ما هو االقتصاد اإلسالمي ؟ حممد عمر شابرا : للدكتور

القسم األول االقتصاد التقليدي

:التناقض بني األهداف والنظرة إىل الكون واحلياة

إحدامها ميكـن أن يطلـق : وضع االقتصاد التقليدي لنفسه جمموعتني خمتلفتني من األهدافيف ختصيص وتوزيـع " العدالة"و" الكفاءة"ق ، وهي تتصل بتحقي"الوضعية"عليها مصطلح األهداف

، "املعياريـة "أما اموعة الثانية من األهداف فيمكن أن يطلق عليها اسم األهـداف . املوارد النادرةاحلاجات، العمالة االقتصادية املراد حتققها عامليا كإشباع –واليت يعرب عنها بلغة األهداف االجتماعية

للنمو االقتصادي، التوزيع العادل للدخل والثـروة، االسـتقرار االقتصـادي الكاملة، املعدل األمثلودف كلتا . ل عموما أهدافا تعترب الزمة لتحقيق رفاهة اإلنسانوهي مجيعها تمث –والتوازن البيئي

ما هايت اموعتني من األهداف إىل خدمة مصلحة الفرد واتمع وفقا ملا ترتكز عليه كل جمموعة منه" الوضعية " على اموعة األوىل من هذه األهداف اسم األهداف ولقد أطلق .من نظرة للعامل واحلياة

على اموعـة بادعاء أنه ميكن حتديد الكفاءة والعدالة بدون إطالق أحكام تقديرية ، ويف حني أطلقأما . ا ينبغي أن تكون عليه األمورألا تعكس قيم اتمع فيما يتصل مب" األهداف املعيارية"الثانية اسم

مدى التطابق واالنسجام بني هاتني اموعتني من األهداف فهو أمر يعتمد على كيفية تعريف الكفاية . وسوف يتضح لنا ذلك مما يلي من مناقشات هلذا األمر. والعدالة

يربز احلاجـة إىل إن استخدام املوارد النادرة بطريقة تحقق األهداف الوضعية واملعيارية معا

آلية للترشيح أو التصفية، وأخرى للحـافز وثالثـة إلعـادة اهليكلـة : وجود ثالث آليات أساسيةفأوال، البد للطلب غري احملدود على املوارد احملدودة من أن مير عرب مصفاة . االقتصادية –االجتماعية

القيام أيضا باستبعاد أي طلبـات حبيث ال يكتفي بتحقيق توازن بني العرض والطلب فحسب، وإمناثانيا، إذا استبعدنا وجود اإلكراه، حيتاج وجود هذه املصـفاة . على املوارد تتعارض مع حتقيق اهلدف

اليت مير عربها الطلب على املوارد إىل دافع أو حافز على قدر من الكفاءة حبيث يدفع الفرد إىل تقدمي ويكتسـب . املوارد بصورة حتول دون حتقيق اهلدف املنشودأفضل أداء ممكن واالمتناع عن استخدام

مفهوم احلافز أمهية كبرية يف االقتصاد باملقارنة مع أمهيته يف الفيزياء، ذلك أن االقتصاد يتعامـل مـع من هنا فإن البشر حباجة . البشر الذين قد يتصرفون أو ال يتصرفون دائما بطريقة قياسية ميكن التنبؤ ا

ثالثا، من الضروري أن تكون هناك إعادة . ر حتقيق اهلدف املنشوديسالتصرف بشكل يحلفزهم على –بصورة سريعة وسلسـة –اقتصادية للتمكني من حتويل املوارد البشرية واملادية –هيكلة اجتماعية

ا ويف إطار هـذ . من استخدام إىل استخدام آخر إىل أن يتم حتقيق جمموعيت األهداف اللتني ذكرنامهايل باملنظور، فإن أي شيء حيول دون ما يتطلبه حتقيق اهلدف من مرشح وحافز وإعادة هيكلة هو من قأو –التشويه والتحريف، وإن أي استخدام للموارد ليس من شأنه أن يسهم يف حتقيق اهلدف املنشود

. وينطوي على تبديد للموارد" غري ضروري"و" غري منتج"هو –يتعارض معه

كم على ما إذا استطاع االقتصاد التقليدي حتقيق أهدافه الوضعية بسبب املمكن احلوليس من ولكن هناك اتفاق عام علـى . سم باحلركة الدائمةصعوبة حتديد وقياس الكفاءة والعدالة يف اقتصاد يت

املـوارد أنه حىت البلدان الصناعية الغنية مل تتمكن من حتقيق أهدافها الوضعية على الرغم مما لديها من ما سبب هذا اإلخفاق؟ : والسؤال الذي يطرح نفسه هو. الضخمة

أوهلما، عدم قدرة االقتصاد التقليدي على اقتـراح : قد يكون هذا الفشل راجعا إىل سببني

استراتيجية مناسبة، وثانيهما، عدم قدرة اتمع املعين على تنفيذ هذه االستراتيجية بصـورة تتسـم ولعـل . رسومة مناسـبة ي حال ال تكتسب مسألة التنفيذ إال إذا كانت اخلطة املوعلى أ. بالفاعلية

هو عدم قدرة االقتصاد التقليدي على –من منظور هذا البحث –وراء هذا اإلخفاق السبب الرئيسوضع استراتيجية مناسبة، وهو سبب راجع بدوره أساسا إىل التنازع بني نظرة االقتصـاد التقليـدي

ة بين البشر اليت هـي وهذه األهداف املعيارية نتاج ثانوي لالعتقاد بأخو. أهدافه املعيارية للحياة وبنيز على دور اإلميان باهللا ومسئولية البشر عن أعماهلم ركوالعامل تبدورها نتاج ثانوي لنظرة دينية للحياة

فإن هذه االستراتيجية ومهما يكن،. أمامه، وعلى قيم أخالقية متصلة بعملية ختصيص وتوزيع املواردفقد اعتـربت هـذه . نظرة دنيوية –بصورة أساسية –نتاج حركة التنوير اليت كانت نظرا للعامل

احلركة أن مجيع احلقائق اليت أوحى ا الدين ما هي ببساطة إال تلفيق من صنع اخليال ليس هلا وجود ان الذين وضعوها لإلبقاء علـى جهـل ليست إال من اختالق الكه –يف أساسها –يف الواقع وأا

ولقد أضعفت هذه النظرة أثر الدين وما يوفره من إقرار مجاعي بالقيم . )١(الناس سبل العقل والطبيعةالتنقية أو الترشيح، احلافز وإعادة : األخالقية، وبذلك حرمت اتمع من اآلليات الثالث اليت ذكرناها

.٥٢٠، ص١٩٦٧برنتون، -١

املختلفـتني " الداروينية االجتماعية"أسهمت يف بروز املادية وأا كما. اهليكلة ذات الرتعة األخالقية .حول مفهوم األخوة اإلنسانية

: املفاهيم الثالثة األساسية

م يف ظهور عدد من املفاهيم اليت تشـكل منـوذج لقد أسهمت النظرة الدنيوية للحياة والعالوإذا ما أخـذنا . العاقل" إلنسان االقتصاديا"وكان أحد هذه املفاهيم هو مفهوم . االقتصاد التقليدي

بعني االعتبار النظرة املادية للحياة ونظرة الداروينية االجتماعية هلا، لوجدنا أن السلوك العقـالين مل يتطابق مع ما كان ضروريا خلدمة اتمع أو حتقيق األهداف املعيارية، بل إنه أصبح مكافئـا حلريـة

وأصبح السعي لتحقيق املصلحة الذاتية للفرد بـدوره . قيق مصاحله الذاتيةالفرد التامة يف السعي لتحإىل أثر ذلك على رفاهيـة لتفاتمن الثروة وإشباع احلاجات دومنا اصنوا لتحقيق أقصى قدر ممكن

وهذا التأكيد على السعي خلدمة املصلحة الذاتية محل وصمة اجتماعية لتعارضه الظاهر مع . اآلخرينعلى إزالة هذه الوصمة " آدم مسيث"ولقد ساعد عامل االقتصاد . ملنظور االجتماعي السائدالرؤية أو ا

لقوى السـوق " اليد اخلفية"إنه إذا سعى كل فرد يف اتمع لتحقيق مصلحته الشخصية فإن : بقولهجود وآدم مسيث بافتراضه ضمنيا و. )٢(ستدعم مصلحة اتمع من خالل القيود اليت تفرضها املنافسة

حوتمع إمنا يل بذلك األنظـار بعيـدا عـن انسجام حتمي بني املصلحة الذاتية للفرد ومصلحة اللنتائج االجتماعية النامجـة عـن " غري املقصودة"الواجبات االجتماعية لألفراد، ويصرفها إىل اآلثار

لي للدراسة املنظمـة األسلوب الشك"، هي "غريبروزن"التوازن العام، كما عرفها إن نظرية. أفعاهلمهلذا االدعاء بأن اآلثار غري املقصودة لألنانية غري املنسقة ينجم عنها أكثر األنواع فعاليـة السـتغالل

.)٣("املوارد النادرة إلشباع احلاجات

مل تصبح معرفة بلغة آثارها على " الوضعية"ولكن ". الوضعية"وكان املفهوم الثاين هو مفهوم )٤("حمايدا متاما بني غـايتني "وهكذا أصبح االقتصاد . بل بلغة احلرية الفردية املطلقةاألهداف املعيارية

من هنا كان ينبغي أخذ تفضيالت كل . )٥("مستقال عن أي موقف أخالقي معني أو أحكام تقديرية"و .فرد من أفراد اتمع، أو تقييماته الشخصية من حيث مدى انسجامها مع األهداف املعيارية

.٤٢٣، ص١٩٧٦مسيث، -٢

.١٣، ص١٩٩٤، "باكهاوس"، انظر أيضا ٢١٩، ص١٩٩٢روزنبريغ، -٣

.٤، ص١٩٣٥روبرت، -٤

.٤، ص١٩٥٣فريدمان، -٥

جزءا أساسيا غري قابل للجدل من النموذج االقتصادي، إذ أصبح " التحرر من القيمة"لقد أصبح مبدأ ما "ولقد أصبح بالتايل واجب علماء االقتصاد هو وصف وحتليل . مقبوال من مجهور املشتغلني باملهنة

طيعون إصدار حكـم فهم ال يست .)٦(حىت يستطيعوا التنبؤ مبا ميكن أن حيدث يف املستقبل" هو كائنإن هلم أن يناقشوا وظيفة االحتمـال ولـيس ". ما حيتمل أن يكون"، أو اقتراح "ما هو كائن"على

.وظيفة التفضيل

وأصبح األمر مرتبطا باالعتقاد بأن كل سؤال يطرحه االقتصاد البد وأن يكون له جـواب ب قابال للتحديد بالتجربة العمليـة، فإذا مل يكن اجلوا.)٧("حتدد التجربة العملية مدى صحته أو خطئهولقد قاد هذا االعتقاد إىل التأكيد على مفاهيم قابلة للقياس . فإنه ال ينبغي لالقتصاد النظر يف السؤال

إذا مل : "إن مبىن حبوث العلوم االجتماعية جبامعة شيكاغو حيمل شعارا يقول. باملفهوم املايل أو املاديلقد حرم مثل هذا املوقف االقتصاد من . )٨("معرفتك ضحلة وغري مرضية تكن قادرا على القياس فإن

، ومن اقتراح برنامج يسري )٩(مهمة حتليل أثر القيم واملؤسسات االجتماعية يف ختصيص وتوزيع املوارد . عليه اتمع لتحقيق التصور االجتماعي الذي يرتئيه

نسجام املفترض بني مصـاحل الفـرد الذي هو يف جوهره نتاج اال – ويتصل املفهوم الثالث

فلقد أكد أصحاب هذا املفهوم على أن االقتصـاد سيسـري . بفعالية قوى السوق –ومصاحل اتمع بفعالية إذا ما تكما يرون أن أي تدخل من جانب الدولة يف السوق اليت هلـا . خلرك لشأنه دون تد

عيارية للمجتمع سـوف يـؤدي إىل خلـق خاصية تعديل أوضاعها تلقائيا على أساس األهداف املمن هنا يتعني على احلكومة عدم التدخل وستكون قوى السوق بنفسـها . تشوهات وانتفاء الفاعلية

وبـالرغم مـن أن ". العدالة"و" الكفاءة"والسري باألمور إىل " االنسجام"و" النظام"قادرة على إنشاء

فاملدرسـة الوضـعية والعمليـة، مثـل . هناك اختالف يف وجهة نظر علماء االقتصاد فيما يتصل دف منهج االقتصـاد -٦

ولكن أصحاب املدرسة التجريبية املنطقية يصرون على أن . صمويلسون، تؤكد على أن دور االقتصاد هو أن يقدم وصفا للظواهروخالفا آلراء هاتني املدرستني، يرى أصحاب املدرسة الذرائعية من أمثال فريدمان بأن التنبـؤ . تفسري الظواهرهدف االقتصاد هو

وحيث إنين ال أود الدخول يف هذا اجلدل يف هـذا ). ١٩٨٢، "كالدويل"؛ ١٩٨٠" بلوغ"انظر (هو هدف االقتصاد األساسي وهناك هدف آخر، اإلقنـاع، الـذي مت التركيـز عليـه مـؤخرا . البحث القصري، فقد ذكرت هذه املدارس الثالث يف النص

ولكن هذا اهلدف ال خيتلف كثريا عن هدف التفسري والتنبؤ إذ إنه قد ال ميكن القيام باإلقناع بـدون أن ). ١٩٨٦مكلوسكي، ( . يكون مستندا إىل تفسري مقنع وقدرة على التنبؤ يعتمد عليها

.١١٣، ص١٩٩٢كوالندر، -٧

.١٦١، ص١٩٦١، "كون"بس من مقت -٨

.١٤٩، ص١٩٨٠بلوغ، -٩

أسهم يف " كيرت"ورة أحدثها عامل االقتصاد وما جنم عنه من ث ٩٣٠الكساد األعظم الذي حدث عام تفويض هذا اإلميان بفعالية قوى السوق، إال أن ما حدث مؤخرا من خيبة أمـل إزاء دور احلكومـة الكبري يف االقتصاد قد أعاد هلذا اإلميان بقوى السوق مكانته السابقة، حيث جند اليوم دعوة للتحرر أو

. درجة من تدخل احلكومة" أدىن"ذج التقليدي مع إىل النمو –بقدر اإلمكان –العودة

: حيال األهداف املعيارية" باريتو"كفاءة

لقد كان ملثل هذا النموذج أثر يف جعل السوق هي وحدها اليت تحدد مدى كفاءة وعدالـة ك ختصيص وتوزيع املوارد، وأا كذلك املسئولة حبق عن استبعاد دور مجيع العوامل األخرى مبا يف ذل

والتكاليف اليت هي أيضـا (وقد أصبحت األسعار اليت حتددها السوق . القيم واملؤسسات االجتماعيةوسيلة أو آلية الترشيح أو التنقية الوحيدة، كما وأصبحت املصلحة الذاتية هي قـوة احلفـز ) أسعارا ينسـجم مـع وقد قيل بأن املصلحة الذاتية ستقود املستهلكني ذوي السيادة إىل شراء م. الوحيدة

كما أن املصلحة الذاتية . تفضيالم بأقل األسعار دون أن يعيقهم يف ذلك إال مقدار الدخل املتاح هلمإن . أيضا ستحمل املنتجني على إنتاج كل ما يرونه أنه أفضل بأقل كلفة ممكنة لتعظـيم أربـاحهم

واملنتجني اهلـادفني إىل تعظـيم التفاعل احلر بني املستهلكني اهلادفني إىل تعظيم منفعتهم من جانبحتديـد أسـعار –يف ظل ظروف سوق تنافسية تامة –أرباحهم من جانب آخر سيكون من شأنه

البضائع واخلدمات يف السوق وجمموعة هذه السلع واخلدمات اليت ال تعظـم منـافع املسـتهلكني . يف اإلنتاج والـدخل فحسب، ولكن أيضا دخول عناصر اإلنتاج على أساس إسهام كل واحد منها

املستهلكني قد بلغت حدها األقصى، ونفقات املنتجني قد بلغـت وعند نقطة التعادل ستكون منافع حدها األدىن ومكاسب كل عنصر من عناصر اإلنتاج قد بلغت حدها األقصى، وبذلك ال يتم ضمان

االنسجام بني املصـاحل للموارد فحسب، وإمنا أيضا ضمان حتقيق"أكرب قدر من االستخدام اإلنتاجي . على هذا التوازن" معيار باريتو"ويطلق اسم . الفردية ومصاحل اتمع

يف " بـاريتو يف الكفـاءة "رمبا مل حيظ أي مفهوم آخر باملكانة الراسخة اليت حظي ا معيار ج ولكنه يفتـرض د عادة بصراحة يف هذا النموذرال ت" العدالة"إن كلمة . منوذج االقتصاد التقليدي

وهكذا فإن العدالة أصبحت تعرف بلغـة هـدف . )١٠(ضمنيا أن معيار باريتو هو أيضا األكثر عدالةإن أي برنامج للتغيري يحركه اتمع يـتعني أن جيتـاز . باريتو األمثل وليس بلغة األهداف املعيارية

تمع بدون أن تكون هذه الفائـدة وهو إفادة ولو جمرد فرد واحد يف ا –فحص هدف باريتو األمثل إنـه ال " جون رولز"ويرى . على حساب جعل أي فرد آخر يف اتمع يف وضع أتعس مما كان عليه

ينبغي للمرء أن يتصرف بشكل منفرد لزيادة السعادة العامة إذا ما كان فعله هذا سيؤدي إىل جعل أي عموما بتحسني وضع فرد ما دون وم وحيث إن السياسات االقتصادية ال تق. )١١(شخص آخر تعيسا

وضع أسوأ مما كان عليه، فإن ما أجنزه مبدأ باريتو أن يكون ذلك على حساب شخص آخر جتعله يف" سولو"حسب ما قاله –هو إصابة عملية رسم السياسات بشبه شلل، ذلك أنه أدى –يف الواقع –هلذا السبب . )١٢("والسري على غري هدى اإلحجام عن القيام بأي عمل واإلحجام عن االختيار"إىل –

وهو املبدأ الذي ينادي بأال –" عدم إحلاق األذى"على معيار باريتو اسم مبدأ " شارلز شولتز"أطلق وهو يرى بأن هذا املبدأ هـو املسـئول . تؤدي أعمال احلكومة إىل إيذاء أي شخص بصورة مباشرة

وقد عمل . )١٣(ملعقولة يف احللبة السياسية إال نادرااألساسي عن عدم انتشار اإلصالحات االقتصادية ايكون هلـا اجتـاه هذا املبدأ على حرمان املناقشات النظرية والقواعد اليت حتددها السياسات من أن

–كما عرفهما االقتصاد التقليـدي –وهكذا فإن مصطلحي الكفاءة والعدالة . ومنظور صحيحانإن شـرط . هلما بالضرورة عالقة مباشرة باألهداف املعيارية يكن ومل ارتبطا مبعيار باريتو عن الكفاءة

بقاء العوامل األخرى على حاهلا دون تغيري قد استبعد إمكانية حدوث عدة توازنات عـرب الزمـان ولقد أفضـى هـذا إىل . املعياريةتوازن واحد فقط منسجما مع األهداف واملكان، وقد يكون منها

توازن للسوق ميثل هدف باريتو األمثل وأنه سيقود إىل حتقيق األهداف افتراض ضمين مفاده أن كل دالة اللتني تتحققان بفعل عكأمر مصاحب لزاما للكفاءة وال –يف املدى البعيد على األقل –املعيارية

. ولكنه نتيجة منطقية لالعتقاد بفعالية قوى السـوق . ليس مثة شك يف أن عددا من علماء االقتصاد ال يدعمون هذا الرأي -١٠

–ىل حد بعيـد إ_ كالرك بأن دخول عنصر اإلنتاج يف الواقع العملي امللموس قاربت . ب. وقد رأى اقتصاديون من أمثال جيهولكنه بالرغم من أن األمر علـى عكـس مـا : "بوضوح قائال" فريدمان"ويشري ). ١٩٤١ستيغلر، "انظر (املنتج احلدي وقيمته

أن نستخدم األسعار لنقل املعلومات وتوفري حافز للتصرف بناء على هـذه املعلومـات –ببساطة –نشتهي، فإنه ليس باإلمكان ).٢٣، ص١٩٨٠ملتون و روز فريدمان، ". "أيضا للتأثري على توزيع الدخل إن مل يكن بدون أن نستخدم األسعار

.١٩٨٥رولز، -١١

.٣٢، ص١٩٨٧، "سن"؛ انظر أيضا ٣٨، ص١٩٨١سولو، -١٢

.، الفصل الرابع١٩٥٧شولتز، -١٣

، )١٤("دفاعا عن الترتيبات االقتصادية الراهنـة "من هنا فقد أصبح اقتصاد التوازن . التوازن التنافسيى إىل االعتقاد بأن أي تدخل خارجي لتغيري الوضع الراهن سيؤدي بالضرورة إىل نتائج توصـف وأدالوضع الراهن هو من خالل إطـار لذلك فإن السبيل الوحيد املقبول لتغيري. أقل كفاءة وعدالة بأا .(Pareto Optimality)باريتو دأبم

:اخللفية اليت يتعني توافرها الشروط

بالفعل االعتقاد القائل بأن كل توازن للسوق هو توازن ينسجم مع العمالة " رتكي"لقد قوض وحيث إن العمالة الكاملة تشكل أحد األهداف املعيارية فمن األمهية مبكان النظر فيمـا إذا . الكاملة

إن مثـل هـذا . كان بإمكان كل توازن للسوق أن يكون منسجما مع األهداف املعيارية األخـرى متوقع احلدوث إذا ما مت تلبية عدد من الشروط اخللفية، آخذين بعني االعتبار احلرية الكاملة االنسجام

اليت يتمتع ا األفراد يف السعي لتحقيق مصاحلهم الذاتية وغياب أي مرشح أو مصفاة أخالقية يتفـق وط اليت ال غىن ومن هذه الشر. عليها اتمع لتنظيم هذا السعي حنو خدمة املصاحل الشخصية لألفراد

:عنها

. االنسجام بني التفضيالت الشخصية ومصلحة اتمع) أ . التوزيع املتساوي للدخل والثروة) ب .أن تعكس األسعار درجة إحلاح احلاجات) ج .التنافس الكامل) د

حتقق تلقائيا يف اقتصاد تنافسي حر يعتمد على قوى ) أ ( وقد افترض آدم مسيث أن الشرط

ولكنه يف حني أن هناك بـدون شـك . وقد أصبح هذا االفتراض جزءا من منوذج االقتصاد السوق،انسجاما بني املصاحل الذاتية للفرد ومصاحل اتمع يف بعض احلاالت، إال أننا نلحظ وجود تضارب بني

إن احتمال حدوث مثل هذا التضارب هو الذي قد جيعـل حتقيـق . هذه املصاحل يف حاالت أخرىولعل تقديرنا هلذه املسألة سيكون أفضل إذا ما تفحصـنا . اف املعيارية صعبا ما مل يتم استبعادهاألهد

للتخلص من ) إمجايل استهالك واستثمار القطاعني العام واخلاص(احلاجة إىل خفض االستيعاب احمللي مهـال التـأثري علـى وإذا ما أريد إ. اختالالت االقتصاد الكلي اليت يعاين منها عدد من الدول حاليا

١٩٧٠هان، -١٤

ولكنه إذا . األهداف املعيارية فقد تكون استراتيجية السوق هي أفضل السبل خلفض االستيعاب احملليأخذنا بعني االعتبار ما هو سائد من معدالت عالية للبطالة فقد ال يكون من املمكن تلبيـة احلاجـة

ومن هنـا فقـد يكـون . ر والنموامللحة لوجود معدالت عمالة عالية بدون زيادة سرعة االستثماباإلضافة إىل ذلك، إذا كـان . االستهالك هو العنصر األساسي لالستيعاب احمللي الذي يتعني خفضه

يتعني عدم املساس دف إشباع احلاجة أيضا فقد ال يكون من املستحب خفض استهالك مجيع السلع بصورة أفضل إذا مـا مت احلـد مـن وميكن القول بأنه سوف تتم تلبية مصلحة اتمع. واخلدمات

–استهالك الكماليات الدالة على املركز االجتماعي والبضائع االستهالكية األخرى الـيت ال تشـبع . حاجة أو تخفف حرمانا –بالضرورة

ع املختلفة علـى أسـاس األهـداف وعلى أية حال، قد ال يكون مثل هذا التمييز بني السلوالسبب يف ذلك هـو أن االقتصـاد . وال ضمن إطار منوذج االقتصاد التقليديارية ممكنا أو مقبيعامل

التقليدي ال يسمح بإطالق أي حكم على التفضيالت الفردية ويعتمد بصورة أساسية على االختيـار . من خالل السوق لتحديد التفضيالت الفردية اليت ميكن أو ال ميكن تلبيتها وتلك اليت ال ميكن تلبيتها

معايري غري األسعار والقدرة على الدفع، سيكون من شأا عقد مقارنات بـني املنفعـة الـيت إن أية يستمدها كل فرد من األفراد يف اتمع من سلعة ما، وإىل إطالق أحكام تقديرية وخرق مبدأ باريتو،

ر وسـد وذلك مبطالبة األغنياء بالتخلي عن سلعة يفضلون امتالكها كأفراد خدمة ملصلحة االستثماليس من املؤكد ما إذا كان االختيار من خالل السوق سيساعد يف خفض وعلى أية حال . احلاجات

. العناصر املختلفة لالستيعاب احمللي بصورة جتعلها منسجمة مع األهداف املعيارية

قطر من األقطـار هـو خلدمـة الرفـاه روباملثل، يستطيع املرء القول بأن منع تلوث أاولكن منوذج السوق يقود املرء للمجادلة بأن التلوث ناجم بالدرجة األساسية عن إساءة . االجتماعي

توزيع املوارد الذي هو بدوره نتيجة لفشل السوق الذي جاء بسبب االختالف بني التكاليف اخلاصة ن ومهما يكن، فإن أي إجراء يتخذ إلدخال التكلفة االجتماعية للتلوث ضم. والتكاليف االجتماعية

التكاليف اخلاصة قد ال يتطلب أحكاما تقديرية فحسب، وإمنا سيؤدي أيضا إىل اإلخالل بشرط مبدأ باريتو، وذلك جبعل املستهلكني واملنتجني ملنتج معني يف حال أسوأ بسبب األسعار األعلـى والـربح

ـ . األقل، حىت وإن كان من شأن ذلك جعل اتمع ككل يف حال أفضل ذه احلالـة وإذا أردنا يف هتضمني التكاليف االجتماعية يف التكاليف اخلاصة، فلماذا إذن ال نأخذ بعني االعتبار أيضا التكـاليف االجتماعية النامجة عن نقص إشباع احلاجات والبطالة والتوزيع غـري العـادل وعـدم االسـتقرار

لتقليدي يف إطـالق بعـض االقتصادي؟ وحيق للمرء أن يتوقف هنا ليتساءل ملاذا ال يتردد االقتصاد ا األحكام التقديرية بينما ميتنع عن إطالق أحكام أخرى؟

، املتعلق بالتوزيع املتساوي للدخل والثروة، سيكون من شأنه إعطـاء )ب(إن تلبية الشرط

وسوف يوافـق . مجيع املستهلكني وزنا متساويا يف قوة التأثري يف عملية صنع القرار اخلاصة بالسوقوهكذا، وعلى افتراض أن كل فـرد . الذين يفترض أم موردون سلبيون على ذلك تلقائيااملنتجون

سوف يعطي األولوية إلشباع حاجته فلن يكون هناك أي تشوه يف عملية توزيع املوارد مقابل إشباع ولكنه نظرا لوجود قدر كبري من التفاوت يف الدخل والثروة، وحيث إن األغنيـاء ميلكـون . احلاجة

درة أعلى للحصول على االئتمان فإن لديهم القدرة على شراء ما يرغبـون يف شـرائه باألسـعار قمن طلب هؤالء األغنيـاء إن االعتماد بصورة أساسية على األسعار رمبا ال يستطيع أن حيد. السائدة

وغري على الكماليات الدالة على مركزهم االجتماعي وعلى السلع واخلدمات األخرى غري اإلنتاجيةكما أم قد مييلون إىل حتويل املوارد الوطنية النادرة حبكم تأثري أصوام االنتخـاب، إىل . الضرورية

منتجات قد تكون ذات أولوية أقل يف سلم أفضليات اتمع الذي يشكل إشباع احلاجة العامة مكان . الصدارة يف قائمة أهدافه

قد ال يهتم بعدد األصوات اليت ميلكهـا الفـرد وال إن نظام السعر اخلايل من أي أثر للقيمة

م مدى إحلاح حاجات خمتلف املستهلكني على أساس قدرم على دفع قيفهو ي. بكيفية استخدامه هلاولكنه وإن كانت حاجة مجيع األطفال للحليب بنفس الدرجة من اإلحلاح، بصرف النظر عن . الثمن

الرية اليت تستطيع عائلة فقرية أن تصوت ـا للحليـب غناهم أو فقرهم، فإن عدد األصوات الدوختتلف عن تلك األصوات اليت تستطيع عائلة غنية أن تصوت ا لصاحل الرموز اليت تدل على املركـز

وإذا ما كانت القدرة على دفع الثمن ال تعكس بالضرورة مدى إحلاح احلاجات، فـإن . االجتماعيقا يف مالحظته بأن األسواق متيـل إىل حم" آرثر أوكن"ا كان من هن. لن يتم الوفاء به) ج(الشرط

منح جوائز تسمح للفائزين الكبار بإطعام حيوانام األليفة بصورة أفضل من تلك اليت يطعم فيهـا " .)١٥("اخلاسرون أطفاهلم

د رم به أنه حىت وإن كان وجود أسواق كاملة املنافسة جم، فمن املسل)د(وإذا ما أتينا للشرط

تصونشأ نظري ر أو م(Theoretical Construct) حتليليـة عظيمـة، إال أن هـذه له قيمة

.١١، ص١٩٧٥أوكن، -١٥

وال شك يف . األسواق تشكل حلما مل يتحقق يف الواقع العملي ويحتمل أن تبقى كذلك يف املستقبلأن أوجه العيوب اليت ال حتصى واملوجودة يف السوق حتبط فعالية عمل قوى السـوق وتتسـبب يف

التسعري احلدي التنافسي املثايل للتكاليف، األمر الذي يؤدي إىل أسعار ال تعكس داث احنرافات يفإح –يف حد ذاا –من هنا نرى أنه يف حني أن األسعار قد ال تكون قادرة . التكاليف أو املنافع احلقيقية

ار قد ترتع ألن تكـون على حتقيق ختصيص وتوزيع للموارد حيظيان برغبة اتمع، إال أن هذه األسع . لديها قدرة أكرب على حتقيق هذا املطلب إذا مل تعكس التكاليف واملنافع احلقيقة

وحيث إنه ليس يف أرض الواقع العملي من سوق يحتمل أن تفي بالشـروط العامـة الـيت

ت يف ا يف التعبري عـن األولويـا ري، فإن هناك تشويها كب)١٦(ذكرناها، حىت ولو على وجه التقريبوهذا يدخل حتيزا متأصال ضد حتقيق األهداف املعيارية إذا ما بين ختصيص وتوزيع املوارد . )١٧(السوق

.أساسا على األسعار

:التناقض بني االقتصاد اجلزئي واالقتصاد الكلي

وهكذا نرى أن االقتصاد التقليدي أصبح محاطا مبواقف يناقض بعضها بعضا، والسـبب يف اليت حتققت بفعل التحول من منوذج ديـين " الثورة العلمية" – )١٨("كون"على حد تعبري –ذلك هو

عدم إطـالق أيـة : فالنموذج الدنيوي أفضى إىل التزام مفرط باحلياد بني غايتني. إىل منوذج دنيوي األهـداف بومع هذا فإن االلتزام . من خالل السوق –بصورة أساسية –واالختيار أحكام تقديرية،

ولو أن هذه األهـداف كانـت قـد . يزال مستمرا املعيارية للنظرة الدينية السابقة للكون واحلياة الومهما يكن، فإن تـبين . استمدت أيضا من نظرة دنيوية للكون واحلياة رمبا مل يكن هناك أي تناقض

علـى املـوارد ال – اليت ال ميكن الفكاك منها –أهداف النظرة الدينية للكون واحلياة يف ظل القيود وإن أحد . يسمح باحلرية الفردية املفرطة اليت حيتفظ ا النموذج الدنيوي لالقتصاد وكأا أمر مقدس

الوظائف األساسية للقيم اليت توفرها النظرة الدينية للكون وتفرض على أتباعها االلتزام ا، هي وظيفة والسوق غـري قـادرة . بات حتقيق اهلدف املنشودتسهيل استخدام املوارد النادرة مبا ينسجم مع متطل

فهي ال تستطيع التمييز بني االستخدامات املختلفة للموارد على أسـاس –وحدها على حتقيق ذلك يبدو أن االعتماد يف املقام األول علـى التفضـيالت الفرديـة . إسهامها يف حتقيق األهداف املعيارية

ضد حتقيق األهداف اإلنسانية يف النموذج الدنيوي إذا مل واألسعار يف ختصيص وتوزيع املوارد يعمل

.١٦، ص١٩٨٥بريتان، -١٦ .١٢، ص١٩٤٨توين، -١٧ .١٩٧٠كون، -١٨

برغم –ويبدو أن هذا هو أحد األسباب الرئيسة اليت تفسر ملاذا . تتحقق الشروط العامة اليت ذكرناهاتبقـى –العيش خارج حدود اإلمكانيات وما يتسبب فيه ذلك من اختالالت يف االقتصاد الكلـي

كما أن هناك عدم كفاءة يف االدخـار واالسـتثمار . دون إشباعحاجات قسم كبري من السكان ب . والتوظيف والنمو

الكلي املستمدة إن ما كان يتعني على االقتصاد التقليدي القيام به هو اختاذ أهداف االقتصاد

من النظرة الدينية للكون واحلياة كنقطة انطالق، ومن مث بيان سلوك الفرد واملنشأة التجارية الـذي جم مع هذه األهداف، ولكن هذا مل حيدث من هنا فإنه ليس هناك عالقة واضحة بني أهـداف ينس

"لوكـاس "ولقـد كـان . االقتصاد الكلي التقليدي واإلطار التحليلي الذي طوره اقتصاده اجلزئياالقتصاد الكلي تعرض لالنتقاد منذ بدايته ألنه كان يفتقر "على حق عندما أشارا إىل أن " سرجنت"وتقار أن االف" أرو"كما يعترب . )١٩(" وجود قواعد له يف نظرية االقتصاد اجلزئي ونظرية التوازن العامإىل

ويف اقتصـاد السـوق، . )٢٠( "ة لنظرية القيمة السائدةأحد الفضائح الرئيس"لرابطة يشكل إىل هذه ائي هو اآلخر غـري حيث يتوقع أن يكون التدخل احلكومي حمدودا، إذا كان التحليل االقتصادي اجلز

. موصل إىل حتقيق اهلدف، ستبقى األهداف معلقة يف اهلواء بدون أي دعم

من هنا نرى أن هناك تناقضا بني االقتصاد الوضعي واألهداف املعيارية وال ميكنهما التعايش ـ " الكـاتوس "أو يف إطار ما يـدعوه بانسجام يف نطاق اإلطار التحليلي، برنـامج البحـث " بـ

ولكن بدال من حماولة حل إشكالية هذا التناقض بني منوذج االقتصاد الوضعي وأهدافـه . )٢١("العلمياملعيارية وإصالح افتراضاته وهيكله املنطقي وفقا لذلك حىت يتمكن من القيام بدور أكثر كفـاءة يف

دي أكثر نقول إنه بدال من ذلك فقد مال االقتصاد التقلي –عملية رسم السياسات وحتقيق األهداف وهذا مل جيعله أكثر جتريدا وصعوبة فحسب، وإمنا جعله أيضـا قليـل . ق الرياضيفأكثر باجتاه التأن

هلذا فإن حكمـة . األمهية بالنسبة لصانع السياسات املسئول أمام ناخبيه عن حتقيق األهداف املعيارية، "بلـوغ "وكما قال . شك متزايد االقتصاد التقليدي اجلديد املسلم ا عند اجلمهور قد بدأ يعتريها

هناك أعداد متنامية من الناس الذين يشكون بأن كل شيء على ما يـرام يف : "وهو مصيب فيما قالهولقد وصل األمر ببعض علماء االقتصاد إىل حد التأكيد على أن . )٢٢("البيت الذي بناه علم االقتصاد

.٤، ص١٩٧٩لوكاس وسارجنت، -١٩ .٢٧٣انظر أيضا بيتر هاويت، ص. ٧٣٤، ص١٩٦٧كينيث أرو، -٢٠ .١٩٧٤الكاتوس، -٢١ .١٣، ص١٩٨٠بلوغ، -٢٢

التعبري بصورة كاملة عن الصيغة الـيت قـد ولكنه مل يتم بعد. )٢٣(هناك حاجة إلجياد منوذج جديدوهذا االستعراض يوصلنا إىل مناقشة منـوذج االقتصـاد اإلسـالمي ، يأخذها هذا النموذج اجلديد

. وأهدافه ومنهجه

.١٩٧٦؛ دوبفري، ١٩٨١؛ بيل وكريستول، ١٩٨٢انظر على سبيل املثال، بالوغ، -٢٣

القسم الثاين

االقتصاد اإلسالمي

: النموذج

القرآن (فه األول يقوم االقتصاد اإلسالمي على منوذج متثل العدالة االجتماعية واالقتصادية هدويستمد هذا اهلدف جذوره من االعتقاد بأن اإلنسان هو خليفة اهللا الواحد . )٢٤( )٥٧: ٢٥الكرمي،

وأن البشر إخوة، وأن كل ما سخره اهللا هلم مـن . األحد يف األرض، فهو خالق الكون وكل ما فيه اجلميعمها بالعدل حرصا على رفاهة بني أيديهم ائتمنهم اهللا عليها وعليهم استخدا أمانةموارد إمنا هو

كما أن هؤالء البشر مسئولون يف اآلخرة أمام اهللا سبحانه وتعاىل عمـا . ، وأؤكد على لفظ اجلميع . اكتسبوه من هذه املوارد وفيما أنفقوها، إن خريا فخري وإن شرا فشر

ه يرى أن رفاهة ومنوذج االقتصاد اإلسالمي خمتلف عن منوذج االقتصاد الوضعي من حيث إن

؛ بل تتطلـب توازنـا بـني على تعظيم الثروة واالستهالك –بصورة أساسية –اإلنسان ال تعتمد فاحلاجة الروحية ال تشبع بالصالة وحدها وإمنا تتطلـب أيضـا أن . حاجات البشر الروحية واملادية

. ريعة اإلسالمية السمحةمع تعاليم اإلسالم ومقاصد الش يكون السلوك الفردي واالجتماعي متمشياإن إغفال .)٢٥(اهللاومن أبرز هذه املقاصد حتقيق العدالة االجتماعية واالقتصادية والرفاهة لكافة خلق

فـاقم عالمـات الشـذوذ احلاجات الروحية أو املادية من شأنه أن يضر بتحقيق الرفاهة احلقيقة وي –ات والطالق واألمراض العقلية واالنتحـار كاإلحباط واجلرمية وإدمان املشروبات الروحية واملخدر

ويف إطار النمـوذج اإلسـالمي ال يعـين . اهر تدل مجيعها على عدم الرضا يف حياة الفردظوهي مبالضرورة أن املزيد من الثروة أفضل من القليل منها يف كافة الظروف، على حنو ما يريدنا أن نصدقه

وب الذي مت به مجع هذه الثروة اإلضافية، وعلى الشخص فالكثري يعتمد على األسل. االقتصاد الوضعي

.٢١٣-٢٠١، ص١٩٩٢، "شابرا"ملزيد من التفاصيل بشأن هذا النموذج، انظر -٢٤لقد اشتملت كتب الفقه على مناقشـات . لالطالع على مناقشة خمتصرة ملقاصد الشريعة ٩-٧، ص١٩٩٢انظر شابرا، -٢٥

ـ ٣٣٣ت(املاتريـدي : كثرة ملقاصد الشريعة اإلسالمية، وكان من أبرز الذين كتبوا يف هذا املوضـوع الشاشـي ) م٩٤٤/هــ ٦٠٦ت (، الرازي )م١١١/هـ٥٠٥ت(، الغزايل )م١٠١٢/هـ٤٠٣ت(، الباقالين )م٩٧٥/هـ٣٦٥ت( ، )م١٢٠٩/هـ

والشـاطيب ) م١٣٢٧/هـ٧٢٨ت (، ابن تيمية )م٦٦٠/هـ٢٦٢ت (الدين عبد السالم ، عز)م١٢٣٤/هـ٦٣١ت (اآلمدي -١٨٩ص ، ١٩٩٤، نيازي، ٥٥-٢٥، ص١٩٩٢ين، وملناقشة معاصرة هلذه املقاصد، انظر الريسو). م١٣٨٨/هـ٧٩٠ت (

.١٩٧٧مسعود، و ٢٦٨

وقد يكون الكـثري مـن . الذي يستخدمها وكيفية استخدامه هلا وأثر الزيادة فيها على رفاهة اتمعالثروة أفضل من قليلها إذا أمكن احلصول على املزيد منها دون إضعاف النسيج األخالقي للمجتمـع

. يه بسبب ايار األخالق والقيم، واإلضرار بالتوازن البيئيوخلق حالة من عدم االستقرار ف

بالرغم من تأكيد الدين اإلسالمي احلنيف على السلوك األخالقي، إال أنه ال يعترف بأي متييز أو " ماديـة "سواء أكانت أهدافـه –فكل جهد إنساين . صارم بني ما هو مادي وبني ما هو روحي

هو يف جوهره جهد روحي طاملا أنه ينسـجم مـع أخـالق –" لميةع"أو " ثقافية"أو " اجتماعية"فالعمل اجلاد الذي يقوم به املرء من أجل رفاهته املادية الشخصية أو رفاهة أسرته أو جمتمعه . اإلسالم

يتساوي مع الصفة الروحية ألداء الصالة، شريطة أن يقوم اجلهد املادي على قيم أخالقية وأال يصرف وهكذا فإن السلوك املثايل يف إطار هذا النموذج . القيام بواجباته االجتماعية والروحية املرء بعيدا عن

ال يعين إنكار الذات؛ إنه ال يعين أكثر من سعي املرء وراء مصلحته الشخصية يف حدود ما تفرضـه ـ ادرة املصلحة العامة للمجتمع من قيد على هذا السعي، وذلك عن طريق مترير مطالبه من املوارد الن

عرب مصفاة القيم األخالقية اليت تشكل جزءا ال يتجزأ من الشريعة، واليت ساقها اهللا للناس عرب املراحل ، مبن فـيهم إبـراهيم )الذين كانوا مجيعا من بين البشر(املختلفة من التاريخ البشري عن طريق رسله

من وجهة نظـر –ى أن هناك وهكذا نر. وموسى وعيسى وحممد صلوات اهللا وسالمه عليهم مجيعاامسرارا وتشاا يف النظام األخالقي جلميع األديان السماوية إىل احلد الذي ضـمن عـدم –اإلسالم

. ضياع الرسالة السماوية أو تشويهها عرب القرون

أن يساعد السلوك الفردي –يف إطار هذا النموذج االقتصادي اإلسالمي –إن من املفترض م األخالقية يف ظل مناخ اجتماعي واقتصادي وسياسـي مناسـب يف حتقيـق العدالـة امللتزم بالقي

–يف ظل منوذج نظام السوق –االجتماعية واالقتصادية والرفاهة العامة للمجتمع، متاما كما يفترض أن يؤدي سلوك الفرد الذي تمليه مصلحته الذاتية يف ظل ظروف سوق تنافسية إىل حتقيق مصـلحة

ويف حني يفترض االجتاه العام للمدارس االقتصادية التقليدية السائدة طغيان السلوك املـدفوع . اتمعويتبىن . باملصلحة الذاتية على مجيع األفراد، ال يفترض اإلسالم أن تسود املثالية على سلوك مجيع الناس

الناس قد يكون عادة إذ يف حني أن سلوك بعض : اإلسالم موقفا أكثر واقعية بالنسبة للسلوك البشريالناس ألن يكون وسـطا معظم خالصا أو حمكوما بدافع املصلحة الذاتية احملضة، قد مييل سلوكمثاليا

وحيث إن السلوك املثايل يعتـرب أكثـر أنـواع . بني هذين السلوكني اللذين يشكالن طريف النقيضعل سلوك الفرد أقرب ما يكون هلـذا السلوك اليت تؤدي إىل حتقيق اهلدف، يسعى اإلسالم إىل أن جي

إنه يعمد إىل حتقيق ذلـك . د إليه دون أي إكراهد إىل ذلك فإمنا يعمواإلسالم إذ يعم. السلوك املثايل

عن طريق خلق البيئة املناسبة هلذا السلوك املثايل كي يزدهر، وذلك عن طريق اهلندسة االجتماعية اليت ن كمـا أ . صالح االجتماعي واالقتصـادي فعال للحوافز وعلى اإلتقوم على القيم األخالقية ونظام

وعلى ضرورة أن تلعب الدولة )٢٦(اإلسالم يؤكد على إقامة املؤسسات اليت تمكن من حتقيق اهلدف . دورا فاعال له أهدافه احملددة

: يةنقمستويان للترشيح أو الت

ذج كمصفاة من أجـل ختصـيص ال تعين ضرورة استخدام الوازع األخالقي يف هذا النموفاملرشح األخالقي مكمل آللية . وتوزيع املوارد ضمنا رفض الدور اهلام الذي تلعبه األسعار واألسواق

السوق، حيث يعمل على جعل عملية ختصيص وتوزيع املوارد خاضعة ملصفاتني بدال مـن مصـفاة ري احملدودة على املوارد النادرة وتهامجها األوىل تجابه مشكلة املطالب غ) األخالقية(فاملصفاة . واحدة

وتعمل على تغيري سلم أوليات األفراد مبا يالئم متطلبات األهداف –ضمري األفراد و وه –يف منبعها وهكذا مير الطلب على املوارد عرب هذه املصفاة قبل أن يدخل املصفاة الثانيـة، أال وهـي . املعيارية

. أسعار السوق

هلذه املصفاة األخالقية ألن االنسجام بني مصاحل الفرد ومصاحل اتمـع غـري وحيتاج األمر ـ . موجود بالضرورة، كما يفترض خطأ االقتصاد التقليدي د هـذا فاملرشح األخالقي حياول أن يوج

االنسجام عن طريق تغيري تفضيالت الفرد مبا يتالءم مع األولويات االجتماعية واستبعاده أو تقليله من فإذا ما مرت الطلبات على املـوارد . ام املوارد ألغراض ال تسهم يف حتقيق األهداف املعياريةاستخد

بعدئذ عرب املصفاة الثانية املتمثلة بأسعار السوق فقد تصبح مصفاة األسعار هذه أكثر فاعلية يف إجياد ذا ما جرى إعادة وقد يكون هذا أقرب إىل التحقق إ. توازن يف السوق ينسجم مع األهداف املعيارية

وقد يتم بعدئذ إجراء .)٢٧(هيكلة الوساطة املالية مبا ينسجم مع القيم اإلسالمية لكي تلعب دورا مكمالإن املرشح األخالقي مـن شـأنه . خفض كبري يف تأثري الثروة والسلطة على ختصيص وتوزيع املوارد

.العامة يف ختصيص املواردخفض االحنراف عن األهداف املعيارية الذي يسببه غياب الشروط

–" نـورث "وفقا ملا قالـه –بأا جمموعة القيود اليت يفرضها الدين أو يضعها البشر واليت تنظم : تعرف املؤسسات هنا -٢٦

مثل قواعد السـلوك، واألعـراف، (وغري رمسية ) كالقواعد والقوانني والدساتري(وهي تتألف من قيود رمسية . التفاعل اإلنساين" ).٣٦٠، ص١٩٩٤نورث، ". (وخصائص تنفيذها) املفروضة ذاتياوقواعد السلوك

.١٩٩٢و ١٩٨٥شابرا، -٢٧

:مشكلة احلافز

إن املسألة هي أنه حىت ولو توفر مرشح أخالقي يتفق عليه اتمع فما الذي سيحفز األفراد، وخباصة األغنياء واألقوياء منهم، على القيام بتمرير مطالبهم عرب هذا املرشح األخالقي إذا ما كان من

د يكون من غري الواقعي توقع قيام إنسان عاقل بالعمل خالف شأنه اإلضرار مبصاحلهم الشخصية؟ فقالشخصية ليس بالضـرورة إضافة إىل ذلك، إن السعي لتحيق املصلحة. مصلحته الشخصية عن قصد

نعم إنه يصبح غري مرغوب فيه إذا . أمرا سيئا، إذ إن هذا السعي ال غىن عنه لتحقيق الكفاءة والتنميةكيف حيمل اإلسالم األفراد علـى . من شأا إفشال حتقيق األهداف املعياريةما اجتاز حدودا معينة

السعي وراء مصاحلهم الشخصية ضمن إطار املصاحل االجتماعية العامة، يف احلاالت اليت تنطوي على تناقض بني املصلحة الذاتية للفرد واملصلحة العامة للمجتمع؟

ريق إعطاء املصلحة الشخصي منظورا أطول أجال إن اإلسالم حياول القيام ذه املهمة عن ط

ففي حني أن املصلحة . حيث ميد هذه املصلحة خارج حدود احلياة الدنيا ليعرب ا إىل احلياة اآلخرة –الشخصية للفرد يف احلياة الدنيا قد تتحقق بتصرفه بصورة أنانية عند استخدامه للموارد، إال أنه لـن

إن هذا املنظور طويل . اآلخرة إال عن طريق قيامه بواجباته االجتماعيةيتمكن من رعاية مصلحته يف باإلضافة إىل كون الفرد مسئوال يف اآلخرة عن أعماله أمام خالقه سبحانه –األجل للمصلحة الذاتية

هو العامل الذي حيمل يف طياتـه إمكانيـة –وتعاىل، وباإلضافة إىل ما يف اآلخرة من ثواب وعقاب اد للقيام طواعية جبعل مطالبهم من املوارد النادرة ضمن حدود الرفاهة العامـة، وبـذلك حفز األفر

.يتحقق االنسجام بني املصلحة الذاتية للفرد واملصلحة العامة للمجتمع، عندما تتعارضان

: إعادة اهليكلة االجتماعية واالقتصادية

انت البيئة االجتماعيـة واالقتصـادية ح ونظام احلوافز إذا ما كرشقد ختف قوة تأثري آلية املمن هنا فإن من الضروري تعزيز هذين العنصرين مـن . السائدة غري مهيأة لتحقيق األهداف املنشودة

عناصر االستراتيجية بعنصر ثالث، أال وهو إعادة اهليكلة االجتماعية واالقتصادية واملالية، من أجـل كن إجياد مثل هذه البيئة عن طريق تنقيف اجلمهور بصورة ومي. البيئة االجتماعية واالقتصادية السليمة

من القيود والضوابط وإصالح املؤسسـات االجتماعيـة واالقتصـادية صحيحة، وإجياد إطار فعال

إن صالة اجلماعة وصوم رمضـان . )٢٨(والقانونية والسياسية الراهنة أو إجياد مؤسسات جديدة بديلةفهـذه . إلجياد مثل هذه البيئة –وليس كله –نامج اإلسالمي واحلج وأداء الزكاة هي بعض من الرب

العناصر تعمل على جعل األفراد واجلماعات مدركني لواجبام االجتماعية وحتفزهم لاللتزام بـالقيم إن وجود بيئـة سـليمة . حىت وإن كانت متيل إىل اإلضرار مبصاحلهم الشخصية على املدى القصري

رفـع ملنشودة قد يعني على تكملة الدور الذي يؤديه نظام األسعار يفمساعدة على حتقيق األهداف ادرجة فاعلية استخدام املوارد البشرية واملادية ودعم احلياة البسيطة وخفض كمية املـوارد املهـدورة

إن غياب إعادة اهليكلة ال يؤدي إىل إحباط السعي لتحقيق األهـداف . واحلد من التبذير واإلسرافب، بل وإىل تفاقم االختالالت الراهنة اليت يعانيها االقتصاد الكلي وتفاقم االختالالت املنشودة فحس

اخلارجية أيضا، وذلك عن طريق زيادة اللجوء لتمويل العجز والتوسع يف االئتمان والديون اخلارجية

: دور الدولة

تصادية الشـاملة هـذه، قد ال يكون من املمكن القيام بعملية إعادة اهليكلة االجتماعية واالقواليت دف إىل حتقيق األهداف املرجوة وخفض االختالالت الراهنة دون أن تقوم الدولة بدور نشط

حىت مع وجود بيئة أخالقية فقد ال يكون األفراد ببسـاطة والسبب يف ذلك هو أنه . )٢٩(يف االقتصادونون غافلني عن مشـكالت النـدرة مدركني حلاجات اآلخرين امللحة وغري املشبعة، أو أم قد يك

) األخالقية(ويف مثل هذه الظروف قد ال تكون املصفاة . واألولويات االجتماعية يف استخدام املوارد . املزدوجة اليت اقترحناها آنفا كافية، وإن كانت ضرورية

ـ . ولذلك قد يتعني على الدولة اإلسالمية أن تلعب دورا نشطا وفاعال يف االقتصـاد تعني وي

عليها أن تتجاوز األدوار املعترف ا عموما، املتمثلة يف توفري األمن الداخلي واخلارجي وإزالة عوامل ورمبا ينبغي عليها املساعدة يف إجياد البيئة املناسبة للتخلص . النقص يف السوق ومنع ايار هذه السوق

يتعني القيام ذه املهمة دون اللجـوء وقد . من كل أشكال الظلم وحتقيق األهداف املعيارية للمجتمعكما قد يتعني علـى . إىل تنظيم صارم واستخدام القوة أو على متلك وتشغيل جزء كبري من االقتصاد

الدولة حتديد األولويات االجتماعية يف استخدام املوارد وتنقيف وحفز ومساعدة القطاع اخلاص للقيام

ملزيد من التفاصيل بشأن مناقشة احلاجة إىل إعادة اهليكلة االجتماعية واالقتصادية واملالية ومضامينها املتصلة بالسياسـات، -٢٨

.١٩٩٢" شابرا"من كتاب ١١-٧انظر الفصول .١٩٧٩، "شابرا"ة لواجبات واستراتيجية ووظائف الدولة اإلسالمية، انظر ملزيد من املناقش -٢٩

ـ وميكن ل. ودةبدور ينسجم مع مساعي حتقيق األهداف املنش يم لدولة حتقيق هذا عن طريق جعل القاألخالقية جزءا من حياة أفراد اتمع، واإلسراع يف اإلصالحات االجتماعية واملؤسسية والسياسـية

كما قد يتعني عليها إجياد إطار مناسب للتفاعل بـني األفـراد والقـيم . وتوفري احلوافز والتسهيالت . هداف املرجوة دون اإلفراط يف درجة التدخلواملؤسسات واألسواق لتحقيق األ

، فهو مصطلح بغـيض "التدخل"ولكن دور احلكومة يف االقتصاد اإلسالمي ليس ضربا من

كما أن هذا الدور ضرب . ينطوي على بقية ضئيلة من بقايا االلتزام بالرأمسالية الداعية إىل حرية العملالل بغضها لألحكام التقديرية من الطلب على املوارد النادرة من دولة الرفاهة العلمانية اليت تزيد من خالدولة أو كما أنه ليس ضربا من التنظيم الداعي إىل سيطرة . وتؤدي إىل اختالالت يف االقتصاد الكلي

عموم الشعب على وسائل اإلنتاج، أو ضربا من التنظيم الصارم، الذي مـن شـأنه خنـق احلريـة أو التزام أخالقي بتنفيذ مهمـة –إنه باألحرى دور إجيايب . ية وحب املغامرةومصادرة املبادرة الفرد

يهدف إىل إبقاء قطار احلياة علـى –حمددة وفقا آللية ترشيح مستوحاة من شريعة اخلالق عز وجل إن اختبار . املسار املتفق عليه ومحايته من االحنراف عن خط سريه بفعل األقوياء من أصحاب املصاحل

املطلوب بكفاءة، قيام الدولة اإلسالمية بالدور املناط ا على وجه سليم يتمثل يف قيامها بالدورمدى ما زاد احلافز لدى األفراد لكو. حلرية واملبادرة للقطاع اخلاصوبأسلوب يسمح بأكرب قدر ممكن من ا

الدور الذي لب عليها، وقللاللتزام بالقيم اإلسالمية الصحيحة للتوازن العادل بني املوارد املتاحة والطباإلضافة إىل ذلك، فإنه كلما كانت القيادة . يف جمال حتقيق أهدافها املنشودةميكن أن تقوم به الدولة

السياسية خاضعة ملساءلة قوية أمام الشعب، وكلما زادت حرية التعبري عن الرأي وجنحت وسـائل ت الظلم والفسـاد، زادت فعاليـة الدولـة اإلعالم واحملاكم يف كشف ومعاقبة املسئولني عن حاال

. اإلسالمية يف القيام بواجباا

: إعادة تعريف الكفاءة والعدالة

ال شك يف أن من شأن التحول الكامل عن النموذج التقليدي أن يمكننا من االبتعـاد عـن اقعيـة ينسـجم مـع إىل تعريف أكثر و " باريتو " للكفاءة والعدالة من منظور مبدأ دالتعريف املجر

وميكن القول بأن اقتصادا ما قد حقق الدرجة املثلى من الكفاءة إذا اسـتطاع . )٣٠(األهداف املعياريةملوارده البشرية واملادية النادرة بطريقة تحقق إنتاج أكرب قـدر مـن توظيف مجيع اإلمكانات الكامنة

.٣، ص١٩٩٢، "شابرا"انظر -٣٠

قولة من االستقرار االقتصادي ومعـدل السلع واخلدمات اليت تليب احلاجات، مع االحتفاظ بدرجة معوميكن اختبار مثل هذه الكفاءة يف عدم القدرة على حتقيق نتيجة أكثر قبوال . منو متواصل يف املستقل

من الناحية االجتماعية بدون أن يؤدي ذلك إىل اختالالت طويلة األمد يف االقتصاد الكلي، وبـدون كما ميكن القول بأن اقتصادا ما قد حقق الدرجة املثلى من . بالتوازن البيئي –بدون مربر –اإلخالل

العدالة يف توزيع املوارد إذا جرى فيه توزيع السلع واخلدمات املنتجة بطريقة تؤمن إشباع حاجـات مجيع األفراد بصورة كافية وتوزيع الدخل والثروة بصورة عادلة وبدون اإلضرار باحلافز الذي حيـض

.االستثمار وحب املغامرة والعملعلى العمل واالدخار و

: توازن السوق املقبول اجتماعيا

إن إعادة تعريف الكفاءة والعدالة قد يستبعد إمكانية اعتبار أي توازن للسوق توازنا مثاليـا والتوازن الوحيد للسوق الذي ميكن اعتباره مثاليا ومقبوال هو ذلك التوازن الذي يؤدي إىل . ومقبوالذلك هـو وإذا مل يتم حتقيق توازن من هذا النوع، وذه الصفة، فإن مرد. ألهداف املعياريةحتقيق ا

والتشوهات الوحيدة اليت يعترف ا االقتصاد التقليدي هي تلك . وجود تشوهات حتول دون حتقيقهواق وميكن أن يضاف إىل ذلك التشوهات النامجة عن أذ. النامجة عن أوجه النقص والعجز يف السوق

املستهلكني وتفضيالم، وتلك النامجة عن املؤسسات االجتماعية واالقتصادية، وعن كـون سـلوك وقد يتطلب األمر إزالة . األفراد واجلماعات غري منسجم مع ما هو ضروري لتحقيق األهداف املعيارية

. هذه التشوهات خللق بيئة تساعد على حتقيق األهداف املنشودة

تاج إىل إصالح أذواق املستهلكني وتفضيالم واملؤسسات االجتماعيـة وإذا كان األمر حيصـاحب "واالقتصادية لتحقيق االنسجام بني مصاحل الفرد ومصاحل اتمع، فقد يفقـد املسـتهلك

وقد ال يكون من الواقع يف شيء التحدث عن حتقيق األهداف والسـيادة املطلقـة . سيادته" السيادةا فيهما من تناقض، إذ ال ميكن التفكري فيهما معا، وحيتاج األمر إىل إجيـاد للمستهلك يف آن واحد مل

وحيث إن استخدام اإلكراه مستبعد أيضا فإن حقن نظام السوق جبرعة أخالقية قـد . توازن بينهمايكون هو السبيل األمثل إلجياد قيد طوعي على سيادة املستهلك، ومن مث حتقيـق االنسـجام بـني

وقد ال يكون من املرغوب فيه إبداء قلق ال مربر له إزاء هذا القيـد . اتية ومصلحة اتمعاملصلحة الذوإذا كانت الدعاية مقبولة بالرغم من أا متيل إىل التأثري يف اختيار الفرد . املفروض على اختيار الفرد

مه حبيـث يشـكل قيف الفرد وتعليدو أن هناك سببا يدعو ملعارضة تثلتحقيق ربح خاص، فإنه ال يب . تفضيالته وسلوكه مبا يتمشى مع القيم األخالقية اليت قبلها طواعية من أجل الرفاهة االجتماعية العامة

إن األذواق والتفضيالت الفردية واملؤسسات االجتماعية واالقتصادية والسياسية اليت تؤثر يف

وإذا . ن جزءا من النموذج االقتصاديسلوك الفرد ال ميكن أن تبقى خارجية املنشأ، بل ينبغي أن تكومل يتصرف األفراد وفقا ملا يتطلبه حتقيق اهلدف املنشود، فقد يكونون حباجة إىل تثقيف وتعليم وحفز مالئم، كما قد يكون من الالزم إصالح املؤسسات االجتماعية واالقتصادية والسياسية اليت تـؤثر يف

الفرد واملؤسسات الـيت تصرف فإذا تؤثر يف سلوكه،فإذا تصرف الفرد واملؤسسات اليت. سلوكهمبطريقة من شأا حتقيق اهلدف املنشود، وإذا قامت الدولة بدور هـام يف تؤثر يف سلوكه ، بالتصرف

ومع ذلك فإنه يتعني . واألسواق خلق البيئة املناسبة، خف عبء ختصيص وتوزيع املوارد على األسعار . بدور مهم يف هذا اال على األسعار واألسواق أن تقوم

: تعريف االقتصاد اإلسالمي

فإن اهلدف )٣١(حني استعاذ باهللا من علم ال ينفع –صلى اهللا عليه وسلم –عمال بدعاء النيب جيب أن يكون حتقيق رفاهة البشـرية –مثله مثل أي علم من العلوم –األساسي لالقتصاد اإلسالمي

ومن خالل هذا املنظـور، ميكـن تعريـف االقتصـاد . ق مقاصد الشريعة اإلسالميةمن خالل حتقيبأنه ذلك الفرع من املعرفة الذي يساعد على حتقيق رفاهة اإلنسان من خالل ختصـيص اإلسالمي

وتوزيع املوارد النادرة مبا ينسجم مع التعاليم اإلسالمية، وبدون أن يؤدي ذلك بالضرورة علـى . )٣٢(أو خلق اختالالت مستمرة سواء يف االقتصاد الكلي أو البيئة تكبيل حرية الفرد

ونظر إليـه " إىل النظام االقتصادي من زاوية اإلنتاج –بصورة أساسية –نظر التقليديون "حني ويف فإنه قد يتعني على االقتصاد اإلسالمي النظـر )٣٣("من جانب التبادل –بصورة أساسية –ون ياحلد ،

وعليه رمبا كان على االقتصاد اإلسالمي أن يدرس مجيع تلك العوامـل . نظر األهداف إليه من وجهة .اليت تؤثر يف حتقيق هذه األهداف من خالل تأثريها يف ختصيص وتوزيع املوارد

.٥٦، ص١انظر السيوطي يف اجلامع الصغري، اجلزء -٣١ونسوق فيما يلي بعض هذه التعريفـات مرتبـة حبسـب . عرف االقتصاد اإلسالمي بطرق خمتلفة من قبل خمتلف العلماء -٣٢

: الزمين تسلسلهااالقتصاد اإلسالمي هو معرفة وتطبيق األحكام والقواعد الشرعية اليت متنع الظلم يف احلصول على املـوارد ": حسن الزمان .م.س

.) ٥٢، ص١٩٨٤حسن الزمان، ". (املادية واستهالكها بغية حتقيق رضا الناس ومتكينهم من القيام بواجبام جتاه اهللا وجتاه اتمع". االقتصاد اإلسالمي هو علم من العلوم االجتماعية يدرس املشكالت االقتصادية ألناس يتحلون بقيم اإلسالم": ملنان حممد عبد ا

).١٨،ص١٩٨٦منان، (ذلك اجلهد املنظم الذي يبذل يف حماولة فهم املشكلة االقتصادية وسلوك اإلنسان حنوهـا "االقتصاد اإلسالمي هو : خورشيد أمحد ).١٩، ص١٩٩٢أمحد، ". (ميمن منظور إسال

يعينهم يف مسعاهم . رد فعل املفكرين املسلمني للتحديثات االقتصادية يف عصرهم"االقتصاد اإلسالمي هو : حممد جناة اهللا صديقي )٦٩، ص١٩٩٢صديقي، ". (هذا القرآن الكرمي والسنة النبوية والعقل واخلربة

اسة فالح اإلنسان الذي يتحقق عن طريق تنظـيم مـوارد األرض والتعـاون يهدف االقتصاد اإلسالمي إىل در": أكرم خان . م ).٣٣، ص١٩٩٤خان، ". (واملشاركة

".االقتصاد اإلسالمي هو الذي ميثل سلوك املسلم يف جمتمع إسالمي منوذجي": سيد نواب صدر النجفي ).١٣، ص١٩٩٤النجفي، (

.٢١٢، ص١٩٧٦هيكس، -٣٣

م يشكلون أهـم وحيث إن األفراد هم الغاية اليت ينتهي إليها ختصيص وتوزيع املوارد، وحيث إإىل جانـب القـيم –التوزيع، فإنه قد يـتعني أن يصـبحوا وتؤثر يف هذا التخصيص العوامل اليت جـزءا مـن النمـوذج –اليت تؤثر يف سلوكهم ) االجتماعية واالقتصادية والسياسية(واملؤسسات

وقد ال يسمح لالقتصاد بأن يركز يف حتليله فقـط . )٣٤(ستحقونهياالقتصادي، وذا حيصلون على ما كما قد يتعني عليه أن يأخذ بعـني . سوق واألسعار، وعلى قبول سلوك األفراد كما هوعلى طبيعة ال

االعتبار مجيع مظاهر السلوك البشري ذات العالقة والعناصر األخرى اليت تؤثر يف ختصيص وتوزيـع . املوارد، ومن مث تؤثر يف رفاهة اإلنسان

لبشري فقد ال يكون قـادرا علـى وإذا ما أخذ االقتصاد يف احلسبان مجيع مظاهر السلوك ا

إن األفراد ال يتصرفون دائمـا بـدافع مـن . تقييد نفسه بسلوك األفراد املبين على املصلحة الذاتيةإن سـلوكهم . كما أم ال يتصرفون دائما بصورة مثاليـة أو بإيثـار . مصلحتهم الشخصية احملضة

ن الناحية املبدئية سلوك األسواق اليت قـد ويشبه هذا م. )٣٥(بني هذين النقيضني –عموما –يتأرجح لذا فإنه يف حـني يـدرس االقتصـاد . ال تكون تنافسية بصورة كاملة وال احتكارية بصورة كاملة

التقليدي سلوك املنشآت التجارية يف ظل املنافسة الكاملة وغري الكاملة ويف ظل االحتكار، فإنـه ال فقد يكون . وك املبين على املصلحة الذاتية والسلوك املثايليبدو أن هناك سببا مينع من دراسة أثر السل

نوميكن أ. من الضروري دراسة أثر كل من هذين السلوكني املتناقضني على ختصيص وتوزيع املواردتوفر لنا دراسة هذين النموذجني معا صورة أكثر واقعية، فضال عن أا ترفع من قدراتنا على التنبـؤ

إن ميل سلوك السواد األعظم من األفراد يف . سياسات فعالة لتحقيق األهدافوتساعدنا على صياغة لالقتراب أكثر من منوذج السلوك األناين أو من منوذج السلوك املثـايل –معظم الوقت –جمتمع ما

ما إذا كان هذا اتمع مشـحونا مببـدأ : القائم على اإليثار ميكن أن يعتمد على عدة عوامل، منهاالذي يقول ببقاء األصلح أو بااللتزام األخالقي الداعي إىل التعـاون املشـترك " االجتماعي داروين"

وحتقيق الرفاهة للجميع؛ وجود أو عدم وجود بيئة مناسبة تساعد على حتقيق األهداف وما إذا كانت . احلكومة تقوم بدور تثقيفي فعال للتأثري يف سلوك األفراد واملنشآت التجارية

.١٩٩٤العنصر البشري يف االقتصاد، انظر الغزايل، لالطالع على مناقشة ألمهية -٣٤وعليه فإم قادرون على االرتفاع إىل . هلم احلرية والقدرة على التصرف السليم واخلاطئ –إن البشر حسب توجيه القرآن -٣٥

-٤و ٩٢: ٤ / ٩١: ٨انظر القرآن الكرمي، . قيأقصى درجات السمو الروحي أو االحندار إىل أسفل درك من االحنالل اخلل .وانظر كذلك ما قاله حممد أسعد حول هذه اآليات. ٩٥: ٨

يتضح لنا أن املهمة اليت قد حيتاج االقتصاد اإلسالمي إىل القيام ا أكرب بكثري من تلك وذا، فقد تكون أوىل مهام االقتصاد اإلسالمي دراسة السلوك الفعلـي . اليت يضطلع ا االقتصاد التقليدي

التقليدي وهذا ما حياول االقتصاد . لألفراد واجلماعات واملشروعات التجارية واألسواق واحلكوماتالقيام به ولكنه مل يكن قادرا على القيام به بصورة معقولة بسبب افتراضه سلوكا واحدا يقوم علـى

رعاية املصاحل الذاتية، مفا هذه املصاحل الذاتية مبعناها الدنيوي الغريب، املتمثل يف حتقيق أقصى ثروة عرقد يكـون السـلوك . ما أوضحنا آنفامادية ممكنة وإشباع أكرب قدر من احلاجات، وذلك على حنو

لـذا فـإن أوىل مهـام . الفعلي للفرد مدفوعا بالضرورة بدافع املصلحة الذاتية وقد ال يكون كذلكاالقتصاد اإلسالمي هي دراسة السلوك البشري كما هو عليه يف واقع األمر، وأن ال حيصر نفسـه يف

ضافة إىل ذلك، فقـد باإل. اض غري واقعيدراسة مظهر واحد من مظاهر هذا السلوك من خالل افتروعليه فإن املهمـة الثانيـة لالقتصـاد . ي السلوك الفعلي إىل حتقيق اهلدف املنشوديؤدي أو ال يؤد

وحيـث إن القـيم األخالقيـة . اإلسالمي هي حتديد نوع السلوك املطلوب لتحقيق اهلدف املنشودبعني االعتبار القـيم أن يأخذ االقتصاد اإلسالمي بطبيعتها متيل حنو حتقيق اهلدف املنشود، فإنه يتعني

ثالثا، حيـث إن . واملؤسسات اإلسالمية ويقوم بإجراء حتليل علمي ألثرها على حتقيق اهلدف املنشوداإلسالمي أن يفسر سبب هنالك اختالفا بني السلوك الفعلي والسلوك املثايل، فإنه جيب على االقتصاد

على النحو املطلوب، رابعا، حيث إن أحد األهداف شاط االقتصادي عدم تصرف خمتلف أطراف الناألساسية الكتساب املعرفة هو أن تساعدنا على حتسني أحوال البشرية، فإنه يتعني علـى االقتصـاد اإلسالمي اقتراح جمموعة من اإلجراءات اليت قد تساعد على تقريب سلوك مجيع األطراف يف السوق

. من السلوك املثايل قدر اإلمكان –يص وتوزيع املوارد الذين يؤثرون يف ختص –

وفيما يتعلق بالتحليل القائم على السلوك الفعلي، ميكن لالقتصاد اإلسالمي أن يفيد من الكم. املتزايد من األدبيات اليت يوفرها االقتصاد التقليدي، خاصة تلك األدبيات اليت تتعلق بأدوات التحليل

، كبري من التحليل الذي يقوم على أساس السلوك اإليثـاري يتوفر اآلن أيضا كمفة إىل ذلك، باإلضا علـى االقتصـاد كما قـد يـتعني . ج من استخدام مثل هذا التحليلوال ينبغي أن يكون هناك حتر

اإلسالمي إظهار مدى رشاقته يف سد الفجوات، وخباصة تلك املوجودة يف األجزاء الثـاين والثالـث وقد يكون قادرا على القيام بذلك بصورة أكثر فعالية إذا أفاد من . والرابع من املهمة امللقاة على عاتقه .)٣٦(املعرفة النافعة أينما كانت متاحة

رواه " (، فطلب العلم فريضة على كـل مسـلم ومسـلمة "اطلبوا العلم ولو يف الصني"جاء يف احلديث النبوي الشريف -٣٦

ولكننا نسوقهوهذا حديث ضعيف، .كبه شعب اإلميان عن أنس بن مالقي يف كتاهيبه اجلامع الصغري معزوا إىل البالسيوطي يف كتا

: منهج البحث

حتديد خطوات يتعني القيام ا، بترتيب معـني، "أو " إتباع طريق": "منهج"تعين كلمة لغة،لتحقيق غاية معينة، وتعتمد طبيعة اخلطوات وتفاصيل صفتها على الغاية املنشودة والطرق املختلفة اليت

لعلـم مـن اإلجراءات الفنية "إىل " منهج"ومن الناحية الفنية، يشري مصطلح )٣٧("تؤدي إىل حتقيقهاتوفري معايري لقبول ورفض برامج البحث، واضعا "وأثناء العملية، فإن ما حيققه املنهاج هو .)٣٨("العلوم

وبالطبع تعتمد هذه اإلجراءات الفنيـة . )٣٩("معايري من شأا أن تعني على التمييز بني احلنطة والتنب .نشودةآنفا، على الغاية امل" كوز"ومعايري القبول والرفض، كما قال

، مل يكـن )٤٢(، أو اإلقناع)٤١(أو التنبؤ، )٤٠(مثل التفسري –ونظرا ألن الغاية املنشودة خمتلفة

هناك إجابة واضحة وقاطعة ملسألة املنهج يف االقتصاد على الرغم من املناقشات احلامية حـول هـذا لكنها زادت زيـادة كانت األدبيات اليت تتناول منهج البحث حمدودة، و ٩٧٠إذ قبل عام . املوضوع

املوضوع يزال اجلدل حول هذا ومع ذلك ال.)٤٣(كبرية بعد ذلك العام ومنت منوا مثريا يف الثمانيناتوقـد . ولكن يبدوا أن االنتصار كان حليف أولئك الذين ال يؤمنون بإتباع أي منهج حمدد. مستمران مبقدور العلم السري، بل وجوب السري، إن الفكرة اليت تقول أ"جبرأة وصراحة قائال " فريابيند"أشار

وفقا لبعض القواعد الثابتة وبأن سداده وصوابه يستمدان من اتفاقه مع هذه القواعد هي فكرة فاسدة ، فإن االختالفات النظرية مل تحل عن طريق جتميع الشـواهد "كالمر"ووفقا ملا قاله . )٤٤(وغري واقعيةويف ظل غياب معايري موحدة واختبارات جتريبيـة ". ى فن اإلقناعإن االقتصاد ينطوي عل. "التجريبية

.حامسة وواضحة، ينبغي لعلماء االقتصاد االعتماد على آرائهم، وتقدمي احلجج جلعل آرائهم مقنعة

وهذا ما درج عليها املسلمون يف أوج قـوم . هنا ألنه يشري إىل أمهية احلصول على املعرفة بصرف النظر عن املكان املتاحة فيه=

. يف القرون األوىل من الدولة اإلسالمية .٣٣٩، ص١٩٦٧كوز، -٣٧ .١١، ص١٩٨٠بلوغ، -٣٨ .٢٤٦، ص١٩٨٠بلوغ، -٣٩ . ١٩٦١ناجل، -٤٠ .١٩٥٣فريدمان، -٤١ .١٩٨٦ماكلوسكي، -٤٢ .١٠، ص١٩٩٤باكهاوس، -٤٣التفكري العلمي بدون منـهاج " لورانس بوالند"خالصة نظرية فوضوية للمعرفة، مقتبس من مقالة : فريابيند، ضد املنهج. يب -٤٤ .٥٤، ص ١٩٩٤، "باكهاوس"، املنشورة يف كتاب "علمي

إن هذه العملية تترك مكانا لعناصر غري معقولة، مثل االلتـزام واألسـلوب الشخصـيني . )٤٦(صائبا عندما تبىن التعددية املنهجية" كالدويل"كان رد فعل وهكذا . )٤٥(والقواعد االجتماعية

وإذا ما سلمنا بأن هدف االقتصاد اإلسالمي هو تعزيز ودعم الرفاهة اإلنسانية وليس جمرد التفسري أو التنبؤ أو اإلقناع، فإن مهمته ستكون أكرب وأصعب بكثري من مهمة االقتصاد الوضعي، وبالتايل ينبغي

وعليه فقد يكون مـن . اإلسالمي أن يتخذ منهج حبث يتناسب مع املهمة امللقاة على عاتقه لالقتصادولعـل التعدديـة . غري ادي البحث له عن منهج وحيد يقوم من خالله بقبول أو رفض الفرضيات

ني املنهجية تشكل أنسب املناهج لالقتصاد اإلسالمي، كما يبدو أا كانت حمل اختيار العلماء املسلمالعرف يف جمال االقتصاد يف اإلسالم كان "مصيبا حني أشار إىل أن " صديقي"ولقد كان . يف املاضي

.)٤٧("يرتكز على املعىن واهلدف ومرونة يف املنهج دون االلتزام بالشكليات

إن أول خطوة على طريق قبول أو رفض فرضية من الفرضيات هي النظر فيها ملعرفة مـا إذا . البنية املنطقية للنموذج اإلسالمي الذي حيدده القرآن الكرمي والسنة النبوية املطهرةكانت تنسجم مع

ال كل أمر من األمور، فإن هناك كبري جمال لالجتهاد وإعمال فصإن القرآن والسنة النبوية مل يوحيث أمر حمـتم إن الرجوع إىل القرآن والسنة . العقل دون أن يتعارض ذلك مع ما جاء يف القرآن والسنة

االقتصاد اإلسالمي يبدأ بفهم الغايات والقيم الـيت "كخطوة أوىل لقبول أو رفض الفرضية، ذلك أن وبدال من ابتعاد علماء االقتصاد عن هذه . )٤٨(حددها اهللا سبحانه وتعاىل، واليت ال ميكن فهمه بدوا

قدمي إسهام جيد عن طريق تقييم القيم والغايات حبجة أا تعج باألحكام التقديرية، فقد يستطيعون ت . فرضيام مبضاهاا مع البنية املنطقية للشريعة اإلسالمية

وهنا نأيت إىل ثاين خطوة يف اخلطوات املهمة يف املنهج، أال وهي تقييم الفرضيات من خالل

األسلوب وقد استخدم هذا. االستدالل املنطقي يف ضوء احلكمة العقلية الكامنة وراء تعاليم الشريعة، ما هو إال حجة اهللا بالغةوكتاب شاه ويل اهللا، . كثريا يف األدبيات اليت تتناول املوضوعات اإلسالمية

. جهد يهدف إىل بيان أن هناك سندا عقليا وراء كل قيمة أو قانون جاءت به الشريعة اإلسالمية

.٢٣٤ص، ١٩٨٤كالمر، -٤٥ .٢٤٣-٧، ص ص ١٩٨٢كالدويل، -٤٦ .١٥٥، ص١٩٨٢صديقي -٤٧ .١٦٨، ص١٩٨٨صديقي، -٤٨

لفة اليت جرى وضعها وقد تكون اخلطوة الثالثة يف منهج البحث هي فحص الفرضيات املختمبقابلتها بالسجالت التارخييـة والبيانـات –إىل أقصى درجة ممكنة –على هذا النحو الذي أسلفنا

ولقد كان الدكتور . اإلحصائية، املتوفرة عن اتمعات اإلسالمية وغري اإلسالمية يف املاضي واحلاضرأن يكونوا مستعدين إلخضاع نظريام " النجفي محقا يف تأكيده بأن على علماء االقتصاد املسلمني

مبجرد ظهور ما يكفي من األدلة اليت ختـالف " القدمية"ألقسى االختبارات، والتخلي عن النظريات تقدم إذ يتعني أن يكون اهلدف املنشود هو إحراز . صحتها، سواء كانت هذه األدلة نظرية أو جتريبية

.)٤٩(يف جمال االقتصاد اإلسالمي علمي

حص الفرضيات مبقابلتها باحلقائق هو الذي يساعد على إرساء قواعد نظرية غري عقيمة، إن فكما يساعد على متييز أدبيات االقتصـاد اإلسـالمي . ولكنها مفيدة يف جمال حتقيق مقاصد الشريعة

وقد ال يكون اختبار الفرضيات ممكنـا . مستقلة عن األدبيات اإلسالمية األخالقية والفلسفية األخرىإذا مل تتوافر البيانات التارخيية واإلحصائية الكافية عن مجيع املـتغريات ذات الصـلة، وإذا مل تتـوفر

ويتعني على االقتصاد اإلسالمي أن ال يتردد يف استخدام أسـاليب . كذلك أساليب مناسبة لالختبارفـال يشـترط . األخرىاالختبار وأدوات التحليل اليت طورها االقتصاد التقليدي والعلوم االجتماعية

كمـا ميكـن . )٥٠(بالضرورة أن تكون هلذه األساليب وأدوات االختبار جذور يف النموذج الدنيوييعتمد نظريات االقتصاد التقليدي اليت أصبحت جزءا من احلكمة التقليدية إذا لالقتصاد اإلسالمي أن

. كون واحلياةمل تتعارض هذه النظريات مع البنية املنطقية للنظرة اإلسالمية لل

لقد حدد القرآن والسنة النبوية بعض املتغريات الرئيسة اليت يتوقف عليها مـدى رفاهـة أو ، حيث "ب"كان " أ"ولقد جاء هذا البيان على شكل عالقة سببية من نوع إذا كان . تعاسة بين البشر

حنو رفاهة الكائنات " أ"مه إىل اإلسهام الذي ميكن أن تقد" ب"ترمز للمعيار أو املؤسسة املطلوبة و" أ"احلية على األرض وخصوصا بين البشر حاضرا ومستقبال، ومثلما أن اجلهد املبذول يف تفسري الظواهر الفعلية ينتج عنه فرضيات، فإن العالقة بني مقاصد الشـريعة والسـبل املختلفـة لسـلوك األفـراد

ور احلكومة املبني يف القرآن والسنة، ميكن أن واموعات، وكذلك التصفية واحلفز وإعادة اهليكلة ودويتعني فحص مجيع هذه العالقات أو الفرضيات إىل أقصى . تؤدي هي األخرى إىل فرضيات مجدية

وقد يساعدنا مثل هذا الفحص أيضا على فهم أفضل لنصوص القرآن والسنة، كما ميكن . حد ممكنوعلى أية حـال، ال . فسريات البديلة هلذه النصوصأن يفضي إىل تقارب األفكار عن طريق تقليل الت

.؛ ما حتته خط هو من األصل املقتبس منه ٢١، ص١٩٩٤جنفي، -٤٩ .٥٧-٥٦، ص١٩٨٦، "الزرقا"لالطالع على وجهيت النظر املختلفتني حول هذا املوضوع انظر -٥٠

فهناك مصادر أخرى مثل . ينبغي أن يكون الوحي هو املصدر الوحيد إلقامة مثل هذه العالقات املثالية . اخلربات املكتسبة للمجتمعات املسلمة وغري املسلمة، وكذلك االستنباط املنطقي

القرآن والسنة، جزءا ال يتجـزأ مـن لقد كان اختبار الفرضيات، حىت كانت مستمدة من

القرآن "حىت الفرضية اليت تقول بأن . والقرآن الكرمي نفسه يؤكد على هذا االختبار. التراث اإلسالميهي فرضية قابلة لالختبار ألن القرآن الكرمي نفسه جعلها كذلك حني حتـدى " الكرمي هو كالم اهللا

وحىت بعد مضي.)٥١(وبالغته وقوة منطقة ونوعية تعاليمه حيث مجاله اللغوين يأتوا مبثله من أالبشر سنة مل يستطع أحد قبول هذا التحدي ولو باإلتيان بواحدة فقط من خصائصه املميزة، ومن ١٤٠٠

باإلضافة إىل ذلك، ميتلئ القرآن باآليات اليت حتض . تزال قائمة بدون دحض مث فإن هذه الفرضية الضارات األمم السابقة، األمر الذي يدعم صحة أو إجيابيـة نظرياتـه البشر على النظر يف أخبار وح

آل " (فسريوا يف األرض فانظروا كيف كان عاقبـة املكـذبني : "يقول اهللا يف كتابه العزيز. املعياريةما هي إال دليل واضح على أن القـرآن ،)٥٢(إن هذه اآلية، باإلضافة إىل آيات أخرى). ٣٧عمران،

. يارية قابلة لالختبار عن طريق مضاهاا باحلقائقيعترب نظرياته املع

فقد اعتقـد ) م١٤٠٦/ هـ٨٠٨ت (لقد حاول القيام بذلك علماء من أمثال ابن خلدون هؤالء العلماء أنه من املمكن اختبار العالقة السببية بني العلة واملعلول حىت يف العلوم االجتماعية مـن

إن املاضي يشبه احلاضر كما يشـبه املـاء "قول ابن خلدون ي. )٥٣(خالل الرجوع للشواهد التارخييةالظواهر االجتماعية تبدو وكأا تتبع جمموعة من "م هو أول من قال بأن ورمبا كان هذا العال.)٥٤("املاء

القوانني اليت وإن كانت غري مطلقة إىل الدرجة اليت تصل إليها القوانني اليت حتكم الظواهر الطبيعيـة، وهكـذا . ثابتة مبا يكفي لتتسبب يف إحداث اجتماعية تتبع نسقا ونتائج منتظمة وحمددة املعاملإال أا

كمـا .)٥٥("فإن فهم وإدراك عامل االجتماع هلذه القوانني ميكنه من فهم اجتاه األحداث الدائرة حولهـ ... هذه القوانني ميكن اكتشافها عن طريق مجع عدد كبري من احلقـائق "اعتقد بأن جالت مـن س

.)٥٦("األحداث املاضية ومالحظة األحداث احلاضرة

.٨٨: ١٧و ١١: ١٥، ١٠: ٣٨، ٢: ٢٣القرآن الكرمي، -٥١ــال، -٥٢ ــبيل املث ــى س ــر، عل ،٥١: ٢٧ / ١٠٩: ١٢ / ٣٩: ١٠ / ١٢٨: ٧ / ،٨٦و / ٨٤: ٧ / ١١: ٦انظ٦٥: ٩ / ٤٧: ١٠ / ٤٠: ٢١ / ٤٤: ٣٥. .٢و ١، ص ص املقدمةابن خلدون، -٥٣ .١٠املرجع السابق، ص -٥٤ .٧، ص١٩٥٠عيسوي، -٥٥ .٨املرجع السابق، ص -٥٦

إىل نفس النتيجة بأن العالقة السـببية الـيت ) ١١٧٦/١٧٦٢ت (ولقد توصل شاه ويل اهللا

فهي تبني بأن . خلقها اهللا يف الكون ويف احلياة البشرية ما هي إال آية من آيات حكمته سبحانه وتعاىلويـدعم . يتصرف بطريقة منهجية ومنظمة توافق حكمته –قدرته جلت –اهللا ال يعمل عبثا، وإمنا

)ولن جتد لسـنة اهللا تبـديال (الكاتب هذه الفكرة بعدد من اإليضاحات واالستشهاد باآلية الكرمية ، اليت توضح عدم قابلية هذه العالقة السـببية الـيت )٥٧( )٤٨: ٢٣و ٣٥: ٤٣، ٣٢: ٦٢القرآن، (

وتنعكس هذه احلكمة اإلهلية يف مجيـع النظريـات . علول لإللغاء أو النقضأنشأها اهللا بني العلة واملكما يستخدم الكاتب هـذا . )٥٨(املعيارية للشريعة اإلسالمية، املوجهة لتحقيق خري اإلنسان ورفاهته

املنطق لتأويل عداوة اإلسالم للتنجيم والسحر ألن اهللا سبحانه وتعاىل مل يعـط النجـوم والتعاويـذ القوى اخلارقة إلبطال العالقة السببية اليت تسود الظواهر الطبيعيـة يف إضـرار البشـر أو السحرية .)٥٩(نفعهم

: حتذيرال ينبغي أن يؤخذ التأكيد على االختبار على أنه يعين ضمنيا التصويت إىل جانب الوضـعية

ـ "، اليت ليست فقط جمرد (Logical Positivism)املنطقية ا مـن صيغة قصوى مبـالغ فيهفمذهب الوضعية . )٦١("دينية ومناهضة للعلوم الغيبيةدنيوية، علمانية، ال "لكنها أيضا ، و)٦٠("التجريبية

إن االقتصاد اإلسـالمي لـيس . )٦٢(هذا يتطلب أن تكون كل عبارة أو مقولة إجيابية وقابلة لالختبارمقولة من مقوالته إجيابيـة وضعيا وعلمانيا إىل هذه الدرجة، وال هو يتطلب أن تكون كل عبارة أو

لذا فإنه يف الوقت الذي نتتبع فيه الرابطة املنطقية بني العلة واملعلوم، يتعني علينـا أن . وقابلة لالختبار : نضع نصب أعيننا نقطتني هامتني

إن البشر عرضة للنقص والقصور وقد ال يكون مبقدورهم تفسري كل شيء أو التنبـؤ -أوالتدي إليهـا كمـا –جزء من العالقات اليت تربط العلة باملعلول "تطيع معرفة فقد نس. بكل شيء

.٤٣: ٣٥ر أيضا مالحظة عبد اهللا يوسف على اآلية الكرمية انظ -٥٧ .٣٤، اجلزء األول، ص١٩٩٢شاه ويل اهللا، -٥٨ .٥٠٣-٤٨٦انظر الفصل اخلاص بالسحر يف املقدمة البن خلدون، ص ص . ٦٦-٦٢نفس املرجع السابق، ص ص -٥٩ .من املقدمة ١٣، ص١٩٨٢شاملرز، -٦٠ .٨٧٧، ص١٤، اجلزء ١٩٧٨هريبرت فيغل، -٦١ .١٩، ص١٩٨٩ليبسي، -٦٢

إن هناك العديد من الظواهر يف حياتنـا االجتماعيـة . )٦٣(يهتدي بنور مصباح صغري يف غابة مظلمةوإذا ما استبعدنا هذه الظواهر من مناقشـاتنا . واالقتصادية اليت قد ال تكون قابلة للقياس أو االختبار

إن أقصى ما ميكن أن . فإننا قد نضيق بذلك نطاق االقتصاد ونقلل من قدرته على خدمة رفاهية البشريصبو إىل حتقيقه االقتصاد اإلسالمي هو اختبار نظرياته املعيارية والوضعية، ما أمكن ذلك، من خالل

وحىت ال يبقى منغمسـا يف البيانات اإلحصائية والتارخيية املتوفرة حىت يبقى على صلة وثيقة بالواقع، كما أ، اختبار نظرياتـه سـيعطيه . اليت ليس هلا عالقة وطيدة باملشكالت القائمةاملناقشات النظرية

القدرة على التفسري والتوقع بصورة أفضل نسبيا، ويمكنه من تقدمي مقترحاته بثقة أكـرب يف جمـال ".ما ينبغي أن يكون"إىل " مما هو كائن"السياسات اليت ينبغي اختاذها لالنتقال

يتعني علينا أن نأخذ يف احلسبان اإلميان الثابت للمسلم بعدم السـماح للمالحظـات -ثانيا

. التجريبية أن تعارض أو تدحض النظريات املعيارية اليت أرساها القرآن الكرمي والسنة النبوية املطهرةومثة فرق كـبري . ال تقبالن الدحض أو النقضحقيقتان –حبكم طبيعتهما –فالقرآن والسنة النبوية

بني القول بأن فرضية ما غري مفتوحة للدحض والقول بأن الفرضية املعنية مفتوحة للدحض ولكن قد إن أي تناقض بـني الفرضـية القرآنيـة . ال يكون باإلمكان دحضها ألا ترتكز على أساس ثابت

. لفرضية أو عدم فاعلية التطبيق أو أخطاء يف املالحظةة التجريبية قد يكون سببه سوء تفسري اظواملالحباإلضافة إىل ذلك، فإن االقتصاد اإلسالمي لن يشتمل على فرضيات مستمدة من القـرآن والسـنة فحسب، بل سيشتمل أيضا على فرضيات وضعها الفقهاء والعلماء املسلمون اآلخـرون، وأخـرى

استقراءات الباحثني أنفسهم وجتارب الثقافات والبلدان مستمدة من االقتصاد التقليدي واستنباطات و. وقد يكون عدد هذه الفرضيات أكرب من تلك املستمدة مباشرة مـن القـرآن والسـنة . األخرى

ومن هنا فإنه ليس . وستكون مجيع مثل هذه الفرضيات املستمدة من غري القرآن والسنة قابلة للدحض .ي ال يشكل علمامن املعقول القول إن االقتصاد اإلسالم

، فلمـاذا )٦٤(وحىت يف االقتصاد التقليدي ال يستعجل يف بناء النظريات بدليل جترييب واحـد

قد جـرى "ما إذا كان " بالكهاوس"يكون األمر كذلك يف االقتصاد اإلسالمي؟ ولنا أن نتساءل مع عـن –الزمن ولفترة غري قليلة من –أبدا حل أي خالف أو جدل حول أمر جوهري وخطري حقا

إن هناك الكثري من املفاهيم األساسية لالقتصاد التقليدي اليت تعترب غري . )٦٥("طريق االقتصاد القياسي

.٣٣٧، ١٩٨٩املعهد العاملي للفكر اإلسالمي، -٦٣ .١٤، ص١٩٩٤باكهاوس، -٦٤ .٦٦، ص١٩٩٤باكهاوس، -٦٥

إن . "قابلة لالختبار والدحض، مثل مفهوم االنسجام التلقائي بني مصلحة الفرد ومصـلحة اتمـع ، ووفقا لذلك فإن االقتصـاد )٦٦("بيةمن البناء املنطقي واملالحظة التجري... الطريقة العلمية هي مزيج

نتائج علم االقتصاد تقوم يف ايـة املطـاف علـى "الكالسيكي قد عمد دائما إىل التأكيد على أن قابلة للمشاهدة بقدر ما هـي مسـتمدة مـن االسـتبطان " قوانني إنتاج"مسلمات مستمدة من

" االسـتنباط األساسـي "جا وسطا بني ورمبا يتعني على االقتصاد اإلسالمي أن يسلك .)٦٧("الذايت ".التجريبية املفرطة"و

:العلم والغيبيات واألحكام التقديرية

: ميكن أن تثار هنا ثالثة اعتراضات مهمةقد يقال إن جزءا كبريا من القرآن والسنة يتناول أمورا غيبية ال ترى كالذات اإلهلية، -أوال

إن هذا . يبيات ال ترى بالعني اردة ومن مث فإا ال تشكل أساسا للعلمإن هذه الغ. اآلخرة والسكينةاالعتراض غري مشروع، ذلك أنه وإن كانت هذه املفاهيم غري قابلة للمشاهدة يف حد ذاـا، إال أن

اليد "أثرها على السلوك اإلنساين واملتغريات االقتصادية ميكن مشاهدته بنفس القدر الذي تشاهد فيه ليست . اليت هي بدورها مفاهيم غري قابلة للمشاهدة" املنافع"و" التفضيالت"لقوى السوق أو " فيةاخل

األمهية كامنة يف مسألة ما إذا كان موضوع هذه املفاهيم قابال للمشاهدة أم ال، وإمنا تكمن فيما إذا قادرا على املساعدة يف كان أثر املفهوم على السلوك البشري واضحا أم ال، وخباصة إذا كان املفهوم

إن . حتقيق ذلك النوع من التوازن يف ختصيص وتوزيع املوارد الذي ينسجم مع األهداف اإلنسـانية هناك اآلن إدراكا واضحا حلقيقة أن األسعار واألرباح ال تشكل املتغريات الوحيدة الـيت تـؤثر يف

خر يستطيع أن حيفز املستهلكني واملنـتجني فإذا كان اإلميان باهللا واليوم اآل. ختصيص وتوزيع املواردعلى جعل القيم األخالقية جزءا من حيام ويخفف من سعيهم خلدمة مصاحلهم الذاتيـة، وبالتـايل

مـل عإن . تيسري عملية حتقيق مقاصد الشريعة، فلماذا ال يأخذ االقتصاديون هذا العامل يف حسبامم األسعار يف إحداث مزيد من الكفاءة والعدالة يف اسـتخدام نظااملعايري األخالقية بكفاءة قد يكمل

.املوارد

.٣٤٣، ص٧، اجلزء١٩٦٧كوز، -٦٦ .٦٨٩، ص١٩٩٠بلوغ، -٦٧

ميكن القول بأن القرآن الكرمي والسنة النبوية الشريفة يوفران قواعد حول الكيفية اليت -ثانياينبغي أن تعمل ا الوحدات االقتصادية وحول السياسات اليت ينبغي اعتمادها لتحقيق نوع الرفاهيـة

وهذه األمور تنطوي على أحكام تقديرية، ولعل أحد أسباب كراهية االقتصاد . هلا اإلسالماليت يعمل حبكم –الوضعي هلذه األحكام هو أا تشري إىل ما ينبغي أن يكون عليه سلوك اإلنسان وال ميكن هلا

وهلذا السبب بالذات فقد اقتصر الوضـعي علـى .)٦٨(أن تكون قابلة للتحقق أو الدحض –تعريفها االقتصادية واالقتصادات بوظائفها، وعلى مناقشـة نتـائج مناقشة األسلوب الفعلي لقيام الوحدات

ولعل هذا املوقف هو أحد األسباب األساسية لعدم وجود رابطة بني االقتصاد اجلزئـي . السياساتمل وإذا . فمعظم أهداف االقتصاد الكلي هي أهداف تقوم على أحكـام تقديريـة . واالقتصاد الكلي

بأحكام تقديرية مكملة لتحديد سلوك األفراد واملؤسسات –على مستوى االقتصاد اجلزئي –يسمح ولقـد . التجارية لكي جتعل هذا السلوك منسجما مع حتقيق األهداف، فقد ال تتحقق هذه األهداف

ضها ببعض لدرجة املعيارية واإلجيابية يرتبط بع"محقا حني أكد على أن األهداف " عبد املنان " كانلذا فإن التمييـز الصـارم . )٦٩("تصبح معها أي حماولة للفصل فيما بينها مضللة وذات نتائج عكسية

الذي حياول االجتاه العام يف االقتصاد إجياده بني ما هو وضعي وبني ما هو معياري ال يبـدو متييـزا . معقوال

موعة أحكام تقديرية ال يمكن إقامـة وال ينظر اإلسالم إىل ما هو معياري على أنه جمرد جم

إن كل قيمة أو نظام يؤكد عليه القرآن والسنة هو يف جوهره عالقة نظرية بني . الدليل العملي عليهاعلة، مبينـة دائمـا بصـورة تلك القيمة وبني رفاهية اإلنسان حىت وإن مل تكن العالقة السببية، أو ال

لبشر أن يتصرفوا وفق ما هو صـواب مـن الناحيـة ا لى بينلتعاليم اإلسالم يتعني ع وفقاف. صرحيةاألخالقية ليس فقط امتثاال إلرادة اهللا اخلالق، ولكن ألن التصرف ذه الكيفية حيقق أكرب نفع هلـم،

ليس هناك –من وجهة نظر اإلسالم –وهكذا نرى أنه . )٧٠(ومن مث فإن هذا هو السلوك األسلم هلمفهما يشريان على سلوك . ين والسلوك األخالقي، إذ إما يعتربان مترادفنياختالف بني السلوك العقال

.أنه ملصلحة الفرد واتمع على حد سواء –يف اية املطاف –واحد أثبت قد يزعم البعض بأن النظريات املستمدة من القرآن والسنة رمبا ال تكون دائما قابلـة -ثالثا

الذي يسود اآلن يف العامل اإلسالمي بني ما ينبغي أن يكون عليه سلوك لالختبار نتيجة البون الشاسع

.٧، ص١٩٩٠، "بلوغ"و ١٦، ص١٩٨٩ليبسي، -٦٨ .٩، ص١٩٨٦عبد املنان، -٦٩ . النية هلذا الطرح، انظر كتاب شاه ويل اهللا، حجة اهللا البالغةملناقشة عق -٧٠

ولكن هذه اهلوة الفاصلة بني ما ينبغي أن يكـون . املسلمني وبني ما هو عليه هذا السلوك يف الواقعفقد شهد التاريخ اإلسالمي فترات كانت فيها املثـل . وبني ما هو كائن مل تكن دائما ذا االتساع

مـا ينبغـي أن "يعكس " الواقع الفعلي"حقيقة واقعة يف اتمعات اإلسالمية، حيث كان اإلسالميةعالوة على ذلك، إن عددا من القواعد والنظم اليت جـاء ـا . ، إما بصورة كلية أو جزئية"يكون

حضارات وثقافات غري إسالمية، لذا فإن هذه القواعد والنظم ميكـن أن اإلسالم هي أيضا من تراث . ختضع لالختبار مبساعدة السجالت التارخيية املوجودة يف اتمعات اإلسالمية وغري اإلسالمية

: املسلمات الواقعية

ويف حني أنه باإلمكـان القيـام بـبعض . تلعب املسلمات دورا هاما يف صياغة الفرضياتغري صحيحة، فـإن مـن ها يالتنبؤات الصحيحة حىت عندما تكون املسلمات األساسية اليت ترتكز إل

وعلى أية . املرغوب فيه البدء مبسلمات واقعية للحصول على سجل أفضل للتنبؤات اليت يعتمد عليهااملسلمات األساسية اليت يقـوم " "ال ينبغي رفض أو تعديل"حال، فإن املبدأ املتفق عليه عموما هو أنه

من االفتراضات حبزام واقف والدحض حممية من التحري"فهي . عليها هيكل أو صلب علم من العلوم . )٧٢("ليست لالختبار"وعليه فإن هذه املسلمات . )٧١(اخل...الفرعية والشروط املبدئية

وقد ال يكون من املبالغ فيه أن نتوقع على األقل اختبار مجيع مسـلمات علـم االقتصـاد

التلقـائي بـني املصـاحل، األساسية ذات الصلة بالسلوك اإلنساين، وخاصة تلك املتصلة باالنسجام واليت تشكل القاعدة اليت يرتكز عليها بناء االقتصـاد –وعقالنية التصرفات وتعظيم املنافع واألرباح

هذه املسـلمات البناء إذا ما أثبت االختبار أن وذلك دف ضمان عدم ايار هذا –التقليدي برمته عي بنفسه عن احلقائق الغيبية اليت مل يثبـت ويبدو من الغريب أن ينأى االقتصاد الوض. غري صحيحة

، من وجهة نظر فريدمان، يف إقامة فرضياته ونظرياتـه علـى :"منفعة إجيابية"بطالا بعد، وأن يرى .)٧٣("باطلة من حيث الوصف"مسلمات معروف عنها أا

.٨٠، ص١٩٨٢شاملرز، -٧١ .١٦، ص١٩٧٦لن، -٧٢ .١٤، ص١٩٥٣فريدمان، -٧٣

: ازدهار االقتصاد اإلسالمي

دد املنابت العلمية على أيدي املفسرين لقد تطور االقتصاد اإلسالمي تدرجييا كموضوع متعوعرب القرون املاضية قدم علمـاء . والفقهاء واملؤرخني وفالسفة علم االجتماع والسياسة واألخالق

ـ ١٨٢ت ( جمال االقتصاد اإلسالمي، مثـل أيب يوسـف يفكثريون كتابات قيمة ، )م٧٩٨/ هـــعودي ـــ٣٤٦ت(واملس ــاوردي )م٩٥٧/ه ـــ٤٥٠ت (، وامل ــزم ، وا)م١٠٥٨/ه ــن ح ب

، )م١٠٩٣/هـ٤٨٥ت(، والطوسي )م١٠٩٠/ هـ ٤٨٣ت (، والسرخسي )١٠٦٤/هـ٤٥٦ت(ت (، وابـن األخـوة )م١٣٢٨/ هــ ٧٢٨ت (، وابن تيمية )م١١١١/ هـ٥٠٥ت (والغزايل ، )م١٣٨٨/ هــ ٧٩٠ت(، والشاطيب )م١٣٥٠/ هـ٧٥١ت (، وابن القيم )م١٣٢٩/ هـ ٧٢٩

ـ ٨٠٨ت (وابن خلدون ت (، والـدواين )م١٤٤٢/ هــ ٨٤٥ت(، واملقريـزي )م١٤٠٦/هـوتتوزع هذه الكتابـات يف عـدد ). م١٧٦٢/ هـ ١١٧٦ت (وشاه ويل اهللا ) م١٥٠١/هـ٩٠٦

ولعل عدم تصور رفاهية البشـر كظـاهرة . )٧٤(ضخم من الكتب اليت تغطي موضوعات فكرية شىت. بات املتعددة املوضوعاتمنعزلة تعتمد يف املقام األول على املتغريات االقتصادية راجع إىل هذه الكتا

فقد جرى اعتبار رفاهية بين البشر على أا نتاج عدة عوامل اقتصادية وأخالقية وفكرية واجتماعيـة وسياسية، تتضافر وتتحد معا بصورة جتعل من املتعذر حتقيق الرفاهية العامة لبين اإلنسان دون أقصـى

حموريا يف هذا اإلطار العـام، وهـي الة مكانا ولقد احتلت العد. درجة من املشاركة من قبل اجلميع .مكانة متوقعة بسبب ما حتتله العدالة من أمهية بالغة يف النموذج اإلسالمي

وحتلل . ابن خلدون مقدمةويبدو أن هذه الكتابات املختلفة عرب القرون قد بلغت ذروا يف

جتماعية والسكانية، املرتبط بعضها ببعض دور العوامل األخالقية والسياسية واالقتصادية واال املقدمةارتباطا وثيقا، يف رفاهية أو شقاء الشعوب، واليت من شأا أن تقود يف اية املطاف إما إىل ازدهـار

إن حتليل ابن خلدون ليس حتليال خامال وال يرتكز على متغريات . احلكومات واحلضارات أو سقوطها املقدمـة إن . يعة وحيوية نشاط العلوم االجتماعية واالقتصـادية اقتصادية فقط، بل هو حتليل له طب

–دون شـك –االقتصادية، واليت ميثل قسط كبري منها تشتمل على قدر كبري من املناقشة للمبادئولكن ابن خلدون يستحق التقدير أيضا لتعبريه . إسهام ابن خلدون األصيل يف جمال الفكر االقتصادي

إن تبصر ابن خلدون . العامل اإلسالمي ابات العلماء ممن سبقوه وعاصروه يفالرشيق والواضح عن كت

؛ صديقي، ١٩٨٧، "مرياخور"؛ ١٩٦٥، "ديشموغي"؛ ١٩٦٣سينغلز، "ملزيد من التفصيل حول هذه اإلسهامات، انظر -٧٤

.١٩٩٤، "إصالحي"و ١٩٩٢

يف بعض املبادئ االقتصادية كان عميقا وينم عن فكر ثاقب ويعد نظر إىل حد ميكن معه اعتبار عدد من النظريات اليت طرحها منذ ما يقرب من ستة قرون تضاهي بسهولة بعض أحدث النظريات حول

. املوضوع عاش يف زمن كان قد بدأ فيه احنطاط العامل اإلسالمي سياسيا واجتماعيا كن ابن خلدون ول. )٧٥(وقد كان محقا يف نظريته القائلة بأن تقدم العلوم يتوقف على تقدم اتمـع نفسـه . واقتصاديا

يف العـامل فقد شهدت العلوم تقدما سـريعا . ولقد وفر التاريخ اإلسالمي سندا واضحا هلذه النظريةوواصلت العلوم تقدمها بتسارع أقل لبضعة قرون أخرى إىل أن . اإلسالمي حىت القرن الرابع اهلجري

ومل . وكان يبزغ بني احلني واآلخر جنم ساطع يضيء السماء، ويثري االهتمـام . توقف بعدها تدرجيياايـا النسـيان يف العـامل فقد بقي هو اآلخر مهمـال يف زو . يكن االقتصاد استثناء من هذه القاعدة

اإلسالمي ومل يشهد إسهامات ذات شأن بعد ابن خلدون سوى بعض املنارات املتفرقة مـن أمثـال . املقريزي والدواين وشاه ويل اهللا

ويف حني أصبح االقتصاد التقليدي علما مستقال بذاته يف الغرب يف العقد األخري من القـرن

واسـتمر )٧٦(١٨٩٠لكتابه العظيم، مبادئ االقتصاد، يف عام " لألفرد مارشا"التاسع عشر بعد نشر جـزءا –بصورة أساسية –االقتصاد التقليدي يف التطور بعد ذلك، نرى أن االقتصاد اإلسالمي بقي

وقـد أدى . ال يتجزأ من الفلسفة االجتماعية واألخالقية املوحدة لإلسالم حىت احلرب العاملية الثانيةدان اإلسالمية بعد احلرب وحاجتها إىل تطوير اقتصاداا مبا ينسجم مع التعـاليم استقالل معظم البل

. اإلسالمية إىل دفع االقتصاد اإلسالمي وتطويره

ولكن اإلسهامات الفردية القيمة اليت قدمها بعض العلماء مل تستطع أن توفر قـوة الـدفع ر العاملي األول لالقتصاد اإلسالمي، الذي ولقد كان للمؤمت. املطلوبة لتحديد معامل املوضوع املستقلة

ــباط ــهر شــ ــة يف شــ ــة املكرمــ ــد مبكــ ــن/ عقــ ــر مــ فربايــ، دور العامل املساعد يف النمو الكبري الذي شهدته أدبيات االقتصاد اإلسـالمي علـى ١٩٧٦عام

ر ولقد قام األستاذ الدكتور حممد عمر الزبري واألستاذ الدكتور خورشيد أمحد بـدو . املستوى الدويلرائد يف عقد املؤمتر املذكور ويف عقد العديد من املؤمترات والندوات األخرى اليت ساعدت يف تـوفري

.٤٣٤ن خلدون، املقدمة، صاب -٧٥، أصبح االقتصاد موضوعا علميا يف الثمانينيات مـن القـرن )١٩٨٥" (بلوغ"وفقا ملا ذكره . ٢١، ص١٩٥٤شومبيتر، -٧٦

).٣ص(التاسع عشر

وقد شكلت مقالة الدكتور حممد جناة اهللا صديقي اليت قدمها يف املؤمتر . قوة دفع لالقتصاد اإلسالمي مسـاعدا يف أساسـا للمناقشـات وعـامال )٧٧(واستعرض فيها تاريخ الفكر االقتصادي اإلسالمي . التطورات الالحقة اليت شهدها االقتصاد اإلسالمي

مجعية علماء : كما لعبت مؤسسات عديدة دورا حيويا يف تطور االقتصاد اإلسالمي من أمهها

؛ املؤسسة اإلسالمية يف مدينة )١٩٧٢تأسست عام (االجتماع املسلمني بالواليات املتحدة األمريكية ؛ مكتب أحباث االقتصاد اإلسالمي، داكا، بنغالديش )١٩٧٣تأسست عام (تحدة باململكة امل" ليستر" ؛ مركز أحباث االقتصاد اإلسالمي التابع جلامعة امللـك عبـد العزيـز جبـدة )١٩٧٦تأسس عام (؛ املعهد الدويل للفكر اإلسالمي، هريندون، فرجينيا، الواليات املتحدة األمريكية )١٩٧٧تأسس عام (تأسس عام (للتنمية ؛ املعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب التابع للبنك اإلسالمي )١٩٨١تأسس عام (

؛ كلية االقتصاد التابعـة للجامعـة )١٩٨٣(؛ املعهد الدويل لالقتصاد اإلسالمي، إسالم أباد )١٩٨٣واجلمعية الدولية لالقتصـاد اإلسـالمي )٧٨( )١٩٨٣تأسست عام (اإلسالمية العاملية يف كواالملبور

ومن بني هذه املؤسسات يستحق مركز أحباث االقتصاد اإلسـالمي التـابع ). ١٩٨٤أسس عام ت(جلامعة امللك عبد العزيز واملعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب التابع للبنك اإلسالمي للتنمية اعترافـا

ز أحباث وقد جرى بالفعل تقدير جهود مرك. خاصا مبسامهتهما البارزة يف تطوير االقتصاد اإلسالمياالقتصاد اإلسالمي التابع جلامعة امللك عبد العزيز مبنحه جائزة البنك اإلسالمي للتنمية يف االقتصـاد

.١٩٩٣اإلسالمي لعام

: التأخر يف تطوير النظرية

على شرح ماهية النظام االقتصادي اإلسـالمي املثـايل –حىت اآلن –انصب التركيز أكثر كية والرأمسالية واألسباب اليت جتعله ينجح بدرجة أفضل يف جمال حتقيـق وكيفية اختالفه عن االشترا

لقد كانت معظم املناقشات اليت جرت حول هذه املوضوعات معيارية يف طبيعتها . األهداف اإلنسانيةاألفراد واألسر واملنشآت التجارية واملؤسسات اخلرييـة (كيف يتوقع جلميع الوحدات االقتصادية –

ولقد واكب ذلك تقدمي بعض . أن تتصرف يف ضوء تعاليم الشريعة اإلسالمية) احلكوماتواألسواق والبيانات التارخيية بني حني وآخر للربهان على أن النظام االقتصادي اإلسالمي كان موجودا بالفعل يف

.١٩٨١صديقي، -٧٧ .٣٧-٣٣ص ، ١٩٨٦، "يالسنطاش"فصايل، انظر ملزيد من الت -٧٨

. ل وضرورياوكان هذا أمرا طبيعيا، ب. مراحل خمتلفة من التاريخ اإلسالمي وأنه قد حقق نتائج إجيابيةإن علم االقتصاد مرتبط ارتباطا وثيقا بنظرة اتمع للكون واحلياة وبالنظام االقتصادي هلذا اتمـع ولوال وضوح بالنسبة لنظرة اإلسالم للكون وبالنسبة للنظام االقتصادي اإلسالمي لطفـق االقتصـاد

. )٧٩(اإلسالمي يتلمس طريقه يف الظالم باحثا عن اجتاه يسري فيه

. لقد أصبحت حدود النظام االقتصادي اإلسالمي املثايل على درجة كافية من الوضوح اآلن. ولكن االقتصاد اإلسالمي كفرع من فروع املعرفة النظرية والتجريبية مل يتطور بعد إىل احلد الكـايف

اء هذا النظام باآللية اخلاصة بأد"قحف، فيما يتصل منذر ليس هناك إال القليل، على حد قول الدكتوركما أن هناك ندرة أكرب يف الكتابات اليت تربط ين اجلوانب املختلفة للنظـام االقتصـادي . لوظائفه

وحتقيقا هلذا اهلـدف، فـإن . )٨٠("اإلسالمي وتشكل بنية نظرية متناسقة داخليا وصحيحة خارجياإذ ال يتعني عليه فقط بيـان . ااالقتصاد اإلسالمي حباجة ألن يقوم جبميع الوظائف اليت ذكرناها آنف

العالقة الدالية بني املتغريات املختلفة لكي يوضح كيفية تفاعلها مع بعضها البعض، بل عليه أيضـا أن وال ينبغي لالقتصاد اإلسالمي أن يكتفي . حيلل بصورة حقيقية التصرف الفعلي للوحدات االقتصادية

، ولكن عليه أيضا أن يفسر لنحو الذي تصرفت بهبتفسري أسباب تصرف الوحدات االقتصادية على ااألسباب اليت حالت دون تصرف هذه الوحدات االقتصادية على حنو ما ينبغي للوصول إىل األهداف

وهكذا . اإلسالمي عبء بيان السبيل الذي يقودنا إىل هدفنا كما يقع على كاهل االقتصاد. املنشودةأوسع نطاقا وأكثر صعوبة من تلك الـيت حيملـها االقتصـاد يتضح لنا أن مهمة االقتصاد اإلسالمي

إن االقتصاد اإلسالمي بطبيعته موضوع يقوم على علوم عدة وحيتاج إىل أن يحدد ويناقش . التقليديخول، اليت تـؤثر يف مجيع العوامل الرئيسة األخالقية واالجتماعية والسياسية وليس فقط األسعار والد

ورمبا لن يتمكن االقتصاد اإلسالمي من التنبؤ بسلوك الوحدات . صادية املختلفةسلوك الوحدات االقتاالقتصادية بدرجة معقولة من الثقة، والتأثري على جمرى األحداث االقتصادية يف املسـتقبل، إال مـن

–أما أن يقصر االقتصاد اإلسـالمي نفسـه . خالل اعتماده ملثل هذا املنهج القائم على علوم عدةأو ) االقتصاد التقليـدي (على مناقشة أسلوب التصرف الفعلي للوحدات املختلفة –رئيسة بصورة

فقد ) وهو النهج الذي يتبعه االقتصاد اإلسالمي حىت اآلن(على مناقشة التصرف املثايل هلذه العوامل .ال يقوده ذلك شوطا بعيدا يف اجتاه تقدمي إسهام جيد لتحقيق مقاصد الشريعة

التحليـل "، ومن ناحية ثانية "النظام االقتصادي"ا، فإن االقتصاد اإلسالمي هو من ناحية يف الواقع، ويف رأي الدكتور الزرق -٧٩

).٥٢، ص١٩٨٦الزرقا، " (االقتصادي هلذا النظام .١، ص١٩٧٨قحف، -٨٠

عات اليت حظيت بالقدر األكرب من االهتمام هي النقود والبنوك املاليـة العامـة إن املوضولقد أصبحت األهداف اليت ميكن حتقيقها من خالل . اإلسالمية، وإن كانت أدبياا التزال غري كافية

إلغاء الفائدة والعمل مبوجب نظام يقوم على املسامهة يف رؤوس أموال املشروعات، واضحة متاما اآلنولكن ال تتوفر بيانات كافيـة لتقيـيم األداء الفعلـي للبنـوك . من خالل كتابات عدد من العلماء

اإلسالمية مبقارنته ذه األهداف وملعرفة املشكالت اليت تواجهها وتفسري األسباب اليت حالت دون أن ال تكاد تتوفر أية باإلضافة إىل ذلك،. تصبح صيغ التمويل املثالية حقيقة فعلية ومطبقة بصورة كاملة

بيانات عن تصورات وخماوف اجلماهري والقائمني على رسم السياسات واملسامهني واملودعني فيمـا بالكفاءة لتغـيري هـذه داد استراتيجية تتسم عفقد ال يكون من املمكن إ. يتصل بأسلمة النظام املايل

. يةالتصورات والتخلص من هذه املخاوف بدون أن تتوفر البيانات الفعل

على تفصيل وإيضـاح األسـاليب –بصورة أساسية –لقد انصب اهتمام الكتابات احلالية وقد يكون هذا األمر هو املسـئول عـن االنطبـاع . املختلفة اليت تتبعها املؤسسات املالية اإلسالمية

ـ ل اخلاطئ بأن االختالف األساسي بني االقتصاد الوضعي واالقتصاد اإلسالمي يكمن يف آليـة عموقد ال يكون باإلمكان التخلص من هذا االنطباع اخلاطئ بدون أن يتم إحراز تقـدم . الوساطة املالية

فهذا من شأنه أن يساعد على حتديد املتغريات املختلفة . نظري كبري يف جمال االقتصاد اجلزئي والكليشكل الفائدة واحدة منـها اليت تؤثر يف سلوك الفرد ويف حتقيق اهلدف املنشود، وهي املتغريات اليت ت

كما أن من شأنه أيضا املساعدة يف حتديد اإلصالحات اليت ينبغي إدخاهلا على سـلوك الفـرد . فقط . أسلمة اقتصادات الدول اإلسالمية وعلى اإلطار املؤسسي والبيئة من أجل

ـ . ال شك يف أنه مت إحراز بعض التقدم يف جمال االقتصاد الكلي ة فقد كانت هنـاك مناقش

ولكن ليس هناك منوذج نظري يوضح األسلوب الذي ميكن من . مستفيضة ملقاصد الشرعة اإلسالميةببساطة باسـتبدال "فاحملاوالت اليت جرت حىت اآلن يف هذا املضمار تقوم . خالله حتقيق هذه املقاصد

تغيري كبري املشاركة يف األرباح مبعدالت الفائدة، وإدخال الزكاة كضريبة بدون افتراض أيمعدالت من هنا نرى أنه مل يتم تطوير هيكل مناسب لسياسـة متصـلة . )٨١("يف سلوك الوحدات االقتصادية

باالقتصاد الكلي يف ضوء االقتصاد اإلسالمي، وبالتايل فقد بقيت مقاصد الشريعة دون حتقيق يف العامل ضـطراب يف العـامل األسباب األساسية الكامنـة وراء التـوتر واال ولعل هذا هو أحد . اإلسالميإن هناك، على أي حال، قلة من البلدان اإلسالمية اليت تتوافر فيها بيانات عـن حجـم . اإلسالمي

.٨١، ص١٩٨٦خورشيد أمحد، -٨١

من البلدان اإلسالمية تتوفر فيها بيانات كما أن قلة . الفجوة بني مقاصد الشريعة والوضع السائد فيهايـاة املستضـعفني واملضـطهدين، كافية عن توزيع الدخل والثروة وطبيعة نوعية احلياة، وخاصة ح

لتمكيننا من معرفة درجة العدالة السائدة يف ختصيص وتوزيع املوارد، وهو أمر حيوي جدا للحكـم كما أن البيانات املتصلة مبـدى . على مدى التزام اقتصاد بلد إسالمي ما بأحكام الشريعة اإلسالمية

، وهو أمر ينطبق أيضا على جوانب أخرى من إشباع حاجات القطاعات السكانية املختلفة غري كافيةحيام كمدخرام وسلوكهم االستثماري، والعمل والبطالة، وتشغيل األطفال منـهم، واألجـور والرواتب اليت يتقاضوا، وظروف عملهم، والعادات السائدة يف بيئة العمل واإلنتاجية، وذلك جنبـا

كما أنه ال يتوفر إال الرتر . اف عن القواعد اإلسالميةإىل جنب مع تفسري علمي مقنع ألسباب االحنر، جنبا إىل جنب مع مقارنـة هلـذا اليسري من املعلومات عن الوضع االجتماعي واالقتصادي للمرأة

فما مل نعـرف حقيقـة . الوضع باملكانة الرفيعة اليت منحها هلا اإلسالم يف إطار نظام القيم اخلاص بهسباب الكامنة وراءه فقد ال يكون باإلمكان إعداد برنامج جيـد للتغـيري الوضع الفعلي القائم واأل

االجتماعي واالقتصادي والسياسي، وال لإلجراءات اليت يتعني إتباعها ليصبح هـذا التغـيري واقعـا .ملموسا

ولعل االقتصاد اجلزئي هو امليدان الذي مل يحرز فيه تقدم يذكر فقد بىن االقتصاد التقليـدي

اجلزئي على بعض املسلمات املتصلة بسلوك األفراد واملنشآت التجارية، وهـي مسـلمات ادهاقتصعالوة على ذلك، ال يناقش االقتصاد التقليدي . تزال قائمة بالرغم من ثبوت عدم واقعيتها إال أا الها ييت يرمي إلاألهداف ال راد واتمع حىت يتمكن من حتقيقالتغيري الذي يتعني إدخاله على سلوك األف

وكمـا . غضه الشديد لألحكام التقديرية والتزامه باحلرية الفردية الكاملـة ، وذلك لب اقتصاده الكليأي االقتصاد اجلزئـي : اضحة بني فرعي االقتصاد التقليديأسلفنا، فقد حال هذا دون إقامة رابطة و

قيم العالقة بني أهدافـه املتصـلة وهكذا فإنه يتعني على االقتصاد اإلسالمي أن ي. واالقتصاد الكلي. باالقتصاد الكلي وسلوك الوحدات االقتصادية املختلفة من خالل تطويره القتصاد جزئي أكثر واقعية

وميكن حتقيق ذلك إذا توفرت نظرية مستقلة لسلوك املستهلك ونظرية أخرى للمنشأة التجاريـة يف حماولة جادة لسد هذه الفجـوة، فقـد كـان وحيث إنه مل تبذل أية. )٨٢(نطاق االقتصاد اإلسالمي

بناء نظرية لالقتصاد اجلزئي يف ظل القيود اإلسالمية قد يكون "محقا حني أشار إىل أن " يالسنطاش" . )٨٣(أصعب مهمة يواجهها علماء االقتصاد اإلسالمي

.٧٩، ص١٩٨٦خورشيد أمحد، -٨٢ .٣٨، ص١٩٨٦يالسنطاش، -٨٣

:املهمة اليت يتعني القيام ا مستقبال

ركز بصورة أساسية على حتقيق األهداف ألن هـذا رمبا يتعني على االقتصاد اإلسالمي أن يإن مـا . من شأنه أن يساعد يف حتديد اجتاه وأفق حىت لوظائف االقتصاد يف الوصف والتفسري والتنبؤ

يتعني على االقتصاد اإلسالمي القيام به هو إرساء قواعد اقتصاده اجلزئي بناء على أهداف اقتصـاده للكـون ني منظور االقتصاد اإلسالمي ومنظور االقتصاد التقليديفإن االختالفات اجلوهرية ب. الكلي

إذ . واحلية قد ينعكس جبالء يف االقتصاد اجلزئي، وهو أمر مل حيدث لآلن ألسباب ال يصعب فهمهـا ليس من السهل االضطالع مبهمة تطوير اقتصاد جزئ خيتلف عن ذلك الـذي وضـعه االقتصـاد

خبدمة –بصورة أساسية –ن االقتصادي ارد من القيم، واملهتم التقليدي ال يقوم على مفهوم اإلنسامصاحله الذاتية يف هذا املنظور الدنيوي للحياة، من خالل سعيه لزيادة دخله واستهالكه إىل أقصـى

إن ما جاء به االقتصاد التقليدي من مسلمات مفرطة يف التبسيط وغري واقعية فيما يتصل . حد ممكنل مناذج االقتصاد اجلزئي أكثر قابلية للتطويع حىت وإن كانت هذه االفتراضات غري بسلوك الفرد جتع

وما أن يتم استبعاد هذه املسلمات ونعمد إىل بذل اجلهود إلرساء االقتصاد اجلزئي وأهدافـه . واقعيةعدم على أساس منظور أخالقي ثابت للحياة والكون، حىت جند أنفسنا أمام املهمة الصعبة املتمثلة يف

االكتفاء باألخذ بعني االعتبار السلوك الفعلي للوحدات االقتصادية، وإمنا القيام أيضا ببيان سـلوكها وميكن هلذا التحليل أن يتطور تدرجييا عرب . وسيؤدي هذا تلقائيا إىل جعل التحليل أكثر صعوبة. املثايل

ن قد يقوم كل واحد منهم بوضـع الزمن من خالل تراكم إسهامات عدد من العلماء املبدعني، الذيباإلضافة إىل ذلك، قد تكون بعض املتغريات اليت تقـع . لبنة أو عدة لبنات يف بناء صرح هذا التحليل

كما أن نقص البيانات واأليـدي العاملـة . ضمن دائرة اهتمام االقتصاد اإلسالمي غري قابلة للقياسوهذا قد جيعل االقتصاد اإلسـالمي أكثـر . حتقيق اهلدفاملدربة واملوارد املالية قد يشكل عائقا أمام

وبالرغم من ذلك، فقد ال جيد علماء االقتصاد املسلمون أن من املناسب التملص من قبـول . صعوبةفنجاحهم يف االستجابة للتحدي قد يمكنهم من تقديهم إسهام أكثر فاعلية يف حتقيـق . هذا التحدي

. من املشكالت االقتصادية اليت يواجهوا اآلن رفاهية بين البشر من خالل حل كثري ما كان األمر، فإن االقتصاد اإلسالمي يتمتع مبيزة اإلفادة من أدوات التحليل اليت طورها وأيا

جنبا إىل جنب مع نظرة ثابتة للكون واحلياة لالقتصاد –وقد تساعد هذه األدوات . االقتصاد الوضعيتوحاة من واقع التجربة العملية حول مدى االحنراف عن حتقيق اهلدف، اجلزئي والكلي، وبيانات مس

كما قد . على حتديد البيئة االجتماعية والسياسية واالقتصادية القائمة الالزمة لتحقيق مقاصد الشريعة

يتعني على علماء االقتصاد بيان األسباب اليت جتعل األفراد ال يتصرفون بصورة مثالية واألوقات الـيت واألسباب اليت جتعل املؤسسات القائمة غري قادرة على توفري البيئة اليت فون فيها على هذا النحو، يتصر

متكن من حتقيق هذه املقاصد وكيفية جعل األفراد واألسر واملنشآت التجارية تتصرف على حنو مثايل ـ . )٨٤(إلزالة التشوهات السائدة – اهر السـلوك كما قد يتطلب األمر األخذ يف احلسبان مجيع مظ

مبا يف ذلك أذواق األفراد وتفضيالم واملؤسسات االجتماعية واالقتصادية والسياسية اليت –البشري ليس –تؤثر يف حتقيق الكفاءة والعدالة الراميتني إىل حتقيق األهداف املتصلة بتخصيص وتوزيع املوارد

. ن من حتقيق األهداف املنشودةميكفقط يف واقعها القائم، وإمنا أيضا يف إطارها املثايل الذي

وقد يـتعني . ويف هذه احلالة فقد ال يستطيع االقتصاد اإلسالمي العمل يف بيئة مغلقة ومنعزلةوإن كان هذا يبدو أمرا أكثر صعوبة، إال أنه قد يساعد . عليه اعتماد ج يشتمل على عدد من العلوم

ى جلميع املتغريات االقتصادية املهمة، مبا يف ذلـك رجال االقتصاد يف احلصول على حتليل أكثر جدواملتغريات املتصلة باالستهالك، واالدخار، واالستثمار، والعمل، واإلنتاج والتوظيف، واقتراح خطوات

القيام ا اآلن بصورة تتسم بالكفـاءة تتعلق بالسياسات، وهذه مهمة ال يستطيع االقتصاد التقليدي وقد يساعد هـذا االقتصـاد . أدوات التصفية واحلفز وإعادة اهليكلة بسبب عدم توفر ما يكفي من

. اإلسالمي على عدم االجنراف بعيدا عن الواقع كما حدث لالقتصاد الوضعي

يزال أمام االقتصاد اإلسالمي طريق طويل قبل أن يصبح علما اقتصاديا متميزا وهكذا فإنه الكما أشار حبق سيد –فإن حموره النظري . ى مالمسة السطحفهو مل يزد حىت اآلن عل. واضح املعامل

مـن –أخفق يف الفكاك من قوة اجلذب املركزية للفكر االقتصادي الغريب، ووقع " –ويل رضا نصر وكانـت . )٨٥("يف شباك الفكر الذي قام عليه نفس النظام الذي سعى للحلول حملـه –زوايا عدة

رة حىت على جماة مهمة حتليل حىت املشكالت اليت يواجههـا النتيجة أن حكمته العملية مل تكن قادوهكذا فإنه مل يستطع تقدمي مقترحات متكاملة من السياسات يف ضوء التعـاليم . البلدان اإلسالمية

يف –اإلسالمية لتمكني البلدان اإلسالمية من أداء املهمة الثقيلة يف حتقيق أهدافها املعيارية، مع العمل . على خفض ما تعانيه من اختالالت –الوقت نفسه

جدة –حبث نشره املعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب التابع للبنك اإلسالمي للتنمية

. م ٢٠٠٠طبعة ثانية لسنة

.١٦٩، ص١٩٩٨انظر أيضا صديقي، -٨٤ .٣٨٨، ص١٩٩١نصر، -٨٥