عبر من مؤتة*****

اللهم صل وسلم عليك يا رسول اهللا يامن قال فيك عبد اهللا بن رواحة قال يوم مؤته:

رى بـه غقد أـف والوجه فيه سول فمن يحرم نوافله الر أنت درـالق

تثبيـت موسـى ونصـرا اك من حسن ـفثبت اهللا ما أت كالذي نصروا

األولى في السنة الثامنة من الهجرة كان يوم في يوم الجمعة من جماد لنستخلص منه العبرة والعظة في وقتنا الحـالي فـإن اهللا عزوجـل مؤتة

عبرة ألمة اإلسالم في كل زمان وسيرة رسول اهللا جعل من أيام اإلسالم إلـى في ذلك العام الثامن من الهجـرة أرسـل رسـول اهللا , ومكان

يدعوهم إلى اإلسالم وكان من ضمن هذه الرسائل لملوك والحكام اذلك الملك الذي كان زعيم رسالة إلى هرقل عظيم الروم وزعيمهم

القطب األوحد في العالم وقتها ألنه كان قد هزم دولة الفرس القوة وكأنه في يومنا هذا دولة مثل أمريكاالثانية في العالم فخال له المجال

وجد فيها عندما قرأ رسالة رسول اهللا ه يحيى الكلبي حملها إلي ,حمد رسول اهللا إلى هرقل عظيم الروم أسلم تسلم تلك الكلمات من م

فإنما عليك أثم من تبعك وأثـم ويؤتيك اهللا أجرك مرتين وإن توليت قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى(رعيتك ثم ذكر قول اهللا عز وجل ة سواء بيننا كلم ◌

ن اللـه وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضـا أربابـا مـن دو فـإن ◌

نه فقال هرقل ليحيى الكلبي إ 64آل عمران ) .تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمونيقـول لـه لقـد ويعطيه دنانير وعندما يعود إلى رسول اهللا قد أسلم

ثم يبعث برسالة , وأطعم بها الفقراء كذبك فما أسلم وأخذ الدنانيربن عمرو صرى شرحبيلإلى حاكم مدينة ب مع الحارث بن عمير أخرى

وحاكمها هو عميل من العمالء تابع والية تقع تحت حكم دولة الروم فكأن العميل فإذا به يقتل رسول رسول اهللا ن أتباع دولة الروم ذليل م

, كان اشد نكاية من هرقل أو التابع أشد سطوة من الذي يستعمله فــي العــراق ويطلبــون مــن وهــذا الموقــف يــذكرنا بعمــالء أمريكــا

كان قتل ذلك الرسول . المستعمر أن يظل في استعماره لبالده وأهله تتجه أشعل شرارة الحرب وجعلت عين رسول اهللاإنما هو الفتيل الذي

يعد جيشا وإذا برسول اهللا, رجل واحد مسلم إلى دولة الروم ثأرا لقتل والسالح إذ أن رسول اهللا لـيس وذلك على الرغم من قلة العدد والعدة

معه إال نفر قليل من المهاجرين واألنصار وهم مطاردون ومحاربون من وليس عنده من السالح إال القليل يتجه ليحارب يرها قومهم في قريش وغ

ولديها الكثير من الرجال والسالح دولة الروم التي هزمت دولة الفرس هانة ألهل نظر إلى قتل رسوله على إنه أ ولكن رسول اهللا, والحلفاء

, يحارب المعتدي فكان يجب عليه أن اإلسالم جميعا وسبا لرسول اهللا آالفعلى الناس وعرض عليهم األمر فاجتمع له ثالثة خرج رسول اهللا

زيد بن حارثة أميرا علـى الجـيش فـإن أصـيب فقال رسول اهللا مقاتلفعبـد اهللا بـن رواحـة فـإن أصـيب فجعفر بن أبي طالب فـإن أصـيب

وكان يقف في هذا , أميرا عليهم فليختار المسلمون من يرضونه منهم ذهب إلى األمراء الذين ص انعمان بن فنحالموقف رجل يهودي يسمى ال

عينهم رسول اهللا على الجيش يقـول لهـم إن كـان محمـد نبيـا بحـق فإنكم لن تعودوا أبدا فما سمى _أي أكتبوا وصيتكم _ فاعهدوا

إني أشهد إنه رسول اهللا فقال له زيد بن حارثة , تل نبي هللا أحدا إال ق .وإنه صادق بار

عبد اهللا بن رواحـة وقـد تـأخر عـن يرى رسول اهللا وفي صالة الجمعةفقال ما خلفك قال أردت ان أجمع معك ثم ألحق بهم الجيش فيسأله

, لغدوة أو روحة في سبيل اهللا خير من الدنيا ومـا فيهـا له رسول اهللاوانصرف عبد اهللا بن رواحة وهو يبكي فاعتقد الناس إنه قد جبن عن

ل لهم واهللا ليس بي ما تظنون وال ابكي حبا فقاويخاف الموت القتال في الدنيا وال صبابة بكم ولكني سمعت رسول اهللا يتلو آية في كتاب

علـى ربـك حتمـا اهللا عز وجل يقول فيها وإن منكم إال واردها كان :ثم أنشد ,,,فكيف لي بالصدر بعد الورود , مقضيا وضربة ذات فرع تقذف ـرة لكنني أسأل الرحمن مغف

الزبدابحربـة تقـذف األحشـاء أو طعنة بيدي حران مجهزة

بداـوالكيا أرشد اهللا من غاز وقد ل إذا مرو على جدثي حتى يقا

رشدا يـودعهم رسـول اهللا إنطلق الجيش وكما يقول عروة بـن الزبيـر

يكم بتقوى اهللا وطاعة رسوله ثم يقـول لهـم ويوصيهم فيقول أوصفي الحرب والقتال تلك القواعد التي يدعي أعداء اإلسالم القواعد الربانية

للجنــود فقــال بإنــه التطــرف واإلرهــاب كانــت وصــية رســول اهللا يقصد _ يعتزلون الناس فال تتعرضوا لهم ستجدون رجاال في الصوامع

اء كانت كنـائس أو معابـد وقـد بهم العابدون في دور العبادة سو –فال تتعرضوا لهم أغلقوا على أنفسهم وال يشاركون في الحرب والقتال

أمـا مـن _ وستجدون آخرين على رؤسهم مفاحص فاقلعوها بالسـيوف يضع على رأسه خوذة الحرب فقد استعد للقتال ولو لم تقتلـه لقتلـك

ثـم وال شـيخا فانيـا وال تقتلوا امرأة وال صغيرا_ ذي تقاتله فهذا هو الذلك هو دستور . يقول وال تغرقوا نخال وال تقلعوا شجرة وال تهدموا بناء

الحرب من رب العالمين فلنا أن نقارن بـين مـا يفعلـه أعـداء اإلسـالم فـي من استخدام أسلحة فتاكة شديدة فلسطين أو العراق أو أفغانستان لبيـوت علـى رؤس أهلهـا ويهدمون االدمار تأتي على األخضر واليابس

إنما ذلك هـو وهم عزل ما تقلدوا لباس الحرب وليس معهم أي سالح انطلق جيش محمد عليه أفضل الصالة والسالم .شرعهم في الحرب

وكان وكان عدد أهل اإلسالم ثالثة آالف مقاتل إلى تخوم الروم في مؤتة وجـاءه عدد جيش شرحبيل ذلك العميل لدولة الروم مائة ألـف مقاتـل

مائة ألف فأصبح عدد جنود أهل الشرك مائتي على رأس سيده هرقلحضـرت مؤتـة فلمـا دنـا وأما العدة فقد قال أبو هريرة ألف مقاتل

من العدة والسالح وقد لبس الجنـد المشركون رأيت ما ال قبل ألحد به يا أبا هريرة قرمفقال ثابت بن أالحرير والذهب والديباج فبرق بصري

إنا ال نهزم من كثيرة إنك لم تشهد معنا بدرا ك تتخوف جموعا كأنأهل اإلسالم ال يهزمون بسـبب أن عـددهم وعـدتهم أقـل مـن _ كثرة

وكان ( ولكن بسبب نقص في اإليمان ألن اهللا عز وجل يقولعدوهم عليه تلك فإن كان ذلك الجيش ينطبق )حقا علينا نصر المؤمنين

م أبدا حتى وإن كانت النسبة بين القوتين واحد إلى القاعدة فإنه لن يهزيـرى بعـض عبـد اهللا بـن رواحـة .سبعين كما هو في موقعة مؤتـة

واهللا إن التي تكرهـون ي القلوب فيقول للناس يا قوم الخوف قد دب فهى التي خرجتم إياها تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد وال عدة

الـذي أكرمنـا اهللا بـه وال قوة وال كثرة مـا نقـاتلهم إال بهـذا الـدين وإذا , فإنما هى أحدى الحسنيين إما ظهور وإما شهادة فانطلقوا

فـي ينطلـق بهـا داخـال براية اإلسالم ترتفع في يد زيـد بـن حارثـة فيأخذ الراية جعفر بن أبـي صفوف الروم يقاتلهم حتى سقط شهيدا

بيــده اليمنــى فيأخــذها بيــده اليســرى فتقطــع وأرضــاه طالــب ويسقط شـهيدا فيأخـذ الرايـة فيلتقطها بعضديه فيشق نصفين

:وهو يكلم نفسه ويقول عبد اهللا بن رواحة ليت يا نفس إال تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد ص

ديتـهعلي فعلهما إن تف ـد أعطيت وما تمنيت ق رجل التقطها ولكن الراية لم تسقط ويستشهد عبد اهللا بن رواحة

يرفعها عاليا ثم يقول ألهل اإلسالم قرممن عامة الجيش هو ثابت بن ألقد قام _ له أنت فقال لست لها اختاروا رجال منكم يكون أميرا فقالوا

فحمل الراية أما القيادة بالعمل الذي يتطلب الشجاعة والقوة هذا الرجل ويعلم إن هناك من هو أقدر عليها منه وهذا فهو يعرف قدراته جيدا

ألنها من القواعد المهمة في درس ألهل اإلسالم في كل زمان ومكان إذ يجب على كل مسلم أال يسعى إلى أن يتولى أمور جماعة دين اإلسالم

درات والعلم الذي يجيز إال إذا كان لديه من المؤهالت والقمن المسلمين فإن هذا , مال له تولي ذلك األمر وليس طمعا في منصب أو جاه أو

فيتصـدى لتـولي أمـر العصـر الحـالي الداء ابتليت به أمة اإلسـالم فـي الذين يعلمون ولديهم المسلمين من ال قدرة وال علم لهم ليأخذوا أماكن

ألمـة اإلسـالم من ضعف وهوانالقدرة عليها فكان من األمر ما كان أهله فانتظروا الساعة يقول إذا رأيتم األمر يوكل إلي غير ورسول اهللا

ما أعطاه يختار أهل اإلسالم وهم وسط المعركة جنديا من الجنود _ فـي الحـروب وهو يعلم أمرة من قبل هو خالد بن الوليد رسول اهللا د اسـتطاع وقـ عند غيـره ما ليس حنكة الخبرة وال عنده منمعناها و

حة لديه أن يرجح كفة جند رغم قلة اإلمكانيات المتا خالد بن الوليدوابتكر أساليب جديدة في القتال واسـتطاع أن يواجـه هـذا اإلسالم

جيش المسلمين قد جاءهم مدد وشعروا أن العدد الهائل من جند الروم ق جـيش اإلسـالم بهـم حـ وألوزاد عددهم فدخل الرعـب فـي قلـوبهم

سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا باللـه (ويقول اهللا عز وجل , الهزيمة

ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم النار ◌ اهللا عز 151آل عمران . )وبئس مثوى الظالمين ◌عقيدتهم ة واهنة ألن وجل يقول إن قلوب أهل الشرك إنما هى ضعيف

مترددة وليس عندهم إيمان باألخرة بيقين أما المسلم فهو يقبـل علـى باإلنتحاري ألنه يعلـم إنـه الشهادة في سبيل اهللا ويصفونه هذه األيام

وروحـه فـي يقدم نفسه لجنة رب العالمين يدخلها موفـورا عاليـا شـأنه .حواصل طير خضر تتعلق بقناديل تتعلق بعرش الرحمن

خالد بن الوليد جعل الميمنة فـي الميسـرة وجعـل الميسـرة فـي الميمنـة قتبدل شكل الجـيش حتـى ظـن وكذلك أبدل المؤخرة بالمقدمة

جند الروم إن هناك مددا كبيرا قد جاء ولكنه كان مدد نصر وهو في رسول اهللا , الذي ينصر من يشاء بفضله وقوته اهللا عز وجل

عز وجـل الحجـب فكـان كأنـه يـرى مـن كشف له اهللالمدينة إنما

كأنما هو في أيامنا هذه يتابع مجلسه أرض المعركة وما يدور فيها المعركة عن طريق األقمار الصناعية وهـو فـي مركـز القيـادة فـي

زيد بـن نعى رسول اهللا يقول أنس بن مالك , المدينة من مسجده ل أن يأتيه خبرهم فقال قبحارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد اهللا بن رواحة

جعفر فاصيب ثم أخذها عبد اهللا أخذ الراية زيد فاصيب ثم أخذها سله على أعدائه ففتح بن رواحة فاصيب ثم أخذها سيف من سيوف اهللا

ولقد اهللا عز وجل على يديه أخذها خالد بن الوليد ثم يقول رسول اهللا د اهللا بـن رواحـة فرأيت في سرير عبـ رفعوا إلى الجنة على سرر من ذهب

كان عبد اهللا بن _ ت لما قالوا مضيا وتردد بعض التردد إصفرار فقل .رواحة مترددا أما زيد وجعفر فقد اقتحموها اقتحاما

إنما هو من الهجرة في عهد رسول اهللا إن ما حدث في السنة الثامنة وقد كان يتكرر في أيامنا هذه وكأن التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى

نصر والصمود حليف أهل اإلسالم أيامها وفر أهل الشرك والكفر المهزومين يجرون أذيال الخيبة رغم إن النسبة كانت واحد إلى من الروم

سبعين في العدد والعدة وكذلك يكون الحال في أيامنا هذه وسوف ويفرون اليوم كمـا فـروا بـاألمس ننتصر على كل أعداء دين اإلسالم

في كتاب جمع الجوامع للسيوفي إن حزيفة بن اليمان وقد جاء , هاربين قـال رسـول اهللا " قال بركـب يـأتونكم يقولـون األرض كـأني

كأن ناس سوف تاتي إلى بـالد _ أرضنا والمصر مصرنا والفيئ فيئنا هذه البالد بالدهم والخزائن التي في أراضيها أهل اإلسالم ويقولون إن

وأنتم عبيدنا فيحولـون بـين األرامـل _ من بترول وغيره إنما هي ملكهموإن ذلك ماثال أمامنا اليوم فها هي أمريكا وأوروبا كل . " وفيئهم

يوم تصادر أموال الجمعيات الخيرية اإلسالمية بحجة إنها تمول اإلرهاب تم جمعها لمساعدة وإطعام أرامل وأيتام من أهل وما كانت إال أموال

وكــذلك إذا وجــدوا مصــري أو , اإلســالم فــي فلســطين وغيرهــا يحاربون في العراق وماذا سعودي أو سوري في العراق قالوا عنهم أجانب

وكأن رسول مريكان وغيرهم إنما هم المستعمر عنهم هم اإلنجليز واأل واهللا لقد صدق رسول اهللا , يرى ما نحن فيه منذ مئات السنين اهللا

بيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتـدوا وقاتلوا في س: (يقول اهللا عز وجل إن اللـه لـا يحـب ◌ واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم . المعتدين والفتنة أشد مـن القتـل ◌ ◌

جد الحرام حتىولا تقاتلوهم عند المس يقاتلوكم فيه ◌ فإن قاتلوكم فاقتلوهم ◌ كذ ◌ لـك ◌ وقاتلوهم حتى. فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم. جزاء الكافرين لا تكـون فتنـة ويكـون الـدين ◌

لله 193-190البقرة . ) ا فلا عدوان إلا على الظالمينفإن انتهو ◌

قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى(ويقول اهللا عز وجل جهنم ◌ قد . وبئس المهاد ◌ كان لكم آية في فئتين التقتا اللـه وأخـرى فئة تقاتل في سبيل ◌ كـافرة يـرونهم مثلـيهم رأي ◌

العين والله يؤيد بنصره من يشاء ◌ إن في ذ ◌ -12آل عمـران ) .لك لعبرة لأولي الأبصـار ◌13