بقصص الصابرين تسلية احلزين

5

بسم اهلل الرمحن الرحيم مقدمة

حنمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باهلل من شرور إن احلمد هلل،أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اهلل فال مضل له، ومن يضلل فال هادي له، وأشهد أن ال إله إال اهلل، وحده ال شريك له، وأشهد

أما بعد: أن حممدا عبده ورسوله.لكرمي مجلة من القصص البديعة اهلادفة.. أبطاهلاا فإليك أخي ا

قوم خالطت بشاشة اإلميان قلوهبم.. حىت ضربوا لنا أرفع األمثلة يف الصرب على األحزان.. بل واالستبشار باملصائب واآلالم.. إذ تلقوها من اهلل بالقبول والرضى.. والتزموا فيها أدب الصرب والبالء.. فلام

بدا منهم السخط.. وال مسع منهم تاربم يظهر منهم اجلزع.. وال شطط!.. أولئك هم الصابرون حقا..

وهذه القصص فيها من العرب والعظات لكل حمزون ومهماوم ومكروب ومغموم ما يسليه عن حاله.. ويثبته يف أقواله وأفعالاه.. ويعلمه أدب البالء.. وانتظار الفرج.. وقيمة الصرب على التغلاب

على املشاق.يف أحوال الصابرين.. وتعلم من قصصهم كيف –أخي –فارتع

وما يلقاها إلاا }حتول احملنة منحة.. والبلية مزية.. واألتراح أفراح.. [.55]فصلت: {الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم

واهلل املوفق،،، أبو احلسن بن حممد الفقيه

بقصص الصابرين نتسلية احلزي

6

الصرب اجلميلأن لكل بداية هناية.. ولكل ليال –أخي –كنت أيقنت فإذا

فجر.. وأن األحزان مهما طالت ال تدوم.. وأن الكاروب مهماا حلت ال تبقى.. فاستعمل هلا سالحها.. واستعن عليها بادوائها.. واصرب عليها صربا مجيال.. فإنه ال يوجد كرب إال ومعه فرج.. وال

يوجد صرب إال ومعه نصر!إن السعيد ملن جنب الفنت، إن الساعيد »: اهلل قال رسول

سعيد ملن جنب الفنت، وملن ابتلا صصارب ملن جنب الفنت، إن ال [.3475]صحيح الترغيب رقم: .«صواها

فالصرب يدفع حرارة البالء.. ويكابد وقعه.. وحيفظ صاحبه من اليأس والقنوط.. ويبعث نفسه على التفاؤل والطمع يف رمحاة اهلل،

لظن فيه ورجاء الفرج من عنده.. وهذه اخلصال النفساية وحسن ا كلها هي من عوامل الثبات والعزم.. كما قال الشاعر:

تعااو م ماار الصاارب حاا ألفتااه

وأساالمح حساان العاازال إ الصاارب

وصاا ي ييساا ماان النااا اجي ااا

حلساان صااني اهلل ماان حياا أ

م بش ل من الخوف والجوع ونقص ولنبلونك}قال تعاىل: والااينفل والاماارام وبشااار الصااابرين {ماان الاايموا

[.555]البقرة:

بقصص الصابرين تسلية احلزين

4

البالء مهما طال فهو إىل زوال.. واألحزان مهما آملت فبقاؤها . حمال! فطوىب ملن رزق صربا يتبلغ به من أمل احلزن إىل رمحة الفرج.ومن مرارة العسر إىل حالوة اليسر.. ومن ضيق الكرب إىل ساعة

الفرج واالنشراح.ال جتزع للمصيبة.. فجزعك ال يغري من أمرها شايئا.. لكان يزيدك مها يف الدنيا.. وخسرانا يف اآلخرة.. وتعبد اهلل بالبالء كما

تتعبده بالرخاء.. فإمنا يبتلي اهلل من حيب.. وال حيب من جيزع. تذكر أن اهلل ما ابتالك سواء يف مالك أو جسدك أو ولادك مث

إال ألنه أراد اخلري لك يف دنياك وآخرتك، فإما يغفر بالبالء ذنبك، وإما يرفع به قدرك.

ليو ن أهل العاصياة »: قال: قال رسول اهلل فعن جابر يوم القيامة أن جلو هم قرضت باملقا يض، مما يرون من ثاوا

]رواه الترمذي[. فصرب مجيل! «.أهل البالل

وإليك أخي أسبابا ثالثة لتحقيقه: أسبا الصرب على البالل

هاذه »يقول ابن القيم رمحه اهلل يف كتابه مدارج الساالك:: ثالثة أشياء تبعث املتلبس هبا على الصرب يف البالء:

وعلى حسب مالحظتاه «:مالحظة حسن اجلزال»إحداها: خيف محل البالء لشهود العوض، وما أقادم والوثوق به ومطالعته،

بقصص الصابرين نتسلية احلزي

8

أحد على حتمل مشقة عاجلة إال لثمرة موجلة، فالنفس موكلة حبب العاجل، وإمنا خاصة العقل: تلمح العواقب، ومطالعاة الغاياات، وأمجع عقالء كل أمة على أن النعيم ال يدرك بالنعيم، وأن من رافق

لراحة، فإنه علاى الراحة فارق الراحة، وحصل على املشقة وقت ا قدر التعب تكون الراحة.

على قاد أهال العازم تايع العازا م

وتاايع علااى قااد الكاارم الكاارا م

ويكاارب ع عااص الصااه صااه ها

وتصااهر ع عااص العظاايم العظااا م

والقصد: أن مالحظة حسن العاقبة تع: علاى الصارب فيماا تتحمله باختيارك وغري اختيارك.

يعين راحته ونسيمه ولذتاه، «:انتظا وح الفرج»: والاايفإن انتظاره ومطالعته وترقبه خيفف محل املشقة، وال سيما عند قوة الرجاء؛ فإنه جيد يف حشو البالء من روح الفرج ونسيمه وراحته ما هو خفي األلطاف، وما هو فرج معجل وبه وبغريه يفهم معىن امسه:

«.اللطيف» فااا وكااام هلل مااان ل ااا

ياادخ فااا عاان صكاام الااذك بأمرين: «هتوين البلية»والاال :

أن يعد نعم اهلل عليه وأياديه عنده، فإذا عجاز عان أحدمها: –عدها، وأيس من حصرها، هان عليه ما هو فيه من الابالء ورآه

بقصص الصابرين تسلية احلزين

9

كقطرة من حبر. –بالنسبة إىل أيادي اهلل ونعمه اهلل هبا عليه، فهذا يتعلاق تذكر سوالف النعم اليت أنعم الااي:

باملاضي، وتعداد أيادي املنن: يتعلق باحلال، ومالحظة حسن اجلزاء، وانتظار روح الفرج، يتعلق باملستقبل، وأحدمها يف الدنيا، والثاا

[564-53/566السالك: ]مدارج «.يوم اجلزاء إمنا يعوض اهلل من صرب

إذا صرب واحتسب، وركن مما يسلي أهل املصائب: أن املصاب إىل كرمي، رجاء أن خيلف اهلل تعاىل عليه، ويعوضه عن مصابه، فإن اهلل تعاىل ال خييبه بل يعوضه، فإنه من كل شيء عوض إال اهلل تعاىل

فما عوض، كما قيل: ماان كاال إاا ل إذا ضاايعته عااوض

ومااا ماان اهلل إن ضاايعته عااوض ه، فمن رضاي فلاه بل يعلم أن حظه من املصيبة ما حيدث ل

الرضى، ومن سخط فله السخط، فاختر لنفسك خري احلظاو أو شرها، فإن أحدثت له سخطا وكفرا كنت يف ديوان اهلالك:، وإن أحدثت له جزعا وتفريطا يف ترك واجب أو فعل حمرم كنات يف ديوان املفرط:، وإن أحدثت له شكاية وعدم صرب ورضى كنات

ن أحدثت له اعتراضا عليه وقدحا يف حكمته يف ديوان املغبون:، وإوجمادلة يف األقدار، فقد قرعت باب الزندقة، وفتح لاك ووجلتاه

فاحذر عذاب اهلل أن حيل بك، فإنه ملن خالفه باملرصاد.وإن أحدثت له صربا وثباتا هلل كنت يف ديوان الصاابرين، وإن

بقصص الصابرين نتسلية احلزي

51

ت يف ديوان أحدثت له رضى باهلل ورضى عن اهلل وفرحا بقضائه كن

الراض:، وإن أحدثت له محدا وشكرا كنت يف ديوان الشااكرين احلامدين، وإن أحدثت له محدا واشتياقا إىل لقائه كنت يف دياوان

احملب: املخلص:.ويف مسند اإلمام أمحد والترمذي، من حديث حممود بن لبياد،

ي فلاه إن اهلل إذا أحب قوما ابتالهم، فمن رض»قال: أن النيب «.فله السخط الرضى، ومن سخط «.ومن جزع فله اجلزع»زاد اإلمام أمحد:

فأنفع األدوية للمصاب موافقة ربه وإهله فيما أحبه ورضيه لاه، وإن خاصية احملبة وسرها موافقة احملبوب..

فمن ادعى حمبة حمبوب، مث سخط ما حيبه، وأحب ما يسخطه، حمبوبه.فقد شهد على نفسه بكذبه، وأسخط عليه

«.إن اهلل إذا قضى قضاء أحب أن يرضى به»: قال أبو الدرداء «.أحبه إيل أحبه إليه»يقول يف مرضه: وكان عمران بن حص: وهذا دواء احملب: وعالجهم ألنفسهم، »وقال بعده أبو العالية:

وال ميكن كل أحد أن يتعاجل به، فانظر هذه الطرائق واختر وفقناا ]تسلية أهل املصائب[.« ا حيباهلل وإياك مل

أقوا السل ع الصرب على األحزان

* ذكر ابن أيب الدنيا بإسناده، قال: قال إبراهيم بن داود: قال

بقصص الصابرين تسلية احلزين

55

بعض احلكماء: إن هلل عبادا يستقبلون املصائب بالبشر، قال: فقال: أولئك الذين صفت من الدنيا قلوهبم، مث قال: قال وهب بن منباه:

يا داود، هل تدري مان »داود: يقول اهلل تعاىل: وجدت يف زبورأسرع الناس ممرا على الصراط؟ الذين يرضون حبكمي وألسانتهم

«.رطبة من ذكريمن كنوز اجلنة: كتمان ثالثة»* قال عبد العزيز بن أيب داود:

«.املصيبة، وكتمان املرض، وكتمان الصدقةكثرة »جال: ثالثة ميتحن هبا عقول الر»* وقال بعض السلف:

«.املال، واملصيبة، والوالية* وقال عبد اهلل بن حممد اهلروي: من جواهر الارب: كتماان

«.املصيبة، حىت يظن أنك مل تصب قطاخلري الذي ال شر معه: الشكر مع »* وقال عون بن عبد اهلل:

«.العافية، والصرب مع املصيبةاملصيبة، الصرب ثالثة: صرب على»: * قال علي بن أيب طالب

وصرب على الطاعة، وصرب عن املعصية، فمن صرب على املصيبة حىت درجة، ومان صارب علاى ةثالمثائ يردها حبسن عزائها، كتب له

الطاعة، كتب له ستمائة درجة، ومن صرب عن املعصية، كتب لاه «،تسعمائة درجة

الصرب صربان: فالصرب على املصيبة »* وقال ميمون بن مهران: «.ل منه الصرب عن املعصيةحسن، وأفض

بقصص الصابرين نتسلية احلزي

53

هو جترع املارارة »* وقال اجلنيد، وقد سئل عن الصرب، فقال:

«.من غري تعبسسلام عليكم بماا }* وقال الفضيل بن عياض يف قوله تعاىل:

اصربوا على ما أمرو»[: 37]الرعد: {صبرتم صنعم عقبى الدا ها. فكأنه رمحه اهلل جعل الصرب عن ا«. به، وصربوا عما هنوا عنه

املعصية داخال يف قسم املأمور به.* قال اإلمام أمحد: حدثنا وكيع، عن مالك بن مغول، عن أيب السفر، قال: مرض أبو بكر فعادوه، فقالوا: أال ندعو لك الطبيب؟ فقال: قد رآ الطبيب. قالوا: فأي شيء قال لك؟ قال: إ فعاال

ملا أريد.حدثنا أبو معاوية، حدثنا األعمش، عن جماهد، »أمحد: * قال

ويف «. وجدنا خري عيشانا بالصارب »قال: قال عمر بن اخلطاب: أدركناه بالصرب، ولو أن الصارب كاان مان عيشأفضل »رواية:

«.الرجال كان كرمياأال إن الصرب من اإلمياان زنللاة »* وقال علي بن أيب طالب:

ته فقال:وع الرأس بار اجلسد، مث رفع صالرأس من اجلسد، فإذا قط «.أال إنه ال إميان ملن ال صرب له

الصرب كل من كنوز اخلري، ال يعطياه اهلل إال »* وقال احلسن: «.لعبد كرمي عنده

ما أنعم اهلل على عباد نعماة، »* وقال عمر بن عبد العزيز: مماا فانتزعها منه، فعاضها مكاهنا الصرب، إال كان ما عوضه خاريا

بقصص الصابرين تسلية احلزين

55

«.انتزعه منه* وكان لبعض العارف: رقعة، خيرجها كل وقت، فينظر فيها،

وفيها مكتوب واصرب حلكم ربك فإنك بأعيننا. ، يف غري جزع.{صصبر جميل}* وقال جماهد يف قوله تعاىل:

الرضاا »قاال: {صصبر جميال }* وقال عمرو بن قيس «.باملصيبة والتسليم

: ال شكوى فيه.{صصبر جميل}* وقال حسان: وابيضت عينا من }* وقال مهام عن قتادة يف قول اهلل تعاىل:

[ قال: كظيم على احلزن، فلم 87]يوسف: {الحزن صكو كظيميقل إال خريا، وقال احلسن: الكظيم: الصبور. وقاال الضاحاك:

كظيم احلزن.ك: أخربنا عبد اهلل بن هليعة، عن عطاء * وقال عبد اهلل بن املبار

الصرب اعتراف العباد هلل زناا »بن دينار، أن سعيد بن جبري قال: «.أصاب منه، واحتسابه عند اهلل

قال يونس بن زيد: سألت ربيعة بن أيب عبد الرمحن: ما منتهى «.كون يوم تصيبه املصيبة مثله قبل أن تصيبهأن ي»الصرب؟ قال:

{صاصبر صبر ا جميلا}جاج يف قوله تعاىل: وقال قيس بن احلصاحب املصيبة يف القوم ال يعرف أن يكون»[، قال: 5]املعارج: «.من هو

بقصص الصابرين نتسلية احلزي

57

ابتل مثان أيو

عشرة سنة بامللإن نيب اهلل أيوب لبث به بالؤه مثان عشرة سنة، فرفضه القريب

حان، فقاال إليه ويرو يغدوانوالبعيد، إال رجل: من إخوانه كانا أحدمها لصاحبه ذات يوم: تعلم واهلل لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العامل:، فقال له صاحبه: وما ذاك؟ قال: منذ مثان عشار سنة مل يرمحه اهلل فيكشف ما به، فلما راحا إىل أياوب مل يصارب الرجل حىت ذكر ذلك له، فقال أيوب: ال أدري ما تقوالن غري أن

ىل يعلم أ كنت أمر بالرجل: يتنازعان، فيذكران اهلل فأرجع اهلل تعاإىل بييت فأكفر عنهما كراهية أن يذكر اهلل إال يف حق، قال: وكان خيرج إىل حاجته فإذا قضى حاجته أمسكته امرأته بيده حىت يبلاغ،

ا كاض }فلما كان ذا يوم أبطأ عليها وأوحاى إىل أياوب أن ، فاستبطأته، فتلقته تنظر وقد {سل با وإرا برجلك هذا مهت

أقبل عليها قد أذهب اهلل ما به من البالء وهو أحسن ما كان، فلما رأته قالت: أي بارك اهلل فيك، هل رأيت نيب اهلل هذا املبتلى، واهلل على ذلك ما رأيت أشبه منك إذ كان صحيحا، فقال: فإ أنا هو:

)بيدران: ( أندر للقمح، وأندر للشعري، فبعث وكان له إندران أي:اهلل سحابت:، فلما كانت إحدامها على أندر القمح أفرغات فياه الذهب حىت فاض، وأفرغت األخرى يف أندر الشعري الورق حاىت

[.54فاض. ]سلسلة األحاديث الصحيحة، حديث رقم:

بقصص الصابرين تسلية احلزين

55

الصرب طريق اجلنةة من أهل اجلناة؟! عن عطاء: قال يل ابن عباس: أال أريك امرأ

فقالت له: يا رساول هذه املرأة السوداء، أتت إىل رسول اهلل اهلل، إ أصرع، فادع اهلل يل.

دعوت اهلل أن إن شئت صربت ولك اجلنة، وإن شئت»فقال: «.يعافيك

فقالت: أصرب.مث قالت: يا رساول اهلل، إ أتكشاف، فاادع اهلل يل أن ال

بخاري ومسلم[.ال ]رواه« أتكشف، فدعا هلافرحم اهلل هذه الصحابية اجلليلة.. رأت بع: عقلها ونور قلبها سعة اآلخرة فطلبتها.. وحقارة الدنيا فصربت على دائها وضرائها..

واختارت صرب أيام لتنال عزا خالدا.ويف قصتها تسلية لكل مصاب صابر.. حمتسب على مصاابه..

ا آجال.ينتظر من اهلل فرجا عاجال.. أو ثوابويف هذا املقام تفاوتات عقاول »يقول ابن القيم رمحه اهلل:

اخلالئق وظهرت حقائق الرجال، فأكثرهم آثر احلالوة املنقطعة على احلالوة الدائمة اليت ال تزول، ومل حيتمل مرارة ساعة حلالوة األبد، وال ذل ساعة لعز األبد، وال حمنة ساعة لعافية األبد، فإن احلاضار

شهادة، واملنتظر غيب، واإلميان ضعيف، وسلطان الشاهوة عندهحاكم، فتولد من ذلك إيثار العاجلة، ورفض اآلخرة، وهذا حاال

بقصص الصابرين نتسلية احلزي

56

النظر الواقع على ظواهر األمور، وأوائلها ومبادئها، وأماا النظار الثاقب، الذي خيرق حجب العاجلة، وجياوزه إىل العواقب والغايات

فله شأن آخر. إنااا لفاا ا تنهاايص وتنكيااد

ا تناااا أاااا أيامكاااا بياااد لقااد عرصنااا يااا نيااا عرصااة

بانت لنا صانقضاى إن إا ت أو دياد

هكذا صلتكن النسالذكر أبو الفرج بن اجلوزي يف عيون احلكايات: قال األصمعي:

ماة خرجت أنا وصديق يل إىل البادية، فضللنا الطريق، فإذا حنن خبيعن مي: الطريق، فقصدناها، فسلمنا، فإذا امرأة ترد علينا الساالم، قالت: ما أنتم؟ قلنا: قوم ضالون عن الطريق، أتيناكم فأنسنا بكم، فقالت: يا هؤالء ولو وجوهكم عين، حىت أقضي من حقكم ما أنتم له أهل، ففعلنا، فألقت لنا مسحا، فقالت: اجلسوا عليه إىل أن يأيت

ابين. جعلت ترفع طرف اخليمة وتردها، إىل أن رفعتها، فقالات: مث

أسأل اهلل بركة املقبل، أما البعري فبعري ابين، وأما الراكاب فلايس بابين.

فوقف الراكب عليها، فقال: يا أم عقيل، أعظم اهلل أجارك يف عقيل، قالت: وحيك! مات ابنيت؟ قال: نعم، قالت: وماا سابب

بقصص الصابرين تسلية احلزين

54

بل، فرمت به يف البئر، فقالت: انازل موته؟ قال: ازدمحت عليه اإلإلينا فاقض ذمام القوم، ودفعت إليه كبشا، فذحبه وأصلحه، وقرب

من صربها، فلما فرغنا، خرجات الطعام، فجعلنا نأكل ونتعجبإلينا وقد تكورت، فقالت: يا هؤالء، هل فيكم من أحد حيسن من

آيات أتعزى كتاب اهلل شيئا؟ قلت: نعم، قالت: اقرأ من كتاب اهللوبشاار الصاابرين }هبا، قلت: يقول اهلل عز وجل يف كتابه:

الذين إذا أصابتكم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه اجعون أول ك .{نعليكم صلوام من باكم و حمة وأول ك هم المكتدو

قالت: آهلل، إهنا لفي كتاب اهلل هكذا؟ قلت: آهلل، إهنا لفي كتاب اهلل هكذا!

قالت: السالم عليكم، مث صفت قدميها، وصلت ركعاات، مث قالت: إنا هلل وإنا إليه راجعون، عند اهلل أحتسب عقيال، تقول ذلك

ثالثا، اللهم إ فعلت ما أمرتين به، فأجنز يل ما وعدتين.

وخ اخلياقصة تفحدثين بقصة موته حممد بان »قال ابن حبان يف كتابه الثقات:

املنذر بن سعيد، قال: ثين يعقوب بن إسحاق بن اجلراح، قال: ثين الفضل بن عيسى، عن بقية بن الوليد، حدثين األوزاعي، عن عباد اهلل بن حممد، قال: خرجت إىل ساحل البحر مرابطا وكان رابطناا

قال: فلما انتهيت إىل الساحل فإذا أنا ببطيحة، مصر، يومئذ عريشة خيمة، فيها رجل قد ذهب يداه ورجاله، وثقل مسعه حويف البطي

بقصص الصابرين نتسلية احلزي

58

اللاهم »وبصره، وما له من جارحة تنفعه إال لسانه، وهو يقاول:

أوزعين أن أمحدك محدا، أكافئ به شكر نعمتك اليت أنعمات هباا ، قال األوزاعي: قال «علي، وفضلتين على كثري ممن خلقت تفضيال

عبد اهلل: قلت: واهلل آلت: هذا الرجل، وألسألنه أ له هذا الكالم، فهم أم علم أم إهلام أهلم؟ فأتيت الرجل فسلمت علياه، فقلات:

نعمة من نعام اهلل فأي ،«تفضيالاللهم.... »مسعتك وأنت تقول: عليك حتمده عليها، وأي فضيلة تفضل هبا عليك تشكره عليها؟

قال: وما ترى ما صنع ريب؟! واهلل لو أرسل السماء علي ناارا فأحرقتين، وأمر اجلبال فدمرتين، وأمر البحار فأغرقتين، وأمر األرض فبلغتين، ما ازددت لريب إال شكرا، ملا أألنعم علي من لسا هاذا، ولكن يا عبد اهلل إذ أتيتين، يل إليك حاجة، قد ترا على أي حالة

لست أقدر لنفسي على ضر وال نفع، ولقد كان معي بين يل أنا، أنا يتعاهد يف وقت صاليت، فيوضيين، وإذا جعات أطعماين، وإذا عطشت سقا ، ولقد فقدته منذ ثالثة أيام، فتحسسه يل رمحاك

اهلل.فقلت: واهلل ما مشى خلق يف حاجة خلق، كان أعظم عند اهلل

طلب الغاالم، فماا أجرا ممن ميشي يف حاجة مثلك، فمضيت يفمضيت غري بعيد، حىت صرت ب: كثبان الرمل، فإذا أنا بالغالم قد افترسه سبع وأكل حلمه، فاسترجعت وقلت: أ يل وجه رقيق أتى

به الرجل؟!، فبينما أنا مقبل حنوه، إذ خطر على قليب ذكر أيوب الانيب

بقصص الصابرين تسلية احلزين

59 ؟فلما أتيته سلمت عليه، فرد علي السالم. فقال: ألست بصاحيب

قلت: بلى، قال: ما فعلت يف حاجيت؟ فقلت: أنت أكرم على اهلل أم أيوب النيب؟

قال: بل أيوب النيب.قلت: هل علمت ما صنع به ربه؟ أليس قد ابتاله زنالاه وآلاه

وولده؟ قال: بلى. يف وجده؟ قال: وجده صابرا شاكرا حامدا.كقلت: ف

بائه؟ قل: قلت: مل يرض منه ذلك حىت أوحش من أقربائه وأح نعم.

قلت: فكيف وجده ربه؟ قال: وجده صابرا شاكرا حامدا.قلت: فلم يرض منه بذلك حىت صريه عرضا ملار الطريق، هال

علمت؟ قال: نعم.قلت: فكيف وجده ربه؟ قال: صابرا شاكرا حامادا. أوجاز

رمحك اهلل.قلت له: إن الغالم الذي أرسلتين يف طلبه وجدته ب: كثباان

رمل، وقد افترسه سبع فأكل حلمه، فاأعظم اهلل لاك األجار، ال وأهلمك الصرب.

فقال املبتلى: احلمد هلل الذي مل خيلق من ذرييت خلقا يعصايه، فيعذبه بالنار. مث استرجع، وشهق شهقة فمات، فقلت: إنا هلل وإنا

بقصص الصابرين نتسلية احلزي

31

إليه راجعون، عظمت مصيبيت، رجل مثل هذا إن تركتاه أكلتاه

مل أقدر على ضر وال نفع، فسجيته بشاملة السباع، وإن قعدت،كانت علي، وقعدت عند رأسه باكيا، فبينما أنا قاعد إذ هتجم علي أربعة رجال، فقالوا: يا عبد اهلل، ما حالك؟ وما قصتك؟ فقصصت عليهم قصيت وقصته، فقالوا يل: اكشف لنا عن وجهه، فعساى أن

ون عينه مرة، نعرفه. فكشفت عن وجهه، فانكب القوم عليه، يقبلويديه أخرى، ويقول: بأيب ع: طاملا غضت عن حمارم اهلل، وباأيب جسم طاملا كان ساجدا والناس نيام، فقلت: من هذا يرمحكم اهلل؟ فقالوا: هذا أبو قالبة اجلرمي، صاحب ابن عباس، لقد كان شديد

.احلب هلل وللنيب نااه، فغسلنا وكفناه بأثواب كانت معنا، وصالينا علياه ودف

فانصرف القوم وانصرف إىل رباطي، فلما أن جن علاي الليال، وضعت رأسي، فرأيته فيما يرى النائم يف روضة من رياض اجلناة،

سلام عليكم بما }وعليه حلتان من حلل اجلنة، وهو يتلو الوحي: [، فقلات: ألسات 37]الرعاد: {صبرتم صنعم عقبى الادا

: بلى، قلت: أ لك هذا؟ قال: إن هلل درجاات ال بصاحيب؟ قالتنال إال بالصرب على البالء، والشكر عند الرخاء، مع خشية اهلل عز

«.وجل يف السر والعالنية

صرب صتح املوصل على اجلوع والعر صدع فتح املوصلي، فقال: يا رب، »قال إبراهيم بن عبد اهلل:

بقصص الصابرين تسلية احلزين

35

.«أن أصلي الليلة أربعمائة ركعةابتليتين ببالء األنبياء، فشكر هذا [8/393ة األولياء أليب نعيم ]حلي

لفتح املوصلي عريت، بلغين أن بنتا»* وقال بشر بن احلارث: فقيل له: أال تطلب من يكسوها؟ فقال: ال، أدعها حىت يرى اهلل عز وجل عريها وصربي عليها، قال: وكان إذا كان ليايل الشتاء، مجع

اللهم أفقرتين وأفقرت عياايل، »ه عليهم، مث قال: عياله وقام بكسائوجوعتين وجوعت عيايل، وأعريتين وأعريت عيايل، بأي وسايلة توسلتها إليك، وإمنا هذا بأوليائك وأحبابك، فهل أنا منهم حاىت

[.8/393أفرح؟ ]حلية األولياء أليب نعيم ن فما أفقه هذا اإلمام.. وما أصربه على البالء واآلالم.. إذ فط

ملراد اهلل من ابتالئه.. وأظهر له جلده وصربه.. وحسن به ظنه.. مث شك يف صالح نفسه وهو يدريك صالحها نفيا للعجب وإمعانا يف

نكران الذات..لقد أدرك البالء هو عالمة حب اهلل لعبده.. فراح يسأل هل أنا

منهم؟ فما أمجل صربه وما أبعده نظره!أمحد بن –ذكرت أليب عبد اهلل ولذلك قال أبو بكر املروزي:

الفضل وعريه، وفتح املوصلي وعريه وصربه، فتغرغارت –حنبل عينه وقال رمحهم اهلل، كان يقال: عند ذكار الصااحل:، تالل

«.الرمحة

بقصص الصابرين نتسلية احلزي

33

الصابرون على صقد األبنال

روى ابن أيب حامت بإسناده يف تفسريه عن خالد بن يزيد، -5ابن يقال له: حيىي، فلما نازل يف عن عياض، عن عقبة أنه مات له

قربه قال له رجل: واهلل إن كان لسيد اجليش، فاحتسابه، فقاال والده: وما مينعين أن أحتسبه وكان من زينة احلياة الدنيا، وهو اليوم من الباقيات الصاحلات؟! فهذا رجل صابر راض حمتسب، ما أحسن

ن ثواب الصابرين.فهمه وحسن تعزيته لنفسه، وثقته زنا أعطاه اهلل موعن ثابت قال: مات عبد اهلل بن مطرف، فخرج أباوه -3

مطرف على قومه يف ثياب حسنة وقد ادهن، فغضبوا، فقالوا: ميوت ال: أفأستك: هلا، وقد وعد قعبد اهلل وخترج يف مثل هذه مدهنا؟

ريب تبارك وتعاىل عليها خصاال، كل خصلة منها أحاب إىل مان الذين إذا أصابتكم مصيبة قالوا إنا لله }قال تعاىل: الدنيا كلها؟!

وإنا إليه اجعون أول ك عليكم صلوام من باكام و حماة ، فأستك: هلا بعد ذلك؟! مث قال ثابات {وأول ك هم المكتدون

يف اآلخرة قدر كوز مان مااء إال قال مطرف: ما شيء أعطي به وددت أنه أخذ مين يف الدنيا. ]رواه اإلمام أمحد يف كتاب الزهد[.

وعن حممد بن خلف، قال: كان إلبراهيم احلريب ابن كان -5له إحدى عشرة سنة، حفظ القرآن، ولقنه من الفقه جانبا كابريا، قال: فمات، فجئت أعزيه، فقال: كنت أشتهي موت ابين هاذا، قال: فقلت له: يا أبا إسحاق، أنت عامل الدنيا، تقول مثل هذا، يف صيب قد أجنب، ولقنته احلديث والفقه؟! قال: نعم، رأيت يف منامي،

بقصص الصابرين تسلية احلزين

35

كأن القيامة قد قامت، وكأن صبيانا بأيديهم قاالل فيهاا مااء، يستقبلون الناس فيسقوهنم، وكان اليوم يوما حارا، شديدا حاره،

هم: اسقين من هذا املاء، قال: فنظر إيل، وقاال: قال: فقلت ألحدليس أنت أيب، قلت: فأي شيء أنتم؟ قال: فقال يل: حنن الصابيان الذين متنا يف دار الدنيا وخلفنا آباؤنا، فنستقبلهم فنسقيهم املااء،

قال: فلهذا متنيت موته.وروى ابن أيب شيبة، بإسناده عن ثابت البنا : أن صلة بن -7

ن يف غزاة له ومعه ابن له، فقال له: أي بين، تقدم فقاتال أشيم، كاحىت أحتسبك، فحمل فقاتل حىت قتل، مث تقادم أباوه فقتال، فاجتمعت النساء، فقامت امرأته معاذة العذرية، فقالات للنسااء: مرحبا، إن كننت جئنت لتهنئنين مرحبا بكن، وإن كننت جئنت لغاري

لك فارجعن.بخاري عن أنس، قال اشتكى ابان فقد ثبت يف صحيح ال -5

أليب طلحة، قال: فمات وأبوه كلحة خارج، فلما رأت امرأته أناه قد مات، هيأت شيئا، وجعلت ابنها يف جانب البيت، فلما جاء أبو طلحة، قال: كيف الغالم؟ قالت: قد هدأت نفساه، وأرجاو أن يكون قد استراح، وظن أبو طلحة أهنا صادقة، قال: فبات، فلماا

صبح اغتسل، فلما أراد أن خيرج، أعلمته أنه قد مات، فصلى ماع ألعل اهلل أن »: مث أخربه زنا كان منها، فقال رسول اهلل النيب

، فقال رجل من األنصار: فرأيت هلما تسعة «يبارك هلما يف ليلتهما أوالد، كلهم قد قرأ القرآن.

بقصص الصابرين نتسلية احلزي

37

يب طلحة ويف لفظ أهنا قالت ألهلها ملا مات ولدها: ال يكلم أل

أحد قبلي، فلما دخل، سأل عن الصيب، فقالت: إنه قد هادأ مماا كان، قدمت له طعاما فأكل، مث تصنعت له حىت واقعها، مث قالت: يا أبا طلحة، أرأيت قوما أودعوا قوما وديعة، مث طلبوها منهم، أفما جيب أن يؤدوها إليهما؟ قال: بلى، قالت: فاحتسب ابنك. فغضب

يشكوها ه، فلما كان الصباح، ذهب إىل رسول اهلل ملا صنعت ببارك اهلل لكما يف غابر ليلتكما، »وقال: إليه، فتبسم رسول اهلل

ومساه عبد اهلل، وهو الذي كاان فجاء بغالم حنكه رسول اهلل من ساللته اإلخوة القراء، واألول هو أبو عمري الذي كان رساول

عمري، ما فعل النغري؟ أي: ما فعال يداعبه ويقول له: يا أبا اهلل عصفورك.

مات لرجل من السلف ولدا، فعزاه سفيان بان عييناة، -6ومسلم بن خالد، وآخرون، وهو يف حزن شاديد، حاىت جااءه الفضيل بن عياض، فقال: يا هذا أرأيت لو كنت يف سجن وابنك، فأفرج عن ابنك قبلك، أما كنت تفرح؟ قال: بلى! قال: فإن ابنك،

ج من سجن الدنيا قبلك، قال: فسري عن الرجال، وقاال: خر تعزيت. ]رواه احلافظ بن عساكر[.

صو مشرقة من صرب السل على البالل

* عن يونس بن حممد املكي قال: زرع رجل من أهل الطائف

بقصص الصابرين تسلية احلزين

35

زرعا فلما بلغ أصابته آفة فاحترق، فدخلنا عليه لنسليه فيه فبكاى، كمال يح }عت اهلل تعاىل يقول: وقال: وما عليه أبكي، ولكين مس

لماوا أنفساكم صيهلكتاه {صيكا صر أصابت حرث قاوم [، فأخاف أن أكون من أهل هذه الصفة فذلك 554]آل عمران: الذي أبكا .

* وذكر سلمان الفارسي أن رجال بسط له يف الدنيا، فانتزع ما عز وجل ويثين عليه حىت مل يكن له فارا يف يده فجعل حيمد اهلل

إال بوري، فجعل حيمد اهلل ويثين عليه وبسط لآلخر يف الدنيا، فقال ل: أمحد لصاحب البوري، أرأيتك أنت عالم حتمد اهلل عز وجل؟ قا

ما أعطي اخللق مل أعطهم إياه، قال: وما اهلل على ما لو أعطيت به؟ أرأيت يادك؟ أرأيات ذاك؟ قال: أرأيت بصرك، أرأيت لسانك

رجلك؟* وقال علي بن احلسن: كان رجل باملصيصة ذاهاب نصافه األسفل مل يبق منه إال روحه يف بعض جسده، ضرير على سارير مثقوب، فدخل عليه داخل فقال له: كيف أصبحت يا أبا حممد؟

قال: ملك الدنيا منقطع إىل اهلل عز وجل مايل إليه من حاجة إال اإلسالم.أن يتوفا على

* ومرض كعب، فعاده رهط من أهل دمشق، فقالوا: كياف جتدك يا أبا إسحاق؟ قال: خبري، جسد أخذ بذنبه، إن شااء رباه

عذبه، وإن شاء رمحه، وأن بعثه بعثه خلقا جديدا، ال ذنب له.* وعاد رجل من املهاجرين مريضا فقال له: إن للمريض أربعا:

بقصص الصابرين نتسلية احلزي

36

األجر مثل ما كان يعمل يف صحته، يرفع عنه القلم، ويكتب له من

ويتبع املرض كل خطيئة من مفصل من مفاصله فيستخرجها، فاإن عا عا مغفورا له، وإن مات مات مغفورا له، فقال املاريض:

اللهم ال أزال مضطجعا.