28
ن الرحيم الر بسملرخا غربيةيت ا منة القدير دورةاضرة ا ال ت ا سع ة والع شر ون( 29 ) رض ا ساننفة ا نشأة الكونمانة ون ا رض ا سانن ا ذا استخلفا ؟ مانةذا عرضت اا خلوقات؟ على ا ول؟رحلة ا ا ت بداية الكون كيف كان يئة الكون سان .نجل ا لثانيةرحلة ا ا شأة الكون؟ نية منلثانرحلة انت ا كيف كا خرة عليها ا ية وناسبتهمنسانوقات لخل ا تسخ. لانئكة واء ان وابتنسا تعلقةحداث ا اطلوب البحث ا دلتها اضرةر موضوع اختصا ا ست صفحات فضيلة ايمها إل وتسل الشوربيشيخ عادل لمج وورد أو منسقة على بروقع ا نتدى على ا أو رفعها: ا ولك يد اى ال عل[email protected] www.alridwany.com حاديثت والتعريفا حفظ ا وردت الاضرة امنة والعلثا ا شر ون( 29 )

الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

  • Upload
    -

  • View
    89

  • Download
    30

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

بسم هللا الرمحن الرحيم دورة منة القدير مبيت الرخا غربية

(29) ونشر والعة سعاتالاحملاضرة األمانة ونشأة الكون خلالفة اإلنسان يف األرض

؟ملاذا استخلف هللا اإلنسان يف األرض على املخلوقات؟ملاذا عرضت األمانة كيف كانت بداية الكون يف املرحلة األوىل؟ يف املرحلة الثانية ألجل اإلنسان .هتيئة الكون كيف كانت املرحلة الثانية من نشأة الكون؟ تسخري املخلوقات لإلنسانية وحماسبتهم يف اآلخرة عليها. األحداث املتعلقة ابإلنسان وابتالء املالئكة واجلان

البحث املطلوب صفحات ستاختصار موضوع احملاضرة أبدلتها يف

لشيخ عادل الشورجبي وتسليمها إىل فضيلة ا أو رفعها على املنتدى يف املوقع أو منسقة على برانمج وورد

على الربيد اإللكرتوين اآليت:[email protected]

www.alridwany.com

حفظ التعريفات واألحاديث (29) ونشر الثامنة والعاحملاضرة اليت وردت يف

Page 2: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

2

بسم هللا الرمحن الرحيم

مبيت الرخا غربية دورة منة القدير (29) ونشر والعثامنة الاحملاضرة

األمانة ونشأة الكون خلالفة اإلنسان يف األرض ؟ملاذا استخلف هللا اإلنسان يف األرض

ملاذا استخلف هللا اإلنسان يف األرض والسؤال الذي يطرح نفسه على األذهان لذات ليخوله يف أو ملاذا اختار اإلنسان اب على وجه اخلصوص ومل يستخلف غريه؟

أنه جمبور مقهور أم يف ذلك التميز هل اإلنسان ف ه هبذه املنزلة الرفيعة؟ماألرض ويكر حياول وأ ألنه رمبا حيتج إنسان على ربهدور معقول؟ يف متيزه له خمري مسئول و

ساس أن يكون مستخلفا يف األرضيف األالتملص من ذنبه أبنه مل يكن يرغب ؟كسائر الناس

املسألة والبحث عن إجابة هلذه املشكلة فلن هذه ا حاولنا التفكري مبفردان يف إذحنن فهي أعلى اإلجابة عن هذا السؤال ال يستطيعها البشرإجابة مقنعة، ألن نصل إىل

وإدراكه، لكن حكمة هللا يف ذلك حكمة ابلغة فقد أابن لنا يف عقلمن حدود الاإلنسان وبقية املخلوقات اليت سخرها له سورة األحزاب أنه أجرى ابتالء خاصا بني الوحيد الذي قبل األمانة حني هوإلنسان بعد ذلك واستخلفه يف األرض بينها، وأن ا

إانا ورفضنها، قال تعاىل: وأشفقن منهاالكائنات فأبني أن حيملنها ىعل تعرضها عرضنا األمانة على الساماوات واألرض واجلبال فأ بي أن حيملن ها وأشفقن من

لكن ما حقيقة األمانة ،[72األحزاب:] نسان إناه كان ظلوما جهول إل ومحلها ا على الكائنات؟ وملاذا ومىت مت عرضها؟اليت عرضت

Page 3: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

3

)يعين ابألمانة الطاعة: قاليف تفسريه آية األمانة أنه بن عباس صح عن ارضها عليهم قبل أن يعرضها على آدم فلم يطقنها فقال آلدم: إين قد عرضت ع

األمانة على السماوات واألرض واجلبال فلم يطقنها، فهل أنت آخذ مبا فيها، قال اي ( جزيت وإن أسأت عوقبت، فأخذها آدم فتحملها ترب: وما فيها؟ قال: إن أحسن

(1) . ذه املخلوقات ض ختيريي حيمل اختبارا هلوهذا العرض الذي ورد يف آية األمانة عر

واالبتالء واملسؤولية واحلساب مانة املوافقة على قبول األيف من حيث املبدأ وختريها يشرعها ما راعاهتا على طريقة مب كلف من يقبلهاوحتمل الثواب والعقاب، حيث سي

هلم .اوات واألرض رين يف املراد بعرض األمانة على السمثقال ابن اجلوزي: )قول األك

وأنطقهن ابجلواب حني وأفهمهن خطابه، أن هللا تعاىل ركب العقل يف هذه األعيان، عرضها عليهن، ومل يرد بقوله أبني املخالفة ولكن أبني للخشية واملخافة ألن العرض

. (2) (يؤدينها فيلحقن العقاب وأشفقن مبعىن خفن منها أال كان ختيريا ال إلزاما، ىعرض العمل عل أن عمر بن عبد العزيز لف يف ذلك ومما روي عن السفقال له عمر: أتعصي؟ فقال: اي أمري املؤمني أخربين عن هللا حممد بن كعب فأىب

وات واألرض واجلبال فأبي أن حيملنها االسم ىحي عرض األمانة عل تعاىل .وأشفقن منها، هل كان ذلك منها معصية؟ قال: ل، فرتكه(

)األمانة الفرائض اليت افرتض هللا سبحانه على العباد وشرط عليهم قال الواحدي: وات االسم ىعلعرضها أن من أداها جوزي ابإلحسان ومن خان فيها عوقب،

واألرض واجلبال، أفهمهن هللا سبحانه خطابه وأنطقهن فأبني أن حيملنها خمافة ومحلها اإلنسان( وخشية ال معصية وخمالفة وهو قوله وأشفقن منها، أي خشني منها،

. 2/458اه أخرجه احلاكم يف املستدرك، وقال: هذا حديث صحيح علي شرط الشيخني ومل خيرج (1) . 6/429زاد املسري (2)

Page 4: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

4

(3) . وأويل األقوال يف ذلك ابلصواب ما قاله الذين قالوا وقال ابن جرير الطربي: )

ابألمانة يف هذا املوضع مجيع معاين األماانت يف الدين وأماانت الناس، إنه عىن .(4)( وذلك أن هللا مل خيص بقوله عرضنا األمانة بعض معاين األماانت

ه األقوال ل تنايف بينها بل هي متفقة وراجعة إىل أهنا وكل هذقال ابن كثري: )وهو أنه إن قام بذلك أثيب وإن تركها التكليف وقبول األوامر والنواهي بشرطها،

وابهلل فقبلها اإلنسان على ضعفه وجهله وظلمه إل من وفق هللا، عوقب، . (5)( املستعان

أن املخلوقات آية األمانة ن يفهمون م عن هللا العقالءومهما كان ما ذكر فإن اليت خريت يف محل األمانة أو رفضها وهي السماوات واألرض واجلبال واإلنسان

لوال أن هلن و كانت على درجة واحدة يف إمكانية القبول أو الرفض فلهن إرادة حرة، اختيارا حرا ما عرض عليهن قبول األمانة أو رفضها وملا عرب عن رأيهن بقوله عنهن:

هافأ القبول والرغبة يقابلفاإلابء والرفض واإلشفاق ، بي أن حيملن ها وأشفقن من خريهن دون جرب منه عليهن يف قوهلن أو فعلهن واملوافقة، وهذا دليل على أن هللا

. ويتصفن علمهلن عقل و املخلوقات اليت عرضت عليها األمانة تلكأن كما

ل معىن لتخيريهن يف أمر ل يعرفن عنه شيئا؛ فهذا نوع من إبدراك وفهم ألنه وما خلقنا الساماء قال تعاىل: ،العبث ل يقبله العاقل على نفسه فضال عن ربه

ن هما لعبي ا فاعلي لو أردان أن ن تاخذ هلوا لتاذانه من لدانا إن كنا واألرض وما ب ي

. 2/875الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز (3) . 22/57:54جامع البيان عن أتويل آي القرآن (4) . 3/523 تفسري ابن كثري (5)

Page 5: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

5

[16/17نبياء:ألا. ] عند بداية سابق على أن اإلنسان له وجود غييبأيضا دلت آية األمانة وقد سيأيت بياهنا صحيحةأحاديث و ؤيده آايت كثرية الفهم توهذا والتكوين، النشأة

دل على خلق هللا جلميع الذرية وإجياد أفراد النوعية اإلنسانية لفرتة وقتية ومجيعها يأشهدهم فيها على أنفسهم وعلى قبوهلم مبا يتوجب على أبيهم من احلقوق عينة م

. وإظهار احلكمة يف تدبري أمر املخلوقاتوالواجبات على املخلوقات؟ملاذا عرضت األمانة

على املخلوقات؟ ملاذا عرضت األمانة والسؤال الذي يطرح نفسه على األذهان ليتحقق عدل هللا يف األمانة عرضت أن ميكن القول وماذا حدث ملن رفضها؟

متصفا ابملشيئة والقدرة فمع كون هللا وينتفي الظلم ويستقر األمن،الكون اجلرب املطلق، أو القهر على على لزم أحدا من خلقه ال يأنه من عدله املطلقة إال أنه

ظلم ول ي قال تعاىل: مع انتفاء احلكمة، وإال صار ذلك عبثا وظلما، وقد فعل نفي الظلم يدل على كمال العدل، ولكمال عدله و ،[49الكهف:] ربك أحدا

يف سورة الرمحن نص على ذلك قامت السماء واألرض أبمره على احلق وامليزان كما يف سورة قالكذلك و [، 7]الرمحن: والساماء رف عها ووضع امليزان فقال:

ن هما لعبي ما خلقناها إل وما خل الدخان: قنا الساماوات واألرض وما ب ي [ .38/39]الدخان: ل ي علمون ابحلق ولكنا أكث رهم

ربنا ما خلقت هذا تركيب اخللق ولكون الباطل ضد احلق قال املؤمنون ملا نظروا إىلالنظر يف املخلوقات وشأهنا، كيف خلقها ىلكانت الدعوة إ لكولذابطال سبحانك،

من خالهلا؟ فكلها شواهد لكمال العدل، هللا حكمة ىهللا ودبر أمرها وكيف تتجلإنا يف خلق الساماوات قال تعاىل: وكلها آايت وأسباب يعترب هبا أولو األلباب،

يل األلباب الاذين يذكرون اللا قياما واألرض واختالف اللايل والن اهار آلايت ألو

Page 6: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

6

وق عودا وعلى جنوبم وي ت فكارون يف خلق الساماوات واألرض رب انا ما خلقت هذا نا سنريهم آايت وقال: [، 190/191]آل عمران: ابطال سبحانك فقنا عذاب الناار

هلم أننه احلق أومل يكف برب ك أننه على كل شيء ىت يف اآلفاق ويف أن فسهم ح ي ت بنين .[ 53]فصلت: شهيد

جلميع من ورد ذكره يف عقال العدل أنه كان من املمكن التخيري وكمال ومن لوازم وكان من املمكن أيضا رفض اإلنسان حلملها أو هلا،آية األحزاب رفض األمانة أو قبو

.يف حال األرض واجلبال قولالا وكذهلا، استجابة السماوات على سبيل إظهار حكمة هللا يف خلقه وطالقة العدل يف أن يسأل عاقل ولل

ماذا لو فرضنا أن الكل رفض األمانة أو اختارهتا السماوات أو األرض أو ملكه: العامل يف تركيبه هللا أعلم مبا سيكون، لكننا نؤمن أن لك أن يقال:ذوجواب اجلبال؟

وتتجلى يف خلقه آاثر املخلوقات، حيقق حكمة هللا يف سائرعلى وضع سيكون أنا هللا خلق الساماوات واألرض ابحلق ىأمل ت ر كما قال تعاىل: األمساء والصفات

.[ 19/20إبراهيم:] يت بلق جديد وما ذلك على هللا بعزيز إن يشأ يذهبكم و تدبريه وأمره واخللق قائم على وإذا كان احلق تبارك وتعاىل يفعل ما يشاء يف ملكه،

شاء استخلف اإلنسان ه سبحانه وتعاىل إنإنف ؛قضائه وقدرهوكل شيء مفتقر إىل وإن شاء أكره األرض واجلبال ء على محل أمانته،وإن شاء أجرب السما بغري إرادته،

بقدرته إال أن عدله من لوازم حكمته وختيري املخلوقات يف محل األمانة من كمال واستقرار العامل وأمنه من بديع صنعته، ومن مث خري هللا املخلوقات يف محل ،حجته

وقسم يتمثل يف قسمان، قسم رفض األمانة التخيري نتيجة األمانة أو رفضها، وكانت . موافقة اإلنسان

وبعد ، لسماوات واألرض واجلبال يف قبول األمانة أو رفضهاا خري هللا أن بعد و مرة هن أنه خري كان من كمال عدل هللا ممارسة حقهن يف االختيار ورفضهن هلا،

Page 7: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

7

االستجابة ألمره و يف الطاعة الرضا منهن لكن التخيري هذه املرة إلظهار ى أخر إذا كلفهن بعمل ما أو سخرهن لوظيفة ما حىت وإن كانت لصاحل اإلنسان حلكمه،

يكلفهن مبا شاء وسوف ، الذي قبل األمانة، فاخرتن مجيعا الطاعة واخلضوع هلل مثن است وى إىل السنماء وهي دخان فقال تعاىل: متام االلتزام أبحكام القضاء يلتزمن

نا طائعني ف قال هلا ولألرض [.11فصلت:] ائتيا طوعا أو كرها قالتا أت ي األرض على حمبة هللا و التخيري الثاين قامت املخلوقات يف السماوات وبذا

، وبقائه على الدوام اثبتا يف دقة على استقرار الكون وأمنهوالرضا أبمره يف العمل لها اإلنسان، ومعلوم أن حتقيق األمن الكوين وأمان كي تتكامل معاين األمانة اليت مح

املبين على الرضا أبلغ من غريه املبين على العدل فقط . كيف كانت بداية الكون يف املرحلة األوىل؟

العرش مل يذكر فيها احلق سبحانه سوى قبل وجود السماوات واألرض بداية اخللق هو الذي خلق السنماوات واألرض و عاىل: واللوح والقلم، كما جاء يف قوله تواملاء

اء م وكان عرشه على امل عمران بن من حديث عند البخاري و ،[7هود:] يف ستنة أاين

كان هللا ومل يكن شيء ق بله وكان عرشه على املاء ثا ): S أن رسول هللا حصني .( 6) (وكتب يف الذ كر كل شيء األرضخلق الساماوات و

واجلواب أن ؟العرش واملاءويقول: وماذا قبل رمبا يسأل سائل من ابب الفضول و وال حييطون فقال تعاىل: عند العرش واملاء،ابملخلوقات هللا قد شاء أن يوقف علمنا

خملوقات قبل هل توجد فاهلل أعلم ،[255البقرة:] بشيء من علمه إال مبا شاء أخربان اهلل ته، فقدر لتعلقه مبشيئة هللا و لكن وجودها أمر ممكن ؟العرش واملاء أم ال

ا يريد فقال: أنه خيلق ما يشاء ويفعل ما يشاءوهو ،[16الربوج:] ف عنال مل

يد على الدوام أنه فعال ملا ير ومن لوازم الكمال متصف بصفات األفعال،سبحانه

( .6982) 6/2699 ب وكان عرشه على املاء، وهو رب العرش، ابالبخاري يف كتاب التوحيد (6)

Page 8: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

8

لكن هللا وجودمها، العرش واملاء أو بعد وجودسواء كان ذلك قبل أزال وأبدا،قيق حتلوازم كما أن جهلنا بذلك ال يؤثر فيما خيصنا من أوقف علمنا عند هذا احلد،

.اإلنسان احلكمة يف خلق الكون و فأين كان :لفإن قا يف السماء لقلت: لو سئلت أين هللا؟)ي: قال سليمان التيم

فأين كان عرشه قبل املاء؟ فإن قال: على املاء، لقلت: عرشه قبل السماء؟وال تعاىل: هللا وذلك لقول)، ويعقب اإلمام البخاري بقوله: (ل أعلم لقلت:

.( 7) (يعين إال مبا بني حييطون بشيء من علمه إال مبا شاء خلق األرض والسماء بعد السنة أن هللا وقد بينت نصوص القرآن وصحيح

أومل ي ر الذين كفروا أنا مرحلتني كما قال: على وأنه خلقهما العرش واملاء،رض كان تا رتقا ف فت قناها وجعلنا من املاء كل شيء حي أفال أل الساماوات وا

هااتن املرحلتان حتققان حكمة هللا يف ابتالء اإلنسان ،[30:]األنبياء ي ؤمنون وقيام اخلالئق على احلق وامليزان، املرحلة األوىل كانت يف وضع الرتق والدخان،

، وكل ذلك مت يف عدة حقب زمنية هللا واملرحلة الثانية بعد خلق آدم وكما نراه اآلنظات فيها ماليي السني يف وهي مدة طويلة جدا رمبا تساوي اللحأعلم مبقدارها،

حساابتنا، فمقاييسنا تعجز جبملتها عن تصور مقياس زمين أو عامل حركي لضبط . تقديرات الزمان فيها

فالذي جاء به القرآن والتوراة واتفق عليه سلف األمة وأئمتها مع ): تيميهابن قال كما لوقة قبله،أئمة أهل الكتاب أن هذا العامل خلقه هللا وأحدثه من مادة كانت خم

ائتيا فقال هلا ولألرض: أي خبار أخرب يف القرآن أنه استوى إىل السماء وهي دخان،ركة الشمس والقمر، حب ةوخلق ذلك يف مدة غري مقدر إىل أن قال .. طوعا أو كرها والشمس والقمر مها خلق السماوات واألرض وما بينهما يف ستة أايم، كما أخرب أنه

. 37خلق أفعال العباد للبخاري ص (7)

Page 9: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

9

والزمان املقدر حبركتهما وهو الليل رض وحركتهما بعد خلقهما،وات واألامن السمخلق السماوات وقد أخرب هللا أنه والنهار التابعان حلركتهما إمنا حدث بعد خلقهما،مقدر حبركة فتلك األايم مدة وزمانواألرض وما بينهما يف ستة أايم .. ويواصل قائال..

.(8)( أخرى غري حركة الشمس والقمرفهم رائع معاصر فسر به ابن تيمية أن األايم الستة إمنا هي حقب زمنية هللا وهذا

أعلم مبقدارها حىت لو أطلق على كل حقبة فيها اسم يوم من أايم األسبوع يف اصطالحاتنا .

األايم الستة وميكن القول إن جمموع النصوص القرآنية والنبوية يدل على أن ، وهي املرحلة اليت بدأت حلة األوىل من خلق الكوناملذكورة يف القرآن يراد با املر

مث -وضع الرتق والدخان -خبلق األرض وما عليها مث السماوات يف وضعها األول النذي خلق السنماوات واألرض وما كان استواء هللا على العرش بعد ذلك كما قال:

م مثن است ن هما يف ستنة أاين ،[59الفرقان:] وى على العرش الرنمحن فاسأل به خبريا ب ي وقد استمرت تلك املرحلة ست ويف املرحلة األوىل أيضا خلقت املالئكة واجلن،

حقب زمنية طويلة أو ستة أايم مسيت ابألايم االصطالحية يف عرفنا من السبت إىل لم، وهذا احلديث كنا نظن أنه د مسعن اخلميس كما صح احلديث عن أيب هريرة

لكن تبينت صحته بعد حتقيقه وفق قواعد احملدثني كما أن جمموع األدلة يتوافق شاذ معه وال يعارضه .

آدم يف آخر حقبة زمنية املرحلة الثانية فتلك اليت متت بعد أن خلق هللا أما ضتها السماوات ، مث عرض عليه األمانة فقبلها حني رفأخرى مسيت يوم اجلمعة

من رفضها يف قضية التسخري ملن قبلها، فقالتا أتينا واألرض واجلبال، مث خري هللا برغبتها وسخرها عن حمبتها وأعد الكون على إثر موافقتها طائعني فهيأها هللا

.1/123بني العقل والنقل درء التعارض (8)

Page 10: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

10

الستخالف اإلنسان فيها، وقد بدأت هذه املرحلة بتهيئة السماوات وترتيب لسماء الدنيا وظهور اجملموعة الشمسية اليت حتدد فيها الزمان الكواكب مبساراهتا يف ا

ابثين عشر شهرا قمراي، مث دحيت األرض وثبتت اجلبال يف طبقاهتا لتسكن وتستقر يف وضع يناسب وجود اإلنسان وحيقق له معىن االستخالف واالبتالء وختويله حبرية يف

محلها .اختيار اإلسالم أو املنهج الشرعي جتاه األمانة اليتوأغلب املفسرين يتفقون إمجاال يف ترتيب األحداث املتعلقة بنشأة الكون أهنا متت

األوىل بدأت بلق األرض ث السماء، والثانية بدأت بتهيئة السماء على مرحلتني: املاء من أيبس وقد ذكر ابن كثري أن هللا ث دحو األرض من أجل اإلنسان،

فصار خلق ؛ فجعله مساءومسا رتفع اثار منه دخان فف أرضا الذي كان عرشه عليهمث دحا األرض وات،ااألرض قبل خلق السماء مث قصد إىل السماء فسواهن سبع مس

وهذا ما ل )، مث قال معقبا على هذا املعىن: خلقها غري مدحوة عندبعد ذلك وكانت عم أن السماء أعلم فيه نزاعا بي العلماء إل ما نقله ابن جرير عن قتادة أنه ز

أأن تم أشد خلقا أم : وقد توقف يف ذلك القرطيب لقوله خلقت قبل األرض،الساماء ب ناها رفع مسكها فسوااها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها واألرض ب عد

قبل األرض ويف فذكر خلق السماء قالوا:[، 27/30]النازعات: ذلك دحاها فأجاب أبن األرض سئل عن هذا بعينه؟ صحيح البخاري أن ابن عباس

وكذلك أجاب غري خلقت قبل السماء وأن األرض إمنا دحيت بعد خلق السماء، مفسر بقول يوحاصل ذلك أن الدح.. واحد من علماء التفسري قدميا وحديثا

ها ماءها ومرعاها واجلبال أرساها واألرض ب عد ذلك دحاها تعاىل:هللا أخرج من :ففسر الدحي إبخراج ما كان مودعا فيها ابلقوة إىل [، 30/32]النازعات

فنبتت النبااتت على اختالف فأخرجت ما كان مودعا فيها من املياه، ،الفعلدارت مبا فيها وكذلك جرت هذه األفالك ف أصنافها وصفاهتا وألواهنا وأشكاهلا،

Page 11: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

11

. (9) (من الكواكب الثوابت والسيارة . هتيئة الكون يف املرحلة الثانية ألجل اإلنسان

ولنعرض اآلن تفصيل األدلة القرآنية والنبوية اليت دلت على أن الكون مر يف نشأته مبرحلتني، بدأت األوىل منهما خبلق األرض مث السماء، واملرحلة الثانية بدأت بتهيئة

ء مث دحو األرض وتثبيت اجلبال، وسوف نالحظ أن مجيع النصوص القرآنية السماوالنبوية اليت فيها البدء خبلق األرض مث السماء تتعلق ابملرحلة األوىل، وتلك اليت فيها

البدء بتهيئة السماء مث األرض تتعلق ابملرحلة الثانية .لق األرض يف ي ومي وتعلون له قل أئناكم لتكفرون ابلذي خ قال تعاىل:

ر فيها أندادا ذلك رب العاملي وجعل فيها رواسي من ف وقها وابرك فيها وقدام سواء للساائلي ثا است وى إىل الساماء وهي دخان ف قال هلا أق واهتا يف أرب عة أايا

نا طائعي ف قضاهنا سبع مس وات يف ي ومي اولألرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أت ي ن يا مبصابيح وحفظا ذلك ت قدير العزيز وأوحى يف كل مساء أمرها وزي اناا الساماء الد

[ .9/12]فصلت: م العلي، وأغلب املفسرين على أن األربعة جمموع األايم اليت وردت يف اآلايت مثانية أايم

املذكورة تتضمن اليومني السابقني ليصبح اجملموع ستة أايم، وهذا التفسري الذي ذكروه .مل يرد فيه نص صحيح مرفوع يؤيده

خلق يفيد أبن هللا وإمنا قالوا ذلك خشية التعارض مع النص القرآين الذيالسماوات واألرض وما بينهما يف ستة أايم، فهو اجتهاد منهم لدفع التعارض بني النصوص، وإن قيل أبن األايم الثمانية متداخلة حبيث تصبح ستة فقط فذلك أيضا

سبعة أايم Sيبدوا متعارضا مع احلديث الذي رواه مسلم والذي ذكر فيه النيب بيدي ف قال: S)أخذ رسول هللا أنه قال: أيب هريرة وليست ستة؛ فمن حديث

. 1/195 يالطرب ، و 1/69تفسري ابن كثري (9)

Page 12: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

12

بة ي وم السابت وخلق فيها اجلبال ي وم األحد، وخلق الشاجر ي وم خلق هللا الرتعاء، وبثا فيها الداوابا الث ني، وخلق املكروه ي وم الثالثء، وخلق النور ي وم األرب

ب عد العصر من ي وم اجلمعة يف آخر اخللق يف ي وم اخلميس، وخلق آدم عليه .( 10) آخر ساعة من ساعات اجلمعة فيما بي العصر إىل الليل(

جلمعة بعد أن متت الستة أايم، وقد خلق يوم ا وهذا احلديث ظاهر يف أن آدم حاول كثريون تضعيفه أو أتويله على معىن مالئم بصعوبة ابلغة، وكنت أظنه ضعيفا ولكن تبني بعد البحث والتحقيق أنه اثبت صحيح كما ذكر الشيخ األلباين وغريه، وعلى فرض ضعفه كما زعم كثريون فقد صرحت نصوص نبوية أخرى اثبتة صحيحة

خلق يوم اجلمعة، مما يعين أنه خلق يف اليوم تدع جماال للشك أن آدم وكثرية ال السابع على اعتبار بقية األايم السابقة وعددها ستة، كما ورد عند مسلم وغريه من

خري ي وم طلعت عليه الشامس ي وم )قال: أن رسول هللا حديث أيب هريرة ها ول ت قوم السااعة إلا يف اجلمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل اجلناة وفيه أخرج من

.( 11) (ي وم اجلمعة لقد طرحت هذه املشكلة نفسها عرب قرون طويلة بني السلف واخللف، فمن فسر األايم الثمانية يف سورة فصلت على أهنا ستة متداخلة واجه إشكالية يف حديث مسلم

، ث يوم اجلمعة واألحاديث اليت تقتضي تكوين اخلالئق يف سبعة أايم أو خلق آدم ومن قال يف تضعيف مثل هذه األحاديث اليت وردت يف الصحاح ليس أمرا هينا،

املقابل أبن األايم أكثر من ستة فيمكن أن تزيد إىل سبعة أو مثانية عمال ابألحاديث

4/ 2149 (2789 )ب ابتداء اخللق وخلق آدم يف كتاب صفات املنافقني وأحكامهم، ابمسلم (10)والرد من وجهة نظر الشيخ األلباين، معىن احلديث ودفع التعارض الذي يدعيه البعض بينه وبني القرآن ةاجعوميكن مر

والسلسلة ،(71)، خمتصر العلو للذهيب 5735املشكاة (،3235) صحيح اجلامع، سناداإلطعن يف على من .( 1833الصحيحة )

.( 854) 2/585 ابب فضل يوم اجلمعةكتاب اجلمعة، يف مسلم (11)

Page 13: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

13

عند النظر جملموع األايم بدا أمره متعارضا مع الصحيحة أو ما ورد يف سورة فصلت النص القرآين الذي يفيد أبن هللا خلق السماوات واألرض وما بينهما يف ستة أايم،

أنكر على اليهود ادعاءهم أبنه خلقهما وما بينهما يف ستة أايم مث كما أن هللا ن هما يف ستنة ولقد خلقنا السنماو اسرتاح يف اليوم السابع فقال: ات واألرض وما ب ي

م وما مسننا من لغوب .( 12)[ 38ق:] أاينوالسبب يف تصور البعض لوجود التعارض بي النصوص القرآنية والنبوية هو

، مبعىن اعتبارهم مقدار تلك األايم حتديد األايم الستة مبا مياثل األايم يف حساابتنا .اثنية 518400دقيقة أو 8640و ساعة أ144

وإمنا هي ألفاظ اصطالحية وهذا غري صحيح ألن األايم املقصودة ليست كذلك، وضعت للدللة على حقب زمنية هللا أعلم مبقدارها وذكرت أايما لتقرب حقيقة

ن، فاألمر فيها أكرب من استيعاب العقل يف وضعه احلايل ملاهية األحداث لألذها .شأة أو املكانالزمان وقت الن

بل ميكن القول إن تفسري املعىن املقصود بيوم السبت هو يوم القطع أو قطعة الزمان أو حقبة منه، فالقصد إذا من ذكر األايم أن يسهل على العقول فهم حقيقة البداية والنشأة، وكيف حتققت فيها معاين احلكمة من خالل بعض األلفاظ

املعىن دون إدراك الكيفية أو املاهية، ألن عقل املعربة عنها واليت تؤدي إىل فهماإلنسان مبحدوديته ل يستوعب مثل هذه األحداث الضخمة اليت متت عند النشأة والتكوين، كما أنه بطبعه ل يسأم من السؤال عن تفسري مقنع لبداية الكون وترتيب املقادير، كيف كانت؟ وكيف تكون النهاية أو املآل واملصري؟،

يف نشأة الكون إمنا هي أحقاب زمنية طويلة جدا م الستة اليت ذكرها هللا فاألاييصعب حساهبا على مقاييسنا التمثيلية والشمولية كما ذكر ذلك ابن تيمية وغريه،

. 1/364، وتفسري البغوي 4/724، فتح القدير 7/195انظر تفسري القرطيب (12)

Page 14: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

14

فتلك األايم مدة وزمان مقدر حبركة أخرى غري حركة الشمس )قال ابن تيمية: . (13) (والقمر

حتة أن عمر الكون على أقل تقدير عشرون مليار وقد قدرت الدراسات العلمية البسنة حبساابتنا، وال غرابة يف ذلك الختالف املقاييس بني دوران األرض حول الشمس والزمان الناتج عنه من جهة ودوران الشمس حول مركز جمرتنا والزمان الناتج عنه من

نية الالزمة جهة أخرى، إذ يقدر العلماء املتخصصون يف الكونيات أن السنة الكو مليون سنة يف حساب دورة األرض حول 250لدورة الشمس حول مركز اجملرة تعادل

، وال شك أن العدد سيتضاعف ماليني املرات عند تصور الزمان الناشئ (14)الشمس عن دوران اجملرة الواحدة حول مركزها ابلنسبة لدورة الشمس حول مركز اجملرة، ومن

ت عند نشأهتا وتكوينها مث انفصاهلا عن بعضها البعض هنا سنعلم أن جمموع اجملراودوراهنا حول مركزها الذي ال يعلمه إال هللا قد ال يستغرق إال أايما اصطالحية معدودة تطلق على عدة حقب زمنية مقصودة ذكرها رب العزة واجلالل بستة أايم أو

نا إن اللحظة عند النشأة مبا يسمى به أايم األسبوع، فال نبالغ إذا إن قل مساها النيب يف األايم الستة تعادل مالين السنوات يف حساابتنا األرضية هذا مع جهلنا حبقيقة

الكيفية اليت حتسب هبا تلك األايم . وبعد أن تبي مما سبق أن الكون مر مبرحلتي منفصلتي يفصل بينهما خلق آدم

ديث عن نشأة الكون فإن النصوص اليت وردت يف الكتاب والسنة وتناولت احلمجيعها نصوص متوافقة وغري متعارضة، بل ال حتتاج يف ضوء ما سنذكر إىل أتويل أو رغبة يف تضعيف حديث على حساب آخر، فلو نظران بنظرة جديدة شاملة لألدلة دون حتميل النصوص ما ال حتتمل لوجدان أن األايم الستة هي املدة الزمنية أو احلقب

وعبت املرحلة األوىل من نشأة الكون، أو بتعبري آخر ميكن القول وهللا الزمنية اليت است

. 1/123درء التعارض بني العقل والنقل (13) . 107مولد الكون ص (14)

Page 15: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

15

أعلم بنشأة خلقه أن األايم الستة املذكورة يف القرآن هي مدة املرحلة األوىل قبل . وجود آدم

وخبصوص ترتيب األحداث يف هذه املرحلة كما دلت عليها حمصلة النصوص ادة األرض اليت ظهرت على إثرها السماء بدأها خبلق م فيمكن القول أن هللا

كطبقات متعددة من الدخان أو الغبار الذري إن جاز التعبري؛ ألن تكوين املواد فتكوين ، ءوعناصر األرض يتطلب حرارة عليا يصعب تصورها كما ذكر علماء الفيزاي

، وكذلك تزامن مع تكوين ذرة اهلليوم يتطلب مثال املاليي من درجات احلرارةرض خلق مادة اجلبال وعناصرها املنصهرة كما يف احلمم الربكانية مث حتوهلا مع األ

الوقت إىل طبقات صخرية أو كتل متماسكة، وقد استغرق ذلك زماان طويال تعجز املقاييس البشرية عن حسابه ألنه مل يكن مثة مشس أو قمر .

على تسمية أو السبت واألحدوقد عرب النص القرآين عن هذه احلقبة بيومني ، والسبت كما ذكر املفسرون معناه القطع أو احلقبة الزمن املقتطعة أو النص النبوي

واألحد أول بداية الفصل اقتطاع الكون من املاء كما ذكر غري واحد من السلف، فجعل مادة اجلبال بعد خلقها رواسي من فوق األرض وإن مل (،15) بي الكائنات

، وتزامن مع ذلك خلق أصول األشجار ومادهتا يف مدة تكن وقتها اثبتة أو مستقرةطويلة من حساابتنا أو حقبة زمنية أخرى عرب عنها النص النبوي بيوم االثنني، مث خلق

يف حقبة زمنية أخرى تسمى يوم وعلى رأس املكروه النار املكروه من أصناف اخلالئق الثالاثء.

رات وجنوم وغريها يوم األربعاء مصادر النور من مشوس وأقمار وجمهللا مث خلق وتعادل حقبة زمنية أخرى، وخلق الدواب يف تسلسلها عرب مدة طويلة حبساابتنا أو حقبة زمنية أخرى عرب عنها النص النبوي بيوم اخلميس، واملقصود خبلق الدواب كل ما

.2/524، وغريب احلديث للخطايب 1/1094، واتج العروس 2/36لسان العرب (15)

Page 16: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

16

يدب على األرض على اختالف األنواع، سواء كانت دواب منقرضة كالديناصورات ب العمالقة أو غريها من الدواب املستمرة حىت وقتنا، وكذلك خمتلف الكائنات والدوا

خلقوا من نور الدقيقة من املخلوقات، وقد خلقت أيضا املالئكة واجلن؛ فاملالئكة ورد ذلك يف صحيح مسلم من حديث عائشة خلقوا من انر كما أبناء اجلان واجلن

الئكة من نور وخلق اجلان من مارج من خلقت ا) :قال رضي هللا عنها أن النيب مل

واجلانن خلقناه من ق بل من انر وقال تعاىل: (،16) (انر وخلق آدم ممنا وصف لكم السنموم وإذ قال ربك للمالئكة إين خالق بشرا من صلصال من محإ مسنون

خلق يف حقبة [، فاملالئكة أسبق من اإلنسان يف الوجود، وآدم 26/28]احلجر: زمنية مسيت يوم اجلمعة .

مل يبني لنا يف شأهنم تفصيل بداية خلقهم أو كيف حتققت حكمته كما أن هللاغري أن ما ثبت عن اجلن أهنم خلقوا للعبادة من خالل معىن ؟يف تدبري أمورهم

جعل بينهم االبتالء، واملالئكة خلقوا أيضا للعبادة وكانت يف السماء، وأن هللا رأي اجلمهور وخملوق من وهو أبو اجلن على -إبليس من حيث الرفعة واملكانة

كما أنه سبحانه مل يبني لنا تفاصيل احلدث الذي مت على إثره وجوده بينهم -مادهتم .

وبعد انتهاء املرحة األوىل من الكون يف ستة أايم أو ست حقب زمنية يعلم هللا من تراب خلقه إنسان،كأول آدم خلق و ،مبقدارها استوى الرمحن على عرشه

صار طينا مث صلصاال وبعد ذلك محأ مسنوان، مث سواه هللا على هيئة فاء اختلط ابمل مث نفخ فيه من روحه وصار إنساان بعد أن مل يكن شيئا مذكورا . وصورة سليمةقومية

يف ابتالئه جبميع املخلوقات من حوله ظهرت حكمة هللا وبعد وجود آدم فكانت املخلوقات منه على نوعني:

.( 2996) 4/2294مسلم يف الزهد والرقائق (16)

Page 17: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

17

تلى فيه اإلنسان مع السماوات واألرض واجلبال يف قضية عرض النوع األول اباألمانة وقد تقدم ذكرها وما ترتب عليها، والنوع الثاين ابتاله مع من سبقه يف الوجود ممن مل تعرض عليهم األمانة وهم املالئكة واجلن، وكان ذلك إظهارا للعدل اإلهلي يف

وامليزان .سائر اخللق وقيام السماوات واألرض على احلق كيف كانت املرحلة الثانية من نشأة الكون؟

ميكن القول إن الكون يف مرحلته الثانية أعد خصيصا من أجل اإلنسان، فقد حدثت ومتت بعد وجوده وقبل ظهور الزمان املعلوم املعتمد على دوران األرض حول

ان هلا نفسها وحول الشمس، حيث ترتب تكوينها على قضية األمانة وقبول اإلنسخري من رفضها يف ورفض السماوات واألرض واجلبال حلملها، وقد علمنا أن هللا

التسخري ملن قبلها فقالوا مجيعا: أتينا طائعني، فلما قالت السماء واألرض: أتينا السماء عن األرض من وضع الرتق والدخان يف حقبتني زمنيتني طائعني، فصل هللا

بع مساوات يف ي ومني وأوحى يف كل مساء أمرها وزي نننا السنماء ف قضاهنن س كما قال: ن يا مبصابيح وحفظا ذلك ت قدير العزيز العليم بناها سبعا طباقا، ،[12فصلت:] الد

رفع مسكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها فجعل فيها الشمس والقمر ديدا لنوعية الزمن اجلديد الذي سيتعاقب على اإلنسان والذي عرب عنه القرآن حت

إنن عدنة الشهور عند هللا اث نا عشر شهرا يف كتاب هللا ي وم خلق بقوله تعاىل: ها أرب عة حرم ض فبسطها ودحاها ث ثين ابألر [، 36التوبة:] السنماوات واألرض من

كما قال:ومدها، وأخرج ما كان مودعا فيها من أقوات وخريات ها ماءها ومرعاها واجلبال أرساها ، وكل واألرض ب عد ذلك دحاها أخرج من

ذلك لتستقر األرض لإلنسان متاعا له على وجه االبتالء واالمتحان .اد يف اجلمع بني النصوص إال أنه من املؤكد أن الكون أعد ومهما كان االجته

وما عليها بنص ستفيد من األرض الوحيد املفهو اإلنسان؛بعناية خاصة من أجل

Page 18: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

18

ومن أجل استخالفه الذي كرمه هللا به وميزه هو، خلق ألجله يها وكل ما ف القرآن، .عن غريه

ة وتسويتها من أجل اإلنسان موقف الكائنات اليت رفضت األمان وملا ذكر هللا يعا مثن است وى إىل السنماء : قالوتسخريها له ف هو الذي خلق لكم ما يف األرض مج

قال بعدها مباشرة: ، [29البقرة:] فسوناهنن سبع مساوات وهو بكل شيء عليم ويظهر من [، 30البقرة:] جاعل يف األرض خليفة قال ربك للمالئكة إين وإذ

هاتي اآليتي ابتالء اإلنسان مبن قبل األمانة من جهة، ث ابتالؤه مبن مل تعرض عليه األمانة من جهة أخرى وهم املالئكة ومعهم إبليس، فاألرض وما عليها من

نسان يف قضية جبال والسماء قبل هتيئتها سبعا على هذا احلال شاركت اإلالبتالء بقبول األمانة حي عرضها هللا عليهم، أما املالئكة واجلان فقد سبقت

يف بيان موقفهم من قضية استخالفه يف األرض وما وجود اإلنسان وابتالها هللا سيرتتب عليها لحقا، ولذلك فإن خطاب هللا ملالئكته إين جاعل يف األرض

ث من جهة وابتالء للمخاطبي به من جهة خليفة إخبار هلم عن واقع سيحد . أخرى

والعلة يف ابتالء هذه املخلوقات مجيعها حتقيق معاين العدل واحلكمة حبيث وما خلقنا السنماوات واألرض وما تعاىل:قال يقوم اخللق على احلق وامليزان

ن هما العبني ما خلقنامها إال ابحلق ال ي علمون ولكنن أكث رهم ب ي [ .7]الرمحن: والسنماء رف عها ووضع امليزان : [، وقال38/39]الدخان:وكرم النوع اإلنساين بسببها جعل حتقيق األمانة اليت محلها آدم وهللا

ممقومات اخلالفة من العلحيث منحه متمثلة يف قضية استخالفه يف األرض،منحه ما كل يفليمتثل لشرعه احلرية واالستطاعة وخوله يف ملكه وكلفه أبمره و أم سيكفر به ويتعاىل عليه وال يرد ؟راعيا وفق أحكام هللاأعطاه، هل سيكون أمينا و

Page 19: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

19

. ؟األمر إىل صاحبهللعالقة بني هللا وضح الرؤية الصحيحةوهذه املعاين العظيمة اليت ورد هبا القرآن ت عجزت العقول مبفردها و الفالسفة حار فيها اليتتلك العالقة العامل،نسان و واإل

عن تقدمي حل مقنع هلا؛ فاالبتالء يقتضي وجود مبتلي ومبتلى ومبتلى به، واألمانة تقتضي وجود أمني وأمانه ومالك هلا، واالستخالف يقتضي وجود مستخلف

طها مبعىن األمانة واالستخالف ومستخلف ومستخلف عليه، فحقيقة االبتالء وارتباحقيقة ظاهرة يف نصوص القرآن والسنة تفسر بسهولة ويسر ما يعجز عنه العلم

احلديث مبعطياته املتعددة . . تسخري املخلوقات لإلنسانية وحماسبتهم يف اآلخرة عليها

ا التكرمي الذي انله هبذران يذك هللا ولو طالعنا نصوص القرآن والسنة لوجدان أن بنوا آدم، وما ترتب عليه من تسخري املخلوقات هلم وحماسبتهم يف اآلخرة على هذه

ولقد كرنمنا بين آدم ومحلناهم يف الرب النعم السابغة واحلجج الدامغة، قال تعاىل: ن خلقنا ت فضيال والبحر ورزق ناهم من الطني بات وفضنلناهم على كثري ممن

.[70:]اإلسراءاي رسول هللا هل ن رى قالوا:)أنه قال: وورد عند مسلم من حديث أيب هريرة

؟سحابة الظنهرية ليست يف يفرؤية الشنمس يفهل تضارون قال: ؟رب ننا ي وم القيامة ،ال قالوا: ؟سحابة يفرؤية القمر ليلة البدر ليس يفتضارون قال: ف هل ،ال قالوا:رؤية أحدمها، يفرؤية رب كم إالن كما تضارون يفبيده ال تضارون نفسي يف والذ قال:

ر لك اخليل واإلبل أمل أكرمك فل، أي ف يلقى العبد ف ي قول: وأسو دك وأزو جك وأسخ ، ل ف ي قول: أفظن نت أناك مالقىا؟ ف ي قول: ،بلى ف ي قول: ؟وأذرك ت رأس وت ربع

.( 17) (نسيتينأنساك كما فإين ف ي قول:

.( 2968) 4/2279 كتاب الزهد والرقائقيف مسلم (17)

Page 20: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

20

ينا شكر هللا بغري حد، والزم الشكر توجب عل النعم اليت ال حتصى وال تعد وهذهولقد وتوحيد العبودية له بال شريك، قال تعاىل: كمال الطاعة واخلضوع هلل

،[10ألعراف:]ا مكننناكم يف األرض وجعلنا لكم فيها معايش قليال ما تشكرون واألرض وأن زل من السنماء ماء فأخرج به هللا الذي خلق السنماوات وقال سبحانه:

من الثنمرات رزقا لكم وسخنر لكم الفلك لتجري يف البحر أبمره وسخنر لكم األهنار وآاتكم من كل ما هار وسخنر لكم الشنمس والقمر دائبني وسخنر لكم الليل والن ن

لظلوم كفنار اإلنسانسألتموه وإن ت عدوا نعمت هللا ال حتصوها إنن ،[32/34:]إبراهيم

شموسها وأقمارها يف تسخري األرض ومن عليها وهتيئة السماء بتعاىل قال و ها أتكلون واألن عام خلقها لك : جنومها وكواكبهاو ولكم فيها م فيها دفء ومنافع ومن

مجال حني ترحيون وحني تسرحون وحتمل أث قالكم إىل بلد مل تكونوا ابلغيه إال بشق لرتكبوها وزينة وخيلق ما ال واخليل والبغال واحلمري رحيم لرءوفاألن فس إنن ربنكم

ها جائر ولو شاء هلداكم أمجعني ت علمون . [9النحل:] وعلى هللا قصد السنبيل ومن األمانة تكرميا له إذ قبلعلى وجه االبتالء ملا كانت األنعام مسخرة لإلنسان و

نذكره أن و ، لنا ربنا أن نتذكر خالقها ومالكهاشرع ورفضها من رفضها من اخلالئق والذي خلق األزواج سبحانه وتعاىل: رها فقال و على ظه ءستوااالابلعلو والتنزيه عند

لتست ووا على ظهوره مثن تذكروا نعمة كلها وجعل لكم من الفلك واألن عام ما ت ركبون م إذا است وي تم عليه وت قولوا سبحان الذي سخنر لنا هذا وما كننا له مقرنني رب ك

[ .12/13الزخرف:]وجود املخلوقات على من علة لاإلنسان اب هللا يذكرويف غري موضع من القرآن

والتذكر والرجوع إىل ، وأن ينظر يف نعمه اليت توجب النظر والتفكر والشكرهذا احلالهو الذي أن زل من السنماء ماء لكم كما قال رب العزة واجلالل: هللا بدوام االفتقار

Page 21: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

21

منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ي نبت لكم به الزنرع والزني تون والننخيل واألعناب ت إنن يف ذلك آلية لقوم ي ت فكنرون وسخنر لكم الليل والن نهار والشنمس ومن كل الثنمرا

وما ذرأ لكم يف ي عقلون والقمر والنجوم مسخنرات أبمره إنن يف ذلك آلايت لقوم ذلك آلية لقوم يذنكنرون وهو النذي سخنر البحر لتأكلوا منه األرض خمتلفا ألوانه إنن يف

ت غوا من فضل ه حلما طرايا وتستخرجوا منه حلية ت لبسوهنا وت رى الفلك مواخر فيه ولت ب ى يف األرض رواسي أن متيد بكم وأهنارا وسبال لعلنكم هتتدون ولعلنكم تشكرون وألق

وابلننجم هم ي هتدون أفمن خيلق كمن ال خيلق أفال تذكنرون وإن ت عدوا نعمة وعالمات [ .10/18النحل:] ور رحيم هللا ال حتصوها إنن هللا لغف

عدد نعمه وفضله على اإلنسان ي أن هللا يف منهج اآلايت املماثلة يالحظ و ألن هذه واحلساب؛إلزامه ابلتكليف ذكر بعدها له ث ي األسباببتهيئة

ها وسوف يسأل عنها علياستخلفه بي يديه كأمانة وطوعها له املخلوقات سخرها تلكالكثري والكثري؛ فكل لسنة فيهما من هذا القبيل القرآن واو ابلضرورة،

ابقيات مبشيئة قائمات على خدمة اإلنسان، املخلوقات مسخرات أبمر هللا ألداء دورها يف حتقيق معىن األمانة والستخالف . هللا

حتقق اجلزاء ا أخرى للحساب و دار االبتالء هيأ هللا متحان و فإذا انتهت دار االة وتظهر مقتضى العدل اإلهلي، وعندها تبدأ مرحلة احلياة الدنيا يف كمال احلكم

النجوم ، و تكورتقد الشمس االضمحالل والزوال حيث تنفطر السماء وتكون وزلزلت األرض وسجرت البحار وتبعثرت وسريت اجلبال وعطلت العشارانتثرت

وفصلها فعها هللا فالسماوات اليت ر ، وأخرجت بعد تبديلها وتغريها أثقاهلا، زلزاهلاشامل سوف تتغري بعد انتهاء دورها يف انقالب كوين عن األرض من أجل اإلنسان

الدنيا ويبدهلا إىل أرض جديدة بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها ةحليايغري معامل ا علم ألحد تتناسب مع دار اجلزاء وأمور اآلخرة .

Page 22: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

22

طي الس جل للكتب كما بدأان أونل خلق نعيده ي وم نطوي السنماء ك تعاىل: ل قانا إانن كننا فاعلني وي وم تشقنق السنماء : وقال ،[104:]األنبياء وعدا علي

لك ي ومئذ احلق للرنمحن وكان ي الئكة ت نزيال امل

وما على الكافرين عسرياابلغمام ون ز ل امل

[ .25/26] الفرقان أمل ي روا أانن جعلنا اللنيل ليسكنوا فيه والن نهار مبصرا إنن يف وقال سبحانه أيضا:

فخ يف الصور ف فزع من يف ال سنماوات ومن يف ذلك آلايت لقوم ي ؤمنون وي وم ي ن األرض إالن من شاء اللن وكل أت وه داخرين وت رى اجلبال حتسب ها جامدة وهي متر مرن

سنة ف له السنحاب صنع اللن النذي أت قن كلن شيء إننه خبري مبا ت فعلون من جاء ابحل ها وهم من ف زع ي ومئذ آمنون ومن جاء ابلسني ئة فكبنت وجوههم يف الننار هل خري من

تم ت عملون . [86/90]النمل: جتزون إالن ما كن ويرى اإلنسان وقت قيام الساعة لتظهر حكمته يف ابتالء ىأخف كما أن هللا

إنن السناعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل ن فس قال تعاىل: سعيه يف العبادة واإلميان،ها من ال ي ؤمن هبا وات نبع هواه فرتدى ،[15/16]طه: مبا تسعى فال يصدنننك عن

لب النجاة يف الدنيا واآلخرة، ويعلم أن سعادته وبذلك حيرص اإلنسان دائما على طيف الدنيا مرهونة ابالستجابة لتدبري هللا الشرعي واالستعانة بتدبريه الكوين، فريجع على

أزمة األمور بيديهالدوام إليه ويتوكل عليه، وخيافه ويرجوه، وحيبه ويدعوه طاملا أن أومل ي روا كيف ي بدئ ، قال تعاىل: ما شاء كان وما مل يشأ مل يكن، وأنه إليه ومرجعها

هللا اخللق مثن يعيده إنن ذلك على هللا يسري قل سريوا يف األرض فانظروا كيف بدأ [ 19/20وت:العنكب] اخللق مثن هللا ي نشئ الننشأة اآلخرة إنن هللا على كل شيء قدير

. كل يسري خاضعا ألمر هللا، كمال االنضباط وهكذا يرى املوحدون الكون يف

كل يف فلك يسبحون، و ، ال الشمس تتأخر حلظة وال القمر يتخلف عن موعده ليلة

Page 23: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

23

بغي هلا أن تدرك القمر وال الليل سابق الن نهار وكل تعاىل: قال يف ال الشنمس ي ن [، ومن مث فإن الكون مل يكن على هذا احلال وهبذا 40يس:] فلك يسبحون

اإلبداع والكمال جملرد انفجار عشوائي مفاجئ كما تقول نظرية االنفجار، بل بىن أركانه امللك اجلبار الكبري املتعال وأمسكه بقدرته من التخبط والزوال كما بني ذلك يف

إنن هللا ميسك السنماوات واألرض أن ت زوال ولئن زالتا إن غري موضع من كتابه فقال: أيضا: وقال ،[41فاطر:] أمسكهما من أحد من ب عده إننه كان حليما غفورا

وف رحيم ء ابلنناس لر وميسك السنماء أن ت قع على األرض إال بذنه إنن هللا غايته يف ثبات وأمان تتواىل أايمه على مر وهذا الكون كما حدد هللا ،[65احلج:]

الزمان منذ أن رفع هللا السماء وفتقها وبسط األرض ومدها، ليحقق لإلنسان حقيقة اث نا عشر شهرا يف إنن عدنة الشهور عند هللا االبتالء واالمتحان كما قال سبحانه:

. [36التوبة:] كتاب هللا ي وم خلق السنماوات واألرض ومل يكن اإلنسان يوما خلية أولية، مت تطورت فأصبحت قردة برمائية، مث تطورت فكونت الساللة البشرية إىل غري ذلك من فكر دارون ودعاوى املاركسية، ومل يكن آدم

اللة بشرية مهجية جعلها هللا تعاىل جتارب إهلية مث طورها فسواها نسال من سكما جاء يف نص الكتاب والسنة من تراب وعدهلا مبواصفات مثالية، بل خلقه هللا

إنن مثل عيسى عند اختلط ابملاء فصار طينا مث صلصاال مث محأ مسنوان، قال تعاىل: وعند أيب ،[59آل عمران:] ت راب مثن قال له كن ف يكون هللا كمثل آدم خلقه من

إنن )قال: Sأن رسول هللا داود وصححه األلباين من حديث أيب موسى األشعري يع األرض فجاء ب نو آدم على قدر األرض جاء هللا خلق آدم من ق بضة ق بضها من مج

. ( 18) (م األمحر واألب يض واألسود وبني ذلك والسنهل واحلزن واخلبيث والطني ب من ه ،خلق العامل على هذا الوضع الذي نراهسر عاقل أن يدرك لميكن لكمن ث و

. 10تقدم خترجيه ص (18)

Page 24: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

24

وهل هذا ؟وهل سيبقى على ذلك أبد اآلبدين أم ليوم معلوم وأجل حمتوم قدره هللا وكثري من ؟متيزا خمصوصا لإلنسان فعلابلالعامل الذي نعيش فيه على األرض حيقق

.سوف جيد هلا الدليل والربهان بذن هللا األسئلة اليت ترتدد على األذهانوقد أثبتت معطيات العلم احلديث أن األرض مع كوهنا كوكبا صغريا يف جمموعة

ا تقول الدراسات احلديثة جمموعة جنمية يطلق عليها اجملموعة الشمسية، وهي كمصغرية يف جمرة متوسطة بني مائة ألف مليون من خمتلف اجملرات إال أهنم اكتشفوا أن هذا الكون ابتساعه املستمر إمنا جعل لثبات األرض واستقرارها الزمين فرتة خمصوصة

لشمس متثل زمن احلياة الدنيا، هذا من خالل الدقة املتناهية يف مدار األرض حول ا، ومدار الشمس حول مركز اجملرة ومركز اجملرة يدور يف فلك ال يعلم مساره إال هللا

بل ميكن القول إن هذا الكون هو أساس االستقرار جلميع الكائنات اليت على األرض واليت هيئت ابلطبع من أجل استخالف اإلنسان .

شك من أن الفضاء والزمان النووي أميد مش يوقد ذكران ما أشار إليه العامل الفيزايئمفهومان يشكالن توازان متكامال يف الكون ال ميكن فصل إحدامها عن اآلخر فتقليص إحدامها يؤدي إىل تقليص اآلخر وبنفس النسبة، فلو كان الكون عبارة عن جمرة درب التبانة فقط لتقلص بقاء الكون إىل شهرين فقط، ويف هذه الفرتة القصرية

كن وجود اإلنسان وبقية الكائنات على األرض هبذا احلال، فالكون من الزمن ال ميومن ضمنه جمموعتنا الشمسية وجدت بعناية خاصة لتهيئة كرتنا األرضية وجعلها صاحلة لظهور خمتلف أنواع األحياء، وأخريا لكي تكون صاحلة لسكن الضيف العزيز

. ( 19)املدعو ابإلنسان اجلن خلقوا من انر وأن من نور،لق املالئكة خ هللا رد يف صحيح السنة أن و

رسول خلق بعدهم، فعند مسلم من حديث عائشة رضي هللا عنها أن وأن آدم

. 110االنفجار الكبري ص (19)

Page 25: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

25

وخلق آدم وخلق اجلان من مارج من انر، )خلقت المالئكة من نور، :قال Sهللا قبضة منتقاه قبضها من األول خلق اإلنسان هللا كما أن ،(20) مماا وصف لكم(

فصار مث جفف الطني صار طينا،فملاء ابمث اختلط الرتاب األرض،تراب مجيع من قبضة من األول خلق اإلنسان والدليل على أن ،محأ مسنوان بعد ذلكمث صلصاال

الذي حديث أيب موسى األشعري ورد يف األرض ما تراب منتقاه قبضها من مجيع ومن آايته أن خلقكم قوله تعاىل عن خلق اإلنسان من تراب: وكذلك (،21)قدم ت

[ .20]الروم: تنتشرون من ت راب مثن إذا أن تم بشر وهو النذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا من ماء: اإلنسان عن خلق وقال

أما خلقه من طني فقد ورد يف قوله: [، 54]الفرقان: ا وكان ربك قديرا وصهر وأما [، 7]السجدة: النذي أحسن كلن شيء خلقه وبدأ خلق اإلنسان من طني

خلق اإلنسان من صلصال كالفخنار خلقه من صلصال فقد ورد يف قوله: وإذ قال ربك : محأ مسنون فقد ورد يف قوله [، وعن كونه خلق من 14لرمحن:]

مث سواه هللا [، 28]احلجر: للمالئكة إين خالق بشرا من صلصال من محإ مسنون برب ك الكرمي النذي اي أي ها اإلنسان ما غرنك على هيئة معتدلة قومية كما قال تعاىل:

[، واجلمع بني 6/8]االنفطار: خلقك فسوناك ف عدلك يف أي صورة ما شاء ركنبك .هذه النصوص يقتضي ما ذكران

وملا خلق هللا اإلنسان أبقاه حينا من الدهر مل يكن شيئا مذكورا وال تعرف هر مل اإلنسانهل أتى على ل تعاىل: الكائنات له قدرا أو شرفا، كما قا حني من الدن

أي قد أتى على )واملعىن كما ذكره القرطيب: ،[1:]اإلنسان يكن شيئا مذكورا اإلنسان حني مل يكن له قدر عند اخلليقة، مث ملا عرف هللا املالئكة أنه جعل آدم

اوات واألرض واجلبال ظهر فضله على خليفة ومحله األمانة اليت عجزت عنها السم

.( 2996) 4/2294مسلم يف كتاب الزهد (20) . 10صتقدم خترجيه (21)

Page 26: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

26

. (22) (الكل فصار مذكوراإلنسان وجود ااملالئكة واجلن أسبق من وجود ورد يف القرآن ما يدل على أن وقد ولقد خلقنا اإلنسان من صلصال من محإ مسنون واجلانن خلقناه قال تعاىل: األول،

ن انر السنموم وإذ قال ربك للمالئكة إين خالق بشرا من صلصال من محإ من ق بل م فقوله: واجلان خلقناه من قبل أي من قبل وجود ، [26/28]احلجر: مسنون

اجلان )قال الشوكاين: على رأي اجلمهور،إبليس أبو اجلن هواإلنسان األول، واجلان س ومسي ليوقال عطاء واحلسن وقتادة ومقاتل: هو إب و اجلن عند مجهور املفسرين،أب

عني بين أإذا سرته فاجلان يسرت نفسه عن يءجاان لتواريه عن األعني يقال: جن الش اهاهنعين ابجلان )وقال ابن جرير: ، (23) (ومعىن من قبل من قبل خلق آدم آدم،

خلق ..يس خلقناه من قبل اإلنسان من السموم لذكره وإب إبليس أاب اجلن يقول تعاىل .( 24) (قبل آدم

فإذا وإذ قال ربك للمالئكة إين خالق بشرا من صلصال من محإ مسنون وقوله: ل بوضوع ، يد[28/29]احلجر: سوني ته ون فخت فيه من روحي ف قعوا له ساجدين

على وجود املالئكة قبل اإلنسان، وكذلك ما رواه البخاري من حديث أيب هريرة خلق اللن آدم على صورته، طوله ستون ذراعا، ف لمنا خلقه قال:)قال: Sأن النيب

ا اذهب فسل م على أولئك الن نفر من المالئكة جل وس، فاستمع ما حييونك، فإهنن، ف زادوه السنالم عليكم، ف قالوا: حتي نتك وحتينة ذر ينتك، ف قال: السنالم عليك ورمحة اللن

، فكل من يدخل اجلننة على صورة آدم، ف ل م ي زل اخللق ي ن قص ب عد حىتن ورمحة اللنإن )أنه قال: روى ابن جرير بسند موقوف على أنس بن مالك وقد ( ،25) (اآلن

. 19/119قرطيب التفسري (22) .3/130فتح القدير (23) .4/242تفسري الثعاليب ،8/179تفسري أبو السعود ،5/78يوطي سوانظر أيضا تفسري ال 14/30الطربي تفسري (24) .( 5873) 5/2299، ابب السالم البخاري يف االستئذان (25)

Page 27: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

27

( ،26) (هللا خلق املالئكة يوم األربعاء وخلق اجلن يوم اخلميس وخلق آدم يوم اجلمعة ويف هذه الرواية نظر وإن كانت موافقة ملا سبق من حيث اجلملة .

األحداث املتعلقة ابإلنسان وابتالء املالئكة واجلان وينبغي التنبه إىل أن األحداث املتعلقة ابإلنسان وابتالء املالئكة واجلان ببيان موقفهم منه ال بد أن تؤخذ من نصوص القرآن والسنة جمتمعة، ألن كل نص يصف

، فمثال آايت احلدث من زاوية معينة، أما كامل احلدث فيؤخذ من جمموع النصوصسورة احلجر السابقة هي من قبيل الوصف اجململ املفصل يف مواضع أخرى، فإن هللا

بني يف سورة البقرة أنه أخرب املالئكة عن خالفة اإلنسان يف األرض وأهنم عقبوابكونه سيفسد فيها ويسفك الدماء مث علم آدم األمساء وعجزت املالئكة عن اإلخبار

ذلك ابلسجود، وقد نبه أبو السعود على هذا األمر حيث قال: هبا، مث أمرهم بعدفالذي يقتضيه التحقيق ويستدعيه النظر األنيق بعد التصفح يف مستودعات الكتاب )

إمنا ترتب على املكنون والتفحص عما فيه من السر املخزون أن سجودهم له ة املسبوقة ابإلخبار املبين على اجملاور األمر التنجيزي املتفرع على ظهور فضله

املنتظم مجيع ذلك يف سلك ما نيط به األمر التعليقي من التسوية ونفخ خبالفته،فإن الفاء اجلزائية إذ ليس من قضيته وجوب السجود عقيب نفخ الروح فيه، الروح،

( 27) (ليست بنص يف وجوب وقوع مضمون اجلزاء عقيب وجود الشرط من غري تراخ

. قيدة الصحيحة يف الغيبيات أن يقف املسلم عند النصوص، كما أن مقتضى الع

، ومل يبني هللا يف كتابه أو يف فما ورد آمن به وقال به، وما مل يرد رد علمه إىل هللا غري أهنم كانوا ؟مىت كان خلق املالئكة أو اجلن على وجه التحديد Sسنة رسوله

قت حكمة هللا يف ابتالء اجلان أسبق من اإلنسان يف الوجود، وال نعلم أيضا كيف حتق

. 1/240الطربي تفسري (26) . 1/88تفسري أيب السعود (27)

Page 28: الأمانة ونشأة الكون لخلافة الإنسان في الأرض

رخالتدبري مبيت الكمة واحلقدر والقضاء والا لومسائ ربوبيةلقدير يف توحيد الدورة منة ا

28

أو كيف صار إبليس يف منزلة املالئكة وكيف أصبح بينهم حبيث ؟وذريته عند نشأهتم، Sفلم يثبت ذلك يف نص مرفوع إىل النيب ؟إن اخلطاب إليهم يشمله أو يستثين منه

، ابتلى به مجيع الكائنات املوجودة وقتها وقد علمنا مما سبق أن هللا ملا خلق آدم فكان موقف املخلوقات منه على نوعني:

حيث ابتالهم هللا مجيعهم شارك اإلنسان يف قبول األمانة أو رفضها نوع األول:هبا فرفضتها السماوات واألرض واجلبال وقبلها اإلنسان، مث خري هللا من رفضها يف

رها بعدله اإلتيان طوعا أو كرها ملن قبلها فانقادت ألمره عن طاعة وحمبة وتسليم فسخوقدرته وهيأها أبمره وحكمته لتمكني اإلنسان فيها من وضع معني يسمح له أبداء األمانة وحتقيق االبتالء، مث رفعه هللا وكرمه واستخلفه واستأمنه فأصبح اإلنسان شيئا مذكورا مميزا عن غريه بعد أن كان جمهوال، وهبذا جعل هللا من رفض األمانة مسخرا ملن

قبلها .وانلت أعلى درجات ين: موقف بقية املخلوقات اليت وجدت قبل اإلنسانالثا

القرب واإلميان، ومل تشاركه مع املخلوقات يف قضية محل األمانة، وهؤالء هم املالئكة ومعهم اجلين إبليس الذي ميثل جنسه من اجلن .