24
القصـة القرآنيـة أدب الحـوار في( قصة نوح- ميه الس عل- وذجا ) د. عودة عبد عودة عبد1 ɮɭɬɫ 1 د. ة عبد عود عودةɦ عبد( نية، فلسط ح الوطلنجامعة الشريعة، جان، كلية ا الدي قسم أصول رئيسبلسʭ )

الحوار في القصة القرآنية

  • Upload
    -

  • View
    253

  • Download
    3

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: الحوار في القصة القرآنية

أدب الحـوار في القصـة القرآنيـة

(منوذجا -عليه السالم-قصة نوح )

عودة عبد عودة عبد هللا. د1

بسمميحرلا نمحرلا هللا

(انبلس –رئيس قسم أصول الدين، كلية الشريعة، جامعة النجاح الوطنية، فلسطني )عبد هللا عودة عودة عبد . د 1

Page 2: الحوار في القصة القرآنية

1

ةـمقدم

. احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على سيدان دمحم وعلى آله وصحبه أمجعني

...وبعد نوه القرآن الكرمي إىل أمهيتها موضوع احلوار، فقد اعتىن القرآن الكرمي ليت ا يعضاو ملان م

. سلوب الذي جيري بهألماما خاصا، وركز على طبيعة اتهااله أو ، و قةائف يةناهبذا املوضوع عثري يف التأعلى درة أكثر الوسائل قو ، نكيف ال؟ واحلوار أهم وسيلة لالتصال بني بين اإلنسا

مل هذا األسلوب يف كثري من عاست قد اوعهبآن الكرمي الذي هو عنوان البالغة وينفالقر . اآلخرينوجاء اإلسالم ليكون دين احلوار، الذي يطلق اجملال . الوصف قئ الااريثأتلا نم هآايته، ملا في

الدليل، ان و لربهة وان على أساس احلجير خإلعمال العقل يف القضااي املطروحة، ليحاور اآل يتلواجلدال ابلطيب، سلوب األوا ،لوةاحل ةية الوصول إىل احلقائق، عن طريق الكلموليعلمهم كيا

.نسحأ يه ، بغرض صة القرآنيةفاحصة على أسلوب احلوار يف الق رة إلقاء نظ اول هذا البح حيو

اته الانية يف هذا اجملال، ألن ملس قتبس، ونلنحذو حذو القرآن ،بو فهم طبيعة هذا األسل .لكل داعية، يف كل زمان ويف كل مكان يةمهاأل ايةغوب احلوار، أمر يف معرفة أسل

Page 3: الحوار في القصة القرآنية

2

المبحث األول

ه وآدابهيتهمأ: الحـوار

مفهوم احلوار وأمهيته: أول

أسلوب جيري بني طرفني، يسوق كل منهما من احلدي ما يراه ويقتنع به،: احلوار

.2ائق وتقريرها من وجهة نظرهويراجع الطرف اآلخر يف رأيه قاصدا بيان احلقعة يواحلوار ظاهرة إنسانية مرتبطة بوحي العقل وإهلامه، وراجعة يف نشأهتا إىل طب

اإلنسان املاكرة الناطقة، فهو يؤمن باكرة معينة فيعرضها ويوضح أهدافها ويدافع عنها، فإذا ر يبع إىل استجمع أفكاره وقدمها عن طريق حوا ،خالاه يف الرأي أحد ما من البشر

جديدة، ولياتح أمام أهل العلم ت، ليضيف إىل عقولنا معلوماإشغال الذهن وإعمال الاكر .آفاقا واسعة يف املعرفة

شيء أكثر ن ساناإل ن كاو ﴿: زمة لإلنسان، بدليل قوله تعاىلالمحلوار صاة اة اوص ية، بعقلثع وأحداأوضا اإلنسان على مواجهة هذه احلياة مبا فيها من هللا طرف قدف. 3﴾جدل

يفال، فرتاه ياتش عن الشيء وضده، وعن احلق والباطل، ليجادل ح قر علىتست الة تحنامل يف رحلة جديدة حنو الشك، وال يشك حىت يبدأ ملم ليتالإ يف ذاك، فال يتيقن راو حيا و ذه

.رحلته الطويلة حنو اليقني ر،ا للقضااي اليت تثاعاته، تبحل حيفكار واآلراء يف كل مرحلة من مرااألع نو تتا كذوه

ها ءورا هذا الرأي أو ذاك، مما جيعل قضااي الاكر تتنامى وختلف ارضت ليتة املعاع اضا و ألوا وأ ،راص احاولة لتحقيق االنتيف، ذلك كله ينشأ احلوار ءو ضويف . راصد من األتباع واألنيلعدا .4يةذه املعركة الاكرية والعقائد هيف ة،زمهلا ةهجاو م

.20، ص(م2002وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية، : الدوحة)، الذات واآلخر: احلوار: اهلييت، عبد الستار 2 .42اآلية : سورة الكهف 3-44ص ،(م 2001/ ه 1221، 6الك، ر امل دا: وتري ب ) ،رآنقحيف ال راو حلحا :حسني دمحم، هللال فض: انظر 4

46.

Page 4: الحوار في القصة القرآنية

3

يقنع أحدمها اآلخر ن فني ألر طلداللته الواقعية، فايه احاولة من كال ا يف ارو حلا اأم

هتمام عل االفاحلوار إذا مباراة أداهتا الكالم، ومن الواضح أن القرآن الكرمي ج. مبنطقه ورأيه من عتنب واراحلاإلشارة إليه هنا أن أمهية ر ما جتدمف. وقرمملا رزن الباملكايف الكالم واملنطق اب

بليغ دعوته إىل اآلخرين، إذ ال تل نب لك أمهية الكالم ناسه، الذي يعد السالح الذي حيملهإىل املعرفة لهجلضالل وامن اليف أن مهمة الرسل هي أن يبلغوا دين هللا للناس فينتزعوهم اعنز

ل يستلزم ااحل يعةببط ا، وهذاألمثل لتطبيق شرع هللا وباألسل هلم او نيبي مث ،أوال هلل يحة الصح، هو يريد أن يقنعهم بدعوته، وهم جيادلونه مهيل إلس ر احلوار الدائم واملتواصل بينه وبني امل

عتباره السالح ابالكالم أمهية ومن هنا تبدو . للتمسك بتقاليدهم وموروثهم احلضاري ريةكسلحة العسوإذا كانت سائر األ ة،الناسيأو ةيمالعإلا بر احل هذه ي يفاألساس

ر، فإن الكالم خآلالح اسلا، مكن لشيء منها أن يؤدي بعض الغرض الذي يؤديه ةاسينوالعنه يغين د الذي ال يستغين عنه الداعية، وال جيد شيئا قط حيل احله، أوحيهو السالح الو

.5اءنغ أي به أن ا يدعو ر ليبا أو مطل مكالالة ضيق -م الالس ليهع -موسى لعجد فق كلذولر ي اش ب ر ال ق ﴿: حيققه له ر ل أ م ر ي *ر ح ل ص د ل ل او *و ي س ة م ن ل س ان ع ح ا ق ه و ف يح *ق د

ل لته كلها يف فهم الناس اجوهر رسط به ينما حتدث عن الكالم ربح نهأ حظنلل ب. 6﴾قح و الرابطة بينه وبينهم، النعدام وسيلة تاناصموا قوله فقد قهمل يا األهنم إذ (ل و ا قح و ف ق ه يح )عنه

.االتصال والتااهمبلة، وإمنا قملاكته ر مع من هللا قوة أو سالحا ليخوض بلطمل ي -مساللا يهعل- ىسو فم

ن كذلك، فطلب االستعانة أبخيه الاصيح الطلق اللسا ن لسانهمل يكطلب لساان كامل البيان، و حان أ ف ص ح و ن ه و ر اه ي خ أ و ﴿ ل أ ر ف م ن ل س ةقطالو . 7﴾ن و ب ك ذ ي ه م ع ي ر د ء ا ي ص د ق ن إ ن أ خ اف أ ن س

، 2ص رية العام ة للكت اب، اهليئ ة امل: مص ر) ،احملححححاورة يف القححححرآن الكححححرم أسححححلوب: عب د احلل يم حا ين،: انظ ر 5 .11-16ص ،(م1894

.29-24 ايتاآل: هط ةور س 6 .32ية اآل: صقصالة ور س 7

Page 5: الحوار في القصة القرآنية

2

يها هي لحباجة إأنه -عليه السالم-وحسن العرض والصياغة البليغة، اليت أعلن موسى انلسلا .8نن ومكازما كل يف هللا ىلية إداع ا كلذاهتا األدوات اليت حيتاجه

ب إىل أمهية احلوار ابعتباره وسيلة للتاريق بني احلق والباطل عن طريق طر قلا ارشأ دوق

ة ت اليت تتحدث عن ااحماج ايآلفقال يف تاسري ا. إفحام اخلصموالرباهني، و ججام احلدختاس ين،دال يف ةادلاجملو اري فهو كله تعليم من هللا عز وجل السؤال واحلو اآلمن ذلك: "ةدلواجملا .9"يظهر الارق بني احلق والباطل إال بظهور حجة احلق ورفض حجة الباطلنه ال أل

وار، وحرصه على األسلوب الذي يؤدي به، أن القرآن ابحل آنلقر ا مماتاه ىلع دلي اوممن م ريكثلى جماهبة األعداء والتصدي للمخالاني، وإمنا جعلها يف عاحلوار ة ليمالكرمي مل يقصر ع

بية وللتعليم والتوجيه، كاحلوار بني إبراهيم وابنه إمساعيل، وبني موسى وأخيه رت للمناذج اضع و املوليس غريبا أن يعطي القرآن . ضر، وبني مرمي وابنها الرضيعاخل هاذأستو ىوسم هارون، وبني

ي، عقللا قناعإلل، ديحالو له األمهية، فإن احلوار ابحلجة هو الطريق األمثل، بذار كل هاحلو الكرميوأي دين أو مذهب ال بد العتناقه من اقتناع، . ناع أساس اإلمان إن مل يكن اإلمان ناسهقواإل 10.ألمهية يف الدعوة إىل أي دين أو مذهباذه هه ر لوااحلف وإذا

آداب احلوار وأخالقه: اثنيا

تبط واملهاترة، فال بد أن ير عذاب رقيقا، بعيدا عن الاوضى إذا أردان للحوار أن يبقى

يبقى الاكر متقدا والعطاء موصوال، ، حىتعة من اآلداب الااضلة واألخالق النبيلةو مبجم :وسنعرض فيما أييت ألهم آداب احلوار وأخالقه

الكلمة الطيبة والقول احلسن. 1

.19-11ص ،ورة يف القرآن الكرماحملا أسلوبليم، احل بدع ،اينح 8 دويند عب د احلل يم ال رب أمح : حتقي ق، حكححام القححرآنجلححامل أا :أمح د ب ن أر بك ر ب ن ف رح دمحم هللا دب عو أب ، برطلق ا 9

.296، ص3ج، (1312ه ، 2دار الشعب، : اهرةالق) .29-21ص ،اورة يف القرآن الكرمسلوب احملأ: ليمحلا بدع ،اينح 10

Page 6: الحوار في القصة القرآنية

4

ومبقدار ما يكون الكالم احتواي على شروطه املوضوعية الكالم صاة املتكلم، فالكالم نظام لغوي . ه، وينجح صاحبه يف التأثري يف اآلخريندفيبلغ هر ما اواألخالقية، مبقدما كان أكثر فاعلية يف حواره ما كان الشخص أكثر مهارة يف استخدامه، كل مكتسب، وكل .مع اآلخرين، ممكنهو اإلفصاح واإلابنة عن فكرة ما، أبفضل أسلوب أول أهداف احلوار إن

:11ولذلك ينبغي مراعاة ما أييت .مناسبة الكالم لطبيعة املوقف أو املوضوع -مراعاة املستوى املعريف للمتلقي، فليس من املناسب أن يتحدث عامل جلاهل -

.بكالم فوق مستواه

.اإلفصاح عن األفكار أبسلوب رشيق غري ممل -

.استشعار الثقة ابلناس وامتالك الشجاعة األدبية يف التعبري -

التكرار يذهب برونق الكالم ويدعو إىل امللل اإلجياز من غري إخالل ابملعىن، ألن - .والعزوف عن االستماع

القرآن الكرمي على الطريقة اليت جيري هبا احلوار، وكان كثريا ما ومن هنا فقد حرص

ه حنو الكلمة الطيبة والقول احلسن ة أ ل تح ر ك ي ف ض ر ب الل م ث ال ك ل م ة ط ي ب ﴿: قال تعاىل. يوجب ت و فح ر ع ه ا يف السم اء ث ال * ك ش ج رة ط ي ب ة أ ص ل ه ا اث ني ب ذ ن ر ب ا و ي ض ر ب الل اأ م ت أ ك ل ه ا ك ل ح تح ؤ

تح ثت م ن فح و ق و م ثل ك ل م ة خ ب يث ة *ل لناس ل ع له م يح ت ذ كر ون * اأ ر ض م ا ل ا م ن قح ر ار ك ش ج ر ة خ ب يث ة اج ل ق و ل الثاب ت يف احل ي اة ع ل يح ثح ب ت الل الذ ين آم ن وا ب ل الل الظال م ني و يح ف ر ة و ي ض نح ي ا و يف اآلخ الل م ا الد

.12﴾ي ش اءأم ا . امل ودة والت فلفروحانية تصل ما بني القلوب وتربطها ب راب الكلمة الطيبة ناحةف

والكلم ة . الكلمة اخلبيثة فهي معول للهدم والتاريق، يعمل ختريبا يف أوصال اجملتمع فيهد كيانه

-81، ص (2002وزارة الش ؤون واألوق اف اإلس المية، : الدوح ة)، مهارات اإلتصال: يسى، راشد عليع: انظر 1189 (.21_ 22)اآلايت : سورة إبراهيم 12

Page 7: الحوار في القصة القرآنية

6

الطيبة تزه ر يف ال ناس لتتا تح أبمج ل أزه ار اخل ري واحل ب ال يت يعب ق ش ذاها فواح ا يف ك ل زم ان .13اسية عانةوالكلمة اخلبيثة نتنة الرائحة، تصدر عن ب ؤر ن. ومكان

﴿ وقل لعبادي يقولوا اليت هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان : وقال تعاىل

نا ﴿: وقال. 14﴾ كان لإلنسان ع دوا م بينا .15﴾و ق ول وا ل لناس ح س أن ،ؤمننيأن أيمر عباد هللا امل ،أيمر تبارك وتعاىل عبده ورسوله ملسو هيلع هللا ىلص: "قال ابن كثري

نزغ ، ياعلوا ذلكمل فإهنم إن ،والكلمة الطيبة ،الكالم األحسن ،يقولوا يف خماطبتهم واحاورهتمفإنه عدو آدم ،ووقع الشر واملخاصمة واملقاتلة ،عالوأخرج الكالم إىل الا ، بينهم الشيطان .16"نةوعداوته ظاهرة بي ،من حني امتنع من السجود آلدم ،وذريته

آلي ة تش ري إىل مب دأ مه م يف أدب احل وار، لتك وين العالق ات الطيب ة م ع وعلي ه ف إن ااآلخ رين، حبي تك ون الكلم ة الطيب ة ه ي األس اس يف بن اء تل ك العالق ات، وتك ون عن اوين

ألن الق ول احلس ن يف اللا ظ واملع ىن يا تح القل ب، ،إنس انية يف انات اح اإلنس ان عل ى اآلخ ر .17الناسوينعش الروح، ويقوي الروابط بني

واملتتب ع للح وارات ال يت يزخ ر هب ا تراثن ا ي درك األدب الرائ ع ب ني املتح اورين يف أدق قض ااي اإلس الم وأحكام ه، ويطل ع عل ى النم اذج املش رقة ال يت حواه ا ذل ك ال رتاث الاك ري

ب ني ع املني جليل ني م ن وم ن ه ذه النم اذج الااض لة، احل وار املكت وب ال ذي تبادل ه . واملع ريفمالك بن أنس، وإمام مصر وعاملها الكب ري اللي ب ن س عد، إمام دار اهلجرة: ء األمة مهاعلما

فعل ى ال رغم مم ا اش تملت علي ه تل ك الرس التان م ن ع رض ملس ائل وأحك ام عدي دة، فق د ج اء آي ة مش رقة م ن آايت احل وار الراق ي العاي ف ال ذي حن ن حباج ة إىل مثل ه يف ه ذه األايم،

.ذا احلواروسنعرض جلزء من ه

.88، ص2، ج(دار الاكر: دمشق)، ومضات من القرآن الكرم: آايت قرآنية: آقبيق، غازي صبحي 13 .43اآلية : سورة اإلسراء 14

.93اآلية : سورة البقرة 15 .26، ص3، ج(ه 1201دار الاكر، : بريوت)، تفسري القرآن العظيم: ابن كثري، أبو الاداء إمساعيل بن عمر 16

، 2، ج(م1889/ه 1218، 2دار امل الك، : ب ريوت)، تفسحري محن وححي القحرآن: فض ل هللا، دمحم حس ني: انظ ر 17 (.114_ 112)ص ص

Page 8: الحوار في القصة القرآنية

1

بلغين أن ك تا يت الن اس أبش ياء خمتلا ة مل ا علي ه -رمحك هللا–واعلم : يقول اإلمام مالكالن اس عن دان وببل دان ال ذي حن ن في ه، وأن ت يف أمانت ك وفض لك ومنزلت ك م ن أه ل بل دك

ل ك، ف انظر رمح ك هللا فيم ا كتب ت .. وحاجة من قبلك إليك، حقيق أبن ختاف على ناس ك ب ه إلي ك إال النص يحة هلل وح ده والنظ ر و أن ال يك ون ق د دع اين إىل م ا كتب ت واعل م أين أرج

.لك، فأنزل كتار منزلته، فإنك تعلم أين مل آلك نصحا به ابلذي كتبت قد أصبت : هذه األلااظ الطيبة مبثلها قائال م اللي علىوجييب اإلما

ن ا ع نكم ش يء م ن الاتي ا، وق د وق د بلغ: لامث ق .. م ن ذل ك، ووق ع م ين ابملوق ع ال ذي حت ب الكت اب ذل ك فرتك ت إلي ك يف بعض ها فل م جتب ين، فتخوف ت أن تك ون اس تثقلت كتبت كنت

ي أي ه خم الف يف ذل ك ر أاإلم ام اللي أن ه ب ت عل ى ر مث يب ني... إليك يف شيء مما أنك رت مث خي تم ب احل ق،و م دارة عل ى حس اأراء دون جمامل ة م ام مال ك يف العدي د م ن املس ائل واآلاإل

،أرج و للن اس يف ذل ك م ن املناع ةايك وط ول بقائ ك ، مل ا إح ب توفي ق هللا أان أو :كتاب ه بقول هخب ربك وحال ك ل إه، وال ترتك الكتابة يقنت الداير فهذه منزلتك عندي ورأيك فيه فاستن أنإو

.18بذلك ر س أين إو ألحد يوصل بك فأن كانت لك إوحال ولدك وأهلك وحاجة سالم يف احلوار إىل أدب اإلىل أن يرجعوا إهذة النماذج احلوارية الرائعة تدعو الناس ن إفيتهم ون ه ذا ،ا وتاكريه انص ب بع ض الن اس أناس هم أوص ياء عل ى األم ة وعقوهل ب دل أن ي

حىت توقف العلماء ع ن ، ء الرأيدابإويشيعون اخلوف من املشاركة يف الاكر و ،ياسقون ذاكو وأقالت بسبب ذلك أبواب احلوار ابليت ه ي ،إليه الناس من اجتهادمما حيتاج ري اخلوض يف كث

.واملشاجرة عنها أبواب الصراعلتاتح بدال ،أحسن

الصمت وح سن الستماع. 2

نظرا ملا قد جير ه الكالم على اإلنسان من مصائب وويالت، فقد عد اإلسالم عليها، وبني لنا أن الصمت يف كثري من احلاالت الصمت فضيلة ينبغي على املسلم احلرص

: ب ريوت)ط ه عب د ال ر وف س عد، : ، حتقي قاملحوقعني عحن رب العحاملنيإعحالم : ابن القيم، دمحم بن أر بكر الدمشقي 18 .99-93، ص3، ج(م1813دار اجليل،

Page 9: الحوار في القصة القرآنية

9

: ونقل عن أر الدرداء أنه قال. 19»من صمت نا«: ملسو هيلع هللا ىلصقال .قد يكون خريا من الكالم . 20أن صف أذنيك من فيك، فإمنا جعل لك أذانن اثنتان وفم واحد، فامسع أكثر مما تقول

:يقول. ى من يلومه على السكوت يف خماصمة اجلاهلوللشافعي رد مجيل عل س كت وق د خوص مت ق ل ت هل م: قالوا

إن اجل واب لب اب الش ر مات اح والص مت ع ن جاه ل أو أمح ق ش رف

وفي ه أيض ا لص و ن الع ر ض إص الح

أم ا ت رى األس د خت ش ى وه ي ص امتة؟

س ى لعم ري وه و ن ب اح والكل ب خي 21

ال ينبغي للصمت أن يكون سلبيا، فالصمت ال يعين شرود الذهن وعدم الااعلية، و

لذا ند أن القرآن الكرمي . بل البد مع الصمت من حضور الذهن املتمثل يف حسن االستماعت وا ق ر آن و إ ذ ا ق ر ىء ال ﴿: قد ربط بني الصمت وحس ن االستماع يف قوله تعاىل ت م ع وا ل ه و أ نص ف اس

فال يكاي جمرد الصمت إذا قرئ القرآن، بل ال بد مع ذلك من حسن .22﴾ل ع لك م تح ر ح ون .االستماع؛ أي السماع للقرآن بتدبر ووعي

وحس ن االستماع أدب ال بد من مراعاته، وال مكن ألحد أن يتقن فن الكالم ما مل ن االستماع كما تتعلم : وقدما قال أحد احلكماء البنه. االستماع يتقن فن اي بين ت علم حس

الذ ين ﴿: قال تعاىل. وقد نبه القرآن الكرمي إىل ضرورة حسن االستماع .23حسن احلدي ن ه س ت م ع ون ال ق و ل فح يح تب ع ون أ ح اه م الل ي س .24﴾ل ب اب و أ و ل ئ ك ه م أ و ل وا اأ أ و ل ئ ك الذ ين ه د

، دار إحي اء ال رتاث الع رر: ب ريوت)أمحد دمحم ش اكر وآخ رون، : حتقيق ،سننال: أبو عيسى دمحم بن عيسى رتمذي،ال 19 .660، ص2، ج2401رقم ، حدي 40، كتاب صاة القيامة والرقائق والورع، ابب رقم (ت. ، د.د

، دار الكت ب العلمي ة: ب ريوت)دمحم قميح ة، ماي د: حتقي ق ،الفريححد العقححد: عب د رب ه األندلس ي، أمح د ب ن دمحم اب ن 20 .302، ص2، ج(ت. ، د.د

، (م1892/ه 1202، 1لكت ب العلمي ة، دار ا: ب ريوت)، ديححوان اإلمححام الشححافعي: ب ن إدري س دمحم الش افعي، 21 .63ص .202اآلية : عرافسورة األ 22: الق اهرة)دمحم إب راهيم س ليم، : ، حتقي قأتديب الناشحئني ددب الحدنيا والحدين: ابن عبد ربه األندلسي، أمحد ب ن دمحم 23

. 12، ص (مكتبة القرآن .11اآلية : سورة الزمر 24

Page 10: الحوار في القصة القرآنية

8

فاإلصغاء وحسن االستماع مهارة البد من إتقاهنا، ملا هلا من أمهية كربى يف بناء العالقات اإلنسانية بني األفراد واجلماعات، وهي وسيلة جمدية يف إجياد الاهم املتبادل بني

المهم، وما حيسون به من ضيق الناس، ومساعدهتم يف حل مشكالهتم، والتخايف من آ :لوليام أوري ما نص ه «فن التااوض»جاء يف كتاب .وحزن

إن اإلنصات عظيم الاائدة، فهو ياتح لك انفذة لرتى ما يدور يف عقل الطرف "فلو أن الطرف اآلخر كان . اآلخر، كما جيعل الطرف اآلخر على استعداد لإلنصات إليك

ال تقاطعه حىت لو شعرت أنه خمطئ، . ا ال حتاول أن تستمع إىل شكواهغاضبا أو قلقا، فلماذعره إبصغائك إليه عن طريق تركيز نظرك عليه، أو هز رأسك . أو أنه يهينك ومكنك أن تش

وعندما ينتهي «أان أفهم ما تقصده»أو «نعم، نعم»: من آن آلخر، أو ترديد عبارات مثلأل ه هبدوء إن كان لديه شيء آخر يريد أن يضياه، وشجعه على أن ياضي من حديثه، اس

ماذا حدث »أو «من فضلك استمر يف حديثك»: إليك بكل ما يضايقه، أبن تقول ل ه مثال ومبجرد أن تنصت ملا يريد الطرف اآلخر أن يقوله، فغالبا ما سيؤدي ذلك إىل . «بعد ذلك؟

ة بشأن حل املشكلة، واستصدار القرار املطلوب، هتدئته، ليصبح أكثر تعقال وأكثر استجاب . 25"فليس من قبيل الصدفة أن أفضل ااحماورين غالبا ما يستمعون أكثر مما يتكلمون

فإننا ند أنه كان منوذجا رائعا يف اإلصغاء وحسن ملسو هيلع هللا ىلصوابلنظر يف سلوك الرسول

. ليته، رجال كان أو امرأة أو صبيا أو خادما االستماع، فكان إذا حدثه أحد يتجه إليه بك صلى بل إنه . وهبذا السلوك القومي استطاع أن جيعل لناسه مكانة عظيمة وجليلة بني أصحابه

كان متاز أبدب اإلصغاء واالستماع حىت مع أعدائه، وللتدليل على ذلك هللا عليه وسلم :نذكر هذه احلادثة

اي ابن أخي، إنك منا : فقال ل ه ملسو هيلع هللا ىلصىل رسول هللا روي أن عتبة بن ربيعة جلس إحي قد علمت من السلطة يف العشرية واملكان من النسب، وإنك قد أتيت قومك أبمر عظيم، فرقت به مجاعتهم، وساهت به أحالمهم، وعب ت به آهلتهم، وكار ت به من مضى من

.يك أمورا لعلك تقبل بعضهاآابئهم، فامسع مين أعرض عل

، ص (م1882وزي ع، ال دار العربي ة للنش ر والت: الق اهرة)نيا ني ع زاب، : ، ترمج ةفحححححن التفحححححاوض: أوري، ولي ام 25 (.69 -61)ص

Page 11: الحوار في القصة القرآنية

10

فقال ل ه عتبة ما قال، حىت إذا فرغ قال . »قل اي أاب الوليد أمسع« ملسو هيلع هللا ىلصفقال الرسول فأخذ . أف عل: قال. »فامسع مين«: قال. نعم: قال .»أوقد ف رغت اي أاب الوليد؟«: ملسو هيلع هللا ىلصل ه

لت حىت إذا انتهى إىل اآلية موضع السجدة منها ملسو هيلع هللا ىلصرسول هللا يتلو عليه من سورة فصفقام عتبة إىل أصحابه، فقال . »قد مسعت اي أاب الوليد فأنت وذاك«: سجد، مث قال لعتبة

حنلف ابهلل لقد جاءكم أبو الوليد بوجه غري الوجه الذي ذهب به، وطلب عتبة : بعضهم .26سحرك اي أاب الوليد بلسانه: فأبوا وقالوا له. وشأنه ملسو هيلع هللا ىلصإليهم أن يدعو الرسول

ل ، نكتاي منها ابلذي حنن بصدده، فالرسو هذه القصة كلها دروس يف أدب احلوارو مل حيسن اإلنصات ويرتك املقاطعة فحسب، بل منحه فرصة أخرى إلضافة أي عليه السالم

وهذا خلق رفيع، وأدب جم، »فرغت اي أاب الوليد؟أوقد «: شيء رمبا نسيه، أو غال عنه .يستدعي حسن إصغاء من الطرف اآلخر

ومن حسن االستماع أنه إذا كان السامع عاملا بكالم املتحدث، فإنه ليس من قال .األدب مقاطعته ومداخلته فيه، بغرض اإلظهار لآلخرين معرفة هذا احلدي والعلم به

الشاب ليحدثين حبدي ، فأستمع له كأين مل أمسعه، ولقد مسعته قبل إن : عطاء بن أر رابح :وأنشد اخلطيب البغدادي يف هذا املقام .27أن يولد

له له وإن عرف ت ف ر عه وأص 28وال تشارك يف احلدي أه

، فإن ومن حسن األدب أيضا، أنه إذا أشكل على املستمع شيء من كالم احدثهعليه أن يصرب حىت االنتهاء من احلدي ، مث يستاهم منه أبدب ولطف ومتهيد حسن لالستاهام، وال يقطع عليه كالمه، فإن ذلك خمل أبدب االستماع، إال إذا كان اجمللس جملس

املعىن دراسة وتعل م، فإن له حينئذ شأان آخر، وحيسن فيه السؤال واملناقشة عند متام اجلملة أو . 29الذي يشرحه املعلم، وينبغي أن تكون املناقشة فيه أبدب وكياسة

ط ه عب د ال ر وف س عد،: ، حتقي قالسحححرية النبويحححة: اب ن هش ام، أب و دمحم عب د املل ك ب ن هش ام ب ن أي وب احلم ريي 26 (.131-130)، ص ص 2، ج(ه 1211، 1دار اجليل، : بريوت)

.119، ص2، جاآلداب الشرعية واملنح املرعية: املقدسي، ابن مالح 27 .118، ص2، جاملرجع السابق 28، (ه 1213، 2اإلس المية، البش ائرلبن ان، دار : ب ريوت)، محححن أدب اإلسحححالم: غ دة، عب د الات اح أب و: انظ ر 29 . 64ص

Page 12: الحوار في القصة القرآنية

11

التواضل. 3

احلوار أن يتجنب ااحماور احلدي عن ناسه، أو عن أوالده، أو عن أعماله أدبمن وإنازاته، ألن شر املتحدثني من آثر احلدي عن أحواله وأكثر الكالم عن ناسه، فإن فعل

احلدي الذي يكون مصحواب بتزكية الناس ومدح ف .شر احلوار الناجحذلك فإنه ياقد . الذات يرتك انطباعا سلبيا لدى السامع، جيعله ينار منه ويزهد يف االستماع إليه

ف ال تح ز كوا أ نف س ك م ه و ﴿ :فقال ؛ومن هنا فقد هنى املوىل عز وجل عن تزكية الناس .31"أي ال متدحوها وتشكروها ومتن وا أبعمالكم: "ل ابن كثريقا .30﴾ب ن اتحق ى أ ع ل م

وهذا توجيه للمؤمنني، فاهلل أعلم حباهلم؛ وهو املطلع عليهم من أول خلقهم إىل آخر أان خري منك، وأان : يومهم، فال حاجة لتزكية الناس رايء وخيالء، وال يقولن الواحد لآلخر

ال يستطيع أحد أن يقطع بنجاته وخالصه أاي كان، فإنه و . أزكى منك وأتقى، فإن األمر هلل .32ال يعلم عاقبة األمور إال هللا

ب من حال هؤالء الذين يزك ون أناسهم لذلك جاء القرآن الكرمي يف صيغة املتعج ومدحوهنا وكأهنم ضمنوا رضا هللا، وأمنوا مكره، واطمأنوا وأخذوا املواثيق من هللا تعاىل على أن

و ل ي ظ ل م ون أ ل تح ر إ ل الذ ين يح ز كون أ نف س ه م ب ل الل يح ز ك ي م ن ي ش اء﴿ :قال تعاىل. يدخلهم اجلنة. النهي عن تاضيل الناس على الغري والتااخر على اآلخرين ملسو هيلع هللا ىلصوورد عن النب .33﴾ف ت يال

خر أحد على أحد، وال ي بغي أحد على إن هللا أوحى إل أن «: قالف تواضعوا حىت ال ي ا .34»أحد

.33اآلية : سورة النجم 30 .249، ص2، جتفسري القرآن العظيم: ابن كثري 31، 26، ج(ت. ، د.العلمي ة، د ر الكت بدا: ب ريوت)، مفححححاتيح ال يحححب: ال رازي، فخ ر ال دين دمحم ب ن دمحم: انظ ر 32 .14ص .28اآلية : سورة النساء 33، 2، ج2964، ح دي رق م 16، كت اب اجلن ة وص اة نعيمه ا وأهله ا، ابب رق م اجلحححححامل الصححححح يح: مس لم 34 .2189ص

Page 13: الحوار في القصة القرآنية

12

واإلنسان بطبعه يكره من يتعاىل عليه، وين زله من زلة اجلاهل الذي ينبغي أن يتعلم من را ألجماده وتعاليا على اآلخرين ومدح الناس غالبا . احدثه، ويكره من يكون نصف حديثه ذك

شعور بنقص يف الشخصية، وحبا يف الظهور والتميز، فإن الذي يثق بقدراته ما يكون نتيجة لللذا فليس من األدب أن يثقل . وكااءته ال حيتاج أن يعلن ذلك على ر وس األشهاد

.املتحدث على سامعيه بذكر بطوالته وأجماده

احرتام احملاور وكسب ود ه. 4

يف الاكرة، فإن أدب احلوار يقتضي بغض النظر عن االختالف يف الرأي والتباين :35احرتام آدمية اإلنسان وإنسانيته، ومن األمور اليت حتقق ذلك

ىل جتاهله إ، وعدم اللجوء االنتباه لكالمه اهتمام ااحماور ابلطرف اآلخر من خالل - .خرآخر أو مبوضوع آنشغال عنه بشخص أو الشرود واإل

ص سريته النقد الشخصي فيما خيىلإ، أو اللجوء حتاشي حتقري الطرف اآلخر - .الاردية أو العائلية

، والتعامل مع أمام الطرف اآلخر للدفاع عن وجهة نظره كاملةفسح اجملال - . حة الوقت الكايف لعرضها وبياهناإطروحاته بصدر رحب عن طريق

وعلى ااحماور أن خيتار من األلااظ ما هو احبب لدى الطرف اآلخر، وما يقع يف

كأن يقول . سه موقع القبول والتأثري، كأن يناديه ابمسه ااحمبب إليه، أو صاته اليت حيبهانا .، وحنو ذلك(اي قوم)، ولقومه (اي أبت)، وألبيه (اي بين: )البنه

ن إ ن ﴿: وحيدثنا القرآن الكرمي عن خطاب موسى لارعون، فيقول و ق ال م وس ى اي ف ر ع و وأول ما يلات نظران يف هذا اخلطاب أن موسى عليه السالم .36﴾ع ال م ني ر س ول م ن رب ال

وهو االسم الذي يشعر فرعون ابلقوة . اي فرعون: اندى فرعون أبحب األمساء إليه، فقال .والعظمة وعدم االنتقاص من مكانته، ويف ذلك مدارة ل ه، ومراعاة لناسيته

.10-68، (م1883، 1دار الشروق، : عمان)، أخالقيات احلوار: الشيخلي، عبد الكرمي: انظر 35

(.104، 102)تان اآلي: سورة األعراف 36

Page 14: الحوار في القصة القرآنية

13

، فقد كان خياطب الزعماء ملسو هيلع هللا ىلصنهج نبينا دمحم ونرى هذا األسلوب بعينه ماثال يف م»إىل هرقل عظيم الروم«: مبثل قوله

كان ابملوسم مبىن، يعرض ناسه وروي عن النب ملسو هيلع هللا ىلص أنه . 37على القبائل، فجاء إىل بطن منهم يقال هلم بنو عبد هللا، فدعاهم إىل هللا، وعرض عليهم

سن اسم أبيكم«: ول هلمناسه، حىت إنه ليق »اي بين عبد هللا، إن هللا عز وجل قد أح ، يريد 38

وليس يف ذلك تنازل عن املبادئ، ولكنه األدب يف احلوار، والذوق .أن يتلطف هلم ابلكالم .يف التعامل مع اآلخرين

استخدام اأسلوب العقلي واملنطقي. 5

، العقل وتطبيق املقدمات املنطقية السليمة االعتماد على بد أن يتسم احلوار بطابعال خر ما أو ما يتعلق بقبول ما يطرحه الطرف اآل ،لق بتقدمي الاكرة والتدليل عليهاسواء ما يتع

.ها ابملنطق السليم واحلجة القويةليإدام أنه قد وصل واحلوار يف القرآن الكرمي يعتمد على العقل واملنطق، وال يتاثر أبي عامل خارجي

وال شك أن احلوار الذي يعتمد على احلجة الواضحة والدليل املنطقي القوي . نبوة والوحيكال .سيؤدي يف النهاية إىل احلرية يف التاكري، والتخلص من التعصب واالحنياز

وها هو إبراهيم عليه السالم يف حواره مع هللا عز وجل، يقدم ناسه وكأنه متجرد من قال إبراهيم رب أرن كيف حتيي املوتى قال أول تؤمن قال بلى ولكن ﴿وإذ : النبوة، بل من اإلمان

يريد هنا التحاور ضمن قواعد العقل واملنطق، -عليه السالم–فإبراهيم . 39ليطمئن قليب﴾ .40ويرفض وجود أي مؤثر يف احلوار غري العقل

. 8، ص 1، ج1، حدي رقم 6، كتاب بدء الوحي، ابب رقم اجلامل الص يح: البخاري 37 : ب ريوت) ،اأمححم وامللححو اتريحح : دمحم ب ن جري رأب و جعا ر الط ربي،. 211، ص2، جالسححرية النبويححة: اب ن هش ام 38 . 446، ص1، ج(ه 1201، 1الكتب العلمية، دار .260 اآلية: سورة البقرة 39

.48 -49، صالذات واآلخر: احلوار: اهلييت، عبد الستار: انظر 40

Page 15: الحوار في القصة القرآنية

12

المبحث الثاني

مقتطفات من أدب الحوار في قصة نوح عليه السالم

حتدث القرآن الكرمي عن قصة نوح مع قومه يف أكثر من سورة، فقد جاء احلدي

ا البح ومبا أن هذ .عن هذه القصة يف سورة األعراف ويونس وهود واملؤمنون والشعراء ونوحيف احلوار ل هو بصدد تلم س جانب األدب بصدد حتليل موضوع القصة يف القرآن، ب ليس

وقومه، لذلك فإن البح سيقتصر على اجلوانب األدبية اليت -عليه السالم-الدائر بني نوح وردت يف هذه القصة، وسيكت اى يف ذلك مبا جاء يف سورة هود حتديدا، كنموذج مكن من

:قال تعاىل. نهج نوح يف احلوارخالله أخذ تصور كاف عن مم ه إ ن ﴿ أ ن ل تح ع ب د وا إ ل الل إ ن أ خ اف ع ل ي ك م *ل ك م ن ذ ير مب ني و ل ق د أ ر س ل ن ا ن وح ا إ ل قح و

م أ ل يم ثح ل ن ا و م ا نح ر ا اتحبح ع ك إ ل فح ق ال ال م أل الذ ين ك ف ر وا م ن ق و م ه م ا نح ر ا إ ل ب ش ر ا * ع ذ اب يح و م د ي الذ ين ه م أ ر اذ ن ا م ن ف ض ل ب ل ن ظ نك م ك اذ ب ني ل ن ا ب م أ ر أ يح ت م * الرأ ي و م ا نح ر ى ل ك م ع ل يح ق ال اي قح و

ن ر ح ة و اي * ار ه ون م ن ع ند ه فح ع م ي ت ع ل ي ك م أ نح ل ز م ك م وه ا و أ نت م ل ا ك إ ن ك نت ع ل ى بح ي ن ة م ن رب و آات ر ي إ ل ع ل ى الل و م آ أ ل ك م ع ل ي ه م ال إ ن أ ج م ل أ س أ ن ب ط ار د الذ ين آم ن وا إ نحه م مال ق و ر ب م و ل ك ن قح و

م ا ت ه ل ون أ ر اك م م م ن ي نص ر ن م ن الل إ ن ط ر دتح *قح و و ل أ ق ول ل ك م ع ند ي *أ ف ال ت ذ كر ون ه م و اي قح و ر ا أ ع ل م ال ي ب و ل أ ق ول إ ن م ل ك و ل أ ق ول ل لذ ين تح ز د ر ي خ ز آئ ن الل و ل يح ت يح ه م الل خ أ ع يح ن ك م ل ن يح ؤ

ه م إ ن إ ذ ثح ر ت *لم ن الظال م ني االل أ ع ل م ب ا يف أ نف س ن ا ف أ ك ال ن ا ف أ ت ن ا ب ا ق ال وا اي ن وح ق د ج اد ل تح د ج

Page 16: الحوار في القصة القرآنية

14

ز ين ق ال *ت ع د ن إ ن ك نت م ن الصاد ق ني و ل ي نف ع ك م *إ من ا ي ت يك م ب ه الل إ ن ش اء و م ا أ نت م ب ع ج ي إ ن أ ر .41﴾ه و ر بك م و إ ل ي ه تح ر ج ع ون دت أ ن أ نص ح ل ك م إ ن ك ان الل ي ر يد أ ن يح و ي ك م ن ص

تطيع استخالص جوانب األدب يف وبعد إمعان النظر يف اآلايت القرآنية السابقة، نس :يف اجتاهني، وذلك على النحو التال -عليه السالم-حوار نوح

ب الذي اختاره نوح يف طرح دعوتهاأسلو : أول

يظهر األدب يف الطريقة اليت سلكها نوح عليه السالم يف طرحه للموضوع من

:42خالل

التمهيد .1دث حي مهد نوح عليه السالم للموضوع الذي سيطرحه بطريقة عنياة قوية، ليح

يقوله هلم، وقد صاغ نوح هذا يف ناوسهم جلبة وقلقا يهيئها لالهتمام والرتق ب الشديد ملا سوكثريا ما تكون البداية القوية أسلواب ابلغ األمهية يف . ﴾إين لكم نذير م بني ﴿: التمهيد بقوله

.لات األنظار للموضوع املطروح

صلب املوضوع .2أن تعرض املواضيع ذات األمهية الكربى بكلمات بسيطة واضحة ال من أدب احلوار

وهكذا فقد اختار . وال غموض حىت ياهمها املخاطبون على املستوايت املختلاة لبس فيهانوح ملوضوعه ألااظا واضحة املعىن واملراد، كي ال يصرف الذهن عن املعىن األصلي املراد، وال

.﴾أن ال ت ع بدوا إال الل ﴿: فلخص موضوع رسالته بقوله. يرتك أي جمال للتأويل اخلامتة .3

(.32 -24)سورة هود اآلايت 41 . 10 -68ص ،احملاورة يف القرآن الكرم أسلوب: عبد احلليم حاين،: انظر 42

Page 17: الحوار في القصة القرآنية

16

وذلك ابلتعقيب مباشرة بذكر النتيجة املتوقعة إن استمروا على سلوكهم، وقد جاءت أخاف علي كم عذاب ي و م أليم ﴿: هنا أبسلوب التهديد والتخويف، فقال حىت مأل ﴾إين

.ناوسهم رهبة من العصيان، وحىت ال يرتك هلم جماال للتهرب أو الروغانإظهار خوفه عليهم من األدب معهم، إنه يدعوهم إىل هللا، وينذرهم وال خياى ما يف

العذاب مبحبة عرب عنها ابخلوف عليهم، متاما كالذي حيس ابهللع إذا سار من حيبه يف طريق .يؤدي به إىل اهلالك

اأسلوب الذي حاور به نوح قومه: اثنيا

وع دعوته، بدأ حياورهم بشكل بعد هذه املقدمة اليت خلص نوح من خالهلا موض

واملتتبع هلذا احلوار جيد أن أدب نوح معهم كان ابرزا . تاصيلي ويرد على شبهاهتم وتسا الهتمة أمور، أمهها :من خالل عد

احلرص على حتقيق اأ ل فة مل قومه .4

حريصا على أال يظهر يف كالمه أي شيء مكن أن يتخذه -عليه السالم-كان نوح ، فإن ما ةقومه حجة لالبتعاد والناور، متجاهال بذلك ما تعرض له من إساءات شخصي

ولذلك فإننا نده يبدأ . يعنيه هو ناحه يف احلوار، ليكون هذا النجاح وسيلة لكسب قلوهبمم ، منبها إايهم إىل هذه الرابطة اليت تربطه هبم، ومذكرا إايه" اي قوم: "كالمه معهم بقوله

.43ضمنا أبن املرء عادة ال يغش قومه وال يضللهم، ليزيد هبذا من ثقتهم به

اللجوء إل استثارة عقولم بصي ة الستفهام .5: إىل ح قومه على التاكري عن طريق طرح األسئلة، فقال -عليه السالم-جلأ نوح

﴿ م أرأي تم إن كنت على ب ينة من رر من عنده ف عميت علي كم أن ل زمكموها وآ ين رمح ة اي ق و فعلى الرغم مما . 44أخربوين، واالستاهام لالستنكار: وأرأيتم معناها. ﴾؟وأنتم هلا كارهون

.11، صأسلوب احملاورة يف القرآن الكرم: حاين، عبد احلليم: انظر 43دار إحي اء : ب ريوت) ،مححزااي القحححرآن الكحححرم إلالعقحححل السحححليم إرشحححاد: ن دمحم العم اديالس عود، دمحم ب أب و: انظ ر 44

.221، ص2، ج(ت. ، د.، دالرتاث العرر

Page 18: الحوار في القصة القرآنية

11

: وكأنه يقول هلم. وجهوه إليه من كالم يف احاورته هلم، إال أنه أيخذهم بغاية الرفق واللنيركوها، افرتضوا أن رساليت اليت أكرمين هللا هبا كانت بينة ظاهرة، ولكنها خايت عليكم فلم تد

فاملعىن مثل أعمق االطمئنان الناسي هلم، حي يؤكد هلم حرية فهل نكرهكم عليها إكراها؟ر اه يف الد ﴿: االختيار يف الدين، كما يقول القرآن يف موضع آخر وهذا من شأنه . 45﴾ين ل إ ك

.46أن يزيدهم اطمئناان إن كان لديهم أدىن استعداد استخدام صي ة البناء للمجهول .6

قومه ابلعمى والضالل مباشرة، بل استخدم لذلك صيغة -عليه السالم-مل يتهم نوح ويف هذه الصيغة ما يشري . ﴾علي كم فح ع م ي ت من عنده وآ ين رمح ة ﴿: البناء للمجهول، فقال

إىل وضوح الرسالة اليت جاء هبا نوح، ومن شأن كل العقول أن تدركها، ولوال أن هناك حائال فكأنه . حال دون عقوهلم ألدركوها، وهذا مثل غاية الرفق مبشاعرهم، واحلرص على أل اتهم

. ال بينكم وبينها فلم تدركوهاأان ال أهتمكم بعدم إدراك نبويت، وإمنا أهتم الذي ح: يقول هلم .47وهذا يدفعهم تلقائيا إىل التاكري والبح عن هذا احلائل

ملعصية، ابب من وصيغة البناء للمجهول أو عدم التصريح بصاحب الذنب أو افإنه جي مل ابملرء إذا وجد خطأ عند شخص . ينبغي أخذه بعني االعتبار أبواب أدب احلواروقد كان . اخلطأ، ولكن أبسلوب حسن ي غ لب عليه التلميح ال التصريح ما، أن ينبهه لذلك

خري قدوة لنا يف ذلك، فقد عرف عنه أنه إذا وجد خطأ يف بعض أفعال ملسو هيلع هللا ىلصرسول هللا أصحابه أو أقواهلم، ال يصرح أبمسائهم وال يشهر هبم على ر وس األشهاد، لعل مه أبن يف اظ لكرامتهم وملاء وجوههم .ذلك خطورة على قلوهبم وناوسهم، وأن عدم التصريح أح

:واألمثلة على ذلك كثرية، فمنهاما ابل أقوام يرفعون أبصارهم إىل السماء يف صالهتم ؟ «: قال ملسو هيلع هللا ىلصأن رسول هللا

.48»لينتهن عن ذلك أو لتخطان أبصارهم

.246اآلية : سورة البقرة 45 (.19 -11)، ص صأسلوب احملاورة يف القرآن الكرم: حاين، عبد احلليم: انظر 46 .19املرجع السابق، ص: انظر 47 .261، ص1، ج111، حدي رقم 82، كتاب األذان، ابب رقم جلامل الص يحا: البخاري 48

Page 19: الحوار في القصة القرآنية

19

أمرا فرتخص فيه، فبلغ ذلك ملسو هيلع هللا ىلصصنع رسول هللا : مسلم عن عائشة اهنع هللا يضر قالتوروى ما ابل «: انسا من أصحابه فكأهنم كرهوه وتن زهوا عنه، فب لغه ذلك، فقام خطيبا، فقال

ت فيه فكرهوه وتن زهوا عنه، فوهللا ألان أع لمهم ابهلل وأشد هم له رجال ب لغهم عين أمر ترخص .49»خشية

الستدلل الواقعي .7

يف القضااي اجلدلية اليت حتتاج إىل دليل، أن ال يرتكها صاحبها هكذا من أدب احلواررك األدلة اليت . دون أن يربهن على صحتها ومن احلكمة البالغة يف طريقة االستدالل أن ت ت

ح كل الوضوح يف ذهنه، ويلجأ إىل أقرب األدلة إىل الواقع ينازع فيها اخلصم، أو اليت ال تتضوهكذا فعل نوح عليه السالم، فقد انطلق يف كالمه من . الذي ياهمه ويسلم به الناس مجيعا

إذا مل أكن رسول : فكأنه يقول هلم. قضية منطقية يسلم هبا قومه، وهي أن كل عمل له مقابلعيه ملصلحيت أان، فهل طلبت منكم شيئا مقابل ما أبذل ه وما أعانيه؟ وهم ال هللا، وكان ما أد

مث يبني هلم بلط ف أن األجر الذي . ينازعون يف أنه مل يطلب مقابال، بل يعرتفون هبذه احلقيقةألكم علي ه ماال ﴿: ينتظره إمنا هو من هللا عز وجل ال منهم، فيقول ري إال واي ق و م ال أس إن أج

.50﴾على الل

اإلجابة على تساؤلت قومه .8، من األدب يف احلوار رك تسا الهتم ماتوحة دون جواب شاف مع اآلخرين، أال ت ت

ألن ذلك عالمة على الضعف وعدم التمك ن من القضية موضوع النقاش، أو على عدم ا يف غاية األمهية، خاصة إذا كان يرتتب عليها وتكون اإلجابة أمر . االهتمام ابلطرف اآلخرولكن ال بد من التنبه هنا إىل ضرورة مراعاة احلكمة واللني وعدم . فائدة أو موقف إجيار

.االنقياد وراء االستازازات اليت يطرحها الطرف املقابلك وابلنظر يف النص القرآين السابق، ند أن نوحا سلك هذا الطريق، وظهر ذل

:واضحا يف ردوده على حجج قومه وتسا الهتم، وذلك على النحو التال

.1928، ص2، ج2346، حدي رقم 34، كتاب الاضائل، ابب رقم اجلامل الص يح: مسلم 49 (.18 -19)، ص صأسلوب احملاورة يف القرآن الكرم: حاين، عبد احلليم: انظر 50

Page 20: الحوار في القصة القرآنية

18

الرد على ناور قومه من أتباعه الضعااء، أبسلوب ظهر فيه الرفق واحلرص على . أ أ ومف﴿: ألاتهم وعدم ناورهم، فقال م ولكين

ق و ما راكم أان بطارد الذين آمنوا إن هم م القو رهبفهو يبني لقومه أنه ال مكن أن يقوم بطرد الذين آمنوا بدعوته من الضعااء، فإن .﴾جت هلون

الوفاء هلم والصدق معهم ال يبيحان له مثل هذا التصرف، ومن جهة أخرى فإنه لو وافقهم وهذا الرد . ه إىل هللاعلى طلبهم وطردهم، فإهنم ال بد مالقو رهبم يوم القيامة، وهناك سيشكون

مث يبني . من نوح يتضمن أمرا آخر، هو دعوة قومه ضمنا إىل اإلمان ابلبع ويوم القيامةلقومه أن هؤالء املؤمنني مساملون، وأنتم الذين اعتديتم عليهم، فكيف تكونون أنتم املعتدين

.51﴾أفال تذكرون الل إن طردت هم واي ق و م من ينصرين من ﴿: وتطلبون طردهم؟ مث يقول هلم أراكم ﴿: أما قوله فليس معىن اجلهل هنا الشتم أبهنم قليلو ﴾ق و ما جت هلون ولكين

املعرفة، وإمنا معىن اجلهل هنا، اجلناية على الغري، واالعتداء يف ساه ومحق، كما يقول عمرو :بن كلثوم

52فنجهل فوق جهل اجلاهلينا ن أحد عليناأال ال جي هل

نا من فض ل ﴿: الرد على قومه حني قالوا. ب من خالل مناقشة ﴾وما ن رى لكم علي فهم يتصورون أن الاضل ال بد أن يكون شيئا . أفكارهم وتصوراهتم عن طبيعة الاضل ناسه

كاملا ل، أم روحيا كعلم الغيب، أم ابخلروج عن طبيعة البشر احسوسا احددا، سواء أكان مادايإنين ال أقول لكم إين أملك خزائن : فريد نوح على تصورهم هذا بقوله. إىل طبيعة أخرى

األرزاق، وال أقول لكم إين أع لم الغيب، وال أقول لكم إين ملك من املالئكة، وإمنا أان بشر أنتم خمطئون يف تصوركم أن الاضل ال : فكأنه يقول هلم. نبوةمثلكم إال أن هللا قد اختصين ابل

وأنتم خمطئون يف احتقاركم وازدرائكم ل وملن معي من املؤمنني . بد أن يكون هبذه الصورة .53ألننا مل نكن كما تتصور عقولكم

(.18 -19)، ص صالقرآن الكرم أسلوب احملاورة يف: حاين، عبد احلليم: انظر 51 ، .، ددار إحي اء ال رتاث الع رر: ب ريوت) ،املعححان روح: أب و الاض ل احم ود األلوس ي،: مع ىن اجله ل هن ا يف انظ ر 52 .22، ص12، ج(ت.د

أدب : طنط اوي، دمحم س يد. 91، ص أسحححلوب احملحححاورة يف القحححرآن الكحححرم: حا ين، عب د احلل يم: انظ ر 53 .123، ص(م1881دار هنضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، : مصر)، احلوار يف اإلسالم

Page 21: الحوار في القصة القرآنية

20

لوا بكل. أما نتيجة هذه ااحماورة، فقد كانت نصرا واضحا لنوح عليه السالم ما فقد أد لديهم من حجج، ورد عليها نوح وأبطلها مجيعا، فلم يكن أمامهم حينئذ إال أن يعرتفوا ولو نا هبزمتهم، وقد صاغوا هذا االعرتاف فيما يشبه الذم أو اللوم لنوح أبنه كثري اجلدال، م ض

ث ر ت ﴿: فقالوا ل ه دالنا فأ تنا مب اي نوح قد جادل ت نا فأك .﴾ا تعدان إن كنت من الصادقني جوهكذا اجلاهلون املعاندون عندما يعجزون عن الرد املقنع يشهرون السيف يف وجه من

ولكن هذا التحدي مل خيرج نوحا عن مس ته . حياورهم وجيادهلم ابحلكمة واملوعظة احلسنهزين إمن ﴿: الكرمي، وإمنا رد عليهم بكل أدب، وقال هلم ع ج *ا أي تيكم به الل إن شاء وما أنتم مب

ي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الل يريد أن ي غ ويكم وال يناعكم هو رب كم وإلي ه نص حب الذي تتعجلونه، القادر اي قوم إن العذا: قال نوح لقومه بتواضع وأدب: أي" .﴾ت ر جعون

على إنزاله بكم هو هللا تعاىل وحده، وإذا أنزله بكم فلن تستطيعوا اهلروب منه، وإين قد دعوتكم إىل إخالص العبادة خلالقكم بكل أسلوب، ومع ذلك فإن نصحي لن يايدكم شيئا

أملك لكم من األمر ما دمتم مصرين على كاركم، وإذا كان هللا تعاىل قد أراد إضاللكم فلن شيئا، فهو سبحانه الذي بيده أموركم وأحوالكم، ومرجعكم إليه وحده، وسيحاسبكم على

.54"أعمالكم

ويف هناية هذه ااحماورة اليت دارت بني نوح وقومه، فإنه يتبني لنا بكل وضوح أن نوحا ، والكالم احلكيم، قد سلك يف حواره معهم األدب اجلم، والشجاعة الاائقة، والصرب اجلميل

أما زعماء قومه الذين كاروا به فقد جلأوا يف . واحلجة الناصعة، والشكوى إىل خالقه عز وجلحوارهم إىل وصاه رة ابلكذب، و رة ابجلنون، و رة ابلضالل، و رة أبنه يريد التاضل

.عليهم، مث يضياون على كل ذلك التهديد والوعيد له وألتباعه، فإن احاوراهتم لغريهم تقوم على املنطق السليم واألدب الرفيع والدليل وهكذا العقالء

الساطع والربهان الواضح، أما احاورة الساهاء فتقوم على الغرور وسوء الظن، والتهديد .والوعيد ملن خيالف ابطلهم

يقدم لنا يف ذلك منوذجا حيتذى به يف احاوراتنا اليومية مع -عليه السالم–ونوح .خالانيامل

(.122-123)املرجع السابق، ص ص 54

Page 22: الحوار في القصة القرآنية

21

خاتمة

:يف هناية هذا البح نذكر أهم اخلالصات، وهياحلوار عذاب رقيقا، بعيدا يبقى حىتىل القرآن الكرمي موضوع أدب احلوار أمهية خاصة، أو .1

.، فيكون ابلتال أقرب لتحقيق أهدافه املنشودةواملهاترة عن الاوضى، فإن حوارات األنبياء مناذج حية ألدب احلوارالقرآين يف القصص متثل املواقف احلوارية .2

مع أقوامهم تشري بكل وضوح إىل أدب األنبياء يف كل كلمة تاوهوا هبا، ويف املقابل فإن كثريا .ئهمأنبيامع متدل على سوء أدهب اقف األقوام وردودهم،من مو

مهيد يف التالوضوح و ، من حي العرضمع قومه يف طريقة يف حواره يظهر أدب نوح .3الطريقة اليت حاور فيها قومه، حي كان حريصا يف حواره على كما يظهر ذلك يف، الطرح

حتقيق األلاة معهم، وجلأ إىل استثارة عقوهلم من خالل صيغ االستاهام واالستدالل الواقعي، ى مجيع تسا الهتم جلأ إىل صيغة البناء للمجهول، وأجاب عل ومل يتهمهم مباشرة ابلضالل بل

.ابحلكمة واللني

.منوذجا حيتذى به يف احاوراتنا اليومية مع املخالاني -عليه السالم–نوح قدم لنا .2

Page 23: الحوار في القصة القرآنية

22

قائمة المراجع

ط ه عب د ال ر وف : ، حتقي قإعحالم املحوقعني عحن رب العحاملني: اب ن الق يم، دمحم ب ن أر بك ر الدمش قي .1

(.م1813دار اجليل، : بريوت)سعد، دمحم إب راهيم : ، حتقي قأتديححب الناشححئني ددب الححدنيا والححدين: عب د رب ه األندلس ي، أمح د ب ن دمحماب ن .2

(.مكتبة القرآن: القاهرة)سليم،

.(ت. ، د.، ددار الكتب العلمية: بريوت)دمحم قميحة، مايد: حتقيق ،الفريد العقد: .3 (.ه 1201الاكر،دار : بريوت)، قرآن العظيمتفسري ال: ابن كثري، أبو الاداء إمساعيل بن عمر .2

ط ه عب د : ، حتقي قالسححرية النبويحححة: اب ن هش ام، أب و دمحم عب د املل ك ب ن هش ام ب ن أي وب احلم ريي .4 (.ه 1211، 1دار اجليل، : بريوت)الر وف سعد،

ر دا: ب ريوت) ،مححزااي القححرآن الكححرم إلالعقححل السححليم إرشححاد: الس عود، دمحم ب ن دمحم العم ادي أب و .6 (.ت. ، د.، دإحياء الرتاث العرر

، 2اإلس المية، البش ائرلبن ان، دار : ب ريوت)، محححححن أدب اإلسحححححالم: غ دة، عب د الات اح أب و .1 (.ه 1213

(.دار الاكر: دمشق)، ومضات من القرآن الكرم: آايت قرآنية: آقبيق، غازي صبحي .9 (.ت. ، د.، داث العرردار إحياء الرت : بريوت) ،املعان روح: أبو الاضل احمود لوسي،األ .8ال دار العربي ة للنش ر والتوزي ع، : الق اهرة)نيا ني ع زاب، : ، ترمج ةفححححن التفححححاوض: أوري، ولي ام .10

(.م1882دار : ب ريوت)مص طاى البغ ا، : حتقي ق ،صح يحاجلحامل ال: أب و عب د هللا دمحم ب ن إمساعي ل بخاري،ال .11

(.م1891/ه 1201، 3اليمامة، /ابن كثري: ب ريوت)أمح د دمحم ش اكر وآخ رون، : حتقي ق ،الرتمحذي سحنن: دمحم بن عيسىأبو عيسى رتمذي،ال .12

(.ت. ، د.، ددار إحياء الرتاث العرر

Page 24: الحوار في القصة القرآنية

23

اهليئ ة املص رية العام ة للكت اب، : مص ر) ،احملححاورة يف القححرآن الكححرم أسححلوب: عب د احلل يم حا ين، .13 (.م1894، 2

(.ت. ، د.ر الكتب العلمية، ددا: بريوت)، مفاتيح ال يب: رازي، فخر الدين دمحم بن دمحمال .12، 1دار الكت ب العلمي ة، : ب ريوت)، ديحححححوان اإلمحححححام الشحححححافعي: ب ن إدري س دمحم ش افعي،ال .14

(.م1892/ه 1202 (.م1883، 1دار الشروق، : عمان)، أخالقيات احلوار: شيخلي، عبد الكرميال .16

، 1ت ب العلمي ة، الك دار: ب ريوت) ،اأمححم وامللححو اتريحح : دمحم ب ن جري رأب و جعا ر ط ربي،ال .11 (.ه 1201

دار هنض ة مص ر للطباع ة والنش ر والتوزي ع، : مص ر)، أدب احلوار يف اإلسالم: طنطاوي، دمحم سيد .19 (.م1881

(.2002وزارة الشؤون واألوقاف اإلسالمية، : الدوحة)، مهارات اإلتصال: عيسى، راشد علي .18، 2الك، دار امل : ب ريوت)، تفسححححححححححري مححححححححححن وحححححححححححي القححححححححححرآن: فض ل هللا، دمحم حس ني .20

(.م1889/ه 1218

(.م 2001/ ه 1221، 6الك، ر املدا: وتري ب) ،رآنقيف ال راو حلا : .21

د عب د أمح : حتقي ق، حكحام القحرآنجلحامل أا :أمحد ب ن أر بك ر ب ن ف رح دمحم هللا دبعو أب، برطلقا .22 .(1312، ه 2دار الشعب، : اهرةالق) دويناحلليم الرب

: ب ريوت)ف ؤاد عب د الب اقي، دمحم: حتقي ق ،صح يحاجلحامل ال: لنيس ابوريمسلم بن احلجاج ا مسلم، .23 (.ت. ، د.، ددار إحياء الرتاث العرر

.اآلداب الشرعية واملنح املرعية: قدسي، ابن مالحامل .22وزارة األوق اف والش ؤون اإلس المية، : الدوح ة)، الحححذات واآلخحححر: احلحححوار: ي يت، عب د الس تاراهل .24

(.م2002