213
ُ امَ م الُ ن ب ا رْ يِ ثَ ال ت( 606 ) ه هُ رَ % ثَ اَ و ى ) ف ةَ ّ ) نُ س رْ ي % شَ لب ا رْ ث ) ذَ ّ ) ن ل ا ور ت ك الذ ذ ّ نَ ّ س ل ا ذَ مْ حَ ا ذَ ّ مَ حُ م ولُ لْ حُ س) اذ ن س ا% ث ي حذ ل ا) ف ي ر% ش ل ا ومة ل ع و ساعذ م ل ا

الإِمَامُ ابنُ الأَثِيْرِ( 606هـ) · Web viewللشيخ الحافظ تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح (643هـ) ، وهو كتاب

  • Upload
    others

  • View
    1

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

الإِمَامُ ابنُ الأَثِيْرِ( 606هـ)

الإِمَامُ ابنُ الأَثِيْرِ(ت 606هـ)

وَأَثَرُه فِى سُنَّةِ البَشِيْرِ النَّذِيْر ِ(

الدكتور

السَّيِّد أَحْمَد مُحَمَّد سُحْلُول

أستاذ الحديث الشريف وعلومه المساعد

في كلية الدراسات الإسلامية والعربية فى دمياط الجديدة . جامعة الأزهر

بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مقدمة

إنِ الْحَمدَ لله نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا. مَنْ يَهْدِ الله فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله ، وَأَشْهَدُ أَنُ مُحمَّداً عَبْدُ هُ وَرَسُولُهُ

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) {النساء :1} .

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) {آل عمران : 102}.

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُم أعْمَالَكُم وَيَغْفِرْ لَكم ذُنُوبَكُم وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) {الأحزاب : 70 ،71}() .

" أَمَّا بَعْدُ :

فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ ، وَخَيْرُ الْهُدَى()هُدَى مُحَمَّدٍ ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ "() ، وزاد النسائي : " وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ"() .

وبعد :

فهذا بحث عن إمام من أئمة السنة النبوية عاش في منتصف القرن السادس الهجري وبداية القرن السابع ، له جهوده الواضحة في السنة النبوية. هذا العلم هو الإمام مجد الدين ابن الأثير . وقد سميت هذا البحث (الإِمَامُ ابنُ الأَثِيْرِ( 606هـ)وَأَثَرُه فِى سُنَّةِ البَشِيْرِ النَّذِيْر ِ() .

ما اشتمل عليه البحث :

قد قسمت البحث إلى مقدمة وفصلين ، وخاتمة :

أما المقدمة : فذكرت فيها ما اشتمل عليه البحث ، والخطة المتبعة في الدراسة .

وأما الفصل الأول : فهو عن ابن الأثير ، والسنة في عصره .

ويشتمل على مبحثين :

المبحث الأول : ترجمة وافية للإمام ابن الأثير .

المبحث الثاني : السنة النبوية في عصر ابن الأثير .

وأما الفصل الثاني : فهو عن أثر الإمام ابن الأثير في السُّنَّة

ويشتمل على أربعة مباحث:

المبحث الأول : أثر ابن الأثير في الرواية من خلال كتاب جامع الأصول

المبحث الثاني : أثر ابن الأثير في علوم الحديث .

المبحث الثالث : أثر ابن الأثير في علم شرح السنة من خلال كتاب الشافي في مسند الشافعي ويشتمل على مطلبين:

المطلب الأول : التعريف بكتاب مسند الشافعي .

المطلب الثاني : كتاب الشافي ، ومنهج ابن الأثير فيه .

المبحث الرابع : أثر ابن الأثير في علم غريب ألفاظ الحديث من خلال كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر .

ويشتمل على مطلبين:

المطلب الأول : علم غريب ألفاظ الحديث ، والمصنفات فيه .

المطلب الثاني : كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر ، ومنهج ابن الأثير فيه .

وأما الخاتمة : فذكرت فيها أهم ما توصلت إليه من نتائج أثناء عملي في البحث .

الخطة المتبعة في الدراسة:

وقد اتبعت في هذا البحث المنهج التالي :

· قمت بالترجمة للإمام ابن الأثير من كتب التراجم الأصيلة المختصة بذلك .

· قمت بذكر آثاره العلمية من الكتب المختصة بذكر كتب السنة .

· قمت بيبان جهود العلماء في السنة النبوية في عصر ابن الأثير .

· قمت بعمل دراسة عن كتاب جامع الأصول ، ومنهج ابن الأثير فيه ، وجهود العلماء حول الكتاب .

· قمت ببيان أثر الإمام ابن الأثير في علوم الحديث ، وتوثيق المسائل التي له آراء فيها من كتب علوم الحديث .

· بينت أثر ابن الأثير في شرحه للسنة النبوية من خلال كتابه الشافي ، وما امتاز به هذا الكتاب ، واعتماد الشراح عليه .

· قمت ببيان جهود ابن الأثير في توضيح غريب ألفاظ الحديث من خلال كتاب النهاية .

هذا وقد راعيت في هذا البحث سهولة الأسلوب ، ووضوح العبارة ، وتأصيل مباحثه تأصيلاً علمياً ، ومحو الغموض عن تلك المباحث.

الله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكرم إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله علي سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ، والحمد لله رب العالمين .

الفصل الأول

ابن الأثير ، والسُّنَّة في عصره

ويشتمل على مبحثين :

المبحث الأول : ترجمة الإمام ابن الأثير .

المبحث الثاني : السنة النبوية في عصر ابن الأثير .

المبحث الأول : ترجمة الإمام ابن الأثير

اسمه ونسبه وكنيته :

المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشَّيْبَانِي()الجزري()ثم المَوصلي( )، الكاتب أبو السعادات بن الأثير ().

لقبه : مجد الدين( ) .

أخواه :

عز الدين علي صاحب (التاريخ)()

والصاحب ضياء الدين نصر الله () ، وزير الأفضل ، مصنف كتاب (المثل السائر)( ).

مولده ونشأته: ولد في جزيرة ابن عمر () في أحد الربعين سنة أربع وأربعين وخمسمائة، ونشأ بها، ثم انتقل إلى الموصل في سنة خمس وستين وخمسمائة ثم عاد إلى الجزيرة ثم عاد إلى الموصل وتنقل في الولايات

بها( ).

شيوخه :

سمع من يحيي بن سَعْدُون بن تَمَّام بن محمد الأزدي القُرْطُبي (567هـ)() الحديث () ، وقرأ عليه الأدب ()

وقرأ على سعيد بن المبارك بن علي ناصح الدين بن الدَّهَان النَّحْوي ،الذي اشتهر بعلم العربية (569هـ) ()النحو () ، والأدب () ، واللغة فقد ذكر ابن الأثير انه قرأ عليه كتاب مجمل اللغة لابن فارس. () .

وسمع من خطيب المَوْصِل أبي الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد بن أبي نصر الطُّوْسِي (578هـ) () .الحديث ببغداد () .

وعبد الوهاب بن هيه الله بن عبد الوهاب بن أبي حَيَّة البغدادي (588هـ) () .

وسمع ببغداد بعد أن حج من شمس الدين أبي الفرج عبد المنعم بن أبي الفتح بن سعد بن صدقة ابن الخَضِر بن عبد الوهاب ابن كُلَيْب الحَرَّاني (596هـ) () ، وغيرهم

إسناده لبعض الكتب :

روى الكتب نازلاً ؛ ولأنه سمع الحديث متأخراً ، ولم تتقدم روايته ()

فأسند (صحيح البخاري) عن أبي عبد الله محمد بن سَرَايا الموصلي (611هـ) عن أبي الوَقْت.عبد الأول بن عيسى بن شعيب السِّجْزِي (553هـ)

وأسند (صحيح مسلم) عن أبي ياسر بن أبي حَبَّةَ (588هـ )، عن إسماعيل بن السَّمَرْقَنْدِيِّ (536هـ)، عن أبي الفتح نصر بن الحسن التُّنْكُتِيّ (486هـ)، عن أبي الحُسَيْنِ عَبْدِ الغَافِرِ بن محمد بن عبد الغَافِر الفَارِسِي ثم النَّيْسَابُورِي (448هـ )ثم عن ابن سُكَيْنة أبي أحمد عبد الوهاب بن الأمين علي بن علي البغدادي (607هـ) إجازة عن أبي عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الصَّاعِدِي النيسابوري الفُرَاوِيِّ (530هـ)

وأسند (الموطأ) عن يحيى بن سَعْدُون القُرْطُبي (567هـ) .

وأسند (سنن أبي داود والترمذي) بسماعه من ابن سُكَيْنة (607هـ)

وأسند (سنن النسائي) أخبرنا يَعِيْش بن صَدَقة (593هـ) عن عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوَيْه اليَزْدِيِّ

(551هـ) ( ).

تلامذته :

روى عنه ولده ()، وإسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن المعروف بالشهاب القُوْصِي(653هـ) ،والإمام تاج الدين عبد المحسن بن محمد بن محمد بن الحَامِض شيخ البَاجُرْبَقِيّ () وطائفة.وآخر من روى عنه بالإجازة الشيخ أبو الحسن فخر الدين علي بن أحمد بن عبد الواحد بن البخاري (690هـ) () .

أخباره ، ووظائفه :

تولى الخزانة لسيف الدين غَازِي بنُ مَوْدُوْدِ بنِ زِنْكِي() ثم ولاه ديوان الجزيرة وأعمالها، ثم عاد إلى الموصل فناب في الديوان عن الوزير جلال الدين الأَصْفَهَانِي().

ثم اتصل بالأمير مُجَاهِد الدِّينِ قَايِمَاز بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْخَادِم الزَّيْنِيّ () ، وكان نائب المملكة، فكتب بين يديه منشئا إلى أن قبض عليه ، فاتصل بخدمة عِزّ الدِّيْنِ مَسْعُودِ بْنِ مَوْدُودِ ()صاحب الموصل وتولى ديوان رسائله وكتب له إلى أن توفي، ثم اتصل بولده نور الدين أَرْسِلَانَ شَاهِ () فحظي عنده وتوفرت حرمته لديه وكتب له مدة.

ثم عرض له مرض كف يديه ورجليه فمنعه من الكتابة مطلقا، وأقام في داره يغشاه الأكابر والعلماء.

وأنشأ رِبَاطاً بقرية من قرى الموصل تسمى ( قصر حرب ) ووقف أملاكه عليه وعلى داره التي كان يسكنها بالموصل

وصنف كتبه كلها في مدة العطلة() ، فإنه تفرغ لها، وكان عنده جماعة يعينونه عليها في الاختيار والكتابة.

وله شعر يسير، من ذلك ما أنشده للأتابك صاحب الموصل وقد زلت به بغلته:

إن زلت البغلة من تحته فإن في زلتها عذرا

حمَّلها من علمه شاهقاً ومن نَدَى راحته بحرا( )

وحكى أخوه عز الدين أبو الحسن علي أنه لما أُقْعِدَ جاءهم رجل مغربي، والتزم أنه يداويه ويبرئه مما هو فيه ـ بإذن الله تعالى ـ، وأنه لا يأخذ أجراً إلا بعد برئه، فملنا إلى قوله، وأخذ في معالجته بدهن صنعه، فظهرت ثمرة صنعته ولانت رجلاه وصار يتمكن من مدهما، وأشرف على كمال البرء فقال لي: اعط هذا المغربي شيئا يرضيه واصرفه فقلت له: لماذا وقد ظهر نُجْح مُعَاناته؟ فقال: الأمر كما تقول، ولكني في راحة مما كنت فيه من صحبة هؤلاء القوم والالتزام بأخطارهم ، وقد سكنت روحي إلى الانقطاع والدعة، وقد كنت بالأمس ، وأنا معافى أذل نفسي بالسعي إليهم، وها أنا اليوم قاعد في منزلي، فإذا طرأت لهم أمور ضرورية جاءوني بأنفسهم لأخذ رأيي، وبين هذا وذاك كثير، ولم يكن سبب هذا إلا هذا المرض، فما أرى زواله ولا معالجته، ولم يبق من العمر إلا القليل، فدعني أعيش باقيهُ حراً سليماً من الذل وقد أخذت منه بأوفر حظ ، قال عز الدين: فقبلت قوله وصرفت الرجل بإحسان().

قال الإمام أبو شامة : وكان به نِقْرَس()، فكان يحمل في مِحَفَّة().

قال أبو السعادات : كنت أقرأ علم العربية على سعيد بن الدهان وكان يأمرني بصنعة الشعر فكنت لا أقدر عليه فلما توفي الشيخ رأيته في بعض الليالي فأمرني بذلك فقلت له ضع لي مثالا أعمل عليه فقال :

حب العلا مدمنا إن فاتك الظفر

فقلت أنا :

وخد خد الثرى والليل معتكر

فالعز في صهوات الليل مركزه والمجد ينتجه الإسراء والسهر

فقال أحسنت ثم استيقظت فأتممت عليها نحوا من عشرين بيتا( )

وكانت الملوك تعظم ابن الأثير ، وتعرف قدره ؛ لاستغنائه عنهم :

لما آل الملك إلى نور الدين أرسلان شاه أرسل إليه مملوكه لؤلؤ أن يستوزره فأبى ، فركب السلطان إليه فامتنع أيضاً ، وقال له : قد كبرت سني ، واشتهرت بنشر العلم ، ولا يصلح هذا الأمر إلا بشيء من العسف والظلم ، ولا يليق بي ذلك فأعفاه ( ) .

ثناء العلماء عليه :

قال عنه أبو البركات المبارك بن أحمد بن المبارك بن موهوب اللخمي الإِربلي، المعروف بابن المستوفي (637هـ) في "تاريخ إربل ": أشهر العلماء ذكراً، وأكبر النبلاء قدراً، وأحد الأفاضل المشار إليهم، وفرد الأماثل المعتمد في الأمور عليهم .....، وسمع الحديث متأخراً، ولم تتقدم روايته ( ).

وقال عنه أبو شامة : قرأ الحديث والعلم والأدب، وكان رئيساً مُشَاوَراً، وصنف .......، وحدَّث، وانتفع به الناس، وكان ورعاً، عاقلاً، بهيّاً، ذا بر وإحسان.

وقال ابن الشعار : كان كاتب الإنشاء لدولة صاحب الموصل نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود، وكان حاسباً، كاتباً، ذكياً .وقال: وكان من أشد الناس بخلاً.

قال الذهبي : من وقف عقاره لله فليس ببخيل، فما هو ببخيل، ولا بجواد، بل صاحب حزم واقتصاد رحمه الله ! ( ) .

ولكن من أنشأ رباطاً ، ووقف عليه أملاكه ، وكان ذا بر وإحسان كان كريماً .

وقال عنه أخوه عز الدين أبو الحسن على بن الأثير : كان عالماً في عدة علوم مبرزاً فيها، منها: الفقه، والأصولان، والنحو، والحديث، واللغة، وله تصانيف مشهورة في التفسير والحديث، والنحو، والحساب، وغريب الحديث، وله رسائل مدونة، وكان كاتباً مفلقاً يضرب به المثل، ذا دين متين، ولزوم طريق مستقيم، رحمه الله ورضي عنه، فلقد كان من محاسن الزمان، ولعل من يقف على ما ذكرته يتهمني في قولي، ومن عرفه من أهل عصرنا يعلم أني مقصر( ).

وقال ياقوت الحموي : وكان عالماً فاضلاً وسيداً كاملاً، قد جمع بين علم العربية والقرآن والنحو واللغة والحديث وشيوخه وصحته وسقمه والفقه وكان شافعياً، وصنف في كل ذلك تصانيف هي مشهورة بالموصل وغيره ( ).

وقال ابن قاضي شهبة : الفقيه المحدث اللغوي البارع العلم .

وذكره ابن نقطة وقال: كان فاضلاً ثقة( ).

وقال عنه الذهبي : القاضي الرئيس العلامة البارع الأوحد البليغ ( ).

وقال ابن كثير : سمع الحديث الكثير ، وقرأ القرآن وأتقن علومه وحررها ، وكان مقامه بالموصل ، وقد جمع في سائر العلوم كتبا مفيدة ......، وكان معظماً عند ملوك الموصل( ).

وقال السبكي :كان بارعاً في الترسُّل وحصل له مرضٌ مُزمن أبطل يديه ورجليه وعجز عن الكتابة وأقام بداره...........، وكان فاضلاً رئيساً مشاراً إليه ( ) .

آثاره العلمية :

للإمام ابن الأثير عدة مؤلفات ألفها في زمن مرضه، إملاء على طلبته، وهم يعينونه بالنسخ والمراجعة. منها ما يلي :

*جامع الأصول في أحاديث الرسول ( .مطبوع .وسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المبحث الأول من الفصل الثاني بإذن الله تعالى .

* المصطفي المختار في الأدعية والأذكار()،وهو أربع مجلدات(). ولم أقف عليه لا مطبوعاً ولا مخطوطاً .

*المختار في مناقب الأبرار " () ، وأطلق عليه بعضهم () اسم المختار في مناقب الأخيار " ، وهو أربع مجلدات (). وهو كتاب في التراجم مخطوط في مكتبه المصغرات الفيلمية بقسم المخطوطات بالجامعة الإسلامية في المملكة العربية السعودية المدينة المنورة ، وتوجد منه نسخة في معهد المخطوطات العربية في الكويت مصورة من نسخة شستربيتي في أيرلندا ، كما توجد نسخة في أكاديمية ليدن بهولندا .

* الشافي في شرح مسند الشافعي . مطبوع . وسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المطلب الثاني من المبحث الثالث في الفصل الثاني بإذن الله تعالى .

*النهاية في غريب الحديث والأثر. مطبوع . وسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المبحث الرابع من الفصل الثاني بإذن الله تعالى .

* منال الطالب في شرح طوال الغرائب . هكذا سماه ابن الأثير في مقدمة الكتاب() , وأطلق عليه بعض المترجمين () : " شرح غريب الطوال". وهي تسمية موهمة ، فأكثر ما يطلق لفظ الطوال على القصائد السبع الجاهلية المعروفة () . جمع فيه من الأحاديث الطوال والأوساط ما أكثر ألفاظه غريب، وصنفه بعد انتهائه من كتابه " النهاية "وقد طبع الكتاب ثلاث مرات : الأولى بجامعة الملك عبد العزيز مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية مطبعة دار المأمون للتراث ، بيروت .سنة 1400هـ في مجلد واحد وهو الكتاب الثامن من التراث الإسلامي من منشورات مركز البحث العلمي بمكة . بتحقيق .د/ محمود محمد الطناحي. والثانية : بجامعة أم القرى ، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي سنة 1403هـ في مجلد ، والثالثة بمطبعة مكتبة الخانجي بالقاهرة سنة 1403هـ ()

* الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف جمع فيه بين تفسيري الثعلبي والزمخشري() مخطوط بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المملكة العربية السعودية

* الباهر في الفروق : هكذا سماه ابن الأثير في كتابة البديع في علم العربية() ، ووافقه في ذلك غير واحد من المترجمين () ، وسماه بعضهم () : الفروق في الأبنية ، وبعضهم () : الباهر في النحو . ولم أقف عليه لا مطبوعاً ولا مخطوطاً .

*كتاب البديع في علم العربية : هكذا سماه ابن الأثير في مقدمة الكتاب () ، وسماه بعض المترجمين (): " البديع في النحو " ، وسماه بعضهم (): البديع في شرح الفصول في النحو لابن الدهان . طبعته جامعة أم القرى بمكة المكرمة سنة 1420هـ بتحقيق فتحي أحمد علي الدين.

* بغية الراغب في تهذيب الفصول النحوية : سماه ابن الأثير في كتابه البديع في علم العربية () ،

وأطلق عليه بعض () المترجمين اسم : تهذيب فصول ابن الدهان. ولم أقف عليه لا مطبوعاً ولا مخطوطاً .

* البنيين والبنات والآباء والأمهات والأذواء و الذوات : وقد عزاه إليه غير واحد من المترجمين () ، وأطلق عليه بعضهم اسم : الأذواء والذوات () . وهو كتاب في الكني مرتب على حروف المعجم ، ويراد بالكني : ما يضاف إلى الأسماء من أب وابن ونحوهما ، وفيه فوائد لغوية وتاريخية () . وقد لخصه السيوطي () .وهو مجلد() واحد مطبوع طبع ثلاث طبعات : الأولى في الأستانة عام 1304هـ بعنوان "المرصع في الأدبيات" نسبة إلى ضياء الدين بن الأثير .والثانية : في ويمار عام 1896 م بعناية المستشرق الألماني "سيبولد". والثالثة: في مطبعة الإرشاد ببغداد ضمن مطبوعات ديوان الأوقاف بالعراق "إحياء التراث الإسلامي" عام 1391 هـ ـ بتحقيق د / إبراهيم السامرائي () .

* ديوان رسائل وقد جمع هذه الرسائل أخوه عز الدين () ثم اعتني بجمعها بعد ذلك إسماعيل بن علي الكاتب الحظيري وترجمها بالدر المنثور().لم أقف عليه لا مطبوعاً ولا مخطوطاً

*كتاب الجواهر واللآلي من إملاء المولى الوزير الجلالي . جمع فيه رسائل الوزير جلال الدين أبي الحسن الأصبهاني . لم أقف عليه لا مطبوعاً ولا مخطوطاً .

* صناعة الكتابة () . لم أقف عليه لا مطبوعاً ولا مخطوطاً .وغير ذلك من التصانيف .

وفاته :

توفي بالموصل يوم الخميس سلخ ذي الحجة سنة ست وستمائة ودفن برباطه بدرب دراج داخل البلد. قال ابن كثير :عن ثنتين وستين سنة . وقال الإمام الذهبي : عاش ثلاثاً وستين سنة ( ).

المبحث الثاني : السنة النبوية في عصر ابن الأثير

عاش شيخنا ابن الأثير في حقبة زمنية من منتصف القرن السادس الهجري ، وحتى بداية القرن السابع الهجري من سنة 544هـ إلى سنة 606هـ ، وهذه الفترة قرابة ثلاث وستين سنة.

وفي خلال تلك الفترة اتخذت الكتابة في السنة النبوية صوراً وأشكالاً مختلفة ، فقد كان المحدثون في تلك الحقبة ما بين جامع لأحاديث الصحيحين في مؤلف واحد ، وما بين جامع للكتب الستة في مؤلف واحد ، وما بين جامع لأحاديث كتب مختلفة في مؤلف واحد ، وما بين جامع للأحاديث المتعلقة بالأحكام أو بالمواعظ في مؤلف واحد ، أو جامع لأطراف أحاديث كتب معينة ، أو مصنف للأحاديث على المسانيد المصنفة على الكتب والأبواب الفقهية ، أو مفرد للأحاديث الموضوعة بمؤلف خاص بها ، ومنهم من شرح أحاديث كتب معينة ، ومنهم بين غريب ألفاظ الحديث ، وصنف في مسائل علوم الحديث ، وعلله ورجاله () .

فهذه طرق التصنيف في السنة النبوية وعلومها في تلك الفترة ، وفيما يلي بيان لبعض المؤلفات في السنة في تلك الفترة :

1ـ طريقة الجمع بين الصحيحين :

ومن الكتب المؤلفة في ذلك ما يلي :

* الجمع بين الصحيحين لأبي عبد الله محمد بن حسين بن أحمد بن محمد الأنصاري المَرٍي (582 هـ) ، وهو كتاب حسن أخذه الناس عنه .

* الجمع بين الصحيحين لأبي محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين ابن سعيد بن إبراهيم الأزدي الإشبيلي المعروف بابن الخراط الفقيه الحافظ العالم بالحديث وعلله ، العارف بالرجال الصالح الزاهد الورع ، صاحب التصانيف الكثيرة المتوفى : سنة إحدى أو اثنين وثمانين وخمسمائة . في مجلدين ( ) .

قال الذهبي في ترجمته : وعمل (الجمع بين الصحيحين) بلا إسناد على ترتيب مسلم، وأتقنه، وجوده ()

2ـ طريقة الجمع بين الأصول الستة (البخاري ، ومسلم ، والموطأ ، و سنن أبي داود ، و الترمذي ، والنسائي )

ومن الكتب المؤلفة في ذلك ما يلي :

* التجريد للصحاح والسنن لأبي الحسن رَزِين بن معاوية العبدري السَّرَقِسْطِي الأندلسي المالكي (535هـ) .

قال الذهبي : أدخل كتابه زيادات واهية، لو تنزه عنها لأجاد()

* جامع الأصول من أحاديث الرسول( لأبي السعادات بن الأثير الجزري (606هـ)

وسنلقي الضوء على هذا الكتاب في المبحث الأول من الفصل الثاني .

3 ـ الجمع بين أحاديث من كتب مختلفة .

ومن الكتب المؤلفة في ذلك :

* كتاب " جامع المسانيد بألخص الأسانيد "لأبي الفرج عبد الرحمن بن على الجوزي (597هـ ) جمع فيه بين الصحيحين و الترمذي و مسند أحمد ، ورتبه على المسانيد في سبع مجلدات ، ورتبه الشيخ أبو العباس أحمد بن عبد الله الطبري المكي المعروف بالمحب(964هـ) ( ).

4ـ الجمع بين أحاديث منتقاة في الأحكام :

ومن الكتب المؤلفة في ذلك :

* كتاب " الأحكام الشرعية الكبرى " لأبي محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله الأزدي الأشبيلي المعروف بابن الخراط المتوفى : سنة إحدى أو اثنين وثمانين وخمسمائة . في ست مجلدات انتقاها من كتب الأحاديث .

وقد وضع عليها الحافظ الناقد أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك الحميري الكناني المعروف بابن القطان (628هـ) كتابه المسمى : " بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام "()

قال الذهبي : طالعت جميع كتابه «الوهم والإيهام» الّذي علمه على تبيّن ما وقع في ذلك لعبد الحقّ في «الأحكام» يدلّ على تبحُّره في فنون الحديث، وسَيَلانِ ذهنه، لكنّه تَعَنَّت وتكَلَّم في حال ِرجالٍ فما أنصف، بحيث إنَّه زعم أنّ هِشام بن عُرْوَة، وسُهَيْل بن أبي صالح ممّن تغيَّر واختلط. وهنا

فاتته سكتة، ولكنّ محاسنه جمَّة ().

وقد تعقب كتابه هذا في توهيمه لعبد الحق تلميذه الحافظ الناقد المحقق أبو عبد الله محمد ابن الإمام يحيى بن المواق في كتاب سماه " المآخذ الحفال السامية عن مآخذ الإهمال في شرح ما تضمنه كتاب بيان الوهم والإيهام من الإخلال والإغفال وما انضاف إليه من تتميم وإكمال " تعقباً ظهر فيه كما قاله الشيخ القصار : إدراكه ونبله وبراعة نقده إلا أنه تولى تخريج بعضه من المبيضة ثم اخترمته المنية ولم يبلغ من تكميله الأمنية فتولى تكميل تخريجه مع زيادة تتمات وكتب ما تركه المؤلف بياضاً أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن رشيد السبتي الفهري المالكي صاحب الرحلة المشهورة في ستة مجلدات وغيرها من التصانيف وتوفي : سنة إحدى أو اثنتين وعشرين وسبعمائة . و ابن الَموَّاق هذا غير محمد بن يوسف المواق شارح مختصر خليل خلافاً لما قد يتوهم

* كتاب " عمدة الأحكام عن سيد الأنام " في جزئين لتقي الدين أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي الحنبلي (600هـ) كتاب عز نظيره وهو الذي شرحه الحافظ المجتهد شيخ الإسلام ( ابن دقيق العيد ) و ( ابن مرزوق الخطيب ) و ( سراج الدين ابن الملقن الشافعي ) و ( المجد الفيروزأبادي ) وغيرهم و ( شرح ابن الخطيب ) في خمس مجلدات وله أيضا ( الأحكام ) في ستة أجزاء () .

5ـ الجمع بين أحاديث منتقاة في المواعظ :

* كتاب " المنجم من كلام سيد العرب والعجم " لأبي العباس أحمد بن معد بن عيسى بن وكيل التجيبي الأندلسي الأقليشي (550هـ )() رتبه على عشرة أبواب وجعل الباب العاشر مختصا بأدعية مأثورة عن النبي ( في مجلد .

وقد شرحه الشيخ الإمام عفيف الدين أبو سعد سعيد بن محمد بن مسعود الكازَرُونِي (758هـ)() .

* كتاب " نثر الدرر في أحاديث خير البشر " قيل : إنه لتقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي(600هـ) ، وقيل : لغيره بدء فيه بما اتفق عليه ( الشيخان ) ثم بما في ( السنن الأربعة ) وأثبت اسم كل صحابي أول حديث وزاد بيان معنى الألفاظ من النهاية وهو كتاب مختصر

محذوف الأسانيد في الأحكام والمواعظ والآداب مرتب على حروف المعجم () .

* كتاب "نزهة السامعين من أخبار سيد المرسلين " لتقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي(600هـ) ().

6ـ طريقة التصنيف على الأطراف :

وهي التي يقتصر فيها على ذكر طرف الحديث الدال على بقيته مع الجمع لأسانيده إما على سبيل الاستيعاب، وإما على جهة التقيد بكتب مخصوصة (). .

ومن الكتب المصنفة على هذه الطريقة :

* الإشراف على معرفة الأطراف ( وهو أطراف السنن الأربعة ) في ثلاثة مجلدات لأبي القاسم علي بن أبي محمد الحسن بن هبة الله ابن عبد الله بن الحسين الحافظ ثقة الدين الدمشقي الشافعي المعروف بابن عساكر (571 هـ) ذكر فيه أنه جمع أطراف السنن الثلاثة مرتبة على حروف المعجم ثم اتصل ( بأطراف الستة ) ( للمقدسي ) وقد أضاف إليها ( سنن ابن ماجه ) فاختبر وسبر فظهر له فيه أمارات النقص فأضاف أطرافها أيضا إلى كتابه خشية نقصه عنها وترك ( أطراف الصحيحين ) لتمام ما صنف فيها() .

7ـ طريقة التصنيف على المسانيد المصنفة على الكتب والأبواب الفقهية:

* مسند " كتاب الفردوس " لأبي منصور شهردار بن شيرويه الديلمي الهمداني (558هـ) .

وكتاب " الفردوس " لوالده المحدث المؤرخ سيد حفاظ زمانه أبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرو الديلمي الهَمْدَاني مؤرخ هَمْدان (509هـ) أورد فيه عشرة آلاف حديث من الأحاديث القصار مرتبة على نحو من عشرين حرفاً من حروف المعجم من غير ذكر إسناد في مجلد أو مجلدين وسماه : " فردوس الأحكام بمأثور الخطاب المخرج على كتاب الشهاب " أي : شهاب الأحكام للقضاعي . وأسند أحاديثه ولد المذكور في أربعة مجلدات خرج سند كل حديث تحته وسماه " إبانة الشبه في معرفة كيفية الوقوف على ما في كتاب الفردوس من علامة الحروف " ، واختصره الحافظ ابن حجر ، وسماه " تسديد القوس في مختصر مسند الفردوس" ( ).

8ـ طريقة التصنيف في الأحاديث الموضوعة :

وهي إفراد الأحاديث الموضوعة بمؤلف خاص بها لتتميز عن الأحاديث الصحيحة والحسنة والضعيفة ().

ومن المؤلفات في هذه الطريقة ما يلي :

* " الموضوعات من الأحاديث المرفوعات " ويقال له : كتاب " الأباطيل " لأبي عبد الله الحسين ابن إبراهيم بن حسين بن جعفر الهمداني الجُوْزَقِاني (543هـ)

قال الذهبي : وهو محتو على أحاديث موضوعة وواهية طالعته واستفدت منه مع أوهام فيه وقد بين بطلان أحاديث واهية بمعارضة أحاديث صحاح لها() .

وقال غيره : أكثر فيه من الحكم بالوضع بمجرد مخالفته السنة.

قال الحافظ ابن حجر : وهو خطأ إلا أن تعذر الجمع ().

* كتاب " الموضوعات الكبرى " لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (597هـ) في نحو مجلدين ومنهم من قال في أربع مجلدات ولعلها صغار بدليل عبارة بعضهم في أربعة أجزاء إلا أنه تساهل فيه كثيرا بحيث أورد فيه الضعيف بل والحسن والصحيح مما هو في ( سنن أبي داود ) و ( الترمذي ) و ( النسائي ) و ( ابن ماجه ) و ( مستدرك الحاكم ) وغيرها من الكتب المعتمدة بل فيه حديث في ( صحيح مسلم ) بل وآخر في ( صحيح البخاري ) فلذلك كثر الانتقاد عليه().

قال السخاوي : من العجب إيراد ابن الجوزي في كتابه (العلل المتناهية في الأحاديث الواهية) كثيرا مما أورده في الموضوعات كما أن في الموضوعات كثيرا من الأحاديث الواهية، بل قد أكثر في تصانيفه الوعظية، وما أشبهها من إيراد الموضوع وشبهه.

قال الحافظ ابن حجر: وفاته من نوعي الموضوع والواهي في الكتابين قدر ما كتب.

وقال أيضاً : ولو انتدب شخص لتهذيب الكتاب ثم لإلحاق ما فاته، لكان حسنا، وإلا فما تقرر عدم الانتفاع به إلا للناقد ; إذ ما من حديث إلا ويمكن ألا يكون موضوعا، وهو والحاكم في مستدركه على الصحيحين طرفا نقيض، يعني فإنه أدرج فيه الحسن، بل والضعيف، وربما كان فيه الموضوع ().

9 ـ شروح الحديث :

* كتاب " إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم " للإمام القاضي عياض بن موسى اليَحْصَبِي ( 544هـ)

*شرح الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ للحميدي للحسن بن الخطير بن أبي الْحسن النعماني (598هـ) ()

* كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي لأبي السعادات بن الأثير (606هـ)وسنلقي الضوء على هذا الكتاب في المبحث الثالث من الفصل الثاني بإذن الله تعالى .

10ـ غريب ألفاظ الحديث :

* كتاب النهاية في غريب الحديث لأبي السعادات بن الأثير (606هـ)

وسنلقي الضوء على هذا الكتاب في المبحث الرابع من الفصل الثاني بإذن الله تعالى ..

12ـ التصنيف في علوم الحديث :

*الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع للقاضي عياض بن موسى اليَحْصَبِي (544هـ) .

*كتاب في علوم الحديث وصفات نقله لمحمد بن إسماعيل بن خلفون (636هـ ) ().

*" مقدمة ابن الصلاح " للشيخ الحافظ تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح (643هـ) ، وهو كتاب شامل لكل ما تفرق في غيره من كتب المتقدمين .

13ـ التصنيف في علل الحديث

*كتاب المعتل من الحديث لأبي محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين ابن سعيد ابن إبراهيم الأزدي الإشبيلي المعروف بابن الخراط المتوفى : سنة إحدى أو اثنين وثمانين وخمسمائة . ذكره الحافظ أبو عبد الله البلنسي الأبار ()

14ـ التصنيف في علم الرجال :

*المعجم الْمُشْتَمل على ذكر أسماء شيوخ الأئمة النبل للإمام على بن الحسن بن هبة الله بـن عبد الله بن الحسن الدمشقى المعروف بابن عساكر ( ت 571 هـ) ويشتمل على أسماء للشيوخ الثقات للأئمة الستة مرتبة على حروف المعجم وعددها ( 1199 ) ترجمة. وينسب كل شيخ إلى مَنْ روى له من الأئمة الستة .

* تاريخ مدينة دمشق للإمام على بن الحسن بن هبة الله بـن عبد الله ابن الحسن الدمشقى المعروف بابن عساكر ( ت 571 هـ) () .ويشتمل على تراجم كل من دخل بلاد الشام أو كان مستقراً بها من الصحابة والتابعين وغيرهم من القضاة والعلماء والأمراء حتى عصر المؤلف.وهو كتاب مسند رتب التراجم على حروف المعجم .

*كتاب «الكمال فِي معرفة الرجال» لتقي الدين أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي الحنبلي (600هـ) في عدَّة مجلّدات، وفيه إسناد() وهو تراجم لرجال الكتب الستة , والمصنفات التى صنفها أصحاب الكتب الستة ، والمصنفات التي صنَّفها أصحاب الكتب الستة : كـ (الأدب المفرد ) للبخارى وغيرها من الأجزاء له و كـ ( مقدمة الإمام مسلم ) ، و ( المراسيل ) لأبى داود و ( الشمائل ) للترمذي , و( عمل اليوم والليلة ) للنسائي ,و(التفسير) لابن ماجه وغيرها من الكتب.

وهذبه الحافظ جمال الدين المِزّي ( ت 742 هـ) في كتاب ( تهذيب الكمال في أسماء الرجال ) . ورتبه على حروف المعجم .

* المفهم فِي شُيُوخ البُخَارِيّ وَمُسلم لمحمد بن إسماعيل بن خلفون (636هـ ) وسماه بعض المترجمين (المعلم بأسامي شيوخ البخاري ومسلم )وله أيضاً ( الْمُنْتَقى فِي الرِّجَال)( ) وكتاب "أسماء شيوخ مالك "() *كتاب الكمال في الرجال لمحب الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن ابن النجار البغدادي (643هـ) () وهو تراجم لرجال الكتب الستة .

الفصل الثاني

أثر الإمام ابن الأثير في السُّنَّة

ويشتمل على أربعة مباحث:

المبحث الأول : أثر ابن الأثير في الرواية من خلال كتاب جامع الأصول في أحاديث الرسول (

المبحث الثاني : أثر ابن الأثير في علوم الحديث .

المبحث الثالث : أثر ابن الأثير في علم شرح السنة من خلال كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي

ويشتمل على مطلبين:

المطلب الأول : إطلالة على مسند الشافعي .

المطلب الثاني : كتاب الشافي ، ومنهج ابن الأثير فيه .

المبحث الرابع : أثر ابن الأثير في علم غريب ألفاظ الحديث من خلال كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر .

ويشتمل على مطلبين:

المطلب الأول : علم غريب ألفاظ الحديث ، والمصنفات فيه .

المطلب الثاني : كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر ، ومنهج ابن الأثير فيه

المبحث الأول : أثر ابن الأثير في الرواية

من خلال كتاب جامع الأصول في أحاديث الرسول (

جمع ابن الأثير في كتابه هذا أحاديث كتب ستة هي : صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، وسنن أبي داود ، وسنن الترمذي ، وسنن النسائي ، وموطأ الإمام مالك .

وقد سبقه إلى الجمع بين هذه الأصول الستة أبو الحسن رَزِين بن معاوية العبدري السَّرَقِسْطِي الأندلسي المالكي (535هـ) في كتابه ( التجريد للصحاح والسنن ) إلا أن في كتاب ابن الأثير زيادات كثيرة لم يذكرها رزين بن معاوية .

قال ابن خلكان : جامع الأصول في أحاديث الرسول جمع فيه بين الصحاح الستة، وهو على وضع كتاب رَزِين، إلا أن فيه زيادات كثيرة عليه ( ).

قال ابن كثير : جامع الأصول الستة الموطأ والصحيحين وسنن أبي داود والنسائي والترمذي ، ولم يذكر ابن ماجه فيه ( ) .

ابن الأثير ممن جعل الموطأ سادس الأصول :

لم يذكر ابن الأثير سنن ابن ماجه ضمن الأصول الستة ، وذكر بدلاً منه موطأ الإمام مالك ابن أنس .

وهذا المسلك خاص بابن الأثير وجماعة من العلماء منهم أبو الحسن رَزِين بن معاوية العبدري ، وابن الديبع الشيباني ، وجعل ابن الأثير الموطأ ثالث الكتب الستة بعد الصحيحين ، جعل ابن الديبع الشيباني الموطأ في الترتيب قبل الصحيحين .

قال صاحب مفتاح السعادة : أصحاب الكتب الستة : البخاري ، رئيس الطائفة ، ويليه في

الرتبة كتاب مسلم ، ويليهما أبو داود ، ويليهم أبو عيسى الترمذي ، ويليهم النسائي .... واعلم أن الإمام النووي عدَّ الكتب الأصول خمسة .. إلا أن الجمهور جعلها ستاً ، وقد عدَّ منها ( موطأ مالك)،وجعلوه بعد الترمذي ،وقبل النسائي،والحق أنه بعد مسلم في الرتبة () .

وقال قوم من الحفاظ منهم ابن الصلاح ، و النووي ، وصلاح الدين العلائي ،

والحافظ ابن حجر : لو جعل ( مسند الدارمي ) سادسا كان أولى( ) .

وكان الحافظ صلاح الدين العلائي يقول : ينبغي أن يعد كتاب الدارمي سادساً للكتب الخمسة بدل كتاب ابن ماجه فإنه قليل الرجال الضعفاء نادر الأحاديث المنكرة والشاذة و، إن كانت فيه أحاديث مرسلة وموقوفة فهو مع ذلك أولى من كتاب ابن ماجه ( ).

وهذا الرأي منهم لتقديم سنن الدارمي على سنن ابن ماجه وليس تفضيلاً للكتاب على الموطأ

ومن العلماء من جعل سنن ابن ماجه سادس أصول السنة ( صحيح البخاري ـ صحيح مسلم ـ سنن أبي داود ـ سنن الترمذي ـ سنن النسائي ـ سنن ابن ماجه ) .وهذا الترتيب رأى أكثر العلماء ، وعليه العمل الآن .

قال صاحب الرسالة المستطرفة : ولما رأى بعضهم كتابه ـ يعنى سنن ابن ماجه ـ كتاباً مفيداً قوي النفع في الفقه ، ورأى من كثرة زوائده على " الموطأ " أدرجه على ما فيه في الأصول ، وجعلها ستة ( ).

وقال الكوثري : أول من أدخل كتاب السنن له ـ يعنى ابن ماجه ـ في عداد الأصول الستة هو الحافظ أبو الفضل ابن طاهر فتتابع أكثر الحفاظ على ذلك في كتبهم في الرجال والأطراف ( ).

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني : وحكى ابن عساكر أن أول من أضاف كتاب ابن ماجه إلى الأصول أبو الفضل ابن طاهر . وهو كما قال ؛ فإنه عمل أطرافه معها وصنف جزءاً آخر في شروط الأئمة الستة فعده معهم . ثم عمل الحافظ عبد الغني كتاب " الكمال في أسماء الرجال " الذي هذبه الحافظ أبو الحجاج المزي فذكره فيهم .

وإنما عدل ابن طاهر ومن تبعه عن عد الموطأ إلى عد ابن ماجه لكون زيادات الموطأ على الكتب الخمسة من الأحاديث المرفوعة يسيرة جداً بخلاف ابن ماجه ، فإن زياداته أضعاف زيادات الموطأ فأرادوا بضم كتاب ابن ماجه إلى الخمسة تكثير الأحاديث المرفوعة ، والله أعلم ( ).

وهذا القول فيه تقليل من قيمة الموطأ وتقدمه وصحته ، ولا تعد قلة زياداته على الصحيحين سبباً لعدم عده ضمن الكتب الستة .

قال صاحب الرسالة المستطرفة : وأول من أضافه إلى الخمسة مكملاً به الستة أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي في أطراف الكتب الستة له ، وكذا في شروط الأئمة الستة له ثم ( الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي ) في ( الكمال في أسماء الرجال ) أي : رجال الكتب الستة الذي هذبه ( الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف ابن عبد الرحمن المزي ) فتبعهما على ذلك أصحاب الأطراف والرجال والناس( ) .

ومن العلماء من جعل الأصول سبعة فعد منها زيادة على الخمسة كلا من ( الموطأ ) و ( ابن ماجة ) ومنهم من أسقط ( الموطأ ) وجعل بدله ( سنن الدارمي ) ( ).

سبب تصنيف ابن الأثير لكتابه جامع الأصول :

نظر ابن الأثير إلى المؤلفات الجامعة لبعض كتب السنة قبله ، كالمستخرج على الصحيحين لأبي بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني (425هـ) ، وكتاب ( أطراف الصحيحين ) لأبي مسعود إبراهيم بن محمد ابن عبيد الدمشقي الحافظ (401هـ) ، وكتاب ( الجمع بين الصحيحين) لأبي عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد ابن يَصِل الأزدي الحُمَيْدِي الأندلسي القرطبي الميورقي (488هـ) فقد جمعوا بين أحاديث الصحيحين ، ورتبوها على المسانيد دون الكتب والأبواب()، ثم نظر إلى كتاب ( التجريد للصحاح ، والسنن ) لأبي الحسن رَزِين بن معاوية العبدري السَّرَقِسْطِي الأندلسي المالكي (535هـ) ، وجمعه في كتابه بين الأصول الستة (البخاري ، ومسلم ، والموطأ ، و سنن أبي داود ، و الترمذي ، والنسائي ) ورتبه على الكتب والأبواب دون المسانيد .

فلما رأى أن هذه الكتب اقتصر فيها على سرد الأحاديث بأسانيدها فقط دون شرح لها وتفسير لبعض معانيها أراد أن يهذب كتاب رزين بن معاوية ، ويرتب أبوابه ، ويزيد عليه ، مع شرح وبيان لأحاديث تلك الأصول في كتاب سماه (جامع الأصول في أحاديث الرسول () .

قال ابن الأثير : لما وقفت على هذه الكتب ، ورأيتها في غاية من الوضع الحسن والترتيب الجميل ، ورأيت كتاب ( رزين ) هو أكبرها وأعمها ، حيث حوى هذه الكتب الستة التى هي أم كتب الحديث ، وأشهرُها في أيدي الناس ، وبأحاديثها أخذ العلماء ، واستدل الفقهاء ، وأثبتوا الأحكام ، و شادوا مباني الإسلام . ومصنفوها أشهر علماء الحديث ، وأكثرهم حفظاً ، وأعرفهم بمواضع الخطأ والصواب ، وإليهم المنتهى ، وعندهم الموقف . وسنعقد فيما بعد باباً يتضمن مناقبهم وفضائلهم ، وإلى أين انتهت مراتبهم في هذا الفن . فحينئذ أحببت أن أشتغلَ بهذا الكتاب الجامع لهذه الصحاح ، وأعتني بأمره ، ولو بقراءته ونسخه ، فلما تتبعته وجدته - على ما قد تعب فيه - قد أودع أحاديث في أبواب ، غير تلك الأبواب أولى بها ، وكرر فيه أحاديث كثيرة ، وترك أكثر منها . ثم إنني جمعت بين كتابه وبين الأصول الستة التى ضمنها كتابه ، فرأيت فيها أحاديث كثيرة لم يذكرها في كتابه ، إما للاختصار ، أو لغرض وقع له فأهملها ، ورأيت في كتابه أحاديث كثيرة لم أجدها في الأصول التي قرأتها وسمعتها ونقلت منها ، وذلك لاختلاف النسخ والطرق ، ورأيته قد اعتمد في ترتيب كتابه على أبواب البخاري ، فذكر بعضها ، وحذف بعضها . فناجتنى نفسي أن أُهذِّب كتابه ، وأرتب أبوابه ، وأوطيء مقصده ، وأسهل مطلبه ، وأضيف إليه ما أسقطه من الأصول ، وأتبعه شرح ما في الأحاديث من الغريب والإعراب والمعني ، وغير ذلك مما يزيده إيضاحاً وبياناً ، فاستصغرت نفسى عن ذلك ، واستعجزتها ، ولم يزل الباعث يقوى والهمة تنازع ، والرغبة تتوفر ، وأنا أعللها بما في ذلك من التعرض للملام ، للانتصاب للقدح ، والأمن من ذلك جميعه مع الترك ، ويأبي الله إلا أن يتم نوره ، فتحققت بلطف الله العزيمة ، وصدقت بعونه النية ، وخلصت بتوفيقه الطوية ( ) .

منهج ابن الأثير في جامع الأصول :

يتجلى منهج ابن الأثير في كتابه في ضوء النقاط التالية :

1ـ ـ قدم لكتابه بمقدمة كبيرة عرف فيها بكتابه ، وذكر فيها بعض المسائل المتعلقة بعلوم الحديث ـ وترجم فيها لأصحاب الأصول الستة ، وذكر أسانيدها .

2ـ رتب أحاديث كتابه على الكتب والأبواب الفقهية ، وقسمه إلى أبواب وفصول وأنواع وفروع وأقسام .

فقد قسم كتاب الإيمان والإسلام إلى ثلاثة أبواب ، وقسم الباب الأول إلى فصلين ، والثاني إلى ثلاثة فصول ، ولم يقسم الثالث بل عنون له بقوله : أحاديث متفرقة تتعلق بالإيمان والإسلام.

وأحياناً يقسم الكتاب إلى أقسام والأقسام إلى أبواب والأبواب إلى فصول والفصول إلى فروع ، والفروع إلى أنواع كما فعل في كتاب الصلاة ؛ لكثرة ما يتعلق بها من أحاديث .

فقسم كتاب الصلاة إلى قسمين :القسم الأول: في الفرائض وأحكامها، وما يتعلق بها، وفيه خمسة أبواب الباب الأول: في الصلاة وأحكامها، وفيه سبعة فصول الفصل الأول: في وجوبها أداءً وقضاءً، وفيه ثلاثة فروع الفرع الأول: في الوجوب والكمية ..... وهكذا حتى ينتهي من كتاب الصلاة كله على تلك الكيفية ()

وأحياناً يقسم الفصول إلى فروع ، والفروع إلى أنواع إذا كان الكتاب متشعب المسائل ككتاب الحج والعمرة .

فقسمه إلى أربعة عشر باباً ، وقسم الباب الثاني (المواقيت والإحرام) إلى فصلين ، وقسم الفصل الأول (المواقيت) إلى فرعين ، وقسم الفصل الثاني (الإحرام) إلى ثلاثة فروع ، وقسم الفرع الأول(فيما يحل للمحرم، ويحرم عليه) إلى أحد عشر نوعاً...... ()

3ـ كل حديث انفرد بمعنى أثبته في باب خاص به ، فإن اشتمل الحديث على أكثر من معنى

أـ فإما أن يكون اشتماله عليه واحداً كأن تكون أحاديث في قضايا مختلفة يجمعها أمر واحد كأحاديث الآداب والفضائل وغير ذلك فيورد تلك الأحاديث في آخر الجامع في كتاب سماه (اللواحق ) وقسمه إلى عدة أبواب تضمن كل باب منها أحاديث تشتمل على معانى متعددة يجمعها أمر واحد .

ب ـ وإما أن يكون الحديث مشتملاً على أكثر من معنى إلا أنه أخص وأغلب بمعنى دون الآخر ، ذكره في الأخص والأغلب ، وغالباً ما يقد المعنى الذي في أول الحديث() .

4ـ.الأحاديث التي اشتبه معناها على طالبها عقد لها باباً في آخر الكتاب رتبها على حروف المعجم ، وعنون هذا الباب بقوله : ( أحاديث متفرقة من كل نوع لا يضمها معنى ولا يحصرها فن)

مثال ذلك :

حديث أبي مالك الأشعري ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قال: قال رسولُ الله (: « أَرْبَعٌ في أُمَّتِي من أَمْرِ

الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ الْفَخْرُ في الْأَحْسَابِ وَالطَّعْنُ في الْأَنْسَابِ وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ وقال : النَّائِحَةُ ـ إذا لم تَتُبْ قبل مَوْتِهَا ـ تُقَامُ يوم الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ من قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ من جَرَبٍ» . أخرجه مسلم ( ).

5ـ رتب الكتب على حروف المعجم ؛ليصل الباحث فيه إلى حديثه بيسر وسهولة فبدأ جامعه بكتاب الإيمان والإسلام ، وختمه بكتاب اليمين .

وقد راعى في ترتيبه للكتب الحرف الأول فقط سواء كان أصلياً أم زائداً ، ولم يحذف من الكلمة إلا (أل) التعريف فقط .

قال ابن الأثير : لما نضدت الأحاديث في الأبواب والفصول والفروع رأيتها كثيرة العدد ، والكتاب في نفسه كبير المقدار ، يحتاج الناظر فيه والطالب لحديث من أحاديثه أن يتطلب كتبه التي هي تراجمه ، حتى يجد الحديث المطلوب فيها ، وكان عليه في ذلك كلفة ومشقة متعبة ، فخرجت أسماء الكتب المودعة في الكتاب ، وجعلتها مرتبة على حروف ( ا ب ت ث ) طلباً لتسهيل كلفة الطلب ، وتقريباً على المريد بلوغ الأرب . ولم أضبط في وضعها الحرف الأصلي من الكلمة فحسب ، إنما لزمت الحرف الذي هو أول الكلمة ، سواء كان أصلياً أو زائداً ، ولم أحذف من الكلمة إلا الألف واللام التي للتعريف حسب .

فأودعت ( كتاب الإيمان والإسلام ) ، و ( كتاب الإيلاء ) ، و ( كتاب الآنية ) : في حرف الهمزة . وهذا حرف أصلي . ووضعت فيه أيضاَ ( كتاب الاعتصام ) ، و ( كتاب إحياء الموات ) وهذا حرف زائد ، فإن ( الاعتصام ) حقه أن يكون في حرف ( العين ) و ( إحياء الموت ) في حرف ( الحاء ) . وكذلك جميع الكتب على الوضع ، ولم أقصد به إلا طلب الأسهل ، فإن كتب الحديث يشتغل بها الخاص والعام ، والعالم بتصرف اللفظ والجاهل . ولو كلفت العامي أن يعرف الحرف الأصلي من الزائد لتعذر عليه ، لكنه يسهل عنده معرفة الحرف الذي هو في أول الكلمة من غير نظر إلي أنه أصلي أو زائد () .

6ـ يذكر كل الأحاديث المتعلقة بالكتاب الفقهي ، وأحكامها لكونها لا يجوز انفرادها عنه

فقد ضمن كتاب الجهاد الأحاديث المتعلقة بأحكام الغنائم ، والفيء ، والغلول ، والنفل والخمس ، والشهادة ، وكل منها يختص بحرف برأسه ن لكن لتعلقها بالجهاد ذكرها معه .

وتيسيراً للوقوف على ذلك عقد فصلاً في نهاية كل حرف من هذه الأبواب ليستدل به على مواضع تلك الأبواب ، فذكر في نهاية حرف الغين أن الغنائم والغلول في كتاب الجهاد من حرف الجيم ، وفي آخر حرف الفاء أن الفيء في كتاب الجهاد ، وهكذا يفعل في بقية الحروف

فإذا أراد الباحث حديثاً من هذا النوع طلبه في حرفه فإن وجده ، وإلا بحث في آخر الحرف على ما يدل على موضعه في الجامع .

7ـ يتبع كل حديث بما يماثله أو يقاربه بحيث يأمن من تكراره في الكتاب ، فإن تكرر فيكون لضرورة ، أو سهو منه .

مثال ذلك :

حديث عبد اللَّه بن بُسْر ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قال : قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الأَيْمَنِ أَوِ الأَيْسَرِ وَيَقُولُ « السَّلاَمُ عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ». وَذَلِكَ أَنَّ الدُّورَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ سُتُورٌ.أخرجه أبو داود ( ) .

وحديث هُزَيْلٍ بن شَرْحَبِيْل ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قال : ( جاء رجل - وفي رواية : سعد - فَوَقَفَ

عَلَى بَابِ رسول اللَّه ( يَسْتَأْذِنُ فَقَامَ عَلَى الْبَابِ - وفي رواية : مُسْتَقْبِلَ الْبَابِ - فقال له النبيُّ

( : « هَكَذَا عَنْكَ ـ أَوْ هَكَذَا ـ فَإِنَّمَا الاِسْتِئْذَانُ مِنَ النَّظَرِ ». وفي رواية عن رجل عن

سعد نحوه . أخرجه أبو داود ( ) .

وحديث أبي هريرة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ أن رسولَ اللَّه ( قال : « إِذَا دَخَلَ الْبَصَرُ فَلاَ إِذْنَ ». أخرجه أبو داود ( ) .

لما كان الحديث الثاني والثالت يتقاربان مع الأول في موقف المستأذن ذكرهما ابن الأثير بعد الحديث الأول تحت عنون واحد يجمعهما في الفرع الثاني من الفصل الثامن لكتاب الصحبة ( )

فإذا لم يجد للحديث الذي ذكره ما يماثله أو يقاربه أفرده في فصل أو فرع من ذلك الكتاب المتعلق به .

مثال ذلك : حديث جابر بن عبد الله ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ أن رسول الله ( نهى عن أكل الهِرِّ ، وأكل ثمنه . أخرجه أبو داود ( ) .

8ـ إذا كان الحديث أخرجه بعض أصحاب الأصول الستة ، وبعض الألفاظ مختلفة عند بعضهم نَبَّه على ذلك الاختلاف في الألفاظ .

مثال ذلك :

حديث عبد الله بن عمر ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ : أَنَّ رسولَ اللَّهِ (قال : ( إِذا كانَ ثلاثة فلا يَتَنَاجى اثنانِ دونَ الثالثِ )( ) . أخرجه البخاري ، ومسلم ، والموطأ .

وعند مسلم : ( دون واحد ) .

وللموطأ قال عبد الله بنُ دينار : ( كنت أنا وابن عمر عند دار خالد بن عُقْبة التي بالسوق ، فجاء رجل يريد أن يناجيَه وليس مع ابن عمر رجل غيري ، فدعا ابن عمر رجلا آخر ، حتى كنا أربعة ، فقال لي وللرجل الثالث الذي دعا : استأخرا شيئا ، فإني سمعتُ رسولَ الله (يقول : لا يَتَناجَ اثنان دون واحد ) .

وأخرجه أبو داود عقيب حديث أخرجه عن ابن مسعود ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ ، فقال : عن ابن عمر ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ مثلُهُ . وقال : قال أبو صالح : ( فقلتُ لابن عمر : فأربعة ؟ قال: لا يضرُّك () .

9ـ الأحاديث المتعلقة بفضائل كل كتاب ذكر في جامع الأصول أو بفضائل الأنبياء والصحابة ذكرها في كتاب واحد سماه (كتاب الفضائل والمناقب) .

10ـ ذكر من أخرج الحديث من أصحاب الكتب الستة مرة في أول الحديث قبل ذكر الراوي الأعلى بالرموز

فقد جعل لكل صاحب أصل من الأصول الستة رمزاً اختصاراً لبيان من أخرج الحديث من أصحاب الأصول الستة ، وهذه الرموز على النحو التالي :

(خ) للبخاري في الصحيح . (م) لمسلم في الصحيح .

(ط) لمالك في الموطأ . (د) لأبي داود في السنن .

(ت) للترمذي في السنن . (س) للنسائي في المجتبى .

ويذكر هذه الرموز قبل ذكر الراوي الأعلى للحديث ، ثم يصرح بأسماء من أخرج الحديث في كتابه من أصحاب الأصول الستة عقب ذكره للحديث ؛ خشية أن تسقط تلك الرموز بتطاول الزمن ، أو يختلف النساخ ويتهاونوا في كتابتها ، فلا يعرف من أخرج الحديث في كتابه من الأئمة .

وإذا كان الحديث أخرجه الأئمة الستة ذكرهم بالرموز قبل ذكر الراوي ثم يقول عقب الحديث : أخرجه الجماعة

ومرة يذكرها عقب ذكر الحديث صراحة خشية أن تسقط تلك الرموز بتطاول الزمن ، أو يختلف النساخ ويتهاونوا في كتابتها ، فلا يعرف من أخرج الحديث

في كتابه من الأئمة .

مثال ذلك :

( م س ) عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : كان رسولُ الله ( يسلِّم عن يمينه وعن يساره ، حتى أرى بياضَ خدِّه () . أخرجه مسلم والنسائى ( ) .

11ـ أحياناً يذكر الحديث بدون رموز من أخرجه من أصحاب الستة ، وسبب ذلك أنه وجده في كتاب رزين ، ولم يجده في الأصول الستة فيذكر الحديث دون رمز من أخرجه ، وجعل موضعه خالياً ؛ لعله يعثر عليه في نسخ أخرى للأصول فإن عثر عليها أثبت من أخرجها ، فإن لم يجده جعل مكان التخريج خالياً ليعلم أنه من كتاب رزين .

12ـ حذف أسانيد الأحاديث مقتصراً على الصحابي إن كان حديثاً ، أو من رواه عن الصحابي

إن كان أثراً ، ولا يذكر أحد رواة الإسناد إلا إذا كان ذكره يترتب عليه فهم معنى الحديث ، أو انفرد بلفظة من ألفاظ الحديث عن بقية رواة الحديث .

قال ابن الأثير : أول ما بدأت به أنني حذفت الأسانيد ، كما فعله الجماعة المقدم ذكرهم - رحمة الله عليهم - ـ يعنى بذلك الذين سبقوه في الجمع بين أحاديث الصحيحين وغيرها في مؤلف واحد ـ ، و لنا في الإقتداء بهم أسوة حسنة ؛ لأن الغرض من ذكر الأسانيد كان أولاً لإثبات الحديث وتصحيحه ، وهذه كانت وظيفة الأولين رحمة الله عليهم - ، وقد كفونا تلك المؤنة ، فلا حاجة بنا إلى ذكر ما قد فرغوا منه ، وأغنونا عنه ، فلم أثبت إلا اسم الصحابي الذي روى الحديث عن النبي ( إن كان خبراً ، أو اسم من يرويه عن الصحابي إن كان أثراً ، اللهم إلا أن يعرض في الحديث ذكر اسم أحد رواته فيما تمس الحاجة إليه ، فأذكره لتوقف فهم المعنى المذكور في الحديث عليه ( ) .

13ـ ذكر راوى كل حديث أو أثر في أول الحديث أو الأثر بعد ذكر رموز من أخرجه من الأئمة في كتبهم ، وذلك لأمرين :

أ ـ أن يكون الاسم منفرداً يُدركه الناظر في أول نظره ، ويعرف به أول الحديث .

ب ـ لأجل إثبات العلائم ـ الرموز ـ التى رقمها بالهمزة ـ يعني حروف الهجاء ـ على الاسم .

قال ابن الأثير : وذلك لأنني قد رقمت على اسم كل راوٍ علامة من أخرج ذلك الحديث من

أصحاب الكتب الستة ( ) .

14ـ أفرد في آخر الكتاب باباً يتضمن أسماء الصحابة والتابعين وغيرهم الذين ورد لهم ذكر في الكتاب ، ورتبهم على حروف المعجم ()، وذكر تحت كل اسم ما أمكنه من معرفته عنه .

ومن لم يجد له ذكراً في كتابه ذكره باسمه ؛ ليزيل الخلل والتصحيف في الأسماء والاشتباه .

وجزء الترجمة هذا طبع منفرداً عن الكتاب تحت عنوان (تتمة جامع الأصول في أحاديث الرسول ( : قسم التراجم )طبعته منفرداً عن الكتاب المكتبة التجارية في مكة المكرمة سنة 1390هـ بتحقيق بشير محمد عيون في مجلدين () .

15ـ كل ما كان حديثاً للنبي أو أثراً عن الصحابة أورده في الكتاب ، أما أقوال التابعين ومن بعدهم من الفقهاء والأئمة فلم يذكر منها إلا نادراً متبعاً منهج الحميدي في كتابه ، مبتعداً

عن منهج رزين في كتابه فإنه كان يذكر فقه الإمام مالك في الموطأ ، وتراجم أبواب كتاب البخاري ، وغير ذلك مما لا حاجة إليه .

16ـ أحياناً يكون الحديث في أكثر من مصدر من المصادر الستة ، ولا يشير إليه إلا في مصدر واحد فقط .

كما في حديث عائشة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ في المثال الذي سيأتي ذكره فإنه قال أخرجه البخاري ، وبالتخريج تبين أنه في صحيح البخاري ومسلم .

وتفسير ذلك أنه اعتمد في الصحيحين على كتاب (الجمع بين الصحيحين ) للحميدي ، والحميدي ذكر هذا الحديث في جامعه 4 / 196 ح(3343) على أنه من أفراد البخاري . وسيأتي التنبيه على ذلك عند الحديث عن النسخ التي اعتمد عليها ابن الأثير للأصول الستة ـ إن شاء الله تعالى ـ

17ـ يذكر عقب كل حرف شرحاً للألفاظ الغريبة الواردة في الأحاديث والآثار حسب ترتيب الكتب في ذلك الحرف مجانبة للتكرار وكثرة الإحالات () معتمداً في ذلك على ما يلي :

أ ـ كتب اللغة ككتابي (التهذيب) و (لغة الفقه )للأزهري ، وكتاب (صحاح اللغة) للجوهري ، وكتاب (المجمل) لابن فارس .

ب ـ كتب غريب الحديث ككتاب (غريب الحديث ) لأبي عبيد القاسم بن سَلاَّم ، وكتابي(غريب الحديث) و (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة ، وكتب (غريب الحديث ) ، و (معالم السنن ) ، و(شأن الدعاء )للخَطَّابي ، وكتاب (الجمع بين الغَريبَيْن) لأبي عبيد الهَرَوي ، وكتاب (الفائق ) للزمخشري، وكتاب (غريب الحديث ) لأبي عبد الله الحُمَيْدِي ( ).

مثال ذلك :

( خ ) عائشة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ قالت : لَدَدْنَا رسول الله ( فِى مَرَضِهِ فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: "أَنْ لاَ تَلُدُّونِى" فَقُلْنَا : كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ : « أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِى » فقلنا : كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ فقال : « لاَ يَبْقَى أَحَدٌ فِى الْبَيْتِ إِلاَّ لُدَّ - وَأَنَا أَنْظُرُ - إِلاَّ الْعَبَّاسَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ " ( ) . أخرجه البخاري .

غريب الحديث :

لَدَدْنا: لَدَّه باللَّدُود ، وهو أن يسقيه الدواء في أحد جانبي فمه وجانبا الفم : لَدِيدَاه ، وإنما أمر النبي ( أن يُلَدَّ كل من في البيت : عقوبة لهم ، حيث لَدُّوه بغير إذنه ، لا بل بعد نهيه إياهم عن ذلك() . وهم ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم ـ لدوه بغير إذنه ظناً منهم أن يكره الدواء كما هو حال المرضى ، فكان هذا اجتهاداً منهم لا مخالفة لأمره ؛ لأنهم لم يخالفوا أمره ن وما صدر منهم ذلك ..

18ـ أحياناً يبين الأحكام المتعلقة بالحديث من الكتب المختصة بذلك ، جامعاً لأقوال العلماء مختصراً لها .

(خ م ط د ت س) أبو هريرة ـ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ـ قال: «لمَّا تُوُفِّيَ النبيُّ ( واسْتُخْلِفَ أبو بكر بعدَه، وكَفر من كفر من العرب، قال: عمرُ بن الخطاب لأبي بكر: كيف تُقاتِل الناس، وقد قال رسولُ الله (:" أُمِرتُ أن أُقاتل الناس حتى يقولوا: لا إِله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عَصَمَ مني مالَه ونفسه إِلا بحَقِّه، وحِسَابُه على الله؟ " فقال أبو بكر: والله لأُقَاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حقُّ المال، والله لو مَنَعُوني عَنَاقاً كانوا يُؤَدُّونها إِلى رسولِ الله ( لَقَاتَلْتُهُمْ على منعها. قال عمر: فو الله ما هو إِلا أَن رَأَيتُ أَنَّ اللهَ شرحَ صَدْرَ أَبي بكرٍ لِلْقتال فعرفتُ أَنَّهُ الحَق» .وفي رواية: «عِقَالاً كانوا يُؤَدُّونه» . أخرجه الجماعة()، إِلا أن الموطأ لم يُخرِّج منه إلا طرَفاً من قول أَبي بكر، قال مالك: «بلغه أَن أبا بكر الصِّدِّيق ـ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ـ قال: لو مَنعونِي عِقالاً لَجَاهَدْتُهُمْ عليه» . لم يزد على هذا ()

. شَرْحُ الْغَرِيبِ

(عصم) : العصمة المنع، يقال: عصم مني نفسه، أي منعها وحفظها، واعتصم بكذا، أي التجأ إليه، واحتمى به.

(عناقاً وعقالاً) : العَنَاق: الأنثى من ولد المعز، قال الخطابي: عناقاً وعقالاً

وفيه دليل على وجوب الصدقة في السِّخال والفُصلان والعجاجيل، وأن واحدة منها تجزئ عن الواجب في الأربعين منها، إذا كانت كلها صغاراً، ولا يكلف صاحبها مسنة.

وفيه دليل على أن حول النتاج حول الأمهات، ولو كان يستأنف لها الحول لم يوجد السبيل إلى أخذ العناق، وقال أبو حنيفة: لا شيء في السخال، وقال الشافعي: يؤخذ من أربعين سخلة: واحدة منها. قال: وأما العِقَال، فاختلف فيه. فقيل: العِقال: صدقة عام، وقيل: هو الحبل الذي يعقل به البعير، وهو مأخوذ رب المال مع الصدقة، لأن على صاحبها التسليم، وإنما يقع القبض بالرباط، وقيل: إذا أخذ المصدق أعيان الإبل قيل: أخذ عِقَالاً، وإذا أخذ أثمانها، قيل: أخذ نقداً. قال: وتأول بعضهم قوله: «عِقالاً» على معنى: وجوب الزكاة فيه إذا كان من عروض التجارة فبلغ مع غيره منها قيمة نصاب. والله أعلم()

19ـ إذا كان للحديث أكثر من رواية يذكر الروايات الأخرى .

مثال ذلك :

( خ م د ) أبو هريرة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ أَنَّ رسولَ الله ( قال : " المُؤمِنُ لا يُلْسَعُ مِنْ جُحْر واحد

مرتين " .

وفي رواية : " لا يُلْدَغُ المؤمِنُ مِنْ جُحْر مرتين ".أخرجه البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ( ).

غريب الحديث :

لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين : قال الخطابي : يروى بضم الغين وكسرها ، فالضم على وجه الخبر ، ومعناه : أن المؤمن هو الكيِّس الحازم الذي لا يُؤتَى من جهة الغفلة ، فيخدع مرة بعد أخرى وهو لا يفطن بذلك ولا يشعر به ، والمراد به : الخداع في أمر الدين ، لا في أمر الدنيا ، وأما ( الرواية ) بالكسر ، فعلى وجه النهي ، يقول : لا يخدعن المؤمن ، ولا يؤتين من ناحية الغفلة فيقع في مكروه أو شر وهو لا يشعر به ، وليكن فطنا حذرا ، وهذا التأويل يصلح أن يكون لأمر الدين والدنيا معا ( ) .

20ـ اعتنى في أواخر الكتاب بتحرير المبهمات وتعيينها.

فقد ذكر في كتاب اللواحق في الركن الثالث في الخواتم في الفن الثاني منه ( ذكر الأسماء والكنى

والأبناء والألقاب والأنساب ) في الباب الخامس منه ( ذكر جماعة لهم ذكر أو رواية ولم ترد أسماؤهم مذكورة في الأحاديث التي ورد ذكرهم فيها)

قال ابن الأثير : فنبهنا في هذا الباب على اسم من عرفناه منهم، وسردنا ذكره على نسق المواضع التي وردت أسماؤهم فيها بعون الله تعالى().

مثال ذلك :

حديث عائشة ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ في الذي استأذن على النبي ( فقال: " " بِئْسَ أَخُو العَشِيْرَة " ()، هو مَخْرَمَة بن نَوْفَل، وقيل: عُيَيْنَة بن حِصْن()

هل يكون لأحاديث الأصول الستة التي حذف ابن الأثير أسانيدها حكم المرسل؟

قال ابن الوزير الزَّبِيْدِي0 : من اختصر بعض المسندات ( كابن الأثير في جامعه ، والسيوطي في جوامعه ) فحذف أسانيدها لم يكن له حكم المراسيل ؛ لأن العهدة عند المختصر على الراوي الأول والراوي الأول قد أسند ، ومن أسند ولم يصحح لم يتحمل عهدة .

قال الصنعاني : لأنه قد أحال الناظر على النظر في رجال كتابه ، وأما من صحح من الشيخين فالعهدة عليهما( ) .

ترتيبه للأصول الستة :

رتب ابن الأثير رموز الأصول الستة على النحو التالي (خ ، م ، ط ، ت ، د ، س )

فقدم صحيحي البخاري ومسلم على الموطأ ؛ لاشتهارهما بالصحة ، وانفرادهما بالشرط الذي لم ينفرد به واحد من باقي الكتب ، ولأنهما أعظم قدراً ، وأكبر حجماً .

وكان الأولى عند ابن الأثير تقديم الموطأ على الصحيحين ؛ لأن مالكاً أكبر الجماعة وأقدمهم ، وأجلهم قدراً ، وأحقهم بالتقديم ، إلا أنه قدم الصحيحين لما سبق من أسباب .

ثم ذكر بعد الموطأ سنن الترمذي ، ثم سنن أبي داود ثم سنن النسائي .

وأحياناً يقدم أحد أصحاب السنن الثلاث على الآخر ، ولا بأس عنده بذلك

فقال : وإن تقدم أحد هؤلاء الثلاثة المتأخرين على الآخر، فلا بأس( ) .

ما قاله العلماء عن جامع الأصول :

قال عنه ياقوت الحموي : كتاب جامع الأصول في أحاديث الرسول عشر مجلدات جمع فيه بين البخاري ومسلم والموطأ وسنن أبي داود وسنن النسائي والترمذي عمله على حروف المعجم وشرح غريب الأحاديث ومعانيها وأحكامها ووصف رجالها ونبه على جميع ما يحتاج إليه منها .

وقال : أقطع قطعاً أنه لم يصنف مثله قط ، ولا يصنف ( ) .

وقال ابن الأثير عن كتابه : هذا الكتاب في نفسه بحر زاخرة أمواجه ، وَبَرُّ وَعِرَة فجاجه ، لا يكاد الخاطر يجمع أشتاته ، ولا يقوم الذكر بحفظ أفراده ، فإنها كثيرة العدد ، متشعبة الطرق مختلفة الروايات ، وقد بذلت في جمعها وترتيبها الوسع ، واستعنت بتوفيق الله تعالى ومعونته في تأليفه وتهذيبه ، وتسهيله وتقريبه ، وسميته : ( جامع الأصول في أحاديث الرسول( )( )

وقال الجزائري : قد جمع مجد الدين ابن الأثير الأصول الخمسة في كتاب وضم إليها موطأ الإمام مالك حتى صارت بذلك ستة وسماه (جامع الأصول من حديث الرسول( ) فصار الوصول إلى هذه الأصول سهل المسلك قريب المدرك ( ) .

النسخ التي اعتمد عليها ابن الأثير للأصول الستة :

اعتمد في نقله لأحاديث الصحيحين من كتاب (الجمع بين الصحيحين ) لأبي عبد الله الحميدي ؛ لكونه أجاد في ذكر طرق الأحاديث ، واستوفى جميع رواياته ، وعليه المعتمد في الجمع بين الصحيحين ().

وهو لا يذكر من كتاب الحميدي إلا أحاديث البخاري ومسلم فقط دون الزيادات والتتمات التي ذكرها الحميدي في الكتاب ، وبالتالي لا يأخذ جامع الأصول حكم الحميدي في زياداته وتتماته على الصحيحين في كتاب الجمع بينهما ()

مثال ذلك :

حديث سُفْيَان بن عبد الله الثَّقَفِيّ ـ رَضِي الله عَنهُ ـ عند الحُمَيْدِي في أفراد مسلم من رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة عَن الزبير عَن سُفْيَان بن عبد الله ـ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ـ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، قل لي فِي الْإِسْلَام قولا لَا أسأَل عَنهُ أحدا بعْدك. قَالَ: " قل: آمَنت بِاللَّه، ثمَّ اسْتَقِم ".وَعند أبي بكر البرقاني عَن أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة أبي أُسَامَة عَن هِشَام بِهَذَا الْإِسْنَاد. قلت: يَا رَسُول الله، قل لي فِي الْإِسْلَام وأقلل، لعَلي أعيه. قَالَ: " لَا تغْضب " فَأَعَادَ عَلَيْهِ، قَالَ: " لَا تغْضب " قَالَ أَبُو أُسَامَة: أَحْسبهُ قَالَ ثَلَاث مَرَّات. قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: هَكَذ�