51
إغاثةلهفان ال منلشيطانيد ا مصا ابن قيم ية ز الجوت من الجزء مقتطفاول ا

إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

Embed Size (px)

DESCRIPTION

إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

Citation preview

Page 1: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

مصايد الشيطانمن اللهفان إغاثة

الجوزيةابن قيم

األولمقتطفات من الجزء

Page 2: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

سام ق لوب ان

لى الق ت إ م ومي ي ح وسق حي

ص

فالقلب الصحيح

:القلب السليم الذى ال ينجو يوم القيامة إال من أتى هللا به، كما قال تعالىهو

[.89-88: الشعراء]{ يوم ال ينفع مال وال بنون إال من أتى اهلل بقلب سليم}

. الذى قد سلم من كل شهوة تخالف أمر هللا ونهيه، ومن كل شبهة تعارض خبرهو هو فسلم فى محبة غير هللا . فسلم من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسوله

معه ومن خوفه ورجائه والتوكل عليه، واإلنابة إليه، والذل له، وإيثار مرضاته فى كل وهذا هو حقيقة العبودية التى ال تصلح إال هلل . حال والتباعد من سخطه بكل طريق

. وحده

Page 3: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

الميت القلب ضد هذا، وهو القلب امليت الذى ال حياة به، فهو ال يعرف ربه، وال يعبده بأمره وما : والقلب الثانى

يحبه ويرضاه، بل هو واقف مع شهواته ولذاته؛ ولو كان فيها سخط ربه وغضبه، فهو ال يبالى إذا فاز بشهوته وحظه، رض ى ربه أم سخط،

إن أحب أحب لهواه، . حبا، وخوفا، ورجاء، ورضا، وسخطا، وتعظيما؛ وذال: متعبد لغير هللافهو فهواه آثر عنده وأحب إليه . وإن أبغض أبغض لهواه، وإن أعطى أعطى لهواه، وإن منع منع لهواه

فهو بالفكر فى . فالهوى إمامه، والشهوة قائده، والجهل سائقه، والغفلة مركبه. من رضا موالهينادى إلى هللا وإلى الدار . تحصيل أغراضه الدنيوية مغمور، وبسكرة الهوى وحب العاجلة مخمور . الدنيا تسخطه وترضيه. اآلخرة من مكان بعيد، فال يستجيب للناصح، ويتبع كل شيطان مريد.والهوى يصمه عما سوى الباطل ويعميه

.

سام ق لوب ان

لى الق ت إ م ومي ي ح وسق حي

ص

Page 4: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

القلب المريضقلب له حياة وبه علة؛ فله مادتان، تمده هذه مرة، وهذه أخرى، وهو ملا غلب عليه : الثالثوالقلب

ما هو مادة حياته، وفيه : منهما، ففيه من محبة هللا تعالى واإليمان به واإلخالص له، والتوكل عليهمن محبة الشهوات وإيثارها والحرص على تحصيلها، والحسد والكبر والعجب؛ وحب العلو

داع يدعوه إلى هللا : ما هو مادة هالكه وعطبه، وهو ممتحن بين داعيين: والفساد فى األرض بالرياسةوهو إنما يجيب أقربهما منه بابا، وأدناهما إليه . ورسوله والدار اآلخرة، وداع يدعوه إلى العاجلة

.جوارا

سام ق لوب ان

لى الق ت إ م ومي ي ح وسق حي

ص

Page 5: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

واعحى مخبت لين األول، فالقلب

ميت يابس والثانى

فإما إلى السالمة أدنى، وإما إلى العطب مريض، والثالث .أدنى

Page 6: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

:وقد جمع هللا سبحانه بين هذه القلوب الثالثة فى قوله

وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم

ليجعل ما يلقي ( 52)يحكم الله آياته والله عليم حكيم الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم

وليعلم الذين أوتوا ( 53)وإن الظالمين لفي شقاق بعيد العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم

الحج (54)وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم

Page 7: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

: الصحيح السليمفالقلب بينه وبين قبول الحق ومحبته وإيثاره سوى إدراكه، فهو ليس

. اإلدراك للحق، تام االنقياد والقبول لهصحيح

:الميت القاسىوالقلب . ال يقبله وال ينقاد له

: والقلب المريض وإن غلبت عليه . غلب عليه مرضه التحق بامليت القاس ىإن

صحته التحق بالسليم

Page 8: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

وقد قسم الصحابة رض ى هللا تعالى عنهم القلوب إلى أربعة

: صح عن حذيفة بن اليمانكما

قلب أجرد، فيه سراج يزهر، فذلك : القلوب أربعة"قلب المؤمن، وقلب أغلف، فذلك قلب الكافر، وقلب منكوس، فذلك قلب المنافق، عرف ثم أنكر، وأبصر

مادة إيمان، ومادة نفاق، : ثم عمى، وقلب تمده مادتان."وهو لما غلب عليه منهما

Page 9: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

وقد قسم الصحابة رض ى هللا تعالى عنهم القلوب إلى أربعة

" أجردقلب "فقوله

متجرد مما سوى هللا ورسوله، فقد تجرد وسلم أى وهو مصباح " فيه سراج يزهر"و. مما سوى الحق

فأشار بتجرده إلى سالمته من شبهات : اإليمانوشهوات الغى، وبحصول السراج فيه إلى الباطل

. إشراقه واستنارته بنور العلم واإليمان

Page 10: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

وقد قسم الصحابة رض ى هللا تعالى عنهم القلوب إلى أربعة

بالقلب األغلفوأشار إلى قلب الكافر؛ ألنه داخل فى غالفه وغشائه، فال يصل إليه نور العلم واإليمان، كما

: قال تعالى، حاكيا عن اليهود {

ف

لوبنا غ

لوا ق

الوهو جمع أغلف، وهو الداخل فى غالفه، كقلف [. 88: البقرة]{ وق

وأقلف، وهذه الغشاوة هى األكنة التى ضربها هللا على قلوبهم، عقوبة لهم على رد الحق فهى أكنة على القلوب ووقر فى األسماع، وعمى فى األبصار، وهى . والتكبر عن قبوله

:الحجاب املستور عن العيون فى قوله تعالى

وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين ال يؤمنون باآلخرة حجابا مستورا }فإذا . [46-45: اإلسراء]{ وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى آذانهم وقرا

ى أصحابها على أدبارهم نفورااملتابعةذكر لهذه القلوب تجريد التوحيد وتجريد .، ول

Page 11: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

وقد قسم الصحابة رض ى هللا تعالى عنهم القلوب إلى أربعة

-المكبوبوهو -وأشار بالقلب المنكوس :إلى قلب املنافق؛ كما قال تعالى

: النساء]{ فما لكم فى المنافقين فئتين واهلل أركسهم بما كسبوا}أى نكسهم وردهم فى الباطل الذى كانوا فيه، بسبب كسبهم . [88

وأعمالهم الباطلة وهذا شر القلوب وأخبثها، فإنه يعتقد الباطل حقا ويعادى أهله، فاهلل املستعان

.ويوالى أصحابه، والحق باطال

.

Page 12: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

وقد قسم الصحابة رض ى هللا تعالى عنهم القلوب إلى أربعة

وأشار بالقلب الذى له مادتان القلب الذى لم يتمكن فيه اإليمان ولم يزهر فيه إلى

سراجه، حيث لم يتجرد للحق املحض الذى بعث هللا به رسوله، بل فيه مادة منه ومادة من خالفه، فتارة يكون للكفر أقرب منه لإليمان، وتارة يكون لإليمان أقرب منه

.للكفر، والحكم للغالب وإليه يرجع

Page 13: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

وإذا عرف هذا، فالقلب محتاج إلى ما يحفظ عليه قوته

وهو اإليمان وأوراد الطاعات، وإلى حمية عن املؤذى الضار، وذلك باجتناب

اآلثام واملعاص ى، وأنواع املخالفات، وإلى استفراغه من كل مادة فاسدة تعرض له،

ومرضه هو نوع فساد يحصل . بالتوبة النصوح، واستغفار غافر الخطيئاتوذلك له، يفسد به تصوره للحق وإرادته له، فال يرى الحق حقا، أو يراه على خالف ما هو عليه، أو ينقص إدراكه له، وتفسد به إرادته له، فيبغض الحق النافع، أو يحب الباطل الضار، أو يجتمعان له، وهو الغالب، ولهذا يفسر املرض الذى

يعرض له، تارة بالشك والريب

Page 14: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

لت امراض الق

. فاألول مرض الشبهة، والثانى مرض الشهوة

املريض بالشهوة، فإنه لضعفه يميل إلى ما يعرض له من ذلك القلب .بحسب قوة املرض وضعفه

وكذلك إذا قوى نوره وإشراقه انكشفت له صور املعلومات وحقائقها على ما هى عليه، فاستبان حسن الحسن بنوره، وآثره بحياته، وكذلك قبح

. القبيح، وقد ذكر سبحانه وتعالى هذين األصلين فى مواضع من كتابه :فقال تعالى

وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب وال }اإليمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدى

[. 52: الشورى]{ إلى صراط مستقيم.

Page 15: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

أن حياة القلب وصحته ال تحصل إال بأن يكون مدركا فى .للحق مريدا له، مؤثرا له على غيره

،قوة العلم والتمييز: كان فى القلب قوتانملا

كان كماله وصالحه باستعمال هاتين القوتين فيما . وقوة اإلرادة والحب . ينفعه، ويعود عليه بصالحه وسعادته

باستعمال قوة العلم فى إدراك الحق، ومعرفته، والتمييز بينه فكماله وبين الباطل، وباستعمال قوة اإلرادة واملحبة فى طلب الحق ومحبته

فمن لم يعرف الحق فهو ضال، ومن عرفه وآثر . وإيثاره على الباطلعم عليه. غيره عليه فهو مغضوب عليه

.ومن عرفه واتبعه فهو من

Page 16: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فى أنه ال سعادة للقلب وال لذة وال نعيم وال صالح إال بأن يكون إلهه وفاطره وحده هو معبوده وغاية مطلوبه، وأحب

إليه مما سواه

من ملك أو إنس أو جن أو حيوان، فهو فقير إلى : معلوم أن كل حى سوى هللا سبحانهجلب ما ينفعه ودفع ما يضره، وال يتم ذلك له إال بتصوره للنافع والضار، واملنفعة

. من جنس النعيم واللذة، واملضرة من جنس األلم والعذاب أحدهما معرفة ما هو املحبوب املطلوب الذى ينتفع به ويلتذ : فال بد له من أمرين

وبإزاء ذلك أمران . معرفة املعين املوصل املحصل لذلك املقصود: بإدراكه، والثانى :معين دافع له عنه، فهذه أربعة أشياء: مكروه بغيض ضار، والثانى: آخران، أحدهما

Page 17: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

أن لذة النظر إلى وجه اهلل يوم القيامة تابعة للتلذذ فى الدنيابمعرفته ومحبته فى

وكما أنه ال نسبة لنعيم ما فى الجنة إلى نعيم النظر إلى وجه األعلى سبحانه، فال نسبة لنعيم الدنيا إلى نعيم محبته ومعرفته والشوق إليه واألنس به، بل لذة النظر إليه سبحانه تابعة ملعرفتهم به ومحبتهم له،

فكلما كان املحب أعرف باملحبوب، . فإن اللذة تتبع الشعور واملحبة .وأشد محبة له كان التذاذه بقربه ورؤيته ووصوله إليه أعظم

Page 18: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

، لت ة الق دوي من لأ

ض را ن مت الق

أمراضهوعالجه من جميع

دور }: هللا عز وجلقال ا فى الصاء مل

م وشف

من ربك

م موعظة

كد جاءت

اس ق

ها الن ي

: يونس]{ يا أ

}: تعالىوقال [ 57منين

مؤ

لل

اء ورحمة

رآن ما هو شف

قل من ال

زن[.82: اإلسراء]{ ون

.تقدم أن جماع أمراض القلب هى أمراض الشبهات والشهواتوقد

ففيه من البينات والبراهين القطعية ما يبين الحق من الباطل، فتزول . شفاء للنوعينوالقرآن أمراض الشبه املفسدة للعلم والتصور واإلدراك، بحيث يرى األشياء على ما هى عليه، وليس

من التوحيد، وإثبات : تحت أديم السماء كتاب متضمن للبراهين و اآليات على املطالب العاليةفإنه كفيل . الصفات، وإثبات املعاد والنبوات، ورد النحل الباطلة واآلراء الفاسدة، مثل القرآن. بذلك كله، متضمن له على أتم الوجوه وأحسنها، وأقربها إلى العقول وأفصحها بيانا

Page 19: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

، لت ة الق دوي من لأ

ض را ن مت الق

شفاؤه ملرض الشهوات فذلك بما فيه من الحكمة واملوعظة الحسنة وأما بالترغيب والترهيب، والتزهيد فى الدنيا، والترغيب فى اآلخرة، واألمثال والقصص

التى فيها أنواع العبر واالستبصار، فيرغب القلب السليم إذا أبصر ذلك فيما ينفعه فى معاشه ومعاده ويرغب عما يضره، فيصير القلب محبا للرشد، مبغضا

فالقرآن مزيل لألمراض املوجهة لإلرادات الفاسدة، فيصلح القلب، فتصلح . للغىإرادته، ويعود إلى فطرته التى فطر عليها، فتصلح أفعال االختيارية الكسبية، كما يعود البدن بصحته وصالحه إلى الحال الطبيعى، فيصير بحيث ال يقبل إال الحق،

كما أن الطفل ليس بقابل إال اللبن

Page 20: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

ة دوي من لأ

ض را ن مت لت الق الق

فيتغذى القلب من اإليمان والقرآن بما يزكيه ويقويه، ويؤيده ويفرحه، ويسره وكل من القلب . وينشطه، ويثبت ملكه، كما يتغذى البدن بما ينميه ويقويه

والبدن محتاج إلى أن يتربى؛ فينمو ويزيد حتى يكمل ويصلح فكما أن البدن محتاج إلى أن يزكو باألغذية املصلحة له والحمية عما يضره، فال ينمو إال بإعطائه ما ينفعه، ومنع ما يضره، فكذلك القلب ال يزكو وال ينمو، وال يتم

صالحه إال بذلك، وال سبيل له إلى الوصول إلى ذلك إال من القرآن، وإن وصل إلى املقصودش ىء منه من غيره فهو نزر يسير ال يحصله به تمام

Page 21: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

وبمنزلة الدغل فى الزرع، وبمنزلة الخبث فى الذهب والفضة والنحاس والحديد، فكما أن البدن إذا استفرغ من األخالط الرديئة تخلصت القوة الطبيعية منها

فاستراحت، فعملت عملها بال معوق وال ممانع، فنما البدن، فكذلك القلب إذا تخلص من الذنوب بالتوبة فقد استفرغ من تخليطه، فتخلصت إرادة القلب

فاستراحوإرادته للخير، زكا ونما، : تلك الجواذب الفاسدة واملواد الرديئةمن وقوى واشتد، وجلس على سرير ملكه، ونفذ حكمه فى رعيته، فسمعت له

فال سبيل له إلى زكاته إال بعد طهارته . وأطاعت

:تعالىقال كما قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن اهلل

[. 30: النور]{ خبير بما يصنعون

فإن نجاسة الفواحش والمعاصى فى القلب بمنزلة األخالط الرديئة فى البدن

Page 22: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

. فجعل الزكاة بعد غض البصر وحفظ الفرج

عن املحارم يوجب ثالث فوائد عظيمة الخطر، جليلة غض البصر ولهذا كان :القدر

حالوة اإليمان ولذته، التى هى أحلى وأطيب وألذ مما صرف بصره عنه : إحداهاوتركه هلل تعالى فإن من ترك شيئا هلل عوضه هللا عز وجل خيرا منه، والنفس

فيبعث رائده لنظر ما . مولعة بحب النظر إلى الصور الجميلة، والعين رائد القلبهناك، فإذا أخبره بحسن املنظور إليه وجماله، تحرك اشتياقا إليه، وكثيرا ما

يتعب ويتعب رسوله ورائده

فإن نجاسة الفواحش والمعاصى فى القلب بمنزلة األخالط الرديئة فى البدن

Page 23: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فإذا كف الرائد عن الكشف واملطالعة استراح القلب من كلفة الطلب واإلرادة، فتبدأ عالقة يتعلق . فمن أطلق لحظاته دامت حسراته، فإن النظر يولد املحبة

ثم . ينصب إليه القلب بكليته. ثم تقوى فتصير صبابة. بها القلب باملنظور إليهثم يقوى . تقوى فتصير غراما يلزم القلب، كلزوم الغريم الذى ال يفارق غريمه

وهو الحب الذى قد . ثم يقوى فيصير شغفا. وهو الحب املفرط. فيصير عشقاغاف القلب وداخله

. وصل إلى ش

والتتيم التعبد ومنه تيمه . ثم يقوى فيصير تتيما

ده فيصير القلب عبدا ملن ال يصلح أن يكون هو . وتيم هللا عبد هللا. الحب إذا عبفيصير أسيرا بعد أن . وهذا كله جناية النظر فحينئذ يقع القلب فى األسر. عبدا له

. كان ملكا، ومسجونا بعد أن كان مطلقا

فإن نجاسة الفواحش والمعاصى فى القلب بمنزلة األخالط الرديئة فى البدن

Page 24: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

قال أبو . نور القلب وصحة الفراسة: الثانية فى غض البصرلفائدة امن عمر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام املراقبة، : "شجاع الكرمانى

وكف نفسه عن الشهوات، وغض بصره عن املحارم، واعتاد أكل وقد ذكر هللا سبحانه قصة قوم لوط وما " الحالل لم تخطئ له فراسة:ابتلوا به، ثم قال بعد ذلك

[. 75: الحجر]{ إن فى ذلك آليات للمتوسمين}

فإن نجاسة الفواحش والمعاصى فى القلب بمنزلة األخالط الرديئة فى البدن

Page 25: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

الفائدة الثالثة قوة القلب وثباته وشجاعته، فيعطيه هللا تعالى بقوته الحجةسلطان النصرة، كما أعطاه بنوره سلطان

يوجد فى املتبع هواه من ذل النفس وضعفها ومهانتها ما جعله هللا ولهذا قال . ملن عصاه، فإنه سبحانه جعل العز ملن أطاعه والذل ملن عصاه

:تعالى

وال }: وقال تعالى[ 8: المنافقون]{ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}: آل عمران]{ تهنوا وال تحزنوا وأنتم األعلون إن كنتم مؤمنين

[. 10: فاطر]{ من كان يريد العزة فلله العزة جميعا}: وقال تعالى[ 139 .

فإن نجاسة الفواحش والمعاصى فى القلب بمنزلة األخالط الرديئة فى البدن

Page 26: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فالقلب الطاهر، لكمال حياته ونوره وتخلصه من األدران والخبائث، ال يشبع من القرآن، وال يتغذى إال بحقائقه، وال يتداوى إال بأدويته، بخالف القلب الذى لم

يطهره هللا تعالى، فإنه يتغذى من األغذية التى تناسبه، بحسب ما فيه من فإن القلب النجس كالبدن العليل املريض، ال تالئمه األغذية التى تالئم . النجاسة. الصحيح

طهرت ملا أعرضت عن الحق، وتعوضت بالباطل عن كالم هللا فإن القلوب لو تعالى ورسوله، كما أن املنحرفين من أهل اإلرادة ملا لم تطهر قلوبهم تعوضوا

قال عثمان بن عفان رض ى هللا . بالسماع الشيطانى عن السماع القرآنى اإليمانى "لو طهرت قلوبنا ملا شبعت من كالم هللا: "عنه

أن زكاة القلب موقوفة على طهارته

Page 27: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

أن يتعذر عليه ما خلق له من املعرفة باهلل ومحبته : القلبومرض والشوق إلى لقائه، واإلنابة إليه، وإيثار ذلك على كل شهوته، فلو عرف العبد كل ش ىء ولم يعرف ربه، فكأنه لم يعرف شيئا، ولو نال كل حظ من حظوظ الدنيا ولذاتها وشهواتها ولم يظفر بمحبة هللا، والشوق

إليه، واألنس به، فكأنه لم يظفر بلذة وال نعيم وال قرة عين، بل إذا كان القلب خاليا عن ذلك عادت تلك الحظوظ واللذات عذابا له وال بد،

عالمات مرض القلب وصحته

Page 28: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

وقد يشعر بمرضه، ولكن يشتد عليه تحمل مرارة الدواء والصبر عليها، فهو يؤثر بقاء أمله على مشقة الدواء، فإن دواءه فى مخالفة الهوى،

. وذلك أصعب ش ىء على النفس وليس لها أنفع منه

وتارة يوطن نفسه على الصبر، ثم ينفسخ عزمه، وال يستمر معه كمن دخل فى طريق مخوف مفض إلى : لضعف علمه وبصيرته وصبره

غاية األمن، وهو يعلم أنه إن صبر عليه انقض ى الخوف وأعقبه األمن، فهو محتاج إلى قوة صبر، وقوة يقين بما يصير إليه

عالمات مرض القلب وصحته

Page 29: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

ة من علاماب صحي

يرتحل عن الدنيا حتى ينزل باآلخرة، ويحل فيها حتى يبقى كأنه من أن أهلها وأبنائها، جاء إلى هذه الدار غريبا يأخذ منها حاجته، ويعود إلى

ن فى : "قال النبى عليه الصالة والسالم لعبد هللا بن عمروطنه كما كهل القبور

سك من أ

فو عابر سبيل، وعد ن

ريب أ

ك غ

نأيا ك

ن ". الد

Page 30: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

ة من علاماب صحي

أنه ال يزال يضرب على صاحبه حتى ينيب إلى هللا ويخبت إليه، ويتعلق به تعلق املحب املضطر إلى محبوبه، الذى ال حياة له وال فالح وال نعيم وال سرور إال برضاه وقربه واألنس به، فبه يطمئن، وإليه يسكن، وإليه

فذكره . يأوى، وبه يفرح، وعليه يتوكل، وبه يثق، وإياه يرجو، وله يخافقوته وغذاؤه ومحبته، والشوق إليه حياته ونعيمه ولذته وسروره، وااللتفات إلى غيره والتعلق بسواه داؤه، والرجوع إليه دواؤه، فإذا حصل له ربه سكن إليه واطمأن به وزال ذلك االضطراب والقلق،

وانسدت تلك الفاقة،

Page 31: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

ة من علاماب صحي

فإن فى القلب فاقة ال يسدها ش ىء سوى هللا تعالى أبدا، وفيه شعث ال يلمه غير اإلقبال عليه، وفيه مرض ال يشفيه غير اإلخالص له، وعبادته

وحده، فهو دائما يضرب على صاحبه حتى يسكن ويطمئن إلى إلهه ومعبوده، فحينئذ يباشر روح الحياة، ويذوق طعمها، ويصير له حياة

أخرى غير حياة الغافلين املعرضين عن هذا األمر الذى له خلق الخلق، وألجله خلقت الجنة والنار، وله أرسلت الرسل ونزلت الكتب، ولو لم ، . يكن جزاء إال نفس وجوده لكفى به جزاء وكفى بفوته حسرة وعقوبة

Page 32: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

ة من علاماب صحي

مساكين أهل الدنيا، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا : "قال بعض العارفينإنه ليمر بى أوقات أقول فيها إن كان أهل "، وقال آخر "أطيب ما فيها

". الجنة فى مثل هذا إنهم لفى عيش طيب

وهللا ما طابت الدنيا إال بمحبته وطاعته، وال الجنة إال : "وقال آخر". برؤيته ومشاهدته

حياة القلب فى ذكر الحى الذى ال يموت، : "وقال أبو الحسين الوراق". والعيش النهى الحياة مع هللا تعالى ال غير

،

Page 33: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

ة من علاماب صحي

ولهذا كان الفوت عند العارفين باهلل أشد عليهم من املوت؛ ألن الفوت . انقطاع عن الحق، واملوت انقطاع عن الخلق، فكم بين االنقطاعين؟،

من قرت عينه باهلل تعالى قرت به كل عين، ومن لم تقر : "وقال آخر". عينه باهلل تقطع قلبه على الدنيا حسرات

من سر بخدمة هللا سرت األشياء كلها بخدمته، : "وقال يحيى بن معاذ". ومن قرت عينه باهلل قرت عيون كل واحد بالنظر إليه

أن ال يفتر عن ذكر ربه، وال يسأم من : ومن عالمات صحة القلبخدمته، وال يأنس بغيره، إال بمن يدله عليه، ويذكره به، ويذاكره بهذا

. األمر

،

Page 34: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

ة من علاماب صحي

أنه إذا فاته ورده وجد لفواته أملا أعظم من تألم : ومن عالمات صحته. الحريص بفوات ماله وفقده

أنه يشتاق إلى الخدمة، كما يشتاق الجائع إلى : ومن عالمات صحته.الطعام والشرب

. أن يكون همه واحدا، وأن يكون فى هللا: ومن عالمات صحته

أنه إذا دخل فى الصالة ذهب عنه همه وغمه : ومن عالمات صحتهبالدنيا، واشتد عليه خروجه منها، ووجد فيها راحته ونعيمه، وقرة عينه

. وسرور قلبه

Page 35: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

ة من علاماب صحي

أن يكون أشح بوقته أن يذهب ضائعا من أشد : ومن عالمات صحته. الناس شحا بماله

أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم منه بالعمل، فيحرص : ومنهاعلى اإلخالص فيه والنصيحة واملتابعة واإلحسان، ويشهد مع ذلك منة

هللا عليه فيه وتقصيره فى حق هللا

Page 36: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

ة من علاماب صحي

هو الذى همه كله فى هللا، وحبه كله له، : وبالجملة فالقلب الصحيحوقصده له، وبدنه له، وأعماله له، ونومه له، ويقظته له، وحديثه

والحديث عنه أشهى إليه من كل حديث، وأفكاره تحوم على مراضيه ومحابه، والخلوة به آثر عنده من الخلطة إال حيث تكون الخلطة أحب إليه وأرض ى له، قرة عينه به، وطمأنينته وسكونه إليه، فهو كلما وجد

:من نفسه التفاتا إلى غيره تال عليها

: الفجر]{ يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية}27-28.]

Page 37: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فى عالج مرض القلب من استيالء النفس عليه

يس من دان نفسه وعمل ملا : "قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلمالك

: دان نفسه" بعد املوت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على هللا. أى حاسبها

: اإلمام أحمد عن عمر بن الخطاب رض ى هللا عنه أنه قالوذكر حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، "

نوا زيفإنه أهون عليكم فى الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وت

".للعرض األكبر، يومئذ تعرضون ال تخفى منكم خافية

Page 38: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فى عالج مرض القلب من استيالء النفس عليه

وماذا : ال تلقى املؤمن إال يحاسب نفسه: "وذكر أيضا عن الحسن قالوالفاجر . ؟ وماذا أردت تأكلين؟ وماذا أردت تشربين؟تعملينأردت

".يمض ى قدما قدما ال يحاسب نفسه

[. 28: الكهف]{ وكان أمره فرطا}: وقال قتادة فى قوله تعالى . أضاع نفسه وغبن، مع ذلك تراه حافظا ملاله مضيعا لدينه

إن العبد ال يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، : "وقال الحسن". وكانت املحاسبة من همته

.

Page 39: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فى عالج مرض القلب من استيالء النفس عليه

اتفق السالكون إلى هللا على اختالف طرقهم، وتباين سلوكهم على وقد أن النفس قاطعة بين القلب وبين الوصول إلى الرب، وأنه ال يدخل

عليه سبحانه وال يوصل إليه إال بعد إماتتها وتركها بمخالفتها والظفر

. بها

قسم ظفرت به نفسه فملكته وأهلكته وصار : الناس على قسمينفإن وقسم ظفروا بنفوسهم فقهروها، فصارت . طوعا لها تحت أوامرها

ألوامرهمطوعا لهم منقادة

Page 40: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فى عالج مرض القلب من استيالء النفس عليه

ال يكون العبد تقيا حتى يكون لنفسه أشد : "وقال ميمون بن مهرانان، : محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل النفس كالشريك الخو

".لم تحاسبه ذهب بمالكإن

: األحنف بن قيس يجىء إلى املصباح، فيضع أصبعه فيه، ثم يقول وكان حس يا حنيف ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟ ما حملك على ما

.صنعت يوم كذا؟ ويبكى

Page 41: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فى عالج مرض القلب من استيالء النفس عليه

حق على العاقل أن : مكتوب فى حكمة آل داود: "وذكر اإلمام أحمد عن وهب قالساعة يناجى فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، : ال يغفل عن أربع ساعات

وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلى فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن فى هذه الساعة

للقلوب ا من كالم النبى " عونا على تلك الساعات، وإجماما وقد روى هذا مرفوع

. رواه أبو حاتم وابن حبان وغيره. هللا عليه وسلمصلى

Page 42: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فى عالج مرض القلب من استيالء النفس عليه

: ومحاسبة النفس نوعان

. قبل العمل، ونوع بعدهنوع

فهو أن يقف عند أول همه وإرادته، وال يبادر بالعمل : النوع األول فأما . حتى يتبين له رجحانه على تركه

Page 43: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فى عالج مرض القلب من استيالء النفس عليه

رحم هللا عبدا وقف عند همه، فإن كان هلل : قال الحسن رحمه هللا. مض ى، وإن كان لغيره تأخر

إذا تحركت النفس لعمل من األعمال وهم به العبد، : وشرح هذا بعضهم فقالهل ذلك العمل مقدور له أو غير مقدور وال مستطاع؟ فإن لم : وقف أوال ونظر

هل فعله : يكن مقدورا لم يقدم عليه، وإن كان مقدورا وقف وقفة أخرى ونظرخير له من تركه، أو تركه خير له من فعله؟ فإن كان الثاني تركه ولم يقدم عليه،

هل الباعث عليه إرادة وجه هللا عز وجل : وإن كان األول وقف وقفة ثالثة ونظروثوابه أو إرادة الجاه والثناء واملال من املخلوق؟ فإن كان الثاني لم يقدم، وإن

.أفض ى به إلى مطلوبه، لئال تعتاد النفس الشرك

Page 44: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فى عالج مرض القلب من استيالء النفس عليه

:محاسبة النفس بعد العمل، وهو ثالثة أنواع: النوع الثانى

محاسبتها على طاعة قصرت فيها من حق هللا تعالى، فلم توقعها : أحدها. على الوجه الذى ينبغي

اإلخالص فى : وحق هللا تعالى فى الطاعة ستة أمور قد تقدمت، وهىالعمل، والنصيحة هلل فيه، ومتابعة الرسول فيه، وشهود مشهد

اإلحسان فيه، وشهود منة هللا عليه فيه، وشهود تقصيره فيه بعد ذلك . كله

ى هذه املقامات حقها؟ وهل أتى بها فى هذه : فيحاسب نفسههل وف

.الطاعة؟

Page 45: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فى عالج مرض القلب من استيالء النفس عليه

:محاسبة النفس بعد العمل، وهو ثالثة أنواع: النوع الثانى

. أن يحاسب نفسه على كل عمل كان تركه خيرا له من فعله: الثاني

لم فعله؟ وهل أراد : أن يحاسب نفسه على أمر مباح، أو معتاد: الثالثبه هللا والدار اآلخرة؟ فيكون رابحا، أو أراد به الدنيا وعاجلها، فيخسر

. ذلك الربح ويفوته الظفر به

Page 46: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فى عالج مرض القلب من استيالء النفس عليه

:وقد دل على وجوب محاسبة النفس قوله تعالى

: الحشر]{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهلل ولتنظر نفس ما قدمت لغد}18 .]

االطالع على عيوبها، ومن لم : محاسبة النفس عدة مصالح منهاوفى يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته، فإذا اطلع على عيبها مقتها فى

روى اإلمام أحمد عن أبى الدرداء رض ي هللا عنه وقد . ذات هللا تعالىال يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس فى جنب هللا، ثم يرجع : "قال

".إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا

الناس: "وقال مطرف بن عبد هللاليت

". لوال ما أعلم من نفس ي لق

Page 47: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فى عالج مرض القلب من استيالء النفس عليه

أن رجال من بنى إسرائيل تعبد ستين : "وفى كتاب الزهد لإلمام أحمدوهللا لو كان فيك : فقال فى نفسه. فلم يظفر بها. سنة فى طلب حاجة

أرأيت ازدراءك على : خير لظفرت بحاجتك، فأتى فى منامه، فقيل له".نفسك تلك الساعة؟ فإنه خير من عبادتك تلك السنين

ومن . أنه يعرف بذلك حق هللا تعالى عليه: ومن فوائد محاسبة النفس لم يعرف حق هللا تعالى عليه فإن عبادته ال تكاد تجدي عليه، وهى قليلة

.املنفعة جدا

Page 48: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

فى عالج مرض القلب من استيالء النفس عليه

فإن ذلك يورثه مقت . فمن أنفع ما للقلب النظر فى حق هللا على العبدنفسه، واإلزدراء عليها، ويخلصه من العجب ورؤية العمل، ويفتح له باب الخضوع والذل واالنكسار بين يدي هللا، واليأس من نفسه، وأن النجاة ال تحصل له إال بعفو هللا ومغفرته ورحمته، فإن من حقه أن

. يطاع وال يعص ى، وأن يذكر فال ينس ى، وأن يشكر فال يكفر

Page 49: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

عالج مرض القلب بالشيطان

: وفى ذلك وجوه. فأمر سبحانه باالستعاذة به من الشيطان عند قراءة القرآن

أن القرآن شفاء ملا في الصدور يذهب ملا يلقيه الشيطان فيها من الوساوس : منهاه فيها الشيطان، فأمر أن يطرد والشهوات واإلرادات الفاسدة، فهو دواء ملا أمر خاليا، فيتمكن منه، ويؤثر

مادة الداء ويخلى منه القلب ليصادف الدواء محال

فيه،

. فيجىء هذا الدواء الشافى إلى قلب قد خال من مزاحم ومضاد له فينجع فيه

أن القرآن مادة الهدى والعلم والخير فى القلب، كما أن املاء مادة النبات، : ومنهاوالشيطان نار يحرق النبات أوال فأوال، فكلما أحس بنبات الخير فى القلب سعى فى إفساده وإحراقه، فأمر أن يستعيذ باهلل عز وجل منه لئال يفسد عليه ما يحصل

.له بالقرآن

Page 50: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

عالج مرض القلب بالشيطان

أن الشيطان يجلب على القارئ بخيله ورجله، حتى يشغله عن املقصود : ومنهابالقرآن، وهو تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد به املتكلم به سبحانه، فيحرص

بجهده على أن يحول بين قلبه وبين مقصود القرآن، فال يكمل انتفاع القارئ به،

. عند الشروع أن يستعيذ باهلل عز وجل منهفأمر

للقارئ الحسن : ومنها أن القارئ مناج هلل تعالى كالمه، وهللا تعالى أشد أذنا

والشيطان إنما قراءته الشعر . الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينتهفأمر القارئ أن يطرده باالستعاذة عند مناجاته تعالى واستماع الرب . والغناء. قراءته

Page 51: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

املصدر

بتصرف-األول الجزء –إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان

www.ibnalqayem.comاإلمام ابن القيم موقع