9
ﻣﺴﺒﺒﺎت ﺿﻌﻒ اﻟﻘﺪرة اﻻﻗﺘﺮاﺣﻴﺔ ﻟﻸﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻛﻤﺎل ازﻧﻴﺪر/ ﻓﺪوى ﺷﻮﻗﻲ01

مسببات ضعف القدرة الاقتراحية للأحزاب السياسية المغربية

Embed Size (px)

DESCRIPTION

الإنسان إبن بيئته. وكذلك الشأن بالنسبة للأحزاب السياسية. نقول ذلك الشبل من ذاك الأسد. نحن نقول لكم أن تلك الأحزاب السياسية الضعيفة من تلك البيئة المجتمعية المهترئة. فالأحزاب السياسية ببلدنا هي ضحية من ضحايا بيئتنا المجتمعية المغربية. فهذه البيئة هي المولد والمحرك الأساسي للقدرة الإنتاجية والإبداعية للأحزاب السياسية. بتعبير آخر هي الروح والقلب النابض لبرامجها الانتخابية ومشاريعها التنموية.

Citation preview

Page 1: مسببات ضعف القدرة الاقتراحية للأحزاب السياسية المغربية

مسببات ضعف القدرةاالقتراحية لألحزاب

السياسية المغربية

01فدوى شوقي / كمال ازنيدر

Page 2: مسببات ضعف القدرة الاقتراحية للأحزاب السياسية المغربية

مسببات ضعف القدرة االقتراحية لألحزاب السياسية المغربيةالصفحة 1

األحزاب السياسية هي الشكل األكثر حداثة للمنظمات االجتماعية. فهي أحدث منالمؤسسات العسكرية ومن الجمعيات التمثيلية. لقد نشأت بعض التجمعات وبعضالنوادي الشبيهة والقريبة من شكل األحزاب خالل القرن السابع عشر ومعظم القرنالثامن عشر، خصوصا في إنكلترا والمستعمرات األمريكية. لكن األحزاب السياسية بوصفهامنظمات مميزة تضم في عضويتها عددا من البشر وتنطوي في الوقت نفسه على

وظائف تشريعية وانتخابية، لم تأخذ شكلها الحديث إال في نهاية القرن الثامن عشر.

وعليه يصعب تعريف الحزب السياسي. فالفكر الماركسي يرى أن الحزب السياسي ما هوإال تعبير سياسي لطبقة ما، وبالتالي ال وجود لحزب سياسي دون أساس طبقي. فيحين نجد فرانسوا بوردو يرى الحزب كتجمع ألفراد يبشرون بنفس األفكار السياسيةويسعون لجعلها تتغلب من خالل مؤازرة أكبر عدد ممكن من المواطنين لها لالستيالءعلى السلطة أو على األقل للتأثير على قراراتها. أما موريس دو فرجيه فيرى من خاللكتابه األحزاب السياسية أن ''الحزب عبارة عن تجمع مواطنين متحدين حول النظام

واالنضباط".

وعموما، يمكن القول أن الحزب السياسي هو تجمع لمجموعة من األشخاص لديهم أفكارأو أهداف سياسية مشتركة، ينتظمون في شكل مؤسسة، يسعون من خاللها إلىالتأثير على الرأي العام، الوصول للحكومة عبر تحقيق نتائج إيجابية في االنتخاباتالمختلفة تمكنهم من الظفر بمناصب حكومية، أو التأثير على الحكومة القائمة من خالل

دعمها أو معارضتها من داخل البرلمان أو من خارجه.

بتعبير آخر، هو تجمع ألشخاص يعتنقون نفس العقيدة السياسية ويتشاطرون نفس

Page 3: مسببات ضعف القدرة الاقتراحية للأحزاب السياسية المغربية

مسببات ضعف القدرة االقتراحية لألحزاب السياسية المغربيةالصفحة 2

الرؤى والتصورات االجتماعية واالقتصادية التي يهدفون إلى نشرها عبر نشاطهم الحزبيأو تطبيقها من خالل عملهم الحكومي، أو أشخاص ال قاسم مشترك يجمعهم سوى

الرغبة في الوصول للسلطة واالستفادة مما تخوله لهم من مزايا ومنافع شخصية.

بشكل مختصر، يمكن القول أن الحزب السياسي هو فريق لجماعة من الناس، هدفهالتحكم في الحياة السياسية عبر الحصول على ما أمكن من مناصب برلمانية أو حكومية.هذا الهدف يظل مشتركا بين جميع األحزاب السياسية بشتى ألوانها وأطيافها، سواء

كانت ممن تشارك في المعارك االنتخابية أو من تلك التي تقاطعها.

تحقيق هذا الهدف يتطلب من الحزب السياسي قدرا كافيا من األعضاء وعمال جبارا علىمستوى الساحة السياسية. وهذا ما تنبأت له حكومة ألمانيا الغربية (1949ء1990) ونصتعليه في تعريفها لألحزاب السياسية الوارد في الفقرة األولى من المادة الثانية منقانون 24 يوليوز 1967 : "جمعيات لمواطنين يمارسون، بدون حصر للوقت أو لفترة طويلة،تأثيرا على تشكل اإلرادة السياسية والذين، على المستوى الفيدرالي أو على مستوىالواليات، يعتزمون المشاركة في تمثيل الشعب في البوندستاغ ]المجلس التشريعياالتحادي[ أو الالندتاغ ]برلمان الوالية[، شريطة أن تكون جميع الظروف الواقعية الخاصةبهم، والسيما حجم وتماسك منظمتهم، وعدد أعضائهم ونشاطهم بالمشهد العمومي،

تقدم ضمانا كافيا لجدية هذه األهداف".

كما يفرض عليه وضع استراتيجية تحدد نهجه المتبع وأساليبه المعتمدة للوصول إلىمبتغاه هذا، والتي يمكن تلخيصها في :

- وضع برامج سياسية أو تنموية تعبر عن توجهات الحزب ومقترحاته لحل مشاكلالمواطنين وتحقيق رقي الدولة والمجتمع ؛

- استقطاب داعمين وممولين للنشاطات الحزبية للحزب ؛- خلق آليات لتحقيق االستقاللية المالية للحزب وتحريره من التبعية لجهة أو جهات

معينة ؛- استقطاب أعضاء جدد لتغطية جميع مناطق التراب الوطني ؛

- التأطير األيديولوجي ألعضاء الحزب ؛- الدعاية لبرامج الحزب وأهدافه ؛

- انتقاء ممثلي الحزب في المعارك االنتخابية ؛- استمالة الناخبين وإقناعهم بالتصويت لصالح مرشحي الحزب.

هذا عندما تكون للحزب نية صادقة في أن يكون فاعال حقيقيا في الحياة السياسية. أماعندما يكون هدفه أن يشكل فقط مجرد ديكور يؤثث المشهد السياسي ويغالط الرأيالعام الداخلي والخارجي بأن هناك ديمقراطية وتعددية حزبية مقابل االستفادة من الريع

السياسي (الدعم من األموال العمومية) ومزايا

Page 4: مسببات ضعف القدرة الاقتراحية للأحزاب السياسية المغربية

مسببات ضعف القدرة االقتراحية لألحزاب السياسية المغربيةالصفحة 3

أخرى ال تحصى وال تعد، فال نرى للحزب برنامجا سياسيا أو تنمويا لحل إشكالياتالمواطنين وتحقيق ازدهار الدولة والمجتمع، كما ال نرى له عمال تأطيريا أو تكوينيا، فقط

نشاطات موسمية متعلقة حصريا بفترات الحمالت االنتخابية.

وهذا ما لمسناه مؤخرا مع األحزاب اإلدارية المغربية التي تقدمت بمذكرات حول النموذجالتنموي الجديد أقل ما قد يقال عنها أنها محتشمة ودون المستوى. "أكبر مذكرة اليتجاوز عدد صفحاتها 40 صفحة وأقصر مذكرة ال يتجاوز عدد صفحاتها 14 صفحة أو 13صفحة"، كما جاء على لسان األستاذ الجامعي عبد العالي بنلياس، "علما أن األمر يتعلقبنموذج تنموي يتناول مستقبل المغرب للثالث أو األربعة عقود المقبلة، يتناول مستقبلالمغرب في المجال االجتماعي، المجال السياسي، المجال االقتصادي، المجال البيئي في

عالقته مع محيطه اإلقليمي، في عالقته كذلك مع محيطه الدولي".

"40 صفحة ال تفي الغرض لتعبر هذه المذكرات على ما نريد أن نحققه في المستقبل،علما بأن أبسط دراسة متعلقة بتسيير القطاع الحكومي أو مجال من المجاالت يتجاوز عددصفحاتها المئات وأحيانا يصل إلى اآلالف. وبالتالي حجم المذكرة انعكس على مضامينهذه المذكرة وانعكس كذلك على االقتراحات العملية واإلجرائية التي قدمتها هذهالمذكرة للحلول التي يجب أن نتبعها في مختلف المجاالت التي تحدثنا عنها"، كما أكد

على ذلك نفس المصدر.

ما أشار إليه الدكتور عبد العالي بنلياس وأكد عليه ال ينطبق فقط على األحزاب اإلداريةبل يشمل كذلك باقي األحزاب المغربية. لكن مسببات ضعف مذكرات هذه األحزابالسياسية بشكل خاص وضعف أدائها السياسي بشكل عام هي ليست نتيجة للنوايا الغيرحسنة بقدر ما هي نتيجة لمجموعة من التراكمات يمكن حصرها في مسببات رأسماليةبشرية (مشكل التكوين ومشكل االنتماء) وأخرى اقتصادية وقانونية (مشكل الدعم

المالي ومشكل اإلطار القانوني واألجواء السياسية).

1) مشكل التكوين :

اإلنسان إبن بيئته. وكذلك الشأن بالنسبة لألحزاب السياسية. نقول ذلك الشبل من ذاكاألسد. نحن نقول لكم أن تلك األحزاب السياسية الضعيفة من تلك البيئة المجتمعيةالمهترئة. فاألحزاب السياسية ببلدنا هي ضحية من ضحايا بيئتنا المجتمعية المغربية.فهذه البيئة هي المولد والمحرك األساسي للقدرة اإلنتاجية واإلبداعية لألحزابالسياسية. بتعبير آخر هي الروح والقلب النابض لبرامجها االنتخابية ومشاريعها التنموية.

فاألحزاب السياسية ال تأتي بكفاءاتها الحزبية من الواليات المتحدة األمريكية، المملكةالمتحدة وبقية الدول المتقدمة بل هي تأتي بها من النسيج المجتمعي المغربي

بمدارسه وجامعاته ومعاهده، إلى آخره. ولألسف الشديد هذا النسيج ال

Page 5: مسببات ضعف القدرة الاقتراحية للأحزاب السياسية المغربية

مسببات ضعف القدرة االقتراحية لألحزاب السياسية المغربيةالصفحة 4

ينتج نوابغ فكرية، أدمغة قادرة على إنتاج وإبداع ما هو جديد، بل هو فقط ينتج ببغاواتتردد ما أنتجه الغير وخصوصا الغرب.

وهذا ما يجعل من أحزابنا السياسية أحزابا عقيمة، أحزابا غير قادرة على إنتاج وإبداع برامجومخططات تنموية جديدة، أحزابا مشروعها الفكري ينبني بشكل كلي أو شبه كلي علىالتقليد وإعادة تكرار األفكار والتجارب التي عرفت النجاح في عالم آخر دون مراعاة أنخصوصيات هذا العالم هي ليست نفس خصوصياتنا وأن ما قد يعرف النجاح هناك قد

يعرف الفشل هنا.

2) مشكل االنتماء :

من بين المسببات األخرى لضعف القدرة االقتراحية لألحزاب السياسية، نجد مشكلاإلنتماء الحزبي. فالمفروض أن هذا اإلنتماء هو تجسيد لرغبة الفرد في العمل الحزبيداخل مؤسسة حزبية تتقاسم معه نفس المبادئ واألفكار والتوجهات السياسية. وهذاما يفسر تركيز مجموعة من المنظرين السياسيين على المشترك األيديولوجي في

تعريفهم لألحزاب السياسية.

من بين هؤالء، جيوفاني سارتوري الذي يعرف الحزب السياسي بأنه تكتل لمجموعة منالناس توحدهم أفكار مشتركة حول دور الفرد والدولة، ويعملون للوصول للسلطة أوالبقاء فيها عبر تنظيم الناخبين والدولة. وكذلك جورج بيردو الذي أعطى الحزب السياسيالتعريف التالي : "تنظيم يضم مجموعة من األفراد، تدين بنفس الرؤية السياسية وتعملعلى وضع أفكارها موضع التنفيذ وذلك بالعمل في آن واحد على ضم أكبر عدد ممكن منالمواطنين إلى صفوفهم وعلى تولي الحكم أو على األقل التأثير على قرارات السلطة

الحاكمة".

هذه اللحمة حول نفس الرؤى والتوجهات الفكرية تجعل من المتحزبين جنودا مجندةلخدمة أيديولوجية الحزب الذي ينتمون إليه إما بالدعاية لها أو الكتابة عنها وكذا العملعلى تطويرها وتجاوز محدوديتها. وهذا ما يجعل من المؤسسة الحزبية مصنعا للفكر،

معلمة علمية ومدرسة فكرية بامتياز.

اللحمة هذه، نفتقدها بشكل مهول بداخل المشهد الحزبي المغربي. فالمتحزب بالمغربال ينتمي لحزب لكونه يرى نفسه في أيديولوجية هذا الحزب، المبادئ التي يدافع عنهاوالمشروع االجتماعي الذي يناضل من أجله. بل انتماؤه الحزبي مبني على االنتهازيةوالوصولية والرغبة في الحصول على منصب حكومي، مقعد برلماني، وظيفة عمومية أو

منفعة أخرى.

أما االنتماء الحزبي المبني على معرفة ودراية بأيديولوجية الحزب، اقتناع بها والرغبة فيالنضال من أجل نصرتها فهو اليوم استثناء داخل المشهد الحزبي المغربي. فجل

المتحزبين المغاربة يجهلون كل شيء عن الخلفية األيديولوجية

Page 6: مسببات ضعف القدرة الاقتراحية للأحزاب السياسية المغربية

مسببات ضعف القدرة االقتراحية لألحزاب السياسية المغربيةالصفحة 5

ألحزابهم السياسية. العديد منهم ينخرطون في مؤسسات حزبية، أيديولوجيتها مخالفةتماما لعقائدهم، أفكارهم ومبادئهم. القناعة األيديولوجية والتوافق الفكري هما آخرهمومهم. دافعهم األساسي وربما األوحد الذي يدفعهم لالنخراط في العمل الحزبيهو المنفعة الشخصية (سلطة، شغل أو مال) ال النصر في المعارك األيديولوجية. وهذا ما

يفسر العقم أو الشح الفكري الذي أصبحت تعيشه اليوم األحزاب السياسية المغربية.

3) مشكل الدعم المالي :

يقصد بالدعم المالي لألحزاب السياسية المبالغ المالية والممتلكات المادية التي تتلقاهاهذه األحزاب من جهات داخلية أو خارجية لإلنفاق على نشاطاتها الحزبية وحمالتهااالنتخابية. بتعبير آخر، يمكن القول بأنه الشعلة التي تبعث الروح في الحياة الحزبية والتي

من دونها يصبح الحزب كجسد بال روح، أي كيان ميت.

الدعم هذا هو سالح ذو حدين. فإن كان من جهة يزرع الروح في المؤسسة الحزبية، فهومن جهة أخرى يجعلها أسيرة للجهات الداعمة. فمعظم هذه الجهات ال تدعم األحزابالسياسية هكذا، حبا في فعل الخير أو نصرة لأليديولوجية الحزبية، إنما هي تدعمهالخدمة أجنداتها ومصالحها اللوبياتية. وهذا ما يفرض على الحزب االمتثال لتعاليمها

وتوجيهاتها وإال سيكون مصيره االندثار.

هذا الخضوع للجهات الداعمة والحرص على إرضائها ولو على حساب سخط مناضليالحزب، يقود الظواهر الفكرية التي قد تتحدى الطبيعة بين الفينة واألخرى وتبرز بالمغربإلى اتخاذ قرار مغادرة أحزابها السياسية. فلكل قاعدة استثناء. نحن ال ننكر أن هناككفاءات علمية وعملية ببالدنا. لكنها تبقى عملة ناذرة في المشهد الحزبي بالمغرب،وهي مع األسف الشديد بفعل عامل المحسوبية والفساد ال تصل إلى مراكز القرار سواء

الحزبية أو الحكومية.

الوضع هذا يصيبها باإلحباط، بل باالختناق، ويدفع الجزء األكبر منها إلى اعتزال العملالسياسي أو اختيار العمل في بلدان المهجر، وخاصة تلك البلدان التي تقدر األدمغةوالثروة البشرية، الشيء الذي يزيد من تفاقم حدة الجفاف الفكري الذي أصبح يعرفهالمغرب وكذا ندرة الكفاءات التي تبتكر وتبدع في تعبيرها عن صوت المواطن وصياغتهالبرامج حزبية تحقق آمال وتطلعات المواطنين وتخرجها من خندقة الروتينية والرتابة،لتصبح عن حق أعماال ومخططات أهلة للتصويت عليها خالقة بهذا نوعا من التنافسية بين

األحزاب، أيهم األفضل واألحسن من حيت الجودة والواقعية.

4) مشكل اإلطار القانوني واألجواء السياسية :

مسبب آخر - وأخير بالنسبة لعملنا هذا - لضعف القدرة االقتراحية لألحزاب

Page 7: مسببات ضعف القدرة الاقتراحية للأحزاب السياسية المغربية

مسببات ضعف القدرة االقتراحية لألحزاب السياسية المغربيةالصفحة 6

السياسية، نشأتها داخل فضاء غير ديمقراطي أثر بشكل سلبي على التجربة الحزبيةبالمغرب. فإذا كان موريس دو فرجيه قد حدد وظيفة الحزب السياسي في النظامالديمقراطي الحديث في السعي للوصول إلى السلطة أو على األقل الرغبة فيالمشاركة في ممارساتها، فإن الحزب السياسي في التجربة المغربية ال يدخل ضمن هذاالتصور ؛ ذلك أن طبيعة النظام السياسي المغربي القائم على أساس الملكية التنفيذيةال تسمح لألحزاب بالوصول إلى ممارسة السلطة ال تنفيذيا وال تشريعيا، فال تحضر إال زينة

للعمل السياسي، مع االكتفاء بمنحها دورا تمثيلي وتنظيمي للمواطنين.

فمجال الحرية المسموح به لألحزاب السياسية بالمغرب هو مجال ضيق. فقد خط المشرعلهذه األحزاب مجاال ضيقا للعمل والتفكير ليس بإمكانها الذهاب أبعد منه. فهو ال يريدللمغرب أحزابا قوية قد تصبح منافسة للمؤسسة الملكية ومصدر تهديد لتواجدها بل يريدله فقط أحزابا ضعيفة تؤثث المشهد السياسي وتوهم العالم بأننا بلد به ديمقراطية

وتعددية حزبية.

فالقوانين المنظمة للحياة الحزبية ببلدنا هذا وضعت منذ نشأتها قيدين على دور األحزابالسياسية. "األول يتجلى في قصر دور األحزاب السياسية في المساهمة، إلى جانبالمنظمات األخرى، في تنظيم المواطنين وتمثيلهم، وهذا يعتبر تقليصا للدور اإليجابيالذي قد تلعبه األحزاب السياسية باعتبارها المحرك األساسي للحياة السياسية بعدالملك. والثاني يتمثل في وقف وظيفتها عند تنظيم المواطنين وتمثيلهم دون اإلشارةإلى إمكانياتها في الحكم وممارسة السلطة المسعى األساسي لألحزاب قصد تطبيق

برامجها".

هذين القيدين، من الباحثين (محمد شقير كمثال) من حدد مردهما في اعتبارات ثالث : - تنافي طبيعة السلطة في المغرب مع وجود أية ممارسة سياسية تطمح إلى الحصول

على السلطة ؛- كون أن الملكية تعمل دائما على احتالل موقع الصدارة داخل النظام السياسيالمغربي، وهو تصدر يقابله في نفس الوقت تواري مختلف القوى السياسية بما فيها

األحزاب السياسية ؛- محاوالت الحكم الدائمة للحد من نشاط كل ظاهرة حزبية : فنشاط الحزب حدد من طرف

النظام في إطار ضيق ال يمكن تجاوزه.

الوضع هذا ال يسمح لألحزاب السياسية بالرؤية أبعد من أنفها ويفرض عليها التفكيروالتعبير في مجال ضيق. فاإلرادة الحاكمة بالمغرب ال ترضى إال أن تمنح للمؤسساتالحزبية المغربية في النسق السياسي المغربي وظائف سياسية أفضل ما قد يقال عنهاأنها تبقى ثانوية مقارنة بالوظائف التي تمارسها والمهام التي تلعبها نظيرتها في

البلدان الغربية.

Page 8: مسببات ضعف القدرة الاقتراحية للأحزاب السياسية المغربية

مسببات ضعف القدرة االقتراحية لألحزاب السياسية المغربيةالصفحة 7

قيادات حزبية ومناضلين ألحزاب وطنية تحدوا القيود المفروضة عليهم ورفعوا خطاباتوشعارات في فترات الستينات، السبعينات والثمانينات، أقل ما قد يقال في حقها أنهاثورية، كان مصيرهم جحيم سنوات الرصاص. منهم من قد قتل، ومنهم من قد سجنلسنوات طويلة في معتقالت سرية، ومنهم من فر من هذا البلد خوفا من وقوعه فيقبضة النظام ومنهم من اختار الصمت واعتزال السياسة أو بدل جلدته وانقلب علىمبادئه ورفاقه أو إخوانه 180 درجة، الشيء الذي أدخل المشهد الحزبي المغربي في

ركود سياسي وشلل فكري، وحده الله أعلم متى ينتهي.

Page 9: مسببات ضعف القدرة الاقتراحية للأحزاب السياسية المغربية

فدوى شوقي / كمال ازنيدر مسببات ضعف القدرة االقتراحية لألحزاب السياسية المغربية

الئحة المصادر والمراجع :

1. رالف غولدمان، من الحرب إلى سياسة األحزاب : التحول الحرج إلى السيطرة المدنية،ترجمة : فخري صالح، الدار األهلية للنشر - عمان (1996)

2. موريس دوفيرجيه، األحزاب السياسية، ترجمة : علي مقلد وعبد المحسن سعد، شركةاألمل للطباعة والنشر - القاهرة (2011)

3. Michel Fromont, Les cinquante ans de la République Fédérale d'Allemagne,Publications de la Sorbonne (2000)4. عبد العالي بنلياس، سؤال اإلصالح السياسي والمؤسساتي في مذكرات األحزابالسياسية حول النموذج التنموي، "خميس األداء السياسي" في موضوع : "النموذجالتنموي في مذكرات األحزاب السياسية"، كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية

- السويسي (الخميس 13 فبراير 2020)5. محمد الرضواني، مدخل إلى علم السياسة، مطبعة المعارف الجديدة - الرباط (2016)

6. حمزاوي زين العابدين، الظاهرة الحزبية بالمغرب : مقاربة نقدية على ضوء تجربةالتناوب السياسي، مجلة نوافذ (يوليوز 2000)

7) أحمد بوز، األحزاب المغربية وإشكالية الوظيفة، منبر الدكتور محمد عابد الجابري، عنوانhttps://www.aljabriabed.net/n96_01bouz.htm : الرابط