ك��ان مراع��اة الختالف أح��وال السائلين واختالف قدراتهم وإمكانياتهم، فما يناسب زيدا قد ال يناسب عمرا.

ومن األمثلة على ذلك من السنة: -عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله ) صلى الله علي��ه1

وسلم ( أي األعم��ال أحب إلى الل��ه ع��ز وج��ل؟ ق��ال: "الص��الة على وقته��ا" قلت: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين" قلت: ثم أي؟ قال: "ثم الجه��اد في س��بيل

3الله"

-وعن معاذ رضي الله عنه قال: سألت رسول الل��ه: أي األعم��ال أحب إلى24الله وأفضل؟ قال: "أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله"

-وعن قتادة رضي الله عنه عن رج��ل من خثعم ق��ال: أتيت الن��بي ) ص��لى3 الله عليه وس��لم ( فقلت: أنت ال��ذي ت��زعم أن��ك رس��ول الل��ه؟ ق��ال:" نعم"

البخاري)كتاب فضائل القرآن-باب تأليف القرآن( 1أخرجه مسلم)كتاب الحج-باب نقض الكعبة وبنائها( 2 ط الرسالة7/103المسند 33/100سنن ابن ماجة 4

www.alukah.net

قلت: أي األعمال أحب إلى الله؟قال:"إيمان بالله" قلت: يا رس��ول ثم م��ه؟ 1قال: "ثم صلة الرحم......"

- وعن��ه ) ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم ( أن��ه س��ئل أي األعم��ال أفض��ل؟42فقال:"إيمان بالله وجهاد في سبيله وحج مبرور"

هذا ,وقد كان األئمة والفقهاء يعملون بهذا المب��دأ في فقههم وفت��اويهم. من ذل��ك م��ا روي عن اإلم��ام أحم��د رحم��ه الل��ه أن��ه ت��رك الركع��تين قب��ل

وس�ئل رحم�ه3الغروب ,ولما سئل عن ذلك قال: "رأيت الناس ال يعرفونه" الله عن القراءة في صالة التراويح فقال: "يقرأ القوم في شهر رمض��ان م��ا يخف على الناس وال يشق عليهم، السيما اللي��الي القص��ار, واألم��ر على م��ا

وس��ئل أيض��ا أيهم��ا أفض��ل في ص��الة الص��بح: اإلس��فار أم4يحتمل��ه الن��اس"5التغليس؟ فقال:" االعتبار بحال المأمومين ,فإن أسفروا فاألفضل اإلسفار"

فاالجتهاد المقاصدي يراعى تغير األحوال والزمان والمكان واألع��راف، فق��دذكر المحققون من العلماء أن هذه األمور توجب تغير الفتوى.

وقد أعد المحققون من العلماء أيضا معرف��ة الواق��ع وفهم��ه ومعرف��ة أح��ول الناس ش��رطا أساس��يا لإلفت��اء. يق��ول اإلم��ام أحم��د رحم��ه الل��ه: " ال ينبغي للرجل أن ينص��ب نفس��ه للفتي��ا، ح��تى يك��ون في��ه خمس خص��ال: أوله��ا: أن

تكون له نية، فإن لم تكن له نية لم يكن عليه نور، وال على كالمه نور. والثانية: أن يكون على علم وحلم ووقار وسكينة.

والثالثة: أن يكون قويا على ما هو فيه وعلى معرفة. والرابعة: الكفاية وإال مضغه الناس.

. (6)والخامسة: معرفة الناس " ويق��ول ابن القيم: " المف��تي ال يتمكن من الفت��وى ب��الحق إال بن��وعين من الفهم، أح��دهما: فهم الواق��ع والفق��ه في��ه واس��تنباط علم حقيق��ة م��ا وق��ع بالقرائن واإلمارات والعالمات التي تحيط به علم��ا. والن��وع الث��اني: ه��و فهم

. (7)الواجب في الواقع وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه " و كما يجب مراعاة أحوال الناس في الفت��وى واألحك��ام، فإن��ه يجب مراع��اة أحوالهم أيضا في الدعوة واإلرشاد، فم��ا ن��دعو الن��اس إلي��ه ينبغي أن يك��ون مناسبا مع حالتهم التي هم عليها، فما ندعو إلي�ه في مجتم�ع مس�لم يختل�ف عم��ا ن��دعو إلي��ه في مجتم��ع غ��ير مس��لم، فينبغي الترك��يز على معالج��ة المخالفات واألخطاء التي تنتشر في المكان مح��ل ال��دعوة. وينبغى مراع��اة حال المدعوين واستخدام الوسيلة المناسبة معهم، وقد نب��ه الق��رآن الك��ريم

12/29مسند أبي يعلى 12/165سنن سعيد بن منصور 22/101الفروع 32/606المغني 42/440السابق 5. 4/550، وانظر شرح الكوكب المنير 4/199إعالم الموقعين 6. 1/88إعالم الموقعين 7

www.alukah.net

ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظGGةعلى ذلك في قوله تعالى: " [. 125 " ] النحل وجادلهم بالتي هي أحسنالحسنة

يقول العالمة ابن القيم في التعليق على هذه اآلي��ة: " ذك��ر س��بحانه م��راتب الدعوة، وجعلها ثالثة أقسام بحسب حال المدعو، فإن��ه إم��ا أن يك��ون طالب��ا للحق محبا له، م��ؤثرا ل��ه على غ��يره، إذا عرف��ه، فه��ذا ي��دعى بالحكم��ة، وال يحتاج إلى موعظة وجدال، وإما أن يكون مشتغال بضد الحق، لكن ل��و عرف��ه آثره واتبعه، فهذا يحتاج إلى الموعظة ب��الترغيب وال��ترهيب، وإم��ا أن يك��ون

(1)معاندا معارضا، فهذا يجادل بالتي هي أحسن " وينبغي مخاطب��ة الن��اس على ق��در عق��ولهم وعلمهم، وتح��ديثهم بم��ا تدرك��ه عقولهم وتستوعبه مداركهم، وفى ذلك يقول على بن أبى طالب رضى الل��ه عنه: " حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون، أتريدون أن يك��ذب الل��ه

. (2)ورسوله " ويقول ابن مسعود ) رضي الله عنه (: " ما أنت بمحدث قوما حديثا ال تبلغ��ه

. (3)عقولهم إال كان لبعضهم فتنة "

المبحث السادسالتيسير ورفع الحرج

من سمات االجتهاد المقاصدي أنه يتبنى منهج التيسير ورف��ع الح��رج ويمي��ل إليه، فإذا وجد في المسألة قولين متكافئين أو متقاربين، أحدهما فيه مشقة واآلخر فيه تيسير، ورفع حرج، فإنه يأخذ باأليس��ر؛ وذل��ك ألن التيس��ير ورف��ع الح��رج مقص��د من مقاص��د الش��ريعة وس��مة من أهم س��ماتها، ومظه��ر من

مظاهر واقعيتها وصالحها لكل زمان ومكان... وقد ثبت مقصد التيسير هذا بأدلة كثيرة تصل بمجموعه��ا إلى درج��ة القط��ع

واليقين. ومن هذه األدلة: . 1276الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة ص 1رواه البخارى، كتاب العلم. 2رواه مسلم في مقدمة صحيحه. 3

www.alukah.net

ر- قول���ه تع���الى: " 1 GGد بكم العسGGر وال يري GGد الله بكم اليسGGيري" [. 185] البقرة:

ف عنكم - قوله تعالى: " 2 عيفايريد الله أن يخف GGوخلق اإلنسان ض [. 28" ] النساء

ملة أبيكموما جعGGل عليكم في الGGدين من حGGرج - قوله تعالى: " 3 [. 78. " ] الحج: إبراهيم

- قوله) صلى الله عليه وسلم ( " يسروا وال تعسروا وبش��روا وال تنف��روا "4(1).

- قوله ) صلى الله عليه وسلم (: " أحب الدين إلى الله الحنفي��ة الس��محة5 "(2). - قوله ) صلى الله عليه وسلم (: " إن ال��دين يس��ر ولن يش��اد ه��ذا ال��دين6

.(3)أحد إال غلبه " - عن عائشة رضي الله عنها قالت: " ما خير رسول الله ) صلى الله علي��ه7

.(4)وسلم ( بين أمرين إال اختار أيسرهما ما لم يكن إثما... "

سبق تخريجه. 1سبق تخريجه. 2أخرجه البخارى ) كتاب اإليمان – باب الدين يسر (. 3 أخرجه البخارى ) كتاب الحدود، باب إقامة الحدود واالنتقام لحرمات الله (، ومسلم ) 4

كتاب الفضائل، باب مباعدته – صلى لله عليه وسلم- لآلثام (.

www.alukah.net

العلة من حرص الشارع على التيسير ورفع الحرج: يرى اإلمام الشاطبي أن العلة من التيسير ورفع الحرج تتلخص في أمرين:

األول: المداومة على العمل. الثاني: تحقيق التوازن في أداء الواجبات دون إفGGراط في بعض

.(1)وتفريط في بعض آخر هذا، وأرى أن هناك علة أخرى من حرص الشارع على التيسير ورفع الحرج،ا على هي رحمة الله تعالى بعباده وتفضله وتكرمه عليهم، وهي تشتمل أيض��

المقصدين السابقين.ة من حيث االعتبار وعدمه: المشق

تنقسم المشقة من حيث االعتبار وعدمه إلى نوعين: األول: مشقة غير معتبرة:

وهي المشقة التي يقدر على تحملها المكلف أثن��اء قيام��ه بالعم��ل وال تنف��ك عنه��ا العب��ادة، أي أن طبيع��ة العم��ل تقتض��ي وتتطلب مث��ل ه��ذه المش��قة، وتكون هذه المش�قة غ��ير خارج�ة عن المعت��اد، بحيث ال ي�ترتب عليه�ا ض�رر

للمكلفين. وهذه المشقة مثل مشقة الوضوء والغسل وخاصة في البرد، ومشقة إقامة الصالة في الحر والبرد، السيما صالة الفجر، ومشقة الصوم في ش��دة الح��ر وطول النهار، ومشقة الحج والجهاد في سبيل الله، وإقام�ة الح��دود ونح��وه، فه��ذه المش��اق كله��ا ال أث��ر له��ا في إس��قاط العب��ادات والطاع��ات وال في تخفيفها؛ ألنها لو أثرت لفاتت مصالح العبادات والطاعات في جميع األوق��ات أو في غالب األوقات، ولفات ما رتب عليها من المثوبات الباقيات م��ا دامت

.(2)األرض والسماوات بل إن هذه المشقة ال تسمى في الع��ادة المس��تمرة مش��قة، كم�ا ال يس��مى في العادة مشقة طلب المعاش بالتحرف وسائر الصنائع؛ ألنه ممكن معتاد، ال يقطع ما فيه من الكلفة عن العمل في الغالب المعت�اد، ب�ل أه��ل العق�ول وأرباب العادات يعدون المنقطع عنه كسالن ويذمونه بذلك، فك��ذلك المعت��اد

.(3)في التكاليفالثاني: مشقة معتبرة:

وهي المشقة التي تنفك عنها األعمال غالبا، حيث تكون هذه المشقة خارجة عن معت��اد المش��قات في األعم��ال العادي��ة، أي خارج��ة عن طبيع��ة العم��ل،

ا أن(4)وهذه المشقة قد يحص��ل به��ا فس��اد دي��ني أو دني��وي ، ومن ذل��ك أيض�� تكون المشقة الش��ديدة في حكم اجته��ادي، أي أن ال��دليل الخ��اص ب��ه ليسا أو صريحا، فهنا ينبغي أن نأخذ باأليسر؛ مث��ال ذل��ك أن من أح��دث أثن��اء قوي

. 152؛ ونظرية المقاصد عند اإلمام الشاطبي ص 148و 2/136 انظر: الموافقات )(1. 7/ 2 قواعد األحكام )(2.2/123 الموافقات )(3. 2/156؛ والموافقات 8و 2/7 قواعد األحكام )(4

www.alukah.net

الطواف فإنه يشق عليه جدا أن يذهب ويتوضأ؛ ل��ذا فإن��ه يستحس��ن هن��ا أن نأخذ برأي من لم يشترط الطهارة للطواف أو من أج��از الط��واف في مث��ل

هذه الحال. يقول الشيخ ابن ع��ثيمين: »وم�ا ك�ان في��ه مش�قة ش�ديدة، ولم يظه�ر فيه�انا، فإنه ال ينبغي أن نلزم الناس به، ب��ل نتب��ع م��ا ه��و األس��هل النص ظهورا بي

.(1)واأليسر« الحكمة من اشتمال بعض األعمال على مشقة:

إذا كان التيسير ورفع الحرج من مقاصد الش��ريعة اإلس��المية، وأن الل��ه أراد لنا التخفي��ف، فم��ا الحكم��ة إذن من التكلي��ف بالواجب��ات ال��تي تش��تمل على

مشقات. يجيب عن ذل��ك اإلم��ام الش��اطبي ب��أن الش��ارع وإن ك��ان ق��د أم��ر ببعض التك��اليف ال��تي تش��تمل على مش��قة فإن��ه غ��ير قاص��د نفس المش��قة ال��تي

، ففي جميع الحاالت الشارع ال يقصد المشقة، بل يقصد م��ا في ذل��ك(2)فيها.(3)من المصالح العائدة على المكلف من هذه األعمال

ورتب الش��اطبي على ه��ذا أص��ال آخ��ر، وه��و أن المش��قة ليس للمكل��ف أن يقص��دها في التكلي��ف نظ��را إلى عظم أجره��ا، ول��ه أن يقص��د العم�ل ال�ذي يعظم أج��ره لعظم مش�قته من حيث ه��و عم�ل. وله�ذا ك�ان قص�د المش�قة

.(4)قصدا باطال، ومضادا لما قصد الشارع من التخفيف المعلوم المقطوع به قلت: ويؤكد ما قرره الش��اطبي م��ا ورد في الس��نة من رد بعض األعم��ال ال��تي قصدت فيها المشقة لذاتها دون أن يترتب على هذه المشقة مص��لحة، من ذل��ك ما رواه البخاري عن ابن عباس أنه قال: »بينم��ا الن��بي ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم يخطب إذ هو برجل قائم في الشمس، فسأل عنه، فقالوا: أبو إس��رائيل ن��ذر أن يقوم وال يقعد وال يستظل وال يتكلم ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وس��لم:

.(5)مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه« لما بلغه أن أخت عقب��ةصلى الله عليه وسلموعن ابن عباس أيضا أن النبي

بن ع��امر ن��ذرت أن تحج ماش��ية ق��ال: »إن الل��ه لغ��ني عن ن��ذرها، مره��ا.(6)فلتركب«

. 3/476 الشرح الممتع )(1 بدليل النصوص الدالة على التيسير، وما ثبت من مشروعية الرخص.)(2. 2/123 الموافقات )(3. 2/128 السابق )(4 رواه البخاري )كتاب األيمان والنذور- باب (؛ وأبو داود )كتاب األيمان والنذور- باب)(5

من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية (. رواه أبو داود في الموضع السابق. )(6

www.alukah.net

اختالف اعتبار المشقة باختالف درجة العمل وأهميته. ه اإلم��ام الش��اطبي على أم��ر ه��ام، وه��و أن المش��قة ال��تي تس��تحق أوال لق��د نب تستحق التخفيف إنما تقاس وتق��در ب��النظر إلى العم��ل ال��ذي يس��تلزمها وم��دى ض��رورته وم��دى أهميت��ه، فال نقيس – مثال- المش��قة في ركع��تي الض��حى )وهي نافلة( كما نقيسها في صالة الصبح )وهي من آك��د الص��لوات( وال مش��قة ه��اتين )وهي خفيفة غالبا( بالمشقة الالزم��ة في الحج، وال تق��اس ه��ذه المش��اق الثالث

.(1)بمشقة الجهادمن فتاوى االجتهاد المقاصدي التي روعي فيها سمة التيسير

جواز رمى الجمار أيام التشريق قبل الزوال: من فتاوى االجته��اد المقاص��دي القائم��ة على التيس��ير ورف��ع الح��رج، فت��وى فضيلة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود بجواز رمى الجم��ار أي��ام التش�ريق

قبل الزوال. فقد ح��دد الفقه��اء وقت رمي الجم��رات أي��ام التش��ريق م��ا بين ال��زوال إلى غروب الشمس، ودليلهم في ذلك م��ا رواه البخ��اري عن ج��ابر ق��ال: " رمى النبى ) صلى الله عليه وسلم ( يوم النحر ض��حى، أم��ا بع��د ذل��ك ف��إذا زالت

. (2)الشمس " وقد ذكر الشيخ أن ه��ذا الح��ديث – وغ��يره في ه��ذا الب��اب – ص��حيح، ولكن��ه ليس صريحا في الداللة على التحدي�د ال�ذى ذك�روه، وليس ثم�ة ح��ديث عن النبى ) صلى الله عليه وسلم ( يأمر فيه بتحديد الرمي بم��ا بين ال��زوال إلى

الغروب، حتى نلتزم العمل به وعليه فال يج��وز أن نس��مى م��ا قب��ل ال��زوال وقت نهي ب��دون أن ينهى عن��ه

رسول الله صلى الله عليه وسلم. وغاية األمر أنه مسكوت عنه رحمة من��ه بالن��اس، وإن التحدي��د به��ذا ال��زمن القصير قد أفضى بالناس إلى الحرج والض��يق، ح��تى ش��غلهم ش��دة الزح��ام عن الذكر والتكبير وعن ال�دعاء والتض�رع عن��د ه��ذا المق�ام، ب�ل وعن العلم بوق��وع الجم��ار في موقعه��ا المش��روع من األح��واض، وه��ذا الزح��ام من

المحتمل أن يزداد عاما بعد عام، متى كان هذا التحديد على هذا الحال. وقد خطب النبي ) ص�لى الل��ه علي��ه وس��لم ( ي�وم عرف��ه ثم ي�وم العي��د، ثم أوسط أيام التشريق، وبين للناس ما يحتاجون إليه، وجعل الن��اس يس��ألونه، فما سئل عن شيء من التقديم والتأخير إال ق��ال: " افع��ل وال ح��رج " ح��تى سأله رجل فقال: يا رسول الله رميت بعدما أمسيت فق��ال: " ارم وال ح��رج

"(3) .. 2/156 انظر الموافقات )(1 ( رواه البخاري)كتاب الحج-باب رمي الجمار(، ومسلم)كتاب الحج-باب بيان وقت 2

استحباب الرمي( (رواه البخاري )كتاب الحج-باب الفتيا على الدابة عند الجمرة( ومسلم)كتاب الحج-3

باب من حلق قبل النحر...(

www.alukah.net

فنفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوع الحرج في كل ما يفعله الحاجمن التقديم والتأخير ألعمال الحج التى تفعل في أيام العيد وأيام التشريق.

إلى أن قال رحمه الله: " والحالة اآلن هى حالة ضرورة توجب على العلماء والحكماء إع��ادة النظ��ر فيما يزيل هذا الضرر ويؤمن الناس من مخاوف الخط��ر الحاص��ل من ش��دة

. (1)الزحام والسقوط تحت األقدام " المصادر والمراجع

اآلداب الشرعية والمنح المرعي��ة: أب��و عب��د الل��ه بن مفلح المقدس��ي )ت- م. 2003، 2 ه�( دار الكتب العلمية، بيروت، ط 763

اقتضاء الصراط المس��تقيم مخالف��ة أص��حاب الجحيم: ش��يخ اإلس��الم ابن-تيمية، دار الحديث، القاهرة، د. ت.

أعالم الموقعين عن رب العالمين، شمس الدين أب��و عب��د الل��ه محم��د بن- ه�( دار الجيل، بيروت. 751أبى بكر ابن القيم الجوزية )ت

األش���باه والنظ���ائر في قواع���د وف���روع فق���ه الش���افعية: جالل ال���دين- م. 1990السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت،

،2أصول التشريع اإلس��المي: علي حس��ب الل��ه، دار الفك��ر، الق��اهرة، ط- م1997

حلية األولياء وطبقات األصفياء: أبو نعيم أحمد بن عبد الله، األص��فهانى )- ه�. 1405 ه�( دار الكتاب العربي، بيروت 430

الرد على من أخلد إلى األرض وجهل أن االجته��اد في ك��ل عص��ر ف��رض:- اإلم��ام الس��يوطى، تحقي��ق د. ف��ؤاد عب��د المنعم النم��ر، مؤسس��ة ش��باب

م. 1985الجامعة، االسكندرية، روض�ة الط�البين وعم�دة المف�تين: اإلم�ام زكري�ا محي ال�دين بن ش�رف-

النووي م. 1985، 2 ه�( المكتب اإلسالمي، ط676 )ت - سلس�لة األح�اديث الص�حيحة: محم�د ناص�ر األلب�اني، المكتب اإلس�المي،-

م. 1985، 4بيروت، ط ه���(273س��نن ابن ماج��ة: أب��و عب��د الل��ه محم��د بن يزي��د القزوي��نى )ت -

ه�. 1417، 1المعارف، الرياض، ط ه���(،275سنن أبى داود: أبو داود سليمان بن األشعث السجس��تانى )ت -

، تحقيق رضوان جامع رضوان. 2002أوالد الشيخ، القاهرة، ط

ه���(،279س��نن الترم��ذي: محم��د بن عيس��ى بن س��ورة الترم��ذى )ت -ه�. 1417، 1المعارف، الرياض، ط

سنن الدارمي: أبو محمد عبد الله بن عبد ال��رحمن بن الفض��ل بن به��رام- ه�(، دار الكتب العلمية. 255)ت

وما بعدها. 24انظر مجموعة رسائل الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود ص 1

www.alukah.net

ه���(،458السنن الكبرى: أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقى )ت -ه�. 1344، 1دار المعرفة، بيروت، ط

سنن النسائي: أبو عب��د ال��رحمن أحم��د بن ش��عيب بن على النس��ائي )ت- ه�. 1417، 1 ه�(، دار المعارف، الرياض، ط303

شرح مختصر الروضة: نجم الدين س��ليمان بن عب��د الق��وي الط��وفي )ت- م، تحقي��ق د. عب��د الل��ه بن عب��د2003،�� 4 ه���( الرس��الة، ب��يروت، ط716

المحسن التركى. الشرح الممتع على زاد المس��تنقع: محم��د بن ص��الح بن محم��د الع��ثيمين-

م. 2005 ه�(، الكتاب العالمي، بيروت، 1421)ت صحيح البخاري: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغ��يرة،-

ه�(. 256البخاري )ت ه���( دار261صحيح مسلم: مسلم بن الحجاج أبو الحسن القش��يرى )ت -

إحياء الكتب العلمية. طبقات الحنابلة: القاضي أبو الحسين محم��د بن أبى يعلى، دار المعرف��ة،-

بيروت. علم المقاص��د الش��رعية: د. ن��ور ال��دين بن مخت��ار الخ��ادمي، العبيك��ان،-

م. 2006، 1الرياض، ط (، المكتب��ة1376الفتاوى السعدية: عبد ال��رحمن بن ناص��ر الس��عدي )ت -

التوفيقية، القاهرة. ه���( دار الكتب العلمي��ة،672الفروع: شمس الدين محم��د بن مفلح )ت -

م. 1997، 1بيروت، طفقة األولويات: الدكتور يوسف القرضاوي، مكتبة وهبة، القاهرة. - الفك��ر المقاص��دي قواع��ده وفوائ��ده: ال��دكتور أحم��د الريس��وني، من-

م، ومكتب�ة النج�اح الجدي�دة، ال�دار1999منشورات جريدة الزمن، الرباط، البيضاء.

ه���( دار660قواعد األحكام في مصالح األنام: ع��ز ال��دين عب��د الس��الم )-المعرفة، بيروت.

ه���( دار728القواع��د النوراني��ة الفقهي��ة: ش��يخ اإلس��الم ابن تيمي��ة، )ت - ه�. 1428، 2الجوزي، الرياض والقاهرة، ط

ه���(1051كشاف القناع عن متن اإلقناع: منصور بن يونس الباهوتي )ت-دار الفكر، بيروت.

محاضرات في مقاصد الشريعة، أحمد الريسونى. - مجموعة رسائل الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود: العبيك��ان – الري��اض،-

م. 2006، 1ط ه���(،807مجم��ع الزوائ��د: ن��ور ال��دين علي بن أبى بك��ر الهيثمى )ت -

المعارف، بيروت. مجم��وع الفت��اوى البن تيمي��ة: جم��ع وت��رتيب عب��د ال��رحمن بن محم��د بن-

ه�. 1389قاسم، مطبعة الحكومة، مكة،

www.alukah.net

مختصر القدوري في الفقة الحنفي: أبو الحسن أحمد بن محمد القدوري- م. 1997، 1 ه�( دار الكتب العلمية، بيروت، ط428)ت

المدونة الكبرى: اإلمام مال��ك بن أنس، رواي��ة اإلم��ام س��حنون بن س��عيد- م. 1986عن اإلمام عبد الرحمن بن القاسم، دار الفكر، بيروت،

مراع��اة مقاص��د الش��ريعة في الم��ذهب الحنبلي: حم��اد محم��د إب��راهيم،- م. 2011رسالة دكتوراه دار العلوم – القاهرة

المس��تدرك على الص��حيحين: أب��و عب��د الل��ه الح��اكم النيس��ابورى، دار- م. 1986المعرفة، بيروت

1313 ه�(، القاهرة، 241المسند: أبو عبد الله اإلمام أحمد بن حنبل )ت -م

المعجم األوسط: أبو القاسم سليمان بن أحم��د بن أي��وب، الط��براني )ت- م، تحقيق د. محمود الطحان. 1985، 1 ه�(، المعارف، الرياض، ط360

، تحقيق حمدى عبد المجيد. 2المعجم الكبير: اإلمام الطبراني، ط-. 3المعجم الوسيط: مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ط- المغني: موفق الدين أبو محمد عب��د الل��ه بن أحم��د بن محم��د بن قدام��ة-

م، تحقيق د عبد الله عبد1992،� 2 ه�(، هجر، القاهرة، ط620المقدسي )المحسن التركي، ود. عبد الفتاح محمد الحلو.

المقاص��د العام��ة للش��ريعة اإلس��المية: د. يوس��ف حام��د الع��الم، المعه��د- ،2العالمى للفكر اإلسالمي، ال�دار العالمي��ة للكت��اب اإلس��المي، الري�اض، ط

ه�( 1415)ت الموافقات: إبراهيم بن موسى اللخيمي الغرناطي، أبو إسحاق الشاطبي-

ه�( دار الفكر، القاهرة. 790)ت نظري��ة المقاص��د عن��د اإلم��ام الش��اطبى: د. أحم��د الريس��ونى، المعه��د-

م.1995العالمى للفكر اإلسالمى، القاهرة، النهاية في غريب الحديث واألثر: مجد ال��دين أب��و الس��عادات المب��ارك بن-

محمد ه�(، المكتبة العلمية، بيروت.606الجزري ) ابن األثير (، )ت -

www.alukah.net

المحتويات2..................................................................................المقدمة

4............فهم النصوص الجزئية في ضوء النصوص الكلية والقواعد العامة4............................................................- إجارة الفحل للضراب:15...............................................- ميراث المسلم من غير المسلم:2

8..........................................................................المبحث الثاني8.................................................................مراعاة فقه األولويات

8.............................................................أوال: في جانب الطاعات:9............................................................ثانيا: في مجال المعاصي:

10................-االشتغال بالفروع والجزئيات أكثر من األصول و الكليات:110.......- العناية بالشكل والمظهر أكثر من العناية بالجوهر أو المضمون:211....- العناية بالسنن والمستحبات أكثر من العناية بالفروض والواجبات.313......- العناية بالتحسينيات والمكمالت أكثر من الحاجيات والضروريات:4 - العناية بالعمل المقصور نفعه على صاحبه أكثر من العناية بالعمل الذى5

14...........................................................................يتعدى نفعه.17.......................................................................المبحث الثالث

17..................................................الموازنة بين المصالح والمفاسد19........................................................................المبحث الرابع19........................................................................مراعاة الحاجة

25.....................................................................المبحث الخامس25................................................................مراعاة أحوال الناس

28....................................................................المبحث السادس28.................................................................التيسير ورفع الحرج

29...........................العلة من حرص الشارع على التيسير ورفع الحرج:29................................................المشقة من حيث االعتبار وعدمه:

30...............................الحكمة من اشتمال بعض األعمال على مشقة:31........................اختالف اعتبار المشقة باختالف درجة العمل وأهميته.

31...............من فتاوى االجتهاد المقاصدي التي روعي فيها سمة التيسير32...................................................................المصادر والمراجع