بسم اهللا الرحمن الرحیم

أسانيد التفسير

لفضيلة الشيخ

عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي

١٤٢٧حماضرة مفرغة ألقيت عام

مراجعة

تها خط لتسهيل االستفادةمت تنسيقها ووضع العناوين بنوع خط مغاير وحت

بسم ا الرمحن الرحيم

ه على عظيم نعمائه، ومجيل بالئه، ونرغبالشاكرين، حنمد احلمد هللا رب العاملني محد ويعمر إليه يف التوفيق والعصمة، ونربأ إليه من احلول والقوة، ونسأله يقينا ميأل الصدر

النفس، والصالة على خري خلقه واملصطفى من بريته حممد سيد القلب ويستويل على : املرسلني وعلى أصحابه وآله األخيار وسلم، وبعد

، وهو خري ما )لتبني للناس ما نزل إليهم: (فالتفسري والبيان رسالة خري اخللق، قال تعاىلبلسان عريب : (سان العريب، فقاليتعلم ويعلم، وقد أنزل اهللا كتابه بينا واضحا ألهل الل

.والتفسري مرده إىل لغة العرب، فيها بيانه، وجالؤه) مبني

واللسان العريب يتفاوت من جيل إىل جيل، وما كل من تكلم العربية استطاع معرفة .مقاصد الكتاب، ما مل يقرن ذلك بفهم الصدر األول وخري القرون

خال عمر بن : عن إبراهيم التيمي قال "ان العلمجامع بي"روى اخلطيب البغدادي يف كيف ختتلف هذه : اخلطاب ذات يوم، فجعل حيدث نفسه، فأرسل إىل ابن عباس، قال

يا أمري املؤمنني، إمنا : األمة وكتاا واحد، ونبيها واحد وقبلتها واحدة؟ قال ابن عباسون بعدنا أقوام يقرؤن القرآن وال أنزل علينا القرآن فقرأناه، وعلمنا فيم نزل، وإنه يك

يعرفون فيم نزل، فيكون لكل قوم فيه رأي، فإذا كان لكل قوم فيه رأي اختلفوا فإذا فزبره عمر وانتهره، فانصرف ابن عباس، مث دعاه بعد، فعرف الذي . اختلفوا اقتتلوا

.إيه، أعد علي: قال، مث قال

أنواع التفسير

وجه تعرفه : التفسري على أربعة أوجه: عن ابن عباس "تفسريه"روى ابن جرير يف العرب من كالمها، وتفسري ال يعذر أحد جبهالته، وتفسري يعلمه العلماء، وتفسري ال

.يعلمه إال اهللا

:فجعل ابن عباس أنواع التفسري أربعة

ام نزل، ما يعرفه أصحاب اللسان العريب الصحيح؛ ألن القرآن بلس: األول وهو األصلفيلتمس تفسري القرآن يف الشعر العريب اجلاهلي، وما بعده بقليل قبل دخول العجمة،

.ويأيت مزيد كالم على هذا النوع

ما ال يعذر أحد جبهله من أهل العربية، لظهوره ووضوحه عند أهل السليقة، :الثاين . وهذا أصل النوع األول، وذاك فرع منه

مه العلماء العارفون بالوحي، وكلما كان العامل بصريا بالسنة ووجوه ما يعل :الثالثاللغة، وأسباب الرتول، وعمل الصحابة، كان للتفسري أبصر، وما ال يعرفه بعد ذلك

ويتفاوت العلماء يف ذلك؛ فقد يكون املوضع متشاا عند عالم، حمكما .فهو املتشابهف السنة والعربية وعمل السلف وقرائن احلال عند نزول بينا واضحا عند غريه، ومن عر

.اآلي قل املتشابه عنده، وظهر احملكم

ما ال يعلمه إال اهللا، ونص بعض العلماء أن مثة شيئا من التفسري ما حيرم اخلوض :الرابع .فيه، وهو ما ال يعلمه إال اهللا

أوائل السور، ومل يثبت فيها عن ومن أحسن ما ميثل لذلك هو احلروف املقطعة يف رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، وال عن الصحابة رضي اهللا عنهم شيء يعتمد عليه،

.وقد جاء يف ذلك مجلة من املرويات عن الصحابة، وجلها ضعيف أو منكر

التفسري وأسانيده من املهمات اليت ينبغي لطالب العلم أن يعتين ا، ويتبصر فيها، .يعرف الصحيح منها والضعيف، وجيهل كثري من طلبة العلم هذا العلم، وال يعتنون بهو

التفسير المرفوع قليل

أو ردها، ختتلف عن غريها، وإن - يف هذا الباب -ومسالك العلماء يف قبول األسانيد م ، كان باجلملة التفسري هو مما يقل فيه املرفوع عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسل

واملرفوع عن رسول " :"اإلتقان " يف أوائل كتابه ولذلك يقول السيوطي رمحه اهللا . "اهللا صلى اهللا عليه وسلم يف التفسري هو في غاية القلة

مما يروى عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم من "اإلتقان "وساقها يف أواخر كتابه . الصحيح والضعيف

باس، وهو من اشتهر مبعرفة التأويل والتفسري واإلكثار فيه، يقول وإذا كان عبد اهللا بن عباب ما يدل على (يف "مناقب الشافعي "فيه اإلمام الشافعي كما ذكر البيهقي يف

ليس شيء يصح عن عبد اهللا بن عباس يف التفسري إال شبيه ): معرفته بصحيح احلديث . "مائة حديث

عبد اهللا بن عباس يف املوقوف فاملروي عن رسول فإذا كان هذا احلال فيما يروى عن .اهللا صلى اهللا عليه وسلم أقل

بأسانيد وقد جاء عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم من تفسري كالم اهللا ما هو صحيح .كالشمس، ومنها جاء مجلة منها يف صحيحي البخاري ومسلم وغريمها

ري احلساب بسؤال اهللا ومناقشته للعبد تفسري الظلم بالشرك، وكذلك تفس :ومن ذلك .يوم القيامة، كما جاء يف حديث عائشة يف الصحيح وغريه، وغري ذلك من التأويل

وما جاء شيء من التفسري عن النيب صلى اهللا عليه وسلم فهو حجة قاطعة، وهو من اهللا ما جعل الوحي، وهو أوىل ما يؤخذ ويعمل به، وهو مقدم على قول كل أحد؛ ألن

وما ينطق عن : ( احلجة يف قول أحد إال يف قول نبيه صلى اهللا عليه وسلم ، قال تعاىل .[٤ : ٣النجم ](إن هو إلا وحي يوحى * الهوى

.. ثالثة ال أصل لها: معنى قول أحمد

املرويات يف باب ومن أقل املرويات يف األبواب عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمالتفسري : ثالثة ليس هلا إسناد " :التفسري، وأكثرها معلول، يقول اإلمام أمحد رمحه اهللا

. "واملالحم واملغازي

.".. ثالثة ال أصل هلا " :وقد جاء يف رواية عنه

أن الضعيف أكثر من الصحيح، والصحيح عنه مقارنة مبا جاء يف هذا : ومراده بذلك .ب من املرفوع واملوقوف ال يكاد يذكر، وإمنا هو عشرات املواضع فقطالبا

: بقوله "الربهان"وهكذا فسره احملققون من أصحاب أمحد، كما حكاه الزركشي يف أن الغالب أنه ليس هلا أسانيد صحاح متصلة، وإال : مراده: قال احملققون من أصحابه «

م بالشرك يف آية األنعام، واحلساب اليسري فقد صح من ذلك كثري؛ كتفسري الظل .«بالعرض، والقوة بالرمي، وغريه

ثالثة ليس " :وكثري من املرفوع هو يف عداد الضعيف، واملنكر، واملوضوع، ولذلك قالليس هلا إسناد يعتمد عليه، وإن وجد فوجوده " :، يعين"هلا إسناد، أو ال أصل هلا

عضهم من ظاهر لفظه بأا تروى بغري إسناد، وهذا غري ، خبالف ما يفهمه ب"كعدمهوقال يف موضع ."مسنده"صحيح؛ فإن اإلمام أمحد قد أخرج مجلة من األحاديث يف

، وهو أعلم الناس مبا "إا ليس هلا إسناد أو ليس هلا أصل" :وغريها "سؤاالته"آخر من ..يروي، واألمثلة على ذلك كثرية

من اشترى ثوبا بعشرة : ((من حديث ابن عمر مرفوعا "مسنده"يف ما رواه :من ذلك : ، قال فيه يف رواية أيب طالب))دراهم وفيه درهم حرام مل تقبل له صالة ما دام عليه

.(هذا ليس بشيء ليس له إسناد(

ما رواه عن أيب مجلز عن ابن عمر أن النيب صلى اهللا عليه وسلم سجد يف :ومنهاالسجدة، وقد قال (ترتيل ( كعة األوىل من صالة الظهر، فرأى أصحابه أنه قرأ الر

.(ليس له إسناد: (أمحد

رواه يف ."كنا نعد االجتماع إىل أهل امليت وصنعة الطعام من النياحة"ومنها حديث .(ال أصل له: (قوله فيه "سؤاالته"، ونقل عنه أبو داود يف "مسنده"

.. ريوغري ذلك كث

تساهل السلف في التفسير

وملا كان الرواة الثقات يعتنون بأمور الديانة، ومسائل األحكام الظاهرة اليت يخاطب ا ملا كان العمر -الناس يف حيام، وحرصوا عليها، ونقلوها، وشددوا بالنقل، تساهلوا

دئ بتدوينها، ظهرت ولما حفظت الشريعة وب. بغريها، فاعتنوا باألهم –يضيق بالكل ري والتاريخ والفنت واملغازي وغريها، وهي يف التابعني أظهرالعناية بعلوم التفسري والس

من الصحابة ويف أتباع التابعني أظهر من التابعني ويف أتباع أتباع التابعني أظهر من .أتباع التابعني وهكذا، حىت توسعت العلوم

فسري والسري واملغازي ال يصلون ملتوسطي الثقات من رواة ويف الغالب فاملربزون يف التأحاديث األحكام، وهلذا كثر يف أسانيد التفسري الضعيف والواهي واملنكر واملوضوع،

فلم حيمله الكبار ومل يعتنوا به؛ كشعبة وسفيان ومالك وابن مهدي، وغريهم من األئمة .ووا مجلة من ذلكاحلفاظ الكبار األثبات، وإن كانوا قد ر

.واألئمة يتساهلون يف التفسري، وال يتساهلون يف أمور األحكام

إذا روينا يف الثواب والعقاب وفضائل األعمال، " :يقول عبد الرمحن بن مهدي رمحه اهللاتساهلنا يف األسانيد، وتساحمنا يف الرجال، وإذا روينا يف احلالل واحلرام واألحكام،

. "انيد، وانتقدنا الرجالتشددنا يف األس

مث -تساهلوا يف أخذ التفسري عن قوم ال يوثقوم يف احلديث " :ويقول حيىي بن سعيد -: وقال. ذكر ليث بن أيب سليم وجويبر بن سعيد والضحاك، وحممد بن السائب

."اجلامع"رواه اخلطيب عنه يف ."هؤالء ال يحمد أمرهم، ويكتب التفسري عنهم

والكتابة عنهم يف التفسري تحتمل؛ ألم قد اعتنوا بذلك، فصاروا من أئمة التفسري، .وكذلك من أئمة اللغة

. ويحدث عن هؤالء الضعفاء، وإن كان بعضهم ال يعتمد عليه

سبب عدم عناية األوائل بالتفسير

:روسبب عدم عناية احلفاظ األوائل بالتفسري يرجع إىل أمو

.االنشغال باألحكام واملسائل األصول وفروع األحكام التعبدية كما تقدم بيانه :أوال

أن القرآن نزل بلسان عريب مبني، يفهمه عامة : وهو األهم، ومبين للسبب األول :ثانياالناس يف الصدر األول، وتفسري ألفاظه وبيانه من فضول العلم عند كثري منهم، بل إن

األعرايب منهم أللفاظه ومقاصده يفوق فهم كثري من كبار املفسرين من املتأخرين، فهم وما نزل القرآن إال ليفهمه الناس بال تكلف وبيان، وهذا مقتضى التكليف مبجرد

وإن أحد من املشركني استجارك ) :السماع وبلوغ احلجج لألمساع، كما قال تعاىل، ألن األصل أن القرآن مفهوم مبجرد مساعه عند مجهور )فأجره حىت يسمع كالم اهللا

اخللق، ولكن ملا توسعت بلدان املسلمني، وكثرت الفتوحات، واختلط العرب بالعجم، دخلت العجمة على اللسان العريب، فاحتاج للتفسري، وهذا سبب قلة التفسري املرفوع؛

ن لفسروه مبا يرادفه فهما، واستوى املفسر ألنه ال حاجة إليه عندهم، فلو فسروا القرآ

واملفسر به من مجيع الوجوه أو أكثرها، وألصبح التفسري حشوا، يزهد الناس يف النظر فيه، مع استحالة حصول ذلك منهم؛ فالعرب تكره احلشو والتكرار وتنزه نفسها عنه،

لك كله يعرف قلة التفسري للقرآن عندهم، والنفوس تأىب أن تفسر هلا الواضحات، ولذبل إذا كان العريب ينزه نفسه واملخاطب عن مساع املترادفات يف كالمهم، فذلك يف

. كالم اهللا أوىل؛ ألن جل كالمه واضح بين ال يحتاج معه إىل قلب وال تعسف

ون إىل قواعد وضوابط حنوية، بل ال مع أم عرب يعربون الكالم سليقة، وال حيتاج :يعرفوا، لذا يقول الشاعر

هانلس لوكي ويحبن ولست ** ربأقول فأع قيليولكن س

.كان مالك بن أنس يقرأ بالسليقية :قال الشافعي

لي، وهو هلذا امتاز لسان البصريني عن لسان الكوفيني؛ ألم أخذوه من منبعه األصإمنا : لسان األعراب األقحاح، يقول الرياشي أبو الفضل البصري، وهو يلمز الكوفيني

أخذنا اللغة من حرشة الضباب وأكلة الريابيع، وهؤالء أخذوا اللغة من أهل السواد أكلة . الكواميخ والشواريز

: ويقول أبو حممد اليزيدي البصري

على لسان العرب األول ** ما مضىكنا نقيس النحو في

هونيقيس ل ** فجاء أقوامبى أشياخ قطرعلى لغ

االحتراز في تأويل القرآن

مث إنه جيب االحتراز يف تأويل القرآن ما ال جيب يف غريه؛ ألن تأويل كالم املتكلم مما مجاعة من احملدثني رواية احلديث ينسب إليه معىن، وإن مل ينسب إليه لفظا، وهلذا جوز

.باملعىن بشروطه

والعرب وغريهم قدميا وحديثا يعتنون بنقل نصوص العظماء وامللوك كما قالوها من غري زيادة أو تأويل ملن يفهمها، كما أم حيترزون عند احلديث معهم؛ ألن التبعة يف ذلك

.مه أعظم وأجلأكرب من غريهم، وهذا يف حق اهللا وكال

ميل العرب إلى االختصار

وكذلك األوىل يف كل معىن أن يبلغ بأقصر عبارة، وهلذا كان كالم السلف فيه من .االختصار مع كمال املعىن ما ليس يف كالم املتأخرين مع كثرة عباراتهم

اطبة كل مبطل وهذا كما أنه يف األلفاظ، كذلك يف املعاين؛ فالقرآن ال يذكر فيه خمبكل طريق وكل حجة، وال ذكر كل الشبهات الواردة على األذهان وجوابها، فإن هذا ال حد له وال اية، بل وال ينضبط بضابط، وإمنا يذكر احلق واألدلة املوصلة إليه لذوي

ومكابر اندعأو جاهل، كان الفطر السليمة؛ ألن هذا هو األصل يف اخللق، مث إذا اتفق م من خياطبه خماطبا وحماججا له حبسب ما تقتضيه املصلحة، وقد يكون مقامه كمقام

.املترجم ملعاين القرآن

وما يعرف باملشاهدة، أو ما يسلم دخوله حتت لفظ عام يشمل مجلة من األفراد؛ اد، بيانه حشو، كالكواكب مثال معروفة باملشاهدة ويدخل حتتها ما ال حيصى من األفر

فببيان أن الشمس موجودة والقمر موجود والكواكب موجودة، واإلنسان يعلم هذا باملشاهدة، هذا مما يستقبح ذكره، ويستثقله مجهور العقالء، فضال عن البلغاء؛ ألن هذا

علماء عندهم معلوم مستقر يف عقوهلم، ال حيتاجون فيه إىل خطاب وتفسري عامل من ال .فضال عن كتاب منزل من السماء

األصل في القرآن أنه واضح عند السلف ال يحتاج إلى تفسير

وكثري من تفاسري املتأخرين اليت حيفل ا اخلاصة، لو عرضت على العرب عند نزول ا ال حيتاج إليه، ويرويونه لكنة وعمما فيها يعد هدوا فيه، فكثرينه من باب القرآن لز

.إيضاح الواضحات

وإذا قدر أن بعض الناس فيهم احتاج إىل بيان وتوضيح ما عرض عليه من القرآن، كان هذا من األعراض النادرة اليت ال تعرض جلمهورهم، ولعد هذا من العي والقصور، وما

تفسري تزال مثل هذه األعراض تزداد حىت غلبت يف الناس، فاستثقلوا القرآن بال .أللفاظه، كما استثقله األوائل بالتفسري

.. والتفسري ليس مقصودا لذاته

وأساليب القرآن معلومة لدى العرب الفصحاء غري خافية، وإن كان قد خيفى على بعضهم شيء منها؛ وذلك لغرابتها على مسمعه، وعدم اعتياده عليها يف لغة قومه، ومن

؛ فقد روى "فاطر"ض معاين مفرداته؛ كلفظ حوهلم، كما خفي على ابن عباس بعكنت ال :مسعت ابن عباس يقول: ، وأبو عبيد عن جماهد، قال"تفسريه" يف الطربي

؛ حىت أتاين أعرابيان خيتصمان يف بئر، فقال )فاطر السموات واألرض(أدري ما .أنا ابتدأا: أنا فطرا ؛ يقول: لصاحبه :أحدمها

وحنانا : (ابن جرير عن سعيد بن جبري أنه سئل عن قولهما أخرجه : ومثل ذلك أيضا .سألت عنها ابن عباس فلم يجب فيها شيئا :فقال) من لدنا

.(وحنانا(ال واهللا ما أدري ما : وأخرج من طريق عكرمة عن ابن عباس قال

.وهذا نادر فيهم، وإن جهله فرد منهم علمه مجهورهم

بالغة السلف سليقة

يب القرآن ملا كانت على طريقتهم يف كالمهم يف يومهم وليلتهم، مل يخف عليهم وأسالأن هذا اخلطاب ) ذق إنك أنت العزيز الكرمي: (املراد ا، فيعلمون من قوله تعاىل

خطاب امتهان وكم، وإن كانت ألفاظه مما يستعمل يف املدح، عرفوا ذلك من السياق .اختصاص اللفظال من

: ونظري هذه اآلية وصف شعيب عليه الصالة والسالم باحللم والرشد من قومه املعاندينقالوا يا شعيب أصالتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء (

: قد يتبادر إىل ذهن القارىء أن املراد بذلك ] ٨٧: هود ]( يدإنك لأنت الحليم الرش .قاله ابن عباس وغريه. إنك حليم رشيد؛ والصواب لست حبليم وال برشيد

وهذا ونظائره مل يكن منهم جبهد وال تكلف؛ فهي لغتهم اليت يتحدثون ا، وألا لقرآن، ولو قيل ألعجمي يعرف كذلك مل ينصوا يف كل موضع على املقصود منه يف ا

فسر اآلية، لفسرها على غري وجهها؛ ألن األمر متعلق بالسياق ال بذات : معاين األلفاظ . اللفظ

وملا تقادم العهد، ودخلت العجمة على العرب باالختالط بالعجم، ظهر هلذه األساليب العرب وتفننها يف أساليب خطاا، ملعرفة طرائق )علم البالغة(الفن املدون بعد باسم

فوضعوا املصطلحات والقواعد لتقريب هذا العلم، ال إلتقانه؛ إذ ال يتقنه إال من حتدث .بلغتهم وحفظ أشعارهم ومنثورهم، وهذا يعز وجوده يف املتأخرين

نشأة علم البالغة

اإلمجاع على وعرفت البالغة يف عصر متأخري التابعني، مث اشتهرت بعد ذلك، وحكيأن البالغة ما نشأت إال حتت تفسري القرآن، وقد اعتىن ا كثري من األئمة باستخراج

إنه قد أخذ : وصنف معمر بن املثىن كتابه فيها، وقيل. البديع واإلعجاز من كالم اهللاوحيتمل أنه أخذه من غريه؛ وهو إمام يف لغة . من نافع بن األزرق عن عبد اهللا بن عباس

رب، ونافع عرض ألفاظا من غريب القرآن أشكلت عليه على عبداهللا بن عباس؛ إذ العجاءه مبكة يسأله عنها، واشترط على ابن عباس؛ أن يأتيه على كل مسألة وتفسري

بشواهد من أشعار العرب، وذلك حينما خرج ونجدة بن عومير وآخرون من اخلوارج . مسائل من القرآنإىل مكه فلقوا ابن عباس، فسأله نافع عن

، وهي منثورة )الوقف واالبتداء(ومسائل ابن األزرق أخرجها أبو بكر بن األنباري يف يف عدة من كتب التفسري، رواها حممد بن زياد اليشكري عن ميمون بن مهران،

-عن جويرب "معجمه الكبري"واليشكري هذا كذاب، وروى مجلة منها الطرباين يف . ورويت من وجوه أخرى ال ختلو من ضعف. عن الضحاك-وهو ضعيف جدا

نص القرآن قطعي الثبوت وتأويله في اللغة

واألئمة النقاد جوزوا الرواية يف التفسري عن بعض من ال تقبل روايته يف األحكام؛ ألن مرد التفسري إىل اللغة، ومرد األحكام إىل النص، والنص ال يثبت إال بصحة اإلسناد،

.ة تثبت بوجوه عدة، ونص القرآن قطعي الثبوتواللغ

، وذلك أن "اكتبوا عن أيب معشر حديث حممد بن كعب خاصة " :يقول حيىي بن معنيرواية أيب معشر عن حممد بن كعب هي يف التفسري خاصة، ال يكاد يكون له حديث يف

. غريه

لالشتراك يف خمالفته لوجوه اللغة مع واملنكر يف باب التفسري بين واضح أظهر من غريه، .أصول الشرع، أو ال يكون له نظائر يف القرآن

اإلجماع في التفسير

قلة حكاية اإلمجاع يف التفسري، فهو من أقل أبواب العلم، وال : ومن مثرة ذلك ونتيجتهتفق يف يلزم من ذلك كثرة اخلالف وغلبته، بل ألن القرآن جاء ليحمل على وجوه ت

األصل واملقصد، ختتلف يف اللفظ، فاختالف ألفاظ املفسرين للقرآن هي من اختالف .التنوع، ال من اختالف التضاد على األغلب

وأكثر القرآن جممع على تفسريه مبعاين منصوصة، لكن ال ينصون على اإلمجاع يف . الواضح البني متمحض الوضوح

اعا يف تأويل آية، أو االتفاق على أا نزلت يف كذا وحنو وإذا علم أن يف املسألة إمج .ذلك، فال يعتمد على ما خيالفها

. وقد أكثر بعض األئمة من حكايات اإلمجاع؛ كابن جرير الطربي، وكذلك ابن عطيةوهو يعتمد على ابن جرير كثريا، والقرطيب، ويعتمد كثريا على ابن عطية، والواحدي له

واإلمجاع . ات يف تفسريه، ويف بعضها نظر فهو من املتساهلني يف هذا البابإمجاعاملنصوص عليه عندهم يف التفسري دون املائتني، وال يزيد عليها قطعا، وأكثرها عند ابن

.جرير الطربي

ومنهج ابن جرير الطربي يف حكاية اإلمجاع أنه ال يعتد مبخالفة الواحد وال االثنني، مع رفته خبالفهم؛ لذلك قد روى يف كثري من املواضع ما خيالف ما حيكيه من علمه ومع .اإلمجاع

اإلمام القرطيب، وقد اعتمد على غريه يف : ومن أكثر األئمة نقال من املفسرين املتأخرين كابن جرير الطربي وابن -سواء يف مسائل األحكام أو غريها -حكاية اإلمجاع

بن العريب، وابن عطية، ممن كان معروفا بالعناية حبكاية املنذر، وابن عبد الرب، وااإلمجاع، وإن كان هو ممن ال حيكي اإلمجاع جزافا؛ فإنه يمحصه يف كثري من املواضع، وال يسلم له يف كثري من املواضع؛ فإن أقل من ربعها ال يثبت فيه إمجاع، واخلالف فيها

ربتعم.

افق لوجوه اللغة في الغالبتفسير الضعفاء مو

ال ختالف وجها من وجوه - يف الغالب -وبالسرب ملرويات الضعفاء يف التفسري؛ فإا العربية؛ فإن خالفت وجها فإا تحمل على الوجه اآلخر، الذي ال خيالف نصا وال

ع املعاين كالمه مبين للقرآن موضح له، ومع ذلك فهو جيم؟ حكما وال أصال، والنيب إنما بعثت بجوامع ؟؟ : ؟الكثرية باللفظ القليل، وهو ما يسمى جبوامع الكلم؛ قال النيب

كما فسرها الزهري عند -وجوامع الكلم .رواه البخاري؟؟ الكلم ؛ فإذا "بألفاظ قليلة هي مجع املعاين ألمور كثرية " : قال - "الصحيح"البخاري يف

املبين املوضح للقرآن؛ فهو لكالم اهللا جل وعال من باب أولى، ؟ كان هذا لكالم النيب أن :فكالم اهللا له وجوه عدة، كما أخرج ابن سعد من طريق عكرمة عن ابن عباس

م اذهب إليهم فخاصمهم وال حتاجه" :علي بن أيب طالب أرسله إىل اخلوارج، فقالوأخرج من وجه آخر أن ابن عباس ."بالقرآن؛ فإنه ذو وجوه، ولكن خاصمهم بالسنة

صدقت، ولكن : قال. يا أمري املؤمنني، فأنا أعلم بكتاب اهللا منهم؛ يف بيوتنا نزل: قال لهالقرآن حمال ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن خاصمهم بالسنن؛ فإم لن جيدوا عنها

." إليهم فخاصمهم بالسنن، فلم تبق بأيديهم حجةفخرج. محيصا

وقد جعل بعض العلماء ذلك من أنواع معجزات القرآن، حيث كانت الكلمة الواحدة تنصرف إىل عشرة أوجه وأكثر وأقل، وال يوجد ذلك يف كالم البشر؛ فقد يشتبه على

آية وخيالفه اآلخر وحنو اإلنسان اختالف بعض الصحابة حبمل بعض األلفاظ على تأويل .ذلك، وهذا كله يحمل على باب التنوع، وال يحمل على املخالفة

اختالف المفسرين

خالف تضاد–و – خالف تنوع :واخلالف يف التفسري على نوعني

واخلالف املروي عن املفسرين جله هو من خالف التنوع، ال من خالف التضاد، كما يف والشاطيب "تأويل مشكل القرآن" عليه سفيان الثوري، وابن قتيبة يف نص

.، وابن تيمية يف مواضع"املوافقات"

واخلالف يف التفسري قليل جدا يف الصحابة، كثري يف التابعني، ويف أتباعهم أكثر؛ ألنه ج لتفسريه باملرادف كلما قل التمكن من لغة القرآن وفهم معىن ألفاظه املرتل ا، احتي

. أو القريب منه، وكلما توسع املفسر يف هذا، ظهر معه اخلطأ

واختالف التنوع هو أن يكون لفظ اآلية حمتمال جلميع املعاين املفسرة، واالختالف يف . العبارة مع اتفاق يف املعىن

ختالف التنوع إن هذا من ا: وخالف التنوع ينبغي أال حيكى خالفا هكذا؛ بل يقالوالوجوه اليت جاء املعىن فيها بكالم اهللا، ولذلك يسهل على اإلنسان إن تبصر ذا

األصل أن جيمع ويوفق، وأال يضعف بعض الوجوه من النوع الواحد، أو يرجح بعضها .على بعض؛ ألن كلها حتمل على احلق املقصود من كالم اهللا

تفسري من اختالف التنوع، تساهل العلماء بالرواية عن الضعفاء؛ وملا كان كثري من الألن األصل األصيل واملقصد العلي من النقد والتعليل خوف ورود شيء من املعاين

املنكرة، واليت ختالف األصول الثابتة، وألن تفاسريهم ال خترج عن الوجوه املشروعة، .واعتمادهم كله على لغة العرب

إعمال منهج النقاد يف أحاديث األحكام بقواعده وأصوله وتشدده، على أحاديث والتفسري قصور، إذ إن املقصود من نقد احلديث سالمته من الدخيل فيه، والقرآن ليس

. (إنا حنن نزلنا الذكر وإنا له حلافظون: (كذلك، فهو حمفوظ لقوله

رأسباب التسامح بالرواية عن الضعفاء في التفسي

:ويف أبواب التفسري مثة قرائن عدة تساحموا ألجلها يف رواية التفسري وكتابته

أن املصنفات أو املرويات عن الصحابة والتابعني إمنا هي كتب يرووا :القرينة األوىلعن بعض، وليست حمفوظات تحفظ يف الصدور، ولذلك فإن أقل احملفوظات يف

تفسري، فكان مثة نسخ تروى، واشتهرت؛ كتفسري علي بن األبواب يف الشرع هي يف الأيب طلحة عن ابن عباس، وتفسري عطية العويف عنه، وتفسري السدي عن أشياخه،

وتفسري قتادة الذي يرويه عنه معمر بن راشد وسعيد بن أيب عروبة، وتفسري الضحاك . القاسم بن أيب بزة وغريهمبن مزاحم، وكذلك تفسري جماهد بن جبر الذي يرويه عنه

وهذه الصحف تروى وتحمل إن كان الراوي هلا ليس متهما بالكذب؛ ألنه حيمل على أنه يحدث من هذه الصحف؛ فاألئمة يطلقون القول بتضعيف الراوي، ويريدون بذلك

قون؛ ألن رواياته يف األحكام يف احلالل واحلرام، وعند العمل واالحتجاج يفر- غالبا -عن حيىي بن "اجلامع"األحكام هي املقصودة من اجلرح والتعديل، لذا روى اخلطيب يف

تساهلوا يف أخذ التفسري عن قوم ال يوثقوم يف احلديث، مث ذكر ليث بن : سعيد قال

هؤالء ال يحمد : أيب سليم وجويبر بن سعيد والضحاك وحممد بن السائب، وقال .يكتب التفسري عنهم أمرهم، و

:وقد يلتبس على الناظر هذا األمر، وخيتلط عليه من وجهني

أن األئمة يطلقون ألفاظ اجلرح على الراوي كالتضعيف، فيشكل على :الوجه األولالناظر يف كتب الرجال واجلرح والتعديل والعلل كيف تصحح له رواية وقد ضعفه

أيضا حينما يقف على تضعيف إمام ناقد حلديث يف األحكام ومن املشكل .األئمة .بسبب راو من رواة التفسري وينص عليه

أن كالم العلماء على هذا الراوي بعينه كالم مجمل، يفصله طريقة العلماء :وبيان ذلك مع أسانيد التفسري عمال، وكذلك نصا يف بعض األحيان؛ ألا من صحف ونسخ

لو أعمل - الذي هو من أصح روايات التفسري-وتفسري جماهد بن جرب املشهور . تروىالنقاد منهجهم املتشدد يف نقد األحكام، لضعف جل تفسريه، وذلك أا منقطعة

بكتاب يرويه القاسم بن أيب بزة عن جماهد بن جرب، سواء كان عن عبد اهللا بن عباس، .جرب نفسهأو من قول جماهد بن

.ومثله رواية علي بن أيب طلحة عن ابن عباس املشهورة اليت مل يسمعها منه

أن هؤالء الذين يروون التفسري يقع هلم من : مما يلتبس فيه على الناظرالوجه اآلخراملرويات يف باب األحكام مما يشترك مع التفسري، أو تكون تلك الرواية تتضمن حكما

.شرعيا بنفسها

أنه إذا تضمنت حكما شرعيا يف احلالل واحلرام؛ فإنه يشدد يف ذلك، : ذلكوجواب. وإال فاألصل أنها ال تتضمن، وإمنا طريقها هو تفسري ذلك املعىن الوارد يف كالم اهللا

ويف الغالب فإن مرويات األحكام يف التفسري إذا كانت مرفوعة ال ختلو كتب األحكام .مها، وكذلك املوقوفات واملقطوعات إذا كانت فردا يف البابمنها وبيان حك

أن املتخصص يف فن : اليت يتساهل ألجلها العلماء يف مرويات املفسرين :القرينة الثانيةمن الفنون يقدم على غريه، وإن كان من كبار الثقات أو احلفاظ األثبات يقدم من هو

من دونه عليه يف الغالب، إذا كان خمتص رف عن كثريا مبا يرويه، ولذلك قد اشتهر وعاألئمة والرواة أنه قد اختص بباب من األبواب، وامتاز به، وقدم على من هو أثبت منه باحلفظ والرواية، وأظهر يف باب الديانة والصالح؛ فعلم القراءات األئمة فيه من الكبار،

األحكام، وإن كان هو من األئمة الثقات يف غري ومنهم من ال تقبل روايته يف أحاديث .هذا الباب، كعاصم بن أيب النجود، وحفص بن عمر، وحفص بن سليمان

متروك احلديث، وهو إمام يف " :يقول احلافظ ابن حجر يف حفص بن سليمان ."القراءات

و أحد وكذلك نافع بن أيب نعيم املدين، وعيسى بن ميناء املدين املعروف بقالون، وه .الرواة عن نافع، روايته ضعيفة

واالختصاص معروف، وعناية بعض الرواة بعلم دون غريه مشهورة، بل قد يعرف بعض الرواة يف باب وال يعرف بآخر مطلقا، كعثمان بن سعيد املعروف بورش، وهو

.أحد الرواة عن نافع يف القراءات، ليس مبعروف برواية احلديث مطلقا

خيتص بعضهم يف باب من األبواب، ويعتين به، ويستفرغ وسعه، فيقدم على غريه وقد فيه، وإن كان أوسع علما وأكرب فضال منه؛ فمجاهد بن جرب يقدم يف التفسري على غريه

من كبار التابعني، وليس هو بأجلهم وال بأعلمهم يف الدين؛ ألنه خمتص بالتفسري، ؛ أي كل علمي قد وضعته يف "القرآن قد استفرغ علمي " :ولذلك يقول عن نفسه

ولتخصصه قدمه األئمة على غريه؛ فهذا ابن جرير الطربي قد اعتمد يف التفسري .القرآنإن املرويات عن التابعني يف تفسري ابن جرير الطربي : على مرويات جماهد، بل لو قيل

ا، ولذلك قد حوى تفسري ابن جرير الطربي ثلثاها عن جماهد بن جرب ما كان ذلك بعيدعلم جماهد بن جرب باجلملة، وال يكاد يند عنه إال القليل؛ وألجل هذا االختصاص فاق

. غريه وقدم عليه

تساهلوا بالرواية عن بعض الضعفاء كليث بن أيب سليم، " :يقول حيىي بن سعيد؛ "حيمد مذهبك ويكتب عنهم التفسري وال " : وجويرب، والضحاك، والكليب وقال

.ألم أئمة اختصوا بذلك

ومن يطبق مناهج األئمة النقاد يف األحكام على روايات التفسري قد أخطأ يف ذلك، وقد اشتهر عند من ال عناية له من املتأخرين تطبيق تلك القواعد احلديثية اليت نص عليها

احلديث على أسانيد التفسري، وهذا خمالف العلماء فيما يسمى بعلوم احلديث ومصطلحملناهج األئمة، وقد بلغ ببعضهم التشدد يف هذا الباب، فرد مرويات كثري من املفسرين

مطلقا؛ كمرويات السدي إمساعيل بن عبد الرمحن، ومرويات حممد بن كعب، أن األسانيد ومرويات ليث بن أيب سليم يف روايته عن جماهد بن جرب، وغريها باعتبار

.ضعيفة، وهذا إفراط

وينبغي أن يعلم أن النقل واحلكاية شيء، واالعتماد شيء آخر، وال يلزم من األول .اآلخر

أن أصل االحتجاج واالعتماد يف التفسري هو على لغة العرب، وإليها : القرينة الثالثةبلسان : (وقال) وما أرسلنا من رسول إال بلسان قومه: (جيب أن يرجع، قال تعاىل

وأكثر املفسرين ورواة التفسري هم من العرب، وقد نص البيهقي على هذا .(عريب مبنيوإمنا تساهلوا يف أخذ التفسري عنهم، ألن ما فسروا به؛ ألفاظه تشهد هلم به : ( فقال

(لغات العرب، وإمنا عملهم يف ذلك اجلمع والتقريب فقط

مرويات التفسري هي من املوقوفات واملقطوعات، والنقاد أن جل :القرينة الرابعة .يتساهلون يف املوقوف واملقطوع ما ال يتساهلون يف املرفوع

الموقوفات على الصحابة وحكمها

،كم املرفوع معىنيف التفسري على الصحابة يف ح وإن كان بعض األئمة جيعل املوقوف الصحايب الذي شهد الوحي والترتيل عند تفسري« : قال احلاكم يف كتابه املستدرك

.« حديث مسند-البخاري ومسلم–الشيخني

أنه يف حكمه : ، ومراده"هو عندنا يف حكم املرفوع«: وقال يف موضع آخر من كتابه : يف الاستدالل به واالحتجاج، ال أنه ينسب مرفوعا، وذلك من وجهني

لتبني للناس ما : (يه وسلم مأمور بالبيان هلم، لذا قال تعاىلأن النيب صلى اهللا عل :األولواملقطوع به أنه بين ما حيتاج إىل بيان، لذا كان آخر ما نزل من القرآن ). نزل إليهم

، ومن متام الدين متام بيانه املذكور يف (اليوم أكملت دينكم وأمتمت عليكم نعميت) .اآلية

ن مفهوما، وما ند عن الفهم يسأل عنه، وما مل يسأل أن القرآن إذا نزل يكو :الثاينعنه، موكول إىل لغتهم اليت نزل ا القرآن وفهموه عليها، فكان سكوتهم مع علم النيب

واألصل أم . هذا ما أراده احلاكم. صلى اهللا عليه وسلم عن فهمهم، شبيه باإلقرارذا أشكل على أحد منهم سأله، فقد سأله أبو يسألون عما يرتل ويند عن أفهامهم، فإ

وسأله عمر عن آية الكاللة، ،)من يعمل سوءا يجز به: (بكر الصديق عن قوله تعاىل بظلم : ( وملا نزل .فذكر له آية الصف مهانوا إميلبسوا ومل ينآم سأله الصحابة (الذين

فسوف حياسب ) :وسألته أم سلمه عن احلساب يف قوله تعاىل ة،عن معىن الظلم يف اآلي . فبين أن املراد به العرض) حسابا عسريا

تفسير الراوي الضعيف

:وينبغي التنبه إىل أمرين

أن الراوي إن كان ممن يضعف، أو كان واهي احلديث، أو منكرا، فإنه يف باب :أوال ن هذا قوال له؛ فال يقال برده بوجه من الوجوه، وبعض املعتنني التفسري إن قال بقوله، فإ

يحكم بضعف رواية من الروايات؛ ألن قائلها ضعيف، فكيف تكون ضعيفة وهي

صحيحة إليه وهو قائلها؛ فالسدي أو الكليب واهي احلديث جدا، إال أنه من أئمة ال قوال، فينظر إسناده إليه فحسب، وإن التفسري، ومن املتبصرين بلغة العرب؛ فإذا ق

كان قال عن غريه، فيفرق بني نقله عن غريه وبني قوله هو؛ فقوله هو يعين أنه قد فسر كالم اهللا تعاىل على ما فهمه من لغة العرب، وما يضعف به هو ما ينقله عن غريه؛

قوى مما ينقلونه عن ما يفسرون من قوهلم هو أ إن الضعفاء يف التفسري: لذلك يقالغريهم، ويدخل الضعف يف نقلهم وال يدخل يف قوهلم؛ ألم ال يتكلمون جبهل، وإمنا يتكلمون مبعرفة وعلم، واخلطأ والغلط يدخل يف حفظهم، ال يدخل يف معرفتهم، ألن

.معتمدهم العربية

أن :"نهمهؤالء ال حيمد حديثهم ويكتب التفسري ع" :ويف قول حيىي القطان السابقكالمهم يف التفسري يكتب ويعتىن به ما ال يعتىن مبرويهم، فقد يكون فيما يكتب عنهم

مدعتعمدة يف فهمه، كما ت رمن البيان للقرآن ما يزيل اللبس عنه، ويكون املفس .مفردات اللغويني يف بيان معانيه

واية قد يقع له ما يستنكر من أن بعض الرواة ممن يضعف يف احلفظ والر :ثانيا كبعض -إنه لو وجد شيء من املنكر : املرويات، وهذا ال يرد به تفسريه، بل يقال

فإن هذا ال -احلكاية عن بين إسرائيل، أو حمل بعض معاين القرآن على وجوه شاذة اته، فإن كان من يعين اطراح قول ذلك املفسر على وجه العموم؛ بل يقارن ذلك مبروي

املكثرين من املرويات؛ فإنه ال يعد ذلك شيئا يرد حديثه؛ بل يعد ذلك من ضبطه إن وجد له خطأ قليل ؛ فمجاهد بن جرب مروياته باآلالف يف التفسري، ولديه من األقوال ما

هو شاذ، ولديه من األقوال ما مل يوافق عليه، ومع ذلك فقوله هو املعتمد، وقد أخرج اذا جاءك :مسعت سفيان الثوري يقول : ابن جرير الطربي عن أيب بكر احلنفي قال

أعلم من بقي " :أي متسك به ويكفيك، وقال قتادة "التفسري عن جماهد فحسبك والبخاري وغريهم لذلك اعتمد العلماء على تفسريه، كالشافعي ."بالتفسري جماهد

ال متقدم وال متأخر، وقد أخذ عنه مجع غفري من كثري، ومل يرده أحد من أهل العلم،عكرمة موىل ابن عباس، والفضيل بن عمرو، وقتادة بن دعامة السدوسي، : أصحابه

وعطاء ابن أيب رباح، وعمرو بن دينار، وحممد بن مسلم، وعمرو بن عبد اهللا بن عبيد، . وغريهموأيوب بن كيسان، وفطر بن خليفة، وعبد اهللا بن عون البصري،

أنواع التفسير المسند

: والتفسري املروي باألسانيد على ثالثة أنواع

: املرفوع :النوع األول

إىل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وهذا قليل، بل قال اإلمام السيوطي رمحه اهللا يف .(أصل املرفوع منه يف غاية القلة ) :"اإلتقان"كتابه

ؤخرا، وقد توسع اجلامع يف هذا الباب، فوقع يف مجعه وقد جمعت هذه املرويات موجل هذه املرويات تأيت بأسانيد ضعيفة، . شيء من اخللط وعدم التحرير والتدقيق

وبعضها يأيت بأسانيد صحيحة؛ منها ما هو مشهور يف التفسري ومنها ما ال يعرف يف .التفسري

املشهورة يف األحكام؛ كاألسود وعلقمة وقد يأيت التفسري بعض كالم اهللا باألسانيدوالنخعي عن عبد اهللا بن مسعود، وسعيد بن جبري عن ابن عباس، ونافع عن ابن عمر،

. ومن التفاسري ما هو دون ذلك شهرة

التفاسير الموقوفة

: وأشهر هذه التفاسري :املوقوف :والنوع الثاين

:تفسري عبد اهللا بن عباس رضي اهللا عنه

دعا له النيب صلى اهللا عليه وسلم بقوله وهو م ل ) :نأويالت هلمم عوهو الفيصل )الله ،عند الصحابة، وأكثرهم تفسريا، وقد كان يعتمد على قوله عمر بن اخلطاب، وكان

.يرجع إليه كثري من الصحابة إن استشكل عليهم شيء من كالم اهللا

لم على غيرهكثرة الرواية ال تعني تفضيل العا

وابن مسعود أبصر منه، مع كونه دونه يف التفسري كثرة، وذلك لتقدم وفاته، وقلة .املعتنني من أصحابه بالتفسري مقارنة بابن عباس

وكثرة األثر املروي عن العامل ال تعين متيزه عن املقل، وقد يشتهر عامل عند الناس يف شهرته وكثرة قوله تقدمه على غريه، وقد قال الشافعي باب، وال يشتهر آخر، فيظن أن

الليث أفقه من مالك، إال أن : - "تاريخ دمشق"كما أسنده عنه ابن عساكر يف - .أصحابه مل يقوموا به

. الليث أفقه من مالك، لكن احلظوة كانت ملالك: وبنحوه قال حيىي بن بكري

إين أفقه منك حيا، وأنت أفقه مين ميتا، وذاك : ومن ذلك قول الشعيب إلبراهيم النخعي . أن لك أصحابا يلزمونك، فيحيون علمك

وينبغي أن يعلم أن العلماء يعرفون بالنظر إىل معاين قوهلم وحقائقه، ال بالكثرة وال بالشهرة، فقد يوفق اإلنسان إىل أحد أصحابه لينقل قوله ويشهره، وقد ال يوفق اإلنسان

ومثة اعتبارات هلذا األمر منها ما يكون ظاهرا، ومنها ما يكون . إىل أحد يرفع قولهباطنا أمرا غيبيا أمره إىل اهللا، وقد يتعلق بقرائن احلال، وأمور الزمان، وما حييط باإلنسان

. يف وقته

مسلم عن األعمش يقول ابن مسعود عن نفسه كما رواه البخاري ومسلم من حديث ما من كتاب اهللا سورة إال أنا ، والذي ال إله غريه(( : قال عبد اهللا، عن مسروق عن

ولو أعلم أحدا هو أعلم بكتاب ، وما من آية إال أنا أعلم فيما أنزلت، أعلم حيث نزلت . ))اهللا مين تبلغه اإلبل لركبت إليه

-وقيل ثالثني–بن عباس ثالث وقال جماهد بن جرب عنه، وهو قد عرض القرآن على ا قال: قال األعمش، عن سفيان بن عيينة مرة، كما روى الترمذي بسند صحيح عن

عن كثري من ابن عباس مل أحتج إىل أن أسأل ابن مسعود لو كنت قرأت قراءة :جماهد .القرآن مما سألت

قوله وكثر تالميذه، واملروي عن ابن ولتأخر وفاة ابن عباس، وحلاجة الناس إليه، انتشر عباس كثري، يقرب من ستة آالف أثر، ولكثرة املروي عنه، وقع الغلط يف نسبة بعض

ما أكثر ما حيرف قول ابن عباس : أقواله، وضبط بعض ألفاظه، ولذا قال ابن تيمية .ويغلط عليه

بلغة العرب وأشعارهم تفسير ابن عباس وعنايته

تجاج بلغة العرب، وأقوال الفصحاء من الشعراء وغريهم، خبالف ابن وأكثر تفسريه اح . مسعود؛ فهو يعتين بالقراءات وأسباب الرتول

وجل تفسري ابن عباس صحيح، وأما ما نقله البيهقي وحممد بن أمحد بن شاكر القطان مل يثبت : مسعت الشافعي يقول: من طريق ابن عبد احلكم، قال "مناقب الشافعي"يف

عن ابن عباس يف التفسري إال شبيه مبائة حديث، فيظهر أنه قصد ما قصده أمحد بقوله ال يكاد يوجد فيها ما : ؛ أي"ثالثة ليس هلا إسناد التفسري واملالحم واملغازي" :املتقدم

. يسلم من علة على طريقة التشديد، ولعله قصد املرفوع من حديثه

: باسوأصح املرويات عن عبد اهللا بن ع *

: رواية جماهد بن جرب عن ابن عباس -

وهي مقدمة عند عامة العلماء، إال ابن املديين، فإنه يقدم رواية سعيد بن جبري على جماهد بن جرب، بل يقدمها على روايات سائر أصحاب عبد اهللا بن عباس، واألظهر أن

عباس، وتقدم على غريها عند رواية جماهد بن جرب هي أصح الروايات عن عبد اهللا بنالتضاد يف األغلب، إال يف األحكام؛ فسعيد بن جبري ال يقدم عليه أحد فيها، ولعل هذا

. ما قصده ابن املديين رمحه اهللا

وكرره عليه واسعا، وجماهد بن جرب قد عرض التفسري على عبد اهللا بن عباس عرضاعرضت التفسري على عبد اهللا " : جماهد بن جربقال يل: يقول الفضل بن ميمون مرارا،

، ولذلك قد استفرغ علمه تفسري القرآن، "بن عباس ثالثني مرة أوقفه عند كل آيه .وكان علمه جله فيه

وقد غلب على حال أصحاب عبد اهللا بن عباس العناية بشيء من أبواب التفسري على وغريب القرآن وأشعار العرب، وغريه من غريه؛ فقد اعتىن جماهد بن جرب باملفردات

أصحاب عبد اهللا بن عباس قد اعتنوا ببعض األبواب؛ كعكرمة موىل عبد اهللا بن عباس قد اعتىن بأسباب الرتول، واعتىن سعيد بن جبري باألحكام والغيبيات وأكثر من الرواية

.يف اإلسرائيليات وغريه مما يأيت الكالم عليه

عن ابن عباسقلة رواية مجاهد

:مثة أمر ينبغي أن يتنبه له

أن جماهد بن جرب، وإن كان خمتصا بعبد اهللا بن عباس وعرض عليه التفسري مرارا، إال أن كثريا من تفسريه ال ينقله عن ابن عباس، بل هو أقل أصحابه رواية عنه، يفسر

ويه عنه جماهد ال يزيد عن القرآن وال يعزوه؛ ومع وفرة تفسري ابن عباس، إال أن ما ير أن التفسري علم حتصل لديه وفهمه على وجهه، - فيما يظهر -املائتني، والعلة يف ذلك

فكان من االحتياط والورع أال ينسبه بلفظه إليه، فرمبا غاير يف اللفظ، ولذلك حينما ويكثر األخذ عن عامل يعرض اإلنسان شيئا من األلفاظ واملعاين على عامل أكثر من مرة،

من العلماء خيلط قوله بعضه ببعض، وإن كانت املعاين حقيقة على وجهها، لكن يف .نسبة اللفظ شيء

الغلط على ابن عباس

وما أكثر ما يقع التحريف والغلط على " : ولكثرة تفسري ابن عباس يقول ابن تيمية، وهذا ما محل جماهد بن جرب أن فيما يروى عنه من التفسري: ؛ أي"عبد اهللا بن عباس

يقل الرواية عن عبد اهللا بن عباس وإن كان علمه جله بل كله يف التفسري عن عبد اهللا وقد روي عن جماهد بن جرب يف التفسري ما يقرب من ستة آالف مروية، إال . بن عباس

كثرة عرضه أنه ما روى عن ابن عباس إال حنو مائيت رواية، وهذا قليل جدا، وذلك لعليه؛ فرمبا يف العرضة األوىل غاير يف اللفظ واتفق يف املعىن، ويف العرضة الثانية غاير يف

اللفظ واتفق يف املعىن؛ فلم ينسب القول إليه لتحقق اللفظ واملعىن يف نفسه أكثر من ب إليه ما مل حتقق اللفظ واملعىن عند عبد اهللا بن عباس ؛ فنسب إليه ما تيقن منه ومل ينس

.يتيقن، وهذا من باب االحتياط

مث إن ما أخذه عن ابن عباس أصله لغة العرب، وما أخذه عنه كثري، فنسبة كل قول إىل .ابن عباس، ثقيل على السامع واملتكلم

وجماهد بن جرب إمام التفسري من التابعني على اإلطالق، ال يوازيه يف ذلك أحد، وال كسعيد بن جبري أصحاب عبد اهللا بن عباس من هو أكثر منه؛يقاربه، وإن كان من

أكثر منه رواية عن عبد اهللا بن عباس لكن يف احلقيقة من جهة أخذ األقوال، فمجاهد بن جرب أكثر التابعني على اإلطالق أخذا عنه يف التفسري، وروايته أصح املرويات، وال

. ريب يف ذلك

له عن نفسه، ولذا يعتمد تفسريه األئمة؛ كالشافعي وقد استفرغ علمه القرآن، كما قا ."إذا جاءك التفسري عن جماهد، فحسبك به" :وأمحد والبخاري وغريهم؛ قال الثوري

تفسير مجاهد كتاب صحيح غير مسموع

وتفسري جماهد بن جرب كتاب يرويه عنه القاسم بن أيب بزة، وكل من يروي التفسري عن مل يسمع التفسري من جماهد أحد غري : (ابه، كما قال ابن حبانجماهد هو من طريقه وكت

القاسم بن أيب بزة، وأخذ احلكم وليث بن أيب سليم وابن أيب نجيح وابن جريج وابن .(عيينة من كتابه، ومل يسمعوا من جماهد

الروايات عن مجاهد وأصحها

نجيح عنه، وإن مل وجاء التفسري عن جماهد من وجوه عدة، أصحها ما يرويه ابن أيبيسمعه من جماهد، كما قاله حيىي القطان وابن حبان، فهو كتاب صحيح، نص على

.صحة تفسريه الثوري كما حكاه عنه وكيع، وصححه ابن املديين أيضا

وعدم السماع ليس علة مطلقا، بل هناك مما مل يسمع ما هو أصح مما مسع، لقرينة قوية الناقل وشدة حتريه؛ كسعيد عن عمر، أو لكونه من كتاب دفعت تلك العلة، كاحتراز

صحيح، كرواية التفسري عن جماهد، أو ملعرفة الواسطة ومل تذكر، كالنخعي عن ابن . مسعود، وابن سريين عن ابن عباس

وقد يشكل على البعض أن من يروي عن جماهد بن جرب مل يسمع التفسري منه، وإمنا هو قاسم بن أيب بزه هو من الثقات الكبار، وكتابه صحيح، وقد إن ال :من كتاب؛ فيقال

اعتىن بكتابه؛ فكل من روى عنه ذلك الكتاب على أخذ صحيح؛ فالرواية عنه صحيحة . معتربة

ليس بأيدي أهل التفسري تفسري أصح من تفسري ابن أيب جنيح عن " :يقول ابن تيمية ."جماهد بن جرب

طريق ورقاء عن ابن أيب جنيح عنه، بل هو ناشر تفسريه، وأكثر تفسري جماهد هو من ويأيت بعد ذلك . وأخص الناس به، ويرويه عنه أيضا شبل بن عباد وعيسى بن ميمون

.رواية ابن جريج عن جماهد

:ومن الرواة عن جماهد بن جرب

، وهو ضعيف باالتفاق، لضعف حفظه، لكنه يف التفسري يروي منليث بن أيب سليم -تساهلوا " :وقال حيىي بن سعيد - وقد تقدم قوله -كتاب، كما قال ذلك ابن حبان

.".. مث ذكر ليث بن أيب سليم - يف أخذ التفسري عن قوم ال يوثقوم يف احلديث

وحديثه عنه حممول على الصحة؛ ألن ضعف ليث من جهة حفظه وضبطه، وقد أخذ ، وال أرى ما يوجب رده، وقد سبرت حديثه وكتابه صحيح .التفسري من كتاب القاسم

عن جماهد يف التفسري، فلم أر ما ينفرد به مما يوجب رده، وال ما يستنكر إال شيئا قليال، ال يضره مع كثرة حديثه، روى عنه تفسريه مجاعة من الثقات وغريهم منهم سفيان،

.وابن فضيل، وإمساعيل بن إبراهيم

. يف الطب عن جماهد عن ابن عباس حديثا جمزوما به "صحيحه"وعلق له البخاري يف

وما استنكر من حديثه، فهو قليل، وبعضه قد توبع عليه؛ من ذلك ما رواه عن جماهد يف يجلسه معه على عرشه؛ فقد توبع عليه، فقد : قال) مقاما حممودا) :تفسري قوله تعاىل

رمحن بن شريك، عن أبيه عن عطاء بن أخرجه اخلالل يف السنة من طريق عبد ال . السائب، وليث بن أيب سليم، وجابر بن يزيد، كلهم عن جماهد، به

عطاء بن السائب ويرويه عن عطاء بن السائب مجاعة؛ منهم :ومن الرواة عن جماهد - .حممد بن فضيل؛ وعمران بن عيينة، وشريك

وزهري بن معاوية وزائدة وأيوب وعطاء ثقة اختلط بآخر، روى عنه السفيانان وشعبة واألعمش وهشام الدستوائي ومهام بن حيىي قبل االختالط والباقون بعده إال محاد بن

.سلمة، روى عنه يف احلالني

. ابن عيينة، ورمبا ذكر الواسطة :ومن الرواة عن جماهد -

. تقدموكذلك احلكم، وحديثهما قليل جدا، وهو صحيح حممول على االتصال ملا -

. ومنهم خصيف بن عبدالرمحن، وهو مقل، وعنه سفيان

وتعظيم له، وله رواية عنه قليلة جدا، ومل يدركه، ولسفيان الثوري عناية بتفسري جماهدوال أعرف واسطته، وال من نص عليها، ويغلب على ظين أنه يأخذ ممن أخذ عن القاسم

. أعلمبن أيب بزة، فهو يسميهم يف األكثر، واهللا

.ويروي عن جماهد شيئا من التفسري منصور وعبداهللا بن أيب املغيث

رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس

:ومن أصح الروايات عن عبد اهللا بن عباس *

وكان مكيا مقدما، فهذا علي بن املديين يقدمه على سائر : رواية سعيد بن جبريلرواة عنه رواية، وأكثر التابعني من املكيني أصحاب عبد اهللا بن عباس، وهو أكثر ا

عناية باإلسرائيليات، وجل ما جاء عن ابن عباس من اإلسرائيليات من طريقه، وقد .أكثر من حكاية الغيبيات من أخبار السابقني والقيامة عن عبد اهللا بن عباس

ان يأمره أن ومقامه رفيع ومرتلته عليه عند ابن عباس، وقد روى جماهد أن ابن عباس كيتحدث وهو شاهد، وحييل إليه يف الفتوى هو وابن عمر، وهو املقدم يف األحكام عن ابن عباس عند اخلالف بإطالق، لعنايته بذلك، ورجع جماهد وطاووس عن قوهلما إىل

هو : قاال) الذي بيده عقدة النكاح: (قوله يف األحكام، ومن ذلك يف تفسري قوله تعاىل .هو الزوج، فرجعا إىل قوله ملا علما به :يدالويل، وقال سع

. إنه أعلم أهل زمانه يف بلده: وكان من أعلم الناس باحلالل واحلرام، بل قيل

وروى عنه خلق؛ منهم جعفر وعبداألعلى وعمرو بن مرة واملنهال وعطاء بن دينار .وعطاء بن السائب واألعمش، وجل األسانيد عنه يف التفسري صحيحة

ة عن ابن مسعود، وابن عمر، يف التفسري، وهي قليلة، لكنه يقدم ابن عباس وله رواي. عن عبداهللا، فمراده ابن عباس، كما قاله عمرو بن مرة: على غريه، فإذا روى وقال . "العلل"أسنده ابن حنبل، كما يف

، فمراده ابن عباس، وكذلك يف مكة على "عن عبداهللا" :والغالب إذا قال البصري، فهو ابن "عبداهللا" :األغلب، وإذا قال ذلك املدين، فمراده ابن عمر، وإذا قال املصري

عمرو، ويف الكوفة ابن مسعود، حاشا سعيد بن جبري؛ فهو ممن ارحتل إىل الكوفة . ، فهو ابن عباس"عبداهللا"واستوطنها، فإذا قال

يئا مطلقا، وهو صحيفة وتفسري عطاء بن دينار عنه مل يسمعه منه، بل مل يسمع منه شكما قاله أمحد بن صاحل وأبو حامت، وقال أبو حامت أن سعيد بن جبري كتب التفسري لعبدامللك بن مروان فوجده عطاء يف الديوان فحدث به، وهو ثقة معروف، والذي

يروي عنه التفسري من هذه الصحيفة عبداهللا بن هليعة، وهي صحيفة صحيحة، ال تعل .اع وال بابن هليعة، واهللا أعلمباالنقط

. وحديث عطاء بن السائب عنه يرويه حممد بن فضيل وغريه

رواية عكرمة عن ابن عباس

: ومن الرواة عن ابن عباس عكرمة موىل عبد اهللا بن عباس

وعكرمة قريب من سعيد بن جبري؛ فقد تزوج أم سعيد بن جبري، وهو إمام يف التفسري، أصحاب ابن عباس عيال عليه :إنه أعلم الناس فيه، وقال أبو حامت: قال الشعيب وقتادة

.يف التفسري

وهو مقدم يف أسباب الرتول، ومناسبات السور، لعنايته بذلك، حافظ ألشعار العرب، . وجل أقواله عن ابن عباس وإن مل ينسبها له

لقرآن، فهو كل شيء أحدثكم يف ا: قال عكرمة: أخرج ابن أيب حامت عن مساك، قال .عن ابن عباس

وله تفسري من قوله جيتهد فيه، وهو قليل، ويظهر ذلك يف خمالفته لقول ابن عباس، كما .يف قصة أصحاب السبت

سبب قلة الرواية عن عكرمة

ومع عنايته بالتفسري، إال أن النقل عنه قليل، وذلك النتحاله رأي اخلوارج، كما نص وابن معني، وهذه عادة األئمة فيمن عرف باالبتداع أن عليه عطاء وأمحد وابن املديين

،ه بأخذ األجلة عنه، فيتأثر ببدعته تبعا من جيهلهكثر األخذ عنه، لكي ال يرتفع شأنال ي

وإن كان إماما يف نفسه، كل هذا صيانة للدين ومحاية جلنابه، وألجل هذا كان مالك .يروي عن عكرمة يف موطئه وال يسميه

وقد - التكفري بالكبرية، ا، فهو إمام جليل القدر، وإن كان وقع يف شيء منومع هذفينبغي العناية بقوله ومجعه -برأه من ذلك بعض العلماء كالعجلي وابن عبدالرب

واعتباره وتأمله، وهو من املكثرين عن ابن عباس، بل هو أكثر رواية عنه من جماهد يف .التفسري

يح، وأجوده وأمثله ما يعتين فيه بأسباب الرتول، فله معرفة فيه، وتفسريه باجلملة صحوهو مقدم على غريه يف هذا النوع، وقد علق البخاري عنه يف الصحيح جمزوما به يف التفسري، وأشهر الطرق عن عكرمة ما يرويه عنه ابن جريج، وهو أكثرهم، وعكرمة

.قليل التالميذ

وي، وحممد بن أيب حممد موىل زيد بن ثابت، وهذه ومن الطرق عنه ما يرويه يزيد النحالطرق أشهرها، وكذلك أيوب وعطاء وداود بن أيب هند وعمرو بن دينار وعثمان بن

غياث ومساك بن حرب وداود بن احلصني واحلكم بن أبان وغريهم، وأكثر املرويات خاصة منه ما يف عنه أو جلها هي دائرة بني الصحة واحلسن، وقليل منها ما يتوقف فيه .األحكام املروية عن ابن عباس اليت ينفرد ا سماك وداود بن احلصني

عن عكرمة أو سعيد، وقد مسع :ويشك حممد بن أيب حممد يف روايته كثريا، فيقول .منهما مجيعا، وال يضره ذلك

ابن واحلكم بن أبان يروي عنه ابنه إبراهيم، وهو مضعف؛ ألنه يصل األسانيد بذكر . عباس

رواية محمد بن سيرين عن ابن عباس

: ومن الرواة عن ابن عباس

، ومل يسمع منه، لكن حديثه عنه صحيح، وقد رأيت من يضعفه حممد بن سريينالنقطاعه، وهذا من التهوك، فالواسطة معروفة، فهو قد أخذ التفسري عن ابن عباس

كل ما قال حممد بن :ل خالد احلذاءبواسطة عكرمة، وال يسميه لسوء رأيه فيه، قا .نبئت عن ابن عباس، فإمنا أخذه عن عكرمة، لقيه أيام املختار: سريين

إمنا مسعها من : أحاديث حممد بن سريين عن ابن عباس قال شعبة: وكذلك قال شعبة . عكرمة

رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس

. طلحةعلي بن أيب : ومن الرواة عن ابن عباس

وقد روى عن علي بن أيب طلحة إسناده عن عبد اهللا بن عباس معاوية بن صاحل، وقد رواه عن معاوية بن صاحل عبد اهللا بن صاحل كاتب الليث أبو صاحل، وقد اشتهر هذا

اإلسناد، وهو صحيفة مل يسمعها علي بن أيب طلحة من عبد اهللا بن عباس، وقد وقع يف وخالف عند املتأخرين، وخالصة القولهذه الرواية خوض كثري :

أنه قد اتفق احلفاظ على أن عليا مل يسمع من عبد اهللا بن عباس شيئا، وإن كان قد عن عبد اهللا بن صاحل "أنساب األشراف"يستشكل على البعض ما روى البالذري يف

القامة كان عبد اهللا بن عباس مديد : عن معاوية بن صاحل عن علي بن أيب طلحة قالجيد اهلامة، مستدير الوجه، مجيله أبيضه، وليس باملفرط البياض، سبط اللحية، يف أنفه

.قىن، معتدل اجلسم، وكان أحسن الناس عينا قبل أن يكف بصره

إن هذا ال يعين أنه قد رآه، بل يكون قد حكى : يف ذلك ما يشعر بأنه رآه، فيقال: قيل . عدم مساعهعمن رآه، وهذا شك ال يثبت مع يقني

ومثل هذه احلكاية مليئة كتب التاريخ والسري منها، حيكيها من بينه وبني املوصوف قرون، وال خالف يف علي أنه مل يسمع من ابن عباس شيئا، جزم به أبو حامت ودحيم

. أمجع احلفاظ على ذلك :"اإلرشاد"وابن معني وابن حبان، بل قال اخلليلي يف

إنه مسعه من سعيد بن : جماهد بن جرب، أو عكرمة، وقيل أيضاإمنا مسعه من :وقيلأنه "األمايل املطلقة"جبري، جزم املزي والذهيب أنه بواسطة جماهد، وجزم ابن حجر يف

بواسطة جماهد وسعيد بن جبري، وهي صحيحة بال ريب عند عامة النقاد، وصححها : مجع من النقاد؛ منهم

ر صحيفة يف التفسري، رواها علي بن أيب طلحة لو رحل مبص: (أمحد بن حنبل، قالالناسخ "، أسنده عنه أبو جعفر النحاس يف )رجل فيها إىل مصر قاصدا ما كان كثريا

."واملنسوخ

: والذي يطعن يف إسناده يقول ) :"الناسخ"ومنهم النحاس تلميذ النسائي فقد قال يف أخذ التفسري عن جماهد وعكرمة، وهذا ابن أيب طلحة مل يسمع من ابن عباس، وإمنا

.(القول ال يوجب طعنا؛ ألنه أخذه عن رجلني ثقتني، وهو يف نفسه ثقة صدوق

علي ابن أيب طلحة عن ابن عباس مرسل؛ مسعه من جماهد، والقاسم بن " :قال أبو حامت . "حممد، وراشد بن سعد، وحممد بن زيد

وإن كان خربا منقطعا ال يثبت مثله، غري أن (: وقد قال الطحاوي يف شرح معاين اآلثارإنه صحيح، وإن علي بن أيب طلحة، وإن كان مل : قوما من أهل العلم باآلثار يقولون

يكن رأى ابن عباس رضي اهللا عنهما، فإمنا أخذ ذلك عن جماهد وعكرمة موىل ابن .(عباس

رواية علي بن أيب وحملنا على قبول: ، فقال"بيان مشكل اآلثار"وجزم بذلك يف عنه عن جماهد وعكرمة - يف احلقيقة -طلحة، عن ابن عباس، وإن كان مل يلقه؛ ألا

.هـ.أ.

، "له منكرات" :وحديثه صحيفة وكتاب، وهو يف نفسه فيه ضعف يسري، قال أمحد فيه ا وهذه العبارة منه ليست بتضعيف له، وقد قاهلا يف عدد من الثقات واحلفاظ، ويقصد

.التفرد

وضعف عليا يعقوب بن سفيان، وتفرد بتضعيفه، فقد وثقه العجلي وابن حبان، وقال ، وحديثه يف التفسري صحيح، "الصحيح"ال بأس به، وقد روى له مسلم يف :النسائي

اعتمد عليه البخاري يف مواضع من صحيحه، وليس له ما يستنكر بعد النظر يف حديثه .، وقلته تدل على صحة حديثه مع كثرة مروياته عن ابن عباسإال شيء قليل تفرد به

فإذا علمت الواسطة؛ فإنه ال ملجأ إلعالهلا، وإن كان قد نص صاحل بن حممد جزرة ؛ فلعل "ال أحد " : على االنقطاع، فقد سئل عمن مسع منه عن عبد اهللا بن عباس قال

افق قول أمحد السابق أا صحيفة، مراده أن روايته كتاب، وليست بسماع، وهذا يوجماهد بن جرب وسعيد بن : مث إن من علم حجة على من مل يعلم، والواسطة علمت وهي

إذا، فرواية علي بن أيب طلحة هي من رواية . جبري وعكرمة موىل عبد اهللا بن عباس . اجماهد بن جرب، أومن طريق سعيد بن جبري، أو من طريق عكرمة، وتقدم الكالم عليه

وعلي بن أيب طلحة، مقل بالرواية يف غري التفسري، وال يكاد يوجد له رواية يف األحكام، وجل روايته يف التفسري، وهي كتاب يرويه عنه معاوية بن صاحل وعنه عبداهللا بن صاحل، وقد يصح اإلسناد يف موضع وال يصح يف موضع، وهذا الطريق لو جاء مثله

رد ال يعتمد عليه مامل يعضد، ويف التفسري حجة، ال وجه إلعالله، يف األحكام عند التفإال ما يستنكر من حديثه، مما ال يوافق عليه، ومثل هذا يوجد عند الثقات، ومنهج النقاد

.يف ذلك معروف

ما يستنكر من حديث علي بن أبي طلحة

شيئا قليال؛ من وبالسرب والنظر يف تفسري علي عن ابن عباس مل أر فيه ما يستنكر إال، وابن جرير الطربي من حديث عبد "األمساء والصفات"ذلك ما رواه البيهقي يف كتابه

اهللا بن صاحل عن معاوية بن صاحل عن علي بن أيب طلحة، عن عبد اهللا بن عباس يف . "هذا قسم أقسم اهللا به وهي من أمساء اهللا " :احلروف املقطعة، قال

وهذه من منكراته، اليت ترد وأمثاهلا، وهذا ما يعنيه أمحد . روه أحد غريهوهذا منكر مل ي .، مع قوله بنفاسة صحيفة علي، والرحلة إليها"له منكرات" :بقوله

وقوعه في البدعة، وحكم الرواية عن المبتدع

سؤاالت " كما يف -ولعلي مذهب على طريقة اخلوارج، ولذلك يقول أبو داود إن شاء اهللا هو مستقيم احلديث " :ا سأله عن علي بن أيب طلحة، قالمل - "اآلجري

. "وكان يرى السيف

وللعلم فإن رأي العلماء يف الرواية .لعله من هذا الوجه قد طعن فيه يعقوب الفسوي .عن املبتدع إذا كان من الثقات الضابطني أنه ال يرد حديثه، خاصة إذا كان متقدما

.و تركنا الرواية عن القدرية، لتركنا أكثر أهل البصرةل :يقول أمحد

لو تركت رواية الراوي ألجل القدر، لتركت الرواية عن أهل " :ويقول علي بن املديينالبصرة، ولو تركت الرواية ألجل التشيع، لتركت الرواية عن أهل الكوفة وخلربت

. "الكتب

الثقة والديانة والضبط؛ ألن البدعة ال والعلماء يروون عن املبتدعة إذا كانوا من أهلجتعل اإلنسان يكذب يف احلديث إذا كان ثقة، فإن كذب فليس بثقة، فإذا عرف أنه من الثقات، وممن يؤخذ منهم احلديث، فإنه يقبل، وقد يوجد من أهل البدع من هو أضبط

فاخلوارج يرون أن يف الرواية والتحري والصدق من أهل السنة واجلماعة، كاخلوارج؛ ؟ومن يعتقد أن من كذب على النيب . من كذب على النيب صلى اهللا عليه وسلم كفر

! يكفر هو أقرب لالحتياط ممن ال يرى أن الراوي يكفر بذلك

الغلو في البدع ال يوجد في متقدمي التابعين

يوجد فيهم سبئية وال والغلو يف البدع مل يوجد يف عصر التابعني، فالتابعون الرواة الرافضة، وإمنا هو تشيع يسري بتقدمي علي بن أيب طالب على عثمان بن عفان رضي اهللا

عنهما، وهذا غاية ما يوصفون به من التشيع، فإذا وجد نص عن راو من الرواة أنه يتشيع من تلك الطبقة، فمرادهم ذلك، فأهل الكوفة كلهم شيعة على هذا املذهب، إال

يسرين رلون عليا على عثمان، إال رجلني طلحة : قال أمحد بن حنبل. زأهل الكوفة يفض .بن مصرف وعبداهللا بن إدريس

والتشيع يف تلك الطبقة مل خيرج عن الكوفة إىل الشام واليمن واحلجاز ومصر، إال شيئا .يسريا، كطاووس بن كيسان فيه تشيعا على تلك الطريقة، وهو مياين

أن أمحد قال يف علي بن "يف الرد على البكري"وما نقله ابن تيمية رمحه اهللا يف كتابه ضعيف، فهذا النقل ال أعلمه يف املسائل عن أمحد، وال يف مروياته سوى يف : أيب طلحة

وإال فاملعروف عن اإلمام أمحد أنه ."يروي املنكرات" :هذا املوضع، ولعله أراد قوله .لي بن أيب طلحة عن عبد اهللا بن عباسحمد صحيفة ع

وال يوجد شيء يكاد يذكر من التفسري من قول علي بن أيب طلحة، وإمنا هو عن عبد .وهو قليل، فعلي ناقل فقه ليس بفقيه؟ اهللا بن عباس، أو عن رسول اهللا

رواية عطاء عن ابن عباس

:عطاء: ومن الرواة عن ابن عباس

ابن أيب رباح، وهو أجلهم وأعلمهم، وابن : ن امسه عطاءومن يروي عن ابن عباس ممأيب مسلم اخلراساين، ومل يسمع من ابن عباس إال ابن أيب رباح، واخلراساين بواسطة،

هو عطاء بن أيب مسلم اخلراساين، وينسب يف الغالب يف والذي يرد يف التفسري كثريا .األسانيد

ي عطاء بن أيب رباح عن ابن عباس يف التفسري وقد روى أكثر تفسريه ابن جريج، ويرووأكثر مروياته يرويها عنه ابن جريج أيضا، وما جاء يف التفسري يف سورة البقرة وآل عمران فليس هو اخلراساين، وإمنا هو ابن أيب رباح؛ ألن اخلراساين امتنع عن تفسري

.السورتني البن جريج

. عن عطاء، فهو اخلراساين، ومل يسمع ابن عباسوكل مامل يسمه ابن جريج يف التفسري

وعطاء اخلراساين صدوق حسن احلديث، وله رواية عن ابن عباس ومل يسمع من أحد من الصحابة، ويف الغالب يسمى، وقد ال يسمى فيلتبس على البعض، وقد روى له

إن : جرومل ينسبه يف تفسري سورة نوح ويف الطالق، قال ابن ح "صحيحه"البخاري يف البخاري يظنه ابن أيب رباح، ويظهر يل أن البخاري ال خيفى عليه ذلك، وقد قصد اإلخراج للخراساين عن ابن عباس، وحديثه الذي أخرجه رواه عبدالرزاق عن ابن

جريج ومسى عطاء باخلراساين، ويظهر أن اخلراساين أخذ التفسري من كتاب عن ابن جبري وعكرمة وعلي بن أيب طلحة وهم من نقلة التفسري عباس، فله رواية عن سعيد بن

.

عن أبيه عطاء اخلراساين عن - وهو ضعيف احلديث جدا -ويروي عثمان بن عطاء ، ولكن حديثه من كتاب، ورواية ابن جريج أشهر بكثري وأصح، وقد أخرج ابن عباس

.تفسري سورة الكوثرالبخاري لعطاء عن ابن عباس يف الصحيح يف غري األصول، يف

ورواية ابن جريج هي من طريق عثمان بن عطاء اخلراساين عن أبيه، عن عبد اهللا بن ، ومن نظر يف سرية عثمان "األطراف"عباس، كما قاله احلافظ أبو مسعود الدمشقي يف

بن عطاء وجد أنه ضعيف، ولكن العلماء يذكرون أن لديه كتابا يف التفسري عن أبيه، أن ابن جريج قد أخذ التفسري من عثمان بن عطاء، فأسنده عن ابن عباس؛ ويظهر

.وعليه يقال أن التفسري عن ابن جريج عن عطاء صحيح، وإن كان منقطعا يف موضعني

والبن جريج أقوال يف التفسري من رأيه، وله أيضا عن ابن عباس، أخذها باجلملة و من غريه، ونسبة التفسري إليه وارد بواسطة صحف، إما من تفسري جماهد بن جرب، أ

وصحيح وال إشكال فيه، فهو من أئمة التفسري يف الرواية، وكذلك له معرفة بلغة . العرب وبكالم املفسرين ممن كان يروي عنهم

حجاج بن حممد وحممد بن : ويروي عن ابن جريج عن عطاء اخلراساين مجاعة؛ منهم .لثقفي عنه، وهو متهم يف حديثثور، ويروي موسى بن عبدالرمحن ا

رواية أبي صالح وأبي مالك عن ابن عباس

: ومن الرواة عن عبد اهللا بن عباس

. أبو صاحل باذام موىل أم هانئ بنت أيب طالب

. وأبو مالك غزوان بن مالك الغفاري

.ورواية أيب مالك عن ابن عباس يف التفسري هي من طريق أيب الشعثاء جابر بن زيد

يروي عن أيب مالك وأيب صاحل إمساعيل بن عبد الرمحن السدي الكبري، والسدي هذا ووثقه أمحد، وأخذ عليه تكلفه يف وصله األسانيد، ويظهر أن مراد أمحد أنه يتكلف

بالوصل حىت لو مل يتحصل عليه إال برتول، ال أنه خيتلق األسانيد، وهو مل يسمع من ابن .عباس

ديتفسير الس

، بل تفرغ لتفسري السدي ونقله، وعليه املعول أسباط بن نصر: راوية تفسري السدي .فيه، ويوجد شيء يسري من غري طريق أسباط بن نصر

والسدي أكثر التابعني بإطالق حكاية لإلسرائيليات، بل فاق اإلخباريني عن بين .إسرائيل؛ ككعب األحبار ووهب بن منبه وأمثاهلم

هادات ونظر، وهو غري حجة فيما ينفرد فيه من دعاوى النسخ، فهو جسر يف وله اجت .هذا الباب جدا

وتفسري السدي جله عن ابن عباس وابن مسعود، ومل يلق من الصحابة إال أنس بن .مالك

.ويرويه عن ابن مسعود من طريق مرة اهلمداين عن ابن مسعود

ج دي ساقه منثورا ابنرير الطربي، ومل يورد منه ابن أيب حامت شيئا يف وتفسري السخيرج منه "املستدرك"تفسريه؛ ألنه التزم أن خيرج أصح ما ورد، وأبو عبداهللا احلاكم يف

فقط، دون ويصححه لكن من طريق مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة .الطريق األول

تفسير الكلبي

ليب حممد بن السائب، وعن الكليب السدي الصغري حممد وأبو صاحل يروي عنه أيضا الكبن مروان، ورواه عن حممد بن مروان، صاحل بن حممد الترمذي وهم ضعفاء، وحممد بن

.السائب الكليب متهم بالكذب، وإن كان عاملا بالتفسري

وأمثل وأصح تفسري الكليب ما يرويه الثقات عنه؛ كسفيان الثوري وحممد بن فضيل بن زوان، ومن الضعفاء من قبل احلفظ حبان بن علي العرتي، لكنه أحسن حاال من حممد غ

.بن مروان وصاحل بن حممد

: وتفسري الكليب على نوعني

ما يرويه وينقله عن أئمة التفسري، فهذا يطرح، ولذلك سئل اإلمام أمحد : النوع األول؟ "أحيل النظر فيه " : فقيل . " من أوله إىل آخره كذب" :عن تفسري الكليب ؛ فقال

. "حقه أن يدفن " : وسئل حيىي بن معني عنه فقال ."ال " :قال

التفسري من قوله مما ال يرويه عن غريه، فهذا يؤخذ ويكتب عنه؛ ألنه عامل :النوع الثاينلوجه املقصود بالتفسري، وإمام فيه، ومن أهل العربية؛ فيستفاد منه يف التفسري ومبعرفة ا

.يف اآلية من قوله، ال مما حيكيه

ما يرسله ابن جريج عن ابن عباس

:ومن الرواة أيضا عن عبد اهللا بن عباس

عنه وال يسنده؛ ومل يسمع منه، إال أنه مسع من مجلة من " ابن جريج "ما يرويه مبا ال أصحاب ابن عباس املفسرين، وتقدم الكالم على ذكرهم، وكثري من الرواة ر

ينشط يف إسناد احلديث، وال يعتمد على ذكر إسناد لوضوح اللفظ؛ وإمنا جيعله من

جماهد بن جرب جيعل التفسري من قوله ملثل - كما تقدم -قوله، كابن جريج، وكذلك قتادة، وعبد الرمحن بن زيد بن أسلم ، وإن كان جل تفسريه عن : ومثلهم. هذه العلة

ادة فإنه يروي عن أنس بن مالك، ويروي عن غريه من الصحابة، أبيه زيد بن أسلم، وقتلكنه جيعل التفسري من قوله وال يسنده إىل من مسع منه يف كثري من املواضع؛ إما لظهور

املعىن، فال حيتاج إىل أن يعزى لبيانه وجالؤه، ولعل هذا من العلل الظاهرة واألسباب األسانيد عمن أخذوا القول عنه؛ ألن املعىن احملكي اليت جتعل هؤالء الرواة ال يسندون

. عنهم حمل تسليم عند السامع

رواية العوفي عن ابن عباس

: ومن األسانيد عن عبد اهللا بن عباس

وهذا اإلسناد إليه يروى من طريق واحدة، قد أسنده ابن جرير ."عطية العويف "رواية حممد بن سعد بن حممد بن احلسن بن عطية الطربي يف تفسريه وغريه، وهو من حديث

حدثنا أيب عن أبيه عطية : حدثنا عمي، قال: حدثنا أيب، قال: بن سعد العويف يقول . العويف، عن عبد اهللا بن عباس

وهذا اإلسناد صحيح، ما مل ينفرد حبكم وأصل، وإن كان الرواة ممن ضعفهم األئمة، عبد اهللا بن عباس حديثهم من كتاب، وعلى رأسهم عطية، ولكنهم يف التفسري عن

وتسمى صحيفة عطية العويف يف التفسري، وفيها أحاديث مسندة كثرية يف التفسري عنه، .بل فيها حنو ربع ما يروى عن ابن عباس يف باب التفسري

ومن املهم جدا العناية بالنسخ واألجزاء والصحف اليت تروى يف التفسري، ولو اعتىن ن جييد النظر يف األسانيد على منهاج األئمة النقاد، وميز املنكر من األقوال وانربى هلا م

من غريها حىت حيكم على أمثال هذه األجزاء، لكان يف ذلك نفع كبري، ويعطي معرفة وقد اعتىن األئمة . بالرواة الذين يقع لديهم الوهم والغلط عن غريهم من احلفاظ األثبات

نوا باألجزاء والنسخ يف التفسري كما اعتنوا ا، بل حيكوا باألجزاء احلديثية، ومل يعتهكذا من غري مجع، فلو جمعت وأخرج ما يتعارض مع ظواهر األدلة من الكتاب

والسنة، وما يحمل على الشاذ، لبان فضل كثري منها مما يطرحه املتأخرون، وال يعتنون . به، ويعلونه بعلل مدفوعة

ينفرد فيه العويف وخيالف ثقات أصحاب عبداهللا بن عباس، فإنه يرد، وهذا ما بينه وما، فقال عما روي عن ابن عباس من أن الفداء منسوخ "معرفة السنن واآلثار"البيهقي يف

فإنه مل : ، قال)فإذا انسلخ األشهر احلرم فاقتلوا املشركني حيث وجدمتوهم) :بقوله صحيح، إمنا هو عندي يف تفسري عطية العويف برواية أوالده عنه، وهو يبلغين عنه بإسناد

.هـ.إسناد ضعيف أ

التفسير عن عبداهللا بن مسعود

:ومن أئمة التفسري من الصحابة

:عبد اهللا بن مسعود

قال : ويكفينا ما جاء يف صحيح البخاري من فضله التفسري، وهو من العلماء يفمن عبد اهللا بن مسعود، : استقرؤوا القرآن من أربعة:سلم رسول اهللا صلى اهللا عليه و

.«وسامل موىل أيب حذيفة، وأيب بن كعب، ومعاذ بن جبل

كنا يف دار أيب موسى مع نفر من : وروى اإلمام مسلم من حديث أيب األحوص قال ما أعلم : فقال أبو مسعود ، فقام عبداهللا ، وهم ينظرون يف مصحف . أصحاب عبداهللا

فقال أبو . رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ترك بعده أعلم مبا أنزل اهللا من هذا القائم عن :أي . ويؤذن له إذا حجبنا ، لقد كان يشهد إذا غبنا ، أما لئن قلت ذاك : موسى

رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، ولذلك كان من أعلم الناس بالتأويل، ومن أقل .حابة نقال عن أهل الكتاب اإلسرائيلياتالص

ما يشترك مع عبد اهللا بن عباس، ومنها ما :ومثة مرويات كثرية عنه يف التفسري، منها .ينفرد ا

ما يشترك فيه ابن مسعود مع ابن عباس في أسانيد التفسير

اس، وهو وقد تقدم اإلشارة إىل إسناد يشترك فيه عبد اهللا بن مسعود مع عبد اهللا بن عبرواية عطاء بن السائب عن سعيد عنهما، وكذلك السدي يروي عنهما بواسطة خمتلفة،

عن ابن مسعود بواسطة مرة بن شراحيل اهلمداين، وعن ابن عباس بواسطة أيب مالك . وأيب صاحل

دي عن مرة عن ابن مسعود أكثر تفسري ابن مسعود، وفيها غرائبومن طريق السومنكرات .

سانيد التفسير عن ابن مسعودأصح أ

ما يرويه أبو الضحى عن مسروق عن عبد اهللا : وأصح األسانيد عن عبد اهللا بن مسعودوهذا أصح على اإلطالق، ومنها وهو صحيح وقد أخرجها البخاري يف . بن مسعود

الصحيح عن األعمش عن أيب وائل عن عبد اهللا بن مسعود، ويأيت بعدها ما تقدم ذكره . سانيد، ومجلة منها يف عداد الواهي واملنكرمن األ

ومن يعتين بفقهه من أصحاب ابن مسعود، كعلقمة واألسود وأيب األحوص والشعيب وعبيدة بن عمرو السلماين والربيع بن خثيم، وغريهم هلم مرويات عنه يف التفسري، وهي

علقمة : هؤالء الكباريف غاية الصحة، ومثلهم النخعي، وإن مل يدرك ابن مسعود، وبنيواألسود والنخعي قرابة وصلة، تزيد قوة ألسانيدهم ومتانة هلا، فعلقمة عم أم النخعي، واألسود خال إبراهيم، وعلقمة عم األسود، والقرابة يف األسانيد قرينة لشدة الضبط،

. ومعرفة مقاصد املتحدث، وأشد سربا حلاله من غريه

تفسير علي بن أبي طالب

:ن أئمة الرواية يف التفسري من الصحابةوم

:علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه

وهو أكثر اخللفاء الراشدين رواية يف التفسري، ال لقلة يف معرفتهم به، بل لتقدم وفام، .وسالمة لسان أهل عصرهم، وقد تأخر األمر بعلي حىت احتاج الناس للتفسري

ما يرويه هشام بن عروة عن حممد بن سريين عن هو: وأصح األسانيد عنه يف التفسري . عبيدة السلماين عن علي بن أيب طالب

وكذلك من الصحيح أيضا ما يروية ابن أيب احلسني عن أيب الطفيل، عن علي بن أيب طالب، وما عدا ذلك، فهو بني الضعيف واملنكر يف الغالب، وبعضها ما يستقيم معناه

.ويمشى حاله

ي بن كعبتفسير أب

:ومن األئمة يف التفسري

وهو من األئمة يف علوم القرآن ومعرفتها، ولذلك قال النيب صلى اهللا :أيب بن كعبوقد ..)أبي بن كعب ( وذكر منهم ( ...استقرؤوا القرآن من أربعة : ( عليه وسلم

؟؟ : ، كما روى الترمذي، فقال أبلغه اهللا جل وعال بواسطة نبيه عليه الصالة والسالم . فبكى رضي اهللا عنه. نعم : ؟ قال أسماني اهللا جل وعال

ما يرويه أبو جعفر عن الربيع بن أنس عن أيب العالية :وأمثل األسانيد إىل أبي بن كعب، رفيع بن مهران، عن أيب بن كعب، وإن كان فيها ضعف، لكنها يف التفسري صحيحةألا نسخة كبرية منقولة، أخرج ابن جرير وابن أيب حامت منها كثريا، وكذا أخرج

. احلاكم يف مستدركه وأمحد يف مسنده منها شيئا

واحد أختصاص بعض الرواة بمفسر

وينبغي على املتعلم هلذا الباب أن يعلم أن بعض الرواة يف التفسري ال يكون له عناية إال ليه املدار؛ سواء مما ال ينسبه من التفسري، أو ما ينسبه لذلك بشخص واحد، فع

فقط ليس له رواية عن أيب العالية الشخص؛ فالربيع بن أنس مل يرو يف التفسري إال عن

يف - على اإلطالق - بغريه، كذلك السدي ليس له رواية غريه، وليس له عنايةن مسعود شيئا يسريا، وإن مل ينسبه فهو التفسري إال عن عبد اهللا بن عباس، وعن اب

عنهما يف األغلب؛ فإن نفسه هو نفس عبد اهللا بن عباس، وكذلك فإن جل تفسريه من .طريق أسباط بن نصر

التمييز بين السدي الكبير والصغير

. الكبري والصغري: ومث سديان

، أبو حممد القرشي فهو إمساعيل بن عبد الرمحن بن أيب كرمية السدي : أما الكبريالكويف األعور، أصله حجازي سكن الكوفة، وكان يقعد يف سدة باب اجلامع بالكوفة؛

فسمي السدي، وهو إمام يف التفسري، وفد وثقه اإلمام أمحد يف رواية أيب طالب، "الكامل"وابن عدي يف كتابه وكذلك العجلي وابن حبان، وعدله مجاعة؛ كالنسائي

.وغريه

.فمحمد بن مراون، وهو الراوي عن الكليب تفسريه وهو ضعيف :وأما الصغري

.وإذا أطلق السدي يف التفسري، فهو الكبري، وأما الصغري فهو راو وليس مفسرا

:والسدي الكبري له أصحاب يروي عنهم التفسري؛ وهم

. أبو مالك غزوان بن مالك

.وأبو صاحل باذام موىل أم هانئ

ة اهلمداينومر .

. يروي عن األولين تفسري ابن عباس، وعن الثالث تفسري ابن مسعود

. ويروي عنه أسباط بن نصر

الصحابة المفسرون

زيد بن ثابت وأبو موسى األشعري وعبد اهللا بن الزبري، وهم : ومن الصحابة املفسرينعائشة وابن عمر يف املرتبة دون من سبق ذكرهم، والتفسري عنهم قليل، وجاء عن

. وغريهم شيء يسري

طبقات المفسرين التابعين

: التفسري عن التابعني وأتباعهم: النوع الثالث

وأعلم أهل التفسري .طبقة املكيني، وطبقة املدنيني وطبقة العراقيني :وهم على طبقاتأهل مكة، خاصة أصحاب ابن عباس منهم؛ كسعيد بن جبري وعكرمة وجماهد وعطاء

يب رباح؛ لسالمة لسام وتأخر ورود العجمة إليهم، مث أصحاب ابن مسعود يف بن أ .الكوفة، وأهل املدينة

. سعيد بن جبري وجماهد وعكرمة وعطاء: خذوا التفسري عن أربعة: يقول سفيان الثوري .وهم مكيون

المفسرون المكيون كمجاهد وابن جبير وعكرمة وعطاء

. وتقدم اإلشارة إىل الطرق عنه، وإىل حديثه عن ابن عباسوأعلم املكيني جماهد،

وأكثر تفسريه عناية باملفردات، وله اجتهادات يف التفسري خيالف فيها، بل شذ يف . قليلة- مع كثرة ما يروى عنه -مواضع، وهي

وأخذ عليه النقل عن بين إسرائيل ما يستنكر، كما يف قصة يوسف مع امرأة العزيز، .حل السروايل حىت إليتيه واستلقت له :الق

. وكان يف بعض تفسريه مستمسك لبعض أهل البدع، كاملعتزلة وغريهم

.اهد أقوال وغرائب يف العلم والتفسري تستنكر :"السري"قال الذهيب يف

عسى أن يبعثك : (ومن أنكر ما جاء عن جماهد يف التفسري يف قوله :"امليزان"وقال يف .جيلسه معه على العرش: قال ،)ك مقاما حممودارب

وما أنكره الذهيب قال به غري واحد من أئمة السنة، وصححوا األثر واعتمدوا عليه كأيب داود وأمحد بن أصرم وحيىي بن أيب طالب، وإسحاق بن راهويه وعبد الوهاب الوراق،

ر احلايف وابن جرير الطربي، وإبراهيم احلريب، وعبد اهللا ابن اإلمام أمحد، واملروزي وبشقد تلقته العلماء بالقبول نسلم اخلرب كما : وأيب احلسن الدارقطين، بل قال أمحد بن حنبل

.جاء

: سعيد بن جبري : ومن املكيني

. وتقدم الكالم على ذكر الرواة عنه وبيان جاللته وإمامته

: عكرمة موىل ابن عباس :ومن املكيني

. أيضا، يف حديثه عن ابن عباس وتقدم الكالم عليه

. عطاء بن أيب رباح، وقد تقدم: ومنهم أيضا

المفسرون المدنيون كزيد بن أسلم وأبي العالية ومحمد بن كعب

: ويليهم يف التفسري طبقة املدنيني، منهم

زيد بن أسلم تابعي كبري القدر، وعنه ابنه عبد الرمحن بن زيد بن أسلم، ويروي تفسري، لكنه ال "زيد بن أسلم "عبد اهللا بن وهب وغريه، وأخذ تفسريه عن أبيه :رمحنعبدال

، فاملراد به عبد "ابن زيد : قال " :يعزوه إىل أبيه إال يف القليل، وإذا قال املفسرون .الرمحن

.وعبد الرمحن، وإن كان ضعيف احلديث، إال أنه إمام يف التفسري

. ك بن أنسمال: وممن أخذ التفسري عن زيد

: أبو العالية رفيع بن مهران :ومن املدنيني

وهو مدين، مث بصري، وقد أخذ التفسري عن ابن عباس، وهو من رواة أيب بن كعب، . وتقدم الكالم حول هذا اإلسناديع بن أنس، وعن الربيع أبو جعفر،وراوية تفسريه الرب

. وجل ما يرويه هو عن أيب العاليةوالرواة،ة،لمث إن الربيع ليس من املفسرين، بل من النق

حممد بن كعب القرظي، وأكثر تفسريه هو من طريق أيب معشر، ومن :ومن املدنينيضعيف، – موسى وأبو معشر –طريق موسى بن عبيدة عن حممد بن كعب، وكالمها

.وحنو شطر تفسري القرظي من طريقهما

؛ ألنه "ا عن أيب معشر عن حممد بن كعب خاصة اكتبو " : لكن يقول حيىي بن معنييروي عنه التفسري، وهي نسخة، ويغتفر يف التفسري ما ال يغتفر يف غريه، مث إن أبا معشر خمتص مبحمد بن كعب، واالختصاص قرينة على املعرفة والضبط، هذا مع أن أبا معشر

.ضعيف احلديث

ن وعطاء اخلراساين ومرةاملفسرون العراقيون كمسروق وقتادة واحلس

: ويليهم طبقة املفسرين العراقيني

، روى عنه الشعيب وأبو وائل، وهو من الرواة عن ابن مسروق بن األجدع :منهم . مسعود

أكثر التابعني تفسريا بعد جماهد، بل أكثر من :قتادة بن دعامة السدوسي :ومنهمجله صحيح، أكثره يرويه عنه سعيد نصف تفسري التابعني باإلطالق عنهما، وتفسريه

.بن أيب عروبة، والبقية يرويه عنه معمر بن راشد األزدي، وهم ثقات حفاظ

ومثة شيء آخر يسري جدا يرويه غري سعيد ومعمر، وهو صحيح باجلملة أيضا، وال إن قوله صحيح كله، فيقف اإلنسان على بعض املرويات من غري طريق : حيمل قويل

بالسبر فإن مجيع وغري طريق سعيد بن أيب عروبة، فيجد فيه ضعفا، ولكنمعمر، .تفسري قتادة صحيح، وال يوجد لديه قول شاذ

وقتادة مل يرو عن أحد من الصحابة إال عن أنس مساعا، كما قاله أمحد، وصحح مساعه . ينمن ابن سرجس أبو زرعة، وصحح سماعه من أيب الطفيل ابن املدي

وقد أخذ عن احلسن البصري التفسري والفقه والوعظ وغريه، وهو من أكرب شيوخه، رتفسريه ال يعزوه ألحد، بل يفس وقد أكثر يف تفسريه من الوعظ كاحلسن، وأكثر

.القرآن مبا يعلمه

. وله معرفة بالناسخ واملنسوخ أكثر من كثري من التابعني من أهل طبقته

تفسير الحسن البصري

:ومنهم احلسن البصري

من كبار أئمة السلف، متساهل بالنقل، واإلرسال، ومييل يف التفسري إىل الوعظ، وما يروى عنه يف التفسري يف آيات العذاب والوعد والوعيد أكثر من غريه، وتفسريه يكاد

، والسبب يف -واهللا أعلم -خيلو من األحكام، وهو أكثر املفسرين من التابعني شذوذا أن احلسن البصري قد تشبث به املعتزلة ونسبوه إليهم، وأكثروا من النقل عنه، : ذلك

ولقلة عناية املعتزلة باألسانيد والرواية؛ ألم ال يعتدون ا جمردة، وإمنا بالعقل، فلذلك وهلم، مل يعتنوا ا ومل ينقوا األسانيد عن احلسن، وإمنا تشبثوا باحلكايات اليت توافق أص

ولذلك ينسب يف كتب املعتزلة يف التفسري إىل احلسن ما ال ينسب إىل غريه من الغرائب واملفردات، ولذلك جيب أن حيذر اإلنسان مما يحكى عن احلسن البصري من شذوذات يف التفسري مما ال يوافق غريه، وال بد من النظر إىل األسانيد، ويشدد يف مرويات احلسن

. يف غريها، سيما وهو يرى الرواية باملعىن ويكثر منهاما ال يشدد

قتادة، فقد روى عنه حنو ثلث تفسريه، ورواه عنه معمر بن راشد، : وراوية تفسريه . وبقية تفسريه متفرق يف الرواة

: عطاء اخلراساين :ومنهم

لكالم وهو بصري أقام خبراسان، وإليها نسب، صدوق، يف حفظه سوء، وقد تقدم ا . على طرق التفسري إليه يف حديث ابن عباس رضي اهللا عنه

:مرة بن شراحيل اهلمداين :ومنهم

مرة الطيب، ومرة اخلري، أخذ عن أيب كعب : قيل له. كان عابدا صاحلا لكثرة عبادتهوعمر بن اخلطاب وروى عن ابن مسعود، وغريه، وروى عنه الشعيب والسدي وغريهم،

.دم اإلشارة إليهوقد تق

من يشابه المكيين قوة في التفسير

وثمة مجلة من املفسرين من غري املكيني من يقارم يف التفسري؛ كطاووس بن كيسان . اليماين، وقد روى عنه ابنه عبداهللا وروى عنه شيئا جماهد بن جرب، وكذلك عمرو

ما يعتمد فيه على أشعار : سريهوكذلك عامر الشعيب، وله تفسري يسري حسن، وأجود تف . العرب، فقد كان أحفظ التابعني للشعر

ومقاتل وأبي صالح من يلي تلك الطبقات كالنخعي والضحاك والسدي

إبراهيم النخعي، وهو جليل القدر، مل يسمع من :ومن املفسرين ممن هم بعد أولئك؛ لرؤيته عائشة رضي اهللا أحد من الصحابة، وإمنا عده بعض األئمة من مجلة التابعني

عنها، وله يف التفسري يد، وخاصة يف تفسري آيات األحكام، وهو أكثر التابعني يف ذلك .على اإلطالق

راوية حديثه مغرية بن مقسم فقد روى حنو شطر تفسريه، وروى كذلك منصور بن .املعتمر شيئا ليس بالقليل عنه

ح، إذا صح إليه السند، وغالبه صحيح، وأما وتفسريه املنقول عن ابن مسعود صحي نتفسريه من تلقاء نفسه فيما يوافق اللسان العريب، فهو دون أقرانه مرتبة، وقد كان يلح

.يف كالمه

وتفسريه جمع، كما مجع ابن إسحاق السرية، وهو ثقة :السدي الكبري: ومن املفسرين . ابن مسعود يف نفسه، إال أنه مل يسمع من ابن عباس وال

.وتقدم الكالم على من روى عنه وأسانيده إىل ابن عباس وابن مسعود

: الضحاك بن مزاحم اهلاليل :ومنهم

وهو من كبار مفسري التابعني، وجل تفسريه من طريق جويرب بن سعيد عنه، وجويرب ضعيف جدا، لكن روايته من كتاب، وحديث الضحاك عن ابن عباس مرسل، أخذه

. مقبول حسن- ما مل خيالف -من سعيد بن جبري، وتفسري الضحاك

. ويروي عبيداهللا بن سليمان عن الضحاك التفسري أيضا، وهو ضعيف أيضا

: مقاتل بن سليمان :ومنهم

وهو يف نفسه ضعيف واه، وقد أدرك الكبار من التابعني، وهو فصيح اللسان سيء . لسان العريب، وله شذوذات يف التفسري كثريةاملذهب، يؤخذ من تفسريه ما وافق ال

وروى تفسري مقاتل هذا عنه أبو عصمة نوح ابن أيب مرمي اجلامع، وقد نسبوه إىل الكذب، ورواه أيضا عن مقاتل هذيل بن حبيب، وهو ضعيف لكنه أصلح حاال من أيب

. عصمة

:مقاتل بن حيان :ومنهم

. بن معروف عنه، ومقاتل هذا صدوقمن طريق حممد بن مزاحم عن بكري

ال يعتد بقوله يف التفسري، وليس له معرفة فيه، وكان جماهد ينهى عن :وأبو صاحل باذام . تفسريه، وزجره الشعيب حينما فسر القرآن؛ إذ كيف يفسره وهو ال حيفظه

تدور عليها أسانيد كتب التفسري املسندة، ومل أرد االستقصاء :وهذه التفاسريواالستيعاب، وإمنا قصدت الكالم على أصول التفسري عن الصحابة والتابعني، وبيان

منهج النقاد يف احلكم على هذه األسانيد، ومراتب تلك األسانيد من جهة القوة والضعف، وتفاوا يف وجوه التفسري بتفاوت أصحاا يف الرسوخ يف العلم، ومعرفة لغة

.العرب

رة يف كتب التفسري املسندة، يقول احلافظ ابن حجر رمحه اهللا يف وتلك األسانيد منثوومدار أسانيد التفسري عن الصحابة وعن التابعني توجد يف " :"أسباب الرتول " كتابه

" :قال ."ابن جرير الطربي وعبد بن حميد وابن املنذر وابن أيب حامت : الكتب األربعةحيح؛ فمن تأمل الكتب املصنفة يف األسانيد، وجد أنه وهذا ص ."وقليل ما يشذ عنها

ال يكاد يوجد من ألفاظ التفسري مما ال يوجد يف هذه الكتب، وإن وقع التغاير يف بعض األلفاظ قد يكون دخله بعض الغلط والتصحيف، كما قال احلافظ الذهيب رمحه اهللا عن

سيما يف ذلك العصر، مل وهذه األشياء يدخلها التصحيف، وال«: أمثال صحف التفسري . "يكن حدث يف اخلط بعد شكل وال نقط

وقد يروى بعض التفسري عن عبد اهللا بن عباس، أو جماهد بن جرب، بلفظ مشابه رمسا مغاير معىن، وهذا بسبب عدم نقط الكتب، فسبق لفظ يف ذهن الناسخ على لفظ؛

.وينبغي أن يتنبه ألمثال هذه املسائل

"، و"تفسري ابن جرير الطربي " : وكتب التفسري اليت قد اعتنت باألسانيد كثرية، كـ "و "تفسري اإلمام أمحد"، و"ابن أيب املنذر"و "تفسري ابن أيب حامت"، و"عبد بن محيد

تفسري "، و "تفسري ابن شاهني "، و"آدم بن أيب إياس "، و "تفسري أسحاق ابن راهوية "تفسري ابن ماجة "و "تفسري عبدالرزاق"و " سعيد بن منصورتفسري"و "ابن مردويه

وغريهم من األئمة، ومثة عشرات التفاسري املسندة؛ تقرب من مخسني تفسريا، أكثرها .مفقود

مسائل مهمة

: وقبل اخلتام هنا مسائل عدة حيتاج إليها، وهي

؟ أم الهل لإلنسان أن يفسر القرآن على وجه مل يسبق إليه :األوىل

وقد تكلم على هذه املسألة الشنقيطي رمحه اهللا يف تفسريه، . نعم، له ذلك :جوابهإن مما تركه النيب " :وأورد فيه ما رواه البخاري من حديث علي بن أيب طالب أنه قال

، وهذا دليل ( في كتابه إال فهما يؤتيه اهللا عز وجل عبدا: ( صلى اهللا عليه وسلم قال على أن اإلنسان له أن يفسر القرآن على وجه ال يعارض شيئا صرحيا من الكتاب

. والسنة، أو ما أمجع على تأويله

أو ، عبد اهللا: ويف العربية معناها "إسرائيل"اإلسرائيليات، وهي نسبة إىل نيب اهللا :الثانيةكل الطعام كان {:اه اهللا بذلك فقالواملعين بذلك نيب اهللا يعقوب، وقد مس، صفوة اهللا

).اآلية..حال لبين إسرائيل إال ما حرم إسرائيل على نفسه

.واالسرائيليات عند املكيني أكثر من غريهم

وهي يف التفسري كثرية، وقد عرف عن بعض الصحابة من له عناية برواية اإلسرائيليات، . الكتابكعبد اهللا بن عباس، وأبي بن كعب أخذوها عن أهل

وهم عبد اهللا بن -فمن اشتهر عنه القرب من أهل الكتاب مث دخل اإلسالم .وباجلملة هؤالء كانوا يهودا مث أسلموا؛ فاعتنوا حبكاية -سالم وكعب األحبار ووهب بن منبه

ما لديهم من علم من أهل الكتاب مما يوافق كالم اهللا سبحانه وتعاىل، ونقل عنهم ة من الصحابة والتابعني، وممن جاء بعدهم، فهؤالء أجود سياقا وضبطا الكثري من األئم

.ملعرفتهم بدينهم وعقيدم

المكثرون من رواية اإلسرائيليات من التابعين

السدي، وحممد بن كعب القرظي، وسعيد :ومن أكثر التابعني رواية لإلسرائيلياتن املكثرين يف الرواية عن أهل الكتاب، بن جبري وأبو العالية رفيع بن مهران؛ فإم م

قال : قلت لألعمش ":ويوجد شيئ يسري عند جماهد بن جرب كما قال أبو بكر بن عياش ."إنه يأخذ شيئا من أهل الكتاب :ما هذه املخالفة يف تفسري جماهد بن جرب؟ فقال

؟فما هو املوقف من هذه املرويات

فالنيب صلى اهللا عليه وسلم مل يطرحها، وقد إن من الغلط طرح هذه الروايات؛ :يقالجاء عند ابن ماجة أن النيب صلى اهللا عليه وسلم استمع لبعض أقوال عبد اهللا بن سالم

رضي اهللا عنه يف ما جيده يف التوراة منها ساعة اجلمعة، ومنها بعض القصص مما قد ، وغريه مما مل اعتمد عليه بعض الصحابة، كما جاء يف تأويل قصة سليمان مع اجلن

: ( صلى اهللا عليه وسلم يأت فيه نص يف كالم النيب صلى اهللا عليه وسلم وقد قال النيبجرال حائيل ورني إسب نثوا عدح( .

أقسام اإلسرائيليات

: واإلسرائيليات على ثالثة أنواع

حرج من نقله على ما وافق كالم اهللا أو كالم نبيه، فهذا صحيح، ويصدق، وال -١اإلطالق واالحتجاج به، وكان الصحابة عليهم رضوان اهللا تعاىل يقبلون ما وافق كالم اهللا منه، وإن كان وجها من الوجوه، فقد روى ابن جرير الطربي من حديث سعيد بن

قابل علي بن أيب طالب رجال من : املسيب عن علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه، قاليف البحر، فقال علي بن أيب : أين النار ؟ فقال :ل له علي بن أيب طالباليهود، فقا

التكوير ](وإذا البحار سجرت : ( ما أراه إال صادقا فإن اهللا جال وعال يقول : طالب؛ فهو قد صدقه؛ ألنه قد وافق كالم اهللا تعاىل من وجه، فقبله وإن كان اللفظ ]٦:

. أا تسجر يوم القيامة؛ فالبحار أين تكون؟ وهل املقصود هذه البحارعاما يف البحار

ما عارض شيئا من النصوص، أو كان شاذا منكرا ال يستقيم مع األصول الثابتة، -٢ .واملقاصد الكلية؛ فإنه يرد وهذا فيه شيء ليس بالقليل من اإلسرائيليات

ري من اآليات ما ال يليق ذكره وال نقله، ومن وقد ذكر كثري من املفسرين يف تفسري كثص ]ألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب :ذلك ما جاء يف قصة سليمان عليه السالم

جاء يف تفسريه من اإلسرائيليات أن سليمان قد وضع خامته وأعطاه اجلرادة ، ] ٣٤:فتلبس إبليس بصورة سليمان، وأخذ وكانت زوجته جرادة فأعطيها مث دخل احلمام،

أين خامتي؟ أنا : اخلامت من اجلرادة، فتحكم يف الناس، فخرج سليمان إىل اجلرادة ، وقالفتحكم الشيطان يف الناس حىت كان يأيت نساء . لست سليمان :قالت له. سليمان جارة؛ فعمل على وأخذ سليمان يعرض نفسه على الناس فترة حىت رمي باحل! سليمان

: البحر يصيد األمساك حىت ملا شكوا بصنيع سليمان والشيطان ذهبوا إىل أزواجه، وقالوانستنكر منه أنه كان ال يأتينا وحنن حيض وإنه يأتينا اآلن : ما تنكرون من سليمان؟ قالوا

.وهذا مما يستنكر. إىل آخر القصة بطوهلا ...

لنظر إىل األصول والنصوص صرحية، ال مبجرد الذوق؛ واالستنكار ينبغي أن يكون باألن العقل ال يعارض بالنصوص لقصوره وضعفه، وإن كان تصديق تلك املرويات من

جهة الواقع حمال، لكنها قد تكون من باب املعجزات، فقد يثبت من أخبار األمم على مثل هذه النصوص السابقة واألنبياء ما يستغربه العقل ارد لقصوره، فرمبا جتاسر

فردها وأنكرها من غري تثبت ونظر؛ ومن ذلك ما رواه البخاري يف قصة موسى عليه يا أيها الذين آمنوا ال تكونوا كالذين آذوا موسى ) :الصالة والسالم عند قوله تعاىل

سده فكان موسى وذلك أم قد اتهموا يف ج ]٦٩:األحزاب ) [ فبرأه الله مما قالواعليه الصالة والسالم حييا ستريا، فال خيرج من جسده، شيء عند غسله وذلك لشدة

إما برص ، وإما أدرة، وإما :ما يستتر هذا التستر إال من عيب جبلده : حيائه، فقالوا . آفة

مث ذهب ليغتسل، فوضع ثيابه على حجر؛ فلما فرغ من غسله ذهب إىل لباسه فهربثويب حجر ثويب حجر ثويب : احلجر بلباسه؛ فأخذ موسى عصاه وطلب احلجر، ويقول

حجر، حىت رآه بنوا إسرائيل على أمجل هيئة؛ فربأه اهللا عز وجل مما قالوا، قال النيب فأخذ يضرب موسى احلجر وإن بالحجر لندبا من أثر ضربه : (صلى اهللا عليه وسلم

إن هذا من باب : وهذا مما قد يستنكره اإلنسان يف الظاهر، ولكن يقال ."ثا أو أربعا ثال .اإلعجاز الذي أجراه اهللا عز وجل لنبيه موسى عليه الصالة والسالم

ومع ذلك، فال ينبغي التساهل يف اإلسرائيليات واحلكايات، منها؛ فعمر بن اخلطاب لتتركن األحاديث أو " :عب وقد كان حيدث عنهمأليب بن ك :رضي اهللا عنه قال

؛ ومقصد عمر عدم التوسع ال مطلق احلكاية، وإال فعمر ممن "ألحلقنك بأرض القردة ما أول شيء ابتدأه من خلقه ؟: يسأل عن أخبار بين إسرائيل، فقد سأل أبيا، فقال

، وال ؟هللا تعاىل، وكالم النيب ما مل يأت يف خمالفته نص، وال يعارض نصا يف كالم ا -3خيالف إمجاعا؛ فهذا ال حرج يف حكايته على أي وجه؛ لعموم قوله صلى اهللا عليه

. (حدثوا عن بين إسرائيل وال حرج: (وسلم

. واهللا أعلم ، وصلى اللهم وسلم وبارك على حممد، وعلى آله وصحبه أمجعني