(1 )

مـعالم في الطـريق

(2 )

سيد قطب

موقعنا على االنترنت

منبر التوحيد والجهاد http://www.tawhed.ws

http://www.almaqdese.com

http://www.alsunnah.info

الدال على الخير كفاعله

(3 )

معالـ في الطريؽ

: مقدمةال بسبب التيديد .. تقؼ البشرية اليـك عمى حافة الياكية

فيذا عىرىضه لممرض كليس ىك .. بالفناء المعمؽ عمى رأسيا التي يمكف " القيـ " السيا في عالـ ػبب إؼػسبكلكف .. المرض

قيان أف تنمك الحياة اإلنسانية في ظبلليا نمكنا سميمنا كتترقى ترا كىذا كاضح كؿ الكضكح في العالـ الغربي ، الذم لـ . صحيحن

، بؿ الذم لـ يعد لديو " القيـ " يعد لديو ما يعطيو لمبشرية مف الديمقراطية" ما ييقنع ضميره باستحقاقو لمكجكد ، بعدما انتيت

(4 )

- ببطء - فيو إلى ما يشبو اإلفبلس ، حيث بدأت تستعير"كتقتبس مف أنظمة المعسكر الشرقي كبخاصة في األنظمة

! تحت إسـ االشتراكية ! االقتصادية

فالنظريات .. كذلؾ الحاؿ في المعسكر الشرقي نفسو الجماعية كفي مقدمتيا الماركسية التي اجتذبت في أكؿ عيدىا

باعتبارىا مذىبنا - كفي الغرب نفسو - عددنا كبيرنا في الشرؽ ا مف يحمؿ طابع العقيدة ، قد تراجعت ىي األخرل تراجعنا كاضحن

" الدكلة " حتى لتكاد تنحصر اآلف في " الفكرة " ناحية كىي .. كأنظمتيا ، التي تبعد بعدنا كبيرنا عف أصكؿ المذىب

عمى العمـك تناىض طبيعة الفطرة البشرية كمقتضياتيا ، كال أك بيئة قد ألفت النظاـ الدكتاتكرم ! تنمك إال في بيئة محطمة

كحتى في مثؿ ىذه البيئات قد بدأ يظير فشميا ! فترات طكيمة

(5 )

كىك الجانب الذم تقـك عميو كتتبجح بو - المادم االقتصادم تتناقص - التي تمثؿ قمة األنظمة الجماعية - فركسيا -

ل في عيكد القياصرة ، تغبلتيا بعد أف كانت فائضة حكتستكرد القمح كالمكاد الغذائية ، كتبيع ما لدييا مف الذىب

لتحصؿ عمى الطعاـ بسبب فشؿ المزارع الجماعية كفشؿ النظاـ . الذم يصادـ الفطرة البشرية

!كالبد مف قيادة لمبشرية جديدة

ال .. إف قيادة الرجؿ الغربي لمبشرية قد أكشكت عمى الزكاؿ ألف الحضارة الغربية قد أفمست مادينا أك ضعفت مف ناحية

كلكف ألف النظاـ الغربي قد .. القكة االقتصادية كالعسكرية يسمح لو " القيـ "انتيى دكره ألنو لـ يعد يممؾ رصيدان مف

. بالقيادة

(6 )

البد مف قيادة تممؾ إبقاء كتنمية الحضارة المادية التي كصمت إلييا البشرية ، عف طريؽ العبقرية األكركبية في - اإلبداع المادم ، كتزكد البشرية بقيـ جديدة جدة كاممة

يجابي – بالقياس إلى ما عرفتو البشرية كبمنيج أصيؿ كا . ككاقعي في الكقت ذاتو

ىك الذم يممؾ تمؾ القيـ ، كىذا المنيج - كحده - كاإلسبلـ .

ىذا الدكر الذم بدأت .. لقد أدت النيضة العممية دكرىا ر الميبلدم ، شمطالعو مع عصر النيضة في القرف السادس ع

ككصمت إلى ذركتيا خبلؿ القرنيف الثامف عشر كالتاسع عشر . كلـ تعد تممؾ رصيدنا جديدنا ..

(7 )

التي برزت في تمؾ " القكمية " ك " الكطنية " كذلؾ أدت .. ركف قػالفترة ، كالتجمعات اإلقميمية عامة دكرىا خبلؿ ىذه اؿ

. لؾ ىي األخرل رصيدنا جديدنا ػكلـ تعد تـ

ثـ فشمت األنظمة الفردية كاألنظمة الجماعية في نياية . المطاؼ

في أشد الساعات " األمة " كدكر " اإلسبلـ " كلقد جاء دكر جاء دكر اإلسبلـ الذم ال يتنكر .. ان كحيرة كاضطرابنا جحر

لئلبداع المادم في األرض ، ألنو يعده مف كظيفة اإلنساف - األكلى منذ أف عيد اهلل إليو بالخبلفة في األرض ، كيعتبره

عبادة هلل ، كتحقيقنا لغاية الكجكد - تحت شركط خاصة . اإلنساني

(8 )

ميفىةن } اعؿه في األىرض خى ئكىة إني جى بؾى لممىبلى ذ قىاؿى رى ] {كىا [ 30: البقرة

نسى إال ليىعبيديكني } مىقتي الجف كىاإل مىا خى 56: الذاريات ] {كى ]

لتحقؽ ما أراده اهلل بإخراجيا " األمة المسممة " كجاء دكر : لمناس

تىنيىكفى } كؼ كى كفى بالمىعري ت لمناس تىأميري يرى أيمةو أيخرجى كينتيـ خىتيؤمنيكفى بالمو ف المينكىر كى [ 110: آؿ عمراف ] ... {عى

مىى الناس } سىطنا لتىكيكنيكا شييىدىاءى عى ـ أيمةن كى عىمنىاكي كىذىلؾى جى كىـ شىييدنا مىيكي يىكيكفى الرسيكؿي عى [ 143: البقرة ]... {كى

* * *

(9 )

كلكف اإلسبلـ ال يممؾ أف يؤدم دكره إال أف يتمثؿ في - فالبشرية ال تستمع .. مجتمع ، أم أف يتمثؿ في أمة

إلى عقيدة مجردة ، ال ترل - كبخاصة في ىذا الزماف األمة " كجكد " ك .. مصداقيا الكاقعي في حياة مشيكدة

فاألمة المسممة .. المسممة يعتبر قد انقطع منذ قركف كثيرة ا " ليست ا " كليست . الـ ػيش فييا اإلسػاف يعػؾ" أرضن " قكمن

كاف أجدادىـ في عصر مف عصكر التاريخ يعيشكف بالنظاـ جماعة مف البشر تنبثؽ " األمة المسممة " إنما .. اإلسبلمي

حياتيـ كتصكراتيـ كأكضاعيـ كأنظمتيـ كقيميـ كمكازينيـ بيذه المكاصفات - كىذه األمة ... كميا مف المنيج اإلسبلمي

قد انقطع كجكدىا منذ انقطاع الحكـ بشريعة اهلل مف فكؽ ! . ظير األرض جميعنا

(10 )

لكي يؤدم اإلسبلـ " األمة " كجكد ىذه " إعادة " بد مف كال. دكره المرتقب في قيادة البشرية مرة أخرل

لتمؾ األمة التي كاراىا ركاـ األجياؿ كركاـ " بعث " بد مف الة ، التي ال صمة ػالتصكرات ، كركاـ األكضاع ، كركاـ األنظـ

ف كانت ما تزاؿ تزعـ .. ليا باإلسبلـ ، كال بالمنيج اإلسبلمي كا " !!! العالـ اإلسبلمي " أنيا قائمة فيما يسمى

" كبيف تسمـ " البعث " ا أعرؼ أف المسافة بيف محاكلة ػكأف" فقد غابت األمة المسممة عف .. مسافة شاسعة " القيادة كقد تكلت قيادة . دىرنا طكيبلن " الشيكد " كعف " الكجكد

البشرية أفكار أخرل كأمـ أخرل ، كتصكرات أخرل كأكضاع ىذه في كقد أبدعت العبقرية األكركبية . أخرل فترة طكيمة

ك " األنظمة " ك " الثقافة " ك " العمـ " الفترة رصيدنا ضخمنا مف

(11 )

كىك رصيد ضخـ تقؼ البشرية عمى قمتو " .. اإلنتاج المادم " كبخاصة أف ما يسمى ! فرط فيو كال فيمف يمثمو بسيكلة ت، كال

! يكاد يككف عاطبلن مف كؿ ىذه الزينة " العالـ اإلسبلمي "

البعث " مف - مع ىذه االعتبارات كميا - بد كلكف الميما تكف المسافة شاسعة بيف محاكلة البعث كبيف " اإلسبلمي

فمحاكلة البعث اإلسبلمي ىي الخطكة األكلى . تسمـ القيادة ! التي ال يمكف تخطييا

عمى - كلكي نككف عمى بينة مف األمر ، ينبغي أف ندرؾ

مؤىبلت ىذه األمة لمقيادة البشرية ، كي ال - كجو التحديد . نخطىء عناصرىا في محاكلة البعث األكلى

(12 )

أف - كليس مطمكبنا منيا - إف ىذه األمة ال تممؾ اآلف ان خارقان في اإلبداع المادم ، يحنى ليا الرقاب ؽتقدـ لمبشرية تفك

فالعبقرية .. ، كيفرض قيادتيا العالمية مف ىذه الزاكية كليس مف . األكركبية قد سبقتو في ىذا المضمار سبقنا كاسعنا

التفكؽ المادم - خبلؿ عدة قركف عمى األقؿ - المنتظر ! عمييا

المؤىؿ الذم تفتقده ىذه ! فبلبد إذف مف مؤىؿ آخر ! الحضارة

فمف كاجبنا أف . عني أف نيمؿ اإلبداع المادم مإف ىذا ال الذم نتقدـ بو " المؤىؿ " كلكف ال بكصفو . نحاكؿ فيو جيدنا

إنما بكصفو ضركرة ذاتية . لقيادة البشرية في المرحمة الراىنة التصكر اإلسبلمي " ان يفرضو عمينا اجبكذلؾ بكصفو ك. لكجكدنا

(13 )

تحت شركط - الذم ينكط باإلنساف خبلفة األرض ، كيجعميا " . عبادة هلل ، كتحقيقنا لغاية الكجكد اإلنساني - خاصة

غير اإلبداع - بد إذف مف مؤىؿ آخر لقيادة البشرية ال" المنيج " ك " العقيدة " كلف يككف ىذا المؤىؿ سكل - المادم

العبقرية المادية ، تحت تاجالذم يسمح لمبشرية أف تحتفظ بفإشراؼ تصكر آخر يمبي حاجة الفطرة كما يمبييا اإلبداع المادم

أم في . ، كأف تتمثؿ العقيدة كالمنيج في تجمع إنساني . مجتمع مسمـ

مف ناحية األصؿ " جاىمية " إف العالـ يعيش اليـك كمو في

جاىمية ال تخفؼ . ىا ػالذم تنبثؽ منو مقكمات الحياة كأنظمت

(14 )

منيا شيئنا ىذه التيسيرات المادية اليائمة ، كىذا اإلبداع المادم ! الفائؽ

ىذه الجاىمية تقـك عمى أساس االعتداء عمى سمطاف اهلل كىي الحاكمية .. في األرض كعمى أخص خصائص األلكىية

إنيا تسند الحاكمية إلى البشر ، فتجعؿ بعضيـ لبعض .. أربابان ، ال في الصكرة البدائية الساذجة التي عرفتيا الجاىمية األكلى ، كلكف في صكرة ادعاء حؽ كضع التصكرات كالقيـ ، كالشرائع كالقكانيف ، كاألنظمة كاألكضاع ، بمعزؿ عف منيج

فينشأ عف ىذا االعتداء .. اهلل لمحياة ، كفيما لـ يأذف بو اهلل " اإلنساف " كما ميانة .. عمى سمطاف اهلل اعتداء عمى عباده

كالشعكب " األفراد " عامة في األنظمة الجماعية ، كما ظمـ إال أثرنا " الرأسمالية " بسيطرة رأس الماؿ كاالستعمار في النظـ

(15 )

نكار الكرا ة التي قررىا ـمف آثار االعتداء عمى سمطاف اهلل ، كا ! اهلل لئلنساف

فالناس في كؿ نظاـ .. كفي ىذا يتفرد المنيج اإلسبلمي ا في صكرة مف – غير النظاـ اإلسبلمي ، يعبد بعضيـ بعضن

كفي المنيج اإلسبلمي كحده يتحرر الناس جميعنا - الصكر مف عبادة بعضيـ لبعض ، بعبادة اهلل كحده ، كالتمقي مف اهلل

. كحده ، كالخضكع هلل كحده

كىذا كذلؾ ىك التصكر الجديد .. كىذا ىك مفترؽ الطريؽ ىك كسائر ما يترتب عميو مف - الذم نممؾ إعطاءه لمبشرية

كىذا ىك الرصيد - آثار عميقة في الحياة البشرية الكاقعية ارة ػالحض" منتجات " الذم ال تممكو البشرية ، ألنو ليس مف

(16 )

شرقية كانت ! الغربية ، كليس مف منتجات العبقرية األكركبية . أك غربية

شيئان ال . نممؾ شيئان جديدنا جدة كاممة - دكف شؾ - إننا

" !تنتجو " كال تممؾ ىي أف . تعرفو البشرية

في كاقع - كما قمنا -بد أف يتمثؿ كلكف ىذا الجديد ، ال" بعث " كىذا يقتضي عممية .. بد أف تعيش بو أمة ال. عممي

عمى مسافة ما - في الرقعة اإلسبلمية ىذا البعث الذم يتبعو . تسمـ قيادة البشرية - بعيدة أك قريبة

فكيؼ تبدأ عممية البعث اإلسبلمي ؟

بد مف طميعة تعـز ىذه العزمة ، كتمضي في الطريؽ إنو التمضي في خضـ الجاىمية الضاربة األطناب في أرجاء .

(17 )

تمضي كىي تزاكؿ نكعان مف العزلة مف جانب ، . األرض جميعنا .. كنكعان مف االتصاؿ مف الجانب اآلخر بالجاىمية المحيطة

معالـ في " بد ليذه الطميعة التي تعـز ىذه العزمة مف كالمعالـ تعرؼ منيا طبيعة دكرىا ، كحقيقة كظيفتيا ، " الطريؽ

كما تعرؼ .. كنقطة البدء في الرحمة الطكيمة . كصمب غايتيا منيا طبيعة مكقفيا مف الجاىمية الضاربة األطناب في األرض

أيف تمتقي مع الناس كأيف تفترؽ ؟ ما خصائصيا .. جميعنا ىي كما خصائص الجاىمية مف حكليا ؟ كيؼ تخاطب أىؿ ىذه الجاىمية بمغة اإلسبلـ كفيـ تخاطبيا ؟ ثـ تعرؼ مف أيف تتمقى

ككيؼ تتمقى ؟ – في ىذا كمو –

بد أف تقاـ مف المصدر األكؿ ليذه العقيدة ىذه المعالـ الكمف تكجيياتو األساسية ، كمف التصكر الذم .. القرآف ..

(18 )

أنشأه في نفكس الصفكة المختارة ، التي صنع اهلل بيا في األرض ما شاء أف يصنع ، كالتي حكلت خط سير التاريخ مرة

.إلى حيث شاء اهلل أف يسير

* * *

" . معالـ في الطريؽ " ليذه الطميعة المرجكة المرتقبة كتبت مع " في ظبلؿ القرآف " منيا أربعة فصكؿ مستخرجة مف كتاب

ضافات مناسبة لمكضكع كتاب المعالـ كمنيا . (1) تعديبلت كا مكتكبة في فترات حسبما - غير ىذه التقدمة - ثمانية فصكؿ

أكحت بو المفتات المتكالية إلى المنيج الرباني الممثؿ في أنيا معالـ فى - عمى تفرقيا - جمعيا مككميا .. القرآف الكريـ

كىي في ! الطريؽ ، كما ىك الشأف في معالـ كؿ طريؽ

(1)

".نشأة المجتمع المسمم وخصائصو " و " الجياد في سبيل اهلل " و " التصور اإلسالمي والثقافة " و " .. طبيعة المنيج القرآني "

(19 )

كالتي " المعالـ " مجمكعيا تمثؿ المجمكعة األكلى مف ىذه أرجك أف تتبعيا مجمكعة أخرل أك مجمكعات ، كمما ىداني اهلل

! إلى معالـ ىذا الطريؽ

. كباهلل التكفيؽ

سيد قطب

(20 )

جيؿ قرآني فريد

ىنالؾ ظاىرة تاريخية ينبغي أف يقؼ أماميا أصحاب الدعكة كأف يقفكا أماميا طكيبلن . اإلسبلمية في كؿ أرض كفي كؿ زماف

. ذلؾ أنيا ذات أثر حاسـ في منيج الدعكة كاتجاىيا .

جيؿ الصحابة - لقد خرجت ىذه الدعكة جيبلن مف الناس جيبلن مميزنا في تاريخ اإلسبلـ كمو كفى - رضكاف اهلل عمييـ

ثـ لـ تعد تخرج ىذا الطراز مرة أخرل . تاريخ البشرية جميعو كلكف لـ . نعـ كيجد أفراد مف ذلؾ الطراز عمى مدار التاريخ . .

(21 )

يحدث قط أف تجمع مثؿ ذلؾ العدد الضخـ ، في مكاف كاحد ، . كما كقع في الفترة األكلى مف حياة ىذه الدعكة

ىذه ظاىرة كاضحة كاقعة ، ذات مدلكؿ ينبغي الكقكؼ . لعمنا نيتدم إلى سره ، ق طكيبلن ػأماـ

- إف قرآف ىذه الدعكة بيف أيدينا ، كحديث رسكؿ اهلل كىديو العممي ، كسيرتو الكريمة ، - صمى اهلل عميو كسمـ

دينا كذلؾ ، كما كانت بيف أبدم ذلؾ الجبؿ األكؿ ، مكميا بيف أ- كلـ يغب إال شخص رسكؿ اهلل .. الذم لـ يتكرر في التاريخ

ك السر ؟ ػفيؿ ىذا ق- صمى اهلل عميو كسمـ

- صمى اهلل عميو كسمـ - لك كاف كجكد شخص رسكؿ اهلل يتائيا ثمراتيا ، ما جعميا اهلل دعكة حتميا لقياـ ىذه الدعكة ، كا

(22 )

لمناس كافة ، كما جعميا آخر رسالة ، كما ككؿ إلييا أمر .. الناس في ىذه األرض ، إلى آخر الزماف

تكفؿ بحفظ الذكر ، ك عمـ أف ىذه - سبحانو - كلكف اهلل - صمى اهلل عميو كسمـ - الدعكة يمكف أف تقـك بعد رسكؿ اهلل

فاختاره إلى جكاره بعد ثبلثة كعشريف . كبمكف أف تؤتي ثمارىا يف مف بعده إلى آخر الزماف د عامنا مف الرسالة ، كأبقى ىذا اؿ

ذف فإف غيبة شخص رسكؿ اهلل .. صمى اهلل عميو كسمـ - كا .ال تفسر تمؾ الظاىرة كال تعمميا -

* * *

(23 )

لننظر في النبع الذم كاف . فمنبحث إذف كراء سبب آخركلننظر . يستقي منو ىذا الجيؿ األكؿ ، فمعؿ شيئان قد تغير فيو

. في المنيج الذم تخرجكا عميو ، فمعؿ شيئان قد تغير فيو كذلؾ

القرآف نبع كاف النبع األكؿ الذم استقى منو ذلؾ الجيؿ ىك صمى اهلل عميو - فما كاف حديث رسكؿ اهلل . القرآف كحده .

فعندما سيئمت . كىديو إال أثرنا مف آثار ذلؾ النبع - كسمـ صمى اهلل - عف خيمؽ رسكؿ اهلل - عائشة رضي اهلل عنيا

مقو القرآف ": قالت - عميو كسمـ . (2) " كاف خي

كاف القرآف كحده إذف ىك النبع الذم يستقكف منو ، كيتكيفكف بو ، كيتخرجكف عميو ، كلـ يكف ذلؾ كذلؾ ألنو لـ يكف لمبشرية يكميا حضارة ، كال ثقافة ، كال عمـ ، كال مؤلفات

. أخرجو النسائي (2)

(24 )

فقد كانت ىناؾ حضارة الركماف كثقافتيا ! كبل .. ، كال دراسات ككتبيا كقانكنيا الذم ما تزاؿ أكركبا تعيش عميو ، أك عمى

ككانت ىناؾ مخمفات الحضارة اإلغريقية كمنطقيا . امتداده كفمسفتيا كفنيا ، كىك ما يزاؿ ينبكع التفكير الغربي حتى اليـك

ككانت ىناؾ حضارة الفرس كفنيا كشعرىا كأساطيرىا . : رل قاصية كدانية ػكحضارات أخ. كعقائدىا كنظـ حكميا كذلؾ

ككانت الحضارتاف . حضارة اليند كحضارة الصيف إلخ الركمانية كالفارسية تحفاف بالجزيرة العربية مف شماليا كمف

جنكبيا ، كما كانت الييكدية كالنصرانية تعيشاف في قمب فمـ يكف إذف عف فقر في الحضارات العالمية .. الجزيرة

.. ؿ عمى كتاب اهلل كحده ػكالثقافات العالمية يقصر ذلؾ الجينما كاف ذلؾ عف .. في فترة تككنو مرسـك ، كنيج " تصميـ "كا

(25 )

صمى اهلل - يدؿ عمى ىذا القصد غضب رسكؿ اهلل . مقصكد اهلل مرض- كقد رأل في يد عمر بف الخطاب - عميو كسمـ

إنو كاهلل لك كاف مكسى ": كقكلو . ف التكراة ػة ـػصحيؼ– عنو . (3) "حيا بيف أظيركـ ما حؿ لو إال أف يتبعني

ذف فقد كاف ىناؾ قصد مف رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو - كا في .. أف يقصر النبع الذم يستقي منو ذلؾ الجيؿ - كسمـ

عمى كتاب اهلل كحده ، لتخمص نفكسيـ .. فترة التككف األكلى كمف ثـ غضب . كيستقيـ عكدىـ عمى منيجو كحده . لو كحده

يستقي مف نبع - اهلل عنو مرض- أف رأل عمر بف الخطاب . آخر

. جابر عن رواه الحافظ أبو يعمى عن حماد عن الشعبي (3)

(26 )

يريد صنع جيؿ - صمى اهلل عميو كسمـ - كاف رسكؿ اهلل خالص . خالص التصكر . خالص العقؿ . خالص القمب

خالص التككيف مف أل مؤثر آخر غير المنيج . الشعكر . اإلليي ، الذم يتضمنو القرآف الكريـ

فكاف لو في . ذلؾ الجيؿ استقى إذف مف ذلؾ النبع كحده ثـ ما الذم حدث ، اختمطت .. التاريخ ذلؾ الشأف الفريد

صبت في النبع الذم استقت منو األجياؿ التالية ! .الينابيع ،فمسفة اإلغريؽ كمنطقيـ ، كأساطير الفرس كتصكراتيـ

سرائيميات الييكد كالىكت النصارل ، كغير ذلؾ مف ركاسب كا ـ ، مكاختمط ىذا كمو بتفسير القرآف الكر. الحضارات كالثقافات

ا كتخرج عمى . كعمـ الكبلـ ، كما اختمط بالفقو كاألصكؿ أيضن

(27 )

ذلؾ النبع المشكب سائر األجياؿ بعد ذلؾ الجيؿ ، فمـ يتكرر . ذلؾ الجيؿ أبدنا

كما مف شؾ أف اختبلط النبع األكؿ كاف عامبلن أساسيا مف عكامؿ ذلؾ االختبلؼ البيف بيف األجياؿ كميا كذلؾ الجيؿ

. المميز الفريد

ذلؾ . ىناؾ عامؿ أساسي آخر غير اختبلؼ طبيعة النبع ىك اختبلؼ منيج التمقي عما كاف عميو في ذلؾ الجيؿ الفريد

..

كف القرآف بقصد ءلـ يككنكا يقر- في الجيؿ األكؿ - إنيـ لـ يكف أحدىـ . كؽ كالمتاع ذالثقافة كاالطبلع ، كال بقصد الت

(28 )

يتمقى القرآف ليستكثر بو مف زاد الثقافة لمجرد الثقافة ، كال ليضيؼ إلى حصيمتو مف القضايا العممية كالفقيية محصكالن

إنما كاف يتمقى القرآف ليتمقى أمر اهلل في . يمؤل بو جعبتو خاصة شأنو كشأف الجماعة التي يعيش فييا ، كشأف الحياة التي يحياىا ىك كجماعتو ، يتمقى ذلؾ األمر ليعمؿ بو فكر

" األمر اليكمي "سماعو ، كما يتمقى الجندم في الميداف كمف ثـ لـ يكف أحدىـ ليستكثر منو في ! ليعمؿ بو فكر تمقيو

الجمسة الكاحدة ، ألنو كاف يحس أنو إنما يستكثر مف كاجبات كتكاليؼ يجعميا عمى عاتقو ، فكاف يكتفي بعشر آيات حتى يحفظيا كيعمؿ بيا كما جاء في حديث ابف مسعكد رضي اهلل

. (4)عنو

. ذكره ابن كثير في مقدمة التفسير (4)

(29 )

كاف يفتح ليـ مف .. شعكر التمقي لمتنفيذ .. ىذا الشعكر القرآف آفاقنا مف المتاع كآفاقنا مف المعرفة ، لـ تكف لتفتح

عمييـ لك أنيـ قصدكا إليو بشعكر البحث كالدراسة كاالطبلع ، ككاف ييسر ليـ العمؿ ، كيخفؼ عنيـ ثقؿ التكاليؼ ، كيخمط القرآف بذكاتيـ ، كيحكلو في نفكسيـ كفي حياتيـ إلى منيج

لى ثقافة متحركة ال تبقى داخؿ األذىاف كال في كاقعي ، كا ؿ خط سير بطكف الصحائؼ ، إنما تتحكؿ آثارنا كأحداثنا تحك

. الحياة

قبؿ عميو بيذه الركح مي إف ىذا القرآف ال يمنح كنكزه إال لمف ليككف كتاب مءإنو لـ يج. ركح المعرفة المنشئة لمعمؿ :

- كال كتاب قصة كتاريخ ،كال كتاب أدب كفف متاع عقمي ،ف كاف ىذا كمو مف محتكياتو إنما جاء ليككف منياح حياة - كا

(30 )

ا . ا إلييا خالصن انو يأخذىـ بيذا ػككاف اهلل سبح. منياجنا ،المنيج مفرقنا : يتمك بعضو بعضن

نىزلنىاهي تىنزيبلن } مىى ميكثو كى مىى الناس عى قنىاهي لتىقرىأىهي عى قيرآننا فىرى {كى [ 106 :اإلسراء ]

لـ ينزؿ ىذا القرآف جممة ، إنما نزؿ كفؽ الحاجات المتجددة ، ككفؽ النمك المطرد في األفكار كالتصكرات ، كالنمك

الميطرد في المجتمع كالحياة ، ككفؽ المشكبلت العممية التي ككانت اآلية .تكاجييا الجماعة المسممة في حياتيا الكاقعية

أك اآليات تنزؿ في الحالة الخاصة كالحادثة المعينة تحدث ر ليـ ما ىـ فيو مف األمر ، الناس عما في نفكسيـ ، كتصك

كتصحح ليـ أخطاء ،كترسـ ليـ منيج العمؿ في المكقؼ

(31 )

الشعكر كالسمكؾ ، كتربطيـ في ىذا كمو باهلل ربيـ ، كتعرفيو ليـ بصفاتو المؤثرة في الككف ، فيحسكف حينئذ أنيـ يعيشكف

كمف ثـ . مع المؤل األعمى ، تحت عيف اهلل ، في رحاب القدرة . ج اإلليي القكيـ ػيتكيفكف في كاقع حياتيـ ، كفؽ ذلؾ المنو

إف منيج التمقي لمتنفيذ كالعمؿ ىك الذم صنع الجيؿ األكؿ كمنيج التمقي لمدراسة كالمتاع ىك الذم خرج األجياؿ التي .

كما مف شؾ أف ىذا العامؿ الثاني كاف عامبلن أساسينا . تميو .كذلؾ في اختبلؼ األجياؿ كميا عف ذلؾ الجيؿ المميز الفريد

. ىناؾ عامؿ ثالث جدير باالنتباه كالتسجيؿ

(32 )

د كاف الرجؿ حيف يدخؿ في اإلسبلـ يخمع عمى عتبتو كؿ ػلؽكاف يشعر في المحظة التي يجيء فييا . ماضيو في الجاىمية ان جديدنا ، منفصبلن كؿ االنفصاؿ عف عيدإلى اإلسبلـ أنو يبدأ

ككاف يقؼ مف كؿ ما عيده . حياتو التي عاشيا في الجاىمية في جاىميتو مكقؼ المستريب الشاؾ الحذر المتخكؼ ، الذم

كبيذا اإلحساس ! يحس أف كؿ ىذا رجس ال يصمح لئلسبلـ ذا كاف يتمقى ىىدم اإلسبلـ الجديد ، فإذا غمبتو نفسو مرة ، كا

ذا ضعؼ عف تكاليؼ اإلسبلـ مرة .. اجتذبتو عاداتو مرة ، كا شعر في الحاؿ باإلثـ كالخطيئة ، كأدرؾ في قرارة نفسو أنو في

حاجة إلى التطير مما كقع فيو ، كعاد يحاكؿ مف جديد أف . يككف عمى كفؽ اليىدم القرآني

(33 )

المسمـ في مكانت ىناؾ عزلة شعكرية كاممة بيف ماضجاىميتو كحاضره في إسبلمو ، تنشأ عنيا عزلة كاممة في صبلتو بالمجتمع الجاىمي مف حكلو كركابطو االجتماعية ،

فيك قد انفصؿ نيائينا مف بيئتو الجاىمية كاتصؿ نيائينا ببيئتو حتى كلك كاف يأخذ مف بعض المشركيف كيعطي . اإلسبلمية

في عالـ التجارة كالتعامؿ اليكمي ، فالعزلة الشعكرية شيء . كالتعامؿ اليكمي شيء آخر

، ككاف ىناؾ انخبلع مف البيئة الجاىمية ، كعيرفييا كتصكرىا كعاداتيا كركابطيا ، ينشأ عف االنخبلع مف عقيدة الشرؾ إلى

كمف تصكر الجاىمية إلى تصكر اإلسبلـ عف ، عقيدة التكحيد كينشأ مف االنضماـ إلى التجمع اإلسبلمي . الحياة كالكجكد

(34 )

الجديد ، بقيادتو الجديدة ، كمنح ىذا المجتمع كىذه القيادة كؿ . ؿ تبعيتو كؾكالئو ككؿ طاعتو

ككاف ىذا مفرؽ الطريؽ ، ككاف بدء السير في الطريؽ الجديد ، السير الطميؽ مع التخفؼ مف كؿ ضغط لمتقاليد التي يتكاضع عمييا المجتمع الجاىمي ، كمف كؿ التصكرات كالقيـ

كلـ يكف ىناؾ إال ما يمقاه المسمـ مف أذل كفتنة . السائدة فيو ، كلـ يعد لضغط ، كلكنو ىك في ذات نفسو قد عـز كانتيى

مف سبيؿ الجاىمي عميو الجاىمي ، كال لتقاليد المجتمع التصكر .

نحف اليـك في جاىمية كالجاىمية التي عاصرىا اإلسبلـ أك تصكرات الناس كعقائدىـ ، .. كؿ ما حكلنا جاىمية . أظمـ

(35 )

عاداتيـ كتقاليدىـ ، مكارد ثقافتيـ ، فنكنيـ كآدابيـ ، شرائعيـ حتى الكثير مما نحسبو ثقافة إسبلمية ، كمراجع . كقكانينيـ

ىك كذلؾ مف .. إسبلمية ، كفمسفة إسبلمية ، كتفكيرنا إسبلمينا !! صنع ىذه الجاىمية

تصكر لذلؾ ال تستقيـ قيـ اإلسبلـ في نفكسنا ، كال يتضح في عقكلنا ، كال ينشأ فينا جيؿ ضخـ مف الناس مف اإلسبلـ

. ذلؾ الطراز الذم أنشأه اإلسبلـ أكؿ مرة

أف نتجرد في - في منيج الحركة اإلسبلمية - فبل بد إذف فترة الحضانة كالتككيف مف كؿ مؤثرات الجاىمية التي نعيش

ال بد أف نرجع ابتداء إلى النبع الخالص . فييا كنستمد منيا الذم استمد منو أكلئؾ الرجاؿ ، النبع المضمكف أنو لـ يختمط

(36 )

نرجع إليو نستمد منو تصكرنا لحقيقة . كلـ تشبو شائبة الكجكد كمو كلحقيقة الكجكد اإلنساني كلكافة االرتباطات بيف

ىذيف الكجكديف كبيف الكجكد الكامؿ الحؽ ، كجكد اهلل سبحانو كمف ثـ نستمد تصكراتنا لمحياة ، كقيمنا كأخبلقنا ، ..

. كمناىجنا لمحكـ كالسياسة كاالقتصاد ككؿ مقكمات الحياة

بشعكر التمقي لمتنفيذ - حيف نرجع - كال بد أف نرجع إليو نرجع إليو لنعرؼ ماذا . ال بشعكر الدراسة كالمتاع ، كالعمؿ

كفي الطريؽ سنمتقي بالجماؿ . يطمب منا أف نككف ، لنككف كبمشاىد الرائع في القرآف ، الفني في القرآف كبالقصص

كبسائر .. كبالمنطؽ الكجداني في القرآف .. القيامة في القرآف كلكننا سنمتقي بيذا كمو . ما يطمبو أصحاب الدراسة كالمتاع

: إف ىدفنا األكؿ أف نعرؼ . دكف أف يككف ىك ىدفنا األكؿ

(37 )

ماذا يريد منا القرآف أف نعمؿ ؟ ما ىك التصكر الكمي الذم يريد منا أف نتصكر ؟ كيؼ يريد القرآف أف يككف شعكرنا باهلل ؟ كيؼ يريد أف تككف أخبلقنا كأكضاعنا كنظامنا الكاقعي في

الحياة ؟

ا مف التخمص مف ضغط المجتمع الجاىمي فثـ ال بد ؿفي .. كالتصكرات الجاىمية كالتقاليد الجاىمية كالقيادة الجاىمية

ليست ميمتنا أف نصطمح مع كاقع ىذا .. خاصة نفكسنا .. المجتمع الجاىمي كال أف نديف بالكالء لو ، فيك بيذه الصفة

إف ميمتنا أف . غير قابؿ ألف نصطمح معو .. صفة الجاىمية . نغير مف أنفسنا أكالن لنغير ىذا المجتمع أخيرنا

(38 )

ميمتنا . إف ميمتنا األكلى ىي تغيير كاقع ىذا المجتمع ىذا الكاقع الذم . ىي تغيير ىذا الكاقع الجاىمي مف أساسو

ا أساسينا بالمنيج اإلسبلمي ، كبالتصكر يصطدـ اصطدامناإلسبلمي ، كالذم يحرمنا بالقير كالضغط أف نعيش كما يريد

.لنا المنيج اإلليي أف نعيش

طريقنا ىي أف نستعمي عمى ىذا فيإف أكلى الخطكات في قيمنا نحف المجتمع الجاىمي كقيمو كتصكراتو ، كأال نعدؿ

كبل .كتصكراتنا قميبلن أك كثيرنا لنمتقي معو في منتصؼ الطريؽ ياه عمى مفرؽ الطريؽ ، كحيف نسايره خطكة كاحدة ! إننا كا

! فإننا نفقد المنيج كمو كنفقد الطريؽ

(39 )

كسنمقى في ىذا عنتنا كمشقة ، كستفرض عمينا تضحيات باىظة ، كلكننا لسنا مخيريف إذا نحف شئنا أف نسمؾ طريؽ الجيؿ األكؿ الذم أقر اهلل بو منيجو اإلليي ، كنصره عمى

. منيج الجاىمية

نو لمف الخير أف ندرؾ دائمنا طبيعة منيجنا ، كطبيعة كا مكقفنا ، كطبيعة الطريؽ الذم ال بد أف نسمكو لمخركج مف

..الجاىمية كما خرج ذلؾ الجيؿ المميز الفريد

(40 )

)*(طبيعة المنيج القرآني

صمى اهلل عميو -م ينزؿ عمى رسكؿ اهلل ؾ ظؿ القراف الـ ، يحدثو فييا عف قضية كاحدة ثبلثة عشر عامان كاممة- كسمـ

. ، كلكف طريقة عرضيا ال تكاد تتكرر قضية كاحدة ال تتغير. ، حتى لكأنما ذلؾ األسمكب القرآني يدعيا في كؿ عرض جديدة

. يطرقيا لممرة األكلى

، كالقضية ، كالقضية الكبرل ج القضية األكلىػلقد كاف يعاؿممثمة .. قضية العقيدة.. ، في ىذا الديف الجديد األساسية

(*)

الطبعة المشروعة التي تصدر عن دار الشروق مع من التعريف بسورة األنعام في الجزء السابع من" في ظالل القرآن : " مستخرج من كتاب . إضافات قميمة

(41 )

، كما بينيما مف األلكىية كالعبكدية.. في قاعدتيا الرئيسية. عبلقة

اإلنساف بما .. " اإلنساف" خاطب بيذه الحقيقة ملقد كاف كفي ىذا المجاؿ يستكم اإلنساف العربي في ذلؾ .. نو إنسافأ

، كما يستكم اإلنساف الزماف كاإلنساف العربي في كؿ زماف! في ذلؾ الزماف كفي كؿ زماف ،العربي ككؿ إنساف

ق ألنيا قضية كجكد ، التي ال تتغير "اإلنساف" إنيا قضية قضية عبلقتو بيذا الككف . في ىذا الككف كقضية مصيره

كقضية عبلقتو بخالؽ ىذا الككف كخالؽ ىذه ،كبيؤالء األحياء كىي قضية ال تتغير ، ألنيا قضية الكجكد كاإلنساف. األحياء

.

(42 )

د كاف ىذا القرآف المكي يفسر لئلنساف سر كجكده ػلؽ؟ كمف مف ىك: كاف يقكؿ لو.. ككجكد ىذا الككف مف حكلو

؟ ؟ كالى أيف يذىب في نياية المطاؼ ؟ كلماذا جاء أيف جاء؟ كمف ذا الذم يذىب مف ذا الذم جاء بو مف العدـ كالمجيكؿ

ما ىذا الكجكد الذم : ؟ ككاف يقكؿ لو كما مصيره ىناؾ ،بو؟ ، كالذم يحس أف كراءه غيبان يستشرفو كال يراه يحسو كيراه

؟ كمف ذا ؟ مف ذا يدبره مف أنشأ ىذا الكجكد المميء باألسرار.. ؟ ؟ كمف ذا يجدد فيو كيغير عمى النحك الذم يراه يحكره

، كمع كيؼ يتعامؿ مع خالؽ ىذا الككف: ككاف يقكؿ لو كذلؾ؟ كيؼ يتعامؿ العباد مع العباد: ، كما يبيف لو الككف أيضان

(43 )

" ككانت ىذه ىي القضية الكبرل التي يقـك عمييا كجكد كستظؿ ىي القضية الكبرل التي يقـك عمييا . " اإلنساف

. كجكده عمى تكالي األزماف

كىكذا انقضت ثبلثة عشر عامان كاممة في تقرير ىذه ، القضية التي ليس كراءىا شيء في حياة القضية الكبرل

. اف إال ما يقـك عمييا مف المقتضيات كالتفريعاتػاإلنس

كلـ يتجاكز القرآف المكي ىذه القضية األساسية إلى شيء ، إال بعد مما يقـك عمييا مف التفريعات المتعمقة بنظاـ الحياةا ػ، كأنو أف عمـ اهلل أنيا قد استكفت ما تستحقو مف البياف

استقرت استقراران مكينان ثابتان في قمكب العصبة المختارة مف بني

(44 )

ف تتكلى أ، ك ، التي قدر اهلل أف يقـك ىذا الديف عمييا اإلنساف . ىي إنشاء النظاـ الكاقعي الذم يتمثؿ فيو ىذا الديف

لى إقامة النظاـ الذم إ، ك كأصحاب الدعكة إلى ديف اهلل، خميقكف أف يقفكا طكيبلن م كاقع الحياةػيتمثؿ فيو ىذا الديف ؼ، ظاىرة تصدم القرآف المكي خبلؿ أماـ ىذه الظاىرة الكبيرة

، ثـ كقكفو عندىا ال ثبلثة عشر عامان لتقرير ىذه العقيدة، يتجاكزىا إلى شيء مف تفصيبلت النظاـ الذم يقـك عمييا

. كالتشريعات التي تحكـ المجتمع المسمـ الذم يعتنقيا

لقد شاءت حكمة اهلل أف تككف قضية العقيدة ىي القضية ف يبدأ أ، ك التي تتصدل ليا الدعكة منذ اليـك األكؿ لمرسالة

أكلى خطكاتو في الدعكة - صمى اهلل عميو كسمـ - رسكؿ اهلل

(45 )

ف يمضي في أ، ك أف ال الو إال اهلل: بدعكة الناس أف يشيدكا. ، كييعىبدىىـ لو دكف سكاه دعكتو يعرؼ الناس بربيـ الحؽ

في ظاىر األمر كفي نظرة العقؿ البشرم -كلـ تكف ىذه فمقد كانكا ! يسر السبؿ إلى قمكب العربأىي - المحجكب

" . ال إلو إال اهلل" : كمعنى "إلو" يعرفكف مف لغتيـ معنى ككانكا .. كانكا يعرفكف أف األلكىية تعني الحاكمية العميا

، معناه بيا- سبحانو - فراد اهللإيعرفكف أف تكحيد األلكىية كنزع السمطاف الذم يزاكلو الكياف كمشيخة القبائؿ كاألمراء

، السمطاف عمى الضمائر.. ، كرده كمو إلى اهلل كالحكاـ، ، كالسمطاف عمى كاقعيات الحياة كالسمطاف عمى الشعائر

كالسمطاف في ، كالسمطاف في الماؿ ، كالسمطاف في القضاء ثكرة عمى "لو إال اهللإال " كانكا يعممكف أف.. األركاح كاألبداف

(46 )

، السمطاف األرضي الذم يغتصب أكلى خصائص األلكىية كثكرة عمى األكضاع التي تقـك عمى قاعدة مف ىذا االغتصاب

، كخركج عمى السمطات التي تحكـ بشريعة مف عندىا لـ يأذف كىـ يعرفكف لغتيـ جيدان - كلـ يكف يغيب عف العرب.. بيا اهلل

ماذا - " ال الو إال اهلل " - كيعرفكف المدلكؿ الحقيقي لدعكة، تعني ىذه الدعكة بالنسبة ألكضاعيـ كرياساتيـ كسمطانيـ

ذلؾ االستقباؿ - ك ىذه الثكرة أ- استقبمكا ىذه الدعكةثـ كمف .. ، كحاربكىا ىذه الحرب التي يعرفيا الخاص كالعاـ العنيؼ

ـى كانت ىذه نقطة البدء في ىذه الدعكة ـى اقتضت فىم ل ؟ كى ؟ حكمة اهلل أف تبدأ بكؿ ىذا العناء

* * *

(47 )

، بيذا الديف- صمى اهلل عميو كسمـ - لقد بيعث رسكؿ اهلل، إنما ىي العربميدأخصب ببلد العرب كأغناىا ليست في أك

! في أيدم غيرىـ مف األجناس

يحكميا أمراء ، ا في الشماؿ خاضعة لمرـكػ ببلد الشاـ كمو، كببلد اليمف كميا في الجنكب خاضعة عرب مف قبىؿ الرـك

، كليست في ، يحكميا أمراء عرب مف قبؿ الفرس لمفرس، كما إلييا مف الصحارم تيامة كنجدكأيدم العرب إال الحجاز

! القاحمة التي تتناثر فييا الكاحات الخصبة ىنا كىناؾ

صمى اهلل عميو -استطاعة محمد في نو كاف أ: كربما قيؿ أشراؼ قريش قبؿ قكىك الصادؽ األميف الذم حكـ - كسمـمنذ خمسة ، ، كارتضكا حكمو ع الحجر األسكدػفي كضذلؾ

(48 )

، كالذم ىك في الذؤابة مف بني ىاشـ عشر عامان قبؿ الرسالةنو كاف في استطاعتو أف يثيرىا قكمية إ.. أعمى قريش نسبان

عربية تستيدؼ تجميع قبائؿ العرب التي أكمتيا الثارات كمزقتيا ، كتكجيييا كجية قكمية الستخبلص أرضيا النزاعات

الركماف في الشماؿ .. المغتصبة مف االمبراطكريات المستعمرةعبلء راية العربية كالعركبة.. كالفرس في الجنكب نشاء كا ، كا

. كحدة قكمية في كؿ أرجاء الجزيرة

صمى اهلل عميو كسمـ - نو لك دعا رسكؿ اهلل أ: كربما قيؿ، بدالن مف أف يعاني ىذه الدعكة الستجابت لو العرب قاطبة-

ثبلثة عشر عامان في اتجاه معارض ألىكاء أصحاب السمطاف ! في الجزيرة

(49 )

كاف - صمى اهلل عميو كسمـ - أف محمدان : كربما قيؿ، كبعد أف بعد أف يستجيب لو العرب ىذه االستجابة- خميقان

، كبعد استجماع السمطاف في يديو يكلكه فييـ القيادة كالسيادةأف يستخدـ ىذا كمو في إقرار عقيدة - ، كالمجد فكؽ مفرقيو، في تعبيد الناس لسمطاف ربيـ بعد أف التكحيد التي بعث بيا

! عبدىـ لسمطانو البشرل

و رسكلو كىك العميـ الحكيـ- سبحانو - كلكف اهلل ، لـ يكجإنما كجيو إلى أف ! ىذا التكجيو- صمى اهلل عميو كسمـ-

ف يحتمؿ ىك كالقمة التي أ، ك" ال الو إال اهلل " ػيصدع ب! تستجيب لو كؿ ىذا العناء

(50 )

ال يريد أف ييعىنت رسكلو - سبحانو - ف اهللإلماذا ؟ ىك ىذا يعمـ أف ليس - سبحانو- إنما ىك. كالمؤمنيف معو

ليس الطريؽ أف تخمص األرض مف يد طاغكت ، الطريؽ. ، إلى يد طاغكت عربي ك طاغكت فارسيأركماني

، كيجب أف تخمص هلل إف األرض هلل! فالطاغكت كمو طاغكت. " لو إال اهللإال : " عمييا رايةفع تكال تخمص هلل إال أف تر.

كليس الطريؽ أف يتحرر الناس في ىذه األرض مف طاغكت فالطاغكت كمو . ، إلى طاغكت عربي ك فارسيأركماني ، كال يككنكف عبيدان هلل اس عبيد هلل كحدهػأف الف! طاغكتلو إال اهلل كما إال - " لو إال اهللإال : " إال أف ترتفع رايةكحده ، ال حاكمية إال اهلل: ، ا العربي العارؼ بمدلكالت لغتوػيدركو

، ألف حدأ، كال سمطاف ألحد عمى كال شريعة إال مف اهلل

(51 )

التي يريدىا اإلسبلـ لمناس " الجنسية "، كألف السمطاف كمو هلل، التي يتساكل فييا العربي كالركماني ىي جنسية العقيدة

. كالفارسي كسائر األجناس كاأللكاف تحت راية اهلل

.. كىذا ىك الطريؽ

* * *

، بيذا الديف - صمى اهلل عميو كسمـ - كبيعث رسكؿ اهلللمثركة كالمجتمع العربي كأسكأ ما يككف المجتمع تكزيعان

با قمة قميمة تممؾ الماؿ كالتجارة. كالعدالة ، كتتعامؿ بالرككثرة كثيرة ال تممؾ إال الشظؼ . فتتضاعؼ تجارتيا كماليا

، كالذيف يممككف الثركة يممككف معيا الشرؼ كالمكانة. كالجكع! كجماىير كثيرة ضائعة مف الماؿ كالمجد جميعان

(52 )

صمى اهلل عميو - أنو كاف في استطاعة محمد: كربما قيؿف يثيرىا حربان عمى طبقة أ، ك أف يرفعيا راية اجتماعية- كسمـ

، كرد ف يطمقيا دعكة تستيدؼ تعديؿ األكضاعأ، ك األشراؼ! أمكاؿ األغنياء عمى الفقراء

صمى اهلل عميو - ق لك دعا يكميا رسكؿ اهللػفأ: كربما قيؿالكثرة : ، النقسـ المجتمع العربي صفيف ىذه الدعكة - كسمـ

الغالبة مع الدعكة الجديدة في كجو طغياف الماؿ كالشرؼ ، كالقمة القميمة مع ىذه المكركثات ، بدال مف أف يقؼ كالجاه

التي لـ يرتفع إلى "ال الو إال اهلل" المجتمع كمو صفان في كجو ! فقيا في ذلؾ الحيف إال األفذاذ مف الناسأ

(53 )

كاف - صمى اهلل عميو كسمـ - أف محمدان : كربما قيؿ، فيغمب بيا ، كتكليو قيادىا خميقان بعد أف تستجيب لو الكثرة

ف يستخدـ مكانو يكمئذ كسمطانو أ، القمة كيسمس لو مقادىا، كفي تعبيد الناس في إقرار عقيدة التكحيد التي بعثو بيا ربو

! لسمطاف ربيـ بعد أف عبدىـ لسمطانو البشرل

، لـ يكجيو ىذا كىك العميـ الحكيـ- سبحانو - لكف اهللك.. التكجيو

.. يعمـ أف ىذا ليس ىك الطريؽ- سبحانو - لقد كاف اهللؽ في المجتمع ػبد أف تنبث كاف يعمـ أف العدالة االجتماعية ال

، كيقبؿ عف ، يرد األمر كمو هلل مف تصكر اعتقادم شامؿ، كمف رضى كعف طكاعية ما يقضي بو اهلل مف عدالة التكزيع

(54 )

، كيستقر معو في قمب اآلخذ كالمأخكذ منو سكاء تكافؿ الجميع، كيرجك عمى الطاعة فيو الخير نو ينفذ نظامان شرعو اهللأ

، فبل تمتمئ قمكب بالطمع . كالحسنى في الدنيا كاآلخرة سكاء، كال تسير األمكر كميا بالسيؼ كالعصا كال تمتمئ قمكب بالحقد

كال تفسد القمكب كميا كتختنؽ األركاح! كبالتخكيؼ كاإلرىاب، " .ال الو إال اهلل " ، كما يقع في األكضاع التي تقـك عمى غير

* * *

كالمستكل - صمى اهلل عميو كسمـ - كبيعث رسكؿ اهللاألخبلقي في الجزيرة العربية في الدرؾ األسفؿ في جكانب منو

إلى جانب ما كاف في المجتمع مف فضائؿ الخامة - شتى. البدكية

(55 )

" ق حكمة الشاعرػ، تعبر عف الـ فاشيان في المجتمعػكاف التظ : " زىير بف أبي سممى

، كمف ال ييدـ ك مف لـ يذد عف حكضو بسبلحو يظمـ الناس ييظمـ

انصر أخاؾ " : القكؿ المتعارؼ في الجاىميةقكيعبر عف " . ك مظمكمان أظالمان

، كمف ككانت الخمر كالميسر مف تقاليد المجتمع الفاشية يعبر عف ىذه الخصمة الشعر الجاىمي بجممتو! مفاخره كذلؾ

: طرفة بف العبدقكالذم يقكؿ..

حفؿ أكجدؾ لـ فمكال ثبلث ىف مف عيشػة الفتى دم متى قػػاـ عك

(56 )

متى ما تيعػؿى كيمييت فمنيف سبقى العاذالت بشػػربة بالماء تزبػػد

نفاقي بي الخػمكر كلذتي اكما زاؿ تشر كبذلػي كا م كتالدمػطريقػ

كأفردت إفػراد البعػير إلى أف تحامتنى العشػيرة كميػا دػالمعبػ

* * *

مف معالـ ىذا المجتمع- في صكر شتى- ككانت الدعارةكالتي ركتو - ك حديثأشأنو شأف كؿ مجتمع جاىمي قديـ -

: عائشة رضي اهلل عنيا

(57 )

فنكاح : أنحاءةف النكاح في الجاىمية كاف عمى أربعإ" ك أيخطب الرجؿ إلى الرجؿ كليتو .. منيا نكاح الناس اليـك

كالنكاح اآلخر كاف الرجؿ يقكؿ .. ، فيصدقيا ثـ ينكحيا بنتورسمي إلى فبلف ا- : إذا طيرت مف طمثيا- المرأتو

حتى يتبيف ابدن أ، كيعتزليا زكجيا كال يمسيا م منوعفاستبض، فإذا تبيف حمميا الذم تستضع منوالرجؿ حمميا مف ذلؾ

نما يفعؿ ذلؾ رغبة في نجابة الكلد أصابيا الرجؿ إذا أحب ، كا يجتمع : كنكاح آخر.. فكاف ىذا النكاح نكاح االستبضاع!

. ، كميـ يصيبيا الرىط ما دكف العشرة فيدخمكف عمى المرأة، كمر عمييا لياؿ بعد أف تضع حمميا ، فإذا حممت ككضعت

، حتى يجتمعكا أرسمت إلييـ فمـ يستطع رجؿ منيـ أف يمتنع، كقد كلدت قد عرفتـ الذم كاف مف أمركـ: ، تقكؿ ليـ عندىا

(58 )

ؽ بو كلدىاػ مف أحبت باسمو فيمحم، تسـ فيك ابنؾ يا فبلف، ع ػيجتـ: كالنكاح الرابع.. ، كال يستطيع أف يمتنع بو الرجؿ

.. فيدخمكف عمى المرأة ال تمتنع مف جاءىا ، الناس الكثير ، كف ينصبف عمى أبكابيف رايات تككف عممان .. كىف البغايا

، فإذا حممت إحداىف ككضعت حمميا فمف أرادىف دخؿ عمييف، لحقكا كلدىا بالذم يركفأ، ثـ ، جمعكا ليا كدعكا ليـ القافة

. (5) " ، كدعى ابنو ال يمتنع عف ذلؾ فالتاطو

صمى اهلل عميو - نو كاف قي استطاعة محمدأ: كربما قيؿ، ، تتناكؿ تقكيـ األخبلؽ أف يعمنيا دعكة إصبلحية- كسمـ

. ، كتزكية النفكس كتطيير المجتمع

. أخرجو البخاري في كتاب النكاح (5)

(59 )

كاف كاجدان كقتيا- صمى اهلل عميو كسمـ - نوأ: كربما قيؿنفكسان طيبة - كما يجد كؿ مصمح أخبلقي في أية بيئة-

. يؤذييا ىذا الدنس

. كتأخذىا األريحية كالنخكة لتمبية دعكة اإلصبلح كالتطير

صمى اهلل عميو - نو لك صنع رسكؿ اهللأ: كربما قاؿ قائؿ رة صالحةػجمو- في أكؿ األمر- ذلؾ الستجابت لو- كسمـ

قرب إلى قبكؿ أ، فتصبح ، كتزككا أركاحيا ، تتطير أخبلقيا "لو إال اهللإال " ، بدالن مف أف تثير دعكة العقيدة كحمميا

. المعارضة القكية منذ أكؿ الطريؽ

! كاف يعمـ أف ليس ىذا ىك الطريؽ- سبحانو- كلكف اهلل، تضع عمى أساس مف عقيدةإال كاف يعمـ أف األخبلؽ ال تقـك

(60 )

، كما تقرر السمطة التي تستند إلييا ، كتقرر القيـ المكازيف، ، كالجزاء الذم تممكو ىذه السمطة ىذه المكازيف كالقيـ

نو قبؿ تقرير ىذه إك. كتكقعو عمى الممتزميف كالمخالفيف، كتحديد ىذه السمطة تظؿ القيـ كميا متأرجحة كتظؿ العقيدة

، كببل ، ببل ضابط األخبلؽ التي تقـك عمييا متأرجحة كذلؾ! ، كببل جزاء سمطاف

كتقررت السمطة - الشاؽالجيد بعد - فمما تقررت العقيدةلىما عرؼ الناس ربيـ كعبدكه .. التي ترتكف إلييا ىذه العقيدة

لىما تحرر الناس مف سمطاف العبيد كمف سمطاف .. كحده.. " لو إال اهللإال " لىما تقررت في القمكب.. الشيكات سكاء

.. صنع اهلل بيا كبأىميا كؿ شيء مما يقترحو المقترحكفال ليتقرر فييا .. " الركماف كالفرس " تطيرت األرض مف

(61 )

لقد .. " اهلل " كلكف ليتقرر فييا سمطاف. " العرب " سمطاف، ، كفارسيان ركمانيان .. كمو "الطاغكت " تطيرت مف سمطاف

. ، عمى السكاء كعربيان

" كقاـ. كتطير المجتمع مف الظمـ االجتماعي بجممتو، كيرفع ، كيزف بميزاف اهلل ، يعدؿ بعدؿ اهلل " النظاـ اإلسبلمي

" ة ػ، كيسمييا رام راية العدالة االجتماعية باسـ اهلل كحدهال الو " : ا ػ، كيكتب عميو خرآال يقرف إلييا اسمان . " اإلسبلـ " ! إال اهلل

، دكف ، كزكت القمكب كاألركاح كتطيرت النفكس كاألخبلؽإال - أف يحتاج األمر حتى لمحدكد كالتعازير التي شرعيا اهلل

، كألف ألف الرقابة قامت ىناؾ في الضمائر- في الندرة النادرة

(62 )

كالخكؼ مف غضبو ء، كالحيا اهلل كثكابولالطمع في رض. ، قد قاما مقاـ الرقابة كمكاف العقكبات كعقابو

، كفي حياتيا خبلقياأ، كفي كارتفعت البشرية في نظاميا، ، إلى القمة السامقة التي لـ ترتفع إلييا مف قبؿ قط كميا

. كالتي لـ ترتفع إلييا مف بعد إال في ظؿ اإلسبلـ

كلقد تـ ىذا كمو ألف الذيف أقامكا ىذا الديف في صكرة دكلة ، كانكا قد أقامكا ىذا الديف مف قبؿ في حكاـأكنظاـ كشرائع ك

، في صكرة عقيدة كخمؽ كعبادة كسمكؾ ضمائرىـ كفي حياتيـ، ال يدخؿ ككانكا قد كيعديكا عمى إقامة ىذا الديف كعدان كاحدان .

.. ىذا الديف عمى أيدييـؿكال حتى .. فيو الغمب كالسمطافكعدان كاحدان ىك .. كعدان كاحدان ال يتعمؽ بشيء في ىذه الدنيا

(63 )

، كاالبتبلء الشاؽ ىذا كؿ كعدكه عمى الجياد المضني. الجنة، كمكاجية الجاىمية باألمر الذم يكرىو ، كالمضي في الدعكة

ال إلو ": ، كىك أصحاب السمطاف في كؿ زماف كفي كؿ مكاف " ! إال اهلل

، كلىما أف فرغت نفكسيـ مف فىمىما أف ابتبلىـ اهلل فصبركانيـ ال ينتظركف جزاء أ، كلىما أف عمـ اهلل منيـ حظ نفكسيـ

، كلك كاف ىك كائنان ما كاف ىذا الجزاء- في ىذه األرض، كقياـ ىذا الديف في األرض انتصار ىذه الدعكة عمى أيدييـ

، كال كلىما لـ يعد في نفكسيـ اعتزاز بجد كال قـك- بجيدىـلىما أف .. ، كال اعتزاز بعشيرة كال بيت رضأاعتزاز بكطف كال

أمناء - إذف- صبحكاأنيـ قد أ، عمـ عمـ اهلل منيـ ذلؾ كمو، التي يتفرد أمناء عمى العقيدة.. عمى ىذه األمانة الكبرل

(64 )

، كفي بالحاكمية في القمكب كالضمائر- سبحانو- فييا اهلل، كفي األكضاع ، كفي األركاح كاألمكاؿ السمكؾ كالشعائر

كأمناء عمى السمطاف الذم يكضع في أيدييـ .. كاألحكاؿ ، كعمى عدؿ اهلل يقيمكنو ليقكمكا بو عمى شريعة اهلل ينفذكنيا

، كال ، دكف أف يككف ليـ مف ذلؾ السمطاف شيء ألنفسيـإنما يككف السمطاف . ، كال لجنسيـ ، كال لقكميـ لعشيرتيـ

نو مف أ، ألنيـ يعممكف ، كلدينو كشريعتو الذم في أيدييـ هلل. ، ىك الذم آتاىـ إياه اهلل

كلـ يكف شيء مف ىذا المنيج المبارؾ ليتحقؽ عمى ىذا ال أف ترفع . دأ الدعكة ذلؾ البدءػ، إال أف تب المستكل الرفيع كا

كال ترفع معيا .. لو إال اهللإراية ال .. اػالدعكة ىذه الراية كحده

(65 )

ال أف تسمؾ الدعكة ىذا الطريؽ الكعر الشاؽ في . سكاىا كا . ، المبارؾ الميسر في حقيقتو ظاىره

، لك أف الدعكة كما كاف ىذا المنيج المبارؾ ليخمص هللك أ، ك دعكة اجتماعيةأ، ا األكلى دعكة قكميةػبدأت خطكاتو: جانب شعارىا الكاحدإلى ك رفعت أم شعار أ.. دعكة أخبلقية

. " ال الو إال اهلل"

في "لو إال اهللإال " : ذلؾ شأف القرآف المكي كمو في تقريرعمى مشقتو في - ، كاختيار ىذا الطريؽ القمكب كالعقكؿ

، كاإلصرار عمى ة األخرلػكعدـ اختيار السبؿ الجانبي- الظاىر. ىذا الطريؽ

(66 )

، فأما شأف ىذا القرآف في تناكؿ قضية االعتقاد كحدىا، كالشرائع دكف التطرؽ الى تفصيبلت النظاـ الذم يقـك عمييا

، فذلؾ كذلؾ مما ينبغي أف يقؼ التي تنظـ المعامبلت فييا. أصحاب الدعكة ليذا الديف كقفة كاعيةقأماـ

فيك ديف يقـك .. اذم التي قضت بوػإف طبيعة ىذا الديف قكؿ تنظيماتو ككؿ تشريعاتو .. ل قاعدة األلكىية الكاحدةػكمو عؿ

ككما أف الشجرة الضخمة .. تنبثؽ مف ىذا األصؿ الكبير، ، المتشابكة األغصاف ، الكارفة المديدة الظبلؿ الباسقة

بد ليا أف تضرب بجذكرىا في التربة ال.. الضاربة في اليكاء، تناسب ضخامتيا ، كفي مساحات كاسعة عمى أعماؽ بعيدة

إف نظامو يتناكؿ .. فكذلؾ ىذا الديف.. كامتدادىا في اليكاء، كيتكلى شؤكف البشرية كبيرىا كصغيرىا ، كينظـ الحياة كميا

(67 )

كذلؾ في كلكف ال في الحياة الدنيا كحدىا - حياة اإلنساف، كال في عالـ الشيادة كحده كلكف كذلؾ في عالـ الدار اآلخرة

، كال في المعامبلت المادية الظاىرة الغيب المكنكف عنيا- كحدىا كلكف كذلؾ في أعماؽ الضمير كدنيا السرائر كالنكايا

بد لو إذف مف ، كال فيك مؤسسة ضخمة ىائمة شاسعة مترامية ة كالعمؽ كاالنتشار أيضان ػجذكر كأعماؽ بيذه السعة كالضخاـ

..

، يحدد منيجو في ىذا جانب مف سر ىذا الديف كطبيعتو، ، كيجعؿ بناء العقيدة كتمكينيا بناء نفسو كفي امتداده

ضركرة .. ب النفس كميااكشمكؿ ىذه العقيدة كاستغراقيا لشع، كضمانان مف ضمانات ات النشأة الصحيحةممف ضركر

(68 )

، كالتناسؽ بيف الظاىر مف الشجرة في اليكاء االحتماؿ. كالضارب مف جذكرىا في األعماؽ

في أعماقيا الغائرة "ال إلو إال اهلل" : كمتى استقرت عقيدة" ، استقر معيا في نفس الكقت النظاـ الذم تتمثؿ فيو البعيدة

ق ػ، كتعيف أنو النظاـ الكحيد الذم ترتضي " ال إلو إال اهلل، كاستسممت ىذه النفكس النفكس التي استقرت فييا العقيدة

، ، حتى قبؿ أف تعرض عمييا تفصيبلتو ابتداء ليذا النظاـفاالستسبلـ ابتداء ىك . كقبؿ أف تعرض عمييا تشريعاتو

فيما - كبمثؿ ىذا االستسبلـ تمقت النفكس.. مقتضى اإليماف، ال تنظيمات اإلسبلـ كتشريعاتو بالرضى كالقبكؿ- بعد

، كال تتمكأ في تنفيذه تعترض عمى شيء منو فكر صدكره إلييابطؿ أ، ك بطؿ الرباأ، ك كىكذا أبطمت الخمر .. بمجرد تمقييا لو

(69 )

أبطمت بآيات مف .. ، كأبطمت العادات الجاىمية كميا الميسر- صمى اهلل عميو كسمـ - ك كممات مف الرسكؿأ، القرآف

بينما الحككمات األرضية تجيد في شيء مف ىذا كمو بقكانينيا ، ، كجندىا كسمطاتيا ، كنظميا كأكضاعيا كتشريعاتيا، فبل تبمغ إال أف تضبط الظاىر مف عبلمياإكدعايتيا ك! (6 )، بينما المجتمع يعج بالمنييات كالمنكرات المخالفات

كجانب آخر مف طبيعة ىذا الديف يتجمى في ىذا المنيج جاء ليحكـ .. إف ىذا الديف منيج عممي حركي جاد. القكيـ

يقره.. ، كيكاجو ىذا الكاقع ليقضى فيو بأمره الحياة في كاقعياكمف ثـ فيك ال يشرع إال .. ك يغيره مف أساسوأ، ك يعدلوأ،

. في الطبعة المشروعة التي تصدر عن دار الشروق" في ظالل القرآن " : يراجع كيف حرم اهلل الخمر في الجزء الخامس من (6)

لمسيد ( تنقيحات )لمسيد أبي الحسن الندوي منقوال عن كتاب " ماذا خسر العالم بانحطاط المسممين " : وكيف عجزت أميركا عن ذلك في كتاب . أبي األعمى المودودي

(70 )

، في مجتمع يعترؼ ابتداء بحاكمية اهلل لحاالت كاقعة فعبلن .. كحده

منيج " نوإ.. ! "الفركض " تتعامؿ مع "نظرية " نو ليسإكالن أف يقـك المجتمع أبد فبل.. ! "الكاقع" ، يتعامؿ مع "

ف الحاكمية أ، ك لو إال اهللإأف ال : المسمـ الذم يقر عقيدة، ليست إال هلل كيرفض أف يقر بالحاكمية ألحد مف دكف اهلل

.. كيرفض شرعية أم كضع ال يقـك عمى ىذه القاعدة

، ، تككف لو حياة كاقعية كحيف يقـك ىذا المجتمع فعبلن كعندئذ فقط يبدأ ىذا الديف .. تحتاج إلى تنظيـ كالى تشريع

في تقرير النظـ كفي سف الشرائع لقـك مستسمميف أصبلن لمنظـ .. ، رافضيف أصبلن لغيرىا مف النظـ كالشرائع كالشرائع

(71 )

بد أف يككف لممؤمنيف بيذه العقيدة مف سمطاف عمى كالأنفسيـ كعمى مجتمعيـ ما يكفؿ تنفيذ النظاـ كالشرائع في ىذا

.. ، كيككف لمشريعة جديتيا المجتمع حتى يككف لمنظاـ ىيبتوفكؽ ما يككف لحياة ىذا المجتمع مف كاقعية تقتضي األنظمة

.. كالشرائع مف فكرىا

كالمسممكف في مكة لـ يكف ليـ سمطاف عمى أنفسيـ كال كما كانت ليـ حياة كاقعية مستقمة ىـ الذيف . عمى مجتمعيـ

ؿ اهلل.. ينظمكنيا بشريعة اهلل في ىذه ليـكمف ثـ لـ ينزؿ ليـ عقيدة الفترة تنظيمات كشرائع نما نز ، كخمقان منبثقان ، كا

فمما أف .. مف ىذه العقيدة بعد استقرارىا في األعماؽ البعيدة، تنزلت عمييـ صارت ليـ دكلة في المدينة ذات سمطاف

، كتقرر ليـ النظاـ الذم يكاجو حاجات المجتمع الشرائع

(72 )

، كالذم تكفؿ لو الدكلة بسمطاتيا الجدية النفاذ المسمـ الكاقعية .

، كلـ يشأ اهلل أف ينزؿ عمييـ النظاـ كالشرائع في مكةف إ! ليختزنكىا جاىزة حتى تطبؽ بمجرد قياـ الدكلة في المدينة

كثر أشد كاقعية مف ىذا كأنو إ.. ! ىذه ليست طبيعة ىذا الديفإنما .. نو ال يفترض المشكبلت ليفترض ليا حمكالن إ.. ! جدية

يكاجو الكاقع حيف يككف كاقع مجتمع مسمـ مستسمـ لشريعة ، اهلل رافض لشريعة سكاه بحجمو كشكمو كمبلبساتو كظركفو

. ، كفؽ حجمو كشكمو كمبلبساتو كظركفو ليشرع لو

ف أكالذيف يريدكف مف اإلسبلـ اليـك أف يصكغ نظريات كبينما ليس .. ف يصكغ تشريعات لمحياةأ، ك يصكغ قكالب نظاـ

(73 )

عمى كجو األرض مجتمع قد قرر فعبلن تحكيـ شريعة اهلل كحدىا، مع تممكو لمسمطة التي تفرض ، كرفض كؿ شريعة سكاىا

، ال يدرككف الذيف يريدكف مف اإلسبلـ ىذا.. ىذا كتنفذه كما يريد لو اهلل.. ، كال كيؼ يعمؿ في الحياة طبيعة ىذا الديف

..

ف يغير طبيعتو كمنيجو كتاريخو ليشابو أنيـ يريدكف منو إ، كيحاكلكف أف يستعجمكه عف ، كمناىج بشرية نظريات بشرية

، رغبات إنما طريقو كخطكاتو ليمبي رغبات كقتية في نفكسيـىا اليزيمة الداخمية في أركاحيـ تجاه أنظمة بشرية ػتنشئيريدكف منو أف يصكغ نفسو في قالب نظريات .. صغيرة

كاهلل يريد ليذا الديف .. ، تكاجو مستقببلن غير مكجكد كفركض، كتفرض سمطانيا عقيدة تمؤل القمب.. أف يككف كما أراده

(74 )

، كأال ، عقيدة مقتضاىا أال يخضع الناس إال هلل عمى الضميركبعد أف يكجد الناس الذيف .. يتمقكا الشرائع إال منو دكف سكاه

، ، كيصبح ليـ السمطاف الفعمي في مجتمعيـ ىذه عقيدتيـ، كتنظيـ حياتيـ تبدأ التشريعات لمكاجية حاجاتيـ الكاقعية

. الكاقعية كذلؾ

، كلف يككف إال ما يريده اهلل.. ىذا ما يريده اهلل ليذا الديف! ميما كانت رغبات الناس

ف يككف مفيكمان ألصحاب الدعكة اإلسبلمية أكذلؾ ينبغي ، يجب أف نيـ حيف يدعكف الناس إلعادة إنشاء ىذا الديفأ

حتى لك كانكا يدعكف - يدعكىـ أكالن إلى اعتناؽ العقيدة ، كتشيد ليـ شيادات الميبلد بأنيـ مسممكف أنفسيـ مسمميف

(75 )

ال : " إقرار عقيدة "أكالن " يجب أف يعممكىـ أف اإلسبلـ ىك- !، كىك رد الحاكمية هلل في ىا الحقيقيكؿدؿـب- " لو إال اهللإ

ؽ ػ، كطرد المعتديف عمى سمطاف اهلل بادعاء ىذا الح أمرىـ كموقرارىا في م ضمائرىـ كشعائرىـػ، إقرارىا ؼ ألنفسيـ ، كا

.. أكضاعيـ ككاقعيـ

، كلتكف ىذه القضية ىي أساس دعكة الناس إلى اإلسبلـىذه الدعكة .. كانت ىي أساس دعكتيـ إلى اإلسبلـ أكؿ مرة

.. التي تكفؿ بيا القرآف المكي طكاؿ ثبلثة عشر عامان كاممة عصبة مف - بمفيكمو ىذا األصيؿ- فإذا دخؿ في ىذا الديف

المجتمع " سـ إفيذه العصبة ىي التي يطمؽ عمييا .. الناس المجتمع الذم يصمح لمزاكلة النظاـ اإلسبلمي في .. "المسمـ

(76 )

، ألنو قرر بينو كبيف نفسو أف تقـك حياتو حياتو االجتماعية. ، كأال يحكـ في حياتو كميا إال اهلل كميا عمى ىذا األساس

كحيف يقـك ىذا المجتمع بالفعؿ يبدأ عرض أسس النظاـ ، كما يأخذ ىذا المجتمع نفسو في سف اإلسبلمي عميو

، في إطار األسس التشريعات التي تقتضييا حياتو الكاقعيةفيذا ىك الترتيب الصحيح لخطكات .. العامة لمنظاـ اإلسبلمي

فيذا ىك الترتيب الصحيح لخطكات المنيج .. المنيج اإلسبلمي . اإلسبلمي الكاقعي العممي الجاد

، ممف ال يتدبركف كلقد يخيؿ لبعض المخمصيف المتعجميف، المؤسس ، كطبيعة منيجو الرباني القكيـ طبيعة ىذا الديف

عمى حكمة العميـ الحكيـ كعممو بطبائع البشر كحاجات الحياة

(77 )

لقد يخيؿ لبعض ىؤالء أف عرض أسس النظاـ : نقكؿ.. ، عمى الناس- بؿ التشريعات اإلسبلمية كذلؾ- اإلسبلمي

! ، كيحبب الناس في ىذا الديف مما ييسر ليـ طريؽ الدعكة

ـه تنشئو العجمة ـه كالذم كاف يمكف أف يقترحو ! كىذا كىى كىىأف تقـك دعكة رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ : المقترحكف

، أك راية ، أك راية اجتماعية في أكليا تحت راية قكمية! ، تيسيران لمطريؽ أخبلقية

، كتعمف عبكديتيا لو إف القمكب يجب أف تخمص أكالن هللمف .. ، كرفض كؿ شرع آخر غيره ، بقبكؿ شرعو كحده كحده

قبؿ أف تخاطب بأم تفصيؿ عف ذلؾ الشرع .. ناحية المبدأ ! يرغبيا فيو

(78 )

، إف الرغبة يجب أف تنبثؽ مف إخبلص العبكدية هلل، ال مف أف النظاـ المعركض عمييا كالتحرر مف سمطاف سكاه

خير مما لدييا مف األنظمة في كذا ككذا عمى .. في ذاتو .. . كجو التفصيؿ

كلف يككف .. ، ألنو مف شرع اهلل إف نظاـ اهلل خير في ذاتو. كلكف ىذه ليست قاعدة الدعكة.. شرع العبيد يكمان كشرع اهلل

كرفض كؿ ، إف قاعدة الدعكة أف قبكؿ شرع اهلل كحده أيان كاف، كليس لئلسبلـ مدلكؿ ىك ذاتو اإلسبلـشرع غيره أيان كاف ،

، ، فمف رغب في اإلسبلـ ابتداء فقد فصؿ في القضية سكاهفيذه .. كلـ يعد بحاجة إلى ترغيبو بجماؿ النظاـ كأفضميتو

! إحدل بديييات اإليماف

(79 )

* * *

، فبل بد أف نقكؿ كيؼ عالج القرآف المكي قضية كبعدإنو لـ يعرضيا في .. العقيدة في خبلؿ الثبلثة عشر عامان

كلـ يعرضيا في ! " الىكت" كال في صكرة "نظرية" صكرة ! " عمـ التكحيد" كرة جدؿ كبلمي كالذم زاكلو ما يسمى ص

بما "اإلنساف" لقد كاف القرآف الكريـ يخاطب فطرة ! كبليحاءات .. في كجكده ىك كبما في الكجكد حكلو مف دالئؿ كا

، كيخمص أجيزة االستقباؿ كاف يستنقذ فطرتو مف الركاـ، ، كيفتح منافذ الفطرة الفطرية مما راف عمييا كعطؿ كظائفيا. لتتمقى المكحيات المؤثرة كتستجيب ليا

(80 )

كبصفة خاصة كاف القرآف يخكض 00ىذا بصفة عامة كاف يخكض بيا معركة مع .. بيذه العقيدة معركة حية كاقعية

كمف ثـ .. الركاـ المعطؿ لمفطرة في نفكس آدمية حاضرة كاقعة ىك الشكؿ الذم يناسب ىذا الكاقع "النظرية" لـ يكف شكؿ

إنما ىك شكؿ المكاجية الحية لمعقابيؿ كالسدكد . الخاصقات النفسية كالكاقعية في النفكس الحاضرة كالحكاجز كالمعك

القائـ عمى المنطؽ الشكمي- كلـ يكف الجدؿ الذىني .. الحية ، ىك الذم سار عميو في العصكر المتأخرة عمـ التكحيد-

بشريان "كاقعان " فمقد كاف القرآف يكاجو .. الشكؿ المناسب كذلؾ ، كيخاطب الكينكنة البشرية بجممتيا كامبلن بكؿ مبلبساتو الحية

ىك الشكؿ "البلىكت" ككذلؾ لـ يكف .. في خضـ ىذا الكاقع، إال أنيا ، كلك أنيا عقيدة فإف العقيدة اإلسبلمية. المناسب

(81 )

، كال تقبع في الزاكية تمثؿ منيج حياة كاقعية لمتطبيؽ العممي! الضيقة التي تقبع فييا األبحاث البلىكتية النظرية

، كىك يبني العقيدة في ضمائر الجماعة كاف القرآف، يخكض بيذه الجماعة المسممة معركة ضخمة مع المسممة

، كما يخكض بيا معركة ضخمة مع الجاىمية مف حكليا كمف ..ركاسب الجاىمية في ضميرىا ىي كأخبلقيا ككاقعيا

ال ك "نظرية" ىذه المبلبسات ظير بناء العقيدة ال في صكرة كلكف .. "جدؿ كبلمي" ، كال في صكرة " الىكت" في صكرة

في صكرة تجمع عضكم حيكم كتككيف تنظيمي مباشر لمحياة، ككاف نمك الجماعة ، ممثؿ في الجماعة المسممة ذاتيا

، كفي سمككيا الكاقعي كفؽ المسممة في تصكرىا االعتقادم، كفي دربتيا عمى مكاجية الجاىمية كمنظمة ىذا التصكر

(82 )

كاف ىذا النمك ذاتو ممثبلن تمامان لنمك البناء .. محاربة لياكىذا ىك منيج اإلسبلـ الذم .. ، كترجمة حية لو العقيدم

. يمثؿ طبيعتو كذلؾ

نو لمف الضركرم ألصحاب الدعكة اإلسبلمية أف يدرككا كا طبيعة ىذا الديف كمنيجو في الحركة عمى ىذا النحك الذم

ذلؾ ليعممكا أف مرحمة بناء العقيدة التي طالت في العيد . بيناه، لـ تكف منعزلة عف مرحمة التككيف المكي عمى ىذا النحك

. ، كالبناء الكاقعي لمجماعة المسممة ة اإلسبلميةػالعممي لمحرؾكلكنيا كانت مرحمة ! كدراستيا "النظرية" ف مرحمة تمقي ػلـ تؾ

البناء القاعدم لمعقيدة كلمجماعة كلمحركة كلمكجكد الفعمي معان كىكذا ينبغي أف تككف كمما أريد إعادة ىذا البناء مرة أخرل.. .

(83 )

، كأف تتـ خطكات ىكذا ينبغي أف تطكؿ مرحمة بناء العقيدةثـ ىكذا ينبغي أال .. ، كفي عمؽ كتثبت البناء عمى ميؿ

، كلكف مرحمة ترجمة ليذه تككف مرحمة دراسة نظرية لمعقيدة، متمثمة في ضمائر في صكرة حية- أكالن بأكؿ -العقيدة

، متكيفة بيذه العقيدة كمتمثمة في بناء جماعي كتجمع حركي، يعبر نمكه مف داخمو كمف خارجو عف نمك العقيدة ذاتيا

، كتخكض معيا كمتمثمة في حركة كاقعية تكاجو الجاىمية، ، لتتمثؿ العقيدة حية المعركة في الضمير كفي الكاقع كذلؾ

. كتنمك نمكان حيان في خضـ المعركة

أف تتبمكر العقيدة - بالقياس إلى اإلسبلـ- كخطأ أم خطأ المعرفية .. مجردة لمدراسة الذىنية "نظرية" في صكرة . بؿ خطر أم خطر كذلؾ.. الثقافية

(84 )

إف القرآف لـ يقض ثبلثة عشر عامان كاممة في بناء العقيدة فمك أراد اهلل ألنزؿ ! كبل.. بسبب أنو كاف يتنزؿ لممرة األكلى

، ثـ ترؾ أصحابو يدرسكنو ثبلثة عشر ىذا القرآف جممة كاحدة " النظرية اإلسبلمية" ، حتى يستكعبكا ، أك أكثر أك أقؿ عامان .

، كاف يريد كاف يريد أمران آخر- سبحانو -كلكف اهلل كاف يريد بناء جماعة كبناء حركة كبناء .منيجان معينان متفردان

كاف يريد أف يبني الجماعة كالحركة .. عقيدة في كقت كاحدكاف يريد أف .. ، كأف يبني العقيدة بالجماعة كالحركة بالعقيدة

، كأف يككف تككف العقيدة ىي كاقع الجماعة الحركي الفعمي.. كاقع الجماعة الحركي الفعمي ىك الصكرة المجسمة لمعقيدة

يعمـ أف بناء النفكس كالجماعات ال يتـ - سبحانو -ككاف اهلل

(85 )

، فمـ يكف ىنالؾ بد أف يستغرؽ بناء العقيدة بيف يـك كليمةحتى إذا نضج .. المدل الذم يستغرقو بناء النفكس كالجماعة

التككيف العقيدم كانت الجماعة ىي المظير الكاقعي ليذا . النضكج

* * *

كما تستخمص مف منيج -ىذه ىي طبيعة ىذا الديف ، كأال نحاكؿ كال بد أف نعرؼ طبيعتو ىذه- القرآف المكي

تغييرىا تمبية لرغبات معجمة ميزكمة أماـ أشكاؿ النظريات ، فيك بيذه الطبيعة صنع األمة المسممة أكؿ مرة! البشرية

كبيا يصنع األمة المسممة في كؿ مرة يراد فييا أف يعاد إخراج . األمة المسممة لمكجكد كما أخرجيا اهلل أكؿ مرة

(86 )

، في تحكيؿ يجب أف ندرؾ خطأ المحاكلة كخطرىا معان العقيدة اإلسبلمية الحية التي تحب أف تتمثؿ في كاقع نىاـو حي

تحكيميا عف طبيعتيا .. ، كفي تجمع عضكم حركي متحرؾ، لمجرد أننا نريد لمدراسة كالمعرفة الثقافية "نظرية" ىذه إلى

. " نظرية إسبلمية" أف نكاجو النظريات البشرية اليزيمة بػ

، كفي إف العقيدة اإلسبلمية تحب أف تتمثؿ في نفكس حية، كفي حركة تتفاعؿ مع ، كفي تجمع عضكم تنظيـ كاقعي

، كما تتفاعؿ مع الجاىمية الراسبة في الجاىمية مف حكليابكصفيـ كانكا مف أىؿ الجاىمية قبؿ أف - نفكس أصحابيا

- ، كتنتزعيا مف الكسط الجاىمي نفكسيـإلىتدخؿ العقيدة ف ػـك -كؿ ػكىي في صكرتيا ىذه تشغؿ مف القمكب كالعؽ

" مساحة أضخـ كأكسع كأشمؿ مما تشغمو - ان ػالحياة أيض

(87 )

، مساحة النظرية كمادتيا- فيما تشمؿ -كتشمؿ . " النظرية. كلكنيا ال تقتصر عمييا

سبلمي لؤللكىية ، كلمحياة ، كلمكجكد الككني إف التصكر اإلوكلكنو كذلؾ تصكر كاقعي . تصكر شامؿ كامؿ.. ، كلئلنساف

أف يتمثؿ في مجرد تصكر - بطبيعتو -كىك يكره . إيجابيكيجب أف . ، ألف ىذا يخالؼ طبيعتو كغايتو ذىني معرفي

.. ، كفي حركة كاقعية ، كفي تنظيـ حي يتمثؿ في أناسىكطريقتو في التككف أف ينمك مف خبلؿ األناسى كالتنظيـ الحي

، حتى يكتمؿ نظريان في نفس الكقت الذم كالحركة الكاقعية بؿ يظؿ "النظرية" كال ينفصؿ في صكرة - يكتمؿ فيو كاقعيان .. الحركي "الكاقع" ممثبلن في صكرة

(88 )

، كال يتمثؿ مف ككؿ نمك نظرم يسبؽ النمك الحركي الكاقعي، بالقياس إلى طبيعة ىذا الديف ، ىك خطأ كخطر كذلؾ خبللو . ، كطريقة تركيبو الذاتي كغايتو

: يقكؿ- سبحانو -كاهلل

نىزلنىاهي تىنزيبلن } مىى ميكثو كى مىى الناس عى قنىاهي لتىقرىأىهي عى قيرآنان فىرى { كى[ 106: اإلسراء .. ]

، ليتـ البناء كالمكث مقصكد كذلؾ. فالفرؽ مقصكد ال في "منظمة حية" ، المؤلؼ مف عقيدة في صكرة التككيني! " نظرية" صكرة

كما إنو في -يجب أف يعرؼ أصحاب ىذا الديف جيدان أنو . فإف منيجو في العمؿ منيج رباني كذلؾ- ذاتو ديف رباني

(89 )

نو ال يمكف فصؿ حقيقة ىذا الديف عف متكاؼ مع طبيعتو ، كا . منيجو في العمؿ

كما إنو جاء ليغير -كيجب أف يعرفكا كذلؾ أف ىذا الديف فكذلؾ ىك - ، كمف ثـ يغير الكاقع الحيكم التصكر االعتقادم

، كيغير قد جاء ليغير المنيج الذم يبنى بو التصكر االعتقادمثـ .. جاء ليبني عقيدة كىك يبني أمة .. بو الكاقع الحيكم

، بنفس الدرجة التي ينشئ بيا لينشئ منيج تفكير خاصان بوكال انفصاؿ بيف منيج تفكيره . تصكران اعتقاديان ككاقعان حيكيان

، كبنائو الحيكم الخاص ، كتصكره االعتقادم الخاص الخاص.. فكميا حزمة كاحدة..

(90 )

، فإذا نحف عرفنا منيجو في العمؿ عمى النحك الذم بيناه، كليس منيج مرحمة كال بيئة كال فمنعرؼ أف ىذا المنيج أصيؿ

، إنما ىك ظركؼ خاصة بنشأة الجماعة المسممة األكلى. إال بو- في أم كقت -ـك بناء ىذا الديف ػالمنيج الذم ال يؽ

إنو لـ تكف كظيفة اإلسبلـ أف يغير عقيدة الناس ككاقعيـ ، ، كلكف كانت كظيفتو كذلؾ أف يغير منيج تفكيرىـ فحسب

، ذلؾ أنو منيج رباني مخالؼ في كتناكليـ لمتصكر كلمكاقع. طبيعتو كميا لمناىج البشر القاصرة اليزيمة

لى الحياة كنحف ال نممؾ أف نصؿ إلى التصكر الرباني كا ، المنيج ، إال عف طريؽ منيج تفكير رباني كذلؾ الربانية

(91 )

، ليصح الذم أراد اهلل أف يقيـ منيج تفكير الناس عمى أساسو . تصكرىـ االعتقادم كتككينيـ الحيكم

* * *

"نظرية" ، حيف نريد مف اإلسبلـ أف يجعؿ مف نفسو نحف، كعف ، نخرج بو عف طبيعة منيج التككيف الرباني لمدراسة

، كنخضع اإلسبلـ لمناىج طبيعة منيج التفكير الرباني كذلؾكأنما المنيج الرباني أدنى مف المناىج ! التفكير البشرية

ككأنما نريد لنرتقي بمنيج اهلل في التصكر كالحركة ! البشرية ! ليكازم مناىج العبيد

، كاليزيمة تككف قاتمة كاألمر مف ىذه الناحية يككف خطيران .

(92 )

نحف أصحاب الدعكة -إف كظيفة المنيج الرباني أف يعطينا ، نبرأ بو مف ركاسب مناىج منيجان خاصان لمتفكير- اإلسبلمية

، كالتي تضغط عمى التفكير الجاىمية السائدة في األرضفإذا نحف أردنا أف نتناكؿ ىذا . .، كتترسب في ثقافتنا عقكلنا

، مف مناىج التفكير لديف بمنيج تفكير غريب عف طبيعتوا، كنا قد أبطمنا كظيفتو التي جاء ليؤدييا الجاىمية الغالبة

، كحرمنا أنفسنا فرصة الخبلص مف ضغط المنيج لمبشرية، كفرصة الخبلص مف ركاسبو في الجاىمي السائد في عصرنا

. عقكلنا كتككيننا

، كالخسارة تككف كاألمر مف ىذه الناحية يككف خطيران كذلؾ. قاتمة

(93 )

، ال يقؿ قيمة كال إف منيج التفكير كالحركة في بناء اإلسبلـ، كال ضركرة عف منيج التصكر االعتقادم كالنظاـ الحيكم

كميما يخطر لنا أف نقدـ ىذا التصكر كىذا . ينفصؿ عنو كذلؾ، فيجب أال يغيب عف بالنا أف ىذا ال النظاـ في صكرة تعبيرية

، بؿ يجب في األرض في صكرة حركة كاقعية "اإلسبلـ" ينشئ أال يغيب عف بالنا أنو لف يفيد مف تقديمنا اإلسبلـ في ىذه

، كأف الصكرة إال المشتغمكف فعبلن بحركة إسبلمية كاقعيةقصارل ما يفيده ىؤالء أنفسيـ مف تقديـ اإلسبلـ ليـ في ىذه الصكرة ىك أف يتفاعمكا معيا بالقدر الذم كصمكا ىـ إليو فعبلن

. في أثناء الحركة

(94 )

كمرة أخرل أكرر أف التصكر االعتقادم يجب أف يتمثؿ مف ، كأف يككف التجمع الحركي في الكقت فكره في تجمع حركي

. ة لمتصكر االعتقادممذاتو تمثيبلن صحيحان كترجمة حقيؽ

كمرة أخرل أكرر كذلؾ أف ىذا ىك المنيج الطبيعي لئلسبلـ ، كأكثر انطباقان ، كأشد فاعمية ، كأنو منيج أعمى كأقـك الرباني

عمى الفطرة البشرية مف منيج صياغة النظريات كاممة مستقمة يككف ، قبؿ أف كتقديميا في الصكرة الذىنية الباردة لمناس، كقبؿ أف يككنكا ىـ ىؤالء الناس مشتغميف فعبلن بحركة كاقعية

أنفسيـ ترجمة حية، تنمك خطكة خطكة لتمثيؿ ذلؾ المفيـك . النظرم

* * *

(95 )

ذا صح ىذا في أصؿ النظرم فيك أصح بطبيعة الحاؿ ةكا فيما يختص بتقديـ أسس النظاـ الذم يتمثؿ فيو التصكر

. ، أك تقديـ التشريعات المفصمة ليذا النظاـ اإلسبلمي

كما أنيا تضغط عمى أعصاب -إف الجاىمية التي حكلنا ، فتجعميـ بعض المخمصيف مف أصحاب الدعكة اإلسبلمية

ىي كذلؾ تتعمد أحيانان -يتعجمكف خطكات المنيج اإلسبلمي أيف تفصيبلت نظامكـ الذم تدعكف : فتسأليـ. أف تحرجيـ

دراسات كمف فقو مف ؟ كماذا أعددتـ لتنفيذه مف بحكث ك إليوكأف الذم ينقص الناس في ىذا ! مقنف عمى األصكؿ الحديثة

الزماف إلقامة شريعة اإلسبلـ في األرض ىك مجرد األحكاـ ككأنما ىـ مستسممكف . الفقيية كالبحكث الفقيية اإلسبلمية

، كلكنيـ فقط ال لحاكمية اهلل راضكف بأف تحكميـ شريعتو

(96 )

! .. فقيان مقننان بالطريقة الحديثة "المجتيديف" يجدكف مف كىي سخرية ىازلة يجب أف يرتفع عمييا كؿ ذم قمب يحس

! ليذا الديف بحرمة

إف الجاىمية ال تريد بيذا اإلحراج إال أف تجد لنفسيا تعمة ال أف .. ة البشر لمبشرػ، كاستبقاء عبكدم في نبذ شريعة اهلل كا

ا ق، فتجعؿ تصرؼ العصبة المسممة عف منيجيا الرباني، كأف تحكؿ تتجاكز مرحمة بناء العقيدة في صكرة حركية

منيج أصحاب الدعكة اإلسبلمية عف طبيعتو التي تتبمكر فييا ، كتتحدد مبلمح النظاـ مف خبلؿ النظرية مف خبلؿ الحركة

، كتسف فييا التشريعات في مكاجية الحياة الممارسة. اإلسبلمية الكاقعية بمشكبلتيا الحقيقية

(97 )

كمف كاجب أصحاب الدعكة اإلسبلمية أال يستجيبكا لممناكرةمف كاجبيـ أف يرفضكا إمبلء منيج غريب عمى حركتيـ !

! مف كاجبيـ أال يستخفيـ الذيف ال يكقنكف! كعمى دينيـ

، كأف يستعمكا عمييا كمف كاجبيـ أف يكشفكا مناكرة اإلحراجتطكير الفقو " ، كأف يرفضكا السخرية اليازلة في ما يسمى

في مجتمع ال يعمف خضكعو لشريعة اهلل كرفضو "اإلسبلميمف كاجبيـ أف يرفضكا ىذه التميية عف . لكؿ شريعة سكاىا

كأف .. التميية باستنبات البذكر في اليكاء .. العمؿ الجاد ! كا ىذه الخدعة الخبيثةػيرفض

. كمف كاجبيـ أف يتحرككا كفؽ منيج ىذا الديف في الحركة. كىذا ىك مصدر قكتيـ كذلؾ. فيذا مف أسرار قكتو

(98 )

كال انفصاـ . " الحقيقة" في اإلسبلـ يساكم "المنيج" إف ككؿ منيج غريب ال يمكف أف يحقؽ اإلسبلـ في . بينيما. كالمناىج الغريبة يمكف أف تحقؽ أنظمتيا البشرية. النياية

فالتزاـ المنيج ضركرم . كلكنيا ال يمكف أف تحقؽ منيجنا.. كالتزاـ العقيدة ككالتزاـ النظاـ في كؿ حركة إسبلمية

ـي } .. {إف ىىذىا القيرآفى يىيدم لمتي ىيى أىقكى

(99 )

ائصيو الميسمـ الميجتىمع شأىةفى خىصى كى

عمى يد محمد رسكؿ اهلل صمى اهلل - إف الدعكة اإلسبلمية إنما تمثؿ الحمقة األخيرة مف سمسمة الدعكة - عميو كسمـ

كىذه الدعكة .. الطكيمة إلى اإلسبلـ بقيادة مككب الرسؿ الكراـ ىك : عمى مدار التاريخ البشرم كانت تستيدؼ أمران كاحدان

، كتعبيدىـ لربيـ تعريؼ الناس بإلييـ الكاحد كربيـ الحؽفيما عدا أفرادان -كلـ يكف الناس .. كحده كنبذ ربكبية الخمؽ ينكركف مبدأ األلكىية كيجحدكف - معدكدة في فترات قصيرة

، إنما ىـ كانكا يخطئكف معرفة حقيقة ربيـ كجكد اهلل البتة

(100 )

إما في صكرة : ، أك يشرككف مع اهلل آلية أخرل الحؽما في صكرة الحاكمية كاالتباع االعتقاد كالعبادة ، ككبلىما ، كا

، الذم كانكا يعرفكنو شرؾ كاآلخر يخرج بو الناس مف ديف اهلل، اؿ عمييـ األمدط، ثـ ينكركنو إذا عمى يد كؿ رسكؿ

، كيعكدكف إلى كيرتدكف إلى الجاىمية التي أخرجيـ منياما في إما في االعتقاد كالعبادة. الشرؾ باهلل مرة أخرل ، كا

ما فييا جميعان . االتباع كالحاكمية .. كا

إنيا . ىذه طبيعة الدعكة إلى اهلل عمى مدار التاريخ البشرمخراجيـ مف إسبلـ العباد لرب العباد .. " اإلسبلـ " تستيدؼ ، كا

مف سمطاف العباد ، بإخراجيـ عبادة العباد إلى عبادة اهلل كحده، إلى سمطاف اهلل كقيميـ كتقاليدىــفي حاكميتيـ كشرائعو

.. شؤكف الحياةشأف مف شريعتو كحده في كؿ ق ككحاكميت

(101 )

، كسمـ كفي ىذا جاء اإلسبلـ عمى يد محمد صمى اهلل عميوجاء ليرد الناس إلى .. كما جاء عمى أيدم الرسؿ الكراـ قبمو

، فيجب أف لككف كمو الذم يحتكم الناسف احاكمية اهلل كشأ نظـ كجكدهم تتككف السمطة التي تنظـ حياتيـ ىي السمطة الت

، فبل يشذكا ىـ بمنيج كسمطاف كتدبير غير المنيج كالسمطاف بؿ الذم يصرؼ كجكدىـ ىـ . صرؼ الككف كموم مكالتدبير الذ

الناس ؼ . أنفسيـ في غير الجانب اإلرادم مف حياتيـ، محككمكف بقكانيف فطرية مف صنع اهلل في نشأتيـ كنمكىـ

، كما ىـ محككمكف حياتيـ كمكتيـ ، ككصحتيـ كمرضيـ بيذه القكانيف في اجتماعيـ كعكاقب ما يحؿ بيـ نتيجة

كىـ ال يممككف تغيير سنة اهلل في ، لحركتيـ االختيارية ذاتياكمف ثـ ينبغي . تحكـ ىذا الككف كتصرفو القكانيف الككنية التي

(102 )

، فيجعمكا حياتيـ أف يثكبكا إلى اإلسبلـ في الجانب اإلرادم مف، شريعة اهلل ىي الحاكمة في كؿ شأف مف شؤكف ىذه الحياة

، لجانب اإلرادم في حياتيـ كالجانب الفطرمف اتنسيقان بي كبيف الكجكد الككني كتنسيقان بيف كجكدىـ كمو بشطريو ىذيف

.(7)

، كلكف الجاىمية التي تقـك عمى حاكمية البشر لمبشر، كالتصادـ بيف منيج الجانب الككني كالشذكذ بيذا عف الكجكد

لجاىمية ق اىذ.. اإلرادم في حياة اإلنساف كالجانب الفطرم، كالتي ق التي كاجييا كؿ رسكؿ بالدعكة إلى اإلسبلـ هلل كحد

ىذه .. بدعكتو- صمى اهلل عميو كسمـ -اهلل كاجييا رسكؿبؿ ربما أحيانان . مجردة "نظرية" مثمة في تالجاىمية لـ تكف ـ

. ى المودي أمير الجماعة اإلسالمية في باكستانعلألي المسيد أب" مبادئ اإلسالم "يراجع بتوسع في ىذه النقطة كتاب (7)

(103 )

إنما كانت متمثمة دائمان ! عمى اإلطبلؽ "نظرية" لـ تكف ليا ، خاضع لقيادة ىذا متمثمة في مجتمع. حركي في تجمعكمشاعره ، كخاضع لتصكراتو كقيمو كمفاىيمو المجتمع

ىك مجتمع عضكم بيف أفراده ذلؾ التفاعؿ ك. كتقاليده كعاداتو، الذم يجعؿ ىذا الكالء كالتعاكف العضكمؽ ككالتكامؿ كالتناس لممحافظة - ك غير كاعيةأ بإرادة كاعية -المجتمع يتحرؾ

، كالدفاع عف كيانو كالقضاء عمى عناصر الخطر عمى كجكدهية صكرة مف صكر أم ػلكجكد كىذا الكياف ؼؾ االتي تيدد ذؿ

. التيديد

، كلكف مجردة "نظرية" جؿ أف الجاىمية ال تتمثؿ في أكمف ف محاكلة إلغاء ىذه إ، ؼ ىذا النحك تتمثؿ في تجمع حركي عمى

كال يجدم -يجكز ، ال ، كرد الناس إلى اهلل مرة أخرل الجاىمية

(104 )

فإنيا حينئذ ال تككف . مجردة " نظرية " أف تتمثؿ في- شيئان لجاىمية القائمة فعبلن كالمتمثمة في تجمع حركي عضكمة ؿمكافئ

لييا كما ىك المطمكب في ة ع، فضبلن عمى أف تككف متفكؽ إلغاء كجكد قائـ بالفعؿ إلقامة كجكد آخر يخالفومحاكلة حالة

. مخالفة أساسية في طبيعتو كفي منيجو كفي كمياتو كجزئياتوالجديدة أف تتمثؿ في تجمع عضكم بد ليذه المحاكلة بؿ ال

، كفي ركابطو حركي أقكل في قكاعده النظرية كالتنظيمية

. كعبلقاتو ككشائجو مف ذلؾ المجتمع الجاىمي القائـ فعبلن

عمى مدار - كالقاعدة النظرية التي يقـك عمييا اإلسبلـأم " لو إال اهللإىادة أف ال ش " : ىي قاعدة- التاريخ البشرم

السمطاف ة كباأللكىية كالربكبية كالقكاـ- سبحانو- فراد اهللإ، كعبادة في في الضميراإفراده بيا اعتقادن .. كالحاكمية

(105 )

لو إال اهللإفشيادة أف ال . اقع الحياةم ك، كشريعة ؼ الشعائرم ىذه الصكرة ؼ، كال تعتبر مكجكدة شرعان إال ال تكجد فعبلن ،

المتكاممة التي تعطييا كجكدان جديان حقيقيان يقـك عميو اعتبار . ك غير مسمـأمسممان قائميا

أف تعكد .. كمعنى تقرير ىذه القاعدة مف الناحية النظرية، ال يقضكف ىـ في أم شأف مف اهلل حياة البشر بجممتيا إلى

، نفسيـأ، مف عند ، كال في أم جانب مف جكانبيا شؤكنياكحكـ اهلل .. بد ليـ أف يرجعكا إلى حكـ اهلل فييا ليتبعكه ؿ الب

ىك رسكؿ ىذا يجب أف يعرفكه مف مصدر كاحد يبمغيـ إياه ، كشطر الشيادة الثاني مف ركف اإلسبلـ كىذا يتمثؿ في. اهلل

. " رسكؿ اهللان شيادة أف محمد: " األكؿ

(106 )

ىذه ىي القاعدة النظرية التي يتمثؿ فييا اإلسبلـ كيقـك كامبلن لمحياة حيف تطبؽ في شؤكف كىي تنشئ منيجان .. عمييا

الحياة الفردية ، يكاجو بو المسمـ كؿ فرع مف فركع الحياة كميا، في عبلقاتو كالجماعية في داخؿ دار اإلسبلـ كخارجيا

كفي عبلقات المجتمع المسمـ بالمجتمعات بالمجتمع المسمـ (8) . األخرل

" لـ يكف يممؾ أف يتمثؿ في - كما قمنا- كلكف اإلسبلـ، عتنقيا اعتقادان كيزاكليا عبادةف م، يعتنقيا ـ مجردة "نظرية

الكياف العضكم ثـ يبقى معتنقكىا عمى ىذا النحك أفرادان ضمفف كجكدىـ عمى ىذا إؼ. لمتجمع الحركي الجاىمي القائـ فعبلن

كجكد "ف يؤدم إلى أال يمكف - كثر عددىـ ميما- النحك

. " اهلل منيج حياة ال إلو إال "راجع فصل (8)

(107 )

الداخميف في "ظريان ف فالمسممي" ، ألف األفراد لئلسبلـ" فعميالتركيب العضكم لممجتمع الجاىمي سيظمكف مضطركف حتمان

- سيتحرككف.. ة مطالب ىذا المجتمع العضكمة ؿلبلستجابالحاجات لقضاء- ك بغير كعيأ، بكعي ك كرىان أطكعان

، كسيدافعكف األساسية لحياة ىذا المجتمع الضركرية لكجكده، ألف العكامؿ التي تيدد كجكده ككيانو ، كسيدفعكف عف كيانو

كاء أرادكا أـ ق سالكائف العضكم يقـك بيذه الكظائؼ بكؿ أعضائ سيظمكف "المسمميف نظريان " أم أف األفراد .. لـ يريدكا نظريان " تقكية المجتمع الجاىمي الذم يعممكف ب " فعبلن " يقكمكف

تمده بعناصر البقاء ، كسيظمكف خبليا حية في كيانو إلزالتو"ا كسيعطكنو كفاياتيـ كخبراتيـ كنشاطيـ ليحيا بو! كاالمتداد

(108 )

م اتجاه تقكيض ػ، كذلؾ بدالن مف أف تككف حركتيـ ؼ يقكلك ! المجتمع اإلسبلمي مجتمع الجاىمي إلقامةاؿىذا

أم ) كمف ثـ لـ يكف بد أف تتمثؿ القاعدة النظرية لئلسبلـ لـ .. حركي منذ المحظة األكلى في تجمع عضكم ( العقيدة

ع يكف بد أف ينشأ تجمع عضكم حركي آخر غير التجـ، منفصؿ كمستقؿ عف التجمع العضكم الحركي لجاىميا

ف يككف محكر أ، ك لغاءهـ إالجاىمي الذم يستيدؼ اإلسبل - التجمع الجديد ىك القيادة الجديدة المتمثمة في رسكؿ اهلل

كمف بعده في كؿ قيادة إسبلمية - يو كسمـؿلى اهلل عصحده كربكبيتو كقكامتو كتستيدؼ رد الناس إلى ألكىية اهلل

ف يخمع كؿ مف يشيد أف ال أك- كحاكميتو كسمطانو كشريعتوف محمدان رسكؿ اهلل كالءه مف التجمع الحركي أال اهلل كإلو إ

(109 )

كمف قيادة ذلؾ - جاء منو ع الذمػأم التجـ- الجاىمي ، سكاء كانت في صكرة قيادة في أية صكرة كانت- التجمعك في أمف الكينة كالسدنة كالسحرة كالعرافيف كمف إلييـ، دينية

اقتصادية كالتي كانت لقريش ة كة كاجتماعيمصكرة قيادة سياس ف يحصر كالءه في التجمع العضكم الحركي اإلسبلميأك-

. ، كفي قيادتو المسممة الجديد

كلـ يكف بد أف يتحقؽ ىذا منذ المحظة األكلى لدخكؿ ف ألو إال اهلل كإبشيادة أف ال ، كلنطقو المسمـ في اإلسبلـ

إال ، ألف كجكد المجتمع المسمـ ال يتحقؽ رسكؿ اهللان محمدال يتحقؽ بمجرد قياـ القاعدة النظرية في قمكب أفراد . بيذا

يتمثمكف في تجمع عضكم متناسؽ ، ال ميما تبمغ كثرتيـ ضكيان ع، يعمؿ أعضاؤه عمبلن ، لو كجكد ذاتي مستقؿ متعاكف

(110 )

عمى تأصيؿ كجكده كتعميقو - كأعضاء الكائف الحي- ضد العكامؿ التي تياجـ ، كفي الدفاع عف كيانو كتكسيعو

، كيعممكف ىذا تحت قيادة مستقمة عف قيادة كجكده ككيانو

، كتكجييـ لتأصيؿ ، تنظـ حركتيـ كتنسقيا المجتمع الجاىميزالة ا، كلمكافحة كمؽ السبلميـ اكتعميؽ كتكسيع كجكده كمة كا . الكجكد اآلخر الجاىمي

ىكذا كجد متمثبلن في قاعدة نظرية .. كىكذا كجد اإلسبلـلييا في نفس المحظة تجمع ـ عيقك- كلكنيا شاممة -مجممة

، مستقؿ منفصؿ عف المجتمع الجاىمي كمكاجو عضكم حركي مجردة عف "نظرية" كلـ يكجد قط في صكرة .. لمجتمعا اليذ

، خرلأكجد اإلسبلـ مرة ف مو كىكذا يمكف أ.. ىذا الكجكد الفعميكال سبيؿ إلعادة إنشائو في المجتمع الجاىمي في أم زماف

(111 )

أم مكاف بغير الفقو الضركرم لطبيعة نشأتو العضكية كفي . الحركية

ىك يبني األمة المسممة عمى ىذه ك-ف اإلسبلـ إؼ: كبعدالتجمع كيقيـ كجكدىا عمى أساس ، دة كفؽ ىذا المنيجػالقاع

نما إ- ة ، كيجعؿ آصرة ىذا التجمع ىي العقيد العضكم الحركي، كتقكيتيا كتمكينيا "إنسانية اإلنساف " كاف يستيدؼ إبراز

عبلءىا عمى جميع ، الجكانب األخرل في الكائف اإلنساني كا قكاعده ككاف يمضي في ىذا عمى منيجو المطرد في كؿ

.. حكاموأكتعميماتو كشرائعو ك

بؿ - الحيكانية إف الكائف اإلنساني يشترؾ مع الكائنات الجيالة العممية" في صفات تكىـ أصحاب - الكائنات المادية

(112 )

، كمرة بأنو مادة كسائر يكاف كسائر الحيكافق ح مرة بأف "! مع "لصفاتا" ق كلكف اإلنساف مع اشتراكو في ىذ! المكاد

، كتجعؿ منو تميزه كتفرده" خصائص "الحيكاف كمع المادة لو أخيران "! الجيالة العممية" ر أصحاب ػما اضط ، ؾكائنان فريدان

ركف ػ، فيضطليان أعناقيـ ة تمكمػأف يعترفكا كالحقائؽ الكاقعي! ( 9)م غير إخبلص كال صراحة ػليذا االعتراؼ ؼ

لنتائج الكاقعية الباىرة لممنيج اإلسبلمي في ف اكلقد كاف ـلى آصرة العقيدة م ع، كإلقامة التجمع اإلسبلـ ىذه القضية

، دكف أكاصر الجنس كاألرض كالمكف كالمغة كالمصالح كحدىاخصائص " كإلبراز ! لقريبة الحدكد اإلقميمية السخيفةة ااألرضي، دكف الصفات عبلئياا كا في ىذا التجمع كتنميتو "اإلنساف

. " الحديثة الدارونية "في مقدمة ىؤالء جوليان ىاكسمي من أصحاب (9)

(113 )

كاف مف النتائج الكاقعية الباىرة. المشتركة بينو كبيف الحيكاف

صبح المجتمع المسمـ مجتمعان مفتكحان لجميع أف أليذا المنيج ، ببل عائؽ مف ىذه العكائؽ األلكاف كالمغاتـ كاألجناس كاألقكا

م بكتقة المجتمع اإلسبلمي ف صبت ؼإك! الحيكانية السخيفةخصائص األجناس البشرية ككفاياتيا ، كانصيرت في ىذه

، كأنشأت مركبان عضكيان فائقان في فترة تعد البكتقة كتمازجتالعجيبة المتجانسة ، كصنعت ىذه الكتمة قصيرةنسبيان

المتناسقة حضارة رائعة ضخمة تحكم خبلصة الطاقة البشرية د المسافات كبطء طرؽ االتصاؿ ع، عمى ب جتمعةىا ـفي زماف

. في ذلؾ الزماف

العربي : لقد اجتمع في المجتمع اإلسبلمي المتفكؽكالمغربي كالتركي كالصيني كالفارسي كالشامي كالمصرم

(114 )

ل إؿ .. كاليندم كالركماني كاإلغريقي كاألندكنيسي كاألفريقيكتجمعت خصائصيـ كميا لتعمؿ . خر األقكاـ كاألجناسآ

لمجتمع اإلسبلمي ء امتمازجة متعاكنة متناسقة في بناكلـ تكف ىذه الحضارة الضخمة يكمان ما . كالحضارة اإلسبلمية

قكمية " ، كلـ تكف يكمان " إسبلمية" نما كانت دائمان إ " عربية" . "عقيدية" إنما كانت دائمان "

، كلقد اجتمعكا كميـ عمى قدـ المساكاة كبآصرة الحبفبذلكا جميعيـ أقصى . احدةة ككبشعكر التطمع إلى كجو

ة ، كصبكا خبلص عمؽ خصائص أجناسيـأبرزكا أ، ك كفاياتيـجاربيـ الشخصية كالقكمية كالتاريخية في بناء ىذا المجتمع ت

، كتجمع جميعان عمى قدـ المساكاة الكاحد الذم ينتسبكف إليونسانيتيـ ا إ، كتبرز فيو فيو بينيـ آصرة تتعمؽ بربيـ الكاحد

(115 )

تجمع آخر عمى م، كىذا ما لـ يجتمع قط أل كحدىا ببل عائؽ .. ! مدار التاريخ

شير تجمع بشرم في التاريخ القديـ ىك تجمع ألقد كاف فقد جمعت بالفعؿ أجناسان متعددة. مثبلن اإلمبراطكرية الركمانية

متعددة كلكف ىذا مزجةأ، ك ، كألكانان متعددة ، كلغات متعددةعميا قيمة كلـ يتمثؿ في "آصرة إنسانية" كمو لـ يقـ عمى

كاف ىناؾ تجمع طبقي عمى أساس طبقة ، لقد كالعقيدة ،ناحية األشراؼ كطبقة العبيد في اإلمبراطكرية كميا مف

بصفة -كتجمع عنصرم عمى أساس سيادة الجنس الركماني كمف ثـ لـ يرتفع قط . األجناس األخرل كعبكدية سائر-عامة

آتاىا التجمع كلـ يؤت الثمار التي. إلى أفؽ التجمع اإلسبلمي . اإلسبلمي

(116 )

تجمع .. كذلؾ قامت في التاريخ الحديث تجمعات أخرلجمع الركماني تكلكنو كاف كاؿ.. مثبلن اإلمبراطكرية البريطانية

قـك عمى أساس ، متجمعان قكميان استغبلليان ! الذم ىك كريثو ، كاستغبلؿ المستعمرات التي تضميا سيادة القكمية اإلنجميزية

: كمثمو اإلمبراطكريات األكربية كميا.. اإلمبراطكرية، كاإلمبراطكرية البرتغالية في كقت ماة كاإلمبراطكرية األسباني

! المقيت كميا في ذلؾ المستكل اليابط البشع.. الفرنسية يتخطى حكاجز ،كأرادت الشيكعية أف تقيـ تجمعان مف نكع آخر

، كلكنيا لـ تقمو عمى كاألرض كالمغة كالمكف الجنس كالقـك " الطبقية" لقاعدة ل اقامتو عؿأ، إنما عامة "إنسانية " قاعدة

.. فكاف ىذا التجمع ىك الكجو اآلخر لمتجمع الركماني القديـ. كذلؾ تجمع عمى " األشراؼ" تجمع عمى قاعدة طبقة ىذا

(117 )

كالعاطفة التي ، ( البركليتريا) "الصعاليؾ" قاعدة طبقة ! تسكده ىي عاطفة الحقد األسكد عمى سائر الطبقات األخرل

لمثؿ ىذا التجمع الصغير البغيض أف يثمر إال أسكأ ما كما كافبتداء قائـ عمى أساس إبراز ك افو.. في الكائف اإلنساني

" ف الصفات الحيكانية كحدىا كتنميتيا كتمكينيا باعتبار أ" الطعاـ كالمسكف كالجنس " لئلنساف ىي "طالب األساسيةالـاعتبار أف تاريخ اإلنساف كب - كىي مطالب الحيكاف األكلية -

!!! ىك تاريخ البحث عف الطعاـ

لقد تفرد اإلسبلـ بمنيجو الرباني في إبراز أخص خصائص عبلئو كما . م بناء المجتمع اإلنسانيا ؼاإلنساف كتنميتيا كا

قـك ، مخرآكالذيف يعدلكف عنو إلى أم منيج .. يزاؿ متفردان ك الطبقةأك األرض أك الجنس أ قاعدة أخرل مف القـك ةعمى أم

(118 )

ىـ ! لسخيؼ ىـ أعداء اإلنساف حقان ف اإلى آخر ىذا النت.. لككف ا االذيف ال يريدكف ليذا اإلنساف أف يتفرد في ىذ

كال يريدكف لمجتمعو أف ينتفع ،بخصائصو العميا كما فطره اهللأجناسو كخصائصيا كتجاربيا في امتزاج بأقصى كفايات

: أمثاليـ كىـ الذيف يقكؿ اهلل سبحانو في.. كتناسؽ

ـ باألىخسىريفى أىعمىاالن } ـ في ، قيؿ ىىؿ نينىبئيكي ؿ سىعيييي الذيفى ضىنعان ـ ييحسنيكفى صي ـ يىحسىبيكفى أىنيي يىاة الدنيىا كىىي أيكلىئؾى الذيفى ، الحى

ـ يىكـى ـي لىيي ـ فىبل نيقي الييي بطىت أىعمى لقىائو فىحى ـ كى بي كا بآيات رى كىفىريزنان ذيكا آيىاتي ، القيىامىة كى كا كىاتخى ا كىفىري ـي بمى يىن ـ جى زىاؤيىي ذىلؾى جى

كان ريسيمي ىيزي [106 -103: الكيؼ ] {كى

.. كصدؽ اهلل العظيـ

(119 )

هللؿ ابي سى مدي ؼالجيىا

زاد " لخص اإلماـ ابف القيـ سياؽ الجياد في اإلسبلـ في فصؿ في ترتيب ىديو " : في الفصؿ الذم عقده باسـ " المعاد

عث إلى حيف لقي اهلل عز كجؿ بمع الكفار كالمنافقيف مف حيف أكؿ ما أكحى بو تبارؾ كتعالى ، أف يقرأ باسـ ربو الذم )" :

"فأنذر " نبكتو ، فأمره أف يقرأ في نفسو لخمؽ ، كذلؾ أكؿ ثـ أمره ، " يا أييا المدثر ": كأرسمو بػ " اقرأ ": فنبأه بقكلو

نذر مف حكليـ أأف ينذر عشيرتو األقربيف ، ثـ أنذر قكمو ، ثـ فأقاـ . نذر العالميف أمف العرب ، ثـ أنذر العرب قاطبة ، ثـ

(120 )

،بضع عشرة سنة بعد نبكتو ينذر بالدعكة بغير قتاؿ كال جزية ثـ أذف لو في اليجرة كأذف لو . كيؤمر بالكؼ كالصبر كالصفح

ثـ أمره أف يقاتؿ مف قاتمو ، كيكؼ عمف اعتزلو . في القتاؿ ثـ أمره بقتاؿ المشركيف حتى يككف الديف كمو هلل ،كلـ يقاتمو

أىؿ : ثـ كاف الكفار معو بعد األمر بالجياد ثبلثة أقساـ .. فأمر بأف يتـ ألىؿ .. صمح كىدنة ، كأىؿ حرب ، كأىؿ ذمة

ليـ بو ما استقامكا عمى لالعيد كالصمح عيدىـ ، كأف يكؼالعيد ، فإف خاؼ منيـ خيانة نبذ إلييـ عيدىـ كلـ يقاتميـ .. حتى يعمميـ بنقض العيد ، كأمر أف يقاتؿ مف نقض عيده : كلما نزلت سكرة براءة نزلت ببياف حكـ ىذه األقساـ كميا ، أك فأمر أف يقاتؿ عدكه مف أىؿ الكتاب حتى يعطكا الجزية

كأمره فييا بجياد الكفار كالمنافقيف ،يدخمكا في اإلسبلـ

(121 )

كالمنافقيف .كالغمظة عمييـ فجاىد الكفار بالسيؼ كالسناف بالحجة كالمساف ، كأمره فييا بالبراءة مف عيكد الكفار كنبذ

قسمان : أقساـ ثبلثة كجعؿ أىؿ العيد في ذلؾ .. عيكدىـ إلييـ أمره بقتاليـ ، كىـ الذيف نقضكا عيده ، كلـ يستقيمكا لو ،

كقسمان ليـ عيد مؤقت لـ ينقضكه كلـ . فحاربيـ كظير عمييـ كقسمان . يظاىركا عميو ، فأمره أف يتـ ليـ عيدىـ إلى مدتيـ

لـ يكف ليـ عيد كلـ يحاربكه ، أك كاف ليـ عيد مطمؽ ، فأمر فقتؿ الناقض .. أف يؤجميـ أربعة أشير ، فإذا انسمخت قاتميـ أربعة أشير ، ، لعيده ، كأجؿ مف ال عيد لو أك لو عيد مطمؽ

كأمره أف يتـ لممكفي بعيده عيده إلى مدتو ، فأسمـ ىؤالء كضرب عمى أىؿ . كميـ كلـ يقيمكا عمى كفرىـ إلى مدتيـ

فاستقر أمر الكفار معو بعد نزكؿ براءة عمى .. الذمة الجزية

(122 )

ثـ آلت .. محاربيف لو ، كأىؿ عيد ، كأىؿ ذمة : ثبلثة أقساـ : قسميف معو حاؿ أىؿ العيد كالصمح إلى اإلسبلـ فصاركا

كالمحاربكف لو خائفكف منو ، فصار . كأىؿ ذمة ، محاربيف مسمـ مؤمف بو ، كمسالـ لو : أىؿ األرض معو ثبلثة أقساـ

المنافقيف فإنو أمر أف فيكأما سيرتو .. آمف ، كخائؼ محارب يقبؿ منيـ عبلنيتيـ ، كيكؿ سرائرىـ إلى اهلل ، كأف يجاىدىـ بالعمـ كالحجة ، كأمر أف يعرض عنيـ ، كيغمظ عمييـ ، كأف

عمييـ ، كأف ليبمغ بالقكؿ البميغ إلى نفكسيـ ، كنيى أف يصؿيقـك عمى قبكرىـ ، كأخبر أنو إف استغفر ليـ فمف يغفر اهلل

..(فيذه سيرتو في أعدائو مف الكفار كالمنافقيف .. ليـ

* * *

(123 )

كمف ىذا التمخيص الجيد لمراحؿ الجياد في اإلسبلـ تتجمى سمات أصيمة كعميقة في المنيج الحركي ليذا الديف ، جديرة بالكقكؼ أماميا طكيبلن ، كلكننا ال نممؾ ىنا إال أف نشير إلييا

: إشارات مجممة

.. ىي الكاقعية الجدية في منيج ىذا الديف : السمة األكلى كتكاجيو بكسائؿ مكافئة .. فيك حركة تكاجو كاقعان بشريان

إنيا تكاجو جاىمية اعتقادية تصكرية ، تقـك .. لكجكده الكاقعي .. عمييا أنظمة كاقعية عممية ، تسندىا سمطات ذات قكة مادية .. كمف ثـ تكاجو الحركة اإلسبلمية ىذا الكاقع كمو بما يكافئو تكاجيو بالدعكة كالبياف لتصحيح المعتقدات كالتصكرات ،

كتكاجيو بالقكة كالجياد إلزالة األنظمة كالسمطات القائمة عمييا ، تمؾ التي تحكؿ بيف جميرة الناس كبيف التصحيح بالبياف

(124 )

لممعتقدات كالتصكرات ، كتخضعيـ بالقير كالتضميؿ كتعبدىـ إنيا حركة ال تكتفي بالبياف في كجو .. لغير ربيـ الجميؿ

السمطاف المادم ، كما إنيا ال تستخدـ القير المادم لضمائر كىذه كتمؾ سكاء في منيج ىذا الديف كىك يتحرؾ .. األفراد

لعباد إلى العبكدية هلل كحده كما ؿعبكدية اؿإلخراج الناس مف . سيجيء

ىي الكاقعية الحركية : كالسمة الثانية في منيج ىذا الديف فيك حركة ذات مراحؿ ، كؿ مرحمة ليا كسائؿ مكافئة ..

لمقتضياتيا كحاجاتيا الكاقعية ، ككؿ مرحمة تسمـ إلى المرحمة كما أنو ال . فيك ال يقابؿ الكاقع بنظريات مجردة .. التي تمييا

كالذيف يسكقكف .. يقابؿ مراحؿ ىذا الكاقع بكسائؿ متجمدة النصكص القرآنية لبلستشياد بيا عمى منيج ىذا الديف في

(125 )

الجياد ، كال يراعكف ىذه السمة فيو ، كال يدرككف طبيعة المراحؿ التي مر بيا ىذا المنيج ، كعبلقة النصكص المختمفة

الذيف يصنعكف ىذا يخمطكف خمطان شديدان .. بكؿ مرحمة منيا كيمبسكف منيج ىذا الديف لبسان مضمبلن ، كيحممكف النصكص

ذلؾ أنيـ . ممو مف المبادئ كالقكاعد النيائية تما ال تحيعتبركف كؿ نص منيا كما لك كاف نصان نيائيان ، يمثؿ القكاعد

كىـ ميزكمكف ركحيان - النيائية في ىذا الديف ، كيقكلكف كعقميان تحت ضغط الكاقع اليائس لذرارم المسمميف الذيف لـ

أف اإلسبلـ ال يجاىد إال - : يبؽ ليـ مف اإلسبلـ إال العنكاف كيحسبكف أنيـ يسدكف إلى ىذا الديف جميبلن بتخميو ! لمدفاع

عف منيجو كىك إزالة الطكاغيت كميا مف األرض جميعان ، خراجيـ مف العبكدية لمعباد إلى كتعبيد الناس هلل كحده ، كا

(126 )

ال بقيرىـ عمى اعتناؽ عقيدتو ، كلكف ! العبكدية لرب العباد بعد تحطيـ األنظمة .. بالتخمية بينيـ كبيف ىذه العقيدة

السياسية الحاكمة ، أك قيرىا حتى تدفع الجزية كتعمف استسبلميا كالتخمية بيف جماىيرىا كىذه العقيدة ، تعتنقيا أك ال

. تعتنقيا بكامؿ حريتيا

ىي أف ىذه الحركة الدائبة ، كالكسائؿ : كالسمة الثالثة المتجددة ، ال تخرج ىذا الديف عف قكاعده المحددة ، كال عف

ك ػسكاء كه- منذ اليـك األكؿ - فيك .أىدافو المرسكمة يخاطب العشيرة األقربيف ، أك يخاطب قريشان ، أك يخاطب

العرب أجمعيف ، أك يخاطب العالميف ، إنما يخاطبيـ بقاعدة كاحدة ، كيطمب منيـ االنتياء إلى ىدؼ كاحد ىك إخبلص

ال مساكمة في .العبكدية هلل ، كالخركج مف العبكدية لمعباد

(127 )

ثـ يمضي إلى تحقيؽ ىذا اليدؼ .. ىذه القاعدة كال ليف ة ػم خطة مرسكمة ، ذات مراحؿ محددة ، لكؿ مرحؿػالكاحد ؼ

. عمى نحك ما أسمفنا في الفقرة السابقة .كسائميا المتجددة

ىي ذلؾ الضبط التشريعي لمعبلقات بيف : كالسمة الرابعة عمى النحك - المجتمع المسمـ كسائر المجتمعات األخرل

" زاد المعاد " في ذلؾ التمخيص الجيد الذم نقمناه عف الممحكظ كقياـ ذلؾ الضبط عمى أساس أف اإلسبلـ هلل ىك األصؿ -

العالمي الذم عمى البشرية كميا أف تفيء إليو ، أك أف تسالمو بجممتيا فبل تقؼ لدعكتو بأم حائؿ مف نظاـ سياسي ، أك قكة

مادية ، كأف تخمي بينو كبيف كؿ فرد ، يختاره أك ال يختاره فإف فعؿ ذلؾ أحد ! بمطمؽ إرادتو ، كلكف ال يقاكمو كال يحاربو

(128 )

كاف عمى اإلسبلـ أف يقاتمو حتى يقتمو أك حتى يعمف استسبلمو !

* * *

الجياد في " كالميزكمكف ركحيان كعقميان ممف يكتبكف عف يخمطكف بيف " االتياـ " ليدفعكا عف اإلسبلـ ىذا " اإلسبلـ

منيج ىذا الديف في النص عمى استنكار اإلكراه عمى العقيدة ، كبيف منيجو في تحطيـ القكل السياسية المادية التي تحكؿ بيف الناس كبينو ، كالتي تعبد الناس لمناس ، كتمنعيـ مف

كىما أمراف ال عبلقة بينيما كال مجاؿ لبللتباس .. العبكدية هلل كمف أجؿ ىذا التخميط ، كقبؿ ذلؾ مف أجؿ تمؾ .. فييما

يحاكلكف أف يحصركا الجياد في اإلسبلـ فيما ! - اليزيمة

(129 )

كالجياد في اإلسبلـ أمر " .. الحرب الدفاعية : " يسمكنو اليـك آخر ال عبلقة لو بحركب الناس اليـك ، كال بكاعثيا ، كال

إف بكاعث الجياد في اإلسبلـ ينبغي تممسيا .. تكييفيا كذلؾ ذاتو كدكره في ىذه األرض ، كأىدافو " اإلسبلـ " في طبيعة

العميا التي قررىا اهلل ، كذكر اهلل أنو أرسؿ مف أجميا ىذا الرسكؿ بيذه الرسالة ، كجعمو خاتـ النبييف كجعميا خاتمة

. الرساالت

" األرض " في " اإلنساف " إف ىذا الديف إعبلف عاـ لتحرير كمف العبكدية ليكاه أيضان كىي مف - مف العبكدية لمعباد

- سبحانو - كذلؾ بإعبلف ألكىية اهلل كحده - العبكدية لمعباد إف إعبلف ربكبية اهلل كحده لمعالميف .. ! كربكبيتو لمعاليمف

الثكرة الشاممة عمى حاكمية البشر في كؿ صكرىا : معناىا

(130 )

كأشكاليا كأنظمتيا كأكضاعيا ، كالتمرد الكامؿ عمى كؿ كضع أك .. الحكـ فيو لمبشر بصكرة مف الصكر ، في أرجاء األرض األلكىية فيو لمبشر في صكرة مف الصكر : بتعبير آخر مرادؼ

ذلؾ أف الحكـ الذم مرد األمر فيو إلى البشر ، كمصدر .. السمطات فيو ىـ البشر ، ىك تأليو لمبشر ، يجعؿ بعضيـ

إف ىذا اإلعبلف معناه انتزاع . لبعض أربابان مف دكف اهلل المغتصب كرده إلى اهلل ، كطرد المغتصبيف لو ، اهلل سمطاف

كمكف ػالذيف يحكمكف الناس بشرائع مف عند أنفسيـ ، فيؽإف معناه .. ـك الناس منيـ مكاف العبيد ػمنيـ مقاـ األرباب كيؽ

تحطيـ مممكة البشر إلقامة مممكة اهلل في األرض ، أك بالتعبير :القرآني الكريـ

(131 )

في األىرض إلىوه } اء إلىوه كى : الزخرؼ ] {كىىيكى الذم في السمى84. ]

ـي إال لمو } ك ـي إف الحي {أىمىرى أىال تىعبيديكا إال إياهي ذىلؾى الديفي القىي [ .40: يكسؼ ]

ـ أىال } بىينىكي قيؿ يىا أىىؿى الكتىاب تىعىالىكا إلىى كىممىةو سىكىاءو بىينىنىا كىنىا بىعضان أىربىابان مف نىعبيدى إال الموى كىال نيشرؾى بو شىيئان كىال يىتخذى بىعضي

لكا فىقيكليكا اشيىديكا بأىنا ميسمميكفى آؿ عمراف ] { ديكف المو فىإف تىكى: 64 . ]

كمممكة اهلل في األرض ال تقـك بأف يتكلى الحاكمية في كما كاف األمر في - ديف اؿىـ رجاؿ - األرض رجاؿ بأعيانيـ

كما كاف ، كال رجاؿ ينطقكف باسـ اآللية ،سمطاف الكنيسة

(132 )

ك الحكـ اإلليي المقدس أ" الثيكقراطية " الحاؿ فيما يعرؼ باسـ كأف ،كلكنيا تقـك بأف تككف شريعة اهلل ىي الحاكمة !! -

. يككف مرد األمر إلى اهلل كفؽ ما قرره مف شريعة مبينة

زالة مممكة البشر ، كانتزاع كقياـ مممكة اهلل في األرض ، كا .. السمطاف مف أيدم مغتصبيو مف العباد كرده إلى اهلل كحده

لغاء القكانيف البشرية كؿ .. كسيادة الشريعة اإلليية كحدىا كا أكلئؾ ال يتـ بمجرد التبميغ كالبياف ، ألف المتسمطيف عمى رقاب العباد ، كالمغتصبيف لسمطاف اهلل في األرض ، ال يسممكف في

ال فما كاف أيسر عمؿ سمطانيـ بمجرد التبميغ كالبياف ، كا كىذا عكس ما عرفو ! الرسؿ في إقرار ديف اهلل في األرض

كتاريخ ىذا الديف - صمكات اهلل كسبلمو عمييـ - تاريخ الرسؿ ! عمى ممر األجياؿ

(133 )

مف " األرض " في " اإلنساف " إف ىذا اإلعبلف العاـ لتحرير كؿ سمطاف غير سمطاف اهلل ، بإعبلف إلكىية اهلل كحده إنما .. كربكبيتو لمعالميف ، لـ يكف إعبلنان نظريان فمسفيان سمبيان

إعبلنان يراد لو التحقيؽ .. كاف إعبلنان حركيان كاقعيان إيجابيان العممي في صكرة نظاـ يحكـ البشر بشريعة اهلل ، كيخرجيـ .. بالفعؿ مف العبكدية لمعباد إلى العبكدية هلل كحده ببل شريؾ

إلى جانب " الحركة " كمف ثـ لـ يكف بد مف أف يتخذ شكؿ البشرم بكؿ جكانبو " الكاقع " ذلؾ ليكاجو " .. البياف " شكؿ

. بكسائؿ مكافئة لكؿ جكانبو

- كالكاقع اإلنساني ، أمس كاليـك كغدان ، يكاجو ىذا الديف مف كؿ " األرض " في " اإلنساف " لتحرير عامان بكصفو إعبلنان

بعقبات اعتقادية تصكرية ، كعقبات - سمطاف غير سمطاف اهلل

(134 )

اجتماعية كاقتصادية ككعقبات سياسية .. مادية كاقعية كعنصرية كطبقية ، إلى جانب عقبات العقائد المنحرفة

كتختمط ىذه بتمؾ كتتفاعؿ معيا بصكرة .. كالتصكرات الباطمة . معقدة شديدة التعقيد

ذا كاف الحركة" يكاجو العقائد كالتصكرات ، فإف " البياف " كا كفي مقدمتيا السمطاف - تكاجو العقبات المادية األخرل "

التصكرية كالعنصرية السياسي القائـ عمى العكامؿ االعتقادية.. - كالطبقية كاالجتماعية كاالقتصادية المعقدة المتشابكة

" الكاقع البشرم " يكاجياف - البياف كالحركة - كىما معان كىما معان ال بد منيما .. بكسائؿ مكافئة لكؿ مككناتو ،بجممتو

كمو " اإلنساف .. " النطبلؽ حركة التحرير لئلنساف في األرض

(135 )

كىذه نقطة ىامة ال بد مف تقريرىا مرة .. كميا " األرض " في ! أخرل

كليس ! ر اإلنساف العربي ػإف ىذا الديف ليس إعبلنان لتحرمنكع " .. اإلنساف " إف مكضكعو ىك ! .. رسالة خاصة بالعرب

إف " . األرض " كؿ " .. األرض " كمجالو ىك " .. اإلنساف " ليس ربان لمعرب كحدىـ كال حتى لمف يعتنقكف - سبحانو - اهلل

" .. رب العالميف " إف اهلل ىك .. العقيدة اإلسبلمية كحدىـ إلى ربيـ ، كأف ينتزعيـ " العالميف " كىذا الديف يريد أف يرد

- في نظر اإلسبلـ - كالعبكدية الكبرل . مف العبكدية لغيره كىذه .. ر ألحكاـ يشرعيا ليـ ناس مف البشر ػىي خضكع البش

التي يقرر أنيا ال تككف إال هلل ، كأف مف يتكجو " العبادة " ىي بيا لغير اهلل يخرج مف ديف اهلل ميما ادعى أنو في ىذا الديف

(136 )

" عمى أف - صمى اهلل عميو كسمـ - كلقد نص رسكؿ اهلل . التي صار بيا " العبادة " في الشريعة كالحكـ ىك " االتباع

عبادة " مخالفيف لما أمركا بو مف " مشركيف " الييكد كالنصارل .. اهلل كحده "

رضي - عف عدم بف حاتـ - بإسناده - أخرج الترمذم صمى اهلل عميو - أنو لما بمغتو دعكة رسكؿ اهلل - اهلل عنو

فر إلى الشاـ ، ككاف قد تنصر في الجاىمية ، فأسرت - كسمـ صمى اهلل - - أختو كجماعة مف قكمو ، ثـ مف رسكؿ اهلل

عمى أختو فأعطاىا ، فرجعت إلى أخييا فرغبتو - عميو كسمـ صمى اهلل عميو - في اإلسبلـ ، كفي القدـك عمى رسكؿ اهلل

- فتحدث الناس بقدكمو ، فدخؿ عمى رسكؿ اهلل - كسمـ صميب مف " عدم " أم - كفي عنقو - صمى اهلل عميو كسمـ

(137 )

.. يقرأ ىذه اآلية - صمى اهلل عميو كسمـ - فضة ككاف النبي ـ أىربىابان مف ديكف المو } ريىبىانىيي ـ كى ذيكا أىحبىارىىي : قاؿ .. (10) {اتخى

إنيـ حرمكا عمييـ ! بمى ": فقاؿ ،نيـ لـ يعبدكىـ إ: فقمت . " فذلؾ عبادتيـ إياىـ ، فاتبعكىـ ،الحبلؿ كأحمكا ليـ الحراـ

لقكؿ اهلل - صمى اهلل عميو كسمـ - كتفسير رسكؿ اهلل باع في الشريعة كالحكـ ىك ت نص قاطع عمى أف اال،سبحانو

العبادة التي تخرج مف الديف ، كأنيا ىي اتخاذ بعض الناس األمر الذم جاء ىذا الديف ليمغيو ، كيعمف .. أربابان لبعض

.. مف العبكدية لغير اهلل " األرض " في " اإلنساف " تحرير

" إلزالة " األرض " كمف ثـ لـ يكف بد لئلسبلـ أف ينطمؽ في بالبياف كبالحركة .. المخالؼ لذلؾ اإلعبلف العاـ " الكاقع

31: التوبة (10)

(138 )

كأف يكجو الضربات لمقكل السياسية التي تعبد .. مجتمعيف - أم تحكميـ بغير شريعة اهلل كسمطانو .. - الناس لغير اهلل

" كاعتناؽ " البياف " كالتي تحكؿ بينيـ كبيف االستماع إلى ثـ لكي يقيـ نظامان . بحرية ال يتعرض ليا السمطاف " العقيدة

اجتماعيان كاقتصاديان كسياسيان يسمح لحركة التحرر باالنطبلؽ سكاء كانت سياسية بحتة - بعد إزالة القكة المسيطرة - الفعمي

! ، أك متمبسة بالعنصرية ، أك الطبقية داخؿ العنصر الكاحد

إنو لـ يكف مف قصد اإلسبلـ قط أف يكره الناس عمى إف " . عقيدة " كلكف اإلسبلـ ليس مجرد .. اعتناؽ عقيدتو

اإلسبلـ كما قمنا إعبلف عاـ لتحرير اإلنساف مف العبكدية لمعباد فيك ييدؼ ابتداء إلى إزالة األنظمة كالحككمات التي تقـك .

.. عمى أساس حاكمية البشر لمبشر كعبكدية اإلنساف لئلنساف

(139 )

في اختيار العقيدة - بالفعؿ - ثـ يطمؽ األفراد بعد ذلؾ أحراران بعد رفع الضغط السياسي - التي يريدكنيا بمحض اختيارىـ

كلكف ىذه - عنيـ ، كبعد البياف المنير ألركاحيـ كعقكليـ أف يختاركا كأا أف يجعمكا إالىيـ ىكاىـ ، ػالتجربة ليس معناه

كأف يتخذ بعضيـ بعضان أربابان ! بأنفسيـ أف يككنكا عبيدان لمعباد إف النظاـ الذم يحكـ البشر في األرض يجب ! .. مف دكف اهلل

م الشرائع منو ػ كذلؾ بتمؽ،أف تككف قاعدتو العبكدية هلل كحده ما - في ظؿ ىذا النظاـ العاـ - ثـ ليعتنؽ كؿ فرد . كحده

أم تككف . كمو هلل " الديف " كبيذا يككف ! يعتنقو مف عقيدة " إف مدلكؿ .. الدينكنة كالخضكع كاالتباع كالعبكدية كميا هلل

إف الديف ىك المنيج " . العقيدة " كؿ دؿأشمؿ مف ـ" الديف العقيدة كالنظاـ الذم يحكـ الحياة ، كىك في اإلسبلـ يعتمد عمى

(140 )

كفي اإلسبلـ يمكف أف .. كلكنو في عمكمو أشمؿ مف العقيدة ، تخضع جماعات متنكعة لمنيجو العاـ الذم يقـك عمى أساس العبكدية هلل كحده كلك لـ يعتنؽ بعض ىذه الجماعات عقيدة

. اإلسبلـ

يدرؾ - عمى النحك المتقدـ - كالذم يدرؾ طبيعة ىذا الديف معيا حتمية االنطبلؽ الحركي لئلسبلـ في صكرة الجياد

كيدرؾ أف ذلؾ لـ يكف - إلى جانب الجياد بالبياف - بالسيؼ بالمعنى الضيؽ الذم يفيـ اليـك مف اصطبلح - حركة دفاعية

أماـ ضغط الكاقع - مكف ككما يريد الميز" الحرب الدفاعية " أف يصكركا حركة - الحاضر كأماـ ىجـك المستشرقيف الماكر

" إنما كاف حركة اندفاع كانطبلؽ لتحرير - الجياد في اإلسبلـ بكسائؿ مكافئة لكؿ جكانب الكاقع .. " األرض " في " اإلنساف

(141 )

كفي مراحؿ محددة لكؿ مرحمة منيا كسائميا المتجددة البشرم ، .

ذا لـ يكف بد أف نسمي حركة اإلسبلـ الجيادية حركة كا " كنعتبره ، " دفاع " دفاعية ، فبل بد أف نغير مفيـك كممة

ضد جميع العكامؿ التي تقيد حريتو ،ذاتو " دفاعان عف اإلنساف ىذه العكامؿ التي تتمثؿ في المعتقدات .. كتعكؽ تحرره

كالتصكرات ، كما تتمثؿ في األنظمة السياسية ، القائمة عمى الحكاجز االقتصادية كالطبقية كالعنصرية ، التي كانت سائدة

في األرض كميا يـك جاء اإلسبلـ ، كالتي ما تزاؿ أشكاؿ منيا ! سائدة في الجاىمية الحاضرة في ىذا الزماف

(142 )

نستطيع أف نكاجو " الدفاع " كبيذا التكسع في مفيـك كممة بالجياد ، " األرض " حقيقة بكاعث االنطبلؽ اإلسبلمي في

كنكاجو طبيعة اإلسبلـ ذاتيا ، كىي أنو إعبلف عاـ لتحرير اإلنساف مف العبكدية لمعباد ، كتقرير ألكىية اهلل كحده كربكبيتو

قامة ،لمعالميف كتحطيـ مممكة اليكل البشرم في األرض ، كا .. مممكة الشريعة اإلليية في عالـ اإلنساف

أما محاكلة إيجاد مبررات دفاعية لمجياد اإلسبلمي بالمعنى الضيؽ لممفيـك العصرم لمحرب الدفاعية ، كمحاكلة البحث

عف أسانيد إلثبات أف كقائع الجياد اإلسبلمي كانت لمجرد صد كىك " - الكطف اإلسبلمي " العدكاف مف القكل المجاكرة عمى فيي محاكلة تنـ عف قمة - في عرؼ بعضيـ جزيرة العرب

إدراؾ لطبيعة ىذا الديف ، كلطبيعة الدكر الذم جاء ليقـك بو

(143 )

كما أنيا تشي باليزيمة أماـ ضغط الكاقع الحاضر . في األرض !، كأماـ اليجـك االستشراقي الماكر عمى الجياد اإلسبلمي

قد - رضي اهلل عنيـ - ترل لك كاف أبك بكر كعمر كعثماف دكف إذف عف ػأمنكا عدكاف الرـك كالفرس عمى الجزيرة أكانكا يقع

دفع المد اإلسبلمي إلى أطراؼ األرض ؟ ككيؼ كانكا يدفعكف ىذا المد ، كأماـ الدعكة تمؾ العقبات المادية مف أنظمة الدكلة

الطبقية ، كاالقتصادية كالسياسية ، كأنظمة المجتمع العنصرية الناشئة مف االعتبارات العنصرية كالطبقية ، كالتي تحمييا القكة

! المادية لمدكلة كذلؾ ؟

" ر ػكر اإلنساف دعكة تعمف تحرمػإنيا سذاجة أف يتص ..كؿ األرض" .. األرض " في .. نكع اإلنساف" .. اإلنساف

(144 )

إنيا ! .. ثـ تقؼ أماـ ىذه العقبات تجاىدىا بالمساف كالبياف ، تجاىد بالمساف كالبياف حينما يخمى بينيا كبيف األفراد

تخاطبيـ بحرية ، كىـ مطمقك السراح مف جميع تمؾ المؤثرات أما حيف تكجد تمؾ العقبات .. " ال إكراه في الديف "فينا ..

بالقكة ، لمتمكف مف أكالن كالمؤثرات المادية ، فبل بد مف إزالتيا ! مخاطبة قمب اإلنساف كعقمو ، كىك طميؽ مف ىذه األغبلؿ

لمدعكة ، إذا كانت أىدافيا ىي إعبلف ةإف الجياد ضركرتحرير اإلنساف إعبلنان جادان يكاجو الكاقع الفعمي بكسائؿ مكافئة

سكاء ! لو في كؿ جكانبو ، كال يكفي بالبياف الفمسفي النظرم دار : كبالتعبير اإلسبلمي الصحيح - كاف الكطف اإلسبلمي

فاإلسبلـ حيف يسعى إلى . آمنان أـ ميددان مف جيرانو - اإلسبلـ السمـ ، ال يقصد تمؾ السمـ الرخيصة ، كىي مجرد أف يؤمف

(145 )

إنما ىك . الرقعة الخاصة التي يعتنؽ أىميا العقيدة اإلسبلمية أم تككف عبكدية . د السمـ التي يككف فييا الديف كمو هلل ػيرم

الناس كميـ فييا هلل ، كالتي ال يتخذ فييا الناس بعضيـ بعضان كالعبرة بنياية المراحؿ التي كصمت إلييا . أربابان مف دكف اهلل

ال بأكائؿ أياـ - بأمر مف اهلل - الحركة الجيادية في اإلسبلـ كؿ ػد انتيت ىذه المراحؿ كما يؽػكلؽ.. الدعكة كال بأكاسطيا

بعد نزكؿ براءة - فاستقر أمر الكفار معو " : اإلماـ ابف القيـ .. محاربيف لو ، كأىؿ عيد ، كأىؿ ذمة : عمى ثبلثة أقساـ -

معو فصاركا ..ثـ آلت حاؿ أىؿ العيد كالصمح إلى اإلسبلـ كالمحاربكف لو خائفكف منو . كأىؿ ذمة ، محاربيف : قسميف

مسمـ مؤمف بو ، : فصار أىؿ األرض معو ثبلثة أقساـ ..

(146 )

كىـ أىؿ الذمة كما يفيـ مف الجممة السابقة )كمسالـ لو آمف .. " كخائؼ محارب (

كىذه ىي المكاقؼ المنطقية مع طبيعة ىذا الديف كأىدافو ، ال كما يفيـ الميزكمكف أماـ الكاقع الحاضر ، كأماـ ىجـك

!المستشرقيف الماكر

د كؼ اهلل المسمميف عف القتاؿ في مكة ، كفي أكؿ ػكلؽـ }: كقيؿ لممسمميف .. العيد باليجرة إلى المدينة كيفكا أىيديىكيفقيؿ ، ثـ أذف ليـ فيو .. (11) {كىأىقيميكا الصبلةى كىآتيكا الزكىاةى

ـ ػأيذفى لمذيفى ييقىاتىؿي }: ليـ مىى نىصرى ف الموى عى ـ ظيمميكا كىا كفى بأىنييـ بغىي ، لىقىديره كا مف ديىارى بنىا ػالذيفى أيخرجي ؽ إال أىف يىقيكليكا رى ر حى

كىاـ ـ ببىعضو لىييدمىت صى يي لىكال دىفعي المو الناسى بىعضى بيىعه ػالموي كى عي كى

77: النساء (11)

(147 )

ف الموي مىف لىيىنصيرى ـي المو كىثيران كى مىسىاجدي ييذكىري فييىا اس مىكىاته كى صى كىـ في األىرض ، يىنصيريهي إف الموى لىقىكم عىزيزه الذيفى إف مىكناىي

ـي ـى ػأىقىا ف المينكىر ػكا الصبلةى كىآتىكيا الزكىاةى كىأى نىيىكا عى كؼ كى كا بالمىعري رياقبىةي األيميكر لمو عى ثـ فرض عمييـ القتاؿ بعد ذلؾ لمف .. (12) { كى

قىاتميكا في سىبيؿ المو }: قاتميـ دكف مف لـ يقاتميـ فقيؿ ليـ كىـ ة ػثـ فرض عمييـ قتاؿ المشركيف كاؼ .. (13) {الذيفى ييقىاتميكنىكي

ـ كىافةن }: ، فقيؿ ليـ ا ييقىاتميكنىكي قىاتميكا الميشركيفى كىافةن كىمى {كىقىاتميكا الذيفى ال ييؤمنيكفى بالمو كىال باليىكـ }: كقيؿ ليـ .. (14)

ؽ رىسيكليوي كىال يىدينيكفى ديفى الحى ـى الموي كى ر رميكفى مىا حى اآلخر كىال ييحىـ ف يىدو كىىي تى ييعطيكا الجزيىةى عى مفى الذيفى أيكتيكا الكتىابى حى

41-39 :الحج (12) 190 :البقرة (13) 36 :التوبة (14)

(148 )

كفى اغري - كما يقكؿ اإلماـ ابف القيـ - فكاف القتاؿ . (15){ صى محرمان ، ثـ مأذكنان بو ، ثـ مأمكران بو لمف بدأىـ بالقتاؿ ، ثـ "

.. "مأمكران بو لجميع المشركيف

إف جدية النصكص القرآنية الكاردة في الجياد ، كجدية األحاديث النبكية التي تحض عميو ، كجدية الكقائع الجيادية

إف ىذه .. في صدر اإلسبلـ ، كعمى مدل طكيؿ مف تاريخو الجدية الكاضحة تمنع أف يجكؿ في النفس ذلؾ التفسير الذم

مكف أماـ ضغط الكاقع الحاضر كأماـ اليجـك كيحاكلو الميز! االستشراقي الماكر عمى الجياد اإلسبلمي

ف كقكؿ أكمف ذا الذم يسمع قكؿ اهلل سبحانو في ىذا الشكيتابع كقائع الجياد - صمى اهلل عميو كسمـ - رسكلو

29: التوبة (15)

(149 )

اإلسبلمي ، ثـ يظنو شأنان عارضان مقيدان بمبلبسات تذىب ! ، كيقؼ عند حدكد الدفاع لتأميف الحدكد ؟مءكتج

لقد بيف اهلل لممؤمنيف في أكؿ ما نزؿ مف اآليات التي أذف ليـ فييا بالقتاؿ أف الشأف الدائـ األصيؿ في طبيعة ىذه الحياة الدنيا أف يدفع الناس بعضيـ ببعض ، لدفع الفساد عف األرض

:

ـ } مىى نىصرى ف الموى عى ـ ظيمميكا كىا أيذفى لمذيفى ييقىاتىميكفى بأىنييبنىا ، لىقىديره ؽ إال أىف يىقيكليكا رى ـ بغىير حى كا مف ديىارى الذيفى أيخرجيبيىعه الموي كىامعي كى ـ ببىعضو لىييدمىت صى يي لىكال دىفعي المو الناسى بىعضى كى

ـي المو كىثيران مىسىاجدي ييذكىري فييىا اس مىكىاته كى صى 39: الحج ].. { كى- 40 ]

(150 )

ذف فيك الشأف الدائـ ال الحالة العارضة الشأف الدائـ أف . كا كأنو متى قاـ . ال يتعايش الحؽ كالباطؿ في ىذه األرض

اإلسبلـ بإعبلنو العاـ إلقامة ربكبية اهلل لمعالميف ، كتحرير اإلنساف مف العبكدية لمعباد ، رماه المغتصبكف لسمطاف اهلل في األرض كلـ يسالمكه قط ، كانطمؽ ىك كذلؾ يدمر عمييـ ليخرج

ذلؾ " األرض " في "اإلنساف " الناس مف سمطانيـ كيدفع عف حاؿ دائمة ال يقؼ معيا االنطبلؽ .. السمطاف الغاصب

. الجيادم التحريرم حتى يككف الديف كمو هلل

إف الكؼ عف القتاؿ في مكة لـ يكف إال مجرد مرحمة في كالذم بعث . كذلؾ كاف األمر أكؿ العيد باليجرة . خطة طكيمة

لـ لبلنطبلؽ الجماعة المسممة في المدينة بعد الفترة األكلى ىذا ىدؼ أكلي ال بد منو ، كلكنو .. يكف مجرد تأميف المدينة

(151 )

إنو ىدؼ يضمف كسيمة االنطبلؽ ، .. ليس اليدؼ األخير ، " اإلنساف " االنطبلؽ لتحرير .. كيؤمف قاعدة االنطبلؽ

! ذاتو مف االنطبلؽ " اإلنساف " كإلزالة العقبات التي تمنع

. ككؼ أيدم المسمميف في مكة عف الجياد بالسيؼ مفيـك كاف صاحبيا .. ألنو كاف مكفكالن لمدعكة في مكة حرية الببلغ

يممؾ بحماية سيكؼ بني ىاشـ ، - صمى اهلل عميو كسمـ- ف يصدع بالدعكة ، كيخاطب بيا اآلذاف كالعقكؿ كالقمكب ، أ

لـ تكف ىناؾ سمطة سياسية منظمة .. كيكاجو بيا األفراد فبل ! تمنعو مف إببلغ الدعكة ، أك تمنع األفراد مف سماعو

الستخداـ القكة ، كذلؾ إلى - في ىذه المرحمة - ضركرة كقد لخصتيا .أسباب أخرل لعميا كانت قائمة في ىذه المرحمة

ـ تىرى إلىى الذيفى }: في ظبلؿ القرآف عند تفسير قكلو تعالى أىلى

(152 )

ـ كىأىقيميكا الصبلةى كىآتيكا الزكىاةى ـ كيفكا أىيديىكي اآلية ] {.. قيؿى لىييىذا كال بأس في إثبات بعض . [ مف سكرة النساء 77

: التمخيص ىنا

عداد ، " ربما كاف ذلؾ ألف الفترة المكية كانت فترة تربية كا كمف .في بيئة معينة ، لقـك معينيف ، كسط ظركؼ معينة

أىداؼ التربية كاإلعداد في مثؿ ىذه البيئة بالذات ، تربية نفس الفرد العربي عمى الصبر عمى ما ال يصبر عميو عادة مف الضيـ عمى شخصو أك عمى مف يمكذكف بو ، ليخمص مف

شخصو ، كيتجرد مف ذاتو ، كال تعكد ذاتو كال مف يمكذكف بو كتربيتو كذلؾ . محكر الحياة في نظره كدافع الحركة في حياتو

كما ىي طبيعتو - عمى ضبط أعصابو ، فبل يندفع ألكؿ مؤثر .كال ييتاج ألكؿ مييج ، فيتـ االعتداؿ في طبيعتو كحركتو -

(153 )

أف يتبع مجتمعان منظمان لو قيادة يرجع إلييا في لكتربيتو عؿ- كؿ أمر مف أمكر حياتو ، كال يتصرؼ إال كفؽ ما تأمره بو

كقد كاف ىذا ىك حجر - ميما يكف مخالفان لمألكفو كعادتو المجتمع المسمـ " األساس في إعداد شخصية العربي ، إلنشاء

الخاضع لقيادة مكجية ، المترقي المتحضر ، غير اليمجي " ! أك القبمي

شد أثران أة كانت م ألف الدعكة السمـ.كربما كاف ذلؾ أيضان " كالتي . ذات العنجيية كالشرؼ .كأنفذ ، في مثؿ بيئة قريش

إلى زيادة - في مثؿ ىذه المرحمة - قد يدفعيا القتاؿ معيا لى نشأة ثارات دمكية جديدة كثارات العرب المعركفة العناد ، كا التي أثارت حرب داحس كالغبراء ، كحرب البسكس ، أعكامان

كتككف ىذه الثارات الجديدة .طكيمة ، تفانت فييا قبائؿ برمتيا

(154 )

بدان أمرتبطة في أذىانيـ كذكرياتيـ باإلسبلـ ، فبل تيدأ بعد ذلؾ ، كيتحكؿ اإلسبلـ مف دعكة كديف إلى ثارات كذحكؿ تنسى

!بدان أمبدئو ، فبل تذكر في معيا كجيتو األساسية ، كىك

اجتنابان إلنشاء معركة كمقتمة في ،كربما كاف ذلؾ أيضان " فمـ تكف ىناؾ سمطة نظامية عامة ، ىي التي .داخؿ كؿ بيت

تعذب المؤمنيف كتفتنيـ ، إنما كاف ذلؾ مكككالن إلى أكلياء كؿ - كمعنى اإلذف بالقتاؿ " ! كيؤدبكنو " فرد يعذبكنو كيفتنكنو ثـ .. أف تقع معركة كمقتمة في كؿ بيت - في مثؿ ىذه البيئة

كلقد قيمت حتى كاإلسبلـ يأمر بالكؼ ! ىذا ىك اإلسبلـ : يقاؿ في أكاسط . فقد كانت دعاية قريش في المكسـ ! عف القتاؿ

إف محمدان يفرؽ بيف الكالد : العرب القادميف لمحج كالتجارة فكيؼ لك كاف كذلؾ ! ككلده ، فكؽ تفريقو لقكمو كعشيرتو

(155 )

في كؿ بيت .. يأمر الكلد بقتؿ الكالد ، كالمكلى بقتؿ الكلي كفي كؿ محمة ؟

كربما كاف ذلؾ أيضان لما يعممو اهلل مف أف كثيريف مف " المعانديف الذيف يفتنكف أكائؿ المسمميف عف دينيـ ، كيعذبكنيـ

، ىـ بأنفسيـ سيككنكف جند اإلسبلـ المخمص ، بؿ كيؤذكنيـ !ألـ يكف عمر بف الخطاب مف بيف ىؤالء ؟.. مف قادتو

كربما كاف ذلؾ أيضان ، ألف النخكة العربية ، في بيئة قبمية " مؿ األذل ، كال يتراجع ت، مف عادتيا أف تثكر لممظمـك الذم يح

كقد كقعت .. كبخاصة إذا كاف كاقعان عمى كراـ الناس فييـ ! فابف - في ىذه البيئة - ظكاىر كثيرة تثبت صحة ىذه النظرة

يياجر - كىك رجؿ كريـ - الدغنة لـ يرض أف يترؾ أبا بكر

(156 )

كعرض ! كيخرج مف مكة ، كرأل في ذلؾ عاران عمى العرب كآخر ىذه الظكاىر نقض صحيفة .. عميو جكاره كحمايتو

الحصار لبني ىاشـ في شعب أبي طالب ، بعد ما طاؿ عمييـ " بينما في بيئة أخرل مف بيئات .. الجكع كاشتدت المحنة

كف السككت ػالقديمة التي مردت عمى الذؿ ، قد يؾ" الحضارة عمى األذل مدعاة لميزء كالسخرية كاالحتقار مف البيئة ،

!كتعظيـ المؤذم الظالـ المعتدم

.أيضان ، لقمة عدد المسمميف حينذاؾ ، كربما كاف ذلؾ " كانحصارىـ في مكة ، حيث لـ تبمغ الدعكة إلى بقية الجزيرة أك بمغت أخبارىا متناثرة ، حيث كانت القبائؿ تقؼ عمى الحياد مف معركة داخمية بيف قريش كبعض أبنائيا ، حتى ترل ماذا يككف

ففي مثؿ ىذه الحالة قد تنتيي المعركة .مصير المكقؼ

(157 )

حتى كلك - إلى قتؿ المجمكعة المسممة القميمة ، المحدكدة كيبقى الشرؾ ، كتنمحي - أضعاؼ مف سيقتؿ منيـ ىـ قتمكا

الجماعة المسممة ، كلـ يقـ في األرض لئلسبلـ نظاـ ، كال كجد كىك ديف جاء ليككف منياج حياة ، كليككف .لو كياف كاقعي

.نظامان كاقعيان عمميان لمحياة

" ... لخ إ" ...

فقد كانت - في أكؿ العيد باليجرة - فأما في المدينة مع - صمى اهلل عميو كسمـ - المعاىدة التي عقدىا رسكؿ اهلل

الييكد مف أىميا كمف بقي عمى الشرؾ مف العرب فييا كفيما .. المرحمة كذلؾ طبيعة حكليا ، مبلبسة تقتضييا

(158 )

ألف ىناؾ مجاالن لمتبميغ كالبياف ، ال تقؼ لو سمطة : أكالن سياسية تمنعو كتحكؿ بيف الناس كبينو ، فقد اعترؼ الجميع

صمى اهلل عميو - بالدكلة المسممة الجديدة ، كبقيادة رسكؿ اهلل فنصت المعاىدة عمى .في تصريؼ شؤكنيا السياسية - كسمـ

أال يعقد أحد منيـ صمحان كال يثير حربان ، كال ينشئ عبلقة ككاف - صمى اهلل عميو كسمـ - خارجية إال بإذف رسكؿ اهلل

كاضحان أف السمطة الحقيقة في المدينة في يد القيادة المسممة فالمجاؿ أماـ الدعكة مفتكح ، كالتخمية بيف الناس كحرية .

. االعتقاد قائمة

كاف يريد - صمى اهلل عميو كسمـ - إف الرسكؿ : ثانيان لقريش ، التي تقـك معارضتيا - ىذه المرحمة ، م ػالتفرغ ؼ

ليذا الديف حجر عثرة في كجو القبائؿ األخرل الكاقعة في حالة

(159 )

لذلؾ ! انتظار لما ينتيي إليو األمر بيف قريش كبعض بنييا " السرايا " بإرساؿ - صمى اهلل عميو كسمـ -بادر رسكؿ اهلل

ككاف أكؿ لكاء عقده لحمزة بف عبد المطمب في شير رمضاف . عمى رأس سبعة أشير مف اليجرة

ثـ عمى .شير أثـ تكالت ىذه السرايا ، عمى رأس تسعة ثـ . ثـ عمى رأس ستة عشر شيران .س ثبلثة عشر شيران أر

س سبعة عشر أكانت سرية عبد اهلل بف جحش في رجب عمى رشيران ، كىي أكؿ غزاة كقع فييا قتؿ كقتاؿ ، ككاف ذلؾ في

راـ ، كالتي نزلت فييا آيات البقرة يىسأىلكنىؾى عىف }: الشير الحىد عىف سىبيؿ المو صى رىاـ قتىاؿو فيو قيؿ قتىاؿه فيو كىبيره كى الشير الحى

خرىاجي أىىمو منوي أىكبىري عندى المو كىالفتنىةي رىاـ كىا سجد الحى كيفره بو كىالمى كى

(160 )

ـ إف ف دينكي ـ عى تى يىريدككي ـ حى أىكبىري مفى القىتؿ كىال يىزىاليكفى ييقىاتميكنىكي[ . 217 : البقرة] {.. استىطىاعيكا

.. ثـ كانت غزكة بدر الكبرل في رمضاف مف ىذه السنة . كىي التي نزلت فييا سكرة األنفاؿ

كرؤية المكقؼ مف خبلؿ مبلبسات الكاقع ، ال تدع مجاالن بمفيكمو الضيؽ كاف ىك قاعدة الحركة " الدفاع " لمقكؿ بأف

اإلسبلمية ، كما يقكؿ الميزكمكف أماـ الكاقع الحاضر ، كأماـ ! اليجـك االستشراقي الماكر

إف الذيف يمجأكف إلى تممس أسباب دفاعية بحتة لحركة المد اإلسبلمي ، إنما يؤخذكف بحركة اليجـك االستشراقية ، في

! - كقت لـ يعد لممسمميف شككة ، بؿ لـ يعد لممسمميف إسبلـ

(161 )

إال مف عصـ اهلل ممف يصركف عمى تحقيؽ إعبلف اإلسبلـ مف كؿ سمطاف إال مف " األرض " في "اإلنساف " العاـ بتحرير

فيبحثكف عف مبررات - سمطاف اهلل ، ليككف الديف كمو هلل ! أدبية لمجياد في اإلسبلـ

لو أكثر أدبية كالمد اإلسبلمي ليس في حاجة إلى مبررات : مف المبررات التي حممتيا النصكص القرآنية

يىاةى الدنيىا باآلخرىة } كفى الحى فىمييقىاتؿ في سىبيؿ المو الذيفى يىشريف ييقىاتؿ في سىبيؿ المو فىييقتىؿ أىك يىغمب فىسىكؼى نيؤتيو أىجران مى كى

ظيمان ـ ال تيقىاتميكفى في سىبيؿ المو كىالميستىضعىفيفى مفى ، عى ا لىكي مى كىبنىا أىخرجنىا مف ىىذه اؿ كىالنسىاء كىالكلدىاف الذيفى يىقيكليكفى رى الرجى

ليان كىاجعىؿ لىنىا مف لىدينؾى القىريىة الظالـ أىىمييىا كىاجعىؿ لىنىا مف لىدينؾى كى

(162 )

كا ، نىصيران الذيفى آمىنيكا ييقىاتميكفى في سىبيؿ المو كىالذيفى كىفىريييقىاتميكفى في سىبيؿ الطاغيكت فىقىاتميكا أىكليىاءى الشيطىاف إف كىيدى

عيفان [ 76 - 74: النساء ] .. {الشيطىاف كىافى ضى

ف } مىؼى كىا ا قىد سى ـ مى كا إف يىنتىييكا ييغفىر لىيي قيؿ لمذيفى كىفىريليفى ت سينتي األىك تى ال تىكيكفى فتنىةه ، يىعيكديكا فىقىد مىضى ـ حى قىاتميكىي كى

ميكفى بىصيره ا يىعمى يىكيكفى الديفي كيموي لمو فىإف انتىيىكا فىإف الموى بمى ، كىـى النصيري نع كلىى كى ـى المى ـ نع لكا فىاعمىميكا أىف الموى مىكالكي ف تىكى ] {كىا

[ 40 - 38: األنفاؿ

رميكفى } قىاتميكا الذيفى ال ييؤمنيكفى بالمو كىال باليىكـ اآلخر كىال ييحىؽ مفى الذيفى أيكتيكا رىسيكليوي كىال يىدينيكفى ديفى الحى ـى الموي كى ر مىا حى

كفى اغري ـ صى ف يىدو كىىي تى ييعطيكا الجزيىةى عى قىالىت ، الكتىابى حى كى

(163 )

ارىل المىسيحي ابفي المو ذىلؾى قىالىت النصى يره ابفي المو كى اليىييكدي عيزىـي الموي كا مف قىبؿي قىاتىمىيي اىئيكفى قىكؿى الذيفى كىفىري ـ ييضى ـ بأىفكىاىي قىكلييي

ـ أىربىابان مف ديكف المو ، أىنى ييؤفىكيكفى ريىبىانىيي ـ كى ذيكا أىحبىارىىي اتخىكا إال ليىعبيديكا إلىيان كىاحدان ال إلىوى إال ا أيمري مى ـى كى ريى كىالمىسيحى ابفى مى

انىوي عىما ييشركيكفى ييريديكفى أىف ييطفئيكا نيكرى المو ، ىيكى سيبحىكفى لىك كىرهى الكىافري ـ نيكرىهي كى يىأبىى الموي إال أىف ييت ـ كى ] ... {بأىفكىاىي

[ . 32 - 29: التكبة

إنيا مبررات تقرير ألكىية اهلل في األرض ، كتحقيؽ منيجو في حياة الناس ، كمطاردة الشياطيف كمناىج الشياطيف ،

كتحطيـ سمطاف البشر الذم يتعبد الناس ، كالناس عبيد هلل كحده ، ال يجكز أف يحكميـ أحد مف عباده بسمطاف مف عند

مع تقرير مبدأ .. كىذا يكفي ! نفسو كبشريعة مف ىكاه كرأيو

(164 )

أم ال إكراه عمى اعتناؽ العقيدة ، .. " ال إكراه في الديف ": بعد الخركج مف سمطاف العبيد ، كاإلقرار بمبدأ أف السمطاف كمو

. هلل ، أك أف الديف كمو هلل ، بيذا االعتبار

بإخراج .إنيا مبررات التحرير العاـ لئلنساف في األرض .. الناس مف العبكدية لمعباد إلى العبكدية هلل كحده ببل شريؾ

لقد كانت ىذه المبررات ماثمة في نفكس .. كىذه كحدىا تكفي يسأؿ أحد منيـ عما أخرجو لمجياد الغزاة مف المسمميف ، فمـ

أك خرجنا نصد ! خرجنا ندافع عف كطننا الميدد : فيقكؿ أك خرجنا نكسع ! عدكاف الفرس أك الرـك عمينا نحف المسمميف

! رقعتنا كنستكثر مف الغنيمة

(165 )

بف كحذيفة .لقد كانكا يقكلكف كما قاؿ ربعي بف عامر كالمغيرة بف شعبة جميعان لرستـ قائد جيش الفرس في محصف

ياـ متكالية ، أ بعد كاحد في ثبلثة ان ليـ كاحدأالقادسية ، كىك يس اهلل ": ما الذم جاء بكـ ؟ فيككف الجكاب : قبؿ المعركة

.ابتعثنا لنخرج مف شاء مف عبادة العباد إلى عبادة اهلل كحده كمف جكر األدياف إلى عدؿ .كمف ضيؽ الدنيا إلى سعتيا

فأرسؿ رسكلو بدينو إلى خمقو ، فمف قبمو منا قبمنا .. اإلسبلـ كمف أبى قاتمناه حتى .منو كرجعنا عنو ، كتركناه كأرضو

. "نفضي إلى الجنة أك الظفر

إف ىناؾ مبرران ذاتيان في طبيعة ىذا الديف ذاتو ، كفي كفي منيجو الكاقعي لمقابمة الكاقع البشرم ، عبلنو العاـ إ

بكسائؿ مكافئة لكؿ جكانبو ، في مراحؿ محددة ، بكسائؿ

(166 )

كلك لـ يكجد خطر - كىذا المبرر الذاتي قائـ ابتداء .. متجددة إنو - االعتداء عمى األرض اإلسبلمية كعمى المسمميف فييا

كطبيعة المعكقات الفعمية ، مبرر في طبيعة المنيج ككاقعيتو ال مف مجرد مبلبسات دفاعية .. في المجتمعات البشرية

! تة كؽكـك، محدكدة

نو ليكفي ألف يخرج المسمـ مجاىدان بنفسو كمالو في .. " كا ىك مف كرائيا قفي سبيؿ ىذه القيـ التي ال يناؿ" .. سبيؿ اهلل

.. يخرجو ليا مغنـ ذاتي المغنـ ذاتي ، ك

إف المسمـ قبؿ أف ينطمؽ لمجياد في المعركة يككف قد مع ىكاه .. خاض معركة الجياد األكبر في نفسو مع الشيطاف

مع مصالحو كمصالح .. مع مطامعو كرغباتو .. تو اكشيك

(167 )

كمع كؿ .. مع كؿ شارة غير شارة اإلسبلـ .. عشيرتو كقكمو كتحقيؽ سمطانو في األرض كطرد ، دافع إال العبكدية هلل

.. سمطاف الطكاغيت المغتصبيف لسمطاف اهلل

" كالذيف يبحثكف عف مبررات لمجياد اإلسبلمي في حماية كيعتبركنو أقؿ " المنيج " يغضكف مف شأف " الكطف اإلسبلمي

.كىذه ليست نظرة اإلسبلـ إلى ىذه االعتبارات " كطف ـاؿ" مف إنيا نظرة مستحدثة غريبة عمى الحس اإلسبلمي ، فالعقيدة

كالمنيج الذم تتمثؿ فيو كالمجتمع الذم يسكد فيو ىذا المنيج - أما األرض .ىي االعتبارات الكحيدة في الحس اإلسبلمي

ككؿ قيمة لؤلرض في ! فبل اعتبار ليا كال كزف - بذاتيا التصكر اإلسبلمي إنما ىي مستمدة مف سيادة منيج اهلل

(168 )

" كسمطانو فييا ، كبيذا تككف محضف العقيدة كحقؿ المنيج ك " . اإلنساف " كنقطة االنطبلؽ لتحرير " دار اإلسبلـ

حماية لمعقيدة كالمنيج " دار اإلسبلـ " كحقيقة إف حماية كلكنيا ليست اليدؼ .كالمجتمع الذم يسكد فيو المنيج

النيائي ، كليست حمايتيا ىي الغاية األخيرة لحركة الجياد اإلسبلمي ، إنما حمايتيا ىي الكسيمة لقياـ مممكة اهلل فييا ،

لى النكع ثـ التخاذىا قاعدة انطبلؽ إلى األرض كميا كا فالنكع اإلنساني ىك مكضكع ىذا الديف .اإلنساني بجممتو

! كاألرض ىي مجالو الكبير

سمفنا فإف االنطبلؽ بالمذىب اإلليي تقـك في كجيو أككما عقبات مادية مف سمطة الدكلة ، كنظاـ المجتمع ، كأكضاع

(169 )

كىذه كميا ىي التي ينطمؽ اإلسبلـ ليحطميا بالقكة ، .. البيئة فكارىـ أكي يخمك لو كجو األفراد مف الناس ، يخاطب ضمائرىـ ك

، بعد أف يحررىا مف األغبلؿ المادية ، كيترؾ ليا بعد ذلؾ . حرية االختيار

" يجب أال تخدعنا أك تفزعنا حمبلت المستشرقيف عمى مبدأ كأال يثقؿ عمى عاتقنا ضغط الكاقع كثقمو في ميزاف " الجياد

القكل العالمية ، فنركح نبحث لمجياد اإلسبلمي عف مبررات أدبية خارجة عف طبيعة ىذا الديف ، في مبلبسات دفاعية كقتية ، كاف الجياد سينطمؽ في طريقو سكاء كجدت أـ لـ

! تكجد

(170 )

كيجب كنحف نستعرض الكاقع التاريخي أال نغفؿ عف عبلنو العاـ كمنيجو االعتبارات الذاتية في طبيعة ىذا الديف كا .. الكاقعي ، كأال نخمط بينيا كبيف المقتضيات الدفاعية الكقتية

حقان إنو لـ يكف بد ليذا الديف أف يدافع المياجميف لو ، ألف ، مجرد كجكده في صكرة إعبلف عاـ لربكبية اهلل لمعالميف

كتحرير اإلنساف مف العبكدية لغير اهلل ، كتمثؿ ىذا الكجكد في تجمع تنظيمي حركي تحت قيادة جديدة غير قيادات الجاىمية ،

كميبلد مجتمع مستقؿ متميز ال يعترؼ ألحد مف البشر إف مجرد كجكد ىذا .. بالحاكمية ، ألف الحاكمية فيو هلل كحده

بد أف يدفع المجتمعات الجاىمية مف الديف في ىذه الصكرة الأف تحاكؿ سحقو - القائمة عمى قاعدة العبكدية لمعباد - حكلو

(171 )

بد أف يتحرؾ المجتمع الجديد ، دفاعان عف كجكدىا ذاتو ، كال.. لمدفاع عف نفسو

بد منيا ، تكلد مع ميبلد اإلسبلـ ذاتو ، ىذه مبلبسة الكىذه معركة مفركضة عمى اإلسبلـ فرضان ، كال خيار لو في خكضيا ، كىذا صراع طبيعي بيف كجكديف ال يمكف التعايش

.. . بينيما طكيبلن

بد لئلسبلـ أف ككفؽ ىذه النظرة يككف ال.. ىذا كمو حؽ بد أف يخكض معركة دفاعية مفركضة يدافع عف كجكده ، كال

.. عميو فرضان

إف .. صالة مف ىذه الحقيقة أشد أكلكف ىناؾ حقيقة أخرل . مف طبيعة الكجكد اإلسبلمي ذاتو أف يتحرؾ إلى األماـ ابتداء

(172 )

مف العبكدية لغير اهلل ، كال " األرض " في " اإلنساف " إلنقاذ يمكف أف يقؼ عند حدكد جغرافية ، كال أف ينزكم داخؿ حدكد

" األرض " في .. نكع اإلنساف " .. اإلنساف " عنصرية ، تاركان . لمشر كالفساد كالعبكدية لغير اهلل .. كؿ األرض ..

إف المعسكرات المعادية لئلسبلـ قد يجيء عمييا زماف تؤثر فيو أال تياجـ اإلسبلـ ، إذا تركيا اإلسبلـ تزاكؿ عبكدية البشر لمبشر داخؿ حدكدىا اإلقميمية ، كرضى أف يدعيا كشأنيا كلـ

عبلنو التحريرم العاـ كلكف اإلسبلـ ال ! يمد إلييا دعكتو كا ييادنيا ، إال أف تعمف استسبلميا لسمطانو في صكرة أداء

بكابيا لدعكتو ببل عكائؽ مادية مف أالجزية ، ضمانان لفتح . السمطات القائمة فييا

(173 )

حكـ أنو إعبلف بيفتو ، ظىذه طبيعة ىذا الديف ، كىذه كعاـ لربكبية اهلل لمعالميف ، كتحرير اإلنساف مف كؿ عبكدية

! لغير اليب في الناس أجمعيف

كفرؽ بيف تصكر اإلسبلـ عمى ىذه الطبيعة ، كتصكره قابعان ال يحركو إال خكؼ االعتداء ، داخؿ حدكد إقميمية أك عنصرية

إنو في ىذه الصكرة األخيرة يفقد مبرراتو الذاتية في االنطبلؽ ! !

إف مبررات االنطبلؽ اإلسبلمي تبرز بكضكح كعمؽ عند ف ىذا الديف ىك منيج اهلل لمحياة البشرية ، كليس أتذكر اـ جنس ػج إنساف ، كال مذىب شيعة مف الناس ، كال نظػمنو

كنحف ال نبحث عف مبررات خارجية إال حيف ! .. مف األجناس

(174 )

حيف ننسى أف القضية .. تفتر في حسنا ىذه الحقيقة اليائمة ف أإنو ال يمكف .. كعبكدية العباد اهلل ىي قضية ألكىية

يستحضر إنساف ما ىذه الحقيقة اليائمة ثـ يبحث عف مبرر ! آخر لمجياد اإلسبلمي

بيف تصكر ، كالمسافة قد ال تبدك كبيرة عند مفرؽ الطريؽ ف اإلسبلـ كاف مضطران لخكض معركة ال اختيار لو فييا ، أ

بحكـ كجكده الذاتي ككجكد المجتمعات الجاىمية األخرل التي البد أف يتحرؾ ابتداء ، بد أف تياجمو ، كتصكر أنو ىك بذاتو ال

.. فيدخؿ في ىذه المعركة

مفرؽ الطريؽ قد ال تبدك كبيرة ، فيك في كمتا دالمسافة عفالحالتيف سيدخؿ المعركة حتمان ، كلكنيا في نياية الطريؽ تبدك

(175 )

ىائمة شاسعة ، تغير المشاعر كالمفيكمات اإلسبلمية تغييران . خطيران .. كبيران

إف ىناؾ مسافة ىائمة بيف اعتبار اإلسبلـ منيجان إلييان ، كعبكدية البشر جميعان إللو ، جاء ليقرر ألكىية اهلل في األرض

كاحد ، كيصب ىذا التقرير في قالب كاقعي ، ىك المجتمع اإلنساني الذم يتحرر فيو الناس مف العبكدية لمعباد ،

بالعبكدية لرب العباد ، فبل تحكميـ إال شريعة اهلل ، التي يتمثؿ فمف .. فييا سمطاف اهلل ، أك بتعبير آخر تتمثؿ فييا ألكىيتو

حقو إذف أف يزيؿ العقبات كميا مف طريقو ، ليخاطب كجداف األفراد كعقكليـ دكف حكاجز كال مكانع مصطنعة مف نظاـ

إف ىناؾ .. كضاع الناس االجتماعية أك أالدكلة السياسي ، مسافة ىائمة بيف اعتبار اإلسبلـ عمى ىذا النحك ، كاعتباره

(176 )

نظامان محميان في كطف بعينو فمف حقو فقط أف يدفع اليجـك ! عميو في داخؿ حدكده اإلقميمية

ف اإلسبلـ في كمتا أكلك .. كذاؾ تصكر .. ىذا تصكر كلكف التصكر الكمي لبكاعث ىذا الجياد .. الحالتيف سيجاىد

ىدافو كنتائجو ، يختمؼ اختبلفان بعيدان ، يدخؿ في صميـ أك. االعتقاد كما يدخؿ في صميـ الخطة كاالتجاه

فاإلسبلـ ليس نحمة .إف مف حؽ اإلسبلـ أف يتحرؾ ابتداء كمف .. قـك ، كال نظاـ كطف ، كلكنو منيج إلو ، كنظاـ عالـ

حقو أف يتحرؾ ليحطـ الحكاجز مف األنظمة كاألكضاع التي تغؿ كحسبو أنو ال يياجـ .في االختيار " اإلنساف " مف حرية

األفراد ليكرىيـ عمى اعتناؽ عقيدتو ، إنما يياجـ األنظمة

(177 )

كاألكضاع ليحرر األفراد مف التأثيرات الفاسدة ، المفسدة لمفطرة . ، المقيدة لحرية االختيار

مف عبادة العباد إلى "الناس " ف ييخرج أمف حؽ اإلسبلـ ليحقؽ إعبلنو العاـ بربكبية اهلل لمعالميف ، .. عبادة اهلل كحده

في - كعبادة اهلل كحده ال تتحقؽ .. كتحرير الناس أجمعيف إال في ظؿ النظاـ - التصكر اإلسبلمي كفي الكاقع العممي

اإلسبلمي ، فيك كحده النظاـ الذم يشرع اهلل فيو لمعباد كميـ ، بيضيـ ، قاصييـ كدانييـ ، أسكدىـ كأحاكميـ كمحككميـ ،

فقيرىـ كغنييـ ، تشريعان كاحدان يخضع لو الجميع عمى السكاء أما في سائر األنظمة ، فيعبد الناس العباد ، ألنيـ يتمقكف ..

كىك مف خصائص األلكىية ، .التشريع لحياتيـ مف العباد فأيما بشر ادعى لنفسو سمطاف التشريع لمناس مف عند نفسو

(178 )

فقد ادعى األلكىية اختصاصان كعمبلن ، سكاء ادعاىا قكالن أـ ، كأيما بشر آخر اعترؼ لذلؾ البشر بذلؾ .لـ يعمف ىذا االدعاء

الحؽ فقد اعترؼ لو بحؽ األلكىية ، سكاء سماىا باسميا أـ ! لـ يسميا

كاإلسبلـ ليس مجرد عقيدة ، حتى يقنع بإببلغ عقيدتو إنما ىك منيج يتمثؿ في تجمع تنظيمي .بكسيمة البياف لمناس

حركي يزحؼ لتحرير كؿ الناس ، كالتجمعات األخرل ال تمكنو مف تنظيـ حياة رعاياىا كفؽ منيجو ىك ، كمف ثـ يتحتـ عمى اإلسبلـ أف يزيؿ ىذه األنظمة بكصفيا معكقات لمتحرير العاـ ،

ف يككف الديف كمو هلل ، فبل أمعنى - كما قمنا مف قبؿ - كىذا كما ىك .تككف ىناؾ دينكنة كال طاعة لعبد مف العباد لذاتو

! الشأف في سائر األنظمة التي تقـ عمى عبكدية العباد لمعباد

(179 )

إف الباحثيف اإلسبلمييف المعاصريف الميزكميف تحت ضغط الماكر ، يتحرجكف ماالستشراؽ اليجـك الكاقع الحاضر كتحت

مف تقرير تمؾ الحقيقة ، ألف المستشرقيف صكركا اإلسبلـ كالمستشرقكف .حركة قير بالسيؼ لئلكراه عمى العقيدة

لكنيـ كالخبثاء يعرفكف جيدان أف ىذه ليست ىي الحقيقة ، كمف ثـ .. يشكىكف بكاعث الجياد اإلسبلمي بيذه الطريقة

بنفي ، عف سمعة اإلسبلـ - الميزكمكف - يقـك المنافحكف كيغفمكف ! كف إلى تممس المبررات الدفاعية أىذا االتياـ ، فيمج

" تحرير اإلنساف " عف طبيعة اإلسبلـ ككظيفتو ، كحقو في . ابتداء

- الميزكميف - فكار الباحثيف العصرييف أكقد غشى عمى نو مجرد " .. الديف " ذلؾ التصكر الغربي لطبيعة " عقيدة " كا

(180 )

كمف ثـ .في الضمير ، ال شأف ليا باألنظمة الكاقعية لمحياة ! يككف الجياد لمديف ، جيادان لفرض العقيدة عمى الضمير

اهلل لكف األمر ليس كذلؾ في اإلسبلـ ، فاإلسبلـ منيج كلمحياة البشرية ، كىك منيج يقـك عمى إفراد اهلل كحده باأللكىية

كينظـ الحياة الكاقعية بكؿ تفصيبلتيا - متمثمة في الحاكمية - قامة النظاـ ! اليكمية أما .فالجياد لو جياد لتقرير المنيج كا

في ظؿ النظاـ العاـ ، ، العقيدة فأمر مكككؿ إلى حرية االقتناع كمف ثـ يختمؼ األمر مف أساسو ، .. بعد رفع جميع المؤثرات

. كتصبح لو صكرة جديدة كاممة

كحيثما كجد التجمع اإلسبلمي ، الذم يتمثؿ فيو المنيج اإلليي ، فإف اهلل يمنحو حؽ الحركة كاالنطبلؽ لتسمـ السمطاف

(181 )

لة العقيدة الكجدانية لحرية أكتقرير النظاـ ، مع ترؾ مسيدم الجماعة المسممة فترة عف أالكجداف ، فإذا كؼ اهلل

لة مبدأ ، مسألة مقتضيات أالجياد ، فيذه مسألة خطة ال مسكعمى ىذا األساس الكاضح يمكف .. الحركة ال مسألة عقيدة

أف نفيـ النصكص القرآنية المتعددة ، في المراحؿ التاريخية المتجددة ، كال نخمط بيف داللتيا المرحمية ، كالداللة العامة

.لخط الحركة اإلسبلمية الثابت الطكيؿ

(182 )

نيىجي اهللي إال إلو ال يىاة مى حى

العبكدية هلل كحده ىي شطر الركف األكؿ في العقيدة كالتمقي عف . أف ال إلو إال اهلل : اإلسبلمية المتمثؿ في شيادة

في كيفية ىذه العبكدية - صمى اهلل عميو كسمـ - رسكؿ اهلل ىك شطرىا الثاني ، المتمثؿ في شيادة أف محمدان رسكؿ اهلل - .

قاعدةكالقمب المؤمف المسمـ ىك الذم تتمثؿ فيو ىذه اؿا مف مقكمات اإليماف ، كأركاف ـبشطرييا ، ألف كؿ ما بعده

فاإليماف بمبلئكة اهلل ككتبو . اإلسبلـ ، إنما ىك مقتضى ليا

(183 )

كرسمو كاليـك اآلخر كالقدر خيره كشره ، ككذلؾ الصبلة كالزكاة كالصياـ كالحج ، ثـ الحدكد كالتعازير كالحؿ كالحرمة

إنما تقـك ... كالمعامبلت كالتشريعات كالتكجييات اإلسبلمية كميا عمى قاعدة العبكدية هلل كحده ، كما أف المرجع فييا كميا

. عف ربو - صمى اهلل عميو كسمـ - ىك ما بمغو لنا رسكؿ اهلل

كالمجتمع المسمـ ىك الذم تتمثؿ فيو تمؾ القاعدة كمقتضايتيا جميعان ألنو بغير تمثؿ تمؾ القاعدة كمقتضايتيا

. فيو ال يككف مسممان

كمف ثـ تصبح شيادة أف ال إلو إال اهلل ، كأف محمدان رسكؿ قاعدة لمنيج كامؿ تقـك عميو حياة األمة المسممة ، اهلل

بحذافيرىا ، فبل تقـك ىذه الحياة قبؿ أف تقـك ىذه القاعدة ،

(184 )

إسبلمية إذا قامت عمى غير ىذه حياة كما أنيا ال تككف القاعدة ، أك قامت عمى قاعدة أخرل معيا ، أك عدة قكاعد

:أجنبية عنيا

ـي } ـي إال لمو أىمىرى أىال تىعبيديكا إال إياهي ذىلؾى الديفي القىي ك {إف الحي [ 40: يكسؼ ] ...

ف ييطع الرسيكؿى فىقىد أىطىاعى الموى } 80: النساء ] ..{مى]

* * *

ىذا التقرير المكجز المطمؽ الحاسـ يفيدنا في تحديد كممة كفي حركتو ،الفصؿ في قضايا أساسية في حقيقة ىذا الديف

: الكاقعية كذلؾ

(185 )

" . طبيعة المجتمع المسمـ " إنو يفيدنا أكالن في تحديد

" . المجتمع المسمـ نشأة منيج " كيفيدنا ثانيان في تحديد

منيج اإلسبلـ في مكاجية " كيفيدنا ثالثان في تحديد " . المجتمعات الجاىمية

منيج اإلسبلـ في مكاجية كاقع " كيفيدنا رابعان في تحديد " . الحياة البشرية

كىي قضايا أساسية بالغة الخطكرة في منيج الحركة .اإلسبلمية قديمان كحديثان

* * *

ىي ( المجتمع المسمـ )إف السمة األكلى المميزة لطبيعة أف ىذا المجتمع يقـك عمى قاعدة العبكدية هلل كحده في أمره

(186 )

ال إلو إال أف ىذه العبكدية التي تمثميا كتكيفيا شيادة .. كمو . كأف محمدان رسكؿ اهلل ،اهلل

كتتمثؿ ىذه العبكدية في التصكر االعتقادم ، كما تتمثؿ في . كما تتمثؿ في الشرائع القانكنية سكاء ،الشعائر التعبدية

: مف ال يعتقد بكحدانية اهلل سبحانو كحده فميس عبدان هلل

قىاؿى الموي ال تىتخذيكا إلىيىيف اثنىيف إنمىا ىيكى إلىوه كىاحده فىإيامى } كىلىوي الديفي كىاصبان أىفىغىيرى ، فىارىىبيكف ا في السمىاكىات كىاألىرض كى لىوي مى كى

[ 52 - 51: النحؿ ] ... {المو تىتقيكفى

ليس عبدان هلل كحده مف يتقدـ بالشعائر التعبدية ألحد غير :معو أك مف دكنو - اهلل

(187 )

اتي لمو رىب العىالىميفى } مىمى حيىامى كى مى نيسيكي كى بلتي كى قيؿ إف صىؿي الميسمميفى ، بذىلؾى أيمرتي كىأىنىا أىك : األنعاـ ] {ال شىريؾى لىوي كى

162 - 163 ]

ليس عبدان هلل كحده مف يتمقى الشرائع القانكنية مف أحد كاهلل سكل اهلل ، عف الطريؽ الذم بىمغىنىا اهلل بو ، كىك رسكؿ

:صمى اهلل عميو كسمـ

ـ يىأذىف بو الموي } ا لى ـ مفى الديف مى ـ شيرىكىاءي شىرىعيكا لىيي ـ لىيي {أى [ 21: الشكرل ]

نوي فىانتىييكا } ـ عى ا نىيىاكي مى ذيكهي كى ـي الرسيكؿي فىخي ا آتىاكي مى ] {كى [ 7: الحشر

(188 )

المجتمع الذم تتمثؿ العبكدية هلل . ىذا ىك المجتمع المسمـ كحده في معتقدات أفراده كتصكراتيـ ، كما تتمثؿ في شعائرىـ

.. كعبادتيـ ، كما تتمثؿ في نظاميـ الجماعي كتشريعاتيـ كأيما جانب مف ىذه الجكانب تخمؼ عف الكجكد فقد تخمؼ

لتخمؼ ركنو األكؿ ، كىك شيادة .اإلسبلـ نفسو عف الكجكد . أف ال إلو إال اهلل كأف محمدان رسكؿ اهلل

" التصكر االعتقادم " إف العبكدية هلل تتمثؿ في : كلقد قمنا إنو .. فيحسف أف نقكؿ ما ىك التصكر االعتقادم اإلسبلمي ..

التصكر الذم ينشأ في اإلدراؾ البشرم مف تمقيو لحقائؽ كالذم يتكيؼ بو اإلنساف في ،العقيدة مف مصدرىا الرباني

غيبو - كلحقيقة الككف الذم يعيش فيو ،إدراكو لحقيقة ربو غيبيا - كلحقيقة الحياة التي ينتسب إلييا - كشيكده

(189 )

ثـ .. أم لحقيقة اإلنساف ذاتو .. كلحقيقة نفسو - كشيكدىا تعاممو مع ،يكيؼ عمى أساسو تعاممو مع ىذه الحقائؽ جميعان

ربو تعامبلن تتمثؿ فيو عبكديتو هلل كحده ، كتعاممو مع الككف كنكاميسو كمع األحياء كعكالميا ، كمع أفراد النكع البشرم

كما بىمغىيىا - كتشكيبلتو تعامبلن يستمد أصكلو مف ديف اهلل تحقيقان لعبكديتو هلل كحده - رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ

.كىك بيذه الصكرة يشمؿ نشاط الحياة كمو .. في ىذا التعامؿ

* * *

، فكيؼ ينشأ ىذا " المجتمع المسمـ " فإذا تقرر أف ىذا ىك المجتمع ؟ ما منيج ىذه النشأة ؟

(190 )

جماعة مف الناس تقرر أإف ىذا المجتمع ال يقـك حتى تنشأف عبكديتيا الكاممة هلل كحده ، كأنيا ال تديف بالعبكدية لغير

ال تديف بالعبكدية لغير اهلل في االعتقاد كالتصكر ، كال .. اهلل كال تديف بالعبكدية لغير .. تديف لغير اهلل في العبادات كالشعائر

ثـ تأخذ بالفعؿ في تنظيـ حياتيا .. اهلل في النظاـ كالشرائع تنقي ضمائرىا مف .. كميا عمى أساس ىذه العبكدية الخالصة

تنقي ك- معو أك مف دكنو - االعتقاد في ألكىية أحد غير اهلل - معو أك دكنو - ائرىا مف التكجو بيا ألحد غير اهلل شع

معو أك مف - كتنقي شرائعيا مف التمقي عف أحد غير اهلل . دكنو

تككف ىذه الجماعة مسممة ، - كعندئذ فقط - عندئذ فأما قبؿ أف .. كيككف ىذا المجتمع الذم أقامتو مسممان كذلؾ

(191 )

عمى النحك الذم - يقرر ناس مف الناس إخبلص عبكديتيـ هلل كأما قبؿ أف ينظمكا .. فإنيـ ال يككنكف مسمميف - تقدـ

ذلؾ أف .. حياتيـ عمى ىذا األساس فبل يككف مجتمعيـ مسممان القاعدة األكلى التي يقـك عمييا اإلسبلـ ، كالتي يقـك عمييا

ىي شيادة أف ال إلو إال اهلل كأف محمدان - المجتمع المسمـ .. لـ تقـ بشطرييا - رسكؿ اهلل

ذف فإنو قبؿ التفكير في إقامة نظاـ مجتمع إسبلمي ، كا قامة مجتمع مسمـ عمى أساس ىذا النظاـ ينبغي أف يتجو .. كا

االىتماـ أكالن إلى تخميص ضمائر األفراد مف العبكدية لغير اهلل األفراد جمعكأف يت- في أم صكرة مف صكرىا التي أسمفنا -

الذيف تخمص ضمائرىـ مف العبكدية لغير اهلل في جماعة كىذه الجماعة التي خمصت ضمائر أفرادىا مف .. مسممة

(192 )

ىي التي ينشأ ، اعتقادان كعبادة كشريعة ،العبكدية لغير اهلل منيا المجتمع المسمـ ، كينظـ إلييا مف يريد أف يعيش في ىذا المجتمع بعقيدتو كعبادتو كشريعتو التي تتمثؿ فييا العبكدية هلل

أك بتعبير آخر تتمثؿ فييا شيادة أف ال إلو إال اهلل ، .. كحده . كأف محمدان رسكؿ اهلل

ىكذا كانت نشأة الجماعة المسممة األكلى التي أقامت كىكذا تككف نشأة كؿ جماعة مسممة .. المجتمع المسمـ األكؿ

. ، كىكذا يقـك كؿ مجتمع مسمـ

إف المجتمع المسمـ إنما ينشأ مف انتقاؿ أفراد كمجمكعات إلى - ك مف دكنو أمعو - مف الناس مف العبكدية لغير اهلل

العبكدية هلل كحده ببل شريؾ ، ثـ مف تقرير ىذه المجمكعات

(193 )

كعندئذ يتـ .. أف تقيـ نظاـ حياتيا عمى أساس ىذه العبكدية ميبلد جديد لمجتمع جديد ، مشتؽ مف المجتمع الجاىمي القديـ ، كمكاجو لو بعقيدة جديدة ، كنظاـ لمحياة جديد ، يقـك عمى

أساس ىذه العقيدة ، كتتمثؿ فيو قاعدة اإلسبلـ األكلى بشطريو .. شيادة أف ال إلو إال اهلل كأف محمدان رسكؿ اهلل ..

كقد ينضـ المجتمع الجاىمي القديـ بكاممو إلى المجتمع اإلسبلمي الجديد كقد ال ينضـ ، كما أنو قد ييادف المجتمع

ف كانت السنة قد جرت بأف يشف ،ك يحاربو أ مسمـ الجديداؿ كا سكاء عمى طبلئع ىذا ،المجتمع الجاىمي حربان ال ىكادة فييا

أك - كىك أفراد أك مجمكعات - المجتمع في مرحمة نشكئو كىك ما حدث في - عمى ىذا المجتمع نفسو بعد قيامو فعبلن

(194 )

إلى محمد ، تاريخ الدعكة اإلسبلمية منذ نكح عميو السبلـ . عميو الصبلة كالسبلـ ، بغير استثناء

كطبيعي أف المجتمع المسمـ الجديد ال ينشأ ، كال يتقرر كجكده إال إذا بمغ درجة مف القكة يكاجو بيا ضغط المجتمع

الجاىمي القديـ ، قكة االعتقاد كالتصكر ، كقكة الخمؽ كالبناء النفسي ، كقكة التنظيـ كالبناء الجماعي ، كسائر أنكاع القكة

التي يكاجو بيا ضغط المجتمع الجاىمي كيتغمب عميو ، أك عمى !األقؿ يصمد لو

* * *

؟ كما ىك منيج اإلسبلـ " المجتمع الجاىمي " كلكف ما ىك في مكاجيتو ؟

(195 )

! إف المجتمع الجاىمي ىك كؿ مجتمع غير المجتمع المسمـ ذا أردنا التحديد المكضكعي قمنا ع ال ػإنو ىك كؿ مجتـ: كا

متمثمة ىذه العبكدية في التصكر .. يخمص عبكديتو هلل كحده .. االعتقادم ، كفي الشعائر التعبدية ، كفي الشرائع القانكنية

المجتمع " كبيذا التعريؼ المكضكعي تدخؿ في إطار ! !جميع المجتمعات القائمة اليـك في األرض فعبلن " الجاىمي

بإلحادىا في اهلل : أكالن .. تدخؿ فيو المجتمعات الشيكعية كده أصبلن ، كرجع الفاعمية في ىذا ػكبإنكار كج- سبحانو-

، كرجع الفاعمية في حياة " الطبيعة " أك " المادة " الكجكد إلى ، ثانيان " أدكات اإلنتاج " أك " االقتصاد " اإلنساف كتاريخو إلى

عمى فرض أف القيادة - بإقامة نظاـ العبكدية فيو لمحزب : "

(196 )

ثـ ! ال هلل سبحانو ! - الجماعية في ىذا النظاـ حقيقة كاقعة " ما يترتب عمى ذلؾ التصكر كىذا النظاـ مف إىدار لخصائص

لو ىي فقط " المطالب األساسية " كذلؾ باعتبار أف " اإلنساف الطعاـ كالشراب كالممبس كالمسكف :مطالب الحيكاف ، كىي

المتميز عف " اإلنساني " كحرمانو مف حاجات ركحو ! كالجنس العقيدة في اهلل ، كحرية اختيارىا ، : الحيكاف ، كفي أكليا

كىي " فرديتو " كحرية التعبير عنيا ، ككذلؾ حرية التعبير عف ىذه الفردية التي تتجمى في " . إنسانيتو " مف أخص خصائص

الممكية الفردية ، كفي اختيار نكع العمؿ كالتخصص ، كفي " عف " اإلنساف " إلى آخر ما يميز " الذات " التعبير الفني عف

إذ أف التصكر الشيكعي كالنظاـ " اآللة " أك عف " الحيكاف

(197 )

ف مرتبة الحيكاف عالشيكعي سكاء ، كثيران ما ييبط باإلنساف ! إلى مرتبة اآللة

كىي ما تزاؿ قائمة في - كتدخؿ فيو المجتمعات الكثنية بتصكرىا : أكالن -تدخؿ فيو - اليند كالياباف كالفمبيف كأفريقية

- معو أك مف دكنو - االعتقادم القائـ عمى تأليو غير اهلل بتقديـ الشعائر التعبدية لشتى اآللية : كتدخؿ فيو ثانيان

كذلؾ تدخؿ فيو بإقامة .. كالمعبكدات التي تعتقد بألكىيتيا سكاء . أنظمة كشرائع ، المرجع فييا لغير اهلل كشريعتو

استمدت ىذه األنظمة كالشرائع مف المعابد كالكينة كالسدنة " عممانية " كالسحرة كالشيكخ ، أك استمدتيا مف ىيئات مدنية أم أف ليا .. تممؾ سمطة التشريع دكف الرجكع إلى شريعة اهلل

أك باسـ ( الحزب ) أك باسـ ( الشعب )الحاكمية العميا باسـ

(198 )

ف الحاكمية العميا ال تككف إال هلل أذلؾ .. كائف مف كاف . غيا عنو رسمو ؿ سبحانو ، كال تزاكؿ إال بالطريقة التي بى

كتدخؿ فيو المجتمعات الييكدية كالنصرانية في أرجاء بتصكرىا : تدخؿ فيو ىذه المجتمعات أكالن .. األرض جميعان

باأللكىية - سبحانو - االعتقادم المحرؼ ، الذم ال يفرد اهلل بنكةبؿ يجعؿ لو شركاء في صكرة مف صكر الشرؾ ، سكاء باؿأك بالتثميث ، أك بتصكر اهلل سبحانو عمى غير حقيقتو ،

: كتصكر عبلقة خمقو بو عمى غير حقيقتيا

ارىل المىسيحي ابفي } قىالىت النصى يره ابفي المو كى قىالىت اليىييكدي عيزى كىكا مف قىبؿي اىئيكفى قىكؿى الذيفى كىفىري ـ ييضى ـ بأىفكىاىي المو ذىلؾى قىكلييي

ـي الموي أىنى ييؤفىكيكفى [30: التكبة ].. {قىاتىمىيي

(199 )

ا مف إلىوو إال إلىوه } مى لىقىد كىفىرى الذيفى قىاليكا إف الموى ثىالثي ثىبلثىةو كىـ كا منيي ـ يىنتىييكا عىما يىقيكليكفى لىيىمىسف الذيفى كىفىري ف لى كىاحده كىا

[ 63: المائدة ] ...{عىذىابه أىليـه

ا قىاليكا } ليعنيكا بمى ـ كى مت أىيديي غميكلىةه غي قىالىت اليىييكدي يىدي المو مى كى [ 64: المائدة ] ...{بىؿ يىدىاهي مىبسيكطىتىاف يينفؽي كىيؼى يىشىاءي

ـى } ارىل نىحفي أىبنىاءي المو كىأىحباؤيهي قيؿ فىم قىالىت اليىييكدي كىالنصى كىمىؽى ـ بىؿ أىنتيـ بىشىره ممف خى ـ بذينيكبكي [18: المائدة ] ...{ييعىذبيكي

كتدخؿ فيو كذلؾ بشعائرىا التعبدية كمراسميا كطقكسيا ثـ تدخؿ .. المنبثقة مف التصكرات االعتقادية المنحرفة الضالة

فيو بأنظمتيا كشرائعيا ، كىي كميا ال تقـك عمى العبكدية هلل داد السمطاف ـ باإلقرار لو كحده بحؽ الحاكمية ، كاست،كحده

(200 )

مف شرعو ، بؿ تقيـ ىيئات مف البشر ، ليا حؽ الحاكمية كقديمان كصميـ اهلل .. العميا التي ال تككف إال هلل سبحانو

بالشرؾ ألنيـ جعمكا ىذا الحؽ لؤلحبار كالرىباف ، يشرعكف ليـ : مف عند أنفسيـ فيقبمكف منيـ ما يشرعكنو

ـ أىربىابان مف ديكف المو كىالمىسيحى ابفى } ريىبىانىيي ـ كى ذيكا أىحبىارىىي اتخىانىوي عىما كا إال ليىعبيديكا إلىيان كىاحدان ال إلىوى إال ىيكى سيبحى ا أيمري مى ـى كى ريى مى

[ 31: التكبة ] ..{ييشركيكفى

كلـ . كىـ لـ يككنكا يعتقدكف في ألكىية األحبار كالرىباف يككنكا يتقدمكف ليـ بالشعائر التعبدية ، إنما كانكا فقط

،يعترفكف ليـ بحؽ الحاكمية ، فيقبمكف منيـ ما يشرعكنو ليـ بما لـ يأذف بو اهلل ، فأكلى أف يكصمكا اليـك بالشرؾ كالكفر ،

(201 )

ككميـ .. كقد جعمكا ذلؾ لناس منيـ ليسكا أحباران كال رىبانان .. سكاء

م تمؾ المجتمعات ػع الجاىؿػم إطار المجتـػ يدخؿ ؼان رػكأخي. " !مسممة " ا أنيا ػم تزعـ لنفسوػالت

كىذه المجتمعات ال تدخؿ في ىذا اإلطار ألنيا تعتقد بألكىية أحد غير اهلل ، كال ألنيا تقدـ الشعائر التعبدية لغير اهلل أيضان ، كلكنيا تدخؿ في ىذا اإلطار ألنيا ال تديف بالعبكدية هلل

ف لـ تعتقد بألكىية أحد إال - فيي . حياتياكحده في نظاـ كا فتديف ،تعطي أخص خصائص األلكىية لغير اهلل - اهلل

بحاكمية غير اهلل ، فتتمقى مف ىذه الحاكمية نظاميا ،

(202 )

ككؿ .. كشرائعيا كقيميا ، كمكازينيا ، كعاداتيا كتقاليدىا . !مقكمات حياتيا تقريبان

: كاهلل سبحانو يقكؿ عف الحاكميف

كفى } ـي الكىافري ؿى الموي فىأيكلىئؾى ىي ا أىنزى ـ بمى ـ يىحكي ف لى مى ] ..{كى[ 44: المائدة

: كيقكؿ عف المحككميف

ـ تىرى إلىى الذيفى } ا يىزعيميكفى أىلى مى ا أينزؿى إلىيؾى كى ـ آمىنيكا بمى أىنييكا أىف أينزؿى مف قىبمؾى قىد أيمري اكىميكا إلىى الطاغيكت كى ييريديكفى أىف يىتىحى

كا بو بؾى ... }قكؿ أف مإلى {... يىكفيري رى تى فىبل كى ال ييؤمنيكفى حىـ رى بىينىيي كميكؾى فيمىا شىجى رىجان مما ييحى ـ حى ثيـ ال يىجديكا في أىنفيسيمميكا تىسميمان ييسى يتى كى [ 65 - 60 :النساء ] .. {قىضى

(203 )

قد كصؼ الييكد كالنصارل مف قبؿ - سبحانو - كما إنو بالشرؾ كالكفر كالحيدة عف عبادة اهلل كحده ، كاتخاذ األحبار

كالرىباف أربابان مف دكنو ، لمجرد أف جعمكا لؤلحبار كالرىباف ما لناس منيـ " مسممكف " يجعمو الذيف يقكلكف عف أنفسيـ أنيـ

كاعتبر اهلل سبحانو ذلؾ مف الييكد كالنصارل شركان كاتخاذىـ ! فيذه كتمؾ . عيسى ابف مريـ ربان يؤليكنو كيعبدكنو سكاء

خركج مف العبكدية هلل كحده ، فيي خركج مف ديف اهلل ، كمف . شيادة أف ال إلو إال اهلل

كعدـ " عممانيتو " كىذه المجتمعات بعضيا يعمف صراحة كلكنو " يحتـر الديف " صبلن ، كبعضيا يعمف أنو أعبلقتو بالديف

" إنو ينكر : صبلن ، كيقكؿ أيف مف نظامو االجتماعي ديخرج اؿباعتبار أف العممية " العممية " كيقيـ نظامو عمى " الغيبية

(204 )

(16)كىك زعـ جاىؿ ال يقكؿ بو إال الجياؿ ! تناقض الغيبية كبعضيا يجعؿ الحاكمية الفعمية لغير اهلل كيشرع ما يشاء ثـ

ككميا ! .. ىذه شريعة اهلل : يقكؿ عما يشرعو مف عند نفسو .. سكاء في أنيا ال تقـك عمى العبكدية هلل كحده

ذا تعيف ىذا ، فإف مكقؼ اإلسبلـ مف ىذه المجتمعات كا : الجاىمية كميا يتحدد في عبارة كاحدة

إنو يرفض االعتراؼ بإسبلمية ىذه المجتمعات كميا . كشرعيتيا في اعتباره

ر إلى العنكانات كالبلفتات كالشارات التي ػإف اإلسبلـ ال ينظإنيا كميا تمتقي في .. ا ػتحمميا ىذه المجتمعات عمى اختبلفو

.الجزء السابع من الظالل في {وعنده مفاتح الغيب ال يعمميا إالا ىو }: يراجع ما جاء في تفسير قولو تعالى (16)

(205 )

ـك عمى العبكدية ػكىي أف الحياة فييا ال تؽ.. حقيقة كاحدة المجتمعات ئرمع سا- ف ثـ تمتقي ػكىي ـ. الكاممة هلل كحده

" ..الجاىمية " صفة .. م صفة كاحدة ػؼ- األخرل

* * *

كىذا يقكدنا إلى القضية الخطيرة كىي منيج اإلسبلـ في لى آخر الزماف .. مكاجية الكاقع البشرم كمو .. اليـك كغدان كا

طبيعة المجتمع " كىنا ينفعنا ما قررناه في الفقرة األكلى عف . ، كقيامو عمى العبكدية هلل كحده في أمره كمو " المسمـ

ىذا السؤاؿ عفإف تحديد ىذه الطبيعة يجيب إجابة حاسمة :

(206 )

ما األصؿ الذم ترجع إليو الحياة البشرية كتقـك عميو ؟ - الكاقع البشرم أيان كاف ؟ كأىك ديف اهلل كمنيجو لمحياة ؟ أـ ق

إف اإلسبلـ يجيب عمى ىذا السؤاؿ إجابة حاسمة ال يتمعثـ إف األصؿ الذم يجب أف ترجع إليو .. فييا كال يتردد لحظة

إف .. الحياة البشرية بجممتيا ىك ديف اهلل كمنيجو لمحياة شيادة أف ال إلو إال اهلل كأف محمدان رسكؿ اهلل التي ىي ركف اإلسبلـ األكؿ ، ال تقـك كال تؤدل إال أف يككف ىذا ىك األصؿ

كيفية ىذه العبكدية في كأف العبكدية هلل كحده مع التمقي .. ال تتحقؽ إال أف - صمى اهلل عميو كسمـ - عف رسكؿ اهلل

: يعترؼ بيذا األصؿ ، ثـ يتبع اتباعان كامبلن ببل تمعثـ كال تردد

(207 )

نوي فىانتىييكا } ـ عى ا نىيىاكي مى ذيكهي كى ـي الرسيكؿي فىخي ا آتىاكي مى ] {كى [ 7: الحشر

: ثـ إف اإلسبلـ يسأؿ

ـي أىـ الموي } {أىأىنتيـ أىعمى

: كيجيب

ـي كىأىنتيـ ال تىعمىميكفى } ا أيكتيتيـ مفى العمـ إال }.. {كىالموي يىعمى مى كى.. {قىميبلن

ك الذم يحكـ ػ ق-كالذم يخمؽ كيرزؽ كذلؾ - كالذم يعمـ كدينو الذم ىك منيجو لمحياة ، ىك األصؿ الذم ترجع إليو ..

أما كاقع البشر كنظرياتيـ كمذاىبيـ فيي تفسد .. الحياة

(208 )

كتنحرؼ ، كتقـك عمى عمـ البشر الذيف ال يعممكف ، كالذيف لـ ! يؤتكا مف العمـ إال قميبلن

فيك .. كديف اهلل ليس غامضان ، كمنيجو لمحياة ليس مائعان محمد رسكؿ اهلل ، فيك محصكر : محدد بشطر الشيادة الثاني

مف النصكص في ، فيما بىمغو رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ فإف كاف ىناؾ نص فالنص ىك الحكـ ، كال اجتياد .. األيصكؿ

ف لـ يكف ىناؾ نص فينا يج. مع النص دكر االجتياد مءكا ال كفؽ األىكاء . م منيج اهلل ذاتو ػؽ أصكلو المقررة ؼػ كؼ-

- : كالرغبات

] .. {فىإف تىنىازىعتيـ في شىيءو فىريدكهي إلىى المو كىالرسيكؿ } [ 59: النساء

(209 )

كمعركفة كذلؾ كاألصكؿ المقررة لبلجتياد كاالستنباط مقررة يشرعو عفميس ألحد أف يقكؿ لشر.. كليست غامضة كال مائعة

هلل معمنة ، كأف العميا ىذا شرع اهلل ، إال أف تككف الحاكمية : ) كال ( الشعب )يككف مصدر السمطات ىك اهلل سبحانو ال

كال أم مف البشر ، كأف يرجع إلى كتاب اهلل كسنة (الحزب رسكلو لمعرفة ما يريده اهلل كال يككف ىذا لكؿ مف يريد أف

" با ذات يـك باسـ ككالذم عرفتو أكر. يدعي سمطانان باسـ اهلل شيء مف ىذا في سفمي" الحكـ المقدس " أك " الثيكقراطية

صمى - كما يممؾ أحد أف ينطؽ باسـ اهلل إال رسكلو . اإلسبلـ نما ىنا- اهلل عميو كسمـ ؾ نصكص معينة ىي التي تحدد ؿكا

.. ما شرع اهلل

(210 )

يساء فيميا ، كيساء استخداميا " الديف لمكاقع " إف كممة ! كلكف أم كاقع . نعـ إف ىذا الديف لمكاقع . كذلؾ

إنو الكاقع الذم ينشئو ىذا الديف نفسو ، كفؽ منيجو ، .. منطبقان عمى الفطرة البشرية في سكائيا ، كمحققان لمحاجات

ىذه الحاجات التي يقررىا . اإلنسانية الحقيقية في شمكليا :الذم خمؽ ، كالذم يعمـ مف خمؽ

بيري } مىؽى كىىيكى المطيؼي الخى ـي مىف خى [ 14: الممؾ ] {أىال يىعمى

ليقره كيبحث لو عف سند منو أيا كاف كالديف ال يكاجو الكاقع إنما يكاجو ! ، كعف حكـ شرعي يعمقو عميو كالبلفتة المستعارة ما يمغي ، منو الكاقع ليزنو بميزانو ، فيقر منو ما يقر ، كيمغي

كينشئ كاقعان غيره إف كاف ال يرتضيو ، ككاقعو الذم ينشئو ىك

(211 )

أك ما " .. ديف لمكاقع " : كىذا ىك المعنى بأف اإلسبلـ . الكاقع ! يجب أف تعنيو في مفيكميا الصحيح

: كلعمو يثار ىنا سؤاؿ

" ليست مصمحة البشر ىي التي يجب أف تصكغ كاقعيـ ؟ أ" !.

كمرة أخرل نرجع إلى السؤاؿ الذم يطرحو اإلسبلـ كيجيب : عميو

ـي أىـ الموي } - ؟ {أىأىنتيـ أىعمى

ـي كىأىنتيـ ال تىعمىميكفى } - ! {كىالموي يىعمى

إف مصمحة البشر متضمنة في شرع اهلل ، كما أىنزلو اهلل ، فإذا بدا لمبشر ذات يـك أف .. ككما بىمغو عنو رسكؿ اهلل

(212 )

: " أكالن .. مصمحتيـ في مخالفة ما شرع اهلل ليـ ، فيـ . فيما بدا ليـ " كاىمكف

ـ مف } اءىىي لىقىد جى ا تىيكىل األىنفيسي كى مى إف يىتبعيكفى إال الظف كىـي الييدىل بي ا تىمىنى ، رى نسىاف مى ـ لئل ... {فىممو اآلخرىةي كىاأليكلىى ، أى

[25-23:النجـ ]

فما يدعي أحد أف المصمحة " .. كافركف : " ثانيان .. كىـ ، ثـ يبقى لحظة كاحدة عمى فيما يراه ىك مخالفان لما شرع اهلل

! .كمف أىؿ ىذا الديف . ىذا الديف

(213 )

ػ شىريعىةه كنيةكى

إف اإلسبلـ حيف يقيـ بناءه اإلعتقادم في الضمير كالكاقع عمى أساس العبكدية الكاممة هلل كحده ، كيجعؿ ىذه العبكدية متمثمة في االعتقاد كالعبادة كالشريعة عمى السكاء ، باعتبار

ىي - في صكرتيا ىذه - أف ىذه العبكدية الكاممة هلل كحده كأف التمقي في .. المدلكؿ العممي لشيادة أف ال إلو إال اهلل

- صمى اهلل عميو كسمـ - كيفية ىذه العبكدية عف رسكؿ اهلل كحده ىك المدلكؿ العممي كذلؾ لشيادة أف محمدان رسكؿ اهلل

...

(214 )

إف اإلسبلـ حيف يقيـ بناءه كمو عمى ىذا األساس ، بحيث تمثؿ شيادة أف ال إلو إال اهلل كأف محمدان رسكؿ اهلل منيج الحياة في اإلسبلـ ، كتصكر مبلمح ىذا المنيج ، كتقرر

إف اإلسبلـ حيف يقيـ بناءه عمى ىذا النحك الفريد .. خصائصو .. الذم يفرقو عف جميع األنظمة األيخرل التي عرفتيا البشرية

م تقريره عف الكجكد كمو ، ال عف ػإنما يرجع إلى أصؿ أشمؿ ؼلى منيج لمكجكد كمو ال منيج .الكجكد اإلنساني كحده كا . لمحياة اإلنسانية كحدىا

إف التصكر اإلسبلمي يقـك عمى أساس أف ىذا الكجكد كمو مف خمؽ اهلل ، اتجيت إرادة اهلل إلى ككنو فكاف ، كأكدعو اهلل

قكانينو التي يتحرؾ بيا ، كالتي تتناسؽ بيا - سبحانو - . حركة أجزائو فيما بينيا ، كما تتناسؽ بيا حركتو الكمية سكاء

(215 )

ا قىكلينىا لشىيءو إذىا أىرىدنىاهي أىف نىقيكؿى لىوي كيف فىيىكيكفي } ] {إنمى [ . 40: النحؿ

مىؽى كيؿ شىيءو فىقىدرىهي تىقديران } خى [ . 2: الفرقاف .. ] {كى

إف كراء ىذا الكجكد الككني مشيئة تدبره ، كقدران يحركو ، ىذا النامكس ينسؽ بيف مفردات ىذا الكجكد . كنامكسان ينسقو

كميا ، كينظـ حركاتيا جميعان ، فبل تصطدـ ، كال تختؿ ، كال إلى ما - تتعارض ، كال تتكقؼ عف الحركة المنتظمة المستمرة

كما إف ىذا الكجكد خاضع مستسمـ لممشيئة التي - شػاءى اهلل تدبره ، كالقدر الذم يحركو ، كالنامكس الذم ينسقو ، بحيث ال

يخطر لو في لحظة كاحدة أف يتمرد عمى المشيئة ، أك أف

(216 )

يتنكر لمقدر ، أك أف يخالؼ النامكس كىك ليذا كمو صالح ال : يدركو العطب كالفساد إال أف يشاء اهلل

مىؽى السمىاكىات كىاألىرضى في ستة أىياـو } ـي الموي الذم خى بكي إف رىثيثان مىى العىرش ييغشي الميؿى النيىارى يىطميبيوي حى ثيـ استىكىل عى

مؽي كىاألىمري رىاتو بأىمره أىال لىوي الخى كـى ميسىخ كىالشمسى كىالقىمىرى كىالنجي [ .54: األعراؼ .. ] {تىبىارىؾى الموي رىب العىالىميفى

* * *

كاإلنساف مف ىذا الكجكد الككني ، كالقكانيف التي تحكـ فطرتو ليست بمعزؿ عف ذلؾ النامكس الذم يحكـ الكجكد كمو

كىك في تككينو - كما خمؽ ىذا الكجكد - لقد خمقو اهلل .. المادم مف طيف ىذه األرض ، كما كىبو اهلل مف خصائص

(217 )

زائدة عمى مادة الطيف جعمت منو إنسانان ، إنما رزقو اهلل إياه مقدران تقديران ، كىك خاضع مف ناحية كيانو الجسمي لمنامكس

يعطى كجكده - رضى أـ أبي - الطبيعي الذم سنو اهلل لو كخمقو ابتداء بمشيئة اهلل ال بمشيئتو ىك كال بمشيئة أبيو كأمو

- ما يمتقياف كلكنيما ال يممكاف أف يعطيا جنيف كجكده قؼ- كىك ييكلىد كفؽ النامكس الذم كضعو اهلل لمدة الحمؿ كظركؼ

كىك يتنفس ىذا اليكاء الذم أكجده اهلل بمقاديره ىذه . الكالدة كىك يحس . ، كيتنفسو بالقدر كبالكيفية التي أرادىا اهلل لو

كيتألـ ، كيجكع كيعطش ، يأكؿ كيشرب ، كيمثؿ الطعاـ كفؽ نامكس اهلل ، عف غير .. كبالجممة يعيش .. كالشراب

إرادة منو كال اختيار ، شأنو في ىذا شأف ىذا الكجكد الككني

(218 )

ككؿ ما فيو ككؿ مف فيو ، في الخضكع المطمؽ لمشيئة اهلل ... كقدره كنامكسو

كخمؽ اإلنساف ، كالذم الككني كاهلل الذم خمؽ ىذا الكجكد .. أخضع اإلنساف لنكاميسو التي أخضع ليا الكجكد الككني

لتنظيـ حياتو " شريعة " الذم سف لئلنساف - سبحانو - ىك عمى - فالشريعة . اإلرادية تنظيمان متناسقان مع حياتو الطبيعية

إف ىي إال قطاع مف النامكس اإلليي العاـ - ىذا األساس الذم يحكـ فطرة اإلنساف ، كفطرة الكجكد العاـ ، كينسقيا كميا

. جممةن كاحدة

كما مف كممة مف كممات اهلل ، كال أمر كال نيي ، كال كعد إال ىي شطر مف .. . كال كعيد ، كال تشريع كال تكجيو

(219 )

كصادقة في ذاتيا صدؽ القكانيف التي نسمييا ،النامكس العاـ التي نراىا - أم القكانيف اإلليية الككنية - القكانيف الطبيعية

تتحقؽ في كؿ لحظة ، بحكـ ما في طبيعتيا مف حؽ أزلي . أكدعو اهلل فييا ، كىي تتحقؽ بقدر اهلل

مف - التي سنيا اهلل لتنظيـ حياة البشر ىي " الشريعة " ك بمعنى أنيا متصمة بنامكس الككف العاـ . شريعة ككنية - ثـ

كمف ثـ فإف االلتزاـ بيا ناشئ مف ضركرة .. ، كمتناسقة معو تحقيؽ التناسؽ بيف حياة اإلنساف ، كحركة الككف الذم يعيش

بؿ مف ضركرة تحقيؽ التناسؽ بيف القكانيف التي تحكـ .. فيو . فطرة البشر المضمرة كالقكانيف التي تحكـ حياتيـ الظاىرة

كضركرة االلتئاـ بيف الشخصية المضمرة كالشخصية الظاىرة .. لئلنساف

(220 )

كلما كاف البشر ال يممككف أف يدرككا جميع السنف الككنية ، كال حتى بيذا الذم - كال أف يحيطكا بأطراؼ النامكس العاـ

- فإنيـ - رضكا أـ أبكا - يحكـ فطرتيـ ذاتيا كيخضعيـ لو ال يممككف أف يشرعكا لحياة البشر نظامان يتحقؽ بو - مف ثـ

التناسؽ المطمؽ بيف حياة الناس كحركة الككف ، كال حتى إنما يممؾ ىذا . التناسؽ بيف فطرتيـ المضمرة كحياتيـ الظاىرة

خالؽ الككف كخالؽ البشر ، كمدبر أمره كأمرىـ ، كفؽ . ختاره كارتضاه االنامكس الكاحد الذم

ككذلؾ يصبح العمؿ بشريعة اهلل كاجبان لتحقيؽ ذلؾ التناسؽ فبل كجكد . كذلؾ فكؽ كجكبو لتحقؽ اإلسبلـ اعتقادان ..

حياة جماعة ، إال بإخبلص العبكدية ك م حياة فرد أػلئلسبلـ ؼهلل كحده ، كبالتمقي في كيفية ىذه العبكدية عف رسكؿ اهلل

(221 )

شيادة أف ال إلو : كحده ، تحقيقان لمدلكؿ ركف اإلسبلـ األكؿ . إال اهلل ، كأف محمدان رسكؿ اهلل

كفي تحقيؽ التناسؽ المطمؽ بيف حياة البشر كنامكس فيو الصيانة لمحياة مف الفساد أف الككف كؿ الخير لمبشر ، كما

يعيشكف في سبلـ مف - في ىذه الحالة كحدىا - إنيـ .. فأما السبلـ مع الككف فينشأ مف تطابؽ حركتيـ مع .. أنفسيـ

كأما السبلـ مع .. حركة الككف ، كتطابؽ اتجاىيـ مع اتجاىو أنفسيـ فينشأ مف تكافؽ حركتيـ مع دكافع فطرتيـ الصحيحة ،

فبل تقـك المعركة بيف المرء كفطرتو ، ألف شريعة اهلل تنسؽ .. م يسر كىدكء ػف الحركة الظاىرة كالفطرة المضمرة ، ؼػبي

كينشأ عف ىذا التنسيؽ تنسيؽ آخر في ارتباط الناس

(222 )

كنشاطيـ العاـ ، ألنيـ جميعان يسمككف حينئذ كفؽ منيج مكحد . ، ىك طرؼ مف النامكس الككني العاـ

كذلؾ يتحقؽ الخير لمبشرية عف طريؽ إىتدائيا كتعرفيا في يسر إلى أسرار ىذا الككف ، كالطاقات المكنكنة فيو كالكنكز المذخكرة في أطكائو ػ كاستخداـ ىذا كمو كفؽ شريعة اهلل ،

. لتحقيؽ الخير البشرم العاـ ، ببل تعارض كال اصطداـ

: كمقابؿ شريعة اهلل ىك أىكاء البشر

ـ لىفىسى } ؽ أىىكىاءىىي لىك اتبىعى الحى ـى ػكى ف ػدىت السمىاكىاتي كىاألىرضي كى [ . 71: المؤمنكف ... ] {فييف

ـ تكحد النظرة اإلسبلمية بيف الحؽ الذم يقـك عميو كمف ثكيصمح . ىذا الديف ، كالحؽ الذم تقـك عميو السمكات كاألرض

(223 )

يحاسب اهلل بو كيجازم مف يتعدكنو كعميو أمر الدنيا كاآلخرة ، فيك حؽ كاحد ال يتعدد ، كىك النامكس الككني العاـ الذم ..

م جميع األحكاؿ ، كالذم يخضع لو ػأراده اهلل ليذا الكجكد ؼ. كيؤخذ بو كؿ ما في الكجكد مف عكالـ كأشياء كأحياء

ـ أىفىبل تىعقميكفى } ـ كتىابان فيو ذكريكي لنىا إلىيكي منىا ، لىقىد أىنزى ـ قىصى كى كىريفى سكا ، مف قىريىةو كىانىت ظىالمىةن كىأىنشىأنىا بىعدىىىا قىكمان آخى فىمىما أىحى

ـ منيىا يىركيضيكفى ا أيترفتيـ ، بىأسىنىا إذىا ىي كا كىارجعيكا إلىى مى ال تىركيضيـ تيسأىليكفى ـ لىعىمكي مىسىاكنكي يمىنىا إنا كينا ظىالميفى ، فيو كى ، قىاليكا يىا كى

امديفى صيدان خى ـ حى عىمنىاىي تى جى ـ حى ا زىالىت تمؾى دىعكىاىي ا ، فىمى مى كىا بىينىييمىا العبيفى مى مىقنىا السمىاءى كىاألىرضى كى لىك أىرىدنىا أىف نىتخذى ، خى

ذنىاهي مف لىدينا إف كينا فىاعميفى مىى ، لىيكان التخى ؽ عى بىؿ نىقذؼي بالحىيؿي مما تىصفيكفى ـي الكى لىكي لىوي مىف ، البىاطؿ فىيىدمىغيوي فىإذىا ىيكى زىاىؽه كى كى

(224 )

ف عبىادىتو كىال كفى عى ف عندىهي ال يىستىكبري مى في السمىاكىات كىاألىرض كىكفى كفى ، يىستىحسري ... ] {ييسىبحيكفى الميؿى كىالنيىارى ال يىفتيري

[ . 20 - 10: األنبياء

فطبيعة ،كفطرة اإلنساف تدرؾ ىذا الحؽ في أعماقيا تكحي إلى فطرتو ، تككينو كطبيعة ىذا الككف كمو مف حكلو

بأف ىذا الكجكد قائـ عمى الحؽ ، كأف الحؽ أصيؿ فيو ، كأنو ثابت عمى النامكس ، ال يضطرب ، كال تتفرؽ بو السبؿ ، كال

كال يصطدـ بعضو ببعض ، كال يسير كفؽ . تختمؼ دكرتو كال كفؽ اليكل المتقمب ،المصادفة العابرة كالفمتة الشاردة

إنما يمضي في نظامو الدقيؽ المحكـ ! كالرغبة الجامحة بيف - أكؿ ما يقع - كمف ثـ يقع الشقاؽ .. المقدر تقديران

اإلنساف كفطرتو عندما يحيد عف الحؽ الكامف في أعماقيا ،

(225 )

تحت تأثير ىكاه ، كذلؾ عندما يتخذ شريعة لحياتو مستمدة مف كعندما ال يستسمـ هلل استسبلـ ،ىذا اليكل ال مف شريعة اهلل

! ىذا الكجكد الككني الخاضع لمكاله

كمثؿ ىذا الشقاؽ يقع بيف األفراد كالجماعات كاألمـ بيف البشر كالككف مف حكليـ ، فتنقمب قكاه عكاألجياؿ ، كما يؽ

كذخائره كسائؿ تدمير كأسباب شقاء ، بدالن مف أف تككف كسائؿ . عمراف كأسباب سعادة لبني اإلنساف

ذف فإف اليدؼ الظاىر مف قياـ شريعة اهلل في األرض كا فالدنيا كاآلخرة معان مرحمتاف . ليس مجرد العمؿ لآلخرة

م ػمتكاممتاف ، كشريعة اهلل ىي التي تنسؽ بيف المرحمتيف ؼ

(226 )

تنسؽ الحياة كميا مع النامكس اإلليي . حياة ىذا اإلنساف . العاـ

كالتناسؽ مع النامكس ال يؤجؿ سعادة الناس إلى اآلخرة ، بؿ يجعميا كاقعة كمتحققة في المرحمة األكلى كذلؾ ، ثـ تتـ

.كتبمغ كماليا في الدار اآلخرة تماميا

* * *

ىذا ىك أساس التصكر اإلسبلمي لمكجكد كمو ، كلمكجكد م ظؿ ذلؾ الكجكد العاـ ، كىك تصكر يختمؼ في ػاإلنساني ؼ

طبيعتو اختبلفان جكىريان عف كؿ تصكر آخر عرفتو البشرية ، كمف ثـ تقـك عميو التزامات ال تقـك عمى أم تصكر آخر في

.. جميع األنظمة كالنظريات

(227 )

ىك مقتضى - في ىذا التصكر - إف االلتزاـ بشريعة اهلل اإلرتباط التاـ بيف حياة البشر كحياة الككف ، كبيف النامكس

الذم يحكـ فطرة البشر كيحكـ ىذا الككف ، ثـ ضركرة المطابقة بيف ىذا النامكس العاـ كالشريعة التي تنظـ حياة بني اإلنساف ، كتتحقؽ بالتزاميا عبكدية البشر هلل كحده ، كما أف عبكدية

. ىذا الككف هلل كحده ال يدعييا لنفسو إنساف

لى ضركرة ىذا التطابؽ كالتناسؽ يشير الحكار الذم جرل كا كبيف - أبي ىذه األمة المسممة -عميو السبلـ - بيف إبراىيـ

المتجبر المدعي بحؽ السمطاف عمى العباد في " نمركد " أف يدعي بحؽ - مع ذلؾ - األرض ، كالذم لـ يستطع

السمطاف عمى األفبلؾ كاألجراـ في الككف ، كبيت أماـ إبراىيـ إف الذم يممؾ السمطاف في : كىك يقكؿ لو ،عميو السبلـ

(228 )

الككف ىك كحده الذم ينبغي أف يككف لو السمطاف في حياة : البشر ، كلـ يحر جكابان عمى ىذا البرىاف

بو أىف آتىاهي الموي الميمؾى } ـى في رى اج إبرىاىي ـ تىرى إلىى الذم حى أىلىييميتي قىاؿى أىنىا أيحيي كىأيميتي قىاؿى بيى الذم ييحيي كى ـي رى إذ قىاؿى إبرىاىي

ـي فىإف الموى يىأتي بالشمس مفى المىشرؽ فىأت بيىا مفى إبرىاىيغرب فىبييتى الذم كىفىرى كىالموي ال يىيدم القىكـى الظالميفى .. ] {المى

[ . 258: البقرة

: كصدؽ اهلل العظيـ

ـى مىف في السمىاكىات ػأىفىغىي } لىوي أىسمى رى ديف المو يىبغيكفى كىعيكفى لىيو ييرجى كىرىان كىا . [ 83: آؿ عمراف .. ] { كىاألىرض طىكعان كى

(229 )

ارى ىيكى اإلسبلـي ة الحىضى

مجتمع ... اإلسبلـ ال يعرؼ إال نكعيف اثنيف مف المجتمعات .. إسبلمي ، كمجتمع جاىمي

ىك المجتمع الذم يطبؽ فيو اإلسبلـ " المجتمع اإلسبلمي " " ك .. عقيدة كعبادة ، كشريعة كنظامان ، كخمقان كسمككان ..

ىك المجتمع الذم ال يطبؽ فيو اإلسبلـ ، " المجتمع الجاىمي كال تحكمو عقيدتو كتصكراتو ، كقيمو كمكازينو ، كنظامو

.. كشرائعو ، كخمقو كسمككو

(230 )

ليس المجتمع اإلسبلمي ىك الذم يضـ ناسان ممف يسمكف ، بينما شريعة اإلسبلـ ليست ىي قانكف " مسمميف " أنفسيـ

ف صمى كصاـ كحج البيت الحراـ كليس ! ىذا المجتمع ، كا المجتمع اإلسبلمي ىك الذم يبتدع لنفسو إسبلمان مف عند

مو رسكلو صمى اهلل - نفسو غير ما قرره اهلل سبحانو ، كفص" ! اإلسبلـ المتطكر " عميو كسمـ ، كيسميو مثبلن

كميا - قد يتمثؿ في صكر شتى " المجتمع الجاىمي " ك - : جاىمية

قد يتمثؿ في صكرة مجتمع ينكر كجكد اهلل تعالى ، كيفسر االشتراكية " التاريخ تفسيران ماديان جدليان ، كيطبؽ ما يسميو

. نظامان " العممية

(231 )

كقد يتمثؿ في مجتمع ال ينكر كجكد اهلل تعالى ، كلكف يجعؿ لو ممككت السماكات ، كيعزلو عف ممككت األرض ، فبل يطبؽ شريعتو في نظاـ الحياة ، كال يحكـ قيمو التي جعميا ىك قيمان ثابتة في حياة البشر ، كيبيح لمناس أف يعبدكا اهلل في البيىع كالكنائس كالمساجد ، كلكنو يحرـ عمييـ أف يطالبكا بتحكيـ شريعة اهلل في حياتيـ ، كىك بذلؾ ينكر أك يعطؿ ألكىية اهلل

: في األرض ، التي ينص عمييا قكلو تعالى

في األىرض إلىوه } اء إلىوه كى الزخرؼ ].. {كىىيكى الذم في السمى :84 . ]

كمف ثـ ال يككف ىذا المجتمع في ديف اهلل الذم يحدده قكلو :

(232 )

ـي } ـي إال لمو أىمىرى أىال تىعبيديكا إال إياهي ذىلؾى الديفي القىي ك {إف الحي [ . 40: يكسؼ ]..

كف مجتمعان جاىميان ، كلك أقر بكجكد اهلل سبحانو ػكبذلؾ يؾكلك ترؾ الناس يقدمكف الشعائر هلل ، في البيىع كالكنائس

. كالمساجد

" ىك كحده - بصفتو تمؾ " - المجتمع اإلسبلمي " بكؿ صكرىا - ، كالمجتمعات الجاىمية " المجتمع المتحضر

كال بد مف إيضاح ليذه الحقيقة ! مجتمعات متخمفة - المتعددة . الكبيرة

: د أعمنتي مرة عف كتاب لي تحت الطبع بعنكاف ػد كنت ؽػلؽثـ عدت في اإلعبلف " .. نحك مجتمع إسبلمي متحضر "

(233 )

مكتفيان بأف يككف عنكاف " متحضر " التالي عنو فحذفت كممة " .. نحك مجتمع إسبلمي - " كما ىك مكضكعو - البحث

(يكتبو بالفرنسية )كلفت ىذا التعديؿ نظر كاتب جزائرم عممية دفاع نفسية داخمية عف " ففسره عمى أنو ناشئ مف

تحرمني - غير الكاعية - كأسؼ ألف ىذه العممية " اإلسبلـ ! عمى حقيقتيا " المشكمة " مكاجية

كنت أفكر .. لقد كنت مثمو مف قبؿ .. أنا أعذر ىذا الكاتب عندما فكرت في .. عمى النحك الذم يفكر ىك عميو اآلف ككانت المشكمة عندم ! .. الكتابة عف ىذا المكضكع ألكؿ مرة

" ! تعريؼ الحضارة : " ىي مشكمة - كما ىي عنده اليـك -

(234 )

كف قد تخمصت بعد مف ضغط الركاسب الثقافية في ألـ تككيني العقمي كالنفسي ، كىي ركاسب آتية مف مصادر أجنبية

كعمى الرغـ مف اتجاىي .. غريبة عمى حسي اإلسبلمي .. اإلسبلمي الكاضح في ذلؾ الحيف ، إال أف ىذه الركاسب كانت

كما ىك " - الحضارة " كاف تصكر ! تغبش تصكرم كتطمسو يخايؿ لي ، كيغبش تصكرم ، كيحرمني - بي كالفكر األكر

. ة ؿالرؤية الكاضحة األصي

المجتمع " ىك " المجتمع المسمـ .. " ثـ انجمت الصكرة إذف لغك ، ال يضيؼ شيئان " المتحضر " فكممة " . المتحضر

عمى العكس تنقؿ ىذه الكممة إلى حس القارئ تمؾ .. جديدان الظبلؿ األجنبية الغربية التي كانت تغبش تصكرم ، كتحرمني

! ة ؿالرؤية الكاضحة األصي

(235 )

كال بد مف " .. تعريؼ الحضارة " االختبلؼ إذف ىك عمى !إيضاح إذف ليذه الحقيقة

* * *

متمثمة - حيف تككف الحاكمية العميا في مجتمع هلل كحده تككف ىذه ىي الصكرة الكحيدة - في سيادة الشريعة اإلليية

مف العبكدية لمبشر كحقيقيان التي يتحرر فييا البشر تحرران كامبلن ألف حضارة اإلنساف " الحضارة اإلنسانية " كتككف ىذه ىي ..

تقتضي قاعدة أساسية مف التحرر الحقيقي الكامؿ لئلنساف ، في - كال حرية ..كمف الكرامة المطمقة لكؿ فرد في المجتمع

- ممثبلن في كؿ فرد مف أفراده - كال كرامة لئلنساف - الحقيقة ! في مجتمع بعضو أرباب يشرعكف كبعضو عبيد يطيعكف

(236 )

كال بد أف نبادر فنبيف أف التشريع ال ينحصر فقط في كما ىك المفيـك الضيؽ في األذىاف اليـك - األحكاـ القانكنية فالتصكرات كالمناىج ، كالقيـ كالمكازيف ، - لكممة الشريعة

. كميا تشريع يخضع األفراد لضغطو .. كالعادات كالتقاليد ىذه الضغكط ، - بعضيـ لبعض - كحيف يصنع الناس

كيخضع ليا البعض اآلخر منيـ في مجتمع ، ال يككف ىذا المجتمع متحرران ، إنما ىك مجتمع بعضو أرباب كبعضو عبيد

أك .. مجتمع متخمؼ - مف ثـ - كىك - كما أسمفنا - " ! مجتمع جاىمي .. " بالمصطمح اإلسبلمي

كالمجتمع اإلسبلمي ىك كحده المجتمع الذم يييمف عميو إلو كاحد ، كيخرج فيو الناس مف عبادة العباد إلى عبادة اهلل

كبذلؾ يتحرركف التحرر الحقيقي الكامؿ ، الذم ترتكز . كحده

(237 )

إليو حضارة اإلنساف ، كتتمثؿ فيو كرامتو كما قدرىا اهلل لو ، كىك يعمف خبلفتو في األرض عنو ، كيعمف كذلؾ تكريمو في

..المؤل األعمى

* * *

م مجتمع ىي العقيدة ػكحيف تككف آصرة التجمع األساسية ؼكالتصكر كالفكرة كمنيج الحياة ، كيككف ىذا كمو صادران مف إلو

السيادة العميا لمبشر ، كليس صادران مف فيو كاحد ، تتمثؿ يككف ذلؾ .. أرباب أرضية تتمثؿ فييا عبكدية البشر لمبشر

.. مف خصائص " اإلنساف " التجمع ممثبلن ألعمى ما في فأما حيف تككف آصرة التجمع في .. حصائص الركح كالفكر

كما إلى ذلؾ مف ... مجتمع ىي الجنس كالمكف كالقـك كاألرض

(238 )

الركابط ، فظاىر أف الجنس كالمكف كالقـك كاألرض ال تمثؿ فاإلنساف يبقى إنسانان بعد الجنس .. الخصائص العميا لئلنساف

كالمكف كالقـك كاألرض ، كلكنو ال يبقى إنسانان بعد الركح كالفكر أف يغير عقيدتو - بمحض إرادتو الحرة - ثـ ىك يممؾ !

كتصكره كفكره كمنيج حياتو ، كلكنو ال يممؾ أف يغير لكنو كال جنسو ، كما إنو ال يممؾ أف يحدد مكلده في قـك كال في أرض

فالمجتمع الذم يتجمع فيو الناس عمى أمر يتعمؽ بإرادتيـ .. اما المجتمع .. الحرة كاختيارىـ الذاتي ىك المجتمع المتحضر

الذم يتجمع فيو الناس عمى أمر خارج عف إرادتيـ اإلنسانية " ىك .. أك بالمصطمح اإلسبلمي .. ك المجتمع المتخمؼ ػفو

" ! المجتمع الجاىمي

(239 )

كالمجتمع اإلسبلمي كحده ىك المجتمع الذم تمثؿ فيو العقيدة رابطة التجمع األساسية ، كالذم تعتبر فيو العقيدة ىي

الجنسية التي تجمع بيف األسكد كاألبيض كاألحمر كاألصفر كالعربي كالركمي كالفارسي كالحبشي كسائر أجناس األرض في أمة كاحدة ، ربيا اهلل ، كعبكديتيا لو كحده ، كالكـر فييا ىك

األتقى ، كالكؿ فييا أنداد يمتقكف عمى أمر شرعو اهلل ليـ ، كلـ !يشرعو أحد مف العباد

* * *

م ػم القيمة العميا ؼػاإلنساف ق" إنسانية " كف ػف تؾػكحيفيو ىي مكضع " اإلنسانية " كف الخصائص ػع ، كتؾػمجتـ

فأما حيف .. التكريـ كاالعتبار ، يككف ىذا المجتمع متحضران

(240 )

سكاء .. ىي القيمة العميا - في أية صكرة " - المادة " تككف ك أ! كما في التفسير الماركسي لمتاريخ " النظرية " في صكرة با كسائر ككما في أمريكا كأكر " مادماإلنتاج اؿ" في صكر

المجتمعات التي تعتبر اإلنتاج المادم قيمة عميا تيدر في فإف ىذا المجتمع يككف .. سبيميا القيـ كالخصائص كاإلنسانية

! أك بالمصطمح اإلسبلمي مجتمعان جاىميان .. مجتمعان متخمفان

ال يحتقر المادة ، ال .. اإلسبلمي .. إف المجتمع المتحضر باعتبارىا ىي التي يتألؼ منيا ىذا الككف )في صكرة النظرية

" كال في صكر (الذم نعيش فيو كنتأثر فيو كنؤثر فيو أيضان فاإلنتاج المادم مف مقكمات الخبلفة في " . اإلنتاج المادم كلكنو فقط ال يعتبرىا ىي القيمة العميا التي -األرض عف اهلل

كتيدر ! .. كمقكماتو " اإلنساف " تيدر في سبيميا خصائص

(241 )

" األيسرة " كتيدر فييا قاعدة . مف أجميا حرية الفرد ككرامتو إلى آخر .. كمقكماتيا ، كتيدر فييا أخبلؽ المجتمع كحرماتو

ما تيدره المجتمعات الجاىمية مف القيـ العميا كالفضائؿ ! كالحرمات لتحقؽ الكفرة في اإلنتاج المادم

" األخبلؽ اإلنسانية " ك " القيـ اإلنسانية " كحيف تككف التي تقـك عمييا ، ىي السائدة في مجتمع ، يككف ىذا

كالقيـ اإلنسانية كاألخبلؽ اإلنسانية ليست . المجتمع متحضران متغيرة " متطكرة " مسألة غامضة مائعة كليست كذلؾ قيمان

متبدلة ، ال تستقر عمى حاؿ كال ترجع إلى أصؿ ، كما يزعـ " ! االشتراكية العممية " التفسير المادم لمتاريخ ، ككا تزعـ

(242 )

إنيا القيـ كاألخبلؽ التي تنمي في اإلنساف خصائص مب فيو ىذا تي اإلنساف التي يتفرد بيا دكف الحيكاف ، كالتي غى

الجانب الذم يميزه كيعزكه عف الحيكاف ، كليست ىي القيـ كاألخبلؽ التي تنمي فيو كتيغىمب الجكانب التي يشترؾ فييا مع

. الحيكاف

كحيف تكضع المسألة ىذا الكضع يبرز فييا خط فاصؿ ال يقبؿ عممية التمييع المستمرة التي يحاكليا " كثابت " كحاسـ

" ! اإلشتراكيكف العمميكف " ك " ! التطكريكف "

عندئذ ال يككف اصطبلح البيئة كعرفيا ىك الذم يحدد القيـ .. األخبلقية ، إنما يككف كراء اختبلؼ البيئة ميزاف ثابت

" صناعية " كأخرل " زراعية " عندئذ ال يككف ىناؾ قيـ كأخبلؽ

(243 )

، كال قيـ " اشتراكية " كأخرل " رأسمالية " كال قيـ كأخبلؽ ! كال تككف ىناؾ " ! صعمككية " كأخرل " برجكازية " كأخبلؽ

.. أخبلؽ مف صنع البيئة كمستكل المعيشة كطبيعة المرحمة إنما تككف ىناؾ .. التغيرات السطحية كالشكمية إلى آخر ىذه

" كقيـ كأخبلؽ " إنسانية " قيـ كأخبلؽ - مف كراء ذلؾ كمو - أك بالمصطمح اإلسبلمي ! - إذا صح ىذا التعبير " - حيكانية

" . جاىمية " كقيـ كأخبلؽ " إسبلمية " قيـ كأخبلؽ :

أم التي " - اإلنسانية " إف اإلسبلـ يقرر قيمو كأخبلقو ىذه ـ - في اإلنساف الجكانب التي تفرقو كتميزه عف الحيكاف متن

كيمضي غي إنشائيا كتثبيتيا كصيانتيا في كؿ المجتمعات التي يييمف عمييا سكاء كانت ىذه المجتمعات في طكر

الزراعة أـ في طكر الصناعة ، كسكاء كانت مجتمعات بدكية

(244 )

أك مجتمعات حضرية مستقرة ، كسكاء كانت متعيش عمى الرع صعدان بالخصائص مإنو يرتؽ.. ىذه المجتمعات فقيرة أك غنية

ألف الخط .. نكسة إلى الحيكانية ؿاإلنسانية ، كيحرسيا مف االصاعد في القيـ كاالعتبارات يمضي مف الدرؾ الحيكاني إلى

مع حضارة المادة - فإذا انتكس ىذا الخط .. المرتفع اإلنساني " أك ىك " التخمؼ " إنما ىك ! فمف يككف ذلؾ حضارة -

" !الجاىمية

* * *

كتقـك ىذه . ىي قاعدة المجتمع " األسرة " كحيف تككف . بيف الزكجيف في العمؿ " التخصص " األسرة عمى أساس

يككف .. كتككف رعاية الجيؿ الناشئ ىي أىـ كظائؼ األسرة

(245 )

في - ذلؾ أف األسرة عمى ىذا النحك .. ىذا المجتمع متحضران تككف ىي البيئة التي تنشأ كتينىمى - ظؿ المنيج اإلسبلمي

التي أشرنا إلييا في الفقرة " اإلنسانية " كاألخبلؽ فييا القيـ ، كالتي يستحيؿ أف تنشأ ئالسابقة ، ممثمة في الجيؿ الناش

في كحدة أخرل غير كحدة األسرة ، فأما حيف تككف العبلقات ىي (غير الشرعي )كالنسؿ (الحرة كما يسمكنيا )الجنسية

حيف تقـك العبلقات بيف الجنسيف عمى .. قاعدة المجتمع أساس اليكل كالنزكة كاالنفعاؿ ، ال عمى أساس الكاجب

حيف تصبح كظيفة المرأة .. كالتخصص الكظيفي في األيسرة كحيف تتخمى المرأة عف كظيفتيا .. ىي الزينة كالغكاية كالفتنة

أك ييؤثر ليا - األساسية في رعاية الجيؿ الجديد ، كتيؤثر ىي ! .. ك طائرة أأف تككف مضيفة في فندؽ أك سفينة - المجتمع

(246 )

" صناعة األدكات " ك " اإلنتاج المادم " حيف تنفؽ طاقتيا في ألف اإلنتاج المادم يكمئذ " ! صناعة اإلنسانية " كال تنفقيا في

، عندئذ يككف ىنا " اإلنتاج اإلنساني " أغمى كأعز كأكـر مف " أك تككف ىي .. بالقياس اإلنساني " التخمؼ الحضارم " ىك

! بالمصطمح اإلسبلمي " الجاىمية

كقضية األسرة كالعبلقات بيف الجنسيف قضية حاسمة في متخمؼ أـ متحضر ، جاىمي أـ .. تحديد صفة المجتمع

كالمجتمعات التي تسكد فييا القيـ كاألخبلؽ ! .. إسبلمي كالنزعات الحيكانية في ىذه العبلقة ال يمكف أف تككف مجتمعات

متحضرة ، ميما تبمغ مف التفكؽ الصناعي كاالقتصادم " إف ىذا المقياس ال يخطئ في قياس مدل التقدـ ! كالعممي " .. اإلنساني

(247 )

" كفي المجتمعات الجاىمية الحديثة ينحسر المفمـك " ؛ بحيث يتخمى عف كؿ ما لو عبلقة بالتميز " األخبلقي ففي ىذه المجتمعات ال " ! الحيكاني " عف الطابع " اإلنساني

كال حتى العبلقات - تعتبر العبلقات الجنسية غير الشرعية إف المفيـك األخبلقي يكاد .. رذيمة أخبلقية - الجنسية الشاذة

كالسياسية أحيانان في - ينحصر في المعامبلت االقتصادية ففضيحة كريستيف كيمر كبركفيمك " - مصمحة الدكلة " حدكد

لـ تكف في عرؼ المجتمع - مثبلن - الكزير اإلنجميزم إنما كانت فضيحة .. اإلنجميزم فضيحة بسبب جانبيا الجنسي

ستيف كيمر كانت صديقة كذلؾ لمممحؽ البحرم الركسي مألف كركمف ىنا يككف ىناؾ خطر عمى أسرار الدكلة في عبلقة .

ككذلؾ ألنو افتضح كذبو عمى البرلماف ! الكزير بيذه الفتاة

(248 )

كالفضائح المماثمة في مجمس الشيكخ األمريكي ، ! اإلنجميزم كفضائح الجكاسيس كالمكظفيف اإلنجميز كاألمريكاف الذيف ىربكا

! إنيا ليست فضائح بسبب شذكذىـ الجنسي . إلى ركسيا ! كلكف بسبب الخطر عمى أسرار الدكلة

كالكيتاب كالصحفيكف كالركائيكف في المجتمعات الجاىمية إف االتصاالت : ىنا كىناؾ يقكلكنيا صريحة لمفتيات كالزكجات

الرذيمة األخبلقية أف يخدع . ليست رذائؿ أخبلقية (الحرة )الفتى رفيقتو أك تخذع الفتاة رفيقيا كال تخمص لو الكد ، بؿ

كة الحب ػالرذيمة أف تحافظ الزكجة عمى عفتيا إذا كانت شوكالفضيمة أف تبحث ليا عف صديؽ تعطيو ! لزكجيا قد خمدت

كمئات ! عشرات مف القصص ىذا محكرىا ! .. جسدىا بأمانة

(249 )

يكاتكرية كالنكت كالفاكاىات رالتكجييات اإلخبارية كالرسـك الكا.. ىذه إيحاءاتيا

.. غير متحضرة .. مثؿ ىذه المجتمعات مجتمعات متخمفة " اإلنساني " كبمقياس خط التقدـ " اإلنساف " مف كجية نظر

..

لمنزكات " الضبط " إف خط التقدـ اإلنساني يسير في اتجاه الكاجب " عمى أساس " األسرة " الحيكانية ، كحصرىا في نطاؽ

نما " كظيفة إنسانية " بذلؾ ملتؤد" ليست المذة غايتيا ، كا ىي إعداد جيؿ إنساني يخمؼ الجيؿ الحاضر في ميراث

التي يميزىا بركز الخصائص اإلنسانية " اإلنسانية " الحضارة كال يمكف إعداد جيؿ يترقى في خصائص اإلنساف ، كيبتعد ..

(250 )

عف خصائص الحيكاف ، إال في محضف أسرة محكطة بضمانات األمف كاالستقرار العاطفي ، كقائمة عمى أساس الكاجب الذم ال

كفي المجتمع الذم تنشئ تمؾ . يتأرجح مع االنفعاالت الطارئة ق ػالتكجييات كاإليحاءات الخبيثة المسمكمة ، كالذم ينحسر في

المفيـك األخبلقي ، فيتخمى عف كؿ آداب الجنس ، ال يمكف أف .. يقـك ذلؾ المحضف اإلنساني

جؿ ذلؾ كمو تككف القيـ كاألخبلؽ كاإليحاءات أمف اإلسبلـ " كيككف . كالضمانات اإلسبلمية ىي البلئقة باإلنساف

كيككف المجتمع اإلسبلمي ىك المجتمع " ىك الحضارة يتطكر " بذلؾ المقياس الثابت الذم ال يتميع أك ال .. المتحضر

. "

(251 )

* * *

في " اهلل "بالخبلفة عف " اإلنساف " كأخيران فإنو حيف يقـك بأف يخمص عبكديتو هلل كيخمص : أرضو عمى كجييا الصحيح

مف العبكدية لغيره ، كأف يحقؽ منيج اهلل كحده كيرفض كـ شريعة اهلل كحدىا االعتراؼ بشرعية منيج غيره ، كأف ييحى

في حياتو كميا كينكر تحكيـ شريعة سكاىا ، كأف يعيش بالقيـ . كاألخبلؽ التي قررىا اهلل لو كيسقط القيـ كاألخبلؽ المدعاة

ثـ بأف يتعرؼ بعد ذلؾ كمو إلى النكاميس الككنية التي أكدعيا اهلل في ىذا الككف المادم ، كيستخدميا في ترقية الحياة ،

كفي استنباط خامات األرض كأرزاقيا كأقكاتيا التي أكدعيا اهلل إياىا ، كجعؿ تمؾ النكاميس الككنية أختاميا ، كمنح اإلنساف القدرة عمى فض ىذه األختاـ بالقدر الذم يمـز لو في الخبلفة

(252 )

أم حيف ينيض بالخبلفة في األرض عمى عيد اهلل كشرطو .. ، كيصبح كىك يفجر ينابيع الرزؽ ، كيصنع المادة الخامة ،

كيقيـ الصناعات المتنكعة ، كيستخدـ ما تتيحو لو كؿ الخبرات حيف .. الفنية التي حصؿ عمييا اإلنساف في تاريخو كمو

يقـك بالخبلفة عف اهلل " ربانيان " يصبح كىك يصنع ىذا كمو يكمئذ يككف ىذا اإلنساف كامؿ . عبادة اهلل - عمى ىذا النحك

فأما .. د بمغ قمة الحضارة ػالحضارة ، كيككف ىذا المجتمع ؽفقد .. فبل يسمى في اإلسبلـ حضارة - كحده - اإلبداع المادم

كقد ذكر اهلل مف ىذا اإلبداع .. يككف كتككف معو الجاىمية : الجاىمية نماذج صؼالمادم في معرض ك

ـ ، أىتىبنيكفى بكيؿ ريعو آيىةن تىعبىثيكفى } انعى لىعىمكي تىتخذيكفى مىصى كىباريفى ، تىخميديكفى ذىا بىطىشتيـ بىطىشتيـ جى ، فىاتقيكا الموى كىأىطيعيكف ، كىا

(253 )

ا تىعمىميكفى ـ بمى بىنيفى ، كىاتقيكا الذم أىمىدكي ـ بأىنعىاـو كى ناتو ، أىمىدكي جى كىظيـو ، كىعيييكفو ـ عىذىابى يىكـو عى مىيكي اؼي عى : الشعراء . ] {إني أىخى

128 - 135 . ]

ناتو كىعيييكفو ، أىتيترىكيكفى في مىا ىىاىينىا آمنيفى } كعو ، في جى ري زي كىنىخؿو طىمعييىا ىىضيـه تىنحتيكفى مفى الجبىاؿ بيييكتان فىارىيفى ، كى فىاتقيكا ، كى

الذيفى ييفسديكفى في ، كىال تيطيعيكا أىمرى الميسرفيفى ، الموى كىأىطيعيكف [ . 152 - 146: الشعراء . ] {األىرض كىال ييصمحيكفى

تى } ـ أىبكىابى كيؿ شىيءو حى مىيي كا بو فىتىحنىا عى ا ذيكري فىمىما نىسيكا مىـ ميبمسيكفى ـ بىغتىةن فىإذىا ىي ذنىاىي ا أيكتيكا أىخى كا بمى فىقيطعى دىابري ، إذىا فىرحي

مدي لمو رىب العىالىميفى : األنعاـ ] ...{القىكـ الذيفى ظىمىميكا كىالحى44 - 45 . ]

(254 )

ـ } ظىف أىىمييىا أىنيي ينىت كى ذىت األىرضي زيخريفىيىا كىاز تى إذىا أىخى حىـ صيدان كىأىف لى عىمنىاىىا حى مىييىا أىتىاىىا أىمرينىا لىيبلن أىك نىيىاران فىجى كفى عى قىادري

[ . 24: يكنس . ] {تىغفى باألىمس

ال يحتقر المادة ، كال - كما أسمفنا - كلكف اإلسبلـ - يحتقراإلبداع المادم ، إنما ىك يجعؿ ىذا المكف مف التقدـ

نعمة مف نعـ اهلل عمى عباده ، يبشرىـ بو - في ظؿ منيج اهلل : جزاء عمى طاعتو

ـ إنوي كىافى غىفاران } بكي كا رى ـ ، فىقيمتي استىغفري مىيكي ييرسؿ السمىاءى عىـ ، مدرىاران يىجعىؿ لىكي ناتو كى ـ جى يىجعىؿ لىكي بىنيفى كى ـ بأىمكىاؿو كى ييمددكي كى [ . 12 - 10: نكح ] ...{أىنيىاران

(255 )

ـ بىرىكىاتو مفى } مىيي لىك أىف أىىؿى القيرىل آمىنيكا كىاتقىكا لىفىتىحنىا عى كىا كىانيكا يىكسبيكفى ـ بمى ذنىاىي لىكف كىذبيكا فىأىخى اء كىاألىرض كى ...{السمى

[ . 96: األعراؼ ]

الميـ ىك القاعدة التي يقـك عمييا التقدـ الصناعي ، كالقيـ خصائص التي تسكد المجتمع ، كالتي يتألؼ مف مجمكعيا

" ..اإلنسانية " الحضارة

* * *

فإف قاعدة انطبلؽ المجتمع اإلسبلمي ، كطبيعة .. كبعد تككينو العضكم ، تجعبلف منو مجتمعان فريدان ال تنطبؽ عميو

أية مف النظريات التي تفسر قياـ المجتمعات الجاىمية كطبيعة المجتمع اإلسبلمي كليد الحركة ، كالحركة .. تككينيا العضكم

(256 )

فيو مستمرة ، كىي التي تعيف أقدار األشخاص فيو كقيميـ ، . كمف ثـ تحدد كظائفيـ فيو كمراكزىـ

كالحركة التي يتكلد عنيا ىذا المجتمع ابتداء حركة آتية مف إنيا .. خارج النطاؽ األرضي ، كمف خارج المحيط البشرم

تمثؿ في عقيدة آتية مف اهلل لمبشر ، تنشئ ليـ تصكران خاصان تلمكجكد كالحياة كالتاريخ كالقيـ كالغايات ، كتحدد ليـ منيجان

الدفعة األكلى التي تطمؽ الحركة .. لمعمؿ يترجـ ىذا التصكر - إنيا .. ليست منبثقة مف نفكس الناس كال مف مادة الككف

آتية ليـ مف خارج النطاؽ األرضي ، كمف خارج - كما قمنا كىذا ىك المميز األكؿ لطبيعة المجتمع .. المحيط البشرم

. اإلسبلمي كتركيبو

(257 )

إنو ينطمؽ مف عنصر خارج عف محيط اإلنساف كعف محيط . الككف المادم

كبيذا العنصر القدرم الغيبي الذم لـ يكف أحد مف البشر - يتكقعو أك يحسب حسابو ، كدكف أف يككف لئلنساف يد فيو

تبدأ أكلى خطكات الحركة في قياـ المجتمع - في ابتداء األمر ؤمف مإنساف . أيضان " اإلنساف " اإلسبلمي ، كيبدأ معيا عمؿ

بيذه العقيدة اآلتية لو مف ذلؾ المصدر الغيبي ، الجارية بقدر كحيف يؤمف ىذا اإلنساف الكاحد بيذه العقيدة يبدأ . اهلل كحده

إف اإلنساف الكاحد لف .. (حكمان )كجكد المجتمع اإلسبلمي .. إنو سينطمؽ بيا .. يتمقى ىذه العقيدة كينطكم عمى نفسو

إف القكة العميا التي .. طبيعة الحركة الحية .. ىذه طبيعتيا إف ! .. دفعت بيا إلى ىذا القمب تعمـ أنيا ستتجاكزه حتمان

(258 )

الدفعة الحية التي كصمت بيا ىذه العقيدة إلى ىذا القمب . ستمضي في طريقيا قدمان

كحيف يبمغ المؤمنكف بيذه العقيدة ثبلثة نفر ، فإف ىذه أنتـ اآلف مجتمع ، مجتمع إسبلمي : العقيدة ذاتيا تقكؿ ليـ

مستقؿ ، منفصؿ عف المجتمع الجاىمي الذم ال يديف ليذه القيـ التي أسمفنا - العقيدة ، كال تسكد فيو قيميا األساسية

جدى - اإلشارة إلييا (فعبلن )كىنا يككف المجتمع اإلسبلمي قد كي !

كالثبلثة يصبحكف عشرة ، كالعشرة يصبحكف مائة ، كالمائة كيبرز .. ألفان ، كاأللؼ يصبحكف إثني عشر ألفان يصبحكف

! كيتقرر كجكد المجتمع اإلسبلمي

(259 )

كفي الطريؽ تككف المعركة قد قامت بيف المجتمع الكليد الذم انفصؿ بعقيدتو كتصكره ، كانفصؿ بقيمو كاعتباراتو ،

الذم أخذ - كنتو ، عف المجتمع الجاىمي يفكانفصؿ بكجكده كؾكتككف الحركة مف نقطة االنطبلؽ إلى نقطة - منو أفراده

الكجكد البارز المستقؿ قد ميزت كؿ فرد مف أفراد ىذا المجتمع حسب الميزاف - ، كأعطتو كزنو كمكانو في ىذا المجتمع

ف كزنو ىذا متعرفان لو بو مف ككيؾ- كاالعتبار اإلسبلمي المجمتع دكف أف يزكي نفسو أك يعمف عنو بؿ إف عقيدتو كقيمو السائدة في نفسو كفي مجتمعو لتضغط عميو يكمئذ

! ليكرام نفسو عف األنظار المتطمعة إليو في البيئة

التي ىي طابع العقيدة اإلسبلمية ، كطابع " الحركة " كلكف إف كؿ ! ىذا المجتمع الذم انبثؽ منيا ، ال تدع أحدان يتكارل

(260 )

الحركة في عقيدتو ! فرد مف أفراد ىذا المجتمع ال بد أف يتحرؾ ، كالحركة في دمو ، كالحركة في مجتمعو ، كفي تككيف ىذا

إف الجاىمية مف حكلو ، كبقية مف .. المجتمع العضكم المعركة مستمرة ، كركاسبيا في نفسو كفي نفكس مف حكلو ،

. كالجياد ماض إلى يـك القيامة

عمى إيقاعات الحركة ، كفي أثناء الحركة ، يتحدد كضع كؿ حدد كظيفتو ، كيتـ التككيف العضكم تفرد في ىذا المجتمع ، كت

ليذا المجتمع بالتناسؽ بيف مجمكعة أفراده كمجمكعة كظائفو .

ىذه النشأة ، كىذا التككيف ، خاصيتاف مف خصائص المجتمع اإلسبلمي تيميزانو ، تيميزاف كجكده كتركيبو ، كتيميزاف

(261 )

ذا ػطابعو كشكمو ، كتيميزاف نظامو كاإلجراءات التنفيذية لوالنظاـ أيضان ، كتجعبلف ىذه المبلمح كميا مستقمة ، ال تعالج

بمفيكمات اجتماعية أجنبية عنيا ، كال تدرس كفؽ منيج غريب عف طبيعتيا ، كال تنفذ بإجراءات مستمدة مف نظاـ آخر

!

* * *

كما يبدك مف تعرفينا المستقؿ - إف المجتمع اإلسبلمي ليس مجرد صكرة تاريخية ، يبحث عنيا في - لمحضارة

إنو . ذكريات الماضي ، إنما ىك طمبة الحاضر كأمؿ المستقبؿ ىدؼ يمكف أف تستشرفو البشرية كميا اليـك كغذان ، لترتفع بو

(262 )

مف كىدة الجاىمية التي تتردل فييا ، سكاء في ىذه الجاىمية . األمـ المتقدمة صناعيان كاقتصاديان كاألمـ المتخمفة أيضان

، لـ يةإف تمؾ القيـ التي أشرنا إلييا إجماالن ىي قيـ إنسافكيجب )" . الحضارة اإلسبلمية " تبمغيا اإلنسانية إال في فترة

إنيا " .. الحضارة اإلسبلمية " أف ننبو إلى ما نعنيو بمصطمح الحضارة التي تكافرت فييا تمؾ القيـ ، كليست ىي كؿ تقدـ

. (صناعي أك اقتصادم أك عممي مع تخمؼ القيـ عنيا

إنما ىي قيـ كاقعية " مثالية خيالية " كىذه القيـ ليست في ظؿ المفيكمات - عممية ، يمكف تحقيقيا بالجيد البشرم

، يمكف تحقيقيا في كؿ بيئة بغض - اإلسبلمية الصحيحة النظر عف نكع الحياة السائدة فييا ، كعف تقدميا الصناعي

(263 )

بؿ تشجع بالمنطؽ - فيي ال تعارض .. كاالقتصادم كالعممي الخبلفة ، كلكنيا في ؿالتقدـ في كافة حقك- العقيدم ذاتو

الكقت ذاتو ال تقؼ مكتكفة اليديف في الببلد التي لـ تتقدـ في إف الحضارة يمكف أف تقـك في كؿ مكاف . ىذه الحقكؿ بعد

أما أشكاليا المادية التي . تقـك بيذه القيـ .. كفي كؿ بيئة تتخذىا فبل حد ليا ، ألنيا في كؿ بيئة تستخدـ المقدرات

. المكجكدة بيا فعبلن كتنمييا

مف ناحية شكمو كحجمو كنكع - المجتمع اإلسبلمي إذف ليس صكرة تاريخية ثابتة ، لكف كجكده - الحياة السائدة فيو

: " كحيف نقكؿ .. كحضارتو يرتكناف إلى قيـ تاريخية ثابتة ال نعني إال أف ىذه القيـ قد عرفت في تاريخ معيف " تاريخية

ال فيي ليست مف صنع التاريخ ، كال عبلقة ليا بالزمف .. كا

(264 )

إنيا حقيقة جاءت إلى البشرية مف مصدر .. في طبيعتيا كمف كراء الكجكد المادم . مف كراء الكاقع البشرم .. رباني . أيضان

كالحضارة اإلسبلمية يمكف أف تتخذ أشكاالن متنكعة في تركيبيا المادم كالتشكيمي ، كلكف األصكؿ كالقيـ التي تقـك

العبكدية هلل ): عمييا ثابتة ، ألنيا ىي مقكمات ىذه الحضارة كاستعبلء إنسانية . كالتجمع عمى آصرة العقيدة فيو . كحده

كسيادة القيـ اإلنسانية التي تنمي . اإلنساف عمى المادة كالخبلفة في . كحرمة األسرة .. إنسانية اإلنساف ال حيكانيتو

كتحكيـ منيج اهلل كشريعتو .. األرض عمى عيد اهلل كشرطو .. (كحدىا في شؤكف ىذه الخبلفة

(265 )

الحضارة اإلسبلمية التي تقـك عمى ىذه " أشكاؿ " إف األسس الثابتة ، تتأثر بدرجة التقدـ الصناعي كاالقتصادم .. كالعممي ، ألنيا تستخدـ المكجكد منيا فعبلن في كؿ بيئة

ـ ال بد أف تختمؼ أشكاليا ال بد أف تختمؼ لتضمف .. كمف ثالمركنة الكافية لدخكؿ كافة البيئات كالمستكيات في اإلطار

كىذه .. اإلسبلمي ، كالتكيؼ بالقيـ كالمقكمات اإلسبلمية ليست مفركضة - في األشكاؿ الخارجية لمحضارة - المركنة

عمى العقيدة اإلسبلمية التي تنبثؽ منيا تمؾ الحضارة إنما ىي كالفرؽ .. كلكف المركنة ليست ىي التميع . مف طبيعتيا

!بينيما بينيما بعيد جدان

كاسط أفريقية بيف ألقد كاف اإلسبلـ ينشئ الحضارة في ألنو بمجرد كجكده ىناؾ تكتسي األجساـ العارية .. العراة

(266 )

م حضارة المباس التي يتضمنيا التكجيو ػكيدخؿ الناس ؼاإلسبلمي المباشر ، كيبدأ الناس في الخركج كذلؾ مف الخمكؿ البميد إلى نشاط العمؿ المكجو الستغبلؿ كنكز الككف المادم ،

إلى طكر - أك العشيرة - كيخرجكف كذلؾ مف طكر القبيمة األمة ، كينتقمكف مف عبادة الطكطـ المنعزلة إلى عبادة رب

إنيا .. فما ىي الحضارة إف لـ تكف ىي ىذا ؟ .. العالميف .. حضارة ىذه البيئة ، التي تعتمد عمى إمكانياتيا القائمة فعبلن

بقيمو - فأما حيف يدخؿ اإلسبلـ في بيئة أخرل فإنو ينشئ شكبلن آخر مف أشكاؿ الحضارة يستخدـ فيو مكجكدات - الثابتة

مكانياتيا الفعمية كينمييا . ىذه البيئة كا

- بطريقة اإلسبلـ كمنيجو - كىكذا ال يتكقؼ قياـ الحضارة . عمى درجة معينة مف التقدـ الصناعي كاالقتصادم كالعممي

(267 )

ف كانت الحضارة حيف تقـك تستخدـ ىذا التقدـ عند كجكده - كا كما إنيا تنشئو . كتدفعو إلى األماـ دفعان ، كترفع أىدافو -

كلكنيا تظؿ في .. إنشاءن حيف ال يككف ، كتكفؿ نمكه كاطراده كيبقى لممجتمع . كؿ حاؿ قائمة عمى أصكليا المستقمة

اإلسبلمي طابعو الخاص ، كتركيبو العضكم ، الناشئاف عف نقطة انطبلقو األكلى ، التي يتميز بيا مف كؿ مجتمعات

.. الجاىمية

ف أىحسىفي مفى المو صبغىةن } مى : البقرة ] ... {صبغىةى المو كى138. ]

(268 )

كر كىالثىقىافىة اإلسبلمي التىصى

العبكدية المطمقة هلل كحده ىي الشطر األكؿ لركف اإلسبلـ ، ، فيي المدلكؿ المطابؽ لشيادة أف ال الو إال اهلل األكؿ

كالتمقي في كيفية ىذه العبكدية عف رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو ، فيك المدلكؿ المطابؽ كسمـ ىك الشطر الثاني ليذا الركف

ال الو : " م فصؿػكما جاء ؼ -لشيادة أف محمدان رسكؿ اهلل .. " إال اهلل منيج حياة

كالعبكدية المطمقة هلل كحده تتمثؿ في اتخاذ اهلل كحده إليان " األلكىية "فبل يعتقد المسمـ أف .. عقيدة كعبادة كشريعة..

(269 )

" العبادة "كال يعتقد أف - سبحانو- تككف ألحد غير اهللتككف ألحد " الحاكمية "، كال يعتقد أف تككف لغيره مف خمقو

. كما جاء في ذلؾ الفصؿ أيضان .. مف عباده

كلقد أكضحنا ىناؾ مدلكؿ العبكدية كاالعتقاد كالشعائر " الحاكمية " ، كفي ىذا الفصؿ نكضح مدلكؿ كالحاكمية. " بالثقافة "كعبلقتو

في التصكر اإلسبلمي ال ينحصر في " الحاكمية "إف مدلكؿ . كالتحاكـ إلييا كحدىا . تمقي الشرائع القانكنية مف اهلل كحده

في اإلسبلـ ال " الشريعة "أف مدلكؿ .. كالحكـ بيا دكف سكاىا ، كال حتى في أصكؿ الحكـ ينحصر في التشريعات القانكنية

(270 )

" إف ىذا المدلكؿ الضيؽ ال يمثؿ مدلكؿ. كنظامو كأكضاعو! كالتصكر اإلسبلمي" الشريعة

ما شرعو اهلل لتنظيـ الحياة كؿ تعني " شريعة اهلل " إف ، ، كأصكؿ الحكـ كىذا يتمثؿ في أصكؿ االعتقاد.. البشرية

. ، كأصكؿ المعرفة أيضان ، كأصكؿ السمكؾ كأصكؿ األخبلؽ

- بكؿ مقكمات ىذا التصكر -يتمثؿ في االعتقاد كالتصكر ، ، غيبو كشيكده ، كحقيقة الككف تصكر حقيقة األلكىية

، ، كحقيقة اإلنساف ، غيبيا كشيكدىا كحقيقة الحياة. ، كتعامؿ اإلنساف معيا كاالرتباطات بيف ىذه الحقائؽ كميا

(271 )

، كيتمثؿ في األكضاع السياسية كاالجتماعية كاالقتصادية، لتتمثؿ فييا العبكدية الكاممة هلل كاألصكؿ التي تقـك عمييا

. كحده

، التي تنظـ ىذه األكضاع كيتمثؿ في التشريعات القانكنيةغالبان بمعناىا الضيؽ " الشريعة" كىك ما يطمؽ عميو اسـ .

. الذم ال يمثؿ حقيقة مدلكليا في التصكر اإلسبلمي

، في القيـ كالمكازيف كيتمثؿ في قكاعد األخبلؽ كالسمكؾ، كيقـك بيا األشخاص كاألشياء كاألحداث التي تسكد المجتمع

. في الحياة االجتماعية

، كفي أصكؿ بكؿ جكانبيا" المعرفة" يتمثؿ في .. ثـ. النشاط الفكرم كالفني جممة

(272 )

، كالتمقي في األحكاـ بد مف التمقي عف اهلل كفي ىذا كمو ال.. سكاء بسكاء- بمدلكليا الضيؽ المتداكؿ- الشرعية

في مدلكليا المختص بالحكـ " - الحاكمية" كاألمر في قد يككف اآلف مفيكمان بعد الذم سقناه بشأنو مف - كالقانكف. تقريرات

، كفي القيـ كالمكازيف كاألمر في قكاعد األخبلؽ كالسمكؾإذ ! ، قد يككف مفيكمان كذلؾ إلى حد ما التي تسكد المجتمع

أف القيـ كالمكازيف كقكاعد األخبلؽ كالسمكؾ التي تسكد في مجتمع ما ترجع مباشرة إلى التصكر االعتقادم السائد في ىذا

، كتتمقى مف ذات المصدر الذم تتمقى منو حقائؽ المجتمع. العقيدة التي يتكيؼ بيا ذلؾ التصكر

(273 )

حتى عمى قراء مثؿ ىذه - أما األمر الذم قد يككف غريبان فيك الرجكع في شأف النشاط الفكرم - ! البحكث اإلسبلمية

. كالفني إلى التصكر اإلسبلمي كالى مصدره الرباني

كفي النشاط الفني صدر كتاب كامؿ يتضمف بياف ىذه ، كىك تعبير إنساني عف ف النشاط الفني كموأالقضية باعتبار

الكجكد ة، كعف صكر تصكرات اإلنساف كانفعاالتو كاستجاباتو بؿ ينشئيا -كىذه كميا يحكميا .. كالحياة في نفس إنسانية

في النفس المسممة تصكرىا اإلسبلمي بشمكلو لكؿ جكانب - ، كعبلقتيا ببارئ الككف كالنفس كالحياة الككف كالنفس كالحياة

، ، كمركزه في الككف كبتصكرىا خاصة لحقيقة ىذا اإلنساف! ككميا متضمنة في .. ، كقيـ حياتو ، ككظيفتو كغاية كجكده

إنما . ، الذم ليس ىك مجرد تصكر فكرم التصكر االسبلمي

(274 )

ىك تصكر اعتقادم حي مكح مؤثر فعاؿ دافع مسيطر عمى كؿ . ( 17)انبعاث في الكياف اإلنساني

، كضركرة رد ىذا النشاط إلى فأما قضية النشاط الفكرم، تحقيقان لمعبكدية الكاممة التصكر اإلسبلمي كمصدره الرباني

، فيذه ىي القضية التي تقتضي منا بيانان كامبلن ألنيا هلل كحدهحتى المسمميف منيـ -قد تككف بالقياس إلى قيراء ىذا البياف

ك أغريبة - الذيف يركف حتمية رد الحاكمية كالتشريع هلل كحده ! غير مطركقة

* * *

. لمحمد قطب" منيج الفن اإلسالمي " كتاب (17)

(275 )

إف المسمـ ال يممؾ أف يتمقى في أمر يختص بحقائؽ العقيدةك يختص أ، عبادةؿك يختص باأ، ك التصكر العاـ لمكجكدأ،

ك يختص بالمبادئ أ، المكازيفك، كالقيـ بالخمؽ كالسمكؾ ك االقتصادمأ، ك االجتماعيأ، كاألصكؿ في النظاـ السياسي

ك يختص بتفسير بكاعث النشاط اإلنساني ك بحركة التاريخ أ، في ىذا ل، كال يتمؽ إال مف ذلؾ المصدر الرباني.. اإلنساني

، كمزاكلتو لعقيدتو في كمو إال عف مسمـ يثؽ في دينو كتقكاه. كاقع الحياة

، ، كالكيمياء كلكف المسمـ يممؾ أف يتمقى في العمـك البحتة، ، كالزراعة ، كالصناعة ، كالطب ، كالفمؾ ، كاألحياء كالطبيعة

كطرؽ - مف الناحية الفنية اإلدارية البحتة - كطرؽ اإلدارة إلى - مف الجانب الفني- ، كطرؽ الحرب كالقتاؿ العمؿ الفنية

(276 )

يممؾ أف يتمقى في ىذا كمو عف .. آخر ما يشبو ىذا النشاطف كاف األصؿ في المجتمع المسمـ إك.. المسمـ كغير المسمـ

ف يسعى لتكفير ىذه الكفايات في ىذه الحقكؿ أ، حيف يقـك، يجب أف يتخصص فييا أفراد ، باعتبارىا فركض كفاية كمياال أثـ المجتمع كمو إذا لـ يكفر ىذه الكفايات. منو ، كلـ كا

كلكف .. يكفر ليا الجك الذم تتككف فيو كتعيش كتعمؿ كتنتجف لمفرد المسمـ أف يتمقى في ىذه العمـك إف يتحقؽ ىذا ؼألى إ

ف ينتفع أ، ك البحتة كتطبيقاتيا العممية مف المسمـ كغير المسمـف يشغؿ فييا المسمـ كغير أ، ك فييا بجيد المسمـ كغير المسمـ

ألنيا مف األمكر الداخمة في قكؿ رسكؿ اهلل صمى .. المسمـكىي ال تتعمؽ .. " عمـ بأمكر دنياكـأنتـ أ: " اهلل عميو كسمـ

، كغاية افسبتككيف تصكر المسمـ عف الحياة كالككف كاإلف

(277 )

، ، كنكع ارتباطاتو بالكجكد مف حكلو ، كحقيقة كظيفتو كجكده، كال تتعمؽ بالمبادئ كالشرائع كاألنظمة بخالؽ الكجكد كمو

كال تتعمؽ .كاألكضاع التي تنظـ حياتو أفرادان كجماعاتباألخبلؽ كاآلداب كالتقاليد كالعادات كالقيـ كالمكازيف التي تسكد

كمف ثـ فبل خطر فييا .. مجتمعو كتؤلؼ مبلمح ىذا المجتمع! ك ارتداده إلى الجاىميةأ، مف زيغ عقيدتو

ك أا ما يتعمؽ بتفسير النشاط اإلنساني كمو أفرادان ػفأـ " لىإاإلنساف ك" نفس " ك التعمؽ بالنظرة إلىػ، كه مجتمعات

، كنشأة كما يختص بتفسير نشأة ىذا الككف، " حركة تاريخومف ناحية ما كراء الطبيعة - ، كنشأة ىذا اإلنساف ذاتو الحياةكىك ما ال تتعمؽ بو العمـك البحتة مف كيمياء كطبيعة - )

ف الشرائع القانكنية أ، ش ف فيوأفالش ( لخإ.. كفمؾ كطب

(278 )

ط بالعقيدة ػ، مرتب كالمبادئ كاألصكؿ التي تنظـ حياتو كنشاطو ، فبل يجكز لممسمـ أف يتمقى فيو إال عف مسمـ ارتباطان مباشران

نو يتمقى في ىذا كمو عف أ، كيعمـ عنو ، يثؽ في دينو كتقكاهف أ، ك كالميـ أف يرتبط ىذا في حس المسمـ بعقيدتو.. اهلل

: ك مقتضى شيادتوأ، يعمـ أف ىذا مقتضى عبكديتو هلل كحده. ف محمدان رسكؿ اهللأ، ك أف ال إلو إال اهلل

ف . نو قد يىطمع عمى كؿ آثار النشاط الجاىميإ كلكف ال لييكىك، إنما ليعرؼ كيؼ منو تصكره كمعرفتو في ىذه الشؤكف كميا

ـ ىذه االنحرافات ! تنحرؼ الجاىمية كليعرؼ كيؼ يصحح كيقكم مقكمات التصكر ػ، بردىا إلى أصكليا الصحيحة ؼ البشرية

. ، كحقائؽ العقيدة اإلسبلمية اإلسبلمي

(279 )

تفسير "، كاتجاىات بجممتيا" الفمسفة "إف اتجاىات بجممتيا " عمـ النفس "، كاتجاىات بجممتيا" التاريخ اإلنساني

- مة ليااعدا المبلحظات كالمشاىدات دكف التفسيرات الع -األدياف " دراسة ، كاتجاىات بجممتيا" األخبلؽ "كمباحث التفسيرات كالمذاىب " بجممتيا ، كاتجاىات " المقارنة

فيما عدا المشاىدات كاإلحصائيات - بجممتيا " االجتماعية، ال النتائج العامة المستخمصة منيا كال كالمعمكمات المباشرة

إف ىذه االتجاىات كميا .. -التكجييات الكمية الناشئة عنيا ، قديمان كحديثان - أم غير اإلسبلمي- في الفكر الجاىمي

، كقائمة عمى متأثرة تأثران مباشران بتصكرات اعتقادية جاىميةيتضمف في - ف لـ يكف كميا إ-، كمعظميا ىذه التصكرات

(280 )

، ك خفيان لمتصكر الديني جممةأأصكلو المنيجية عداءن ظاىران ! كلمتصكر اإلسبلمي عمى كجو خاص

- ! كالعممي –كاألمر في ىذه األلكاف مف النشاط الفكرم ليس كاألمر في عمـك الكيمياء كالطبيعة كالفمؾ كاألحياء كالطب

ما دامت ىذه في حدكد التجربة الكاقعية كتسجيؿ - ، كما إلييا ، دكف أف تجاكز ىذه الحدكد إلى التفسير النتائج الكاقعية

، كذلؾ كتجاكز الداركينية مثبلن الفمسفي في صكرة مف صكرهاؿ ح، إلى ـ لمجاؿ إثبات المشاىدات كترتيبيا في عمـ األحياء

بغير دليؿ كبغير حاجة لمقكؿ كذلؾ إال الرغبة كاليكل -القكؿ نو ال ضركرة الفتراض كجكد قكة خارجة عف العالـ الطبيعي إ-

. لتفسير نشأة الحياة كتطكرىا

(281 )

إف لدل المسمـ الكفاية مف بياف ربو الصادؽ عف تمؾ ، كفي المستكل الذم تبدك فيو محاكالت البشر في الشؤكف

فضبلن عف أف األمر يتعمؽ .. ىذه المجاالت ىزيمة كمضحكة. ، كبالعبكدية الكاممة هلل كحده تعمقان مباشران بالعقيدة

ال كطف لو كال جنس " الثقافة تراث إنساني "إف حكاية أف ىي حكاية صحيحة عندما تتعمؽ بالعمـك البحتة .. كال ديف

دكف أف تجاكز ىذه المنطقة إلى - كتطبيقاتيا العممية ، كال لنتائج ىذه العمـك" الميتافيزيقية "التفسيرات الفمسفية

التفسيرات الفمسفية لنفس اإلنساف كنشاطو كتاريخو ، كال إلى كلكنيا فيما كراء . الفف كاألدب كالتعبيرات الشعكرية جميعان إلى

، التي ييميا تمييع الحكاجز ذلؾ إحدل مصايد الييكد العالمية ، بؿ في أكؿ ذلؾ حكاجز العقيدة كالتصكر بما في ذلؾ- كميا

(282 )

، ، كىك مسترخ مخدر لكي ينفذ الييكد إلى جسـ العالـ كمو- ، كفي أكلو نشاطيـ يزاكؿ الييكد فيو نشاطيـ الشيطاني

، ، الذم ينتيي إلى جعؿ حصيمة كد البشرية كميا الربكم! تؤكؿ إلى أصحاب المؤسسات المالية الربكية مف الييكد

فيما كراء العمـك البحتة - كلكف اإلسبلـ يعتبر أف ىناؾ الثقافة : نكعيف اثنيف مف الثقافة- كتطبيقاتيا العممية

، كالثقافة اإلسبلمية القائمة عمى قكاعد التصكر اإلسبلمي الجاىمية القائمة عمى مناىج شتى ترجع كميا إلى قاعدة كاحدة

. قاعدة إقامة الفكر البشرم إليان ال يرجع إلى اهلل في ميزانو.. الكاقعي ككالثقافة اإلسبلمية شاممة لكؿ حقكؿ النشاط الفكرم

ناىج كالخصائص ما يكفؿ ـ، كفييا مف القكاعد كاؿ اإلنساني. نمك ىذا النشاط كحيكيتو دائمان

(283 )

، الذم قامت عميو كيكفي أف نعمـ أف االتجاه التجريبيفي ابتداء ، لـ ينشأ الحضارة الصناعية األكركبية الحاضرة

نما نشأ في الجامعات اإلسبلمية في األندلس إ، ك كركباأ، ، مستمدان أصكلو مف التصكر اإلسبلمي كتكجيياتو كالمشرؽ

ثـي استقمت .. ، كمدخراتو كأقكاتو إلى الككف كطبيعتو الكاقعية، كاستمرت تنميو النيضة العممية في أكركبا بيذا المنيج

، بينما ريكدى كترؾ نيائيان في العالـ اإلسبلمي بسبب بيعد كترقيوكامف في ، بفعؿ عكامؿ بعضيا ىذا العالـ تدريجيان عف اإلسبلـ

يتمثؿ في اليجـك عميو مف العالـ تركيب المجتمع كبعضيا ثـ قطعت أكركبا ما بيف المنيج الذم … الصميبي كالصييكني

، كشردت بو نيائيان اقتبستو كبيف أصكلو االعتقادية االسبلمية

(284 )

، التي كانت ، في أثناء شركدىا عف الكنيسة بعيدان عف اهلل (18)! باسـ اهلل- بغيان كعدكان -تستطيؿ عمى الناس

شأنو شأف -ككذلؾ أصبح نتاج الفكر األكركبي بجممتو - إنتاج الفكر الجاىمي في جميع األزماف في جميع البقاع

شيئان آخر، ذا طبيعة مختمفة مف أساسيا عف مقكمات التصكر كمعادية في الكقت ذاتو عداء أصيبلن لمتصكر . اإلسبلميككجب عمى المسمـ أف يرجع إلى مقكمات تصكره .. اإلسبلمي

، ، كأال يأخذ إال مف المصدر الرباني إف استطاع بنفسو كحدىاال فبل يأخذ إال عف مسمـ تقي ، يعمـ عف دينو كتقكاه ما كا

. يطمئنو إلى األخذ عنو

. المستقبل ليذا الدين: في كتاب" الفصام النكد " : راجع فصل (18)

(285 )

* * *

ال يعرفيا " صاحب العمـ "عف " العمـ" إف حكاية فصؿ اإلسبلـ فيما يختص بكؿ العمـك المتعمقة بمفيكمات العقيدة

المؤثرة في نظرة اإلنساف إلى الكجكد كالحياة كالنشاط اإلنساني، كسائر ما يتعمؽ ، كالعادات ، كاألخبلؽ ، كالقيـ ، كاألكضاع

. بنفس اإلنساف كنشاطو مف ىذه النكاحي

، إف اإلسبلـ يتسامح في أف يتمقى المسمـ عف غير المسمـ، ، في عمـ الكيمياء البحتة ك عف غير التقي مف المسمميفأ، ك الزراعةأ، ك الصناعةأ، ك الطبأ، ك الفمؾأ، ك الطبيعةأكذلؾ في الحاالت . كأمثاليا.. ك األعماؿ اإلدارية كالكتابيةأ

، كما ىك التي ال يجد فييا مسممان تقيان يأخذ عنو في ىذا كمو

(286 )

، الناشئ مف بيعدىـ كاقع مف يسمكف أنفسيـ المسمميف اليـكعف دينيـ كمنيجيـ كعف التصكر اإلسبلمي لمقتضيات

كما يمـز ليذه الخبلفة مف - بإذف اهلل -الخبلفة في األرض كلكنو ال يتسامح .. ىذه العمـك كالخبرات كالميارات المختمفة

، كال تفسير ، كال مقكمات تصكره في أف يتمقى أصكؿ عقيدتو، ، كال منيج تاريخو كتفسير نشاطو قرآنو كحديثو كسيرة نبيو

، كال ، كال منيج سياستو ، كال نظاـ حكمو كال مذىب مجتمعو ، مف مصادر غير إسبلمية لخإ… مكجبات فنو كأدبو كتعبيره

مءو ، كال أف يتمقى عف غير مسمـ يثؽ في دينو كتقكاه في ش. مف ىذا كمو

إف الذم يكتب ىذا الكبلـ إنساف عاش يقرأ أربعيف سنة م معظـ ػكاف عممو األكؿ فييا ىك القراءة كاالطبلع ؼ. كاممة

(287 )

ف ػما ىك مف تخصصو كما ىك ـ.. حقكؿ المعرفة اإلنسانيةفإذا ىك يجد . ثـ عاد إلى مصادر عقيدتو كتصكره.. ىكاياتو

ضئيبلن إلى جانب ذلؾ الرصيد الضخـ كما -كؿ ما قرأه ضئيبل نكما ىك بنادـ عمى ما قضى - كاف يمكف أف يككف إال كذلؾ

فإنما عرؼ الجاىمية عمى حقيقتيا. فيو أربعيف سنة مف عمرهكعمى … كعمى قزامتيا، ، كعمى ضآلتيا ، كعمى انحرافيا

كعمـ !!! ائيا كذلؾعدا، كعمى غركرىا ك جعجعتيا كانتفاشيانو ال يمكف أف يجمع المسمـ بيف ىذيف المصدريف أعمـ اليقيف !!! في التمقي

.. كمع ذلؾ فميس الذم سبؽ في ىذه الفقرة رأيان لي أبديوثقؿ في ميزاف اهلل أنو إ.. كبر مف أف يفتى فيو بالرأمأإف األمر

– ، إنما ىك قكؿ اهلل مف أف يعتمد المسمـ فيو عمى رأيو

(288 )

نحكمو في ىذا .. كقكؿ نبيو صمى اهلل عميو كسمـ- سبحانو، كنرجع فيو إلى اهلل كالرسكؿ ، كما يرجع الذيف آمنكا فأالش

. إلى اهلل كالرسكؿ فيما يختمفكف فيو

عف اليدؼ النيائي لمييكد - سبحانو - يقكؿ اهلل : م شأف المسمميف بصفة عامةػكالنصارل ؼ

ـ كيفاران } انكي ـ مف بىعد إيمى د كىثيره مف أىىؿ الكتىاب لىك يىريدكنىكي كىؽ فىاعفيكا ـي الحى ا تىبىيفى لىيي ـ مف بىعد مى سىدان مف عند أىنفيسي حىمىى كيؿ شىيءو قىديره تى يىأتيى الموي بأىمره إف الموى عى كا حى {كىاصفىحي

. [ 109: البقرة … ]

ـ قيؿ } تى تىتبعى ممتىيي ارىل حى نؾى اليىييكدي كىال النصى ى عى لىف تىرضى كىاءىؾى ـ بىعدى الذم جى لىئف اتبىعتى أىىكىاءىىي إف ىيدىل المو ىيكى الييدىل كى

(289 )

لي كىال نىصيرو ا لىؾى مفى المو مف كى : البقرة ] ... {مفى العمـ مى120 ]

نيكا إف تيطيعيكا فىريقان مفى الذيفى أيكتيكا الكتىابى } يىا أىييىا الذيفى آمىـ كىافريفى انكي ـ بىعدى إيمى [ 100: آؿ عمراف ... ] {يىريدككي

فيما ركاه - صمى اهلل عميو كسمـ -كيقكؿ رسكؿ اهلل رضي اهلل -الحافظ أبك يعمى عف حماد عف الشعبي عف جابر

: عنيـ

نيـ لف ييدككـ كقد إال تسألكا أىؿ الكتاب عف شيءو ، ؼ "نكـ إما أف تصدقكا بباطؿ ضمكا ما أف تكذبكا بحؽ ، كا ، ، كا

ما حؿ لو أف يتبعنيبيف أظيركـ نو كاهلل لك كاف مكسى حيان إك " .

(290 )

كحيف يتحدد اليدؼ النيائي لمييكد كالنصارل في شأف ، المسمميف عمى ذلؾ النحك القاطع الذم يقرره اهلل سبحانو

يككف مف الببلىة الظف لحظة بأنيـ يصدركف عف نية طيبة ك أ، في أم مبحث مف المباحث المتعمقة بالعقيدة اإلسبلمية

ك أ، ع المسمـػك التكجيو في نظاـ المجتـأ، التاريخ االسبلمي ك إلى ىدلأ، ك يقصدكف إلى خيرأ، اقتصادهأكم سياستو ػؼ -كالذيف يظنكف ذلؾ فيما عند ىؤالء الناس … ك إلى نكرأ،

! إنما ىـ الغافمكف- بعد تقرير اهلل سبحانو

قيؿ إف ىيدىل المو ىيكى }: كذلؾ يتحدد مف قكؿ اهلل سبحانوالمصدر الكحيد الذم يجب عمى المسمـ الرجكع . .. {الييدىل

، ، فميس كراء ىدل اهلل إال الضبلؿ إليو في ىذه الشؤكف، كما تفيد صيغة القصر الكاردة في كليس في غيره ىدل

(291 )

كال سبيؿ إلى … " إف ىدل اهلل ىك اليدل: قيؿ : " النص! ، كال إلى تأكيمو كذلؾ الشؾ في مدلكؿ ىذا النص

كذلؾ يرد األمر القاطع باإلعراض عمف يتكلى عف ذكر اهلل، كينص عمى أف ، كيقصر اىتمامو عمى شؤكف الحياة الدنيا

نو أ، ك ، كالمسمـ منيي عف اتباع الظف مثؿ ىذا ال يعمـ إال ظنان ، فيك ال يعمـ عممان صحيحان ال يعمـ إال ظاىران مف الحياة الدنيا

.

يىاةى الدنيىا } ـ ييرد إال الحى لى ف ذكرنىا كى لى عى فىأىعرض عىف مىف تىكىؿ عىف سىبيمو ، ـي بمىف ضى بؾى ىيكى أىعمى ـ مفى العمـ إف رى بمىغييي ذىلؾى مى

ف اىتىدىل ـي بمى [ 30 – 29: النجـ ] .{كىىيكى أىعمى

(292 )

ـ } ف اآلخرىة ىي ـ عى يىاة الدنيىا كىىي يىعمىميكفى ظىاىران مفى الحىافميكفى [ 7 : الرـك ] ..{غى

كىك -، كال يريد إال الحياة الدنيا كالذم يغفؿ عف ذكر اهلل، ال يعمـ إال ىذا الظاىر- اليـك" ! العمماء "شأف جميع

الذم يثؽ المسمـ في صاحبو فيتمقى " العمـ" كليس ىذا ىك ، إنما يجكز أف يتمقى عنو في حدكد عممو عنو في كؿ شأنو

، ، كال يتمقى منو تفسيران كال تأكيبلن عامان لمحياة المادم البحتنو ليس ىك العمـ أكما .. ك متعمقاتيا التصكريةأ، ك النفسأ

" : لىا، كقكلو تع الذم تشير إليو اآليات القرآنية كتثني عميوكما يفيـ الذيف " ؟ ىؿ يستكم الذيف يعممكف كالذيف ال يعممكف

ينتزعكف النصكص القرآنية مف سياقيا ليشيدكا بيا في غير

(293 )

؟ فيذا السؤاؿ التقريرم كارد في آية ىذا نصيا مكاضعيا: الكامؿ

قىائمان يىحذىري اآلخرىةى } أىمف ىيكى قىانته آنىاءى الميؿ سىاجدان كىبو قيؿ ىىؿ يىستىكم الذيفى يىعمىميكفى كىالذيفى ال يىرجيك رىحمىةى رى كى

ا يىتىذىكري أيكليك األىلبىاب [ 9: الزمر ] ..{يىعمىميكفى إنمى

، يحذر اآلخرة فيذا القانت آناء الميؿ ، ساجدان كقائمان .. كىذا ىك العمـ.. ىك ىذا الذم يعمـ.. كيرجك رحمة ربو

ال .. الذم تشير إليو اآلية ، العمـ الذم ييدم إلى اهلل كتقكاه! العمـ الذم يفسد الفطر فتمحد في اهلل

إف العمـ ليس مقصكران عمى عمـ العقيدة كالفرائض الدينية ، كيتعمؽ بالقكانيف فالعمـ يشتمؿ عمى كؿ شيء.. كالشرائع

(294 )

كتسخيرىا في خبلفة األرض تعمقو بالعقيدة .. الطبيعيةلكف العمـ الذم ينقطع عف قاعدتو .. كالفرائض كالشرائع

.. اإليمانية ليس ىك العمـ الذم يعنيو القرآف كيثني عمى أىمو، كعمـ إف ىناؾ ارتباطان بيف القاعدة اإليمانية كعمـ الفمؾ

، كعمـ طبقات األرض ، كعمـ الكيمياء ، كعمـ الطبيعة األحياء، كالقكانيف كسائر العمـك المتعمقة بالنكاميس الككنية ..

، حيف ال يستخدميا اليكل إنيا كميا تؤدم إلى اهلل. الحيكيةكما اتجو المنيج األكركبي في .. المنحرؼ لبلبتعاد عف اهلل

بسبب تمؾ المبلبسات النكدة - مع األسؼ - النيضة العممية، بيف المشتغميف بالعمـ التي قامت في التاريخ األكركبي خاصة

ثـ ترؾ آثاره العميقة في مناىج الفكر ! كبيف الكنيسة الغاشمة، كترؾ تمؾ ، كفي طبيعة التفكير األكركبي األكركبي كميا

(295 )

ال -الركاسب المسممة بالعداء ألصؿ التصكر الديني جممة في كؿ ما - ألصؿ التصكر الكنسي كحده كال لمكنيسة كحدىا

، سكاء ، في كؿ حقؿ مف حقكؿ المعرفة أنتجو الفكر األكركبيك كانت بحكثان عممية بحتة ال عبلقة أ، كانت فمسفة ميتافيزيقية

(19)! بالمكضكع الديني- في الظاىر -ليا

ذا تقرر أف مناىج الفكر الغربي ، كنتاج ىذا الفكر في كؿ كا ، يقـك ابتداء عمى أساس تمؾ الركاسب حقكؿ المعرفة

ف تمؾ فإ، المسممة بالعداء ألصؿ التصكر الديني جممة، شد عداءن لمتصكر اإلسبلمي خاصةأالمناىج كىذا النتاج

، كيتحرل في حاالت كثيرة مد ىذا العداء بصفة خاصةعألنو يتتمييع العقيدة كالتصكر كالمفيكمات - في خطة متعمدة -

. " المستقبل ليذا الدين "في كتاب " الفصام والنكد : " يراجع فصل (19)

(296 )

، ثـ تحطيـ األسس التي يقـك عمييا تميز المجتمع االسبلمية. المسمـ في كؿ مقكماتو

ـ يككف مف الغفمة المزرية االعتماد عمى مناىج كمف ث.. ، في الدراسات اإلسبلمية ، كعمى نتاجو كذلؾ الفكر الغربي

ـ تجب الحيطة كذلؾ في أثناء دراسة العمـك البحتة -كمف ثبد لنا في مكقفنا الحاضر مف تمقييا مف مصادرىا التي ال، ألف ىذه الظبلؿ ية ظبلؿ فمسفية تتعمؽ بياأمف - الغربية

، كلمتصكر اإلسبلمي معادية في أساسيا لمتصكر الديني جممةكأم قدر منيا يكفي لتسميـ الينبكع اإلسبلمي . بصفة خاصة

… الصافي

(297 )

قيدىتيوكى الميسمـ جنسية عى

جاء اإلسبلـ إلى ىذه البشرية بتصكر جديد لحقيقة الركابط كالكشائج ، يـك جاءىا بتصكر جديد لحقيقة القيـ كاالعتبارات ،

. االعتبارات قكلحقيقة الجية التي تتمقى منيا ىذه القيـ كىذ

جاء اإلسبلـ ليرد اإلنساف إلى ربو ، كليجعؿ ىذه السمطة ىي السمطة الكحيدة التي يتمقى منيا مكازينو كقيمو ، كما تمقى

منيا كجكده كحياتو ، كالتي يرجع إلييا بركابطو ككشائجو ، لييا يعكد . كما أنو مف إرادتيا صدر كا

(298 )

جاء ليقرر أف ىناؾ كشيجة كاحدة تربط الناس في اهلل فإذا : انبتت ىذه الكشيجة فبل صمة كال مكدة

اد } ال تىجدي قىكمان ييؤمنيكفى بالمو كىاليىكـ اآلخر ييكىادكفى مىف حىـ أىك ـ أىك إخكىانىيي ـ أىك أىبنىاءىىي لىك كىانيكا آبىاءىىي رىسيكلىوي كى الموى كى

ـ [ 22 :المجادلة ] ...{عىشيرىتىيي

حزابان أخرل كميا أكأف ىناؾ حزبان كاحدان هلل ال يتعدد ، ك: لمشيطاف كلمطاغكت

كا ييقىاتميكفى } الذيفى آمىنيكا ييقىاتميكفى في سىبيؿ المو كىالذيفى كىفىريفي سىبيؿ الطاغيكت فىقىاتميكا أىكليىاءى الشيطىاف إف كىيدى الشيطىاف

عيفان [ 76: النساء ] ...{كىافى ضى

(299 )

كأف ىناؾ طريقان كاحدان يصؿ إلى اهلل ككؿ طريؽ آخر ال : يؤدم إليو

ؽى } كىأىف ىىذىا صرىاطي ميستىقيمان فىاتبعيكهي كىال تىتبعيكا السبيؿى فىتىفىرـ عىف سىبيمو [ 153: األنعاـ ] ...{بكي

كأف ىناؾ نظامان كاحدان ىك النظاـ اإلسبلمي كما عداه مف : النظـ فيك جاىمية

كمان لقىكـو } ف أىحسىفي مفى المو حي مى اىمية يىبغيكفى كى ـى الجى ك أىفىحي [ 50: المائدة ] {ييكقنيكفى

كأف ىناؾ شريعة كاحدة ىي شريعة اهلل كما عداىا فيك : ىكل

(300 )

مىى شىريعىةو مفى األىمر فىاتبعيىا كىال تىتبع أىىكىاءى } عىمنىاؾى عى ثيـ جى [ 18: الجاثية ] ...{الذيفى ال يىعمىميكفى

: كأف ىناؾ حقان كاحدان ال يتعدد ، كما عداه فيك الضبلؿ

ؽ إال الضبلؿي فىأىنى تيصرىفيكفى } اذىا بىعدى الحى : يكنس ] ..{فىمى32 ]

ف ىناؾ داران كاحدة ىي دار اإلسبلـ ، تمؾ التي تقـك فييا أكالدكلة المسممة ، فتييمف عمييا شريعة اهلل ، كتقاـ فييا

ل المسممكف فييا بعضيـ بعضان ، كما عداىا ػحدكده ، كيتكؿما الميادنة فيك دار حرب ، عبلقة المسمـ بيا إما القتاؿ ، كا

عمى عيد أماف ، كلكنيا ليست دار إسبلـ ، كال كالء بيف أىميا : كبيف المسمميف

(301 )

ـ في } ـ كىأىنفيسي اىىديكا بأىمكىالي جى كا كى ري إف الذيفى آمىنيكا كىىىاجىـ أىكليىاءي بىعضو يي كا أيكلىئؾى بىعضي ري نىصى كا كى سىبيؿ المو كىالذيفى آكى

تى ـ مف شىيءو حى يىتي ـ مف كىالى ا لىكي كا مى ـ يييىاجري لى كىالذيفى آمىنيكا كىمىى قىكـو ـي النصري إال عى ـ في الديف فىعىمىيكي ككي ري ف استىنصى كا كىا يييىاجري

ميكفى بىصيره ا تىعمى ـ ميثىاؽه كىالموي بمى بىينىيي ـ كى كا ، بىينىكي كىالذيفى كىفىريفىسىاده ـ أىكليىاءي بىعضو إال تىفعىميكهي تىكيف فتنىةه في األىرض كى يي بىعضي

اىىديكا في سىبيؿ المو كىالذيفى ، كىبيره جى كا كى ري كىالذيفى آمىنيكا كىىىاجىرزؽه كىريـه غفرىةه كى ـ مى قان لىيي ـي الميؤمنيكفى حى كا أيكلىئؾى ىي ري نىصى كا كى ، آكى

ـ ـ فىأيكلىئؾى منكي اىىديكا مىعىكي جى كا كى ري { ...كىالذيفى آمىنيكا مف بىعدي كىىىاجى [ 75 – 72: األنفاؿ ]

.. بيذه النصاعة الكاممة ، كبيذا الجـز القاطع جاء اإلسبلـ يرفع اإلنساف كيخمصو مف كشائج األرض كالطيف ، كمف ؿجاء

(302 )

فبل - كىي مف كشائج األرض كالطيف - كشائج المحـ كالدـ كطف لممسمـ إال الذم تقاـ فيو شريعة اهلل ، فتقـك الركابط بينو

ساس االرتباط في اهلل ، كال جنسية لممسمـ أكبيف سكانو عمى دار " في " األمة المسممة " إال عقيدتو التي تجعمو عضكان في

، كال قرابة لممسمـ إال تمؾ التي تنبثؽ مف العقيدة في " اإلسبلـ ... اهلل ، فتصؿ الكشيجة بينو كبيف أىمو في اهلل

ليست قرابة المسمـ أباه كأمو كأخاه كزكجو كعشيرتو ، ما : لـ تنعقد اآلصرة األكلى في الخالؽ ، فتتصؿ مف ثـ بالرحـ

ـ مف نىفسو كىاحدىةو } مىقىكي ـي الذم خى بكي يىا أىييىا الناسي اتقيكا رىنسىاءن كىاتقيكا الموى االن كىثيران كى ا رجى بىث منييمى يىا كى كجى مىؽى منيىا زى خى كى

ـى ا [ 1: النساء ] ...{الذم تىسىاءىليكفى بو كىاألىرحى

(303 )

كال يمنع ىذا مف مصاحبة الكالديف بالمعركؼ مع اختبلؼ العقيدة ما لـ يقفا في الصؼ المعادم لمجبية المسممة ،

فعندئذ ال صمة كال مصاحبة ، كعبد اهلل بف عبد اهلل بف أبي : يعطينا المثؿ في جبلء

- دعا رسكؿ اهلل : ركل ابف جرير بسنده عف ابف زياد قاؿ أال : بي قاؿ أعبد اهلل بف عبد اهلل بف - صمى اهلل عميو كسمـ

-بأبي أنت كأمي - ما يقكؿ أبي ؟ : ترل ما يقكؿ أبكؾ ؟ قاؿ . يقكؿ لئف رجعنا إلى المدينة ليخرجف األعز منيا األذؿ : قاؿ أنت كاهلل األعز كىك .فقد صدؽ كاهلل يا رسكؿ اهلل : فقاؿ أما كاهلل لقد قدمت المدينة يا رسكؿ اهلل كأف أىؿ يثرب .األذؿ

كلئف كاف يرضي اهلل .بر بكالده مني أليعممكف ما بيا أحد فقاؿ رسكؿ اهلل صمى .كرسكلو أف آتييما برأسو آلتييما بو

(304 )

ا المدينة قاـ عبد اهلل بف كفمما قدـ .. " ال : "اهلل عميو كسمـ :أنت القائؿ : عبد اهلل بف أبي عمى بابيا بالسيؼ ألبيو ، قاؿ

لئف رجعنا إلى المدينة ليخرجف األعز منيا األذؿ ؟ أما كاهلل لتعرفف العزة لؾ أك لرسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ ؟ كاهلل ال

يا : فقاؿ .يأكيؾ ظميا كال تأكيو أبدان إال بإذف مف اهلل كرسكلو ! يا لمخزرج ابني يمنعني بيتي ! ابني يمنعني بيتي ! لمخزرج

فاجتمع إليو رجاؿ .إال بإذف منو أبدان كاهلل ال يأكيو : فقاؿ أتكا ؼ .كاهلل ال يدخمف إال بإذف مف اهلل كرسكلو : فكممكه فقاؿ

اذىبكا إليو ": فأخبركه فقاؿ - صمى اهلل عميو كسمـ - النبي جاء أمر النبي إذأما : فأتكه فقاؿ . "خمو كمسكنو : فقكلكا لو

..صمى اهلل عميو كسمـ فنعـ

(305 )

فإذا انعقدت آصرة العقيدة فالمؤمنكف كميـ إخكة ، كلك لـ ا الميؤمنيكفى إخكىةه }: يجمعيـ نسب كال صير عمى .. {إنمى: سبيؿ القصر كالتككيد

ـ في } ـ كىأىنفيسي اىىديكا بأىمكىالي جى كا كى ري إف الذيفى آمىنيكا كىىىاجىـ أىكليىاءي بىعضو يي كا أيكلىئؾى بىعضي ري نىصى كا كى {سىبيؿ المو كىالذيفى آكى

[ 72: األنفاؿ ]...

كىي كالية تتجاكز الجيؿ الكاحد إلى األجياؿ المتعاقبة ، كتربط أكؿ ىذه األمة بآخرىا ، كآخرىا بأكليا ، برباط الحب

: كالمكدة كالكالء كالتعاطؼ المكيف

رى } ـ ييحبكفى مىف ىىاجى كىالذيفى تىبىكأيكا الدارى كىاأليمىافى مف قىبميمىى كفى عى ييؤثري ةن مما أيكتيكا كى اجى ـ حى ديكرى ـ كىال يىجديكفى في صي إلىيي

(306 )

ـي مىف ييكؽى شيح نىفسو فىأيكلىئؾى ىي ةه كى اصى ـ خىصى لىك كىافى بي ـ كى أىنفيسيبنىا اغفر لىنىا ، الميفمحيكفى ـ يىقيكليكفى رى اءيكا مف بىعدى كىالذيفى جى

اف كىال تىجعىؿ في قيميكبنىا غبلن لمذيفى خكىاننىا الذيفى سىبىقيكنىا باأليمى كىإلؤيكؼه رىحيـه بنىا إنؾى رى [ 10 - 9: الحشر ] {آمىنيكا رى

* * *

كيضرب اهلل االمثاؿ لممسمميف بالرىط الكريـ مف األنبياء : الذيف سبقكىـ في مككب اإليماف الضارب في شعاب الزماف

ف كىعدىؾى } بوي فىقىاؿى رىب إف ابني مف أىىمي كىا نىادىل نيكحه رى كىاكميفى ـي الحى ؽ كىأىنتى أىحكى قىاؿى يىا نيكحي إنوي لىيسى مف أىىمؾى إنوي ، الحى

ـه إني أىعظيؾى أىف ا لىيسى لىؾى بو عم الحو فىبل تىسأىلف مى يري صى عىمىؿه غىاىميفى ا لىيسى ، تىكيكفى مفى الجى قىاؿى رىب إني أىعيكذي بؾى أىف أىسأىلىؾى مى

(307 )

اسريفى مني أىكيف مفى الخى تىرحى ال تىغفر لي كى ـه كىا ] ...{لي بو عم [ 47 - 45: ىكد

اعميؾى } بوي بكىممىاتو فىأىتىمييف قىاؿى إني جى ـى رى ذ ابتىمىى إبرىاىي كىا يدم الظالميفى يتي قىاؿى ال يىنىاؿي عى مف ذير امان قىاؿى كى ...{لمناس إمى

[ 124: البقرة ]

ؽ أىىمىوي مفى } ـي رىب اجعىؿ ىىذىا بىمىدان آمنان كىارزي ذ قىاؿى إبرىاىي كىا تعيوي مىف كىفىرى فىأيمى ـ بالمو كىاليىكـ اآلخر قىاؿى كى الثمىرىات مىف آمىفى منيي

بئسى المىصيري : البقرة ]... {قىميبلن ثيـ أىضطىرهي إلىى عىذىاب النار كى126 ]

كيعتزؿ إبراىيـ أباه كأىمو حيف يرل منيـ اإلصرار عمى : الضبلؿ

(308 )

بي عىسىى أىال } ا تىدعيكفى مف ديكف المو كىأىدعيك رى مى ـ كى كىأىعتىزليكيبي شىقيان اء رى [ 48: مريـ ] ...{أىكيكفى بديعى

: سكة كقدكة أكيحكي اهلل عف إبراىيـ كقكمو ما فيو

ـى كىالذيفى مىعىوي إذ قىاليكا } سىنىةه في إبرىاىي ـ أيسكىةه حى قىد كىانىت لىكيمما تىعبيديكفى ـ ـ كى ـ إنا بيرىآءي منكي ـ ػلقىكمي ف ديكف المو كىفىرنىا بكي

حدىهي تى تيؤمنيكا بالمو كى اءي أىبىدان حى ـي العىدىاكىةي كىالبىغضى بىينىكي بىدىا بىينىنىا كى كى [ 4: الممتحنة ] .{

صحاب الكيؼ يعتزلكف أىميـ كقكميـ كأرضيـ أكالفتية كا إلى ربيـ بعقيدتيـ ، حيف عز ليخمصكا هلل بدينيـ ، كيفر

. عمييـ أف يجدكا ليا مكانان في الكطف كاألىؿ كالعشيرة

(309 )

ـ ىيدلن } زدنىاىي ـ كى بي ـ فتيىةه آمىنيكا برى مىى ، إنيي بىطنىا عى رى كىبنىا رىب السمىاكىات كىاألىرض لىف نىدعيكى مف ـ إذ قىاميكا فىقىاليكا رى قيميكبي

ذيكا مف ديكنو ، ديكنو إلىيان لىقىد قيمنىا إذان شىطىطان ىىؤيالء قىكمينىا اتخىمىى ـي ممف افتىرىل عى ف أىظمى ـ بسيمطىافو بىيفو فىمى مىيي آليىةن لىكال يىأتيكفى عى

كا إلىى ، المو كىذبان ا يىعبيديكفى إال الموى فىأكي مى ـ كى لتيميكىي ذ اعتىزى كىا ـ ـ يييىيئ لىكي تو كى ـ مف رىحمى بكي ـ رى ـ مرفىقان ػالكىيؼ يىنشير لىكي {ف أىمركي

[ 16 - 13: الكيؼ ]...

كامرأة نكح كامرأة لكط يفرؽ بينيما كبيف زكجييما حيف : تفترؽ العقيدة

كا امرىأىتى نيكحو كىامرىأىتى ليكطو كىانىتىا } رىبى الموي مىثىبلن لمذيفى كىفىري ضىنييمىا ـ ييغنيىا عى ا فىمى انىتىاىيمى يف فىخى الحى بدىيف مف عبىادنىا صى تىحتى عى

(310 )

قيؿى ادخيبل النارى مىعى الداخميفى ػـ : التحريـ ] ..{فى المو شىيئان كى10 ]

: كامرأة فرعكف عمى الضفة األخرل

رىبى الموي مىثىبلن لمذيفى آمىنيكا امرىأىتى فرعىكفى إذ قىالىت رىب } ضى كىني نىج مو كى ني مف فرعىكفى كىعىمى نىج نة كى ابف لي عندىؾى بىيتان في الجى

[ 11: التحريـ ] ...{مفى القىكـ الظالميفى

كشيجة .. كىكذا تتعدد األمثاؿ في جميع الكشائج كالركابط االبكة في قصة نكح ، ككشيجة البنكة كالكطف في قصة إبراىيـ

صحاب أ، ككشيجة األىؿ كالعشيرة كالكطف جميعان في قصة الكيؼ ، كرابطة الزكجية في قصص امرأتي نكح كلكط كامرأة

..فرعكف

(311 )

كىكذا يمضي المككب الكريـ في تصكره لحقيقة الركابط حتى تجيء األمة الكسط ، فتجد ىذا الرصيد مف .. كالكشائج

األمثاؿ كالنماذج كالتجارب ، فتمضي عمى النيج الرباني لؤلمة المؤمنة ، كتفترؽ العشيرة الكاحدة ، كيفترؽ البيت الكاحد ،

حيف تفترؽ العقيدة ، كحيث تنبت الكشيجة األكلى ، كيقكؿ اهلل : سبحانو في صفة المؤمنيف قكلو الكريـ

اد } ال تىجدي قىكمان ييؤمنيكفى بالمو كىاليىكـ اآلخر ييكىادكفى مىف حىـ أىك ـ أىك إخكىانىيي ـ أىك أىبنىاءىىي لىك كىانيكا آبىاءىىي رىسيكلىوي كى الموى كىكحو منوي ـ بري ـي األيمىافى كىأىيدىىي ـ أيكلىئؾى كىتىبى في قيميكبي عىشيرىتىيي

الديفى فييىا رىضيى الموي ناتو تىجرم مف تىحتيىا األىنيىاري خى ـ جى ييدخمييي كىـي نوي أيكلىئؾى حزبي المو أىال إف حزبى المو ىي كا عى رىضي ـ كى نيي عى

[ 22: المجادلة ] ...{الميفمحيكفى

(312 )

صمى اهلل عميو - كحيف انبتت كشيجة القرابة بيف محمد ) كابف عمو عمرك بف ىشاـ ، كبيف عمو أبي ليب - كسمـ

كحيف قاتؿ المياجركف أىميـ كأقرباءىـ كقتمكىـ (بك جيؿ أحينئذ اتصمت كشيجة العقيدة بيف المياجريف .. يـك بدر

خكة ، كاتصمت الكشيجة بيف كاألنصار ، فإذا ىـ أىؿ كا خكانيـ صييب الركمي ، كببلؿ الحبشي ، : المسمميف العرب كا

كتكارت عصبية القبيمة ، كعصبية الجنس ، .كسمماف الفارسي صمى اهلل عميو كسمـ - كقاؿ ليـ رسكؿ اهلل .كعصبية األرض

ليس منا مف دعا ": كقاؿ ليـ .. " دعكىا فإنيا منتنة ": - إلى عصبية ، كليس منا مف قاتؿ عمى عصبية ، كليس منا

نتف .. فانتيى أمر ىذا النتف .. "مف مات عمى عصبية نعرة الجنس ، كاختفت .. كماتت ىذه النعرة . عصبية النسب

(313 )

لكثة القـك ، كاستركح البشر أرج اآلفاؽ العميا ، .. تمؾ المكثة منذ ذلؾ .. بعيدان عف نتف المحـ كالدـ ، كلكثة الطيف كاألرض

" اليـك لـ يعد كطف المسمـ ىك األرض ، إنما عاد كطنو ىك الدار التي تسيطر عمييا عقيدتو كتحكـ فييا " دار اإلسبلـ

ع عنيا ، ػشريعة اهلل كحدىا ، الدار التي يأكم إلييا كيداؼلكؿ مف " دار اإلسبلـ " كىي .. كيستشيد لحمايتيا كمد رقعتيا

يديف باإلسبلـ عقيدة كيرتضي شريعتو شريعة ، ككذلؾ لكؿ مف - كلك لـ يكف مسممان - يرتضي شريعة اإلسبلـ نظامان

" دار اإلسبلـ " صحاب الديانات الكتابية الذيف يعيشكف في أؾكاألرض التي ال يييمف فييا اإلسبلـ كال تحكـ فييا شريعتو .. لى الذمي المعاىد " دار الحرب " ىي بالقياس إلى المسمـ ، كا

(314 )

يحاربيا المسمـ كلك كاف فييا مكلده ، كفييا قرابتو مف .. كذلؾ . النسب كصيره ، كفييا أمكالو كمنافعو

مكة كىي - صمى اهلل عميو كسمـ - ككذلؾ حارب محمد مسقط رأسو ، كفييا عشيرتو كأىمو ، كفييا داره كدكر صحابتو

فمـ تصبح دار إسبلـ لو كألمتو إال حيف .كأمكاليـ التي ترككىا . دانت لئلسبلـ كطبقت فييا شريعتو

* * *

فاإلسبلـ ليس كممة .. ىذا ىك كحده .. ىذا ىك اإلسبلـ تقاؿ بالمساف ، كال ميبلدان في أرض عمييا الفتة إسبلمية

. بكاه مسمماف أكال كراثة مكلد في بيت ! كعنكاف إسبلمي

(315 )

ـ ثيـ ال } رى بىينىيي كميكؾى فيمىا شىجى تى ييحى بؾى ال ييؤمنيكفى حى رى فىبل كىمميكا تىسميمان ييسى يتى كى رىجان مما قىضى ـ حى ] .{يىجديكا في أىنفيسي

[ 65: النساء

ال .. كحدىا دار اإلسبلـ ىي ىذا ىك كحده اإلسبلـ ، كىذه كال ، ة ؿكال القبي، كال النسب كاال الصير ، األرض كال الجنس

. العشيرة

لقد أطمؽ اإلسبلـ البشر مف المصكؽ بالطيف ليتطمعكا إلى ليرتفعكا في .. قيد البييمة .. السماء ، كأطمقيـ مف قيد الدـ

. عمييف

كطف المسمـ الذم يحف إليو كيدافع عنو ليس قطعة أرض ، كجنسية المسمـ التي يعرؼ بيا ليست جنسية حكـ ، كعشيرة

(316 )

المسمـ التي يأكم إلييا كيدفع عنيا ليست قرابة دـ ، كراية المسمـ التي يعتز بيا كيستشيد تحتيا ليست راية قـك ،

كانتصار المسمـ الذم ييفكا إليو كيشكر اهلل عميو ليس غمبة : إنما ىك كما قاؿ اهلل عنو .جيش

اءى نىصري المو كىالفىتحي } ميكفى في ديف ، إذىا جى رىأىيتى الناسى يىدخي كىبؾى كىاستىغفرهي إنوي كىافى تىكابان ، المو أىفكىاجان مد رى ] ...{فىسىبح بحى

[سكرة النصر

كالجياد .إنو النصر تحت راية العقيدة دكف سائر الرايات لنصرة ديف اهلل كشريعتو ال ألم ىدؼ مف األىداؼ ، كالذياد

بشركطيا تمؾ ال أية دار ، كالتجرد بعد ىذا " دار اإلسبلـ " عف

(317 )

كال حمية ألرض أك قـك ، أك ، كمو هلل ، ال لمغنـ كال لسمعة : إال لحمايتيـ مف الفتنة عف ديف اهلل ، ذكد عف أىؿ أك كلد

- سئؿ رسكؿ اهلل : عف أبي مكسى رضي اهلل عنو قاؿ عف الرجؿ يقاتؿ شجاعة كيقاتؿ حمية - صمى اهلل عميو كسمـ

مف قاتؿ لتككف ": كيقاتؿ رياء ، أم ذلؾ في سبيؿ اهلل ؟ فقاؿ ... "كممة اهلل ىي العميا فيك في سبيؿ اهلل

ية حرب ألم ىدؼ أكفي ىذا كحده تككف الشيادة ال في .. هلل .. غير ىذا اليدؼ الكاحد

رض تحارب المسمـ في عقيدتو ، كتصده عف دينو ، أككؿ كلك كاف فييا أىمو " دار حرب " كتعطؿ عمؿ شريعتو ، فيي

ككؿ أرض تقـك فييا عقيدتو .. كعشيرتو كقكمو كمالو كتجارتو

(318 )

كلك لـ يكف فييا أىؿ " دار إسبلـ " كتعمؿ فييا شريعتو ، فيي . كال قـك كال تجارة ، كال عشيرة

دار تحكميا عقيدة كمنياج حياة كشريعة مف اهلل : الكطف : كالجنسية " . اإلنساف ب" ف البلئؽ ػك معنى الكطػىذا ق..

. كىذه ىي اآلصرة البلئقة باآلدمييف .عقيدة كمنياج حياة

إف عصبية العشيرة كالقبيمة كالقـك كالجنس كالمكف كاألرض عصبية جاىمية عرفتيا البشرية في .. عصبية صغيرة متخمفة

صمى اهلل - فترات انحطاطيا الركحي ، كسماىا رسكؿ اهلل الكصؼ الذم يفكح منو التقزز ابيذ" منتنة " - عميو كسمـ . كاالشمئزاز

(319 )

كلما ادعى الييكد أنيـ شعب اهلل المختار بجنسيـ كقكميـ رد اهلل عمييـ ىذه الدعكل ، كرد ميزاف القيـ إلى اإليماف كحده

: عمى تكالي األجياؿ ، كتغاير األقكاـ كاألجناس كاألكطاف

ـى } ارىل تىيتىديكا قيؿ بىؿ ممةى إبرىاىي قىاليكا كيكنيكا ىيكدان أىك نىصى كىا كىافى مفى الميشركيفى مى نيفان كى ا أينزؿى إلىينىا ، حى مى نا بالمو كى قيكليكا آمى

ا مى يىعقيكبى كىاألىسبىاط كى اؽى كى سحى اعيؿى كىا سمى ـى كىا ا أينزؿى إلىى إبرىاىي مى كىؽي بىيفى ـ ال نيفىر بي ا أيكتيى النبيكفى مف رى مى أيكتيى ميكسىى كىعيسىى كى

نىحفي لىوي ميسمميكفى ـ كى دو منيي ـ بو فىقىد ، أىحى نتي ا آمى نيكا بمثؿ مى فىإف آمىـي الموي كىىيكى ـ في شقىاؽو فىسىيىكفيكىيي ا ىي لكا فىإنمى ف تىكى اىتىدىكا كىا

ـي نىحفي ، السميعي العىمي ف أىحسىفي مفى المو صبغىةن كى مى صبغىةى المو كىابديكفى [ 138 - 135: البقرة ] ...{لىوي عى

(320 )

فيك األمة المسممة التي تستظؿ حقان فأما شعب اهلل المختار براية اهلل عمى اختبلؼ ما بينيا مف األجناس كاألقكاـ كاأللكاف

: كاألكطاف

تىنيىكفى } كؼ كى كفى بالمىعري ت لمناس تىأميري يرى أيمةو أيخرجى كينتيـ خىتيؤمنيكفى بالمو ف المينكىر كى [ 110: آؿ عمراف ] ...{عى

، فييا أبك بكر العربي مف الرعيؿ األكؿ األمة التي يككف ، كسمماف الفارسي ، كصييب الركمي ، كببلؿ الحبشي خكانيـ الكراـ أجياليا عمى ىذا النسؽ الرائع ل كالتي تتكاؿ.كا

الجنسية فييا العقيدة ، كالكطف فييا ىك دار اإلسبلـ ، .. . كالحاكـ فييا ىك اهلل ، كالدستكر فييا ىك القرآف

(321 )

ىذا التصكر الرفيع لمدار كلمجنسية كلمقرابة ىك الذم ينبغي صحاب الدعكة إلى اهلل ، كالذم ينبغي أف يسيطر عمى قمكب أ

التصكرات أف يككف مف الكضكح بحيث ال تختمط بو أكشاب : الجاىمية الدخيمة ، كال تتسرب إليو صكر الشرؾ الخفية

الشرؾ باألرض ، كالشرؾ بالجنس ، كالشرؾ بالقـك ، كالشرؾ بالنسب ، كالشرؾ بالمنافع الصغيرة القريبة ، تمؾ التي يجمعيا

كيضع اإليماف ، اهلل سبحانو في آية كاحدة فيضعيا في كفة : كمقتضياتو في كفة أخرل ، كيدع لمناس الخيار

ـ } ـ كىعىشيرىتيكي كي ـ كىأىزكىاجي خكىانيكي ـ كىا ـ كىأىبنىاؤيكي قيؿ إف كىافى آبىاؤيكيكنىيىا مىسىاكفي تىرضى ارىةه تىخشىكفى كىسىادىىىا كى تجى فتيميكىىا كى كىأىمكىاؿه اقتىرىتى كا حى بصي جيىادو في سىبيمو فىتىرى رىسيكلو كى ـ مفى المو كى ب إلىيكي أىحى

(322 )

: التكبة ] ...{يىأتيى الموي بأىمره كىالموي ال يىيدم القىكـى الفىاسقيفى 24 ]

كذلؾ ال ينبغي أف تقـك في نفكس أصحاب الدعكة إلى اهلل تمؾ الشككؾ السطحية في حقيقة الجاىمية كحقيقة اإلسبلـ ،

فمف ىنا يؤتى الكثير .. كفي صفة دار الحرب كدار اإلسبلـ إنو ال إسبلـ في أرض ال يحكميا .. منيـ في تصكراتو كيقينو

كال تقـك فييا شريعتو ، كال دار إسبلـ إال التي يييمف ، اإلسبلـ عمييا اإلسبلـ بمنيجو كقانكنو ، كليس كراء اإليماف إال الكفر

كليس بعد الحؽ إال .. ، كليس دكف اإلسبلـ إال الجاىمية ..الضبلؿ

(323 )

بىعيػػػدىة ةه ؿنىقػػػ

، ينبغي أف تككف كاضحة في نفكسنا ىناؾ حقيقة أكليةالذيف يؤمنكف بو كالذيف ال : تمامان كنحف نقدـ اإلسبلـ لمناس

ىذه الحقيقة تنبثؽ مف طبيعة .. يؤمنكف بو عمى السكاء سبلـ ذاتو . ، كتنبع مف تاريخو اإلو

، تصكر كامؿ ذك إف اإلسبلـ تصكر مستقؿ لمكجكد كالحياة، كمف ثىـ ينبثؽ منو منيج ذاتي مستقؿ خصائص متميزة

، كيقـك عميو نظاـ ذك ، بكؿ مقكماتيا كارتباطاتيا لمحياة كميا. خصائص معينة

(324 )

ىذا التصكر يخالؼ مخالفة أساسية سائر التصكرات كقد يمتقي مع ىذه التصكرات في . الجاىمية قديمان كحديثان ، كلكف األصكؿ التي تنبثؽ منيا ىذه جزئيات عرضية جانبية

. الجزئيات مختمفة عف سائر ما عرفتو البشرية مف نظائرىا

ككظيفة اإلسبلـ األكلى ىي أف ينشئ حياة إنسانية تكافؽ ، كأف يقيـ في األرض ، كتمثمو في صكرة كاقعية ىذا التصكر

، كىك يخرج ىذه نظامان يتبع المنيج الرباني الذم اختاره اهلل: يقكؿ -سبحانو- ، كىك األمة المسممة لتمثمو كتقـك عميو

تىنيىكفى } كؼ كى كفى بالمىعري ت لمناس تىأميري يرى أيمةو أيخرجى كينتيـ خىتيؤمنيكفى بالمو ف المينكىر كى [ 110: آؿ عمراف ... ] {عى

: كيقكؿ في صفة ىذه األمة

(325 )

ـ في األىرض أىقىاميكا الصبلةى كىآتىكيا الزكىاةى } الذيفى إف مىكناىيف المينكىر نىيىكا عى كؼ كى كا بالمىعري [ 41: الحج ... ] {كىأىمىري

* * *

كليست كظيفة اإلسبلـ إذف أف يصطمح مع التصكرات ، كال األكضاع الجاىمية القائمة الجاىمية السائدة في األرض

، كلف تككف ىذه لـ تكف ىذه كظيفتو يـك جاء.. في كؿ مكاف ، فالجاىمية ىي الجاىمية .. كظيفتو اليـك كال في المستقبؿ

ىي االنحراؼ عف العبكدية هلل كحده كعف المنيج الجاىمية ، كاستنباط النظـ كالشرائع كالقكانيف كالعادات اإلليي في الحياة

كالتقاليد كالقيـ كالمكازيف مف مصدر آخر غير المصدر اإلليي

(326 )

، ككظيفتو ىي نقؿ الناس مف اإلسبلـ كىك اإلسبلـ.. ! الجاىمية إلى اإلسبلـ

بتشريع بعض الناس : الجاىمية ىي عبكدية الناس لمناس، كائنة ما كانت الصكرة التي يتـ بيا لمناس ما لـ يأذف بو اهلل

! .. ىذا التشريع

كاإلسبلـ ىك عبكدية الناس هلل كحده بتمقييـ منو كحده تصكراتيـ كعقائدىـ كشرائعيـ كقكانينيـ كقيميـ كمكازينيـ

! كالتحرر مف عبكدية العبيد

، كطبيعة دكره في ىذه الحقيقة المنبثقة مف طبيعة اإلسبلـالذيف : ، ىي التي يجب أف نقدـ بيا اإلسبلـ لمناس األرض

! يؤمنكف بو كالذيف ال يؤمنكف بو عمى السكاء

(327 )

ال مف . إف اإلسبلـ ال يقبؿ أنصاؼ الحمكؿ مع الجاىمية، كال مف ناحية األكضاع المنبثقة مف ىذا ناحية التصكر

ما جاىمية.. التصكر كليس ىنالؾ كضع آخر . فإما إسبلـ كا فنظرة .. ، يقبمو اإلسبلـ كيرضاه نصفو إسبلـ كنصفو جاىمية

، كأف ما عدا ىذا الحؽ كاحد ال يتعددأف اإلسبلـ كاضحة في كأنو . كىما غير قابميف لمتمبس كاالمتزاج. الحؽ فيك الضبلؿ

ما حكـ الجاىمية ما شريعة اهلل إما حكـ اهلل كا ما اليكل ، كا ، كا : كاآليات القرآنية في ىذا المعنى متكاترة كثيرة..

ـ } ـ كىاحذىرىي ؿى الموي كىال تىتبع أىىكىاءىىي ا أىنزى ـ بمى ـ بىينىيي كىأىف احكيؿى الموي إلىيؾى ا أىنزى ف بىعض مى [ 49: المائدة ] ..{أىف يىفتنيكؾى عى

(328 )

ـ } ا أيمرتى كىال تىتبع أىىكىاءىىي ـ كىمى ] ..{فىمذىلؾى فىادعي كىاستىق[ 15: الشكرل

مىف } ـ كى ا يىتبعيكفى أىىكىاءىىي ـ أىنمى ـ يىستىجيبيكا لىؾى فىاعمى فىإف لىؿ ممف اتبىعى ىىكىاهي بغىير ىيدلن مفى المو إف الموى ال يىيدم القىكـى أىضى

[ 50: القصص ] ..{الظالميفى

مىى شىريعىةو مفى األىمر فىاتبعيىا كىال تىتبع أىىكىاءى } عىمنىاؾى عى ثيـ جىف ، الذيفى ال يىعمىميكفى نؾى مفى المو شىيئان كىا ـ لىف ييغنيكا عى إنيي

لي الميتقيفى ـ أىكليىاءي بىعضو كىالموي كى يي ] ..{الظالميفى بىعضي[ 19-18: الجاثية

كمان لقىكـو } ف أىحسىفي مفى المو حي مى اىمية يىبغيكفى كى ـى الجى ك أىفىحي [ 50: المائدة ] ..{ييكقنيكفى

(329 )

ما إما االستجابة هلل كالرسكؿ. فيما أمراف ال ثالث ليما ، كا إما الحكـ بما أنزؿ اهلل كمو . إما حكـ الجاىمية. اتباع اليكل

ما الفتنة عما أنزؿ اهلل كليس بعد ىذا التككيد الصريح .. كا .. الجاـز مف اهلل سبحانو مجاؿ لمجداؿ أك لممحاؿ

كظيفة اإلسبلـ إذف ىي إقصاء الجاىمية مف قيادة البشرية، ، المستقؿ المبلمح ىذه القيادة عمى منيجو الخاصم، كتكؿ

يريد بيذه القيادة الرشيدة الخير لمبشرية .. يؿ الخصائصصاألى ، كاليسر الخير الذم ينشأ مف رد البشرية إلى خالقيا. كاليسر

ىذه القيادة م، كتكؿ الذم ينشأ مف التنسيؽ بيف حركة البشرية، ترتفع إلى المستكل الكريـ الذم ، المستقؿ منيجو الخاص

أك كما قاؿ ربعي بف . أراده اهلل ليا، كتخمص مف حكـ اليكل؟ فكاف ما الذم جاء بكـ: حيف سألو رستـ قائد الفرسرعاـ

(330 )

اهلل ابتعثنا لنخرج مف شاء مف عبادة العباد إلى : " جكابو، ، كمف ضيؽ الدنيا إلى سعة الدنيا كاآلخرة عبادة اهلل كحده

. " كمف جكر األدياف إلى عدؿ اإلسبلـ

اإلسبلـ إذف ليربت عمى شيكات الناس الممثمة مءلـ يج ..في تصكراتيـ كأنظمتيـ كأكضاعيـ كعاداتيـ كتقاليدىـ

، أك ما تخكض البشرية صر مجيء اإلسبلـاسكاء منيا ما ع إنما جاء ىذا كمو ..، في الشرؽ أك في الغرب سكاء فيو اآلف

، كيقيـ الحياة البشرية عمى أسسو ، كينسخو نسخان إلغاءن لينشئ حياة تنبثؽ منو . جاء لينشئ الحياة إنشاءن . الخاصةكقد تشابو جزئيات منو . ، كترتبط بمحكره ارتباطان انبثاقان

كلكنيا . جزئيات في الحياة التي يعيشيا الناس في الجاىميةإنما ىي مجرد مصادفة ىذا . ، كليست منيا ليست ىي

(331 )

أما أصؿ الشجرة فيك . التشابو الظاىرم الجانبي في الفركع، كىذه شجرة تمؾ شجرة تطمعيا حكمة اهلل. مختمؼ تمامان

: تطمعيا أىكاء البشر

بيثى ال يىخريجي ػكىالبىمىدي الطيبي يىخ } بو كىالذم خى ريجي نىبىاتيوي بإذف رى [ 58: األعراؼ ] ..{إال نىكدان

يختمؼ خبثيا .. كىذه الجاىمية خبثت قديمان كخبثت حديثان إنو ىكل .. ، كلكنو كاحد في مغرسو كأصمو في مظيره كشكمو

، الذيف ال يممككف التخمص مف البشر الجياؿ المغرضيف، كمصمحة أفراد منيـ أك طبقات أك أمـ أك جيميـ كغرضيـ

شريعة مءحتى تج. أجناس يغمبكنيا عمى العدؿ كالحؽ كالخير، كتشرع لمناس جميعان تشريعان ال يشكبو اهلل فتنسخ ىذا كمو

(332 )

ثو ىكاىـ جيؿ البشر ، كال تميؿ بو مصمحة فريؽ ، كال يمك. منيـ

يؿ بيف طبيعة منيج اهلل كمناىج صكألف ىذا ىك الفارؽ األى ، ، فإنو يستحيؿ االلتقاء بينيما في نظاـ كاحد الناس

كيستحيؿ تمفيؽ . كيستحيؿ التكفيؽ بينيما في كضع كاحدككما أف اهلل ال يغفر . منيج نصفو مف ىنا كنصفو مف ىناؾ

ىذه .. فكذلؾ ىك ال يقبؿ منيجان مع منيجو . أف يشرؾ بو. ألف ىذه ىي تمؾ عمى كجو اليقيف. كتمؾ سكاء بسكاء

ىذه الحقيقة ينبغي أف تككف مف القكة كالكضكح في نفكسنا كنحف نقدـ اإلسبلـ لمناس بحيث ال نتمجمج في اإلدالء بيا كال

، كال نتركيـ حتى ، كال ندع الناس في شؾ منيا نتمعثـ

(333 )

.. دؿ حياتيـ تبديبلن بيستيقنكا أف اإلسبلـ حيف يفيئكف إليو سي كما سيبدؿ أكضاعيـ كذلؾ. سيبدؿ تصكراتيـ عف الحياة كميا

سيبدليا ليرفع . سيبدليا ليعطييـ خيران منيا بما ال يقاس. ، كيجعميـ أقرب إلى المستكل تصكراتيـ كيرفع أكضاعيـكلف يبقى ليـ شيئان مف أكضاع . الكريـ البلئؽ بحياة اإلنساف

، الميـ إال الجزيئات التي الجاىمية اليابطة التي ىـ فييا. يتصادؼ أف يككف ليا مف جزئيات النظاـ اإلسبلمي شبيو

، ألنيا ستككف مشدكدة إلى كحتى ىذه لف تككف ىي بعينياأصؿ كبير يختمؼ اختبلفان بينان عف األصؿ الذم ىـ مشدكدكف

كىك في الكقت ذاتو ! أصؿ الجاىمية النكد الخبيث: إليو اآلفبؿ سيدفعيا " العممية البحتة "لف يسمبيـ شيئان مف المعرفة

.. قكية إلى األماـ

(334 )

يجب أال ندع الناس حتى يدرككا أف اإلسبلـ ليس ىك أم ، كما أنو ليس أم مذىب مف المذاىب االجتماعية الكضعية

بشتى أسمائيا كشياتيا .. نظاـ مف أنظمة الحكـ الكضعية نما ىك اإلسبلـ فقط.. كراياتيا جميعان اإلسبلـ بشخصيتو ! كا

اإلسبلـ . ، كأكضاعو المستقمة المستقمة كتصكره المستقؿالذم يحقؽ لمبشرية خيران مما تحمـ بو كمو مف كراء ىذه

سبلـ الرفيع النظيؼ المتناسؽ الجميؿ الصادر . األكضاع اإلو. مباشرة مف اهلل العمي الكبير

فإف ىذا ، كحيف ندرؾ حقيقة اإلسبلـ عمى ىذا النحك اإلدراؾ بطبيعتو سيجعمنا نخاطب الناس كنحف نقدـ ليـ اإلسبلـ

ثقة الذم يستيقف .. ، كفي عطؼ كذلؾ كرحمة ، في ثقة كقكةكعطؼ . أف ما معو ىك الحؽ كأف ما عميو الناس ىك الباطؿ

(335 )

كرحمة . ، كىك يعرؼ كيؼ يسعدىـ الذم يرل شقكة البشرالذم يرل ضبلؿ الناس كىك يعرؼ أيف اليدل الذم ليس بعده

! ىدل

كلف نربت عمى . لف نتدسس إلييـ باإلسبلـ تدسسان كف صرحاء معيـ غاية ػسنؾ.. شيكاتيـ كتصكراتيـ المنحرفة

ذه الجاىمية التي أنتـ فييا نجس كاهلل يريد أف ػق.. الصراحة ، كاهلل يريد أف ىذه األكضاع التي أنتـ فييا خبث.. يطيركـ ، كاهلل يريد أف يرفعكـ ىذه الحياة التي تحيكنيا دكف.. يطيبكـ

، كاهلل يريد أف يخفؼ ىذا الذم أنتـ فيو شقكة كبؤس كنكد.. كاإلسبلـ سيغير تصكراتكـ .. عنكـ كيرحمكـ كيسعدكـ

كف معيا رؾف، كسيرفعكـ إلى حياة أخرل ت كأكضاعكـ كقيمكـلى أكضاع أخرل تحتقركف معيا ىذه الحياة التي تعيشكنيا ، كا

(336 )

لى قيـ أخرل أكضاعكـ في مشارؽ األرض كمغاربيا ، كا ذا .. م األرض جميعان ػف قيمكـ السائدة ؼػتشمئزكف معيا ـ كا

لـ تركا صكرة كاقعية لمحياة اإلسبلمية- لشقكتكـ- كنتـ أنتـ يتكتمكف لمحيمكلة دكف - أعداء ىذا الديف -، ألف أعداءكـ ، فنحف قد رأيناىا ، كدكف تجسد ىذه الصكرة قياـ ىذه الحياة

كالحمد هلل ممثمة في ضمائرنا مف خبلؿ قرآننا كشريعتنا - ! كتاريخنا كتصكرنا المبدع لممستقبؿ الذم ال نشؾ في مجيئو

* * *

ألف . ىكذا ينبغي أف نخاطب الناس كنحف نقدـ ليـ اإلسبلـ، كألف ىذه ىي الصكرة التي خاطب اإلسبلـ ىذه ىي الحقيقة

(337 )

سكاء في الجزيرة العربية أـ في فارس أـ . الناس بيا أكؿ مرة. أـ في أم مكاف خاطب الناس فيو. في الرـك

كخاطبيـ بمغة . ، ألف ىذه ىي الحقيقة نظر إلييـ مف عؿكفاصميـ . حقيقة كذلؾ في طبيعتواالحب كالعطؼ ألنو

.. مفاصمة كاممة ال غمكض فييا كال تردد ألف ىذه ىي طريقتو إنو لف يمس حياتيـ كأكضاعيـ كتصكراتيـ : كلـ يقؿ ليـ أبدان

أك أنو يشبو نظميـ كأكضاعيـ ! كقيميـ إال بتعديبلت طفيفةكما يقكؿ بعضنا اليـك لمناس كىك يقدـ إلييـ .. التي ألفكىا

كمرة ! " ديمقراطية اإلسبلـ : " مرة تحت عنكاف.. اإلسبلـ كمرة بأف األكضاع ! " اشتراكية اإلسبلـ "تحت عنكاف

االقتصادية كالسياسية كالقانكنية القائمة في عالميـ ال تحتاج

(338 )

إلى آخر ىذا التدسس !!! مف اإلسبلـ إال لتعديبلت طفيفة ! الناعـ كالتربيت عمى الشيكات

كاالنتقاؿ مف ىذه الجاىمية . إف األمر مختمؼ جدان . كبل، كصكرة ةدالتي تعـ كجو األرض إلى اإلسبلـ نقمة كاسعة بعي

الحياة اإلسبلمية مغايرة تمامان لصكر الحياة الجاىمية قديمان كىذه الشقكة التي تعانييا البشرية لف يرفعيا عنيا . كحديثان

البشر مكلف ينج. تغييرات طفيفة في جزئيات النظـ كاألكضاع النقمة مف مناىج الخمؽ .منيا إال تمؾ النقمة الكاسعة البعيدة

، ، كمف نظـ البشر إلى نظاـ رب البشر إلى منيج الخالؽ. كمف أحكاـ العبيد إلى حكـ رب العبيد

(339 )

، كأال كحقيقة مثميا أف نجير بيا كنصدع. ىذه حقيقة. ندع الناس في شؾ منيا كال لبس

، كقد يجفمكف منو كقد يكره الناس ىذا في أكؿ األمركلكف الناس كذلؾ كرىكا مثؿ ىذا كأشفقكا منو في . كيشفقكف

أجفمكا كآذاىـ أف يحقر محمد . أكؿ العيد بالدعكة إلى اإلسبلـ، كينكر ، كيعيب آليتيـ تصكراتيـ -صمى اهلل عميو كسمـ -

، كيتخذ لنفسو كلمقمة ، كيعتزؿ عاداتيـ كتقاليدىـ أكضاعيـالمؤمنة معو أكضاعان كقيمان كتقاليد غير أكضاع الجاىمية

. كقيميا كتقاليدىا

، ؟ ثـ فاؤكا إلى الحؽ الذم لـ يعجبيـ أكؿ مرة ثـ ماذا: كالذم أجفمكا منو

(340 )

ـ حيميره ميستىنفرىةه } رىةو ، كىأىنيي : المدثر ] ..{فىرت مف قىسكى50 – 51 ]

، كالذم حاربكه كدافعكه بكؿ ما يممككف مف قكة كحيمة، ثـ كالذم عذبكا أىمو عذابان شديدان كىـ ضعاؼ في مكة

.. قاتمكىـ قتاالن عنيدان كىـ أقكياء في المدينة

كلـ تكف الدعكة في أكؿ عيدىا في كضع أقكل كال أفضؿ ، ككانت كانت مجيكلة مستنكرة مف الجاىمية.. منيا اآلف

، مطاردة مف أصحاب الجاه كالسمطاف محصكرة في شعاب مكةككانت تحؼ . ، ككانت غريبة في زمانيا في العالـ كمو فييا

. بيا امبراطكريات ضخمة عاتية تنكر كؿ مبادئيا كأىدافيا، ككما م اليـك قكيةػ، كما ق ذا كمو كانت قكيةػكلكنيا مع ق

(341 )

إف عناصر القكة الحقيقية كامنة في طبيعة .. ىي غدان قكية، كمف ثىـ فيي تممؾ أف تعمؿ في أسكأ ىذه العقيدة ذاتيا

إنيا تكمف في الحؽ البسيط الكضاح . الظركؼ كأشدىا حرجان كفي تناسقيا مع الفطرة التي ال تممؾ أف . الذم نقـك عميو

، كفي قدرتيا عمى قيادة البشرية صعدان تقاـك سمطانيا طكيبلن ، في أية مرحمة كانت البشرية مف التأخر أك في طريؽ التقدـ

كما أنيا .. التقدـ االقتصادم كاالجتماعي كالعممي كالعقميتكمف في صراحتيا ىذه كىي تكاجو الجاىمية بكؿ قكاىا المادية

، كال تربت عمى شيكات فبل تخـر حرفان كاحدان مف أصكلياإنما تصدع بالحؽ . ، كال تتدسس إلييا تدسسان الجاىمية

.. صدعان مع إشعار الناس بأنيا خير كرحمة كبركة

(342 )

كاهلل الذم خمؽ البشر يعمـ طبيعة تككينيـ كمداخؿ قمكبيـ في صراحة . كيعمـ كيؼ تستجيب حيف تصدع بالحؽ صدعان

! ببل تمعثـ كال كصكصة. كقكة

إف النفس البشرية فييا االستعداد لبلنتقاؿ الكامؿ مف حياة كذلؾ قد يككف أيسر عمييا مف التعديبلت الجزئية . إلى حياة

كاالنتقاؿ الكامؿ مف نظاـ حياة إلى نظاـ .. في أحياف كثيرة، انتقاؿ لو ما يبرره في منطؽ آخر أعمى منو كأكمؿ كأنظؼ

كلكف ما الذم يبرر االنتقاؿ مف نظاـ الجاىمية إلى .. الننفس ، إذا كاف النظاـ اإلسبلمي ال يزيد إال تغييران طفيفان نظاـ اإلسبلـ

؟ إف البقاء عمى النظاـ المألكؼ ، كتعديبلن طفيفان ىناؾ ىنا، قابؿ لئلصبلح ألنو عمى األقؿ نظاـ قائـ. ل المنطؽػأقرب إؿ

(343 )

، كاالنتقاؿ إلى نظاـ غير قائـ كال ، فبل ضركرة لطرحو كالتعديؿ ! ، ماداـ أنو شبيو بو في معظـ خصائصو مطبؽ

* * *

كذلؾ نجد بعض الذيف يتحدثكف عف اإلسبلـ يقدمكنو لمناس كمف بيف ما يدفعكف ! كأنو منيـ يحاكلكف ىـ دفع التيمة عنو

بو أف األنظمة الحاضرة تفعؿ كذا ككذا مما تعيب عمى اإلسبلـ إال ما - في ىذه األمكر -، كأف اإلسبلـ لـ يصنع شيئان مثمو

! الحديثة بعد ألؼ كأربعمئة عاـ" الحضارات "تصنعو

! كساء ذلؾ دفاعان ! كىاف ذلؾ دفاعان

إف اإلسبلـ ال يتخذ المبررات لو مف النظـ الجاىمية التي " الحضارات "كىذه . كالتصرفات النكدة التي نبعث منيا

(344 )

تبير الكثيريف كتيـز أركاحيـ ليست سكل نظـ جاىمية في كىي نظـ معيبة ميميمة ىابطة حيف تقاس إلى . صميمياكال عبرة بأف حاؿ أىميا بخير مف حاؿ السكاف في .. اإلسبلـ

فيؤالء ! " العالـ اإلسبلمي "ما يسمى الكطف اإلسبلمي أك .. صاركا إلى ىذا البؤس بتركيـ لئلسبلـ ال ألنيـ مسممكف

إنو خير منيا بما ال : بيا لمناسلكحجة اإلسبلـ التي يدؿنو جاء ليغيرىا ال ليقرىا يقاس ، كليرفع البشرية عف ، كا

"كىدتيا ال ليبارؾ تمرغيا في ىذا الكحؿ الذم يبدك في ثكب .. " الحضارة

فبل تبمغ بنا اليزيمة أف نتممس لئلسبلـ مشابيات في بعض ، كفي بعض ، كفي بعض المذاىب القائمة األنظمة القائمةفنحف نرفض ىذه األنظمة في الشرؽ أك في . األفكار القائمة

(345 )

إننا نرفضيا كميا ألنيا منحطة كمتخمفة .. الغرب سكاء . د اإلسبلـ أف يبمغ بالبشرية إليوػبالقياس إلى ما يرم

، كنقدـ ليـ القاعدة كحيف نخاطب الناس بيذه الحقيقة، يككف لدييـ في أعماؽ ة لمتصكر اإلسبلمي الشامؿمالعقيد

، كمف كضع فطرتيـ ما يبرر االنتقاؿ مف تصكر إلى تصكر: كلكننا ال نخاطبيـ بحجة مقنعة حيف نقكؿ ليـ. إلى كضع

، ال يغير تعالكا مف نظاـ قائـ فعبلن إلى نظاـ آخر غير مطبؽكحجتو إليكـ أنكـ تفعمكف في ىذا . في نظامكـ القائـ إال قميبلن ، كال يكمفكـ إال تغيير القميؿ مف األمر كذاؾ مثمما يفعؿ ىك

، كسيبقى لكـ كؿ ما تحرصكف عاداتكـ كأكضاعكـ كشيكاتكـ!! عميو منيا كال يمسو مسان خفيفان

(346 )

، م طبيعتوػ، ليس مغريان ؼق م ظاىرػىذا الذم يبدك سيبلن ؼفالحقيقة أف اإلسبلـ يبدؿ .. فضبلن عمى أنو ليس ىك الحقيقة

، كما يبدؿ ، كما يبدؿ النظـ كاألكضاع التصكرات كالمشاعرالشرائع كالقكانيف تبديبلن أساسيان ال يمت بصمة إلى قاعدة الحياة

ينقميـ جممة قكيكفي أف.. ، التي تحياىا البشرية الجاىمية ..كتفصيبلن مف عبادة العباد إلى عبادة اهلل كحده

مىف شىاءى فىميىكفير } .. {فىمىف شىاءى فىمييؤمف كى

ف العىالىميفى } مىف كىفىرى فىإف الموى غىني عى .. {كى

يماف ، مسألة شرؾ كالمسألة في حقيقتيا ىي مسألة كفر كا سبلـ كتكحيد كىذا ما ينبغي أف يككف . ، مسألة جاىمية كا كىـ - كما يدعكف -لميف سإف الناس ليسكا ـ.. كاضحان

(347 )

ذا كاف فييـ مف يحب أف يخدع . يحيكف حياة الجاىمية كا ، فيعتقد أف اإلسبلـ يمكف أف يستقيـ نفسو أك يخدع اآلخريف

كلكف انخداعو أك خداعو ال يغير . مع ىذه الجاىمية فمو ذلؾ، كليس ىؤالء ليس ىذا إسبلمان .. مف حقيقة الكاقع شيئان

كالدعكة اليـك إنما تقـك لترد ىؤالء الجاىميف إلى . مسمميف. ، كلتجعؿ منيـ مسمميف مف جديد اإلسبلـ

كال . كنحف ال ندعك الناس إلى اإلسبلـ لنناؿ منيـ أجران كال نريد شيئان خاصان ألنفسنا . نريد عمكان في األرض كال فسادان

إنما نحف ندعك . ، كحسابنا كأجرنا ليس عمى الناس إطبلقان ميما آذكنا .. الناس إلى اإلسبلـ ألننا نحبيـ كنريد ليـ الخير

، كىذه ىي دكافعو ألف ىذه ىي طبيعة الداعية إلى اإلسبلـ.. ، كحقيقة كمف ثىـ يجب أف يعممكا منا حقيقة اإلسبلـ..

(348 )

، في مقابؿ الخير العميؽ الذم التكاليؼ التي سيطمبيا إلييـكما يجب أف يعرفكا رأينا في حقيقة ما ىـ عميو . يحممو ليـ

، ة كليست في شيء مف اإلسبلـمإنيا الجاىؿ.. مف الجاىمية "إنيا . " الشريعة "ما داـ أنيا ليست ىي " اليكل "إنيا

فماذا بعد الحؽ إال .. ما داـ أنيا ليست ىي الحؽ" الضبلؿ ! الضبلؿ

* * *

، ، كما نضطر لمدفاع عنو كليس في إسبلمنا ما نخجؿ منو، أك ما نتمعثـ في كليس فيو ما نتدسس بو لمناس تدسسان

إف اليزيمة الركحية أماـ الغرب .. الجير بو عمى حقيقتو كأماـ الشرؽ كأماـ أكضاع الجاىمية ىنا كىناؾ ىي التي تجعؿ

(349 )

يتممس لئلسبلـ مكافقات " .. المسمميف .. "بعض الناس " الحضارة "، أك يتممس مف أعماؿ جزئية مف النظـ البشرية

الجاىمية ما يسند بو أعماؿ اإلسبلـ كقضاءه في بعض األمكر ..

إنو إذا كاف ىناؾ مف يحتاج لمدفاع كالتبرير كاالعتذار نما ىك ذاؾ الذم يحيا . فميس ىك الذم يقدـ اإلسبلـ لمناس كا

في ىذه الجاىمية الميميمة المميئة بالمتناقضات كبالنقائض كىؤالء ىـ . ، كيريد أف يتممس المبررات لمجاىمية كالعيكب

الذيف يياجمكف اإلسبلـ كيمجئكف بعض محبيو الذيف يجيمكف ، كأنو متيـ مضطر لمدفاع عف نفسو حقيقتو إلى الدفاع عنو

! في قفص االتياـ

(350 )

نحف القبلئؿ المنتسبيف إلى -بعض ىؤالء كانكا يكاجيكننا ككاف -في أمريكا في السنكات التي قضيتيا ىناؾ - اإلسبلـ

ككنت عمى العكس أتخذ .. بعضنا يتخذ مكقؼ الدفاع كالتبرير سكاء في معتقداتيا الدينية .. مكقؼ المياجـ لمجاىمية الغربية

أك في أكضاعيا االجتماعية كاالقتصادية كاألخبلقية . الميميمةىذه التصكرات عف األقانيـ كعف الخطيئة كعف .. المؤذية كىذه الرأسمالية .. ، كىي ال تستقيـ في عقؿ كال ضمير الفداء

كىذه الفردية .. ا مف بشاعة كالحة قباحتكارىا كرباىا كما فيكىذا .. األثرة التي ينعدـ معيا التكافؿ إال تحت مطارؽ القانكف

كحرية البيائـ التي .. التصكر المادم التافو الجاؼ لمحياة "كسكؽ الرقيؽ التي يسمكنيا " .. حرية االختبلط "يسمكنيا

كالسخؼ كالحرج كالتكمؼ المضاد لكاقع الحياة " .. حرية المرأة

(351 )

.. ، كالتفريؽ العنصرم الحاد الخبيث في نظـ الزكاج كالطبلؽنسانية كبشاشة.. ثـ ، ما في اإلسبلـ مف منطؽ كسمك كا

كمف مكاجية . كتطمع إلى آفاؽ تطمع البشرية دكنيا كال تبمغياالكاقع في الكقت ذاتو كمعالجتو معالجة تقـك عمى قكاعد الفطرة

. اإلنسانية السميمة

كىي .. ككانت ىذه حقائؽ نكاجييا في كاقع الحياة الغربية .. حقائؽ كانت تخجؿ أصاحبيا حيف تعرض في ضكء اإلسبلـ

ينيزمكف أماـ ذلؾ النتف الذم - يدعكف اإلسبلـ -كلكف ناسان ، حتى ليتممسكف لئلسبلـ مشابيات في تعيش فيو الجاىمية

كفي تمؾ الشناعة . ىذا الركاب المضطرب البائس في الغرب ! المادية البشعة في الشرؽ أيضان

(352 )

* * *

إننا نحف الذيف : كلست في حاجة بعد ىذا إلى أف أقكؿ، ليس لنا أف نجارم الجاىمية في شيء نقدـ اإلسبلـ لمناس

، كال في شئ مف ، كال في شئ مف أكضاعيا مف تصكراتيا . ميما يشتد ضغطيا عمينا. تقاليدىا

إف كظيفتنا األكلى ىي إحبلؿ التصكرات اإلسبلمية كالتقاليد كلف يتحقؽ ىذا بمجاراة . اإلسبلمية في مكاف ىذه الجاىمية

، كما قد يخيؿ الجاىمية كالسير معيا خطكات في أكؿ الطريؽإف ىذا معناه إعبلف اليزيمة منذ أكؿ .. إلى البعض منا

.. الطريؽ

(353 )

، كالتقاليد إف ضغط التصكرات االجتماعية السائدة، كبخاصة في دنيا ، ضغط ساحؽ عنيؼ االجتماعية الشائعة

، كال بد أف نثبت أكالن ال. كلكف ال بد مما ليس منو بد. المرأةبد أف نيرل الجاىمية حقيقة الدرؾ ، كال بد أف نستعمي ثانيان

الذم ىي فيو بالقياس إلى اآلفاؽ العميا المشرفة لمحياة . اإلسبلمية التي نريدىا

، كلف يككف ىذا بأف نجارم الجاىمية في بعض الخطكات.. اآلف كننزكم عنيا كننعزؿ ىاكما أنو لف يككف بأف نقاطع

، كاألخذ كالعطاء مع الترفع ، إنما ىي المخالطة مع التميز كبل. ، كاالستعبلء باإليماف في تكاضع ، كالصدع بالحؽ في مكدة

كىي أننا نعيش في . كاالمتبلء بعد ىذا كمو بالحقيقة الكاقعةنيا ، كأننا أىدل طريقان مف ىذه الجاىمية كسط جاىمية ، كا

(354 )

، ، ىذه النقمة مف الجاىمية إلى اإلسبلـ نقمة بعيدة كاسعةنيا ىكة فاصمة ال يقاـ فكقيا معبر لبللتقاء في منتصؼ كا

، سكاء ، كلكف لينتقؿ عميو أىؿ الجاىمية إلى اإلسبلـ الطريؽ، كيزعمكف كانكا ممف يعيشكف فيما يسمى الكطف اإلسبلمي

" اإلسبلمي "م غير الكطف ػ، أك كانكا يعيشكف ؼ أنيـ مسممكف، كلينجكا مف ىذه الشقكة ، كليخرجكا مف الظممات إلى النكر

، كينعمكا بالخير الذم ذقناه نحف الذيف عرفنا التي ىـ فيياال فمنقؿ ما أمر اهلل سبحانو .. اإلسبلـ كحاكلنا أف نعيش بو كا

مـ أف يقكلو : الرسكؿ صمى اهلل عميو كسى

ليى ديف } ـ كى ـ دينيكي [ 6: الكافركف ] ... {لىكي

(355 )

اإليمىاف استعبلءي

..{كىال تىينيكا كىال تىحزىنيكا كىأىنتيـي األىعمىكفى إف كينتيـ ميؤمنيفى } [ 6: آؿ عمراف ]

أكؿ ما يتبادر إلى الذىف مف ىذا التكجيو أنو ينصب عمى كلكف حقيقة ىذا التكجيو .. حالة الجياد الممثمة في القتاؿ

كمداه أكبر كأبعد مف ىذه الحالة المفردة ، بكؿ مبلبساتيا . الكثيرة

(356 )

إنو يمثؿ الحالة الدائمة التي ينبغي أف يككف عمييا شعكر المؤمف كتصكره كتقديره لؤلشياء كاألحداث كالقيـ كاألشخاص

. سكاء

إنو يمثؿ حالة االستعبلء التي يجب أف تستقر عمييا نفس المؤمف إزاء كؿ شيء ، ككؿ كضع ، ككؿ قيمة ، ككؿ أحد ، االستعبلء باإليماف كقيمو عمى جميع القيـ المنبثقة مف أصؿ

. غير أصؿ اإليماف

. االستعبلء عمى قكل األرض الحائدة عف منيج اإليماف كعمى .كعمى قيـ األرض التي لـ تنبثؽ مف أصؿ اإليماف

تقاليد األرض التي لـ يصغيا اإليماف ، كعمى قكانيف األرض

(357 )

التي لـ يشرعيا اإليماف ، كعمى أكضاع األرض التي لـ ينشئيا . اإليماف

مع ضعؼ القكة ، كقمة العدد ، كفقر الماؿ ، .. االستعبلء . كاالستعبلء مع القكة كالكثرة كالغنى عمى السكاء

االستعبلء الذم ال يتياكل أماـ قكة باغية ، كال عرؼ اجتماعي كال تشريع باطؿ ، كال كضع مقبكؿ عند الناس كال

. سند لو مف اإليماف

كليست حالة التماسؾ كالثبات في الجياد إال حالة كاحدة .مف حاالت االستعبلء التي يشمميا ىذا التكجيو اإلليي العظيـ

* * *

(358 )

كاالستعبلء باإليماف ليس مجرد عزمة مفردة ، كال نخكة دافعة ، كال حماسة فائرة ، إنما ىك االستعبلء القائـ عمى الحؽ

الحؽ الباقي كراء منطؽ . م طبيعة الكجكد ػالثابت المرككز ؼالقكة ، كتصكر البيئة ، كاصطبلح المجتمع ، كتعارؼ الناس ،

. ألنو مكصكؿ باهلل الحي الذم ال يمكت

إف لممجتمع منطقو السائد كعرفو العاـ كضغطو الساحؽ عمى مف ليس يحتمي منو بركف ركيف ، كعمى .. ككزنو الثقيؿ

كلمتصكرات السائدة كاألفكار .. . مف يكاجيو ببل سند متيف الشائعة إيحاؤىما الذم يصعب التخمص منو بغير االستقرار

عمى حقيقة تصغر في ظميا تمؾ التصكرات كاألفكار ، . كأكبر كأقكل مف مصدرىا كاالستمداد مف مصدر أعمى

(359 )

كالذم يقؼ في كجو المجتمع ، كمنطقو السائد ، كعرفو العاـ ، كقيمو كاعتباراتو ، كأفكاره كتصكراتو ، كانحرافاتو

يشعر بالغربة كما يشعر بالكىف ، ما لـ يكف يستند .. كنزكاتو إلى سند أقكل مف الناس ، كأثبت مف األرض ، كأكـر مف

. الحياة

كاهلل ال يترؾ المؤمف كحيدان يكاجو الضغط ، كينكء بو الثقؿ : ، كييده الكىف كالحزف ، كمف ثـ يجيء ىذا التكجيو

] . {كىال تىينيكا كىال تىحزىنيكا كىأىنتيـي األىعمىكفى إف كينتيـ ميؤمنيفى } [ 139: آؿ عمراف

ىما . ليكاجو الكىف كما يكاجو الحزف . يجيء ىذا التكجيو .. الشعكراف المباشراف المذاف يساكراف النفس في ىذا المقاـ

(360 )

يكاجييما باالستعبلء ال بمجرد الصبر كالثبات ، كاالستعبلء الطاغية ، كالقيـ السائدة ، لالذم ينظر مف عؿ إلى القك

كالتصكرات الشائعة ، كاالعتبارات كاألكضاع كالتقاليد كالعادات . ، كالجماىير المتجمعة عمى الضبلؿ

فما تككف .. األعمى سندان كمصدران .. إف المؤمف ىك األعمى م ػاألرض كميا ؟ كما يككف الناس ؟ كما تككف القيـ السائدة ؼ

األرض ؟ كاالعتبارات الشائعة عند الناس ؟ كىك مف اهلل يتمقى لى اهلل يرجع ، كعمى منيجو يسير ؟ ، كا

فاإليماف باهلل .. كىك األعمى إدراكان كتصكران لحقيقة الكجكد الكاحد في ىذه الصكرة التي جاء بيا اإلسبلـ ىك أكمؿ صكرة

كحيف تقاس ىذه الصكرة إلى ذلؾ . لممعرفة بالحقيقة الكبرل

(361 )

الركاـ مف التصكرات كالعقائد كالمذاىب ، سكاء ما جاءت بو ، كما انتيت إليو العقائد الكثنية كحديثان الفمسفات الكبرل قديمان

.. كالكتابية المحرفة ، كما اعتفستو المذاىب المادية الكالحة حيف تقاس ىذه الصكرة المشرقة الكاضحة الجميمة المتناسقة ،

إلى ذلؾ الركاـ كىذه التعسفات ، تتجمى عظمة العقيدة كما مف شؾ اف الذيف يعرفكف . اإلسبلمية كما لـ تتجؿ قط

. (20)ىذه المعرفة ىـ األعمكف عمى كؿ مف ىناؾ

كىك األعمى تصكران لمقيـ كالمكازيف التي تكزف بيا الحياة فالعقيدة المنبثقة عف المعرفة . كاألحداث كاألشياء كاألشخاص

باهلل ، بصفاتو كما جاء بيا اإلسبلـ ، كمف المعرفة بحقائؽ ىذه . القيـ في الكجكد الكبير ال في ميداف األرض الصغير

.خصائص التصور اإلسالمي ومقوماتو : في كتاب " تيو وركام " يراجع فصل (20)

(362 )

نيا أف تمنح المؤمف تصكران لمقيـ أعمى كأضبط أالعقيدة مف شمف تمؾ المكازيف المختمفة في أيدم البشر ، الذيف ال يدرككف

كال يثبتكف عمى ميزاف كاحد في الجيؿ . إال ما تحت أقداميـ بؿ في النفس الكاحدة مف حيف . بؿ في األمة الكاحدة . الكاحد

. إلى حيف

فإف عقيدتو .. كىك األعمى ضميران كشعكران ، كخمقان كسمككان في اهلل ذم األسماء الحسنى كالصفات المثمى ، ىي بذاتيا مكحية بالرفعة كالنظافة كالطيارة كالعفة كالتقكل ، كالعمؿ

فضبلن عمى إيحاء العقيدة عف . الصالح كالخبلفة الراشدة الجزاء الذم تيكف أمامو متاعب الدنيا . الجزاء في اآلخرة

كلك خرج مف ،كيطمئف إليو ضمير المؤمف .كآالميا جميعان . الدنيا بغير نصيب

(363 )

كحيف يراجع المؤمف كؿ ما . كىك األعمى شريعة كنظامان عرفتو البشرية قديمان كحديثان ، كيقيسو إلى شريعتو كنظامو ، فسيراه كمو أشبو شيء بمحاكالت األطفاؿ كخبط العمياف ، إلى

كسينظر إلى البشرية . جانب الشريعة الناضجة كالنظاـ الكامؿ شفاؽ عمى بؤسيا كشقكتيا ، كال الضالة مف عؿ في عطؼ كا

.يجد في نفسو إال االستعبلء عمى الشقكة كالضبلؿ

* * *

كىكذا كاف المسممكف األكائؿ يقفكف أماـ المظاىر الجكفاء ة ، كاالعتبارات التي كانت تتعبد الناس في جؼف، كالقكل المت

كالجاىمية ليست فترة مف الزماف ، إنما ىي حالة .. الجاىمية

(364 )

مف الحاالت تتكرر كمما انحرؼ المجتمع عف نيج اإلسبلـ ، .. في الماضي كالحاضر كالمستقبؿ عمى السكاء

كىكذا كقؼ المغيرة ابف شعبة أماـ صكر الجاىمية كأكضاعيا كقيميا كتصكراتيا في معسكر رستـ قائد الفرس

: المشيكر

لما جاء المغيرة إلى القنطرة : عف أبي عثماف النيدم قاؿ "، فعبرىا إلى أىؿ فارس أجمسكه ، كاستأذنكا رستـ في إجازتو ،

مف شارتيـ تقكية لتياكنيـ ، فأقبؿ المغيرة ابف شيئان كلـ يغيركا شعبة كالقـك في زييـ ، عمييـ التيجاف كالثياب المنسكجة

كالغمكة مسافة رمية سيـ )بالذىب ، كبسطيـ عمى غمكة ال يصؿ إلى صاحبيـ حتى (كتقدر بثبلثمائة أك أربعمائة خطكة

(365 )

غمكة ، كأقبؿ المغيرة كلو أربع ضفائر يمشي حتى ييايمشي عؿكه ؿيجمس عمى سريره ككسادتو ، فكثبكا عميو فترتركه كأنز

كانت تبمغنا عنكـ األحبلـ ، كال أرل قكمان : ، فقاؿ (21)كمغثكه نا معشر العرب سكاء ال يستعبد بعضنا بعضان ، إسفو منكـ ، أ

فظننت أنكـ تكاسكف قكمكـ كما ؛إال أف يككف محاربان لصاحبو ف أف الذم صنعتـ أف تخبركني ػككاف أحسف ـ. نتكاسى

ف ىذا األمر ال يستقيـ فيكـ ، فبل أبعضكـ أرباب بعض ، كف أمركـ أاليـك عممت . تصنعو ، كلـ آتكـ كلكف دعكتمكني

مضمحؿ ، كأنكـ مغمكبكف ، كأف ممكان ال يقـك عمى ىذه السيرة . "كال عمى ىذه العقكؿ

.صرعوه : مغثوه (21)

(366 )

كذلؾ كقؼ ربعي بف عامر مع رستـ ىذا كحاشيتو قبؿ كقعة : القادسية

أرسؿ سعد بف أبي كقاص قبؿ القادسية ربعي بف عامر "رسكالن إلى رستـ ، قائد الجيكش الفارسية كأميرىـ ، فدخؿ عميو

كأظير ، ( 22)كقد زينكا مجمسو بالنمارؽ كالزرابي كالحرير اليكاقيت كالآللىء الثمينة العظيمة ، كعميو تاجو ، كغير ذلؾ

كدخؿ .مف األمتعة الثمينة ، كقد جمس عمى سرير مف ذىب كلـ يزؿ راكبيا حتى . ربعي بثياب صفيقة كترس كفرس قصيرة

داس بيا عمى طرؼ البساط ثـ نزؿ كربطيا ببعض تمؾ : فقالكا لو . كأقبؿ كعميو سبلحو كبيضتو عمى رأسو . الكسائد

نما جئتكـ حيف دعكتمكني إ: ضع سبلحؾ فقاؿ ني لـ آتكـ ، كا

. ممةخالبسط الم: والزرابي . الوسائد والحشايا لالتكاء : النمارق (22)

(367 )

ال رجعت . ائذنكا لو : فقاؿ رستـ . ، فإف تركتمكني ىكذا كا لو فقاؿ . فأقبؿ يتككأ عمى رمحو فكؽ النمارؽ لخرؽ عامتيا

اهلل ابتعثنا لنخرج مف شاء مف : ما جاء بكـ ؟ فقاؿ : رستـ عبادة العباد إلى عبادة اهلل كحده ، كمف ضيؽ الدنيا إلى سعة

. الدنيا كاآلخرة ، كمف جكر األدياف إلى عدؿ اإلسبلـ

كتتبدؿ األحكاؿ كيقؼ المسمـ مكقؼ المغمكب المجرد مف كينظر إلى . القكة المادية ، فبل يفارقو شعكره بأنو األعمى

ف . غالبو مف عؿ ما داـ مؤمنان كيستيقف أنيا فترة كتمضي ، كا كىبيا كانت القاضية فإنو ال يحني . لئليماف كرة ال مفر منيا

كىك . إف الناس كميـ يمكتكف أما ىك فيستشيد . ليا رأسان . يغادر ىذه األرض إلى الجنة ، كغالبو يغادرىا إلى النار

:كىك يسمع نداء ربو الكريـ . كشتاف شتاف

(368 )

كا في الببلد } تىاعه قىميؿه ثيـ ، ال يىغيرنؾى تىقىمبي الذيفى كىفىري مىبئسى الميىادي ـي كى يىن ـ جى أكىاىي ناته ، مى ـ جى ـ لىيي بيي لىكف الذيفى اتقىكا رى

ا عندى مى الديفى فييىا نيزيالن مف عند المو كى تىجرم مف تىحتيىا األىنيىاري خىيره لؤلىبرىار [ 198 - 196: آؿ عمراف ] … {المو خى

كتسكد المجتمع عقائد كتصكرات كقيـ كأكضاع كميا مغاير لعقيدتو كتصكره كقيمو كمكازينو ، فبل يفارقو شعكره بأنو

كينظر إلييـ . األعمى ، كبأف ىؤالء كميـ في المكقؼ الدكف م رحمة كذلؾ كعطؼ ، كرغبة ػمف عؿ في كرامة كاعتزاز ، كؼ

في ىدايتيـ إلى الخير الذم معو ، كرفعيـ إلى األفؽ الذم . يعيش فيو

(369 )

كيضج الباطؿ كيصخب ، كيرفع صكتو كينفش ريشو ، كتحيط بو الياالت المصطنعة التي تغشي عمى األبصار

ف قبح شائو دميـ ، ػكالبصائر ، فبل ترل ما كراء الياالت ـف عؿ إلى الباطؿ المنتفش ػكينظر المؤمف ـ.. ر كالح لئيـ ػكفج

لى الجمكع المخدكعة ، فبل ييف كال يحزف ، كال ينقص ، كا إصراره عمى الحؽ الذم معو ، كثباتو عمى المنيج الذم يتبعو

. ، كال تضعؼ رغبتو كذلؾ في ىداية الضاليف كالمخدكعيف

م شيكاتو اليابطة ، كيمضي مع نزكاتو ػكيغرؽ المجتمع ؼنو يستمتع كينطمؽ أكيمصؽ بالكحؿ كالطيف ، حاسبان ، الخميعة

كتعز في مثؿ ىذا المجتمع كؿ متعة . مف األغبلؿ كالقيكد ال بريئة ككؿ طيبة حبلؿ ، كال يبقى إال المشركع اآلسف ، كا

كينظر المؤمف مف عؿ إلى الغارقيف في .. الكحؿ كالطيف

(370 )

كىك مفرد كحيد ، فبل ييف كال يحزف . الكحؿ البلصقيف بالطيف ، كال تراكده نفسو أف يخمع رداءه النظيؼ الطاىر ، كينغمس

. في الحمأة ، كىك األعمى بمتعة اإليماف كلذة اليقيف

كيقؼ المؤمف قابضان عمى دينو كالقابض عمى الجمر في المجتمع الشارد عف الديف ، كعف الفضيمة ، كعف القيـ العميا ، كعف االىتمامات النبيمة ، كعف كؿ ما ىك طاىر نظيؼ جميؿ

كيقؼ اآلخركف ىازئيف بكقفتو ، ساخريف مف تصكراتو ، .. فما ييف المؤمف كىك ينظر مف عؿ إلى .. ضاحكيف مف قيمو

الساخريف كاليازئيف كالضاحكيف ، كىك يقكؿ كما قاؿ كاحد مف ، مءالرىط الكراـ الذيف سبقكه في مككب اإليماف العريؽ الكض

.. نكح عميو السبلـ .. في الطريؽ البلحب الطكيؿ

(371 )

كفى } ري ا تىسخى ـ كىمى ري منكي كا منا فىإنا نىسخى ري ] ... {إف تىسخى [ 38: ىكد

كنياية القافمة البائسة ، مءكىك يرل نياية المككب الكض: في قكلو تعالى

كيكفى } ذىا ، إف الذيفى أىجرىميكا كىانيكا مفى الذيفى آمىنيكا يىضحى كىا كفى ـ يىتىغىامىزي كا بي ـي انقىمىبيكا فىكييفى ، مىر ذىا انقىمىبيكا إلىى أىىمي ، كىا

الكفى ـ قىاليكا إف ىىؤيالء لىضى ذىا رىأىكىي افظيفى ، كىا ـ حى مىيي ا أيرسميكا عى مى كىكيكفى ، مىى األىرىائؾ ، فىاليىكـى الذيفى آمىنيكا مفى الكيفار يىضحى عى

كفى ا كىانيكا يىفعىميكفى ، يىنظيري بى الكيفاري مى المطففيف ] ؟ ..{ ىىؿ ثيك :29 - 36 ]

: كقديمان قص القرآف الكريـ قكؿ الكافريف لممؤمنيف

(372 )

كا لمذيفى آمىنيكا } ـ آيىاتينىا بىينىاتو قىاؿى الذيفى كىفىري مىيي ذىا تيتمىى عى كىا يره مىقىامان كىأىحسىفي نىديان [ 73: مريـ .. ] { أىم الفىريقىيف خى

أم الفريقيف ؟ الكبراء الذيف ال يؤمنكف بمحمد ؟ أـ الفقراء ، كف حكلو ؟ أم الفريقيف ؟ النضر بف الحارث ػالذيف يمتؼ

كأبك سفياف بف حرب ؟ ، كالكليد بف المغيرة ، كعمرك بف ىشاـ أـ ببلؿ كعمار كصييب كخباب ؟ أفمك كاف ما يدعك إليو محمد خيران أفكاف أتباعو يككنكف ىـ ىؤالء النفر ، الذيف ال سمطاف ار دليـ في قريش كال خطر ، كىـ يجتمعكف في بيت متكاضع ؾاألرقـ ، كيككف معارضكه ىـ أكلئؾ أصحاب الندكة الفخمة

! الضخمة ، كالمجد كالجاه كالسمطاف ؟

(373 )

إنو منطؽ األرض ، منطؽ المحجكبيف عف اآلفاؽ العميا في نيا لحكمة اهلل أف تقؼ العقيدة مجردة مف . كؿ زماف كمكاف كا

الزينة كالطبلء عاطمة مف عكامؿ اإلغراء ، ال قربى مف حاكـ ، نما .كال اعتزاز بسمطاف ، كال ىتاؼ بمذة ، كال دغدغة لغريزة كا

ليقبؿ عمييا مف .. ىك الجيد كالمشقة كالجياد كاالستشياد يقبؿ ، كىك عمى يقيف مف نفسو أنو يريدىا لذاتيا خالصة هلل

مف دكف الناس ، كمف دكف ما تكاضعكا عميو مف قيـ كمغريات ، كلينصرؼ عنيا مف يبتغي المطامع كالمنافع ، كمف يشتيي

الزينة كاالبية ، كمف يطمب الماؿ كالمتاع ، كمف يقيـ . العتبارات الناس كزنان حيف تخؼ في ميزاف اهلل

إف المؤمف ال يستمد قيمو كتصكراتو كمكازينو مف الناس حتى يأسى عمى تقدير الناس ، إنما يستمدىا مف رب الناس

(374 )

إنو ال يستمدىا مف شيكات الخمؽ حتى ..كىك حسبو ككافيو يتأرجح مع شيكات الخمؽ ، إنما يستمدىا مف ميزاف الحؽ

إنو ال يتمقاىا مف ىذا العالـ .. الثابت الذم ال يتأرجح كال يميؿ نما تنبثؽ في ضميره مف ينابيع الكجكد .. الفاني المحدكد ، كا

كىك مكصكؿ ،يجد في قمبو حزنان فأنى يجد في نفسو كىنان أكبرب الناس كميزاف الحؽ كينابيع الكجكد ؟

فماذا بعد الحؽ إال الضبلؿ ؟ كليكف .. إنو عمى الحؽ لمضبلؿ سمطانو ، كليكف لو ىيمو كىيممانو ، كلتكف معو

إف ىذا ال يغير مف الحؽ شيئان ، إنو عمى .. جمكعو كجماىيره الحؽ كليس بعد الحؽ إال الضبلؿ ، كلف يختار مؤمف الضبلؿ

يعدؿ بالحؽ الضبلؿ كائنة ما فكؿ- كىك مؤمف - عمى الحؽ .. كانت المبلبسات كاألحكاؿ

(375 )

بنىا ال تيزغ قيميكبىنىا بىعدى إذ ىىدىيتىنىا كىىىب لىنىا مف لىدينؾى رىحمىةن } رىيبى فيو إف ، إنؾى أىنتى الكىىابي امعي الناس ليىكـو ال رى بنىا إنؾى جى رى

[ 9 - 8: آؿ عمراف ]. {الموى ال ييخمؼي الميعىادى

(376 )

الطىريؽ ىيكى ىىذىا

كج } اء ذىات البيري مىشييكدو ، كىاليىكـ المىكعيكد ، كىالسمى شىاىدو كى كىابي األيخديكد ، قيكد ، قيتؿى أىصحى مىييىا قيعيكده ، النار ذىات الكى ـ عى إذ ىيا يىفعىميكفى بالميؤمنيفى شيييكده ، مىى مى ـ عى ـ إال ، كىىي ا نىقىميكا منيي مى كى

ميد الذم لىوي ميمؾي السمىاكىات ، أىف ييؤمنيكا بالمو العىزيز الحىمىى كيؿ شىيءو شىييده إف الذيفى فىتىنيكا الميؤمنيفى ، كىاألىرض كىالموي عى

ريؽ ـ عىذىابي الحى لىيي ـى كى يىن ـ عىذىابي جى ـ يىتيكبيكا فىمىيي ، كىالميؤمنىات ثيـ لىناته تىجرم مف تىحتيىا ـ جى ات لىيي الحى مميكا الص إف الذيفى آمىنيكا كىعى

بؾى لىشىديده ، األىنيىاري ذىلؾى الفىكزي الكىبيري كى ػقي قي ػإف ، إف بىطشى رى

(377 )

ييعيدي ديكدي ػكىهي ، ييبدئي كى فىعاؿه ، دي ػذيك العىرش المىجي ، كى الغىفيكري الكىا ييريدي { ...لمى

- كما كردت في سكرة البركج - إف قصة أصحاب األخدكد حقيقة بأف يتأمميا المؤمنكف الداعكف إلى اهلل في كؿ أرض

فالقرآف بإيرادىا في ىذا األسمكب مع مقدمتيا . كفي كؿ جيؿ .. كالتعقيبات عمييا ، كالتقريرات كالتكجييات المصاحبة ليا

كاف يخط بيا خطكطان عميقة في تصكر طبيعة الدعكة إلى اهلل ، كدكر البشر فييا ، كاحتماالتيا المتكقعة في مجاليا الكاسع

- الدنيا كىك أكسع رقعة مف األرض ، كأبعد مدل مف الحياة - ككاف يرسـ لممؤمنيف معالـ الطريؽ ، كيعد نفكسيـ لتمقي أم

مف ىذه االحتماالت التي يجرم بيا القدر المرسـك ، كفؽ . الحكمة المكنكنة في غيب اهلل المستكر

(378 )

ثـ . إنيا قصة فئة آمنت بربيا ، كاستعمنت حقيقة إيمانيا " تعرضت لمفتنة مف أعداء جباريف بطاشيف مستيتريف بحؽ

في حرية االعتقاد بالحؽ كاإليماف باهلل العزيز الحميد " اإلنساف ، كبكرامة اإلنساف عند اهلل عف أف يككف لعبة يتسمى بيا الطغاة بآالـ تعذيبيا ، كيتميكف بمنظرىا في أثناء التعذيب

!بالحريؽ

كقد ارتفع اإليماف بيذه القمكب عمى الفتنة ، كانتصرت فييا العقيدة عمى الحياة ، فمـ ترضخ لتيديد الجباريف الطغاة ، كلـ

. تفتف عف دينيا ، كىي تحرؽ بالنار حتى تمكت

لقد تحررت ىذه القمكب مف عبكديتيا لمحياة ، فمـ يستذليا حب البقاء كىي تعايف المكت بيذه الطريقة البشعة ، كانطمقت

(379 )

مف قيكد األرض كجكاذبيا جميعان ، كارتفعت عمى ذكاتيا . بانتصار العقيدة عمى الحياة فييا

كانت كفي مقابؿ ىذه القمكب المؤمنة الخيرة الرفيقة الكريمة كجمس أصحاب ىذه .ىناؾ جببلت جاحدة شريرة مجرمة لئيمة

يشيدكف كيؼ يتعذب المؤمنكف كيتألمكف .الجببلت عمى النار جمسكا يتميكف بمنظر الحياة تأكميا النار ، كاألناسي الكراـ .

ككمما ألقي فتى أك فتاة ، صبية أك . يتحكلكف كقكدان كترابان ف المؤمنيف الخيريف الكراـ في النار ػعجكز ، طفؿ أك شيخ ، ـ

، ارتفعت النشكة الخسيسة في نفكس الطغاة ، كعربد السعار ! المجنكف بالدماء كاألشبلء

(380 )

ىذا ىك الحادث البشع الذم انتكست فيو جببلت الطغاة كارتكست في ىذه الحمأة ، فراحت تمتذ مشيد التعذيب المركع

العنيؼ ، بيذه الخساسة التي لـ يرتكس فييا كحش قط ، فالكحش يفترس ليقتات ، ال ليمتذ آالـ الفريسة في لـؤ كخسة

!

كىك ذاتو الحادث الذم ارتفعت فيو أركاح المؤمنيف كتحررت كانطمقت إلى ذلؾ األكج السامي الرفيع ، الذم تشرؼ بو

. البشرية في جميع األجياؿ كالعصكر

في حساب األرض يبدك أف الطغياف قد انتصر عمى اإليماف ف ىذا اإليماف الذم بمغ الذركة العالية ، في نفكس الفئة . كا

(381 )

لـ يكف لو كزف كال حساب .. الخيرة الكريمة الثابتة المستعمية ! في المعركة التي دارت بيف اإليماف كالطغياف

كال تذكر الركايات التي كردت في ىذا الحادث ، كما ال تذكر النصكص القرآنية ، أف اهلل قد أخذ أكلئؾ الطغاة في األرض بجريمتيـ البشعة ، كما أخذ قـك نكح كقـك ىكد كقـك صالح

أك كما أخذ فرعكف كجنكده أخذ عزيز . كقـك شعيب كقـك لكط . مقتدر

! ففي حساب األرض تبدك ىذه الخاتمة اسيفة أليمة

أفيكذا ينتيي األمر ، كتذىب الفئة المؤمنة التي ارتفعت إلى ذركة اإليماف ؟ تذىب مع آالميا الفاجعة في األخدكد ؟

(382 )

بينما تذىب الفئة الباغية ، التي ارتكست إلى ىذه الحمأة ، ناجية ؟

أماـ ىذه الخاتمة مءحساب األرض يحيؾ في الصدر ش! األسيفة

كلكف القرآف يعمـ المؤمنيف شيئان آخر ، كيكشؼ ليـ عف حقيقة أخرل ، كيبصرىـ بطبيعة القيـ التي يزنكف بيا ،

. كبمجاؿ المعركة التي يخكضكنيا

إف الحياة كسائر ما يبلبسيا مف لذائذ كآالـ ، كمف متاع كليست ىي .. ليست ىي القيمة الكبرل في الميزاف .. كحرماف

كالنصر ليس .السمعة التي تقرر حساب الربح كالخسارة

(383 )

فيذه صكرة كاحدة مف صكر .مقصكران عمى الغمبة الظاىرة . النصر الكثيرة

ف إف القيمة الكبرل في ميزاف اهلل ىي قيمة العقيدة ، كا ف النصر .سمعة اإليماف ىي السمعة الرائجة في سكؽ اهلل كا

ىك انتصار الركح عمى المادة ، كانتصار قفي أرفع صكركفي ىذا .. العقيدة عمى األلـ ، كانتصار اإليماف عمى الفتنة

الحادث انتصرت أركاح المؤمنيف عمى الخكؼ كاأللـ ، كانتصرت عمى جكاذب األرض كالحياة ، كانتصرت عمى الفتنة

كىذا .. انتصاران يشرؼ الجنس البشرم كمو في جميع األعصار .. ىك االنتصار

(384 )

كلكف الناس .إف الناس جميعان يمكتكف ، كتختمؼ األسباب جميعان ال ينتصركف ىذا االنتصار ، كال يرتفعكف ىذا االرتفاع ، كال يتحرركف ىذا التحرر ، كال ينطمقكف ىذا االنطبلؽ إلى ىذه

إنما ىك اختيار اهلل كتكريمو لفئة كريمة مف عباده .. اآلفاؽ لتشارؾ الناس في المكت ، كتنفرد دكف الناس في المجد ،

إذا نحف . المجد في المؤل األعمى ، كفي دنيا الناس أيضان ! كضعنا في الحساب نظرة األجياؿ بعد األجياؿ

لقد كاف في استطاعة المؤمنيف أف ينجكا بحياتيـ في مقابؿ كلكف كـ كانكا يخسركف ىـ أنفسيـ ؟ ككـ .اليزيمة إليمانيـ

كانت البشرية كميا تخسر ؟ كـ كانكا يخسركف كىـ يقتمكف ىذا المعنى الكبير ، معنى زىادة الحياة ببل عقيدة ، كبشاعتيا ببل

(385 )

حرية ، كانحطاطيا حيف يسيطر الطغاة عمى األركاح بعد سيطرتيـ عمى األجساد ؟

إنو معنى كريـ جدان ، كمعنى كبير جدان ، ىذا الذم ربحكه ىـ يجدكف مس النار ، فتحرؽ ككىـ بعد في األرض ، ربحكه

أجسادىـ الفانية ، كينتصر ىذا المعنى الكريـ الذم تزكيو النار !

ىك ثـ إف مجاؿ المعركة ليس ىك األرض كحدىا ، كليس كشيكد المعركة ليسكا ىـ الناس في جيؿ .الحياة الدنيا كحدىا

إف المؤل األعمى يشارؾ في أحداث األرض . مف األجياؿ كيشيدىا كيشيد عمييا ، كيزنيا بميزاف غير ميزاف األرض في

. جيؿ مف أجياليا ، كغير ميزاف األرض في أجياليا جميعان

(386 )

كالمؤل األعمى يضـ مف األركاح الكريمة أضعاؼ أضعاؼ ما كما مف شؾ أف ثناء المؤل األعمى .. تضـ األرض مف الناس

كتكريمو أكبر كأرجح في أم ميزاف مف رأم أىؿ األرض ! كتقديرىـ عمى اإلطبلؽ

كىي المجاؿ األصيؿ الذم .كبعد ذلؾ كمو ىناؾ اآلخرة يمحؽ بو مجاؿ األرض ، كال ينفصؿ عنو ، ال في الحقيقة

. الكاقعة ، كال في حس المؤمف بيذه الحقيقة

فالمعركة إذف لـ تنتو ، كخاتمتيا الحقيقية لـ تجيء بعد ، كالحكـ عمييا بالجزء الذم عرض منيا عمى األرض حكـ غير .صحيح ، ألنو حكـ عمى الشطر الصغير منيا كالشطر الزىيد

* * *

(387 )

الضيقة المجاؿ المدل النظرة األكلى ىي النظرة القصيرة كالنظرة الثانية الشاممة البعيدة . التي تعف لئلنساف العجكؿ

المدل ىي التي يركض القرآف المؤمنيف عمييا ، ألنيا تمثؿ . الحقيقة التي يقـك عمييا التصكر اإليماني الصحيح

كمف ثـ كعد اهلل لممؤمنيف جزاء عمى اإليماف كالطاعة ، ىك .. كالصبر عمى االبتبلء ، كاالنتصار عمى فتف الحياة

: طمأنينة القمب

ـ بذكر المو أىال بذؾ } ئف قيميكبييي تىطمى ر المو ػالذيفى آمىنيكا كى [ . 28: الرعد ... ] {ف القيميكبي ػتىطمىئ

: كىك الرضكاف كالكد مف الرحمف

(388 )

دان } ـي الرحمىفي كي ات سىيىجعىؿي لىيي الحى مميكا الص إف الذيفى آمىنيكا كىعى [ . 96: مريـ ] {

: كىك الذكر في المؤل األعمى

إذا مات كلد العبد - صمى اهلل عميو كسمـ - قاؿ رسكؿ اهلل فيقكؿ . نعـ : قبضتـ كلد عبدم ؟ فيقكلكف : قاؿ اهلل لمبلئكتو

ماذا قاؿ عبدم : فيقكؿ . نعـ : قبضتـ ثمرة فؤاده ؟ فيقكلكف : ابنكا لعبدم بيتان في : فيقكؿ . حمدؾ كاسترجع : ؟ فيقكلكف

. [أخرجو الترمذم ]" ... الحمد تالجنة كسمكه بي

أنا عند : يقكؿ اهلل عز كجؿ : كقاؿ صمى اهلل عميو كسمـ ظف عبدم بي ، كأنا معو حيف يذكرني ، فإذا ذكرني في نفسو ف ذكرني في مؤل ذكرتو في مؤل خير منو . ذكرتو في نفسي ، كا

(389 )

ف اقترب إلي ذرعان مفإف اقترب إؿ شبران اقتربت إليو ذراعان ، كا ف أتاني ]" . يمشي أتيتو ىركلة مشيان اقتربت منو باعان ، كا

. [أخرجو الشيخاف

: كىك اشتغاؿ المؤل األعمى بأمر المؤمنيف في األرض

ـ } بي مد رى كلىوي ييسىبحيكفى بحى مىف حى الذيفى يىحمميكفى العىرشى كىسعتى كيؿ شىيءو بنىا كى كفى لمذيفى آمىنيكا رى يىستىغفري ييؤمنيكفى بو كى كىـ عىذىابى قي رىحمىةن كىعممان فىاغفر لمذيفى تىابيكا كىاتبىعيكا سىبيمىؾى كى

حيـ [ . 7: غافر ] { الجى

: كىك الحياة عند اهلل لمشيداء

كىال تىحسىبىف الذيفى قيتميكا في سىبيؿ المو أىمكىاتان بىؿ أىحيىاءه عندى }ـ ييرزىقيكفى بي كفى ، رى يىستىبشري ـي الموي مف فىضمو كى ا آتىاىي فىرحيفى بمى

(390 )

ـ ـ كىال ىي مىيي كؼه عى ـ أىال خى مفي ـ مف خى قيكا بي ـ يىمحى بالذيفى لىفىضؿو كىأىف الموى ال ييضيعي ، يىحزىنيكفى كفى بنعمىةو مفى المو كى يىستىبشري

[ . 171 - 169: آؿ عمراف ] {أىجرى الميؤمنيفى

كما كاف كعده المتكرر بأخذ المكذبيف كالطغاة كالمجرميف ف إك.. في اآلخرة كاإلمبلء ليـ في األرض كاإلمياؿ إلى حيف

كلكف التركيز كمو عمى .. كاف أحيانان قد أخذ بعضيـ في الدنيا : اآلخرة في الجزء األخير

كا في الببلد } تىاعه قىميؿه ثيـ ، ال يىغيرنؾى تىقىمبي الذيفى كىفىري مىبئسى الميىادي ـي كى يىن ـ جى أكىاىي [ . 197 - 196: آؿ عمراف ] { مى

(391 )

ـ } ريىي ا ييؤىخ افبلن عىما يىعمىؿي الظالميكفى إنمى كىال تىحسىبىف الموى غىاري ـ ال يىرتىد ، ليىكـو تىشخىصي فيو األىبصى كسي ؤي مييطعيفى ميقنعي ريـ ىىكىاءه ـ كىأىفئدىتييي ـ طىرفييي [ . 43 - 42: إبراىيـ ] ..{ إلىيي

ـي الذم ييكعىديكفى } تى ييبلقيكا يىكمىيي يىمعىبيكا حى كا كى ـ يىخيكضي ، فىذىرىيـ إلىى نيصيبو ييكفضيكفى ، يىكـى يىخريجيكفى مفى األىجدىاث سرىاعان كىأىنييـ ذلةه ذىلؾى اليىكـي الذم كىانيكا ييكعىديكفى ـ تىرىىقييي اريىي اشعىةن أىبصى { ] خى

[ . 44 -42: المعارج

كىكذا اتصمت حياة الناس بحياة المؤل األعمى ، كاتصمت الدنيا باآلخرة ، كلـ تعد األرض كحدىا ىي مجاؿ المعركة بيف

كلـ تعد . الخير كالشر ، كالحؽ كالباطؿ ، كاإليماف كالطغياف الحياة الدنيا ىي خاتمة المطاؼ ، كال مكعد الفصؿ في ىذا

(392 )

كما أف الحياة ككؿ ما يتعمؽ بيا مف لذائد كآالـ .. الصراع . كمتاع كحرماف ، لـ تعد ىي القيمة العميا في الميزاف

انفسح المجاؿ في المكاف ، كانفسح المجاؿ في الزماف ، م القيـ كالمكازيف ، كاتسعت آفاؽ النفس ػكانفسح المجاؿ ؼ

المؤمنة ، ككبرت اىتماماتيا ، فصغرت األرض كما عمييا ، كالحياة الدنيا كما يتعمؽ بيا ، ككبر المؤمف بمقدار ما رأل كما عرؼ مف اآلفاؽ كالحيكات ، ككانت قصة أصحاب األخدكد في القمة في إنشاء ىذا التصكر اإليماني الكاسع الشامؿ الكبير

.الكريـ

* * *

(393 )

ر تطمقو قصة أصحاب األخدكد كسكرة ػىناؾ إشعاع آخالبركج حكؿ طبيعة الدعكة إلى اهلل ، كمكقؼ الداعية أماـ كؿ

. احتماؿ

لقد شيد تاريخ الدعكة إلى اهلل نماذج منكعة مف نيايات .. في األرض مختمفة لمدعكات

شيد مصارع قـك نكح ، كقـك ىكد ، كقـك شعيب ، كقـك كلـ . ة العدد ، مجرد النجاة ؿالقميالمؤمنة لكط ، كنجاة الفئة

كىذه . يذكر القرآف لمناجيف دكران بعد ذلؾ في األرض كالحياة ؿ النماذج تقرر أف اهلل سبحانو كتعالى يريد أحيانان أف يعجلممكذبيف الطغاة بقسط مف العذاب في الدنيا ، أما الجزاء

. األكفى فيك مرصكد ليـ ىناؾ

(394 )

كشيد تاريخ الدعكة مصرع فرعكف كجنكده ، كنجاة مكسى كقكمو ، مع التمكيف لمقـك في األرض فترة كانكا فييا أصمح ما

ف لـ يرتقكا قط إلى االستقامة الكاممة ، .كانكا في تاريخيـ كا لى إقامة ديف اهلل في األرض منيجان لمحياة شامبلن كىذا .. كا

. نمكذج غير النماذج األكلى

كشيد تاريخ الدعكة كذلؾ مصرع المشركيف الذيف استعصكا - صمى اهلل عميو كسمـ - عمى اليدل كاإليماف بمحمد

مع انتصار العقيدة في ،كانتصار المؤمنيف انتصاران كامبلن كتـ لممرة الكحيدة في تاريخ البشرية . نفكسيـ انتصاران عجيبان

أف أقيـ منيج اهلل مييمنان عمى الحياة في صكرة لـ تعرفيا . البشرية قط ، مف قبؿ كال مف بعد

(395 )

.. نمكذج أصحاب األخدكد - كما رأينا - كشيد

كشيد نماذج أخرل أقؿ ظيكران في سجؿ التاريخ اإليماني كما يزاؿ يشيد نماذج تتراكح بيف ىذه . في القديـ كالحديث

. النيايات التي حفظيا عمى مدار القركف

كلـ يكف بد مف النمكذج الذم يمثمو حادث األخدكد ، إلى .. القريب منيا كالبعيد .جانب النماذج األخرل

لـ يكف بد مف ىذا النمكذج الذم ال ينجك فيو المؤمنكف ، - يفذلؾ ليستقر في حس المؤمف! الكافركف فيو كال يؤخذ

أنيـ قد يدعكف إلى نياية كيذه النياية - أصحاب دعكة اهلل كأف ليس ليـ مف األمر شيء ، إنما .في طريقيـ إلى اهلل

! أمرىـ كأمر العقيدة إلى اهلل

(396 )

إف عمييـ أف يؤدكا كاجبيـ ، ثـ يذىبكا ، ككاجبيـ أف يختاركا اهلل ، كأف يؤثركا العقيدة عمى الحياة ، كأف يستعمكا

ثـ . باإليماف عمى الفتنة كأف يصدقكا اهلل في العمؿ كالنية . يفعؿ اهلل بيـ كبأعدائيـ ، كما يفعؿ بدعكتو كدينو ما يشاء كينتيي بيـ إلى نياية مف تمؾ النيايات التي عرفيا تاريخ

. اإليماف ، أك إلى غيرىا مما يعممو ىك كيراه

أينما كحيثما ككيفما أرادىـ أف يعممكا .إنيـ أجراء عند اهلل كليس ليـ كال عمييـ أف تتجو ! ر المعمـك ػعممكا كقبضكا األج،

الدعكة إلى أم مصير ، فذلؾ شأف صاحب األمر ال شأف ! األجير

(397 )

كىـ يقبضكف الدفعة األكلى طمأنينة في القمب ، كرفعة في الشعكر ، كجماالن في التصكر ، كانطبلقان مف األكىاؽ كالجكاذب

. ، كتحرران مف الخكؼ كالقمؽ ، في كؿ حاؿ مف األحكاؿ

في المؤل األعمى كذكران ثناء كىـ يقبضكف الدفعة الثانية . ككرامة ، كىـ بعد في ىذه األرض الصغيرة

ثـ ىـ يقبضكف الدفعة الكبرل في اآلخرة حسابان يسيران . كنعيمان كبيران

رضكاف اهلل ، كانيـ .كمع كؿ دفعة ما ىك أكبر منيا جميعان مختاركف ليككنكا أداة لقدره كستاران لقدرتو ، يفعؿ بيـ في

.األرض ما يشاء

* * *

(398 )

كىكذا انتيت التربية القرآنية بالفئة المختارة مف المسمميف في الصدر األكؿ إلى ىذا التطكر ، الذم أطمقيـ مف أمر

خرجكا أنفسيـ مف األمر البتة ، كعممكا أؼ. ذكاتيـ كشخكصيـ أجراء عند صاحب األمر كرضكا خيرة اهلل عمى أم كضع كعمى

. أم حاؿ

ككانت التربية النبكية تتمشى مع التكجييات القرآنية ، لى الصبر عمى الدكر كتكجو القمكب كاألنظار إلى الجنة ، كا

. المختار حتى يأذف اهلل بما يشاء في الدنيا كاآلخرة سكاء

- يرل عماران كأمو كأباه - صمى اهلل عميو كسمـ - كاف يعذبكف العذاب الشديد في مكة ، فما يزيد - رضي اهلل عنيـ " .. مكعدكـ الجنة .ران آؿ ياسر بص: " عمى أف يقكؿ

(399 )

شككنا إلى : قاؿ - رضي اهلل عنو - ث كعف خباب بف األركىك متكسد برده في ظؿ - صمى اهلل عميو كسمـ - رسكؿ اهلل

قد : " ا ؟ أك تدعك لنا ؟ فقاؿ فأال تستنصر ؿ: الكعبة ، فقمنا كاف مف قبمكـ يؤخذ الرجؿ فيحفر لو في األرض فيجعؿ فييا ،

كيمشط .ثـ يؤتى بالمنشار فيكضع عمى رأسو فيجعؿ نصفيف ما يبعده ذلؾ عف دينو .بأمشاط الحديد ما دكف لحمو كعظمو

مف اهلل تعالى ىذا األمر حتى يسير الراكب مف ـ كاهلل ليت.صنعاء إلى حضرمكت ، فبل يخاؼ إال اهلل ، كالذئب عمى غنمو

.[أخرجو البخارم ]" .. ، كلكنكـ تستعجمكف

* * *

(400 )

إف هلل حكمة كراء كؿ كضع ككراء كؿ حاؿ ، كمدبر ىذا الككف كمو ، المطمع عمى أكلو كآخره ، المنسؽ ألحداثو

ىك الذم يعرؼ الحكمة المككنة في غيبو المستكر .كركابطو . ، الحكمة التي تتفؽ مع مشيئتو في خط السير الطكيؿ

عف - بعد أجياؿ كقركف - كفي بعض األحياف يكشؼ لنا حكمة حادث لـ يكف معاصركه يدرككف حكمتو ، كلعميـ كانكا يسألكف لماذا ؟ لماذا يا رب يقع ىذا ؟ كىذا السؤاؿ نفسو ىك

ألنو يعرؼ ابتداء أف ىناؾ حكمة .الجيؿ الذم يتكقاه المؤمف كراء كؿ قدر ، كألف سعة المجاؿ في تصكره ، كبعد المدل في الزماف كالمكاف كالقيـ كالمكازيف تغنيو عف التفكير ابتداء في

فيسير مع دكرة القدر في استسبلـ كاطمئناف .مثؿ ىذا السؤاؿ ..

(401 )

لقد كاف القرآف ينشئ قمكبان يعدىا لحمؿ األمانة ، كىذه القمكب كاف يجب أف تككف مف الصبلبة كالقكة كالتجرد بحيث ال

إلى شيء - كىي تبذؿ كؿ شيء ، كتحتمؿ كؿ شيء - تتطمع في ىذه األرض ، كال تنظر إال إلى اآلخرة ، كال ترجك إال رضكاف

نصب كشقاء في اهلل ، قمكبان مستعدة لقطع رحمة األرض كميا ببل جزاء في ىذه . كحرماف كعذاب كتضحية حتى المكت

األرض قريب ، كلك كاف ىذا الجزاء ىك انتصار الدعكة ، كغمبة اإلسبلـ كظيكر المسمميف ، بؿ لك كاف ىذا الجزاء ىك ىبلؾ ! الظالميف بأخذىـ أخذ عزيز مقتدر كما فعؿ بالمكذبيف األكليف

حتى إذا كجدت ىذه القمكب ، التي تعمـ أف ليس أماميا في كأف تنتظر - أم مقابؿ - ببل مقابؿ مرحمة األرض إال أف تعط

حتى إذا . اآلخرة كحدىا مكعدان لمفصؿ بيف الحؽ كالباطؿ

(402 )

كجدت ىذه القمكب ، كعمـ اهلل منيا صدؽ نيتيا عمى ما بايعت ال .كعاىدت ، آتاىا النصر في األرض ، كائتمنيا عميو

لنفسيا ، كلكف لتقـك بأمانة المنيج اإلليي كىي أىؿ ألداء األمانة منذ كانت لـ تكعد بشيء مف المغنـ في الدنيا تتقاضاه

كقد تجردت .، كلـ تتطمع إلى شئ مف الغنـ في األرض تعطاه . هلل حقان يـك كانت ال تعمـ ليا جزاء إال رضاه

ككؿ اآليات التي ذكر فييا النصر ، كذكر فييا المغانـ ، كذكر فييا أخذ المشركيف في األرض بأيدم المؤمنيف نزلت في

كبعد أف أصبحت ىذه األمكر خارج .. بعد ذلؾ .. المدينة كجاء النصر ذاتو ألف مشيئة . برنامج المؤمف كانتظاره كتطمعو

اهلل اقتضت أف تككف ليذا المنيج كاقعية في الحياة اإلنسانية ، فمـ يكف جزاء .. تقرره في صكرة عممية محددة تراىا األجياؿ

(403 )

التعب كالنصب كالتضحية كاآلالـ ، إنما كاف قدران مف قدر عمى ! اهلل تكمف كراءه حكمة نحاكؿ رؤيتيا اآلف

كىذه المفتة جديرة بأف يتدبرىا الدعاة إلى اهلل ، في كؿ فيي كفيمة بأف ترييـ معالـ الطريؽ .أرض كفي كؿ جيؿ

كاضحة ببل غبش ، كأف تثبت خطى الذيف يريدكف أف يقطعكا ثـ يككف قدر . الطريؽ إلى نيايتو ، كيفما كانت ىذه النياية

لفتكف في أثناء الطريؽ تاهلل بدعكتو كبيـ ما يككف ، فبل مالدامي المفركش بالجماجـ كاألشبلء ، كبالعرؽ كالدماء ، إلى

صؿ بيف الحؽ كالباطؿ في ىذه األرض منصر أك غمبة ، أك ؼكلكف إذا كاف اهلل يريد أف يصنع بيـ شيئان مف ىذا لدعكتو ..

ال جزاء عمى اآلالـ كالتضحيات .. كلدينو فسيتـ ما يريده اهلل نما تحقيقان لقدر اهلل في .. ال ، فاألرض ليست دار جزاء .. كا

(404 )

أمر دعكتو كمنيجو عمى أيدم ناس مف عباده يختارىـ ليمضي بيـ مف األمر ما يشاء ، كحسبيـ ىذا االختيار الكريـ ، الذم تيكف إلى جانبو كتصغر ىذه الحياة ، ككؿ ما يقع في رحمة

. األرض مف سراء أك ضراء

* * *

ىنالؾ حقيقة أخرل يشير إلييا أحد التعقيبات القرآنية عمى : قصة األخدكد في قكلو تعالى

ميد } ـ إال أىف ييؤمنيكا بالمو العىزيز الحى ا نىقىميكا منيي مى ..{كى

حقيقة ينبغي أف يتأمميا المؤمنكف الداعكف إلى اهلل في كؿ . أرض كفي كؿ جيؿ

(405 )

إف المعركة بيف المؤمنيف كخصكميـ ىي في صميميا ف خصكميـ . معركة عقيدة كليست شيئان آخر عمى اإلطبلؽ كا

.. ال ينقمكف منيـ إال اإليماف ، كال يسخطكف منيـ إال العقيدة

إنيا ليست معركة سياسية كال معركة اقتصادية ، كال معركة كلك كانت شيئان مف ىذا لسيؿ كقفيا ، كسيؿ حؿ .. عنصرية ما - كلكنيا في صميميا معركة عقيدة .إشكاليا إما كفر كا ما إسبلـ .. إيماف ! إما جاىمية كا

صمى - كلقد كاف كبار المشركيف يعرضكف عمى رسكؿ اهلل ،الماؿ كالحكـ كالمتاع في مقابؿ شيء كاحد - اهلل عميو كسمـ

- كلك أجابيـ ! ة كأف يدىف في ىذا األمر دأف يدع معركة العقي

(406 )

ما بقيت بينيـ كبينو معركة عمى كاإلى شيء مما أراد- حاشاه ! اإلطبلؽ

كىذا ما يجب أف .. إنيا قضية عقيدة كمعركة عقيدة فإنو ال يعادييـ . يستيقنو المؤمنكف حيثما كاجيكا عدكان ليـ

" إال أف يؤمنكا باهلل العزيز الحميد " لشيء إال ليذه العقيدة ! كيخمصكا لو كحده الطاعة كالخضكع

كقد يحاكؿ أعداء المؤمنيف أف يرفعكا لممعركة راية غير راية العقيدة ، راية اقتصادية أك سياسية أك عنصرية ، كي يمكىكا عمى المؤمنيف حقيقة المعركة ، كيطفئكا في أركاحيـ شعمة

فمف كاجب المؤمنيف أال ييخدىعكا ، كمف كاجبيـ أف . العقيدة كأف الذم يغير راية .يدرككا أف ىذا تمكيو لغرض مبيت

(407 )

المعركة إنما يريد أف يخدعيـ عف سبلح النصر الحقيقي فييا ، النصر في أية صكرة مف الصكر ، سكاء جاء في صكرة

االنطبلؽ الركحي كما كقع لممؤمنيف في حادث األخدكد ، أك كما - الناشئة مف االنطبلؽ الركحي - في صكرة الييمنة

. حدث لمجيؿ األكؿ مف المسمميف

كنحف نشيد نمكذجان مف تمكيو الراية في محاكلة الصميبية العالمية اليـك أف تخدعنا عف حقيقة المعركة ، كأف تزكر

التاريخ ، فتزعـ لنا أف الحركب الصميبية كانت ستاران لبلستعمار إنما كاف االستعمار الذم جاء متأخران ىك الستار .. كبل ..

لمركح الصميبية التي لـ تعد قادرة عمى السفكر كما كانت في كالتي تحطمت عمى صخرة العقيدة بقيادة ! القركف الكسطى

مسمميف مف شتى العناصر ، كفييـ صبلح الديف الكردم ،

(408 )

كتكراف شاه المممككي ، العناصر التي نسيت قكميتيا كذكرت ! عقيدتيا فانتصرت تحت راية العقيدة

ميد } ـ إال أىف ييؤمنيكا بالمو العىزيز الحى ا نىقىميكا منيي مى . {كى

!كصدؽ اهلل العظيـ ، ككذب الممكىكف الخادعكف

موقعنا على االنترنت

منبر التوحيد والجهاد http://www.tawhed.ws

(409 )

http://www.almaqdese.com

http://www.alsunnah.info

الدال على الخير كفاعله

(410 )

الفيرس

معالـ في الطريؽ

………………………

……………………… 2

جيؿ قرآني فريد ………………………

……………………… 9

طبيعة المنيج القرآني

………………………

……………………… 1

7

نشأة المجتمع المسمـ كخصائصو

………………………

……………………… 4

1

5………………………الجياد في

(411 )

0 ……………………… سبيؿ اهلل

ال إلو إال اهلل منيج حياة

………………………

……………………… 7

5

شريعة ككنية ………………………

……………………… 8

8 إلسبلـ ىك ا

الحضارة………………………

……………………… 9

5

التصكر اإلسبلمي كالثقافة

………………………

……………………… 1

11

جنسية المسمـ عقيدتو

………………………

……………………… 1

23

(412 )

نقمة بعيدة ………………………

……………………… 1

34 استعبلء

اإليماف………………………

……………………… 1

47

ىذا ىك الطريؽ ………………………

……………………… 1

56

موقعنا على االنترنت

منبر التوحيد والجهاد http://www.tawhed.ws

http://www.almaqdese.com

http://www.alsunnah.info

(413 )

الدال على الخير كفاعله