1 دورات تكوينية لصالح الصحفيين

االستقصائية الصحافة

دورات تكوينية لصالح الصحفيين

منجزة من طرف نقابة الصحفيين الموريتانيين

موريتانيا 2010

الصحافة االستقصائية2

3 دورات تكوينية لصالح الصحفيين

ظهرت الصحافة االستقصائية مع بداية تطور مفهوم الصحافة ودورها في المجتمع واتجاهها الى اإلبراز والتركيز والتحري عن

قضايا معينة تحدث في المجتمع، خاصة جوانب االنحراف والفساد ونتيجة لذلك سمي محرروها بالمنقبين عن الفساد.

اعتمد الصحفيون المختصون في االستقصاء في حركتهم الصحفية على نشر التحقيقات الصحفية الكاشفة المبنية على وثائق رسمية وخاضعة

لمراقبة الخبراء، وبرزت حركة المنقبين عن الفساد كقوة مهمة عام 1906

يعود الفضل إليها في العديد من اإلصالحات التي تمت في المجتمع الغربي

وهنا ما أحوجنا إلى مثل هذا النوع في بلد كموريتانيا يعيش في طور تحوالت اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية كبيرة . ويجري فيه الحديث بقوة عن تجديد الطبقة السياسية ومحاربة الفساد وتغيير

العقليات واستبدال ممارسات معينة بأخرى يجري الترويج على نطاق واسع لكونها مختلفة تماما عما كان قائما منذ عقود. من هنا تبرز

الحاجة للصحافة االستقصائية وإلجراء المزيد من األعمال الصحفية الكبرى التي تتطلب تحقيقات وقصص استقصائية تعالج ما كان مستورا

وتفضح قضايا كبيرة مالية واقتصادية وبيئية واجتماعية تطال مختلف مناحي الحياة السياسية واالقتصادية. الحاجة لمثل هذه االستقصاءات

تمليه ضرورة اإلصالح والسير بالمجتمع وبالبلد وبطبقته السياسية وأصحاب المال وأصحاب القرار وذوي النفوذ نحو ما هو أكثر وأقرب الى

الشفافية والحقيقة.

مدخل عام الى »الصحافة االستقصائية«

الصحافة االستقصائية4

انتشرت الصحافة االستقصائية في الواليات المتحدة االميركية خالل فترة السبعينيات من القرن العشرين. تستخدم الصحافة االستقصائية اآلن بشكل متسع في مجاالت كشف الفساد في المجتمع وتقديم الرؤية االستقصائية الشاملة

التي ال تستطيع ان تقدمها وسائل االعالم االخرى، وقد صاحب هذا نمو متزايد في توظيف الحاسبات االلكترونية الغراض تصنيف المعلومات والبيانات الكثيرة التي يحصل المحررون االستقصائيون عليها، وتحليلها بشكل يساعدهم

على الوصول الى خالصات كمية دقيقة.

أخالقيات الصحافة االستقصائية ≠ يبدو ان الصحافة االستقصائية تملك قدرة ال تضاهى على ربط مسؤولين بجرائم معينة، لكنها قد تخلق ايضا

احساسا خاطئا لدى الناس بان هناك دوما تصرفات خاطئة، انها سيف ذو حدين، فنشر التقارير حول التصرفات الخاطئة يوجه انتباه الناس الى جرائم مفترضة، ولكنه قد يقود ايضا الى صدور احكام متسرعة حول مسؤولية المعنيين دون

اللجوء الى مؤسسات انشئت دستوريا الجراء التحقيقات واصدار االحكام القانونية.

وهنا تكون المسؤولية االخالقية مهمة للغاية، فيمكن ان يؤدي نشر الصحف التهامات غير مدعومة بادلة دامغة الى نتائج مدمرة لسمعة افراد ومؤسسات.

وفي هذا االطار يقول، وايزبورد: ان معظم المناقشات التي دارت بين خبراء االعالم في السنوات االخيرة حول اخالقيات الصحافة االستقصائية تركزت على المنهجية اي هل هناك اي اسلوب صالح للكشف عن التصرفات الخاطئة؟

هل يعتبر اللجوء الى الخداع شرعيا عندما يهدف الصحفيون الى قول الحقيقة؟ هل يمكن تبرير اللجوء الى اسلوب معين اذا كانت ظروف العمل وصعوبات الحصول على المعلومات تستدعي ذلك؟ هل يجوز للصحفيين استعمال هويات

مزيفة من اجل الوصول الى معلومات.وتبرز بالنسبة الى هذه النقطة اساليب الحصول على المعلومات كعامل مهم يجب اخذه في االعتبار، وهو ان الجمهور يبدو اقل رغبة من الصحفيين في قبول اي سلوك كان للكشف عن التصرفات

الخاطئة، فقد اظهرت استطالعات الرأي داخل المجتمع االميركي ان الناس ينظرون بعين الريبة الى عمليات انتهاك الخصوصية مهما كانت اهمية أية قضية اخبارية لهم ويظهر ذلك بوضوح كبير في دول عديدة حين تهبط مصداقية

الصحافة الى ادنى درجة لها. وال تقتصر القضايا االخالقية في الصحافة االستقصائية على اساليب الحصول على المعلومات، فالفساد كما يقول »السدير ذرالند Alasdair sutherland« يشكل ايضا قضية اخالقية مهمة اخرى في الصحافة ويشمل اشكاال متنوعة من الممارسات تتراوح بين قبول الصحفيين للرشاوى او امتناعهم عن نشر تقارير

معينة، او دفعهم امواال لمصادر المعلومات، ويشير الى ان هذه القضايا غير االخالقية في الصحافة منتشرة في جميع انحاء العالم خاصة في جنوب شرق اوروبا وامريكا الالتينية والدول النامية. كما تؤكد الدراسة الميدانية التي

قام بها االتحاد الدولي للعالقات العامة الى عدم وجود منطقة في العالم تتمتع بمناعة ضد هذه الممارسات الفاسدة في وسائل االعالم، ولمكافحة مثل هذه النشاطات الفاسدة بدأت بعض مجموعات وسائل االعالم، الزام الصحفيين

بمعايير اخالقية ففي روسيا يوزع اتحاد الصحافة بطاقات صحفية فقط على مؤسسات االعالم والصحفيين الذين يتبنون نظامه السلوكي الرسمي الذي يدين ممارسات الفساد ويؤمن باستقالل التحرير.

وفي الدول العربية بصورة عامة تتوافر مجموعة من العوامل تمنع ظهور هذا النوع من الصحافة بمفهومه الشامل، وتتمثل هذه العوامل في: قوانين النشر التي ترهب اي عمل صحفي جاد يتعرض للفساد، خاصة لفساد النخبة التي

5 دورات تكوينية لصالح الصحفيين

تمثل جماعات ضغط داخل المجتمع، وافتقار الصحف الى سياسات تحريرية للقيام بمثل هذا الدور من قبل كوادر صحفية تمتلك الكفاءة العالية للقيام بحمالت االستقصاء، وعدم تجاوب االنظمة السياسية بشكل كبير مع ما تتناوله

الصحف عن وقائع وحمالت الفساد، فغالبًا ال تؤدي الحمالت في الصحف بالفعل لمحاكمات حقيقية لرموز الفساد او لتخليهم عن مناصبهم بعد ان تحوم حولهم الشبهات، وفي الغالب تنتهي هذه الحمالت بحفظ قضاياها، خاصة اذا لم يكن للنظام السياسي مصلحة في ذلك، وباستثناء ذلك يمكن ان نطلق على ما يطرح في الصحافة من اشكال استقصائية بأنها موضوعات شبيهة بالصحافة االستقصائية لم تصل بعد الى هذا المفهوم سواء من حيث الشكل

والمضمون.

فعالقة الصحافة بالنظام هي التي تحدد بشكل كبير مدى تطور هذا النوع من الصحافة، وهناك نماذج الشكال استقصائية شبيهة بالصحافة االستقصائية الغربية في الصحف المصرية اال ان هذه التحقيقات غالبا ما انتهت بحظر

النشر من قبل النائب العام، او بادانة وحبس الصحفيين.

حدود االستقصاء وأدواته ≠ ومصادره

ليست هناك اية حدود لالستقصاء، السيما اذا كان مهنيا وقانونيا ويصب في خدمة الصالح العام وال

يقوم على نوايا مبيتة وعواطف شخصية، فعلى صعيد الزمن يمكن استقصاء الماضي والحاضر وآفاق المستقبل، فالحادث الذي راحت ضحيته

االميرة ديانا في باريس عام 1997، مازال ينقب فيه صحفيون استقصائيون من مختلف دول

العالم، وكلما توقف فريق عن البحث واالستقصاء ظهر فريق غيره ليواصل المهمة على الرغم من

ان الحادث قبل عقود طويلة، ومن ذلك مقتل آخر قيصر روسي على يد ثوار اكتوبر عام 1917، اذ ما زالت

التقارير تكتب عنـه حتى يومنا هذا، والكثير من الحوادث والمآسي التي وقعت في الماضي، اما جرائم الحاضر فليس هناك

داع للحديث عنها النها اكثر من ان تعد او تحصي وهي معروفة للجميع السيما المشهـور منها.

ويمكن للصحفي المستقصي استخدام كل الطـرق المشـروعة واالساليب التقنية الحديثة لكشف الستار عن الجـرائم المختلفة، السيمـا وان شبكة المعلومات الدولية )االنترنت( تقدم خدمات فائقة في هذا المجال، يضاف لها ما تقدمه

الوسائل التقية الحديثة كالبريد االلكتروني والكاميرات الرقمية وآالت التسجيل واالتصال الحديث.

الصحافة االستقصائية6

من اجل صحافة استقصائية كفوءة ≠

ابرز النقاط المهمة )والتي اكدت عليها منظمة الشفافية العربية( كصيغة مرضية لصحافة عربية تواجه الفساد وهي:

1 القيام بعملية مراجعة شاملة للقوانين المختلفة المتعلقة بتقييد الحريات والغاء قوانين المطبوعات المقيدة للحريات، وتبني حمالت وطنية القرار قانون حرية الوصول الى المعلومات.

2 حمالت توعية للمجتمع المدني بضرورة حرية الصحافة،وبالتالي خوض معركتها،لكونهما يمثالن حلفًا واحدًا.

3 حث القطاع الخاص على اصدار الصحف لكونها خط دفاع مهم ضد الفساد الذي يشوه العملية االقتصادية ويوجهها نحو االحتكار، والربح غير المشروع في كثير من االحيان.

4 فك االرتباط بين الصحافة والحكومات بتضمين القوانين المدنية مواد تمنع الحكومات من التملك في الصحافة.

5 الحث على تأسيس نقابات وتجمعات تدافع عن الصحفيين وتقوم بالتعاون المشترك بين النقابات العربية واالجنبية في هذا االمر.

6 ترويج للصحافة االستقصائية بوصفها االهم في فضح قضايا الفساد في المجتمع.

7 اقرار قوانين تشجع المنافسة وتمنع االحتكار في السوق االعالمية.

8 العمل على اقناع المؤسسات الصحفية بتخصيص صفحات لمتابعة قضايا الفساد،وحث مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص على دعم صحف متخصصة في محاربة الفساد.

9 تخصيص جوائز سنوية الحسن موضوعات عن محاربة الفساد،او الشخاص يحاربون الفساد، ويتفرغون لمواجهة هذا الوباء الذي يفكك المجتمع ويسبب نتائج مريعة لجميع مجاالته وقطاعاته.

10 تشجيع عقد دورات لتدريب الصحفيين على الصحافة االستقصائية المتخصصة وسبل كشف قضايا الفساد. الخطيرة في المجتمع.

المصدر : علي دنيف حسن. دور الصحافة االستقصائيـة في مكافحـة الفسـاد المالي واالداري والحد من الجريمة المنظمة.

الصحافة االستقصائية يف عصر املعلومات ≠ أعدت الصحفية جسيكا وايس األمريكية المهتمة بالصحافة االستقصائية والمتابعة لتطورها بحثا عن هذا الموضوع

اخترنا منه بعض الدروس واالستنتاجات التي تؤرخ لتطور الصحافة االستقصائية وتوضح مدي خصوصيات هذا الفن في تعمقه وبعده الزمني وتداخل االبعاد الشخصية والقانونية واالخالقية في معالجته

وعلى الرغم من تطور الصحافة االستقصائية في العديد من البلدان المتقدمة فان تقدمها في بلدان العالم

7 دورات تكوينية لصالح الصحفيين

الثالث يبقي محكوما بجملة من المدخالت السياسية و الثقافية واالقتصادية واالجتماعية فضال عن متغيرات تكوين الصحفيين وماسسة المقاوالت الصحفية وانفتاح مصادر االخبار

ويوجد اآلن أكثر من خمسين مركزًا استقصائيًا حول العالم، ونصف هذا العدد قد أنشئ بعد عام 2000. ويعود الفضل الى مراكز وشبكات دولية مثل اإلتحاد الدولي للصحفيين اإلستقصائيين في توفير منابر للصحفيين للتواصل والعمل

على التحقيقات اإلستقصائية.

ويتكون اإلتحاد من مائة صحفي من خمسين دولة، ويتطلع القائمون عليه للتوسع أكثر. وتقوم المراكز األخرى، مثل الصحفيون العرب في مجال الصحافة اإلستقصائية والمركز الروماني للصحافة اإلستقصائية ومنتدى الصحفيون اإلستقصائيون األفريقيون )FAIR(، بمساعدة الصحفيين على التواصل والتجمع والتدريب. وقد استضاف منتدى

الصحفيين االستقصائيين األفارقة في نهاية أكتوبر الماضي في جوهانسبورغ المؤتمر األول للصحافة االستقصائية.

في بلدان معروفة بتعسفها ضد اإلعالم، استطاع الصحفيون أن يجدوا طرقًا مختلفة للعمل على التحقيقات اإلستقصائية عن طريق التطرق الى المواضيع األقل حساسية، مثل المواضيع المالية وما يخص المستهلك ومواضيع

النظام الصحي والبيئة.

وكمثال على ذلك ، تمكنت الصحيفة الصينية »كيجنك« من التطرق الى مواضيع األموال والتحقيقات المالية.

وحتى في البلدان التي لديها إعالم مستقل، فإن العمل على القصص االخبارية اإلستقصائية تتخلله بعض التحديات. منها عوامل اللغة والثقافة والمشاكل التقنية والعمل في أقاليم ذات توقيت .

يعتبر في أحيان كثيرة العمل تحت غطاء السرية في غاية االهمية و يضطر الصحفيون الى اللجوء اليه في أمريكا. والتخفي هو اآلخر يكون الوسيلة الوحيدة إلنجاز العمل«.

من ابرز التحديات الدائمة في الصحافة اإلستقصائية هو جمع المعلومات الكثيرة.

ويكرِّس اإلتحاد الدولي للصحفيين اإلستقصائيين حاليا مصادر كثيرة لخدمة مشروع UJIMA، )الصحفيين

الصحافة االستقصائية8

االستقصائيين( وهو مجموعة من القواعد البيانية والوثائق والمعلومات متوفرة للصحفيين في أفريقيا فقط حاليًا. وحالما يصدَّر المشروع عالميًا، سيكون بإمكان الصحفيين حول العالم الحصول على معلومات عن تسجيالت العمالء

األجانب ووثائق بيع األسلحة وعقود التنمية ومعلومات من األمم المتحدة، وكل ذلك عن طريق بحث بسيط على اإلنترنت.

الطرق الجديدة لجمع المعلومات، المعتمدة في الصحافة اإلستقصائية كحرفة مرتكزة على نفس المبادئ التي بنيت عليها وتتطلب نفس المهارات، مثال كيفية التفكير المنتظم في كتابة القصة وإيجاد عدة مصادر للمعلومات

والتمحيص في الوثائق العامة وإجراء اللقاءات وتتبع الخيوط الدالة على الشخوص والتمويل.

الصحفي اإلستقصائي يشبه أحيانا برجل الشرطة المخلص ورجال العدل الشرفاء الذين يتمنون بأن يتركوا العالم على شكل أفضل مما وجدوه«.

يغوص الصحفي االستقصائي في أعماق المواضيع الشائكة ويحاول النظر فيما إذا كان الناس الذين يملكون السلطة والقوة يطبقونها بمسؤولية. وهذه هي الطريقة المثلى للتحقيق«.

الصحافة االستقصائية ≠

قواعد عامة :

تمثل القواعد التالية البوصلة التي يتعين ان توجه عمل الصحفي االستقصائي وتقود خطواته ان علي

المستوي الشخصي او علي مستوي االستعانة بمختلف الخبرات للمهنية بمزيد من االحترافية. كما تتضمن القواعد كذلك خصوصيات الصحافة االستقصائية

التي تفصلها عن مجرد التحقيق العادي حتي ولو تقاطعت معه في عملية التعمق والغوص في اعماق الملفات المعروضة:

- موضوع واحد

-طول المدة الزمنية

-البحث المعمق وتعدد المصادر

-اللجوء إلى المختصين في الموضوع والشهود

-معرفة وإحاطة بالموضوع

-عمق التحليل

-استقاللية تجاه السلطات السياسية والمال والجمهور

-مقاومة اإلغراءات والبحث عن السبق الصحفي

9 دورات تكوينية لصالح الصحفيين

التحقيق الصحفي ≠ التحقيق الصحفي من أصعب األجناس الصحفية وأكثرها تعقيدا وتشعبا، لكنه يبقى واحدا من أنبل هذه األجناس

وأكثرها عمقا ومتعة وشموال. اذ تنصهر به أهم األجناس الصحفية واألشكال التحريرية، فهو يجمع بين الخبر والمقابلة والرأي، وتحكم روحه وسياقه الدراسة واالستطالع والبحث، وتقصي أسباب الحقائق ومعرفة الزوايا المتعددة لحقيقة

الحدث أو الواقعة.

وبحكم ذلك، فإن التحقيق الصحفي اعتبر فنا تحريريا معقدا، يتطلب مقدرة وكفاءة عالية من المحرر، وظل قسم التحقيقات القلب النابض للصحيفة –أي صحيفة- وأهم أقسامها على اإلطالق، كما أن االنضمام لهذا القسم بقي دائما

أمنية كل صحفي طموح.

وعبر تاريخ الصحافة الورقية، ظل التحقيق الصحفي يحظى بمكانة مرموقة في قاعات تحرير كبريات الصحف العالمية، واستطاعت صحف متواضعة تحقيق االنتشار بسبب تحقيقات صحفية جيدة الشكل والمضمون، ووصل

صحفيون مغمورون إلى قمة الشهرة والمجد بفضل تحقيقات كتبوها بمهنية وحرفية )كارل برنستين، وبوب وود ورد الذين كشفا تفاصيل ما عرف بفضيحة ووتر غيت(.

ويؤكد تاريخ الصحافة مدى تأثير وأهمية التحقيق الصحفي، حيث استطاعت تحقيقات صحفية تغيير مسارات حروب معينة، كما هو الحال في التحقيق الذي كشف سنة 1986ضلوع وكالة االستخبارات المركزية األمريكية في صفقات أسلحة إليران خالل الحرب اإليرانية العراقية، فيما عرف حينها بفضيحة إيران كونترا، كما أطاح محققون صحفيون بزعماء دول كبرى كما حصل في فضيحة ووتر غيت التي أطاحت سنة 1974 بالرئيس األمريكي نيكسون وأفقدت

حزبه خمسة مقاعد في الكونجرس و49 مقعدا بمجلس النواب.

وإذا كان التحقيق حظي بهذه المنزلة في الصحافة المكتوبة أيام لم تكن لها منافسة، فإن أهميته اليوم تبدو أكثر لهذه الصحافة وقد بات مجرد وجودها موضع تساؤل، في ظل منافسة الفضائيات والصحافة األلكترونية، وصحافة

»الوجبات السريعة« )SMS (إذ لم يبق للصحافة المكتوبة من ميدان يمكن أن تناور فيه سوى ميدان التحقيق الصحفي الذي ما يزال حتى اآلن –في قوالبه التقليدية وطبيعة تناوله للقضايا- حكرا على الصحافة المكتوبة.

وبكل أسف فإن هذا الميزة لم تستغل من طرف صحافتنا العمومية والخاصة، إذ يغيب عن صفحاتها التحقيق الصحفي، ربما لحداثة التجربة وغياب تقاليد صحفية عريقة، أو النغالق مصادر األخبار في هذا البلد، أو لتداخل الخاص والعام

وشيوع »الشخصنة« في مجتمعنا.

وربما كذلك لسيطرة االستسهال في الصحافة الخصوصية، والجنوح إلى »الوظيفية« و »المكتبية« في صحافتنا العمومية، وهو أمر ال يستقيم في ظله وجود صحافة التحقيقات.

ذلك أن هذا النوع من الصحافة هو، بامتياز، صحافة البحث والتحري واالستقصاء والنزول إلى الميدان، وهو كذلك صحافة االستطالع واستنطاق الوثائق وقراءة ما بين سطور الخبر واستجالء ما وراء الحدث، وهو بذلك يتطلب نماذج خاصة من الصحفيين، ال تتعاطى مع المهنة باعتبارها وظيفة، و ال تجلس على مقاعد تنتظر أن »يأتيها باألخبار من

الصحافة االستقصائية10

تزود«.

إن التحقيق الصحفي، عمل إبداعي يستجلي فيه الصحفي أبعاد الحدث أو الظاهرة ويكشف حقائقها، من خالل جمع المعلومات وربطها وصياغتها بأسلوب متساوق، ليقدم للقارئ الحدث كما هو ويكشف له أبعاده المختلفة والظروف

المحيطة به، وانعكاساته على أرض الواقع.

ويبدأ التحقيق الصحفي من النقطة التي تنتهي عندها القصاصة اإلخبارية، فإذا كان الخبر يجيب بصورة مختصرة ومبسطة على األسئلة الستة المعروفة، فإن التحقيق الصحفي يستقصي ما وراء الخبر أو الحدث ليقدم أبعاده وتجلياته

وانعكاساته من خالل االستقصاء والبحث والتحليل والتفسير.

ويقوم التحقيق على خبر أو فكرة أو مشكلة أو قضية، يلتقطها الصحفي فتشكل رأس الخيط وتبدأ المهمة الصعبة، المتمثلة في رصد كل ما له عالقة بالموضوع والبحث عن األسباب والعوامل االجتماعية أو االقتصادية أو السياسية

أو الفكرية، التي تكمن وراء الخبر أو القضية أو المشكلة أو الفكرة أو الظاهرة التي يدور حولها التحقيق، والربط بين ما يتجمع لديه من آراء ومعلومات واستنتاجات، ليقدمها للقارئ في شكل صحفي ال هو بالرأي الصرف وال هو بالخبر

المجرد كذلك..

ويؤدي التحقيق الصحفي وظائف الصحافة األساسية، من حيث اإلخبار، حيث يقدم الحقائق والمعلومات الجديدة للقراء، كما يقوم بتفسير األخبار واألحداث وشرحها والكشف عن أبعادها االجتماعية واالقتصادية وداللتها السياسية.

ومن حيث مهمة التوجيه واإلرشاد فإن التحقيق يثير قضايا المجتمع ومشكالته.

وإلى جانب هذه الوظائف فإن التحقيق الصحفي غالبا ما يبحث عن الجوانب الطريفة والمسلية في الحياة.

11 دورات تكوينية لصالح الصحفيين

مراحل إعداد التحقيق ≠

يمر إعداد وتنفيذ التحقيق الصحفي بثالث خطوات أساسية، تبدأ باختيار موضوعه، ثم تجميع مادته، وأخيرا كتابته ونشره.

1 - اختيار موضوع التحقيق:

يبدأ التحقيق الصحفي فكرة أو موضوعا في ذهن الصحفي، ترتبط باألحداث الكبرى أو القضايا ذات الصلة بالحياة اليومية للمجتمع )إضراب األطباء، األدوية المزورة، االنقطاعات المتكررة للكهرباء في انواكشوط..( أو تلك التي

تستقطب اهتمام جمهور واسع من قراء الصحيفة، وتحتاج إلى إيضاح وشرح وتفسير و كشف الغموض الذي يحيط بها)نفايات تازيازت، اضطرابات الجامعة على خلفية قضية اللغات، لقاحات األطفال الفاسدة...(.

ويمكن أن يكون موضوع التحقيق ظواهر اجتماعية وغير مرتبطة باألحداث اليومية )زواج السر في المجتمع الموريتاني، شيوع الطالق في المجتمع الموريتاني، االسترقاق، متاجرة النساء..(.

ورغم أن ارتباط الفكرة باألحداث الجارية والقضايا التي تشغل المجتمع، يزيد من أهميتها، فإن ذلك ال يعني أن فكرة مرتبطة بحدث قديم ال تصلح ألن تكون موضوع تحقيق صحفي، خاصة إذا كانت ستمكن من كشف جوانب جديدة

فيه)قضية الخطوط الجوية الموريتانية، قضية تهريب المخدرات، بطء اإلجراءات القضائية..(.

ويعتبر الحصول على فكرة التحقيق من أصعب الخطوات التي تواجه الصحفي في إعداد وتنفيذ تحقيقه.

لذلك فإن كبريات الصحف تحرص على عقد اجتماع يومي لقسم التحقيقات لعرض األفكار واالقتراحات التي يمكن أن تكون موضع تحقيقات.

ويتطلب التميز في هذه النقطة قراءة دقيقة ومتأنية للصحف بجميع أبوابها وتخصصاتها، ومتابعة وسائل اإلعالم، فأخبارها هي المصدر األول لألفكار، ومن المفيد جدا للصحفي االختالط بالناس العاديين لمعرفة اهتمامتهم واالطالع

على المعلومات المتداولة في اوساطهم.

وإلى جانب ذلك، من الضروري لصحفي األخبار عموما وصحفي التحققات خاصة، تكوين شبكة عالقات واسعة بين الخبراء والمختصين، ال ألنه يمكن ان يحصل منهم على اخبار ومعلومات قد تشكل موضوع تحقيق، فحسب، وإنما ألنه

قد يحتاجهم في تفسير وتحليل بعض المعلومات الواردة في التحقيقات.

ورغم أهمية هذه الخطوة، فإن كثيرين قد ال يرونها ذات أهمية كبرى، وإن كانوا يسلمون بأن الموضوع الحيوي ينتج تحقيقات ساخنة ومثيرة. ويرى أصحاب هذا الرأي أن التحقيق يبدأ من المرحلة الثانية التي هي تنفيذ التحقيق :

2 - تنفيذ التحقيق الصحفي:

إذا كان التحقيق يبدأ كفكرة في ذهن الصحفي، أو هيئة التحرير، فإن خروجه إلى حيز الواقع يبدأ بالبحث عن

الصحافة االستقصائية12

المعلومات وتجميعها واستجالء واستقصاء جوانب الموضوع وربطها والبحث عن تفسير الغامض منها للوصول إلى الحقيقة في شكل معلومات موثوقة أو استنتاجات منطقية مؤسسة على معلومات مؤكدة وبراهين ال تقبل النفي.

ويمكن لصحفي التحقيقات الحصول على هذه المعلومات من خالل البحث الميداني واستنطاق الوثائق األرشيفية وجمع المعلومات المنشورة في الصحف ووسائل اإلعالم، فضال عن مقابلة الجهات واألشخاص ذات العالقة بالموضوع.

وللحصول على هذه المعلومات البد من عمل لقاءات مع الشخصيات المختلفة التي يمكنها إعطاء معلومات هامة عن الموضوع، سواء من المسؤولين أو من الجمهور المرتبط بالقضية أو المشكلة.

ويتطلب ذلك من الصحفي المعرفة بقواعد وخطوات إجراء المقابلة أو الحديث الصحفي، وجمع المعلومات والذكاء في استدرار ما لدى المصدر من معلومة، والقدرة على قراءة األرقام والبيانات اإلحصائية، واالستنتاج مما بين السطور،

ليحصل على المعلومات التي تمثل إجابة على األسئلة أو االستفسارات المتعلقة بالموضوع.

وبعد تجميع المادة والحصول على المعلومات، يقوم بترتيبها وقراءتها بتأن، ليصبح جاهزا لالنتقال إلى مرحلة الكتابة

3 - كتابة التحقيق الصحفي:

تعتبر كتابة التحقيق الصحفي واحدة من المحطات التي تبرز فيها كفاءات المحرر

وقدراته المهنية، فمن خاللها يتواصل مع القارئ ويقدم خالصة المرحلتين السابقتين.

وتتطلب كتابة التحقيق معرفة جيدة بصياغة التقرير اإلخباري، وأسلوب الحديث الصحفي، واإللمام بتقنية الريبورتاج )تجميع المشاهد(

ألنه سيكون بحاجة إلى استخدام كل األجناس الصحفية في التحقيق الواحد .

ومن الضروري أثناء كتابة التحقيق، أن ينتبه الصحفي إلى أنه يخاطب شرائح وطبقات متباينة المستويات واالتجاهات والغايات، وهذا ما يفرض استخدام لغة تناسب عقول القراء على تفاوت مستوياهم، على أن تكون لغة غير مبتذلة وال

ركيكة والمتهافتة، وبعيدة عن األلفاظ الصعبة والثقيلة.

ورغم أن طبيعة الموضوع تكاد تفرض نمط الكتابة، فإن معظم دارسي الصحافة ال يتفقون على نمط حصري لشكل التحقيق، لكن الغالب األعم هو اعتماد قوالب فنية تقوم على أساس البناء الفني للهرم المعتدل، بحيث ينبني الشكل

أو القالب الفني للتحقيق على مقدمة، وجسم، وخاتمة.

ويمكن اعتماد شكل الهرم المعتدل الصحفي من عرض القضية أو المشكلة أو الظاهرة التي يتناولها التحقيق بشكل موضوعي، من خالل:

13 دورات تكوينية لصالح الصحفيين

- مقدمة تؤطر الموضوع وتثير اهتمام القراء،

- جسم يشكل مختلف جوانب وزوايا موضوع التحقيق،

- خاتمة تشكل خالصة النطباعات الصحفي واستنتاجاته أو الحلول التي يراها.

مقدمات متنوعة ≠

ال يوجد شكل واحد الزم لمقدمة التحقيق الصحفي، فالمقدمات تتنوع بتنوع موضوعات التحقيقات وأشكالها، بل قد يجوز القول إنها تختلف باختالف الكتاب.

فقد يريد الصحفي من مقدمته اقتناص القارئ من خالل استفزازه لقراءة التحقيق، أو من خالل كسب تعاطفه، وقد يريد منها تقديم موجز للتحقيق، وقد يهدف من وراء مقدمته إلى خلق رأي عام مع او ضد قضية معينة، إلى غير ذلك

من األهداف.

ورغم تعدد وتنوع المقدمات، إال أن أهمها- حسب دارسي الصحافة- هي:

- المقدمة »المستفزة« أو المثيرة: وهي التي تثير انتباه القارئ بعرض فكرة أو معلومة غير عادية، أو غير متوقعة) حياتنا في خطر بفعل األدوية المزورة، ست صيدليات فقط علي عموم التراب الوطني تستجيب للمعايير المطلوبة،

حسب الدكتور محمد، رئيس رابطة الصيادلة في موريتانيا(.

وهذا النوع أنسب للتحقيقات في المواضيع السياسية والحياتية.

- المقدمة التساؤلية: وهي التي تحاول إثارة األسئلة، ليتم تناول حلولها في صلب التحقيق)لماذا تثير قضية التعريب كل هذا اللغط والجدل بعد أن حسم الدستور رسمية اللغة؟ لماذا ظل نظامنا التربوي يخرج أطرا معربين إلدارة

مفرنسة؟ وإلى متى تظل قضية اللغات مصدر قلق وتوتر وموضوعا للمهاترات والمزايدات السياسية؟ هل قضية اللغة حقيقية أم أنها مسألة مفتعلة؟ هل تضمن ترقية اللغات الوطنية حل هذا المشكل؟(.

وهذا النوع من المقدمات أنسب للقضايا الخالفية أو المثيرة للنقاش والجدل.

- المقدمة القصصية: وهي التي تبدأ بقصة لها صلة وثيقة بموضوع التحقيق:)لم تكد عائشة تفيق من هول مأساة فقدان أختها الصغرى بسبب لقاح مزور حتى لحق بها ابنها الذي تجرع من نفس الكأس نفسها ، وعلى يد الطبيب

ذاته(، وهذا النوع من المقدمات أكثر مالءمة للتحقيقات التي تعالج قضايا إنسانية.

- المقدمة الساخرة: وال تعني هذه المقدمة االستهزاء، وإنما نقد الحالة بمرارة: )لن تتمنى أن تعود إلى المستشفى الوطني وأنت تغادره وقد أنهكك البحث عمن يسعف مريضك، وأضناك انتظار من يشخص المرض أو يصف الدواء،

وأفرغت جيوبك الوصفات على غير هدى، وارتفع ضغطك بفعل برودة وال مباالة الممرضين واألطباء( وهذه كالمقدمة المثيرة أنسب للتحقيقات في المواضيع السياسية والحياتية.

- مقدمة االقتباس: حيث يتم فيها اقتباس قول أو رأى أو حكمة أو غيرها، تكون ذات عالقة بموضوع التحقيق، ونقطة

الصحافة االستقصائية14

جيدة للبدء فيه:)»مصائب قوم عند قوم فوائد« قول ربما يجد أصدق تأكيد له في انتشار المدارس الخاصة في موريتانيا، ففي ظل تدني رواتب المعلمين وانعدام الضمير المهني والوازع األخالقي، وتواطؤ الرقيب اإلداري، تسيبت المدارس العمومية، فلم يبق أمام أرباب األسر سوى اللجوء لتلك الدكاكين المسماة مدارس، ال ألنها أفضل وإنما ألنها

تضمن بطرقها الملتوية أن يتجاوزوا عقدة الباكلوريا حتى ولو كلف ذلك تسريب األسئلة(.

المقدمة الوصفية: وتعتمد على الوصف، وتستخدم فيها ألفاظ موحية بصور معينة لدى القارئ)صخب وضجيج ال ينقطع، كل األعمار واألجناس وربما اللغات، معرض دائم ألجهزة الهاتف المحمول، آخر ما تفتقت عنه العبقرية

اليابانية فقلدته األنامل الصينية.

هذه هي »نقطة ساخنة« في قلب العاصمة الموريتانية انواكشوط(.

المقدمة المختصرة: وتقوم على إيجاز التحقيق الصحفي كله.

وهي شكل تقليدي ال يتطلب أي مجهود من المحرر.

ولئن كانت تلك أهم أنواع المقدمات، فإن ذلك ال يعني عدم وجود أنواع أخرى ربما تكون أكثر جذبا، فالصحفي الموهوب والمتمرس يستطيع أن يبتكر المقدمة المناسبة لتحقيقه ويستفيد منها في صياغته، ويخضعها لخدمته.

هيكل التحقيق ≠

إن مقدمة التحقيق رغم أهميتها ليست سوى طعم يصطاد به الصحفي القراء، أو جسر يعبر من خالله إلى عقولهم، كما أنها تشكل تأطيرا للموضوع.

ومن ثم فإن موضوع التحقيق، بمختلف جوانبه، يتم عرضه من خالل هيكل، أو صلب، التحقيق.

وكما هو الحال بالنسبة للمقدمة فإنه ال يوجد شكل حصري لكتابة صلب التحقيق.

غير أنه يمكن اعتماد واحد من ثالثة أساليب، هي:

- تحقيق العرض: يعرض المحرر فيه موضوع التحقيق بطريقة تناسب المقدمة، مثل: تناول الجوانب األخرى في الموضوع، أو اإلجابة عن األسئلة المثارة أواًل بعرض الحقائق والمعلومات التي تجيب عن التساؤالت، أو تفصيل

للملخص الذي بدأ به المحرر.

- تحقيق القصة: يقوم الصحفي في هذا النوع بكتابة تحقيقه على شكل قصة حقيقية، ليست أدبية في تعبيراتها ومفرداتها، لكنها تشبه القصص األدبية في بنائها الفني، من حيث وجود بداية وعقدة ونهاية.

ومع أن هذا أكثر مالءمة للموضوعات اإلنسانية، فإنه يستخدم في موضوعات والجرائم والكوارث الطبيعية والحوادث، حيث تصاغ وتنسج على شكل قصة مثيرة ومشوقة وهادفة تحقق هدف الصحفي الذي أراده من تحقيقه.

تحقيق الوصف: هو نوع من التحقيقات التي تتناول الرحالت أو المهرجانات، وهو أقرب إلى تدوين لالنطباعات منه إلى التحقيق بالمعنى الفني.

15 دورات تكوينية لصالح الصحفيين

وفي هذا النوع من التحقيقات يتم تناول الموضوع بطريقة وصفية حيث يتم وصف سريع للحدث أو الموضوع في مقدمة التحقيق، أما التفصيل فيوجد في جسم التحقيق، والخاتمة تكون للربط بين أجزاء الموضوع.

ال يوجد شكل محدد لخاتمة التحقيق، فلكل تحقيق بذاته خاتمته التي ينتهي إليها.

غير أن الخاتمة عموما قد تكون تلخيصا للموضوع، أواستنتاجات، أو اقتراح حلول للمشكلة موضع التحقيق، وقد تفتح أفقا أو نافذة لتحقيق في موضوع وجد المحرر أن له عالقة بموضوع التحقيق، واستطاع خالل استقصائه اإلمساك

برأس الخيط الموصل إلى كنهه.

التحقيق الصحفي والعناوين ≠ يلعب عنوان التحقيق الصحفي دورا كبيرا في جذب وشد انتباه القارئ، وهو يلعب دورا أساسيا في نجاح وزيادة فعالية

التحقيق. ومن ثم فهو يتطلب مهارة وذوقا وتمرسا من الصحفي ومن كتابة تحرير الصحيفة.

و إذا كان العنوان الرئيسيي يلعب دورا كبيرا في إثارة اهتمام القارئ، فإن العناوين الفرعية تشير إلى تسلسل األفكار وتتابعها، وال بد أن تتصف هي األخرى بالجاذبية والتشويق، واألخذ بيد القارئ للمضي في قراءة التحقيق.

وتعمل هذه العناوين كفواصل ذات تتابع إيقاعي بين الفقرات لكسر الملل، ومساعدة القارئ على التقاط أنفاسه أثناء القراءة.

ومن المهم أن تتصف العناوين باإليجاز والوضوح والسالسة، كما يجب أن تعكس بصدق وأمانة عن مضمون التحقيق، مع التركيز على الجوانب الطريفة والجذابة دون مبالغة. وتجب صياغة العنوان بشكل واضح ومختصر وجذاب، وينبغي

أن تعكس صياغة العناوين طبيعة الموضوع وتعطي فكرة عنه، وتالئم شخصية ومستوى الصحيفة.

وحسب بعض دارسي مهنة الصحافة، فيمكن تحديد أهم أنواع العناوين المستخدمة في التحقيقات الصحفية على النحو التالي:

عنوان إخباري: يدل على مضمون التحقيق.

عنوان انتقائي: يتميز بالجاذبية واألهمية.

عنوان وصفي: يحاول إعطاء صورة تجسد الفكرة.

عنوان اقتباسي: اقتباس جملة أو كلمة معبرة، جاءت في تصريح أو مقابلة مع أحد

المشتركين في التحقيق.

عنوان التساؤل: يصاغ على شكل سؤال يطرح القضية ويثير اهتمام القارئ.

الصحافة االستقصائية16

التحقيق والصورة ≠ ال يمكن تصور تحقيق صحفي بدون صور، فالصورة مكون أساسي من مكونات التحقيق، لذلك نجد كبريات الصحف تعتمد على المصورين في ابراز الجوانب المهمة لموضوع التحقيق، وحين يتعذر التصوير الفوتوغرافي تلجأ الصحف

إلى رساميها لرسم صور واشكال تعبيرية تقرب الحدث إلى القارئ.

وينبغي أن تتسم الصورة في التحقيق بالحدثية واآلنية، حتى ولو تعلق األمر بصور شخصية ألفراد تمت مقابلتهم أو أدلوا بآرائهم في موضوع التحقيق، إذ يجب االبتعاد عن الصور الميتة مثل الصور المأخوذة من جوازات السفر او

بطاقات التعريف.

ويجمع دارسوا الصحافة على ان الصورة تؤدي أدوارا ال غنى عنها في التحقيقات الصحفية، فهي قد تكون حدثا بذاتها وأكثر تعبيرا من مئات المفردات، وهي ضرورة للوظائف اإلخراجية في الصحيفة، كما أنها تكسر جمود النص، وتمنح

التحقيق مصداقية وموضوعية،ومن خالل الصورة المعبرة، تتضح الفكرة ويشعر القارئ بقربه من الحدث األصلي.

اعداد:

احمد سالم ولد البخاري

احمد ولد الشيخ احمد االمني