شروط األمر بالمعروف والنهي عن المنكر المراد بالشرط هو األمر الذي يتوقف عليه وجود الحكم، ويل��زم من عدم��ه ع��دم الحكم، وال يل��زم من وج��وده وج��ود الحكم. فالوض��وء مثال ش��رط للصالة، وال تتم الصالة إال به، فيلزم من عدم وجود الوض��وء ع��دم الص��الة، ولكن ال يلزم من وجود الوضوء الصالة. وكذلك الشهود في النك��اح، وس��تر العورة في الصالة، والحرز في السرقة، والنصاب في الزكاة، واالس��تطاعة

في تغيير المنكر، فهي كلها من الشروط الشرعية. والشرط، حتى يعتبر شرطا شرعيا، ال بد له من دليل يدل علي��ه. من ذل��ك الوضوء، فهو شرط في الصالة؛ ألن الله سبحانه وتع��الى نص علي��ه فق��ال:

لوا وج��وهكم الة فاغس�� ي��ا أيه��ا الذين آمن��وا إذا قمتم إلى الص��كم وأرجلكم إلى حوا برؤوس��� وأي���ديكم إلى المراف���ق وامس���

��ه ش��رط فليس6)المائدة. الكعبين ( فما لم ي��دل ال��دليل علي��ه بعين��ه أنبشرط، وال تجب مراعاته حين العمل.

بناء عليه يكون بحثنا في شروط األمر بالمعروف والنهي عن المنك��ر، وفي شروط اآلمر والناهي، فما دل عليه الدليل اعتبر ش�رطا في مس�ألتنا، وم�ا

لم يدل عليه الدليل فهو رد. الذكورة .1

ال تشترط الذكورة في اآلمر ب��المعروف والن��اهي عن المنك��ر، فللم��رأة أن��ر المنك��ر إذا ك��انت ق��ادرة، وذل��ك لعم��وم أدل��ة األم��ر تنهى وت��أمر، وتغي

والمؤمنون والمؤمن��اتب��المعروف والنهي عن المنك��ر. ق��ال تع��الى: هم أولي��اء بعض ي��أمرون ب��المعروف وينه��ون عن المنك��ر بعض��كاة ويطيعون الله ورسوله أول���ئك الة ويؤتون الز ويقيمون الص

)التوبة( وعن أبي بلج يحيى بن. سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيممراء بنت نهي�ك، وك�انت ق�د أدركت النبي ص�لى أبي سليم قال: »رأيت س�اس، ��ؤدب الن الله عليه وسلم، عليها درع غليظ، وخمار غليظ، بيدها سوط ت

1وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر«.

اإلسالم.2��ه ال يجب األم��ر ب��المعروف ذهب ج��ل العلم��اء، إن لم نق��ل كلهم، إلى أن والنهي عن المنك��ر إال على المس��لم، وأن الك��افر ممن��وع من��ه. ق��ال ابن

إنكار المنكر لم��ا في��ه من الس��لطنة والع��ز". الجوزي: " الكافر ممنوع من وقال ابن األخوة: "وال يخفى وجه اشتراطه؛ ألن هذه نص��رة ال��دين فكي��ف يكون من أهله، وهو جاحد ألصل الدين؟ وعدو له ممنوع من��ه لم��ا في��ه من السلطنة، وعز التحكيم، والكافر ذليل ال يستحق أن ينال ع��ز التحكيم على

ولن يجعل الله للك��افرين على: المسلمين. قال الله سبحانه وتعالى."2المؤمنين سبيال

(، والخالل7065(، وأبو نعيم في معرف��ة الص��حابة )20240 أخرجه الطبراني في الكبير )1(.107في األمر بالمعروف والنهي عن المنكر )

8 / 7صأنظر معالم القربة في معالم الحسبة 2

والحقيقة أن منع الكافر مطلقا غير دقيق، فهل يعقل أن نق��ول ل��ه ال تمن��ع منكر قتل نفس زكية بغير حق لكف��رك، وال تمن��ع اغتص��اب ام��رأة مس��لمة

لكفرك؟ ال يعقل هذا ! إن الص��واب أن يق��ال: يجب على الك��افر أن ي��أمر ب��المعروف وينهى عن المنكر، كما يجب عليه أن يصلي، وأن يصوم ويلتزم بأحكام اإلس��الم كله��ا؛

ألنه مخاطب بالفروع كما هو مخاطب باألصول. هذا من ناحية األصل في التشريع ووج��وب الحكم على الن��اس جميع��ا. أم��ا من الناحي��ة العملي��ة التطبيقي��ة، أو من حيث قي��ام الك��افر ب��األمر والنهي والتغي��ير، فال يجب علي��ه وال يطلب من��ه؛ ألن األم��ر ب��المعروف والنهي عن

ة أخ��رجت:المنكر من خصائص المس��لمين. ق��ال تع��الى: كنتم خير أم للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالل��ه..

هم أولي��اء( وق��ال: 110)آل عم��ران والمؤمن��ون والمؤمن��ات بعض��الة بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنك��ر ويقيم��ون الص��يرحمهم الل��ه كاة ويطيعون الله ورسوله أول���ئك س�� ويؤتون الز

(71و67)التوبة. إن الله عزيز حكيم إال أن الكافر إذا قام بتغيير بعض المنكرات من نفسه يقب��ل من��ه، وال يمن��ع من ذلك. فاإلسالم ليس شرطا في منع اغتصاب امرأة أو منع سرقة مح��ل

أو منع قتل نفس بغير حق. وأم��ا م��ا ذهب إلي��ه بعض أه��ل العلم من ك��ون الس��ماح للك��افر ب��األمر ب��المعروف والنهي عن المنك��ر في��ه من التحكيم والع��ز والس��لطنة م��ا ال يستحقه، فال نشاطرهم في��ه ال��رأي. ذل��ك أن األم��ر ب��المعروف والنهي عن المنكر ليس من الحكم في شيء، وليس فيه سلطة، وال تنطب��ق علي��ه آي��ة

ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيال .(141)النساء أفال يجوز للكافر أن ينقذ مسلما شارف على الغرق؟ أنجوز ذل��ك وال نع��ده من السبيل عليه، ونمنعه من إنقاذ ذلك المسلم لو هم أح��د الن��اس بقتل��ه!��ر، وننكر على المسلم المستطيع لتغيير منكر كافر اغتص��ب ام��رأة ولم يغي وفي الوقت ذاته ننكر على الكافر المغير لمنكر مسلم اغتصب امرأة! ك��ل هذا بحجة السبيل، مع أن الم��راد بالس�بيل هن��ا الحكم والوالي��ة، وه��و م��ا ال

ينطبق على واقع مسألتنا. والظاهر أن الخلط بين الحسبة و بين األمر ب��المعروف والنهي عن المنك��ر واعتبارهما مسألة واحدة، وحصر األمر والنهي في وظيفة الحسبة هو الذي جعل العلماء يقولون بعدم جواز األمر والنهي والتغي��ير للك��افر مطلق��ا ألن��ه تحكيم في المسلم ال يستحقه. وهذا الخلط بين األمرين - كما س��بق بيان��ه-

غير صحيح. وأما إنكار المسلم على أهل الذمة بإزالة منكرهم، ففيه تفص��يل. ق��ال ابنض م عندنا لم نتعر ما عندهم غير محر مفلح: "إذا فعل أهل الذمة أمرا محرم��ا وه أو أظهروه )...( وإن فعلوا أم��را محر لهم وندعهم وفعلهم سواء أسر��دخل في��ه ��ه، وي عندنا، فما فيه ضرر أو غضاضة على المسلمين يمنعون من��ايعوا هم إن تب �ه أن ي في ج��زء ل �ره القاض�� نكاح مسلمة، ويدخل في�ه م�ا ذكا ال نمنعهم في ه عائد بفساد نقدنا. فظاهر ه��ذا أن با في سوقنا منعوا ألن بالر

ار فيم��ا إذا عق��د على ه. وفي االنتص�� وقنا, والم��راد إن اعتق��دوا حل ��ر س�� غيج أن ��درهمين يتخ��ر ��ع درهم ب م هل يحل ؟ إن أهل الذمة لو اعتقدوا بي محرهم وا على وجه لنا, فظاهر هذا بل صريحه أن األشهر منعهم مطلق��ا ألن يقر��دخل في��ه ��ا. وي ب با عليهم كما ذكروه في باب الر كالمسلمين في تحريم الر��ذا مي، وك م��وا ال��ر ه ال يج��وز أن يتعل ي وفي ه��ذا الج��زء، أن ما ذكره القاض��

��أذى ��ه، يمنع��ون مما يت لمون ب ��ر من الخم��ر والخنزي��ر المس�� كإظه��ار المنكاقوس وغير ذلك, وكذا إن أظهروا بيع مأكول وأعيادهم وصليبهم وضرب الن

واء منعوا، ذكره القاضي في الجزء المذكور أيضا". 3في نهار رمضان كالش

فالمسلم إذا رأى منكرا عليه أن يغيره سواء أك��ان المتلبس ب��ه مس��لما أم��ه ي��راعي في ه��ذا المق��ام األحك��ام المتعلق��ة بال��ذمي في دار ذمي��ا، إال أن اإلسالم، ويأخذ بعين االعتبار ما جاز له وما لم يجز. وفعل المس��لم هن��ا أي

من رأى: »إزالته لمنكر الذمي من قبيل إزالة المنكر عمال بق��ول الن��بي ليس ه��و من قبي��ل أم��ر ال��ذميمنكم منك��را فليغ��يره بي��ده..."، و

بالمعروف وال نهيه عن المنكر؛ ألنه كافر، فال يقال له هذا حرام يعاقب اللهعلى فعله، إنما يذكر بعهد الذمة وشروطها وعواقب اإلخالل بذلك.

العدالة. 3 ال تشترط العدالة في األمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيجوز للفاس��ق أن يأمر وينهى، وأن يغير المنكر. فإننا لو اشترطنا أن يكون القائم ب��التغيير خاليا من كل منكر، عدال تقيا ورعا، فإنا نكاد ال نج��د من يتحق��ق في��ه ذل��ك، وال س��يما في عص��رنا ه��ذا. ق��ال الس��فاريني )في غ��ذاء األلب��اب لش��رحاس إال معصوم أو محفوظ لتعطل األم��ر منظومة اآلداب(: "ولو لم يعظ الناس من ه��و م��ذنب هي مع كونه دعامة الدين, وقد قيل: إذا لم يع��ظ الن والن

فمن يعظ العاصين بعد محمد". وقال الحسن لمطرف بن عبد الل��ه: "ع��ظ أص��حابك، فق��ال إني أخ��اف أن أقول ما ال أفعل، قال: يرحمك الله وأينا يفعل ما يقول ويود الش��يطان أن��ه قد ظفر بهذا، فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر". وقال مال��ك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن سمعت سعيد بن جبير يقول: "لو ك��ان الم��رء ال يأمر بالمعروف وال ينهى عن المنكر حتى ال يكون فيه ش��يء، م��ا أم�ر أح�د بمع��روف وال نهى عن منك��ر. ق��ال مال��ك: وص��دق، من ذا ال��ذي ليس في��ه

شيء". »يؤتى بالرج��ل ي��وم القيام��ة في الحديث المتفق علي��ه: وأما قوله

فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه في��دور كم��ا ي��دور الحم��ار بالرحى فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون : يا فالن، مال��ك؟ ألم تكن تأمرن�ا ب�المعروف وتنهان�ا عن المنك�ر؟ فيق��ول: بلى، ق�د

فغ��يركنت آم��ر ب��المعروف وال آتي��ه وأنهى عن المنك��ر وآتي��ه« مسوق للنهي عن القيام ب��األمر ب��المعروف والنهي عن المنك��ر من فاس��ق لم يفعل المعروف ولم يمتنع عن المنكر ب��ل ه�و مس�وق في بي�ان ش�ناعة

إتيان المنكر مع النهي عنه وترك المعروف مع األمر به.. االستطاعة4

78 ص1 ينظر اآلداب الشرعية ج3

المراد باالستطاعة القدرة على فعل الش��يء. وهي من الش��روط بال ن��زاع الذي يدل بوضوح على ك��ون من��اط التغي��يرفإن لم يستطع« : »لقوله

هو االس��تطاعة. وتتحق��ق االس��تطاعة والق��درة الفعلي��ة على التغي��ير بغلب��ة الظن، فال يجب فيها اليقين. ولما كانت االستطاعة من شروط الفع��ل دون

في ح��ديث التغي��ير في الي��د واللس��ان ولماإلرادة، فقد اش��ترطها الن��بي يشترطها في القلب لتحققها.

العلم. 5 العلم بالمعروف والمنكر من شروط األم��ر والنهي والتغي��ير، ف��إن لم يعلم المرء حكم الش��رع يح��رم علي��ه الحكم ب��الهوى والتص��رف بن��اء على رغب��ة

شخصية، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة. والواقع، أن اشتراطنا أن يكون المعروف والمنكر مم��ا أجم�ع علي��ه الن�اس ق��ديما وح��ديثا، يجع��ل مهم��ة اآلم��ر والن��اهي س��هلة ميس��ورة بحكم العلم الضروري الحاصل بالمعروف والمنكر. فك��ل ف��رد في المجتم��ع اإلس��المي يعلم مثال وجوب الصالة، والزكاة، وحرمة الزنا والخم��ر. وال نظن أن هن��اك من يجهل المعروف أو المنكر في المجتمع اإلسالمي، وإن وجد فه��و ش��اذ،

والشاذ ال يقاس عليه.عدم التجسس . 6

من شروط تغيير المنكر أن يكون المنكر بواح��ا ظ��اهرا، ال يحت��اج العلم ب��ه إلى تجسس، واستراق س��مع أو نظ��ر. ويس��توي في ه��ذا أن يك��ون ظه��ورالمنكر بذاته، أو بما اقترن به من صوت، أو رائحة أو غير ذلك من القرائن.ا، يقترف سرا في بيت مثال، فال يجوز التفتيش عنه، أما إن كان المنكر خفي والتجسس لكشفه. قال القرافي: "وما لم يظهر من المنك��رات ال يتع��رض له، ويخلي الناس في ستر الله إال أن يخبره من يثق به إن رجال خال برج��ل

4ليقتله أو بامرأة ليزني بها فيكشف عن ذلك".

يا أيه��ا الذين آمن��وا: واألدلة على هذا كثيرة منها: قوله سبحانه وتعالىوا س��� ن الظن إن بعض الظن إثم وال تجس .اجتنب���وا كث���يرا م

»يا: ( وعن أبي ب��رزة األس��لمي ق��ال : ق��ال رس��ول الل��ه 12)الحج��رات معش��ر من آمن بلس��انه ولم ي��دخل اإليم��ان قلب��ه، ال تغت��ابوا المسلمين، وال تتبعوا عوراتهم، فإن��ه من اتب��ع ع��وراتهم، يتب��ع

وعن5.الل��ه عورت��ه، ومن يتب��ع الل��ه عورت��ه، يفض��حه في بيت��ه«عود فقي��ل ه��ذا فالن تقط��ر األعمش عن زيد بن وهب ق��ال: "أتي ابن مس����ا س ولكن إن يظه��ر لن لحيته خمرا، فقال عبد الله: إنا قد نهينا عن التجس�� شيء نأخذ به". )قال النووي في رياض الصالحين: حديث ص��حيح رواه أب��و

داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم(. المنكر األكبر .7

51 ص10ينظر الذخيرة في الفقه المالكي، ج 4

(.19415(، وأحمد في المسند )4299 أخرجه أبو داود في سننه )5

يقول بعض الناس: "المقصود باألمر بالمعروف النهي عن المنك��ر إنم��ا ه��و تحصيل المصالح ودرء المفاسد. ولهذا إذا علم المسلم أن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر سيترتب عليه مفسدة في موقف من المواقف فإنه يمنع من األمر والنهي في ذل��ك الموض��ع. ومم��ا ي��روى في ه��ذا الب��اب أن ش��يخ اإلس��الم ابن تيمي��ة رحم��ه الل��ه خ��رج م��ع بعض تالمي��ذه من دمش��ق، وفي طريقهم مروا ببعض التتر وهم يشربون الخمر، فهم بعض التالميذ باإلنك��ار عليهم، فقال شيخ اإلسالم: دعوهم وما هم فيه. فقالوا: نتركهم رحمك الله على هذا المنكر ؟ قال: نعم إن هؤالء القوم لو أفاقوا من س�كرهم ل�دخلوا دمشق، فهتكوا األعراض، ونهبوا األموال وقتلوا الرجال. وال يكاد يوج��د في الدنيا مصالح محضة، وال مفاسد محضة، فالقضية قضية موازنة، فإن كانت

المصلحة أرجح حصلت، وإذا كانت المفسدة أكبر دفعت".والجواب على هذا من وجوه هي:

: على فرض التسليم بهذا الشرط، فقد أس��اء الن��اس فهم��ه، وب��الغواأوال ��رك ألجل��ه واجب األم��ر ب��المعروف والنهي عن المنك��ر. فيه وشطوا حتى ت�ه إلى ش��رط س��اء فهم وفي هذا يقول الشيخ الطاهر بن عاش��ور: "إني أنب بعض الن��اس في��ه وه��و ق��ول بعض الفقه��اء: يش��ترط أن ال يج��ر النهي إلى منك��ر أعظم. وه��ذا ش��رط ق��د خ��رم مزي��ة األم��ر ب��المعروف والنهي عن المنكر، واتخذه المسلمون ذريعة لترك هذا الواجب، ولقد ساء فهمهم في��ه إذ م��راد مش��ترطه أن يتحق��ق اآلم��ر أن أم��ره يج��ر إلى منك��ر أعظم ال أن

6يخاف أو يتوهم إذ الوجوب قطعي ال يعارضه إال ظن أقوى".

: لو اعتبرنا المسألة كما يقولون، مس��ألة مص��لحة ومفس��دة، وت��رجيحثانيا بينهما وموازنة، فس��ؤالنا ه��و: من ال��ذي يح��دد المص��لحة والمفس��دة، ومن

الذي يرجح بينهما ويوازن؟ ولنأخذ المثل المشهور البن تيمية مع التتار، علل تركه لواجب تغيير المنكر بقوله: "إن ه��ؤالء الق��وم ل��و أف��اقوا من س��كرهم ل��دخلوا دمش��ق، فهتك��وا األعراض، ونهبوا األموال وقتل��وا الرج��ال". ولكن، لقائ��ل أن يق��ول -وقول��ه حق-: إن الخمر أم الخبائث، فلو سكروا، لدخلوا دمشق، فهتكوا األع��راض،

ق��ال:ونهبوا األموال وقتل��وا الرج��ال. ودلي��ل ه��ذا م��ا روي عن الرس��ول »الخمر أم الفواحش، وأكبر الكبائر. من شربها وق��ع على أم��ه

7وعمته وخالته«.

بناء عليه نقول: إذا لم يحدد الشرع المصلحة والمفسدة، ولم يرجح بينهما، فال اعتبار لترجيح البشر؛ ألن ترجيحهم يبنى على العقل الذي ال يخفى على العاقل قصوره وعجزه. عالوة على ذلك، فإن أدلة األمر ب��المعروف والنهي عن المنكر، وأدلة تغيير المنكر التي سقناها في ثنايا الكتاب، لم تعلل األمر

. 3 م4 ج41 التحرير والتنوير ص6 و11211(، والط��براني في الكب��ير )4043أخرجه الدارقطني في سننه عن ابن عباس ) 7

: ص�حيح. وق�ال المن�اوي:4142قال السيوطي في الج�امع (. و3252( واألوسط )11338 رواه الخم�ر أم الخب�ائث: 1225قال الهيثمي: صحيح. وقال العجل�وني في كش�ف الخف�ا ح

. القضاعي بهذا اللفظ عن ابن عمرو بسند حسن

والنهي بالمصلحة والمفسدة كما يزعمون، فمن أين لهم الق��ول بالتعلي��ل؟ومن أين لهم القول بالمصلحة والمفسدة؟

: لما كان األمر ب��المعروف والنهي عن المنك��ر مم��ا يقتص��ر في��ه علىثالثا القول فقط، فهو في واقعه طلب الفعل وطلب ال��ترك ال غ��ير، فال يتص��ور فيه أن يجر إلى مفسدة كما يقولون، أو إلى فتنة أو منكر أعظم، إنم��ا ق��د

فييتصور ذلك في تغيير المنكر وإزالته بالقوة. إال أنه لما كان أمر النبي تغي��ير المنك��ر واض��حا ص��ريحا في اس��تعمال الق��وة ب��دون تقيي��د ل��ه بجلب مصلحة ودرء مفسدة، أو بترجيح بينهم��ا، ف��إن المطل��ق يبقى على إطالق��ه

حتى يدل الدليل الشرعي على تقييده.��ه ال مفس��دة أعظم من الته��اون في إزال��ة المنك��ر، وال إضافة إلى هذا، فإن منكر أكبر من التساهل في ذلك حتى يأتي الخسيس منكره في حمى قي��د الفتنة والمفسدة الكبرى الناجمة عن التغيير عليه، بل إن من المنكرات ما ي��ترتب على الس��كوت عنه��ا منك��ر أعظم منه��ا، كالس��كوت على مغتص��ب السلطة أو السكوت عن حكم الحاكم بالكفر. فل��و س��كت الن��اس عن ه��ذا خشية الفتنة وإراقة الدماء وإثارة الدهماء، كما يقولون، لض��اعت الس��لطة من يد األمة، كم��ا ه��و الح��ال الي��وم، وفش��ي الظلم والج��ور في المجتم��ع، وحكم بالكفر والطاغوت وهدم اإلسالم. لذلك، إذا جاء النص بحل فع��ل فال ينبغي النظر العقلي في مآل��ه، إنم��ا يطب��ق النص بغض النظ��ر عن النتيج��ة

قت��ال الص��ائل مثال في نص ص��ريح، فال يج��وزوالمآل. فإذا أجاز الرسول » :للعقل البشري تقييده بشرط عدم المنكر األك��بر. عن أبي هري��رة ق��ال

فق��ال: ي��ا رس��ول الل��ه، أرأيت إنجاء رجل إلى رس��ول الل��ه عدي على مالي، قال: فانشد بالله. قال: فإن أبوا علي؟ ق��ال: فانشد بالله. قال: فإن أبوا علي؟ قال: فانشد بالله. قال: فإن أب��وا علي؟ ق��ال: فقات��ل، ف��إن قتلت ففي الجن��ة، وإن قتلت

8.ففي النار«

وإذا أجاز الشارع قتال الحاكم الذي حكم بالكفر البواح، وحول دار اإلس��الم إلى دار كفر، فال يجوز للعقل البشري أن يقيد هذا الجواز الص��ريح بش��رط

حينما أمر بقتال الحاكم الذي أظه��ر الكف��رعدم المنكر األكبر. فالرسول البواح علم أن القتال فيه إزه��اق النف��وس، وخ��راب العم��ران، إال أن��ه أم��ر بذلك ألن إقرار حكم الكفر أعظم نكارة وأشد عن��د الل��ه من القت��ل. يق��ول الجصاص )رحمه الله(: "ولم يدفع أحد من علم��اء األم��ة وفقهائه��ا س��لفهم وخلفهم وجوب ذلك إال قوم من الحش��و وجه��ال أص��حاب الح��ديث، ف��إنهم أنكروا قتال الفئة الباغي��ة واألم��ر ب��المعروف والنهي عن المنك��ر بالس��الح، وسموا األمر بالمعروف والنهي عن المنك��ر فتن��ة إذا اح��تيج في��ه إلى حم��ل السالح وقتال الفئة الباغية )...( وزعموا مع ذلك أن السلطان ال ينكر علي��ه الظلم والجور وقتل النفس التي حرم الل��ه )...( فص��اروا ش��را على األم��ة من أعدائها المخالفين لها؛ ألنهم اقعدوا الناس عن قتال الفئة الباغي��ة وعن اإلنكار على السلطان الظلم والجور ح��تى أدى ذل��ك إلى تغلب الفج��ار ب��ل المجوس وأعداء اإلس��الم، ح��تى ذهبت الثغ��ور وش��اع الظلم وخ��ربت البالد

(. 4056 و4055 أخرجه النسائي في الصغرى )8

وذهب الدين وال��دنيا وظه��رت الزندق��ة والغل��و وم��ذهب الثنوي��ة والخرمي��ة والمزدكية، والذي جلب ذلك كله عليهم ت��رك األم��ر ب��المعروف والنهي عن

9المنكر واإلنكار على السلطان الجائر والله المستعان".

أنواع المنكر ينقسم المنكر إلى قس��مين؛ باعتب��ار المك��ان والزم��ان ال��ذي يحص��ل في��ه،

وباعتبار المتسبب فيه والفاعل له.أوال: باعتبار المكان والزمان

باعتبار المكان فإن المنكر يحصل في األمكنة الخاصة والعامة. فمن األمكنة الخاصة التي يحصل فيها المنكر، البيت. ومن منك��رات ال��بيت

االختالط فيه بين الرجال والنساء، والزنا، وشرب الخمر وغير ذلك. ومن األمكنة العامة، األسواق، والمساجد، والشوارع وغيره��ا مم��ا ال يحت��اج الدخول إليها إلى إذن خاص. ومن منكراته��ا كش��ف الع��ورة، وبي��ع المح��رم

كالخمر واألشرطة اإلباحية، والسرقة وغير ذلك. وأما باعتبار الزمان، فقد اشترط الفقهاء من أجل تغي��ير المنك�ر، أن يك�ون موجودا في الحال احترازا عما ف��رغ من��ه. ف��إذا تم حص��ول المنك��ر، وف��رغ

صاحبه منه، فال يغير عليه بل ينهى ويأمر وينصح. والمنكر المفروغ من��ه ل��ه أحكام��ه الخاص��ة ال��تي تختل��ف ب��اختالف المنك��ر الم���أتي. فمن ف���رغ من ش���رب خم���ر، ليس كمن ف���رغ من قت���ل نفس معص��ومة. ومن ه��ذا الب��اب، م��ا أت��اه كم��ال أت��اتورك من منك��ر. فق��د ك��ان

م( وأدخل أحك�ام1924الواجب على المسلمين، حينما ألغى الخالفة )سنة الكفر على دار اإلسالم، أن يزيلوا منكره بالقوة. أم�ا اآلن، وق�د ف�رغ من��ه، وتم األمر، واستقرت أحك��ام الكف��ر في دار اإلس��الم، فق��د اختل��ف الح��ال،

في تغيير الدار.وأصبح الواجب إتباع منهج الرسول ثانيا: باعتبار المتسبب والفاعل

��ه يك��ون من جه��ة الف��رد باعتبار المتسبب في حص��ول المنك��ر وفاعل��ه فإن والحاكم والجماعات. فمنكر الف�رد والح�اكم واض��ح معل��وم، فال يحت��اج إلى بيان. وأما منك��ر الجماع��ات فه��و دعوته��ا إلى الح��رام أو الكف��ر. من ذل��ك، الجماعات التي قامت على فكرة العلمانية، أو الديمقراطية، أو القومية، أو االشتراكية أو على غير ذلك من أفكار الكفر. فإنه��ا تك��ون ق��د ق��امت على

منكر تبنته وتدعو إليه، فوجب التغيير عليها. أما ما المراد بقولنا المتسبب والفاعل، ف��إن المنك��ر في واقع��ه إم��ا ي��ؤتى مباشرة أو يهيأ له سبب إتيانه. والمث��ال على ذل��ك الح��اكم، فه��و ق��د ي��أتي المنكر مباشرة، كأن يش��رب الخم��ر ويتب��نى الكف��ر، أو يتس��بب في��ه، ك��أن يسمح بدور الدعارة وأندية القمار. فمن هنا ج��اءت التفرق��ة بين المتس��بب

في فعل المنكر وبين فاعله.

321-320 ص2 أحكام القرآن، ج9

وهذه التفرق��ة الزم��ة لألف��راد والجماع��ات الي��وم على وج��ه الخص��وص، إذ بإدراكها والوقوف عليها يتحدد عمل الفرد والجماعة، وتتعين األولويات لهم في التغيير. فإذا كان المنكر قد تسبب فيه الحاكم، كأغلب المنكرات اليوم في مجتمعنا، فإن تغييره يكون بتغيير الحاكم وإزالته. والدليل على ه��ذا أن التغيير منوط بغلبة الظن بحص��وله أي من��وط بغلب��ة الظن على إزال��ة عين المنكر. فان عدمت قدرة اإلزالة ال يستعمل الي��د؛ ألن اس��تعمالها عندئ��ذ ال يحقق الغرض الذي استعملت من أجله وهو تغيير المنك��ر وإزالت��ه، فمن��اط استعمال اليد الوارد في حديث التغي��ير من��وط بالق��درة على تغي��ير المنك��ر بالفعل، بدليل أن الحديث نفسه جعل االنتق��ال إلى إنك��ار المنك��ر باللس��ان عن��د ع��دم االس��تطاعة، أي ع��دم الق��درة على تغ��ير المنك��ر وإزالت��ه بالي��د،

ف��إن لم يس��تطع فبلس��انه، ف��إن لم يس��تطع فبقلب��ه وذل��ك» فلو أزيل المنكر الذي تسبب فيه الح��اكم ب��القوة، لم��اأضعف اإليمان«.

كان ذلك في واقعه تغييرا لعين المنكر؛ ألن التغيير لم يط��ل المس��بب ل��ه.

فح��رق حان��ة ال يعت��بر تغي��يرا لعين المنك��ر؛ ألن الح��اكم سيس��مح بغيره��ا. وتفجير بيت دعارة ال يعتبر تغييرا لعين المنك�ر؛ ألن الح�اكم سيس�مح ببن��اء غيرها. وح��رق قاع��ة "س��ينما" أو "بن��ك" ال يعت��بر تغي��يرا لعين المنك��ر؛ ألن الحاكم سيسمح بوجود غيرها. لذلك، فإن تغي��ير عين المنك��ر يك��ون بإزال��ة

الحاكم نفسه ألنه المسبب له.

منكر الحكامائكة الخط��يرة إن موضوع منكر الحكام، وتغييره بالقوة، من المواضيع الش�� التي زاغت فيها األفهام وزلت األقدام. لذلك آثرنا أن نخصه بمزي��د تفص��يل

وبيان. فقد ذهب بعض العلماء إلى عدم ج��واز س��ل الس��يف على الح��اكم وتغي��ير منكره بالقوة، وذهب بعض آخر إلى وجوبه. قال الشوكاني: "وطاعة األئمة واجبة إال في معصية الله، وال يج��وز الخ�روج عليهم م��ا أق��اموا الص��الة ولم يظهروا كف��را بواح��ا، ويجب الص��بر على ج��ورهم وب��ذل النص��يحة لهم )...( وق��د ذهب إلى م��ا ذكرن��ا جمه��ور أه��ل العلم، وذهب بعض أه��ل العلم إلى ج��واز الخ��روج على الظلم��ة أو وجوب��ه تمس��كا بأح��اديث األم��ر ب��المعروف والنهي عن المنك��ر، وهي أعم مطلق��ا من أح��اديث الب��اب، وال تع��ارض بين عام وخاص، ويحمل ما وق��ع من جماع��ة من أفاض��ل الس��لف على اجته��اد

ممن جاء بع��دهم من أه��لمنهم، وهم أتقى لله وأطوع لسنة رسول الله 10العلم".

ولكي نعطي اإلجابة الصحيحة في المسألة تستعرض األدلة فيها، وهي:لمة أن رس��ول الل��ه تكون أم��راء. فتعرف��ون ق��ال: عن أم س�� »س��

ي لم. ولكن من رض�� ��ر س�� وتنكرون. فمن ع��رف ب��رئ. ومن أنكلوا«. قالوا: أفال نقاتلهم؟ قال: وتابع« )مس��لم( وعن ع��وف»ال. ما ص��

ول الل��ه ق��ال: »خي��ار أئمتكم ال��ذين تحب��ونهمبن مال��ك، عن رس��م1987 - بيروت، دار الجيل، 1، ط506-505الدراري المضيئة شرح الدرر البهية, ص 10 .

رار أئمتكم لون عليهم. وش�� لون عليكم وتص�� ويحب��ونكم. ويص��ونكم وتلعن��ونهم ويلعن��ونكم قي��ل: ي��ا ونهم ويبغض�� الذين تبغض�� رسول الله أفال ننابذهم بالسيف؟ فقال: »ال. م��ا أق��اموا فيكم

ول الل��هالصالة..«. ��ا رس�� امت ق��ال: دعان ��ادة بن الص�� )مس��لم( وعن عب فبايعناه. فكان فيما أخذ علينا، أن بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا

ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا. وأن ال ننازع األمر أهله. ق��ال: »إال )رواه مس��لمأن تروا كفرا بواحا عن��دكم من الل��ه في��ه بره��ان«.

والبخاري( إن النظر الدقيق في األحاديث الم��ذكورة، يكش��ف لن��ا عن مناطه��ا أي عن الواقع الذي تتنزل عليه األحاديث لمعالجت��ه. فمن��اط األح��اديث ه��و الح��اكم بدار اإلسالم، أي أن هذه النصوص لم تنص��ب على معالج��ة مش��كلة ب��دار

كفر، إنما بدار اإلسالم التي يحكم فيها باإلسالم وأمانها بأمان المسلمين. أي في المستقبل من أم��ركم س��يأتيستكون أمراء( يقول )فالرسول

من األمراء من يرتكب الحرام، فال تقاتلوهم ما داموا على الحكم باإلس��الموإن فسقوا وأدخلوا من البدع ما يعرف منها وينكر.

أي حكامكم. وحكامنا هم من بايعناهم على العمل فيناأئمتكم( )ويقول لكلم��ة )أئم��ة( م��ا ي��دل على ه��ذهبالكت��اب والس��نة. وفي اس��تعماله

الخصوص��ية أي على ك��ونهم حكامن��ا ال��ذين بايعن��اهم؛ ألن كلم��ة اإلمام��ة بمفرده��ا ت��دل على المنص��ب الش��رعي ال��ذي ه��و الخالف��ة، فم��ا بال��ك إذا

أسندت إلينا. وه��و ي��دل قطع��ا على حك��ام المس��لمين؛ ألنتحبونهم( )ويقول أيض��ا

الح��اكمالحب من الوالية التي ال تجوز لكافر قطع��ا. وال يق��ال: إنم��ا أراد ��ه وتلعنونهم( الكافر ألنه قال: ) واللعنة ال تكون لمسلم. ال يقال هذا ألن

الة( قال: ) والك��افر ال يقيم الص��الة، ه��ذا إن فهمما أق��اموا فيكم الص��قوله حرفيا، فكيف وهو كناية عن الحكم باإلسالم ككل.

( أي الوأن ال نن��ازع األم��ر أهل��هوفي حديث عبادة )رضي الله عنه( : ) نخاصم أولي األم��ر ونختل��ف معهم ح��ول واليتهم ووج��وب ط��اعتهم، إال إذا

( أن الم��راد به��اأهلهحكموا بكفر صراح ال شبهة فيه. وواض��ح من لفظ��ة ) المسلم إذا حكم؛ ألن الكافر ليس أهال لذلك أصال. وواضح أيضا من قوله

أن المراد الحاكم المسلم الذي أدخل الكفرإال أن تروا كفرا بواحا( : )��ام على حكمه، أي أن الكفر ط��ارئ على الحكم، وليس بأص��ل كحكم الحك

البحث،عندكم من الله فيه برهان(، : )اليوم. وواضح أيضا من قوله والتدقيق، وإعادة األمور إلى مص��ادرها ومقارنته��ا بأص��ولها حتى تظه��ر لن��ا الحجة الدامغة القاطعة على الكفر، وهو م��ا ال نحتاج��ه م�ع الح�اكم ب��الكفر

أصالة، كحكام اليوم، لوضوح حكمه بالكفر. بناء علي��ه، ف��إن ال��رأي عن��دنا أن الح��اكم في دار اإلس��الم إذا حكم ب��الكفر الواضح الصريح يجب الخروج عليه ومقاتلت��ه ح��تى ي��زال منك��ره أو يتنحى.

يف؟ حين س��أله أص��حابه: »وهذا واضح من قول��ه أفال ننابذهم بالس��الة..«. ال: »ال. م���ا أق���اموا فيكم الص��� قول���ه:وروي عن���ه فق���

»استقيموا لقريش ما اس��تقاموا لكم, ف��إذا لم يفعل��وا فض��عوا س��يوفكم على ع��واتقكم فأبي��دوا خض��راءهم, ف��إن لم تفعل��وا

11.فكونوا حينئذ زارعين أشقياء تأكلوا من كد أيديكم«

وأما إذا كانت الدار دار كفر، وكانت غير أحك��ام اإلس��الم موض��وعة موض��ع التطبيق، فإن إزالة الحاكم الذي يحكم المسلمين بها تكون بالنسبة للتكتل

في س��يره إلقام��ة دول��ة اإلس��الم،عن طري��ق النص��رة إتباع��ا للرس��ول وتطبيق أحكام اإلسالم.

وأما بالنسبة للجماعات المسلحة العامل��ة لتغي��ير منك��ر حك��ام ه��ذا ال��زمن بالقوة. فهي قد قامت بناء على أحاديث المنابذة بالسيف عند ظهور الكفر

البواح، وحديث التغيير، وحديث كسر الصنم. : »انطلقت أناأما حديث كسر الص��نم، فعن علي رض��ي الل��ه عن��ه ق��ال

: اجلس. ح��تى أتين��ا الكعب��ة فق��ال لي رس��ول الل��ه والن��بي وصعد على منكبي، فذهبت ألنهض به فرأى مني ضعفا، ف��نزل

وقال: اصعد على منكبي. قال: فص��عدتوجلس لي نبي الله على منكبيه قال: فنهض بي قال: فإنه يخيل لي أني لو ش��ئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت، وعليه تمث��ال ص��فر أو نحاس فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله وبين يدي��ه ومن

: اق��ذف ب��ه،خلف��ه ح��تى إذا اس��تمكنت من��ه ق��ال لي رس��ول فقذفت به فتكسر كما تتكسر القوارير، ثم نزلت فانطلقت أن�ا

نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحدورسول الله 12من الناس«.

لقد صحح القائلون بجواز العمل المادي اليوم لتغيير منكر الحك��ام والدول��ةهذا الحديث سندا ومتنا، واعتبروه حجة قوية تدلل على مشروعية عملهم.

وجوابنا على هذا كاآلتي: : لق��د ق��ال الحاف��ظ ال��ذهبي في التلخيص: "إس��ناده نظي��ف والمتنأوال

منكر". وقد أص��اب في قول��ه بنك��ارة المتن، إذ ال يعق��ل أن يعم��ل الن��بي عمال مشروعا يستن به من بعده في الخفاء خشية أن يراه الن��اس. فم��تى

يخاف قريشا ويخشاها، وقد ق��ال للق��وم م��ا ه��و أعظم نك��ارةكان النبي عندهم من هذا العمل، فقد سب آلهتهم، وعاب دينهم وسفه أحالمهم.

في تغي��ير الواق��ع، فلم��اذا لمثم إذا ك��ان ه�ذا العم��ل من منهج الرس��ول يكرره ولم يبرز في سيرته؟

(، ورواه الروياني في8039( واألوسط )200 رواه الطبراني عن ثوبان في الصغير )11 15(. وقال ابن حجر في فتح الباري )ج81(، وأبو بكر بن الخالل في السنة )606مسنده )

(: "ورجاله ثقات، إال أن فيه انقطاعا ألن رواية سالم بن أبي الجعد لم يسمع من10ص ثوبان. وله شاهد في الطبراني من حديث النعمان بن بشير بمعناه".

(، والح���اكم في7278(، والنس���ائي في الك���برى )634 أخرج���ه أحم���د في المس���ند )12 (،697(، وال��بزار في المس��ند )276(، وأبو يعلى في المس��ند )4234 و3345المستدرك )

، والط��بري(375في المغ�ازي في فتح مك�ة )رقم( و36245وابن أبي ش��يبة في المص��نف )(. 1635في تهذيب اآلثار )

��ة إلى المدين��ة،فالحديث، إن صح كحادثة وقعت قبل هجرة النبي من مك أن يجعل منها المنهج المتبعال يخرج عن كونه حادثة فردية لم يشأ النبي

��ه ق��ام بالعم��ل م��رة في الخف��اء، ولم يك��رره أو يطلب��ه من في التغيير؛ ألنأصحابه.ةثانيا: لمى عن أبى أمامة ق��ال، ق��ال عم��رو بن عبس�� : »كنت وأناالس��

وا على في الجاهلية أظن أن الناس على اللة، وأنهم ليس��� ض��� فسمعت برجل بمكة يخب��ر أخب��ارا، شيء، وهم يعبدون األوثان،

ول الله فقع���دت على راحل���تي دمت علي���ه، ف���إذا رس��� فق��� ج��رءاء علي��ه قوم��ه، فتلطفت حتى دخلت علي��ه بمكة مستخفيا

أرسلنى فقلت له: ما أنت. قال: أنا نبي. فقلت وما نبي. قال:لك. ق��ال لة األرح��ام الله. فقلت وبأى شيء أرس�� لنى بص�� أرس��

د الله ولقائ��ل أن13.«..ال يشرك ب��ه ش��يء وكسر األوثان وأن يوح يقول: قد يفهم من ه��ذا الح��ديث أن كس��ر األوث��ان مطلب ش��رعي، ل��ذلك

في مكة حينما قدر على ذلك في غفلة من قريش، فال عجبفعله النبي في ذلك إذن، وال نكارة.

في مك��ة أي كس��رهوالجواب هو، إذا اعتبرنا هذا الفهم، يكون إذن فعل��ه لصنم قريش األكبر، خاصا بكسر األوثان، وال يتع��داه إلى ك��ل عم��ل م��ادي؛

، وإن أمر بكسر األوثان، فلم يكن قد أم��ر بع��د بالقت��ال وحم��لألن النبي فيالسالح. ففي كتب السيرة، ق��ال العب��اس بن عب��ادة بن نض��لة للن��بي

بيعة العقبة المعروفة بالبيعة على ال��دم: »وال��ذي بعث��ك ب��الحق لئن ش��ئت لم أؤم��ر: »لنميلن على أهل منى غدا بأسيافنا. قال: فقال رسول الل��ه

رفض اس��تعمال الس��الح، وعل��ل وفي هذا داللة على أن النبي 14«.بذلك«.لم أؤمر بذلكذلك بقوله: »

لألوثان على كل عمل مادي بما فيهوعليه، فال يمكن تعميم حادثة كسره لم أؤم��رالقت��ال وحم��ل الس��الح؛ ألن النص الص��حيح الص��ريح يق��ول: »

«.بذلك روي هذا الحديث من ط��رق متع��ددة بألف��اظ مختلف��ة، وق��د اختل��فثالثا:

العلماء فيه؛ فمنهم من رواه كحادثة حصلت قب��ل الهج��رة، ومنهم من رواه كحادثة حصلت بعد الهجرة، كما فعل ابن أبي شيبة الذي رواه في المغازي فبوبه ضمن أح��داث فتح مك��ة، وذك��ره دون زي��ادة اله��رب والتخفي. ق��ال: حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا نعيم بن حكيم قال ح��دثني أب��و م��ريم عن

حتى أتى بي الكعب��ة فق��ال:»انطلق بي رسول الله علي قال: علىاجلس فجلس��ت إلى جنب الكعب��ة وص��عد رس��ول الل��ه

منك��بي ثم ق��ال: لي انهض بي فنهض��ت ب��ه فلم��ا رأى ض��عفي تحته ق��ال: اجلس فجلس��ت ف��نزل ع��ني وجلس لي فق��ال: ي��ا علي، اص��عد على منك��بي فص��عدت على منكبي��ه ثم نهض بي

(.1967 أخرجه مسلم في صحيحه )13 ( عن كعب بن مالك، وأخرجه ابن هش��ام في الس��يرة15559 أخرجه أحمد في المسند )14

وقال الهيثمي في المجمع: "ورجال أحمد رجال الص��حيح غ��ير ابن إس��حاق(.�� 297 ص2)جوقد صرح بالسماع".

فلما نهض بي خي��ل إلي أني ل��و ش��ئت نلت أف��قرسول الله فق��ال ليالسماء، وصعدت على الكعب��ة وتنحى رس��ول الل��ه

ألق صنمهم األكبر صنم قريش، وكان من نحاس، وكان موت��ودا : عالج��ه،بأوتاد من حدي��د في األرض، فق��ال لي رس��ول الل��ه

يقول: إيه، فلم أزل أعالجه حتىفجعلت أعالجه ورسول الله استمكنت منه، فقال: اقذفه، فقذفته ونزلت«.

والراجح االقتصار في ه��ذه الحادث��ة على ه��ذه الرواي��ة البن أبي ش��يبة في مصنفه ومغازيه، وأما بقية الروايات فترد الزيادات فيها على ه�ذه الرواي�ة؛

ألنها منكرة. نس��تبق ح��تى توارين��اف��انطلقت أن��ا ورس��ول الل��ه فزي��ادة »

وفي رواي��ة عن��د الح��اكمبالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس«، »فانطلقت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم نسعى وخشينا أن

وفي رواي���ة عن���د أبي يعلىيران���ا أح���د من ق���ريش وغ���يرهم«، »فانطلقن��ا نس��عى ح��تى اس��تترنا ب��البيوت خش��ية أن يعلم بن��ا

ال يخش��ى الن��اس في أي عم��ل أم��ره ب��هزيادة منكرة؛ ألن النبي أحد«، الله سبحانه وتعالى. فكيف يخشى الناس ويتخفى منهم في عمل أم��ر ب��ه،

، أمفاصدع بم��ا ت��ؤمروقد أمره الله سبحانه وتع��الى بالص��دع فق��ال: كيف يخشى الناس وقد سب آلهتهم جهرة، وع��اب دينهم، وس��فه أحالمهم،

وضلل آباءهم. ثم إن ما ورد في الرواية من تكسير لصنم قريش األك��بر أم��ر جل��ل عظيم عند قريش، فال تسكت عنه، وال تدعه يمر بدون ردة فعل أو حملة مضادة. وهو أمر لم نسمع عنه، ولم تشر إلي��ه كتب الس��يرة. ل��ذلك فإنن��ا من ه��ذه

الجهة أيضا، نستبعد حدوثه قبل الهجرة. وأما زيادة الحاكم من طريق عبد الل�ه بن داود، ثن��ا نعيم بن حكيم، ثن��ا أب��و

»لما ك��ان الليل��ة ال��تيمريم األسدي، عن علي رضي الله عن��ه ق��ال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيت على فراشه، وخرج من مكة مهاجرا، انطلق بي رسول الله ص��لى الل��ه علي��ه

كان في تلك الليل��ة، فزيادة منكرة؛ ألن النبي وسلم إلى األصنام...« في شغل شاغل عن هذا األمر. فقد كانت قريش تتربص به بعدما بلغها نب��أ

قد صارت له ش��يعة، وسيص��يب منهم منع��ة، فح��ذرواالبيعة، وأن محمدا خروجه، واتفقوا على قتله. لذلك استنفرت ق��ريش رجاله��ا وحاص��رت بيت

في البيت تلك الليلة مع علي محاص��را، وق��د اجتم��ع فتي��ة، فكان النبي من كل قبيلة على بابه يرصدونه متى ينام فيقتلونه.

وعليه، فإن هذا الحديث يتعلق بحادثة بعد الهجرة، وهو م��ا ينس��جم م��ع م��ا من خلو منهج��ه من العن��ف والقي��ام بأعم��ال مادي��ة قب��لتواتر عن النبي

�ه كس�رالهجرة وإقامة الدولة، كم�ا ينس�جم م�ع م�ا اش�تهر عن الن�بي أن ي��وممكة »دخل رسول الله قال: ابن عباساألصنام يوم الفتح. عن

الفتح على راحلته فطاف عليها وحول ال��بيت أص��نام مش��دودة يش�ير بقض�يب في ي�ده إلى األص��نامبالرصاص فجعل الن�بي

، ج��اء الح��ق وزه��ق الباط��ل إن الباط��ل ك��ان زهوقاويق��ول فما أشار إلى صنم منها في وجهه إال وقع لقف��اه،(81)اإلسراء

وال أشار إلى قفاه إال وقع لوجهه، حتى ما بقي منه��ا ص��نم إال15.وقع«

أما أحاديث المنابذة وحديث التغيير، ففقهها كاآلتي: . إن كان الم��راد االس��تدالل به��ذه األح��اديث على ج��واز اس��تعمال الق��وة1

لتغيير المنكرات الموجودة في المجتمع التي تسبب فيه��ا الح��اكم وأقره��ا، كدور القمار والزنا، فقد سبق بي��ان أن ه��ذا األم��ر ال ي��ؤدي إلى تغي��ير عينالمنكر، وأن تغيير عين المنكر يكون بإزالة الحاكم نفسه؛ ألنه المسبب له.

. إن كان المراد االستدالل بهذه األح��اديث على ج��واز تغي��ير عين المنك��ر2 ب��القوة، واس��تعمال الي��د إلزاح��ة الح��اكم ال��ذي يحكم ب��الكفر، وإزال��ة حكم الكفر الذي يحكم به، ووضع ما أنزل الله تعالى من أحكام موضع التط��بيق والتنفيذ، فإن هذا األم��ر من��وط باالس��تطاعة. فمن��اط ح��ديث وج��وب تغي��ير المنكر باليد، ومناط أحاديث المنابذة ووج��وب الخ��روج على الح��اكم ال��ذي يحكم بأحك��ام الكف��ر الص��راح بالس��الح، مرب��وط بق��درة الق��وة المادي��ة، واستطاعتها على تغيير المنكر، والكفر الصراح وإزالته بالفع��ل، ول��و بغلب��ة الظن. ولكن إذا لم تكن القوة المادية ق��ادرة بالفع��ل، أو بغلب��ة الظن على تغيير المنكر وأحكام الكفر وإزالته بالفعل، فإنها ال تستعمل؛ ألن استعمالها حينئذ ال يحقق الغرض ال��ذي أوجب الش��ارع ألجل��ه اس��تعمالها، وه��و تغي��ير المنكر وأحكام الكفر وإزالتهما بالفع��ل. ويعم��ل عندئ��ذ على إنك��ار المنك��ر باللسان، كما يعمل على زيادة القوة حتى تص��ل إلى ح��د اس��تطاعتها، ول��و بغلب��ة الظن على تغ��ير المنك��ر وأحك��ام الكف��ر بالفع��ل، وعن��د ذل��ك يجب

استعمالها.

من آداب األمر والنهيلألمر بالمعروف والنهي عن المنكر آدابه التي نخص منها بالذكر ما يلي:

. من آداب اآلمر و الناهي1أوال: الرفق

ول الل��ه تأذن ره��ط من اليه��ود على رس�� ، فق��الوا:عن عائشة قالت: اس��السام عليكم. فقالت عائشة: بل عليكم السام واللعنة. فقال رسول الل��ه

،»ة إن الل��ه يحب الرف��ق في األم��ر كل��ه ق��الت: ألم: »يا عائش��ة وفي رواية: 16»قد قلت: وعليكم«.تسمع ما قالوا؟ قال: »ي��ا عائش��

إن الل��ه رفي��ق يحب الرف��ق. ويعطي على الرف��ق م��ا ال يعطيواه«. وفي رواي��ة أخ��رى: 17على العنف. وم��ا ال يعطي على م��ا س��

(. 80 ص5 سيرة ابن هشام )ج15(.5901(، والبخاري في صحيحه )2165أخرجه مسلم في صحيحه ) 16(. 2593 أخرجه مسلم في صحيحه )17

يء إال يء إال زان��ه، وال ين��زع من ش�� »إن الرفق ال يكون في ش�� وعن عبد ال��رحمن بن هالل، ق��ال: س��معت جري��ر بن عب��د الل��ه 18شانه«.

»من حرم الرفق، ح��رم الخ��ير، أو من: يق��ول: ق��ال رس��ول الل��ه 19.يحرم الرفق، يحرم الخير«

والرفق هو اللطف في القول واللين في المعاملة. فعلى من أمر بمعروف��ر ونهى عن منك��ر أن يتلط��ف في قول��ه، ويلين في��ه، وال يفحش، ب��ل يتخي األلفاظ المؤدبة التي تقع في النف��وس موقع��ا حس��نا، ف��إن الكالم الحس��ن مفتاح القلوب. فإن لم ينف��ع ذل��ك ج��از ل��ه االنتق��ال إلى الش��دة وال��ترهيب

والتخويف. "وقد ذكر النواوي فصال في كتاب )األذكار(، في أنه يحوز لآلمر ب��المعروف والناهي عن المنكر، وكل مؤدب، أن يق��ول لمن يخاطب��ه في ذل��ك: ويل��ك، ويا ضعيف الحال، ويا قليل النظر لنفسه، أو يا ظالم نفسه، وأورد في ذلك أحاديث، منه��ا: ح��ديث ع��دي بن ح��اتم الث��ابت في ص��حيح مس��لم: أن رجال

فقال: من يط��ع الل��ه ورس��وله، فق��د رش��د، ومنخطب عند رسول الله بئس الخطيب أنت، قل: : »يعصهما، فقد غوى. فق��ال رس��ول الل��ه

«. وروى فيه حديث جابر بن عبد الله: أن عبداومن يعص الله ورسوله لحاطب جاء يشكو حاطبا، فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار. فق��ال

«. )رواهكذبت، ال يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية: »رسول الله «.ويل��ك اركبها لص��احب البدن��ة: »مسلم في الصحيح( وذكر فيه قوله

ويلك فمن يعدل إن لذي الخويصرة: »)رواه البخاري ومسلم( وقوله «. )رواه البخ��اري ومس��لم( )...( واعلم أن للزج��ر والتخوي��فلم أع��دل

، وهم��ا: أن الش��رطين في اإلباحةباأللف��اظ الغليظ��ة ش��روطا أربع��ة: يكون المزجور محقا في قوله أو فعله، وأن ال يكون الزاجر كاذبا في قوله، فال يقول لمن ارتكب مكروها: يا عاصي، وال لمن ارتكب ذنبا ال يعلم ك��بره: ي��ا فاس��ق، وال لص��احب الفس��ق -من المس��لمين-: ي��ا ك��افر، ونح��و ذل��ك.

، وهم��ا: أن يظن المتكلم أن الش��دة أق��رب إلىوش��رطين في الن��دب��ة قب��ول الخص��م للح��ق، أو إلى وض��وح ال��دليل علي��ه، وأن يفع��ل ذل��ك بني

20صحيحة، وال يفعله لمجرد داعية الطبيعة".

ل لهم��اوالرفق واجب مع األبوين بخاصة؛ ألن الله تعالى يق��ول: فال تق�� قال اإلم��ام( 23اإلسراء . )أف وال تنهرهما وقل لهما قوال كريما

اءة ��ف وال إس�� ��ر عن مه بغي أحمد بن حنبل: "إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعل��ة ��األجنبي. وق��ال في رواي ��ه، وليس األب ك وال يغلظ ل��ه في الكالم وإال ترك يعقوب بن يوسف: إذا كان أبواه يبيعان الخمر لم يأكل من طعامهم وخ�رج��رم ��وان لهم��ا ك ��ان ل��ه أب ��راهيم بن ه��انئ: إذا ك ��ة إب عنهم. وق��ال في رواي��وا خ��رج يعصران عنبه ويجعالنه خمرا يسقونه يأمرهم وينهاهم فإن لم يقبل

(.2594 أخرجه مسلم في صحيحه )18(.2592 أخرجه مسلم في صحيحه )19 ، دار234-231 ص1 ينظر )العواصم والقواص��م( لمحم��د بن إب��راهيم ال��وزير اليم��اني، ج20

م. 1985البشير، عمان

افر". �ر في زاد المس� �و بك �ره أب �أوي معهم. ذك وعن عب�د21من عندهم وال يتم ق��ال: الل��ه بن عم��رو بن الع��اص أن رس��ول الل��ه »من الكبائر ش��

ج��ل والدي��ه؟ جل والديه. قالوا: يا رسول الله، هل يشتم الر الرب قال: نعم، ه، فيس�� ب أم ب أب��اه، ويس�� ج��ل، فيس�� يسب أبا الر

ه« 22.أم فاالبن يأمر أبويه بالمعروف وينهاهما عن المنكر برف��ق ولين، وال يج��وز ل�ه

أن يعنفهما أو أن يستعمل القوة معهما.ثانيا: الستر

من األدب التس�تر على ذن��وب الن�اس وعي�وبهم، وع�دم فض�حهم م�ا أمكن ذلك، وما لم يعرفوا بفسق وفساد وبدعة ظ��اهرة. وفي ه��ذا يق��ول اإلم��ام أحمد: "الناس يحتاجون إلى مداراة ورفق في األمر بالمعروف بال غلظة إال��ه يق��ال: دى، فيجب عليك نهي��ه وإعالم��ه؛ ألن رجال مباينا، معلنا بالفسق والر

وقد قي��ل: "إن المس��تتر ب��المنكر23ليس لفاسق حرمة، فهذا ال حرمة له."ينكر عليه مع الستر، وأما المجاهر فينكر عليه عالنية بما يردعه عن ذلك".

تير، »: والدليل على الستر قول الرسول إن الله عز وج��ل حيي س��تر من نفس عن م�ؤمن كرب�ة» : وقوله أيضا 24«.يحب الحياء والس

من كرب الدنيا، نفس الل��ه عن��ه كرب��ة من ك��رب ي��وم القيام��ة. ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا واآلخ��رة. ومنتره الل��ه في ال��دنيا واآلخ��رة. والل��ه في ع��ون ستر مسلما، س��

تر عب��د عب��دا فيو»العبد ما كان العبد في عون أخيه..«، ال يس��25«.الدنيا، إال ستره الله يوم القيامة

ويتأكد الستر أكثر فأكثر لذوي الجاه، واألش��راف، والعلم��اء، والب��ارزين في�بي :المجتمع وبين الناس ممن لم يعهد عنهم الفساد من قب�ل، لق�ول الن

26.إال الحدود«»أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم

ثالثا: الصبر��ه ق��د ينتج، الصبر هو تحمل األذى والمكروه، وت��وطين النفس على ذلك ألن

عن األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما يتأذى به اآلمر والن��اهي ويكره��هالة وأم��رمن ض��رر معن��وي أو م��ادي. ق��ال تع��الى: ي��ا بني أقم الص��

ابك إن ذل��ك من بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على م��ا أص�� وعن أبي جعف��ر الخطمي أن ج��ده عم��ير بن( 17لقمان. )عزم األمور

عند احتالمه، أوصى ول��ده فق��ال:حبيب بن حماشة وكان قد أدرك النبي »ي��ا ب��ني إي��اك ومجالس��ة الس��فهاء ف��إن مجالس��تهم داء، ومن يحلم عن السفيه يسر، ومن يجبه يندم، ومن ال يرضى بالقليل مما ي��أتي ب��ه الس��فيه يرضى ب��الكثير، وإذا أراد أح��دكم أن ي��أمر ب��المعروف أو ينهى عن المنك��ر،

181 ص2 ينظر اآلداب الشرعية البن مفلح، ج21(. 273 أخرجه مسلم في صحيحه )22 35 ينظر األمر بالمعروف والنهي عن المنكر للخالل، ص23(.3497 أخرجه أبو داود في سننه عن يعلى بن أمية )24(. 4692 و4867 أخرجهما مسلم في صحيحه عن أبي هريرة )25(.24300(، وأحمد في المسند )3803 أخرجه أبو داود في سننه عن عائشة )26

فليوطن نفسه على الصبر على األذى، وليثق بالثواب من الله تعالى، فإن��ه من وثق بالثواب من الله عز وجل لم يضره مس األذى«. )رواه الط��براني

في األوسط، والبيهقي في الكبرى، وابن أبي شيبة في مصنفه(. . من آداب المأمور والمنهي2

من اآلداب المتعلق��ة بالم��أمور ب��المعروف والمنهي عن المنك��ر أن يص��غي للحق، ويتقبل النص��يحة، فيل��تزم ب��األمر، ويتوق��ف عن المنك��ر، ويك��ف عن المعصية. فليس من شيم المؤمن، رغم عصيانه وفسقه، أن تأخذه الحمي��ة أو العصبية، فيتمادى في إثمه، ويستمر في معص��يته، وال يلتفت إلى ناص��ح له بالمعروف ومذكر له بالطاعة. قال تعالى في وص��ف الك��افر والمن��افق:

به جهنم ولبئس ة ب��اإلثم فحس�� وإذا قيل له اتق الله أخذته العز ( وعن ابن مسعود قال: »إن من أك��بر ال��ذنب عن��د206. )البقرة المهاد

الل��ه أن يق��ول الرج��ل ألخي��ه: ات��ق الل��ه. فيق��ول: علي��ك بنفس��ك، أنت تأمرني؟«. )أخرجه الطبراني في الكبير، والبيهقي في الشعب( وعنه أيضا ق��ال: »كفى ب��المرء إثم��ا إذا قي��ل ل��ه: ات��ق الل��ه، غض��ب« )الط��براني في

الكبير(.