117

المعذَّبون في الأرض - kotobati

  • Upload
    others

  • View
    6

  • Download
    1

Embed Size (px)

Citation preview

الأرض في بون المعذ

الأرض في بون المعذ

تأليفحسين طه

الأرض في المعذبونحسين طه

٢٣٧٤٩ / ٢٠١٣ إيداع رقم٩٧٨ ٩٧٧ ٧١٩ ٦٣٧ ٦ تدمك:

والثقافة للتعليم هنداوي مؤسسةوالثقافة للتعليم هنداوي مؤسسة للناشر محفوظة الحقوق جميع

٢٦ / ٨ / ٢٠١٢ بتاريخ ٨٨٦٢ برقم المشهرة

وأفكاره المؤلف آراء عن مسئولة غير والثقافة للتعليم هنداوي مؤسسة إنمؤلفه آراء عن الكتاب يعبر وإنما

القاهرة ،١١٤٧١ نصر مدينة السفارات، حي الفتح، عمارات ٥٤العربية مصر جمهورية

+ ٢٠٢ ٣٥٣٦٥٨٥٣ فاكس: + ٢٠٢ ٢٢٧٠٦٣٥٢ تليفون:[email protected] الإلكتروني: البريد

http://www.hindawi.org الإلكتروني: الموقع

سالم. إيهاب الغلاف: تصميم

أو تصويرية وسيلة بأية الكتاب هذا من جزء أي استعمال أو نسخ يمنععلى والتسجيل الفوتوغرافي التصوير ذلك ويشمل ميكانيكية، أو إلكترونيةذلك في بما أخرى، نشر وسيلة أية استخدام أو مضغوطة أقراص أو أشرطة

الناشر. من خطي إذن دون واسترجاعها، المعلومات حفظ

Cover Artwork and Design Copyright © 2014 HindawiFoundation for Education and Culture.Copyright © Taha Hussein 1950.All rights reserved.

المحتويات

7 مقدمة13 صالح -١29 قاسم -٢41 خديجة -٣51 المعتزلة -٤63 رفيق -٥73 صفاء -٦89 خطر -٧93 تضامن -٨99 الغنى ثقل -٩105 سخاء -١٠111 المريضة مصر -١١

مقدمة

العدل، إلى الشوق يحرقهم الذين إلىالعدل، من الخوف يؤرقهم الذين وإلى

جميعا، وهؤلاء أولئك إلىالحديث. هذا أسوق

ينفقون، لا ما يجدون الذين إلىينفقون، ما يجدون لا الذين وإلى

الحديث. هذا يساق

هذين من أدق الماضي العهد من الأخيرة الأعوام أثناء مصر في الحياة لتصوير أجد لاالأعوام تلك في المصريون كان فقد الكتاب؛ هذا تناول من كل يقرؤهما اللذين الإهدائينإلى شوقا تتحرق التي البائسة الكثيرة الكثرة يصور أحدهما فريقين، البعيدة القريبةر يصو والآخر النهار، وأطراف الليل آناء من ذلك بين وفيما وممسية، مصبحة العدلحين العدل من وتفزع النهار، ضوء تستقبل حين العدل من تشفق التي القليلة القلةمن رزق وفي نفسه، رزق في ينفق ما يجد لا ذاك الكثرة فريق وكان الليل، ظلمة تجنهاعياله يجد بما نكرا وأعظمه الشقاء أشد ويشقى الحرمان، من يجد بما فيشقى يعول،ما أدنى إلى قصيرة يده وكانت البصر، يبلغ ما أبعد إلى بصيرة عينه كانت الحرمان؛ منبنيه نفوس إليها وتتوق نفسه، إليها فتتوق يديه بين الطيبات يرى كان القصر، يكونإلى ت شد كأنها أو شلل، أصابها كأنما تمتد أن أبت يده إليها يمد أن أراد فإذا وبناته،

الأرض في المعذبون

أهله ويصبر مكروهها، على نفسه ويصبر غيظه، يكظم فكان الأغلال، بأثقل جسمه سائرالإبطاء. في فيغلو عليه؛ يبطئ الذي العدل وينتظر والضراء، البأساء على

ونفوسهم، عياله أجسام وعلى ونفسه، جسمه على تصطلح المختلفة الآفاق يرى وكانأن إلى ويضطر عزمه، به ويقعد ه، هم به فيقصر الآفات، تلك تفسده مما يصلح أن ويهملم أباه لأن الجهل على نفسه وطن قد تريد، كما بهم تعبث الآفات لهذه وأهله نفسه يسلمذلك إلى يجد فلم إليه، هو اضطر الذي الجهل من عياله يخرج أن وهم تعليمه، يستطعالمعرفة من لبنيه يتيح الذي العدل وانتظر لنفسه، رضيه كما لبنيه الجهل فرضي سبيلا،

الإبطاء. في فيغلو بينه وعلى عليه يبطئ العدل ولكن صباه، في له يتح لم ماراح إذا ويصحبه الأرض، في سعى إذا يصحبه بغيضا، خليطا له البؤس يرى وكانإليها؛ يأوون دار ولأسرته له أتيحت إن الدار تلك في أسرته ومع معه ويسكن داره، إلىمنه يستطيع لن بأنه واثقا عليه، أهله ويصبر البغيض، الخليط هذا على نفسه فيصبرالذي العدل فينتظر السماء، في سلما أو الأرض في نفقا يتخذ أن يستطيع لن لأنه فرارا؛في فيغلو عليه يبطئ العدل ولكن البغيض، ذاك خليطه من أهله ويخلص سيخلصه

الإبطاء.الجوع من أصحابه تبعه إذا إلا الفريق هذا يصحب أن يرضى البؤس يكن ولموينوء، يسوء الذي والهم يفني، ولا يضني الذي والكد والهوان، والذل والعلل والعريأشد بهم ويضيقون البغض، أشد الضيف أولئك يبغضون الفريق ذلك من الناس وكانفيلقي العدل يأتي أن إلا سبيلا الثقلاء ضيفهم الخلاصمن إلى يجدون لا ولكنهم الضيق،في يمشي كان كأنه البطء، في مسرفا بطيئا كان العدل ولكن ستارا، ضيفهم وبين بينهمالذي مكانه إلى فيرده جاذب، ورائه من يجذبه حتى قصارا خطوات يخطو يكاد لا القيد،ويشتاقون إليهم ويشتاق ويحبونه، يحبهم الذين الناس عن البعد كل بعيدا فيه استقروما شيئا، يبلغه أن دون طموحه يحرقه العدل، إلى طامحا الفريق ذلك كان كذلك إليه.إليه. شوقا وتحرقها له، انتظارها إلا حظ العدل من لها وليس الأجيال مضت ما أكثر

وشقاءه الأول الفريق بؤس يرى كان فقد القليلة، القلة تلك فريق الثاني، الفريق فأماولا يرى بما يحفل فلا والنائبات؛ للكوارث وإذعانه والخطوب، للمحن وخضوعه وعناءه،الناس عسر عن بيسره مشغولا كان شيئا، يحس ولا شيئا يرى يكن لم ولعله إليه، يلتفتيعنيه فلا بالغنى مثقلا وكان حوله، من الناس شظف عن بترفه مشغولا وكان حوله، منطويلة يده وكانت القصر، يكون ما كأدنى قصيرا نظره كان بالفقر. الناس يثقل أن

8

مقدمة

يريد وكان شهواته، سئم حتى يشتهي ما فيبلغ يشتهي كان الطول، يكون ما كأبعدمن وإن قسوة، أشد أو كالحجارة فهو قسا قد قلبه وكان إرادته، مل حتى يريد ما فيبلغيهبط لما منها وإن الماء، منه فيخرج ق يشق لما منها وإن الأنهار، منه تتفجر لما الحجارةكان ما يرى لا فهو حوله، ما عنه حجب أو حوله ا عم حجب قد عقله وكان الله. خشية منفي وأمعن بجانبه، أعرضونأى شيئا منها رأى فإن النذر، من فيها يعيش التي البيئة يملأللساعة عاش وإنما يكون، أن يمكن فيما يفكر ولم كان، فيما يفكر فلم والغرور، الحمقوليس أمس له فليس اقتطاعا، الزمان من اقتطع قد أيامه من يوم كل كأن فيها، هو التيأن إلا يحسهم لا فهو المعذبين، البائسين من الفريق ذلك وبين بينه يشتد والبعد غد، لهالأمر إليهم ينزل وإنما عليهم، يعطف ولم بهم يرفق لم إليهم احتاج إذا وهو إليهم، يحتاجوكانت نعيما، بؤسهم ومن راحة، عنائهم ومن سعادة، شقائهم من له وا يشتق أن تنزيلاأن بعضها حاول وربما كرها، أو طوعا المترف الفريق هذا إرضاء على تقوم الحكوماتنظرة الأرض في المعذبين من الفريق هذا إلى فنظر اختلاسا، الإصلاح من شيئا يختلستزلزل حتى يفعل يكاد لا ولكنه رحمة، من بجناح يمسهم أن وهم إشفاق، من شيء فيهاأن يفهم لعله الدروس إثر في الدروس عليه وتلقى الحكم، وبين بينه ويحاول الأرض، به

والشقاء. البؤس في البائس ويمعن ترفا، المترف يزداد أن هي إنما الحكم غايةالقائمة الحكومة بها تحفل فلم متفرقة، الأحاديث هذه نشرت العهد ذلك بعض فيأيدي إلى تصل أن وأرادت كتاب، في يوم ذات جمعت ولكنها إليها، تلتفت ولم ذاك، إذوالتفتت الحكومة تلك بها حفلت وهنالك المحروم، وتعزي المسرف، لتعظ مجتمعة القراءوبين الكتاب هذا بين يحال بأن الأمر فيها صدر وإنما تطل، لم وقفة عندها ووقفت إليها،أو يحرقها يشاء، ما السلطان بها يصنع حيث إلى المطبعة من نسخة تؤخذ وبأن الناس،

القراء! أيدي إلى تصل لا دامت ما العبث، ألوان من الله شاء ما أو يغرقها أو يخرقهاتبصرالمصريين أن تريد كانت أخرى كتب من صورد فيما الكتاب هذا صودر وكذلكواليائسين، البائسين منهم وتعزي والبغاة، الطغاة منهم تعظ وأن أمورهم، بحقائقالشعوب قائدة وأنها الأدنى، الشرق في الحرية ملجأ أنها ترى كانت التي مصر ونظرتالقديمة التركية الدولة بغي من آمنت وأنها والاستقلال، والعزة الكرامة إلى العربيةأبنائها أحد كتبه قد كتاب فإذا مصرهذه نظرت والعراق، ولبنان سوريا أحرار وطغيانهاويذاع وينشر، فيه فيطبع لبنان إلى طريقه يسلك هو وإذا المواطنين، وبين بينه يحالقراؤه به ويستخفي يترقب، خائفا فيدخلها مصر إلى يعود ثم العربية، البلاد أقطار في

9

الأرض في المعذبون

فينكرون بذلك يسمعون المصريين من والقراء لبنان، في ونشره طبعه يعاد ثم استخفاء،النكير. بهذا يجهروا أن يستطيعون لا ولكنهم أنفسهم، وبين بينهم فيما

كان حين عشر، السابع القرن أثناء فرنسا عليه كانت ما مثل إلى إذن مصر عادتالقريب. البأسوالبطشوطغيان مخافة هولندا؛ في لينشروها بكتبهم يفرون بعضكتابهاعليه فحرمت الكتاب، بهذا الحكومة تلك أغرى الذي الخوف هذا مصدر أفهم أن وأحاولالسياسة، يشبه شيء أو سياسة الكتاب في فليس سبيلا؛ فهمه إلى أجد فلا مصر، في الحياةبتلك إغراء فيه وليس القانون، ينكره الاجتماعي النظام على تحريض الكتاب في وليسمجلة في نشر وقد إلا فصل فصوله من وليس الوقت، ذلك في يقال كان كما امة الهد المبادئإلى وناشره كاتبه يقدم ولم النيابة، به تضق ولم الحكومة، تنكره فلم سيارة، صحيفة أو

القضاء.وهو الطغيان، إلى يدفع الذي الذعر وهو البغي، في يورط الذي الخوف فهو وإذنللشهوة، والانقياد للهوى، الاستجابة وهو بكتابه، التنكيل طريق من بالكاتب التنكيلأجهل لا حمقا، أشد أعرف ولست والعدل. بالحق لا والبغض بالحب الناس في والحكمالشهوة وعن والذعر، الخوف عن حكمهم في يصدرون الذين من غباء أغبى ولا جهلا،تنقضي، تكاد لا السخف من ألوان في أنفسهم يورطون فهم والبغض؛ الحب وعن والهوى،تستطيع لا مدى لها محدودة إنسانية قدرة أنها مع شيء، كل تبلغ قدرتهم أن يحسبونلا ثم المصريين، وبين بينه حالت أنها وتظن مصر، في كتابا تصادر فهي تتجاوزه؛ أنما كل عليها وانتقض فيها، الناس فقرأه مصر إلى وعاد لبنان في نشر قد تراه أن تلبثالظفر في وتنافسوا الكتاب، هذا إلى الناس واستبق دبرت، ما كل عليها وفسد أبرمت،ويحسبون عنه. والمعرض له القارئ منهم لكان وبينه بينهم الحكومة خلت قد ولو به،الناس، من غيرهم عقول إليه تنفذ لا ما إلى تنفذ عقولهم وأن شيء، كل يفهمون أنهمفطنت قد ولو الكثير، فهم عن وتعيا قليلا، الأمر من تفهم إنسانية عقول ذلك مع وعقولهمالكتب؛ من تذيع المطابع كانت ما ولكل الفصول، تنشرمن الصحف كانت ما لكل عقولهمهذا من ذلك على أدل وأيشيء إغلاقا. كلها المطابع ولأغلقوا تعطيلا، كلها الصحف لعطلواعن العدول إلى الكتاب اضطرت حين إنشاء، الطغيان حكومات أنشأته الذي الجديد الأدبالأدب هذا استقل حتى والرمز، الإشارة ومن والتلميح، التعريض من فنون إلى الصراحةبعضهم ويناقش ويئولون، يقرءون وجعلوا شديدا، تنافسا فيه القراء وتنافس بنفسه،

10

مقدمة

وانظر الغامضة. الإشارات من الواضحة المعاني واستخراج والتحليل، التأويل في بعضاالضمير و«مرآة الحيوان»، و«جنة الشوك»، «جنة من الكتاب هذا صاحب نشر ما إلىأن نستطيع ولا نبغضها، كنا لمظاهر رمزا إلا فيها ترى فلن شهرزاد»؛ و«أحلام الحديث»،والرمز الوضوح، على الغموض نؤثر فكنا السود، الأيام تلك أثناء صراحة في عنها نتحدثحكومات وكانت بأسمائها، الأشياء تسمية على والتلميح والإشارة التصريح، على والإلغازوما القراء بين وتخلي يكتبون، وما الكتاب بين فتخلي تفهم، فلا تقرأ ورقابتها العهد ذلك

الجديد. الأدب ذلك من فيهم يذاعظلمهم، الظالمين على وسجل الرقباء، رقابة من وأفلت البغاة، بغي الأدب قهر وكذلكوفنا وقراؤهم، الأدباء يفهمها جديدة لغة القراء وبين بينه وأنشأ إفسادهم، المفسدين وعلى

والوضوح. التصريح فنون على ويؤثرونه ويحبونه القراء يذوقه جديداحتى مجراه فيشق ينابيعه، من يندفع الذي القوي العظيم بالنهر شيء أشبه والأدبمحتالا العقاب، من يعترضه ما مقتحما المصاعب، من يلقاه ما قاهرا البحر، إلى يصلأصحاب وبطش الظالمين فظلم غايته، إلى كلها به تنتهي الحيل من ألوانا طريقه شق فييحول أو والفن، الأدب سبيل في يقوم أن من أضعف أولئك كل الرقباء، وتحكم الطغيان،

القراء. وبين بينهماسهامها ترسل أن للنجوم فيها يتح لم الإظلام، كثيفة مظلمة قاتمة ليالي لها يافيها ازدحمت وإنما الجميل، الهادئ ضوءه ينشر أن للقمر فيها يتح ولم المشرقة،ولكننا نختنق، نكاد بأعبائها ونهضنا أثقالها احتملنا وقد بعضا، بعضها يركب الظلماتوتهديهم الطريق، لقرائنا تضيء نار من شعل كأنها محرقة حارة أنفاسنا نرسل ذلك مع

السبيل. قصد إلىالوردية بأصبعه المتراكمة المتراكبة الظلمات إلى يشير أخذ قد الصادق الفجر هو وهاوما بعضا، بعضها يركب ولم تزدحم لم كأنها متفرقة فتنهزم الشعراء، ذكرها التيوبرا وجمالا نورا الأرض ويملأ ويتسع، يمتد الضئيل الفجر وإذا وأسابيع، أيام إلا هيبه يخفي رمز إلى ولا نفسه، ذات عن ليعرب حيلة إلى الأديب يحتاج لا وهنالك وإنصافا؛ر يصو ويسرورضى، ووضوح، صراحة في قرائه إلى يتحدث وإنما الرقباء، على ضميره سروالجور البؤس جحيم لهم ر صو أن بعد واسعا، وعدلا رغدا، وعيشا ناعمة، حياة لهم

والشقاء.

11

الأرض في المعذبون

للعدل، وسندا للحق، عضدا قة الموف ثورتنا وجعل الآمال، وحقق الظنون، الله صدقومن رحمة، عذابهم من الأرض في المعذبين ل وبد المساواة، إلى وسبيلا للإنصاف، وأداة

نعيما. بؤسهم ومن سعادة، شقائهمحسين طه

12

الأول الفصل

صالح

ابني فأنت ذلك فعلت فإن فأنبئني، الأخيرة بالتكبيرة صوته يرفع الشيخ سمعت «إذاخده: تداعب وهي الحديث هذا تحدثه كانت التي لأمه يبتسم وهو الصبي قال ا.» حق

أكون؟» من فابن أفعل لم «فإنخد لطمت ولكنها وبناتها، بنوها حولها من وتضاحك شيئا، الصبي أم وجمت هنالكفي ت دس ثم الخصام.» كثير اللسان، لطويل «إنك تقول: وهي ظريفة خفيفة لطمة الصبيبالتكبيرة صوته يرفع الشيخ سمعت «إذا قولها: عليه وأعادت سكر، من قطعة الصبي يدالسكر يقضم وهو الصبي قال تنام.» أن قبل مثلها فلك ذلك فعلت وإن فأنبئني، الأخيرةوبناتها. بنوها حولها ومن أمه ضحك يتبعه مسرعا انطلق ثم فنعم.» الآن «أما قضما:

في ومكانة خطر لهم ضيف بها ألم فقد المساء؛ ذلك في قاعدة قائمة الدار وكانتكثيرا. شيئا والهدايا الطرف من يحملون أقبلوا وإنما الأيدي، أصفار يقبلوا لم وهم الإقليم،بالتكبيرة المساء ذلك في مهتمة بالضيف، الاحتفاء على دائما حريصة الدار سيدة وكانتكانت فقد المغرب. صلاة بعد دعائه من بها ليخرج صوته بها الشيخ يرفع حين الأخيرةمع صلاتهم من الضيف يفرغ حين المائدة إلى تحمل أن تنتظر مهيأة الطعام أصناففقد بعد، تتم لم تهيئته ولكن هيئ، قد الأصناف هذه أول وهو الثريد وكان الشيخ،تشبه أن توشك قطعا الثوم وقطع الأرز، إعداد وتم المرق، وأعد كبير، طبق في الخبز فتالخبز يشرب لا حتى الأخيرة اللحظة في إلا يتم ألا يجب الصنف هذا إعداد ولكن الذرات،من عليه ألقي ما فيفسد الأرز يبرد ولا الجو، في والخل الثوم ريح يذهب ولا المرق، كلرفع إذا حتى الشيخ، لدعاء الصبي يتسمع أن من بد يكن لم كله هذا أجل من السمن.الخبز من الأخلاط هذه إلى هي وأسرعت فأنبأها، أمه إلى أسرع الأخيرة بالتكبيرة صوتهحين، منذ ينتظرها كان الذي الكبير الطبق هذا في فجمعتها والأرز والخل والثوم والمرق

الأرض في المعذبون

في فليس وريث، مهل على الأخرى الأصناف تبعته الصنف بهذا العشاء استفتح فإذاوإنما شيئا، يسمع لم لأنه بشيء أمه ينبئ لم الصبي ولكن جناح، ولا بأس بها الإبطاءمن وضيفه الشيخ فرغ وقد بال. ذي بأمر الأخيرة التكبيرة وعن الأولى التكبيرة عن شغلهذا ب يترق الشيخ وجعل العشاء، إليهم يحمل أن ينتظرون يتحدثون وجلسوا صلاتهم،أن مرة غير هم وقد الضيف. به يلم حين الإبطاء هذا مثل يتعود لم لأنه قلقا؛ العشاءوكره استحيا ولكنه ينتظرون، الضيف أن الدار أهل ليعلم بالأخرى يديه إحدى يضربيرفع حديثه في فمضى إهمال، أو غفلة الدار بأهل يظن وأن الدار، أهل تنبيه به يظن أنوأسرعت بالحديث، يرتفع الصوت فسمعت بناته، إحدى الباب وراء من ومرت صوته. بهمائدتهم إلى الضيف كان حتى لحظة إلا هي وما الصبي، به ينبئها لم بما فأنبأتها أمها إلى

ويلغطون. يأكلونالدار، فناء من زاوية في مرقبه اتخذ قد الرأي، صادق النية خالص الصبي كان وقدالساعة فينفق إليها يخلو وكان كنزه، يراها كان الحديد من قطع تجتمع حيث هنالكينفرد ولهوا، تسلية ذلك في يجد ببعض، بعضها وطرق وتفريقها، جمعها في والساعاتذاك، حديده أمام تلك زاويته في جلس وقد أخرى، مرة الصغيرة أخته فيه ويشارك مرة بهمانحا رفق، في بها فيعبث الحديد قطع إلى يقبل أن السكر قطعة التهام أتم إذا واعتزمالأخيرة التكبيرة سمع إذا حتى لصلاتهم، متتبعا مستمعا أذنيه، إحدى وضيفه الشيخ

فيه. فمضى لعبه إلى عاد ثم النبأ، إليها فألقى أمه إلى انسل الشيخ صوت بها يرتفعكتفه، تمس يدا أحس حتى سكره قضم في ويمضي زاويته في يستقر يكد لم ولكنهالأخرى بيده ويقبض يديه، بإحدى كتفه يداعب أمامه ماثل صالح رفيقه فإذا ونظرثوبه فراعه صالح إلى الصبي نظر وقد باسما. إليه يقدمها الحقول زهر من طاقة علىنابيتين، منه فظهرتا كتفه عنه انشق وقد ينبغي، مما أكثر صدره منه ظهر قد الممزقوصل قد أسمال كأنه يخفي، مما أكثر الصبي جسم من يظهر قذر، رث ذلك على والثوبمنه لتستر ما، تعليقا الناحل الضئيل الجسم هذا على وعلقت ما، وصلا ببعض بعضهاإلى رأسه الصبي رفع ثم عريانا. متجردا به يمضي لا صاحبه إن وليقال تستطيع، مامن وكثير حزن، من كثير فيها ابتسامة ورأى فيه، يشيع شاحبا بؤسا فرأى صالح وجهالملقى الحديد هذا إلى حينا تنخفضان حولهما، ما إلى تنظران تدوران عينين ورأى أمل،عناقيد إلى ذلك بعد وترتفعان رفيقه، يد في السكر قطعة إلى حينا وترتفعان الأرض، على

لتحملها. نصبت التي العيدان هذه على وتمتد الجدران، على تتدلى التي هذه الكرم

14

صالح

زهر من الخشنة الساذجة الطاقة بهذه رفيقه إلى يده باسط كله ذلك على والصبيالأكمام هذه إليك وأحمل بك، أمر أن دون دارنا إلى أعود أن أرد «لم له: يقول الحقول،ثم الصبح، بها وانتظر ماء، من شيء فيه إناء في وضعها إليك خذها بعد. تتفتح لم التيشيئا، لصالح الصبي يقل لم الرائحة.» طيب جميل زهر عن متفتحة فستراها عليها أقبليجلس أن إليه وأشار السكر، قطعة من يده في بقي ما وأعطاه زهراته منذ أخذ وإنماوالتحديق إليها، النظر فأطال السكر قطعة صالح أخذ وقد الحديد. بقطع معه ويلعببين فمه في ها دس ثم قصيرة، نظرة إليها نظر ثم عنه، أبعدها ثم فمه، من وقربها فيها،جلس ثم الحلو، بذوقها استمتاعه وليطول رفق، في لتذوب بها واستأنى وأضراسه، خدهحديثهما استأنفا وإنما الرفيقين، صمت يطل لم ثم الحديد، قطع رفيقه مع يقلب وأخذصلاة كله بهذا الصبي وأنسي القرية. أهل وعن الحقل، وعن الرفاق، وعن الكتاب عنأو طويل وقت بعد يرعه ولم أمه، إلى يحمله أن يجب كان الذي والنبأ والضيف الشيخ

العشاء. إلى الباب وراء من تدعوه أخته صوت إلا قصيريتبعها وما الآخرة الصلاة من كذلك وفرغوا طعامهم، من وأصحابه الشيخ فرغ وقدإلى وبناتها بنيها من الصغار الدار ربة وجمعت الليل، قهوة عليهم ودارت دعاء، من

مظانه. في تلتمسه أخته فأرسلت المهذار، ذاك صاحبنا وافتقدت طعامهم،يخلص كيف يدري يكن لم لأنه لها؛ الاستجابة في أبطأ تدعوه أخته صوت سمع ولماخافت صوت في له قال صالحا ولكن رفيقه، من يخلص أن يحب يكن لم أو رفيقه، منقال يت؟» تعش هل «وأنت لصالح: الصبي قال العشاء.» إلى تدعى إنك «أجب، حزين:استطاع ولو يخرج، أن يريد وأدبر متثاقلا، ونهض الدار.» أبلغ حين «سأتعشى صالح:نسيانه أنكرت رأته فلما الزهرات، تلك يده وفي أمه إلى الصبي وعاد مضى. ولكنه لأقام،صوته وفي الصبي قال إليه. حملهن من الزهرات هذه عن سألته ولكنها به، أمرته لماقال شيئا؟» تعطه «ولم أمه: قالت علي.» الحاج بن صالح إلي «حملهن خفيفة: اختلاجةالسكر؟ بقطعة يصنع تراه «وما أمه: قالت السكر.» قطعة من لي بقي ما «أعطيته الصبي:«هممت مضطربا: الصبي قال للعشاء؟» تستبقه ألم الجوع، نفسه عن بها يدفع أتراهمعه.» تتعشى وحتى به تعود حتى مسرعا إثره في «فامض أمه: قالت أجرؤ.» لم ولكنيصاحبه، بدعاء صوته رفع حتى الدار باب يجاوز يكد ولم السهم، كأنه الصبي وانطلققد الدار أمام قائما صالح كان فقد الدعاء، يكرر أن إلى ولا يعدو، أن إلى يحتج لم ولكنهيمضي، أن يريد الأخرى ر وأخ رجليه إحدى وقدم أمامه، بصره ومد الحائط، إلى استند

15

الأرض في المعذبون

تريد؟» ماذا «هأنذا، مستخذيا: أجاب رفيقه صوت سمع فلما البقاء. إلى نفسه وتنازعهرفيقه، إلى ل تحو وإنما شيئا، صالح يقل ولم معا.» لنتعشى تبقى أن «أريد الصبي: قال

دعاه. إذا صاحبه يتبع الكلب كأنه مطرقا هادئا إثره في وسعىزاويته في وضعت قد أخواته إحدى رأى حتى دونه من الباب يغلق الصبي يكد ولمالأطباق الصينية هذه على كثرت وقد مثله، مستديرة صينية وعليه مستديرا كرسيا تلكالأسرة تشارك أن الصبي أخت وأبت للضيف. مت قد التي الطعام أصناف كل من فيهامضى طعامهما من فرغا إذا حتى الرفيقين، هذين خدمة على تقوم أن وآثرت عشائها، فيزارك «إذا رأسه: تمسح وهي له فقالت راضيا، أمه إلى الصبي وعاد موفورا، صالحمشاركتك إلى تدعوه أن دون ينصرف تدعه أن ينبغي فلا العشاء، وقت في لك رفيقهذه إليك حمل إنما صالحا أن تعلم «وهل قصير: صمت بعد له قالت ثم الطعام.» فيأقبلوا، حين الأضياف رأى «لقد أمه: قالت أعلم.» «لا الصبي: قال ليتعشى؟» الزهراتالمساء، هذا في كثير خير الدار في سيكون أن وعلم والهدايا، الطرف من حملوا ما ورأىقال إليك.» ليقدمها الدار في بها يلم تعلة هذه أزهاره واتخذ شيئا، منه يصيب أن فأرادمن خرجت «إذا أمه: قالت وكتفاه!» وظهره صدره منه بدا وقد ثوبه رأيت «لو الصبي:

يكسوه.» ما ثيابك من عندي فإن يصحبك، أن على فاحمله غدا الكتابلأنها هذه تلوم العشاء، وعن الضيف عن تحدثهم وبناتها بنيها إلى انصرفت ثماللون هذا وأوشك الغليان، من يضطرب وهو الماء في ألقته حين الأرز تحرك أن نسيتألا الأرز حق ومن لشيء، تصلح لا متماسكة عجينة ويصبح يفسد، أن الطعام ألوان منفلم بالفالوذج، رفقت لأنها تلك على وتثني وتمتاز. حباته تتفرق وأن يتماسك، ولا يلتئمولم قطعا، الملاعق تقطعه جامدا تجعله ولم الحساء، كأنه الملاعق به تفيض سائلا تتركهوإنما يسيرا، ولا سائغا تجعله لا التي البغيضة العقد تلك تتخلله حتى تحريكه تهملحلو خفيف ذلك بين فيما وهو الحلوق، تدعوه حتى الأفواه يبلغ لا سهلا سواء صنعتهوالتي الطهي، فنون بها تعلمهن كانت التي الأحاديث هذه بناتها إلى لتتحدث وإنها المذاق.حديثها، عليها يقطع الصبي وإذا متصل، ضحك في فيغرقون لها يسمعون أبناؤها كانسيكون أن أحس إنه لك أقل «ألم أمه: أجابت داره؟» في يتعش لم صالح بال «ما ويسألها:بجارنا يلمون الأضياف أرى «فإني الصبي: قال منه؟» يصيب أن فأراد كثير، خير عندناولا أبنائه، من أترابي إلى أسعى فلا كثيرا، خيرا جارنا عند أن وأعرف بنا، يلمون كماقال محروما.» فلست ذلك، إلى حاجة في لست «لأنك قالت: عندهم.» ما أصيب أن أحاول

16

صالح

يضيقون حوله من إخوته أخذ وقد متضاحكة، أمه قالت إذن؟» محروم «فصالح الصبي:صالح.» أبي على الرزق في قتر وقد الرزق، في عليه ميسر أباك «لأن وإلحاحه: بلجاجتهتقول: وهي بناتها كبرى إلى التفتت ثم لمكثار.» «إنك أمه: قالت «ولماذا؟» الصبي: قال

ينام.» أن له وآن الليل، م تقد فقد مضجعه، إلى «خذيهوقد الأسبوع. في أيام خمسة يفعل أن تعود كما كتابه على فغدا الصبي، وأصبحأسرته؟ وما بيئته؟ وما موطنه؟ وما اسمه؟ ما الصبي: هذا عن يسألني أن للقارئ يخطرالكاتب كان كما الأسئلة هذه له خطرت إن القارئ أجيب ولكني يكون؟ أن عسى ومنعن يسألوه أن يهمون أو يسألونه أنهم إليه يخيل حين قراءه يجيب «ديديرو» الفرنسيالتي الأسئلة بهذه وعلي نفسه على يسرف بأنه القارئ أجيب قصصه؛ من الأمر بعضيأخذ الأجزاء، ملتئمة البناء، حسنة منسقة، القصة لتكون مفيدا عليها الرد يكون قدقصة أضع أن أحاول لا ولكني يقولون. القدماء النقاد كان كما بعض، برقاب بعضهافقد اد، النق كبار رسمها كما الفن أصول من القصة له تخضع أن ينبغي لما فأخضعهالهم تحدث الذين الناس شخصية وتستبين والمكان الزمان د يحد أن القصة لتستقيم يجبيبتكرون الذين أو الخطوب، لهم تعرض الذين الحوادث، هذه يحدثون الذين أو الحوادث

الخطوب. هذهإخضاعها التزمت لما قصة أضع كنت ولو الفن، لأصول فأخضعها قصة أضع لاأن يكونوا مهما للنقاد بأن أعترف ولا لها، أذعن ولا بها، أؤمن لا لأني الأصول؛ لهذهيدخل أن منزلته ترتفع مهما القارئ من أقبل ولا تكن، مهما والقوانين القواعد لي يرسموافمن أذيعه، ثم فأمليه لي يخطر كلام هو وإنما الحديث، من أسوق أن أحب ما وبين بينيبعد عنه يرضى أن شاء ومن عنه، فلينصرف بقراءته ضاق ومن فليقرأه، يقرأه أن شاءوالمهم أيضا. مشكورا فليسخط القراءة بعد عليه يسخط أن شاء ومن مشكورا، فليرضإرادة له بأن يشعره ما القارئ يجد وأن أذيعه، وأن أمليه، وأن الكلام، لي يخطر أن هوذوقا له بأن أيضا القارئ يشعر وأن عنها، تصده وأن بالقراءة، تغريه أن تستطيع حرةهذا وليس يرفض، أو الأدب من يقبل وأن ينكر، وأن الأدب في يعرف أن يستطيع صافياأبعد فأنا عليه، أتجنى أو فيه أتحكم أني القارئ يظن أن أحب وما القليل. بالشيء كلهأن أحب لا ولكني وإكبارا، حبا للقارئ وأشدهم التجني، في وأزهدهم التحكم، عن الناسأخضعه أن أحب لا كما لذوقه، يخضعني أن ولا علي، يتجنى أن ولا في، القارئ يتحكمحين وبيني القارئ بين للصلة الصحيح الأساس هي الحرية تكون أن ويجب لذوقي.

17

الأرض في المعذبون

وعرفت وبيئته، الصبي موطن فبينت الأسئلة لهذه استجبت أني ولو هو. ويقرأ أنا أكتبواحد، صبي الحديث في وليس يطول. أن أحب مما أكثر الحديث بي لطال القراء إلى أسرتهيصيبه، عشاء إلى وسيلة الحقول زهرات يتخذ الذي هذا صالح أحدهما صبيان، فيه بلمن يكون فقد منصفا، ولأكن العشاء، هذا صالح عنده وجد الذي الصبي هذا هو والآخرليكون الأول؛ الصبي له يت سم قد دمت ما الثاني الصبي هذا له أسمي أن القارئ حقيعرف لا آخر وصبي أبيه، واسم اسمه يعرف صبي بين يضطرب فلا له ا ميسر الأمرالصبي لهذا أعرف أكن لم الحديث هذا إملاء في أخذت حين أني والواقع شيئا. أمره منشخص يكن ولم الصبي، شخصهذا يكن فلم الآن؛ إلى اسمه أجهل زلت وما اسما، الثانيالظن وأكبر تعنيني، التي هي للصبيين حدثت التي الأحداث كانت وإنما يعنيني، صالحشمالها ومن غربها، إلى شرقها من المصرية المملكة يملأ لأنه ؛ قط يوجد لم هذا صالحا أنوخيرا، مصرنعمة يملأ مكان، كل في ويوجد المدن، في ويوجد القرى، في يوجد جنوبها، إلىهذا قارئ أن أزعم وأنا والشقاء. البؤس بلد هي مصر بأن الناس يشعر ذلك مع وهويرى أن دون يومه من ساعة أو دهره من يوما يقضي أن يستطيع لا يكن مهما الحديثالعشاء، أو الغداء ليجد الوسيلة له تتاح أن يود والذي ينفق، ما يجد لا الذي هذا صالحاأنه وعلى أمين، اسمه أن على فلنتفق الآن. إلى اسما له نجد لم الذي الصبي ذاك رفيقه عندوكثير اليسر، من شيء في يعيشون الذين أمثاله من ا جد قليل مع الكتاب إلى يختلف كانوالحرمان والشقاء البؤس ظل الجميل، الوارف الظل بهذا يستظلون الذين أترابه من ا جد

ذاك. أو الرفيق هذا عند الأود يقيم بما للظفر الوسيلة وابتغاءغير فهو الوجود في الشيء أسرف وإذا المصرية، المملكة يملأ لأنه قط صالح يوجد لمشك؛ غير من فموجود أمين أما ترض. لم أم الكلام هذا عن الفلسفة أرضيت سواء موجود،إذا جائعا ينام لا الذي الصبي هذا فهو الخطر، عظيم لأنه غيره؛ نرى نكاد ولا نراه لأنناآن إذا للغداء انتظاره يطول ولا الكتاب، على أو المدرسة على طاويا يغدو ولا الليل، أقبليتناول أن حقه من لأن الليل؛ أقبل إذا للعشاء انتظاره يطول أن ينبغي ولا الغداء، وقتما لبعض الغالية صحته تتعرض لا حتى النوم من قسطه يأخذ وأن إبانه، في الطعامشك؛ غير من موجود أمين اسمه أن على اتفقنا الذي الفتى هذا أو الصبي هذا يؤذيها.وأترابه أمثاله يحصى أن يمكن ممتاز شخص هو وإنما المدن، يملأ ولا القرى يملأ لا لأنهمحدود، عدده لأن موجود؛ ذلك أجل من وهو مدينة، كل وفي قرية، كل في دقيقا إحصاءظهرت وقد القارئ رأس يرتفع وهنا عليه. والدلالة واستقصاءه إحصاءه نستطيع ولأننا

18

صالح

صوت في يسألني وهو والفوز، الانتصار بريق عيناه وبرقت ساخرة، ابتسامة وجهه علىفي ممعن إلا أنت فهل أسئلتنا، على بالإجابة الإطالة تتجنب أن أردت لقد ساحر: فاتربل الكريم، القارئ سيدي يا معذرة يفيد! ولا يغني لا الذي الكثير الكلام بهذا الإطالةألف يوم كل في تلقى فأنت الفائدة؛ كل ويفيد الغناء، كل يغني الكثير الكلام هذا إنلقاؤك كثر قد وجودا، له تعرف أو خطرا، منهم لواحد تحس أن دون وصالح صالحيحفل لا مألوفا يسيرا شيئا بينهم الحياة أصبحت حتى إياهم معاشرتك واتصلت لهم،إليه تطمئن شيئا والحرمان والشقاء البؤس معاشرة أصبحت وحتى إليه، يلتفت ولا به،تتنفسه، الذي الهواء إلى تلتفت لا أنك كما إليه تلتفت ولا والعافية، الصحة إلى تطمئن كماواحد كل فيملأ وحين، حين بين أمناء أو أمينين أو أمينا وترى به. تهتدي الذي والنورالبائس هذا صالح إلى ألفتك أن خير: فأيهما وعنايتك. همك ويشغل وعقلك، قلبك منهمعن أحدثك أن أم وبؤسا، شقاء حياته مصر وملأت وخيرا، نعمة مصر ملأ الذي المسكينالفن لأصول ملائمة بارعة رائعة وتستوي القصة، لتستقيم وأسرته وبيئته وموطنه أمينوما عاطفة، من فيه يضطرب وما قلبك، إلى أتحدث أن فأوثر أنا أما اد؟ النق رسمها التيعلى تهالك من نفسك في يثيران وما وذوقك، عقلك إلى أتحدث أن على شعور، من فيه يشيع

للاستطلاع. وحب النقدالوجود، في وأسرف وجد الذي هذا صالح إلى ألفتك وأن قلبك، إلى ث أتحد أن أؤثرصالح إلى ألفتك حينما لعلي يدري! ومن موجود. غير أنه نعتقد كدنا أو اعتقدنا حتىأريد أن ينبغي وما أردت، فما تثور، أن ولا تغضب أن أحب وما نفسك، إلى ألفتك إنماخير إلى وسيلة الحقول زهرات الأيام من يوم في اتخذت قد بأنك التعريض أو إيذائك، إلىالمصريين كثرة نحن منا واحد كل حياة في إن أقول: أن أردت وإنما صالح، فعل كما تصيبهلا الذين المصريين أقل وما والحرمان. والشقاء البؤس صورة فصالح صالح، من شيئاتأتي التي الصفة هذه على مقصورا البؤس وليس حرمانا! ولا شقاء ولا بؤسا يصورونالثياب، يمزق الذي والإعدام البطون، يمزق الذي الجوع من الفقر يستتبعه وما الفقر، منأخرى بأشياء يتصل قد البؤس ولكن والأكتاف، والظهور الصدور ثناياها من ويظهربالنفوس تتصل لأنها والإعدام؛ الجوع من ا شر تكون قد ولكنها إعداما، ولا جوعا ليستحتى الثراء من حظهم ويعظم بالمال، أيديهم تمتلئ كثيرين قوما لأعرف وإني والقلوب.زهرات ويتخذون شقاء، أي وشقاء بؤس، أي بؤسا يجدون ذلك مع وهم به، يضيقواإلى وسيلة والمدن الحواضر في تصنيفا الحسان أيدي تصنفه الذي الزهر هذا أو الحقول

ثراء. منهم وأضيق غنى، منهم أقل يكونون من عند يصيبونه شيء

19

الأرض في المعذبون

كما كتابه على أمين اسمه أن على اتفقنا الذي الصبي غدا فقد شيء من يكن مهماالدرس وفي والهزل، الجد في وشاركهم أترابه فلقي الصباح، كان إذا يفعل أن تعوداللدات مداعبة إلى الحفظ هذا عن فانصرف القرآن من حصته يحفظ أن حاول واللعب.الدار، إلى النهار آخر معه سيعود أنه إلا يذكر ولم صالح، قصة أنسي قد وكان والأتراب،في ثم والخوف، القلق من ا جد كثير في صالحا يذكر أن إلى النهار تقدم حين اضطر ولكنهالضرير سيدنا سمع فقد والحزن، الألم من ا جد كثير في ثم والهلع، الجزع من ا جد كثيرلك سلمت وهل سيدنا: قال نعم. العريف: قال الأختام؟ تفقدت هل البصير: عريفه يسألهذا حاجة أشد وما ضاع، قد فإنه علي؛ الحاج بن صالح ختم إلا نعم، العريف: قال كلها؟العصر مع الكتاب من يخرج ولا كلاما، يسمع ولا أمرا يطيع لا فإنه التأديب، إلى الفتى

الماء. في لينغمس إلاالفرنسي الكاتب يسألون كانوا كما القراء يسألني ما أكثر وما — القارئ يسأل وهناولا تكون؟ أن يمكن وماذا هي؟ ما الأختام هذه عن القارئ يسأل هنا — آنفا ذكرته الذييعرفوا ولم الكتاب، إلى يذهبوا لم الذين الجيل هذا أبناء من فأكثرهم أجيبهم، أن من بدخطوب. من فيه يحدث كان وما بالكتاب، عهده بعد قد منهم وقليل والماء، الأختام قصةويحب القيظ، ويشتد الصيف، يقدم حين عام كل الكتاب في تمثل هذه الأختام قصة كانتالعصر، مع الكتاب من خرجوا إذا القناة بماء أو النهر بماء يبتردوا أن والفتيان الصبيةفي انغمسوا متى والتبرد القيظ نسيان إلى يسرعون وكانوا للغداء، دورهم إلى ذهبوا إذا أومن عليهم تشفق الأسر وكانت العوم. في والاستباق والسباحة العبث إلى وينصرفون الماء،والتقويم التأديب وسائل من يرى ما يتخذ أن سيدنا إلى وتطلب القناة، ماء ومن النهر، ماءواحتفر الخشب، من مستديرة قطعة اتخذ قد وسيدنا الخطرة. الرياضة هذه عن ليصدهمالخشب من القطعة بهذه العريف أقبل يرتفع الضحى كان فإذا هو، ما أدري لا شيئا فيهاالذين والفتيان الصبية أفخاذ بها وختم حمراء، مادة في وغمسها الختم، ى تسم كانت التييتركها التي الآية زوال وكان القناة، ماء أو النهر ماء في الرياضة حب بهم يظن كانالعظيم؛ الإثم هذا وقارب الأمر، خالف قد أنه على دليلا الفتى أو الصبي فخذ في الخاتمالوقت، طول محاها إذا وتجديدها يوم، كل في الأختام هذه د تفق من إذن بد يكن فلمأيعرف أدري ولست الأوان. قبل فخذه عن الختم آية محيت إذا الفتى أو الصبي وعقابسيدنا أن كما والفساد، الرشوة رمز كان قد الكتاب في العريف أن يعرف لا أو القارئإثمهم يقترفون كانوا والفتيان الصبية أن المحقق ولكن والقسوة، السذاجة رمز كان قد

20

صالح

ويلقوا الماء، إلى يسرعوا حتى الكتاب من يخرجون يكادون ولا اكتراث، غير في العظيم هذاالطرف هذه من إليه يقدمون بما ورضاه العريف كذب يشترون وكانوا فيه، أنفسهمأنفسهم عن ويصرفونها أحيانا، للعريف يسرقونها بيوتهم، من يحملونها التي اليسيرةطال وقد للعريف، أو لنفسه خطيرة ولا يسيرة طرفا يحمل صالح يكن ولم دائما. إليهأم عجز عن الإبطاء هذا أكان نفسه يسأل ولم بالرشوة، عليه صالح إبطاء العريف علىصالحا خص لما الصدق آثر ولو لسيدنا، أمره فأفشى يؤدبه أن فأراد ومكر، عمد عن كان

الوشاية. بهذهقلبه امتلأ ما ولأمر أترابه، من غيره يعرفه كان كما العلم حق هذا يعلم أمين وكانبه يغري البصير العريف يسمع يكد فلم له، ورحمة عليه، وعطفا لصالح، حبا فجاءةصالح فليس كله، الحق لك يقل لم العريف إن صوته: بأعلى صاح حتى الضرير سيدناأو النهر إلى جميعا يذهبون لأنهم جميعا؛ الأتراب فقده وإنما ختمه، فقد الذي هو وحدهيحمل فلا صالح فأما طرف، من إليه يحملون بما العريف يرشون ولكنهم القناة، إلىصالح، ساقي على الفلقة أديرت أن الشجاعة لهذه الطبيعية النتيجة وكانت شيئا. إليهرجليه السوط ومس أمين، ساق على الفلقة أديرت ثم دميتا، حتى رجليه في السوط وعمللا خصال الحق وقول والصراحة الشجاعة أن أمينا علم ولكنه يدمهما، لم خفيفا ا مساحتمالها، وسهل المحنة لهانت الحد هذا عند الأمر وقف ولو المواطن. جميع في تحسنلهما يكيدون وجعلوا عدوا، واتخذوهما وأمين، صالح عن أعرضوا والرفاق الأتراب ولكنلا داره إلى أمين مع صالح عاد وقد وألوانا. فنونا العنت من ويذيقونهما بهما، ويمكرون

وتعزية. تسلية رفيقه عند وجد ولكنه رجليه، على المشي يحسن يكادببعض وآثرته له ت ورق رحمته حتى المسكين البائس هذا ترى أمين أم تكد ولمعن وخرج جنونه جن حتى يراه صالح يكد لم ابنها، ثياب من ثوبا إليه أهدت ثم الخير،وأقسم قدميه، ق مز الذي والسوط ساقيه على دارت التي الفلقة ونسي الفرح، من طورهلوشاية وليتعرضن الجديدة، الختم آية وليضيعن فيه، نفسه ويغسلن الماء إلى ليسرعنويزيل يستحم أن دون الجميل الثوب هذا يلبس أن ينبغي فما سيدنا، وغضب العريفمن فسأطلب عليك، بأس لا أمين: أم له قالت القذر. البالي الثوب ذلك آثار جسمه منوقال محبورا. مرحا فرحا الصبي وانصرف غدا. والسوط الفلقة من يعفيك أن سيدنارجليه، أدمى حتى مبرحا ضربا صالحا سيدنا ضرب لماذا الآن تنبئينني ألا لأمه: أمينالماء، في وانغمس الأمر وخالف الختم أضاع صالحا لأن قالت: عابثا؟ إلا أنا يضربني ولم

21

الأرض في المعذبون

قلت حين اللياقة حدود عن خرجت فقد أنت فأما عظيما، عقابا يستحق عظيما ذنبه فكانمع وأنا الصبي: قال يسيرا. عقابا تلقى أن خليقا فكنت العريف، في قلت ما أترابك أمامقال المواطن. جميع في يقال لا الحق فإن تضحك: وهي أمه قالت الحق. إلا أقل لم ذلكيقال التي والمواطن الحق، فيها يقال التي المواطن أعرف أن إلى السبيل وكيف الصبي:الآن فأما السن، بك مت تقد إذا كله هذا ستعرف تضحك: وهي أمه قالت الباطل؟ فيهاللعشاء. تدعى حتى إليه وتحدث به، والعب تلك زاويتك في الذي هذا حديدك إلى فانصرفشاء ما والعجيج الضجيج من وأحدث إليه، وتحدث به، فلعب حديده إلى أمين وذهبصالح بال ما يسألها: أمه إلى وسعى وزاويته، حديده عن انصرف ولكنه يحدث، أن اللهصالحا لأن أمه: قالت والهدايا؟ الطرف من غيره إليه يحمل ما مثل العريف إلى يحمل لاأمين: قال العريف. إلى يهدي ما يجد أن عن فضلا نفسه، به يقوت ما يجد لا معدم فقيرقالت العريف؟ شر به يدفع وما نفسه، به يقوت ما يجد لا معدما فقيرا صالح كان ولماذاولكن علي. تثقل ولا لشأنك فامض ثرثرتك، إلى عدت لقد بإلحاحه: تضيق أخذت وقد أمهأظهرت حين إلا منه تتخلص فلم أمه، على الإثقال مضىفي وإنما لشأنه، يمض لم الصبيوهي النقد من قطعة يده في فوضعت رحمته ثم له، يبكي كاد إنذارا وأنذرته الغضب، لهشيئا بنصفه سأشتري مبتهجا: الصبي قال الحلوى. من شيئا بهذا فاشتر اذهب تقول:انصرف ثم الغد. كان إذا العريف إلى ليؤديه صالح إلى الآخر نصفه وسأدفع الحلوى، من

بالغناء. صوته ارتفع وقد يعدومن الكتاب إلى يذهب لم صالحا لأن صالح؛ إلى القرش نصف يدفع لم أمينا ولكنفلم رفيقه التمس حين الحزن، من ثم الغيظ، من شيء الصبي نفس في وقع وقد غده،لن صالحا أن استيقن وحين الضحى، ارتفع حتى يقبل فلم مقدمه انتظر وحين يجده،والأتراب، الرفاق بمداعبة وغيبته صالح عن تسلى أن يلبث لم ثم يومه، من بالكتاب يلمصلاة ليشهد خرج حتى البصير وعريفه الضرير سيدنا بين غدائه من يفرغ يكد لم ثموعبث الصبية، يحبه الذي السخف هذا القرش بنصف اشترى ولكنه زعم، فيما الظهرأنه في عريفه يشك وما سيدنا يشك وما الكتاب، إلى معهم وعاد المسجد، حول أترابه مع

الصلاة. شهد قدقده يكاد لا محزونا كئيبا صباح ذات أقبل ثم ويوما، يوما الكتاب عن صالح وانقطعرفيقه أمين ى تلق وقد القذر، البالي ذلك ثوبه في هو فإذا أمين ونظر الضعف، من يستقيمولكن يجيب، أن صالح وهم طالت. التي تلك غيبته عن مستنبئا به، حفيا له، مبتسما

22

صالح

يعرف لم لأنه أمين فبهت غزار، منسجمة دموع خديه على وجرت حلقه، احتبسفي صوتهسيدنا، سوط يمسهم أن دون يبكوا أن يمكن الصبية أن يقدر ولم ، قط الصامت البكاءاستبان ثم أحيانا. وبالكلام حينا، بالأيدي ليؤدبوهم والأمهات الآباء بهم يعنف أن دون أوفقد والاضطراب، والشك الحيرة من كثير إلى ودفعه حزنا، قلبه ملأ ما رفيقه أمر من لأمينالبائس. الرفيق لهذا ملح وضر عظيم، شقاء مصدر لرفيقه أمه أهدته الذي الثوب كان

ويكاد عدوا، الريح تسبقان ساقاه تكاد محبورا، مسرورا الجديد بثوبه صالح خرجالجو في وتنشر التوت، أغصان على ترقص كانت التي الطير يسكت بالغناء المرتفع صوتهكأحسن القناة في وعام ينغمس، أن تعلم ما كأحسن القناة في وانغمس العذاب، ألحانهامبتهجا مرحا، فرحا القناة من وخرج الرفاق، على ق وتفو الأتراب فبذ يعوم، أن تعود ماوقلبه الرضية نفس من وفاض سعادة، قلبه وامتلأ رضا، نفسه امتلأت وقد مغتبطا،ما لبعض: بعضهم وقال وأترابه، أصحابه إليه لفت غريب، جمال جسمه على السعيدةثم ونشاطا! وحياة قوة امتلأ قد الطلعة، رائع المنظر، حسن اليوم، نراه كما صالحا رأينااضطره الحياء ولكن الغرور، من شيء إلى يدفعه أن السرور وكاد الجديد، ثوبه في دخلوارتفعت ضميره، دخيلة في نفسه فرضيعن الاعتدال، بعض في وأمسكه القصد بعض إلى

والبغض. العطف ومن والحسد، الغبطة من بألوان أصحابه أبصار إليهالبالي ثوبه طوى وقد الجديد، ثوبه في يخطر يكاد داره إلى الشمس مغرب مع وعادبعض في لتركه استطاع ولو لاحتماله، متكرها متأذيا وجنبه ذراعيه بين وحمله القذرالبالي ذلك ثوبه فاحتمل فطنة، ذلك من وأصدق قلبا، ذلك من أذكى كان ولكنه الطريق،

شيئا. منه تصنع أن تستطيع لعلها أبيه امرأة إلىولو نفسه وسيسأل الحديث، من الموضع هذا عند سيقف القارئ أن في أشك وماأمه، فقد قد صالحا أن القصة أول من نعرف أن الخير من يكن ألم أنا: لسألني استطاععليه يصب بما جهرة ويشقى ا، سر أبيه حب من يختلس بما ينعم يتيما يعيش كان وأنه

البيت؟ في أمه مقام قامت التي الضرة هذه بغض منالقسوة من شيء فيها ملاحظة السؤال هذا إلى سيضيف القارئ أن في أشك ولستالممهدة، الطرق هذه قصته في سلك الكاتب أن لو نفسه: في فيقول والغيظ، والسخريةبموت ولأنبأنا حديثه، أول في صالحا إلينا لعرف للقصة اد النق رسمها التي المعبدة والسبلعلى أعيد ولكني إليها. حاجة في نكن لم التي المفاجأة هذه من ولأعفانا أبيه، ج وتزو أمه،الذين أن ذلك إلى وأضيف حديثا، أسوق وإنما قصة، أضع لا أني من آنفا قلته ما القارئ

23

الأرض في المعذبون

والبيئة الموطن فيها يبينون التي المقدمات هذه يديها بين يقدمون لا الأحاديث يسوقونولو النقاد، به يلهج الذي الفارغ الكثير الكلام هذا آخر إلى والمكان، والزمان والأسرة،بصالح يتصل ومن وأمين، صالح لشخصية دقيق واضح برسم الحديث هذا بدأت أنيحديث تجاوز بعضهم: ولقال الضيق، أشد المقدمات بهذه القراء لضاق الناس؛ من وأمينالتمهيد. هذا كل إلى نحتاج بحيث والغفلة الغباء من فلسنا غايتك، إلى وصل الطوفان

أشك لا الذي الشيء ماتت؟ قد أمه وبأن يتيم، صالحا بأن القارئ أنبأ فمن وبعد،ميتة، تكن لم أمه وأن يتيما، يكن لم صالحا أن هو القارئ فيه يشك أن ينبغي ولا فيه،وسواء وتقل. الحياة تكثر أن صح إن الناس، يحيا أن ينبغي مما أكثر حية كانت وإنماوليس ذلك، أريد أنا لأني شك؛ غير من حية صالح أم كانت فقد يرض، لم أم رضيالقارئمن صالحا أخذ أو شيء، لا من صالحا اخترع الذي فأنا الناس، من غيري يريد ما يعنينينراه لأننا الأمر؛ حقيقة في موجود موجود، غير ولأنه موجود، صالحا لأن الطريق؛ عرضوالقرى، المدن يملأ لأنه أيضا؛ الأمر حقيقة في موجود وغير مكان، كل وفي ساعة كل فيكما ضده، إلى انقلب ه حد عن زاد إذا والشيء الوجود، في الناس وعلى نفسه على ويسرفغيري يعرف لا ما صالح أمر من أعرف — أيضا يقال كان كما — وحدي إذن فأنا يقال،وأنا طلقت. لأنها الدار تركت وإنما ماتت، لأنها الدار تترك لم أمه أن وأقرر الناس، منخادما تعمل مطلقة أدعها أن أستطيع أشاء: ما الطلاق هذا بعد بأمه أصنع أن أستطيعأن وأستطيع موفورة، سعيدة معه تعيش زوجا لها أجد أن وأستطيع الدور، بعض فيلبيع رها أسخ فقد البائسات، من أمثالها منها يعيش التي الأعمال هذه من لعمل رها أسخوأوساط الأغنياء بيوت في الخبز تصنع أن أكلفها وقد الفاكهة، لبيع رها أسخ وقد الخضر،غير الأعمال من أشاء ما لها أجد وقد البيوت، هذه في الثياب تغسل أن أكلفها وقد الناس،أن إلى مضطر القارئ ولأن حديث، من القارئ إلى أسوق أن أحب فيما حر لأني كله؛ هذايرضى أن وفي يرفضه، أو يقبله أن في ذلك بعد حر هو ثم إليه، أسوقه كما حديثي ى يتلق

عليه. يسخط أو عنهولا ذكرتها، التي الأعمال هذه من شيئا صالح أم أكلف لا أني الأمر من والواقعبها أصنع أن في حريتي على لأني رسمتها؛ التي الخطط هذه من شيئا عليها أفرضقد صالح أم خديجة بأن التاريخ ثني حد وقد التاريخ، رواية في الأمانة أوثر أشاء، ماحين جائرا ولا ظالما يكن لم صالح أبا عليا الحاج وبأن العشرة، سيئة الخلق شاذة كانتسليم القلب، طيب الرجل هذا كان فقد عامين؛ أو بعام صالحا له ولدت أن بعد طلقها

24

صالح

منكرة صالح أم خديجة امرأته وكانت والهدوء. الدعة يحب كما شيئا يحب لا النفس،شيء، ترضىعن ولا ترضىبشيء، لا الصياح، شديدة الكلام، كثيرة العشرة، بغيضة الخلق،يفرغ أن وحاول كنفه، في صالح ابنه واستبقى فراقها، إلى البائس الرجل هذا فاضطرليعيشوا. يعملوا أن أمثاله تكلف الحياة خطوب لأن يستطع؛ فلم تربيته على ويقوم لهذلك بعد وهو ابنه، لتربية يفرغ وأن القوت، لكسب الرجل يعمل أن الممكن من يكن ولملنفسه يتخذ أن إذن فاضطر الناس، يعيش كما يعيش أن إلا يستطيع لا الناس من رجليعينها زوجا لنفسها خديجة واتخذت الولد، من غيره وتمنحه صالحا، له تربي امرأةمن القاضيبأرطال اشترى لأنه أبوه؛ احتجزه الذي هذا صالح من ويعوضها الحياة، علىالقديم؟! العهد ذلك في النحو هذا على تجري الحياة كانت وقد أصنع أن تريد وماذا البن.قد خديجة أن من امرأته، فارق حين معذورا كان قد صالح أبا أن على أدل وليسفارقها قد وهو سعيدا، أسماه غلاما له وهبت أن بعد يطلقها أن إلى الثاني زوجها اضطرتالخلق، بغيضة العشرة، سيئة كانت فقد الأول؛ زوجها أجلها من فارقها التي الأسباب لتلكهذا في حظها ولكن شيء، عن ترضى ولا بشيء، ترضى لا الصياح، مرتفعة الكلام، كثيرةالأذكياء على الناس أمور تختلط ما أكثر فما أدري! لا سيئا أو حسنا كان الثاني الطلاقيفرق لا الذكاء من الحظ قليل مثلي كان بمن فكيف والشر، الخير بين يفرقوا لا حتىزوجها مات حتى تطلق تكد لم خديجة أن هو المحقق والشيء والشقاء! السعادة بيناستطاعت، كما أو شاءت كما تربه ولم تستطيع، كما أو تشاء كما تربيه سعيدا لها وتركوالخلق السيئة العشرة ذات المرأة هذه في الأزواج زهد وقد أحبت. كما الطبيعة ربته وإنماالفجل فباعت الكليل، والعقل الضيقة الحيلة ذات المرأة هذه على الحياة وثقلت البغيض،عليها عطف رفيقا، هادئا جنونا فجنت عليها الأمر اختلط ثم آخر، حينا والترمس حينا،المحسنين. إحسان من وعاشت المعفرتة»، «خديجة يت فسم الناس، منها وأخاف القلوب،ينشأ صالح ابنها كان المخيف، الهادئ الجنون هذا ظل في ينمو سعيد ابنها كان وبينمافأظهرت والبنات البنين رزقت ثم عليه، وعطفا له حبا أظهرت التي الضرة هذه ظل فيفي الآخر ونشأ العاقل، البغض حماية في الأخوين أحد نشأ وكذلك به. وضيقا له بغضا

المجنون. الحب رعايةأول في كله، هذا تفصيل عليك أعرض أن الخير من أكان العزيز القارئ أيها ثني حدكان أم الحديث، هذا إليك يحمل الذي فر وبالس وبأمين، وبصالح بي فتضيق الحديث هذاالتحدث يحين حين شيء بكل أحدثك وأن اخترته، الذي اليسير المذهب إلى أذهب أن الخير

25

الأرض في المعذبون

مختلفة، مذاهب ومرائك عنادك في وستذهب وستماري، ستعاند أنك أعرف أنا إليك؟ بهالذي النحو على بالأمر وحدثتك اخترته، الذي المذهب ذهبت فقد أنا أما تشاء. وما فأنتوعاد الجديد، ثوبه في ودخل القناة، في استحم قد صالحا أن إلى حين منذ وانتهيت آثرته،ذراعيه بين ضمه الذي القديم ثوبه مهديا لبسه، الذي الثوب بهذا مسرورا أبيه امرأة إلى

وجنبه.عنه، ورضيت الجديد ثوبه فرأت قدمه، إلى رأسه من إليه نظرت أبيه امرأة ولكناتخذا قد وبنتها ابنها فرأت الحجرة، في بصرها أدارت ثم به، وضاقت القديم ثوبه ورأتوالصدور، الظهور عن يبديان كما الكتفين عن يبديان القديم، الثوب كذلك باليين ثوبينالقديمين، ثوبيهما في ابنيها إلى النظر أعادت ثم الجديد، ثوبه في صالح إلى النظر ت رد ثمبغيضة؛ بشعة ولكنها جلية، واضحة الخطة نفسها في ارتسمت وقد إليها عيناها ارتدت ثممن الصبح يشرق ولم محمود. لابنها خلق وإنما لصالح، يخلق لم الجديد الثوب هذا فإنله مرض مبرحا ضربا ب فضر نكرا، أبيه امرأة ومن أبيه من لقي قد صالح كان حتى غدالذهاب عن الفتى وعجز البالي، القديم ثوبه إلى ورد الجميل الجديد ثوبه من وجرد أياما،ويمرضفي ازدراء في يهمل زواياها، من زاوية في ملقى الدار في وأقام غده، من الكتاب إلىالعريف ببغض فيه ليشقى الكتاب إلى سعى قدميه على يمشي أن استطاع إذا حتى عنف،

أمين. بعشرة فيه ولينعم سيدنا، وقسوةهذه في يقضي كيف الناشئ عقله يدر فلم البائس، رفيقه قصة أمين عرف كذلكأهدت لما يلبسه، صالح كان الذي البالي الثوب ذلك عن أمه إلى ث يتحد لم أنه لو القصة.المطرد. الهادئ البؤس ذلك على صالح أمور ولمضت الجديد، الثوب ذلك صالح إلى أمهلها يلتمس أم ذلك في نفسه أيلوم إليه. فأساء رفيقه إلى يحسن أن أراد قد إذن فهووحدث ويسليه، يعزيه لصاحبه فرغ وإنما يعذرها، أو نفسه يلم لم أنه والحق المعاذير؟المسكين. رفيقه به تكسو آخر ثوبا ثيابه بين تجد قد الرحيمة الكريمة أمه بأن نفسهمن المألوف النحو هذا على دائما تجري الحياة أن ظن إن الخطأ أشد يخطئ القارئ ولكنعلى ثورة مني أقل الحياة فليست والتقدير؛ التفكير الناسمن ألف ما دائما وتلائم المنطق،هي تريد كما تمضي الحياة وإنما المدبرة، والخطط المرسومة والقواعد الموضوعة الأصولحين يرعهما فلم اليوم، ذلك مساء الكتاب من وأمين صالح راح وقد الناس. يريد كما لاالجنوب ومن الجنوب إلى الشمال من الحديدية الخطوط فيه تمتد الذي المكان ذلك بلغاالجماعة هذه يبلغا ولم بعضا، بعضها ويدعو تتصايح، مزدحمة جماعة إلا الشمال، إلى

26

صالح

يستر غليظ ثوب عليها وألقى شطرين شطرت قد جثة وروعهما؛ راعهما منظرا رأيا حتىوتنشر دمعها، وتسفح صدرها، وتضرب وجهها، تلطم قائمة وامرأة العيون، عن بشاعتهايقال كان كما القطار، أكلها سعيد جثة فكانت الجثة فأما عريضا. ضحكا الفضاء فيإلى الجنون ويدفعها الجزع إلى الغريزة تدفعها خديجة فكانت المرأة وأما الأيام، تلك فيمع يمضي أن آثر ولكنه يقف، أن وهم أمه إلى ونظر أخيه إلى فنظر صالح وأما الضحك،إلى راح أمين أبا أن أعلم ولكني الرفيقان، صنع ما أدري ولست شيئا. ير لم كأنه رفيقهأحدها أكل اليوم، منذ شرهة القطر كانت لقد محزونا: يقول وهو الليل م تقد حين أهلهيوم في ابنيها المعفرتة» «خديجة وفقدت الليل، مع صالحا الآخر وأكل الظهر، مع سعيدابين وقبل رأسه على فمسح البكاء، من ينقد يكاد مذعورا أمينا ابنه فرأى التفت ثم واحد.إلى ستذهب لأنك الصبح؛ كان إذا الكتاب على تغدو لن رفيق: صوت في له وقال عينيه،

الإقليم. عاصمة في الابتدائية المدرسةالجثة تلك أرى زلت ما خطر: ذا رجلا وأصبح السن به مت تقد أن بعد أمين قالوجه أرى وإنما سعيد، وجه أرى فلا وجهها إلى أنظر ولكني غليظ، ثوب عليها ألقي قد

القطار. أكله حين صالحا أر فلم ذلك ومع صالح،

27

الثاني الفصل

قاسم

سكون الكون على وجثم شيء، كل حوله من هدأ قد القاتمة، الليل ظلمة في يسعى كانمنتثرة، ضئيلة النور من نقطا فيها لرأى السماء إلى رأسه رفع قد ولو مرهق، رهيبكان وإنما الأرض، إلى برأسه يطرق يكن ولم السماء، إلى رأسه يرفع يكن لم ولكنهبل الظلام، من الكثيفة الحجب هذه به يخترق أن يريد كأنما بصره يمد أمامه يمضيقد الجماد من بقطعة شيء أشبه كان وإنما شمال، عن ولا يمين عن يلتفت يكن لميشق حي بسهم يشبه أن لجاز الخطو أسرع أو عدا قد ولو إنسان، صورة في رت صومطمئنا، هادئا يسعى كان الخطو، يسرع يكن لم ولكنه أمامه، المتكاثفة الظلمات هذهرفيقا، مستأنيا سعيا يسعى فهو رفيقة، خفية قوة أمام إلى تدفعه كأنما سعيه في يترددغايته، إلى الزمان يمضي كما غايته إلى يمضي وإنما شيء، عند يقف ولا شيئا، يتعجل لا

وحزم. ومهل أناة فيالوردية الأصبع تلك لذكر ثقافة، من حظ على أو للشعر راوية أو شاعرا كان ولويمضي النقية الفضة من ضئيلا سهما لتصور أو تنجلي، بأن الليل ظلمة إلى تشير التينجوم أمامه وتساقط متهالكة، الظلمات هذه أمامه فتنهزم المتكاثفة، الظلمات هذه فييمد الفجر نور رأى ولكنه الفرار، إلى بعضا بعضها يدعو كأنما الغربي الأفق في السماءماضيا نحيلا ضئيلا الجو في ورائه من أقبل قد صوتا وسمع النهر، وراء الدقيق لسانهرأى ثم الضئيل. الضوء ذلك والترحيب بالتحية يلقي أن يريد كأنما الشرق، إلى أمامهوغناء؛ نورا يمتلئ أخذ قد كله الجو كأن أحس حتى عرضا، وينبسط طولا، يمتد النورالأحياء يوقظ فكان الصوت وأما الفجر، بمطلع وينبئها الأشياء يوقظ فكان النور فأماولم بنثر، ولا بشعر كله هذا من شيء يذكره ولم النوم. من خير الصلاة بأن وينبئهمولم شيء، في كله هذا من يكن لم لأنه حديثا؛ أو قديما أدبا ذاكرته أعماق من يخرج

الأرض في المعذبون

الأمر في ما وكل بال، على لأحد يخطر أو يوجد أن يمكن كله هذا من شيئا أن يقدر يكنالسعي، فتطيل الليل ظلمة في تسعى إنك يوم: ذات له قال قد الضرير الشيخ أخاه أنفي أو قلبك في دها ورد القرآن، من الآية هذه فاحفظ آمنة، غير مخوفة الطريق بك وتمتدآمنوا ﴿الذين الكريمة: الآية قرأ ثم وحشة. من وتؤنسك خوف، من تؤمنك فإنها لسانك،الحقير بيته من يخرج لا فكان القلوب﴾، تطمئن الله بذكر ألا الله بذكر قلوبهم وتطمئنمتصلا، دا ترد صدره في الآية هذه دت ترد إلا الليل، ظلمة في النهر إلى ساعيا المتضائلهذه تجاوزت بعيد، من أو قريب من نبأة أحس فإذا وهدوءا، وراحة أمنا ضميره فملأتكل وجنب كيد، كل فأمن الفضاء، إلى صوته بها واندفع لسانه، إلى قلبه الكريمة الآية

مكروم.رأى فلما فيه، تتردد التي الآية هذه قلبه تؤنس أمامه، يمضي الليلة تلك في وكانوسأل التلاوة، عن كف وإنما شيئا، يذكر ولم شيئا، يخف لم سمع، ما وسمع رأى، ماالصلاة أدى إذا حتى وراءه المسجد إلى يرجع أم أمامه، النهر إلى أيمضي مسرعا: نفسهألقى حين طويلا يشك ولم رزق؟ من إليه الله يسوقه ما منه فاستخرج النهر، إلى مضىيكلمه ولم أحدا يكلم لم صلاته فأدى المسجد إلى استدار وإنما السؤال، هذا نفسه علىفي يفكر يكاد ولا شيئا، يذكر لا وحيدا، مطمئنا هادئا النهر إلى سعيه استأنف ثم أحد،لا ومهل، أناة في أمامها تمضي إنسان صورة في رت صو قد جامدة قطعة هو وإنما شيء،جلال تحس ولا شمال، إلى ولا يمين إلى تلتفت ولا الأرض، في تنظر ولا السماء في تنظرإلى وسعت الحقير، البيت ذلك من خرجت وإنما المنتصر، الصبح جمال ولا المنهزم، الليلراوية ولا شاعرا قاسم يكن فلم رزق، من لها الله ساقه ما فيه تلتمس العظيم، النهر ذلكوأن جلالا، لليل أن قط له يخطر لم بل النهار، وجمال الليل لجلال محبا ولا شعر،يستعين ما النهر في يلتمس مريضا، بائسا جاهلا رجلا إلا قاسم يكن فلم جمالا. للنهارولولا الحقير، ذلك بيته في «سكينة» وابنته «أمونة»، امرأته ويقوت أوده، يقيم أن على بهطريقه في وهو أدركته إن الفجر صلاة ويؤدي الآية، هذه صدره في يردد كان قاسما أننفسه ليقوت النهر سمك من له يخرج ما بيع في وأهونه التفكير أيسر ويفكر النهر، إلىالنمل سعي يشبه خالصا غريزيا شيئا النهر وبين بيته بين سعيه لكان ذلك لولا وأهله،

أرزاقها. إلى والنحللم ذلك أجل ومن ، سلا جسمه يسل وكاد المرض، نهكه قد عليلا قاسم كان وقدوإنما الناس، من غيره يضطرب كما الحياة شئون في يضطرب ولا يكد، ولا يجد يكن

30

قاسم

النهر إلى يسعى الصغيرة. أسرته وعلى نفسه على الحياة ليمسك الجهد أيسر ينفق كانمساومة، ولا مشقة غير في باعه السمك من شيئا شبكته إلى الله ساق فإن وحين، حين بينأمره يصلح ما والسأم الفتور من كثير في فاشترى نقد من عليه ذلك يغل بما عاد ثمويسعى إلقاء، أمونة يدي بين فيلقيه البيت إلى كله بذلك يعود ثم وابنته، زوجه وأمرعليه فيمتد البيت، نواحي من ناحية في ألقي قد رث بال حصير إلى متهالكا متخاذلايفكر ولا كلمة، ينطق لا ذاك حصيره على يزال وما إفناء. يفنيه السقم يكاد نحيلا ضئيلاويصيب يديه بين فتضعه الطعام، من تهيئ أن يمكن ما امرأته تهيئ حتى شيء فييقعد للصيد! فيها ينهض قاسم يكن لم التي الليالي أكثر وما يصيبون. ما منه ثلاثتهموفي بكلمة، ينطق ولا حركة، يأتي لا مثبتا مكانه في فيستقر العلة، عليه وتثقل الداء، بهكلف وربما ألما، أو حسرة تحس أن نفسه استطاعت إن وألم حسرة من فيها ما نفسهالنهوض، على يقدر لا وهو ونهض يحتمل، مما أكثر جسمه وحمل تطيق، ما فوق نفسهالناس، من غيره إلى بالقياس كريما فوجده النهر وبلغ السعي، على يقدر لا وهو وسعىنظرة امرأته إلى وألقى اليدين، صفر محزونا، مكدودا بيته إلى فعاد إليه، بالقياس بخيلا

شيئا. يصنع ولا شيئا يقول لا عليه فامتد حصيره إلى ومضى مريضة، حزينةأمرهم من أهلها تعين تلك أو الدار بهذه فتلم متباطئة، تخرج أمونة كانت هنالكوعلى عليها يمسك ما حملت وقد النهار، ينتصف حين وتعود يصنعون، ما بعض على

الجوع. عنهم ويرد الحياة، وابنتها زوجهامطمئن النهر إلى فسعى الصلاة، أدى أن بعد المسجد من قاسم خرج الصباح ذلك فيوالرضا، الراحة تصور أن تريد شاحبة ضئيلة ابتسامة ثغره على النفس، هادئ القلب،كريما النهر صادف وقد يسير، أمل من شيء فيه هادئا حزنا إلا ر تصو أن تستطيع فلايكد لم عظيمة بسمكة شبكته له فخرجت حسنا، رزقا إليه الله وساق اليوم، ذلك فياتسعت ضئيل، فرح قلبه في اضطرب حتى وعرضها طولها يرى يكد ولم ثقلها، يحسشحوب، من فيها يظهر كان ما عنها وذهب ثغره، على مرتسمة كانت التي الابتسامة لهصيده يحمل أن يستطيع لن أنه أحس ثم ضئيل، متهالك نور الصغيرتين عينيه في ولمعحينا، حوله من ويتلفت حينا، النهر وإلى حينا إليه ينظر أمامه فأقام بعيد، أمد إلىشباب من الأصحاء بعض به يمر أن وينتظر حينا، بالشكر السماء إلى رأسه ويرفعالصيد هذا رأى منذ نفسه في استقر فقد العمدة؛ بيت إلى الصيد هذا له فيحمل المدينةالعمدة، بيت إلى يحمل أن ينبغي وإنما السوق، في يباع أن ينبغي لا أنه الجميل الرائع

31

الأرض في المعذبون

إلى يحمل بأن وحين حين بين ويوصيه عليه، ويعطف به يرفق الذي الموسر الرجل هذاحسن. صيد من له يتاح قد ما داره

من الأسرة تستيقظ أن قبل الصبح مع نهضت قد الدار فتيات من فتاة وكانتالدار فناء تكنس وأخذت يوم، كل من الصباح مع به تبدأ أن تعودت بما فبدأت نومها،وتنفض أماكنها، في الكراسي ف فتصف عليها، يكون أن ينبغي التي هيئته إلى وتردهسيدنا لمجلس وتهيئها الفناء، صدر في تمتد كانت التي الطويلة الدكة تلك عن الترابحينا يطوله حديثا إليها ويتحدث القهوة، ويشرب السورة ليقرأ الشمس مطلع يقبل حينبالباب وإذا ذلك لفي الفتاة وإن ريث. أو عجلة من عليه يكون ما حسب حينا ويقصرهالرضا آية الشاحب وجهه على تظهر حزينا قاسما رأت فتحته فإذا خفيفا، طرقا يطرقالرجلان دخل ثم الغلام، معه وحيا قاسم فحيا عبأه، عنه يحمل غلام ورائه ومن والأمل،صوته في قاسم وقال الفناء، صدر في الدكة هذه على العظيم صيدهما ووضعا صامتينينصرف، أن صاحبه وهم الصيد. بهذا ستسر السيدة أن في أشك ما المريض: الخافتولكن ينصرف، أن قاسم وهم محبورا، وولى راضيا فقبله شيئا يده في ألقت الفتاة ولكنمن وبقدح يؤكل، مما بقليل إليه وعادت لحظة عنه غابت ثم أقم، أن إليه أشارت الفتاة

ودعا. وشرب فأكل القهوةشيئا متكلفا صباح، كل في يقبل أن تعود كما يقبل الضرير سيدنا وإذا ذلك في وهوالأسرة ينبئ أن يريد الستار، ربه بدعاء صوته رافعا أمامه، الباب دفع في العنف منلم ولكنه الفناء، صدر في دكته إلى سعى رفق غير في وراءه الباب أغلق إذا حتى بمقدمه،يظهر، كيف يعرف لم مثله ضرير ذعر تملكه قد وجلا، مرتاعا وثب حتى يجلس يكدتذهبان ويداه يرتعد، وجسمه يضطرب، فوجهه يظهر، أعضائه من عضو أي في ولابين حشرجة في يتردد وصوته متحطمة، أسنان عن مفتوح وفمه الهواء، في وتجيئانفيدفعان الذعر، هذا ويشهدان المنظر، هذا معه الفتاة وترى قاسم ويرى وشفتيه. جوفهالدار فتيان أن وظن خوف، بعد أمن وقد نفسه إلى سيدنا ويثوب متصل. عال ضحك إلىله يهيئ لم الدار أهل من أحدا أن الأمر آخر علم إذا حتى الكيد، له كادوا قد وفتياتهابالصيد الفتاة وشغلت موضعها، غير في السمكة هذه فوضع قاسم أخطأ وإنما كيدا،ومن نفسه من الضرير الشيخ تضاحك مجلسه، له تهيئ فلم سيدنا، مقدم عن والصائدقبل قهوة يشرب حتى السورة يقرأ أن وأبى كرسي على جلس ثم الفتاة، ومن قاسمشرب وقد الترتيب، من فرغ متى يشربها أن تعود التي تلك قهوته عن تغني لا القراءة،

32

قاسم

مني ضحكتما لقد بالغة، الله حكمة إن للانصراف: ينهض وهو قال ولكنه القهوتين،اليوم، منذ طعاما لأهلي أتكلف فلن خيرا؛ بي أراد قد الله ولكن نفسي، من وأضحكتمانينصيبي منها أنتظر وبأني رعبا، قلبي ملأت قد السمكة هذه بأن ابنتي يا السيدة أنبئيترسلوا أن أرضى وما مختلفة، ألوانا منها ستتخذون أنكم في أشك وما النهار، م يتقد حينالضرير الشيخ وانصرف جميعا. الألوان هذه من أصيب أن يجب وإنما واحدا، لونا لييسعى أن دون حسنا رزقه فيه الله يسر الذي اليوم بهذا مستبشرا نفسه، عن راضيا

حساب. بغير يشاء من يرزق والله إليه.والفتاة، الصائد تضاحك وعلى الضرير الشيخ ذعر على كلها الأسرة استيقظت وقدويكسل بعضها يعمل تستقبله، أن تعودت كما النهار تستقبل فأخذت القرآن، قراءة وعلىلعله أو صيده، ثمن ينتظر لعله أو نفسه، نسي لعله يبرحه لا مكانه في والصائد بعضها،ومهما وسقمه. همه عن تسلية من وجد وما شرب، وما فيها أكل لما الدار إلى أنس قدوخرج قروشا، يده في ووضع حسنا، قولا له فقال الدار، صاحب رآه فقد شيء من يكن

السوق. إلى وذهب استدار وإنما داره إلى يمض لم ولكنه مغتبطا، راضيا الصائدهذا في الطرق مفارق من مفرق إلى انتهينا قد أننا يلاحظ أن يستطيع والقارئوأنا الصياد، قاسم إليها ذهب التي السوق إلى معه أذهب أن أستطيع فأنا الحديث،ويشرب القرآن، ليقرأ صباح كل سيدنا بها يلم التي الدور، هذه إلى أذهب أن أستطيعبما جوفه يضيق ولا صوته، يضعف لا الحديث، أطراف أهلها ويجاذب القهوة، فيهاسيدنا إليه سينتهي الذي الكتاب إلى معه أذهب ثم المرة، القهوة أقداح من فيه يلقىفي يشتري قاسما أترك أن أستطيع وأنا تزول. أن الشمس وتوشك الضحى يرتفع حينلا الدار في أقيم وأن الكتاب، إلى وينتهي بالدور يطوف سيدنا أترك وأن يشاء، ما السوقبين المطبخ من مكانها في واستقرت الفناء من نقلت حيث إلى السمكة أتبع وإنما أبرحها،وانخفاضا، وارتفاعا وضيقا سعة تختلف التي الكوانين من الطويل الصف وهذا الفرنأن يراد لما ويهيئنها ويقطعنها ينظفنها العظيمة، السمكة هذه على النساء إقبال وأشهدسيدنا، أتبع ولن قاسما، أتبع ولن الدار، في أقيم لن ولكني الطعام، ألوان من منها يتخذالشمال إلى أنحرف ثم حينا، فأسعى الشمال إلى وسأنحرف الدار، من سأخرج وإنماأقصى في أجد ثم خطوات، أمامي فأمضي يمين إلى أنحرف ثم قليلا، فأسعى أخرى مرةالطوب من ولا الحجارة من لا الطين، من اتخذت قد حقيرة حجرة الحقيرة الحارة هذهوخلط ما، تسوية منه قطع سويت الذي الطين من اتخذت وإنما اللبن، من ولا الأحمر

33

الأرض في المعذبون

ما، ارتفاعا الجو في ارتفعت حتى بعض إلى بعضها ورص والتبن، القش من شيء بهالها فأصبح النخل سعف من شيء عليها ألقي ثم الأرض، من متضائلة بقطعة وأحاطتبابا، لها فأصبح رقيق خشب من الطول قليل ضيق لوح فرجتها في نصب ثم سقفا،من فيها يدار وما السلع، من فيها يعرض وما السوق على أوثره الذي هو البيت فهذاجد من فيه يكون وما الكتاب وعلى حديث، من فيها يكون وما الدور وعلى التجارة،

ومكر. سذاجة ومن ولعب،استقبلتا وقد سكينة، وابنتها أمونة فيه أجد أن أحب لأني الحقير البيت هذا أوثريجر متثاقلا ينهض وهو قاسما تا أحس بائستين، الليل استقبلتا كما بائستين النهارالليل ظلمة في مستأنيا رفيقا انغماسا وينغمس ورائه، من الضئيل الباب ويغلق قدميه،فلم الليل، جوف في نهوضه تا أحس ورزقهما، رزقه فيه يجد وأن النهر، يبلغ أن يرجوعسى وما تقولان؟ ولم تفعلا؟ أن عسى وما تنهضان؟ ولم شيئا. له تقولا ولم معه تنهضايقظان اشتمله كما نائمتين ساكنتين الليل واشتملهما وأقامتا، قاسم مضى تقولا؟ أنهما فأما الرزق. إلى ساعيا له أسفر كما قائمتين ساكنتين لهما الصباح وأسفر ساعيا،واجمة مكانها في منهما واحدة كل فجلست الشمس، أشرقت حين نومهما من نهضتا فقدمن بشيء إليهما يعود لعله قاسما تنتظران وظلتا تقول، ما تعرف ولا تصنع، ما تدري لاتبعدان جاف خبز من شيئا تصيبا أن الانتظار عليهما طال إذا العادة جرت وقد خير.البيت من خرجتا وربما الجوع، عن نفسيهما به تبعدان أو نفسيهما، عن الجوع به

الجارات. إلى ثتا فتحدتشبه سذاجة وفيها ولين، دعة فيها عمرها، من عشرة السابعة في فتاة وسكينةالفتاة على يبدو ما لولا الناظرين تروق أن توشك جمال من مسحة وجهها وعلى الغفلة،التماسا، يتكلف أن دون للناظر يظهران اعتدال قدها وفي تناسق جسمها وفي الضر، منحسن عن وهناك هنا تتكشف أسمال إلا جسمها تستر لا كالعارية، أو عارية فالفتاة

أليم.فجاءة لابنتها أمونة قالت وقد قليلا، إلا يتصل لم الصباح ذلك في وجومهما أن علىبساعة النهر إلى أبوك خرج أن بعد البيت وتتركي تنهضي ألم منكسر: فاتر صوت فيقالت لحظة. بعد عدت ولكني البيت، من وخرجت نهضت قد بلى، الفتاة: قالت قصيرة؟طالت، اللحظة هذه ولكن لحظة، بعد تعودي أن وانتظرت ذلك قدرت فإني أمونة:التماسك، في أخرج أن هممت وحتى الشر، بعض من عليك أشفقت حتى طولها واشتد

34

قاسم

وأنتظرك أنتظرك زلت وما الجيران، إلينا يفطن أن مخافة البقاء على نفسي أكرهت ولكنيمضجعك في ين وتندس صة، متلص وتدخلين قة، مترف تقبلين أنت وإذا الصبح، أسفر حتىفإلى البيت، من انسلالك أحس ألا على حريصة كنت كما مقدمك أحس ألا على حريصةأول الرأس مرفوعة أمها حديث سكينة سمعت وقد تصنعين؟ كنت وماذا ذهبت؟ أينأن والعضلات الأعصاب عجزت كأنما فجأة، رأسها انخفض أن تلبث لم ولكنها الأمر،تأتي لا جامدة شيئا، تقول لا صامتة الفتاة ولبثت انكبابا، الأرض نحو فانكب تمسكههنالك الحديث؛ برجع منها تظفر فلم ومرة، مرة المسألة عليها أمها أعادت وقد حركة.منكر غضب إلى استحال أن يلبث لم الجد، من شيء وجهها في وظهر أمونة، تنمرتثم تصنعين؟ كنت وماذا ذهبت أين إلى ستنبئينني مكظوم: صوت في لابنتها وقالت عنيف،تصطنعه كانت النخيل سعف من يابسا عودا وتناولت يمين إلى الأعلى بنصفها انحرفتلها تقول وهي اليابس، العود بهذا ملوحة الفتاة استقبلت ثم وإنضاجه، الخبز تقليب في

تصنعين؟ كنت وماذا كنت، أين ستنبئينني المكظوم: صوتها فيله وثبت شديد عنف في كتفيها بين ما يقع أخذ العود ولكن شيئا، الفتاة تقل ولمالسقف، في سبب الوقوف إلى جذبها أو الأرض، في لولب الوثوب إلى دفعها كأنما الفتاةالغاضبة، المصادفة شاءت ما جسمها من يصيب العود أخذ فقد يطل، لم وقوفها أن علىيريد شهيقا تدافع الألم، من تتلوى وهي وجهها إلى يديها جمعت وقد تجثو الفتاة وإذاتبق لم هي فإذا بأمونة، الغضب يستأثر ثم حلقها. عنه ينفجر أن ويكاد ينطلق أنوخفة، بسرعة ووثبت يدها، من العود ألقت وقد ثائرة، جنية إلى استحالت وإنما امرأة،من الفتاة تجذب وجعلت يديها، بين البائسة شعر وجمعت وجهها على الفتاة فكبتعن الفتاة صوت انفجر وقد نظام. غير في وجهها بقدميها وتدفع رفق، غير في شعرهافي وتنبئها الفتاة فم على بيدها وتضغط ابنتها، على نفسها أمونة فتلقي منكرة، صيحةفي تنبئها ولم نفسها، تضبط ولم صوتها، تكظم لم إذا الموت بأنه دائما المكظوم صوتها

الليل. ظلمة في البيت من انسلت حين صنعت وماذا ذهبت، أين إلى وصدق هدوءعلى المتصل الضغط ولهذا أمها، جسم من حملت ما لثقل الفتاة صدر ضاق وقدتخلصت حتى عنيفا جهادا جاهدت ولكنها الموت، أنه تستيقن كادت أو فاستيقنت فمها،عن أمها يد ودفعت عنيد، حازم هدوء وجهها في وظهر جالسة، واستوت أمها ثقل منأن تريدين والعناد: التحدي عن ينم ولكنه أمها، كصوت مكظوم صوت في وقالت فمهافاعلمي الليل؟ ظلمة في البيت من انسللت حين أصنع كنت وماذا ذهبت، أين إلى تعلمي

35

الأرض في المعذبون

حين رجعت ثم أقمت، ما معه وأقمت مزرعته، في بعيد غير عمتي زوج لقيت أني إذنعملت؟ بما أنت أراضية تجهلين؟ كنت ما الآن أعلمت يسفر. أن الصبح كاد

جنح في عماتهن أزواج الفتيات لقي ومتى مستخذية: قالت ثم شيئا أمونة وجمتوألقاه النهار، وضح في ألقاه الفتاة: قالت النهار. وضح في شئت متى لتلقينه إنك الليل؟من ولا قريب من يعنيك لا فإنه وذاك؟ أنت وما وشأني، شأنه ذلك الليل، ظلمة فيتكلفت بصوت لأمها قالت الفتاة ولكن الفتاة، لجسم تمزيقه العود استأنف هنالك بعيد.يدها: من العود سقط وقد أمونة قالت بالجيران؟ أستغيث أو عني يدك ستكفين كظمه:جاهرة غير تنتحب وجعلت أسفلها على أعلاها انحنى ثم للعار! يا للفضيحة! يا الجيران؟لم أنها على المرمر، من قطعة كأنها ساهمة واجمة مكانها في الفتاة وظلت بالنحيب،

غزير. دمع وجهها على فانهل أجفانها بين فرقت أن تلبثالطريق، عليه ويأخذ الكاتب يضايق أنه به يوصف ما أقل استطلاع حب القارئ وفيحين الاستطراد إلى يضطره أو كتابته، في المضي يؤثر كان حين الوقوف إلى ويضطرهأنبأته ما يكفيه لا والقارئ فيه. يقول أو يعرضه الذي الموضوع يتجاوز ألا ل يفض كانظلمة في بيتها من وانسلت أبيها غيبة وانتهزت أمها، تغفلت قد الفتاة هذه أن من بهلرشد، لا لغي خرجت بأنها عذاب من ذاقت ما وبعد الأمر، آخر لأمها واعترفت الليل،

بغيض. إثم عمتها زوج وبين بينها كان قد وبأنبين المنكرة الصلة هذه نشأت كيف يعرف أن يحب وإنما بهذا، يكتفي لا القارئأني ولولا عمتها. زوج وهو الشباب، جاوز قد ورجل عمرها من عشرة السابعة في فتاةلمضيت الاستطلاع، يحب حين خائبا أرده أن ولا عليه، أشق أن أحب ولا بالقارئ أرفقعنها الحديث لأن البغيضة؛ الصلة هذه نشأة إلى الانحراف ولأبيت بدأته، كما الحديث فيالمذاهب من شاء ما يذهب أن الكاتب حق فمن بد، منه ليس مما بد لا ولكن بغيض،الكتاب إليه م يقد ما وجلاء وضوح في يفهم أن أيضا القارئ حق من ولكن كتابته، فيآية أقرأه ضرير شيخ أخ لقاسم كان قد أن القارئ عرف وقد والفصول. المقالات منالقارئ يعرف أن ينبغي فقد وحشة، من وتؤنسه خوف من تؤمنه القرآن من كريمةواتاها حين الشباب من كثير عقول خلبت لعوب، فاتنة أخت لقاسم كانت قد أن الآنكثير عن تتولى كما الدنيا عنها تولت ثم الأمور، لها واستقامت الدنيا لها وابتسمت الحظمن ودنت الكهولة في دخلت حين ذواء بجمالها وألم ذبول، جسمها وأصاب الناس، منالضرير، أخيها أو الصياد أخيها كبؤس بؤس إلى تضطر أن خليقة كانت وقد الشيخوخة.

36

قاسم

بقية فيه المدينة، أطراف من طرف في يقيم رجلا وكان محمودا، الحاج صادفت أنها لولاوقد البقول، استنبات في يستغلها الأرض من قراريط ويملك شباب، من وفضل قوة منالاستقامة، من شيء إلى حاجة أحس ثم المرأة، بتلك لعبت كما محمود بالحاج الأيام لعبتوعليه وعاد الحج إلى سعى ثم الصلوات، على وحافظ التقوى وتكلف الهدوء فاصطنعلا مطمئنة حياة في واستقر زوجا له المرأة هذه فاتخذ نقاء، من ومسحة وقار من زياللهو إلى ميله وكأن إرادته، من أقوى كانت غريزته وكأن بأس. على منها أحد يظهرالشيخوخة دنو أو الشيخوخة من امرأته دنو وكأن التقوى، إلى طموحه من أقوى كانالمدينة في يمشي فكان والطمع، المجانة إلى والرضا القناعة عن نفسه ل حو قد امرأته منوكان هناك، إلى بصره ويمد هنا إلى ويقصربصره وشمالا، يمينا عينه يدير الطرف زائغونزوعا الشر، إلى طموحا نفسه في أن على يدل بصره واضطراب وجهه تقلب في شيء كلعنه ويتحدث ازدراء في يرمقه امرأته، أخي على قاسيا وكان الأمر. من يستحب لا ما إلىالفقر من يبهظه كان مما عليه إشفاقا يظهر ولا بالمعونة يدا إليه يمد ولا استخفاف، فيوفي وجمال، قوة في الحياة تستقبل كاعبا فتاة الرجل هذا ابنة رأى ولكنه والداء، والبؤسفي وطمع جمالها اشتهى وإنما شقاءها، يرحم ولم لبؤسها يرق فلم أيضا، وشقاء بؤس

الشقاء! يبهظهم للذين الإغراء وسائل أكثر وما الوسائل. إليها وابتغى محاسنها،من ا جد كثير فيها نظرة يوم ذات تنظر البائسة الجميلة الفتاة هذه رأى وقدهذه يحملون والقرى المدن في يطوفون كانوا الذين الباعة، هؤلاء من رجل إلى الأملفيها حقيبة يحملون والقرى، المدن أهل من البائسين نفوس إليها تطمح التي السخافاتمن المترفون ويسميه «لبانا»، القرى أهل ويسميه الأفواه، في يمضغ الذي الصمغ هذاالخواتم من وضروب الخرز، من صنوف فيها أخرى حقيبة ويحملون «لادنا»، المدن أهليتخذن السخافات، بهذه يكلفن الريف ونساء الرخيص. المعدن من اتخذت قد والأساوربمضغ لن ويتجم والأساور، الخواتم بهذه ومرافقهن أيديهن ويزين عقودا، الخرز منالرجال به يفتن صوتا وحين حين بين مضغه في ويحدثن أفواههن، في يدرنه اللبانالجمال ذات البائسة الفتاة تلك محمود الحاج رأى وقد الناشئين. والشباب المكتملينالباعة هؤلاء من رجل يدي بين السخافات، هذه من بشيء نفسها تعلقت وقد البارعويدفعن الرخيص، سخفه منه يأخذن المدينة أهل من والفتيات النساء به أطاف قدلا لأنها شيئا؛ تأخذ أن تستطيع لا ولكنها وتشتهي تنظر وسكينة القليل. نقدهن إليهالفتاة، هذه إلى قلبه مال أو الفتاة، لهذه محمود الحاج فرق شيئا، تدفع أن تستطيع

37

الأرض في المعذبون

فرحا به الفتاة قلب وملأ ضئيلا، ثمنا له أدى قليلا شيئا هذا المتاع سقط من فاشترىإلى وروعة حسن إلى حسنا زادتها بهجة وجهها على وأفاض سرورا، نفسها به وأفعمومنذ أثيم، حب الغافلة الفتاة لهذه محمود الحاج قلب في وقع اليوم ذلك ومنذ روعة.البائسة، الأسرة هذه إلى وحين حين بين بالخير يسعى محمود الحاج جعل اليوم ذلكأن لولا يتصل كاد بعطف الفتاة واختص اليسيرة، بالمعونة وثنى الرفيق، بالحديث بدأهذا يتلقيان وامرأته قاسم وكان الريبة. ويخشى ظ ويتحف يحتاط كان محمودا الحاجالشك، بعض نفسيهما في يثير وما خير، من إليهما يحمل ما بين تردد في الجديد الودقد الفتاة أن هو شك فيه ليس الذي والشيء الحيطة، من أقوى كانت الحاجة ولكنوحين حين بين به يطرفها كان بما نفسها وتعلقت به، ووثقت الرجل هذا إلى اطمأنتوبين بينها المودة اتصلت ثم عمتها، دار على التردد فأكثرت المتواضعة، الطيبات هذه من

عمها. تسميه كانت الذي الرجل هذاإلى البغيض الحديث هذا في به أمضي أن إلى أظن فيما القارئ يحتاج ليس وهناذهب الذي هذا لقاسم الانتظار أطال قد وأحسبه وحده. يبلغها أن يستطيع فهو غايته،قد السوق من عائدا شاء إن إليه فلينظر العمدة؛ قروش جيبه في أو يده وفي السوق، إلىالحقير بيته إلى يسعى وأقبل كئيب، حبور الشاحب وجهه على وظهر بالخير، يداه امتلأتتتعودا لم ما وابنته امرأته فسيطعم رضا، من شيء نفسه وفي الخطو، ثقيل متباطئاالفقر يبلغ ومهما الموسرون. يتصدق حين أو النهر يكرم حين نادرا، إلا منه تصيبا أنشيئا فطرتهم في فإن الضيق، إليهم يسيء ومهما البؤس، عليهم يثقل ومهما بالناس،حين يجدونها لا لذة، أيديهم كسبت مما يأكلون حين يجدوا أن على تحملهم كرامة منالساعة تلك في قاسم كان فقد فيه؛ يحتالوا أو يكسبوه أن دون إليهم يساق مما يأكلونوتضاؤلا بؤسا أشد كان أنه لولا بنفسه، يعتد أن ويريد الكرامة، هذه من بشيء يشعريكن ولم الخطو، ثقيل متباطئا يسعى كان ذلك على وهو الاعتداد، هذا من للعلة وإذعاناوأن السوق، طيبات من يحمل ما يروا وأن بيته، من دنا كلما الجيران يلحظ أن يسوءهبطعام وابنته امراته مع وسينعم اليوم، منذ قاسم صيد حسن لقد أنفسهم: في يقولواذلك بعضهم ويقول والإشفاق، الرفق من كثير مع لنفسه ذلك بعضهم يقول لذيذ.واضطراب العيون، لحظ في كله هذا قاسم ويرى والغيظ. الحسد من كثير مع لنفسهيبلغ ولكنه الحسود، وحسد الرفيق رفق عن الرضا نفسه في يجد قاسم ويكاد الوجوه،وجعلت وجهه، إلى اعد يص الدم جعل وقد ويخطو، الضئيل الدقيق الباب ويدفع البيت

38

قاسم

يداه ت وهم بالخير، أهله يصبح أن الخافت صوته وهم تنفرجان، وشفتاه تبرقان، عيناهبعض في يداعبها أن وهم طعام، من إليها حملا ما زوجه يدي بين تضعا أن المتهالكتانوإذا هامدة، جامدة وهي غزارا دموعها تساقط امرأة فإذا وينظر، يخطو ولكنه الحزن،سائل ثم الأمر، أول واجم قاسم وإذا يسمع، أن تحب لا شهيقا وتدافع تنتحب، فتاةتقع بكلمات منقطع مختنق صوت في عليه ترد امرأته وإذا المسألة، مكرر ثم ذلك، بعديحمله كان الذي الخير هذا وإذا تسترخيان، يداه وإذا الجمر، موقع البائس قلبه منشفتاه وإذا تنطفئان، عيناه وإذا نظام، غير في الأرض إلى يسقط عليه، حريصا به حفيايمتد ثم متهالكا، عليه فيجلس البالي ذاك حصيره إلى يسعى هو وإذا ان، تمتد ثم تلتقيانتسمع امرأته وإذا جهد، من الضئيل العليل وقلبه النحيل جسمه أصاب ما نهكه وقدلهذا نتعرض لم غلاما مكانها الله رزقنا لو يقول: وهو ا، جد بعيد من يأتي خافتا صوتابعدا وأعظم خفوتا أشد يعود ثم حينا، الصوت ينقطع ثم الخزي. لهذا يعيد: ثم الخزي.سائر امرأته تسمعه فلا صوته ينقطع ثم البنات! يلدوا أن للفقراء ينبغي ما يقول: وهوتقدم حين ت هم وقد ذلك. بين شيء هو وإنما يقظان، وليس نائما هو ليس النهار،وتظل عنه، تعرض ثم إليه تنظر ولكنها تهيئته، وتحاول الطعام هذا إلى تنظر أن النهاردموعها وتنقطع بالدموع، عيناها تجود حين دموعها تنهل جامدة، هامدة مكانها فيوإنما بالميتة، ولا بالحية هي لا مكانها في ملقاة والفتاة البكاء. من عيناها تجمد حينذلك في الجيران ير ولم والجمود. الخمول عليها يشتمل ثم وحين، حين بين رعدة تأخذهاالبيت، ذلك من دخانا اليوم ذلك في الجيران ير ولم الحطب، لالتماس تخرج أمونة اليومذلك مع كانوا وقد النار، تنضجه الذي الطعام رائحة اليوم ذلك في الجيران يشم ولم

بالخير. يداه امتلأت وقد داره إلى يروح قاسما رأوا حين كله هذا يتوقعونعلى السود أرديتها فنشرت الليل ظلمة وأقبلت متباطئة، مغربها إلى الشمس وسعتوفرض مضاجعهم إلى الناس فاضطر مرهقا، ثقيلا المدينة على الليل وجثم شيء، كلمن ونهض النور، من ضئيلة نقطة السماء في وانتثرت شيء، كل على والصمت الهدوءأحد، إلى يلتفت لم البيت من فانسل شبحا، يكون أن يوشك ضئيل شخص قاسم فراشأراد وإن متباطئا فيها يمضي وجعل الليل ظلمة في نفسه وغمس أحد، إليه يلتفت ولمولا السماء، إلى رأسه يرفع لا أمامه مضى خفيفا. نفسه في كان وإن متثاقلا الإسراع،فحمة ضميره فأصبح نفسه، إلى الليل ظلمة نفذت فقد شمال، إلى ولا يمين إلى يلتفتولم صدى، فيه يتردد فلم قلبه إلى الليل سكون نفذ وقد صفاء، من حظ لها ليس قاتمة

39

الأرض في المعذبون

تطمئن الله بذكر ألا الله بذكر قلوبهم وتطمئن آمنوا ﴿الذين الكريمة: الآية له تخطرخوفا. كله استحال قد لأنه خوف؛ من بشيء نفسه الوقت في يشعر ولم القلوب﴾،

ضئيلا الفجر ضوء الشرق من أمامه وأقبل النهر، إلى طريقه في المسجد تجاوز وقدوينبسط طولا يمتد المؤذن صوت المسجد من وراءه وأقبل عرضا، وينبسط طولا يمتدإلى الناس ويدعو الأحياء يوقظ وغناء الأشياء، يوقظ ضياء حوله من الجو وامتلأ عرضا،ومضى أذناه، ت وسد عيناه أظلمت قد غناء، يسمع ولم ضياء ير لم قاسما ولكن الصلاة،ويمضي أمامه يمضي وجعل فاترة، كليلة قوة تدفعه الفاتر الكليل السهم كأنه أمامهلم ثم أقطاره، جميع من يأخذه بردا أحس ثم فراغ، في يخطو أنه أحس حتى مترفقا،كثيرة أشياء لحظة كل تمضيفي كما الغيب إلى مضى وإنما شيء، يحسه ولم شيئا، يحس

الغيب. إلىامتلأت المدينة أن وفي ربها، بنور ذلك بعد أشرقت قد الشمس أن في شك من ومانزعات من قلوبهم في يضطرب بما أعمالهم في اضطربوا الناس أن وفي ونشاطا، حياةأن تعودتا كما قاسم إليهما يعود أن انتظرتا قد وابنتها أمونة أن وفي والشر، الخيرمنه تظفرا ولم الانتظار، أطالتا ولكنهما الليل، آخر من النهر إلى سعى كلما تنتظرا

بشيء.وكيف اليأس، بهما بطش وكيف الأمل، بهما عبث كيف يعرف أن القارئ يحب وقدالخطوب، هذه عليه أقص أن إلى حاجة في ليس القارئ ولكن الأيام، صروف بهما لعبت«أمونات فيها فسيرى حوله، من الصاخبة الحياة هذه إلى ينظر أن عليه شيء فأيسروقد الألوف بمئات يحصين وإنما بالألوف، ولا بالمئات يحصين لا كثيرات وسكينات»إليهن تحمل لا ولكنها ربها، بنور مشرقة يوم كل عليهن الشمس تطلع بالملايين، يحصينالظلمة قاتم مظلما عليهن الليل ويقبل الغبطة، أو الرضا في أملا ولا غبطة ولا رضاالسماء، في تنتثر التي هذه النور بنقط ويزدان المختلفة، أطواره في القمر بهذا يزدانكريه بغيض ثقيل نوم إلى يدفعهن وإنما الراحة، في أملا ولا راحة إليهن يحمل لا ولكنهتحفل لا بغيضة، حياة من النهار في به يشقين ما ر تصو بغيضة بأحلام فيه يشقينببؤس والنهار الليل حفل ومتى يقبل. حين بهن الليل يحفل ولا تطلع، حين بهن الشمسقلوب لهم أتيحت الذين الناس من الأحياء أن الغريب ولكن الناعمين! ونعيم البائسينإلى يلفتهم أن خليقا كان ونعيم والشر، الخير بين تميز ونفوس تفكر، وعقول تشعر،لا غايتهما، إلى والنهار الليل يمضي كما حياتهم يمضون الناس هؤلاء البؤس، جحيمإنسان. كل وعن شيء كل عن أنفسهم شغلتهم بقاسم، ولا بسكينة ولا بأمونة يحفلون

40

الثالث الفصل

خديجة

كما النهر من تخرج ولم الأرض، على وروحا رحمة الملائكة تنزل كما السماء من تنزل لموالأنهار، الجداول من القديم الزمان في يخرجن الماء بنات من الحسان العذارى كانتالنجوم، من نجم إلينا أرسلها ولا السحاب، إلينا يحملها ولم والينابيع، العيون ومنعشرات من غيرها ينشأ كما أسرها من شقية بائسة أسرة وفي القرية، في نشأت وإنماأترابها من امتازت ولكنها دائما، والقرى المدن في وألوفهن مئاتهن من بل العذارى،من يعرف أحد يكن ولم يتخدد. لم اللون نقي عليه؛ رداءها ألقت الشمس كأن بوجهغليظا، جهما أبيها وجه كان فقد النقي، المشرق الطلق السمح الوجه بهذا جاءت أينالأفاعيل، العيش وشظف والشقاء البؤس به وفعل احتفارا، الأخاديد فيه احتفرت قدضيق وكان رائعة، صورة للقبح تكون أن جاز إن للقبح، رائعة صورة أمها وجه وكانما إلى العمل من البائسين تدفع التي المحرجة الضرورات وهذه العيش، وخشونة الحياةالأبوين هذين وجهي غشى قد كله هذا كان يكرهون؛ ا عم الأمر آخر وترضيهم يحبون، لا

والغباء. والغفلة والحزن والذلة الكآبة من مؤلم صفيق بغشاءونقاؤه وجهها إشراق كان وإنما فحسب، ونقائه الوجه بإشراق تمتاز تكن ولمفكان كله، جسمها على أسبغت قد والحسن، الجمال من بارعة رائعة لصورة مظهراالبارع المثال ل يتمه ما كأحسن وأناة، وتأنق ل تمه في صنع كأنما متقنا رائعا شيئاجميعا. والقلوب للعيون وفتنة الروعة في آية تمثاله فيخرج بعمله، ويستأني ويتأنق

تسمعه الأذن تكاد لا ممتلئا، صافيا عذبا رخصا — تكلمت إذا — صوتها وكانالسهم، كأنه الليل ظلمة في الفجر انطلاق بين القصير الوقت هذا النفوس في يحضر حتى

ونورا. جمالا تملأها حتى الأرض على الشمس وإشراق

الأرض في المعذبون

الفجر انطلاق بين يكون الذي القصير الوقت هذا النفس في يحضر صوتها كانتحية كأنه الندى فيه ويسقط عليل، رقيق نسيم فيه يترقرق والذي الشمس، وإشراقالطبيعة فيه وتستيقظ الأرض، إلى السماء أرسلتها قد والنشاط الحياة ملؤها حلوةالضوء ويهمس الغصون، وتهف الأوراق وتحف الطير تتغنى ذلك؛ مع متكاسلة نشيطة

يلم. أن الشمس موكب أوشك فقد بي، وتأه أفيقي أن الأرض إلى الفاتروكان قليلا، إلا تتكلم تكن ولم تكلمت، إذا كله هذا النفس في يحضر صوتها كانالسوي، الرائع وخلقها النقي، المشرق وجهها يلائم الصافي العذب الرخص ذاك صوتهاكل تلذ وإنما وحده، السمع تلذ لا التي الموسيقى آيات من بآية شيء أشبه شخصها فكانيكفون ولا يتساءلون الناس وكان والتفكير. والشعور الحس ملكات من الإنسان في مابهذه والقبح، بالدمامة الطبيعة آثرتهما اللذان الأبوان هذان جاء أين من التساؤل: عنالتساؤل في الناس ألح إذا القرية فقيه وكان وأنقاه؟ الحسن بأرقى استأثرت التي الآية﴿تولج فيه: وإلحاحهم تساؤلهم عليهم منكرا القرآن، من الآية هذه عليهم تلا أمامه،تشاء من وترزق الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وتخرج الليل في النهاريولج وهو للقبح الجمال الله يهب أن تنكرون ما ويحكم! لهم: يقول ثم حساب﴾. بغيرالنهار عن المظلم الليل ينشق أن تنكرون لا إنكم الليل! في النهار ويولج النهار، في الليلخديجة الله يهب أن تنكرون فلم الليل، ظلمة أمام النهار ضوء ينهزم أن ولا المبصر،

شعبان؟ ولأبيها محبوبة لأمها هذهوتصنع الخبز، لهم تصنع القرية بأهل تطوف نصفا، امرأة هذه محبوبة وكانتتحسن لا واسعا، مستديرا رقيقا الذرة من يتخذ الذي هذا هو ا خاص نوعا الخبز من لهمتهيئ تلك أو الدار بهذه ملمة الليل آخر في تراها فكنت القمح؛ خبز من غيره تصنع أنقطع الصناع السريعة بيدها تدير الفرن، أمام جالسة النهار أول في تراها وكنت العجين،تقذفها ثم عليه، يسوى أن ينبغي الذي الشكل على مدهشة سرعة في فتسويها العجين،يجعلها الذي النضج منحتها وقد النار من تستردها ثم رفيقا، خفيفا قذفا النهار إلىأن النهار ويوشك الضحى يرتفع حين تراها وكنت والبطون. والحلوق الأفواه في سائغةالخبز هذا من طائفة أجرها حملت وقد الحقير، الوضيع ذاك بيتها إلى عائدة ينتصففي الخبز بهذا ويقنعون وبناتها، وبنيها زوجها مع عليها وتعيش طائفة، إلى تضيفهاأو رزقا، شعبان إلى الله ساق إن ذاك، أو الإدام هذا إليه يضيفون وقد الأيام، من كثيرهذا يكن لم فإن طعام، من بشيء المعسرة الأسرة هذه على الموسرة الأسر بعض لت تفض

42

خديجة

القصار الأيدي إليه وتصل الأرض، تنبت مما شيء مع الخبز أو وحده، فالخبز ذاك ولاعلى بها يستعينوا أن من البائسون ج يتحر لا التي الأعشاب وهذه والفجل، البصل من

الحياة.جوع؛ من تغني لا مهنة أبيه عن ورث قد الرزق، في عليه ا مقتر رجلا شعبان وكانالبيوت يقيم وإنما واللبن، والآجر الحجر من تتخذ التي الدور يقيم لا متواضعا، بناء كانبعض به ويخلط الماء، عليه ويصب يجمع تراب الغليظ: الطين من تتخذ التي والحجراتفي لتمتد بعض إلى بعضها يضاف متلائمة غير أو متلائمة قطع منه تسوى ثم الهشيم،إذا حتى الأرض، من ضيقة رقعة حول تستطيل أو وتدور الجو، في وترتفع الفضاء،منها فاستقام النخل، سعف من شيء عليها مد القامة، من أقل أو القامة فبلغت ارتفعتمن يتقوا أن ينبغي ما أيسر فتقيهم القرى، أهل من البائسون إليها يأوي حجرة أو بيت

الطبيعة. عادياتحين يبنونها وإنما أسبوع، كل في ولا يوم كل في البيوت هذه يبنون لا القرى وأهليقيموا أن أو والحجرات، البيوت يتخذوا أن الظروف لهم تأذن وحين البناء، لهم يتاح

ذاك. أو البيت هذا فوق أو تلك، أو الحجرة هذه فوق الغرفةأو أياما متعطلا ذلك بعد ليظل القليلة الأيام أو اليومين أو اليوم يعمل فكانحين، إلى حين من عمله عليه يغلها التي القروش بهذه أهله على يوسع وكان أسابيع.من قليل إلى يده طالت إن الطيبات من بقليل ويمتعهم كسوة، لهم استطاع إن يكسوهميعملون، حيث أنفسهم ليقوتوا شبوا حين الصبية يعمل أن من بد يكن فلم الطيبات،

الرزق. من إليهم يساق ما بفضل أهلهم على وليرجعواالمسفر الصبح مع تقبل اليسار، أهل دور من دار في تعمل كاعبا، خديجة وكانتأبويها بيت إلى المظلم الليل مع وتعود الدار، أهل خدمة في نشاط من تملك ما فتنفقيستقر كان حزن من شيء على لها باسمة الحياة بهذه راضية وكانت فيه. الليل فتنفقما يأخذ حين وجهها ولا ينطق، حين لسانها عنه يبين ولا ضميرها، في ويتغلغل قلبها فيلم ولكنها الصغار، وإخوتها أبويها بؤس في شك غير من تفكر كانت الأشكال. من يأخذحزنها تخفي كانت إنما حركة، أو لحظ أو بلفظ الكئيبة الخواطر هذه عن تعبر تكنالصوت هذا تغمر مرة، ضئيلة نغمة الحزن بهذا نمت وربما كنزه، البخيل يخفي كماسحابة الحزن بهذا نمت وربما غريبا، أثرا السامعين نفوس في فتترك العذب، الممتلئيفكروا أن يرونها للذين يتيح لا سريعا مرا الجميل، المشرق الوجه بهذا تمر رقيقة خفيفة

43

الأرض في المعذبون

مقيما، ورضا متصلة بهجة الدار تلك في حياتها كانت عنها. يسألوا أن عن فضلا فيهابالحزن، تنبئ أن تهم التي النميمة هذه ا جد قصار لحظات وفي وحين حين بين تقطعها

إليه. تنبه أن ت هم بما تنبئ أن قبل تذوب ولكنهاسنحت كلما تبرهم أهلها، على عطوفا بها، رفيقة لخديجة محبة الدار ربة وكانتإلى محبوبة تدعو ما كثيرا وكانت الإحسان، لها أتيح كلما إليهم وتحسن الفرصة، لهابالقروش لا ذلك على تأجرها العنيف، الغليظ أو الهين اليسير العمل بعض وتكلفها الدارثياب من أو الخليعة، هي ثيابها من إليها تهديه الذي بالثوب ولكن يدها، في تضعها التيوبالطرف وبنيها، زوجها إلى حمله تكلفها وبالطعام زوجها، ثياب من أو وبناتها، أبنائهاولكنها والرخاء، السعة أيام تلم حين والرخاء، السعة أيام وفي الأعياد أيام في بها تطرفهابالأسرة رفقها يكون أن على تحرص كانت وإنما البر، من النوع هذا عند تقف تكن لم

متصلا. عليها وعطفها دا، متجدامرأة صياح الماشية حظيرة نحو من دارها فناء في الدار ربة سمعت يوم ذات وفيصبية وصراخ متصل، بضرب جسما تلهب عصا وصوت تبكي، فتاة وبكاء تصيح،ابنتها ألقت قد محبوبة إلا يروعها ولا مسرعة، حجرتها من فتخرج بالشكاة، يجأرونويدها عنيفا، جذبا يديها بإحدى تجذبه الجميل الطويل بشعرها وأخذت الأرض علىالنار في الخبز لإدارة تتخذ التي الغصون هذه من يابس بغصن وتنخفض ترتفع الأخرىناحية، نحيا قد خزف من طبقان الأليم المنظر هذ من بعيد وغير منها، واستخراجهوتمعن الشعر، جذب في يدها تمعن حين في الفتاة، عنهما وتسأل إليهما تنظر ومحبوبة

وخفضها. العصا رفع في الأخرىعن تها فرد محبوبة إلى أسرعت ثم أسمع؟! وماذا أرى ماذا منكرة: الدار ربة قالتولكن أمها، وبين بينها وفرقت فأنهضتها الفتاة وإلى العصا، يدها من وانتزعت الفتاةمن عصبية، نوبة أخذتها أن تلبث لم ثم وزفير، شهيق فيه متصل بكاء في أمعنت محبوبةاضطرت حتى والزفير، الشهيق في يمعن حين النساء من أمثالها تأخذ التي النوبات هذه

والسكون. الاتزان إلى لتردها ماء من بشيء تنضحها أن إلى الدار ربةالفتاة، وخطب خطبها عن الدار ربة واستنبأتها نفسها، إلى محبوبة ثابت فلماأنها منها سمعت غزارا: له دموعها انهلت حتى نفسها يبلغ يكد لم كلاما منها سمعتسادتها تخون ابنتها أن في تشك فلم الطبقين، هذين بيتها زوايا من زاوية في وجدتوإلى إليها يحسنون من فتخون تسرق، أن إلا إذن يبق لم متاع. من دارهم في ما وتسرق

44

خديجة

فتدخل تسرق أن إلا إذن يبق لم ورضا! نعمة من شيء فيها حياة لهم ويتيحون أهلها،هذه أجل من شقاء، إلى شقاء وحياتهم ضيق، إلى ضيقا عيشهم وتزيد أهلها على الشركانت التي الدور بعض عن هي فردت الرزق، في عليهم قتر استكشفتها التي السرقةوقت منذ الطوب تسوية إلى ولا البيوت، بناء إلى زوجها يدع ولم الخبز، فيها تصنعتخون سارقة ابنة لنا إن الآن، عرفناه فقد الشقاء، هذا مصدر عن نسأل كنا لقد طويل.

متاع! من عندهم ما وتختلس سادتها،تسرق لم ابنتك فإن المرأة! أيتها رسلك على عبراتها: كفكفت وقد الدار ربة قالتالطعام، من شيء وفيهما الليل، مع أمس إليكم تحملهما أن كلفتها وإنما الطبقين، هذينقالت الصبح. مع عملها على أقبلت حين نسيتهما قد أنها إلا أرى وما دائما، معها كدأبيوانجلت . قط طعاما إلينا تحمل لم أنها كما طعاما، أمس إلينا تحمل لم فإنها محبوبة:أن سيدتها تكلفها ما ترفض أن تستحيي كانت خديجة أن وتبين قليل، بعد القصةإذا فكانت الطعام، هذا أهلها إلى تحمل أن تستحيي وكانت أهلها، إلى الطعام من تحملطريقها في وجدت إن الفقراء إلى تهديه فيها، مما فت تخف الأطباق أو بالطبق خرجتالطريق عرض في وتلقيه الكلاب، إلا طريقها في تجد لم إن الكلاب إلى وتلقيه الفقراء،فإذا البيت، زوايا من زاوية في الأطباق تضع ثم كلابا، ولا ناسا طريقها في تجد لم إنحملت بما أهلها على وسعت قد كأنها الرضا، ظاهرة باسمة الدار إلى بها عادت أصبحتحين إلا تذكرهما ولم الطبقين، حمل عن أعجلت قد اليوم ذلك في ولكنها رزق. من إليهملا ثم سرقتهما، أين ومن كانا أين عنهما؛ غلظة في وتسألها تحملهما مقبلة أمها رأتبذلك جسمها وتلهب يديها بإحدى شعرها تجذب وإنما جوابا، منها تنتظر ولا تمهلهافتبكي، الألم يأخذها والفتاة فتصيح، الغضب ويأخذها الأخرى، يدها في اليابس الغصن

الصياح. في أمها أمعنت النحيب في الفتاة أمعنت وكلماكالفتيات، لا وفتاة كالخدم، لا خادم خديجة أن الدار ربة عرفت اليوم ذلك منذزوجها على ت وقص صديقا، لنفسها تتخذها وكادت بالحب، تها واختص بالمودة، فآثرتها— الله قول وتلا خيرا، وبهم بها امرأته وأوصى وأهلها، للفتاة فرق النهار، آخر القصةيحسبهم الأرض في با ضر يستطيعون لا الله سبيل في وا أحصر الذين ﴿للفقراء وجل: عزمن تنفقوا وما إلحافا الناس يسألون لا بسيماهم تعرفهم ف التعف من أغنياء الجاهل

عليم﴾. به الله فإن خير

45

الأرض في المعذبون

القصة هذه ر تصو بما ويتحدثون هذه، خديجة بقصة يتسامعون القرية وفتيانأمور من يشهدون فيما يجدونه لا نادر حياء ومن الأغنياء، عند يجدونه لا ف تعف منجمال عن يتحدثون القرية وفتيان الجدات. أحاديث من عليهم يقص فيما ولا الناسوفتيان الألباب. ويملك القلوب ويخلب العيون يسحر الذي وحسنها الفاتن، خديجةبألسنتهم ويعلنون فيها، وطمعا بها، وإعجابا لخديجة، حبا أنفسهم في يسرون القريةكل بقلوبهم وتسلك ملعب، كل بعقولهم تلعب والأماني عليها، وثناء لخديجة إطراءبعيدة ولكنها الثراء من الحظ عظيمة ليست أسرة من يوم ذات الخاطب يتقدم ثم سبيل.الدار من تخرج ماشية ولها القرية، من بعيد غير تزرع أرض لها الإعدام، عن البعد كل

كثيرا. خيرا الأسرة على وتغل المساء، مع إليها وتعود الصباح، معسيما ولا اللسان، منطلق المنظر، جميل النشاط، عظيم الصحة، موفور قوي والفتىفي رفاقه مع فيأخذ يعود ثم الجمعة، صلاة ليشهد المسجد إلى ويذهب زينته يأخذ حين

الحديث. من وفنون العبث من ضروبتردد بعد وتقبل إنكار، بعد تعرف ثم تصدق، ولا الأمر أول تسمع خديجة وأسرةهذه يمنع وما القلوب. يميت الذي والخوف النفوس، يحيي الذي الأمل من كثير فيهوسعة شدة، بعد رخاء لها سيتيح الله، من روحا الخطبة هذه في تجد أن البائسة الأسرةسعة ذات لأسرة إصهارها من فتشفق وبؤسها، نفسها ترى أن يمنعها وما ضيق؟ بعدوسعادته برضاه تعدل لا وأسرته وحبه، صدقه في ملح محب صادق الفتى ولكن ويسار؟إلى يصهر بأن البؤس إقناع إلى الوسائل تبتغي صدقها، في ملحة صادقة فهي آخر، شيئا

النعيم.تمتنع فهي خديجة، نفس في تستقم لم ولكنها الأسرتين، بين الأمور استقامت وقدالحياة تلك على خادما تحياها التي هذه حياتها تؤثر الامتناع، في وتلح الزواج، هذا علىتمتنع وهي أهلها. معونة على والقدرة نفسها، بأمر والاستقلال الحرية إلى تدعوها التيإلا الإباء هذا على تصر أن ينبغي فما أبويها، نفس في الريبة تثير حتى الامتناع في وتلح

حق. من الفتاة على للشرف فيما وفرطت نفسها، ذات في قصرت قد تكون أنوتغمره البكاء يقطعه صوت في خديجة سيدة إلى البشع هذا تفضيبسرها ومحبوبةوقلبها البائسة نفسها إلى الطمأنينة وتعيد القصد إلى تردها خديجة سيدة ولكن الدموع،الرضا منها تختلس حتى آخر، حينا وتخاشنها حينا، تلاينها بالفتاة تزال وما القلق،الزفاف ليوم خديجة سيدة واختلف الزفاف ليوم الفتى أسرة احتفلت وقد اختلاسا.

46

خديجة

بنات من الفتيات تهيأ ما كأحسن حياتها من المشهود اليوم لهذا الفتاة وهيئت أيضا،من لا دارها من الزفاف يبدأ أن إلا خديجة سيدة وأبت اليوم، هذا لمثل الوسطى الطبقة

شعبان. دارتبكي أن تريد الحقير بيتها أمام وجهها على انكفأت قد محبوبة كانت ليلة ذات وفيخفي صوت حلقها في يتردد وإنما الألفاظ، تجد فلا تتكلم أن وتريد الدموع، تجد فلامن ساعة عنه ستنكشف مما وهلعها خوفها على يدل فإنما شيء على دل إن منكر،يضطرب الأرض على ملقاة كذلك وهي زوجه. على الفتى يدخل حين الليل هذا ساعاتلحظة، تخف رعشة أطرافها في وتجري عنيفا، اضطرابا حين إلى حين من جسمهاحولها من والفرح البغيض، المنكر الصوت هذا حلقها في ويتردد أخرى، لحظة وتعنف

وسرورا. بهجة الشباب قلوب يملأطلقات وتسمع الحالكة، الليل ظلمة تشق فضة من سهام كأنها الزغاريد تنطلق ثميكون أن يشبه شيئا نصبوا قد بية والص النساء من جمع ويظهر وهناك، هنا للبنادقمنطلقة الزغاريد وسهام الذوق، ويمجها السمع ينكرها بألفاظ يهتفون وهم قانية، رايةمحبوبة تهز وقاح وامرأة تمزيقا، الليل أحشاء تمزق أن تريد كأنما بعضا، بعضها يتبعإلى ثوبي أفيقي! الناس: يسمعه صوت في لها وتقول مخيفا، زجرا وتزجرها عنيفا هزا

شعبان. ووجه وجهك خديجة بيضت لقد تخافين؟ ما نفسك،إليها من وقد فأجلسنها النساء أقامها وقد قليلا، قليلا محبوبة إلى السكينة وتثوب

موفورة. وقوتها كاملا صوابها لتسترد ماء من شيئالا خديجة ولكن غد، من النهار ويقبل الأعراس، ليالي تنقضي كما الليلة وتنقضيشيئا، لهن تقول ولا شيء كل منهن تسمع إكراها، ذلك على مكرهة إلا للزائرات تبدو

سبيلا. الدموع إمساك إلى تجد فلا دموعها تمسك أن تحاولتغمر التي الكآبة هذه مصدر وما خطبها؟ ما بينهن: فيما ويتساءلن يسألنها، وهنفي الحزن قلبها يملأ فتاة الناس رأى ومتى وجهها؟ تغمر التي الدموع وهذه نفسها،عندها يجدن فلا يسألنها هن وبشرا؟! فرحا القلوب فيه تفيض الذي اليوم هذا مثللا ولكنها نفسها، في مستقر الجواب إن قل أو جوابا، نفسها عند تجد لا لأنها جوابا؛فيما يتساءلن وهن عليه، تظهر ولا إليه تصل أن تستطيع لا لأنها تبديه أن تستطيعسجيتها على أنفسهن جرت ولو سؤال. من ألسنتهن على يدور لما جوابا يجدن فلا بينهنبالحق تثار الريبة من عليهن أيسر شيء وأي اختراعا. تساؤلهن عن الجواب لاخترعن

47

الأرض في المعذبون

زائغة اللون ممتقعة الوجه شاحبة زوجها إلى تزف أمس الفتاة رأين لقد وبالباطل!ولقد إليه، تنظر وهي الموت إلى تساق كانت كأنما جهد، في إلا نفسها تمسك لا البصرالشيطان، وركبها الصرع ها مس من اضطراب تضطرب الأرض على ملقاة أمها كانتظلمة في ترتفع القانية الراية رأين ولكنهن يريب؟ ما هذا بعض وفي هذا كل في أليس

المصابيح. خفقان وبين الليلزائرة أقبلت قد خديجة سيدة وهذه ينتصف، أن يوشك والنهار يرتفع، والضحىوما ترى ما ويروعها وتسمع فترى أيضا، الهدية إليها وتحمل التحية إليها تحمل لها،

تسمع.حولها: لمن تقول متضاحكة عندها من وتخرج شيئا، تطول خلوة الفتاة إلى تخلو ثمالأشياء. من بكثير تذهب كما به تذهب أن الأيام تلبث لن غافلة فتاة وحياء أطفال، عبثتمضي الأيام أن خديجة حول من إلى يخيل أو بشيء، تذهب ولا تمضي الأيام ولكنالصبوح وجهها كان وإن مطمئنة هادئة فالفتاة الأعراس، أعقاب تمضيفي أن تعودت كماإلى يزيدها رقيق حزن من مقيمة سحابة وغشيته وبهجته، جماله من قليل غير فقد قدالصافي العذب الرخص صوتها كان وإن حسنا، القلوب في موقعها ويزيد حبا، النفوسنفوذا وأسرع السمع، في موقعا ألذ تجعله متكسرة، حزينة نغمة فيه جرت قد الممتلئ،

القلب. إلىويغتبطون. الأزواج يسعد ما كأحسن مغتبط سعيد الفتاة وزوج

الساعة هذه الأرض وتغمر لليل، آية يمحو أن يريد جريئا يوم ذات الفجر وينطلقخديجة صوت كان والتي الشمس، وإشراق الفجر انطلاق بين تكون التي الحلوةالغصون، وهفيف الأوراق، وحفيف النسيم، ترقرق من يملؤها بما النفوس في يحضرهايخرج الحلوة الهادئة الساعة هذه وفي الطبيعة، واستيقاظ الطيور، وغناء الندى، وسقوطحلم كأنه الحياة، جمال متغنيات النهر، إلى ساعيات القرية أهل من والعذارى النساءصامتات، القرية إلى يعدن ثم بالنهار. عهدها وأول بالليل، عهدها آخر في بنفوسهن يلمفشيئا، شيئا وجوههن تغشى الكآبة وأخذت قليلا، قليلا ثغورهن يغادر الابتسام أخذ قدوآلامها الحياة أثقال لاحتمال يتهيأن وأخذن وألوانا، فنونا قلوبهن في يستيقظ الهم وأخذ

الثقيل. الملح بنورها قريتهن الشمس غمرت ماالنفوس. بائسات البال كاسفات القرية إلى وعدن مرحات، فرحات النهر إلى ذهبنوفي النهر، شاطئ على وجدت وإنما توجد، فلم قليلا النهار تقدم حين خديجة وافتقدت

48

خديجة

بعض جانبها وإلى مملوءة جرة جرارهن؛ يملأن أن النساء تعود حيث من بعيد مكانالباحثون. بها يظفر فلم النهر في خديجة والتمست الحلى،

ينفطر: أن يريد صوتا وتثبت تنسجم، أن تريد دموعها تكفكف وهي سيدتها قالتدنس، منه الطاهرة ونفسها النقي حياءها ومس الزواج، على إكراها خديجة أكرهت لقد

الموت. فغسله يغسله أن الحب يستطع لمعاشت ما تطوف أن محبوبة على كتب فقد لأبويها؛ الله وصنع خديجة: سيد قال

الطين. من ثيابه ولا يديه ينظف ألا شعبان على وكتب الخبز، لأهلها تصنع بالدور

49

الرابع الفصل

المعتزلة

بائسة مصرية أسرة أريد وإنما المتكلمين، فرق من المعروفة الإسلامية الفرقة تلك أريد لاا، ملح متصلا ذكرا فذكرتها بمصر، ألم الذي الوباء هذا كان حتى أمرها، أنسيت كنتبالتحدث ذكراها عن أتسلى أن فأردت أستطع، فلم فيها التفكير من أخلص أن وحاولتفي فيكون العام، الضمير إلى الخاص ضميري من يخرجها أن التحدث هذا لعل عنها،تخف الثقال والهموم النفس. في ما لبعض وشفاء للكرب، وتفريج للعبء، تخفيف ذلكأيدا يكن مهما واحد ضمير على ثقلها يقصر ولم كثيرة، ضمائر حملها في شاركت إذا

أيد! أو قوة من حظ له يكن لم إذا فكيف قويا،لا الأرض، في المنعمين المترفين إلى البائسة الأسرة هذه حديث أهدي أن وأردتترغيبا فيه بهم لأرغ بل النعيم عن لأصرفهم ولا قلوبهم، في لأزينه بل الترف إليهم لأبغضألا خليق الحازم الرجل بأن الأول الزمن منذ الحكماء تحدث فقد دفعا، إليه وأدفعهممن إلى ينظر وأن الهم، نفسه ويثقل الحسرة قلبه فتملأ عليه، يتفوقون الذين إلى ينظرله، الله ورعاية به، الله رفق ويحمد الحظ، حسن من له أتيح ما فيعرف الناس من دونهأجل من ويستمتع الخير، من له قسم بما ذلك أجل من ويستمسك عليه، نعمته وإسباغترفهم في المترفين د أزه أن في التفكير عن الناس أبعد وأنا النعيم. من له قدر بما ذلكأردته إن شيئا ذلك من أبلغ لن أني جهة من أعلم لأني نعيمهم؛ عن المنعمين ب وأرغجهة من أعلم ولأني الحديث، وتنميق القول تدبيج في أبرع ومهما الجهد، من أنفق مهمامن وليس المحتوم، والقدر المكتوب القضاء بحكم يأتيهم إنما المترفين ترف أن أخرىالناس خلق قد فالله الناس؛ في الله سنة إلغاء أو القدر، تبديل أو القضاء، تغيير إلى سبيلحتى وينعم الترف، يطغيه حتى بعضهم يترف بينهم، فيما الفرقة هذه من نراهم ما على… الشقاء يمجه حتى ويشقى الحرمان، به يضيق حتى بعضهم ويحرم النعيم، يبطره

الأرض في المعذبون

يتح لم فلما العنب، يصيب أن حاول الذي كالثعلب أكون أن وذاك هذا بعد أكره ولأنيبغيض! فج أنه وزعم العنب عاب ذلك له

زوج به أريد لا تمام» «أم هو آخر، عنوانا الحديث لهذا أتخذ أن لي خطر وقدبأكبر تكنى كانت فقد البائسة، المصرية الأسرة هذه زعيمة به أريد وإنما العظيم، شاعرناالذين المعذبين البائسين إلى الثلاثة وبنيها الأم هذه حديث أهدي أن لي وخطر أبنائها.وآباءهم أبناءهم الموت تخطف حين الوباء، بعد عليهم وألح الوباء، قبل الضر هم مسيحتملونه، كيف ولا يتقونه، كيف يدرون لا للشقاء نهبا وتركهم وعائليهم، وأخواتهمأن ينبغي فما النكد، وعيشهم البائسة حياتهم إليهم لأبغض لا منه، يخلصون كيف ولاالبؤس إليه تحبب أن ينبغي وإنما شقاءه، إليه تكره أن ولا بؤسه، البائس إلى تبغضفيه ويمعن عليه ليصبر الشقاء قلبه في تزين وأن استطاع، إن منه وليزيد ليتحملهالنعيم أن كما البائسين، على محتوم قضاء فالبؤس سبيلا، فيه الإمعان إلى وجد إنقدر السعادة أن كما الأشقياء، على مقدور قدر والشقاء المنعمين، على محتوم قضاءالمكتوب، بالقضاء يرضى أن خليق الحكيم العازم الحازم والرجل السعداء. على مقدورولأمر عليه. ساخط غير الشر ويحتمل فيه، زاهد غير الخير يحتمل المحتوم، والقدربالمكروه، ورضا للقدر، واستسلام للقضاء، إذعان أصحاب بأنهم الشرقيون وصف ماالشجاعة المترفون ليصطنع فينا؛ ورأيه بنا وظنه عنا الغرب قول تقدير أقل على فلنصدقالثراء أصحاب وليصبر البؤس، ليحتملوا الشجاعة البائسون وليصطنع الترف، ليحتملواوهؤلاء أولئك ينتهي حتى بالحرمان، فتنتهم على الحرمان وأصحاب بالثراء، محنتهم علىوالذي غنى، ولا فقر فيه يكون لا والذي حرمان، ولا ثراء فيه يكون لا الذي الموطن إلىيصيرون حين جميعا الناس بين المساواة فيه تتحقق والذي عسر، ولا يسر فيه يكون لا

تراب. من خلقوا كما تراب إلىكما تمام، وأم المعتزلة، العنوانين: هذين بين دت ترد فقد شيء من يكن ومهماالقارئ أخير أن الأمر آخر آثرت ثم والبائسين، المترفين بين الحديث هذا إهداء في دت ترديرضيالمنعمين ما الأسرة هذه حديث ففي الفريقين؛ إلى الحديث أهدي وأن العنوانين، بينما على قراءه يرضي أن من خطرا وأعظم شأنا أجل للكاتب مطمع وأي جميعا، والمعذبينوالمعذبين المنعمين يسخط ما البائسة الأسرة هذه حديث وفي اختلاف! من بينهم يكونوأنا الاختلاف! من بينهم يكون ما على قراءه يسخط لم إذا الكاتب قيمة وما جميعا،وأسوءهم، قرائي وأسر وأسخطهم، قرائي فأرضي خطر، ذا كاتبا أكون أن دائما أريد

52

المعتزلة

وأنا المقت، أعظم يمقتوني حتى وأغيظهم الكلف، أشد بي يكلفوا حتى قرائي وأعجبعليه فيعضون ترفهم، إليهم يحبب ما الأسرة هذه حديث في يجدوا بأن للمترفين زعيمبشعا، منكرا الترف هذا لهم ر أصو وبأن الرضا؛ كل عني ويرضون يقال، كما بالنواجذحديث في يجدوا بأن للمعذبين زعيم وأنا السخط. أشد علي فيسخطون بغيضا، ومذمماأن قلوبهم في يلقى وما عني، فيرضون المكروه على الصبر يعلمهم ما البائسة الأسرة هذهوأن ملمسا، وأرق جانبا ألين حياة إلى منها يخرجوا أن حقهم من وأن تطاق، لا حياتهمأريد، ما كل بذلك وأبلغ الضيق، أشد بي فيضيقون الخروج، هذا إلى سبيل لهم ليسإلا أريد لا فأنا والاختلاف، التفاوت من بينهم يكن مهما وأغيظهم القراء أرضي أن وهوومن الترف، يقتلهم حتى المترفون يترف أن من يعنيني الذي وما فيه، إلا أفكر ولا هذا،أهل من رجل لأني شيء؛ ذلك من يعنيني لا الشقاء! يهلكهم حتى الأشقياء يشقى أنوحب الأثرة فيه أعيش الذي العصر هذا به يمتاز ما وأخص فيه، أعيش الذي العصررجل وأنا بها، إلا أعنى ولا فيها، إلا أفكر ولا نفسي، إلا أحب لا أثر رجل فأنا النفس،وبما وسخط، رضا من قلوبهم في أثير بما أمرهم القراء على أملك أن إلا يعنيني لا كاتبفي الدروس إلقاء أزدري كما شيئا أزدري ولست وبغض، حب من ضمائرهم في أشيعومن الفقراء، على العطف في الأغنياء ترغيب من أنفر كما شيء من أنفر ولست الأخلاق،يذوقون لا حولي من الناس إن كله؟ وهذا أنا ما الشقاء. احتمال على الأشقياء تشجيعبعضهم يفكر ولا ببعض، بعضهم يحفل لا قدرا، للتعاطف يعرفون ولا طعما، للتضامنالناس يريد لا ما الأعباء من نفسي ل أحم لي فما بعض، لآلام بعضهم يأسى ولا بعض، فيخير ولا فيه، خير لا الذي الشذوذ هذا إلى نفسي أدفع لي وما يحتملوا؟ أن حولي منأبي بقول أنتفع ولا المعاصرين، عيشة أعيش ولا الجيل، سيرة أسير لا لي وما فيه؟ لأحد

العلاء:

ج��اه��ل إن��ي ق��ي��ل ح��ت��ى ت��ج��اه��ل��ت ف��اش��ي��ا ال��ن��اس ف��ي ال��ج��ه��ل رأي��ت ��ا ول��م

البديع، الاجتماعي نظامنا عليه يقوم الذي المتين الأساس هي — سيدي يا — الأثرةهذا عن الدفاع أراد فمن جهد، من نملك لا وما نملك بما ونحميه بأنفسنا، نفتديه الذييحب لا بما الخطوب تمسه أن أو العابثون، به يعبث أن من وصيانته وحياطته النظامالنفس، حب آماد أقصى إلى لنفسه محبا الأثرة، غايات أبعد إلى أثرا فليكن نحب، لا وبماوما المنفعة، من له يحققونه وما الخير، من له يهيئون ما بمقدار إلا بالناس يحفل لا

53

الأرض في المعذبون

التي الصلات أسرار عليه خفيت أو وبينهم، بينه الأمل بعد فإذا الآراب، من يبلغونهويزدريهم إنكارا ينكرهم أن من عليه فلا إليه، محتاجين وتجعلهم إليهم محتاجا تجعلهمن يكتنفهم ما إلى بالا ملق غير الحياة، بطيبات مستمتعا طريقه في ويمضي ازدراء،

والنكبات. الكوارث من عليهم يسلط وما الهم، من عليهم يصب وما الهول،ألوان من اللون هذا عن انحراف وأيسر نعيش. أن يجب وكذلك نعيش كذلكهموما ويحملنا أهوالا، يجشمنا أن خليق الحياة، نظم من النظام هذا وعن العيش،بأصحاب العريض والثراء المترف الترف أصحاب عني إذا حياتنا تستقيم وكيف ثقالا.عنهم ورفعوا البؤس، من يثقلهم ما بعض عنهم فذادوا الأليم، والعذاب البائس البؤسبهذه والانتفاع بلذاتهم الاستمتاع عن ذلك وشغلهم العذاب، من يضنيهم ما بعضالمعذبين، وعذاب البائسين بؤس من تأتيهم التي الفجة، السائغة المرة الحلوة الثمراتسخف وإلى الضحى، يرتفع حين الحديث سخف إلى يجمعوا أن عن ذلك وشغلهمحين الثقيل النوم وإلى الليل، م يتقد حين واللعب اللهو وإلى المساء، يقبل حين المتاعالعيش ويصبح زينتها، الدنيا وتفقد بهجتها، الحياة تفقد إذن بالإشراق؟ الصباح يهمأن الأشقياء حسب جمال. ولا عفو ولا فيه صفو لا منغصا، كدرا نكدا كله المصريبالفعل، عليهم ونقسو بالقول لهم نرثي وأن قلوبنا، عنهم وتنأى ألسنتنا، عليهم تعطفكيف وتعلمهم غصصا، الآلام تجرعهم الأيام، ونوائب الزمان أحداث وبين بينهم ونخليعابثا، لا ا جاد كله هذا وأقول يساغ. لا الذي الشر وإساغة المر، العذاب استعذاب يكونمن يتمنون ما جميعا لأهلها فيتيح رحمته، من بجناح الأرض يمس أن على قادر فاللهعلى فيفرض نقمته، من بجناح الأرض يمس أن على قادر والله والنعيم، والثراء الترفجميعا الناس يجعل لم الله دام وما والعذاب، والشقاء البؤس من يكرهون ما أهلهاالذي النحو هذا على بينهم حظوظهم م قس وإنما أشقياء، جميعا يجعلهم ولم سعداء،اللوم من بعضا بعضنا يريح وأن أنفسنا، نريح أن إلا علينا وليس لنا فليس نراه،إرادة السعيد ق يحق وأن الحظ، من له قسم بما منا كل يرضى وأن والتثريب، والنكيرفيغرق الله إرادة الشقي ق يحق وأن يستطيع، ما كأقصى بالسعادة فينعم الأرض في الله

شاء! إن رأسه شعر إلى أو أذنيه، إلى أو كتفيه إلى الشقاء فيأم حديث وعن المعتزلة، الأسرة هذه عن البعد في أسرفت قد أني القارئ يظن وقدحين الصواب كل يصيب وهبه الإسراف، هذا بي ظن إن الخطأ أشد يخطئ ولكنه تمام،هو يعنيني الذي وإنما شيء، صوابه أو خطئه من يعنيني فليس الإسراف، هذا بي يظن

54

المعتزلة

هذا إن قلت فقد الحديث، موضوع عن انحرفت أو المقامات أطلت أني أعتقد لا أنا أنيعلي ألح ثم ناسيا، كنت ما المعتزلة الأسرة هذه أمر من أذكرني بمصر ألم الذي الوباءا، ملح متصلا ذكرا البائسة الأسرة هذه أذكر لم أني الظن وأكبر شديدا. إلحاحا ذكرهاالعقل في ذلك يثير أن دون فيها، المحدق لها الناظر موقف وقلبي عقلي منها ليقففي ذلك يشيع أن ودون العواطف، بعض القلب في ذلك يثير أن ودون الخواطر، بعضوعواطف عقولهم خواطر رون يؤخ الفن في البارعون والكتاب الحزن. بعض الضميرأن يريد لمن عبرة كله هذا من يجعلون الحديث، آخر إلى ضمائرهم وأحزان قلوبهمومصلحين الأخلاق، في أساتذة أنفسهم من فيجعلون يتعظ، أن يريد لمن وموعظة يعتبر،أشد القارئ أن ويجهلون الرضا، كل ذلك بعد أنفسهم عن ويرضون الاجتماع، لنظمأو تسلية، من فيه يجد قد لما الحديث أول يقرأ وأنه دهاء، منهم وأبلغ مكرا منهموالإرشاد الوعظ بدروس يضيق لأنه الحديث آخر ويترك تسلية، من فيه يلتمس قد لما

الضيق. أشد والإصلاحوأحزان قلوبهم، وعواطف عقولهم، خواطر يشيعون من البارعين الكتاب ومنقصصهم من يتخذون منه، يفرغون حيث إلى يبدءونه منذ كله حديثهم في ضمائرهملا ولكنهم أنفسهم، عن القراء بعض بذلك فيخدعون والعبر، المواعظ لهذه أغشيةالكاتب مكر يستكشفوا حتى يقرءون منهم الأذكياء يكاد فلا جميعا، القراء يخدعونوما قلت فقد أنا فأما ازورارا. القراء عن يزورون أو كره على فيقرءون حيلته، ويعرفوافلست ذاهلا، أنبه أن ولا غافلا أعظ أن أريد ولا جاهلا، أعلم أن أريد لا إني أقول: زلتالجهل، إليهم يرقى أن يمكن لا علماء جميعا القراء بأن واثق لأني شيء؛ في كله هذا منوقلت الذهول، لهم يعرض أن يمكن لا متنبهون الغفلة، إليهم تسعى أن يمكن لا أذكياءولا بالقراء، الظن أسيء لا لأني نفسه؛ عن أحدا أخدع أن أريد لا إني أقول: زلت ومامرارته تجنبهم التي الأغشية بهذه الدواء عن يلهوا أن يجب أطفال أنهم على إليهم أنظرولأني مرضى، ليسوا ولأنهم طبيبا، لست لأني دواء؛ إليهم أقدم لا وأنا فكيف وكراهته،أعظم بها معجب الاطمئنان، كل إليها مطمئن الرضا، كل نحياها التي حياتنا عن راضكثير. أو قليل منها يتغير أن أحب ولا كثيرا، ولا قليلا منها أغير أن أريد لا الإعجاب،في المتشددين المحافظين من أني على واضحة دلالة أظن فيما يدل الحديث هذا وأولالشمال. بأصحاب يضيقون كما بأحد يضيقون لا الذين اليمين أصحاب ومن المحافظة،وأسرتها تمام أم عن المقال هذا في القراء إلى أتحدث أن اخترت كله هذا أجل ومنفهي وأقواه؛ وأصدقه تصوير أبرع الميامنة المحافظة ر تصو كانت تمام أم لأن المعتزلة؛

55

الأرض في المعذبون

يفسدهم لم القراء، يعمل كما محافظون الصعيد وأهل الأعلى، الصعيد أهل من كانتفيها كثر وما الحضارة تعلمهم ولم القصد، الطريق عن المعرفة بهم تنحرف ولم العلم،يهبط أن يحب عدلا السماء في وأن عنها، يرتفع أن يجب جورا الأرض في أن البدع منويرسلون فطرتهم، على يعيشون قوم هم وإنما ورضا، ودعة أمنا ليملأها الأرض إلىشياطين من وكثير العدل ملائكة من لقليل ملعبا الأرض رأوا سجاياها. على نفوسهمفيما يمضوا أن إلى هؤلاء ولا أولئك من يطلبوا ولم هؤلاء، وألفوا أولئك فأحبوا الجور،شقوا شر منه هم مس وإن به، نعموا خير اللعب هذا من هم مس فإن لعب، من استأنفوايختار الكاتب إن ويقال تبديلا، ولا تغييرا محاولين ولا معترضين ولا منكرين غير به،غارقة كانت تمام أم أن ولولا اقتطاعا، نفسه من يقتطعهم وقد صورته، على أشخاصهاقتطاعا، نفسي من اقتطعتها إني لقلت والقبح، الدمامة في ومسرفة والشقاء، البؤس فيأن القارئ وسيرى حال. كل على لله والحمد والشقاء، البؤس في غارقا لست ولكنيولم أخترعها لم أني على شك غير من ذلك فيدله شيء، في مني ليست تمام أم صورةما، أثر أسرتها حياة في ولا حياتها في له ليس الكليل الضعيف خيالي أن وعلى أبتدعها،الناس بين يقسم والذي كلها، الحقائق يخلق الذي الله خلقها واقعة حقيقة هي وإنما

والشقاء. السعادة من حظوظهم بينهم يقسم كما والقبح، الجمال من حظوظهمأن أستطيع لا إني حتى جوانبها، كل من الأطوار غريبة هذه تمام أم كانت وقدضئيلة صورة عليك أعرض أن الخير كان وربما أطورها. من به أبدأ الذي الطور أختار

فيه. أبنائها مع تعيش كانت الذي الحقير الضئيل للبيت حقيرةالجميل الثوب جمال تفسد التي القذرة بالبقعة شيء أشبه البيت هذا كان فقدأقيم قد الانخفاض، أشد الأرض إلى منخفضا الضيق، أشد الفضاء في ضيقا كان النقي،تسوية ويسوونه والقش التبن من بشيء الفلاحون يخلطه الذي الساذج الطين هذا منإلى الأطواف هذه بعض يجمعون ثم «بالطوف»، الوسطى مصر في ويسمونه مقاربة،شيئا، الفضاء في ويمدونها شيئا، الجو في يرفعونها الأرض، من قطعة حول بعضمن بابا لها ويتخذون الذرة، قصب من أو النخيل سعف من طائفة عليها ويلقونومطر الصيف وحر الشتاء برد فيه ويتقون إليه يأوون بيتا فتصبح رقيق، خشبحرا أو بردا إليه يأوون الذين يقي أن المهلهل البناء هذا لمثل الممكن من كان إن السماء،أو فخمتين، ضخمتين دارين بين يقوم الحقير الصغير هذا تمام أم بيت وكان مطرا. أوأشجار قامت الفناءين هذين من فناء كل وفي الدارين، لهاتين واسعين فنائين بين قل

56

المعتزلة

يبلغ لم ولكنه الدار، أمام تقوم حديثة يكون أن منهما فناء كل هم بحيث وشجيرات،شيئا الناس يمنحها التي والحديقة المهمل الفناء بين شيئا فكان حديقة، يكون أنالحقير البيت هذا قام كيف أدر ولم وروح. راحة من شيئا فيها ويجدون عناية، منسألتهم كما هذا، عن حولي من الناس سألت وقد العظيمتين، الدارين هاتين بين الصغيرمنهم أحد عند أجد فلم البيت، هذا في وإقامتها القرية إلى وبنيها تمام أم مقدم عنالقرية ولأن السنية، الدائرة إليها دعتهم القرية، على طارئين جميعا كانوا لأنهم جوابا؛من يعرفون يكونوا فلم السنية، الدائرة فيه أنشأتها المكان، على طائرة كانت نفسهاتمام أم سيرة وكانت القليل. من أقل أو قليلا إلا قريتهم أمر من ولا جيرانهم أمراعتزالا الناس يعتزلون كانوا فقد أمرها، من شيئا يعرفوا أن من جيرانها تمنع وبنيهاتعرف أن ينبغي فقد بعد، يئن لم الاعتزال هذا عن الحديث أوان ولكن مألوف. غيرترسم؛ أن خليقة فصورتها تقدير، أقل على صورتها ترى أن أو هذه، تمام أم ذلك قبلأن قامتها ت هم الانحناء، في مسرفة منحنية القصر، في مسرفة قصيرة تمام أم كانتخلقت كأنها أسفلها على أعلاها انعطف وإنما تستقيم، أن تستطع فلم الجو في ترتفعذي بالإنسان منها الأربع بذوات أشبه ذلك أجل من وكانت التصاقا؛ بالأرض لتلتصقتتدحرج أنها إليك خيلت مشت إذا هذا أجل من وكانت المستقيم، والقد المعتدلة القامةتخف عندما الكرة حركة يشبه فكان رفيقا، بطيئا مشيها وكان الكرة، تتدحرج كمانحيلا تمام أم صوت وكان السكون. إلى تسعى مبطئة فتضطرب الدفع، قوة عنهاإلى تكلمت إذا يستحيل النحيل صوتها فكان أسنانها، بعض فقدت قد وكانت ضئيلا،في معها يعيش وكان وجهد. مشقة في إلا حروفه يتميز السامع يكاد لا خافت هواءوجاوز ام، تم وهو العشرين، يبلغ أن أحدهما كاد غلامان، الحقير الصغير ذاك بيتهايحاول البناء، في يعملان وأخوه تمام وكان العلاء. أبو وهو قليلا، عشرة الخامسة الآخربعمل تتصل التي الأدوات من وغيرها والماء الطين أخوه ويحمل بناء، يكون أن تمامما أخرى، أحيانا وينقطع أحيانا يتصل الذي العمل هذا من الغلامان ويصيب البنائين،

يكاد. ولا الأود يقيم قوتا لأسرتهما يتيحسعدى وهي عمرها، من عشرة الثالثة أو عشرة الثانية في بنت تمام لأم وكانتيريد شديدا؛ اختصاما كله وجسمها وجهها على يختصمان والدمامة الجمال كان التيبها يؤثر أن القبح ويريد والشباب، الصبا بقوة مستعينا لنفسه يستخلصها أن الجمالالخصمين هذين بين الصبية وكانت الحرمان، من يستتبعه وما بالبؤس مستعينا نفسه

57

الأرض في المعذبون

يعرف لم بل زعيما، الأسرة لهذه أحد يعرف ولم اللاعبان. يتقاذفها بالكرة شيء أشبهالوسطى، مصر قرى من القرية هذه إلى الصعيد أعلى من الأسرة هبطت كيف أحدبنيها تنشئ كالوحيدة أو وحيدة نهضت قد تمام أم بأن يتحدثون الناس كان وإنماالأعلى صعيدها من بهم تهبط لم شديدا، وعناء جهيدا جهدا ذلك في لقيت وقد الثلاثة،أكثر، أو أقل أو سنة المدينة هذه في تقيم والقرى، المدن بين لة متنق إلا تلك قريتنا إلىأو قليلة أياما القرية هذه وفي أسابيع، القرية هذه وفي أشهرا، القرية هذه في وتقيم

المقام. وأطالت فيها فأقامت تلك، قريتنا إلى انتهت حتى كثيرة،فأنت جسمها، من أقل يكن لم بل كنيتها، من غرابة أقل تمام أم اسم يكن ولموإن أبوها»، «ست قلت القرية في به ينطقون الناس كان كما به تنطق أن أردت إنكما أبيها»، «ست أو أبيها» «سيدة قلت الفصحى، اللغة أصول على به تنطق أن أردتموقعا آذاننا من يقع الاسم هذا وكان القديمة. عصورنا بعض في ينطقون الناس كانمعنى عن أنفسنا نسأل وكنا كلمتان، لا واحدة كلمة لي أنه على به ننطق وكنا غريبا،

الغريب. اللفظ هذاحين إلا بالناس الاتصال قط بنيها من أحد يحاول ولم ، قط تمام أم تحاول ولميشتروا أن إلى يحتاجون كانوا فقد اضطرارا؛ ذلك إلى تضطرهم الملجئة الضرورة كانتلها يعرض كان فقد تبيع، أن إلى أحيانا تحتاج تمام أم وكانت أودهم، ليقيموا الطعامالطريق هذه من تتلقط وأن العامة، الزراعية الطريق إلى تخرج أن الوقت بعض فيمنه وتتخذ بيتها، سقف على وتجففه متقاربة، قطعا تقطعه والجاموس، البقر روثالقرية نساء لبعض وحين حين بين فضله وتبيع تطبخ، أن لها أتيح إن لتطبخ وقوداأعلم فيما يخطر ولم بنيها، وعلى نفسها على بذلك توسع القرش، بعض أو بالقروشبقليل الأسرة هذه يبروا أن بيتها تكتنفان كانتا اللتين الدارين ولأهل الموسرين، من لأحدإلى يحتاجون الذين على بالمعونة يبخلون كانوا الموسرين لأن لا الخير، من كثير أوفي عليهم برهم فردوا الناس، هؤلاء يبروا أن وا هم قد الظن أكثر في لأنهم بل المعونة،بهم الرفق محاولة عن الموسرون فكف الفقراء، من يحب لا الذي التعفف من شيء

الرزق. في عليهم والتوسيعأحيانا وأزواجهن أبنائهن وعلى أنفسهن على يوسعن القرى في تمام أم وأمثالخير من وفضلا أنفسهن، قوت العمل هذا من يكسبن والأغنياء، الموسرين دور في بالعملطيبات من شيئا المحروم ويذوق العريان ويكتسي الجائع فيأكل البيوت، إلى يحملنه

58

المعتزلة

حرجت قد وكأنها فيه، تفكر ولم ذلك من شيئا تحاول لم تمام أم ولكن الحياة،الأغنياء بشباب الاتصال من الفقراء الشباب يحاول ما بعض يحاولا أن ابنيها علىالراءون رآهما وربما جد. في ولا لعب في يشاركان الغلامان يكن فلم السعة، وأصحابوكذلك «الطاب»، لعبة يلعبان أو الأرض في يخططان أخيه إلى منهما كل جلس وقدوليسوا منهم ليست سمجة، ثقيلة غريبة أسرة أنها على الأسرة هذه إلى القرية أهل نظرفي الناس هؤلاء عن بينهم فيما يتحدثون ذلك مع القرية أهل وكان شيء. كل في منها— قاسيا الإشفاق يكون أن أمكن إن — يقسو وربما سخرية، من يخلو لا كثير إشفاقوأشق العناء أشد يحتملان الغلامين هذين يرون كانوا شماتة. من شيء على فيشتملمن الأسرة هذه تعيش كيف ويتساءلون الأيام، بعض في القليلة القروش ليكسبا المشقةمواضع عن فكشفت ثيابهما بليت وقد الغلامين هذين يرون وكانوا القليل، الكسب هذاسعدى بية الص يرون وكانوا الترقيع، ملت حتى ورقعت تستر، أن حقها من الجسم منبعضهم ويقول المبتذل. الغشاء هذا في النضر الصبا هذا فيرحمون البالية، أسمالها في

لينا. وألين رقة أرق عيشا الناس هؤلاء لأصاب الكبرياء لولا لبعض:الأرضحين على تتدحرج السوداء شقتها في ملتفة إلا قط أحد يرها فلم تمام أم أماأو الضحى يترفع حين الأرض على وتتدحرج العامة، الطريق إلى ساعية الشمس تشرقبيتها سقف على متبذلة الراءون رآها وربما روث، من جمعت ما حاملة النهار، ينتصف

مخيفا. وشكلا بشعا منظرا فرأوا وتسويه، الروث تقطعيلم فيما بالقرية الوباء ويلم سنتين، عمره من القرن هذا يبلغ ولما الوباء ويقبلومحبتهم، قرابتهم وذوي وأبنائهم أنفسهم في الناس ويفجع والقرى، المدن من بهخمسة من أقل في ابنيها يختطف فهو الوباء، يفجعهم الذين طليعة في تمام أم وتكونصوت لها يرتفع لا الأرض، إلى كله بجسمها مطرقة ساكنة هادئة ذلك مع وهي أيام،إليها آوت وقد بيتها، في مقيمة هي وإنما بالنحيب، صوت لها ينخفض ولا بالإعوال،الوباء ولكن الغلامين. اختطف كما ويختطفهما بهما الوباء يلم أن تنتظران كأنما ابنتهاغير في له تمام أم انتظار طال فإذا إليه، يعود لا فهو البيت هذا من حاجته أرضى قدلت بد قد حياتها وإذا جوانبها، جميع من ت تغير قد أطوارها فإذا الناس نظر طائل،وتحرج بية الص فيه تمسك وإنما فيه، الاستقرار تحب ولا بيتها تألف لا فهي تبديلا،حين وابنتها بيتها إلى لتعود المشرقة الشمس مع هي وتنطلق منه، تخرج أن عليها

البيوت. إلى مستخفين والمرض الموت ويسعى الأرض، على ظلمته الليل ينشر

59

الأرض في المعذبون

السوداء، شقتها في ملففة الشمس تشرق حين بيتها من تخرج تمام أم كانتوترفع الغرب، تستقبل قصيرة وقفة بيتها أمام فتقف الأرض، إلى كلها بجسمها مطرقةشمال وإلى يمين إلى تلتفت ثم أمامها، بصرها وتمد السماء، إلى شديد تكلف في رأسهاكانت وقد ضئيلة، خفية رائحة م تتنس أن تحاول كأنما جذبا، بأنفها الهواء تجذبالنهار أثناء الناس يراها لا ثم شمال، إلى أو يمين إلى تندفع الموت رائحة م تتنس بالفعلوكانت ويبكين، يندبن المأتم فيها وقام الموت بها ألم التي الدور هذه من دار في إلا كلهسمعا، أحد إلى تلقي ولا شيئا لأحد تقول فلا تلك أو الدار هذه إلى تصل تمام أمبإعوال، صوتا ترفع لا المجلس، بها ينتهي حين وتجلس الباكيات، المأتم تقصد وإنماأحد صنيع تصنع ولا صدرها، تخمش ولا وجهها، تلطم لا بنحيب، صوتا تخفض ولاقد صخر من قطعة كأنها نفسها، على منعطفة ساكنة تجلس وإنما النساء، هؤلاء منكأنه منقطع، غير غزيز دمع عينيها من وفاض نظام، غير في ونحتت عجل على سويتحاجتها بلغت إذا حتى الجبال، في الصخر عنها يتفجر التي الضئيلة الينابيع تلك بعضحتى كذلك تزال وما ثالثة، دار إلى ثم أخرى، دار إلى تركتها الدار هذه في البكاء منيكلمونها كانوا الذين على ترد ولا أحد، يكلمها يكاد ولا أحدا تكلم لا النهار، ينقضي

الحديث. رجعكانت أم بها؟ تلم كانت التي الأسرة تلك أبناء تبكي كانت أم ابنيها؟ تبكي أكانتيصرعهم لم الذين بين وابنتها نفسها تبكي كانت أم جميعا؟ الوباء صرعى تبكييستطع لم تعيش؟ أن الصبية لابنتها تتيح كانت وكيف تعيش؟ كانت وكيف الوباء؟هي تحاول ولم يعينها، أن أحد يحاول لم كثيرا، ولا قليلا ذلك من يعرف أن قط أحدوتسفح الصبح، يسفر حين الموت ريح تتنسم الوباء أيام أنفقت وإنما بأحد، تستعين أنوتنجلي الليل. يقبل حين وابنتها بيتها إلى وتعود النهار، أثناء الموت منازل في دموعهاالغرب بوجهها فتستقبل وأياما، أياما الصبح مع بيتها من تمام أم وتخرج الوباء، غمرةمن وتغلق بيتها وتدخل أدراجها فترجع النسيم، إليها يحملها فلا الموت، ريح تتنسم

الموت. ريح لتتنسم الصبح مع تخرج حين إلا النهار يراها ولا الباب، دونهابيد وأخذت الضحى، يرتفع أن قبل خرجت قد يوم ذات القرية أهل بعض ويراهاقد تمام أم هذه لبعض: بعضهم فيقول الغرب، نحو بطء في تسعيان وجعلتا ابنتها،الرزق تلتمسان فخرجتا الجوع، ابنتها وعلى عليها وشق السكون وسئمت البطالة، ملتالفلاحين من نفر يأتي حتى ينتصف يكاد لا النهار ولكن الله. فضل من وتبتغيان

60

المعتزلة

أم رأوا قد امتناعا، الموت على تمتنع أخرى وجثة الموت، فيها شاع قد جثة يحملونالموت ولكن استنقاذهما، إلى فأسرعوا الإبراهيمية، القناة في وابنتها نفسها تغرق تمامسعدى وآووا تمام، أم الخير أهل دفن وقد الصبية، إلى هم وسبقوه الشيخة، إلى سبقهملها ليس بلهاء الماء من خرجت سعدى ولكن أياما، الدار تلك وفي أياما الدار هذه فيالذين إلى بغيضة يئوونها، الذين على ثقيلة فهي صواب، من نصيب ولا عقل من حظما تسعى مشردة هي وإذا والبيوت، الدور تلفظها حتى أسابيع إلا هي وما يضيفونها،شوارع من الشارع هذا في تراها السكون، إلى تضطر حين وتسكن السعي، استطاعتالعامة الطريق في ذلك بين وتراها ممسية، أزقتها من الزقاق هذا وفي مصبحة، القريةتراها وقد الأرنب. كأنها سريعا عدوا تعدو أو السلحفاة، كأنها رفيقا سعيا تسعىإلى تنظر أو فيه، تغوص أن تريد كأنها الماء إلى تنظر القناة شاطئ على جالسة أحياناتمام، أم الناس ونسي البلهاء، سعدى الناس وعرف إليها. ترقى أن تريد كأنها السماءيعطفون أمثالها؛ إلى الريف أهل ينظر كما البلهاء سعدى إلى ينظرون الناس وجعل

مرات. عليها ويقسون مرة لها يرثون أحيانا، منها ويضحكون حينا عليهاويسخر قدها، ويستقيم جسمها، ويستدير وتشب، تعيش ذلك على البلهاء وسعدىتحسن لا خرقاء حمقاء ذلك على وهي جمال، من مسحة وجهها على فيلقي منها البؤسترى القرى، بين متنقلة هي وإنما مكان، في تستقر ولا تقول، أن تحسن ولا تعمل، أنوفي مصبحة، القرية هذه في ترى وقد آخر، يوما القرية تلك وفي يوما القرية هذه فيفيرون يوم ذات يرونها القرية أهل ولكن ممسية، بعد من أو قرب من المجاورة القريةهذا يرون وأذى، حسرة النفوس ويفرق حزنا القلوب يمزق أن شأنه من عجبا منظرابكلمة ألسنتهم يجري ولا رحمة نفوسهم في يثير فلا البغيض، البشع المؤذي المنظرر تصو التي الغليظة الألفاظ هذه يتبادلون ثم يتضاحكون ثم ينظرون وإنما رثاء،قد يديها، بين يسعى وبطنها تسعى البلهاء سعدى يرون لأنهم الريف؛ أهل سخريةبين تفرق لا بلهاء وهي جنينا، أحشائها في فوضع الطريق أغوال من غول بها عبثإن تريد ما تعرف ولا بها، يراد ما تعرف ولا والشيطان، الملك بين ولا والرجل، الغول

تريد. أن لمثلها كانالجنين لهذا أأتيح أحشائها؟ في تحمله كانت الذي الجنين بهذا سعدى مضت أينأمرهما من أحدثك لن أمه؟ خطب وما خطبه ما يراه؟ أن له يتح لم أم النور يرى أنارتحلت فقد علمي، عنده وقف بما حدثتك وإنما شيئا، أمرهما من أعرف لم لأني بشيء

61

الأرض في المعذبون

أمه وعن الجنين عن شغلت ثم البلهاء، وأمه الجنين أنباء تبلغني أن قبل القرية عنالحياة شئون من فيه أتقلب أن الله شاء فيما وتقلبت وابنيها، تمام أم وأنسيت البلهاء،فيها فأجد طويلة، أو قصيرة عنها غيبة بعد مصر إلى أعود ثم عاما. وأربعين خمسةنفسي أسأل أن إلا هي وما البلهاء، سعدى وابنتها تمام أم أذكر أن إلا هي وما الوباء،تمام؟ أم وأشباه تمام أم حال من القديم الوباء وجد ما الحديث الوباء يجد أن أيمكننصف من يقرب فيما صلحت قد مصر حياة وإن ت، تغير قد مصر شئون إن يقالأن من الوباء تمنع لم صلحت، التي مصر وحياة ت، تغير التي مصر شئون ولكن قرن،النظام ورقي الأحوال وصلاح الشئون تغير لعل يدري! فمن مصر، بزيارة عهده يجددقرى من أو العليا مصر قرى من قرية في توجد أن من يمنع لا والسياسي، الاجتماعي

تمام. كأسرة معتزلة أسرة القاهرة، من ا جد قريبا أو السفلى، مصر

62

الخامس الفصل

رفيق

١

ليحبس سعيه في يبطئ أن يجب النهار كان حين الضحى، ساعات من ساعة في ذلك كانتخضعهم كانت التي تلك حياتهم في ويمكسهم الكتاب، أهل من والشباب الصبيةفيها لهم يؤذن التي السعيدة اللحظة هذه عنهم ر ويؤخ العريف، ومكر سيدنا لعنفحاجاتهم ليرضوا لا إليها، متشوقين ينتظرونها كانوا والتي غداءهم، ليصيبوا بالانطلاقأهل من والشباب الصبية وكان واللعب. الحرية إلى حاجاتهم ليرضوا بل الطعام، إلىالانتظار هذا عن أنفسهم ويخدعون الشمس، وزوال الضحى ارتفاع يستبطئون الكتابحركة فيه وتكثر بالقراءة الأصوات فيه ترتفع مفاجئ، غريب بنشاط البغيض، الشاقبعد سيحفظ ما فيها وتكتب أمس، حفظ ما منها لتزيل الألواح تمسح التي الأيدينشاط، وكله حركة، كله النحل، بخلية شيء أشبه الوقت ذلك في الكتاب وكان الغداء.واختلافها الأصوات تباين من فيه ما على ا، جد بعيد من يسمع حتى يرتفع دوي وكلهالصبية وأصوات بعد، تثبت لم التي العالية الضئيلة النحيلة الصبية أصوات بينالتي الشباب وأصوات شيئا، السن بهم مت تقد قد أصحابها لأن تمتلئ أخذت التيالأصوات هذه وكانت الامتلاء، من حظها تستوفي وكادت الرجال، أصوات تشبه كادتالملاءمة من كثير فيه رائقا، حلوا شيئا الآذان إلى تحمل واحد، وقت في المنطلقة المختلفةفي اختلافها يشتد حين للموسيقى الكبيرة الأدوات الأذن إلى تحمله ما يشبه والانسجام،روعة النفس ويملأ السمع، يسحر جمال مختلفها ائتلاف عن وينشأ الجرس، طبيعة

وطربا.كان حين النهار ساعات من أخرى ساعة وفي الضحى، ساعات من الساعة هذه فيالكتاب أهل من والشباب الصبية حماسة كانت العصر، صلاة إلى يدعو أن يوشك المؤذن

الأرض في المعذبون

السكوت إلى بردهم العريف أو سيدنا يظفر أن اليسير من يكن ولم أقصاها، تبلغويفجأ الآذان يقرع الرعد كأنه صوتا حلقه من ويخرج قويا، تصفيقا ق يصف أن دونصمت في التلاميذ ويعقل الحركة، عن الأيدي ويكف النطق، عن الألسنة فيعقد النفوس،

غريب. ووجوم أحمق، وسكون أبله،تجاوز رجل الباب ي شق بين الكتاب عتبة على وقف الساعات، تلك من ساعة فيذلك يعرف المنزلة، وارتفاع الثروة مظهر وعليه الشيخوخة، في يمعن لم ولكنه الشبابالرجل وكان الكبرياء. عليه وتظهر الثقة فيه تشرق الذي ووجهه الأنيق، لباسه منكل نفسه عن راض أنه على منظره يدل النعمة، ظاهر الطلعة، مهيب القامة، مرتفعيعرف ولا شيء، في يشك ولا شيئا يخاف لا الاستقرار، كل الحياة في مستقر الرضا،ثم ما، وقتا الجيش ضباط من ضابطا كان أنه الظن وأكبر الاضطراب، ولا الترددمحتفظا الجديدة الحياة هذه إلى فانتقل المدنية، الحياة إلى العسكرية الحياة عن ل تحوالأصل، مصري يكن لم أنه الظن وأكبر أكثرها، أو كلها العسكرية وتقاليده بعاداتهكله شكله وفي وجهه في يحمل كان فقد أسرته، ت تمصر أو هو تمصر تركيا كان وإنماالمصريين وبين بينه ويباعد المصريين، من ليس أنه يبين ولكنه هو، ما أدري لا شيئاوفيه له، إكبار فيه غريبا شيئا قريب من رأوه إذا المصريين نفوس في ويثير ما، مباعدة

به. استخفافيكتنفانه لصبيين يديه كلتا أعطى قد الكتاب، إلى وصل حين الرجل هذا وكانرقيقة سحابة وجهه على كانت فقد يمينه عن أحدهما فأما رفيقا، سعيا معه ويسعيانمن يخرج يكاد الوجه مشرق الثغر باسم كان فقد شماله عن ثانيهما وأما حزن، منفسمع تحيته، ألقى الصبيان هذان حوله ومن الكتاب باب بلغ فلما ونشاطا، قوة جسمهأغنى ممتلئا، عريضا ضخما صوتا قريتهم، في قط مثله يسمعوا لم صوتا الكتاب أهلنفوسهم، وفجأ التلاميذ آذان قرع فقد والزئير، التصفيق عن العريف وأغنى سيدنادفعه كأنما بسيدنا ووثب الغريب، السكون هذا وفي الأبله، السكوت هذا في وعقلهمفي يفعل أن تعود كما يقوم أن عن حتى أعجل قد دكته على قائم هو فإذا دافع،ل يتفض أن إلى دعاه ثم وجل، من شيء في صاحبها على التحية رد وقد وأناة، مهلاحتفاءه الشيخ لهذا الزائر وشكر المكان، صدر في موضعه عن له ى وتنح بالجلوس،ذاك صوته في وقال يجلس، أن وأبى يدخل أن أبى ولكنه الجلوس، إلى له ودعاءه بهعرفت وقد يومين، منذ إلا إليها أصل لم المدينة، بهذه عهد حديث «إني المخيف: المهيب

64

رفيق

أكل وأن هذين، ابني إليه أقود أن فأحببت الكتاتيب، من فيها ما خير هو كتابك أناليمنى يده أعطاه قد كان الذي الصبي م وقد — هذا فهو أحدهما فأما تعليمهما؛ إليكللأزهر، وهبته قد فإني القرآن، وأحفظه عنايتك كل فهبه قليلا، إلا بصره فقد فقد —من ينسى لا حتى الكتاب في فأمسكه للمدرسة، إلا يصلح أراه ما فعفريت ثانيهما وأمايكون أن إلا أبى إن بشدة وخذه القرآن، من شيئا وأحفظه تعلم، ما والقراءة الكتابةأظن ما عريضا ضحكا فمه من دفع ثم البيت.» في عفريت هو كما الكتاب في عفريتابيد وأخذ خطوة تقدم ثم الصغار، بية الص أولئك صدور في القلوب بعض روع انه إلاعن سيدنا يد رفع ثم الأزهري.» هو «هذا وقال: الصبيين أحد كتف على فوضعها سيدناهو «وهذا متضاحكا: يقول وهو الآخر الصبي كتف على ووضعها الصبي ذلك كتفمحمود. فاسمه العفريت وأما عثمان، فاسمه الأزهري «أما لسيدنا: قال ثم العفريت.»سعيهما يستأنفا أن على اليوم بهما أعود أن ترى أم الآن؟ منذ لك أتركهما أن أتريدقال: وإنما يمهله لم الرجل ولكن يجيب، أن سيدنا وهم الغد؟» كان إذا الكتاب إلىفسيحمل للغداء تطلقهما ولا غد، منذ الكتاب إلى وسيسعيان اليوم «سأستصحبهماإلى يصحبهما من يأتي حتى العصر صليت إذا تطلقهما ولا يوم، كل غداؤهما إليهماثم الكتاب.» من قريبة الدار وليست بعد، المدينة طريق يعرفان لا غريبان فإنهما الدار،عليه ترد أن ينتظر لم منصرفا ظهره وأدار المخيف، المرعب ذاك بصوته تحيته ألقىلم والذي فيه، كله الكتاب اندفع الذي الضحك هذا سمع قد أنه إلا أحسب وما تحيته.ليصيبوا بالانطلاق لهم أذنا حين إلا التلاميذ، عنه ا يكف أن العريف ولا سيدنا يستطعالنصيب هذا من رجلاه تعفى فلن موعده عن منهم ر تأخ من أن يذكروا أن على غداءهم،سوطا. العشرين بلغ وربما سياط، خمسة عن يقل يكن لم الذي العذاب، من المعلوم

الخير من إليهما الله ساق ا وعم يومهما، عن العريف معه ورضي سيدنا رضي وقدأنه في شك يكن ولم أيام، منذ المدينة على طرأ كبيرا موظفا الرجل هذا كان فقد فيه،من تبرأ التي عربيته وفي حديثه، في ذلك يظهر الجيش، ضباط من قديم تركي ضابطويتعثر لسانه بها يثقل وإنما غايتها، إلى مستقيمة تمضي لا ولكنها ، والتكسر الرطانةشاقة مشقة في إلا العربية تتكلم لا خالصة تركية زوجه أن العريف زعم بل منطقه، بهاوهي شديدا، التواء بها لسانها التوى العربية تتكل أن لها أتيح إذا وهي شديد، وجهدأن العريف وزعم الأفاعيل. العربية الحروف ببعض وتفعل المؤنث، وتذكر المذكر، تؤنثللترك إلا يتاح لا جمال من بحظ وظفرتا الشباب طور بلغتا قد أختين الصبيين لهذين

65

الأرض في المعذبون

به حافل غير الكلام هذا لكل سيدنا سمع وقد الأوربيين. من يقاربهم أو يشبههم من أوعشرين من أقل يدفع أظنه «ما بقوله: إلا العريف على يرد لم أنه ذلك وآية له، آبه ولا

ابنيه.» لتعليم أجرا الشهر في قرشاالذين من كان لأنه غداءه؛ ليصيب التلاميذ مع ينطلق لم صبي الكتاب في وكانسيدنا حديث وسمع سيدنا، إلى الأب حديث سمع وقد الكتاب، في الغداء إليهم يحملنفسه، في وحفظه صدره في كله هذا فوعي كلها، الأسرة وعن وابنيه الأب عن والعريفوسألها حديث، من سمع ما أمه إلى أعاد حتى العصر صليت أن بعد داره يبلغ يكد ولموابنتاها السيدة وستزورنا الجديد، المأمور أسرة «إنها باسمة: فقالت الأسرة، هذه عن

عليك.» إحداهن عين تقع أن فاحذر حين، بعد

٢

عرفه الكتاب، في زميليه إلى تعرف قد الصبي كان حتى الغد من الضحى يرتفع ولمالامتياز، من بحظها تستمتع التي الأسر بين يؤلف أن يحب كان لأنه سيدنا؛ إليهماإقراء يكلفه أن في سيدنا يتردد فلم له، مجودا للقرآن حافظا كان الصبي هذا ولأن«لقد الغزيرة: لحيته على فوضعها الصغيرة بيده أخذ وقد له وقال الأزهري، الصبيأبيه عند تفضحني ولا إحفاظه، وأجد حفظت ما الصبي هذا فأحفظ ذقني، إليك وكلتأو أنا، به أنهض أن خليقا كنت عملا إليك وكلت أني ر وقد الكبير، الجديد الموظفمعلما أصبح فقد الكبرياء، من شيئا نفسه في الصبي وجد وقد العريف.» إلى أكله أنالفرح من شيئا نفسه في ووجد قارئا، كان أن بعد مقرئا وأصبح متعلما، كان أن بعداللباس يلبسان اللذين المترفين الزميلين هذين وبين بينه الأسباب لاتصال والابتهاجالقذرة الفضفاضة الثياب هذه يلبسان ولا الطربوش، رأسيهما على ويضعان الأوروبي،ينحدران ولا تركية أسر إلى ينتميان واللذين المدينة، أهل من التلاميذ يلبسها كان التيإلى فطلب عمله، على الصبي أقبل وقد والفلاحين. التجار من تأتلف التي الأسر هذه منللسؤال سببا نفسه هذا اتخذ ثم القاهرة، في القرآن من حفظ ما عليه يتلو أن تلميذهالتلاميذ، مع يسيرون كيف الكتاتيب هذه سادة وعن تكون، كيف القاهرة كتاتيب عنالتي والأدوات التأديب، هذا إلى ووسائلهم تلاميذهم تأديب في السادة هؤلاء مذاهب وعنيكاد عليها، متهالكا بها كلفا تلميذه أحاديث يسمع الصبي وكان فيه. يصطنعونهاحين إلى حين من يذكر كان أنه لولا التلميذ، هذا إقراء من إليه وكل ما سبيلها في ينسى

66

رفيق

وهو والرفق، الرقة تكلف وقد الغليظ سيدنا وصوت الغزيرة، اللحية في الصغيرة يدهالعريف، إلى يكله أن أو هو به ينهض أن خليقا كان خطيرا عملا يكلفه أنه إلى يلفته

الواجب. أداء على ويحمله القصد إلى يرده ذلك فكانالصبي بين الأسباب ازدادت ثم للحديث، وساعة للقراءة ساعة يمضي النهار وكانفيذهبون العصر، صليت إذا الكتاب من يخرجون الثلاثة فكان واتصالا، متانة وزميلهنفس في مترفا أنيقا البيت وكان غالبا، الزميلين بيت وإلى قليلا الصبي بيت إلى معاالماء وبين بينه ليس القناة على قائما كان وكبرا. روعة يدخله حين قلبه يملأ الصبيوقد والقرية، المدينة بين ودوابهم الناس فيها يسعى التي الضيقة الطريق هذه إلاحديقة النضر والزهر الخضر الأغصان تكسوه الذي المرتفع سوره وراء من انبسطتفي ترتفع لا مطمئنة ورائها من الدار تقوم وشمال، يمين عن الأطراف، مترامية عميقةالصبي يفجأ الذي وكان الحجرات، فيها وتكثر الفضاء في تمتد ولكنها قليلا، إلا السماءالعميقة الحديقة إليها عبر إذا كان أنه وإعجابا، رضا قلبه ويملأ الدار هذه أمر منيمشي وإنما تراب، من أرض على يمش لم الحجرات، بين ينبسط الذي الدهليز ودخلالأرض هذه تغسل الخادم يرى كان أنه راعه ما وكثيرا البلاط، فيها بسط قد أرض على

يثور. فلا ترابها ليستقر ا رش الماء عليها ترش ولا تنقية، وتنقيها غسلازميليه مع الدار يدخل يكاد لا كان أنه وإعجابا رضا الصبي قلب يملأ مما وكانولا الدار، أهل من أحد يسكنها لا خاصة حجرة إلى ويأووا يمين، إلى ينعطفوا حتىفيها لهما وجمعت فيها، يلعبان لهما صت خص قد الصبيين، هذين غير أحد يطرقهاعليها يستريح ومجالس كراسي جدرانها إلى وأسندت للعب، غريبة مختلفة كثيرة أدواتفي يلعبان ولا الأرض على يجلسان يكونا لم فهما الرفاق، من يلاعبهما ومن الصبيانالواغلين مشاركة أو منه الكبار لضحك لعبهما يتعرض ولا الدار، أمام المنبسط الفضاءثلاثتهم وكان عهد، بمثله للصبي ليس مترفة حجرة في مترفا لعبا كان فيه، الأطفال منوآنسة الدار ربة تلم حتى تلك حجرتهم في يستقرون يكادون لا الدار إلى وصلوا إذابية الص يخلو ثم العذبة، والدعابة الرقيق والحنان الرفيق الحديث فيكون الآنستين، من

يطول. أو يقصر وقت من الله شاء ما فيه فينفقون لعبهم، إلى ذلك بعدحلوة كانت ولكنها شيئا، السن بها مت تقد فقد كريمة، سيدة الدار ربة وكانتأعظم ملتوية الضعف، أشد ضعيفة غريبة، عربية لهجة في الحديث عذبة الشمائل،قلبه ويملأ الصبي نفس يسحر البطيء المتعثر الملتوي ذاك حديثها وكان الالتواء،

67

الأرض في المعذبون

متكسرة الدعابة، شائقة الحديث، رائقة «تفيدة» كبراهما كانت فقد الآنستان فأما فتونا.ماكرة ذلك على وكانت بعيد، غير بالنوم عهدها أن السامع إلى فيخيل تتكلم اللفظ،الصغرى أختها وكانت النشاط، قليلة الحركة، بطيئة النكتة، لاذعة اللسان، حديدةعلى وهي فمها، في لسانها يستقر ولا حركة لها تنقطع لا نشاط، من جذوة «إقبال»زهدت ولا بية الص فارقت لما حريتها لها أطلقت لو باللعب، مشغوفة المحضر، حلوة ذلكالآنستين لهاتين يتاح يكن فلم وأشقه، النظام أدق منظمة كانت الدار ولكن لعبهم، فيأو أطال يذكر لا وقتا الحياة بهذه الصبي نعم وقد وحين. حين بين فراغ من قليل إلاشيئا الجو في أن إليه ويخيل مألوفة، غير حركة الدار في يوم ذات يرى ولكنه قصر،من قوم يقبل حتى أسابيع إلا هي وما تفيدة، خطبت فقد هو، ما يعرف أن يلبث لااستصحبوا وقد أتوا حيث من الزائرون يعود ثم أعياد، الدار في تقام وحتى القاهرة،

قليل. غير شيئا وبهجتها جمالها من الدار ففقدت تفيدة،والصبي الممل، واطرادها المتصل هدوئها في طريقها في ماضية ذلك مع والحياةفنون في معه ويخوض اللعب، في ويشاركه القرآن، زميله ظ يحف بواجبه، ناهضبانصراف الكتاب فيفقد المدنية، المدرسة إلى الكتاب من يتحول محمودا ولكن الحديث،يعلمه عثمان وتلميذه زميله إلى الصبي ويخلو قليل. غير شيئا بهجته من عنه العفريتويشغل قليلا، قليلا عنه ينصرف بالصبي وإذا بينهما، يسعى السأم ولكن ويلاعبه،اللعب، من جديدة فنونا عليه يعرضون المدينة، أهل من آخرين برفاق فشيئا شيئاولا بها، الكتاب لأبناء عهد لا كتبا معه ويقرءون الحديث، من طريفة ألوانا إليه ويلقوندارهما وفي حينا داره في المترفين رفيقيه يلقى ذلك مع والصبي قراءتها، في لهم أربالسخرية من شيء وفي الحزن من شيء في يتحدثان أبويه ليلة ذات يسمع ثم آخر، حينافيها فأقام القاهرة، إلى سافر قد الجيش ضباط من القديم التركي الضابط بأن أيضابارع، وجمال رائع، حسن لها بعد، الثلاثين تبلغ لم تركية سيدة ومعه عاد ثم أياما،التي الأنيقة المترفة الدار تلك وأن عظيم، الشيخ الضابط على وتسلط فاتنة، وفتنةأصبحت قد والشقاء، والبؤس للحزن مستقرا أصبحت قد النعيم، جنات من جنة كانتبما الثلاثة هؤلاء فيها ويشقى الغيرة، ولوعة الحزن نار البنين أم فيه تصلى جحيماأن إلا تبرحها لا حجرة في واعتكافها المتواصل، وبكائها وبؤسها أمهم حزن من يرونوزوجته الضابط به يستمتع العظيم النعيم بهذا يشقون كما إكراها، ذلك على تكرهمن فينعمان الأمر أول بسعادتهما يستخفيان كانا الدار. أطراف من طرف في الشابة

68

رفيق

القصد، تجاوزا حتى بهما جمحت السعادة ولكن المسدلة، والأستار المغلقة الأبواب وراءالسعيدين الزوجين وكأن السعداء. سعادة أذكى الذي هو الأشقياء، شقاء أن الظن وأكبرمن الكئيبة العابسة الوجوه هذه وفي المتصل، وبكائها المعتكفة تلك اعتكاف في رأيا قدتلك سكون وفي ومرحا، فرحا الدار تكلأ كانت التي الأصوات تلك خفوت وفي حولها،على احتجاجا كله هذا في رأيا كأنهما وسرورا، بهجة الدار تملأ كانت التي الحركاتما وأظهرا التحدي، فقبلا نعيم، من إليهما سيق لم وإنكارا سعادة، من لهما أتيح مالا القحة، في مسرفة وقحة، سعادتهما وظهرت ان، يسر كانا ما وأعلنا يضمران، كانافي تلك أو الزاوية هذه في تختلس فالقبل وقارا، لشيء ترجو ولا تحتشم ولا تتحفظالزوجان يتهاداها وإنما بها، يستخفى ولا تختلس لا هي ثم الأمر، أول احتياط غيرهذه من بعيد وغير الشقيين، الغلامين هذين من وبمنظر البائسة، الكاعب هذه أمامهذه إيذاء المفتونان الزوجان ويتعمد حدودها، القحة تتجاوز ثم المحزونة، التعسة الأمظ تحف من حظ لها ليس بشعة سعادتهما لها ليظهرا الفرص فينتهزان الكئيب، المرأة

استحياء. أوولا حجرتها من تخرج لا عليلة البائسة الأم هذه بأن يوم ذات الناس ويتحدثواستراحت فأراحت الحياة، فارقت قد بأنها صباح ذات النبأ يأتي ثم فراشها، تتركالمتواضع قبرها في البائسة الأم هذه استقرت وقد سعير. أي سعيرا أبنائها قلب في وتركتيفعلوا، أن الناس تعود كما يستقبلهم للمعزين الدار صاحب وجلس النهر، وراء منوجلسوا فسلموا المعزون أقبل تمر؛ أن العزاء ليالي تعودت كما الأولى الليلة مرت وقدأوشك حين القراءة ختمت ثم آخر، فوج ليخلفه منهم فوج وانصرف القرآن، وسمعوا

ينتصف. أن الليليعزون الناس وأقبل القرآن، يتلون القراء معه وأقبل الثاني اليوم أقبل ثمالعصر، صليت أن بعد ذلك لفي وإنهم الأحاديث، مختلف في ويخوضون ويستمعونالخطو، رزينة مطمئنة هادئة الناس جمع وتتوسط الدار من تخرج شابة امرأة وإذافلما صغيرة، حقيبة يديها إحدى في اتخذت وقد نقابا، وجهها على تلق لم سافرةهو أخذه الوجوم ولكن ينهض أن الدار صاحب وهم الناس، وجم الجمع طت توسواستمع قراءته المقرئ فقطع رزينا، هادئا تفيدة صوت وارتفع مكانه، في فأثبته أيضاللتعزية أقبل أنه منكم ظن «من تقول: هي وإذا الطير، رءوسهم على كأن الجمع لهافرح حفل هو وإنما عزاء حفل هذا فليس ضميره، ودخيلة نفسه ذات فليغير والمجاملة

69

الأرض في المعذبون

حرمتها، يرع لم بموتها، وابتهج امرأته قتل قد تعزونه الذي الرجل هذا إن وابتهاج.في كله هذا ازدرى وإنما الصغيرين، غلاميه صبا يرع ولم الكاعب، ابنته حياء يرع ولموملاعبتها مداعبتها من وينال ويلاعبها، يداعبها فكان الجديدة؛ بزوجه سعادته سبيلمن أعلم لا القاهرة في وكنت ا، سر إلا المروءة ذو الكريم الرجل يناله لا ما الجهر فيأشهد ولكن قلبي، يصدق ولم أذناي فأنكرت سمعت، أمي لدفن أقبلت فلما شيئا، ذلكامرأته يداعب الرجل هذا وصبيان، كاعب وفيهم إخوتي، ورأى رأيت أني وأشهدكماليوم، وبعض يوم إلا نا أم دفن على يمض ولم مسرورا مغتبطا راضيا ويلاعبها الشابةراشدين.» فانصرفوا وإلا فأقيموا، تعزيتكم إلى محتاج الرجل هذا أن ذلك بعد رأيتم فإنلتركب المحطة إلى طريقها أخذت وإنما الدار، تدخل فلم الجمع عن تحولت ثم

القاهرة. إلى يحملها الذي القطارأعلم ولكني الفضيحة، هذه بعد المحتشدين الجمع أمر من كان ماذا أدري ولستضباط من القديم التركي الضابط هذا وأن الثلاثة، أيامه يبلغ لم المعزين استقبال أنيوم ذات ارتحل وأنه سفره، أمر يدبر ريثما إلا المدينة في يقيم أن يستطع لم الجيشلم والأسباب، الصلات المدينة وبين بينه فانقطعت وجحيم، نعيم من به يحيط كان بما

شيئا. عنهم هو يسمع ولم شيئا عنه المدينة أهل يسمع

٣

ما ي ويعف بها، الناس ويعبث بالناس تعبث مطمئنة، هادئة طريقها في الحياة ومضتالمدينة من الصبي أسرة هاجرت وقد الخطوب. من أدبر ما آثار على أحداثها من يقبلعن بنفسها أسرة كل وشغلت الأرض، أدنى إلى أخرى أسر وهاجرت الأرض، أعلى إلىوذويه، أهله شئون عن الخاص بشأنه الواحدة الأسرة أبناء من واحد كل وشغل غيرها،غمرات إليه خاض أن بعد الشباب طور الصبي وبلغ أعوام، تبعتها أعوام ومضتتمس يدا القديمة الجامعة دروس من درسين بين مساء ذات يحس ولكنه الخطوب،في معك كنت لقد تذكرني! «ألا الجملة: هذه نفسه في وتقع أذنه، يمس وصوتا كتفه،

العفريت؟!» أنسيت الكتاب.بمكان الناشئ ذاك قلبي من استأثر وقد أنساه، أن وهيهات العفريت أنس لم بلى،عرفتهم الذين أولئك الصبا، رفاق من أحد يبلغه لم كما إخوته من أحد يبلغه لم ممتازالمودة أسباب وبيني بينهم اتصلت الذين أولئك الكتاب، خارج عرفتهم أو الكتاب في

70

رفيق

ثت حد وقد العفريت، أنس لم بلى قصيرة. أو طويلة لهم عشريتي فكانت الصبا، أيامالممكن من بأن الشريف، الأزهر في العلم لأطلب القاهرة إلى هبطت حين مرة غير نفسيوأنقل انقطع، ما منها وأصل ، رث ما المودة أسباب من فأجدد أخاه ألقى أو ألقاه أنرضا وتنميته استبقائه في وأجد وأنميه، أستبقيه طرفا القاهرة إلى المدينة في صباي منوعرفت وأعواما، أعواما الأزهر إلى اختلفت ولكني الضمير، وسعادة النفس ومتعة القلبأسمع أو أخاه أو العفريت ألقى أن دون والشيوخ، والشباب الصبية من كثيرا فيهسألت قد ولو كليهما، أو أحدهما عنهما أسأل أن لنفسي أبح ولم كثيرا، أو قليلا عنهماوأن الصبا، أيام القرآن ظه أحف كنت الذي الأزهري هذا إلى أصل أن الممكن من لكانأبيح كنت ما أقل وما أسأل، أن لنفسي أبح لم العفريت. أخيه إلى طريقه من أصل

والاستقصاء! السؤال عن الحياء صرفني ما أكثر وما السؤال! لنفسيفي درس من الطلاب من ولقيت ثالثا، وعاما وعاما عاما الجامعة في أنفقت ثمعن أسأل أن مرة غير لي وخطر اختلافها، على المدنية المدارس في تعلم ومن الأزهر،قلبي في فحفظت السؤال، هذا لنفسي أبح لم ولكني يكون؟ وأين خطبه، ما العفريتعليه أظهر ولا به أختصها حين، بعد حينا نفسي على أردده كنت ما العفريت ذكر منصوته ومس كتفي، يده ت فمس مساء ذات العفريت علي أقبل حتى الناس، من أحداكان الصبا. في ألفناها كما حياتنا الشباب في واستأنفنا نفسي، نفسه ت ومس أذني،آخره، في أتركها أن أنا أريد كنت الذي العام أول في يدخلها بالجامعة، عهد حديثالحجرة تلك في ولكن تلك! داره من كنا وأين تلك، داره في لا النهار، وجه نجتمع فكناداره، إلى يدعوني أن قط له يخطر ولم الطلب، أثناء إليها آوي كنت التي المتواضعةفأجابني إخوته عن أسأله أن مت هم ولقد الدار، هذه عن أسأله أن قط لي يخطر ولمفأحسست آخر؛ حديث إلى وانتقل بالجواب، عني راغ استزدته فلما اللسان، طرف من

ذلك. بعد عنها أسأله فلم أسرته، من يستحي أنهوالتحق الثانوية بشهادة وظفر الفرنسية، المدارس إحدى في ج تخر قد كانمختلطة جهودا ذلك في وأبذل الأجنبية، اللغة هذه أتعلم أن أحاول وكنت بالجامعة،اللغة هذه من بالترجمة مشغوفا هو وكان ق، الموف غير ومنها ق الموف منها الاختلاط، أشدأن أريد كنت ما لي يقرأ وكان يترجم، كان ما بعض علي يقرأ فكان العربية، اللغة إلىأساطير لي قرأ أنه أنسى لن ولكنني كثيرة، أشياء أنسى وقد الفرنسي. الأدب من أعرفمن خروجنا بعد الليل أول قضينا كيف أذكر أن وأحاول «كانديد»، وقصة لافونتين،

71

الأرض في المعذبون

صرفت أني أذكر وإنما سبيلا، ذلك إلى أجد لا ولكني قضيناه، وأين يوم، ذات الجامعةأعرف ولست إليه، أردنا مما نفرغ أن بعد داري إلى يردني أن على معه وبقيت خادميداري عن بعيدين كنا وأنا نصفه، بلغ الليل أن أعرف ولكني إليه، أردنا الذي هذا مامتكسر: صوت في لي فقال المتواضعة، الوطنية الأحياء من حي في داره من قريبينوقد الغد.» ضحى في دارك إلى تعود ثم السهر، أطقنا ما فنقرأ معا، الليل سائر «لننفقوأوينا حقيرة، متواضعة دار إلى وانتهينا ملتوية حارات في فدرنا أراد، ما إلى أجبتهوسادة الحصير على وألقي بال، حصير عليها ألقي قد بائسة حجرة إلى الدار هذه منجاوز أن بعد إلا ننم ولم «كانديد»، من عظيما جزءا لي قرأ الحجرة هذه في ولحاف،وفي النهار، آخر إلى معي واستبقيته داري إلى عدت الغد ضحى كان فلما ثلثيه، الليلبشيء. أسرته أمر من إلي يتحدث أن منعه الذي الحياء هذا مصدر فهمت الليلة تلك

يلتقي التي الخريف أشهر وأقبلت الطلاب، فيها يفترق التي الصيف أشهر ومضتإلى سافرت فقد قصيرا؛ لقاء كان ولكنه لقيت، فيمن صاحبي ولقيت الطلاب، فيهاذلك أثناء نسيته ما وأشهد القطار. في صاحبي وودعت العام، ذلك خريف في فرنساأن إلى الجامعة دعتنا حين مصر إلى عدت لقد وأشهد فرنسا، في قضيته الذي العامالدرس هذا عن عزاء هذا صاحبي عند سأجد أني نفسي وفي الدرس، نتم أن قبل نعودقد التيفوئيد ى حم أن فأعلم صاحبي، عن وأسأل القاهرة، إلى أصل ولكني المقطوع،

الصيف. أثناء الموت إلى أسلمتههذا أكتب لم فإني ولوعة، حزن من نفسي في وقع ما للقارئ ر أصو أن أريد وماصليت أن بعد يوم ذات لي رفيقين مع سعيت أني أذكر وإنما هذا، من لشيء الحديثطويلا وقتا رفيقي مع أنفقت وأني دفن، إنه لي قيل حيث المجاورين قرافة إلى العصرإلى نهتد فلم زهر، من شيئا عليه ولنضع التحية إليه لنهدي قبره نلتمس ثقيلا وجهداقبر على الزهر وألقينا كلها، القرافة قبور إلى التحية ألقينا وقد يائسين فعدنا القبر، هذاوكان اللسان، معقود النفس مظلم البال كاسف كئيبا وكنت المجاورين، قرافة في ما

القديم: العربي الشاعر قول وينشدني علي، يهون رفيقي أحد

��واف��ك ال��س ال��دم��وع ل��ت��ذراف رف��ي��ق��ي ال��ب��ك��ا ع��ل��ى ال��ق��ب��ور ع��ن��د لام��ن��ي ل��ق��دك��ادك ف��ال��د ال��ل��وى ب��ي��ن ث��وى ل��ق��ب��ر رأي��ت��ه ق��ب��ر ك��ل أت��ب��ك��ي ف��ق��الم��ال��ك ق��ب��ر ك��ل��ه ف��ه��ذا ف��دع��ن��ي ��ج��ا ال��ش ي��ب��ع��ث ��ج��ا ال��ش إن ل��ه ف��ق��ل��ت

72

السادس الفصل

صفاء

أن لنا وأتاح الأمور، الله يسر فقد الآن فأما السود، الأيام تلك في ممكنا ذلك «كانولا أخوض، أن أحب فلست والرخاء، النعيم نور إلى والشقاء، البؤس ظلمة من نخرجعنها أعرض نصيفا ابنها ولكن تتكلم أن حنينة ت وهم الحديث.» هذا في تخوضي أنمن شيء في ونهض أنفة، من شيء في سيجارته وأشعل بجانبه، عنها ونأى بوجهه،وظلت أحدا. فيهما يخلف لم كأنه الدار وترك الحجارة فترك أمامه، ومضى كبرياءوقدرت أمرها حزمت ثم تسيل، أن تريد كانت دموعا كفكفت ثم مبهوتة، صامتة حنينةلم كأن الدار أعمال على فأقبلت ونهضت الحديث، هذا في ابنها ستراجع أنها نفسها في

شيء. ابنها وبين بينها يكنقصة يستأنف أن يريد حين الكاتب يستوفيه أن ينبغي ما أظن فيما استوفيت وقدولا الفاعل فيها يذكر لا التي الغامضة الجملة هذه القراء إلى فألقيت يسيرة، أو خطيرةذكرت ثم الاستطلاع، إلى تدعو التي الغرابة هذه نفوسهم في لأثير متأخرا، إلا المبتدأثم الاستطلاع، هذا إلى القراء حاجة لتزداد نصيف وابنها حنينة اسم الجملة هذه بعدأن الفتى يريد لا حديث فبينهما المريب، الغريب النحو هذا على وابنها الأم بين فرقتخرجت الذي المنكر الماضي يمس الحديث وهذا يتصل، أن على الأم وتحرص يتصلذلك وآية عليه، وتحرص له تفي أن الأم وتريد تنساه، أن الفتى ويريد الأسرة، منهحين ابنها لقيت متى فيه الخوض إلى ستعود أنها نفسها في وتقدر الدمع تكفكف أنهاأول في ابنها إلى تتحدث أن تؤثر أنها الظن وأكبر الصباح، يسفر حين أو المساء، يقبليتكلف لم البال، فارغ الجسم، مستريح النفس، هادئ فطوره إلى يجلس حين النهارشيئا، القديمة أمسه أعمال من يذكر أن بعد له يتح ولم شيئا، الجديد يومه أعمال منداره إلى يروح لأنه المساء في إليه تخلو قلما فهي المساء، في إليه التحدث من خير ذلك

الأرض في المعذبون

أترابه ليلقى عجلا عنها ينصرف ثم كلها، الأسرة مع طعام من شيئا فيصيب عجلا،الأسرة على جناحيه النوم بسط وقد ويعود الليل، من شطرا معهم فيسمر وأصحابه،

عميق. سبات في فأغرقها كلهاونصيف، حنينة وأسرة ونصيفا، حنينة يعرف أن كله هذا بعد القارئ حق ومنأن على الأم وتحرص شيئا، منه يستبقي أن الفتى يكره الذي القاتم الماضي وهذا

الأشياء. بعض منه تستبقيوالمكان الزمان في معي ينتقل أن قبل إن هذا في ه حق للقارئ أؤدي أن أكره ولستمسرف مكان إلى أو القدم، في مسرف زمان إلى معي ينتقل أن إليه أطلب وما جميعا،من مدينة إلى القاهرة نترك وأن القرن، هذا أول إلى نعود أن نريد وإنما البعد، فيومكان زمان لأحداثها يكون أن قصة لكل ينبغي فقد الوسطى؛ مصر في الأقاليم مدنلم أني هو للقارئ أؤكده الذي والشيء نفسها. الأحداث تختارهما أو الكاتب يختارهماأكن ولم أختر لم أني كما ومكانها، القصة هذه زمان أختار أن أستطيع أكن ولم أخترهؤلاء الأشياء طبيعة اختارت وإنما وأحداثها، القصة هذه أشخاص أختار أن أستطيعهذا يكون أن وأرادت الأحداث، من أجرت ما عليهم الأشياء طبيعة وأجرت الأشخاص،وأعمقه، التأثر أشد بها وأتأثر القصة أشهد وأن القرن، هذا وأول الماضي القرن آخر فيأخذت وقد خرتها، واد القصة شهدت حين أعرفه أكن لم لشيء نفسي في أدخرها وأنبها لأتحدث وادخرتها القصة شهدت إنما فأنا الحديث؛ هذا أملي بدأت حين الآن أعرفه

قرن. نصف من يقرب ما أحداثها على مضى أن بعد فر، الس هذا قراء إلىالقصة هذه أتخذ أن أختار، أن أستطيع أكن ولم أختر، لم بأني أقطع أكاد بلولست القراء، إلى طريقي من لتصل اختارتني التي هي وإنما الحديث، لهذا موضوعاأن — يستطيع لا نفسه والقارئ — أستطيع لا لأني سببا؛ لذلك أبين أن أستطيعأجله من والذي الأيام، هذه في تذاع أن اختارت أجله من الذي السبب عن القصة أسأل

فيها. أكتب التي المجلة هذه طريق ومن أنا، طريقي من تذاع أن اختارتالفرنسي، الأدب موضوعات من لموضوع وأياما، أياما فرغت قد أني أرى وإنماكنت ما أكثر ذلك من وبلغت الحديث، لهذا موضوعا لأتخذه وأستقصيه أدرسه وجعلتقدرت ما عليه لأملي صاحبي إلى وجلست أريد، كنت ما كل بلغت أكن لم إن أريد،قريب من الفرنسي بالأدب يتصل شيء عن حديثا مني يسمع لا صاحبي ولكن إملاءه،أن حنينة ت هم كما يراجعني، أن ويهم الحديث، هذا بدء مني يسمع وإنما بعيد، أو

74

صفاء

في سيجارتي أشعل بجانبي، عنه وأنأى بوجهي، عنه أعرض ولكني نصيفا. تراجعهذه أشخاص أمامي ويظهر الكتابة، في هو فيمضي الإملاء، في وأمضي حزم، من شيءمكانه إلى يسبق أن يريد كلهم الإلحاح، أعظم ين ملح الازدحام، أشد مزدحمين القصةحتى النسيان عليهم وثقل سئموه، حتى النوم عليهم طال كأنما الحديث، هذا منالقراء، يذكرهم وأن أنا، أذكرهم أن يريدون وهم يستيقظوا، أن يريدون فهم به، ضاقواأن من وأشقى لأهون الأولى تلك حياتهم كانت وإن حياة، من شيئا بذلك يستردوا وأن

كثيرا. أو قليلا نصيبا منها يستردوا أن على يحرصوا أن ومن أصحابها، فيها يفكرالنظام من شيئا أصطنع أن من بد فلا الكثرة، بعض كثيرون الأشخاص وهؤلاءالحديث. هذا من لهم المقسومة أماكنهم في ولأظهرهم القصد، بعض إلى لأردهم الحازميؤلفون فهم نفسها، الأولى حياتهم لهم قسمتها وإنما لهم، أنا أقسمها لم هذه وأماكنهمما بينهما الجوار أنشأ قد متجاورتين تعيشان كانتا الريف، أسر من قبطيتين أسرتينفي الدائم والاختلاط المتصلة العشرة ومن والألفة، المودة من الجيران بين عادة ينشئالحياة مسرات وفي وآلامها، الحياة لذات في الاشتراك هذا ومن عناء، ولا تكليف غيرتنوب. التي والنوائب تلم، التي والخطوب تحدث، التي الأحداث هذه وفي ومساءاتها،

وليست السعة، في بالمسرفة ليست دار في تادرس ميخائيل المقدس أسرة وكانتعليها يظهر لا قليلة، حجرات من تألفت متوسطة، دار هي وإنما الضيق، في بالمسرفةمتواضعة دارا كانت أحدا. إليها يلفت ما عليها يظهر ولا الضر، عليها يظهر ولا الثراء،يسير منحدر نحو على القناة يلي مما الشارع أول في تقوم وكانت حقيرة، تكن لم وإنويصعد الناحية، هذه من جاء إن إليها فينحدر الجهد، من قليلا إليها الساعي يكلفالمقدس وكان حال، كل على هينا سعيا إليها يسعى ولا الناحية، تلك من جاء إن إليهاالبعد، بعض داره عن يبعد حانوتا له اتخذ قد هينة يسيرة تجارة صاحب ميخائيلالنساء بها يتحلى عقودا منه الفقراء يتخذ الذي الخرز هذا من المتاع سقط فيه يبيعيدخلن مفرغة دوائر أو أساور منه النساء يتخذ الذي ن الملو الزجاج هذا ومن والفتيات،بألوانها الرجال يبهرن كما أنفسهن ويبهرن سواعدهن، في يدخلنها أو سواعدهن، فيهاالريف نساء منها يتخذ التي الرخيصة الأقمشة من وشيئا الحلو، ورنينها الزاهية

يتبرجن. حين وزينتهن يتفضلن، حين ثيابهنيدرنها النساء كان التي المطرزة العصابات بهذه خاصة شهرة لحانوته وكانتميخائيل المقدس وكان الشباب، عيون بها ويسحرن الرجال، بها فيفتن رءوسهم، حول

75

الأرض في المعذبون

كل رخية تكن لم إن حياة لأهله يكفل أن له يتيح ما اليسيرة هذه تجارته من يفيدأن الأسرة لهذه يسمح ذلك، بين شيئا كانت وإنما الضيق، كل ضيقة تكن فلم الرخاء،الآمال من الطبقة هذه إليه تطمح ما إلى تطمح وأن المتوسطة، الطبقة من نفسها ترى

التواضع. أشد متواضعة الوقت ذلك في كانت التيميخائيل، من تأتلف كانت وإنما العدد، كثيرة ولا ضخمة الأسرة هذه تكن ولمينطق يكن لم الاسم هذا أن وواضح صفاء، وابنتهما نصيف، وابنهما حنينة، وزوجهالنطق وكان ممدودها، لا الألف مقصور به ينطق كان وإنما الفصيح، النحو هذا علىالنساء كان التي المعدنية الغدائر تلك من مستعار أنه السامعين نفوس في يثير بهويسعين ويقعدن يقمن حين لها ويسمع ظهورهن، على ويرسلنها بشعورهن يصلنها

الآذان. يعجب صليلفلم الحياة، في هو له كتبت التي المنزلة عن ابنه يرفع أن ميخائيل طمع وقدالمدرسة إلى أرسله وإنما السن، به تقعد حين الحانوت في ليخلفه التجارة في ينشئهوبين بينه فيما وأضمر عام، وبعض عاما القبطي الكتاب إلى اختلف أن بعد المدنية،في ليتعلم القاهرة إلى استطاع إذا يرسله وأنه الابتدائية، بالمدرسة يكتفي ألا نفسهجديدة طريقا بنفسه وليسلك الحكومة، موظفي من موظفا وليكون مدارسها، بعض

قبله. من أبوه وسلكها هو، سلكها التي الطريق غيرالحياة، في هي لها قسمت التي المنزلة عن ابنتها ترفع أن في حنينة وطمعتبناتهن؛ إليها يرسلن المتوسطة الطبقة في الأمهات كانت كما «المعلمة» إلى فأرسلتها

الأزياء. وصناعة التفصيل في والتأنق والتدبيج، التطريز من فنونا عندها ليتعلمنعن الأسرة ورضيت المعلمة، إلى الصبية واختلفت المدرسة، إلى الصبي اختلف وقدوأخذ جهد، بعد الابتدائية بالشهادة الصبي وظفر أعواما. لابنيها تربيتها وعن نفسهاأن مضطرة هي فإذا الأسرة ونظرت تأخذ، أن استطاعت ما المعلمة فنون من الصبيةالمقدس تكلف ما يعلم والله الدار. في الصبية تمسك أن وإلى القاهرة، إلى الصبي ترسلمن حنينة احتملت وما النفقات، من إليه الفتى يحتاج ما ليدبر الجهد من ميخائيلالله شاء ما فيها فأقام ثانوية، بمدرسة الفتى ألحق وقد الوحيد. ابنها لفراق الحزنيقيم الأولى السنة هي وإنما نجحا، فيها يصيب أن دون وعاما وعاما عاما يقيم، أنبالمدرسة فيلحق أخفق، ما لكثرة فصله إلى المدرسة تضطر ثم العام، بعد العام فيهامن الحكومية المدارس تفصلهم من ى تتلق الوقت ذلك في كانت التي الكبرى القبطية

76

صفاء

من أو الحكومية، بالمدارس الالتحاق وبين بينهم السن تحول من أو المخفقين، الشبابآبائهم، آمال ذلك مع وتطول الدولة، مدارس في التعليم أجور عن آبائهم أيدي تقصرلأنفسهم يجدوا أن لعلهم الثانوية، الشهادة يبلغوا حتى أبناؤهم يتعلم أن ألا فيأبوننصيف أقام وقد الدواوين. من ديوان في عملا أو العالية، المدارس من مدرسة في مكاناالمدرسة في يصب لم كما نجحا فيها يصب لم ولكنه وعاما عاما الحرة المدرسة فيوأمه بأبيه الفتى وضاق أمه، على الحزن وثقل أبيه، على النفقة وثقلت نجحا، الحكوميةالذي الثانوي التعليم عن يتحول أن عام ذات أبويه على يقترح هو وإذا أيضا، ونفسهفي إلحاح إلى ولا ثقافة، من كثير إلى يحتاج لا قريب، يسير آخر تعليم إلى له، يخلق لمثم عام، بعض أو عام هو وإنما قوت، من طويل إلى ولا جهد، من فضل إلى ولا عمل،وكذلك الدولة. مناصب من منصبا ويشغل بالدبلوم، ويظفر الامتحان إلى الطالب م يتقدعام، من أقل أو عاما الفتى فيها ينفق أن إلا هي وما التلغراف، بمدرسة الفتى التحقا لف ه لف قد الدبلوم ومعه أهله إلى ويعود نجح، من أراد ما فيصيب للامتحان يتقدم ثم

الصفيح. من اتخذ أنيق حرز في ووضعه أنيقا،الدبلوم إلى تنظر الأم وجعلت فيه، ما يقرأ أن يحاول الدبلوم إلى ينظر الأب وجعلالصفيح، من العلبة بهذه يحتفظ أيهما الاختصام بعض الأبوان واختصم بزينته، تعجبالمهم ولكن القديم، مكتبه أدراج من درج في الأب يخفيها أم ثيابها، بين الأم أتدسهاتجارته كانت مما أكثر فأنفق أقصاه، الجهد من بلغ قد كان ميخائيل المقدس أن هوسبيل في وباع تحتمل، أن تستطيع سنه كانت مما أكثر المشقة من واحتمل عليه، تغلالفقر من شيء إلى الأسرة واضطر المتواضعة، الحلي من زوجه عند كان ما الفتى هذاما الفتى يدرك ولم الأمل. فسحة من شيء لولا يطاق، لا الذي الثقيل البغيض الضيقالرزق وينتظر داره، في يقعد أن إلى مضطرا الشيخ المقدس كان حتى نجح من أدركما أول البرق في الموظفين على حينئذ تجريه الدولة كانت الذي الضئيل المرتب هذا من

بأعمالهم. ينهضونبمكتب يلحق الدبلوم حامل كان فقد الأيام؛ تلك في ا حق بخيلة الدولة وكانتفي جنيهات ثلاثة ذلك أثناء في ويؤجر والتمرين، التجربة سبيل على البرق مكاتب منفي قروش عشرة التمرين، أثناء مياومة له تحسب وإنما جملة، له تحسب لا الشهر،ومتى فيه، يعمل الذي البرق مكتب اختيار في حرا الدبلوم حامل يكن ولم تزيد. لا اليومكانت إنما فيها؟ يعملون التي المكاتب اختيار في أحرارا وموظفوها الدولة ال عم كان

77

الأرض في المعذبون

يرسلوا، أن النظام يقتضي وحيث تشاء، حيث ال والعم الموظفين هؤلاء ترسل الدولةآخر أجره يقبض الفتى وجعل أدناه، في أسرته وأقامت الصعيد، أقصى إلى الفتى فأرسلالفتى وعلم نفسه. على الآخر نصفه وينفق لتعيش، أسرته إلى نصفه فيرسل الشهر،الأحيان؛ من كثير في تكذبهم وإنما دائما، أصحابها تصدق لا الآمال أن أسرته وعلمتمن ممتازا فردا وأصبح الدولة، مناصب من منصبا وشغل بالدبلوم الفتى ظفر فقدزالت وما محتاجا، بائسا فقيرا زال ما ولكنه الموظفين، طبقة الممتازة، الطبقة هذهوالفتى عام، بعد عاما الضيق إلى وتدفع يوم، بعد يوما الفقر إلى ترد متوسطة أسرتهبد فلا المال، من كثيرا أصحابه يكلف والامتياز ممتازة، طبقة من ممتاز فرد ذلك بعدطبقته، يلائم ما الزينة من يتخذ أن ومن ملائمة، عيشة أترابه بين الفتى يعيش أن منعليه، الإشفاق أو به الاستخفاف من شيء في أترابه إليها ينظر لا حياة يحيا أن ومنيرسل ألا إلى وحين حين بين اضطره وربما ا، عسر أمره من الفتى يرهق كله هذا وكانهذا فكان منقوصا؛ إليهما يرسله أن أو النقد، من إليهما يرسل أن تعود ما أبويه إلىحاجة من بأقل الملائمة الحياة إلى حاجتها تكن فلم ويضنيها، ويغيظها الأسرة يحفظأكثر إليها يرسل أن فحقها ثلاثة، أشخاص من مؤلفة أسرة وهي وحيد، والفتى الفتى،يرسل لم إذا وكيف أقله؟! إلا إليها يرسل لم إذا فكيف بأقله، الفتى يكتفي وأن المرتب،الفتى، هذا سبيل في ملكت ما وكل وجهدها عمرها أفنت قد ذلك بعد وهي شيئا؟! إليهابنعمة يكفرون كيف الشباب إلى وانظر الآباء، حقوق يجحدون كيف الأبناء إلى فانظرويختصونها بالخير أنفسهم يؤثرون كيف الناشئين الفتيان هؤلاء إلى وانظر الشيوخ،بل والثمرات، الأموال في بالنقص يشقون وأخواتهم وأمهاتهم آباءهم ويتركون باللذات،الامتحان في ابنها نجح بعد الأسرة أنفقت وكذلك والحرمان. والجوع بالبؤس يشقونكان حين تذقه لم ما والمعنوي المادي البؤس من فيها ذاقت أعواما بالمنصب، وظفره

القاهرة. في المدارس إلى يختلف غلاما أو الابتدائية، المدرسة إلى يختلف صبيا الفتىمن دائرة في متواضعا كاتبا زعيمها كان يونان، المعلم فأسرة الأخرى الأسرة أماللمعاون، مراقبا أو للناظر، محاسبا أو دفاتره، على عاكفا نهاره ينفق الترك، دوائريصيب يكاد فلا مكدود، متعب ولكنه نفسه عن راضيا النهار آخر أهله إلى ويعودوقد مضجعه إلى يأوي حتى سمر، من شيئا جاره مع ويسمر الطعام من شيئا معهمعلى غاديا العامة الطريق في يراه حتى يتنفس الصبح يكاد لا ثم أقصاه، به الإعياء بلغلا ضئيلا قليلا العناء هذا من يصيبه الذي الأجر وكان الحقول. في أو الدائرة في عمله

78

صفاء

مرجانة، وزوجته يونان، المعلم هم أشخاص، ثلاثة من تألفت لأسرة الأود يقيم يكادالسيد. عبد وابنهما

يرفع أن يحاول ولا طبقته، عن نفسه يرفع لا متواضعا، رجلا يونان المعلم وكانكما الدائرة في كاتبا ليكون هو؛ مهنته ابنه يعلم أن حاول وإنما الطبقة، هذه عن ابنهأن همه أقصى وكان أيضا. فيها كاتبا قبل من أبوه كان وكما الدائرة، في كاتبا هو كانيعينه أن استطاع الشباب أول أدرك إذا حتى به، والاقتداء عنه الأخذ الصبي يحسنقرشين فيأجره عليه، ويعطف عنه يرضى أن لعله المأمور إليه يلتفت وأن عمله، علىذكي يكن لم الصبي ولكن الحياة. أعباء احتمال على الأسرة تعين اليوم في قروشا أواللعب، فرصة له تسنح حين اللعب يؤثر خامدا، كلا كان وإنما للعمل، محبا ولا القلب،وكان آخر، شيء أي إلى منها أقرب الذهول إلى هي هادئة حياة آثر له تسنح لم فإنفكان أبويه، وحيد كان ولكنه أحيانا، عليه يقسو أن ويدفعه ويحفظه أباه يغيظ ذلك

به. ليرفق إلا عليه يشق ولا له، ليرق إلا به يعنف لا المعلميتقدم والفتى بأعبائه، النهوض عن الضعف يحس حتى بالمعلم تتقدم والسنكان داره في القعود إلى الشيخ اضطر إذا حتى متثاقلا، متباطئا أبيه بمهنة العلم فيورفقا أبيه لحق رعاية إلا الدائرة تستبقه فلم مقامه، يقوم أن من وأكسل أجهل الفتى

الأجر. من أباه تمنح كانت ما نصف إلا ذلك أجل من تمنحه ولم بأسرته،لترزقه، القاعد شيخها على السعي بعض وتسعى الدار، تبرح أن مرجانة واضطرتيريدون ما أهلها من تشتري القريبة القرى إلى تسعى فجعلت لتعينه، الخامد ابنها وعلىالعشب من بشيء وتغطيه ضخمة، قصعة ذلك في تحمل وزبدهم، جبنهم من يبيعوا أنبعض على بذلك وتطوف العيون، إليه ويجذب رطوبته، عليه يحفظ الرطب الأخضرإليه. يحتاجان ما وابنها لزوجها يتم ربح من شيئا لها يتيح بما فيها فتبيعه البيوت،الشديد، الضيق إلى ثم الضيق، إلى واحدة طريق في المتجاورتان الأسرتان سعت وقدللبطالة القاعدان الشيخان وفرغ قوة، بينهما الصلات فازدادت والحرمان، الإعدام إلى ثمالنهار، يتقدم وحين الصبح، يسفر حين تلتقيان وحنينة مرجانة وجعلت والحديث.يقال، كما الحديث أطراف وتتجاذبان الحياة، أثقال على وتتعاونان المنافع تتقارضانفي عمله إلى يغدو السيد عبد تلقى — المقصورة أو الممدودة بألفها — صفاء وجعلتهذه من الفتيان بين يكون ما بينهما فيكون الدار، إلى عمله من يروح وحين الدائرة،عن أصحابها تشغل وإنما شيء، على تدل ولا شيئا تؤدي لا التي الفارغة، الأحاديث

آمالهم. عن وتلهيهم أنفسهم،

79

الأرض في المعذبون

يشيع فهو اختلاسا، الوسائل ويختلس الفرص، ينتهز ماهر، ماكر الشاب ولكنالأمر، أول في ذلك فيعجزه يملأها، أن يريد ما وحين حين بين الفارغة الأحاديث هذه فيهذه النجح يخطئه دوءب، ملح هو وإنما الإخفاق، ولا اليأس ولا العجز يعرف لا ولكنهملتوية، مختلفة طرقا غايته إلى يسلك وهو المحاولة، استئناف عن ذلك يرده فلا المرةالفارون الفتيان وأين التجارب. وعلمتهم الحياة صتهم مح الذين إلا بها العلم يحسن لافيها يجري الشباب فإذا صفاء، بها تنطق كلمة التجارب! وتعليم الحياة تمحيص منيأتي وحركة مألوف؛ غير موقعا وقلبه السيد عبد أذن من ويوقعها مألوفة، غير عذوبةصفاء عين من ويوقعها مألوفة، غير رشاقة فيها يجري الشباب فإذا السيد، عبد بهاوأن تتكرر أن يريد العذبة، الكلمة بهذه مشغول الفتى وإذا مألوف، غير موقعا وقلبهاوأن تتكرر أن تريد الرشيقة، الحركة بهذه مشغولة الفتاة وإذا أمثالها، إليها يضافحين بصاحبه ومشغول يلقاه، حين بصاحبه مشغول كلاهما وإذا أمثالها. إليها يضافالنهار، يسفر حين بصاحبه ومشغول الليل، يقبل حين بصاحبه ومشغول عنه، ينأىشيئا يصبح جعل قد نية، غير وعلى موعد غير على بينهما يكون كاد الذي اللقاء وإذافارغا بينهما يكون كاد الذي الحديث وإذا الوسائل، إليه وتبتغى الخطط له تدبرتلحظان الأسرتان وإذا الأشياء، من كثير وراءه مليئا يصبح جعل قد شيء، وراءه ليسالشيوخ قلوب تبتسم ثم الأمر، أول تعرفان ولا تنكران فلا شأنا، الفتيين لهذين أنحنينة، إلى ميخائيل المقدس يتحدث ثم الشابين، القلبين هذين بين الناشئة الصلة لهذهتنتظر وإنما شيئا، للأخرى الأسرتين إحدى تقول ولا مرجانة، إلى يونان المعلم ويتحدثنفوس في يثور بما يحفل لا والشباب الحديث. تبدأ التي هي الأخرى تكون أن كلتاهمالا لغايته ماض هو وإنما تفكير، من عقولهم في يضطرب بما ولا خواطر، من الشيوخوحدهما الأسرتين يلفت لا حتى دائما، أمام وإلى أمام، إلى ينظر وإنما وراء، إلى ينظريتنبه وهناك الجيران. من أخرى أسرا يلفت وإنما صلات، من أحدث ما وإلى نفسه إلىشيئا الخطبة وتصبح المقدس، إلى المعلم ويتحدث حنينة، إلى مرجانة فتتحدث الشيوخ،

عليه. قا متف مقررافي ثبت قد أسفلها، وفي الأرض أعلى في المدن تتقاذفه غربته في مقيم ونصيفوزيد الدقيق، الصحيح بالمعنى موظفا أصبح وإنما مياومة، أجره يقبض فلم منصبهولكن الشهر، آخر المعاش منها يحسم جنيه، ونصف جنيهات أربعة بلغ حتى مرتبهالفتى نفقات معه زادت وإنما وحده، يزد لم أنه إلا حال، كل على زيد قد مرتبه

80

صفاء

من أبويه نصيب ولكن الفتى، مرتب زاد مثبتا. موظفا أصبح أن بعد حياته وتكاليفمنقوصا، وأحيانا كاملا، أحيانا إليهما يصل كان؛ كما ظل وإنما يزد، لم المرتب هذا

وحين. حين بين عنهما ويتخلفالمدينة فترى أسرته، ليرى الموظفين إجازات من إجازة في يوم ذات الفتى ويقبلأمثال عند بهما لها عهد لا ورواء زينة وترى قبل، من تعرفه لم أنيقا رشيقا شابا منهإعجاب يرى حين المقدس رأس ويرتفع والتجار، الزراع أبناء بين شبابها من الفتى هذاالشارع بهذا يمر حين لرؤيته بية والص النسوة واحتشاد به، واحتفاءهم بابنه الناستهافت يرى حين وإعجابا تيها بنفسه الفتى ويمتلئ تلك، أو الحارة وبهذه ذاك، أوويعجب بعيد، من بعضهم ويحييه قريب، من بعضهم يحييه إليه، وسعيهم عليه الناسبعض فينكره الكبرياء، من شيئا وهؤلاء أولئك ذلك مع فيه ويرى وهؤلاء، أولئك بهمن ابنهما على والأم الأب ويشفق بألسنتهم. الناس بعض وينكره قلوبهم، في الناسولينعما به ليستمتعا المقام فيطيل ابنهما يقيم أن والأم الأب ويتمنى الحاسدين، حسدالحاسدين. وحسد الكائدين كيد ليأمن السفر ل يعج أن ذلك مع ويتمنيان بمحضره،أكثر عنه ورضي أبواه، عنه ورضي نفسه عن رضي وقد عمله، إلى أيام بعد الفتى ويعودليودع تلك القصيرة إلمامته المدينة بهذه الفتى ألم وكأنما أقلهم. به وضاق المدينة، أهليحس حتى أيام سفره على وتمضي يسافر، الفتى يكاد فما الأخيرة، للمرة ويراه أباهولكن إليه، يلتفت ولا بذلك يحفل يكاد فلا الشيوخ، يحس ما الضعف من المقدسإلى ثم فراشه، لزوم إلى ثم داره، لزوم إلى ويضطر يثقل والشيخ ويلح، يزداد الضعفوالكآبة الحزن ولكن كئيبا، حزينا المدينة إلى أخرى مرة الفتى ويعود الدنيا. هذه فراقعليه؛ وعطفهم له لحبهم واستجلابا الناس، لقلوب واستهواء وأناقة رشاقة إلا يزيداه لمشيء إلى اه ورد بغيره، واستخفافه بنفسه واعتداده ومرحه فرحه من بكثير ذهبا فقد

المزاج. واعتدال والاتزان عة الد منرجلا أبيه موت بعد أصبح أنه الفتى روع في ألقى فقد شيء من يكن ومهماحسنة، مواجهة والأعباء التبعات واجه وقد الأسرة. بأعمال وينهض التبعات، يحتملفي غيره ط ووس وسعى، واجتهد وجد والرعاية، العطف من بكثير وأخته أمه فشملإلى فيها، يعمل كان التي البعيدة تلك مدينته من نفسه ينقل أن استطاع حتى السعيفي يقيم بالمدينة البرق مكتب في موظف هو وإذا أسرته، فيها تقيم التي هذه مدينته

أبيه. مقام منها ويقوم ويرعاها، أسرته

81

الأرض في المعذبون

في الفتى أقام فقد تستطيع، ما خير على أو تستطيع، كما الأسرة أمور وتمضيولأهله له فاستقامت الغربة، أثناء يدبره كان مما خيرا أمره ودبر أهله، مع وعاش دارهأن — التمني ينفع كان لو — حنينة تمنت وكم قبل. من لهم تستقيم تكن لم حياةالعمل على غاديا ابنه برؤية ويسعد بها، وينعم الحياة، هذه في فيشارك المقدس يعودالقلوب يملأ الذي ومنظره الوسيم، ذاك وشكله الجميل، ذاك زيه في الدار، إلى رائحا أو

ورضا. روعةآخرين وبزملاء البرق، مكتب في معه يعملون الذين بزملائه الفتى أسباب وتتصلمكتب في أو المحكمة في يعملون الموظفين من أخرى وبجماعات المحطة، في يعملونيرقى لو أبوه ود طالما التي الممتازة الطبقة هذه إلى ا حق بأسرته يرقى هو وإذا البريد،النهار آخر من يلتقون حين الممتازين الموظفين هؤلاء بين ممتاز هو وإذا إليها، بهامن قريبا القناة شاطئ على تقوم كانت التي الرومي ذلك قهوة في الليل أول من أويدنو حين إليها يسعون — منهم الشباب سيما ولا — الموظفون كان والتي المحطة،

الليل. يتقدم حتى مداعبين لاعبين فرحين فيها فيقيمون الأصيل،به، وتعجب إليه تنظر جانبه إلى وأمه فطوره إلى الفتى يجلس صباح ذات وفيالإناء، هذا رافعة اللون هذا مقدمة وتجيء تذهب تخدمه، يديه بين قائمة صفاء وأختهسرعة أو سريع همس في إليها فيلقي أمه إلى ويخلو أخته، يبعد حتى يحتل الفتى وإذامزيدا فيها يرى الخطبة، بهذه سعيد وأنه أخته، إليه يخطب فلانا زميله أن هامسة،أبويه، فقد قد كريمة، أسرة من كريم فتى الزميل فهذا رخاء؛ من وفضلا رقي منيريد وهو هو، يقبضه كالذي مرتبا الشهر آخر في يقبض وهو نفسه، سيد إذن فهوابنا لأمه وسيكون الدار، في فسيعيش زواجه وتم خطبته قبلت وإذا أخا، له يكون أنتفكر أو لترجوهما تكن لم ورخاء نعيم في الأسرة وستغرق المرتبان، وسيجتمع ثانيا،ولكنه الإغراء، من كثير فيه غريبا موقعا قلبها من فيقع الحديث هذا الأم وتسمع فيهما.الفتى؛ لجارها كالمخطوبة أو مخطوبة فابنتها والأسى، والخوف الحزن من كثيرا يثيروفي بها، مغتبط عنها راض الخطة لهذه مقر وهو الآخرة الدار إلى زوجها ذهب قدنفسها إلى الشيخة تثوب ثم شك. ذلك في ليس الجار، الفتى هذا من شيء ابنتها نفسيا ذلك كان لو وددت رزين: هادئ صوت في لابنها وتقول طويل، غير شكت أن بعدتحبه، وكأنها السيد، عبد جارنا أحبها قد كالمخطوبة، أو مخطوبة أختك ولكن بني،تأخذه حتى أمه حديث يسمع الفتى يكاد ولا أبوك. وقبلها خطبتهما في ثنا تحد وقد

82

صفاء

تخرجه كادت الذي المغضب صوت في لأمه ويقول بالنفس، الاعتداد ويعادوه الكبرياء،ولا أخوض أن أحب فما الآن فأما السود، الأيام تلك في هذا «كان طوره: عن الموجدةمتثاقلة، كبرياء في وينهض أنفة، في سيجارته يشعل ثم الحديث.» هذا في تخوضي أن

أحدا. فيهما يخلف لم وكأنه الدار عن ينصرف ثم الحجرة، عن وينصرفوأزمعت ابنتها، إلى فيه تتحدث فلم المكروه، هذا عن نفسها حنينة صبرت وقدإلا منه تلق ولم بشيء منه تظفر لم ولكنها ومرة، مرة وراجعته ابنها، فيه تراجع أنالمدينة هذه من فسينتقل له تذعن لم إن بأنها يوم ذات أنذرها حتى وإعراضا، ازورارافي ابنتها مع تعيش وسيتركها المشردة، الغريبة تلك حياته وسيستأنف إليها، انتقل كمامن إليها يرسل أن يستطيع ما إليها وسيرسل فيه، غناء لا الذي الغافل الفتى هذا ظل

أبيه. حياة في يفعل كان كما العيش على ليعينها الماللهم الإذعان تعودن وإنما أبنائهن، مقاومة البيئة هذه مثل في الأمهات تتعود ولمالأمر وصاحب الأسرة سيد فهو أبيه، مقام يقوم والفتى يريدون. ما إلى والاستجابةحنينة تذعن ما أيسر فما اعتراضا، ولا مقاومة منها يلقى أن ينبغي لا فيها، والنهيأن إلى حاجة في ليست وصفاء الإذعان، على صفاء تحمل أن تحاول ما أسرع وما لابنها،استطاعت ومتى أمها. تحب ولما أخوها يريد لما بطبعها مذعنة فهي الإذعان، على تحمل

والأمهات! الإخوة أمر عن يخالفن أن الفتياتقليل غير جهدا حنينة بذلت وقد القلب، ثائرة ولكنها الإرادة، مذعنة إذن هيوامتياز المنزلة، وارتفاع والنعيم، الرخاء من ابنها به أغراها ما بمثل ابنتها لتغريالفتى هذا إلى اقترنت لو بهما لتظفر تكن لم وترف زينة من لها سيتاح وبما الطبقة،تحصيل على لتعينه ه أم وسعي والمشقة بالجهد إلا قوته يكسب لا الذي الفقير المتواضعقلبها، ويثور إرادتها فتذعن الأحاديث، لهذه تسمع صفاء وكانت إليه. الأسرة تحتاج ما

سبيلا. إظهاره إلى تجد فلا الرضا تظهر أن وتحاولالدور، من غيرها على ثم مرجانة، دار إلى حنينة دار من الخطبة هذه نبأ يخرج ثممرجانة فأما الناس. من الأسرة يعرف من حديث ثم الشوارع، أهل حديث ويصبحوأين يقول: أن على يزيد ولا ويبتسم فيسمع يونان المعلم وأما شيئا، تقول ولا فتسمعممتاز! موظف الفتى وهذا قوته، يكسب يكاد لا كاتب وابننا الفتى، هذا من ابننا يكونوينذر ويثور فيثور السيد عبد وأما يحسدها، وأكثرهم صفاء يغبط فأقلهم الناس وأماشر ورائه من منكر هدوء إلى يرد ثم نفسه، بقتل أخرى ومرة الجريمة، باقتراف مرة

عظيم.

83

الأرض في المعذبون

ما على نفسه وانطوت نفسه، على انطوى قد وعمله أهله بين ويروح يغدو فهويحب ولا المنتظر، الزواج هذا وفي المعلنة، الخطبة هذه في أحد إلى يتحدث لا فهو فيها،الحديث عن أعرض ذلك من شيء في إليه الناس تحدث وإذا فيهما، أحد إليه يتحدث أنيفعل مما شيء يعنيه لا فيها، يعيش التي البيئة هذه عن غريب كأنه بالا، إليه يلق ولم

يقولون. أو حوله الناسمن وفضلا عطف، من شيئا ابنها على لتفيض نفسها تهيئ مرجانة كانت وقدإليه ضت فبغ به نزلت التي ة الملم هذه في وتواسيه محنته، عن تعزيه أن تريد حنان،ابنها من تر لم ولكنها كثافا، وأستارا صفاقا، حجبا الأمل وبين بينه وألقت الحياة،حاولت مما تبلغ فلم نفسه ذات إلى تنفذ أن وحاولت شكاة، من تسمع ولم حزنا،وأسرفت حقيرا، منه وعظمت صغيرا، الأمر هذا من أكبرت أنها الأمر آخر وظنت شيئا،ته رد قد الخطبة هذه وأن بالحب، ويسعد يحب كان أنه رت فقد بابنها، الظن حسن فيلا لاهيا، ساهيا ابنها فترى تنظر ولكنها يطاق، لا ما إلى واليأس والحزن الكآبة منفقد كئيب؛ أو يائس أو حزين أنه يدل ما عليه يظهر ولا بشيء، يحفل ولا بأحد، يحفلهذا وبين بينه الأسباب تقطعت أن بعد غافل الآن وهو إذن، حبه في عابثا الفتى كان

الفتاة. هذه غير فتاة مع آخر لعبث أخرى فرصة له تتاح أن ينتظر الحب،وغفلته، ولهوه ابنها سهو من لاحظت بما تنعم لم مرجانة أن في شك من وليسمن ألفت ما وإلى جديدا، حزنا القديم حزنها إلى وأضاف نفسها، في ذلك آذاها وإنماالمال من ويكسب أبوه، يحسنه كان كما العمل يحسن يكن لم الذي فتاها في الأمل خيبةيحسن ولا يحب، أن يحسن لا الذي فتاها في جديد أمل خيبة أبوه، يكسب كان كماعطفها ترد وهي يهوى، من وبين بينه ويحال الحب، أسباب به تنقطع حين يأسى أنشيئا تجد أن تريد كانت التي الكئيبة، البائسة نفسها إلى وإشفاقها ورحمتها وحنانهاوالإشفاق. والرحمة والحنان العطف من الأمهات نفوس تكنه ما إظهار في الروح من

ابنها في المجددة أملها بخيبة تأذيا: أشد مرجانة كانت الأمرين بأي أدري ولستكادت أن بعد الإجداب إلى نفسها ورد عواطفهما كبت من إليه اضطرت بما أم الوحيد،شيء وليس بالحياة. همت أن بعد الموت وإلى تغنى، كادت أن بعد الفقر وإلى تخصب،وتكره ا رد إليه ترد الذي الحرمان هذا من القاتل اليأس إلى الأمهات لنفوس أدفعأو يألم حين له والرحمة ابنها، على العطف تجد لم إذا الأم نفس فما إكراها، عليهبما ابنها يأتي حين والإعجاب والغبطة الرضا تجد لم إذا الأم نفس وما للألم؟ يتعرض

84

صفاء

ابنها عن الرضا وبين بينها حيل قد مرجانة وهذه والإعجاب؟ والغبطة الرضا إلى يدعوكل نصيف ابنها على ترضى حنينة جارتها ترى وهي طويل، وقت منذ به والإعجابيكبرون حولها من الناس أن وإعجابها رضاها ويزيد الإعجاب، كل به وتعجب الرضامضى ما بعض في يفعلون كانوا كما باسمها يدعونها ولا عليه، ويثنون ويقدرونه الفتىكان وحين ابنها، ولد أن بعد يفعلون كانوا كما نصيف بأم يدعونها ولا الوقت، منتحقق ولا العيون تراه لا غائبا موظفا كان وحين المدارس، إلى يختلف شابا أو صبياأم يدعونها وإنما المنظر، وروعة الزي وجمال والأناقة الرشاقة من به يمتاز ما النفوس

لفندي». «أم فيقولون اللام على فتحها ويلقون الهمزة، يلغون الأفندي.خامد، خامل أنه تبينت منذ به والإعجاب ابنها عن الرضا وبين مرجانة بين حيلبالعطف ابنها تشمل أن من لها بقي ما وبين الآن بينها ويحال أبيه، غناء يغني لافابنها المكروه؛ به ينزل أو الهم، عليه يلح أو الخطب، به يلم حين والحنان والرحمةولو حنان، أو رحمة أو عطف إلى حاجة يجد ولا مكروها، ولا ا هم ولا خطبا يحس لابخيبة شقية إذن هي إليه. التفت ولا ذاقه ولا أحسه لما ذلك من بشيء أمه شملته قدذلك، بعض في الشيخ زوجها إلى تتحدث أن تحاول وهي العاطفة، بكبت شقية الأمل،ابننا يقع وأين ساخرة: حزينة ابتسامة في عليها يرده الجواب هذا إلا منه تسمع فلاالحياة! له تبتسم الذي الوسيم الجميل الفتى هذا من اليائس، البائس الخامد الخاملمتضاحكا: لها فقال ذلك، بعض في ابنها إلى يوم ذات تتحدث أن مرجانة ت وهمالحب، في إغراء وأشد سلطانا، وأوسع بأسا، وأعظم قوة، أقوى المال إن وذاك! نحن «مابإغراقه ذلك عن ها فكف حديثها في تمضي أن ت وهم يحبوا.» أن للفقراء ينبغي وماالدائرة أحاديث وإلى فيه، والعاملين الحقل أحاديث إلى وبانتقاله طويل، ضحك فيلحزن، ولا لفرح يخلق لم فإنه الفتى، هذا «دعي الشيخ: أبوه قال حتى وموظفيها،ثم الضحك، في إغراقا فازداد أبيه، مقالة الفتى وسمع لعمل.» ولا لجد يخلق لم كماطوى قد خاطر ذلك مع الجنون هذا وراء من وكان مجنون. كأنه الدار عن انصرفقريبة الحب وبين بينه الطريق ولكن الحب، من أقوى المال أن وهو طيا، نفسه عليهبينهما، يفصل واحد جدار إلا صفاء وبين بينه فليس التمهيد؛ كل دة ممه القرب، كلرقيق حائل ولا ستار ولا جدار صفاء وبين بينه فليس الدار، سقف إلى ارتقى فإذالا منيعة كثيفة الزواج، وبين بينه والأسوار الخطبة، وبين بينه فالأسوار صفيق، أوأسوار من ينفذ أن المعدم الفقير استطاع ومتى منها، النفوذ إلى ولا اقتحامها إلى سبيل

85

الأرض في المعذبون

أولا، واسعة حيلة هي وإنما لها، وجود لا الحب وبين بينه الأسوار ولكن والثراء! المالد يترد الخاطر هذا جعل وقد ذلك. بعد تكره ما على للنفس وصبر ثانيا، جريئة وجراءةنفسه ويضبط أمره يملك والفتى نائما، أحلامه في ويتردد يقظان، الفتى ضمير فيفي أخفى ما وبين الناس بين يخلي ولا شيئا يقول ولا شيئا يظهر فلا لسانه، ويمسكأدنى كانت ولكنها حاله، من خيرا صفاء حال تكن ولم المكتوم. السر هذا من ضميرهيكن ولم مقعدة، ولا عسيرة نفسها تكن لم الإذعان. إلى منه وأسرع الصراحة، إلى منهولا كيدا ولا حقدا تحسن لا غافلة ساذجة كانت وإنما مكر، أو مهارة من حظ لهاوإنما ضميرها، في بما تستخف ولم نفسها على تنطو لم ذلك أجل من وهي استخفاء،حولها وكثر الإلحاح، عليها اشتد فلما قلت، كما القلب ثائرة الإرادة خاضعة أذعنتنفسها بنصف رضيت الدار، إلى تستبق الهدايا وفنون الطرف ألوان وجعلت الإغراء،يكاد ورضا ظاهرا ابتساما والزواج الخطبة تمنح فكانت الآخر، بنصفها وسخطتأن لعلها ودموعا دفينا، وأملا دخيلا، حزنا الحب تمنح وكانت أحيانا، وجهها له يشرقالليل، ساعات من ساعة في أو النهار، ساعات من ساعة في نفسها إلى تخلو حين تنهلعنه يروى كان ما وسمعت آثاره رأت وإنما له، تسمع ولم خطبها تر لم بعد وهيعنه الناس ويتحدث والزينة، والهدايا الطرف يرسل ظلا خطبها فكان الأحاديث، منوتمثلته إليه، ثت وتحد له واستمعت قرب، من رأته شخصا حبها وكان يشاءون، بماولكنها مخالسة، إلا تراه لا حين منذ جعلت وقد ضميرها، في واستحضرته نفسها، فيلأتيح فعلت ولو للقائه، الوسائل تبتغي أن شاءت إن تستطيع وهي حال، كل على تراهحديثها من ولمتعته له، والاستماع إليه التحدث لاستأنفت فعلت ولو اللقاء، هذا لهاتستمتع كانت بما ونظراته حديثه من ولاستمتعت قبل، من تمتعه كانت بما ونظراتها

قبل. من بهتتردد لخواطر ضعيفا أو قويا شبها مشبهة وهي الفتاة، نفس في تتردد خواطرلما الكسب موفور الحال ميسر جارها كان لو أن لصفاء خطر وربما الفتى، نفس فييقيم ما يكسب لا خامد خامل ولكنه حبه، عن يردها أو عنه يصدها أن أحد استطاعالتباس وما البؤس، إلى البؤس اقتران وما الفقر، إلى الفقر اجتماع فما أبويه، وأود أودهليحبوا، يخلقوا لم الفقراء وأن للفقراء، يخلق لم الحب أن إذن أحق بالإعدام! الإعداميريدون ما ذلك من بلغوا فإن القوت، ويكسبوا ويعملوا ويجدوا ليكدوا خلقوا وإنماوروحا؟ راحة لهم الموت وفي سعة، لهم الشقاء في فإن يبلغوه لم وإن لهم، خير فهو

86

صفاء

من الفتى نفس به تضطرب كانت ما بمثل تضطرب الفتاة نفس كانت وكذلكوالحسرة اللوعة من يجد الفتى قلب كان ما يجد الفتاة قلب وكان واليأس، والحزن الألمالفتى إلى شيء وأحب نفسها، بذات الفتى إلى تفضي أن إليها شيء أحب وكان والأسى،غيب على أو الناس من بمشهد سبيل ذلك إلى يكن ولم نفسه، بذات إليها يفضي أنرقيق، واحد حائط إلا ذلك مع بينهما يفصل وليس اللقاء، وبين بينهما حيل فقد منهم،

والحديث. اللقاء لهما لأتيح مخالسة داره سقف إلى كلاهما صعد قد ولوبمصطبته اتصالا يونان المعلم فازداد الليالي، وتتبعها ذلك على تمضي والأيامالأعشاب، تغطيها التي تلك بقصعتها الأرض في تطويفا مرجانة وازدادت لها، ولزوماواشتدت النشاط واتصل الذاهلة، الغافلة ويقظته العاملة الكسلة حياته في الفتى ومضىهذا أطل وقد قليلا. قليلا يدنو الزواج يوم أن الناس وأحس صفاء، دار في الحركةالسخط، وتضمر الرضا تظهر النفس، عابسة الثغر، باسمة صفاء واستقبلته اليوم،وقد مبتهجين. فرحين بقوم امتلأت قد مبتهجة فرحة دار على المساء مع القسس وأقبلالعقدة تلك وعقدوا والنواقيس، الأجراس وقرعوا وكللوا فرتلوا، مراسمهم القسس أحياالأيمن الجانب في مصطبته على مستلقيا يونان المعلم وكان الموت. إلا يفصمها لا التيوجهها على تجري ساهمة، واجمة بعيدة غير منه جلست قد مرجانة وكانت داره، من«لعلك مبتل: بصوت مرجانة فتقول مرجانة؟» يا ابنك «أين المعلم: يقول صامتة، دموع

الفرح!» هذا في يشارك أن تريد كنتالواجم، بكائها أو الباكي وجومها في الشيخة وتمضي صمته، إلى الشيخ فيعودنورا، الليلة تلك في مرجانة دار تر ولم نار، اليوم لذلك مرجانة دار في تشعل ولمثم نصفه، يبلغ حتى الليل ويتقدم حنينة. دار في متألقا والنور ذاكية النار كانت وإنمايتشوفون أخذوا قد ومرحهم، فرحهم في والمحتفلون ثلثيه، يبلغ أن يوشك حتى يتقدميروا لما ينصرفون ولكنهم الليالي، تلك في يشهدوا أن تعودوا ما مثل إلى ويتشوقونالمنهزم الليل أعقاب وترى بغيض. غريب فتور شملهم وقد شيئا، يسمعوا ولم شيئا،كئيبا، شاحبا الصبح ويسفر ظلام، من بقي فيما مستخفيا حنينة دار من ينسل فتىمتهالكة، خائرة فاترة أشعة الشعاع ذلك على ترسل ولكنها ربها، بنور الشمس وتشرقالكلام، إلى صمتهم من أهله تخرج تكاد ولا الحركة، إلى سكونه من تخرجه تكاد لاهبطوا المنحدر بلغوا إذا حتى القناة، شاطئ يسايرون أقبلوا قد الناس من نفر وهؤلاءصوت ويرتفع احتزازا، رأسها القطار احتز قد جثة فيها فأدخلوا مرجانة دار إلى

87

الأرض في المعذبون

مولول آخر صوت حنينة دار من يجيبه حتى دارها يتجاوز يكاد فلا مولولا، مرجانةالموت ينتظر نام قد الفتى أن النهار ينتصف أن قبل الناس ويعلم بالإعوال. ارتفع قدتلك ففصمت كالمطلقة، مزوجة أصبحت قد صفاء وأن الصعيد، قطار به جاءه حتى

الموت. إلا يفصمها لا والتي القسس عقدها التي العقدة«يا نحيبها: في مرجانة وتقول المال!» نعرف لم ليتنا «يا نحيبها: في حنينة تقولالموت عرفنا «قد المتقطع: الهادئ صوته في يونان المعلم ويقول الحب!» نعرف لم ليتنا

جميعا.» والحب المال من قوة أقوى هو الذي

88

السابع الفصل

خطر

وإيقاظ الغافلين وتنبيه والإرشاد، الوعظ في الدروس إلقاء أبغض كما شيئا أبغض لستإلى مضطر ذلك مع وأنا النذير، ولا التحذير فيهم يغني لا الذين وتحذير النائمين،الإنسانية، الكرامة وتفرضه الصادقة، الوطنية تفرضه واجبا أراه الاضطرار، أشد هذايسلك أن وعلى إبانها، قبل العنيفة للأخطار مصر تتعرض ألا على الحرص ويفرضهالعواصف، به تعصف لا وهدوء، ورفق أناة في التطور إلى طريقه البائس الوطن هذا

شيء. على تبقي لا التي الثورات هذه من الأمم بعض على جرى ما عليه يجري ولايبلغ صادقا ذعره يكون أن أتمنى وكم الكلام، هذا يقرأ حين القارئ يذعر وقدالأهوال هذه من مصر يعصم الذي العمل إلى ويدفع الضمير، أعماق إلى ويصل القلب،

والرقي. التطور إلى طريقها في تنتظرها التيهو وإنما مياومة، أجرة له يحسب الذي بالعامل ليس الدولة، موظفي من موظفالدرجة في الموظف هذا الحكوميون. يقول كما — المثبتين أو — الدائمين الموظفين منالولد، من وخمسة زوجة له قليلا، ذلك من أقل أو جنيها عشر اثني مرتبه يبلغ السابعة،تقطعت له عمة يعول وأن ستة، وهم أخته بني يعول أن الحياة ظروف عليه وقضتيعيشوا أن منهم يراد أو يعيشون شخصا، عشر أربعة إذن فهم الرزق، أسباب بهاسقفها، يظلهم دار إلى والتجاء ولباس، وشراب طعام والعيش الضئيل. المرتب هذا علىينهض ألا وطبيعي المتشردين. تأخذ كما الشرطة تأخذهم أن من جدرانها وتحميهمعن العجز يكون ثم الاقتراض، فيكون الضخمة، الأسرة هذه بحاجة الضئيل المرتب هذايقرضون، ما يستردون لا داموا ما الإقراض عن القادرين امتناع يكون ثم ين، الد أداءطيبات في أمل الأسرة هذه لمثل فليس الحياة، طيبات من أقول لا الحرمان، يكون ثممن أقول لا الحرمان، يكون ثم الجوع. ألم ويرد الأود يقيم مما أقول وإنما الحياة،

الأرض في المعذبون

وإنما أمل، الثياب هذه في الأسرة لهذه فليس الشتاء، وبرد الصيف حر تقي التي الثيابأقول لا الحرمان، يكون ثم الأجسام. من يستر أن يجب ما تستر التي الثياب من أقولالحصير من أقول وإنما أمل، الوثيرة الفرش في الأسرة لهذه فليس الوثيرة، الفرش منأن تحاول أنها إليها يخيل الذي الغطاء ومن الأرض، وبين أجسامها بين يحول الذيثم المعونة، بطلب الأغنياء إلى الالتجاء يكون ثم بالحياة، الضيق يكون ثم البرد. به تتقيوإما قاسية، الأغنياء قلوب لأن إما البائسين، اللاجئين هؤلاء عن الأغنياء إعراض يكونوالتماس الالتجاء في شركاء لهم وإنما العون ب طلا وحدهم ليسوا اللاجئين هؤلاء لأنالحق من أن يرون ولكنهم يحسنوا أن عليهم الحق من أن يرون الأغنياء لأن وإما البر،البؤس، ومتكلف البائس إليهم يلجأ لا وحتى الأمر، ينتشر لا حتى الإحسان ينظم أنفيما الناس طمع إلى وسيلة البر يتخذ لا وحتى وحرفة، صناعة التسول يتخذ لا وحتىكثيرة أخرى ولعلل مجتمعة كلها العلل لهذه وإما الموسرين؛ يسر من أيديهم في ليسشك، فيه ليس الذي الشيء ولكن لأحد. نفع إحصائها في وليس إليها تضاف أن يمكنيرضي ما الضئيل مرتبه في يجد أن عن عاجز الدولة موظفي من الموظف هذا أن هوالاستدانة إلى يجد لا حتى جهة من يستدين فهو لتعيش، أسرته إليه تحتاج ما أيسرفليس الإحسان، من يلتمس بما يظفر فلا طريق كل من الإحسان يلتمس وهو سبيلا،من ودينه خلقه يمنعه وقد تعيش، أن لأسرته ويتيح ليعيش الإثم يقترف أن إلا أمامهفيقترف ودينه، خلقه من أقوى والكساء الغذاء إلى الحاجة تكون وقد الإثم، اقترافلبؤس أسرته وتعرضت للعقوبة، تعرض فعل إن فهو بالمرصاد، له القانون ولكن الإثم،يكسو ولا الجائع، يطعم لا الصبر ولكن فليصبر، وإذن أضعافا، الظروف تضاعفهيداوي ولا الجوع، يعضه حين طعامه ملتمسا يصيح الذي الصبي يسكت ولا العاري،

شيئا. الحرمان من الأسفل الدرك إلى انتهوا الذين عن يغني ولا المريض،وفي المنكر، هذا بؤسه في وحيدا ليس الموظف هذا أن شك، فيه ليس الذي والشيءيحصون وإنما بالمئات، ولا بالعشرات يحصون لا نظراء له وإنما الثقيل، هذا عبئههؤلاء مشكلات تحل أن الممكن من وليس الألوف، بعشرات يحصوا أن وأخشى بالألوفأن الممكن من وليس بالدين، الالتواء أو الدين، أداء عن والعجز بالاستدانة، الناسعلى يعينان قد والإحسان التصدق فإن والإحسان، بالتصدق الناس هؤلاء مشكلات تحلمن فصل في العيال كسوة وعلى أياما، أو يوما العيال إطعام وعلى عارضة، أزمة تفريجالبؤس من فيها يأمنون حياة الناس لهؤلاء يكفلا أن يستطيعا لن ولكنهما الفصول،

والجوع.

90

خطر

بصحة يستمتعوا أن وفي يتعلموا، أن في بية الص هؤلاء حق الآن إلى أذكر لم وأنامن على خطر مصدر تجعلهم ولا المعدية، والأمراض المهلكة للأدواء عرضة تجعلهم لا

الناس. من بهم يتصلإلى ويدعو إليها يلفت قد عنها الحديث أن لظننت طارئة كانت لو مشكلة هذهبنا عهدها وإنما أمس، تطرأ ولم اليوم، تطرأ لم ولكنها حلها، في والاجتهاد فيها التفكيرفانتشار المخزية؛ المنكرة نتائجها تنتج ذلك أجل من وهي متصل، لها وإهمالنا بعيد،السرقة، وانتشار الرشوة، وانتشار الخلقي، الفساد وانتشار مشقة، غير في الوباءاليأس وانتشار والقلوب، الضمائر في الظلمة وانتشار الناس، بين الصلات وتقطيعوالاستسلام للظلم الإذعان وانتشار والهوان، والمسكنة الذلة وانتشار الله، روح من حتىإنسانا، الإنسان يجعل ما لكل والازدراء والكرامة، بالحرية للاستبداد والانقياد للعسف،الآفات هذه كل ممتازا؛ ا متحضر إنسانا الإنسان يجعل ما لكل الازدراء عن فضلا

الشقاء. هذا إلا مصدر لها ليس والمخازيمكتبه إلى يغدو الموظفين؛ من كغيره إنه الدولة، موظفي من الموظف هذا إلى ولأعدثيابه بليت ولو عمله، تلائم ثيابا اتخذ قد المساء، مع داره إلى ويروح الصباح، معيكون أن على حريصة فالدولة ذلك، على لعوقب أخرى ثيابا به يشتري ما يجد فلمالملائمة، تلك ثيابه في ويروح يغدو إذن هو تقدير. أقل على مظاهرهم في كراما موظفوهاأصحاب يستقبل وهو يبلى، أن ينبغي لا الذي حذاؤه رجليه وفي طربوشه، رأسه وعلىيخدمهم أو ناصحا يخدمهم وجوههم، في يعبس أو لهم يبسم الشعب، من الحاجاتوهو أحيانا، الشكوى ويبادلهم حينا الدعابة فيبادلهم زملائه إلى يتحدث وهو متكرها،والشقاء البؤس أماته قد ميت، قلبه ولكن ظاهرة حياة يحيا متحرك، قبر حال كل علىوتموت أجسامهم، تحيا موظفون يخدمها لدولة فأعجب يشبهونه؛ زملائه وأكثر والهم،والكرامة العزة إلى طريقه بالشعب تسلك أن الدولة هذه من ذلك بعد وانتظر نفوسهم،يطلبون الدولة موظفي رأينا حتى عشنا أننا هو والمهم التام. أو الناقص والاستقلالجاهدوا بأقلامهم، ذلك ويطلبون بألسنتهم، ذلك يطلبون الإحسان، ويلتمسون الصدقةمنحها التي الكرامة هذه من يتخففوا أن على الحاجة أرغمتهم حتى الجهاد وسعهم ما

الإحسان! ويلتمس يسأل أن من الإنسان تمنع والتي للإنسان، اللهأن الأمر في ما وأغرب الإحسان، ويلتمسون الصدقة يطلبون إذن الدولة موظفوفي لهم تصرف التي المنظمة المقررة هذه مرتباتهم على الموظفين يحسدون الشعب عامة

91

الأرض في المعذبون

فكيف المحسودين حال هذه كانت وإذا عليهم، تبطئ ولا عنهم تتخلف لا الشهر، أولالذي أو مسرعا، إلينا يسعى الذي الخطر رأيت قد أنك أظن الحاسدين؟ حال تكونعلى تجري الأمور نترك أن إما اثنتين: بين أننا على توافقني وأظنك مسرعين، إليه نسعىأن وإما قبلنا، من الأمم على جرى ما علينا ويجري يكون، أن بد لا ما فيكون سجيتهاطلب من الدولة موظفي لنعصم الإصلاح نحاول وأن استدبرنا، ما أمرنا من نستقبلالإحسان، والتماس الصدقة طلب من كله الشعب فنعصم الإحسان، والتماس الصدقةفيما كله، الاجتماعي نظامنا في النظر نعيد أن هي واحدة، سبيل إلا ذلك إلى وليس

المرتبات. من الدولة تمنح وفيما الضرائب، من الدولة تجبيوالعدل ينبغي، مما أقل ا، جد قليلة والمرتبات ينبغي، مما أقل ا، جد قليلة الضرائبفي الإسراف عن الدولة تكف وأن المرتبات، تضاعف وأن الضرائب، تضاعف أن يقتضيالإصلاح إلى وليس الخاصة. أموالهم في الإسراف عن الأغنياء يكف وأن العامة، الأموالتنهض أن تستطيع التي الصالحة السياسية الأداة وجدت إذا إلا سبيل من الاجتماعيسياسية أداة الأيام هذه في تملك مصر أن ترى فهل مشكلاته، من وتنقذه بعبئه،عليه. أجيب أن إلى حاجة في لست سؤال هذا الإصلاح؟ هذا محاولة من تمكنها صالحة

92

الثامن الفصل

تضامن

ثماني سنة الحج من بالمسلمين صدر حين يقدر الله، رحمه الخطاب بن عمر يكن لمونجد الحجاز أهل ومن العرب، بلاد أهل من بالمسلمين يستقبل أنه للهجرة، عشرةوأخلاقهم، وأموالهم أنفسهم في به المسلمون يمتحن قاتما أسود عاما خاصة، وتهامةوفيما الخطوب، من والنفوذ للمكروه والثبات الشدائد على الصبر من لهم أتيح وفيمابه ويرقى إنسانا، الإنسان يجعل الذي الممتاز الكريم الشعور هذا من كذلك لهم أتيحالاجتماعي والتضامن والتآلف التعاطف شعور وهو الكرامة، منازل من العليا المنزلة إلىبسعادتها، يسعد جماعة من عضو أنه منزلته، تكن مهما فرد كل روع في يلقي الذيالسراء من ينوبها وما والبأساء، النعماء من يصيبها مما بحظه ويأخذ بشقائها، ويشقى

والضراء.أهل من وللمسلمين له أضمر قد الغيب أن يقدر — الله رحمه — عمر يكن لمويعلمهم نفوسهم، بها ويصفي قلوبهم، بها يمحص القاسية، المحنة هذه العرب بلاددت تجد كلما يتجدد خصبا ولا مقيما، رضاء ولا متصلا، نعيما ليست الحياة أن بهاوالشقاء، السعادة ومن والألم، اللذة ومن والبؤس، النعيم من مزاج هي وإنما الفصول،إذا يبطر ولا استغنى، إذا يطغى ألا هو ا، حق قلبه الإيمان مس الذي المؤمن سبيل وأنالخير له أتيح إن بالخير نفسه يؤثر وألا والشقاء، بالبؤس امتحن إذا ييأس ولا نعم،وإنما تلم، حين وللخطوب تنزل، حين للنوازل نهبا نظراءه يترك وألا الناس، دون منعندهم ما بعض الناس من ويأخذ نعمائه، في يشاركوه حتى عنده مما الناس يعطيالناس من فريق به ليستمتع الشمس ضوء ينشر لم فالله بأسائهم، في يشاركهم حتىيجر لم والله طائفة، دون الناس من طائفة لتتنفسه النسيم يرسل لم والله فريق، دون

الأرض في المعذبون

أخرى، جماعات إليها وتظمأ الناس من جماعات منها لتشرب الينابيع ر يفج ولم الأنهارآخرون. ويجوع قوم منه ليشبع الأرض من النبات يخرج لم كذلك والله

هذا من حظوظهم تتفاوت جميعا، الناس بها ليستمتع نعمته الله أسبغ وإنماشخصه، يكن مهما منهم، أحد على الحرمان يفرض أن ينبغي لا ولكن الاستمتاع،

مواطنيه. بين منزلته تكن ومهما طبقته، تكن ومهماأن العام ذلك في الموسم من صدر حين يقدر — الله رحمه — عمر يكن لمامتحانا والعري، والظمأ بالجوع فيه يمتحنهم جديدا عاما المسلمين إلى سيرسل اللهذلك يقدر أن يستطيع عمر كان وكيف البعد، أشد بعيد عهد منذ مثله يعرفوا لموبعد والسعة العدل من يحبون المسلمون كان ما خير على تجري الناشئة الدولة وأموروإذا يقبل، الجديد العام ولكن الرخاء؟ وغزارة الفيء وكثرة الفتح وانتشار الصيت،الرماد، كأنها تسود وحتى الماء، هذا إلى ظمأ الأرض تحترق حتى بمائها تبخل السماء

الرمادة. عام العام هذا يسموا أن إلى المسلمون يضطر وحتىللناس تخرج أن عن الأرض وعجزت بالحر، الشمس وجادت بالماء، السماء بخلتأن بعد عمر وينظر والراغية. الثاغية من يسومون كانوا ما به يطعمون وما يأكلون ماة ملح نفسها من مستوثقة ولكنها مستأنية، لة متمه تسعى الأزمة فإذا المدينة، في استقريهرعوا أن في إلا يفكروا فلم الجدب، عليهم واشتد أجدبوا قد البادية أهل وإذا سعيها، فيمن ويكسوهم ظمأ، من ويسقيهم جوع، من يطعمهم ما عنده يلتمسون خليفتهم، إلىوعائليهم، وكاسبيهم وإخوانهم وآباءهم أبناءهم أخذ قد وهو ذلك يفعل لا له وما عري،وما آخرها! يعرفون ولا أولها يعرفون حروب إلى بهم ودفع الثغور، تلك بهم فرمىيسعى بهم، وبره عليهم، وعطفه لهم، بحبه يشعرون كانوا وهم إليه يهرعون لا لهمساعة أو ليل من ساعة إليهم السعي عن يقصر لا أدناهم، إلى يسعى كما أقصاهم إلى

نهار. منالشيوخ من فيها بقي من إليه ترسل كلها العرب جزيرة فإذا عمر ينظر ثميجدون لا الذين والقادرين شيء، على يقدرون لا الذين والعاجزين والأطفال والنساءنهوض الجائحة العنيفة الأزمة هذه للقاء عمر ينهض هنالك … عليه يقدرون شيئاأحد يحمله لم كما العبء ويحمل بعده، أحد يعرفه لم كما الحق يعرف الذي الرجلالظروف، تكن مهما دونه من يموت أو منه ينفذ أن على ما مصم الخطب ويواجه بعده،يجد الفناء؛ يدركه ولا ينفد لا المسلمين كنوز من كنزا ذاك الرمادة عام أصبح حتى

94

تضامن

له قلب عليه يمتنع لا ما الصالحة، والقدوة الحسنة والموعظة العبرة من فيه المسلمونقست بأنها وجل، عز الله وصفها التي القلوب تلك من يكون أن إلا ولين، رفق من حظالخطب، هذا مقاومة في بنفسه الله رحمه عمر بدأ وقد قسوة. أشد أو كالحجارة فهيويظمأ يجوعون، كما ويجزع يشقون، كما يشقى المسلمين؛ من رجلا يكون أن إلا فأبىفقرا الناس أشد على الأزمة تشتد ما بمقدار أهله وعلى نفسه على ويشتد يظمئون، كماأن وللناس ولله لنفسه عليه الحق من بأن شيء كل قبل مؤمن لأنه ذلك يفعل وبؤسا،التضامن يكون كيف الناس يعلم أن عليه الحق من بأن مؤمن لأنه يفعله ثم ذلك، يفعليعيش كما يعيش أن إلا فيأبى الخطوب، وتلم المحن تنزل حين والتعاطف، والتعاون

الناس! أفقرحتى السمن نفسه على فحرم وجهد، مشقة في إلا السمن يجدون لا المسلمين رأىظن الزيت عليه ثقل فلما الجاف، والخبز الزيت نفسه على وفرض الناس، عامة تجدهوأكله بالزيت، له يطبخ أن فأمر احتمالا، معدته على أخف يكون فقد له طبخ إن أنهشديد وكان وجهه، واسود لونه تغير حتى هضما، وأعسر له أوجع فكان مطبوخايأكل الموائد هذه إلى معهم ويجلس العامة الموائد على الناس يطعم جعل ثم البياض،الموائد هذه على يقبل أن يشأ من الناس: في ينادوا أن المنادين أمر ثم منه. يأكلون مماأهله وحاجة حاجته منه فيأخذ الطعام هذا على يقبل أن شاء ومن فليفعل، منها ليأكلكيف الطباخين علم وربما الطعام، إعداد على بنفسه يشرف وكان فليفعل. معهم ليأكللا منهم وكثير المدينة، إلى يهرعون البادية وأهل وتشتد، تشتد الأزمة ولكن يطبخون.الماشية، ونفقت الضرع، وجف الزرع، هلك قد أماكنهم، من ينتقلوا أن يستطيعونأرزاقهم إليهم ويحمل مواطنهم، في الناس هؤلاء يدرك أن الخليفة على الحق من وأصبحالأقاليم في اله عم إلى عمر يكتب هنالك الأرزاق؛ هذه إلى السعي عن عاجزين داموا ماإلى عمر كتبه الذي الرائع القصير الكتاب هذا واقرأ الأمداد. إليه يرسلوا بأن يأمرهمالرائع القصير الكتاب هذا في ما إلى وانظر الله، رحمه العاص بن عمرو مصر على عاملهالرحمن الله «بسم رفق: بعده ليس الذي والرفق الرحيمة، الرحمة ملؤه عنيف عنف منأفتراني بعد، أما عليك. سلام العاصي. ابن العاصي إلى المؤمنين أمير الله عبد من الرحيم.

غوثاه!» يا … غوثاه! يا … غوثاه! فيا قبلك؟ ومن أنت وتعيش قبلي، ومن هالكاأمير فيه يزجره الذي الكتاب هذا يقرأ — الله رحمه — العاص بن عمرو يكد فلم

إليه: كتب حتى الزجر، أشد المؤمنين

95

الأرض في المعذبون

الرحيم الرحمن الله بسمأحمد فإني عليك، سلام العاص. بن عمرو من المؤمنين أمير عمر الله لعبدإليك لأبعثن فلبث، فلبث الغوث أتاك بعد، أما هو. إلا إله لا الذي الله إليك

عندي. وآخرها عندك أولها بعيرا

في الآخرين عماله إلى عمر وكتب وبحرا. برا الغوث هذا إرسال في عمرو نهض ثمبلاد حدود إلى رسله عمر أرسل ثم مصر، عامل صنيع صنع فكلهم والعراق، الشامإلى بها فيميلوا المعونات، هذه يتلقوا أن وأمرهم ومصر، والعراق الشام يلي مما العربرسله على وعزم ويسقوهم، ويكسوهم، ليطعموهم، وأحيائهم أماكنهم في البادية أهلأنه يتبينوا أن دون الطعام من أيديهم في ما يفرقوا ولا يلينوا ولا يضعفوا ألا هؤلاءهذا من وأعظم روعة هذا من وأشد المختزنين. خزائن إلى لا الجائعين، بطون إلى صائرأعوزنا فإن نطعم، أن وجدنا ما «نطعم يقول: كان الله رحمه عمر أن للعبرة، إثارة

بالحيا.» الله يأتي أن إلى يجد، لا ن مم عدتهم يجد، ن مم بيت كل أهل مع جعلنايرزق أن وأزمع مصراعيه، على المال بيت فتح قد — الله رحمه — أنه ذلك ومعنىمن عددها مثل تطعم أن غنية أسرة كل كلف شيئا فيه يجد لم إذا حتى منه، الناس

بالفرج. الله يأتي حتى والدين، القانون بسلطان بذلك يأخذهم الفقراء،النوادر بهذه لأطرفك أو التاريخ، بروائع عليك لأرفه كله هذا عليك قصصت وماولا إطراف ولا ترفيه وقت في فلسنا الخطاب؛ بن عمر المؤمنين أمير سيرة من البارعةمن نكرا أشد تكون أن ولعلها نكرا، أقل ليست سود، أيام في نحيا نحن وإنما ترويح،

ذاك. الرمادة عاموالعري، والظمأ الجوع يجدون العام، ذلك وفي عمر، أيام في المسلمون كان فقدالموت بعد ويجدون المرض، ويجدون الموت يجدون فإنهم العام هذا في المصريون فأماحق ومن والعري، والظمأ الجوع من الرمادة عام في العرب يجد كان ما والمرضفلا آثاره، عنهم ترد وأن الوباء، هذا عنهم يدفع أن الوباء عليهم صب الذين المصريينوجدت ما الدولة على واجب الحق وهذا والعري، والظمأ الجوع يشكو من منهم يكونهذه من تفرغ حتى شيء في تفكر أن ينبغي لا ذلك، من يمكنها ما المال من خزائنها فيأن عمر أراد التي الطريق تسلك أن عليها الحق فمن خزائنها تسعفها لم فإن المحنة،

بالفرج. الله يأتي حتى العاجزين رعاية القادرين على تفرض وأن يسلكها،

96

تضامن

أوقات في خير بالمال التصدق أن الموسرون، يعلم أن ويجب الدولة، تعلم أن يجبواجب فالتصدق الوباء، وألم الأزمة، وأزمت الشدة، اشتدت فإذا واللين، والدعة الرخاءتأخذهم أن الدولة على وجب أنفسهم، تلقاء من الأفراد به ينهض لم فإن العدل، يفرضهعة والد الرخاء أوقات في المسلمين أئمة أمر قد الله أن تعلم أن الدولة على يجب أخذا. بهمحروم، أو جائع الناس بين يبقى لا حتى الفقراء، على ويردوا الأغنياء من يأخذوا أنيكتسوا وأن يشربوا وأن يطعموا أن الموسرين على فحرام الكارثة، وألمت الجد جد فإذاالدولة وعلى المعسرين، من العارون ويكتسي الظامئون ويشرب الجائعون يطعم حتىالله، ذات في الإثم أشنع آثمة فهي تفعل لم فإن القانون، بسلطان كله هذا على تقوم أن

المواطنين! ذات وفي الوطن، ذات وفيالتضامن في والمحكومين الحاكمين على الخطاب بن عمر ألقاها دروس هذهعز الله قول على يقوم وإنما الشيوعية، على ولا الاشتراكية على يقوم لا الذي الاجتماعيوالمنكر الفحشاء عن وينهى القربى ذي وإيتاء والإحسان بالعدل يأمر الله ﴿إن وجل:

تذكرون﴾. لعلكم يعظكم والبغيتتذكر أن في نطمع وهل الموسرون؟ يسمع أن وفي الدولة، تسمع أن في نطمع فهلطلب من الإنسانية الكرامة وتعفى نعفى أن في نطمع وهل الموسرون؟ ويتذكر الدولة

المواطنين؟ وعلى الوطن على الأموال يؤثرون قوم إلى الصحف في الصدقاتبسلطان والجود الكرم يكون كيف البخلاء تعلم أن الدولة على الحق من إن

… النفوس وحياة الضمائر يقظة عن يصدر لم إذ القانون؛

97

التاسع الفصل

الغنى ثقل

وقد جاهليته، في الثراء عريض المال كثير — الله رحمه — عوف بن الرحمن عبد كانلم الأولين، السابقين من إليه أسرع فيمن إليه الدعوة ظهرت حين الإسلام إلى أسرعالمترفون الأغنياء خاف كما يخف ولم الخير، عن قلبه الثراء يصرف ولم الغنى يبطرهالأقوياء وبين والفقراء، الأغنياء بين التسوية من إليه يدعو الإسلام كان ما قريش منمشغوفا عليه فأقبل للإسلام، صدره الله شرح وإنما والعبيد، الأحرار وبين والضعفاء،سؤدد، من اكتسب وما ثروة من ضم وما مال من جمع بما سبيله في مضحيا بهلم كما — يتردد ولم المكروه، واحتمال للأذى التعرض في أصحابه لمشاركة ا مستعديفر أن في البلاء، وعظم الفتنة وثقلت المحنة اشتدت حين — أصحابه من غيره يترددوثراءه الكثير ماله وراءه تاركا لربه، وعبادته وعقيدته رأيه على يأمن حيث إلى بدينهويعطف الحب أشد يحبهم كان قرابته ذوي أهله من وقوما الرفيع، ومكانه العريضوالحنان، والبر الرفق من قلبه به يفيض كان ما صفو ويمنحهم العطف أرق عليهمصلى الله عليه وسلم النبي اتخذها حين المدينة إلى هاجر ثم جميعا، الهجرتين الحبشة أرض إلى فهاجرالحمي، وأنفه النقي، وضميره الذكي، قلبه إلا يملك لا وهو إليها فانتهى دارا، للإسلام

ويقينا. ثقة نفسه ملأ الذي وإيمانهالربيع بن سعد هو الأنصار أغنياء من رجل وبين بينه صلى الله عليه وسلم النبي آخى وقدلك أطلق زوجتان ولي نصفه، وخذ مالي إلى انظر سعد: له فقال الله، رحمه الخزرجيإذا ولكن لك، الله بارك الرحمن: عبد قال زوجا! لنفسك فتتخذها إليك أعجب أيتهماثم النهار، وجه فيها فأنفق السوق إلى ذهب أصبح فلما سوقكم. على فدلوني أصبحتالنبي مجلس على حين بعد أقبل ثم الأود، به يقيم ما واكتسب واشترى باع وقد عادسأله فلما الوقت، ذلك في للمسلين يباح كان ما الزينة من واتخذ الجديد، لبس وقد صلى الله عليه وسلم

الأرض في المعذبون

أمهر قد وبأنه المدينة، نساء من زوجا لنفسه اتخذ قد بأنه أنبأه ذلك عن صلى الله عليه وسلم النبيففعل. لأصحابه، يولم أن صلى الله عليه وسلم النبي فأمره ذهب، من نواة وزن زوجه

اكتسب قد المدينة أغنياء من عوف بن الرحمن عبد كان حتى أعوام تمض ولمألفا، ثلاثين امرأته فيمهر ج يتزو أن واستطاع مال، مكان مالا وكنز ثروة، مكان ثروة

فضة! أو ذهبا تحته سأجد أني ظننت إلا حجرا أرفع وما رأيتني لقد يقول: وكانضم مكة فتح تم فلما مكة، تفتح أن قبل الأغنياء كبار من إذن الرحمن عبد كانوكأحسن المال، يستثمر ما كأحسن كله هذا استثمر ثم التليد، ثراءه الجديد ثرائه إلىولعله كافة، العرب أغنياء لمن وإنه يوم ذات أصبح حتى المال، تستثمر قريش كانت مامن كان وربما الله. رحمه عفان بن عثمان إلا منهم يستثنى لا كافة، أغناهم يكون أنالنبي أيام المسلمين مال بيت من أغنى كان عوف بن الرحمن عبد إن يقال أن الممكنولم الضرائب، إليه تجبى تكن ولم شيئا، يدخر الوقت ذلك في المال بيت يكن فلم صلى الله عليه وسلم،م فتقس الغزوات في اليسيرة الغنائم تصاب كانت وإنما خطر، ذو فيء إليه يحمل يكنالصدقات وكانت والبر. الإحسان ولوجوه العامة للمرافق خمسها ويحفظ الغزاة، بينوصل فإذا أقلها، إلا المدينة إلى منها يصل ولا الفقراء، بين م فتقس الأغنياء من تؤخذأدل وليس فقيرا. المال بيت فكان الكريم، القرآن في الله بينها التي المصارف على حبسبعض على يعينوه أن في الناس من الأغنياء على صلى الله عليه وسلم النبي إلحاح من المال بيت فقر علىأصولها. بعض عن له ينزلون أو فضولها، بعض عن له يخرجون بأموالهم؛ غزواته

على يشفق يكن ولم المال، اجتماع يكره كان كما شيئا يكره صلى الله عليه وسلم النبي يكن ولمالمال اجتماع من أصحابه وعلى نفسه على يشفق كان كما شيء من أصحابه وعلى نفسهالأغنياء، من إنك عوف، ابن «يا له: وقال الرحمن عبد إلى يوم ذات فنظر الثراء، م وتضخعوف: بن الرحمن عبد قال قدميك.» لك يطلق الله فأقرض زحفا؛ إلا الجنة تدخل ولنيا أجمع «أبكله قال: فيه.» أمسيت بما «تبدأ قال: الله؟» رسول يا الله أقرض الذي «وماصلى الله عليه وسلم الله رسول إليه فأرسل بذلك، يهم وهو عوف ابن فخرج «نعم!» قال: الله؟» رسولالسائل وليعط المسكين، وليطعم الضيف، فليضف عوف ابن مر قال جبريل إن فقال:

فيه. هو ما تزكية كان ذلك فعل إذا فإنه يعول، بمن ويبدأرائعة، سذاجة من الحديث هذا في ما عند معي القارئ يقف أن شيء كل قبل وأحبالرحمن عبد على يشفق الله فرسول كلها، قصته وفي معناه وفي لفظه في ساذجة روعة أوعلى صاحبها يحملها باهظة ثقيلة الثروة هذه ويصور الكثير، وماله الواسع غناه من

100

الغنى ثقل

يمشي أن يستطيع لا مقيد كأنه حتى الحركة، عليه وتعسر السعي من فتمنعه كاهله،من ف يتخف بأن عليه يشير لا وهو العادين. مع إليها يعدو أو الساعين، مع الجنة إلىوذلك يضيعه، ولا المال هذا يثمر بأن عليه يشير وإنما إلقاء، كاهله عن يلقيه الثقل هذاأضعافا القيامة يوم عليه يرد وإنما ماله عليه يضيع فلا حسنا، قرضا الله يقرض بأنبما ابدأ له: فيقال ماله، من الله يقرض أن ينبغي ا عم يسأل الرحمن وعبد مضاعفة.واعلم المساء، استقبلت حين مال من لك اجتمع ما بكل فتصدق قم أي فيه، أمسيتالمال من لك سيجتمع فيما ستمتحن وأنك تبتدئ، أن على تزيد لا ذلك تفعل حين أنك

الماضية. أيامك في المال من لك اجتمع فيما به امتحنت ما بمثل أيامك، مستقبل فياجتمع ما أبكل النبي: يسأل فهو الثقل، بعض الرحمن عبد على الامتحان ثقل وقدالله أمر يمضي أن على ما مصم الرحمن عبد وينهض نعم. النبي: فيجيبه المال؟ من ليالجهد من أنفق ما وتثميره جمعه في أنفق والذي يحبه، الذي المال هذا في ورسولهيحب أن من عليه بأس ولا والعناء. المشقة من احتمل ما تثميره في واحتمل والوقت،ليبر ينفقه أن من المال حب يمنعه أن الجناح كل والجناح البأس كل البأس وإنما المال،بأنه للمسلمين البر بين قد الله أليس السبيل. وأبناء القربى وذوي والمساكين اليتامى بهللذين حبه على المال وإيتاء بالله الإيمان هو وإنما المغرب، أو المشرق إلى ه التوج ليس

إليه. يحتاجونولكن ورسوله، الله أمر ماله في يمضي أن على ما مصم إذن الرحمن عبد ينهضبأن فيأمرانه صاه، ومح امتحناه أن بعد به يرفقان ورسوله الله أن إليه يرسل النبيفقد فعل فإن وعياله؛ بأهله ويبدأ السائل، ويعطي المسكين ويطعم الضيف يضيف

تطهيرا. ماله ر وطه تزكية، نفسه زكىيكن مهما الإذعان على الماضية الصادقة العزيمة تستبين حتى الامتحان في حزماستبانت فإذا ثقيلا، يكن مهما الجهد وعلى عزيزة، تكن مهما التضحية وعلى ا، شاقيحتملون ما بعض عنهم يضعان ورسوله فالله الصادقة النية وظهرت الجازمة العزيمة

الثقل. منالذي الوحي هذا المسلمون وحرم السماء، خبر وانقطع لجواره، نبيه الله اختار وقدأصداؤها تتجاوب عنيفة ة رج وإذا يوم ذات الناس وأصبح ويماسيهم، يصابحهم كانلها: فيقال الرجة، هذه عن الله رحمها المؤمنين أم عائشة وتسأل كلها، المدينة أرجاءصلى الله عليه وسلم الله رسول سمعت إني أما عائشة: فتقول قدمت. عوف بن الرحمن عبد عير هذه

101

الأرض في المعذبون

حتى أخرى ويستقيم مرة به يميل الصراط على عوف بن الرحمن بعبد «كأني يقول:يكد!» ولم يفلت،

نفائس تحمل راحلة خمسمائة العير هذه وكانت الرحمن، عبد عائشة حديث ويبلغيكتف لم صدقة! تحمله وما هي قال: الحديث هذا سمع فإذا الشام، من العروضكانت ما دون بها يكتف ولم تحمل، كانت ما بكل يكتف ولم تحمل، كانت ما ببعضنزول واتصل الله برسول الحياة امتدت قد ولو وبأحمالها. بها ق تصد وإنما تحمل،عبد من النبي يقبل أن الممكن من لكان الأرض، إلى السماء أخبار وتنزلت الوحيعلى تزد لم عائشة ولكن الآخر، بعضها على والإبقاء تجارته ببعض التصدق الرحمنمرة الصراط به يميل أن من الرحمن عبد وأشفق الله، رسول من سمعت ما روت أنله يستقيم أن على الرحمن عبد وحرص جهد، بعد الجنة يبلغ حتى أخرى به ويستقيمولا جهد ولا تعثر غير في الجنة يبلغ حتى اضطراب ولا ميل فيه يكون فلا الصراط،

عناء.ومن بماله، أسخاهم ومن قا، تصد المسلمين أكبر من الله رحمه الرحمن عبد وكانوكان به، متصدقا لماله مستثمرا كلها حياته أنفق بالناس، أبرهم ومن للرحم، أوصلهميجزيه ألا الله قضى كأنما أضعافا، ويضاعفه فيه يزيد وإنما ماله، من ينقص لا تصدقهله يكفل وإنما وحدها، الجنة في قرضه له يضاعف وألا وحدها، الآخرة في صدقته عن

جميعا. والآخرة الدنيا ثوابأسوقه وأنا الجدة، كل جديدا تجعله فيها نعيش التي الأيام ولكن قديم، حديث هذالعبد أتيح مما أكثر أو الرحمن لعبد أتيح ما مثل والثراء الغنى من لهم أتيح الذين إلىكان أنه مع الرحمن عبد على ثقل إن الثراء أن قلوبهم في يستقر أن وأحب الرحمن،ينفق لم أنه ومع صلى الله عليه وسلم، الله رسول مع وماله بنفسه جاهد أنه ومع الأولين، السابقين منعلى ثقل إن الثراء أن قلوبهم في يستقر أن أحب بالكثير؛ فيه تصدق إلا أيامه من يوماعليهم فهو الأولين، السابقين من نفر في الجنة له ضمن قد النبي أن مع الرحمن، عبدولم الله، سبيل في وأموالهم بأنفسهم يجاهدوا ولم الإسلام، إلى يسبقوا لم لأنهم أثقل؛يضع لم وأموالهم، أنفسهم في الله طاعة أحسنوا إن أنهم إلا شيئا لهم النبي يضمنوألا زحفا، إلا الجنة يبلغ ألا الرحمن عبد على النبي خاف وإذا شيئا. قدموا مما عليهمزاحفين، الجنة يبلغوا ألا أغنيائنا على نخاف أن أجدر فنحن جهد، بعد إلا الصراط يعبر

جاهدين. غير أو جاهدين الصراط يعبروا وألا

102

الغنى ثقل

أن في وليفكروا وموت، ووباء وشقاء بؤس من حولهم ما إلى أغنياؤنا فلينظرقرضهم لهم يضاعف حسنا قرضا الله يقرضون الذين أن وفي مردودة، عارية أموالهموا بشر قد الله سبيل في ينفقونها ولا والفضة الذهب يكنزون الذين أن وفي القيامة، يوموظهورهم، وجنوبهم جباههم بها فتكوى جهنم نار في عليها يحمى يوم أليم، بعذاب

تكنزون! كنتم ما فذوقوا لأنفسكم، كنزتم ما هذا لهم: ويقال

103

العاشر الفصل

سخاء

المتشككون يحب كما تصح لا أم أعتقد، وكما أحب كما الأخبار هذه أتصح أدري لستوتثير الخواطر، من كثيرا نفسي في تثير ، تصح لم أو صحت سواء وهي يعتقدون، وكمامن كثير إلى تدفعني كما التفكير، من كثير إلى وتدفعني العواطف، من كثيرا قلبي فيقد كانت تصدق لم وإن المنى، أحسن كانت صدقت إن التي العذاب، الحسان الأحلام

يقول. أن القديم الشاعر يريد كما حلوة ساعات أعيش أن لي أتاحتبما الأغنياء وتبرم الأجواد، وجود الكرماء، بكرم تتصل التي هي الأخبار وهذهجميعا الناس يخلق لم الذي لله والحمد الثراء. من إليهم يساق وما الغنى من لهم يتاحأوفر حظا ليبتغوا إلا حظا الغنى من ينالون لا يملكون، بما بخلاء المال، على حراصاكثرة على هم ثم أدركوا، مما أكثر ليطلبوا إلا نصيبا الثراء من يحرزون ولا نالوا، ممابالصخرة شيء أشبه الغنى، من عندهم يتراكم ما وكثرة يحصلون ما وكثرة يملكون مافيها يستقر مما بشيء تجود لا فهي قاع، لها ليس التي أو البعيد القاع ذات المصمتة،جوانبها، جميع من مصمتة هي وإنما بعضا، بعضه يركب ومهما يكثر، مهما الماء من

تحطيما. يحطمها أن إلا بها يطيف لمن أمل فيها ليسبخلاء الحرص، من النحو هذا على حراصا جميعا الناس يخلق لم الذي لله الحمدعلى ولكنه الغنى، يكره لا من وحين حين بين منهم جعل وإنما البخل، من الحد هذا إلىنفسه بها ينفع وسيلة يتخذه وإنما غاية، يتخذه ولا عليه يتهالك ولا فيه يفنى لا ذلكمن ممكن عدد أكثر بها وينفع مودته، وذوي قرابته، ذوي بها وينفع أهله، بها وينفع

الناس. من ممكن عدد أكثر ينفع أن له يتاح حين الناس،الإنسانية أن روعك في يلقون البخلاء، الحراص عن عزاء الأسخياء الأجواد هؤلاءولكنها العقم، شديدة مجدبة مقفرة صحراء تكون قد الناس حياة وأن كلها، ا شر ليست

الأرض في المعذبون

عناه الذي للمسافر فتتيح وحين، حين بين فيها تقوم التي الواحة من تخلو لا ذلك علىينسيه ما والروح، الراحة ومن والماء، الظل من فيها يجد أن الجهد، وأضناه السفريستأنف حين الجهد من سيلقاه ما احتمال على ويعينه المشقة، من احتمل ما بعضالإنسانية لكانت الأسخياء الأجواد هؤلاء ولولا المقفرة، المجدبة تلك صحرائه في السعي

ونكرا. بشاعة وأعظمه البغض أشد نبغضها أن خليقةلذلك وهم يجدوها، أن يستطيعون وكما يجدونها، حيث الراحة يلتمسون والناسفإذا حولهم، من يلتمسونه يجدوه؛ أن يستطيعون وكما يجدونه حيث العزاء يلتمسونفإذا المتباعدة، والأماكن النائية الأطراف في والتمسوه السعي في أبعدوا به يظفروا لممن مضى فيما التمسوه بعد، ومن منهم قرب من المعاصرين، في به يظفروا أن أعياهمله أؤكد ولكني أتزيد، أو أتكثر أني القارئ يظن وقد العصور. من سلف وفيما الأياموالنوائب تحدث، التي الأحداث هذه استقبلت وإنما شيء، في والتزيد التكثر من لست أنيإليهم ويسعى أقطارهم، جميع من المصريين كثرة يأخذ الذي البؤس وهذا تنوب، التيفيمضي منهم بقي بمن يستأثر ثم إليه، بعضهم يسلم حتى للموت يعدهم وجه، كل منالأغنياء، من حولي فيمن أنظر وجعلت حينا، ومتعجلا حينا متمهلا للموت، إعدادهم فيالشديد، والعذاب الهائل، والهول المدلهم، والبلاء الملم، الشقاء هذا من موقفهم في وأنظروكدرا الطباع، في وجفوة الأكباد، في وغلظا القلوب، في وقسوة وبخلا، حرصا إلا أر فلمالكرم بين يترددون آخرين وقوما للإنفاق، كره على ينفقون قوما ووجدت الضمائر، فيينفقون لا آخرين وقوما التفكير، واتصال التردد طول بعد البخل يؤثرون ثم والبخلحولهم ما ويجهلون الناس، من حولهم من يجهلون وإنما يفكرون، ولا يترددون ولايسمعوا، لا حتى آذانهم في أصابعهم يضعون والموت، والضيق والضنك البؤس منحتى وأقفالا أكنة قلوبهم على ويجعلون يروا، لا حتى غشاوة أبصارهم على ويجعلون

إشفاق. أو رحمة أو تعاطف أو تضامن من شيئا فيها يثير ما إليهم يصل لاأن يعنيهم لا يتصورونها، كما وآمالهم ومنافعهم لذاتهم على يقبلون وهؤلاء أولئكيتجرعون حولهم من والناس ينعموا أن يسوءهم ولا يألمون، حولهم من والناس يلذواويسعدون المواطنين، جثث على يرقصون فهم غصصا، والعذاب والبؤس الشقاءالشاكين، شكاة من تأتي التي المنكرة البشعة الموسيقى هذه بين يفرقون ولا بشقائهم،تصل التي الأخرى الموسيقى وهذه المحتضرين، وحشرجة المرضى، وأنين الباكين، وبكاءحين بأسا يجدون ولا الراقصين، ورقص النافخين، ونفخ العازفين، عزف من إليهم

106

سخاء

التي الغزار الدموع هذه من مزاجها يكون أن اة، المصف المترعة كئوسهم على يقبلونكلها. مصر أعين من تنزف وإنما الناس، أعين من تنزف لا لأنها تحس ولا ترى لاولكن يحسونها، والذين يرونها الذين بها فيضيق تحس وقد ترى قد الناس ودموعرقة من شيء لهم أتيح الذين إلا يحسها ولا يراها لا والأجيال والشعوب الأوطان دموعقليلون الأسف مع وهؤلاء الطباع، وتهذيب الضمائر، ونقاء النفوس، وصفاء القلوب،

القليل. من أقل هم بلببعض، بعضهم يرفق كيف لأرى الناس، من حولي فيمن ونظرت كله هذا استقبلتالمعسرين، معونة إلى منهم الموسرون يسرع وكيف بعض، على بعضهم يعطف وكيفالكاذب، التفاخر إلى واستباقا كثيرا، وكلاما قليلا كرما رأيت وإنما خطر، ذا شيئا أر فلمكثرة على — أغنياءنا أن أعلم وما السخيف. والنعيم الباطلة اللذة على ذلك مع وتهالكالمعونة يجمعوا أن استطاعوا قد — يملكون ما عليهم يغل ما كثرة وعلى يملكون، ماهذا عن بعيدين زالوا ما وأحسبهم الجنيهات، من ألف مائة الكوليرا بوباء المنكوبينينسون أخذوا قد وهم منه. يقربون أو سيبلغونه أنهم أرى وما البعد، أشد المقداروبعد — أنفسهم على يأمنوا أن للناس جاز إن — أنفسهم على أمنوا أن بعد الوباء،ولا — لنفسه أحد يقل لم يزول. أن أوشك قد الوباء أن الصحة وزارة لهم زعمت أنكانوا رجالا كثيرة أسر من اختطف قد الوباء إن — لنفسه منهم أحد يقول أن يرجىهذه حق من وإن وصفه، عن فضلا ره تصو إلى سبيل لا إعدام إلى واضطرها يعولونها،من بها ألم ا عم العزاء بعض عليها المواطنين عطف من تجد وأن أولا، تعيش أن الأسر

ثالثا. كريم وطن في كريمة أسر بأنها تشعر وأن ثانيا، الخطبلأنهم ذلك؛ من شيء — منهم لأحد يخطر أن يرجى ولا — منهم لأحد يخطر لمالتي وباللذات الثراء، إلى الثراء وضم المال، إلى المال بجمع الخواطر هذه عن مشغولونليستأنفوا إلا منها يستريحون ولا الآخر، بعضها على ليقبلوا إلا بعضها من يفرغون لالأحد يخطر أن يرجى وليس — منهم لأحد يخطر لم ثم فيها. والإمعان عليها العكوفالخزي يجر ما بمقدار عليهم الخزي يجر لا المعدمين وإعدام البائسين بؤس أن — منهميلقون الوطن، لهذا عنوانا يكونوا أن الظروف لهم أتاحت الذين وعلى كله، وطنهم علىويسمعون مصر، على يفد لم إذا الأجنبي إلى ويسعون مصر، على يفد حين الأجنبيولا لأنفسهم، يستحيون فلا والمنكوبين، الوباء حديث — كارهين أو راضين — منهالأجنبي أعين في يوصم أن المصريين من الجيل لهذا يستحيون ولا لوطنهم، يستحيون

107

الأرض في المعذبون

يكرمه ولا ويحتقر، يزدرى أن خليقا وتجعله صاحبها من تغض التي المنكرة بالأثرةآرابه. وقضاء منافعه، تحقيق إلى وسيلة يتخذه ما بمقدار إلا يكرمه من

أن إما اثنتين: بين فوجدتني كله، بهذا وضقت كله هذا رأيت إذا علي بأس أيأستطيع حيث العزاء ألتمس أن وإما والمواطنين، الوطن وأنكر والأحياء، الحياة أبغضبعد — أستطيع ولعلي تنجلي، أن الغمرة لعل ألتمسه، أن أستطيع وكما ألتمسه، أنأغنيائهم ومن المعاصرين، المصريين من الجيل هذا إلى أعود أن — طويل أو قصير وقتالاشمئزاز وهذا الممض، الألم هذا نفسي في أجد أن دون منهم وأسمع لهم فأقول خاصة،

البغيض.ونفوسنا يأسا قلوبنا المعاصرون ملأ فقد القدماء، أحاديث وإلى إذن التاريخ إلىأخبار في ولننظر المكان، في الهجرة لنا تتح لم إذا الزمان في ولنهاجر لنهجرهم، قنوطا.وهي عزاء، لنا كانت ت صح إن فهي تصح، لم أم أصحت سواء القديمة، العصور تلكولا للمال عبدا فيه الرجل يكون لا الناس من بجيل نحلم أن لنا أتاحت تصح لم إنإعانة إلى وسيلة فيه الثروة وتكون لمالكه، عبدا فيه المال يكون وإنما للثروة، مرقوقايجدها التي الحلوة العاطفة إثارة إلى ثم المحروم، وإنقاذ الملهوف، وإغاثة المنكوبوبر محروما وأنقذ ملهوفا، وأغاث منكوبا، أعان قد أنه يحس حين الكريم الرجل

فيه. ف يتصر ماله يدع ولم ماله في ف وتصر صديقا،عن لنتسلى القدماء أحاديث وإلى فيه، نعيش الذي العصر لننسى إذن التاريخ إلى

المحدثين. سيرةتستطيع ولكنك شيء، ذلك من يعنيني فما تصدقني، لا أو تصدقني أن وتستطيعهذه بعض عند ا، جد طويلة طويلة، وقفات وقفت أني — حال كل على — تقرأ أنالقصة هذه عند والسخاء، الجود أصحاب من القدماء عن لنا تروى التي الأحاديثارتفعت حتى بكر أبي المدينة أهل أجدب حين — الله رحمه — عثمان عن تروى التيلعثمان عير ذلك أثناء في وأقبلت يأكلون، ما الناس وأوساط الفقراء يجد ولم الأسعار،لييسروا بضاعته منه يشتروا أن يريدون إليه التجار فأسرع كثيرا، خيرا الشام من تحملأثمانها، أضعاف أربعة يعدل ما عليه عرضوا حتى يساومهم وجعل الناس، على بهاأظهروا فلما أثمانها، أمثال عشرة إليه يدفعوا أن استطاعوا إن إلا يبيع أن أبى ولكنههذه يؤثر أنه إليهم أعلن ثم بها، ق تصد إن أمثالها عشرة وعده قد الله بأن أنبأهم العجزللمسلمين! صدقة هذه بضاعته وأن أموالهم، على الله ثواب ويؤثر تجارتهم، على التجارة

108

سخاء

هو النبي، أصحاب من آخر رجل عند ا، جد طويلة طويلة، وقفات ووقفت نعم،عن سألته فلما حزينا، ا مغتم فرأته امرأته عليه دخلت وقد الله، رحمه الله عبد بن طلحةيصنع ما يدري لا مهتم فهو كثير، مال جاءه قد أن أنبأها عليه، عطوفا به رفيقة ذلكبين المال هذا قسم ثم نعم. قال: اقسمه. مبتسمة: له قالت أن على امرأته تزد فلم به،سعيدا، ليله ذلك بعد واستقبل المسلمين، من الحاجة وذوي مودته وذوي قرابته ذوي

درهم! ألف أربعمائة المال هذا وكانوأدى له أرضا باع حين نفسه طلحة عند ا، جد طويلة طويلة، وقفات وأقف نعم،إن قال: ثم طويل غير فكر داره، في المال حصل فلما درهم، ألف سبعمائة ثمنها إليهأمر ثم لمغرور! الله أمر من القضاء له خر اد ما يدري لا المال هذا وعنده يمسي رجلاينم ولم المسلمين، من الحاجة وذوي مودته، وذوي قرابته، ذوي على المال هذا فقسم

آخره. عن أنفقه حتىإلى أو الفقر إلى بطلحة ينته لم اتصاله وعلى كثرته على الإنفاق هذا أن والغريبيبتغون لا مخلصين الله سبيل في أنفقوا إذا الأغنياء وعد قد الله لأن الفقر؛ يشبه شيءوتعرضت الجمل يوم قتل وقد أنفقوا. ما عليهم يخلف أن نفاقا، ولا شهرة ولا رياءثلاثين بينهم فيما اقتسموا ذلك رغم على ورثته ولكن كثيرة، لخطوب موته بعد ثروته

الدراهم! من مليونامخلصين، أموالهم فضول من ينفقوا أن يستطيعوا أنهم في يفكرون أغنياءنا فليتأغنياءنا وليت خطر. ذا شيئا الإنفاق هذا يرزأهم أن دون مرائين، ولا منافقين غيرليتبينوا مرائين؛ غير مخلصين ينفقون ليتهم الوعد، هذا يمتحنون أو الله وعد يصدقونلا أغنياءنا لأن سبيل؛ من ذلك إلى ليس هيهات! ولكن أنفقوا، ما عليهم الله أيخلفيغامروا أن عليهم وأهون يغامرون، لا آمنوا إذا وهم يؤمنون، لا قرءوا إذا وهم يقرءون،بالألوف يغامروا أن من السباق، ميادين من وميدان الميسر، أندية من ناد في بالألوفالقلوب يملأ الذي والشيء لا. أم وعدهم ما الله أيصدقهم ليتبينوا البر سبل من سبيل فيتقصيرهم ومن وبخلهم الأغنياء حرص من ترى الحكومات أن هو كمدا، والنفوس غيظاوتغيث المنكوب، تعين أن لها يتيح ما الضرائب فرض من لنفسها تبيح لا ثم ترى، ما

له. مرد فلا سوءا بقوم الله أراد وإذا المحروب، وتنقذ الملهوف،وضميره وعقله بقلبه يفر أن الأديب، الحازم للرجل الخير كل الخير إن صدقنيمن آخر زمان إلى يفر أن من أقل فلا أخرى، بلاد إلى الفرار أعجزه فإن الجيل. هذا من

التاريخ. أزمنة

109

عشر الحادي الفصل

مصرالمريضة

منها بد لا التي البغيضة المواسم هذه من وأفرغ فيها، وأستقر السفينة إلى أصعد أكد لمفاستمعت مريضة، مصر بأن علمت حتى منه، يبحر الذي الثغر يكن مهما مبحر لكلالفرنسية الصحف إحدى في منشور فالنبأ بالا. إليه ملق ولا له آبه ولا به حافل غير للنبأر تصو لا التي الأنباء هذه من مصر عن ينشر ما أكثر وما مارسيليا، في تصدر لا التيميل أو لمصر بغض من بها أبرقوا الذين نفس في يكون ما إلا شيء، على تدل ولا ا حق

السوء! أنباء من عنها يذاع فيما والإسراف عليها، والنعي لها، الكيد إلىالضيق شديدة مصر، على العطف قليلة الأخيرة الأشهر هذه في الفرنسية والصحفسنحت، إن الفرص لذلك تنتهز المصريون، يحب لا بما عنها التحدث إلى سريعة بها،على أحفظتنا التي الخطوب تلك فرنسا وبين بيننا كان وقد تسنح، لم إذا وتخلقهاالمستبصر فالقارئ بنا، وأغرتهم الفرنسيين علينا وأحفظت بهم، وأغرتنا الفرنسيينوحين فرنسا، في مصر أنباء يقرأ حين والأناة الحرص من كثيرا يصطنع أن خليقتلك في نشر ما أسمع أكد لم أني القارئ على أخفي ولست مصر. في فرنسا أنباء يقرأالكوليرا، وباء يكون أن يشبه شيء مرضها أن ومن مريضة، مصر أن من الصحيفةوهززت كتفي رفعت حتى الوباء، لمقاومة ب تتأه أخذت قد المصرية الحكومة أن ومنفلا يكيدوا أن يريدون الذين الصحفيين هؤلاء من ساخرة ابتسامة وابتسمت رأسي،

الأكاذيب. تخير يحسنون فلا يكذبوا وأن الكيد، يحسنونبها ويرفق حينا البحر بها يعنف غايتها، إلى تجري والسفينة ويوم يوم ومضىصحيفة نشرته الذي السخيف النبأ بهذا أحد إلى أحد ث يتحد أن دون آخر، حينافي ألصق قد إعلان وإذا يوم ذات نمسي ولكننا سريعا، مرا القارئون بها ومر سخيفة،ساعات عنهم سيحجز العذب الماء أن إلى المسافرون فيه ينبه السفينة، من موضع غير

الأرض في المعذبون

لأن مصر، ماء من شيئا تأخذ أن دون بيروت تبلغ أن السفينة لتستطيع النهار؛ منذلك. من يمنعها الكوليرا وباء

جادة، ولا ساخرة ابتسامات نبتسم ولم الرءوس، نهز ولم الأكتاف نرفع لم هنالكبعض على المسافرين بعض أقبل ثم صمت، في بعض إلى المسافرين بعض نظر وإنماالأرض، إلى أطرقت وإنما رأسي، أهز ولم كتفي أرفع لم بأني فأعترف أنا أما يتساءلون.ووددت يروني، فلم الناس من حولي من إلي نظر لو ووددت وأتضاءل، أتضاءل وجعلتيكن فلم جواب. رجع لحديثهم مني يسمعوا فلم الناس من حولي من إلي تحدث لوالاحتياط، إلى بالحاجة الشعور ولا الخوف، شعور الوقت ذلك في وجدته الذي الشعوروالخزي الحزن من مزاجا كان إنه أقول أن الآن أستطيع غريبا شعورا كان وإنما

جميعا.شبابنا أفنينا والذي بالسعادة، خليقا نراه كنا الذي البلد هذا على الحزن فيه كانثم أهلا، لها نراه كنا التي السعادة هذه بعض إلى به لنرقى وقوانا وجهودنا وكهولتناوالآلام أقطاره، جميع من يأخذه والبلاء صبا، عليه يصب الشقاء نرى أولاء نحن هاأهله، من الكثيرة الكثرة يغمر البائس البؤس نرى وجه. كل من إليه تسعى والنوائبال، جه عراة جائعون فهم نهار، ولا ليل في عنهم تقلع لا متصلة ملابسة فيلابسهمفيه، هم الذي البؤس هذا يعرفون منهم كثيرا أن شقاء ويزيدهم كله، بهذا أشقياءقوا يحق وأن بؤسهم، من يخلصوا أن ويريدون ينعموا، أن حقهم من أن ويعرفونما يبلغون كيف يعرفون ولا يريدون، ما يبلغون لا ولكنهم نعيم، من شيئا لأنفسهم

يريدون. ما يبلغوا أن على يعينهم من يجدون ولا يريدون،شبابنا أفنينا والذي والأمن، للحرية أهلا نراه كنا الذي البلد هذا على الحزن وفيهأولاء نحن ها ثم والأمن، الحرية من حقه ببعض له لنظفر وقوانا وجهودنا وكهولتنامقفل ينطق، أن على يقدر لا اللسان معقود يتحرك، أن على يقدر لا مغلولا فنراه ننظرثم الإنسان. كرامة بأيسر الشعور من الحرة الشعوب تجد ما يجد أن على يقدر لا القلبويخشى سادته، فيغضب يعمل أن يخشى يترقب، خائفا ذلك أجل من فنجده إليه ننظرفهو أمره، على المسيطرين ظن به فيسوء يسكت أن ويخشى قادته، فيحفظ يقول أن

والجمود. الشعور وبين والصمت، الكلام وبين والسكون، الحركة بين حائرأفنينا والذي للاستقلال، أهلا نراه كنا الذي البلد هذا على ذلك بعد الحزن وفيهفإذا ننظر نحن ثم الاستقلال، هذا في بحقه له لنظفر وقوانا وجهودنا وكهولتنا شبابنا

112

المريضة مصر

ويتملقونه ونه يترض كانوا الذين المنتصرون وإذا وأقساه، الرد أعنف حقه عن يرد هويصور فإنما شيئا صور إن كيدا، وكادوه له وتنكروا به ائتمروا قد القريب، أمس في

والجحود. والظلم والغدر الجورالسياسة في الخير ضروب عنه فت صر الذي البلد لهذا وذاك هذا بعد الحزن وفيهصافية وسماء خصبة وأرضا معتدلا إقليما ذلك مع الله ومنحه والاقتصاد، والثقافةمحتملة، مادية حياة لأهله يكفل أن خليقا كله هذا وكان والنعيم، بالنعمة يفيض ونهراهذه حتى حرم قد هو فإذا ننظر ولكنا والأدواء، والعلل الآفات أهله عن ويصرفالجنوب، أقصى ومن الشرق، أقصى من إليه تسعى والأوبئة والعلل الآفات وإذا الحياة،من عليه تهبط والأوبئة والعلل الآفات وإذا شرها، من يحميه أو عنه يردها من تجد فلاوإذا الفياض، نهره مع إليه وتسعى الخصبة، أرضه من له وتخرج الصافية، سمائهوحيث تشاء، ومتى تشاء، كما تشاء ما منه تصيب والأوبئة، والعلل الآفات مرتع أهلهما للعزة خلق الذي البلد هذا بأن شهر من أقل في الأنباء ى يتلق كله العالم وإذا تشاء!خلق الذي البلد هذا وبأن خائفا، زال ما للأمن خلق الذي البلد هذا وبأن ، مستذلا زالالكوليرا وباء يفتك مريض للصحة خلق الذي البلد هذا بأن ثم مستعبدا، زال ما للحرية

يشاء! وحيث يشاء، ومتى يشاء، كما وقراه مدنه في وبمن وقراه بمدنهعظيم شيء وتضاءلت، له وتضاءلت الأرض إلى له أطرقت الذي الشعور هذا في ثمالمتأخرة البلاد طور الطور، هذا تجاوز قد نظنه كنا الذي البلد لهذا الخزي من كئيبمرتعا بل للوباء، عرضة نراه نحن فإذا الأوبئة، بأهلها تفتك التي الجاهلة العتيقةبها فعل أن بعد مصر إلى يعود لن أنه نظن كنا الذي الكوليرا وباء وباء؟ وأي للوباء،

القرن. هذا أول في الأفاعيل وبأهلهافي أنشئوا قد إنهم يقال المصريون؟ صنع وماذا مصر؟ صنعت ماذا شعري ليتحد أبعد إلى الحديثة الحضارة في ومضوا العلم، ومعاهد المدارس من كثيرا القرن هذاأن كما منظمة وزارات ولهم برلمانات، الأمم من لغيرهم أن كما برلمان فلهم ممكن،الصحة، لشئون صت خص قد وزارة ولهم منظمة، وزارات المتحضرة الأمم من لغيرهممن كثير على تتفوق عاصمة ولهم الصحة، لشئون صة مخص وزارة لغيرهم أن كماباريس، أهل بها يعجب الكبرى، الدول عواصم إلى وتقاس المتحضرة البلاد عواصممن نالوا قد كله هذا بعد وهم فيها، وأقاموا بها ألموا إذا نيويورك وأهل لوندرة، وأهلوترفهم ثراؤهم أصبح حتى الأيام، هذه في المتحضرة الأمم من كثير عن ف صر ما الترف

113

الأرض في المعذبون

هذا وكل حق، هذا كل … كلها الأرض أقطار في الأمثال مضرب اللذات على وإقبالهمكل أمريكا. وفي أوروبا في الكبرى المدن من باريس وغير باريس نزور حين نسمعه شيءولكنه مقتضبا، نبأ شهر منذ ى تلق قد كله العالم أن أيضا الحق من ولكن حق، هذاجزءا يراها أن إسماعيل أراد التي مصر بأن النبأ ى تلق الخطورة، أشد خطير ذلك علىله تستطيع فلا ترده أن تريد وأنها فيها، وأقام الكوليرا، وباء بها ألم قد أوروبا منفتكه من وحمايتهم شره، من أبنائها وقاية على المتحضر بالعالم تستعين وأنها ا، رد

البغيض.والاعتداد والكبرياء الغرور مظاهر من مظهر بالخزي الشعور هذا أن أظن وكنتدون من مستأثرا لست أني عرفت حتى مصر أبلغ أكد لم ولكني والوطن، بالنفسفكل والوطن؛ بالنفس والاعتداد والكبرياء الغرور من النوع بهذا المثقفين المصريينفي الجهود من المصريون بذل ما ويستحضر وطنه، ويقدر نفسه يقدر ف مثق مصريوالحرية والأمن العزة من يكون أن ينبغي حيث إلى بوطنهم ليرقوا الحديث العصرالذي المر الشعور هذا يجد مثقف مصر كل والعقول، والقلوب الأبدان في والصحةالرءوس. له تطأطأ الذي والخزي الممض، الحزن من يأتلف مزاج هو والذي وجدته،

ما فيروعهم والأجنبي، المصري وفيهم المسافرين، من حولي كان من إلي وينظرأنفسهم أعماق في بي فيظنون غريبا، إغراقا فيه أغرق الذي الوجوم هذا من يرونالأمن: من شيء إلى يردني وأن الخطب، علي يهون أن محاولا بعضهم ويسألني الظنون،في عنه ثت تحد قد وبأني الكوليرا، وباء أعرف بأني أذكره أن على أزيد فلا أجد؟ ماذافي له فكان العاشرة، أتجاوز ولما الوباء هذا رأيت قد وبأني كتب، من لي قرأ ما بعضبغيضا عميقا يكون حين الأطفال وتأثر وأبغضه. وأعمقه الأثر أبلغ كلها وحياتي قلبي

الحياة. أسباب لهم تمتد مهما يفارقهم لا الحد هذا إلىهذا بين يكن فلم نفسي، أصدق لم أنا ولكن أدري! لا يصدقوني؟ لم أم أصدقونيمن النفس في تثير ما وعلى مرارتها على الصبا ذكريات وبين فيه أغرقت الذي الوجومالشعور هذا عن الوجوم هذا نشأ وإنما الوقت، ذلك في بعيدة أو قريبة صلة الحسرات،وآمال وجهوده، وأعماله آماله يرى حين ف المثق المصري يجده الذي المستخذي الحزينلم وكأنهم الآمال، بهذه ينعموا لم كأنهم تنهار وجهودهم، وأعمالهم نظرائه من كثيروكأنهم الجهود، من بذلوا بما يستمتعوا لم وكأنهم الأعمال، من حاولوا بما يسعدوابعيدة كانت التي آمالهم بأن بعض إلى بعضهم يتحدث ولم أنفسهم، إلى يتحدثوا لم

114

المريضة مصر

تؤتي أخذت قد الشاقة أعمالهم وبأن تتحقق، أن توشك حتى وتقرب تقرب أخذت قدسيستطيعون وبأنهم غاياتهم، من تدنيهم أخذت قد العنيفة جهودهم وبأن ثمراتها،ولم عبثا، حياتهم ينفقوا لم هم فإذا ينظروا وأن السعي، طول بعد يقفوا أن حين بعدفما عليلا، مهيضا ضعيفا وطنا آبائهم من تلقوا وإنما طائل، غير في جهودهم يبذلواالعزة طريق في به ومضوا ونشاط، وعافية وصحة قوة من شيئا إليه ردوا حتى به زالواأنهم إلى مطمئنين أبنائهم إلى يسلموه أن يستطيعون وهم وأشواطا، أشواطا والكرامة

الأداء. فأحسنوا الواجب وأدوا النهوض، فأحسنوا بالحق نهضوا قدفيه، أغرقت الذي الوجوم هذا مصدر العمل وضيعة الأمل بخيبة الشعور هذا كانفهم الناس، من حولي كان من إلى ذلك من بشيء أتحدث أن أستطيع أكن لم ولكنيوعن وجهودهم، وأعمالهم آمالهم وعن المصريين المثقفين عن بأنفسهم مشغولين كانوايتحدثون كانوا وهم السود، الأيام هذه في قلوبهم تغمر التي اليائسة الفلسفة هذهكل على وهم الاحتياط، وألوان ظ التحف ضروب من يتخذوا أن ينبغي بما بينهم فيمامن فأعفوني فيه، أشارك أن ولا الكوليرا لحديث أسمع أن أحب لا أني عرفوا قد حاليوم كل إلينا تعلن السفينة نشرة كانت فقد منه؛ تعفني لم الأنباء ولكن الحديث، هذالم حتى الإسكندرية على نشرف ولم وتلك، هذه وأماكن الوفيات وعدد الإصابات عددمصر بلغت إذا سأجد أني أظن وكنت الوباء، هذا إلا حديث كلهم السفينة لأهل يكنالوجوم من نفسي في أجد كنت كما شاملا، واستخذاء منتشرا، وحزنا شائعا، وجوماالمصريين، من ألقى أن الله شاء من وألقى الإسكندرية أبلغ ولكني والاستخذاء، والحزنيصرفهم لا ولكنه يروعهم الوباء وإذا ألفناها، التي الوتيرة على تجري حياتهم فإذاأنفسهم عن تلهيهم لا ولكنها تحزنهم، السياسة أنباء وإذا لذاتهم، عن ولا أنفسهم عنعن ولا أنفسهم عن تشغلهم لا ولكنها تخيفهم، الاقتصاد أنباء وإذا لذاتهم، عن ولاتشغلهم الذين وإنما الإسكندرية، في رأيت ما مثل فيها فأرى القاهرة وأبلغ لذاتهم،من أيسر ليس ضئيلة قلة لذاتهم وعن أنفسهم عن والاقتصاد والسياسة الوباء أنباءألسنة يمضوا؛ أن تعودوا كما حياتهم في فماضون القلة هذه عدا من فأما إحصائها،أتلو أن نفسي أملك فلا قسوة، أشد بل كالحجارة قاسية وقلوب قصار، وعقول طوال،عليها فحق فيها ففسقوا مترفيها أمرنا قرية نهلك أن أردنا ﴿وإذا وجل: عز الله قولمثلا الله ب ﴿وضر وجل: عز الله قول أتلو أن نفسي أملك ولا تدميرا﴾، رناها فدم القول

115

الأرض في المعذبون

الله فأذاقها الله بأنعم فكفرت مكان كل ن م رغدا رزقها يأتيها طمئنة م آمنة كانت قريةيصنعون﴾. كانوا بما والخوف الجوع لباس

يشعرون لا عيدهم، عليهم أقبل كما عيدهم على مقبلون المترفون فإذا العيد ويقبلكانوا كما العيد تنتظر كانت قد والقرى المدن من مئات في الأسر من مئات بأنموعده، أخلفهم العيد ولكن إليه، يتشوقون كانوا مما أكثر إليه وتتشوق ينتظرونه،وأرسل وزفرات، وعبرات حسرات الموت مع إليهم وأرسل عنه، نائبا الموت إليهم وأرسلمريضة، مصر هم أم بأن يشعرون لا نعم، مقيما. وبؤسا ا ملح شقاء كله هذا مع إليهمنزفا. ونباتها أبناءها تنزف وإنما دما تنزف لا ولكنها المهلك، النزيف هو مرضها وبأنويلتفتون به يشعرون أو إليه، يلتفتون ولا به يشعرون أو ذلك، من بشيء يشعرون لاأن يستطيعون كأنهم عليها، إلا يشفقون ولا بأنفسهم، إلا يحفلون لا ولكنهم إليههذا على أطنابها والموت والبؤس الحزن ضرب إذا بالحياة ويستمتعوا وينعموا يعيشوا

الشقي. البائس البلدالكاذبة، بالآمال وخداعها الباطلة، بالأماني النفس تعليل ذلك إنما هيهات! هيهات!لا ألفوها، كما حياتهم في يمضوا أن فإما لهما: ثالثة لا اثنتين بين المصريين وإنالماحقة الساحقة الكارثة بأنها فليثقوا وإذن ومنافعهم، ولذاتهم بأنفسهم إلا يحفلونأعقاب في عرفوها التي كتلك جديدة حياة يستأنفوا أن وإما تذر؛ ولا تبقي لا التيالأقوياء بين والآماد المسافات وإلغاء والتعاون التضامن قوامها الأولى، العالمية الحربالخطب على التآزر فهو وإذن والمرضى، الأصحاء وبين والفقراء، الأغنياء وبين والضعفاء،

ينجلين. حتى الغمرات وعلى تنمحي، حتى الكارثة وعلى يزول، حتىإلى أم الموت طريق إلى يذهبوا: أن المصريين من المترفون يريد الطريقين أي إلىوأضرع أمسي، حين نفسي على وألقيه أصبح، حين نفسي على ألقيه سؤال الحياة؟ طريقروح من ييأس لا ه ﴿إن ف القنوط، من ويعصمني اليأس، يجنبني أن ذلك بين الله إلى

الكافرون﴾. القوم إلا الله١٠ / ١٠ / ١٩٤٧ القاهرة

116