فالنار أولى به آثار أكل الحرام

5 فالنار أوىل به )آثار أكل احلرام(

بسم اهلل الرمحن الرحيم املقدمة

احلمد هلل الذي أحل البيع وحرم الربا، أمحده سبحانه وتعاا وأثين عليه اخلري كله، وأصلي وأسلم على نبيه املصطفى خري الربية وأزكاها وأخشى األمة وأتقاها؛ بين احلالل وحث عليه، ووضا

جة البيضاء ليلها كنهارها ال يزيغ احلرام وحذر منه، وتركنا على احمل عنها إال هالك.

وبعد، فقد تساهل الكثري من املسلمني يف هذا العصار بارمر احلرام؛ وقعوا فيه وتسابقوا إليه؛ خاصة يف األمور املالية؛ فرصاب احلالل عندهم ما حل يف اليد ولو كان حراما واضحا ال شبهة فيه،

ربيرات ساقطة، وحيل واهية ال تزيد وأولوا ذلك بترويالت بالية وتاحلرام إال حترميا وال الظالم إال تعتيما، يوزهم إ ذلك الشيطان أزا ويدفعهم حب الدنيا وإتباع اهلوى يف ضعف إميان وقلة أمانة، فاال تعجب أن ترى وتسمع كل يوم ساقطا يف أوحال رذيلة احلرام قد

ل، وملا رأيت ثلة من أولئاك باع دينه وأمانته بعرض من الدنيا قليرأيت أن أكتب حبثا خمتصرا وسهال ميسرا بإذن اهلل أبني فيه آثاار أكل احلرام ومغبته السيئة يف الدنيا واآلخرة، وأذكر بعض تربيرات وحيل أولئك ومن مث كيفية التخلص من أموال احلرام ملن ناور اهلل

يل وحبر خضم ولكين قلبه ووفقه للتوبة النصوح، وهذا موضوع طو


آثرت االختصار لتسهل طباعته وقراءته، ولعله أن يكاون رادعاا وزاجرا ملن كان عندهم بقية من إميان وشعاع من ناور البصارية

ليبصر احلقيقة. سائال اهلل عز وجل أن ينفع به كاتبه وقارئه.

بلميم يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الل ه بقلب [.88، 88]الشعراء:

* * * *


كمال الدين اإلالمي ومشوله

إن اهلل تعا أمت لنا النعمة، وأكمل لنا الدين، فجعلاه ديناا شامال كامال مشل مجيع جوانب احلياة، وحفظ اهلل به الضارورات

اخلمس: الدين، والعقل، والعرض، والنفس، واملال.م أكملت لكم دمينكم وأتممت عليكم نعمتمي ورضمبيت اليو

لام دمينبا [، فكما أن اإلسالم نظم العبادات، 3]املائدة: لكم الإكذا نظم املعامالت، ففي الفقه اإلسالمي قسم العبادات، وقسام

احلرام، واملشروع املعامالت، بين فيهما الفقهاء رمحهم اهلل احلالل وواملمنوع، ففي قسم العبادات أمر وهني، ووعد وعياد، وووياف وهتديد، وكذا يف قسم املعامالت؛ ففيها احلالل واحلرام، وما يترتب عليه من اجلزاء العظيم يف اآلخرة، وما يترتب عليه مان الوعياد

[؛ فقد حث 575ة: ]البقر وأحل الله البيع وحرم الربا الشديد با على الكسب املباح وجعله من الدين، كما قال تعا : يبا أيه

ل كلوا ممن الطيباتم واعملوا صالمحا [، وقال 55]املؤمنون: الرها الذمين آمنوا كلوا ممن طيباتم ما رزقناكم يف حق املؤمنني: يا أيه

. «األكل من الاديين »[، قال اإلمام أمحد رمحه اهلل: 575قرة: ]الب واستدل هباتني اآليتني.

فيجب على املسلم أن خياف اهلل ويراقبه وهاو يف مساجده يصلي ويدعو، ويراقبه وهو يف متجره أو مصنعه أو على كرساي العمل، خيشى اهلل وخيافه ويتحرى احلالل والنص لألمة كما قاال

:«احلديث ]رواه الترمذي[. « حيمما كنت ...اتق اهلل


فاملسلم مسؤول عن مجيع أعماله وتصرفاته، وحمصاة عليه يف

كتاب ال يغادر صغرية وال كبرية إال أحصاها.لن تزول قدما عبد يوم القيامة حىت يسأل عبن »: يقول

أربع خصال: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أباله، وعبن ]رواه «تسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيهماله من أين اك الطرباين والبزار[.

أعرفت أخي املسلم أنك مسؤول يوم القيامة عن كل شايء ومن ذلك: املال، تسرل عنه سؤالني: من أين اكتسبته؟ وفيم أنفقته؟ فهنيئا ملن اكتسبه من طرقه املشروعة، وأنفقه يف وجوهه املشاروعة

سه وأهله من غري إساراف وال خميلاة، فهاذا من اإلنفاق على نفمرجور على ذلك، ومل ينس حق اهلل فيه من الزكاة وغريهاا مان وجوه الرب والصلة واإلحسان فنعم املال ماله، وهذا برفضل املنازل، والويل ملن اكتسبه من طرق حمرمة أو مشبوهة مان غاو ورباا

باطل وأكل ومعامالت حمرمة ونصب واحتيال برخذ أموال الناس بالألموال اليتامى أو األرامل واملساكني، مث أنفقه يف وجوه حمرمة من شراء آالت هلو أو مسكرات أو خمدرات أو سفر إ بالد الكفر أو البالد اإلباحية حىت جيد ما هتوى نفسه وشيطانه من احملرمات، أو يف

إنإسراف وتبذير للمال يف غري حمله؛ فهذا من إخوان الشياطني: [.57]اإلسراء: المبذرين كانوا إخوان الشياطمني

فاتق اهلل عبد اهلل، واعلم أنك مسؤول عن مالك: مان أيان اكتسبته، وفيم أنفقته؛ فرعد للسؤال جوابا، وللجواب صوابا.

وإ أولئك املتساهلني بركل احلرام، أذكار بعاض اآلثاار


مة اليت تعود على الفرد واجملتماع بااهلال الوخيمة واملفاسد العظيوالدمار يف الدنيا واآلخرة، لعل ذلك يكون رادعا وزاجرا هلام يف تحري احلالل واتقاء الشبهات، وليكن هم املسلم كسب احلاالل ال

يأيت علبى »يف قوله: كسب املال، وال يكن ممن ذكرهم النيب «منه، أممن احلالل أم من احلرام الناس زمان ال يبايل املرء ما أخذ

]رواه البخاري[. وهذا دليل على ضعف األمانة وقلة الدين.

* * * *


آثار أكل احلرام

حمق الربكة: -1]البقارة: يمحق الله الربا ويرببي الصبدقاتم قال تعا :

صدقا وبينبا البيعان باخليار ما مل يتفرقا، فإن »: [، وقال 576 «بورك هلما يف بيعما، وإن كذبا وكتما محمقت بركبة بيعمبا

]رواه البخاري والنسائي[.فانظر أخي يف عاقبة الكذب والتعامل باحلرام من ربا وغاو وغريه، إنه حمق للربكة؛ فإن من غو وكتم عيب السالعة يرياد ه، الزيادة فيعاقب بنقيض قصده وهو زوال بركة املال الذي أخاذ

وإن زاد عددا، لكن ال يكون فيه بركة، أو تسلط عليه جائحاة أو آفة أو مرض أو حادث فيصرف ذلك املال يف هذه املصايبة الايت حلت به، وإن صدق وبين عيب السلعة ونص ألخيه املسلم قل مثن السلعة؛ ولكن يبار اهلل يف هذا املال، وكثري مان النااس الياوم

كة مع كثرة املال.يشكون من قلة الرب]رواه «احللف منفقة للسبلعة ححقبة للربكبة »: قال

وهذا ال جيوز –البخاري[، فاحللف وهو اليمني على البيع والشراء ينفق السلعة؛ أي تباع بسعر كثري، ولكن ال بركة يف هذا املال، –

فما الفائدة؟! وما أفلس كثريا من التجار اليوم وتراكمت عليهم الديون إالبرسباب املعامالت احملرمة وخاصة الربا أعاذنا اهلل منه ومان كال

حرام.

55 فالنار أوىل به )آثار أكل احلرام( عدم إجابة الدعوة: -2

يا عد، أط »لسعد بن أيب وقاص رضي اهلل عنه: قال ]رواه الطرباين[، ويف احلديث قولاه «مطعمك تستج دعوتك

،« وقد ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغرب ميبد يديبه إىل، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه السماء: يا رب

]رواه مسلم[. «حرام، وغذي باحلرام، فأىن يستجاب لذلك؟!فانظر رمحك اهلل إ أثر أكل احلرام يف منع إجابة الدعاء، وما حيلة اإلنسان إذا انقطعت عنه أسباب السماء، ميد يديه إ السماء

رجو تنفيسها، وهاو وهو مريض يتلوى من املرض وهو يف كربة ييف هم يرجو تفرجيه، يرفع يديه متضرعا إ ربه يف كشف كربتاه وتفريج مهه وقد قفل أبواب السماء بركله للحرام، فرىن يساتجاب له؟ لو مل يكن يف احلرام إال هذه املضرة لكانت أعظم رادع وزاجر يف أكل احلرام، فرطب مطعمك تستجب دعوتك، وال تقفل أبواب

باحلرام؛ فرنت حمتاج إ ربك، وفقري إليه، وال غىن لك عنه. السماء قال الشاعر:

حنن ندعو اإلله يف كل كرب

مث ننساه عند كشف الكروب

فكيف نرجو إجاببة البدعاء

قد ددنا طريقبا بالبذنوب

مانع من قبول الصدقة واحلج والعمرة وكل ما فيه مال حرام: -3 ]مسلم[. «طي ال يقبل إال طيبا ... إن اهلل»: قال

إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة ووضبع »ويف احلديث:


رجله يف الفرز فنادى لبيك اللم لبيك، ناداه مناد من السبماء: لبيك وعديك، زادك حالل وراحلتك حالل وحجك مبربور غري مأزور. وإذا خرج بنفقة خبيمة فوضع رجله يف الفرز فنادى

لم لبيك، ناداه مناد من السماء: ال لبيك وال عديك، لبيك ال]رواه الطرباين[، «زادك حرام ونفقتك حرام، وحجك غري مربور

ال يكتس عبد ماال من حرام فينفق منه فيبارك له »ويف املسند: فيه، وال يتصدق به فيتقبل منه، وال يتركه خلف ظره إال كبان

السيئ بالسيئ ولكن ميحو السيء زاده إىل النار، إن اهلل ال ميحو ]رواه اإلمام أمحد[. «باحلسن، إن اخلبيث ال ميحو اخلبيث

ومن العجيب من أناس ال يتورعون عن املعامالت احملرماة، ومع ذلك فهم يتصدقون ويتربعون يف وجوه اخلري من بناء مساجد وغريها، وحيجون ويعتمرون ويظنون أن ذلك سيقبل مناهم، وأن

ت ستكفر سيئات أكل احلرام، وماا علام هاؤالء هذه الصدقااملساكني أهنم أوبقوا أنفسهم يف احلارام، وأن صادقاهتم ليسات

مقبولة؛ ألهنا ليست طيبة، واهلل طيب ال يقبل إال طيبا.لرد دانق من حرام »يقول عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما:

.«أفضل من مئة ألف تنفق يف سبيل اهلللئن أرد درمها مان »ن املبار رضي اهلل عنه: وقال عبد اهلل ب

.«شبهة أحب إيل من أن أتصدق بستمائة ألف فساد القل: -4

أال إن يف اجلسد مضغة إذا صلحت صبل اجلسبد »: قال ]متفق عليه[. «كله، وإذا فسدت فسد اجلسد كله، أال وهي القل


قلاب فيه التنبيه على تعظيم قدر ال»قال ابن حجر رمحه اهلل: ]فت «واحلث على صالحه واإلشارة إ أن لطيب الكسب أثرا فيه

سئل اإلمام أمحد رمحه اهلل: بم تلني القلوب؟ قال: بركل »الباري[. [.555]مناقب اإلمام أمحد ص «احلالل

العيش ذليال قلقا مضطربا: -5وذلك ألنه يتقلب يف معصية اهلل صباحا ومساء، فثوبه الاذي

ه من احلرام، ومسكنه من احلرام، ولقمته وشربته من احلارام، يلبسودعاؤه غري مستجاب، قلبه أفسده أكل احلرام، مث هو يف خاوف وذعر من أن يكتشف أمره وتعرف سرقاته واختالساته، فكياف يطمئن من هذه حاله ويهدأ من هذه عاقبته وخاصة من احتارف

، فتراه يعيو يف النهار النصب واالحتيال على الناس يف أخذ أمواهلميف ذل ويف الليل يف هم، ينتقل من دار إ دار ومن حي إ حاي، عندما تعرف داره وحيه يفزع إذا مسع جرس هاتفاه ويععاج إذا

مطرق بابه [.557]طه: يحسبون كل صيحة علي ا.فال بار اهلل يف مال أورث ذال، ويف جتارة أعقبت مها وغم

الوعيد بالعذاب الشديد يوم القيامة: -6وتلك واهلل ثالثة اآلثار ومصيبة املصائب، فعلى ما عند آكال احلرام من هم وغم وفساد قلب ومنع إجابة دعاء فهو متوعد بناار

تلظى ال يصالها إال األشقى.يأكلون فمي الذمين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنماقال تعا :

عمريا يصلون م نارا و الذمين يأكلون الربا [، 51]النساء: بطونم لا يقومون إلا كما يقوم الذمي يتخبطه الشيطان ممن المس ذلمك بأن


أحل الله البيع وحرم الربا فمبن جباءه قالوا إنما البيع مممل الربا و

لف وأمره إلى اللهم ومن عاد فأولئمك ى فله ما موعمظة ممن ربهم فانتا خالمدون [.557]البقرة: أصحاب النار هم فمي

حت»ويف احلديث: «فالنبار أوىل ببه أميا حلم نبت من ]رواه الطرباين[.

فكيف يليق بعاقل أن يؤثر العاجلة على اآلجلة ويؤثر دراهام معدودة على جنة عرضها السموات واألرض، وجيمع له حطبا إ

جهنم والعياذ باهلل.لكن صاحب الدنيا قد أعمته دنياه وفتنه هواه وأغواه شيطانه

والدرهم.من اإلنس واجلن فرصب عبدا للدينار وتعس عبد الدينار والدرهم، وما علم هذا املسكني أنه ياوم القيامة يتمىن أن يفتدي من العذاب بكل ما يف األرض، قال تعا :

* يوده المجرم لو يفتدمي ممن عذاب يوممئمذ ببنيهم * وصاحمبتمهم وأخميهم]املعارج: ومن فمي الأرض جمميعا ثم ينجيهم وفصميلتمهم التمي تؤويهم *

[. فواهلل لئن يعيو املسلم فقريا معدما تكفيه كسرة مان 55-51اخلبز وتؤيه خيمة من الشعر ويعيو عزيزا كرمياا آمناا مطمئناا تستجاب دعوته ويقبل عمله وينجو من نار تلظى أحب إليه وأعز

صور يركل أنواع املآكل ويلبس أفخر وأشرف من أن يعيو يف القاملالبس ويركب أفخم املراكب وهو يف ذل وهم، ال تقبل له دعوة، وال يرفع له عمل، ومتوعد بنار تلظى، ولكن أين العقول الساليمة واألفئدة البصرية، الذين يؤثرون ما عند اهلل من نعيم وكرامة علاى

شهوات الدنيا وحطامها الفاين؟!


:لف وحذرهم من أكل احلرام بل من املشتباتخوف الس :رول اهلل -1

وهو قدوة األنام وأعلم الناس برثر احلالل واحلرام، انظار إ خوفه من املتشابه فضال عن احلرام، وهو املغفور له ما تقدم من ذنبه

، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن الانيب وما ترخر نسائه أرقت الليلة يا رسول اهلل، فقاال: أرق من الليل فقال بعض

إين كنت أصبت مترة حتت جنيب فأكلتا، وكان عندنا من متبر »]رواه أمحد[. اهلل أكرب، رساول «الصدقة فخشيت أن تكون منه

؛ ألنه أكل مترة ساقطة علاى فراشاه ومل اهلل يسهر ليلة ويقلق حاىت آله يتذكر أن عنده من متر الصدقة الذي حرم عليه وعلى

أكلها فظن أهنا من الصدقة، فررق وسهر، فرين أكلة احلرام الاذين يتقلبون صباحا ومساء يف احلرام من هذا احلديث، ولكن من كاان

باهلل أعرف كان منه أخوف.إين ألنقل إىل أهلي فأجد التمرة اقطة على »: ويقول

]متفق «فراشي فأرفعا ألكلا مث أخشى أن تكون صدقة فألقيا عليه[.

فال تتساهل أيها املسلم باحلرام قليال كان أو كثريا. أبو بكر الصديق رضي اهلل عنه: -2

كان يرتيه غالمه بالطعام فال يركل حىت يسرل من أين أتى به، فجاءه يوما بالطعام ونسي أبو بكر رضي اهلل عنه أن يسرله، فلماا

يف اجلاهلية ومل أكان أكل وسرل، قال الغالم: إين تكهنت لرجل


أحسن الكهانة، فرأيته اليوم فرعطاين أجري وهذا الطعاام مناه،

فردخل أبو بكر أصبعه يف فيه وأخذ يتقير. ]رواه البخاري[.رضي اهلل عن أيب بكر وما فعل ذلك مع أنه معذور ومل يكن يعلم برصل هذا الطعام، ولكن ملعرفته برثر أكل احلرام مل يارض أن

للقمة يف جوفه رضي اهلل عنه.تبقى تلك ا عد بن أيب وقاص رضي اهلل عنه: -3

ما رفعت لقمة إ فمي إال وأنا أعلم من أين جميؤها »يقول: [.575ص 5]جامع العلوم واحلكم جزء «ومن أين خرجت

وه بن منبه: -4من سره أن يستجيب اهلل دعوتاه فليطاب »قال رمحه اهلل:

[.5/575كم ]جامع العلوم واحل «طعمته وهي بن الورد: -5

لو قمت مقام هذه السارية ما نفعك شيء حاىت »قال رمحه اهلل: [.5/563]جامع العلوم واحلكم «تنظر ما يدخل بطنك حالل أو حرام

هذه جمرد أمثلة وهي قليل من كثري، وغيض من فيض، مان توقي السلف الصاحل أكل احلرام، وما ذا إال لعلمهم بآثاره السيئة

يف الدنيا واآلخرة.فعلى املؤمن أن يتوقى ذلك؛ بل ليحذر من الشبهات قبل احلرام؛ فاإن

ات فقد من اتقى الشب»: من وقع يف الشبهات وقع يف احلرام. كما قال ات وقع يف احلبرام ... تربأ لدينه وعرضه، ومن وقع يف الشب ]مان «ا

حديث النعمان بن بشري رضي اهلل عنه يف الصحيحني[.


وهذه هي حقيقة التقوى، قال عمر بن عبد العزيز رضاي اهلل ليس تقوى اهلل بصيام النهار وال بقيام الليل والتخليط فيماا »عنه:

تر ما حرم اهلل وأداء ما افتارض اهلل، بني ذلك، ولكن تقوى اهلل]جامع العلوم واحلكم «فمن رزق بعد ذلك خريا فهو خري إ خري

5/111.]

* * * *


التأويل والتربير واحليل على أكل احلرام

بعض الناس يؤول لنفسه ويربر هلا أخذ املال احلرام، أو يعمل

املال؛ يدفعه لذلك هواه بعض احليل مث يفيت لنفسه جواز أكل هذاونفسه األمارة بالسوء اليت أعماها حب الدنيا عن رؤية احلق، وهذه التربيرات والترويالت واحليل هي فعل اليهود الذين استحلوا ما حرم

قاتل اهلل اليود، ملبا »: اهلل هبذه الطرق امللتوية املنحرفة، يقول . ]رواه «هبا فأكلوهبا حرم اهلل عليم شحومما مجلوها مث باعو

البخاري[، فانظر كيف فعل اليهود واحتالوا على ما حرم اهلل، فلما حرم اهلل عليهم شحوم امليتة أذابوه وباعوه وأكلوا مثنه، وهكذا يفعل كثري من أكلة احلرام اليوم، حبيل وتربيرات وترويالت ال تغنيهم من

اهلل شيئا.وأذكر على سبيل املثاال وأمثلة ذلك كثرية وصوره متعددة،

ال احلصر بعض األمثلة:من يتحايل على الربا ويبيع السالعة باثمن مؤجال مث -5

يشتريها مباشرة بسعر أقل ومثن يف احلال، ورمبا تكون السلع ومهية يف صناديق وأكياس يضع املشتري يده عليها ويقول: اشاتريت، مث

ة بالكتااب والسانة يقول: بعت. وهذا هو عني الربا والعينة احملرمواليت هي حرب هلل ورسوله. وما زادت هذه احليلة األمر إال شناعة

وإمثا مبينا.املوظف الذي يرخذ الرشوة من املراجع مقابل تساهيل -5

معاملته أو تقدميه على من هو أحق منه وحنو ذلك، ويسمي ذلاك


ل هديه، وهذه هي الرشوة بعينها امللعون صاحبها على لسان رسو]رواه «لعن اهلل الراشي واملرتشبي يف احلكبم »يف قوله: اهلل

اإلمام أمحد[.املوكل باملشتروات من قبل مؤسسة حكومية أو أهلية أو -3

دعوية أو إغاثية وحنو ذلك فيخص بعض احملالت التجارية بالشراء منها مقابل ما تعطيه من مال وهذا سحت يركله صاحبه سحتا.

يعمل حمتسبا لدى بعض املؤسسات اخلريية أو ومثله أيضا منالدعوية أو اإلغاثية وجيمع التربعات العينية أو النقدية من التجاار واملؤسسات التجارية قد يعطى بعض اهلدايا فيقبلها لنفسه جهال منه حبكمها أو هوى وحبا للمادة؛ وهذا ال حيل له بل جيب أن يسالم

ؤسسة اليت ائتمنته منادوبا هلاا لادى كل ما يعطى له إ تلك املالتجار، ولكن قد يربر لنفسه أنه بذل يف سبيل مجع تلك التربعات وقته وجهده وسيارته وحنو ذلك؛ فريى أن ذلك جييز له أخذ ماا أهدي إليه مقابل تلك اجلهود، فيقال له: أنت عملت حمتسبا أجر

إن أردت مقابال على اهلل فال حيل لك أخذ شيء من ذلك ألبتة، وجهد فاعرض ذلك على املسؤولني يف تلك املؤسسة الدعوياة أو اخلريية، وقل هلم إنك تريد العمل برجر معلوم، فإذا رأوا املصلحة يف عملك وحددوا لك أجرا فلك ذلك؛ أما أن تتظاهر باالحتسااب وترخذ أو تفرض لنفسك جزءا من تلك التربعات فهذا ال حيل لك

إليك قصة ابن اللتبية، وفيها الدليل الواض .وال جيوز، واستعمل رجال أن النيب »ففي مسند اإلمام أمحد رمحه اهلل:

من األزد يقال له )ابن اللتبية( على الصدقة فجاء فقال: هذا لكام


ما بال العامبل »وهذا أهدي يل، فقام رسول اهلل على املنرب فقال:

هدي يل، أفال جلس يف بيت نبعمه فيجيء فيقول هذا لكم وهذا أأبيه وأمه فينظر أيدى إليه أم ال؟ والذي نفس حممد بيده ال يأيت أحد منكم منا بشيء إال جاء يوم القيامة على رقبتبه إن كبان

مث رفع يديه حاىت –بعريا له رغاء أو بقرة هلا خوار أو شاة تيعر .«ثالثا -: اللم هل بلغت رأينا عفرة إبطية مث قال

]رواه «هدايا العمال غلبول »: ويف احلديث اآلخر قوله اإلمام أمحد[.

ويدخل يف ذلك من يقبل اهلدية بسبب شفاعته؛ كرن يشفع جباهه اشبفعوا »: إلنسان يف أمر مباح؛ فهذه شفاعة حسنة، قال فيهاا

]متفق عليه[. «تؤجروا، ويقضي اهلل على لسان نبيه ما أح: خذ مقابل هذه الشفاعة شيئا، قال ولكن ال جيوز له أن ير

من شفع ألحد شفاعة فأهدي له هدية عليا فقبلا منه فقد أتى » ]رواه اإلمام أمحد[. «بابا عظيما من أبواب الربا

وهذا فرق بينه وبني من استرجر شخصا على مبلغ من املاال ذلك فال ينهي له معاملته ويتابعها فيرخذ على أتعابه أجرا فال برس ب

يلتبس األمر بني الشفاعة واإلجارة.بعض من جيمع الصدقات والزكوات من التجار قد يربر -1

لنفسه أخذ شيء من ذلك برحد أمرين: إما أن يقول: أناا فقاري ومستحق لتلك الصدقة ومثلي مثل من أعطيهم تلك الصدقة، وهذا

ه، فإن كان ال جيوز له؛ ألنه أخذ الصدقة للفقراء ومل يرخذها لنفسفقريا مستحقا للصدقة فليخرب صاحب الصدقة بذلك، وهو الاذي


يفرض له من تلك الصدقة ما يشاء ال أن يكون هو الاذي يرخاذ لنفسه.

وقد يربر لنفسه برمر آخر وهو أن يقول: اهلل جل وعال جعل للعاملني على الصدقة حظا منها، وأنا من العاملني عليها، فريد عليه

لني عليها هم من عينهم ويل األمر وفرض هلم قسطا معينا، برن العامأما هذا فقد نصب نفسه حمتسبا لوجه اهلل فال جيوز له األخذ مان

تلك الصدقة وليس من العاملني عليها.بعض من يعمل يف املربات اخلريية قد يرخذ بعض املاال -5

عطيه فقراء ال خفية عن املسؤولني فيها فإذا سئل عنه قال: أخذته أليصلون لتلك املربات، وعلى فرض صحة قوله وصدقه فإن هاذا ال جيوز له، فالواجب عليه أن حيفظ املال حىت يقسم للفقراء حساب نظام تلك املربة ومعرفة مسؤوليها، فبهذا يستربأ لديناه وعرضاه. وليعلم أن اهلل طيب ال يقبل إال طيبا، واختالسه من تلك املربة عمل

أيها املتصدق على »ب فال يقبله اهلل. يقول احلسن رمحه اهلل: غري طي. ]جامع العلاوم واحلكام «املسكني يرمحه ارحم من قد ظلمت

[؛ أي ارحم نفسك؛ فقد ظلمتها برخذ املال من غري حله 5/561 مث تصدقت به على الفقراء، وقدميا قيل:

ومطعمة األيتام من كد فرجا

تتصدقي لك الويل ال تزين وال

بعض املوظفني قد يكون مسؤوال عن أشياء للدولة عينية -6 أو مادية فيرخذ لنفسه من ذلك؛ مربرا لنفسه أن هذا بيات ماال املسلمني وله فيه حق. وهذا تلبيس من إبليس ومن اهلوى والانفس


األمارة بالسوء فليعلم هذا املوظف أنه مؤمتن على تلك األماناات

و خائن ألمانته، وهذا من الغلول الذي قال فياه: وإن أخذ منها فه ومن يغلل يأتم بما غل يوم القميامةم ثم توفى كل نفس ما كسببت

[.565]آل عمران: وهم لا يظلمون وإليك هذه القصة اليت تبني حترمي ذلك وتقرع القلوب عناد

مساعها:البخاري عن عبد اهلل بن عمرو قال: كاان ثبت يف صحي

رجل يقال له: كركرة، فمات، فقال رسول النيب (5)على ثقل فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها. «هو يف النار»: اهلل

يف اجلهاد، دخل النار فانظر إ هذا الرجل وخدمته للنيب إنه عار ونار يف الدنيا بسبب عباءة غلها، فاحذر عبد اهلل الغلول؛ ف

واآلخرة ونسرل اهلل السالمة والعافية.قد حيتج بعض الناس برن القاضي حكم له هبذا فيجعال -7

حكم القاضي مبيحا له هذا األمر، وهو يف األصل ال جياوز لاه؛ ولكنه لبس على القاضي وزور فحكم له، أال فليعلم هذا أن حكم

ه احلرام وال جييز له اقتطاع ماال القاضي القاضي له بذلك ال حيل ل أخيه املسلم.

ا إلى يقول تعا : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطمل وتدلوا ب الحكام لمتأكلوا فريقا ممن أموال الناس بالبإثم وأنبتم تعلمبون

[.588]البقرة:

لرجل هو الذي ميسك أي العيال، وما يثقل من األمتعة، أي أن هذا ا ثقل النيب (5) يف القتال. دابة رسول اهلل


إمنا أنا بشر وإمنا يأتيين اخلصم فلعل بعضبكم »: ويقول أن يكون أحلن حبجته من بعض فأقضي له، فمن قضيت له حببق

]متفق عليه[. «مسلم فإمنا هي قطعة من نار فليحملا أو ليذرهاواحلاكم إذا اجتهد فرصاب فله أجران، وإن اجتهد وأخطر فله أجار

ون حبجته أفص من واحد، وخطؤه معفو عنه ولكن هذا الذي يلبس ويكخصمه ويزين باطله بزخرفته لقوله وخصمه قد يكون ضعيفا يف حجته سيئا

يف تعبريه عن مقصوده مع أن احلق معه كما قال الشاعر: يف زخرف القول تزيني لباطله

واحلق قد يعتريه وء تعببري فهذا آمث إمثا مبينا حيث لبس احلق بالباطل وزور على القاضي

قهر خصمه حبججه الشيطانية، مث تبج بذلك ورأى جواز ماا وصنع؛ بل إن البعض يرى ذلك ذكاء وفطنة وشجاعة وأنه تغلاب

م ميتبون * على خصمه، وعند اهلل جتتمع اخلصوم إنك ميت وإن [.35، 31: ]الزمر ثم إنكم يوم القميامةم عمند ربكم تختصممون

هذه أمثلة ال أريد هبا احلصر؛ فالواقع مليء برمثال هذه التربيرات واحليل والترويالت اليت استحل هبا ضعاف اإلميان واملفتونون بالادنيا الفانية ما حرم اهلل واتبعوا سنن من كان قبلهم من اليهود والنصاارى؛

يعلم خافية ولكن ليعلم هؤالء أهنم سيقفون بني يدي من ال وفى عليه [.58]غافر: خائمنة الأعين وما تخفمي الصهدور

م إن استطاعوا أن يلبسوا هبا على الناس يف الدنيا يوم يبعبمم على شيء الله جمميعا فيحلمفون له كما يحلمفون لكم ويحسبون أن

[.58]اجملادلة: م هم الكاذمبون ألا إن


كيف يتخلص من ابتلي باملال احلرام وتاب إىل اهلل عز وجل؟

معلوم أن التوبة من الذنب إذا كان الذنب بني العبد وربه أن هلا ثالثة شروط: اإلقالع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم

ب يتعلق حبقاوق على عدم العودة إ الذنب؛ ولكن إذا كان الذناخللق فال بد مع هذه الشروط الثالثة من شرط رابع وهو إرجااع احلقوق إ أهلها واستحالهلم منها إن كانت غري مالية؛ ولذا فاال يكفي التائب من أكل احلرام الشروط الثالثة ويبقى يف تلك األموال احملرمة؛ بل ال بد من التخلص منها، فإن كانت أمواال ربوية فقاد

بين اهلل طريق التوبة منها فقال جل وعال: اتقوا الله وذروا ما بقمي ممن الربا إن كنتم مؤممنني * فإن لم تفعلوا

ولمهم وإن تبتم فلكم رءوس أموالمكم لا فأذنوا بحرب ممن اللهم ور [.578، 578]البقرة: ولا تظلمونتظلممون

وإن كان من غو أو سرقة أو اختالس وحنو ذلك فالواجاب عليه رد تلك احلقوق إ أهلها، فإن كان صاحبها قد مات فاريده إ ورثته، وإن كان ال يعرف أصحاهبا واجتهد يف معرفتهم ولكن

ا وليس مل يستطع ذلك فقد ذكر العلماء أنه يتصدق هبا عن أصحاهبمن باب الصدقة له؛ فإن اهلل طيب ال يقبل إال طيبا، ولكن من باب التخلص منها وأجرها ألصحاهبا وله أجر التوبة والتخلص من املظامل قبل أن ال يكون دينار وال درهم وإمنا هو األخذ من احلسانات أو

أتدرون »طرح سيئات املظلومني عليه، قال صلى اهلل عليه وسلم: » قالوا: املفلس فينا من ال درهم له وال متاع. فقال: «س؟من املفل

إن املفلس من أميت من يأيت يوم القيامة بصالة وصبيام وزكباة


ويأيت وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وفك دم هبذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته؛ فإن فنيت

هم وطرحت عليه حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطايا ]رواه مسلم[. «مث طرح يف النار

إذن حاول يا من تورطت يف مال حرام يف التخلص منه قبال حلول األجل، فيكون زادا لك إ النار.

وقبل أن يريت أصحاهبا فيرخذوا من حسناتك، أو يطرحوا من سيئاهتم عليك؛ فاتق اهلل عبد اهلل.

إلى اللهم ثم توفى كل نفس مبا واتقوا يوما ترجعون فميهم [.585]البقرة: كسبت وهم لا يظلمون

وصلى اهلل وسلم على حممد وعلى آله وصحبه وسلم.

* * * *


الفببرس

5 ............................................... املقدمة 7 ......................... كمال الدين اإلسالمي ومشوله

51 ...................................... آثار أكل احلرام

51 ................................. حمق الربكة: -5

55 ........................... عدم إجابة الدعوة: -5

55 ............. مانع من قبول الصدقة واحلج والعمرة -3

55 ................................ فساد القلب: -1

53 .................... العيو ذليال قلقا مضطربا: -5

53 ........... الوعيد بالعذاب الشديد يوم القيامة: -6

55 ............ خوف السلف وحذرهم من أكل احلرام

: .............................. 55رسول اهلل -5

55 ............... أبو بكر الصديق رضي اهلل عنه: -5

56 ............. سعد بن أيب وقاص رضي اهلل عنه: -3

56 ............................... وهب بن منبه: -1

56 ............................. وهييب بن الورد: -5

58 ................ الترويل والتربير واحليل على أكل احلرام

56 ........................................ الفهاارس

Education

فالنار أولى به آثار أكل الحرام