333
1 ﺍﳌﻨﺎﻇﺮ- ﺍﺑﻦ ﺍﳍﻴﺜﻢ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮ ﺍﺑﻦ ﺍﳍﻴﺜﻢTo PDF: http://www.al http://www.al-mostafa.com

المناظر ابن اليهثم

Embed Size (px)

Citation preview

ابن اهليثم-املناظر 1

املناظر ابن اهليثم

   To PDF: http://www.alhttp://www.al-mostafa.com

ابن اهليثم-املناظر 2

المقالة األولى

كيفية اإلبصار بالجملة

الفصل األول

صدر الكتاب

تقدمني من أهل النظر قد أمعنوا البحث عن كيفية إحساس البصر، وأعملوا فيه أفكارهم، وبذلوا فيه إن املاجتهادهم، وانتهوا منه إىل احلد الذي وصل النظر إليه، ووقفوا منه على ما وقفهم البحث والتمييز

اس غري متفقة، فاحلرية ومع هذه احلال فآرائهم يف حقيقة اإلبصار خمتلفة، ومذاهبهم يف هيئة اإلحس.عليهفاحلقائق غامضة، والغايات خفية، والشبهات .متوجهة، واليقني متعذر واملطلوب غري موثوق بالوصول إليه

كثرية، واألفهام كدرة، واملقاييس خمتلفة، واملقدمات ملتقطة من احلواس، واحلواس اليت هي العدد غري اتهد غري معصوم من الزلل، فلذلك تكثر احلرية عند فطريق النظر معفى األثر، والباحث . مأمونة الغلط

.املباحث اللطيفة، وتتشتت اآلراء ، وتفترق الظنون، وختتلف النتائج، ويتعذر اليقني

ويف هذا البحث عن هذا املعىن مع غموضه وصعوبة الطريق إىل معرفة حقيقته مركب من العلوم الطبيعية وأما . الطبيعي فألن اإلبصار أحد احلواس، واحلواس من األمور الطبيعيةأما تعلقه بالعلم. والعلوم التعليمية

تعلقه بالعلوم التعليمية فألن البصر يدرك الشكل والوضع والعظم واحلركة والسكون، وله مع ذلك فبحق صار البحث عن . ختصص بالسموت املستقيمة، والبحث عم هذه املعاين إمنا يكون بالعلوم التعليمية

.ركباً من العلوم الطبيعية والعلوم التعليميةاملعىن م

وقد حبث املتحققون بعلم الطبيعة عن حقيقة هذا املعىن حبسب صناعتهم واجتهدوا فيه بقدر طاقتهم، فاستقرت آراء احملصلني منهم على أن اإلبصار إمنا يكون من صورة ترد من املبصر إىل البصر منها يدرك

ب التعاليم فإم عنوا ذا العلم أكثر من عناية غريهم، واستقصوا البحث فأما أصحا. البصر صورة املبصرعنه، فاهتموا بتفصيله وتقسيم أنواعه، وميزوا املعاين املبصرة، وعللوا جزيئاا، وذكروا األسباب يف كل

هل واحد منها، مع اختالف يتردد بينهم على طول الزمان يف أصول هذا املعىن، وتفرق آراء طوائف من أإال أم على اختالف طبقام وتباعد أزمام وتفرق آرائهم متفقون باجلملة على أن . هذه الصناعة

اإلبصار إمنا يكون بشعاع خيرج من البصر إىل املبصر وبه يدرك البصر صورة املبصر، وأن هذا الشعاع

ابن اهليثم-املناظر 3

يدرك به مبصر من ميتد على مسوت خطوط مستقيمة أطرافها جمتمعة عند مركز البصر، وإن كل شعاع وهذان املعنيان أعين رأي أصحاب . املبصرات فشكل مجلته شكل خمروط رأسه وقاعدته سطح املبصر

.الطبيعة ورأي أصحاب التعاليم متضادان متباعدان إذا أخذا على ظاهرمها

فبعضهم يرى أن خمروط . مث مع ذلك فأصحاب التعاليم خمتلفون يف هيئة هذا الشعاع وهيئة حدوثهوبعضهم يرى أن الشعاع خطوط مستقيمة هي أجسام دقائق . شعاع جسم مصمت متصل ملتئمال

أطرافها جمتمعة عند مركز البصر، ومتتد متفرقة حىت تنتهي إىل املبصر، وإن ما وافق أطراف هذه اخلطوط ، من سطح املبصر أدركه البصر وما حصل بني أطراف خطوط الشعاع من أجزاء املبصر مل يدركه البصر

ولذلك ختفى عن البصر األجزاء اليت يف غاية الصغر واملسام اليت يف غاية الدقة اليت تكون يف سطوح مث إن طائفة ممن يعتقد أن خمروط الشعاع مصمت ملتئم ترى أن الشعاع خيرج من البصر على . املبصرات

غاية السرعة يف الطول خط واحد مستقيم إىل أن ينتهي إىل املبصر، مث يتحرك على سطح املبصر حركة يفوطائفة ترى أن األمر . والعرض ال يدركها احلس لسرعتها، فيحدث بتلك احلركة خمروط املصمت

خبالف ذلك وان البصر إذا فتح أجفانه قبالة املبصر حدث املخروط يف احلال دفعة واحدة بغري زمان ر هو قوة نورية تنبعث من البصر ورأى طائفة من مجيع هؤالء أن الشعاع الذي يكون به اإلبصا. حمسوس

ورأى طائفة أن اهلواء إذا اتصل بالبصر قبل منه كيفية . وتنتهي إىل املبصر، وبتلك القوة يكون اإلحساس .فقط، فيصري اهلواء يف احلال بتلك الكيفية شعاعاً يدرك به البصر املبصرات

إىل اعتقادهم وشهادات، إال أن الغاية ولكل طائفة من هذه الطوائف مقاييس واستدالالات وطرق أدم اليت عليها استقر رأي مجيع من حبث عن كيفية إحساس البصر تنقسم باجلملة إىل املذهبني املتضادين

وكل مذهبني خمتلفني إما أن يكون أحدمها صادقاً واآلخر كاذباً، وإما أن يكونا . اللذين قدمنا ذكرمها وإما أن يكونا مجيعاً يؤديان إىل معىن واحد هو احلقيقة، ويكون كل مجيعاً كاذبني واحلق غريمها مجيعاً،

واحد من الفريقني القائلني بذينك املذهبني قد قصر يف البحث فلم يقدر على الوصول إىل الغاية فوقف دون الغاية، ووصل أحدمها إىل الغاية وقصر اآلخر عنها، فعرض اخلالف يف ظاهر املذهبني، وتكون

وقد يعرض اخلالف أيضاً يف املعىن املبحوث عنه من جهة اختالف . استقصاء البحث واحدةغايتهما عند .طرق املباحث، وإذا حقق البحث وأنعم النظر ظهر االتفاق واستقر اخلالف

وملا كان ذلك كذلك، وكانت حقيقة هذا املعىن مع اطراد اخلالف بني أهل النظر املتحققني بالبحث عنه تبسة، وكيفية اإلبصار غري متيقنة، رأينا أن نصرف االهتمام إىل هذا املعىن بغاية على طول الدهر مل

اإلمكان، وخنلص العناية به، ونتأمله، ونوقع اجلد يف البحث عن حقيقته، ونستأنف النظر يف مبادئه

ابن اهليثم-املناظر 4

ومقدماته، ونبتدئ يف البحث باستقراء املوجودات، وتصفح أحوال املبصرات، ومنيز خواص اجلزئيات،

ونلتقط باالستقراء ما خيص البصر يف حال اإلبصار، وما هو مطرد ال يتغري وظاهر ال يشتبه من كيفية اإلحساس، مث نرقى يف البحث واملقاييس على التدريج والترتيب، مع انتقاد املقدمات والتحفظ يف النتائج،

ى، ونتحرى يف سائر ما منيزه وجنعل غرضنا يف مجيع ما نستقرئه ونتصفحه استعمال العدل ال اتباع اهلووننتقده طلب احلق ال امليل مع اآلراء ، فلعلنا ننتهي ذا الطريق إىل احلق الذي به يثلج الصدر، ونصل بالتدريج والتلطف إىل الغاية اليت عندها يقع اليقني، ونظفر مع النقد والتحفظ باحلقيقة اليت يزول معها

ا حنن، مع مجيع ذلك، برآء مما هو يف طبيعة اإلنسان من كدر وم. اخلالف وتنحسم ا مواد الشبهات .البشرية، ولكنا جنتهد بقدر ما هو لنا من القوة اإلنسانية، ومن اهللا نستمد املعونة يف مجيع األمور

ونبني يف املقالة األوىل كيفية اإلبصار باجلملة، ونبني يف املقالة : وحنن نقسم هذا الكتاب سبع مقاالت تفصيل املعاين اليت يدركها البصر وعللها وكيفية إدراكها، ونبني يف املقالة الثالثة أغالط البصر فيما الثانية

يدركه على استقامة وعللها، ونبني يف املقالة الرابعة كيفية أدراك البصر باالنعكاس عن األجسام الصقيلة، األجسام الصقيلة، ونبني يف املقالة ونبني باملقالة اخلامسة مواضع اخلياالت وهي الصور اليت ترى يف

السادسة أغالط البصر فيما يدركه باالنعكاس وعللها، ونبني يف املقالة السابعة كيفية إدراك البصر .باالنعطاف من وراء األجسام املشفة املخالفة الشفيف لشفيف اهلواء، وخنتم الكتاب عند آخر هذه املقالة

ظر سلكنا يف كثري من مقاييسها طرقاً إقناعية، فلما توجهت لنا الرباهني وقد كنا ألفنا مقالة يف علم املنافمن وقع إليه املقالة اليت ذكرناها فليعلم أا . احملققة على مجيع املعاين املبصرة استأنفنا تأليف هذا الكتاب

.مستغىن عنها حبصول املعاين اليت فيها يف مضمون هذا الكتاب

الفصل الثاني

واص البصرالبحث عن خ

فإن املبصر إذا كان ملتصقاً بسطح . جند البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات إال إذا كان بينهما بعد ما .البصر فليس يدركه البصر وإن كان من املبصرات اليت يصح أن يدركها البصر

ا ال وجند البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات اليت تكون معه يف هواء واحد، ويكون إدراكه هلباالنعكاس، إال إذا كان مقابالً للبصر، وكان بني كل نقطة من سطحه الذي يدركه البصر وبني سطح البصر خط مستقيم متوهم أو خطوط مستقيمة متومهة، ومل يتوسط بني سطح البصر وبني املبصر جسم

. يدركه البصركثيف يقطع مجيع اخلطوط املستقيمة اليت توهم بني سطح البصر وبني سطح املبصر الذي

ابن اهليثم-املناظر 5

وجند كل مبصر يدركه البصر، ويكون معه يف هواء واحد، ويكون إدراكه له باالنعكاس، مىت قطعت مجيع اخلطوط املستقيمة اليت تتوهم بني سطح البصر وبني سطحه الذي يدركه البصر جبسم كثيف استتر

يف هذه احلال هواء متصل ال ذلك البصر عن البصر وخفي عنه ومل يدركه، وإن كان بني البصر وبينه يتخلله شيء من األجسام الكثيفة إذا كان اتصاله على غري استقامة، مث إذا رفع ذلك الساتر الكثيف أدرك

.البصر املبصر

ومىت قطع الساتر مجيع اخلطط املستقيمة اليت بني جزء من سطح املبصر وبني سطح البصر، حىت ال يبقى شيء من اجلزء من سطح البصر الذي منه يكون اإلبصار خط مستقيم إال بني ذلك اجلزء من املبصر وبني

وقد قطعه ذلك الساتر، استتر من املبصر ذلك اجلزء فقط الذي قطع الساتر مجيع اخلطوط املستقيمة اليت .بينه وبني موضع اإلبصار من سطح البصر

على الصفة اليت ذكرناها وإذا استقرئت مجيع املبصرات يف مجيع األوقات واعتربت وحررت وجدت فيدل ذلك على أن كل مبصر يدركه البصر، ويكون معه يف هواء واحد، وإذا كان . مطردة وال تتغري

إدراكه له ال باالنعكاس، فإن بني كل نقطة من سطح املبصر وبني نقطة ما من سطح البصر، أو أكثر من . األجسام الكثيفةنقطة، خطاً مستقيماً أو خطوطاً مستقيمة ال يقطعها شيء من

فإذا شاء معترب أن . فأما كيف يعترب هذا املعىن اعتباراً حمرراً فإن اعتباره ممكن مستهل باملساطر واألنابيبيعترب ذلك وحيرره فليتخذ مسطرة يف غاية الصحة واالستقامة موازياً خلطي ايتها، ويتخذ أنبوباً أسطوانياً

ولتكن . رته يف غاية ما ميكن من الصحة ودائرتا طرفيه متوازيتانأجوف طوله يف غاية االستقامة واستدامتانته متشاة، وليكن مقتدر السعة وليس بأوسع من حمجر العني، وليخط يف سطحه الظاهر خطاً

وليكن هذا األنبوب . مستقيماً ميتد من حميط إحدى قاعدتيه إىل النقطة املقابلة هلا من الناحية األخرىسطرة مبقدار يسري، وليقسم اخلط الذي يف وسط املسطرة بثلثة أقسام، وليكن األوسط أقصر من طول امل

من األقسام مساوياً لطول اخلط الذي يف سطح األنبوب، ويكون القسمان الباقيان اللذان عن جنبتيه بأي ط مث يلصق األنبوب بسطح املسطرة ويطبق اخلط الذي يف سطحه على القسم األوسط من اخل. قدر كان

الذي يف وسط سطح ملسطرة، ويتحرى أن ينطبق ايتا طرفيه على النقطتني اللتني فصلتا اخلط األوسط، .ويلصق األنبوب بسطح املسطرة على هذه الصفة إلصاقاً ملتحماً وثيقاً ل ينحل وال يتغري

مبصر من املبصرات، فإذا أحكمت هذه اآللة وأراد املعترب أن يعترب ا إدراك البصر للمبصرات فليعني على وليلصق طرف هذه املسطرة باجلفن األسفل من إحدى عينيه ويلصق الطرف اآلخر بسطح املبصر ويستر

فإنه يرى من املبصر اجلزء املقابل لثقب األنبوب : العني األخرى، وينظر يف هذه احلال يف ثقب األنبوب

ابن اهليثم-املناظر 6

لك اجلزء من املبصر الذي كان يراه من وإذا ستر األنبوب جبسم كثيف استتر ذ. الذي عند طرف املسطرةوإن ستر باجلسم الكثيف . مث إذا رفع الساتر أدرك ذلك اجلزء كما كان يدركه يف األول. ثقب األنبوب

بعض ثقب األنبوب الذي هو والبصر الساتر على مست مستقيم وهذه االستقامة تتحرر باملسطرة ن اجلزء املبصر إذا ستر بعض ثقب األنبوب يكون أبداً فإن ذلك اجلزء الذي يستتر م. وباستقامة األنبوب

هو والبصر واجلزء املستتر من ثقب األنبوب على خط مواز للخط املستقيم الذي ميتد يف سطح املسطرة مث إذا رفع الساتر عاد إدراك البصر لذلك اجلزء من املبصر كذلك دائماً ال خيتلف . ومواز لطول األنبوب

.وال ينتقض

نظر الناظر إىل املبصر من ثقب األنبوب وخفي اجلزء الذي كان يدركه البصر من سطح املبصر، فإن وإذا بني ذلك اجلزء من املبصر يف تلك احلال وبني سطح البصر هواء متصالً ال يتخلله شيء من األجسام

كشف، وكذلك إذ بني طرف األنبوب وبني البصر فضاء من. الكثيفة ومسافات ال اية هلا غري مستقيمةبني املبصر وبني الطرف اآلخر من األنبوب، إال أن اهلواء املتصل الذي بني البصر وبني املبصر يف تلك

احلال ليس هو متصالً على استقامة بل هو اتصاالً على غري استقامة، ومل ينقطع يف تلك احلال من اخلطوط فلو كان ممكناً أن . إال اخلطوط املستقيمة فقطاليت ميكن أن نتوهم بني البصر وبني ذلك اجلزء من املبصر

يدرك البصر املبصر الذي هو معه يف هواء واحد على غري مست االستقامة لقد كان يدرك اجلزء من املبصر لكن يوجد ما هذه صفته من املبصرات إذا اعترب وتؤمل . املقابل لثقب األنبوب بعد سد ثقب األنبوب

.ليس يدركه البصر عند سد األنبوبعلى هذه الصفة اليت حددناها ف

فيجب من هذا االعتبار وجوباً تسقط معه الشبهات أن البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات اليت تكون معه يف هواء واحد، ويكون إدراكه ال باالنعكاس، إال على مسوت اخلطوط املستقيمة فقط اليت تتوهم

.ممتدة بني سطحه وبني سطح البصر

جند البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات إال إذا كان يف املبصر ضوء ما إما من ذاته أو مشرق وأيضاً فإنا وجند . ومىت كان املبصر مظلماً ال ضوء فيه بوجه من الوجوه مل يدركه البصر ومل حيس به. عليه من غريه

بأي ضوء كان، البصر إذا كان يف مكان مظلم فقد يدرك املبصرات إذا كانت مقابلة له وكانت مضيئةفإذا كان املبصر يف مكان . وكان اهلواء الذي بينه وبينها متصالً ال يتخلله شيء من األجسام الكثيفة

مظلم، ومل يكن فيه شيء من الضوء، وكان البصر يف مكان مضيء ، فليس يدرك البصر ذلك املبصر وال ى أن املبصر، إذا كان فيه ضوء ما، فدل ذلك عل. وجند هذه احلال مطردة ال ختتلف وال تتغري. حيس به

وكان من املبصرات اليت يصح أن يدركها البصر، وكان الضوء الذي باملبصر إىل احلد الذي يصح أن

ابن اهليثم-املناظر 7

حيس به البصر، فإن البصر يدرك ذلك املبصر، كان اهلواء احمليط بالبصر مضيئاً بغري الضوء الذي يف املبصر .أو مل يكن مضيئاً بغري ذلك الضوء

وجند البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات إال إذا كان حجمه مقتدراً وأريد باحلجم مساحة املبصر جسماً ويوجد من األجسام الصغار . كان أو سطحاً أو خطاً وليس يدرك من املبصرات ما كان بغاية الصغر

جمراه يف الصغر ليس فإن إنسان عني البعوضة وما جرى. باالستدالل ما ال يدركه البصر بوجه من الوجوهوأصغر املقادير اليت ميكن أن يدركها البصر . يدركه البصر بوجه من الوجوه، وهو مع ذلك جسم موجود

تكون حبسب قوة البصر أيضاً وضعفه، فإن من األجسام الصغار ما يدركها بعض الناس وحيس ا وختفى وإذا . انت أبصارهم ليست يف غاية القوةعن أبصار كثري من الناس وال يدركوا بوجه من الوجوه إن ك

اعتربت مجيع املبصرات وأصغر من املبصرات وجدت ليست يف غاية الصغر، بل يوجد كل مبصر وإن فدل . كان يف غاية الصغر فقد ميكن أن يكون يف األجسام املوجودة ما هو أصغر منه وال حيس به البصر

إال إذا كان حجمه مقتدراً أو كان يف مبصر مقتدر ذلك على أن البصر ليس يدرك شيئاً من املبصراتاحلجم، كاللون والشكل وما أشبه ذلك، فإن أصغر املقادير اليت يدركها البصر يكون حبسب قوة ذلك

. وأيضاً فإنا جند البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات إال إذا كان كثيفاً أو كان فيه بعض الكثافة. البصر

فليس جبس . ة الشفيف كاهلواء اللطيف فلبس يدركه البصر ويدرك ما وراءهفإن اجلسم إذا كان غايوكل جسم كثيف . البصر باجلسم املشف إال إذا كان أغلظ من اهلواء من اهلواء املتوسط بينه وبني البصر

وكذلك كل جسم مشف فيه . فله لون أو ما جيري جمرى اللون كأضواء الكواكب وصور األجسام النريةوأيضاً فإنا جند البصر إذا كان يدرك مبصراً من املبصرات مث بعد عنه . فة فليس خيلوا من اللونبعض الكثا

وجند املبصر إذا بعد عن البصر بعداً شديداً حىت ينتهي إىل . بعداً شديداً خفي ذلك عن البصر فلم يدركهعينه إذا مل يكن يف غاية حد خيفي عن البصر فال يدركه البصر فقد ميكن للبصر أن يدرك من ذلك البعد ب

فدل ذلك على أن األبعاد اليت . التفاوت مبصراً غري ذلك املبصر إذا كان أعظم جثة من املبصر اخلفي .يصح أن يدرك منها املبصر واألبعاد اليت خيفى منها املبصر إمنا تكون حبسب عظم املبصر

ب األضواء اليت يف املبصرات، وما كان وجند األبعاد اليت يصح أن يدرك منها البصر املبصرات تكون حبسمن املبصرات أشد إضاءة فقد يدركه البصر من بعد قد ختفى من مثله املبصرات املساوية لذلك املبصر يف

وذلك أنه إذا كان يف موضع . العظم إذا كانت األضواء اليت فيها أضعف من الضوء الذي يف ذلك املبصرا أشخاص وأجسام مساو كل واحد منها جلملة النار يف العظم أو من املواضع نار مشتعلة، وكان حواليه

ليست مبتفاوتة العظم، وأشرق عليها ضوء تلك النار، مث قصد تلك النار قاصد من بعد شديد يف سواد

ابن اهليثم-املناظر 8

الليل، فإن ذلك القاصد يرى النار قبل أن يرى شيئاً مما حواليها من األشخاص واألجسام اليت هي مساوية مث إذا قرب ذلك اإلنسان من النار ظهرت له . وأعظم منها ومضيئة بضوء تلك النارهلا يف العظم

األشخاص اليت حول النار وما قرب منها، ويظهر ما كان من تلك األشخاص قريباً من النار والضوء ه الذي عليه قوي قبل أن يظهر ما كان بعيداً من النار والضوء الذي عليه ضعيف، مث إذا وصل إليها ظهر ل

وكذلك إذا اعتربت املبصرات املتباعدة يف ضوء النهار . مجيع ما حول النار وبالقرب منها من املبصراتيوجد الذي عليه ضوء الشمس واألضواء القوية تظهر من األبعاد اليت ختفى منها املبصرات املساوية هلا يف

.العظم ويف اللون اليت تكون يف الظل واألضواء اليت عليها ضعيفة

لزم من ذلك أن تكون األبعاد اليت منها يصح أن يدرك البصر املبصرات، واألبعاد اليت ختفى منها في .املبصرات، إمنا تكون حبسب األضواء اليت يف املبصرات

وجند أيضاً األجسام الساطعة البياض واملشرقة األلوان قد تظهر من األبعاد اليت قد ختفى من مثلها األجسام وذلك . واملنكسفة مع تساويها يف احلجم ويف الضوء ويف مجيع األحوال ما سوى اللونالكدرة والترابية

أن السفن املقلعة يف البحر، إذا كانت على بعد شديد، فإن أقالعها تظهر من البعد كالنجوم إذا كانت البياض ما قلوعها بيضاء ويدرك البصر بياضها وال يدرك مع ذلك السفن وال شيئاً مما فيها مما ليس بساطع

دامت على مسافة بعيدة، مث إذا قربت من البصر ظهرت السفن وأدركها البصر وأدرك ما فيها بعد أن .كان ال حيس ا وهو حيس بقلوعها فقط

وكذلك إذا كانت أشخاص على سطح األرض، وكانت متساوية األقدار أو ليست أقدارها متفاوتة ن بعضها بيضاً ساطعة البياض وكان بعضها ذا ألوا مشرقة االختالف، وكانت خمتلفة األلوان، وكا

وبعضها ترابية أو منكسف األلوان، وكان الضوء املشرق عليها واحداً، مث قصدها قاصد من بعد شديد، مث إذا قرب ظهرت . فإنه يرى البيض منها الساطعة البياض قبل أن يرى شيئاً من األشخاص الباقية

مث كلما قرب ظهرت له الباقية إىل أن . قبل أن تظهر الترابية واملنكسفة األلوان األشخاص املشرقة األلوان .يظهر له مجيعها وحيس ا معاً

فيلزم من ذلك أن تكون األبعاد اليت يصح أن يدرك منها البصر املبصرات، واألبعاد اليت ختفى منها .املبصرات، إمنا تكون حبسب ألوان املبصرات

اليت يصح أن يدرك من مثلها مبصر من املبصرات، واألبعاد اليت خيفى من مثلها مبصر وجند أيضاً األبعادفإن احلديد البصر قد يدرك مبصراً من املبصرات من بعد قد . من املبصرات ، إمنا تكون حبسب قوة البصر

.خيفى منه ذلك املبصر بعينه يف تلك احلال بعينها عن الضعيف البصر

ابن اهليثم-املناظر 9

اه واستقريناه من أحوال أبعاد املبصرات أن تكون األبعاد اليت يصح أن يدرك من فيلزم من مجيع ما ذكرنمثلها مبصر من املبصرات، واألبعاد اليت خيفى من مثلها مبصر من املبصرات، إمنا تكون حبسب ذلك املبصر بعينه وحبسب أحواله وحبسب املعاين اليت فيه وحبسب البصر أيضاً الذي يدركه بعينه يف قوته

.ضعفهو

فقد تبني من مجيع ما ذكرناه مما يوجد باالستقراء واالعتبار ويوجد مطرداً ال خيتلف وال ينتقض، أن البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات اليت تكون معه يف هواء واحد ويكون إدراكه له ال باالنعكاس إال إذا

بصر بعد ما حبسب ذلك املبصر، اجتمعت للمبصر املعاين اليت ذكرناها، وهي أن يكون بينه وبني الويكون مقابالً للبصر، أعين أن يكون بني كل نقطة من سطحه الذي يدركه البصر وبني نقطة ما من

سطح البصر خط مستقيم متوهم، ويكون فيه ضوء ما إما من ذاته أو من غريه، ويكون حجمه مقتدراً بني سطح البصر أو اجلسم الذي بينه وبني باإلضافة إىل قوة إحساس البصر، ويكون اهلواء الذي بينه و

سطح البصر مشفاً متصل الشفيف ال يتخلله شيء من األجسام الكثيفة، ويكون كثيفاً أو فيه بعض الكثافة أعين أن ال يكون فيه شفيف أو يكون مشفاً وشفيفه أغلظ من شفيف اهلواء املبسوط بينه وبني

ني سطح البصر، وليس يكون الكثيف إال ذا لون أو ما سطح البصر أو اجلسم املشف املتوسط بينه وبفهذه املعاين هي اليت ال يتم اإلبصار إال بعد . جيري جمرى اللون، وكذلك املشف الذي فيه بع الغلظ

وإذا اجتمعت هذه املعاين للمبصر، وكان البصر سليماً من اآلفات، فإنه يدرك ذلك . اجتماعها للمبصر .احداً من هذه املعاين إذن هي خواص البصر اليت ا وباجتماعها يتم اإلبصاراملبصر، وإذا عدم البصر و

وقد يظهر أيضاً باالستقراء أن كل مبصر يدركه البصر، مث يبعد عنه حىت ينتهي إىل احلد الذي خيفى عن وال البصر، فإن بني البعد الذي خيفى منه ذلك املبصر وبني سطح البصر أبعاداً كثرية خمتلفة ال تنحصر

تتعني يدرك البصر من كل واحد منها ذلك املبصر إدراكاً صحيحاً، ويدرك مجيع أجزائه ويدرك مجيع ما فيه من املعاين اليت يصح أن يدركها البصر وإذا أدرك البصر املبصر على بعد من هذه األبعاد إدراكاً

اللطيفة إن كانت فيه صحيحاً، مث تباعد عنه على تدريج وترتيب، خفيت أجزاءه الصغار واملعاينكالنقوش والوشوم والغضون والنقط قبل أن ختفى مجلته، وخيفى ما صغر من هذه املعاين ودق قبل أن

وتوجد األبعاد اليت ختفى منها األجزاء الصغار وتلتبس املعاين اللطيفة وتشتبه . خيفى ما هو اعظم وأغلظ .كثرية غري معنية وال حمصورة

ذا متادى يف التباعد على التدريج والترتيب تصاغرت مجلته عند البصر قبل أن خيفى ويوجد أيضاً املبصر إويوجد أيضاً . مجيعه على البصر وال حيس به وال بشيء منه، وإن ازداد بعد ذلك تباعداً مل يدركه البصر

ر وتشتبه املبصر إذا قرب من البصر قرباً شديداً وقبل أن يلتصق بسطح البصر فإنه تعظم جثته عند البص

ابن اهليثم-املناظر 10

وكلما قرب من سطح . صورته وتلتبس املعاين اللطيفة اليت تكون فيه فال ميكن البصر متييزها وحتققهاالبصر بعد هذه احلال قرباً أكثر كان التباسه أشد، حىت إذا التصق بسطح البصر بطل إحساس البصر به

.ومل يدرك منه إال ستره فقط

الذي منه يدرك البصر املبصر إدراكاً صحيحاً ليس هو بعداً واحداً وإذا كان مجيع ذلك كذلك فالبعد إذنمعيناً، والبعد الذي تشتبه منه صورة املبصر وختفى أجزاؤه الصغار، وختفى املعاين اللطيفة اليت تكون فيه

مجيع فلنسم مجيع البعاد اليت يدرك منها البصر املبصر ويدرك. وتشتبه وتلتبس، ليس هو بعداً واحداً معيناًأجزائه ويدرك مجيع ما فيه من املعاين اليت يصح أن يدركها البصر، ويكون إدراكه له وللمعاين اليت فيه

إدراكاً ال يكون بينه وبني حقيقة املبصر وبني حقيقة املعاين اليت فيه تفاوت حمسوس باإلضافة إىل حقيقته ميكن أن يظهر فيه تفاوت حمسوس عند وال ختالف صورته اليت حتصل يف احلس صورته احلقيقية خالفاً

ولنسم األبعاد اليت خيفى منها املبصر، واألبعاد اليت .التأمل، أبعاداً معتدلة، وإن كانت كثرية وذات عرضختفى منها أجزاء املبصر اليت هلا نسبة حمسوسة إىل مجلة املبصر، واألبعاد اليت ختفى منها املعاين اللطيفة اليت

يت قد تظهر من األبعاد املعتدلة، واألبعاد أيضاً اليت تلتبس منها هذه املعاين وتشتبه، تكون يف املبصر ال .األبعاد اخلارجة عن االعتدال ما كان منها مسرفاً يف البعد عن البصر ما كان منها مسرفاً يف القرب منه

اته وإما من غريه، وإذ قد تبني أن البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات إال إذا كان فيه ضوء ما من ذوكان كثري من األجسام املبصرة قد يظهر ضوؤها على األجسام املقابلة هلا ويظهر ضوؤها على البصر عند إدراك البصر هلا، فقد وجب أن نبحث عن خواص األضواء وعن كيفية إشراق األضواء،ونبحث

ر ونتلطف يف القياس ونتوصل أيضاً عما يعرض بني البصر والضوء، مث جنمع بني ذلك وبني ما خيص البص .إىل النتيجة

الفصل الثالث

البحث عن خواص األضواء

وعن كيفية إشراق األضواء

جند كل جسم مضيء من ذاته فإن ضوءه شرق على كل جسم مقابل له إذا مل يكن بينهما جسم كثيف جسام األرضية، ومل وذلك أن الشمس إذا كانت مقابلة جلسم من األ. غري مشف يستر أحدمها عن األخر

يستره عنها ساتر، فإن ضوءها يشرق على ذلك اجلسم ويظهر للبصر، ويشرق ضوءها يف الوقت الواحد

ابن اهليثم-املناظر 11

وكذلك النار إذا كانت . وكذلك القمر. على كل موضع يقابلها يف ذلك الوقت من مجيع نواحي األرض البعد الذي بينهما متفاوتاً، فإن مقابلة جلسم من األجسام الكثيفة ومل يكن بينهما ساتر كثيف ومل يكن

ضوء النار يشرق على ذلك اجلسم وتظهر صورته للبصر ويوجد ضوء اجلذوة من النار يف الوقت الواحد يشرق على مجيع األجسام اليت حول تلك النار من مجيع جهاا وعلى مجيع ما يكون فوقها وحتتها من

تكن أبعادها متفاوتة، صغرت اجلذوة من النار أو عظمت، األجسام الكثيفة إذا مل يسترها عنها ساتر ومل .إذا كان ضوؤها يظهر للحس على ما يقابلها من األجسام الكثيفة

وجند إشراق مجيع األضواء إمنا يكون على مسوت خطوط مستقيمة، وال يشرق الضوء من جسم من سم املشف الذي بني اجلسم املضيء اجلسام املضيئة إال على السموت املستقيمة فقط إذا كان اهلواء أو اجل

.وبني اجلسم الذي يظهر عليه الضوء متصالً متشابه الشفيف

وإذا اعتربت هذه احلال أبداً وجدت مطردة ال ختتلف وال تتغري، وذلك يظهر للحس ظهوراً بيناً إذا ء الشمس فإنه إذا أما ضو. تفقدت األضواء اليت تدخل من الثقب واخلروق واألبواب إىل البيوت املغدرة

دخل من ثقب إىل بيت مظلم، وكان اهلواء الذي يف البيت كدراً بغبار أو دخان، فإن الضوء يظهر ممتداً على استقامة من الثقب الذي يدخل منه الضوء إىل املوضع الذي ينتهي إليه ذلك الضوء من أرض البيت

مل يظهر فيه امتداد الضوء، وأراد معترب أن يعترب فإن كان اهلواء الذي يف البيت صافياً نقياً و. أو جدرانهاملسافة اليت ميتد فيها الضوء، فإنه إذا اخذ جسماً كثيفاً وحترى املسافة املستقيمة اليت بني الثقب وبني

املوضع الذي فيه الضوء من ارض البيت أو جدرانه فقطعها باجلسم الكثيف، وجد الضوء يظهر على ذلك فإذا تعمد أي موضع . من املوضع الذي كان يظهر فيه من أرض البيت أو جدرانهاجلسم الكثيف ويبطل

شاء من املسافة املستقيمة اليت بني الثقب وبني املوضع الذي يظهر عليه الضوء فقطعها باجلسم الكثيف، واستقامة هذه املسافة. فإن الضوء يظهر على ذلك اجلسم الكثيف ويبطل من املوضع الذي كان يظهر فيه

فتدل هذه احلال على أن الضوء الذي دخل من الثقب ممتد على مست . ميكن أن تعترب بعود مستقيم وإذا اعترب املعترب أي مسافة شاء من . املسافة املستقيمة اليت بني الثقب وبني املوضع الذي انتهى إليه الضوءلذي يظهر فيه الضوء فقطعها باجلسم املسافات املنعرجة واملنحنية واملقوسة اليت بني الثقب وبني املوضع ا

وكذلك الثقوب الدقاق اليت تكون يف األجسام الكثيفة إذا أشرق . مل يظهر فيها شيء من ذلك الضوءوإذا اعتربت . عليها ضوء الشمس، فإن الضوء ينفذ من تلك الثقوب الدقاق وميتد على مسوت مستقيمة

املوضع الذي يظهر فيه الضوء النافذ من ذلك الثقب وجد املسافة املستقيمة اليت بني الثقب الدقيق وبني وإن اعتمد معتمد جسماً كثيفاً . الضوء ممتداً يف تلك املسافة املستقيمة وإن كان الثقب يف غاية الدقة

ابن اهليثم-املناظر 12

وإن اعترب . فثقب فيه ثقباً دقيقاً وقابل به جرم الشمس وجد الضوء ينفذ فيه وميتد على مست مستقيم فيتبني من مجيع . د عليها الضوء الذي ذه الصفة وقاسها مبسطرة وجدها يف غاية االستقامةاملسافة اليت ميت

وكذلك ضوء القمر إذا اعترب وجد على . ذلك أن ضوء الشمس ليس ميتد إال على املسافات املستقيمةفإن الكواكب الكبار كالزهرة، واملشتري إذا كان يف قربه : وكذلك ضوء الكواكب. هذه الصفة

ألقرب، واملريخ أيضاً إذا كان يف قربه األقرب، وكالشعرى، فإن الكوكب من هذه الكواكب إذا كان امقابالً لثقب يفضي إىل بيت مظلم يف ليل غري مقمر فإن ضوءه يظهر يف ذلك البيت ويوجد مقابالً

. ل مقابالً لهوإذا جعل الناظر بصره عند ذلك الضوء ونظر إىل الثقب رأى الكوكب يف تلك احلا. للثقب

فإذا راعى الكوكب زماناً مقتدراً حىت يتحرك الكوكب مسافة حمسوسة وجد ضوءه الذي يف البيت قد وكلما حترك الكوكب حترك ذلك . انتقل عن موضعه وصار يف مقابلة الكوكب على السمت املستقيم

.الضوء، ويوجد أبداً الضوء والثقب والكوكب على مست االستقامة

املعترب ضوء الكوكب الذي يظهر يف املوضع املقابل للثقب على الوجه الذي قدمناه جبسم مث إذا اعتربكثيف، فقطع املسافة املستقيمة اليت بني املوضع الذي يظهر فيه الضوء وبني الثقب الذي يدخل منه الضوء

.ر فيهيف أي املواضع شاء منها، ظهر الضوء على اجلسم الكثيف وبطل من املوضع الذي كان يظه

وكذلك النار إذا كانت مقابلة لبيت يفضي إىل بيت مظلم ظهر ضوء النار يف البيت مقابالً للثقب، وإن اعتربت املسافة املستقيمة اليت بني الضوء وبني الثقب على الوجه الذي ذكرناه وجد ضوء النار مير بكل

.موضع منها

انت املسافة اليت ين النار وبني الثقب قريبة وكانت وقد ميكن أن يقاس ضوء النار بعود مستقيم أيضاً إذا كفإنه إذا دوخل عمود مستقيم يف . املسافة اليت بني الثقب وبني املوضع الذي يظهر فيه الضوء أيضاً قريبة

الثقب الذي دخل منه ضوء النار، وجعل طرفه عند الضوء الظاهر، وجد الطرف اآلخر عند النار أو ، وتوجد النار والثقب والضوء الظاهر يف البيت الداخل من الثقب أبداً على خط مسامتاً هلا على استقامة

.مستقيم

فإن األشخاص املنتصبة الكثيفة إذا أشرق عليها . وقد يظهر هذا املعىن أيضاً يف مجيع األضواء من الظاللل أبداً ممتدة على الضوء وظهرت أظالهلا على األرض وعلى ما يقابلها من األجسام الكثيفة توجد األظال

استقامة وتوجد املواضع اليت استظلت هي املواضع اليت قطعت األشخاص املظلة املسافات املستقيمة اليت .بينها وبني اجلرم املضيء الذي انقطع ضوئه عن تلك املواضع

فيظهر مما ذكرناه أن إشراق األضواء من األجسام املضيئة من ذواا إمنا يكون على مسوت خطوط

ابن اهليثم-املناظر 13

.مستقيمة فقط

وأيضاً فإننا جند كل جسم مضيء من ذاته فإن الضوء يشرق من كل جزء منه، وجند الضوء الذي يشرق من مجيع اجلسم املضيء أقوى من الضوء الذي يشرق من بعضه، وجند الضوء الذي يشرق من جزء أعظم

طلوعها من األفق إما أما الشمس فإا أول . يكون أقوى وأبني من الضوء الذي يشرق من جزء أصغريطلع منها أوالً جزء يسري من حميطها ، ومع ذلك فإن ضوء ذلك اجلزء يشرق على كل ما يقابله من

اجلدران واألشخاص ووجه األرض، ومركز الشمس يف تلك احلال مستتر حتت األفق وغري ظاهر ملا على تفع مركز الشمس، وال يزال الضوء مث كلما زاد اجلزء الظاهر زاد الضوء وقوي إىل أن ير. وجه األرض

فإنه ما دام جزء منها ظاهراً فوق : وكذلك إذا غربت الشمس . يتزايد إىل أن يظهر مجيع جرم الشمساألفق فإن ضوء ذلك اجلزء من الشمس يكون مشرفاً على وجه األرض مع خفاء مركز الشمس وأكثر

.من الشمسجرم الشمس عن املواضع اليت يشرق عليها ضوء ذلك اجلزء

ومع ذلك فإن اجلزء . ويف هذه احلال أعين إشراق الضوء من حميط جرم الشمس، وهي يف مجيع اآلفاق الذي هو أقل جزء يطلع من الشمس يف أفق ممن اآلفاق هو غري اجلزء الذي هو أول جزء يطلع من

ة تكون األجزاء من فاآلفاق املختلف. الشمس يف أفق غري ذلك األفق من أجل حركة الشمس اليت ختصهاوكذلك األجزاء اليت . الشمس اليت تطلع فيها يف أول طلوع الشمس خمتلفة، وخاصة يف األيام املختلفة

وباجلملة فإن كل موضع من األرض يظهر فيه جزء الشمس من حميطها . هي آخر ما يغرب من الشمس هذا االعتبار يتبني أن كل جزء فمن. ومن غري احمليط فإن الضوء يشرق من ذلك اجلزء على ذلك املوضع

من جرم الشمس يشرق منه ضوء على كل جسم يقابل ذلك اجلزء مع استتار مركز الشمس وبقية جرم .الشمس عن ذلك اجلسم

وأيضاً فإن الشمس إذا انكسفت ومل يستغرق الكسوف مجيعها وبقي منها جزء ظاهر فإن الضوء يشرق فإن روعيت الشمس يف . يقابله يف وقت الكسوف من األرضمن اجلزء الظاهر الباقي على كل موضع

وقت كسوف يستغرق معظمها ويتجاوز مركزها فإنه يوجد اجلزء املنكسف يعظم واجلزء الباقي ومع ذلك فأي مقدار بقي منها فإن الضوء يشرق منه على وجه األرض، ويظهر الضوء على كل .يتصاغر

وإن اعترب ضوء الشمس يف . بل لبعض ذلك اجلزء أيضاً موضع مقابل لذلك اجلزء وعلى كل موضع مقاوقت الكسوف وجد إشراقه أبداً على مسوت مستقيمة كمثل إشراق ضوئها قبل الكسوف، ويوجد ضوء الشمس الذي يظهر على األرض يف وقت الكسوف أضعف من ضوئها قبل الكسوف، وكلما عظم اجلزء

واجلزء الذي يبقى من الشمس يف . يظهر على األرضاملنكسف وصغر اجلزء الباقي ضعف الضوء الذي ومجيع حميط الشمس متشابه . وقت الكسوف إذا استغرق الكسوف معظمها إمنا هو جزء من حميطها

ابن اهليثم-املناظر 14

فيتبني من هذا االعتبار أن ضوء الشمس خيرج من مجيع جرم الشمس ومن كل موضع من الشمس . احلال .ال من موضع خمصوص

االعتبار أن السموت املستقيمة اليت عليها ميتد ضوء الشمس ليس مجيعها ممتداً من ويتبني أيضاً من هذا مركز الشمس، بل كل جزء من جرم الشمس خيرج الضوء منه على كل مست مستقيم يصح أن يتوهم

وذلك أن الكسوف إذا استغرق معظم الشمس بالقياس إىل موضع من األرض فإن . ممتداً من ذلك اجلزءيف ذلك الوقت مستتر عن ذلك املوضع فتنقطع اخلطوط املستقيمة اليت بني مركز الشمس مركز الشمس

فلو كان ضوء . ومع هذه احلال فإن الضوء يشرق من بقية الشمس على ذلك املوضع. وبني ذلك املوضعالشمس ليس خيرج إال على السموت املستقيمة املمتدة على املركز ملا كان يظهر الضوء يف وقت

وأيضاً فإن املواضع من األرض اليت تكون . على املواضع من األرض اليت يستتر عنها املركزالكسوفالشمس يف وقت الكسوف مائلة عن مست الرؤوس أهلها إىل جهة اجلزء الباقي الظاهر فإن الضوء الذي

هة اليت فيها يشرق على هذه املواضع يف هذه احلال من اجلزء الباقي من الشمس إمنا يكون إشراقه إىل اجلمركز الشمس وعلى اخلطوط املستقيمة اليت ال يصح أن متر مبركز الشمس،ويشرق الضوء مع ذلك يف هذا الوقت على كل موضع يظهر فيه جزء من جرم الشمس وال يستغرق الكسوف بالقياس إليه مجيع

س فقط بل فليس إشراق ضوء الشمس على السموت املستقيمة املمتدة من مركز الشم. جرم الشمس .على مجيع السموت اليت يصح أن متتد من كل جزء منها على االستقامة

وأيضاً فإن ضوء الشمس الذي ينفذ من الثقوب يوجد أبداً منخرطاً ، وكلما بعد الضوء عن الثقب فإن الثقب الدقيق إذا نفذ فيه ضوء الشمس، وظهر . ويظهر ذلك ظهوراً بيناً يف الثقوب الدقاق. اتسع ء على موضع متباعد عن الثقب، فإن الضوء الذي ذه الصفة يوجد منخرطاً ويكون املوضع الذي الضو

وكلما كانت املسافة اليت بني الثقب وبني املوضع . يظهر فيه الضوء أوسع من الثقب أضعافاً متضاعفةلثقب وبني الضوء وإن قطعت املسافة املستقيمة اليت بني ا. الذي يظهر عليه الضوء أبعد كان الضوء أوسع

الظاهر جبسم كثيف وجد الضوء على ذلك اجلسم الكثيف، ويوجد الضوء الذي يظهر على اجلسم وكلما قرب هذا اجلسم من الثقب وجد الضوء . الكثيف أضيق من الضوء الذي ظهر يف املوضع األول

فيتبني . يه أوسعوكلما بوعد هذا اجلسم عن الثقب وجد الضوء الذي يظهر عل. الذي يظهر عليه أضيقمن اخنراط الضوء الذي خيرج من الثقوب الدقاق أن ضوء الشمس ميتد من كل جزء منها ال من جزء

.خمصوص

وذلك أنه لو كان الضوء ميتد من مركز . ويتبني منه أيضاً أن الضوء ميتد على خطوط مستقيمة فقط

ابن اهليثم-املناظر 15

نقطة وعلى اخلطوط اليت خترج من الشمس أو من نقطة خمصوصة منها لكان الضوء الذي ميتد من تلك التلك النقطة إىل الثقب الضيق إذا نفذ من الثقب اخنرط اخنراطاً غري حمسوس، ألن اخنراطه كان يكون حبسب ما يقتضيه قطر الثقب وحبسب بعد الشمس عن الثقب وبعدها عن املوضع الذي يظهر عليه

فكان يكون . بعد الشمس بالقياس إىل احلسوال فرق بني هذين البعدين يف احلس باإلضافة إىل . الضوءالضوء الذي خيرج من الثقب الدقيق إذا ظهر على وجه األرض أو على موضع من املواضع مساوياً ملقدار

الثقب، وخاصة إذا كان الثقب أسطوانياً، ولكان الثقب األسطواين الضيق إذا نفذ منه ضوء الشمس مث ستقيم املمتد يف طوله إىل جرم الشمس ال يلقي تلك النقطة من غري تغيرياً يسرياً حىت يصري اخلط امل

ولو كان الضوء . الشمس كان يبطل الضوء الذي ينفذ من الثقب، وال ينفذ يف الثقب شيء من الضوء. ميتد على غري السموت املستقيمة لكان إذا نفذ من الثقوب الدقاق امتد على غري السموت املستقيمة

من الثقوب الدقاق دليل ظاهر على الضوء خيرج من مجيع جرم الشمس إىل الثقب، فاخنراط الضوء النافذوأن خروجه على خطوط مستقيمة، فلذلك إذا نفذ م الثقب اخنرط واتسع وكان اخنراطه على خطوط

مستقيمة ألن الضوء إذا خرج من مجيع جرم الشمس إىل الثقب الضيق كان منخرطاً، فإذا نفذ يف الثقب فيتبني من . منه خمروط آخر مقابل للمخروط األول، ألن الضوء خيرج على خطوط مستقيمةوامتد حدث

مجيع ما شرحناه أن ضوء الشمس يشرق من كل جزء من جرم الشمس يف كل جهة تقابل ذلك اجلزء .على استقامة

د يظهر ضوؤه على وجه وذلك أن اهلالل يف الليلة الثانية من الشهر وما يليها ق. فأما القمر فإن حاله أظهراألرض، وخاصة إذا كان مقابالً ملوضع مظلم فإن ضوؤه يظهر يف املوضع املظلم ويوجد مع ذلك ناقصاً

ضعيفاً، مث يزيد ضوؤه يف كل ليلة مع زيادة مقداره إىل أن ميتلئ ويوجد ضوؤه عند امتالئه أقوى من له يف الطلوع والغروب يف أوقات امتالئه كمثل وأيضاً فإن القمر يوجد حا. مجيع أضوائه يف ليايل نقصانه

وإذا اعترب ضوء . حال الشمس، وكذلك حاله يف الكسوف إذا جتاوز الكسوف مركزه ومل يستغرق مجيعهفيتبني . القمر النافذ من الثقوب الدقاق أيضاً يف أوقات امتالئه جد منخرطاً، وكلما بعد عن الثقب اتسع

يشرق من كل جزء من أجزاء القمر ال من جزء منه خمصوص، وان من اخنراط الضوء أن ضوء القمر .امتداد ضوء القمر إمنا هو على السموت املستقيمة فقط

وذلك أن النار إذا بعضت بأن يبعض موضوعها احلامل هلا . وكذلك النار أيضاً يوجد فيها هذا املعىن بعينهاضعف من ضوء مجلتها ، ويوجد ضوء فإن كل جزء منها يشرق منه ضوء، ويوجد ضوء كل جزء منها

وقد ميكن أن تعترب أجزاء النار من غري أن . ما صغر من أجزائها أضعف من ضوء ما عظم من أجزائها

ابن اهليثم-املناظر 16

فإذا أراد املعترب أن يعترب ذلك فليتخذ صفيحة من حناس، وليكن فيها سعة، وليثقب فيها . تبعض أيضاًب أنبوباً أسطوانياً صحيح االستقامة معتدل االستدارة ذا طول ثقباً مقتداً مستديراً، مث يداخل يف هذا الثق

. مقتدر، ولتكن سعة الثقب مبقدار سعة األنبوب، وليكن ثقب األنبوب ليس بأغلظ من غلظ امليل

ويداخل األنبوب يف ثقب الصفيحة حىت يستوي طرفه مع سطح الصفيحة، ولتثبت هذه الصفيحة على ة على حرفها، مث يقدم إىل هذه الصفيحة يف ظلمة الليل نار، وليكن جسم مرتفع عن األرض ولتكن قائم

سراجاً ذا فتيلة غليظة نرية، فيقابل ا الثقب وتقرب النار من الثقب إىل أن تصري يف غاية القرب منه وال وضع يبقى بينها وبني الثقب مسافة هلا قدر، فستظل اجلهة اليت فيها األنبوب بظل الصفيحة وال يترك يف امل

: ضوء سوى النار اليت تعترب، وليكن ذلك يف موضع ال ختترقه الريح، مث يقابل طرف األنبوب جبسم كثيف

وليس هناك ضوء إال الضوء الذي ينفذ يف األنبوب، وليس ينفذ . فإن ضوء النار يظهر على ذلك اجلسماحته ملساحة ثقب األنبوب يف األنبوب ضوء إال ضوء اجلزء من النار املقابل لثقب األنبوب املساوي مس

فقط إذا كان الضوء ليس خيرج إال على خطوط مستقيمة، وليس بني الضوء الذي يظهر على اجلسم املقابل لطرف األنبوب وبني شيء من أجزاء النار خطوط مستقيمة ال يقطعها جسم كثيف إال اجلزء

الضوء الظاهر متتد يف داخل األنبوب املقابل لطرف األنبوب فقط، ألن اخلطوط املستقيمة اليت بينه وبنيفأما األجزاء الباقية من جرم النار فإن الضوء خيرج منها إىل . وال يقطعها شيء من األجسام الكثيفة

فإن دخل منها شيء يف طرف األنبوب فإنه ينقطع حبائط . الطرف الذي يليها فقط من ثقب األنبوب وليس ينفذ يف ثقب األنبوب يف تلك احلال إال ضوء األنبوب فيبطل وال ينفذ يف طول ثقب األنبوب،

.اجلزء املقابل لطرفه فقط

مث حيرك املعترب النار رفيقاً حىت يقابل الثقب جزءاً من النار غري ذلك اجلزء، ويتأمل اجلسم املقابل لطرف ا حرك جرم مث إذ. فإنه جيد الضوء أيضاً يظهر على ذلك اجلسم. األنبوب الذي كان يظهر عليه الضوء

النار يف مجيع اجلهات ورفعه وحطه حىت يقابل الثقب جزءاً من النار غري ذلك اجلزء، ويتأمل اجلسم مث إذا . فإنه جيد الضوء أيضاً يظهر على ذلك اجلسم: املقابل لطرف األنبوب الذي كان يظهر عليه الضوء

زء من النار جزءاً بعد جزء وجد حرك جرم النار يف مجيع اجلهات ورفعه وحطه حىت يقابل الثقب كل جالضوء يف مجيع األحوال يظهر على اجلسم املقابل لألنبوب، وجيد هذا الضوء أضعف من ضوء مجلة النار

الذي يظهر على األجسام املنكشفة جلميع جرم النار اليت بعدها عن النار كبعد املوضع الذي يظهر فيه ق املعترب الثقب بأن يداخل يف األنبوب جسماً دقيقاً مستقيماً وإن ضي. الضوء النافذ من األنبوب عن النار

يسد بعضه والصقه بسطح داخل األنبوب واعترب الضوء الذي خيرج من بقية األنبوب فإنه جيد الضوء

ابن اهليثم-املناظر 17

أيضاً يظهر على اجلسم املقابل لألنبوب ما مل يكن اجلزء الذي يبقى من األنبوب يف غاية الضيق، وجيد فيظهر من هذا . عند تضيق األنبوب أصغر ومع ذلك أخفى وأضعف من الضوء األول الضوء الذي يظهر

االعتبار أن كل جزء من النار يشرق منه ضوء ، وأن ضوء مجيع اجلذوة من النار أقوى من ضوء اجلزء .وأن ضوء اجلزء األعظم أقوى من ضوء اجلزء األصغر. منها

فيحة حىت ال ينتقل وال يتغري اجلزء منها املقابل للثقب، مث ميل وأيضاً فإن أثبت املعترب النار عند ثقب الصاألنبوب حىت يصري وضعه مائالً على سطح الصفيحة وطرفه مع ذلك عند الثقب، وسد خلالً إن انكشف من طرف األنبوب ومن ثقب الصفيحة مما يلي باطن الصفيحة، وقابل األنبوب باجلسم الكثيف، فإنه جيد

وإن غري وضع األنبوب وميله إىل غري تلك اجلهة وقابله باجلسم . جلسم الكثيفالضوء يظهر على اوإن ميل األنبوب إىل مجيع اجلهات وجد . الكثيف الذي يظهر عليه الضوء وجد الضوء يظهر عليه أيضاً

مث عن حرك النار حىت. الضوء ميتد من ذلك اجلزء من النار إىل مجيع اجلهات اليت تقابله على االستقامة

يقابل الثقب جزءاً منها غري ذلك اجلزء، واعترب هذا اجلزء أيضاً بالوضاع املائلة كما اعترب اجلزء األول، وكذلك إن اعترب كل جزء من النار وجده على . وجد الضوء ميتد منه أيضاً يف مجيع اجلهات اليت تقابله

لنار يف كل جهة تقابل ذلك اجلزء فيظهر من هذا االعتبار أن الضوء يشرق من كل جزء من ا. هذه الصفة .على مست االستقامة

ويتبني من مجيع ما ذكرناه أن كل جسم مضيء من ذاته فإن الضوء يشرق من كل جزء منه على كل .مست مستقيم ميتد من ذلك اجلزء

ها، وإذا كانت هذه احلال تظهر يف األجزاء من األجسام املضيئة من ذواا فإن األجزاء الصغار أيضاً منوإن كانت يف غاية الصغر ما دامت حافظة لصورا، فإا أيضاً مضيئة، والضوء يشرق منها على الصفة اليت تشرق من األجزاء الكبار وإن خفيت أحوال األجزاء الصغار عن احلس، إذ هذه احلال يف األجسام

ارها طبيعة واحدة ما دامت املضيئة من ذواا طبيعية وخاصة الزمة لذواا، وطبيعة صغار األجزاء وكبحافظة لصورا ، فاخلاصة اليت ختص طبيعتها تكون يف كل جزء منها صغر أم كرب ما دام على طبيعته

.وحافظاً لصورته

وأيضاً فإن الشمس والقمر واألجرام السماوية ليست أجزاء جمتمعة، بل كل واحد منها جسم واحد وكذلك النار . س موضع منها خمالف الطبيعة ملوضع آخرمتصل وطبيعته واحدة وليس فيها اختالف ولي

ليست أجزاء جمتمعة بل جسم متصل وكل موضع منها شبيه الطبيعة باملواضع الباقية وطبيعة ما صغر من .أجزائها شبيه بطبيعة كبار األجزاء ما دام اجلزء الصغري حافظاً لصورة النار

ابن اهليثم-املناظر 18

ينا طرق اعتباره أن إشراق الضوء من كل جسم مضيء من فقد تبني من مجيع ما استقريناه وشرحناه وبذاته إمنا هو على مسوت خطوط مستقيمة، وان الضوء يشرق من كل جسم مضيء من ذاته يف مجيع

اجلهات اليت بينه وبينها خطوط مستقيمة ال يقطعها شيء من األجسام الكثيفة، وان كل جزء من أجزاء ه على هذه الصفة، وان الضوء الذي يشرق على موضع من اجلسم املضيء من ذاته يشرق الضوء من

املواضع من مجيع اجلرم املضيء يكون أقوى من الضوء الذي يشرق على ذلك املوضع من ذلك البعد من بعض ذلك اجلرم، وان الضوء الذي يشرق من جزء اعظم يكون أقوى من الضوء الذي يشرق من جزء

وإن تعذر اعتبارها على انفرادها . ملضيء يلزم فيها أيضاً هذه احلالأصغر، وان األجزاء الصغار من اجلرم اوإذا . وخفي ضوؤها منفرداً عن احلس فإن ذلك إمنا هو لقصور احلس عن إدراك ما هو يف غاية الضعف

كان مجيع ذلك كذلك فالضوء إذن الذي يشرق من اجلرم املضيء من ذاته يف اهلواء املشف إمنا يشرق من ل لذلك اهلواء من اجلرم املضيء، ويكون الضوء يف اهلواء املضيء متصالً ملتئماً، وتكون كل كل جزء مقاب

نقطة من اجلرم املضيء خيرج الضوء منها على كل خط مستقيم يصح أن يتوهم ممتداً من تلك النقطة يف واء املشف فعلى هذه الصفة يكون إشراق األضواء من األجسام املضيئة من ذواا يف اهل. ذلك اهلواء

.فلنسم األضواء اليت تشرق من األجسام املضيئة من ذواا األضواء األول . املتشابه الشفيف

وأيضاً فإنا جند األرض مضيئة يف أول النهار وآخره قبل طلوع الشمس وبعد غروا، وليس شيء من لضوء النهار علة غري املواضيع املضيئة يف هذين الوقتني مقابالً جلرم الشمس وال لشيء منها، وليسوأيضاً فإن الشمس إذا . الشمس إذ ليس يزيد يف النهار ضوء مل يكن يف الليل إال ضوء الشمس فقط

طلعت وصارت فوق األرض فإنا جند املساكن وأفنية الدار اليت هي مستترة عن الشمس باحليطان الل اجلبال واألجسام وكذلك أظ. والسقوف مضيئة مع ذلك وليست مقابلة للشمس وال لشيء منها

الكثيفة ومجيع األظالل توجد مضيئة بالنهار مع استتارها عن جرم الشمس باألجسام الكثيفة اليت هي وجند أيضاً كثرياً من املساكن املستترة عن السماء مضيئة قبل طلوع الشمس وبعد غروا مع . أظالل هلا

بحث اآلن عن كيفية هذه األضواء باالستقراء فلن. استتار الشمس ومع استتار هذه املواضع عن السماء .واالعتبار من أحواهلا وخواصها

إننا جند ضوء املصباح يبتدئ من أجزاء الليل وقد بقي قطعة من الليل فيمتد من أفق املشرق ذاهباً : فنقولة حنو وسط السماء كالعمود املستقيم، ويوجد ضعيفاً خفياً، ويوجد مع ذلك وجه األرض مظلماً بظلم

مث . مث يقوى هذا الضوء ويزيد مقداره يف العرض والطول ويقوى نوره، واألرض مع ذلك مظلمة. الليلال يزال يتزايد مقداره ويقوى نوره، فيضيء حينئذ وجه األرض املقابل لذلك الضوء املنكشف له بضوء

جلو يقوى وينبسط مث ال يزال الضوء الذي يف ا. ضعيف دوم الضوء الذي يظهر يف اجلو يف ذلك الوقت

ابن اهليثم-املناظر 19

إىل أن ميلئ أفق املشرق ويبلغ إىل وسط السماء وميتلئ اجلو ضوءاً وحينئذ يقوى الضوء الذي على وجه مث تطلع الشمس بعد هذه احلال . األرض ويصري اراً واضحاً والشمس مع ذلك حتت األفق وغري ظاهرة

: أن تغرب الشمس وختفى حتت األفق وكذلك جند الضوء يف آخر النهار وبعد . فيزداد النهار وضوحاً

مث ال يزال ضوء اجلو يضعف . يكون وجه األرض مضيئاَ بضوء واضح واجلو مع ذلك مضيء بضوء قويمث إنا جند أيضاً ضوء الشمس إذا أشرق على بعض . ووجه األرض يتناقص ضوؤه إىل أن جين الليل

، فإن ذلك املكان يضيء بعد أن كان اجلدران، وكان مقابالً ذلك اجلدار وبالقرب منه مكان مظلموإذا كان لذلك املكان املظلم باب، وكان مقابل الباب يف داخل ذلك املكان جدار، فإن اجلدار . مظلماً

املقابل للباب ولضوء الشمس املشرق على اجلدار اخلارج وما واجه الباب وضوء الشمس من أرض البيت ذا زالت الشمس وزال ضوؤها املشرق على ذلك اجلدار عاد مث إ. إمنا يكون أشد إضاءة من بقية البيت

وكذلك جند النهار وضوء القمر وضوء النار إذا أشرق على اجلدار، وكان مقابل ذلك . املوضع مظلماًوكذلك جند كل . اجلدار موقع مظلم، فإنه يضيء بذلك الضوء، وإذا بطل ذلك الضوء عاد املوضع مظلماً

وء كان، إذا كان مقابالً له مكان مظلم وكان قريباً منه وكان بينهما موضع مضيء بضوء قوي، أي ض .منفذ فإن املوضع يضيء بالضوء املقابل له

فإذا شاء املعترب أن يعترب بيتاً مظلماً، وليكن مقابل باب . وقد ميكن أن تعترب هذه احلال يف مجيع األوقات يكون باب البيت منكشفاً للسماء وذلك بأن البيت وقريباً منه حائط يشرق عليه ضوء الشمس، وال

يكون احلائط املقابل للباب يصل إليه الضوء من ثقب أو من باب يف حائط البيت املظلم من أعاله إذا كان حائط البيت أرفع من سقف البيت، ويكون الفضاء الذي بني احلائطني أعين احلائط الذي فيه باب

. فوق الثقب أو مظلالً جبسم كثيف، ويكون البيت مما يلي ملشرقالبيت واحلائط املقابل له مسقفاً من

ويراعي املعترب املوضع إىل أن يشرق ضوء الصباح على ذلك احلائط من الثقب املقابل له، وليكن الثقب فإنه يد البيت املظلم قد أضاء بذلك الضوء وجيد الضوء الذي يف البيت أضعف من الضوء : مقتدر السعة

مث إذا أشرق . مث كلما قوي الضوء الذي على احلائط قوي الضوء الذي يف البيت. احلائطالذي على ذلكوجيد املوضع من البيت املقابل للباب . ضوء الشمس على ذلك احلائط اشتد الضوء الذي يف البيت وقوي

ي مث إذا زالت الشمس عن ذلك احلائط ضعف الضوء الذ. وللحائط املضيء أشد إضاءة من بقية البيت .يف البيت

وإذا كان يف البيت بيت آخر مظلم، وكان بابه منكشفاً للجدار املقابل لباب األول، فإن الضوء إذا أشرق على احلائط اخلارج فظهر على اجلدار الذي يف داخل البيت املقابل للباب، وكان باب البيت الثاين

ابن اهليثم-املناظر 20

ضيئاً بضوء ذلك اجلدار، وخاصة إذا كان مفتوحاً منكشفاً هلذا اجلدار، فإنه جيد البيت الثاين أيضاً ماحلائط اخلارج الذي يشرق عليه الضوء أبيض نقي البياض، وجيد ما كان من البيت الثاين مواجهاً لذلك

وإن كان اجلدار الذي يف داخل البيت األول الذي يشرق . اجلدار وقريباً منه أشد إضاءة من بقية البيتوكذلك إن اعترب ضوء القمر وضوء . ظهر يف البيت الثاين يكون أبنيعليه الضوء أبيض فإن الضوء الذي ي

.النهار على هذه الصفة يوجد املوضع املظلم يضيء بضوء كل واحد منهما إذا كان مقابالً له

فيتبني من هذا االعتبار أن كل جسم يشرق عليه ضوء فإن الضوء الذي حيصل عليه يشرق منه ضوء على ن ذلك كذلك فالضوء الذي يظهر على وجه األرض يف أول النهار قبل طلوع وإذا كا. كل جهة تقابله

فيكون . الشمس ويف آخره بعد غروا إمنا هو ضوء يرد إليها من الضوء الذي يظهر يف اجلو املقابل هلااجلو قبل طلوع الشمس ألنه مقابل هلا وهي غري مستترة عنه يف ذلك الوقت، وإمنا هي مستترة يف تلك

فيكون الضوء ممتداً من جرم الشمس يف اجلو املضيء على مسوت مستقيمة، . عن وجه األرض فقطاحلال مث هذا اجلو املضيء بضوء الشمس يشرق منه أيضاً ضوء على املواضع املقابلة له من سطح األرض على

إذا قوي مسوت مستقيمة أيضاً، وما دام يسري ضعيفاً فضوؤه الذي يشرق منه على األرض يكون خفياً، ف .واشتد قوي الضوء الذي يشرق على وجه األرض وظهر

وكذلك ضوء العشاء يكون اجلزء املقابل للشمس بعد غروا مضيئاً بضوئها، وضوؤها ميتد على السموت املستقيمة، ويكون الضوء الذي يشرق من اجلو املضيء على املواضع املقابلة له من وجه األرض،

ألرض مضيئة والضوء فيها بني، فإذا ضعف الضوء الذي يف اجلو ضعف الضوء وما دام ضوء اجلو قوياً فاوكذلك أضواء املساكن وأفنية اجلدران املستترة . الذي على وجه األرض إىل أن خيفى ويظلم وجه األرض

عن الشمس ومجيع األظالل اليت توجد مضيئة بالنهار قبل طلوع الشمس وبعد طلوعها وبعد غروا ويف هار إما هي أضواء ترد إليها من اجلو املضيء املقابل هلا ومن اجلدران املضيئة أيضاً ومن سطح سائر الن

فعلى هذه الصفة يكون النهار وأضواء املواضع املستظلة عن . األرض املقابل هلا املضيء بضوء النهار .لنارالشمس، وكذلك املواضع املضيئة بضوء القمر اليت هي مستترة عن القمر، وكذلك ضوء ا

وقد ميكن أن يعترب هذا املعىن، إشراق األضواء عن األضواء العرضية على السموت املستقيمة، اعتباراً حمرراً يعتمد املعترب بيتاً يف داخله بيت، ويكون وضعهما : أما ضوء الصباح فيعترب كما أصف. يقع معه اليقني

ن الباب، ويكون احلائط الشرقي من البيت بني املشرق واملغرب، وال يكون للضوء إليهما سبيل إال مويثقب يف أعلى هذا احلائط ثقب كأحد الثقوب اليت تكون يف جدران البيوت لدخول الضوء، . منكشفاً

وليكن مستديراً قطره ليس بأقل من قدم يف مثله، ويكون خمروطاً داخله أوسع من خارجه، فيكون هذا

ابن اهليثم-املناظر 21

وليثقب يف احلائط املقابل للثقب املشترك للبيتني ثقبني .الثقب مواجهاً للجهة الشرقية من السماءمستديرين مقابلني للثقب األول فيفضي هذان الثقبان إىل البيت الغريب، وليكن هذان الثقبان أقرب إىل

األرض من الثقب األول وحبيث إذا نظر الناظر يف كل واحد منهما رأى السماء من الثقب األول األعلى، وليتحر يف هذين الثقبني أن يكون . ن هذين الثقبني مساوياً للثقب األول وشبيهاً بهوليكن كل واحد م

امتداد كل واحد منهما يف مسك احلائط على استقامة اخلطوط املستقيمة اليت تتوهم ممتدة من النهاية ذا احلائط ومالك األمر أن يكون ه. اخلارجة من الثقب األول إىل النهاية املقابلة هلا من الثقب الثاين

جسيماً ليكون للثقبني امتداد مقتدر يف جسم احلائط حىت ال ينخرط الضوء اخلارج من هذين الثقبني وينبغي أن يكون امتداد كل واحد من هذين الثقبني يف جسم احلائط امتداداً متشااً ال . اخنراطاً مسرفاً

.منخرطاً

وليتحر أن مير اخليط بنقطة من النهاية اخلارجة من مث ميد خيط من الثقب األول األعلى إىل أحد الثقبني ويداخل اخليط يف الثقب وليكن . الثقب األعلى والنقطة النظرية هلا من النهاية اخلارجة من الثقب املقابل لهويدخل املعترب إىل داخل البيت . طرف اخليط الذي يلي الثقب األعلى مشدوداً مبسمار من خارج الثقب

ط إىل أن ينتهي طرفه إىل موضع من البيت إما أرضه أو بعض جدرانه، مث ميد اخليط مداً الغريب وميد اخليفإذا صح وضعه وامتداده واستقامته يعلم على موضع طرفه من البيت . شديداً حىت يصح استقامته ووضعه

ىل الثقب عالمة، فيكون هذا املوضع على استقامة املسافة املستقيمة املمتدة من الثقب األول األعلى إمث خيرج اخليط من هذا الثقب ويداخل يف الثقب اآلخر ويفعل به مثل ما فعل بالثقب . األخفض املقابل له

الذي قبله؛ وميده حىت ينتهي إىل موضع آخر من البيت أيضاً ويتعلم على موضع ايته، فيكون هذا على أيضاً إىل الثقب األعلى أيضاً إىل املوضع الثاين على استقامة املسافة املستقيمة املمتدة من الثقب األ

.الثقب األخر

فإذا أظلم . فإذا تعني هذان املوضعان من البيت حترى املعترب ليلة من الليايل السود وتكون مع ذلك مصحيةالليل دخل املعترب إىل داخل البيت واغلق الباب ومل يترك يف البيتني شيئاً من الضوء فإن الثقبني يف هذه

مث يدخل إىل البيت الغريب وينتظر من أحد الثقبني إىل أن يرى السماء من الثقب . يكونان مظلمنياحلالاألعلى، ويتحرى أال يكون مقابالً للثقب شيء من الكواكب الكبار توقف إىل أن يزول الكوكب عن

كون مقابالً له وكذلك ينظر يف الثقب اآلخر إىل أن يرى السماء من الثقب األعلى وال ي. مقابلة الثقبفإنه يرى : من اآلخر إىل أن يرى السماء من الثقب األعلى وال يكون مقابالً له شيء من الكواكب الكبار

اجلو من املوضعني اللذين عينهما، فيجدمها مظلمني ليس فيهما ضوء ظاهر، وجيد مجيع البيت مظلماً ليس

ابن اهليثم-املناظر 22

مث ينتظر الصباح فإذا . ي هو يف غاية الضعففيه شيء من الضوء إال ما ال يعتد به من ضوء السماء الذانفجر الصبح ونظر من الثقبني املتقابلني إىل أن يرى اجلو مضيئاً حترك من املوضع الذي هو فيه حىت يزول

فإنه جيدمها : عن مقابلة الثقب ونظر إىل كل واحد من املوضعني املقابلني للثقبني اللذين كان عينهمافإن مل يظهر يف البيت ضوء توقف يسرياً من الزمان . وة الضوء الذي يف اجلومضيئني بضوء يسري حبسب ق

فإنه جيدمها مضيئني، وجيد الضوء يف : إىل أن يقوى ضوء الصباح، فإذا قوي ضوء الصباح تأمل املوضعنيكل واحد من املوضعني مستديراً، وجيده أوسع من الثقب حبسب ما يقتضيه اخنراط الضوء، وال جيد يف

احلال يف بقية البيت شيئاً من الضوء، وإن وجد فيه ضوءاً فضعيف خفي حبسب ما يصح أن يصدر هذهمث إن ستر أحد الثقبني بطل الضوء من املوضع املقابل . عن الضوء الذي يظهر يف املوضعني املقابلني للثقبني

.له وبقي األخر، وإن رفع الساتر عاد الضوء إىل موضعه

سافة املستقيمة اليت بني أحد الثقبني وبني املوضع الذي يصري إليه الضوء من ذلك الثقب مث يعتمد املعترب امل. فإنه جيد الضوء يظهر على اجلسم الكثيف ويبطل من املوضع املقابل لذلك الثقب: فيقطعها جبسم كثيف

ن حتد هذه املسافة وقد ميكن أ. فإنه جيد الضوء أبداً عليه: مث حيرك هذا اجلسم على مست املسافة املستقيمةمث إذا رفع . بعود مستقيم ومسطرة طويلة وتلصق املسطرة مبحيط الثقب فتتحرر ا املسافة املستقيمة

اجلسم الكثيف الساتر عاد الضوء إىل املوضع الذي كان فيه، وكذلك إذا قطع املسافة املستقيمة اليت بني فإنه جيد الضوء يظهر على اجلسم الذي يقطع تلك الثقب األول األعلى وبني أحد الثقبني من البيت األول

وكذلك إذا اعترب الضوء الذي يف . املسافة ويبطل من البيت الثاين، وإذا رفع الساتر عاد الضوء إىل موضعهوإن ثقب يف احلائط الثاين عدة ثقوب، وحترى يف . الثقب اآلخر يف البيتني مجيعاً وجده على هذه الصفة

ن مقابالً للثقب األول على استقامة وعلى مثل ما وصفناه يف الثقبني املتقدمني، كل واحد منها أن يكوومقابلة هلا كل واحد منها للثقب األول األعلى . وجد يف البيت الثاين أضواء متفرقة بعدد تلك الثقوب

.على استقامة

ج منه ضوء إىل املواضع املقابلة، فيتبني من هذا اعتبار بياناً واضحاً بياناً أن اهلواء املضيء بضوء الصباح خيروان خروجه على مسوت مستقيمة، وأن ضوء النهار املشرق على األرض قبل طلوع الشمس وبعد غروا

وإن اعترب املعترب اجلو . إمنا هو ضوء يشرق عليها من اجلو املضيء بضوء الشمس املقابل لوجه األرض .عتبار وجد الضوء يشرق منه على مسوت مستقيمةاملضيء يف سائر النهار أيضاً ذا الوجه من اال

وإذا كان اهلواء املضيء يصدر منه ضوء إىل املواضع املقابلة له فإن كل جزء من أجزاء اهلواء املضيء بأي ضوء كان فإنه يصدر منه ضوء إىل كل جهة مقابلة له، ويكون الضوء الذي يصدر عنه أضعف من الضوء

ابن اهليثم-املناظر 23

ء الذي يصدر عنه حبسب قوة الضوء الذي فيه وحبسب مقدار مساحة ذلك الذي فيه، وتكون قوة الضووأيضاً فإن اهلواء الذي يف داخل البيت الثاين واهلواء الذي يف البيت األول . اجلزء املضيء من اهلواء

ويصح أن يوجد . متصالن من الثقب األول باهلواء املضيء اخلارج منه ورد الضوء إىل داخل البيت الثاينذا اهلواء مسافات كثرية منحنية ومتعرجة بني اجلو املضيء وبني البت الثاين متر بالثقوب وال يقطعها يف ه

وكذلك إذا سد أحد الثقبني وبطل الضوء املقابل للثقب املسدود فإن بني . شيء من األجسام الكثيفة من الثقب اآلخر الذي ذلك املوضع الذي بطل منه الضوء وبني الثقب األول واهلواء اخلارج هواًء متصالً

فلو كان الضوء خيرج على غري السموت املستقيمة، وكان اهلواء . مل يسد ومسافات كثرية غري مستقيمةاملضيء ينبسط الضوء منه يف مجيع ما يتصل به ن اهلواء من غري السموت املستقيمة، لقد كان البيت

الصباح التصال اهلواء فيه باجلو املضيء يف القاصي يضيء مجيعه ضوءاً متشااً عند إضاءة اجلو بضوءوليس يوجد . الوقت الذي يدخل الضوء من الثقوب إىل البيت ويف الوقت الذي يسد أحد الثقبني أيضاً

يف وقت االعتبار يف داخل البيت القاصي ضوء سوى األضواء املقابلة للثقوب اليت كل واحد منها هو للذان يف حائطي البيتني واجلو اخلارج املضيء على مست مستقيم أو يف والثقبان املتقابالن املقابالن له ا

املسافة املمتدة بني الثقب وبني املوضع املضيء على استقامة الثقبني املتقابلني أو ما يشرق من هذا الضوء .يف بقية البيت

وء الذي يف داخل والذي به يظهر أن الضوء اليسري الذي يشرق يف بقية البيت إمنا هو ضوء يصدر عن الضالبيت املقابل للثقب ال من غريه هو أنه إذا سد أحد الثقبني وقطعت املسافة املستقيمة اليت بني الثقب الباقي وبني الضوء الذي نفذ منه جبسم كثيف، وقرب اجلسم الكثيف من الثقب، وبطل الضوء من

لضوء اليسري الذي كان يشرق من املوضع الذي كان يظهر فيه، خفي ما كان يظهر يف بقية البيت من اوليس ينقطع ذا الفعل اتصال اهلواء الذي يف داخل مجيع البيت باهلواء اخلارج املضيء إذا . هذا الضوء

.مل يكن اجلسم الكثيف الذي قطعت به املسافة املستقيمة ملتصقاً بالثقب

ى مست مستقيم فقط، وأن الضوء فتبني من هذا االعتبار أن الضوء ليس خيرج من اهلواء املضيء إال عليشرق من كل جزء من اهلواء املضيء يف كل جهة تقابله على السمت االستقامة، إذ األضواء املتفرقة اليت

تظهر يف داخل البيت القاصي تقابل من اهلواء املضيء اخلارج أجزاء خمتلفة، وألن أجزاء اهلواء أيضاً .املتشاة الضوء متشاة احلال

الصفة ميكن أن يعترب ضوء النهار ويظهر أنه من ضوء اجلو املضيء وأنه يرد من اجلو على فعلى هذه .مسوت مستقيمة

إن مجيع اهلواء مقابل جلرم الشمس أبداً ويف طول الليل، وإمنا : وقد ميكن أن يعترض على هذا املعىن فيقال

ابن اهليثم-املناظر 24

ق وهو جزء يسري من مجلة احملتجب عن جرم الشمس هو ظل األرض فقط، وهذا الظل هو خمروط مستداهلواء، والذي يظهر من اجلو وهو مقابل لوجه األرض يف سائر األوقات هو نصف مجيع اهلواء، والذي يقابل األرض يف طول الليل من اجلو هو نصفه، واجلزء احملتجب عن الشمس يف الليل هو جزء يسري من

و مقابل لوجه األرض هو مضيء بضوء هذا النصف، ومعظم اهلواء الذي يظهر يف طول الليل الذي هالشمس، فلو كان الضوء الذي يظهر يف اجلو عند الصباح وعند العشاء ويشرق على وجه األرض هو املقابل للشمس املضيء بضوء الشمس لكان الضوء الذي يظهر يف اجلو ويشرق على وجه األرض يف

وليس يظهر يف طول الليل شيء . عظمه مضيءطول الليل، ألن اهلواء املقابل لوجه األرض يف طول الليل مفليس الضوء الذي يظهر يف اجلو وعلى وجه األرض عند . من الضوء يف اجلو أو على وجه األرض

.الصباح وعند العشاء هو ضوء اهلواء املقابل للشمس املضيء بضوء الشمس

األوقات، وليس شيء من فنقول يف جواب هذا االعتراض إن مجيع اهلواء مضيء بضوء الشمس يف سائر اهلواء مظلماً وحمتجباً عن الشمس إال خمروط الظل الذي هو ظل األرض فقط، إال أن الضوء الذي يصدر

عن اهلواء املضيء يكون ضعيفاً، وكلما بعد يف امتداده ازداد ضعفاً ألن ذلك هو خاصة الضوء، فاهلواء اجلهات وينفذ يف اهلواء املستظل بظل األرض، املضيء بضوء الشمس يشرق منه أبداً ضوء ميتد يف مجيع

وإذا كان ذلك . إال أنه كلما بعد هذا الضوء عن اهلواء املضيء بضوء الشمس الذي منه ميتد ضعفكذلك فاجلزء من ظل األرض املماس للهواء املضيء والقريب من هذا املماس الذي هو حواشي الظل

ء ااور له فيه بعض القوة، فإذا بعد هذا الضوء عن يكون الضوء الذي شرق عليه من اهلواء املضي .حواشي الظل وانتهى إىل وسط الظل وقريباً من الوسط ضعف ضعفاً شديداً

والشمس يف سائر الليل بعيدة عن حميط األفق، واملوضع الذي جين عليه الليل من وجه األرض هو يف أكثر ت الشمس من األفق مال خمروط الظل وقرب الليل يف وسط ظل األرض وقريب من الوسط، فإذا قرب

حميط قاعدة الظل احمليطة باألرض من املوضع الذي قربت الشمس من حميط أفقه، فيصري املوضع الذي قد قربت الشمس من حميط أفقه يف حميط الظل وقريباً من حاشية الظل، ويصري الضوء اخلارج من الشمس

باً من وجه األرض، ويكون الضوء الذي يصل من هذا اهلواء املمتد يف طول الظل املماس لطول الظل قريإىل وجه األرض فيه بعض القوة، فلذلك يدرك البصر الضوء يف اهلواء عند قرب الصباح ويصل الضوء إىل

مث كلما قربت الشمس من األفق قربت حاشية الظل من وجه األرض وقرب . إىل األرض عند الصباحفلذلك كلما قربت الشمس من األفق . الضوء الذي يصل إىل وجه األرضاهلواء املضيء من البصر وقوي

ازداد الضوء الذي يظهر على وجه األرض قوة ووضوحاً إىل أن ينتهي حميط جرم الشمس إىل حميط

ابن اهليثم-املناظر 25

واهلواء . األفق، فيصري حاشية الظل وايته واهلواء املضيء بضوء النهار يف هذا الوقت مماساً لوجه األرضه األرض والقريب منه املضيء بضوء النهار قرب الشمس من األفق وقبل طلوعها هو من مجلة املماس لوج

خمروط ظل األرض، وإضاءته إمنا هي لقرب هذا اهلواء من اهلواء املضيء املقابل للشمس ألن كل موضع هو حواشي تكون الشمس حتت أفقه وغري مقابلة له فهو يف داخل خمروط الظل، إال أن هذا اهلواء املضيء

.الظل وحميطه ااور للهواء املضيء املقابل للشمس

فالعلة اليت من أجلها ليس يظهر الضوء يف اهلواء يف سائر الليل هو بعد اهلواء املضيء املقابل للشمس عن وجه األرض وضعف الضوء الذي يصدر عن الضوء الذي يف هذا اهلواء املضيء وقصور قوته عن الوصول

والعلة اليت من أجلها يظهر الضوء يف اهلواء عند الفجر ويف أول الليل ويشرق على . إىل وسط األرضوجه األرض عند الصباح وعند العشاء هو قرب اهلواء املضي املقابل للشمس من البصر وقرب حاشية

وهلذه العلة ، اعين القرب، صار أول ما يظهر من الفجر يظهر . الظل يف هذه األوقات من وجه األرضستدقاً مستطيالً، ألن أقرب حواشي الظل من البصر يف هذا الوقت هو خط واحد مستقيم، وهو اخلط م

املستقيم املمتد يف سطح خمروط الظل الذي مير بأقرب النقط من حميط قاعدة الظل إىل البصر يف ذلك اليت هي طرف الوقت، إذ البصر يف هذه احلال هو يف وسط خمروط الظل اليت تلي جهة الشمس، فالنقطة

قطر قاعدة الظل الذي مير مبوضع البصر يف هذه احلال اليت تلي جهة الشمس هي اقرب إىل البصر من وأريد بقاعدة الظل ها هنا السطح الذي مير مبوضع البصر ويقطع . مجيع النقط اليت على حميط قاعدة الظل

الظل هو أقرب اخلطوط اليت يف واخلط الذي خيرج من هذه النقطة وميتد يف سطح خمروط. خمروط الظلفقد تبينت العلة اليت من اجلها يظهر الضوء يف اجلو وعلى وجه . سطح املخروط يف هذه احلال من البصر

.األرض عند الصباح وعند العشاء وال يظهر يف سائر الليل

ء هو ضوء يف إذا كان الضوء الذي يدركه البصر يف اجلو عند الصباح وعند العشا: وقد بقي أن يقال اهلواء، وإمنا يدركه البصر عند الصباح وعند العشاء من أجل قربه من البصر، فقد كان يدرك البصر

الضوء يف اهلواء الذي بني اجلدران ويف دواخل البيوت يف سائر النهار، إذ هذا اهلواء مضيء يف سائر النهار ل إمنا يدرك البصر الضوء على جدران وقريب من البصر، وليس يدرك البصر الضوء يف هذه األهوية ب

البيوت وال يدرك يف اهلواء الذي فيما بني اجلدران شيئاً من الضوء، فليس الضوء الذي يدركه البصر يف .اجلو عند الصباح وعند العشاء ضوءاً يف اهلواء

بل فيه إن اهلواء جسم مشف شديد الشفيف،إال أنه ليس يف غاية الشفيف : فنقول يف جواب هذا القولفإذا أشرق عليه ضوء الشمس نفذ الضوء فيه حبسب شفبفه، وثبت فيه من الضوء قدر يسري . غلظ يسري

ابن اهليثم-املناظر 26

فاملقدار اليسري من اهلواء القليل املساحة يكون الضوء الذي يثبت فيه . حبسب ما فيه من الغلظ اليسريية الضوء الذي يثبت يسرياً جداً من أجل صغر مساحته ومن اجل شدة شفيفه وقلة غلظه وضعف كيف

وإن كانت . واهلواء العظيم املساحة يف السمك يكون الضوء الذي فيه كثرياً من أجل عظم مساحته. فيهكيفية الضوء الذي يف كل جزء يسري منه ضعيفة، واهلواء الذي بني اجلدران ويف دواخل البيوت يسري قليل

. مساحته ومن أجل ضعف كيفيتهمن اجل صغر: املساحة، فالضوء الذي فيه يسري من جهتني

واملسافة اليت يدركها البصر من اجلو املضيء اليت ميتد فيها البصر يف وقت إدراكه لضوء الصباح وضوء العشاء عظيمة املقدار يف السمك املمتد يف مقابلة البصر، ومجيع اهلواء املمتد يف هذا السمك مضيء يف

يف هذا السمك فيه ضوء يسري ضعيف، واألجزاء املقتدرة ذلك الوقت، وكل جزء يسري من اهلواء الذي املضيئة املقابلة للبصر من هذا اهلواء يف حال إدراك البصر للضوء الذي فيه اليت كل واحد منها مساو

ملقدار اهلواء الذي بني اجلدران الذي ال يظهر فيه الضوء اليت هي ممتدة يف السمك على السمت املستقيم .رية مسرفة الكثرة إذا قدرناها بالتخيل لعظم مساحة هذا اهلواء وعظم مسكهاملقابل للبصر كث

فإذا كانت هذه األجزاء كثرية مسرفة الكثرة، وكلن يف كل واحد منها ضوء يسري، وكانت هذه األجزاء الكثرية ممتدة يف مقابلة البصر على مست مستقيم، تضاعفت األضواء اليت كل واحد منها يسري،

وإذا تضاعف . ا أضعافاً كثرية مسرفة الكثرة، ألن البصر يدرك مجيعها من مست واحدوتضاعفت قوالضوء اليسري أضعافاً كثرية قوي وظهر للحس، فلذلك يظهر الضوء للبصر يف اجلو املضيء وليس يظهر

ل والذي للبصر الضوء الذي يف اهلواء اليسري الذي يف دواخل البيوت وفيما بني اجلدران ويف أودية اجلبا .بني البصر وسطح األرض وكل ما كان يسري املساحة من اهلواء

فقد اجنلت الشبهة وصح أن الضوء الذي يدركه البصر يف اجلو عند الصباح وعند العشاء هو ضوء اهلواء املقابل للشمس املضيء بضوء الشمس، وان الضوء املشرق على وجه األرض قبل طلوع الشمس وبعد

.د من الضوء الذي يف اهلواء املقابل للشمس املضيء بضوء الشمسغروا هو ضوء ير

فأما األضواء العرضية اليت تظهر على األجسام الكثيفة فقد ميكن أن تعترب األضواء اليت تشرق منها على يعتمد املعترب حائطاً أبيض نقي البياض : وذلك يكون كما نصف. األجسام املقابلة هلا اعتباراً حمرراً

لضوء النهار ولضوء الشمس وضوء القمر، ويكون مقابالً له وموازياً له وبالقرب منه حائط منكشفاًمث يعمد املعترب . آخر، ويكون من وراء كل واحد من احلائطني بيت ليس للضوء إليه منفذ إال من بابه

ا حىت قطعة من اخلشب طوهلا ليس بأقل من عظم الذراع وعرضها مساو لطوهلا أيضاً ، ويسوى سطوحهمث خيط يف وسط سطحني . تصري مسطحة ومتوازية بغاية ما ميكن ، وتكون اياا مستقيمة ومتوازية

مث . متقابلني من سطوحها خطني مستقيمني متوازيني وكل واحد منهما مواز لنهاييت السطح الذي هو فيه

ابن اهليثم-املناظر 27

ليس بأكثر من يفصل من طريف كل واحد من هذين اخلطني خطني متساويني يكون كل واحد منهما .عرض إصبعني، فيحصل يف كل واحد من اخلطني نقطتان

مث يدير على النقطتني اللتني على أحد اخلطني دائرتني متساويتني قطر كل واحدة منهما مبقدار عرض مث يدير على إحدى النقطتني من اخلط اآلخر دائرة أخرى مساوية لكل واحدة من . إصبع واحدة مقتدرة

وليني، مث يقسم هذا اخلط الذي أدار عليه الدائرة الواحدة الذي بني مركز الدائرة وبني النقطة الدائرتني األاألخرى الباقية املفروضة على هذا اخلط بقسمني يكون نسبة الصغر منهما إىل األعظم كنسبة مسك

ائطني ويتحرى أن وليحرر هذه املسافة بعود مستقيم ميد بني احل. اخلشبة إىل املسافة اليت بني احلائطنيفإذا قسم هذا اخلط على هذه النسبة فليكن القسم . يكون قائماً على كل واحد منهما قياماً معتدالً

األعظم النظري للمسافة اليت بني احلائطني يلي مركز الدائرة املرسومة على هذا اخلط، فإذا حتررت هذه فيكون نسبة . حدة من الدوائر اليت تقدمتالقسمة فليدر على نقطة القسمة دائرة أخرى مساوية لكل وا

اخلط الذي بني مركزي الدائرتني املتباعدتني اللتني على اخلط األول الغري مقسوم إىل اخلط الذي بني مركزي الدائرتني املتقاربتني اللتني على اخلط املقسوم كنسبة مسك اخلشبة مع بعد املسافة اليت بني

.ى التركيباحلائطني إىل هذا البعد بعينه عل

مث ينبغي هلذا املعتربان يثقب يف اخلشبة ثقبني أحدمها من الدائرة املتطرفة من الدائرتني املتقاربتني إىل الدائرة وليكن الثقب مستديراً أسطوانياً، ويكون . املتطرفة املقابلة هلا من الدائرتني املتباعدتني يف السطح اآلخر

. ، فيكون هذا الثقب قائماً على السطحني املتوازيني على زوايا قائمةحميطه مع حميطي الدائرتني املتقابلتني

وليكن الثقب اآلخر ممتداً من الدائرة اليت يف موضع قسمة اخلط إىل الدائرة األخرى املتطرفة أيضاً عن ا الدائرتني املتباعدتني اللتني يف السطح اآلخر، ويكون حميط هذا الثقب مع حميطي الدائرتني، فيكون هذ

.الثقب مائالً على السطحني املتوازيني

فإذا حترر هذان الثقبان فليثقب يف احلائط املقابل للحائط األبيض ثقباً مربعاً مبقدار تربيع اخلشبة، ويركب اخلشبة يف هذا الثقب، وجيعل السطح الذي فيه الدائرتان املتقاربتان مما يلي خارج البيت، ويتحرى عند

سطحها موازياً لسطح احلائط األبيض، ويكون بعد سطحها عن سطح احلائط تركيب اخلشبة أن يكونفإذا حترر وضع . األبيض هو مبقدار البعد الذي بني احلائطني الذي حبسبه كانت قسمة اخلط على التحرير

وإن فضل مسك . اخلشبة سد ما يفضل من اخللل حول اخلشبة ومكنت اخلشبة يف موضعها متكيناً وثيقاًلى مسك اخلشبة حذف ما يفضل من داخل البيت على االريب حىت يصري بقية الثقب منخرطاً، احلائط ع

.وإن حصل مسك اخلشبة من أول األمر مساوياً لسمك احلائط كان أجود

ابن اهليثم-املناظر 28

فإذا أحكم تركيب اخلشبة فليعتمد املعترب عوداً مستقيماً يف غاية االستقامة ويكون غلظه مساوياً لغلظ وإن اعتمد عوداً مستقيماً أغلظ من سعة الثقب وخرطه يف الشهر حىت . يف اخلشبةالثقب القائم الذي

فإذا حترر هذا العود . يصري غلظه مبقدار سعة الثقب على التحرير كان أوىل ويكون متساوي الغلظمث يداخل . فليحدد طرفه حتديداً منخرطاً حىت يصري نقطة رأسه هي طرف سهم العود بالقياس إىل احلس

فإذا لقي . العود يف الثقب القائم وحيركه يف الثقب إىل أن يلقى طرفه احلاد سطح احلائط األبيضهذافإذا . سطح هذا احلائط يعلم على موضع طرفه نقطة، فتكون هذه النقطة على استقامة سهم الثقب القائم

.علم هذه النقطة فليخرج العود من الثقب

هذا الثقب، وجيعل بصره عند حميط الثقب القائم، وينظر إىل مث يدخل املعترب البيت الذي يفضي إليهاحلائط األبيض ويتفقد اية ما يدركه بصره من ذلك احلائط وابعد موضع يدركه عن النقطة املفروضة

فيتقدم إىل من يتعلم على ذلك املوضع ويشري . على احلائط األبيض اليت على استقامة سهم الثقب القائممث إن أدار املعترب بصره حول حميط الثقب، ونظر من كل ناحية منه إىل احلائط األبيض، . ةإليه بالصفة نقط

وتفقد أبعد موضع يدركه من سطح احلائط عن النقطة املفروضة، فإنه جيد أبعد األبعاد اليت يدركها بصره .ستديرةعن النقطة املفروضة املقابلة ملركز الثقب أبداً متساوية، ألن هذه خاصة الثقوب امل

وليجعل املعترب النقطة األوىل من احلائط األبيض مركزاً، ويدير ببعد البعد األبعد الذي يدركه بصره من .سطح احلائط ويعلم عليه دائرة

فإنه يدرك حميط الدائرة وال يدرك زيادة : مث جيعل بصره ثانية على حميط الثقب وينظر إىل الدائرة املرسومةفإن مل ير غري حميط الدائرة فالدائرة : ل حميط الثقب وينظر إىل حميط الدائرة املرسومةوليدر بصره حو. عليه

يف حقها، وإن أدرك بصره زيادة على حميط الدائرة، أو مل يدرك حميط الدائرة من بعض اجلهات أو من يتحرر فإن عرض ذلك فليغري الدائرة ويعتربها ببصره إىل أن. مجيع اجلهات، فليس الدائرة يف حقها

.وضعها ويكون إذا أدار بصره حول حميط الثقب رأي حميط الدائرة ومل ير زيادة عليه

فإذا حترر وضع هذه الدائرة فلينتقل إىل الثقب املائل، فيجعل بصره عند حميط هذا الثقب وينظر إىل احلائط وإذا أدار بصره . ادة عليهافإنه يدرك الدائرة املرسومة يف هذا احلائط ويدرك حميطها وال يدرك زي: األبيض

حول حميط الثقب املائل، ونظر إىل الدائرة وإىل أبعد موضع يدركه من احلائط، أدرك الدائرة وأدرك .حميطها ومل يدرك زيادة عليها وال نقصاناً منها

خلط وذلك أن نسبة اخلط الذي بني مركزي الدائرتني املتباعدتني اللتني يف السطح الداخل من اخلشبة إىل االذي بني مركزي الدائرتني املتقابلتني اللتني يف السطح اخلارج من اخلشبة، كنسبة اخلط املمتد على

ابن اهليثم-املناظر 29

استقامة سهم الثقب القائم من مركز الدائرة الداخلة إىل سطح احلائط األبيض، إىل القسم من هذا اخلط .الذي بني احلائطني

نه يلقى سهم الثقب القائم على النقطة بعينها اليت عليها فيكون سهم الثقب املائل إذا امتد على استقامة فإ .يلقى سهم الثقب القائم على السطح األبيض

ومركز الدائرة املرسومة يف احلائط األبيض هي النقطة اليت عليها يلقى سهم الثقب القائم سطح احلائط .األبيض

األبيض على مركز الدائرة املرسومة يف فسهم الثقب املائل إذا امتد على استقامة فإنه يلقى سطح احلائط .احلائط بعينها

وإذا كان ذلك كذلك كانت نسبة اخلط الذي بني مركز الدائرة املرسومة يف سطح احلائط وبني منتصف سهم الثقب املائل، إىل النصف اآلخر من سهم الثقب املائل، كنسبة اخلط الذي ين مركز الدائرة املرسومة

سهم الثقب القائم، إىل النصف اآلخر من سهم الثقب القائم ألن اخلط الذي يف احلائط وبني منتصف .يصل بني منتصفي السهمني مواز للخط الذي يصل بني مركزي الدائرتني

وهذه النسبة هي نسبة نصف قطر الدائرة املرسومة يف احلائط إىل نصف قطر دائرة الثقب القائم اليت تلي املرسومة يف احلائط يظهر للبصر من حميط دائرة هذا الثقب، والبصر ليس داخل البيت ألن حميط الدائرة

يدرك شيئاً إال على مسوت اخلطوط املستقيمة ، فهو يدرك حميط الدائرة اليت يف احلائط على مسوت اخلطوط املستقيمة اليت متر بالنقط املتقاطرة يف حميطي دائريت الثقب وتنتهي إىل حميط الدائرة اليت يف

فتكون مجيع . والبصر يدرك حميط الدائرة اليت يف احلائط من مجيع حميط دائرة الثقب القائم. ئطاحلااخلطوط املستقيمة اليت متر مبحيطي دائريت الثقب القائم وحميط الدائرة اليت يف احلائط تتقاطع عند وسط

.سط سهم الثقبسهم هذا الثقب ألن دائريت الثقب متساويتان واخلطوط املتقاطرة تتقاطع على و

فلذلك تكون نسبة اخلط الذي بني مركز الدائرة املرسومة يف احلائط وبني منتصف سهم الثقب القائم إىل .نصف سهم الثقب القائم، كنسبة نصف قطر الدائرة اليت يف احلائط إىل نصف دائرة الثقب الداخلة

صف سهم الثقب القائم إىل نصف سهم ونسبة اخلط الذي بني مركز الدائرة املرسومة يف احلائط وبني منتالثقب القائم، كنسبة اخلط الذي بني مركز الدائرة اليت يف احلائط وبني منصف سهم الثقب املائل إىل

.نصف سهم الثقب املائل

فتكون نسبة اخلط الذي بني مركز الدائرة اليت يف احلائط وبني منتصف سهم الثقب املائل، كنسبة نصف ومة يف احلائط إىل نصف قطر الدائرة الداخلة من الثقب املائل لن دائرة الثقب املائل قطر الدائرة املرس

.مساوية لدائرة الثقب القائم

ابن اهليثم-املناظر 30

وإذا كان كذلك فغاية ما يظهر للبصر من سطح احلائط عند كون البصر على حميط الثقب املائل هو حميط فإن أدرك املعترب عند وضع بصره على حميط .الدائرة املرسومة على سطح احلائط املقابلة للثقب القائم

الثقب املائل شيئاً من احلائط خارجاً عن الدائرة، فإن ذلك ألن سطح اخلشبة ليس مبواز لسطح احلائط، أو البعد الذي بني اخلشبة وبني احلائط ليس هو البعد بعينه الذي حبسبه كانت قسمة اخلط الذي بني سطح

وضع اخلشبة، وينظر يف الثقبني القائم واملائل إىل أن يصح وضع اخلشبة فإن كان ذلك فليحرر . اخلشبةويصري الذي يدركه البصر من الثقبني مجيعاً هو الدائرة املرسومة يف سطح احلائط من غري زيادة وال

ألنه إذا حترر وضع اخلشبة مل ميكن أن يدرك البصر من الثقبني إال الدائرة بعينها اليت يف احلائط. نقصان

.فقط من غري زيادة وال نقصان

فإذا حترر وضع اخلشبة وأحكم تركيبها يف الثقب الذي هي فيه واستوثق منها، فليثقب املعترب يف احلائط األبيض يف نفس الدائرة املرسومة فيه ثقباً مستديراً نافذاً إىل البيت الذي من وراء هذا احلائط يكون حميطه

فإذا . حلائط ويكون امتداده يف جسم احلائط منخرطاً كلما دخل اتسعحميط الدائرة املرسومة يف سطح افرغ املعترب من هذا الثقب فليسده جبسم أبيض نقي البياض كثيفاً، كثوب أبيض أو حجر أو قرطاس، وال

.يكون هذا اجلسم ثقيالً، ويسد به مجيع الثقب ، ويسوي سطح هذا اجلسم مع سطح احلائط

صباح، فإذا أضاء النهار، وقوي الضوء على احلائط األبيض املنكشف للضوء، وقبل مث يراعي املعترب ضوء الأن يشرق عليه ضوء الشمس، دخل البيت الذي فيه الثقبان واغلق الباب وأسبل على الباب ستراً صفيقاً ء حىت ال يدخل من الباب وال من ثقوبه شيء من الضوء، مث يسد الثقب املائل حىت ال يبقى يف البيت ضو

فإنه جيد : إال الضوء الذي يدخل من الثقب القائم فقط، مث يقابل هذا الثقب جبسم كثيف نقي البياضعليه ضوءاً ما حبسب قوة الضوء الذي على احلائط األبيض وعلى اجلسم األبيض الذي سد به الثقب،

لذايت الذي خيرج وجيد الضوء الذي يظهر على اجلسم الكثيف مستديراً ومنخرطاً كمثل اخنراط الضوء ا .من األجسام املضيئة من ذواا وينفذ يف الثقوب األسطوانية

وإذا جعل املعترب بصره يف موضع من هذا الضوء الذي يظهر على اجلسم الكثيف يف داخل البيت، ونظر فإذا تبني . إىل احلائط األبيض، فليس يرى إال اجلسم األبيض الذي يسد به الثقب الذي يف احلائط فقط

للمعترب هذا الضوء فليتقدم بان يرفع اجلسم األبيض الذي سد به الثقب، ويغلق باب البيت الذي ينفذ إليه فإن الضوء الذي كان يظهر على اجلسم الكثيف الذي يف داخل البيت النافذ من الثقب القائم : هذا الثقب

ب ما يصح أن يصدر فإن ظهر على هذا اجلسم شيء من الضوء فهو حبس. يبطل وال يظهر منه شيء .الضوء الذي يصل إىل حميط داخل الثقب القائم

ابن اهليثم-املناظر 31

فإذا ظهر على اجلسم الكثيف الذي داخل البيت ذي الثقبني يف هذه احلال شيء من الضوء، فينبغي للمعترب أن يصبغ حميط داخل الثقب القائم الذي يعترب به الضوء بصبغ أسود لئال يصدر عن حميط داخل

وإذا صبغ حميط داخل الثقب القائم بصبغ اسود مل . ل البيت الذي يليه ضوء ظاهرهذا الثقب إىل داخيظهر على اجلسم الكثيف املقابل للثقب القائم عند رفع اجلسم األبيض املضيء الذي كان يسد الثقب

.املقابل له شيء من الضوء

ند رفع اجلسم املضيء الذي فإذا بطل الضوء الذي كان يظهر على اجلسم الكثيف املقابل للثقب القائم عكان يسد الثقب املقابل له، فينبغي للمعترب أن يتقدم برد ذلك اجلسم األبيض، ويسد الثقب الذي كان

فإنه يعود الضوء ويظهر على اجلسم الكثيف الذي يف داخل البيت كما كان يظهر : باحلائط به كما كان .يف احلالة األوىل

الذي نفذ من الثقب القائم وظهر على اجلسم الكثيف إمنا هو ضوء ورد فتبني من هذا االعتبار أن الضوء .إليه من الضوء العرضي الذي على اجلسم األبيض املقابل فقط

ويف وقت رفع هذا اجلسم وفتح الثقب املقابل وبطالن الضوء الذي كان يظهر على اجلسم الكثيف الذي ي يف داخل البيت الذي بطل منه وبني بقية احلائط يف داخل البيت يكون بني هذا اجلسم الكثيف الذ

األبيض املنكشف للضوء من مجيع نواحي احلائط، وبني كثري من اجلدران املضيئة، وبني مجيع اجلو ومل يتغري . املضيء، هواء متصل ومسافات كثرية منحنية ومنعرجة ليس يقطعها شيء من األجسام الكثيفة

ومع ذلك فليس يظهر الضوء يف داخل البيت . ئم على مست االستقامة فقطإال املوضع املقابل للثقب القاوإذا . ما دام الثقب الذي يف احلائط مفتوحاً وليس يقابل الثقب القائم على استقامة جسم كثيف مضيء

.رد اجلسم األبيض وسد به الثقب اخلارج ظهر الضوء على اجلسم الذي يف داخل البيت

فة املستقيمة اليت بني الثقب القائم وبني الثقب الذي يف احلائط، فيقطعها جبسم مث إن حتري املعترب املساكثيف نقي البياض يف أي املواضع شاء من املسافة اليت بينهما من خارج الثقب، وكان الضوء مشرقاً على

يمة اليت وإن حترى املعترب املسافة املستق. هذا اجلسم، فإن الضوء يظهر على اجلسم الذي يف داخل البيتبني طرف الثقب القائم من داخل البيت وبني اجلسم الذي يظهر عليه الضوء، فقطعها جبسم كثيف يف أي

.موضع شاء منها، فإن الضوء يبطل من اجلسم األول ويظهر على اجلسم الثاين

ء فمن االعتبار بظهور الضوء على اجلسم الكثيف الذي يف داخل البيت عند كون اجلسم املضيء بالضوالعرضي يف الثقب الذي يف احلائط األبيض، وبطالن الضوء من هذا اجلسم الكثيف عند رفع اجلسم

املضيء الذي يف الثقب، ويتبني أن الضوء الذي يظهر يف داخل البيت على اجلسم الكثيف املقابل للثقب

ابن اهليثم-املناظر 32

نه ليس يرد إليه يف له إمنا هو ضوء يرد إليه من الضوء الذي يف ذلك اجلسم املضيء الذي يف الثقب، وا .تلك احلال ضوء إال من ذلك اجلسم فقط

ومن االعتبار بظهور الضوء على اجلسم الكثيف الذي فيداخل البيت عند حصول اجلسم املضيء يف مقابلته على االستقامة يف وقت كونه يف الثقب الذي يف احلائط وعند كونه يف أي املواضع كان من

الثقبني من خارج البيت، وبطالن الضوء الذي على اجلسم الكثيف الذي يف املسافة املستقيمة اليت بني داخل البيت عند رفع اجلسم املضيء املقابل له مع وجود الضوء على بقية احلائط األبيض ويف مجيع اهلواء

لثقب املضيء بضوء النهار املتصل باهلواء الذي يف الثقب وعلى كثري من اجلدران املضيئة اليت بينها وبني ا: القائم هواء متصل، يتبني أن الضوء الذي يصدر عن الضوء العرضي ليس يصدر إال على مست مستقيم

ألن بني اجلسم الكثيف الذي يف داخل البيت الذي يظهر عليه الضوء وبني بقية احلائط األبيض املضيء ار، مسافات كثرية بال اية بضوء النهار، وبني كثري من اجلدران املضيئة، وبني اهلواء املضيء بضوء النه

منحنية ومنعرجة ومقوسة متصلة بني اجلسم الكثيف الذي يف داخل البيت وبني هذه املواضع يصح أن متتد يف اهلواء املتصل بينه وبني املواضع، ومل يبطل عند رفع اجلسم األبيض املقابل للثقب إال الضوء الذي

. اجلسم الذي يف داخل البيت وبني الضوءعند أطراف املسافات املستقيمة فقط اليت بني

وأيضاً فإن املعترب إذا تأمل الضوء الذي يظهر على اجلسم الكثيف الذي يف داخل البيت عند حصول مث إذا باعد . اجلسم األبيض مقابالً له وجده أضعف من الضوء العرضي الذي يف اجلسم اخلارج املقابل له

على مست املقابلة فإنه جيد الضوء الذي يظهر عليه إذا بعد عن الثقب املعترب هذا اجلسم الكثيف عن الثقب .وكلما ازداد بعداً عن الثقب ازداد الضوء الذي يظهر عليه ضعفاً. قد ضعف

وإذا اعترب املعترب مجيع هذه املعاين، فليسد الثقب القائم ويفتح الثقب املائل ويسود سطح داخل الثقب فإنه جيد الضوء يظهر على اجلسم : ف ويسد الثقب الذي يف احلائط األبيضاملائل ويقابله باجلسم الكثي

.الكثيف الذي يف داخل البيت

وكذلك إن قطه املسافة املستقيمة اليت بني الثقب الذي يف احلائط وبني الثقب املائل باجلسم األبيض يف أي ، فإنه جيد الضوء يظهر على موضع شاء منها ، وكان الضوء مع ذلك مشرقاً على ذلك اجلسم األبيض

مث إذا رفع اجلسم األبيض املضيء املقابل للثقب املائل من خارج . اجلسم الكثيف الذي يف داخل البيتوإذا أعاد اجلسم . الضوء يبطل من اجلسم الكثيف الذي يف داخل البيت وال يظهر عليه شيء من الضوء

مة اليت بينه وبني الثقب املائل عاد الضوء إىل اجلسم الكثيف األبيض إىل الثقب املقابل أو إىل املسافة املستقيفيتبني من هذا االعتبار أن الضوء الذي يظهر على . الذي يف داخل البيت كمثل احلال يف الثقب القائم

ابن اهليثم-املناظر 33

اجلسم الكثيف الذي يف داخل البيت املقابل للثقب املائل ليس يرد إال على مست االستقامة وأنه ليس يرد . من اجلسم املقابل له فقطإليه إال

فإن باعد املعترب اجلسم الكثيف الذي يف داخل البيت عن الثقب املائل أيضاً عند اعتبار هذا الثقب وجد .الضوء الذي يظهر عليه يضعف، وكلما بعد عن الثقب ازداد الضوء الذي عليه ضعفاً

قت واحد، ويقابل كل واحد منهما جبسم مث ينبغي للمعترب أن يفتح الثقبني مجيعاً القائم واملائل يف وفإنه جيد الضوء يظهر على اجلسمني مجيعاً :كثيف أبيض، ويسد الثقب الذي يف احلائط باجلسم األبيض

وقد تبني أن كل واحد من هذين املوضعني ليس يرد إليه . املقابلني للثقبني القائم واملائل يف وقت واحد إال من هذا اجلسم بعينه فقط، إذا كان اهلواء الذي بينه وبني كل ضوء عند كون اجلسم املضيء يف الثقب

فيتبني من هذا االعتبار أن . واحد من الثقبني القائم واملائل متصالً ال يقطعه شي من األجسام الكثيفةالضوء الذي يظهر يف داخل البيت يف املوضعني مجيعاً يف وقت واحد إمنا هو ضوء يرد إىل املوضعني مجيعاً

.اً من ذلك اجلسم املضيء املقابل هلما الذي يف الثقبمع

وكذلك إن ثقب املعترب يف اخلشبة املوضوعة عدة ثقوب كل واحد منها مقابل للثقب الذي يف احلائط األبيض وعلى النسبة اليت تقدم ذكرها، وفتح مجيع الثقوب، وقابل مجيعها جبسم كثيف فسيح ، وجد

قوب يف وقت واحد، ويكون كل واحد من تلك األضواء مقابالً لذلك على ذلك اجلسم أضواء بعدد الثفيتبني من هذا االعتبار أن الضوء يشرق من . اجلسم املضيء الذي يف الثقب اخلارج على مست االستقامة

ذلك اجلسم املضيء بضوء النهار يف مجيع اجلهات اليت تقابله على مسوت مستقيمة، وإن إشراق الضوء منه .هات معاً ودائماً ما دام مضيئاًيف مجيع اجل

وإذا حترر للمعترب هذا املعىن من ضوء النهار يراعي حينئذ املوضع إىل أن يشرق ضوء الشمس على ذلك احلائط فيعتربه على الوجوه اليت تقدمت، فإنه جيد احلال يف ضوء الشمس كمثل احلال يف ضوء النهار، إال

. أقوى وأبنيأنه جيد الضوء الذي يرد من ضوء الشمس

وكذلك إذا اعترب ضوء القمر وجده على هذه الصفة، وكذلك إذا اعترب ضوء النار وجده على هذه الصفة فإذا أراد ضوء النار فليعتمد ناراً قوية ويقابل ا احلائط األبيض ليضيء على مثل ما تقدم، ويغلق . أيضاً

ن الضوء، ويعترب ضوء النار كمثل االعتبار الذي باب البيت الذي فيه الثقبان وال يترك يف البيت شيئاً مفإنه جيد الضوء يشرق من ضوء النار الذي يظهر على اجلسم املسدود به الثقب على مثل إشراق : تقدم

.األضواء وال خيالفها إال يف القوة والضعف فقط

ام الكثيفة يشرق منها فيتبني من مجيع هذه االعتبارات بياناً واضحاً ان األضواء العرضية اليت يف األجسضوء يف مجيع اجلهات اليت تقابلها، وأن إشراق الضوء منها ليس يكون إال على مسوت مستقيمة، وأن

ابن اهليثم-املناظر 34

الضوء الذي يصدر عن الضوء العرضي يكون أضعف منه، وكلما بعد من الضوء الذي يصدر ازداد .ضعفاً

ضية على طريق االنعكاس كما تنعكس فلنسم هذه األضواء، أعين األضواء اليت تصدر عن األضواء العرعن األجسام الصقيلة، بل إمنا تصدر عنها األضواء األول الذاتية عن األجسام املضيئة من ذواا، وما كان

من هذه األجسام صقيالً أو كانت فيه أجزاء صقيلة، وأشرق عليها ضوء ما، فإن ذلك الضوء ينعكس فلنبني اآلن هذه احلال . عن األجسام املضيئة من ذواامنها ومع ذلك يصدر عنها ضوء ثان كما يصدر

: أيضاً باالستقراء واالعتبار، وذلك كما نصف

يتحرى املعترب بيتاً يدخل إليه ضوء الشمس من ثقب مقتدر ليس بكل الفسيح، ويكون الضوء مع ذلك الشمس وظهر يف فإذا دخل ضوء. ينتهي إىل أرض البيت، ويراعي دخول ضوء الشمس إىل هذا البيت

فإنه جيد :أرض البيت أغلق الباب ومل يترك للضوء سبيالً إىل البيت إال الضوء الذي يدخل من الثقبالبيت يف هذه احلال مضيئاً بذلك الضوء وجيد الضوء يف مجيع نواحيه، وجيد كلما كان من جدران البيت

لما كان من اجلدار بعيداً فإن الضوء قريباً من ذلك الضوء فإن الضوء الذي ظهر عليه يكون أقوى، وكمث يعتمد املعترب مكوكاً أو جسماً أجوف فيتلقى به ذلك الضوء ليصري . الذي يظهر عيه يكون أضعف

فعند هذه احلال جيد البيت مظلماً والضوء الذي كان يظهر على . مجيع الضوء يف داخل ذلك اجلسممث إذا رفع ذلك . اخل اجلسم األجوف من علو البيتاجلدار بطل، إال ما لعله يقابل الضوء الذي يف د

فتبني من هذا االعتبار أن الضوء الذي . اجلسم عاد البيت مضيئاً وظهر الضوء على مجيع نواحي البيت .يظهر يف مجيع نواحي البيت إمنا هو ضوء ثان يشرق عليه من ضوء الشمس الذي يظهر يف أرض البيت

وإمنا االعتبار بالفضة أبني من االعتبار . ة ويصقلها حىت تصري كاملرآةمث يعتمد املعترب صفيحة من الفضباملرايا احلديد ألن املرايا احلديد تكسف األضواء بألواا ألن ألواا مظلمة فال تكون األضواء املشرقة عنها

الصفيحة الفضة فيضع املعترب. بينة إال املنعكس فقط لقوته، وسنبني العلة يف ذلك عند كالمنا يف االنعكاسيف موضع ضوء الشمس، وليتحر أن يكون على مقدار الضوء أو أوسع منه، فإن زاد الضوء عليها ضيق

فإذا صار الضوء على الصفيحة فإنه جيد الضوء ينعكس عنها إىل . الثقب ليصري مجيع الضوء على الصفيحة وسنبني هذا املعىن عند كالمنا موضع واحد خمصوص، ألن االنعكاس ليس يكون إال على زوايا متساوية،

وجيد هذا الضوء يف اجلهة املقابلة للجهة اليت فيها الشمس، ويظهر ضوء هذا االنعكاس على . يف االنعكاساجلدار املقابل للثقب أو على سقف البيت إن كان البيت واسعاً، وجيد هذا الضوء قوياً قريب الشبه والقوة

الذي يف سائر نواحي البيت، ويوجد هذا الضوء حمصوراً من ضوء الشمس وأقوى من مجيع الضوءفإنه جيده مضيئاً، وجيد الضوء الذي فيه : فإذا ظهر هذا الضوء، فليتأمل املعترب مجيع نواحي البيت. متناهياً

ابن اهليثم-املناظر 35

.أقوى وأبني مما كان ، من أجل بياض الصفيحة

صفيحة، ألنه إذا تلقى هذا وليس لذلك الضوء سبب إال ضوء الشمس الذي هو يف هذه احلال على الوليس جيوز أن . الضوء باجلسم األجوف على الوجه الذي تقدم خفي الضوء الذي يف مجيع نواحي البيت

ينعكس الضوء عن الصفيحة إال إىل موضع واحد خمصوص فقط، وهو املوضع الذي يظهر فيه ضوء . ضوء الذي يف مجيع نواحي البيتاالنعكاس يف هذه احلال هو متميز منفرز ومع ذلك أقوى من مجيع ال

.فليس الضوء الذي يظهر يف مجيع نواحي البيت هو ضوء االنعكاس

مث إن اعتمد املعترب جسماً كثيفاً أبيض فقربه إىل الصفيحة وقابلها به على التاريب من غري جهة االنعكاس وإذا . الضوء الذي عليهمث إن بعد هذا اجلسم عن الصفيحة ضعف . وجد على اجلسم الكثيف ضوءاً بيناً

وإن أراد اجلسم حوايل الصفيحة من مجيع جهاا غري جهة . قربه أيضاً قوي الضوء الذي يظهر عليهاالنعكاس، وقابل به الصفيحة، وجد الضوء يظهر عليه يف مجيع اجلهات، ومع ذلك جيد الضوء املنعكس

.على حاله

وإن . احي البيت ال يبطل منه إال الضوء املنعكس فقطمث إذا رفع الصفيحة وجد الضوء أيضاً يف مجيع نوجعل يف موضع الضوء جسماً أبيض نقي البياض غري صقيل وجد الضوء يف مجيع نواحي البيت قد قوي

وإن رفع ذلك اجلسم . وزاد، وال جيد يف البيت ضوءاً منعكساً كما كان جيده عن الصفيحة الصقيلة .إنه جيد الضوء يف مجيع نواحي البيت قد انكسف وضعفوجعل مكانه جسماً أسود أو مظلماً ف

فيتبني من هذا االعتبار أن الضوء الذي يظهر يف مجيع نواحي البيت هو ضوء ثان يصدر عن الضوء العرضي الذي حصل يف أرض البيت من ضوء الشمس، وأن إشراقه على مجيع نواحي البيت ليس هو

.باالنعكاس

ى هذه الصفة وجده ينعكس، ومع ذلك يشرق يف مجيع اجلهات كما وكذلك إن اعترب ضوء القمر عل .يشرق الضوء عن ضوء الشمس الذايت

وكذلك ضوء النار الذي يشرق على األرض وعلى اجلدار وعلى األجسام الكثيفة إذا اعترب وجد الضوء عكس مجيع يشرق منه يف مجيع اجلهات اليت تقابله، ومع ذلك ينعكس عن األجسام الصقيلة كما ين

.األضواء

فيتبني من هذا االعتبار أن الضوء يشرق عن األضواء العرضية على مسوت مستقيمة يف مجيع اجلهات املقابلة هلا كما تشرق األضواء الذاتية، وان هذا اإلشراق ليس هو باالنعكاس، وان ما كان من هذه

هات كما يشرق عن غريها ومع ذلك األضواء على األجسام الصقيلة فإن الضوء يشرق منها يف مجيع اجل

ابن اهليثم-املناظر 36

ينعكس عنها على اجلهة اليت ختص االنعكاس، وان الضوء الذي ينعكس عن األجسام الصقيلة يكون .أقوى من الضوء الذي يشرق عنها يف مجيع اجلهات

وأيضاً فإنه يلزم يف األضواء العرضية اليت تظهر يف األجسام الكثيفة أن يكون كل جزء منها وإن صغر فإن

. يشرق منه يف مجيع اجلهات، وإن تعذر اعتبار األجزاء الصغار على انفرادها وخفيت أضواؤها عن احلس

ألن كل واحد من هذه األضواء هو طبيعة واحدة وال فرق بني األجزاء الكبار منها وبني األجزاء الصغار من جهة كيفيتها يلزم يف كيفية يف الكيفية وإمنا الفرق بينهما يف الكمية، فالذي يعرض عن األجزاء الكبار

فإن مل يظهر ضوء األجزاء الصغار للحس منفردة أو مل . صغار األجزاء ما دامت حافظة لصورة نوعهاوأريد بأجزاء الضوء . يقدر على متييزه منفرداً فلقصور احلس عن إدراك ما تناهي يف الضعف والصغر

.ء العرضي أي ضوء كانالعرضي األضواء اليت يف أجزاء اجلسم املضيء بالضو

.وأيضاً فإننا نقول عن األضواء املنعكسة ليس متتد من موضع االنعكاس إال على خطوط مستقيمة

واعتبار هذا املعىن يسهل، وذلك بان يعتمد املعترب يف وقت ظهور الضوء املنعكس على موضع من املواضع الصقيل الذي عنه انعكس الضوء وبني املوضع جسماً كثيفاً فيقطع به املسافة املستقيمة اليت بني السطح

فإنه جيد الضوء املنعكس يظهر على اجلسم الكثيف الذي قطع به تلك : الذي يظهر فيه الضوء املنعكسوإذا حرك اجلسم الكثيف يف طول املسافة املستقيمة املمتدة بن السطح . املسافة ويبطل من املوضع األول

. وجد الضوء املنعكس أبداً على اجلسم الذي حترك يف تلك املسافةالصقيل وبني موضع الضوء املنعكس

وإذا قطع بعض املسافة . وإذا أخرج هذا اجلسم من املسافة املستقيمة ظهر الضوء يف املوضع األول .املستقيمة جبسم صغري بطل جزء من الضوء املنعكس وظهر على ذلك اجلسم الصغري ضوء منعكس

عكس قريباً من السطح الصقيل، وداخل املعترب يف املسافة املستقيمة اليت بينهما وإذا كان موضع الضوء املنوإن حرك . ميالً دقيقاً معترضاً، ظهر يف الضوء املنعكس ظل ذلك امليل ، وظهر على امليل ضوء منعكس

أبداً على امليل يف املسافة املستقيمة اليت بينه وبني ظله وجد الظل أبداً يف مكانه ووجد الضوء املنعكس وقد ميكن أن حيرر املسافة املستقيمة . وإذا اخرج امليل من تلك املسافة عاد الضوء إىل موضع الظل. امليل

وإن جعل املعترب امليل يف جهة . اليت بني امليل وبني الظل مبسطرة متتد فيما بينهما وحيرك امليل يف طوهلماالضوء املنعكس، وجد حاله أبداً على صفة واحدة ، غري تلك اجلهة من حميط الضوء املنعكس، وداخله يف

وإذا حركه يف املسافة املستقيمة اليت بينه وبني ظله وجد الظل يف . اعين انه جيد له ظالً يف الضوء املنعكس .موضعه

وبني السطح الصقيل وبني موضع الضوء املنعكس مسافات كثرية منحنية ومنعرجة ومقوسة ال يقطعها فلو كان الضوء ينعكس على غري اخلطوط املستقيمة لكان الضوء املنعكس يظهر . لكثيفةشيء من اجلسام ا

ابن اهليثم-املناظر 37

وإذا كان ليس يظهر .يف موضعه مع قطع املسافة املستقيمة اليت بينه وبني السطح الصقيل باجلسم الكثيفعكس عنه الضوء يف موضع االنعكاس إذا قطعت املسافة املستقيمة اليت بينه وبني السطح الصقيل الذي ان

الضوء باجلسم الكثيف مع اتصال املسافات الباقية، ويظهر على اجلسم الكثيف من تلك املسافة ظهر الضوء املنعكس يف موضعه، يتبني من هذه احلال أن الضوء ليس ينعكس عن اجلسم الصقيل إال على

املختلفة األشكال واهليئات وإذا اعترب املعترب األضواء املنعكسة عن األجسام الصقيلة . اخلطوط املستقيمة .وجد الضوء ليس ينعكس عن شيء منها على اخلطوط املستقيمة

فيتبني من هذا االعتبار بياناً واضحاً أن األضواء املنعكسة عن األجسام الصقيلة ليس تنعكس إال على س ويتبني من انعكاس الضوء على اجلسم الصقيل إىل موضع خمصوص أن الضوء لي.خطوط مستقيمة

ينعكس إال على خطوط مستقيمة خمصوصة، ال على مجيع اخلطوط املستقيمة اليت يصح أن متد من موضع .االنعكاس يف مجيع اجلهات

ونقول أيضاً إن األضواء اليت تنفذ يف األجسام املشفة املخالفة الشفيف لشفيف اهلواء كالزجاج واملاء وذها يف هذه اجلسام فليس متتد إال على خطوط وأحجار املشفة وما جيري جمراها إذا امتدت بعد نف

.مستقيمة أيضاً

وقد ميكن أن يعترب هذا املعىن أيضاً بسهولة ، وذلك يكون بان يعتمد املعترب جاماً من الزجاج الصايف املشف املستوي السطح أو حجراً من األحجار املشفة، ويقابل به الشمس يف موضع يظهر فيه ضوء

فإنه جيد له ظالً على األرض أو اجلدار، وجيد ضوء الشمس مع ذلك : على اجلدارالشمس على األرض أومث إذا . ينفذ يف اجلسم املشف ، ويظهر يف ظل ذلك اجلسم املشف ضوء ما دون ضوء الشمس الصريح

قطع املعترب املسافة اليت بني هذا الظل وبني اجلسم املشف جبسم كثيف بطل الضوء النافذ الذي كان يظهر وإذا حرك املعترب ذلك اجلسم الكثيف يف طول املسافة املستقيمة اليت . الظل، وظهر على اجلسم الكثيفيف

وإذا خرج . بني موضع الضوء النافذ وبني اجلسم املشف وجد الضوء النافذ أبداً على اجلسم الكثيفاجلسم املشف من موضع وإن قرب . اجلسم الكثيف من تلك املسافة املستقيمة ظهر الضوء النافذ يف الظل

الظل وداخل يف املسافة املستقيمة اليت بني هذا الضوء النافذ وبني اجلسم املشف جسماً كثيفاً دقيقاً ، وإذا حرك اجلسم الدقيق يف املسافة . كامليل وما جرى جمراه، ظهر ظل ذلك اجلسم الدقيق يف الضوء النافذ

وإن اخرج ذلك اجلسم الدقيق من املسافة . يف موضعهاملستقيمة اليت بينه وبني ظله وجد الظل أبداًوإن جعل ذلك اجلسم يف موضع من املسافة . املستقيمة اليت بينه وبني ظله ظهر الضوء يف موضع ظله

املستقيمة اليت بني الضوء النافذ وبني اجلسم املشف غري املوضع األول ، واعتربه على مثل ما اعترب يف

ابن اهليثم-املناظر 38

.الة األوىلاألول وجد احلال مثل احل

وفيما بني موضع الضوء النافذ يف اجلسم املشف، الظاهر يف ظله يف حال اعتباره، وبني اجلسم املشف الذي نفذ فيه الضوء مسافات كثرية خمتلفة منحنية ومقوسة ومنعرجة ليس يقطعها شيء من األجسام

م املشف على مسافة غري املسافة فلو كان الضوء النافذ يف اجلسم املشف ميتد بعد مفارقته للجس. الكثيفةفإذا كان . املستقيمة لقد كان الضوء النافذ يظهر يف الظل مع قطع املسافة املستقيمة باجلسم الكثيف

الضوء يبطل عند قطع املسافة املستقيمة باجلسم الكثيف من هذه املسافة رجع الضوء إىل موضعه، دل ميتد بعد خرجه من اجلسم املشف إال على خطوط ذلك على أن الضوء النافذ يف اجلسم املشف ليس

ويتبني من امتداد الضوء النافذ إىل موضع خمصوص، ال إىل مجيع املواضع، أن الضوء النافذ يف . مستقيمةاجلسم املشف إمنا ميتد بعد نفوذه على خطوط مستقيمة خمصوصة، ال على مجيع اخلطوط املستقيمة اليت

. مجيع اجلهاتيصح أن متتد من موضع النفوذ يف

وامتداد الضوء يف نفس اجلسم املشف املخالف الشفيف لشفيف اهلواء ليس يكون أيضاً إال على خطوط مستقيمة، إال أن اخلطوط املستقيمة اليت عليها ميتد الضوء يف اجلسم املشف املخالف الشفيف لشفيف

هلواء إىل اجلسم املشف وال على استقامة اهلواء ليس تكون على استقامة اخلطوط اليت عليها ميتد الضوء يف ااخلطوط اليت عليها ميتد الضوء بعد خروجه من اجلسم املشف، إال إذا كانت اخلطوط أعمدة على سطح

ألن الضوء إذا وصل إىل اجلسم املشف املخالف الشفيف لشفيف اجلسم الذي هو فيه، : اجلسم املشفوكذلك إذا . ل إليه، انعطف ومل ينفذ على استقامةومل يكن قائماً على سطح اجلسم املشف الذي وص

خرج من اجلسم املشف الذي وصل إليه، ومل يكن قائماً على سطحه الثاين، انعطف أيضاً انعطافاً ثانياً .وسنبني هذا املعىن من بعد عند كالمنا يف االنعطاف بياناً مستقصى. ومل ينفذ على استقامته

ذي يف املوضع من اجلسم املشف الذي منه خيرج الضوء النافذ فيه وجد هذا وأيضاً فإنه إذا اعترب الضوء ال .الضوء يشرق منه أيضاً ضوء ثان كما يشرق الضوء الثاين من مجيع األقسام املضيئة بالضوء العرضي

وهذا املعىن ميكن أن يعترب بالضوء الذي يدخل من الثقب إىل داخل البيت إذا أغلق باب البيت ومل يبق يف

البيت ضوء سوى الضوء الذي يدخل من الثقب، وجعل الثقب أضيق من اجلسم املشف، وقوبل باجلسم فإنه : املشف الثقب عند دخول ضوء الشمس من الثقب وحترى أن حيصل مجيع الضوء على اجلسم املشف

شف من مث إن قرب إىل اجلسم امل. جيد الضوء ينفذ يف اجلسم املشف ويظهر يف موضع خمصوص من البيت. ورائه ومن غري املسافة املستقيمة اليت ميتد منها الضوء النافذ جسم أبيض كثيف فإنه يظهر عليه ضوء ما

وإن . وإذا بوعد ذلك اجلسم األبيض عن اجلسم املشف ضعف ذلك الضوء كمثل حال األضواء الثواين

ابن اهليثم-املناظر 39

ة اليت ميتد فيها الضوء النافذ أدير اجلسم األبيض حول اجلسم املشف من مجيع جهاته، ومل يدخل يف املساف .، وجد عليه هذا الضوء الثاين مع امتداد الضوء النافذ إىل املوضع الذي خيصه

فقد تبني من مجيع ما شرحناه وبيناه باالستقراء واالعتبار أن إشراق مجيع األضواء إمنا هو على مسوت وء الذي فيه أو عرضياً فإن خطوط مستقيمة فقط، وإن كل نقطة من كل جسم مضيء ذاتياً كان الض

الضوء الذي فيها يشرق منه ضوء على كل خط مستقيم يصح أن يتوهم ممتداً منها يف اجلسم املشف فيلزم من ذلك أن يكون الضوء يشرق من كل نقطة من كل جسم مضيء يف اجلسم املشف . املتصل ا

ويلزم . تلك النقطة يف اجلسم املشفاملتصل إشراقاً كرياً، أعين على كل خط مستقيم يصح أن ميتد من أن يكون اجلسم املشف هواء كان أو غريه إذا أضاء بضوء ما أي ضوء كان فإن الضوء الذي فيه هو ضوء يشرق عليه من كل نقطة من الضوء الذي منه أضاء ذلك اجلسم املشف على كل مست مستقيم

شراق مجيع األضواء من مجيع األقسام فعلى هذه الصفة يكون إ. ميتد من تلك النقطة يف ذلك اجلسم .املضيئة

وقد تبني أيضاً ان األضواء الثواين أضعف من األضواء اليت عنها تصدر، وكلما بعدت هذه األضواء عن وقد تبني أن األضواء املنعكسة متتد على خطوط مستقيمة خمصوصة، ال على مجيع .مبادئها ازدادت ضعفاً

ن موضع االنعكاس، وأن األضواء النافذة يف األجسام املشفة املخالفة اخلطوط املستقيمة اليت متتد مالشفيف لشفيف اهلواء إمنا متتد بعد خروجها من األجسام املشفة اليت تنفذ فيها على خطوط مستقيمة

.خمصوصة أيضاً ال على مجيع اخلطوط املستقيمة اليت متتد من وضع النفوذ

اليت يف األجسام الكثيفة املضيئة بضوء عرضي تصحب األضواء اليت وأيضاً فإننا جند كثرياً من األلوانوكذلك األجسام املضيئة من ذواا . تشرق من تلك األجسام، وتوجد صورة اللون أبداً مع صورة الضوء

فإن ضوء الشمس صورته اليت جتري جمرى اللون . توجد أضواؤها شبيهة بصورها اليت جتري جمرى األلوان .وكذلك ضوء النار شبيه الصورة بصورة النار. لشمس شبيهة بصورة ا

فأما صور األلوان اليت تصحب األضواء العرضية فإا تظهر ظهوراً بيناً إذا كانت األلوان أنفسها قوية، وكانت األضواء املشرقة عليها قوية، وكان مقابالً هلا أجسام مسفرة األلوان، وكانت تلك األجسام

أن األجسام املشرقة األلوان ، كاألرجوانية والفرفريية والصعوية والرحيانية وما وذلك . معتدلة األضواءجرى جمراها، إذا أشرق عليها ضوء الشمس وكان بالقرب منها جدار أبيض أو جسم نقي البياض، وكان الضوء الذي على هذا اجلدار معتدالً، وهو أن يكون يف ظل، فإن تلك األلوان املشرقة تظهر

اجلدار واألجسام البيض القريبة منها مع الضوء الثاين الذي يصدر عن ضوء الشمس املشرق صورها على .عليها

ابن اهليثم-املناظر 40

وكذلك أيضاً إذا أشرق ضوء الشمس على روضة خضراء متقاربة النبات، وكان بفنائها جدار نقي .البياض، وكان قريباً منها، وكان مستظالً عن الشمس، فإن خضرة الزرع تظهر على ذلك اجلدار

وكذلك الشجر إذا أشرق عليها ضوء الشمس، وكان مقابالً هلا وبالقرب منها جدار أبيض مستظل، أو وإن اجتاز جمتاز .كانت أرضها مسفرة اللون، فإن خضرة الشجر تظهر على ذلك اجلدار أو على األرض

ل، وكان ثوبه نقي بفناء الرياض أو بفناء الشجر اليت قد أشرق عليها ضوء الشمس، وكان اتاز يف الظ .البياض، فإن خضرة الرياض أو الشجر تظهر على ثوبه

يعتمد املعترب بيتاً يدخل إليه ضوء :وقد ميكن أن يعترب هذا املعىن يف كل وقت على الصفة اليت نذكرهاالشمس من ثقب فسيح قدره ليس بأقل من عظم الذراع يف مثله، ويكون الضوء ينتهي إىل أرض البيت،

: ويراعي دخول الضوء من الثقب. البيت ضيقاً متقارب اجلدران، وتكون جدرانه نقية البياضويكون

فإذا دخل ضوء الشمس من الثقب وظهر على أرض البيت أغلق الباب وأسبل عليه ستراً صفيقاً حىت ال لضوء مث جيعل يف موضع الضوء جسماً أرجوانياً، وليمثل به موضع ا. يدخل البيت ضوء إال من الثقبوليكن سطح اجلسم األرجواين مستوياً ليشتمل الضوء مجيع سطحه . حىت ال يفضل من الضوء شيء

فإنه جيد صورة اللون األرجواين على جدران البيت من مجيع جهاته : وتكون صورة الضوء عليه متشاة .مع الضوء الثاين الذي يصدر عن ضوء الشمس

لى جدرانه ظهوراً بيناً لبعدها عن موضع الضوء فسيحاً ومل فإن كان البيت فسيحاً ومل يظهر اللون عيظهر اللون على جدرانه ظهوراً بيناً لبعدها عن موضع الضوء فليقرب املعترب إىل موضع الضوء ثوباً أبيض،

فإنه جيد صورة اللون األرجواين على الثوب األبيض : وال يوجله يف نفس الضوء بل يقربه منه ويقابله بهوإذا باعد الثوب عن . ، إال أنه جيد هذه الصورة أضعف من اللون نفسه، وجيدها ممتزجة بالضوءمع الضوء

وإذا . موضع الضوء ازداد هذا اللون الذي يظهر على الثوب ضعفاً، كما يزداد الضوء املمازج له ضعفاًيه يف مجيع أدار الثوب من مجيع جهات موضع الضوء الذي فيه اجلسم األرجواين وجد صورة اللون عل

وإن جعل حوايل الضوء عدة أجسام نقية البياض من مجيع جهاته، وقابل بكل واحد منها . اجلهات .الضوء، وجد صورة اللون على مجيع تلك األجسام وممازجة للضوء

فإنه جيد لونه : مث يرفع اجلسم األرجواين وجيعل مكانه جسماً فرفريياً ويعترب لونه على الوجه الذي تقدمفإنه جيده : مث يرفع اجلسم الفرفريي وجيعل مكانه جسماً رحيانياً ويعترب لونه. اً يشرق يف مجيع اجلهاتأيض

وإن جعل موضع الضوء جسماً بأي لون كان من األلوان املشرقة، فإنه جيد لونه يشرق مع . كذلكياض فإنه جيد مجيع مث إن جعل يف موضع الضوء جسماً أبيض نقي الب. الضوء الذي عليه يف مجيع اجلهات

ابن اهليثم-املناظر 41

مث إن رفع . نواحي البيت قد ازداد ضوءاً كما ذكرنا من قبل وذلك من أجل بياض اجلسم الذي يف الضوءاجلسم األبيض وجعل مكانه جسماً أسود فإنه جيد البيت قد اظلم وطفئ الضوء الذي كان فيه من أجل

.سواد اجلسم الذي يف الضوء

يشرق عن اجلسم املتلون املضيء وميتد يف مجيع اجلهات كما يشرق فيتبني من هذا االعتبار أن اللونالضوء الذي يف ذلك اجلسم، ويكونان أبداً معاً، وتكون صورة اللون ممازجة لصورة الضوء، وأن صورة اللون اليت متتد مع صورة الضوء تكون أضعف من اللون نفسه، وكلما بعدت عن اجلسم املتلون ازدادت

. الضوءضعفاً كمثل ما يف

فأقول إن هذه الصور اليت تظهر على األجسام املقابلة للجسم املتلون املضيء ليس يدركها البصر باالنعكاس وإمنا يدركها البصر كما يدرك األلوان يف سطوح األجسام املتلونة، وإن هذه الصور هي يف

ى اجلسم املقابل للجسم وذلك أن هذه الصور إذا ظهرت للبصر عل: املواضع اليت يدركها البصر فيهااملتلون، وكان سطح اجلسم الذي تظهر عليه الصورة سطحاً مستوياً، مث انتقل البصر عن موضعه إىل مجيع

وإذا . اجلهات املقابلة لذلك السطح، فإنه يدرك الصورة من مجيع اجلهات يف ذلك السطح وعلى هيئتهاتظهر عليه الصورة ساكناً، وكان السطح الذي تظهر كان اجلسم املتلون ساكناً، واجلسم املقابل له الذي

عليه الصورة مستوياً، فإن انعكاس صورة اجلسم املتلون عن ذلك السطح املستوي إمنا يكون إىل جهة واحدة خمصوصة فقط، ال إىل مجيع اجلهات املقابلة لذلك السطح وتنعكس عنه أو كان شعاع خيرج من

ىل اجلسم املتلون، ألن االنعكاس ليس يكون إال على زوايا متساوية البصر إىل ذلك السطح وينعكس عنه إ .وسنبني ذلك عند كالمنا يف االنعكاس. وإىل جهة خمصوصة

فإذا كان البصر يدرك هذه الصور من مجيع اجلهات املقابلة للسطح الذي فيه اللون مع سكون هذا يف السطح الذي تظهر فيه صورة اللون السطح وسكون اجلسم املتلون فليس إدراك البصر لصورة اللون

.باالنعكاس، وإمنا يدركها البصر كما يدرك األلوان يف سطوح األجسام املتلونة

وأيضاً فإنه إن أخذ املعترب إناًء من الزجاج الرقيق املشف األبيض النقي، وجعل فيه شراباً أمحر صايف ن اعتبار هذه األلوان يف املواضع القليلة الضوء اللون، وقابل به ضوء الشمس يف البيت الذي وصفناه، فإ

وإن كان الثقب الذي يدخل منه الضوء إىل البيت ضيقاً يف اعتبار اجلسام املشفة أو ضيق كان . يكون أبنيأجود، بعد أن ال يكون يف غاية الضيق، مث جيعل يف ظل اإلناء ثوباُ أبيض، فإنه جيد لون الشراب على

نافذ يف شفيف الزجاج وشفيف ذلك الشراب وممازجاً له، وجيد اللون الذي ذلك الثوب مع الضوء الوإذا بعد الثوب عن اإلناء ازداد اللون الذي يظهر . يظهر على الثوب أرق من لون الشراب وأصفى منه

ابن اهليثم-املناظر 42

.عليه رقة وضعفاً

شرقة وكذلك إن جعل يف اإلناء بدل الشراب ماء متلون أزرق أو أخضر أو غري ذلك من األلوان املالصافية اليت ال تبطل شفيف املاء بالكلية وميكن أن ينفذ فيها الضوء، مث اعترب على الصفحة اليت قدمناها،

.وجد لون ذلك املاء ممتداً مع الضوء النافذ يف شفيفه وممازجاً له

ه من ورائه وكذلك إن قرب هذا اإلناء الذي فيه الشراب أو املاء امللون إىل ضوء النار يف الليل، وقرب إليوينبغي أن يتحرى املعترب عند . ثوب أبيض، فإن لون الشراب يظهر على الثوب مع ضوء النار النافذ فيه

.اعتبار ذلك أن ال يشرق على الثوب ضوء قوي من جهة أخرى ، بل يكون يف ظل رقيق الضوء

ضواء النافذة فيه يف اهلواء فيتبني من هذا االعتبار أن اللون الذي يف األجسام املشفة أيضاً ميتد مع األ .املتصل به

فجميع األجسام املتلونة الكثيفة واملشفة إذا كان لوا قوياً واعتربت على الوجه الذي بيناه فإن ألواا وإذا كان ذلك يوجد أبداً عند االعتبار ومطرداً . توجد أبداً ممتدة مع األضواء اليت تصدر عنها وممازجة هلا

وإذا كان ذلك طبيعياً لأللوان فهو يلزم يف مجيع األلوان . هو خاصة طبيعية ختص األلوانيف مجيع األلوان فوإذا كانت األلوان تصحب األضواء ومتتد بامتدادها فهي تصحب مجيع األضواء قويها . قويها وضعيفها

.لطيفةوإن مل يظهر ضعيفها للبصر فلقصور قوة احلس عن إدراك املعاين ال. وضعيفها قليلها وكثريها

وقد حيتمل أن يكون اهلواء واألجسام املشفة تقبل صور األلوان كما تقبل صور األضواء حضر الضوء معها أم مل حيضر، وتكون األلوان تشرق من مجيع األجسام املتلونة ومتتد يف اهلواء ويف األجسام املشفة يف

ون امتدادها يف اهلواء ويف مجيع اجلهات كما تشرق األضواء، وتكون خاصتها كخاصة األضواء، ويكاألجسام املشفة وانبساطها فيها دائماً حضر الضوء معها أو مل حيضر، ويكون ليس يظهر منها للبصر إال

.ما كان مصاحباً للضوء ألن البصر ليس يدرك شيئاً إال إذا كان مضيئاً

يقبلها اهلواء إال بعد إشراق وحيتمل أن تكون األلوان ليس يصدر عنها هذه الصور وال متتد يف اهلواء وال .الضوء عليها

إال أن الذي ليس يتداخله الشك وال يقع فيه ريب هو أن صورة اللون وصورة الضوء يصدران معاً عن األجسام املضيئة املتلونة وميتدان يف اهلواء ويف األجسام املتلونة واملقابلة هلا، ويقبلها اهلواء واألجسام املشفة

مجيع السموت املستقيمة اليت متتد من تلك األجسام املتلونة يف ذلك اهلواء ويف تلك وينفذان فيها على .األجسام املشفة

وقد اعتقد قوم أن اللون ال حقيقة له وأنه شيء يعرض بني البصر والضوء كما تعرض التقازيح وليس

ابن اهليثم-املناظر 43

وذلك أن التقازيح إمنا .وليس األمر على ما يعتقد أصحاب هذا الرأي. اللون صورة يف اجلسم املتلونتكون باالنعكاس، واالنعكاس ليس يكون إال من وضع خمصوص وليس يكون من مجيع األوضاع،

والتقازيح اليت تظهر يف أرياش بعض احليوانات إمنا هي انعكاس األضواء عن سطوح أرياش تلك هر يف أرياشها مث احليوانات، ولذلك ختتلف صورها حبسب اختالف األضواء، وهذه احليوانات إذا ظ

تغريت أوضاعها من البصر أو تغري وضع البصر منها اختلفت صور التقازيح اليت تظهر فيها عند البصر، وإذا أنعم املعترب النظر واستقصى التأمل . واختلفت املواضع من أرياشها اليت تظهر فيها ألوان التقازيح

ملها، وجد كل لون من هذه التقازيح يتغري موضعه للتقازيح اليت تظهر يف أرياش احليوانات، وتلطف يف تأمن اجلسم الذي يظهر عليه عند تغري وضع ذلك اجلسم من البصر، أعين اجلزء من الريش الذي يظهر فيه

ومع ذلك فإن هذه احليوانات إذا . اللون من التقازيح، ورمبا تغريت كيفية اللون أيضاً عند تغري املوضع وليس . والضعيفة الضوء مل يظهر فيها تلك التقازيح وظهرت ألواا األصليةحصلت يف املواضع املغدرة

كذلك األلوان اليت يف األجسام املتلونة، ألن اجلسم املتلون يدركه البصر من مجيع األوضاع يف الوقت وإن اختلف الذي يظهر على اجلسم املتلون باختالف أوضاع البصر منه من . الواحد على صورة واحدة

نعكاس األضواء فإمنا خيتلف لون ذلك اجلسم املتلون باختالف أوضاع البصر يف القوة والضعف أجل افليس إدراك البصر لأللوان اليت يدركها . فقط، فأما مائية اللون فليس ختتلف عند البصر باختالف الوضع

.يف األجسام الكثيفة املتلونة باالنعكاس، فليس هذه األلوان كالتقازيح

ظهوراً بيناً أن األلوان هلا حقيقة وهي صورة يف اجلسم املتلون وليست شيئاً يعرض البصر ومما يظهر فإن اإلنسان قد يكون ساكن اللون . والضوء ما يظهر يف وجه اإلنسان من محرة اخلجل وصفرة الوجل

ل وليس يف وجهه محرة مفرطة، فإذا عرض له اخلجل ظهرت يف وجهه محرة مل تكن قبل ذلك، حىت يستدفالناظر يراه يف احلالتني قد أدرك يف وجهه يف احلالة الثانية محرة مل تكن يف . من محرة وجهه على خجله

وجهه يف احلالة األوىل، والضوء الذي على ذلك الوجه قبل اخلجل وبعده ضوء واحد، ووضع البصر يف من اجلهة اليت منها يرد احلالتني من ذلك الوجه وضع واحد، وبعده منه بعد واحد، ووضع الوجه أيضاً

الضوء إىل الوجه ومن الوجه املضيء الذي منه يرد الضوء واملواضع املضيئة اليت منها يرد الضوء إىل ذلك الوجه وضع واحد مل يتغري، وليس للحمرة اليت تظهر يف الوجه عند اخلجل علة غري اخلجل، وليس اخلجل

الناظر إىل ذلك الوجه، فاحلمرة اليت تظهر يف وجه اإلنسان أمراً من خارج وال يتعلق بالضوء وال بالبصر .هي صورة يف جسمه ال شيء يعرض بني البصر الناظر إليه وبني الضوء

وكذلك الرجل قد يكون ساكن اللون قبل الوجل، فإذا بلغه أمر يفزعه ووجل منه وجالً شديداً ظهرت .يف لونه صفرة بينة مل تكن قبل الوجل

ابن اهليثم-املناظر 44

واصفرار الوجل مع تساوي أحوال البصر واملبصر قبل اخلجل وبعده وقبل الوجل وبعده فامحرار اخلجل يف الوضع والبعد والضوء دليل ظاهر على أن اللون صورة يف اجلسم املتلون وليس هو شيئاً يعرض بني

فليس اللون على ما أعتقد من رأى اللون ال حقيقة له، وليس هو إال صورة يف اجلسم .البصر والضوءوقد حيتمل أن ختتلف اآلراء ويقع االلتباس يف مائية صورة اللون اليت يف اجلسم املتلون، فأما أنيتها . املتلون

.وأا صورة يف اجلسم ال صورة تعرض من خارج فليس يقع فيه لبس

وكذلك قد حيتمل أن يكون البصر ليس يدرك حقيقة اللون على ما هي عليه من أجل انه ليس يدرك مع الضوء ومن أجل اختالف إدراكه للون حبسب اختالف األضواء اليت تشرق على اجلسم اللون إال

.املتلون، فأما إن اللون له يف نفسه حقيقة فليس يبطل من اجل إدراك البصر له

وإذ قد تبني ذلك فإننا نقول إن الصورة اليت تظهر على اجلسم املقابل للجسم املتلون ليس هي شيئاً يعرض لبصر والضوء وال بني البصر واللون وإمنا هي صورة اللون الذي يف اجلسم املتلون ممتدة من اجلسم بني ا

املتلون إىل ذلك اجلسم املقابل له، وليس امتدادها إىل ذلك اجلسم وإىل اجلهات املقابلة للجسم املتلون ور البصر وال بتوسط البصر وال من أجل حضور البصر، وال حصوهلا على ذلك اجلسم من أجل حض

وذلك انه قد . وال حصوهلا على ذلك اجلسم من أجل حضور البصر وال بتوسط البصر. بتوسط البصرتبني أن هذه الصور ليس توجد إال مع الضوء الذي يصدر من اجلسم املتلون وممازجة له، وأن هذه

رق من اجلسم، وال الصورة توجد يف مجيع اجلهات اليت يشرق عليها ضوء ذلك اجلسم، والضوء ليس يشوإذا كان الضوء ليس ميتد إىل مجيع اجلهات املقابلة . من أجل حضور البصر، بل إمنا يشرق إشراقاً طبيعياً

له من أجل حضور البصر وال بتوسط البصر، وكانت صورة اللون الذي يف اجلسم املتلون توجد أبداً هات اليت ميتد عليها ذلك الضوء، فليس ممازجة للضوء الذي يشرق من ذلك اجلسم وتوجد يف مجيع اجل

.امتداد صورة اللون إىل مجيع اجلهات املقابلة للجسم املتلون من أجل حضور البصر وال بتوسط البصر

وقد تبني . وأيضاً فإنه قد تبني ان البصر يدرك هذه الصور على اجلسم املقابل للجسم املتلون باالنعكاس .و صورة يف اجلسم املتلون ال شيء يعرض من أجل البصرأن اللون الذي يف اجلسم املتلون ه

وإذا كان اللون صورة يف اجلسم املتلون، وليس لون اجلسم املتلون من أجل البصر وال بتوسط البصر، وكانت صورة هذا اللون متتد إىل اجلهات املقابلة للجسم املتلون ال من أجل حضور البصر وال بتوسط

ذه الصورة على اجلسم املقابل للجسم املتلون ال باالنعكاس بل كما يدرك البصر، وكان البصر يدرك هاأللوان يف األجسام املتلونة، فصورة اللون إذن اليت يدركها البصر على اجلسم املقابل للجسم املتلون هي صورة يف سطح اجلسم املقابل للجسم املتلون هي صورة يف سطح اجلسم املقابل للجسم املتلون ال شيء

ابن اهليثم-املناظر 45

عرض بني البصر والضوء وال بني البصر واللون، وليس حصوهلا على ذلك اجلسم من أجل حضور البصر يوإذا كان مجيع ذلك كذلك فإن كل جسم متلون مضيء بأي ضوء كان فإن صورة .وال بتوسط البصر

األجسام املشفة الضوء واللون اللذين فيه تكون أبداً ممتدة يف مجيع اجلهات املقابلة لذلك اجلسم يف اهلواء واملتصلة بذلك اجلسم واملقابلة له ومشرقة على مجيع األجسام املقابلة لذلك اجلسم حضر البصر أم مل

.حيضر

وأيضاً فإنه قد تبني أن صورة الضوء متتد من كل نقطة من سطح اجلسم املضيء على كل خط مستقيم ة من سطح اجلسم املضيء على كل خط وإذا كان الضوء ميتد من كل نقط. يصح أن ميتد من تلك النقطة

مستقيم يصح أن ميتد من تلك النقطة، وكانت األلوان تصحب أبداً األضواء، وكان اللون والضوء يصدران معاً وينفذان يف اهلواء ويف األجسام املشفة على مجيع السموت املستقيمة اليت متتد من تلك

سطح اجلسم املتلون املضيء على كل خط مستقيم األجسام، فصورة اللون أيضاً متتد من كل نقطة من .يصح أن ميتد من تلك النقطة

فكل جسم متلون مضيء بأي ضوء كان فإن كل نقطة من سطحه ميتد منها صورة الضوء وصورة اللون اللذين فيها على كل خط مستقيم يصح أن ميتد من تلك النقطة يف اهلواء واألجسام املشفة املتصلة بتلك

ملقابلة هلا، وتشرق على كل جسم مقابل لتلك النقطة، وتكون أبداً ممتدة يف مجيع اجلهات، النقطة واوتشرق على األجسام املقابلة هلا ما دامت مضيئة واألجسام املتصلة ا مشفة ومتصلة الشفيف حضر

.البصر أم مل حيضر

هر على األجسام املقابلة البيض فأما مل ليس تظهر هذه الصورة على مجيع املقابلة لألجسام املتلونة وتظواملسفرة األلوان، ومل ليس يظهر على اجلسم األبيض لون كل جسم متلون مقابل له ويظهر عليه اللون

املشرق القوي، ومل ليس يظهر هذا اللون على اجلسم األبيض إذا كان الضوء الذي يف اجلسم املتلون ضعيفاً

يع األجسام املقابلة األجسام املتلونة وتظهر على األجسام البيض فأما ملا ليس تظهر هذه الصورة على مجواملسفرة األلوان، ومل ليس يظهر على اجلسم األبيض لون كل جسم متلون مقابل له ويظهر عليه اللون

املشرق القوي، ومل ليس يظهر هذا اللون على اجلسم األبيض إذا كان الضوء الذي يف اجلسم املتلون ذا كان الضوء الذي يف اجلسم املتلون قوياَ، ومل ليس يظهر هذا اللون على اجلسم األبيض ضعيفاً ويظهر إ

إذا كان اجلسم األبيض يف ضوء الشمس ويف ضوء قوي ويظهر عليه إذا كان اجلسم األبيض يف الظل ويف م املقابلة األضواء الضعيفة، فإن مجيع ذلك لعلة ختص البصر، ال أن صور األلوان تشرق على مجيع األجسا

وحنن نشرح هذا املعىن من بعد ونبينه بياناً مستقصى ونبني علله ونوضحها عند كالمنا يف كيفية . هلا

ابن اهليثم-املناظر 46

فهذا الذي بيناه من خواص األضواء وما يصحب األضواء ويقترن ا من صور األلوان كاف . األبصار .فيما نشرع فيه من البحث عن كيفية اإلبصار

الفصل الرابع

رض بين البصر والضوءفيما يع

فإن الناظر إذا نظر إىل جرم . جند البصر إذا نظر إىل األضواء القوية اليت يف غاية القوة تأمل ا واستضروكذلك إذا نظر إىل مرآة صقيلة . الشمس مل يستطع النظر إليها فإن حملها تأمل بصره بضوئها واستضر به

ضع الذي إليه ينعكس الضوء عن تلك املرآة ، فإنه قد أشرق عليها ضوء الشمس، وكان بصره يف املو .يتأذى بالضوء املنعكس الذي يصل إىل بصره عن املرآة وال يستطيع أن يفتح بصره ويباشر ذلك الضوء

وجند أيضاً الناظر إذا نظر إىل جسم نقي البياض وقد أشرق عليه ضوء الشمس، وأطال النظر إليه، مث عيف الضوء، فإنه ال يكاد يدرك ما يف ذلك املوضع من املبصرات صرف بصره عنه إىل موضع مغدر ض

وكذلك . مث ينجلي ذلك عن تدريج ويعود البصر إىل حاله. إدراكاً صحيحاً وجيد كأن بينه وبينها ستراًإذا نظر الناظر إىل نار قوية وحدق إليها، وأطال النظر زماناً، مث صرف بصره إىل موضع مغدر ضعيف

.د أيضاً يف بصره مثل ذلكالضوء، فإنه جي

وأيضاً فإننا جند الناظر إذا نظر إىل جسم نقي البياض وقد أشرق عليه ضوء النهار، وكان الضوء الذي عليه قوياً وإن مل يكن ضوء الشمس، وأطال النظر إليه زماناً، مث صرف بصره إىل موضع مظلم، فإنه جيد

مث إن أطبق بصره وتأمل ساعة فإنه جيد . ذلك شكلهصورة ذلك الضوء يف ذلك املوضع املظلم، وجيد معوكذلك يكون حال البصر . مث ينجلي ذلك ويعود البصر إىل حاله. يف بصره صورة ذلك الضوء وشكله

.إذا نظر إىل جسم قد أشرق عليه ضوء الشمس وأطال النظر إليه

ان ضوء النار قوياً، وأطال وكذلك إن نظر الناظر إىل جسم نقي البياض وقد أشرق عليه ضوء النار، وكوكذلك إذا كان الناظر يف بني . النظر إليه، مث انصرف إىل موضع مظلم،فإنه جيد أيضاً يف بصره مثل ذلك

وكان يف البيت ثقب واسع منكشف للسماء، ونظر إىل السماء من ذلك الثقب يف ضوء النهار، وأطال الضوء الذي كان يدركه من الثقب مع شكل النظر، مث عطف ببصره إىل موضع مظلم، فإنه جيد صورة

.وإن أطبق بصره وجد أيضاً فيه تلك الصورة. الثقب يف املوضع

.فتدل مجيع هذه األحوال على أن الضوء يؤثر يف البصر أثراً ما

وأيضاً فإننا جند الناظر إذا نظر إىل روضة خضراء متكاثفة وقد أشرق عليها ضوء الشمس، وأطال النظر

ابن اهليثم-املناظر 47

صرف بصره إىل موضع مظلم، فإنه جيد يف املوضع املظلم صورة ذلك الضوء ومتلوناً خبضرة إليها، مثمث إن نظر يف هذه احلال إىل مبصرات بيض، وكانت تلك املبصرات يف الظل ويف موضع ضعيف . الزرع

جيد يف بصره فإن أطبق بصره أيضاً يف هذه احلال وتأمل فإنه. الضوء، فإنه جيد ألواا ملتبسة بلون اخلضرةوكذلك إذا نظر إىل جسم متلون بلون أرجواين أو . صورة الضوء وصورة اخلضرة مث ينحل ذلك ويزول

الزوردي أو لون من األلوان املشرقة القوية وقد أشرق عليه ضوء الشمس وأطال النظر إليه مث عطف .ونببصره إىل مبصرات بيض يف موضع ضعيف الضوء وجد ألواا ملتبسة بذلك الل

.فتبني من هذا االعتبار أن األلوان املضيئة تؤثر أيضاً يف البصر

وأيضاً فإننا نرى الكواكب يف ضوء النهار، وليس الفرق بني الوقتني إال أن اهلواء املتوسط بني أبصارنا ء وبني السماء مضيء بالنهار وهو بالليل مظلم، فما دام اهلواء مظلماً فنحن نرى الكواكب، فإذا أضا

وكذلك إذا كان الناظر يف .اهلواء املتوسط بني أبصارنا وبني الكواكب بضوء النهار خفيت عنا الكواكبالليل يف موضع مضيء بضوء النار وكان ضوء النار منبسطاً على األرض، وكان يف املوضع مبصرات

عليها قوياً، ومل لطيفة أو مبصرات فيها معان لطيفة، وكانت يف ظل من األظالل، ومل يكن الضوء الذيتكن النار متوسطة بني البصر وبني تلك املبصرات، وكان الناظر يدرك تلك املبصرات ويدرك املعاين

اللطيفة اليت فيها، مث حترك الناظر من موضعه حىت تصري النار متوسطة بني بصره وبني تلك املبصرات، فإن اللطيفة اليت تكون فيها وال يكاد يدركها ما تلك املبصرات ختفى عنه إن كانت لطيفة، أو ختفى املعاين

وإن ستر النار عن بصره أدرك يف احلال تلك املبصرات اللطيفة اليت . دامت النار متوسطة بني بصره وبينها .وإن رفع الساتر الذي بني النار وبني بصره خفيت تلك املبصرات عنه. كانت ختفى عنه

ة إذا أشرقت على البصر أو على اهلواء املتوسط بني البصر فتدل هذه األحوال على أن األضواء القوي .واملبصر فإا تعوق البصر عن إدراك بعض املبصرات اليت أضواؤها ضعيفة

وأيضاً فإنه إذا نظر الناظر إىل جسم صقيل، وكان يف اجلسم نقوش دقيقة، ومل تكن النقوش خمالفة اللون من لون ذلك اجلسم، وكان الناظر يف مكان معتدل للون اجلسم بل كانت النقوش بل كانت النقوش

الضوء، وكان ذلك املكان مقابالً للسماء أو لبعض اجلدران املضيئة بضوء قوي، مث قابل بذلك اجلسم السماء أو اجلدار املضيء، فإنه ينعكس منه ضوء ما إىل البصر وجيد الضوء الذي يظهر يف سطح اجلسم

وء قد قوي وأشرق ويف هذه احلال إذا تأمل الناظر إىل اجلسم الصقيل ويف املوضع الذي ينعكس منه الضمث إن ميل الناظر .مل يظهر له فيه شيء من النقوش اليت يف موضع الضوء القوي املشرق من ذلك اجلسم

اجلسم عن ذلك املوضع حىت يصري االنعكاس إىل موضع غري املوضع الذي فيه بصره، ويكون مع ذلك

ابن اهليثم-املناظر 48

تدل، فإن الناظر حينئذ يدرك النقوش اليت فيه كانت ختفى عنه عند انعكاس الضوء على اجلسم ضوء مع .عن اجلسم إىل بصره

وكذلك اخلط الدقيق الذي يف الورق الصقيل إذا انعكس الضوء عن الورق إىل البصر ذلك اخلط ومل فال ينعكس الضوء فإذا ميل سطح الورق حىت يتغري وضعه،. يفهمه ما دام الضوء منعكساً عنه إىل البصر

.عنه إىل البصر، أدرك البصر ذلك اخلط وفهمه

وأيضاً فإن النار الضعيفة إذا كانت يف ضوء ضعيف ظهرت وأدركها البصر، وإذا كانت يف ضوء الشمس .وإن كان يف تلك النار دخان ظهر الدخان ومل تظهر النار.ظهر اجلسم الذي فيه النار ومل تظهر النار

حصل يف ضوء الشمس جسم كثيف متلون بلون مشرق قوي، وقرب من ذلك اجلسم وأيضاً فإنه إن جسم أبيض نقي البياض، وكان هذا اجلسم يف الظل ويف ضوء ضعيف، ظهر عليه لون ذلك اجلسم كما

مث إن قرب اجلسم األبيض حىت يصري يف ضوء الشمس أو يقوى الضوء الذي عليه، خفي . وصفنا من قبلوعند كونه يف الضوء . وإن رد إىل الظل وإىل الضوء الضعيف ظهر اللون عليه. هذلك اللون الذي علي

إن ظلل اجلسم جبسم كثيف وهو يف مكانه حىت يضعف الضوء : القوي أيضاً وخفاء اللون الذي عليهالذي عليه ظهر اللون عليه، وإن رفع اجلسم املظل حىت يقوى الضوء على اجلسم األبيض خفي اللون

.الذي عليه

وكذلك إذا قربنا جسماً مشفاً متلوناً لون بشرق إىل نار قوية وقربنا إىل ظل ذلك اجلسم ثوباً أبيض، ظهر مث قربنا إىل ذلك الثوب ناراً غري تلك . لون ذلك اجلسم املشف على ذلك الثوب كما وصفنا من قبل

لثوب فلم ير إال بياض النار حىت يشرق ضوؤها على ذلك الثوب خفي ذلك اللون الذي كان يظهر على ا .وإذا غيبنا تلك النار الثانية ظهر اللون على الثوب. الثوب فقط

وأيضاً فإن بعض احليوانات البحرية قد يكون هلا أصداف وأغشية إذا حصلت يف موضع مظلم ال ضوء تلك فيه ظهرت تلك األصداف كأا نار، وإذا نظر إليها ناظر يف ضوء النهار أو يف ضوء النار أدرك

األصداف ومل ير فيها شيئاً من النار وكذلك احليوان املسمى الرياع إذا طار يف الليل ظهر كأنه نار .ختطف، وإذا نظر إليه ناظر يف ضوء النهار أو يف ضوء النار أدرك احليوان ومل ير فيه ناراً

بصرات قد ختفي بعض املعاين فتدل هذه األحوال كلها اليت شرحناها على أن األضواء القوية اليت تكون املاليت يف بعض املبصرات، وأن األضواء الضعيفة اليت تكون يف املبصرات قد تظهر بعض املعاين اليت يف بعض

.املبصرات

وأيضاً فإن املبصرات اليت فيها نقو دقيقة أو وشوم أو معان لطيفة قد كثري من املعاين اليت فيها إذا كانت

ابن اهليثم-املناظر 49

ملواضع املغدرة، وإذا أبرزت إىل املواضع املضيئة وقوي الضوء الذي عليها أو يف األضواء الضعيفة ويف اجعلت يف ضوء الشمس ظهرت املعاين اليت تكون فيها اليت كانت ختفى يف املواضع املغدرة ويف األضواء

ذا الضعيفة وكذلك اخلط الدقيق قد يعجز البصر عن إدراكه يف املواضع املغدرة ويف األضواء الضعيفة، وإ .أبرز إىل األضواء القوية أدركه البصر

فتدل هذه احلال على أن األضواء القوية قد تظهر كثرياً من املعاين اليت يف املبصرات، وأن األضواء الضعيفة .قد ختفي كثرياً من املعاين اليت يف املبصرات

زوردية واخلمرية والفرفريية، إذا وأيضاً فإننا جند األجسام الكثيفة املتلونة بألوان مشرقة كاألرجوانية والالكانت يف مواضع مغدرة ويف أضواء ضعيفة ظهرت ألواا كدرة ، وإذا كانت يف ضوء قوي ظهرت

وإذا كان واحد . ألواا مشرقة صافية، وكلما ازداد الضوء الذي عليها قوة ازدادت ألواا إشراقاً وصفاًءيسري جداً، فإن ذلك اجلسم يظهر مظلماً وال يتيقن من األجسام يف مكان مظلم، وليس فيه إال ضوء

فإذا اخرج إىل املواضع املضيئة وقوي الضوء الذي عليه ظهر لونه ومتيز . البصر لونه ويظن به انه أسود .للبصر

وجند أيضاً األجسام البيض الكثيفة إذا أشرق عليها ضوء قوي ازدادت بياضاً وإشراقاً عند احلس، وجند .ة األلوان إذا أشرقت عليها األضواء القوية صفت ألواا وأسفرتاألجسام الكدر

وأيضاً فإننا جند األجسام املشفة املتلونة بألوان قوية، كاألشربة القوية احلمرة اليت يف األواين املشفة، إذا ا كانت يف مواضع مغدرة ويف أضواء ضعيفة فإا تظهر سوداً مظلمة وكأا غري مشفة وإن استشقت، وإذ

.كانت يف األضواء القوية أو أشرق عليها ضوء الشمس صفت ألواا وأشرقت وظهر شفيفها

وكذلك اجلواهر املشفة املتلونة املشبعة األلوان إذا كانت يف املواضع املغدرة ظهرت ألواا كدرة، وإذا .ظهر شفيفهاأشرق عليها ضوء قوي أو قوبل ا الضوء حىت ينفذ الضوء فيها صفت ألواا وأشرقت و

وأيضاً فإن األجسام املشفة املتلونة إذا قوبل ا الضوء وقوبلت من اجلهة املضادة جلهة الضوء جبسم أبيض، كما ذكرنا من قبل، فإنه إن كان الضوء قوياً ظهرت صورة ذلك اللون يف ظله على اجلسم األبيض

سم األبيض املقابل له ظل ومل يظهر املقابل له، وإن كان الضوء الذي يشرق عليه ضعيفاً ظهر على اجل .اللون

وأيضاً فإننا جند أرياش الطواويس والثوب املسمى أبا قلمون ختتلف ألواا عند البصر يف األوقات املختلفة .من النهار حبسب اختالف األضواء اليت تشرق عليها

درك البصر ألواا حبسب األضواء فتدل هذه األحوال اليت تظهر يف األلوان على أن األجسام املتلونة إمنا ي .املشرقة عليها

ابن اهليثم-املناظر 50

فإذا كانت األضواء القوية اليت يف املبصرات وقد تظهر بعض املعاين اليت يف بعض املبصرات،وكانت األضواء الضعيفة اليت تكون املبصرات قد تظهر بعض املعاين اليت يف بعض املبصرات وقد ختفي بعض

كانت األجسام املتلونة قد تتغري ألواا حبسب اختالف األضواء اليت املعاين اليت يف بعض املبصرات، وتشرق عليها، وكانت األضواء القوية املشرقة على البصر قد تعوق البصر عن إدراك بعض املبصرات، وكان البصر مع مجيع ذلك ليس يدرك شيئاً من املبصرات إال إذا كان مضيئاً، فإن الصورة إذن اليت

ن املبصر إمنا تكون حبسب الضوء الذي يف املبصر وحبسب األضواء اليت تشرق على البصر يدركها البصر م .يف حال إدراكه لذلك املبصر وعلى اهلواء املتوسط بني البصر واملبصر

فأما مل األضواء القوية تعوق البصر عن إدراك بعض املبصرات فإننا نشرح علة ذلك عند كالمنا يف كيفية .اإلبصار

لخامس الفصل ا

هيئة البصر

البصر مركب من طبقات وأغشية وأجسام خمتلفة، ومبدؤه ومنشؤه من مقدم الدماغ،

ينشق من مقدم الدماغ عصبتان جوفاوان متشاتان يبتدئان من موضعني عن جنبيت مقدم الدماغ ويقال إن كل واحدة منهما طبقتان وأما ينشآن من غشائي الدماغ فينتهيان إىل الوسط من ظاهر مقدم

تني جوفاويني الدماغ، مث يلتقيان فيصريان عصبة واحدة جوفاء، مث تنقسم هذه العصبة فتصري أيضاً عصب .متساويتني، مث متتد هاتان العصبتان حىت تنتهيا إىل حدبيت العظمني املقعرين احمليطني جبمليت العينني

. ويف وسطي تقعريي هذين العظمني ثقبان متساويان نافذان وضعهما من العصبة املشتركة وضع متشابه

، فإذا وصال إىل تقعريي العظمني انتشرا فتدخل العصبتان يف هذين الثقبني وخترجان إىل تقعريي العظمنيوكل واحدة من العينني مركبة على هذا الطرف من . واتسعا وصار طرف كل واحد منهما كالقمع

.ووضع كل واحدة من العينني من العصبة املشتركة وضع متشابه. العصبة الذي هو كالقمع وملتحم به

.ومجلة كل واحدة من العينني مركبة من عدة طبقات

.أوهلا شحمة بيضاء متأل مقعر العظم وهي معظم العني وتسمى امللتحمةف

وجسم . ويف داخل هذه الشحمة كرة مستديرة جوفاء سوداء يف األكثر وزرقاء وشهالء يف بعض األبصارهذه الكرة رقيق، ومع ذلك صفيق ليس بالسخيف، وظاهرها ملتصق بامللتحمة، وداخلها أجوف ويف

خلمل، وامللتحمة مشتملة على هذه الكرة ما سوى مقدمها فإن امللتحمة ليس تغطي باطن داخلها شبيه با

ابن اهليثم-املناظر 51

ويف وسط مقدم .وتسمى هذه الطبقة العنبية ألا تشبه العنبة. مقدم هذه الكرة بل تستدير على مقدمها .العنبية ثقب مستدير نافذ إىل جتويفها، وهو مقابل لطرف جتويف العصبة اليت العني مركبة عليها

يغطي هذا الثقب ومجيع مقدم العنبية الذي حوله امللتحمة من خارج طبقة متينة بيضاء تسمى القرنية و .ألا تشبه بالقرن األبيض يف املشف

ويف صدر مقعر العنبية كرة صغرية بيضاء رطبة متماسكة الرطوبة ومع ذلك ترفة وفيها شفيف ليس يف ومسيت ذا االسم من أجل . يف اجلليد، وتسمى اجلليديةالغاية بل فيها بعض الغلظ، ويشبه شفيفها شف

ويف مقدم هذه الكرة تسطيح يسري يشبه تسطيح . شبه شفيفها وهي مركبة على طرف جتويف العصبة وهذا . ظاهر العدسة، فسطح مقدمها قطعة من سطح كري أعظم من السطح الكري احمليط ببقيتها

. ووضعه منه وضع متشابهالسطح مقابل للثقب الذي يف مقدم العنبية

واجلزء . وهذه الرطوبة تنقسم جبزء ين خمتلفي الشفيف ، أحدمها يلي مقدمها واجلزء اآلخر يلي مؤخرهاوشكل جمموع . املتأخر منها يشبه شفيفه شفيف الزجاج املرضوض، فيسمى هذا اجلزء بالرطوبة الزجاجية

.ية لنه يشبه بنسج العنكبوتاجلزءين رقيق يف غاية الرقة والسخافة يسمى العنكبوت

. ويف صدر مقعر العنبية ثقب مستدير هو على طرف جتويف العصبة، واجلليدية مركبة يف هذا الثقب

واستدارة هذا الثقب، وهو طرف العصبة، حتيط بوسط كرة اجلليدية، وتلتحم العنبية باجلليدية من الدائرة الطبقة الداخلة من طبقيت العصبة اوفة وأن القرنية ويقال إن العنبية منشأها من. احمليطة ذا الثقب

.منشأها من الطبقة اخلارجة من طبقيت هذه العصبة

وميأل جتويف العنبية رطوبة بيضاء رقيقة صافية مشفة تسمى الرطوبة البيضية ألا تشبه بياض البيض يف متل الثقب الذي يف مقدم العنبية وهي متل جتويف العنبية ومتاس مقدم اجلليدية و. رقته وبياضه وشفيفه .ومتاس مقعر القرنية

وكرة اجلليدية مركبة على جتويف العصبة، ويلي جتويف العصبة الرطوبة الزجاجية، فتكون القرنية ومجيع هذه الطبقات مشفة، والثقب الذي . والرطوبة البيضية والرطوبة اجلليدية والزجاجية متوالية متماسة

ل ملقدم جتويف العصبة ، فيكون بني سطح القرنية وبني مقدم جتويف العصبة مسوت يف مقدم العنبية مقاب .مستقيمة متألها أجسام مشفة متماسة

ويقال عن الروح الباصرة تنبعث من مقدم الدماغ ومتأل جتويف العصبتني األوليني املتصلتني بالدماغ، يف العصبتني الثانيتني اجلوفاوين فتمألمها وتنتهي إىل العصبة املشتركة فتمأل جتويف هذه العصبة، ومتتد

.وتنتهي إىل اجلليدية فتغطيها القوة الباصرة

وبني حميط اجلليدية امللتحم بالعنبية وبني الثقب الذي يف مقعر العظم الذي منه خترج العصبة مسافة

ابن اهليثم-املناظر 52

ط واتساع، وكلما مقتدرة، والعصبة متتد يف هذه املسافة من اية الثقب إىل حميط اجلليدية على اخنرا .بعدت عن الثقب اتسعت إىل أن تنتهي إىل حميط كرة اجلليدية وتلتحم مبحيطها

وجسم امللتحمة مشتمل على هذا اجلزء املنخرط من العصبة وعلى كرة العنبية، وكرة العنبية عن وسط نخرط املتسع من امللتحمة إىل ما يلي ظاهر البصر، وجسم امللتحمة ملتحم بكرة العنبية وبالطرف امل

فإذا حتركت العني حتركت جبملتها، فتنحين العصبة اليت العني مركبة عليها عند . العصبة وحافط لوضعهاحركتها ويكون احنناؤها عند الثقب الذي يف مقعر العظم، ألن مقعر العظم يشتمل على مجلة العني والعني

.تتحرك جبملتها يف هذا التقعري

. داخلها من العصبة ومن الطبقات الباقية وحافظة ألوضاعها وغري مفارقة هلاوامللتحمة ملتحمة مبا يف

. فاحنناء العصبة عند حركة العني إمنا يكون من وراء مجلة العني، فهو عند الثقب الذي يف مقعر العظم

عر وكذلك إذا كانت العني ساكنة ، وكانت العصبة منحنية، فإمنا يكون احنناؤها عند الثقب الذي يف مق. العظم، ألن مجلة العني ليس يتغري وضع أجزائها بعضها عند بعض ال عند حركتها وال عند سكوا

فاحنناء العصبة اليت العني مركبة عليها ليس يكون إال عند الثقب الذي يف مقعر العظم حتركت العني ام .سكنت

لتحمة وجبملة العني، ومجلة والسطح الظاهر من القرنية سطح كري، ومع ذلك متصل بالسطح احمليط باملالعني أعظم من كرة العنبية اليت هي بعضها ، فالسطح الظاهر من القرنية هو من سطح كري اعظم من

.كرة العنبية، فنصف قطره اعظم من نصف قطر العنبية

والسطح الداخل من القرنية املنطبق على ثقب العنبية سطح مقعر كري موازي للسطح الظاهر منها، ألن وهذا . ذا املوضع متساوي السمك، فمركز هذا السطح املقعر أيضاً هو مركز السطح احملدب الظاهر ه

السطح املقعر يقطع سطح كرة العنبية على حميط الثقب، فمركزه أبعد يف العمق من مركز العنبية، ألن .ذلك يلزم يف خواص األكر

قدمة إىل ما يلي سطح ظاهر البصر، وسطح وأيضاً فألن كرة العنبية ليست يف وسط امللتحمة، وهي متظاهر البصر من كرة اعظم من كرة العنبية، يكون مركز السطح الظاهر ابعد يف العمق من مركز العنبية،

.فمركز سطح القرنية أبعد يف العمق من مركز العنبية

ا خرج على استقامة واخلط املستقيم الذي يصل بني املركزين، أعين مركز سطح القرنية ومركز العنبية، إذانتهى إىل مركز الثقب الذي يف مقدم العنبية وإىل وسطي سطحي القرنية املتوازيني، ألن السطح املقعر من

القرنية والسطح احملدب من العنبية سطحان كريان يتقاطعان، وكل سطحني كريني متقاطعني فإن اخلط

ابن اهليثم-املناظر 53

. على سطحها مير مبركزي الكرتنيالذي يصل بني مركزيهما مير مبركز الدائرة ويكون عموداً

والسطح املقعر من القرنية مماس لسطح الرطوبة البيضية اليت يف داخل ثقب العنبية ومنطبق عليه، فسطح فالسطح الظاهر من القرنية والسطح . الرطوبة البيضية أيضاً سطح كري مركزه مركز السطح املنطبق عليه

س ملقعر القرنية سطوح كرية متوازية مركزها نقطة واحدة الداخل منها وسطح الرطوبة البيضية املما .مشتركة، وهي أبعد يف العمق من مركز العنبية

واخلط الذي مير مبركز العنبية ومبركز القرنية ومبركز الثقب الذي يف مقدم العنبية، إذا امتد على استقامة ، ب الذي يف مقدم العنبية مقابل للثقب فإنه مير بوسط جتويف العصبة اليت العني مركبة عليها، ألن الثق

.الذي يف صدر العنبية الذي هو طرف جتويف العصبة

وسطح مقدم اجلليدية أيضاً سطح كري، وهو يقطع كرة العنبية، فمركزه أبعد يف العمق من مركز ا، دائرة واخلط املستقيم الذي يصل بني مركزيهما مير مبركز دائرة التقاطع ويكون عموداً عليه. العنبية

التقاطع بني سطح مقدم اجلليدية وبني سطح كرة العنبية هي إما الدائرة اليت حتد اية االلتحام بني اجلليدية وبني العنبية وإما موازية هلا ألن التسطيح الذي يف مقدم اجلليدية مقابل للثقب الذي يف مقدم العنبية

ة التقاطع بني سطحي اجلليدية، إما أن تكون هي ووضعه منه وضع متشابه، فنهاية هذا السطح، وهي دائرفإن كانت هذه الدائرة، اعين دائرة التقاطع بني سطحي اجلليدية، . دائرة االلتحام نفسها أو موازية هلا

وإن كانت . وهي دائرة االلتحام فهذه الدائرة هي دائرة التقاطع بني سطحي مقدم اجلليدية وبني العنبية حي اجلليدية موازية لدائرة االلتحام فإن سطح مقدم اجلليدية إذا توهم منبسطاً على دائرة التقاطع بني سط

ما هو عليه من كريته فإنه يقطع كرة العنبية على دائرة موازية هلذه الدائرة، أعين دائرة التقاطع بني . ئرة االلتحاموهذه الدائرة موازية لدا. سطحي اجلليدية، لتشابه وضع هذه الدائرة من حميط كرة العنبية

فدائرة التقاطع . فتكون دائرة التقاطع بني سطح مقدم اجلليدية وبني مركز العنبية موازية لدائرة االلتحامفإن كانت هذه . بني سطح مقدم اجلليدية وبني كرة العنبية إما هي دائرة االلتحام نفسها أو موازية هلا

م الذي مير مبركز مقدم اجلليدية ومير مبركز العنبية مير الدائرة هي دائرة االلتحام نفسها فإن اخلط املستقيوإن . مبركز هذه الدائرة فيكون عموداً عليها، ألن هذه الدائرة تكون دائرة التقاطع بني السطحني الكريني

كانت هذه الدائرة موازية لدائرة االلتحام، وهي موازية لدائرة التقاطع بني سطحي اجلليدية، فهي مع حام يف سطح واحد كري وهو سطح كرة العنبية، وهي موازية هلا، وهي مع دائرة التقاطع بني دائرة االلت

سطحي اجلليدية يف سطح واحد كري وهو سطح مقدم اجلليدية، وهي موازية هلا، فاخلط املستقيم الذي عليها هو مير مير مبركز كرة العنبية ومبركز سطح مقدم اجلليدية ومير مبركز دائرة التقاطع ويكون عموداً

ابن اهليثم-املناظر 54

مبركز دائرة التقاطع بني سطحي اجلليدية ويكون عموداً عليها لن هذه الدائرة مع دائرة التقاطع بني كرة العنبية وبني سطح مقدم اجلليدية يف سطح واحد كري وهو سطح مقدم اجلليدية، وهي موازية هلا، وكل

يهما ويكون عموداً عليها فهو مير مبركز دائرتني متوازيتني يف سطح كرة فإن اخلط الذي مير مبركز إحدوهذا اخلط أيضاً مير مبركز دائرة االلتحام ويكون عموداً عليها لن . الدائرة األخرى ويكون عموداً عليها

دائرة التقاطع بني كرة العنبية وبني سطح مقدم اجلليدية يف سطح واحد كري وهو سطح كرة العنبية، مبركز كرة العنبية ومبركز السطح املتقدم من اجلليدية مير مبركز دائرة وهي موازية هلا، فاخلط الذي مير

االلتحام على تصاريف األحوال، ويكون عموداً عليها،كانت دائرة االلتحام نفس دائرة التقاطع بني سطح .مقدم اجلليدية وبني كرة العنبية أو موازية هلذه الدائرة

اجلليدية سطحان كريان متقاطعان، فمركز السطح املتقدم وأيضاً فإن سطح مقدم اجلليدية وسطح بقية واخلط املستقيم الذي يصل بني هذين املركزين مير مبركز دائرة . ابعد يف العمق من مركز السطح املتأخر

التقاطع ويكون عموداً عليها قد تبني أنه مير مبركز دائرة االلتحام ويكون عموداً عليها ألن هذه الدائرة إما ة االلتحام أو موازية هلا، فاخلط إذن الذي مير مبركز العنبية ومبركز مقدم اجلليدية ومبركز دائرة هي دائر

.االلتحام ويكون عموداً على هذه الدائرة مير مبركز بقية اجلليدية

وإذا كان هذا اخلط مير مبركز بقية اجلليدية ومبركز دائرة االلتحام، وهو قائم على سطح دائرة االلتحام على زوايا قائمة، فهو ميتد يف وسط جتويف العصبة اليت العني مركبة عليها، لن دائرة االلتحام هي طرف

وقد نبني أن اخلط الذي مير مبركز العنبية ومبركز القرنية ومبركز الثقب الذي يف مقدم .جتويف العصبةي اجلليدية ومبركز كرة العنبية ميتد يف وسط جتويف العصبة، فهذا اخلط إذن الذي مير مبركزي سطح

العنبية هو اخلط الذي مير مبركز القرنية ومبركز العنبية ومبركزي سطحي اجلليدية ومبركز الثقب الذي يف مقدم العنبية ومبركز دائرة االلتحام، ومير بأوساط مجيع الطبقات املقابلة لثقب العنبية، وهو عمود على

وعمود على سطح ثقب العنبية وعمود على سطح دائرة سطوح مجيع الطبقات املقابلة لثقب العنبية .االلتحام، وميتد يف وسط جتويف العصبة اليت العني مركبة عليها

وإذ قد تبني أن مركز القرنية ومركز سطح مقدم اجلليدية مها مجيعاً على هذا اخلط، ومها مجيعاً أبعد يف اجلليدية وهو مركز القرنية لتكون مراكز العمق من مركز العنبية، فاألشبه أن يكون مركز سطح مقدم

مجيع السطوح املقابلة لثقب العنبية نقطة واحدة مشتركة، فتكون مجيع اخلطوط اخلارجة من املركز إىل سطح البصر أعمدة على مجيع السطوح املقابلة للثقب، ومع ذلك فإنه يتبني من بعد بالدليل عند كالمنا

. رنية ومركز السطح املتقدم من اجلليدية هو نقطة واحدة مشتركةيف كيفية اإلبصار أن مركز سطح الق

ابن اهليثم-املناظر 55

.طبقات البصر املقابلة لثقب العنبية سطوح كرية مركزها نقطة واحدة مشتركة

وأيضاً فألن هذا املركز هو مركز السطح الظاهر من البصر املتصل بالسطح املشتمل على مجلة العني، فهو .بقات البصر املقابلة لثقب العنبية هو يف داخل مجلة العنييف داخل مجلة العني، فمركز سطوح ط

فإذا حتركت العني فليس تتغري النقطة من العني اليت هي مركز سطوح طبقات البصر، وال يتغري وضعها من هذه السطوح بل تكون حافظة لوضعها، ألن العني إذا حتركت إمنا تتحرك جبملتها، وأوضاع أجزاء

وهذا املركز هو يف داخلها، فوضعه ال يتغري عند . ليس تتغري عند احلركة مجلتها بعضها عند بعضفوضع هذا املركز عند . وكذلك وضع طبقات البصر عند مجلة العني ليس يتغري عند حركة البصر. مجلتها

.سطوح طبقات البصر ليس يتغري عند حركة البصر وال عند سكونه

ر وعند سكونه إمنا يكون عند الثقب الذي يف مقعر العظم ألنه وقد تبني أن احنناء العصبة عند حركة البصإمنا يكون من وراء مجلة العني،فاحنناء العصبة إذن عند حركة البصر وعند سكونه ليس يكون إال من وراء

.مركز البصر

وأيضاً فإن مجلة العني ليس يتغري وضع أجزائها بعضها عند بعض ال يف حال حركتها وال يف حال . ، فأوضاع مراكز طبقات البصر عند مجلة العني ليس تتغري عند حركة البصر وال عند سكونهسكوا

فاخلط املستقيم الذي مير باملراكز ليس يتغري وضعه عند مجلة العني وال عند أجزائها ال يف حال حركة جزائها فوضع وإذا كان وضع هذا اخلط ليس يتغري عند مجلة العني وال عند أ. البصر وال يف حال سكونه

هذا اخلط إذن ليس يتغري عند سطح دائرة االلتحام وال عند حميطها، وهذه الدائرة هي طرف جتويف العصبة، فوضع سطحها من سطح جتويف العصبة وضع متشابه، وميل اجلزء املنخرط من العصبة على

.سطح هذه الدائرة ميل متشابه، الن وضع اجلليدية من هذه العصبة وضع متشابه

إذا كانت مجلة العني ليس يتغري وضع أجزائها بعضها عن بعض فسطح جتويف العصبة من لدن حميط ودائرة االلتحام إىل وضع احنناء العصبة الذي هو اجلزء املنخرط من العصبة يل يتغري وضعه عند مجلة العني

.وال عند دائرة االلتحام

ري عند دائرة االلتحام، وإنه ميتد يف وسط جتويف وقد تبني أن وضع اخلط الذي مير باملراكز ليس يتغوإذا كان وضع هذا اخلط ليس يتغري عند دائرة االلتحام، وكان سطح جتويف العصبة الذي من . العصبة

لدن حميط دائرة االلتحام إىل موضع االحنناء ليس يتغري وضعه عند سطح جتويف العصبة إىل أن ينتهي إىل مير مبراكز طبقات البصر مير مبركز دائرة االلتحام ويكون قائماً عليها على موضع االحنناء، فاخلط الذي

زوايا قائمة، فيمتد يف وسط جتويف العصبة املنخرطة إىل أن ينتهي إىل موضع احنناء العصبة، ويكون

ابن اهليثم-املناظر 56

وضعه أبداً من سطح جتويف العصبة الذي يف داخل مجلة العني ومن مجيع أجزاء العني ومن مجيع سطوح .ات البصر وضعاً واحداً ال يتغري يف حال حركة البصر وال يف حال سكونهطبق

.فهذه هي أوضاع طبقات البصر وأوضاع مراكزها ووضع اخلط املستقيم الذي مير مبركزها

والعينان مجيعاً متشاتان يف مجيع أحواهلما وطبقاما ويف أشكال طبقاما ويف وضع كل واحد من وإذا كان ذلك كذلك فوضع كل واحد من املراكز اليت تقدم تفصيلها عند . نيالطبقات عند مجلة الع

مجلة العني وعند أجزائها وضع املركز النظري لذلك املركز من العني األخرى عند مجلة العني شبيهة بنظائرها يف العني األخرى كان وضع اخلط الذي مير باملراكز يف إحدى العينني عند مجلة العني وعند

ها وعند طبقاا شبيهاً بوضع اخلط الذي مير باملراكز اليت يف العني األخرى عند مجلة العني األخرى أجزائفوضع اخلطني اللذين ميران مبراكز طبقات البصرين من البصرين معاً وضع . وعند أجزائها وعند طبقاا

لتان صغريتان إحديهما مما وكل واحدة من امللتحمتني تلتحم ا من خارج عض. متشابه يف مجيع أحواهلما .ويشتمل على كل واحدة من العينني األجفان واألهداب. يلي موق العني واألخرى مما يلي مؤخرها

فهذا الذي شرحناه هو صفة تركيب البصر وهيئته وهيئة طبقاته، ومجيع ما ذكرناه من طبقات العني .وتركيبها قد بينه وشرحه أصحاب التشريح يف كتب التشريح

فصل السادس ال

كيفية اإلبصار

قد تبني فيما تقدم أن كل جسم مضيء بأي ضوء كان فإن الضوء الذي فيه يصدر منه ضوء إىل كل فإذا قابل البصر مبصراً من املبصرات، وكان املبصر مضيئاً بأي ضوء كان، فإن الضوء الذي . جهة تقابله

أن من خاصة الضوء أن يؤثر يف البصر وأن من وقد تبني أيضاً. يف املبصر يرد منه ضوء إىل سطح البصرفاخلق بأن يكون إحساس البصر بالضوء الذي يف املبصر إمنا هو من . طبيعة البصر أن ينفعل بالضوء .الضوء الذي يرد منه إىل البصر

وقد تبني أيضاً أن كل جسم متلون مضيء بأي ضوء كان فإن صورة اللون الذي يف ذلك اجلسم تصحب . لضوء الذي يصدر عنه إىل كل جهة تقابل ذلك اجلسم، ويكون الضوء وصورة اللون أبداً معاً أبداً ا

فالضوء الذي يرد إىل البصر من الضوء الذي يف اجلسم املبصر يكون أبداً معه صورة اللون الذي يف اجلسم ء الذي يف املبصر وإذا كان الضوء واللون يردان معاً إىل سطح البصر، وكان البصر حيس بالضو. املبصر

من الضوء الذي يرد إليه من املبصر، فأخلق بأن يكون إحساس البصر باللون الذي يف املبصر أيضاً إمنا هو

ابن اهليثم-املناظر 57

.من صورة اللون اليت ترد عليه مع الضوء

وأيضاً فإن صورة اللون تكون أبداً ممتزجة بصورة الضوء وغريه متميزة عنها، فليس حيس البصر بالضوء فاخلق بأن يكون إحساس البصر بلون املبصر والضوء الذي فيه إمنا هو من الصورة . باللونإال ملتبساً

.املمتزجة من الضوء واللون الذي يرد إليه من سطح البصر

وأيضاً فإن طبقات البصر املسامتة لوسط مقدم البصر مشفة متماسة، واألوىل منها وهي القرنية مماسة من خاصة الضوء أن ينفذ يف كل جسم مشف، وكذلك خاصة اللون أن للهواء الذي فيه ترد الصورة، و

تنفذ صورته اليت تصحب الضوء يف اجلسم املشف ولذلك متتد يف اهلواء املشف كامتداد الضوء، ومن طبيعة اجلسام املشفة أن تقبل صورة األضواء واأللوان وتؤديها إىل اجلهات املقابلة هلا، فالصورة اليت ترد

ىل سطح البصر تنفذ يف شفيف طبقات البصر من الثقب الذي يف مقدم العنبية، فهي تصل إىل من املبصر إفأخلق بأن تكون طبقات البصر إمنا كانت مشفة لتنفذ . الرطوبة اجلليدية وتنفذ أيضاً منها حبسب شفيفها

.فيها صور األضواء واأللوان اليت ترد إليها

.فلنحرر اآلن ما تألف من مجيع ذلك

إن البصر حيس بالضوء واللون اللذين يف سطح املبصر من الصورة اليت ترد إليه من الضوء واللون : قولفنوهذا املعىن هو الذي استقر عليه رأي أصحاب . اللذين يف سطح املبصر وتنفذ يف شفيف طبقات البصر

.الطبيعة يف كيفية اإلبصار

الصفة فقط ، ألن هذه الصفة تنتقد وتبطل إن مل فنقول اآلن عن كيفية اإلبصار ال تصح أن تكون ذه وذلك أن كل جسم متلون مضيء فإن ضوئه ولونه متتد صورما يف اهلواء املشف . ينضاف إليها غريها

وقد يقابل البصر يف الوقت الواحد مبصرات كثرية خمتلفة األلوان . املتصل به إىل مجيع اجلهات املقابلة لهوإذا كان املبصر . لبصر مسوت مستقيمة يف اهلواء املتصل املتوسط بينه وبينهاكل واحد منها بينه وبني ا

املقابل للبصر ترد صورة الضوء واللون اللذين فيه إىل سطح البصر فكل واحد من املبصرات اليت تقابل وإذا كانت الصورة متتد . البصر يف وقت واحد ترد صورة ضوئه ولونه يف ذلك الوقت إىل سطح البصر

املبصر إىل كل جهة تقابله، وكانت إمنا تصل إىل البصر من أجل مقابلته، فإن الصورة اليت تصل من منوإذا كان ذلك كذلك فإن البصر إذا قابل مبصراً من . املبصر إىل البصر تصل إىل مجيع سطح البصر

فة األلوان املبصرات ، ووصلت صورة لونه وضوءه إىل سطح البصر، وحضر يف الوقت مبصرات أخر خمتلمقابلة للبصر ، فإن كل واحد من تلك املبصرات قد وردت صورة ضوءه ولونه إىل سطح البصر وتكون

فتحصل يف مجيع سطح . صورة كل واحد من مجيع تلك املبصرات قد حصلت يف مجيع سطح البصر

ابن اهليثم-املناظر 58

ح البصر، البصر يف وقت واحد ألوان كثرية خمتلفة وأضواء كثرية خمتلفة كل واحد منها قد مال سط .فتحصل يف سطح البصر صورة ممتزجة من ألوان خمتلفة وأضواء خمتلفة

وإن . فإن أحس البصر بتلك الصورة املمتزجة فهو حيس بلون خمالف للون كل واحد من تلك املبصراتوهو يدرك . أحس بواحدة من تلك الصور ومل حيس بالباقية أدرك واحداً من املبصرات ومل يدرك الباقية

.تلك املبصرات يف وقت واحد ويدركها متميزةمجيع

.ولكنه حيس جبميعها. وإن مل حيس بواحدة من تلك الصور فليس حيس بشيء من املبصرات املقابلة

وأيضاً فإن املبصر الواحد قد تكون فيه ألوان خمتلفة وختطيط وترتيب، وكل جزء من أجزائه يصدر منه فإذا كانت . ت املستقيمة اليت يصح أن متتد يف اهلواء املتصل بهالضوء واللون اللذين فيه يف مجيع السمو

أجزاء املبصر الواحد خمتلفة األلوان ورد إىل مجيع سطح البصر من كل واحد منها صورة اللون والضوء فإن . اللذين فيه، فتمتزج ألوان تلك األجزاء يف سطح البصر، فيدركها البصر ممتزجة أوال يدرك منها شيئاً

ممتزجة مل تتميز ألوان ومل تترتب األجزاء، وإن مل يدرك من تلك الصور شيئاً مل يدرك شيئاً من أدركهالكن البصر يدرك املبصر املضيء املقابل له ويدرك . األجزاء وإذا مل يدرك شيئاً من األجزاء مل يدرك املبصر

.أجزاءه املختلفة األلوان ويدركها متميزة مترتبة

كيفية اإلبصار إما أن تكون بغري هذه الصفة مجلة وإما أن تكون هذه الصفة هي وإذا كان ذلك كذلك ففلننظر اآلن هل ميكن أن ينضاف إىل هذه الصفة شروط تتميز ا ألوان املبصرات عند . بعض صفتها

.البصر وتكون موافقة للوجود

ترد منها صورة اللون إن البصر إذا قابل مبصراً من املبصرات فإن كل نقطة من سطح املبصر: فنقولوالضوء اللذين فيها إىل مجيع سطح البصر، وكل نقطة من كل واحد من املبصرات املقابلة للبصر يف تلك

فإن أحس البصر من مجيع . احلال أيضاً ترد منها صورة اللون والضوء اللذين فيها إىل مجيع سطح البصر النقط اليت يف سطح املبصر فهو حيس من مجيع سطحه بصورة اللون والضوء اليت ترد من نقطة واحدة من

سطحه بصورة كل نقطة من سطح ذلك املبصر وصورة كل نقطة من سطوح مجيع املبصرات املقابلة له .يف تلك احلال، فال تترتب له أجزاء املبصر الواحد وال تتميز له املبصرات

صر إىل مجيع سطح البصر من نقطة وإن احس البصر بالصورة اليت ترد من نقطة واحدة من سطح املبواحدة فقط من سطح البصر ومل حيس بصورة تلك النقطة من مجيع سطحه ترتبت له أجزاء املبصر

وذلك أنه إذا أدرك لون النقطة الواحدة من نقطة واحدة فقط من . ومتيزت له مجيع املبصرات املقابلة لهطحه وأدرك لون اجلزء اآلخر من جزء آخر من سطحه أدرك لون اجلزء الواحد من املبصر من جزء من س

ابن اهليثم-املناظر 59

سطحه غري ذلك اجلزء وأدرك كل واحد من املبصرات من موضع من سطحه غري املوضع الذي يدرك منه .مبصراً آخر، فتترتب له املبصرات وتتميز وتترتب أجزاء كل واحد من املبصرات

أوالً إن اإلبصار إمنا يكون باجلليدية فنقول. فلننظر اآلن هل هذا املعىن ممكن ويصح أن يوافق الوجودكان اإلبصار بصورة ترد من املبصر إىل البصر أو غري ذلك ، وليس يكون اإلبصار بواحدة من الطبقات

وذلك إن حلق الرطوبة اجلليدية آفة مع سالمة بقية الطبقات . املتقدمة هلا وإمنا الطبقات املتقدمة آالت هلاالطبقات آفة مع بقاء الشفيف الذي فيها أو بعضه ومع سالمة اجلليدية مل بطل اإلبصار، وإن حلق بقية

وأيضاً فإنه إن حصل يف ثقب العنبية سدة وبطل شفيف الرطوبة اليت فيها بطل اإلبصار مع . يبطل اإلبصاروكذلك إن حصل يف داخل الرطوبة البيضية جزء غليظ . سالمة القرنية، وإذا زالت السدة عاد اإلبصار

مشف، وكان يف وجه الرطوبة اجلليدية ومتوسطاً بينها وبني ثقب العنبية ، بطل اإلبصار، وإذا زال غريذلك الغلظ أ احنط اجلزء الغليظ عن السمت املستقيم الذي بني اجلليدية وبني ثقب العنبية أو مال عنه إىل

.بعض اجلهات عاد اإلبصار يشهد جبميع ذلك صناعة الطب

د فساد اجلليدية مع سالمة بقية الطبقات املتقدمة هلا دليل على أن اإلحساس إمنا فبطالن اإلحساس عنيكون ذه الرطوبة ال بالطبقات املتقدمة هلا، وبطالن اإلحساس عند انقطاع الشفيف بني اجلليدية وبني

ر، سطح البصر باجلسم الكثيف يدل أيضاً على أن اإلحساس إمنا هو عند اجلليدية ال عند سطح البصويدل أيضاً على أن شفيف هذه الطبقات إمنا هو ليتصل شفيف طبقات البصر بشفيف اهلواء فتصري

وبطالن اإلحساس عند انقطاع السمت . األجسام اليت بني اجلليدية وبني البصر مشفة متصلة الشفيف من السموت املستقيم الذي بني اجلليدية وبني سطح البصر يدل على أن إحساس اجلليدية ليس يكون إال

.املستقيمة اليت بينها وبني سطح البصر

فنقول اآلن إن كان إحساس البصر بلون املبصر والضوء الذي فيه من الصورة اليت ترد من املبصر إىل سطح البصر، واإلحساس إمنا يكون باجلليدية ال بسطح البصر، فليس حيس ذه الصورة إال بعد أن

والصورة اليت ترد من املبصر إىل سطح البصر هي تنفذ يف . يديةيتجاوز سطح البصر ويصل إىل اجللشفيف طبقات البصر ألن من خاصة الشفيف أن تنفذ فيه صور األضواء واأللوان ومتتد فيه على استقامة

وإذا اعتربت مجيع األجسام املشفة وجد الضوء ليس ميتد فيها إال على السموت . ، وقد بينا ذلك يف اهلواءوإن . وحنن نبني من بعد عند كالمنا يف االنعطاف كيف يعترب ذلك وكيف تنتهي هذه احلالاملستقيمة،

كان إحساس البصر باللون والضوء اللذين يف املبصر من الصورة اليت ترد إليه من املبصر فعند وصول هذه ا هو عليه إال وقد تبني انه ليس يصح أن يدرك البصر املبصر على م. الصورة إىل اجلليدية يقع اإلحساس

فاجلليدية إذن ليس يصح أن . إذا أدرك صورة النقطة الواحدة من املبصر من نقطة واحدة فقط من سطحه

ابن اهليثم-املناظر 60

تدرك املبصر على ما هو عليه إال إذا أدركت لون النقطة الواحدة من املبصر وضوءها من الصورة اليت نقطة من سطح املبصر إىل مجيع والصورة ترد من كل. تصل إليها من نقطة واحدة فقط من سطح البصر

فإن كان ما يرد من النقطة الواحدة . سطح البصر وتنفذ من مجيع سطح البصر إىل داخل جتويف البصرمن املبصر إىل مجيع سطح البصر وينفذ يف طبقات البصر وينتهي إىل اجلليدية تدرك اجلليدية منه ما ينفذ

بلون تلك النقطة من املبصر وضوئها من الصورة اليت إليها من نقطة واحدة فقط من سطح البصر، وحتستنفذ من تلك النقطة فقط من سطح البصر وتصل إىل نقطة واحدة فقط من سطحها وال تدرك تلك

النقطة من املبصر من بقية الصورة اليت تصل إىل سطحها من بقية سطح البصر، مت اإلبصار وترتبت أجزاء .بصراملبصرات ومتيزت املبصرات عند ال

وليس يصح أن يكون . وليس يتم اإلبصار إن كان من الصورة اليت ترد إىل البصر إال على هذه الصفةذلك كذلك إال إذا كانت واحدة من النقط اليت يف سطح البصر اليت تنفذ فيها صورة النقطة الواحدة من

ليه ترد الصورة إىل تلك سطح املبصر تتميز عن بقية النقط اليت يف سطح البصر، وكان اخلط الذي عالنقطة من سطح البصر يتميز عن بقية اخلطوط اليت ترد عليها الصورة خباصة من أجلها يصح أن تدرك اجلليدية الصورة اليت ترد على ذلك اخلط ومن النقطة من سطح البصر اليت على ذلك اخلط وال تدركها

.من غريها

وامتدادها يف األجسام املشفة وجد الضوء ميتد يف اجلسم وإذا استقرئت األضواء واعتربت كيفية نفوذها املشف على مسوت مستقيمة ما دام اجلسم املشف متشابه الشفيف، فإذا لقي جسماً آخر خمالف الشفيف

للجسم األول الذي امتد فيه فليس ينفذ على استقامة السموت اليت كان يرتد عليها إال إذا كانت تلك وإذا كان تتلك السموت مائلة على . سم الثاين املشف على زوايا قائمةالسموت قائمة على سطح اجل

سطح اجلسم الثاين وغري قائمة عليه على زوايا قائمة انعطف الضوء عند سطح اجلسم الثاين ومل ميتد على فإذا انعطف امتد يف اجلسم الثاين على مسوت اخلطوط املستقيمة اليت ينعطف عليها، وتكون . استقامةط اليت ينعطف عليها الضوء يف اجلسم الثاين أيضاً مائلة على سطح اجلسم الثاين وال تكون أعمدة اخلطووإن كان بعض اخلطوط اليت يرد عليها الضوء يف اجلسم األول قائماً على سطح اجلسم الثاين . عليه

امة، وما كان منه وبعضها مائالً امتد ما كان من الضوء على اخلطوط القائمة يف اجلسم الثاين على استقعلى اخلطوط املائلة انعطف عند سطح اجلسم الثاين على خطوط مائلة ممتدة فيه على استقامة تلك

وقد ذكرنا هذا املعىن من قبل وضمنا تبيينه، وحنن نبينه من بعد يف . اخلطوط املائلة اليت انعطف عليهاىل الطريق الذي به تعترب هذه احلال ويظهر املوضع الذي يليق به، وهو عند كالمنا يف االنعطاف، ونرشد إ

ابن اهليثم-املناظر 61

.هذا املعىن للحس ويقع معه اليقني

وإذا كان ذلك كذلك فصورة الضوء واللون اليت ترد من كل نقطة من املبصر إىل سطح البصر إذا وصلت إىل سطح البصر فليس ينفذ منها شيء يف شفيفات طبقات البصر على استقامة إال ما كان على

يم القائم على سطح البصر على زوايا قائمة، وما كان على غريه من اخلطوط فإنه ينعطف وال اخلط املستقوالذي ينعطف . ينفذ على استقامة، ألن شفيف طبقات البصر ليس كشفيف اهلواء املماس لسطح البصر

. عطافمن هذه الصور ينعطف أيضاً على خطوط مستقيمة مائلة ال على األعمدة اليت متتد من مواضع االن

وكل نقطة من سطح البصر فليس خيرج إليها مستقيم يكون عموداً على سطح البصر إال خط واحد والصورة اليت ترد على استقامة العمود . فقط، وخيرج إليها خطوط بال اية تكون مائلة على سطح البصر

ملائلة إىل تلك النقطة تنفذ يف طبقات البصر على استقامة العمود، ومجيع الصور اليت ترد على اخلطوط اتنعطف عند تلك النقطة وتنفذ يف طبقات البصر على خطوط مائلة أيضاً، وال ينفذ شيء منها على

.استقامة اخلطوط اليت وردت عليها وال على استقامة العمود القائم على تلك النقطة

سطوح مجيع املبصرات وكل نقطة من سطح البصر ترد إليها يف الوقت الواحد صور مجيع النقط اليت يف املضيئة املقابلة هلا يف ذلك الوقت، ألن بينها وبني كل نقطة مقابلة هلا خطاً مستقيماً، وألن كل نقطة من

. النقط اليت يف سطوح املبصرات املضيئة فإن صورا متتد على كل خط مستقيم ميتد من تلك النقطة

وردت صورها إىل سطح البصر على خطوط ونقطة واحدة فقط من مجيع النقط املقابلة للبصر اليتفكل نقطة من سطح البصر ينفذ فيها يف الوقت الواحد صور مجيع النقط اليت يف سطوح مجيع . مائلة

وصورة نقطة واحدة فقط من مجيعها تنفذ على استقامة يف شفيف . املبصرات املقابلة هلا يف ذلك الوقتوصور . مود الذي خيرج إىل تلك النقطة من سطح البصرطبقات البصر وهي النقطة اليت عند طرف الع

وصور مجيع النقط الباقية تنعطف عند تلك . مجيع النقط الباقية تنعطف عند تلك النقطة من سطح البصر .النقطة من سطح البصر وتنفذ يف شفيف طبقات البصر على خطوط مائلة على سطح البصر

رج منها خط واحد فقط يكون عموداً على سطح البصر، وأيضاً فإن كل نقطة من سطح اجلليدية خيفالنقطة من سطح اجلليدية اليت خيرج . وخترج منها خطوط بال اية إىل سطح البصر وتكون مائلة عليه

منها عمود على سطح البصر ويكون نافذاً يف ثقب العنبية خترج منها خطوط بال اية تنفذ يف ثقب العنبية . وتكون مائلة على سطح البصر ما سوى ذلك العمود فقطوتنتهي إىل سطح البصر

ومجيع اخلطوط اليت خترج من نقطة من سطح اجلليدية وتنفذ يف ثقب العنبية وتنتهي إىل سطح البصر وتكون مائلة عليه إذا تومهت منعطفة على الصفة اليت يوجبها اختالف الشفيف الذي بني شفيف جسم

ابن اهليثم-املناظر 62

أطرافها تنتهي إىل مواضع خمتلفة وإىل نقط خمتلفة وإىل نقط خمتلفة من النقط القرنية وبني شفيف اهلواء فإن اليت يف سطوح املبصرات اليت تقابل البصر يف وقت واحد، وليس يلقي واحد من هذه اخلطوط النقطة اليت

والنقط اليت عند أطراف مجيع هذه اخلطوط من سطوح املبصرات متتد صورها على . عند طرف العمودمة هذه اخلطوط وتنتهي إىل سطح البصر وينعطف مجيعها إىل النقطة الواحدة بعينها من سطح استقا

اجلليدية، ما سوى النقطة اليت عند طرف العمود فإن صورا متتد على استقامة العمود وتنفذ على استقامة يها من مجيع السموت إىل تلك النقطة من اجلليدية حتس من النقطة الواحدة منها جبميع الصور اليت ترد إل

فهي حتس من كل نقطة منها بصورة ممتزجة من صور كثرية وألوان ممتزجة من ألوان كثرية من املبصرات املقابلة للبصر يف ذلك الوقت، فال يتميز هلا شيء من النقط اليت يف سطوح املبصرات وال تترتب هلا النقط

حتس من النقطة الواحدة منها يرد إليها من مست وإن كانت اجلليدية. اليت ترد صورها إىل تلك النقطةواحد فقط متيزت هلا النقط اليت يف سطوح املبصرات وترتبت هلا النقطة اليت يف سطح كل واحد من

.املبصرات

وليس واحدة من النقط اليت تصل صورها إىل اجلليدية على اخلطوط املنعطفة أوىل من غريها من الصور والصور املنعطفة إىل النقطة الواحدة من اجلليدية . السموت املنعطفة أوىل من غريهاملنعطفة، وال واحد من

والنقطة اليت ترد صورا على استقامة العمود إىل النقطة الواحدة . يف الوقت الواحد كثرية غري حمصورةع الصور من اجلليدية هي نقطة واحدة فقط، وليس يرد معها على استقامة العمود صورة غريها، ألن مجي

وأيضاً فإنه إذا كان مركز سطح البصر ومركز سطح . املنعطفة ليس تنعطف إال على خطوط مائلة .اجلليدية واحداً فإن العمود الذي يقوم على سطح البصر هو عمود على سطح اجلليدية

صر إىل إحديهما أا متتد من سطح املب: فالصورة اليت ترد على العمود تتميز عن سائر الصور حبالتنيوالثانية أن هذا العمود القائم أن . النقطة من اجلليدية على خط مستقيم، والباقية ترد على خطوط منعطفةواخلطوط الباقية اليت ترد عليها . هذا العمود القائم على سطح البصر هو عمود على سطح اجلليدية أيضاً

.سطح البصرالصور املنعطفة هي مائلة على سطح اجلليدية ألا مائلة على

فأخلق بأن تكون . وتأثري األضواء اليت ترد على األعمدة يكون أقوى من تأثري ما يرد على اخلطوط املائلةاجلليدية إمنا حتس من كل نقطة منها بالصورة اليت ترد إليها على استقامة العمود فقط وال حتس من تلك

.النقطة مبا يرد إىل تلك النقطة من السموت املنعطفة

ضاً فإنه إذا كان مركز سطح اجلليدية نقطة واحدة فإن مجيع األعمدة اليت تقوم على سطح اجلليدية وأيوعلى سطح اجلليدية وعلى سطح البصر يلتقي مجيعها عند املركز املشترك وتكون أقطاراً لسطوح طبقات

اجلليدية على البصر، ويكون كل واحد من األعمدة يلقى سطح القرنية على نقطة واحدة، ويلقى سطح

ابن اهليثم-املناظر 63

نقطة واحدة، وال خيرج إىل تلك النقطة من القرنية عمود إال عمود واحد فقط، وال خيرج إىل تلك النقطة فتكون الصورة اليت خترج من كل نقطة من سطح املبصر على العمود .اجلليدية إال ذلك العمود بعينه فقط

حدة ال يلقاه عليها غريها من الصور اليت الذي ميتد منها إىل سطح البصر يلقى سطح البصر على نقطة واترد على األعمدة، ويلقى سطح اجلليدية أيضاً على نقطة واحدة ال يلقاه عليها غريها من الصور اليت ترد

وأيضاً فإنه قد تبني أن كل جسم متلون مضيء بأي ضوء كان فإن كل نقطة خيرج منها . على األعمدة .م يصح أن ميتد من تلك النقطةصورة الضوء واللون على كل خط مستقي

وكل نقطة تقابل سطحاً من السطوح فإن بني تلك النقطة وبني كل نقطة من ذلك السطح خطاً مستقيماً متومهاً، وبني تلك النقطة وبني مجيع ذلك السطح خمروط متوهم رأسه تلك النقطة وقاعدته ذلك السطح

. يت بني تلك النقطة وبني مجيع النقط اليت يف ذلك السطحيشتمل على مجيع اخلطوط املستقيمة املتومهة ال

فإذا كانت صورة الضوء واللون خترج من كل نقطة من سطح اجلسم املتلون املضيء على كل خط مستقيم يصح أن ميتد من تلك النقطة، فإن كل نقطة مقابلة للجسم املضيء املتلون فإن صورة الضوء

تد من كل نقطة من سطح ذلك اجلسم إىل تلك النقطة املقابلة له واللون اللذين يف سطح ذلك اجلسم متعلى اخلط املستقيم املمتد بينها وبني تلك النقطة، ويكون املخروط الذي يتشكل بني تلك النقطة وبني

فكل . ذلك السطح حييط جبميع اخلطوط اليت متتد عليها الصور من مجيع ذلك السطح إىل تلك النقطةأي ضوء كان فإن صورة الضوء واللون اللذين فيه متتد من سطحه إىل كل نقطة جسم متلون مضيء ب

تقابل ذلك السطح على مست املخروط الذي يتشكل بني تلك النقطة وبني ذلك السطح، وتكون الصورة مرتبة يف ذلك املخروط باخلطوط اليت تلتقي عند تلك النقطة اليت هي رأس املخروط كترتيب أجزاء اللون

. سطح ذلك اجلسمالذي يف

فإذا قابل املبصر مبصراً من املبصرات فإنه يتشكل بني النقطة اليت هي مركز البصر وبني سطح ذلك املبصر وإذا كان اهلواء املتوسط بني . املقابل للبصر خمروط متوهم رأسه مركز البصر وقاعدته سطح ذلك املبصر

ر واملبصر جسم كثيف، وكان ذلك املبصر مضيئاً ذلك املبصر وبني البصر متصالً، ومل يتوسط بني البصبأي ضوء كان، وكانت صورة الضوء واللون اللذين يف سطح ذلك املبصر ممتدة إىل البصر على مست

ذلك املخروط، وكانت صورة كل نقطة من سطح ذلك املبصر ممتدة على استقامة اخلط الذي بني تلك .رالنقطة وبني راس املخروط الذي هو مركز البص

وإذا كان مركز البصر هو مركز سطح اجلليدية كانت مجيع هذه اخلطوط أعمدة على سطح ظاهر البصر وعلى سطح اجلليدية وعلى مجيع سطوح طبقات البصر املتوازية، ويكون املخروط مشتمالً على مجيع

ابن اهليثم-املناظر 64

ملبصر املقابل هذه األعمدة ومشتمالً على اجلزء من اهلواء الذي فيه متتد الصورة من مجيع سطح ذلك افتحصل صورة الضوء واللون . للبصر على مسوت األعمدة، ويكون سطح اجلليدية قاطعاً هلذا املخروط

اللذين يف ذلك املبصر يف اجلزء من سطح اجلليدية الذي حيوزه املخروط، وتكون كل نقطة من هذا اجلزء املبصر على استقامة العمود خيرج من سطح اجلليدية قد وردت إليها صورة النقطة املقابلة هلا من سطح

من تلك النقطة من سطح املبصر على سطوح طبقات البصر وعلى سطح اجلليدية ونفذت يف شفيف وتكون . معها على استقامة ذلك العمود صورة غريها1طبقات البصر على استقامة ذلك العمود ومل تنفذ

فيه باخلطوط اليت وردت عليها إليه هي أعمدة هذه الصورة اليت حتصل يف اجلزء من سطح اجلليدية مرتبة وتكون كل نقطة من هذا اجلزء . عليه وتلتقي عند مركز البصر كترتيب أجزاء سطح املبصر املقابل للبصر

من سطح اجلليدية مع مجيع ذلك قد وردت إليها يف تلك احلال صور كثرية من نقط كثرية من النقط اليت فتحصل يف هذا اجلزء من سطح اجلليدية الذي انفصل . صر يف ذلك الوقتيف سطوح املبصرات املقابلة للب

.باملخروط صور كثرية من ألوان كثرية خمتلفة

فإن أحست اجلليدية من اجلزء الذي انفصل باملخروط بالصورة اليت وردت إىل ذلك اجلزء من مست ذلك يت وردت على ذلك السمت املخروط فقط ومل حتس من ذلك اجلزء من سطحها بصورة غري الصورة ال

أحست بصورة ذلك املبصر على ما هي عليه ومرتبة كترتيبها، وأمكن أن حتس أيضاً يف تلك احلال بصور مبصرات أخر غري ذلك املبصر من املخروطات اليت تفصل من سطحها أجزاء أخر غري ذلك اجلزء،

ن حتس بأوضاع بعضها من وأمكن أن حتس بصورة كل واحد من تلك املبصرات على ما هو عليه وا .بعض على ما هي عليه

وإن أحست اجلليدية بالصور اليت ترد إليها من السموت املنعطفة أحست من ذلك اجلزء بعينه الذي انفصل من سطحها بذلك املخروط بصورة ممتزجة من صور أجزاء سطح أجزاء سطح ذلك املبصر ومن

ألوان كثرية خمتلفة، وأحست من كل جزء من كل جزء صور مبصرات كثرية خمتلفة وتكون ممتزجة من من سطحها غري ذلك اجلزء بصورة ممتزجة من صور مبصرات كثرية خمتلفة، فال حتس بالصورة اليت

وردت على مست ذلك املخروط على ما هي عليه وال بشيء من الصور اليت وردت على األعمدة على ما السموت املنعطفة على ما هي عليه، فال حتس بصورة هي عليه وال بشيء من الصور اليت وردت من

.املبصر الواحد على ما هي عليه وال تتميز هلا املبصرات اليت تقابلها يف وقت واحد بعضها من بعض

والبصر إمنا يدرك املبصرات متميزة ويدرك أجزاء املبصر الواحد مرتبة على ما هي عليه يف سطح املبصر، فإن كان اإلبصار من الصور اليت ترد من املبصرات إىل . عاً يف وقت واحدويدرك عدة من املبصرات م

ابن اهليثم-املناظر 65

.البصر فليس حتس اجلليدية بشيء من صور املبصرات من السموت املنعطفة

وأيضاً فإنه ليس شيء من الصور اليت تصل إىل سطح اجلليدية من صور املبصرات يترتب يف سطح أجزاء املبصر الواحد إال اليت تصل إليها على استقامة اجلليدية على ما هي عليه، وال شيء من صور

فأما الصور املنعطفة عند سطح البصر فإن أوضاعها حتصل يف . األعمدة اليت تقوم على سطح البصر فقطسطح اجلليدية منعكسة، وحتصل صورة النقطة الواحدة مع ذلك يف قطعة من سطح اجلليدية، ال يف نقطة

تيامنة عن البصر إذا امتدت صورا إىل نقطة من سطح البصر، وكان اخلط وذلك أن النقطة امل. واحدةالذي امتدت عليه الصورة مائالً على سطح البصر، فإن صورا تنعطف إىل اجلهة املتياسرة عن العمود

وتنتهي الصورة اليت تنعطف من طرف العمود . الذي ميتد من مركز البصر إىل تلك النقطة من سطحهوتكون . صفة إىل نقطة متياسرة عن النقطة من سطح اجلليدية اليت يقطعه عليها ذلك العمودعلى هذه ال

صورة النقطة املتياسرة عن البصر اليت متتد إىل تلك النقطة بعينها من سطح البصر، وتكون مائلة عليه، الذي خيرج من تنعطف إىل نقطة متيامنة عن العمود وعن النقطة من سطح اجلليدية اليت على ذلك العمود .موضع االنعطاف وال تبلغ إىل العمود وال تتجاوزه، ألن هذه هي خاصة الصور املنعطفة

وكذلك صورتا النقطتني اللتني يف جهة واحدة عن البصر اللتان خترجان إىل نقطة واحدة من سطح ن اخلطني اللذين حتصالن يف سطح اجلليدية منعكستني، أل. البصر، وتكونان مائلتني عليه يف جهة واحدة

عليهما متتد صورتا النقطتني يتقاطعان عند النقطة من سطح البصر اليت عليها تلتقي الصورتان ويلقيان فإن كان هذان اخلطان على سطح . العمود الذي خيرج إىل تلك النقطة من سطح البصر على تلك النقطة

صر إىل تلك النقطة انعطفت صورتا البصر يف جهة واحدة مجيعاً عن العمود الذي خيرج من مركز البوأيضاً فألن اخلطني اللذين متتد عليهما الصورتان إىل النقطة . النقطتني إىل اجلهة املقابلة لتلك اجلهة

الواحدة من سطح البصر يتقاطعان على تلك النقطة فإما إذا امتدا على استقامتهما بعد التقاطع فإن العمود، فيصري اخلط الذي كان متيامناً قبل وصوله إىل سطح وضعهما ينعكس بالقياس إىل البصر وإىل

.البصر من ذينك اخلطني متياسراً بعد جتاوزه لسطح البصر، واملتياسر منهما متيامناً

فإن . وكذلك يكون وضع اخلطني اللذين عليهما تنعطف الصورتان من النقطة الواحدة من سطح البصراحدة تقربان مجيعاً من العمود، ومتتد الصورة اليت كانت على خط الصورتني اللتني تنعطفان من نقطة و

أبعد من العمود بعد التقاطع على خط أبعد من العمود أيضاً، ولكن ببعد أقل من بعد اخلط الذي كانت ومتتد الصورة اليت كانت على خط أقرب إىل العمود بعد التقاطع على خط أقرب إىل العمود أيضاً، . عليه

.رباً من اخلط الذي كانت عليه كذلك مجيع الصور اليت تنعطف من نقطة واحدةولكن أشد ق

وإذا اعترب هذا املعىن اعتباراً حمرراً وجد على ما ذكرناه، وحنن نرشد إىل الطريق الذي به يعترب هذا املعىن

ابن اهليثم-املناظر 66

ولسنا . نعطافاعتباراً حمققاً عند كالمنا يف االنعطاف، وعند ذلك تنكشف مجيع املعاين اليت تتعلق باال .نستعمل هناك يف تبيني املعاين اليت استعملناها يف هذه املقالة شيئاً مما بيناه ذه املعاين يف هذه املقالة

فالنقطتان املائلتان إىل جهة واحدة عن البصر إذا امتدت صورتامها إىل نقطة واحدة من سطح البصر فإما ر بالعكس من وضع اخلطني األولني اللذين عليهما امتدت منعطفان على خطني يكون وضعهما عند البص

الصورتان إىل سطح البصر، فيكون وضع النقطتني من سطح اجلليدية اللتني تنتهي إليهما الصورتان فجميع الصور اليت تنعطف من نقطة واحدة . بالعكس من وضع النقطتني اللتني منهما وردت الصورتان

.يدية منعكسةمن سطح البصر حتصل يف سطح اجلل

وأيضاً فإن كل نقطة مقابلة للبصر فإن صورا ترد إىل مجيع سطح البصر، فهي تنعطف من مجيع سطح والصورة اليت تنعطف من مجيع سطح البصر تنعطف إىل جزء له قدر من سطح اجلليدية، ال إىل . البصر

حدة لكانت تقطع األعمدة اليت نقطة واحدة ، ألن الصور املنعطفة لو التقت بعد االنعطاف على نقطة واوليس شيء من الصور . انعطفت عند أطرافها وتتجاوزها أو خترج الصورة عن السطح الذي انعطفت فيه

املنعطفة يلقى العمود الذي انعطفت عند طرفه بعد االنعطاف وال تتجاوزه وال خيرج عن السطح الذي فليس تكون صورة النقطة الواحدة من املبصر اليت . ومجيع هذه املعاين تتبني عند االعتبار. انعطفت فيه

حتصل يف سطح اجلليدية باالنعطاف يف نقطة واحدة بل يف جزء مقتدر من سطح اجلليدية، وال يكون وضع صور النقط املختلفة من سطح املبصر اليت حتصل صورها يف سطح اجلليدية باالنعطاف بعضها عند

فليس شيء من صور املبصرات اليت . املبصرات بل منعكسةبعض كأوضاعها اليت هي عليها يف سطوح تصل إىل سطح اجلليدية على السموت املنعطفة يترتب يف سطح اجلليدية على ما هي عليه يف سطوح

وقد تبني أن الصور اليت ترد على األعمدة تترتب يف سطح اجلليدية على ما هي عليه، ألا متتد . املبصراتفليس شيء من صور املصرات اليت ترد إىل سطح . بصرات إىل سطح اجلليديةعلى استقامة من سطوح امل

اجلليدية يترتب يف سطح اجلليدية على ما هي عليه يف سطوح املبصرات إال الصور اليت متتد على مسوت .األعمدة فقط

درك فإن كان إحساس البصر باملبصرات من الصور اليت ترد إليه من سطوح املبصرات فإن البصر ليس يشيئاً من صور املبصرات اليت تصل إليه إال من مسوت اخلطوط املستقيمة تلتقي أطرافها عند مركز البصر

.فقط، ألن البصر ليس يدرك شيئاً من صور املبصرات إال مرتبة على ما هي عليه يف سطوح املبصرات

ط املستقيمة اليت خترج وأيضاً فإنه إذا كان مركز سطح البصر ليس هو مركز سطح اجلليدية فإن اخلطومن سطح البصر ومتتد يف ثقب العنبية وتنتهي إىل املبصرات ليس تكون أعمدة على سطح اجلليدية بل

ابن اهليثم-املناظر 67

مائلة عليها، وال تكون أوضاعها على سطح اجلليدية أوضاعاً متشاة، إال خط واحد منها فقط وهو سطح اجلليدية ليس يصح أن حتس ا والصور اليت ترد من سطوح املبصرات إىل. الذي مير باملركزين

اجلليدية إال من مسوت هذه اخلطوط فقط، اعين اليت هي أعمدة على سطح البصر الذي هو سطح القرنية، ألن الصور اليت ترد على هذه األعمدة فقط هي اليت تترتب يف سطح اجلليدية كترتيبها يف سطوح

.املبصرات

لصور اليت ترد إليها، وكانت إمنا تدرك الصور من مسوت هذه فإن كانت اجلليدية تدرك املبصرات من ااخلطوط، وكانت هذه اخلطوط ليست أعمدة على سطحها، فهي تدرك الصور إذاً من أوضاعها من

وإذا كانت تدرك الصور من مسوت خمتلفة األوضاع عند . سطحها أوضاع خمتلفة ومائلة على سطحها من السموت املختلفة األوضاع مل يتميز هلا شيء من املبصرات ولو كانت تدرك الصور املنعطفة. سطحها

وإذا كان ليس يصح أن تدرك الصور املنعطفة من السموت املختلفة األوضاع فليس . كما تبني فيما تقدميصح أن تدرك صور املبصرات من مسوت اخلطوط اليت هي أعمدة على سطح البصر إال إذا كانت هذه

وليس تكون هذه اخلطوط أعمدة . وكانت أوضاعها من سطحها متشاةاخلطوط أعمدة على سطحهاوليس يدرك البصر . على سطحها إال إذا كان مركز سطحها ومركز سطح البصر نقطة واحدة مشتركة

.شيئاً من صور املبصرات إال من مسوت اخلطوط املستقيمة اليت تلتقي أطرافها عند هذا املركز فقط

املركزان واحداً، ألنه قد تبني أن املركزين مجيعاً من وراء مركز العنبية وعلى اخلط وليس ميتنع أن يكون فإذا كان ليس ميتنع أن يكون املركزان واحداً، وان تكون اخلطوط . املستقيم الذي مير جبميع املراكز

صر، فليس املستقيمة اليت خترج من املراكز أعمدة على السطحني مجيعاً، أعين سطح اجلليدية وسطح البميتنع أن يكون إدراك البصر للمبصرات من الصور اليت ترد إليه من صور األلوان واألضواء اليت يف سطوح

وذلك بأن تكون طبيعة البصر قابلة ملا . املبصرات إذا كان إدراكه هلذه الصور من مسوت األعمدة فقطة بأن ال تقبل ما يرد عليها من يرد إليها من ضوء املبصرات، وأن تكون طبيعة البصر مع ذلك متخصص

الصور إال من مسوت خمصوصة، ال من مجيع السموت، وهي مسوت اخلطوط املستقيمة اليت تلتقي أطرافها عند مركز البصر فقط، لتخصص هذه اخلطوط بكوا أقطاراً له وبكوا أعمدة على سطح اجلسم

تكون هذه اخلطوط كاآللة للبصر ا تتميز احلاس، فيكون اإلحساس من الصورة الواردة من املبصرات، و .له املبصرات وا تترتب أجزاء كل واحد من املبصرات

فإن األضواء تشرق من األجسام . ولتخصص البصر ببعض السموت دون غريها نظائر يف األمور الطبيعيةواألجسام الثقال . يةاملضيئة ومتتد على السموت املستقيمة فقط وليس متتد على اخلطوط املقوسة وال املنحن

ابن اهليثم-املناظر 68

تتحرك إىل السفل باحلركة الطبيعية على خطوط مستقيمة وليس تتحرك على خطوط منحنية وال مقوسة وال متعرجة، وليس تتحرك أيضاً على مجيع اخلطوط املستقيمة اليت بينها وبني سطح األرض بل على

واألجرام السماوية . هلاخطوط مستقيمة خمصوصة وهي اليت تكون أعمدة على سطح األرض وأقطاراًوإذا . تتحرك على خطوط مستديرة وليس تتحرك على خطوط مستقيمة وال على خطوط خمتلفة الترتيب

فغري ممتنع أن يكون . تؤملت احلركات الطبيعية وجد لكل واحد منها ختصص ببعض السموت دون غريهاملستقيمة اليت تلتقي عند مركزه فقط اليت البصر متخصصاً يف قبوله لتأثريات األضواء واأللوان بالسموت ا

وإدراك البصر للمبصرات من مسوت اخلطوط املستقيمة اليت تلتقي أطرافها عند . هي أعمدة على سطحهمركز البصر هو الذي اجتمع عليه مجيع أصحاب التعاليم ومل يقع بينهم فيه اختالف، وهذه اخلطوط هي

.عاليت يسميها أصحاب التعاليم خطوط الشعا

وإذا كان هذا املعىن ممكناً وغري ممتنع، وكانت صور األضواء واأللوان ترد إىل البصر وتنفذ يف شفيف طبقات البصر ألن خاصة هذه الصور أن تنفذ يف األجسام املشفة ومن خاصة األجسام املشفة أن تقبل

هذه الصور إال إذا كان قبول هذه الصور وتؤديها إىل اجلهات املقابلة هلا، وكان اإلبصار ال يتم من قبولالبصر هلا من مسوت األعمدة فقط، فالبصر إذن إمنا يدرك األضواء واأللوان اليت يف سطوح املبصرات من

الصور اليت ترد إليه من سطوح املبصرات، وليس يدرك هذه الصور إال مسوت اخلطوط املستقيمة اليت .تلتقي أطرافها عند مركز البصر فقط

. ما استقر من مجيع ما ذكرناهفلنحرر اآلن

عن البصر حيس بالضوء واللون اللذين يف سطح املبصر من الصورة اليت متتد من الضوء واللون : فنقولاللذين يف سطح املبصر من الصورة اليت متتد من الضوء واللون اللذين يف سطح املبصر يف اجلسم املشف

شيئاً من املبصرات إال من مسوت اخلطوط املستقيمة اليت املتوسط بني البصر واملبصر، وليس يدرك البصر وإذ قد حترر ذلك، وتبني مع هذه احلال أن هذا املعىن ممكن . تتوهم ممتدة بني املبصر ومركز البصر فقط

.وغري ممتنع، فإننا حنرر اآلن الدعوى

.إن اإلبصار ال يصح أن يكون إال على هذه الصفة: فنقول

أحس باملبصر بعد أن كان ال حيس به فقد حدث فيه شيء ما بعد أن مل يكنن وليس وذلك أن البصر إذا وجند املبصر إذا قابل البصر أحس به البصر، وإذا زال عن مقابلة . حيدث شيء بعد أن مل يكن إال لعلة

ذا وكذلك جند البصر إ. البصر مل حيس به البصر، وإذا عاد املبصر إىل مقابلة البصر عاد إليه اإلحساسأحس باملبصر مث أطبق أجفانه بطل ذلك اإلحساس، وإذا فتح أجفانه واملبصر يف مقابلته عاد ذلك

ابن اهليثم-املناظر 69

فالعلة إذن اليت حتدث ذلك . والعلة هي اليت إذا بطلت بطل املعلول وإذا عادت عاد املعلول. اإلحساسكان يف مقابلة البصر وقع الشيء يف البصر هو املبصر، وحتدثه عند مقابلته للبصر، ألنه مىت حضر املبصر و

اإلحساس ومىت غاب املبصر وزال عن مقابلة البصر بطل اإلحساس، فالبصر إذن إمنا حيس باملبصر من .شيء ما حيدثه املبصر يف البصر عند مقابلته للبصر

ر وليس إدراك البصر للمبص. وأيضاً فإن البصر ليس يدرك املبصر إال إذا كان اجلسم املتوسط بينهما مشفاًمن وراء اهلواء املتوسط بينهما من اجل رطوبة اهلواء وسخافته بل من أجل شفيفه، ألنه إذا توسط بني

البصر واملبصر حجر من األحجار املشفة أيضاً أو جسم من األجسام املشفة، أي جسم كان، أدرك البصر ل ما كان اجلسم املبصر الذي وراءه ويكون إدراك البصر للمبصر حبسب شفيف اجلسم املتوسط، وك

وكذلك إن توسط بني البصر واملبصر . املتوسط أشد شفيفاً كان إحساس البصر بذلك املبصر أصح وأبنيوإذا أدرك البصر مبصراً من املبصرات يف ماء . ماء صاف مشف أدرك البصر املبصر الذي من وراء املاء

فيفه ورطوبته باقية، فإن البصر صاف مشف، مث صبغ ذلك املاء بصبغ من األصباغ القوية حىت يبطل ش .حينئذ ال يدرك ذلك املبصر الذي يف املاء

فالشيء الذي . فيتبني من هذه األحوال أن اإلبصار إمنا يتم بشفيف اجلسم املتوسط ال برطوبته وسخافته يفعله املبصر يف البصر عند مقابلته له الذي منه يقع اإلحساس ليس يتم إال بشفيف اجلسم املتوسط بني

فالضوء واللون اللذان يف املبصر إذن . البصر واملبصر وليس يتم إذا توسط بني البصر واملبصر جسم كثيفليس يدركهما البصر إال من شيء ما حيدثه ذلك الضوء واللون يف البصر، وليس حيدث ذلك الشيء من

، وليس حيدث إذا كان الضوء واللون يف البصر إال إذا كان اجلسم املتوسط بني البصر واملبصر مشفاً .اجلسم املتوسط كثيفاً

وليس خيتص الشفيف بشيء مما يتعلق بالضوء واللون خيالف به الكثافة إال أن صورة الضوء واللون تنفذ يف الشفيف وال تنفذ يف الكثافة، وان اجلسم املشف يقبل صورة الضوء واللون ويؤديها إىل اجلهات املقابلة

وإذا كان البصر ليس حيس بالضوء واللون . س للجسم الكثيف هذه الصفةولي. لذلك الضوء واللون اللذين يف املبصر إال من حدوث شيء ما حيدثه الضوء واللون يف البصر، وكان ذلك الشيء ليس حيدث

يف البصر إال إذا كان اجلسم املتوسط بني البصر واملبصر مشفاً، وليس حيدث إذا توسط بينهما جسم سم املشف ليس خيتص بشيء يتميز به عن اجلسم الكثيف مما يتعلق بالضوء واللون إال كثيف، وكان اجل

قبوله لصور األضواء واأللوان وتأديته هلا إىل اجلهات املقابلة، وكان قد تبني أن البصر إذا قابل املبصر فإن فالبصر إذن إمنا صورة الضوء واللون اللذين يف املبصر تتأدى إىل البصر وحتصل يف سطح العضو احلاس،

حيس بالضوء واللون الذين يف املبصر من الصورة اليت متتد يف اجلسم املشف من املبصر إىل البصر، والشيء

ابن اهليثم-املناظر 70

الذي حيدثه املبصر يف البصر عند مقابلته له وتوسط اجلسم املشف بينهما الذي منه حيس البصر بالضوء .واللون اللذين يف املبصر هو هذه الصورة

ن يقال إن اجلسم املشف يقبل من البصر شيئاً ما ويؤديه إىل املبصر وباتصال هذا الشيء بني وقد حيتمل أ .البصر واملبصر يقع اإلحساس، وهذا هو رأي أصحاب الشعاع

فلنفرض أن األمر كذلك وأن الشعاع خيرج من البصر وينفذ يف شفيف اجلسم املشف وينتهي إىل البصر إذا كان ذلك كذلك، وكان اإلحساس إمنا يكون ذا الشعاع، و. وان الشعاع يكون اإلحساس

فإن كان . فاإلحساس الذي يكون ذا الشعاع إما أن يتأدى إىل البصر وإما أن ال يتأدى إىل البصروإذا . لكن البصر حيس باملبصر. اإلحساس يكون بالشعاع وال يتأدى إىل البصر فليس حيس البصر بشيء

وليس حيس به إال بتوسط الشعاع بينهما، وكان قد تبني أن البصر ليس حيس كان البصر حيس باملبصر،باملبصر إال من شيء حيدثه املبصر بالبصر، فهذا الشعاع إذن الذي حيس باملبصر يؤدي إىل البصر شيئاً ما

وإذا كان الشعاع يؤدي إىل البصر شيئاً ما منه يكون إحساس البصر باملبصر. منه حيس البصر باملبصر

فالبصر إذن إمنا حيس بالضوء واللون اللذين يف املبصر من شيء يرد من الضوء واللون اللذين يف املبصر إىل فعلى تصاريف األحوال ليس يكون اإلبصار إال من ورود . البصر، والشعاع هو الذي يؤدي ذلك الشيء

.شيء ما من املبصر إىل البصر خرج من البصر شعاع أم مل خيرج

اإلبصار ال يتم إال بشفيف اجلسم املتوسط بني البصر واملبصر وليس يتم إذا توسط بينهما وقد تبني أنوهو بني أن اجلسم املشف ليس خيتص بشيء خيالف به اجلسم الكثيف مما يتعلق بالضوء . جسم كثيف

هذه الصور متتد وقد تبني أن. واللون إال بقبوله صور األضواء واأللوان وتأديته هلا إىل اجلهات املقابلة هلاأبداً يف اهلواء ويف األجسام املشفة ويقبلها اهلواء واألجسام املشفة وتؤديها إىل مجيع اجلهات املقابلة لتلك

وإذا كان اإلبصار ليس يكون إال من ورود شيء . األضواء واأللوان وتؤديها إىل البصر إذا كان مقابالً هلا ليس يتم إال بشفيف اجلسم املتوسط بني البصر واملبصر، وليس ما من املبصر إىل البصر، وكان اإلبصار

يتم إذا توسط بينهما جسم كثيف، وكان اجلسم املشف ليس خيتص بشيء خيالف به اجلسم الكثيف مما يتعلق بالضوء واللون إال بقبوله صور األضواء واأللوان وتأديته هلا إىل اجلهات املقابلة، وكان قد تبني أن

اللون اللذين يف املبصر تصل إىل البصر إذا كان مقابالً للمبصر، فالشيء إذن الذي يرد من صورة الضوء واملبصر إىل البصر الذي منه يدرك البصر الضوء واللون اللذين يف املبصر على تصاريف األحوال ليس هو

.إال هذه الصورة خرج من البصر شعاع أم مل خيرج

شرق أبداً يف اهلواء ويف األجسام املشفة ومتتد فيها إىل اجلهات وقد تبني أن صور األضواء واأللوان ت

ابن اهليثم-املناظر 71

وإذا كان البصر ليس حيس بالضوء واللون اللذين يف املبصر إال من . املقابلة هلا حضر البصر أم مل حيضرهذه الصورة، وكانت هذه الصورة متتد أبداً يف اهلواء ويف األجسام املشفة إىل اجلهات املقابلة هلا حضر

فالبصر إمنا حيس بالضوء واللون اللذين يف املبصر . بصر أم مل حيضر، فخروج الشعاع إذن عبث وفضلالمن الصورة اليت ترد إليه من الضوء واللون اللذين يف املبصر، اليت تشرق أبداً يف اهلواء ويف األجسام

.املشفة، ومتتد إىل اجلهات املقابلة هلا

كل نقطة من املبصر املقابل للبصر تصل إىل البصر على مسوت كثرية خمتلفة، وأيضاً فإنه قد تبني أن صورة وانه ليس يصح أن يدرك البصر صورة املبصر مرتبة على ما هي عليه يف سطح املبصر إذا كان إدراك البصر للمبصر من الصورة اليت ترد إليه من املبصر إال إذا كان قبول البصر للصور من مسوت اخلطوط

ة اليت تكون أعمدة على سطح البصر وتكون مع ذلك أعمدة على سطح العضو احلاس، وأن املستقيماخلطوط املستقيمة ليس تكون أعمدة على هذين السطحني إال إذا كان مركز هذين السطحني نقطة

وإذا كان قد تبني اآلن أن اإلبصار ليس يصح أن يكون إال من . واحدة مشتركة فإن ذلك ممكن غري ممتنعور اليت ترد من املبصر إىل البصر، وكان يصح أن يدرك البصر املبصرات من الصور اليت ترد إليه الص

املبصرات إال إذا كان قبوله هلا من مسوت اخلطوط اليت تكون أعمدة على سطح البصر وأعمدة على اً إال سطح العضو احلاس، وكانت اخلطوط املستقيمة ليس يصح أن تكون أعمدة على هذين السطحني مع

إذا كان مركز هذين السطحني نقطة واحدة مشتركة، فليس يصح إذن أن يكون مركز سطح اجلليدية ومركز سطح البصر إال نقطة واحدة مشتركة، وليس يصح أن يدرك البصر شيئاً من صور املبصرات إال

و الذي كنا ضمنا من وهذا املعىن ه. من مسوت اخلطوط املستقيمة اليت تلتقي أطرافها عند هذا املركز فقطقبل عند كالمنا يف هيئة البصر تبينه يف هذا الفصل، وقد بيناه اآلن أعين أن مركز اجلليدية ومركز سطح

.البصر هو نقطة واحدة مشتركة

وإذ قد تبني ذلك فقد بقي أن نكشف رأي أصحاب الشعاع ونبني فساد الفاسد منه وصحة الصحيح، هو بشيء خيرج من البصر إىل املبصر فإن ذلك الشيء إما أن يكون جسماً فنقول إنه إن كان اإلبصار إمنا

أو غري جسم فإن كان جسماً فإننا إذا نظرنا إىل السماء ورأيناها ورأينا ما فيها من الكواكب وميزناها وتأملناها فإنه يف ذلك الوقت قد خرج من أبصارنا جسم مأل ما بني السماء واألرض ومل ينقص من

وإذا . يء، وهذا حمال يف غاية االستحالة ويف غاية الشناعة، فليس اإلبصار جبسم خيرج من البصرالبصر شكان الشيء الذي خيرج من البصر غري جسم فإن ذلك الشيء ليس حيس باملبصر، ألن اإلحساس ليس هو

.إال لألجسام ذات احلياة، فليس خيرج من البصر املبصر شيء حيس باملبصر

ابن اهليثم-املناظر 72

بصار يكون بالبصر، فإذا كان اإلبصار إمنا هو بالبصر، وكان البصر ليس يدرك املبصر إال وهو بني ألن اإلبأن خيرج منه شيء إىل املبصر، وكان ذلك الشيء الذي خيرج من البصر ليس حيس باملبصر، فالشيء

البصر الذي خيرج من البصر ليس حيس باملبصر، والشيء الذي خيرج من البصر إىل املبصر إمنا يؤدي إىل. وليس هذا الذي يقال إنه خيرج من البصر شيئاً حمسوساً وإمنا هو مظنون. شيئاً ما منه يدرك البصر املبصر

والعلة اليت دعت أصحاب . وليس جيوز أن يظن شيء من األشياء إال إذا كان هناك علة تدعو إىل الظن بهوبينه وبينه بعد، واملتعارف من اإلحساس الشعاع إىل القول بالشعاع هي أم وجدوا البصر يدرك املبصر

أنه ال يكون إال باملالمسة، وكذلك ظنوا أن اإلبصار ليس يكون إال بشيء خيرج من البصر إىل املبصر ليكون ذلك الشيء إما أن حيس باملبصر يف موضعه وإما أن يأخذ من املبصر شيئاً ويؤديه إىل البصر فيحس

.به البصر عند وصوله إليه

ا كان ليس يصح أن خيرج من البصر جسم حيس باملبصر وليس يصح أن حيس باملبصر شيء غري وإذاجلسم احلي، ومل يبق إال أن يظن أن ذلك الشيء الذي خيرج من البصر إىل املبصر يقبل شيئاً ويؤديه إىل

صر وإىل كل جسم وإذا كان قد تبني أن اهلواء واألجسام املشفة تقبل صورة املبصر وتؤديها إىل الب.البصريقابل املبصر فذلك الشيء الذي يظن أنه يؤدي إىل البصر شيئاً من املبصر إمنا هو اهلواء واألجسام املشفة

وإذا كان اهلواء واألجسام املشفة تؤدي إىل البصر شيئاً من املبصر يف كل . املتوسطة بني البصر واملبصر للمبصر من غري حاجة إىل خروج شيء من املبصر وقت وعلى تصاريف األحوال إذا كان البصر مقابالً

ألن هذا الذي دعاهم إىل القول . فقد بطلت العلة اليت دعت أصحاب الشعاع إىل القول بالشعاعبالشعاع هو اعتقادهم أن اإلبصار ال يتم إال بشيء ميتد بني البصر واملبصر ليؤدي إىل البصر شيئاً من

املشفة املتوسطة بني البصر واملبصر تؤدي إىل البصر شيئاً من املبصر من وإذا كان اهلواء واألجسام . املبصرغري حاجة إىل شيء خيرج من البصر، وهي مع ذلك ممتدة بني البصر واملبصر، فقد سقطت احلاجة إىل

إثبات شيء آخر يؤدي إىل البصر شيئاً، ومل تبق علة تدعوهم إىل أن شيئاً مظنوناً يؤدي من املبصر شيئاً .وإذا مل تبق علة تدعو أصحاب الشعاع إىل القول بالشعاع فقد بطل القول بالشعاع. البصرإىل

وأيضاً فإن مجيع أصحاب التعاليم القائلني بالشعاع إمنا يستعملون يف مقاييسهم وبراهينهم خطوطاً متومهة بصرات إال من مسوا وهذه اخلطوط هي اليت بينا أن البصر ليس يدرك شيئاً من امل. فقط ويسموا الشعاع

فرأي من رأى أن خطوط الشعاع هي خطوط متومهة هو رأي صحيح، وقد بينا انه ليس يتم . فقطورأي من رأى أنه خيرج من البصر شيء غري اخلطوط املتومهة هو رأي مستحيل، وقد بينا . اإلبصار إال ا

.ليه حجةاستحالته بأنه ليس يشهد به وجود وال تدعو إليه علة وال تقوم ع

ابن اهليثم-املناظر 73

وقد تبني من مجيع ما بيناه أن البصر إمنا حيس بالضوء واللون اللذين يف سطح البصر من صورة الضوء واللون اللذين يف سطح املبصر اليت متتد من املبصر إىل البصر يف اجلسم املشف املتوسط بني البصر واملبصر،

مسوت اخلطوط املستقيمة اليت تتوهم ممتدة بني وأن البصر ليس يدرك شيئاً من الصور اليت ترد إليه إال من .املبصر وبني مركز البصر فقط اليت هي أعمدة على مجيع سطوح طبقات البصر، وذلك ما أردنا أن نبني

ألن البصر ليس يدرك من املبصر مبجرد احلس إال الضوء واللون اللذين . وهذا هو كيفية اإلبصار باجلملة ملعاين اليت يدركها البصر من املبصر كالشكل والوضع والعظم واحلركة وما يف املبصر فقط، فأما باقي ا

أشبه ذلك فليس يدركها البصر مبجرد احلس وإمنا يدركها بقياس وأمارات، وحنن نبني هذا املعىن من بعد ذي بيناه، وهذا املعىن ال. بياناً مستقصى يف املقالة الثانية عند كالمنا يف تفصيل املعاين اليت يدركها البصر

أعين كيفية اإلبصار، موافق لرأي احملصلني من أصحاب العلم الطبيعي وموافق للمتفق عليه من رأي وقد تبني منه أن القبيلني حمقان وأن املذهبني صحيحان ومتفقان وغري متناقضني، إال أنه . أصحاب التعاليم

ن اآلخر، وال يصح أن يكون اإلبصار ليس يتم أحدمها إال باآلخر وال يصح أن يتم اإلحساس بأحدمها دو .إال مبجموع املعنيني

واخلطوط اليت وصفناها هي اليت يسميها أصحاب التعاليم خطوط الشعاع، وهي خطوط متومهة فقط من فاإلحساس إمنا هو من الصورة وهو تأثري الصورة يف . مسوا فقد ذه الصور يدرك البصر صور املبصرات

والبصر متهيئ لالنفعال ذه الصور، ومتهيئ لالنفعال على وضع غري . ر بتأثريهاالبصر ومن انفعال البصحمسوس وهو وضع مسوت األعمدة اليت تقوم على سطحه فليس حيس بصور املبصرات إال من مسوت األعمدة فقط، وإمنا طبيعة البصر متخصصة ذه اخلاصة ألنه ليس تتميز املبصرات وتترتب أجزاء كل

فخطوط الشعاع هي . املبصرات عند البصر إال إذا كان إحساسه ا من السموت فقطواحد من صور .خطوط متومهة تتشكل ا كيفية الوضع الذي عليه ينفعل البصر بالصورة

وقد تبني أن البصر إذا قابل املبصر فإنه يتشكل بني املبصر وبني مركز البصر خمروط رأسه مركز البصر فيكون بني كل نقطة من سطح املبصر وبني مركز البصر خط مستقيم متوهم هو وقاعدته سطح املبصر،

عمود على سطوح طبقات البصر، ويكون املخروط مشتمالً على مجيع هذه اخلطوط، ويكون سطح وإذا كان . اجلليدية قاطعاً هلذا املخروط ألن مركز البصر الذي هو رأس املخروط من وراء سطح اجلليدية

البصر وذلك املبصر متصالً فإن الصورة تكون ممتدة من ذلك املبصر على مست هذا اهلواء الذي بنياملخروط يف اهلواء الذي حيوزه هذا املخروط يف طبقات البصر املشفة إىل اجلزء من سطح اجلليدية الذي

درك ينفصل ذا املخروط، ويكون املخروط مشتمالً على مجيع السموت اليت بني البصر واملبصر اليت ي

ابن اهليثم-املناظر 74

منها البصر صورة ذلك املبصر، وكون الصورة مرتبة يف هذا املخروط كترتيبها يف سطح املبصر، ويكون اجلزء من سطح اجلليدية الذي ينفصل ذا املخروط يشتمل على مجيع صورة املبصر الذي عند قاعدة هذا

تقيمة املمتدة بني املبصر املخروط، وتكون الصورة مرتبة يف هذا اجلزء من سطح اجلليدية باخلطوط املسومركز البصر اليت من مسوا يدرك البصر تلك الصور كترتيب أجزاء سطح املبصر، ألن هذه اخلطوط

.تقطع هذا اجلزء من سطح اجلليدية ويقطعه كل واحد منها على نقطة واحدة فقط

ن يف سطح البصر إمنا فإحساس البصر بالضوء واللون اللذي. وقد تبني أن اإلحساس إمنا يكون باجللية يكون من اجلزء من اجلليدية الذي يقدره املخروط املتشكل بني ذلك املبصر وبني مركز البصر وقد تقدم

فألن فيها بعض الشفيف . أن هذه الرطوبة فيها بعض الشفيف وفيها بعض الغلظ، ولذلك تشبه باجلليدن فيها بعض الغلظ فهي تدافع الصور ومتنعها فهي تقبل الصور فتنفذ الصور فيها مبا فيها من الشفيف، وأل

كذلك جسم . من النفوذ مبا فيها من الغلظ، وتثبت الصور يف سطحها ويف جسمها للغلظ الذي فيهامشف فيه بعض الغلظ إذا أشرق عليه الضوء نفذ الضوء فيه حبسب ما فيه من الشفيف وتثبت الصور يف

طوح األجسام الكثيفة، ويثبت الضوء أيضاً يف مجيع سطحه حبسب ما فيه من الغلظ كما تثبت يف س .اجلسم إذا نفذ فيه للغلظ الذي فيه فيظهر الضوء يف سطحه ويف مجيع اجلسم حبسب ثبوته فيه

فالصور تنفذ فيها للقوة القابلة احلساسة . وأيضاً فإن اجلليدية متهيئة لقبول هذه الصور ولإلحساس اهيئة لإلحساس ا، وهي متهيئة لقبول هذه الصور من مسوت خطوط أيضاً اليت هي فيها اليت هي مت

.الشعاع، فالصور تنفذ يف جسمها على استقامة خطوط الشعاع

فإذا حصلت الصورة يف سطح اجلليدية فهي تفعل فيها واجلليدية تنفعل فيها، ألن من خاصة الضوء أن يفعله الضوء باجلليدية ينفذ يف جسم وهذا الذي . يفعل بالبصر ومن خاصة البصر أن ينفعل بالضوء

وإذا نفذ الضوء يف جسم اجلليدية فاللون ينفذ معه ألن اللون . اجلليدية على استقامة خطوط الشعاع فقطواجلليدية تقبل هذا الفعل وهذا النفوذ من صور األضواء واأللوان ألا متهيئة لالنفعال . ممتزج بالضوء

االنفعال يكون إحساس اجلليدية بتأثري صور املبصرات، ومن الصورة ومن هذا الفعل وهذا. ذه الصوراليت حتصل يف سطحها وتنفذ يف مجيع جسمها يكون إحساسها باملؤثر، ومن ترتب أجزاء الصورة

.فيسطحها ويف مجيع جسمها يكون إحساسها بترتيب أجزاء املؤثر

إال ان من اآلالم ما يرتعج له العضو املتأمل . ألملوهذا التأثري الذي يؤثره الضوء باجلليدية هو من جنس اوما . وتقلق له النفس ومن اآلالم ما يكون حمتمالً فال يرتعج له العضو املتأمل وال تقلق له النفس لسهولته

والذي يدل . كان على هذه الصفة من األمل فليس يظهر للحس وال حيكم املتأمل به انه أمل لسهولته عليه

ابن اهليثم-املناظر 75

ويظهر . األضواء يف البصر هو من جنس األمل هو أن األضواء القوية تزعج البصر وتؤملهعلى أن تأثري للحس تأمل البصر بالضوء القوي كضوء الشمس إذا حدق الناظر إىل نفس جرم الشمس، وكضوء

الشمس املنعكس عن األجسام الصقيلة إىل البصر، فإن هذه األضواء تؤمل البصر وتزعجه إزعاجاً شديداً . وتأثريات مجيع األضواء يف البصر من جنس واحد، وإمنا ختتلف باألشد واألضعف. ر تأمل البصر اويظه

وإذا كانت كلها من جنس واحد، وكان تأثري القوي من األضواء من جنس األمل، فجميع تأثريات ضعيفة واملعتدلة األضواء يف البصر من جنس األمل وإمنا ختتلف باألشد واألضعف، ولسهولة تأثري األضواء ال

يف البصر خيفى عن احلس أا آالم، فإحساس اجلليدية بتأثريات األضواء هو إحساس من جنس اإلحساس واجلليدية متهيئة لالنفعال باألضواء واأللوان واإلحساس ا يؤاً يف الغاية، فلذلك حتس جبميع . باآلالم

ء الذي يبعد يف التخيل انه يؤمل البصر ويؤثر فيه األضواء ومجيع األلوان وحتس بالضعيف اخلفي من األضوا .تأثرياُ من جنس األمل للطف حسها وشدة يئها

مث عن هذا اإلحساس الذي يقع عند اجلليدية ميتد يف العصبة اجلوفاء، ويتأدى إىل مقدم الدماغ، وهناك مقدم الدماغ، وهذه واحلاس األخري الذي هو القوة النفسانية احلساسة تكون يف. يكون آخر اإلحساس

القوة هي اليت تدرك احملسوسات، والبصر إمنا هو آلة من آالت هذه القوة، وغاية البصر ان يقبل صور املبصرات اليت حتصل فيه ويؤديها إىل احلاس األخري، واحلاس األخري هو الذي يدرك تلك الصور ويدرك

ليت حتصل يف سطح اجلليدية متتد يف سطح والصورة ا. منها املعاين املبصرة اليت تكون يف املبصراتاجلليدية، مث يف اجلسم اللطيف الذي يف جتويف العصبة إىل أن تنتهي إىل العصبة املشتركة، وعند حصول

الصورة يف العصبة املشتركة يتم اإلبصار، ومن الصورة اليت حتصل يف العصبة املشتركة يدرك احلاس األخري .صورة املبصر

وإذا كان اإلبصار من الصورة اليت حتصل يف البصر، وكان الناظر . رك املبصرات ببصرينوالناظر إمنا يديدرك املبصرات ببصرين، حصلت صور املبصرات يف كل واحد من البصرين، فيحصل للمبصر الواحد يف

ومع ذلك فإن الناظر يدرك املبصر الواحد يف أكثر األحوال واحداً، وإمنا كان ذلك. البصرين صورتان

كذلك ألن الصورتني اللتني حتصالن يف البصرين للمبصر الواحد يف حال إدراكه واحداً إذا انتهتا إىل العصبة املشتركة التقت الصورتان وانطبقت إحديهما على األخرى وصار منهما صورة واحدة، ومن

.الصورة اليت تتحد من الصورتني يدرك احلاس األخري صورة ذلك املبصر

أن الصورتني اللتني حتصالن يف البصرين للمبصر الواحد يف حال إدراكه واحداً جتتمعان والذي يدل علىوتصريان صورة واحدة من قبل أن يدركها احلاس األخري، وان احلاس األخري إمنا يدرك صورة املبصر يف

يه فغمزها حال إدراكه واحداً من بعد اجتماع الصورتني، وهو أن الناظر إذا اعتمد بيده على إحدى عين

ابن اهليثم-املناظر 76

من جهة من اجلهات غمزاً رفيقاً بلطف وتأييد حىت يتغري وضعها الذي هي عليه فتميل إىل اسفل وإىل فوق وإىل إحدى اجلهات وتكون العني األخرى ساكنة على حاهلا، ونظر يف تلك احلال إىل مبصر من

صرين، فإنه يرى املبصر الواحد اثنني، املبصرات اليت يف اجلهة املقابلة للجهة اليت كان فيها الغمز، ونظر بالباعين أنه إن اعتمد على إحدى عينيه من أعالها وغمزها إىل أسفل ونظر إىل اجلهة السفلى فإنه يرى

املبصر الواحد اثنني، وكذلك إن اعتمد على إحدى عينيه فغمزها من أسفلها إىل فوق فنظر إىل اجلهة يده عن عينه ورجعت العني إىل وضعها الطبيعي، مث نظر إىل ذلك العليا فإنه يرى الواحد اثنني، وإذا أزال

املبصر، وقابله بالبصرين مجيعاً فإنه يرى ذلك املبصر واحداً وجيد ذلك كذلك إذا كان ينظر بالعينني مجيعاً .فإن غمز إحدى عينيه وستر العني األخرى مل ير املبصر الواحد إال واحداً

ر الواحد من اجل أنه واحد لقد كان يدركه أبداً واحداً على اختالف أحوال فلو كان احلاس يدرك املبصوإذا كان احلاس األخري إمنا يدرك املبصرات . ولو كان ال يرد إليه شيء من املبصر الواحد اثنني. البصرين

اً، من الصور اليت ترد إليه، وكان يدرك املبصر الواحد يف بعض األحوال اثنني ويف بعض األحوال واحددل ذلك على أن الذي يرد إليه يف حال إدراكه املبصر الواحد اثنني هو صورتان وأن الذي يرد إليه يف

فإذا كان يف كال احلالني حيصل للمبصر الواحد يف . حال إدراكه ذلك املبصر واحداً هو صورة واحدة رتان ويف بعض األحوال البصرين صورتان وكان الذي يتأدى إىل احلاس األخري يف بعض األحوال هو صو

هو صورة واحدة، وكانت الصور اليت تتأدى إىل احلاس األخري إمنا تتأدى إليه من املبصر، فإن الذي يتأدى إىل احلاس األخري من الصورتني اللتان حتصالن يف املبصرين للمبصر الواحد يف حال إدراكه واحداً هو

.صورة واحدة

من أحد البصرين دون األخر مع سالمة البصرين وإدراك ذلك وليس تتأدى الصور إىل احلاس األخريوإذا كان الذي يتأدى إىل احلاس من كل واحد من الصورتني اللتني . املبصر بكل واحد من املبصرين

حتصالن يف البصرين للمبصر الواحد يف حال إدراك ذلك املبصر واحداً هو صورة واحدة ، وكانت إىل احلاس األخري، فالصورتان إذن اللتان حتصالن يف البصرين للمبصر الصور تتأدى من البصرين مجيعاً

الواحد عند إدراكه واحداً متتدان من البصرين وتلتقيان قبل إدراك احلاس األخري هلما، ومن بعد التقائهما فالصورتان اللتان حتصالن يف البصرين للمبصر . واحتادمها يدرك احلاس األخري الصور املتحدة منهما

. الواحد يف حال إدراكه اثنني متتدان من البصرين وال تلتقيان وتنتهيان إىل احلاس األخري ومها صورتان

فالصورتان اللتان حتصالن يف البصرين للمبصر الواحد يف حال إدراكه واحداً تلتقيان قبل وصوهلما إىل .ة منهما صورة ذلك املبصراحلاس األخري، ومن بعد التقائهما يدرك احلاس األخري من الصورة املتحد

ابن اهليثم-املناظر 77

وأيضاً فإن إدراك املبصر الواحد يف بعض األحوال واحداً ويف بعض األحوال اثنني دليالً على أن اإلبصار ألنه لو كان اإلبصار بالبصر فقط لكان البصران إدراك املبصر الواحد واحداً قد . ليس هو بالبصر فقط

بصر الواحد صورة واحدة ولكانا أبداً يدركان من الصورتني أدركا من الصورتني اللتني حتصالن فيهما للم .اللتني حتصالن فيهما للمبصر الواحد صورة واحدة

وإذا كان املبصر الواحد يدرك يف بعض األحوال واحداً ويف بعض األحوال اثنني، ويف كال احلالني له يف نده للمبصر الواحد يف حال البصرين صورتان، دل ذلك على أن هناك حاساً آخر غري البصر حتصل ع

إدراكه واحداً صورة واحدة مع حصول صوريت ذلك املبصر يف البصرين، وحتصل عنده للمبصر الواحد ففي إدراك املبصر الواحد . عند إدراكه اثنني صورتان، فإن اإلحساس إمنا يتم بذلك احلاس ال بالبصر فقط

على أن الصور اليت حتصل يف البصر تتأدى إىل يف بعض األحوال واحداً ويف بعض األحوال اثنني دليلاحلاس األخري، وإن باحلاس األخري يكون متام اإلحساس ال بالبصر فقط، وفيه دليل على أن الصورتني

.اللتني للمبصر الواحد يف حال إدراكه واحداً تلتقيان قبل إدراك احلاس األخري هلما

إىل احلاس األخري يف األعصاب املتصلة بني األعضاء وبني وأيضاً فإن اإلحساس إمنا ميتد من األعضاء وإذا كان قد تبني أن الصور متتد من البصر إىل احلاس األخري الذي يف مقدم الدماغ فالصور إذن . الدماغ

وإذا كان قد تبني . متتد من البصر يف العصبة املمتدة بني البصر وبني الدماغ إىل أن تصل إىل احلاس األخريرتني اللتني حتصالن للمبصر الواحد يف البصرين يف حال إدراك املبصر واحداً متتدان إىل احلاس أن الصو

األخري وتلتقيان قبل إدراك احلاس األخري هلما، وكان امتداد الصور إىل احلاس األخري إمنا هو يف العصاب، صر وتلتقيان يف املوضع الذي فإن هاتني الصورتني إذن متتدان من البصرين يف العصبتني املمتدتني من الب

وقد تقدم يف هيئة البصر أن العصبتني اللتني متتدان من الدماغ إىل البصرين تلتقيان . تلتقي فيه العصبتانوإذا كانت الصورتان متتدان . عند مقام الدماغ وتصريان عصبة واحدة، مث تفترقان وتنتهيان إىل البصرين

التقاء العصبتني فالصورتان إذن اللتان حتصالن يف البصرين للمبصر من البصرين يف العصبتني وتلتقيان عندالواحد يف حال إدراكه واحداً متتدان من البصرين وتنتهيان إىل العصبة املشتركة وتلتقيان يف هذه العصبة

وإذا كانت هاتان الصورتان تنتهيان إىل العصبة املشتركة فجميع الصور اليت . وتصريان صورة واحدة .يف البصر من صور املبصرات تنتهي إىل العصبة املشتركةحتصل

ومما يدل دليالً واضحاً على أن صور املبصرات متتد يف جتويف العصبة وتنتهي إىل احلاس األخري ومن بعد امتدادها يف جتويف العصبة يتم اإلبصار هو أن هذه العصبة إذا حصل فيها سدة بطل اإلبصار، وإذا زالت

.صار تشهد بذلك صناعة الطبالسدة عاد اإلب

ابن اهليثم-املناظر 78

فأما مل تلتقي الصورتان يف حال إدراك املبصر الواحد واحداً وليس تلتقيان يف حال إدراكه اثنني فألن املبصر الواحد إذا أدرك بالبصرين، وكان وضع البصرين وضعهما الطبيعي، كان وضع البصرين من املبصر

وإذا ميل . واحد يف موضعني متشاي الوضع من البصرينالواحد وضعاً متشااً، فتحصل صورة املبصر الوضع البصرين اختلف وضع البصرين من ذلك املبصر، فتحصل صورتا ذلك املبصر يف موضعني من

وقد تقدم يف هيئة البصر أن العصبة املشتركة وضعها من البصرين . البصرين خمتلفي الوضع من البصرينملشتركة من البصرين وضعاً متشااً كان وضع املوضعني املتشاي وإذا كان وضع العصبة ا. وضع متشابه

فإذا امتدت الصورتان من . الوضع من البصرين من موضع واحد بعينه من العصبة املشتركة وضعاً متشااًاملوضعني املتشاي املوضع انتهتا إىل ذلك املوضع الواحد بعينه من العصبة املشتركة الذي وضعه من ذينك

.وضعني وضع متشابه، فتنطبق الصورتان إحديهما على األخرى وتصريان صورة واحدةامل

واملوضعان املختلفا الوضع من البصرين ليس يكون وضعهما من موضع واحد بعينه من العصبة املشتركة ما فإذا امتدت الصورتان من املوضعني املختلفي الوضع وانتهتا إىل العصبة املشتركة فإ. وضعاً متشااً

تنتهيان إىل موضعني من هذه العصبة ال إىل موضع واحد، فتحصالن يف هذه العصبة صورتني، وكذلك .يدرك املبصر الواحد الذي على هذه الصفة اثنني

وإمنا التقت العصبتان اللتان تنشأن من مقدم الدماغ اللتان مها مبدأ البصرين ويف املوضع الذي وضعه من ار جتويفهما جتويفاً واحداً، لتجتمع الصورتان اللتان حتصالن يف البصرين البصرين وضع متشابه، وص

. للمبصر الواحد عند هذه العصبة وتصريان صورة واحدة، فيدرك احلاس األخري املبصر الواحد واحداً

فجميع الصور اليت حتصل يف البصرين من صور املبصرات متتد من البصرين يف العصبتني اجلوفاوين وتنتهي جتويف العصبة املشتركة، والصورتان اللتان حتصالن يف البصرين للمبصر الواحد يف حال إدراكه إىل

واحداً تلتقيان يف جتويف هذه العصبة وحتصالن صورة واحدة، ومن الصور اليت حتصل يف هذه العصبة .يدرك احلاس األخري صور املبصرات

ليس تنتهي إىل العصبة املشتركة لكن اإلحساس الذي وقد ميكن أن يقال إن الصور اليت حتصل يف البصر عند البصر ميتد من البصر إىل العصبة املشتركة كما ميتد اإلحساس باآلالم واإلحساس بامللموسات، وعن

وصول اإلحساس إىل العصبة املشتركة يدرك احلاس األخري ذلك احملسوس، وأن اإلحساس الذي يكون ال إدراكه واحداً ينتهي أى موضع واحد من العصبة املشتركة، فيصري للمبصر الواحد يف البصرين يف ح

اإلحساسان يف موضع واحد من العصبة املشتركة، فلذلك حيس احلاس األخري باملبصر الواحد واحداً، .فيكون الذي يصل إىل العصبة املشتركة هو اإلحساس ال بالصور

ابن اهليثم-املناظر 79

عصبة املشتركة ال حمالة، ولكن اإلحساس الذي فنقول إن اإلحساس الذي حيصل يف البصر ينتهي إىل الحيصل يف البصر ليس هو إحساس أٍمل فقط بل هو إحساس بتأثري هو من جنس األمل وإحساس بإضاءة

واإلحساس باختالف األلوان وبترتيب أجزاء املبصر ليس . وإحساس بلون وإحساس بترتيب أجزاء املبصرإحساس البصر بكل واحد من هذه املعاين واإلحساس هو من جنس األمل وسنبني من بعد كيف يكون

وإذا كان . بصورة املبصر على ما هي عليه ليس يكون إال من اإلحساس جبميع املعاين اليت يف الصورةاإلحساس الذي يقع عند البصر ينتهي إىل العصبة املشتركة، ومن اإلحساس الذي حيصل عند العصبة

ملبصر فاإلحساس إذن الذي حيصل يف العصبة املشتركة هو إحساس املشتركة تدرك القوة احلساسة صور افالشيء الذي يتأدى من البصر إىل العصبة املشتركة على تصاريف األحوال . بالضوء واللون والترتيب

الذي منه يدرك احلاس األخري صورة املبصر هو شيء يدرك منه احلاس األخري الضوء الذي يف املبصر والشيء الذي يدرك منه احلاس األخري الضوء واللون والترتيب هو . يب أجزائهواللون الذي فيه وترت

فصورة املبصر اليت حتصل يف البصر يتأدى منها إىل العصبة املشتركة على تصاريف األحوال . صورة ماا صورة ما مترتبة، ومن الصورة املترتبة اليت حتصل يف هذه العصبة يدرك احلاس األخري صورة املبصر على م

فاإلحساس بالتأثري الذي حيصل يف سطح اجلليدية يصل إىل العصبة املشتركة، وصورة الضوء . هي عليهواللون اليت حتصل يف سطح اجلليدية تصل أيضاً إىل العصبة املشتركة وتصل مرتبة كترتيبها يف سطح

.اجلليدية

د من املبصرات إىل البصر، وأن هذه فقد تبني من مجيع ما ذكرناه أن اإلبصار إمنا يكون من الصور اليت ترالصور حتصل يف سطح الرطوبة اجلليدية ، وتنفذ يف جسم اجلليدية وحتس ا اجلليدية عند نفوذها فيها، وأن اجلليدية إمنا حتس ذه الصورة من مسوت خطوط الشعاع فقط، وأن الصورة اليت حتس ا اجلليدية

لعصبة وتنتهي إىل جتويف العصبة املشتركة، وأن مجيع صور متتد يف اجلسم احلاس املمتد يف جتويف ااملبصرات اليت يدركها البصر تنتهي إىل العصبة املشتركة، وأن اإلبصار إمنا يتم بإدراك احلاس األخري لصور املبصرات، وأن احلاس األخري إمنا يدرك صور املبصرات من الصورة اليت حتصل يف العصبة املشتركة، وأن

اللتني حتصالن يف البصر للمبصر الواحد يف موضعني متشاني تلتقيان يف العصبة املشتركة الصورتني وتصريان صورة واحدة، ومن الصورة الواحدة اليت حتصل يف هذه العصبة يدرك احلاس األخري صورة

.وهذا هو مشروح كيفية اإلبصار وترتيبه. املبصر

واء متتد يف اهلواء ويف األجسام املشفة وتصل إىل البصر، وقد بقي أن يقال إذا كانت صور األلوان واألضوكان اهلواء واألجسام املشفة تقبل مجيع األلوان واألضواء، وكانت مجيع األلوان اليت حتضر يف وقت واحد متتد صور مجيعها يف الوقت الواحد يف هواء واحد وتصل إىل بصر واحد وينفذ أيضاً مجيعها يف

ابن اهليثم-املناظر 80

لزم من ذلك أن متتزج هذه األلوان واألضواء يف اهلواء ويف األجسام املشفة شفيف طبقات البصر، فيوتصل إىل البصر ممتزجة وتؤثر يف جسم البصر وهي ممتزجة، فال تتميز للبصر ألوان املبصرات وال تتميز له

.وإذا كان ذلك كذلك فليس إحساس البصر باملبصرات من هذه الصور. املبصرات

األجسام املشفة ليس تنصبغ باأللوان واألضواء وال تتغري ا تغرياً ثابتاً، وإمنا خاصة فنقول إن اهلواء وومن خاصة اجلسم املشف أن ال مينع نفوذ صور .األضواء واأللوان أن متتد صورها على مسوت مستقيمة

بني أن صور وقد ت. األضواء واأللوان يف شفيفه، فهو إمنا يقبل هذه الصور قبول تأدية ال قبول استحالةوإذا كانت . األضواء واأللوان ليس متتد يف اهلواء واألجسام املشفة إال على مسوت اخلطوط املستقيمة فقط

صور األضواء واأللوان ليس متتد إال على السموت املستقيمة فكل جسم من األجسام املتلونة املضيئة اليت فيه على مسوت اخلطوط املستقيمة اليت متتد منه حتضر معاً يف هواء واحد متتد صورة الضوء واللون اللذين

يف ذلك اهلواء، وتكون السموت اليت متتد عليها الصور املختلفة متقاطعة ومتوازية وخمتلفة الوضع، كل وإذا كان اهلواء واألجسام املشفة . مست منها متميز باجلسم الذي منه امتدت الصورة على ذلك السمت

ضواء وال تتأثر ا تأثراً ثابتاً وإما تنفذ الصور فيها فقط فالصور اليت متتد من ليس تنصبغ باأللوان وال باألاألجسام املختلفة يف هواء واحد متتد كل صورة منها على مسوا وتنفذ إىل اجلهات املقابلة هلا من غري أن

.متتزج بغريها

جسام املشفة هو أنه إذا كانت يف والذي يدل على أن األضواء واأللوان ليس متتزج يف اهلواء وال يف األموضع واحد عدة سرج يف أمكنة متفرقة، وكانت مجيعها مقابلة لثقب واحد، وكان ذلك الثقب ينفذ إىل

مكان مظلم، وكان مقابل ذلك الثقب يف املكان املظلم جدار أو قوبل الثقب يف املكان املظلم جبسم أو ذلك اجلدار متفرقة وبعدد تلك السرج وكل كثيف، فإن أضواء تلك السرج تظهر على ذلك اجلسم

وإذا ستر واحد من السرج . واحد منها مقابالً لواحد من السرج على السمت املستقيم الذي مير بالثقببطل من األضواء اليت يف املوضع املظلم الضوء الذي كان يقابل ذلك السراج فقط، وإن رفع الساتر عن

وأي سراج من تلك السرج ستر بطل من املوضع الضوء الذي كان .السراج عاد ذلك الضوء إىل مكانه .يقابل ذلك السراج الذي ستر فقط، وإذا رفع الساتر عاد الضوء إىل موضعه

وذلك بأن يعتمد املعترب بيتاً من البيوت يف ليل مظلم . وهذا املعىن ميكن أن يعترب يف كل وقت وبسهولةويدخل . ر عدة من السرج وجيعلها مقابلة للباب ومتفرقةويكون على البيت باب من مصراعني، وحيض

املعترب إىل داخل البيت ويرد الباب ويفرج بني املصراعني ويفتح منهما مقداراً يسرياًن مث يتأمل حائط فإنه جيد عليه أضواًء متفرقة بعدد تلك السرج قد دخلت من فرجة الباب كل واحد : البيت املقابل للباب

ابن اهليثم-املناظر 81

مث إن تقدم املعترب بأن يستر واحداً من تلك السرج بطل الضوء . ج من تلك السرجمنها مقابل لسراوإن ستر املعترب الفرجة اليت انفرجت من الباب وبقي . املقابل لذلك السراج، وإذا رفع الساتر عاد الضوء

يضاً بعدد منها ثقب صغري فقط، وكان الثقب مقابالً للسرج ، فإنه جيد على حائط البيت أضواًء متفرقة أ .تلك السرج وكل واحد منها حبسب مقدار الثقب

ومجيع األضواء اليت تظهر يف املكان املظلم إمنا وصلت إليه من الثقب فقط، فقد اجتمعت أضواء مجيع فلو كانت األضواء متتزج يف اهلواء لكانت أضواء . تلك السرج يف الثقب مث افترقت بعد نفوذها من الثقب

يف الثقب متتزج يف اهلواء الذي يف الثقب ويف اهلواء املتقدم للثقب قبل وصوهلا إىل السرج اليت جتتمع وليس جند األمر كذلك، وإمنا . الثقب، وكانت إذا نفذت من الثقب تنفذ ممتزجة فال تتميز بعد نفوذها

وإذا كان ذلك كذلك . يوجد نفوذها متميزة، فكل واحد منها مقابل للسراج الذي منه ذلك الضوءفاألضواء إذن ليس متتزج يف اهلواء، بل كل واحد منها ميتد على مسوت مستقيمة، ويتميز بالسموت اليت ميتد عليها، وتكون السموت اليت متتد عليها األضواء املتفرقة متقاطعة ومتوازية وخمتلفة الوضع كل واحد

اهلواء، ومع ذلك فال متتزج يف من األضواء متتد صورته على مجيع السموت اليت يصح أن متتد منه يف ذلك .اهلواء وال ينصبغ اهلواء ا وإمنا تنفذ يف شفيفه فقط واهلواء مع ذلك حافظ لصورته

فصور األلوان أيضاً متتد يف اهلواء على السموت . وقد تبني أن صور األلوان تصحب ويوجدان أبداً معاة متتد صورها على مسوت متقاطعة ومتوازية وخمتلفة املستقيمة اليت متتد عليها األضواء، واأللوان املتفرق

الوضع كما متتد صور األضواء املتفرقة، وتكون مصاحبة لألضواء ، وال متتزج صور األلوان وال ينصبغ .اهلواء ا بل تكون كل صورة من صور األلوان املختلفة املتفرقة متميزة بسموا

ور األضواء واأللوان فيها وال متتزج ، وال تنصبغ األجسام وكذلك احلال يف مجيع األجسام املشفة متتد صاملشفة ا، وكذلك طبقات البصر املشفة تنفذ فيها صور مجيع األلوان واألضواء اليت تقابل البصر يف وقت

.واحد، وال متتزج الصور فيها وال تنصبغ هي ا

أللوان واألضواء كقبول اهلواء واألجسام فأما العضو احلاس الذي هو الرطوبة اجلليدية فليس قبوله لصور اوذلك أن . املشفة الغري حساسة بل على صفة خمالفة للصفة اليت عليها تقبل األجسام املشفة هذه الصور

وقد تبني . هذا العضو متهيئ لإلحساس ذه الصور، فهو يقبلها مبا هو حساس مع قبوله هلا مبا هو مشفاألمل، وكيفية قبوله هلذه الصور خمافة لكيفية قبول األجسام املشفة ان انفعاله ذه الصور هو من جنس

الغري حساسة، إال أن هذا العضو مع قبوله هلذه الصور مبا هو حساس ومع تأثريها فيه وتأمله ا ليس ا ينصبغ ذه الصور انصباغاً ثابتاً وال تبقى صور األلوان واألضواء فيه بعد انصرافه عن مقابلتها وانصرافه

ابن اهليثم-املناظر 82

.عن مقابلته

قد تقدم أن : وقد ميكن أن يعارض هذا القول أيضاً، أعين أن البصر ليس ينصبغ باأللوان واألضواء، فيقالاألضواء القوية واأللوان املشرقة اليت تشرق عليها أضواء قوية تؤثر يف البصر وتبقى آثارها يف البصر بعد

وجند البصر كلما يدركه من . زماناً حمسوساًانصرافه عن مقابلتها، وتبقى صور األلوان يف البصر .املبصرات يف عقيب هذا التأثري ملتبساً باأللوان اليت أثرت فيه

ويلزم . وإذا كان ذلك كذلك فالبصر إذن ينصبغ باأللوان واألضواء. وهذا املعىن ظاهر ال يقع فيه لبس .ألضواءأيضاً من ذلك أن تكون األجسام املشفة الرطبة تنصبغ باأللوان وا

فنقول إن هذا املعىن بعينه هو الذي يدل على أن البصر ليس ينصبغ باأللوان واألضواء وال تبقى آثار وذلك أن هذه اآلثار اليت ذكرناها إمنا تكون باإلفراط ومن األضواء املفرطة . األضواء واأللوان فيه

آلثار ليس تبقى بعد انصرافه عن وهو ظاهر أن هذه ا.واأللوان اليت تشرق عليها أضواء يف غاية القوةوهو ظاهر أيضاً أن األضواء املعتدلة والضعيفة وآثار األلوان اليت . مقابلة مؤثراا إال زماناً يسرياً مث تزول

فالعضو . أضواؤها معتدلة وضعيفة ليس تبقى يف البصر بعد انصرافه عن مقابلتها وال يسرياً من الزمانمث يزول منه ذلك . يتأثر باألضواء واأللوان بقدر ما حيس من األثر باملؤثراحلاس إذن الذي هو اجلليدية

.فتأثره باأللوان واألضواء هو انصباغ ما ولكنه انصباغ غري ثابت. األثر بعد انصرافه عن مقابلة املؤثر

. آلثاروأيضاً فإن البصر متهيئ لألثر واأللوان واإلحساس ا، فهو يتأثر ا، ومع ذلك ليس تبقى فيه ا

واهلواء واألجسام املشفة اخلارجة عن البصر والطبقات املشفة املتقدمة للجليدية من طبقات البصر ليست فاهلواء . متهيئة للتأثر باألضواء واأللوان واإلحساس ا، وإمنا هي متهيئة لتأدية األضواء واأللوان فقط

وال تتأثر، بل تكون أبداً حافظة لصورا، واألجسام املشفة تؤدي صور األضواء واأللوان وال تنصبغ اومع ذلك تؤدي الصور اليت تشرق عليها، وكذلك مجيع اجلسام املشفة ومجيع طبقات البصر املشفة

.املتقدمة للجليدية

فقد تبني مما ذكرناه أن البصر ليس ينصبغ باأللوان وصور األضواء انصباغاً ثابتاً وال تبقي آثارها فيه بل ه آثاراً غري باقية، واهلواء واألجسام املشفة والطبقات املتقدمة للجليدية من طبقات البصر ليس تؤثر في

وقد تبني أن صور األضواء . تنصبغ باأللوان وال بصور األضواء وال تتأثر ا، وإمنا تؤدي هذه الصور فقط. ة منها متميزة بسمواواأللوان ليس متتزج يف اهلواء واألجسام املشفة وال ختتلط بل تكون كل صور

فصور مجيع األضواء واأللوان اليت حتضر يف وقت واحد متتد يف اهلواء النتصل ا ويف مجيع األجسام املشفة املقابلة هلا على مجيع السموت املستقيمة اليت يصح أن تتوهم ممتدة من تلك األضواء واأللوان يف ذلك

ابن اهليثم-املناظر 83

منها متميزة بالسموت اليت متتد عليها وغري ممتزجة وال اهلواء ويف تلك األجسام املشفة، وكل واحدةخمتلطة، وتكون هذه الصور أبداً يف اهلواء ويف مجيع ما يتصل ا ويقابلها من األجسام املشفة، ولكوا يف مجيع اهلواء يدرك املبصر الواحد يف الوقت الواحد مجاعة من األبصار من املواضع املختلفة من اهلواء كل

ن األبصار يدركه من اجلزء من اهلواء الذي حيوزه املخروط املتشكل بني ذلك املبصر وبني مركز واحد مالبصر، ولكون هذه الصورة أبداً يف اهلواء يدرك البصر كلما فتح أجفانه كلما قابله يف الوقت الواحد من

.صرات املقابلة لهاملبصرات، وكلما اجتاز يف موضع من املواضع أدرك كلما يف ذلك املوضع من املب

فأما مل ليس تظهر صور مجيع األلوان على مجيع األقسام املقابلة هلا ويظهر بعضها وليس يظهر البعض إال إذا كان اللون قوياً، وكان الضوء الذي يف اللون قوياً، وكان الضوء الذي يف اجلسم الذي تظهر عليه

امتداد مجيع هذه الصور يف اهلواء وإشراقها أبداً صورة اللون ضعيفاً، وكان لون ذلك اجلسم مسفراً، مع على اجلهات املقابلة هلا، فإن ذلك لشيء يرجع إىل البصر ال أن هذه الصور ليس تشرق على األجسام املقابلة هلا، بل كل جسم متلون مضيء بأي ضوء كان فإن صورة ضوئه ولونه تشرقان أبداً على مجيع

أما األضواء فأمرها ظاهر، ألنه إذا اعترب كل جسم مضيء . أبعادها متفاوتةاألجسام املقابلة له اليت ليست بأي ضوء كان بعد ان يكون الضوء الذي فيه ليس يف غاية الضعف، واعترب على الوجوه اليت قدمناها بأن يقابل به مكان مظلم، وحيصل يف املكان املظلم جسم أبيض، ويكون املنفذ الذي بني املكان املظلم وبني

وأما األلوان فإنه ليس . اجلسم املضيء من ثقب أو من موضع ضيق، فإن الضوء يظهر على ذلك اجلسموذلك انه قد تبني . يظهر منها إال ما كان على صفة خمصوصة، وليس يظهر ما كان على خالف الصفة

مبدئها باالستقراء أن صور األلوان تكون أبداً أضعف من األلوان أنفسها، وكلما بعدت الصور عن .وكذلك صور األضواء تكون أضعف من األضواء أنفسها، وكلما بعدت ازدادت ضعفاً. ازدادت ضعفاً

وقد تبني أيضاً باالستقراء أن األلوان القوية إذا كانت يف مواضع مظلمة، وكانت األضواء اليت عليها مواضع مضيئة وكانت وإذا كانت يف . يسرية جداً، فإن تلك األلوان تظهر مظلمة وال تتميز للبصر

وكذلك األجسام املشفة املتلونة إذا أشرق عليها . األضواء اليت عليها قوية ظهرت األلوان ومتيزت للبصرالضوء فإنه إذا كان الضوء قوياً ظهرت ألواا من ورائها على األجسام املقابلة هلا، وإذا كان ذلك الضوء

أللوان، ومل تتميز كمال مل تتميز للبصر األلوان يف املواضع ضعيفاً ظهر من ورائها الظالل فقط، ومل تظهر ا .املغدرة الضعيفة الضوء

وقد تبني أيضاً باالستقراء أن صور األلوان اليت تظهر على األجسام املقابلة هلا إذا أشرق عليها ضوء قوي .خفيت عن البصر، وإمنا تظهر إذا كان الضوء الذي عليها ضعيفاً

األضواء القوية إذا وصلت إىل البصر عاقته عن إدراك املبصرات اخلفية اليت تقابله يف وقد تبني أيضاً أن

ابن اهليثم-املناظر 84

.تلك احلال

وقد تبني أن البصر إمنا يدرك اللون من الصورة اليت ترد إليه من ذلك اللون، وأن إدراكه يكون على عليها صورة لون من فإذا نظر الناظر إىل اجلسم من األجسام الكثيفة اليت قد أشرق. مسوت خمصوصة

األلوان فإنه إمنا يدرك تلك الصورة من صورة ثانية ترد إليه من تلك الصورة، وتكون هذه الصورة الثانية فالصورة الثانية . والصورة األوىل أضعف من اللون نفسه. أضعف من الصورة األوىل اليت على ذلك اجلسم

وليس يدرك البصر اجلسم . ن اللون نفسه بكثرياليت ترد إىل البصر من الصورة األوىل تكون أضعف مالكثيف الذي تظهر عليه الصورة إال إذا كان فيه ضوء ما أم الضوء الذي يرد مع صورة اللون املشرقة

فالصورة الثانية اليت ترد إىل البصر من صورة اللون األوىل ترد إليه . عليه أو ذلك الضوء وغريه من األضواءوذلك اجلسم الكثيف الذي عليه الصورة هو مع ذلك . ذلك اجلسم الكثيفمع صورة الضوء الذي يف

فصورة لونه أيضاً ترد إىل البصر مع الصورة الثانية اليت ترد . مضيء يدرك البصر لونه أيضاً يف تلك احلالوصورة لون هذا اجلسم اليت ترد إىل البصر يف تلك احلال هي صورة . إليه من صورة اللون الذي عليه

، والبصر إمنا يدرك ما يدركه من مست خمصوص، والسمت املخصوص الذي بينه وبني اجلسم أوىلالكثيف الذي منه يدرك صورة لون ذلك اجلسم الكثيف منه بعينه يدرك الصورة الثانية اليت ترد من صورة

صر من صورة اللون املشرق على ذلك اجلسم الكثيف ألن تلك الصورة هي يف أسطح ذلك اجلسم، فالبوهو يدرك لون ذلك اجلسم من السموت اليت بينه . يدركها من السموت اليت بينه وبني ذلك السطح

. وبني ذلك السطح بعينها، وكذلك الضوء الذي يف ذلك اجلسم يدركه البصر من تلك السموت بعينها

.فالصور الثلثة اليت ترد إىل البصر من ذلك اجلسم يدركها البصر من مست واحد بعينه

والصورة الثانية اليت ترد . ذا كانت الصور الثلثة يدركها البصر من مست واحد بعينه فهو يدركها ممتزجةوإإىل البصر من صورة اللون اليت على اجلسم املقابل له يدركها البصر ممتزجة بصورة لون ذلك اجلسم

كان اجلسم فإن. فهو يدرك من جمموع اللونني صورة غري صورة كل واحد منهما. وصورة ضوئهالكثيف الذي عليه الصورة ذا لون قوي كانت صورته اليت ترد إىل البصر قوية، وهي صورة أوىل، وهي

صورة ممتزجة بالصورة الثانية اليت ترد إليه من صورة اللون املشرق على ذلك اجلسم، وهذه الصورة استظهر اللون القوي على ضعيفة، فليس تظهر هذه الصورة للبصر ألنه إذا مازج لون ضعيف للون قوي

. الضعيف وخفي اللون الضعيف عن احلس كذلك توجد أبداً األلوان واألصباغ إذا امتزج بعضها ببعض

فاألجسام املتلونة القوية األلوان ليس تظهر صور األلوان املشرقة عليها المتزاج هذه الصور بألواا عند وإن كان اجلسم الذي عليه الصورة أبيض أو . ة عليهاالبصر واستظهار ألواا على ألوان الصور املشرق

ابن اهليثم-املناظر 85

مسفر اللون، وكان الضوء الذي عليه قوياً، فالصورة اليت تشرق عليه ختفى لقوة الضوء الذي عليها كما وإمنا ختفى صورة اللون إذا كان الضوء الذي عليها . تبني ذلك باالستقراء مع كوا على ذلك اجلسم

.ية ترد إىل البصر مع صورة الضوء القوي ومع بياض اجلسم الذي هي عليهقوياً، ألن صورا الثان

فإذا وصل إىل . وقد تبني أن الضوء القوي إذا وصل إىل البصر فإنه يعوق البصر عن إدراك الصور الضعيفةيه البصر ضوء قوي مع بياض اجلسم الذي هو عليه فإنه يعوقه عن إدراك الصورة الثانية الضعيفة اليت ترد إل

وإذا كان اجلسم الذي عليه صورة اللون أبيض، وكان الضوء الذي عليه ضعيفاً، وكانت صورة . معهااللون اليت عليه أيضاً ضعيفة وكانت الصورة يف غاية الضعف، فإن صورة الضوء الذي يف ذلك اجلسم

ية الضعف، وإن كانت ضعيفة مع بياض ذلك اجلسم رمبا كانت مستظهرة على صورة اللون اليت يف غاوإن كان اجلسم الذي عليه الصورة أبيض، وكان . فإذا وصال إىل البصر مل تتميز تلك الصورة للبصر

اللون الذي تشرق صورته عليه أسود أو مظلماً، فإمنا تكسف تلك الصورة بياض ذلك اجلسم فقط يدرك اجلسم األبيض وتنقص منه وتكون كالظل، ويدرك البصر من ذلك اجلسم بياضاً ليس يف الغاية كما

.يف الظل، فال تتميز له الصورة

ومجيع ذلك كذلك إذا كان الضوء الذي يف اجلسم املتلون قوياً وكانت الصورة اليت تشرق منه على فأما إذا كان الضوء الذي يف اجلسم املتلون ضعيفاً فإن الصورة اليت تكون منه . اجلسم املقابل له مسفرة

تكون مظلمة، فتكون عند البصر كاأللوان اليت يدركها يف املواضع املظلمة اليت على اجلسم املقابل لهالضوء فيها ضعيف جداً، وكألوان األجسام املشفة اليت تشرق عليها أضواء ضعيفة فتظهر أظالل تلك

فصور األلوان اليت يف األجسام. األجسام من ورائعا وال تظهر صور ألوان تلك األجسام يف تلك األظالل

املتلونة إذا كانت األضواء اليت عليها ضعيفة إذا أشرقت على األجسام املقابلة إمنا تكون أظالالً فقط فإن كان اجلسم املقابل للون الذي ذه الصفة يف . باإلضافة إىل إحساس البصر فال تتميز ألواا عند البصر

وإن كان اجلسم املقابل هلذا . ليهمكان مظلم فليس يظهر عليه شيء لظلمته وظلمة الصورة اليت ترد عاللون يف مكان مضيء، وكان عليه ضوء من غري تلك الصورة، ويظهر للبصر لون هذا اجلسم وال تظهر

وإن كان هذا اجلسم . الصورة بل تنقص الصورة من لونه فقط ألا كالظل وال يتميز للبصر هذا النقصانضوء غري ضوء الصورة، فإن الصورة تكسف بياض هذا الذي عليه الصورة أبيض، وكان مع ذلك مضيئاً ب

يف .اجلسم وضوءه فقط لظلمتها، كما تفعل األظالل يف األجسام البيض، وال تتميز الصورة للبصر .األجسام البيض، وال تتميز الصورة للبصر

الضوء فإن كان الضوء الذي يف اجلسم املتلون قوياً، وكان اجلسم الذي تشرق عليه الصورة ابيض، وكان

ابن اهليثم-املناظر 86

الذي على هذا اجلسم ضعيفاً، وكانت صورة اللون املشرقة عليه قوية باإلضافة إىل الضوء الذي عليه ع بياضه، وكانت الصورة من لون مشرق قوي، وكانت الصورة الثانية اليت ترد إىل البصر من هذه الصورة

ن البصر يدرك حينئذ هذه قوية ومستظهرة على صورة اجلسم الذي هي عليه وعلى الضوء الذي فيه، فإ .والصور اليت ذه الصفة فقط هي اليت يدركها البصر على اجلسام املقابلة لأللوان. الصورة وتظهر له

فالبصر إذن إمنا يدرك صورة اللون على اجلسم املقابل للون إذا كانت الصورة الثانية اليت ترد إليه من ترد إليه معها من الضوء واللون اللذين يف اجلسم الذي صورة اللون أقوى واظهر من الصورة األوىل اليت

وهذه الصفة قليلة، فلذلك يقل ما يظهر من هذه الصور، وال يظهر منها إال ما كان من . عليه الصورةاأللوان القوية املشرقة، وإذا كانت األضواء اليت عليها قوية، وما كان من هذه الصور على األجسام النقية

. ة األلوان، وإذا كانت األضواء اليت على هذه األجسام ضعيفة باإلضافة إىل تلك الصورالبياض واملسفر

.واألكثر من صور املبصرات خبالف هذه الصفة. وال يظهر ما كان خبالف هذه الصفة

وكذلك األضواء الضعيفة اليت ليس يظهر ضوؤها على األجسام املقابلة هلا إمنا ليس يظهر ألن اجلسم وء الضعيف إذا كان مضيئاً بضوء غري ذلك الضوء امتزج الضوءان فلم يتميز الضوء الضعيف املقابل للض

وإذا كان اجلسم املقابل للضوء الضعيف مظلماً فليس تظهر صورة اللون الضعيف عليه لن صورة . للبصرذه الضوء الضعيف تكون ضعيفة وأضعف من الضوء نفسه، والصورة الثانية اليت ترد إىل البصر من ه

الصورة اليت منها جيب أن يدرك البصر هذه الصورة على اجلسم املقابل للضوء تكون أضعف من هذه فإذا كان الضوء ضعيفاً، وكان اجلسم املقابل له مظلماً، كانت الصورة اليت على اجلسم املقابل له .الصورة

والبصر ليس يدرك األضواء . عفضعيفة جداً، وكانت الصورة الثانية اليت ترد منها إىل البصر يف غاية الضفلذلك يدرك البصر . اليت يف غاية الضعف، وال يف قوة احلس أن يدرك ما كان يف غاية اللطافة والضعف

صور األضواء الضعيفة على األجسام املقابلة هلا، ويدرك مع ذلك األضواء الضعيفة أنفسها إذا مل تكن يف لصورة األوىل اليت ترد إليه منها، وهي أقوى من الصورة غاية الضعف، انه يدرك األضواء أنفسها من ا

.الثانية اليت ترد إليه من الصورة اليت على اجلسم املقابل له ومع ذلك غري ممتزجة بغريها

فصور مجيع األلوان املضيئة وصور مجيع األضواء تشرق على األجسام املقابلة هلا وتكون أبداً مشرقة للبصر للعلل اليت ذكرناها، ويظهر بعضها للبصر إذا كان على الصفات اليت عليها، وليس يظهر أكثرها

فقد تبينت العلة اليت من أجلها ليس يدرك البصر صور مجيع األلوان اليت يف األجسام املتلونة . وصفناها. تلونةعلى مجيع األجسام املقابلة هلا ويدرك بعضها ، وهو مع ذلك يدرك مجيع األلوان اليت يف األجسام امل

وعلة ذلك هي أنه يدرك األلوان اليت يف األجسام املتلونة من الصورة األوىل اليت ترد إليه منها، وهي أقوى

ابن اهليثم-املناظر 87

من الصورة الثانية اليت ترد إليه من صور ألواا اليت على األجسام املقابلة هلا، ويدرك صور األلوان أيضاً .اليت ترد من صور ألواا ممتزجة بغريهامنفردة غري ممتزجة بغريها، ويدرك الصورة الثانية

ويتبني من هذا املعىن أن األلوان . وهذا املعىن هو الذي ضمنا يف آخر الفصل الثالث تبيينه يف هذا الفصلاليت يدركها البصر من املبصرات إمنا يدركها ممتزجة بصور األضواء اليت هي فيها ممتزجة جبميع الصور

وإن كان اجلسم املشف املتوسط بينها وبني البصر فيه بعض . جسام املقابلة هلااملشرقة عليها من ألوان األالغلظ فإن لونه أيضاً ميتزج بألواا، وليس يدرك البصر لوناً من األلوان جمرداً على انفراده من صورة

غاية الضعف متازجه، إال أن الصور اليت تشرق على األجسام املقابلة لألجسام املتلونة تكون يف األكثر يف .والرقة، والصورة الثانية اليت ترد من كل واحدة منها إىل ابصر تكون يف األكثر يف غاية الضعف

فلذلك تكون ألوان األجسام أنفسها يف األكثر مستظهرة على الصورة اليت تشرق عليها وال تتميز للبصر بصر فيه غلظ يسري مل يتميز للبصر وكذلك إن كان اجلسم املتوسط بني البصر وامل. الصورة املشرقة عليها

لونه من لون املبصر الذي يرد معه، إذا كان لون املبصر الذي يرد معه أقوى من لونه ومستظهراً على .لونه

فأما األضواء القوية مل تعوق البصر عن إدراك املبصرات وختفي عن البصر بعض املعاين اليت تكون يف فإذا . ر اليت ترد إىل البصر على مست واحد إمنا يدركها البصر ممتزجةاملبصرات فإن ذلك إمنا هو ألن الصو

كان بعض الصور املمتزجة قوياً مسرف القوة وبعضها ضعيفاً استظهرت الصورة القوية على الصورة وإذا كانت الصور املمتزجة متقاربة يف . الضعيفة فلم تتميز الصورة الضعيفة للبصر ومل يدركها البصر

البصر كل واحدة منها ويكون إدراكه لكل واحدة من الصور املمتزجة حبسب ما ميازجها من القوة أدرك .الصور املمازجة هلا، ألن الصور املمتزجة ليس يدرك البصر كل واحدة منها منفردة وإمنا يدركها ممتزجة

قوى من والكواكب ليس إمنا يدركها البصر يف ضوء النهار ألن ضوء الشمس الذي حيصل يف اهلواء أفإذا نظر ناظر إىل السماء يف ضوء النهار كان اهلواء الذي بينه وبني السماء مضيئاً بضوء . ضوء الكواكب

الشمس ومتصالً بالبصر، وكانت الكواكب من وراء ذلك الضوء، فتكون صورة الكوكب وصورة ت واحد فيدركهما الضوء الذي يف اهلواء املتوسط بني البصر وذلك الكوكب يردان إىل البصر على مس

وصورة الضوء اليت ترد من اهلواء املتوسط بني البصر وبني الكوكب بالنهار الذي هو من . البصر ممتزجنيفتستظهر صورة ضوء اهلواء على صورة ضوء . األضواء الثواين أقوى من صورة ضوء الكوكب بكثري

الذي حيصل يف اجلزء من البصر الكوكب، فال تتميز للبصر صورة الكوكب، وال يكون بني صورة الضوء املسامت للكوكب وبني صورة الضوء الذي حيصل يف األجزاء الباقية من البصر احمليطة بذلك اجلزء

اختالف يدركه احلس الستظهار صورة ضوء النهار على صورة ضوء الكوكب وغمور صورة ضوء

ابن اهليثم-املناظر 88

.كب بالنهارالكوكب عند إدراكها بصورة ضوء النهار، فلذلك ال يدرك البصر الكوا

وكذلك األضواء الضعيفة اليت تكون يف وسط األضواء القوية، كالنار الضعيفة اليت تكون يف ضوء الشمس ، وكاحليوان املسمى الرياع إذا أدركه البصر يف ضوء النهار، وما جرى جمرى ذلك، فإن هذه

ون مشرقاً عليها وعلى اهلواء املبصرات إذا كانت يف ضوء الشمس أو يف ضوء النهار فإن ضوء النهار يكاملتوسط بينها وبني البصر، فصورها ترد إىل البصر ممتزجة بصورة الضوء القوي املشرق عليها وصورة

الضوء القوي املشرق على اهلواء املتوسط بينها وبني البصر، فيدرك البصر صورة ما هذه حاله من هر صورة الضوء القوي على صورها املبصرات ممتزجة بصورة ضوء قوي، وصورها ضعيفة، فستظ

.الضعيفة، فال تتميز صورها للبصر وال يدركها البصر

وقد ختفى األضواء الضعيفة وصور املبصرات الضعيفة الضوء إذا حصل يف البصر ضوء قوي وإن مل يكن ورود الصورتني إىل البصر من مست واحد ، وذلك إذا كان ورود الصورتني من مستني متجاورين وحصال

وذلك ان البصر إذا أدرك . وهذا املعىن يظهر يف الليل ويف ضوء النار. يف البصرين يف جزء ين متجاورينضوء النار، وكانت النار قريبة من البصر وكان ضوؤها ضوءاً قوياً، وكان مقابالً للبصر يف تلك احلال

النار، وكانت على مبصرات فيها أضواء ضعيفة عرضية، وكانت تلك املبصرات أبعد عن البصر منمسوت جماورة لسمت النار وقريبة من مست النار، فإن البصر ال يدرك تلك املبصرات إدراكاً صحيحاً،

فإن ستر النار عن بصره أو . وإن كان فيها معان لطيفة أو أجزاء لطيفة مل يدركها البصر يف تلك احلالملبصرات بعيداً عن السمت الذي يدرك منه تباعد عن مست النار حىت يصري السمت الذي يدرك منه تلك ا

.النار فإنه حينئذ يدرك تلك املبصرات إدراكاً أبني مما كان يدركها يف احلالة األوىل

والعلة يف ذلك أن املبصرات اليت فيها أضواء ضعيفة عرضية تكون صورها وظلمة، فإذا أدركها البصر ومل لضعيف الذي فيها لظلمة داخل البصر أو عدم الضوء يدرك معها يف احلال ضوءاً قوياً أحس بالضوء ا

القوي من اجلزء منه الذي حتصل فيه صورة الضوء الضعيف ومما حييط به من أجزاء البصر وللتباين الذي وإذا أحس البصر بالضوء الذي يف الصورة ومتيزت له تلك الصورة وأدركها . بني الظلمة والضوء املقترنني

وإذا أدرك البصر الصورة املظلمة وأدرك معها يف احلال ضوءاً قوياً، . الذي فيهاإدراكاً ما حبسب الضوء وأدرك ذلك الضوء القوي يف اجلزء من املبصر املماس للجزء الذي أدرك فيه الصورة املظلمة، مل يدرك

ر إحدامها أن الضوء القوي إذا حصل يف البص: البصر الضوء الضعيف الذي يف الصورة املظلمة حلالتنيأضاء مجيع داخل البصر، وإذا كان داخل البصر مضيئاً مل يظهر فيه الضوء الضعيف الذي يدركه البصر مع ضعفه من اجل ظلمة البصر وتباين الظلمة والضوء، وخاصة إذا كان الضوء الضعيف ضعيف النسبة

ابن اهليثم-املناظر 89

يف بالضوء القوي يف واحلالة الثانية هي اقتران الضوء الضع. جداً إىل الضوء القوي الذي حصل يف البصروالضوء الضعيف بالقياس إىل الضوء القوي هو ظلمة ما، فإذا جتاوز الصورة . جزءين متجاورين من البصر

املظلمة الضعيفة الضوء وصورة الضوء القوي يف البصر فليس يدرك البصر الضوء الذي يف الصورة املظلمة الذي يف الصورة املظلمة فلم يدرك من الصورة وإذا مل يدرك البصر الضوء. للحالتني اللتني ذكرنامها

املظلمة إال ظلمة فقط، وإذا مل يدرك البصر الضوء الذي يف الصورة، ومل يدرك منها إال ظلمة فقط، مل واللتباس صور األضواء الضعيفة من أجل جماورا .تتميز له الصورة ومل يدرك الصورة إدراكاً صحيحاً

وذلك أن الصبغ األدكن إذا وشم به جسم أبيض نقي البياض ونقط . لوانلألضواء القوية نظائر يف األعليه منه نقط صغار أو نقش به نقوش دقاق ظهر ذلك الصبغ أسود أو مظلماً شديد الظلمة، ومل يظهر

وإذا وشم بذلك الصبغ بعينه جسم أسود حالك السواد . اإلسفار الذي فيه، ومل يدرك البصر حقيقة لونهوإذا . غ أبيض أو مسفر اللون، ومل يظهر اإلظالم الذي فيه، ومل يدرك البصر حقيقة لونهظهر ذلك الصب

كان ذلك الصبغ بني أجسام ليست يف غاية البياض وال يف غاية السواد ظهر لونه على ما هو عليه وأدرك .البصر حقيقة لونه حبسب ما يصح أن يدركه البصر

جسم كحلي ظهر ذلك الصبغ صعوياً وصايف اللون، وإذا وكذلك الصبغ األخضر الزرعي إذا نقش به وكذلك كل صبغ متوسط بني . نقش به جسم صايف الصفرة ظهر ذلك الصبغ مسنياً ومظلم اللون

.طرفني

فاملبصرات املتجاورة إذا كانت ألواا أو أضواؤها متباينة تبياناً مفرطاً يف القوة والضعف فإن الضعيف وذلك ألن كيفيات األضواء . يدرك البصر حقيقته عند اقترانه بالقوي املباينمنها ختفى حقيقته، فال

واأللوان إمنا يدركها البصر من قياس بعضها ببعض، فاألضواء القوية إمنا تعوق البصر عن إدراك املبصرات ور اليت أضواؤها ضعيفة المتزاج صور األضواء الضعيفة بصورها واستظهار صور األضواء القوية على ص

األضواء الضعيفة عند امتزاجها أو اورة األضواء الضعيفة هلا، وإدراك البصر للصور ااورة املتجانسة .من قياس بعضها إىل بعض، وقصور احلس عن إدراك ما كان ضعيف النسبة جداً إىل القوي احملسوس

.فقد أتينا على تبيني مجيع املعاين اليت تتعلق ذا الفصل

ع الفصل الساب

منافع آالت البصر

ابن اهليثم-املناظر 90

وهيئة . إن طبقات البصر اليت ذكرناها ووصفناها يف شرح هيئة البصر هي آالت للبصر ا يتم له اإلبصار .هذه الطبقات وأوضاع بعضها من بعض هو الذي به يتم وصول املبصرات إىل البصر

مشفة ومع ذلك متينة وهي أما الطبقة األوىل اليت هي ظاهر البصر، وهي اليت تسمى القرنية، فهي طبقةفأول منافعها أا تغطي ثقب العنبية فتنضبط بذلك الرطوبة . منطبقة على الثقب الذي يف مقدم العنبية

فأما شفيفها فإا إمنا كانت مشفة لتنفذ فيها صور . البيضية اليت يف داخل العنبية فتنحصر وال تتشتتضواء واأللوان ليس تنفذ إال يف األجسام املشفة، وال األضواء واأللوان إىل داخل البصر، ألن صور األ

وأما متانتها فلئال يسرع إليها الفساد ألا منكشفة للهواء، فهي . تقبلها وتؤديها إال األجسام املشفةفهذه هي . حتتمي مبتانتها من املؤذيات اللطيفة كالقذى والغبار والدخان وكالطرفة وما جيري جمرى ذلك

.قةمنافع هذه الطب

أما شفيفها فلتنفذ فيها الصور وتصل إىل الرطوبة . فأما الرطوبة البيضية فهي مشفة ومع ذلك رطبة مائعةوأما رطوبتها فلترطب أبداً الرطوبة اجلليدية وحتفظ عليها صورا، ألن . اجلليدية اليت ا يقع اإلحساس

يها رقيق يف الغاية، واليسري من اليبس يفسدها هذه الرطوبة اعين اجلليدية، ترفة يف الغاية، والغشاء الذي علفأما الطبقة .وكانت الرطوبة البيضية رطبة مائعة لترطب أبداً اجلليدية وحتفظ عليها رطوبتها. ويغري صورا

. السوداء احمليطة بالرطوبة البيضية، وهي اليت تسمى العنبية، فهي سوداء وهي ضعيفة وفيها بعض املتانة

فأما سوادها فلتظلم به الرطوبة . مها ثقب مستدير كما وصفنا ذلك يف هيئة البصروهي كرية ويف مقدالبيضية والرطوبة اجلليدية، فتظهر فيها لظلمتها صور األلوان الضعيفة اخلفية، فإن األضواء الضعيفة جداً

لعنبية فسواد ا. إذا كانت يف مواضع مظلمة ظهرت للبصر، وإذا كانت يف مواضع مضيئة مل تظهر للبصرإمنا هو ليظلم به داخل البصر فتحس اجلليدية مبا يصل إىل جتويف البصر من صور األضواء وإن كانت

وكانت هذه الطبقة صفيقة وفيها بعض املتانة لتضبط الرطوبة البيضية وحتفظها فال يرشح . ضعيفة يسرية. صفيقة اشتدت ظلمة داخلهامنها شيء إىل خارج وال تناقص، وليظلم بصفاقتها داخلها، ألا لو كانت

وكوا كرية ألن الكرة اعدل األشكال اسمة وأمحاها مع ذلك من التغيري، فإن ذا الزوايا يسرع التغري فأما الثقب الذي يف مقدمها فلتنفذ فيه الصور إىل داخل جتويف . إىل زواياه، وليس يكون ذلك يف الكرة

.، وألن املستدير أوسع األشكال اليت إحاطتها متساويةوكونه مستديراً العتدال االستدارة. البصر

وذلك أا رطبة ومع ذلك ترفة وفيها بعض . فأما الرطوبة اجلليدية فقد مجعت صفات ا يتم اإلحساسوشكل سطحها مركب من سطحني . الشقفيف وفيها بعض الغلظ، وعليها غشاء وغشاؤها يف غاية اخلفة

فأما كوا رطبة فليسهل انفعاهلا باألضواء . ما أعظم كرية من كرية الباقيكريني خمتلفني، واملقدم منه

ابن اهليثم-املناظر 91

وكوا ترفة فليلطف حسها فتحس باللطيف الضعيف . لرطوبتها، فيسرع فيها تأثري الصور اليت ترد إليهاوكان فيها شفيف لتقبل األضواء واأللوان وتنفذ . من الصور، ألن األجسام الترفة تكون لطيفة احلس

كان فيها غلظ ومل تكن يف غاية الشفيف لتدافع صور األضواء واأللوان اليت ترد . ضواء واأللوان فيهااألفيتم للصور مبدافعتها وثبوت الضوء تأثريها فيها وتظهر . إليها ومتنعها من النفوذ فيها مبا فيها من الغلظ

ة الشفيف لنفذت الصور فيها ومل ولو كانت يف غاي. للقوة احلساسة صورة الضوء واللون اليت تثبت فيهاولو مل تثبت الصورة يف هذه الرطوبة مل حتس هذه الرطوبة يف سطحها وال يف جسمها بشيء . تثبت فيها

.من الصور، ومل تنفعل بالصور االنفعال الذي هو من جنس األمل، ومل تظهر الصورة هلا ومل تدركها

بطها فال تتشتت لرطوبتها، وليشكلها أيضاً هذا الغشاء فأما الغشاء الذي على هذه الرطوبة فإمنا هو ليض. وحيفظ عليها شكلها، ألن الرطوبات إن مل حيصرها حاصر تشتت ومل تثبت مع ذلك على شكل واحد

فاشتمال الغشاء على هذه . وأيضاً فإن الرطوبات ليس تتشكل بشكل كري إال إذا حصرها كريوكان هذا الغشاء خفيفاً ويف غاية اخلفة لئال يستر . الكريالرطوبة إمنا هو ليضبطها وليشكلها بالشكل

وكون سطح مقدمها . فأما كريتها فالعتدال شكل الكرة واحتمائه من التغري. عنها الصور اليت ترد إليها .من كرة اعظم فليكون موازياً لسطح مقدم البصر ويكون مركزامها نقطة واحدة

مركبة عليها فإمنا كانت جوفاء لتجري فيها الروح الباصرة من الدماغ فأما العصبة اجلوفاء اليت مجلة العنيوتصل إىل اجلليدية فتغطيها القوة احلساسة على االستمرار، ولينفذ أيضاً الضوء يف جتويفها ويف اجلسم

.اللطيف اجلاري فيها إىل أن يصل إىل احلاس األخري الذي يف مقدم الدماغ

اللتني تتركب عليهما العينان من جنبيت مقدم الدماغ ليكون وضع وكان مبدأ العصبتني اجلوفاوينومل يكن مبدؤمها من وسط مقدم الدماغ ألن هذا املوضع . البصرين من مبدأيهما وضعاً متشااً معتدالً

.فلهاتني العلتني صار مبدأ العصبتني من جنبيت مقدم الدماغ. خيتص حباسة الشم

يكن البصر واحداً فإن ذلك رأفة من الصانع تعاىل واستظهار من الطبيعة فأما مل كان البصران اثنني ومل .حىت مىت حدث بأحدمها آفة بقي اآلخر، ولتحسني صورة اجلسم أيضاً ما

. مث إن العصبتني اجلوفاوين تلتقيان عند وسط مقدم الدماغ وتصريان عصبة واحدة جوفاء ويصري واحداً

وهو أن الشخص الواحد يبصر ببصرين، : ن قبل يف كيفية اإلبصاروإمنا صار ذلك كذلك ملا ذكرناه مفإذا نظر الناظر إىل مبصر واحد بكل واحد من البصرين بصورة ذلك املبصر، فتحصل يف البصر صورتان لذلك املبصر، فلو تأدت الصورتان إىل احلاس األخري لكان يدرك املبصر الواحد اثنني، فالتقت العصبتان

ار جتويفهما جتويفاً واحداً لتنتهي الصورتان من البصرين إىل هذه العصبة وتنطبق وصارت واحدة وصفلهذه العلة . إحديهما على األخرى فتصريان صورة واحدة، فيدرك احلاس األخري املبصر الواحد واحداً

ابن اهليثم-املناظر 92

.التقت العصبتان وصارتا واحدة وصار التجويفان جتويفاً واحداً

وإمنا كانت كرية . فهي سطوح كرية متوازية مركزها نقطة واحدةفأما سطوح طبقات البصر املشفةلتكون األعمدة اليت تقوم على سطوحها خترج من نقطة واحدة، وهي مركزها، مث تسع ويبعد ما بني

أطرافها كلما بعدت عن املركز، فيكون املخروط الذي ميتد من املركز إىل مبصر من املبصرات، الذي فيه من ذلك املبصر على سطح البصر، يفصل من سطح البصر ومن سطح العضو احلاس خترج مجيع األعمدة

ولو . جزءاً صغرياً، ويكون ذلك اجلزء مع صغره حييط جبميع الصورة اليت ترد من ذلك املبصر إىل البصركانت سطوح طبقات البصر مسطحة لكانت صورة املبصر ال تصل إىل البصر على األعمدة إال إذا كان

وليس شكل من األشكال فجميع األعمدة اليت تقوم على سطحه وتلتقي على . ساوياً للمبصرالبصر منقطة واحدة وحتدث من األعمدة اليت تقوم عليه خمروطات تتسع أطرافها ويكون السطح الذي تقوم عليه

.متشابه الترتيب غري شكل الكرة

ن املبصر اليت تأخذ من سطح العضو وكانت سطوح طبقات البصر كرية لتكون األعمدة اليت خترج ماحلاس جزءاً يسرياً مع عظم املبصر وحييط ذلك اجلزء مع صغره جبميع صورة املبصر مع عظمه، وليمكن

ذه احلال أن خيرج من مركز البصر خمروطات كثرية إىل مبصرات كثرية يف وقت واحد يفصل كل وكانت كلها . حلاس يشتمل على صورة املبصرواحد من تلك املخروطات جزءاً يسرياً من سطح العضو ا

على مركز واحد ملا قدمنا ذكره، وهو أن تكون األعمدة اليت خترج من املبصر إىل واحد منها أعمدة على .مجيعها، ولتنفذ الصور يف مجيعها على مست واحد بعينه

فألن ذه العمدة فقط فأما مل كان البصر ال يدرك شيئاً من املبصرات إال من مسوت هذه األعمدة فقط وقد تبني من قبل انه . تترتب أجزاء املبصر يف سطح العضو احلاس وهلا تتميز مجيع املبصرات عند احلاس

ليس يصح أن تترب صورة املبصر يف سطح العضو احلاس إال إذا كان قبوله للصور من هذه السموت تقبل شيئاً من الصور إال من أوضاع فقط، فلذلك صارت طبيعة خمتصة ذه اخلاصة ومطبوعة على أن ال

وختصص البصر ذه اخلاصة هو أحد املعاين اليت تظهر منها حكمة الصانع جلت . هذه اخلطوط فقطعظمته ولطف صنيعه ويظهر منه حسن تأيت الطبيعة وتلطفها يف يئة آالت البصر اهليئة اليت ا يتم

.اإلحساس وا تتميز له املبصرات

حمة فإا مشتملة على مجلة هذه الطبقات، وفيها بعض الرطوبة وهي مع ذلك متماسكة فيها فأما امللتوكان فيها بعض . وإمنا كانت مشتملة على هذه الطبقات لتجمعها وحتفظها وحترسها. بعض املتانة

املماسة الرطوبة لتتوطأ للطبقات اليت يف داخلها مواضعها منها وال يسرع أيضاً إىل تلك الطبقات اليبس ب

ابن اهليثم-املناظر 93

وكوا متماسكة فيها بعض املتانة لتحفظ على الطبقات اليت يف داخلها أشكاهلا وأوضاعها فال . وااورة .وكانت بيضاء لتشرق ا صورة الوجه وحتسن هيئته. تتغري أشكاهلا وال أوضاعها

حمتاجة إىل وكانت مجلة العني مستديرة ألن االستدارة اعدل األشكال وأسهلها مع ذلك حركة، والعنيوكانت العني متحركة وحمتاجة إىل احلركة وإىل سرعة احلركة لتقابل باحلركة . احلركة وإىل سرعة احلركة

كثرياً من املبصرات يف وقت واحد ومن نصبة واحدة تكون لصاحبها الذي حيركها، ولتقابل باحلركة ذلك متشااً، ألن اإلحساس أبني من مجيع أجزاء املبصر بوسط الناظر، فيدركه بذلك إدراكاً بيناً ومعفأما سرعة حركة البصر وحاجته إىل . اإلحساس ببقيته وسنبني هذا املعىن من بعد يف املوضع األليق به

سرعة احلركة فليتأمل بسرعة احلركة مجيع أجزاء املبصر ومجيع املبصرات اليت تقابله يف أقل القليل من .الزمن

اية للعني حترسها من األذى وتكنها عند النوم وتوقيها من املؤذيات ولتريح فأما األجفان فإا جعلت وقالعني عند انطباقها عليها من أالم األضواء ومباشرة اهلواء، ألن األضواء تؤذيها وتقرعها، فلو استمر عليها

ويتبني من .وقد يظهر ذلك عند إطالة النظر إىل األضواء املضيئة. قرع األضواء دائماً ومل تسترح لفسدتوقد يستضر البصر أيضاًَ باهلواء يف بعض األوقات . ذلك أن استمرار مباشرة البصر لألضواء يضر بالبصر

إذا كان به غبار أو دخان أو برد شديد، فجعلت األجفان لتستر العني عن األضواء عند حاجتها إىل ذلك حتاجت إىل الراحة انطبقت األجفان عليها ولتوقيها من اهلواء وتدفع عنها كثرياً من املؤذيات، مث إذا ا

وجعلت األجفان . واستمر ذلك زماناً إىل أن يزول كالمها وتتكامل راحتها وذلك يكون عند النوممتحركة لتنفتح يف وقت احلاجة إىل اإلبصار وتنطبق عند احلاجة إىل االنطباق، وجعلت سريعة احلركة

.ليسرع االنطباق عند قرب املؤذيات من العني

فأما األهداب فإمنا كانت لتذب عن البصر ما مير به من القذى واملؤذيات اخلفية، ولتكسر عن البصر أيضاً بعض األضواء إذا استضر بشدة الضوء، ولذلك جيمع الناظر عينه ويصرها وينظر من ضيق إذا استضر

.بالضوء الشديد

ف تتبني منها حكمة الصانع تعاىل ورأفته فهذه املعاين اليت ذكرناها هي منافع آالت البصر، وهي لطائ .وبديع صنعته وحسن تأيت الطبيعة ولطيف آثارها

الفصل الثامن

علل المعاني

التي ال يتم اإلبصار إال بها وباجتماعها

ابن اهليثم-املناظر 94

قد تبني فيما تقدم أن البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات اليت تكون معه يف هواء واحد ويكون إدراكه وهي أن يكون بينه وبينه بعد ما، ويكون مقابالً للبصر : نعكاس إال إذا اجتمعت له عدة معانهلا ال باال

اعين أن يكون بني كل نقطة من سطحه الذي يدركه البصر وبني نقطة ما من سطح البصر خط مستقيم إحساس متوهم، ويكون فيه ضوء ما إما من ذاته أو من غريه، ويكون حجمه مقتدراً باإلضافة إىل قوة

البصر، ويكون اهلواء الذي بينه وبني سطح البصر مشفاً متصل الشفيف ال يتخلله شيء من األجسام الكثيفة، ويكون املبصر كثيفاً أو فيه بعض الكثافة، اعين أن ال يكون فيه شفيف أو يكون مشفاً ويكون

ال ذا لون أو ما جيري جمرى شفيفه أغلظ من شفيف اهلواء املتوسط بينه وبني البصر وليس يكون الكثيف إوليس يدرك البصر املبصر إال إذا اجتمعت للمبصر هذه . اللون، وكذلك املشف الذي فيه بعض الغلظ

.وإن عدم املبصر واحداً من هذه املعاين أو أكثر من واحد منها فليس يدركه البصر. املعاين الستة

.ة ما من أجلها ليس يتم اإلبصار إال بذلك املعىنوليس حاجة البصر إىل كل واحدة من هذه املعاين إال لعل

: فأما مل ليس يدرك البصر املبصر إال إذا كان بينهما بعد ما وليس يدركه إذا التصق به فإن ذلك لعلتني

وإذا كان املبصر ملتصقاً بالبصر، . إحدامها أن البصر ليس يريك املبصر إال إذا كان يف املبصر ضوء ماذاته، فليس يكون يف سطحه الذي يلي البصر ضوء ألن جسم املبصر يستر عنه وليس هو مضيئاً من

واألشياء املضيئة من ذواا ليس ميكن أن تلتصق بالبصر، ألن األشياء املضيئة من ذواا إمنا هي . األضواءون من والعلة الثانية أن اإلبصار إمنا يك. الكواكب والنار، وليس واحد من هذين ميكن أن يلتصق بالبصر

اجلزء املقابل لثقب العنبية من وسط سطح البصر فقط، وليس يكون من بقية سطح البصر إحساس، وإذا فلو كان البصر . التصق املبصر بالبصر فإمنا ينطبق على هذا اجلزء من البصر جزء مساو له فقط من املبصر

قابل للثقب فقط وال يدرك بقية يدرك املبصر عند التصاقه به لكان يدرك منه اجلزء امللتصق باجلزء املفإن حرك املبصر على سطحه أو حترك هو حىت مياس مجيع سطح املبصر باجلزء املتوسط منه لكان . املبصر

يدرك من البصر جزءاً بعد جزء، وكان إذا أدرك اجلزء الثاين مل يدرك اجلزء األول، وكان ال يدرك مجيع اً مل تتشكل فيه صورة املبصر كما أنه لو كان مبصر من وإذا مل يدرك مجيع املبصر مع. املبصر معاً

املبصرات من وراء جسم كثيف، وكان ذلك اجلسم الكثيف ثقب وكان املبصر ملتصقاً بالثقب، وكان املبصر مع ذلك يزيد على مقدار الثقب، لكان البصر ال يدرك منه إال اجلزء املطابق للثقب فقط، مث إن

يدرك البصر منه جزءاً بعد جزء ملا تشكلت له مجلة صورته وال حتقق حترك املبصر على الثقب حىت .شكله

فلو كان اإلبصار يكون باملماسة لكان البصر يدرك مجلة املبصر وال يتحقق شكله وصورته إال إذا كان

ابن اهليثم-املناظر 95

البصر مساوياً للمبصر أو كان البصر مساوياً للجزء املتوسط من سطح البصر الذي منه يكون اإلبصار، وإذا كان . ن مع ذلك ال ميكن أن يدرك البصر مبصرات كثرية يف وقت واحد ويكون إدراكه هلا معاًوكا

البصر على ما هو عليه، وكان بينه وبني املبصر بعد ما، فإنه ميكن أن يدرك مجيع املبصر معاً يف الوقت ، وميكن أن يدرك الواحد من اجلزء اليسري الذي يف وسطه الذي منه يكون اإلحساس وإن عظم املبصر

وإذا كان بالبعد من البصر أمكن أيضاً أن يشرق الضوء على سطحه . مبصرات كثرية معاً يف وقت واحد .فلهاتني العلتني صار البصر ال يدرك شيئاً من املبصرات إال إذا كان بينهما بعد ما. املواجه للبصر

د ويف اجلهة املقابلة له إال إذا كان بني كل فأما مل ليس يدرك البصر املبصر الذي هو معه يف هواء واحنقطة منه وبني نقطة ما من سطح اجلزء الذي منه يكون اإلبصار إمنا يكون من الصورة اليت ترد من املبصر

فلهذه العلة ليس يدرك البصر املبصر . إىل البصر وان ليس تصدر عن املبصرات إال على خطوط مستقيمةستقيمة، ومىت قطع مجيع اخلطوط املستقيمة اليت بينهما جسم كثيف خفي إال إذا كانت بينهما خطوط م

املبصر عن البصر، ومىت قطع اجلسم الكثيف بعض اخلطوط املستقيمة اليت بني املبصر وبني سطح البصر فأما مل ليس يدرك البصر .خفي من املبصر اجلزء الذي عند أطراف اخلطوط اليت انقطعت باجلسم الكثيف

غما أن تكون صور األلوان اليت يف املبصرات ليس : إذا كان فيه ضوء ما فإن ذلك ألحد أمريناملبصر إالمتتد يف اهلواء إال إذا صار مع اللون ضوء ما وإذا مل يكن يف املبصر ضوء مل متتد صورة لونه يف اهلواء

د يف اهلواء وإن مل املتصل ليس فيه ضوء ألن لونه ليس تصل إىل البصر، وإما أن تكون صورة اللون متت. حيضر الضوء، إال أا ال تؤثر يف البصر تأثرياً حمسوساً، وإذا كانت مع الضوء أثراً يف البصر مبجموعها

وصورة . وهو ظاهر أن صورة الضوء أقوى من صورة اللون وأن الضوء يقرع البصر ويؤثر فيه تأثرياً بيناًوصورة اللون الذي يف اجلسم املضيء . كتأثري الضوءاللون ضعيفة، فليس يف قوا أن تؤثر يف البصر

تكون أبداً ممتزجة بصورة الضوء، فإذا وصلت صورة الضوء من املبصر إىل البصر فهي تؤثر فيه لقوا ولتهيؤ البصر لالنفعال ا، فالبصر حيس ا من تأثريها وألا ممتزجة بصورة اللون وغري متميزة منها،

الضوء إال ممتزجة، فهو حيس باللون من لون هذه الصورة، فيكون البصر إمنا فليس حيس البصر بصورةولذلك يدرك البصر لون . حيس بلون املبصر من اللون املمازج لصورة الضوء اليت ترد إليه من املبصر

املبصر حبسب الضوء الذي يكون يف املبصر، ولذلك تتغري ألوان كثري من املبصرات عند البصر بتغري فألن صورة اللون ليس تؤثر يف البصر إال إذا كانت ممتزجة بالضوء، وليس . اء اليت تشرق عليهااألضو

يكون من اللون صورة إال إذا كان فيه ضوء، صار البصر ال يدرك شيئاً من املبصرات إال إذا كان فيه .ضوء ما

ابن اهليثم-املناظر 96

أن صورة املبصر إمنا تصل إىل فأما مل ليس يدرك البصر املبصر إال إذا كان حجمه مقتدراً فألنه قد تبني البصر من املخروط الذي رأسه مركز البصر وقاعدته سطح املبصر، وأن هذا املخروط يفصل من سطح

فإذا كان املبصر يف غاية . العضو احلاس جزءاً صغرياً فيه تترتب صورة املبصر ومنه حيس احلاس باملبصرغاية الدقة، فيكون اجلزء الذي يفصله من سطح الصغر كان املخروط الذي بينه وبني مركز البصر يف

واحلاس إمنا حيس بالصورة يف سطحه إذا كان . احلاس يف غاية الصغر، فيكون مبرتلة النقطة اليت ال قدر هلاوقوى احلواس متناهية، فإذا كان . اجلزء من سطحه الذي حتصل فيه الصورة له قدر حمسوس عند مجلته

صل فيه الصورة ليس له قدر حمسوس عند مجلة العضو احلاس مل حيس اجلزء من العضو احلاس الذي حتفاملبصر الذي يصح . وإذا مل حيس باألثر مل يدرك الصورة. احلاس باألثر الذي حيصل يف ذلك اجلزء لصغره

أن يدركه البصر هو الذي يكون املخروط الذي يتشكل بينه وبني مركز البصر يفصل من سطح اجلليدية حمسوس باإلضافة إىل مجلة سطح اجلليدية وهذا اإلحساس يكون إىل احلد الذي تنتهي إليه جزءاً له قدر

وخيتلف أيضاً هذا اإلحساس يف اإلبصار حبسب اختالف قوى اإلبصار، . قوة احلس، ال إىل ما ال ايةلبصر وإذا كان املخروط الذي يتشكل بني املبصر وبني مركز ا. ألن بعض اإلبصار يكون أقوى من بعض

يفصل من سطح اجلليدية جزءاً ليس له قدر حمسوس باإلضافة إىل مجلة سطح اجلليدية فليس يصح أن فلذلك ليس يدرك البصر املبصر الذي هو يف غاية الصغر وال يدرك إال ما كان . يدرك البصر ذلك املبصر

.حجمه مقتدراً

ط بينه وبني البصر مشفاً فألن اإلبصار إمنا يكون فأما مل ليس يدرك البصر املبصر إال إذا كان اجلسم املتوسمن الصورة اليت ترد من املبصر إىل البصر، وليس متتد الصورة إال يف األجسام املشفة وال تقبلها وتؤديها إال األجسام املشفة، وليس يتم اإلبصار إال إذا كان املبصر مع البصر يف هواء واحد وكان إدراكه له ال

ذا كان اهلواء متصالً بني البصر واملبصر ومل يقطع السموت املستقيمة اليت بينهما جسم باالنعكاس إال إفلذلك صار . كثيف، ألن الصورة ليس متتد يف اهلواء املشف املتشابه الشفيف إال على خطوط مستقيمةواء الذي بينهما البصر ال يدرك املبصر الذي هو معه يف هواء واحد ويف اجلهة املقابلة للبصر إال إذا كان اهل

.مشفاً متشابه الشفيف متصالً، ومل يقطع السموت املستقيمة اليت بينه وبني البصر جسم كثيف

إحدامها أن : وأما مل ليس يدرك البصر املبصر إال إذا كان كثيفاً أو كان فيه بعض الكثافة فإن ذلك لعلتنياليت يدرك البصر منها لون املبصر، واملشف الكثيف متلون واللون تكون منه الصورة اليت ترد إىل البصر

. الذي يف غاية الشفيف ليس له لون، فليس تكون منه صورة تنتهي إىل البصر، فلذلك ال يدركه البصر

والعلة الثانية أن البصر ليس يدرك املبصر إال إذا كان مضيئاً وورد من الضوء الذي فيه صورة ثانية إىل

ابن اهليثم-املناظر 97

لذي يشرق على جسم من األجسام ليس تكون منه صورة ثانية إال إذا والضوء ا. البصر مع صورة اللونواجلسم املشف إذا أشرق . ثبت الضوء يف ذلك اجلسم ومانعه اجلسم من النفوذ فيه كان منه صورة ثانية

. عليه الضوء وكان يف غاية الشفيف فليس يثبت الضوء فيه وال يف موضع منه وإمنا ميتد يف شفيفه فقط

سم املشف مقابالً للبصر، وأشرق عليه الضوء من اجلهة اليت فيها البصر، فهو ميتد فيه وال فإذا كان اجليثبت يف سطحه وال يف شيء منه، فال يكون يف السطح املواجه للبصر من ذلك اجلسم ضوء تكون منه

ة وكذلك إن أشرق الضوء على اجلسم املشف الذي يف غاية الشفيف من أي جه. صورة ترجع إىل البصرأشرق عليه نفذ فيه، فال يكون يف سطحه وال يف موضع منه ضوء ثابت تكون منه صورة ثانية ترد إىل

وإن كان املضيء الذي يشرق ضوؤه على اجلسم املشف مقابالً للبصر نفذ ضوؤه يف اجلسم . البصرفإذا كان . فاملشف وانتهى إىل ابصر ومل جيمل معه شيئاً من لون اجلسم املشف، وال يدرك اجلسم املش

اجلسم املشف يف غاية الشفيف مل تثبت الصورة عليه ومل تكن منه صورة متتد يف اهلواء وتصل إىل البصر وإن كان . فلذلك ليس يدرك البصر املبصر الذي يكون يف غاية الشفيف. ال صورة ضوء وال صورة لون

ء فال يدركه البصر كما ليس شفيف اجلسم املشف شبيهاً بشفيف اهلواء فإن حاله تكون كحال اهلوافاألجسام املشفة اليت شفيفها ليس بأغلظ من شفيف اهلواء ليس يدركها البصر ألنه ليس يرد . يدرك اهلواء

وكذلك إن توسط ين البصر واملبصر املشف جسم مشف غري اهلواء . منها إىل البصر صورة تؤثر يف البصر .توسطوكان شفيف املبصر ليس بأغلظ من شفيف اجلسم امل

وإذا كان املبصر كثيفاً كان متلوناً، وإذا أشرق عليه ضوء أي ضوء كان ثبت يف سطحه، وكان من لونه ومن الضوء الذي يشرق عليه صورة متتد يف اهلواء ويف األجسام املشفة، ويقبلها اهلواء واألجسام املشفة

بصر أثرت يف البصر وأحس البصر منها وتؤديها إىل اجلهات املقابلة هلا، وإذا انتهت هذه الصورة إىل الوإذا كان املبصر مشفاً وشفيفه أغلظ من شفيف اهلواء فإنه يكون له لون ما حبسب غلظه، وإذا . باملبصر

أشرق عليه الضوء ثبت الضوء يف سطحه ثبوتاً ما حبسب ما فيه من الغلظ مع نفوذه فيه حبسب شفيفه، وإذا وصلت تلك الصورة . ب الضوء الذي يثبت يف سطحهوكان منه صورة يف اهلواء حبسب لونه وحبس

فلهذه العلة صار البصر ليس يدرك شيئاً من . إىل ابص وأثرت يف البصر وأحس البصر بذلك املبصر .املبصرات إال إذا كان كثيفاً أو كان فيه بعض الكثافة

. ا اجتمعت فيه املعاين املذكورةفقد تبينت العلل اليت من أجلها البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات إال إذ

.فهذه الفصول وما بيناه فيها هو الذي قصدنا لتبيينه يف هذه املقالة

متت املقالة األوىل من كتاب احلسن بن احلسن يف املناظر وكتب أمحد بن حممد بن جعفر يوم األحد

ابن اهليثم-املناظر 98

وحده وصلواته على منتصف مجادى األوىل سنة ست وسبعني وأربعمائة وفيه انتهى النسخ واحلمد هللا .خري خلقه حممد النيب وآله وسالمه

المقالة الثانية

تفصيل المعاني التي يدركها البصر

وعللها وكيفية إدراكها

بسم اهللا الرحمن الرحيم

الفصل األول

صدر المقالة

الضوء واللون قد تبني يف املقالة األوىل كيف يكون اإلبصار باجلملة، وهو كيفية إحساس البصر لصورة والبصر يدرك من املبصرات معاين كثرية من . اللذين يف املبصر مرتبة على ما هي عليه يف سطح املبصر

.املعاين اليت تكون يف املبصرات غري الضوء واللون

وخطوط الشعاع . وأيضاً فإنه قد تبني يف املقالة األوىل أن اإلبصار إمنا يكون من مسوت خطوط الشعاع .هلا، وختتلف أحوال الصور اليت ترد عليها إىل البصرختتلف أحوا

وأيضاً فإن إدراك البصر للمبصرات ليس يكون يف مجيع األوقات وجلميع املبصرات وعلى مجيع األحوال على صفة واحدة، بل ختتلف كيفية إحساس البصر باملبصرات، وختتلف كيفية إحساس البصر باملبصر

وضع الواحد حبسب قصد الناظر وتعمله إلدراك املبصر وتعمده لتمييز الواحد من البعد الواحد ومن ال .املعاين اليت فيه

وحنن نبني يف هذه املقالة اختالف أحوال خطوط الشعاع، ومنيز خواصها، ونفصل أيضاً مجيع املعاين اليت ونبني يدركها البصر، ونبني كيف يدرك البصر كل واحد منها، ومنيز كيفية إدراك ابصر للمبصرات،

.اختالف إدراك البصر هلا

الفصل الثاني

تمييز خطوط الشعاع

ابن اهليثم-املناظر 99

قد تبني يف املقالة األوىل أن خطوط الشعاع اليت من مسوا يدرك البصر املبصرات هي اخلطوط املستقيمة اليت تلتقي أطرافها عند مركز البصر وقد تبني يف هيئة البصر أن العضو احلاس الذي هو الرطوبة اجلليدية

مركب على طرف جتويف العصبة اليت مجلة العني مركبة عليها، وأن هذه العصبة إذا كانت منحنية فإن .احننائها يكون من خلف مركز البصر ومن وراء مجلة العني وعند الثقب الذي يف مقعر العظم

العصبة وينتهي وقد تبني أيضاً أن اخلط املستقيم الذي مي جبميع مراكز طبقات البصر ميتد يف وسط جتويف على استقامة إىل وسط موضع االحنناء من جتويف العصبة اليت يف العني مركبة عليها، ومير مبركز الثقب

الذي يف مقدم العنبية، وتبني أيضاً أن هذا اخلط ليس يتغري وضعه عند مجلة البصر وال عند سطوح طبقات ميع مراكز طبقات البصر يكون أبداً ممتداً على فاخلط املستقيم الذي مير جب. البصر وال عند أجزاء البصر

استقامة إىل موضع االحنناء من جتويف العصبة اليت العني مركبة عليها على تصاريف أحوال البصر يف حال وألن هذا اخلط مير مبركز البصر ومبركز الثقب الذي يف مقدم العنبية فهو ميتد . حركته ويف حال سكونه

ه مركز البصر وحييط به حميط الثقب الذي يف مقدم العنبية الذي فيه ترد يف وسط املخروط الذي رأس .فلنسم هذا اخلط سهم املخروط. الصور إىل البصر

وقد تبني أيضاً يف املقالة األوىل أن املخروط الذي يتشكل بني املبصر ومركز البصر يفصل من سطح دة ذلك املخروط، وتكون الصورة مرتبة يف اجلليدية جزءاً يشتمل على مجيع صورة املبصر الذي عند قاع

هذا اجلزء من سطح اجلليدية بسموت خطوط الشعاع املمتدة بني املبصر ومركز البصر كترتيب أجزاء فإذا أدرك . سطح املبصر، وإمنا اجلليدية حتس باملبصر من الصورة اليت تترتب يف هذا اجلزء من سطحها

يف اجلزء من سطح اجلليدية الذي حيوزه املخروط املتشكل البصر مبصراً من املبصرات وحصلت صورته بني البصر وذلك املبصر، فإن كل نقطة من الصورة اليت حتصل يف هذا اجلزء من سطح اجلليدية هي على

خط الشعاع املمتد بني تلك النقطة وبني النقطة النظرية هلا من سطح املبصر الذي عليه وردت الصورة إىل فإذا كانت صورة املبصر يف وسط سطح اجلليدية كان . اجلليدية على استقامةتلك النقطة من سطح

السهم الذي ذكرناه أحد اخلطوط اليت وردت عليها صور النقط اليت يف سطح ذلك املبصر على استقامة، .وتكون النقطة من سطح املبصر اليت عند طرف هذا السهم هي اليت وردت صورا على هذا السهم

املقالة األوىل أن الصور اليت يدركها البصر من املبصرات متتد يف جسم اجلليدية ويف جتويف وقد تبني يفالعصبة اليت العني مركبة عليها، وتنتهي إىل العصبة املشتركة اليت عند وسط مقدم الدماغ، وهناك يكون

العصبة املشتركة، إدراك احلاس األخري لصور املبصرات، وأن اإلبصار ليس يتم إال بوصول الصورة إىل وان امتداد الصور من سطح اجلليدية يف جسم اجلليدية يكون على استقامة خطوط الشعاع فقط، ألن

.اجلليدية ليس تقبل هذه الصور إال من مسوت خطوط الشعاع فقط

ابن اهليثم-املناظر 100

وإذا كانت أوضاع . واحلاس األخري إمنا يدرك أوضاع أجزاء املبصر على ما هي عليه يف سطح املبصراء الصورة اليت حتصل يف سطح اجلليدية بعضها عند بعض كأوضاع أجزاء سطح املبصر بعضها عند أجز

بعض، وكانت هذه الصورة متتد يف جسم اجلليدية ويف جتويف العصبة إىل أن تصل إىل العصبة املشتركة، إمنا يدرك وكان اإلبصار ليس يتم إال بوصول هذه الصورة إىل العصبة املشتركة، وكان احلاس األخري

صورة املبصر من هذه الصورة وعند وصوهلا إىل العصبة املشتركة، وكان احلاس األخري مع ذلك يدرك أوضاع أجزاء املبصر على ما هي عليه، فليس يتم اإلبصار إذن إال بعد أن تصل الصورة اليت حتصل يف

سطح اجلليدية من غري أن يتغري وسط اجلليدية إىل العصبة املشتركة وأوضاع أجزائها على ما هي عليه يف .شيء منها

وليس تصل الصورة من سطح اجلليدية إىل العصبة املشتركة إال بامتدادها يف جتويف العصبة اليت اجلليدية فإن مل حتصل الصورة يف جتويف هذه العصبة وهي على هيئتها، وأوضاع أجزائها على ما . مركبة عليها

رة من سطح اجلليدية إىل جتويف العصبة على استقامة خطوط الشعاع هي عليه، فليس يصح أن متتد الصووذلك أن هذه اخلطوط تلتقي عند مركز البصر، مث إذا امتدت على . وأوضاع أجزائها على ما هي عليه

استقامتها من بعد املركز فإن أوضاعها تنعكس فيصري املتيامن منها متياسراً واملتياسر متيامناً واملتعايل فإن امتدت الصورة من سطح . واملتسافل متعالياً كذلك مجيع اخلطوط املتقاطعة على نقطة واحدةمتسافالً

ومركز . اجلليدية على استقامة خطوط الشعاع فإا جتتمع عند مركز البصر فتصري الصورة نقطة واحدة فال حيصل يف البصر يف وسط مجلة العني ومتقدم ملوضع االحنناء من جتويف العصبة وهي نقطة واحدة،

وإن امتدت على استقامة خطوط الشعاع وجتاوزت املركز فإا منعكسة حبسب . جتويف العصبة صورة فإن وصلت إىل جتويف العصبة من بعد جتاوز املركز فهي .انعكاس اخلطوط املتقاطعة اليت امتدت عليها

بة، وأوضاع أجزائها فليس يصح أن تصل الصورة من سطح اجلليدية إىل جتويف العص. تصل منعكسةفليس يصح إذن أن تصل الصورة من سطح . على ما هي عليه، إذا امتدت على استقامة خطوط الشعاع

اجلليدية إىل جتويف العصبة وأوضاع أجزائها على ما هي عليه إال على خطوط منعطفة مقاطعة خلطوط طح اجلليدية إىل العصبة املشتركة وإذا كان ليس يتم اإلبصار إال بوصول الصورة اليت حتصل يف س.الشعاع

وأوضاع أجزائها على ما هي عليه، وكانت هذه الصورة ليس يصح أن تصل إىل جتويف العصبة وأوضاع أجزائها على ما هي عليه إال منعطفة، فليس يتم اإلبصار إذن إال من بعد أن تنعطف الصورة اليت حتصل يف

الشعاع، ويكون انعطافها من قبل وصوهلا إىل املركز، سطح اجلليدية ومتتد على خطوط مقاطعة خلطوط .ألا إن انعطفت بعد جتاوزها املركز كانت منعكسة

ابن اهليثم-املناظر 101

وكان ليس يصح أن تصل . وقد تبني أن هذه الصور تنفذ يف جسم اجلليدية على استقامة خطوط الشعاعورة إذن إمنا تنعطف من إىل جتويف العصبة إال بعد أن تنعطف على خطوط مقاطعة خلطوط الشعاع، فالص

وليس يصح أن تنعطف الصورة يف جسم اجلليدية ومجيع أحوال اجلليدية . بعد نفوذها يف جسم اجلليديةوقد تقدم يف هيئة البصر أن جسم اجلليدية خمتلف الشفيف، وأن اجلزء املتأخر منها، . على ما هي عليه

وليس يف جسم اجلليدية جسم خمالف .وهو الذي يسمى الزجاجية، خمالف الشفيف للجسم املتقدمومن خاصة صور األضواء واأللوان أن تنعطف . الصورة لصورة اجلسم املتقدم منها غري جسم الزجاجية

فالصور إذن إمنا تنعطف عند وصوهلا إىل . إذا لقيت جسماً خمالف الشفيف للجسم األول الذي هي فيهلشفيف للجسم املتقدم من اجلليدية لتنعطف الصور عند وهذا اجلسم إمنا كان خمالف ا. الرطوبة الزجاجية

ويلزم أن يكون سطح هذا اجلسم متقدماً ملركز البصر لتنعطف الصور عنده قبل أن تتجاوز .وصوهلا إليهويلزم أن يكون هذا السطح . املركز فتكون عند االنعطاف على هيئتها اليت هي عليه يف سطح املبصر

والسطح املتشابه . يكن متشابه الترتيب تشوهت الصورة بعد انعطافها عليهمتشابه الترتيب، ألنه إن ملوليس يصح أن يكون هذا السطح من كرة مركزها مركز البصر، ألنه إن . الترتيب إما مسطح وإما كري

كان كرياً مركزه مركز البصر كانت خطوط الشعاع أعمدة عليه فتمتد الصورة على استقامتها عند وليس يصح أن يكون من كرة صغرية فإن الصورة إذا انعطفت عنه وامتدت عنه . تنعطفوصوهلا إليه وال

فهذا السطح إما سطح مستو وإما من كرة مقتدرة ال تؤثر يف كريته يف ترتيب . مقداراً يسرياً تشوهت .الصورة، وليس مركزه مركز البصر

واجلسم املتقدم من اجلليدية سطح فسطح الرطوبة الزجاجية الذي هو الفصل املشترك بني هذا اجلسم ومجيع الصور اليت حتصل يف سطح اجلليدية متتد يف جسم اجلليدية . متشابه الترتيب متقدم ملركز البصر

فإذا وصلت إىل هذا السطح انعطفت عنده . على استقامة خطوط الشعاع إىل أن تصل إىل هذا السطحفخطوط الشعاع إمنا تترتب ا صور املبصرات . على خطوط متشاة الترتيب مقاطعة خلطوط الشعاع

وقد تبني يف املقالة األوىل أنه ما كان ميكن أن . ألن عند هذا العضو يكون ابتداء احلس. عند اجلليدية فقطتترتب صورة املبصر يف سطح البصر مع عظم املبصر وصغر العضو احلاس إال ذه اخلطوط، فهذه

م للبصر إدراك املبصرات على ما هي عليه، مث وصول الصور إىل احلاس اخلطوط إمنا هي آلة للبصر ا يتوقد تبني اآلن أنه ليس يصح أن متتد . األخري ليس حيتاج إىل امتداد الصورة على استقامة هذه اخلطوط

.الصور إىل احلاس األخري على استقامة هذه اخلطوط

ألن العضو احلاس يقبل . املشفة هلذه الصوروأيضاً فإنه ليس قبول العضو احلاس للصور كقبول األجسام

ابن اهليثم-املناظر 102

فهو يقبل هذه الصور قبول . هذه الصور وحيس ا، وتنفذ الصور فيه لشفيفه وللقوة احلساسة اليت هي فيهوإذا كان قبول اجلسم .إحساس، واألجسام املشفة إمنا تقبل هذه الصور قبول تأدية فقط وال حتس ا

سام املشفة الغري حساسة، فليس امتداد الصور يف اجلسم احلاس احلاس هلذه الصور ليس كقبول األجوالبصر إمنا ختصص . حبسب السموت اليت توجبها األجسام املشفة، وإمنا متتد حبسب امتداد اجلسم احلاس

بقبول الصور من مسوت خطوط الشعاع فقط لن خاصة الصور ان متتد يف األجسام املشفة على مجيع ترد إىل البصر على مجيع السموت املستقيمة، فلو قبلها البصر من مجيع السموت السموت املستقيمة، فهي

اليت ترد عليها ملا ترتبت الصور عنده، فتخصص البصر بقبول الصور من مسوت هذه اخلطوط فقط ليحس مث إذا حصلت الصور عند العضو احلاس مترتبة، . بالصور مرتبة على ما هي عليه يف سطوح املبصرات

ا العضو احلاس وهي مترتبة، مل يبق من بعد ذلك شيء ال يتم إال ذه السموت، وحصلت الصور وأدركهيف اجلسم احلاس ليس كحصوهلا يف األجسام املشفة، فخطوط الشعاع إمنا هي آلة يتم ا إحساس اجلليدية

.فقط

خطوط الشعاع، وإمنا وإذا كان قد تبني أن الصور ليس يصح أن متتد من بعد اجلليدية على استقامة تنعطف من بعد اجلليدية، وأن انعطافها إمنا هو عند وصوهلا إىل الرطوبة الزجاجية، وأن امتداد الصور يف

هذا اجلسم إمنا هو على خطوط منعطفة ال على استقامة خطوط الشعاع، فليس جلسم الزجاجية إذن و املتخصص بقبول الصور من مسوت ختصص بسموت خطوط الشعاع، فاجلز املتقدم فقط من اجلليدية ه

واجلزء املتأخر الذي هو الزجاجية والقوة القابلة اليت يف هذا اجلسم إمنا هي متخصصة، . خطوط الشعاعوإذا كان ذلك كذلك فكيفية قبول الزجاجية للصور ليس .مع اإلحساس ذه الصورة، حبفظ ترتيبها فقط والقوة القابلة اليت يف الزجاجية ليست القوة القابلة اليت يف هو ككيفية قبول اجلسم املتقدم من اجلليدية ،

.اجلزء املتقدم

وإذا كان كيفية قبول الزجاجية للضوء ليس هي كيفية قبول اجلزء املتقدم من اجلليدية، وليس حاجة ة الزجاجية كحاجة اجلزء املتقدم من اجلليدية، وليس حاجة الزجاجية كحاجة اجلزء املتقدم من اجلليديفانعطاف الصور عند سطح الزجاجية إمنا هو الختالف كيفية القبول احلسي أيضاً الذي بني هذين

فالصور إذن تنعطف عند الزجاجية حلالتني، إحدامها اختالف شفيف اجلسمني واألخرى . اجلسمني .اختالف كيفية القبول احلسي الذي يف هذين اجلسمني

تتفق اخلاصة اليت يوجبها الشفيف واخلاصة اليت يوجبها اختالف وإمنا خيتلف الشفيف يف هذين اجلسمني لولو كان شفيف اجلسمني شفيفاً متشااً لكانت الصورة . كيفية اإلحساس، فتبقى الصورة على هيئتها

ابن اهليثم-املناظر 103

متتد يف جسم الزجاجية على استقامة خطوط الشعاع من أجل تشابه الشفيف، وكانت تنعطف من أجل كانت الصورة من بعد االنعطاف إما أن تتشوه هلذه احلال وإما أن تصري اختالف كيفية اإلحساس، و

وإذا كان اختالف الشفيف يوجب هلا االنعطاف واختالف كيفية احلس يوجب هلا ذلك . صورتنيفلذلك اختلف شفيف جسم . االنعطاف كانت الصورة بعد االنعطاف صورة واحدة وعلى هيئتها

فالصور تصل إىل الزجاجية وهي مرتبة كترتيبها يف سطح . اجلليديةالزجاجية وشفيف اجلسم املتقدم مناملبصر فيقبلها هذا اجلسم وحيس ا مبا فيه من القوة احلساسة، مث تنعطف الصورة يف هذا اجلسم من أجل اختالف الشفيف ومن أجل اختالف كيفية إحساس هذا اجلسم ا، فتحصل الصورة يف هذا اجلسم على

انت عليها، مث ميتد هذا اإلحساس وهذه الصور يف هذا اجلسم واجلسم املتصل به إىل أن هيئتها اليت كفيكون امتداد احلس وامتداد . يصل اإلحساس وتصل الصور إىل احلاس األخري والصور على هيئتها

الصورة يف جسم الزجاجية ويف اجلسم احلاس املمتد يف جتويف العصبة إىل احلاس األخري كامتداد إحساس

.اللمس وكامتداد إحساس األمل إىل احلاس األخري

وإحساس اللمس وإحساس األمل إمنا ميتد من األعضاء يف شظايا العصب ويف الروح املمتدة يف تلك وصور املبصرات إذا حصلت يف جسم الرطوبة الزجاجية وأحس ا هذا العضو امتد احلس من . الشظايا

جتويف العصبة املتصلة بني البصر وبني مقدم الدماغ، وامتدت هذا العضو يف اجلسم احلاس املمتد يف الصورة بامتداد احلس وتكون الصورة يف حال امتدادها مترتبة على هيئتها من غري أن تتغري أوضاع

وهذا الترتيب ينحفظ باجلسم احلاس . أجزائها ألن اجلسم احلاس مطبوع على حفظ ترتيب هذه الصوراس القابلة ألجزاء الصور وترتيب القوة القابلة اليت يف أجزاء اجلسم احلاس هو ألن ترتيب أجزاء اجلسم احل

وإذا كان ذلك . يف جسم الزجاجية ويف مجيع اجلسم اللطيف املمتد يف جتويف العصبة ترتيب متشابهكذلك فكل نقطة من سطح الزجاجية إذا وصلت الصورة إليها فإا جتري يف مست متصل ال يتغري وضعه

ويف العصبة الذي ميتد فيه اجلسم احلاس، ويكون مجيع السموت اليت جيري فيها مجيع النقط اليت يف من جتالصورة متشاة الترتيب بعضها عند بعض ، وتكون هذه السموت منحنية يف حال احنناء العصبة، وتكون

حساس الذي يف هذا اجلسم، يف حال احننائها مرتبة كترتيبها قبل احننائها وبعد احننائها من أجل كيفية اإلوليس يصح أن . فتصل الصورة إىل العصبة املشتركة وهي على هيئتها من غري أن يتغري شيء من ترتيبها

يكون امتداد صور املبصرات إىل احلاس األخري إال على هذه الصفة أنه ليس يصح أن تصل الصورة إىل . على هذه الصفةالعصبة املشتركة وهي على هيئتها إال إذا كان امتدادها

وإذا كانت الصور متتد على هذا الترتيب فإن كل نقطة من سطح اجلليدية متتد الصورة اليت حتصل فيها

ابن اهليثم-املناظر 104

أبداً على مست واحد بعينه إىل نقطة واحدة بعينها من املوضع الذي حتصل فيه الصورة من العصبة صل فيها أبداً إىل نقطة واحدة بعينها من املشتركة، ألن كل نقطة من سطح اجلليدية تنتهي الصورة اليت حت

ويلزم من ذلك أن يكون كل نقطتني متشايت الوضع من البصرين متتد الصورتان منهما . سطح الزجاجية .مجيعاً إىل نقطة واحدة بعينها من العصبة املشتركة

هر فيه صور وأيضاً فإنه يلزم أن يكون اجلسم احلاس الذي يف جتويف العصبة فيه بعض الشفيف لتظويلزم أيضاً أن يكون شفيفه شبيهاً بشفيف الرطوبة الزجاجية، لئال تنعطف الصور عند . األضواء واأللوان

ألنه إذا كان شفيف اجلسمني متشااً . وصوهلا إىل السطح األخري من الزجاجية الذي يلي جتويف العصبةن هذا السطح سطح كري وهو من مل تنعطف الصور، وليس يصح أن تنعطف الصور عند هذا السطح أل

كرة صغرية، فلو انعطفت الصور من هذا السطح مل تبعد عند إال يسرياً حىت تتشوه، فليس يصح أن .تنعطف الصور عند هذا السطح

وإذا كان شفيف اجلسم احلاس الذي يف جتويف العصبة خمالفاً لشفيف الزجاجية مل يكن بد من أن حيدث وإن كانت الصورة متتد بامتداد احلس فليس شفيف اجلسم احلاس الذي . صورةهذا االختالف تشعيثاً لل

وليس شفيف هذا اجلسم لتمتد الصور فيه على . يف جتويف العصبة خمالفاً لشفيف جسم الزجاجيةألن اجلسم . السموت اليت يوجبها الشفيف، وإمنا شفيفه ليقبل صور األضواء واأللوان وتظهر الصور فيه

. وء واللون وتنفذ فيه صور األضواء واأللوان إال إذا كان مشفاً آو كان فيه بعض الشفيفليس يقبل الض

كذلك مجيع . وليس يظهر الضوء واللون يف اجلسم املشف إال إذا كان فيه مع الشفيف بعض الغلظغاية األجسام اليت تقبل األضواء واأللوان وتظهر األضواء واأللوان فيها، ولذلك مل تكن اجلليدية يف

فاجلسم احلاس الذي يف جتويف العصبة مشف وفيه بعض الغلظ، والصورة . الشفيف وال يف غاية الكثافةواحلاس األخري . تنفذ يف هذا اجلسم مبا فيه من الشفيف وتظهر الصور فيه لقوة احلساسة مبا فيه من الغلظ

د وصوهلا إىل العصبة املشتركة ، إمنا يدرك صور األضواء واأللوان من الصور اليت حتصل يف هذا اجلسم نفعلى هذه الصفة يكون وصول الصور إىل . وهو يدرك الضوء من اإلضاءة اليت حتصل يف هذا اجلسم

.احلاس األخري ويكون إدراك احلاس األخري هلا

وإذ قد تبني أن الصور تنعطف عند سطح الزجاجية فإننا نقول إن سهم خمروط الشعاع ليس يصح أن ألن السهم إذا كان مائالً على هذا . على هذا السطح، وليس يصح أن يكون إال عموداً عليهيكون مائالً

السطح فإن الصور اليت حتصل يف سطح اجلليدية إذا وصلت إىل هذا السطح اختلف ترتيبها وتغريت من وليس يصح أن حتصل الصور يف سطح الزجاجية وهي على هيئتها إال إذا قابل البصر مبصراً. هيئتها

املبصرات وحصل سهم الشعاع على سطح ذلك املبصر حصلت صورة ذلك املبصر يف سطح اجلليدية

ابن اهليثم-املناظر 105

مرتبة كترتيب أجزاء سطح ذلك املبصر حصلت صورة ذلك املبصر يف سطح اجلليدية مرتبة كترتيب أجزاء سطح املبصر، وحصلت صورة النقطة اليت عند طرف السهم من سطح املبصر يف النقطة اليت على

السهم من سطح اجلليدية، وحصلت صور مجيع النقط من سطح املبصر اليت أبعادها من النقطة اليت عند طرف السهم متساوية يف النقط من الصورة اليت يف سطح اجلليدية اليت أبعادها من النقطة اليت على السهم

ع املمتدة من مركز البصر ألن مجيع النقط اليت حتصل يف سطح اجلليدية هي خطوط الشعا. أبعاد متساويةفجميع السطوح املستوية اليت خترج من . وسهم الشعاع عمود على سطح اجلليدية. إىل سطح البصر

.السهم وتقطع سطح اجلليدية تكون قائمة على هذا السطح على زوايا قائمة

كان سهم فإن . وقد تبني أن سطح الرطوبة الزجاجية إما مسطح وإما كري مركزه غري مركز البصرالشعاع مائالً على هذا السطح وليس هو عموداً عليه فليس خيرج من السهم سطح مستو يكون قائماً على هذا السطح على زوايا قائمة إال سطح واحد فقط، ومجيع السطوح الباقية اليت خترج من السهم

. السطوح الكريةتكون مائلة عليه، ألن ذلك هو خاصة اخلطوط املائلة على السطوح املستوية وعلى

فلنتوهم السطح الذي خيرج من السهم ويكون قائماً على سطح الزجاجية على زوايا قائمة ممتداً من ولنتوهم على . السهم ، فهو يقطع سطح الزجاجية وسطح اجلليدية وحيدث فيهما فصلني مشتركني

نقطة اليت على السهم من الفصل املشترك الذي ين هذا السطح وبني سطح اجلليدية نقطتني بعدما من الونتوهم خطني خارجني من املركز إىل هاتني النقطتني، فيكون هذان اخلطان . سطح اجلليدية بعد مساو

مع السهم يف السطح املشترك القائم على سطح الزجاجية على زوايا قائمة، ألن النقطتني اللتني على هذا السطح، وتكون الزاويتان اللتان حتدثان الفصل املشترك من سطح اجلليدية ونقطة املركز ثالثتها يف

بني هذين اخلطني وبني السهم متساويتني، ويكون هذان اخلطان يقطعان الفصل املشترك الذي حيصل يف سطح الزجاجية على نقطتني، ويكون السهم يقطع هذا الفصل أيضاً على نقطة متوسطة بني النقطتني

الرطوبة الزجاجية سطحاً مستوياً فإن الفصل املشترك هو خط فإن كان سطح . اللتني على ذينك اخلطنيوإذا كان السهم مائالً على سطح الرطوبة الزجاجية، وكان السطح الذي أحدث الفصل . مستقيم

املشترك قائماً على هذا اخلط، فتكون الزاويتان اللتان على جنبيه خمتلفتني، ألنه لو كان السهم قائماً على فإذا كان السهم مائالً على هذا اخلط والزاويتان اللتان عن . لكان قائماً على السطحهذا الفصل املشترك

جنبيه خمتلفتني، وكانت الزاويتان اللتان عند مركز اجلليدية الذي هو طرف السهم متساويتني، فإن قسمي لبعد عن النقطة اخلط الذي هو الفصل املشترك خمتلفان أحدمها من األخر، فتكون نقطتا طرفيهما خمتلفيت ا

وهاتان النقطتان مها اللتان تصل إليهما صوريت النقطتني من سطح اجلليدية . اليت على السم من هذا اخلط

ابن اهليثم-املناظر 106

والنقطة اليت على . املتساوييت البعد عن السهم، ألما عند طريف خطي الشعاع املارين اتني النقطتنييدية إىل سطح الزجاجية على استقامة خطوط السهم من سطح اجلليدية، ألن الصور متتد من سطح اجلل

فإن كان السهم مائالً على سطح الزجاجية، وكان سطح الزجاجية مسطحاً، فإن النقطتني من . الشعاعالصورة اليت حتصل يف سطح اجلليدية اللتني بعدمها من النقطة اليت على السهم بعد متساو واللتني مها يف

ذا وصال إىل سطح الزجاجية كان بعدمها من النقطة اليت تصل على السطح القائم على سطح الزجاجية إ .السهم بعداً خمتلفاً

وإذا كان السهم مائالً على سطح الزجاجية، وكان سطح الزجاجية مستوياً، فإن كل سطح خيرج من ما السهم ويقطع سطح الزجاجية فإن الفصل املشترك الذي حيدث منه حييط مع السهم بزاويتني خمتلفتني، سوى سطح واحد فقط، وهو الذي يقاطع السطح القائم على الزجاجية على زوايا قائمة، فإن فصله

ومجيع السطوح الباقية يكون السهم مائالً على فصوهلا . املشترك حييط مع السهم بزاويتني قائمتني السهم والفصل وإذا كانت الزاويتان اللتان حتدثان بني. املشتركة، ألن هذه هي خاصة اخلطوط املائلة

املشترك خمتلفتني، وكانت الزاويتان اللتان يوترمها قسما الفصل املشترك، اللتان عند مركز سطح اجلليدية، متساويتني، فإن قسمي الفصل املشترك الذي يكون يف سطح الزجاجية يكونان خمتلفني، وتكون النقطتان

النقطة اليت على السهم، ويكون قسما الفصل اللتان مها طرفا هذا الفصل املشترك خمتلفيت البعد من املشترك اللذان يف سطح اجلليدية متساويتني، وتكون النقطتان اللتان مها طرفا هذا الفصل املشترك

وإذا كان ذلك كذلك فإن الصورة اليت . متساوييت البعد من النقطة اليت على السهم من سطح اجلليدية سطح الزجاجية، كان ترتيبها خبالف ما هو عليه يف سطح حتصل يف سطح اجلليدية، إذا وصلت إىل

.اجلليدية، وخبالف ما هو عليه يف سطح املبصر

وكذلك أيضاً يتبني إذا كان سطح الزجاجية كرياً وكان السهم مائالً عليه أن النقط اليت يف سطح أبعادها من النقطة اليت اجلليدية اليت أبعادها من السهم متساوية إذا وصلت إىل سطح الزجاجية كانت

على السهم خمتلفة، ألن السهم إذا مل يكن عموداً على سطح الزجاجية، وكان سطح الزجاجية كرياً، فليس مير هذا السهم مبركز الزجاجية، وهو مير مبركز سطح اجلليدية، فاخلطوط اليت خترج من مركز

م من سطح اجلليدية أبعاد متساوية حتيط مع اجلليدية إىل النقط اليت أبعادها من النقطة اليت على السهوإذا كانت هذه اخلطوط حتيط عند مركز حتيط مركز اجلليدية . السهم عند مركز اجلليدية بزوايا متساوية

بزوايا متساوية، وكان مركز اجلليدية ليس هو مركز الزجاجية، فإن هذه اخلطوط تفصل من سطح طوط اليت حتيط مع السهم بزوايا متساوية، ويكون مع السهم الزجاجية قسياً خمتلفة، وليس شيء من اخل

ابن اهليثم-املناظر 107

يف سطح واحد، يفصل من سطح الزجاجية قوسني متساويني إال خطان فقط، ومها اللذان يف السطح فإذا كان السهم مائالً على سطح الزجاجية . القاطع للسطح القائم على سطح الزجاجية على زوايا قائمة

ح الزجاجية تكون خمتلفة الترتيب، كان هذا السطح مسطحاً أو كان كرياً فإن الصور اليت حتصل يف سطوإذا كان السهم عموداً على سطح الزجاجية كان عموداً على مجيع الفصول املشتركة، وكان كل خطني خيرجان من مركز اجلليدية، الذي هو نقطة من السهم، حييطان مع السهم بزاويتني متساويتني يفصالن من

شترك الذي يف سطح الزجاجية قسمني متساويني، وكان بعد النقطتني اللتني مها طرفا القسمني الفصل املاملتساويني من الفصل املشترك عن النقطة اليت هي على السهم من سطح الزجاجية متساويني، كان سطح

ضاع فعلى تصاريف األحوال ليس تصل الصورة إىل سطح الزجاجية وأو. الزجاجية مسطحاً أو كرياً. أجزائها على ما هي عليه يف سطح املبصر إال إذا كان السهم قائماً على سطح الزجاجية على زوايا قائمة

واحلاس إمنا حيس بالصورة على هيئتها اليت هي عليها عند وصوهلا إليه، واحلاس إمنا يدرك ترتيب أجزاء سطح الزجاجية وترتيب أجزائها فليس يصح أن حتصل الصور يف.املبصر على ما هي عليه يف سطح املبصر

على خالف ما هي عليه، فليس يصح أن يكون سهم الشعاع مائالً على سطح الزجاجية، فسهم الشعاع وإذ كان هذا السهم قائماً على سطح الزجاجية على . إذن قائم على سطح الزجاجية على زوايا قائمة

ى هذا السطح، مستوياً كان هذا السطح أو زوايا قائمة، فجميع خطوط الشعاع الباقية تكون مائلة علكرياً، ألن مجيعها يقاطع السهم على مركز اجلليدية، وليس شيء من هذه اخلطوط مير مبركز سطح

الزجاجية إن كان كرياً إال السهم فقط ألنه عمود عليه وألن مركز سطح اجلليدية ليس هو مركز سطح صل يف سطح اجلليدية ليس تصل إىل جتويف العصبة إال بعد فإذا كان قد تبني أن الصور اليت حت. الزجاجية

أن تنعطف، وأن انعطافها إمنا هو عند سطح الزجاجية، وكان السطح قائماً على هذا السطح على زوايا قائمة، وكانت مجيع اخلطوط الباقية مائلة على هذا السطح، فإن الصور إذا وصلت إىل سطح الزجاجية

فيها ما سوى النقطة اليت على السهم فإا متتد على استقامة السهم إىل أن تصل انعطفت مجيع النقط اليتفليس شيء من الصور اليت حتصل يف سطح اجلليدية ميتد إىل . إىل موضع االحنناء من جتويف العصبة

ف جتويف العصبة على استقامة إال النقطة اليت على السهم فقط، ومجيع النقط الباقية إمنا تصل إىل جتوي .العصبة على خطوط منعطفة

فإذا أدرك البصر مبصراً من املبصرات، وكان املبصر مقابالً لوسط البصر، وكان السهم يف داخل خمروط الشعاع الذي حييط بذلك املبصر، فإن صورة ذلك املبصر ترد من سطح املبصر إىل سطح اجلليدية على

هلا يف سطحها، مث متتد الصورة من هذا السطح على استقامة خطوط الشعاع وحتس ا اجلليدية عند حصو

ابن اهليثم-املناظر 108

فالنقطة اليت تكون على السهم متتد من . استقامة خطوط الشعاع إىل أن تصل إىل سطح الرطوبة الزجاجيةهذا السطح على استقامة السهم إىل أن تصل إىل موضع االحنناء من جتويف العصبة، ومجيع النقط اليت

لى خطوط مقاطعة خلطوط الشعاع ومتشاة الترتيب إىل أن تصل إىل على اخلطوط الباقية تنعطف عموضع االحنناء من جتويف العصبة، فتحصل الصورة يف هذا املوضع مرتبة كترتيبها يف سطح اجلليدية

وكترتيبها يف سطح املبصر، وتكون النقطة منها اليت وردت على السهم قد امتدت على استقامة إىل هذا وليس . يع النقط الباقية من الصور إمنا وصلت إىل هذا املوضع على خطوط منعطفةاملوضع، وتكون مج

فيلزم . حال الصور املنعطفة كحال الصور املمتدة على استقامة، ألن االنعطاف ال بد ان يغريها تغرياً ما امتدت من هذه احلال أن تكون النقطة من الصورة اليت حتصل يف موضع االحنناء من جتويف العصبة اليت

.على استقامة السهم أشد حتققاً من مجيع النقط الباقية من الصور

وأيضاً فإن االنعطاف الذي يكون من النقط اليت حتصل يف سطح االنعطاف ما كان منها قريباً من السهم ب يكون انعطافه يسرياً، وما كان منها بعيداً من السهم يكون أشد انعطافاً، ألن االنعطاف إمنا يكون حبس

الزوايا اليت حتدث بني اخلطوط اليت ترد عليها الصور وبني األعمدة اليت تقوم على سطح االنعطاف، واخلطوط اليت حتيط مع العمدة بزوايا أصغر يكون انعطافها على زوايا أصغر، واخلطوط اليت حتيط مع

ها قريباُ من السهم وخطوط الشعاع ما كان من. األعمدة بزوايا اعظم يكون انعطافها على زوايا أعظميكون ميله على سطح االنعطاف أقل، فهو حييط مع األعمدة اليت تقوم على سطح االنعطاف بزوايا

وما كان منها بعيداً عن السهم يكون ميله على سطح االنعطاف أكثر، فهو حييط مع األعمدة اليت . أصغرن السهم يكون انعطافها أقل من فالنقط اليت تكون قريبة م.تقوم على سطح االنعطاف بزوايا أعظم

انعطاف النقط البعيدة من السهم وكلما كان من النقط أشد حتققاً وأقل تشعثاً من الصور اليت انعطافها فالصور اليت حتصل يف موضع االحنناء من . أقل تكون اشد حتققاً واقل تشعثاً من الصور اليت انعطافها أكثر

على السهم أبني من مجيع النقط الباقية وأشد حتققاً، وما فرب منها جتويف العصبة تكون النقطة منها اليت .يكون أشد حتققاً مما بعد

وإذا . وهذه الصور هي اليت متتد إىل العصبة املشتركة وهي اليت منها يدرك احلاس األخري صورة املبصر، والنقطة منها اليت كانت هذه الصورة اليت حتصل يف موضع االحنناء من جتويف العصبة خمتلفة األحوال

وردت على السهم أشد حتققاً من مجيع النقط الباقية، وما قرب من هذه النقط اشد حتققاً مما بعد، فالصورة إذن اليت حتصل يف العصبة املشتركة اليت منها تدرك القوة احلساسة صورة املبصر تكون خمتلفة

م من سطح املبصر تكون أشد حتققاً من مجيع النقط األحوال، والنقطة منها النظرية للنقطة اليت عليها السهفصور املبصرات اليت يدركها . الباقية من الصورة، وما قرب من هذه الصور يكون أشد حتققاً مما بعد

ابن اهليثم-املناظر 109

البصر ما كان منها عند السهم يكون أبني منها عند احلس واشد حتققاً مما كان عند أطراف اخلطوط ن عند أطراف اخلطوط القريبة من السهم يكون أبني مما كان عند الباقية من خطوط الشعاع، وما كا .أطراف اخلطوط البعيدة من السهم

فإذا استقرئت أحوال املبصرات، وميزت كيفية إدراك البصر للمبصرات اليت يدركها البصر معاً، وكيفية ه ومطردة ال ختتلف وال إدراك البصر ألجزاء املبصر الواحد، وجدت أحواهلا موافقة للمعىن الذي حددنا

وذلك أن الناظر إذا قابل يف الوقت الواحد مبصرات كثرية، وسكن بصره ومل حيركه، فإن ما . تنتقضكان من تلك املبصرات مقابالً لوسط بصره جيده أبني مما يكون عن جوانب ذلك املتوسط، وما كان

نظر الناظر إىل مبصر فسيح األقطار وقابل وكذلك إذا. قريباً من املتوسط يكون أبني مما يكون بعيداً عنه. ببصره وسط ذلك املبصر وسكن بصره، فإنه يدرك وسط ذلك املبصر أبني مما يدرك أطرافه وحواشيه

ويتبني هذا املعىن بياناً واضحاً إذا كانت أشخاص كثرية أو مبصرات كثرية، وكانت تلك املبصرات كان الناظر مقابالً لشخص منها متوسط بني تلك متتالية، وكانت على مسافة معترضة للبصر، و

األشخاص الباقية ونظر الناظر إىل الشخص املتوسط وسكن بصره، فإنه يدرك ذلك الشخص إدراكاً بيناً حمققاً، ويدرك مه ذلك أيضاً األشخاص الباقية اليت عن جنبيت ذلك الشخص ولكن إدراكاً ليس يف غاية

وتظهر هذه احلال ظهوراً أبني إذا كانت . ط أبني مما حيس بالبعيد منهالبيان، وحيس مبا قرب من املتوساملسافة اليت عليها تلك األشخاص طويلة وكان بني املتطرف من تلك املبصرات وبني املتوسط منها مسافة مقتدرة، فإن املبصرات اليت يدركها الناظر على هذه الصفة يكون بني إدراكه املتوسط منها وبني إدراكه

.تطرف عند سكون البصر تفاوت ظاهرامل

مث إن حرك الناظر بصره وقابل بوسطه مبصراً آخر من تلك املبصرات غري ذلك املبصر الذي كان مقابالً وإن قابل ببصره الشخص . له، فإنه يدرك هذا الثاين إدراكاً بيناً، ويصري إدراكه لألول إدراكاً ضعيفاً

د إليه أدركه إدراكاً أبني مما كان يدركه مع ذلك الشخص املتطرف من تلك األشخاص وحقق التحدياملتوسط يف هذه احلال إدراكاً ضعيفاً مع قربه منه، ويكون بني إدراكه للمبصر املتوسط يف حال مقابلته

.للمتطرف وبني إدراكه لذلك املتوسط يف حال مقابلته له تفاوت ظاهر حمسوس

طار، وكان بني أطرافه وبني وسطه أبعاد مقتدرة، وقابل وكذلك إذا نظر الناظر إىل جسم فسيح األقبوسط بصره وسط ذلك املبصر، وسكن بصره وتفقد إدراكه لذلك املبصر، فإنه جيد إدراكه لوسط ذلك املبصر أبني من إدراكه ألطرافه، وجيد بني اإلدراكني تفاوتاً ظاهراً، وجيد ما قرب من الوسط من أجزائه

وإن حرك بصره وقابل جزءاً غري ذلك اجلزء من املبصر صار إدراكه للجزء الثاين . أبني مما بعد عن الوسط

ابن اهليثم-املناظر 110

أبني من إدراكه لذلك اجلزء يف احلالة األوىل، وصار إدراكه للجزء األول أضعف من إدراكه له يف احلالة .األوىل

ققاً من اإلبصار فيتبني من هذا االعتبار أن اإلبصار بوسط البصر وبالسهم الذي حددناه أبني وأشد حتحبواشي البصر وباخلطوط احمليطة بالسهم، وان اإلبصار مبا قرب من الوسط ومبا قرب من السهم أبني من

فقد تبني باالستقراء واالستدالل أن اإلبصار يكون بسهم خمروط . اإلبصار مبا بعد عن الوسط وعن السهماإلبصار مبا قرب من السهم أبني من اإلبصار الشعاع أبني من اإلبصار جبميع خطوط الشعاع الباقية وان

.مبا بعد عنه

الفصل الثالث

كيفية إدراك المعاني الجزئية

كيفية إدراك كل واحد من املعاين اجلزئية اليت تدرك حباسة البصر إن حاسة البصر ليس يدرك شيئاً من وحاسة البصر يدرك . معان كثريةواألجسام جتمع معاين كثرية وتعرض فيها. املعاين املبصرة إال يف اجلسم

واللون هو أحد املعاين . من األجسام كثرياً من املعاين اليت تكون فيها وكثرياُ من املعاين اليت تعرض فيها. اليت تكون يف األجسام، والضوء أحد املعاين اليت تكون يف األجسام واحد املعاين اليت تعرض يف األجسام

ني من األجسام، ويدرك من األجسام معاين أخر غري هذين املعنيني، وحاسة البصر يدرك هذين املعنيويدرك أيضاً تشابه . كالشكل والوضع والعظم واحلركة وغري ذلك من املعاين اليت يأيت تفصيلها من بعد

ويدرك أيضاً تشابه األشكال واألوضاع واحلركات وتشابه . األلوان واختالفها وتشابه األضواء واختالفها .ويدرك أيضاً تشابه األشخاص واختالفها وتشابه األلوان واختالفها. عاين اجلزئيةمجيع امل

إال أنه ليس إدراك حاسة البصر جلميع املعاين على صفة واحدة وال إدراكها لكل واحد من املعاين مبجرد وذلك أن حاسة البصر إذا أدركت شخصني من األشخاص يف وقت واحد وكان الشخصان . احلس

وتشابه صوريت الشخص ليس هو . اني يف الصورة فإا تدرك الشخصني وتدرك أما متشاانمتش .الصورتني أنفسهما وال واحدة منهما

وإذا كانت حاسة البصر تدرك الشخصني من الصورتني اللتني حتصالن يف البصر للشخصني فهي تدرك وتشابه الصورتني اللتني . ر للشخصنيتشابه الشخصني من تشابه الصورتني اللتني حتصالن يف البص

وليس حيصل يف البصر . حتصالن يف البصر ليس هو الصورتني أنفسهما اللتني يف البصر وال واحدة منهما

ابن اهليثم-املناظر 111

. وليس حيصل يف البصر للشخصني غري الصورتني فقط. صورة ثالثة للشخصني يدرك احلس منها التشابه

.ة حتصل يف البصر ختص التشابهفليس إدراك حاسة البصر للتشابه من صورة ثالث

وأيضاً فإن التشابه الصورتني هو اتفاقهما يف معىن من املعاين وحصول ذلك املعىن يف كل واحد من فليس يدرك تشابه الصورتني إال من قياس إحدامها باألخرى وإدراك املعىن الذي به يتشاان يف . الصورتني

ك التشابه، ومل يكن يف البصر صورة ثالثة يدرك منها وإذا كانت حاسة البصر تدر. كل واحدة منهماالتشابه، وكان التشابه ليس يدرك إال من قياس إحدى الصورتني باألخرى، فحاسة البصر إذن إمنا تدرك

.تشابه الصورتني من قياس إحدى الصورتني اللتني حتصالن يف البصر إحدامها باألخرى

.ورتني املختلفتني من قياس إحدى الصورتني باألخرىوكذلك أيضاً يدرك حاسة البصر اختالف الص

.فتشابه الصور واختالفها إمنا يدركه حاسة البصر من قياس الصور اليت حتصل يف البصر بعضها ببعض

وإذا كان ذلك كذلك فإدراك حاسة البصر لتشابه الصور واختالفها ليس مبجرد احلس وإمنا هو من قياس .س بعضها ببعضالصور اليت يدركها مبجرد احل

وأيضاً فإن البصر إذا أدرك لونني من جنس واحد وكان أحدمها أقوى من األخر كأخضر زجناري وأخضر فستقي، فإن احلاس يدرك أما أخضران ويدرك أن أحدمها أشد خضرة من اآلخر ويفرق بني

لك يفرق بني وكذ. اخلضرتني، فهو يدرك تشاهما يف اخلضرة ويدرك اختالفهما يف القوة والضعف .احلمرتني وبني الزرقتني وكل لونني من جنس واحد إذا كان أحدمها أقوى من اآلخر

والتفريق بني اخلضرتني ليس هو نفس اإلحساس باخلضرة، ألن اإلحساس باخلضرة إمنا هو من اخضرار ما من البصر باخلضرة، والبصر بكلى اخلضرتني خيضر، ومن اخضراره بكليت اخلضرتني يدرك احلاس أ

فإدراكه أن إحدى اخلضرتني أقوى من األخر وإدراكه أما من جنس واحد هو متييز التلون . جنس واحد .الذي حيصل يف البصر ال نفس اإلحساس بالتلون

وكذلك إذا كان اللونان متشاني يف القوة وكانا من جنس واحد فاحلاس يدرك اللونني ويدرك اما من . اللونني ويدرك أما من جنس واحد ويدرك أما متشاان يف القوةواحلاس يدرك. جنس واحد

فإن حاسة البصر يدرك األضواء ويفرق بني الضوء القوي . وكذلك حال األضواء عند حاسة البصر .والضوء الضعيف ويدرك تشابه األضواء يف القوة والضعف

ه األضواء واختالفها وإدراكها لتشابه فإدراك حاسة البصر لتشابه األلوان واختالفها وإدراكها لتشابختطيط صور املبصرات وهيئاا والختالفها واختالف هيئاا إمنا هو بتمييزها وقياس بعضها إىل بعض ال

.مبجرد احلس

وذلك أن األحجار . وأيضاً فإن حاسة البصر ليس يدرك شفيف األجسام املشفة إال بالتمييز والقياس

ابن اهليثم-املناظر 112

فإذا أدرك . ليس يدرك البصر شفيفها إال بعد أن يقابل ا الضوء وتستشفاملشفة اليت شفيفها يسري وكذلك كل جسم مشف ليس يدرك البصر شفيفه إال بعد أن يدرك . الضوء من ورائها أدرك أا مشفة

ما وراءه من األجسام، أو يدرك الضوء من ورائه، ويدرك التمييز مع ذلك أن الذي يظهر من ورائه هو ملشف، وليس يدرك الشفيف إن مل يدرك ما وراء اجلسم املشف أو يدرك نفوذ الضوء فيه غري اجلسم ا

وإدراك أن ما وراء .ويدرك التمييز مع ذلك أن الذي يظهر من وراء ذلك اجلسم هو غري ذلك اجلسماجلسم املشف هو غري ذلك اجلسم ليس هو إدراكاً مبجرد احلس وإمنا هو إدراك باالستدالل، فالشفيف

.وإذا كان ليس يدرك الشفيف إال بالتمييز والقياس. س يدرك إال باالستدالللي

وأيضاً فإن الكتابة ليس تدرك إال من متييز صور احلروف وتأليفها وقياسها بأمثاهلا اليت قد عرفها الكاتب رك وكذلك كثري من املعاين املبصرة إذا تؤملت كيفية إدراكها وجدت ليس تد. من قبل ذلك وألفها

.مبجرد اإلحساس وليس تدرك إال بالتمييز والقياس

وإذا كان ذلك كذلك فليس مجيع ما يدرك حباسة البصر يدرك مبجرد احلس، بل كثري من املعاين املبصرة .تدرك بالتمييز والقياس مع اإلحساس بصورة املبصر، ال مبجرد احلس فقط

إال أن متييز القوة املميزة للمعاين . متيز هذه املعاينوليس للبصر قوة للتمييز ولكن القوة املميزة هي اليت .املبصرة ليس يكون إال بتوسط حاسة البصر

وأيضاً فإن البصر يعرف املبصرات ويدرك كثرياً من املبصرات وكثرياً من املعاين املبصرة باملعرفة، فيعرف د إذا كان قد شاهده من قبل وكان اإلنسان أنه إنسان، ويعرف الفرس أنه فرس، ويعرف زيداً بعينه أنه زي

ذاكراً ملشاهدته، ويعرف احليوانات املألوفة، ويعرف النبات والثمار واألحجار واجلمادات اليت قد شاهدها من قيل وشاهد أمثاهلا، ويعرف اآلالت وما يكثر استعماله وتكثر مشاهدته، ويعرف مجيع املعاين

. مشاهدته هلااملألوفة اليت تكون يف املبصرات اليت تكثر

واملعرفة ليس هي إدراكاً مبجرد اإلحساس، وذلك أن . وليس يدرك البصرة شيء من املبصرات إال باملعرفةوإذا أدرك البصر شخصاً من األشخاص وغاب عنه مدة مث . البصر ليس يعرف كل ما شاهده من قبل

ف ما يعرفه إذا كان ذاكراً ملشاهدته شاهده من بعد ومل يكن ذاكراً ملشاهدته األولة فليس يعرفه وإمنا يعرفلو كانت املعرفة هي إدراكاً مبجرد اإلحساس لكان البصر إذا رأى شخصاً قد شاهده من قبل . من قبل

ولكن البصر ليس يعرف الشخص الذي قد شاهده من . عرفه عند املشاهدة الثانية على تصاريف األحوالصورته اليت أدركها يف احلالة األوىل أو يف املرات اليت تكررت قبل إال إذا كان ذاكراً ملشاهدته األولة ول

.وليس تكون املعرفة إال بالذكر فاملعرفة إذن ليس هي إدراكاً مبجرد اإلحساس. عليه تلك الصورة من قبل

ابن اهليثم-املناظر 113

وذلك أن املعرفة هو إدراك تشابه الصورتني، أعين . واإلدراك باملعرفة هو ضرب من ضروب القياسركها البصر من املبصرات يف حال املعرفة والصورة اليت أدركها من ذلك املبصر أو من الصورة اليت يد

ولذلك . أمثاله يف احلالة األوىل أو يف املرات اليت تقدمت إن كان أدرك ذلك املبصر أو أمثاله مرات كثريةتشابه الصورتني ومل ليس تكون املعرفة إال بالتذكري ألنه إن مل تكن الصورة األولة حاضرة للذكر مل يدرك

.يعرف البصر املبصر

واملعرفة قد تكون بالشخص وقد تكون بالنوع، فاملعرفة بالشخص تكون من تشبيه صورة الشخص واملعرفة بالنوع تكون من . املبصر اليت أدركها البصر يف حال معرفة الشخص بصورته اليت أدركها من قبل

.وعه اليت أدركها البصر من قبلتشبيه صورة املبصر بصورة أمثاله من أشخاص ن

فاملعرفة إذن إمنا تكون . وإدراك التشابه هو إدراك بقياس، لنه إمنا هو من قياس إحدى الصورتني باألخرىوذلك أن املعرفة ليس تكون . إال أن هذا القياس يتميز عن مجيع املقاييس. بضرب من ضروب القياس

فإذا أدرك البصر معىن من املعاين . إمنا تكون املعرفة باألماراتباستقراء مجيع املعاين اليت يف الصورة، بل وليس كذلك مجيع ما يدرك بالقياس، . اليت يف الصورة، وكان ذاكراً للصورة األولة، فقد عرف الصورة

فإن كثرياً مما يدرك بالقياس ليس يدرك إال بعد استقراء مجيع املعاين اليت يف الشخص الذي يدرك بالقياس .ثرهاأو أك

. وكذلك كثري من املعاين املبصرة اليت تدرك بالقياس ليس تدرك إال بعد استقراء مجيع املعاين اليت فيها

وذلك أن اإلنسان الكاتب إذا حلظ صورة اجبد مكتوبة يف ورقة فإنه يف حال مالحظته هلا قد أدرك أنه د أدرك أنه أجبد، أو من إدراكه لتشكل فمن إدراكه لتقدم األلف وتأخر الدال ق. اجبد ملعرفته بالصورة

وكذلك إذا رأى اسم اهللا تعاىل مكتوباً فإنه يف حال مالحظته قد أدرك . مجلة الصورة قد أدرك أا اجبدوكذلك مجيع الكلمات املشهورة اليت يكثر تكررها على البصر إذا شاهدها . أنه اسم اهللا تعاىل باملعرفة

وليس . حلال باملعرفة من غري حاجة إىل استقراء حروفها حرفاً حرفاًالكاتب أدرك ما هي الكلمة يف اكذلك إذا حلظ الكاتب كلمة غريبة مكتوبة وكانت كلمة مل ترد عليه قبل ذلك الوقت ومل يقرأ مثلها

وليس يدرك الكاتب الكلمة الغريبة اليت مل ترد عليه من قبل إال بعد أن يستقرئ حروفها حرفاً . من قبلوكذلك كل معىن يدرك حباسة البصر إذا مل يكن . يز معانيها، ومن بعد ذلك يدرك معىن الكلمةحرفاً ومي

فكل صورة مل تكن وردت على البصر من قبل ومل يرد عليه مثلها إذا . قد ورد على البصر من قبلقة تلك أدركها البصر ليس يدرك البصر ما هي تلك الصورة أو ما هو ذلك املعىن، وليس يدرك أيضاً حقي

الصورة وال حقيقة ذلك املعىن، إال بعد أن يستقرئ مجيع املعاين اليت يف تلك الصورة أو يف ذلك املعىن أو

ابن اهليثم-املناظر 114

.كثرياً منها ومييز معانيها

والصورة اليت قد أدركها البصر من قبل أو قد أدرك أمثاهلا يدرك البصر ما هي تلك الصورة يف حال ين اليت يف الصورة إذا كان ذاكراً إلدراكه لتلك الصورة أو أمثاهلا من إدراكه الصورة من إدراكه بعض املعا

واإلدراك . فالذي يدرك باملعرفة يدرك باألمارة، وليس كل ما يدرك بالقياس يدرك باألمارات. قبلباملعرفة يتميز عن مجيع ما يدرك بالقياس إذا مل يكن إدراكاً باملعرفة، وهو يتميز بالسرعة ألنه إدراك

وأكثر املعاين املبصرة ليس تدرك إال باملعرفة، وليس تدرك مائية شيء من املبصرات وال مائية . ماراتباأل .شيء من احملسوسات جبميع احلواس إال باملعرفة

فحاسة البصر يدرك صور املبصرات من الصور اليت ترد إىل البصر من . واملعرفة ليس هي جمرد اإلحساسإدراكها لألضواء مبا هي أضواء ولأللوان مبا هي ألوان يكون مبجرد و. ألوان املبصرات وأضوائها

مث ما كان يف الصور من املعاين قد أدركها البصر من قبل أو أدرك أمثاهلا، وهو ذاكر ملا أدركه . اإلحساسزة متيز مث القوة املمي.منها ومن أمثاهلا، فإمنا يدركها يف احلال باملعرفة ومن األمارات اليت تكون يف الصورة

هذه الصورة فيدرك منها مجيع املعاين اليت تكون فيها من الترتيب والتخطيط والتشابه واالختالف ومجيع فاملعاين اليت تدرك حباسة . املعاين اليت تكون يف الصورة اليت ليس يتم إدراكها مبجرد احلس وال باملعرفة

وأيضاً فإن أكثر . يزيد على مقاييس املعرفةالبصر منها ما يدرك باملعرفة ومنها ما يدرك بتمييز وقياساملعاين املبصرة اليت تدرك بالتمييز والقياس يدرك أكثرها يف زمان يف غاية الصغر، وال يظهر يف أكثر . األحوال أن إدراكها بتمييز وقياس لسرعة القياس الذي به تدرك هذه املعاين وسرعة إدراكها بالقياس

يفه وما جرى هذا ارى من املعاين اليت يف املبصرات تدرك يف أكثر وذلك آن شكل اجلسم وعظمه وشفأحواهلا إدراكاً يف غاية السرعة وال تدرك يف احلال إذ إدراكها بقياس ومتييز إذا كان إدراكها يف غاية

يز هذه وسرعة إدراك هذه املعاين بالقياس إمنا هو لظهور مقدماا ولكثرة اعتياد القوة املميزة لتمي. السرعةوإذا أدركت القوة املميزة . فهي يف حال ورود الصورة عليها قد أدركت مجيع املعاين اليت فيها. املعاين

وإذا متيزت هلا مجيع املعاين اليت يف الصورة . مجيع املعاين اليت يف الصورة فهي تتميز هلا يف حال إدراكها .فقد أدركت نتائج تلك املعاين يف حال متييزها

مجيع املقاييس اليت مقدماا الكلية ظاهرة ومستقرة يف النفس ليس حتتاج القوة املميزة يف إدراك وكذلكمثال ذلك لو طرق مسع سامع . نتائجها إىل زمان مقتدر، بل يف حال فهمها للمقدمة قد فهمت النتيجة

فهمه هلذا صحيح التمييز قول قائل هذا الشخص كاتب لكان ذلك السامع يدرك يف احلال مع نفس اللفظ أن ذلك الشخص الذي مسع بصفته هو إنسان، وإن مل ير ذلك الشخص، ومن غري توقف وال زمان

ابن اهليثم-املناظر 115

فمن . وليس إدراكه ألن الشخص الكاتب إنسان إال باملقدمة الكلية وهي أن كل كاتب إنسان. مقتدرع باملقدمة اجلزئية اليت هي استقرار هذه املقدمة يف النفس وظهورها عند القوة املميزة صار السامع مىت مس

وكذلك إن قال قائل ما أمضى هذا السيف . هذا الشخص كاتب فهم يف احلال أن ذلك الشخص إنسانوليس إدراكه بأن . فإن السامع املميز إذا مسع هذا اللفظ فهم يف احلال أن ذلك السيف املشار إليه حديد

.ف ماض فهو حديدذلك السيف حديد إال باملقدمة الكلية اليت هي كل سي

وكذلك مجيع املقاييس اليت مقدماا ظاهرة ومستقرة يف النفس وحاضرة للذكر تدرك القوة املميزة نتائجها يف حال استماعها للمقدمة اجلزئية ويف زمان يف غاية الصغر، وال يكون بني اآلن الذي يقع فيه

والعلة يف ذلك أن . ة النتيجة زمان ظاهر املقدارفهم املقدمة اجلزئية وبني اآلن الذي تدرك فيه القوة املميزوذلك . القوة املميزة ليس تقيس بترتيب وتأليف وبتكرير املقدمات كما يكون يف ترتيب القياس باللفظ

أن القياس املنتج ليس يكون قياساً يف اللفظ إال بترتيب املقدمات، ومثاله هذا الشخص كاتب وكل ولو مل يرتب اللفظ . فبهذا الترتيب صار اللفظ قياساً وأنتجت النتيجة. كاتب إنسان فهذا الشخص إنسان

وليس كذلك قياس القوة املميزة، ألن القوة املميزة تدرك النتيجة من غري . هذا الترتيب ملا أنتجت النتيجة .حاجة إىل اللفظ ومن غري حاجة إىل تكرير املقدمة وترتيبها ومن غري حاجة إىل تكرير اللفظ وترتيبه

وترتيب لفظ القياس هو صفة كيفية إدراك التمييز للنتيجة، وإدراك التمييز للنتيجة ليس حيتاج إىل نعت فالقوة املميزة إذا أدركت املقدمة اجلزئية، وكانت ذاكرة للمقدمة . الكيفية وإىل ترتيب كيفية اإلدراك

زمان له قدر يعتد به، بل يف أقل الكلية، فإا يف حال فهمها للمقدمة اجلزئية قد فهمت النتيجة، ال يف .القليل من الزمان، وإذا كانت املقدمة الكلية ظاهرة ند القوة املميزة

وال يظهر يف أكثر . فاملعاين املبصرة اليت تدرك بالقياس يكون إدراك أكثرها إدراكاً يف غاية السرعةها إمنا هو لظهور مقدماا وكثرة األحوال أن إدراكها بالقياس والتمييز لسرعة إدراكها، وسرعة إدراك

وأيضاً فإن املعاين املبصرة اليت تدرك بالقياس والتمييز إذا تكرر إدراكها . اعتياد القوة املميزة لتمييزهابالقياس وفهمت القوة املميزة معانيها، وصار إدراك القوة املميزة هلا، إذا وردت عليها من بعد استقرار

جة إىل أن تستقرئ مجيع املعاين اليت فيها، بل تدركها باألمارات، وتصري تلك فهمها، باملعرفة من غري حاومثال . النتيجة من مجلة املعاين اليت تدرك ال باستئناف التمييز والقياس واستقراء مجيع املعاين اليت فيها

. يه مثلهاذلك الكلمة الغريبة املكتوبة إذا وردت على الكاتب ومل تكن وردت عليه من قبل وال ورد عل

مث إذا أدركها وفهمها وغابت عنه مث أدركها ثانية . فليس يدركها إال بعد أن يستقرئ حرفها حرفاً حرفاًمث إذا تكرر إدراكه لتلك الكلمة مرات . وهو ذاكر هلا، فإنه يدركها يف الثاين أسرع مما أدركها يف األول

من بعد ذلك باملعرفة، ويف حال مالحظته كثرية استقرت صورة تلك الكلمة يف نفسه وصار إدراكه هلا

ابن اهليثم-املناظر 116

هلا قد أدركها من غري حاجة إىل استئناف متييزها واستقراء مجيع حروفها حرفاً حرفاً، بل يدركها يف حال .مالحظته هلا كما ذكرنا ويدرك صورة اجبد وكما يدرك الكلمات اليت يعرفها

ر إدراك البصر هلا صار إدراكه هلا باملعرفة من غري وكذلك مجيع املعاين املبصرة اليت تدرك بالقياس إذا تكراستئناف القياس الذي به أدرك صحتها، وكذلك مجيع املعاين اليت تدرك بالقياس إذا كانت مقدماا

فإنه إذا فهمت النفس النتيجة بالقياس واستقرت صحتها يف الوهم مث تكرر ذلك . ظاهرة ونتائجها صادقةرية صارت النتيجة مبرتلة املقدمة الظاهرة فتصري مىت وردت القضية على النفس املعىن على النفس مرات كث

.حكم التمييز بالنتيجة من غري حاجة إىل استئناف القياس

وكثري من املعاين اليت ليس إدراك التمييز لصحتها إال بالقياس يظن ا أا علوم أول وأا تدرك بفطرة ل ذلك آن الكل اعظم من اجلزء يسمى علماً أول ويظن أنه حيكم ومثا. العقل وليس إدراكها بقياس

بصحته بفطرة العقل وليس إدراك صحته بقياس لسرعة قبول الفهم ولن التمييز ال يشك فيه يف وقت من والكل اعظم من اجلزء ليس يدرك إال بقياس وال طريق إىل إدراك صحته إال بالقياس الن التمييز . األوقات

إدراك أن الكل أعظم من اجلزء إال بعد فهمه ملعىن الكل وفهمه ملعىن اجلزء وفهمه ملعىن ال طريق له إىلومعىن الكل إمنا هو اجلملة ومعىن . ألنه مل يفهم التمييز معاين أجزاء اللفظ يفهم معىن مجلة اللفظ. أعظم

اوي الغري الذي هو اجلزء إمنا هو البعض واألعظم إمنا هو مضاف إىل غريه ومعىن األعظم هو الذي يسومن انطباق معىن األعظم يف الزيادة على معىن الكل يف الزيادة ظهر .مضاف إليه ببعضه ويزيد عليه بالباقي

فمن فهم القوة املميزة ملعىن الكل وملعىن اجلزء وملعىن األعظم، ومن إدراكها . أن الكل أعظم من اجلزءوإذا كان إدراكها ألن . ركت أن الكل اعظم من اجلزءالتفاق معىن الكل ومعىن األعظم يف الزيادة، أد

والذي هو يف فطرة . الكل أعظم من اجلزء إمنا هو ذه الطريقة فإدراكها له إمنا هو بقياس ال بفطرة العقلوهذا املعىن هو املقدمة الكلية اليت .العقل إمنا هو إدراكه التفاق معىن الكل ومعىن األعظم يف الزيادة فقط

نتيجة، ويف حال مالحظة العقر هلذا املعىن قد فهم النتيجة، فالكل أعظم من اجلزء هو نتيجة أنتجت ال .قياس هذا املعىن مقدمته الكلية

وترتيب هذا القياس يف اللفظ هو أن الكل يزيد على اجلزء، وكلما يزيد على غريه فهو أعظم منه، فالكل وإدراك القوة املميزة هلذا املعىن بالقياس إمنا . الصفةفالقياس يترتب يف اللفظ على هذه . أعظم من اجلزء

هو من إدراكها ألن معىن الكل ومعىن اعظم متفقان يف الزيادة، وسرعة إدراكها للنتيجة إمنا هو ألن فإدراك القوة املميزة ألن الكل أعظم من اجلزء هو بقياس ولكن مقدمته الكلية . املقدمة الكلية ظاهرةدرك نتيجتها يف حال ورود املقدمة اجلزئية ويف حال فهمها هلا، واملقدمة اجلزئية هو ظاهرة عندها فهي ت

ابن اهليثم-املناظر 117

والستقرار صدق هذا القياس يف النفس وصحتها يف الفهم وحضورها . معىن الكل يف زيادته على اجلزء .للذكر صارت مىت وردت القضية قبلها العقل من غري استئناف قياس بل من معرفته ا فقط

ان من هذا اجلنس من العلوم فإنه يسمى علماً أول ويظن به أنه يدرك مبجرد العقل وليس حيتاج وكلما كوالعلة يف ذلك أنه يدرك بالبديهة يف حال وروده على العقل، وهو إمنا يدرك . يف إدراك صحته إىل قياس

بالقضية عند بالبديهة باملعرفة الستقرار صحته يف النفس ولذكر النفس له ولصحته وملعرفة النفسورودها، فقبول العقل ملا وصفته من العلوم بالبديهة إمنا هو باملعرفة، وإدراك صحته إمنا هو الستقرار

.صحته يف النفس، وصحته إمنا استقرت يف النفس بالقياس وبتمييز مقدماته وفهم معانيها

ميزة نتائجها يف حال فهمها فاملقاييس اليت مقدماا الكلية ظاهرة ومستقرة يف النفس تدرك القوة املمث إذا تكرر القياس الذي ذه الصفة واستقرت صحة النتيجة يف . للمقدمة اجلزئية ويف زمان غري حمسوس

النفس، صارت النتيجة مبرتلة املقدمة الظاهرة، وصارت املقدمة اجلزئية مبرتلة املقدمة الكلية يف الظهور، ملقدمة اجلزئية أدركت النتيجة باملعرفة من غري استئناف للقياس وصارت القوة املميزة مىت وردت عليها ا

وعلى هذه الصفة يكون إدراك القوة . األول الذي به أدركت تلك النتيجة ومن غري متييز لكيفية اإلدراك. املميزة ألكثر املعاين املدركة بالقياس من املعاين املبصرة يف حال إدراكها للصورة ويف زمان غري حمسوس

إذا تكرر ذلك املعىن على البصر واستمر إدراكه له،واستقر فهم القوة املميزة لذلك املعىن باملعرفة ويف مث حال ورود ذلك املعىن وباألمارات، من غري استئناف للقياس األول الذي يستقرئ فيه مجيع املعاين اليت يف

.الصورة

ين اليت تدرك باملعرفة ليس تظهر يف أكثر األحوال وأيضاً فإن املعاين املبصرة اليت تدرك بالقياس واملعاكيفيات إدراكها يف حال إدراكها، ألن إدراكها يف غاية السرعة وألن إدراك كيفية اإلدراك إمنا يكون

والقوة املميزة ليس تستعمل هذا القياس الثاين يف الوقت . بقياس ثان غري القياس الذي وقع به اإلبصار املعاين املبصرة، وال متيز كيف أدركت ذلك املعىن، وال تقدر على هذه احلال الذي تدرك فيه معىن من

لسرعة إدراكها للمعاين املدركة باملعرفة ولسرعة إدراكها للمعاين املدركة بالقياس الذي مقدماته ظاهرة مقدماته وكذلك مجيع املعين املدركة باملعرفة ومجيع املعاين املدركة بالقياس الذي. ومستقرة يف النفس

ظاهرة ومستقرة يف النفس وإدراكها يف غاية السرعة ليس يظهر يف حال إدراكها كيفية إدراكها، ألن كيفية اإلدراك ليس يدرك إال بقياس ثان وليس تستعمل القوة املميزة هذا القياس الثاين يف حال إدراك

كثري من القضايا الصادقة اليت تدرك وهلذه العلة صار . املعاين اليت إدراكها يف غاية السرعة وباملعرفةباملعرفة، وأصل استقرار صحتها بالقياس، ال حيس بكيفية إدراك صحتها يف حال ورودها، ألن القوة

ابن اهليثم-املناظر 118

املميزة إذا وردت عليها هذه املعاين فهي حتكم بصحتها مبعرفتها والستقرار صحتها عندها، ويف حال يف األول، وال تبحث عن كيفية إدراكها لصحتها يف معرفتها ليس تبحث عن كيف كان استقرار صحتها

.حال ورودها ومعرفتها، وال مىت استقرت صحتها عندها

وأيضاً فإن القياس الثاين الذي به تدرك القوة املميزة كيفية إدراكها ملا تدركه ليس هو قياساً يف غاية بفطرة العقل، ومنها ما يكون ألن اإلدراكات ختتلف فمنها ما يكون. السرعة بل حيتاج إىل فضل تأمل

فإدراك كيفية اإلدراك، وأي هذه اإلدراكات هو، ليس يكون . باملعرفة، ومنها ما يكون بفضل متييز وتأملفالقوة املميزة إذا أدركت معىن من املعاين باملعرفة . إال بقياس بفضل تأمل ومتييز، ال قياساً يف غاية السرعة

وهلذه العلة ليس يظهر يف . تدرك كيفية ذلك اإلدراك يف حال اإلدراكأو بقياس يف غاية السرعة فليس .أكثر األحوال كيفية إدراك املعاين املبصرة اليت تدرك بالقياس يف حال إدراكها

وأيضاً فإن اإلنسان مطبوع على التمييز والقياس، فهو مييز ويقيس الشيء بالشيء دائماَ بالطبع بغري تكلف فأما إذا مل . ا حيس بأنه يقيس إذا تكلف القياس واستعمل الفكر ومتحل املقدماتواإلنسان إمن. وال فكر

فاملقاييس املألوفة اليت .يستعمل الفكر ومل يتمحل املقدمات ومل يتكلف القياس فليس حيس بأنه يقيسمقدماا ظاهرة وليس حتتاج إىل تكلف قياس هي يف طبيعة اإلنسان، فليس حيس اإلنسان يف حال ما

والذي يدل دليالً ظاهراً على أن اإلنسان مطبوع على . دركه من نتائجها أن إدراك تلك املعاين بقياسيالقياس وانه يقيس وال حيس يف احلال أنه يقيس، ويدرك كثرياً من األشياء بالقياس وال حيس يف احلال أن

يف أول نشوه وعند أول تنبهه قد فإن الطفل : إدراكه هلا بالقياس، هو ما يظهر يف األطفال يف أول نشأميدرك أشياء كثرية مما يدركها الكامل التمييز ويفعل كثرياً من األفعال بالتمييز ومن قياس األشياء بعضها

فمن ذلك أن الطفل الذي ليس يف غاية الطفولية وال كامل التمييز إذا عرض عليه شيئان من . ببعضاألشياء اليت ترغب فيها األطفال، وخري بني ذينك الشيئني، جنس واحد، كتحفتني أو ثوبني أو شيئني من

وكان أحد ذينك الشيئني حسن الصورة وكان اآلخر قبيح الصورة، فإنه خيتار احلسن وينفي القبيح إذا وإذا خري أيضاً بني شيئني من جنس واحد، وكانا مجيعاً حسنني، . كان منتبهاً ومل يكن يف غاية الطفولية

وليس . سن من اآلخر، فرمبا اختار األحسن، وإذا كان اآلخر حسناً، إذا كان منتبهاًوكان أحدمها أحوإدراكه حسن احلسن وقبح القبيح . اختيار الطفل للشيء احلسن على القبيح إال بقياس أحدمها باآلخر

بعد وإيثاره احلسن على القبيح، وكذلك إذا اختار األحسن على ما هو دونه يف احلسن، فليس خيتاره إالأن يقيس أحدمها باآلخر ويدرك صورة كل واحد منهما ويدرك زيادة حسن احلسن على ما هو دونه يف

وليس إيثاره األحسن إال باملقدمة الكلية، وهي أن األحسن أخري واألخري أوىل .احلسن ويؤثر الزائد احلسن .فهو يستعمل هذه املقدمة وال حيس أنه قد استعملها. أن خيتار

ابن اهليثم-املناظر 119

وإذا كان ذلك . تؤملت أفعال األطفال وجد فيها كثري من املعاين اليت ال تتم إال بتمييز وقياس مافإذا وال خالف وال شبهة يف آن الطفل ال يعرف معىن القياس وال يعلم ما . كذلك فالطفل إذن يقيس ومييز

فإذا كان الطفل . فهمههو القياس، وال حيس يف حال ما يقيس انه يقيس، ولو أفهم أيضاً معىن القياس مل ييقيس وهو ال يعلم ما القياس فالنفس اإلنسانية إذن مطبوعة على القياس، وهي تقيس أبداً وتدرك مجيع ما يدرك بالقياس من املعاين احملسوسة ومن املعاين الظاهرة يف أكثر األحوال بغري تكلف وال تعمل، وال حيس

إال أن املعاين اليت تدرك بالقياس على . إدراكه إمنا هو بقياساإلنسان يف احلال عند إدراك ما هذه صفته أنهذه الصفة إمنا هي املعاين الظاهرة اليت مقدماا يف غاية الظهور وتدرك باليسري من القياس ويف أقل القليل

ان فإما املعاين اليت مقدماا ليست بكل الظاهرة ومقاييسها حتتاج إىل فضل تكلف، فإن اإلنس. من الزمانإذا أدركها رمبا أحس يف احلال إن إدراكها إمنا هو بالقياس إذا كان صحيح التمييز وكان يعرف معىن

.القياس

فقد تبني من مجيع ما شرحناه أن املعاين اليت تدرك حباسة البصر منها ما يدرك مبجرد اإلحساس ومنها ما ، وان الذي يدرك بتمييز وقياس يزيد على يدرك باملعرفة ومنها ما يدرك بتمييز وقياس يزيد على املعرفة

املعرفة إذا تكرر إدراك البصر له واستقر فهمه يف النفس صار إدراكه من بعد ذلك باملعرفة، وان كيفية إدراك املعاين اجلزئية املدركة حباسة البصر ليس تظهر يف اكثر األحوال لسرعة ما تدرك باملعرفة ولسرعة

املبصرة يف أكثر األحوال، وألن القوة املميزة مطبوعة على هذه املقاييس القياس الذي تدرك به املعاين .وليس استعماهلا هلا بالفكر والتكلف بل بالطبع والعادة

وأيضاً فإن اإلنسان منذ طفوليته ومنذ مبدأ منشئه وعلى مرور الزمان يدرك املبصرات ويتكرر عليه إدراك فقد . اليت تدرك حباسة البصر إال وقد تكرر إدراك البصر هلااملبصرات، فليس شيء من املعاين اجلزئية

صارت مجيع املعاين اجلزئية اليت تدرك بالقياس مفهومة عند القوة املميزة ومستقرة يف النفس، فقد صارت القوة املميزة تدرك مجيع املعاين اجلزئية اليت تتكرر يف املبصرات باملعرفة وبالعادة وليس حتتاج إىل استئناف

.قياس يف إدراك شيء من املعاين اجلزئية اليت تتكرر يف املبصرات

وأيضاً فإن املعاين اليت تتكرر يف املبصرات وتدرك بالتمييز والقياس تستقر معانيها يف النفس من حيث ال حيس اإلنسان باستقرارها وال يكون الستقرارها ابتداء حمسوس، لن اإلنسان منذ طفوليته فيه بعض

وخاصة التمييز الذي تدرك به املعاين احملسوسة، فهو يدرك املعاين احملسوسة بالتمييز والقياس، التمييز،ويكتسب معرفة املعاين احملسوسة، وتتكرر عليه املعاين احملسوسة على استمرار الزمان فتستقر معانيها يف

ز والقياس مث استقر يف نفسه نفسه من حيث ال حيس باستقرارها، فيصري املعىن اجلزئي الذي أدركه بالتميي

ابن اهليثم-املناظر 120

بكثرة تكرره يف املبصرات إذا ورد عليه أدركه يف حال وروده باملعرفة، ومع ذلك ال حيس بكيفية إدراكه، فجميع املعاين اجلزئية اليت . وال حيس أيضاً بكيفية معرفته وال كيف استقرت معرفة ذلك املعىن يف نفسه

قد أدركها اإلنسان على مر الزمان وحصلت معانيها مستقرة يف تدرك بقياس ومتييز وتتكرر يف املبصرات النفس وصار لكل معىن من املعاين اجلزئية صورة كلية مستقرة يف النفس، فهو يدرك هذه املعاين من

املبصرات باملعرفة وبالعادة ومن غري استئناف للتمييز والقياس الذي أدرك حقيقة ذلك املعىن، ومن غري راكه يف حال إدراكه، ومن غري إدراك لكيفية معرفته يف حال معرفته، وليس يبقى شيء إدراك لكيفية إد

حيتاج إىل استئناف قياس ومتييز يزيد على املعرفة إال املعاين اجلزئية اليت يف األشخاص اجلزئية، كشكل يف بصر معني، مبصر معني أو وضع مبصر معني أو عظم مبصر معني، أو قياس لون يف مبصر معني بلون يف م

وعلى هذه الصفات .أو قياس صورة معينة إىل صورة معينة، وما جرى جمرى ذلك يف األشخاص اجلزئية .يكون إدراك مجيع املعاين اجلزئية اليت تكون يف املبصرات

وإذ قد تبني مجيع ذلك فإنا نشرع اآلن يف تبيني كيفيات إدراك كل واحد من املعاين اجلزئية اليت تدرك .صر وكيفيات املقاييس اليت ا تكتسب القوة املميزة املعاين املدركة حباسة البصرحباسة الب

: واملعاين اجلزئية اليت تدرك حباسة البصر كثرية، إال أا تنقسم باجلملة إىل اثنني وعشرين قسما، وهي

كة والسكون الضوء واللون والبعد والوضع والتجسم والشكل والعظم والتفرق واالتصال والعدد واحلرواخلشونة واملالمسة والشفيف والكثافة والظل والظلمة واحلسن والقبح والتشابه واالختالف يف مجيع

فهذه هي مجيع املعاين اليت تدرك . املعين اجلزئية على انفرادها ويف مجيع الصور املركبة من املعاين اجلزئيةاملعاين فهو يدخل حتت بعض هذه، كالترتيب حباسة البصر، وإن كان يف املعاين املبصرة شيء غري هذه

الذي يدخل حتت الوضع، وكالكتابة والنقوش اليت تدخل حتت الشكل والترتيب، وكاالستقامة واالحنناء والتحدب والتقعري اليت هي من التشكل فهي تدخل حتت الشكل، وكالكثرة والقلة اللتني تدخالن حتت

ن حتت التشابه واالختالف، وكالضحك والبشر والطالقة العدد، وكالتساوي والتفاضل اللذين يدخال: والعبوس والتقطيب اللوايت تدرك حباسة البصر من تشكل صورة الوجه فهي تدخل من حتت الشكل

وكالبكاء فإنه يدرك من حتت تشكل الوجه مع حركة الدموع فهو يدخل حتت الشكل واحلركة، والسكون، ألن الرطوبة وحركة بعضه قبل بعض، وكالرطوبة واليبس اللذين يدخالن حتت احلركة

واليبس يدرك بالبصر ولكن ليس يدرك اليبس بالبصر إال من متاسك اجلسم اليابس وعدم حركة السيالن فيه، وكذلك كل معىن من املعاين اجلزئية اليت تدرك حباسة البصر إذا ميزت كيفية إدراك البصر هلا ظهر أنه

.ذكرناها واملعاين اليت فصلناهايدخل حتت بعض األقسام اليت

ابن اهليثم-املناظر 121

وقد . ومجيع املعاين املبصرة إمنا تدرك من الصور اليت حتصل يف البصر من صور ألوان املبصرات وأضوائهاتبني أن صورة الضوء واللون اللذين يف سطح املبصر حتصل يف سطح الرطوبة اجلليدية وحتصل مرتبة يف

الصور متتد من هذا السطح وتنفذ يف جسم اجلليدية وتنفذ يف هذا السطح كترتيبها يف سطح املبصر، وان اجلسم احلاس الذي يف جتويف العصبة املشتركة، وتكون يف حال امتدادها مرتبة كترتيبها يف سطح

اجلليدية، وتصل إىل جتويف العصبة املشتركة وهي على هيئتها وترتيبها الذي هي عليه يف سطح اجلليدية املبصر، وأن احلاس األخري إمنا يدرك صورة املبصرات من الصور اليت حتصل يف والذي هي عليه يف سطحوإذا . وقد تبني أن اإلحساس ليس يتم إال بإدراك احلاس األخري لصور املبصرات. جتويف العصبة املشتركة

ت، كان مجيع ذلك كذلك فالتمييز والقياس يكون من القوة املميزة للمعاين اليت تكون يف صور املبصراومعرفة الصور ومعرفة األمارات اليت يف الصور، ومجيع ما يدرك بالتمييز والقياس واملعرفة، إمنا تكون من متييز القوة املميزة للصور اليت حتصل يف جتويف العصبة املشتركة عند إدراك احلاس األخري هلا ومن معرفة

.األمارات اليت يف هذه الصور واليت تدرك ذه الصفة

فإن اجلسم احلاس املمتد من سطح العضو احلاس إىل جتويف العصبة املشتركة، الذي هو الروح وأيضاً فإذا امتدت الصورة من سطح العضو . الباصرة، مجيعه حساس، فالقوة احلساسة هي يف مجيع هذا اجلسم

ورة فإذا حصلت الص.احلاس إىل جتويف العصبة املشتركة، فإن كل جزء من اجلسم احلاس حيس بالصورةفالقوة احلساسة حتس . يف جتويف العصبة املشتركة أدركها احلاس األخري، وعند ذلك يقع التمييز والقياس

بصورة املبصر من مجيع اجلسم احلاس املمتد من سطح العضو احلاس إىل جتويف العصبة املشتركة، والقوة فعلى هذه الصفة يكون إدراك القوة . ةاملميزة متيز املعاين اليت يف الصورة عند إدراك احلاس األخري للصور

ويتبني من هذه احلال أن القوة احلساسة حتس . احلساسة واحلاس األخري والقوة املميزة لصور املبصراتباملوضع من العضو احلاس الذي حتصل فيه الصورة ألا حتس بالصورة من املوضع الذي حتصل فيه

.الصورة

ذي قبل هذا الفصل آن كل نقطة من سطح اجلليدية متتد الصورة منها وأيضاً فإنه قد تبني يف الفصل العلى مست واحد بعينه متصل على ما فيه من االنعطاف واالحنناء إىل أن يصل إىل نقطة بعينها من املوضع

وإذا كانت كل نقطة من سطح اجلليدية متتد . الذي حتصل فيه الصورة من جتويف العصبة املشتركة نقطة بعينها من جتويف العصبة املشتركة، فالصورة اليت حتصل يف جزء من سطح اجلليدية الصورة منها إىل

متتد من ذلك اجلزء إىل جزء بعينه من جتويف العصبة املشتركة، واملبصرات املختلفة اليت يدركها البصر وحتصل معاً يف وقت واحد متتد صورة كل واحد منها إىل موضع بعينه من جتويف العصبة املشتركة،

ابن اهليثم-املناظر 122

صور مجيع تلك املبصرات يف جتويف العصبة املشتركة معاً، ويكون ترتيب صورها يف جتويف العصبة فإذا قابل . املشتركة بعضها عند بعض كترتيب املبصرات أنفسها اليت يدركها البصر معاً بعضها عند بعض

صل يف سطح البصر، وحتصل البصر مبصراً من املبصرات فإن صور الضوء واللون اللذين يف ذلك املبصر حتيف سطح اجلليدية، ومتتد على السموت املخصوصة اليت قدمنا حتديدها وهي على هيئتها وترتيبها، إىل أن

وتدركها القوة احلساسة ند حصوهلا يف جسم اجلليدية وعند حصوهلا . تصل إىل جتويف العصبة املشتركةبة املشتركة يدركها احلاس األخري ومتيز القوة مث عند وصوهلا يف جتويف العص. يف مجيع اجلسم احلاس

وصورة املبصر املتلون اليت حتصل يف جتويف العصبة هي لون املبصر . املميزة مجيع املعاين اليت تكون فيهاوصورة اللون وصورة الضوء إمنا تصل إىل جتويف . والضوء الذي يف املبصر مرتبة كترتيب سطح املبصر

وتنتهي . ملمتد يف جتويف العصبة يتلون بصورة اللون ويضيء بصورة الضوء العصبة ألن اجلسم احلاس االصورة إىل جتويف العصبة املشتركة فيحصل اجلزء من اجلسم احلاس الذي يف جتويف العصبة املشتركة

ذا لون واحد . الذي انتهت إليه صورة املبصر متلوناً بلون ذلك املبصر مضيئاً بالضوء الذي يف ذلك املبصران ذلك اجلزء من اجلسم احلاس ذا لون واحد، وإن كانت أجزاء املبصر خمتلفة األلوان كانت أجزاء ك

واحلاس األخري يدرك لون . ذلك اجلزء من اجلسم احلاس الذي يف جتويف العصبة املشتركة خمتلفة األلوانصر من اإلضاءة اليت جيدها املبصر املتلون من التلون الذي جيده يف ذلك اجلزء، ويدرك الضوء الذي يف املب

والقوة املميزة تدرك املعاين اجلزئية اليت يف املبصر من متييزها للمعاين اليت يف تلك الصورة . يف ذلك اجلزءاليت هي ترتيب أجزاء الصورة وتشكل حميط الصورة وتشكل أجزاءها واختالف األلوان واألوضاع

واختالفها وما جرى جمرى هذه املعاين من املعاين اليت والترتيبات اليت يف أجزاء تلك الصورة وتشاها .تكون يف املبصرات

وأيضاً فإن الضوء الذي يرد من املبصر املتلون إىل البصر ليس يرد منفرداً من اللون، وصورة اللون اليت ترد ين يف املبصر وليس ترد صورة الضوء وصورة اللون اللذ. من املبصر املتلون إىل البصر ليس ترد من الضوء

ومع ذلك فإن احلاس يدرك أن املبصر . املتلون إال ممتزجتني، وليس يدركهما احلاس األخري إال ممتزجتنيوهذا اإلدراك هو متييز، والتمييز هو . مضيء وأن الضوء الذي يظهر يف املبصر هو غري اللون وأما معنيان

مع إدراك القوة املميزة له قد استقر يف النفس وليس للقوة املميزة ال للقوة احلساسة، إال أن هذا املعىن حيتاج إىل استئناف متييز وقياس عند ورود كل صورة، بل كل صورة ممتزجة من الضوء واللون فهو

وإدراك القوة املميزة ألن الضوء العرضي . مستقر يف النفس أن الضوء الذي فيها هو غري اللون الذي فيها اللون الذي فيه من أن املبصر الواحد بعينه قد ختتلف عليه األضواء ويزيد الذي يف املبصر املتلون غري

ابن اهليثم-املناظر 123

الضوء الذي فيه وينقص ولونه مع لون واحد، وإن كان خيتلف إشراق اللون باختالف األضواء عليه وأيضاً فإن الضوء العرضي الذي حيصل يف املبصر رمبا وصل إليه من منفذ أو . فجنس اللون ليس خيتلف

فمن . وإذا سد ذلك املنفذ أو أغلق ذلك الباب أظلم ذلك املبصر ومل يبق فيه شيء من الضوءمن باب إدراك القوة املميزة الختالف األضواء على املبصرات ومن إدراكها إلضاءة املبصر يف األوقات وعدم

مث من . يهاالضوء منه يف بعض األوقات أدركت أن األلوان اليت يف املبصرات غري األضواء اليت تعرض فتكرر هذا املعىن من املبصرات استقر يف النفس استقراراً كلياً أن األلوان اليت يف املبصرات املتلونة غري

فالصورة اليت يدركها احلاس من املبصر املتلون هي صورة ممتزجة من صورة الضوء . األضواء اليت فيهامليزة تدرك أن اللون الذي فيها هو غري الضوء وصورة اللون اللذين يف املبصر، فهو ضوء متلون، والقوة ا

الذي فيها، وهذا اإلدراك هو إدراك باملعرفة يف حال ورود الصورة على احلاس ألنه قد استقر يف النفس .أن كل صورة ممتزجة من الضوء واللون فإن الضوء الذي فيها هو غري اللون الذي فيها

ومائية اللون . تلونة من املعاين اليت ختص الصورة هو مائية اللونوأول ما تدركه القوة املميزة من الصورة املفإدراك القوة املميزة . إمنا تدركها القوة املميزة باملعرفة إذا كان اللون الذي يف املبصر من األلوان املألوفة

ألمحر وأدرك ملائية اللون باملعرفة إمنا هو من قياسها صورة اللون بالصور اليت أدركتها من قبل من اللون اأنه أمحر فإنه إمنا يدرك أنه أمحر ألنه يعرفه، ومعرفته به إمنا هي من تشبيهه صورته مبا قد أدركه من قبل

ولو مل يكن البصر أدرك اللون األمحر قبل إدراكه اللون األمحر األخري ملا علم عند إدراك اللون . من أمثالهأللوان املألوفة فإن البصر يدرك مائيته باملعرفة، وإذا كان اللون فإذا كان اللون من ا. األمحر األخري انه أمحر

وإذا مل يدرك مائيته ومل . من األلوان الغريبة ومل يكن البصر أدرك مثله من قبل فليس يدرك البصر مائيتهتكرر فأصل إدراك اللون يكون مبجرد احلس، مث إذا . يعرفه، فإنه يشبهه بأقرب األلوان اليت يعرفها شبهاً به

.اللون على البصر صار إدراك البصر له أي لون هو باملعرفة

فإن البصر يعرف ضوء الشمس ويفرق بينه وبني ضوء . ومائية الضوء أيضاً إمنا يدركها البصر باملعرفةفإدراك البصر ملائية كل واحد من . وكذلك يعرف ضوء القمر ويعرف ضوء النار. القمر وبني ضوء النار

.منا هو باملعرفةهذه األضواء إ

وكيفية الضوء يف القوة والضعف يدركها البصر بالتمييز والقياس ومن قياس صورة الضوء الذي يدركه يف .احلال مبا تقدم من إدراكه له من صور األضواء

مث مجيع ما يدرك حباسة . فالذي يدركه البصر مبجرد احلس هو الضوء مبا هو ضوء واللون مبا هو لونبعد الضوء واللون ليس يدرك مبجرد احلس بل يدرك بالتمييز والقياس واملعرفة مع احلس، لن البصر من

ابن اهليثم-املناظر 124

. مجيع ما يدرك بالتمييز والقياس من املعاين املبصرة إمنا يدرك من متييز املعاين اليت يف الصورة احملسوسة

فاملعاين اليت تدرك . سوسةوكذلك ما يدرك باملعرفة ليس يدرك إال من إدراك األمارات اليت يف الصورة احملوالضوء الذي يف اجلسم . بالتمييز والقياس واملعرفة من املعاين املبصرة إمنا تدرك مع اإلحساس بالصورة

املضيء من ذاته يدركه البصر على ما هو عليه وعلى انفراده من نفس اإلحساس، والضوء واللون اللذان . البصر معاً وممتزجتني ويدركهما مبجرد اإلحساسيف اجلسم املتلون املضيء بضوء عرضي يدركهما

فالضوء الذايت يدركه احلاس من إضاءة اجلسم احلاس، واللون يدركه احلاس من تغري صورة اجلسم احلاس فاحلاس يدرك من اجلسم . وتلونه مع إدراكه إلضاءة اجلسم احلاس بالضوء العرضي املمازج لذلك اللون

يه ضوءاً متلوناً، ويدركه عند حصول صورة الضوء الذايت فيه ضوءاً احلاس عند حصول صورة اللون ف .وهذان املعنيان فقط مها اللذان يدركهما البصر مبجرد اإلحساس. جمرداً

وأيضاً فإننا نقول إن إدراك اللون مبا هو لون يكون قبل إدراك مائية اللون، أعين أن البصر يدرك اللون وذلك انه يف حال حصول الصورة يف . أنه لون قبل أن حيس أي لون هووحيس أنه لون ويعلم الناظر إليه

مث من . البصر قد تلون البصر ، فإذا تلون البصر أحس أنه متلون، وإذا أحس بأنه متلون فقد أحس باللونمتييز اللون وقياسه باأللوان اليت قد عرفها البصر يدرك مائية اللون، فيكون إدراك اللون مبا هو لون قبل

والذي يدل على أن ابصر يدرك اللون مبا هو لون . إدراك مائية اللون، ويكون إدراك مائية اللون باملعرفةقبل أن يدرك أي لون هو، هو املبصرات اليت ألواا قوية كالكحلي واخلمري واملسين وما أشبه ذلك إذ

للون من هذه األلوان يف فإن البصر إذا أدرك ا. كانت يف موضع مغدر ومل يكن املوضع شديد الغدرةفإذا . املوضع املغدر فإمنا يدركه لوناً مظلماً فقط وحيس أنه لون وال يتميز له أي لون هو يف أول إدراكه

وإن قوي . كان املوضع ليس بشديد الغدرة فإن البصر إذا تأمل ذلك اللون فضل تأمل أدرك أي لون هوفيتبني من هذا االعتبار أن البصر يدرك اللون . اللونالضوء يف ذلك املوضع متيز للبصر أي لون هو ذلك

.مبا هو لون قبل أن يدرك أي لون هو

والتلون هو ظلمة ما، أو كالظل إذا . والذي يدركه البصر من اللون يف أول حصوله يف البصر هو التلونه هو ظلمة أجزاؤها فإن كان املبصر ذا ألوان خمتلفة فإن أول ما يدرك البصر من صورت. كان اللون رقيقاً

فأول ما يدركه البصر من . خمتلفة الكيفية يف القوة والضعف، وكاألظالل املختلفة يف القوة والضعفمث مييز احلاس ذلك . صورة اللون هو تغري العضو احلاس وتلونه الذي هو ظلمة أو ما جيري جمرى الظلمة

درك أمثاهلا دائماً فإنه يدرك مائيته يف أقل القليل التلون، فإذا كان املبصر مضيئاً متيز للبصر ذلك اللون وأمن الزمان ويف اآلن الثاين الذي ليس بينه وبني اآلن األول الذي أدرك فيه اللون مبا هو لون زمان

وإن كان من األلوان املشتبهة اليت مل يدرك البصر أمثاهلا من قبل إال يسرياً، أو كان يف موضع . حمسوس

ابن اهليثم-املناظر 125

وإن كان املبصر مظلماً وليس فيه . ليس يدرك البصر مائيته إال يف زمان حمسوسمغدر ضعيف الضوء، فإال ضوء يسري، كالذي يدرك يف الليل ويف الغلس ويف املواضع املغدرة الشديدة الغدرة، فإن احلاس إذا ميز

راك األلوان فيتبني من إد. اللون الذي يدركه يف هذه املواضع مل يتميز له ومل حيصل له منه إال ظلمة فقطيف املواضع املغدرة أن إدراك اللون مبا هو لون قبل إدراك مائيته، وخيفى أن إدراك مائية اللون يكون بعد

.التمييز ومن بعد إدراك األلوان املشرقة املألوفة يف املواضع املضيئة

فأن البصر . ن الغريبةومما يدل أيضاً على أن البصر يدرك اللون مبا هو لون قبل أن يدرك أي لون هو األلواإذا أدرك لوناً غريباً مل ير مثله من قبل، فإنه يدرك انه لون ومع ذلك ال يعلم أي لون هو، وإذا تأمله فضل

.تأمل شبهه بأقرب األلوان اليت يعرفها شبهاً به

هو لون يكون قبل فمن االعتبار بأمثال املبصرات اليت وصفناها يتبني بياناً واضحاً أن إدراك البصر للون مباإدراك مائية اللون، ويتبني أيضاً من هذه االعتبارات أن إدراك مائية اللون إمنا يكون بالتمييز وتشبيه اللون

وإذا كان ذلك كذلك فمائية اللون ليس تدرك إال بالتمييز والقياس . مبا قد عرفه البصر من األلوانرك كيفيته يف القوة والضعف إال بالتمييز والقياس وكذلك الضوء ليس تدرك مائيته وليس تد. واملعرفةفالذي يدركه البصر مبجرد احلس إمنا هو اللون مبا هو لون والضوء مبا هو ضوء فقط، وما سوى . واملعرفة

والضوء . ذلك ليس يدرك مبجرد احلسن وليس يدرك ما سوى هذين املعنيني إال بالتمييز والقياس واملعرفة ما يدركه البصر من الصورة، مث ما سوى ذلك يدرك من بعد إدراك اللون املضيء واللون املضيء هو أول

.أو الضوء ارد

وذلك أن إدراك مائية اللون ليس تكون . وأيضاً فإننا نقول إن إدراك مائية اللون ليست تكون إال يف زمان. ون ليس يكون إال يف زمانإال بالتمييز والتشبيه، والتمييز ليس يكون إال يف زمان، فإدراك مائية الل

والذي يدل دليالً ظاهراً يشهد به احلس على أن إدراك مائية اللون ليس يكون إال يف زمان ما يظهر يف فإن الدوامة إذا كان فيها أصباغ خمتلفة، وكانت تلك األصباغ خطوطاً ممتدة من . الدوامة عند حركتها

طها، مث أديرت الدوامة حبركة شديدة فإا تتحرك على وسط سطحها الظاهر وما يلي عنقها إىل اية حمي .االستدارة حركة يف غاية السرعة

ويف حال حركتها إذا تأملها الناظر فإنه يدرك لوناً واحداً خمالفاً جلميع األلوان اليت فيها كأنه مركب من أا ساكنة إذا مجيع ألوان تلك اخلطوط، وال يدرك ختطيطها وال اختالف ألواا، ويدرك مع ذلك ك

وإذا كانت الدوامة تتحرك حركة سريعة فإن كل نقطة منها ليس تثبت . كانت حركتها شديدة السرعةيف موضع واحد زماناً حمسوساً وهي تقطع يف أقل القليل من الزمان مجيع الدائرة اليت تدور عليها، فتحصل

ابن اهليثم-املناظر 126

فالبصر إمنا يدرك لون تلك . ل من الزمانصورة النقطة يف البصر على حميط دائرة يف البصر يف أقل القليالنقطة يف أقل القليل من الزمان من مجيع حميط الدائرة اليت حتصل يف البصر، فيدرك لون تلك النقطة يف

وكذلك مجيع النقط اليت يف سطح الدوامة يدرك البصر لون كل واحد . أقل القليل من الزمان مستديراًومجيع النقط اليت . تتحرك عليها تلك النقطة يف أقل القليل من الزمانمنها على مجيع حميط الدائرة اليت

فيعرض من ذلك أن . أبعادها من املركز متساوية تتحرك عند استدارة الدوامة على حميط دائرة واحدةيظهر لون كل نقطة من النقط اليت أبعادها من املركز متساوية على حميط دائرة واحدة بعينها يف أقل

ن الزمان الذي هو زمان الدورة وهو زمان واحد بعينه، فتظهر ألوان مجيع تلك النقط يف مجيع القليل محميط تلك الدائرة ممتزجة وال تتميز للبصر، وكذلك يدرك لون سطح الدوامة لوناً واحداً ممتزجاً من مجيع

.األلوان اليت يف سطحها

من اآلنات اليت يف الزمان الذي تتحرك فيه فلو كان البصر يدرك مائية اللون يف آن واحد يف كل آن ألنه إذا كان ال حيتاج يف . الدوامة ألدرك مائيات مجيع األلوان اليت يف الدوامة متميزة يف حال حركتها

إدراك مائيتها إىل زمان فإنه يدرك مائياا وهي متحركة يف جزء من زمان الدورة كما يدرك مائياا وهي . ألوان املبصرات املألوفة يف حال سكوا ويف حال حركتها هي واحدة ال تتغريساكنة، ألن مائيات مجيع

ففي كل آن من اآلنات اليت يتحرك فيها املبصر يكون لونه واحداً ال يتغري، وتكون مائيات ألوان ا كان فإذ. املبصرات يف اآلن الواحد ويف الزمان املمتد واحدة ال تتغري، وإذا مل يكن الزمان متفاوت الطول

البصر ليس يدرك األلوان اليت تكون يف سطح الدوامة إذا كانت الدوامة متحركة حركة سريعة، وهو يدركها إذا كانت الدوامة ساكنة وإذا كانت متحركة حركة بطيئة، فالبصر إذن ليس يدرك مائية اللون

زمان حمسوس مسافةً ال يؤثر غال إذا كان اللون ثابتاً يف موضع واحد زماناً حمسوساً، أو كان متحركاً يف .مقدارها يف وضع ذلك اللون من البصر تأثرياً متفاوتاً

فيتبني من هذه احلال أن إدراك مائية اللون ليس يكون إال يف زمان، ويتبني من هذه احلال أن إدراك ليس يدرك مائيات مجيع املبصرات ليس يكون إال يف زمان، ألنه إذا كان اللون الذي يدرك مبجرد احلس

البصر مائيته إال يف زمان فما سوى ذلك من صور املبصرات ومن املعاين املبصرة اليت تدرك بالتمييز والقياس أشد حاجة إىل الزمان، فإدراك مائيات املبصرات واإلدراك باملعرفة واإلدراك بالتمييز والقياس

يف زمان يسري املقدار ويف زمان ال يظهر ليس يكون إال يف زمان، إال أنه قد يكون ذلك يف أكثر األحوال .للناظر ظهوراً بيناً

ابن اهليثم-املناظر 127

وأيضاً فإنا نقول إن اللون مبا هو لون والضوء مبا هو ضوء ليس يدركه البصر إال يف زمان، اعين أن اآلن الذي عنده يقع إدراك اللون مبا هو لون أو إدراك الضوء مبا هو ضوء هو غري اآلن الذي هو أول آن ماس

وذلك أن اللون مبا هو لون والضوء مبا هو ضوء ليس يدركهما . سطح البصر اهلواء احلامل للصورةفيهاحلاس إال بعد حصول الصورة يف اجلسم احلاس، وليس يدركهما احلاس األخري غال بعد وصول الصورة

من املنافذ ووصول الصورة إىل العصبة املشتركة إمنا هو كوصول الضوء . إىل جتويف العصبة املشتركةوالثقوب اليت يدخل منها الضوء إىل األجسام املقابلة لتلك املنافذ وتلك الثقوب إذا كان الثقب مستتراً مث

ووصل الضوء من الثقب إىل اجلسم املقابل للثقب ليس يكون إال يف زمان وإن كان خفياً عن . رفع الساترإما أن يكون : قب ليس خيلو من أحد أمرينألن وصول الضوء من الثقب إىل اجلسم املقابل للث. احلس

الضوء حيصل يف اجلزء من اهلواء الذي يلي الثقب قبل أن حيصل يف اجلزء الذي يليه مث يف اجلزء الذي يليه مث يف اجلزء الذي يلي ذلك اجلزء من اهلواء إىل أن يصل إىل اجلسم املقابل للثقب وعلى اجلسم نفسه

فإن كان اهلواء . كون مجيع اهلواء يقبل الضوء دفعة ال جزءاً منه بعد جزءاملقابل للثقب دفعة واحدة، وييقبل الضوء جزءاً بعد جزء فالضوء إمنا يصل إىل اجلسم املقابل للثقب حبركة، واحلركة ليس تكون إال يف

وإن كان اهلواء يقبل الضوء دفعة واحدة، فإن حصول الضوء يف اهلواء بعد أن مل يكن فيه ضوء . زمانوذلك الثقب الذي يدخل منه الضوء إذا كان مستتراً، . ليس يكون أيضاً إال يف زمان وإن خفي عن احلس

مث رفع الساتر الذي يف وجهه، فإن اآلن الذي يزول فيه الساتر عن أول جزء من الثقب ويصري فيه اهلواء يف اهلواء املماس لذلك الذي يف الثقب منكشفاً جلزء من الضوء هو غري اآلن الذي حيصل عنده الضوء

ألنه ليس . اجلزء من داخل الثقب ويف اهلواء املتصل بذلك اهلواء من داخل الثقب على تصاريف األحوالحيصل الضوء يف شيء من اهلواء الذي يف داخل الثقب املستتر عن الضوء إال بعد أن ينكشف شيء من

د ، واآلن ليس ينقسم، فليس حيصل الثقب للضوء، وليس ينكشف شيء من الثقب يف اقل من آن واحشيء من الضوء يف ذلك الثقب يف اآلن الذي انكشف فيه ما انكشف من الثقب، ألن الذي ينكشف من

الثقب يف اآلن الواحد ليس ينكشف جزءاً بعد جزء، وليس يكون الذي ينكشف من الثقب يف اآلن ة ال مساحة هلا أو خط ال عرض له، ألن ما الواحد جزءاً له قدر، وإمنا ينكشف منه يف اآلن الواحد نقط

له عرض وطول ليس ينكشف عنه الساتر إال جزءاً بعد جزء وليس يكون انكشاف ما له عرض من الثقب إال باحلركة، واحلركة ليس تكون إال يف زمان، فالذي ينكشف من الثقب يف اآلن الواحد الذي ال

وإذا كان ذلك كذلك فإن . ء جزءاً بعد جزءينقسم هو شيء ال عرض له، فليس ينكشف ذلك الشيواخلط الذي ال عرض له ليس . الذي ينكشف من الثقب يف اآلن الذي ال ينقسم هو نقطة ال مساحة هلا

فالنقطة اليت ال مساحة هلا . هو جزءاً من اهلواء، ألن أصغر الصغري من أجزاء اهلواء ليس يكون إال جسماً

ابن اهليثم-املناظر 128

شيء ينكشف من الثقب الذي ينكشف يف اآلن الذي ال ينقسم إمنا أو اخلط الذي ال عرض له هو أول والنقطة اليت ال مساحة هلا ال تقبل . هو اية جزء من أجزاء اهلواء الذي يف داخل الثقب ال جزء من اهلواء

فإذا كانت النقطة اليت ال . الضوء، وكذلك اخلط الذي ال عرض له، وليس يقبل الضوء إال األجساماخلط الذي ال عرض له ال يقبالن الضوء، فليس حيصل شيء من الضوء يف اهلواء الذي يف مساحة هلا و

فآلن إذن الذي هو أول آن حتصل . داخل الثقب يف اآلن الذي ينكشف فيه أول شيء ينكشف من الثقبعند الصورة يف اهلواء الذي يف داخل الثقب أو يف جزء منه غري اآلن الذي انكشف فيه أول شيء

وكل أنني فبينهما زمان، فليس يصري الضوء من اهلواء الذي يف خارج الثقب إىل . من الثقبانكشفاهلواء الذي يف داخل الثقب إال يف زمان، إال أن هذا الزمان خفي عن احلس جداً لسرعة قبول اهلواء

.لصور األضواء

واء احلامل لصورة املبصر سطح البصر وكذلك إذا قابل البصر املبصر بعد أن مل يكن مقابالً له، وماساً اهلبعد أن مل يكن شيء من ذلك اهلواء مماساً له، فإن الصورة ليس تصري من اهلواء احلامل للصورة إىل داخل جتويف العصبة املشتركة إال يف زمان، إال أن هذا الزمان ليس للحس طريق إىل إدراكه وال اعتباره لصغره

فهذا الزمان بالقياس إىل احلس مبرتلة اآلن . ما هو يف غاية الصغروغلظ احلس وقصور قوته عن إدراك .بالقياس إىل التمييز

وأيضاً فإن العضو احلاس ليس حيس بالصور اليت ترد إليه من املبصرات إال بعد أن ينفعل بالصور، فليس وانفعال . ضوءحيس باللون مبا هو لون وبالضوء مبا هو ضوء إال بعد أن ينفعل بصورة اللون وبصورة ال

العضو احلاس بصورة اللون وبصورة الضوء هو تغري ما، وليس يكون التغري إال يف زمان، فليس يدرك البصر اللون مبا هو لون وال الضوء مبا هو ضوء إال يف زمان ، ويف الزمان الذي متتد فيه الصور من سطح

اك القوة احلساسة اليت يف مجيع اجلسم العضو احلاس إىل جتويف العصبة املشتركة ويف ما يليه يكون إدراحلاس للون مبا هو لون وللضوء مبا هو ضوء، ألن القوة الباصرة إمنا هي يف هذه املسافة وهي يف مجيع هذه

وعند حصول الصورة يف جتويف العصبة املشتركة يكون إدراك احلاس األخري للون مبا هو لون . املسافة األخري للون مبا هو لون وللضوء مبا هو ضوء يكون يف الزمان الذي فإدراك احلاس. وللضوء مبا هو ضوء

.يلي الزمان الذي فيه تصل الصورة من سطح العضو احلاس إىل جتويف العصبة املشتركة

وأيضاً فإن اآلن الذي هو أول آن حتصل عنده الصورة يف سطح البصر هو غري اآلن الذي هو أول آن أول نقطة مياسها من سطح البصر، إذا قابل البصر املبصر بعد أن مل يكن مياس فيه اهلواء احلامل للصورة

ألن البصر إذا قابل . مقابالً له أو بعد فتح البصر أجفانه وهو مقابل للبصر بعد أن كانت أجفانه مطبقة

ابن اهليثم-املناظر 129

ن املبصر بعد أن مل يكن مقابالً له، أو فتح أجفانه بعد أن كانت مطبقة، فإن أول ما مياس سطح البصر ماهلواء احلامل لصورة ذلك املبصر هو نقطة واحدة أو خط ال عرض له، مث جزءاً من بعد جزء إىل أن يصري

ويف حالة مماسة النقطة اليت ال . اهلواء احلامل للصورة مماساً جلزء من سطح البصر الذي حتصل فيه الصورة هلا أو اخلط الذي ال عرض له من قدر هلا أو اخلط الذي ال عرض له من سطح البصر للنقطة اليت ال قدر

ألن أقل القليل . سطح اهلواء احلامل للصورة ليس حيصل شيء من صورة الضوء واللون يف سطح البصرفاآلن الذي مياس فيه نقطة من . من السطح الذي حيصل فيه ضوء أو صورة لون ليس يكون إال سطحاً

. ليس حيصل فيه شيء من الصورة يف سطح البصرسطح البصر أول نقطة مياسها من اهلواء احلامل للصورة

واآلن إذن الذي هو أول آن حتصل عنده الصورة يف سطح البصر هو غري اآلن الذي هو أول آن ماس عنده اهلواء احلامل للصورة سطح البصر إذا قابل البصر املبصر بعد أن مل يكن مقابالً له أو فتح أجفانه بعد

.أن كانت أجفانه مغلقة

ان ذلك كذلك فليس حتصل صورة اللون وال الضوء يف شيء من العضو احلاس وال يف سطح وإذا كالبصر إال يف زمان، وليس يدرك احلاس شيء من اللون وال الضوء ما مل حتصل صورة اللون والضوء يف شيء من العضو احلاس، فليس يدرك احلاس اللون مبا هو لون وال الضوء مبا هو ضوء إال يف زمان، أعين

أن اآلن الذي يقع عنده اإلحساس باللون مبا هو لون وبالضوء مبا هو ضوء هو غري اآلن الذي هو أول آن .ماس عنده اهلواء احلامل لصورة سطح البصر

فقد تبني من مجيع ما ذكرنا كيف يدرك البصر الضوء مبا هو ضوء، وكيف يدرك اللون مبا هو لون، .مائية الضوء، وكيف يدرك كيفية الضوءوكيف يدرك مائية اللون، وكيف يدرك

إدراك البعد

وليس إدراك بعد املبصر . فأما البعد، فهو بعد املبصر عن البصر فإن البصر ليس يدركه مبجرد اإلحساسهو إدراك موضع املبصر، وال إدراك املبصر يف موضعه من إدراك بعده فقط، وال إدراك موضع املبصر من

.هة ومن كمية البعدمن البعد ومن اجل: وذلك أن موضع البصر يتقوم من ثالث معان. إدراك بعده فقط

وكمية البعد غري معىن البعد مبا هو بعد، ألن معىن البعد بني اجلسمني هو عدم التماس، وعدم التماس هو فمعىن . وكمية البعد هو كمية تلك املسافة. حصول مسافة ما بني اجلسمني املتباعد أحدمها عن اآلخر

فإدراك معىن البعد الذي هو عدم التماس هو . البعدالبعد مبا هو بعد هو من قبيل الوضع، فهو غري كميةغري إدراك كمية املسافة اليت هي مقدار البعد، وكيفية إدراك الكل واحدة من هذين املعنيني هو غري كيفية

ابن اهليثم-املناظر 130

.إدراك املعىن اآلخر

من إدراك الوضع وإدراك كمية البعد هو من إدراك العظم، وإدراك بعد املبصر وإدراك جهته مها مجيعاً ألن عدم التماس هو غري . إدراك الوضع، وكيفية إدراك كل واحد منهما هو غري كيفية إدراك اآلخر

.اجلهة، فليس إدراك موضع املبصر هو إدراك بعد املبصر

من إدراك الضوء الذي فيه، وإدراك لونه، وإدراك : وإدراك املبصر يف موضعه يتقوم من إدراك مخسة معانوليس يدرك كل واحد من هذه املعاين منفرداً، وال تدرك هذه . إدراك كمية بعدهبعده، وإدراك جهته، و

فليس . املعاين واحداً بعد واحد، بل يدرك مجيعها معاً، ألا تدرك باملعرفة ال باستئناف التمييز والقياس .ينفرد البعد بإدراك يكون يف حالة اإلحساس

ع أن اإلبصار يكون بشعاع خيرج من البصر وينتهي ومن إدراك املبصر يف موضعه اعتقد أصحاب الشعاإذا : واحتج هؤالء على أصحاب العلم الطبيعي بأن قالوا. إىل املبصر، وأن اإلبصار يكون بأطراف الشعاع

كان اإلبصار بصورة ترد من املبصر إىل البصر، وكانت الصورة حتصل يف داخل البصر، فلم يدرك املبصر بصر وصورته قد حصلت يف داخل البصر؟ وذهب على هؤالء أن اإلبصار يف موضعه الذي هو خارج ال

ليس يتم مبجرد اإلحساس فقط، وأن اإلبصار ليس يتم إال بالتمييز وبتقدم املعرفة، وأنه لوال التمييز وتقدم ألن ما هو املبصر ليس . املعرفة مل يتم للبصر شيء من اإلبصار وال أدركت مائية املبصر يف حال إبصاره

. درك مبجرد احلس، وليس يدرك ما هو املبصر إال باملعرفة أو باستئناف التمييز والقياس يف حال اإلبصاري

فلو كان اإلبصار إمنا هو مبجرد اإلحساس فقط، وكان مجيع ما يدرك من املعاين اليت يف املبصرات ليس إليه شيء يالمسه وحيس يدرك إال مبجرد اإلحساس، ملا كان يدرك املبصر يف موضعه غال بعد أن يصل

فأما إذا كان اإلبصار ليس يتم مبجرد اإلحساس، وليس مجيع املعاين اليت تدرك من املبصرات تدرك . بهمبجرد اإلحساس ، وليس يتم اإلبصار إال بالتمييز والقياس واملعرفة، وكان كثرياً من املعاين املبصرة ليس

.بصر يف موضعه إىل حاس ميتد إليه ويالمسهيدرك إال بالتمييز، فليس حيتاج يف إدراك امل

ومع ذلك فإن . إن بعد املبصر إمنا يدرك منفرداً بالتمييز: فلنرجع اآلن إىل نعت كيفية إدراك البعد، فنقولهذا املعىن من املعاين اليت استقرت يف النفس على مر الزمان من حيث مل حتس باستقراره الستمرار هذا

. فليس حتتاج يف إدراكه إىل استئناف متييز وقياس عند إدراك كل مبصر. ة املميزةاملعىن وتكرره على القو

وال تبحث القوة املميزة أيضاً عند إدراك كل مبصر كيف استقر معىن البعد عندها، ألا ليس متيز كيفية عىن وال تبحث القوة املميزة أيضاً عند إدراك كل مبصر كيف استقر م. اإلدراك عند إدراك كل مبصر

فهي إمنا تدرك البعد مع غريه من املعاين . البعد عندها، ألا ليس متيز كيفية اإلدراك عند إدراك كل مبصر .اليت يف املبصر، وتدرك ذلك يف حال إدراك املبصر بتقدم املعرفة

ابن اهليثم-املناظر 131

بالً له أدرك فأما كيف إدراك القوة املميزة للبعد بالتمييز، فإن البصر إذا قابل املبصر بعد أن مل يكن مقاوكذلك إذا فتح البصر أجفانه . املبصر، وإذا أعرض البصر عن ذلك املبصر والتفت عنه بطل ذلك اإلدراك

بعد أن كانت مطبقة، وكان مقابالً له مبصر من املبصرات، أدرك البصر ذلك املبصر، وإذا أطبق أجفانه ن ما حيدث يف البصر عند وضع من ويف فطرة العقل أ. من بعد إدراك ذلك املبصر بطل ذلك اإلدراك

ويف . األوضاع ويبطل يف حال االلتفات ليس هو شيئاً ثابتاً يف داخل البصر وال حمدثه يف داخل البصرفطرة العقل أيضاً أن ما حيدث عند فتح األجفان ويبطل عند انطباق األجفان ليس هو شيئاً ثابتاً يف داخل

أدركت القوة املميزة أن املعىن الذي حيدث يف البصر الذي منه وإذا . البصر وال حمدثه يف داخل البصريدرك البصر املبصر ليس هو شيئاً ثابتاً يف داخل البصر وال حمدثه يف داخل البصر، فقد أدركت أن ذلك

وإذا كان اإلبصار يبطل عند . الذي حيدث يف البصر هو شيء يرد من خارج وحمدثه خارج عن البصرد اإلعراض وحيدث عند فتح األجفان وعند املقابلة، فالقوة املميزة تدرك أن الذي انطباق األجفان وعن

وإذا أدركت القوة املميزة أن الذي يبصر ليس هو يف داخل البصر وال هو . يبصر ليس هو ملتصقاً بالبصرر للتمييز أن ألن يف فطرة العقل أو يف غاية الظهو. ملتصقاً بالبصر، فقد أدركت أنه بينه وبني البصر بعداً

وهذا هو كيفية إدراك حقيقة بعد املبصر مبا هو . ما ليس هو يف اجلسم وال ملتصقاً به فإن بينه وبينه بعداً .بعد

والقوة املميزة . وليس حتتاج القوة املميزة يف إدراك البعد إىل التفصيل الذي فصلناه، وإن ما فصلناه للتبيني فمن إدراك البصر للمبصر عند . بصار من غري حاجة إىل تفصيلتدرك نتيجة هذا التفصيل ويف حال اإل

مقابلته وبطالن اإلدراك عند اإلعراض عنه أو عند انطباق األجفان قد أدركت القوة املميزة يف احلال أن وعلى هذه الصفة أدركت القوة املميزة أن بني املبصر وبني . املبصر خارج عن البصر وغري ملتصق بالبصر

مث الستمرار هذا املعىن ولتكرره استقر يف النفس من حيث مل حيس باستقراره وال بكيفية . البصر بعداًفبعد املبصر عن . استقراره أن مجيع املبصرات خارجة عن البصر وأن كل مبصر فبينه وبني البصر بعد

الذي حيدث يف البصر إمنا أدرك بالتمييز وباليسري من التمييز، وهو من إدراك القوة املميزة أن اإلبصارمث استقر هذا املعىن يف النفس، فصار كل مبصر يدركه البصر قد فهمت . البصر هو ملعىن خارج عن البصر

.القوة املميزة انه خارج عن البصر وبينه وبني البصر بعد

وعند كالمنا يف . ومع ذلك فليس يدرك البعد منفرداً كما ذكرنا من قبل، وليس يدرك البعد إال مع غريه .يفية إدراك الوضع يتبني كيف يدرك البعد مع الوضع وكيف يدرك املبصر يف موضعهك

فأما كمية البعد فيختلف إدراك البصر هلا، ومنها ما يدرك حباسة البصر هلا، ومنها ما يدرك حباسة البصر

ابن اهليثم-املناظر 132

من كل فبعد املبصر عن البصر يدرك . ويتحقق مقداره، ومنها ما ليس يدرك حباسة البصر حقيقة مقدارهوذلك أن املبصرات . مبصر، ويتحقق من كل مبصر، وكمية البعد ليس يتحققها البصر من كل مبصر

منها ما يكون بينه وبني البصر أجسام مرتبة متصلة، ومنها ما ليس بينه وبني البصر أجسام مرتبة متصلة تلك األجسام، وإذا أدرك فإنه إذا أدرك البصر األجسام املرتبة اليت تسامت أبعادها فهو يدرك مقادير

واملسافة اليت ين طريف اجلسم املرئي . مقادير تلك األجسام فهو يدرك مقادير املسافات اليت بني أطرافهااملسامت للبعد الذي بني البصر واملبصر، اللذين أحدمها يلي املبصر واآلخر يلي اإلنسان الناظر، وهي بعد

فإذا أدرك البصر مقدار هذه املسافة فقد أدرك . ني البصر واملبصراملبصر عن البصر، ألا تسامت املسافة بفالبصر يدرك كمية أبعاد املبصرات اليت أبعادها تسامت أجساماً مرتبة متصلة من . مقدار بعد املبصر

.إدراكه ملقادير األجسام املرتبة املسامتة ألبعادها

فاليت أبعادها معتدلة . دها خارجة عن االعتدالوهذه املبصرات منها ما أبعادها معتدلة ومنها ما أبعاوذلك أن املبصرات اليت أبعادها معتدلة وبينها وبني . فالبصر يدرك مقادير أبعادها إدراكاً صحيحاً متيقناً

وإذا أدرك هذه املبصرات إدراكاً . البصر أجسام مرتبة متصلة فإن البصر يدركها إدراكاً صحيحاً متيقناًفإذا أدرك هذه األجسام إدراكاً متيقناً . األجسام املرتبة املتوسطة بينه وبينها إدراكاً متيقناًمتيقناً فهو يدرك

وإذا كان يدرك املسافات إدراكاً متيقناً فهو يدرك . فهو يدرك املسافات اليت بني أطرافها إدراكاً متيقناًفاملبصرات اليت . افات إدراكاً متيقناًمقادير أبعاد املبصرات املسامتة هلذه املبصرات املسامتة هلذه املس

أبعادها تسامت أجساماً مرتبة متصلة وأبعادها عن البصر أبعاد معتدلة فالبصر يدرك ومقادير أبعادها .وأريد باملتيقن غاية ما يدركه احلس. إدراكاً صحيحاً متيقناً

مرتبة متصلة، والبصر مع ذلك فأما املبصرات اليت أبعادها خارجة عن االعتدال، وأبعادها تسامت أجساماًوذلك أن . يدرك تلك األجسام، فإن إدراك البصر ملقادير أبعادها ليس هو إدراكاً صحيحاً متيقناً

فإذا كان بني البصر وبني . املبصرات اليت أبعادها خارجة عن االعتدال ليس يدركها البصر إدراكاً حمققاًالبصر مجيع هذه األجسام إدراكاً حمققاً، فليس يدرك هذه املبصرات أجسام مرتبة متصلة فليس يدرك

املسافات اليت بني أطرافها إدراكاً حمققاً، فليس يدرك األبعاد اليت بينه وبني املبصرات اليت عند أطراف هذه فاملبصرات اليت أبعادها خارجة عن االعتدال، وبينها وبني البصر أجسام مرتبة . اجلسام إدراكاً حمققاً

.يس يدرك البصر كميات أبعادها إدراكاً حمققاًمتصلة، فل

ولذلك . فأما املبصرات اليت ليس هلا تسامت أبعادها أجساماً مرتبة متصلة فليس يدرك البصر كمية أبعادهاإذا أدرك البصر السحاب يف السهول ويف املواضع اليت ال جبال فيها ظن أنه متفاوت البعد قياساً على

ابن اهليثم-املناظر 133

كان السحاب فيما بني اجلبال وكان متصالً فإنه رمبا استترت رؤوس اجلبال وإذا. األجرام السماويةوإذا كان السحاب منقطعاً رمبا ظهرت رؤوس اجلبال من فوق السحاب، ورمبا أدرك البصر . بالسحاب

فيظهر من هذا . القطع من السحاب ملتصقة ببطن اجلبل، ورمبا كان ذلك يف اجلبال اليت ليست بالشاهقة أن أبعاد السحاب ليست باملتفاوتة وأن كثرياً منها أقرب إىل األرض من رؤوس اجلبال وأن ما االعتبار

ويتبني من ذلك أن البصر ليس يدرك مقدار بعد السحاب إذا . يظن من تفاوت بعدها غلط ال حقيقة لهوس اجلبال أدركه يف السهول وان مقدار بعد السحاب يدركه البصر إذا كان فيما بني اجلبال وظهرت رؤ

.يف أعاله وأدركت املواضع من اجلبال اليت مياسها السحاب

وقد يوجد هذا املعىن يف كثري من املبصرات اليت على وجه األرض أيضاً، اعين أن األبعاد اليت ليس تسامت ام فمما يظهر به ظهوراً بيناً أن ليس يدرك تلك األجس. أجساماً مرتبة متصلة ليس يدرك البصر مقاديرها

ويتحقق مقاديرها، هو أن يعتمد املعترب بيتاً أو موضعاً مل يدخله من قبل وقت االعتبار، ويكون يف بعض حيطان ذلك البيت أو املوضع ثقب ضيق، ويكون من وراء ذلك الثقب فضاء مل يشاهده املعترب قبل ذلك

ىل الثقب من اجلدار الوقت، ويكون يف ذلك الفضاء جداران قائمان، ويكون أحد اجلدارين أقرب إاآلخر، ويكون بني اجلدارين بعد له قدر، ويكون اجلدار األقرب يستر بعض اجلدار األبعد، ويكون

البعض من اجلدار البعد ظاهراً، ويكون الثقب مرتفعاً عن األرض وحبيث إذا نظر الناظر مل ير وجه األرض صل يف هذا املوضع ونظر يف الثقب فإنه يرى اليت من وراء احلائط الذي فيه الثقب، فإن املعترب إذا ح

وإن كان بعد اجلدار األول عن الثقب بعداً كبرياً متفاوتاً فإنه . اجلدارين معاً وال يدرك البعد الذي بينهماوإن كان اجلدار . يدرك اجلدارين كأما متماسان ورمبا ظن اما واحد متصل إذا كان لونامها واحداً

من الثقب وأحس أن اجلدارين اثنان فإنه يظن أما متقاربان أو متماسان وال األول على بعد معتدل ومع ذلك فإنه يدرك اجلدار األول إذا كان بعده معتدالً كأنه قريب من الثقب . يتحقق البعد الذي بينهما

ى وليس يتحقق البعد الذي بني اجلسمني اللذين ذه الصفة حباسة البصر، عل. وال يتحقق بعده أيضاًحتقيقه إذا مل يكن شاهد ذلك املوضع وال شاهد ذينك اجلدارين من قبل ذلك الوقت وال تقدم علمه

ورمبا أدرك البصر اجلسمني اللذين ذه الصفة كأما متماسان وإن كان قد تقدم . بالبعد الذي بينهما .علمه بالبعد الذي بينهما

اللذين ذه الصفة، فليس يدرك كمية بعد اجلسم وإذا كان البصر ليس يدرك البعد الذي بني اجلسمني وإذا كان ليس يدرك كمية بعد هذا اجلسم مع إدراكه هلذا اجلسم إذا .األخري، وهو مع ذلك يدرك صورته

مل يدرك األجسام املسامتة لبعده، فليس يدرك البصر كمية بعد املبصر على التحقيق من إدراكه لصورة

ابن اهليثم-املناظر 134

وليس يستدل حباسة البصر على مقدار من . بعد املبصر إال باالستداللاملبصر، وليس يدرك البصر كميةوليس . املقادير إال بقياس ذلك املقدار إىل مقدار قد أدركه ابصر من قبل أو مقدار يدركه معه يف احلال

شيء يقدر به البصر بعد املبصر ويقيسه به ويدرك مع ذلك مقداره على التحقيق بالقياس إىل ذلك الشيء . فأما إن قدر البعد بغري هذه األجسام فهو حدث ال تقدير حمقق. األجسام املرتبة املسامتة لبعد املبصرإال

فليس تدرك كمية بعد املبصر حباسة ابصر إال إذا كان بعده مسامتاً ألجسام مرتبة متصلة وكان البصر .يدرك تلك األجسام ويدرك مقاديرها

وذلك أن الناظر إذا رأى شخصني قائمني على وجه . من املبصراتولالعتبار الذي ذكرناه نظائر كثرية األرض أو عمودين أو خنلتني، وكان بينهما بعد له قدر، وكان أحدمها يستر بعض اآلخر يف رأي العني، ومل يدرك األرض اليت بينهما يف حال إدراكهما الستتارمها بالشخص األول، ومل يكن البصر رأى ذينيك

خصني قبل ذلك الوقت ، وكان بعد الشخص األخري ليس من العاد املتفاوتة، فإنه إذا العمودين أو الشمث إذا احنرف . نظر إليهما معاً يظن أما متماسان وبينهما بعد يسري وال حيس مبقدار البعد الذي بينهما

شخصني عن موضعه حىت يرى األرض املتصلة ينهما أدرك بعد الشخص األخري وأدرك البعد الذي بني الفلو كان الناظر إىل هذين الشخصني يدرك مقدار بعد كل واحد . وأحس بغلظ البصر يف اإلدراك األول

منهما عن البصر من غري إحساسه باألرض املتصلة بينهما، لقد كان يدرك مقدار بعد أحدمها عن اآلخر .بينهمايف حال إدراكهما معاً وأحدمها يستر اآلخر ومن قبل أن يدرك األرض املتصلة

وكذلك إن كان الناظر ينظر إىل ثقب ، وكان من وراء الثقب فضاء، وكان ذلك الفضاء حبل ممدود معترض أو عود معترض، وكان بني احلبل والعود وبني الثقب بعد مقتدر، وكان الناظر ال يرى األرض

بذلك احلبل املعترض أو العود املتصلة املسامتة للبعد الذي بني احلبل أو العود وبني الثقب، فإن الناظر يظناملعترض أو املعترض أنه مماس للثقب أو قريب جداً منه، وال يدرك كمية البعد الذي بني احلبل املعترض أو

.العود وبني الثقب ما مل يدرك اجلسم املتصل املسامت لبعده ومل يتقدم علمه به

ادير أبعاد املبصرات عنه إال إذا كانت أبعادها فمن االعتبار ذه املعاين يتبني أن البصر ليس يدرك مق .مسامتة ألجسام مرتبة متصلة، وكان البصر يدرك تلك األجسام ويدرك مقاديرها

. فأما أبعاد املبصرات املتفرقة بعضها من بعض فإن البصر يدركها من إدراك التفرق الذي بني املبصرات

صرات بعضها من بعض فإن أحواهلا عند البصر كأحوال فأما كمية أبعاد املب. فأما كمية أبعاد املبصراتوذلك أن املبصرين املتفرقني إن كان بينهما أجسام مرتبة متصلة، وكان البصر . أبعاد املبصرات عن البصر

وإن مل يكن بني . يدرك تلك األجسام ويدرك مقاديرها، فهو يدرك كمية البعد الذي بني ذينك املبصرين

ابن اهليثم-املناظر 135

. متصلة فليس يدرك البصر كمية البعد الذي بني ذينك املبصرين على التحقيقاملبصرين أجسام مرتبة

وكذلك إن كان بني املبصرين أجسام مرتبة متصلة، وكانت على بعد متفاوت، ومل يتحقق البصر مقادير .تلك األجسام، فليس يتحقق مقدار البعد الذي بني ذينك املبصرين

لتمييز من إدراك القوة املميزة ألن اإلبصار الذي حيدث يف البصر فأبعاد املبصرات من البصر إمنا تدرك باإمنا حيدث ملعىن خارج ومن حصول هذا املعىن يف النفس واستقراره على مر الزمان من حيث مل حيس

وكميات أبعاد املبصرات ليس شيء منها يدرك حباسة البصر إدراكاً حمققاً إال أبعاد املبصرات . باستقرارهها مسامتة ألجسام متصلة وأبعادها مع ذلك معتدلة والبصر مع ذلك يدرك األجسام املرتبة اليت أبعاد

وما سوى ذلك من املبصرات فليس يتحقق البصر مقادير . املسامتة ألبعادها ويتحقق مقادير تلك األجسامرتبة متصلة واليت ليس يتحقق البصر مقادير أبعادها منها ما تكون أبعادها مسامتة ألجسام م. أبعادها

ومنها ما أبعادها مسامتة . والبصر مع ذلك يدرك تلك األجسام، وهي اليت تكون أبعاد أطرافها متفاوتةومنها ما . ألجسام مرتبة متصلة والبصر ليس يدرك تلك األجسام كانت أبعادها متفاوتة أو كانت معتدلة

ة عن األرض املتفاوتة البعد واليت ليس ليس يسامت أبعادها أجساماً مرتبة متصلة، وهي املبصرات املرتفع .ومجيع املبصرات تنقسم إىل هذه األقسام. بالقرب منها جبل وال جدار يسامت بعدها

واملبصرات اليت ليس يتحقق البصر مقادير أبعادها إذا أدركها البصر فإن القوة املميزة حتدس يف حال بعاد أمثاهلا من املبصرات اليت أدركها البصر من قبل إدراكها على مقادير أبعادها حدساً، وتقيس أبعادها بأ

وحتقق مقادير أبعادها، وتعتمد يف القياس على صورة املبصر فتقيس صورة املبصر بصور املبصرات الشبيهة به اليت أدركها البصر من قبل وحتققت القوة املميزة مقادير أبعادها، فتقيس بعد املبصر الذي ليس تتحقق

. عاد املبصرات الشبيهة به اليت أدركها البصر من قبل وحتققت القوة املميزة مقادير أبعادهامقدار بعده بأب

وإذا مل تتحقق القوة املميزة ختطيط صورة املبصر قاست مقدار مجلة صورته مبقادير صور املبصرات ليس تتحقق مقدار املساوية لتلك الصور يف املقدار اليت قد حتققت مقادير أبعادها فتشبه بعد املبصر الذي

هذا هو غاية ما تقدر عليه . بعده بأبعاد املبصرات املساوية لذلك املبصر يف املقدار اليت قد حتققت أبعادهافرمبا اتفق هلا ذا القياس أن تصيب يف إدراك . القوة املميزة يف التوصل إىل إدراك مقادير أبعاد املبصرات

والذي تصيب فيه أيضاً ليس تتحقق أا مصيبة . ع عليها الغلطبعد ما هذه صفته من املبصرات، ورمبا وقوهذا احلدس يكون يف غاية السرعة لكثرة اعتياد القوة املميزة إلدراك أبعاد املبصرات باحلدس . فيه

.والتيقن

وقد حتدث القوة املميزة على مقدار بعد املبصر وإن كان بعده مسامتاً ألجسام مرتبة وكان من األبعاد تدلة وكان ميكن للبصر أن يتحقق مقادير تلك األجسام، وذلك العتياد القوة املميزة للحدس على املع

ابن اهليثم-املناظر 136

وإذا كان بعد املبصر من األبعاد املعتدلة فليس يكون احلدس على بعده . أبعاد املبصرات ولسرعة حدسها .وبني حقيقة بعده تفاوت مسرف

حال إدراكه قد أدركت القوة املميزة بعده وأدركت فكل مبصر من املبصرات إذا أدركه البصر فإنه يففما . مقدار ما يف حال إدراكه إما بالتيقن وإما باحلدس، وحيصل لبعده يف احلال مقدار متخيل يف النفس

كان بعده مسامتاً ألجسام مرتبة متصلة وكان بعده مع ذلك معتدالً وكان يدرك تلك األجسام املرتبة ر مع تلك األجسام وكان قد تقدم علم القوة املميزة ا وحتقق مقدارها، فاملقدار املسامتة لبعده وحلظ ابص

.الذي يدرك حباسة البصر لبعد ذلك املبصر وحصلت صورته متخيلة يف النفس هو مقدار حمقق متيقن

وما مل يكن بعده مسامتاً ألجسام مرتبة متصلة وكان يدرك تلك األجسام وكان البعد مع ذلك متفاوتاً مل يتحقق البصر مقادير تلك األجسام، أو كان مسامتاً ألجسام مرتبة متصلة ومل يكن يدرك تلك و

األجسام وال يتحقق مقاديرها، أو كان البصر ميكن أن يدرك تلك األجسام ولكن مل يلحظها يف احلال درك حباسة البصر ومل يعترب مقدارها كانت أبعاد تلك املبصرات متفاوتة أو كانت معتدلة فاملقدار الذي ي

.لبعد املبصر الذي يأخذ هذه الصفات وحيصل متخيالً يف النفس هو مقدار غري حمقق وال متيقن

وإدراك كميات . واألبعاد اليت بني املبصرات املتفرقة إمنا تدرك من إدراك التفرق الذي بني املبصراتمنها ما يدرك إدراكاً : بصرات عن البصراألبعاد اليت بني املبصرات املتفرقة كمثل إدراك كميات أبعاد امل

مبصرين فهو يدرك البعد الذي بينهما ويتخيل مقدار : وإذا أدرك البصر. متيقناً ومنها ما يدرك باحلدسفاملبصران اللذان فيما بينهما أجسام مرتبة . البعد الذي بينهما على مقدار البعد الذي بينهما على مقدار ما

ألجسام ويتحقق مقاديرها، فاملقدار الذي ختيله البصر للبعد الذي بني ذينك متصلة، والبصر يدرك تلك اواملبصرات اللذان ليس ينهما أجسام مرتبة متصلة، أو بينهما أجسام . املبصرين هو مقدار متحقق متيقن

مرتبة متصلة وليس يتحقق البصر مقادير تلك األجسام، أو ليس يدرك البصر تلك األجسام، فاملقدار فعلى هذه الصفات . يتخيله البصر للبعد الذي بني ذينك املبصرين هو مقدار غري حمقق وال متيقنالذي

.يكون إدراك أبعاد املبصرات حباسة البصر

وأيضاً فإن املبصرات املألوفة اليت على األبعاد املألوفة اليت يدركها البصر دائماً وعلى االستمرار ويدرك ملسامتة ألبعادها ويتيقن مقادير أبعادها لكثرة تكررها على البصر، وكثرة أبعادها، فإنه يدرك األجسام ا

وذلك أن البصر إذا أدرك مبصراً . تكرار أبعادها على البصر قد صار البصر يدرك مقادير أبعادها باملعرفةإذا و. من املبصرات املألوفة وكان على بعد من األبعاد املألوفة عرفه وعرف بعده وحدس على كمية بعده

حدس على كمية بعد ما هذه صفته من املبصرات فليس يكون بني حدسه وبني حقيقته كمية ذلك البعد

ابن اهليثم-املناظر 137

فاملبصرات املألوفة اليت على األبعاد املألوفة يدرك البصر كميات أبعادها باملعرفة من . تفاوت مسرفعليها وبني وإذا حدس على كميات أبعادها فليس يكون بني احلدس . حدسه على كميات أبعادها

.واكثر أبعاد املبصرات يدرك على هذه الصفة. حقيقتها تفاوت كثري

إدراك الوضع

أحدها وضع مجلة املبصر عند . فأما الوضع الذي يدركه البصر من املبصرات فهو ينقسم إىل ثلثة أنواعلثاين هو وضع سطح البصر، أو وضع اجلزء من أجزاء املبصر عند البصر، وهذا النوع هو املقابلة، والنوع ا

املبصر املقابل للبصر عند البصر، وأوضاع سطوح املبصر املقابلة للبصر عند البصر إذا كان املبصر كثري السطوح وكان الذي يظهر منه عدة سطوح، وأوضاع ايات سطوح املبصرات عند ابصر، وأوضاع

معاً وتتخيل املسافة اليت بينهما اخلطوط واملسافات اليت بني كل نقطتني أو كل مبصرين يدركهما البصروالنوع الثالث هو أوضاع أجزاء املبصر بعضها عند بعض، وأوضاع أجزاء سطح املبصر . عند البصر

بعضها عند بعض، وأوضاع ايات سطح املبصر بعضها عند بعض، وأوضاع أجزاء ايات سطح املبصر ملبصرات املتفرقة بعضها عند بعض هي من وهذا النوع هو الترتيب، وكذلك أوضاع ا. بعضها عند بعض

.فجميع األوضاع اليت يدركها البصر من املبصرات تنقسم إىل هذه األنواع الثلثة. مجلة هذا النوع

ووضع كل موضوع عند غريه إمنا يتقوم من بعد ذلك املوضوع عن ذلك الغري ومن نصبه ذلك املوضوع لبصر تتقوم من بعد املبصر عن البصر ومن اجلهة اليت فيها املبصر فمقابلة املبصر ل. بالقياس إىل ذلك الغري

فأما جهة املبصر فإن . فأما إدراك بعد املبصر فقد تبني أنه معىن قد استقر يف النفس. باإلضافة إىل البصروذلك أن ابصر إمنا يدرك املبصر يف مقابلته وعند حماذاة . احلاس يدركها من وضع البصر يف حال اإلبصار

واجلهات يدركها احلس ويدركها التمييز، ويفرق احلس والتمييز بني . لبصر للجهة اليت فيها املبصراويفرق التمييز بني اجلهة احملاذية للبصر والقريبة منها، . اجلهات وإن مل يكن فيها شيء من املبصرات

جلهة من اجلهات وأدرك فإذا كان البصر حماذياً. وتدرك القوة املميزة مجيع اجلهات بالتخيل والتمييزوإذا عاد . مبصراً من املبصرات، مث أعرض عن تلك اجلهة وحاذى جهة غريها، بطل إبصار ذلك املبصر

وإذا عاد إىل حماذاة تلك اجلهة عاد . إىل حماذاة تلك اجلهة عاد إبصار جهة غريها، بطل إبصار ذلك املبصر .إبصار ذلك املبصر

د حماذاته للجهة اليت فيها املبصر، وكانت القوة املميزة تدرك اجلهة احملاذية وإذا كان البصر يدرك املبصر عنللبصر يف حال إدراك ذلك املبصر، وكان البصر إذا عدل عن حماذاة تلك اجلهة بطل إبصار ذلك املبصر،

ابن اهليثم-املناظر 138

حماذاة فمن. فالقوة املميزة تدرك أن املبصر إمنا هو يف اجلهة احملاذية للبصر يف حال إبصار ذلك املبصر .البصر للجهة اليت فيها املبصر يف حال اإلبصار قد تعني للحاس وللقوة املميزة اجلهة اليت فيها املبصر

وقد تبني أيضاً أن . وأيضاً فإنه قد تبني أن البصر متخصص بقبول الصور من مسوت هذه اخلطوط فقطة املبصر يف البصر فإن احلاس فإذا حصلت صور. الصور متتد يف جسم البصر على استقامة خطوط الشعاع

حيس بالصورة وحيس باجلزء من املبصر الذي فيه حصلت الصورة، وحيس بالسمت الذي فيه متتد الصورة يف جسم العضو احلاس، ومنه إدراك تلك الصورة، الذي هو مست خطوط الشعاع املمتدة بني البصر وبني

وأدرك السمت الذي فيه امتدت الصورة، وإذا أدرك البصر موضع الصورة من البصر . ذلك املبصرفمن إدراك احلاس للجزء .واجلهة اليت فيها املبصر. أدركت القوة املميزة اجلهة اليت فيها ميتد ذلك السمت

من البصر الذي حتصل فيه صورة املبصر، ومن إدراكه للسمت الذي فيه متتد الصورة ومنه ينفعل ابصر وعلى هذه . لسمت الذي فيه امتدت صورة املبصر على التحريربالصورة، قد أدركت القوة املميزة ا

الصفة تتميز املبصرات جبهاا، ألن املبصرات املتفرقة إمنا تتميز للبصر من متييزه للمواضع املتفرقة من .سطح العضو احلاس الذي حتصل فيه صور املبصرات املتفرقة

فإن احلاس يدرك الصوت حباسة السمع، . وإلدراك جهة املبصر على هذه الصفة نظري يف املسموعاتويدرك اجلهة اليت منها يرد الصوت، ويفرق بني الصوت الذي يرد من ميمنته وبني الصوت الذي يرد من

ويفرق بني جهات . ميسرته، ويفرق بني الصوت الذي يرد من أمامه وبني الصوت الذي يرد من ورائه بني اجلهات املتقاربة اليت ترد منها األصوات، فيفرق بني األصوات تفريقاً ألطف من هذا التفريق، ويفرق

وليس . الصوت الذي يرد من اجلهة املواجهة له وبني الصوت الذي يرد من اجلهة املائلة عن مست املواجهةفحاسة . يتميز للحاس اجلهات اليت منها ترد األصوات بالقياس إىل السمع ليس تتميز إال ذه السموت

ومن إدراك السموت اليت عليها ترد . صوات ويدرك السموت اليت ترد منها األصواتالسمع يدرك األاألصوات إىل السمع وعى استقامتها يقرع الصوت السمع تدرك القوة املميزة اجلهة اليت منها ورد

فكما أن جهات األصوات تدرك حباسة السمع وتدركها القوة املميزة بتوسط السمع، كذلك . الصوت .رات تدركها القوة املميزة حباسة البصرجهات املبص

والذي يظهر به ظهوراً بيناً أن احلاس يدرك السمت الذي عليه ينفعل البصر بصورة املبصر هو ما يدرك . فإن املبصر الذي يدركه البصر باالنعكاس يف املرآة إمنا يدركه البصر يف مقابلته. باالنعكاس يف املرايا

ا صورته تصل إىل البصر على طول اخلطوط املستقيمة اليت هي خطوط الشعاع وليس هو مقابالً له، وإمنفإذا أحس البصر بالصورة من مسوت خطوط الشعاع ظن باملبصر أنه . املمتدة من البصر يف جهة املقابلة

ابن اهليثم-املناظر 139

لنه ليس يدرك شيئاً من املربات املألوفة اليت يدركهما دائماً إال عند أطراف . عند أطراف تلك اخلطوطفمن إدراك البصر للمبصر باالنعكاس يف . خلطوط املتومهة بني البصر واملبصر اليت هي خطوط الشعاعا

مقابلته وعلى استقامة السموت اليت عليها تصل الصور املنعكسة إىل البصر، ويظهر أن احلاس حيس ي منه ينفعل وإذا أحس احلاس بالسمت الذ. بالسمت الذي منه ترد الصورة ومنه ينفعل البصر بالصورة

فجهة املبصر . بالصورة أدركت القوة املميزة اجلهة اليت ميتد فيها ذلك السمت، وأدركت جهة املبصريدركها احلاس إدراكاً جممالً من إدراكه لوضع البصر يف حال اإلبصار، وتدركها القوة املميزة إدراكاً

اً حمققاً على التحرير من إدراكها جممالً من إدراكها لوضع البصر يف حال اإلبصار، وتدركها إدراكففي حال . وبعد املبصر هو معىن قد استقر يف النفس. للسمت الذي منه ينفعل البصر بصورة املبصر

. حصول صورة املبصر يف البصر قد أدركت القوة املميزة جهة املبصر مع استقرار معىن البعد عندها

. لقوة املميزة جهة املبصر وبعده معاً فقد أدركت مقابلتهفإذا أدركت ا. واجتماع البعد واجلهة هو املقابلة

وإدراك اجلهة يكون على الصفة اليت . فإدراك املقابلة يكون من إدراك جهة املبصر وإدراك بعد املبصر معاًفإذا حصلت صورة املبصر يف البصر أحس احلاس باملوضع من العضو احلاس الذي فيه حصلت . ذكرناها

ومعىن البعد مستقر . قوة املميزة جهة املبصر من السمت الذي منه متتد الصورةالصورة، وأدركت الففي حال إدراك احلاس للصورة . فهي تدرك اجلهة وتدرك البعد معاً يف حال إدراك احلاس للصورة. عندها

.فعلى هذه الصفة يكون إدراك املقابلة. قد أدركت القوة املميزة املقابلة

إدراك الضوء واللون

ففي حال حصول صورة املبصر يف البصر قد . د تبني كيف يدرك البصر صورة املبصر مبجرد اإلحساسوقأدرك احلاس لون املبصر وضوءه واملوضع من البصر الذي تلون وأضاء بتلك الصورة، وأدركت القوة

والبعد معاً، فيصري إدراك الضوء واللون واجلهة . املميزة جهته وبعده يف حال إدراك احلاس لضوئه ولونهواجلهة والبعد مها املقابلة، والضوء واللون مها صورة املبصر، وإدراك . اعين يف أقل القليل من الزمان

الصورة مع إدراك املقابلة هو الذي يتقوم منه إدراك املبصر يف مقابلة البصر إمنا هو من أجل أن الضوء . تكرره صارت الصورة أمارة للحاس وللقوة املميزةمث الستمرار هذا املعىن وكثرة. واملقابلة يدركان معاً

ففي حال حصول الصورة يف البصر قد أدركها احلاس وأدركت القوة املميزة املقابلة وتقوم منهما إدراك .فعلى هذه الصفة يكون إدراك املبصر يف موضعه وكذلك كل جزء من أجزاء املبصر. املبصر يف موضعه

د املعتدلة املتيقنة املقدار كان موضع املبصر الذي فيه يدركه البصر هو فإن كان بعد املبصر من البعاوإن مل يكن بعد املبصر من األبعاد املتيقنة املقدار فإدراك املبصر يف مقابلة البصر يكون . موضعه احلقيقي

ابن اهليثم-املناظر 140

الذي يدركه وموضع املبصر. متيقناً على مجيع األحوال، ألن املقابلة تتقوم من اجلهة ومن البعد مبا هو بعد .البصر فيه يكون مظنوناً غري متيقن ألن املوضع املتيقن إمنا يدرك من تيقن مقدار البعد

والسطح املواجه للبصر . مها املواجهة وامليل: فأما أوضاع سطوح املبصرات عند البصر فإا تنقسم قسمنيمنه ويكون السهم مع ذلك هو الذي إذا أدركه البصر يف حال املواجهة كان سهم الشعاع يلقي نقطة

والسطح املائل هو الذي إذا أدركه البصر يف حال ميله ولقي سهم . قائماً على السطح قياماً معتدالً .الشعاع نقطة منه كان مائالً على السطح ال قائماً عليه قياماً معتدالً على اختالف ضروب امليل

فأحدمها اخلطوط واملسافات :ا تنقسم قسمنيفأما ايات سطوح املبصرات وبني أجزاء املبصرات فإواخلطوط . املقاطعة خلطوط الشعاع، واآلخر اخلطوط واملسافات املوازية خلطوط الشعاع املسامتة هلا

واملسافات املقاطعة خلطوط الشعاع تنقسم أوضاعها إىل امليل واملواجهة على مثل ما تنقسم إليه أوضاع . ينتهي سهم الشعاع إىل نقطة منه ويكون قائماً عليه على زوايا قائمةواخلط املواجه هو الذي . السطوح

.واخلط املائل هو الذي إذا انتهى سهم الشعاع إىل نقطة منه كان مائالً عليه ال قائماً

والبصر يدرك ميل السطوح واخلطوط ومواجهتها من إدراكه الختالف أبعاد أطراف السطوح واخلطوط صر سطح املبصر، وأدرك أبعاد أطرافه، وأحس بتساوي أبعاد أطراف السطح عنه، فإذا أدرك الب. وتشاها

أو بتساوي أبعاد موضعني متقابلني متساويي البعد الذي حيدق إليه من السطح، أدرك السطح مواجهاً، وإذا أدرك البصر سطح املبصر ، وأدرك اختالف أبعاد أطرافه، ومل جيد . وحكمت القوة املميزة مبواجهته

السطح موضعني متساويي البعد عن املوضع الذي حيدق إليه من السطح يكون بعدامها عنه متساويني، يف .أدرك السطح مائالً باإلضافة إليه، وحكمت القوة املميزة مبيله

وكذلك أوضاع اخلطوط واملسافات املواجهة واملائلة يدرك البصر مواجهة اخلط واملسافة إذا أحس ببعدي املسافة عنه متساويني أو بعدي نقطتني من اخلط أو املسافة بعدامها عن النقطة اليت حيدق طريف اخلط أو

ويدرك ميل اخلط واملسافة إذا أحس ببعدي طريف اخلط أو املسافة عنه . إليها من اخلط أو املسافة متساوينيوهذا التساوي . خمتلفنيأو بعدي نقطتني متساوييت البعد عن النقطة اليت حيدق إليها من اخلط أو املسافة

فعلى هذه الصفة يكون إدراك البصر . واالختالف يدركه احلاس يف أكثر األحوال باحلدس واألمارات .للميل واملواجهة

وإذا كان السطح أو اخلط مواجهاً للبصر جبملته، فإن كل جزء منه انفراده ليس يكون مواجهاً، وليس فإذا حترك سهم . إال اجلزء الذي عليه السهم يف حال املواجهةيكون جزء منه مواجهاً للبصر على انفراده

الشعاع على السطح املواجه فإن كل جزء مير به السهم يكون مائالً عليه ما خال اجلزء األول الذي فيه

ابن اهليثم-املناظر 141

فيكون كل جزء من أجزاء السطح املواجه واخلط املواجه إذا أخذ . النقطة اليت كان السهم قائماً عليهاوإذا أخذت مجلة السطح ومجلة اخلط كانت . ن مائالً ما خال اجلزء األول الذي قدمنا ذكرهمنفرداً كا

وإذا كانت النقطة اليت عندها يكون السهم قائماً على السطح أو اخلط يف النقطة يف غري . اجلملة مواجهةليت إذا لقيها وكلما كانت النقطة ا. الوسط كان السطح أو اخلط مواجهاً ولكن ليس يف غاية املواجهة

السهم كان قائماً على السطح أو اخلط أقرب إىل وسط السطح أو اخلط كان السطح أو اخلط أشد .مواجهة

فإذا . فأما اخلطوط واملسافات املوازية خلطوط الشعاع فإن البصر يدرك أوضاعها من إدراكه للمقابلةلة له وأطرافها القريبة اليت تلي البصر نفسه أدرك البصر أطراف اخلطوط واملسافات اليت تلي املبصرات املقاب

.أو ما قرب من البصر، فقد أدرك امتدادها يف مست املقابلة

.فعلى هذه الصفات يكون إدراك البصر ألوضاع السطوح واخلطوط واملسافات بالقياس إليه

الشعاع والسطوح واخلطوط واملسافات املقاطعة خلطوط الشعاع منها ما هو مفرط امليل على خطوط اليت خترج إليها، ومنها ما هو مفرط امليل لكن مائل على خطوط الشعاع ميالً يسرياً، ومنها ما هو قائم

.على بعض خطوط الشعاع على زوايا قائمة، وهي السطوح واملسافات املواجهة للبصر

كل واحد والسطوح واخلطوط واملسافات املفرطة امليل على خطوط الشعاع يكون الطرف األبعد منمنها يلي جهة التباعد عن البصر اليت تلي أطراف خطوط الشعاع ويكون الطرف األقرب يلي جهة

والبصر إذا أدرك خطاً من اخلطوط أو مسافة من املسافات فإنه يدرك اجلهتني اللتني . التقارب من البصرسطوح فإنه من إدراكه تليان طريف ذلك اخلط أو تلك املسافة، وكذلك إذا أدرك البصر سطحاً من ال

فإذا أدرك البصر . المتداد ذلك السطح يف الطول والعرض يدرك اجلهات اليت تلي أطراف ذلك السطحالسطح املائل على خطوط الشعاع، وكان ذلك السطح مفرط امليل، فإنه يف حال إدراكه للسطح يدرك

يدرك اجلهة اليت تلي طرفه األدىن، اجلهة اليت تلي طرفه البعد ويدرك أا تلي أطراف خطوط الشعاع، ووإذا أحس البصر . ويدرك أا تلي ما يقرب من البصر، وكذلك إذا أدرك اخلط أو املسافة املفرطيت امليل

بأن أحد طريف السطح أو اخلط أو املسافة تلي جهة التباعد عن البصر، وأن الطرف اآلخر يلي جهة وإذا أحس . لك السطح أو اخلط أو املسافة وقرب اآلخرالتقارب من البصر، فقد أحس بعد أحد طريف ذ

فالسطوح واخلطوط واملسافات املائلة على خطوط الشعاع املفرطة . ببعد طريف السطح أو اخلط أو املسافة .امليل يدرك البصر ميلها من إدراكه جلهة طرفيها

رك البصر ميلها ومواجهتها فأما السطوح واخلطوط واملسافات اليسرية امليل واملواجهة للبصر فليس يد

ابن اهليثم-املناظر 142

إدراكاً حمققاً إال إذا كانت أبعادها معتدلة، وكانت أبعادها مسامتة ألجسام مرتبة، وكان البصر يدرك تلك األجسام ويدرك مقاديرها، ويدرك من مقادير تلك اجلسام مقادير أبعاد أطراف تلك السطوح

ألن السطوح . خلط أو املسافة أو اختالفهاواخلطوط واملسافات، ويدرك تساوي بعدي طريف السطح أو اواخلطوط واملسافات املواجهة واملائلة ميالً يسرياً ليس شيء من اجلهات اليت أطرافها يلي البصر، وإمنا

أطرافها املتقابلة تلي اجلهات املتيامنة واجلهات املتياسرة أو املتعالية أو املتسافلة أو اجلهات اليت فيما بني درك البصر مقادير أبعاد ما هذه حالة من السطوح واخلطوط واملسافات عن البصر فليس فإن مل ي. ذلك

وإذا مل يدرك اختالف أبعاد أطرافها أو تساويها فليس .يدرك اختالف أبعاد أطرافها املتقابلة أو تساويهان ميلها فإذا كانت السطوح واخلطوط واملسافات على أبعاد متفاوتة، وكا. يدرك ميلها وال مواجهتها

ألن السطوح . يسرياً فإن البصر ليس يدرك ميلها وال يفرق بني املائل منها ميالً يسرياً وبني املواجهواخلطوط واملسافات اليت أبعادها متفاوتة ليس يتحقق البصر كميات أبعادها وإمنا حيدس على كميات

رياً كان االختالف الذي بني أبعاد وإذا كانت أبعادها متفاوتة وكانت مع ذلك مائلة يس. أبعادها حدساً وإذ مل يتحقق البصر مقادير أبعاد أطرافها مل . أطرافها املتقابلة ليس له قدر باإلضافة إىل كميات أبعادها

وإذا مل يدرك االختالف الذي بني أبعاد أطراف السطح واخلط . يدرك االختالف الذي بني أبعاد أطرافهاوإذا مل يدرك ميل . متساوية ومل يدرك ميل ذلك السطح أو اخلط أو املسافةواملسافة ظن بتلك األبعاد أا

فالسطح واخلطوط واملسافات اليت أبعادها متفاوتة ليس يدرك . السطح أو اخلط أو املسافة ظنه مواجهاًعد فهو يدرك مجيع السطوح واخلطوط واملسافات املتفاوتة الب. البصر ميل املائل منها إذا كان ميله يسرياً

اليسرية امليل كأا مواجهة له، وال يتحقق وضعها وال يفرق بني املائل منها واملواجه من البعد املتفاوت، بل يدرك املائل واملواجه على صفة واحدة، كان إدراكه للواحد منها منفرداً أو كان إدراكه للمائل

. حيس باختالفهاواملواجه معاً، ألنه يدرك أبعاد أطرافها املتقابلة متساوية إذا مل

وكذلك السطوح واخلطوط واملسافات اليت أبعادها معتدلة إذا مل تسامت أجسامها أجساماً مرتبة، أو مل يدرك البصر األجسام املسامتة ألبعادها ومل يتحقق كميات أبعادها، فليس يتحقق أوضاعها وال يفرق بني

رمبا ظن مبا هذه صفته من السطوح واخلطوط أا املائل منها واملواجه، وإمنا حيدس أوضاعها حدساً، ووإذا كانت السطوح واخلطوط واملسافات على أبعاد معتدلة وكانت أبعادها . مواجهة وإن كانت مائلة

مسامتة ألجسام مرتبة وكان البصر يدرك تلك األجسام ويدرك مقاديرها، فإن البصر يدرك مقادير أبعاد فات، ويدرك تساوي ما يتساوى من أبعاد أطرافها املتقابلة أطراف تلك السطوح واخلطوط واملسا

وإذا أدرك تساوي أبعاد أطراف السطح أو اخلط أو املسافة أو اختالفها أدرك . واختالف ما خيتلف منها

ابن اهليثم-املناظر 143

.مواجهة ذلك السطح أو اخلط أو املسافة أو ميله إدراكاً حمققاً

يدرك البصر ميلها إال إذا كانت على أبعاد معتدلة والسطوح واخلطوط واملسافات املفرطة امليل أيضاً ليسبالقياس إىل أعظامها، ألن البصر ليس يدرك اجلهات اليت تلي أطراف السطح أو اخلط أو املسافة إال إذا

وليس يدرك البصر كيفية امتداد السطح واخلط . أدرك كيفية امتداد ذلك السطح أو اخلط أو املسافةوالسطوح . بعد معتدل بالقياس إىل مقدار ذلك السطح أو اخلط أو املسافةواملسافة إال إذا كان على

واخلطوط واملسافات املقاطعة خلطوط الشعاع ما كان منها مفرط امليل فالبصر يدرك ميله من إدراكه وما كان منها يسري امليل، ومواجهاً للبصر، فإن البصر يدرك ميله ومواجهته من إدراكه . جلهات أطرافه

وليس يتحقق البصر أوضاع السطوح واخلطوط واملسافات املفرطة امليل إال . ير أبعاد أطرافها املتقابلةملقادوليس يتحقق أوضاع السطوح واخلطوط واملسافات اليسرية امليل واملواجهة إال . إذا حتقق كيفية امتدادها

إال أن البصر قل ما حيرر . أو تساويهاإذا حتقق مقادير أبعاد أطرافها وأدرك اختالف أبعاد أطرافها املتقابلة وأكثر ما يدركه البصر من أوضاع املبصرات إمنا يدركه باحلدس من حدسه على . أوضاع املبصرات

فمعول البصر يف إدراك . مقادير أبعاد أطرافها ومن إدراكه لتساوي أبعاد أطرافها واختالفها باحلدس الناظر أن يتحقق وضع سطح من سطوح املبصرات، أو فإذا أراد. أوضاع املبصرات إمنا هو على احلدس

وضع خط من اخلطوط اليت يف املبصرات، أو وضع مسافة من املسافات اليت يف سطوح املبصرات، فإنه فإن كانت صورة ذلك . يتأمل صورة ذلك املبصر ويتأمل كيفية امتداد ذلك السطح أو اخلط أو املسافة

فإن كانت صورة ذلك املبصر الذي فيه ذلك السطح أو . ط أو املسافةاملبصر الذي فيه ذلك السطح أو اخلفإن كانت صورة ذلك املبصر الذي فيه ذلك السطح أو اخلط أو املسافة بينة حمققة، . اخلط أو املسافة

وكان ميل ذلك السطح أو اخلط أو املسافة ميالً مفرطاً، أدرك البصر حقيقة ميله من إدراكه لكيفية وإن كانت صورة ذلك املبصر بينة، ومل يكن مفرط امليل، وكان . اكه جلهيت طرفيه املتقابلنيامتداده وإدر

بعده مسامتاً ألجسام مرتبة، فإنه يالحظ األجسام املسامتة ألبعاد أطرافه ويعترب مقدارها، فيدرك ميل ذلك .ه ملقادير أبعاد أطرافهالسطح أو اخلط أو املسافة ومقدار ميله، أو مواجهته إن كان مواجهاً، من إدراك

وإن كانت صورة املبصر مشتبهة، أو كانت بينة ومل يكن امليل مفرطاً، ومل يكن البعد مسامتاً ألجسام ومع ذلك فإن البصر . مرتبة، فليس يدرك البصر حقيقة وضع السطح أو اخلط أو املسافة اليت ذه الصفة

د أبعادها تسامت أجساماً مرتبة، فإنه حيس يف احلال أن إذا أدرك الصورة مشتبهة، ومل جيدها بينة، ومل جي .وضع ذلك السطح أو اخلط أو املسافة غري متيقن إذا كان يعترب وضع السطح أو اخلط أو املسافة

فعلى هذه الصفات يدرك البصر أوضاع سطوح املبصرات وأوضاع اخلطوط واملسافات اليت يف سطوح . الشعاعاملبصرات اليت مجيعها مقاطعة خلطوط

ابن اهليثم-املناظر 144

فأما املسافات اليت بني املبصرات املتفرقة فأن ما كان منها على أبعاد متفاوتة، أعين إذا كان بعد كل واحد من املبصرين اللذين عند طريف املسافة بعداً متفاوتاً، فإن ابصر يدرك املسافات اليت ذه الصفة كأا

وإن كان أحد املبصرين اللذين . بني أبعاد أطرافهامواجهة وإن كانت مائلة، ألنه يدرك االختالف الذيفإنه يدرك املسافة اليت بينهما . عند طريف املسافة أقرب من اآلخر وكان البصر حيس بقرب القريب منها

وإن كان . مائلة حبسب ما يدركه من قرب القريب من املبصرين اللذين عند طرفيها وبعد البعيد منهمافجميع السطوح . درك البصر قربه، فليس حيس مبيل املسافة اليت بينهماأحد املبصرين أقرب، ومل ي

واخلطوط واملسافات املقاطعة خلطوط الشعاع اليت يتحقق البصر أوضاعها منه هي اليت تكون أبعادها وما مل يتحقق البصر تساوي . معتدلة، ويكون البصر مع ذلك يتحقق تساوي أبعاد أطرافها واختالفها

. واختالفها فليس يتحقق وضعها منهأبعاد أطرافها

فما كان منها على أبعاد معتدلة فليس . وأكثر ما يدركه البصر من أوضاع املبصرات إمنا يدركه باحلدسوما كان منها على . يكون بني وضعه الذي يدركه البصر باحلدس وبني وضعه احلقيقي تفاوت مسرف

ا اختالفاً فإنه يدركها مواجهة له وإن كانت مائلة، وال أبعاد متفاوتة ومل يدرك البصر بني أبعاد أطرافهيفرق بني املائل من املبصرات اليت أبعادها متفاوتة وبني املواجه منها ألن البصر إذا مل يدرك اختالف .بعدي طريف املبصر أدرك بعدي طرفيه متساويني، وإذا أدرك بعدي الطرفني متساويني حكم املواجهة

.ون إدراك أوضاع السطوح واخلطوط واملسافات حباسة البصرفعلى هذه الصفات يك

فأما أوضاع أجزاء املبصر بعضها عند بعض، وأوضاع ايات سطح املبصر أو سطوحه بعضها عند بعض، اليت مجيعها تدخل حتت الترتيب، فإن البصر يدركها من إدراك املواضع من املبصر اليت حتصل فيها صور

وذلك أن صور . ة املميزة لترتيب أجزاء الصورة اليت حتصل يف البصر جلملة املبصراألجزاء ومن إدراك القواملبصرات حتصل يف سطح العضو احلاس، وكل جزء من سطح املبصر حتصل صورته يف جزء من اجلزء من

وإذا كان سطح املبصر خمتلف األلوان، أو كانت بني . سطح العضو احلاس الذي حتصل فيه صورة الكلفصول تتفرق ا األجزاء بعضها من بعض، فإن الصورة اليت حتصل يف البصر تكون خمتلفة األلوان أجزائه

واحلاس حيس بالصورة وحيس بكل جزء من . أو تكون أجزاؤها مفصلة كتفصيل أجزاء سطح املبصرن أجزاء الصورة من إحساسه بألوان تلك األجزاء واألضواء اليت فيها، وحيس مبواضع صور األجزاء م

والقوة املميزة تدرك ترتيب تلك املواضع من مجلة الصورة . البصر من إحساسه بألوان األجزاء وأضوائهاومن إدراكها الختالف ألوان أجزاء الصورة ومن إدراكها لفصول األجزاء، فتدرك املتيامن منها واملتياسر

.واملرتفع واملنخفض من قياس بعضها ببعض، وتدرك املتماس واملتفرق

ابن اهليثم-املناظر 145

ما أوضاع أجزاء املبصر بعضها من بعض يف التقدم والتأخر فإمنا يدركها البصر من إدراك كميات أبعاد فأفما كان من املبصرات على أبعاد . األجزاء عنده، وإدراك اختالف أبعاد األجزاء بالزيادة والنقصان

عاد األجزاء نه وتساويها، معتدلة، وكان البصر يدرك مقادير أبعاد أجزائها، ويدرك االختالف الذي بني أب. فهو يدرك أوضاع أجزاء ذلك املبصر بعضها عند بعض يف التقدم والتأخر، أعين يف الشخوص والغؤور

وما مل يتحقق البصر مقادير أبعادها ومقادير أبعاد أجزائها فليس يدرك البصر ترتيب أجزائها يف التقدم ن املبصرات املألوفة اليت يعرفها البصر ويعرف ترتيب فما كان مما هذه حاله م. والتأخر يف حال إبصارها

صورها، فهو يدرك ترتيب أجزائها يف التقدم والتأخر وهيئة سطوحها باملعرفة ال مبجرد اإلبصار يف احلال وما كان من املبصرات الغريبة اليت ليس يعرفها البصر فهو يدرك . اليت ليس يتحقق منها مقادير أبعادها

وهذا املعىن يظهر إذا نظر البصر إىل . وإن كانت أجزاؤها خمتلفة الترتيب يف التقدم والتأخرأبعاد أجزائها، فإن البصر ال يدرك التحديب والتقعري الذي يكون . جسم فيه حتديب أو تقعري وكان على بعد متفاوت .فيه وإمنا يدركه البصر كأنه مسطح ال اختالف فيه

ند بعض يف اختالف اجلهات ويف التفرق واالتصال إمنا يدركها فأوضاع أجزاء سطح املبصر بعضها عالبصر ويدرك ترتيبها من إدراكه ألجزاء الصورة اليت حتصل يف البصر جلملة املبصر وإدراكه الختالف

وأوضاع أجزاء . األلوان والفصول اليت تتميز ا األجزاء، ومن إدراك القوة املميزة لترتيب أجزاء الصورة بعضها عند بعض يف التقدم والتأخر بالقياس إىل البصر إمنا يدركها البصر من إدراكه سطح املبصر

فما يتحقق البصر مقادير . لكميات أبعاد األجزاء وإدراكه الختالف كميات أبعادها وتساوي أبعادهام أبعاد أجزائه فهو يدرك ترتيب أجزائه فهو يدرك ترتيب أجزائه فهو يدرك ترتيب أجزائه يف التقد

فحاسة البصر . والتأخر، وما ليس يتحقق مقادير أبعاد أجزائه فليس يدرك ترتيب أجزائه يف التقدم والتأخريف احلال اليت ليس فيها مقادير أبعاد أجزاء املبصر، إذا كان من املبصرات املألوفة اليت يعرفها البصر، فهو

فليس يدرك ترتيب أجزائه يف التقدم والتأخر يدرك ترتيب أجزائه باملعرفة، وما كان من املبصرات الغريبةفأما أجزاء املبصر املتميزة اليت بينها تفرق فإن البصر يدرك ترتيبها من . إذا مل يدرك مقادير أبعاد أجزائه

إدراكه املواضع من البصر اليت حتصل فيها صور تلك األجزاء ومن إدراك القوة املميزة للتفرق الذي بني وكذلك املبصرات املختلفة املتفرقة يدرك البصر ترتيبها من إدراكه للتفرق الذي . بصرتلك املواضع من ال

فأما ايات سطح املبصر أو سطوحه فإن . بني املواضع من البصر اليت حتصل فيها صور تلك املبصراتالبصر يدركها ويدرك ترتيبها من إدراكه للجزء من سطحه الذي حيصل فيه لون ذلك السطح وضوؤه

فعلى هذه الصفات . ن إدراك القوة املميزة لنهايات ذلك اجلزء ومن إدراكها لترتيب حميط ذلك اجلزءوم

ابن اهليثم-املناظر 146

يدرك البصر أوضاع أجزاء املبصرات وأوضاع أجزاء سطوح املبصرات بعضها عند بعض، وأوضاع فرقة ايات السطوح وأوضاع األجزاء املتميزة من املبصرات بعضها عند بعض وأوضاع املبصرات املت

.بعضها عند بعض

إدراك التجسم

إال أن اإلنسان . فأما التجسم، وهو امتداد اجلسم يف األبعاد الثلثة، فإن البصر يدركه من بعض األجساماملميز قد تقرر عنده بالعلم واالعتبار ليس يدرك حباسة البصر إال األجسام، فهو إذا رأى املبصر علم أنه

ملبصر جسم وإن مل يدرك امتداده يف البعاد الثلثة فإن البصر يدرك من جسم وحكم ببديهة اإلبصار أن افإذا أدرك سطح . مجيع األجسام امتدادها يف الطول والعرض من إدراكه لسطوح األجسام املقابلة له

وإذا أدرك امتداد السطح . اجلسم فقد أدرك امتداد السطح يف الطول والعرض، اعين طول السطح وعرضهعرض مع استقرار العلم بان املبصر جسم فقد أدرك امتداد ذلك اجلسم يف الطول والعرض، يف الطول وال

واألجسام منها ما حييط به سطوح مسطحة متقاطعة .أعين بعدين من أبعاده، ومل يبق إال البعد الثالثة منعطف بعضها إىل بعض، ومنها ما حييط به سطوح حمدبة أو مقعرة، ومنها ما حييط به سطوح خمتلف

فاجلسم الذي حييط به . اهليئات متقاطعة منعطف بعضها إىل بعض، ومنها ما حييط به سطح واحد مستديرسطوح متقاطعة وأحد سطوحه مسطح، إذا أدركه البصر، وكان سطحه املسطح مقابالً للبصر ومواجهاً

لة عليه إىل جهة له وكانت سطوحه الباقية املقاطعة للسطح املواجه قائمة على السطح املواجه أو مائالتضايق من وراء السطح املواجه ومل يظهر للبصر من هذا اجلسم إال السطح املواجه فقط، فليس حيس البصر من هذا اجلسم وأمثاله إال امتدادها يف الطول والعرض فقط، فليس حيس البصر بتجسم األجسام

البصر، وكان سطحه املقابل للبصر واجلسم الذي حييط به سطوح متقاطعة، إذا أدركه. اليت ذه الصفةمائالً عن مواجهة البصر على أي هيئة كان ذلك السطح، وكان موضع التقاطع من هذا السطح وسطح

آخر من سطوح ذلك اجلسم يلي البصر، وكان البصر يدرك تقاطع السطحني من اجلسم الذي ذه وإذا . طح اجلسم إىل حيث العمقالصفة، ويدرك السطحني معاً، فلتقاطع السطحني يدرك انعطاف سوهو يدرك من السطح املائل امتداد . أدرك انعطاف سطح اجلسم فهو يدرك امتداد اجلسم يف ذلك العمق

. وإذا أدرك امتداد اجلسم يف الطول والعرض والعمق فقد أدرك جتسم اجلسم. اجلسم يف الطول والعرض

.وضع فإن البصر يدرك جتسمهافاألجسام اليت ذه الصفة ووضعها من البصر هذا ال

وكذلك إذا كان أحد سطوح اجلسم مواجهاً للبصر، على أي هيئة كان ذلك السطح، وكانت السطوح

ابن اهليثم-املناظر 147

املقاطعة لذلك السطح أو أحدها مائالً على السطح املواجه إىل جهة االتساع من وراء السطح املواجه، سطح املائل أيضاً أو السطوح املائلة املقاطعة فإن البصر يدرك من هذا اجلسم السطح املوجه ويدرك ال

وإذا أدرك التقاطع، وأدرك السطح املواجه، وأدرك السطح . للسطح املواجه، ويدرك تقاطع تلك السطوحوإذا أدرك انعطاف اجلسم يف . املائل أو السطوح املائلة، فهو يدرك انعطاف سطح اجلسم يف جهة العمق

. جلسم يف الطول والعرض من السطح املواجه فقد أدرك جتسم اجلسمجهة العمق مع إدراكه المتداد ا

وباجلملة فإن كل جسم يدرك البصر من . فاألجسام اليت ذه الصفة أيضاً فإن البصر يدرك جتسمها .سطحني متقاطعني فإنه يدرك جتسمه

سطحاً واحداً فأما اجلسم الذي فيه سطح حمدب إذا كان سطحه احملدب يلي البصر، كان الذي حييط به أو كان الذي حييط به سطوحاً كثرية، خمتلفة كانت سطوحه أو متشاة، فإنه إذا أدركه البصر، وكان سطحه احملدب يلي البصر، وكان البصر يدرك حتديب سطحه، فإنه يدرك جتسمه من إدراكه لتحديب

البصر تكون خمتلفة ويكون وذلك أن السطح احملدب إذا كان مقابالً للبصر فإن أبعاد أجزائه من. سطحهوإذا كان البصر يدرك حتديبه فهو يدرك أن وسطه أقرب إليه من . وسطه أقرب إىل البصر من حواشيه

فإذا أحس بأن وسطه أقرب من أطرافه وأن أطرافه أبعد أحس بأن السطح منعطف يف جهة . أطرافهداد اجلسم يف العمق باإلضافة إىل وإذا أحس بانعطاف السطح يف جهة التباعد فقد أحس بامت. التباعد

وهو يدرك امتداد ذلك اجلسم يف الطول والعرض من إدراكه المتداد السطح احملدب يف . سطحه املواجهوكذلك إذا كان سطح آخر من سطوح اجلسم غري السطح املواجه للبصر حمدباً وأدرك . الطول والعرض

فاألجسام اليت سطوحها حمدبة أو فيها سطح حمدب إذا . ثةالبصر حتديبه، فأنه يدرك امتداده يف األبعاد الثال .أدرك البصر حتديب سطوحها فإنه يدرك جتسيمها

فأما اجلسم الذي فيه سطح مقعر إذا أدركه البصر وأدرك سطحه املقعر، وأحس البصر مع ذلك بسطح وإذا أحس . آخر من سطوحه، وأحس مبقاطعته للسطح املقعر، فهو حيس بانعطاف سطح ذلك اجلسم

فإن كان سطحه املقعر يلي البصر ومل يظهر للبصر شيء من . بانعطاف سطحه فقد أحس بتجسمهسطوحه الباقية، فليس يدرك البصر جتسم ذلك اجلسم، وليس يدرك البصر من اجلسم الذي ذه الصفة

حيس البصر بتجسم فليس . إال امتداده يف بعدين فقط من إدراكه المتداد السطح املقعر يف الطول والعرضوالسطح املقعر . ما هذه صفته من األجسام إال بتقدم العلم فقط، ال من إحساسه بامتداده يف األبعاد الثلثة

إال أنه إذا كان . ميتد يف العمق أيضاً لقرب أطرافه من البصر وبعد وسطه مع امتداده يف الطول والعرضق إمنا يدرك منه امتداد الفضاء الذي هو التقعري يف العمق، التقعري يلي البصر فامتداد السطح املقعر يف العم

.ال امتداد اجلسم املبصر الذي ذلك السطح املقعر سطحه

ابن اهليثم-املناظر 148

وانعطافات سطوح . فإدراك البصر لتجسم األجسام إمنا هو من إدراكه النعطافات سطوح األجسامن األجسام اليت أبعادها معتدلة األجسام اليت ا يستدل البصر على جتسم األجسام إمنا يدركها البصر م

فأما األجسام املتفاوتة األبعاد واألجسام اليت ليس يتحقق البصر مقادير . اليت يتحقق البصر مقادير أبعادهاوإذا مل يدرك انعطاف سطوحها فليس يدرك جتسمها . أبعادها، فليس يدرك البصر انعطاف سطوحها

اد واليت ال يتحقق البصر مقادير ألبعادها، ليس يدرك البصر حباسة البصر، ألن املبصرات املتفاوتة األبعوإذا مل يدرك البصر . أوضاع أجزاء سطوحها بعضها من بعض وليس يدرك سطوحها إال مسطحة

وإذا مل يدرك انعطاف . أوضاع أجزاء سطوحها بعضها عند بعض فليس يدرك انعطاف سطوحهافليس يدرك البصر جتسم األجسام املتفاوتة . مهاسطوحها، ومل يدركها إال مسطحة، فليس يدرك جتس

.األبعاد، وال األجسام اليت ال يتحقق أبعادها وال يدرك انعطافات سطوحها

وانعطافات سطوح األجسام من . فابصر يدرك جتسم األجسام من إدراكه النعطاف سطوح اجلساما البصر من املبصرات املعتدلة وانعطافات سطوح األجسام إمنا يدركه. إدراكه النعطاف سطوح األجسام

وما سوى ذلك من املبصرات فليس يدرك جتسمها . األبعاد اليت يدرك أوضاع سطوحها بعضها عند بعض .حباسة البصر، وإمنا يدرك جتسمها بتقدم العلم فقط

إدراك الشكل

و حميط جزء من أحدمها هو شكل حميط البصر أ: فأما الشكل، وهو شكل املبصر، فإنه ينقسم إىل نوعنيأجزاء سطح املبصر، والنوع الثاين هو شكل جتسم املبصر أو شكل جتسم جزء من أجزاء املبصر، وهذا

. النوع هو هيئة سطح املبصر الذي يدرك البصر جتسمه أو هيئة اجلزء من سطح املبصر الذي يدرك جتسمه

.ومجيع ما يدركه البصر من أشكال املبصرات ينقسم إىل هذين النوعني

فأما شكل حميط املبصر فإن احلاس يدركه من إدراكه حمليط الصورة اليت حتصل يف جتويف العصبة املشتركة ومن إدراكه حمليط اجلزء من سطح العضو احلاس الذي حتصل فيه صورة املبصر، ألن كل واحد من هذين

. شكل حميط البصراملوضعني يتشكل فيه حميط سطح املبصر، فأي املوضعني اعتربه احلاس أدرك منه

وكذلك شكل حميط كل جزء من أجزاء سطح املبصر يدركه احلاس من إحساسه بترتيب أجزاء ايات وإذا أراد احلاس أن يتحقق شكل حميط جزء من أجزاء سطح املبصر فإنه حيرك . اجلزء من أجزاء الصورة

إنه حيرك سهم الشعاع على سهم الشعاع على حميط املبصر أو شكل حميط جزء من أجزاء سطح املبصر فحميط املبصر فتتحرر باحلركة أوضاع أجزاء ايات صورة السطح أو اجلزء من السطح اليت يف سطح

ابن اهليثم-املناظر 149

العضو احلاس واليت يف جتويف العصبة املشتركة، فيدرك من حتقيق أوضاع ايات الصورة شكل حميط حميط كل جزء من أجزاء سطح فعلى هذه الصفة يكون إدراك شكل حميط سطح املبصر وشكل. السطح

.البصر حباسة البصر

فأما هيئة سطح املبصر فإمنا يدركها البصر من إدراكه ألوضاع أجزاء سطح املبصر ومن تشابه أوضاع أجزاء السطح واختالفها، ويتحقق هيئة السطح من إدراكه الختالف أبعاد أجزاء سطح املبصر وتساويها

وذلك أن حتديب السطح إمنا يدركه البصر من إدراكه . تساويهاواختالف ارتفاعات أجزاء سطحه أولقرب األجزاء املتوسطة من السطح وبعد أجزاء حميط السطح أو من اختالف ارتفاعات أجزائه إذا كان

وكذلك حتديب اية السطح ليس يدركه البصر إال من إدراكه لقرب . السطح األعلى من اجلسم حمدباًكان حتديبه يلي البصر، أو من اختالف ارتفاعات أجزائه إذا كان حتديبه إىل العلو وسطه وبعد طرفيه إذا

.أو إىل األسفل، أو من اختالف تيامن أجزائه وتياسرها إذا كان حتديبه متيامناً أو متياسراً

منه فأما تقعري السطح، إذا كان التقعري يلي البصر، فإن البصر يدركه من إدراكه لبعد األجزاء املتوسطة وليس يدرك تقعري السطح إذا . وقرب أجزاء حميطه، وكذلك تقعري اية السطح إذا كان تقعريه يلي البصر

كان التقعري يلي العلو أو السفل أو اجلنبتني إال إذا كان السطح املقعر منقطعاً وظهر تقويس ايته اليت تلي .البصر

ساوي أبعاد أجزائه املتقاربة وتشابه ترتيبها، وكذلك فأما استواء السطح فإمنا يدركه البصر من إدراكه لتفأما استقامة اية السطح وتقويسه واحنناؤه إذا كان . استقامة اية السطح إذا كانت النهاية تلي البصر

.السطح مقابالً للبصر وكانت النهايات حميطة به، فإن البصر يدركه من ترتيب أجزائه بعضها عند بعض

بصر الذي يلي البصر وتقعريه واستواؤه إمنا يدركه البصر من إدراكه الختالف أبعاد فتحديب سطح املأجزاء السطح أو ارتفاعاا أو عروضها وتساويها ومن مقادير تفاضل أبعاد األجزاء أو ارتفاعاا أو

وكذلك كل جزء من أجزاء سطح املبصر إمنا يدرك البصر حتديبه وتقعريه . عروضها بعضها من بعضوهلذه . واستواؤه من إدراكه لتفاضل أبعاد أجزاء ذلك اجلزء أو تفاضل ارتفاعاا أو عروضها وتساويها

العلة ليس يدرك البصر التحديب والتقعري إال من املبصرات اليت أبعادها معتدلة واليت يتحقق مقادير أبعادها البصر يستدل على قرب بعض أجزاء و. ومقادير تفاضل أبعادها أو مقادير تفاضل ارتفاعاا أو عروضها

السطح وبعد بعضها مبا جياور السطح من األجسام وما يسامت أبعاد األجزاء من األجسام وما يقرب وإذا كان بعض أجزاء السطح شاخصة وبعضها غائرة، . منها من األجسام اليت يتحقق البصر قرا وبعدها

ائر منها بانعطافات سطوح األجزاء وتقاطعها فإن البصر يستدل على شخوص الشاخص منها وغؤور الغ

ابن اهليثم-املناظر 150

هذا إذا مل يكن البصر أدرك . واحننائها يف مواضع الغؤور وبأوضاع سطوح األجزاء بعضها عند بعضفأما إذا كان من املبصرات املألوفة فإن البصر يدرك هيئته . ذلك السطح من قبل ومل يدرك شيئاً من جنسه

املبصر الذي حييط به سطوح متقاطعة وخمتلفة الوضع فإن البصر يدرك فأما . وهيئة سطحه بتقدم املعرفة .هيئته من إدراكه لتقاطع سطوحه ومن إدراكه لوضع كل واحد من سطوحه

فهيئات أشكال املبصرات اليت يدرك البصر جتسمها يكون إدراك البصر هلا من إدراكه هليئات سطوحها املبصرات اليت أجزاؤها خمتلفة الوضع يدرك البصر ف. ومن إدراكه ألوضاع سطوحها بعضها عند بعض

هيئة سطوحها من إدراكه لتحديب احملدب من أجزاء سطوحها وتقعري املقعر واستواء املستوي منها فعلى هذه الصفات يكون إدراك . وشخوص ما هو شاخص من أجزاء السطح وغؤور ما هو غائر منها

أراد احلاس أن يتحقق هيئة اجلزء من أجزاء سطح املبصر وإذا. البصر هليئات سطوح املبصرات وأشكاهلافإنه حيرك البصر يف مقابلته ومير سهم الشعاع على مجيع أجزاءه حىت حيس بأبعاد أجزائه ووضع كل

فإذا أدرك احلاس أبعاد أجزاء سطح املبصر، . واحد منها عند البصر وأوضاع األجزاء بعضها عند بعضبصر، وأدرك الشاخص من األجزاء والغائر واملتطامن، فقد أدرك هيئة سطح وأدرك أوضاع أجزاء سطح امل

فإن كان ما أدركه من مقادير أبعاد أجزاء سطح املبصرات إدراكاً حمققاً كان . ذلك املبصر وحتقق شكلهما أدركه من هيئة شكل املبصر إدراكاً حمققاً، وإن كان ما أدركه من مقادير أبعاد أجزاء سطح املبصر

وكثرياً ما يغلط البصر فيما . راكاً غري حمقق كان ما أدركه من هيئة شكل املبصر إدراكاً غري حمققإدوذلك أن التحديب . يدركه من هيئات سطوح املبصرات وهيئات أشكال املبصرات وال حيس بغلطه

اً فرمبا يدرك اليسري والتقعري والغضون واجلحوظ الذي يكون تفاضل أبعاد أجزائه عن البصر تفاضالً يسريالبصر تفاضالً يسرياً فرمبا مل يدرك البصر تفاضلها وإن كانت أبعادها معتدلة إذا مل تكن قريبة جداً من

.البصر

فاملبصرات اليت يدرك البصر هيئتها وهيئات سطوحها هي اليت يدرك البصر مقادير أجزاء سطوحها يت يتحقق هيئاا وهيئات سطوحها هي اليت وال. ويدرك تفاضل أبعاد أجزائها وتساوي أبعاد أجزائها

وكذلك أشكال حميطات . يتحقق مقادير أبعاد أجزاء سطوحها ويتحقق مقادير تفاضل أبعاد أجزائهاسطوح املبصرات، وأشكال حميطات أجزاء سطوح املبصرات إمنا يتحقق البصر أشكاهلا إذا كانت على

وما ليس . اء اياا بعضها عند بعض وحيقق زواياهاأبعاد معتدلة وحيقق ترتيب اياا وأوضاع أجزفجميع أشكال . يتحقق أوضاع اياا ويتحقق زواياها، إن كان فيها زوايا، فليس يتحقق أشكاهلا

.املبصرات يدركها البصر على الصفات اليت بيناها

ابن اهليثم-املناظر 151

إدراك العظم

وقد اختلف أصحاب التعاليم . ملعاين امللتبسةفأما إدراك العظم، وهو مقدار املبصر، فإن كيفية إدراكه من افرأى مجهور أصحاب التعاليم آن مقدار عظم املبصر إمنا يدركه البصر من مقدار : يف كيفية إدراك العظم

الزاوية اليت حتدث عند مركز البصر اليت حييط ا سطح خمروط الشعاع احمليط قاعدته باملبصر، وأن البصر قادير الزوايا اليت حتدثها الشعاعات اليت حتيط باملبصرات عند مركز البصر، وال يقيس مقادير املبصرات مب

وبعضهم يرى أن . يعولون يف إدراك العظم إال على الزوايا فقط وال يعتدون بشيء غريها يف إدراك العظمعد املبصر إدراك العظم ليس يتم من القياس بالزوايا فقط، بل ليس يتم إدراك العظم إال باعتبار البصر لب

.واعتباره لوضعه مع القياس بالزوايا

والصحيح أنه ليس يصح أن يكون إدراك البصر ملقادير املبصرات من القياس بالزوايا اليت توترها املبصرات وذلك أن املبصر الواحد ليس خيتلف مقداره عند البصر إذا اختلفت أبعاده اختالفاً . عند مركز البصر فقط

املبصر إذا كان قريباً من البصر وأدرك البصر مقداره مث تباعد عن البصر مقداراً ليس فإن. ليس باملتفاوتباملتفاوت فليس يصغر مقداره عند البصر وليس يدرك البصر مقداره إال على مثل ما كان يدركه من

مقدار الواحد ومجيع املبصرات املألوفة ليس خيتلف. البعد األول إذا كان البعد الثاين من األبعاد املعتدلة .منها عند البصر إذا اختلفت أبعاده وكانت أبعاده مع اختالفها من األبعاد املعتدلة

وكذلك األشخاص املتساوية املختلفة األبعاد إذا كان بعد أبعادها من األبعاد املعتدلة فليس يدركها البصر . لفة املعتدلة تكون خمتلفة اختالفاً له قدروالزوايا اليت يوترها املبصر الواحد من األبعاد املخت. إال متساوية

فإن املبصر إذا كان بعده من البصر بعد ذراع مث تباعد عن البصر حىت يصري بعده بقدر ذراعني فإن وليس يدرك البصر املبصر . الزاويتني اللتني حتدثان عند البصر من ذلك املبصر يكون بينهما تفاضل له قدر

وكذلك إن تباعد املبصر عن البصر ثلث أذرع وأربع . بعد ذراع واحدمن ذراعني أصغر مما يدركه منوإذا تباعد املبصر عن البصر أضعاف بعده األول . أذرع فليس يرى أصغر مما كان يرى من البعد األولوكذلك املبصرات املتساوية اليت أبعادها على هذه . اختلفت الزوايا اليت حيدثها عند البصر اختالفاً متفاوتاً

لصفة تكون الزوايا اليت توترها عند مركز البصر خمتلفة اختالفاً متفاوتاً، ومع ذلك فليس ترى مقاديرها ا .خمتلفة وال ترى إال متساوية

وأيضاً فإنه إن رسم يف سطح جسم من اجلسام شكل مربع متساوي األضالع قائم الزوايا ورفع ذلك موازاة البصر وحبيث يدرك البصر مع ذلك الشكل اجلسم حىت يصري سطحه الذي فيه املربع قريباً من

ابن اهليثم-املناظر 152

املربع الذي يف سطحه، فإن البصر يدرك الشكل املربع متساوي األضالع، ومع ذلك فإن الزوايا اليت توترها أضالع املربع عند مركز البصر إذا كان مركز البصر قريباً من السطح الذي فيه املربع تكون خمتلفة

.ذه احلال فليس يدرك البصر أضالع املربع خمتلفةاختالفاً متفاوتاً، ومع ه

وكذلك الدائرة إذا أخرج فيها أقطار خمتلفة الوضع، مث رفع السطح الذي فيه الدائرة حىت يصري قريباً من موازاة البصر، فإن الزوايا اليت توترها أقطار الدائرة عند مركز البصر إذا كانت األقطار خمتلفة الوضع

ومع ذلك فليس يدرك البصر أقطار الدائرة وإن . فاً كثرياً حبسب اختالف وضع األقطارتكون خمتلفة اختال .كانت خمتلفة األوضاع إال متساوية إذا كان بعدها من البصر من األبعاد املعتدلة

فلو كان إدراك البصر ملقادير املبصرات إمنا هو من قياسها بالزوايا فقط اليت حتدثها املبصرات عند مركز صر ملا كان يدرك أضالع املربع املتساوي األضالع متساوية، وال أقطار الدائرة متساوية، وملا كان الب

يدرك الدائرة مستديرة، وملا كان يدرك املبصر الواحد من األبعاد املختلفة قط على مقدار واحد إن كانت املختلفة األبعاد اليت أبعادها معتدلة أبعاده املختلفة من األبعاد املعتدلة، وملا كان يدرك املبصرات املتساوية

فمن االعتبار ذه املعاين يتبني بياناً واضحاً أن إدراك مقادير املبصرات ليس هو من القياس . قط متساوية .بالزوايا فقط

إنه قد تبني أن املعول يف إدراك أكثر املعاين : وإذ قد تبني ذلك فإننا حنرر اآلن كيفية إدراك العظم فنقول. احملسوسة إمنا هو على القياس والتمييز، وأنه لوال القياس والتمييز مل يرك أكثر املعاين احملسوسة عند احلس

واألصل الذي تعتمد عليه القوة املميزة يف متييز مقدار . والعظم هو أحد املعاين اليت تدرك بالقياس والتمييزواجلزء الذي حتصل فيه صورة . فيه صورة املبصرعظم املبصر إمنا هو مقادير اجلزء من البصر الذي حتصل

املبصر ينحصر ويتقدر بالزاوية اليت عند مركز البصر اليت حييط ا خمروط الشعاع الذي حييط باملبصر فاجلزء من البصر الذي حتصل فيه صورة املبصر . وحييط باجلزء من املبصر الذي حتصل فيه صورة املبصر

ط الشعاع احمليط بذلك اجلزء مها األصل الذي ال يستغين التمييز واحلس يف والزاوية اليت حييط ا خمرو .إدراك عظم املبصر عن االعتبار ما ومبقدار كل واحد منهما

إال أنه ليس يقتنع التمييز يف إدراك العظم باعتبار الزاوية فقط أو اعتبار اجلزء من البصر الذي يوتر ا أدركه البصر وهو قريب منه فإن احلاس يدرك املوضع من البصر وذلك أن املبصر الواحد إذ. الزاوية

مث إذا تباعد ذلك املبصر يف احلال عن . الذي حصلت فيه صورة ذلك املبصر ويدرك مقدار ذلك املوضعإدراكه ابصر أيضاً وأدرك احلاس املوضع من البصر الذي حتصل فيه صورته يف احلال الثانية وأدرك مقدار

تباعد املبصر عن البصر فإن املوضع الذي حتصل فيه صورته من املبصر يكون أصغر من فإذا . املوضع

ابن اهليثم-املناظر 153

املوضع األول، ألن موضع الصورة من البصر يكون حبسب مقدار الزاوية اليت يوترها ذلك املبصر عند مركز البصر، ألن خمروط الشعاع حييط باجلميع وكلما تباعد املبصر ضاق املخروط احمليط به وضاقت

فإذا كان احلاس يدرك املوضع الذي . اوية املخروط وصغر املوضع من البصر الذي حتصل فيه الصورةز .حتصل فيه صورة املبصر ويدرك مقدار املوضع فهو يدرك تصاغر املوضع عند تباعد املبصر عن البصر

صرات تبعد دائماَ عن فإن املب. وهذا املعىن كثرياً ما يتكرر على البصر دائماً، أعين تباعد املبصر وقربهالبصر ويبعد البصر عنها دائماً وتقرب من البصر ويقرب منها البصر دائماً، والبصر يدركها مع تباعدها

ويدرك تصاغر مواضع صورها عند البصر من تباعدها ويدرك تعاظم مواضع صورها من البصر عند د القوة املميزة أن املبصر كلما تباعد عن فمن تكرر هذا املعىن على البصر قد تقرر يف النفس وعن. تقارا

وإذا تقرر يف . البصر صغر موضع صورته من البصر وصغرت الزاوية اليت يوترها املبصر عند مركز البصرالتمييز أن املبصر كلما تباعد عن البصر صغر موضع صورته من البصر وصغرت الزاوية اليت يوترها املبصر

التمييز أن املوضع الذي حتصل فيه صورة املبصر والزاوية اليت يوترها عند مركز البصر، فقد استقر يف وإذا كان قد استقر يف النفس أن . املبصر عند مركز البصر إمنا يكونان حبسب بعد املبصر عن البصر

الزاوية واملوضع من البصر الذي حتصل فيه صورة املبصر إمنا يكونان حبسب بعد املبصر ، فالقوة املميزة ييزها ملقدار املبصر ليس تعترب بالزاوية فقط وإمنا تعترب بالزاوية والبعد معاً، ألنه قد استقر عندها أن عند مت

والقياس الذي يدرك به . فمقدار املبصرات إمنا يدرك بالتمييز والقياس. الزاوية إمنا تكون حبسب البعدزاوية املخروط ومبقدار طول مقدار املبصر هو قياس قاعدة خمروط الشعاع اليت هي سطح املبصر ب

املخروط الذي هو بعد املبصر عن البصر، واعتبار القوة املميزة إمنا هو باجلزء من سطح العضو احلاس إال أن مقدار اجلزء الذي حتصل . الذي حتصل فيه صورة املبصر مع االعتبار ببعد املبصر عن سطح البصر

يوترها ذلك اجلزء عند مركز البصر، وبعد املبصر عن سطح فيه الصورة إمنا يكون أبداً حبسب الزاوية اليت .البصر ليس بينه وبني بعده عن مركز البصر يف أكثر األحوال تفاوت يؤثر يف البعد

وأيضاً فإنه قد تبني أن احلاس يدرك السموت اليت بني مركز البصر وبني املبصر اليت هي مسوت خطوط وإذا كان احلاس يدرك . املبصرات وترتيب أجزاء املبصرالشعاع ويدرك ترتيب السموت وترتيب

السموت اليت متتد إىل املبصرات فالقوة املميزة تدرك أن هذه السموت كلما تباعدت عن البصر اتسعت وإذا . وهذا املعىن قد تكرر أيضاً على القوة املميزة واستقرت صورته يف النفس. املسافات اليت بني أطرافها

أن خطوط الشعاع كلما امتدت وبعدت عن البصر اتسعت املسافات اليت بني أطرافها استقر يف النفس فقد استقر يف النفس أن خطوط الشعاع كلما بعدت عن البصر كان املبصر الذي عند أطرافها الذي حتيط

ابن اهليثم-املناظر 154

نها فإذا أدرك البصر مبصراً من املبصرات وأدرك اياته فإنه يدرك السموت اليت م. به تلك اخلطوط أعظموالسموت اليت منها يدرك ايات املبصر هي اخلطوط اليت حتيط بالزاوية اليت . يدرك ايات ذلك املبصر

عند مركز البصر اليت يوترها ذلك املبصر، وهي اخلطوط اليت حتيط باملوضع من البصر اليت فيه حتصل هذه اخلطوط من مركز البصر فإذا أدرك البصر هذه السموت ختيلت القوة املميزة امتداد. صورة املبصر

وإذا كانت مع ذلك قد أدركت مقدار بعد املبصر فهي تتخيل مقدار أطوال هذه . إىل ايات املبصرواملسافات اليت بني أطراف هذه اخلطوط . اخلطوط وتتخيل مقدار املسافة اليت بني أطراف هذه اخلطوط

اوية وامتداد خطوط الشعاع اليت حتيط بالزاوية وإذا ختيلت القوة املميزة مقدار الز. هي أقطار املبصرومقادير أطوال هذه اخلطوط، وختيلت مقادير املسافات اليت بني أطراف هذه اخلطوط اليت هي أقطار

.املبصر، فقد أدركت مقدار املبصر على ما هو عليه

متتد بني مركز وكل مبصر يدركه البصر ويدرك ايته فإن احلاس والقوة املميزة يدركان السموت اليتالبصر وبني اياته، ويدركان مقدار اجلزء من البصر الذي حتصل فيه صورة ذلك املبصر الذي حتيط به

وإذا أدركت القوة املميزة مسوت خطوط . تلك السموت ويوتر الزاوية اليت حتيط ا تلك السموتاخلطوط فقد أدركت وضع الشعاع وأدركت مقدار اجلزء من سطح العضو احلاس الذي حتيط به تلك

بعضها من بعض وأدركت تفاوا أو تباعدها وأدركت كيفية امتدادها، ومل يبق شيء يتم به إدراك عظم .املبصر الذي عند أطراف تلك اخلطوط إال مقدار بعد املبصر

. أو مظنوناًوقد تبني يف كيفية إدراك البعد أن كل مبصر يدركه البصر فإنه يدرك بعده مبقدار ما إما متيقناً

فكل مبصر يدركه البصر فإنه يف حال إدراكه له قد ختيلت القوة املميزة مقدار بعده إما بالتيقن وإما وإذا أدركت القوة املميزة أوضاع خطوط الشعاع اليت حتيط بنهايات املبصر ومقدار اجلزء الذي . باحلدس

ع ذلك تتخيل مقدار بعد املبصر، فإا يف بينها من سطح العضو احلاس الذي هو مقدار الزاوية، وكانت محال إدراك البصر للمبصر قد ختيلت مقدار الزاوية ومقدار البعد معاً، فإذا ختيلت مقدار الزاوية ومقدار

البعد معاً فإا تدرك مقدار املبصر حبسب مقدار الزاوية وحبسب مقدار البعد معاً فإا تدرك مقدار املبصر وكل مبصر يدركه البصر فإن القوة املميزة تتخيل مقدار . وحبسب مقدار البعد معاًحبسب مقدار الزاوية

بعده وتتخيل السموت اليت حتيط بنهاياته، فيحصل هلا ذا التخيل هيئة املخروط الذي حييط باملبصر .ومقدار قاعدته اليت هي املبصر، فيحصل هلا من هذا التخيل مقدار املبصر

اهراً على أن إدراك عظم املبصر يكون بقياس العظم إىل بعد املبصر هو أن البصر إذا والذي يدل دليالً ظأدرك مبصرين خمتلفي البعد أحدمها اقرب إىل البصر من اآلخر، وكانا يوتران زاوية واحدة بعينها عند

ابن اهليثم-املناظر 155

وكان األول مركز البصر، أعين أن تكون الشعاعات اليت متر بأطراف األول منها تنتهي إىل أطراف الثاين، ال يستر مجيع الثاين من مجيع جهاته، بل كان بعض الثاين يظهر من وراء األول، وكان البصر يدرك بعد

كل واحد منهما إدراكاً متيقناً، فإن املبصر األبعد يدركه البصر أبداً أعظم من املبصر األقرب، وكلما ومثال ذلك . ، فإنه يدرك مقداره أكثر عظماًكان املبصر األبعد أكثر بعداً وكان البصر يتيقن مقدار بعده

أن اإلنسان إذا نظر إىل جدار فسيح األقطار وكان بعده من البصر بعداً معتدالً وكان البصر يتيقن بعد ذلك اجلدار ويتيقن مقدار عرضه، مث رفع يده وقابل ا أحد بصريه حىت تصري متوسطة بني بصره وبني

نظر يف هذه احلال إىل ذلك اجلدار، فإنه جيد يده قد سترت قطعة ذلك اجلدار وغمض البصر اآلخر وعظيمة القدر من ذلك اجلدار ويدرك مقدار يده يف تلك احلال ويدرك أن املقدار الذي استتر بيده من

وخطوط الشعاع اليت تنتهي إىل حميط يده وإىل حميط املستتر من اجلدار . اجلدار أعظم بكثري من مقدار يدهال هي خطوط واحدة بأعياا، والزاوية اليت حتيط ا تلك اخلطوط هي زاوية واحدة بعينها، يف تلك احل

والعرض الذي بني تلك اخلطوط هو واحد بعينه، والبصر يدرك مسوت خطوط الشعاع ويدرك الزاوية اليت ار املستتر بيده توترها يده واجلدار املستتر بيده هي زاوية واحدة بعينها، وهو يدرك تلك احلال أن اجلد

وإذا كان ذلك كذلك فإن القوة املميزة يف تلك احلال تدرك أن املبصرين املختلفي . أعظم كثرياً من يده .البعد اللذين يوتران زاوية واحدة يكون األبعد منهما أعظم قدراً

بصره بيده مث إذا ميل الناظر بصره يف تلك احلال، ونظر إىل جدار أخر هو أبعد من ذلك اجلدار وقابل وإذا نظر يف تلك . فإنه جيد مقدار املستتر من اجلدار الثاين أعظم من مقدار ما استتر من اجلدار األول

وال يشك .احلال إىل السماء فإنه جيد يده قد سترت نصف ما يظهر من السماء أو قطعة عظيمة منهافيتبني من هذا االعتبار أن البصر . اءالناظر يف أن يده ليس هلا قدر حمسوس بالقياس إىل ما استتر من السم

يدرك مقدار عظم املبصر من قياس عظم املبصر مبقدار بعده مع القياس بالزاوية، ال من القياس بالزاوية ولو كان إدراك مقدار العظم حبسب الزاوية فقط لكان املبصران املختلفا البعد اللذان يوتران زاوية . فقط

وليس يدرك البصر املبصرين اللذين ذه الصفة قط . يريان متساوينيواحدة بعينها عند مركز البصر فمقدار عظم املبصر إمنا يدرك بالتمييز من ختيل . متساويني إذا كان يدرك بعديهما ويتيقن مقداري بعدمها

القوة املميزة للمخروط الذي حييط باملبصر ومن ختيلها ملقدار زاوية املخروط مع ختيلها ملقدار طول .وهذا هو كيفية إدراك العظم. روط ومن قياس قاعدة املخروط مبقدار زاويته ومقدار طوله معاًاملخ

والبصر لكثرة اعتياده لتمييز أبعاد املبصرات فهو يف حال إحساسه بالصورة وببعد املبصر قد ختيل مقدار أبعاد املبصرات هي إال أن مقادير. موضع الصورة ومقدار البعد، وأدرك من جمموع املعنيني عظم البصر

وقد تقدم أن مقادير أبعاد املبصرات منها ما يدرك بالتيقن ومنها ما . من مجلة األعظام اليت يدركها البصر

ابن اهليثم-املناظر 156

واليت تدرك باحلدس إمنا تدرك من تشبيه بعد املبصر بأبعاد أمثاله من املبصرات املتيقنة . يدرك باحلدسومن إدراك البصر لألجسام املرتبة . تسامت أجساماً مرتبة متصلةالبعد، واألبعاد املتيقنة املقادير هي اليت

. املتصلة اليت تسامتها ومن تيقنه ملقادير تلك األجسام يكون تيقن مقادير أبعاد املبصرات اليت عند أطرافها

فقد بقي أن نبني كيف يدرك البصر مقادير أبعاد املبصرات اليت تسامت أجساماً مرتبة متصلة وكيف يتبني .قادير األجسام املرتبة املتصلة اليت تسامت أبعاد املبصراتم

. واألجسام املرتبة املتصلة اليت تسامت أبعاد املبصرات هي يف األكثر أجزاء األرض اليت تلي القدمني

واملبصرات املألوفة اليت يدركها البصر دائماً وعلى االستمرار هي املبصرات اليت على وجه األرض اليت ومقادير األجزاء من األرض املتوسطة بني . رض متوسط بينها وبني جسم اإلنسان الناظر إليهاجسم األ

الناظر وبني املبصرات اليت على وجه األرض اليت تسامت أبعاد هذه املبصرات عن البصر يدركها البصر الناظر وبني وإدراك البصر ملقادير األجزاء من األرض املتوسطة بني. دائماً ويقدرها ويدرك مقاديرها

املبصرات اليت على وجه األرض إمنا هو من تقديره بعضها ببعض ومن تقدير ما بعد عنه من أجزاء األرض مث من استمرار إدراكه ألجزاء األرض واستمرار تقديره هلا وكثرة تكرر . مبا قرب إليه منها وما تيقن منها

يت تلي القدمني باملعرفة وبتشبهها مبا أدركه من هذا املعىن على البصر صار يدرك مقادير أجزاء األرض الفالبصر إذا حلظ اجلزء من األرض املتوسطة بينه وبني مبصر من املبصرات فقد عرف مقداره لكثرة . أمثاهلا

وهذا املعىن هو . تكرر إدراكه ألمثال ذلك اجلزء من األرض وتوسط أمثال ذلك اجلزء بينه وبني املبصراتسبها احلاس منذ أول النشوء ومنذ الطفولية وعلى مر الزمان، فتحصل مقادير أبعاد من املعاين اليت يكت

املألوف من املبصرات متشكلة يف التخيل ومستقرة يف النفس من حيث ال حيس اإلنسان بكيفية .استقرارها

يتحقق فإما كيف ابتداء إدراك احلاس ملقادير أجزاء األرض املتوسطة بينه وبني املبصرات فإن أول ما فإن ما يلي القدمني من األرض يدرك البصر مقداره، وتدرك القوة . مقداره منها هو ما يلي القدمني

فإن ما يلي القدمني من األرض فاإلنسان . املميزة مقداره وتتحقق مقداره وسعته مبساحة جسم اإلنسان لهفكل ما قرب من . د يده إليهيقدره دائماً من غري قصد بقدميه حني خيطو عليه وبذراعه وباعه حني ميوالبصر يدرك هذا التقدير وحيس . اإلنسان من جسم األرض فهو يتقدر دائماً جبسم اإلنسان من غري قصد

به، والقوة املميزة تدرك هذا التقدير وتفهمه وتتيقن منه مقادير أجزاء األرض املتصلة جبسم اإلنسان اإلنسان وما حوله منها فقد حصلت مفهومة عند احلاس فمقادير أجزاء األرض القريبة من. والقريبة منه

والبصر يدرك هذه . وعند القوة املميزة، وقد حصلت صورا متخيلة عند القوة املميزة ومستقرة يف النفس

ابن اهليثم-املناظر 157

اجلزاء من األرض دائماً، واحلاس حيس بالسموت اليت متتد من البصر إىل أطراف هذه األجزاء عند إدراك د البصر جلسم األرض واألبعاد املتوسطة بينه وبني املبصرات من جسم األرض، ويدرك البصر هلا وعند تفق

األجزاء من سطح العضو احلاس اليت حتصل فيها صورة هذه األجزاء من األرض، ويدرك مقادير األجزاء األرض القريبة فالزوايا اليت توترها األجزاء من . من البصر ومقادير الزوايا اليت توترها هذه اجلزاء من البصر

. من اإلنسان قد حصلت مقاديرها مفهومة عند احلاس على مر الزمان وحصلت صورا متخيلة يف النفس

ومقادير أطوال خطوط الشعاع اليت متتد من مركز البصر إىل أطراف األجزاء من األرض القريبة من طوال هذه السموت هي تتقدر أبداً اإلنسان يدركها احلاس وتدركها القوة املميزة وتتيقن مقاديرها، ألن أ

فإن كان اإلنسان قائماً ونظر إىل األرض وإىل ما يلي قدميه من األرض فإن . جبسم اإلنسان بغري قصدأطوال خطوط الشعاع تتقدر بقامته، وتفهم القوة املميزة فهماً يقينياً أن البعد الذي بني البصر وبني اجلزء

.ار قامة اإلنسانمن األرض الذي يلي القدمني هو مقد

وكذلك إن كان جالساً ونظر إىل ما يلي جلسته من األرض ، فإن القوة املميزة تدرك أن بعد اجلزء من فأبعاد املواضع من األرض املتصلة . األرض الذي يلي موضع جلوسه عن البصر هو مقدار ارتفاع جلسته

فإذا حلظ البصر اجلزء من . قرة يف النفسجبسم اإلنسان مفهومة املقادير عند القوة املميزة وصورها مستاألرض الذي يلي القدمني فقد أدرك احلاس السموت اليت تنتهي إىل أطراف ذلك اجلزء وختيلت القوة

وإذا . املميزة مقادير أطوال السموت اليت تنتهي إىل أطرافها ومقادير الزوايا اليت حتيط ا تلك السموتل السموت ومقادير الزوايا اليت حتيط ا السموت أدركت مقدار املسافة ختيلت القوة املميزة مقادير أطوا

فعلى هذه الصفة تتيقن مقادير األجزاء من األرض احمليطة . اليت بني أطراف تلك السموت إدراكاً متيقناً .باإلنسان حباسة البصر

قياس مقادير خطوط الشعاع مث ما يلي هذه األجزاء من األرض يف جهة التباعد يدرك البصر مقاديرها من اليت متتد إىل أطرافها مبقادير خطوط الشعاع اليت متتد إىل اجلزاء األول اليت تلي اإلنسان، فتقيس القوة

املميزة الشعاع الثالث الذي ينتهي إىل الطرف األبعد من اجلزء الثاين بالشعاع الثاين املشترك للجزء األول وإذا أحست بزيادة الشعاع الثالث على . الشعاع الثالث على الثاينوللجزء الثاين، فتحس مبقدار زيادة

وهي تدرك مقدار الشعاع الثاين إدراكاً متيقناً، فيصري الشعاعان . الثاين فقد أحست مبقدار الشعاع الثالثا ووضع أحدمه. احمليطان باجلزء الثاين من األرض، أعين بعدي السمتني، معلومي املقدار عند القوة املميزة

. عند اآلخر الذي منه تتقوم الزاوية معلوم هلا من إدراكها للجزء من البصر الذي حييط به هذان الشعاعان

فعلى هذه . وإذا أدركت طويل الشعاعني ووضعهما فقد أدركت املسافة اليت بني طرفيها إدراكاً متيقناً

ابن اهليثم-املناظر 158

. األجزاء احمليطة بالقدمنيالصفة تدرك القوة املميزة أيضاً مقادير األجزاء من األرض اليت تلي

فإن اإلنسان إذا . وأيضاً فإن األجزاء اليت تلي األجزاء احمليطة بالقدمني هي تتقدر أيضاً جبسم اإلنسانوإذا . مشى على األرض يقدر ما ميشي عليه من األرض بقدميه وخطوه وأدركت القوة املميزة مقداره

الذي كان فيه واألجزاء املتصلة بقدميه من األرض، مشى اإلنسان على األرض فإنه إذا جتاوز املوضعوصار إىل ما يلي تلك األجزاء من سطح األرض، فإن األجزاء اليت تنتهي إليها اليت كانت تالية ملا يلي

فتتحقق مقادير األجزاء التوايل . قدميه تصري هي اليت تلي قدميه وتتقدر كمثل ما تقدرت األجزاء األولفإذا أدرك البصر . لصفة، ويصري البصر يدرك التايل على مثل ما كان يدرك األولمن األرض على هذه ا

اجلزء الثاين يف احلال الثانية وهو يلي القدمني فهو يدرك مقداره إدراكاً متيقناً ال لبس فيه، وقد أدركه يف حتقق بالقياس األول حتقق فإن مل يكن مقداره. احلالة األوىل تالياً، فيتحقق له باإلدراك الثاين اإلدراك األول

بالقياس الثاين، وحترر له القياس األول، فيصري من بعد ذلك إذا أدرك جزءاً تالياً من أجزاء األرض مل يغلط وهذا التقدير وهذا التمييز يدركه احلاس ويقدره دائماً من غري قصد، بل من نظر البصر . يف قياس مقداره

ع اليت خيطو عليها اإلنسان يدرك احلاس والتمييز هذا املعىن بطريق دائماً إىل أجزاء األرض وإىل املواضالعرض من غري قصد، مث من استمرار هذا املعىن وكثرة تكرره وتكرر إدراك البصر ملقادير أجزاء األرض

قد حتررت مقادير األجزاء اليت تلي القدمني من األرض ومقادير ما يليها ويتصل ا من األجزاء من جسم فعلى هذه الصفة يكتسب احلاس والتمييز مقادير أجزاء األرض احمليطة باإلنسان والقريبة منه . األرض

وهذا االكتساب يكون يف أول النشوء، مث تستقر مقادير أبعاد . املتوسطة بني ابصر وبني املبصراتبعاد هذه املبصرات املبصرات املألوفة اليت على وجه األرض عند احلاس وعند القوة املميزة، فيصري إدراك أ

املألوفة اليت على وجه األرض باملعرفة ومن تشبيه أبعاد بعضها بأبعاد بعض ويف حال مالحظة األجسام .املتوسطة بينها وبني البصر ومن غري استئناف متييز وقياس بل باملعرفة والتشبيه فقط

وجه األرض باالكتساب أن يدرك كم ولسنا نعين بإدراك احلاس والتمييز ملقادير أبعاد املبصرات اليت على ذراع هو كل بعد من األبعاد، ولكنه حيصل لكل بعد ولكل جزء من األرض مقدار متخيل حمصور،

. فيقيس مقادير أبعاد املبصرات اليت يدركها من بعد بتلك املقادير احملصورة اليت حصلت عنده ويشبهها به

ادير اليت يقاس ا مقدار حمصور عنده، فمىت أدرك وقد حصل للذراع أيضاً وللشرب ولكل واحد من املقالناظر بعداً ما أو مسافة ما وأحب أن يعلم كم ذراع هي ، قاس الصورة اليت حصلت يف التخيل لذلك

البعد أو تلك املسافة بالصورة اليت حصلت يف التخيل للذراع، فيدرك ذا القياس كمية البعد بالقياس إىل وهلذا يقول اإلنسان كان بيين وبني . اه على غاية ما ميكن من التقريب بالتخيلالذراع أو ما جيري جمر

فالن عشر خطوات أو مخس خطوات أو كذا ذراعاً أو قيد رمح أو شوط فرس أو غلوة سهم، إذا قاس

ابن اهليثم-املناظر 159

البعد الذي بينه وبني ذلك اإلنسان باخلطوة أو بالذراع أو بالباع أو إحدى املقادير اليت هلا صورة يف .سهنف

وأيضاً فإن من عادة اإلنسان إذا أراد أن يتحقق معىن من املعاين فإنه يكرر النظر إليه ويتأمله ومييز معانيه فالناظر إذا أدرك مبصراً من املبصرات . ويعتربها فيدرك بالتأمل والتمييز وتكرير النظر حقيقة ذلك املعىن

مل اجلزء املتصل من األرض بينه وبينه وحيرك البصر اليت على وجه األرض وأراد أن يتحقق بعده فإنه يتأوإذا حترك البصر يف طول اجلزء من األرض الذي بني املبصر وبني الناظر . يف طول اجلزء الذي بينه وبينه

إليه حترك سهم الشعاع على ذلك اجلزء فمسحه مساحة وأدركه جزءاً جزءاً وأحس بأجزائه الصغار إذا وإذا أدرك البصر أجزاء األرض وأدرك أجزائها الصغار أدركت . األبعاد املعتدلةكان بعد آخر املسافة من

وذلك بأن حبركة سهم الشعاع على املسافة يتحرر للقوة املميزة مقدار . القوة املميزة مقدار مجيع املسافةك املسافة اجلزء من البصر الذي حتصل فيه صورة تلك املسافة ومقدار الزاوية املتومهة اليت توترها تل

فإذا . ومقدار طول الشعاع الذي ميتد إىل آخر املسافة بتيقنه امتداده على مسامته جزء جزء من املسافةوكذلك األجسام املرتفعة على . حترر هذان املعنيان للقوة املميزة فقد حترر مقدار اجلزء املبصر من األرض

ل يدرك البصر مقادير أطواهلا املمتدة على وجه األرض املمتدة يف جهة التباعد كاجلدران واألبنية واجلبااألرض على مثال ما يدرك مقادير أجزاء األرض، ويدرك أبعاد املبصرات املسامتة هلا من إدراكه ملقادير

فعلى هذه الصفة يتحقق البصر مقادير أبعاد املبصرات إذا كانت أبعادها من األبعاد املعتدلة . أطواهلا .تبة متصلةوكانت مسامته ألجسام مر

واملبصرات اليت على وجه األرض منها ما أبعادها معتدلة ومقادير األجزاء من األرض املتوسطة بينها وبني البصر مقادير معتدلة، ومنها ما أبعادها متفاوتة وخارجة عن حد االعتدال، ومقادير األرض املتوسطة بينها

.وبني البصر متفاوتة العظم

فما كان منها قريباً ومعتدل املقدار فالبصر . ها البصر على الوجه الذي بيناهومقادير أجزاء األرض يدركيدرك مقاديرها ويتحقق مقاديرها على الوجه الذي بيناه، وما كان منها متفاوتاً يف التباعد فليس يتحقق

.البصر مقداره وال يقدر على حتققه

قاديرها ما دام حيس بزيادة طول الشعاع وما وذلك أن البصر إذا اعترب املسافات وتأملها فإن ما يدرك م .دام حيس بالزوايا اليت توترها األجزاء الصغار من أجزاء املسافة عند حركة السهم على املسافة

وهو يتحقق مقدار املسافة ما دام حيس بالزيادة اليسرية يف طول الشعاع وبالزيادة اليسرية يف الزاوية اليت .توترها املسافة

ابن اهليثم-املناظر 160

البعد مل حيس بالزيادة اليسرية يف طول الشعاع ومل حيس يف حركة الشعاع على اجلزء الصغري وإذا تفاوتمن املسافة الذي بعده متفاوت ومل حيس بالزاوية اليت يوترها اجلزء الصغري من البعد املتفاوت، فال يتحقق

ا تلك املسافة وإذا مل طول الشعاع الذي ينتهي إىل طرف املسافة وال يتحقق مقدار الزاوية اليت توترهيتحقق طول الشعاع الذي ينتهي إىل طرف املسافة ومل يتحقق مقدار الزاوية اليت توترها املسافة مل يتحقق

.مقدار املسافة

وأيضاً فإنه إذا تفوت البعد فإن األجزاء الصغار من املسافة اليت يف آخر املسافة ليس يدركها البصر وال فإذا حترك سهم الشعاع على . الصغري إذا كان على بعد متفاوت خفي عن البصرتتميز للبصر ألن املقدار

املسافة البعيدة املتفاوتة، فهو إذا انتهى إىل البعد املتفاوت فإنه يقطع اجلزء الصغري من املسافة وال حيس ، فيصري احلاس حبركته، ألن اجلزء الصغري ليس يفعل عند مركز البصر من البعد املتفاوت زاوية حمسوسة

سهم الشعاع إذا حترك على املسافة البعيدة وأحس البصر بأنه قد قطع جزءاً من املسافة فإن مقدار ذلك اجلزء الذي قطعه ليس هو املقدار الذي أدركه احلس بل هو أعظم مما أدركه احلس وكلما زاد بعد املسافة

فاألبعاد املتفاوتة اليت على . يها أعظمكانت األجزاء اليت ختفى عند آخر املسافة وختفى حركة الشعاع علوجه األرض ليس يتحقق البصر مقاديرها ألنه ليس يتحقق مقدار طول الشعاع الذي ينتهي إىل آخرها

.ول مقدار الزاوية اليت توترها تلك املسافة

ت ما كان وذلك أن املبصرا. وأيضاً فإن احلاس حيس بتيقن مقدار املسافة والتباس حقيقة مقدار املسافةمنها قريباً من البصر على أبعاد معتدلة فإا تكون أصدق رؤية، أعين أن صورها تكون أبني ويدركها

البصر إدراكاً أبني وتكون ألواا بينة وأضواؤها ظاهرة وأوضاع سطوحها عند البصر وأوضاع أجزائها ط أو غضون أو وشوم أو أجزاء وصورة أجزائها وأجزاء سطوحها تكون بينة للبصر، وإذا كان فيها ختطي

وليس كذلك املبصرات املتفاوتة . صغار متميزة ظهرت للبصر ظهوراً بيناً وأدركها البصر إدراكاً حمققاًاألبعاد، فإن املبصر إذا كان على بعد متفاوت فليس يتحقق البصر صورته على ما هي عليه وال يكون بيناً

سطوحه وال يظهر فيه شيء من املعاين اللطيفة وال من األجزاء للبصر، فلونه يكون متشااً وضوؤه وهيئةفإذا . وهذا املعىن ظاهر للحس، فالبصر يف حال مالحظة املبصر حيس بتحقق صورته واشتباهها. الصغار

أدرك البصر مسافة من املسافات اليت على وجه األرض فإنه يف حال مالحظته آلخرها ومن مالحظته آخرها قد أحس أا من املسافات املعتدلة املقدار أو املسافات املتفاوتة املقدار من لبعض املبصرات اليت يف

فإن . حتققه لصورة آخرها أو لصورة مبصر من املبصرات اليت عند آخرها أو من التباس الصورة واشتباههافة و ميز حتقق صورة آخرها أو صورة املبصر الذي عند آخرها وجد الصورة بينة وتأمل مع ذلك املسا

ابن اهليثم-املناظر 161

وإذا حتقق مقدار املسافة اليت ذه الصفة . مقدارها على الوجه الذي تقدم فهو يتحقق مقدار تلك املسافةفالقوة املميزة تدرك أن مقدار تلك املسافة متيقن من إدراكها لظهور صورة آخرها أو صورة املبصر الذي

صرات اليت عند آخرها فليس يتحقق وإن مل يتحقق صورة آخرها أو صورة مبصر من املب. عند آخرهامقدار تلك املسافة، ومع ذلك فالقوة املميزة عند تأمل تلك املسافة تدرك أن تلك املسافة غري متيقنة

.املقدار من التباس صورة آخرها وصورة املبصر الذي عند آخرها

والناظر إذا . ها عند تأملهافمقادير أبعاد املبصرات تتميز للبصر عند تأملها وتتحقق كيفية إدراكه ملقاديرأراد أن يتحقق مقدار املبصر ويتحقق مقدار بعد املبصر فإنه يتأمل البعد ومييزه وإذا تأمل البعد وميزه متيز

فأبعاد املبصرات ليس منها شي يتيقن مقداره إال . له البعد املتيقن من البعد امللتبس عن الوجه الذي تبنيواليت ذه الصفة من . رتبة متصلة وتكون مع ذلك من األبعاد املعتدلةاألبعاد اليت تسامت أجساماً م

. األبعاد فالبصر يدرك مقاديرها على الوجه الذي بيناه وحددناه ويتيقن مقاديرها وحيس بتبينه ملقاديرها

وما سوى ذلك من أبعاد املبصرات فليس منها شيء يتحقق مقداره حباسة البصر، وإن ما حيدس احلاس . دساً ويشبهه تشبيهاً فيشبه بعد البصر ببعد أمثاله من املبصرات املألوفة اليت قد تيقن مقادير أبعادهاعليه ح

وإذا أحس البصر بالتباس صورة املبصر من أجل بعده كان شاكاً يف مقدار بعده مع حدسه على ره جزءاً له نسبة فالبعد املعتدل الذي يتحقق البصر مقداره هو البعد الذي ليس خيفى عند آخ.مقداره

والبعد املعتدل بالقياس إىل املبصر الذي منه يدرك البصر حقيقة مقدار . حمسوسة بالقياس إىل مجيع البعداملبصر هو البعد املعتدل الذي ليس خيفى عند آخره جزء من املبصر له نسبة حمسوسة بالقياس إىل مقدار

فة يكون كل جزء من آخرها لطوله نسبة حمسوسة إىل فكل مسا. املبصر إذا تفقد البصر ذلك اجلزء منفرداًفكل مسافة يكون كل جزء من آخرها لطوله نسبة حمسوسة إىل مقدار طول املسافة يدركه . اجلزء منفرداً

البصر، وال خيفى عن البصر من أجزاء املسافة اليت عند آخرها إال ما ليس له نسبة حمسوسة إىل طول تلك والبعد اخلارج عن حد االعتدال يف العظم هو الذي خيفى . ة من األبعاد املعتدلةاملسافة، فإن تلك املساف

والبعد اخلارج عن االعتدال . عند آخره مقدار له نسبة حمسوسة إىل مجلة ذلك البعد وال يدركه البصرلك بالقياس إىل املبصر هو البعد الذي قد خيفى منه مقدار من ذلك املبصر له نسبة حمسوسة إىل مجلة ذ

.املبصر، أو معىن من املعاين اليت يف املبصر يؤثر خفاؤه يف مائية ذلك املبصر

وذلك أن املبصرات . وأيضاً فإن احلاس قد يدرك مقدار بعد املبصر من مقدار الزاوية اليت يوترها املبصروإذا عرفها عرف . كهااملألوفة اليت على األبعاد املألوفة إذا أدركها البصر فإن البصر يعرفها يف حال إدرا

مقادير أعظامها قد كان حيققها بتكرر إدراكه لكل واحد من املبصرات املألوفة وحصلت مقادير أعظامها

ابن اهليثم-املناظر 162

والبصر يف حال إدراكه للمبصر املألوف يدرك اجلزء من البصر الذي حتصل فيه صورة . مستقرة يف التخيلذا أدرك احلاس مقدار عظم املبصر باملعرفة وأدرك وإ. ذلك املبصر ويدرك الزاوية اليت يوترها ذلك اجلزء

الزاوية اليت يوترها ذلك املبصر يف تلك احلال فهو يدرك مقدار بعد ذلك املبصر يف تلك احلال ألن الزاوية فكما أن احلاس يستدل على مقدار العظم بالبعد . اليت يوترها ذلك املبصر إمنا تكون حبسب مقدار البعد

لك يستدل على مقدار البعد مبقدار العظم املعروف عنده تلك الزاوية، ألن العظم ليس مع تلك الزاوية كذوإذا كان احلاس قد أدرك . يوتر تلك الزاوية إال من ذلك البعد بعينه أو بعد مساو له ال من مجيع األبعاد

املبصر عند مركز مقدار بعد ذلك املبصر املألوف على االستمرار ومرات كثرية يف األوقات اليت يوتر ذلك البصر مثل تلك الزاوية، وكان قد استدل مرات كثرية على مقدار عظم ذلك املبصر مبقدار بعد ذلك

املبصر مع مقدار الزاوية املساوية لتلك الزاوية ، فقد فهمت القوة املميزة مقدار البعد الذي أدركت منه ة املميزة قد فهمت مقدار بعد ذلك املبصر وإذا كانت القو. عظم ذلك املبصر بالقياس إىل تلك الزاوية

بالقياس إىل تلك الزاوية، وأدركت من هذا البعد عظم ذلك املبصر بالقياس إىل تلك الزاوية بعينها، فإن القوة املميزة إذا عرفت ذلك املبصر وعرفت مقدار عظمه الذي قد أدركته قبل وأدركت يف احلال مقدار

ر يف تلك احلال، عرفت مقدار البعد الذي حيسبه يوتر ذلك العظم تلك الزاوية اليت يوترها ذلك املبصفاحلاس قد يدرك مقادير أبعاد املبصرات املألوفة من قياس الزاوية اليت يوترها املبصر إىل عظم ذلك . الزاويةصر أمارة مث إذا تكرر إدراك احلاس لبعد املبصر املألوف يف حال إدراك البصر له مع معرفة ذلك املب. املبصر

وهذا اإلدراك . وأكثر أبعاد املبصرات املألوفة تدرك على هذا الوجه. تدل على مقدار بعد ذلك املبصرومن هذا اإلدراك . ليس هو إدراكاً يف غاية التحرير، إال أنه ليس بينه وبني البعد احملرر تفاوت مسرف

ك هو يف املبصرات املألوفة فقط أخذ أصحاب التعاليم أن عظم املبصر يدرك بالزاوية، وهذا اإلدرا .وباحلدس ال بالتيقن

وقد يشبه البصر أيضاً أعظام املبصرات الغري مألوفة بأعظام املبصرات املألوفة ويستدل على مقادير أبعادها فاملبصرات املألوفة اليت على األبعاد املألوفة إذا أدركها البصر وعرفها واستدل على . على هذا الوجه

دها ذه الطريقة فهو يصيب يف األكثر يف مقادير أبعادها، أو ال يكون بني ما يدركه من مقادير أبعاواملبصرات الغريبة واليت ليس يكثر إدراك البصر هلا . مقادير أبعادها وبني حقائق أبعادها تفاوت مسرف

ن ما يدركه من مقادير واملبصرات امللتبسة الصور واليت يغلط البصر يف معرفتها واليت ال يتحقق مائياا فإومع ذلك فرمبا اتفقت له اإلصابة فيما يدركه . أبعادها على هذه الصفة يكون يف أكثر األحوال غالطاً فيه

.فعلى هذه الصفات اليت شرحناها تدرك مقادير أبعاد املبصرات حباسة البصر. من مقاديرها ذا الوجه

ابن اهليثم-املناظر 163

صرات ومتيزت أبعاد املبصرات فإننا منيز أعظام املبصرات اليت وإذ قد تبني كيفية إدراك البصر ملقادير املبإن األعظام اليت يدركها البصر يف حال مقابلة البصر : يدركها البصر ومنيز إدراك البصر هلا، فنقول

للمبصرات هي مقادير سطوح املبصرات ومقادير ايات املبصرات ومقادير املسافات اليت بني ايات وهذه هي مجيع أنواع املقادير اليت . رات ومقادير املسافات اليت بني املبصرات املتفرقةأجزاء سطوح املبص

فأما مقدار جسم املبصر فليس يدركه البصر يف حال مقابلته ألن . يدركها البصر يف حال مقابلة البصره، وإن البصر يدرك مجيع سطح اجلسم يف حال مقابلته وإمنا يدرك ما يقابله من سطح اجلسم أو سطوح

فإن . وإن أدرك البصر جتسم اجلسم فليس يدرك مقدار جسمه وإمنا يدرك هيئة جتسمه فقط. صغر اجلسمحترك اجلسم أو حترك البصر حول اجلسم حىت يدرك البصر مجيع سطح اجلسم باحلس أو باالستدالل فإمنا

وكذلك مقدار . ل اإلبصاريدرك التمييز حينئذ مقدار جتسمه بقياس ثان غري القياس الذي يستعمل يف حاكل جزء من أجزاء اجلسم إن أدرك التمييز مقدار جتسمه فإمنا يدركه بقياس ثان غري القياس الذي هو

فالذي يدركه البصر من املقادير يف حال مقابلتها إمنا هو مقادير السطوح واخلطوط اليت . حال اإلبصار .حددناها فقط

قياس قاعدة خمروط الشعاع الذي حييط بالعظم بزاوية املخروط وقد تبني أن إدراك العظم إمنا هو من وقد تبني أن أبعاد املبصرات منها ما . الذي عند مركز البصر وبطول املخروط الذي هو بعد العظم املبصر

فاملبصرات اليت أبعادها متيقنة فالبصر يدرك أعظامها من قياس . هو متيقن ومنها ما هو مظنون غري متيقنفإدراك مقادير أعظام ما . الزوايا اليت توترها تلك األعظام عند مركز البصر وبأبعادها املتيقنةأعظامها ب

واملبصرات اليت أبعادها مظنونة وغري متيقنة يدرك البصر . هذه صفته من املبصرات يكون إدراكاً متيقناًكز البصر وبأبعادها املظنونة مقادير أعظامها من قياس أعظامها بالزوايا اليت توترها تلك األعظام عند مر

فإذا أراد احلاس . فإدراك مقادير أعظام ما هذه صفته من املبصرات يكون إدراكاً غري متيقن. غري املتيقنةأن يتحقق مقدار عظم مبصر من املبصرات فإنه حيرك البصر على أقطاره فيتحرك سهم الشعاع على مجيع

عاد املتفاوتة فإنه يف حال تأمله يظهر للحس التباس صورته فإن كان بعد املبصر من األب. أجزاء املبصروإن كان بعد املبصر من األبعاد املعتدلة فإنه يف حال تأمله يظهر . ويتبني احلاس أن مقداره غري متيقن

فإذا حترك الشعاع على ما هذه صفته من املبصرات فإنه ميسحه مساحة فيدرك . للحس صحة رؤيتهتحقق مقادير أجزائه، فيتحقق باحلركة مقدار اجلزء من سطح العضو احلاس الذي أجزاءه جزءاً جزءاً وي

وإذا أراد أن يتحقق . حتصل فيه صورة ذلك املبصر ومقدار زاوية املخروط احمليط به اليت يوترها ذلك اجلزء بعده حرك البصر على اجلسم املسامت لبعده فيتحقق باحلركة مقدار اجلسم املسامت لبعده الذي هو

وإذا حتقق احلاس مقدار بعد املبصر ومقدار . مساو يف احلس ألطوال خطوط الشعاع اليت هي مقدار بعده

ابن اهليثم-املناظر 164

.الزاوية اليت حييط ا املخروط الذي حييط باملبصر حتقق مقدار ذلك املبصر

وحركة السهم على أجزاء املبصر ليس تكون بأن ينحين السهم عن موضع املركز ويتحرك على انفراده أجزاء املبصر، ألنه قد تبني أن هذا اخلط يكون أبداً ممتداً على استقامة إىل موضع احنناء العصبة اليت على

وإمنا مجلة العني تتحرك يف مقابلة املبصر ويقابل وسط . العني مركبة عليها وال يتغري وضعه من البصرلته يف مقابلة املبصر وقابل وإذا حترك البصر جبم. موضع اإلحساس من البصر كل جزء من أجزاء املبصر

وسط البصر كل جزء من أجزاء املبصر، فإن السهم يف هذه احلال مير بكل أجزاء املبصر ومتتد صورة كل جزء من أجزاء املبصر إىل البصر عند حصول السم عليه على استقامة السهم، ويكون السهم مع ذلك

ن احنناؤه يف هذه احلال عند حركة مجلة البصر لزماً لوضعه وغري متنقل عن موضعه من مجلة العني ويكو .من موضع العصبة اليت عند مقعر العظم فقط

وإذا انعمل البصر لتأمل املبصر وابتدأ بالتأمل من طرف املبصر صار طرف السهم على اجلزء املتطرف من م إىل جهة املبصر فيصري يف هذه احلال مجهور صورة املبصر يف جزء من سطح البصر مائل عن السه

واحدة، ما سوى اجلزء الذي عليه السهم فإن صورته تكون يف وسط البصر ويف موضع السهم من البصر، مث إذا حترك البصر من بعد هذه احلال على قطر من . وتكون بقية الصورة مائلة إىل جهة واحدة عن السهم

وصارت صورة اجلزء األول مائلة إىل أقطار املبصر، انتقل إىل اجلزء الذي يلي ذلك اجلزء من ذلك القطر، مث ال تزال الصورة متيل كلما حترك السهم على ذلك . اجلهة األخرى املقابلة للجهة اليت حترك إليها السهم

القطر إىل أن ينتهي السهم إىل آخر ذلك القطر من املبصر وإىل اجلزء املتطرف من املبصر املقابل للجزء يف هذه احلال مائلة إىل اجلهة املقابلة للجهة اليت كانت مائلة إليها يف األول، فتصري صورة مجلة املبصر

.األول، ما سوى اجلزء األخري املتطرف فإنه يكون على السهم ويف وسط البصر

والسهم يف مجيع هذه احلركة الزم لوضعه من البصر، وهذه احلركة تكون يف غاية السرعة وتكون يف ليس ينطبق السهم يف حركته على ايات الزاوية اليت يوترها املبصر عند األكثر غري حمسوسة لسرعتها، و

مركز البصر وال يقطع عرض الزاوية اليت يوترها قطر من أقطار املبصر، ألن ذلك ليس يكون إال إذا كان السهم على انفراده متحركاً ومجلة العني ساكنة، وليس ذلك ممكناً، بل مجلة العني هي اليت تتحرك عند

لتأمل والسهم يتحرك حبركتها، وإمنا يدرك احلاس مقدار الزاوية اليت يوترها املبصر عند مركز البصر من اإدراكه ملقدار اجلزء من سطح البصر الذي تتشكل فيه صورة املبصر وختيله للزاوية اليت يوترها ذلك اجلزء

.من مركز البصر

اليت تتشكل فيها الصورة ومطبوعة على ختيل وحاسة البصر مطبوعة على إدراك مقادير أجزاء البصر

ابن اهليثم-املناظر 165

وحركة البصر عند تأمل البصر إمنا يتحقق ا احلاس صورة املبصر . الزوايا اليت توترها هذه األجزاءومقدار عظم املبصر، ألنه ذه احلركة يدرك كل جزء من أجزاء املبصر بوسطه ومبوضع السهم من

على سطح البصر فيتغري اجلزء من سطح البصر الذي حتصل فيه البصر، وذه احلركة تتحرك صورة املبصروكلما أدرك احلاس اجلزء . الصورة، وتصري صورة املبصر عند احلركة يف جزء بعد جزء من سطح البصر

من املبصر الذي عند طرف السهم فهو يدرك مع ذلك مجلة املبصر ويدرك مجلة اجلزء من سطح البصر ملبصر، ويدرك مقدار ذلك اجلزء ويدرك مقدار الزاوية اليت يوترها ذلك الذي حتصل فيه صورة مجلة ا

فيتكرر على احلاس حبركة التأمل إدراك مقدار الزاوية اليت يوترها ذلك املبصر . اجلزء عند مركز البصرة فيتحقق ذا التكرر مقدار الزاوية ويتحقق صورة املبصر وصورة بعده، وتفهم القوة املميزة مقدار الزاوي

فعلى هذه الصفة يكون تأمل البصر . ومقدار البعد، فيدرك من جمموعها مقدار عظم املبصر على التحقيق .للمبصرات ويكون حتقق احلاس ملقادير أعظام املبصرات بالتأمل

وأيضاً فإنه إذا أدرك البصر مقادير أطوال خطوط الشعاع اليت بني البصر وبني ايات املبصر أو بني فإن كان سطح املبصر الذي يدركه البصر أو . ء سطح املبصر، فهو حيس بتساويها واختالفهاايات أجزا

وإن كان . املسافة اليت يدركها البصر مائلة أحس مبيلها من إحساسه باختالف مقادير أبعاد أطرافهااملسافة وإذا أحس مبسل . السطح أو املسافة مواجهة أحس مبواجهتها من إحساسه بتساوي أبعاد أطرافها

أو مواجهتها فليس يلتبس على القوة املميزة مقدار عظمها، ألن التمييز يدرك من اختالف بعدي طريف املسافة املائلة ميل املخروط احمليط ا، وإذا أحس التمييز مبيل املخروط أحس بفضل عظم قاعدته من أجل

فأما إذا كان القياس . اس بالزاوية فقطوإمنا يلتبس مقدار عظم املائل بعظم املواجه إذا كان القي. ميله .بالزاوية وبأطوال خطوط الشعاع اليت بني البصر وبني أطراف املبصر فليس يلتبس مقدار العظم

فمقادير أعظام اخلطوط والسطوح واملسافات املائلة يدركها البصر من إدراكه ملقادير أبعاد أطرافها املعتدلة بالقياس إىل املبصر إذا كان املبصر مائالً أصغر من أبعد إال أن أبعد األبعاد. وإدراكه الختالفها

ألن البعد املعتدل بالقياس إىل املبصر هو . األبعاد املعتدلة بالقياس إىل ذلك املبصر بعينه إذا كان مواجهاًن الزاوية وإذا كان املبصر مائالً فإ. الذي ليس خيفى منه جزء من املبصر له نسبة حمسوسة إىل مجلة املبصر

اليت حييط ا الشعاعان اخلارجان من البصر إىل جزء من أجزاء املبصر املائل قد تكون أصغر من الزاوية اليت حييط ا الشعاعان اخلارجان من البصر إىل ذلك اجلزء بعينه وإىل ذلك البعد بعينه وإىل ذلك البعد

بة حمسوسة إىل مجلة املبصر إذا كان املبصر مائالً فاجلزء الذي له نس. بعينه إذا كان املبصر مواجهاً للبصروإذا كان ذلك كذلك فالبعد املعتدل الذي . قد خيفى منه ذلك اجلزء بعينه إذا كان ذلك املبصر مواجهاً

ابن اهليثم-املناظر 166

ليس خيفى منه جزء له نسبة حمسوسة إىل مجلة املبصر، إذا كان ذلك املبصر مواجهاً، قد خيفى منه جزء له فأبعد األبعاد املعتدلة بالقياس إىل املبصر املائل . لة املبصر إذا كان ذلك املبصر مائالًنسبة حمسوسة إىل مج

واملبصر املائل . أصغر من أبعد األبعاد املعتدلة بالقياس إىل ذلك املبصر بعينه إذا كان ذلك املبصر مواجهاً، ويتصاغر مقداره من بعد جبملته خيفى من بعد أصغر من البعد الذي خيفى منه ذلك املبصر كان مواجهاً

.أصغر من البعد الذي يتصاغر منه مقداره إذا كان مواجهاً

فأعظام املبصرات اليت يتحقق البصر مقاديرها هي اليت أبعادها معتدلة وأبعادها تسامت أجساماً مرتبة ع اليت هي متصلة، والبصر يدركها من قياسها بزوايا خمروطات الشعاع احمليطة ا وبأطوال خطوط الشعا

واألبعاد املعتدلة بالقياس إىل مبصر من املبصرات تكون حبسب وضع ذلك املبصر يف امليل . أبعاد أطرافهاوالزوايا إمنا تتحقق وتتحرر حبركة البصر على أقطار سطح املبصر وعلى املسافة اليت يريد . واملواجهة

ملسامت ألبعاد أطراف ذلك السطح أو والبعد يتحقق ويتحرر حبركة البصر على اجلسم ا. معرفة عظمهاوباجلملة فإن املبصر الذي بعده معتدل وبعده مع ذلك يسامت جسماً مرتباً فإن صورته مع . تلك املسافة

صورة بعده حيصالن متشكلني يف التخيل معاً يف حال مالحظة املبصر إذا أدرك البصر اجلسم املسامت حصلت صورة املبصر مع صورة بعده املتيقن متشكلني يف وإذا . لبعد املبصر يف حال إدراكه للمبصر

. التخيل معاً أدركت القوة املميزة عظم املبصر حبسب مقدار صورة بعده املتيقن املقترنة بصورته

واملبصرات املألوفة . واملبصرات اليت ذه الصفة فقط هي اليت تدرك مقاديرها حباسة البصر إدراكاً حمققاًألوفة قد يدرك البصر أعظامها باملعرفة، ويدرك مقادير أبعادها من قياس أعظامها اليت اليت على األبعاد امل

. يدركها البصر باملعرفة بالزوايا اليت توترها هذه املبصرات عند مركز البصر يف حال إدراك هذه املبصرات

.فعلى هذه الصفات اليت بيناها تدرك أعظام املبصرات حباسة البصر

بصر من البعد البعيد املتفاوت أصغر من مقداره احلقيقي، ومل يدرك مقدار املبصر من البعد فإما مل يدرك املالقريب املتفاوت القرب أعظم من مقداره احلقيقي، فإن هذين املعنيني مها من أغالط البصر وحنن نبينها

.ونذكر عللهما عند كالمنا يف أغالط البصر

إدراك التفرق

املبصرات فإن البصر يدركه من تفرق صوريت اجلسمني املبصرين املفترقني اللتني فأما التفرق الذي بنيإال أن كل جسمني مفترقني فإن التفرق الذي بينهما إما أن يظهر منه ضوء أو جسم . حتصالن يف البصر

وإذا أدرك البصر جسمني متفرقني . متلون مضيء أو يكون موضع التفرق مظلماً ال يظهر ما وراءه

ابن اهليثم-املناظر 167

صورتامها يف البصر فإن صورة الضوء الذي يظهر من التفرق أو صورة لون اجلسم املتلون الذي وحصلتيظهر من التفريق أو الظلمة اليت تكون يف موضع التفريق حتصل يف اجلزء من البصر الذي فيما بني صوريت

ن تكون يف جسم والضوء واللون أو الظلمة قد حيتمل أ. اجلسمني املتفرقني اللتني حتصالن يف البصرفإن مل حيس البصر أن الضوء أو اللون أو الظلمة . متوسط بني اجلسمني متصل بكل واحد من اجلسمني

وأيضاً . اليت يف موضع التفرق ليس هو يف جسم متصل باجلسمني اللذين عن جنبتيه فليس بتفريق اجلسمني موضع التفرق، فرمبا كان فإن سطح كل واحد من اجلسمني املتفرقني منعطف إىل جهة التباعد يف

وإذا ظهر انعطاف . انعطاف سطحي اجلسمني أو سطح أحد اجلسمني ظاهراً للبصر ورمبا مل يظهر للبصرفالبصر يدرك . سطحي اجلسمني أو سطح أحد اجلسمني للبصر أحس البصر من ذلك بتفرق اجلسمني

راكه الضوء من موضع التفرق مع إما من إد: تفرق األجسام من إدراكه ألحد املعاين اليت ذكرناهاإحساسه بأن ذلك الضوء من وراء سطحي اجلسمني املتفرقني، أو من إدراكه جسماً متلوناً يف موضع

التفرق مع إحساسه بأن ذلك اجلسم غري كل واحد من اجلسمني املتفرقني، أو من إدراكه ظلمة موضع هو جسماً متصالً باجلسمني، أو من إدراكه التفريق مع إدراك القوة املميزة أن ذلك هو ظلمة وليس

فجميع ما . النعطاف كل واحد من سطحي اجلسمني يف موضع التفرق أو انعطاف سطح أحد اجلسمني .يدركه البصر من تفرق األجسام إمنا يدركه باالستدالل من أحد هذه املعاين أو أكثر من واحد منها

بني جسمني غري منفصلني وهو أن يكون اجلسمان والتفرق قد يكون بني جسمني منفصلني، وقد يكونمتصلني ببعض أجزائهما منفصلني ببعضهما، كاألنامل وأعضاء احليوان وكثري من اجلدران وكأغصان

وعلى كلى احلالني فالبصر إمنا يدرك التفرق على الوجوه اليت بيناها كان اجلسمان املتفرقان . الشجروقد يدرك تفرق األجسام باملعرفة . عض أجزائهما مفترقني ببعضهمامنفصلني بالكلية أو كانا متصلني بب

.وبتقدم العلم، ولكن ليس ذلك اإلدراك بإحساس البصر

فالتفرق الفسيح ليس خيفى عن . وتفرق األجسام منه ما هو فسيح وفيه سعة ومنه ما هو ضيق ويسريت للتفرق وإحساس البصر به وبأنه غري البصر يف أكثر األحوال وال يشتبه على البصر لظهور اجلسم املسام

فأما التفرق اليسري . كل واحد من اجلسمني املتفرقني، أو أدرك الضوء والفضاء املضيء املسامت للتفرقوالغضون الضيقة فإمنا يدركها البصر من البعد الذي ليس خيفى منه اجلسم املساوي مقداره ملقدار سعة

سمني ضيقاً خفياً، وكان بعد اجلسمني عن البصر بعداً قد ختفى من فأما إذا كان التفرق بني اجل. التفرقمثله األجسام اليت مقاديرها كمقدار سعة التفرق، فليس يدرك البصر تفرقها وإن كان بعد اجلسمني عن

ألن البعد املعتدل إمنا هو البعد . البصر من األبعاد املعتدلة وكان البصر يدرك اجلسمني إدراكاً صحيحاً ليس خيفى منه مقدار حمسوس النسبة إىل مقدار مجلة البعد، واإلدراك الصحيح هو الذي ليس بينه الذي

ابن اهليثم-املناظر 168

والتفرق قد تكون سعته مبقدار ليس له نسبة . وبني حقيقة املبصر تفاوت حمسوس النسبة إىل مجلة البصرلتفرق رمبا كان حمسوسة إىل بعد املبصر وال قدر حمسوس عند كل واحد من اجلسمني املتفرقني، ألن ا

مبقدار ما تستره شعرة أو قريباً من ذلك، وليس خترجه هذه احلال من أن يكون تفرقاً، فاألبعاد اليت منها فالتفرق بني املبصرات يدركه البصر على الصفات . يدرك البصر التفرق تكون حبسب مقدار سعة التفرق

.اليت بيناها

إدراك االتصال

فإذا مل حيس البصر يف اجلسم بشيء من التفرق أدركه . ركه من عدم التفرقفأما االتصال فإن البصر يدوإن كان يف اجلسم تفرق خفي ومل يدركه البصر، فإن البصر يدرك ذلك اجلسم متصالً، وإن . متصالً

.فاالتصال إمنا يدركه البصر من عدم التفرق. كان فيه تفرق

واالتصال ، من إدراكه الجتماع اييت اجلسمني مع العلم والبصر يدرك التماس أيضاً، ويفرق بني التماس وليس حيكم البصر بالتماس إال بعد العلم بأن كل واحد . بأن كل واحد من اجلسمني منفصل عن اآلخر

من اجلسمني املتماسني غري اآلخر منفصل عن اآلخر، فإن الفصل الذي بني املتماسني قد يوجد متله يف حيس احلاس أن كل واحد من اجلسمني املتماسني غري األخر ومنفصل عنه مل فإن مل. األجسام املتصلة

.حيس بالتماس وحكم باالتصال

إدراك العدد

وذلك أن البصر قد يدرك عدة من املبصرات . فأما العدد فإن البصر يدركه باالستدالل من املعدوداتقة وأدرك تفرقها فقد أدرك أن كل واحد وإذا أدرك البصر املبصرات املتفر. املتفرقة معاً يف وقت واحد

وإذا أدرك الكثرة فالقوة . وإذا أدرك أن كل واحد منها غري اآلخر فقد أدرك الكثرة. منها غري اآلخرفالعدد يدرك حباسة البصر من إدراك البصر لعدة من املبصرات املتفرقة إذا . املميزة تدرك من الكثرة العددفعلى هذه الصفة يدرك العدد . ها وأدرك أن كل واحد منها غري اآلخرأدركها البصر معاً وأدرك تفرق

.حباسة البصر

إدراك الحركة

ابن اهليثم-املناظر 169

وذلك أن البصر إذا . فأما احلركة فالبصر يدركها باالستدالل من قياس املتحرك إىل غريه من املبصراترات ومسامتته لتلك أدرك املبصر املتحرك وأدرك معه غريه من املبصرات فإنه يدرك وضعه من تلك املبص

وإذا كان املبصر متحركاً وكانت تلك املبصرات غري متحركة حبركة ذلك املبصر املتحرك فإن . املبصراتوإذا كان البصر يدركه ويدرك . وضع ذلك املبصر املتحرك خيتلف عند تلك املبصرات يف حال حتركهفاحلركة يدركها البصر من إدراكه . تلك املبصرات معه ويدرك وضعه من تلك املبصرات أدركته حركته

الختالف وضع املبصر املتحرك إىل عدة من املبصرات، أو من قياس املبصر املتحرك إىل مبصر واحد بعينه، أما قياس املبصر املتحرك إىل عدة من املبصرات، فإن البصر . أو من قياس املبصر املتحرك إىل البصر نفسه

امتاً ملبصر من املبصرات، مث أدركه مسامتاً ملبصر آخر غري ذلك إذا أدرك املبصر املتحرك وأدركه مسوأما قياس املبصر املتحرك إىل مبصر . املبصر مع ثبوت البصر يف موضعه، فإنه حيس حبركة ذلك املبصر

واحد بعينه، فإن البصر إذا أدرك املبصر املتحرك وأدرك وضعه من مبصر آخر، مث أدرك وضعه قد تغري ر اآلخر بعينه، إما بأن يبعد عنه بأكثر من بعده األول، وإما بأن يقرب منه، وإما بأن عند ذلك املبص

يكون يف جهة من اجلهات بالقياس إىل ذلك املبصر فيصري يف جهة غريها بالقياس إليه بعينه مع ثبوت تغري وضع البصر يف موضعه، وإما يتغري وضع جزء من أجزاء املبصر املتحرك بالقياس إىل ذلك املبصر أو

أجزائه بالقياس إىل ذلك املبصر وعلى هذه الصفة األخرية يدرك البصر حركة املبصر املتحرك على االستدارة إذا قاسه إىل مبصر آخر، فإذا أدرك البصر وضع املبصر املتحرك أو وضع املتحرك أو وضع

.كة املبصر املتحركأجزائه أو وضع جزء من أجزائه قد تغري بالقياس إىل مبصر آخر فقد أدرك حر

وأما قياس املبصر املتحرك إىل البصر نفسه، فإن البصر إذا أدرك املبصر املتحرك فإنه يدرك جهته ويدرك فإن كانت . وإذا كان البصر ساكناً واملبصر متحركاً فإن وضع املبصر املتحرك بالقياس إىل البصر. بعده

وإذا أحس البصر بتغري جهته مع . وحيس بتغري جهتهحركة املبصر على مسافة معترضة فإن جهته تتغريوإن كانت حركة املبصر على السمت املمتد بينه وبني البصر، وكانت . سكون البصر أحس حبركته

وإذا أحس البصر ببعده . حركته يف جهة التباعد أو يف جهة التقارب، فإنه يبعد عن البصر أو يقرب منهوإن كانت حركة املبصر على االستدارة . موضعه، فهو حيس حبكتهعنه أو قربه منه مع ثبوت البصر يف

وإذا تغري ما يلي البصر من أجزاء البصر بتغريها مع ثبوت البصر . فإن اجلزء منه الذي يلي البصر ويتبدلالبصر . فعلى هذه الصفات يدرك البصر احلركة إذا كان ثابتاً يف موضعه. يف موضعه أحس حبركة املبصر

وذلك يكون إذا أحس البصر باختالف وضع املبصر املتحرك مع إحساسه بأن ذلك االختالف . متحركاًوفرق يف احلال بني اختالف الوضع الذي يعرض لذلك املبصر من أجل . ليس هو من أجل حركة البصر

ابن اهليثم-املناظر 170

حركة املبصر نفسه وبني اختالف الوضع الذي يعرض لذلك املبصر من أجل حركة املبصر نفسه وبني فإذا أحس البصر باختالف وضع املبصر املتحرك، . الوضع الذي يعرض له من أجل حركة البصراختالف

وقد تتحرك صورة . وأحس بأن اختالف وضعه ليس هو من أجل حركة البصر، أحس حبركة املبصراملبصر املتحرك يف البصر من أجل حركته، ولكن ليس يدرك البصر حركة املبصر من حترك صورته يف

وذلك . وليس يدرك البصر احلركة إال بقياس املبصر املتحرك إىل غريه على الوجوه اليت بيناها. قطالبصر ف. أن املبصر الساكن قد حتركت صورته يف البصر مع سكونه، وال يدركه البصر من أجل ذلك متحركاً

بصرات املقابلة ألن البصر إذا حترك يف مقابلة املبصرات عند تأمل املبصرات فإن صورة كل واحد من املللبصر تتحرك يف سطح البصر عند حركته ما كان منها ساكناً وما كان منها متحركاً والبصر قد ألف

حركة صور املبصرات يف سطحه مع سكون املبصرات، فليس حيكم حبركة املبصر من أجل حركة صورته تحرك بالقياس إىل صورة إال إذا حصل يف البصر صورة آخر وأدرك البصر اختالف وضع صورة املبصر امل

فليس . املبصر اآلخر أو من تبدل الصور يف املوضع الواحد من البصر الذي يكون من حركة االستدارة .يدرك البصر احلركة إال على الوجوه اليت فصلناها

وأما . أما إدراكه للحركة فعلى الصفات اليت ذكرناها. والبصر يدرك حركة املبصر ويدرك كيفية حركته. كه لكيفية احلركة فمن إدراكه للمسافة اليت يتحرك عليها املبصر إذا كان املبصر ينتقل جبملتهإدرا

وإذا كان املبصر . ويتحقق البصر كيفية احلركة إذا حتقق شكل املسافة اليت يتحرك عليها املبصر املتحركتبدل أجزائه اليت تلي يتحرك على نفسه حركة مستديرة فإن البصر يدرك أن حركته مستديرة من إدراكه ل

البصر، أو تبدل أجزائه اليت تلي مبصراً من املبصرات، أو من مسامتة جزء من أجزائه ملبصرات خمتلفة .واحداً بعد واحد، أو ألجزاء مبصر واحد جزءاً بعد جزء مع ثبوت مجلة البصر يف موضعه

لى مسافة من املسافات، فإن وإن كانت حركة املبصر مركبة من االستدارة مع االنتقال من موضعه عالبصر يدرك أن تلك احلركة مركبة من إدراكه لتبدل أجزاء املبصر املتحرك بتلك احلركة بالقياس إىل

فعلى هذه الصفات . البصر أو إىل مبصر آخر مع إدراكه النتقال مجلة املبصر من موضعه وتبدل مكانه .يدرك البصر كيفيات حركات املبصرات

ر احلركة إال يف زمان، وذلك أن احلركة ليس تكون إال يف زمان وكل جزء من احلركة وليس يدرك البصوالبصر ليس يدرك حركة املبصر إال من إدراك املبصر يف موضعني خمتلفني أو . ليس يكون إال يف زمان

ال وال خيتلف وضع املبصر إال يف زمان، وليس يكون املبصر يف موضعني خمتلفني و. على وضعني خمتلفنيوإذا أدرك البصر املبصر يف موضعني خمتلفني أو على وضعني . على وضعني خمتلفني إال يف وقتني خمتلفني

خمتلفني فإن إدراكه له يف املوضعني أو على الوضعني إمنا يكون يف وقتني خمتلفني فبينهما زمان، فليس

ابن اهليثم-املناظر 171

.يدرك البصر احلركة إال يف زمان

وذلك أن البصر إمنا يدرك . البصر احلركة ليس يكون إال حمسوساًفنقول إن الزمان الذي يدرك فيه احلركة من إدراك املبصر يف موضعني خمتلفني موضع بعد موضع، أو على وضعني خمتلفني وضع بعد

فإذا أدرك البصر املبصر املتحرك يف املوضع الثاين ومل يدركه يف تلك احلال يف املوضع األول الذي . وضعل فقد أحس احلاس أن الوقت الذي أدركه فيه يف املوضع األول الذي أدركه فيه من قبل أدركه فيه من قب

فقد أحس احلاس أن الوقت الذي أدركه فيه يف املوضع الثاين غري الوقت الذي أدركه فيه يف املوضع املوضع وإذا أحس بأن الوقت الذي أدركه فيه يف املوضع الثاين هو غري الوقت الذي أدركه فيه يف. األول

ألنه إذا أدرك .وكذلك إذا أدرك احلركة من اختالف وضع املتحرك. األول فقد أحس باختالف الوقتنياملتحرك على الوضع الثاين ومل يدركه يف تلك احلال على الوضع األول الذي أدركه عليه من قبل فقد

وإذا كان . الذي بينهماوإذا أحس احلاس باختالف الوقتني فقد أحس بالزمان . أحس باختالف الوقتني .ذلك كذلك فالزمان الذي يدرك فيه البصر احلركة ليس يكون إال حمسوساً

إن البصر يدرك احلركة من : وإذ قد تبينت مجيع هذه املعاين مشروحة فإنا نقتص ما تبني مجيعها فنقولينهما حمسوساً، وهذه إدراكه للمبصر املتحرك على وضعني خمتلفني يف وقتني خمتلفني يكون الزمان الذي ب

.هي كيفية إدراك البصر للحركة

والبصر يدرك اختالف احلركات يف السرعة والبطء ويدرك تساوي احلركات من إدراكه للمسافات اليت فإذا أدرك البصر مبصرين متحركني، وأدرك املسافتني اللتني يتحرك . تتحرك عليها املبصرات املتحركةحدى املسافتني اللتني قطعهما املبصران املتحركان يف زمان واحد أعظم من عليهما املبصران، وأحس بأن إ

وإذا كانت املسافتان اللتان يتحرك . األخرى، أحس بسرعة حركة املبصر الذي قطع املسافة العظمىوكذلك إن أحس بتساوي . عليهما املبصران وقطعامها يف زمان واحد بتساوي حركيت املتحركني

ف زماين احلركتني، فإنه حيس بسرعة حركة املتحرك الذي قطع املسافة يف زمان املسافتني مع اختالوكذلك إن قطع املتحركان يف زمانني متساويني مسافتني متساويتني، وأحس البصر بتساوي . أصغر

فقد تبني كيف يدرك البصر احلركات وكيف مييز . الزمانني وتساوي املسافتني، أحس بتساوي احلركتني .يف يدرك كيفياا وكيف يدرك تساويها واختالفهااحلركات وك

إدراك السكون

ابن اهليثم-املناظر 172

فإذا . فأما السكون فإن البصر يدركه من إدراك املبصر يف زمان حمسوس يف موضع واحد على وضع واحدأدرك البصر املبصر يف موضع واحد على وضع واحد يف وقتني خمتلفني بينهما زمان حمسوس، أدرك املبصر

والبصر يدرك وضع املبصر الساكن بالقياس إىل غريه من املبصرات . ن الزمان ساكناًيف ذلك القدر م .فعلى هذه الصفة يكون إدراك البصر لسكون املبصرات. وبالقياس إىل البصر نفسه

إدراك الخشونة

وذلك . فأما اخلشونة فإن البصر يدركها يف األكثر من صورة الضوء الذي يظهر يف سطح اجلسم اخلشناخلشونة هي اختالف وضع أجزاء سطح اجلسم، وهو أن يكون بعض أجزاء السطح شاخصة وبعضها أن

وإذا كانت أجزاء سطح اجلسم خمتلفة الوضع، فإن الضوء إذا أشرق على سطح ذلك اجلسم كان . غائرةغائرة فإنه وإذا وصل الضوء إىل األجزاء ال. لألجزاء الشاخصة أظالل على األجزاء الغائرة يف أكثر األحوال

واألجزاء الشاخصة ظاهرة للضوء، فليس تستتر عن الضوء الذي . يكون معه أظالل عن بعض األضواءوإذا حصل يف األجزاء الغائرة أظالل، وليس على األجزاء الشاخصة أظالل، . حيصل يف ذلك السطح

ذا أشرق عليه والسطح األملس أجزاؤه متشاة الوضع، فإ.اختلفت صورة الضوء يف سطح ذلك اجلسمفصورة الضوء يف سطح اجلسم اخلشن خمالفة لصورة . الضوء كانت صورة الضوء يف مجيع السطح متشاة

والبصر يعرف صورة الضوء الذي يف السطوح اخلشنة وصورة الضوء الذي . الضوء يف السطح األملسلبصر بالضوء الذي يف فإذا أحس ا. يف السطوح امللس بكثرة مشاهدته للسطوح اخلشنة والسطوح امللس

وإذا أحس . سطح اجلسم على الصفة اليت قد ألفها يف السطوح اخلشنة حكم خبشونة سطح ذلك اجلسمبالضوء الذي يف سطح اجلسم على الصفة اليت قد ألفها من السطوح امللس حكم مبالسة سطح ذلك

.ح اجلسم اخلشنفاخلشونة يدركها البصر يف األكثر من صورة الضوء الذي يدركه سط. اجلسم

وإذا كان سطح اجلسم ذه الصفة . وإذا كانت اخلشونة مسرفة كانت األجزاء الشاخصة مقتدرة املقاديرفإن البصر يدرك األجزاء الشاخصة، ويدرك شخوصها، ويدرك اختالف أوضاع أجزاء سطح اجلسم من

جزاء سطح اجلسم، فقد أدرك وإذا أدرك البصر اختالف أوضاع أ. إدراكه التفرق الذي بني األجزاءفقد يدرك البصر خشونة سطح اجلسم على هذه الصفة أيضاً . خشونته من غري حاجة إىل اعتبار الضوء

.إذا كانت اخلشونة مسرفة

وأيضاً فإن اجلسم إذا كانت خشونته مسرفة وأشرق عليه الضوء كانت صورة الضوء يف سطحه خمتلفة ف صورة الضوء تفرق األجزاء واختالف وضعها، ويظهر من ذلك اختالفاً متفاوتاً، فيظهر من اختال

ابن اهليثم-املناظر 173

فإذا كان الضوء املشرق على اجلسم اخلشن من اجلهة املقابلة للسطح اخلشن، وكان . خشونة اجلسمالضوء قوياً ومل يظهر يف سطح اجلسم اختالف لصورة الضوء، فإن البصر ليس يدرك خشونة اجلسم

فإن كانت خشونة . أجزاءه متميزة وأدرك شخوص بعضها وغؤور بعضالذي ذه الصفة إال إذا أدرك اجلسم الذي ذه الصفة مسرفة، فإن البصر يدرك متيز اجلزاء واختالف وضعها ويدرك خشونة اجلسم يف

وإن كانت اخلشونة يسرية، وكانت األجزاء الغائرة واملسام اليت يف ذلك اجلسم يف غاية الصغر، . األكثر عن البصر يف أكثر األحوال إذا كان الضوء املشرق على اجلسم قوياً ومل يظهر اختالف فإا قد ختفى

وليس يدرك البصر خشونة اجلسم الذي ذه الصفة إال من القرب الشديد ومع . صورته يف سطح اجلسمفإذا ظهر للبصر متيز األجزاء من اجلسم الذي ذه الصفة وشخوص ما هو . تأمل أجزاء سطح اجلسم

وإن مل يظهر متيز أجزائه وال غؤورها فليس يدرك . خص من األجزاء وغؤور ما هو غائر أدرك خشونتهشافاخلشونة يدركها البصر من إدراكه الختالف أوضاع أجزاء سطح اجلسم أو من صورة الضوء . خشونته

لصقال، فإذا مل وقد يستدل البصر على اخلشونة من عدم ا. اليت قد ألفها البصر يف سطوح األجسام اخلشنةإال أن كثرياُ ما يعرض للبصر الغلط يف اخلشونة . حيس البصر يف اجلسم بشيء من الصقال حكم خبشونته

إذا استدل عليها ذا املعىن، ألنه قد يكون السطح صقيالً وال يظهر صقاله ألن الصقال ليس يظهر إال من .وضع خمصوص

إدراك المالسة

طح اجلسم، فإن البصر يدركها يف األكثر من صورة الضوء الذي يظهر يف فأما املالسة، وهي استواء سوإذا كان الضوء الذي يف سطح اجلسم متشابه . سطح اجلسم األملس اليت قد ألفها يف السطوح امللس

فإذا تأمل البصر . وقد يدرك البصر املالمسة بالتأمل أيضاً. الصورة استدل البصر على مالمسة السطحملس أدرك تطامن أجزائه واستواءها، وإذا أدرك تطامن األجزاء واستواءها فقد أدرك سطح اجلسم األ

.مالسته

وليس يدرك . فأما الصقال، وهو شدة املالسة، فإن البصر يدركه من بريق الضوء وملعانه يف سطح اجلسمها البصر من فاملالسة يدرك. البصر الصقال وشدة املالسة إال من بريق الضوء وملعانه يف سطح اجلسم

واستواء السطح يدركه البصر يف األكثر من تشابه صورة الضوء يف سطح . إدراكه الستواء السطحوالصقال يدركه البصر من ملعان الضوء يف سطح اجلسم ومن الوضع الذي . اجلسم، وقد يدركه بالتأمل

.حيسبه ينعكس الضوء

لك بان يكون يف سطح اجلسم أجزاء خمتلفة وذ. وقد جتتمع اخلشونة واملالسة معاً يف السطح الواحد

ابن اهليثم-املناظر 174

الوضع شاخصة وغائرة، وتكون أجزاء سطح كل واحد من األجزاء املختلفة الوضع الشاخصة والغائرة أو . بعضها متطامنة ومتشاة الوضع، فيكون السطح جبملته خشناً، وتكون أجزاؤه أو بعضها ملساً وصقيلة

بصر من إدراكه الختالف وضع األجزاء الشاخصة والغائرة، وتظهر خشونة السطح الذي ذه الصفة للوقد يدرك البصر . وتظهر مالسة األجزاء وصقاهلا من صور الضوء الذي يدركه البصر يف سطوح األجزاءفعلى هذه . مالسة األجزاء اليت ذه الصفة بالتأمل أيضاً من إدراكه لتطامن سطح كل واحد منها

.والصقال واخلشونةالصفات يدرك البصر املالسة

إدراك الشفيف

وليس يدرك شفيف اجلسم . فأما الشفيف فإن البصر يدركه باالستدالل من إدراكه ملا وراء اجلسم املشففأما . املشف إال إذا كان فيه بعض الكثافة وكان شفيفه أغلظ من شفيف اهلواء املتوسط بينه وبني البصر

وإذا كان فيه . ا وراءه فقطإذا كان يف غاية الشفيف فليس يدرك البصر شفيفه وال حيس به، وإمنا يدرك مفإن اجلسم املشف إذا . بعض الكثافة أدركه البصر مبا فيه من الكثافة، وأدرك شفيفه من إدراكه ملا وراءه

وليس حيس . كان وراءه ضوء أو جسم متلون مضيء فإنه يظهر من وراء اجلسم املشف وحيس به البصرحس الضوء واللون الذي يدركه من وراء اجلسم البصر بشفيف اجلسم، إذا أحس مبا وراءه، إال إذا أ

فإن مل حيس بأن . املشف هو ضوء أو لون من وراء اجلسم املشف وليس هو لون اجلسم نفسه وال ضوءهالضوء الذي يدركه من وراء اجلسم املشف أو اللون هو من وراء اجلسم املشف فليس حيس بشفيف

ء وال جسم مضيء، وال عن جوانبه، ومل يظهر من وإن مل يكن وراء اجلسم املشف ضو. اجلسم املشفوذلك . ورائه وال من جهة من جهاته شيء من الضوء أو اللون، فليس حيس البصر بشفيف ذلك اجلسم

يكون إذا كان اجلسم املشف ملتصقاً جبسم من األجسام الكثيفة، وكان اجلسم الكثيف مشتمالً عليه أو م الكثيف ذا لون مظلم حيس البصر بشفيف اجلسم الذي ذه مسامتاً له من مجيع جهاته، وكان اجلس

.الصفة

وكذلك إذا كان وراء اجلسم املشف مكان مظلم ومل يظهر من ورائه شيء من الضوء، فإن اجلسم الكثيف الذي من وراء اجلسم املشف ذا لون مسفر، وكان الضوء الذي يف اجلسم املشف يصل إىل

ذلك اجلسم الكثيف، فإن البصر يدرك اجلسم املشف الذي ذه الصفة اجلسم الكثيف ويظهر للبصر لون فإذا أحس بأن اللون الذي . إذا أحس بأن اللون الذي يدركه من ورائه هو لون جسم غريه وليس هو لونه

وكذلك إذا . يدركه من ورائه هو لون جسم من وراء اجلسم املشف، فقد أحس بشفيف اجلسم املشف

ابن اهليثم-املناظر 175

ف الشفيف وكان اجلسم الذي وراءه واألجسام اليت حوله ضعيفة الضوء، فليس كان اجلسم املشف ضعيفعلى . يدرك البصر شفيفه إال إذا استشفه وقابل به ضوءاً قوياً، فإذا أحس بالضوء من ورائه أدرك شفيفه

.هذه الصفات يدرك ابصر شفيف األجسام املشفة

إدراك الكثافة

وإذا أدرك البصر اجلسم ومل حيس فيه بشيء من . م الشفيففأما الكثافة فإن البصر يدركها من عد .والكثافة إمنا هي عدم الشفيف. الشفيف حكم بكثافته

إدراك الظل

. فأما إدراك الظل فإن البصر يدركه بالقياس إىل ما جياوره من األضواء أو مبا تقدم العلم به من األضواء

. الظل بغري ذلك الضوء املعدوم من موضع الظلوذلك أن الظل هو عدم بعض األضواء مع إضاءة موضع

فإذا أحس البصر مبوضع الظل وأحس مبا جياوره من األجسام، وكان على األجسام ااورة ملوضع الظل ضوء قوي أقوى من الضوء الذي يف موضع الظل، أحس باستظالل ذلك املوضع عن الضوء القوى

أحس بضوء ما يف موضع من املواضع، وعدم يف ذلك وكذلك إذا . املشرق على األجسام ااورة لهاملوضع ضوء الشمس أو ضوء من األضواء القوية املوجودة يف ذلك الوقت، أحس استظالل ذلك املوضع

ورمبا أحس البصر باجلسم املظل، ورمبا مل يتميز له يف احلال . عن ضوء الشمس أو عن ذلك الضوء القويدرك موضعاً فيه ضوء ضعيف، وأدرك األجسام ااورة له، وأدرك الضوء إال أن البصر إذا أ. اجلسم املظل

الذي على األجسام ااورة ملوضع الضوء الضعيف أقوى من ذلك الضوء الضعيف، فقد أحس بالظل .فعلى هذه الصفة يدرك البصر الظل. الذي يف ذلك املوضع

إدراك الظلمة

. وذلك أن الظلمة هي عدم الضوء باجلملة. ن عدم الضوءفأما الظلمة فأن البصر يدركها باالستدالل م

فإذا أدرك البصر موضعاً من املواضع ومل يدرك فيه شيئاً من الضوء فقد أحس بالظلمة يدركها احلاس من .عدم إحساسه بالضوء

إدراك الحسن

تبني كيفية إدراك فأما احلسن املدرك حباسة البصر فإن البصر يدركه من إدراكه للمعاين اجلزئية اليت قد وذلك أن كل واحد من املعاين اجلزئية اليت تقدم بياا يفعل نوعاً من احلسن بانفراده، وتفعل . البصر هلا

ابن اهليثم-املناظر 176

والبصر إمنا يدرك احلسن من صور املبصرات اليت . هذه املعاين أنواعاً من احلسن باقتران بعضها ببعض اجلزئية اليت تبني تفصيلها، والبصر يدرك الصور تدرك حباسة البصر، وصور املبصرات مركبة من املعاين

.من إدراكه هلذه املعاين، فهو يدرك احلسن من إدراكه هلذه املعاين

فمنها ما تكون علته واحدة من املعاين : وأنواع احلسن اليت يدركها البصر من صور املبصرات كثريةعاين اجلزئية اليت يف الصورة، ومنها ما تكون علته اجلزئية اليت يف الصورة، ومنها ما تكون علته عدة من امل

والبصر . اقتران املعاين بعضها ببعض ال املعاين أنفسها، ومنها ما تكون علته مركبة من املعاين وتألفهايدرك كل واحد من املعاين اليت يف كل واحدة من الصور منفرداً، ويدركها مركبة، ويدرك اقتراا

حلسن على وجوه خمتلفة، ومجيع الوجوه اليت منها يدرك البصر احلسن ترجع إىل فالبصر يدرك ا. وتألفها .إدراك املعاين اجلزئية

فأما أن هذه املعاين اجلزئية هي اليت تفعل احلسن منفردة وأعين بقويل تفعل احلسن أي تؤثر يف النفس ولذلك . يفعل احلسنوذلك أن الضوء . استحسان الصورة املستحسنة فإنه يظهر باليسري من التأمل

وليس يف الشمس والقمر والكواكب علة تستحسن من أجلها . تستحسن الشمس والقمر والكواكب .فالضوء على انفراده يفعل احلسن. وتروق صورا بسببها غري الضوء وإشراقه

عية وذلك أن كل واحد من األلوان املشرقة كاألرجوانية والفرفريية والزر. واللون أيضاً يفعل احلسنوكذلك تستحسن املصنعات من . والوردية والصعوية وأشباهها تروق الناظر ويلتذ البصر بالنظر إليها

.فاللون على انفراده يفعل احلسن. الثياب والفروش واآلالت وتستحسن األزهار واألنوار والرياض

ون فيها وشوم وذلك أن الصور املستحسنة منها ما يك. والبعد أيضاً قد يفعل احلسن بطريق العرضفإذا بعدت عن البصر فضل بعد خفيت تلك املعاين . وغضون ومسام تشني الصورة وتشعث حسنها

وكذلك أيضاً كثري من . الدقيقة اليت تشني تلك الصورة، فيظهر عند خفاء تلك املعاين حسن الصورةيقة والتخطيط الصور املستحسنة قد تكون فيها معان لطيفة من أجلها كانت الصورة كالنقوش الدق

وكثري من هذه املعاين قد ختفى عن البصر من كثري من األبعاد املعتدلة، فإذا قربت من البصر . والترتيبفزيادة البعد ونقصان البعد قد . فضل قرب ظهرت تلك املعاين اللطيفة للبصر ظهر حسن الصورة للبصر

.فالبعد على انفراده قد يفعل احلسن. يظهر احلسن

وذلك أن الصور املستحسنة منها ما يكون فيها وشوم . قد يفعل احلسن بطريق العرضوالبعد أيضاًفإذا بعدت عن البصر فضل بعد خفيت تلك املعاين . وغضون ومسام تشني الصورة وتشعث حسنها

وكذلك أيضاً كثري من . الدقيقة اليت تشني تلك الصورة، فيظهر عند خفاء تلك املعاين حسن الصورة

ابن اهليثم-املناظر 177

تحسنة قد تكون فيها معان لطيفة من أجلها كانت الصورة حسنة كالنقوش الدقيقة والتخطيط الصور املسوكثري من هذه املعاين قد ختفى عن البصر من كثري من األبعاد املعتدلة، فإذا قربت من البصر . والترتيب

ان البعد قد فزيادة البعد ونقص. فضل قرب ظهرت تلك املعاين اللطيفة للبصر وظهر حسن الصورة للبصر .فالبعد على انفراده قد يفعل احلسن. يظهر احلسن

. والوضع قد يفعل احلسن، وكثري من املعاين املستحسنة إمنا تستحسن من أجل الترتيب والوضع فقط

والكتابة املستحسنة إمنا تستحسن من أجل . وذلك أن النقوش كلها إمنا تستحسن من أجل الترتيبفإن مل يكن . ا هو من تقومي أشكال احلروف ومن تأليف بعضها ببعضألن حسن اخلط إمن. الترتيب

تأليف احلروف وترتيبها منتظماً متناسباً فليس يكون اخلط حسناً وإن كانت أشكال حروفه على انفرادها . وقد يستحسن اخلط إذا كان تأليفه تأليفاً منتظماً وإن مل تكن حروفه يف غاية التقومي. صحيحة مقومة

.ثري من صور املبصرات إمنا حتسن وتروق من أجل تأليف أجزائها وترتيب بعضها عند بعضوكذلك ك

والتجسم يفعل احلسن، ولذلك تستحسن األجسام اخلصبة من أشخاص الناس وأشخاص كثري من .احليوان

والصور املستحسنة من الناس وأشخاص كثري من . والشكل يفعل احلسن، ولذلك يستحسن اهلالل . والشجر والنبات إمنا تستحسن من أجل أشكاهلا وأشكال أجزاء الصورةاحليوانات

ولذلك صار القمر أحسن من كل واحد من الكواكب وصارت الكواكب الكبار . والعظم يفعل احلسن .أحسن من الكواكب الصغار

ك ولذل. والتفرق يفعل احلسن، ولذلك صارت الكواكب املتفرقة أحسن من اللطخات وأحسن من ارةولذلك أيضاً توجد األنوار . أيضاً صارت املصابيح والشموع املتفرقة أحسن من النار املتصلة اتمعة

.واألزهار املتفرقة يف الرياض أحسن من اتمع منها واملتراص

. واالتصال يفعل احلسن، ولذلك صارت الرياض املتصلة النبات املتكاثفة أحسن من املتقطع منها واملتفرق

واحلسن الزائد الذي يف املتصل منها . كانت الرياض مستحسنة من أجل ألواا فاملتصل منها أحسنوإن .إمنا يفعله االتصال فقط

ولذلك صارت املواضع الكثرية الكواكب من السماء أحسن من املواضع القليلة . والعدد يفعل احلسن .منها عدد كثري يف موضع واحدولذلك أيضاً تستحسن املصابيح والشموع إذا اجتمع . الكواكب

ولذلك يستحسن الرقص وحركات الراقص وكثري من اإلشارات وحركات . واحلركة تفعل احلسن .اإلنسان يف كالمه وأفعاله

ابن اهليثم-املناظر 178

.ولذلك يستحسن الوقار والسمت. والسكون يفعل احلسن

ن كثري من ولذلك حيس. ولذلك يستحسن اخلشن من كثري من الثياب والفروش. واخلشونة تفعل احلسن .الصياغات بأن ختشن وجوهها وحترش

.ولذلك يستحسن الصقال يف الثياب واآلالت. واملالسة تفعل احلسن

.ولذلك تستحسن اجلواهر املشفة واألواين املشفة. والشفيف يفعل احلسن

تظهر يف والكثافة تفعل احلسن، ألن األلوان واألضواء واألشكال والتخطيط ومجيع املعاين املستحسنة اليت .صور املبصرات ليس يدركها البصر إال من أجل الكثافة

وذلك ألن كثرياً من صور املبصرات قد يكون فيها وشوم وغضون ومسام . والظل قد يظهر احلسنفإذا كانت يف ضوء الشمس ويف األضواء القوية ظهرت الوشوم واملسام . لطيفة تشينها وتكسف حسنها

ذا كانت يف الظل ويف األضواء الضعيفة خفيت تلك الوشوم والغضون وإ. اليت فيها فتخفى حماسنهاوأيضاً فإن التقازيح اليت تظهر يف أرياش احليوانات ويف النوع املسمى . واملسام اليت شانتها فتظهر حماسنها

وإذا كانت يف ضوء الشمس ويف األضواء القوية . أباقلمون إمنا تظهر يف الظل ويف األضواء املنكسرة . التقازيح واحملاسن اليت تظهر فيها إذا كانت يف الظل ويف األضواء املنكسرةخفيت

وكذلك املصابيح والشموع والنريان إمنا . وذلك أن الكواكب إمنا تظهر يف الظالم. والظلمة تظهر احلسن. لقويةيظهر حسنها يف سواد الليل ويف املواضع املظلمة، وليس يظهر حسنها يف ضوء النهار ويف األضواء ا

.والكواكب يف الليايل املظلمة أحسن منها يف الليايل املقمرة

فإن العينني إن . وذلك أن أعضاء احليوان املتماثلة ليس حتسن إال إذا كانت متشاة. والتشابه يفعل احلسنوكذلك إن . كانت خمتلفيت الشكل وكانت إحدامها مستديرة واألخرى مستطيلة كانت يف غاية القبح

وكذلك الوجنتان إن كانت إحداهن جاحظة واألخرى غائرة وكانت . حداهن أكرب من األخرىكانت إوكذلك إن . وكذلك احلاجبان إن كان أحدمها غليظاً واآلخر دقيقاً كانا يف غاية القبح. يف غاية القبح

ن إال إذا فجميع أعضاء احليوانان متماثلة ليس حتس. كان أحدمها طويالً واآلخر قصرياً كانا مستقبحنيوكذلك النقوش وحروف الكتابة ليس حتسن إال إذا كانت احلروف املتماثلة منها . كانت متشاة

.واألجزاء املتماثلة منها متشاة

وذلك أن أشكال أعضاء احليوان خمتلفة األجزاء، وليس حتسن إال على ما هي . واالختالف يفعل احلسن متساوي الغلظ أوله مساوي الغلظ آلخره لكان يف غاية وذلك أن األنف لو أنه. عليه من االختالف

وكذلك احلاجبان ليس حسنهما إال إذا كان طرفامها . وليس حسنه إال باختالف طرفيه واخنراطه. القبحوكذلك مجيع أعضاء احليوان إذا تؤملت يوجد حسنها إمنا هو اختالف أشكال . أدق من بقيتهما

ابن اهليثم-املناظر 179

وذلك أن . ابة لو تساوت أجزاؤها يف الغلظ ملا كانت مستحسنةوكذلك النقوش وحروف الكت. أجزائهاولو تساوت . أطراف احلروف وأواخر التعريقات إمنا حتسن إذا كانت مستدقة وأدق من بقية احلروف

أواخر احلروف وأوساطها وأوائلها ووصوهلا وتعليقاا، وكانت مجيعها يف الغلظ على هيئة واحدة، لكان . فاالختالف قد يفعل احلسن يف كثري من صور املبصرات.اخلط يف غاية القبح

فقد تبني مما ذكرناه آن كل واحد من املعاين اجلزئية اليت تدرك حباسة البصر اليت بينا تفصيلها قد تفعل . وإذا استقرئت وجد كل واحد من هذه املعاين قد تفعل احلسن يف مواضع كثرية. احلسن على انفراده

كرناه على طريق املثال، وليستدل بكل واحد من األمثلة على نظائره، وليتطرق به إىل وإمنا ذكرنا ما ذإال أنه ليس تفعل هذه . استقراء أمثاله من أراد البحث عن كيفية تأثريات هذه املعاين يف الصور املستحسنة

ل فيها ذلك املعاين احلسن يف كل املواضع وال يفعل الواحد من هذه املعاين احلسن يف كل صورة حيص. ومثال ذلك العظم ليس يفعل احلسن يف كل جسم مقتدر العظم. املعىن، بل يف بعض الصور دون بعضها

ليس كل لون يفعل احلسن، وال اللون الواحد يفعل احلسن يف كل جسم حيصل فيه ذلك : وكذلك اللون اليت ذكرناها تفعل وكل واحد من املعاين اجلزئية. ليس كل شكل يفعل احلسن:وكذلك الشكل. اللون

.احلسن بانفراده، ولكن يف بعض املواضع دون بعضها وعلى بعض الصفات دون بعضها

وذلك أن اخلط احلسن هو الذي تكون . وأيضاً فإن هذه املعاين قد تفعل احلسن باقتران بعضها ببعضفإن . ن اخلطأشكال حروفه أشكاالً مستحسنة وتأليف بعضها ببعض تأليفاً مستحسناً، وهو غاية حس

فغاية . اخلط الذي جيتمع فيه هذان املعنيان أحسن من اخلط الذي يكون فيه أحد هذين املعنيني دون اآلخر .حسن اخلط إمنا يكون من اقتران الشكل والوضع

وكذلك األلوان املشرقة الرائقة والنقوش إذا كانت مرتبة ترتيباً منتظماً متشاكالً كانت أحسن األلوان وكذلك صور أشخاص الناس واحليوانات قد يظهر فيها احلسن من .ليت ليس هلا ترتيب منتظموالنقوش ا

وذلك أن كرب العينني الكرب املعتدل مع تلويز شكلها أحسن من العني اليت . اقتران املعاين اجلزئية اليت فيهامن اخلدين السهلني وكذلك سهولة اخلدين مع ورقة اللون أحسن . يل هلا إال الكرب فقط أو التلويز فقط

وكذلك استدارة الوجه مع رقة . مع انكساف اللون وأحسن من اخلدين اجلاحظني وإن كانا رقيقي اللونوهذا املعىن كثري . اللون أحسن من صغر الفم مع غلظ الشفتني وأحسن من رقة الشفتني مع سعة الفم

.التيقن

قتران املعاين اجلزئية اليت تكون يف الصور تفعل وإذا استقرئت الصور املستحسنة يف مجيع املبصرات وجد اوأكثر احلسن الذي يدرك حباسة البصر إمنا . فيها أنواعاً من احلسن ال يفعله الواحد من املعاين على انفراده

ابن اهليثم-املناظر 180

فاملعاين اجلزئية اليت ذكرناها تفعل احلسن بانفرادها وتفعل . يتقوم من اقتران هذه املعاين بعضها ببعض .ن بعضها ببعضاحلسن باقترا

وقد يتقوم احلسن من احلسن من معىن آخر غري كل واحد من املعنيني اللذين ذكرنامها، وهو الناسب وذلك أن الصور املركبة املتألفة من أعضاء خمتلفة حيصل ألجزائها أشكال خمتلفة وأعظام . واإلئتالف

ة معان من املعاين اجلزئية، وليس خمتلفة وأوضاع خمتلفة واتصال وافتراق، وحيصل يف كل واحد منها عدوذلك أنه ليس كل شكل حيسن مع كل شكل وال عظم حيسن مع كل . مجيعها يكون متناسباً ومتآلفاً

عظم وال كل وضع حيسن مع كل وضع وال كل شكل حيسن مع كل عظم وال كل عظم مع كل وضع، ، وكل مقدار فهو يناسب بعض بل كل واحد من املعاين اجلزئية يتناسب بعض املعاين ويباين بعضها

ومثال ذلك قنو األنف مع غؤور العينني غري مستحسن، وكذلك كرب العينني مع . املقادير ويباين بعضهاكرب األنف املسرف الكرب غري مستحسن، وكذلك نتوء اجلبهة مع غؤور العينني غري مستحسن وتطامن

ضاء شكل وأشكال حتسن صورته، ومع فلكل عضو من األع. اجلبهة مع جحوظ العينني غري مستحسنذلك فكل شكل من أشكال كل واحد من األعضاء إمنا يناسب بعض األشكال اليت لألعضاء الباقية دون

.بعضها، وحتسن الصورة باجتماع األشكال املناسبة ألعضاء الصورة

و األنف فإن كرب العينني مع حسن شكلها ومع قن. وكذلك أعظام األعضاء وأوضاعها وترتيبهاوكذلك تلويز العينني وحالوة شكلها وإن صغرتا . وباالعتدال وبالعظم املناسب لكرب العينني مستحسن

وكذلك دقة الشفتني مع . مع دقة األنف واعتدال شكله ومقداره إذا اجتمعا يف الوجه كان مستحسناً تكون الشفتان يف غاية الدقة لطافة الفم مستحسن إذا كانت لطافة الفم مناسبة لدقة الشفتني، أعين أن ال

. والفم ليس يف غاية الصغر، بل يكون صغر الفم معتدالً والشفتان دقيقتني ومع ذلك مناسبة ملقدار الفم

وكذلك سعة الوجه إذا كان مناسباً ملقادير أعضاء الوجه كان مستحسناً، أعين أن ال يكون الوجه يف غاية فإن الوجه إذا كان واسعاً مسرف السعة . ناسبة ملقدار مجلة الوجهالسعة وأعضاء الوجه صغاراً أعين غري م

وكانت األعضاء اليت فيه صغاراً غري مناسبة ملقداره كان الوجه غري مستحسن وإن كانت مقادير األعضاء وكذلك إن كان الوجه صغرياً ضيقاً وأعضاؤه كباراً غري مناسبة ملقداره . متناسبة وأشكاهلا مستحسنة

وإذا كانت األعضاء متناسبة ومناسبة ملقدار سعة الوجه فإن الصورة تكون . مستقبحاًكان الوجه .مستحسنة وإن مل يكن كل واحد من األعضاء على انفراده مستحسناً يف شكله ومقداره

بل التناسب فقط قد يفعل احلسن إذا مل نكن األعضاء على انفرادها مستقبحة وإن مل تكن يف غاية تمع يف الصورة حسن أشكال كل واحد من أجزائها وحسن مقاديرها وحسن تأليفها فإذا اج. حسنها

ابن اهليثم-املناظر 181

وتناسب األعضاء يف األشكال واألعظام واألوضاع ومجيع املعاين اليت يقتضيها التناسب، وكانت مع ذلك والصورة اليت حيصل فيها بعض هذه املعاين دون . مناسبة جلملة شكل الوجه ومقداره، فهو غاية احلسن

.ض يكون حسنها حبسب ما فيها من املعاين املستحسنةبع

. وكذلك اخلط ليس يكون مستحسناً إال إذا كانت حروفه متناسبة يف أشكاهلا ومقاديرها وترتيبها

.وكذلك مجيع أنواع املبصرات اليت جيتمع فيها أجزاء خمتلفة

فعل فيها من احلسن ما ليس فإذا استقرئت الصور املستحسنة من مجيع أنواع املبصرات وجد التناسب ييفعله كل واحد من املعاين اجلزئية على انفراده وما ليس تفعله املعاين اجلزئية أيضاً اليت جتتمع يف الصورة

وإذا تؤملت املعاين املستحسنة اليت تفعلها املعاين اجلزئية باقتران بعضها ببعض أيضاً . باقتران بعضها ببعض. اا إمنا يظهر لتناسب ما حيصل فيما بني تلك املعاين املقترنة وائتالفهاوجد احلسن الذي يظهر من اقتر

ألنه ليس كلما اجتمع ذلك املعنيان أو تلك املعاين حدث ذلك احلسن، بل يف بعض الصور دون بعض، ومتامه فاحلسن إمنا يكون من املعاين اجلزئية، . وهو لتناسب يؤلف بني املعنيني أو املعاين اتمعة يف الصورة

.وكماله إمنا هو من التناسب واالئتالف الذي حيدث بني املعاين اجلزئية

قد تبني من مجيع ما ذكرناه أن احملاسن والصور املستحسنة اليت تدرك حباسة البصر إمنا تكون من املعاين يدرك املعاين والبصر . اجلزئية اليت تدرك حباسة البصر ومن اقتران بعضها ببعض ومن مناسبة بعضها لبعض

فإذا أدرك البصر مبصراً من . اجلزئية اليت قدمنا ذكرها مفردة ومقترنة، ويدرك الصور املتألفة منهااملبصرات، وكان يف ذلك املبصر معىن من املعاين اجلزئية اليت قدمنا ذكرها اليت تفعل احلسن منفرداً، وتأمل

د التأمل عند احلاس وأدركت القوة املميزة حسن البصر ذلك املعىن منفرداً، حصلت صورة ذلك املعىن بعألن صورة كل مبصر من املبصرات مركبة من عدة معان من املعاين اليت قد . املبصر الذي فيه ذلك املعىن

فإذا أدرك البصر املبصر ومل مييز املعاين اليت فيه، وكان أحد املعاين اليت يف ذلك املبصر على . قدمنا تفصيلهافإذا كان . عل احلسن يف النفس، فإن البصر عند تأمل ذلك املعىن يدرك ذلك املعىن منفرداًالصفة اليت تف

وإذا حصل إدراك صورة املعىن الذي يفعل احلسن عند . ذلك املعىن منفرداً حصل ذلك اإلدراك عند احلاسذا أدرك وإ. احلاس أدركت القوة املميزة احلسن الذي فيه، فأدركت بذلك اإلدراك حسن ذلك املبصر

البصر مبصراً من املبصرات، وكان يف ذلك املبصر حسن مركب من معان مقترن بعضها بعض ومن معان مناسب بعضها لبعض، وتأمل البصر ذلك املبصر وميز املعاين اليت فيه وأدرك املعاين اليت فيه، وأدرك املعاين

ل ذلك اإلدراك عند احلاس، اليت تفعل احلسن باقتران بعضها ببعض أو مناسبة بعضها لبعض، وحصوقاست القوة املميزة تلك املعاين بعضها ببعض، أدركت حسن ذلك املبصر املركب من اقتران املعاين

ابن اهليثم-املناظر 182

فالبصر يدرك احلسن الذي يف املبصرات من قياس تلك املعاين بعضها ببعض على الصفة . املتألفة اليت فيه .اليت فصلناها

إدراك القبح

وذلك انه قد تقدم أن املعاين اجلزئية . رة اليت ختلو من كل واحد من املعاين املستحسنةفأما القبح فهو الصو. قد تفعل احلسن ولكن ليس تفعله يف كل املواضع وال يف كل الصور، بل يف بعض الصور دون بعض

فالصور اليت ليس يفعل فيها . وكذلك التناسب ليس يكون يف مجيع الصور بل يف بعض الصور دون بعضيء من املعاين اجلزئية شيئاً من احلسن على انفراد املعاين وال باقتراا وال يكون فيها شيء من التناسب ش

ألن قبح . وإذا مل يكن فيها شيء من احلسن كانت مستقبحة. يف أجزائها فليس فيها شيء من احلسنان مستقبحة، والبصر وقد جيتمع يف الصورة الواحدة معان مستحسنة ومع. الصورة هو عدم احلسن فيها

والقبح يدركه البصر من الصور . يدرك حسن احلسن منها وقبح القبيح إذا ميز املعاين اليت فيها وتأملها .وكذلك كل معىن مستقبح. اليت قد عدمت مجيع احملاسن من عدمه احلسن عند إدراكها

إدراك التشابه

ني أو املعنيني يف املعىن الذي يتشاان فيهز فأما إدراك البصر للتشابه فإن التشابه هو تساوي الصورتفإذا أدرك البصر صورتني متشاتني معاً أو . والبصر يدرك الصور واملعاين اليت يف الصور على ما هي عليه

معنيني متشاني فهو يدرك تشاهما من إدراكه لكل واحدة من الصورتني أو املعنيني، ومن قياس إحدى . ملعنيني أحدمها باآلخر، ومن إدراكه لتساويهما يف املعىن الذي فيه يتشاانالصورتني باألخرى أو ا

فالبصر يدرك التشابه يف الصور املتشاة ويف املعاين املتشاة من إدراكه لكل واحد من الصور واملعاين .على ما هي عليه، ومن قياس بعضهما ببعض

إدراك االختالف

الصور املختلفة من إدراكه لكل واحدة من الصورتني املختلفتني ومن فأما االختالف فإن البصر يدركه يفقياس إحديهما باألخرى ومن إدراكه لعدم التساوي يف هيئتهما ويف مجيع املعاين اليت فيهما اليت خيتلفان

فاالختالف يدرك حباسة البصر من إدراك البصر لكل . فيها، أعين إحساس احلاس بعدم التساوي فيهمامن الصور واملعاين على انفرادها ومن قياس بعضها ببعض ومن إحساس احلاس بعدم التساوي واحدة

.فيهما

ابن اهليثم-املناظر 183

وقد تبني . فقد أتينا على تبيني كيفيات إدراك البصر لكل واحد من املعاين اجلزئية اليت تدرك حباسة البصرد احلس ومنها ما يدرك من مجيع ذلك أن املعاين اجلزئية اليت تدرك حباسة البصر منها ما يدرك مبجر

.وهذه املعاين اليت قصدنا لتبيينها يف هذا الفصل. باملعرفة ومنها ما يدرك بالقياس واالستدالالت

الفصل الرابع

تمييز إدراك البصر للمبصرات

والبصر إمنا يدرك صور . قد تبني كيف يدرك البصر كل واحد من املعاين اجلزئية اليت تدرك حباسة البصروصور املبصرات إمنا هي مركبة من املعاين اجلزئية اليت تقدم بياا كالشكل . صرات اليت هي األجساماملب

فالبصر إمنا يدرك كل . والعظم واللون والوضع والترتيب وأمثال ذلك من املعاين اجلزئية اليت تقدم بيااوالبصر يدرك من . املعاين اجلزئيةواحد من املعاين اجلزئية من إدراكه لصور املبصرات اليت هي مركبة من

وليس يدرك البصر شيئاً من املعاين . كل صورة من صور املبصرات مجيع املعاين اجلزئية اليت يف الصورة معاًاجلزئية منفرداً، ألنه ليس ينفرد واحد من املعاين اجلزئية اليت تقدم بياا متحداً ال يقترن به غريه، ألن مجيع

يت تقدم بياا ليس توجد إال يف أجسام، واجلسم ليس ينفرد مبعىن واحد من هذه املعاين املعاين اجلزئية الدون غريها، بل ليس خيلو واحد من األجسام من أن جيتمع فيه عدة من املعاين اجلزئية املدركة حباسة

عاين فالبصر إمنا يدرك صور املبصرات، وكل واحدة من صور املبصرات مركبة من عدة من امل. البصراجلزئية، فالبصر يدرك يف كل واحدة من صور املبصرات عدة من املعاين اجلزئية منفرداً يف التخيل

فالبصر يدرك كل واحد من املعاين اجلزئية عند مالحظة املبصر مقترناً بغريه من املعاين اجلزئية، مث . والتمييز .على انفرادهمن متييزه للمعاين اليت يف الصورة يدرك كل واحد من املعاين

وقد تبني بالتفصيل والتحرير كيف يدرك البصر صور املبصرات اليت هي مركبة من املعاين اجلزئية الذي واملعاين اجلزئية اليت منها تتألف صور املبصرات منها ما . هو إدراك املعاين اجلزئية اتمعة يف الصورة معاً

ومثال ذلك النقوش . ظهر إال بعد التفقد والتأمليظهر يف حال مالحظة البصر للمبصر ومنها ما ليس يومجيع املعاين اللطيفة ليس . الدقيقة وحروف الكتابة والوشوم والغضون واختالف األلوان املتقاربة الشبه

وحقيقة صورة املبصر اليت . تظهر للبصر يف حال مالحظة البصر، وليس تظهر إال بعد التفقد والتأمل تتقوم من مجيع املعاين اجلزئية اليت تكون يف صورة املبصر اليت يصح أن تدرك حباسة البصر هي اليت

وليس تدرك حقيقة صورة املبصر اليت يصح أن يدركها البصر إال بإدراك مجيع املعاين . يدركها البصر

ابن اهليثم-املناظر 184

وإذا كان ذلك كذلك فحقيقة صورة املبصر الذي فيه معان لطيفة . اجلزئية اليت تكون يف صورة املبصر .ركها البصر إال من بعد التفقد والتأملليس يد

وأيضاً فإنه إذا كان البصر ليس يدرك املعاين اللطيفة إال بالتفقد والتأمل، وليس تظهر املعاين اللطيفة للبصر يف حال املالحظة، فإن البصر إذا أدرك مبصراً من املبصرات وأدرك صورته، ومل يكن يف ذلك املبصر

ومل يدرك البصر يف صورته شيئاً من املعاين اللطيفة، فإنه ليس يتحقق احلاس مع شيء من املعاين اللطيفة، فإذا أدرك . ذلك أن ليس يف ذلك املبصر معان لطيفة، إذ كانت املعاين اللطيفة ليس تظهر إال بالتأمل

قيقية، البصر مبصراً من املبصرات، ومل يكن يف ذلك املبصر شيء من املعاين اللطيفة، فهو يدرك صورته احلوليس يتحقق أن تلك هي صورته احلقيقية إال بعد أن . ولكن ليس يتحقق أن تلك هي صورته احلقيقية

ومن بعد تفقد مجيع . يتفقد كل جزء من أجزاء ذلك املبصر ويتحقق أنه ليس فيها شيء من املعاين اللطيفة .أجزائه يتحقق أن الذي أدركه هو صورته احلقيقية

ليس يتحقق البصر صورة املبصر إال بتفقد مجيع أجزاء املبصر وتأمل مجيع املعاين فعلى تصاريف األحوالوإذا كان ذلك كذلك فحقائق صور املبصرات اليت يدركها البصر ليس . اليت يصح أن تظهر من املبصر

.تدرك إال بالتأمل

اكاً بالبديهة وإدراكاً وإذ وقد تبني ذلك فإننا نقول إن إدراك البصر للمبصرات يكون على وجهني، إدرمث رمبا . وذلك أن البصر إذا حلظ املبصر فإنه يدرك منه املعاين الظاهرة اليت فيه يف حال مالحظته. بالتأمل

وإن مل يتأمله ويتفقد . فإن تأمله واستقرأ مجيع أجزائه حتقق صورته. تأمله من بعد ذلك ورمبا مل يتأملهققة إما هي صورته احلقيقية، وليس يتحقق أا صورته احلقيقية، مجيع أجزائه فقد أدرك منه صورة غري حم

فإذا أدرك البصر . وكثرياً ما يدرك البصر املبصر وينصرف عنه من غري تأمل. وإما هي غري صورته احلقيقيةوإذا أدرك البصر املبصر وتأمله . املبصر ومل يتأمله فإنه يدرك منه صورة غري حمققة، وهو يدركها بالبديهة

وإذا كان ذلك كذلك فإدراك البصر للمبصرات . فهو يدرك منه صورة حمققة ويكون إدراكها بالتأملواإلدراك بالبديهة هو إدراك غري حمقق واإلدراك غري . يكون على وجهني، إدراك بالبديهة وإدراك بالتأمل

.حمقق واإلدراك بالتأمل هو الذي به حتقق صور املبصرات

نقول إن التأمل الذي به تدرك حقائق صور املبصرات يكون بالبصر نفسه ويكون وإذ قد تبني ذلك فإنا وذلك أنه قد تبني يف متييز خطوط الشعاع أن الصور اليت يدركها البصر من سهم الشعاع وما . بالتمييز

رات فإذا قابل البصر مبصراً من املبص. قرب من السهم تكون أبني وأشد حتقاً مما يدرك من السموت الباقيةومل يكن املبصر يف غاية الصغر، بل كان حجمه مقتدراً، وثبت البصر يف مقابلته ومل يتحرك عليه يف حال

ابن اهليثم-املناظر 185

مالحظته، فإن ما قابل وسط البصر من ذلك املبصر وكان على السهم وعلى ما قرب من السهم يكون بصر فإنه جيد املوضع املقابل والبصر حيس ذه احلال ألنه إذا أدرك مجلة امل. أبني من بقية أجزاء املبصر

.لوسطه الذي حتصل صورته يف وسط البصر أبني من األجزاء الباقية

فإذا أدرك البصر املبصر . وقد تبني من قبل أن هذا املعىن يظهر للحس إذا كان املبصر فسيح األقطارفإذا أراد أن يتحقق صورة . وأدرك مجلته فإنه جيد صورة اجلزء املقابل لوسطه أبني من مجيع األجزاء الباقية

املبصر فهو يتحرك ويقابل بوسطه كل جزء من أجزاء املبصر وبذلك يدرك صورة كل جزء من أجزاء فاحلاس إذا . املبصر إدراكاً بيناً حمققاً،كما أدرك اجلزء الذي كان مقابالً لوسطه يف حال مالحظة املبصر

ابل بوسطه كل جزء من أجزاء املبصر جزءاً بعد أراد أن يتحقق صورة املبصر فإن البصر يتحرك حىت يق .جزء، فيدرك ذه احلركة صورة كل جزء من أجزاء املبصر على أبني ما ميكن أن يدركه

فهي متيز ألوان األجزاء واختالف ألواا إذا كانت خمتلفة . والقوة املميزة متيز مجيع ما يرد عليها من الصورد بعض وتفصيلها وهيئة كل واحد منها، ومجيع املعاين اليت تظهر األلوان، وترتيب األجزاء بعضها عن

فعلى هذه الصفة يكون . بالتأمل من املبصر وهيئة مجلة املبصر املتألفة من تلك األجزاء ومن تلك املعاينوليس تتحقق صورة . حتقق كل جزء من أجزاء املبصر على ما هي عليه وحتقق مجيع املعاين اليت يف املبصر

من أجزاء املبصر ويظهر مجيع املعاين اليت يف املبصر إال بعد حترك البصر على مجيع األجزاء أو كل جزءومع ذلك فإن البصر مطبوع على . مرور السهم أو ما قرب من السهم بكل واحد من تلك األجزاء

ملبصر حترك حركة التأمل وإمرار سهم الشعاع على مجيع أجزاء املبصر، فإذا مهت القوة املميزة بتأمل اوإذا كانت املعاين اللطيفة اليت يف املبصر ليس تظهر إال حبركة البصر . سهم الشعاع على ميع أجزاء املبصر

ومرور السهم أو ما قرب منه خطوط الشعاع على كل جزء من أجزاء املبصر، فليس حتصل صورة املبصر لة كل جزء من أجزاء املبصر بوسط حمققة عند احلاس إذا كان حجمه مقتدراً إال بتحرك البصر ومقاب

.البصر

وأيضاً فإن املبصر إذا كان يف غاية الصغر ومل يكن مقابالً لوسط البصر فليس يتم تأمله إال بعد أن يتحرك وأيضاً . البصر حىت مير السهم بذلك املبصر وحتصل صورة ذلك املبصر يف وسط البصر وتظهر ظهوراً بيناً

وإذا . عاين اليت تكون يف املبصر إال بتمييز مجيع املعاين اليت يف مجيع أجزاء املبصرفإنه ليس يدرك مجيع املكان ذلك كذلك فالتأمل الذي به تدرك حقائق صور املبصرات تكون بالبصر نفسه وتكون بالبصر

ورة والتأمل الذي به تتحقق ص. فإدراك البصر حلقيقة صورة املبصر ليس يكون إال بالتأمل. والتمييز معاًوإذا كان حجم املبصر مقتدراً فليس يتم تأمله إال بتحرك سهم الشعاع . املبصر ليس يتم إال بتحرك البصر

ابن اهليثم-املناظر 186

وإىل هذا املعىن ذهب من رأى أن اإلبصار ليس . أو ما قرب منه من خطوط الشعاع يف مجيع أقطار املبصرإمنا أراد اإلبصار احملقق الذي ليس يكون إال حبركة وأنه ليس شيء من املبصرات يبصر مجيعاً معاً، فإنه

.يكون إال بالتأمل وحبركة البصر وحبركة سهم الشعاع يف مجيع أقطار املبصر

فأما كيف يتحقق احلاس بالتأمل واحلركة صورة املبصر فالبصر إذا قابل املبصر فإنه يف حال مقابلته الً ويدرك اجلزء الذي عند طرف وحصول الصورة يف البصر فإن احلاس يدرك مجلة الصورة إدراكاً جمم

السهم إدراكاً بيناً على غاية ما يصح أن يدرك ذلك اجلزء، ويدرك مع ذلك يف هذه احلال كل جزء من مث إذا حترك البصر وانتقل السهم من اجلزء الذي كان عليه إىل . األجزاء الباقية اليت يف الصورة إدراكاً ما

ة مجلة املبصر إدراكاً ثانياً وأدرك اجلزء الذي عند طرف السهم جزء آخر أدرك احلاس يف هذه احلال صورإدراكاً ثانياً أيضاً ومع ذلك يكون إدراكه هلذا اجلزء الذي عند طرف السهم يف احلال الثانية أبني من

وكذلك إذا . ويف هذه احلال فإن احلاس يدرك أيضاً األجزاء الباقية إدراكاً ما. إدراكه يف احلال األوىلقل السهم باحلركة إىل جزء ثالث فإن احلاس يدرك يف احلال الثالثة مجلة املبصر إدراكاً ثالثاً، ويدرك انت

اجلزء الذي عند طرف السهم إدراكاً ثالثاً أيضاً، ويكون إدراكه هلذا اجلزء يف هذه احلال أبني من إدراكه اً كل جزء من األجزاء الباقية إدراكاً يف احلالتني األوليني، ومع ذلك فإن احلاس يف هذه احلال يدرك أيض

إحدامها تكرر مجلة املبصر ولك جزء من : فبحركة البصر على أجزاء املبصر حتصل للحاس حالتان. ماأجزاء املبصر، واحلال الثانية أنه يدرك كل جزء من أجزاء املبصر بسهم الشعاع وما قرب من السهم على

وإذا تكرر . ذا التبيني مجيع ما يصح أن يظهر من تلك األجزاءأبني ما ميكن أن يدركه، فيظهر للحسإدراك احلس جلملة املبصر ولكل جزء من أجزاء املبصر، وظهر مجيع ما يصح أن يظهر هلمن ذلك املبصر،

.أدرك ذه احلال مجيع ما يصح أن يدركه من ذلك املبصر ومع ذلك إدراكاً مكرراً

ر فالقوة املميزة متيز مجيع ما يظهر من ألوان األجزاء وأعظامها ويف تضاعيف هذه اجلملة وهذا التكروأبعادها وأشكاهلا وأوضاعها وتساوي ما يتساوى منها يف هذه املعاين واختالف ما خيتلف منها يف مجيع هذه املعاين أو يف بعضها ومن ترتيب األجزاء بعضها عند بعض، وتدرك من متييز مجيع هذه املعاين ومن

املعاين مبا تعرفه من أمثاهلا اهليئة املتألفة من مجيع ذلك جلملة املبصر، فيتحرر بالتكرر والتبيني قياس هذهوالتمييز مجيع املعاين اليت يف املبصر ويتشكل يف التخيل اهليئة اليت تتألف من مجيع تلك املعاين جلملة

ل اهليئة اليت تتألف من مجيع تلك املعاين وإذا حتررت مجيع املعاين اليت يف املبصر وتشكلت يف التخي. املبصرفعلى هذه الصفة يتحقق . جلملة املبصر حتققت صورة املبصر اليت ا يتخصص ذلك املبصر عند احلاس

.احلاس بالتأمل صور املبصرات

ابن اهليثم-املناظر 187

وأيضاً فإننا نقول إن البصر إذا أدرك مبصراً من املبصرات وحتققت صورته عند احلاس فإن صورة ذلك ر تبقى يف النفس وتكون متشكلة يف التخيل، وإذا تكرر إدراك البصر للمبصر كانت صورته أثبت يف املبص

النفس من صورة املبصر الذي مل يدركه البصر إال مرة واحدة أو مل يكثر إدراك البصر له، وإن البصر إذا ألشخاص أدرك شخصاً من األشخاص مث أدرك أشخاصاً أخر من نوع ذلك الشخص وتكرر إدراكه

ذلك النوع واستمر ذلك دائماً وتقررت صورة ذلك النوع يف النفس وحصلت يف النفس صورة كلية والذي يدل على أن صور املبصرات تبقى يف النفس ويف التخيل هو أن . متشكلة يف التخيل لذلك النوع

وكان ذاكراً للوقت اإلنسان إذا تذكر إنساناً يعرفه وقد شاهده من قبل ذلك واجتمع معه وحتقق صورته الذي شاهد فيه ذلك اإلنسان واملوضع الذي اجتمع معه فيه ذكراً صحيحاً، فإنه يتخيل يف احلال شخص

ذلك اإلنسان وختطيط وجهه وهيئته ونصبته اليت كان عليها يف ذلك الوقت، ويتخيل املوضع الذي شاهده . وضع الذي شاهد فيه ذلك اإلنسانفيه، ورمبا ختيل يف احلال مبصرات أخر قد كانت حاضرة يف امل

فتخيله صورة ذلك اإلنسان عند تذكره وصورة املوضع الذي شاهده فيه واحلال اليت كان عليها مع غيبة ذلك اإلنسان وغيبة ذلك املوضع دليل ظاهر على أن صورة ذلك اإلنسان وصورة ذلك املوضع حاصلة

ن بلداً قد شاهده مث غاب عنه، فإنه يتخيل صورة ذلك وكذلك إذا تذكر اإلنسا. يف نفسه وباقية يف ختيلهالبلد وصورة املواضع اليت كان فيها من ذلك البلد وصور األشخاص الذي عرفهم يف ذلك البلد، إذا كان

وكذلك ما شاهده اإلنسان من املبصرات إذا . ذاكراً جلميع ذلك مع غيبة ذلك البلد وغيبة ما شاهده فيهشاهدته هلا ذكراً صحيحاً فإنه يتخيل صورها على ما شاهدها عليه يف وقت تذكرها وكان ذاكراً مل

فتخيل اإلنسان لصور املبصرات اليت قد شاهدها من قبل وهي غائبة عنه يف حال تذكرها دليل . مشاهدا .ظاهر على أن صور املبصرات اليت قد أدركها البصر حتصل يف النفس وتتشكل يف التخيل

صر الذي يتكرر إدراك البصر له تكون أثبت يف النفس ويف التخيل من صورة املبصر فأما أن صورة املبالذي مل يتكرر إدراك البصر له فإن ذلك ألن النفس إذا ورد عليها معىن من املعاين حصلت صورة ذلك

نفس ذلك فإذا متادى الزمان على ذلك املعىن ومل يعد مرة ثانية على النفس رمبا أنسيت ال. املعىن يف النفسفإذا عاد ذلك املعىن على النفس قبل نسيانه وقبل نسيان املعاين اليت . املعىن أو أنسيت بعض املعاين اليت فيه

فيه أو مجهورها جتددت صورة ذلك املعىن يف النفس، فذكرت النفس بالصورة الثانية الصورة األوىل ورود املعىن على النفس مرات كثرية كانت فإذا تكرر . وقرب عهد النفس بذلك املعىن من الصورة الثانية

.النفس لذلك املعىن أذكر وبه آنس وكان ذلك املعىن أثبت يف النفس

وأيضاً فإنه يف أول مرة يرد املعىن على النفس أو ترد صورة املبصر على النفس رمبا مل تدرك النفس مجيع ليت فيها، فإذا عادت الصورة مرة ثانية املعاين اليت يف تلك الصورة ومل تتحققها وأدركت بعض املعاين ا

ابن اهليثم-املناظر 188

وكلما تكررت الصورة على النفس ظهر منها ما . أدركت النفس منها ما مل تكن أدركته يف املرة األوىلوإذا أدركت النفس من الصورة . مل يكن ظهر إذا مل يكن ظهر فيها مجيع املعاين اليت فيها يف أول مرة

صورا كانت أبني يف النفس وأثبت يف التخيل من الصورة اليت مل دقائق معانيها ومجيع ما فيها وحتققتتدرك النفس مجيع املعاين اليت فيها يف أول مرة مث تكرر ورود الصورة عليها، ومل تدرك فيها بعد املرة

والصورة املتحققة املتيقنة . األوىل معىن زائداً، حتققت أن الذي أدركته يف أول مرة هو حقيقة صورا أثبت يف النفس ويف التخيل من الصورة الغري حمققة، فصورة املبصر إذا تكرر إدراك البصر هلا تكون

حتققت صورا عند النفس ويف التخيل، وتكون النفس بكثرة تكرر الصورة أذكر للصورة وآنس ا، رة فلذلك تكون الصو. وبتحقق الصورة وذكر النفس هلا يكون ثبوت الصورة يف النفس ويف التخيل

.املتكررة على البصر أثبت يف النفس ويف التخيل من الصورة اليت مل يكثر إدراك البصر هلا

والذي يدل دليالً واضحاً على أن املعاين والصور إذا تكررت على النفس كانت أثبت يف النفس من العلوم أو أدباً من املعاين والصور اليت مل تتكرر على النفس هو أن اإلنسان إذا أراد أن حيفظ علماً من

اآلداب أو خرباً أو ما جيري جمرى ذلك، فإنه يكرر قراءة هذا املعىن مرات كثرية، فإذا كرر قراءته ثبت يف نفسه، وكلما كرره أكثر كان أشد ثبوتاً وأبعد نسياناً، وإذا قرأه مرة واحدة مل يثبت يف نفسه، وإن قرأه

ت نسيه سريعاً، وإذا نسي اإلنسان شيئاً كان قد حفظه فإنه إذا مرات قليلة أيضاً مل يثبت يف نفسه وإن ثبفمن االعتبار ذا املعىن يتبني . عاود درسه وكرره مرات كثرية عاد حفظه لذلك املعىن وثبت يف نفسه

بياناً واضحاً أن الصور اليت ترد على النفس كلما تكررت كانت أثبت يف النفس ويف التخيل من الصور .ر ورودها على النفساليت مل يتكر

فأما الصور الكلية اليت حتصل يف النفس ألنواع املبصرات وتكون متشكلة يف التخيل فإن لكل نوع من أنواع املبصرات هيئة وشكالً يتساوى فيها مجيع أشخاص ذلك النوع، وختتلف تلك األشخاص مبعان

واهليئة والشكل . شخاص النوع واحداًورمبا كان اللون يف مجيع أ. جزئية مما يدرك حباسة البصر أيضاًوالبصر يدرك تلك اهليئة وذلك . واللون ومجيع املعاين اليت تتقوم منها هيئة كل شخص من أشخاص النوع

الشكل ويدرك كل معىن تتساوى فيه أشخاص النوع من مجيع األشخاص اليت يدركها من أشخاص ذلك فبتكرر . ا تلك األشخاص مع اتفاقها يف املعاين الكليةالنوع، ويدرك أيضاً املعاين اجلزئية اليت ختتلف

إدراك البصر ألشخاص النوع الواحد تتكرر عليه الصورة الكلية اليت يف ذلك النوع مع اختالف الصور ومن . وإذا تكررت الصورة الكلية على النفس ثبتت يف النفس واستقرت. اجلزئية اليت لتلك األشخاص

ليت ترد مع الصور الكلية عند تكررها تدرك النفس أن الصورة اليت تتساوى فيها اختالف الصور اجلزئية ا

ابن اهليثم-املناظر 189

فعلى هذه الصفة يكون حصول الصور الكلية . مجيع أشخاص ذلك النوع هي صورة كلية لذلك النوع .اليت يدركها البصر من أنواع املبصرات يف النفس ويف التخيل

يت قد أدركها البصر تبقى يف النفس وتثبت يف التخيل، فصور أشخاص املبصرات وصور أنواع املبصرات الوكلما تكرر إدراك البصر هلا كانت صورته أثبت يف النفس ويف التخيل، ومن الصور احلاصلة يف النفس

ومعول احلاس واعتماده يف إدراك مائيات . ألنواع املبصرات وأشخاصها تكون معرفة احلاس باملبصرات ور احلاصلة يف النفس، ألن إدراك مائيات املبصرات ليس يكون إال املعرفة، املبصرات إمنا هو على الص

واملعرفة إمنا هي من قياس الصورة اليت يدركها البصر يف احلال بالصورة الثابتة يف التخيل من صور املبصرات اليت أدركها البصر من قبل ومن إدراك تشبه الصورة املدركة يف احلال بإحدى الصور احلاصلة

فإدراك مائية املبصر إمنا هو إدراك تشبه صورة املبصر بصورة من الصور املستقرة يف النفس . التخيليففمعول احلاس من إدراك مائيات املبصرات إمنا هو على الصور الكلية . الثابتة يف التخيل ألنواع املبصرات

ا هو على صور األشخاص احلاصلة يف النفس ألنواع املبصرات ومعوله يف معرفة أشخاص املبصرات إمنوالقوة املميزة . احلاصلة يف النفس لكل واحد من األشخاص اليت قد أدركها البصر من قبل وختيل صورها

مطبوعة على تشبيه صور املبصرات يف حال اإلبصار بالصورة الثابتة يف التخيل اليت قد اقتنتها النفس من فإذا وجدت يف التخيل . لصور احلاصلة يف التخيلصور املبصرات فإن القوة املميزة تطلب شبهه يف ا

صورة تشبه صورة ذلك املبصر عرفت ذلك املبصر وأدركت مائيته، وإن مل جتد يف الصور احلاصلة يف ولسرعة تشبيه القوة . التخيل صورة تشبه صورة ذلك املبصر فليس تعرف ذلك املبصر وال تدرك مائيته

ر رمبا عرض هلا الغلط فتشبه املبصر بغريه من املبصرات إذا كان يف املميزة لصورة املبصر يف حال اإلبصامث تأملت ذلك املبصر من بعد هذه احلال وحتققت صورته شبهته . املبصر معىن من املعاين هو يف ذلك الغري

هذه فعلى . بصورته الشبيهة به يف احلقيقة، ويتبني هلا يف احلال الثانية أا كانت غالطة يف التشبيه األول .الصفات تدرك مائيات املبصرات حباسة البصر

إدراكاً مبجرد : وإذ قد تبينت مجيع هذه املعاين فإنا نقول إن إدراك املبصرات بالتأمل يكون على وجهنيأما اإلدراك الذي مبجرد التأمل فهو إدراك املبصرات الغريبة اليت . التأمل وإدراكاً بالتأمل مع تقدم املعرفة

فإن البصر إذا . البصر من قبل، واملبصرات اليت أدركها البصر من قبل وليس هو ذاكراً ملشاهدامل مييزهاأدرك مبصراً من املبصرات ومل يكن رأى ذلك املبصر من قبل ذلك الوقت ومل يكن رأى مبصراً من نوعه،

عاين اليت فيه فيدرك وأراد الناظر أن يتحقق صورة ذلك املبصر، فإنه يتأمله ويستقرئ بالتأمل مجيع املفإذا مل يكن رأى ذلك املبصر من قبل ذلك الوقت ومل ير شيئاً . بالتأمل صورته احلقيقية اليت تدرك بالبصر

ابن اهليثم-املناظر 190

من نوعه فإنه عند إدراك صورته ليس يعرف صورته، فهو يقتين بالتأمل صورة حقيقته، وال يكون مع وكذلك إذا . بصرات إمنا هو مبجرد التأمل فقطذلك قد عرفه، فيكون حتققه لصورة ما هذه صفته من امل

أدرك البصر مبصراً من املبصرات وكان قد شاهد ذلك املبصر من قبل ومل يكن ذاكراً ملشاهدته فإنه عند تأمله إذا مل يكن ذاكراً لصورته األولة فليس يعرف صورته يف احلال الثانية فيكون إدراكه للمبصر الذي

.ذه الصفة مبجرد التأمل

فأما اإلدراك الذي يكون بالتأمل مع تقدم املعرفة فهو إدراك مجيع أنواع املبصرات اليت قد أدركها البصر من قبل وأدرك مبصرات من نوعها وحصلت صور أنواعها وأشخاصها يف النفس والنفس ذاكرة هلا

ليت قد أدركها من قبل فإذا أدرك البصر مبصراً من املبصرات ا. ولصورها إذا استأنفت تأملها مع معرفتهاذلك الوقت وأدرك شيئاً من أنواعها فإنه يف حال مالحظة ذلك املبصر قد أدرك مجلة صورته اليت يدركها

فإذا كان قد . بالبديهة، مث باليسري من التأمل قد أدرك مجلة هيئته اليت هي الصورة الكلية اليت ختص نوعهبصر وقد حصلت صورة نوع ذلك املبصر يف نفسه أدرك من قبل ذلك الوقت مبصرات من نوع ذلك امل

وكان ذاكراً للصورة الكلية اليت لنوع املبصر، فإنه يعرف الصورة الكلية اليت أدركها من ذلك املبصر يف حال إدراكها، ويف حال معرفته بالصورة الكلية اليت يدركها من ذلك املبصر قد عرف ذلك املبصر

فإن مل يكن شاهد ذلك املبصر . باقية اليت يف ذلك املبصر حتقق صورته اجلزئيةمث إذا تأمل املعاين ال. بالنوعبعينه قبل ذلك الوقت أو كان شاهده ومل يكن ذاكراً ملشاهدته ولصورته اليت أدركها عند املشاهدة

األولة، مل يعرف الصورة اجلزئية، وإذا مل يعرف الصورة اجلزئية مل يعرف املبصر نفسه، فتكون معرفته وإن كان . لذلك املبصر بالنوع فقط، ويقتين من تأمله وحتقق صورته صورته اجلزئية اليت ختص شخصه

شاهد ذلك املبصر قبل ذلك الوقت مع مشاهدته ألشخاص من نوعه وكان ذاكراً ملشاهدته وللصورة اليت زئية يف حال أدركها من قبل من ذلك املبصر، فإنه إذا أدرك صورته اجلزئية فإنه يعرف الصورة اجل

إدراكها، ويف حال معرفة الصورة اجلزئية قد عرف املبصر، فيتحقق بإدراك صورته اجلزئية صورة املبصر، وإن كان قد شاهد . ومع ذلك يعرف املبصر نفسه، وتكون معرفته لذلك املبصر بالنوع وبالشخص مجيعاً

فقط، ومل تتميز له الصورة الكلية ذلك املبصر من قبل ومل يشاهد من نوع ذلك املبصر غري ذلك الشخص اليت لنوع ذلك املبصر، فإنه إذا أدرك ذلك املبصر وأدرك املعاين الكلية اليت يف ذلك املبصر اليت تعم نوع

فإذا أدرك املعاين الباقية . ذلك املبصر فإنه ال يعرف ذلك املبصر وال يدرك مائيته من إدراك صورته الكلية صورته اجلزئية وكان ذاكراً للصورة اجلزئية اليت أدركها من ذلك املبصر، فإنه اليت يف ذلك املبصر وأدرك

يعرف الصورة اجلزئية عند إدراكها، وإذا عرف الصورة اجلزئية عرف املبصر بعينه وتكون معرفته لذلك فإدراك . وليس يدرك شيء من املبصرات بالتأمل إال على إحدى هذه الصفات. املبصر بالشخص نفسه

ابن اهليثم-املناظر 191

. املبصرات إذن بالتأمل يكون على وجهني، إدراكاً مبجرد التأمل وإدراكاً بالتأمل مع تقدم املعرفةمجيع

.واملعرفة قد تكون بالنوع فقط وقد تكون بالنوع وبالشخص معاً

وأيضاً فإن اإلدراك بالتأمل ليس يكون إال يف زمان، ألن التأمل إمنا هو بالتمييز وحركة البصر، والتمييز وقد تبني أيضاً . يكون إال يف زمان واحلركة ليس تكون إال يف زمان، فالتأمل ليس يكون إال يف زمانليس

فيما تقدم أن اإلدراك باملعرفة واإلدراك بالتمييز ليس يكون إال يف زمان، وإذ قد تبني أيضاً فيما تقدم أن د تبني أن إدراك املبصرات بالتأمل يكون اإلدراك باملعرفة واإلدراك بالتمييز ليس يكون إال يف زمان، وإذ ق

مبجرد التأمل ويكون بالتأمل مع تقدم املعرفة، وأن ما يدرك بالتأمل وما يدرك باملعرفة ليس يدرك إال يف زمان، فإننا نقول إن اإلدراك الذي يكون بالتأمل مع تقدم املعرفة يكون يف أكثر األحوال يف زمان أقصر

وذلك أن املعاين القائمة يف النفس وحاضرة للذكر ليس . اإلدراك مبجرد التأملمن الزمان الذي يكون فيه حيتاج يف معرفتها عند حضورها إىل استقراء مجيع املعاين اليت منها تتقوم حقيقتها، بل يقنع يف إدراكها

من املعاين فإذا أدركت القوة املميزة من الصورة اليت ترد إليها معىن. إدراك معىن من املعاين اليت ختصهااليت ختص تلك الصورة وكانت ذاكرة للصورة األولة، فإا تعرف باخلاصة مجيع الصور اليت وردت

.عليها، ألن كل معىن خيص الصورة فهو أمارة تدل على تلك الصورة

ومثال ذلك شخص اإلنسان إذا أدركه البصر فإنه إذا أدركه البصر فإنه إذا أدرك ختطيط يده فقط قد وكذلك إن أدرك ختطيط . ن إنسان قبل أن يدرك ختطيط وجهه وقبل أن يدرك ختطيط بقية أجزائهأدرك أفمن إدراك البصر لبعض املعاين اليت . وكذلك إن أدرك ختطيط وجهه قبل أن يدرك بقية أجزائه. رجله

ه يدرك بقية ختص هيئة اإلنسان قد أدرك أن ذلك املبصر إنسان من غري حاجة إىل إدراك بقية أجزائه، ألنوكذلك الشخص املعني الذي شاهده . أجزائه بتقدم املعرفة من الصور احلاصلة يف النفس هليئة اإلنسان

البصر من قبل إذا أدرك البصر بعض املعاين اليت ختص صورته اجلزئية كفطسة تكون يف أنفه إن كان من إدراك بعض هذه األمارات مع إنساناً أو زرقة يف عينه أو قرنة يف حاجبه أو غضون يف جبهته، فإنه

وكذلك الفرس يعرفه بشينة أو ببعض شينة أو ببلقة . إدراكه جلملة صورته قد أدرك ذلك الشخص وعرفهوكذلك الكتابة فإن الكاتب املاهر بالكتابة إذا أدرك صورة أجبد . تكون يف موضع منه أو بغرة غي جبهته

وكذلك مجيع . ل أن يستقرئ حروفها قد أدرك أا أجبدفقد أدرك أا أجبد من مجلة صورا، ومن قبكلمات الكتابة اليت تتكرر على الكتاب يعرفها الكاتب يف حال إدراكها من إدراك بعض حروفها ومن

.قبل أن يستقرئ كل حرف من حروفها

ابن اهليثم-املناظر 192

ارات، وليس واملبصرات اليت تقدم إدراك البصر هلا وهو عارف بصورها وذاكر هلا قد يدركها البصر باألم. كذلك املبصرات الغريبة اليت مل يرها البصر من قبل واملبصرات اليت قد شاهدها البصر وأنسي مشاهدا

فإن البصر إذا أدرك مبصراً مل يره من قبل ذلك الوقت، ألنه ليس عنده لبقية أجزائه، فليس يدرك من ذلك ة مستقرة، فليس يدرك البصر حقيقة املبصر البعض مائية ذلك املبصر، ألنه ليس عنده لبقية أجزائه صور

وكذلك املبصر الذي شاهده البصر . الذي مل يره من قبل إال باستقراء مجيع أجزائه ومجيع املعاين اليت فيهوإدراك . من قبل وليس هو ذاكراً ملشاهدته ليس يتحقق صورته إال بعد أن يتأمل مجيع املعاين اليت فيه

. ة تكون يف زمان أقصر من الزمان الذي تدرك فيه مجيع املعاين اليت يف الصورةبعض املعاين اليت يف الصور

واإلبصار الذي يكون بالتأمل مع تقدم املعرفة قد يكون يف أكثر األحوال يف زمان أقصر من الزمان الذي اية السرعة يكون فيه اإلبصار مبجرد التأمل، وهلذه العلة صار البصر يدرك املبصرات املألوفة إدراكاً يف غ

ويف زمان خفي عن احلس وال يكون بني مقابلة البصر للمبصر وبني إدراكه ملائية املبصر املألوف زمان وذلك أن اإلنسان منذ الطفولية ومنذ مبدأ النشوء يدرك املبصرات وتتكرر . حمسوس يف أكثر األحوال

وقد تبني أن صور املبصرات . راتعليه أشخاص املبصرات وتتكرر عليه الصور الكلية اليت ألنواع املبصاليت يدركها البصر حتصل يف النفس وتتشكل يف التخيل ، وأن الصور اليت تتكرر على ابصر تثبت يف

فجميع املبصرات املألوفة مجيع األنواع املألوفة ومجيع املعاين املشهورة . النفس ويستقر تشكلها يف التخيلفإذا أدرك البصر مبصراً من . يف التخيل وحاضرة للذكرقد حصلت صورها مستقرة يف النفس ومتشكلة

املبصرات املألوفة وأدرك مجلة صورته وأدرك من بعد اجلملة أمارة ختص ذلك املبصر يف حال إدراكه لتلك األمارة، ويكون إدراكه املبصر بتقدم املعرفة وباليسري من التأمل الستئناف تأمل مجيع املعاين اليت فيه يف

واملبصرات املألوفة يدركها البصر ويدرك مائياا باألمارات وبتقدم املعرفة، . ه الذي عرفه فيهحال إدراكفيكون إدراكه ملائياا يف أكثر األحوال يف زمان غري حمسوس، ألنه يكون باليسري من التأمل ومن إدراكه

.بعض املعاين اليت فيها بالتأمل

. كون يف زمان أقصر من الزمان الذي يدرك فيه شخصية املبصروأيضاً فإن إدراك البصر لنوعية املبصر ي

وذلك أن املبصر إذا أدرك شخصاً من أشخاص الناس فإنه يدرك إنساناً قبل أن يدرك صورته اجلزئية اليت وقد يدرك أنه إنسان وإن مل يدرك ختطيط وجهه بل من انتصاب قامته وترتيب أعضائه قد . ختص شخصه

وكذلك أنواع املبصرات املألوفة يدرك البصر نوعية الشخص منها . مل مييز وجههأدرك أنه إنسان وإن وليس كذلك إدراك شخصية املبصر، فإن شخصية املبصر ليس . ببعض األمارات اليت ختص ذلك النوع

وإدراك املعاين اجلزئية اليت . تدرك إال من إدراك املعاين اجلزئية اليت ختص شخص املبصر ومن إدراك بعضها. ختص الشخص ليس تدرك إال من بعد إدراك املعاين الكلية اليت يف ذلك الشخص أو إدراك بعضها

ابن اهليثم-املناظر 193

. وباجلملة فإن املعاين اليت يف الصورة الكلية اليت لنوع الشخص هي بعض املعاين اليت يف صورته الشخصية

نوعية املبصر يكون يف وإدراك البعض يكون يف زمان أقل من الزمان الذي يدرك فيه الكل، فإدراك البصر ل .زمان أقصر من الزمان الذي يدرك فيه شخصية ذلك املبصر

وأيضاً فإن املبصرات املألوفة ختتلف أزمان إدراك نوعياا، ألن أنواع املبصرات املألوفة منها ما يشتبه ليس تشتبه فإن اإلنسان : كنوع اإلنسان ونوع الفرس. بغريها من األنواع ومنها ما ليس يشتبه بغريه

صورة نوعه بنوع غريه من احليوان، وليس كذلك الفرس، ألن الفرس يشبهه كثري من الدواب يف مجلة وليس الزمان الذي يدرك فيه البصر من شخص اإلنسان نوعيته ويدرك أنه إنسان كالزمان الذي . هيئته

ل واحد من هذين من يدرك فيه من شخص الفرس ونوعيته ويدرك أنه فرس، وخاصة إذا كان إدراكه لكبعد مقتدر، ألن البصر إذا أدرك شخص اإلنسان متحركاً فإنه يف احلال من انتصاب قامته مع حركته قد

وليس كذلك إذا . أدرك أنه إنسان، فمن احلركة يدرك أنه حيوان ومن انتصاب القامة يدرك أنه إنساناً، وأدرك مع مجلة ذلك هيئته أدرك شخص الفرس فإن البصر إذا أدرك شخص الفرس وأدركه متحرك

وعدد قوائمه، فليس يدرك من مجيع ذلك أنه فرس، ألن هذه املعاين هي يف كثري من ذوات األربع وهي تساوي الفرس يف هذه املعاين وغريها، وخاصة البغل فإنه يشبه الفرس يف أكثر أحواله، وإمنا يتميز الفرس

فإن مل . جهه وامتداد عنقه وسرعة حركته وسعة خطوهعن البغل مبعاين ليست بكل الظاهرة كتخطيط و. يدرك البصر واحداً من هذه املعاين اليت يتميز ا الفرس مع إدراكه جلملة هيئته فليس يدرك أنه فرس

وليس الزمان الذي يدرك البصر فيه انتصاب قامة اإلنسان كالزمان الذي يدرك فيه هيئة الفرس مع املعاين وإدراك البصر لنوعية اإلنسان يكون يف زمان أقصر من الزمان الذي . ا الفرس عن غريهاجلزئية اليت يتميز

.يدرك فيه نوعية الفرس، وإن كان الزمانان قصريين وأحدمها على تصاريف األحوال يزيد على اآلخر

لورد للون وكذلك إذا أدرك البصر توريد الورد يف بعض البساتني فإنه يدرك يف احلال أن ذلك املبصر هو االذي خيص الورد مع كونه يف البستان، من قبل إدراكه الستدارة أوراقه وتراصف األوراق بعضها على

وإن كان يشبه الورد غريه من األنوار فإنه . بعض، وقبل إدراك مجيع املعاين اليت تتقوم منها صورة الورد إذا أدرك البصر خضرة الرحيان وليس كذلك. يدرك على كل حال أنه نور، ال من ورق الشجر والنبات

يف البستان، فإن البصر إذا أدرك من الرحيان خضرته فقط مع كونه يف البستان فليس يدرك من إدراك اخلضرة فقط أنه رحيان، ألن أكثر النبات أخضر، ومع ذلك فإن كثرياً من النبات يشبه الرحيان يف اخلضرة

يدرك من الرحيان شكل أوراقه وتكاثفها واملعىن الذي فإن مل. والشكل، كالنمام وأمثاله من النباتوليس الزمان الذي يدرك فيه البصر أشكال أوراق الرحيان . يتخصص به الرحيان فليس يدرك أنه رحيان

ابن اهليثم-املناظر 194

. واملعاين اليت يتخصص ا الرحيان، مع إدراك خضرته، كالزمان الذي يدرك فيه من الورد توريده فقط

بهة، ليس يدرك البصر مائيتها إال بفضل تأمل، واملبصرات القليلة الشبه يدرك وكذلك مجيع األنواع املشتوكذلك األشخاص، فإن الشخص الذي يعرفه البصر وال يشبهه غريه . البصر مائيتها باليسري من التأمل

من األشخاص اليت يعرفه البصر ويشبهه غريه من األشخاص اليت يعرفها البصر يكون إدراك البصر له .تأملبفضل

فجميع املبصرات املألوفة يدرك البصر نوعياا وشخصياا باليسري من التأمل مع تقدم املعرفة، ويكون إدراكها يف أكثر األحوال يف زمان غري حمسوس، وختتلف مع ذلك أزمان إدراكها حبسب اختالف أنواعها

يكون إدراك نوعية ما واختالف أشخاصها، ويكون إدراك نوعية الشخص أسرع من إدراك شخصيته، ويقل شبهه من األنواع أسرع من إدراك نوعية ما يكثر شبهه، ويكون إدراك شخصية الشخص القليل

.الشبه أسرع من إدراك شخصية الشخص الكثري الشبه

ومثال ذلك أن البصر إذا أدرك . وأيضاً فإن زمان التأمل خيتلف حبسب املعاين اليت تتأمل من املبصراتكثري األرجل وكانت أرجله صغاراً وكان متحركاً، فإن البصر إذا أدركه وتأمله باليسري من التأمل حيواناً

يدرك حركته، وإذا أدرك حركته فقد أدرك أنه حيوان، مث باليسري من التأمل إذا تأمل أرجله فقد أدرك انه ال كم عدد أرجله، فإن كثري األرجل من إدراكه للتفرق الذي بني أرجله، ومع ذلك فليس يعرف يف احل

فإدراكه حليوانيته يكون يف زمان . أراد أن يعرف كم عدد أرجله احتاج إىل فضل تأمل وفضل زمانيسري، مث إدراكه لكثرة أرجله يكون يف زمان يسري أيضاً، وعدد أرجله ليس يدركه إال بعد أن يثبت

زمان له قدر، ويكون مقدار الزمان البصر على واحد واحد من األرجل ويعدها، وليس يكون ذلك إال يفوكذلك إذا أدرك البصر شكالً مستديراً وكان يف داخله شكل كثري . أيضاً حبسب كثرة األرجل وقتلها

األضالع وكانت أضالع ذلك الشكل صغاراً وكان مع ذلك خمتلف األضالع اختالفاً متقارباً ومل يكن أدرك أنه مستدير، وليس يدرك يف احلال أن يف داخله متفاوتاً، فإنه يف حال إدراكه جلملة الشكل قد

وإذا تأمل الشكل املستدير فضل تأمل ظهر له . شكالً مضلعاً إن كانت أضالع الشكل يف غاية الصغرفيكون إدراكه الستدارة الشكل املستدير أسرع من إدراكه للشكل املضلع .الشكل املضلع الذي يف داخله

راكه للشكل املضلع ليس يظهر اختالف أضالع ذلك الشكل وال يتميز له مث يف حال إد. الذي يف داخلهأا متساوية أو خمتلفة، وليس يظهر اختالف أضالع الشكل املضلع، إذا كانت أضالعه صغاراً وكان

.االختالف الذي بينها متقارباً وليس باملتفاوت، إال بفضل تأمل ويف زمان له قدر

. يتأمل شكل مجلة املبصر فيكفيه أن مير البصر على حميط املبصر فقطوأيضاً فإن احلاس إذا أراد أن

ابن اهليثم-املناظر 195

وكذلك إذا أراد أن يتأمل خشونة . وكذلك إذا أراد أن يتأمل لون املبصر فيكفيه أن مير البصر عليه إمراراًلك وليس كذ. سطح املبصر أو مالمسته أو شفيفه أو كثافته فإنه يكفيه أن مير البصر عليه إمراراً سريعاً

املعاين اخلفية واملعاين اللطيفة اليت تكون يف املبصرات، كأشكال كل واحد من أجزاء املبصرات وتشابه أشكاهلا، ومقادير األجزاء واختالف األجزاء واختالف مقاديرها، واختالف ألواا وتشاها، وترتيب

إن املعاين ليس تدرك بالتأمل ف. األجزاء الصغار بعضها عند بعض إن كان يف املبصر أجزاء صغار متميزةإال بعد أن يثبت البصر على كل واحد من األجزاء، ويدور حول شكل كل واحد من أشكال تلك

وليس يتم ذلك ويتحرر يف زمان يسري وحبركة سريعة، . األجزاء، ويقيس كل واحد من األجزاء باآلخرللمعاين املبصرة ختتلف أزمانه حبسب فتأمل البصر . بل يف زمان له قدر وكذلك مجيع املعاين اللطيفة

.اختالف املعاين املتأملة

وإذ قد تبني مجيع ذلك فإننا نقول إن اإلبصار الذي يكون بتقدم املعرفة، إذا كان باألمارات واليسري من وذلك أن إدراك . التأمل، ومل يستأنف البصر تأمل مجيع املعاين اليت يف املبصر، فليس هو إدراكاً حمققاً

املبصر بتقدم املعرفة وباألمارات إمنا يدرك به مجلة املبصر على ما هي عليه، وتدرك القوة املميزة املعاين اجلزئية اليت يف ذلك املبصر على الصفة اليت تعرفها لذلك املبصر من الصورة األولة اليت هي حاصلة يف

بصرات مبرور الزمان، ومع ذلك فليس يدرك وقد تتغري املعاين اجلزئية اليت تكون يف امل. النفس لذلك املبصروإذا كان التغري خفياً وليس بكل الظاهر فليس يدركه . البصر املعاين اليت تتغري من املبصر بتقدم املعرفة

ومثال ذلك أن البصر إذا كان . البصر بالبديهة، وليس يدرك التغري إذا مل يكن يف غاية الظهور إال بالتأملانت صورة ذلك اإلنسان سليمة، وكان البصر يتحقق صورته، مث غاب ذلك يعرف إنساناً ما، وك

اإلنسان عن البصر مدة من الزمان فحدث يف وجهه يف زمان غيبته منش أو آثار أو كلف، وكان ذلك النمش أو تلك اآلثار خفية ومل تكن يف غاية الظهور، مث أدرك البصر هذا الشخص من تلك اآلثار خفية

ة الظهور، مث أدرك البصر هذا الشخص من بعد هذه احلال وعرفه يف حال إدراكه، فإنه ومل تكن يف غاييف حال إدراكه لذلك الشخص ومعرفته به ليس يدرك النمش الذي حدث يف وجهه أو اآلثار اليت حدثت

فإذا شاهده وعرفه ومل . فيه إذا مل تكن بكل الظاهرة، وهو يعرف صورة ذلك املبصر سليمة من اآلثارمث إن مل يستأنف تأمله . يستأنف تأمله فهو يعتقد فيه أنه سليم الصورة ملا قد عرفه من صورته من قبل

يكون قد أدرك ذلك املبصر على خالف ما هو عليه، وإن تأمله فضل تأمل ظهرت له اآلثار اليت يف وجهه .وأدرك صورته على ما هي عليه

وحتقق صورا مث غاب عنها أياماً فنمت تلك الثمرة يف وكذلك إن أدرك البصر مثرة من الثمار وتأملها

ابن اهليثم-املناظر 196

تلك األيام وزاد مقدارها وتغري شكلها، أو كان يف جزء منها محرة فزاد اجلزء احملمر منها أو اشتدت محرته، ومل تكن الزيادة والتغيري الذي حدث يف الثمرة تغرياً يسرياً، مث عاد البصر إىل تلك الثمرة وشاهدها

وإن استأنف تأملها . إنه يف حال إدراكها ومعرفته ا ليس يدرك التغري اليسري الذي حدث فيهاوعرفها، فيف احلال الثانية، وكان ذاكراً مع ذلك حلقيقة صورا يف احلالة األوىل، فإنه يدرك التغري الذي حدث فيها

اليت أدركها من تلك الثمرة وإن مل يستأنف تأملها فليس تكون الصورة. ويتحقق صورا يف احلال الثانية .بتقدم املعرفة هي صورا احلقيقية اليت هي عليها يف حال إدراكه هلا يف الثاين

وكذلك إن أدرك البصر جداراً يف بعض املواضع وكان ذلك اجلدار أملس وكانت فيه نقوش وتزايني، يف ذلك اجلدار تغري من وتأمل البصر ذلك اجلدار وحتقق صورته، مث غاب عن ذلك املوضع مدة، وحدث

خشونة سطحه أو تشعث بعض النقوش اليت فيه، ومل يكن التشعث بكل الظاهر، مث عاد البصر إىل ذلك املوضع وشاهد ذلك اجلدار، وكان ذاكراً لصورته األولة وملشاهدته، فإنه يف حال مشاهدته ومعرفته ليس

فإن كان . صفة ليس فيها ذلك التشعيثيدرك التشعيث اخلفي الذي حدث فيه، وهو يعرف صورته علىحدث فيه خشونة فهو يظنه أملس كما عهده، وإن كانت نقوشه يف األول كانت حمققة مث تغريت فهو

فهو يف حال إدراكه لذلك اجلدار ومعرفته به يدرك صورته باملعرفة، فإن . يظن بنقوشه يف الثاين أا حمققةالف ما هي عليه، وإن استأنف تأمله ظهرت له املعاين اليت مل يستأنف تأمله فقد أدرك صورته على خ

.تغريت من ذلك الدار وأدرك صورته على ما هي عليه

ومجيع املبصرات اليت يف اليت يف عامل الكون والفساد قابلة لتغري يف ألواا ويف أشكاهلا ويف أعظامها ويف ويف كثري من املعاين اجلزئية اليت تكون فيها، ألن هيئاا ويف مالستها وغفي خشونتها ويف ترتيب أجزائها

فالتغري طبيعي هلا، . طبيعتها مستحيلة متغرية، وألا مع ذلك متهيئة لالنفعال مبا يعرض فيها من خارجوالتغري الذي يصح أن يدركه البصر ممكن يف مجيعها وإن كان فيها ما ليس ميكن أن يظهر للبصر تغريه يف

فليس شيء . يء منها ليس ميكن أن يعرض له من خارج تغري يصح أن يظهر للبصراالستحالة، فليس شوإذا كانت مجيع . من املبصرات اليت يف عامل الكون والفساد ليس ميكن أن يقبل تغرياً يظهر للبصر

املبصرات متهيئة للتغري وميكن أن تتغري تغرياً ظاهراً للبصر، فليس شيء من املبصرات اليت يدركها البصر

وقد تقدم إدراكه هلا وحتقق صورته وهو ذاكر لصورها يكون واثقاً عند إدراكه هلا يف الثاين بأنه على فإذا أدرك . صورته اليت كان عليها يف األول ومل حيدث فيه تغري، إذ كان التغري ممكناً يف مجيع املبصرات

وقت وتأمله وحتقق صورته، البصر مبصراً من املبصرات، وكان قد أدرك ذلك املبصر من قبل ذلك الفإن كان قد حدث يف ذلك املبصر . وكان ذاكراً لصورته، فإنه يف حال مشاهدته قد أدركه وقد عرفه

ابن اهليثم-املناظر 197

وإن مل يكن حدث فيه تغري ظاهر فهو يعرفه ويظنه عند . تغري ظاهراً أدرك ذلك التغري يف حال مشاهدتهمل يستأنف تأمله فليس هو واثقاً بأن صورته اليت معرفته على الصفة اليت يعرفها منه، ومع ذلك فإنه إذا

يعرفها منه باقية على هيئتها ومل يتغري شيء منها، إذ كان ممكناً أن يكون قد حدث فيه تغري خفي ال يظهر إال بالتأمل، فإن استأنف تأمله حتققت له صورته، وإن مل يستأنف تأمله فليس يكون بإدراكه لذلك املبصر

فإدراك البصر للمبصرات بتقدم املعرفة وباألمارات وباليسري من التأمل ليس . اً لصورتهومعرفته به متحققهو إدراكاً حمققاً، وليس يدرك البصر املبصر إدراكاً حمققاً إال بتأمل املبصر يف حال إدراكه لذلك املبصر

.بصروبتفقد مجيع املعاين الين يف ذلك املبصر ومتييز مجيعها يف حال إدراكه لذلك امل

واإلبصار بالبديهة يدرك به املبصر املعاين . إبصار بالبديهة وإبصار بالتأمل: فاإلبصار يكون على وجهنيواإلبصار بالبديهة يكون مبجرد البديهة وقد يكون . الظاهرة فقط، وليس يتحقق بالبديهة صورة املبصر

صرات اليت ال يعرفها البصر يف حال واإلبصار مبجرد البديهة هو إبصار املب. بالبديهة مع تقدم املعرفةواإلبصار بالبديهة مع تقدم املعرفة هو إبصار املبصرات اليت . مالحظتها وال يتأملها مع ذلك يف احلال

وعلى كلى . تقدمت معرفة البصر ا إذا عرفها البصر يف حال مالحظتها ومل يستأنف مع ذلك تأملها .ملبصر، تقدمت معرفته باملبصر أو مل تتقدم معرفته بهاحلالني ليس يدرك البصر بالبديهة حقيقة ا

إبصار مبجرد التأمل هو إبصار املبصرات اليت مل يدركها البصر من : واإلبصار بالتأمل يكون على وجهنيواإلبصار بالتأمل مع تقدم املعرفة هو إبصار . قبل، أو ليس يذكر إدراكه هلا إذا تأملها يف حال إدراكها

اليت قد أدركها البصر من قبل، وهو ذاكر إلبصارها، إذا استأنف مع معرفتها تأملها مجيع املبصرات أحدمها هو اإلبصار املألوف للمبصرات املألوفة، : وهذا اإلبصار ينقسم قسمني. واستقرأ املعاين اليت فيها

يف املبصر مع تقدم وهذا القسم يكون باألمارات اليت تدرك باليسري من التأمل، واستقراء بعض املعاين اليت ويكون هذا اإلبصار يف أكثر األحوال يف زمان غري حمسوس، وليس يكون ما يدرك على هذه . املعرفة

والقسم الثاين الذي يكون بغاية التأمل واستقراء مجيع املعاين اليت يف املبصر . الصفة إدراكاُ يف غاية التحقيقصر، ويكون يف األكثر يف زمان حمسوس، وخيتلف زمانه يف حال إدراك املبصر مع تقدم املعرفة بذلك املب

واإلبصار الذي ذه الصفة هو الذي تدرك به املبصرات املألوفة . حبسب املعاين اليت تكون يف املبصر .إدراكاً يف غاية التحقيق

ل مجيع املعاين وباجلملة فإنه ليس يدرك البصر شيئاً من املبصرات إدراكاً حمققاً على غاية التحقيق إال بتأماليت يف املبصر وتفقد مجيع أجزاء املبصر ومتييز مجيع املعاين اليت يف املبصر يف حال إدراك البصر للمبصر،

وهذا التحقيق هو باإلضافة إىل احلس، ومعىن حمققاً ومعىن غاية . تقدمت املعرفة بذلك املبصر أو مل تتقدم

ابن اهليثم-املناظر 198

ومعىن غاية التحقيق يف هذه املواضع هو غاية ما يدركه التحقيق هو باإلضافة إىل احلس، ومعىن حمققاًومع مجيع ذلك فإن إدراك البصر للمبصرات يكون حبسب قوة البصر، فإن األبصار خيتلف . احلس

.إحساسها يف القوة والضعف

وهذه هي مجيع أنواع اإلبصار، وهو الذي قصدنا . فعلى هذه الصفات يكون إدراك البصر للمبصراتوقد أتينا على تفصيل مجيع املبصرات وتفصيل مجيع املعاين املبصرة، وبينا مجيع . هذا الفصللتبيينه يف

املعاين اليت ا يتوصل البصر إىل إدراك املبصرات وإىل إدراك املعاين املبصرة، وميزنا مجيع األقسام اليت إليها . هذه املقالةوهذه هي املعاين اليت قصدنا لتبيينها يف. تنقسم مجيع أنواع اإلبصار

متت املقالة الثانية من كتاب احلسن بن احلسن يف املناظر وانتهى النسخ عشية األحد الثامن والعشرين من مجادى األخرى سنة ست وسبعني وأربعمائة بالبصرة وكتب أمحد بن حممد بن جعفر حامداً هللا ومصلياً

.على خري خلقه حممد النيب وآله وصحبه

المقالة الثالثة

أغالط البصر

فيما يدركه على استقامة وعللها

بسم اهللا الرمحن الرحيم

الفصل األول

صدر المقالة

قد تبني يف املقالة األوىل والثانية كيف يدرك البصر املبصرات على ما هي عليه إذا كان إدراكه هلا على ية على ما هي عليه استقامة، وكيف يتحقق صورة املبصر، وكيف يدرك كل واحد من املعاين اجلزئ

وليس كل مبصر يدركه البصر على ما هو عليه، وال كل معىن يدركه البصر ويتخيل . وكيف يتحققهبل قد يغلط البصر يف كثري مما يدركه من . الناظر أنه قد أدرك حقيقته يكون مصيباً يف إدراكه ويف ختيله

حال غلطه ورمبا مل حيس بغلطه وظن املبصرات ويدركها على خالف ما هي عليه، ورمبا أحس بغلطه يفوذلك أن البصر إذا أدرك مبصراً من املبصرات، وكان على بعد متفاوت، فإنه . أنه مصيب ويكون غالطاً

يدرك مقدار أصغر من مقداره احلقيقي، وإذا كان املبصر قريباً جداً من البصر أدرك مقداره أعظم من ربعاً أو كثري األضالع من البعد املتفاوت أدركه مستديراً إذا مقداره احلقيقي، وإذا أدرك البصر شكالً م

ابن اهليثم-املناظر 199

كان متساوي األقطار ومستطيالً إذا كان خمتلف األقطار، وإذا أدرك الكرة من البعد املتفاوت أدركها ومجيع ما يدركه البصر على هذه الصفة فهو غالط . وأمثال هذه املعاين كثرية وكثرية األنواع. مسطحة

.فيه

فإن البصر إذا نظر إىل كوكب من الكواكب فإنه يدركه يف احلال ساكناً والكوكب مع ذلك وأيضاً وإذا رجع الناظر إىل عمله علم أن الكوكب متحرك يف حال نظره إليه، فإذا ميز الناظر هذا املعىن . متحرك

شخاص وإذا نظر الناظر إىل شخص من األ. أحس يف احلال أنه غالط فيما يدركه من سكون الكوكباليت على وجه األرض من بعد متفاوت، وكان ذلك الشخص متحركاً حركة بطيئة مسرفة البطء ومل

وإذا مل يتقدم علم الناظر حبركة ذلك الشخص، ومل . يطل النظر إليه يف حال نظره إليه، يدركه ساكناًكون ذلك الشخص، يلبث زماناً طويالً يف مقابلته، فليس يعلم يف احلال أنه غالط فيما يدركه من س

فقد يعرض للبصر الغلط يف كثري مما يدركه . فيكون يف إدراكه ما هذه صفته غالطاً ومع ذلك حيس بغلطه .من املبصرات ورمبا أحس بغلطه ورمبا مل حيس به

وإذ قد تبني يف املقالتني املتقدمتني كيف يدرك البصر املبصرات على ما هي عليه، وقد تبني مما ذكرناه يف الفصل أن البصر قد يعرض له الغلط يف كثري مما يدركه من املبصرات، فقد بقي أن نبني مل يعرض هذا

وحنن نقصر هذه املقالة على الكالم يف أغالط . للبصر الغلط ومىت يعرض له الغلط وكيف يعرض له الغلطوإىل كم نوع تنقسم البصر فيما يدركه على االستقامة، ونبني العلل اليت من أجلها يعرض للبصر الغلط،

أنواع الغلط، ونبني كيف يعرض الغلط يف كل نوع من أنواع الغلط، ونقدم ما جيب تقدميه لتبيني الكالم .يف األغالط

الفصل الثاني

تقديم ما يجب تقديمه

لتبيين الكالم في أغالط البصر

قد تبني يف املقالة األوىل أن البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات إال من مسوت خطوط الشعاع، وأن وقد تقدم . املبصرات وأجزاء كل واحد من املبصرات إمنا يدرك البصر ترتيبها من ترتيب خطوط الشعاع

عه من البصرين مجيعاً أيضاً أن املبصر الواحد الذي يدرك بالبصرين معاً إمنا يدرك واحداً إذا كان وضوضعاً متشااً، وإذا كان وضع املبصر الواحد من البصرين وضعاً خمتلفاً فإن الناظر إليه يدركه اثنني،

ابن اهليثم-املناظر 200

وإذا كان ذلك . واملبصرات املألوفة اليت تدرك دائماً بالبصرين معاً ليس يدرك الواحد منها إال واحداًالبصرين معاً واحداً يف أكثر األوقات وعلى أكثر كذلك فيجب أن نقرر كيف يدرك املبصر الواحد ب

األوضاع، وكيف يكون وضع املبصر الواحد من البصرين يف أكثر األوقات وعلى أكثر األوضاع وضعاً وقد . متشااً، ونبني أيضاً كيف يكون وضع املبصر الواحد من البصرين وضعاً خمتلفاً ومىت يقع ذلك

وىل وبيناه بقول جممل وحنن اآلن نفصل هذا املعىن ونلخصه، ونبني أيضاً ذكرنا هذا املعىن يف املقالة األإن الناظر إذا نظر إىل مبصر من املبصرات فإن كل : كيف نعترب هذه املعاين اعتباراً يقع معه اليقني، فنقول

واحد من البصرين يلحظ ذلك املبصر، وإذا حدق الناظر إىل ذلك املبصر فإن كل واحد من البصرين دق إىل ذلك املبصر حتديقاً متشااً متساوياً، وإن تأمل الناظر املبصر فإن كل واحد من البصرين يتأمل حي

.ذلك املبصر بالسواء، وإذا حترك البصر على املبصر لتأمله فإن البصرين مجيعاً يتحركان عليه ويتأمالنه

ملبصر ويلتقيان على نقطة من وإذا حدق الناظر إىل املبصر فإن سهمي البصرين جيتمعان على ذلك اوإن تأمل الناظر ذلك املبصر فإن السهمني يتحركان معاً على سطح ذلك املبصر وميران معاً . سطحه

.جبميع أجزاء املبصر

وباجلملة فإن البصرين متساويان يف مجيع أحواهلما، والقوة احلساسة اليت فيهما واحدة، وفعلهما وانفعاهلما فإذا حترك أحد البصرين لإلبصار، فإن البصر اآلخر يتحرك لذلك اإلبصار بعينه مثل .أبداً متساو ومتشابه

وليس ميكن أن يتحرك أحد البصرين اإلبصار . تلك احلركة بعينها، وإن سكن أحد البصرين سكن اآلخرإىل ويسكن اآلخر، وال يعتمد أحد البصرين النظر إىل مبصر من املبصرات وال يعتمد البصر اآلخر النظر

ذلك املبصر، إال يعوق أحدمها عائق أو يستره ساتر أو يعرض له عارض، فيعتاق بذلك العارض أو الساتر وإذا تؤملت حال البصرين عند إدراك املبصرات وتفقدت أفعاهلما . عن فعل ما يفعله البصر اآلخر

.وحركاما أبداً متساوية متشاة

املبصرات وبني مركز البصر يف حال اإلبصار خمروطاً متومهاً وقد تبني فيما تقدم أن بني كل مبصر منغري أن هذا املخروط يشتمل على مجيع . رأسه مركز البصر وقاعدته سطح املبصر الذي يدركه البصر

السموت اليت منها يدرك البصر ذلك املبصر، فإذا التقى سهما البصرين على نقطة من سطح املبصر الذي املبصر تكون قاعدته مشتركة ملخروطي الشعاع املتشكلني بني مركزي البصرين يلي البصرين فإن سطح

وبني ذلك املبصر، ويكون وضع النقطة اليت التقى عليهما السهمان عند البصرين مجيعاً وضعاً متشااً، ألا تكون مقابلة لوسطي البصرين، والسهمان اللذان بينها وبني البصرين مها عمودان على سطحي

فأما بقية سطح املبصر فإن كل نقطة منه يكون بينها وبني مركزي . رين وعلى سطحي البصرينالبص

ابن اهليثم-املناظر 201

البصرين وضعهما بالقياس إىل السهمني وضع متشابه يف اجلهة، أعين أن كل خطني متومهان بني مركزي السهمني البصرين وبني نقطة من سطح املبصر الذي التقى عليه سهما البصرين يكونان مجيعاً مائلني عن

فأما أبعاد هذه اخلطوط عن . إىل جهة واحدة بعينها، ونقطة االلتقاء هي على كل واحد من السهمنيالسهمني فإن النقط القريبة جداً من نقطة االلتقاء يكون كل خطني خيرجان من مركزي البصرين إىل كل

أن السهمني اخلارجني إىل نقطة وذلك . نقطة منها بعدمها عن السهمني بعداً متساوياً بالقياس إىل احلسااللتقاء يكونان متساويني وليس بينهما اختالف حمسوس إذا مل يكن املبصر قريباً جداً من البصر وكان

وكذلك يكون حال كل نقطة قريبة جداً من نقطة االلتقاء، يكون كل . بعده عن البصر من البعاد املعتلة منها ليس بني طوهلما اختالف متفاوت بالقياس إىل خطني خيرجان من مركزي البصرين إىل كل نقطة

أما إذا كان اخلطان املائالن يف السطح الذي فيه السهمان فإما يكونان . احلس، ورمبا كانا متساوينيوذلك أن اخلط الذي خيرج من النقطة اليت يلتقي عليهما السهمان إىل النقطة املائلة عنها حييط مع .خمتلفني

خمتلفتني، والسهمان متساويان، واخلط الواصل بني النقطتني مشترك، فاخلطان املائالن السهمني بزاويتنيوإن . إال أن هذا االختالف ليس يؤثر يف احلس إذا كانت النقطة املائلة قريبة من نقطة االلتقاء. خمتلفان

لزاويتان اللتان حييط كان اخلطان املائالن حتت السهمني أو فوقهما فقد يكونان متساويني، ألنه قد تكون ا. ما السهمان مع اخلط الواصل بني النقطتني املتساويتني إذا كانت النقطة حتت السهمني أو فوقهما

واألوضاع اليت بني هذين الوضعني يكون االختالف الذي ين اخلطني املائلني عليهما أقل من االختالف .هلما تفاوت يؤثر يف احلسالذي بني اخلطني األولني املائلني، فال يكون بني أطوا

فاخلطان اللذان خيرجان من مركزي البصرين إىل النقطة القريبة من النقطة اليت التقى عليها السهمان ليس يكون بني طوليهما اختالف مؤثر يف احلس، والسهمان متساويان، واخلط الذي يصل بني نقطة االلتقاء

ن املركزين مشترك للمثلثني اللذين حيدثان من هذه اخلطوط، وبني النقطة املائلة اليت خيرج إليها اخلطان مفالزاويتان اللتان حتدثان عند مركزي البصرين اللتان يوترمها عند سطح املبصر اخلط املشترك تكونان

وهاتان الزاويتان تكونان أبداً صغريتني جداً إذا كانت النقطة . متساويتني أو ليس بينهما اختالف حمسوس .من التقاء السهمنيقريبة جداً

وإذا كان اخلطان اللذان خيرجان إىل كل نقطة قريبة من نقطة االلتقاء حييطان مع السهمني بزاويتني متساويتني، فبعد كل خطني خيرجان إىل نقطة واحدة بعينها من النقط القريبة من نقطة االلتقاء عن سهمي

.البصرين بعد متساو

ن سطح املبصر الذي يلتقي عليه سهما البصرين، إذا كانت قريبة من وإذا كان ذلك كذلك فكل نقطة م

ابن اهليثم-املناظر 202

فأما النقط البعيدة عن . نقطة االلتقاء، فإن وضعها من البصرين مجيعاَ وضع متشابه يف البعد عن السهمنيين نقط االلتقاء، املائلة إىل جهة واحدة عن السهمني مجيعاً، فإن الزاويتني اللتني حتدثان بني اخلطني اللذ

وكلما كانت هذه حاله من . خيرجان إىل النقطة الواحدة منها وبني السهمني رمبا اختلفا اختالفاً له قدرالنقط البعيدة من نقطة االلتقاء فإن وضعها من البصرين مجيعاً وضع متشابه يف اجلهة فقط وليس باملتشابه

مقتدر احلجم ومتقارب األقطار وليس فاملبصر الذي يدرك بالبصرين معاً، إذا كان .بالبعد عن السهمنيبفسيح األقطار، فإن وضع كل نقطة منه عند البصرين وضع متشابه يف اجلهة ويف البعد معاً، فصورته

وإذا كان املبصر الذي يدرك بالبصرين . حتصل يف البصرين يف موضعني متشاي الوضع من البصرينلسهمان يكون وضعها من البصرين وضعاً متشااً، وكلما فسيح األقطار فإن النقطة منه اليت يلتقي عليها ا

قرب منها من النقط اليت يف سطح ذلك املبصر فإن وضع كل نقطة منها من البصرين أيضاً وضع متشابه يف اجلهة ويف البعد معاً، وكلما كان من النقط اليت يف سطح ذلك املبصر بعيداً عن نقطة االلتقاء ومائالً

إىل جهة واحدة فإن وضع كل نقطة منها عن البصرين وضع متشابه يف اجلهة ورمبا عن السهمني مجيعاًفصور اجلزء الذي عند موضع االلتقاء ، أعين السهمني، من . تشابه يف البعد أيضاً ورمبا مل يتشابه يف البعد

عني من البصرين املبصر الذي ذه الصفة وما كان حميطاً بنقطة االلتقاء منه ويف تناء منها حتصل يف موضمتشاي الوضع يف مجيع األحوال، وحتصل صورة األجزاء الباقية البعيدة عن نقطة االلتقاء احمليطة باجلزء املتشابه الوضع متصلة بصورة اجلزء املتشابه الوضع، فتحصل مجلة الصورتني يف موضعني من البصرين

إذا كان، فهو بني أطرافهما فقط ويكون ليس بينهما يف الوضع اختالف متفاوت، بل يكون االختالف، يسرياً من أجل اتصال األطراف بالوسطني املتشاي الوضع، هذا ما دام البصران ثابتني يف مقابلة املبصر

فإذا حترك البصران على املبصر وانتقل السهمان من تلك النقطة . والسهمان ثابتني على نقطة واحدة منهبصر، فإن كل نقطة من ذلك املبصر يصري وضعها ووضع النقط القريبة وحتركا معاً على أقطار ذلك امل

منها من املبصرين عند التقاء السهمني عليها وضعاً متشااً يف غاية التشابه، وتصري صورة كل جزء من املبصر عند حركة السهمني على سطح املبصر يف موضعني متشاي الوضع من البصرين، وتصري صورة

.بصر عند احلركة والتأمل متشاة احلال عند البصرين مجيعاًمجيع أجزاء امل

وكذلك أيضاً إذا كان البصر يدرك مبصرات متفرقة يف وقت واحد معاً، والتقى السهمان على واحد منها وثبتا عليه، وكان املبصر الذي التقى عليه السهمان متقارب األقطار، فإن صورة ذلك املبصر حتصل

وكلما قرب من ذلك املبصر أيضاً من املبصرات إذا كان صغري . ين متشاي الوضعيف موضعني من البصراحلجم ومل يكن فسيح األقطار فإن صورته حتصل يف موضعني من البصرين ليس بني وضعيهما اختالف

وما كان من املبصرات بعيداً عن املبصر الذي عليه السهمان، وكان البصران مجيعاً يدركان . حمسوس

ابن اهليثم-املناظر 203

بصر، فإنه ما دام السهمان ثابتني على ذلك املبصر فإن صورة املبصر البعيد منه حتصل يف موضعني ذلك املمن البصرين متشاي الوضع يف اجلهة فقط وليس مبتشاي الوضع يف البعد، وليس مجيع أجزائهما متشاة

مث إذا حترك . حمققةالوضع يف البعد عن السهمني، فتكون صورة ما هذه حاله من املبصرات ملتبسة وغريالبصران وحترك السهمان والتقيا على كل واحد من املبصرات اليت أدركت معاً، فإن صورة كل واحد منها حتصل يف موضعني متشاي الوضع من البصرين يف اجلهة ويف البعد معاً، وعند ذلك تتحقق صورة

.كل واحد من تلك املبصرات

صر من املبصرات ويدرك البصران مع ذلك مبصراً آخر ويكون وضع وقد يلتقي سهما البصرين على مبوذلك إذا كان املبصر اآلخر أقرب إىل البصرين من . ذلك املبصر اآلخر من البصرين وضعاً خمتلفاً يف اجلهة

املبصر الذي التقى عليه السهمان وكان مع ذلك فيما بني السهمني، أو كان أبعد عن البصرين من املبصر تقى عليه السهمان، وكان أيضاً فيما بني السهمني إذا تومها ممتدين بعد التقائهما، وكان املبصر الذي ال

.الذي التقى عليه السهمان ال يستر املبصر الذي هو أبعد منه أو يستر بعضه

.فعلى هذه الصفات يكون إدراك املبصرات بالبصرين مجيعاً

م الشعاع يف كل واحد من البصرين هو خط واحد بعينه ال وأيضاً فإنه قد تبني يف املقالة الثانية أن سيتغري، وأنه مير مبراكز مجيع طبقات البصر، وأنه ممتد على استقامة إىل وسط موضع االحنناء من جتويف

العصبة اليت العني مركبة عليها الذي هو عند الثقب الذي يف مقعر العظم، وأنه الزم جلميع املراكز وغري وضعه من مجيع أجزاء البصر أبداً وضع واحد ال يتغري يف حال حركة البصر وال يف حال مفارق هلا، وأن

وقد تبني أيضاً أن وضع كل جزئ ين متشاي . سكونه، وان وضع السهمني من البصرين وضع متشابهالوضع من البصرين عند جتويف العصبة املشتركة الذي منه يدرك احلاس األخري صور املبصرات وضع

فلنتوهم خطاً مستقيماً يصل بني مركزي الثقبني اللذين يف مقعري العظمني احمليطني بالعينني، . بهمتشاونتوهم خطني خارجني من مركزي ثقيب العظمني ممتدين يف وسطي جتويفي العصبتني، فهما يلتقيان يف

الثقبني وسط جتويف العصبة املشتركة، ويكون وضع هذين اخلطني من اخلط الذي يصل بني مركزي وضعاً متشااً، ألن وضعي العصبتني من الثقبني وضع متشابه، فتكون الزاويتان اللتان حتدثان بني هذين

.اخلطني وبني اخلط الذي يصل بني مركزي الثقبني متساويني

ولنتوهم اخلط الذي يصل بني مركزي الثقبني مقسوماً بنصفني، ونتوهم خطاً خارجاً من النقطة اليت يف ويف العصبة املشتركة اليت التقى عليها اخلطان املمتدان يف جتويفي العصبتني ممتداً إىل النقطة وسط جت

القامسة للخط الواصل بني مركزي الثقبني بنصفني، فيكون هذا اخلط عموداً على اخلط الواصل بني

ابن اهليثم-املناظر 204

لة للبصر، فيكون هذا وليتوهم هذا العمود ممتداً على استقامة إىل خارج يف اجلعة املقاب. مركزي الثقبنياخلط ثابتاً على حال واحدة ال يتغري وضعه، ألن النقطة اليت يف وسط جتويف العصبة املشتركة اليت التقى

والنقطة اليت تقسم اخلط الواصل بني . عليها اخلطان املمتدان يف وسطي جتويفي العصبتني واحدة ال تتغري. فوضع اخلط املستقيم املار ما وضع واحد ال يتغري.مركزي الثقبني هي أيضاً نقطة واحدة ال تتغري

.فلنسم هذا اخلط السهم املشترك

ولنتوهم عند نقطة من هذا اخلط يف اجلهة املقابلة للبصرين مبصراً من املبصرات، ولنتوهم البصرين ناظرين ليها لقي السهم إىل ذلك املبصر، ولنتوهم سهمي البصرين قد التقيا على النقطة من سطح املبصر اليت ع

وإذا . املشترك سطح ذلك املبصر فإن ذلك ممكن يف كل مبصر يكون وضعه من البصرين وضعاً متشااًالتقى السهمان على نقطة من السهم املشترك صار السهمان والسهم املشترك واخلط الذي يصل بني

سطح واحد، ألن السهمني ميران مركزي ثقيب العظمني واخلطان املمتدان يف جتويفي العصبتني مجيعهما يف مبركزي الثقبني يف موضع اخنراط العصبتني، فإذا التقى السهمان على السهم املشترك كانا مجيعاً يف السطح الذي فيه السهم املشترك واخلط املقاطع له الذي يصل بني مركزي ثقيب العظمني، ويكون

على السهم املشترك متساويني ويكون وضعهما السهمان من لدن مركزي الثقبني إىل نقطة االلتقاء اليتمن السهم املشترك وضعاً متشااً، ويكون القسمان من السهمني اللذان من مركزي البصرين إىل نقطة

االلتقاء متساويني، ألن بعد مركزي البصرين من ثقيب العظمني ومن مركزي الثقبني بعد متساو، ويكون ي البصرين إىل نقطة االلتقاء أيضاً متساويني، ألن نصفي قطري القسمان من السهمني اللذان من سطح

وألن مجيع ذلك كذلك يكون وضع النقطة من سطح املبصر اليت التقى عليهما . كريت البصر متساويانالسهمان من النقطتني اللتني مير ما السهمان من سطحي البصرين وضعاً متشااً وبعدها عنهما بعداً

النقطتان من سطحي البصرين مها اللتان حتصل فيهما صورتا النقطة اليت التقى عليهما وهاتان. متساوياً .السهمان

وأيضاً فإن وضع كل واحدة من النقطتني اللتني على السهمني من سطحي البصرين عند جتويف العصبة ابه، فوضع املشتركة وضع متشابه، ووضع هاتني النقطتني من كل نقطة على السهم املشترك وضع متش

النقطتني اللتني على السهمني من سطحي البصرين عند النقطة من السهم املشترك اليت يف وسط جتويف . العصبة املشتركة اليت التقى عليها اخلطان اخلارجان من مركزي الثقبني وضع يف غاية التشابه والتساوي

لى السهمني إذا انتهتا إىل جتويف فالصورتان اللتان حتصالن يف النقطتني من سطحي البصرين اللتني عالعصبة املشتركة فإما حتصالن مجيعاً يف النقطة اليت على السهم املشترك اليت يف وسط جتويف العصبة

ابن اهليثم-املناظر 205

.املشتركة اليت التقت عليها اخلطوط وتصريان نقطة واحدة

النقطة اليت على فإذا حصلت الصورتان اللتان يف النقطتني اللتني على السهمني من سطحي البصرين يف السهم املشترك اليت يف وسط جتويف العصبة املشتركة، فالصور اليت يف النقط احمليطة بكل واحدة من

النقطتني اللتني على السهمني من سطحي البصرين حتصل يف جتويف العصبة املشتركة يف النقط احمليطة وضعهما من النقطتني املتوسطتني وكل نقطتني من سطحي البصرين. بالنقطة اليت على السهم املشترك

اللتني على السهمني من البصرين وضع متشابه يف اجلهة ويف البعد فإن وضعهما من نقطة واحدة بعينها والنقط اليت وضعها منها وضع متشابه تكون مائلة عن النقطة . من جتويف العصبة املشتركة وضع متشابه

ء اخلطوط من جتويف العصبة املشتركة يف اجلهة اليت النقطتان اليت على السهم املشترك اليت يف موضع التقاوالصورتان اللتان . مجيعاً اللتان يف سطحي البصرين مائلني إليها، وبعدها عنها حبسب بعدمها عن السهمني

حتصالن يف النقطتني املتشايت الوضع من سطحي البصرين تنتهيان إىل تينك النقطة الواحدة بعينها من عصبة املشتركة، وتنطبق الصورتان إحديهما على األخرى عند تلك النقطة وتصريان صورة جتويف ال

والنقط من سطح املبصر اليت حوايل النقطة اليت على السهم املشترك وضع كل واحد منها من . واحدةسهمي البصرين وضع متشابه، فصورة كل نقطة منها حتصل يف البصرين يف موضعني متشاي الوضع

اس إىل النقطتني اللتني مها يف البصرين يف موضعني متشاي الوضع بالقياس إىل النقطتني اللتني مها بالقيفاملبصر الذي يلتقي عليه السهام الثلثة حتصل صورتاه يف وسطي . على السهمني من سطحي البصرين

اللتني على السهمني من سطحي البصرين، وحتصل صورتا النقطة اليت التقت عليا السهام الثلثة يف النقطتني سطحي البصرين، وحتصل كل نقطة من الصورتني يف موضعني متشاي الوضع من البصرينن مث تنتهي

فتنتهي الصورتان اللتان يف النقطتني اللتني : صورتا املبصر يف سطحي البصرين إىل جتويف العصبة املشتركةوتصريان صورة واحدة بعينها من النقط احمليطة على السهمني منها إىل النقطة اليت على السهم املشترك

بالنقطة اليت على السهم املشترك، فتنطبق الصورتان اللتان جلملة املبصر إحدامها على األخرى وتصريان .صورة واحدة ويدرك املبصر واحداً

وضع فعلى هذه الصفة تصري الصورتان اللتان حتصالن يف ابصر للمبصر الواحد الذي وضعه من البصرين .متشابه صورة واحدة، ويدرك احلاس املبصر الواحد واحداً مع حصول صورتني له يف البصرين

وإذا كانت الصورتان اللتان يف النقطتني اللتني يف وسطي سطحي البصرين اللتني حتصالن يف سطحي من جتويف العصبة البصرين يف النقطتني اللتني على السهمني فإما تنتهيان أبداً إىل تلك النقطة بعينها

ألن النقطتني اللتني مير ما سهما البصرين ليس تتغريان بل مها نقطتان . املشتركة اليت على السهم املشترك. بأعياما، ألن وضع السهمني من البصرين أبداً وضع واحد ال يتغري موضعامها من البصرين أبداً ال يتغري

ابن اهليثم-املناظر 206

ها تنتهي الصورتان اللتان حتصالن يف النقطتني اللتني على فالنقطة من جتويف العصبة املشتركة اليت إليالسهمني من سطحي البصرين هي أبداً نقطة واحدة بعينها، وهي النقطة اليت على السهم املشترك اليت

فلنسم . يلتقي عليها اخلطان اخلارجان من مركزي ثقيب العظمني املمتدين من وسطي جتويفي العصبتني .ويف العصبة املشتركة اليت هي على السهم املشترك املركزهذه النقطة اليت يف جت

وإذ قد تبني هذا املعىن فقد تبني منه أن كل مبصر يدرك بالبصرين معاً، ويلتقي سهما البصرين على نقطة من سطحه، فإن صورته حتصل يف وسطي سطحي البصرين مجيعاً، مث تنتهي صورتاه من البصرين إىل

. ركة إىل موضع واحد بعينه، وتنطبق إحدامها على األخرى وتصري صورة واحدةجتويف العصبة املشت

والنقطة اليت يلتقي عليها السهمان من املبصر حتصل صورتاها يف النقطتني اللتني على السهمني من سطحي تقي البصرين وتصري من هاتني النقطتني إىل نقطة املركز من جتويف العصبة املشتركة كانت النقطة اليت يل

إال أنه إذا كان املبصر على السهم . عليها السهمان من املبصر على السهم املشترك أو خارجة عنهاملشترك، والتقى السهمان على النقطة منه اليت على السهم املشترك، كانت صورتا هذه النقطة أشد

ة من سطحي البصرين تشااً، ألن بعدي هذه النقطة من النقطتني اللتني حتصل فيهما صورتا هذه النقطومها اللتان على السهام يكونان متساويني، ألن السهمني يف هذه احلال يكونان متساويني يف

وكذلك كل نقطة قريبة من هذه النقطة يكون بعداها من النقطتني اللتني حتصل فيهما صورتاها .الطولاً، فتكون صورتا املبصر من سطحي البصرين متساويني بالقياس إىل احلس، فتكون صورتاها أشد تشا

الذي على السهم املشترك اللتان حتصالن يف سطحي البصرين أشد تشااً، فتكون صورتا املبصر الذي على السهم املشترك اللتان حتصالن يف سطحي البصرين أشد تشااً من صوريت املبصر اخلارج عن السهم

إذا حصلت يف جتويف العصبة املشتركة أشد املشترك، فتكون صورة املبصر الذي على السهم املشتركإال أنه إذا كان املبصر خارجاً عن السهم املشترك، ومل يكن بعده عنه بعداً متفاوتاً، فليس ختتلف . حتققاً

صورتاه اللتان حتصالن يف البصرين اختالفاً متفاوتاً، فليس تكون صورته اليت حتصل يف جتويف العصبة .املشتركة صورتني

ن املبصر خارجاً عن السهم املشترك، وكان بعده عنه بعداً متفاوتاً، والتقى مع ذلك سهما وإذا كاالبصرين على نقطة منه، فإن صورته حتصل يف جتويف العصبة املشتركة صورة واحدة، وحتصل صورة

. مشتبهةالنقطة منه اليت التقى عليها السهمان يف نقطة املركز، إال أن صورته ليس تكون حمققة بل تكون

فالنقطة اليت يلتقي عليها السهمان من املبصر حتصل صورا على تصاريف األحوال يف نقطة املركز من جتويف العصبة املشتركة، كانت نقطة االلتقاء على السهم املشترك أو خارجة عنه، وحتصل بقية صورة

ابن اهليثم-املناظر 207

ار، وكان على السهم املشترك أو فإن كان املبصر صغري احلجم ومتقارب األقط. املبصر حميطة بنقطة املركزقريباً منه فإن صورته حتصل يف جتويف العصبة املشتركة صورة واحدة ومع ذلك حمققة، ألن كل نقطة منه يكون وضعها من البصرين وضعاً متشااً ملا تبني من قبل، فإن كان املبصر عظيم احلجم وفسيح األقطار،

زء منه الذي عند موضع التقاء السهمني الذي حييط بنقطة وكان مع ذلك على السهم املشترك، فإن اجلااللتقاء حتصل صورته يف العصبة املشتركة صورة واحدة وحمققة، وحتصل صورة بقية أجزاءه متصلة

بصورة هذا اجلزء، فتحصل صورة مجلة املبصر واحدة على مجيع األحوال، إال أن صورة أطرافه وحواشيه ألنه ليس كل نقطة بعيدة عن نقطة االلتقاء حتصل . اء تكون مشتبهة غري حمققةوكلما كان بعيداً عن االلتق

صورتاها يف نقطتني متشايت الوضع من البصرين يف غاية التشابه، بل إمنا حتصل صورة كل نقطة بعيدة اً من نقطة االلتقاء يف نقطتني من البصرين وضعهما من البصرين وضع متشابه يف اجلهة، ورمبا كان متشا

واليت ليست متشاة البعد حتصل . يف البعد عن السهمني، ورمبا مل يكن متشااً يف البعد عن السهمنيصورتاها يف جتويف العصبة املشتركة يف نقطتني مائلتني عن املركز يف جهة واحدة، إال أما يكونان

ابه اللون والتصال الصورة، وإذا فإن كان املبصر ذا لون واحد فليس يؤثر ذلك فيه كثري تأثري لتش. اثننيكان املبصر ذا ألوان خمتلفة أو كان فيه ختطيط أو نقوش أو معان لطيفة فإن هذا املعىن يؤثر فيه فتكون

.صورة أطرافه مشتبهة غري حمققة

وإذا كان املبصر عظيم احلجم فسيح األقطار، وكان سهما البصرين ثابتني على نقطة منه وغري متحركني، صورته تظهر واحدة، ويكون موضع االلتقاء منه وما يليه حمققاً غري مشتبه، ويكون ما يلي أطرافه فإن

إحدامها أن أطرافه تدرك بشعاعات بعيدة عن السهم فليس تكون يف : وحواشيه ملتبساً غري حمقق حلالتني. شتركة يف نقطة واحدةغاية البيان، والثانية أنه ليس كل نقطة منه حتصل صورا يف جتويف العصبة امل

فإن كان املبصر . فإذا حترك السهمان على مجيع أجزاء املبصر الذي ذه الصفة فحينئذ تتحقق صورتهخارجاً عن السهم املشترك وبعيداً عنه، فإن صورته ليس تكون حمققة، ألن وضع كل نقطة منه من

بصر الذي ذه الصفة عن النقطتني من البصرين ليس يكون وضعاً متشااً الختالف بعدي النقطة من املفإذا مال البصران معاً إىل املبصر الذي ذه . سطحي البصرين اللتني حتصل فيهما صورتاها وعن السهمني

.الصفة حىت يصري السهم املشترك على هذا املبصر أو قريباً منه حتققت حينئذ صورته

سهما البصرين على واحد من تلك املبصرات وثبتا وكذلك إذا أراد البصر عدة من املبصرات معاً، والتقىعليه، وكانت املبصرات الباقية خارجة عن السهم، وكان املبصر الذي التقى عليه السهمان صغري احلجم،

وإن . فإن صورة املبصر الذي التقى عليه السهمان حتصل يف جتويف العصبة املشتركة صورة واحدة وحمققة

ابن اهليثم-املناظر 208

ترك كانت صورته أشد حتققاً من صورة املبصر اخلارج عن السهم املشترك كان املبصر على السهم املشوما كان من املبصرات الباقية اليت يدركها البصر يف تلك احلال قريباً من املبصر . وإن التقى عليه السهمان

الذي التقى عليه السهمان، وكان مع ذلك صغري احلجم، فإن صورته حتصل يف جتويف العصبة املشتركة وما كان من املبصرات اليت . حدة وليس فيها اشتباه يؤثر يف صورا، ألن صورته تكون قريبة من املركزوا

يدركها البصر يف تلك احلال بعيداً عن املبصر الذي التقى عليه السهمان فإن صورته حتصل يف جتويف واحدة واالختالف الذي فإما تكون صورتني وتكونا متداخلتني ألما يف جهة. العصبة املشتركة ملتبسة

بني وضعيهما يف البعد ليس يكون متفاوتاً، وإذا كان االختالف يف البعد الذي بني الصورتني يسرياً كانت الصورتان متداخلتني، وإما أن تكون صورة بعض أجزائه صورتني وصورة بعض أجزائه صورة واحدة،

ألحوال، من أجل اختالف وضع الشعاعات فتكون صورة ما هذه حاله من املبصرات ملتبسة على مجيع افاملبصر املائل عن . اليت خترج إليه ومن أجل أن الشعاعات اخلارجة إليه تكون بعيدة عن السهمني

السهمني البعيد عن موضع التقاء السهمني تكون صورته ملتبسة غري حمققة ما دام بعيداً عن ملتقى .قت صورتهالسهمني، فإذا حترك السهمان والتقيا عليه حتق

فأما إذا التقى سهما البصرين على مبصر من املبصرات وكان البصران مع ذلك يدركان مبصراً آخر، وكان ذلك املبصر اآلخر أقرب إىل البصرين من املبصر الذي التقى عليه السهمان أو بعد منه، وكان مع

وذلك أنه كان فيما بني . ذلك فيما بني السهمني، فإن وضعه من البصرين يكون خمتلفاً يف اجلهةالسهمني، فإنه يكون متيامناً عن أحد السهمني ومتياسراً عن اآلخر، وتكون الشعاعات اليت خترج إليه من أحد البصرين متيامنة عن السهم واليت خترج إليه من البصر اآلخر متياسرة عن السهم، فيكون وضعه من

ن املبصرات فإن صورته حتصل يف البصرين يف موضعني وما هذه حاله م. البصرين وضعاً خمتلفاً يف اجلهةخمتلفي الوضع، وتنتهي صورتاه اليت حتصل يف البصرين إىل موضعني خمتلفني من جتويف العصبة املشتركة،

.وتكونان عن جنبيت املركز، فتكونان صورتني وال تنطبق إحديهما على األخرى

رجاً عن السم اآلخر، فإن صورته حتصل يف جتويف وكذلك إذا كان املبصر على أحد السهمني، وكان خاالعصبة املشتركة صورتني إحديهما على املركز واألخرى مائلة عن املركز وال تنطبق إحدامها على

.األخرى

.فأما كيف تعترب مجيع هذه املعاين اعتباراً يقع معه اليقني فإن ذلك يكون كما نصف

. ن طوله قدر عظم الذراع وعرضه أربع أصابع مقتدرةيتخذ لوح من خشب خفيف مسفر اللون يكو

وليخرج فيه قطران يتقاطعان وخيرج من . وليكن سطحه مستوياً أملس وتكون ايتا طوليه متوازين

ابن اهليثم-املناظر 209

موضع التقاطع خط مستقيم مواز لنهاية الطولني، وخيرج من موضع التقاطع أيضاً خط مستقيم قائم على ولتصبغ هذه اخلطوط بأصباغ مشرقة خمتلفة األلوان لتكون ظاهرة، . ئمةاخلط األول املتوسط على زوايا قا

ولنخرق يف وسط عرض اللوح عند طرف اخلط املستقيم املتوسط . وليكن القطران منها متشاي اللونوفيما بني القطرين خرقاً مستديراً ومع ذلك منخرطاً أوله أوسع من آخره بقدر ما تدخل فيه قرنة األنف

للوح عليه إىل أن تصل زاويتا اللوح إىل غاية القرب من وسطي سطحي البصرين وتصريان إذا ركب ا .قريبتني من مماسة البصرين وال مياساا

وليكن اللوح على مثال شكل ا ب ج د ، وليكن قطراه ا د و ب ج ، ولتكن نقطة التقاطع نقطة ك، ط الذي يقطع هذا اخلط على زوايا قائمة ح وليكن اخلط الذي يف وسطه املمتد يف طوله ه ك، وليكن اخل

.ك ط ، وليكن اخلرق الذي يف وسط عرض اللوح هو الذي حييط به خط م ه ن

فإذا اختذ اللوح وفرغ من ختطيطه على هذه الصفة، فليؤخذ جزء يسري من الشمع األبيض فيعمل منه ثلثة نها بلون خيالف لون اآلخر، وليقم أحد أشخاص صغار أسطوانية، ولتصبغ الثلثة بألوان خمتلفة كل واحد م

األشخاص يف وسط اللوح على نقطة ك، وليلصق باللوح حىت ال يزول من موضعه وليكن قائماً على اللوح قياماً معتدالً، وليقم الشخصان اآلخران على طريف اخلط املعترض على نقطيت ح ط ، فتصري

ا اللوح ويركب اخلرق الذي يف وسط عرضه على مث يرفع املعترب هذ. األشخاص الثلثة على مست واحدقرنة أنفه وفيما بني عينيه حىت تدخل قرنة األنف يف اخلرق وتلتصق باللوح وتصري زاويتا اللوح عند

مث يعتمد املعترب النظر إىل الشخص الذي يف وسط اللوح وحيدق . وسطي البصرين وقريبتني من مماستهماملعترب إىل الشخص املتوسط وحدق إليه فإن سهمي البصرين يلتقيان على هذا فإذا نظر ا. إليه حتديقاً شديداً

الشخص، ويكون السهمان مطابقني للقطرين أو موازيني هلما، ويصري السهم املشترك الذي حددناه من .قبل مطابقاً للخط املمتد يف وسط طول اللوح

فإنه جيد األشخاص الثلثة اليت على نقط . وحمث يبغي للمعترب أن يتأمل عند هذه احلال مجيع ما يف سطح اللفأما خط ه ز املمتد يف طول اللوح فإنه . ح ط كل واحد منهما واحداً،وجيد خط ح ك ط أيضاً واحداً

وكذلك القطران أيضاً إذا تأملهما املعترب يف تلك احلال . جيده خطني متقاطعني عند الشخص املتوسط .وجدمها أربعة، كل واحد منهما اثنني

مث ينبغي للمعترب أن حيدق إىل أحد الشخصني اللذين على نقطيت ح ط ليلتقي السهمان على الشخص فإنه جيد األشخاص الثلثة كل واحد منهما واحداً، وجيد اخلط : مث يتأمل أيضاً يف هذه احلال. املتطرف

. واحد من القطرين اثننياملعترض أيضاً واحداً، وجيد اخلط املتوسط املمتد يف طول اللوح اثنني، وجيد كل

فإذا أدرك املعترب هذه اخلطوط واألشخاص القائمة على اللوح،فليحط اللوح ويرتع الشخصني اللذين على

ابن اهليثم-املناظر 210

نقطيت ح ط ، وليثبتهما على خط ه ز املمتد يف الطول، أحدمها على نقطة ل اليت تلي البصرين، واآلخر اللوح إىل وضعه الذي كان عليه، أعين يقربه من مث يعيد. على نقطة ف اليت من وراء الشخص املتوسط

فإنه جيد الشخصني أربعة، وجيدها مائلة . البصرين على مثل ما كان، وحيدق أيضاً إىل الشخص املتوسطعن الوسط، اثنني متيامنني واثنني متياسرين، وجيدها على اخلطني اللذين مها خط واحد يف الوسط ويظهر

ألشخاص األربعة على واحد من اخلطني، وكذلك إذا نزع الشخصني عن هذا اثنني، وجيد كل اثنني من ااخلط وأثبتهما على أحد القطرين أحدمها مما يلي البصر من وراء الشخص األوسط، وكذلك إن أثبت

الشخصني على القطرين مجيعاً كل واحد منهما على أحد القطرين وجعلهما مجيعاً مما يلي البصرين، فإنه وكذلك إن أثبت الشخصني على القطرين من وراء . اثنني منها متقاربني واثنني متباعدين: ةجيدمها أربع

.اثنني منهما متقاربني واثنني متباعدين: الشخص املتوسط فإنه جيدمها أربعة

مث ينبغي للمعترب أن يرتع الشخصني عن اللوح، ويثبت أحدمها على حاشية اللوح من وراء نقطة ح وقريباً فإنه جيد الشخص : جداً على مثل نقطة ي، ويعيد اللوح إىل وضعه، وحيدق إىل الشخص املتوسطمنها

مث يرتع الشخص يف تلك احلال من نقطة ي ، ويثبته على حاشية اللوح أيضاً . الذي على نقطة ي واحداً جيد من وراء نقطة ي على نقطة بعيدة عن نقطة ح مثل نقطة ق، وحيدق إىل الشخص املتوسط، فإنه

.الشخص الذي عند نقطة ق اثنني

وجيد املعترب مجيع ما ذكرناه على ما ذكرناه ما دام حمدقاً إىل الشخص األوسط، أو إىل شخص ثابت على اخلط املعترض، أو نقطة من اخلط املعترض أي نقطة كانت، وما دام السهمان متالقيني على الشخص

دق املعترب يف تلك احلال إىل شخص خارج عن اخلط فإن ح. األوسط أو على نقطة من اخلط املعترضوإن كان . املعترض، أو إىل نقطة خارجة عن اخلط املعترض، فإن الشخص املتوسط أيضاً يرى اثنني

مث إذا عاد املعترب بالتحديق إىل . الشخصان اآلخران على نقطيت ح ط، فإن كل واحد منهما يرى اثنني . املعترض عادت احلال إىل مثل ما كانت عليهالشخص األوسط أو إىل موضع من اخلط

فلنخرج يف شكل ا ب ج د للربهان خطوط ب ح و ب ي و ب ق، فيكون خط ح ب أعظم من خط .وخط ح ك مساو خلط ك ط، فزاوية ط ب ك أعظم من زاوية ك ب ح. ب ط

ح عن سهم وزاوية ط ب ك مساوية لزاوية ح ا ك، فزاوية ح ا ك اعظم من زاوية ح ب ك، فبعد خط اا ك أعظم من بعد خط ب ح عن سهم ب ك، غال أن االختالف الذي بني البعدين يسري ألن االختالف

.الذي بني زاوييت ح ا ك وزاوية ح ب ك يسري

والشخص الذي يكون عند نقطة ح يرى أبداً بالبصرين مجيعاً واحداً إذا كان السهمان متالقيني على

ابن اهليثم-املناظر 211

ح و ب ح ما مسامتان للشعاعني اخلارجني إىل الشخص الذي الشخص الذي عند نقطة ك، وخطا ايكون عند نقطة ح إذا كان السهمان متالقيني على الشخص الذي عند نقطة ك، وكذلك حال الشخص

الذي عند نقطة ي تكون الشعاعات اخلارجة إليه مسامتة خلطي ا ي وخط ب ي وهو يرى واحداً، الف متفاوت أيضاً، ألن زاوية ح ب ي ليس هلا قدر حمسوس وزاويتا ي ا ك و ي ب ك ليس بينهما اخت .إذا كانت نقطة ي قريبة جداً من نقطة ح

فيتبني من هذه احلال أن املبصر الذي وضعه من السهمني وضع واحد يف اجلهة، وبعد الشعاعات اخلارجة .اً واحداًإليه من البصرين ليس بينهما اختالف متفاوت، فإن ذلك املبصر يرى بالبصرين مجيع

فأما زاويتا ق ا ك و ق ب ك فمختلفتان اختالفاً متفاوتاً، والشخص الذي يكون عند نقطة ق يرى اثنني .إذا كان السهمان متالقيني على الشخص الذي عند نقطة ك

فيتبني من هذه احلال أن املبصر الذي خيتلف وضع الشعاعات اخلارجة إليه من البصرين يف البعد عن .تالفاً متفاوتاً، فإنه يرى اثنني، وإن كان وضعه بالقياس إىل السهمني وضعاً واحداً يف اجلهةالسهمني اخ

وذلك أن الشعاعات اخلارجة إىل . وأما خط ه ك ز فإن وضعه من سهمي البصرين وضع خمتلف يف اجلهةم من البصر قسم م ك من البصر األمين تكون متياسرة عن سهم ا ك، والشعاعات اخلارجة إىل هذا القس

األيسر تكون متيامنة عن سهم ب ك، وقسم ك ز منه تكون الشعاعات اخلارجة إليه من البصر األمين متيامنة عن سهم ا ك، والشعاعات اخلارجة إليه من البصر األيسر متياسرة عن سهم ب ك، فالشعاعات

عني اخلارجني إليها من البصرين وكل نقطة من هذا اخلط فإن الشعا. اليت خترج إليه خمتلفة الوضع يف اجلهةوهذا اخلط ومجيع ما عليه سوى الشخص املتوسط يرى أبداً . يكون بعدمها عن السهمني بعداً متساوياً

.اثنني، إذا كان السهمان متالقيني على الشخص املتوسط

بداً اثنني فيتبني من هذه احلال أن املبصر الذي وضعه بالقياس إىل السهمني وضع خمتلف يف اجلهة يرى أوذلك أن كل شعاعني خيرجان من . وإن تساوت أبعاد الشعاعات اخلارجة إليه من البصرين عن السهمني

البصرين إىل نقطة منه يكونان يف جهتني خمتلفتني، فتحصل صورتا كل نقطة منه يف نقطتني من جتويف .العصبة املشتركة عن جنبيت املركز

تكون الشعاعات اخلارجة إىل كل واحد منهما من البصر : طرينوكذلك أيضاً حال كل واحد من القوالشعاعات اخلارجة إليه من . الذي يليه من وسط البصر وقريبة من السهم ومن حتت السهم ومن فوقه

أما اليت خترج من البصر األمين إىل القطر األيسر فتكون . البصر اآلخر تكون مائلة عن السهم اآلخروكل . ما اليت خترج من البصر األيسر إىل القطر األمين فتكون متيامنة عن السهموأ. متياسرة عن السهم

ابن اهليثم-املناظر 212

واحد من هذين القطرين وكلما يكون عليهما من املبصرات يرى اثنني ما سوى الشخص املتوسط إذا .كان السهمان متالقيني على الشخص املتوسط

البصرين مقابالً لوسطه وبالقياس إىل البصر فيتبني من هذه احلال أن املبصر الذي يكون بالقياس إىل أحد وذلك ألن صورة النقطة اليت حتصل يف وسط أحد البصرين . اآلخر مائالً عن الوسط، فإنه يرى اثنني

تصري إىل املركز، وصورة النقطة اليت تكون مائلة عن وسط البصر اآلخر تصري يف نقطة غري املركز ومائلة .طح البصرعن املركز حبسب ميل النقطة من س

فيتبني من مجيع االعتبار الذي وصفنا والشرح الذي شرحنا بياناً واضحاً أن املبصر الذي يلتقي عليه السمان يرى أبداً واحداً، وأن املبصرات أيضاً اليت تلتقي عليها الشعاعات املتشاة الوضع يف اجلهة وليس

ها يرى أيضاً واحداً، وأن املبصر الذي بينهما يف البعد عن السهم اختالف متفاوت فإن كل واحد منتلتقي عليه الشعاعات املتشاة الوضع يف اجلهة وخمتلفة الوضع يف العبد عن السهمني اختالفاً متفاوتاً فإنه

يرى اثنني، وأن املبصر الذي يدرك بشعاعات خمتلفة الوضع يف اجلهة فإنه يرى اثنني وإن تساوت أبعاد ن السهمني، وأن مجيع ذلك كذلك ما دام السهمان متالقيني على مبصر الشعاعات اخلارجة إليها ع

.واحد

ومجيع املبصرات املألوفة تكون مقابلة للبصرين مجيعاً والبصران مجيعاً ينظران إىل كل واحد منهما، فسهما وضعاً البصرين أبداً يلتقيان عليها، والشعاعات الباقية اليت تلتقي على كل نقطة منها وضعها يف اجلهة

متشااً، وال يكون بينها يف البعد عن السهمني اختالف متفاوت، فلذلك يرى كل واحد من املبصرات وليس يرى واحد من . وليسمن املبصرات املألوفة بالبصرين مجيعاً واحداً. املألوفة بالبصرين مجيعاً واحداً

ثنني إال إذا كان وضعه من البصرين وضعاً املبصرات اثنني إال نادراً، ألنه ليس يرى واحداً من املبصرات اخمتلفاً اختالفاً متفاوتاً إما يف اجلهة وإما يف البعد وإما يف اجلهة والبعد معاً، وليس خيتلف وضع املبصر

.الواحد عند البصرين اختالفاً متفاوتاً إال يف النادر

بالبصرين مجيعاً واحداً بالقياس فقد تبينت العلة اليت من أجلها يرى كل واحد من املبصرات املألوفة .واالعتبار مجيعاً

وأيضاً فإن املعترب إذا رفع الشخص الذي يف وسط اللوح، ونظر إىل نقطة التقاطع اليت يف وسط اللوح، وتأمل يف احلال اخلطوط اليت يف اللوح، فإنه جيد القطرين أربعة، وجيد مع ذلك اثنني من األربعة متقاربني

، ومجيعها مع ذلك متقاطعة على النقطة املتوسطة اليت هي نقطة تقاطع القطرين اليت على واثنني متباعدينمث إذا ستر . السهم املشترك، وجيد كل واحد من املتباعدين تباعده عن الوسط أكثر من تباعده احلقيقي

احلقيقي على املعترب أحد البصرين فإنه يرى القطرين اثنني، ويرى البعد الذي بينهما أوسع من مقداره

ابن اهليثم-املناظر 213

اخنراطه الذي أوسع موضع منه هو عرض اللوح، ويظهر أن القطر املتباعد عن الوسط هو القطر الذي يلي .البصر املستتر

فيتبني من ذلك أن القطرين الذين يريان متقاربني إذا كان اإلبصار بالبصرين معاً مها اللذان يرى كل املتباعدين مها اللذان يرى كل واحد منهما بالبصر املائل واحد منهما بالبصر الذي يليه، وإن القطرين

فأما تقارب االثنني من األربعة، فألن السهمني إذا كانا ملتقيني على الشخص املتوسط، فإن كل . عنهواحد من القطرين يدركه البصر الذي يليه بشعاعات قريبة جداً من السهم، فتصري صورتامها من أجل

املشتركة قريبتني جداً من املركز، وتكون نقطة التقاطع منهما على نفس املركز، ذلك يف جتويف العصبة وتباعد االثنني من األربعة ألن كل واحد من القطرين يدرك . وكذلك يريان متقاربني وقريبني من الوسط

امنة أيضاً بالبصر اآلخر املائل عنه، فهو يدركه بشعاعات بعيدة عن السهم، ويدرك أحدمها بشعاعات متيعن السهم ويدرك اآلخر بشعاعات متياسرة عن السهم اآلخر، فتحصل صورتامها من أجل ذلك يف

جتويف العصبة املشتركة متباعدتني، ألما حتصالن يف جهتني متضادتني بالقياس إىل املركز ومع ذلك مل يدرك تباعد فأما. فلذلك يوجد للقطرين صورتان متقاربتني وصورتان متباعدتني. بعيدين عن املركز

كل واحد من املتباعدين عن الوسط أكثر من تباعده احلقيقي، فإن ذلك البعد الذي بني القطرين يدركه ويظهر ذلك إذا ستر املعترب أحد البصرين ونظر ببصر . كل واحد من البصرين أعظم من مقداره احلقيقي

جد البعد الذي بني القطرين أوسع من فأما مل إذا ستر املعترب أحد البصرين ونظر ببصر واحد و. واحدمقداره احلقيقي فذلك ألن البعد الذي بني القطرين قريب جداً من البصر، وكلما كان قريباً جداً من

فأما علة ذلك فإا تتبني من بعد يف موضعها عند كالمنا يف . البصر فإنه يرى أعظم من مقداره احلقيقي .أغالط البصر

ين الذين يف اللوح واألشخاص اليت تثبت عليهما على غري الوسط يظهر أن كل فمن اعتبار أحوال القطرمبصر يكون على السهم املشترك ويدركه البصر بسهم الشعاع فإنه يدركه يف موضعه، كان إدراكه ببصر

ويتبني أن كل مبصر .واحد وبسهم واحد من سهمي البصرين أو كان إدراكه ببصرين وبالسهمني معاًاحد وبسهم الشعاع وال يكون ذلك املبصر على السهم املشترك، فإنه يدركه يف موضع يدرك ببصر و

وتلزم هذه احلال أيضاً فيما يدرك بالشعاعات الباقية غري . أقرب إىل السهم املشترك من موضعها احلقيقيشتركة يف السهم، ألنه إذا كان البصر يدرك املبصر على ما هو عليه، وحتصل صورته يف جتويف العصبة امل

موضع واحد ومتصالً بعضها ببعض حبسب اتصال املبصر، وكانت النقطة من املبصر اليت على سهم الشعاع إذا مل تكن على السهم املشترك ترى يف موضع أقرب إىل السهم املشترك من موضعها احلقيقي،

ابن اهليثم-املناظر 214

يقي، ألا متصلة باجلزء فإن النقط الباقية أيضاً ترى يف موضع أقرب إىل السهم املشترك من موضعها احلق .الذي عند طرف السهم

وإن التقى سهما البصرين على مبصر خارج عن السهم املشترك فإنه يلزم يف هذه احلال أيضاً، أعين أنه فإنه إذا . إال أن هذا الوضع قل ما يتفق. يرى يف موضع أقرب إىل السهم املشترك من موضعه احلقيقي

، فإنه يف أكثر األحوال يكون السهم املشترك ماراً بذلك املبصر، وليس التقى سهما البصرين على البصريلتقي سهما البصرين على املبصر وهو خارج عن السهم املشترك إال بتكلف أو بعائق يضطر البصر إىل

وليس تظهر هذه احلال يف املبصرات املألوفة ألنه إذا عرض هذا املعىن يف مبصر من املبصرات . التكلفة فإنه يلزم يف مجيع ما يتصل بذلك املبصر من املبصرات، فليس يتغري ذه احلال وضع املبصرات املألوف

فهذا . فإذا مل يتغري وضع ذلك املبصر مما جياوره من املبصرات فليس يظهر تغري موضعه: بعضها عن بعض بالطريق الذي قدمناه يبني فإذا اعترب. املعىن إذا عرض يف املبصرات املألوفة فليس يظهر للعلة اليت ذكرناها

من االعتبار أن ذلك الزم يف مجيع املبصرات اليت يلتقي عليها سهما البصرين وتكون خارجة عن السهم .املشترك

وأيضاً فإنه ينبغي للمعترب أن يعتمد قرطاساً فيقطع منه ثلث جزازات صغار متساويات، وليثبت يف بينة، وليثبت يف كل واحدة من اجلزازتني الباقيتني مثل تلك إحداهن كلمة كيف ما اتفقت ولتكن كتابة

وليثبت املعترب الشخص يف وسط اللوح على مثل ما تقدم، ويثبت أيضاً . الكلمة وعلى مقدارها وهيئتهاويلصق إحدى اجلزازتني االباقيتني بالشخص الذي على نقطة ح، . أحد الشخصني اآلخرين على نقطة ح

ويقدم اللوح إىل بصره على مثل ما تقدم، وحيدق إىل . ها مثل وضع اجلزازة األوىلوليتحر أن يكون وضعفإنه يدرك الكلمة املكتوبة عليها إدراكاً حمققاً، ويدرك مع . اجلزازة اليت على الشخص األوسط ويتأملها

يان الكلمة ذلك يف تلك احلال اجلزازة األخرى ويدرك الكلمة اليت فيها إال أنه ال جيدها يف البيان كبالنظرية هلا اليت يف اجلزازة املتوسطة، بل جيد الكلمة اليت يف اجلزازة املتوسطة أبني وأشد حتققاً مع تشاها

.يف الشكل واهليئة واملقدار

مث يف هذه احلال ينبغي للمعترب أن يأخذ اجلزازة الثالثة باليد اليت تلي نقطة ح ويقيمها يف مست اجلزازتني للوح وعلى استقامة امتداد اخلط املعترض الذي يف سطح اللوح يف احلس، ولتكن بعيدة عن اللتني على ا

وليتحر املعترب أن يكون وضع اجلزازة الثالثة . والسمت الذي على الصفة نسميه مست املواجهة.اللوحزازة شبيهاً ووضع الكلمة اليت فيها يف حال نصب اجلزازة الثالثة ووضع الكلمة اليت فيها يف حال نصب اجل

فإنه يدرك اجلزازة . وليثبت البصرين على اجلزازة املتوسطة وحيدق إليها. بوضع اجلزازتني اللتني على اللوح

ابن اهليثم-املناظر 215

إال انه يدرك صورة الكلمة اليت فيها مشتبهة غري . الثالثة يف هذه احلال إذا مل تكن بعيدة جداً عن اللوحنظرية هلا يف وسط اللوح، وال كما جيد صورة الكلمة مفهومة، وال جيدها بينة كما جيد صورة الكلمة ال

.اليت عند نقطة ح ما دام البصران حمدقني إىل اجلزازة اليت يف وسط اللوح

مث فلريفع املعترب الشخص الذي عند نقطة ح واجلزازة اليت عليه ويقدم اجلزازة اليت يف يده إىل أن يلصقها ، ويتحرى أن تكون اجلزازة قائمة على اخلط املعترض، إىل جانب اجلزازة امللتصقة بالشخص املتوسط

فإنه يدرك الكلمتني مجيعاً اللتني يف اجلزازتني إدراكاً بيناً حمققاً وال . وحيدق كما كان إىل اجلزازة املتوسطة .يكون بني صوريت الكلمتني يف البيان والتحقق تفاوت حمسوس

قاً على اخلط املعترض يف اللوح ويتحرى أن تكون نصبتها على مث حيرك املعترب اجلزازة اليت بيده حتريكاً رفيفإنه جيد . ما كانت عليه، ويعتمد التحديق إىل اجلزازة املتوسطة وينعم تأمل اجلزازتني يف هذه احلال

فإذا صارت عند نقطة ح فإنه جيد . اجلزازة املتحركة كلما بعدت عن الوسط تناقص بيان الكلمة اليت فيها . اليت فيها مفهومة، إال اا ليست يف البيان كما كانت عند التصاقها باجلزازة املتوسطةصورة الكلمة

مث حيرك املعترب اجلزازة أيضاً وخيرجها عن اللوح ويبعدها عنه قليالً قليالً على مست اخلط املعترض وينعم ت عن الوسط تناقص بيان فإنه جيد اجلزازة املتحركة كلما بعد. التأمل مع التحديق إىل اجلزازة الوسطى

مث إذا حركها بعد ذلك وجدها كلما . الكلمة اليت فيها حىت تصري حبيث ال يفهم صورا وال يتحققها .بعدت ازدادت صورة الكلمة اليت فيها اشتباهاً وخفاًء

ح وأيضاً فليستر املعترب الذي يلي نقطة ط ويثبت اللوح على حاله وحيدق بالبصر الواحد الذي يلي نقطةفإنه جيد . وليلصق اجلزازة األخرى إىل جانب اجلزازة املتوسطة كما فعل يف األول. إىل اجلزازة املتوسطة

الكلمة اليت يف اجلزازة املتوسطة بينة وحمققة، وجيد الكلمة اليت يف اجلزازة األخرى أيضاً بينة ليس بينها زازة الثانية على مثل ما تقدم ويعتمد التحديق مث حيرك اجل. وبني اجلزازة املتوسطة يف البيان تفوت حمسوس

فإذا . فإنه جيد الكلمة اليت يف اجلزازة الثانية عند احلركة ينقص بياا. إىل اجلزازة املتوسطة وينعم بالتأملوصلت إىل النقطة ح كان بني بياا يف هذه احلال وبني بياا عند كوا ملتصقة بالوسطى تفاوت

اجلزازة وخيرجها عن اللوح كمثل الفعل األول وينعم التأمل مع التحديق إىل مث حيرك هذه. حمسوس .فإنه جيد اجلزازة املتحركة كلما بعدت عن الوسط ازدادت خفاًء. اجلزازة الوسطى

فيظهر من هذا االعتبار أن أبني املبصرات املواجهة للبصر اليت تدرك بالبصرين معاً هو الذي يكون عند ، وأن ما قرب من ملتقى السهمني يكون أبني مما بعد، فإن املبصر البعيد عن ملتقى ملتقى السهمني

ويظهر أيضاً من هذا االعتبار أن . السهمني تكون صورته مشتبهة غري حمققة، وإن أدرك بالبصرين مجيعاً

ابن اهليثم-املناظر 216

ون أبني أبني املبصرات املواجهة اليت تدرك ببصر واحد هو الذي يرى بسهم الشعاع، وأن ما قرب منه يكويظهر من هذا االعتبار . مما بعد، فإن املبصر البعيد عن سهم الشعاع تكون صورته مشتبهة غري حمققة

أيضاً أن البصر ليس يدرك املبصر الفسيح األقطار إدراكاً حمققاً إال إذا حرك سهم الشعاع على مجيع واحد، وأن البصر إذا كان ثابتاً يف أقطاره وعلى مجيع أجزائه كان اإلبصار ببصرين أو كان اإلبصار ببصر

مقابلة املبصر الفسيح األقطار فليس يدرك مجيعه إدراكاً حمققاً، وإمنا يدرك منه ما كان على السهم وقريباً منه إدراكاً حمققاً ويدرك بقية أجزائه وما بعد عن السهم إدراكاً غري حمقق وإن كان املبصر مواجهاً، كان

.ببصر واحداإلبصار ببصرين أو كان

وأيضاً فإنه ينبغي للمعترب أن يعتمد قرطاساً قدره أربع أصابع يف مثلها، فيثبت فيه أسطر اخلط دقيقاً، مث يرفع املعترب الشخص الذي على اللوح ويقدم اللوح إىل بصره على مثل ما كان . وليكن اخلط مفهوماً

دق بالبصرين مجيعاً إىل وسط القرطاس مث يقيم القرطاس على اخلط املعترض الذي يف وسط اللوح، وحيإال أنه جيد ما كان من الكتابة . فإنه جيد الكتابة اليت يف القرطاس بينة مفهومة ويتمكن من قراءا. ويتأمله

يف وسط القرطاس أبني مما هو يف أطرافه، إذا كان البصر حمدقاً إىل وسط القرطاس ومل يتحرك على مجيع .أقطاره

س حىت يتقاطع به اخلط املعترض على النقطة اليت يف وسط اللوح اليت هي نقطة التقاطع، مث فليميل القرطافإنه . وليكن ميل القرطاس على اخلط املعترض ميالً يسرياً، ولينظر بالبصرين مجيعاً إىل وسط القرطاس

.جيدها ملا كان القرطاس مواجهاً

مليل األول ويكون وسط حاشيته على نقطة التقاطع، مث ينبغي للمعترب أن مييل القرطاس ميالً زائداً على امث يزيد يف ميل . فإنه جيد الكتابة أضعف من بياا األول. وحيدق أيضاً بالبصرين مجيعاً إىل وسطه

فإنه جيد . القرطاس قليالً قليالً ويكون وسط حاشيته على نقطة التقاطع، ويتأمله يف مجيع ميله مرة بعد مرةوكلما ازداد القرطاس ميالً ازدادت الكتابة اشتباهاً إىل أن يقرب . عند ميل القرطاسالكتابة تشتبه عليه

القرطاس من اخلط املمتد يف وسط طول اللوح، فإنه جيد الكتابة اليت يف القرطاس مشتبهة اشتباهاً شديداً .حىت ال يتمكن من قراءا وال من فهمها وال يتحقق صورا

القرطاس إىل الوضع األول، ويقيمه على اخلط املعترض، ويستر أحد البصرين مث ينبغي للمعترب آن يعيدمث مييل . وينظر إىل القرطاس ببصر واحد، فإنه جيد الكتابة بينة مفهومة ويتمكن من قراءا وفهمها

ند القرطاس على الصفة األوىل وينظر إليه بالبصر الواحد، فإنه جيد الكتابة أضعف بياناً مما كانت عليه عفإنه جيده كلما ازداد ميالً ازداد بيان . مث يزيد يف ميل القرطاس قليالً قليالً ويتأمله مرة بعد مرة. املواجهة

وليتأمل يف هذه احلال بالبصر . الكلمة ضعفاً إىل أن يقرب القرطاس من القطر الذي يلي البصر الناظر إليه

ابن اهليثم-املناظر 217

.ال يتمكن من قراءا وال من فهمهاالواحد، فإنه جيد الكتابة مشتبهة اشتباهاً شديداً و

فيتبني من هذا االعتبار أن أبني املبصرات اليت تكون على سهم الشعاع هو املواجه للبصر، وأن ما قرب وضعه من املواجهة يكون أبني مما بعد عن املواجهة، وأن املائل على سهم الشعاع ميالً متفاوتاً تكون

.ار بالبصرين معاً أو كان اإلبصار ببصر واحدصورته مشتبهة غري مفهومة، كان اإلبص

مث ينبغي للمعترب أن يرد الشخص الذي كان على اللوح ويثبته يف وسط اللوح ويلصقه على نقطة التقاطع مث يقيم القرطاس على أحد قسمي اخلط املعترض على مست املواجهة . على مثل ما كان يف االعتبار األول

فإنه يف هذه احلال يدرك القرطاس ويدرك الكتابة اليت فيه، . الشخص املتوسطوحيدق بالبصرين معاً إىل إال أنه جيد ما يلي الشخص املتوسط من الكتابة بيناً وما بعد عنه مشتبهاً خفياً، وجيد ما قرب إىل

الشخص املتوسط مفهوماً ويتمكن من قراءته مع حتديقه إىل الشخص املتوسط، وجيد ما بعد عن الشخص وسط من الكتابة ملتبساً ال يتمكن من قراءته وال من فهمه، وجيد كل ما كان أبعد عن الشخص كان املت

.أشد التباساً

وأيضاً فإنه ينبغي للمعترب أن مييل القرطاس يف هذه احلال ويقاطع به اخلط املعترض على نقطة من إحدى فإنه جيد الكتابة . ر إىل الشخص املتوسطقسميه، وجيعل ميله عن اخلط املعترض ميالً يسرياً، وحيدق بالنظ

مث فليزد يف ميل القرطاس وحيدق . اليت القرطاس يف هذه احلال أضعف بياناً مما كانت عليه عند املواجهة .فإنه جيد الكتابة مشتبهة غري مفهومة وال بينة. إىل الشخص املتوسط

ويعيد القرطاس إىل وضعه األول، ويقيمه مث ينبغي للمعترب أن يستر أحد البصرين وينظر بالبصر الواحد، . وحيدق بالبصر الواحد إىل الشخص املتوسط. على قسم اخلط املعترض الذي يلي البصر الذي ينظر به

فإنه يدرك أيضاً الكتابة اليت يف القرطاس، وجيد ما قرب منها من الشخص أبني مما بعد، وجيد ما بعد عن .الشخص من الكتابة مشتبهاً غري مفهوم

مث فليملل املعترب القرطاس ويقاطع به اخلط املعترض على نقطة من القسم الذي كان قائماَ عليه، وينظر إىل الشخص املتوسط بالبصر الواحد الذي كان ينظر به، فإنه جيد الكتابة اليت يف القرطاس مشتبهة غري

زد يف ميلها قليالً قليالً، فإنه جيد كل مث فلي. مفهومة وأشد اشتباهاً منها ملا كان القرطاس يف مست املواجهة .ما ازداد القرطاس ميالً ازدادت الكتابة اشتباهاً والتباساً

فيظهر من هذا االعتبار أن املبصر الذي على مست املواجهة يكون أبني من املبصر املائل وإن مل يكن املبصر امليل كانت صورته مشتبهة وإن مل على سم الشعاع وكان خارجاً عن السهم، وأن املبصر إذا كان شديد

.يكن على سهم الشعاع كان اإلبصار بالبصرين معاً أو كان اإلبصار ببصر واحد

ابن اهليثم-املناظر 218

وأيضاً فينبغي للمعترب أن يرفع الشخص من اللوح، ويقيم القرطاس على طرف اللوح، ويطابق بنهايته اية فإنه جيد الكتابة بينة . لقرطاسعرض اللوح الذي هو خط ج د ، وحيدق بالبصرين مجيعاً إىل وسط ا

.مفهومة

مث فليملل القرطاس ويقاطع به عرض اللوح على نقطة ز اليت يف وسط عرض اللوح، وحيدق بالبصرين مث فليزد يف ميل القرطاس قليالً . فإنه جيد الكتابة أضعف بياناً مما كانت عليه. مجيعاً إىل وسط القرطاس

فإذا تفاوت ميل القرطاس، فإنه جيد الكتابة مشتبهة اشتباهاً . ياا ضعفاًقليالً، فإنه جيد الكتابة يزداد بوكذلك إذا اعتربه يف هذا . شديداً على مثل احلال اليت كان جيدها عليها عند اعتبارها يف وسط اللوح

.املوضع ببصر واحد

وعند طرف مث ينبغي للمعترب أن يقيم الشخص على نقطة ز ويقيم القرطاس على أحد قسمي العرض مث يقاطع به . اللوح مثل ما فعله يف وسط اللوح، وحيدق إىل الشخص املتوسط ويتأمل القرطاس ويعتربه

فإنه جيد احلال على مثل ما كان وجدها يف وسط اللوح إذا اعتربها بالبصرين معاً . العرض أيضاً ويعتربه .وبالبصر الواحد أيضاً

. ت الصغار اليت تقدم وصفها عند طرف اللوح كما اعتربها يف وسطهوينبغي للمعترب أن يعترب أيضاً اجلزازا

فإنه جيد احلال على مثل ما كان وجدها يف الوسط، أعين انه جيد الكلمة اليت يف اجلزازة املتوسطة أبني من وكل ما ازدادت اجلزازة املتطرفة بعداً عن الوسط . الكلمة اليت يف اجلزازة املتطرفة البعيدة عن الوسط

زدادت الكلمة اليت فيها اشتباهاً، إال انه جيد البعد عن الوسط الذي تشتبه عنده الكلمة املتطرفة إذا كان ااالعتبار عند طرف اللوح يكون حبسب البعد عن الوسط الذي تشتبه عنده الكلمة املتطرفة إذا كان

كون نسبة البعد الذي فت. االعتبار يف وسط اللوح ألنه يكون حبسب بعد الشعاع املتطرف عن السهمتلتبس عنده الصورة املتطرفة عن الصورة املتوسطة إىل بعد الصورة املتوسطة عن البصر نسبة واحدة يف

.االعتبار عند وسط اللوح ويف االعتبار عند طرفه

وكذلك أيضاً إن رفع املعترب اللوح، ووضع القرطاس الذي فيه الكتابة على بعد أكثر من طول اللوح ث يتمكن من قراءة ما فيه، وجعله مواجهاً للبصر، وتأمله وقرأ ما فيه من الكتابة، مث ميله وهو يف وحبي

مث إذا زاد يف ميله قليالً قليالً فإنه جيده كلما ازداد ميالً ازداد . موضعه ميل اًيسرياً، فإنه جيده أضعف بياناًباً من وضع الشعاع الذي ميتد إىل وسطه، فإنه مث إذا ميله ميالً شديداً حىت يصري وضعه قري. بيانه ضعفاً

وجيد األمر . جيد الكتابة اليت يف القرطاس مشتبهة اشتباهاً شديداً حىت ال يتمكن من قراءا وال يفهمها .كذلك إن كان االعتبار بالبصرين معاً وإن كان االعتبار ببصر واحد

ابن اهليثم-املناظر 219

ابل للبصر أبعد من طول اللوح وجعلها وكذلك أيضاً إذا أثبت إحدى اجلزازات الصغار يف موضع مقمواجهة للبصر وحدق إليها بالبصرين مجيعاً، وجعل اجلزازة األخرى مائلة عن تلك اجلزازة إىل جهة

.اليمني أو جهة الشمال ونصبها على مست املواجهة، فإنه جيدها أضعف بياناً

عن اجلزازة اليت حيدق إليها، فإنه جيد الكلمة مث إن تقدم إىل حمرك حيرك اجلزازة الثانية ويبعدها قليالً قليالًاليت يف اجلزازة املتطرفة كلما تباعدت عن اجلزازة الثانية ازدادت صورة الكلمة اليت فيها اشتباهاً إىل أن

.وكذلك إذا اعترب هاتني اجلزازتني ببصر واحد فإنه جيد احلال كذلك. ختفى صورة الكلمة فال يفهمها

ه االعتبارات أن أبني املبصرات من مجيع األبعاد هو الذي يكون على سهم الشعاع، فيتبني من مجيع هذوأن ما قرب من السهم يكون أبني مما بعد، وان املبصر البعيد عن السهم بعداً متفاوتاً يكون مشتبه

اً الصورة وال يتحقق البصر صورته كان اإلبصار ببصر واحد أو كان بالبصرين مجيعاً، وأن املبصر أيضاملواجه للبصر يكون من مجيع األبعاد أبني من املبصر املائل، وانه كلما قرب وضع املبصر من املواجهة

كان أبني مما بعد عنها، وأن املبصر املائل على خطوط الشعاع ميالً متفاوتاً تكون صورته مشتبهة اشتباهاً صرين مجيعاً، كان املبصر على السهم أو شديداً وال يتحققها البصر، كان اإلبصار ببصر واحد أو كان بالب

.كان خارجاً عن السهم

فأما مل صار املائل املسرف امليل مشتبه الصورة مع اعتدال بعده ومع إدراك عظمه على ما هو عليه، ومل صار املواجه أبني من املائل، فإن ذلك ألن املائل املسرف امليل حتصل صورته يف سطح البصر جمتمعة من

ألنه إذا كان املبصر مسرف امليل كانت الزاوية اليت يوترها عند مركز البصر صغرية، وكان .أجل ميلهاجلزء من البصر الذي حتصل فيه صورة ذلك املبصر أصغر بكثري من اجلزء من البصر الذي حتصل فيه

أجل فرط صورته إذا كان مواجهاً للبصر، وتكون أجزاؤه الصغار توتر عند البصر زوايا غري حمسوسة من ميلها، ألن اجلزء الصغري إذا كان يف غاية امليل انطبق اخلطان اللذان خيرجان من مركز البصر إىل طرفيه وصارا مبرتلة اخلط الواحد ومل يدرك احلاس الزاوية اليت فيما بينهما وال اجلزء الذي يفصالنه من سطح

.البصر

ر جمتمعة اجتماعاً متفاوتاً، وتكون أجزاءه الصغار فاملبصر املسرف امليل تكون صورته اليت حتصل يف البصفإذا كان يف املبصر الذي ذه الصفة معان لطيفة مل يدركها . غري حمسوسة، فلذلك تكون صورته مشتبهة

واملبصر املواجه خبالف هذه احلال، ألن املبصر املواجه . البصر خلفاء أجزائها الصغار والجتماع الصورةل يف البصر مرتبة على ما هي عليه يف سطح املبصر، وتكون أجزاؤه الصغار اليت تكون صورته اليت حتص

وإذا كانت األجزاء الصغار من املبصر بينة وحصلت أجزاؤه مرتبة يف سطح . ميكن أن يدركها البصر بينة .البصر كترتيبها الذي هي عليه يف سطح املبصر، كانت صورته بينة غري مشتبهة

ابن اهليثم-املناظر 220

اللطيفة واألجزاء اللطيفة وترتيب أجزاء املبصر ليس يدركها البصر إدراكاً حمققاً إال وباجلملة فإن املعاينإذا انتقشت الصورة يف سطح العضو احلاس وحصل كل جزء منها يف جزء حمسوس من سطح العضو

وإذا كان البصر مائالً ميالً متفاوتاً فليس تنتقش صورته يف البصر وليس حتصل صورة كل جزء . احلاسوليس تنتقش صورة املبصر يف سطح العضو احلاس وحتصل . أجزائه الصغار يف جزء حمسوس من البصرمن

صورة كل جزء من أجزائه يف جزء حمسوس من البصر إال إذا كان املبصر مواجهاً أو كان ميله يسرياً، .وكان بعده مع ذلك من األبعاد املعتدلة بالقياس إىل املعاين اليت يف ذلك املبصر

فأما إدراك عظم املبصر املائل املسرف امليل على ما هو عليه إذا كان على بعد معتدل مع تفوت ميله، فإن ذلك ليس يدركه البصر من صورته نفسها اليت حتصل يف البصر فقط بل من قياس خارج عن الصورة،

اختالف بعدي طريف فإذا أدرك البصر. وهو من إدراكه الختالف بعدي طرفيه مع إدراكه ملقدار الصورةاملبصر املائل املسرف امليل، وأدرك تفاوت اختالفهما، ختيلت القوة املميزة وضع ذلك املبصر، وأدركت مقداره حبسب اختالف بعدي طرفيه وحبسب مقدار اجلزء الذي حتصل فيه الصورة ومقدار الزاوية اليت

والقوة املميزة إذا أدركت اختالف . يوترها ذلك اجلزء عند مركز البصر، ال من الصورة نفسها فقطبعدي طريف املبصر املائل املسرف امليل، وأدركت ميله أحست باجتماع الصورة، فهي تدرك مقداره إذا

واألجزاء الصغار واملعاين اللطيفة اليت . أحست مقدار ميله ال حبسب مقدار الصورة بل حبسب وضعه .مل حيس البصر بتلك األجزاء وال بتلك املعاينتكون يف املبصر ليس ميكن أن تدرك بقياس إذا

وبيان . فاشتباه صورة املبصر املائل املسرف امليل إمنا هو اجتماع صورته يف البصر وخفاء أجزائه الصغارصورة املبصر الواحد إذا كان على بعد معتدل إمنا هو النتقاش الصورة يف البصر على ما هي عليه

.وإحساس البصر بأجزائه الصغار

فقد تبينت العلة اليت من أجلها صارت صورة املبصر املائل املسرف امليل مشتبهة وصورة املبصر املواجه .بينة

.وإذا قد تبينت مجيع هذه املعاين فلنشرع اآلن يف الكالم على أغالط البصر ونبني عللها ونقسم أنواعها

الفصل الثالث

العلل المسببة للغلط

ابن اهليثم-املناظر 221

رض للبصر الغلط قد تبني يف املقالة األوىل أن البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات العلل اليت من أجلها يعاليت تكون معه يف هواء واحد ويكون إدراكه هلا على االستقامة إال بعد أن جيتمع للمبصر عدة معان وهي

يكون اهلواء البعد واملقابلة والضوء وأن يكون حجمه مقتدراً وأن يكون كثيفاً أو فيه بعض الكثافة وأن فإذا اجتمعت . املتوسط بينه وبني البصر مشفاً متصل الشفيف ال يتخلله شيء من األجسام الكثيفة

للمبصر هذه املعاين وكان البصر إليه سليماً من اآلفات والعوائق اليت متنعه من إدراك املبصرات فإن البصر عاين فليس يدرك املبصر الذي يعدم منه وإن عدم البصر واملبصر واحداً من هذه امل. يدرك ذلك املبصر

.ذلك املعىن

وإذا كان ذلك كذلك . وقد تبني يف املقالة الثانية أن البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات إال يف زمان .فاإلبصار ليس يتم إال باجتماع هذه املعاين. فالزمان أيضاً هو أحد املعاين اليت ا يتم اإلبصار

كانت به آفة أو عاقه عائق ومل مينعه ذلك عن إدراك املبصر بالكلية، فليس يدرك وأيضاً فإن البصر إذااملبصر إدراكاً حمققاً ما دام معوقاً أو به آفة، وليس يدرك البصر املبصر إدراكاً حمققاً إال إذا كان سليماً من

ة البصر وسالمته هو وإذا كان ذلك كذلك فصح. اآلفات والعوائق أو كان به ما ال يؤثر فيه كثري تأثري .أحد املعاين اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه

وقد تبني يف الفصل الذي قبل هذا الفصل أن املبصر إذا كان خارجاً عن سهم الشعاع وبعيداً عنه، فإن ئالً على وتبني أيضاً أن املبصر إذا كان ما. البصر ليس يدركه إدراكاً حمققاً، وإن كان على مست املواجهة

خطوط الشعاع ميالً متفاوتاً، فليس يدركه البصر إدراكاً حمققاً، وإن كان سهم الشعاع ومقابالً لوسط وإذا كان ذلك كذلك فليس يدرك البصر املبصر على ما هو عليه، وإن كان مقابالً له، إال إذا . البصر

من املواجهة وأن يكون مع ذلك كان املبصر على وضع خمصوص، وهو أن يكون مواجهاً للبصر أو قريباً .على سهم الشعاع أو قريباً منه

فاملعاين اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه مثينة وهي البعد والوضع املخصوص والضوء واقتدار فإذا اجتمعت للمبصر مجيع املعاين اليت ذكرناها . احلجم والكثافة وشفيف اهلواء والزمان وصحة البصر

بصر إدراكاً حمققاً، وإن عدم املبصر بعض هذه املعاين وأدركه البصر مع ذلك فليس يدركه إدراكاً أدرك امل .حمققاً

فنقول إن لكل واحد من هذه املعاين بالقياس إىل كل واحد من املبصرات عرضاً ما فيه يدرك البصر ذلك واحد منها يف عرض االعتدال الذي وما دامت هذه املعاين جمتمعة للمبصر وكل . املبصر على ما هو عليه

وإذا جتاوز واحد من . به يتم إدراك املبصر على ما هو عليه، فإن البصر يدرك ذلك املبصر على ما هو عليه

ابن اهليثم-املناظر 222

هذه املعاين أو أكثر من واحد منها ذلك العرض باإلفراط فليس يدرك البصر ذلك املبصر على ما هو صر املتفاوت البعد ليس يدركه البصر إدراكاً صحيحاً، وكذلك وذلك أن املبصر البعيد جداً عن الب. عليه

وفيما بني الطرفني أبعاد كثرية يدرك . املبصر القريب جداً من البصر ليس يدركه البصر إدراكاً صحيحاًإال أن األبعاد اليت يدرك منها البصر املبصر إدراكاً صحيحاً . البصر منها املبصر إدراكاً صحيحاً ال لبس فيه

ون إىل حد ما، وليس شيء منها متفاوتاً ال يف البعد وال يف القرب، وهي يف كل واحد من املبصرات تكألن املبصر املقتدر احلجم قد يدرك البصر صورته إدراكاً صحيحاً من بعد قد ختفى . حبسب ذلك املبصر

ك البصر صورته من وكذلك املبصر القوي الضوء قد يدر. من مثله صورة املبصر الصغري احلجم أو تشتبه .بعد قد ختفى من مثله صورة املبصر الضعيف الضوء

وأيضاً فإن املبصر الذي ليس هو مقابالً لوسط البصر، املائل عن الوسط ميالً متفاوتاً، وليس يلقى سهم واملبصر الذي يدرك . الشعاع شيئاً من أجزائه وال يقرب منه، فليس يدركه البصر إدراكاً صحيحاً

معاً وال يلتقي عليه سهما البصرين والشعاعات املتشاة الوضع، وال يكون وضعه من البصرين بالبصرين واملبصر أيضاً الذي تكون خطوط الشعاع مائلة عليه . وضعاً متشااً، فليس يدركه البصر إدراكاً صحيحاً

لذي يكون سهم الشعاع واملبصر املقابل لوسط البصر ا. ميالً متفاوتاً ليس يدركه البصر إدراكاً صحيحاًعلى نقطة منه أو قريباً منه إذا مل يكن فسيح األقطار فإن البصر يدركه إدراكاً صحيحاً وإن مل يتحرك

واملبصر الذي يدرك بالبصرين معاً، ويكون وضعه من البصرين وضعاً متشااً، . السهم على مجيع أقطاره للبصر والقريب من وضع املواجهة أيضاً املائل ميالً واملبصر املواجه. فإن البصر يدركه إدراكاً صحيحاً

إال أن امليل اليسري الذي يدرك معه البصر حقيقة صورة املبصر . يسرياً يدرك البصر صورته إدراكاً صحيحاًوكذلك البعد عن سهم الشعاع اليسري الذي يدرك معه حقيقة املبصر . يكون حبسب املعاين اليت يف املبصر

فإن املبصر الذي ليس فيه معان لطيفة قد يدرك البصر حقيقة صورته . اين اليت يف املبصريكون حبسب املعوكذلك قد يدرك البصر حقيقته إذا كان مائالً على . وهو خارج عن سهم الشعاع وبعيد عنه بعداً يسرياً

خارجاً عن واملبصر الذي فيه معان لطيفة قد ختفى حقيقة صورته إذا كان . خطوط الشعاع ميالً يسرياًسهم الشعاع، وكان بعده عن السهم مثل البعد الذي يدرك منه حقيقة صورة املبصر الذي ليس فيه معان

وكذلك قد ختفى حقيقة صورته إذا كان مائالً على خطوط الشعاع مثل امليل الذي يدرك معه . لطيفة .حقيقة صورة املبصر الذي ليس فيه معان لطيفة

يه ضوء يسري وليس ضوؤه بكل البني ليس يدرك البصر صورته إدراكاً صحيحاً، وأيضاً فإن املبصر الذي فوكذلك إذا كان املبصر نرياً قوي الضوء، أو كان صقيالً وأشرق عليه . وخاصة إذا كان فيه معان لطيفة

وفيما بني الضوء اخلفي والضوء املشرق أضواء كثرية . ضوء قوي، فليس يدركه البصر إدراكاً صحيحاً

ابن اهليثم-املناظر 223

وتوجد األضواء اليت تدرك فيها املبصرات إدراكاً صحيحاً . البصر منها املبصر إدراكاً صحيحاًيدركويوجد الضوء أيضاً الذي . تكون أبداً إىل حد ما، وليس فيها شيء متفاوت يف القوة وال يف الضعف

. ب عظم املبصريدرك فيه البصر صورة املبصر إدراكاً صحيحاً يكون حبسب املعاين اليت يف املبصر وحبس

فإن املبصر الذي ليس فيه معان لطيفة قد يدرك البصر حقيقته يف ضوء يسري قد تشتبه يف مثله صورة وكذلك املبصر املقتدر احلجم قد يدركه البصر يف ضوء يسري قد خيفى يف . املبصر الذي فيه معان لطيفة

.مثله املبصر الذي يف غاية الصغر

غاية الصغر وكانت فيه معان لطيفة وأجزاء متميزة فليس يدركه البصر إدراكاً واملبصر أيضاً إذا كان يفصحيحاً، كاحليوانات اليت يف غاية الصغر اليت أعضاؤها املتميزة وختطيط وجوهها وجوارحها يف حد من

فإن ما هذه صفته من احليوانات إذا أدركها البصر فليس يدركها . الصغر ليس يف قوة البصر إدراكهاكاً صحيحاً، وال يتحقق صورا، ألن احليوان إذا مل يدرك البصر مجيع أعضائه املتميزة اليت هي ظاهر إدر

وإذا كان حجم احليوان مقتدراً، كانت أعضاؤه مناسبة له، وأمكن . جسمه فما أدرك حقيقة صورته كل واحد من وإذا أدرك البصر. البصر أن يدرك كل واحد من أعضائه املتميزة اليت يف ظاهر جسمهوكذلك مجيع املبصرات اليت فيها معان . أعضائه املتميزة اليت يف ظاهره فقد أدرك صورته على ما هي عليه

وإذا كانت تلك املعاين يف مبصرات مقتدرة، وكانت . يف غاية الدقة ليس يدرك البصر حقائق صورها .مناسبة هلا، فإن البصر يدرك تلك املبصرات إدراكاً صحيحاً

بصر أيضاً إذا كان مشفاً وكان فيه بعض الكثافة وكانت كثافته يسرية جداً، فلي يدركه البصر إدراكاً واملوإذا مل يكن مشفاً أو كان فيه شفيف يسري وكانت كثافته بينة، فإن البصر يدركه إدراكاً . صحيحاً، وكلما كان أقوى لوناً وكلما كان املشف أرق لوناً احتاج يف إدراكه إىل الزيادة يف الكثافة. صحيحاً

واهلواء . أمكن البصر أن يدركه مع كثافة يسرية ال يدرك معها حقيقة املبصر الرقيق اللون إدراكاً صحيحاًاملتوسط بني البصر واملبصر إذا كان غليظاً كدراً مسف الغلظ كالضباب والقتام والدخان وما جرى

معان لطيفة، فليس يدرك البصر تلك املبصرات جمرى ذلك، وكانت فيه مبصرات لطيفة ومبصرات فيها وكذلك إذا قطع اهلواء املتوسط بني البصر واملبصر جسم مشف فيه بعض الغلظ فليس . إدراكاً صحيحاً

وإذا كان اهلواء صافياً مشفاً لطيفاً متشابه الشفيف ومل يقطعه . يدرك البصر ذلك املبصر إدراكاً صحيحاً. افة فإن البصر يدرك املبصرات اليت تكون يف ذلك اهلواء إدراكاً صحيحاًجسم من األجسام اليت فيها كث

وكذلك إذا كان يف اهلواء بعض الغلظ، وكان الغلظ الذي فيه يسرياً، وكان فيه مبصرات ليست يف غاية الصغر، وليس فيها معان يف غاية اللطافة، فإن البصر يدرك تلك املبصرات إدراكاً صحيحاً، وال يعوقه

ابن اهليثم-املناظر 224

اهلواء عن إدراكها وإن كان فيه بعض الغلظ، ويكون غلظ اهلواء الذي يدرك فيه املبصر إدراكاً ذلكصحيحاً حبسب املعاين اليت يف املبصر، فإن املبصر الذي ليس فيه معان لطيفة قد يدرك البصر حقيقته يف

.هواء فيه بع الغلظ وال يدرك يف ذلك اهلواء حقيقة املبصر الذي فيه معان لطيفة

واملبصر أيضاً إذا كان متحركاً حركة سريعة يف غاية السرعة وقطع املسافة اليت يدركه البصر فيها يف أقل كالناظر إذا كان ينظر من ثقب . القليل من الزمان فليس يدرك البصر مائية ذلك املبصر إدراكاً صحيحاًالثقب جمتازاً وكان متحركاً حركة أو من باب، وكان بعيداً عن الثقب أو الباب، وكان املبصر من وراء

سريعة كاخلطف، وأدركه البصر من الثقب، فإنه ليس يدرك مائيته وال يتحقق صورته أو ال يدرك صورته وإذا ثبت املبصر يف قبالة البصر، أو حترك يف قبالة البصر مسافة ليست متفاوتة العظم يف . إدراكاً صحيحاً

واحلركة أيضاً إذا كانت مستديرة .لك املبصر ويدرك حقيقتهزمان حمسوس، فإن البصر يدرك مائية ذكحركة الدوامة وكانت شديدة السرعة، فإن البصر ليس يدركها، ويدرك الدوامة أو اجلسم املتحرك

وكذلك أيضاً احلركة البطيئة املسرفة البطء ليس . حبركة الدوامة إذا كان شديد السرعة كأنه ساكن الزمان، ويدرك البصر املبصر املتحرك حركة بطيئة مسرفة البطء يف زمان يدركها البصر يف اليسري من

.حمسوس املقدار كأنه ساكن وغري متحرك

والبصر أيضاً إذا كانت به آفة مؤثرة فيه ومل يكن صحيحاً سليماً أو عرض له عارض يغريه تغيرياً مؤثراً من اآلفات والعوارض فإنه يدرك املبصر وإذا كان صحيحاً سليماً . فليس يدرك املبصر إدراكاً صحيحاً

وإن كان به عارض يسري أيضاً فإنه قد يدرك املبصرات اليت ليست يف غاية الصغر وال . إدراكاً صحيحاً .فيها معان يف غاية اللطافة إدراكاً صحيحاً

ا هو عليه بالقياس فقد تبني مما فصلناه وشرحناه أن لكل واحد من املعاين اليت ا يتم إدراك املبصر على مإىل كل واحد من املبصرات عرضاً ما يف تضاعيفه يدرك البصر املبصر على ما هو عليه، وإذا جتاوز ذلك

واخلروج عن العرض الذي من أجله . العرض باإلفراط فليس يدرك البصر املبصر مع إفراط ذلك املعىناط يف الزيادة ويف النقصان، ويكون الوضع ليس يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يكون يف البعد باإلفر

بالبعد عن سهم الشعاع وباختالف وضع املبصر من البصرين إذا كان اإلبصار بالبصرين معاً، ألنه إذا اختلف وضع املبصر من البصرين كانت الشعاعات اليت تلتقي على املبصر من البصرين غري متشاة

الشعاع، وبامتداد سطح املبصر أو املسافة اليت بني الوضع، وبإفراط ميل سطح املبصر على خطوطوباجلملة فإن كل وضع ال يتم معه إدراك املبصر على ما هو عليه . املبصرين على استقامة خطوط الشعاع

ويكون بالكثافة باإلفراط . ويكون يف احلجم باإلفراط يف الصغر. فهو وضع خارج عن االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 225

. ويكون يف الزمان باإلفراط يف القصر. راط يف الغلظ يف مجيعه أو بعضهبالشفيف، ويكون يف اهلواء باإلف

.ويكون البصر باإلفراط يف الضعف أو يف التغري

وإذا قد تبني ذلك فلنسم العرض الذي فيه يدرك البصر املبصر على ما هو عليه يف كل واحد من املعاين وإذا كان لكل واحد من املعاين اليت ا يتم . اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه عرض االعتدال

إدراك املبصر على ما هو عليه عرض فيه يدرك البصر املبصر على ما هو عليه، وإذا جتاوز ذلك املعىن ذلك العرض مل يدرك البصر املبصر على ما هو عليه، فقد وجب أن حند هذا العرض حبد يفرزه عن اإلفراط

ض االعتدال يف كل واحد من املعاين اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو إن عر: الذي خيرج عنه، فنقولعليه هو العرض الذي ليس يكون بني الصورة اليت يدركها البصر من املبصريف تضاعيفه وبني صورته

فهذا احلد يتم يف كل واحد من املعاين اليت ا يتم . احلقيقية تفاوت حمسوس مؤثر يف حقيقة صورة املبصروغاية العرض يف كل واحد من هذه املعاين خيتلف حبسب اختالف . راك املبصر على ما هو عليهإد

املبصرات، ويكون عرض كل واحد من هذه املعاين بالقياس إىل مبصر من املبصرات حبسب كل واحد ة اليت تكون من املعاين الباقية اليت ا يتم اإلبصار، وحبسب لون ذلك املبصر أيضاً وحبسب املعاين اللطيف

فيكون عرض االعتدال يف . فيه إن كانت فيه معان لطيفة كالتخطيط والنقوش والكتابة واألجزاء املتميزةالبعد بالقياس إىل كل مبصر من املبصرات حبسب لون ذلك املبصر ، وحبسب املعاين اللطيفة اليت يف ذلك

سب كثافته، وحبسب اهلواء املبصر، وحبسب الضوء الذي فيه، وحبسب وضعه، وحبسب حجمه، وحب .املتوسط بينه وبني البصر، وحبسب الزمان، وحبسب صحة البصر وقوته

وذلك أن املبصر النقي البياض واملشرق اللون تظهر حقيقته من بعد أعظم من غاية البعد الذي يدرك منه فعرض . ين الباقية اليت فيهحقيقة املبصر املنكسف اللون والترايب اللون املساوي لذلك املبصر يف مجيع املعا

البعد الذي فيه يدرك البصر حقيقة املبصر بالقياس إىل املبصر املنكسف اللون والترايب اللون يكون أضيق .من عرض البعد بالقياس إىل املبصر النقي البياض واملشرق اللون

ن أعظم من غاية البعد وكذلك أيضاً املبصر الذي ليس فيه معان لطيفة وال أجزاء متميزة تظهر حقيقته مفعرض البعد الذي فيه يدرك . الذي تظهر منه حقيقة املبصر الذي فيه معان دقيقة وأجزاء لطيفة متميزة

البصر حقيقة املبصر بالقياس إىل املبصر الذي فيه معان لطيفة أضيق من عرض البعد بالقياس إىل املبصر .الذي ليس فيه معان لطيفة

إذا كان مقابالً لوسط البصر وعلى سهم الشعاع، أو على ملتقى السهمني إذا كان وكذلك أيضاً املبصر وإذا . اإلبصار بالبصرين، يكون أبني منه نفسه إذا كان مائالً عن السهم وبعيداً عنه أو ملتقى السهمني

ابن اهليثم-املناظر 226

كان اإلبصار كان املبصر أيضاً مواجهاً للبصر يكون أبني منه نفسه إذا كان مائالً ومل يكن مواجهاً للبصر واألبني تدرك حقيقته من بعد أعظم من غاية البعد الذي تدرك منه . ببصرين أو كان اإلبصار ببصر واحدفعرض البعد الذي منه يدرك البصر حقيقة املبصر بالقياس إىل املبصر . حقيقة املبصر الذي ليس بكل البني

من عرض البعد بالقياس إىل املبصر البعيد عن السهم واملائل على السهم وعلى خطوط الشعاع أضيق .املقابل لوسط البصر وعلى ملتقى السهمني، وأضيق من عرض البعد بالقياس إىل املبصر املواجه للبصر

وكذلك أيضاً املبصر الذي فيه ضوء قوي قد يدرك البصر حقيقته من بعد أعظم من غاية البعد الذي فعرض البعد الذي يدرك فيه البصر حقيقة . ي فيه ضعيفاًيدرك منه حقيقة ذلك املبصر إذا كان الضوء الذ

.املبصر بالقياس إىل املبصر الضعيف الضوء أضيق من عرض البعد بالقياس إىل املبصر القوي الضوء

وكذلك أيضاً املبصر العظيم احلجم قد يدرك البصر حقيقته من بعد أعظم من غاية البعد الذي يدرك منه فعرض البعد الذي فيه يدرك البصر حقيقة املبصر بالقياس إىل املبصر الصغري . جمحقيقة املبصر الصغري احل

.احلجم أضيق من عرض البعد بالقياس إىل املبصر العظيم احلجم

وكذلك أيضاً املبصر الكثيف الذي ليس فيه شيء من الشفيف واملبصر الذي فيه شفيف يسري أيضاً قد بعد الذي يدرك منه البصر حقيقة املبصر الشديد الشفيف الذي يدرك البصر حقيقته من أعظم من غاية ال

فعرض البعد الذي فيه يدرك البصر حقيقة املبصر بالقياس إىل املبصر املشف الذي . فيه يسري من الكثافة .فيه يسري من الكثافة أضيق من عرض البعد بالقياس إىل املبصر الكثيف واملبصر املشف اليسري الشفيف

إذا كان املبصر يف هواء نقي متناهي الشفيف متصل الشفيف، فإن البصر قد يدرك حقيقة وكذلك أيضاً ذلك املبصر من بعد أعظم من غاية البعد الذي يدرك منه حقيقة ذلك املبصر إذا كان يف هواء غليظ أو يف

ياس إىل فعرض البعد الذي فيه يدرك البصر حقيقة املبصر بالق. هواء فيه بعض الكدر أو بعض العوائق .اهلواء الغليظ واملعوق أضيق من عرض البعد بالقياس إىل اهلواء النقي الصايف الشفيف

وأيضاً فإن املبصر إذا كان قريباً من البصر فإن البصر يدرك حقيقته يف زمان أقصر من الزمان الذي يدرك املبصرات وجدت كذلك وإذا اعتربت هذه احلال من . فيه حقيقة ذلك املبصر إذا كان بعيداً عن البصر

وإذا كان ذلك كذلك دائماً وخاصة إذا كان يف املبصر . دائماً، وخاصة إذا كان يف املبصر معان لطيفةمعان لطيفة، فإن الزمان الذي يدرك فيه املبصر إذا اتفق أن يكون حمصوراً، فإن عرض البعد الذي يصح

وذلك أن البصر إذا حلظ املبصر مث انصرف . أن يدرك فيه البصر حقيقة املبصر يكون حبسب ذلك الزمانعنه يف احلال، أو كان البصر متحركاً وأدرك يف حال حركته مبصراً من املبصرات مث خفي عنه ذلك

املبصر يف احلال من أجل احلركة، أو كان املبصر متحركاً وأدركه البصر يف حال حركته مث خفي عنه من ر، وكان الزمان الذي أدركه فيه يسرياً، فإن املبصر الذي ذه أجل احلركة، ومل يثبت يف مقابلة البص

ابن اهليثم-املناظر 227

وإذا . الصفة إذا كان قريباً من البصر فقد يدرك البصر حقيقته، وإن كان الزمان الذي يدركه فيه يسرياًكان بعيداً عن البصر فليس يدرك البصر حقيقته يف أقل القليل من الزمان الذي يدرك فيه البصر حقيقة

فإذا كان الزمان الذي يتمكن فيه البصر من تأمل املبصر حمصوراً، . صر إذا كان قريباً من البصرذلك املبوكان يسرياً، فإن عرض البعد الذي يصح أن يدرك فيه البصر حقيقة ذلك املبصر يف ذلك القدر من

من ذلك الزمان يكون أضيق من عرض البعد الذي يدرك فيه البصر حقيقة ذلك املبصر يف زمان أوسع فعرض البعد الذي فيه يدرك البصر حقيقة املبصر بالقياس إىل الزمان اليسري الذي يدرك فيه البصر . الزمان

املبصر ويتمكن من تأمله يكون أضيق من عرض البعد بالقياس إىل الزمان املتنفس الذي يدرك فيه املبصر .ويتأمله تأمالً صحيحاً إذا كان الزمان حمصوراً

ضاً إذا كان البصر صحيحاً قوياً ليس به شيء من اآلفات وال شيء من العوارض، فإنه يدرك وكذلك أيحقيقة املبصر من بعد أعظم من غاية البعد الذي يدرك منه البصر الضعيف واملأوف واملعوق حقيقة ذلك

وق يكون أضيق فعرض البعد الذي فيه يدرك البصر حقيقة املبصر بالقياس إىل البصر املأوف واملع. املبصر .من عرض البعد بالقياس إىل البصر الصحيح

.فقد تبني مما شرحناه أن عرض االعتدال يف البعد يكون حبسب املعاين اليت يف املبصر اليت بينا تفصيلها

وكذلك أيضاً عرض االعتدال يف الوضع يكون حبسب لون املبصر، وحبسب املعاين اللطيفة اليت تكون يف يه معان لطيفة، وحبسب بعده، وحبسب الضوء الذي يكون فيه، وحبسب حجمه، املبصر إن كانت ف

.وحبسب كثافته، وحبسب اهلواء ، وحبسب الزمان إذا كان الزمان حمصوراً، وحبسب صحة البصر وقوته

ويكون عرض االعتدال يف الضوء الذي يف املبصر حبسب لون املبصر، وحبسب املعاين اللطيفة اليت تكون ب بعده، وحبسب وضعه، وحبسب حجمه، وحبسب كثافته، وحبسب اهلواء، وحبسب الزمان فيه، وحبس

.الذي يتأمل يف البصر املبصر إذا كان الزمان حمصوراً، وحبسب صحة البصر وقوته

ويكون عرض االعتدال يف احلجم حبسب لون املبصر، وحبسب املعاين اللطيفة اليت تكون فيه، وحبسب سب املعاين اللطيفة اليت تكون فيه، وحبسب بعده، وحبسب وضعه، وحبسب بعده، وحبسب وضعه، وحب

.ضوئه، وحبسب كثافته، وحبسب اهلواء، وحبسب الزمان، وحبسب صحة البصر وقوته

فأما عرض االعتدال يف الكثافة فإنه يكون يف األجسام املشفة اليت فيها بعض الكثافة، فيكون عرض سم املشف حبسب لون املبصر، وحبسب اللون الذي يظهر من وراء ذلك االعتدال يف الكثافة اليت يف اجل

املبصر، أو الضوء الذي يظهر من ورائه، وحبسب املعاين اللطيفة اليت تكون يف ذلك املبصر، وحبسب بعد ذلك املبصر، وحبسب وضعه، وحبسب ضوئه، وحبسب حجمه، وحبسب اهلواء، وحبسب الزمان الذي

ابن اهليثم-املناظر 228

.ل املبصر، وحبسب البصر وقوتهيتمكن فيه البصر من تأم

ويكون عرض االعتدال يف شفيف اهلواء حبسب لون املبصر، وحبسب املعاين اللطيفة اليت تكون يف املبصر، وحبسب بعده، وحبسب وضعه، وحبسب ضوئه، وحبسب حجمه، وحبسب كثافته، وحبسب الزمان،

.وحبسب صحة البصر وقوته

فيه يدرك البصر حقيقة املبصر حبسب لون املبصر أيضاً، وحبسب ويكون عرض االعتدال يف الزمان الذي املعاين اللطيفة اليت تكون فيه، وحبسب بعده، وحبسب وضعه، وحبسب ضوئه، وحبسب حجمه، وحبسب

.كثافته، وحبسب اهلواء، وحبسب صحة البصر

وحبسب املعاين ويكون عر االعتدال يف صحة البصر وسالمته من اآلفات والعوائق حبسب لون املبصر، اللطيفة اليت تكون يف املبصر، وحبسب بعده، وحبسب وضعه، وحبسب ضوئه، وحبسب حجمه، وحبسب

.كثافته، وحبسب اهلواء، وحبسب الزمان

وإذا فصل كل واحد من املعاين على مثل ما فصلت يف البعد، تبني أن عرض االعتدال يف كل واحد منها فقد تبني من مجيع ما شرحناه وفصلناه أن . ذكورة يف ذلك املعىنيكون حبسب كل واحد من املعاين امل

لكل واحد من املعاين اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه، بالقياس إىل كل واحد من املبصرات، عرضاً ما يف تضاعيفه يدرك البصر ذلك املبصر إدراكاً صحيحاً ويدرك صورته على ما هي عليه، وإذا

عرض باإلفراط فإن البصر إما أن ال يدرك ذلك املبصر وإما أن يدركه على خالف ما هو جتاوز ذلك العليه، وأن عرض كل واحد من املعاين بالقياس إىل مبصر من املبصرات يكون حبسب املعاين الباقية اليت يف

صر على ما هو عليه، فإذا كان كل واحد من املعاين، اليت ا يتم إدراك املب. ذلك املبصر اليت تبني تفصيلها .يف عرض االعتدال بالقياس إىل مبصر من املبصرات فإن البصر يدرك ذلك املبصر على ما هو عليه

وإذا كان ذلك كذلك فإن البصر إذا أدرك مبصراً من املبصرات على خالف ما هو عليه، فإن املعاين اليت ه ليس كل واحد منها يف عرض االعتدال بالقياس يف ذلك املبصر اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو علي

فيلزم من هذه احلال أن . إىل ذلك املبصر، بل قد خرجت أو بعضها أو واحد منها عن عرض االعتداليكون البصر ليس يدرك شيئاً من املبصرات على خالف ما هو عليه إال إذا كان واحد من هذه املعاين أو

االعتدال، ألن هذه املعاين إذا كان مجيعها يف عرض االعتدال أكثر من واحد منها خارجاً عن عرض وأيضاً فإنه إذا كان ليس يتم إدراك . بالقياس إىل املبصر فإن البصر يدرك ذلك املبصر على ما هو عليه

املبصر على ما هو عليه يف عرض االعتدال بالقياس إىل ذلك املبصر، فإنه إذا خرج واحد من هذه املعاين عتدال، أو أكثر من واحد منها، فإن البصر ليس يدرك ذلك املبصر على ما هو عليه بل عن عرض اال

ابن اهليثم-املناظر 229

وإذا كان مىت خرج واحد من هذه املعاين عن عرض االعتدال فإن البصر . يدركه على خالف ما هو عليهك يدرك املبصر على خالف ما هو عليه، ومىت كان مجيع هذه املعاين يف عرض االعتدال فإن البصر يدراملبصر على ما هو عليه، فإن العلة اليت من أجلها يدرك البصر املبصر على خالف ما هو عليه إمنا هي

خروج واحد من هذه املعاين عن عرض االعتدال فإن البصر يدرك املبصر على ما هو عليه، فإن العلة اليت هذه املعاين عن عرض من أجلها يدرك البصر املبصر على خالف ما هو عليه إمنا هي خروج واحد من

وإذا كان . وغلط البصر إمنا هو إدراك املبصر على خالف ما هو عليه. االعتدال أو أكثر من واحد منهاغلط البصر إمنا هو إدراك املبصر على خالف ما هو عليه، وكان البصر ليس يدرك املبصر على خالف ما

يتم إدراك املبصر على ما هو عليه عن عرض هو عليه إال من أجل خروج واحد من هذه املعاين اليت ااالعتدال أو أكثر من واحد منها، فالعلة إذن اليت من اجلها يعرض للبصر الغلط هو خروج واحد من

فعلل مجيع . املعاين اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه عن عرض االعتدال أو أكثر من واحد منهاين اليت ا يتم إدراك املبصرات على ما هي عليه عن عرض االعتدال اليت أغالط البصر إمنا هي خروج املعا

.وهذا هو الذي قصدنا لتبيينه يف هذا الفصل. هي املعاين اليت بينا تفصيلها

الفصل الرابع

تمييز أغالط البصر

س ويكون يكون مبجرد احل: قد تبني يف املقالة الثانية أن إدراك البصر للمبصرات يكون على ثلثة أوجهوإذا كان ذلك كذلك فاملعىن الذي يدركه البصر . باملعرفة ويكون بالقياس والتمييز يف حال إدراك املبصر

واملعىن الذي يدركه البصر باملعرفة إذا . مبجرد احلس إذا عرض يف إدراكه الغلط غلطاً يف نفس اإلحساسعىن الذي يدرك بالقياس والتمييز يف حال وامل. عرض يف إدراكه الغلط فإمنا يكون ذلك الغلط يف املعرفة

اإلبصار إذا عرض يف إدراكه الغلط فإمنا يكون ذلك الغلط غلطاً يف القياس والتمييز أو يف املقدمات اليت وقد تبني أيضاً يف املقالة الثانية أن الذي يدركه البصر مبجرد احلس هو الضوء مبا . ا وقع القياس والتمييز

. هو لون فقطهو ضوء واللون مبا

فأما املعاين اليت يدركها البصر باملعرفة والصور اليت يدركها البصر باملعرفة فهي مجيع املبصرات املألوفة فمنها ما أصل إدراك البصر هلا . اليت قد تكرر إدراك البصر هلا وألنواعها وألفها البصر لكثرة إدراكها

لبصر يعرفها يف حال إدراكه هلا، كأنواع األضواء مبجرد احلس، مث لكثرة تكررها على البصر صار ا

ابن اهليثم-املناظر 230

وأنواع األلوان، فإن البصر يعرف ضوء الشمس لكثرة تكرره عليه، ويفرق بينه وبني ضوء القمر وبني ويعرف أيضاً . ضوء النار، وأصل إدراكه لضوء الشمس ولكل واحد من األضواء إمنا هو مبجرد احلس

بينها باملعرفة لكثرة تكرر األلوان املألوفة على البصر، وأصل إدراكه كل واحد من األلوان املألوفة ويفرقومنها . لكل لون من األلوان إمنا هو مبجرد احلس، كما تبني يف املقالة الثانية، ألن أصل إدراكه مبا هو لونها يف ما أصل إدراك البصر هلا بالقياس والتمييز مث لكثرة تكررها على البصر صار البصر يدركها ويعرف

وهذه هي مجيع الصور املركبة اليت قد . حال إدراكه هلا من غري استئناف قياس ومتييز بل باألمارات فقطألفها البصر وكثر إدراكه هلا، كصور احليوانات املألوفة والثمار والنبات واآلالت واجلمادات وسائر

س ومتييز وتكرر يف املبصرات كاألشكال املبصرات املألوفات، ومجيع املعاين اجلزئية أيضاً اليت تدرك بقيااملألوفة اليت هي االستدارة واالستقامة والتثليث والتربيع، وكاملالسة واخلشونة، وكظل خمصوص وظلمة خمصوصة وكحسن خمصوص وقبح خمصوص، وما جيري جمرى ذلك من املعاين اجلزئية اليت تدرك حباسة

شخاص كل نوع من أنواع املبصرات كشكل اإلنسان وشكل البصر، ومجيع املعاين الكلية اليت توجد يف أالفرس وهيئة الشجرة وهيئة النخلة وما جيري جمرى ذلك من املعاين الكلية اليت توجد يف كل نوع من

فإنه قد تبني أن إدراك البصر هلذه املعاين يكون يف مبدأ النشوء بالقياس والتمييز، مث إذا . أنواع املبصرات. النفس صار إدراك البصر هلا باملعرفة من غري استئناف قياس ومتييز يف حال اإلحساساستقرت صورها يف

وكذلك الصور املركبة اليت يكثر تكررها على البصر إمنا يدركها البصر يف أول وؤيتها بالتمييز والقياس، حال اإلحساس بل مث إذا تكرر إدراكها وألفها البصر صار إدراكه هلا باملعرفة من غري استئناف قياس يف

.باألمارات فقط

فأما املعاين اليت يدركها البصر بالقياس والتمييز يف حال اإلحساس فهي مجيع الصور املركبة اليت مل تتكرر على البصر ومل يكثر إدراك البصر هلا ومجيع املعاين اجلزئية اليت يف األشخاص اجلزئية اليت قد تبني أا

.تدرك بالتمييز والقياس

ع ما يدركه البصر من املبصرات ينقسم إىل هذه األقسام الثلثة، فجميع أغالط البصر ينقسم إىل هذه فجميغلط يف جمرد اإلحساس وغلط يف املعرفة وغلط يف التمييز : الثلثة األقسام، فأنواع أغالط البصر إذن ثلثة

.والقياس

بصر ذي ألوان خمتلفة وتكون ألواناً قوية واملثال يف الغلط الذي يعرض يف جمرد اإلحساس فكإدراك البصر ملفإن اجلسم . كالكحلي واخلمري والفرفريي وما جرى جمراها إذا كان يف موضع مغدر شديد الغدرة

املتلون ذه األلوان إذا كان يف موضع مغدر شديد الغدرة، وليس فيه إال ضوء يسري، فإن البصر يدرك فإن لكم يكن تقدم علم الناظر . ، وال يتحقق حقيقة ألوانهاملبصر الذي ذه الصفة ذا لون واحد مظلم

ابن اهليثم-املناظر 231

بذلك املبصر فإنه يظنه ذا لون واحد أسود أو مظلم وإن كانت املعاين الباقية اليت يف ذلك املبصر اليت ا فيكون البصر قد غلط يف إدراكه . يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عرض االعتدال ما سوى الضوء

فإن أدركه ذا لون واحد وهو ذو ألوان كثرية، واللون مبا هو لون إمنا يدرك مبجرد . بصرللون ذلك املاحلس، فيكون هذا الغلط غلطاً مبجرد اإلحساس، وتكون علة هذا الغلط هو خروج الضوء الذي يف ذلك

وضع املغدر ألن املبصر الذي ذه الصفة إذا خرج من امل. املبصر عن عرض االعتدال باإلفراط يف النقصانالذي هو فيه إىل ضوء معتدل، وكانت املعاين الباقية اليت فيه اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف

.عرض االعتدال، فإن البصر يدرك ألوان ذلك املبصر خمتلفة ويدرك كل واحد منها على ما هو عليه

بصر لشخص إنسان من بعد بعيد ويكون ذلك فأما املثال يف الغلط الذي يعرض يف املعرفة فكإدراك الفإذا رأى الناظر ذلك الشخص من البعد . اإلنسان يشبه زيداً، وباملثال، الذي يعرفه ذلك الناظر وقد ألفه

رمبا ظنه زيداً وليس هو زيداً، وإن كانت املعاين الباقية اليت يف ذلك الشخص اليت ا يتم إدراك املبصر فيكون البصر قد غلط يف إدراك ذلك الشخص، . العتدال ما سوى البعدعلى ما هو عليه يف عرض ا

ويكون غلطه غلطاً يف املعرفة، ويكون علة هذا الغلط هو خروج بعد ذلك الشخص عن عروض ألن الشخص إذا كان على مسافة قريبة من البصر، فليس يشتبه على الناظر صورته بصورة من .االعتدال

عاين الباقية اليت يف ذلك الشخص اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف قد عرفه وألفه، إذا كانت امل .عرض االعتدال

فأما املثال يف الغلط الذي يعرض يف القياس والتمييز يف حال إدراك املبصر فكإدراك البصر حلركة القمر إذا فإن . اً حركة سريعةكان يف وجه القمر سحاب رقيق متقطع أو خمتلف الصورة وكان السحاب متحرك

البصر يرى القمر كأنه يتحرك حركة سريعة، وإذا أدرك القمر يتحرك حركة سريعة فهو غالط فيما يدركه من حركته، والغلط يف احلركة هو غلط يف القياس ألن احلركة ليس تدرك إال بالقياس يف حال

ألن املبصرات . فاوت املسرفاإلحساس، وعلة هذا الغلط هو خروج بعد القمر عن عرض االعتدال بالتاليت على وجه األرض القريبة من البصر إذا حترك يف وجهها جسم مشف، فليس ترى متحركة إذا كانت

وقد . املعاين الباقية اليت يف تلك املبصرات اليت ا يتم إدراك املبصرات على ما هي عليه يف عرض االعتدالهي األجسام اليت تكون يف املاء إذا كان املاء جارياً يوجد ذلك يف األجسام اليت على وجه األرض، و

فإن البصر إذا تأمل املبصر الذي يف املاء الصايف، وكان املاء جارياً، فليس يدرك . وكان مع ذلك صافياً .ذلك املبصر متحركاً وهو يدرك القمر من وراء السحاب متحركاً

فإن السحاب إذا كان . إىل أجزاء السحابوالقياس الذي من أجله يعرض هذا الغلط هو قياس القمر

ابن اهليثم-املناظر 232

متحركاً فإن أجزاءه املسامتة للقمر تتبدل وأطراف القطع املتقطعة من السحاب يبعد بعضها عن القمر فإذا كان البصر . وهو ما جتاوز القمر منها ويقرب بعضها من القمر وهو املتحرك منها إىل جهة القمر

وكان السحاب متحركاً حركة سريعة وكانت أجزاؤه خمتلفة ناظراً إىل القمر وهو من وراء السحابوإذا كان السحاب متشابه . الصورة، فإنه يرى القمر يف احلال يسامت من السحاب جزءاً بعد جزء

األجزاء، فإنه إذا قاس البصر القمر بطرف قطعة بعد قطعة من السحاب املتقطع أدركه يقرب من طرف ن طرف القطعة األخرى، وخيرج من قطعة من السحاب ويدخل يف كل واحدة من تلك القطع ويبعد م

. قطعة غريها، فيظنه من أجل اختالف وضعه بالقياس إىل قطع السحاب وإىل أجزاء السحاب أنه متحرك

ألن البصر كذلك يدرك األجسام املتحركة اليت على وجه األرض اليت يدركها دائماً، فإنه يرى اجلسم يسامت من سطح األرض جزءاً بعد جزء، ويبعد من جزء ويقرب من آخر، املتحرك على وجه األرض

فإدراك البصر للقمر من وراء السحاب السريع احلركة متحركاً إمنا هو من قياسه جزءاً من القمر إىل وظنه أن ذلك التبدل هو من أجل حركة القمر ال من أجل حركة . أجزاء السحاب اليت تتبدل عليه

أجل أن السحاب إذا كان يغشى السماء أو قطعة من السماء فليس يظهر ببديهة السحاب إمنا هو من احلس أنه متحرك، بل إذا حلظ البصر السحاب وهو مغشي للسماء أو لقطعة من السماء فإنه يظنه يف

وإمنا يدرك البصر حركة السحاب إذا تأمل أطرافه أو جزءاً من أجزائه وقاسه مببصر من . احلال ساكناًات الثابتة على وجه األرض أو بالبصر نفسه وتأمله زماناً، فإذا وجده بعد زمان حمسوس قد تغري املبصر

وإذا ظهر السحاب . وضعه أدرك حركته، فأما يف مالحظة السحاب فليس تظهر حركته بل يظنه ساكناًن أجل وهذا الغلط إمنا هو م. ساكناً ووجد القمر يسامت جزءاً منه بعد جزء حكم للقمر باحلركة

.تفاوت البعد، ألن املبصرات اليت ذه الصفة إذا كانت قريبة من البصر فليس يعرض فيها الغلط

فأنواع مجيع أغالط البصر تنقسم إىل هذه . فعلى هذه األمثلة تكون أغالط البصر على هذه الوجوه الثلثة .األنواع الثلثة

الفصل الخامس

لحسكيفيات أغالط البصر التي تكون بمجرد ا

بحسب كل واحد من العلل التي من أجلها يعرض الغلط

وإذا . قد تقدم أن الذي يدركه البصر مبجرد احلس إمنا هو الضوء مبا هو ضوء واللون مبا هو لون فقط

ابن اهليثم-املناظر 233

والغلط يف الضوء مبا هو ضوء فليس يكون إال . كان البصر ليس يدرك مبجرد احلس إال هذين املعنيني فقط الضوء يف القوة والضعف فقط ألنه ليس يدرك البصر من الضوء مبا هو ضوء إال من يف اختالف كيفية

وأما اللون مبا هو لون فقد تبني يف املقالة الثانية أن البصر إمنا يدرك منه تلوناً فقط جيري . إضاءة فقطري جمرى والغلط يف الظلمة وفيما جيري جمرى الظلمة ويف الظل وفيما جي. جمرى الظلمة أو جمرى الظل

.الظل ليس يكون إال يف اختالف كيفيتها يف القوة والضعف فقط

وإذا كان ذلك كذلك فالغلط يف اللون مبا هو لون، إذا كان املبصر ذا لون واحد، ليس يكون إال يف القوة فإذا كان املبصر ذا ألوان خمتلفة وكانت مجيعها قوية ومتقاربة الشبه، أو كانت مجيعها . والضعف فقط

قيقة ومتقاربة الشبه، فقد يدرك البصر مجيعها لوناً واحداً، ألنه يدرك من مجيعها إذا كانت قوية ظلمة رفقط، وإذا كانت متقاربة الشبه يف القوة فإنه يدرك من مجيعها ظلمة متشاة فيظنها لوناً واحداً، وإذا

قتها متقاربة الشبه يف الرقة فإنه كانت مجيعها رقيقة أدرك البصر من مجيعها ظالً فقط، وإذا كانت مع ر .يدرك من مجيعها ظالً متشااً فيظنها لوناً واحداً

وإذا كان املبصر خمتلف األلوان وكان بعضها قوياً وبعضها رقيقاً، أدرك البصر ألوانه مبرتلة الظل والظلمة د احلس يف اختالف ألوان فقد يقع الغلط مبجر. املتجاورين فيدركه البصر ذا لونني وإن كان كثري األلوان

وقد يعرض أيضاً أن يدرك البصر املبصر املختلف األلوان ذا لون . املبصر املختلف األلوان أيضاً وتشاهاواحد إذا كانت أجزاؤه املختلفة األلوان أو بعضها صغاراً يف غاية الصغر، فال يدرك البصر كل واحد منها

حد من األجزاء الصغار على انفراده مل تتميز له ألواا، وإذا مل على انفراده لصغرها، وإذا مل يدرك كل واتتميز له ألواا فهو يدرك مجلة املبصر ذا لون واحد إذا كانت أجزاؤه املخالفة اللون للون مجلته يف غاية

وإن كانت أجزاؤه املخالفة اللون للون مجلته بعضها صغاراً وبعضها كباراً أدرك مجلة املبصر . الصغرفقد يعرض . تلفة األلوان باالختالف الذي يف اجلزاء الكبار ومل يدرك األلوان اليت يف األجزاء الصغارخم

وليس يوجد الغلط مبجرد احلس فيما . الغلط مبجرد احلس يف اختالف األلوان من أجل صغر األجزاء أيضاً .سوى هذه املعاين

وليس يعرض . هو ضوء ويف اللون مبا هو لونفليس يعرض للبصر الغلط مبجرد احلس إال يف الضوء مبا الغلط يف الضوء مبا هو ضوء إال يف اختالف كيفية الضوء يف القوة والضعف فقط، وليس يعرض الغلط يف

وإذا كان املبصر ذا ألوان خمتلفة فرمبا عرض . اللون مبا هو لون إال يف اختالف كيفيته يف القوة والضعففأما غلط البصر يف مائية اللون فإمنا هو غلط يف املعرفة، ألن مائية . ددهاالغلط يف اختالف ألوانه ويف ع

فغلط البصر يف جمرد احلس إمنا . اللون إمنا تدرك باملعرفة كما تبني يف املقالة الثانية، وكذلك مائية الضوء .يكون على الصفات اليت بيناها

ابن اهليثم-املناظر 234

: اليت فصلناها فإنه يكون كما نصففأما كيف يكون الغلط يف جمرد احلس حبسب كل واحد من العلل

أما غلط البصر يف جمرد احلس من أجل خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال فكاملبصر الذي يكون مقتدر احلجم ويكون ذا ألوان خمتلفة ويكون كل واحد من أجزائه املتلون بلون من تلك األلوان صغري

وإذا . ه الصفة يدركه البصر ذا لون واحد مشتبهاحلجم ويكون على بعد متفاوت، فإن املبصر الذي ذ .اعترب املعترب مبصراً من املبصرات خمتلف األلوان من بعد متفاوت فإنه جيده على ما وصفناه

والعلة يف ذلك أن البعد املتفاوت اخلارج عن عرض االعتدال بالقياس إىل مجلة املبصر قد خيفى منه كل فاملبصر املختلف األلوان إذا كان على بعد متفاوت بالقياس إىل . رادهواحد من أجزائه الصغار على انف

مجلة املبصر، وكان كل واحد من أجزائه املختلفة األلوان خيفى مقداره وخيفى كل مبصر يكون على مقداره من البعد لصغر حجمه بالقياس إىل ذلك العد، وكان مقدار مجلة املبصر ال خيفى من ذلك البعد

ة حجمه بالقياس إىل ذلك البعد، فإن البصر يدرك مجلة املبصر من ذلك البعد املتفاوت الذي القتدار مجلخيفى منه كل واحد من أجزائه على انفرادها، وإن مل يظهر منه حقيقة صورته على تفصيلها، ومل يظهر

وإذا . ة املبصركل واحد من أجزائه على انفرادها إذا مل يكن البعد يف غاية التفاوت الذي خيفى منه مجلأدرك البصر مجلة املبصر فهو يدركه ذا لون على تصاريف األحوال، وإذا مل يدرك كل واحد من أجزائه

على انفراده مل يتميز له اختالف ألوان األجزاء، وإذا أدرك مجلة املبصر ذا لون ومل يتميز له اختالف .األلوان اليت فيه يدركه ذا لون واحد مشتبه

ان ذا ألوان خمتلفة، وكان كل واحد من أجزائه املختلفة األلوان صغري احلجم، وكان املبصر فاملبصر إذا كعن البصر بعداً متفاوتاً خيفى منه كل واحد من األجزاء على انفرادها وختفى منه حقيقة صورة ذلك

ن خمتلفة فيكون املبصر وال ختفى منه مجلة املبصر، فإن البصر يدرك ذلك املبصر ذا لون واحد وهو ذو ألواواللون يدرك مبجرد احلس، فيكون هذا الغلط غلطاً يف جمرد احلس، ويكون . غالطاً فيما يدركه من لونه

ألن املبصر الذي ذه الصفة إذا كان على بعد . علة هذا الغلط هو خروج بعد املبصر عن عرض االعتدالاأللوان على انفراده، فإن البصر الناظر إليه معتدل يصح أن يدرك منه البصر كل واحد من أجزائه املختلفة

يدرك كل واحد من أجزائه على انفرادها ويدرك ألواا على ما هي عليه إذا كانت املعاين الباقية اليت فيه فعلى هذه الصفة وأمثاهلا يكون غلط البصر . اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عرض االعتدال

.جل خروج بعد املبصر عن عرض االعتداليف جمرد احلس من أ

فأما غلط البصر يف جمرد احلس من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدال فكاملبصر الذي فيه ألوان

ابن اهليثم-املناظر 235

خمتلفة وتكون ألواا قوية كالكحلي واخلمري واملسين وما جيري جمراها وال يكون فيما بينها شيء من ية مشبعة ومتقاربة الشبه، ويكون ذلك املبصر مائالً عن مقابلة وسط األلوان املسفرة بل تكون مجيعها قو

البصر ميالً متفاوتاً وبعيداً عن سهم الشعاع، ويكون البصر حمدق إليه، ويكون البصران أو البصر الواحد مع ذلك يدرك املبصر املختلف األلوان مع ميله عن وسط البصر وبعده عن سهم الشعاع، فإن البصر

وإمنا ذلك كذلك ملا تبني يف الفصل . صر املختلف األلوان إذا كان على هذا الوضع ذا لون واحديدرك املباألول من هذه املقالة، وهو أن املبصر إذا كان مائالً عن سهم الشعاع ميالً متفاوتاً فإن صورته نكون

لوان الذي ألوانه على الصفة ومىت اعترب املعترب املبصر املختلف األ. مشتبهة غري حمققة وال تتميز له أجزاؤهاليت ذكرناها يف الفصل األول وجعل وضعه خارجاً عن سهم الشعاع وبعيداً عنه بعداً متفاوتاً وجده على

وإذا أدرك البصر املبصر املختلف . الصفة اليت ذكرناها أعين أنه جيد ذلك املبصر ذا لون واحد مشتبه من لونه، واللون يدرك مبجرد احلس، فيكون هذا الغلط األلوان ذا لون واحد، فهو غالط فيما يدركه

ألن املبصر . غلطاً يف جمرد احلس، ويكون علة هذا الغلط هو خروج وضع املبصر عن عرض االعتدالاملختلف األلوان الذي على الصفة اليت حددناها إذا حترك البصر حىت يصري سهم الشعاع عليه ومير بكل

ختالف ألوانه ويدرك كل واحد من ألوانه على ما هو عليه، إذا كانت املعاين نقطة منه، فإن البصر يدرك افعلى هذه .الباقية اليت يف ذلك املبصر اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عرض االعتدال

فأما . الصفات وأمثاهلا يكون غلط البصر يف جمرد احلس من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدالالبصر يف جمرد احلس من أجل خروج الضوء الذي يف املبصر عن عرض االعتدال فكاملبصر املختلف غلط

فإن البصر يدرك . األلوان أيضاً الذي ألوانه قوية ومتقاربة الشبه إذا أدركه البصر يف ضوء نار ضعيفةضعيف فإا تظهر املبصر الذي ذه الصفة ذا لون واحد مظلم، ألن األلوان القوية إذا كانت يف ضوء

مظلمة، وكل واحد من األلوان اليت يف املبصر املختلف األلوان الذي وصفناه يظهر مظلماً، فيظهر مجيع . املبصر مظلماً، فيظن الناظر أن ذلك املبصر ذو لون واحد مظلم إذا مل يكن قد تقدم علم الناظر بألوانه

د فهو غالط فيما يدركه من لونه، فيكون هذا الغلط وإذا أدرك البصر املبصر املختلف األلوان ذا لون واحغلطاً يف جمرد احلس، وتكون علة هذا الغلط هو خروج الضوء الذي يف املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر الذي ذه الصفة إذا كان يف ضوء قوي أدرك البصر األلوان اليت فيه على ما هي عليه إذا كانت

فعلى هذه . لك املبصر اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عرض االعتدالاملعاين الباقية اليت يف ذ .الصفة وأمثاهلا يكون غلط البصر يف جمرد احلس من أجل خروج الضوء عن عرض االعتدال

فأما غلط البصر يف جمرد احلس من أجل خروج احلجم عن عرض االعتدال فكاملبصر الذي يكون فيه خمتلفة األلوان وخمالفة للون مجلة املبصر، ويكون كل واحد منها يف غاية الصغر مسام ووشوم ونقط

ابن اهليثم-املناظر 236

فإن املبصر الذي ذه . وبقدر ما ال يدركه البصر لصغره، ويكون اللون الذي يعم مجيع املبصر لوناً واحداً يدرك ألواا الصفة يدرك البصر منه اللون الذي يعم مجيعه، وال يدرك املسام والوشوم اليت تكون فيه وال

فيدرك البصر املبصر الذي ذه الصفة ذا . إذا كانت يف غاية الصغر وبقدر ما ال يصح أن يدركها البصرفيكون البصر غالطاً فيما . لون واحد، وهو اللون الذي يعم مجيعه، واملبصر مع ذلك ذو ألوان خمتلفة

علة غلطه هو خروج حجم كل واحد يدركه من لون ذلك املبصر ويكون غلطه يف جمرد احلس، ويكون من األجزاء املختلفة األلوان عن عرض االعتدال، ألن تلك النقط وتلك املسام إذا كانت مقاديرها أعظم

مما هي عليه فإن البصر يدركها ويدرك ألواا ويتحقق مجيع األوان اليت تكون يف املبصر الذي تلك ك املبصر اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عرض أجزاؤه إذا كانت املعاين الباقية اليت يف ذل

فعلى هذه الصفة وأمثاهلا يكون غلط البصر يف جمرد احلس من أجل خروج احلجم عن عرض . االعتدال .االعتدال

فأما غلط البصر يف جمرد احلس من أجل خروج كثافة املبصر عن عرض االعتدال فكاملبصر الذي يكون فيف وليس فيه من الكثافة إال قدر يسري كالبلور الصايف النقي وكالزجاج األبيض النقي يف غاية الش

البياض الرقيق احلجم إذا كان وراء اجلسم منها وملتصقاً به جسم ذو ألوان خمتلفة قوية، وكان البصر يت يدركها يدرك ذلك املبصر ويدرك األلوان اليت تكون من ورائه، وكان مع ذلك ال يعلم أن األلوان ال

هي ألوان من وراء ذلك اجلسم، ومل تكن هناك أمارة يتنبه ا البصر على أن األلوان اليت يدركها هي فإن املبصر املشف النقي البياض الذي ذه الصفة يدركه البصر . ألوان جسم آخر من وراء ذلك اجلسم

فإذا أدرك . وال يعلم أنه ذو لون واحدمتلوناً باأللوان اليت تظهر من ورائه، وال حيس بياضه ونقاء لونه البصر املبصر املشف األبيض ذا ألوان خمتلفة فهو غلط يف لونه، ويكون غلطه يف جمرد احلس، وتكون علة

ألن املبصر إذا كانت كثافته قوية وكان . هذا الغلط هو خروج كثافة املبصر املشف عن عرض االعتداللونه، وإن كان وراءه جسم آخر متلون بألوان أقوى من لونه، وال شفيفه يسرياً فإن البصر يدركه ويدرك

خيفى لونه مع الشفيف اليسري الذي يكون فيه، فال يدركه البصر ذا ألوان خمتلفة إذا كانت املعاين الباقية فعلى هذه الصفة . اليت يف ذلك املبصر اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عرض االعتدال

.ا يكون غلط البصر يف جمرد احلس من أجل خروج كثافة املبصر عن عرض االعتدالوأمثاهل

فأما غلط البصر يف جمرد احلس من أجل خروج شفيف اهلواء عن عرض االعتدال فكاملبصر الذي يدركه فإذا فإن البصر إذا أدرك املبصر يف الدخان فإنه يدرك لونه ممتزجاً بلون الدخان، . البصر يف الدخان القوي

وإذا أدرك لون . كان مسفر اللون أدركه البصر مظلم اللون، وخاصة إذا كان البصر خارجاً من الدخان

ابن اهليثم-املناظر 237

املبصر مظلماً واملبصر مسفر اللون فهو غلط يف لونه، ويكون غلطه يف جمرد احلس، وتكون علة هذا الغلط الشفيف أدرك البصر ألوان ألن اهلواء إذا كان نقياً صايف. هو خروج شفيف اهلواء عن عرض االعتدال

املبصرات اليت تكون فيه على ما هي عليه إذا كانت املعاين الباقية اليت يف تلك املبصرات اليت يتم ا إدراك .املبصرات على ما هي عليه يف عرض االعتدال

ن فأما غلط البصر يف جمرد احلس من أجل خروج الزمان عن عرض االعتدال فكاملبصر املختلف األلوافإن البصر إذا ملح . الذي يكون يف موضع مغدر وليس بشديد الغدرة وتكون ألوانه قوية ومتقاربة الشبه

املبصر الذي ذه الصفة يف املوضع املغدر حملة خفيفة مث التفت عنه يف احلال، فإنه يظنه ذا لون واحد وال وإذا ثبت البصر يف مقابلة . ع يسرياًحيس باختالف ألوانه يف حال مالحظته إذا كان الضوء الذي يف املوض

. املبصر الذي ذه الصفة زماناً متنفساً فإنه قد يدرك اختالف ألوانه إذا مل يكن املوضع مسرف الغدرة

وإذا أدرك البصر املبصر املختلف األلوان ذا لون واحد فهو غالط يف لونه، ويكون غلطه يف جمرد احلس، ألن املبصر املختلف . لذي فيه يدرك ذلك املبصر عن عرض االعتدالويكون علة غلطه هو خروج الزمان ا

األلوان اليت ذه الصفة إذا ثبت البصر يف مقابلته زماناً متنفساً فإنه قد يدرك اختالف ألوانه إذا كانت ة فعلى هذه الصف. املعاين الباقية اليت فيه اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عرض االعتدال

.يكون غلط البصر يف جمرد احلس من أجل خروج الزمان الذي فيه يدرك البصر املبصر يف عرض االعتدال

فإما مل ليس يدرك البصر اختالف ألوان املبصر املختلف األلوان إذا كان يف موضع مغدر يف حال لبصر يف حال مالحظته ويف أقل القليل من الزمان فإن ذلك ألن الضوء الضعيف جداً ليس يؤثر يف ا

حصول الصورة يف البصر، وليس يؤثر الضوء الضعيف يف البصر وحيس البصر بتأثريه إال يف زمان له قدر وإذا مل حيس البصر بالضوء الضعيف إال يف زمان متنفس فليس . لضعف قوة الضوء اليسري وضعف تأثريه

.حيس باللون املمازج له إال يف زمان متنفس

جمرد احلس من أجل خروج البصر نفسه عن عرض االعتدال فكالبصر الذي ينظر إىل فأما غلط البصر يف ضوء قوي ويطيل النظر إليه مث يلتفت فينظر إىل جسم أبيض أو مسفر اللون، ويكون ذلك اجلسم يف ظل

ألن البصر إذا أطال النظر إىل الضوء القوي أثر . وضوء معتدل، فإن البصر يدرك لون ذلك اجلسم مظلماًيه الضوء العشا، فتحصل فيه ظلمة زماناً مث تنجلي تلك الظلمة، فإذا نظر البصر يف حال تأثري الضوء فيه ف

وإذا أدرك البصر املبصر األبيض املسفر اللون مظلماً فهو . إىل مبصر أبيض أو مسفر اللون فإنه جيده مظلماًهو خروج البصر نفسه عن عرض غالط يف لونه، ويكون غلطه يف جمرد احلس، ويكون علة هذا الغلط

ألن البصر إذا كان سليماً من اآلفات ومل يعرض له عارض يغري صورته فإنه يدرك ألوان . االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 238

املبصرات على ما هي عليه إذا كانت املعاين الباقية اليت يف املبصرات اليت ا يتم إدراك املبصرات على ما عرض للبصر مرض فأظلم البصر فإنه يدرك ألوان وكذلك أيضاً إذا. هي عليه يف عرض االعتدال

املبصرات مظلمة كدرة على خالف ما هي عليه، ويكون غالطاً يف ألواا، ويكون علة غلطه هو خروج فعلى هذه الصفة وأمثاهلا يكون غلط البصر يف جمرد احلس . نفسه عن عرض االعتدال باملرض العارض له

.عتدالمن أجل خروج البصر نفسه عن عرض اال

فقد تبني من مجيع ما شرحناه من األمثلة كيف يكون غلط البصر يف جمرد احلس حبسب كل واحد من .العلل اليت من أجلها يعرض للبصر الغلط

الفصل السادس

كيفيات أغالط البصر التي تكون في المعرفة

بحسب كل واحد من العلل التي من أجلها يعرض للبصر الغلط

لة الثانية إن إدراك مائيات مجيع املبصرات إمنا يكون باملعرفة، ألن إدراك مائية املبصر إمنا قد تبني يف املقاوتشبيه الصورة مبا يعرفه البصر . هو من تشبيه صورة املبصر بصورة أمثال ذلك املبصر اليت يعرفها البصر

تشبيه صورة الشخص اليت وقد تبني أيضاً أن معرفة الشخص إمنا هي من . من أمثاهلا هو املعرفة بالنوعوإذا كان ذلك . يدركها البصر يف حال معرفة الشخص بصورته اليت أدركها من قبل وهو ذاكر هلا

وكذلك أيضاً إذا . كذلك فغلط البصر يف مائية املبصر إمنا هو غلط يف املعرفة وهو غلط يف نوعية املبصرلك الشخص بعينه، ومل يكن ذلك شبه البصر شخصاً من األشخاص بشخص قد عرفه من قبل وظنه ذ

والغلط يف تشبيه صورة الشخص بصورة شخص آخر بعينه هو . الشخص، يكون ذلك غلطاً يف املعرفة .وليس تكون املعرفة إال بالشخص أو النوع أو مبجموعهما. غلط يف الشخصية

ثاهلا من صور ومن عادة البصر إذا أدرك مبصراً من املبصرات أنه يف حال مالحظته يشبه صورته بأماملبصرات اليت يعرفها وتكثر مشاهدته هلا، ويشبه املعاين اليت يف املبصر أيضاً بأمثاهلا من املعاين اليت يف

. املبصرات، فيعرف بذلك شخصية ذلك املبصر أو نوعيته أو جمموعهما ويعرف املعاين اليت يف ذلك املبصر

ما يعرفه من املعاين املدركة حباسة البصر إمنا هو على ومعرفة البصر جبميع ما يعرفه من املبصرات وجبميع .هذه الصفة

وإذا شك البصر يف مائية املبصر أو يف شيء من املعاين اليت يدركها، ومل يعرفه يف حال مالحظته، فإنه والقوة احلساسة مطبوعة على تشبيه ما تدركه يف احلال. يشبهه بأقرب األشياء شبهاً به مما قد عرفه وألفه

ابن اهليثم-املناظر 239

ومن تشبيه البصر ما يدركه من املبصرات مبا . مبا أدركته من قبل، وهذا املعىن موجود يف مجيع احلواسيعرفه من أمثاله، ومما هو مطبوع عليه من هذه احلال، يعرض له الغلط يف معرفة املبصر الذي يغلط يف

صر للمبصر إدراكاً حمققاً فليس وإذا كان إدراك الب. معرفته إذا مل يكن إدراكه املبصر على غاية التحقيقوليس يكون إدراك البصر للمبصر إدراكاً غري حمقق إال إذا كان واحد . يعرض له الغلط يف معرفة املبصر

.من املعاين اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه خارجاً عن عرض االعتدال أو أكثر من واحد منها

فة من أجل خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال فكالشخص الذي فأما كيف يكون غلط البصر يف املعريدركه البصر من بعد متفاوت فيشبهه بشخص يعرفه فيظنه ذلك الشخص بعينه وال يكون ذلك

ألنه إذا شبه الشخص بشخص . الشخص، فيكون غالطاً يف إدراكه ويكون ذلك الغلط غلطاً يف املعرفةنه يظن أنه قد عرفه، وإذا مل يكن الشخص ذلك الشخص بعينه فإنه يعرفه وظنه ذلك الذي يعرفه بعينه فإ

ألن ذلك . يكون غالطاً يف معرفته، وتكون علة هذا الغلط هو خروج بعد املبصر عن عرض االعتدالالشخص بعينه إذا كان قريباً من البصر وعلى بعد معتدل فإن البصر يدركه إدراكاً صحيحاً وال تشتبه

ريه إذا كانت املعاين الباقية اليت فيه اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عليه صورته بصورة غ .عرض االعتدال

ألن البصر إذا رأى إنساناً من بعد فرمبا شبهه بإنسان . وهذا النوع من الغلط كثري ويعرض للبصر دائماًاً أو شجرة أو مثرة أو نباتاً أو وكذلك إذا رأى فرساً أو بغالً أو محار. يعرفه وال يكون ذلك اإلنسان

حجراً أو ثوباً أو آنية من األواين اليت يستعملها الناس أو آلة من اآلالت، وكانت رؤيته لذلك من بعد مفرط، فإنه رمبا شبهه بنظري له قد أدركه من قبل ذلك الوقت، وهو ذاكر له وعارف به، وال يكون ذلك

.بعينه

فإن البصر إذا رأى فرساً من بعد . البعد املتفاوت يف نوعية املبصروكذلك قد يعرض للبصر الغلط من متفاوت فرمبا ظنه محاراً، ألنه يراه من البعد املتفاوت أصغر من مقداره احلقيقي، ورمبا ظنه محاراً بعينه إذا

ورمبا .كان قد ألف يف ذلك املوضع محاراً بعينه، فيكون غالطاً يف نوعية ذلك الفرس ويف شخصيته مجيعاًورمبا . ورمبا رأى بغالً فظنه فرساً. رأى البصر من البعد محاراً ويظنه رساً، ويظن أن صغره إمنا هو لبعده

وكذلك أيضاً رمبا رأى من البعد شجراً فظنها نباتاً ألنه . ورمبا رأى عرتاً فظنه كلباً. رأى ثوراً فظنه محاراًورمبا رأى مثرة فشبهها . شجراً، ويظن أن صغرها هو لبعدهاورمبا رأى نباتاً فظنه. يراها من البعد صغاراً

وهذا النوع من الغلط كثري، ومجيعه غلط يف . ورمبا رأى نباتاً فشبهه بغريه من النبات. بغريها من الثماراملعرفة ألن البصر يشبه ما هذه حاله مبا قد عرفه ويظنه ذلك الذي يعرفه بعينه أو من نوعه، وال يكون

ابن اهليثم-املناظر 240

لة مجيع هذا النوع من الغلط هو البعد املتفاوت اخلارج عن عرض االعتدال، ألن البصر إذا وع. كذلكأدرك مجيع املبصرات من البعد املعتدل فليس تشتبه عليه صورها إذا كانت مجيع املعاين الباقية اليت فيها

ألغالط املتعارفة اليت وهذه األغالط هي ا. اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عرض االعتدال .يغلط البصر فيها دائماً

فمن ذلك أن . وقد يعرض الغلط يف املعرفة يف معان غريبة أيضاً من أجل خروج البعد عن عرض االعتدالالبصر إذا رأى يف سواد الليل ناراً من بعد نتفاوت، وكانت النار على رأس جبل أو يف موضع مرتفع عن

م الناظر بأن يف ذلك املوضع ناراً، وكانت اجلذوة من النار تظهر من ذلك األرض، ومل يكن قد تقدم علالبعد صغرية احلجم، فإن الناظر إذا رأى النار اليت ذه الصفة بسواد الليل رمبا ظنه كوكباً يف السماء،

مائيات والغلط يف مائية املبصر هو غلط يف املعرفة، ألن . وهي نار يف األرض، فيكون غالطاً يف مائيتهاوعلة هذا الغلط إمنا هو خروج بعد موضع النار عن عرض االعتدال، ألن . املبصرات إمنا تدرك باملعرفة

تلك النار بعينها إذا كانت قريبة من البصر أو كان البصر قريباً منها مل يشتبه عليه أا نار، ومل يظنها قط لبصر باملعرفة من أجل خروج بعد املبصر عن فعلى هذه الصفات وأمثاهلا يكون غلط ا. كوكباً يف السماء

.عرض االعتدال

فأما غلط البصر يف املعرفة من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدال فكاملبصر الذي يدركه البصر وهو خارج عن سهم الشعاع وبعيد عنه، ويكون البصر حمدقاً إىل مبصر آخر، ويكو ن املبصر اآلخر

لى سهم الشعاع، فإن املبصر املائل عن سهم الشعاع الذي يدركه البصر على هذه مقابالً لوسط البصر وعوإذا . وإذا مل يدركه إدراكاً صحيحاً فقد يعرض له الغلط يف مائيته. الصفة ليس يدركه إدراكاً صحيحاً

ذلك كان ذلك املبصر إنساناً فرمبا شبهه يف احلال بإنسان يعرفه ويظنه ذلك اإلنسان بعينه، وال يكونوكذلك رمبا رأى . وكذلك إذا رأى فرساً فرمبا شبهه بفرس بعينه يعرفه، وال يكون ذلك الفرس. اإلنسان

. على هذه الصفة فرساً فظنه محاراً أو رأى محاراً فظنه فرساً إذا كان بعده عن سهم الشعاع بعداً متفاوتاً

ه ذلك مبا يشبهه يف بعض املعاين اليت فيه، فرمبا وكذلك رمبا رأى شجرة أو مثرة أو نباتاً أو ثوباً أو آنية فشبأصاب ورمبا أخطأ، ألن املبصر إذا كان خارجاً عن سهم الشعاع خروجاً متفاوتاً فليس يكون بيناً، وإذا مل يكن بيناً فليس يتحقق البصر صورته، وإذا مل يتحقق البصر صورته وشبهه مع ذلك مبا يشبهه يف بعض

.نه فرمبا عرض له الغلط يف تشبيههاملعاين اليت يدركها م

وعلة هذا الغلط هو خروج وضع املبصر عن وضع . وغلط البصر على هذا الوجه هو غلط يف املعرفةاالعتدال، ألن املبصر الذي يغلط البصر يف معرفته على هذه الصفة إذا كان على سهم الشعاع ومقابالً

ابن اهليثم-املناظر 241

ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عرض االعتدال، فإن لوسط البصر، وكانت املعاين الباقية اليت فيه .البصر يدركه إدراكاً صحيحاً وال تشتبه عليه صورته

وكذلك إذا أدرك البصر مبصراً من املبصرات وكان املبصر على سهم الشعاع أو خارجاً عنه وكان متفاوتاً، وكان يف ذلك املبصر السهم وخطوط الشعاع اليت تنتهي إليه مائلة على سطح ذلك املبصر ميالً

نقوش دقيقة أو معان لطيفة، فإن البصر ال يدرك تلك النقوش وال تلك املعاين اللطيفة ويدرك املبصر آلن املبصر إذا كان مائالً على خطوط الشعاع ميالً متفاوتاً فإن صورته تكون مشتبهة غري بينة . ساذجاً

وإذا مل تكن الصورة بينة مل تظهر املعاين اللطيفة اليت تكون . ةكما تبني يف الفصل املتقدم من هذه املقالفإذا أدرك البصر املبصر ساذجاً فإنه يشبهه بأمثاله من . فيها، وقد تبني كيف يظهر هذا املعىن باالعتبار

املبصرات السواذج اليت ال نقوش فيها وال معاين لطيفة، اليت تشبه ذلك املبصر يف لونه أو شكله أو هيئته

أو عظمه أو جمموع ذلك، فيكون غالطاً يف إدراكه ويكون غلطه يف املعرفة، ألنه يشبهه مبا يعرفه من وعلة هذا الغلط هو خروج وضع . وهذا الغلط هو غلط يف نوعية املبصر. املبصرات ويظن أنه قد عرفه

كانت مجيع املعاين املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر الذي ذه الصفة إذا كان مواجهاً للبصر والباقية اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عرض االعتدال، فإن البصر يدرك املعاين اللطيفة اليت

فعلى . تكون يف ذلك املبصر ويدرك صورة ذلك املبصر إدراكاً صحيحاً وال يعرض له الغلط يف معرفته .ن أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدالهذه الصفة وأمثاهلا يكون غلط البصر يف املعرفة م

فأما غلط البصر يف املعرفة من أجل خروج الضوء الذي يف املبصر عن عرض االعتدال فكالشخص الذي فإن كان إنساناً وكان الناظر قد ألف يف . يدركه البصر يف الغلس أو يف موضع مغدر وال يتحقق صورته

بذلك الشخص الذي رآه يف ذلك املوضع انه ذلك اإلنسان بعينه الذي ذلك املوضع إنساناً بعينه فرمبا ظن ورمبا شبه الشخص من صورته نفسها من إنسان يعرفه، . يعرفه يف ذلك املوضع وال يكون ذلك اإلنسان

وكذلك إذا رأى يف . وال يكون ذلك اإلنسان، إذا مل يتحقق صورته يف احلال من أجل ضعف الضوء اإلنسان كفرس أو محار أو غري ذلك من احليوانات املألوفة فرمبا شبهه بنظري له موضع مغدر حيواناً غري

ورمبا شبهه من نفس صورته بغريه وال . قد كان يعهده يف ذلك املوضع وال يكون ذلك الذي شبهه به اليت ورمبا شبه احليوان الذي يدركه يف املوضع املغدر بغريه من احليوانات. يكون ذلك الغري الذي شبهه بهوهذا النوع من الغلط يعرض للبصر كثرياً إذا رأى املبصر يف الغلس أو يف . ليست من نوعه قريباً من نوعه

وهذا الغلط هو غلط يف املعرفة، ألن البصر إذا أدرك املبصر . سواد الليل ومل يكن يف املوضع ضوء قويشخص وإما بالنوع وظنه ذلك الذي على هذه الصفة وشبهه بنظري له من األشخاص اليت يعرفها إما بال

ابن اهليثم-املناظر 242

وعلة هذا الغلط هو . يعرفه فإنه يكون غلطه يف شخصية املبصر أو يف نوعيته الذي هو غلط يف املعرفةخروج الضوء الذي يف املبصر عن عرض االعتدال، ألن الشخص الذي يدركه البصر يف املوضع املغدر

الغلط يف معرفته، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف وال يتحقق صورته إذا أدركه يف ضوء قوي مل يعرض له .ذلك املبصر اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عرض االعتدال

وأيضاً فإن احليوان الذي يسمى الرياع الذي يطري يف الليل فيظهر يف سواد الليل كأنه نار ختطف إذا وكذلك األصداف واألغشية اليت . ن النار اليت تظهر يف الليلأدركه البصر يف ضوء النهار مل ير فيه شيئاً م

تكون لبعض احليوانات البحرية اليت تظهر يف الظالم كأا نار إذا أدركها البصر يف ضوء النهار وأدرك وهذا الفراش يشبه الفراش الذي يطري يف الليل . تلك األصداف وتلك األغشية مل ير فيها شيئاً من النارية

فإذا أدرك البصر الفراش الذي ذه الصفة فإنه رمبا شبهه بالفراش الذي يطري حول السراج . اجحول السروكذلك األصداف إذا أدركها يف ضوء النهار فإنه يشبهها باألصداف اليت . وليس هو ذلك الفراش

.تشبهها اليت ليست بنرية

والغلط يف . الغري نرية فهو غالط يف مائيتهوإذا أدرك البصر اجلسم النري غري نري وشبهه بغريه من املبصرات وعلة هذا الغلط هو خروج الضوء الذي يف هذه املبصرات عن عرض . مائية املبصر هو غلط يف املعرفة

ألن هذه املبصرات إذا كانت . االعتدال إذا أدركت بالنهار باإلفراط يف الضوء بالقياس إىل هذه املبصراتاملواضع اليت ليس فيها من الضوء إال ما يظهر على وجه األرض من الضوء يف الظالم ويف سواد الليل ويف

والضوء املعتدل الذي به تدرك هذه املبصرات هو الضوء . اليسري يف الليل فإن البصر يدركها نرية كأا ناروإن زاد عليه ضوء آخر فاليسري الذي ال يؤثر يف ضوئها كمثل الضوء الذي يكون يف . الذي فيها فقط

لليل على وجه األرض، فإن زاد الضوء على ذلك زيادة بينة خرج الضوء الذي حيصل يف هذه املبصرات اعن عرض االعتدال الذي به تدرك ناريتها على ما هي عليه، ومل يظهر ضوؤها الذايت إلفراط الضوء الذي

ة من أجل خروج فعلى هذه الصفات اليت شرحناها وأمثاهلا يكون غلط البصر يف املعرف. يشرق عليها .الضوء الذي يف املبصر عن عرض االعتدال

فأما غلط البصر يف املعرفة من أجل خروج حجم املبصر عن عرض االعتدال فكاملبصرات اليت تكون يف غاية الصغر إذا كان فيها معان لطيفة وأجزاء متميزة وختطيط يف غاية الدقة، وكان البصر ال يدرك املعاين

ألجزاء املتميزة وذلك التخطيط لصغر ذلك ولطافته، أو يدرك بعضها وال يدرك البعض، اللطيفة وتلك افإن . وال يدرك هيآا، وكان مع ذلك يدرك مجلة املبصر مع صغره ألنه أنفس من كل واحد من أجزائه

ذلك أن و. البصر إذا أدرك املبصرات اليت ذه الصفة رمبا مل يتحقق صورها فيعرض له الغلط يف مائياا

ابن اهليثم-املناظر 243

ومثال ذلك إذا رأى البصر . البصر إذا أدرك حيواناً يف غاية الصغر فرمبا ظنه غريه من احليوانات اليت تشبههمنلة على حائط أو على بعض الثمار أو على بعض احلبوب فرمبا ظنها سوسة، أو رأى سوسة على حائط

ة إذا مل يثب الربغوث يف احلال وظل ساكناً، فرمبا ظنها منلة، أو رأى برغوثاً فرمبا ظنه سوسة ورمبا ظنه منلوكذلك إذا رأى البصر حباً من . أو رأى بعوضة سوداء فرمبا ظنها منلة إذا كانت ساقطة ومل تكن طائرة

احلبوب الصغار كاخلردل والرشاد وما جيري جمراها فرمبا ظن النوع من هذه األنواع نوعاً من أنواع .املبصرات كثري كثرياً ما يقع للبصر الغلط يف إدراكهاوأمثال هذه . احلبوب اليت تشبهه

وإذا أدرك البصر حيواناً وظنه حيواناً غريه، أو حباً من احلبوب وظنه غريه من احلبوب، فهو غالط يف . إدراكه، وغلطه يف هذا املعىن إمنا هو غلط يف املعرفة، ألن الغلط يف نوعية املبصر إمنا هو غلط يف املعرفة

اجلنس من الغلط إمنا هو خروج حجم املبصر عن حد االعتدال، ألن احليوان إذا كان مقتدر وعلة هذااحلجم فليس يغلط البصر يف مائيته إذا كانت مجيع املعاين الباقية اليت يف ذلك املبصر اليت ا يتم إدراك

للبصر يف مائياا وكذلك أنواع مجيع املبصرات ليس يعرض . املبصر على ما هو عليه يف عرض االعتدالإذا ما كانت مقتدرة احلجم وكانت املعاين الباقية اليت فيها اليت ا يتم إدراك املبصرات على ما هي عليه

فعلى هذه الصفات وأمثاهلا يكون غلط البصر يف املعرفة من أجل خروج حجم املبصر . يف عرض االعتدال .عن عرض االعتدال

جل خروج كثافة املبصر عن عرض االعتدال فكاملبصر املشف إذا كان فأما غلط البصر يف املعرفة من اشديد الشفيف، وكان لونه مع ذلك لوناً رقيقاً صافياً، وكان وراءه جسم متلون بلون قوي مشرق غري

فإن البصر . ذلك اللون الذي يف اجلسم املشف ومن غري نوعه، وكان ذلك اجلسم مماساً للجسم املشفملشف الذي ذه الصفة فإنه يدرك اللون الذي يظهر من ورائه، ويظن أن ذلك اللون هو إذا أدرك املبصر ا

.لون اجلسم املشف، إذا مل يكن قد تقدم علمه بلون ذلك اجلسم

وإذا أدرك البصر املبصر متلوناً بلون من األلوان وكان لونه غري ذلك اللون فهو غالط يف مائية لونه، ومائية عرفة، فيكون غلط البصر فيما هذه حاله غلطاً يف املعرفة، وتكون علة هذا الغلط هو اللون إمنا تدرك بامل

ألن املبصر إذا كان كثيفاً، أو كانت فيه كثافة قوية مع شفيف . خروج كثافة املبصر عن عرض االعتدالراك املبصر على ما يسري، فإن املبصر ليس يغلط يف مائية لونه إذا كانت مجيع املعاين الباقية اليت ا يتم إد

فعلى هذه الصفة وأمثاهلا يكون غلط البصر يف املعرفة من أجل خروج . هو عليه يف عرض االعتدال .الكثافة اليت يف املبصر عن عرض االعتدال

فأما غلط البصر يف املعرفة من أجل خروج شفيف اهلواء املتوسط بني البصر واملبصر عن عرض االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 244

ركه البصر من وراء جسم مشف يقطع اهلواء املتوسط بني البصر واملبصر، ويكون لون فكاملبصر الذي يدذلك املبصر رقيقاً، ويكون اجلسم الذي يقطع بينه وبني املبصر ذا لون قوي مع الشفيف الذي فيه

بصر فإن البصر يدرك لون امل. كالزجاج املشف القوي اللون وكالثياب الرقاق املشفة املتلونة بألوان قويةالذي ذه الصفة من وراء اجلسم املشف ممتزجاً بلون اجلسم املشف، فيدرك لونه على خالف ما هو

وإن كان . فإن كان أخضر وكان اجلسم املتوسط كحلياً، أدرك البصر لون ذلك املبصر أخضر. عليهه الصفة يظهر وباجلملة فإن املبصر الذي على هذ. أبيض، وكان لون اجلسم املتوسط كحلياً، ظهر أزرق

وإذا أدرك البصر لون املبصر على .لونه كمثل اللون املمتزج من لونه ولون اجلسم املتوسط بينه وبني البصرخالف ما هو عليه فهو غالط يف مائية لونه، والغلط هو غلط يف املعرفة، وعلة هذا الغلط هو خروج

ألن ذلك املبصر إذا أدركه البصر . لشفيف اهلواء املتوسط بني البصر وبني املبصر عن عرض االعتداوشفيف اهلواء املتوسط بينه وبني البصر متصالً ال يقطعه شيء من األجسام املتلونة املشفة اليت فيها بعض الكثافة، أدرك لونه على ما هو عليه إذا كانت مجيع املعاين الباقية اليت يف ذلك املبصر اليت ا يتم إدراك

.يف عرض االعتدالاملبصر على ما هو عليه

فأما مل يدرك البصر اجلسم املتلون من وراء الثوب املشف ممتزج اللون بلون الثوب املشف، والثوب املشف إمنا هو خيوط كثيفة مضموم بعضها إىل بعض، وإمنا يظهر ما يظهر من وراء الثوب املشف من

تلك اخليوط دقاق، فقد كان جيب أجل أن الثقوب اليت فيما بني تلك اخليوط تكون نافذة ومن أجل أن أن يظهر لون اجلسم املتلون الذي يدركه البصر من وراء الثوب املشف أجزاء صغاراً متفرقة حبسب تلك

الثقوب ويدرك لون اخليوط فيما بني تلك األجزاء، وإذا أدرك اجلسم املتلون والثوب املشف على هذه وأدرك اللونني متميزين وغري ممتزجني، وليس يوجد الصفة أدرك كل واحد من اللونني على ما هو عليه

.األمر كذلك

فنقول يف جواب هذا الشك إن الثوب املشف الذي يظهر ما وراءه ليس تكون خيوطه إال دقاقاً وتكون ثقوبه نافذة، وإذا كانت اخليوط دقاقاً ونظر البصر إىل هذا الثوب فإن اجلزء من اخليط الذي يلي ثقباً من

صل صورته يف جزء من البصر يف غاية الصغر أيضاً، وهذا اجلزء يقترن باجلزء الذي حصلت فيه الثقوب حتصورة اجلزء من اخليط، فيحصل لون اجلزء من اخليط ولون اجلسم املتلون الذي نفذ من الثقب يف جزء

تجاوران وإذا كان اجلزءان من البصر امل. ين من البصر جمموعهما مبرتلة النقطة بالقياس إىل احلسجمموعهما مبرتلة النقطة مل يتميز اجلزءان للحس، فيصري احلاس يدرك اللونني اللذين ذه الصفة من جزء

وإذا كان ذلك كذلك صار احلاس يدرك ذينك اللونني من جزء . هو يف غاية الصغر وغري منقسم للحسصر غري منقسم فهو يدرك وإذا أدرك احلاس لونني من جزء واحد من الب. واحد من البصر غري منقسم

ابن اهليثم-املناظر 245

. اللونني ممتزجني ، ألن احلاس إمنا يدرك اللونني ممتزجني مىت أدركهما معاً من جزء واحد من البصر

فهذه . فلهذه العلة صار البصر يدرك لون اجلسم املتلون من وراء الثوب املشف ممتزجاً بلون الثوب املشف األلوان يف اهلواء املتصل ذا لون واحد إذا كان بعده عن العلة اليت من اجلها يدرك البصر املبصر املختلف

وقد ذكرنا هذا املعىن يف الفصل . البصر بعداً متفاوتاً بالقياس إىل كل واحد من األجزاء املختلفة األلوان .الذي قبل هذا الفصل

لك وقد يكون الثوب املشف يف خيوطه بعض الغلظ ويف ثقوبه بعض السعة، ويدرك البصر خيوط ذالثوب متفرقة ويدرك ثقوبه متفرقة، ومع ذلك يدرك لون اجلسم املتلون الذي يظهر من وراءه ممتزجاً

إال أن اجلسم املتلون الذي يدرك على هذه الصفة ليس يكون امتزاج لونه بلون الثوب امتزاجاً . بلونهالثوب املشف الذي يف غاية قوياً، بل يكون الذي ميازج لونه من لون الثوب دون ما ميازج لونه من لون

واجلسم املتلون الذي يدرك من وراء الثوب املقتدر اخليوط والثقوب إمنا ميازج لونه . دقة اخليوط والثقوبلون الثوب ألن اخليوط هلا زئرب دقيق، وكل ثقب من ثقوب ذلك الثوب يعترض فيه زئرب متفرق لتلك

فإذا نفذت صورة لون ذلك اجلسم املتلون من . غاية الدقةاخليوط، ويكون التفرق الذي فيما بني الزئرب يف تلك الثقوب كان يف تضاعيفها لون ذلك الزئرب، فتصري اجلزاء من البصر اليت حيصل فيها لون ذلك الزئرب، فتصري األجزاء من البصر اليت حيصل فيها لون ذلك الزئرب يف غاية الصغر، ولون الصورة اليت تنفذ فيما بني

يف تضاعيف تلك األجزاء الصغار من البصر، فلذلك يظهر لون اجلسم املتلون من وراء الثوب ذلك الزئربوالثوب الدقيق اخليوط أيضاً يكون فيه مثل هذا . املتلون الذي ذه الصفة ممتزجاً بلون الثوب امتزاجاً ما

خليوط وصغر األجزاء اليت الزئرب، فيجتمع يف الثوب الذي ذه الصفة صغر األجزاء اليت حيصل فيها لون احيصل فيها لون الزئرب، فال تتميز للبصر هذه األجزاء، فيدرك البصر لون اجلسم املتلون من وراء هذا

الثوب ممتزجاً بلونه، ومع ذلك ال تتميز خيوط الثقب لصغرها، ولذلك يكون امتزاج لون هذا الثوب ج اجلسم املتلون بلون الثوب املقتدر اخليوط بلون اجلسم املتلون الذي يظهر من ورائه أشد من امتزا

.والثقوب

وأيضاً فإن البصر إذا أدرك اخليال الذي يظهر من خلف اإلزار، وكان اخليال أشخاصاً حيركها املخيل فتظهر أظالهلا على اجلدار الذي من وراء اإلزار وعلى اإلزار نفسه، فإن البصر يدرك تلك األظالل من

جساماً وحيوانات تتحرك إذا مل يتقدم علم الناظر بأا أظالل ومل يدرك األشخاص وراء اإلزار ويظنها أ .اليت حيركها املخيل يف تلك احلال اليت تلك األظالل أظالهلا

وإذا أدرك البصر األظالل وظنها حيوانات وأشخاصاً فهو غالط يف مائيات تلك احليوانات وتلك

ابن اهليثم-املناظر 246

يف املعرفة، وعلة هذا الغلط هو خروج شفيف اهلواء املتوسط األشخاص، والغلط يف مائية املبصر هو غلطألنه لو رفع اإلزار الذي يقطع اهلواء املتوسط بني .بني البصر وبني تلك املبصرات عن عرض االعتدال

البصر وبني تلك األظالل ألدرك البصر تلك األظالل أظالالً ومل يظنها أشخاصاً وال حيوانات ومل يعرض ئياا إذا كانت املعاين الباقية اليت ا يتم إدراك املبصرات على ما هي عليه يف عرض له الغلط يف ما

فعلى هذه الصفة وأمثاهلا يعرض للبصر الغلط يف املعرفة من أجل خروج شفيف اهلواء عن . االعتدال .عرض االعتدال

بصر عن عرض االعتدال فأما غلط البصر يف املعرفة من أجل خروج الزمان الذي فيه يدرك البصر املفكاملبصر الذي يدركه البصر من باب أو منفذ أو خرق أو موضع خمصوص، ويكون ذلك املبصر متحركاً جمتازاً بذلك الباب أو املنفذ، فيدركه البصر يف مدة قطعه لعرض ذلك الباب أو املنفذ فقط مث يغيب عنه،

فإذا كان ذلك املبصر يتحرك حركة . صوراًفيعرض من ذلك أن يكون الزمان الذي يدرك فيه املبصر حمسريعة فإن الزمان الذي يقطع فيه املبصر املتحرك عرض تلك املسافة اليت يدركه فيها البصر يكون زماناً

وإذا كان الزمان الذي يدرك فيه البصر املبصر يسرياً حمصوراً فإنه رمبا مل يتمكن يف ذلك القدر . يسرياً جداًوإذا مل يتمكن من تأمل املبصر تأوالً حمققاً فرمبا اشتبهت عليه . ملبصر تأمالً حمققاًمن الزمان من تأمل ا

وإذا كان ملبصر املتحرك إنساناً فرمبا شبهه بإنسان آخر يعرفه إذا كان . صورته ومل يدركها إدراكاً حمققاًال يكون ذلك يف ذلك املبصر مشابه من ذلك اإلنسان الذي يشبهه به ويظنه ذلك اإلنسان بعينه و

وكذلك إن كان حيواناً غري اإلنسان فرمبا أشبهه البصر بنظري له وال يكون ذلك النظري الذي . اإلنسانوكذلك إن كان املبصر مجاداً كثوب أو آنية أو نبات أو مثر أو غري ذلك من اجلمادات إذا . شبهه به

كذلك إن كان البصر متحركاً وملح يف و. اجتاز به جمتاز فرمبا شبهه البصر بغريه وال يكون ذلك الغريحركته مبصراً من املبصرات وجتاوزه قبل أن يتمكن من تأمله لسرعة حركته، فإنه رمبا شبهه بغريه وظنه

.ذلك الغري وال يكون ذلك الغري

وإذا شبه البصر املبصر بنظري له وظنه ذلك بعينه ومل يكن ذلك الذي شبهه به فهو غالط يف إدراكه ألنه إذا شبهه بغريه ومل يكن ذلك الغري فهو غالط يف شخصيته أو يف . طه غلطاً يف املعرفةويكون غل

وعلة هذا الغلط هو خروج الزمان الذي فيه يدرك البصر ذلك املبصر عن عرض االعتدال . نوعيتهكن فيه ألن البصر إذا أدرك ذلك املبصر، وكان الزمان الذي يدركه فيه فسيحاً يتم. باإلفراط يف القصر

من تأمل ذلك املبصر، فليس يعرض للبصر الغلط يف مائية ذلك املبصر إذا كانت مجيع املعاين الباقية اليت يف فعلى هذه الصفة وأمثاهلا يكون . ذلك املبصر اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عرض االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 247

.يه البصر املبصر عن عرض االعتدالغلط البصر يف املعرفة من أجل خروج الزمان الذي يدرك ف

فأما غلط البصر يف املعرفة من أجل خروج البصر نفسه عن عرض االعتدال فكالبصر إذا نظر إىل روضة خضراء قد أشرق عليها ضوء الشمس وأطال النظر إليها، أو نظر إىل جسم مشرق اللون كاألرجواين

ضوء الشمس، وأطال النظر إليه، مث التفت إىل والفرفريي والصعوي أو ما شابه ذلك وقد أشرق عليه مبصرات بيض، وتكون تلك املبصرات يف الظل ويف ضوء معتدل، فإنه يدرك تلك املبصرات خضراء إذا

وإذا كان قد أطال النظر إىل جسم ذي لون مشرق صبغ أدرك تلك .كان قد أطال النظر إىل الرياض وذلك ألن البصر إذا أطال النظر إىل الرياض أو إىل لون من .املبصرات اليت يدركها من بعده ملتبسة بلونه

األلوان املشرقة اليت قد أشرق عليها ضوء الشمس حصلت صورة تلك اخلضرة أو ذلك اللون املشرق يف البصر وتلك الصورة ثابتة فيه زماناً، فإذا التفت البصر إىل املبصرات البيض يف تلك احلال وتلك الصورة

وإذا مل يكن قد أدرك تلك . بياض تلك املبصرات ملتبساً بصورة اللون اليت قد حصلت فيهباقية فيه أدرك .املبصرات البيض قبل تلك احلال فإنه ال يعلم أا بيض

وإذا أدرك البصر املبصرات البيض خضراً أو ذوات لون صبغ فإنه غالط يف ألواا، ومائية اللون إمنا تدرك فيما هذه حاله غلطاً يف املعرفة، وتكون علة هذا الغلط هو خروج املبصر باملعرفة، فيكون غلط البصر

ألن البصر إذا كان سليماً ومل يعرض له عارض يغري . نفسه عن عرض االعتدال بالتغري الذي حصل فيهصورته فإنه يدرك ألوان املبصرات على ما هي عليه إذا كانت مجيع املعاين الباقية اليت يف تلك املبصرات

.ليت ا يتم إدراك املبصرات على ما هي عليه يف عرض االعتدالا

وكذلك إذا عرض للبصر عشاً أو مرض يغري صورته ومل مينعه ذلك املرض عن إدراك املبصرات بالكلية، فإنه إذا أدرك البصر وهو على ما به من العشا أو املرض فليس يدرك صورته إدراكاً حمققاً، ومع ذلك فرمبا

وإذا مل يتحقق البصر صورة املبصر . بصر املبصر الذي يدركه يف تلك احلال مبا يعرفه من أمثالهشبه الوشبهه مع ذلك مبا يعرفه من املبصرات اليت تشبهه يف املعاين اليت يدركها من املبصر فرمبا عرض له الغلط

.يف تشبيهه

، فهو غالط يف شخصيته أو يف نوعيته أو وإذا شبه البصر املبصر بغريه وظنه ذلك الغري ومل يكن ذلك الغريألن . يف جمموعهما، فيكون غلطه يف املعرفة، وتكون علة هذا الغلط هو خروج البصر عن عرض االعتدال

البصر إذا كان صحيحاً فإنه يدرك املبصرات على ما هي عليه إذا كانت مجيع املعاين الباقية اليت يف تلك فعلى هذه الصفة وأمثاهلا . بصرات على ما هي عليه يف عرض االعتدالاملبصرات اليت ا يتم إدراك امل

.يكون غلط البصر يف املعرفة من أجل خروج صحة البصر عن عرض االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 248

فقد تبني من مجيع ما شرحناه كيف يكون غلط البصر يف املعرفة حبسب كل واحدة من العلل اليت من .اجلها يعرض للبصر الغلط

الفصل السابع

يفيات أغالط البصر التي تكون في القياسك

بحسب كل واحدة من العلل التي من أجلها يعرض للبصر الغلط

قد تبني يف املقالة الثانية ان أكثر املعاين اليت تدرك حباسة البصر إمنا تدرك بالقياس، وتبني ما هي املعاين اليت وأكثر أغالط البصر . كبة من املعاين اجلزئيةوقد تبني أن صور مجيع املبصرات إمنا هي مر. تدرك بالقياس

: والغلط يف القياس يكون على وجهني. يف املعاين اجلزئية وصور املبصرات إمنا يكون غلطاً يف القياس

أحدها أن يأخذ : والغلط يف املقدمات يكون على ثلثة أوجه. يكون يف املقدمات ويكون يف ترتيب القياسادقة، والثاين أن يأخذ مقدمة جزئية ويظنها كلية، والوجه الثالث هو الغلط التمييز مقدمة كاذبة ويظنها ص

وذلك يكون يف اإلبصار إذا كان يف املبصر معان ظاهرة ومعان خفية وقد ميكن أن . يف اكتسب املقدماتعاين تظهر عند استقصاء التأمل، واعتمد البصر ما يظهر يف املبصر من املعاين اليت فيه ومل يستقرئ مجيع امل

اليت فيه ومل يتأمله تأمالً حمققاً، إما على طريق السهو وضعف التمييز وإما ألنه ال يتمكن يف احلال من وإذا مل يستقرئ البصر مجيع املعاين اليت يف املبصر اليت ميكن أن يدركها البصر واعتمد املعاين . تأمله

. غالط فيما يدركه من نتائج تلك املعاينالظاهرة اليت يف املبصر وحكم بنتائجها وقطع بنتائجها فهو

وذلك ألن البصر إذا تأمل املبصر تأمالً حمققاً، وأدرك املعاين احملققة اليت مل يكن أدركها، كانت نتيجة وإذا مل . املعاين اليت يظهرها التأمل احملقق مع املعاين الظاهرة غري النتيجة اليت تنتجها املعاين الظاهرة فقط

ن تأمل املبصر التأمل احملقق، وأحس بأنه ليس يتمكن من تأمله، فإنه ال يقطع بنتيجة يتمكن البصر مفإن مل يستقرئ البصر مجيع املعاين اليت يف . املقدمات الظاهرة، بل يكون شاكاً غري متيقن لتلك النتيجة

ة، وسكن إىل نتائجها املبصر ومل يتمكن من استقراء مجيع املعاين اليت يف املبصر، وعول على املعاين الظاهرومل يشك مع ذلك يف نتائجها، فهو غالط يف القياس من حيث هو غالط يف اكتساب مقدمات القياس

وأغالط البصر يف القياس متون على الوجوه . ومنتج ببعض املقدمات اليت ينبغي أن تكون النتيجة جبميعها .اليت فصلناها

غلط البصر في القياس من أجل البعد

روج بعد المبصر عن عرض االعتدال من أجل خ

ابن اهليثم-املناظر 249

البعد

فأما كيف يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال، إذا عرض الغلط يف مقدار البعد، فكاألشخاص القائمة على وجه األرض، مثل النخل والشجر والعمد، إذا أدركها البصر

ك النخل والشجر والعمد خمتلفة األبعاد وكانت على مسوت من بعد متفاوت مسرف التفاوت، وكانت تل: متفرقة حبيث ال يستر بعضها بعضاً، وكانت مع ذلك متشاة الصور يف اللون ويف الضوء املشرق عليها

فإن البصر إذا أدرك األشخاص اليت ذه الصفة فإنه ال يدرك اختالف أبعادها، وال يفرق بني األبعد منها وإذا مل يفرق بني األبعد منها واألقرب فإنه رمبا . أقرا متفاوت البعد مسرف التفاوتوالقرب إذا كان

وإذا ظن البصر باملبصرات املختلفة األبعاد أا . ظن بتلك األشخاص أو ببعضها أا متساوية األبعاداألبعاد فهو غلط والغلط يف البعد ويف اختالف البعد ويف تساوي . متساوية األبعاد فهو غالط يف أبعادها

وعلة هذا الغلط هو خروج أبعاد األشخاص اليت ذه الصفة . يف القياس ألن هذه املعاين إمنا تدرك بالقياسألن األشخاص اليت ذه الصفة إذا كانت على أبعاد معتدلة فإن البصر يدرك . عن عرض االعتدال

.ليت يف هذه األشخاص يف عرض االعتدالاختالف أبعادها على ما هو عليه إذا كانت املعاين الباقية ا

وإمنا ليس يدرك البصر اختالف هذه األشخاص من البعد املتفاوت لن األبعاد املتفاوتة ليس يدرك البصر مقاديرها إدراكاً حمققاً، وإذا مل يتحقق مقادير األبعاد مل يدرك تفاضل بعضها على بعض، وإذا مل يدرك

ملبصرات يستر بعضها بعضاً، مل يفرق البصر بني األبعد منها تفاضل بعضها على بعض، ومل تكن اوهذا الغلط بعينه يعرض للبصر دائماً إذا نظر إىل الكواكب واتفق أن يكون فيها كوكب من . واألقرب

الكواكب املتحرية، فإذا أدرك الكوكب من الكواكب املتحرية والكوكب من الكواكب الثابتة معاً فإنه ال الذي بني بعد الكوكب املتحري وبني أبعاد الكواكب الثابتة، وإمنا يدركها كأا مجيعها يدرك االختالف

وإمنا . يف سطح واحد، املتحرية منها والثابتة، مع االختالف املتفاوت بني أبعاد الكواكب الثابتة واملتحرية البصر مقاديرها وال يعرض للبصر هذا الغلط لتفاوت أبعاد الكواكب، ألن األبعاد املتفاوتة ليس يدرك

يدرك زيادة بعضها على بعض، وألن البصر إمنا يدرك أبعاد املبصرات إذا كانت أبعادها من األبعاد فإذا كانت املبصرات متفاوتة البعاد، ومل يستر بعضها . املعتدلة وكانت مع ذلك مسامتة ألجسام مرتبة

.سامتة ألجسام مرتبةبعضاً، فليس يدرك البصر مقادير أبعادها، كانت أبعادها م

. الوضع وقد يعرض للبصر الغلط يف أوضاع املبصرات أيضاً من اجل خروج البعد عن عرض االعتدال

وذلك أن البصر إذا نظر إىل مبصر متفاوت البعد، وكان ذلك املبصر مائالً على خطوط الشعاع ومل يكن ار البصر يدرك اجلسم املربع الشكل ولذلك ص. مواجهاً، فإن البصر يدركه كأنه مواجه وال حيس مبيله

املتساوي األضالع من البعد املتفاوت مستطيالً، ويدرك اجلسم املستدير املسطح مستطيالً، إذا كانا مائلني

ابن اهليثم-املناظر 250

ولو كان البصر حيس مبيل املربع واملستدير من البعد املتفاوت إذا كانا مائلني على . على خطوط الشعاعوهذا الغلط هو غلط . املربع واستدارة املستدير من البعد املتفاوتخطوط الشعاع ألحس بتساوي أضالع

. يف القياس ألن وضع املبصر يدرك بالقياس، وعلة هذا الغلط هو خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال

لن املربع واملستدير إذا أدركهما البصر من بعد معتدل فإنه يدرك تربيع املربع ويدرك استدارة املستدير مها عليه وإن كانا مائلني على خطوط الشعاع، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف تلك املبصرات يف على ما

.عرض االعتدال

فأما مل يدرك البصر املبصر املائل من البعد املتفاوت مواجهاً، ومل يدرك املربع املتساوي األضالع من إحساسه باختالف بعدي طريف املبصر واملستدير مستطيلني، فإن ذلك لن امليل إمنا يدركه البصر

فإذا أحس البصر باختالف بعدي طريف املبصر املائل أحس مبيله، وإذا مل حيس باختالف بعدي . املائلوإذا كان بعد املبصر متفاوتاً بالقياس إىل عظم املبصر وكان املبصر . طريف املبصر املائل فليس حيس مبيلهإذا كان التفاوت يسري املقدار عن مجلة . يه يسري املقدار عند مجلة البعدمائالً كان التفاوت بني بعدي طرف

البعد مل يدرك البصر ذلك التفاوت، وإذا مل يدرك التفاوت الذي بني بعدي طريف املبصر ظن أن أبعاد .أطرافه متساوية، وإذا ظن أن أبعاد أطرافه متساوية ظنه مواجهاً ومل حيس مبيله

األضالع إذا كان على بعد متفاوت، وكان مائالً على خطوط الشعاع، فإن الزاوية فأما املربع املتساويوكذلك . اليت يوترها عرض املربع الذي هو العرض املائل تكون أصغر من الزاوية اليت يوترها طوله املواجه

غر من الزاوية املستدير إذا كان مائالً، وكان بعده متفاوتاً، يكون قطره املائل يوتر زاوية عند البصر أصوإذا كان البعد متفاوتاً مل حيس البصر باختالف بعدي طريف العرض املائل، وإذا . اليت يوترها قطره املواجه

وإذا كان . مل حيس باختالف بعدي طريف العرض املائل فإنه يظن أن بعدي طريف العرض املائل متساويني املائل بالقياس إىل زاوية أصغر من الزاوية اليت ذلك كذلك فهو مقدار عرض املربع املائل وقطر املستدير

فإذا أدرك العرض أصغر من الطول أدرك . يوترها الطول املواجه، فلذلك يدرك العرض أصغر من الطولاملربع املتساوي األضالع مستطيالً واملستدير أيضاً مستطيالً، فيعرض للبصر من غلطه يف وضع املبصرات

وإذا كانت هذه . شكلها أيضاً والغلط يف مقدار عرضها مع الغلط يف وضعهااليت ذه الصفة الغلط يف وإذا أدرك اختالف أبعاد أطرافها أدرك . املبصرات على بعد معتدل أدرك البصر اختالف أبعاد أطرافها

ميلها على ما هي عليه، وأدرك أشكاهلا على ما هي عليه، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف هذه املبصرات

.يف عرض االعتدال

وقد يدرك البصر املبصرات اليت ذه الصفة من البعد الذي ليس بكل املتفاوت أيضاً مستطيلة وحيس مع

ابن اهليثم-املناظر 251

إال أن ذلك يعرض إذا مل يدرك البصر . ذلك مبيلها، وذلك إذا كان املربع أو املستدير مائالً ميالً شديداًو عليه من امليل، فيحس مبقدار العرض املائل حبسب ما مقدار ميله إدراكاً حمققاً، فيدرك ميله دون ما ه

وإذا كان ما يدركه من ميله دون ميله احلقيقي أدرك مقداره دون مقداره احلقيقي، وإذا . يدركه من ميلهأدرك مقدار العرض دون مقداره احلقيقي، وأدرك طوله املواجه على ما هو عليه، أدرك املربع املتساوي

إال أن الذي يعرض من الغلط يف هذه . املستدير أيضاً مستطيالً مع إحساسه مبيلهمااألضالع مستطيالً واألشكال مع إحساس البصر مبيلها إمنا يكون يسرياً ليس كما يعرض من البعد املسرف التفاوت، فيدرك

رف يف هذه األشكال، إذا كان حيس مبيلها، استطالة يسرية دون ما يدركه من استطالتها من البعد املس .التفاوت حبسب التفاوت بني ميله احلقيقي وبني ما يظهر له وحيس به من ميله

التجسم

واإلحساس بانعطاف . فأما التجسم فإن البصر حيس به من إحساسه بانعطاف السطوح كما تبني من قبلسطوح اجلسام هو إحساس مبائية سطح اجلسم، فالغلط يف التجسم إن عرض فهو إمنا يكون من اجل

ألن الغلط يف التجسم إمنا يكون إذا أدرك البصر املبصر املسطح حمدباً، وإذا . الغلط يف هيئة سطح اجلسموهيئة . أدرك البصر املسطح حمدباً أو أدرك احملدب مسطحاً فإمنا هو غالط يف هيئة سطح ذلك املبصر

شكل حميط السطح فإحدامها: السطح إمنا هو شكل مجلة السطح، ألن شكل السطح يكون على جهتنيوإذا كان ذلك كذلك فالغلط يف التجسم يدخل . واألخرى شكل مجلة السطح الذي يسمى هيئة السطح

حتت الغلط يف الشكل مع الغلط يف الوضع من أجل تفاوت البعد، فقد يعرض الغلط يف شكل املبصر أيضاً ثري األضالع املتساوي األقطار وذلك أن اجلسم الك. من أجل تفاوت البعد وإن مل يعرض الغلط يف وضعه

إذا كان على بعد متفاوت وكان مواجهاً للبصر فإن البصر يدركه مستديراً، وإذا أدرك اجلسم املضلع . مستديراً فهو غالط يف شكله، والغلط يف الشكل واهليئة إذا كان على بعد متفاوت فهو غلط يف القياس

كان من األشكال املألوفة فقد يدركه البصر باملعرفة، واصل ألن الشكل واهليئة إذا كانا على بعد معتدل ووإذا كان على بعد متفاوت فليس يدرك إال بالقياس يف حال اإلحساس كان ذلك . إدراكه بالقياس

الشكل من األشكال املألوفة أو من األشكال الغريبة، ألن شكل املبصر من البعد املتفاوت ليس يدرك إال املبصر، وليس يدرك الشكل من البعد املتفاوت بالبديهة وال باألمارات، فالغلط يف بالتأمل يف حال إدراك

وعلة هذا الغلط هو خروج بعد املبصر عن . الشكل من البعد املتفاوت ليس يكون إال غلطاً يف القياس إذا ألن املبصر املضلع إذا كان على بعد معتدل فإن البصر يدرك شكله على ما هو عليه،. عرض االعتدال

.كانت املعاين الباقية اليت فيه يف عرض االعتدال

فأما مل يدرك املضلع مستديراً من البعد املتفاوت فذلك ألن املبصر إذا بعد عن البصر بعداً شديداً خفي

ابن اهليثم-املناظر 252

عن البصر، والبعد الذي خيفى منه املبصر يكون حبسب مقدار البصر، فاملبصر الصغري احلجم خيفى من بعد . وكل واحد من أجزاء املبصر أصغر من مجلة املبصر. الذي خيفى منه املبصر العظيم احلجمأصغر من البعد

فإذا تباعد املبصر تباعداً متفاوتاً كان املقدار الذي له نسبة حمسوسة إىل مجلة املبصر خيفى عن البصر من كان ذلك كذلك وإذا. ذلك البعد، فيكون كل واحد من أجزائه الصغار على انفراده خفياً عن البصر

كان املبصر إذا كان على بعد متفاوت فإن البصر يدرك مجلته وال يدرك كل واحد من أجزائه الصغار فكل واحدة . وكل واحدة من زوايا املبصر املضلع أصغر من مجلته، وهي مع ذلك متفرقة. على انفراده

ان املبصر متفاوت البعد، وكان بعده فإذا ك. من الزوايا ختفى عن البصر من بعد قد يظهر منه مجلة املبصربعداً خيفى من مثله كل واحدة من زواياه على انفرادها، وال ختفى مجلته من ذلك البعد، وكانت أقطار ذلك املبصر مع هذه احلال متساوية أو قريبة من التساوي، فإن املبصر إذا كان على هذا البعد فإن مجلته

وإذا أدرك مواجهاً للبصر، أدركه البصر مستديراً مسطحاً كان أو . تظهر للبصر وال يظهر شيء من زواياهفلهذه العلة صار البصر يدرك املبصر املضلع املتساوي األقطار من البعد املتفاوت مستديراً إذا كان . جمسماً

.مواجهاً للبصر

ذا كان على بعد فإن اجلسم املقوس إ. وكذلك أيضاً يعرض الغلط يف تقويس اجلسم من البعد املتفاوتمتفاوت، وكانت حدبته أو تقعريه تلي البصر، فإن البصر يدرك ذلك املقوس مستقيماً، ألن التقويس إمنا

فإن أحس . يدركه البصر من إدراكه الختالف مقادير أبعاد أجزائه إذا كانت حدبته أو تقعريه تلي البصرفإذا كان . وأحس أن تقعريه يلي البصرالبصر أن وسطه وما يلي الوسط أبعد من طرفيه أحس بتقويسهفإذا كان املقوس على بعد متفاوت . املقوس على بعد متفاوت وكانت حدبته أو تقعريه يلي البصر

وإذا مل يدرك . وكانت حدبته أو تقعريه يلي البصر يدرك البصر التفاوت الذي بني بعد وسطه وبني طرفيهوإذا مل يدرك تقويسه يف احلال، ومل يكن قد . يدرك تقويسهالتفاوت الذي بني أبعاد وسطه وطرفيه فليس

تقدم علم الناظر بتقويسه، فليس يفرق بينه وبني األجسام املستقيمة الطول املألوفة، واكثر األجسام املألوفة املستطيلة تكون مستقيمة الطول أو قريبة من االستقامة، فهو يدركه مستقيماً إذا مل حيس يف احلال

والغلط يف الشكل من البعد املتفاوت هو . وإذا أدرك البصر املقوس مستقيماً فهو غالط يف شكله. بتقويسهغلط يف القياس، ألن الشكل ليس يدرك من البعد املتفاوت إال بالقياس، وعلة هذا الغلط هو خروج بعد

ك تقويسه وال املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر املقوس إذا كان على بعد معتدل فإن البصر يدريعرض له فيه غلط، كانت حدبته تلي البصر أو كان تقعريه يلي البصر، إذا كانت املعاين اليت فيه يف

.عرض االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 253

وذلك أن اجلسم الكري . الشكل وقد يعرض الغلط يف شكل سطح املبصر أيضاً من أجل تفاوت البعد. ألجسام اليت فيها حتديب أو أجزاء مقعرةيظهر من البعد املتفاوت مسطحاً مستديراً، وكذلك مجيع ا

ومىت اعترب املعترب جسماً من األجسام احملدبة أو املقعرة من البعد املتفاوت فإنه جيده يف احلس مسطحاً، وعلة هذا الغلط هو . وهذا الغلط هو غلط يف القياس، ألن التحديب والتقعري والتسطيح يدرك بالقياس

تدال، ألن املبصرات إذا كانت على أبعاد معتدلة وكانت حمدبة أو فيها خروج بعد املبصر عن عرض االعأجزاء حمدبة أو كانت مقعرة أو فيها أجزاء مقعرة فإن البصر يدرك حتديبها أو تقعريها على ما هو عليه إذا

.كانت املعاين الباقية اليت فيها يف عرض االعتدال

البعد املتفاوت مسطحة، فلذلك ألن التحديب إمنا يدركه فأما مل يدرك البصر الكرة واألجسام احملدبة منالبصر إذا أحس بقرب أجزائه املتوسطة وبعد أجزائه املتطرفة، وإذا مل حيس البصر بقرب بعض األجزاء

والكرة واألجسام احملدبة إذا كانت على بعد متفاوت بالقياس . وبعد بعضها فليس حيس بتحديب املبصروإذا . الذي بني أبعاد أطرافها وبني وسطها يكون يسرياً بالقياس إىل مجلة البعدإىل حجمها فإن التفاوت

وإذا مل يدرك البصر ذلك . كان التفاوت يسرياً بالقياس إىل مجلة البعد مل يدرك البصر ذلك التفاوترة التفاوت بني أبعاد أطراف املبصر احملدب وبني بعد وسطه مل حيس بتحديبه، ولذلك يدرك البصر الك

واألجسام احملدبة من البعد املتفاوت مسطحة، ولذلك يظهر جرم الشمس وجرم القمر كأما سطحان وإذا كانت املبصرات على بعد معتدل وكانت كرية أو . ومها مع ذلك كريان لتفاوت أبعادمها عن البصر

ر اختالف أبعاد وإذا أدرك البص. حمدبة أدرك البصر اختالف أبعاد أجزائها وأحس بانعطافات سطوحهاوكذلك حال . أجزاء املبصر وأدرك انعطافات سطحه أدرك حتديبه وكريته إن كان كرياً وأدرك جتسمه

فليس يدرك البصر تقعريها ألنه ال يدرك التفاوت الذي بني . األجسام املقعرة إذا كانت على بعد متفاوت .درك البصر ذلك التفاوت وأدرك تقعريهاوإذا كانت على أبعاد معتدلة أ. أبعاد أطرافها وبني بعد وسطها

وذلك أن البصر إذا أدرك مبصراً . العظم وقد يعرض الغلط يف أعظم املبصر أيضاً من أجل تفاوت البعدمن املبصرات من بعد متفاوت فإنه يدرك مقداره أصغر من مقداره احلقيقي، والعظم إمنا يدرك بالقياس،

علة هذا الغلط إمنا هو خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال، ألن و. فيكون هذا الغلط غلطاً يف القياساملبصر إذا كان على بعد معتدل فإن البصر يدرك عظمه على ما هو عليه وال يعرض له الغلط يف مقداره،

إذا كانت مجيع املعاين الباقية اليت يف ذلك املبصر اليت ا يتم إدراك املبصر على ما هو عليه يف عرض .لاالعتدا

فأما مل إذا كان بعد املبصر بعداً متفاوتاً أدرك البصر مقدار ذلك املبصر أصغر من مقداره احلقيقي، فإن

ابن اهليثم-املناظر 254

ذلك ألن عظم املبصر إمنا يدركه البصر من قياسه عظم املبصر بزاوية املخروط الذي بذلك املبصر ومقدار وإذا كان املبصر على بعد متفاوت يف . وقد تبني يف كيفية إدراك العظم أن ذلك كذلك. بعد ذلك املبصر

والبعد املتفاوت الذي يظهر منه مقدار املبصر . العظم فإن زاوية املخروط احمليطة به تكون يف غاية الصغرألن البعد . أصغر من مقداره احلقيقي هو البعد الذي خيفى منه مقدار له نسبة مقتدرة إىل مجلة املبصر

النسبة إىل املبصر هو من األبعاد املعتدلة اليت يدرك منها املبصر على ما هو الذي ال خيفى منه مقدار مقتدروإذا كان ذلك كذلك فاجلزء من الزاوية الذي يوتره اجلزء من املبصر املقتدر النسبة إىل مجلة املبصر . عليه

من الذي خيفى مثله من ذلك البعد واجلزء من سطح العضو احلاس الذي حتصل فيه صورة ذلك اجلزءومع ذلك فإن نسبة هذه الزاوية إىل . املبصر ويوتر ذلك اجلزء من الزاوية ليس يدركه احلس يف تلك احلال

وكذلك نسبة اجلزء من سطح البصر الذي يوتر هذه . مجلة الزاوية اليت يوترها مجلة املبصر نسبة مقتدرةبصر نسبة مقتدرة، ألا كنسبة الزاوية إىل مجلة اجلزء من سطح البصر الذي حتصل فيه صورة مجلة امل

وكل مبصر متفاوت . اجلزء الذي خيفي مثله من ذلك البعد إىل مجلة ذلك املبصر اليت هي نسبة مقتدرةالبعد فإن اجلزء من سطح العضو احلاس واجلزء من الزاوية الذي يوتره اجلزء من املبصر املقتدر النسبة إىل

فإذا تأمل البصر ذلك املبصر وحرك . لبعد، ليس يدركه احلسمجلة املبصر، الذي خيفي مثله من ذلك االسهم على أقطاره فإن احلاس ليس حيس حبركة السهم إال بعد أن يقطع من اجلزء الذي حصل فيه

الصورة جلملة املبصر جزءاً أعظم من اجلزء الذي حتصل فيه صورة اجلزء من املبصر الذي خيفي مثله من م من اجلزء الذي حتصل فيه صورة املبصر اجلزء الذي خيفي مثله من ذلك فإذا قطع السه. ذلك البعد

البعد، فليس حيس احلاس حبركة السهم، وليس حيس احلاس من حركة السهم على اجلزء من املبصر الذي .خيفي مثله من ذلك البعد بصورة وال زاوية

فى مثله من ذلك البعد فإن احلاس وكذلك إذا حترك السهم على مجيع املبصر فإنه كلما قطع منه جزءاً خيال حيس حبركته، فإذا قطع منه جزءاً أعظم من ذلك اجلزء أحس حبركته، فإذا انتهى السهم إىل أجزاء

املبصر وقطع مجيع اجلزء من سطح العضو احلاس الذي حصل فيه صورة املبصر فإنه يدرك مقدار ذلك .صيلهاجلزء أصغر من مقداره احلقيقي من أجل ما تقدم تف

وأيضاً فإنه إذا ثبت البصر يف مقابلة ذلك املبصر، وأدرك احلاس اجلزء من سطح البصر الذي حتصل فيه صورة ذلك املبصر، فإن احلاس يدرك مقدار ذلك اجلزء ومقدار الزاوية اليت يوترها ذلك اجلزء من إدراكه

ة اليت بني اييت عرض ذلك اجلزء من واملساف. املسافة اليت بني اييت عرض ذلك اجلزء من سطح البصرسطح البصر هي يف غاية الصغر، وايتا تلك املسافة اليت يدركها احلس ليس مها نقطتان متومهتني ألن

ابن اهليثم-املناظر 255

النقطة املتومهة ال يدركها احلس وليس يدرك احلس إال ما كان ذا مقدار، فالنهاية اليت ا حيد احلس ك اجلزء هو النهاية هو نقطة يف احلس ليس هلا مقدار يعتد به وذل. عرض ذلك اجلز من عرض ذلك اجلزء

احلس، وهي مع ذلك ذات مقدار له نسبة مقتدرة إىل املسافة اليت هي عرض اجلزء الذي حصلت فيه صورة املبصر، فالنهاية اليت حيد احلاس اجلزء الذي حتصل فيه صورة املبصر املتفاوت البعد الذي ليس يعتد

هلا نسبة مقتدرة إىل عرض ذلك اجلزء الذي فيه حتصل صورة املبصر، ألن ذلك اجلزء يف احلاس مبقدارها فالنقطة . غاية الصغر، وإمنا يزيد عرض ذلك اجلزء على النقطة احملسوسة اليت هي النهاية مبقدار يسري

قتدرة إىل احملسوسة اليت هي اية عرض اجلزء الذي فيه حتصل صورة املبصر املتفاوت البعد هلا نسبة معرض ذلك اجلزء ومؤثرة يف مقدار ذلك اجلزء، ومع ذلك فهذه النقطة هي النهاية اليت ال يعتد احلاس

مبقدارها، فإذا أدرك البصر مقدار عرض اجلزء الذي حتصل فيه صورة املبصر املتفاوت البعد فهو يدركه لعرض اللتان مها جزءان مقتدرا النسبة إىل أصغر من مقداره احلقيقي مبقدار النقطتني اللتني مها ايتا ذلك ا

وكذلك الزاوية اليت يوترها اجلزء من سطح البصر الذي حتصل فيه الصورة يدرك . مجلة ذلك العرضاحلاس مقدارها أصغر من مقدارها احلقيقي باملقدار الذي توتره النقطتان اللتان مها ايتا عرض ذلك اجلزء

ولذلك يدرك احلاس مجيع أجزاء البصر اليت حتصل فيها صور املبصرات . اللتان ال يعتد احلاس مبقدارمهاويدرك كل واحد منها باملقدار الذي هو نقطتا اييت عرض ذلك اجلزء، وكذلك يدرك مجيع الزوايا اليت

توترها مجيع املبصرات عند مركز البصر، إال أن النقطتني اللتني مها ايتا عرض اجلزء الذي حتصل فيه املبصر، إذا كان املبصر على بعد معتدل، يكون اجلزءان من املبصر اللذان حتصل صورتامها يف تينك صورة

النقطتني ليس هلما قدر مؤثر يف مجلة مقدار املبصر، فليس لتينك النقطتني قدر عند مجلة اجلزء من سطح التني توترمها تانك النقطتان البصر الذي حتصل فيه صورة املبصر من البعد املعتدل، وكذلك ليس للزاويتني

فإذا كان املبصر على بعد متفاوت بالقياس إىل ذلك املبصر كانت النقطتان اللتان . قدر عند مجلة الزاويةمها ايتا عرض اجلزء الذي حتصل فيه صورة ذلك املبصر من سطح البصر هلما قدر مؤثر عند مجلة اجلزء

لذي حتصل فيه الصورة عند تفاوت بعد املبصر يكون قد ألن مجيع اجلزء ا. الذي حتصل فيه الصورةتصاغر حىت صار يف غاية الصغر، والنقطة اليت هي النهاية اليت هي أصغر جزء يدركه احلس من سطح

البصر هي مقدار واحد بعينه ليس يتغري كرب اجلزء الذي حتصل فيه الصورة أم صغر، ألنه ما كان أصغر واجلزء من املبصر الذي حتصل صورته يف تلك النقطة من البعد . سمن تلك النقطة فليس يدركه احل

وإذا كان . املتفاوت يكون أعظم من اجلزء من املبصر الذي حتصل صورته يف تلك النقطة من البعد املعتدلذلك كذلك فاجلزءان من املبصر اللذان حتصل صورتامها يف تينك النقطتني يكون هلما قدر مؤثر كبري

مجلة املبصر إذا كان املبصر على بعد متفاوت، فتكون الزاويتان اللتان يوترمها ذانك اجلزءان النسبة إىل

ابن اهليثم-املناظر 256

عند مركز البصر، اللتان ليس يدركهما احلس، هلما قدر مؤثر يف مجلة الزاوية اليت يوترها مجيع ذلك صر الذي حتصل وكل مبصر يدركه البصر من بعد متفاوت فإن اجلزء من الب. املبصر من البعد املتفاوت

فيه صورة ذلك املبصر والزاوية اليت يوترها ذلك املبصر عند مركز البصر يدرك احلس مقداريهما أصغر .من مقداريهما احلقيقيني مبقدار مؤثر يف مجلة مقداريهما الذي يوجبه ذلك البعد املتفاوت

األبعاد املعتدلة بالقياس إىل ذلك املبصر وأيضاً فإنه قد تبني أن مقدار بعد املبصر إذا كان متيقناً وكان من كان الذي يدركه البصر من مقدار عظم ذلك املبصر متيقناً، وإذا كان مقدار بعد املبصر غري متيقن كان

وقد تبني أيضاً أن املبصر إذا كان متفاوت العظم ال يتبني . يدركه البصر من مقدار عظم املبصر غري متيقنوتبني أيضاً أن . البعد مسامتاً ألجسام مرتبة أو مل يكن مسامتاً ألجسام مرتبةمقدار ذلك البعد كان ذلك

البصر إذا مل يتيقن مقدار بعد املبصر فإنه حيدس على مقدار بعد املبصر فإنه حيدس على مقدار بعده حدساً من صورته اليت ويشبه بعده بأبعاد املبصرات املألوفة اليت تشبه ذلك املبصر يف مقداره ويف مجلة ما يظهر

وإذا كان ذلك كذلك فاملبصر املتفاوت البعد يتخيل البصر مقدار بعده . يدركها من البعاد املألوفةباحلدس أصغر من مقداره احلقيقي، لنه يشبهه باألبعاد املألوفة اليت يدركها من املبصرات املألوفة اليت توتر

واألبعاد املألوفة اليت يدرك منها املبصرات . املتفاوتزوايا مثل الزاوية اليت يوترها ذلك املبصر من البعداملألوفة ليس منها شيء متفاوت العظم، فاملبصر املتفاوت البعد إمنا يدرك البصر مقدار بعده باحلدس أصغر

من مقداره احلقيقي، فالزاوية اليت يوترها املبصر إذا كان متفاوت العد يدرك البصر مقدارها أصغر من . قيقي، وبعد املبصر إذا كان متفاوت البعد يدرك البصر مقداره أصغر من مقداره احلقيقيمقدارها احل

ومقدار عظم املبصر إمنا يدرك من قياس العظم إىل الزاوية اليت يوترها ذلك العظم عند مركز البصر مع عظمه بزاوية فاملبصر املتفاوت البعد يدرك البصر مقداره من قياس . القياس إىل مقدار بعد ذلك العظم

أصغر من الزاوية احلقيقية اليت يوترها ذلك املبصر من ذلك البعد وببعد أصغر من بعده احلقيقي، فلذلك يدرك البصر مقدار املبصر املتفاوت البعد أصغر من مقداره احلقيقي، وكلما ازداد مقداره يف احلس صغراً

ما تزايد بعده، ومقدار التفاوت الذي بني بعده ألن الغلط يف الزاوية اليت يوترها ذلك املبصر يتزايد كلاحلقيقي وبني ما يتخيله البصر من مقدار بعده املنظور يتزايد أيضاً كلما تباعد املبصر، فلذلك كلما ازداد

وإذا متادى البصر يف التباعد انتهى إىل احلد الذي خيفى منه عن . املبصر بعداً ازداد مقداره يف احلس صغراً .دركه البصرالبصر فال ي

واحلد من البعد الذي ختفى منه مجلة املبصر فال يدركه البصر هو احلد الذي يصري فيه اجلزء من البصر الذي حتصل فيه صورة املبصر هو النقطة اليت ليس هلا قدر حمسوس يعتد به احلاس ويدرك مقداره، فتصري

ابن اهليثم-املناظر 257

الصغر الذي ليس يف قدرة احلس إدراكه صورة املبصر عند هذه احلال مبرتلة صورة املبصر الذي يف غاية .من أجل صغر حجمه وإن كان قريباً من البصر

وذلك انه قد تبني أن صورة اللون . وأيضاً فإن املبصر إذا تباعد بعداً متفاوتاً فإن صورة لونه تتغري وتضعف رقيق فإن كان املبصر. كلما بعدت عن اللون الذي عنه تصدر الصورة ضعفت، وكذلك صورة الضوء

اللون أو سحايب اللون وكان بعده عن البصر بعداً متفاوتاً فقد خيفى عن البصر من بعد قد يدرك البصر منه مبصراً مساوياً له يف العظم إذا كان مشرق اللون، من أجل أن صورة اللون الرقيق أضعف من صورة

.ون القوياللون القوي، فهي ختفى من بعد أقل من البعد الذي ختفى منه صورة الل

وذلك ان املبصرات اليت . وقد خيفى املبصر أيضاً من أجل اشتباه لونه بألوان املبصرات ااورة واملسامتة لهعلى وجه األرض ليس خيلوا أن يكون وراءها أو حتتها أو حوهلا أجسام أخر، والبصر يدرك األجسام اليت

ك املبصر، فإذا كان لون املبصر شبيهاً بألوان تلك حول املبصر ووراءه وحتته ومسامتاً له عند إدراك ذلاملبصرات وكان بعده مع ذلك بعداً متفاوتاً، فإنه رمبا خفي ذلك املبصر عن البصر فلم يتميز للبصر ذلك

وذلك مثل . املبصر من غريه من أجل اشتباهه باألجسام ااورة له واملسامتة له اليت يدركها البصر معه اليت تكون على وجه األرض واألجسام اخلضر املشرقة اخلضرة إذا كانت فيما بني األجسام الترابية

الزروع أو يف تضاعيف ورق الشجر، وكاألجسام البيض املتشاة األجزاء اليت تكون يف وسط الثلج، فإن كثرياً من . وكاجلسم الذي يكون وراءه أو حتته أو حوله جسم أعظم جثة منه شبيهة اللون بلونه

صرات اليت ذه الصفة إذا كانت على أبعاد متفاوتة قد ختفى عن البصر وال تتميز للبصر من األجسام املبوإذا كان يف . وإذا كان يف تلك األجسام. اليت يدركها معها من أجل اشتباه ألواا بألوان تلك األجسام

رات يف أعظامها وخمالفة اللون تلك املواضع بعينها وعلى تلك البعاد بأعياا مبصرات مساوية لتلك املبصفقد يكون . أللوان اجلسام اليت يف تلك املواضع فإن البصر يدرك تلك املبصرات من تلك البعاد بعينها

.خفاء املبصر عن البصر من أجل اشتباه لونه بألوان ما جياوره من األجسام

املبصرات فليس يكون وقد يكون خفاء املبصر من أجل رقة لونه وضعف صورته، وما هذه حاله من خفاؤه من أجل تصاغر صورته اليت حتصل يف البصر ولكن من اشتباه صورته بصورة ما يدرك معه من

فالبعد الذي خيفى منه املبصر عن البصر من أجل تصاغر مقداره هو البعد . املبصرات أو من ضعف صورته من سطح العضو احلاس جزءاً مقداره الذي يكون املخروط املتوهم املتشكل بينه وبني مركز البصر يفصل

مقدار النقطة اليت ال يدرك احلس مقدارها، وهذا البعد هو أقرب األبعاد اليت خيفى منها املبصر عن البصر مث كلما زاد على البعد من األبعاد فهو من األبعاد اليت خيفى منها ذلك املبصر . من أجل تصاغر صورته

ابن اهليثم-املناظر 258

رج إليه من مركز البصر يفصل من سطح العضو احلاس جزءاً أصغر عن البصر، ويكون املخروط الذي خي .من اجلزء األول الذي يفصله من البعد القرب الذي ال يدركه احلس من اجل صغره

وذلك يكون يف . وقد يعرض الغلط أيضاً يف عظم بعض املبصرات مع تيقن مقدار بعد ذلك املبصرر الذي يف غاية الصغر قد خيفى من بعد ليس باملتفاوت العظم فإن املبص. املبصرات الصغار املتفاوتة الصغر

وقد يكون البعد الذي خيفى منه املبصر . إذا كان بعداً خارجاً عن االعتدال بالقياس إىل مقدار ذلك املبصرالذي يف غاية الصغر مسامتاً ألجسام مرتبة متصلة، وإذا مل يكن البعد متفاوت العظم وكان مع ذلك

وإذا خفي املبصر من بعد ما من أجل مقداره . سام مرتبة متصلة فإنه قد يكون متيقن املقدارمسامتاً ألجفإنه من بعد قبل ذاك البعد قد يدرك البصر مقداره أصغر من مقداره احلقيقي، ألن املبصر إذا تباعد عن

فقد يدرك . ة مقدارهالبصر ومتادى يف التباعد فإنه يتصاغر أوالً يف احلس مث خيفى إذا كان خفاؤه من جهالبصر مقدار املبصر الذي يف غاية الصغر أصغر من مقداره احلقيقي من بعد متيقن املقدار، إال أن البعد املتيقن الذي خيفى منه املبصر والبعد الذي يدرك منه مقدار املبصر أصغر من مقداره احلقيقي هو بعد

ن البعد خارجاً عن االعتدال بالقياس إىل املبصر وإذا كا. خارج عن االعتدال بالقياس إىل ذلك املبصروكانت مجلة املبصر تظهر من ذلك البعد فإنه قد خيفى من ذلك البعد مقدار له نسبة مقتدرة إىل مجلة

.ذلك املبصر

وأيضاً فإن البعد الذي يدرك منه البصر مقدار املبصر الصغري املقدار أصغر من مقداره قد خيفى منه مقدار من ذلك املبصر من املبصرات اليت قد يدركها البصر من بعد أقرب من ذلك البعد، ألن املبصر أصغر

واملبصر الذي خيفى من ذلك . الذي يتصاغر مقداره عند البصر ليس هو أصغر املقادير اليت يدركها البصرر املبصر الصغري البعد إذا كان البصر يدركه من بعد أقرب من ذلك البعد فإن له نسبة مقتدرة إىل مقدا

الذي يتصاغر مقداره من ذلك البعد، ألن املبصر الذي يدركه البصر من بعد ما على تصاريف األحوال له فالبعد الذي يدرك منه البصر مقدار املبصر املتفاوت الصغر . نسبة مقتدرة إىل كل مبصر متفاوت الصغر

كذلك فالزاوية اليت . ة إىل مجلة ذلك املبصرأصغر من مقداره احلقيقي قد خيفى منه مقدار له نسبة مقتدريوترها املبصر الصغري املقدار من البعد اخلارج عن االعتدال بالقياس إىل ذلك املبصر يدرك احلاس مقدارها

وإذا كان ذلك البعد متيقن املقدار فاملبصر الصغري . أصغر من مقدارها احلقيقي كما تبني ذلك من قبل الذي ختفى مجلته من بعد متيقن املقدار قد يدرك البصر مقداره أصغر من مقداره املقدار املتفاوت الصغر

احلقيقي من بعد متيقن املقدار من أجل غلط البصر يف مقدار عظم الزاوية اليت يوترها ذلك املبصر الصغري اليت يوترها فهو يدرك مقداره من قياس مقداره بزاوية أصغر من الزاوية احلقيقية . املقدار من ذلك البعد

ابن اهليثم-املناظر 259

فالغلط الذي يعرض للبصر يف إدراك عظم املبصر من . ذلك املبصر من ذلك البعد وببعده املتيقن املقدارالبعد املتفاوت الذي ال يتحقق البصر مقداره إمنا هو من أجل غلطه يف مقدار الزاوية اليت يوترها ذلك

ظمه بعظم مبصر على بعد معتدل يوتر زاوية فهو يشبه ع. املبصر ومن غلطه يف كمية بعد ذلك املبصر معاًفلذلك يدرك مقدار املبصر املتفاوت البعد أصغر . أصغر من الزاوية اليت يوترها ذلك املبصر يف تلك احلال

والغلط الذي يعرض للبصر يف عظم املبصر من البعد املتيقن املقدار إمنا هو من أجل . من مقداره احلقيقيفقد تبينت العلة اليت من أجلها . ية اليت يوترها ذلك املبصر يف تلك احلال فقطغلط البصر يف مقدار الزاو

يظهر مقدار املبصر من البعد املتفاوت اخلارج عن االعتدال بالقياس إىل عظم املبصر أصغر من مقداره .احلقيقي

ك مقداره أعظم من وأيضاً فإن املبصر إذا قرب من البصر قرباً شديداً خارجاً عن االعتدال فإن البصر يدرمقداره احلقيقي ، فيكون غالطاً يف مقداره ، ويكون غلطه يف القياس، ألن العظم ليس يدرك إال بالقياس،

وتكون علة هذا الغلط هو خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال، لن املبصر الذي يدرك البصر مقداره معتدل فإنه يدرك مقداره على ما هو عليه من القرب الشديد أعظم من مقداره احلقيقي إذا كان على بعد

.إذا كانت مجيع املعاين الباقية اليت يف ذلك املبصر يف عرض االعتدال

فأما مل يدرك البصر املبصر من القرب الشديد أعظم من مقداره احلقيقي فإن ذلك ألن البصر إمنا يدرك بذلك املبصر مع القياس بالبعد الذي بني مقدار عظم املبصر من قياس العظم بزاوية املخروط الذي حييط

وإذا كان املبصر شديد القرب من البصر فإن زاوية املخروط احمليط به تكون . البصر وبني ذلك املبصرعظيمة املقدار، ويكون البعد الذي إليه تقيس القوة املميزة مقدار املبصر ومن القياس إليه تدرك مقدار

لبصر، ألن مقدار البعد إمنا يدركه البصر من إدراكه األجسام املرتبة اليت املبصر هو بعد املبصر عن سطح اتسامت البعد، والبعد الذي تسامته األجسام املرتبة الذي يدركه البصر دائماً ويقدره دائماً هو بعد املبصر

املبصر والبعد الذي بالقياس إليه يدرك مقدار املبصر على حقيقته هو البعد الذي بني . عن سطح البصرفبني البعد الذي إليه تقيس القوة املميزة عظم املبصر وبني البعد الذي إليه جيب أن يكون . ومركز البصر

إال أن األبعاد املعتدلة اليت منها يدرك البصر املبصرات . القياس تفاوت مقداره هو نصف قطر كرة البصر ليس يؤثر يف مقاديرها مقدار نصف قطر كرة املألوفة وإليها تقيس القوة املميزة أبداً مقادير املبصرات

البصر، فلذلك يدرك البصر مقادير املبصرات من األبعاد املعتدلة على ما هي عليه وال يكون بني ما يدركه فإذا صار املبصر قريباً جداً من البصر صار . البصر من مقاديرها وبني مقاديرها احلقيقية تفاوت حمسوس

البصر يسرياً جداً، وهو الذي إليه تقيس القوة املميزة مقدار املبصر، ويصري البعد الذي بينه وبني سطح

ابن اهليثم-املناظر 260

التفاوت الذي بني هذا البعد وبني البعد الذي إليه جيب أن يكون القياس، الذي هو مقدار نصف قطر عظم من كرة البصر، تفاوتاً له قدر مؤثر، ألن املبصر إذا كان قريباً جداً من البصر، وأدرك البصر مقداره أ

مقداره احلقيقي، فقد يكون بعده عن سطح البصر مثل نصف قطر كرة البصر، ورمبا كان بعده عن سطح وإن كان بعده الذي يظهر منه يظهر مقداره أعظم مما هو أكرب من نصف قطر . البصر أقل من هذا القدر

الذي إليه يقع القياس أو كرة البصر مبقدار يسري البعد الذي جيب أن يكون القياس إليه مساوياً للبعدأعظم منه أو عظيم النسبة إأليه، فيكون إدراك مقدار املبصر إذا كان شديد القرب من البصر من قياس

مقدار املبصر بزاوية املخروط احمليط بذلك املبصر، وهي زاوية عظيمة، ومن القياس إىل بعد هو أصغر من مثل البعد الذي إليه يقع القياس أو أعظم منه أو عظيم البعد الذي جيب أن يكون القياس إليه مبقدار هو

. فلذلك يدرك البصر مقدار املبصر إذا كان شديد القرب من البصر أعظم من مقداره احلقيقي. النسبة إليه

وكلما زاد املبصر قرباً من البصر كان التفاوت الذي بني بعده الذي إليه يقع القياس وبني البعد الذي فلذلك كلما ازداد املبصر قرباً من البصر ازداد مقداره يف احلس . قياس إليه اعظم قدراًجيب أن يكون ال

فقد تبينت العلة اليت من أجلها يدرك البصر مقدار املبصر إذا كان شديد القرب من البصر أعظم . عظماً .من مقداره احلقيقي، وكلما ازداد املبصر قرباً من البصر ازداد مقداره يف احلس عظماً

وذلك أنه إذا كان جسم فسيح األقطار، . التفرق وقد يعرض الغلط يف التفرق من أجل تفاوت البعدوكان خمتلف األلوان، وكان واحد من تلك األلوان يقسم سطح ذلك اجلسم يف مواضع متفرقة أو يف

موضع واحد، فيعرض من ذلك أن ينقسم سطح ذلك اجلسم بذلك اللون يف موضع أو يف مواضع قة، ويكون اللون الذي يقطع سطح ذلك اجلسم من األلوان املظلمة، ويكون املوضع الذي فيه هذا متفر

اللون من سطح اجلسم ذا عرض مقتدر، فإن البصر إذا أدرك اجلسم الذي ذه الصفة من بعد متفاوت يكن قد تقدم وأدرك اللون املظلم الذي يقطعه، فإنه يظهر للبصر أنه عدة أجسام متفرقة متجاورة، إذا مل

علم الناظر بذلك اجلسم، وظن بذلك اللون املظلم أنه تفرق بني تلك األجسام، فيدرك اجلسم املتصل ومن األجسام اليت ذه الصفة اليت يعرض فيها مثل هذا الغلط هي اجلدران اليت يكون يف . متفرقاً

.متفاوتتضاعيفها أو يف وجوهها أخشاب قائمة إذا كان البصر يدركها من بعد

وكذلك إذا كان جسم فسيح األقطار مسفر اللون وأشرق عليه ضوء الشمس ووقعت مع ذلك عليه أظالل متفرقة تقطع سطح ذلك اجلسم ، أو ظل واحد يقطعه، وأدرك البصر اجلسم الذي ذه الصفة من

اليت منها تلك بعد متفاوت ومل يكن قد تقدم علم الناظر بذلك اجلسم ومل حيس يف احلال باألجسام األظالل، فإن البصر يدرك اجلسم الذي ذه الصفة من بعد متفاوت كأنه أجسام متفرقة متجاورة إذا مل

ابن اهليثم-املناظر 261

.حيس بأن املواضع املنكسفة اللون هي اظالل

وعلة هذا الغلط هو خروج بعد املبصر . وهذا الغلط أيضاً هو غلط يف القياس لن التفرق إمنا يدرك بالقياستدال، لن املبصر املتصل إذا كان على بعد معتدل فإن البصر يدركه متصالً، وإن كان عن عرض االع

خمتلف األلوان وكان عليه أظالل أو كانت فيه أخشاب، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف ذلك املبصر يف .عرض االعتدال

إذا كانت مبصرات وذلك أنه . االتصال وقد يعرض الغلط يف االتصال أيضاً من أجل تفاوت البعدمتشاة اللون متفرقة وكان عرض التفرق الذي بينها يسرياً، أو كانت متماسة، وأدركها البصر من بعد

متفاوت، فإن البصر يدرك املبصرات اليت ذه الصفة جسماً متصالً إذا مل يكن قد تقدم العلم بتلك ت قد خيفى من البعد البعيد الذي يدرك منه وذلك ألن التفرق اليسري والتماس الذي بني املبصرا. األجسام

كل واحد من تلك املبصرات إذا كانت تلك املبصرات أفسح أقطاراً من عرض التفرق، وإذا خفي التفرق ومن املبصرات اليت ذه الصفة . الذي بني األجسام أدرك البصر تلك األجسام متصلة كأا جسم واحد

فإن األلواح اليت . ان من األلواح اخلشب اليت يقترن بعضها ببعضالستر اليت رمبا عملت على رؤوس احليطذه الصفة إذا أدركها البصر من بعد متفاوت، ومل يظهر الضوء من مواضع فصوهلا، فإنه يدركها كأا

وكذلك األسرة اليت تتخذ من األلواح اخلشب، إذا كان . جسم واحد متصل وال حيس مبواضع فصوهلاقترن بعضها ببعض، فإن البصر إذا أدرك السرير الذي ذه الصفة من بعد متفاوت فإنه السرير من ألواح م

وكذلك كلما جرى . يدركه كأنه جسم واحد متصل وال حيس مبواضع الفصول اليت بني تلك األلواحد هذا ارى من األجسام املتضامنة املتشاة األلوان اليت تكون فصوهلا ضيقة إذا أدركها البصر من بع

.متفاوت

وإذا أدرك البصر األجسام املتفرقة جسماً واحداً متصالً فهو غالط فيما يدركه من اتصاهلا، ويكون هذا وعلة هذا الغلط هو خروج بعد املبصر عن عرض . الغلط غلطاً يف القياس لن االتصال يدرك بالقياس

فإن البصر يدرك التفريق والتماس االعتدال ألن املبصرات اليت ذه الصفة إذا كانت على أبعاد معتدلةالذي بني تلك املبصرات، ويدرك كل واحد من تلك املبصرات على ما هو عليه، إذا كانت املعاين الباقية

.اليت يف تلك املبصرات يف عرض االعتدال

أدرك فإنه إذا . قد يعرض للبصر من غلطه يف التفريق ويف االتصال أن يكون مع ذلك غالطاً يف العدد أيضاً .املبصرات املتفرقة الكثرية واحداً، وأدرك املبصر الواحد املتصل كثرياً متفرقاً، فهو غالط يف العدد

وذلك أن . احلركة وقد يعرض الغلط يف احلركة أيضاً من أجل خروج بعد املبصر عن عرض االعتداللى وجه األرض وهو يف البصر إذا كان ينظر إىل القمر أو إىل كوكب من الكواكب، مث حترك الناظر ع

ابن اهليثم-املناظر 262

وإذا وقف الناظر يف . حال حركته ناظر إىل القمر أو الكوكب، فإنه يرى القمر أو الكوكب سائراً معهموضعه، ونظر إىل القمر أو الكوكب، فإنه يدرك القمر والكوكب يف زمان له قدر حمسوس ساكناً ال

اً حبركته غالطاً فيما يدركه من حركته، فيكون الناظر املتحرك إذا أدرك القمر والكوكب متحرك. يتحركوعلة هذا الغلط هو خروج بعد املبصر . ويكون هذا الغلط غلطاً يف القياس، ألن احلركة تدرك بالقياس

عن عرض االعتدال، ألن املبصر الساكن واملبصر املتحرك حركة بطيئة، إذا كان على بعد معتدل، وكان يدركه متحركاً حبركته بل يدرك الساكن ساكناً، ويدرك حركة الناظر الذي ينظر إليه متحركاً، فليس

املتحرك البطيء احلركة على ما هي عليه، ويدرك أنه غري متحرك حبركته إذا كانت املعاين الباقية اليت يف .ذلك املبصر يف عرض االعتدال

يقطعها الناظر املتحرك فأما مل يدرك البصر القمر والكواكب متحركة حبركته فإن ذلك ألن املسافة اليتمن سطح األرض يف الزمان اليسري ليس هلا قدر حمسوس عند بعد القمر والكواكب عند البصر وعند

. جسم الناظر يف الزمان الذي يقطع فيه الناظر املتحرك املسافة اليت فيها يدرك القمر أو الكواكب متحركاً

اظر، وكان الناظر مع ذلك متحركاً، فإن الناظر إذا وإذا مل يتغري وضع املبصر عند البصر وعند جسم النوجد وضع املبصر منه يف احلال الثانية شبيهاً بوضعه منه يف احلال األوىل، ووجد املبصر مسامتاً له على

فإنه يدرك . مثل ما كانت مسامتته له، وكان الناظر حيس أنه قد انتقل عن املوضع األول الذي كان فيه بانتقاله، ألن البصر ليس يدرك مبصراً من املبصرات املألوفة ويدرك وضعه منه وضعاً ذلك املبصر منتقالً

واحداً ال يتغري ويكون الناظر مع ذلك متحركاً إال إذا كان ذلك املبصر متحركاً حركة مساوية حلركة ذلك ينظر إىل فلذلك إذا كان الناظر متحركاً، وكان مع. الناظر إليه ويف اجلهة اليت يتحرك إليها الناظر

القمر أو إىل كوكب من الكواكب، أدرك القمر والكوكب كأما متحركان معه حركة مساوية وكذلك أيضاً الغلط يف حركة القمر إذا أدركه الناظر من وراء السحاب الرقيق، فإنه يظن القمر . حلركته

و قياس القمر إىل أجزاء متحركاً حركة سريعة، وتكون علة غلطه هو تفاوت بعده، ويكون طريق غلطه ه .وقد ذكرنا هذا املعىن من قبل. السحاب

السكون وقد يعرض الغلط يف السكون أيضاً من اجل خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال، وهو ان املبصر إذا كان يتحرك حركة بطيئة، وكان البصر يدركه من بعد متفاوت، ومل يطل البصر النظر إىل ذلك

لبصر رمبا مل يدرك حركة ذلك املبصر، وإذا مل يدرك البصر حركة املبصر فإنه يظنه املبصر، وكان ذلك اوكذلك صار البصر إذا نظر إىل الكواكب أدركها يف احلال ساكنة ومل حيس حبركتها مع سرعة . ساكناً

وعلة هذا الغلط هو . وهذا الغلط هو غلط يف القياس ألن البصر إمنا يدرك السكون بالقياس. حركتها

ابن اهليثم-املناظر 263

خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر إذا كان على بعد معتدل، وكان متحركاً حركة مساوية حلركة الكوكب، فإن البصر يدرك حركته يف الزمان الذي ختفى فيه حركته من البعد املتفاوت

.الذي يدركه فيه ساكناً

ل النظر إليه ساكناً فإن ذلك ألن املبصر إذا فأما مل صار البصر يدرك املتحرك من البعد املتفاوت إذا مل يطكان على ب متفاوت مسرف التفاوت فإنه يقطع يف زمان حمسوس مسافة غري حمسوسة بالقياس إىل ذلك

البعد على أي صفة كانت حركته، مستقيمة كانت حركته أو مستديرة، أعين أنه قد يقطع يف زمان والبصر إمنا يدرك املبصر ساكناً إذا أدركه يف زمان .حمسوس مسافة ال يدركها البصر من ذلك البعد

وإذا كان املبصر يتحرك ويقطع . حمسوس على وضع واحد بالقياس إىل البصر أو إىل جسم من األجساميف زمان حمسوس مسافة غري حمسوسة من البعد املتفاوت، فإن البصر إذا نظر إىل املبصر الذي ذه الصفة

مل يثبت يف مقابلته إال زماناً يسرياً فإن املبصر يف ذلك القدر من الزمان قد يقطع من ذلك البعد املتفاوت ووإذا كان املبصر يقطع يف ذلك القدر من الزمان مسافة غري . مسافة غري حمسوسة بالقياس إىل ذلك البعد

ن الزمان حمسوسة بالقياس إىل ذلك البعد، كان البصر يدرك ذلك املبصر من ذلك البعد يف ذلك القدر معلى وضع واحد بالقياس إىل البصر نفسه ويظن أنه مل يتغري وضعه، وإذا أدرك البصر املبصر على وضع

واحد زماناً حمسوساً فهو يدركه ساكناً، فلهذه العلة صار البصر يدرك املبصر املتحرك من البعد املتفاوت .ساكناً إذا مل يطل النظر إليه

وذلك إذا أدرك البصر مبصراً من املبصرات من بعد . أيضاً على وجه آخروقد يعرض الغلط يف السكون متفاوت وكان ذلك املبصر متحركاً حركة على االستقامة يف مست املسافة املمتدة بني البصر وذلك املبصر

املوازية خلطوط الشعاع املمتدة إىل ذلك املبصر، ومل تكن حركة يف غاية السرعة، فإن البصر إذا أدرك بصر الذي على هذه الصفة فإنه يدركه يف احلال ساكناً وال حيس حبركته إن كانت حركته يف جهة امل

وذلك ألن البصر إمنا يدرك احلركة املستقيمة إذا أدرك املتحرك . التباعد أو إن كانت يف جهة التقاربامت أجساماً يسامت جسماً من األجسام وأدركه يسامت من ذلك اجلسم جزءاً بعد جزء، أو يدركه يس

ألنه إذا أدرك . خمتلفة جسماً بعد جسم، أو يدرك املسافة اليت يقطعها املتحرك يف حال إحساسه باحلركةاملسافة اليت يقطعها املتحرك فقد أدرك املتحرك مسامتاً للجزء من اجلسم املسامت ألول املسافة مث أدركه

.فعلى هذه الوجوه يدرك احلركة. مسامتاً للجزء من ذلك اجلسم املسامت آلخر تلك املسافة

وإذا كان املتحرك على بعد متفاوت، وكانت حركته على مست الشعاع املمتد إليه من البصر، وأدركه لن . البصر زماناً يسرياً، فإن البصر ال يدرك املسافة اليت قطعها ذلك املتحرك يف ذلك القدر من الزمان

ابن اهليثم-املناظر 264

لى مست واحد وعلى وضع واحد إذا كان متحركاً على البصر يدرك املتحرك الذي على هذه الصفة عوإذا كان املتحرك الذي ذه الصفة متحركاً على وجه . مست خطوط الشعاع املمتدة إليه من البصر

وليس يدرك البصر حركة املتحرك . األرض فإن البصر ال يدرك املسافة اليت حترك عليها لتفاوت البعدوليس حيس ببعده وقربه من البعد املتفاوت إال إذا . ه قد قرب أو قد بعدالذي ذه الصفة إال إذا أحس بأن

قطع مسافة مقتدرة، ألنه إن كانت حركته يف جهة التباعد فليس حيس حبركته إال إذا تصاغر مقداره أو أدرك املسافة اليت قطعها، وإن كانت حركته يف جهة التقارب فليس حيس حبكته إال إذا عظم مقداره أو

وليس يتصاغر مقدار املبصر بعد أن أدركه البصر من البعد املتفاوت وال يتعاظم . املسافة اليت قطعهاأدرك وال يدرك البصر أيضاً املسافة اليت يقطعها املبصر املتفاوت البعد إال إذا كانت . إال إذا قطع مسافة مقتدرة

مقابلته إال زماناً يسرياً، ومل تكن فإذا أدرك البصر املبصر الذي على هذه الصفة، ومل يثبت يف. مقتدرةحركته شديدة السرعة، فليس حيس البصر حبركته ألنه ليس يقطع يف الزمان اليسري مسافة مقتدرة يصح

.أن يدركها البصر من البعد املتفاوت أو يتصاغر أو يتعاظم

تحرك ساكناً فهو غالط يف وإذا مل حيس البصر حبركة املبصر فإنه يظنه ساكناً، وإذا أدرك البصر املبصر املوعلة هذا الغلط هو خروج بعد . سكونه، ويكون غلطاً يف القياس ألن السكون ليس يدرك إال بقياس

املبصر عن عرض االعتدال لن املبصر الذي ذه الصفة إذا كان على بعد معتدل، وكان على وجه األرض رك األجسام املرتبة اليت تسامت بعده، ويدرك أو مسامتاً جلسام مرتبة، فإن البصر يدرك وجه األرض، ويد

املسافة اليت يقطعها ذلك البصر املتحرك يف الزمان اليسري الذي يدرك يف مثله احلركات، إذا مل تكن حركته يف غاية البطء، ويدرك حركته على ما هي عليه إذا كانت املعاين الباقية اليت يف ذلك املبصر اليت ا

. ما هو عليه يف عرض االعتداليتم إدراك املبصر على

وذلك . اخلشونة وقد يعرض الغلط يف اخلشونة أيضاً من أجل خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال

فإن املزوقني يشبهون ما يزوقونه من الصور والتزاويق بأمثاهلا من األجسام . يكون كثرياً يف التزاويقاص املعينة والنبات واآلالت وسائر املبصرات اسمة املشاهدة، وقد يتأتون لتشبيه احليوانات واألشخ

وسائر املعاين اليت فيها بالصور املسطحة وفطنوا ملواضع التشبيه فهم يتلطفون يف ذلك باألصباغ والنقوش، فإذا صوروا صور احليوانات ذوات الشعر واجلشر والنبات ذوات الزغب واألوراق اخلشنة السطوح

ة اخلشونة فهم يشبهوا بالنقوش والتخاطيط واختالف األصباغ مبا يظهر من واجلمادات اخلشنة الظاهرخشونة سطوح تلك احليوانات وذلك النبات وتلك اجلمادات، وتكون الصور اليت يعملوا مع ذلك

وكذلك يصورون أشخاص الناس ويشبهون ختاطيط وجوههم وأجسامهم . مسطحة ملساً وصقيلة أيضاًملسام والغضون وتكاسري مالبسهم مبا يظهر للحس من صور أشخاص الناس وما فيها من الشعر وا

ابن اهليثم-املناظر 265

والبصر يدرك الصور املصورة شبيهة . وخشونة ما يظهر من أبشارهم بالشعر واملسام وتكاسري لباسهمفإذا أدرك البصر صورة مصورة على . بصورها اليت هي شبيهة ا كان مزوقها حذاقاً بصناعة التزاويق

شب أو على قرطاس، وكانت تلك الصورة من صور احليوانات ذوات الشعر واجلشر، حائط أو على خوكذلك إذا أدرك البصر صور النبات . فإن البصر يدرك الشعر منها كأنه شعر واجلشر منها كأنه جشر

اخلشنة األوراق فإنه يدركها كأا خشنة، وكذلك يدرك صور اجلمادات الظاهرة اخلشونة، وكذلك خاص الناس املصورة كأا صور جمسمة، وكان ما فيها من صور الشعر املتفرق شعر وما يدرك صور أش

فيها من الغضون كأنه غضون وما يف تكاسري اللباس اليت على الصور املصورة كأا تكاسري الثياب اليت .يلبسها الناس مع مالسة سطوح تلك الصور وصقاهلا

غالط يف خشونتها، وهذا الغلط هو غلط يف القياس ألن وإذا أدرك البصر الصورة امللساء خشنة فهو. وهذا الغلط قد يكون لعلة من العلل اليت من اجلها يعرض للبصر الغلط. اخلشونة إمنا تدرك بالقياس

فمنها ما تكون علته هو بعد الصورة عن البصر، وذلك أن الصورة املصورة اليت ذه الصفة ليس يتحقق أمل، وليس يتمكن البصر من تأملها إال إذا كانت قريبة من البصر شديدة القرب البصر مالستها إال بالت

منه، ألنه ليس يظهر تطامن سطح املبصر ومالسته بالتأمل إال من تأمل أجزاءه اليت يف غاية الصغر، وإذا كانت الصورة على بعد . واألجزاء اليت يف غاية الصغر ليس يدركها البصر إال من القرب الشديد

س يدرك منه البصر وضع األجزاء اليت يف غاية الصغر اليت يظنها من ذلك البعد أا شاخصة وخمتلفة لي .الوضع، وال يدرك استواء وضع مجيع أجزاء السطح، فليس يدرك مالسة سطح تلك الصورة

ب، وأيضاً فإن اخلشونة اليت تظهر للبصر يف سطوح الصور املصورة قد تظهر من بعد ليس يف غاية القروليس يدرك البصر مالسة سطوح الصور املصورة الشبيهة باملبصرات اخلشنة السطوح من صورة الضوء الذي يظهر يف سطوحها اليت يعرفها البصر يف سطوح املبصرات امللس إذا مل يتقدم العلم مبالسة سطوح

ر السطوح تلك الصور، ألن صور سطوح هذه الصور املصورة اليت تظهر للبصر خشنة هي أشبه بصواخلشنة من صورة الضوء اليت فيها بصور األضواء اليت يف السطوح امللس ملا قد تلطف يف املزوقون من

فليس يدرك البصر مالسة ما هذه صفته من الصور املصورة إال بالتأمل . شدة تشبيهها بالسطوح اخلشنةفإذا أدرك . ال بالقرب الشديدوليس يتمكن البصر من تأمل سطوح هذه الصور ويتحقق مالستها إ. احملقق

البصر صورة من هذه الصور من بعد مقتدر ليس يف غاية القرب من البصر فهو يدركها خشنة السطح والبعد املعتدل الذي منه يدرك البصر مالسة الصور اليت ذه الصفة هو البعد . وال يدرك مالستها يف احلال

.ستهااليسري الذي يظهر منه للبصر بالتأمل حقيقة مال

ابن اهليثم-املناظر 266

وقد يظهر صقال هذه الصور إذا كانت صقيلة من البعد املقتدر الذي تظهر منه خشونتها الغليظة، وذلك إال أن . إذا كان وضع سطح الصورة الوضع الذي ينعكس منه الضوء إىل البصر، الذي هو ملعان الصقال

ا خمتلفة الوضع، وكانت سطوح سطوح األجسام قد جيتمع فيها الصقال واخلشونة معاً، إذا كانت أجزاؤهاألجزاء املختلفة الوضع صقيلة، وكانت األجزاء الصقيلة متراصة ومتكاثفة كالشعر واألصداف وما جرى

وما هذه حاله . جمراها، فيكون السطح جبملته خشناً ويكون كل واحد من أجزائه املختلفة الوضع صقيالًوكثرياً ما . رك البصر صقاهلا مع اختالف وضع األجزاءمن السطوح إذا انعكس الضوء عنها إىل البصر، أد

يظهر الصقال يف سطوحاألجسام املشعرة واليت فيها أجزاء خمتلفة الوضع وتشتبه يف احلال على البصر أا .مشعرة أو أجزاؤها خمتلفة الوضع

ا قد تقرر وإذا كان ذلك كذلك فليس يتحقق البصر مالسة السطح إذا أدرك صقاله من بعد مقتدر معهميف النفس أن الصقال قد جيتمع مع اخلشونة، فليس يتحقق البصر مالسة ما هذه حاله من السطوح إال من

والصور املصورة املشبهة باملبصرات اخلشنة السطوح اليت تظهر خشونتها من البعد املقتدر . القرب الشديد. دها املعتدل الذي تدرك منه مالستهاليس يدرك البصر مالستها وصقاهلا إال من القرب الشديد، وهو بع

. والبعد املقتدر الذي يدرك منه خشونتها الغليظة هو بعد خارج عن االعتدال بالقياس إىل تلك الصورة

فالغلط الذي يعرض للبصر فيما يدركه من خشونة سطوح الصور املصورة اليت يشبهها املزوقون كانت على أبعاد مقتدرة ومل تكن شديدة القرب باملبصرات اخلشنة السطوح مع مالسة سطوحها، إذا

من البصر، إمنا هو من أجل خروج بعد تلك الصور عن عرض االعتدال الذي منه يدرك البصر مالسة تلك الصور، الذي هو املسافة القريبة من البصر، ألن تلك الصور إذا كانت قريبة من البصر الذي هو

أدرك البصر مالستها على ما هي عليه ومل يدركها خشنة ومل دها املعتدل الذي يدرك منه مالستها، .يعرض له الغلط يف خشونتها إذا كانت املعاين الباقية اليت فيها يف عرض االعتدال

وذلك ان . املالسة وقد يعرض الغلط يف املالسة أيضاً من أجل خروج بعد املبصر عن عرض االعتداللى بعد متفاوت فليس يظهر للبصر خشونته وإن مل يكن البعد املبصر الذي فيه خشونة يسرية إذا كان ع

وذلك ألن اخلشونة إمنا يدركها البصر من إدراكه الختالف وضع أجزاء سطح املبصر، . مسرف التفاوتوإذا كانت اخلشونة يسرية فإن أجزاء . أو من إدراك اختالف صورة الضوء الذي يكون يف سطح املبصر

وإذا كانت يف غاية الصغر مل تتميز للبصر، ومل يتميز . ع تكون يف غاية الصغرسطح املبصر املختلفة الوضوإذا كانت اخلشونة يسرية . اختالف أوضاعها للبصر من البعد املتفاوت، وإن مل يكن مسرف التفاوت

فإن االختالف الذي يف صورة الضوء يسرياً مل يظهر ذلك االختالف من البعد املتفاوت، ومل يفرق البصر . ني الضوء الذي يف ذلك السطح وبني صورة الضوء الذي يكون يف السطح األملس من البعد املتفاوتب

ابن اهليثم-املناظر 267

وإذا مل يدرك البصر اختالف أوضاع أجزاء املبصر، ومل يدرك اختالف صورة الضوء الذي يف سطح ا متشاة املبصر، مل يدرك خشونة املبصر، فهو يدرك ذلك املبصر كما يدرك األجسام امللس اليت سطوحه

فإذا أدرك البصر مبصراً من املبصرات اخلشنة . الوضع، وال يفرق بني السطح اخلشن وبني السطح األملسوإذا مل يدرك اخلشونة اليت يف سطح املبصر، . السطوح من البعد املتفاوت فليس يدرك اخلشونة اليت فيها

ته بصورة أمثاله من املبصرات امللس ويظنه ومل يكن بعد املبصر من البعاد املسرفة التفاوت، فهو يشبه صور .أملس إذا مل يتقدم علم الناظر خبشونة ذلك املبصر

والغلط يف املالسة هو غلط يف القياس لن املالسة . وإذا ظن البصر باخلشن أنه أملس فهو غالط يف مالستهاملبصرات اليت يف وعلة هذا الضغط هو خروج بعد ملبصر عن عرض االعتدال، لن . إمنا تدرك بالقياس

سطوحها خشنة إذا كانت على أبعاد معتدلة بالقياس إىل تلك املبصرات فإن البصر يدرك خشونتها وال .يدركها ملساً إذا كانت املعاين الباقية اليت يف تلك املبصرات يف عرض االعتدال

الشفيف

د املبصر عن عرض وقد يعرض الغلط يف الشفيف أيضاً على وجه من الوجوه من اجل خروج بعوذلك أن الناظر إذا قرب إىل إحدى عينيه جسماً كثيفاً دقيق احلجم كاخلاللة أو اإلبرة أو ما . االعتدال

جرى جمرى ذلك وستر العني األخرى، وكان قبالته جسم مسرف اللون كاحلائط األبيض أو غريه من س باملتفاوت، فإن البصر يدرك املقدار األجسام البيض ، وكان بعد احلائط من البصر بعداً مقتدراً ولي

الذي يدركه البصر من اجلسم املسفر اللون املقابل للبصر جزءاً عرضه العرض الذي يظهر لذلك اجلسم ومع ذلك فإن البصر يدرك اجلزء املستتر من اجلسم املسفر اللون املقابل له كما . الكثيف الدقيق احلجم

ويدرك ذلك اجلسم الدقيق احلجم إذا كان شديد القرب من يدرك األجسام من وراء اجلسم املشف، البصر كأنه مشف ألنه يدرك ما وراءه وأحس بأن الذي يدركه من ورائه هو غريه فهو يدرك ذلك

وإذا كان ذلك اجلسم كثيفاً وأدركه البصر مشفاً فهو غالط فيما يدركه من شفيفه، والغلط . اجلسم مشفاًوعلة هذا الغلط هو خروج بعد . ألن الشفيف ليس يدرك إال بالقياسيف الشفيف هو غلط يف القياس

املبصر عن عرض االعتدال باإلفراط يف القرب، ألن املبصر الدقيق احلجم إذا كان على بعد معتدل فإن .البصر يدركه كثيفاً وال يدرك ما وراءه إذا كانت املعاين اليت يف ذلك املبصر يف عرض االعتدال

رب اجلسم الكثيف الدقيق احلجم من البصر قرباً شديداً أدركه البصر مشفاً فإن ذلك لعلة فأما مل إذا قفأما عظم عرضه الذي . تتبني من بعد هذا القول، وحنن نبني هذا املعىن بياناً واضحاً يف املوضع الالئق به

ين العلة يف املبصر إذا يظهر للبصر عند قربه من البصر فإن للعلة اليت ذكرناها عند كالمنا يف العظم، أع .قرب من البصر قرباً شديداً أدركه البصر أعظم مما هو

ابن اهليثم-املناظر 268

وذلك أن اجلسم املشف الذي شفيفه . الكثافة وقد يعرض الغلط يف الكثافة أيضاً من أجل تفاوت البعديسري إذا كان لون قوي، وكان وراءه جسم متلون أو موضع مظلم، فإن البصر إذا أدركه من بعد

وذلك أن . فإنه يدركه كثيفاً وال يدرك شفيفه، إذا مل يتقدم علم الناظر بشفيف ذلك املبصرمتفاوت فإن . البصر إذا أدرك املبصر املشف من البعد املتفاوت، وكان املشف ذا لون قوي، فإن البصر يدرك لونه

جلسم املشف، كان وراءه جسم متلون أو مكان مظلم، وكان ذلك اللون أو تلك الظلمة تظهر من وراء افإنه يظهر ممتزجاً بلون اجلسم املشف، وال يتميز للبصر من البعد املتفاوت لون اجلسم املشف من اللون

فإذا كان اجلسم املشف ذا لون قوي ، وكان وراءه جسم متلون أو مكان مظلم، . الذي يظهر من ورائهفيفه، وإذا مل يتميز للبصر شفيفه وكان البصر يدرك ذلك املبصر من بعد متفاوت، فليس يتميز للبصر ش

.أدركه كثيفاً

وإذا أدرك البصر املبصر املشف كثيفاً فهو غالط يف كثافته، وهذا الغلط هو غلط يف القياس لن الكثافة إمنا وعلة هذا الغلط إمنا هو خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر املشف إذا . تدرك بالقياس

.إن البصر يدرك شفيفه إذا كانت املعاين الباقية اليت فيه يف عرض االعتدالكان على بعد معتدل ف

وذلك أن املبصر . الظل وقد يعرض الغلط يف الظل أيضاً من أجل خروج بعد املبصر عن عرض االعتدالالنقي البياض الفسيح األقطار كاجلدران البيض واملواضع من األرض النقية البياض، إذا كان يف تضاعيفها موضع أو مواضع ترابية اللون أو منكسفة اللون، وأشرق على املبصر الذي ذه الصفة ضوء الشمس أو

ضوء القمر أو ضوء النار، وأدركه البصر من بعد متفاوت، ومل يتقدم علم الناظر بذلك املبصر، فإن البصر يه ويدرك الضوء على يدرك الضوء الذي على املواضع البيض من ذلك املبصر ضوءاً مشرقاً وال يشك ف

.األجزاء الترابية واملنكسفة األلوان منكسراً

وإذا أدرك البصر الضوء يف بعض املواضع من اجلدران ومن سطح األرض منكسراً، فإنه رمبا ظنه من أجل انكساره ظالً، وأن الضوء الذي يف سطح ذلك اجلدار أو يف ذلك املوضع من األرض ليس مبتشابه،

ن املبصر الذي ذه الصفة فيما بني جدران وأشخاص حيتمل أن تكون تلك املواضع وخاصة إذا كاوإذا أدرك املواضع املضيئة اليت ال ظل عليها مستظلة فهو غالط فيما يدركه . املنكسفة والترابية أظالالً هلا

و خروج بعد وعلة هذا الغلط ه. وهذا الغلط هو غلط يف القياس ألن الظل يدرك بالقياس. من استظالهلااملبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر الذي ذه الصفة إذا كان على بعد معتدل فإن البصر يدرك ألوانه

على ما هي عليه ويدرك الضوء الذي فيه على ما هو عليه إذا كانت املعاين الباقية اليت فيه يف عرض .االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 269

وذلك أن املبصر إذا أدرك جداراً أبيض نقي . دوقد يعرض الغلط يف الظلمة أيضاً من أجل تفاوت البعالبياض من بعد متفاوت، وكان يف ذلك اجلدار جسم أسود كاملرايا اليت تكون يف احليطان وكاألبواب

اليت تتخذ من األخشاب السود، ومل يتقدم علم الناظر بذلك اجلدار وبتلك اجلسام السود، فإن البصر رمبا .كوى ومنافذ تفضي إىل مواضع مظلمة وأن ذلك السواد إمنا هو مظلمةظن بتلك األجسام السود أا

وإذا أدرك البصر اجلسم األسود ظلمة فهو غالط فيما يدركه من الظلمة، وهذا الغلط هو غلط يف القياس وعلة هذا الغلط هو خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر . ألن الظلمة إمنا تدرك بالقياس

الصفة إذا أدركه البصر من بعد معتدل فإنه يدركه على ما هو عليه ويدرك األجسام السود الذي ذه .أجساماً وال يعرض له الغلط يف مائيتها إذا كانت املعاين الباقية يف تلك املبصرات يف عرض االعتدال

ك أن وذل. احلسن وقد يعرض الغلط يف احلسن أيضاً من أجل خروج بعد املبصر عن عرض االعتدالاملبصر احلسن الصورة إذا كانت فيه وشوم أو غضون أو مسام أو آثار أو خشونة أو معان لطيفة تشني

حسنه وتكسف صورته، فإنه إذا بعد عن البصر بعداً ختفى منه تلك الوشوم وتلك املعاين اللطيفة وال ى منه املعاين اللطيفة اليت والبعد الذي ختف. يكون بعداً مسرفاً فإن صورته تظهر من ذلك البعد مستحسنة

تكون يف املبصر هو خارج عن االعتدال بالقياس إىل ذلك املبصر، ألن البعد املعتدل بالقياس إىل املبصر هو .البعد الذي يظهر منه مجيع املعاين اليت يف ذلك املبصر ويدرك منه املبصر على ما هو عليه

أدرك صورته خالية من املعاين اليت تشينه وتكسف وإذا أدرك البصر املبصر الذي ليس حبسن حسناً، ووهذا . حسنه، ومل يشك يف حسنه مع خفاء املعاين اللطيفة اليت فيه، فهو غالط فيما يدركه من حسنه

الغلط هو غلط يف القياس، ألن احلسن يدرك بالقياس، وألن هذا الغلط إمنا هو لتعويل البصر على املعاين وعلة هذا الغلط هو خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال، ألن . ائجهاالظاهرة فقط وسكونه إىل نت

املبصر الذي ذه الصفة إذا كان على بعد معتدل بالقياس إىل ذلك املبصر فإن البصر يدرك صورته غري .مستحسنة، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف ذلك املبصر يف عرض االعتدال

ن أجل خروج بعد املبصر إذا كان ذا لون غري مستحسن أو شكل غري القبح وقد يعرض الغلط يف القبح ممستحسن أو هيئة غري مستحسنة، أو جمموع ذلك، وكانت فيه نقوش وختاطيط وأجزاء صغار ومعان لطيفة، وكانت تلك التخاطيط وتلك املعاين الطيفة مستحسنة، وكان ذلك املبصر مستحسناً من أجل

لك املبصر إذا أدركه البصر من بعد خارج عن االعتدال ومل تظهر تلك املعاين تلك املعاين اليت فيه، فإن ذاليت فيه اليت منها يظهر حسنه فإن البصر يدرك ذلك املبصر قبيحاً غري مستحسن، ورمبا مل يشك يف قبحه،

.إذا مل يتقدم العلم مبا يف ذلك املبصر من احملاسن

ابن اهليثم-املناظر 270

من غري أن يستقرئ مجيع املعاين اليت فيه ومل يشك مع ذلك يف وإذا أدرك البصر املبصر املستحسن قبيحاًوهذا الغلط هو غلط يف القياس ألن القبح يدرك بالقياس وألن هذا .قبحه فهو غالط فيما يدركه من قبحه

الغلط هو من تعويل البصر على املعاين الظاهرة وسكونه إىل نتائجها مع خفاء املعاين اللطيفة اليت يف ذلك وعلة هذا الغلط هو خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر الذي ذه الصفة إذا . راملبص

أدركه البصر من بعد معتدل بالقياس إىل ذلك املبصر فإنه يدرك املعاين اللطيفة اليت تكون فيه إذا كانت اليت تكون فيه اليت ا حتسن وإذا أدرك البصر املعاين اللطيفة . املعاين الباقية اليت فيه يف عرض االعتدال

.صورته فإنه يدركه مستحسناً

التشابه وقد يعرض الغلط يف التشابه أيضاً من أجل خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال على الوجه وذلك أن املبصرين إذا كانت فيهما معان لطيفة خمتلفة، أو كانت فيهما أجزاء صغار خمتلفة . الذي تقدم

ضع أو يف املقدار أو يف جمموع ذلك، وكان املبصران مع ذلك متشاني يف اللون أو يف الشكل أو يف الويف مجلة الشكل أو يف العظم أ ويف جمموع ذلك، فإن البصر إذا أدرك املبصرين اللذين على هذه الصفة من

ا بشيء من بعد ختفى منه املعاين اللطيفة اليت خيتلفان فيها، ورمبا مل يشك يف تشاهما ومل حيكم هلموالبعد الذي ختفى منه املعاين اللطيفة اليت تكون يف املبصر هو بعد خارج عن االعتدال . االختالف

.بالقياس إىل ذلك املبصر

وإذا أدرك البصر املبصرين املختلفني بوجه من الوجوه متشاني على الطالق ومل يشك يف تشاهما فهو القياس ألن التشابه ليس يدرك بالقياس وألن هذا الغلط إمنا وهذا الغلط هو غلط يف. غالط يف تشاهما

وعلة هذا الغلط هو خروج بعد املبصر عن . هو لتعويل البصر على املعاين الظاهرة وسكونه إىل نتائجهاعرض االعتدال لن املبصرات اليت ذه الصفة إذا كانت على أبعاد معتدلة بالقياس إىل املبصرات فإن

رها على ما هي عليه، ويدرك االختالف الذي فيها وال يعرض له الغلط يف تشاها البصر يدرك صو .واختالفها، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف تلك املبصرات يف عرض االعتدال

وذلك . االختالف وقد يعرض الغلط يف االختالف أيضاً من أجل خروج بعد املبصر عن عرض االعتدالمتشاني يف معان لطيفة تكون فيهما، وكانا خمتلفني يف لونيهما أو شكليهما أو أن املبصرين إذا كانا

عظميهما أو يف املعاين الظاهرة اليت تكون فيهما، فإن ذينك املبصرين إذا أدركهما البصر من بعد ختفى فإن البصر يدرك منه املعاين اللطيفة اليت فيهما اليت يتشاان فيها ويظهر منه املعاين الظاهرة اليت فيهما،

ورمبا قطع باختالفهما ومل يشك يف ذلك إذا مل . ذينك املبصرين خمتلفني وال حيكم هلما بشيء من التشابهيدرك املعاين اليت يتشاان فيها يف حال إدراكهما وأدرك يف احلال املعاين اليت خيتلفان فيها، والبعد الذي

صر اليت ا يدرك حقيقة صورة املبصر هو بعد خارج عن ختفى منه املعاين اللطيفة اليت تكون يف املب

ابن اهليثم-املناظر 271

.االعتدال بالقياس إىل ذلك املبصر

وإذا أدرك البصر املبصرين املتشاني بوجه من الوجوه خمتلفني على اإلطالق، ومل حيس بشيء من هو غلط والغلط يف االختالف . تشاهما، ومل يشك يف اختالفهما، فهو غالط فيما يدركه من اختالفهما

يف القياس لن االختالف ليس يدرك إال بالقياس وألن هذا الغلط إمنا هو لتعويل البصر على املعاين الظاهرة وعلة هذا الغلط هو خروج بعد املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصرات . فقط وسكونه إىل نتائجها

ها ويدرك صورها على ما هي عليه اليت ذه الصفة إذا أدركها البصر من أبعاد معتدلة فإنه يدرك تشاوال يعرض له الغلط يف تشاها واختالفها إذا كانت املعاين الباقية اليت يف تلك املبصرات يف عرض

.االعتدال

فعلى هذه الصفات وأمثاهلا يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج أبعاد املبصرات عن عرض .االعتدال

وضع المبصرغلط البصر في القياس من أجل

عن عرض االعتدال

البعد

فأما كيف يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدال، إذا عرض الغلط يف مقدار البعد، فكالشخصني القائمني على وجه األرض إذا كانا على مست واحد بالقياس إىل

رك البصر، وكان أحدمها يستر بعض اآلخر، وكان البصر يدركهما مجيعاً، وكان البصر مع ذلك ال يدسطح األرض املتوسط منهما الستتار املسافة اليت بينهما بالشخص املتقدم منهما، فإن البصر يدرك

الشخصني اللذين ذه الصفة كأما متماسان أو متقاربان، وال حيس بالبعد بينهما، إذا مل يكن قد تقدم ت، وإن كان أبعدمها من علم الناظر بذينك الشخصني، ومل يكن رأى البعد الذي بينهما قبل ذلك الوق

.األبعاد املعتدلة إذا مل يكن شديد القرب من البصر

وهذا . وإذا أدرك البصر الشخصني املتباعدين متماسني أو متقاربني فهو غالط فيما يدركه من بعد أحدمهاوعلة هذا الغلط هو خروج وضع البعد الذي بني . الغلط هو غلط يف القياس ألن البعد يدرك بالقياس

ينك الشخصني عن عرض االعتدال بامتداده على استقامة مست خطوط الشعاع الذي ميتد إىل ذالشخصني، ألن الشخصني اللذين ذه الصفة إذا كان البعد الذي بينهما معترضاً وقاطعاً خلطوط الشعاع

اقية اليت يف فإن البصر يدرك البعد الذي بينهما ويدرك مقدار بعد كل واحد منهما إذا كانت املعاين الب .ذينك الشخصني يف عرض االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 272

وذلك أن . الوضع وقد يعرض الغلط يف وضع املبصر أيضاً من أجل خروج وضعه عن عرض االعتدالاملبصر إذا كان صغري احلجم، وكان خارجاً عن سهم الشعاع وبعيداً عن السهم، وكان البصر مع ذلك

ر الذي حيدق إليه، وكان سطح املبصر البعيد عن السهم حمدقاً إىل مبصر آخر وسهم الشعاع على املبصمائالً عن مست املواجهة ميالً يسرياً، أعين أن يكون سطح املبصر مائالً عن اخلط املتوهم الذي خيرج من

ذلك السطح إىل السهم املشترك ويكون عموداً عليه، ويكون ميله عن وضع هذا اخلط ميالً ليس يدرك ميل املبصر الذي ذه الصفة إذا كان بعيداً عن السهم وكان مع ذلك باملتفاوت، فإن البصر ليس

صغري احلجم، وال يفرق البصر بني وضع املبصر املائل عن مست املواجهة وبني املبصر الذي على مست املواجهة إذا كان املبصر خارجاً عن سهم الشعاع وبعيداً عنه وكان صغري احلجم، وذلك ألن املبصر

ن سهم الشعاع ليس يدرك البصر صورته إدراكاً حمققاً وال يتمكن من تأمله ومتييز وضع البعيد عسطوحه، وليس اخلط املعترض الذي حيد مست املواجهة موجوداً عند اإلبصار املألوف فيقيس البصر وضع

وضع سطح وإذا مل يتحقق البصر صورة املبصر ومل جيد أمارة ظاهرة يقيس ا. سطح املبصر يف احلال إليهاملبصر يف احلال، ومل يكن ميل املبصر يف احلال عن مست املواجهة ميالً متفاوتاً، فإنه يدرك ذلك املبصر

على مست املواجهة وال يفرق بني وضعه وبني وضع املبصرات اليت يدركها على مست املواجهة، ألن امليل ة املبصر وبالتأمل املستقصى، وإذا كان اليسري يف أوضاع املبصرات ليس يدركه البصر إال مع حتقق صور

البصر حمدقاً إىل مبصر آخر ومتأمالً له فليس يدرك املبصر اخلارج عن سهم الشعاع إدراكاً حمققاً وال .يتمكن من حتققه

الشكل وإذا أدرك البصر املبصر املائل عن مست املواجهة على مست املواجهة ومل يفرق بينه وبني املواجهة وعلة هذا الغلط هو . وهذا الغلط هو غلط يف القياس ألن الوضع يدرك بالقياس. وضعهفهو غالط يف

خروج وضع املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر إذا كان مقابالً لوسط البصر وكان على سهم بصر الشعاع أو قريباً منه فإن البصر يدرك وضعه على ما هو عليه إذا كانت املعاين الباقية اليت يف ذلك امل

.يف عرض االعتدال

وذلك أن . وقد يعرض الغلط يف شكل املبصر أيضاً من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدالاملبصر املستدير الشكل، كالطاس أو الكأس أو القصاع وما أشبه ذلك، إذا كان سطح استدارته مائالً

راً ال يدركه البصر، وكان ذلك املبصر خطوط الشعاع ميالً متفاوتاً، وكان أكثر جسم ذلك املبصر مستتخارجاً عن سهم الشعاع، وكان سهم الشعاع على مبصر آخر والناظر حمدق إىل ذلك املبصر اآلخر، ومل يكن قد تقدم علم الناظر مبائية ذلك املبصر وال أدرك البصر استدارة ذلك الشكل قبل ذلك الوقت، فإن

ابن اهليثم-املناظر 273

ملقعر الذي ذه الصفة يدركه مستطيالً إذا كان سطح استدارته البصر يف حال مالحظته للشكل املستدير امائالً على خطوط الشعاع ميالً متفاوتاً ومل يكن يف غاية القرب من البصر وكان خارجاً عن سم

.وإذا مل يكن قد تقدم علم الناظر باستدارته فإنه ال يشك يف استطالته. الشعاع

لصناديق املربعة وما أشبهها فإن سطوح أفواهها املربعة إذا وكذلك املبصر املربع األحرف كاحلياض واكانت خارجة عن مقابلة وسط البصر، فإن البصر يدركها مستطيلة، وإن كان بعدها من البعاد املعتدلة،

.إذا مل تكن قريبة من البصر

البصر فليس يتحقق وقد تقدم القول يف علة ذلك، وهي أن املبصر املائل املسرف امليل إذا مل يكن قريباً منالبصر مقدار ميله وإن كان بعده من األبعاد املعتدلة اليت يصح أن يدرك منها حقيقته إذا كان على غري

وإذا مل يتحقق البصر . ذلك املوضع، وأن املبصر اخلارج عن سهم الشعاع ليس يتحقق البصر صورتهل يدرك مقدار عرضه املائل أصغر من مقدار ميل املبصر فليس يدرك عرضه املائل على ما هو عليه، ب

وإذا أدرك البصر عرض املبصر أصغر من مقداره احلقيقي، وهو يدرك طوله املواجه على . مقداره احلقيقيمقداره احلقيقي، فإنه يدرك شكله من أجل اختالف مقداري طوله وعرضه مستطيالً إن كان مستديراً

عاً مستطيالً أدرك استطالته أكرب مما هي عليه إن كان فإن كان مرب. وإن كان مربعاً متساوي األضالععرضه هو املائل، وإن كان طوله هو املائل أدرك استطالته أقل مما هي عليه أو أدركه متساوي األضالع

وإذا أدرك البصر شكل املبصر على خالف ما هو عليه .إذا كان التفاضل الذي بني طوله وعرضه يسرياًوعلة هذا الغلط هو . ن غلطه غلطاً يف القياس ألن الشكل يدرك بالقياسفهو غالط يف شكله، ويكو

خروج وضع املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصرات اليت ذه الصفة إذا كان استدارا وتربيعها مواجهاً للبصر أو قريباً من املواجهة فإن البصر يدرك أشكاهلا على ما هي عليه إذا كانت املعاين الباقية اليت

وهذا املعىن بعينه هو غلط يف العظم أيضاً مع الغلط يف الشكل، لن املبصر . فيها يف عرض االعتدالاملستدير واملربع اللذين يدركهما البصر مستطيلني على الصفة اليت وصفناها إمنا يدركهما البصر مستطيلني

.و غالط يف عظمهمن أجل أنه يدرك مقدار عرض كل واحد منهما أصغر من مقداره احلقيقي فه

. وقد يعرض الغلط يف العظم من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدال على وجه آخر أيضاً

وذلك أن البصر إذا أدرك أشخاصاً قائمة على وجه األرض، وكانت تلك األشخاص متساوية ومتتالية ر إذا أدرك تلك وعلى مست واحد،وكان البصر على مستها وكان أرفع منها يف السمك، فإن البص

األشخاص، ومل يكن أدركها من قبل ذلك الوقت وال حيقق مقاديرها، ومل يكن تقدم علم الناظر بتساويها، فإن البصر يدركها يف احلال خمتلفة املقادير، ويدرك كل واحد منها أعظم من الذي قبله،

ابن اهليثم-املناظر 274

نت األشخاص على مست ألن البصر إذا كان أرفع من األشخاص القائمة وكا. ويدرك أبعدها أعظمهاواحد، وكان البصر على مستها، وكانت األشخاص متساوية، فإن كل واحد منها يستر بعض الشخص الذي وراءه، ويكون خط الشعاع الذي ميتد إىل طرف الشخص الثاين أرفع من خط الشعاع الذي ميتد

يكون أرفع من وكذلك خط الشعاع الذي ميتد إىل طرف الشخص الثالث. إىل طرف الشخص األولوقد تبني فيما تقدم أن البصر يدرك مسوت خطوط . خط الشعاع الذي ميتد إىل طرف الشخص الثاين

. الشعاع، فإذا أدرك البصر األشخاص اليت ذه الصفة فإنه يظن باملتأخر منها أنه أرفع من املتقدم

ظم منها يكون ارفع من واملألوف من األشخاص القائمة على وجه األرض إذا كانت خمتلفة أن األعفإذا أدرك البصر األشخاص القائمة على وجه األرض على املوضع الذي وصفناه، ووجد بعضها . األصغر

يف احلس أرفع من بعض، ومل يتقدم علمه بتساويها فإنه يظن باألرفع منها أنه أعظم، وإن كانت أبعادها .من البعاد املعتدلة

ية املقادير خمتلفة املقادير فهو غالط يف أعظامها، والغلط يف العظم هو وإذا أدرك البصر املبصرات املتساووالسبب الذي من اجله عرض الغلط يف هذا القياس هو اختالف أوضاع خطوط الشعاع . غلط يف القياس

اخلارجة إىل األشخاص اليت ذه الصفة واستمال القوة املميزة يف احلال أن ما هو أرفع فهو أعظم، وهذه والعلة اليت من أجلها عرض هذا السبب هو خروج وضع . مة إذا أخذت كلية كانت كاذبةاملقد

.األشخاص اليت ذه الصفة عن عرض االعتدال الذي منه يدرك تساويها حباسة البصر

والوضع املعتدل الذي منه يدرك البصر تساوي األشخاص القائمة على وجه األرض واختالفها إذا كانت ان البصر على مستها، هو أن يكون البصر على اخلط املستقيم الذي خيرج من طرف على مست واحد وك

وإذا كان مسطحاً فإن البصر، إذا كان . الشخص األول موازياً لسطح األرض اليت األشخاص قائمة عليهعلى اخلط املوازي لسطح األرض الذي مير بطرف الشخص األول، فإنه يدرك األشخاص الباقية اليت

ساوية له إذا كانت متساوية، ويكون إدراكه لتساويها إدراكاً صحيحاً، وإذا كانت خمتلفة أدرك وراءه مزيادة أحدها على اآلخر وأدرك اختالف مقاديرها، ويكون اختالف مقاديرها، ويكون إدراكه الختالف

مير بطرف وذلك أن البصر إذا كان على اخلط املوازي لسطح األرض الذي . مقاديرها إدراكاً صحيحاًالشخص األول، كان ذلك اخلط خط الشعاع الذي خيرج من البصر إىل طرف الشخص األول، ويكون

وإذا امتد اخلط الواحد من . هو بعينه ميد إىل أطراف األشخاص الباقية اليت وراءه إذا كانت متساويةت واحد أدرك خطوط الشعاع إىل أطراف مجيع األشخاص املتتالية القائمة على وجه األرض على مس

البصر تلك األشخاص متساوية االرتفاع، وإذا أدركها متساوية االرتفاع أدركها متساوية املقادير، وإذا كانت تلك األشخاص خمتلفة املقادير كانت خطوط . ويكون إدراكها لتساويها إدراكاً صحيحاً

ابن اهليثم-املناظر 275

وكان الشخص األول يستر الشعاع اليت خترج إىل أطرافها خمتلفة الوضع، وكان بعضها أرفع من بعض،وإذا كانت خطوط الشعاع اليت خترج إىل أطراف تلك األشخاص . من كل واحد منها مقداراً مساوياً له

وإذا كان الشخص . خمتلفة الوضع أدرك البصر تلك األشخاص خمتلفة االرتفاع وأدرك مقاديرها خمتلفة البصر زيادة كل واحد من تلك األول يستر بعض كل واحد من تلك األشخاص اليت وراءه أدرك

األشخاص على الشخص األول حبسب ما يظهر من زيادة مقداره على مقدار الشخص األول،ويكون .إدراكه الختالف مقادير األشخاص اليت ذه الصفة وملقادير اختالفها إدراكاً صحيحاً

على وجه األرض، إذا كانت على فغلط البصر يف اختالف مقادير األشخاص املتساوية املتتالية القائمة مست واحد وكان البصر أرفع منها، هو خروج وضعها عن عرض االعتدال، ألن االعتدال لوضع

األشخاص اليت ذه الصفة بالقياس إىل البصر الناظر إليها، الذي منه يدرك تساويها من قياس بعضها املوازي لسطح األرض الذي مير بطرف ببعض إدراكاً صحيحاً، هو أن يكون البصر على اخلط املستقيم

.الشخص األول

وذلك أن . العظم وقد يعرض الغلط يف التفرق أيضاً من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدالالبصر إذا كان ينظر إىل ألواح أو أخشاب أو أبواب، وكانت سطوح تلك األلواح أو األخشاب أو

وتاً، وكان يف تلك األلواح أو يف تلك األخشاب أو يف تلك األبواب نائلة على خطوط الشعاع ميالً متفااألبواب خطوط سود أو مظلمة اللون، فإن البصر رمبا ظن بتلك اخلطوط أا شقوق يف تلك األجسام، إذا مل يكن قد تقدم على الناظر بأا خطوط، وإن كان بعدها عن البصر من األبعاد املعتدلة اليت يدرك

وذلك ألن . إذا كانت على غري ذلك الوضع، إذا مل تكن شديدة القرب من البصرالبصر منها حقيقتهاسطح املبصر إذا كان مائالً على خطوط الشعاع ميالً متفاوتاً فإن التخاطيط واملعاين اليت تكون يف ذلك السطح ليس تكون بينة للبصر بياناً صحيحاً، وإذا كانت سطوح األلواح واألخشاب واألبواب ما جرى

جمراها مائلة على خطوط الشعاع ميالً متفاوتاً فليس يكون إدراك البصر للمعاين اليت يف سطوحها وإذا مل يدرك البصر املعاين اليت يف سطوح تلك األجسام إدراكاً . والتخاطيط اليت فيها إدراكاً صحيحاً

ت تلك اخلطوط سوداً أو حمققاً فليس يفرق بني اخلطوط اليت تكون فيها وبني الشقوق والتفرق، إذا كان .مظلمة األلوان ومل يكن قد تقدم علم الناظر بتلك اخلطوط

وعلة هذا الغلط هو خروج وضع تلك املبصرات عن عرض االعتدال، ألن تلك األجسام إذا كانت سطوحها مواجهة للبصر أو قريبة من املواجهة فإن البصر يدرك املعاين اليت فيها من ذلك البعد بعينه، إذا

كان من األبعاد املعتدلة وكانت املعاين الباقية اليت يف تلك األجسام يف عرض االعتدال، إدراكاً حمققاً،

ابن اهليثم-املناظر 276

ويدرك املعاين الباقية اليت يف تلك األجسام يف عرض االعتدال، إدراكاً حمققاً، ويدرك املعاين اليت فيها .اويدرك اخلطوط اليت فيها خطوطاً وال يعرض له الغلط يف شيء منه

وذلك أن . االتصال وقد يعرض الغلط يف االتصال أيضاً من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدالاحليطان واجلدران إذا أدركها البصر وكانت سطوحها القائمة على وجه األرض على خط واحد، صفة وكانت هذه السطوح ممتدة على استقامة خطوط الشعاع، وكان يف تضاعيف اجلدران اليت ذه ال

تفرق وكان بعضها منقطعاً عن بعض، وكان التفرق الذي بينهما ضيقاً، فإن البصر يدرك اجلدران اليت ألن عرض التفرق يكون على استقامة خطوط . على هذه الصفة متصلة وال حيس بالتفرق الذي فيها

جلدار األول الذي الشعاع، فال يدركه البصر وال يدرك البصر الفضاء الذي يف موضع التفرق الستتاره با. يلي البصر الذي سطحه على استقامة خط الشعاع وعلى استقامة عرض التفرق الذي يف سطح اجلدار

وكذلك إن اجلدار الثاين خارجاً عن مست اجلدار األول يف موضع التفرق فإن البصر حيس عند اجلدار كان سطح اجلدار األول وعرض التفرق الثاين بزاوية، وال حيس بالتفرق الذي بينه وبني اجلدار األول، إذا

.على مست خط الشعاع

وإذا أدرك املبصر املبصرات املتفرقة متصلة فهو غالط يف اتصاهلا، ويكون هذا الغلط غلطاً يف القياس ألن وعلة هذا الغلط هو خروج وضع املبصر عن عرض االعتدال، ألن اجلدران اليت . االتصال يدرك بالقياس

كانت مواجهة للبصر وكان التفرق الذي يف تضاعيفها مواجهاً للبصر أو قريباً من املواجهة ذه الصفة إذا .فإن البصر يدرك التفرق الذي فيها على ما هو عليه، إذا كانت املعاين الباقية اليت فيها يف عرض االعتدال

العدد

وذلك يظهر يف . تدالوقد يعرض الغلط يف العدد أيضاً من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعاملبصرات اليت تدرك بالبصرين معاً إذا كانت الشعاعات اليت خترج إىل كل واحد منها من البصرين خمتلفة

الوضع يف اجلهة على الوجه الذي تبني يف األشخاص اليت تثبت على اللوح الذي قدمنا وصفه إذا كان بني أن األشخاص اليت تثبت على اللوح الذي فإنه قد ت. البصر حمدقاً إىل الشخص الذي يف وسط اللوح

. وصفناه إذا كانت خارجة عن اخلط املعترض يف وسط اللوح وبعيدة عنه فإن كل واحد منها يرى اثنني

. فإذا أثبتت على اللوح عدة من األشخاص على غري اخلط املعترض فإن كل واحد منها يرى اثنني

بصرات اليت على وجه األرض، وكان بني البصر وبني ذلك وكذلك إذا كان البصر حمدقاً إىل مبصر من املاملبصر مبصرات أخر قريبة من البصر، أو كان املبصر الذي حيدق إليه البصر شخصاً قائماً على وجه

األرض أو مرتفعاً عن األرض، وكان من وراء ذلك الشخص أشخاص أخر بعيدة عنه، فإن البصر يدرك من املبصر الذي حيدق إليه كل واحد منها اثنني، ويدرك األشخاص اليت املبصرات اليت تكون أقرب إليه

ابن اهليثم-املناظر 277

.من وراء الشخص الذي حيدق غليه كل واحد منها اثنني

فإذا أدرك البصر املبصرات اليت ذه الصفة، ومل يكن قد تقدم علم الناظر بتلك املبصرات، فإنه يدرك عدد والغلط هو خروج . الطاً يف عدد تلك املبصراتما يدركه منها على هذه الصفة ضعف عددها فيكون غ

أوضاع تلك املبصرات عن عرض االعتدال باختالف وضع كل واحد منها عند البصرين واختالف أوضاع الشعاع اليت خترج من البصرين إىل كل واحد منها، ألن املبصرات اليت ذه الصفة إذا التقت

ددها على ما هو عليه إذا كانت املعاين الباقية اليت فيها يف عليها الشعاعات املتشاة الوضع أدرك البصر ع .عرض االعتدال

وذلك إذا . احلركة وقد يعرض الغلط يف احلركة أيضاً من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدالكان الناظر يف سفينة وكانت السفينة سائرة يف ر جار، وكان شطا النهر أو أحد شطيه قريباً من السفينة

حبيث يدركه البصر ويدرك ما فيه، وكان الناظر ينظر إىل السفينة أو إىل بعض املبصرات اليت يف السفينة وكان مع ذلك يرى شاطئ النهر ويرى ما فيه من الشجر والنخيل واجلدران، وكان حمدقاً إىل ما يف داخل

النهر من النخيل والشجر السفينة، وكانت السفينة شريعة السري، فإن البصر يرى مجيع ما على شاطئ .واجلدران والنبات وسائر ما فيها كأا تتحرك متصلة إىل ضد اجلهة اليت تتحرك إليها السفينة

وإذا أدرك البصر الساكن متحركاً فهو غالط فيما يدركه من حركته، وهذا الغلط هو غلط يف القياس لن ملبصرات عن عرض االعتدال ببعدها عن وعلة هذا الغلط هو خروج وضع تلك ا. احلركة تدرك بالقياس

سهم الشعاع عند حتديق الناظر إىل ما يف داخل السفينة، لن املبصرات اليت ذه الصفة اليت يدركها البصر متحركة إذا التفت الناظر إليها حىت تصري مواجهة وحترك سهم الشعاع عليها فإنه يدرك ما قابله منها

. املعاين الباقية اليت يف تلك املبصرات يف عرض االعتدالساكناً على ما هو عليه، إذا كانت

وذلك أن . السكون وقد يعرض الغلط يف السكون أيضاً من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدالحجر الرحى إذا كان دائراً وكان الناظر ينظر إىل مبصر من املبصرات غري الرحى وكان حمدقاً إىل ذلك

على ذلك املبصر، وكان حجر الرحى خارجاً عن سهم الشعاع وبعيداً عنه، املبصر وكان سهم الشعاعوكان البصر مع ذلك يدرك حجر الرحى، فإن البصر إذا أدرك الرحى على هذه الصفة وكانت الرحى

وذلك ألن حركة الرحى حركة سريعة، وحجر الرحى . متحركة فإنه يدركها ساكنة وال يدرك حركتهاوإذا . حترك حركة سريعة فليس تظهر حركته وتبدل أجزائه إال بالتأمل والتفقدمتشابه الصورة، فإذا

كانت الرحى خارجة عن سهم الشعاع وبعيدة عنه، وكان الناظر حمدقاً إىل مبصر آخر ومتأمالً لذلك املبصر اآلخر فإنه يف تلك احلال ليس يتمكن من تأمل حركة الرحى، وال تكون صورة الرحى وحركتها

وإذا كانت . بصر وال يظهر تبدل األجزاء للبصر يف تلك احلال إذا كانت الرحى بعيدة عن السهمبينة لل

ابن اهليثم-املناظر 278

حقيقة صورة الرحى واملعاين اليت فيها تكون غري بينة للبصر فليس يدرك البصر حركة الرحى يف تلك .احلال، وإذا مل يدرك حركة الرحى يف تلك احلال فإنه يظنها ساكنة

اجلسم املتحرك ساكناً فهو غالط فيما يدركه من سكونه فيكون هذا الغلط غلطاً يف وإذا أدرك البصروعلة هذا الغلط هو خروج وضع املبصر عن عرض االعتدال، ألن . القياس لن السكون يدرك بالقياس

الرحى إذا كانت مقابلة لوسط البصر، وكان سهم الشعاع متحركاً عليها، فإن البصر يدرك حركتها وال .ى عليه حركتها ، إذا كانت املعاين الباقية اليت فيها يف عرض االعتدالختف

اخلشونة وقد يعرض الغلط يف خشونة سطح املبصر أيضاً من أجل خروج وضع املبصر عن عرض وذلك ان الصور اليت يزوقها املزوقون، اليت قدمنا وصفها يف الفصل الذي قبل هذا، إذا كانت . االعتدال

خلشنة السطوح، وكانت مع ذلك صقيلة، فإن البصر يدركها خشنة مع مالستها صور املبصرات اوصقاهلا، إذا مل يكن وضعها من البصر الوضع الذي ينعكس منه الضوء إىل البصر الذي يظهر منه صقال

السطح وإذا كانت هذه الصورة قريبة من البصر وعلى بعد يصح أن يدرك منه صقاهلا ومالستها من وإذا كان وضع الصورة الوضع الذي ينعكس منه الضوء إىل البصر مع قرا من البصر . لالوضع املعتد

والوضع الذي ينعكس منه الضوء إىل البصر هو الوضع . ظهر صقاهلا ومل يعرض الغلط يف خشونتهاوالوضع الذي ال ينعكس منه الضوء إىل البصر هو . املعتدل الذي منه يدرك البصر صقال سطح املبصر

فإذا كان وضع سطح الصورة وضعاً ال ينعكس منه الضوء . خارج عن االعتدال يف إدراك الصقالوضع إىل البصر وال يظهر منه صقال الصورة، وكانت الصورة من صور املبصرات اخلشنة السطوح، فإن البصر

قاهلا يدرك تلك الصورة كأا خشنة السطح مع مالستها وصقاهلا من البعد الذي يصح ان يدرك منه صوليس يدرك البصر صقال الصورة اليت ذه الصفة ومالستها إال إذا كانت . ومالستها من الوضع املعتدل

وإذا مل يكن الناظر عارفاً . قريبة من البصر وكان وضعها مع ذلك وضعاً ينعكس منه الضوء إىل البصر .هابصناعة التزاويق ومل يتقدم علمه مبالسة الصورة فإنه ال يشك يف خشونت

والغلط يف اخلشونة هو غلط . وإذا أدرك البصر املبصر األملس خشناً فهو غالط فيما يدركه من خشونتهوعلة هذا الغلط هو خروج وضع املبصر عن عرض االعتدال، ألن . يف القياس ألن اخلشونة تدرك بالقياس

لبصر، وكانت الصورة مع الصور اليت ذه الصفة إذا غري الناظر وضع سطحها حىت تنعكس الصورة إىل اذلك قريبة من البصر، وكانت املعاين الباقية اليت يف تلك الصورة اليت ا يتم إدراك املبصرات على ما هي .عليه يف عرض العتدال، أدرك البصر مالستها وصقاهلا على ما هو عليه ومل يعرض له الغلط يف خشونتها

وذلك ان . أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدالاملالسة وقد يعرض الغلط يف املالسة أيضاً من

ابن اهليثم-املناظر 279

املبصر إذا كان سطحه خشناً وكانت خشونته يسرية، وكان خارجاً عن سهم الشعاع وبعيداً عنه، وكان البصر ناظراً إىل مبصر من املبصرات غري ذلك املبصر وسهم الشعاع على ذلك املبصر اآلخر، وكان البصر

لسطح، فإن البصر إذا أدرك املبصر على هذه الصفة، وكان سطحه خشناً مع ذلك يدرك املبصر اخلشن ا. وكانت خشونته يسرية، فإن البصر يدركه أملس إذا مل يكن قد تقدم علم الناظر خبشونة ذلك املبصر

وذلك ألن املبصر إذا كان خارجاً عن سم الشعاع وبعيداً عنه فليس يدرك البصر صورته إدراكاً حمققاً، واخلشونة اليسرية ليس يدركها البصر إال بالتأمل ومن حتقق . من تأمله ما دام حمدقاً إىل غريهوال يتمكن

فإذا كانت صورة السطح ملتبسة فإن البصر ال يدرك اخلشونة اليسرية اليت متون فيه، وال . صورة السطحبني صورة الضوء يدرك أيضاً حقيقة صورة الضوء الذي يف سطحه، وال يتميز له يف تلك احلال الفرق

الذي يف ذلك السطح وبني الضوء الذي يدركه يف السطوح امللس للتقارب الذي بينهما إذا كانت اخلشونة اليت يف السطح يسرية، وألن الصورة ليس تكون بينة للبصر إذا كانت خارجة عن سهم الشعاع

.وبعيدة عنه

ه أملس، وإذا أدرك السطح اخلشن أملس فهو وإذا مل يدرك البصر اخلشونة اليت يف سطح املبصر فإنه يظنوعلة هذا الغلط هو . غالط فيما يدركه من مالسته، وهذا الغلط هو يف القياس ألن املالسة تدرك بالقياس

خروج وضع املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر الذي ذه الصفة إذا كان مقابالً لوسط البصر، فإنه يدرك خشونته على ما هي عليه وال يدركه أملس، إذا وكان سهم الشعاع متحركاً على سطحه،

.كانت املعاين الباقية اليت فيه يف عرض االعتدال

الشفيف

وذلك . وقد يعرض الغلط يف الشفيف أيضاً ويف الكثافة من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدالها ضوء قوي فإن األواين والشراب الذي أن األواين املشفة إذا كان فيها شراب قوي اللون ومل يكن وراء

وإذا استشف الناظر أيضاً إناًء من هذه األواين وقابل . فيها تظهر كثيفة وال يظهر للبصر شيء من شفيفهابه الضوء القوي، فإنه إن كان الضوء القوي الذي وراءه خيرج إليه على خطوط قائمة على سطحه على

هر شفيفه ظهوراً بيناً، وإن كان الضوء الذي وراءه مائالً عنه وكان زوايا قائمة فإن الضوء ينفذ فيه ويظإشراقه على اإلناء من مسوت خطوط مائلة عليه فإن الضوء إما أن ال يظهر من ورائه وإما أن يظهر ظهوراً

وإذا أدرك مبصراً من هذه املبصرات على هذه الصفة وكان الضوء الذي يظهر من ورائه مائالً . ضعيفاًوإذا أدرك البصر شفيف اجلسم املشف أقل من شفيفه . فإنه يدرك شفيفه اقل من شفيفه احلقيقيعليه

ابن اهليثم-املناظر 280

.احلقيقي فهو غالط يف شفيفه

وإذا مل يظهر . وإذا استشف الناظر إناًء من هذه األواين ومل يكن الضوء الذي ورائه يف أكثر األحوالوإذا مل يظهر الضوء من . يس يدركه إال كثيفاًالضوء من ورائه فليس يدرك البصر شفيف ما هذه صفته ول

فإن مل يكن قد تقدم علم الناظر . ورائه فليس يدرك البصر شفيف ما هذه صفته وليس يدركه إال كثيفاًبشفيف ما يف ذلك اإلناء من الشراب فإنه ليس يشك يف كثافته فيظنه بعض األجسام السيالة اليت ليس

.مه بأنه شرابفيها شفيف إذا مل يكن قد سبق عل

وهذان الغلطان اللذان يف الشفيف والكثافة . وإذا أدرك البصر الشراب املشف كثيفاً فهو غالط يف كثافتهوعلة هذين الغلطني هو خروج وضع . مجيعاً مها غلطان يف القياس ألن الشفيف والكثافة يدركان بالقياس

إذا كان وراءها ضوء قوي وكان إشراق ذلك املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصرات اليت ذه الصفة الضوء عليها على مسوت خطوط هي أعمدة على سطوحها، وعلى خطوط قريبة من األعمدة ومائلة

والوضع املعتدل هلذه املبصرات . عليها ميالً ليس باملتفاوت، فإن البصر يدرك شفيفها على ما هي عليهليه هو الوضع الذي يكون فيه اجلسم من هذه الذي يدرك منه شفيف هذه املبصرات على ما هو ع

األجسام متوسطاً بني البصر وبني الضوء، ويكون الضوء الذي ينفذ فيه ويظهر من ورائه خارجاً إليه على والوضع الذي . مسوت خطوط قائمة على سطحه وما حييط ذه اخلطوط مما هو مائل عنه ميالً يسرياً

.عتدال يف إدراك شفيف هذه املبصراتخبالف هذه الصفة هو وضع خارج عن اال

وذلك أن املبصر . الظل وقد يعرض الغلط يف الظل أيضاً من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدالالنقي البياض كاجلدران املبيضة إذا كانت فيها مواضع غري مبيضة، وكانت تلك املواضع ترابية اللون،

ذه الصفة، وكان البصر ينظر إىل مبصر من املبصرات وأشرق ضوء الشمس على مجيع اجلدار الذيخارج ذلك اجلدار وبعيداً عنه، وكان البصر حمدقاً إىل ذلك املبصر ومتأمالً له وكان سهم الشعاع على

املبصر الذي إليه حيدق البصر، وكان اجلدار واملواضع الترابية منه بعيدة عن السهم، وكان البصر مع ذلك وإذا مل يكن قد تقدم علم الناظر بذلك . إنه يدرك تلك املواضع الترابية كأا أظالليدرك ذلك اجلدار، ف

اجلدار وبتلك املواضع، ومل يكن أدرك ذلك اجلدار قبل ذلك الوقت، فإنه رمبا ظن بتلك املواضع الترابية دركه البصر وذلك ألن املبصر اخلارج عن سهم الشعاع البعيد نه ليس ي. املنكسفة األلوان أا أظالل

والضوء إذا أشرق على املبصرات املختلفة األلوان فإن صورته تكون خمتلفة، وإذا أشرق . إدراكاً صحيحاًضوء الشمس على اجلدار النقي البياض الذي فيه مواضع ترابية فإن الضوء الذي حيصل على املواضع

املواضع الترابية يكون منكسفاً الشديدة البياض يكون شديد اإلشراق وقوياً، والضوء الذي حيصل على فإذا أدرك البصر املبصر الذي ذه الصفة وكان خارجاً عن سم الشعاع وبعيداً عنه فإنه . وشبيهاً بالظل

ابن اهليثم-املناظر 281

يدرك صورة الضوء الذي عليه خمتلفة، ويدرك املواضع النقية البياض شديدة اإلشراق ويدرك املواضع ظالل من تضاعيف األضواء، فإذا أدرك املواضع الترابية والبصر قد ألف األ. الترابية منكسفة الضوء

منكسفة الضوء، ومل يدرك صورا إدراكاً حمققاً من أجل بعدها عن السهم، ومل يتقدم علم الناظر بأا .ترابية، فإنه رمبا ظن بتلك املواضع أا أظالل

والغلط يف . فيما يدركه من الظلوإذا أدرك البصر املوضع املضيء الذي ال ظل فيه مستظالً فهو غالطوعلة هذا الغلط هو خروج وضع املبصر الذي ذه . الظل هو غلط يف القياس ألن الظل يدرك بالقياس

الصفة عن عرض االعتدال، ألن هذا املبصر بعينه إذا كان البصر مقابالً له، وكان سهم الشعاع متحركاً وء الذي فيه على ما هو عليه، وال يدركه مستظالً، إذا عليه، فإنه يدركه على ما هو عليه، ويدرك الض .كانت املعاين الباقية اليت فيه يف عرض االعتدال

الظلمة وكذلك إذا كان اجلدار وضعه هذا الوضع، وكان نقي البياض، وكانت فيه مواضع سود وأجسام معتدالً ال صريح ضوء سود كاملرايا اليت تكون يف احليطان، وكان الضوء الذي على ذلك اجلدار ضوءاً

الشمس، فإن البصر رمبا ظن بتلك األجسام السود وتلك املواضع أا كوى ومنافذ تفضي إىل مواضع .مظلمة إذا مل يكن قد تقدم علم الناظر بتلك األجسام السود

يكون وإذا ظن احلاس بسواد األجسام املصمتة أا كوى ومنافذ مظلمة فهو غالط فيما يظنه من الظلمة، ووعلة هذا الغلط هو خروج وضع املبصر عن عرض . غلطه غلطاً يف القياس ألن الظلمة تدرك بالقياس

االعتدال، ألن املبصر الذي ذه الصفة إذا كان مقابالً للبصر، وكان سهم الشعاع متحركاً على سطحه، ع مظلمة، إذا كانت املعاين فإنه يدرك األجسام السود اليت فيه أجساماً على ما هي عليه وال يظنها مواض

.الباقية اليت يف املبصر الذي ذه الصفة يف عرض االعتدال

وذلك أن . احلسن وقد يعرض الغلط يف احلسن أيضاً من أجل خروج وضع املبصر عن وضع االعتدالاملبصرات اليت ظواهر معانيها حسنة، إذا كانت فيها معان دقيقة تشينها وتكسف حسنها وتقبحها،

نمش واآلثار والكلف يف أشخاص الناس وكالزئرب واخلشونة يف الثياب الصقيلة وما جيري جمرى ذلك كاليف سائر املبصرات، إذا كان املبصر الذي ذه الصفة خارجاً عن سهم الشعاع وبعيداً عنه، وكان البصر

رك ذلك املبصر ناظراً إىل مبصر آخر وسهم الشعاع على ذلك املبصر اآلخر، وكان البصر مع ذلك يدألن البصر إذا أدرك املبصر . احلسن الصورة املقبح مبا فيه من املعاين الدقيقة، فإنه يدركه حسناً ال شني فيه

على الوضع الذي وصفناه فليس يدركه إدراكاً حمققاً، وإذا مل يدرك البصر املبصر الذي ذه الصفة إدراكاً ينه وتقبحه، وإذا مل يدرك املعاين اليت تقبحه وكانت املعاين حمققاً فليس يدرك املعاين اللطيفة اليت تش

ابن اهليثم-املناظر 282

.الظاهرة اليت فيه مستحسنة فإن البصر يدركه مستحسناً وال يشك يف حسنه وال حيس بشيء من قبحه

وإذا أدرك البصر املبصر القبيح الصورة حسناً فهو غالط يف حسنه، ويكون غلطه غلطاً يف القياس ألن وعلى . وألن هذا الغلط هو القتناع البصر باملقدمات الظاهرة وسكونه إىل نتائجهااحلسن يدرك بالقياس

هذا الغلط هو خروج وضع املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر الذي ذه الصفة إذا كان مقابالً يت لوسط البصر وكان سهم الشعاع متحركاً على سطحه فإنه يدركه إدراكاً حمققاً ويدرك مجيع املعاين ال

.تشينه ويدرك صورته مقبحة على ما هي عليه، إذا كانت املعاين اليت فيه يف عرض االعتدال

وذلك أن . القبح وقد يعرض الغلط يف القبح أيضاً من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدالشها األحجار واجلدران املنقوشة باحلفر واألخشاب واألبواب أيضاً املنقوشة باحلفر، إذا كانت نقو

مستحسنة وكانت ألواا وأشكاهلا غري مستحسنة، فإن البصر إذا أدرك املبصر من هذه وكان سطح ذلك فإن أدرك . املبصر مائالً على خطوط الشعاع ميالً متفاوتاً فإنه ال يدرك نقوشها ويدرك ألواا وأشكاهلا

ه، إذا كانت النقوش باحلفر شيئاً من ختاطيط نقوشها فليس يدركه على ما هو عليه وال يتحقق معانيوإذا مل يدرك البصر النقوش املستحسنة اليت يف املبصرات اليت ذه الصفة . وكان سطح املبصر شديد امليل

اليت ا تستحسن تلك املبصرات، أو مل يدرك النقوش املستحسنة إدراكاً حمققاً يفهم معه معانيها، فليس وإذا مل . والبصر مع ذلك يدرك ألواا وأشكاهلا املستقبحة. ايدرك حماسن تلك املبصرات وال حيس حبسنه

.يدرك البصر حماسن املبصر وأدرك مقاحبه فهو يدركه يف احلال قبيحاً

وإذا أدرك البصر املبصر احلسن قبيحاً فهو غالط يف قبحه، والغلط يف القبح هو غلط يف القياس ألن القبح وعلة هذا . تناع البصر باملقدمات الظاهرة وسكونه إىل نتائجهايدرك بالقياس وألن هذا الغلط هو الق

الغلط هو خروج وضع املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر الذي ذه الصفة إذا كان مواجهاً للبصر فإن البصر يدرك نقوشه على ما هي عليه، ويدرك حماسنه وال يشك يف حسنه، إذا كانت املعاين الباقية

.بصر يف عرض االعتدالاليت يف ذلك امل

وذلك أن . التشابه وقد يعرض الغلط يف التشابه أيضاً من أجل خروج وضع املبصر عن عرض االعتدالاملبصرات قد تتشابه يف املعاين الظاهرة كاللون والشكل واهليئة واجلنس وختتلف مع ذلك يف معان لطيفة،

قد ختتلف يف هيئة النسج ويف النقوش والتزايني فإن الثياب . كأنواع الثياب والفروش واألواين واآلالتوكذلك الفروش واألواين . اليت يتلطف فيها صناع الثياب، وتكون مع ذلك متشاة يف اجلنس ويف اللون

واآلالت قد تتشابه يف اجلنس ويف اللون ويف الشكل ويف اهليئة وختتلف مع ذلك يف النقوش والتحاسني بصر مبصرين من هذه املبصرات، وكانا من جنس واحد وكانا متشاني يف فإذا أدرك ال. اليت تكون فيها

ابن اهليثم-املناظر 283

اللون ويف الشكل ويف اهليئة، وكانا مع ذلك خمتلفني يف املعاين اللطيفة اليت وصفناها، وكان املبصران مجيعاً خارجني عن سهم الشعاع وبعيدين عنه ومتجاورين، وكان البصر حمدقاً إىل مبصر آخر على الصفة اليت

قد تكرر وصفها، فإن البصر يدرك من املبصرين اللذين ذه الصفة املعاين الظاهرة اليت يتشاان فيها وال يدرك املعاين اللطيفة اليت خيتلفان فيها وال حيس ا، ألنه ال يدرك صورة املبصر إذا كان على الوضع الذي

املعاين الظاهرة، ومل يدرك شيئاً من املعاين وإذا أدرك البصر تشابه املبصرين يف. وصفناه إدراكاً حمققاًاللطيفة اليت خيتلفان فيها، فهو يدركهما متشاني، فيحكم بتشاهما على اإلطالق وال حيكم هلما بشيء

.من االختالف، إذا مل يكن قد تقدم علم الناظر باملعاين اليت خيتلفان فيها

. مل حيس بشيء من اختالفهما ومل يشك يف تشاهماوإذا أدرك البصر املبصرين املختلفني متشاني و

والغلط يف التشابه هو غلط يف القياس ألن التشابه يدرك بالقياس، ألن هذا الغلط هو القتناع البصر وعلة هذا الغلط هو خروج وضع املبصرين اللذين ذه الصفة . باملقدمات الظاهرة وسكونه إىل نتائجها

رين اللذين ذه الصفة إذا كانا مقابلني لوسط البصر وكان سهم الشعاع عن عرض االعتدال، ألن املبصمتحركاً عليهما فإنه يدرك املعاين اللطيفة اليت تكون فيهما ويدركهما خمتلفني وال يعرض له الغلط يف

.اختالفهما إذا كانت املعاين اليت فيهما يف عرض االعتدال

لغلط يف االختالف إذا كان املبصران خمتلفني يف املعاين االختالف وعلى هذه الصفة بعينها قد يعرض ا .الظاهرة متشاني يف املعاين اللطيفة وكان البصر يدركهما على الوضع الذي وصفناه

فعلى هذه الصفات وأمثاهلا يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج أوضاع املبصرات عن عرض .االعتدال

االعتدالغلط البصر من أجل الخروج عن عرض

.غلط البصر يف القياس من أجل خروج الضوء الذي يف املبصر عن عرض االعتدال

البعد

فأما كيف يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج الضوء الذي يف املبصر عن عرض االعتدال تني للبصر، فكاملبصر الذي يدرك سواد الليل فارسني أو راجلني أو يمتني جمتازتني على مسافتني معترض

ويكون أحدمها متأخراً عن اآلخر، ويكون بعدمها عن البصر بعداً مقتدراً ومن اعاد املعتدلة، ويكون أحدمها أقرب إىل البصر من اآلخر وال يكون االختالف الذي بني بعديهما متفاوتاً، فإن البصر إذا أدرك

نهما حبسب ما يقتضيه تأخر أحدمها شخصني على هذه الصفة يف سواد الليل فإنه يدرك التفرق الذي بيعن اآلخر، ويدركهما كأما متحركان على مسافة واحدة معترضة، وال يدرك االختالف الذي بني

ابن اهليثم-املناظر 284

فلذلك ألن البصر إمنا يدرك اختالف أبعاد املبصرات . بعديهما إذا مل يكن أقرما شديد القرب من البصرادة بعضها على بعض، وإذا كان أحد البعدين يشبه إذا أدرك مقادير أبعاد تلك املبصرات وأدرك زي

ومقادير أبعاد املبصرات إمنا يدركها البصر إذا كانت أبعادها تسامت أجساماً مرتبة متصلة وكان . األخروإذا أدرك البصر املبصرين اللذين ذه الصفة يف سواد الليل . البصر يدرك تلك األجسام ويدرك مقاديرها

. املتوسط بينه وبينهما إدراكاً صحيحاً وال يتحقق مقداره من أجل ظلمة الليلفليس يدرك سطح األرض

وإذا مل يدرك سطح األرض يف تلك احلال إدراكاً صحيحاً، ومل يتحقق مقدار املسافة اليت بينه وبني ذينك تالف وإذا مل يدرك اخ. املبصرين، فليس يدرك زيادة بعد أحدمها على اآلخر وال يدرك اختالف بعديهما

بعديهما فإنه يظنهما متحركني على مسافة واحدة معترضة وإن بعديهما عنه متساويان وليس بني بعديهما .اختالف يعتد به وال يفرق بني بعد أبعدمها وبني بعد أقرما

وإذا أدرك البصر الشخصني املختلفي البعد كأما متساويا البعد فهو غالط يف بعد كل واحد منهما أو يف والغلط يف البعد ويف تساوي البعدين هو غلط يف القياس ألن . أحدمها وغالط يف تساوي بعديهمابعد

وعلة هذا الغلط هو خروج الضوء الذي يف املبصر عن عرض . البعد وتساوي األبعاد إمنا يدرك بالقياسكان منكشفاً ألن وجه األرض يف الليل مظلم وفيه مع ذلك ضوء يسري إذا . االعتدال بالنقصان املفرط

للسماء، وليس هو مظلماً بالكلية، ألن املواضع املظلمة بالكلية هي املواضع احملتجبة عن السماء كدواخل البيوت ودواخل املغائر، فأما املواضع املنكشفة للسماء فإن فيها ضوءاً يسرياً وه وضوء السماء و

الليل فهو يدركهما وال يدرك فإذا أدرك البصر الشخصني اللذين وصفنامها يف سواد. الكواكباالختالف الذي بني بعديهما، ألنه ال يدرك مقدار سطح األرض املتوسطة بينه وبينهما وال يتحقق مقداره

وإمنا يدرك الشخصني اللذين على هذه الصفة . لإلفراط يف نقصان الضوء الذي على وجه األرضالشخصني اللذين على هذه الصفة يف ضوء النهار، فإذا أدرك البصر . لتفرقهما وظهور السماء من ورائهما

وكان بعد أبعدمها من األبعاد املعتدلة، فإنه يدرك البعد الذي بينه وبني كل واحد منهما، ويدرك اختالف بعديهما، وال يعرض له الغلط يف بعديهما، إذا كانت املعاين اليت فيهما اليت ا يتم إدراك املبصرات على

.ض االعتدالما هي عليه يف عر

. الوضع وقد يعرض الغلط يف وضع املبصر أيضاً من أجل خروج الضوء الذي فيه عن عرض االعتدال

وذلك أن املبصر الذي يدركه البصر يف موضع مغدر شديد الغدرة وليس فيه إال ضوء بسري، إذا كان ار، فإن البصر ال يدرك سطحه مائالً على خطوط الشعاع ميالً ليس باملتفاوت، وكان مع ذلك صغري املقد

وذلك أن املبصر إذا أدركه البصر يف موضع . ميله بل يدركه كأنه مواجه كما يدرك املبصرات املواجهةمغدر شديد الغدرة فليس يدرك صورته إدراكاً حمققاً، وكان مع ذلك صغري احلجم، وكان سطحه مظلماً

ابن اهليثم-املناظر 285

تميز له هيئة وضعه وال حيس مبيله وإمنا يدركه ليس فيه إال ضوء يسري، فإمنا يدرك منه ظلمة فقط، وال توإذا مل . مقابالً له فقط، فهو يدركه كما يدرك املبصرات املواجهة وليس يفرق بينه وبني املبصر املواجه

.يفرق البصر بني وضع املبصر املائل وبني وضع املواجه فهو غالط يف وضعه

الشكل

وضع مغدر أو يف سواد الليل، وكان شكل املبصر شكالً مضلعاً وكذلك أيضاً إذا أدرك املبصر البصر يف مكثري األضالع، وكان ذلك املبصر صغري املقدار وكانت أقطاره مع ذلك متساوية، فإن البصر يدرك ذلك

وذلك ألن املبصر الكثري األضالع إذا كان صغري املقدار . املبصر مستديراً وال حيس بزواياه وأضالعهاً، وإذا كانت زواياه صغاراً ومل يكن الضوء الذي عليه قوياً فإن زواياه ختفى عن كانت زواياه صغار

البصر وإن مل ختف مجلته لصغر الزوايا، وألن املبصرات اليت يف غاية الصغر ختفى يف املواضع املغدرة اليت متساوية وكان يف فإذا كانت زوايا املبصر صغاراً وكانت أقطاره. قد تظهر فيها املبصرات املقتدرة احلجم

.موضع شديد الغدرة، فإن البصر يدركه مستديراً وال حيس بزواياه وأضالعه

وكذلك إن كان سطح املبصر كرياً أو كان فيه حتديب بأي شكل كان وكان حتديبه يسرياً، أو كان نه يدركه مقعراً وكان تقعريه يسرياً، وأدركه البصر يف موضع مغدر شديد الغدرة أو يف سواد الليل، فإ

مسطحاً وال حيس بتحديب احملدب وال تقعري املقعر إذا كان التحديب أو التقعري يسرياً وكان املوضع .شديد الغدرة

وإذا أدرك البصر املبصر املضلع مستديراً وأدرك احملدب واملقعر مسطحاً فهو غالط يف شكل كل واحد ي أغالط يف القياس ألن إدراك هذه املعاين والغلط يف الوضع ويف الشكل ويف هيئات السطوح ه. منهما

وعلة هذه األغالط هو خروج الضوء الذي يف املبصر عن عرض االعتدال، ألن . إمنا تكون بالقياساملبصرات املائلة واملضلعة واحملدبة واملقعرة إذا كان الضوء الذي عليها قوياً فإن البصر يدرك وضعها

.ي عليه إذا كانت املعاين الباقية اليت فيها يف عرض االعتدالوشكلها ويدرك هيئات سطوحها على ما ه

. الشكل وقد يعرض الغلط يف العظم أيضاً من أجل خروج الضوء الذي يف املبصر عن عرض االعتدال

وذلك أن البصر إذا نظر يف سواد الليل إىل شخص قائم كنخلة أو شجرة أو حائط، وكان من وراء ذلك ن الشخص أقرب إىل البصر من اجلبل أو اجلدار، وكان بني الشخص وبني الشخص جبل أو جدار، وكا

اجلبل أو اجلدار بعد مقتدر، فإن البصر يدرك ذلك الشخص يف سواد الليل كأنه يف ضمن ذلك اجلبل أو وذلك ألن البصر ال يدرك البعد الذي بني الشخص واجلبل أو اجلدار الذي وراءه يف . اجلدار أو مماس له

وإذا كان الشخص أقرب إىل البصر من اجلبل أو اجلدار فإن البصر يدرك رأس ذلك الشخص . يلسواد اللمسامتاً ملوضع من أعلى اجلبل أو اجلدار إما ذروته أو موضع من أعاله، ويكون املوضع الذي يدركه

ابن اهليثم-املناظر 286

ملقدار البصر من اجلبل أو اجلدار مع رأس ذلك الشخص أرفع من طول الشخص ورمبا كان أضعافاً كثرية وإذا أدرك البصر طرف الشخص . طول الشخص حبسب البعد الذي بني الشخص وبني اجلدار أو اجلبل

مع ذروة اجلبل أو اجلدار أو مع موضع منه أي موضع كان، وكان مع ذلك يظن بالشخص أنه جماور أو اجلدار للجبل أو اجلدار أو ملتصق به، فإنه يظن أن طول الشخص مساو الرتفاع املوضع من اجلبل

الذي يرى طرف الشخص مسامتاً له، ورمبا أدرك رأس الشخص أرفع من ذروة اجلبل أو اجلدار فيظنه .أطول منه

وإذا ظن البصر أن طول الشخص مساو الرتفاع اجلبل أو اجلدار الذي يراه من ورائه الذي بينه وبينه أو اجلدار، ويكون هذا الغلط غلطاً مسافة فهو غالط يف مقدار طول الشخص أو يف مقدار ارتفاع اجلبل

وعلة هذا الغلط هو خروج الضوء الذي يف الشخص ويف اجلبل أو . يف القياس ألن العظم يدرك بالقياساجلدار الذي وراءه عن عرض االعتدال باإلفراط يف النقصان، ألن الشخص الذي ذه الصفة إذا أدركه

ما هو عليه، ويدرك ارتفاع اجلبل أو اجلدار على ما هو البصر يف ضوء النهار فإنه يدرك ارتفاعه علىعليه، ويدرك البعد الذي بينهما على ما هو عليه، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف هذه املبصرات يف عرض

.االعتدال

ز ه

ذلك أن و. وقد يعرض الغلط يف التفرق أيضاً من أجل خروج الضوء الذي يف املبصر عن عرض االعتدالاألخشاب اجلسام إذا أراد النجار أن يشق منها ألواحاً فإنه خيط فيها خطوطاً مستقيمة بالسواد يف املواضع

فإذا أدرك البصر جسماً من هذه . اليت يريد شقها، فإذا شقها صارت مواضع اخلطوط شقوقاً نافذةع مغدر شديد الغدرة أو األجسام قبل أن تشق وكانت اخلطوط خمطوطة فيه، وأدركه البصر يف موض

أدركه يف الغلس، ومل يكن قد تقدم علم الناظر بذلك اجلسم، فإنه يظن بتلك اخلطوط السود أا تفرق وشقوق، وأن ذلك اجلسم هو عدة ألواح قد شقت وبعضها منطبق على بعض، ألن النجار إذا شق

ح اليت ذه الصفة فإنه يبقيها على األلواح قد شقت وبعضها منطبق على بعض، ألن النجار إذا شق األلواوإذا ظن البصر باجلسم الواحد املتصل أنه عدة أجسام . وضعها وال يفرق بينها إىل وقت احلاجة إليها

مضموم بعضها إىل بعض، وأن اخلطوط السود اليت فيه هي تفرق بني تلك األجسام إذا كانت واحداً وهو .يظنها مجاعة

ن املبصرات يف موضع مغدر شديد الغدرة أو يف سواد الليل، وكانت تلك وكذلك إذا أدرك البصر عدة م

ابن اهليثم-املناظر 287

املبصرات مظلمة األلوان ومتشاة األلوان، وكانت متضامة ومنطبقاً بعضها على بعض وكان التفرق والتماس الذي بينها ضيقاً خفياً، فإن البصر يدرك املبصرات اليت ذه الصفة كأا جسم واحد متصل وال

تفرق الذي بينها، ألن املعاين الدقيقة والتفرق اخلفي الضيق ليس يظهر للبصر يف املواضع الشديدة يدرك الوإذا كانت ألوان تلك املبصرات مظلمة كان مجلتها مظلماً ومل تتميز ظلمتها من . الغدرة ويف سواد الليل

جسماً واحداً متصالً فهو غالط وإذا أدرك البصر األجسام املتفرقة . ظلمة التفرق اخلفي الذي يف تضاعيفها .فيما يدركه من اتصاهلا، وغالط يف عددها أيضاً إذا كانت مجاعة وهو يظن أا واحد

وكذلك إذا كانت مبصرات صقيلة شديدة الصقال وكانت متضامة ومماساً بعضها لبعض، وكان التفرق وكانت سطوحها متشاة الوضع، بينها ضيقاً خفياً، وكانت تلك املبصرات مع ذلك متشاة يف اللون،

وأشرق على هذه املبصرات ضوء الشمس، وكان البصر ينظر إىل هذه املبصرات وضوء ا لشمس منعكس من سطوحها الصقيلة إىل البصر، فإن البصر إذا أدرك املبصرات اليت ذه الصفة منعكس من سطوحها إىل

وذلك أن سطح املبصر إذا كان . جسم واحد متصلالبصر فإنه ال يدرك التفرق الذي فيها ويظن ا أا صقيالً وانعكس الضوء منه إىل البصر ليس يدرك صورة ذلك السطح إدراكاً حمققاً، وال يدرك املعاين

فإن كان التفرق الذي بني املبصرات اليت ذه الصفة تفرقاً خفياً ضيقاً . الدقيقة اليت تكون يف ذلك السطحوإذا مل يدرك البصر التفرق . كاس الضوء من سطوح تلك املبصرات إىل البصرفإن البصر ال يدركه النع

.الذي بني تلك املبصرات فهو يظن ا أا جسم واحد متصل

وإذا ظن البصر باألجسام املتفرقة واملتماسة أا جسم واحد متصل فهو غالط فيما يدركه من اتصاهلا ال ويف العدد هو غلط يف القياس ألن التفرق واالتصال والغلط يف التفرق ويف االتص. وغالط يف عددها

وعلة هذه األغالط هو خروج الضوء الذي يف هذه املبصرات عن عرض . والعدد إمنا يدرك بالقياساالعتدال باإلفراط يف النقصان ويف الزيادة، ألن املبصرات اليت وصفناها إذا كان الضوء الذي عليها معتدالً

ق الذي فيها، ويدرك اتصال املتصل منها، ويدرك عددها، ويدرك مجيع املعاين اليت فإن البصر يدرك التفرفيها على ما هي عليه، وال يعرض له الغلط يف شيء منها، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف هذه املبصرات

.اليت ا يتم إدراك املبصرات على ما هي عليه يف عرض االعتدال

احلركة

وذلك أن البصر إذا أدرك يف سواد الليل . ط يف احلركة أيضاً من أجل نقصان الضوءوقد يعرض الغلشخصاً قائماً على وجه األرض، وكان ذلك الشخص ثابتاً يف موضعه غري متحرك، وكان من وراء ذلك

الشخص جبل أو جدار، وكان بني ذلك الشخص وبني اجلبل واجلدار بعد ما ليس باملتفاوت، وكان ال إدراك البصر له مسامتاً لطرف اجلبل أو اجلدار، مث حترك الناظر حنو اجلهة اليت فيها ذلك الشخص يف ح

ابن اهليثم-املناظر 288

اجلبل أو اجلدار على مسافة مائلة متباعدة ميلها عن الشخص ال يف جهة الشخص، وهو مع ذلك يدرك ذه الشخص ويدرك طرف اجلبل واجلدار املسامت للشخص، فإن الناظر إذا متادى يف احلركة على ه

الصفة فإن وضع ذلك الشخص مييل، ويصري خط الشعاع املتوهم بينه وبني البصر إذا امتد على استقامة وإذا انتهى البصر إىل هذا املوضع، وهو يدرك . ال ينتهي إىل طرف اجلبل أو اجلدار بل يكون مفارقاً له

جلبل أو اجلدار تفرقاً ذلك الشخص ويدرك طرف اجلبل أو اجلدار، فإنه يدرك بني الشخص وبني طرف اوليس يدرك البصر يف تلك احلال حقيقة مقدار البعد الذي بني . ما وتظهر له السماء من ذلك التفرق

الشخصني وبني اجلبل أو اجلدار، وال يدرك حقيقة وضع الشخص من ذلك اجلبل أو اجلدار، وإن مل يكن مث . ذي على وجه األرض يف سواد الليلالشخص متفاوت البعد عن البصر، لظلمة الليل وضعف الضوء ال

إذا متادى الناظر يف احلركة اتسع ذلك التفرق الذي يظهر له بني ذلك الشخص وبني اجلبل أو اجلدار، وأدركه البصر متمادياً يف االتسساع إذا كان الناظر متمادياً يف احلركة، وهو مستقر يف النفس أن اجلبل أو

دم علم الناظر بذلك الشخص وثبوته يف موضعه فإنه رمبا ظن بذلك وإذا مل يتق. اجلدار ليس يتحركالشخص أنه متحرك، وأن اتساع التفرق الذي يظهر بينه وبني اجلبل أو اجلدار ومتاديه يف االتساع إمنا هو

.وإذا أدرك البصر الشخص الساكن متحركاً فهو غالط فيما يدركه من حركته. للحركة

وذلك أن البصر إذا أدرك يف سواد . السكون أيضاً من أجل نقصان الضوءالسكون وقد يعرض الغلط يف وكذلك إذا أدرك يف الليل . الليل حجر الرحى وهو متحرك فإنه ال حيس حبركته بل يدركه كأنه ساكن

ويف الغلس جسماً متشابه األجزاء من بعد، وهو يتحرك حركة مستديرة أو يضطرب أو يرتعد، فإنه ال . وإذا أدرك البصر اجلسم املتحرك ساكناً فهو غالط يف سكونه. يدركه كأنه ساكنحيس حبركته بل

والغلط يف احلركة ويف السكون مجيعاً مها غلطان يف القياس، ألن احلركة والسكون يدركان بالقياس، ألن وعلة هذين الغلطني هو خروج الضوء الذي يف املبصر عن عرض . احلركة والسكون يدركان بالقياس

عتدال باإلفراط يف النقصان، ألن املبصرات اليت ذه الصفة إذا أدركها البصر يف الضوء املعتدل فإنه اال .يدرك حركاا وسكوا على ما هي عليه، إذا كانت املعاين الباقية اليت فيها عرض االعتدال

الذي يف املبصر عن اخلشونة واملالسة وقد يعرض الغلط يف اخلشونة واملالسة أيضاً من أجل خروج الضوءوذلك أن املبصرات اليت يدركها البصر يف املواضع املغدرة ويف سواد الليل إذا كانت . عرض االعتدال

وكذلك املبصرات اليت يف . سطوحها خشنة وكانت اخلشونة اليت فيها يسرية فإنه ال يدرك خشونتها املغدرة، وال يفرق البصر بني سطوحها ملس صقيلة ليس يدرك البصر مالستها وصقاهلا يف املواضع

وإذا مل . السطوح اخلشنة وبني السطوح امللس إذا أدركها يف املواضع املغدرة ويف الغلس ويف سواد الليلحيس البصر باملالسة واخلشونة فإنه رمبا ظن باألملس أنه خشن وباخلشن أنه أملس إذا شبه ذلك املبصر

ابن اهليثم-املناظر 289

وإذا ظن البصر باملبصر األملس انه . الفه يف املالسة واخلشونةمببصر آخر يشبهه يف املعاين الظاهرة وخي .خشن فهو غالط يف خشونته، وإذا ظن باخلشن أنه أملس فهو غالط يف مالسته

وكذلك أيضاً إذا أدرك البصر اجلسم املشف، وأدرك الضوء من ورائه، وكان الضوء الذي يظهر من شفيفه احلقيقي، وإذا أدرك شفيف اجلسم دون شفيفه ورائه يسرياً، فإنه يدرك شفيف ذلك اجلسم دون

وإذا أدرك البصر اجلسم املشف يف موضع مغدر شديد الغدرة فإنه ال يدرك . احلقيقي فهو غالط يف شفيفهوإذا ظن البصر باملشف انه . شفيفه، وإذا مل يدرك شفيفه فإنه يظنه كثيفاً إذا مل يتقدم علم الناظر بشفيفه

.كثافتهكثيف فهو غالط يف

والغلط يف اخلشونة واملالسة ويف الشفيف والكثافة هي أغالط يف القياس ألن اخلشونة والشفيف والكثافة وعلة هذه الغالط على الصفات اليت وصفناها هي خروج الضوء الذي يف هذه . إمنا تدرك بالقياس

ا أدركها البصر يف ضوء معتدل املبصرات عن عرض االعتدال باإلفراط يف النقصان، ألن هذه املبصرات إذفإنه يدرك اخلشونة يف اخلشن منها ويدرك املالسة يف األملس منها، ويدرك الشفيف يف املشف على ما هو

عليه ويدرك كثافة الكثيف، وال يعرض له الغلط يف شيء من هذه املعاين إذا كانت املعاين الباقية اليت يف .هذه املبصرات يف عرض االعتدال

وذلك . قد يعرض الغلط يف الظل أيضاً من اجل خروج الضوء الذي يف املبصر عن عرض االعتدالالظل وانه إذا كان يف بيت من البيوت حائط، وكان بعض ذلك احلائط أبيض أو ذا لون مسفر وكان بعضه

ائط أسود أو ذا لون مظلم، وكان الفصل الذي بني جزءي احلائط الذي ذه الصفة ممتداً يف ارتفاع احلوإذا كان احلائط الذي . وذلك يكون يف احليطان اليت توقد النار يف فنائها دائماً فيسود بعضها بالدخان

ذه الصفة يف صدر بيت وكان باب البيت مقابالً لذلك احلائط، وكان خارج البيت سراج يف ظلمة باب البيت وأشرق على ذلك الليل وكان السراج مقابالً لباب البيت وبعيداً عنه، ودخل ضوء السراج من

احلائط من بعد، وحصل الضوء على بعض اجلزء األبيض وبعض اجلزء األسود، وكان الضوء ضعيفاً من أجل بعد السراج، ونظر البصر إىل ذلك احلائط الذي ذه الصفة، فإنه رمبا ظن باجلزء األسود الذي عليه

وذلك ألن احلائط املقابل لباب البيت . ذلك املوضعالضوء انه ظل إذا مل يكن قد تقدم علم الناظر بسوادقد جرت العادة أن يستظل باحلائط املقابل له الذي فيه باب البيت، وإذا كان الضوء الذي على احلائط

ضعيفاً فليس يتميز للبصر السواد من الظلمة، وخاصة إذا كان اجلزء من احلائط ااور هلذا اجلزء أبيض أو صر من شأنه أن يشبه ما يدركه يف احلال مبا قد أدركه من أمثاله من قبل، فلذلك رمبا والب. مسفر اللون

ظن باحلائط األسود واملظلم اللون ااور للموضع األبيض واملسفر اللون انه مستظل، مع إشراق ضوء

ابن اهليثم-املناظر 290

فهو السراج عليه، إذا كان الضوء ضعيفاً، وإذا أدرك البصر اجلسم املضيء الذي ال ظل عليه مستظالً .غالط فيما يدركه من الظل

وكذلك إذا أدرك البصر يف سواد الليل حائطاً أبيض، وكان يف ذلك احلائط مواضع سود، وكان على ذلك احلائط ضوء خفي من ضوء مصباح، فإنه رمبا ظن باملواضع السود اليت يدركها يف ذلك احلائط أا

.تلك الثقوبكوى وثقوب، وان السواد الذي يظهر فيها هو ظلمة

والغلط . وإذا ظن البصر باجلسم املصمت األسود أنه مكان خال مظلم فهو غالط فيما يدركه من ظلمتهوعلة هذا الغلط هو خروج . يف الظل والظلمة هو غلط يف القياس، ألن الظل والظلمة تدركان بالقياسا البصر يف ضوء معتدل، ومن الضوء الذي يف املبصر عن عرض االعتدال، ألن هذه املبصرات إذا أدركه

ذلك البعد بعينه، فإنه يدركها على ما هي عليه وال يعرض له الغلط يف ظل ما ليس مبستظل وال يف ظلمة .ما ليس هو مظلماً، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف هذه املبصرات يف عرض االعتدال

احلسن

وذلك أن . ء الذي ويف املبصر عن عرض االعتدالوقد يعرض الغلط يف احلسن أيضاً من أجل خروج الضواملبصر احلسن الصورة إذا كانت فيه معان تشينه، ومل تكن تلك املعاين بكل الظاهرة بل كان فيها بعض

اللطافة أو بعض اخلفاء، وأدرك البصر ذلك املبصر يف الليل وقد أشرق على ذلك املبصر ضوء مصباح صر الذي ذه الصفة حسن الصورة وال يدرك شيئاً من معانيه اليت ضعيف الضوء، فإن البصر يدرك املب

وأمثال ذلك شخص جوارحه حسنة الصورة يف أشكاهلا وهيئاا وفيه مع ذلك زرقة يف عينيه أو . تشينه. شقرة يف شعره أو كلف يف وجهه أو آثار قروح أو منش يف بشرته أو جمموع ذلك أو جمموع بعضه

فإذا أدرك البصر إنساناً ذه الصفة يف . ين يشني صورة اإلنسان ويقبح حماسنهوكل واحد من هذه املعاالليل ويف ضوء مصباح ليس بقوي الضوء فإنه يدرك هيئة أعضائه وأشكال جوارحه املقبولة احلسنة

اجلملة، وال يدرك مع ذلك ما يف جوارحه من اآلثار، وال الشقرة والزرقة اللوايت تشينه وتقبح صورته وما أكثر ما يستحسن البصر يف . ف الضوء وألن املعاين اللطيفة ليس يدركها البصر إال يف ضوء قويلضع

وكذلك مجيع املبصرات . ضوء السراج إذا كان ضعيفاً ويف املواضع املغدرة أشخاصاً ليست مبستحسنةبصر حماسنها وال يدرك اليت حماسنها ظاهرة ومعانيها اليت تشينها وتقبحها خفية وليست بكل البينة يدرك ال

وإذا أدرك البصر حماسن الصورة ومل يدرك مقاحبها فإنه يدركها حسنة وال حيكم هلا بشيء من . مقاحبها .وإذا أدرك البصر الصور املشينة حسنة فهو غالط يف حسنها. القبح

عانيها الظاهرة وكذلك إذا أدرك البصر يف الليل ويف الضوء اخلفي ويف املواضع املغدرة املبصرات اليت مقبيحة وغري مستحسنة وحمسنة جلملة الصورة، فإنه يدركها قبيحة غري مستحسنة وال حيكم هلا بشيء من

ابن اهليثم-املناظر 291

.احلسن إذا مل يدرك احملاسن اللطيفة اليت فيها

والغلط يف احلسن ويف القبح هو غلط يف . وإذا أدرك البصر الصورة احلسنة قبيحة فهو غالط يف قبحهاسن والقبح يدركان بالقياس، وألن هذا الغلط الذي على هذه الصفة إمنا يكون لتعويل القياس ألن احل

البصر على املعاين الظاهرة فقط وسكونه إىل نتائجها من غري اعتبار مبا جيوز أن خيفى يف احلال عن البصر صرات اليت وعلة هذا الغلط هو خروج الضوء الذي يف املبصر عن عرض االعتدال، ألن املب. من املعاين

ذه الصفة إذا أدركها البصر يف الضوء املعتدل فإنه يدرك حماسن املستحسن منها ويدرك معايب املستقبح، وال يعرض له الغلط يف حسن املستحسن وال يف قبح املستقبح، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف

.هذه املبصرات يف عرض االعتدال

وذلك . ة بعينها قد يعرض للبصر الغلط يف التشابه واالختالف أيضاًالتشابه واالختالف وعلى هذه الصفأن البصر إذا أدرك شخصني يف موضع مغدر أو يف ضوء سراج ضعيف الضوء، وكان ذانك الشخصان متشاني يف املعاين الظاهرة اليت هي اللون والشكل واهليئة وأشكال أجزاء املبصر، وكان الشخصان مع

ن لطيفة كالزرقة والشهلة والشقرة والنمش والكلف واآلثار يف أشخاص الناس ذلك خمتلفني يف معاوكالنقوش والتخاطيط اللطيفة يف الثياب والفروش وسائر اآلالت وسائر اجلمادات، فإن البصر يدرك

الشخصني الذين ذه الصفة متشاني وال حيكم هلما بشيء من االختالف، ألنه ال يدرك املعاين اللطيفة وإذا أدرك البصر الشخصني املختلفني . فيهما يف املوضع املغدر ويف الضوء الضعيف اليت ا خيتلفاناليت

.متشاني على اإلطالق ومل حيكم هلما بشيء من االختالف فهو غالط يف تشاهما

ويف وكذلك إذا كان الشخصان خمتلفني يف املعاين الظاهرة، أعين يف اللون والشكل والعظم ويف اهليئةأشكال األجزاء وهيئاا، وكانا مع ذلك متشاني يف املعاين اللطيفة، فإن البصر إذا أدركهما يف موضع

مغدر ويف ضوء ضعيف فإنه يدرك الشخصني اللذين على هذه الصفة خمتلفني على اإلطالق وغري وإذا أدرك البصر . تشاان فيهامتشاني وال حيكم هلما بشيء من التشابه إذا مل يدرك املعاين اللطيفة اليت ي

.الشخصني املتشاني خمتلفني ومل حيكم هلما بشيء من التشابه فهو غالط يف اختالفهما

والغلط يف التشابه واالختالف هو غلط يف القياس، ألن التشابه واالختالف يدركان بالقياس، وألن هذا وعلة هذا الغلط هو خروج . وسكونه إىل نتائجهاالغلط إمنا هو لتعويل البصر على املعاين الظاهرة فقط

الضوء الذي يف هذه املبصرات عن عرض االعتدال بالنقصان، ألن املبصرات اليت ذه الصفة إذا أدركها البصر يف ضوء معتدل فإنه يدرك املتشابه منها متشااً واملختلف خمتلفاً، وال يعرض له الغلط يف تشابه

. املختلف، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف تلك املبصرات يف عرض االعتدالاملتشابه وال يف اختالف

ابن اهليثم-املناظر 292

فعلى هذه الصفات وأمثاهلا يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج الضوء الذي يف املبصرات عن .عرض االعتدال

غلط البصر من أجل خروج حجم المبصر

غلط البصر يف القياس من أجل خروج حجم املبصر عن عرض االعتدال البعد فأما كيف يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج حجم املبصر عن عرض االعتدال فكاملبصرين اللذين يكونان على وجه

صر يزيد األرض، ويكون بعدمها عن البصر بعداً مقتدراً، ويكونان متجاورين، ويكون بعد أحدمها عن البعلى بعد اآلخر مبقدار يسري ليس له قدر حمسوس عند مجلة البعد، وتكون املسافة من األرض املسامتة لبعد

املبصرين من املسافات اليت يدركها البصر ويتيقن مقدارها إال أا تكون من أعظم املسافات اليت يتيقن بصرين اللذين ذه الصفة فإنه يدرك فإن البصر إذا أدرك امل. البصر مقاديرها وال تكون من أصغرها

بعديهما متساويني وال حيس باالختالف الذي بني بعديهما، إذا كان االختالف يسرياً ليس له قدر .حمسوس عند مجلة البعد، وإن كان بعدامها من األبعاد املعتدلة املتينة املقدار

. ره مقدار له حمسوس النسبة إىل مجلة البعدوذلك ألن البعد املعتدل املتيقن املقدار هو الذي خيفى عند آخ

فإذا كان . وإذا كان ذلك كذلك فقد خيفى من البعد املعتدل مقدار ليس نسبته حمسوسة إىل مجلة البعدالبعد املعتدل من أعظم األبعاد املعتدلة فإن اجلزء منه الذي ليس له قدر حمسوس عند مجلته، إذا كان يف

لبصر، وإن كان ذلك اجلزء من املقادير اليت يدركها البصر من بعد أقرب من طرفه األبعد، فقد خيفى عن افإذا أدرك البصر مبصرين وكان بعدامها من أعظم األبعاد املعتدلة، وكان بعد أبعدمها يزيد . ذلك البعد

على بعد اآلخر مبقدار ليس له نسبة حمسوسة إىل مجلة البعد، فإن البصر يدرك ذينك املبصرين متساويي

.البعد باالختالف الذي بني بعديهما

وإذا أدرك البصر البعدين املختلفني متساويني فهو غالط يف تساوي بعديهما، ويكون هذا الغلط غلطاً يف وعلة هذا الغلط هو خروج مقدار التفاوت الذي بني . القياس ألن البعد وتساوي األبعاد يدرك بالقياس

الف بني البعدين إذا كان له مقدار مقتدر فإن البصر يدركه، البعدين عن عرض االعتدال، ألن االخت .ويدرك اختالف البعدين، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف ذينك املبصرين ويف بعديهما يف عرض االعتدال

الوضع

وذلك أن املبصر إذا . وقد يعرض الغلط يف وضع املبصر أيضاً من أجل خروج حجمه عن عرض االعتدال غاية الصغر وكان يف مقدار اخلردلة أو قريباً منها، وكان سطحه مع ذلك مسطحاً، فإن البصر إذا كان يف

أدرك املبصر الذي ذه الصفة، وكان سطحه مائالً عن خطوط الشعاع ميالً يسرياً، فإن البصر ال يدرك

ابن اهليثم-املناظر 293

هاً، بل إمنا يدركه يف ميله، وال يفرق بني وضعه إذا كان مائالً ميالً خفياً وبني وضعه إذا كان مواجوذلك أنا إذا تومهنا اخلط املستقيم املعترض الذي مير بوسط اية السطح املبصر . احلالتني كأنه مواجه

الذي يف غاية الصغر، الذي هو السطح املائل على خطوط الشعاع، ويكون هذا اخلط عموداً على السهم ي طريف اية السطح املائل عن هذا اخلط املعترض املشترك، وهو اخلط الذي حيد مست املواجهة، فإن بعد

وإذا كان ميل هذا السطح يسرياً، وكان مقدار املبصر يف غاية . يكون كل واحد منهما يف غاية الصغرالصغر، كان جمموع هذين البعدين يف حد من الصغر ليس للحس قدرة على إدراكه، وإن كان املبصر

وجمموع . ألجسام مرتبة، وكان بعده عن البصر من األبعاد املعتدلةعلى وجه األرض، وكان بعده مسامتاً وميل . هذين البعدين هو يساوي على التقريب الختالف بعدي طريف املبصر الذي ذه الصفة عن البصر

فإذا كان اختالف بعدي طريف املبصر غري . املبصر إمنا يدركه البصر من إدراكه الختالف بعدي طرفيهفإذا أدرك البصر املبصر الصغري احلجم الذي على هذه . ك البصر ميل ذلك املبصرحمسوس فليس يدر

.الصفة اليت وصفناها فليس يدرك ميله وال يفرق بني وضعه املائل وبني الوضع املواجه

وإذا تومهنا هذا املبصر ممتداً يف جهة التباعد والتقارب ومتزيداً يف السعة، فإن طرفيه يبعدان عن اخلط وإذا بعد طرفا املبصر الذي ذه الصفة عن اخلط املعترض فسينتهيان .ض ويتزيد بعدمها بتزيد املبصراملعتر

إىل حد يصري جمموع البعدين بل كل واحد منهما حمسوس القدر من ذلك البعد بعينه الذي لوسط املبصر، بعدي طريف السطح وجمموع. الذي ال يدرك منه البصر جمموع بعدي طريف املبصر الذي يف غاية الصغر

فإذا كان املبصر مقتدر احلجم، وكان سطحه مائالً . املائل هو اختالف بعدي طريف املبصر على التقريبعن مست املواجهة، فقد يدرك البصر ميله، وإن كان ميله مساوياً مليل املبصر الذي يف غاية الصغر الذي ال

وكان سطحه مسطحاً، وكان سطحه املسطح مائالً فإذا كان املبصر يف غاية الصغر، . يدرك البصر ميلهعن مست املواجهة ميالً يسرياً، فإن البصر ليس يدرك ميله يف أكثر األحوال، وإمنا يدركه كأنه مواجه

.للبصر

والغلط يف . وإذا أدرك البصر املبصر املائل مواجهاً ومل يفرق بني ميله وبني مواجهته فهو غالط يف وضعهوعلة هذا . والغلط يف الوضع هو غلط يف القياس ألن الوضع يدرك بالقياس. وضعهالوضع هو غلط يف

الغلط هو خروج مقدار حجم املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر املقتدر احلجم الذي ميله مثل ميل ري املبصر الصغري احلجم، إذا أدركه البصر من بعد معتدل مساو للبعد الذي ال يدرك منه ميل املبصر الصغاحلجم، فإنه يدرك ميله على ما هو عليه وال يعرض له الغلط يف وضعه، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف

.ذلك املبصر يف عرض االعتدال، كما تبني من الشرح الذي شرحناه اآلن

وذلك أن . الشكل وقد يعرض الغلط يف شكل املبصر أيضاً من أجل خروج حجمه عن عرض االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 294

ذي يف غاية الصغر كالذرة واخلردلة أو ما جرى جمرامها يف الصغر، وباجلملة أصغر املقادير اليت املبصر اليدركها البصر، إذا كان يف املبصر منها تضاريس وزوايا، فإن البصر ليس يدرك التضاريس والزوايا اليت

وذلك . يدركها البصرتكون فيها، وإن كان يدرك مجلتها، إذا كانت مجلة املبصر من أصغر املقادير اليتألن املبصر إذا كان من أصغر املقادير اليت يدركها البصر فأجزاؤه وخاصة الصغار منها هي من املقادير

وإذا مل يدرك البصر الزوايا والتضاريس اليت يف املبصر فليس يدرك شكله على ما . اليت ال يدركها البصر على شكل ال زوايا له وال زوائد، جسماً كان املبصر أو هو عليه، وإمنا يدركه مستديراً أو مستطيالً أو

.سطحاً من سطوح األجسام

وكذلك إن كان يف سطح املبصر الذي ذه الصفة حتديب يسري أو تقعري فإنه يدركه مسطحاً وال يتحقق .هيئة سطحه وال يفرق بني سطح احملدب واملقعر، إذا كان يف غاية الصغر، وبني السطح املسطح

ذا أدرك البصر شكل املبصر على خالف ما هو عليه فهو غالط يف شكله، والغلط يف الشكل على هذه وإوعلة هذا الغلط هو خروج حجم املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر إذا . الصفة هو غلط يف القياس

زوائد، وال كان مقتدر احلجم فإن البصر يدرك شكله على ما هو عليه، ويدرك ما فيه من الزوايا وال .يعرض له غلط يف شكله، إذا كانت املعاين الباقية اليت فيه يف عرض االعتدال

وذلك . الغظم وقد يعرض الغلط يف عظم املبصر أيضاً من أجل خروج عظم املبصر عن عرض االعتدالهما أو يف أن البصر إذا أدرك مبصرين من املبصرات معاً، وكان املبصران خمتلفني يف املقدار إما يف طولي

عرضيهما أو يف الطول والعرض معاً، وكان االختالف الذي بينهما يسرياً، فإن البصر رمبا ظن باملبصرين اللذين ذه الصفة أما متساويا املقدار وأنه ليس بينهما اختالف يف مقداريهما، وذلك لصغر مقدار

لبصر ليس يدرك االختالف الذي بني وا. االختالف الذي بني مقداري املبصرين اللذين يف غاية الصغر. املقادير إال إذا كان االختالف مقتدر احلجم، وكان مع ذلك مقتدر النسبة إىل كل واحد من املقدارين

ولو كان تساوي املقادير واختالفها . وكذلك ليس تتحقق مقادير األجسام إال بعد أن تقاس مبقياساً ال يقع فيه غلط على تصاريف األحوال الستغين عن تقدير ومقادير اختالفها يدركها البصر إدراكاً حمقق

.األجسام باملقاييس

والغلط يف . وإذا أدرك البصر املبصرين املختلفني متساويني فهو غالط يف مقداريهما أو يف مقدار أحدمهاض وعلة هذا الغلط هو خروج مقدار االختالف الذي بني املبصرين عن عر. املقدار هو غلط يف القياس

االعتدال بالتفاوت يف الصغر، ألن املبصرين املختلفني إذا كان االختالف الذي بني مقداريهما مقتدر .املساحة فإن البصر يدرك االختالف الذي بينهما إذا كانت املعاين الباقية اليت فيها يف عرض االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 295

ن اإلناء الزجاج إذا كان خالياً وذلك أ. التفرق وقد يعرض الغلط يف التفرق أيضاً من أجل الصغر املفرطوكان باطنه شعرة سوداء ملتصقة جبسم اإلناء، ونظر البصر إىل اإلناء، فإنه رمبا ظن بالشعرة أا صدع يف

وإمنا يعرض له هلذا الغلط لفرط دقة الشعرة، لنه إذا كان . الزجاج إذا مل يكن قد تقدم علمه بأا شعرة. جم ملتصق باإلناء من باطنه فليس يظنه البصر صدعاً يف الزجاجمكان الشعرة جسم غليظ مقتدر احل

.وإذا ظن البصر باإلناء الصحيح أنه مصدوع فهو غالط فيما يظنه من انصداعه

وقد يعرض الغلط يف االتصال أيضاً من أجل صغر احلجم وذلك أن األجسام املتضامة املنطبق بعضها على غاية الصغر غال تظهر للبصر وال حيس ا البصر، كأوراق الدفاتر بعض رمبا كانت الفصول اليت بينها يف

إذا كانت خمزومة مهندمة احلواشي فإن الفصول اليت بني كل ورقتني منها ليس يدركها البصر يف األكثر . لدقتها وضيقها، ويظهر مسك مجلة األوراق إذا كان مهندماً بعضها على بعض كأا جسم واحد متصل

ر مسك األوراق اليت ذه الصفة، وكانت مجلة الدفتر اليت تلك أراقه مستتراً، ومل يكن قد فإذا أدرك البصتقدم علم الناظر يف ذلك املوضع بشيء من الدفاتر، فإن البصر إذا أدرك مسك أوراق اليت ذه الصفة فإنه

. ك األوراق بعينهايظن أا جسم واحد متصل وال يشك يف ذلك إذا مل يكن قد تقدم علم الناظر حبال تل

وذلك إمنا هو للتفاوت املفرط يف دقة الفصول اليت بني األوراق إذا كانت شديدة االلتصاق بعضها وإذا أدرك البصر األوراق الكثرية املتضامة كأا جسم واحد متصل ومل حيس مبواضع انفصال . ببعض

.يضاًبعضها من بعض فهو غالط فيما يدركه من اتصاهلا وغالط يف عددها أ

. والغلط يف التفرق واالتصال ويف العدد هي أغالط القياس ألن التفرق واالتصال والعدد يدرك بالقياس

وعلة هذه األغالط هو خروج مواضع التفرق عن عرض االعتدال باإلفراط يف الدقة، ألن هذه املبصرات ملقدار فإن البصر يدركها على ما إذا كان التفرق الذي بينها واألجسام الدقاق اليت تشبه التفرق مقتدرة ا

.هي عليه إذا كانت املعاين الباقية اليت فيها يف عرض االعتدال

احلركة

وذلك أن البصر إذا أدرك مبصرين متحركني .وقد يعرض الغلط يف احلركة أيضاً من أجل الصغر املفرطتني املتشاتني، وكان اجلزءان على مسافتني متشاتني، وقطع املبصران يف زمان واحد جزء ين من املساف

اللذان قطعهما املبصران املتحركان خيتلفان مبقدار يسري يف غاية الصغر بالقياس إىل مجلة كل واحد من ذينيك اجلزء ين، فإن البصر يدرك احلركتني اللتني ذه الصفة متساويني وال يشك يف أن املتحركني الذين

ا مع ذلك خمتلفتان، لصغر التفاضل الذي بني املسافتني اللتني ذه الصفة متساويا احلركة، وحركتامه .قطعهما ذانك املتحركان

وإذا أدرك البصر احلركتني املختلفتني متساويتني فهو غالط يف تساويهما، والغلط يف احلركات ويف

ابن اهليثم-املناظر 296

وعلة . تساوي احلركات واختالفها هو غلط يف القياس ألن احلركات وتساويها واختالفها يدرك بالقياسهذا الغلط هو خروج التفاضل الذي بني املسافتني اللتني قطعهما املتحركان يف زمان واحد عن عرض

ألن املتحركني اللذين يقطعان مسافتني متشاتني يف زمان واحد، إذا كان التفاضل الذي بينهما . االعتداللك إذا كانت املعاين الباقية اليت يف مقتدر املساحة، فإن البصر يدرك اختالف حركتيهما وال يشتبه عليه ذ

.تينك املسافتني ويف ذينك املتحركني يف عرض االعتدال

وذلك أن البصر إذا أدرك . السكون واحلركة وقد يعرض الغلط يف السكون أيضاً من أجل الصغر املفرطواحد، بعوضة أو ذرة وكانت تلك البعوضة أو تلك الذرة يف غاية الصغر، وكانت ثابتة يف موضع

وكانت تلك البعوضة أو تلك الذرة مع ذلك حترك أعضاءها أو شيئاً من أعضائها، فإن البصر ليس يدرك وإذا مل يدرك البصر حركة أعضائها وكانت ثابتة يف موضع واحد فإنه يظنها . أعضائها يف أكثر األحوال

.ساكنة

من سكونه، ويكون ذلك غلطاً يف القياس وإذا أدرك البصر احليوان املتحرك ساكناً فهو غالط فيما يدركه وعلة هذا الغلط هو صغر أعضاء البعوض والذر وخروجها عن عرض . ألن السكون يدرك بالقياس

االعتدال باإلفراط يف الصغر، ألن احليوان املقتدر احلجم الذي أعضاؤه وال تشتبه حركتها عليه إذا كانت . االعتدالاملعاين الباقية اليت يف ذلك احليوان يف عرض

اخلشونة واملالسة وقد يعرض الغلط يف اخلشونة واملالسة من اجل الصغر املفرط وذلك أن املبصر إذا كان يف غاية الصغر كالبعوض أو عضو من أعضاء البعوض أو الذرة أو جزء من الذرة، فإن البصر إذا أدرك

كان خشناً وال مبالسته إن كان املبصر من هذه املبصرات فإنه ال حيس يئة سطحه وال خبشونته إنأملس، ألن اخلشونة واملالسة إمنا يدركها البصر من إدراكه ألجزاء السطح وإدراكه الختالف وضع

أجزائه أو تشابه أوضاعها، أو من إدراكه الختالف صورة الضوء الذي يظهر يف السطح أو تشابه أجزاء سطحه، وإذا مل يدرك البصر أجزاء وإذا كان املبصر يف غاية الصغر فليس يدرك البصر . صورته

السطح فليس حيس خبشونته وال مبالسته، فإن ظن البصر بشيء من هذه املبصرات أنه خشن فرمبا كان .أملس وإن ظن بشيء منها أنه أملس فرمبا كان خشناً

س وإذا كان ذلك كذلك فالبصر قد يغلط يف خشونة ما هذه صفته من املبصرات ويف مالسته إذا حدعلى خشونته ومالسته، فيكون غلطه غلطاً يف القياس ألنه ليس حيدس البصر على خشونة شيء من

األشياء وال على مالسته إال بأمارة يستدل ا على ما يظنه من خشونة ذلك املبصر أو مالسته، أو من و الصغر املفرط، ألن وعلة هذا الغلط إذا عرض للبصر إمنا ه. تشبيهه بغريه من املبصرات اخلشنة أو امللس

املبصر إذا كان مقتدر احلجم فإن البصر يدرك خشونته ومالسته على ما هي عليه إذا كانت املعاين اليت

ابن اهليثم-املناظر 297

.فيه عرض االعتدال

الشفيف فأما الشفيف فإن املبصر إذا كان يف غاية الصغر وكان ذلك من األحجار، وكان لونه شبيهاً ا ظنه من مجلة األحجار املشفة، وإن مل يكن مشفاً، إذا كان لونه بلون األحجار املشفة، فإن البصر رمب

وإمنا يتم على البصر هذا الغلط إذا مل يتمكن من . وصورته تشبه األحجار املشفة املتلونة كاجلواهر املشفةاستشفاف ذلك املبصر لصغر حجمه املفرط يف الصغر، وإذا مل يتمكن من استشفافه وعول على املعاين

. اليت هي اللون والصقال الذي يشبه ألوان اجلواهر املشفة وصقاهلا ظنه من مجلة األحجار املشفةالظاهرة

وذلك ان املبصر إذا كان يف غاية الصغر ويف . وقد يعرض الغلط يف الكثافة أيضاً من أجل الصغر املفرطمع ذلك منكسفاً، وكان مقدار جزء من أجزاء اخلردلة، وكان فيه شفيف يسري، وكان لونه قوياً وكان

على وجه األرض، فإن البصر إذا أدرك املبصر الذي ذه الصفة وهو على وجه األرض أو على جسم من األجسام الكثيفة فإنه ال يدرك الشفيف الذي فيه، ألنه إذا كان وراءه جسم كثيف فليس يظهر الضوء من

فإن لون اجلسم الذي وراءه والذي حتته إن وإذا كان يف غاية الصغر، وكان مع ذلك قوس اللون،. ورائهفليس . كان يشف من ورائه فليس يتميز للبصر لونه من لون ذلك اجلسم إذا كان اجلسم يف غاية الصغر

يدرك البصر شفيف اجلسم املفرط الصغر إذا كان مشفاً يف أكثر األحوال وكان مع ذلك متلوناً، وإذا مل اً وكان لونه منكسفاً وكان البصر يدركه ويدرك لونه فإن البصر يظهر شفيف اجلسم وكان اجلسم متلون

.يدركه كثيفاً

والغلط يف الشفيف ويف الكثافة مها . وإذا أدرك البصر املبصر املشف كثيفاً فهو غالط فيما يظنه من كثافته وصفناها وعلة هذين الغلطني على الوجوه اليت. غلطان يف القياس ألن الشفيف والكثافة يدركان بالقياس

هو الصغر املفرط املانع للبصر من تأمل أحوال املبصرات اليت ذه الصفة، ألن املبصر إذا كان مقتدر احلجم فإن البصر يدرك شفيفه إذا كان مشفاً، ويدرك كثافته إذا كان كثيفاً، إذا كانت املعاين الباقية اليت

.فيه يف عرض االعتدال

. الظل والظلمة أيضاً من أجل الصغر املفرط على وجه من الوجوهالظل والظلمة وقد يعرض الغلط يف

وذلك أن احليطان البيض واألبواب واألخشاب إذا كان فيها نقط سود أو منكسفة اللون، رمبا ظنها البصر ثقوباً صغاراً دقاقاً، وإذا كانت سوداً بذلك السواد أنه ظلمة دواخل تلك الثقوب، وإذا كانت

مل تكن شديدة السواد وكان على سطح ذلك اجلسم ضوء قوي ظن بذلك اللون أنه منكسفة األلوان و .دواخل الثقوب لن الضوء ال يصل إىل دواخل الثقوب يف أكثر األحوال

وإذا أدرك البصر النقط اليت ذه الصفة وظن أا ثقوب وأن سوادها إمنا هو ظلمة وأن ما كان منها

ابن اهليثم-املناظر 298

. لها فإنه غالط فيما يظنه من الظل والظلمة على هذه الصفةمنكسف اللون فهو للظل الذي يف داخ

وعلة هذا الغلط هو صغر مقادير تلك . ويكون غلطه غلطاً يف القياس ألن الظل والظلمة تدركان بالقياسالنقط، ألن النقط اليت تكون يف سطوح األجسام إذا كانت مقتدرة احلجم فإن البصر يدركها نقطاً وال

.إذا كانت املعاين الباقية اليت فيها يف عرض االعتداليعرض الغلط فيها

وذلك ان املبصر إذا كان . احلسن والقبح وقد يعرض الغلط يف احلسن والقبح أيضاً من أجل الصغر املفرطيف غاية الصغر وكان شكله شكالً مستقبحاً وكان ذا زوايا وزوائد يف غاية الصغر، أو كانت فيه معان

ة من وشوم ومنش ومسامري وأجزاء متميزة، وكانت تلك الزوايا وتلك الزوائد وتلك لطيفة يف غاية الدقاملعاين اللطيفة تقبح صورته وتشينه، وكانت تلك الزوايا والزوائد واملعاين اللطيفة اليت تشينه ختفى عن

رك البصر لفرط صغرها ودقتها، فإن البصر يدرك شكل املبصر وصورته على خالف ما هي عليه وال يدوإذا مل يدرك البصر املعاين اللطيفة اليت من أجلها تقبح . املعاين اللطيفة اليت تكون فيه اليت هو ا مستقبح

فإذا كان ما يظهر من شكل ذلك املبصر وما . صورة ذلك املبصر فليس يدرك البصر قبح ذلك املبصروإذا أدرك البصر املبصر . ناًيظهر من لونه ومن مجلة صورته مستحسناً فهو يدرك ذلك املبصر مستحس

.القبيح مستحسناً فهو غالط فيما يدركه من حسنه

وكذلك إذا كان املبصر يف غاية الصغر، وكان ظاهر صورته مستقبحاً، وكانت فيه معان لطيفة حتسن وإذا . صورته، وكان البصر ال يدرك تلك املعاين اللطيفة لفرط صغرها، فإن البصر يدرك املبصر مستقبحاً

كان ذلك املبصر حسن الصورة مبا فيه من املعاين اللطيفة، وكان ظاهر صورته مستقبحاً، وكان البصر يدرك صورته وال يدرك املعاين اللطيفة اليت فيه، ويظن من اجل ما يظهر من صورته انه قبيح الصورة فهو

.غالط فيما يظنه من قبحه

احلسن والقبح يدركان بالقياس، وألن هذا الغلط إمنا هو والغلط يف احلسن والقبح هو غلط يف القياس ألنوعلة هذا الغلط هو الصغر املفرط ألن البصر . لتعويل البصر على املعاين الظاهرة وسكونه إىل نتائجها

.املقتدر احلجم ليس خيفى عن البصر حماسنه ومقاحبه إذا كانت املعاين الباقية اليت فيه يف عرض االعتدال

ختالف وقد يعرض الغلط يف التشابه واالختالف أيضاً من أجل الصغر املفرط على هذا التشابه واالوذلك أن املبصرين إذا كانا يف غاية الصغر وكانا متساويني فيما يظهر من صورتيهما، وكان . الوجه

ذينك فيهما مع ذلك معان يف غاية اللطافة خيتلفان فيها، وكان البصر ال يدرك املعاين اللطيفة اليت يفاملبصرين اليت ا خيتلفان لفرط صغرها ولطافتها ويدرك ظاهر الصورتني، فإن البصر يظن بذينك املبصرين

وإذا أدرك البصر املبصرين املختلفني متشاني فهو . أما متشاان وال حيكم هلما بشيء من االختالف

ابن اهليثم-املناظر 299

.غالط يف تشاهما

يما يظهر من صورتيهما، وكان فيهما مع ذلك معان لطيفة وكذلك إذا كان املبصران خمتلفي الصورتني فيتشاان فيها، وكان البصر ال يدرك تلك املعاين الطيفة لفرط دقتها ولطافتها، ويدرك ظاهر الصورتني،

وإذا أدرك البصر املبصرين . فإن البصر يظن بذينك املبصرين أما خمتلفان وال حيكم هلما بشيء من التشابه .خمتلفني على اإلطالق فهو غالط فيما يظنه من اختالفهمااملتشاني

والغلط يف التشابه واالختالف هو غلك يف القياس، ألن التشابه واالختالف يدركان بالقياس وألن هذا وعلة هذا الغلط هو الصغر املفرط، لن . الغلط هو لتعويل البصر على املعاين الظاهرة وسكونه إىل نتائجها

انا مقتدري احلجم وكانا متشاني أو خمتلفني مبعان لطيفة تكون فيهما نظرية للمعاين اليت املبصرين إذا كتكون يف املبصر الذي يف غاية الصغر ومناسبة للمبصر املقتدر احلجم، فإن البصر يدرك تشابه املتشاني

.عتدالفيهما ويدرك اختالف املختلفني إذا كانت املعاين الباقية اليت فيهما يف عرض اال

فعلى هذه الصفات وأمثاهلا يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج حجم املبصر عن عرض .االعتدال، أو خروج حجم املعاين اليت يف املبصر عن عرض االعتدال

غلط البصر من أجل كثافة المبصر

رض االعتدال الوضع والبعد فأما كيف يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج كثافة املبصر عن عفكاملبصر املشف الشديد الشفيف النقي البياض، كالزجاج والبلور وما جرى جمرامها، إذا كان اجلسم من األجسام ذا مسك مقتدر، وكان سطحه مستوياً، وكان سطحه مائالً على خطوط الشعاع، وكان وراءه

فإذا كان . ئاً شديد اإلضاءةفإن البصر إذا أدرك املبصر الذي ذه الصفة فإنه يدركه مضي. ضوء قوياملبصر مرتفعاً عن سطح األرض، ومل يكن مماساً جلسم من األجسام الكثيفة، فإن البصر ال يتحقق ميل

وذلك ألن املبصر إذا . سطحه وال يدركه إال كما يدرك املبصر املواجه وال يتحرر له أيضاً هيئة سطحهالبصر إمنا يدرك الضوء الذي وراءه وال يدرك اجلسم كان يف غاية الشفيف، وكان وراءه ضوء قوي، فإن

وإذا كانت فيه كثافة يسرية فإنه يدركه ملا فيه من الكثافة، ولكن . املشف نفسه إذا كان يف غاية الشفيفوإذا أدركه إدراكاً غري حمقق فليس يتحقق وضعه وال يفرق البصر بني السطح املائل . إدراكاً غري حمقق

وإذا أدرك البصر السطح املائل مواجهاً فهو غالط يف وضعه ويف . بني السطح املواجهالذي ذه الصفة وبعد أطرافه أيضاً، ألن املائل تكون أبعاد أطرافه خمتلفة، واملواجه تكون أبعاد أطرافه متساوية، فإذا أدرك

.البصر املائل مواجهاً فهو يدرك األبعاد املختلفة متساوية

ح املبصر الذي ذه الصفة حمدباً حتديباً يسرياً أو مقعراً تقعرياً يسرياً، فإن الشكل وكذلك إذا كان سط

ابن اهليثم-املناظر 300

البصر ال يدرك حتديبه وال تقعريه، وال يفرق بني السطح احملدب واملقعر واملسطح، إذا كان اجلسم شديد وكان الضوء الشفيف ومل يكن فيه من الكثافة إال قدر يسري، وكان التحديب أو التقعري الذي فيه يسرياً،

الذي يظهر من ورائه قوياً، ألنه ال يتحقق صورة سطحه من أجل شدة شفيفه وقوة الضوء الذي يظهر وإذا مل يدرك البصر التحديب والتقعري الذي يف سطح املبصر، فيظن بسطح املبصر أنه مسطح، . من ورائه

.فهو غالط يف شكل السطح

العظم

ذي ذه الصفة، وكان سطحه مسطحاً ومائالً على خطوط الشعاع، وإذا أدرك البصر املبصر املشف الوأدركه البصر مواجهاً، فإنه يغلط يف عظم ذلك السطح أيضاً، ألن العظم إمنا يدركه البصر من قياس

العظم بالزاوية اليت يوترها ذلك العظم وببعد ذلك العظم، فإذا كان املبصر مائالً وأحس البصر مبيله أدرك وإذا أدرك املبصر املائل . ظم من مقدار املبصر املواجه الذي يوتر زاوية مساوية لتلك الزاويةمقداره أع

مواجهاً فهو يقيس عظمه بالزاوية اليت يوترها ذلك العظم وببعد أطرافه على أا متساوية، فيدرك عظمه .من أجل ذلك أصغر من مقداره احلقيقي

الذي ذه الصفة خط خمطوط يف سطحه من جسم كثيف التفرق واالتصال وإن كان يف اجلسم املشفمتلون، أو كان جزء من ذلك اجلسم كثيفاً وممتداً يف طوله أو عرضه، أو كان وراءه جسم كثيف ملتصق به كالعود وما جيري جمراه، وكان ذلك اخلط أو ذلك اجلزء أو ذلك العود مقتدر العرض، فإن البصر رمبا

الصفة أنه جسمان مفترقان، وأن اخلط الكثيف أو اجلزء الكثيف الذي ظن باجلسم املشف الذي ذهوذلك ألن شدة الضوء الذي يظهر من .يظهر يف سطحه هو جسم ثالث متوسط بني اجلسمني املشفني

فإذا ظهر يف سطح املبصر الذي . وراء اجلسم املشف مينع البصر من تأمل املعاين اليت تكون يف ذلك املبصروإذا ظن . ء مقتدر العرض وكان كثيفاً فإن البصر ال يتحقق مع ذلك اتصال اجلسم املشفذه الصفة جز

.البصر باجلسم املتصل أنه جسمان متفرقان فهو غالط فيما يدركه من التفرق وغالط يف العدد أيضاً

وكذلك إن كان املبصر املشف الذي ذه الصفة جسمني أو أكثر من جسمني منطبق أحدمها على ، وكانت سطوحها املنطبق بعضها على بعض يف غاية التشابه، فإن البصر ال يدرك االنفصال الذي اآلخر

.بني األجسام اليت ذه الصفة

وكذلك إن كان بني اجلسمني من هذه األجسام تفرق يسري، وكان اية التفرق الذي بينهما يف السطح ذي بينهما، ألن اية التفرق إذا كان يف السطح املائل على خطوط الشعاع، فإن البصر ال يدرك التفرق ال

املائل فليس يدرك البصر الضوء الذي من وراء التفرق وإمنا يدرك الضوء من وراء اجلسم املشف فال حيس .بالتفرق

ابن اهليثم-املناظر 301

وإذا مل يدرك البصر التفرق فإنه يظن باجلسمني أما جسم واحد متصل، وإذا ظن باجلسمني املتفرقني أو . رقة أا جسم واحد متصل فهو غالط فيما يدركه من االتصال وغالط يف عددها أيضاًاألجسام املتف

والغلط يف البعد ويف الوضع ويف الشكل ويف العظم ويف التفرق ويف االتصال ويف العدد هي أغالط يف ملبصر الذي وعلة هذه األغالط إمنا هو خروج الكثافة اليت يف ا. القياس ألن هذه املعاين إمنا تدرك بالقياس

ذه الصفة عن عرض االعتدال، لن املبصر الذي ذه الصفة إذا كان كثيفاً، أو كان مشفاً شفيفاً يسرياً وكانت يف كثافة قوية، مل يكن الضوء الذي يظهر من ورائه مسرف القوة، وإذا مل يكن الضوء الذي

إذا كان مائالً، ويدرك اختالف يظهر من وراء اجلسم املشف مسرف القوة فإن البصر يدرك ميل سطحه أبعاد أطرافه، ويدرك عظمه، ويدرك التفرق الذي يكون فيه إن كان فيه تفرق، ويدرك اتصاله إذا كان متصالً، ويدرك مجيع املعاين اليت فيه وال يعرض له الغلط يف شيء منها، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف

.ذلك اجلسم يف عرض االعتدال

احلركة

وذلك أن البصر إذا . وقد يعرض الغلط يف احلركة أيضاً من أجل خروج كثافة املبصر عن عرض االعتدالنظر إىل جسم مشف شديد الشفيف نقي البياض، وكانت أطراف ذلك اجلسم مستترة عن البصر، وهو

و مماساً له أن يكون البصر يدرك ذلك املبصر من ثقب أو من باب ضيق، وكان وراء اجلسم وقريباً منه أجسم خمتلف األلوان، وكان ذلك جلسم املختلف األلوان يتحرك حركة على االستدارة أو حركة

اضطراب أو حركة ترجح، أعين أن يتحرك يف جهة عرض املشف ويعود سريعاً إىل اجلهة اليت منها حترك، م الناظر بذلك اجلسم أنه فإن البصر إذا أدرك املبصر املشف على هذه الصفة فإنه إن مل يكن قد تقدم عل

وذلك لنه إذا مل يكن قد تقدم علم الناظر بشفيف ذلك اجلسم فإنه يظن . مشف فإنه يظن به أنه متحركبالضوء الذي يظهر من ورائه أنه لون ذلك اجلسم املشف وأنه كثيف، وإذا أدرك تبدل األلوان املختلفة

شف أو اختالف أوضاعها فإنه يظن أن تلك احلركة اليت يف اجلسم املتحرك الذي يظهر من وراء اجلسم املوإذا أدرك املبصر الساكن . وذلك التبدل إمنا هو حركة اجلسم الذي يدركه الذي يظنه كثيفاً متلوناً

.متحركاً فهو غالط يف حركته

وذلك أن البصر إذا أدرك جسماً من . وقد يعرض الغلط يف السكون أيضاً من اجل شدة الشفيفشفة الشديدة الشفيف، وكان ذلك اجلسم كرياً كالكرة البلور، وكانت تلك الكرة تتحرك األجسام امل

حركة مسديرة، وهي ان تكون يف يد إنسان وهو حيركها والناظر ال يعلم بتحريك احملرك هلا، فإن البصر كانت وذلك ألن الكرة اليت ذه الصفة إذا. يدرك الكرة اليت ذه الصفة ساكنة وال حيس حبركتها

وإذا كانت متحركة حركة . شديدة الشفيف، ومل يكن فيها شيء كثيف، فإا تكون متشاة األجزاء

ابن اهليثم-املناظر 302

. مستديرة وهي يف موضع واحد، فإن البصر ليس يدرك من ورائها إال اجلسم الواحد الذي هو وراءها

تشاة اجلزاء، وكان وإذا كانت الكرة م. واحلركة املستديرة إمنا يدركها البصر من تبدل أجزاء املبصراجلسم الذي يظهر من ورائها واحداً ويف موضع واحد، فليس يدرك البصر تبدل أجزائها، وإذا مل يدرك

وإذا أدرك البصر املبصر . تبدل أجزائها فليس يدرك حركتها، وإذا مل يدرك حركتها فهو يظنها ساكنة .املتحرك ساكناً فهو غالط يف سكونه

وعلة هذا . السكون مها غلطان يف القياس ألن احلركة والسكون يدركان بالقياسوالغلط يف احلركة ويفالغلط يف احلركة اليت على الصفة اليت وصفناها ويف السكون الذي وصفناه هو شدة شفيف اجلسم، ألن

ه اجلسم إذا كان كثيفاُ أو كان مشفاً وكان شفيفه يسرياً وكثافته قوية فإن البصر يدركه على ما هو عليوإذا متيز للبصر لون اجلسم املشف من لون . ويدرك شفيفه ويتميز له لونه من لون اجلسم الذي وراءه

اجلسم الذي وراءه وكان اجلسم الذي وراءه متحركاً واملشف ساكناً أو كان الذي وراءه ساكناً واملشف ليت يف ذلك اجلسم املشف يف متحركاً فإنه حيس حبركة املتحرك وسكون الساكن إذا كانت املعاين الباقية ا

.عرض االعتدال

وذلك أن املبصر . اخلشونة واملالسة وقد يعرض الغلط يف اخلشونة واملالسة أيضاً من أجل شدة الشفيفإذا كان يف غاية الشفيف، وكان وراءه ضوء قوي، وكان البصر يدرك ذلك املبصر ويدرك الضوء القوي

املبصر خشونة، فإن البصر ال يدرك اخلشونة اليت تكون يف الذي يظهر من ورائه، وكان يف سطح ذلكوإن كان سطح ذلك املبصر أملس، . وكذلك عن كان سطحه أملس فإن البصر ال يدرك مالسته. سطحه

وكان الضوء الذي يظهر من ورائه خمتلف الصورة، وذلك بان يكون جسم قائم على جسم خمتلف خشونة ظاهرة اعين اجلسم الذي عليه الضوء، فإن البصر رمبا األلوان صغاراً، ويكون ذلك اجلسم خشناً

وإذا ظن به انه خشن . ظن باملبصر الذي على هذه الصفة أن سطحه خشن، وال تكون فيه خشونة وإذا كان سطح املبصر خشناً، ومل حيس . السطح، ومل تكن فيه خشونة، فهو غالط فيما يظنه من خشونته

وإذا ظن البصر باجلسم اخلشن أنه أملس فهو . هر من ورائه، فإنه يظنه أملسخبشونته لقوة الضوء الذي يظ .غالط يف مالسته

وعلة هذا . والغلط يف اخلشونة ويف املالسة هو غلط يف القياس لن اخلشونة واملالسة يدركان بالقياسوية، إذا كان الغلط هو خروج كثافة املبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصر الكثيف والذي فيه كثافة ق

فيه خشونة أو كان فيه مالسة، فإن البصر يدرك خشونة اخلشن ومالسة األملس إذا كانت املعاين الباقية .اليت يف ذلك املبصر يف عرض االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 303

وذلك أن املبصر املشف التقي . الشفيف وقد يعرض الغلط يف الشفيف أيضاً من أجل فرط الشفيفآخر مشف وكان الثاين ضعيف الشفيف وكان مع ذلك ذا لون قوي البياض، إذا كان وراءه جسم

مشرق، وكان مع ذلك لون قوي مشرق، وكان اجلسم الثاين ملتصقاً باجلسم األول، فإن البصر يدرك اجلسمني اللذين ذه الصفة كأما جسم واحد، ويدرك اجلسم األول متلوناً بلون اجلسم الثاين، ويدرك

وهذا املعىن يوجد كثرياً يف الزجاج . ل شفيف اجلسم الثاين إذا كان ملتصقاً بهشفيف اجلسم األول كمثاملطبق بعضه على بعض، ويف الفصوص املتخذة من الزجاج املطبق بعضه على بعض، ويف الفصوص

وذلك ألن . املتخذة من الزجاج املطبق بعضها على بعض، إذا كان أحدها متلوناً واآلخر نقي البياضل إذا كان شديد الشفيف، وكان الثاين ضعيف الشفيف، وكان مع ذلك متلوناً بلون قوي، اجلسم األو

وقد . فإن البصر يدرك الثاين وال حيس باألول لفرط شفيفه، وتظهر مجلة اجلسمني كأما جسم واحد يكون اجلسمان مجيعاً أبيضني متساويي الشفيف، وجيعل فيما بينهما صبغ، ويطبق أحدمها على اآلخر،

فيظهران مجيعاً متلونني بذلك الصبغ، ومع ذلك يظهر شفيفهما أقل من شفيفهما احلقيقي فهو غالط يف .شفيفه

وذلك إذا كان اجلسم األول املشف نقي البياض . وقد يعرض الغلط يف الكثافة أيضاً على هذا الوجهاً باألول، فإن البصر يدرك شديد الشفيف، وكان اجلسم الذي وراءه كثيفاً متلوناً، وكان الثاين ملتصق

ومجيع الواين املشفة إذا كان فيها جسم . األول املشف كثيفاً إذا مل يكن قد تقدم علم الناظر بشفيفهمتلون كثيف أو شراب قوي اللون، ومل يكن الضوء يظهر من ورائها ومل يظهر شفيف الشراب الذي

قدم علم الناظر بشفيف تلك اآلنية، ومل يدرك فإذا مل يت. فيها، فإن البصر ال حيس بشفيف تلك الواينالبصر الفسل من تلك اآلنية عن الشراب الذي فيها، فإنه رمبا ظنها كثيفة، وذلك إمنا هو لفرط شفيف

فإذا مل يتقدم علم الناظر بشفيف تلك األواين فإنه رمبا ظن أن . اآلنية ولقوة اللون الذي يظهر من ورائهاوإذا ظن أن . وإذا ظن أن ذلك اللون هو لون اآلنية وأا كثيفة. وأا كثيفةذلك اللون هو لون اآلنية

.وإذا ظن البصر باجلسم املشف أنه كثيف فهو غالط يف كثافته. ذلك اللون هو لون اآلنية وأا كثيفة

شدة وعلة هذين الغلطني هو . والغلط يف الشفيف ويف الكثافة هو غلط يف القياس ألما يدركان بالقياسألن اجلسم األول إذا كان فيه كثافة قوية وكان فيه شفيف يسري، وكان . الشفيف الذي يف اجلسم األول

وراءه جسم آخر مشف، فليس يشتبه على البصر شفيفه ومقدار شفيفه، إذا كان اجلسم الذي وراءه ذا فيهما يف عرض لون مشرق قوي وكان اجلسم األول أبيض نقي البياض وكانت املعاين الباقية اليت

.االعتدال

وذلك إذا كان يف حائط من حيطان بيت . الظل وقد يعرض الغلط يف الظل أيضاً من أجل شدة الشفيف

ابن اهليثم-املناظر 304

من البيوت ثقب يفضي إىل بيت آخر أو فضاء، وكان وجه ذلك الثقب مسدوداً جبسم مشف كاجلمات الشفيف نقي البياض وكان سطحه الزجاج اليت تكون يف احليطان للضوء، وكان ذلك اجلام املشف شديد

مستوياً، وكان احلائط املقابل لذلك الثقب ثقب آخر نافذ منكسف للسماء، ودخل ضوء الشمس من الثقب النافذ وانتهى إىل اجلسم املشف املقابل له، وكان مقدار الضوء ال يفضل على ذلك اجلسم املشف،

ومل يكن البصر يف املوضع الذي ينعكس إليه الضوء فإن البصر إذا نظر إىل اجلسم املشف الذي ذه الصفةمن سطح ذلك اجلسم املشف وال على مست االنعكاس، فإن البصر يدرك اجلسم املشف الذي ذه

وذلك ألن اجلسم املشف إذا كان يف غاية الشفيف . الصفة مستظالً وال يدرك ضوء الشمس املشرق عليهوإذا كان ذلك املشف صقيالً فإن الضوء . ه ومل يثبت يف سطحهفإن الضوء إذا أشرق عليه نفذ فيه لشفيف

وإذا مل يثبت يف سطحه ومل . مع نفوذه فيه ينعكس عن سطحه كما ينعكس عن سطوح األجسام الصقيلةيكن البصر يف املوضع الذي ينعكس إليه الضوء وال على مست االنعكاس فإن البصر ال يدرك الضوء الذي

إذا كان ما حييط بذلك اجلسم من األجسام الكثيفة وحيطان املوضع مستظلة، و. أشرق على ذلك اجلسموذلك اجلسم املشف فيما بينها، فإن ال يشك يف أن حال ذلك اجلسم يف الظل كحال األجسام اليت

.حوله، إذا مل يتقدم علم الناظر بدخول ضوء الشمس من الثقب املقابل

عليه ضوء الشمس مستظالً فهو غالط يف ما يدركه من وإذا أدرك البصر اجلسم الذي قد أشرق وعلة هذا الغلط هو فرط . والغلط يف الظل هو غلط يف القياس ألن الظل يدرك يف القياس. استظالله

شفيف اجلسم املشف الذي يدركه البصر على الصفة اليت وصفناها، ألن اجلسم الذي وصفناه، إذا كان ن الضوء إذا أشرق عليه ثبت يف سطحه، وأدرك البصر الضوء الذي يف كثيف أو كان فيه كثافة قوية، فإ

.سطحه ومل يدركه مستظالً إذا كانت املعاين الباقية اليت فيه يف عرض االعتدال

وذلك أن البخار واملياه الواقفة، إذا . الظلمة وقد يعرض الغلط يف الظلمة أيضاً من أجل فرط الشفيف وكانت مع ذلك عميقة كثرية السمك، فإن البصر يدركها مظلمة كانت صافية مشفة شديدة الشفيف

مع إشراق الضوء عليها ونفوذ الضوء يف شفيفها، وإن مل تكن تربتها سوداء، وخاصة إذا أدركها البصر يف أول النهار وآخره قبل طلوع الشمس وبعد غروا، أو إذا كانت حمتجبة بالسحاب، ومل يكون صريح

فإن البصر إذا أدرك البحر واملياه الواقفة الصافية الشفيف الكثرية العمق يف . املاءضوء الشمس من فاعل .هذه األوقات فإنه يدركها مظلمة وليس هناك ظلمة

وإذا أدرك البصر الظلمة يف موضع من املواضع ومل يكن هناك ظلمة على ما يدركها البصر فهو غالط وعلة هذا الغلط . غلط يف القياس ألن الظلمة تدرك بالقياسوالغلط يف الظلمة هو. فيما يدركه من الظلمة

ابن اهليثم-املناظر 305

هو شدة شفيف املاء الذي ذه الصفة، ألن البصر إذا أدرك املاء الكدر أو الذي فيه كدورة يسرية الذي .ليس شفيفه يف الغاية فليس يدركه مظلماً وإن كان عميقاً كثري السمك

ان شديد الشفيف فإن ذلك ألن املاء ليس يبلغ شفيفه شفيف فأما مل يدرك البصر ماء البحر مظلماً إذا كفإذا أشرق عليه الضوء كان له ظل على أرضه، وكان لبعضه ظل على . اهلواء وإن كان شديد الشفيف

بعض، وكان قبوله لصورة الضوء ليس كقبول اهلواء لصورة الضوء الذي فيه، فيكون الضوء الذي يف فإذا . دون الضوء الذي يف اهلواء، وال ينفذ الضوء فيه كنفوذه يف اهلواءاجلسم املشف الذي هو جسم املاء

مل ينفذ الضوء فيه كنفوذه يف اهلواء، والبصر مع ذلك يدرك املاء للغلط الذي فيه ويدرك ما يف داخل املاء . إذا كان مشفاً صايف الشفيف، فالبصر يدرك الظل الذي يف داخل املاء الذي هو ظل بعضه على بعض

وإذا . وإذا كان املاء مشفاً صايف الشفيف، وكان مع ذلك عميقاً، فإن البصر يدرك منه مسافة هلا قدرأدرك البصر من املاء مسافة هلا قدر، وهو يدرك كل جزء من املاء الذي يف تلك املسافة مستظالً، فهو

ألن . لظل صار ظلمة قويةوإذا تضاعف ا. يدرك يف املاء ظالً ذا مسك مقتدر، فهو يدرك ظالً متضاعفاً .الظل الذي يدركه البصر هو مبرتلة اللون الرقيق إذا تضاعف صار لوناً قوياً

فإن الشراب الريق اللون إذا . وهلذا املعىن نظري يف اجلسم املشف املتلون، وهو الشراب املشف الرقيق اللونف ما ينسكب منه ظهوراً بيناً، سكب يف اإلناء ظهر يف حال انسكابه أبيض أو ذا لون خفي، وظهر شفي

وإن مل يكن وراءه ضوء قوي . وإذا اجتمع ذلك الشراب يف إناء كبري مشف فإن يظهر لونه قوياً صبغاًواللون القوي الذي يظهر للشراب الرقيق اللون إذا اجتمع يف اإلناء إمنا يظهر لوناً قوياً . ظهر كثيفاً

وإذا كان . لذي يدركه البصر يف داخل املاء هو ظل رقيقوكذلك الظل ا. لتضاعف لونه بتضاعف أجزاءهوإذا تضاعف الظل صار ظلمة . املاء عميقاً كثري السمك تضاعف ذلك الظل الرقيق لتضاعف أجزاء املاء

.فلذلك يدرك البصر ماء البحر العميق مظلماً. قوية

ر ذو لون ظاهر وكثافة قوية، واملاء الكدر الذي شفيفه يسري ليس يدركه البصر مظلماً ألن املاء الكدفليس يدرك البصر من مجيعه إال مسافة يسرية لقوة لونه وضعف شفيفه، فليس يدرك الظل يف داخله لقلة

.مسك ما يدركه البصر من الظل والستظهار لون املاء الذي يف تلك املسافة على صورة الظل الذي فيها

احلسن والقبح

وذلك أن األواين املشفة كالبلور . ح أيضاً من أجل فرط الشفيفوقد يعرض الغلط يف احلسن والقبوالزجاج إذا كانت أشكاهلا حسنة وكانت صافية الشفيف وكان يف تضاعيفها مواضع متلونة بألوان غري

مستحسنة كالعيوب اليت تكون يف البلور والزجاج، وكانت تلك املواضع تشني تلك األواين وتقبحها، األواين اليت ذه الصفة وهي خالية فإنه يدرك شفيفها ويدرك املواضع اليت تشينها، فإن البصر إذا أدرك

ابن اهليثم-املناظر 306

فإذا كان يف تلك األواين شراب قوي اللون، . وإذا أدرك املواضع اليت تشينها فهو يدرك صورا مستقبحةيها ومع ذلك حسن اللون، فإن تلك األواين تظهر حسنة الصورة حلسن أشكاهلا وحسن الشراب الذي ف

وإذا . وال تظهر تلك املعاين اليت تشينها، ألن لون الشراب الذي يف داخلها خيفي تلك املواضع اليت فيهاأدرك البصر األواين اليت ذه الصفة، ومل يكن أدركها من قبل، فإنه يدركها حسنة الصورة وحيس

.وإذا أدرك البصر املبصر القبيح حسناً فهو غالط يف حسنه. بقبحها

.هذه الصفة بعينها يعرض الغلط يف قبح املبصر من أجل الشفيفوعلى

وذلك أن األواين املشفة احملكمة الصنعة اليت فيها نقو ومتاثيل مستحسنة إذا كانت أشكال تلك األواين مستقبحة، وكان فيها شراب قوي مظلم اللون أو شيء من األجسام السيالة املتلونة بألوان غري

ألا . يدركها مستقبحة وال حيس بشيء من حماسنها إذا كانت يف غاية الشفيفمستحسنة، فإن البصر إذا كانت يف غاية الشفيف مل تظهر النقوش اليت فيها، أو مل تظهر على ما هي عليه وإذا كانت أشكاهلا

.مستقبحة والشراب الذي فيها مستقبح اللون فالبصر يدرك مقاحبها وال يدرك حماسنها

وإذا أدرك البصر املبصر الذي ذه . مقابح املبصر ومل يدرك حماسنه فهو يدركه مستقبحاًوإذا أدرك البصر .الصفة مستقبحاً فهو غالط فيما يدركه من قبحه

وعلى هذه الصفة بعينها يعرض الغلط يف التشابه واالختالف من أجل فرط الشفيف وذلك أن املبصرين ما ويف شفيفهما، وكانت فيهما نقوش وخروش ومتاثيل، إذا كانا مشفني، وكانا متشاني يف أشكاهل

وكانت النقوش اليت يف ذينك املبصرين خمتلفة، وكان املبصران يف غاية الشفيف، وكان فيهما شراب متشابه اللون، فإن البصر يدرك املبصرين اللذين ذه الصفة متشاني وال حيس بشيء من اختالفهما وال

وإذا أدرك البصر املبصرين املختلفني يف معىن من املعاين متشاني على . فحيكم هلما بشيء من االختال .اإلطالق، ومل حيس باختالفهما، فهو غالط يف تشاهما

وكذلك إذا كان املبصران اللذان ذه الصفة خمتلفني يف املعاين الظاهرة ومتشاني يف النقوش واملعاين . حيس بتشاهما ويكون غالطاً يف اختالفهمااللطيفة فإن البصر يدركهما خمتلفني وال

والغلط يف احلسن ويف القبح ويف التشابه ويف االختالف هي أغالط يف القياس، ألن هذه املعاين تدرك وعلة هذه . بالقياس، وألن هذه األغالط إمنا هي لتعويل البصر على املعاين الظاهرة وسكونه إىل نتائجها

املبصرات اليت ذه الصفة إذا كان شفيفها يسرياً، وكان فيها كثافة، فإن األغالط هو فرط الشفيف، ألنالبصر يدرك املعاين اليت فيها ويدرك حسن احلسن منها وقبح القبيح وتشابه املتشابه واختالف املختلف

ات اليت على ما هو عليه، وال يعرض له غلط فيما يدركه منها، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف هذه املبصر .ا يتم إدراك املبصرات على ما هي عليه يف عرض االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 307

فعلى هذه الصفات وأمثاهلا يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج كثافة املبصر عن عرض .االعتدال

غلط البصر من أجل شفيف الهواء

االعتدال فإن ذلك البعد فأما كيف يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج شفيف اهلواء عن عرض وذلك يعرض عند غشيان الضباب للموضع . يكون يف املبصرات اليت يدركها البصر يف الضباب أو القتام

. وقبل أن يصل إىل موضع البصر، أو إذا كان القتام يف موضع من األرض والبصر خارج عن ذلك املوضع

الشديدة الربد، فإن الضباب يغشاهم وإدراك املبصرات يف الضباب يعرض كثرياً لسكان اجلبال واملواضع .كثرياً يف الشتاء، وقد يكون يف السهول أيضاً ويف املواضع املعتدلة اهلواء يف بعض األوقات

فإذا أدرك البصر املبصر يف الضباب أو يف القتام فليس يتيقن مقدار بعده وإن كان بعده مسامتاً ألجسام البصر وجه األرض يف الضباب أو القتام، وإن أدرك وجه األرض وذلك ألنه رمبا مل يدرك . مرتبة متصلة

فليس يدركه إدراكاً صحيحاً وال يتحقق صورة ما بعد عن قدميه يف األرض، وال يتحقق وضع املبصر أيضاً إذا كان مائالً على خطوط الشعاع، وال يفرق بني سطح املبصر املائل وبني سطح املبصر املواجه إذا

. أو القتام، وخاصة إذا كان املبصر يف الضباب أو القتام وكان البصر يف هواء لطيفأدركه يف الضباب

وإذا أدرك البصر املبصر ومل يتحقق مقدار بعده فرمبا ظنه بعيداً ويكون ذلك املبصر قريباً، وذلك يف ظن باملبصر أنه ورمبا. املبصرات املألوفة، ألنه يدرك صورة املبصر يف الضباب ويف القتام مشتبهة غري بينة

فإن البصر إذا أدرك اجلبال من وراء الضباب واهلواء ا . قريب، ويكون املبصر بعيداً، كاجلبال والروايبوذلك لعظم صورا، ألن البصر إذا أدرك عظمها فليس . لغليظ فإنه يظنها قريبة وهي مع ذلك بعيدة

وإذا ظن . اً، ألن عظمها إمنا هو لقرايدرك سطح األرض القريب منه الذي بينه وبينها إدراكاً صحيح .البصر باملبصر القريب أنه بعيد وبالبعيد أنه قريب فهو غالط يف بعده

الوضع وكذلك إذا أدرك البصر املبصر يف الضباب ويف القتام، وكان مائالً على خطوط الشعاع، فإنه رته إدراكاً حمققاً، وليس يدرك يظنه مواجهاً، ألنه إذا أدركه يف الضباب ويف القتام فليس يدرك صو

وإذا مل يدرك اختالف أبعاد أطرافه فليس يدرك ميل . اختالف أبعاد أطرافه ألنه ليس يتحقق مقدار بعدهوإذا أدرك البصر املبصر املائل كأنه مواجه . سطحه، وإذا مل يدرك ميل سطحه فإنه يدركه كأنه مواجه

.فهو غالط يف وضعه

سطح املبصر حتديب يسري أو تقعري يسري أو أجزاء خمتلفة الوضع فإن البصر ال الشكل وكذلك إذا كان يف

ابن اهليثم-املناظر 308

يدرك التحديب اليسري الذي يكون يف سطح املبصر وال التقعري اليسري إذا أدركه يف الضباب ويف القتام، ال وكذلك. وال يتحقق صورته، وال يفرق بني السطح احملدب إذا كان حتديبه يسرياً وبني السطح املسطح

. وإذا ظن البصر بالسطح احملدب أو املقعر أنه مسطح فهو غالط. يفرق بني التقعري اليسري والتسطيح

وكذلك إذا كان املبصر ذا زوايا صغار وزوائد صغار فليس يدركها البصر يف الضباب الغليظ والقتام وال .يتحقق شكل املبصر الذي ذه الصفة

لضباب والقتام، وكان البصر يف هواء لطيف، فإنه يدرك مقداره أعظم العظم وإذا أراد البصر املبصر يف اوإذا أدرك البصر مقدار املبصر أعظم من . من مقداره احلقيقي كما يدرك املبصرات اليت تكون يف املاء

.مقداره احلقيقي فهو غالط يف عظمه

ر من األجسام اخلشنة، وكان يف التفرق وإذا أدرك البصر املبصر يف الضباب أو يف القتام، وكان ذلك املبصذلك املبصر خطوط سود أو مظلمة اللون، فإن البصر رمبا ظن بتلك اخلطوط أا شقوق وفصول إذا مل

وكذلك إذا أدرك البصر احليطان يف الضباب، وكان يف تلك . يكن قد تقدم علم الناظر بتلك األجساموكذلك إذا أدرك البصر أجساماً منطبقاً . قوقاًاحليطان خطوط سود أو مظلمة اللون، فإنه رمبا ظنها ش

بعضها على بعض، وكانت مواضع فصوهلا يف غاية الدقة، فليس يدرك البصر فصوهلا اليت ذه الصفة إذا .كانت املبصرات يف الضباب أو القتام

ول من وإذا مل حيس مبواضع الفص. وإذا ظن البصر اخلطوط أا شقوق فهو غالط فيما يدركه من تفرقهاوإذا أدرك البصر املبصرات . األجسام املتطابقة فهو يدرك تلك املبصرات كأا جسم واحد متصل

.املتطابقة جسماً واحداً متصالً فهو غالط يف االتصال، وغالط يف العدد أيضاً

ان مجيع املعاين السابقة وقد يعرض للبصر الغلط يف مجيع هذه املعاين إذا حدث يف اهلواء دخان قوي وكفإن املبصرات اليت يدركها البصر من وراء الدخان ليس يتحقق مقدار بعده، : البصر خارجاً من الدخان

وال يتحقق وضعها، وال املعاين اليت تكون فيها، ويدرك أعظامها أعظم من مقدارها احلقيقي إذا كان .اًالبصر خارجاً من الدخان ومائالً عنه ألن الدخان أغلظ من اهلواء وأقل شفيف

وعلة هذا الغلط هو . والغلط يف مجيع هذه املعاين هو غلط يف القياس، ألن مجيع هذه املعاين تدرك بالقياسخروج شفيف اهلواء املتوسط بني البصر واملبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصرات اليت يدركها البصر

اهلواء اللطيف فإنه يدرك كل واحد من يف اهلواء الغليظ الذي يعرض له الغلظ فيها إذا أدركها البصر يفاملعاين اليت فيها على ما هو عليه، وال يعرض له الغلط يف شيء منها، إذا كانت املعاين الباقية اليت فيها يف

.عرض االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 309

وذلك أن . احلركة وقد يعرض الغلط يف احلركة أيضاً من أجل خروج شفيف اهلواء عن عرض االعتدالبصرين متحركني على االستقامة وعلى مست املقابلة، وكان املتحركان متحاذيني يف البصر إذا أدرك م

جهة التباعد كفارسني يتحاربان، وكانت حركتامها خمتلفة، وكان االختالف الذي بينهما يسرياً، فإن ركيت البصر إذا أدرك املبصرين اللذين ذه الصفة يف الضباب أو يف القتام فإن البصر ال حيس باختالف ح

املتحركني اللذين على هذه الصفة، ويظن حبركتيهما أما متساويتان، ما مل يكن االختالف الذي بينهما وذلك ألن البصر إذا أدرك املبصرين اللذين ذه الصفة يف الضباب أو يف القتام فإنه ليس يدرك . متفاوتاً

وإذا مل يدرك البصر وجه األرض فليس . بوجه األرض يف تلك احلال إدراكاً حمققاً لغلظ القتام أو الضباوإذا مل يدرك مقدار بعدي املتحركني فليس يدرك اختالف مقداري . يدرك مقدار بعدي املتحركني

وليس يدرك البصر من . املسافتني اللتني يقطعهما انك املتحركان إذا كان االختالف الذي بينهما يسرياًا فقط بالتباس صورتيهما عند التباعد وباختالف ما يسامتانه من املتحركني اللذين ذه الصفة إال تباعدمه

األرض من قياس البصر هلما باألجزاء املتفاوتة العظم من أجزاء األرض، ال باألجزاء الصغار من األرض ، فإن كان االختالف الذي بني احلركتني . ألن األجزاء الصغار من األرض ليس تتم يف اهلواء املسرف الغلظ

وإن مل يكن االختالف الذي . اً، وأطال البصر النظر إىل املتحركني، أحس باختالف احلركتنيمتفاوت .بينهما متفاوتاً حكم هلما بتساوي احلركة مع اختالف حركتيهما إذا كان االختالف الذي بينهما يسرياً

فيما يظنه من كيفية وإذا ظن البصر باملتحركني املختلفني يف حركتيهما أما متساويا احلركة فهو غالط حركتيهما ويف سرعة أسرعهما وبطء أبطأمها ويكون غلطه غلطاً يف القياس، ألن احلركات واختالف

ويكون علة غلطه هو خروج شفيف اهلواء عن عرض االعتدال، ألن . احلركات ليس يدرك إال بالقياسيف فإنه يدرك مقداري املسافتني اللتني البصر إذا أدرك املبصرين الذين على هذه الصفة يف اهلواء النقي الصا

يقطعهما املتحركان، ويدرك اختالف حركتيهما، ويفرق بني أسرعهما وأبطأمها، إذا كانت املعاين الباقية .اليت يف ذينك املبصرين يف عرض االعتدال

وذلك . السكون وقد يعرض الغلط يف السكون أيضاً من اجل خروج شفيف اهلواء عن عرض االعتدالن البصر إذا نظر إىل ماٍء جاٍر، وكان اهلواء نقياً صافياً، وأدرك جرية املاء وأدرك حركته، مث غشي ذلك أ

املوضع ضباب قوي ومشل ذلك الضباب سطح املاء، فإن البصر إذا نظر إىل ذلك املاء يف حال اشتمال إمنا يدركه كما يدرك املاء الضباب عليه وأدركه فإنه ال يدرك جريته إذا مل يكن املاء شديد اجلرية، و

وذلك لن جرية املاء يدركها البصر من إدراكه لتكاسري سطح املاء يف حال جريته، . الواقف الساكنوتكاسري سطح املاء من املعاين اللطيفة اليت يدركها البصر، ألن تكاسري سطح املاء إمنا يدركها البصر من

املاء متشابه اللون، واختالف أوضاع أجزائه ليس إدراكه الختالف أوضاع أجزاء سطح املاء، وسطح

ابن اهليثم-املناظر 310

واملبصرات اليت يدركها البصر يف الضباب ليس يدرك صورا إدراكاً حمققاً وال . تكون يف غاية البيانفالبصر إذا نظر إىل املاء اجلاري، وكان الضباب مشتمالً على سطح . يدرك املعاين اللطيفة اليت تكون فيها

.ك ذلك املاء كأنه ساكن وال حيس جبريتهذلك املاء، فإنه يدر

ويكون غلطه غلطاً يف القياس، ألن السكون . وإذا أدرك البصر املاء اجلاري ساكناً فهو غالط يف سكونهوعلة هذا الغلط هو غلط اهلواء، ألن البصر إذا نظر إىل ذلك املاء وكان اهلواء نقياً صافياً . يدرك بالقياس

ء على ما هي عليه، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف ذلك املاء، اليت ا يتم إدراك فإنه يدرك جرية ذلك املا .املبصرات على ما هي عليه، يف عرض االعتدال

اخلشونة واملالسة والشفيف وقد يعرض الغلط يف اخلشونة ويف املالسة ويف الشفيف ويف الكثافة ويف الظل املبصر الذي يدركه البصر يف الضباب ويف الدخان ويف القتام وذلك أن . والظلمة من أجل غلظ اهلواء

الكثيف، إذا كان يف سطحه خشونة يسرية، فليس يدرك البصر اخلشونة اليت تكون فيه ألنه ال يتحقق وكذلك إذا كان صقيالً فإنه ال . صورة السطح الذي يدرك يف الضباب ويف الدخان ويف الغبار الكثيف

تحقق البصر اخلشونة اليت يف سطح املبصر وال الصقال وشدة املالسة فإنه رمبا شبه وإذا مل ي. يدرك صقالهاملبصر اخلشن السطح مببصر أملس السطح، ورمبا شبه املبصر األملس مببصر خشن السطح إذا كان ذلك

غالطاً وإذا كان ذلك كذلك كان البصر . املبصر شبيهاً به يف املعاين الظاهرة اليت يدركها من ذلك املبصر .فيما يظهر من خشونة اخلشن ومالسة األملس

وكان شفيفه يسرياً، وأدركه البصر يف الضباب أو يف الدخان أو يف الغبار . وكذلك إذا كان املبصر مشفاًفإن أدرك شفيف املبصر أقل مما هو عليه فهو . الكثيف، فإنه ال يدرك شفيفه، أو يدرك شفيفه أقل مما هو

.ن مل يدرك شفيفه فهو يظنه كثيفاً ويكون غالطاً يف كثافتهوإ. غالط يف شفيفه

وكذلك إذا أدرك البصر جداراً بعضه نقي البياض وبعضه ترايب اللون، وكان على ذلك اجلدار ضوء النار يف ظلمة الليل، وكان يف وجه ذلك اجلدار دخان أو غبار قوي، فإن البصر رمبا ظن باملواضع الترايب اللون

وإذا ظن البصر باملوضع . أنه ظل مع إشراق الضوء عليه كإشراقه على املواضع النقي البياضمن اجلدار .الذي ال ظل فيه أنه مستظل فهو غالط فيما يدركه من استظالله

وكذلك إذا أدرك البصر جداراً من وراء الدخان أو الغبار، وكان يف ذلك اجلدار مواضع سود، فإن البصر السود أا ثقوب، وأن السواد الذي يظهر فيها إمنا هو ظلمة تلك الثقوب، فيكون رمبا ظن بتلك املواضع

.غالطاً فيما يدركه من الظلمة

والغلط يف اخلشونة ويف املالسة ويف الشفيف والكثافة ويف الظل والظلمة هي أغالط يف القياس ألن هذه

ابن اهليثم-املناظر 311

ها هي خروج شفيف اهلواء املتوسط بني وعلة هذه األغالط على الصفة اليت وصفنا. املعاين تدرك بالقياسالبصر واملبصر عن عرض االعتدال، ألن املبصرات اليت وصفناها إذا كانت يف هواء نقي صايف الشفيف

فإن البصر يدرك مجيع املعاين اليت فيها على ما هي عليه، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف هذه املبصرات يف .عرض االعتدال

قد يعرض الغلط يف احلسن والقبح أيضاً من أجل خروج شفيف اهلواء عن عرض احلسن والقبح ووذلك أن املبصر إذا كان شكله مستحسناً، أو لونه أو أشكال أجزائه أو أحد املعاين الظاهرة . االعتدال

اليت تكون فيه أو جمموعها، وكان فيه مع ذلك معان لطيفة كسائر أجزاء الصورة إن كانت من احليوان لوشوم وسوء ترتيب األجزاء وتباينها أيضاً إذا كانت من اجلمادات، فإن البصر إذا أدرك مبصراً من وكا

املبصرات اليت ذه الصفة يف الضباب ويف القتام فإن البصر يدرك املعاين الظاهرة اليت يف ذلك املبصر اليت . وال يدرك الصورة إدراكاً حمققاًهي مستحسنة، وال يدرك املعاين اللطيفة اليت فيها تقبح تلك الصورة،

.وإذا أدرك البصر املبصر املستقبح حسناً فهو غالط يف حسنه

وكذلك إذا كانت املعاين الظاهرة اليت يف الصورة مستقبحة، وكانت املعاين اللطيفة اليت فيها مستحسنة، األلوان املختلفة املتناسبة اليت كتناسب أعضاء احليوان واملعاين اللطيفة اليت تكون فيها، وكالنقوش الدقيقة و

تكون يف اجلمادات، فإن البصر إذا أدرك مبصراً من املبصرات يف اهلواء الغليظ اخلارج عن االعتدال فإنه يدرك صورته مستقبحة، ألنه يدرك املعاين الظاهرة اليت هي مستقبحة يف تلك الصورة وال يدرك املعاين

.وإذا أدرك البصر الصورة املستحسنة فبيحة فهو غالط يف قبحها. اللطيفة اليت ا حتسن تلك الصورة

وكذلك إذا أدرك البصر مبصرين يتشاان يف املعاين الظاهرة وخيتلفان يف معان لطيفة، وكان إدراكه هلما يف هواء غليظ كالضباب والقتام والدخان، فإنه يدرك املعاين الظاهرة اليت فيهما وال يدرك املعاين اخلفية

وإذا كان املبصران يتشاان يف املعاين الظاهرة، وخيتلفان يف املعاين اخلفية، فهو . يت تكون فيهماالوإذا أدرك البصر املبصرين . يدركهما متشاني وال يدرك اختالفهما وال حيكم هلما بشيء من االختالف

.املختلفني متشاني على اإلطالق فهو غالط يف تشاهما

املبصران خيتلفان يف املعاين الظاهرة ويتشاان يف املعاين اخلفية فإن البصر يدركهما يف وكذلك إذا كانوإذا أدرك البصر املبصرين املتشاني خمتلفني على اإلطالق فهو . اهلواء الغليظ خمتلفني وال حيس بتشاهما

.غالط يف اختالفهما

هي أغالط يف القياس ألن املعاين تدرك بالقياس، والغلط يف احلسن ويف القبح ويف التشابه ويف االختالفوعلة هذه األغالط . وألن هذه األغالط إمنا هي لتعويل البصر على املعاين الظاهرة وسكونه إىل نتائجها

ابن اهليثم-املناظر 312

هي خروج شفيف اهلواء عن عرض االعتدال، ألن املبصرات اليت ذه الصفة إذا أدركها البصر يف هواء يدرك كل واحد منها على ما هو عليه، ويدرك احلسن حسناً والقبيح قبيحاً لطيف متشابه الشفيف فإنه

واملتشاني متشاني واملختلفني خمتلفني، وال يعرض له الغلط يف شيء من املعاين اليت فيها، إذا كانت .املعاين الباقية اليت يف تلك املبصرات يف عرض االعتدال

ر يف القياس من أجل خروج شفيف اهلواء عن عرض فعلى هذه الصفات وأمثاهلا يكون غلط البص .االعتدال

غلط البصر من أجل الزمان

. الذي فيه يدرك البصر المبصر عن عرض االعتدال

البعد فأما كيف يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج الزمان الذي فيه يدرك البصر املبصر عن على وجه األرض من بعد مث يلتفت عنه يف احلال، عرض االعتدال فكاملبصر الذي يلمح شخصاً قائماً

ويكون ذلك الشخص خنلة أو شجرة أو عموداً أو جداراً، ويكون من وراء ذلك الشخص جبل، ويكون فإن البصر إذا ملح الشخص الذي ذه الصفة فإنه رمبا ظن بذلك : بني الشخص وبني اجلبل مسافة مقتدرة

منه ومل حيس باملسافة اليت بينهما وإن كان بعد ذلك الشخص من الشخص أنه يف حذاء اجلبل أو قريباًوذلك ألن البصر إذا ملح الشخص حملة سريعة مث التفت عنه يف احلال . األبعاد املعتدلة إذا كان من أبعدها

. فإنه يف حال حملته للشخصني رمبا مل يلمح وجه األرض، ويكون نظره إىل الشخص يف مست املقابلة فقط

وإن ملح الناظر مجلة األرض . يلمح وجه األرض مل يدرك املسافة اليت بني الشخص وبني اجلبلوإذا ملفإذا . أيضاً، ومل حيرك البصر يف طول املسافة، فإنه ليس يتميز له موضع قاعدة الشخص من تلك املسافة

لبصر يدرك ملح البصر الشخص القائم، وكان نظره يف مست املقابلة، وكان وراء الشخص جبل، فإن اوإذا أدرك الشخص يف حذاء اجلبل . ذلك الشخص يف حذاء ذلك اجلبل، وال حيس بالبعد الذي بينهما

وكان بني الشخص وبني اجلبل بعد مقتدر فهو غالط يف بعد ذلك الشخص عنه، ويكون غلطه غلطاً يف إذا قابل وجه ويكون على غلطه هو قصر الزمان الذي يدرك فيه ذلك الشخص، ألن البصر . القياس

األرض الذي ذه الصفة يف زمان متنفس، واستقرأ املسافة اليت بني البصر وبني اجلبل، أدرك موضع الشخص من تلك املسافة، وأدرك البعد الذي بني الشخص وبني اجلبل، ومل يعرض له الغلط يف بعد

يف ذلك الشخص ويف ذلك اجلبل الشخص من اجلبل وال يف بعده عن البصر، إذا كانت املعاين الباقية اليت .ويف املسافة اليت بني البصر واجلبل يف عرض االعتدال

الوضع

ابن اهليثم-املناظر 313

وذلك أن الناظر إذا . وقد يعرض الغلط يف وضع املبصر أيضاً من اجل خروج الزمان عن عرض االعتدالئماً أو جبالً معترضاً كان متحركاً حركة سريعة، مث التفت عن ميينه أو عن مشاله فلمح يف التفاته حائطاً قا

من بعد مقتدر، وكان إدراكه لذلك احلائط أو لذلك اجلبل من فرجة أو من باب، مث غاب عنه ذلك احلائط أو ذلك اجلبل بعد قطع البصر ملسافة عرض تلك الفرجة أو ذلك الباب، وكان سطح ذلك احلائط

بوضع ذلك احلائط وال بوضع اجلبل أو طول ذلك اجلبل مائالً على خطوط الشعاع، فإن البصر ال حيس وإذا كان سطح احلائط أو طول اجلبل مائالً على خطوط الشعاع فإنه . الذي يدركه على هذه الصفة

يدركه مواجهاً، وذلك ألن امليل إمنا يدركه البصر من إدراكه الختالف بعدي طريف املبصر، واختالف ه ملقدار كل واحد من بعدي الطرفني املتقابلني أبعاد أطراف املبصرات إمنا يدركها البصر من إدراك

وإدراك البصر ملقدار كل واحد من البعدين وإدراكه لتفاضلهما ليس . وإدراكه لزيادة أحدمها على اآلخريكون إال يف زمان له قدر يتمكن فيه البصر من تأمل كل واحد من البعدين ومن قياس أحدمها باآلخر

والزمان الذي يقطع فيه البصر عرض . سامته من األجسام األرضيةومن قياس كل واحد منهما مبا ياملسافة اليت هي الفرجة أو الباب، إذا كانت الفرجة أو الباب ضيقني وكانت حركة البصر سريعة، ليس

وإذا كان الزمان الذي ذه الصفة يسرياً، وملح البصر ذلك، وملح البصر ذلك احلائط أو . يكون إال يسرياًل يف هذا القدر من الزمان أو يف بعضه، فإنه ال يتمكن من تأمل مقداري بعدي طرفيه ومن قياس ذلك اجلب

وإذا مل يدرك البصر مقدار كل واحد من بعدي . أحدمها باآلخر، وإن أدرك طريف ذلك اجلسم يف حملته اجلبل، وخاصة طريف احلائط أو اجلبل، ومل يقس أحدمها باآلخر، فإنه ال يدرك ميل ذلك احلائط وال ذلك

وإذا مل يدرك ميلهما فليس يدرك احلائط أو اجلبل إال مواجهاً، ويظن بأبعاد طرفيه . إذا كان ميلهما يسرياً .أما متساويان، إذا مل حيس باالختالف الذي بينهما

ويكون غلطه غلطاً يف القياس ألن الوضع. وإذا أدرك البصر املبصر املائل مواجهاً فهو غالط يف وضعه

ويكون علة هذا الغلط هو خروج الزمان الذي فيه يدرك البصر املبصر عن عرض . يدرك بالقياساالعتدال، ألن البصر إذا تأمل املبصر الذي ذه الصفة، وكان الزمان الذي يتأمله فيه فسيحاً وتأمل أبعاد

املعاين الباقية اليت فيه يف أطرافه، فإنه يدرك اختالف أبعاد أطرافه ويدرك وضعه على ما هو عليه إذا كانت .عرض االعتدال

وذلك أن البصر . الشكل وقد يعرض الغلط يف الشكل أيضاً من أجل خروج الزمان عن عرض االعتدالإذا ملح مبصراً من املبصرات مث التفت عنه سريعاً، وكان يف سطح ذلك املبصر حتديب يسري أو تقعري

التحديب اليسري ليس يدركه البصر إال بالتأمل املستقصى ليس يسري، فإنه يدركه يف اآلن مسطحاً، ألنوإذا أدرك البصر السطح احملدب أو املقعر مسطحاً فهو غالط يف شكل ذلك . يكون إال يف زمان متنفس

ابن اهليثم-املناظر 314

ويكون علة غلطه فيما يدركه على . ويكون غلطه غلطاً يف القياس ألن الشكل يدرك بالقياس.السطحن الذي يدرك فيه املبصر، لنه إذا كان الزمان الذي يدرك فيه البصر املبصر هذه الصفة هو قصر الزما

فسيحاً فهو يدرك البصر املبصر فسيحاً فهو يدرك حتديب سطحه وتقعريه ويدرك شكله على ما هو عليه، .إذا كانت املعاين اليت فيه يف عرض االعتدال

وذلك أن اإلنسان . ان عن عرض االعتدالالعظم وقد يعرض الغلط يف العظم أيضاً من أجل خروج الزمإذا أخذ عوداً يف طرفه نار، وحركه مييناً ومشاالً حركة يف غاية السرعة يف ظلمة الليل، فإن البصر إذا نظر إىل النار اليت ذه الصفة فإنه جيدها ممتدة يف املسافة اليت تتحرك فيها تلك النار، اليت هي أضعاف ملقدار

ن البصر ليس يدرك مقدار املبصر وال يدرك موضع املبصر وال يدرك حركة املبصر إال وذلك أل. جرم الناريف زمان له قدر، فإذا حتركت النار حركة يف غاية السرعة فإن الزمان الذي تقطع فيه النار تلك املسافة

ه النار اجلزء هو زمان يف غاية الصغر بالقياس إىل احلس، فليس يدرك احلس اجلزء من الزمان الذي تقطع فيوإذا مل يدرك احلاس أجزاء ذلك الزمان جزءاً بعد جزء، فهو حيس جبملة الزمان مبرتلة . من تلك املسافة

فالبصر يدرك النار يف مجيع تلك املسافة يف زمان هو عند احلس . جزء ال ينقسم من الزمان أو مبرتلة اآلن .مبرتلة اآلن الواحد

مث إذا تواصلت . يع املسافة يف آن واحد فهو يدركها ممتدة يف تلك املسافةوإذا أدرك البصر النار يف مجحركة احملرك لتلك النار دائماً مييناً ومشاالً زماناً حمسوساً فإن البصر يدرك تلك النار ممتدة يف تلك املسافة

ك البصر النار ممتدة وإذا أدر. زماناً حمسوساً له قدر، وهو الزمان الذي يواصل فيه احملرك حتريك تلك الناريف مسافة يف مسافة من املسافات زماناً حمسوساً مل يشك يف أن حجم تلك النار هو مقدار طول تلك

فإذا أدرك البصر النار اليت ذه الصفة من بعد يف ظالم الليل فإنه ال يشك يف ان مقدار جرم النار . املسافةسرياً من تلك املسافة، فيكون غالطاً يف مقدار عظم تلك هو مقدار طول املسافة، ويكون جرم النار جزءاً ي

.النار، ويكون مع ذلك ال حيس بغلظه

وإذا أدرك البصر النار اليت ذه الصفة من قرب أيضاً ويدرك حمركها ويعلم أنه حيركها، وأن مقدار تلك املسافة، ولكنه يعلم مع النار هو مقدار يسري، فهو يدركها أيضاً ممتدة يف تلك املسافة ويدرك مقدار طول

.ذلك أنه غالط فيما يدركه من مقدار النار على هذه الصفة

فإذا أدرك البصر النار على هذه الصفة فإنه يكون غالطاً يف عظمها وغالطاً يف سكوا، ألنه إذا مل يتقدم الليل من بعد علمه بتحريك احملرك هلا يظنها ساكنة وال حيس بتحريك احملرك هلا إذا أدركها يف ظلمة

وعلة هذا الغلط هو . فيكون غلطه يف مجيع ذلك غلطاً يف القياس ألن هذه املعاين تدرك بالقياس. مقتدر

ابن اهليثم-املناظر 315

خروج الزمان الذي يدرك البصر النار يف طول هذه املسافة الذي فيه تقطع النار تلك املسافة عن عرض قة فإن البصر الناظر إليها يدرك مقدارها على االعتدال، ألن تلك النار بعينها إذا حركها احملرك حركة رقي

ما هو عليه ويدركها يف جزء بعد جزء من تلك املسافة، ويدرك حركتها ويدرك شكلها، وال يعرض له الغلط يف شيء من معانيها، إذا كانت املعاين الباقية اليت فيها اليت ا يتم إدراك املبصرات على ما هي عليه

.يف عرض االعتدال

وذلك أن ابصر إذا . ق وقد يعرض الغلط يف التفرق أيضاً من أجل خروج الزمان عن عرض االعتدالالتفرملح ثوباً من الثياب البيض أو ستراً أبيض أو حائطاً من احليطان البيض، وكان يف ذلك الثوب أو الستر أو

لم اللون، ومل يلبث احلائط خط أسود أو مظلم اللون أو خيط يف نسج الثوب أو كان الستر أسود أو مظالبصر يف مقابلة ذلك املبصر بل حمله والتفت عنه يف احلال، فإن الناظر رمبا ظن بذلك اخلط أو اخليط أنه شق يف الثوب أو ذلك الستر أو ذلك احلائط، إذا كان الزمان الذي حمله فيه يسرياً ومل يتمكن يف ذلك

. أو اخليط أنه شق فهو غالط يف ذلك الظنوإذا ظن الناظر باخلط. القدر من الزمان من تأمله

وذلك ان البصر إذا ملح حائطاً من احليطان . وقد يعرض الغلط يف االتصال أيضاً من أجل قصر الزمانالسود اليت تسود بالدخان، وكان يف ذلك احلائط شق ضيق أو شقوق ضيقة، فإن البصر إذا ملح احلائط

ومل يتمكن من تأمله، فإنه ال تتميز له الشقوق اليت تكون فيه وال الذي ذه الصفة والتفت عنه يف احلال وإذا مل يتميز للبصر . يتميز له سواد احلائط من ظلمة الشقوق اليت يف تضاعيفه يف مقدار ملح البصر

وإذا ظن باملتفرق أنه متصل فهو . الشقوق والتفريق اليت يف اجلسم الذي ذه الصفة فإنه يظنه متصالً .ا يظنه من اتصالهغالط فيم

وكذلك إذا ملح البصر األسرة املتخذة من اخلشب األسود كاألبنوس وما جرى جمراه، وكانت الفصول اليت بني ألواحه املتصلة يف سطحه ضيقة، ومل يثبت البصر يف مقابلة املبصر الذي ذه الصفة بل حمله

ذه الصفة ال يدرك الفصول اليت بني ألواحه والتفت عنه يف احلال، فإن البصر يف حال حمله للجسم الذيوذلك ألن البصر يف اللمحة اخلفيفة ليس يتميز له مواضع الفصول . بل يدركه متصالً كأنه جسم واحد

.والتفرق الذي بني تلك األلواح لسواد تلك األلواح وظلمة التفرق الذي بينها واشتباه السواد بالظلمة

ضامة جسماً واحداً متصالً فهو غالط فيما يدركه من اتصاهلا، وهو غالط وإذا أدرك البصر األجسام املتوالغلط يف التفرق ويف االتصال ويف العدد هي أغالط . يف العدد أيضاً إذا ظن بعدة أجسام أا جسم واحد

وعلة هذه األغالط هو خروج الزمان الذي . يف القياس ألن التفرق واالتصال والعدد إمنا يدرك بالقياسدرك فيه البصر هذه املبصرات عن عرض االعتدال، ألن املبصرات اليت ذه الصفة إذا أدركها البصر ي

ابن اهليثم-املناظر 316

ولبث يف مقابلتها زماناً مقتدراً وتأملها تأمالً صحيحاً فإنه يدرك االتصال يف املتصل منها ويدرك التفرق يت يف تلك املبصرات يف عرض يف املتفرق ويدرك عددها على ما هو عليه، إذا كانت املعاين الباقية ال

.االعتدال

وذلك أن البصر إذا ملح متحركني . احلركة وقد يعرض الغلط يف احلركة أيضاً من أجل قصر الزمانيتحركان يف وقت واحد كفارسني يتحاربان أو شخصني يتساعيان، وكانت حركتامها خمتلفة اختالفاً

نهما يف احلال، فإن البصر يدرك املتحركني اللذين ذه يسرياً، ومل يلبث البصر يف مقابلتهما بل التفت عوذلك أن . الصفة متساويي احلركة وال حيس باختالف حركتيهما إذا كان االختالف الذي بينهما يسرياً

االختالف اليسري الذي يكون بني احلركتني ليس يدركه البصر إال بالتأمل املستقصى، وليس يكون إال يف . يف أقل القليل من الزمان الذي هو ملح البصرزمان سعة، وليس يكون

والغلط يف احلركات ويف . وإذا أدرك البصر احلركتني املختلفتني متساويتني فهو غالط يف تساويهماوعلة هذا . تساوي احلركات هو غلط يف القياس ألن احلركات وتساوي احلركات ليس يدرك إال بالقياس

ه البصر احلركتني التني ذه الصفة عن عرض االعتدال، ألن الغلط هو خروج الزمان الذي يدرك فياملتحركني املختلفي احلركة إذا أدركهما البصر يف زمان فسيح وتأمل حركتيهما يف ذلك الزمان تأمالً مستقصى فإنه يدرك اختالف حركتيهما وال يعرض له الغلط يف كيفية حركتيهما، إذا كانت املعاين

.املبصرين يف عرض االعتدالالباقية اليت يف ذينك

وذلك أن . السكون وقد يعرض الغلط يف السكون أيضاً من أجل خروج الزمان عن عرض االعتدالالبصر إذا نظر إىل مبصر من املبصرات، وكان ذلك املبصر يتحرك حركة بطيئة يف غاية البطء، ومل يلبث

درك ذلك املبصر ساكناً كانت حركته على البصر يف تأمل ذلك املبصر إال زماناً يسرياً، فإن البصر يوذلك أن املبصر يتحرك حركة بطيئة مسرفة . االستقامة أو على االستدارة وإن كان على بعد معتدل

البطء فهو يقطع يف زمان حمسوس مسافة غري حمسوسة، فإذا كان البصر ناظراً إىل ذلك املبصر وثابتاً يف يقطع فيه ذلك املبصر مسافة غري حمسوسة أو بعض ذلك الزمان مقابلته ذلك القدر من الزمان فقط الذي

فإن البصر ال حيس باملسافة اليت يقطعها ذلك املبصر يف ذلك القدر من الزمان، وإذا مل حيس باملسافة اليت .يقطعها املبصر يف ذلك القدر من الزمان فهو يدركه ساكناً

مل يلبث يف مقابلته إال زماناً يسرياً، وكان ذلك املبصر فإذا نظر البصر إىل مبصر من املبصرات املتحركة وبطيء احلركة، وكانت املسافة اليت يقطعها ذلك املبصر يف ذلك املبصر يف ذلك القدر من الزمان الذي أدرك فيه البصر إذا أدرك املبصر يف موضع واحد وعلى وضع واحد زماناً حمسوساً فإنه يدركه يف ذلك

ناً وال حيس حبركته يف ذلك القدر من الزمان، ولذلك يدرك الكواكب كأا ساكنة القدر من الزمان ساك

ابن اهليثم-املناظر 317

والغلط يف السكون . وإذا أدرك البصر املبصر املتحرك ساكناً فهو غالط يف سكونه. إذا مل يطل النظر إليهاه البصر وعلة هذا الغلط هو خروج الزمان الذي يدرك في. هو غلط يف القياس ألن السكون يدرك بالقياس

املبصر الذي ذه الصفة عن عرض االعتدال، ألن البصر إذا أدرك املبصر وثبت يف مقابلته زماناً مقتدراً يقطع ذلك املبصر يف مثله مسافة حمسوسة فإن البصر يدرك حركة ذلك املبصر، إذا كانت املعاين الباقية

.اليت يف ذلك املبصر يف عرض االعتدال

بصر املتحرك ساكناً إذا كانت حركته يف غاية السرعة أيضاً، وذلك مثل الدوامة إذا وقد يدرك البصر املكانت سريعة احلركة، فإن البصر يدرك الدوامة إذا كانت متحركة حركة سريعة كأا ساكنة، وذلك ألن البصر يدرك كل جزء من أجزاء الدوامة يف مجيع الدائرة اليت يتحرك عليها ذلك اجلزء يف زمان يف

غاية الصغر ليس يف قدرة احلس متييز أجزائه، وذلك ألن الدوامة إذا كانت حركتها يف غاية السرعة فإن كل جزء منها يقطع الدائرة اليت يتحرك عليها يف زمان يف غاية الصغر، وقد تبني فيما تقدم أن البصر ليس

.يدرك احلركة إال يف زمان حمسوس

لدوامة على مجيع حميط الدائرة اليت يتحرك عليها ذلك اجلزء يف أقل وإذا أدرك البصر كل جزء من أجزاء االقليل من الزمان الذي هو مبرتلة اآلن عند احلس، مث اتصلت حركة الدوامة، فإنه يدرك لون كل نقطة من

الدوامة على مجيع حميط الدائرة اليت تتحرك عليها تلك النقطة يف مدة الزمان الذي تتحرك فيه الدوامة وإذا . فإن كانت الدوامة ذات لون واحد مل تتميز أجزاؤها للبصر يف حال حركتها. ركة السريعةاحل

كانت ذات ألوان خمتلفة على الصفة اليت تقدمت يف املقالة الثانية ظهر لوا لوناً واحداً ممتزجاً من تلك . أجزاؤها مع احلركة السريعةوإذا ظهرت ذات لون واحد تتميز . األلوان كما تبني ذلك يف املقالة الثانية

وإن كان فيها نقط متفرقة، أو نقط خمالفة اللون للون مجلة الدوامة، فإن كل نقطة منها يظهر لوا على مجيع حميط الدائرة اليت تتحرك عليها تلك النقطة وميكث ذلك اللون مستديراً على صفة واحدة ما دامت

ر الدوامة كأن يف سطحها دوائر خمالفة األلوان لبقية لوا، الدوامة تتحرك احلركة السريعة، ويدرك البصألن البصر يدرك لون النقطة يف مجيع الزمان الذي تتحرك فيه الدوامة احلركة السريعة على مجيع حميط

فعلى تصاريف أحوال الدوامة يف ألواا، إذا كانت الدوامة تتحرك حركة سريعة، فإن البصر . الدائرةا على صفة واحدة ال تتغري زماناً حمسوساً، وهو مدة الزمان الذي تتحرك فيه يدرك صورة لوا أو ألوا

والرب إمنا يدرك احلركة املستديرة من تبدل أجزاء املتحرك بالقياس إىل البصر . الدوامة احلركة السريعة وضع واحد نفسه أو بالقياس إىل جسم غريه، ويدرك السكون من إدراك املبصر على صفة واحدة وعلى

وإذا أدرك البصر الدوامة على صفة واحدة زماناً حمسوساً، وأدرك وضع أجزائها على . زماناً حمسوساً

ابن اهليثم-املناظر 318

.صفة واحدة ومل حيس بتبدل أجزائها، فهو يدركها ساكنة وال حيس حبركتها

ويكون . وإذا أدرك البصر الدوامة املتحركة ساكنة فهو غالط يف سكوا، ويكون غلطه غلطاً يف القياسعلة هذا الغلط هو خروج الزمان الذي فيه يدرك البصر كل جزء من أجزاء الدوامة على مجيع حميط

الدائرة اليت يتحرك عليها ذلك اجلزء عن عرض االعتدال باإلفراط يف القصر، ألنه إذا كان هذا الزمان يف احلركة، وإذا مل يدرك أجزاء غاية القصر مل يدرك احلس أجزاءه، وإذا مل يدرك أجزاءه مل يدرك أجزاء

احلركة مل يدرك تبدل أجزاء الدوامة، وإذا مل يدرك تبدل أجزاء الدوامة مل يدرك حركتها، فعلة هذا الغلط .هو قصر الزمان الذي فيه يدرك البصر املبصر املتحرك يف مجيع املسافة اليت يتحرك عليها

وذلك ألن البصر . ملالسة أيضاً من أجل قصر الزماناخلشونة واملالسة وقد يعرض الغلط يف اخلشونة ويف اإذا ملح مبصراً من املبصرات حملة يسرية مث التفت عنه يف احلال، وكان يف ذلك املبصر خشونة يسرية، فإن

البصر ال يدرك اخلشونة اليسرية اليت تكون يف سطح ذلك املبصر، ألن اخلشونة اليسرية ليس يدركها وإذا ملح البصر املبصر حملة . تقصى، والتأمل املستقصى ليس يكون إال يف زمان مقتدرالبصر إال بالتأمل املس

وإذا مل يدرك اخلشونة اليت فيسطح . يسرية يف زمان يسري املقدار فليس يدرك اخلشونة اليت تكون فيه. ساملبصر فهو يدركه أملس، ألنه يدركه كما يدرك السطوح امللس فال يفرق بينه وبني السطوح املل

فإن كان ذلك املبصر من . وكذلك إذا كان املبصر أملس وحمله البصر حملة خفيفة فإنه ال يتحقق مالستهاملبصرات اليت حيتمل أن يكون فيها خشونة ويكون أكثرها خشنة السطوح فإن البصر رمبا ظن بذلك

.املبصر أنه خشن السطح إذا مل يتحقق مالسته

ويكون غلطه . س وباألملس أنه خشن فهو غالط يف اخلشونة ويف املالسةوإذا ظن البصر باخلشن أنه أملويكون علة غلطه هو خروج الزمان الذي يدرك . غلطاً يف القياس ألن اخلشونة واملالسة تدرك بالقياس

فيه البصر املبصر عن عرض االعتدال، ألن البصر إذا أدرك ذلك املبصر وتأمله تأمالً صحيحاً يف زمان ه يدرك خشونته إن كان خشناً ويدرك مالسته إن كان أملس، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف مقتدر فإن

.ذلك املبصر يف عرض االعتدال

الشفيف والكثافة وقد يعرض الغلط يف الشفيف ويف الكثافة أيضاً من أجل خروج الزمان الذي يكون فيه اً من األجسام املشفة حملة خفيفة مث التفت وذلك أن البصر إذا ملح جسم. اإلبصار عن عرض االعتدال

عنه، وظهر الضوء من وراء ذلك اجلسم املشف يف حال مالحظة البصر له وأحس البصر بشفيف ذلك اجلسم،وكان الضوء الذي أدركه البصر من وراء ذلك اجلسم خيرج إىل ذلك اجلسم على خطوط مائلة

وذلك . فيف ذلك اجلسم دون شفيفه احلقيقيعلى سطحه وال على خطوط قائمة، فإن البصر يدرك ش

ابن اهليثم-املناظر 319

ألن حقيقة شفيف اجلسم املشف ليس يدركه البصر إال إذا كان الضوء الذي يظهر من وراء ذلك اجلسم وإذا أدرك البصر الضوء من وراء اجلسم املشف، وكان الضوء الذي أدركه البصر . على مسوت قائمة عليه

ائلة، فإن الشفيف الذي يظهر لذلك اجلسم ليس هو شفيفه خارجاً إىل ذلك اجلسم املشف على خطوط موإذا ملح البصر اجلسم املشف وهو على الوضع الذي وصفناه، وأدرك شفيفه على ما يقتضيه . احلقيقي

وضعه، مث التفت عنه يف احلال، فإنه إذا التفت عنه بسرعة فليس حيس حبقيقة وضع ذلك اجلسم من الضوء فرق يف الزمان اليسري الذي هو ملح البصر بني الضوء املواجه للمبصر وبني الذي ظهر من ورائه وال ي

وإذا مل حيس حبقيقة وضع املبصر الذي ذه الصفة من الضوء الذي يظهر من وراءه فإنه رمبا . الضوء املائلوإذا ظن البصر بشفيف اجلسم الذي . ظن أن ذلك الشفيف الذي أدركه لذلك اجلسم هو غاية يف فيفه

. دون شفيفه احلقيقي أنه غاية شفيف ذلك اجلسم فهو غالط يف شفيف ذلك اجلسمهو

وأما إن ملح البصر اجلسم املشف، وكان ذلك اجلسم على وجه األرض ومل يظهر الضوء من وراء ذلك اجلسم، وكان ذلك اجلسم متلوناً بلون قوي، فإن البصر يدرك ذلك اجلسم كثيفاً وال حيس بشفيفه وال

وإذا مل يكن قد تقدم علم الناظر بشفيف ذلك . ه مقدار ملح البصر لون من لون اجلسم الذي وراءهيتميز لوالغلط يف . وإذا أدرك البصر اجلسم املشف كثيفاً فهو غالط يف كثافته. اجلسم فإنه ال يشك يف كثافته

لة هذا الغلط هو وع. الشفيف ويف الكثافة هو غلط يف القياس ألن الشفيف والكثافة يدركان بالقياسخروج الزمان عن عرض االعتدال، ألن البصر إذا أدرك املبصر املشف ومتكن من تأمله ومن استشفافه

فليس يعرض له الغلط يف شفيفه وال يف كثافته إن كان كثيفاً، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف عرض .االعتدال

وذلك أن البصر إذا ملح جداراً يف . زمان ويف الظلمةالظل وقد يعرض الغلط يف الظل أيضاً من اجل قصر البيت من البيوت يف سواد الليل، وكان بعض ذلك اجلدار مسفر اللون وبعضه قتم اللون، وكان على ذلك

اجلدار ضوء نار ليس بالقوي، ولن يكن قد تقدم علم الناظر بذلك اجلدار، وكان حمله له حملة يسرية مث يف حال مالحظته إذا مل يتأمله تأمالً صحيحاً رمبا ظن باملوضع القتم من اجلدار أعرض عنه يف احلال، فإنه

.أنه ظل

وكذلك إن كان بعض اجلدار أسود وبعضه أبيض، وأدركه البصر يف ضوء النهار، ومل يكن قد تقدم علم اد أنه باب الناظر بسواد ذلك اجلدار، وكان الضوء الذي عليه ليس بشديد اإلشراق، فإنه رمبا ظن بالسو

.أو منفذ وأن سواده إمنا هو ظلمة املوضع إذا مل يتأمل ذلك املوضع تأمالً صحيحاً وحمله حملة فقط

وإذا أدرك البصر املوضع املضيء بضوء النار الذي ال ظل فيه مستظالً أو مظلماً فهو غالط يف استظالله ويكون علة هذا الغلط هو . كان بالقياسويكون غلطه غلطاً يف القياس ألن الظل والظلمة يدر. ويف ظلمته

ابن اهليثم-املناظر 320

خروج الزمان الذي يلمح فيه البصر املبصر الذي ذه الصفة عن عرض االعتدال، ألن البصر إذا تأمل املبصر الذي ذه الصفة فضل تأمل فإنه يدرك الضوء الذي عليه وحيس باختالف ألوانه وال يعرض له

.قية اليت فيه يف عرض االعتدالالغلط يف شيء منه، إذا كانت املعاين البا

احلسن والقبح

وذلك أن البصر . وقد يعرض الغلط يف احلسن والقبح أيضاً من اجل خروج الزمان عن عرض االعتدالإذا ملح مبصراً من املبصرات كشخص إنسان، وكانت لذلك اإلنسان ورقة من رقة لونه وحسن هيئة مجلة

ذلك، وكانت يف مع ذلك معان لطيفة تشينه وتقبح صورته وجهه وأشكال أعضائه الظاهرة أو بعضكتباين أعضائه أو آثار تكون يف وجهه تقبح صورته، فإن البصر إذا ملح الصورة اليت ذه الصفة حملة

خفيفة والتفت عنها يف احلال فإنه يدرك حماسنها يف حال مالحظتها وال يدرك املعاين اللطيفة اليت تكون وإذا ملح البصر املبصر الذي ذه الصفة فإنه . ، ألن هذه املعاين ليس تدرك يف ملح البصرفيها اليت تشينها

وكذلك مجيع املبصرات من اجلمادات واحليوانات والنبات، إذا كانت . يدركه حسناً، وهو مع ذلك قبيحمن تأملها تأمالً فيها معان ظاهرة مستحسنة ومعان لطيفة مستقبحة، فإن البصر إذا حملها حملاً ومل يتمكن

.صحيحاً فإنه يدركها مستحسنة وهي مع ذلك مستقبحة

وكذلك إن كان يف املبصر معان ظاهرة مستقبحة ومعان لطيفة مستحسنة، وملح البصر املبصر الذي ذه وإذا أدرك البصر املبصر املستقبح حسناً فهو . الصفة حملة خفيفة، فإنه يدركه مستقبحاً وال يدرك حماسنه

. يف حسنه وإذا أدرك املبصر املستحسن قبيحاً فهو غالط يف قبحهغالط

وقد يعرض هذا الغلط بعينه للبصر إذا كان البصر ينظر من باب أو من فرجة، وكان املبصر متحركاً أو جمتازاً بذلك الباب أو الفرجة وأدركه البصر يف مقدار الزمان الذي قطع فيه املبصر عرض ذلك الباب أو

يتمكن من تأمله، فإنه يدرك املستقبح الذي على هذه الصفة اليت وصفناها حسناً ويدرك الفرجة وملوكذلك إذا كان البصر متحركاً واملبصر ساكناً أو متحركاً إىل ضد جهة حركة البصر . املستحسن قبيحاً

.وملح البصر املبصر يف حال حركته من باب أو من فرجة

متشاني يف معان ظاهرة وخيتلفان يف معان لطيفة، ومل يتأملها تأمالً وكذلك أيضاً إذا ملح البصر مبصرين. صحيحاً بل حملهما حملاً خفيفاً مث أعرض عنهما، فإنه يدرك ذينك املبصرين متشاني وال حيس باختالفهما

ال حيس وإن كانا خيتلفان يف املعاين الظاهرة ويتشاان يف املعاين اخلفية فإن البصر يدركهما خمتلفني ووإذا أدرك البصر املبصرين املختلفني بوجه من الوجوه متشاني على اإلطالق فهو غالط يف . بتشاهما

.تشاهما، وإذا أدرك املتشاني بوجه من الوجوه خمتلفني على اإلطالق فهو غالط يف اختالفهما

ياس ألن هذه املعاين تدرك والغلط يف احلسن ويف القبح ويف التشابه ويف االختالف هي أغالط يف الق

ابن اهليثم-املناظر 321

وعلة هذه األغالط هي خروج الزمان الذي يدرك فيه البصر كل واحد من هذه املبصرات عن . بالقياسعرض االعتدال، ألن البصر إذا أدرك هذه املبصرات ومتكن من تأملها وتصفح املعاين اليت فيها فإنه يدرك

والقبيح قبيحاً واملتشابه متشااً واملختلف خمتلفاً، كل واحد منها على ما هو عليه، فيدرك احلسن حسناً وال يعرض له الغلط يف يء من املعاين اليت فيها، إذا كانت املعاين الباقية اليت يف تلك املبصرات يف عرض

.االعتدال

فعلى هذه الصفات وأمثاهلا يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج الزمان الذي فيه يدرك البصر . عن عرض االعتدالاملبصر

غلط البصر من أجل صحة البصر

البعد

فأما كيف يكون غلط البصر يف القياس من اجل خروج صحة البصر عن عرض االعتدال فإنه كالبصر الذي به عشى أو به مرض أو هو ضعيف يف األصل، إذا نظر إىل مبصرين على بعدين متساويني، وكان

دمها بعداً مقتدراً، وكان أحد املبصرين أبيض نقي البياض وكان اآلخر ذانك املبصران متفرقني، وكان بعمظلم اللون، وكان الضوء الذي عليهما متساوياً، فإن البصر رمبا ظن باملبصر األبيض الذي ذه الصفة أنه

وكان من أقرب من املظلم اللون ويظن باملبصر املظلم اللون أنه أبعد، وإن كان بعدامها من األبعاد املعتدلة وذلك ألن . أبعدها، وخاصة إذا كان املبصران مرتفعني عن األرض وكان بعدامها يسامت سطح األرض

البصر الضعيف ليس يدرك ما يدركه إدراكاً صحيحاً، والقوة املميزة حتس ذا املعىن من البصر الضعيف من البعدين ومن قياس أحد وتساوي البعدين إمنا يدركه البصر من إدراكه ملقدار كل واحد . واملعلول

واملبصر النقي البياض يكون أبني من املبصر . البعدين باآلخر، فهو يدرك تساوي البعدين من قياس فيه بعداملظلم اللون، واملبصر القريب من البصر يكون أبني من املبصر البعيد من البصر، وبيان األبيض وخفاء

.مبجرد احلس يكون أظهر عند احلس مما يدرك بالقياساملظلم اللون يدركان مبجرد احلس، وما يدرك

فإذا أدرك البصر املبصرين اللذين ذه الصفة وأدرك بعديهما وأدرك اختالف بياما فإنه يغلب اختالف وإذا كانت القوة . البيان الذي يدركه مبجرد احلس على ما يدركه بالقياس ألنه أظهر واحلس به أوثق

كه البصر الضعيف هو إدراك غري صحيح كانت مما هو أظهر عند ذلك البصر املميزة تدرك أن ما يدر. وأقرب إىل احلس فاوال يف احلس أشد ثقة منها مبا هو أبعد يف احلس ومبا ليس يدرك إال بعد تأمل وقياس

ومل فالبصر الضعيف يدرك املبصر النقي البياض كأنه أقرب من املبصر املظلم اللون إذا كانا متساويي البعد وإذا أدرك البصر املبصرين . يتحقق مقدار بعديهما، ألنه يدركه أبني وألنه يغلب ما كان أظهر يف احلس

ابن اهليثم-املناظر 322

.املتساويي البعد خمتلفي البعد فهو غالط يف كل واحد منهما أو يف بعد أحدمها

د متفاوت وقد يعرض هذا الغلط بعينه للبصر الصحيح أيضاً إذا كان املبصران اللذان ذه الصفة على بعوذلك ألنه إذا مل يتيقن البصر بعدي املبصرين الذين ذه الصفة ظن . ومل يتيقن البصر مقدار بعديهما

.باألبيض أنه أقرب من أجل أنه أبني

وقد يعرض هذا الغلط للبصر الصحيح أيضاً من البعد املعتدل إذا مل يلحظ البعد ومل يتيقن مقدار البعد الصفة حملة يسرية والتفت عنهما يف احلال، إذا أدركهما يف الليل أو يف موضع وملح املبصرين الذين ذه

فيكون الغلط يف بعدي املبصرين اللذين ذه الصفة غلطاً يف القياس ألن البعد واختالف األبعاد . مغدرو ويكون العلة يف هذا الغلط للبصر الصحيح هو تفوت البعد أو ضعف الضوء أ. ليس تدرك إال بالقياس

ويكون علة هذا الغلط يف البصر الضعيف، إذا مل يكن بعد املبصرين بعداً متفاوتاً، وكانت . قصر الزماناملعاين الباقية اليت يف ذينك املبصرين اليت ا يتم إدراك املبصرات على ما هي عليه يف عرض االعتدال، هو

.ضعف البصر

وذلك أن البصر . البصر عن عرض االعتدالالوضع وقد يعرض الغلط يف الوضع أيضاً من أجل خروجالضعيف واملؤوف إذا أدرك مبصراً من املبصرات ، وكان سطح ذلك املبصر مائالً على خطوط الشعاع، ومل يكن ذلك املبصر على وجه األرض بل كان مرتفعاً عن األرض، وكان ميله ميالً يسرياً، فإن البصر ال

وذلك ألن امليل إمنا يدركه البصر . ه األرض بل يدركه كأنه مواجهحيس مبيله وإن كان بعده مسامتاً لوجمن إدراكه الختالف بعدي طريف املبصر، وإذا كان املبصر مرتفعاً عن األرض وكان ميله يسرياً فإن البصر

ليس يدرك اختالف بعدي طرفيه إال من قياس بعيد وبتأمل لطيف مستقصى، وليس يكون اختالف للحس إذا كان ميله يسرياً، والبصر الضعيف ليس يدرك املعاين اللطيفة وليس يدرك بعدي طرفيه ظاهراً

إال ما كان ظاهراً، واختالف بعدي طريف اليسري امليل إذا كان مرتفعاً عن األرض قل ما يدركه البصر الضعيف وإن أدرك وجه األرض املسامت لبعد ذلك املبصر، والبصر الصحيح ليس يدرك هذا املعىن إال

بتأمل مستقصى ورمبا عرض له الغلط مع ذلك يف ميل املبصر، وليس يدرك البصر الضعيف ميل املبصر إذا .كان سري امليل وكان مرتفعاً عن األرض، فهو يدرك ما هذه حاله من املبصرات كأنه مواجه

يكون ما يدركه ويعرض من هذا الغلط ان . وإذا أدرك البصر املبصر املائل مواجهاً فهو غالط يف وضعهالبصر من عظم املبصر الذي ذه الصفة على خالف ما هو عليه، ألن املبصر إذا أدرك البصر ميله أدرك

مقداره أعظم من مقدار املبصر املواجه الذي يوتر زاوية مثل الزاوية اليت يوترها ذلك املبصر املائل، فإذا مل مه على مثل عظم املبصر املواجه الذي يوتر زاوية مثل حيس البصر مبيل املبصر وظنه مواجهاً فهو يدرك عظ

ابن اهليثم-املناظر 323

.تلك الزاوية، فهو يدرك مقداره أصغر من مقداره احلقيقي

وذلك أن . الشكل وقد يعرض الغلط يف شكل املبصر أياً من أجل خروج البصر عن عرض االعتدال الزوايا الصغار وتلك املبصر إذا كانت له زوايا صغار وزوائد صغار فإن البصر الضعيف ال يدرك تلك

وإذا مل يدرك زوايا املبصر والزوائد اليت تكون فيه فهو يدرك شكله على خالف ما هو عليه . الزوائدوكذلك إذا كان يف املبصر حتديب يسرياً أو تقعري يسري فإن البصر الضعيف ال . ويكون غالطاً يف شكله

ذا مل يدرك التحديب والتقعري كان غالطاً يف شكل وإ. يدرك ذلك التحديب اليسري وال ذلك التقعري اليسري .ذلك السطح

التفرق واالتصال وكذلك قد يعرض الغلط يف التفرق واالتصال أيضاً من أجل ضعف البصر وتغريه، ألن فإذا كان يف سطح املبصر خطوط . البصر الضعيف واملؤوف ليس يدرك صورة املبصر إدراكاً صحيحاً

وإذا كانت تلك اخلطوط تقطع مجيع . لبصر رمبا ظن بتلك اخلطوط أا شقوقسوداء مظلمة اللون فإن اعرض اجلسم فرمبا ظن البصر بذلك اجلسم أنه اثنان أو مجاعة حبسب عدد تلك اخلطوط، وأن السواد

وكذلك إذا كانت أجسام متضامة . الذي بينهما الذي هو اخلطوط السود هو تفرق بني تلك األجساموإذا . في فإن البصر الضعيف واملؤوف ال يدرك التفرق اخلفي الذي بني تلك األجساموكان فيها تفرق خ

مل يدرك التفرق اخلفي الذي بني تلك األجسام فهو يدرك تلك األجسام كأا جسم واحد متصل، .فيكون غالطاً يف االتصال وغالطاً يف العدد مجيعاً

البصر عن عرض االعتدال على وجه آخر أيضاً، العدد قد يعرض الغلط للبصر يف العدد من أجل خروج فإن الناظر إذا كان بإحدى عينيه حول أو جبميعهما ونظر إىل املبصرات . وذلك إذا كان يف البصر حول

وذلك أن احلول هو . فإنه يف األكثر يدرك املبصر الواحد اثنني، وخاصة إذا كان احلول يف إحدى العيننيع أحد البصرين عن الوضع الطبيعي فإن الناظر إذا نظر إىل مبصر من تغري وضع البصر، فإذا تغري وض

وقد تبني يف الفصل األول من هذه املقالة أنه . املبصرات بالبصرين مجيعاً مل تلتق الشعاعات املختلفة الوضعإذا التقى على املبصر شعاعات خمتلفة الوضع فإنه يدرك اثنني وهو واحد، وذلك ألن صورته حتصل يف

عني خمتلفي الوضع من البصرين وتنتهي إىل موضعني مفترقني من موضع اإلحساس األخري، فتحصل موضفإذا كان بإحدى .صورته يف موضع اإلحساس األخري صورتني ويدرك املبصر الواحد من أجل ذلك اثنني

. ثننيالعينني حول وكانت األخرى سليمة فإن الناظر يدرك كل واحد من املبصرات يف أكثر األحوال ا

وإذا كان احلول يف العينني مجيعاً ومل يكن وضعهما مع ذلك متشااً فإن حاهلما يكون أيضاً كمثل احلول وإن كان احلول يف العينني مجيعاً وكان وضعهما وضعاً متشااً إذا حتركتا . الذي يكون يف إحدى العينني

وذلك أن الببصرين إذا مل يكن . األكثراختلف وضعهما، فأدركا يف تلك احلال املبصر الواحد اثنني يف

ابن اهليثم-املناظر 324

وضعهما الوضع الطبيعي فليس يكون وضعهما عند حركتهما أبداً وضعاً متشااً، بل كان وضعهما عند احلركة متشااً، ورمبا اختلف وضعهما من أجل أن نصبتهما إذا كانا خارجني عن الوضع الطبيعي ليس

.اً متشااً عند احلركةتكون نصبة معتدلة فليس يلزمان أبداً وضع

فإذا أدرك األحول مبصرات كثرية يف وقت واحد فإنه إما أن يدرك كل واحد منها اثنني وإما أن يدرك وإذا أدرك البصر املبصرات على هذه . بعضها أو واحداً منها اثنني، وهذه حال األحول يف أكثر األحوال

فالبصر إذا . أو واحداً منها اثنني، فهو غالط يف عددهاالصفة وأدرك كل واحد منها اثنني، وأدرك بعضها والغلط يف الوضع ويف . كان به حول وكان اإلبصار ببصرين فإنه يعرض له الغلط يف عدد املبصرات دائماً

الشكل ويف العظم ويف التفرق ويف االتصال ويف العدد هي أغالط يف القياس، ألن هذه املعاين تدرك غالط إذا كانت على الصفات اليت وصفناها هي ضعف البصر، ألن البصر وعلة هذه األ. بالقياس

الصحيح ليس يعرض له الغلط يف شيء من هذه املعاين إذا كانت املعاين الباقية اليت يف املبصرات اليت ذه .الصفة يف عرض االعتدال

وذلك . االعتدالاحلركة والسكون وقد يعرض الغلط يف احلركة أيضاً من اجل خروج البصر عن عرض أن اإلنسان إذا دار دوراناً سريعاً مرات كثرية مث وقف فإنه يرى مجيع ما يدركه من املبصرات يف تلك

وإمنا يعرض له ذلك ألن الروح اليت يف البصر يف تلك احلال . احلال كأا تدور، وهي مع ذلك ساكنة اإلنسان الذي ذه الصفة من بعد تتحرك يف موضعها وتدور عند دوران اإلنسان وتتموج، فإذا وقف

الدوران السريع بقيت احلركة يف الروح الباصرة بعد سكون اإلنسان ساعة من الزمان ما تبقى احلركة يف اجلسم الذي حيركه اإلنسان حركة مستديرة مث أمسك عنه بقيت احلركة يف ذلك اجلسم زماناً، فيكون

كذلك . ه من حتريك احملرك، كالدوامة وما جرى جمراهاذلك اجلسم يتحرك من غري حمرك بل مبا حصل فيوما دامت احلركة فيها . تكون الروح الباصرة بعد سكون اإلنسان من الدوران، فتبقى احلركة فيها زماناً

فالناظر يرى املبصرات كأا تتحرك وتدور، مث إذا سكنت احلركة اليت يف الروح الباصرة سكن ذلك وكذلك يكون حال اإلبصار إذا عرض لإلنسان املرض . ر يف تلك املبصراتالدوران الذي يدركه البص

.الذي يسمى الدوار

فإذا دار اإلنسان دوراناً شديداً أو عرض له املرض الذي يسمى الدوار عرض يف الروح الباصرة حركة حد وإذا عرض يف الروح الباصرة حركة مستديرة بعد أن كانت ساكنة فقد خرج البصر عن . مستديرةوإذا عرض للروح حركة مستديرة ومل تكن ساكنة على حاهلا الطبيعية فإا تدرك املبصرات . اعتداله

كأا متحركة حركة سريعة مستديرة، ألن صور املبصرات اليت حتصل فيها يف تلك احلال تكون متنقلة يف

ابن اهليثم-املناظر 325

اصرة على استدارة من أجزاء الروح الباصرة من أجل حركة الروح، ويكون انتقاهلا يف جسم الروح البوإذا حتركت الصورة يف أجزاء الروح الباصرة على استدارة كانت مبرتلة . أجل حركتها على استدارة

حركة صورة املبصر الذي له حركة مستديرة يف أجزاء الروح الباصرة إذا كانت ساكنة، فإن املبصر فإدراك البصر املبصرات . ة مستديرةاملتحرك حركة مستديرة تتحرك صورته يف أجزاء الروح الباصرة حرك

متحركة على استدارة مع سكوا عند الدوران السريع وعند املرض املسمى الدوار إمنا هو حلركة الروح .الباصرة وحركة صور املبصرات يف أجزاءها من أجل حركتها

الدوار فهو غالط وإذا أدرك البصر املبصرات الساكنة متحركة يف عقيب الدوران ويف حال املرض املسمى وعلة هذا الغلط . فيما يدركه من تلك املبصرات ويكون غلطه غلطاً يف القياس ألن احلركة تدرك بالقياس

ألن البصر الصحيح ليس يدرك شيئاً من املبصرات متحركاً على . هو خروج البصر عن عرض االعتدال .عرض االعتدالهذه الصفة إذا كانت املعاين الباقية اليت يف تلك املبصرات يف

وذلك أن املبصر إذا كان يتحرك . وقد يعرض الغلط يف السكون أيضاً من أجل ضعف البصر وتغريهحركة مستديرة، وكان ذلك املبصر متشابه اللون ومستدير الشكل، وكانت أجزاء سطحه متشاة، فإن

وذلك ألن احلركة . يئةالبصر ال يدرك حركته إذا كان البصر ضعيفاً وإن كانت احلركة املستديرة بطاملستديرة ليس يدركها البصر إال من تبدل أجزاء املتحرك بالقياس إىل البصر أو بالقياس إىل جسم آخر أو

وإذا كان املتحرك مستدير الشكل وكان سطحه متشابه . من قياس جزء من املتحرك إىل أجسام أخرها البصر الصحيح إال بتأمل شديد مستقصى اللون ومتشابه الصورة فإن أجزاءه وتبدل أجزائه ليس يدرك

.إذا كانت احلركة بطيئة

فأما إذا كانت حركة املبصر الذي ذه الصفة حركة سريعة وشديدة السرعة فليس يدركها البصر وإن فإن كان املبصر متشابه الصورة فليس يظهر للبصر الصحيح أجزاؤه وال تبدل أجزائه إال . كان صحيحاً

وليس يدرك البصر . مستقصى ومن إدراكه لألجزاء اللطيفة اليت تكون يف ذلك املبصرمن تأمل شديدفإذا كان البصر ضعيفاً وكانت أجزاء املبصر . احلركة املستديرة إن مل يتميز له شيء من أجزاء املبصر

ألجزاء فليس وإذا مل تتميز له أجزاء املبصر وكان املبصر متشابه ا. متشاة فليس تتميز له أجزاء املبصروإذا مل يدرك البصر أجزاء املبصر . يدرك تبدل أجزائه وال مسامتة اجلزء من أجزائه لغريه من املبصرات

املتحرك ومل يدرك تبدل أجزاء املبصر فليس يدرك حركته إذا كانت حركته مستديرة وكان املتحرك .الزماً ملوضع واحد

إىل الرحى وهي تدور، فإن هذه املعاين تكون مجيعها يف وهذا الغط يعرض للبصر الضعيف دائماً إذا نظر

ابن اهليثم-املناظر 326

فالبصر الصحيح يدرك حركة الرحى من إدراكه لتبدل أجزائها، وإدراكه لتبدل أجزائها إمنا هو . الرحىوالبصر الضعيف ال يدرك حركة الرحى إذا كان متشابه األجزاء، ألمنه ال . من إدراكه ألجزائه الصغارفالبصر الضعيف واملؤوف إذا نظر إىل الرحى وهي تتحرك وتدور . يدرك تبدهلايدرك أجزاءه الصغار وال

فهو يدركها كأا ساكنة، فيكون غالطاً يف سكوا، ويكون غلطه غلطاً يف القياس ألن السكون يدرك ويكون علة هذا الغلط هو ضعف البصر، ألن البصر الصحيح يدرك حركة الرحى على ما هي . بالقياس . كانت املعاين الباقية اليت يف تلك الرحى يف عرض االعتدالعليه إذا

اخلشونة واملالسة والشفيف والكثافة وقد يعرض الغلط يف اخلشونة واملالسة والشفيف والكثافة أيضاً من وذلك أن البصر الضعيف واملأوف ليس يدرك املعاين اللطيفة اليت . أجل خروج البصر عن عرض االعتدال

ر، فإن كان املبصر خشونة يسرية فليس يدركها البصر الضعيف، وإذا مل يدرك البصر تكون يف املبصاخلشونة اليت يف سطح املبصر فهو يظنه أملس، وإذا أدرك البصر املبصر اخلشن أملس فهو غالط يف

.مالسته

شنة وكذلك إذا نظر البصر الضعيف إىل مبصر أملس، وكان ذلك املبصر يشبه مبصراً من املبصرات اخلوإذا ظن باملبصر . اليت يعرفها ذلك الناظر ويعرف خشونتها، فإنه رمبا ظن بذلك املبصر األملس أنه خشن

.األملس أنه خشن فهو غالط يف خشونته

وكذلك إذا نظر البصر الضعيف واملأوف إىل مبصر مشف، وكان ذلك املبصر قوي الشفيف وفيه مع وذلك ألنه يدرك الكثافة . يدرك شفيفه على ما هو عليهذلك بعض الكثافة، فإن البصر الضعيف ليس

وإذا أدرك كثافة ذلك املبصر أغلظ مما هي فهو يدرك شفيفه . اليسرية يف ذلك املبصر أغلظ مما هي لضعفه .وإذا أدرك شفيف املبصر أقل مما هو عليه فهو غالط يف شفيفه. أقل مما هو عليه

، وكان املبصر متلوناً بلون قوي، فإن البصر الضعيف واملأوف ال وإذا كان الشفيف الذي يف املبصر يسرياًوإذا مل . يدرك الشفيف الذي يف ذلك املبصر، وليس يدرك الشفيف اليسري إال البصر القوي الصحيح

يدرك البصر الضعيف الشفيف الذي يف املبصر اليسري الشفيف فهو يدركه كثيفاً، ألن يشبهه بأمثاله من .وإذا أدرك املشف كثيفاً فهو غالط يف كثافته. ة املتلونة بذلك اللوناملبصرات الكثيف

والغلط يف اخلشونة ويف املالسة ويف الشفيف ويف الكثافة على الصفات اليت وصفناها هي أغالط يف وعلى هذه األغالط على هذه الوجوه هي ضعف البصر وخروجه . القياس ألن هذه املعاين تدرك بالقياس

ته، ألن البصر الصحيح يدرك مجيع هذه املعاين يف املبصرات على ما هي عليه إذا كانت عن اعتدال صح .املعاين الباقية اليت يف تلك املبصرات يف عرض االعتدال

وذلك أن . الظل والظلمة وقد يعرض الغلط يف الظل أيضاً من اجل خروج البصر عن عرض االعتدال

ابن اهليثم-املناظر 327

ذا لون قتم منكسر، وأشرق الضوء على ذلك املبصر، فإن املبصر إذا كان بعضه ذا لون مسفر وبعضه فإذا . الضوء يكون يف سطح ذلك املبصر خمتلف الصورة من أجل اختالف اللون الذي يف ذلك املبصر

أدرك ابصر الضعيف املبصر الذي ذه الصفة فإنه رمبا ظن باملواضع املنكسفة القتمة أا أظالل النكسار ظن البصر باملبصر املضيء الذي ال ظل فيه أنه مستظل فهو غالط فيما يظنه من وإذا . الضوء الذي فيها

.الظل

وكذلك إذا أدرك البصر الضعيف اجلدران، وكان بعضها أسود وبعضها أبيض، وكان مجيعها مضيئاً ظلم وإذا ظن باجلدار األسود أنه موضع م. بضوء معتدل، فإنه رمبا ظن باملواضع السود أا مواضع مظلمة

.فهو غالط فيما يظنه من الظلمة

وعلة هذين . والغلط يف الظل ويف الظلمة ومها غلطان يف القياس ألن الظل والظلمة يدركان بالقياسالغلطني على الصفة اليت وصفناها هو ضعف البصر، ألن املبصرات اليت ذه الصفة إذا أدركها البصر

ض له الغلط فيها إذا كانت املعاين الباقية اليت يف تلك الصحيح فإنه يدركها على ما هي عليه وال يعر .املبصرات يف عرض االعتدال

احلسن والقبح والتشابه واالختالف وقد يعرض الغلط يف احلسن ويف القبح ويف التشابه واالختالف أيضاً مستحسنة وذلك أن املبصر إذا كانت املعاين الظاهرة اليت فيه. من أجل خروج البصر عن عرض االعتدال

وكنت فيه معان لطيفة مستقبحة فإن البصر الضعيف واملأوف يدرك ذلك املبصر حسناً، ألن البصر وكذلك إذا كانت املعاين الظاهرة اليت يف املبصر . الضعيف يدرك املعاين الظاهرة وال يدرك املعاين اللطيفة

ضعيف واملأوف يدرك املبصر الذي قبيحة وكانت فيه معان لطيفة مستحسنة وحمسنة لصورته فإن البصر الذه الصفة قبيحاً وال حيس حبسنه، ألنه يدرك املعاين الظاهرة اليت هو ا مستقبح وال يدرك معانيه اللطيفة

.اليت هو ا مستحسن

وكذلك إذا أدرك البصر الضعيف واملأوف مبصرين، وكان املبصران يتشاان يف املعاين الظاهرة وخيتلفان لطيفة، فإن البصر الضعيف واملأوف يدرك املبصرين اللذين ذه الصفة متشاني وال حيس يف معاين

وكذلك إذا كان املبصران خمتلفني يف املعاين الظاهرة ومتشاني يف معان لطيفة فإن البصر . باختالفهماوكذلك إذا . الضعيف واملأوف يدرك املبصرين اللذين على هذه الصفة متشاني وال حيس باختالفهما

كان املبصرات خمتلفني يف املعاين الظاهرة متشاني يف معان لطيفة فإن البصر الضعيف واملأوف يدرك .املبصرين اللذين على هذه الصفة خمتلفني وال حيس بتشاهما

وإذا أدرك . وإذا أدرك البصر املبصر القبيح يف معىن من املعاين حسناً على اإلطالق فهو غالط يف حسنه

ابن اهليثم-املناظر 328

وكذلك إذا أدرك البصر املبصرين . حلسن بوجه من الوجوه قبيحاً على اإلطالق فهو غالط يف قبحهاوإذا أدرك املبصرين املتشاني . املختلفني بوجه من الوجوه متشاني على اإلطالق فهو غالط يف تشاهما

سن والقبح ويف التشابه والغلط يف احل. بوجه من الوجوه خمتلفني على اإلطالق فهو غالط يف اختالفهماويف االختالف هي أغالط يف القياس ألن هذه املعاين تدرك بالقياس، وألن األغالط اليت ذه الصفة إمنا

وعلة هذه الغالط على . هي من تعويل البصر على املعان الظاهرة فقط وسكونه مع ذلك إىل نتائجها ألن البصر الصحيح يدرك مجيع هذه املعاين الوجوه اليت وصفناها هي خروج البصر عن عرض االعتدال،

على ما هي عليه إذا كانت املعاين الباقية اليت يف املبصرات اليت ا يتم إدراك املبصرات على ما هي عليه يف .عروض االعتدال

فعلى هذه الصفات وأمثاهلا يكون غلط البصر يف القياس من أجل خروج صحة البصر عن عرض ما فصلناه يف مجيع هذه الفصول يتبني كيف يكون غلط البصر يف القياس حبسب ومن مجيع . االعتدال

.كل واحدة من العلل اليت من أجلها يعرض للبصر الغلط يف مجيع املعاين اليت تدرك بالقياس

خاتمة في أغالط البصر في القياس

جلها يعرض للبصر الغلط، فقد أتينا على تقسيم مجيع أنواع أغالط البصر، فحصرنا مجيع العلل اليت من أومجيع ما . ومثلنا يف كل قسم من أقسام األغالط مبثال من األمور املوجودة يظهر منها كيفية الغلط

ذكرناه من الغالط إمنا هي أمثلة يف كيفيات أغالط البصر، وليست مجيع أغالط البصر، وإمنا كل واحد وأغالط البصر كثرية، إال أن مجيع أغالط البصر . من األمثلة اليت ذكرناها هو مبرتلة النوع من األغالط

وعلل مجيع أغالط البصر على اإلطالق . جتتمع حتت األنواع اليت فصلناها، وتنقسم إىل األمثلة اليت مثلناهاوأنواعها وأقسامها هي العلل اليت حصرناها، وال يوجد شيء من األغالط يتعدى العلل الثماين اليت تقدم

.تفصيلها

ع ما ذكرنه من األغالط إمنا هي أمثلة األغالط اليت عللها مفردة ولكل واحد منها علة واحدة من ومجيوقد يعرض الغلط من اجتماع علتني وثلث وأكثر من . العلل احملصورة اليت من أجلها يعرض للبصر الغلط

لبصر مبصراً من ومثال ذلك إذا ملح ا. وإذا عرض ذلك فإن البصر يكون مركباً. العلل اليت ذكرناهااملبصرات من بعد متفاوت، وكان ذلك املبصر متحركاً حركة على االستقامة وعلى مسافة معترضة لكن حركة ليست يف غاية السرعة، فإن البصر إذا ملح املبصر الذي ذه الصفة من بعد متفاوت ومل يلبث يف

الزمان اليسري وإن كان قد متكن أن يدرك مقابلته إال زماناً يسرياً مث التفت عنه فإنه ال يدرك حركته يف

ابن اهليثم-املناظر 329

وذلك أن املسافة اليت يقطعها املبصر . حركة ذلك املبصر يف مثل ذلك القدر من الزمان من القرباملتحرك يف الزمان اليسري إذا كانت على بعد قريب من البصر، ومل تكن حركة املبصر املتحرك يف غاية

من ذلك البعد يف مقدار ذلك الزمان، إذا مل تكن تلك املسافة يف البطء، فإنه قد ميكن أن يدركها البصروإذا أدرك البصر املسافة اليت يقطعها املبصر املتحرك يف الزمان اليسري فهو يدرك حركة ذلك . غاية الصغر

وإذا كانت املسافة اليت يقطعها املبصر املتحرك يف الزمان اليسري على بعد . املتحرك يف الزمان اليسري .تفاوت فإن البصر رمبا مل يدرك تلك املسافة حق قدرها عند البعد املتفاوتم

وإذا مل يدرك البصر املسافة اليت يقطعها املبصر املتحرك يف الزمان اليسري من البعد املتفاوت فإنه ال يدرك يف ذلك وإذا مل يدرك حركة املتحرك. حركة ذلك املتحرك يف ذلك القدر من الزمان من البعد املتفاوت

. وإذا ظن باملتحرك أنه ساكن فهو غالط يف سكونه. القدر من الزمان فإنه يظن بذلك املتحرك أنه ساكن

ويكون علة غلطه هو تفاوت البعد وقصر الزمان معاً، ألن البصر إذا ثبت يف مقابلة ذلك املبصر وهو على قتدرة على ان يدركها البصر من ذلك البعد البعد املتفاوت زماناً فسيحاً يقطع املبصر املتحرك فيه مسافة م

املتفاوت فإن البصر يدرك حركة ذلك املبصر من ذلك البعد املتفاوت، وإذا كان ذلك املبصر على مسافة قريبة من البصر فإن البصر يدرك حركته يف الزمان اليسري إذا كان املتحرك يقطع يف الزمان اليسري مسافة

وإذا كان ذلك فعلة إدراك البصر للمبصر املتحرك من البعد . البعد اليسريعلى أن يدركها البصر من ذلك املتفاوت يف الزمان اليسري ساكناً ليس هو البعد املتفاوت منفرداً وليس هو قصر الزمان منفرداً بل إمنا هو

.تفاوت البعد مع قصر الزمان جمموعني

كان ذلك املبصر خمتلف األلوان، وكانت وكذلك إذا كان مبصر من املبصرات يتحرك حركة مستديرة، وحركته حركة سريعة وليست يف غاية السرعة، وكان املبصر الذي ذه الصفة يف مكان مغدر وليس

بشديد الغدرة، وملح البصر ذلك املبصر من بعد يسري فإنه يدرك حركته يف حال حملته من أجل اختالف لوان وكانت حركته مستديرة ومل يكن يف غاية السرعة ألوانه مع قربه، ألن املتحرك إذا كان خمتلف األ

. فإن البصر يدرك تبدل أجزائه بسرعة وإن مل يكن الضوء الذي عليه قوياً إذا كان قريب املسافة من البصر

مث إن بعد البصر عن هذا املبصر حىت يصري على بعد مقتدر، وملح البصر ذلك املبصر بعينه من البعد البعيد فليس يدرك حركته يف تلك اللمحة للبعد املتفاوت الذي بينهما مع غدرة املوضع مع قصر حملة خفيفة،

زمان اللمحة، ألن القوس اليت يقطعها كل جزء من املبصر املتحرك املستدير يف زمان يسري تكون صغرية ذلك املبصر املقدار، وإذا كان مقدار القوس اليت يقطعها اجلزء من املبصر صغرياً وكان الضوء الذي يف

يسرياً وكان البعد بعيداً مل يدرك البصر يف اللمحة اليسرية القوس الصغرية اليت يقطعها املتحرك املستدير يف .زمان تلك اللمحة

ابن اهليثم-املناظر 330

فإذا تأمل البصر املبصر الذي ذه الصفة، وثبت يف مقابلته زماناً فيه فسحة واستقصى تأمله، فإنه قد لبعيد ألن القوس اليت يقطعها ذلك املبصر املتحرك يف الزمان الفسيح تكون يدرك حركة املبصر من البعد ا

مقتدرة املقدار، فيمكن البصر أن يدركها من البعد البعيد مع غدرة املوضع إذا مل يكن املوضع شديد وإن قوي الضوء الذي يف املوضع، مث ملح البصر ذلك املبصر من البعد البعيد الذي حمله منه أوالً. الغدرة

ومل يدرك حركته، فإنه قد ميكن أن يدرك حركته إذا حمله والضوء الذي فيه قوي، ألن القوس اليت يقطعها ذلك املتحرك يف زمان اللمحة اليت مل يدركها البصر من أجل ضعف الضوء مع تفاوت البعد مع قصر

منه بعيداً وكان الزمان الزمان قد ميكن أن يدركها البصر يف الضوء القوي وإن كان البعد الذي يدركهاقصرياً، ألن املبصرات الصغار اليت ال يدركها البصر يف املواضع املغدرة قد يدركها البصر يف الضوء القوي

من األبعاد بعينها اليت مل يدركها منها يف املواضع املغدرة ويف مقادير الزمان بأعياا اليت مل يدركها منها .يف املواضع املغدرة

البصر املبصر املتحرك دوراً من البعد البعيد يف الضوء اليسري ومل يدرك حركته يف حال حملته فإنه فإذا ملح وإذا ظن البصر بذلك املبصر أنه ساكن، واملبصر مع ذلك متحرك، فهو غالط . يظنه يف تلك احلال ساكناً

الذي يف املبصر ويكون علة هذا الغلط هو تفاوت البعد مع قصر الزمان مع ضعف الضوء. يف سكونهوذلك أنه يدرك . باجتماعها، ألن البصر قد يدرك حركة ذلك املبصر مع اجتماع علتني من هذه العلل

حركته يف حال حملته مع ضعف الضوء الذي فيه إذا حمله من مسافة قريبة، وقد يدرك حركته من البعد ك حركته من البعد البعيد يف حال حملته البعيد مع ضعف الضوء إذا ثبت يف مقابلته زماناً يسرياً، وقد يدر

.إذا كان الضوء الذي فيه قوياً

وإذا كان ذلك كذلك فالعلة اليت من أجلها يدرك البصر املبصر املتحرك الذي ذه الصفة ساكناً على الوجه الذي وصفناه إمنا هو اجتماع العلل الثالث اليت وصفناها ال واحدة منها وال الجتماع علتني منها

فقد تبني مما ذكرناه أن غلط البصر قد يكون الجتماع علتني وأكثر . ل اجتماع العلل الثلث مبجموعهابمن العلل اليت من أجلها يعرض للبصر الغلط، فغلط البصر قد يكون لعلة واحدة وقد يكون ألكثر من علة

كثر من واحدة ليس واحدة، إال أن مجيع العلل اليت من أجلها يعرض للبصر الغلط واحدة كانت أو أ .خترج عن العلل الثماين اليت فصلناها

وصر مجيع . فأغالط البصر يف املعاين اجلزئية تكون على ما مثلناه وفصلناه يف مجيع أنواع األغالطفإذا عرض للبصر غلط يف معىن من املعاين اجلزئية اليت يف مبصر من . املبصرات مركبة من املعاين اجلزئية

أكثر من واحد من املعاين اجلزئية اليت يف املبصرات فإنه يكون غالطاً يف صورة ذلك املبصرات أو يف

ابن اهليثم-املناظر 331

وإذا عرض للبصر غلط يف صورة املبصر فإمنا هو غالط يف معىن من املعاين اجلزئية اليت يف صورة . املبصر مبصر من وليس يغلط البصر فيما يدركه من صورة. ذلك املبصر أو أكثر من واحد من املعاين اليت فيه

املبصرات إال من غلطه يف معىن من املعاين اجلزئية اليت يف ذلك املبصر أو يف عدة من املعاين اجلزئية اليت فيه وكذلك إذا غلط البصر يف معرفة .ألن البصر ليس يدرك من املبصرات إال املعاين اجلزئية اليت حتصل فيها

ذلك املبصر أو بعض املعاين اليت فيه مبا يعرفه البصر من املبصر فإمنا يكون غلطه من تشبيه املعاين اليت يف .املعاين اليت أدركها من قبل يف ذلك املبصر بعينه أو يف غريه من املبصرات اليت من نوعه

ومجيع األغالط يف املعاين اجلزئية إمنا يكون غلطاً يف جمرد احلس، أو غلط يف املعرفة، أو غلط يف القياس، وليس يعرض للبصر غلط يف . هذه الثلثة، أو غلط يف نوعني منهما يف اجتماعهماأو غلطاً يف جمموع

فأغالط البصر يف مجيع ما يغلط فيه البصر من صور املبصرات قد . املعاين اجلزئية خيرج عن هذه األقسامطاُ يف يكون غلطاً يف جمرد احلس، وقد يكون غلطاً يف املعرفة، وقد يكون غلطاً يف القياس، وقد يكون غل

وليس يعرض للبصر غلط يف . األنواع الثلثة باجتماعها، وقد يكون غلطاً يف نوعني منهما باجتماعهماومجيع األغالط يف األنواع الثلثة اليت ذكرناها ليس . صورة املبصر من املبصرات خيرج عن هذه األقسام

.تيكون إال من أجل غلط البصر يف املعاين اجلزئية اليت يف صور املبصرا

فقد تبني أن مجيع أغالط البصر يف مجيع املعاين اجلزئية إمنا يكون للعلل اليت حصرناها إما لعلة واحدة منها فجميع أغالط البصر يف مجيع ما يدركه من صور املبصرات ويف مجيع ما يدركه من . أو ألكثر من واحدة

ىل األقسام اليت فصلناها، وتعرض للبصر على املعاين اجلزئية اليت يف صور املبصرات على انفرادها تنقسم إ .وهذا حني خنتم هذه املقالة.األمثلة اليت مثلناها، وجتتمع عللها حتت العلل اليت حصرناها

متت املقالة الثالثة من كتاب أيب علي احلسن بن احلسن بن اهليثم يف املناظر ووقع الفراغ من نسخها ليلة واحلمد هللا وحده وصلواته على سيدنا حممد . سبعني وأربعمائةاألحد حادي عشر شعبان من سنة ست و

.النيب وآله وسالمه

ابن اهليثم-املناظر 332

الفهرس

   2.............................................................................................................................المقالة األولى

2..................................................................................................................كيفية اإلبصار بالجملة 2..........................................................................................................................الفصل األول 2..........................................................................................................................صدر الكتاب

4..........................................................................................................................صل الثانيالف 4.........................................................................................................البحث عن خواص البصر

10.......................................................................................................................الفصل الثالث 10....................................................................................................البحث عن خواص األضواء 10.....................................................................................................وعن كيفية إشراق األضواء

46....................................................................................................................... الرابعالفصل 46...............................................................................................فيما يعرض بين البصر والضوء

50.....................................................................................................................الفصل الخامس 50.........................................................................................................................هيئة البصر

56.....................................................................................................................الفصل السادس 56......................................................................................................................كيفية اإلبصار 89.......................................................................................................................الفصل السابع

89.................................................................................................................منافع آالت البصر 93.......................................................................................................................الفصل الثامن 93.........................................................................................................................علل المعاني

93.......................................................................................التي ال يتم اإلبصار إال بها وباجتماعها 98............................................................................................................................المقالة الثانية

98................................................................................................تفصيل المعاني التي يدركها البصر 98................................................................................................................وعللها وكيفية إدراكها 98...............................................................................................................بسم اهللا الرحمن الرحيم

98........................................................................................................................الفصل األول 98........................................................................................................................صدر المقالة 98........................................................................................................................الفصل الثاني

98..............................................................................................................تمييز خطوط الشعاع 110.....................................................................................................................الفصل الثالث

110..................................................................................................كيفية إدراك المعاني الجزئية 129....................................................................................................................إدراك البعد

137................................................................................................................إدراك الوضع 139.......................................................................................................إدراك الضوء واللون

146.................................................................................................................إدراك التجسم 148..................................................................................................................إدراك الشكل 151..................................................................................................................إدراك العظم 166.................................................................................................................إدراك التفرق

168...............................................................................................................إدراك االتصال 168...................................................................................................................إدراك العدد

168................................................................................................................إدراك الحركة 171................................................................................................................إدراك السكون 172...............................................................................................................إدراك الخشونة

ابن اهليثم-املناظر 333

173................................................................................................................إدراك المالسة 174................................................................................................................إدراك الشفيف 175.................................................................................................................إدراك الكثافة 175...................................................................................................................إدراك الظل 175.................................................................................................................إدراك الظلمة 175.................................................................................................................إدراك الحسن 182...................................................................................................................إدراك القبح

182.................................................................................................................إدراك التشابه 182.............................................................................................................إدراك االختالف

183.....................................................................................................................الفصل الرابع 183...............................................................................................صراتتمييز إدراك البصر للمب

198..........................................................................................................................المقالة الثالثة 198.........................................................................................................................أغالط البصر

198...............................................................................................فيما يدركه على استقامة وعللها 198......................................................................................................................الفصل األول 198......................................................................................................................صدر المقالة 199......................................................................................................................الفصل الثاني

199.............................................................................................................تقديم ما يجب تقديمه 199................................................................................................لتبيين الكالم في أغالط البصر

220.....................................................................................................................فصل الثالثال 220..............................................................................................................العلل المسببة للغلط

229.....................................................................................................................الفصل الرابع 229.............................................................................................................تمييز أغالط البصر

232...................................................................................................................الفصل الخامس 232...........................................................................كيفيات أغالط البصر التي تكون بمجرد الحس

232.................................................................بحسب كل واحد من العلل التي من أجلها يعرض الغلط 238...................................................................................................................الفصل السادس

238..............................................................................كيفيات أغالط البصر التي تكون في المعرفة 238.......................................................بحسب كل واحد من العلل التي من أجلها يعرض للبصر الغلط

248.....................................................................................................................الفصل السابع 248...............................................................................تكون في القياسكيفيات أغالط البصر التي 

248......................................................بحسب كل واحدة من العلل التي من أجلها يعرض للبصر الغلط 248...................................................................................غلط البصر في القياس من أجل البعد

248...................................................................من أجل خروج بعد المبصر عن عرض االعتدال 271.......................................................................غلط البصر في القياس من أجل وضع المبصر

271........................................................................................................عن عرض االعتدال 283..................................................................غلط البصر من أجل الخروج عن عرض االعتدال

292.............................................................................غلط البصر من أجل خروج حجم المبصر 299......................................................................................ط البصر من أجل كثافة المبصرغل

307.......................................................................................غلط البصر من أجل شفيف الهواء 312...............................................................................................غلط البصر من أجل الزمان

312................................................................الذي فيه يدرك البصر المبصر عن عرض االعتدال 321......................................................................................غلط البصر من أجل صحة البصر 328......................................................................................خاتمة في أغالط البصر في القياس

332................................................................................................................................الفهرسcom.mostafa-al.www://http: To PDF