53
8 www.alukah. net

بسم الله الرحمن الرحيم - Alukah · Web viewتقوى الله من أكبر أسباب تفريج الكروب، من هم، وغم، وحزن، ونحوها، قال

  • Upload
    others

  • View
    12

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

www.alukah.net 1

بسم الله الرحمن الرحيماألدوية اإليمانية إلذهاب الهموم وتجلية األحزان

المقدمة الحمد لله رب العالمين، والصالة والسالم على أشرف األنبياء

والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين... أما بعد: فالمؤمن يحمد الله عز وجل على كل قضاءه، لعلمه أن قضاء الله

كله عدل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )عدل في قضاؤك ( ]أخرجه أحمد[ والمؤمن يشكر الله، لعلمه أن قضاء الله

}وعسى أن تكرهوا شيئ#ا وهو خيرله خير، قال عز وجل: [ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:216 ]البقرة: لكم{

)والذي نفسي بيده ال يقضي الله للمؤمن قضاء إال كان خيرا له(]أخرجه مسلم[.

وإن مما يقضيه الله عز وجل على بعض عباده إصابتهم بالهمومRصيب بذلك فليعلم أن الله الكريم أراد به خيرا، واألحزان، ومن أ

ألنه ال ينفك عن ذنوب ومعاصي، أراد الله الرحيم أن يعجل له عقوبتها في الدنيا رحمة به، فعقوبات الدنيا مهما بلغت ال تقارن

بأي حال من األحوال بعذاب اآلخرة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ) إذا أراد الله بعبده الخير، عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر،

Rوافى به يوم القيامة ( ]أخرجه الترمذي[. أمسك عنه بذنبه، حتى ي قال العالمة ابن القيم رحمه الله: والغموم والهموم واألحزان

والضيق، عقوبات عاجلة، وقال العالمة ابن عثيمين رحمه الله: والعقوبة أنواع كثيرة: منها العقوبة بالنفس وذلك كاألمراض

العضوية والنفسية.

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) إذا كثرت ذنوب العبد، ولم يكن له ما يكفرها، من العمل، ابتاله الله بالحزن، ليكفرها عنه ( ]أخرجه

أحمد، والبزار، وحسنه السيوطي، وقال الهيثمي رواه أحمد والبزار وإسناده حسن[ قال العالمة المناوي رحمه الله: األحزان واألكدار

في هذه الدار رحمة من العزيز الغفار. وإصابة البعض بالهموم واألحزان، قد تكون خيرا له من جهة أنها

Rرزق محبته واألنس به، قد تكون سببا في توبته وإنابته لربه، في

www.alukah.net 2

والفرار إليه، والتوكل عليه، فما أعظمها من نعمة أن يرزق العبدذلك، وأن يتوب توبة نصوح من معاصيه وشهواته المRردية.

Rصيب بالهموم واألحزان، فصبر ورضي، وحمد وشكر، وتضرع ومن أ ودعا، وأخذ باألدوية اإليمانية، التي فيها الشفاء من الهموم

واألحزان، فبحول الله وقوته ما هي إال مدة قليلة، وسيرى أن أحزانه قد انجلت، وأن همومه قد ذهبت، وسيجد انشراحا في

صدره، وطمأنينة في قلبه، وسرورا في نفسه. وهذه طائفة من األدوية اإليمانية، من كالم الله عز وجل، وكالم رسوله صلى الله عليه وسلم، وكالم أهل العلم الربانين، أردت

منها نفع نفسي، وإخواني المصابين بالهموم المستمرة، واألحزان الدائمة، فإن أصبتR فيها، فالفضل لله وحده، وإن أخطأت فمن

نفسي المقصرة، ومن الشيطان، وأسال الله الكريم العفو والصفح، كما أسأله أن يعجل بالشفاء لكل مهموم ومحزون، وأن

يجعل ما أصابه تكفيرا لذنوبه، ورفعة في درجاته، وأن يلهمه الصبروالرضا على ما قدر الله عليه، إنه سميع مجيب.

www.alukah.net 3

أسباب اإلصابة بالهموم واألحزانا2ل2س2خ2ط2 و2ع2د2م2 ا2ل2ر2ض2ا2 ب2ق2ض2ا2ء2 ا2ل2ل2ه2 و2ق2د2ر2ه2

العبد المؤمن مRبتلى في الحياة الدنيا، فال بد من وجود أحداث تصيب العبد بالهموم واألحزان، ابتالء وامتحانا من الله عز وجل

لعبده، من موت عزيز، أو مفارقة حبيب، أو خسارة مال، أو مرض بدن، أو تسلط شياطين جن، أو اعتداء شياطين إنس، ونحو ذلك

} لتبلون في أموالكممن اآلفات، قال الله عز وجل: [ قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:186 ]آل عمران: وأنفسكم{

أي ال بد أن يبتلى المؤمن، في شيء من ماله، أو نفسه، أو أهله، ويبتلى المؤمن على قدر دينه، فإن كان في دينه صالبة زيد في

البالء. } ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوعوقال الله عز وجل:

ر ونقص من األموال واألنفس والثمرات وبشابرين { [ قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:155 ]البقرة: الص

أخبرنا تعالى أنه يبتلي عباده أي يختبرهم ويمتحنهم... فمن صبرأثابه، ومن قنط أحل به عقابه".

ومن لم يصبر، وتسخط، وتضجر، وتبرم، بما قدر الله عليه، فقد فتح على نفسه باب الهموم، واألحزان، والغموم، قال العالمة ابن

القيم رحمه الله: السخط باب الهم والغم والحزن.

ت2ر2ك2 ط2ر2ي2ق2 ا2ل2خ2ي2ر2 و2ا2ال2س2ت2ق2ا2م2ة2 قال العالمة ابن القيم رحمه الله: من.. عرف طريقا موصلة إلى

الله، ثم تركها، وأقبل على... شهواته ولذاته، وقع في آبار المعاطب، وأودع قلبه سجن المضايق، وعRذب في حياته عذابا لم يعذب أحد من العالمين، فحياته عجز وغم وحزن،.. قد فرط عليهت عليه شمله، وأحضرت نفسه الغموم واألحزان... قد ت Rأمره، وش

ترحلت أفراحه وسروره مدبرة، وأقبلت آالمه وأحزانه وحسراتهمقبلة.

اإلعراض عن ذكر الله وطاعته، وارتكاب الذنوب والمعاصي }ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة#قال الله عز وجل:

[ قال ابن كثير رحمه الله: أي ضنكا في الدنيا،124 ]طه: ضنك#ا{ فال طمأنينة له وال انشراح لصدره بل صدره ضيق حرج لضالله وإن تنعم ظاهره، ولبس ما شاء، وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء، فإن

قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى فهو في قلق وحيرة وشك،www.alukah.net 4

وقال ابن القيم رحمه الله: من أعرض عن ذكره الذي أنزله، فله من ضيق الصدر، ونكد العيش، وكثرة الخوف، وقال السعدي

رحمه الله: بعض المفسرين يري أن المعيشة الضنك عامة في دارRصيب المعرض عن ذكر ربه من الهموم والغموم الدنيا بما ي

واآلالم". وكلما زاد إعراض اإلنسان، كلما زادت همومه أكثر، فالكفار من

}فمنأضيق الناس صدرا وأكثرهم حزنا وهما، قال الله عز وجل: يرد الله أن يهديه يشرح صدره لإلسالم ومن يرد أن

ا{ [ قال الحافظ ابن125 ]األنعام: يضله يجعل صدره ضيق#ماء{كثير رحمه الله قال السدي: عد في الس }كأنما يص

[ من ضيق صدره، وقال اإلمام القرطبي رحمه الله:125]األنعام: الكافر من ضيق صدره كأنه يريد أن يصعد إلى السماء وهو ال يقدر

على ذلك وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه الله: وقد قيل إن إشارة إلى ما هو الزم لهم في} ولهم عذاب مقيم {قوله

الدنيا واآلخرة من اآلالم النفسية غما وحزنا وقسوة وظلمة قلب وقال العالمة ابن عثيمين رحمه الله: هؤالء الكفار... ال تظنوا أنهمهم في جحيم، قلوبهم اآلن مأل من الجحيم، مهما في نعيم والله إنوننا بما يدعون أنهم فيه زانت لهم الدنيا فهم في جحيم لكنهم يغر من النعيم ونظن أن هذا حقيقة، وقال رحمه الله: المؤمن يحصل له من المعصية أثر سيء في نفسه حتى أن بعض الناس يضيق

صدره.. وسببه معصيته. ارتكاب الذنوب من أسباب اإلصابة بالهموم واألحزان، قال شيخ

اإلسالم ابن تيمية رحمه الله: من اتبع هواه.. يجد في أثناء ذلك من الهموم والغموم واألحزان واآلالم وضيق الصدر ما ال يعبر عنه،

وقال اإلمام ابن الجوزي رحمه الله: متى رأيت معاقبا، فاعلم أنه لذنوب... وأنا أقول عن نفسي: ما نزلت بي آفة، من غم، أو ضيق صدر، إال بزلل أعرفه، حتى يمكنني أن أقول: هذا بالشيء الفالني.Rجازي به المسيءR من ضيق وقال العالمة ابن القيم رحمه الله: ما ي

الصدر، وقسوة القلب، وتشتته وظلمته، وغمه وهمه وحزنه، هذا أمر ال يكاد من له أدنى حس وحياة يرتاب فيه، وقال رحمه الله:Rضيقه... ومن عقوباتها ما يلقيه األوزار والخطايا تقبضR الصدر، وت الله سبحانه من الرعب والخوف في قلب العاصي، فال تراه إال

خائفا مرعوبا... فال تجد العاصي إال وقلبه كأنه بين جناحي طائر،RظهرR وقال رحمه الله: إن الله سبحانه وتعالى بحكمته وعدله، يRناسبها، فتارة بهموم، وآالم، للناس أعمالهم في قوالب وصور ت

www.alukah.net 5

وغموم، تحضرها نفوسهم، ال ينفكون عنها، وقال رحمه الله: انظر ما يعقب فرح الظفر بالذنوب، من أنواع األحزان، والهموم،

ش العاصي عن قلبه، لوجده والغموم، وقال رحمه الله: ولو فت حشوه المخاوف، واالنزعاج، والقلق، واالضطراب وإنما يواري عنه

شهود ذلك سRكرR الغفلة، والشهوة، فإن للشهوة سRكرا يزيد على سكر الخمر، وقال رحمه الله: الشهوةR توجب ألما و.. عقوبة و..

تجلب هما وغما وحزنا وخوفا، وقال رحمه الله: اشترك.. عقالء كل أمة أن المعاصي والفساد توجب الهم والغم والخوف والحزن وضيق الصدر، حتى إن أهلها إذا قضوا منها أوطارهم وسئمتها

نفوسهم ارتكبوها دفعا لما يجدونه في صدورهم من الضيق والهموالغم.

ا2ل2ر2غ2ب2ة2 ف2ي2 ا2ل2د2ن2ي2ا2 و2ز2ي2ن2ت2ه2ا2 و2إ2ي2ث2ا2ر2ه2ا2 ع2ل2ى2 ا2آل2خ2ر2ة2 فمن أصبح وأمسى والدنيا همهR، حمل من همومها وغRمومها

فقد جلبت لمحبيها وعشاقها: الهموم وانكادها بقدر اهتمامه بها، قبل حصولها، والغموم في حال الظفر بها، واألحزان بعد فواتها أو

فقدها، قال العالمة ابن القيم رحمه الله: إنما تحصل الهموم والغموم واألحزان من... الرغبة في الدنيا والحرص عليها... ومحب

الدنيا ال ينفك من ثالث: هم الزم، وتعب دائم، وحسرة ال تنقضي، وذلك أن محبها ال ينال منها شيئا إال طمحت نفسه إلى ما فوقه،

كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ) لو كان البن آدم واديان من مال البتغى لها ثالثا ( وقد مثل عيس ابن

مريم عليه السالم مRحب الدنيا بشارب البحر، كلما ازداد شربام يأكله من ال يعرفه وهو حتفRه... ازداد عطشا... وهي كالس

فصاحب الدنيا كلما اطمئن منها إلى سرور أشخصته إلى مكروه.... سرورها مشوب بالحزن، أمانيها كاذبة، وآمالها باطلة،

وصفوها كدر، وعيشها نكد... وأهل الدنيا وعRشاقها أعلم بمايقاسونه من العذاب وأنواع األلم في طلبها.

قال اإلمام ابن الجوزي رحمه الله: رأيت سبب الهموم والغموم: اإلعراض عن الله عز وجل واإلقبال على الدنيا، وكلما فات منها

شيء وقع الغم لفواته".

www.alukah.net 6

www.alukah.net 7

آثار الهموم واألحزان للهموم واألحزان آثار ضارة، على بدن اإلنسان، وعقله، وعلى

Rصيب قلبه، وعلى نشاطه في طاعة الله، ال يدرك أبعادها إال من أ بها، أسأل الله الكريم أن يعجل بالشفاء لكل مهموم ومغموم،

ومن آثارها: آ2ث2ا2ر2ه2ا2 ع2ل2ى2 ا2ل2ع2ق2ل2

قال اإلمام ابن حبان البستي رحمه الله: ال يجب للعاقل أن يغتم، ألن الغم ال ينفع، وكثرته تزري بالعقل، وال أن يحزن، ألن الحزن ال

يرد المرزئه، ودوامه ينقص العقل. آ2ث2ا2ر2ه2ا2 ع2ل2ى2 ا2ل2ب2د2ن2

قال العالمة ابن القيم رحمه الله: يهدم البدن: الهم والحزن. آ2ث2ا2ر2ه2ا2 ع2ل2ى2 ا2ل2ق2ل2ب2

قال العالمة ابن القيم رحمه الله عن الحزن والهم: وهما يضعفان العزم، ويوهنان القلب، ويحوالن بين العبد وبين االجتهاد فيماRنكسانه إلى وراء، أو ينفعه، ويقطعان عليه طريق السير، أو ي

يعوقانه ويقفانه.... فهما حمل ثقل على ظهر السائر، وقال رحمه الله: الحزن مرض من أمراض القلب يمنعه من نهوضه وسيره

وتشميره. آ2ث2ا2ر2ه2ا2 ف2ي2 ض2ع2ف2 ا2ل2ن2ش2ا2ط2 ف2ي2 ط2ا2ع2ة2 ا2ل2ل2ه2

وقال اإلمام الشوكاني رحمه الله: اشتغال خاطر العبد بالهموم، يكسر من نشاطه إلى الطاعة، ويثني من عزمه على الخير،

ويقبض من عنان جواد سعيه إلى مراضي الله عز وجل. وقال العالمة ابن عثيمين رحمه الله: الحزن على ما مضي ال يفيد

اإلنسان بل يفتر عزيمته، ويقلق راحته وال يستفيد منه بشيء".

www.alukah.net 8

اختالف الناس في األدوية المستخدمة لعالج همومهموأحزانهمل2ك2ل2 م2ر2ض2 ش2ف2ا2ء2 و2ل2ك2ل2 د2ا2ء2 د2و2ا2ء2

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: )ما أنزل من داء إال أنزل له شفاء ( ]متفق عليه[ وإذا أصاب الدواء الداء، برأ المريض بإذن الله عز وجل،، فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ) لكل داء دواء،

Rصيب دواء الداء، برأ بإذن الله عز وجل( ]أخرجه مسلم[ لكن فإذا أ ما كل أحد يوفق لمعرفة طرق العالج، وسبل الشفاء، فعن أسامة

بن شريك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إن الله لم ينزل داء إال أنزل له شفاء، علمه من علمه،

وجهله من جهله(]أخرجه أحمد[.ك2ل2 م2ن2 أ2ص2ي2ب2 ب2ا2ل2ه2م2و2م2 س2ع2ى2 ل2ط2ل2ب2 ا2ل2ش2ف2ا2ء2 م2ن2ه2ا2

Rصيب بالهموم واألحزان سعى بكل وسيلة لطلب كل من أحد أ الشفاء منها، والناس في ذلك على أقسام: فمنهم من وفق في

معرفة األدوية الصحيحة للشفاء، ومنهم من أخطأ وضل الطريق، ومنهم من خلط بينهما، قال اإلمام ابن حزم رحمه الله: ليس في

العالم مذ كان إلى أن يتناهي، أحد يستحسن الهم وال يريد إالRصيب بالهم لرفعه عن طرحه عن نفسه... ولهذا يسعى كل من أها مRذ خلق الله نفسه فطرد الهم مذهب قد اتفقت عليه األمم كل تعالى العالم... وقد تطلبتR غرضا يستوي الناس في استحسانه

RهR رت ، فلما تدب كلهم وفي طلبه فلم أجده إال واحدا، وهو طرد الهم علمتR أن الناس كلهم لم يستووا في استحسانه فقط، وال في

طلبه فقط، ولكن رأيتهم على اختالف أهوائهم ومطالبهم.. وتباين هممهم وإراداتهم ال يتحركون حركة أصال إال فيما يرجون به طرد

الهم، وال ينطقون بكلمة أصال إال فيما يرجون به إزاحته عن أنفسهم فمن مخطئ وجهة سبيله، ومن مقارب للخطأ، ومن

مصيب، وهو األقل من الناس. ط2ل2ب2 ا2ل2ش2ف2ا2ء2 ف2ي2م2ا2 ح2ر2م2 ا2ل2ل2ه2 ال2 ي2ز2ي2د2 ا2ل2ه2م2و2م2 و2ا2أل2ح2ز2ا2ن2

إ2ال2 ش2د2ة2 يخطئ من يطلب الخالص من أحزانه وهمومه، في أمور محرمه، فهذه لم يجعل الله فيها الشفاء، فالله عز وجل لم يجعل الشفاء

فيما حرم، فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى اللهwww.alukah.net 9

عليه وسلم قال )إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم( ]أخرجه البخاري[ وهذه األمور المحرمة قد تكون في سماع للغناء

والمعازف والموسيقي، أو في نظر لمواد فاسدة ضارة مما تعرضه القنوات ووسائل اإلعالم، أو في قراءة لكتب وصحف

ومجالت رديئة، أو في سفر وسياحة أوفي ذهاب ألماكن فيها تبرج وسفور واختالط بين النساء والرجال، أو في ارتكاب للفواحش

أوفي شرب للمسكرات أوفي تعاطي للمخدرات، ومن فعل ذلك فقد أهان نفسه وآلمها كل األلم من حيث أراد شفاءها، فالشيطان يوسوس لإلنسان أن آالمه خفت قليال، وهي في الحقيقة تزيد وهو

ال يشعر بذلك، فيعاود الكرة مرة أخرى إلزالة تلك اآلالم بتلكاألمور فتعود أشد ما كنت، وهكذا.

قال العالمة ابن القيم رحمه الله: الهم.. والحزن... والغم.. هذه المكروهات... قد تنوع الناس في طرق أوديتها والخالص منها،

وتباينت طرقهم في ذلك تباينا ال يحصيه إال الله، بل كل أحد يسعى في التخلص منها بما يظن أو يتوهم أنه يخلصه منها، وأكثر الطرق واألدوية التي يستعملها الناس في الخالص منها ال يزيدها إال شدة،

كمن يتداوى منها بالمعاصي على اختالفها من أكبر كبائرها إلى أصغرها، وكمن يتداوى منها باللغو واللعب والغناء وسماع األصوات

المRطربة وغير ذلك، وكلهم قد أخطأ الطريق.

ا2أل2د2و2ي2ة2 ا2إل2ي2م2ا2ن2ي2ة2 ل2ه2ا2 ت2أ2ث2ي2ر2 ع2ج2ي2ب2 ف2ي2 ح2ص2و2ل2 ا2ل2ش2ف2ا2ء2 قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمة الله: البر والتقوى يبسط النفس

ويشرح الصدر بحيث يجد اإلنسان في نفسه اتساعا وبسطا عما كان عليه قبل ذلك، فإنه لما اتسع بالبر والتقوى واإلحسان بسطه

الله وشرح صدره. وقال العالمة ابن القيم رحمه الله: ها هنا من األدوية التي تشفى من األمراض ما لم يهتد إليها عقول أكابر األطباء، ولم تصل إليها

علومهم وتجاربهم وأقيستهم، من األدوية القلبية، والروحانية، وقوة القلب، واعتماده على الله، والتوكل عليه، وااللتجاء إليه، واالنطراح

واالنكسار بين يديه، والتذلل له، والصدقة، والدعاء، والتوبة، واالستغفار، واإلحسان إلى الخلق، وإغاثة الملهوف، والتفريج عن

المكروب، فإن هذه األدوية قد جربتها األمم على اختالف أدينها ومللها، فوجدوا لها من التأثير في الشفاء، ما لم يصل إليه علم أعلم األطباء، وال تجربته، وال قياسه، وقد جربنا نحن، وغيرنا من

www.alukah.net 10

هذا أمورا كثيرة، ورأيناها تفعل ما ال تفعل األدوية الحسية، وقال: ومن أعظم عالجات المرض فعل الخير واإلحسان والذكر والدعاء

والتضرع واالبتهال إلى الله والتوبة، ولهذه األمور تأثير في دفعالعلل وحصول الشفاء أعظم من األدوية الطبيعية.

وقال اإلمام ابن حزم رحمه الله: بحثتR عن سبيل موصلة على الحقيقة إلى طرد الهم الذي هو المطلب النفيس الذي اتفق جميع أنواع الناس... فلم أجدها إال في التوجه على الله عز وجل بالعمل

لآلخرة.. ووجدت العمل لآلخرة. موصال على طرد الهم علىالحقيقة.

وقال العالمة ابن عثيمين رحمه الله: وأحيانا يكون الدواء بالدعاءأنجع بكثير من الدواء الحسي المادي.

وعن عطاء بن رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنه أال: بلى، قال: هذه المرأة السوداء Rريك امرأة من أهل الجنة؟ قلتR أ

RصرعR وإني أتكشف، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أ فادعR الله لي، فقال: ) إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت

Rفقالت: إني أتكشف، فادع ، Rعافيك ( فقالت: أصبرR دعوت الله أن ي الله لي أن ال أتكشف، فدعا لها ]أخرجه البخاري[ قال الحافظ ابن

حجر رحمه الله: وفي الحديث أن عالج األمراض كلها بالدعاء وااللتجاء إلى الله أنجع وأنفع من العالج بالعقاقير، وأن تأثير ذلك...

أعظم من تأثير األدوية البدنية.

ا2ل2ش2ف2ا2ء2 ف2ي2 ا2أل2د2و2ي2ة2 ا2إل2ي2م2ا2ن2ي2ة2 ل2م2ن2 ي2ت2ل2ق2ا2ه2ا2 ب2ا2ل2ق2ب2و2ل2 الشفاء من الهموم واألحزان في األدوية اإليمانية، لكن ال ينتفعR بها

Rناسب إال األنفس الطيبة... فعدم إال من تلقاها بالقبول، فهي ال ت انتفاع البعض بها، ليس قصور في الدواء، ولكن لفساد النفس، وعدم قبولها، فمن لم يجزم بفائدتها فلن ينتفع بها، قال العالمة ابن القيم رحمه الله: واعتبر.. بأعظم األدوية واألشفية وأنفعها للقلوب واألبدان، والمعاش والمعاد والدنيا واآلخرة وهو القرآن

الذي هو شفاء من كل داء، كيف ال ينفع القلوب التي ال تعتقد فيه الشفاء والنفع، بل ال يزيدها إال مرضا إلى مرضها، وليس لشفاء

.القلوب دواء أنفع من القرآن"

www.alukah.net 11

األدوية اإليمانية لعالج الهموم واألحزانت2ح2ق2ي2ق2 ت2و2ح2ي2د2 ا2أل2ل2و2ه2ي2ة2 و2ا2ل2ر2ب2و2ب2ي2ة2 و2ا2أل2س2م2ا2ء2 و2ا2ل2ص2ف2ا2ت2 إفراد الله بالعبادة وحدة ال شريك له، يقي العبد من الخلود في

النار في اآلخرة، وهو الجالب للخير والسعادة في الدنيا، ومن أعظم أسباب شرح الصدر، وانجالء األحزان، وذهاب الهموم، ومن

أعظم األسباب التي تحفظ اإلنسان من المخاوف التي تجلب ضيق الصدر والهموم واألحزان، قال العالمة ابن القيم رحمه الله:

التوحيد من أقوى أسباب األمن من المخاوف، والشرك من أعظم أسباب حصول المخاوف، وقال رحمه الله: التوحيد يفتح للعبد باب

الخير، والفرح، وقال رحمه الله: أعظم أسباب شرح الصدر: التوحيد وعلى حسب كماله وقوته وزيادته يكون انشراح صدر

}أفمن شرح الله صدره لإلسالمصاحبه، قال الله عز وجل: }فمن يرد[ وقال تعالى 22 ]الزمر: فهو على نور من ربه{

الله أن يهديه يشرح صدره لإلسالم ومن يرد أن يضلهماء { عد في الس ا كأنما يص ا حرج# يجعل صدره ضيق#

[ فالهدى والتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر،125]األنعام: والشرك والضاللة من أعظم أسباب ضيق الصدر وانحراجه".

} سنلقيوقال العالمة ابن عثيمين في تفسير قول الله تعالى: عب بما أشركوا بالله ما لم في قلوب الذين كفروا الر

ل به سلطان#ا ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين{ ينز [: من فوائد اآلية الكريمة: إذا ثبت الرعب للكفار151]آل عمران:

بسبب إشراكهم ثبت األمن للمؤمنين بتوحيدهم، ويدل على هذا }الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئكقوله تعالى:

[ ... وكلما كان82 ]األنعام: لهم األمن وهم مهتدون{ اإلنسان أشد إيمانا بالله وتوحيدا له كان أشد أمنا واستقرارا، وهذا

شيء مRجرب.

العبد إذا علم أن الله عز وجل هو المدبر لجميع األمور، وأنه جلو جالله مالك الملك، يفعل في ملكه ما يشاء، له الربوبية على خلقه

فا وتدبيرا، ال معقب لحكمه، وال راد أجمعين، خلقا وملكا وتصر ألمره، ال مانع لما أعطى، وال مRعطى لما منع، ما شاء كان، وما لم

RقدرR على العباد ما يريد من نفع وضر، وأن يشاء لم يكن، وأنه ي العباد كلهم طوع تدبيره، ال خروج ألحد منهم عن نفوذ مشيئته

RسلمR أمره لربه، فينشرح صدره وشمول قدرته، عند ذاك فإنه يwww.alukah.net 12

وتذهب همومه وتنجلي أحزانه، قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: إن من أعظم األسباب لشرح الصدر وطرد الغم، بل هو أجل األسباب وأكبرها: قوة التوحيد، وتفويض األمر إلى الله تعالى، بأن يعتقد اعتقادا جازما ال شك فيه وال ريب أن الله عز وجل وحده

هو الذي يجلب النفع ويدفع الضر، وأنه تعالى ال راد لقضائه وال معقب لحكمه، عدل في قضائه، يعطي من يشاء بعدله، ويمنعR، وقال العالمة ابن ويبتلي من يشاء بعدله، وال يظلم ربك أحدا القيم رحمه الله: فمن علم أن الله على كل شيء قدير، وأنه

المتفرد باالختيار والتدبير، وأن تدبيره لعبده خير من تدبير العبد لنفسه، وأنه أعلم بمصلحة العبد من العبد، وأقدر على جلبها

وتحصيلها منه، وأنصح للعبد منه لنفسه، وأرحم به منه بنفسه، وأبر به منه بنفسه، وعلم مع ذلك أنه ال يستطيع أن يتقدم بين يدي

تدبيره خطوة واحدة، وال يتأخر عن تدبيره له خطوة واحدة، فال متقدم له بين يدي قضائه وقدره وال متأخر، فألقى نفسه بين يديه وسلم األمر كله إليه، وانطرح بين يديه انطراح عبد مملوك ضعيف

بين يدي ملك عزيز قاهر، له التصرف في عبده بما شاء، وليس للعبد التصرف فيه بوجه من الوجوه، فاستراح حينئذ من الهموم

والغموم واألنكاد والحسرات. توحيد الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، له أثر كبير فيو

انشراح الصدر وجالء األحزان وذهاب الهموم، فمن كثرت عليه المصائب فأمن بأسماء الله عز وجل الحسنى، وعرف ما دل عليه

االسم من معنى، وما يتعلق به من آثار عند ذاك سوف تنجلي أحزانه وتذهب همومه وينشرح صدره، قال العالمة ابن عثيمين

رحمه الله: فالحقيقة أن فالح اإلنسان وسعادته هو إيمانه وإقراره بأسماء الله تعالى وتعبده لله بها، وقال الشيخ عبدالرزاق بن

عبدالمحسن البدر: إن العلم بأسماء الله وصفاته علم مبارك، كثير العوائد، غزير الفوائد، ومتنوع الثمار واآلثار، ويتجلى لنا فضل هذا

العلم وعظيم نفعه من خالل أمور عديدة، أهمها ما يلي: ... سابعا: أن معرفة الله ومعرفة أسمائه وصفاته تجارة رابحة، ومن أربحاها

سكون النفس وطمأنينة القلب، وانشراح الصدر. فعلى العبد أن يكون محققا للتوحيد بأقسامه الثالثة، وعند ذاك

سيجد أن أحزنه وهمومه انجلت وذهبت. التوكل على الله

قال العالمة السعدي رحمه الله: متى اعتمد القلب الله، وتوكل عليه... ووثق بالله وطمع في فضله، اندفعت عنه بذلك الهموم

www.alukah.net 13

والغموم... وحصل للقلب من القوة واالنشراح والسرور ما ال }ومن يتوكل على الله فهويمكن التعبير عنه... قال تعالى:

[ أي كافيه جميع ما يهمه من أمر دينه3 ]الطالق: حسبه{ ودنياه... فالمتوكل على الله... يعلم.. أن الله قد تكفل لمن توكل

عليه بالكفاية التامة، فيثق بالله ويطمئن لوعده فيزول همه وقلقه،ويتبدل عسره يسرا، وترحه فرحا، وخوفه أمنا.

م2ح2ب2ة2 ا2ل2ل2ه2 ج2ل2 ج2ال2ل2ه2 من أقوى ما يطرد األحزان والهموم محبة الله جل جالله، قال العالمة ابن القيم رحمه الله: من أحب الله انكشفت عن قلبه

الهموم والغموم واألحزان، وعمر قلبه بالسرور واألفراح، وأقبلت إليه وفود التهاني والبشائر من كل جانب، فإنه ال حزن مع الله

}ال تحزنأبدا، ولهذا قال تعالى حكاية عن نبيه أنه قال لصاحبه: [ فدل على أنه ال حزن مع الله، وأن40 ]التوبة: إن الله معنا {

من كان الله معه فما له وللحزن، وقال رحمه الله: القلب خRلق لمعرفة فاطره، ومحبته، وتوحيده، والسرور به، واالبتهاج بحبه،

والرضي عنه، والتوكل عليه، والحب فيه، والبغض فيه، والمواالة فيه، والمعاداة فيه، ودوام ذكره، وأن يكون أحب إليه من كل ما سواه، وأرجى عنده من كل ما سواه، وأجل في قلبه من كل ما

سواه، وال نعيم، وال سرور، وال لذة، بل وال حياة إال بذلك، وهذا له بمنزلة الغذاء والصحة والحياة، فإذا فقده فقد غذاءه وصحته

وحياته، فالهموم والغموم واألحزان، مسارعة من كل صوب إليه، ورهن مقيم عليه... فعلم القلب ومعرفته بذلك توجب... له من

االبتهاج واللذة والسرور ما يدفع عنه ألم الكرب والهم والغم، وقال رحمه الله: اإلنابة إلى الله سبحانه وتعالى، ومحبته بكل

القلب، واإلقبال عليه، والتنعم بعبادته، فال شيء أشرحR لصدر العبد من ذلك.... وللمحبة تأثير عجيب في انشراح الصدر، وطيب

النفس، ونعيم القلب، ال يعرفه إال من له حس به، وكلما كانتالمحبة أقوى وأشد، كان الصدر أفسح وأشرح.

م2ت2ا2ب2ع2ة2 ا2ل2ر2س2و2ل2 ص2ل2ى2 ا2ل2ل2ه2 ع2ل2ي2ه2 و2س2ل2م2

متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم بمقابلة أوامره باالمتثال، ونواهيه باالنكفاف، وأخباره بالتصديق، من أهم سبل الشفاء من

الهموم واألحزان.

www.alukah.net 14

} ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنكقال الله عز وجل: وزرك * الذي أنقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك {

[ قال العالمة ابن القيم رحمه الله: شرح الله صدر4، 1]الشرح: رسوله أتم الشرح، ووضع عنه وزره كل الوضع، ورفع ذكره كل

الرفع، وجعل ألتباعه حظا من ذلك، إذ كل متبوع فألتباعه حظ ونصيب من حظ متبوعهم في الخير والشر، على حسب إتباعهم له، فأتبع الناس لرسوله صلى الله عليه وسلم، أشرحهم صدرا،

Rه، علما، وعمال، وأوضعهم وزرا، وأرفعهم ذكرا، وكلما قويت متابعت وحاال، وجهادا، قويت هذه الثالثة، حتى يصير صاحبها أشرح الناس صدرا، وقال رحمه الله: المقصود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكمل الخلق في كل صفة، يحصلR بها انشراح الصدر، واتساع القلب، وقRرةR العين، وحياة الروح، فهو أكمل الخلق في

ة العين، مع ما خRص به من الشرح هذا الشرح، والحياة، وقRر الحسي، وأكملR الخلق متابعة له، أكملهم انشراحا، ولذة، وقرة عين، وعلى حسب متابعته، ينالR العبد من انشراح صدره، وقRرة عينه، ولذة روحه ما ينال، فهو صلى الله عليه وسلم على ذروة الكمال من شرح الصدر... وألتباعه من ذلك بحسب نصيبهم من

.إتباعه" فالذين ال يتبعون الرسول صلى الله عليه وسلم لهم نصيب وافر

من الهموم واألحزان، فهم من أضيق الناس صدرا، وأظلمهم قلبا، وكلما بعدوا عن اإلتباع كلما زادت تلك الظلمة وذلك الضيق، ويأتي

على رأس هؤالء المبتدعة، الذين يشرعون في دين الله ما ليسمنه.

ا2ل2ر2ض2ا2 ب2ق2ض2ا2ء2 ا2ل2ل2ه2 و2ق2د2ر2ه2 اإلنسان في هذه الدنيا فال بد أن تأتيه ويحدث له أمور، ال يحبها

فينبغي للعبد أن يصبر ويرضى، بما قدر الله وقضى، قال الله عز [ قال علقمة11 ]التغابن: }ومن يؤمن بالله يهد قلبه{وجل:

RهR المRصيبةR، فيعلم أنها من عند الله، Rصيب رحمه الله: هو الرجل تم، وقال العالمة ابن عثيمين رحمه الله: من آمن Rسل فيرضى وي

Rسلم، فإذا علم أن بالله، علم أن التقدير من الله، فيرضي وي المصيبة من الله اطمأن القلب وارتاح، ولهذا كان من أكبر الراحة

والطمأنينة اإليمان بالقضاء والقدر".

www.alukah.net 15

وإن كان األمر يستوجب حزنا، فيكون حزنه بما يوافق الشرع، من دمع العين، وحزن القلب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

لما مات ابنه إبراهيم: )تدمع العين، ويحزن القلب، وال نقول إال مايرضي ربنا، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزنون( ]متفق عليه[.

وإن كان األمر الذي آلمه، بسبب فقد حبيب، فليعلم أن حبيبه انتقل إن كان من أهل السعادة، إلى دار خير من هذه الدار، قال

اإلمام ابن الجوزي رحمه الله: ما زالت على عادة الخلق في بلى األبدان الحزن على من يموت من األهل واألوالد، وال أتخايل إال

فأحزن لذلك، فمرت بي أحاديث قد كانت تمر بي وال أتفكر فيها، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: ) إنما نفس المؤمن طائر

تعلق في شجر الجنة حتى يرده الله عز وجل إلى جسده يوم يبعثه ( فرأيت أن الرحيل إلى الراحة، وأن هذا البدن ليس بشيء، ألنه

مركب تفكك وفسد، وسيبني جديدا يوم البعث فال ينبغي أن يتفكر في باله، ولتسكن النفس إلى أن األرواح انتقلت إلى راحة فال

يبقي كبير حزن، وأن اللقاء لألحباب عن قرب... وذكر تنعماألرواح.. فإن الفكر في تحقيق هذا يهون الحزن ويسهل األمر.

ا2إل2ي2م2ا2ن2 و2ا2ل2ع2م2ل2 ا2ل2ص2ا2ل2ح2 }من آمن بالله واليوم اآلخر وعملقال الله عز وجل:

ا فلهم أجرهم عند ربهم وال خوف عليهم وال هم صالح# [ اإليمان والعمل الصالح أكبر جالب62 ]البقرة: يحزنون{

اللسرور وطارد للهموم، قال الله عز وجل: }من عمل صالح# من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة# طيبة#

[97 ]النحل: ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون{ قال العالمة السعدي رحمه الله: أخبر تعالى ووعد، من جمع بين اإليمان والعمل الصالح، بالحياة الطيبة في هذه الدار، وبالجزاء

الحسن في هذه الدار، وفي دار القرار، وسبب ذلك واضح، فإن المؤمنين بالله اإليمان الصحيح، المثمر للعمل الصالح، المRصلح

للقلوب، واألخالق، والدنيا واآلخرة، معهم أصول وأسس يتلقون بها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور واالبتهاج، وأسباب القلق

والهم واألحزان... يتلقون المحاب والمسار بقبول لها، وشكر عليها، واستعمال لها فيما ينفع... ويتلقون المكارة والمضار والهم

والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومتهم، وتخفيف ما يمكنهمتخفيفه، والصبر الجميل لما ليس لهم عنه بد".

www.alukah.net 16

} فمن آمن وأصلح فال خوف عليهموقال الله جل جالله: [ قال العالمة ابن عثيمين رحمه48 ]األنعام: وال هم يحزنون{

أي أصلح العمل وإصالح العمل ال يتم إال} وأصلح {الله قوله: بأمرين: اإلخالص لله... المتابعة لرسول الله صلى الله عليه

وسلم... ومن جمع بين هذين الوصفين اإليمان واإلصالح فليبشرأنه ال خوف عليه وال حزن.

}بلى من أسلم وجهه لله وهو محسنقال الله عز وجل: فله أجره عند ربه وال خوف عليهم وال هم يحزنون{

[ قال ابن عثيمين رحمه الله: من فوائد اآلية: انتفاء112]البقرة: الخوف والحزن لمن تعبد الله سبحانه وتعالى بهذين الوصفين

وهما اإلخالص والمتابعة.

ا2ل2ص2ال2ة2 ب2خ2ش2و2ع2 و2ط2م2أ2ن2ي2ن2ة2الحاتقال الله عز وجل: }إن الذين آمنوا وعملوا الص

كاة لهم أجرهم عند ربهم وال الة وآتوا الز وأقاموا الص [ قال العالمة277 ]البقرة: خوف عليهم وال هم يحزنون{

ابن عثيمين رحمه الله: أي أتوا بها قويمة بشروطها، وأركانها، وواجباتها، ومكمالتها، وعطفها على العمل الصالح من باب عطفRص الخاص على العام، ألن إقامة الصالة من األعمال الصالحة، ون

عليها ألهميتها". وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى. ]أخرجه أبوداود[ قال اإلمام ابن األثير الجزري رحمه الله: أي إذا نزل به

مRهم أو أصابه غم". وكان صلى الله عليه وسلم يقول: )قRم يا بالل فأرحنا بالصالة ( ]أخرجه أبوداود[ قال العالمة ابن القيم رحمه الله: من عالمات

صحة القلب... أنه إذا دخل في الصالة ذهب عنه همه وغمه بالدنيا،ة عينه واشتد عليه خروجه منها ووجد فيها راحته ونعيمه وقRر وسرور قلبه، وقال: الصالة شأنها في تفريح القلب وتقويته

وشرحه وابتهاجه ولذته أكبر شأن، وقال: للصالة تأثير عجيب في Rعطيت حقها من التكميل ظاهرا دفع شرور الدنيا والسيما إذا أ

وباطنا، فما استدفعت شرور الدنيا واآلخرة، وال استجلبت مصالحهما بمثل الصالة، وسر ذلك أن الصالة صلة بالله عز وجل،

وعلى قدر صلة العبد بربه عز وجل تفتح عليه من الخيرات أبوابها،RفيضR عليه مواد التوفيق من وتقطع عنه من الشرور أسبابها، وت

www.alukah.net 17

ربه عز وجل، والعافية والصحة... والراحة والنعيم، واألفراح والمسرات... فالصالة من أكبر العون على تحصيل مصالح الدنيا واآلخرة، ودفع مفاسد الدنيا واآلخرة... وهي دافعة ألدواء القلب، ودافعة للغRمة، وقال رحمه الله: فال شيء أهم عليه من الصالة،

كأنه في سجن وضيق وغم، حتى تحضر الصالة، فيجد قلبه قدانفسح وانشرح واستراح".

ومن طالت أحزانه وكثرت همومه فليصلي، قال الله عز وجل:الة وإنها لكبيرة إال على بر والص } واستعينوا بالص

[ قال العالمة ابن عثيمين رحمه الله:45 ]البقرة: الخاشعين{من فوائد اآلية: أنه إذا طالت أحزانك فعليك بالصبر والصالة.

ك2ث2ر2ة2 ذ2ك2ر2 ا2ل2ل2ه2 ع2ز2 و2ج2ل2 كثرة ذكر الله، يجلو األحزان، ويذهب الهموم، ويزيل الغموم، قال العالمة ابن القيم رحمه الله: الذكر يزيل الهم، والغم عن القلب،Rقوي القلب، والبدن، ويجلب للقلب الفرح، والسرور، والبسط، وي

ق ما اجتمع عليه، من الهموم، والغموم، واألحزان، وما Rفر والذكر ي استجلبت نعم الله عز وجل، واستدفعت نقمه، بمثل ذكر الله

عم، دفاع للنقم، قال سبحانه: }إن اللهتعالى، فالذكر جالب للن [ وفي القراءة األخرى:38 ]الحج: يدافع عن الذين آمنوا {

فدفعRه ودفاعه عنهم، بحسب قوة إيمانهم} إن الله يدافع {Rه، بذكر الله تعالى، فمن كان أكمل وكماله، ومادة اإليمان وقRوت

إيمانا، وأكثر ذكرا، كان دفع الله تعالى عنه ودفاعه أعظم... وذكرRذهبR عن القلب مخاوفه كلها، وله تأثير عجيب في حصول الله ي

األمن، فليس للخائف الذي قد أشتد خوفه، أنفع من ذكر الله عز وجل، فإنه بحسب ذكره، يجد األمن ويزول خوفه، وقال رحمه

الله: ومن أسباب شرح الصدر: دوام ذكره على كل حال، وفي كل موطن، فللذكر تأثير عجيب، في انشراح الصدر، ونعيم القلب، وللغفلة تأثير عجيب، في ضيقه، وحبسه، وعذابه، وقال العالمة

السعدي رحمه الله: من أكبر األسباب النشراح الصدر، وطمأنينة القلب، اإلكثار من ذكر الله، فإن لذلك تأثيرا عجيبا، في انشراح

}الذينالصدر، وطمأنينته، وزوال همه، وغمه، قال الله عز وجل: آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله أال بذكر الله تطمئن

[: أي يزول قلقها، واضطرابها، وتحضر28 ]الرعد: القلوب{أفراحها ولذاتها.

www.alukah.net 18

www.alukah.net 19

ا2ل2ت2و2ب2ة2 م2ن2 ج2م2ي2ع2 ا2ل2ذ2ن2و2ب2 و2ا2ل2م2ع2ا2ص2ي2 الذنوب لها عقوبات عاجلة وآجلة، منها ما يصيب العبد من مصائب

وباليا، في نفسه، وولده، وأهله، وماله، ومنها الهموم واألحزان، فالتوبة من جميع الذنوب والمعاصي، من أهم أسباب ذهاب

الهموم، وانجالء األحزان، قال أحد السلف ما نزل بالء إال بذنب والرفع إال بتوبة.

والحمد لله باب التوبة مفتوح، والله الكريم يقبل توبة عبده مهما }قل يا عبادي الذينعظمت ذنوبه وكثرت، قال الله عز وجل:

أسرفوا على أنفسهم ال تقنطوا من رحمة الله إن اللهحيم{ [53 ]الزمر: يغفر الذنوب جميع#ا إنه هو الغفور الر

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: هذا عام في جميع الذنوب، منكفر، وشرك، وشك، ونفاق، وقتل، وفسق، وغير ذلك".

فمن أراد الشفاء من أحزانه وهمومه، فعليه بالتوبة النصوح من جميع الخطايا والذنوب، فالتوبة فيها راحة مما يقلق النفس، من

شعورها بالذنب، تجاه ما ترتكبه من معاصي، يقول الدكتور محمد عبد الفتاح المهدي الطبيب النفسي، نقال عن الدكتور محمد عثمان

نجاتي الطبيب النفسي: التوبة إلى سبحانه وتعالى.. تقوى في اإلنسان األمل في رضوان الله، فتخف حدة قلقه، ثم أن التوبة تدفع اإلنسان عادة إلى إصالح الذات وتقويمها حتى ال يقع مرة أخرى في األخطاء والمعاصي، ويساعد ذلك على زيادة تقدير

اإلنسان لنفسه... ورضائه عنها، ويؤدى ذلك إلى بث الشعور باألمن والطمأنينة في نفسه، ويقول نقال عن الدكتور مصطفى فهمي:

التوبة تفتح أمام اإلنسان... األمل.. وهذا األمل يجعله يشعر بالراحة النفسية، والنظر إلى الحياة نظرة مختلفة، يسودها

التفاؤل بعد أن كانت نظرته كلها تشاؤم وخوف ومرارة.

ا2ال2ع2ت2ص2ا2م2 ب2ا2ل2ل2ه2 م2ن2 ا2ل2ش2ي2ط2ا2ن2 ا2ل2ر2ج2ي2م2يطان لكم عدوالشيطان عدو لإلنسان، قال الله: }إن الش

، في إعالن6 ]فاطر: فاتخذوه عدوا{ [ فهو عدو ال يكل وال يمل حربه على اإلنسان، بوسائل وطرق متعددة، هادفا أن يكون

اإلنسان معه في اآلخرة في نار جهنم، وأن يكون إنسانا ضاال في دنياه، ومن مظاهر عداوته محبته إدخال الهموم واألحزان على اإلنسان، قال العالمة ابن القيم رحمه الله: ال شيء أحب إلى

الشيطان من حزن المؤمن، وقال العالمة ابن عثيمين رحمه الله:www.alukah.net 20

الشيطان حريص على إدخال القلق والحزن على اإلنسان بقدر ما يستطيع، وقال رحمه الله: الشيطان دائما يحب من بني آدم أن

} إنمايحزنوا ويغتموا وتضيق بهم األمور، قال الله عز وجل: يطان ليحزن الذين آمنوا { [10 ]المجادلة: النجوى من الش

يود أن يلقي الحزن والهم والغم على اإلنسان حتى ال ينشرحصدره، وال يطمئن له بال".

والشيطان كما يتسلط على اإلنسان في يقظته، فإنه يتسلط عليهRريهR أحالم مزعجة، مرعبة، إلخافته، وإحزانه، فعن في منامه، في

جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رجال جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت في المنام كأن رأسي قRطع! فضحك

النبي صلى الله عليه وسلم وقال: )إذا لعب الشيطان بأحدكم فيRحدث به الناس( ]أخرجه مسلم[ عن عوف بن مالكومنامه، فال ي

رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )الرؤيا ثالثة منها تهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم( ]أخرجه ابن

ماجه[. فليتنبه العبد لمداخل الشيطان عليه، وليعلم أن االسترسال مع

الوساوس، لها دور كبير في وجود األحزان، والهموم، فعليه عدمRعينه على ذلك كثرة ذكر الله، التي تطرد االستسالم لها، ي

الشياطين، فتذهب عند ذاك همومه، وتنجلي أحزانه.

ا2ل2ص2ب2ر2 و2ا2ن2ت2ظ2ا2ر2 ا2ل2ف2ر2ج2 الصبر مع الصالة من أعظم ما يعين العبد المؤمن على مواجهة ما

يصيبه من بالء، من أحزان وهموم وغيرها، قال الله عز وجلالة وإنها لكبيرة إال على بر والص } واستعينوا بالص

}يا أيها الذين[ وقال الله عز وجل: 45 ]البقرة: الخاشعين {ابرين{ الة إن الله مع الص بر والص آمنوا استعينوا بالص

[ قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: بين تعالى أن153]البقرة: أجود ما يستعان به على تحمل المصائب الصبر والصالة".

فال بد من الصبر، فنبي الله يعقوب عليه السالم فقد ابنه نبي الله يوسف، حيث كاد له أخوته وألقوه صغيرا في البئر، فصبر وانتظر

[ والصبر الجميل83 ]يوسف: }فصبر جميل{فرج الله، وقال: هو الصبر الذي ال شكوى فيه، وقد اختلف المفسرون في المدة

التي قضاها نبي يعقوب عليه السالم صابرا منتظرا فرج اللهفأوصلها بعضهم لثمانين سنة.

www.alukah.net 21

ونبي الله أيوب عليه السالم غاية في الصبر، وبه يضرب المثل، فقد ابتلي في ماله، وولده، وجسده، ولم يبق منه سليم سوى

}إنا وجدناهقلبه، ولسانه، فصبر، قال الله عز وجل عنه: ا نعم العبد إنه أواب{ [ وقد قيل أنه استمر44 ]ص: صابر#

صابرا على البالء الذي أصابه نحو من ثماني عشرة سنة، حتى أتاه }ووهبنا له أهلهالفرج من أرحم الراحمين، قال الله عز وجل:

[43 ]ص: ومثلهم معهم رحمة# منا وذكرى ألولي األلباب{ }وذكرى ألولي األلباب{قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:

[: أي لذوي العقول ليعلموا أن عاقبة الصبر الفرج43]ص: والمخرج والراحة.

قال اإلمام ابن الجوزي رحمه الله: للباليا نهايات معلومة عند الله عز وجل، فال بد للمبتلى من الصبر، إلى أن ينقضي أوان البالء،

فإن تقلقل قبل الوقت، لم ينفع التقلقل، فاستعجال زوال البالء معتقدير مدته ال ينفع... فللباليا أوقات ثم تنصرم".

ا2ح2ت2س2ا2ب2 ا2أل2ج2ر2 من رحمة رب العالمين بعباده المؤمنين أنه جل جالله يبتليهم

ليكون ذلك البالء خيرا لهم، وليس ذلك ألحد غيرهم، فعن صRهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )عجبا

ألمر المؤمن، إن أمرهR كلهR لهR خير، وليس ذلك ألحد إال للمؤمن، إن أصابتهR سراءR شكر فكان خيرا له، وإن أصابتهR ضراءR صبر فكان

خيرا له( ]أخرجه مسلم[. فإذا ابتلي المسلم بالهموم واألحزان فليحتسب األجر فيها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه

، وال حزن، RصيبR المسلم من نصب، وال وصب، وال هم وسلم: ) ما يRشاكها، إال كفر الله بها من خطاياه ( ، حتى الشوكة ي وأذى، وال غم

]متفق عليه[ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: الكفارة صيغة مبالغة من التكفير، وأصله التغطية الستر، والمعنى هنا أن ذنوب

المؤمن تتغطى بما يقع له من ألم المرض. وقد سأل أبو بكر الصديق رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا لنجازي بكل سوء نعمله ؟

فقال صلى الله عليه وسلم: ) يرحمك الله يا أبا بكر ألست تنصب ؟ ألست تحزن ؟ ألست تصيبك الألواء ؟ فهذا ما تجزون به(

]أخرجه أحمد[.

www.alukah.net 22

وعن أبي بردة رضي الله عنه قال دخلت على معاوية فقال:Rسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ) ما من أذى يصيب

المؤمن في جسده إال كان كفارة لخطاياه( ]أخرجه أحمد[. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم

قال: )ال يزال البالء بالمؤمن في نفسه وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة( ]أخرجه الحاكم[ قال العالمة ابن عثيمين

رحمه الله: الواجب على اإلنسان عند المصائب أن يصبر على ما أصابه، ويعلم أن هذه المصيبة إنما كانت ألعمال سيئة يريد الله

سبحانه وتعالى بهذه المصيبة أن يكفر عنه.

ت2ق2و2ى2 ا2ل2ل2ه2 ع2ز2 و2ج2ل2 تقوى الله من أكبر أسباب تفريج الكروب، من هم، وغم، وحزن،

اونحوها، قال الله عز وجل: } ومن يتق الله يجعل له مخرج# [ قال الحافظ3، 2 ]الطالق: * ويرزقه من حيث ال يحتسب {

ابن كثير رحمه الله: قال: ابن مسعود: إن أكبر آية في القرآنا {فرجا: وعن ابن عباس} ومن يتق الله يجعل له مخرج#

ينجيه من كل كرب في الدنيا واآلخرة. } ومن يتق الله يجعل له منوقال الله سبحانه وتعالى:

ا{ [ قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أي4 ]الطالق: أمره يسر#يسهل له أمره وييسره عليه ويجعل فرجا قريبا ومخرجا عاجال.

}فمن اتقى وأصلح فال خوف عليهم والوقال الله عز وجل [ فمن اتقى ما حرم من الشرك35 ]األعراف: هم يحزنون{

األكبر واألصغر، والذنوب كبيرها وصغيرها، وأصلح أعماله الظاهرة والباطنة، انتفى عنه الخوف والحزن، وذهبت همومه وغمومه،

وحصلت له السعادة والفرح والسرور. قال اإلمام ابن الجوزي رحمه الله: الغالب أنه ال ينزل به شدة إال إذا انحرف عن جادة التقوى، فإما المالزم لطريق التقوى فال آفة

تطرقه، وال بلية تنزل به، هذا هو األغلب، فإن وجد من تطرقه الباليا مع التقوى، فذاك في األغلب لتقدم ذنب يجازي عليه، وقال رحمه الله: ضاق بي أمر أوجب غما الزما دائما، وأخذت أبالغ في

الفكر في الخالص من هذه الهموم، بكل حيلة وبكل وجه، فما }ومن يتق اللهرأيت طريقا للخالص فعرضت لي هذه اآلية:

ا { [ فعلمت أن التقوى سبب2 ]الطالق: يجعل له مخرج#

www.alukah.net 23

للمخرج من كل غم فما كان إال أن هممت بتحقيق التقوى فوجدتالمخرج.

ا2ل2د2ع2ا2ء2 ب2ت2ض2ر2ع2 و2إ2ل2ح2ا2ح2 الدعاء من أنفع األدوية لدفع األحزان والهموم قبل وقوعها، فعن أنس رضي الله عنه قال: كنتR أخدم النبي صلى الله عليه وسلم

: ) اللهم إني أعوذ بك من الهم Rيكثر أن يقول Rأسمعه Rفكنت Rخل والجRبن، وضلع الدين، وغلبة والحزن، والعجز والكسل، والب

الرجال ( ]متفق عليه[. والدعاء من أنفع األدوية اإليمانية لزوال الهموم وذهاب األحزان

بعد وقوعها، فاإلنسان عندما يبث همومه وأحزانه لعبد مثله يحس براحة وهدوء نفسي، مع أن المبثوث له عبد مثله، ال يملك شيئا، فكيف بمن يلجأ إلى مالك السموات واألرض جل جالله، من بيده

مفاتيح الشفاء والفرج، ال شك أنه سوف سيجد كل خير، وستزول }وذا النون إذ ذهبهمومه، وتذهب أحزانه، قال الله عز وجل:

مغاضب#ا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن (87ال إله إال أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )

يناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين{ فاستجبنا له ونج [ قال اإلمام الشنقيطي رحمه الله: وقوله تعالى88، 87]األنبياء:

]األنبياء:}وكذلك ننجي المؤمنين{في هذه اآلية الكريمة: [ يدل على أنه ما مؤمن يصيبه الكرب والغم فيبتهل إلى الله88

داعيا بإخالص، إال نجاه الله من ذلك الغم، وال سيما إذا دعا بدعاء يونس هذا، وقد جاء في حديث مرفوع عن سعد بن أبي وقاص

رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دعاء يونس المذكور: ) لم يدع به مسلم ربه في شيء قط إال استجاب له (

رواه أحمد والترمذي وابن أبي حاتم وغيرهم، واآلية الكريمةشاهدة لهذا الحديث شهادة قوية".

المحزون ينبغي له بث همومه لخالق الخلق، كما فعل يعقوب عليه }قال إنما أشكو بثي وحزني إلى السالم، قال الله عز وجل:

[ قال اإلمام86 ]يوسف: الله وأعلم من الله ما ال تعلمون {ابن جرير الطبري رحمه الله: ما أشكو همي وحزني إال إلى الله". ومن وفقه الله لقيام الليل، والناس نيام، فصلى ما تيسر له، ودعا ربه متضرعا خائفا وجال، فحري أن تذهب همومه وأحزانه، فالحزن يزول بسجدة والفرح يأتي بدعوة، يذكر الشيخ عبدالله العنزي في

www.alukah.net 24

كتابه " أفزع إلى الصالة " قصة خال الشيخ عبدالعزيز العقل، وكان رجال صالحا يقول عن نفسه: كنتR منذ أن ولدت أعمى،

دميما، قصيرا، فقيرا، ووالدي فقير، وأمي فقيرة، كنت مشتاقا للزواج، فجئت إلى والدي، وقلت: إني أريد الزواج، فضحك، وقال:

هل أنت مجنون ؟ من الذي سيزوجك ؟ أنت أعمى ونحن فقراء، والحقيقة أن والدي ضربني بكلماته، فذهبت إلى والدتي أشكو لها الحال، وكدت أبكى عند والدتي، فإذا بها مثل األب، وفي ليلة من الليالي قلت لنفسي: عجبا لي أين أنا من ربي أرحم الراحمين ؟ أنكسر أمام أمي وأبي، وهم عجزة، ال يستطيعون شيئا، وال أقرع باب إلهي، القادر، المقتدر، فصليت في آخر الليل، ورفعت يدي إلى الله عز وجل، فقلت: إلهي وسيدي وموالي.. ال إله إال أنت،

تعلم ما في نفسي من وازع إلى الزواج وليس لي حيلة وال سبيل... اعتذر أبي لعجزه، وأمي لعجزها، اللهم أنهم عاجزون، وأنا أعذرهم لعجزهم، وأنت الكريم الذي ال تعجز.. يا أكرم من دعي..

يا أرحم الراحمين قيض لي زواجا مباركا، صالحا، طيبا، عاجال، تريح به قلبي، وتجمع به شملي، كنت أدعو وعيناي تبكيان، وقلبي منكسر بين يدي الله عز وجل، وقد كنت مبكرا بالقيام، وبعد

الصالة والدعاء، نعست فرأيت في المنام أنني في مكان حار كأنه لهب نار، وبعد قليل إذا بخيمة نزلت علي من السماء خيمة ال نظير

في جمالها وحسنها حتى نزلت فوقي وغطتني... فاستيقظت وأنا مسرور من الرؤيا، فسألت معبر للرؤيا عنها، فقال: أذهب وانظر أطيب بنت في خاطرك، واخطبها فإن الباب مفتوح لك.. ففكرت في فالنة وهي معروفة بالجمال وطيب األصل، فخطبتها، فوافقوا

وتزوجتها.

ق2ر2ا2ء2ة2 ا2ل2ق2ر2ا2ن2 و2س2م2ا2ع2ه2 ب2ت2د2ب2ر2 و2ق2ب2و2ل2ل منالقرآن شفاء من كل داء، قال الله عز وجل: } وننز [ وقال82 ]اإلسراء: القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين{

لتعز وجل: } ولو جعلناه قرآن#ا أعجميا لقالوا لوال فص آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هد#ى وشفاء{

[ قال العالمة ابن القيم رحمه الله: فلم ينزل الله44]فصلت: سبحانه من السماء شفاء قط أعم وال أنفع وال أعظم وال أنجع في

إزالة الداء من القرآن... فتبارك من جعل كالمه شفاء لصدور

www.alukah.net 25

المؤمنين، وحياة لقلوبهم، ونورا لبصائرهم، وغذاء لقلوبهم، ودواءلسقامهم".

القرآن من أعظم أسباب ذهاب الهم الحزن فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )ما أصاب عبدا هم وال حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسالك بكل

اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور بصري، وجالء حRزني، وذهاب همي، إال أذهب الله

همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا وسرورا(]أخرجه أحمد[ قال ابنRضادR حياة القلب القيم رحمه الله: لما كان الحRزنR والهم والغم ي

واستنارته، سأل أن يكون ذهابها بالقرآن فإنها أحرى أن ال تعود، وأما إن ذهبت بغير القرآن من صحة أو دنيا أو جاه أو زوجة أو ولد،

فإنها تعود بذهاب ذلك، وقال: كتاب الله هو الشفاء النافع، وهو أعظم الشفاء... فعلى العبد أن يرتع قلبه في رياض القرآن وأن يتعزى به عن كل مRصيبة، ويستشفي به من أدواء صدره، فيكون

جالء حزنه وشفاء همه وغمه، وقال: سورة الفاتحة... الشفاء التام والدواء النافع والرقية التامة. ودافعة الهم والغم والخوف والحزن

لمن عرف مقدارها وأعطاها حقها وأحسن تنزيلها على دائهوعرف وجه االستشفاء والتداوي بها.

م2ال2ز2م2ة2 ا2ال2س2ت2غ2ف2ا2ر2 عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال: )من لزم االستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث ال يحتسب( ]أخرجه أبو داود[ فمن لزم االستغفار، زالت همومه، وانجلت أحزانه، وجعل الله مخرجا مما أصابه، من ضيق صدر، قال اإلمام الشوكاني رحمه الله: في

الحديث فضيلة عظيمة، وهي أن االستكثار من االستغفار، فيه، وحصول األرزاق، من المخرج من كل ضيق، والفرج من كل هم حيث ال يحتسب، فمن حصل له ذلك، عاش في نعمة سالما من

كل نقمة، وقال اإلمام السهارنفوري رحمه الله: ) من كل ضيق ( أي شدة ومحنة، ) فرجا ( أي خالصا، وقال اإلمام محمد أشرفRخرجR إلى العظيم آبادي رحمه الله: ) مخرجا ( أي طريقا وسببا ي

www.alukah.net 26

سعة ومنحة، وقال العالمة ابن عثيمين رحمه الله: اإلنسان إذا لزمRل ضيق مخرجا. Rل هم فرجا، ومن ك االستغفار، جعل الله من ك

www.alukah.net 27

ر2ؤ2ي2ة2 ن2ع2م2 ا2ل2ل2ه2 ا2ل2ظ2ا2ه2ر2ة2 و2ا2ل2ب2ا2ط2ن2ة2 قال العالمة السعدي رحمه الله: التحدث بنعم الله الظاهرة،

والباطنة... يدفع الله به الهم، والغم، ويحث العبد على الشكر، الذي هو أرفع المراتب، وأعالها، حتى ولو كان العبد في حالة فقر،

أو مرض، أو غيرهما، من أنواع الباليا، فإنه إذا قابل بين نعم الله عليه، التي ال يحصى لها عد، وال حساب، وبين ما أصابه من

مكروه، لم يكن للمكروه إلى النعم نسبة.... وكلما طال تأمل العبد بنعم الله الظاهرة والباطنة، الدنية والدنيوية، رأى ربه قد أعطاه

خيرا كثيرا، ودفع عنه شرورا متعددة، وال شك أن هذا يدفع الهموموالغموم، ويوجب الفرح والسرور.

ا2إل2ك2ث2ا2ر2 م2ن2 ا2ل2ص2ال2ة2 ع2ل2ى2 ر2س2و2ل2 ا2ل2ل2ه2 ص2ل2ى2 ا2ل2ل2ه2 ع2ل2ي2ه2و2س2ل2م2

Rبي بن كعب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إني أكثر عن أ الصالة عليك فكم أجعل لك من صالتي ؟ قال: )ما شئت( قلت: الربع ؟ قال: )ما شئت، فإن زدت فهو خير لك( قلت: النصف ؟

: فالثلثين ؟ قال: )ما Rقال: )ما شئت، وإن زدت فهو خير لك( قلت Rلها ؟ : أجعلR لك صالتي ك RلتRشئت، فإن زدت فهو خير لك ؟( ق RغفرR لك ذنبك( ]أخرجه الترمذي[ قال Rكفى همك، وي قال: )إ ذا ت

العالمة ابن القيم رحمه الله: من الفوائد والثمرات الحاصلة بالصالة عليه صلى الله عليه وسلم أنها سبب لكفاية الله العبد ما أهمه، وقال اإلمام الشوكاني رحمه الله: قوله: جعلتR لك صالتي كلها، المراد بالصالة هنا الدعاء، ومن جملته الصالة على رسول

الله صلى الله عليه وسلم، وليس المرد الصالة ذات األذكار واألركان، وقوله: ) إذن تكفى همك، ويغفر ذنبك ( في هذين

الخصلتين جماع خير الدنيا واآلخرة، فإن من كفاه الله همه سلم من محن الدنيا وعوارضها، ألن كل محنة ال بد لها من تأثير الهم،

وإن كانت يسيرة.

أ2ك2ل2 ا2ل2ت2ل2ب2ي2ن2ة2Rالتلبينة يخفف الحزن، فعن عائشة رضي الله أنها كانت تأمر Rأكل بالتلبينة للمريض، وللمحزون على الهالك، وتقول أن النبي صلى

Rالله عليه وسلم يقول: ) إن التلبينة تجم فؤاد المريض، وتذهب ببعض الحزن ( ]أخرجه البخاري[ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

www.alukah.net 28

:) التلبينة حساء يعمل من دقيق أو نخاله ويجعل فيه عسل، ) تجمRزيلR عنه الهم، وتنشطه". المعنى أنها تريح فؤاده، وت

وقد ذكر أحد الرقاة أنه نصح بها كثيرا من المحزونين والمكتئبين والمهمومين، وأن غالب الحاالت بفضل الله تم شفاؤها، خاصة إذا

كانت الحالة في بداية الحزن. ط2ل2ب2 ا2ل2ع2ل2م2 ا2ل2م2و2ر2ث2 ع2ن2 ا2ل2ن2ب2ي2 ص2ل2ى2 ا2ل2ل2ه2 ع2ل2ي2ه2 و2س2ل2م2

قال العالمة ابن القيم رحمه الله: العلم.. يشرح الصدر، ويوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا، والجهل يورثه الضيق والحصر

والحبس، فكلما اتسع علم العبد، انشرح صدره واتسع، وليس هذا لكل علم، بل للعلم المورث عن الرسول صلى الله عليه وسلم،

وهو العلم النافع، فأهله أشرحR الناس صدرا، وأوسعهم قلوبا،وأحسنهم أخالقا، وأطيبهم عيشا.

م2ج2ا2ل2س2ة2 ا2ل2ص2ا2ل2ح2ي2ن2 و2ا2ال2ب2ت2ع2ا2د2 ع2ن2 ا2ل2و2ح2د2ة2 مما يخفف الهموم، ويذهبها، ويجلو األحزان، ويطردها، مجالسة أهل العلم والخير، وسماع نصائحهم، وتوجيهاتهم، وعلى رأسهم

العلماء، وطلبة العلم، فكم من هم أزالوه، قال يعقوب بن بختان:ما ولد لي ابنة، دخلتR على أحمد بن ولد لي سبع بنات، فكنتR كل

RهR RذهبR قول حنبل فيقول لي: يا أبا يوسف، األنبياء آباء بنات، فكان يهمي.

ومات ولد لرجل من السلف، فعزاه الناس، وهو في حزن شديد، فجاءه الفضيل بن عياض رحمه الله فقال له: يا هذا أرأيت لو كنت

وابنك في سجن، فأفرج عن ابنك قبلك، أما كنت تفرح ؟ قال: بلى، فقال الفضيل: فإن ابنك خرج من سجن الدنيا قبلك، فسري

عن الرجل وقال: تعزيت" قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: االجتماع بالجلساء الصالحين واالستئناس بسماع حديثهم واالستفادة من ثمرات

كالمهم وتوجيهاتهم، فالجلوس مع هؤالء مرضاة للرحمن، مسخطة للشيطان، فالزم جلوسهم ومجالسهم، واطلب مناصحتهم ترى في صدرك انشراحا وبهجة، ثم إياك والوحدة.. ال جليس لك وال أنيس،

خاصة عند اشتداد األمور عليك، فإن الشيطان يزيد العبد وهناوضعفا إذا كان وحيدا.

ا2إل2ح2س2ا2ن2 إ2ل2ى2 ا2ل2ن2ا2س2 ب2ا2ل2ص2د2ق2ا2ت2 و2ت2ف2ر2ي2ج2 ا2ل2ك2ر2و2ب2

www.alukah.net 29

اقال عز وجل: }الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سر وعالنية# فلهم أجرهم عند ربهم وال خوف عليهم وال هم

} الذين ينفقون[ وقال عز وجل 274 ]البقرة: يحزنون{ أموالهم في سبيل الله ثم ال يتبعون ما أنفقوا منا وال

أذ#ى لهم أجرهم عند ربهم وال خوف عليهم وال هم [ قال ابن عثيمين رحمه الله: اإلنفاق262 ]البقرة: يحزنون{

} واليكون سببا لشرح الصدر، وطرد الهم والغم لقوله تعالى: وهذا أمر مجرب مشاهد أنخوف عليهم وال هم يحزنون {

اإلنسان إذا أنفق يبتغي بها وجه الله انشرح صدره، وسرت نفسه، واطمأن قلب، قال ابن القيم رحمه الله: المتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه وانفسح بها صدره وقوي فرحه وعظم

سروره، وقال رحمه الله: من أسباب شرح الصدر اإلحسان إلى الخلق ونفعهم بما يمكن من المال فإن الكريم المحسن أشرح

الناس صدرا وأطيبهم نفسا وأنعمهم قلبا والبخيل... أضيق الناس صدرا، وأنكدهم عيشا، وأعظمهم هما، وغما، وقال السعدي رحمه

الله: من األسباب التي تزيل الهم والغم والقلق، اإلحسان إلى الخلق بالقول والفعل، وأنواع المعروف... وبها يدفعR الله عن البر والفاجر الهموم والغموم بحسبها، ولكن للمؤمن منها أكمل الحظ والنصيب، ويتميز بأن إحسانه صادر عن إخالص، واحتساب لثوابه، فيهون الله عليه بذل المعروف، لما يرجوه من الخير، ويدفعR عنه

}ال خير في كثيرالمكارة، بإخالصه واحتسابه، قال الله تعالى: من نجواهم إال من أمر بصدقة أو معروف أو إصالح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه

ا عظيم#ا{ [ فأخبر تعالى أن هذه األمور كلها114 ]النساء: أجر# خير ممن صدرت عنه والخير يجلب الخير ويدفع الشر وأن المؤمن

المحتسب يؤتيه الله أجرا عظيما ومن جملة األجر العظيم زوالالهم والغم واألكدار ونحوها.

ت2ر2ك2 ف2ض2و2ل2 ا2ل2ن2ظ2ر2 و2ا2ل2ك2ال2م2 و2ا2ل2م2خ2ا2ل2ط2ة2 قال العالمة ابن القيم رحمه الله: فضول النظر والكالم واالستماع والمخالطة، واألكل، والنوم، هذه الفضول تستحيل آالما، وغموما،

قهR، ويتعذب بها، بل وهموما في القلب، تحصره وتحبسه، وتضي غالب عذاب الدنيا واآلخرة منها، فال إله إال الله، ما أضيق صدر من

www.alukah.net 30

ضرب في كل آفة من هذه اآلفات بسهم، وما أنكد عيشه، وماأسوأ حاله.

ص2ي2ا2م2 ا2ل2ن2ا2ف2ل2ة2 كثرة الصيام نفال يجلو األحزان ويذهب الهموم، قال العالمة ابن

القيم رحمه الله: الصوم جنة من أدواء الروح والقلب والبدن، منافعه تفوت اإلحصاء، وله تأثير عجيب في حفظ الصحة... وفيه

خاصية تقتضي إيثاره، وهي تفريحه للقلب عاجال وآجال.

ا2ل2ع2م2ل2 و2ت2ر2ك2 ا2ل2ب2ط2ا2ل2ة2 و2ا2ل2ك2س2ل2 الكسل جالب للهموم والغموم، قال العالمة ابن القيم رحمه الله:

ولهذا تجد الكRسالى أكثر الناس هما وغما وحزنا، ليس لهم فرح وال سرور، بخالف أرباب النشاط، والجد في العمل، وقال العالمة السعدي رحمه الله: ومن أسباب دفع القلق الناشئ عن توتر

األعصاب، واشغال القلب ببعض المكدرات: االشتغال بعمل من األعمال، أو علم من العلوم النافعة، فإنها تلهي القلب عن اشتغاله

بذلك األمر، الذي أقلقه، وربما نسي بسبب ذلك األسباب التي أوجبت له الهم، والغم، ففرحت نفسه، وازداد نشاطه.. فكم من

إنسان ابتلي بالقلق، ومالزمة األكدار، فحلت به األمراض المتنوعة، فصار دواؤه الناجع: نسيان السبب الذي كدره، وأقلقه، واشتغاله بعمل من مهماته، وينبغي أن يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنس به النفس، وتشتاقه، فإن هذا أدعى لحصول هذا المقصود

النافع، والله أعلم.

إ2خ2ر2ا2ج2 د2غ2ل2 ا2ل2ق2ل2ب2 م2ن2 ا2ل2ص2ف2ا2ت2 ا2ل2م2ذ2م2و2م2ة2 من أراد جالء أحزانه وذهاب همومه فليتخلص من آفاته القلبية قال

العالمة ابن القيم رحمه الله: من أسباب شرح الصدر... بل من أعظمها إخراج دغل القلب من الصفات المذمومة التي توجب

Rرء، فإن اإلنسان إذا أتى ضيقه وعذابه، وتحول بينه وبين البRخرج تلك األوصاف المذمومة من األسباب التي تشرح صدره، ولم ي

قلبه، لم يحظ من انشراح صدره بطائل، وغايته أن يكون لهمادتان تعتوران على قلبه، وهو للمادة الغالبة عليه منهما.

ا2ل2ج2ه2ا2د2 ف2ي2 س2ب2ي2ل2 ا2ل2ل2ه2www.alukah.net 31

عليه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله الله صلى ( :Rيذهب الجنة، أبواب من باب فإنه الله، سبيل في بالجهاد عليكم وسلم ] [ ) ابن العالمة قال األوسط في الطبراني أخرجه والغم ، الهم به الله

الله رحمه ، ويدفعالقيم Rزيل الهم : فلو لم يكن في النضال إال أنه يب ذلك أهله، الغم عن القلب، لكان ذلك كافيا في فضله، وقد جر

وقال رحمه الله: تأثير الجهاد في دفع الهم والغم أمر معلوم بالوجدان، فإن النفس متى تركت صائل الباطل وصولته

واستيالءه، اشتد همها وغمها وكربها وخوفها، فإذا جاهدته لله أبدل الله ذلك الهم والحRزن فرحا ونشاطا وقوة ،كما قال الله تعالى:

}قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين * ويذهب غيظ قلوبهم{

[ فال شيء أذهب لجوى القلب وغمه وهمه وحزنه15، 14]التوبة: من الجهاد.

www.alukah.net 32

# فإن أولياء الله ال خوف عليهم وال هم يحزنون، قال اللهوختاما }أال إن أولياء الله ال خوف عليهم وال همعز وجل:

[63، 62 ]يونس: ( الذين آمنوا وكانوا يتقون{62يحزنون ) وأولياء الله المؤمنون المتقون، الذين جمعوا بين اإليمان بالله،

وتقواه، واستقاموا على طاعة الله، وداموا على ذلك طيلة حياتهم، }إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقامواقال سبحانه وتعالى:

[ وهؤالء ال13 ]األحقاف: فال خوف عليهم وال هم يحزنون{ } فمن تبعخوف عليهم في الدنيا، قال الله سبحانه وتعالى:

[ قال38 ]البقرة: هداي فال خوف عليهم وال هم يحزنون{ اإلمام البغوي رحمه الله: قيل: ال خوف عليهم في الدنيا، وال هم

يحزنون في اآلخرة. وهؤالء تتنزل عليهم المالئكة، عند الموت، وغيره، أال يخافوا، وال

}إن الذين قالوا ربنا اللهيحزنوا، قال الله سبحانه وتعالى: ل عليهم المالئكة أال تخافوا وال تحزنوا ثم استقاموا تتنز

[ قال30]فصلت: وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون{ العالمة ابن عثيمين رحمه الله: الظاهر أن المالئكة تتنزلR عليهم

Rلما دعت الحالR إلى النزول، عند الموت، وعند الخوف، وعند كالمعارك، وفي كل حال تقتضي أن تنزل عليهم المالئكة عليهم. وهؤالء ال يشعرون بخوف أو حزن يوم القيامة، قال الله سبحانه

}يا عباد ال خوف عليكم اليوم وال أنتم تحزنون{وتعالى: [ قال العالمة السعدي رحمه الله: الله تعالى يناديهم68]الزخرف:

يوم القيامة، بما يسر قلوبهم، ويذهب عنهم كل آفة وشر" وهؤالء إذا رحمهم الله وأدخلهم الجنة، فإنهم ال يشعرون فيها

الذي بخوف وال بحزن، قال الله جل جالله: لله الحمد وقالواالحزن عنا [ قال العالمة ابن القيم رحمه34 ]فاطر: {أذهب

الله: قد نفي الله سبحانه عن أهل الجنة الخوف والحزن، فال يحزنون على ما مضي، وال يخافون مما يأتي، وال يطيبR العيش إال

بذلك"اللهم اجعلنا من أوليائك، الذين ال خوف عليهم، وال هم يحزنون.

كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

www.alukah.net 33

المحتويات3.........................................................المقدمة

8.........................................آثار الهموم واألحزان اختالف الناس في األدوية المستخدمة لعالج همومهم

9........................................................وأحزانهم12.................األدوية اإليمانية لعالج الهموم واألحزان

28..........................................................وختاما#

www.alukah.net 34