المذهب المالكي نحا اإلمام مالك منحى فقهاء أهل المدينة في األصول التي بنى عليها اجتهاده، واتخذت بعده أساسا

لمذهبه. واألدلة التي اعتمدها علماء المدينة في عمومها هي نفس األدلة التي اعتمدها غيرهم من أهل السنة والجماعة؛هي الكتاب والسنة واإلجماع والقياس. وإنما اختلفوا عن غيرهم من أهل الرأي في

.مدى اإلعتماد على الحديث، وشروط قبوله والعمل به، ثم اللجوء إلى القياس ومتى يكون حجة

 األصول النقلية - 1األصول العقلية - 2

النظر المقاصدي في المذهب المالكي - 3 كان لإلمام مالك منهج في اإلستنباط الفقهي لم يدونه كما دون بعض مناهجه في الرواية، ولكن مع

ذلك صرح بكالم قد يستفاد منه بعض منهاجه، فقد ألمح إلى ذلك وهو يتحدث عن كتابه "الموطأ": "فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول الصحابة والتابعين ورأيي، وقد تكلمت برأيي، وعلى

(.فهذه العبارة من1االجتهاد، وعلى ما أدركت عليه أهل العلم ببلدنا، ولم أخرج من جملتهم إلى غيره") اإلمام تشير إلى بعض األصول التي استند إليها في اجتهاداته واستنباطاته الفقهية وهي: السنة، وقول

الصحابة، وقول التابعين، والرأي واإلجتهاد، ثم عمل أهل المدينة.ولقد صنع فقهاء المذهب المالكي في فقه مالك ما صنعه فقهاء المذهب الحنفي، فجاؤوا إلى الفروع وتتبعوها، واستخرجوا منها ما يصح أن

يكون أصوال قام عليها اإلستنباط في مذهب مالك، ودونوا تلك األصول التي استنبطوها على أنها أصول مالك، فيقولون مثال: كان يأخذ بمفهوم المخالفة، أو بفحوى الخطاب، أو بظاهر القرآن. كما نجدهم

يقولون في كل قاعدة رأي مالك فيها كذا، وليس ذلك ما أخذوه من جملة الفروع.. ومن مجموع تلك اآلراء تتكون أصول المذهب المالكي التي قامت عليها أصول المالكية، والتي قام عليها التخريج من

المتقدمين والمتأخرين في ذلك المذهب.ولعل أدق إحصاء ألصول المذهب المالكي هو ما ذكره "القرافي" في كتابه "شرح تنقيح الفصول" حيث ذكر أن أصول المذهب هي القرآن والسنة واإلجماع

وإجماع أهل المدينة والقياس وقول الصحابي والمصلحة المرسلة والعرف والعادات وسد الذرائع(2واإلستصحاب واإلستحسان)

 األصول النقلية - 1 القرآن الكريم: يلتقي اإلمام مع جميع األئمة المسلمين في كون كتاب الله عز وجل هو أصل األصول،

.وال أحد أنزع منه إليه، يستدل بنصه، وبظاهره ويعتبر السنة تبيانا له السنة النبوية: أما السنة ومفهومها عند اإلمام مالك فطبيعي أن يسير في فهمها على ما سار عليه السلف وعامة المحدثين الذين كان من أئمتهم وأقطابهم، غير أنه ربما عمم في السنة لتشمل ما

يعرف عند علماء الحديث بالمأثور. وهو بهذا المعنى يعطي لعمل أهل المدينة وإجماعهم مكانة خاصة، ويجعل من قبيل السنة كذلك فتاوى الصحابة، وفتاوى كبار التابعين اآلخذين عنهم، كسعيد بن المسيب، ومحمد بن شهاب الزهري، ونافع، ومن في طبقتهم ومرتبتهم العلمية، كبقية الفقهاء السبعة.عمل أهل

المدينة: من األصول التي انفرد بها مالك واعتبرها من مصادر فقه األحكام والفتاوى. وقسم اإلمام الباجي عمل المدينة إلى قسمين: قسم طريقه النقل الذي يحمل معنى التواتر كمسألة األذان، ومسألة

الصاع، وترك إخراج الزكاة من الخضروات، وغير ذلك من المسائل التي طريقها النقل واتصل العمل بها في المدينة على وجه ال يخفى مثله، ونقل نقال يحج ويقطع العذر. وقسم نقل من طريق اآلحاد، أو

ما أدركوه باإلستنباط واإلجتهاد، وهذا ال فرق فيه بين علماء المدينة، وعلماء غيرهم من أن المصير منه(3إلى ما عضده الدليل والترجيح. ولذلك خالف مالك في مسائل عدة أقوال أهل المدينة) .

اإلجماع: لعل مالكا أكثر األئمة األربعة ذكرا لإلجماع واحتجاجا به، والموطأ خير شاهد على ذلك. أما مدلول كلمة اإلجماع عنده فقد قال: "وما كان فيه األمر المجتمع عليه فهو ما اجتمع عليه أهل الفقه

(4والعلم ولم يختلفوا فيه") ..شرع من قبلنا: ذهب مالك على أن شرع من قبلنا شرع لنا

األصول العقلية - 2 كان لإلمام مالك منهج اجتهادي متميز يختلف عن منهج الفقهاء اآلخرين، وهو وإن كان يمثل مدرسة الحديث في المدينة ويقود تيارها، فقد كان يأخذ بالرأي ويعتمد عليه، وأحيانا توسع في الرأي أكثر ما

توسع فيه فقهاء الرأي في العراق، كاستعماله الرأي والقياس فيما اتضح معناه من الحدود والكفارات:مما لم يقل به علماء المذهب الحنفي. ومن األصول العقلية المعتمدة في المذهب المالكي

القياس: يعتبر القياس على األحكام الواردة في الكتاب المحكم والسنة المعمول بها، طبقا للمنهج الذي قاس عليه علماء التابعين من قبله. اإلستحسان: لقد اشتهر على ألسنة فقهاء المذهب المالكي قولهم: "ترك القياس واألخذ بما هو أرفق بالناس" إشارة إلى أصل اإلستحسان؛ ألن اإلستحسان في المذهب.المالكي كان لدفع الحرج الناشئ من اطراد القياس، أي أن معنى اإلستحسان طلب األحسن لإلتباع

المصالح المرسلة: من أصول مذهب مالك المصالح المرسلة، ومن شرطها أال تعارض نصا. فالمصالح المرسلة التي ال تشهد لها أصول عامة وقواعد كلية منثورة ضمن الشريعة، بحيث تمثل هذه المصلحة

.الخاصة واحدة من جزئيات هذه األصول والقواعد العامة

سد الذرائع: هذا أصل من األصول التي أكثر مالك اإلعتماد عليه في اجتهاده الفقهي، ومعناه المنع من الذرائع أي المسألة التي ظاهرها اإلباحة ويتوصل بها إلى فعل ممنوع، أي أن حقيقة سد الذرائع التوسل

بما هو مصلحة إلى مفسدة.. العرف والعادة: إن العرف أصل من أصول اإلستنباط عند مالك، وقد انبنت عليه أحكام كثيرة؛ ألنه في كثير من األحيان يتفق مع المصلحة، والمصلحة أصل بال نزاع في

.المذهب المالكي اإلستصحاب: كان مالك يأخذ باإلستصحاب كحجة، و مؤدى هذا األصل هو بقاء الحال على ما كان حتى

.يقوم دليل يغيره قاعدة مراعاة الخالف: من بين األصول التي اختلف المالكية بشأنها "قاعدة مراعاة الخالف"، فمنهم

من عدها من األصول ومنهم من أنكرها. ومعناها "إعمال دليل في الزم مدلول الذي أعمل في نقيضه( . ومثاله: إعمال المجتهد دليل خصمه القائل بعدم فسخ نكاح الشغار في الزم مدلوله5دليل آخر")

الذي هو ثبوت اإلرث بين الزوجين المتزوجين بالشغار فيما إذا مات أحدهما. فالمدلول هو عدم الفسخ وأعمل مالك في نقيضه وهو الفسخ دليل آخر. فمذهب مالك وجوب الفسخ وثبوت اإلرث إذا مات

(6أحدهما) . النظر المقاصدي في المذهب المالكي - 3

إن اإلمام مالكا عندما يطلق الرأي يعني به فقهه الذي يكون بعضه رأيا اختاره من مجموع آراء التابعين، وبعضه رأيا قد قاسه على ما علم، ومن ثم فإن باب أصول فقه الرأي عنده هو ما عليه أهل

المدينة وعلم الصحابة والتابعين. ويمكن تلخيص ذلك في قاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد التي عليها مدار مقاصد الشريعة اإلسالمية، فهذا هو أساس الرأي عنده مهما تعددت ضروبه واختلفت

أسماؤه. إن أخص ما امتاز فقه مالك هو رعاية المصلحة واعتبارها، لهذا فهي عمدة فقه الرأي عنده.اتخذها أصال لإلستنباط مستقال

 هذا عرض الطالبين علي يونس ومحمد البوطي" في موضوع " أبو بكر الباقالني ، منهجه ، وطرق استدالله

تقبلوه منا جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم

 بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله حمدا كما أمر، وهو المتكفل بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد البشر،

: وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين والمحشر، وبعد لقد كان ألفكار اإلمام إبي الحسن األشعري مؤسس العقيدة األشعرية رجال برزوا في العلم وتحرير

المذهب ودعم ذالك بالحجج والبراهين النقلية والعقلية، ولما كان أيضا للمذهبين اإلعتزالي والشيعي أثر بارزفي غضون الدولة العباسية ونصرتهما للمذهبين من بعض األمراء الدامغة ، واألدلة الواضحة إنه

إمام المتكلمين ، وقامع الجهلة والمبتدعين، سيف السنة ، ولسان األمة، وأوحد زمانه في فنه ووقته، اإلمام أبو بكر محمد بن الطيب الباقالني األشعري البصري، كانت له الريادة في الفقه المالكي وأصوله

. ، وعلم الكالم على طريقة األشاعرة . " وقد قيل " وما سر أهل البدع بشيئ مثل سرورهم بموته

 منهجية العرض: وقد جاء عرضنا هذا المتواضع على النهج اآلتي

: حيث قمنا بتقسيمه إلى مبحثين: المبحث األول: التعريف بحياة الباقالني الشخصية والعلمية وتحته سبعة مطالب

 المطلب األول : نبذة عن الحياة السياسية واالجتماعية والثقافية في عصر الباقالني المطلب الثاني : اسمه ونسبه

 المطلب الثالث : مولده المطلب الرابع : شيوخه

 المطلب الخامس : تالميذه المطلب السادس: مؤلفاته

المطلب السابع : وفاته: المبحث الثاني : منهج اإلمام الباقالني من خالل كتابه التمهيد وتحته مطلبان

. المطلب األول : نبذة عن المؤلف وتحتهنسبته إلى صاحبه

. سبب تأليفه. موضوعاته

. المطلب الثاني : منهجه في التأليف. منهجه في كتاب التمهيد

. طرق استدالله

الفصل األول

 المطلب األول : الحياة السياسية واإلجتماعية والثقافية في عصر الباقالني الحياة السياسية : عاش اإلمام الباقالني في المشرق اإلسالمي متنقال بين البصرة وبغداد وشيراز

.وغيرها في القرن الرابع الهجري وذلك في وقت انقسمت فيه الدولة اإلسالمية إلى دويالت صغيرة كان من أقواها دولة "بني بويه "

. هـ ( على يد أبي شجيع بويه322التي تأسست سنة ) وقد ولد الباقالني في الربع الثاني من هذا العصر وقضى حياته كلها فيه، حيث أدرك ثالثة من الخلفاء العباسيين وهم المطيع والطائع والقادر . وأبرز ما اتسم به هذا العصر هو تدخل العنصر التركي في

. شؤون الدولة وتسلطه على الخالفة وهيمنته المطلقة على الخلفاء وخالصة القول أن الحياة السياسية في المشرق اإلسالمي عامة ودولة بني بويه خاصة لم تعرف

.اإلستقرار السياسي إال في بعض فترات الحكم كما ذكر العلماء

أما الحياة االجتماعية فكانت غير متقاربة نظرا لبروز الفوارق بين الطبقات في المجتمع الواحد، فنعيم . مفرط يقابله بأس مفرط ، وإمعان في الترف يقابله فقدان القوت

ففي فترة حكم المطيع اشتد الغالء ببغداد حتى أكلوا الجيف ، والروث وماتوا على الطرق وأكلت الكالب لحومهم

أما الحياة الثقافية والفكرية فبالرغم مما كانت عليه الحياة السياسية من عدم االستقرار وما كانت عليه الحياة االجتماعية من التفكك وانتشار الظلم فإن هذا لم يضعف الحركة العلمية والثقافية

 : والفكرية ، بل قد أججها وزادها قوة وذلك لعدة أسباب منها إن الصراع العقدي الموجود بين المعتزلة وأهل السنة من جهة ، والشيعة وأهل السنة من جهة أخرى

 أثرى الفكر اإلسالمي فألفت المطوالت وخاصة في علم العقائد كان كل أمير ووزير يحرص على أن يكون في بالطه كبار المفكرين في شتى نواحي المعرفة من

.األدباء والشعراء والمتكلمين والفقهاء قد تولى الوزارة لبني بويه طائفة من كبار األدباء والعلماء والمفكرين الذين شجعوا الحركة العلمية

. واعتنوا بها عناية فائقة ، واقتنوا عيون كتب األدب والفكر، وأنفقوا األموال الطائلة على ذلك. المطلب الثاني : اسمه ونسبه

هو محمد بن الطيب بن محمد أبو بكر القاضي المعروف بابن الباقالني المتكلم على مذهب األشعري من أهل البصرة ، سكن بغداد كان من أعرف الناس بعلم الكالم ، وأحسنهم خاطرا ، وأجودهم لسانا ، وأوضحهم بيانا ، وأصحهم عبارة . كان يلقب بشيخ السنة ولسان االمة المتكلم على مذهب أهل السنة

. وأهل الحديث وطريقة أبي الحسن األشعري إمام وقته والباقالني بفتح الباء الموحدة وبعد األلف قاف مكسورة ثم الم ألف وبعدها نون، وهذه النسبة إلى

: الباقلي وبيعه ، وفيه لغتان من شد الالم قصر األلف ومن خففها مد األلف فقال : باقالء وهذة النسبة شادة ألجل زيادة النون فيها

وهو نظير قولهم في النسبة إلى صنعاء صنعاني ، وإلى بهراء بهراني ، وقد أنكر الحريري في كتابه " ذرة الغواص " هذه النسبة وقال : من قصر الباقلي قال في النسبة إليه باقلي ، ومن مدها قال في النسبة إليه باقالوي وباقالئي ، وال يقاس على صنعاء وبهراء ألن ذلك شاد ال يعاج إليه، والسمعاني ما

. أنكر النسبة األولى المطلب الثالث : والدته

رغم شهرته فإن أكثر المصادر التي ترجمت له لم تشر إلى السنة التي ولد فيها بالضبط ما عدا الذي . مـ (95 هـ ( الموافق لـ ) 338ذكرالزركلي حيث ذكر أنه ولد )

وقد ولد في أسرة متواضعة لرجل ليس من مشاهير الناس وال ساداتهم يدل على ذلك ما نقلته كتب التراجم من أن والده كان يبيع الباقالء ليكسب قوته وقوت عياله، كما أن كتب التراجم لم تذكر من

. نسله إال ابنه الحسن الذي توفي بعده

 المطلب الرابع : شيوخه إن حديثنا عن إمام كالباقالني يستدعي التعريج على ذكر األئمة والمشاييخ الذين أثروا بشكل أو بآخر

في صنع هذه الشخصية العلمية الفذة ، حيث نجده قد نهل العلم من طائفة من علماء بغداد منهم من تلقى العلم عن اإلمام أبي الحسن األشعري ومن هؤالء العلماء

ابن مجاهد أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مجاهد الطائي صاحب أبي الحسن األشعري قدم من هــ ( . قال بن360البصرة وسكن بغداد ، درس عليه الباقالني األصول وعلم الكالم توفي سنة )

. العماد في شذرات الذهب " وأخذ علم النظر عن أبي عبد الله بن مجاهد الطائي صاحب األشعري. هــ(370أبو الحسن الباهلي البصري صاحب أبي الحسن األشعري توفي سنة )

يقول اإلمام بن خلدون في مقدمته " وكثر أتباع الشيخ أبي الحسن األشعري واقتفى طريقته من بعده تالميذه كابن مجاهد وغيره، وأخذ عنهم أبو بكر الباقالني فتصدر لإلمامة في طريقتم وهذبها ووضع

. ... المقدمات العقلية وقال الخطيب أبو بكر البغدادي في تاريخ البغداديين " ودرس على أبي بكر بن مجاهد األصول وعلى

. أبي بكر األبهري الفقه

هـ كان يسكن378هـ وتوفي سنة 274أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ولد سنة قطيعة الدقيق في بغداد، وهو راوي مسند اإلمام أحمد بن حنبل رواه عنه الدارقطني وأبو حفص بن

شاهين وغيرهما . أخذ عنه الباقالني علم الحديث كما ذكر الحافظ بن كثير في البداية والنهاية ،. والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد

هــ وهو محدث ثقة ثبت ، ذكر369 هـ وتوفي سنة 274أبو محمد عبد الله بن أيوب بن ماسي ولد . "الخطيب البغدادي أنه سمع عنه الحديث

. "وقال الذهبي " سمع أبا بكر أحمد بن محمد بن جعفر القطيعي وأبا محمد بن ماسي وطائفة هــ فقيه نظار حافظ حجة جمع مذهب مالك386أبو محمد عبد الله بن أبي زيد المالكي المتوفى سنة

. وشرح أقواله كان يلقب بمالك الصغير ، أخذ عنه الباقالني الفقه دفن بداره في القيروان المطلب الخامس : تالميذه

تكاد المصادر النتي ترجمت للقاضي الباقالني تجمع على أن ممن تتلمذوا على يديه وسمعوا منه عدد كبير وكبير جدا معظمهم بالعراق ومنهم من انتشر في األصقاع الشرقية القريبة منها ، ومنهم من انتقل صوب بالد الشام والحجاز ومنهم من نقل مذهبه إلى بالد المغرب بإفريقية واألندلس وسواهما ، ومنهم

:هـ وتوفي355أبو ذر الهروي عبد بن أحمد اإلمام المحدث الحافظ الحجة المالكي األشعري ولد سنة

هـ أخذ عن الباقالني علم الكالم . قال ابن فرحون في الذيباج " وحدث عنه أبو ذر ، وهو434سنة الذي أدخل طريقة الباقالني إلى الحرم وعنه أخذ أهل المغرب يقول " اختلفت إلى الباقالني وأخذت

 " عنه وأخذ عنه جماعة ال تعد هـ الفقيه البارع ،422هـ وتوفي سنة 362القاضي عبد الوهاب بن نصر البغدادي المالكي ولد سنة

واألصولي المتمكن ، من كبار علماء اإلسالم قال الباقالني " لو اجتمع في مدرستي عبد الوهاب وأبو عمران الفاسي القيرواني الجتمع علم مالك ، أبو عمران يحفظه وعبد الوهاب ينصره

أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حجاج الغفجومي من بطون بربر المغرب – الفاسي القيرواني – هـ . قال أبو عمران كما ذكر القاضي عياض430 هـ وتوفي بالقيروان في رمضان سنة 365ولد سنة

في " ترتيب المدارك " رحلت إلى بغداد وكنت قد تفقهت بالمغرب واألندلس عند أبي الحسن القابسي وأبي محمد األصيلي وكانا عالمين باألصول ، فلما حضرت مجلس القاضي أبي بكر ورأيت كالمه في

األصول والفقه مع المؤالف والمخالف حقرت نفسي وقلت ال أعلم من العلم شيئا ورجعت عنده. كالمبتدئ

هـ كان عالما فاضال سخيا ،361القاضي أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني الحنفي األشعري ولد سنة   هـ444مات بالموصل وهو على القضاء سنة

أبو عبد الله الحسين بن حاتم األزدي كان رجال ذا علم وأدب ، درس على الباقالني أصول الدين وأصول الفقه . قال الذهبي في ) السير ( حدث عنه الحافظ أبو ذر الهروي وأبو جعفر محمد بن أحمد

. السمناني والحسين بن حاتم األصولي المطلب السادس : مؤلفاته

لقد عرف بن الطيب بكثرة تآليفه وإمالءاته في شتى أنواع العلوم اللغوية والدينية ، وقد أحصى منها القاضي عياض في كتابه المدارك ما يزيد عن خمسين مصنفا بين كبير وصغير، تناولت أصول الدين

وأصول الفقه والجدل ، والسيرة ، والتاريخ وهذه هي بعض مصنفاته كما ذكرها القاضي عياض نقال من. خط شيخه أبي علي الصدفي

كتاب اإلبانة عن إبطال مذهب أهل الكفر والضاللة . ذكره بن تيمية في مجموعة الرسائل الكبرى كما. قال صاحب تاريخ األدب العربي

. كتاب اإلستشهاد كتاب فضل الجهاد

 كتاب أمالي إجماع أهل المدينة كتاب الحدود

 كتاب الكفار المتأولين وحكم الدار

 كتاب التعديل والتجريح كتاب شرح اللمع

 كتاب المقدمات في أصول الديانات كتاب التقريب واإلرشاد في أصول الفقه

 كتاب المقنع في أصول الفقه كتاب البيان عن الفرق بين المعجزات والكرامات والحيل والكهانه والسحر

 كتاب االنتصار للقرآن ذكره ابن حزم في الفصل كتاب شرح أدب الجدل" يقول القاضي عياض " وممن لم أجد بخط الشيخ مما وقفت عليه " كتاب

 البيان عن فرائض الدين وشرائع األسالم كتاب " مختصر التقريب واإلرشاد

 كتاب التبصرة ، ذكره ابن كثير في البداية والنهاية كتاب كشف األسرار في الرد على الباطنة ، قال الحافظ ابن كثير وهو من أحسن كتبه في الرد على

 " الباطنة وعنوانه الكامل " كشف األسرار وهتك األستار كتاب إعجاز القرآن

 كتاب تمهيد األوائل وتلخيص الدالئل كتاب اإلنصاف في أسباب الخالف

كتاب شرح اإلبانة ، قال الدكتور عبد الحميد بن علي أبو زنيد مقدم ومحقق كتاب التقريب واإلرشاد: ) الصغير ( للقاضي الباقالني ." والذي بلغني أنه طبع من هذه الكتب خمسة فقط هي

 تمهيد األوائل وتلخيص الدالئل المشهور بالتمهيد إعجاز القرآن

 اإلنصاف فيما يجب اعتقاده وال يجوز الجهل به االنتصار لصحة نقل القرآن والرد على من نحله الفساد بزيادة أو نقصان

 البيان عن الفرق بين المعجزات والكرامات والحيل والكهانة والسحر ومن أهم كتبه المعتمدة في موضوع العقيدة كتابي ) التمهيد واإلنصاف ( ، ومما يدل على غزارة علمه وكثرة تصنيفه قول الخطيب البغدادي " أخبرنا علي بن محمد بن الحسن الحربي المالكي قال : " كان

. القاضي أبو بكر األشعري يهم بأن يختصر ما يصنفه فال يقدر على ذلك لسعة علمه وكثرة حفظه المطلب السابع : وفاته

قال الخطيب البغدادي حدثني علي بن أبي علي المعدل قال " مات القاضي أبو بكر محمد بن الطيب هـ، قلت ) أي الخطيب ( : وصلى عليه ابنه403في يوم السبت لسبع بقين من ذي القعدة سنة

الحسن ودفن في داره بدرب المجوس من نهر طابق ، ثم نقل بعد ذلك فدفن في مقبرة باب حرب ." وأنشدني أبو نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد الفقيه لبعضهم يرثي القاضي فيقول

 انظر إلى جبل تمشي الرجال به وانظر إلى القبر ما يحوي من الصلف وانظر إلى صارم اإلسالم منغمدا وانظر إلى درة اإلسالم في الصدف

هــ أيام404قال القاضي عياض في " المدارك " ووجدت عن غيره – أي الخطيب – أنه توفي سنة بهاء الدولة والخليفة القادر بالله ةهذا خطأ واألول هو الصحيح ، وقد أمر شيخ الحنابلة أبو الفضل

التميمي مناديا يقول بين يدي جنازته " هذا ناصر السنة والدين ، والذاب عن الشريعة ، هذا الذي كتب سبعين ألف ورقة ، ثم كان يزور قبره كل جمعة ، وقيل بأنه دفن بجوار قبر اإلمام أحمد بن محمد بن

حنبل ، وبهذا انتهت حياة هذا اإلمام الجليل بعد صراع متواصل مع المعتزلة وسائر الفرق والطوائفتارة بالتصنيف وأخرى بالمناظرات

الفصل الثانـــــــي

. المطلب األول : نبذة عن المؤلف وتحته ثالث مسائل نسبته إلى صاحبه : ثبت لدى العلماء أن كتاب التمهيد لإلمام الباقالني رحمه الله تعالى ، ولم ينسبه أحد إلى غيره. كما أن المصنف نسبه لنفسه في هداية المسترشدين حيث يقول : " وقد تكلمنا في التمهيد بجمل على اليهود والنصارى والمجوس تغني الناظر فيها ، كما أشار إليه اإلسفراييني في "

" التبصرة في الدين أما عن عنوان الكتاب فهو " تمهيد األوائل وتلخيص الدالئل " . . وفي كتب التراجم يطلقون عليه "

. التمهيد " ، وقد ذكره الزركلي بعنوان " تمهيد الدالئل وتلخيص األوائل سبب تأليفه : يرجع سبب تأليف القاضي أبي بكر الباقالني لكتاب " تمهيد األوائل وتلخيص الدالئل " .

ما ذكره ابن عساكر في كتابه " تبيين كذب المفتري " أن الملك عضد الدولة دفع ابنه سمام الدولة للباقالني يعلمه مذهب أهل السنة وألف له كتاب التمهيد فتعلق أهل السنة به تعلقا شديدا

ويبين الباقالني في تقديمه للكتاب ذلك بقوله " أما بعد فقد عرفت إيثار سيدنا األمير أطال الله في دوام العز بقاءه وأدام بالتمسك بالتقوى ولزوم الطريقة المثلى نعماءه ومن بإرشاده وهداه وجعل له من وافر عقله وحزمه واعظا ومن علو همته وسؤدده زاجرا ورقيبا ومن استكانته لربه تعالى والخنوع لطاعته سامعا ومطيعا حتى يلحقه اعتقاد فعل الخير وإيثاره بأهل النجاة والسالمة ويبلغه بما يتيحه له من ذلك ويوفقه ألقصى منازل أهل الزلفة والكرامة لعمل كتاب جامع مختصر مشتمل على ما يحتاج إليه في الكشف عن معنى العلم وأقسامه وطرقه ومراتبه وضروب المعلومات وحقائق الموجودات

وذكر األدلة على حدث العالم وإثبات محدثه وأنه مخالف لخلقه وعلى ما يجب كونه عليه من وحدانيته وكونه حيا عالما قادرا في أزله وما جرى مجرى ذلك من صفات ذاته وأنه عادل حكيم فيما أنشأه من

مخترعاته من غير حاجة منه إليها وال محرك وداع وخاطر وعلل دعته إلى إيجادها تعالى عن ذلك وجواز إرساله رسال إلى خلقه وسفراء بينه وبين عباده وأنه قد فعل ذلك وقطع العذر في إيجاب تصديقهم بما

أبانهم به من اآليات ودل به على صدقهم من المعجزات وجمل من الكالم على سائر أهل الملل المخالفين لملة اإلسالم من اليهود والنصارى والمجوس وأهل التثنية وأصحاب الطبائع والمنجمين .

ونعقب ذلك بذكر أبواب الخالف بين أهل الحق وأهل التجسيم والتشبيه وأهل القدر واالعتزال والرافضة والخوارج وذكر جمل من مناقب الصحابة وفضائل األئمة األربعة وإثبات إمامتهم ووجه التأويل

فيما شجر بينهم ووجوب مواالتهم ولن آلو جهدا فيما يميل إليه سيدنا األمير حرس الله مهجته وأعلى كعبه من اإلختصار وتحرير المعاني واألدلة واأللفاظ وسلوك طريق العون على تأمل ما أودعه هذا

الكتاب وإزالة الشكوك فيه واالرتياب وأنا بحول الله وقوته أسارع إلى امتثال ما رسمه وأقف عنده . وإلى الله جل ذكره أرغب في حسن التوفيق واإلمداد بالتأييد والتسديد

طبعاتـــــه يقول الدكتور عبد الحميد بن علي أبو زنيد محقق ومقدم كتاب " التقريب واإلرشاد " وقد طبع هذا

الكتاب اربع طبعات فيما أعلم إحداها بتحقيق محمد عبد الهادي أبو رويدة ومحمود محمد الخضري طبع مـ ، وثانيها بتحقيق األب اليسوعي " رتشرد" يوسف مكارتي ، وثالثها بتحقيق عماد الدين1974سنة

، ورابعها بتحقيق الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة شيخ دار الحديث المكية ، قال1987أحمد صدر سنة سزكين في تاريخ التراث العربي وله شرح بعنوان " التسديد في شرح التمهيد " للقاضي عبد الجليل

 أبي بكر العربي: المواضع التي تطرق لها الكتاب

: بدأ رحمه الله كتابه بذكر حقيقة العلم وبيان أقسامه وما يتعلق به وجاء فيه. باب الكالم في حقيقة العلم ومعناه

 باب الكالم في أقسام العلوم باب في أقسام العلم المحدث

 باب العلم الضروري باب العلم النظري

 باب الكالم في مدارك العلوم باب الكالم في االستدالل

 باب الكالم في أقسام المعلوماتثم شرع في الحديث عن الطبيعيات، وضمنها

 باب الكالم في الموجودات باب الكالم في األعراض

... باب الكالم في إثبات حدث العالم إلخ ثم شرع في بيان أهل الديانات األخرى ، وبيان عقائدهم وجاء فيه

 باب الكالم على المنجمين باب الكالم على المجوس

.. باب الكالم على النصارى في قولهم إن الله تعالى جوهر إلخ ثم شرع في بيان الصفات وما يتعلق بها وجاء فيه

 باب الكالم في الصفات باب الكالم في معنى الصفة

 في نفي خلق القرآن: ثم انتقل إلى الحديث عن اإلسالم واإليمان وما يتعلق بهما وتضمن ما يلي

 باب الكالم في اإليمان واإلسالم واألسماء واألحكام.. باب القول في معنى الكفر إلخ

. ثم شرع في الحديث عن اإلمامة ، وهي آخر ما تحدث عنه في هذا الكتاب

. المطلب الثاني : منهج االمام الباقالني في التأليف منهجه في كتاب التمهيد

يعتبر اإلمام الباقالني الخليفة األول ألبي الحسن األشعري ، والمؤسس الثاني للمذهب . فقد شهد المرحلة األولى من مراحل المذهب األشعري حيث أخذ عن أصحاب األشعري مباشرة وأسهم في

الدفاع عنه ضد المعتزلة ، وهو من أوائل من ثبتوا المذهب األشعري وأضاف إليه أسسا عقلية . كما أنه. حمل لواء مناظرة المعتزلة وأهل البدع حتى قطعهم ، وقد تعلق اهل السنة بكتابه تعلقا شديدا

تبرز القيمة الكبرى لعمل الباقالني فيما ذهب - إليه كثير من الباحثين – في البناء المنهجي للمذهب األشعري بناء منظما ، ويظهر ذلك في وضع المقدمات التي تنبني عليها األدلة ومن حين ترتيب هذه

المقدمات بعضها بعد بعض ، وهذه الطريقة هي التي أشار إليها ابن خلدون بقوله " فتصدر لإلمامة في طريقتهم وهذبها ووضع المقدمات العقلية التي تتوقف عليها األدلة واألنظار وذلك مثل إثبات الجوهر

الفرد والخالء ، وأن العرض ال يقوم بالقرض وأنه ال يبقى زمانين ، وأمثال ذلك مما تتوقف عليه أدلتهم ، وجعل هذه القواعد تبعا للعقائد اإليمانية في وجوب اعتقادها لتوقف تلك األدلة عليها ، وأن بطالن

الدليل يؤذن ببطالن المدلول ، فكملت هذه الطريقة وجاءت في أحسن الفنون النظرية والعلوم الدينية ويظهر هذا المنهج بقوة في كتابه األشهر " تمهيد األوائل وتلخيص الدالئل " حيث ظهرت فيه األبواب

والفصول يقول " وجمل من الكالم على سائر أهل الملل المخالفين ألهل اإلسالم ... ونعقب ذلك بذكر. أبواب الخالف بين أهل الحق وأهل التجسيم والتشبيه وأهل القدر واالعتزال

كما أن الباقالني رحمه الله اعتمد في كتابه هذا على طريقة الحوار الجدلي بطريقة ) فإن قال قائل / قلنا / والدليل على ذلك ( ، وبدأ كتابه بنظرية المعرفة ، وذكر أنواع األدلة الكالمية التي يستدل بها

. كالتقسيم وقياس الشاهد على الغائب يقول رحمه الله )... فمنها أن ينقسم الشىء فى العقل على قسمين أو أقسام يستحيل أن تجتمع كلها فى الصحة والفساد فيبطل الدليل على أحد القسمين فيقضى العقل على صحة ضده... ومنها أن يجب الحكم والوصف للشىء فى الشاهد لعلة ما فيجب القضاء على أن من وصف بتلك الصفة فى الغائب

فحكمه أنه مستحق لها لتلك العلة حكم مستحقها فى الشاهد( طرق االستدالل عنده

 كتاب الله سنة رسوله صلى الله عليه وسلم

 اجماع األمة ما استخرج من هذه النصوص وبني عليها بطريق القياس واألجتهاد

 حجج العقول ويجمل الباقالني هذه الطرق في كتابه " التمهيد " إذ يقول : وقد يستدل أيضا على بعض القضايا

العقلية ، وعلى األحكام الشلرعية بالكتاب والسنة وإجماع األمة والقياس الشرعي المنتزع من األصول

المنطوق بها وما جرى مجرى القياس على العلة من ضرب اإلجتهاد الذي يصوغ الحكم بمثله من. الشرع على مذهب القايسين

فشأن الباقالني حسب ما يبدو من عرضه ألوجه االستدالل االعتماد على الوحي من كتاب الله وسنة رسوله أوال وهذا على خالف المنهج اإلعتزالي الذي يقدم فيه النظر على كل شيئ سواه فهو في بعض

آثاره يعالج المسائل من زاوية عقلية صرفة دون لجوء إلى دعم النقل أحيانا أو مع اللجوء إلى ذلك أحيانا أخرى ، وأن الضابط عنده وعند األشاعرة عموما إذا ما تعارضا النص والعقل هو التزام صدق

النقل وحرفيته ، واللجوء إلى العقل لتأييد ما يفهم من ذلك النص ولغته مهما كانت الحقيقة التي يدل عليها ، ومعنى ذلك التسليم مثال بأن لله يدا ووجها وأنه مستو على العرش ما دام الوحي قد نص على ذلك ، ثم البرهنة عليه وإثباته بحجج العقل ، ومن أمثلة ذلك قوله في إثبات صفتي ) الوجه واليدين (

فإن قال قائل فما الحجة في أن لله عز وجل وجها ويدين ؟ قيل له قوله تعالى لله " ويبقى وجه ربك. ذو الجالل واالجرام " وقوله : "ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي " فأثبت لنفسه وجها ويدين

فإن قالوا : فما أنكرتم أن يكون المعنى في قوله "خلقت بيدي" أنه خلقه بقدرته أو بنعمته ألن اليد في اللغة قد تكون بمعنى القدرة كما يقال ) لي عند فال يد بيضاء يراد به نعمة وكما يقال ) هذا الشيئ في

يد فالن وتحت يد فالن يراد به أنه تحت قدرته وفي ملكه ويقال رجل ) أيد ( إذا كان قادرا وكما قال تعالى " وخلقنا لهم مما عملت ايدينا أنعاما " يريد : عملنا بقدرتنا ، وقال الشاعر

 إذا ما راية رفعت لمجد " تلقها عرابة باليمين. فكذلك قوله " خلقت بيدي " يعني بقدرتي أو نعمتي

يقال لهم هذا باطل ألن قوله " بيدي " يقتضي إثبات يدين هما صفة له ، فلو كان المراد بهما القدرة لوجب أن يكون لن قدرتان . وأنتم فال تزعمون أن للباري سبحانه قدرة واحدا ، فكيف يجوز أن تثبتوا له قدرتين ، وقد أجمع المسلمون من مثبتي الصفات والنافين لها على أنه ال يجوز أن يكون له تعالى قدرة

، فبطل ما قلتم ، وكذالك ال يجوز أن يكون الله تعالى بنعمتين ، ألن نعم الله على آدم وعلى غيره ال . ... تحصى

ولئن سلك القاضي في تقريراته وتحليله مسلك اإلستدالل القياسي أيضا فهو قد ساهم في بناء منهج. البحث اإلستقرائي وتسخيره لعلماء األصول فقهاء ومتكلمين

خاتمــة

: من خالل ما سبق ذكره توصلنا إلى مجموعة من االستنتاجات وقد جاءت كاآلتي أنه رغم عيش القاضي الباقالني في بيئة وظروف صعبة مليئة بالصراعات السياسية والعقدية لم يتأثر

بذلك ، بل حاول بكل ما أوتي من جهد وقوة في الدفاع الرد على المخالفين والجهلة المبتدعين من. العتزلة وغيرهم

 أن الباقالني كان متنوع الثقافة آخذا من كل فن طرف – كما يقال - ، ومصنفاته تدل على ذلك أنه تتلمذ على شيوخ تتلمذوا على مؤسس المذهب األشعري األول كابن مجاهد وغيره ، وبالتالي تأثر

. بهم أيما تأثر يتبين ذالك في إخالصه في الدفاع عن هذه العقيدة أنه أيضا من خالل منهجه حاول التزام منهج أبي الحسن األشعري في التوسط بين النص والعقل وأنه

. وإن غلب جانب العقل أحيانا ولم يهمل النص فما ذلك إال لضرورة الجدل والنقاش. أنه يعتبر الواضع لطريقة الجدل العقلي لمن جاء بعده