حافلتي و لو جارت علي عزيزة

Preview:

DESCRIPTION

حاولوا فقط بذل الفيلي من الجهد لتصورو الامؤ في الواقع، و كما يقول المثل من الهم ما يضحك؟

Citation preview

حافلتي و لو جارت علي عزيزة

ال يمكنني المواصلة في كتابة هذه الخربشات، دون التحدث عن ظاهرة منقطعة النظ��ير، الحافلة و ما أدراك ما الحافلة؟ لقد اكتشفت و مع مرور سنوات الدراسة الجامعي��ة أن الحافل��ة

، الحافلةITFCو خصوصا في الخط الرابط بين بوزريعة و األبيار أو الم?ؤدي إلى موقف التيفسي ،ة متخصصة في فنون رياضية، ثقافية و أخرى موسيقيةهذه مدرسة حقيقية، أو باألحرى أكاديمي

فأنا أتلقن دروسا مكثفة في الجمباز و رياضة تمديد العض��الت، ناهي��ك عن رف��ع األثق��ال، فأن��ا و بكل حيوية أشد بالعارضة المعلقة بالسقف و أترنح يمين��ا و ش��ماال على نغم��ات مك��ابح الس��ائق الذي ال يدخر جهدا في زيادة السرعة و إنقاصها سواء سنحت له الفرص��ة أو لم تس��نح، ال يهم��ه في ذل��ك الواق��ف، أو الج��الس العج��وز أم الش��اب كل��ه بالنس��بة إلي��ه بطاط��ا و ه��ل نقيم وزن��ا

ع��بر ذل��كreceveurللبطاطا؟ أما تمديد العضالت فيكون في أمثل حاالته عندما يمر الق��ابض الممر الضيق المحتشد بالركوب الواقفين ذلك طبعا لقطع التذاكر و ه��ل نم��انع؟ أم��ا عن حم��ل

أنا الجالسة- إح��دى العج��ائز الواقف��ات أن أحم��ل–األثقال فذلك يكون ممكنا عندما تطلب مني عنها قفتها المشحونة، أو يطلب ش�اب أن أخف�ف عن��ه بحم��ل حقيبت��ه العتل��ة، ال يهم إن آلمت��ني

pلoتn ي��داي فمن واج��بي أن أتض��امن النش��اطات الثقافي��ة متمثل��ة في تقني��ات كظم!رجالي أو ك الغيظ، فال يجوز أبدا بل و من غير الالئق ، التحدث بعصبية مع شخص يدوس قدمي أو يص��فعني بض��ربة من مطاريت��ه أو كيس��ه ال��ذي يحمل��ه، و في نظ��ام اإلتيكيت الخ��اص بالحافل��ة من غ��ير المقبول بتاتا الجلوس عندما تقف العجائز الالتي تضبطن مواعيدهن مع مواقيت خروج الطلبة و العمال، ال ليس لي أن ألومهن عن جهلهن بأوقات الزحام. الحافلة مدرسة ثقافية ألنه��ا تعرف��ني بمصطلحات و مفردات ال نظير لها في البذاءة و الفحش، احضر من خاللها لمناقشات ساخنة، و

و ال�راجلين حين��ا آخ��ر،و لش��د م�ا مصارعات دامية بين السائق و الركاب حينا و بين الق�ابض يكون حنق السائق عظيما عندما يطلب منه احد المسافرين مغادرة الموق��ف ال��ذي ق��د نقض��ي

فيه لحظات طواال في انتظار الراكب المتوقع. في بعض األيام المشمسة عندما تلفحني األشعة اللهابة التي تتخلل النوافذ المغبرة تحلو الدردشة و األحاديث المثرية التي ال تخلو من مبالغ�ات كث��يرة و أك�اذيبp ظ��اهرة، فالس��يد "س" قدم من اسبانيا مؤخرا،و السيد "ع" يسأل عن أسعار العمالت الدولية كأن لديه تجارة ال تب��ور،و طبعا ال يفوتني اإلسهاب في ذكر النش��اطات الموس�يقية المتجس��دة في ذل�ك اللحن الص�باحي، الذي أسميه "سنفونية الحياة" ينشدها بك��ل أزي��ز و خش��ونة الق��ابض فيب��دأ ب��العواء مش��يرا إلى أسماء المواقف المبرمجة بانتظام: بوزريعة، دوبيلي، أردفرونس، باسكال، ش��وفالي،ش��طونوف و أخ��يرا األبي��ار، يكرره��ا دون كل��ل أو مل��ل و ب��دون اختالل.و أص��وات الص��غار ال��ذين تجعج��ع حناجرهم ببكاء ساخط يفقد السمع لسبب و من غير سبب، و أمهاتهم الالئي ال تح��ركن س��اكنا

للتخفيف من حدة هذا االمتعاض. و ال ينبغي أن أتوانى عن ذكر تقنيات إدارة فضاء الحافل��ة ال��تي يس��تعملها الق��ابض، فق��د يقف مصصمو الحافلة أنفسهم مبهورين أمام الكم الهائل من األش��خاص ال��ذي تس��عه الحافل��ة، في كل موقف ينزل شخص ليصعد مكانه عشرة آخرون، ناضلوا و قاتلوا للحص�ول على المك�ان الضئيل مهما كانت قوة الضغط الموجودة بالداخل الشرط الوحيد ه��و أن يفس��ح المج��ال لغل��ق الباب، ال يهم إن اصطف الراكبون كالسردين في علبة حديدية، المفيد هو أن يدفع ك��ل تذكرت��ه، و إن حدث و أن فتحت النافذة فهو الهالك المحقق فق��د يس��قط أربع��ة أو خمس��ة أش��خاص من

شدة الر�ص. و كيف لي أن أفوت الح�ديث عن تل�ك ال�روائح النفاث�ة ال�تي يختل�ف ش�ذاها م�ع اختالف الفص��ول، ففي الش��تاء مثال تغل��ق و بإحك��ام جمي��ع مناف��ذ اله��واء، خوف��ا من الص��قيع و اإلص��ابة المحتملة بالبرد عمال بالمثل السائد من خاف سلم، أقول يصبح الباص برمته قاعة صونة يابانية،

فهي م��زيج قات��ل من‼فالبخار يحجب النوافذ و الحشد متراص الكتف للكتف... أوه أما الرائح��ة روائح سامة تختلط فيها الج�وارب العفن�ة و الس�راويل المق�ززة و المالبس ال�تي تف�وح برائح�ة

أم��ا في فص��ل الص��يف.الرطوبة مع قليل من رائحة التبغ و األنفاس ال��تي تنب��أ ببط��ون س��قيمة فالعطور تختلف بما يتماشى و الع��رق المتص��بب و الغب��ار المتن��اثر في الج��و، و ح��تى و إن تفتح جميع النوافذ فإن ذلك األريج المميت المتكون من رائحة األجساد المتعرقة كفيل بأن يرديك في غيبوبة مستديمة و إن أفقت بعد ذلك فكن على يقين من أنه لم يتبق لك سوى أربع��ة ح��واس ال غ��ير. و لكن ه�ذا ال يع�ني أن الج�و في الحافل��ة خ��ال من ش�ذا طيب، كرائح�ة ال�دجاج المحم��ر

يشتريه أحد الركاب في طريقه إلى البيت، أو رائحة خبز شهي وقت الفطور، رائحة البرتق��ال أواليوسفي يلتهمها أحد الجالسين...

و لكن و خصوصا و في أيام الشتاء، حين تقصر ساعات النهار، ال يتسنى لي أو ب��األحرى ال أجد فرصة للصعود في مثل هذه الحافلة الرائعة فالموقف ال يكاد يسع المنتظرين و الحافالت تعد على األصابع، فأجتاز المسافة مشيا على األقدام متأسفة، نادمة، ساخطة على ما قد ف��اتني

من مواعظ و دروس كان من الممكن أن أحصلها بتواجدي في الحافلة.

هالة سعدي -الجزائر

Recommended