58
( 1 ) 1 بن الرحيم الرحم سم ا)امإم( المعرفةم معهد إسعلم و ال المعرفة بين نموذج ين: السبئيةلظاهرة ا حالة تفسيرية اهيم بروفيسور/ محمد الحسن بريمة إبر111 - المقدمة: ال نسي من هذا البحث هو أنمسا غرض ا الذي المعرفيتأصيل تبرر مشروع اللتي نرى أنهاب امسبا سوق ا تتصدى لن وخارجه السودات بداخللمؤسسا ه عدد من ا. ذلك نفعلحن ون، ء ا إن شا، ل من خ از إبر ا النموذج بينف الجوهري خت المعرفي)ديالتوحي( ونظيره،)ويالدني( في كل ما أ س مين المعرفة ناه بأركاعلمية اللتي حصرناها ا، اض هذا البحث، مغر في خمسة، ي أنها جامعة مانعة، ندع و وهي: 1 / علم مصدر ال2 / علم محتوى ال3 / لعال ا م4 علم منهجية ال/ 5 / ( أهدافطبيقات ت) علم الة ربما تكون غيرلمقارن اسة اذه الدرا في هقة التي نتبعه إن الطري ة، ذلك أننا سوف نسعى مألوف ستنباطلنموذجمساسية لت المكونا ا و)ديالتوحي( ين المعرفيينال( من)وي دني" عالمل رؤية لنسانيع اجتما " تتعلق با نستنبط ه ا آن من القر الكريملمقارنة بينهما.ن ثم ا ، وم ا نؤكد مبكرهم أنذلك من الم ك معاا نستنبط أهم أننا عندم لموي النموذج الدني آن من القر، سواء من حال أن يفهم نقصد بأي ني، فإننا ان ذلك في بعده المعرفي أو العمر كا ذلك أنلحياة آن يطرحه كخيار ل القرس امخذلنا يجوز ل به علىدي سواء مع نظيره التوحي ، ولكنه ي ا ظل خيار لمن متاحا يريده و يتحختيارهت ا مل تبعا فنقصد منه احن . أما ن تي: أو: يز امشي وكما يقولون بضدها تتموير الدنيلخياع ا اء، حيث أن إرجا، الغربيةلحضارة تقوم عليه ا الذي اليوم، ة فيلربانيقة من الحكمة امنطل إلى أصوله الن وانسا خلق ائه بت ثبات أ ، واؤدي إلى يق الذي نه الطري ال ان خسرخ والدنيا في ا رة افضي في وضع الر ، يجعلناه على ن ل علم ؛ يعلمون. مون والذينذين يعلستوي ال ي و ثانيا: وير الدنيلخيا إن اره الذي جوه" تعظع ا متا يملدنياة ا لحيا" له جذور والبشرية، كما سوفي النفس ا متداد ف حاضرة بصورةسلوكيةره ال ، مما يجعل مظاه حقا يتضح، أو أخرى، مسلمة.عة اللجماة الفرد وا حيا في لذلكنبغي تح يء علوم سلوكية وا نشا لمه وا ديد معاته المعرفية كجلى معطيا جتماعية مبنية ع النظرية زء أصيل منسلوكي ال ة واشملية اممسعية ا جتماموذجان الن تأسيسهاتكامل في ي التي، حتى نت اسة الظواهر مكن من درة في البشريمعات المجتذه النظرية ذا أكثر واقعية. بل إن مثل ه بصورةمسلمة اللعالمية سوف ت الصبغة اا من تمكنن اسة درت املمجتمعا اوي النموذج الدني يسودها خرى التي، ن ثم ومها على بصيرة.تعامل مع ال( 1 )

العلم والمعرفة بين نموذجين

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: العلم والمعرفة بين نموذجين

(1)

1

سم اهلل الرحمن الرحيمب معهد إسالم المعرفة)إمام(

حالة تفسيريةالظاهرة السبئية :يننموذجالمعرفة بين العلم و بروفيسور/ محمد الحسن بريمة إبراهيم

:المقدمة -111

سوق األسباب التي نرى أنها تبرر مشروع التأصيل المعرفي الذي غرض األساسي من هذا البحث هو أن نالإبراز من خالل ،إن شاء اهلل ،ونحن نفعل ذلك. ه عدد من المؤسسات بداخل السودان وخارجهتتصدى ل

ناه بأركان المعرفةميسفي كل ما أ )الدنيوي(،ونظيره )التوحيدي(المعرفي ختالف الجوهري بين النموذجاال :وهيوال ندعي أنها جامعة مانعة، ،في خمسةألغراض هذا البحث، ،التي حصرناها العلمية

مصدر العلم / 1 محتوى العلم / 2 مالعال / 3 / منهجية العلم4 العلم (تطبيقاتأهداف) / 5

ستنباط مألوفة، ذلك أننا سوف نسعى الإن الطريقة التي نتبعها في هذه الدراسة المقارنة ربما تكون غير " تتعلق باالجتماع اإلنساني رؤية للعالم"دنيوي( من )الين المعرفيين )التوحيدي( والمكونات األساسية للنموذج

لم أننا عندما نستنبط أهم معاكذلك من المهم أن نؤكد مبكرا ، ومن ثم المقارنة بينهما.الكريم من القرآن اهنستنبط كان ذلك في بعده المعرفي أو العمراني، فإننا ال نقصد بأي حال أن يفهم منسواء ،من القرآن النموذج الدنيوي

ظل خيارا ي ، ولكنه سواء مع نظيره التوحيديبه على يجوز للناس األخذ القرآن يطرحه كخيار للحياةذلك أن تي:. أما نحن فنقصد منه اآلمل تبعات اختيارهيتحيريده و متاحا لمن

الذي تقوم عليه الحضارة الغربية ،اء، حيث أن إرجاع الخيار الدنيويوكما يقولون بضدها تتميز األشي :أوال ثبات أبتالئهخلق اإلنسان وا إلى أصوله المنطلقة من الحكمة الربانية في ،اليوم نه الطريق الذي يؤدي إلى ، وا

وال يستوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون. ؛علم ن له على، يجعلنا في وضع الرافضيرةفي الدنيا واآلخ خسرانال متداد في النفس البشرية، كما سوفله جذور وا "لحياة الدنيايم متاع اتعظ" الذي جوهره إن الخيار الدنيوي :ثانيا

لذلك في حياة الفرد والجماعة المسلمة. ،أو أخرى ،يتضح الحقا، مما يجعل مظاهره السلوكية حاضرة بصورةنشاء علوم سلوكية واينبغي تح زء أصيل من النظرية جتماعية مبنية على معطياته المعرفية كجديد معالمه وا مكن من دراسة الظواهر حتى نت ،التي يتكامل في تأسيسها النموذجان جتماعية اإلسالمية األشملة واالالسلوكي

ت الصبغة العالمية سوف المسلمة بصورة أكثر واقعية. بل إن مثل هذه النظرية ذا المجتمعاتالبشرية في (1)التعامل معها على بصيرة. ومن ثم ،خرى التي يسودها النموذج الدنيويالمجتمعات األ دراسة تمكننا من

Page 2: العلم والمعرفة بين نموذجين

(2)

2

ثبات محدو ،ز معالم النموذج المعرفي الدنيويإن إبرا :ثالثا ، وأن األخير ديته بالمقارنة مع نظيره التوحيديوا المتشككين في جدواه يكسب لصالحه ربماو ئن اآلخذين بالنموذج التوحيدي،م سوف يط يستوعبه ويتجاوزه،

.العلمية حيةالمفتا مفاهيمال -211

اليقين، الحق، :وهي اب بعض المفاهيم التي ننطلق منهاقتضف بالعل أوفق بداية لهذا البحث هي أن نعر وسوف نبدأ بالمفاهيم التي نؤسس عليها تعريفنا للعلم، وهي الحق واليقين والظن. .المعرفةالظن، العلم،

الحق -1لي: "الحق نقيض الباطل، وحق األمر يحقه حقا، جاء في تعريف الحق في كتاب لسان العرب إلبن منظور ما ي

وأحقه: كان منه على يقين. والحق: من أسماء اهلل عز وجل، وقيل من صفاته".فالقضية األنطلوجية تتعلق ؛فهنا إذن ثالث قضايا، قضية أنطلوجية، قضية إبستمولوجية، وقضية منهجية

حقيقته كما هي عند الخالق تبارك وتعالى، ال كما بالوجود المستقل للحق، أي وجود الموضوع محل النظر و يتوهمها الناس. والتحقيق في قولنا هذا هو أن جميع األشياء التي تقع في عالم الشهادة)مادية،حيوية،اجتماعية،معنوية(، وتلك التي تقع في عالم الغيب خلقها اهلل تعالى بالحق، ألنه هو الحق، أي أنها تقع

ن أجلها خلقت لتؤدي دورها في إطار الحكمة الكلية من خلق السموات واألرض وما بمقتضى الحكمة التي مبينهما)القضاء والقدر(. وهكذا فإن أي شيئ يكون مثار اهتمام البشر وموضع دراستهم، فإن الحقيقة التي

كمة الكلية يطلبونها من دراسته إنما هي حلقة في سلسلة الحق الذي أوجد ذلك الشيئ، ويربطها ذلك الحق بالحمن الخلق. ولكن بينما الظواهر عند اهلل تعالى تتم في إطار الحكمة الكلية من خلق الكون والحياة، ومن ثم تكون حقيقتها عنده في هذا اإلطار، نجد أن الحق الذي يطلبه البشر من دراستهم لهذه الظواهر يكون عادة

ما ألن ما تعنيهم، ومن ثم ال تشك جزئيا ومحدودا، إما ألن الحكمة الكلية من الخلق ال ل مرجعية لدراستهم، وا يستطيعون إدراكه منها محدود بحدود القدرة البشرية. لذلك نستطيع أن نقول إن اإلحاطة بكل جوانب الحق في أي ظاهرة من الظواهر، أو قضية من القضايا أمر اختص به اهلل تعالى، وأن ما يدرك البشر من الحق عن

ر منهجيتهم من العلم يظل قليال، ويتسع بقدر اتساع إدراكهم للحكمة الكلية من الخلق، وبقدر تجذ طريق كسبهم المعرفية في تلك الرؤية الكونية الربانية. ونسوق فيما يلي مجموعة من آيات القرآن الكريم التي تثبت وجود

الحق، وأنه الذي قامت به السموات واألرض، وأنه مطلوب العلم:

عون من دونه هو الحباطل وأن الله هو الحعلي الحكبي ذلك ) (1) ق وأن ما يدح (26 )الج ( بأن الله هو الحفح الص ) (6) اعة آلتية فاصح ق وإن الس ن هما إال بالح ض وما ب ي ح ماوات واألرح نا الس ميل وما خلقح ح الح )الجر فح

58) رهمح ف ه ) (3) ناهم بذكح ض ومن فيهن بلح أت ي ح رح ماوات واألح واءهمح لفسدت الس ق أهح رهم ولو ات بع الح مح عن ذكح

رضون عح (؛11 )املؤمنون م

Page 3: العلم والمعرفة بين نموذجين

(3)

3

فاق وف أنفسهمح ) (4) ء سنريهمح آياتنا ف اآلح ف بربك أنه على كل شيح ق أولح يكح لمح أنه الح حت ي تب ي ؛(83 ( )فصلتشهيد

لمون ) (8) ث رهمح ال ي عح ق ولكن أكح ناها إال بالح (؛33 ( )الدخانما خلقحوف ف يللك عن سبيل الله يا داوود إنا جعلحناك خليفة ف األح ) (2) ق وال ت تبع الح النا بالح كم ب يح ض فاحح رح

ساب م الح (؛ 62) ص (إن الذين يللون عن سبيل الله لمح عذاب شديد با نسوا ي وح

س الت حرم ) (1) فح ت لواح الن رف ف وال ت قح الله إال بالق ومن قتل مظحلوما ف قدح جعلحنا لوليه سلحطانا فال يسح (؛33( )اإلسراء الحقتحل إنه كان منحصورا

ن ) (5) سه ق لحن حاش لله ما علمح رأة الحعزيز قال ما خطحبكن إذح راودتن يوسف عن ن فح ا عليحه من سوء قالت امحسه وإنه لمن الصادقي ق أناح راودته عن ن فح حص الح (؛81 ( )يوسفاآلن حصح

ناهمح هدف) (3) مح وزدح ية آمنوا برب ق إن همح فت ح (؛13)الكهف (نحن ن قص عليحك ن بأهم بالح

ق وهمح ال يظحلمون ) (11) عها ولدي حنا كتاب ينطق بالح سا إال وسح (؛26 ( )املؤمنونوال نكلف ن فح

دي إل صراط الحعزيز ا) (11) ق وي هح ميد وي رف الذين أوتوا الحعلحم الذي أنزل إليحك من ربك هو الح ( )سبألح (؛2

يديحه إن الله بعباده ل ) (16) قا لما ب يح ق مصد نا إليحك من الحكتاب هو الح ( )فاطربي بصي والذي أوححي ح (؛31

ق إال اللالل فأ ) (13) ق فماذا ب عحد الح رفون فذلكم الله ربكم الح (؛36 ( )يونسن تصح

والحق هو أساس الوجود، ألن اهلل تعالى خلق السموات واألرض وما بينهما بالحق، والحق هو مبتغى

العلم، فال علم في غياب الحق. والعلم إنما أصبح ممكنا ألن الحق موجود في كل ظاهرة من الظواهر، سواء . فكل ظاهرة موجودة، يكون وجودها هو في ذاته معنوية، أم غير ذلكجتماعية، أم احيوية، أم كانت مادية، أم

ق وله الحملحك ) ألنه من خل ق اهلل تعالى: ،حق له الح م ي قول كن ف يكون ق وح ق وي وح ض بالح ماوات واألرح وهو الذي خلق السم ينفخ ف الصور عال الحغ بي ي وح كيم الح هادة وهو الح ء وهو الحواحد ) (؛13 ( )األنعاميحب والش قل الله خالق كل شيح

ار ملون ) (؛ 12 ( )الرعدالحقه ثم لها حقيقة أو حقائق ومن ثم يتعلق به العلم، ، (32 ( )الصافاتوالله خلقكمح وما ت عحنما نعني تعلم بوسائل ها المناسبة. وال نعني هنا الحقيقة المطلقة المتعلقة بالظاهرة، والتي ال يعلمها إال اهلل، وا

الحقيقة الجزئية المحدودة، التي يبحث عنها اإلنسان في الظاهرة المعينة، فذرة الماء مثال، لها عدة حقائق، كل ما بإخبار الوحي لنا بها. فهناك حقيقة تركيبها واحدة منها هي حق في ذاتها، ومعلومة لدينا إما بالتجربة ، وا

ماوات ) ، وهناك حقيقة أنها تدخل في تركيب كل شيء حي:(H2O)الكيميائي وهو أولح ي ر الذين كفروا أن السء حي ناها وجعلحنا من الحماء كل شيح قا ف فت قح ض كان تا رت ح رح منون واألح وحقيقة أكبر تتعلق (، 31 ( )األنبياءأفال ي ؤح

ض ف ستة أيام وكان عرحشه على ) بكون أن الماء كان يوما ما يحمل عرش الرحمن: ماوات واألرح وهو الذي خلق السسن عمال ولئن ق لوكمح أيكمح أحح بي الحماء ليب ح ر م ت لي قولن الذين كفرواح إنح ه ذا إال سحح د الحموح عوثون من ب عح ب ح ( لحت إنكم م

Page 4: العلم والمعرفة بين نموذجين

(4)

4

وهناك حقائق أكبر عن ذرة الماء ال يعلمها إال اهلل. وما قلناه عن ذرة الماء يصدق على كل شيء ،(1 )هود .( 32 ( )الصافاتوالله خلقكمح وما ت عحملون ) خلقه اهلل تعالى، بما في ذلك أعمال الناس:

. ة أعالههي قضية إبستمولوجية، أي إمكان وجود العلم بالحق المذكور في القضية األنطلوجي ؛القضية الثانيةلعلم ونستطيع أن نجزم من القرآن الكريم أنه ما دام الحق موجودا فإن العلم به موجود أيضا. وال عالقة لوجود ا

ففي مثالنا السابق عن ذرة الماء تأكد لنا وجود علم تتعلق بالمنهاج، بإمكان تحصيله من قبل الناس، فهذه قضية يتعلق بثالث من حقائقها، بعضه تحصلنا عليه عن طريق النظر، وبعضه عن طريق الخبر.

حيدا للوصول إلى الحق، فإن العلم وألن اهلل تعالى خلق السموات واألرض وما بينهما بالحق، وجعل العلم سبيال و أال ) بجميع الظواهر، في كلياتها وجزئياتها، سواء كانت في عالم الغيب أو الشهادة، من صفاته سبحانه وتعالى:

بي لم منح خلق وهو اللطيف الح ء علحما) ؛(14 ( )امللكي عح (؛ 16لطالق)ا (وأن الله قدح أحاط بكل شيحزب عنح ) اعة قلح ب لى ورب لتأحتي نكمح عال الحغيحب ال ي عح ماوات وال ف وقال الذين كفروا ال تأحتينا الس قال ذرة ف الس ه مث ح

ب ر إال ف كتاب غر من ذلك وال أكح ض وال أصح رح بي األح بل إن هذا العلم اليقيني بحقيقة الظواهر مسجل 1( 3 ( )سبأمبي ) في كتاب مبين في المأل األعلى: ض إال ف كتاب م رح ماء واألح وما منح غائبة )؛ (18( )النمل وما منح غائبة ف السب ض إال ف كتاب م رح ماء واألح ماء ) ؛( 18 ( )النملي ف الس ض وال ف الس قال ذرة ف األرح ث ح زب عن ربك من م وما ي عح

بي ب ر إال ف كتاب م غر من ذلك وال أكح .(21 ( )يونسوال أصحالبشر، وتدعوهم إلى البحث العلمي، ليس ولكن هذا العلم اليقيني بحقيقة الظواهر واألشياء التي تثير اهتمام

متاحا كله لهم، ال في كلياته وال في جزئياته، بل ينزل اهلل تعالى منه بقدر على من يشاء من عباده بما تقتضيه نح علحمه إال با شاء) حكمته: ء م يطون بشيح ء إال عند ) (؛688)البقرة (وال ي ن شيح نا خزائنه وما ن ن زله إال بقدر وإن م

لوم عح فالعلم بالحقيقة الموضوعية للظواهر متاح للبشر بدرجات متفاوتة، ويمكن تحصيله إما من (.61)الجر (مم ا مصادره التي جعلها اهلل تعالى مرجعا للعلم البشرى في عالم الشهادة، وهي الوحي)القرآن،السنة( والكون، وا

باالطالع عليه في الكتاب المبين الذي أودع اهلل فيه ذلك العلم. ومصدرية الوحي والكون هي األساس للعلم البشري، وسوف نعرض لذلك في موضعه من هذا البحث إن شاء اهلل.

وهذا الذي ذكرناه يصدق على الظاهرة االجتماعية بصورة أخص، ذلك أنها، دون غيرها من الظواهر المعروفة بشر، تقوم على سلوك ظاهر ودوافع باطنة تخفى عادة على الباحث العلمي، بل إنها لتدق وتخفى حتى على لل

صاحبها، ولكن اهلل، الذي يعلم السر وأخفى، يحيط بالظاهر والباطن من أفعال الناس، ومن ثم تسجل حقيقة ء ف علوه ف ) الفعل والظاهرة اإلجتماعية عنده كما هي: تطر * الزبر وكل شيح (؛86،83)القمر وكل صغي وكبي مسح

ملون منح عمل إال كنا عليحكمح شهودا إذح ) لو منحه من ق رحآن وال ت عح زب عن وما تكون ف شأحن وما ت ت ح تفيلون فيه وما ي عحقال ذ ث ح بي ربك من م ب ر إال ف كتاب م غر من ذلك وال أكح ماء وال أصح ض وال ف الس رأح ) (؛21( )يونس رة ف األرح اق ح

م عليحك حسيبا سك الحي وح ق وهمح ال يظحل (؛ )14 ( )اإلسراءكتابك كفى بن فح (؛ 26 ( )املؤمنونمون ولدي حنا كتاب ينطق بالحفقي ما فيه وي قولون يا وي حلت نا مال هذا الحكتاب ال ي ) رمي مشح غادر صغية وال كبية إال ووضع الحكتاب ف ت رف الحمجح

صاها ووجدوا ما عملوا حاضرا وال يظحلم رب فواح منحه أال )؛ (43 ( )الكهفك أحداأحح تخح نون صدورهمح ليسح أال إن همح ي ث ح

Page 5: العلم والمعرفة بين نموذجين

(5)

5

لنون إنه عليم بذات الصدور لم ما يسرون وما ي عح ت غحشون ثياب همح ي عح بل إن اهلل تعالى يخبرنا أن (.8 ( )هودحي يسحوتسجل على حقيقتها لحظة بلحظة من قبل المالئكة وهي تقع في الزمان والمكان في عالم أفعال البشر ترصد

علون ( 11) كراما كاتبي (11) وإن عليحكمح لافظي )الشهادة: لمون ما ت فح تبون ) ( )اإلنفطار(؛16) ي عح إن رسلنا يكحتبون ) ؛( 61( )يونسما تحكرون مع سرهمح ونحواهم ب لى ورسلنا لديحهمح يكح فكما إذن (.51)الزخرف (أمح يحسبون أنا ال نسح

جتماعية التي تقع في عالم الشهادة، ويحللونها ثم يصلون فيها إلى نتائج تمثل أن البشر يرصدون الظواهر االق في تلك الظواهر، فإن مالئكة الرحمن أيضا يرصدون ذات الظواهر، وما جهدهم المعرفي في الوصول إلى الح

يكتبونه عنها يمثل حقيقتها اليقينية. ويبقى السؤال: هل النتائج التي يصل إليها البشر من خالل منهجيتهم ه اهلل تعالى البحثية يمكن أن تسمى علما، إذا ما خالفت تلك التي سجلتها المالئكة عن نفس الظاهرة في ما أسما

فمثال ظاهرة اختفاء سيدنا عيسى، عليه السالم، يقدم القرآن تفسيرا لها جد مختلف عن ذلك الذي "؟ مبين كتاب"يقدمه علماء المسيحية، وهذا يعني أن ما رصدته وسجلته المالئكة عن ذلك الحدث في الكتاب المبين يختلف

هما أصاب الحق، وأيهما قال علما؟ وثمة سؤال آخر، وهو: تماما عما رصده وسجله المسيحيون في كتبهم، فأيإذا سلمنا أن الحق هو ما كان عند اهلل كذلك، وأن العلم هو ما عبر عن ذلك الحق، فكيف يستيقن البشر أن ما توصلوا إليه من نتائج في أبحاثهم هو الحق المتعلق بما يبحثون عنه، وأن مقوالتهم تعبر تماما عن ذلك الحق،

هذا السؤال والذي سبقه نعرض لها في ثنايا هذا البحث إن شاء اهلل. نهي علم؟ بعض اإلجابة عمن ثم فو هناك القضية المنهجية، أي إمكان حصول اإلنسان على العلم المتعلق بالحق، كما ورد في القضيتين : ثالثا

أن القضيتين األوليين قضيتان األولى والثانية. والقضية المنهجية هي أعقد قضايا العلم وال شك، ذلك موضوعيتان، تستقالن بوجودهما عن تدخالت البشر، ويمثالن الهدف الذي يسعى العال م للوصول إليه، بينما المنهاج والمنهجية هما الطريق وخارطته اللذان البد منهما للوصول إلى الهدف. ولما جعل اهلل تعالى الحق

وكلف الناس بتحصيل ذلك القدر من العلم الذي تتحقق به عبوديتهم أساس الوجود، وجعل العلم به ممكنا،ال كان تكليفا بما ال يطاق، وهو وخالفتهم له في أرضه، كان البد أن يجعل له منهاجا يوصل الناس إليه، وا ممتنع. لكن أي طريق قبل أن يسلكه السالك البد له من خارطة تحدد طبيعته وتبين معالمه، وتحدد وجهته

وله، وهل يوصل إلى الهدف، وهل هو أفضل الطرق من حيث المسافة واألمن، وهل توجد على طوله وطخدمات ومعينات تحفز وتسهل على سالكه سفره..إلخ. إن خارطة الطريق هذه، رغم أهميتها القصوى، إال أنها ال

جاتها ومطباتها ومتاهاتها وما يتفرع تكفي ابتداء لتبيان كل تفاصيل الطريق، إذ البد من سلوكها لتعل م كل منعر عنها من سبل قد تش ك ل على السالك، وقد تكون هناك مفاجآت تظهر في حينها..إلخ. بل إن القرآن يبين لنا أن

اوساروا عليه االناس قد يؤثرون سبال أكثر التواء وتعقيدا، للوصول إلى الهدف، على سبيل أيسر منها خبروهر سيوا ) م باتباع الهوى:من قبل، ظلما ألنفسه ي ح رحنا فيها الس نا فيها ق رف ظاهرة وقد الحقرف الت باركح ن همح وب يح وجعلحنا ب ي ح

فارنا وظلموا أنفسهمح فجعلح * فيها ليال وأياما آمني أسح ناهمح كل مزق إن ف ذلك ف قالوا رب نا باعدح ب يح ناهمح أحاديث ومزق حإذن الطريق)المنهاج( الموصل للعلم المفضي إلى الحق موجود، . )سبأ( (13-15) (آليات لكل صبار شكور

ها أو جلها، عمل يقوم ولكن لما كان وضع خارطة الطريق)المنهجية( والسير في هذا الطريق)البحث العلمي(، كل

Page 6: العلم والمعرفة بين نموذجين

(6)

6

به السالك)العال م(، ويعتمد من ثم على خصائص ذلك السالك، أوشك أن يكون أمر المنهاج ومنهجيته في المجال المعرفي جهدا بشريا خالصا، ألنه يعتمد على السمع والبصر والفؤاد، وهي وسائل اإلدراك التي خلق اهلل تعالى

رجكم) بها اإلنسان: ع واألبحصار واألفحئدة لعلكمح والله أخح مح لمون شيحئا وجعل لكم الحس هاتكمح ال ت عح ن بطون أم مكرون ع والحبصر والحفؤاد كل أول ئك كان عنح (؛ )15) النحل (تشح مح ف ما ليحس لك به علحم إن الس ؤوال وال ت قح ) (ه مسحوال سبيل إلى خالص هذه الوسائل اإلدراكية من تأثير العادات والمعتقدات والقيم واألهواء، وكل (.32اإلسراء

أنواع التحيزات البشرية، إال بتجرد عزيز المنال. بل إن قيم البشر ومعتقداتهم ومقاصدهم الحياتية تؤثر مباشرة امهم، وفي تفسيرهم لها، ونوع الحقائق التي يبحثون عنها، ومن ثم نوع العلم في تخيرهم للظواهر التي تثير اهتم

الذي يطلبون تحصيله، فالتحيز صفة مالزمة للبشر كما يقول المسيري. ثم إذا تخلص المنهاج ومنهجيته من حاطة بكل ركام األهواء والشهوات واجهتهما محدودية القدرات والوسائل اإلدراكية عند البشر، وعجزهم عن اإل

في مجمله، ،الكليات والجزيئات التي يقوم عليها الكون بعوالمه المختلفة. وهكذا يظل الكسب العلمي للبشر محدودا مهما تراكم؛ وظنيا مهما تعاظم.

اليقين: (2)

زاحة الشك، وتحقيق األمر. وفي اإلصطالح: اإلعتقاد الجازم المطابق الثابت، أي الذي ال يز ول هوالعلم وا ونورد فيما يلي مجموعة من اآليات التي ورد فيها لفظ اليقين، ونتبعها بكالم نفيس للشيخ بتشكيك المشكك.

الشعراوي في الداللة المفهومية التي تستقى من التوظيف القرآني للفظة "اليقين" في تلك اآليات. لمح إنا ق ت لحنا الحمسيح عيسى ابحن مرحي ) -1 ت لفواح فيه وق وح رسول الله وما ق ت لوه وما صلبوه ول كن شبه لمح وإن الذين اخح

نحه ما لم به منح علحم إال ات باع الظن وما ق ت لوه يقينا ؛(181 ( )النساءلفي شك مبدح ربك حت يأحتيك ) -2 (؛33 ( )الجرالحيقي واعحسدين ) -3 ها أنفسهمح ظلحما وعلوا فانظرح كيحف كان عاقبة الحمفح قنت ح ت ي ح (؛14 ( )النملوجحدوا با واسحري ما الس ) -4 ا ندح اعة ال ريحب فيها ق لحتم م د الله حق والس ت يحقني وإذا قيل إن وعح ( اعة إن نظن إال ظنا وما نحن بسح

(؛36 )الاثية (؛ 38 ( )الواقعةإن هذا لو حق الحيقي ) -5 (؛81 ( )الاقةوإنه لق الحيقي ) -6 (؛41 ( )املدثرحت أتانا الحيقي ) -7لمون علحم الحي ) -8 حيم *قي كال لوح ت عح الحيقي *لت رون الح )التكاثر( (1-8)ث لت رون ها عيح

ول الشيخ محمد متولي الشعراوي عن معنى "اليقين" في معرض تفسيره لآلية األولى:يق

Page 7: العلم والمعرفة بين نموذجين

(7)

7

لم يعرف ويوضح الحق سبحانه وتعالى: لم يتيقنوا أنهم قتلوا عيسى ابن مريم، ولكنهم شكوا فيمن قتل، ف" المتربصون لقتله أقتلوا عيسى أو تطيانوس أو سرخس؟

وإن الذين ) والحق سبحانه جاء هنا بنسبتين متقابلتين، فبعد أن نفى سبحانه نبأ مقتل عيسى ابن مريم قال:نحه ما لم به منح علحم إال ات باع الظن و ت لفواح فيه لفي شك م والنسبة األولى المذكورة (.181 ) النساءما ق ت لوه يقينااخح

هنا هي الشك، وهو نسبة يتساوى فيها األمران. والنسبة الثانية هي اتباعهم للظن، وهو نسبة راجحة. لقد بدأ األمر بالنسبة إليهم شكا ثم انقلب ظنا.

هو -كما نعلم -نهم قتلوه يقينا، واليقين أسبحانه ينفي بذلك و ،(وما ق ت لوه يقينا) وينهي الحق ذلك بعلم يقينياألمر الثابت المعقود في الواقع واألعماق بحيث ال يطفو إلى الذهن ليناقش من جديد أو يتغير، وله مراحل هي:

ق اليقين".علم اليقين"، ومرحلة العين، واسمها "عين اليقين"، ومرحلة الحقيقة، واسمها "ح"مرحلة العلم، واسمها ، وأن مانهاتن هذه هي جزيرة يصل تعداد «مانهاتن»وعندما يخبرنا واحد من الناس أن جزءا من نيويورك اسمه

سكانها إلى عشرة ماليين نسمة، وفيها ناطحات سحاب، وجاء هذا الخبر ممن ال نعرف عنه الكذب فيسمعه من ن جاء آخر ووجه لم ي ر نيويورك، فيصير مضمون الخبر عنده علما متيقنا ؛ ألن الذي أخبر به موثوق به. وا

« علم يقين»للسامع عن نيويورك دعوة لزيارتها ولبى السامع الدعوة وذهب إلى نيويورك، هنا تحول الخبر من ن جاء ثالث وصحب السامع إلى قلب نيويورك وطاف به في كل شوارعها ومبانيها، فهذا «. عين اليقين»إلى وا علم « »عين اليقين»، وقبل «عين اليقين»، وقبلها «حق اليقين»وأسمى أنواع اليقين هو . «حق اليقين»هو « .اليقين

لمون ) وحينما عرض سبحانه المسألة قال: ف ت عح لمون *كال سوح ف ت عح لمون علحم الحيقي *ث كال سوح *كال لوح ت عححيم الحيقي ث *لت رون الح الحيقي لت رون ها عيح هو سبحانه يعطينا علم اليقين، [7 - 3]التكاثر: (ث لت رون ها عيح

ويصدقه المؤمنون بهذا العلم قبل أن يروه، وسيرى المؤمنون وهم على الصراط النار وذلك عين اليقين. أما النار، وهناك أمر سكت عنه الحق؛ ألن هناك من يدخل الجنة وال يدخلمسألة دخول الذين يرون الجحيم إليها ف

في « حق اليقين»من يدخل النار وال يدخل الجنة. والكافرون باهلل هم الذين سيرون الجحيم حق اليقين. ويأتي بي اللالي )موضع آخر من القرآن الكريم: ا إن كان من الحمكذ يم ف ن زل م *وأم لية جحيم *نح ح إن هذا لو *وتصح

[25 - 22]الواقعة: (حق الحيقي فكل مكذب ضال سينزل إلى الحميم ويصلى الجحيم ويعاني من عذابها حق اليقين. إذن فقوله الحق عن مسألة

م ا ق ت لوه ي ق ينا{ يصدقه الذين لم يشاهدو ا الحادث، تصديق علم يقين ألن اهلل هو القائل. قتل عيسى ابن مريم: }و والذين رأوا الحادث عرفوا أنهم لم يقتلوه ولكنهم شكوا في ذلك. وأما من باشر عملية القتل إلنسان غير عيسى

."عليه السالم فهو الذي عرف حقيقة اليقين

Page 8: العلم والمعرفة بين نموذجين

(8)

8

( الظن:3)النقيض. وقد يطلق الظن بمعنى الوهم. وقد "هو الحكم بأحد النقيضين مع تجويز اآلخر. أو هو إدراك يحتمل

.يطلق على ما يقابل اليقين، أي اإلعتقاد الذي ال يكون جازما"

العلم (4)

يجمع أن مفهوم العلم ثم نعطي تعريفا من عندنا نرجونبدأ بإعطاء نماذج من تعريفات بعض علماء المسلمين ل (3:(بين هذه التعريفات

: )العلم هو اعتقاد الشيء على ما هو به(؛* يقول أبو علي الجبائي ، أو ما يصير الذات به عالما(؛: )العلم ما يعلم به* وقال أبو الحسن األشعريوهذا التعريف هو ما ارتضاه إمام على ما هو به(. : )العلم هو معرفة المعلوم* وقال أبو بكر الباقالني

لحرمين الجويني في كتابه اإلرشاد؛ا سكون نفس العالم إلى ما تناوله(؛ : )العلم هو المعنى الذي يقتضيلقاضي عبد الجبار* وقال ا

؛: )العلم تبين المعلوم(* وقال أبو إسحق اإلسفراينيتقانه(؛ )العلم ما يصح من: * وقال أبو بكر بن فورك المتصف به إحكام الفعل وا

. )العلم إدراك الشيء بحقيقته( :* وقال الراغب األصفهاني .في المعلوم اليقين بالحق المبتغى: والتعريف الذي اخترته للعلم هو

(4):هذا التعريف على ثالث قضايا تعرضنا لها سابقا عند نقاشنا لمفهوم الحق، وهيوينبني

؛علموجود المستقل للحق موضوع الال/ 1 ؛(context of discovery)هذا الحق بتحصيل العالم يقين/ 2 (context of justification)هذا اليقين بصدق برهانال/ 3

الذي يتبعه سبق أن قلنا إن العلم جوهر يستقل بوجوده عن اإلنسان العال م، لذلك فإن اليقين يتعلق بالمنهج، فقد يكون ظنا ومن ثم درجة اطمئنانه القلبي إلى ما توصل إليه ،إلى العلم الذي يطلبه العالم للوصول، أوال؛. قين؛ علم حق اليقينيالثالث: علم اليقين؛ علم عين ال ، في درجات اليقينيقينا رافعا للظنراجحا، وقد يكون

، حيث يظل العلم خاصا (context of discovery)وهذه المرحلة تسمى في فلسفة العلوم مرحلة الكشف واإللهاموتسمى مه الدليل والبرهان،هذا حيث يلز للوصول إلى إقناع غيره من العلماء بصدق يقينه . ثم، ثانيا؛بصاحبه

. وقد يظل العلم مقتصرا على صاحبه (context of justification)هذه المرحلة في فلسفة العلوم مرحلة التبرير .م أو المنهاجلمالبسات تتعلق بطبيعة العلم أو العال

نفسه بأنه عليم وعالم العلم، كما عرفناه سابقا، له في القرآن مكان علي وشأن عظيم، فقد وصف اهلل سبحانهف ما ليحس لك به علحم إن ) وعالم، وجعل العلم هو الفيصل في اتخاذ المواقف والخيارات العقدية وغيرها: وال ت قح

ؤوال ع والحبصر والحفؤاد كل أول ئك كان عنحه مسح مح ( لحم إال ات باع الظن وما ق ت لوه يقيناما لم به منح ع ) (؛32 ( )اإلسراءالس

Page 9: العلم والمعرفة بين نموذجين

(9)

9

تدين ) (؛181 )النساء لم بالحمعح وائهم بغيح علحم إن ربك هو أعح قلح هلح عندكم ) (؛113( )األنعام وإن كثيا ليللون بأهحرجوه لنا إن ت ت نح علحم ف تخح كذلك قصر اهلل سبحانه وتعالى .(145 ( )األنعامبعون إال الظن وإنح أنتمح إال تحرصون م

تقواه وخشيته على العلماء من عباده، ال سيما الراسخون منهم في العلوم الكونية، ورفعهم درجات على من سواهم بال جدد بيض وححر ألح ت ر أن الله أ ) من عباده المؤمنين: نا به ثرات محتلفا ألحوان ها ومن الح رجح ماء ماء فأخح نزل من الس

ا يح *محتلف ألحوان ها وغرابيب سود ن حعام محتلف ألحوانه كذلك إن واب واألح شى الله منح عباده الحعلماء إن الله ومن النا والدوء على الحكافرين (؛ )65-61)فاطر عزيز غفور م والحس زحي الحي وح ي رحفع الله ) (؛61 ( )النحلقال الذين أوتواح الحعلحم إن الح

ملون خبي الذين آمنوا منكمح والذين أوتو كذلك وصف اهلل سبحانه وتعالى (.11 ( )اجملادلةا الحعلحم درجات والله با ت عحد ما جاءك من الحعلحم ما لك من الل ): القرآن بأنه علم واءهم ب عح ت أهح ما عربيا ولئن ات ب عح ل وال ه من و وكذلك أنزلحناه حكح

د ما جاءك من الحعلحم ف قلح ت عالوحاح ندحع أب حناءنا وأب حناءكمح ونساءنا و (؛ ) 31 ( )الرعدواق ك فيه من ب عح نساءكمح فمنح حآجنة الله على الحكاذب عل لعح ورغم أن الكسب البشري المعاصر في (. 21 ( )آل عمراني وأنفسنا وأنفسكمح ث ن بحتهلح ف نجح

مجال العلوم الطبيعية واالجتماعية عجز حتى اآلن عن تحقيق العلم كما عرفناه سابقا، وذلك بسبب قصور النسق الذي من خالله يتم النشاط المعرفي)الوضعية(، إال أن الحفاظ على مثل هذا التعريف للعلم مهم في إطار

المعرفي التوحيدي حتى ال ننتهي إلى النسبية المعرفية التي انتهت إليها كثير من نظريات المعرفة النسق كذلك فإن قبول هذا التعريف للعلم مهم حتى ال تقعد بنا الهمة عن البحث عن الحق ( 5)المعاصرة عند الغربيين.

ء.بدعوى أن ذلك غير ممكن، ومن ثم إنكار وجود الحقيقة الموضوعية ابتدا المعرفة (5)

ثم ،يراد عدد من اآليات القرآنية التي وردت فيهامعرفة( بإنبدأ تقصينا للمفهوم الذي تحمله هذه الكلمة الشائعة )نعقب ذلك بشواهد من تعريفات لهذا المفهوم من قبل عدد من علماء المسلمين، ثم نورد ما بدا لنا من أبعاد

:"المعرفة"و " العلم"اآلخرون، ونختم بمحاولة لتوضيح العالقة بين أخرى لمفهوم المعرفة مما لم يؤكده

لم أعح ) (1) ل والله ي عح همح ف لحن الحقوح رف ن ت هم بسيماهمح ولت عح ( ؛31 ( )حممدمالكمح ولوح نشاء ألري حناكهمح ف لعرف حوة يوسف فدخلواح عليح ) (2) (؛85( )يوسفه ف عرف همح وهمح له منكرون وجاء إخحتحون على الذين ) (3) ت فح ق لما معهمح وكانواح من ق بحل يسح نح عند الله مصد ا جاءهمح كتاب م ا ولم كفرواح ف لم

نة الله عل ا عرفواح كفرواح به ف لعح (؛53 ( )البقرةى الحكافرين جاءهم مق ي قو ) (4) ع ما عرفواح من الح مح ي ن همح تفيض من الد عواح ما أنزل إل الرسول ت رف أعح لون رب نا آمنا وإذا س

اهدين نا مع الش تب ح (؛53 ( )املائدةفاكحلى عليحهمح آي ) (5) رف ف وجوه الذين كفروا الحمنكر وإذا ت ت ح نات ت عح (؛16)الج (ات نا ب ي ني ) (2) اهل أغح ض يحسب هم الح تطيعون ضرحبا ف األرح ف للحفقراء الذين أحصرواح ف سبيل الله ال يسح عف اء من الت

رف هم بسيماهمح ال افا وما تنفقواح منح خيح فإن الله به عليم ت عح ألون النا إلح (؛613( )البقرةيسح

Page 10: العلم والمعرفة بين نموذجين

(11)

11

ملون ) (7) ا ت عح رفون ها وما ربك بغافل عم د لله سييكمح آياته ف ت عح مح (؛33 ( )النملوقل الحرفوا رسول ) (8) (؛23 ( )املؤمنونمح ف همح له منكرون أمح لح ي عحتمون الح ) (3) همح ليكح ن ح رفون أب حناءهمح وإن فريقا م رفونه كما ي عح ناهم الحكتاب ي عح لمون الذين آت ي ح ) (ق وهمح ي عح

(؛142البقرة راف رجال ) (11) ن هما حجاب وعلى األعح نة أن سالم عليحكمح لح وب ي ح حاب الح اح أصح رفون كال بسيماهمح ونادوح ي عح

خلوها وهمح يطحمعون (؛42 ( )األعرافيدحث رهم الحكافرون ) (11) مت الله ث ينكرون ها وأكح رفون نعح (؛53( )النحلي عحرفحن يا أي ها النب ) (16) ن أن ي عح ني عليحهن من جالبيبهن ذلك أدح مني يدح زحواجك وب ناتك ونساء الحمؤح قل أل

ذيحن وكان الله غفورا رحيما . (83( )األحزاب فال ي ؤح

ما يلي:إلبن منظور عن المعنى اللغوي للمعرفة " لسان العرب"جاء في والتعريف ؛اإلعالم :وينفصالن بتحديد ال يليق بهذا المكان. والتعريف: قال ابن سيدة ؛العلم: العرفان ؛عرف"

أي يصفها بصفة ،اء رجل يعترفهاف فالن الضالة، أي ذكرها وطلب من يعرفها، فجعر نشاد الضالة...أيضا إا عرفناه، أي إذا : إذا اعترف لنتعرفون ربكم؟ فيقولونقال لهم هل علم أنه صاحبها. وفي حديث ابن مسعود: فيي

حققه بها عرفناه.وصف نفسه بصفة ن. : ضد المنكر. والعرف ضد المنكروالمعروفألن اإلنسان يعرف به. ،: الوجهوالمعارف: الوجوه. والمعروف

.ه وتطمئن إليه": ضد النكر، وهو كل ما تعرفه النفس من الخير وتبسأ بوالعرف والعارفة والمعروف واحد: "من هذا أخلص إلى أن اهيم أحمد عمر عن المعرفة ما يليجاء في كتاب "العلم واإليمان" للبروفسير إبر

نما هي إدراك يجمع بين العلم واإليمان. وأوضح ما يكون األمر المعرفة ليست علما خالصا وال إيمانا خالصا، وا وألن إدراك 1اإليمان غائب وموضوع المعرفة شاهد غائبموضوع العلم شاهد وموضوع ن عندما نقول إ

وفي وقت ، إلى إدراك الغائب)اإليمان(خاصة عند اإلنسان المعافى ذي الخبرة والتجربةالشاهد)العلم( يؤدي، تجوز في حق اهلل فإن أكثر إدراك اإلنسان معرفة. وألن المعرفة إدراك يخلط العلم باإليمان فهي ال ،وجيز

1(6)الذي ال يجوز في حقه اإليمان" –عالم الغيب والشهادة –عالىسبحانه وتلمعرفة لعدة علماء نقتطف أورد المعهد العالمي للفكر اإلسالمي في مستلته عن المفاهيم عدة تعريفات لمفهوم ا

تي:منها اآل :يلخص الدكتور جعفر عباس حاجي مفهوم المعرفة في قوله

عملية اإلدراكية لألشياء أو الموضوعات التي تقع خارج الذهن البشري على يمكننا القول بأن المعرفة هي ال"حقيقتها، أي حصول العلم باألشياء. وتنطوي هذه العملية العقلية على عدة عمليات، تتمثل في عمليات اإلدراك

واإلستنتاج والحكم الحسي، والتذكر، والتعرف، والتمييز بين األشياء، والتخيل، واإلستقراء والمقارنة واإلستنباط والتفكير".

Page 11: العلم والمعرفة بين نموذجين

(11)

11

:أما الدكتور/ أحمد عبد الرحيم السايح فيعرفها كاآلتيهما من جهة اللفط والمعرفة أخص من العلم والعلم والمعرفة يفرق بينإدراك الشيء بتفكر وتدبر ألثره...: المعرفة"

العلم يتعلق ق بذات الشيء، و : المعرفة تتعلما الفرق من جهة المعنى فمن وجوه: أحدهاأومن جهة المعنى...: تصور صورة الشيء، والعلم حضور أحوال رفت أباك وعلمته صالحا. فالمعرفة: عبأحوال الشيء، فيقول

أن المعرفة في الغالب تكون لما غاب ثانيها: الشيء وصفاته، والمعرفة نسبة التصور والعلم نسبة التصديق.ذا رآه وعلم أنه أو تكون وصفا له بصفات قامت في نفسه. فإ عن القلب بعد إدراكه، فإذا أدركه قيل عرفه،

: عرفه. فالمعرفة نسبة الذكر في النفس، وهو حضور ما كان غائبا عن الذكر، ولهذا كان الموصوف بها قيلأن المعرفة تفيد تمييز : ثالثها ضدها اإلنكار. وضد العلم الجهل. ويقال عرف الحق فأقر به، وعرفه فأنكره.

: علمت محمدا لم تفد أنك إذا قلت :هارابع وف عن غيره، والعلم يفيد تميز ما يوصف به عن غيره.المعر ذا فإذا قلت كر ينتظر أن تخبره على أي حال علمته...المخاطب شيئا، ألنه يما أو شجاعا، حصلت له الفائدة. وا أن :خامسها بق أن ينتظر شيئا آخر.، استفاد المخاطب أنك أثبته وميزته عن غيره، ولم يقلت: عرفت محمدا

والفرق بين العلم العلم فإنه يتعلق بالشيء مجمال... المعرفة علم يعين الشيء مفصال عما سواه، بخالفوالمعرفة عند المحققين أن المعرفة هي العلم الذي يقوم العالم بموجبه ومقتضاه، فال يطلقون المعرفة على

."مدلول العلم وحدهوبعد ،بعد اإلمعان في داللة اآليات التي وردت فيها مشتقات كلمة معرفة ،لكاتب هذا البحث حوالذي ترج

:هي هوم المعرفة يتلخص في أن المعرفةهو أن مف ،النظر في اآلراء المتقدمة لعلماء أجالءبين لما تراكم في الذاكرة من معلومات حسية عن عالم الشهادة للتمييز الفوري لية توظيف ذهنيعم"

ها. كل ذلك من خالل المقارنة هالمثيرات الخارجية التي نتصل بها في حياتنا العملية، ولتحديد ردود أفعالنا تجافالمطابقة بين وارد الحس من معلومات عن المثير الخارجي ووارد الذاكرة الفوري من مخزون المعلومات عن

1"ق معرفتنا بهتي نمتلكها عن ذلك المثير مما يعم ذلك المثير، وما يتبع ذلك من تداعي بقية المعلومات ال :في العملية المعرفية ويمكننا أن نميز العمليات الذهنية والنفسية اآلتية

؛معلومات الحسية من المثير الخارجيلل (Reception) ستقبال/ عملية اال1 ؛ةللمستقب لومات اعن معلومات في الذاكرة مطابقة أو مشابهة للمع (Search) / عملية البحث 2 ؛لمعلومات المناسبة من الذاكرةل (Retrieval)ستحضار / عملية اال3 ؛بين المعلومات الواردة ومعلومات الذاكرة (Comparison)/ عملية المقارنة 4 ؛المعلومات بين نوعي (Matching)/ عملية المطابقة 5 ؛للمثير الخارجي (Identification)أو التمييز (Remembrance)/ عملية التذكر 6 ؛على المثير الخارجي (Cognition)/ عملية التعرف 7 .على المثير الخارجي (Reaction)/ عملية رد الفعل 8

Page 12: العلم والمعرفة بين نموذجين

(12)

12

فطرية يمارسها جميع الناس بتلقائية ،(Subjective)ذاتية (Process)بدو لنا المعرفة باعتبارها عمليةهكذا ت(Innate) ،وفورية(Instantaneous)، ي يحتفظ فيها اإلنسان بوعيهتوفي جميع األحوال ال(Consciousness) وذلك ،

من أجل تسيير حياتنا العملية العادية. العملية المعرفية إذن هي حقيقة وعينا بمحيطنا الخارجي وأساس تفاعلنا مات من المحيط علو الحس الناقلة للم من خاللها هذه العملية هي وسائل معه، والوسائل األساسية التي نمارس

ولما كانت هذه طبيعة المعرفة فإنها من المعنى بكل العمليات اإلدراكية واإلنفعالية في دواخلنا. قلبالخارجي والوال تجوز في حق اهلل تعالى، عالم الغيب الذين قد يتذكرون فيعرفون وقد ينسون فينكرون، خصائص المخلوقين

والشهادة. العالقة بين العلم والمعرفة

ذا كان هذا هو مفهوم المعرفة وقد سبقه تبيان ماهية العلم فما هو الفرق بينهما وما هي نوع العالقة التي تجمع إ بينهما؟

ال تنفك عن الشخص الذي (Subjective)ذاتية (Process)هو أن المعرفة عملية ،الذي يبدو لنا ،الفرق األولات اإلنسان. والذاتية التي يمكن أن تنسب إلى العلم ال عن ذ Objective))يمارسها، بينما العلم جوهر مستقل

نما بتتع كن ماتها التي تحدد للباحث مصادر علمه ومحتواه ومنهجيته وأهدافه، وللومس رؤية العالملق بجوهره وا وعية تسمح ألتباع وتتمتع منهجيته بموض ،جوهر مستقل بتغىلعلم الميظل ا القبلية في إطار هذه المسلمات

لعلمية التي ن من جعل النتائج ابما يمك ،المعنية بمزاولة العملية العلمية من خالل هذه المنهجية كونيةلالرؤية ا حقا مشاعا لآلخرين يمكن التثبت من صحتها من خالل تجاربهم المستقلة. يصل إليها باحث ما

ى إيجاد معلومات يقينية جديدة هو أن العملية العلمية عملية إبداعية تؤدى إل ،الذي يبدو لنا ،الفرق الثانيسترجاع كله أو بعضه، من قبل، بينما المعرفة هي عملية ا ،تضاف إلى رصيدنا العلمي عن شيء كان مجهوال

لمعلومات قديمة في الذاكرة عن شيء كان معروفا لنا سلفا.ف ، بينما هدشياءالعلل واألسباب والحقائق التي تحكم األهو أن هدف العلم الوصول إلى ،الفرق الثالث

.المعرفة هو التمييز بين األشياءهو سمة التلقائية التي تمارس بها العملية المعرفية بينما العملية العلمية تقوم على الرصانة واألناة ،الفرق الرابع

، ألنا نرى الناس، بل حتى الحيوانات والحشرات فيما يبدو جميععرفة يمارسها والتثبت المنهجي. لذلك فالمخاصة ل، بينما إنتاج العلم ليس إال لحياتها اليومية تعتمد على التمييز بين موجودات المحيط الذي تتحرك فيه

.من البشرد دون م عتالمعرفة لما كانت عملية ذاتية فإنه يمكن فيها اإلنكار بحق، واإلنكار الم هو أن ،الفرق الخامس

وة يوسف فدخلواح ) :في اإلنكار الحقيقي ىقوله تعالحقيقة، ولعل هذا يؤكده الخوف من كشف اآلخرين لل وجاء إخحث رهم ) ، وفي االنكار المتعمد:(85 ( )يوسفعليحه ف عرف همح وهمح له منكرون رفون نعحمت الله ث ينكرون ها وأكح ي عح

نه جوهر فر( لها وجحود بها. أما العلم فأل)كرفة النعمة هو تغطيةر هنا مع معنكاواإل1 (53 ( )النحلالحكافرون يمكن ال ونشرها على المأل، نه بعد الوصول إلى الحقيقة العلمية، فإموضوعيةيتوخى فيها الومنهجيته مستقل،

Page 13: العلم والمعرفة بين نموذجين

(13)

13

خرين. لذلك كان ضدالعلماء اآلبسهولة وبصورة مستقلة من قبل إنكارها، وذلك إلمكان التثبت من صحتها سواء كان حقيقيا أو متعمدا. ،العلم الجهل، وضد المعرفة اإلنكار

،عرفة يمكن أن تبنى على اليقين وعلى الظنبينما الم ، ينبني إال على اليقينهو أن العلم ال ،الفرق السادس ما يراد تمييزه.لمعلومات التي تحملها الذاكرة عبحسب نوع ا

في إطار حركة الحياة باشر الحواسستجابة إدراكية لمثير خارجي ا هو أن المعرفة لما كانت ،الفرق السابع، ولعل هذا يؤيده الحديث )قلبي(، أو غير محسوسالبد فيها من رد فعل مهما كان ضئيال هن، فإاليومية

الشريف: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف ،ومن ثم تعلمه من الكتب ،تدوينهإنتاجه و يتعلق بحقائق األشياء فيمكن مستقل . أما العلم فألنه جوهر اإليمان"

ورد الفعل ،دون مباشرة المتعلم بنفسه لموضوع العلم، وبصورة ذهنية مجردة عن اإلنفعال ،أو بالسماع نفسه.والناجم من أنه البد من أن يباشرها الشخص ب ،المصاحب للعملية المعرفية

التي تكشفت لنا قة األساسية بين العلم والمعرفة واآلن لنرى ما هي العالقة التي تجمع بين العلم والمعرفة؟ العالفي الذاكرة عرفة بالمعلومات اليقينية التي تختزنمن تحليلنا لكل من المفهومين هي أن العلم يمكن أن يرفد الم

في العملية المعرفية كما ذكرنا. فكلما كانت هذه المعلومات ي اسسخارجية، وهي العنصر األعن المثيرات الم تكون ردود يقينية )علمية( كلما كانت معرفة اإلنسان بمحيطه الخارجي صحيحة ومبنية على العلم، ومن ث

)وهمية( كلما كانت معرفة اإلنسان خاطئة ومبنية على أفعاله سليمة وحكيمة، وكلما كانت هذه المعلومات ظنيةولية عن . والحقيقة هي أننا إذا استثنينا المعلومات الحسية األومن ثم تكون ردود أفعاله خبط عشواء ،الجهل

والتي غالبا ما تكون صحيحة، مثل تمييز الرجل عن العملية، المحيط الخارجي التي يكتسبها اإلنسان بخبرتهما وراء هذه فإن ،الظاهرة عن األشياء الحمار عن البقرة، والطائر عن الزاحف، بل ودقائق األوصافو المرأة,

مجرد ظنون هي ،مما يحمله غالب الناس عن بيئتهم المباشرة وكونهم العريض ،المعلومات البسيطة الظاهرةويحددون مواقفهم بناء عليها. ذلك أن ،ويرسمون حياتهم بمقتضاها ،ل أساسا لمعرفتهمذلك تشك ولكنها مع

ولكن في ،الل السمات الظاهرة لحواسناقتصر فقط على تمييز األشياء من خت معرفتنا لمحيطنا الخارجي الومن ثم ،دراكنا لهشيء موضوع المعرفة ليكتمل إذات اللحظة تتداعى كل المعلومات المختزنة في ذاكرتنا عن ال

حكمنا عليه.

ث رهمح إال ظنا إن ) :عرفة البشرية ال األهواء والظنونوالمطلوب هو أن تكون حقائق العلم هي أساس الم وما ي تبع أكحعلون ق شيحئا إن الله عليم با ي فح ض ) (؛32 ( )يونسالظن ال ي غحن من الح ن الظن إن ب عح تنبوا كثيا م يا أي ها الذين آمنوا اجح

س وال تس تموه وات قوا الل الظن إثح ب أحدكمح أن يأحكل لحم أخيه ميحتا فكرهح لا أي لكم ب عح ه إن الله ت واب وا وال ي غحتب ب عحالذين ) :ذي يصادف الحق كما في قوله تعالىثم هنا هو ذلك الوالظن الذي ليس بإ 1 (16 ( )الجراترحيم

مح وأن همح إليحه راجعون ي القو رب م إمكان الوصول إلى اليقين وهو ظن منهجي بسبب عد 1(42 ( )البقرةظنون أن هم مالراجح علما، مع أنه حقيقة ومن ثم سمي الظن المنهجي واالستقراء خير مثال على ذلك، في المنهج،لقصور

"من : هو تفسير الحديث الشريف قد يكون المنهجي ق الذي يتوخاه. وهذا اإلشكالليس كذلك إال إذا صادف الح

Page 14: العلم والمعرفة بين نموذجين

(14)

14

كون على يقين من المجتهدين لن ي د وأخطأ فله أجر واحد"، مع أن ك لي جتهاجتهد وأصاب فله أجران، ومن اما أصاب ، ولكن اهلل تعالى عالم الغيب والشهادة هو الذي يعلم أيهما أخطأ وأيهخطأهأالحق أو أنه أصاب

ك.فيجازي بحسب ذلرن النموذجين هكذا يبدو لنا الدور الحاسم للعلم في العملية المعرفية، لذلك فنحن عندما نقا

الدنيوي( فإنما نقارن قدرتهما على مد اإلنسان بالعلم عن كل حقائق الوجود التي يحتاج المعرفيين)التوحيدي،م الشهادة أو بعالم الغيب. العلم إذن هو محور بحثنا هذا، والعلم سواء تلك المتعلقة بعال ،ى العلم بهااإلنسان إل

ا ) :اهلل تعالى به نفسه ووصف به عباده الذين يخشونهال المعرفة هو الذي أعلى القرآن شأنه، ووصف إنله إال إذا أصبح أساسا ال قيمة ولكن العلم 1(65) فاطريحشى الله منح عباده الحعلماء إن الله عزيز غفور

ومن "،علموا ما شئتم فلن ينفعكم اهلل به حتى تعملوا بهإ " كما روى عنه صلى اهلل عليه وسلم:)عملنا(، لمعرفتناوينبغي أن ،قضية ذات خطر العلم أساسا للعمل لثم تصبح اآللية التي يستطيع بها النموذج المعرفي جع

هتمام الالزم.تعطى اال الضرورة المعرفية لإلنسان:و التصور القرآني لالجتماع اإلنساني -3.1

هذا السؤال ينبغي أوال أن نتبين حقيقة لإلجابة عن هل هناك ضرورة معرفية تقتضيها الحكمة من خلق اإلنسان؟رؤية هذه الحكمة من خلق اإلنسان كما بينها القرآن. وسوف نقوم بهذه المهمة، إن شاء اهلل، من خالل تقديم

خطة الخلق ذلك " للعالم من المنظور القرآني، وهي رؤية لعالم اإلنسان في عالقته بعالم الغيب والشهادة، وأسميناا القارئ في هذه المهمة الجليلة إلى عالم القرآن الكريم يحسن بنا أن نلم ". ولكن قبل أن نصحب معنالعامة

أننا لسنا أمام مهمة سردية وصفية بل أمام مهمة بنائية بعجالة عن مفهوم "رؤية العالم" وقضاياه، حتى ندركنبني عليها االجتماعي تركيبية نماذجية نمارس فيها وسعنا في التجريد النظري للوصول إلى رؤية معرفية للعالم

(7)نماذجنا المعرفية التي هي موضوع هذا البحث.مجموعثة مترابطثة مثن المفثاهيم والنظريثات بأنهثا "المرؤيثة العثيعرف المعنيون بالبحثث فثي الفلسثفة وفلسثفة العلثوم "

التي يجب أن تمكننا من بناء صورة كلية للعالم، وبهذه الطريقثة نسثتطيع أن نفسثر أكبثر عثدد ممكثن مثن عناصثر خبراتنثثا. وهكثثذا فثثإن رؤيثثة العثثالم هثثي إطثثار مرجعثثي يمكثثن أن نضثثع فيثثه كثثل مثثا يواجهنثثا مثثن خبثثرات متنوعثثة فثثي

ا التعريف مجموعة من القضايا، هي:يتبع هذو الحياة. / بناء رؤية للعالم1

شثتمل علثي محثثاوالت لتطثوير رؤي للعثثالم تأخثذ فثثي االعتبثار أكبثر قثثدر مثن أوجثثه خبراتنثا الحياتيثثة. ت ورغم أن هذا البناء يتم عبر جسور اللغة التي تتسم بالمحدودية إال أن مشروع البناء يستحق الجهد.

لعالم بالثقافة التي عبرها يتم تداول المعثاني، وتنتقثل أنمثاط السثلوك مثن جيثل إلثى يرتبط بناء الرؤى لجيثثل، وحيثثث يثثتم إنتثثاج المشثثاكل االجتماعيثثة والسياسثثية، وأنثثواع الفنثثون. أمثثا المثثواد التثثي تبنثثى بهثثا

ة، خبراتنثا الذاتيثة العميقثالعلثم الثذي تتيحثه لنثا مصثادرنا المعرفيثة عثن عالمنثا، ومثن الرؤى فتأتي مثن ومن معامالتنا العملية مع أشياء الحياة. كل هذه األمور ترتبط بالضرورة بثقافة معينة ليست بجامدة

Page 15: العلم والمعرفة بين نموذجين

(15)

15

بل هي في تغير مستمر. لذلك فإن رؤية العالم ليست صورة جامدة أو نسخة كربونية من العالم، بل تحاول أن تلتقط أكبر قدر من سمات عالمنا.

/ خصائص رؤية العالم2رؤية العالم هي "التناسق" و "الوفاء للتجربة". إن مبدأ التناسق يقتضي أن تكون أهم خصائص

رؤيثثثة العثثثالم كثثثل متثثثرابط مثثثن المفثثثاهيم والمسثثثلمات والنظريثثثات واإلسثثثتعارات التثثثي ال يقصثثثى بعضثثثها بعضا، بل يمكن التفكير فيها مجتمعة. سوف تكون رؤية العالم وفية للتجربثة فقثط عنثدما ال تنثاقض

جريبية معلومة. ولكن مع ذلك فإن رؤية العالم أكبر من مجمثوع الحقثائق العلميثة التثي تثأتي حقائق تبهثثا العلثثوم الفيزيائيثثة واالجتماعيثثة. لثثذلك فثثإن رؤيثثة العثثالم قثثد تلهثثم مزيثثدا مثثن التطثثور فثثي العلثثم، وقثثد

ينثا مثن العلثوم، تنتقد بعض جوانبثه. مثن هثذه الزاويثة تصثبح رؤيثة العثالم امتثدادا وتواصثال لمثا جثاء إل أحيانا تتطابق معه، وأحيانا تقوم بالتعميم منه، وأحيانا تنقده وترفضه.

إن رؤية العالم ال تنسب إلى ناتج العلوم وحده بل ينبغي أن تسثمح لنثا بتضثمين عثالم المعثاني وعثالم بيثر مثن الذاتيثة القيم بحيث نفهم أكبر قدر من سمات عالمنا. وألن عملية التقويم تحتوي على قدر ك

ومثثن ثثثم تلتصثثق بشثثخص بعينثثه حتثثى داخثثل الثقافثثة الواحثثدة فثثإن مثثن الصثثعوبة البالغثثة تحقيثثق رؤيثثة عالم كونية شاملة وواحدة لكل الناس.

لرؤية العالم ة/ المكونات السبع3 (A model of the world)نموذج للعالم -1.3

وكيثثف بينثثي. "العثثالم" هنثثا تعنثثي كثثل شثثيء يجثثب أن تمكننثثا رؤيثثة العثثالم مثثن فهثثم كيثثف يعمثثل العثثالم موجود حولنا بما في ذلك العالم الفيزيائي، األرض، الحيثاة، العقثل، المجتمثع والثقافثة. اإلنسثان نفسثه

جزء مهم من العالم لذلك البد أن تجيب رؤية العالم على السؤال األساس: من نحن؟ (Explanation)التفسير -2.3

على ما هو عليه؟ من أين جاء هذا العالم؟ من أين جاء الجنس البشري؟لماذا العالم (Futurology)المستقبليات -3.3

إلثثثى أيثثثن نحثثثن ذاهبثثثون؟ كيثثثف نختثثثار بثثثين المسثثثارات المسثثثتقبلية المختلفثثثة بحيثثثث نفضثثثل مثثثا يجثثثب تفضيله؟

(Values)القيم -4.3 ما هو الخير والشر؟

قثثي الثثذي يحثثدد لنثثا مثثا يجثثب ومثثا ال يجثثب أن نفعلثثه. يعطينثثا هثثذا يتضثثمن هثثذا المكثثون النظثثام األخال المكون أيضا زمرة من المقاصد التي تقود أفعالنا.

(Action)الفعل -5.3

Page 16: العلم والمعرفة بين نموذجين

(16)

16

لثثذلك البثثثد مثثن اإلجابثثثة علثثثى إن معرفثثة األهثثثداف والمقاصثثد ال يعنثثثي معرفثثة كيفيثثثة الوصثثول إليهثثثا، علثثى حثثل مشثثاكل عمليثثة، وتنفيثثذ خطثثط : كيثثف نفعثثل؟ يجثثب أن نعطثثي نظريثثة للفعثثل تعيننثثاالسثثؤال أفعالنا.

(Knowledge)العلم -6.3تعتمد الخطط على العلم والمعلومات والنظريثات والنمثاذج التثي تصثف الظثواهر التثي تواجهنثا. لثذلك نحثثن فثثي حاجثثة لمعرفثثة كيثثف نبنثثي نمثثاذج يمكثثن االعتمثثاد عليهثثا، وهثثذا هثثو مكثثون كسثثب العلثثم فثثي

رؤية العالم. ة على السؤال المتعلق بما هو حقيقي وما هو كاذب.يجب اإلجاب

(Building Blocks)كيتل البناء -7.3النظريثثات العلميثثة و العلثثم الثثرؤى للعثثالم ال تبثثدأ مثثن ال شثثيء بثثل البثثد مثثن كيت ثثل تبثثدأ بهثثا، وتتمثثثل فثثي

القائمثثثثثة، النمثثثثثاذج، المفثثثثثاهيم، القثثثثثيم وغيرهثثثثثا مثثثثثن الموجهثثثثثات المتوزعثثثثثة بثثثثثين التخصصثثثثثات العلميثثثثثة واأليديولوجيات.

/ اختبارات رؤية العالم4 اختبار النسقية: هل رؤية العالم المعنية متسقة منطقيا؟ -1.4 اختبار الوسطية: هل تقوم رؤية العالم المعنية على ميزان قسط بين التعقيد والتبسيط؟ -2.4فسير الواقع؛ ومثا مثدى كمثال إلى أي مدى تحسن رؤية العالم ت: اختبار القوة التفسيرية ومدى الرؤية -3.4

األدلة الداعمة لمجال رؤيتها؟ اختبار التوافق: إلى أي مدى تتوافق رؤية العالم المعنية مع حقائق الواقع المؤكدة؟ -4.4 : هل يمكن تأكيد أو تكذيب الحقائق المركزية التي تدعيها رؤية العالم المعنية؟اختبار اإلثبات -5.4 هل تدعم رؤية العالم المعنية نتائج واقعية وعملية بحيث يمكن عيشها في الخارج؟اختبار الواقعية: -6.4االختبار الوجودي: هل تعالج رؤية العالم االحتياجثات الداخليثة الحقيقيثة للبشثر بحيثث يمكثن عيشثها -7.4

في الداخل الوجداني؟ ق األفكار؟اختبار المنافسة: هل تستطيع رؤية العالم المعنية المنافسة في سو -8.4 اختبار التنبؤ: هل تستطيع رؤية العالم المعنية التنبؤ بنجاح باالكتشافات المستقبلية؟ -2.4

رؤية القرآن للعالم -5رؤية العالم ليست تجميعا إلجابات مستقلة عن األسئلة أعاله، ولكنها بناء معرفي متماسك تتولد من

. وسوف نقوم اآلن بمهمة بناء رؤية العالم عن لك األسئلةلت منطقها الداخلي اإلجابات المطلوبة والمناسبةالمتعلق بالظاهرة بغرض اإلجابة فقط عن السؤال المعرفيمن المنظور القرآني االجتماع اإلنساني

االجتماعية، واهلل المستعان وعليه التكالن.

Page 17: العلم والمعرفة بين نموذجين

(17)

17

اإلنسان تقتضي منه المتأمل في آيات الذكر الحكيم يتأكد لديه أن الحكمة التي من أجلها خلق إن كما وردت في القرآن الكريم ، وسوف نتتبع في الصفحات التالية هذه الحكمة من خلق اإلنسانالمعرفة

خطة "ب ، أو في اصطالح أخص،لتصور القرآني لالجتماع اإلنسانياب لنستل من مجموع آياته ما أسميناه ، وهي حكمة ثاوية في القرآن لمن يتدبر."الخلق العامة

" للداللة على التدبير اإللهي الخاص بخلق اإلنسان واستخالفه في األرض خطة الخلق العامةخدم مصطلح "نستأمانة أبت ،تكليفا ،ومقتضى هذا االستخالف من تسخير ما في السموات وما في األرض جميعا له وتحميله

ذا الحمل من مسؤولية وجزاء. على هالسماوات واألرض والجبال أن يحملنها وأشفقن منها وحملها هو، وما يترتب هذه قبل أن تحكم حياة اإلنسان في األرض قد تم اختبارها في خطة الخلق العامةخبرنا القرآن الكريم أن وقد أ

المأل األعلى بمشاركة جميع األطراف المعنية: الخالق سبحانه، المالئكة، البشر ممثلين في آدم وحواء عليهما ي إبليس. وليس هدفنا هنا سرد الوقائع التاريخية التي حدثت في عالم الغيب وأدت إلى السالم، والجن ممثلين ف

نما هدفنا هو التأسيس المعرفي خطة الخلق "لهبوط اإلنسان إلى األرض، فقد فعلنا ذلك في بحث آخر، وا مان والمكان. وما على األرض بغرض توظيفها منهجيا كأداة معرفية لتفسير الظاهرة االجتماعية عبر الز "العامة

ا المنهجية في دراسة هذه وتبيان أهميته "خطة الخلق العامة"ـليلي من صفحات عبارة عن بسط منهجي نساني.االجتماع اإل

مد *قلح هو الله أحد ) المبدأ الكلي الذي ترتكز عليه الرؤية الكونية االسالمية هو مبدأ التوحيد: لح يلدح *الله الص. فاهلل تعالى هو خالق السماوات واألرض وما بينهما بالحق (4-1( )اإلخالص ولح يكن له كفوا أحد *ولح يولدح

ن من شيئ إال يسبح بحمده؛ وهو الذي السماوات السبع واألرض ومن فيهن؛ وأجل مسمى؛ وهو الذي تسبح له وا فتقناهما وجعلنا من الماء كل شيئ حي؛ وهو الذي قال يوم نطوي أخبر أن السماوات واألرض كانتا رتقا ف

وفيها واستعمره فيها، اإلنسان من األرض دأنا أول خلق نعيده. وهو الذي أنشأالسماء كطي السجل للكتب كما بالقسط؛ يعيده ومنها يخرجه تارة أخرى؛ وهو الذي أرسل رسله بالبينات وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس ب

نما توفون أجوركم يوم القيامة وهو الذي أخبر الناس في كتبه التي جاء بها رسله أن كل نفس ذائقة الموت وا في و ومآالت أمور الناس فيها حقيقة الحياة الدنيا، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز. وقد بين اهلل تعالى

ياة ) اآلخرة فقال: ا الح لموا أن ج اعح وحالد كمثل غيحث أعح وال واألح مح نكمح وتكاث ر ف األح ن حيا لعب ولحو وزينة وت فاخر ب ي ح ب الدخرة عذاب شديد ومغحفرة فرا ث يكون حطاما وف اآلح ار ن باته ث يهيج ف ت راه مصح ن حيا إال م الحكف ياة الد وان وما الح ن الله ورضح

.(61 ( )الديدمتاع الحغرور هذه المآالت النهائية لالجتماع اإلنساني يمكن تفصيلها في رؤية معرفية للظاهرة االجتماعية على النحو اآلتي:

اعية المعبرة عن حقيقة الحياة البشرية على هذه المبدأ الكلي الذي تنطلق منه الرؤية القرآنية للظاهرة االجتمبدون ) األرض هو أن اهلل تعالى إنما خلق اإلنسان لعبادته: نس إال لي عح ن واإلح ت الح .(82()الذاريات:وما خلقح

ر فإننا نجمل وعبادة اهلل تعالى تعني العلم به، ثم القيام بأمره ونهيه في أرضه بمقتضى شرعه. وفي هذا اإلطا األصول النظرية المنبثقة من هذا المبدأ التوحيدي الكلي في اآلتي:

Page 18: العلم والمعرفة بين نموذجين

(18)

18

لكمح )إن عبادة اهلل تعالى مسرحها الذي تدور فيه هو األرض: أوال ، بطواح ب عح ض وق لحنا اهح ض عدو ولكمح ف األرح لب عحت قر ومتاع إل حي ها تحرجون )؛ (32( )البقرة :مسح ن وفيها توتون ومن ح .(68( )األعراف:قال فيها تحي وح

نا بن آدم و )إن هذه العبادة تتم في إطار تكريم اإلنسان وتفضيله ومن ثم استخالفه على األرض: ثانيا ، لقدح كرمحنا ن الطيبات وفللحناهمح على كثي منح خلقح ناهم م ر ورزق ح ليال وحلحناهمح ف الحب ر والحبحح وإذح قال ) (؛11( )اإلسراء:ت فح

ض خليف دك ربك للحمالئكة إن جاعل ف األرح ماء ونحن نسبح بمح فك الد سد فيها ويسح ة قالواح أتحعل فيها من ي فحلمون لم ما ال ت عح لك قال إن أعح . الخليفة وسط بين طرفين، فال هو مالك أصيل مطلق (31( )البقرة :ون قد

هو مقهور مجبور ال حول له وال قوة، وال إرادة. فعقد الخالفة التصرف والحرية فيما استخلف فيه، وال لف ل ف "اإلنسان" بسياسة ما استخلف فيه "األرض" وفق ما يحب ويرضى المست خ يقتضي أن يقوم المستخ نما يتفاضلون بمقدار قيام "اهلل تعالى". والناس في مهمة االستخالف سواء، فخالقهم واحد، وأصلهم واحد، وا

ن ذكر وأنثى وجعلحناكمح شعوبا ) بحق االستخالف فيما استخلف فيه: كل منهم ناكم م يا أي ها النا إنا خلقحقاكمح إن الله عليم خبي رمكمح عند الله أت ح ا ات قواح ربكم الذي يا أي ها الن ) ؛(13( )الجرات:وق بائل لت عارفوا إن أكح

هما رجاال كثيا ونساء وات قواح الله ا ها زوحجها وبث من ح س واحدة وخلق من ح ن ن فح لذي تساءلون به واألرححام خلقكم م .(1( )النساء :إن الله كان عليحكمح رقيبا

ض )إن عقد االستخالف الذي تتم في إطاره العبادة يقوم على عمارة األرض: ،ثالثا ن األرح هو أنشأكم مت عحمركمح فيها .(21( )هود :واسح

لوك ) إن هذه الخالفة تقوم على مبدأ االمتحان واالبتالء والمحاسبة: رابعا ، ياة ليب ح ت والح مح أيكمح الذي خلق الحموحسن عمال . فاإلنسان يمكنه أن يعمر األرض وفق منهج اهلل فيعمل فيها صالحا، أو وفق (6)امللك: (أحح

هوى نفسه فيفسد فيها.إنا جعلحنا ما )إن مجال االبتالء والفتنة يتمحور فيما أودع اهلل سبحانه وتعالى في األرض من زينة: خامسا ،

ض رح سن عمال على األح لوهمح أي همح أحح ا لنب ح .(1()الكهف:زينة ل)موارد معدنية، زراعية، "المالإن ما على األرض من زينة إنما يقوم على أصلين جامعين هما " سادسا ،

)عالقة جنس "البنونحيوانية، تتحول في مجموعها إلى نقود وسلع بسبب القيمة مضافة بفعل اإلنسان( و"الحمال والحب نون زينة ) إلى شعوب وقبائل(:… ين ذكر وأنثى تثمر أبناء، تؤدي إلى قيام أسرة ثم أسرة ممتدة ب

ن حيا ياة الد .(42( )الكهف:(الح" إنما صار ممكنا بسبب تزيين ما أودع اهلل فيهما من شهوات للنفس البنين" و "المالإن االبتالء في " سابعا ،

هب والحفلة و ) :البشرية هوات من النساء والحبني والحقناطي الحمقنطرة من الذ يحل الحمسومة زين للنا حب الش الحن حيا ياة الد رحث ذلك متاع الح .(14( )آل عمران:واألن حعام والح

، وما يترتب على تفاعلهما مع النفس البشرية من نعم البنينو المالالمتحان في نعمتي إن نتيجة هذا ا ثامنا ،تفصيلية أخرى ترجع إليهما، إما أن تكون شكرا أو كفرا على نعمة اهلل، والشكر هو المطلوب. والشكر على

Page 19: العلم والمعرفة بين نموذجين

(19)

19

ينة الحياة الدنيا: النعمة هو جوهر عبادة اإلنسان هلل تعالى في هذه األرض، وهو ثمرة العمل الصالح في ز ا كفورا) ا شاكرا وإم بيل إم ر )؛ (3 ( )اإلنسان:إنا هدي حناه الس فروا فإن الله غن عنكمح وال ي رحضى لعباده الحكفح إن تكح

كروا ي رحضه لكمح .(1( )الزمر:وإن تشحقادرا على االختيار بين الكفر والشكر بسبب ما هيأه اهلل تعالى به من قدرة على إن اإلنسان إنما أصبح تاسعا ،

اكتساب العلم وتوظيفه في الكون، كفرا أو شكرا، وبسبب ما أودع اهلل تعالى في النفس البشرية من دوافع لمون ) الفجور والتقوى: هاتكمح ال ت عح ن بطون أم رجكم م ع واألبحصار واألفحئدة لعلكمح والله أخح مح شيحئا وجعل لكم الحس

كرون لمح *الذي علم بالحقلم ) ؛(15( )النحل:تشح نسان ما لح ي عح س وما سواها ) 2 ؛( 8-4)العلق: علم اإلح ون فحواها * مها فجورها وت قح اها *فألح لح من زك اها *قدح أف ح . ثم منح اهلل(11-1( )الشمس :وقدح خاب من دس

رادة التقوى بأخالق والمشيئة في الفعل ختياراال اإلنسان الحرية وا لدنيا فيكون شاكرا، أو إلخ( في زينة الحياة االموجبة)الصبر،السخاء،العدل،اإلحسان،األمانة،الصدق..

فرح ) إلخ( فيكون كافرا:الحسد..ر السالبة)الشح،البخل،الكبر،الفجو بأخالق من ومن شاء ف لحيكح (فمن شاء ف لحي ؤح .(63)الكهف:

يمان وعمل صالح: مائه يقتضي توفر ثالثة عناصر، هيالشكر هلل تعالى على نع عاشرا ، علم وا )المال،البنون( والحكمة من علم بالنعمةوعلم بالمنعم عليه)اإلنسان(، و تعالى(،اهلل علم بأمر المنعم) (1)

خلقها، وكيف هي نعمة في حق المنعم عليه.حساس (2) إيمان باهلل تعالى، أسماء وصفات، يترتب عليه حال نفسي من االطمئنان إلى رحمة اهلل وا

بالمنة وتمني الخير لآلخرين. زيد من المنعم ع في المالعمل الصالح الذي يؤدي إلى استغالل النعم فيما يرضى المنعم، والطم (3)

. ولن (1()إبراهيم:وإذح تأذن ربكمح لئن شكرحتح ألزيدنكمح ولئن كفرحتح إن عذاب لشديد ) يحفزه قوله تعالى: يبلغ العمل تمام الصالح حتى يتحقق له شرطان: أن يكون خالصا هلل، وأن يكون وفق شرع اهلل.

للمفاهيم المفتاحية الثالثة )النفس، المال، البنون( في القرآن الكريم يجد أنها وردت أحيانا معبرة عن المتتبع جملة المعنى الذي يحتويه الحقل الداللي للمفهوم، وأحيانا ترد مفصلة هذا المعنى إلى عناصره األساسية، كما

في اآلتي:ري )إلنسان، في بعده المادي الحيوي وبعده الروحي: ورد مفهوم "النفس" في القرآن الكريم بمعنى كل ا وما تدح

ض توت س بأي أرح ري ن فح سب غدا وما تدح اذا تكح س م . ولكن مفهوم النفس ورد أيضا بمعنى ذلك (34( )لقمان:ن فحتا والت لح تتح ف الله ي ) : العنصر غير المادي الممتزج بالجسد المادي كما في قوله تعالى نفس حي موح ت وف األح

ى إن ف ذلك آليات رف إل أجل مسم خح ت وي رحسل األح ها الحموح سك الت قلى علي ح رون منامها ف يمح م ي ت فك ( لقوح .(46)الزمر:

ياة )لكريم ليعبر أحيانا عن مجمل عالقة االبتالء الكامنة فيه: ورد مفهوم "البنين" في القرآن ا الحمال والحب نون زينة الحن حيا ناثا، مقابل -امرأة-وهي عالقة )رجل( 42)الكهف: (الد أبناء(. ولكنه ورد أيضا بمعنى األبناء، ذكورا وا

Page 20: العلم والمعرفة بين نموذجين

(21)

21

نح أنفسكمح أزحو )الزوجة: نح أزحواجكم بني وحفدة والله جعل لكم م . وأخيرا يرد (16( )النحل:اجا وجعل لكم متهمح ألربك الحب نات ولم الحب نون ) مفهوم البنين بمعنى الذكور من األبناء مقابل البنات: ت فح . (143() الصافات:فاسحصيل أكثر لكثرة عناصره المكونة له، وكثرة تجليات هذه يرد كذلك مفهوم المال بذات الطريقة ولكن بتفا

الحمال ) منفردة ومتفاعلة، فمثال يرد المفهوم معبرا عن كل معاني حقله الداللي كما في قوله تعالى: ،العناصرر عند ربك ث وا ن حيا والحباقيات الصالات خي ح ياة الد ر أمال والحب نون زينة الح المفهوم مفصال ثم يرد ،(42()الكهف:با وخي ح

ة و ) إلى عناصره األولية: هب والحفل هوات من النساء والحبني والحقناطي الحمقنطرة من الذ يحل زين للنا حب الش الحرحث ذ ن الحمآب الحمسومة واألن حعام والح ن حيا والله عنده حسح ياة الد 1 (14( )آل عمران:لك متاع الح

إذن المفاهيم القرآنية الثالثة )النفس، المال، البنون( هي مفاهيم معرفية جامعة، والعناصر الكونية المعادلة لها ر منها علة وجود، وال تحتمل أدنى هي أصل الظاهرة االجتماعية من حيث العلة الظاهرة، إذ ال تحتاج ألكث

ولكن أين وجه اإلحكام في هذا االبتالء اإللهي للبشر على األرض بحيث يضمن منها، كما يستبين أدناه.دخول جميع الناس فيه؟ إن وجه اإلحكام يكمن في الثنائية التي خلق اهلل بها اإلنسان: ثنائية الجسد والنفس،

فجورها وتقواها، فالثنائية األولى أدت إلى ثنائية في الدوافع بعضها يختص به وثنائية النفس من حيث إلهامها الجسد الطيني وهي الدوافع الحيوية، وبعضها تختص به النفس وهي الدوافع النفسية، أو االجتماعية.

الناجم الدوافع الحيوية األساسية هي الجوع الناجم عن عدم األكل، والعطش الناجم عن عدم المشرب، والعري عن عدم الملبس، واإلضحاء الناجم عن عدم المسكن، والعنت الجنسي الناجم عن عدم الوقاع. هذه الدوافع الحيوية المرتبطة بعنصري "المال" و"البنين" هي دوافع ضرورية والبد من إشباعها لحفظ أصل حياة اإلنسان

، في فتنة المال والبنين. لذلك كانت على األرض، وهي التي تضمن دخول جميع الناس، في كل زمان ومكان "النفس" و "المال" و"البنون" من األصول الكلية لمقاصد الشريعة االسالمية.

.إلخ هي الدوافع ل، الكبر، الصبر، العدل، اإلحسان، السخاء.الدوافع النفسية مثل الطمع، الهلع، الشح، البخكل زمان ومكان. وهي اآلليات التي تضمن تدافع الضرورية التي تضمن جريان االبتالء في كل الناس، في

الناس لعمارة األرض لتحصيل زينة الحياة الدنيا ونيل حظوظهم من شهواتها. فإذا تفاعلت العناصر الكونية الثالثة )النفس، المال، البنون(، المقابلة للمفاهيم المعرفية القرآنية، بمقتضى الضرورات الحيوية ابتداء، نجم عن

تفاعل بروز عنصرين آخرين كانا موجودين من قبل بالقوة في هذه العناصر الثالثة، وهما: هذا ال/ "العلم بظاهر الحياة الدنيا" وكان موجودا من قبل بالقوة، من حيث قابلية اإلنسان للتعلم 1

)السمع،البصر،الفؤاد(، ومن حيث إمكان العلم الثاوي في الخلق في عالم الشهادة.وى" الذي تتحرك دواعيه الفطرية في "النفس" بعد أن تذوق لذة الشهوات التي أودعها اهلل تعالى / "اله2

البنين"."في "المال" ولما كان "العلم بظاهر الحياة الدنيا" يتولد عن التفاعل، بمقتضى الدوافع الحيوية والنفسية، بين العناصر األولية

"س، المال، البنون( فإن دوره يظل وظيفيا بحتا حتى يأتي "علم الخبر)النفالثة الحاكمة للظاهرة االجتماعيةالثالذي يكون له دوره العقدي ،من السماء فيتوحدا، بمقتضى المنهجية التوحيدية، ليكونا معا "العلم التوحيدي"

Page 21: العلم والمعرفة بين نموذجين

(21)

21

يحقق بجانب دوره الوظيفي في صالح حياة الناس ومعاشهم، أي ذلك العلم الذي ،كدليل إيمان باهلل الواحد اإليمان في القلب والعمل الصالح في األرض، أى في زينة الحياة الدنيا.

"النفس" إما أن تتفاعل مع "المال" و"البنين" بمقتضى "العلم التوحيدي" وأخالق التقوى فيتحقق "الشكر" هلل تعالى، ما أن يتم التفاعل بمقتضى "الهوى" وأخالق الفجور فيتحقق بذلك كفر النعمة. ومج مل هذا التفاعل هو وا

المسئول عن نشأة المجتمعات وبروز جميع الظواهر االجتماعية الناجمة عن التدافع البشري، في أي زمان ومكان.

لقد اقتضت حكمة اهلل خلق أول زوجين من ذكر وأنثى وهبوطهما إلى األرض، وضرورة الجنس أدت إلى سكن بناء اقتضى تأسيس أسرة. ثم عزز قيام األسرة ضرورات المأكل الرجل إلى المرأة، وما نجم عن هذه العالقة من أ

والمشرب والملبس والمسكن، وما تقتضيه من تقسيم العمل وتوزيع األدوار بين أفراد األسرة. ومن البديهي أن نتصور كيف أن الضرورات الحيوية هذه أدت محاولة إشباعها إلى أن تتسع دائرة األسرة لتصبح أسرة ممتدة، ثم

طا وقبيلة، حتى إذا ضاقت رقعتهم الجغرافية على تدافعهم وأطماعهم انبثوا في فجاج األرض رجاال ونساء، ره فكانت الشعوب واألمم والمجتمعات الحضرية والبدوية، وكان العمران.

التوحيدي" إذن الوفاء بحق الضرورات الحيوية يضمن لنا قيام المجتمع، وتفاعل "النفس" بمقتضى "العلمأو"الهوى" مع "المال" و"البنين" يضمن لنا قيام االبتالء. فالنفس التي ألهمت فجورها وتقواها وزين لها حب الشهوات الدنيوية من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة واألنعام والحرث،

س آليات االبتالء، ونعني بها دوافع الفجور والتقوى. سرعان ما تذوق لذة تلك الشهوات التي بدورها تثير في النفونرجح أن أول ما يثور من تلك الدوافع هو "الطمع"، حيث يطمع كل شخص في الحصول على المزيد من زينة الحياة الدنيا، ومن ثم يصبح اإلقبال عليها إلشباع الشهوة ال للضرورة والحاجة. ولما كانت أطماع الناس أكثر

وع فيه في أي وقت ومكان، سرعان ما تبدأ الدوافع السالبة األخرى تثور في النفس بسبب التدافع مما هو مطم بين الناس لحيازة زينة الحياة الدنيا، واالستئثار بأكبر نصيب منها.

هكذا يبدأ التنازع والتصارع بين الناس بسبب التهافت على زينة الحياة الدنيا، فاحتاجوا إلى عقد اجتماعي يقومبمقتضاه حاكم يسوس أمرهم، وينظم عالقاتهم، ويفض نزاعاتهم، ويجلب لهم مصالحهم، ويدرأ عنهم المفاسد التي تأتي من عند أنفسهم ومن عند غيرهم. واحتاج الحاكم إلى حكومة وشريعة ونظم ومؤسسات سياسية تعينه

ات اجتماعية واقتصادية تحفظ له على أداء مسئولياته. واحتاج المجتمع إلى أعراف وتقاليد وعادات ومؤسستماسكه وتضمن له استمراريته. وهكذا يمكننا أن نتابع تطور المجتمعات وتعددها وتنوع مظاهر الحياة فيها، وما يبدعه اإلنسان من علم وتقنية يسخر بها زينة الحياة الدنيا إلشباع شهواته من متاعها، وتعظيم حظوظه منها.

واهر البشرية جاءت مترتبة على نشوء المجتمعات وتطورها من خالل تدافع أفرادها إذن فإن أي ظاهرة من الظفإن مردها األخير تفسيرا، من حيث العلة الظاهرة، إلى العناصر األولية للظاهرة االجتماعية )النفس، المال،

البنون(، وطبيعة التفاعل بينها كما أجملناه سابقا.

Page 22: العلم والمعرفة بين نموذجين

(22)

22

ي هو قدر اإلنسان في هذه األرض تتمثل في شكل أحكام شرعية جاءت بها إن حقيقة االمتحان واالبتالء الذالرسل من عند اهلل تعالى، طبيعتها "أفعل" و "ال تفعل"، وذات عالقة مباشرة وغير مباشرة باستخدام الناس لزينة

لناس في الدنيا الحياة الدنيا. ورغم أن حقيقة هذه التكاليف الشرعية تقوم على جلب المصالح ودرء المفاسد عن اإن التزام اإلنسان بتلك واآلخرة إال أنها تتعارض في الغالب مع هوى النفس في استخدامها لزينة الحياة الدنيا.

األوامر والنواهي الربانية هو أساس العمل الصالح المثمر للشكر على النعمة الذي جعله اهلل تعالى ثمنا لالنتفاع عل الله بعذابكمح إن ) ؛(1( )إبراهيم:مح لئن شكرحتح ألزيدنكمح ولئن كفرحتح إن عذاب لشديد وإذح تأذن ربك ) بها: ا ي فح م

ة، ريولكن الدوافع السالبة التي أودعها اهلل في النفس البش .(141 ( )النساء:شكرحتح وآمنتمح وكان الله شاكرا عليما..إلخ(، هي التي تجعل من طاعة اهلل فيما يأمر لكبر،الشح،البخل،الطمع،الحسد)اوالتي تتعلق بها أخالق الفجور

وينهى أمرا عسيرا على اإلنسان تكرهه النفس، فتتمرد وتأبى زاعمة إن هي إال حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما بد آباؤنا أوح أن )ب: يهلكنا إال الدهر، أو كما استنكر قوم نبي اهلل شعي رك ما ي عح قالواح يا شعيحب أصالتك تأحمرك أن ن ت ح

ليم الرشيد والنا ما نشاء إنك ألنت الح عل ف أمح .(51هود:( )ن فحالبشر إلى االبتالء الذي جعله اهلل ويستخدم القرآن الكريم مفهومي "الحياة الدنيا" و"الدار اآلخرة" لتلخيص مداخل

ن حيا ) حكمة لخلقهم، وجعل أصله ومجاله زينة الحياة الدنيا: ياة الد ثرون الح ر وأب حقى *بلح ت ؤح خرة خي ح (واآلحر ل ) ؛(17-16)األعلى: ار اآلخرة خي ح ن حيا إال لعب ولحو وللد ياة الد قلون وما الح قون أفال ت عح من ) ؛(36()األنعام:لذين ي ت

ها وما له ف ن حيا نؤته من ح خرة نزدح له ف حرحثه ومن كان يريد حرحث الد خرة من نصيب كان يريد حرحث اآلح ( اآلح .(61)الشوري:

ن مادت ن حيا نوت )ه واحدة: "زينة الحياة الدنيا"؛ ولكن من قال: إن مجال االمتحان واحد، وا إنح هي إال حيات نا الدعوثي ساب )أو قال: ،(31( )املؤمنون:ونحيا وما نحن بب ح م الح ل لنا قطنا ق بحل ي وح ، فقد بنى حياته ( 12( )ص:رب نا عج

نكمح )أال وهو تعظيم متاع الحياة الدنيا: على مقصد دنيوي أساس، ن حيا لعب ولحو وزينة وت فاخر ب ي ح ياة الد ا الح لموا أن اعحفرا ار ن باته ث يهيج ف ت راه مصح جب الحكف وحالد كمثل غيحث أعح وال واألح مح خرة عذاب ث وتكاث ر ف األح يكون حطاما وف اآلح

ن حيا إال متاع الحغرور ياة الد وان وما الح ن الله ورضح .(61)الديد: (شديد ومغحفرة من حيا حسنة وف اآلخرة حسنة وقنا عذاب الن ) أما من قال: ا هذه )؛ أو قال: (611()البقرة :ار رب نا آتنا ف الد م إن يا ق وح

خرة هي دار الحقرار ن حيا متاع وإن اآلح ياة الد ، فقد بنى حياته على مقصد توحيدي أساس، أال وهو (33( )غافر:الحاآلخرة، طمعا في تعظيم متاع الدار تعظيم اإليمان بتعظيم العمل الصالح في زينة الحياة الدنيا، باعتبارها مزرعة

تح للذين آمنوا ب ) اآلخرة: ض أعد رح ماء واألح ض الس ن ربكمح وجنة عرحضها كعرح الله ورسله سابقوا إل مغحفرة مياة ال) ؛(61()الديد: ء فمتاع الح ن شيح قلون وما أوتيتم م ر وأب حقى أفال ت عح ن حيا وزينت ها وما عند الله خي ح ناه *د أفمن وعدح

م الحقيامة من الحمحح ن حيا ث هو ي وح ياة الد ناه متاع الح عح ت .(21:21)القصص (لرين وعحدا حسنا ف هو القيه كمن ملقد أرسل اهلل تعالى رسله بالبينات وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط في تدافعهم وتحصيلهم لحظوظهم من زينة الحياة الدنيا، وتبيانا لكل شئ حتى يحي من حى عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة. وما

Page 23: العلم والمعرفة بين نموذجين

(23)

23

د جاءت شريعته في مقاصدها الكلية داعية إلى بدعا من الرسل، فق ، صلى اهلل عليه وسلم،كان الرسول الخاتمالمتمثلة ى المحققة له، أن يكون حفظ "اإليمان" باهلل تعالى المقصد الكلي الذي تتحدد بمقتضاه المقاصد األخر

في حفظ أصول الظاهرة االجتماعية التوحيدية)النفس، المال، البنون، العلم التوحيدي(. ونقصد بالظاهرة دية مجتمع التوحيد الذي يدخل بجميع تجلياته في السلم. وهكذا جاءت أمهات الكتاب مؤكدة االجتماعية التوحي

ر )حفظ اإليمان والعمل الصالح: ر *والحعصح نسان لفي خسح ق *إن اإلح إال الذين آمنوا وعملوا الصالات وت واصوحا بالحس الت حرم الله إال بالق ) ؛ وحفظ مدخالت اإليمان من "النفس": (3-1( )العصر:وت واصوحا بالصبح ت لواح الن فح ( وال ت قح

ء )؛ و"البنين": ( 33)اإلسراء: لهمح كان خطح الق نحن ن رحزق همح وإياكم إن ق ت ح ية إمح ت لواح أوحالدكمح خشح ربواح *ا كبيا وال ت قح وال ت قحلواح با إل )؛ و"المال": (36-31( )اإلسراء الزن إنه كان فاحشة وساء سبيال نكم بالحباطل وتدح والكم ب ي ح وال تأحكلواح أمح

وال النا باإلثح نح أمح ام لتأحكلواح فريقا م ك لمون الح ف ما ليحس لك به علحم إن ) ؛ و"العلم":(155( )البقرة: وأنتمح ت عح وال ت قحؤوال ع والحبصر والحفؤاد كل أول ئك كان عنحه مسح مح .(32( )اإلسراء:الس

من جهة أخري هي عالقة بين ناتج "نونالب"و "المال"، "العلم"، "النفس"من جهة وبين "األيمان"إن العالقة بين ومدخالته الضرورية، حيث تتفاعل هذه األخيرة لينتج عن هذا التفاعل اإليمان بوجهيه، العقدي)التوحيد( والعملي)الشكر(. وال يمكن حفظ اإليمان إال بحفظ هذه المدخالت الضرورية، كما ال يمكن حفظ مجتمع التوحيد

وأن )وهو معنى قوله تعالى: حفظ ميزان التفاعل بينها على الدوام، ومدخالته، و على الدوام إال بحفظ اإليمانبل ف ت فرق بكمح عن سبيله ذلكمح وصاكم ب تقيما فاتبعوه وال ت تبعواح الس قون ه ذا صراطي مسح . (183( )األنعام:ه لعلكمح ت ت

وأن ،نا أن نفهم لماذا أصبحت المصالح التي تتأتى من هذه األصول هي أصول المصالح الشرعيةلذلك يمكن حفظ هذه األصول الكلية هو األصل الذي تتأسس عليه مقاصد الشريعة اإلسالمية.

لكونية التي ولن يتأتي فهم المعني الجامع للحفظ لهذه الكليات إال من خالل تحليل التفاعل الكلي بين المتغيرات اذا كانت المقاصد الكلية للشريعة هي أصول الظاهرة االجتماعية بمقتضى "العلم التوحيدي" أو "الهوى". وا اإلسالمية جاءت منزلة على األصول الكونية الكلية للظاهرة االجتماعية فإن وسائل تحقيق تلك المقاصد من

توافقة مع التفاعل الكلي لمتغيرات أحكام شرعية )عبادات، عادات، معامالت، جنايات( جاءت مالتقوى، أو بمقتضى "الهوى" وما يتعلق التوحيدي" وما يتعلق به من أخالق البنون( بمقتضى "العلم،المال،)النفس

حج( آليات لتزكية النفس من "الهوى" الذي تتعلق به فكانت العبادات )صالة، كاة،صوم، به من أخالق الفجور. وتمكينا "للعلم" الذي تتعلق به أخالق ودوافع التقوى. وكانت العادات تبيانا لما هو أحسن أخالق ودوافع الفجور،

في عالقة النفس بالمال والبنين من عادات المأكل والمشرب والملبس والمسكن والمنكح ..إلخ. وكانت المعامالت لزينة الحياة الدنيا. وكانت تبيانا لما هو أصلح من عالقات بين الناس تحكم وتنظم تدافعهم في تحصيلهم

الجنايات، حدودا وتعازير، حياة ألولى األلباب من حيث قطعها الطريق على النفوس التي ألجمها "الهوى" فأرادت أن تفسد في األرض بعد إصالحها، جناية في حق المعبود "اهلل تعالى" أو في حق العباد. وكانت من قبل شهادة

بتوقيع عقد االستخالف، اختيارا دون إكراه، والتزاما بالوفاء بمقتضياته من واجب الشكر إال اهلل" إيذانا ال إله "ف "اإلنسان" فيما استخلف فيه "األرض". وعلى الجملة فإن الشريعة ل " من قبل المستخ للمستخل ف "اهلل تعالى

Page 24: العلم والمعرفة بين نموذجين

(24)

24

هى أصول االجتماع اإلنساني) لتفاعل بين المتغيرات التيالميزان الذي يقيم الوزن بالقسط في االربانية هى المتاع الدنيوي، النفس، العلم، الهوى، المال، البنون(، ولكن اإلنسان هو المسؤول تكليفا عن إقامة هذا ، اإليمان

الميزان بالقسط أو إخساره.الدنيا)المال، إن خيار "الحياة الدنيا" وخيار "الدار اآلخرة" يمثالن رؤى كونية متباينة في التعامل مع زينة الحياة

البنون(، األول من منطلقات الهوى والكفر في النفس، والثاني من منطلقات العلم واإليمان المفضية إلى الشكر. ويقابل كال من هاتين الرؤيتين الكونيتين نظام معرفي ترتب في إطاره المشاهدات الحسية وتختمر في بوتقته

لذين يستبطنونه، فتتحدد بذلك األسئلة العلمية التي تستحق اإلثارة التجارب الشخصية مع العالم الخارجي ألولئك اوالبحث في مجال الطبيعة والمجتمع، ويتحدد تبعا لذلك نوع اإلجابة العلمية المقبولة لتلك األسئلة، ومن ثم

توصف السياسات العالجية المناسبة.كقضايا معرفية تتم دراستها وتحدد السياسات إن جميع التحديات التي تواجه البشرية اليوم إنما تتم صياغتها

أو بتعبير العالمية والقومية تجاهها من خالل النموذج المعرفي الوضعي الدنيوي المنبثق من خيار "الحياة الدنيا"،والذي نما وترعرع ثم توطن في التجربة الحضارية الغربية المعاصرة، المهيمنة آخر من رؤية العالم الدنيوية،

مؤسسات ومنظمات الدول ر مؤسسات األمم المتحدة وشركات و ها اليوم على جميع المجتمعات البشرية عببطغيان الغربية والرأسمالية العالمية.

الرسم البياني في الشكل بتلخيصه في ماع االنساني في التصور القرآنينختتم هذا اإلطار النظري ألصول االجتالخصوصية اإلسالمية رؤية العالم التي يلخصها هذا النظام تجاوزتشرحه. (، الذي يغني بوضوحه عن1رقم)

مكن من تأسيس علوم اجتماعية ذات قدرة ت اإلى العالمية اإلنسانية؛ والذاتية إلي الموضوعية العلمية، ألنهجمة عن تفسيرية لكل الظواهر االجتماعية، سواء الناجمة عن التجليات التاريخية للنموذج التوحيدي، أو تلك النا

العمل الصالح في مكن من تأسيس علوم معيارية تنبني على تعظيم تلتاريخية للنموذج الدنيوي. كذلك التجليات ا المتاع الدنيوي في إطار النموذج الدنيوي. وذج التوحيدي، أو على تعظيم، في إطار النمزينة الحياة الدنيا

ي تال ةالتوحيدي رؤية العالم، ماهرؤيتين معياريتين ن من و تكتالجتماع اإلنساني ا ة لعالمالشامل رؤيةال ههذ إنعمود الصناديق في أقصي اي يمثلهتال ةالدنيوي رؤية العالمديق في أقصي يمين الرسم، و عمود الصنا ايمثله( يجسم 2. الشكل رقم)رؤيتينال التأثير من كال ىل وتتدافع فيه قو تتداخ اجتماعي ر الرسم؛ وما بينهما فضاءيسابينما يجسم االجتماعي األشمل؛ افي إطار نظامه ا، ويبرز العالقات الضرورية بين متغيراتهةالتوحيدي رؤيةال

لوجوب حكام الشرعية)أفعل(، أي أحكام اتأتي األ ةالتوحيدي رؤية. ومن معطيات الةالدنيوي لرؤية( ا3الشكل رقم)أي أحكام التحريم والكراهة؛ ومن فضاء ية)ال تفعل(،تأتي األحكام الشرع ةالدنيوي رؤيةوالندب؛ ومن معطيات ال

، رؤيتينأسس أحكامها على معطيات الالتداخل بينهما تأتي أحكام اإلباحة؛ مما يعني أن الشريعة اإلسالمية تتعلى النفس البشرية، بما في رؤيتينالوكذلك العلوم االجتماعية اإلسالمية عموما، باعتبار واردات التأثير من

فس المسلم.ن ذلك

Page 25: العلم والمعرفة بين نموذجين

(25)

25

) ( ) (

) (

( :

)

) (

( + )

:

..

:

..

) (

) + ( ) (

) (

00

00

00

00

00

00

00

00

00

00

00

00

) (

000

000

000

000

000

000

000

000

) (

000

000

000

000

000

000

000

000

Page 26: العلم والمعرفة بين نموذجين

(26)

26

(2شكل رقم ) نوذج االجتماع التوحيدي

التربوي النظام

المعرفيالنظام

االجتماعيالنظام

البنون

العلم

التوحيدي

المال

النظام السياسي الماليالنظام

النفس المطمئنة

تعظيم

ناإليما

Page 27: العلم والمعرفة بين نموذجين

(27)

27

(3شكل رقم )

نوذج االجتماع الدنيوي

المعرفيالنظام

سيالسياالنظام

التربويالنظام

االجتماعيالنظام

الماليالنظام

الهوى

البنون

المال

الفاجرةالنفس

تعظيم متاع

الدنيا الحياة

Page 28: العلم والمعرفة بين نموذجين

(28)

28

(dependent عهو الدالة التوحيدية)دالة اإليمان( التي يمثل "اإليمان" متغيرها التاب ةالتوحيدي رؤيةإن جوهر ال

(variable، ومتغيرات "النفس المطمئنة"؛ "العلم التوحيدي"؛ "المال"؛ "البنون"؛ متغيراتها المستقلة(Independent

variables).هذه الدالة تتأسس عليها نظرية المسلم ؛ فهي دالة تعبر عن عالقة بين ناتج ومدخالتهاتية مع مقاصد الشارع، ويوظف أكثر الوسائل المشروعة الذي توحدت مقاصده الحي (Righteous Muslim)الراشد

أيضا. (Rational)فعالية في سبيل تحقيقها، فهو بذلك عقالنيالضرورات الحيوية )الجوع، العطش، العرى، اإلضحاء، العنت الجنسي( تدفع المؤمن إلى الوفاء بمقتضياتها من

دة إال بعمل. والعلم، الذي توحد فيه الدور العقدي والدور زينة الحياة الدنيا )المال، البنون(، وال يكون ذلك عاالوظيفي، يبين آيات اهلل في المال والبنين، دليل إيمان باهلل الواحد، ويبين النعمة فيهما، مصالح يطلبها المؤمن

المؤمن شكرا، والفتنة فيهما فيتجنبها رشدا. ثم يفصل هذا العلم األحكام الشرعية الضابطة للعمل ليعملبمقتضاها جلبا لمصالحه، في العاجل واآلجل، ويحدد هذا العلم نوع العمل الراشد ووسائطه المؤسسية األحكم، ووسائله الطبيعية األفعل في تحقيق تلك المصالح. هذه جميعها حلقات من العلم الضروري ال تنفصم عراها دون

الراشد في زينة الحياة الدنيا. واإليمان المتجذر في النفس أن تترك عجزا كامال لدى المؤمن عن العمل الحضاري التي تزكت يدفع المؤمن الراشد لتحري قصد الشارع في المال والبنين فيقف عنده، استعصاما من فتنة الشهوة

إيمانا فيهما. والعمل الصالح الذي تم والمصلحة التي تحققت، شكرا هلل، يعود أثرهما على اإليمان فيزداد المؤمن مع إيمانه، وتزداد النعمة وتدوم بإذن اهلل.

هو الدالة الدنيوية) دالة المتاع الدنيوي( التي يمثل "المتاع الدنيوي" متغيرها التابع، ةالدنيوي رؤيةإن جوهر ال"المال"؛ "البنون" متغيراتها المستقلة؛ فهى أيضا دالة تعبر عن عالقة بين ناتج ؛وتمثل "النفس الفاجرة"؛ "الهوى"

ومدخالته. هذه الدالة تتأسس عليها نظرية االنسان الدنيوي العقالني الذي توحدت مقاصده في تعظيم متاع .(Rational)الحياة الدنيا ويوظف أكثر الوسائل فعالية في سبيل تحقيقها، ومن هنا جاءت الصفة عقالني

، من حيث ةالتوحيدي رؤية العالملهو التجلي التاريخي األتم ،صلى اهلل عليه وسلم ،الذي جاء به محمد اإلسالم اونتائجه االجزئية، ومن حيث مآالته االكلية وتفاصيله االتطبيق المنهجي، القائم على العلم التوحيدي، ألصوله

، من حيث ةالدنيوي رؤيةللرأي الباحث، هى التجلي التاريخي األتم المعاصرة، في الرأسمالية الغربيةالحتمية. االجزئية، ومن حيث مآالته االكلية وتفاصيله االتطبيق المنهجي، القائم على العلم بظاهر الحياة الدنيا، ألصوله

الحتمية. اونتائجه

"، بمعناه االصطالحي في فلسفة ميبرنامج بحث عليمكن أن يمثل " القرآني لالجتماع اإلنساني أعاله إن النظامالعلوم، ال يستدع ى في كلياته لتفسير التجليات التاريخية للظاهرة االجتماعية، ألنه يمثل القلب الصلب للبرنامج، ولكن تولد منه نظريات وفرضيات ونماذج تفسيرية وتأويلية تناسب الظاهرة االجتماعية التاريخية المراد دراستها

تدبرا في ،ذلك ألننا أثبتنا، بفضل اهلل، وباتباع المنهج العلمي الصارم)االستقراء،االستنباط( (8)مكان.في الزمان والالقرآن، أن الظواهر االجتماعية، مهما بدت تجلياتها في الزمان والمكان، ينتهي أمر تفسيرها إلى التفاعل، في

"خطة لية المنشئة لالجتماع اإلنساني كما تبينها ذلك الزمان والمكان، بين كل أو بعض المتغيرات الضرورية الك

Page 29: العلم والمعرفة بين نموذجين

(29)

29

، وهي المتغيرات السبعة المنحصرة في: اإليمان؛ المتاع الدنيوي؛ النفس؛ العلم؛ الهوى؛ المال؛الخلق العامة" البنون.

إن توليد وصياغة النماذج والنظريات والفرضيات التي يظن قدرتها على تفسير الظاهرة االجتماعية التاريخية لى ما تراكم من "علوم االجتماع اإلنساني" لى "الواقع التاريخي" وا المراد دراستها ينبغي الرجوع فيها إلى "الوحي" وا

، "خطة الخلق العامة"و"مناهجها" للعلم بكيف تجلت وتفاعلت تلك المتغيرات في الزمان والمكان، في إطار خطة المتغيرات الظاهرة االجتماعية محل الدراسة. إن عن ذلك التجلي والتفاعل التاريخي بين هذه تجبحيث ن

هي تجريد نظري كلي للتصور القرآني لالجتماع اإلنساني، يبين الحقيقة المطلقة لمتغيراتها، الخلق العامةك وحقيقة التفاعل الدائم بينها، والسنن اإللهية التي تحكم ذلك التفاعل، ومآالته المختلفة، في الدنيا واآلخرة. لذل

فإن البحث العلمي في تجلياتها التاريخية سوف يثري فهمنا لحقيقتها النسبية المقيدة بالزمان والمكان، وحقيقة كان، والكيفيات التي يتم بها ذلك التفاعل عبر التاريخ، وكيفية ان والمالتفاعالت بين متغيراتها المتجلية في الزم

لك التفاعل، حتى يتبين لنا أنه الحق. وسوف نسوق مثاال من عمل آيات اهلل في األنفس واآلفاق بما يكيف ذفيما يتعلق بالظواهر االجتماعية، التوحيدي في ختام هذا البحث لندلل به على النموذج التفسيري الكريم القرآن

" للمثال الذي سقناه من سورة سبأ في قولهالظاهرة السبئية، ولقد اخترنا اسم " خطة الخلق العامةفي إطار تعالى:

كروا له ب ) كنهمح آية جنتان عن يي وشال كلوا من رزحق ربكمح واشح رضوا *لحدة طيبة ورب غفور لقدح كان لسبإ ف مسح فأعحلحناهم بنت يحهمح ر قليل فأرحسلحنا عليحهمح سيحل الحعرم وبد ن سدح ء م ذواتى أكل خحط وأثحل وشيح ذلك جزي حناهم با كفروا *جنت يح

ي ح *وهلح نازي إال الحكفور رحنا فيها الس نا فيها ق رف ظاهرة وقد الحقرف الت باركح ن همح وب يح ر سيوا فيها ليال وأياما وجعلحنا ب ي حناهمح كل مز *آمني فارنا وظلموا أنفسهمح فجعلحناهمح أحاديث ومزق ح أسح ق إن ف ذلك آليات لكل ف قالوا رب نا باعدح ب يح

ق عل *صبار شكور مني ولقدح صد ن الحمؤح لم *يحهمح إبحليس ظنه فات ب عوه إال فريقا م ن سلحطان إال لن عح وما كان له عليحهم مء حفيظ ها ف شك وربك على كل شيح خرة منح هو من ح من باآلح (.21-15سبأ : ) (من ي ؤح

والتي تمثل اإلجابة ،خطة الخلق العامة""لنتيجة المهمة التي أود أن أصل إليها من هذا العرض الموجز إن الهي أن اهلل تعالى خلق اإلنسان والكون لحكمة تقتضي بالضرورة ،على السؤال المطروح عن الضرورة المعرفية

يتم من خالل التفاعل الحتمي بين النفس ف اإلنسان على هذا الكون بظواهره الطبيعية واإلنسانية. وكل ذلكتعر البشرية وبين الكون المحسوس ممثال في عنصري المال والبنين.

لكن تبقى اإلجابة على ر ضروري من المعرفة البد للبشر من الحصول عليه. و إذن هناك ضرورة معرفية، وقد منها؟ اإلجابة على هذه األسئلة : أي نوع من المعرفة؟ وكيف السبيل إليها؟ وما الغرضالسؤال األهم وهو

:من خالل أركان المعرفة الخمسة الكريم، القرآن الشامل الثاوي في ف على النموذج المعرفيتقتضي التعر (.المقصد،المنهجية،م)المصدر،المحتوى،العال

Page 30: العلم والمعرفة بين نموذجين

(31)

31

المستنبط من القرآن الشامل النموذج المعرفي -1.4النموذج المعرفي :يين همايحتوي على نموذجين معرفالقرآن نبطناه منتالذي اس الشامل النموذج المعرفي

المنبثق والنموذج المعرفي الدنيوي ،"الدار اآلخرة"خيار رؤية العالم التوحيدية المعبرة عن المنبثق عن التوحيديددهما . إذن فالنموذجين المعرفيين الذين نحن بص"الحياة الدنيا"خيار رؤية العالم الدنيوية المعبرة عن عن

من حيث قيامهما على ثنائية النفس البشرية المذكورة آنفا. وهكذا نجد "خطة الخلق العامة" تضرب جذورهما في وبين "خطة الخلق العامة" أن النفس بثنائيتها القائمة على دوافع التقوى والفجور هي الحلقة التي تربط بين

الذي ينتجه كال النموذجين هو علم إسالمي، ألنه وسوف يتبين أن العلم نظرية المعرفة التي نحن بصددها.وذلك يكون بحفظه من ن،مطلوب لحفظ مجتمع التوحيد على صراط اهلل المستقيم على الدوام، في الزمان والمكا

جانب الوجود ومن جانب العدم.وحيدي، الدنيوي( كال من النموذجين المعرفيين)الت إبراز أهم الخصائص التي تميز ،إن شاء اهلل ،واآلن نحاول

الخمسة التي ذكرناها آنفا. )المعرفة(وذلك من خالل أركان العلم توحيديالنموذج المعرفي ال -11411

:مصدر العلم -1.1.4.1فهو للعلم آلخران من دونه. أما المصدر األولوا ليأحدها أو صادر في النموذج المعرفي التوحيديهناك ثالثة م

ت ): مصدر كل شيء كما قال عن نفسهوهو اهلل سبحانه وتعالى، ض قل الله قلح أفاتذح ماوات واألرح قلح من رب الستوي األعحمى والحبصي أمح ه عا وال ضرا قلح هلح يسح لياء ال يحلكون ألنفسهمح ن فح ن دونه أوح توي الظلمات و م النور أمح لح تسح

ء وهو الحو لحق عليحهمح قل الله خالق كل شيح ار جعلواح لله شركاء خلقواح كخلحقه ف تشابه الح وإن ) ؛ ( 12( )الرعد:احد الحقهء إال عندنا خزائنه وما ن ن زله إال بقدر م ن شيح لوم م كم اللر ) ؛(61 الجر:( )عح مة فمن الله ث إذا مس ن ن عح وما بكم م

ماوات وما) ؛( 83( )النحل:فإليحه تحأرون م له ما ف الس ي الحقيوم ال تأحخذه سنة وال ن وح ض الله ال إل ه إال هو الح ف األرحء يطون بشيح أيحديهمح وما خلحفهمح وال ي لم ما ب يح فع عنحده إال بإذحنه ي عح نح علحمه إال با شاء وسع كرحسيه من ذا الذي يشح م

ظهما وهو الح ض وال ي ؤوده حفح ماوات واألرح هاتكمح ال ) ؛(688( )البقرة:علي الحعظيم الس ن بطون أم رجكم م والله أخحكرون ع واألبحصار واألفحئدة لعلكمح تشح مح لمون شيحئا وجعل لكم الحس لمح ) ؛( 15( )النحل:ت عح نسان ما لح ي عح ( )العلق علم اإلح

:8)1 ، حيث جعلهما )عالم الشهادة(والكون المحسوس (،القرآن،السنةالوحي) :أما المصدران اللذان من دون اهلل فهما

العلوم التي يحتاجها البشر في حياتهم األرضية. لاهلل تعالى مستقرا ومستودعا لك اهلل جل جالله)أ(

وما ): طرق ذكرها اهلل تعالى في قوله ثتم ذلك بثالفإنما ي هلل تعالى مصدرا مباشرا للعلم البشريأما كيف يكون انه ما يا أوح من وراء حجاب أوح ي رحسل رسوال ف يوحي بإذح ( يشاء إنه علي حكيم كان لبشر أن يكلمه الله إال وحح

)اإلنسان( )اهلل( وبين المتلقيلي للعلمرة بين المصدر األو هناك ثالث مراتب في هذه الصلة المباش .(81)الشورف: :الجزء األول ،قيم الجوزية في كتابه "مدارج السالكين"ذكر بصددها ما قاله اإلمام إبن ن ،ال تكون إال لألنبياء

Page 31: العلم والمعرفة بين نموذجين

(31)

31

:المرتبة األولىن كما كلم اهلل موسى بلى مراتبها، مرتبة تكليم اهلل عز وجل لعبده يقظة بال واسطة، بل منه إليه. وهذه أع’

ليما) :ىصلوات اهلل وسالمه على نبينا وعليه. قال اهلل تعال ن،عمرا فذكر ، (124 النساء:) (وكلم الله موسى تكحوالنبيين من بعده ، ثم خص موسى بينهم باإلخبار بأنه كلمه. وهذا يدل على أن في أول اآلية وحيه إلى نوح

.‘التكليم الذي حصل له أخص من مطلق الوحي الذي ذكر في أول اآليةنا إل نوح ) إمرتبة الوحي المختص باألنبياء، قال اهلل تعالى: ’:المرتبة الثانية نا إليحك كما أوححي ح والنبيي من نا أوححي ح

باط وعيسى وأيوب ويونس و قوب واألسح حق وي عح اعيل وإحسح نا إل إب حراهيم وإسح نا داوود ب عحده وأوححي ح هارون وسليحمان وآت ي ح (.123( )النساء:زبورا

:المرتبة الثالثةإليه عن اهلل ما أمره أن يوصله إليه. فهذه المراتب الثالث ى الرسول البشري فيوحيل الملكي إلإرسال الرسو ’

.‘خاصة باألنبياء، ال تكون لغيرهم فيفصلها إبن القيم، رحمه )اإلنسان(ومتلقيه )اهلل(للعلم ليأما عن المراتب األخرى في الصلة بين المصدر األو

عنه:في ثمان درجات نجملها كاآلتي نقال ،اهلل وهذه دون مرتبة الوحي الخاص، وتكون دون مرتبة الصديقين، كما التحديث،مرتبة ’ :المرتبةالرابعة

: "إنه كان في األمم قبلكم صلى اهلل عليه وسلمرضى اهلل عنه، كما قال النبي ،كانت لعمر بن الخطاب "1مة محدث فعمر بن الخطاباأل محدثون فإن يكن في هذه

ه وقلبه بالشيء، فيكون كما يحدث به. قال شيخنا: والصديق أكمل من هو الذي يحدث في سر : والمحدثم قلبه كله وسره فإنه قد سل شف،ألنه استغنى بكمال صديقيته ومتابعته عن التحديث واإللهام والك المحدث،

.‘فاستغنى به عما منه ،صلى اهلل عليه وسلم ،اهره وباطنه للرسولوظ المرتبة الخامسة:

مهمح ) :قال اهلل تعالىمرتبة اإلفهام، ’ م وكنا لكح رحث إذح ن فشتح فيه غنم الحقوح وداوود وسليحمان إذح يحكمان ف الحكه اهلل في قلبه يعرف به، ويدرك ما ال يدر ونور يقذفهفالفهم نعمة من اهلل على عبده، 1(15( )األنبياء:شاهدين

نظر إلى فهم ائهما في حفظه وفهم أصل معناه. فاغيره وال يعرفه، فيفهم من النص ما ال يفهمه غيره، مع إستو ، وما خص (إذا جاء نصر اهلل والفتح)ابن عباس، وقد سأله عمر، ومن حضر من أهل بدر وغيرهم عن سورة

عالمه بحضور أجله، وموافقة عمر له ،ا نعي اهلل سبحانه نبيه إلى نفسه: إنهبه ابن عباس من فهمه منها وا بن عباس إذ ذاك أحدثهم سنا. وأين تجد في هذه السورة اإلعالم ، واعلى ذلك، وخفائه عن غيرهما من الصحابة

اج مع النص فيحت ،بأجله لوال الفهم الخاص؟ ويدق هذا حتى يصل إلى مراتب تتقاصر عنها أفهام أكثر الناسستغناء بالنصوص في حقه. وأما في حق صاحب الفهم فال يحتاج من النصوص إلى إلى غيره، وال يقع اال

.‘غيرها

Page 32: العلم والمعرفة بين نموذجين

(32)

32

المرتبة السادسة:صير مشهودا للقلب دلته وشواهده وأعالمه، بحيث يمرتبة البيان العام. وهو تبيين الحق وتمييزه من الباطل بأ’

بعد وصوله المرتبة هي حجة اهلل على خلقه التي ال يعذب أحدا وال يضله إالكشهود العين للمرئيات. وهذه ء ) :إليها. قال اهلل تعال قون إن الله بكل شيح ا ي ت لم م د إذح هداهمح حت ي ب ي ما ب عح عليم وما كان الله ليلل ق وح

( 118التوبة:) حيث بين لهم، فلم يقبلوا ما بينه لهم، ولم يعملوا به. الل عقوبة منه لهم،فهذا اإلض

المرتبة السابعة:جتباء، وقطع أسباب يان تقارنه العناية والتوفيق واالالبيان الخاص. وهو البيان المستلزم للهداية الخاصة، وهو ب’

إن تحرصح على هداهمح فإن ) :لى في هذه المرتبةالبتة. قال تعافال تتخلف عنه الهداية ،الخذالن وموادها عن القلبن ناصرين دي من يلل وما لم م دي من ): وقال، (31( )النحل:الله ال ي هح ببحت ولكن الله ي هح دي منح أحح إنك ال ت هح

تدين لم بالحمهح 1 (82 ( )القصص:يشاء وهو أعحرضون ) :قال اهلل تعالى مرتبة اإلسماع،’ المرتبة الثامنة: عح سحعهمح ولوح أسحعهمح لت ولواح وهم م را أل ( ولوح علم الله فيهمح خي ح

مع ) :ىلاوقال تع ،(63)األنفال: وات إن الله يسح مح ياء وال األح حح توي األح ن ف الحقبور وما يسح مع م (من يشاء وما أنت بسحلهم، وبه قامت الحجة عليهم. لن ذلك حاصأخص من إسماع الحجة والتبليغ. فإ وهذا اإلسماع (.66)فاطر:

لكن ذاك إسماع اآلذان، وهذا إسماع القلوب. فإن الكالم له لفظ ومعنى، وله نسبة إلى األذن والقلب وتعلق بهما. سبحانه نفى عن الكفار سماع المقصود هسماع لفظه حظ اإلذن، وسماع حقيقة معناه ومقصوده حظ القلب، فإنف

م ) :أللفاظ الذي هو حظ األذن في قولهوالمراد الذي هو حظ القلب، وأثبت لهم سماع ا ن رب ر م ن ذكح ما يأحتيهم متمعوه وهمح ي لحع إال قيام الحجة عليه. ال يفيد السامع وهذا السماع 1 (3-6)األنبياء: الهية ق لوب همح *بون حمحدث إال اسح

عراضه،وأما مقصود السماع وثمرته والمطلوب منه فال ي بل يخرج السامع قائال حصل مع لهو القلب وغفلته وا تمع إليحك حت إذا خ ) :للحاضر معه ن يسح هم م لئك الذين ومن ح رجوا منح عندك قالوا للذين أوتوا الحعلحم ماذا قال آنفا أوح

واءهمح (.12)حممد:طبع الله على ق لوبمح وات ب عوا أهح المرتبة التاسعة:

س وما سواها ) :قال تعالى مرتبة اإللهام،’ مه *ون فح واها فألح صلى اهلل ،وقال النبي1 (5-1( )الشمس:ا فجورها وت قحويقول ابن القيم 1"قل اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي": لخزاعي لما أسلملحصين بن منذر ا ،عليه وسلم

كل : التحديث أخص من اإللهام فإن اإللهام عام للمؤمنين بحسب إيمانهم فضحا الفرق بين التحديث واإللهاممو : قال فيه ،صلى اهلل عليه وسلم ،اإليمان. فأما التحديث فالنبيألهمه اهلل رشده الذي حصل له بث مؤمن فقد

ء، وهو الوحي إلى غير األنبيا من المحدثين. فالتحديث إلهام خاص،يعني ،"إن يكن في هذه األمة أحد فعمر"نا إل أم ) :أما من المكلفين، كقوله تعالى واريي ) :وقوله، (1( )القصص :موسى أنح أرحضعيه وأوححي ح وإذح أوححيحت إل الح

لمون هدح بأن نا مسح وأوححى ) :أما من غير المكلفين كقوله تعالىو ،(111( )املائدة: أنح آمنواح ب وبرسول قالواح آمنا واشحرشون ربك إل النحح جر وما ي عح بال ب يوتا ومن الش ذي من الح .‘فهذا كله وحي إلهام 1(25( )النحل:ل أن ات

Page 33: العلم والمعرفة بين نموذجين

(33)

33

ا فإن هذا يقع لغير األنبياء. بأن يخاطبه الملك خطابا جزئي’ :بن القيم أن المعرفة من اهلل بواسطة اإللهامويذكر اوهو نادر بالنسبة إلى عموم المؤمنين. والثاني، خطاب يلقى في قلبه أذنه،وهو نوعان: أحدهما، خطاب يسمعه ب

: هور: "إن للملك لمة بقلب ابن آدم، وللشيطان لمة. فلمة الملكيخاطب به الملك روحه، كما في الحديث المشيحط ) :ثم قرأ ،"، وتصديق بالوعد. ولمة الشيطان: إيعاد بالشر وتكذيب بالوعدإيعاد بالخير ر الش ان يعدكم الحفقح

ال والله واسع عليم نحه وفلح غحفرة م شاء والله يعدكم م إذح يوحي ربك إل ):تعالى وقال ،(625( )البقرة:ويأحمركم بالحفححوفي "1قووا قلوبهم وبشروهم بالنصر": قيل في تفسيرها ،(16 ()األنفال:الحمآلئكة أن معكمح ف ثبتواح الذين آمنواح

تعالى ضرب مثال صراطا مستقيما، إن اهلل: "صلى اهلل عليه وسلم ،الحديث عن النواس بن سمعان عن النبيالصراط واعظ اهلل في قلب كل : "والداعي فوق " إلى قولهلهما أبواب مفتحة.. فتي الصراط سوراننوعلى ك .‘ا الواعظ في قلوب المؤمنين هو اإللهام اإللهي بواسطة المالئكة. فهذمؤمن"

:المرتبة العاشرةالرؤيا الصادقة جزء من ستة ": صلى اهلل عليه وسلم ،: وهي من أجزاء النبوة كما ثبت عن النبيالرؤيا الصادقة’

وأربعين جزءا من النبوة".قتراب الزمان ق الناس رؤيا أصدقهم حديثا. وهي عند اائي. وأصدحي، وصدقها بحسب صدق الر و المبدأ : والرؤيا

فيتعوض المؤمنون وذلك لبعد العهد بالنبوة وآثارها،صلى اهلل عليه وسلم. ،ال تكاد تخطيء، كما قال النبي بالرؤيا. وأما في زمن قوة نور النبوة ففي ظهور نورها وقوته ما يغني عن الرؤيا.

عصر الصحابة، ولم تظهر عليه، الستغنائهم عنها بقوة إيمانهم، واحتياج ونظير هذه الكرامات التي ظهرت بعد، : "رؤيا المؤمن كالم يكلم به الرب عبده في المنام "ف إيمانهم. وقال عبادة بن الصامتمن بعدهم إليها لضع

: قال ل اهلل؟"لم يبق من النبوة إال المبشرات "، قيل وما المبشرات يا رسو : صلى اهلل عليه وسلم ،وقال النبيذا تواطأت رؤيا المسلمين لم تكذب. ،الرؤيا الصالحة، يراها المؤمن أو ترى له". وا

"الرؤيا ثالثة: : صلى اهلل عليه وسلم ،والرؤيا كالكشف، منها رحماني، ومنها نفساني، ومنها يشطاني. وقال النبي ."فيراه في المنام نفسه في اليقظةمما يحدث به الرجل زين من الشيطان، ورؤيا رؤيا من اهلل، ورؤيا تحوأما رؤيا غيرهم فتعرض فة اإلسالمية: الرؤيا التي من اهلل خاصة، ورؤيا األنبياء وحي،والذي هو من المعر

ال لم يعمل بها. على الوحي الصريح، فإن وافقته وا هارة كاملة ولينم على ط ظة على األمر والنهي.ومن أراد أن تصدق رؤياه فليتحر الصدق وأكل الحالل، والمحاف

سحار، فإنه : رؤيا األ تكاد تكذب البتة. وأصدق الرؤيارؤياه ال ن حتى تغلبه عيناه. فإمستقبال القبلة، ويذكر اهلل قتراب الرحمة والمغفرة ، وسكون الشياطين.وقت النزول اإللهي وا

الرؤيا من ها لكل أحد بحسبه. وقال مالك: ربوللرؤيا ملك موكل بها، يريها العبد في أمثال تناسبه وتشاكله، فيض "؟أتتالعب بوحي اهللزجر عن تفسيرها بال علم، وقال: و ، الوحي وحي

صادر المعرفة في النموذج يثنا عن المصدر األول من مدإنتهى نقلنا عن اإلمام إبن القيم وبه ينتهي حه تقتضي العلم به للقيام عبادت وأن ،ادتهإنما خلق اإلنس لعب ،سبحانه وتعالى ،. ولكن لما كان اهللالتوحيدي

Page 34: العلم والمعرفة بين نموذجين

(34)

34

فقد جعل من دون ذلك مصدرين معرفيين ،يدركه عباده مباشرة بحواسهمال ،سبحانه وتعالى ،، ولما كان اهللبحقه ،المصدرين المعرفيين قام التكليف من اهلل للبشر يم والكون المحسوس. ومن خالل هذينهما القرآن الكر

في الدار اآلخرة.وبحجتهما يتم الجزاء الكريم : الوحي)ب(

لقوله وهو كله علم قطعي الثبوت1 صلى اهلل عليه وسلم ،القرآن الكريم هو كالم اهلل تعالى الذي أنزله على رسولهيد ) :تعالى نح حكيم ح يديحه وال منح خلحفه تنزيل م ر وإنا له ) ؛(46 ( )فصلت:ال يأحتيه الحباطل من ب يح إنا نحن ن زلحنا الذكح

ء )وتعالى ي في كل شيء لقوله سبحانه وألن القرآن علم قطع .(3( الجر:لافظون ا ف رطحنا ف الكتاب من شيح ماع مني عقال لو ض: "ما معناه ، فيما روي عنه،حتى إن أبا بكر الصديق رضى اهلل عنه قال، (35)األنعام :

فإنه من هذا الوجه مصدر ال مثيل له للكليات والمسلمات العلمية الالزمة لنشأة العلوم ، "لوجدته في كتاب اهلل ،طبيعية كانت أم إنسانية ،بشقيها الطبيعي واإلنساني، ولمنهجيتها كذلك. ذلك أن أحد أهم مشاكل العلوم الحديثة

وعدم وجود منهجية قادرة على ،التي تقوم عليها ، القبلية والب عدية،ليةهو عدم يقينها من المسلمات الكلية األو ولكن إذا كان لدينا مصدر)القرآن( ،ظنية توفير هذا اليقين. لذلك تظل كل المقوالت العلمية النظرية والتطبيقية

نباطها منه، أن نؤسس ستاننا من حيث المبدأ، إن تمكنا من يحتوي على مثل هذه السنن الكلية اليقينية فإنه بإمكا عليها قاعدة علمية يقينية ال ظنية تقوم عليها علومنا الطبيعية واإلنسانية. إال أن الظن قد يأتي من فهمنا

ستنباط ن من المنهجية التي سوف تتبع في اوالذي قد ال يطابق حقيقة النص القرآني، وقد يأتي الظ ،للنصوص ،جماع على مدلول النصاحتياط لها بتدابير تمكن من اال ماالت يمكنهذه القوانين الكلية. ولكن كل هذه االحت

ومن ثم مضمون القانون العلمي المستنبط.ان تماما كمفردات الكون ورغم أن القرآن علم وكالم مقروء بلسان عربي مبين إال أن آياته هي في ذاتها أعي

آياته ثم فصلت، فهو بذلك نسق معرفي تمثل كتابا أحكمت المحسوس، وهي في مجموعها كل مترابط بحيث ، من خالل بيئتها الداخلية ومن خالل عالقاتها البينية، تحتاج إلى دراسة وفهم بذاته. لذلك فآياته مغلق مكتف

ستنباط ما تيسر من مخزونها العلمي، ومن ثم تحتاج إلى منهجية بحثية كما تحتاج دراسة الكون لسبر أغوارها وا المحسوس إلى ذلك.

، ينطبق على السنة النبوية الصحيحة ما قلناه عن القرآن كمصدر من مصادر إبستمولوجيا المعرفة اإلسالميةو للنا ما ن زل إليحهمح ولعلهمح ): له موازيا للقرآن، بل هي مبينة ليست مصدرا إال أنها ر لتب ي وأنزلحنا إليحك الذكح

رون م ) ؛ (44 )النحل:( ي ت فك م ي ؤح ة لقوح ت لفواح فيه وهدف ورحح لم الذي اخح ( نون وما أنزلحنا عليحك الحكتاب إال لتب ين بالطريقة التي تمك ال البد منه لمعرفة عالم الشهادةوالقرآن والسنة يمثالن مدخوتنضبط به متنا. ،(24 )النحل:

. "خطة الخلق العامة"كما أجملناه سابقا في ،القيام بمقتضى الحكمة التي من أجلها خلق اإلنسان والكونمن ، غيبال مصدرنا الوحيد لعلم الخبر عنالقرآن والسنة هما ن ( فإتعالى لي)اهللكذلك إذا استثنينا المصدر األو

وللعلم المتعلق بمجال القيم والتفضيالت في عالم الشهادة. :ج( عالم الشهادة)

Page 35: العلم والمعرفة بين نموذجين

(35)

35

أساس من مصادر المعرفة ، مصدر والمعنوية جتماعيةكل عناصره، المادية والحيوية واالبالمشاهد الكون التي تقتضي تعامل الناس مع هذا الكون. ،"خطة الخلق العامة"والدليل على ذلك نجده في طبيعة ،توحيديةال

،وما بث اهلل ،التفكر في خلق السموات واألرضاس على م تحث النكذلك نجده في آيات كثيرة من القرآن الكريوللعلم من هذا المصدر بالخلق والتدبير.وانفراده اها من آيات دالة على عظمته،في ثناي ،سبحانه وتعالى

باعتبار الكون بشواهده ، والفعل على الفاعل،من حيث داللة الخلق على الخالق عقديةمهمتان، إحداهما لى االعتبار بأقداره في الناستؤدي إلى اإليمان باهلل فاطر السماوات واألرض، المجلوة آيات ، أفرادا وجماعة. وا

اآلفاق التي يتأسس و نفسفي األ هسننأحكام اهلل و عن باعتبار دور العلم في الكشف وظيفيةوالمهمة الثانية ، ويتحقق بها االستخالف.عليها العمران

محتوى العلم - 2111411. ويمكن أن التوحيديالنموذج المعرفي دنا بهينبغي أن يم ي للقضية المعرفية هو نوع العلم الذيكز الثانالمرت هللمن خلق اإلنسان، وهو كما جاء في القرآن عبادة ا يحدده المقصد نوع العلم المطلوب ن بصورة عامة إنقول هو ذلك الذي المطلوب توحيديالعلم ال عه. إذنفي أرضه، بمقتضى شر العلم به، والقيام بأمره ونه يه، أي تعالى

من خلق اإلنسان والكون، الحكمةيهتدي به إلى و ،أو كالمه خالقه من خالل خلقهبه على ف اإلنسان تعر يلمون شيحئا و ): ينه على العمل بمقتضى تلك الحكمةعومن ثم ي هاتكمح ال ت عح ن بطون أم رجكم م جعل لكم والله أخح

كرون ع واألبحصار واألفحئدة لعلكمح تشح مح ا ) ؛ (15( )النحلالحس فحئدة قليال م بحصار واألح ع واألح مح وهو الذي أنشأ لكم السكرون كرون ث سواه ون فخ فيه من روحه وجع ) ؛(15)املؤمنون: (تشح ا تشح فحئدة قليال م بحصار واألح ع واألح مح ( ل لكم الس

كرون ) ؛ (3 )السجدة: ا تشح فحئدة قليال م بحصار واألح ع واألح مح إذن، .(63( )امللك:قلح هو الذي أنشأكمح وجعل لكم السهي كما يبينها القرآن، البصر،الفؤاد(، زويد اإلنسان بأدوات تحصيله)السمع،الحكمة األولية من العلم، ومن ت

وهو المعنى زينة الحياة الدنيا)المال،البنون(، عمال صالحا في التحقق بالشكر هلل تعالى في عمارة األرض، العملي لإليمان.

،عن بينة ، حتى يحيى من حيى من اهلل تعالىوحيا بتداء هذا العلمالضرورة البديهية تقتضي أن يكون اولكن عث رسوال ) :ةويهلك من هلك عن بين بي حت ن ب ح رين )؛ (18( )اإلسراء:وما كنا معذ بش ومنذرين لئال يكون رسال م

د الرسل وكان الله عزيزا حكيما ة ب عح د إذح هداهمح ) ؛(128( )النساء:للنا على الله حج ما ب عح وما كان الله ليلل ق وحء ع قون إن الله بكل شيح ا ي ت لم م يحوي كتاباأنزل اهلل تعالى القرآن الكريم وهكذا .(118 ( )التوبة:ليم حت ي ب ي

جاء القرآن الكريم بتوضيح طبيعته وتحديد اآلخر من العلم والبعض ،من هذا العلم التوحيدي تفاصيل بعض العقل ركت لكسب . أما التفاصيل هذه فقد ت تفاصيل ذلك العلم مفاتحه في شكل كليات ينبغي أن تؤسس عليها

ض من ) :"خطة الخلق العامة"متحان الذي تقوم عليه ألن ذلك ميدان اال ،البشري ث جعلحناكمح خالئف ف األرحملون (.14( )يونسب عحدهم لننظر كيحف ت عح

ما ؟ الخلق العامة خطة النموذج التوحيدي في إطار فيما هي إذا العلوم التوحيدية التي يعبر عنها متغير العلم جهد المقل، واهلل سبحانه المستعان وعليه التكالن، وفوق كل ذي علم عليم. يلي هو

Page 36: العلم والمعرفة بين نموذجين

(36)

36

ومصادره وقضاياه الذي يدرس ماهية العلم "علم العلم"ال شك أن أول ما يتبادر إلي الذهن هو ما يمكن تسميته الدالتين التوحيدية والدنيوية اللتين تلخصان إلي . ثم ماذا بعد ذلك ؟ فلنرجعومن هو العالم ومناهجه ومقاصدهجمال أنواع العلوم المطلوبة لتتحقق باإلنسان خطة الخلق العامة حكمة الخالق من الخلق. إذا ولنتأمل بإيجاز وا

لمح ) إلى اإليمان به وتوحيده: اهلل تعالى قد جعل العلم هو السبيل الوحيدالدالة التوحيدية نجد أن تفكرنا في أنه فاعحلم مت قلبكمح ومث ح منات والله ي عح مني والحمؤح ت غحفرح لذنبك وللحمؤح شهد الله أنه ال إل ه إال )؛ (13( )حممد:واكمح ال إله إال الله واسح

لواح الحعلحم قآئما بالحق كيم هو والحمالئكة وأوح ط ال إل ه إال هو الحعزيز الح نشأة علوم هذا يقتضي (.15( )آل عمران:سحأفال ي تدب رون الحقرحآن ولوح ) :الخالق تعالى الخلق علىمن الوحي على الموحي ومن التوحيد التي تقوم باالستدالل

تالفا كثيا كان منح عند غيح الله لوجدواح فيه لمح أنه )؛ (56 ( )النساء:اخح فاق وف أنفسهمح حت ي تب ي سنريهمح آياتنا ف اآلحء شهيد ف بربك أنه على كل شيح ق أولح يكح تأتلف من علوم نقلية وعقليةوهى في الجملة (. 83( )فصلت :الح

دى وظيفتها ، ولها مداخلها في القرآن الكريم. وينبغي تأسيس تلك العلوم على هذه المداخل حتى تؤ يةكونو . باهلل الواحد المطلوبة كأدلة إيمان

، لزم من ع وعمران األرض بها وتأدية شكرهافنا باالنتفال " كنعم ك البنونالمال،" ذا نظرنا إلي زينة الحياة الدنياثم إن من االنتفاع بها رت بما يمك خ لت لإلنسان وس ل ن من معرفة خصائص تلك النعم التي بها ذ مك ذلك علوم كونية ت

وينبغي تأسيسها على تلك ،وتحقيق الحكمة من خلقها. هذه العلوم الكونية الوظيفية أيضا لها مداخلها في القرآني تتعلق وم يتعلقان به، أولها العلوم الت" فهناك نوعان من العلاإلنسان"م عليهداخل. فإذا جئنا إلي المنع الم

ة التي تمكن من تحديد العالقة لمعرفة خصائصه النفسية والحيوية والفيزيائي -نفسا وجسدا -بدراسته ككائن حيبما يحفظ عليه حياته ويحفظ التوازن الكلى للبيئة. لقد أنبت اهلل تعالى ،نفعية المثلى بينه وبين زينة الحياة الدنياالماء رف عها ) :أو يخسره ،ولكن اإلنسان هو الذي يقيم هثثثثذا الوزن بالقسط ،ي األرض من كل شيء مثوزونف والس

ط وال تحسروا الحميزان 5أال تطحغوحا ف الحميزان 1ووضع الحميزان رحسلحنا رسلنا لقدح أ ) ؛(3-1( )الرحن :وأقيموا الحوزحن بالحقسحط نات وأنزلحنا معهم الحكتاب والحميزان لي قوم النا بالحقسح ب ) ؛( 68()الديد:(بالحب ي رفواح إنه ال ي ربواح وال تسح وكلواح واشح

رفي ن ) ؛(31( )األعراف:الحمسح نة م سدواح قدح جاءتحكم ب ي ياءهمح وال ت فح فواح الحكيحل والحميزان وال ت بحخسواح النا أشح ربكمح فأوحمني ؤح ر لكمح إن كنتم م الحها ذلكمح خي ح د إصح ض ب عح . ( 58 ( )األعرافف األرح

، وهى علوم بعضها يتعلق بدراسة المقاصد طار مجتمعيف في إكل نسان ككائن م ثم هناك العلوم المتعلقة باإل ،واألحكام الشرعية التي عليه االلتزام بها ليتمكن من تحقيق تلك المقاصد ،التي يريد الخالق من اإلنسان تحقيقها

المجتمعيواإلطار ،"البنونالنفس،المال،عموما العلوم التي تحكم ميزان التفاعل بين المتغيرات الثالثة " وهيوبعض هذه العلوم يتعلق . بما يحقق شكر النعمةالفقه، المقاصد وعلوم المتولد عن هذا التفاعل، ومنها علوم

Page 37: العلم والمعرفة بين نموذجين

(37)

37

وتفاعلها مع االبتالء الثاوي في زينة ،التقوى والفجور لنفس وتربيتها، في إطار فهمنا ألخالقبتزكية اباألخالق و في مسار ، من جانب الوجود،توحيدينظام االجتماع الحفظ ة تتعلق بعلوم معياري وهي جميعها الحياة الدنيا.

التوحيد على الدوام.ومحاولة المكلفين توفيق وأخالق التقوى، ،ولكن تفاعل المجتمع بمقتضى المقاصد واألحكام والسياسات الشرعية

على مبدأ أي تأسيس االجتماع التوحيدي ،وفق ما جاء به الشرعوتدافعهم أوضاعهم لتصبح مقاصدهم وأفعالهم لسلوك والعادات بعد حين إلي ظهور أنماط من ا ؤديي)الدالة التوحيدية(، اإليمان بتعظيم العمل الصالح تعظيم

ة إلي تنجم عنها بالضرورة ظواهر اجتماعية تكون أحد األسباب الداعي ،"Righteous Regularities"راتبةالراشدة الوهذه الظواهر االجتماعية هي البشير الذي يدل علماء الظواهر. تهتم بدراسة تلك نشأة علوم اجتماعية توحيدية

ومنفذي السياسات الشرعية على اتجاهات المجتمع، ومن ثم على ثمار تصوراتهم الكلية وخططهم العلمية أنها إال ،في حد ذاتها Laws""ثابتة اال تمثل سنن راتبةالالراشدة وكية ورغم أن هذه األنماط السلوبرامجهم التنفيذية.

التي تتفعل بالفعل الجالبة للنفع بإذن اهلل، تحقيق سنن اهلل االجتماعية بانتظامها هذا تمثل العامل الحاسم في( وإذح تأذن ربكمح لئن شكرحتح ألزيدنكمح ): الشكر سنةالراشد يأتي به المؤمن، أفرادا وجماعة. من هذه السنن

سني ) :نة الهدايةسومنها ؛(1)إبراهيم: همح سب لنا وإن الله لمع الحمحح دي ن ؛ (23( )العنكبوتوالذين جاهدوا فينا لن هحلح على الله ف هو وي رحزقحه منح حيحث ال يحتسب ومن ي ت و *ومن ي تق الله يحعل له محرجا ) :سنتي الفرج والحسبومنها ك

را ء قدح ره قدح جعل الله لكل شيح به إن الله بالغ أمح منح عمل صالا ) :سنة الحياة الطيبةومنها ؛ (3-2)الطالق (حسحيي نه حياة طيبة ولنجح من ف لنحح ن ذكر أوح أنثى وهو مؤح ملون م سن ما كانواح ي عح رهم بأحح همح أجح ومنها أم (؛31( )النحل:زي ن

ض ف ستة أيام وكان عرحشه على ) : والفتنة سنة االبتالءالسنن االجتماعية، وهي ماوات واألرح وهو الذي خلق السس لوكمح أيكمح أحح سن عمال وهو الحعزيز الحغفور ) ؛(1()هود:ن عمال الحماء ليب ح لوكمح أيكمح أحح ياة ليب ح ت والح الذي خلق الحموح

ر عظيم ) ؛( 6 )امللك: نة وأن الله عنده أجح والكمح وأوحالدكمح فت ح ا أمح لمواح أن ت ) (؛ 65( )األنفالواعح س ذائقة الحموح كل ن فحنا ت رحجعون نة وإلي ح يح فت ح ر والح لوكم بالش لك من الحمرحسلي إال إن همح ليأحكلون الطعام )؛ (38 ( )األنبياء:ون ب ح وما أرحسلحنا ق ب ح

واق وجعلحنا سح بون وكان ربك بصيا ويحشون ف األح نة أتصح ض فت ح لكمح لب عح يا ) : سنة النصرومنها ؛ (61( )الفرقان:ب عحا ولوحال دفحع الله الن ): سنة التدافعومنها ؛ (1( )حممد:أي ها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصرحكمح وي ثبتح أقحدامكمح

ل على الحعالمي ض ول كن الله ذو فلح ض لفسدت األرح لهمح بب عح الخ.....( 681 ( )البقرة:ب عح

وصفي والبعض اآلخر معياري، ولكن الالمؤسسة على معطيات النموذج التوحيدي منها هذه العلوم االجتماعية لسنن االجتماعية، فهي قوانين ربانية يدخل في دائرة عملها على المفهوم القرآني ل يجب أن تؤسس جميعها

متى تتخلف أبدا، ل وتتحقق نتائجها في الواقع االجتماعي والطبيعي، ولو بعد حين؛ فهي الاإلنسان بفعله فتتفع

Page 38: العلم والمعرفة بين نموذجين

(38)

38

ا من ق بحل ول ) تماما كالقوانين الطبيعية: ما تحققت شروطها، د لسنة الله ت بحديال سنة الله ف الذين خلوح ( ن تد لسنة الله ت بحديال )؛ (26)األحزاب: قدح خلتح من ق بحلكمح سنن ) ؛ (63()الفتح:سنة الله الت قدح خلتح من ق بحل ولن ت

ض فانحظرواح كيحف كان عاقبة الح بي فسيواح ف األرح ث ر )؛ (131 ( )آل عمران:مكذ د الله ال يحلف الله وعحده ولكن أكح وعحلمون . (2 ( )الرومالنا ال ي عح

وحتى تكتمل الخارطة الكلية للعلم اإلسالمي في مجال السنن االجتماعية سوف نستدعي هذه الجزئية من ، وقد قلنا من قبل إن العلم الذي ينتجه هذا النموذج سوف يرد الحديث عنه الحقاالنموذج المعرفي الدنيوي الذي

في مجال االجتماع اإلنساني هو جزء أصيل من العلم اإلسالمي ألنه يتعلق بحفظ مجتمع التوحيد)الدين( من ساس النموذج ونها أأولهما، بجانب ك، وية فسوف نتبين أمرين هامين فيهانظرنا إلي الدالة الدني إذا. جانب العدم

، وذلك المسلم، ومن ثم في المجتمع المسلمف دالة قوية الحضور والتأثير في مقاصد وسلوك المكل أنها ،الدنيويهذه للمسلمين يقول إن تأثير لتاريخي. بل إن الواقع اخطة الخلق العامةالمتجلية في بمقتضى الفطرة اإللهية

مجتمع لذلك نجد أن الواقع التاريخي ألي من الدالة التوحيدية.جماعة، و دا، أفراعلى مجرياتهر الة أكبر بكثيالدأحواله، أفرادا وجماعة، بحيث أثر التدافع بين الدالة التوحيدية والدالة الدنيوية على ته عنحقيق في إسالمي يعبر

على ثر الدالة الدنيويةأفي الزمان والمكان، عندما يغلب تجليات النموذج الدنيوي،إلى ذلك الواقع أكثر يميلاألمر الثاني هو أن .خالصوال دنيوي خالصدائما مجتمع هجين، ال توحيدي فهو شئونه، والعكس صحيح.

،، تنشأ على معطيات هذه الدالةب المجتمعات البشرية عبر التاريخ، هي غال"علمانية"جتمعات دنيويةهناك م، سواء كان لدالة التوحيديةل التجلي التاريخي نجم عنالذي ي سلمينللم ر وتأثر بالواقع االجتماعيوتكون ذات تأثي

، أو أفرادا وجماعات إسالمية تعيش في المجتمع الدنيوي المعني اهذا الواقع مجتمعا إسالميا مستقال، أو أفرادفي الزمان بوقعهما ونعبر عن هذا بقولنا إن الدالتين تتزاحمان. وجماعات دنيوية تعيش في المجتمع اإلسالمي

وة حسنة ف ) ، ولكنه قد يكون صراعا عنيفا حاسما:والمكان؛ وهو تزاحم صراعي في الغالب قدح كانتح لكمح أسحبدون من دون الله كفرح مهمح إنا ب راء منكمح وما ت عح نكم الحعداوة نا بك إب حراهيم والذين معه إذح قالوا لقوح ن نا وب ي ح مح وبدا ب ي ح

ت غحفرن لك وما ل إب حراهيم ألبيه ألسح ده إال ق وح منوا بالله وحح ء رب نا عليحك والحب غحلاء أبدا حت ت ؤح لك لك من الله من شيح أمحلحنا وإليحك أن نا وإليحك الحمصي ت وك نكمح آمنواح بالذي أرحسلحت ) وقد يكون صراعا حذرا:(؛ 4)املمتحنة:ب ح وإن كان طآئفة م

اكمي ر الح ن نا وهو خي ح بواح حت يحكم الله ب ي ح منواح فاصح ون صراعا جدليا ينتهي وقد يك ؛(51 ()األعراف:به وطآئفة لح ي حؤحري إال على الله ومآ أناح بطارد الذين آمنواح إن ) نهاية دراماتيكية: ألكمح عليحه ماال إنح أجح م ال أسح مح ويا ق وح القو رب هم م

ما تحهلون م من ين *ول كن أراكمح ق وح رون ويا ق وح وال أقول لكمح عندي خزآئن الله وال *صرن من الله إن طردت همح أفال تذكر تي هم الله خي ح ي نكمح لن ي ؤح لم الحغيحب وال أقول إن ملك وال أقول للذين ت زحدري أعح لم ب أعح ا ف أنفسهمح إن إذا لمن ا الله أعح

Page 39: العلم والمعرفة بين نموذجين

(39)

39

ث رحت جدالنا فأحتنا با تعدنا إن كنت من الصادقي *الظالمي ا يأحتيكم به الله إن *قالواح يا نوح قدح جادلحت نا فأكح قال إنجزين حي إنح أردت أنح أنصح لكمح إن كان الله يريد أن ي غحويكمح هو ربكمح وإليحه وال *شاء وما أنتم بعح ينفعكمح نصح

رامي وأناح بريء ما تحرمون *ت رحجعون ت ري حته ف علي إجح ت راه قلح إن اف ح مك وأوحي *أمح ي قولون اف ح من من ق وح إل نوح أنه لن ي ؤحعلون غحرقون *إال من قدح آمن فال ت بحتئسح با كانواح ي فح ينا وال تاطبحن ف الذين ظلمواح إن هم م يننا ووحح نع الحفلحك بأعح )هود واصح

رض ) يعتمد على الكر والفر والمكر: باردا ؛ وقد يكون صراعا(63-31: لئن لح ينته الحمنافقون والذين ف ق لوبم م شامال مستداما: ؛ وقد يكون صراعا(21( )األحزاب:والحمرحجفون ف الحمدينة لن غحري نك بمح ث ال ياورونك فيها إال قليال

تطاعواح ) .(611( )البقرة:وال ي زالون ي قاتلونكمح حت ي ردوكمح عن دينكمح إن اسحوأثرها القوي على زمرة الفعل في النموذج ،وبسبب من هيمنة هذه الدالة على زمرة الفعل في النموذج الدنيوي

، تتأسس على مبدأ ، ولكنها غير راشدة(Rational regularaties)راتبةعقالنية فسوف تكون هناك أفعال ،التوحيديبد أن تبنى لذلك ال. في المجتمعين تؤدي إلى بروز ظواهر اجتماعية على شاكلتها تعظيم متاع الحياة الدنيا،

إن ،بل أيضا على قواعد الدالة الدنيوية ،ليس فقط على قواعد الدالة التوحيدية ،علومنا االجتماعية اإلسالميةالعالمية و تي الموضوعيةإن أردنا صف ى ، أعبر الزمان والمكان ،ة االجتماعيةأردنا اإلحاطة العلمية بالظاهر

وسوف تحكم هذا الجانب من العلم االسالمي السنن االجتماعية الجالبة للضر . اإلسالمية لعلومنا االجتماعيةفتتفعل بوقعها الضار على فاسد(المله غير الراشد)بإذن اهلل، حيث يدخل المسلم وغير المسلم دائرة تأثيرها بع

ولئن ) :الكفر سنة. من هذه السنن حياة الفرد حصرا أحيانا، ويعم ضررها بيئة الطبيعة والمجتمع أحايين أخرىري) :سنة المعيشة الضنكة؛ ومنها (1()إبراهيم:كفرحتح إن عذاب لشديد رض عن ذكح فإن له معيشة ضنكا ونحشره ومنح أعح

مى م الحقيامة أعح ن ن قيضح له شيحطانا ف هو له قرين ): اإلعشاءسنة؛ ومنها (164()طه:ي وح ر الرحح ش عن ذكح ( ومن ي عحهم ب ) :سنة االستدراجومنها (؛ 32)الزخرف: ا ند ال وبني أيحسبون أن عرون *ه من م رات بل ال يشح ي ح نسارع لمح ف الح

فقون * شح م م ية رب نح خشح ر ): حاقةسنة اإل؛ ومنها ( 82-88( )املؤمنون إن الذين هم م ض ومكح رح بارا ف األح تكح اسحر الس يق الحمكح يئ وال ي د الس د لسنت الله ت بحديال ولن ت لي ف لن ت و له ف هلح ينظرون إال سنت األح لسنت الله يئ إال بأهح

ب ) :سنة المحقومنها (؛43( )فاطر:تحويال ب الصدقات والله ال ي ار أثيم يححق الله الحربا وي رح ( )البقرة كل كف الخ.....؛ (612:

من سنن اهلل الجالبة للضر إلى سنن اهلل الجالبة للنفع، ،ن الناس يمكنهم الفرار، بأعمالهمومن رحمة اهلل بعباده أوق، ؛ أي، الفرار من قدر اهلل إلى قدر اهلل، كما هو معلوم من قصة أمير المؤمنين عمر الفار قبل فوات األوان

ففروا إل الله إن لكم ): رضي اهلل عنه، في موقفه من وباء الطاعون الذي أصاب بعض ديار المسلمين في عهدهبي نحه نذير م ألن هذه تحققها بأعمال الناس اإلرادية، و وألن سنن اهلل االجتماعية مرهون .(81( )الذاريات:م

Page 40: العلم والمعرفة بين نموذجين

(41)

41

ئم بين الصالح والفساد، على مستوى الفرد والجماعة، وقد تغلب أعمال الصالح األعمال هي في حال تغير داولما كان تقدير كل ذلك علمه عند اهلل تعالى، فإن معرفة أحيانا، وقد تغلب أعمال الفساد، من حيث الكم والنوع،

أمر يعسر تصيب الناس، تحقق هذه السنن، وما يترتب علي ذلك من مصالح أو مفاسد ومدى زمان ومكان ، ولعل هذا من رحمة اهلل بالناس حتى ال يأمنوا مكره، بل يكونوا في حال من الترقب والحذر الدائم:ضبطه علميا

ب ) ض ول كن كذ ماء واألرح ن الس نا عليحهم ب ركات م ل الحقرف آمنواح وات قواح لفتحح ناه ولوح أن أهح سبون واح فأخذح *م با كانواح يكحل الحقرف أن يأحتي همح بأحسنا ب ياتا وهمح نآئمون ل الحقرف أن يأحتي همح بأحسنا ضحى وهمح ي لحعبون *أفأمن أهح أفأمنواح *أو أمن أهح

ر الله إال ر الله فال يأحمن مكح اسرون مكح م الح ناهم * الحقوح لها أن لوح نشاء أصب ح د أهح ض من ب عح د للذين يرثون األرح أولح ي هحمعون . (111-32 : ( )األعرافبذنوبمح ونطحبع على ق لوبمح ف همح ال يسح، أو البركات التي تفتح عليهم دارهملتي تصيبهم أو تحل قريبا من ائب اولكن أحوال األفراد والمجتمعات، والمص

االجتماعية في من السماء واألرض، آيات تؤشر على اتجاه عمل تلك السنن، وفي هذا اإلطار يأتي دور العلوممال وتصنيف هذه األع ،(Regularities)دراسة تلك األحوال والظواهر االجتماعية، وربطها بأعمال الناس الراتبة

وربطها من ثم بما يناسبها من السنن االجتماعية من حيث صدورها عن النموذج التوحيدي أو النموذج الدنيوي،ووضع السياسات ،العبراآليات و ، بغرض استخالص )الواقع االجتماعي(المستنبطة من الوحي، أو من التاريخ

إن الوحي الكريم، قرآنا صالح، أو تدارك الفساد.ؤدي إلى استدامة الوضاع االجتماعية، بما يالشرعية وتوفيق األوسنة، ثري بالسنن االجتماعية اإللهية التي تغطي جميع جوانب الظاهرة االجتماعية، ويجب استخالص تلك

منها في تأسيس العلوم االجتماعية اإلسالمية.السنن وتصنيفها واإلفادة النموذجين المعرفيين، وعلى أساس من التفاعل بينهما وعلى أساس من معطيات هاتين الدالتين المعبرتين عن

إنتاج االجتماع اإلنساني بكل تجلياته عبر التاريخ تتأسس علوم التاريخ والعالقات الدولية وغيرها من العلوم في في جملته، وفي ديناميته. المعنية باالجتماع اإلنساني

المتعلق بالظاهرة االجتماعية يؤكد القرآنالمستنبط من معرفي ما اصطلحنا على تسميته في هذا البحث بالنظام ال، ذلك أن المبدأ الكلى األساس الذي تقوم عليه اهرة ال بد أن يكون الوحي الكريمأن مبتدأ العلم التوحيدي لهذه الظ

الذي ،دنياالمحقق للشكر في زينة الحياة ال ،الدالة التوحيدية، أال وهو تعظيم اإليمان بتعظيم العمل الصالحيضرب بجذوره في عالمي الغيب والشهادة، ما كان له أن ينشأ من المجال الكوني والعقلي وحدهما. وقد يقول

من أصول التي هي أصل ،الذي تقوم عليه الدالة الدنيوية )تعظيم متاع الحياة الدنيا(قائل إن المبدأ الكلى الثاني، كما هو معروف في خالل النظر في المجال الكوني وحده ، قد أمكن اكتشافه منالنظام المعرفي المذكورهناك من ،العلوم االجتماعية الغربية غالب قوم عليهيالذي ،. ولكن نؤكد أن هذا المبدأالعلوم االجتماعية الغربية

Page 41: العلم والمعرفة بين نموذجين

(41)

41

ولكن مما يضعف مركزه كمبدأ تقوم عليه العلوم االجتماعية الغربية. ،ده بقدر تلك التي تؤيدهالشواهد التي تفن ولن يلعب دوره ،الذي هو علم يقيني من اهلل تعالى ،هذا المبدأ يأخذ قيمته العلمية عندما يكون منشأه الوحي

)تعظيم الحقيقي في بناء العلم االجتماعي إال في إطار المنظومة المعرفية القرآنية المبينة لعالقته بالمبدأ األولاستبعاد الوحي كمصدر للعلم االجتماعي في النموذج الدنيوي إن خطة الخلق العامة1 إطارفي العمل الصالح(

الوضعي الغربي غيب السنن االجتماعية الربانية المرتبطة بأعمال الناس اإلرادية المنطلقة من مبدأ تعظيم متاع واهر االجتماعية التي فعلت تلك السنن، وآثارها من الظ اإلرادية الراتبة األفعال إال ولم يبق للنموذج، الحياة الدنيا

ولهذا السبب فإن النموذج الدنيوي فقير جدا في المعلومات .للنموذج علوم االجتماعيةالالتي تهتم بدراستها وعبثا يحاول المتعلقة باالجتماع اإلنساني مما ال يسمح بإنشاء علوم اجتماعية حقة تستوفي شروط العلم.

فعال ربط الظواهر االجتماعية بتلك األ العلوم الطبيعية، النموذج المعرفي الوضعي الغربي، باستخدام منهجرة إن هي إال أفعال بشرية مفس الراتبة في عالقة سببية بغية تفسيرها والتنبؤ بحدوثها. ولكن لما كانت األسباب ال

لقانون فإن من السهولة دحض العالقة السببية أو ا ،يمكن اإلتيان بنقيضها أو بغيرها من ذات الفاعلين ،إراديةاالجتماعي المزعوم. ولعل في قوانين العرض والطلب االقتصادية، وهي القوانين األشهر في علم االقتصاد

باعتباره القانون العام الذي يفسر ،على قانون تعظيم المتاع الدنيوي ، فقد ترتبالغربي، خير دليل على ما ندعيهيمثلون جانب العرض، يسعون دائما إلى تعظيم أرباحهم، أن البائعين في السوق، الذينجملة الفعل االقتصادي،

وأن المشترين، الذين يمثلون جانب الطلب، يسعون إلى تعظيم متاعهم من السلع، وتقوم األسعار، المحددة زاد الطلب على السلع عنبطريقة حرة في السوق، بحفظ التوازن بين العرض والطلب. بناء على هذا القانون إذا

فإن القانون يقول بزيادة األسعار تلقائيا ،يكن من الممكن االستجابة الفورية من خالل زيادة العرض ولم ،عرضهابالقدر الذي يمتص الطلب الزائد ويعيد التوازن بينه والعرض، والعكس صحيح. هذا القانون يعتمد في تحققه على

ضات تتعلق بدوافعهم النفسية وأنماطهم السلوكية فترا، في إطار اراتبة يأتي بها البائعون والمشترون أفعال إراديةالمستقاة من النموذج الدنيوي. وفي الظروف العادية للسوق، في إطار النموذج الدنيوي، فقد أثبت القانون مصداقية عالية في الواقع، ولكن تظل الحقيقة أنه وفي ذات الظروف العادية يمكن أن يتخلف القانون بحيث

بيع سلعهم بذات األسعار القديمة رغم ارتفاع الطلب عليها، ووجود بإرادتهم الحرة ائعين يقرر كل أو بعض البوهناك الكثير من المبررات االقتصادية الموضوعية واألخالقية ح برفع األسعار.افرصة لتحقيق مزيد من األرب

حيث دوافع وأنماط التوحيدي،التي تدفع إلى هذا النوع من الفعل، ومن ثم دحض القانون. أما في إطار النموذج يفيكفينا أن نذكر قصتين من التاريخ اإلسالم الفعل االقتصادي جد مختلفة عن نظيرتها في النموذج الدنيوي،

مكنها أن تتغير إراديا على سبيل المثال، ليتأكد لنا أن قوانين العرض والطلب ال تعدو كونها أنماط سلوك راتبة ي

Page 42: العلم والمعرفة بين نموذجين

(42)

42

بالمدينة وهي مشهورة، تتعلق بالصحابي الجليل عثمان بن عفان، رضي اهلل عنه،القصة األولى، في أي وقت.وكانت المدينة حينها تعاني شحا في تلك السلع، المنورة وقد أقبلت عيره محملة ببضائع تجارية من بالد بعيدة،

بالتحكم في السعر. مما يعني ارتفاع الطلب عليها والوضع االحتكاري لمالكها، وهو وضع مثالي لتحقيق األرباحفأفادهم أن تاجرا واحدا قد عرض عليه ون إليه يطلبون شراء حمل القافلة،قومه من تجار المدينة يهرع هوجاء

أخبرهم بأنه اهلل ،وهم جملة تجار المدينة ،عشرة أضعاف السعر الذي عرضوه. ولما رأى إنكارهم لهذا التاجرتروى في كتب ثم تصدق بكل حمل القافلة. القصة الثانية ،أمثالها ةحيث الحسنة بعشر سبحانه وتعالى،

محدد يشتري منه بضاعة بفلوس، تيه زبونؤمنين حيث اعتاد أن يأتتعلق بأحد التجار من صالح المو ،التصوففيقبض منه فلوسه ويدفع إليه بالبضاعة. وذات يوم ذهب التاجر لبعض شأنه وأقام ابنه مكانه في المتجر، وجاء

سرعان ما اكتشف أن فلوس اليقظ المعني كالعادة فدفع بفلوسه إلى اإلبن وطلب البضاعة، ولكن اإلبن الزبون هالزبون مغشوشة، فردها إليه مع سيل من الشتائم. استرجع الزبون فلوسه وغادر مسرعا، ولما عاد األب أخبر

ه ابنه عن ذلك أخبره بأنه على علم بنه وبدا عليه الهم والغم. ولما سأل، فحزن األب من تصرف اابنه بالقصةها في نفسه ولم يبدها بالفلوس المغشوشة طيلة الزمان الذي ظلت تجري فيه المعاملة مع هذا الزبون، وقد أسر

فلوس المغشوشة في تاجر واحد هذه ال له، وأنه ظل يستلمها منه ثم يقوم بحفظها في مكان آمن حتى يحصر شر جر عند اهلل تعالى. أما اآلن فسوف يذهب هذا الزبون بفلوسه المغشوشة إلى ، محتسبا األالمسلمين وقسمن

تمريرها في معاملة تجارية إلى آخر، وهكذا إلى أن بتاجر آخر، وقد يقوم ذاك التاجر، وهو ال يعلم وقد يعلم، ها سوق المسلمين. يعم شر هو مقتضى ؛األول أصلين:ر أنه يعود إلى نقد توحيديفي النموذج المعرفي ال نشأ العلوم الطبيعيةم

والسنن ،العلمي في خلق السموات واألرض ر( حيث الحاجة إلى التفك لق العامةخطة الخالناتج اإليماني في )لدنيا، الناجم عن اإلقبال على زينة الحياة ا ،منشؤه عمارة األرض ؛الثاني آيات خلق على الخالق، ،التي تحكمها

ن من القيام بواجبات مما يمك ،نتفاع بمواردهاالتي بها يمكن تسخير الطبيعة واالرارها وسننها المقتضي لمعرفة أسوالمسلمات القبلية لهذه العلوم ينبغي أن تأتي من الوحي الكريم، بينما قوانينها العلمية .ستخالف على األرضاال

لوم التي تتولد عن عن القول أن هذه الع وغني ر في خلق السماوات واألرض.ر في الوحي والتفك تأتي من التدب ضافة إلى الموروث من العلوم اإلسالمية التي ذكرناها ( ما هي إال إخلق العامةخطة ال) تفاعالت عناصر

تحتاج هذه العلوم اإلسالمية الموروثةهي أيضا ثمرة تاريخية لذات التفاعالت اإلبتالئية. ولكن حتى التي ، و سابقا (، خطة الخلق العامةفي قضاياها ومنهجيتها بحسب ما يستجد من فهم تقتضيه ديناميكية )إلى تقييم مستمر

زمانا ومكانا.

Page 43: العلم والمعرفة بين نموذجين

(43)

43

:مالعال -3111411لذي ينوي إنتاج العلم الالزم توفرها عند الشخص استعدادات النفسية والذهنية ة االهنا مجموع نقصد بالعالم

على ،هو شخص يسعى ال شك أن طالب العلم التوحيديالتوحيدي، الذي رسمنا خارطته العريضة آنفا. و ا يحشى الله منح عباده ): لتحقق بقول اهلل تعالىل ،المستوى النفسي ن حعام محتلف ألحوانه كذلك إن واب واألح ومن النا والد

وات قواح الله وي علمكم الله والله بكل ) :وهو شخص مدرك لمقتضى قوله تعالى .(65) فاطر:ن الله عزيز غفور الحعلماء إ ء عليم بكل ما تقتضيه من مجاهدة ،شخص مشمر للتقوى وهكذا فإن طالب العلم التوحيدي (.656()البقرة: شيح

،في كونه جلوةليعقل آيات اهلل الم ؛ال، أو وما تتطلبه من علم. وعلى المستوى العقلي فهو شخص يطلب العلمفهو ن. إذستخالفر ذلك العلم للقيام بواجب االتسخيل ، ثانيا؛ثم ليتحقق له إيمانه، في قرآنه، تلوةالمآياته و

الحياتية مقاصدهولهذا فإن قيم اإلسالم و ،مية( منطلقه لفهم الكون والحياةشخص تشكل )الرؤية الكونية اإلسالوال كباحث الذي يحدد أولويات البحث وضوابطه. كذلك فهو شخص ال يدعي الحياد القيمي هما المعيار

حيث األحكام القيمية جزء أصيل من التي يبحثها، ال سيما في مجال االجتماع اإلنساني هيستطيعه تجاه قضايا المنهج.

منهجية ال -4.1.4.1يراد عينة من أعقدها كذلك فقد رأينا أن نبدأ بإوهو ، م األركان في إطار نظرية المعرفةألن هذا الركن هو أه

اآليات القرآنية التي سوف نبنى عليها ما يتبع من حديث.ع واألبحصار واألفحئد ) (1) مح لمون شيحئا وجعل لكم الحس هاتكمح ال ت عح ن بطون أم رجكم م ة لعلكمح والله أخح

كرون (؛15)النحل: (تشحؤوال ) (2) ع والحبصر والحفؤاد كل أول ئك كان عنحه مسح مح ف ما ليحس لك به علحم إن الس (؛ 32اإلسراء:وال ت قحمعون ب ) (3) قلون با أوح آذان يسح ض ف تكون لمح ق لوب ي عح رح بحصار أف لمح يسيوا ف األح مى األح ا فإن ها ال ت عح

(؛ 42()الج :ولكن ت عحمى الحقلوب الت ف الصدور ي ال ) (4) قهون با ولمح أعح ن واإلنس لمح ق لوب ال ي فح ن الح ي بحصرون با ولمح ولقدح ذرأحنا لهنم كثيا م

ل ئك هم الحغافلون ل ئك كاألن حعام بلح همح أضل أوح معون با أوح (؛113( )األعراف:آذان ال يسحق شيحئا) (5) (؛65()النجم:وما لم به منح علحم إن ي تبعون إال الظن وإن الظن ال ي غحن من الحلمون وعحد ) (6) ث ر النا ال ي عح ده ولكن أكح ن حيا وهمح *الله ال يحلف الله وعح ياة الد ن الح لمون ظاهرا م ي عح

خرة همح غافلون ( ؛1-2()الروم:عن اآلحتمع إليحك حت إذا خرجوا منح عندك ) (7) ن يسح هم م لئك ومن ح قالوا للذين أوتوا الحعلحم ماذا قال آنفا أوح

واءهمح (.12()حممد:الذين طبع الله على ق لوبمح وات ب عوا أهح

ن لنا أن نحدد ، وقد آمسابقة عن مصادر العلم التوحيدي وعن محتواه وعن العال لقد تحدثنا في فقرات تربط لنا بين العلم الذي يكتسبه اإلنسان من بعد جهل (1). إن اآلية الكريمة رقم علي هذا العلمق الحصول طري

Page 44: العلم والمعرفة بين نموذجين

(44)

44

هذه الحقيقة. ولكن ( 2)وقد أكدت اآلية رقم ،والفؤاد ؛البصر ؛: السمعوبين وسائل تحصيل ذلك العلم، أال وهيخل الناس فهوم العلم فيه، وارتباط كل ذلك بمدكية في القرآن عملية معقدة وترتبط ارتباطا وثيقا بمالعملية اإلدرا

: أهو مدخل إيماني قائم على دوافع التقوى في النفس؟ أم هو مدخل شهواني قائم على إلى زينة الحياة الدنيا إنح هي إال حيات نا) :نة الحياة الدنيا قائما على مبدأفمن حيث يكون إقبال اإلنسان على زي دوافع الفجور فيها؟

عوثي ن حيا نوت ونحيا وما نحن بب ح ون قد حدد وبصورة وهو مدخل مبرراته قيمية ال علمية، يك (،31()املؤمنون:الدلحياة الدنيا( بستمولوجية ال يتجاوز علم من كان خياره )احاسمة موقفه االبستمولوجي كذلك. فمن الناحية اال

حيث ،(5،6)ل إليه هو علم السنن الكونية. وهذا ما أشارت إليه اآليتان ن أقصى ما يصمعرفة ظاهرها، أي إر العلم على ظاهر الحياة الدنيا، ذكره والغفلة عن اآلخرة وبين قص عن بين التولي ربط المولى سبحانه وتعالى

السبب األول هو : ومرد ذلك فيما يبدو لي إلى سببينه ال يمكن أن يتجاوز ظاهرها. علم من كانت الدنيا هم وأن وما ) :؛ أي تعظيم اللذات والمسرات)المتاع( الدنيويةأن خيار الحياة الدنيا إنما هو خيار يقوم على اللهو واللعب

قلون قون أفال ت عح ر للذين ي ت ار اآلخرة خي ح ن حيا إال لعب ولحو وللد ياة الد ن حيا لعب ) (؛ 36( )األنعام:الح ياة الد ا الح لموا أن اعحار ن جب الحكف وحالد كمثل غيحث أعح وال واألح مح نكمح وتكاث ر ف األح فرا ث يكون ولحو وزينة وت فاخر ب ي ح باته ث يهيج ف ت راه مصح

خ ن حيا إال متاع الحغرور حطاما وف اآلح ياة الد وان وما الح ن الله ورضح والذي (.61()الديد:رة عذاب شديد ومغحفرة م ومن ثم توظيفها ،الكونيةتنحصر همته في تعظيم اللهو واللعب ال يحتاج في ذلك إلى أكثر من معرفة السنن

؛ وما كان عطاء ربك محظورا.مؤمنهم وكافرهم ،للجميع نن ووسائل تحصيله متاح. وعلم السلخدمة ذلك الهدفال سيما السمع والبصر، ثم إعمال الذهن بقواعده المنطقية في ،وهذه الوسائل هي في مجملها حواس اإلنسان

عن طريق يمكن التأكد من صحتها وفرضيات تجريبية ،المعلومات الحسية المتحصلة للوصول إلى نتائج منطقيةالحياة الدنيا ال يفطن ود إلى أن من يجعل همه تعظيم متاع. أما السبب الثاني فيعفي الواقع المشاهد التجربة

ونحسب ،ةإلى وجود حقيقة أخرى وراء ظاهر هذه الحياة، ومن ثم يسقط من حسابه أي علم متعلق بهذه الحقيقن ) :أن ذلك معنى قوله تعالى لغهم م لم بن ذلك مب ح لم بن ضل عن سبيله وهو أعح الحعلحم إن ربك هو أعح

تدف لحياة الدنيا يرسخ في النفس أخالقأن السعي لتعظيم متاع ا ،المؤيدة بالواقع والحقيقة(. 31()النجم:اهح. وكلما من أعمال فاسدة في األرض ، وما ينجم عن ذلكإلخشح والبخل والكبر والحسد والنفاق..مثل ال ،الفجور

ين على كلما صارت حجابا كثيفا ير األعمال الفاسدة بسبب ذلك، ، وكلما استدامتالنفسرسخت هذه الدوافع في بل إن النفس التي د حقائق وراء ظاهر الحياة الدنيا.القلب حتى تعرض النفس عن مجرد التفكير في إمكانية وجو

ن جاءها به خبر يقين كالوحي ،وات لتجحد ذلك العلمأطغاها اإلنغماس في الشه ها ) :وا قنت ح ت ي ح وجحدوا با واسحسدين زنك الذي ي قولون فإن همح ال ) (؛14( )النمل:أنفسهمح ظلحما وعلوا فانظرح كيحف كان عاقبة الحمفح لم إنه ليحح قدح ن عح

إلى حصر األسباب والعلل ويؤدي خيار الحياة الدنيا(. 33()األنعام:بونك ولكن الظالمي بآيات الله يححدون يكذ م ك دون النظر إلى ما وراء ذلك من ح ، في إطارها المادي البحت،طبيعية كانت أم إنسانية ،لظواهر الكونيةل

لى هذا القصور في اإلدراك منوعبر تنطق بها تلك الظواهر، أو أسباب وعلل تتجاوز ما هو ظاهر للحواس. وا حيث يعجز القلب عن تحصيل الفقه المطلوب من الظاهرة الكونية. وقد يصل األمر في (4)و (3)تشير اآليات

Page 45: العلم والمعرفة بين نموذجين

(45)

45

طريق أو مشاهدة عن ،من نبأ عن طريق السمع ،اتباع الهوى إلى أن يطبع اهلل على القلب فال يترك الوارد إليهلى هذ ،النظر .(7)و ،(4)، (3)ه الحقيقة يشير مضمون اآليات أثرا يفيد صاحبه. وا

ظاهر بعلم التقودنا إلى القول بأن الجسر الذي يعبر عليه اإلنسان من ،اآليات القرآنية السابقة والقول الذي تالهاإنما هو فقه القلوب. وفقه القلوب ،يهالحياة الدنيا إلى علم آياتها، ومن ظاهر نصوص القرآن إلى جواهر معان

، والتوبة عن مآالتها العملية، وتربيتها على أخالقالفجور النفس وذلك بتطهيرها من أخالقإنما ينال بتزكية ، القائمة على منهج رسول اهلل ،. وهذا يعني أن التربية اإلسالمية لإلنسان، وحملها على العمل الصالحالتقوى

هي من صميم منهجية المعرفة اإلسالمية. ومن صميم التربية ،لها أئمة اإلسالمفص ، وقدصلى اهلل عليه وسلماإلسالمية للنفس أن ترى الكون بظواهره وعلله وأسبابه من خالل العين القرآنية. والعين القرآنية ال تقف عند

الخبر القادم من وحي السماء ظاهر الحياة الدنيا للبحث عن أسباب الظواهر أو غاياتها، بل تزاوج بين علوم الظواهر الكونية. ذلك أن إلى األسباب والغايات التي تحكموعلوم المختبر الناشئة من الحس والتجربة للوصول

العين القرآنية عين مربوطة بأحوال القلب، تبصر حين يبصر، وتعمى حين يعمى. وينطبق هذا على األذن بصار القلب أووجميع وسائل اإلدراك عند ال ،القرآنية عماه مرهون بموقف اإلنسان من االبتالء الثاوي مسلم. وا

(.خطة الخلق العامةكما تفصله ) ،في زينة الحياة الدنيا التطبيقات -5111411

أو هدفوجب علينا أن نختم بال ته،ومنهجي م،نا عن طبيعة العلم التوحيدي، ومصادره، وطبيعة العال أما وقد تحدثوسيلة لتحقيق غاية، وتلك الغاية في إطارها إن العلم هو .يقات التي يراد بها ذلك العلمطبالغرض أو الت

وسيلة التوحيدي األرض. إذن العلم ف اإلنسان فيستخاليق عبادة اهلل القائمة على مبدأ ااإلسالمي إنما هي تحقرض(. وكل إنسان في مجاالت حياته )األف)اهلل( فيما استخلف فيهيستخدمها الخليفة)اإلنسان( لتنفيذ أمر المستخل

ستخالف يدور ف فيها. وجوهر االومطلوب منه أن يراعي أمر المستخل ،المتعددة هو خليفة هلل في تلك المجاالتإليمان وا للعلم وما ينبغي عليه القيام به من واجب الشكر المقتضي ،حول تعامل اإلنسان مع زينة الحياة الدنيا

والعمل الصالح. المستنبط من القرآن: النموذج المعرفي الدنيوي -21411

الخمسة حتى م معالم النموذج المعرفي الدنيوي في إطار أركان العلمأن نستخلص من القرآن الكريم أههنا نود ، أى أن النموذج التوحيدي ثل حالة خاصة فيه، وأنه إنما يمة في مدى قصوره عن نظيره التوحيديتتضح الرؤي

إنما صار ممكنا لقرآنا استخالص النموذج المعرفي الدنيوي من. كذلك نود أن نذكر هنا أن زهيستوعبه ويتجاو بتالئها باالختيار في مجال زينة الحياة ائمة على ثنائية النفس البشرية واالق ،(خطة الخلق العامةنتيجة لطبيعة )

الدنيا بين )الدار اآلخرة( و )الحياة الدنيا(. :مصدر العلم -1121411

عوثي ) (1) ن حيا وما نحن بب ح (.63()األنعام:وقالواح إنح هي إال حيات نا الدعوثي ) (2) ن حيا نوت ونحيا وما نحن بب ح (.31()املؤمنون:إنح هي إال حيات نا الد

Page 46: العلم والمعرفة بين نموذجين

(46)

46

ن حيا نوت ونح ) (3) ر وما لم بذلك منح علحم إنح همح إال وقالوا ما هي إال حيات نا الد هح لكنا إال الد يا وما ي هح (.64()الاثية:يظنون

مني ) (4) ت بؤح ث ر النا ولوح حرصح (.113( )يوسف:وما أكحوكفروا بما وراءها من عالم ،هاحصروا اعتقادهم في الحياة الدنيا وحد برنا اآليات السابقة أن أكثر الناستخ

أي ها،هو ظاهر هذا الخيار أن أصبح مصدر العلم الوحيد بالنسبة لمن آثروا الحياة الدنيا الغيب. وترتب على النتيجة تتطابق تماما مع ما ذهبت إليه الفلسفة الوضعية. هعالم المحسوسات. وهذ

:ى العلممحتو -2121411ياة ) (1) ن الح لمون ظاهرا م خرة همح غافلون ي عح ن حيا وهمح عن اآلح (.1()الروم:الدن حيا) (2) ياة الد رنا ولح يردح إال الح ن ت ول عن ذكح رضح عن م (.63)النجم: (فأعحق شيحئا ) (3) ث رهمح إال ظنا إن الظن ال ي غحن من الح إن الله عليم با وما ي تبع أكح

علون (.32()يونس:ي فحق شيحئا) (4) (.65()النجم:وما لم به منح علحم إن ي تبعون إال الظن وإن الظن ال ي غحن من الحلمح إنا ق ت لحنا الحمسيح عيسى ابحن مرحي رسول الله و ) (5) ما ق ت لوه وما صلبوه ول كن شبه لمح وإن وق وح

نحه ما لم به منح علحم إال ات باع الظن وما ق ت لوه ت لفواح فيه لفي شك م الذين اخح (.181()النساء:يقينا

اع ) (6) د الله حق والس اعة إن نظن إال ظنا وما وإذا قيل إن وعح ري ما الس ا ندح ة ال ريحب فيها ق لحتم مت يحقني (.36()الاثية:نحن بسح

دف) (7) م الح ن رب نفس ولقدح جاءهم م وف األح (.63()النجم:إن ي تبعون إال الظن وما ت هحض يللوك عن سبيل الله إن ي تبعون إال الظن وإنح همح إال يحرصون وإن تطعح ) (8) ث ر من ف األرح ( أكح

(.112)األنعام:ء كذلك ( (9) نا من شيح نا وال آباؤنا وال حرمح ركح ركواح لوح شاء الله ما أشح ب الذين سي قول الذين أشح كذ

رجوه لنا إن ت تبعون إال الظن نح علحم ف تخح وإنح أنتمح من ق بحلهم حت ذاقواح بأحسنا قلح هلح عندكم م (.145()األنعام:إال تحرصون

ض يللوك عن سبيل ا) (11) ث ر من ف األرح لله إن ي تبعون إال الظن وإنح همح إال وإن تطعح أكح (.112()األنعام:يحرصون

لمح إنا ق ت لحنا الحمسيح عيسى ابحن مرحي رسول الله وما ق ت لوه وما صلبوه ول كن شبه ) (11) لمح وإن وق وحت لفواح فيه نحه ما لم به منح علحم إال ات باع الظن وما ق ت لوه الذين اخح لفي شك م

(.181()النساء:يقينا

الوحيد هو عالم الدنيويين عندما جعلوا مصدر علمهم ن إ (2)و (1)تخبرنا اآليات المذكورة في ، طبيعية كانت أم الحس، أي علم السنن المحسوسات، كان البد أن ينحصر علمهم فيما يظهر منها لوسائل

Page 47: العلم والمعرفة بين نموذجين

(47)

47

. ، وهو ما جحده الدنيويونومن ثم فقه القلوب ،. ذلك أن علم اآليات يقتضي اإليمان بعالم الغيباجتماعيةتصف الواقع المعرفي للبشر الممتد عبر تاريخهم الطويل، وفي قضايا معرفية شتى تغطي (11-3)اآليات من

ي ص القضية المعرفية في قانون ذهبلممتدة بين عالمي الغيب والشهادة، ثم تلخ ا ،كل المساحة المعرفية للبشر، كما مستوى القضية المتعلقة بالحقيقة (. وهذا القانون يصدق علىال يغني من الحق شيئا الظن إن : )هو

تعلق بغي أن يكون موهو الذي ين ،يصدق على مستوى القضية المعرفية. فالحق هو الذي قام عليه الوجودإما أنه موجود أو عالم الشهادة. فمتعلق العلم البشري ،سواء كان فيما يتعلق بعالم الغيب ،ومطلوب العلم البشري

م ،فيصبح وجوده حقا عند الناس، ولن يغني الظن من الحق شيئا في هذه ا أنه غير موجود فيصبح وجوده ظناوا نه قتل أو لم يقتل، والشخص الذي إما أ ،عليه السالم ،عيسىلى إما أنه موجود أو غير موجود، و الحالة. فاهلل تعا

ما ال.و أيدروجين وذرة أ تي تهم بقتله إما أنه قتله أو لم يقتله، وذرة الماء إما أنها تتكون من ذر ا كسجين وا ، أو أنه ال يبحث صبح ظناح علما، أو يخطئه فيبصواإلدراك البشري إما أنه يبحث عن الحق فيصيبه في

ص. وكلتا الحالتين ال يغني قوله من هذا المنطلق فهو تخر بح أيضا ظنا وهوى متبع، وكل ما يصق فيعن الحاالعتقاد مقياس التحقق من مطابقة الظن فيهما من الحق شيئا، مهما ترجح الظن لدى صاحبه. أما اليقين فهو

حقاليقين و عينوينتهي ب يقينالوهو درجات يبدأ بمجرد ،لمعلوما الجازم الذي نحمله للحق الذي نطلبه في اليقين.

والمعرفة البشرية إذا طلبت الحق في أي شيء فإن اإلشكال الذي يواجهها دائما هو المنهجية التي تمكنها المعلوم مطابق لحقيقته. من اإلرتقاء بمعرفتها إلى درجة العلم، أي اليقين من أن اإلعتقاد الجازم الذي نحمله عن

هتداء إلى منهجية تمكنها من إرساء م يقيني فإن البشرية عاجزة عن االالذي يحتوي على علالوحي بوفي غياالتجريبي القائم على االستقرائي علومها على قاعدة يقينية. وأفضل ما توصلت إليه في هذا الشان هو المنهج

م يقيني، حتى في المجال ربة، ولكنه ظل عاجزا عن مد البشر بعلة الحسية والرصد والتصنيف ثم التجالمالحظالذي حقق فيه نجاحا باهرا، أال وهو مجال المادة. وبسبب هذا القصور الذاتي في منهجية المعرفة البشرية ظل

الفالسفة علماء و الكتساب العلم، عرضة للشك والزعزعة من قبل كبار صيدها من العلم، بل وقدرتها على ار .الغربيين

ة( ممكن )علم السنن الكونيبظاهر الحياة الدنياعلم الأعاله أن ( 2)و (1)يات ولكن اهلل تعالى أثبت في اآلن ن المنهج اإلستقرائي الظني قد مكن البشرية من اكتشاف الكثير مإ. والحق يقال تحصيله من قبل الدنيويين

جح الذي انبنى عليه العلم التكنولوجيا الحديثة. والظن الراالعلوم الطبيعية و نفجار الحقائق الكونية التي أدت إلى اظن هعن تلك الحقيقة، ولكن الذي نحمله عتقاد الجازمالعلمية المكتشفة، وال في اال الطبيعي ليس ظنا في الحقيقة

ن وصل إلى درجة في علمهالتبريري البرهاني م من أن يدعي اليقين ن العال في المنهج بحيث ال يمك حتى وا ث رهمح إال ): ينفي أو يناقض القاعدة القرآنية ولنا إن العلم البشري ظني الق . إذا اليقين الكشفي اإللهامي وما ي تبع أكح

ق شيحئا ذلك أن الحقيقة العلمية في ذاتها ال يمكن أن تكون ظنية، ، (32()يونس:ظنا إن الظن ال ي غحن من الحفتراضها كبد الحقيقة التي أن تصنف كعلم إال إذا صادفت في ا كنوالفرضية التي أدت إلى اكتشافها ال يم

Page 48: العلم والمعرفة بين نموذجين

(48)

48

المؤيدة. والظن الراجح وحده لن يكفي لتحويل الفرضية إلى علم وال متعلقها إلى رب الواقعيةيسندها تراكم التجاالذي حق ال ال ،وحده محق، إال إذا كان الحق أصال موجودا وصادفته الفرضية، ويظل الظن المنهجي يحكم العال

يطلبه. السابقة المتعلقة بمحتوى العلم هو أن العلم البشري ن الذي نفهمه من اآليات القرآنيةإوخالصة القول

ستخدام باوأن المجاالت المحدودة التي أمكن الوصول فيها إلى علم ،الظن يقوم عليعن الوحي المبتوتالبشرية رتقاء بومسخرا لخدمة أهدافها، ولم يسخر لال، مناهجه، ظل هذا العلم قاصرا على ظاهر الحياة الدنيا

اهلل تعالى وعبادته.ب نحو كمالها الذي هو العلم

مالعال -3121411

بون ) (1) تكح سح نكرة وهم م منون باآلخرة ق لوب هم م (؛66()النحل:إلكمح إله واحد فالذين ال ي ؤحا هم ببالغيه إن الذين ) (6) ر م يادلون ف آيات الله بغيح سلحطان أتاهمح إن ف صدورهمح إال كب ح

ميع الحبصي تعذح بالله إنه هو الس ؛( 82()غافر:فاسح (؛6()ص :بل الذين كفروا ف عزة وشقاق ) (3)تمعوه وهمح ي لحعبون ما يأحتيه ) (4) م حمحدث إال اسح ن رب ر م ن ذكح (؛6()األنبياء:م منسان ليطحغى) (8) (؛ 2 ()العلق:كال إن اإلحمح ) (2) وف ل ن حعام والنار مث ح عون ويأحكلون كما تأحكل األح (؛16()حممد:والذين كفروا ي تمت لمون ) (1) ف ت عح عواح فسوح ناهمح ف تمت فرواح با آت ي ح (؛ 88()النحل:ليكحت يحقني ) (5) (؛36()الاثية:إن نظن إال ظنا وما نحن بسحن حعام ب ) (3) قلون إنح همح إال كاألح معون أوح ي عح ث رهمح يسح لح همح أضل أمح تحسب أن أكح

(.44()الفرقان:سبيال ر أن يصرف همته إنما اختار في حقيقة األم)إن هي إال حياتنا الدنيا( : يخبرنا القرآن الكريم أن من قال

اهل إلى تعظيم متاعها. فهو إذن شخص اله القلب، وغافل عن حقيقة الحياة الدنيا. يستوي في هذا األمر الج، قد استحب العمى على الفجور ي القرآن شخص تمكنت من نفسه أخالقف ويين. والدنيويوعالم الفيزياء من الدني

إن نظن إال ظنا وما نحن ): ه الغرور فقالعنده من العلم، وغر فهو مستكبر، معرض عن الحق، فرح بما الهدى،ت يحقني .(36()الاثية:بسح

المنهجية -4121411

Page 49: العلم والمعرفة بين نموذجين

(49)

49

والله ): تحصيل العلم، سواء كان العالم مؤمنا أم كافرا هو قوله تعالىومنهاج في منهجية مالحاكالمبدأ إن ع واألبحصار واألفحئدة لعل مح لمون شيحئا وجعل لكم الحس هاتكمح ال ت عح ن بطون أم رجكم م كرون أخح .(15()النحل:كمح تشح

ثاوية فيها بغرض يربط بين هذه الوسائل اإلدراكية المعنوية وبين أعضاء الجسد الالكريم ظ أن القرآن ونالحعند فوسائل العلم اإلدراك، فالسمع متعلق باألذن، والبصر متعلق بالعين، والفؤاد متعلق بالقلب الذي في الصدر.

ن قوة إدراك هذه الوسائل يعتمد على أحوال ولك ،الفؤاد ا الحواس زائد وهي ،من حيث المبدأ جميع البشر متساويةوموقف اإلنسان من زينة الحياة الدنيا ف اإلنسان من زينة الحياة الدنيا،وأحوال القلب تعتمد على موق القلب،

إيمانه بالدار اآلخرة رمقداموقفه و ، أي بموقفه من اإليمان باهلل تعالى، وعلى مقدار إيمان من آمن يعتمد علىن إدراك التي تحجبه ع األخالق واألعمال سه، وتطهيره لقلبه من فاسدا وجحيمها، ومن ثم مقدار تزكيته لنفبنعيمه

معون با فإن ها ال ت عح ) :حقيقة الكون كما هي عليه قلون با أوح آذان يسح ض ف تكون لمح ق لوب ي عح رح مى أف لمح يسيوا ف األحمى الحقلوب الت ف الصدور األح أفال ي تدب رون الحقرحآن أمح على ق لوب ) (؛42()الج:بحصار ولكن ت عح

فالا (؛ 1()البقرة:يم ختم الله على ق لوبمح وعلى سحعهمح وعلى أبحصارهمح غشاوة ولمح عذاب عظ ) (؛64()املطففي:أق حن عن ح ) ناكمح فيه وجعلحنا لمح سحعا وأبحصارا وأفحئدة فما أغح ك ناهمح فيما إن م ن ولقدح مك همح سحعهمح وال أبحصارهمح وال أفحئدت هم م

ء إذح كانوا يححدون بآيات الله و زؤونشيح ت هح ا كانوا به يسح (.62()األحقاف:حاق بم م

وهو القلب الذي ينقصها بعد أساس، أال ،في القرآنبحسب ما ورد ،دنيويينالمنهجية المعرفية عند الإذن ف جعل من تعظيم متاع الحياة الدنيا هدفاهو ناجم عن موقف قيمي إنما المنهجي ر. وهذا القصو يفقه ويعقل

وهذا الموقف القيمي حرم دعى لنفسه رغم ذلك الحياد والموضوعية.لحياة، وأنكر الدار اآلخرة، واة عليا في اوقيممن المصدر الوحيد الذي يمده بكليات علمية مقطوع بصدقها يقينا، أال وهو الوحي. ومن ثم فإن الكليات الدنيوي

التعميم المؤسس على التجريد وأ ،منهج االستنباطيفي ال إنما تقوم على الفرض والتخمين د الدنيويالعلمية عن ن وهكذا فإالقاصرة بحكم الموقف القيمي المسبق. ،السمعية والبصريةالجزئية، المالحظة االستقرائي الناجم عن

. والظن هنا يأتي من عدة م الدنيويهجية البحث العلمي عند العال الظن وليس اليقين هو أهم سمة تميز منومنها عدم وجود اللغة البشرية على نقل حقيقة المحسوسات كما هي، عدم قدرة وسائل الحس مصادر منها

ومنها عدم القدرة على عبير عن المشاهدات الحسية كما هي،دة من التعميمات واإلبهام بحيث يمكنها التالمجر .لظاهرة التي منها تستقرأ الكلياتاإلحاطة بكل جزئيات ا

تطبيقاتال -5121411

وال واألح ) (1) مح نكمح وتكاث ر ف األح ن حيا لعب ولحو وزينة وت فاخر ب ي ح ياة الد ا الح لموا أن جب اعح وحالد كمثل غيحث أعحخ فرا ث يكون حطاما وف اآلح ار ن باته ث يهيج ف ت راه مصح وان وما الحكف ن الله ورضح رة عذاب شديد ومغحفرة م

ن حيا إال متاع الحغرور ياة الد (.61()الديد:الح

قلون ) (2) قون أفال ت عح ر للذين ي ت ار اآلخرة خي ح ن حيا إال لعب ولحو وللد ياة الد (.36()األنعام:وما الح

Page 50: العلم والمعرفة بين نموذجين

(51)

51

تمعوه وهمح ي لحعبون ) (3) م حمحدث إال اسح ن رب ر م ن ذكح (.6()األنبياء:ما يأحتيهم م

التي في ظيم متاع الحياة الدنيا، إنما تقوم على تع الدنيوية رؤية العالم ابقة تخبرنا أنإن اآليات الكريمة الس لعلم في النموذج المعرفي الدنيويفي األموال واألوالد. إذن فإن الهدف األساس من ا وتكاثر ،جوهرها لهو ولعبثم ترويضه واستغالله إلشباع شهوات اإلنسان من متاع الحياة الدنيا. وهذه النتيجة ،الكون هو اكتشاف سنن

.سواء كان على مستوى الفكر أو التطبيق ،المعاصرة رة الغربيةتطابق تماما جوهر الحضا

حالة تفسيرية مثال من القرآن: الظاهرة السبئية -511

بين تفسير النسق المعرفي التوحيدي للظواهر الكونية وذلك الدنيويلعل خير مثال نسوقه لندلل به على الفرق نسانية، ه القرآن الكريم في سورة سبأ عن اهو ما أورد نهيار سد مأرب وما سبقه وما تبعه من ظواهر طبيعية وا

، وبوتيرة متسارعة، مما يضفي على ولقد أطلقنا عليها ظاهرة ألنها تظل تتكرر إلى زماننا هذا ية تفسيرها.وكيف جاء في هذا الخصوص قوله تعالى: تفسيرها القرآني أهمية خاصة في إطار النموذج المعرفي التوحيدي.

كنهمح آية جنتان ع ) كروا له ب لحدة طيبة ورب غفور لقدح كان لسبإ ف مسح *ن يي وشال كلوا من رزحق ربكمح واشح ذواتى أكل خحط وأ لحناهم بنت يحهمح جنت يح رضوا فأرحسلحنا عليحهمح سيحل الحعرم وبد ر ق فأعح ن سدح ء م ذلك جزي حناهم *ليل ثحل وشيح

ر سيوا فيه *با كفروا وهلح نازي إال الحكفور ي ح رحنا فيها الس نا فيها ق رف ظاهرة وقد الحقرف الت باركح ن همح وب يح ا وجعلحنا ب ي حناهمح كل مزق إن ف ف قالوا رب *ليال وأياما آمني فارنا وظلموا أنفسهمح فجعلحناهمح أحاديث ومزق ح أسح ذلك نا باعدح ب يح

ن الحم *آليات لكل صبار شكور ق عليحهمح إبحليس ظنه فات ب عوه إال فريقا م مني ولقدح صد ن *ؤح وما كان له عليحهم مء حفيظ ها ف شك وربك على كل شيح خرة منح هو من ح من باآلح لم من ي ؤح (.21-15سبأ : ) (سلحطان إال لن عح

، موذجين المعرفيينثم ندعو كال من الننا اآلن نعيد سرد الوقائع القرآنية بأسلوب أهل األرض دعو ، في قديم الزمان،نت هناكلقد كا نا تفسيرا علميا للظواهر الواردة في اآليات الكريمة.اعطيلي الدنيوي والتوحيدي،

ولقد تمكنت تلك القبائل من إقامة مملكة ذات حضارة تسمى مملكة سبأ. قبائل تسكن في أرض قيل إنها اليمن،ن من زراعة رياض مك عبر الزمان مما سد عظيم تجمعت فيه مياه األمطار ولقد تمكنت تلك المملكة من إنشاء

غرق السفر تاز يسغناء وبساتين فيها كل أنواع الفواكه والثمار. وكانت لهؤالء القوم تجارة مع بالد الشام والحجكذا سارت الحياة ولكن وجود القرى الكثيرة على الطريق جعل سفرهم أكثر أمنا وأقل مشقة. وه فيها زمنا طويال،

السد فانهار، نما اجتاح سيل كاسحثم فجأة تبدل كل شييء حي دعة ردحا من الزمن،وم هادئة وابأولئك القها مقارنة بثمار أجدبت األرض ولم تعد تنبت إال ثمارا صحراوية ال يستساغ مذاقوتبعته ظواهر بيئية جديدة، فقد

مما ،لئك القوم إلى مختلف أنحاء األرضفردية وجماعية ألو . وصاحب كل ذلك نزوح وهجرات من قبلما كان وتشريدها. المجتمع والجماعاتأدى إلى تمزق

Page 51: العلم والمعرفة بين نموذجين

(51)

51

نسانية تالحقت خالل هذه هذا باختصار مضمون القصة القرآنية، ونالحظ أن هناك ظواهر طبيعية وا نهار بعد إعمار. اقتصاد وأسر تشتت بعد استقرار، وافهناك سد قد انهار، وأرض أجدبت بعد اخضرار، القصة،

وبوتيرة متسارعة، البشرية وقائعها األليمة في عصرنا هذا، م تعيشوجميع هذه الظواهر التي حدثت ألولئك القو التفسير العلمي السليم لها يكتسب أهمية ن ائمة هموم البشرية اليوم. لذلك فإبل لعلها تحتل موقع الصدارة في ق

كاديمي الذي نحن بصدده.عملية تتجاوز مجرد التمرين األ

يجاد ،إرسال فريق من علمائها لدراسة الظاهرة السبئية طلب من المدرسة الوضعية الدنيويةواآلن لن وا ح من المرج وما ينبغي على البشرية أن تفعله حتى تتفادى حدوث كارثة كهذه. ،تفسير علمي ألسباب حدوثها

،والزراعة ، والبيئة،والمناخ ،والجيولوجيا ،علماء في الهندسة يالعلمي للنموذج المعرفي الدنيو أن يضم الفريقف يكون من مسلمات وغيرهم ممن لهم عالقة بتلك الظواهر. وسو واالجتماع ،واالقتصاد والدراسات السكانية

الالزمة للدراسة لهؤالء العلماء ما يلي: النموذج

عليه أن ر قيمية مسبقة عما حل بسبأ، بلفكامحايدا قيميا، بمعنى أن ال يحمل أي أالباحث أن يكون -1 ؛فقط استهيأخذ جميع معطياته التحليلية مما يشاهده ويعايشه في موقع در

؛لتلك الظاهرة غيبية في تفسيره أبعادإقحام أي عدم -2

يمكن أن تندرج تبنى حولها نظريات عامةواجتماعية سلوكية منتظم عادات البحث عن قوانين طبيعية و -3 ؛الظواهر موضوع الدراسةتحتها

ليها تجريبيا.الوصول إلى نتائج يمكن البرهنة ع -4

اء الهندسة الوضعية عن الظاهرة السبئية. إن علم الدنيوية نلقي نظرة على التقرير العلمي لعلماءاآلن مكانية السد، يوالفيزيائية التي على أساسها بن نهيار السد في القوانين الهندسيةاسوف يبحثون عن أسباب وا

ضغط التيار المائي، وعمر السد وجود خطأ ما في النسب التي بها خلطت مواد البناء، وقوة مقاومتها لوالصخور التي إلخ. وعلماء الجيولوجيا سوف يبحثون في طبيعة التربةبة..فتراضي، والزوايا الهندسية المناساال

يار السد بخطأ معماري أو جيولوجي من نوع ما، نهاوالراجح أن يعلل هؤالء العلماء إلخ.السد.. يمنها بن وسوف تكون توصيتهم هي مراعاة عدم الوقوع في مثل تلك األخطاء مستقبال.

األرض شوكا بعد أن كانت والمناخ المنوط بهم دراسة األسباب التي أدت إلى أن تنبت البيئة أما علماء في للنبات اب في التغيير الذي طرأ على المكونات الغذائية ، فغالبا ما يبحثون عن األسبتنبت ربما تينا وزيتونا

إلخ. ..منها للتين والزيتون ة أصلح للسدرفي أرض سبأ، والتغييرات المناخية المفاجئة التي جعلت البيئ التربةدخا ستفادة من المياه ل دورة زراعية بطريقة معينة، واالوربما يوصون بضرورة إضافة أسمدة من نوع ما، وا

Page 52: العلم والمعرفة بين نموذجين

(52)

52

إن أردنا أن نعيد الزراعة في سبأ (Green Houses)بل وحتى استخدام المباني الخضراءوفية إن وجدت، الج سيرتها األولى.

قتصاد السبئي والهجرات السكانية التي تلت اب انهيار االقتصاد والسكان فسوف يرجعون أسبأما علماء االالنهيار سوق العمل بسبب خراب السد. ونتيجة نهيارمفاجئة نتيجة الذلك إلى تناقص اإلنتاج بصورة حادة و

،من معيشة ضنكة وما تال ذلك ،للنقص الحاد في الغذاء القطاع اإلنتاجي، وارتفاع أسعار السلع الغذائية نتيجةى إلى المزيد من إضعاف هاجرت األيدي العاملة القوية للبحث عن مصادر رزق في أماكن أخرى، مما أد

ت المجاعة نتيجة كل ذلك فمات من مات وهاجر من هاجر. أما اجا واستهالكا. وربما حل إنت ،قتصاديةالبنية االوقيام ،التوصيات فغالبا ما تربط إعادة الحياة اإلقتصادية والسكانية سيرتها األولى بضرورة إعادة بناء السد

المشاريع الزراعية التي كانت من قبل.

لظاهرة ه لومعالجات ذج المعرفي الوضعي الدنيوي في دراستهمله ما نتوقعه من تقرير النمو هذا في مجمدرسة الوضعية. شروط البحث العلمي الذي تقرره ال ،ن لم يكن كلة. وهو تقرير كما نرى يستوفي جل، إالسبئي

تدارك أهل سبأ جميع األخطاء التي ذكرها تقرير علماء الوضعية، أو أعادوا كان قد رى لو : ت ولكن يبقى السؤالل إنهيار السد أمام الضغط تيب أمورهم من جديد بناء على تلك التوصيات، هل كان ذلك يقلل من احتماتر

.المتولد عن سيل العرم الجارف؟ المائي

حاسمة، ولكنها "نعم"هي ،معطيات النموذج المعرفي الدنيوي على بناء ،إن اإلجابة على هذا السؤالكما تقررها آيات القرآن الكريم موضوع الحديث. المعرفي التوحيدي،معطيات النموذج نافية بناء على "الء"

.الظاهرة السبئية؟ رى يفسر النموذج المعرفي التوحيديفكيف يا ت

لقد قلنا من قبل إن العلم المتعلق بالسنن الطبيعية واالجتماعية في النموذج التوحيدي له دوران؛ عقدي ؛ في الظاهرة موضوع الدراسة نتباه اإلنسان إلي الفعل اإللهي المهيمنووظيفي، أما الدور العقدي فيتعلق بلفت ا

وأما طمعا في وعده وخوفا من وعيده. ، إما كدليل على الفاعل لتوحيده، أو لالعتباربلغة القرآن ية(اآل)أي إلى السنن دالعمران في األرض. وغالب ورو الدور الوظيفي فيتعلق بتوظيف تلك السنن من أجل تحقيق المعايش و

، في إطار النموذج لذلك نجد أن القرآن الكريم في تفسيره للظاهرة السبئية العقدي. امصوب نحو دوره في القرآنفورود ،(لقد كان لسبأ في مسكنهم آية): ، وذلك في قوله تعالىمناسبال تفسيريبدأ بتحديد اإلطار ال التوحيدي،

غيبي موصول بخالق األكوان سببي في إطار الظاهرة يضعريم ية في القرآن الككلمة آية في إطار ظاهرة كونالتي ،(المسيري)على قول ،، ومن ثم يخرجها من دائرة السببية المادية الصلبةبخطة الخلق العامةسبحانه و

الثاوي بتالء وم سبأ االنتباه لها هي طبيعة االواآلية التي كان على قالنموذج المعرفي الدنيوي. هي من سماتومقتضيات ذلك اإلبتالء. )المال،البنون(،زينة الحياة الدنياالفتنة في القائم على ، خطة الخلق العامةي ف

فالجنان الوارفة التي تحفهم عن يمين وشمال، والسد المنتصب وقد امتأل بالماء، والمال الوفير المتدفق من

Page 53: العلم والمعرفة بين نموذجين

(53)

53

كل ذلك إنما يرد تفسيره في ا بسبب تلك النعم، والحياة الطيبة التي كانوا يعيشونهتجارتهم مع الحجاز والشام، سن ) :الحكيم نذكر منها قوله تعالى ذكرسلسلة من آيات ال لوهمح أي همح أحح ا لنب ح ض زينة ل رح إنا جعلحنا ما على األح

ن حيا والح (؛ )1()الكهف:عمال ياة الد ر الحمال والحب نون زينة الح ر عند ربك ث وابا وخي ح الات خي ح باقيات الصر عظيم )(؛ 42()الكهف:أمال نة والله عنده أجح والكمح وأوحالدكمح فت ح ا أمح هم به من ) (؛18()التغابن:إن ا ند أيحسبون أن

ال وبني عرون نسارع *م رات بل ال يشح ي ح ارا ) (؛ 82-88()املؤمنون:لمح ف الح ت غحفروا ربكمح إنه كان غف *ف قلحت اسحرارا دح ماء عليحكم م وال وبني ويحعل لكمح جنات ويحعل لكمح أن حه *ي رحسل الس وإذح ) (؛16-11()نوح :ارا ويحددحكمح بأمح

جدواح آلدم ) (؛ 1()إبراهيم:تأذن ربكمح لئن شكرحتح ألزيدنكمح ولئن كفرحتح إن عذاب لشديد وإذح ق لحنا للحمآلئكة اسحت طي جد لمنح خلقح م الحقيامة *نا فسجدواح إال إبحليس قال أأسح رحتن إل ي وح ت علي لئنح أخ قال أرأي حتك ه ذا الذي كرمح

تنكن ذري ته إال قليال فورا *ألحح وح همح فإن جهنم جزآؤكمح جزاء م ززح من *قال اذحهبح فمن تبعك من ح ت فح همح واسح ت من ح تطعح اسحهمح وما يعدهم وال واألوحالد وعدح همح ف األمح لبح عليحهم بيحلك ورجلك وشاركح تك وأجح يحطان إال غرورا بصوح إن عبادي *الش

تقيم ) ؛ (28-21إلسراء : ()اليحس لك عليحهمح سلحطان وكفى بربك وكيال عدن لمح صراطك الحمسح وي حتن ألق ح قال فبما أغحث ره * د أكح انمح وعن شآئلهمح وال ت أيحديهمح ومنح خلحفهمح وعنح أيح ن ب يح هم م (.11-12)األعراف:مح شاكرين ث آلتي ن

لقدح ) ما العمل الحسن أو الصالح المطلوب من قوم سبأ في هذا المقام فهو ذلك الذي يؤدي إلى شكر النعمة: أكروا له ب لحدة كنهمح آية جنتان عن يي وشال كلوا من رزحق ربكمح واشح وفي .(18أ:)سبطيبة ورب غفور كان لسبإ ف مسح

في حياة الناس طردة ضفإن شكر النعمة أو كفرها تترتب عليه سنن م كمنهجية تفسيرية توحيدية اآليات إطاربأن ذلك ) ؛( 1()إبراهيم:وإذح تأذن ربكمح لئن شكرحتح ألزيدنكمح ولئن كفرحتح إن عذاب لشديد ) : يلخصها قوله تعالى

يع ع رواح ما بأنفسهمح وأن الله س م حت ي غي مة أن حعمها على ق وح را ن عح رض عن ) ؛(83()األنفال:ليم الله لح يك مغي ومنح أعحمى م الحقيامة أعح ري فإن له معيشة ضنكا ونحشره ي وح من )(؛ 164طه:)ذكح ن ذكر أوح أنثى وهو مؤح منح عمل صالا م

سن ما كانواح ي عحملون رهم بأحح همح أجح زي ن يي نه حياة طيبة ولنجح صيبة فبما ) :وفي قوله ؛(31()النحل:ف لنحح ن م وما أصابكم مفو عن كثي كسبتح أيحديكمح ن ن قيضح له شيحطانا ف هو له قرين ) (؛31()الشورف:وي عح ر الرحح ش عن ذكح وإن همح *ومن ي عح

تدون هح بيل ويحسبون أن هم م ون همح عن الس (.31-32()الزخرف: ليصد

نسانية إنما كانت تستصحب معهإذن عندما فسرت اآليات ما حاق بقوم سب ا هذه أ من كوارث طبيعية وا ،شكرا أو كفرا ،العالقة بين أفعال الناس في تعاملهم مع زينة الحياة الدنيا السنن اإللهية المضطردة التي تحكماض قوم سبأ عر نهيار السد بإان الكريم إنما فسر إيجابا وسلبا. لذلك فإن القرآ ،وبين ما يكتنفهم من ظواهر كونية

فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل )السابغة عليهم، ظاهرة وباطنة، فأرسل عليهم سيل العرمعن شكر اهلل على نعمه الغنيتين بأخريين جنتيهم وبدل ،(ولئن كفرتم إن عذابي لشديد): نها في قولهكنتيجة الزمة لسنته التي بي (العرم

يع عل ذلك بأن ال فقيرتين تحقيقا لسنته: رواح ما بأنفسهمح وأن الله س م حت ي غي مة أن حعمها على ق وح را ن عح يم له لح يك مغي تؤزهم أزا كنتيجة لسنته التي ال تحويل لها وال تبديل: ) ومن يعش عن الشياطين لهم وقيض(. 83()األنفال:

Page 54: العلم والمعرفة بين نموذجين

(54)

54

فهو له قرين(، وقد دل على ذلك ختمه تعالى لقصة سبأ بتصديق إبليس ظنه ذكر الرحمن نقيض له شيطانابليس وذريته من الشياطين طرف أصيل وعنصر أساس في خطة الخلق فيهم فاتبعوه إال فريقا من المؤمنين. وا

سبأ: التي أصابت قوم كارثة النزوح واللجوء السكاني يصدق علىونفس التحليل العامة بتفاصيلها التي سلفت. وينبغي أن (121:سبأ)(فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق)

ل من هو قاهر فوق عباده ب نالحظ أن النموذج التوحيدي قادر على أن يقول إن سيل العرم أرسل قصدا من ق بدا.عي ذلك أد، ولن يستطيع النموذج الدنيوي أن يلتدمير حياة سبأ

في تفسير الظاهرة السبئية لجد أوردها النموذج المعرفي التوحيدي وهكذا نرى أن العالقات السببية التي نه ما لم تنتف األسباب التيلتي أمدنا بها النموذج المعرفي الدنيوي. لهذا نستطيع أن نقول إمختلفة عن تلك ا

نتفاء األسباب التي أوردها النموذج الوضعي ئية فإن اأوردها النموذج المعرفي التوحيدي في تعليل الظاهرة السب وحدها لم ولن يكون كافيا لزوال ما أصاب قوم سبأ من كوارث، ناهيك عن ضمان عدم وقوعها أصال.الدنيوي

وهذا يعني أن السياسات االصالحية التي سوف يوصي بها النموذج التوحيدي، في إطار تفسيره للظواهر .)السنني(والوظيفي )الغيبي(، سوف تتمدد في المجالين العقدييةاالجتماعية والطبيع

في إن العالقات السببية التي أوردها القرآن الكريم في تفسير الظاهرة السبئية ما كان لها أن تكتشف أبدا النموذج ببية المندرجة في إطار بينما الس ،ال تراوح ظاهر الحياة الدنيا إطار الرؤية الكونية الدنيوية، ألنها

المبنية على معطيات الوحي اإللهي. إن هذه العالقة الرؤية الكونية التوحيديةا إالهال تكشف عن التوحيديحياتهم من اهلل، وبين ما يكتنف ، من حيث كونها شكرا أو كفرا بأنعممن جهة سالسببية الهامة بين أفعال النا

الطبيعية في دراسة العلوم و التوحيدية جتماعيةالعلوم اال صر مهم في تكامللهي عن ،واجتماعية ظواهر طبيعية ومن ثم أكثر علمية؛ والسياسات ،إلى نتائج أكثر صدقا ير. مثل هذه المنهجية البحثية تؤدتلك الظواه

اإلصالحية التي تنبني عليها أحكم وقعا، وأبعد مدى، وأكثر استدامة من تلك التي تتأتى من تفسيرات وتوصيات ، التوحيدية المستقاة من علوم الوحيولكن هذا ال يتأتى إال في إطار الرؤية الكونية المعرفي الدنيوي. النموذج

القائمة على السنن السببية "السائلة" بتلك الصلبة القائمة على القوانين الفيزيائيةمما يؤدي إلى مزج السببية تجانس.متكامل وم يفي إطار نسق معرفالتي بينها الوحي، المعنوية

تفسيرهم اليومي والطريف حقا هو أن عامة المسلمين يستخدمون السببية التي أشرنا إليها سابقا بكثرة في العلوم الغربية الحديثة، طبيعية سيرات المؤسسة على تصرفهم التف ، والللظواهر واألحداث التي تكتنف حياتهم

. ولكن األبحاث العلمية التي يقوم بها ، وكل حدثاهرةعن حقيقة األمر اإللهي الذي هو وراء كل ظ ،واجتماعيةتخلوا تماما من اإلشارة إلى هذا النوع من العالقات سلمين من خريجي المدرسة الوضعية الدنيويةعلماء الم

. والسبب في ذلك طبعا أن المنهجية الوضعية ال الحسي والمختبر الغيبي السببية التي يتكامل فيها علما الخبر فيها لما ال يمكن ضبطه بوسائل الحس من مالحظة وتجربة. مكان

Page 55: العلم والمعرفة بين نموذجين

(55)

55

االجتماعية، منتظم العادات و بية المبنية على السنن الطبيعية وال ينبغي أن يفهم من هذا أن العالقات السب، ولكنا أوردنا لعالقات السببية للنموذج التوحيدي، ليست جزءا من ااها في إطار النموذج الدنيويالتي أوردن

لزيادة في العالقات لنبين مدى اية ها القرآن في تفسير الظاهرة السبئالكلية التي اقتصر عليالمعنوية نن الس. ويمكن أن نجمل هذه المقارنة بين ميز بها النموذج المعرفي التوحيدي عن نظيره الدنيويالسببية التي يت

في النتيجة اآلتية:من خالل تفسير كل منهما للظاهرة السبئية، ،النموذجين المعرفيين

النموذج المعرفي التوحيدي يستوعب ويتجاوز النموذج المعرفي الدنيوي

ف حياتهم وهم أو تكتن ،وهو يفسر الظواهر التي تنجم عن أفعال الناس إن النموذج المعرفي التوحيديالسنن اإللهية ؛أوال ،يأخذ في االعتبار ونيل حظوظهم من متاعها، زينة الحياة الدنيال يتدافعون في تحصيلهم

شكرا أو كفرا، كتلك التي فسر اهلل تعالى بها الظاهرة ،اهلل لتي بنيت على تعامل الناس مع نعماالكلية الحاكمة منتظم العادات االجتماعية، يتدرج في إيراد األسباب الحسية المبنية على السنن الطبيعية و ؛، ثانياالسبئية. ثم

التي أوردها القرآن السنن المعنوية الكلية ع الظواهر. فكأن و ا المسئولة مباشرة عن وقالتي تبدو للناس عادة أنهظواهر، بينما السنن الطبيعية ومنتظم هي المسئولة حقيقة عن الظاهرة السبئية، وما يجييء على شاكلتها من

ول الناس بأفعالهم على دخ ةرتبر اهلل المتاقدأ وقوعلجتماعية ال تعدوا أن تكون آليات العادات االأنماط الفعل و الكلية. وال يقلل هذا بالطبع من قيمة السنن الحسية المعنوية أو بعض تلك السنن في مجال عمل كلاإلرادية

بمقتضى هذه السنن يتم الهروب . ذلك أنه كأساس ومجال للفعل البشري اإلرادي في تعامله مع زينة الحياة الدنياإلى من الجوع، من الخوف إلى األمن، ؛ من الفقر إلى الغنىألطف منه خرمن قدر من أقدار اهلل إلى آ

معنوية والخروج من سنة لعافية، ومن الحر إلى الظل...الخ،من المرض إلى ااإلطعام، من العري إلى الكساء، لق الثاوي في خطة الخبتالء ، كل ذلك في إطار االمثل سنة الشكر دخول في أخرىوالمثل سنة الكفر كلية

ختياري فيه يحاسبون.، وبكسبهم االفي هذه األرض قوم عليه حياة البشرالذي تالعامة

عندما يقبل على دراسة الظواهر السالبة التي تحيط ،جتماعيا ا م، سواء كان طبيعيا أم المسلمالعال إن ، جتماعيةبدنية واالاألمراض ال، تلوث البيئة، الجفاف والتصحر، المجاعات، الفيضانات، بالناس كالزالزل

إلخ، أو على دراسة الظواهر الموجبة في كل مظاهر زينة الحياة الدنيا كوفرة في اإلنتاج وغزارة في الحروب..النظام إلخ، البد أن يستصحب معه نولوجيا وعافية في النفس والبدن..ر من العلم والتكفاألمطار وحظ وا

السببية. تلك العالقات السببية التي تجعل العالقة بين اإلنسان العالقات تتكامل فيه المعرفي التوحيدي الذي في قلب األسباب ومن ثم الدراسة. ،من حيث األمر والنهي، واإلذعان والعصيان ،وبين خالقه

فعال تنسجم فيه العالقات السببية الكلية في كيفية بناء نموذج معرفي توحيديويبقى التحدي الكبير ، أن يدرس أسباب اللجوء والنزوح مثال ،حسية، بحيث يستطيع عالم اإلقتصاد المسلملامعنوية و الالجزئية، و

Page 56: العلم والمعرفة بين نموذجين

(56)

56

قتصادي الذي حل بقوم سبأ فيحدد السنن المعنوية الكلية الحاكمة للظاهرة، والخراب اال والهجرات السكانيةاس في مجال عمل نالتي أدخلت ال ،الطبيعي واإلجتماعي نمجاليالفي ،الراتب وأنماط الفعل البشري اإلرادي

نه ذلك ينبغي أن يمك ك هذه السنن الكلية، ومن ثم تقديم تفسير علمي تتكامل فيه السببيتان "الصلبة" و"السائلة".هذا النموذج من تحديد السنن المعنوية الكلية البديلة التي يؤدي الدخول فيها إلى إصالح الحال، وأنماط الفعل

التزامها، بما يؤدي إلى االجتماعية التي يجبمنتظم العادات ن الطبيعية و ، والسنالبشري التي ينبغي اتباعهاأما المنهج البحثي المتخصص الذي ينجم عن هكذا .تقديم توصيات ناجعة لمعالجة األمر موضوع الدراسة

خصص إلنجاز بحثه فهذا موضوع آخر لم تتناوله هذه الدراسة، منهجية والذي ينبغي أن يتبعه الباحث المتولكن من الواضح أن االختالف في منهجية لكن قضاياه ال تقل أهمية عن القضايا التي بحثت هنا.و

ن لم يكن كلي، في مناهج البحث ،النموذجين كما بيناه أعاله سوف يؤدي بالضرورة إلى اختالف جذري، وا لسبئية، وسوف موضوع البحث سوف يختلف كما الحظنا من الظاهرة ا ذلك أن المدخل النظري في مقاربة

لى اختالف في طرائق إثباتها أو يؤدي هذا االختالف إلى اختالف في الفرضيات المتولدة عن تلكم النظريات وا المتغيرات التي تقابلها في تفسيرية وروابطها، ومن ثمالمتغيرات ذات األهمية الدحضها، كما سوف تختلف

لبيانات والمعلومات المناسبة التي يجب جمعها من الواقع الدراسي، مما سوف يؤدي إلى اختالف في نوع اومما ال شك فيه أن الظاهرة، وقد يؤدي ذلك إلى اختالف في طرائق جمع المعلومات وتصنيفها وتحليلها...الخ.

النموذج الدنيوي الوضعي فقير جدا في مدنا بالمعلومات الضرورية المتعلقة بدراسة الظواهر االجتماعية إذا ما ، مما يعني ضعف قدرته التفسيرية تبعا لذلك.موذج التوحيديقورن بالن

نختتم هذا البحث بتلخيص مضمونه، ممثال في أوجه االتفاق والتباين بين النموذجين التوحيدي والدنيوي، في إطار النظام المعرفي الشامل لالجتماع االنساني الذي استنبطناه من القرآن الكريم في الصفحات السابقة،

دول أدناه. وتؤكد المقارنة أن النموذج التوحيدي يستوعب ويتجاوز النموذج الدنيوي في كل ما اصطلحنا في الج على أنها أركان العلم الخمسة: المصدر؛ المحتوى؛ المنهجية؛ العال م؛ األهداف.

Page 57: العلم والمعرفة بين نموذجين

(57)

57

النموذج المعرفي التوحيدي والنموذج المعرفي الدنيوي

(دراسة مقارنة)

النموذج المعرفي الدنيوي المعرفي التوحيديالنموذج علمالأركان

المصدر

اهلل الوحي الكون

- - الكون

محتوىال

الغيب *علم :ةالشهاد علم *

سنن طبيعية - سنن اجتماعية - أحكام قيمية -

- :الشهادة علم*

سنن طبيعية - اعية اجتممنتظم عادات -

-

لمنهجيةا

سمع - بصر - فؤاد -

سمع - بصر -

-

(كافر)إنسان إنسان )مؤمن( مالعال

تعظيم متاع الحياة الدنيا تعظيم العمل الصالح في الحياة الدنيا هدا األ

Page 58: العلم والمعرفة بين نموذجين

(58)

58

مذكرات

. طار ورقة د. محمد الحسن بريمة : الرؤية الكونية القرآنية كأساس للعلوم اإلجتماعيةأنظر في هذا اإل (1)(، إمام والتنوير 2007(، تحرير أ.د. عبد اهلل محمد األمين وآخرين)3كتاب سلسلة المنهجية اإلسالمية)

المعرفي، السودان.ان: المنهاج والمنهاجية؛ في أنظر فيما يتعلق بمفهوم المنهجية والمنهج بحث فتحي حسن ملكاوي بعنو (2)

(.2010(؛ المعهد العالمي للفكر اإلسالمي)1كتاب: المنهجية اإلسالمية)ج م، 1223، المعهد العالمي للفكر اإلسالمي، قلي، فاطمة إسماعيل محمد إسماعيلالقرآن والنظر الع (3)

واشنجطن.(4) introduction to the Theory of Knowledge, by D.G.O'conner and B Carr.,1982, University of

Minnesota Press, .Methodology for the Human Science, by D: ة المعرفية عند الغربيين في كتابراجع موضوع النسبي( 5)

Polkinghorne, 1983, State University of New York Press. -المنهجية-( بعنوان: مفاهيم )الفكر1أنظر مكتبة المستالت للمعهدالعالمي للفكر اإلسالمي ، حزمة رقم )( 6)

الحضارة(. كذلك أنظر كتاب الدكتور إبراهيم أحمد عمر: العلم واإليمان )مدخل إلى -الثقافة-المعرفة م.1220عالمي للفكر اإلسالمي، نظرية المعرفة في اإلسالم(. المعهد ال

أنظر فيما يتعلق برؤية العالم اإلسالمية بحث عبد الحميد أبو سليمان بعنوان: الرؤية الكونية الحضارية؛ (7)(؛ وكذلك كتاب د. محمد 2010هد العالمي للفكر اإلسالمي)في كتاب: المنهجية اإلسالمية؛ المع

المفهوم اإلسالمي: أسس نظرية في صنع السياسة الكونية مجذوب محمد صالح بعنوان:رؤية العالم في (.2008المعاصرة؛ مركز دراسات اإلسالم والعالم المعاصر)

أنظر في موضوع النماذج التفسيرية بحث عبد الوهاب المسيري بعنوان: النماذج المعرفية اإلدراكية (8)وكذلك في (.2010هد العالمي للفكر اإلسالمي)(، المع2والتحليلية؛ في كتاب: المنهجية اإلسالمية)ج

ذات الكتاب أنظر بحث أ.د. علي ليلة بعنوان: النظرية االجتماعية من منظور إسالمي: البحث عن نموذج تفسيري للمجتمع. أنظر أيضا في ذات الكتاب بحث أ.د. رفعت العوضي بعنوان: النموذج

)رؤية مقارنة(. التفسيري اإلسالمي لالقتصاد