Upload
araseel
View
573
Download
1
Embed Size (px)
Citation preview
وإلى هنا كان موسى - ونحن الذين نتابع سياق القرآن - أمام مفاجآت متوالية ال نعلم لها سرا . وموقفنا منها كموقف موسى . بل نحن ال نعرف من هو هذا الذي يتصرف تلك التصرفات العجيبة , فلم ينبئنا القرآن باسمه , تكملة للجو الغامض الذي يحيط بنا . وما قيمة اسمه ? إنما يراد به أن يمثل الحكمة اإللهية العليا , التي ال ترتب النتائج القريبة على المقدمات المنظورة , بل تهدف إلى أغراض بعيدة ال
تراها العين المحدودة . فعدم ذكر اسمه يتفق مع الشخصية المعنوية التي يمثلها .
وإن القوى الغيبية لتتحكم في القصة منذ نشأتها . فها هو ذا موسى يريد أن يلقى هذا الرجل الموعود . فيمضي في طريقه ; ولكن فتاه ينسى غداءهما عند الصخرة , وكأنما نسيه ليعودا . فيجد هذا الرجل
هناك .
وكان لقاؤه يفوتهما لو سارا في وجهتهما , ولو لم تردهما األقدار إلى الصخرة كرة أخرى . . كل الجو غامض مجهول , وكذلك اسم الرجل الغامض المجهول في سياق القرآن .
_يه[ عل _ط[ع _ست ت _م ل م_ا _أو[يل[ [ت ب bك_ cئ _ب نb أ س_ [ك_ _ين و_ب [ي _ين ب bاق ف[ر_ ه_ذ_ا ق_ال_
d ص_برا
_ه_ا يب ع[_ أ _ن أ fدت ر_
_ ف_أ _حر[ الب ف[ي _عم_لbون_ ي [ين_ اك [م_س_ ل _ت _ان ف_ك bة_ السف[ين _ما أ( d غ_صبا hة_ ف[ين س_ bل ك bذbأخ_ ي iمل[ك اءهbم و_ر_ _ان_ ( 79و_ك
وكان . غصبا الظالم الملك ذلك يأخذها أن من السفينة نجت العيب فبهذابقيت لو لها الغيب يكنه الذي الكبير للضرر اتقاء أصابها الذي الصغير الضرر
سالمتها . على
التجلي . . في السر يأخذ ثم
( d bفرا d و_ك _انا bره[ق_هbم_ا طbغي _ن ي _ا أ ين _ين[ ف_خ_ش[ _و_اهb مbؤم[ن ب_ _ان_ أ مb ف_ك _ما الغbال_ ( 80و_أ
d حما bب_ ر _قر_ _اةd و_أ ك d مcنهb ز_ يرا fهbم_ا خ_ ب _هbم_ا ر_ bبد[ل _ن ي _ا أ دن ر__ (81)ف_أ
فهذا الغالم الذي ال يبدو في حاضره ومظهره أنه يستحق القتل , قد كشف ستر الغيب عن حقيقته للعبد الصالح , فإذا هو في طبيعته كافر طاغ , تكمن في نفسه بذور الكفر والطغيان , وتزيد على الزمن بروزا وتحققا . . فلو عاش ألرهق والديه
المؤمنين بكفره وطغيانه , وقادهما بدافع حبهما له أن يتبعاه في طريقه . فأراد الله ووجه إرادة عبده الصالح إلى قتل هذا الغالم الذي يحمل طبيعة كافرة طاغية , وأن
يبدلهما الله خلفا خيرا منه , وأرحم بوالديه .
ولو كان األمر موكوال إلى العلم البشري الظاهر , لما كان له إال الظاهر من أمر الغالم , ولما كان له عليه من سلطان , وهو لم يرتكب بعد ما يستحق عليه القتل
شرعا . وليس لغير الله ولمن يطلعه من عباده على شيء من غيبه أن يحكم على الطبيعة المغيبة لفرد من الناس . وال أن يرتب على هذا العلم حكما غير حكم الظاهر
الذي تأخذ به الشريعة . ولكنه أمر الله القائم على علمه بالغيب البعيد .
_ان_ _نزi لهbم_ا و_ك _هb ك _حت _ان_ ت _ة[ و_ك [يم_ين[ ف[ي الم_د[ين _ت م_ين[ ي [غbال_ _ان_ ل _ما الج[د_ارb ف_ك و_أcك_ حم_ةd مcن رب هbم_ا ر_ _نز_ ا ك _خر[ج_ _ست دهbم_ا و_ي bش_ bغ_ا أ _بل _ن ي fك_ أ ب اد_ ر_ ر_
_ d ف_أ [حا bوهbم_ا ص_ال _ب أ(d _يه[ ص_برا _سط[ع عل _م ت _أو[يلb م_ا ل [ك_ ت _مر[ي ذ_ل bهb ع_ن أ ( 82و_م_ا ف_ع_لت
فهذا الجدار الذي أتعب الرجل نفسه في إقامته , ولم يطلب عليه أجرا من أهل القرية - وهما جائعان وأهل القرية ال يضيفونهما - كان يخبى ء تحته كنزا , ويغيب وراءه ماال لغالمين
يتيمين ضعيفين في المدينة . ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن يدفعا عنه . . ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصالحه في طفولتهما وضعفهما , فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما , ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته .
ثم ينفض الرجل يده من األمر . فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف . وهو أمر الله ال أمره . فقد أطلعه على الغيب في هذه المسألة وفيما قبلها , ووجهه إلى التصرف فيها وفق
ما أطلعه عليه من غيبه )رحمة من ربك وما فعلته عن أمري(. .
فاآلن ينكشف الستر عن حكمة ذلك التصرف , كما انكشف عن غيب الله الذي ال يطلع عليه أحدا إال من ارتضى .
وفي دهشة السر المكشوف والستر المرفوع يختفي الرجل من السياق كما بدا . لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول . فالقصة تمثل الحكمة الكبرى . وهذه الحكمة ال تكشف
عن نفسها إال بمقدار . ثم تبقى مغيبة في علم الله وراء األستار .
وهكذا ترتبط - في سياق السورة - قصة موسى والعبد الصالح , بقصة أصحاب الكهف في ترك الغيب لله , الذي يدبر األمر بحكمته , وفق علمه الشامل الذي يقصر عنه البشر ,
الواقفون وراء األستار , ال يكشف لهم عما وراءها من األسرار إال بمقدار . . .
~
كل ما كتب هنا هو مقتبس من :~
تفسير ظالل سـيد قـطـب القرآن
إنتاج:~
للعمل الدعوي
سلسلة ”بين يدي سورة الكهف“
حلقات أسبوعية, تأخذكم في تفسير سورة الكهف على شكل أجزاء متتابعة..
نسأل الله العلي القدير, أن تعود عليكم بالنفع و الفائدة, وأن يوفقنا و إياكم إلى ما يحب و يرضاه ..
فريق أراسيل ~