قوال ا منفعال ا إلى فيلتسامح ا كلمـات ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ

Defining tolerance; 2015

  • Upload
    votruc

  • View
    231

  • Download
    8

Embed Size (px)

Citation preview

منه صنع مشتركا كنزا الكلمات تشكل

خفايا وإلدراك العالم، لتصور وسيلة البشر

الكلمات وتحفظ اآلخرين. وفهم أنفسهم

بها مرت التي والمراحل المسارات ذكرى

مالمحها. اكتملت حتى والثقافات اللغات

التي األساليب تنوعت الكلمات كيف وتعلمنا

للتعبير والثقافات اللغات تلك استخدمتها

كنه عن لإلعراب بل التسامح، مفهوم عن

ذاتها. البشرية

من األقوال إلى األفعال

فيالتسامح كلمـات

منظمة األمم المتحدةللتربية والعلم والثقافة

مديرة النرش: كاترينا ستينو، رئيسة القسم. قسم التعددية الثقافية، اليونسكو.

املنسق العلمي: األستاذ بول سيبلو. جامعة بول فالريي – مونبلييه الثالثة.

إن التسميات املستخدمة يف هذا املطبوع وطريقة عرض املواد فيه ال تعب بالرضورة عن أي رأي لليونسكو بشأن الوضع

القانوني ألي بلد أو إقليم أو مدينة أو منطقة، وال بشأن سلطات هذه األماكن أو رسم حدودها أو تخومها. كما أن األفكار

واآلراء املذكورة يف هذا العمل تخص املؤلفني وال تعب بالرضورة عن وجهات نظر اليونسكو. وقد أضافت هيئة التحرير

العناوين الرئيسية والعناوين الفرعية.

ويندرج هذا املطبوع، الذي يجري نرشه بمبادرة من شعبة الهويات الثقافية والتبادل بني الثقافات، يف نطاق متابعة

السنة الدولية للتسامح )١٩٩٥(.

براكسيلنغ )Praxiling(، الوحدة الخاصة ببحوث التعليم العايل واملنتسبة إىل املركز الوطني الفرنيس للبحوث العلمية،

واملعنية بموضوع “الخطاب والنص وإنتاج املعنى”.

جامعة بول فالريي- مونبلييه الثالثة يف فرنسا:

Université Paul Valéry, 34 199 Montpellier Cedex 5 )France(.

الطباعة الحاسوبية والتنضيد:

ATRESA, 46, rue Albert Luthuli

34090 Montpellier )France(,

نرشت هذا املطبوع منظمة األمم املتحدة للرتبية والعلم والثقافة يف عام ١٩٩7

7, place de Fontenoy, 75352 Paris 07 SP )France(

© اليونسكو ١٩٩7.

اعيد طباعته من طرف © اليونسكو ٢٠١٤

SHS-2014/WS/7

تنسيق

بول سيبلو

اليونسكو - براكسيلنغ

فيالتسامح كلمـات

من األقوال إلى األفعال

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

3

جدول املحتويات

توطئة فيديريكو مايور 5

التقديم بول سيبلو 10

11 املشاركون

اللغة املرصية القديمة التسامح الديني والتشدد الوطني

سيدني أوفرير 19

اللغة العربية التسامح أو التساكن

ميشيل إيكهارد إليال 21

اللغة اليونانية القديمة نزع القدسية، والتعددية الدينية، واملطلق التوحيدي

ماري-بول ماسون، وفانا نيكواليدو-كرييانيدو، وستافروس برينديتيس 27

اللغة الالتينية هل كان الرومان متسامحني؟

ميشيل غريف 32

املجال الروماني عائالت اللغات وعائالت الكلمات

جاك بريس 34

اللغة األوكسيتانية هل كانت أوكسيتانيا واألندلس يمثالن عرصين ذهبيني »للعيش معا«؟

جريارد غويران 37

اللغة اإلسبانية tolerancia، أو التسامح الذي ال يمكن تحمله

سويف سارازان 42

اللغة الكتالونية التسامح والتعصب يف التاريخ

كريستيان كامبس 43

اللغة الربتغالية التأرجح بني مفاهيم متعاكسة

فرانسيس أوتيزا 47

اللغة الفرنسية إيديولوجيا عرص التنوير

كاترين ديرتي وكلود لورويول 54

اللغة اإليطالية استحداث مفردات جديدة ووضعها يف االستخدام

برونو مورير 55

اللغة اإلنجليزية االجتهاد القضائي والترشيع

كريستني بيال وغربييل كالوري 60

اللغة الروسية الصولجان ومرش املاء املقدس

إيرين كهويت 63

التسامح في كلمات

4

اللغة الفنلندية ل أم االنفتاح أم الرغبة؟ التحم

رايمو يوسيال 64

اللغة البلغارية ل فضائل التحم

ليديا دينكوفا وماريا لوفتشيفا ولورا تاسيفا 66

اللغة العربية املساواة املبدئية وأوجه التمييز

أحمد بن ناعوم 73

اللغة الهندية من أجل التعايش السلمي بني الفئات املتعارضة

بنغايل كومار جاين 76

اللغة الصينية دمج األضداد و املتناقضات

جان فرنسوا فرينيو 80

اللغة اليابانية السلطة والنسبية

جريار سياري 83

لغة الكتشوا قدر أم استعمار؟

غيدو كاراسكو 86

لغة الغونكوين غياب الكلمة، ووقائع املمارسات

ديان دافيو 88

لغة الولوف مكان مفتوح أو مغلق

هدية الله فال 90

91 لغة الغبايا عدم الحكم عىل االختالفات

بوليت رولون-دوكو 92

لغة البامبارا اختالف وجهات النظر بوصفه مبدأ

إسماعيل مايغا 97

اللغة الكيسواحلية الصرب والتواضع والتجاوز األخالقي

محمد أحمد صالح 100

الخاتمة سيلفان أورو 102

103 الحوايش

106 عنارص ببليوغرافية

107 املصنفات الجامعة، وأعمال املؤتمرات، واملختارات

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

5

توطئة

أو العطش، كالجوع نفسية حاجة يلبي نهائيا مكتسبا سلوكا ليس التسامح أن املعرفة حق الجميع يعرف

وال قيمة عاملية شائعة يف املمارسة. ويمثل التسامح ركنا من أركان الثقافة الديمقراطية التي تكون فيها الحقائق

أن ومع وحيد. فكري نظام إىل تدعو التي الشمولية، األنظمة مع غري متوافق وهو رشعية، واالختالفات نسبية

بل مكان، كل يف حارضا ليس فإنه الديمقراطية، فيه وتنترش السالم تحقيق إىل يتطلع عالم يف موجود التسامح

االستبعاد وحاالت الدينية والعصبيات املتشددة والقوميات األجانب وكراهية للعنرصية قوية عودة العكس عىل نلحظ

االجتماعي وشتى رضوب التمييز.

أن يجب مشرتكة، قيم وإلرساء واملستقبل. والحارض للمايض مشرتكة رؤية والديمقراطية والوئام السالم ويفرتض

عىل تفاوض أي وال يغني بالكالم«. يقصد »ما املأثور، الفرنيس الشعبي للقول وفقا الفاعلة، األطراف جميع تعرف

األفكار - وبحجة أوىل األفكار ذات املفاهيم املتغرية أو القابلة للنقاش - عن التفاوض عىل الكلمات، التي تحمل تقاليد

وحيدة صياغة يف اختزال أي يحجبها، أن أو حتى يفقرها، أن يمكن رمزية وقيما اجتماعية وحساسيات قوية ثقافية

بأي لغة من لغات العمل الدولية.

والخطابي، اللغوي-املعجمي التناول مرشوع أما الزمان. وال عرب املكان ال عرب ثابتة صيغ يف التسامح عن يعرب وال

كفيلة معرفة نرش هدف وهو أال أخالقي، لهدف فيستجيب ذاته، النوع من أخرى استقصائية دراسات يستلزم الذي

بامليض قدما يف االحرتام املتبادل والتفاهم. ويرد يف املقام األول عىل تساؤل ثقايف. فثمة فرتات محددة يسودها السالم أو،

بمعنى لغة، محملة والتعسف، يف كل كالتعصب التسامح وأضداده، فيها مفاهيم أزمات، وتبدو بها العكس، تحل عىل

لم ينفصل فعال عن إثنية ودينية واجتماعية وجنسية تثقل الحقا بصفة دائمة عىل تداول مفهوم خاص، مثقل بسمات

رشنقته الداللية.

أساسا املتخصصني الباحثني، لبعض أتاح العالم من متنوعة مناطق تمثل التي اللغات من أوىل عينة اختيار وإن

»براكسيلنغ« اللغة بعلوم املعني البحوث فريق مدير سيبلو، بول األستاذ تواله بتنسيق االجتماعية، اللسانيات يف

)Praxiling( يف جامعة بول فالريي بمدينة مونبلييه الفرنسية، إجراء مجموعة أوىل من الدراسات االستقصائية. وخضع

كل قطاع لغوي لتحليل محدد شمل تحديد سمات املصطلح وظروف ظهوره وتطوراته واستخدامه وتداوله االجتماعي.

اللغات يصممه لسانيون لخدمة املرتجمني الشفهيني التوصيفات القصرية إعداد مرسد متعدد الهدف من هذه ولم يكن

أو التحريريني، وإنما إنجاز عمل أبسط وأقرب إىل األسس يتمثل يف اسرتعاء انتباه أكرب عدد ممكن من األطراف الفاعلة

إىل الصعوبات التي يطرحها تعريف تطلعها املشرتك املنخرطة يف املعركة الرامية إىل إقامة مجتمع أكثر عدال وانسجاما

إىل العيش املشرتك.

الخاص بكل لغة من املنطق الذين يظلون سجناء العاملني فيه - أبدا ألن عليه بأال ينجز بناء محكوما بابل ويعد برج

لغاتهم – ال يستطيعون التواصل فيما بينهم وال التفاهم من أجل بناء الطوابق األخرية فيه. أما بناء التسامح، الذي يعد

ركنا أساسيا من أركان ثقافة السالم، فال يمكن أن يبقى بال استكمال بسبب نقص العاملني فيه. فيجب أن يتمكن هؤالء

البناؤون – رجاال ونساء وشبابا من ذوي النوايا الطيبة – من التواصل فيما بينهم أيا كانت لغتهم من أجل إنجاز هذا

العمل الذي يمثل يف عرص العوملة رشطا ال بد منه للعيش املشرتك بني بني البرش.

األلفاظ من املؤلف املشرتك الكنز ثراء يكشف ولكنه إنشائه. من ال بد ملكنز أوليا مخططا إال املرسد هذا يمثل وال

والخربات التي تعرب، يف كل ثقافة، عن الرضورة القصوى املتمثلة يف الرتحيب باآلخر.

فيديريكو مايور

املدير العام لليونسكو

التسامح في كلمات

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

7

التقديم

إن نشأة الكون، كأساطري التكوين عىل سبيل املثال، تويل دائما مكانة، بل يف أغلب األحيان مكانة أساسية، للكالم

أال البدائي سبب وجوده، اللغة هذا الرسد الحيوان، وتمنح البارزة يف عالم )logos(. فالكالم يؤكد مكانة اإلنسان

تمثل ألنها خاصا اهتماما اللغة إيالء واجبها من أن فلسفة كل ترى ذلك، غرار وعىل للعالم. معنى إعطاء وهو

إىل كان، أيا خطاب، كل يلجأ أن أيضا ويجب فيه. تتجىل الذي التعبريي والشكل الفلسفة لوجود األويل الرشط

البعد املتمثل يف وصف اللغة باللغة ليشفع قوله بتفسري للنطق بقوله. ولنئ كنا بذلك ملزمني بالتعليق عىل أقوالنا،

نحو عىل وال مشرتكة ثابتة ليست اآلخرين إىل ونقلها أفكارنا تهيئة من تمكننا التي املصطلحات داللة ألن فذلك

إليها أشخاص آخرون قبلنا، وهي متجانس. فالكلمات ترد إىل خواطرنا بمعان متنوعة، وأحيانا متناقضة، نسبها

وهذا تلك التباين أوجه إدراك كان ولطاملا نرفضها. العكس، عىل أو، جزئيا ونقبلها مفرداتنا، يف ندرجها معان

النقاش الذي يجري داخل اللغة ذاتها، وذاك الحوار التفاعيل املتأصل يف عمل اللغة، محجوبا بسبب وجود رضورة

مضادة يف الظاهر تتمثل يف وجود نظام رموز مشرتك بني املتكلمني.

الكلمات إىل ننسب أن األحوال من حال بأي لنا ال يسمح ذلك فإن ثابتا، املعنى لم يكن إذا أنه البديهي ومن

ما يحلو لنا من معان. فزمام هذه السلطة ليست يف أيدينا، بل إن األفراد ملزمون بالخضوع للقواعد املشرتكة التي

تتيح التبادل اللغوي. وقد وضعت حكمة األمم هذا املغزى منذ زمن بعيد يف القول املأثور التايل: »لكي يتسنى لنا

تفاوض لعمليات الدوام الكلمات تخضع عىل فإن معاني ولذا الكلمات«. عىل معاني أوال نتفق أن التفاهم، يجب

عىل اللغوية النظم ترميز إىل بالحاجة جدا مبكر وقت يف شعرنا أيضا السبب ولهذا املتكلمني. بني فيما وتداول

لكتب األوىل الوظيفة ذلك املتكلمني. ويبقى فيما بني الشفهي التواصل باستخدامها يتسنى لكي أدق وجه ممكن

األسس إرساء يف والرياضيات كالحقوق األخرى العلوم بعض مع اللغة علم ويشرتك واملعاجم. والرصف النحو

تتمثل ذاتها للغة اللغوي الوصف نشاط عىل هذا يومنا حتى املعروفة الشواهد أقدم وإن للحضارات. التاريخية

يف القوائم املعجمية املحفورة عىل الرقم الغضارية السومرية التي يرجع تاريخها إىل 3000 سنة قبل امليالد1. ولم

ثنائية للذاكرة، ويمثل بعضها اآلخر قوائم يتسن تحديد وظيفتها بوضوح، فيبدو أن بعضها يؤدي دورا مساعدا

من أكثر قبل الرافدين بالد يف البرش حياة عىل تدل آثار فهي استخدامها، كان وأيا الرتجمة. يف تستخدم اللغة

تعد شهادة، فإنها تنظيمها، األوىل وطريقة املسارد هذه التي تضمها املصطلحات آالف سنة. ومن خالل خمسة

مجتمعاتنا تنظم التي واملعتقدات االجتماعية واملمارسات التقنيات عىل أخرى، معجمية قوائم أي شأن شأنها

بذلك وهي التاريخ. مر عىل مرتاكمة داللية طبقات شكل يف ثقافاتنا ذاكرة تحفظ فالكلمات أسسها. وتريس

ال تسجل األمور بطريقة سلبية فقط، بل إنها تؤثر يف األفراد واملجتمعات عىل حد سواء، وذلك عىل نحو حاسم إىل

أقىص الحدود.

الصيغ ومنها مبارشا: تأثريا العالم يف تؤثر قوة أنها عىل الكلمات سلطة تصور األساطري صعيد عىل وجرى

لها. نموذجا التكوين سفر آيات تقدم التي الباطنية والصيغ معينة، فئة عىل املقصورة والصيغ السحرية،

يعرب حيث العادي الكالم ويف اليومية الحياة يف أقل بقدر تمثله الذي الواقع يف التأثري عىل اللغة قدرة وتتجىل

ذلك يؤكد وما منه. كبري جزء يف البرش سلوك بالتايل تحدد للعالم رؤية ويقرتح نظر وجهة عن الكلمات معنى

والكنائس والدول األفراد شأن شأنها املذاهب، فإن األمر. لهذا االجتماعية املؤسسات توليه الذي االهتمام هو

إىل لتنقل بها الخاصة املصطلحات تفوق تبيان إىل تسعى ال تنفك اإليديولوجية، والتيارات الفكرية والحركات

التسامح في كلمات

8

الرغبة يف الدنيوية إىل السلطة للعالم. فهذا جزء من أسباب وجودها. ولكن ثمة إغراء شديد يدفع اآلخرين فهمها

م فيه: وذلك من خالل أن تكون روحانية، باملعنى األصيل للكلمة، وأن تهيمن عىل موقف البرش يف املوقع الذي يصم

النهائية والجنونية مللك السلطة الكلمات، وفرض معانيها. وانطالقا من الفكر، وتوجيه استخدام التحكم بأشكال

ذي سلطة مطلقة فعال، ألف جورج أورويل عمال خياليا. ويبني هذا املؤلف يف قصته الخيالية الرهيبة ذات املغزى

األخالقي أن أكمل رضوب الدكتاتورية هي تلك التي ال تكتفي بفرض قانونها بل تدعي امتالك الحق يف إمالء كل

خشبية لغة ويف الكلمات استقامة يف ذاته يتأمل تاما طغيانا تمثل التي وتلك فكرهم، حتى اآلخرين، عىل يشء

تحظر كل انحراف وكل احتجاج: يف هذيان »أخ كبري« يتوىل زمام املعنى بال منازع.

إىل تطمح الطغيان أحالم كانت فلنئ الحظ. لحسن إيجابي جانب املطلقة الشمولية هذه وقوع والحتمال

من وتفلت تتغري املعاني هذه فإن نظرها، وجهات يطابق قالب يف تثبيتها خالل من الكلمات بمعاني التحكم

ضبط يف والرشعية الرضورية وظيفتها تتمثل التي املتخصصة، املصطلحات يف حتى التوحيد، مرشوعات زمام

املعنى يف حدود ما هو أفضل. فإن كلمات املعجم، خالفا للرؤية الساذجة والنموذجية التي يمكن أن تتكون عنها،

وتعمل الكلمات2. لهذه املمكن فهمنا بعمق ما يعدل وهذا املعنى، إلنتاج أدوات فهي حقيقي«. »معنى لها ليس

تمثل التي القواعد قيم هذه ولكن بأكملها، املتكلمني تراعيها جماعة قواعد إطار املعقدة يف اللغوية األجهزة هذه

الداليل. وعندما املضمون تفسري للتقدير وحرية يف بوجود هامش للمعنى تسمح تغريات تشتمل عىل اللغة أسس

املحددة. التحاور وغاياته تتماىش مع ظروف لكي الخطاب، تستلزم »معايرة« ملعناها املعجم يف تستخدم كلمات

تواكب أن لها كما تتيح الزمان، عرب واملعارف والتقنيات املمارسات تطور متابعة للكلمات املرونة هذه وتتيح

يف الكبرية الداللية التحوالت واستيعاب الواقع فهم يف مجتمعاتنا تحرزه الذي التقدم نفسها التسمية خالل من

التسميات. كما أن هذه املرونة ذاتها تمكن الكلمات من متابعة تغريات املعنى يف أشكال الخطاب، وال سيما عندما

ينترش املصطلح وتتداوله فئات اجتماعية أخرى تنسب إليه قيما مختلفة، وأحيانا مضادة. ويمكن أن يفيض بذلك

مجموع هذه االستخدامات املختلفة إىل حاالت متفردة.

وأصبح جميل«3. ليشء سيئة »تسمية بأنه حتى وصف الذي ]التسامح[ tolérance مصطلح حالة هي وهذه

املبدآن الديمقراطيان املتمثالن يف حرية الفكر وحرية التعبري راسخني بما يكفي ليصبح من غري املفهوم وال املقبول

تاريخية مفارقة ينجم عن هذا السليم الفعل رد أن بيد أساسيا. اليوم حقا ما نعتربه التنازل عىل اسم يطلق أن

ترتبط بتطور الكلمة. فإن مفهوم »التسامح« ظهر يف املجتمعات التي كان يهيمن عليها الفكر الديني؛ وحدث ذلك

بحكم طبيعته، ال يتعني عليه طرح مسألة الذي يعد جامعا اآللهة، الواحد ألن تعدد باإلله اإليمان منطقيا يف ظل

املعتقدات املختلفة. أما فكرة اإلله الواحد فال يمكن تصورها إال من خالل املطلق املتمثل يف األلوهية، التي ال يمكن

اإليمان الديني يف ظل التسامح بالتحديد ما تنطوي عليه بالرضورة فكرة النسبية. ولكن هذا هو أن تخضع ملبدأ

باإلله الواحد. ولذا فإن بوسويه، أسقف مدينة مو )Meaux(، يعرب، إبان املواجهات بني الكاثوليك والربوتستانت

بواجب اإلخالل وإىل والكفر، الهرطقة قبول إىل يفيض ألنه غري مقبول التسامح بأن اعتقاده عن الفرنسيني،

تسمية تفرس مماثلة أولية افرتاضات وثمة الدينونة. إىل يقوده الذي ملصريه املرتوك اآلخر تجاه املسيحي املحبة

»مرسوم التسامح« الصادر يف عام 1562، والذي منح الربوتستانت يف فرنسا إمكانية ممارسة شعائرهم الدينية؛

ومن الوقت. ذلك يف مقبوال لم يكن حق ال بموجب اململكة، ومصلحة املدني السلم باسم اإلذن هذا منحوا ولقد

املنطقي إذن أن تكون اللغات الرومانية قد استمدت من اللغة الالتينية فعل tolerare، الذي يعني »حمل، تحمل،

معاناة وللتعبري عن بأهميتها، نقر التي النار منه«، شأنه شأن ال بد تحمل »رش قبول للداللة عىل قاوم«، صمد،

الفعل مشتق أنفسنا. وهذا بها يف قرارة التي نؤمن املعتقدات آراء وأوجه سلوك غري مقبولة بمعيار إزاء نتحملها

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

9

األوروبي الهندي الجذر عىل مبني وهو نصب«، رفع، »حمل، يعني الذي ،tollere هو آخر فعل من أيضا هو

Atlas لكلمة اليونانية اللغة يف اسمه أعطى الذي الجذر أما حمل«. »تحمل، يعني الذي ،-ºtel-, ºtel-, ºtla

عىل التعليقات إليها تشري متناقضة حالة ذلك عن ونجمت وقيدا. ثقال )tolérance( التسامح فيعترب ]أطلس[

بصلب طالبت الحشود أن لإلنجيل الالتينية النسخة يف فريد الكلمات. أرسة دالالت يف ما تتجىل ورسعان الدوام

tollé كلمة الفرنسية يف )وبقيت التعذيب أداة نصب بذلك وقصدت ،! Tolle ! Tolle رصخة مرددة املسيح

بمثابة رصخة استهجان(. ونرى بذلك أن بعض الكلمات املشتقة من الجذر ذاته يمكن أن تدل عىل التسامح وعىل

املوجودة املتناقضة بالثوابت إال التي ال تحتفظ اللغة، اتساق التضاد عىل عدم الوقت نفسه. وال يدل هذا ضده يف

لدى بني البرش. وهذه املفارقة تشبه املفارقة التي جعلت من املحبة املسيحية، التي كان يقصد بها محبة القريب،

أن نجد حاالت شاذة السهل الحطب. ومن البرش يف محارق اآلالف من التفتيش وإلعدام له ملحاكم ال مربر تربيرا

مماثلة يف ممارسات األديان األخرى أو يف تنفيذ مشاريع سياسية تقدم عىل أنها تحسني لحياة البرش. وبذلك يمكن

أخرى عندما ندرس تناقضات إياها. وتظهر ل تحم التي الفكرة أن تعرب من خالل صياغات متناقضة عن لكلمة

مجموع كلمات لغة معينة.

العالم ويقسمونه ويصنفونه ويسمونه ويتصورونه اللغة »شبكات« يرى الناس من خاللها وتمثل قوائم مفردات

اللغة األملاني ويلهلم فون همبولدت أول إلضفاء معنى عليه، وذلك بسبل تختلف من ثقافة إىل أخرى. وكان عالم

عام املنشور يف البرشي«، النوع وتأثريها يف تطور البرش لدى اللغة بنى اختالف »يف املعنون كتابه أجرى يف من

اللسانيات عالم ومواطنه إدوارد سابري األمريكي اإلنسان عالم أما اللغوية. النظم تنوع يف منهجيا تأمال ،1836

الشدة من بمزيد من العرشين وطوراها وضبطاها القرن يف اإلشكالية مجددا تناوال هذه فقد بنيامني يل وورف،

إن منها، استخلصت التي التعاليم األقل أو عىل تحليالتهما، وبحسب أمريكا. هنود لغات عىل تطبيقها خالل

بحيث بالثقافات االرتباط شديد انتظاما تنتظم البعيدة اللغات مفردات قوائم تجريها التي اللغوية التقسيمات

ال تتسنى ترجمة املصطلحات إال عىل نحو تقريبي، أو تصبح حتى من املحال. ومع ذلك فإن الرتجمات ال تتوقف،

بل إنها تتسم أحيانا بدقة مثرية لإلعجاب. والسبب يف ذلك عىل وجه التحديد هو أن معاني الكلمات قابلة للتكييف

وأن ممارسات بني البرش، أيا كان تنوعها، تتقارب بما يكفي إلتاحة فهمها املتبادل.

بني النزاعات تاريخ عن تعرب خاص، بوجه »التسامح« مصطلح ومعنى عموما، الكلمات معاني فإن وبذلك

فكرة فإن مشرتكة. برشية إىل تطلعهم عن نفسه الوقت يف كما تعرب األيديولوجية، مواجهاتهم وعن البرش بني

»التسامح« تبقى وتفرض نفسها عىل اللغات والثقافات، بوصفها سمة تبدو مشرتكة، عىل اختالف املعاني وتنوع

»التسامح« عن التعبري يجري فكيف الجامع. الكتاب هذا إعداد فكرة انطلقت املالحظة هذه ومن املصطلحات.

فكرة عن التعبري تتوىل التي الكلمات هي وما الثقافات؟ مختلف لدى الحياة يف وتطبيقه الفكر يف وتصوره

أنحاء التقارب والفروق يف شتى املختلفة وأوجه اللغات؟ وكيف تفعل ذلك؟ وماهي األشكال التسامح يف مختلف

األقل، هل أو عىل لغات مختلفة؟ ثابت يف مجمل املصطلحات ومستمد من الوقوف عىل مجال العالم؟ وهل يمكن

ال ندري مفرط طموح عن ينم فإنه النحو، هذا عىل املرشوع ما صيغ وإذا مشرتكة؟ إشكالية استخالص يمكن

إذ يقترص أكثر تواضعا، الكتاب فهو أما قصدنا يف هذا إنجازه ممكنا حتى يف إطار برنامج منهجي4. ما إذا كان

يقدم ولم منهجية. أكثر نحو عىل اكتشاف إىل يحتاج ال يزال مجال يف الخوض عىل أي استكشافية، عملية عىل

الباحثون عىل املشاركة يف هذا املرشوع إال من باب االلتزام بدوافعه. ومع أنهم يدركون الحدود التي ينحرص فيها

هذا امللف التمهيدي، ومن ثم أوجه النقص التي يتسم بها، فقد رأوا أن املجتمع العلمي ال يمكن أن يواجه مطالب

عرصنا بال اكرتاث.

التسامح في كلمات

10

ولنئ كنا قد توخينا تقديم عينة من تنوع الكلمات التي تدل عىل »التسامح«، فلم ندع مع ذلك أننا نقرتح مجموعة

من النصوص تكفي لتمثيل آالف اللغات، الحية أو امليتة، التي تم تعدادها. ولقد سعينا إىل تنويع خياراتنا، ولكن

وضمت آنيا. املتاحة دف الص أو حتى العمل أو شبكات األشخاص غ تفر ظروف أحيانا فرضتها الخيارات هذه

أوروبية، لغات الثانية وضمت والالتينية(؛ واليونانية والعربية )املرصية القديمة اللغات بعض مجموعة أول

املبادالت بكثافة يتسم بتاريخ جميعها وترتابط منها، تنحدر التي باألصول الرومانية كاللغات بعضها يرتابط

والروسية واإلنجليزية جهة، من واإليطالية، والفرنسية والربتغالية والقشتالية واإلسبانية )األوكسيتانية الثقافية

والفنلندية والبلغارية، من جهة أخرى(؛ أما املجموعة الثالثة فتم تحديدها استنادا إىل تباينها )الغونكوين والعربية

املجموعة هذه اختيار ويرمي والولوف(. والكتشوا والكيسواحلية واليابانية والهندية والغبايا والصينية والبمبارا

عن ننتقد أن ويمكن »التسامح«. عن اللغوي التعبري أشكال تنوع تبيان إىل السابقة، املجموعة مقابل الثالثة،

اللغات؛ ولتحقيق ذلك، كان ينبغي توخي الشمول يف أنها ال تنصف يف االختيار عائالت العينة من حيث حق هذه

يف األوروبية اللغات بها حظيت التي املكانة أما بالغا. تخطيا مرشوعنا حدود يتخطى األمر هذا ولكن الدراسة،

هذه الدراسة، فهي بالتأكيد مرتبطة بتشكيلة الفريق الذي نظم هذا االستكشاف األول، ولكن ليس هذا هو السبب

بالتالزم »التسامح«، مفهوم يتناول الذي بالنقاش قطعا ارتقت التي هي التنوير عرص إيديولوجيا فإن الوحيد.

مع مفهوم الديمقراطية، وهي التي أضفت عىل »العصور الحديثة« بعض أهم سماتها املميزة. ومن دواعي األسف

حساب عىل املعجمي لالستكشاف االهتمام من مزيد إيالء إىل دفعتنا قد املحدودة املرشوع أبعاد تكون أن أيضا

عمليات تحليل الخطاب الكفيلة وحدها بإدراك املعنى يف أدق تفاصيله. وتمثل هذه التفاصيل مجاالت للدراسة قد

تتناولها تحليالت جديدة يف أطر أخرى.

وتفيض بحوثهم. يف ما يرد مسؤولية يتحملون وهم املوضوع تناول يف نهجهم حرية بكل الباحثون اختار ولقد

اللغوية االستخدامات عن ال يرىض فبعضهم األوىل. للوهلة متضادين يبدوان توجهني إيضاح إىل الرصاحة هذه

ما يرون انتقاد فيقبلون عىل »التسامح«، املرتبطة بمصطلح أو السياسية أو الدينية االجتماعية املمارسات أو عن

الذي أو املجتمع أو اللغة الثقافة أن تبيان إىل العكس، عىل غريهم، ويسعى غري مقبولة. خلل أوجه يمثل أنه

هذه بمنطق األقىص الحد إىل نذهب أن إذن وبكفي »للتسامح«. نموذجا يعترب أن ما يمكن يقدم عنه يتحدثون

ولنجد اآلخرين، تسامح األول املقام يف هو التسامح أن يعترب الذي املعروف املوقف عىل لنعثر العقلية املحاكمة

بالتايل يف متن التحليالت ذاته ما تزمع التنديد به... وهذا يعني أن الباحث يف مجال العلوم اإلنسانية ليس خارجا

عن املوضوع الذي يدرسه، وليس منفصال عن الجدليات التي يعمل عليها. وهذا يعني أيضا - وهنا يكمن جوهر

التامة بالرشعية ذاته اإلقرار عىل الواقع يف ترتكز ظاهرها يف متعاكسة تبدو التي املواقف هذه أن – املوضوع

»للتسامح«.

وهنا تكمن العربة األوىل التي ينبغي استخالصها من هذا النهج الجماعي يف تناول األمور. ويتمثل جوهر العربة يف

أول الذي يمثل مبدؤه املتبادل التسامح باآلخر، ويف االعرتاف إال من خالل اإلنسانية بأنه ال يمكن تصور التسليم

قاعدة من القواعد املشرتكة بني بني البرش.

بول سيبلو

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

11

املشاركون

Sydney Aufrère, U.P.R.E.S.-A. C.N.R.S. 5052, Religion et société dans l’Égypte de l’epoque

tardive, Université Montpellier III.

Sylvain Auroux, U.R.A. C.N.R.S. 381, Histoire des théories linguistiques, Université Paris VII.

Christine Béal, U.P.R.E.S.-A. C.N.R.S., Discours, textualité et production de sens, Praxiling,

Université Montpellier III.

Ahmed Ben Naoum, Centre de recherches anthropologiques et préhistoriques, Université d’Alger.

Jacques Bres, U.P.R.E.S.-A. C.N.R.S., Discours, textualité et production de sens, Praxiling,

Université Montpellier III.

Irène Cahuet, Université Montpellier III.

Gabriel Calori, E.A. 741, Études des pays anglophones, Université Montpellier III.

Christian Camps, Université Montpellier III.

Guido Carrasco, Université Montpellier Ill.

Catherine Détrie, U.P.R.E.S.-A. C.N.R.S., Discours, textualité et production de sens, Praxiling,

Université Montpellier Ill.

Diane Daviault, Université du Quebec a Chicoutimi.

Lydia Denkova, Centre d’études cyrillo-méthodiennes, Académies des Sciences de Bulgarie.

Michel Eckhard Elial, Revue Levant, Tel-Aviv, Montpellier.

Khadiyatoulah Fall, Université du Québec à Chicoutimi.

Gérard Gouiran, E.A. 743, Recherches sur le poétique et les traditions écrites et orales en

Méditerranée, Université Montpellier III.

Michel Griffe, Université Montpellier III.

Maria Iovtcheva, Centre d’études cyrillo-méthodiennes, Académie des Sciences de Bulgarie.

التسامح في كلمات

12

Raimo Jusslla, Centre de recherche des langues nationales de Finlande, Helsinki.

Claude Lauriol, U.P.R.E.S.-A. C.N.R.S. 5050, Centre d’études du XVIIIe siècle, Université

Montpellier III.

Ismaël Maïga, Centre de recherche, d’étude et de formation interculturelle, I.N.A.L.C.O., Paris.

Marie-Paule Masson, Centre de recherches néo-helléniques. Université Montpellier III.

Bruno Maurer, U.P.R.E.S.-A. C.N.R.S., Discours, textualité et production de sens, Praxiling,

Université Montpellier III.

Vana Nicolaïdou-Kyrianidou, Université lonienne-Corfou.

Stravos Pérentidis, Université lonienne-Corfou.

Paulette Roulon-Doko, L.L.A.C.A.N. du C.N.R.S., Paris.

Mohamed Ahmed Saleh. G.D.R. 115 C.N.R.S. Sociétés plurales de l’Est africain.

Sophie Sarrasin, Université Montpellier III.

Gérard Siary, E.A. 742, Centre d’études du XXe siècle. Université Montpellier III.

Paul Siblot, U.P.R.E.S.-A. C.N.R.S., Discours, textualité et production de sens. Praxiling, Universite

Montpellier Ill.

Lora Tasseva, Centre d’études cyrillo-méthodienne, Académie des Sciences de Bulgarie.

Francis Utéza, Institut de sociolinguistique de Montpellier, Université Montpellier III.

Jean-François Vergnaud, Université Montpellier III.

التسامح في كلمات

13

التسامح، بكلمة واحدة

يظن كل فرد أنه على حق في وجهة نظره،

ولكن ليس من المستحيل أن يكون جميع الناس على خطأ.

ومن هنا تنشأ ضرورة التسامح.ينا في داخلنا التسامح وإذا ما نم

تجاه التصورات األخرى، فإننا نتوصل إلى فهم أصح لتصورنا.

غاندي

التسامح في كلمات

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

15

اللغة املرصية القديمة

التسامح الديني والتشدد الوطني

تعد اللغة املرصية لغة سامية ال تظهر يف شكلها الهريوغليفي الصوائت، إال يف حاالت استثنائية نادرة – فالكلمات

القرن إىل الرابع القرن )من القبطية اللغة عكس عىل ،- املقطعي تركيبها مراعاة مع تكتب البابيل األصل ذات

رموز وإىل اإلغريقية األبجدية إىل تلجأ والتي املرصية اللغة تطور من األخرية املرحلة تمثل التي عرش(، الثاني

مستمدة من الكتابة الديموطيقية. ويف الكتابة الهريوغليفية، يساعد املعرف عىل فهم اللفظة، إذ إنه يتيح بادئ ذي

بدء تمييزها عن مجانس كتابي ذي تقسيم صوتي مختلف.

وهما: أو التساهل، التسامح مفهوم عن األول، معناهما من باالشتقاق تعربان، مفردتان املرصية اللغة يف وتوجد

بذلك ويقصد ب« »تحج يعني الذي »تجام« وفعل ل« تحم عانى، »تألم، ويعني »أوخد« فعل

ل« »تحم فكرة يؤدي أن الجسدية، اآلالم إىل خاص بوجه يشري الذي األول، للفعل ويمكن أساسا. الوجه حجب

شخص«، تجاه وجهه »حجب يعني الذي الثاني، الفعل أما اآلخر(«. )تجاه وتساهل بلطف ف أو »ترص أحدا،

ويعني »جامت« وهو: اسمي، شكل الفعل هذا من ويشتق اآلخر(«؛ )تجاه متساهال/متسامحا »كان فيعني

»التساهل«

إىل تشري مفاهيم فتستحرض املرصية، اللغة تطور من النهائية املرحلة القبطية، وهي باللغة املكتوبة الوثائق أما

»التسامح«، أي ،épieikeia اليونانية الكلمة ترتجم التوراتية، النصوص ففي األول. عن مختلف فكري عالم

البادئة من مؤلفة والكلمة الخلق”، ودماثة واالعتدال، »الرجاحة، أي )منثاك(، القبطية بالكلمة

التجريدية )منت-( والصفة )هاك(، أي »وديع، راجح«. ويساوي معنى الكلمة حتى مفهوم »الصفاء«

وهو ذاتها، بالطريقة مبني مصطلح نقيض عىل بذلك ويقع غري مشاكس«، معتدل، »رصني، معنى يشمل ألنه

أو موقفا(« )أحدا ل »تحم معنى أما أهوج«. فكر أحمق، فعل »جنون، تعني التي )منتسوك( كلمة

وحرف »يحمل« )يف( الفعل من املشتقة ها(، )يف صيغة يف )عبئا(« »يحمل عبارة باستخدام فيؤدى

التساهل«: ل، التحم »الصرب، تعني عبارة أيضا القبطية اللغة وتستخدم بشأن«. »تحت، أي )ها-(، الجر

)هارش( + + التجريد( )بادئة )منت-( ييل: مما مؤلفة وهي هيت(، )منثارش

املرء صبورا، وأن يستطيع العبارة يف مجملها »أن يكون النعت( + )هيت( »قلب«، وتعني »ثقيل« )يف شكل

تحمل املحنة مهما كلف األمر«.

الذات اإللهية فريدة والتعبري عنها متعدد

ويوصف األفراد. بني العالقات عىل وتنطبق بالتسامح املتعلقة األلفاظ بعض تستخدم املرصية اللغة فإن إذن

العراف ما قاله ييل وفيما صعوبة. الحياة ظروف ازدادت كلما رضورته وتزداد رضوري أمر بأنه التسامح

كالم أحدهم عىل »يرد الثانية عرشة: الحاكمة الساللة التي سبقت ظهور املضطربة األزمنة وهو يصف نافارتي

ح بسالحه، فيقول الناس: »ال تقتله«. الحوار هو مثل النار عىل القلب: فإن املرء ال يتسامح شخص آخر، وهو يلو

مع ما يخرج من فم اآلخر«5

التسامح في كلمات

16

أنا ال أحب كلمة التسامح، ولكنني ال أجد

أفضل منها.

غاندي

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

17

ألن األساسية، املعتقدات عىل األحوال من حال أي يف املفهوم هذا إىل تشري التي الكلمات ال تنطبق املقابل، ويف

هو الكالم هذا فإن ثم ومن األجداد، نقله الذي – ميدو-نتجر – اإللهي« »الكالم عىل مبنية والشعائر الطقوس

الضامن الوحيد للكفاءة.

مقرتح كان ولو حتى الفكرية، الحياة من استبعد قد والدينية الفنية التقاليد عن انحراف كل فإن وبذلك

مميزا تعبريا – آتون – الشمس قرص يعترب إيديولوجي فكر إىل استند الذي أخناتون، فإن ملكا. اإلصالحات

راه، آمون عبادة آثار إخفاء إىل آلتون املتعصبون ويسعى كامال. تحطيما التقاليد قيود حطم اإللهي، البعد عن

باملؤسسات املتعلقة لألفكار تجديدا مثلت التي العمارنية، الحقبة أما الكرنك. إله اسم تحطيم صورة فيحاولون

بالحاجة الحد، اإلخفاق والنسيان. ولم تشعر مرص يف أي وقت مىض، وإىل هذا إىل انتهت والفن واملعتقدات، فقد

العصور من املوروثة باملبادئ التمسك يف املتمثلة القصوى الرضورة أمام ما تخنق رسعان التي التغيري، إىل

االجتماعية الرغبات عن للتعبري بطيئا العمارنية، صعودا الحقبة تلت التي القرون الغابرة. وشهدت مرص خالل

كما يف الرصاع، هذا وجرى املسيحية. والديانة التقليدية بالثقافة املتمسكني أواخر بني رصاع إىل تفيض التي

السابق، دون أن يفكر أي من الطرفني يف االستناد إىل مبدأ التسامح.

البرشية الجماعات إثنية ودينية. فإن مختلف الدوام وعىل نحو متكرر رصاعات القديمة عىل وشهدت حياة مرص

نشوء ذلك عن ونجم باملعتقدات. يتعلق فيما متجانسة حضارة تشكل لم تكن النيل، وادي طول عىل املوزعة

مذهب وحدة الوجود الذي أحسن وصفه باختصار يامبليخوس )تويف يف 330-325 بعد امليالد( يف كتابه املعنون

لسلطة بدوره يخضع التعدد وهذا التعدد، إىل تنتقل ثم الواحد من املرصيني عقيدة »تنطلق مرص«: »أرسار

د يوح الذي األعىل السبب عليها ويسيطر محددة مقاييس مكان كل يف تضبطها غري املحدودة والطبيعة الواحد،

كل يشء«6

مع تالؤما األكثر الشكل املحلية تجلياتها وتكتيس متعدد. عنها التعبري فإن وحيدة، اإللهية الذات كانت ولنئ

إىل واستنادا اإللهية. الذات عن املحيل التعبري وراء إقليم كل سكان يصطف ذلك، وبعد األصلية. البيئة ظروف

التقاليد التي تبني دراسات الجغرافيا الدينية سماتها الرئيسية، تعقد هذه التقاليد صالت قوية فيما بينها أو تقيم،

مرص توحيد يف الرغبة عىل اإللهية الذات يف التنوع هذا مفهوم ويقوم عميقة. طقوسية تناقضات العكس، عىل

بوصفها أمة، وال يمسح هذا املفهوم مالمح الفرد الناشئ من فضاء ثقايف تسود فيه قيمه الخاصة.

القومية وردود الفعل املناهضة للثقافة األجنبية

ومعرفة الكهنوتية، املكتبات يف نصوص ترد والتي اإلسكندري كليمنتوس عددها التي املقدسة الكتب معرفة إن

املرصية الثقافة جوهر ذلك كل يمثل جليلة، تقاليد بها ترتبط التي املواقع أقدم إىل الحج ورحالت األساطري

فيما وال سيما واملحلية، الوطنية بشعائرهم املرصيني ارتباط أما عميقا. ارتباطا الناس بها يرتبط كان التي

السيايس الضغط ازدياد مع تعزز فقد اإللهية، للقوى عوامل فيها يرون كانوا التي املقدسة بالحيوانات يتعلق

الحقبة هذه وشهدت الروماني. والعهد البطلمي العهد يف وال سيما الخارج، من القادم والديني واالقتصادي

العادات يحرتمون لم يكونوا الذين بأولئك يتعلق فيما وال سيما غري معتاد، بعنف تتسم فعل لردود ازدهارا

قصد، بال هرا قتل ألنه شديدة ورطة يف روماني وقع أن الثاني بطليمس عهد يف حدث فقد املرصية. والتقاليد

وقام السكان بذبحه عىل الفور.

التسامح في كلمات

18

لم أكن سببا في بكاء أقراني

بني البشر.

“كتاب الكلمات”

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

19

وحي األمبيطيني حي – املتجاورة القديمة األحياء من حيني سكان بني رصاعات نشوب أخرى حادثة يف ويذكر

وجه وعىل اآلخر. الطرف ملحظورات منهما طرف كل احرتام بعدم االتهام يتبادالن الطرفني ألن – التنترييني

ه إهانة العموم، كانت خصوصية الشعائر الدينية واملحظورات طريقة لتأكيد الهوية بحيث إذا أراد أحدهم أن يوج

إىل الحي املجاور، كان يبدأ بالهجوم عىل القيم التي كان يتعلق بها سكان ذلك الحي.

واشتد هذا العداء، الذي يستبعد كل أشكال التحمل، يف النصف األول من القرن الرابع تقريبا )مرسوم قسطنطني،

والديانة التقليدية الدينية الشعائر بني تتأرجح العامة السلطات فيها أخذت التي الفرتة وهي ،)313 عام

تصادم التي اإليديولوجية الرصاعات كما أن الخامس. القرن يف مأساويا اشتدادا التأرجح هذا واشتد املسيحية،

املرصية الوطنية والنزعة الثقافة ألن الطرفني، بني التوافق عدم عىل قائمة بأنها مبارشة وسمت الطرفان فيها

والتمسك الهريوغليفية املرصية اللغة عىل الحفاظ وإن واحدا. كيانا كلها تمثل التقليدية املعتقدات عن والدفاع

أواخر نظر ويف الطغيان. لغة أي اليونانية، اللغة مقاومة عنارص من عنرصين يمثالن املحكية املرصية باللغة

ويتخىل املسيحية الديانة إىل ينتقل من إن اليوناني، الطابع عليها أضفي التي املرصية لآللهة املخلصني األتقياء

عن القيم املوروثة من األجداد يعد مرتدا. ومع ذلك، فإن النكران قريب.

فيلسوف إنه هورابولون. وهو املرصية، اليونانية املزدوجة الثقافة بهذه مزود شهري مؤلف املوقف هذا ويجسد

ذو شأن، ينتمي إىل أرسة قديمة تدافع تقليديا عن بقايا الديانة املرصية، سعى بتعصب إىل تعليم املفاهيم األخرية

للغة املكتوبة بالرموز الهريوغليفية املثبتة عىل املعالم األثرية. وعىل الرغم من انتمائه إىل تيار مقاومة يثبت أقدامه

أمام ضعف العالم اليوناني الروماني، يتسم الجزء الثاني من حياته بطابع التحول القرسي.

الوثنية، اإلسكندرية للفلسفة األخرية االنتفاضة إليها ينتمي كان التي اإلسكندرية والحلقة هورابولون ويجسد

التي تدافع عن العقيدة بطاقة اليأس7

جهة من إحداهما يخدم بينهما، التوفيق ال يمكن متضادتني قوتني بني تفصل عميقة هوة هناك كانت وبذلك

أواخر الكهنة املنتمني إىل طيبة والذين يرون جميع قيمهم وهي تتالىش، ويخدم القوة األخرى آباء الكنيسة الذين

الالتيني. ومع اليوناني الفلسفي التقليد املنبثقة من اإليديولوجية املجموعة استخدام كامل لم يكونوا يرتددون يف

هذا ذاتها، مرص يف طورت، قد الديانة هذه فإن املسيحية، يف القوة موطن الوقت ذلك يف لم يكن التسامح أن

املوضوع الذي نجده يف الكتابات القبطية، يف أشكال قائمة إىل حد كبري عىل الصور املجازية التي تربز دائما فكرة

لم يكن ألنه ذاتها العقائد عىل إطالقا تنطبق لم تكن القديم، العرص أوائل كما يف األشكال، هذه ولكن »العبء«،

هناك يف ذلك العالم املتحول، ال يف هذه الجهة وال يف تلك، أي إمكانية للوفاق.

سيدني أوفرير

التسامح في كلمات

20

ينبغي أن تنظروا إلى الغريب المقيم معكم

وكأنه منكم وفيكم، أحبه كما تحب نفسك.

34 ،19 ،Lévitique

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

21

اللغة العربية

التسامح أو التساكن

لنئ كانت اللغة العربية الحديثة ال تمتلك مرادفا دقيقا ملصطلح “التسامح”، فإنها تمتلك عددا من األلفاظ املتعلقة

بهذا املفهوم، وال سيما باملمارسة السياسية واالجتماعية والثقافية املرتبطة به.

املركز واألوروبي املعارص املفهوم هذا يحتله أن يمكن الذي باملوقع مقارنته من ال بد الذي الداليل، التفرد وهذا

فيجب إرسائيل. وبتاريخ العربي بالتقليد مقارنته خالل من إال الكاملة داللته ال يأخذ السامي، الفكر حقل يف

ليصبحوا منفيني الوطنية الحياة فاعلة يف أطرافا اليهود عن كونهم الذي كف خالله اليهودي التشتت أن مراعاة

أدى، يف مرحلة أوىل، إىل طرح مشكلة عدم تسامح البلدان التي حلوا بها بوجه خاص. ولم تطرح املشكلة حقا إال

أبعادها املؤسسية واللغوية القرن العرشين، وبخاصة بعد إنشاء دولة إرسائيل يف عام 1948، أي لم تطرح يف يف

تعقيد أيضا يسوده ولكن ماضية، عديدة قرون إىل يرجع تقليد وجود يسوده واجتماعي سيايس وواقع ألرض

حول تمحورت الواقع، ويف التسامح. مفهوم التحديد وجه عىل يطرح مما مختلفة، جماعات بني مشرتك وضع

مقدمتها ويف اإلرسائيلية، الفسيفساء مكونات مختلف بني العالقات تحدد ممارسة تفسريه، وحول املفهوم، هذا

مجتمع يف والسائد عموما املقبول للتسامح األعىل املثل أما غري الديني. والجمهور الديني الجمهور بني العالقات

هذا ال تعيش ممارسة مواجهة يف بذلك فيصبح صميمها، يف أوروبية واإليديولوجية الفلسفية النماذج فيه تظل

املثل األعىل يف أغلب األحيان إال عىل النمط األسطوري، وحتى السلبي. وسعيا إىل نقد هذا االتجاه، يمكن أن يسمى

التعصب، بعبارات الخصوص وجه عىل املعارصة العربية معجم ويحتفظ تسامحا، يسمى مما أكثر تعصبا

عبارة وترادف الديني«( »القيد حرفيا )وتعني داتيت« »كفياه عبارة خاص بوجه السياق هذا يف ببالنا وتخطر

»التعصب الديني«.

]س.ف.ل.[ الجذر من املشتق »سوفالنوت« مصطلح يستخدم الضبابية، شديد بمعنى ولكن أعم نحو وعىل

املتمثل الواجب هذا أن يبدو ولكن التسامح. فكرة - لرتجمة أدق أو بعبارة - للداللة باملعاناة، أساسا واملتعلق

التقليد هذا يف يذكر إنه بل العربي، التقليد عن تماما خارج التسامح يفرتضهما اللذين والتعاطف التالطف يف

املكان ويف املسكن. فالغريب هو جزء بالحضور يف وثيقا ارتباطا الذات، ترتبط العالقة بالغريب، املختلف عن أن

البيت«(. »ابن )أي بيت« »بن وكأنه معه الترصف واجب إال خاص، واجب أي تجاهه ال يوجد بحيث املنزل من

املثاالن ما يوضحه وهذا ]سكن[، و«لغور« ]الغريب[ »غوير« بني داللية عالقة تقيم التي اللغة ما تدونه وهذا

الذي الخادمة، أغار ابن اسماعيل، ومثال إرسائيل، منزل تقاسم إىل دعيت التي الغريبة روث، مثال التوراتيان:

يختن كدليل عىل انتمائه هو أيضا إىل »البيت«.

ميشيل إيكهارد إليال

التسامح في كلمات

22

افعل باآلخرين ما تريد أن يفعلوا بك:

هذا هو الناموس واألنبياء.

العهد الجديد، متى ٧، 1٢

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

23

اللغة اليونانية القديمة

نزع القدسية، والتعددية الدينية، واملطلق التوحيدي

Τἁ ỏνόματα ]تا أونوماتا[: الكلمات

املعاين تعدد وفرهتا تكشف اليت التالية، اللكامت عىل العثور املختلفة املعامج يف البحث يتيح الذي يتسم به هذا املفهوم:

بالبادئة مشفوعة اكنت إذا )أ( التالية: املعاين القدمية اليونانية يف تتخذ ]أنويخ[: ανοχή)حسب األعىل” إىل الحسب “معلية تعين فإهنا األعىل«، »حنو املستخدمة مبعىن ]أنا-[ -αναاملستخدمة ]أنا-[ -ανα بالبادئة مشفوعة اكنت وإذا )ب( املثال(؛ سبيل عىل البرئ، من املاء لدى “املهادنة” )وتعين أو التعليق” أو اإليقاف “اإلمساك تعين فإهنا اخللف«، »يف مبعىن زينوفون أو إشينوس أو بلوتارخس، و”الراحة، والرتفيه” يف الرتمجة السبعينية، و”الصرب، وطول »محتل الهشرية أبكتيتوس ملقولة امتدادات الروايق السياق تتجىل يف – الرواقيني لدى األناة” من اعتبارا املسيحية النصوص ويف – أبيخو[ اكي ]أنيخو ἀνέχου καἱ ἀπέχου وامتنع«، العهد اجلديد(. أما الفعل املقابل هلذه اللكمة وهو ἀνέχω ]أنيخو[ فهو يعين »أمحل إىل األعىل، أمتالك »أمتاسك، ]أنيخوماي[ ἀνέχομαι لملجهول املبين املتوسط شلكه يف ويعين أسند”، ἀνεκτῶς والظرف ]أنيكتوس[، ἀνεκτός الصفة أيضا وجند أمحتل«(. حازم، أنا نفيس، ]أنيكتوس[، وحىت االمس الذي يدل عىل مسة ما هو قابل للتحمل ἀνεκτότης ]أنيكتوتس[. وقد

حافظ هذا املصطلح ومشتقاته يف الوقت الراهن أساسا عىل ما يتسم به من قمية أخالقية.

Υπομονή ]إيبوموين[: )الفعل، ὑπομένω ]إيبومينو[، ويعين »أبىق يف اخللف، أمكث، أمحتل هلذه احلديثة التطورات وتؤكد ]إيبومينيتيكوس[(. υπομονετικός والصفة أعاين«، الصدمة، موقع املرء يف يكون فإما أخاليق، مبعىن إذن يتمسان فاملصطلحان هنا. الوارد املعىن اللكمة الضحية، فيتكبد ما يقوم به اآلخر من اعتداء هيلع وتنترص قوته األخالقية عىل رش املعتدي، وإما ανοχή به لكمة ما تتسم املعىن األخري هو فيتقبل ويساحم. وهذا املتفوق، املرء يف موقع يكون خطايا جتاه اهلل تساحم مبفهوم يتعلق فميا الكنيسة آباء أو لدى اجلديد« »العهد يف ]أنويخ[ μακροθυμία بـلكمة مشفوعا احلاالت معظم يف يرد املصطلح هذا أن ذلك عىل زد البرش. يف تتجىل فكرة ويه التساهل، مفهوم من وتقرتب األناة« »طول تعين اليت ]ماكروثمييا[

يف وتعين ]إيبييكييا[ επιείκεια ومهنا: التساحم، مفهوم عن تعرب اليت األخرى املصطلحات الذهين “االستعداد ]إينوييا[ εύνοια و والرأفة”؛ والطيبة، واإلنصاف، السلمي، »التقيمي األصل و«التقارب«، ذاته«، املاكن »االجمتاع يف ]سينخوريسيس[ συνχώρησις و واإلحسان«؛ اجليد،

و«تقدمي التنازالت«، مث »الصفح«.

التسامح في كلمات

24

لقد ولدنا جميعا متساوين في كل شيء،

سواء أكنا من اليونان أم من الهمج.

أنطيفون )القرن الخامس قبل الميالد(

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

25

مفهوم عن أعاله فهيا النظر جرى اليت املصطلحات من مصطلح أي مل يعرب أنه الواحض ومن املركبة العبارة تستحدث ومل الفرنسيون. التنوير عرص فالسفة مكا عرفه االجمتايع، التساحم ἢ ἀνοχή τῶν θρησκειῶν أنيكسيرثيسكييا[ اليت تعين عىل وجه الدقة[ ἀνεξιθρησκείαفولغاريس أ. قيام بمناسبة وذلك ،1766 عام يف إال األديان« »تسامح ثريسكييون[ تون أنويخ ]إي الدستور ويف لفولتري. بالكثري فيه يدين ولكنه بقلمه قصري بمقال أتبعه التسامح بشأن لفولتري عمل برتجمة

استخدم أو الدينية، السياسية األفكار فيما يخص التسامح عن التعبري عىل العزم لعام 1822، حني جرى األول

τῶν θρησκευτικῶν καἱ πολιτικῶν بعبارة مشفوعا مجددا ]أنوخي[ ανοχή مصطلح

الدينية األفكار يخص فيما »التسامح فرونيماتون[ بوليتيكون كاي ثريسكيتيكون ]تون φρονημάτωνوالسياسية«.

وهل يمكن تربير استخدام هذه املجموعة املعقدة والعائمة إىل حد ما من املفردات بمقولة أن الهلنية كانت عىل مر

العصور غري مؤاتية لتطور القيم املرتبطة بمفهوم التسامح؟

اآلخر، الهمجي

كان اإلغريق يف العرص الكالسيكي، وهم من كانوا يطلقون عىل الغريب اسما واحدا أال وهو “الهمجي”، غري مؤهلني

بما فيه الكفاية لقبول اآلخر؛ وفضال عن ذلك، فإن فضيلة التسامح – باملعنى الحديث للكلمة – لم تطبق إال فيما

ندر، حتى يف الديمقراطية األثينية: فالسفسطي بروتاغوراس قد اتهم بارتكاب املعايص، وحكم عىل سقراط برشب

املعلومة خاطئة، ولكنها إلحاده. وكانت السفسطي بروديكوس بسبب الشوكران، وكاد يؤول إىل املصري ذاته سم

اعتربت صحيحة لفرتة طويلة، وهذا أمر له داللته. ومع ذلك، فإننا نلمس لدى السفسطيني القدامى بعض املفاهيم

السمة عىل يؤكدون الطبيعة، تالميذ بوصفهم السفسطيون، وكان هؤالء تسامح. عن تنم مواقف إىل تفيض التي

االصطالحية للقوانني والرشائع املدنية، ويعتربون التمييز ضد أولئك الذين ال يتكيفون مع النموذج املدني لالمتياز

الدينية: واملعتقدات االجتماعي والوضع اإلثنية األصول عىل القائم التمييز يرفضون كما كانوا غري رشعي، أمرا

يعرب عن ليكوفرون وذاك الطبيعة؛ باسم املواطنة، يف ويتشاركون أقارب الناس بأن جميع يرصح هيبياس فهذا

معلنا الهمج، ضد بـ«العنرصية« فيندد أنتيفون أما األرستقراطية؛ الطبقة وهيمنة االجتماعي للتمييز مناهضته

عبدا برشي كائن أي اعتبار ال يجوز أنه أخريا ألسيداماس ويعلن متماثلني؛ جميعهم الناس أنجبت الطبيعة أن

إىل بهم أدت التي الطبيعة إىل العودة ملسألة رشوح من الكلبيون ما قدمه ننىس أن ال يمكننا وختاما، بطبيعته.

إدراك نسبية املفاهيم األخالقية املعمول بها يف املجتمعات املختلفة. فإن نزع القدسية هذا عن قواعد التقييم، الذي

والكلبيني السفسطيني حالة ولكن املتعصبة. املواقف زعزعة إىل بالتأكيد أفىض قد مدينة، كل يف تيسريه جرى

ظلت هامشية داخل املجتمع اإلغريقي يف العرص الكالسيكي.

واتسمت األزمنة الهلنستية ببعض سمات املواطنة العاملية: فقد تزوج اإلسكندر يف سوزي من ابنة داريوس بينما

قام جنوده بسبي نسوة فارسيات، وذلك ليعطي إلمرباطورتيه طابعا متماسكا. ونشهد نشأة وجه معني من أوجه

التسامح مع ظهور حركة التوفيق بني املعتقدات الدينية التي دعا إليها. فإن رؤية زوس يف اإلله عامون أو البحث

لدى ميثرا عن سمات اآللهة اإلغريق إنما يمثل وجها من أوجه االعرتاف باآلخر.

ر يف العرص الهلنستي )الهينوثية(، يفيض يف الواقع واإليمان بوجود اإلله نفسه بمسميات مختلفة، وهو إيمان تطو

إىل مظهر معني من مظاهر التسامح.

التسامح في كلمات

26

ال تسمح بأن تسود في نفسك الفكرة

القائلة بأن الحقيقة هي ما تقول أنت، وال شيء غير ذلك.

سوفوكليس )406-495(

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

27

املخاطر املحدقة بالحريات الدينية

عقيدة فإن التفكري. طرائق يف التطور لهذا حدا يضع أن الروماني اليوناني العالم يف املسيحية انتشار عىل كان

مما غري مرشوع، نحو عىل طقوسها تمارس أن لتتحمل تكن ولم األخرى األديان مع املساكنة لم تتقبل التوحيد

أدى، عىل سبيل املثال، إىل إدانة الغنوصيني، وإىل ممارسة أوجه االضطهاد املختلفة التي كان للمسيحيني دور فيها،

األوثان بني التعايش جعل عىل قادرة تبدو التي التسامح، مراسيم أما فاعلة. جهات وإما ضحايا بوصفهم إما

واملسيحيني يف املجتمع الواحد أمرا ممكنا من خالل ترسيخ الحريات الدينية، فما كانت لتدوم سوى لفرتة محدودة.

فيها يدرس كان التي أثينا جامعة تغلق للدولة، الرسمية الديانة ما أضحت رسعان التي املسيحية، ذي هي وها

فالسفة وخطباء أوثان )يف عام 526(، وها هي ذي التيوقراطية يف بيزنطة تقوم بحرق أعمال جيميست بليثون )يف

القرن الخامس عرش(، ويسقط تلميذه جوفيناريوس شهيدا.

وبعد عام 1453، انتقل اإلغريق من الوضع املهيمن الذي كانوا عليه إىل وضع املهيمن عليه. وأصبحت ديانتهم، التي

إحدى إىل هؤالء انتماء يحرتمون العثمانيون كان وملا تقبلها. يجري ديانة للدولة، الرسمية الديانة السابق يف كانت

ديانات الكتاب، فقد سمحوا لهم بممارسة شعائرهم الدينية تحت سلطة بطريرك القسطنطينية، مقابل فرض الجزية

يف الدينية التعددية يف تجربتهم اإلغريق خاض فقد برشاسة، دوما تقمع كانت التي االنتفاضات عدا وفيما عليهم.

قلب الدولة العثمانية. ويف الوقت نفسه الذي أثار فيهم وجدانهم الوطني الحمية بشأن هويتهم األرثوذكسية، انترشت

إىل املنتمني الفناريني أوساط يف الخصوص وجه وعىل اليونان، املفكرين صفوف بني الفرنيس التنوير عرص أفكار

اإلنسان واملواطن. ويف هذا مولدافيا وفالشيا: فههنا نجد من يقرأ ويرتجم مونتسكيو وفولتري وروسو وإعالن حقوق

السياق بالتحديد، استحدثت كلمة ἀνεξιθρησκεία ]أنيكسيثريسكييا[ ]تسامح األديان[ املذكورة أعاله.

بدستور العمل بدء من واعتبارا باستقاللهم، مطالبني 1821 عام يف بانتفاضتهم اليونان قام عندما وهكذا،

الدستور للدولة؛ ولكن، وبتأثري عىل األرجح من الرسمية الديانة إبيداورس )عام 1822(، أصبحت املسيحية مجددا

القانون األسايس، وبات الديني يف إطار التسامح إدخال مفهوم اإلنسان، جرى الفرنيس لعام 1793 وإعالن حقوق

يدرج هذا املفهوم منذ ذلك الحني يف جميع الوثائق الرسمية. ويف إطار دستور عام 1975، الذي جرى تعديله يف عام

1985، تم إنشاء النظام الدستوري الذي يرعى مفهوم ἀνεξιθρησκεία ]أنيكسيثريسكييا[ ]تسامح األديان[،

الديانة اعتناق يكون أن عىل ينص الذي القانون إلغاء كما جرى األخرى، بالديانات االعرتاف عىل ينطوي وهو

يرقى النظام أن ال يعني هذا ولكن الدولة. رئيس ملنصب الرتشح رشوط من إلزاميا رشطا األرثوذكسية املسيحية

وبالصالحيات ذاتها بالحماية وتتمتع نفسه القانوني بالوضع الديانات جميعها الطائفية حيث تحظى املساواة إىل

التي األخرى الديانات جميع عىل األولوية لها للدولة، الرسمية الديانة بوصفها فاألرثوذكسية، اإلدارة: تجاه ذاتها

يطلق عليها اسم الديانات “املعروفة”، والتي يجب أال تظل عقائدها وممارساتها الثقافية رسية وأن تلتزم باالمتناع

عن القيام بأي نوع من التبشري. ولم يكن قط للمساواة بني األديان مكان يف اليونان عىل الرغم من محاولة ريغاس،

وهو مرتجم إعالن حقوق اإلنسان واملواطن، الحث عىل اعتماد صيغة مراسيم التسامح التي أصدرها قسطنطني )عام

الدين”، “حرية ثريسكيياس[ تيس ]إيليوثرييا έλευθερία της θρησκείας وهي: أال امليالد(، بعد 313

وهي صيغة ترجع إىل أوسابيوس القيرصي، وهو مرتجم نص املراسيم إىل اللغة الالتينية.

وكما يظهر مما سبق، فإن التاريخ هو الذي يفرس ملاذا يجري التعبري عن مفهوم التسامح باللغة اليونانية من خالل

التنوير وإعالن حقوق ما تتوافق مع معنى الكلمة باللغة الفرنسية، كما حدده فكر عرص مصطلحات مختلفة نادرا

اإلنسان واملواطن8

ماري-بول ماسون، وفانا نيكواليدو-كرييانيدو، وستافروس برينديتيس

التسامح في كلمات

28

على المرء أن يعيش حياته في الحقيقة

والعدالة وأن يتحلى بالتسامح، حتى مع

المنافق والظالم.

ماركوس أوريليوس )180-1٢1(

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

29

اللغة الالتينية

هل كان الرومان متسامحني؟

Verba )الكلمات(

tolerabilisمعان«، و« tolerans تسامح[ هي من أصل التيني. وعىل غرار الصفتني[ tolérance مما ال شك فيه أن كلمة

tolerantia مشتقة كلمة تعد التحمل«، عىل »القدرة toleratio واالسم »بصرب«، toleranter والظرف للتحمل«، »قابل

األصل يف يعني كان الفعل هذا أن وال بد حمل« »رفع، tollere عائلة إىل ينتمي وهو ل« »تحم tolerare فعل من

عىل القدرة عىل معناها ويقترص الكالسيكية الالتينية اللغة يف نادرة كلمة هي tolerantia ولكن ل«. تحم »حمل،

الحديث املعنى باتجاه املصطلح لهذا تطور أي وال يستشف ذلك. إىل وما والربد، والتعب، الجسدي، األلم تحمل

للكلمة، حتى يف اللغة الالتينية املتأخرة.

الالتينية املفردات الرومان قد عرفوا “التسامح” بمسميات أخرى. فإن إذا كان والسؤال املطروح هنا يتمثل فيما

تمتلك بالفعل كلمات مختلفة تدور حول هذه الفكرة، ومنها: patienta »التساهل« )وتفهم الكلمة باألحرى بوصفها

misericordia و »الوداعة«، mansuetudo و »اللطافة«، facilitas و »الطيبة«، benignitas و »الرقة«، lenitasو عيبا(،

»الرحمة«، و clementia »الرأفة«، و benevolentia »اإلحسان«، و humanitas »اإلنسانية«.

»ما من يشء إنساني غريب عني«

بكلمة ما نعنيه إىل األقرب املصطلح هو املصطلحات، هذه جميع بني من ]اإلنسانية[، humanitas مصطلح لعل

الحكمة هذه تكرار الرومان أحب وكم والثقايف. والديني واملعنوي املادي الصعيد عىل اآلخر احرتام أي »تسامح«،

ويتمثل عني«9. غريب إنساني يشء من وما إنسان، »أنا ،Homo sum, humani nihil a me alienum puto الجميلة:

oratio( والعقل اللغة إطار يف يعرف وهو الحيوان: عن اإلنسان ما يميز يف شيرشون، حسب »اإلنسانية«، مفهوم

املاء، من كوب تقديم يف ويتجسد ]اإلحسان[(: liberalitas( قريبنا تجاه العطاء من األدنى الحد ويتطلب )ratio و

أساسية فضيلة بوصفه التسامح حد لبلوغ ذلك وال يكفي الصحيح. الطريق يف امرئ أو توجيه النار، أو ما يوقد

الرتابط ما يحقق ال تمثل الدائرة فإن هذه اإلنسان، إليها ينتمي دائرة أوسع يمثل البرشي املجتمع كان وعاملية، ولنئ

10)boni( األوثق بني بني البرش: فهناك قبل ذلك الوطن واألصدقاء واألهل والحلقة الصغرية من الناس الطيبني

ويذهب سينيكا إىل أبعد من ذلك حني يريس االحرتام الواجب للعبيد عىل أساس »حق الكائنات الحية«، وهي فكرة

Cum in seruum omnia liceant, est aliquid quod in homine licere يقول: إذ للرواقيني، األرجح عىل بها يدين

العبيد، فإن هناك القانونية، ضد الناحية الرغم من أن كل يشء جائز، من commune ius animantium uetel، »عىل

النهج من خالل هذا املسيحيون عىل واستمر باإلنسان«11. يتعلق فيما الحية الكائنات علينا حق يفرضها حدودا

Nec nobis de nostraa frequentia blandiamur: multi nobis uidemur البرشي: الجنس لوحدة أهمية كربى إعطاء

،.sed deo admodum pauci sumus Nos gentes nationesque distinguimus: deo una domus est mundus hic totus

التسامح في كلمات

30

ليس من التقوى أن نحرم البشر

من الحرية فيما يتعلق بالدين.

ترتوليان )٢00-155(

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

31

إن الله، نظر يف ولكن، ال تحىص، الناس أعداد أن لنا فيبدو البرش: بتعدد يتعلق فيما أوهامنا عن نتخىل »دعونا

عددنا لقليل. ونحن نميز بني األعراق والشعوب، أما يف نظر الله، فهذا الكون برمته هو مسكن واحد«12

الذين الرومان، كان إذا التساؤل عما لنا والتطبيق، ويحق النظرية ما بني األحيان، لألسف، شتان أغلب ولكن يف

املرء حكمه عىل شعب يصدر أن أما التسامح. الواقع فضيلة قد مارسوا يف ،)humanitas( »اإلنسانية« تحدثوا عن

بأكمله، فيمثل ذلك بالتأكيد مهمة يف غاية الصعوبة، ولذا فإن حكم املؤرخني ال يمكن أن يكون جازما.

»جرائم ضد اإلنسانية«

املادية، وحضارتهم الحربية، قدراتهم يف بتفوقهم راسخا إيمانا الرومان نفوس يف العسكرية االنتصارات أرست

األحيان، كانت خطرية يف بعض والتي لها، تعرضوا التي النكسات الرغم من بعض وآلهتهم. وعىل ومؤسساتهم،

الروماني الغربي أالريك عىل روما عام 410. أما صورة القوطي اليقني ال تشوبه شائبة إىل حني استيالء ظل هذا

املتغطرس واملتصلب، والفظ وكاره األجانب أحيانا، فيؤكدها لألسف عدد من »الجرائم ضد اإلنسانية«، منها: قتال

املخزية الترصفات من القائمة هذه إىل نضيف أن ويمكن املسيحيني. واضطهاد العبودية، ووجود املصارعني،

من آالف عدة ضحيتها ذهب )التي امليالد قبل 186 عام يف ديونيسوس-باخوس لشعائر الوحشية القمع أعمال

البرش(، وعمليات الطرد الدورية التي مورست عىل الفالسفة أو اليهود أو حتى... عىل اإليطاليني والالتني )يف عامي

177 و 122 قبل امليالد(! وتتجىل كراهية األجانب أحيانا بفظاظة، والكتاب أنفسهم ال ينمقون كلماتهم يف التعبري

عن هذه الكراهية، ويشهد عىل ذلك الهجاء الثالث الشهري لجوفينال، الذي يشبه فيه تدفق الرشقيني نحو العاصمة

باملجاري التي تصب يف نهر التيرب. ويربر يوليوس قيرص، الذي كان مع ذلك معروفا برأفته، اإلبادة الجماعية ضد

الغال اإليبورونيني يف عبارات تقشعر لها األبدان: ut… pro tali facinore stirps ac nomen ciuitatis tollatur، »كان من

الرضوري، ردا عىل هذه الجريمة البشعة، إبادة هذا الشعب عن بكرة أبيه ومحو ذكره«13

حدة تخفيف يجب ارتكبت، التي للفظائع أعذار إيجاد إىل السعي ودون ولكن، الجدل، ال تقبل الجرائم وهذه

وازدراء العنف عىل قامت قد الرومانية اإلمرباطورية كانت لو أنه ندرك أن لنا يتسنى فلن وإال األمر، يف الجزم

عمليا استمرت وملا املتوسط، األبيض البحر حوض بلدان أقايص إىل التوسع يف ملا نجحت فقط األخرى الشعوب

ملدة تزيد عىل ألف عام، وملدة أطول من ذلك يف خيال البرش.

البوتقة الرومانية

انتماءاتهم يف يحرتمون وكانوا عادة باألجانب ب يرح كان فقد منهجية. بسمة روما يف األجانب معاداة تتسم لم

املختلفة. وثمة نصوص يمكن ذكرها تدافع عن اندماجهم يف املدينة. وأشهر تلك النصوص هو الخطاب الذي ألقاه

كالوديوس أمام مجلس الشيوخ يف 15 آب/أغسطس 48 بعد امليالد يطلب فيه قبول بعض الوجهاء الغال أعضاء

أتروريني وأنها لم تتوقف قط عن السياق بأن روما قد عرفت ملوكا الشهري. ويذكر اإلمرباطور يف هذا يف املجلس

فتح أبواب املواطنة الرومانية ومواقع املسؤولية السياسية لألجانب. ويف الواقع، كان بإمكان عدد قليل من الوجهاء

وكان حرصا. الرومان من كانوا أجدادهم بأن اإلمرباطورية، زمن ويف الجمهوري العرص نهاية يف التباهي، فقط

شيرشون نفسه من أصل إيطايل وكان خصومه السياسيون يصفونه بـ«املهاجر« )inquilinus urbis Romae ]ضيف

عىل مدينة روما[(. وكان يرد عليهم بأن لديه وطنا مزدوجا: الوطن الذي ولد فيه باإلضافة إىل روما14. وعىل ضوء

وتقيد داخل حدودها منكمشة تبدو املعارصة األمم أن أنه يف حني نرى التاريخي، املنظور لنا يوفره الذي البعد

التسامح في كلمات

32

دخول األجانب إىل أراضيها وانتفاعهم بامتيازاتها، أثبت الرومان القدماء أنهم عىل عكس ذلك: ففي عام 212 بعد

امليالد، كان جميع املواطنني األحرار يف اإلمرباطورية يتمتعون بحقوق املواطنة الرومانية )ciuitas ]الدولة[(.

أن حضارتهم متفوقة عىل جميع ذاته. فكانوا يرون التباين األجنبية الثقافات الرومان من وكان يتجىل يف موقف

حد عىل وإثنية فكرية االستيعاب عىل قدرتهم وتعد اإلغريق. عن معظمها أخذوا أنهم مع األخرى، الحضارات

املتعلقة املسائل يف واإلكراه املذهبية العنرصية وهما: عقليتهم، عن تماما غائبني كانا موقفان ثمة وهكذا، سواء.

برشته. لون بسبب لإلساءة ما تعرض شخصا أن فيه يرد التيني نص أي عىل العثور يمكن فال والدين. باللغة

بأنفسهم مارسوا وقد اإلداري، الحقل يف إال لغتهم استخدام فرض إىل قط الرومان لم يسع أخرى، ناحية ومن

ثنائية اللغة اليونانية-الالتينية. أما فيما يتعلق بالدين، فإن تعدد اآللهة ال يستند إىل أي تمسك باستقامة املعتقد،

وحتى والطقوس كاآللهة األجنبية: الشعائر من ما يستمده ومع التجديد مظاهر مع جيدا تكيفا يتكيف إنه بل

الشعائر إقامة املسيحيني رفض فإن املدنية: الطاعة يف يتمثل فكان املفروض الوحيد القيد أما ... الخرافات

سلوكا أفضل املسيحيون لم يكن أخرى، جهة ومن ضدهم. مورس الذي االضطهاد ما استجر هو اإلمرباطورية

مراسيم بني يفصل يكن ولم السكان: بني أغلبية بدورهم أصبحوا عندما اآلخرين ملعتقدات احرتامهم حيث من

)يف املوت طائلة تحت الوثنية الذبائح إقامة مانيينتيوس وحظر )313 )عام قسطنطني أصدرها التي التسامح

اإلمرباطور جوستينوس قام ونيف. ويف عام 529، أربعني عاما األول/ديسمرب عام 354( سوى األول من كانون

بصرب القدامى املؤلفني مخطوطات نسخ األديرة يف تابعوا املسيحيني أن مع الضمري، حرية أشكال كل بإلغاء

وأناة. ولوالهم لضاع هذا الرتاث الثقايف الهائل، ولضاعت معه هذه الدعوة الخالبة إىل التسامح الذي لم يكن يحمل

التفكري يف بالحق امليالد بعد 384 عام يف طالب الذي سيماك الوثني للخطيب بها ندين دعوة وهي بعد، اسما

Aequum est, quicquid omnes colunt, unum putari: eadem spectamus« :للتقاليد القديمة، إذ يقول والعيش وفقا

astra, commune caelum est, idem nos mundus inuoluit: quid interest qua quisque prudentia uerum requirat?

فلمن األفراد، من فرد كل عقائد تنوعت )»مهما ،»Uno itinere non potest perueniri ad tam grande secretum

هي علينا تخيم التي والسماء ذاتها، النجوم نرى فنحن ووحيدا: واحدا أمرا بوصفها إليها ينظر أن الصواب

فال الحقيقة. بلوغ إىل امرئ كل يسعى حكمة بأي نعرف أن يهم فال نفسه. هو يحضننا الذي والعالم واحدة،

يمكننا التوصل إىل حل لغز بهذا الحجم بانتهاج سبيل واحد«15(.

ميشيل غريف

التسامح في كلمات

33

اذبحوهم كلهم ألن الله

يعرف أنصاره.

مرسوم البابا، عام 1٢09،الحرب الصليبية ضد أهل ألبي

التسامح في كلمات

34

املجال الروماني

عائالت اللغات وعائالت الكلمات

الربتغالية: ويف ؛ tolérer الفرنسية: ويف tolerar؛ القشتالية: ويف tolerar؛ الكاتالونية: )يف الفعل شكل من انطالقا

الفرنسية: )يف التسامح عىل يدل الذي االسم الرومانية اللغات مختلف تشتق ،)tollerare اإليطالية: ويف tolerar؛

tolérance؛ ويف الكاتالونية: tolerança، ثم tolerancia؛ ويف الربتغالية: tolerância؛ ويف اإليطالية: tolleranza( ويرافق

tolération، وtoleracion، ثم الفرنسية واإلسبانية، شكل مبني عىل الحقة مختلفة: هذا املصطلح أو حتى يسبقه، يف

يختفي هذا الشكل منذ نهاية العرص الوسيط.

ويجري االنطالق من الفعل للتعبري عن مختلف منتجات معنى االسم، وال سيما إذا كان مصطلح tolérance باللغة

قبول واقع ال يعترب رشعيا، tolérer ال يزال يعني أساسا يمثل بال جدال فضيلة، فإن فعل الفرنسية، يف يومنا هذا

أو قبول املرء مكرها حضور شخص رغم عيوبه.

مشتقا يعد الذي »عانى«(، )»تحمل«، tolerare الالتيني الفعل من املشتق الفرنسية، باللغة tolérer فعل وإن

سبيل عىل تحمله«، املعبد »أعمدة عبارة من يستشف الذي املادي باملعنى )»حمل«، tollere فعل من نفسه هو

أم معنويا. ل شيئا غري مستحب«، سواء أكان ذلك أملا جسديا املثال(، يعني أوال يف مختلف اللغات الرومانية »تحم

بأقوال أدليت »لقد :1399 عام يف ،)Bernat Metge( ميتجي برنات الكاتالوني الكاتب كتابات يف نجد وبذلك

بصرب«. تحملك أستطيع لن إنني لك أقول فإني ولذا العالم: يف يشء أي من أكثر أحبها التي املرأة عن رشيرة

)Has dit terrible mal de la dona que jo més am en lo mon: dicte que aço no poria pacientment tollerar(

Somni, IV

الفعل يربط فهو البرشي: الفعل يمثل ما نحويا داخله يف يحمل آخر، فعل أي شأن شأنه ،tolérer فعل وإن

الذي الهدف عن يعرب فإنه متعد، فعل أنه وبما بالبرشي(؛ يشبه أن يمكن ما أو البرشي الفاعل )أي بالفاعل

أحدا. وبذلك فإن أندر، نتحمل أو يف حاالت أو حدوث يشء، نتيجته: فإننا نتحمل شيئا الفعل طابع يضفي عليه

غرار وعىل كذا. يفعل( ال )أو فالن يفعل أن نتحمل أفعال: أو وقائع يف يتمثل tolérer لفعل املفضل به املفعول

tolérer عىل موقف فرد )أو جماعة( منعزل وإنما يدل عىل تفاعل بني قوى وautoriser، ال يدل فعل permettre فعل

أفضل. ويشري ما هو العالقة مؤقتا، بسبب غياب الفعل وجود عالقة قوة، واستقرار هذه حارضة. ويفرتض هذا

معجم Diccionerio de Autoridades الصادر يف القرن الثامن عرش يف إسبانيا إىل أن فعل tolerar ينطوي، إضافة إىل

ل«، عىل معنيني آخرين، هما: - »تظاهر بعدم رؤية فعل يستحق العقاب«؛ - »السماح بارتكاب أفعال معنى »تحم

غري رشعية من دون معاقبة مرتكبها«. ولن يبقى هذا األمر بال تأثري عىل الداللة األولية ملفهوم التسامح يف املجال

الروماني.

جاك بريس

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

35

اللغة األوكسيتانية

هل كانت أوكسيتانيا واألندلس يمثالن عرصين ذهبيني »للعيش معا«؟

األحالم، من الكثري الناس لدى ولد الوسيط العرص يف األوكسيتاني املجتمع إن القول حد إىل نذهب أن دون من

نهاية يف ذلك عىل ينطبق وربما املحاسن، من الكثري املجتمع ذلك إىل نسبوا الناس إن األقل عىل القول فيمكننا

املطاف املثل الذي يقول: من له يعطى ويزاد 16

ترتجم التي ،convivencia مثل وجميلة صعبة كلمات باستخدام التسامح مفهوم عن يعرب أن املمكن من وكان

يحاول كان الذي ]التقاسم[، partage أو ]التعايش[ »coexistence« كلمة باستخدام سيئة ترجمة الفرنسية إىل

منفتحا أو أحالم تصور مجتمعا افرتاضات الكلمات تتيح طرح الكمال... وكانت هذه املساواة يف أنه تعريفه عىل

Guilhem( داكيتني غيلهم الكبري النبيل بني يساوي الجوالني الشعراء فن كان حيث األوكسيتانية األرايض عىل

الشعر بروعة الشغف كان وحيث الخادم، ابن ،)Bernart de Ventadorn( فانتادورن دو وبرنارت )d’Aquitaine

يتيح العلمي الفضول كان وحيث األوكسيتاني، املتجول والشاعر إسبانيا يف العربي الشعر بني صالت ينسج

استقبال علماء يهود وعرب ال تزال أسماؤهم محفورة عىل ألواح املرمر يف جامعة الطب يف مونبلييه، مع أنه كانت

املتنقل الشاعر إليهم يتوجه الذين الربوفانس« كان »حكماء التاريخي... ولنئ هناك شكوك كثرية حول وجودهم

A Lunel lutz un aluna« باألرسار املحفوفة أغنيته يف )Guilhem de Montanhagol( مونتانهاغول دي غيلهم

luzens…« من علماء الكاباال حقا، فإن ذلك يعني إدماج اليهود يف العالم الفكري األوكسيتاني.

ملدينة املتنوع العاملي الجو وهو يصف )Benjamin de Tudèle( توديل دي بنيامني اليهودي الرحالة إىل ولنستمع

إسماعيل، ومن أدوم، من التجارية: لألعمال األنحاء من شتى الناس إليها »يأتي الثالث عرش: القرن يف مونبلييه

العظمى، ومن جميع أرايض مرص، ومن فلسطني، الرومانية الغارف، ومن لومبارديا، ومن اإلمرباطورية بلد ومن

بوساطة تتاجر وهي األمم جميع شعوب فيها املرء ويقابل إنجلرتا. ومن آسيا، ومن فرنسا، ومن اليونان، ومن

التعارض الكنيسة، لم تكن أوجه الرغم من احتجاجات أنه عىل الواقع سمارسة جينوا وبيزا«. ويرى املؤرخون يف

كان يستخدمه الذي والحديد الخشب إىل تصدير األمر حتى التجارة عىل نحو مفرط: وكان يصل تعرقل الدينية

سمح بحيث عادية مونبلييه وبرجوازيي املسلمني بني التجارية العالقات كانت أسلحتهم. صناعة يف املسلمون

ذلك عىل والمه عربية، كتابة عليها عملة بسك ،)Berenguer de Fredol( فريدول دي بريينغري ماغيلون، أسقف

البابا كليمان الرابع )Clément IV( يف عام 1266

- امرأة أم أكان رجال - سواء فاملسلم أو اإلنسانية: املساواة التجارة وحس تيسري بني الخلط عدم يجب أنه بيد

عىل كما تفرض عليه رضيبة تفرض كانت الثاني عرش، القرن من الثاني النصف يف املدينة إىل يدخل كان الذي

الخنازير. إىل جانب فئة خاصة، ل يف يسج فلوس كرسم دخول. وكان ثالثة يدفع أن عليه التجارية وكان السلع

ولم يكن التجار األوكسيتانيون يتورعون عن التجارة بالعبيد املسلمني، وكل هذه األمور تعني أن حقوق التسامح

مقدسة ما دامت ال تمس حقوق التجارة، مما يدل عىل روح عرصية إىل حد بعيد.

التسامح في كلمات

36

إنهم يدافعون عن أخطائهم ويدعمونها

ويجهرون بها أمام مفتشي محاكم التفتيش.

المفتش ب. غي

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

37

عن تدافع »les chansons de geste« املسماة األدبية املالحم فيه كانت الذي الوقت يف جدية، أكثر سياق ويف

الحروب الصليبية املتسمة بالحيوية والفرح، التي كان يعترب فيها سفك دماء املسلمني تطهريا للذات، كانت نسخة

d’oc من ملحمة »Chanson de Roland« التي تسمى بهذه اللغة »Ronsasvals«، تبني لنا البطل املتمسك لغة

،)Falceron( فالسريون اسمه مسلم ويساعده )Ronceveaux( رونسيفو يف موته لحظة يف املسيحي بالدين

أفضل محارب يمكن لرؤية لحظة وفاة / »أنا ذاهب فالسريون: املزيف: »يقول اإليمان اختار الذي الشخص أي

أو شفاءه، / فإني أرغب حقا يف مساعدته عىل إطالة حياته«. / املوت؛ / فإن كنت أستطيع إحياءه أن يودي به

هذه ويف / الله«. يسمعك أن يجب »روالن، له: وقال / وجهه ومسح رأسه ورفع / شديدا، اقرتابا منه واقرتب

شيئا لك أقول أن باستطاعتي ليس »روالن، قائال: مباركته يف فالسريون / ورشع الجسد الروح فارقت اللحظة

آخر. وأرجو من الله الذي أراد خلق جسدك بهذا الجمال الرائع / أن ينقذ روحك ويحفظك من الخطر؛ / وليس

يسمع كان ألنه / برسعة، عنه وانفصل / بالفرار«. ألوذ أن عيل يجب لك: آخر يشء أي أفعل أن باستطاعتي

بوضوح أصوات وصول جيش شارل”.

الدين؛ اختالف تصور عىل قادر مسلم، بها قام املعركة أرض عىل رونسيفو أظهرها عطف حركة آخر فإن

بذلك الحلم مواصلة يف الرغبة ما يثري وهذا مسيحي! مؤلف هو القدرة هذه منحه من أن هو األمر يف والغريب

العالم األوكسيتاني يف العرص الوسيط كالحلم بجزيرة أتالنتيس املندثرة.

األديان ذات طليطلة وهي الوسيط، العرص يف اإلسبانية طليطلة مدينة حول كذلك أحالما الناس بنى ولقد

الكاثوليكية، واليهودية، واإلسالمية(. وثمة رموز كثرية أسهمت يف تغذية هذه األسطورة؛ ومنها الثالثة )املسيحية

ويرتجم القشتالية إىل العربية من أحدهما يرتجم اليهود( من )غالبا ترجمانني عىل القائمة الشهرية الرتجمات

اإليضاحية الصور وتبني الثقافات. بني اإليجابي التفاعل عىل مثال خري وهذا الالتينية، إىل القشتالية من الثاني

يتواجه شطرنج لعبة عرش( الثاني )القرن )Alphonse le Sage( لوساج أللفونس األلعاب« »كتاب يف الواردة

املودة أرض للمواجهة عىل ونقل الفاعلة، األطراف تناوب يف ويهودي: وهذا وإما مسلم إما مسيحي ومسلم فيها

لة بكثري من املعاني! ونشاط اللعب والنشاط الفكري، وكلها صور محم

قائما املشرتك العيش هذا كان واملساواة، الحرية مسألتي عن وبعيدا اليشء. بعض مختلفة فكانت الحقيقة أما

تمييز وهو - إسالمية أم مسيحية الهيمنة هذه أكانت سواء - والدينية الثقافية الهيمنة خالل من التمييز عىل

والتي الواقع يفرضها كان التي العملية املمارسة كانت وأيا التجاوزات. أنواع لشتى املعرضة األقليات عىل واقع

كان يحجبها هذا »العيش املشرتك« قبل أن يفرض مصطلح التسامح نفسه، فإن هدف اإلسالم واملسيحية عىل حد

سواء كان متمثال يف إزالة الدين اآلخر. ونظرا إىل أنه لم يكن باستطاعة أي منهما إلغاء اآلخر، كان ال بد من تحمله

أو التساهل معه...

جريارد غويران

التسامح في كلمات

38

من يمكنه أن يوافق على إصدار

حكم باإلعدام بهذه الطريقة على

العالم أجمع من دون أن يكون قد ارتكب أي ذنب؟

بارتولوميه دي الس كاساس)1566-14٧4(

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

39

اللغة اإلسبانية

tolerancia، أو التسامح الذي ال يمكن تحمله

tolerancia. ويشري الفور هو مصطلح ببالنا عىل اإلسباني يخطر املعجم اسم يف أول التسامح، تناول مسألة عند

)tolerantia(؛ الالتيني األصيل املصطلح إىل الرومانية اللغات سائر مع اللغوي شكله يف املصطلح هذا تقارب

ن املعنى املوروث من فلسفة ويظهر التحليل الداليل حزمة من املعاني املشرتكة. فإن املعاجم اإلسبانية الحالية تدو

عرص التنوير، وهو: املتسامح هو الشخص الذي يقبل بال تردد آراء مختلفة عن أرائه. ولنئ كان املصطلح أصبح

شكال لغويا يحتوي هذا املعنى املعارص، فإن السبب يف ذلك هو أنه كان مرتبطا فعال بفكرة التساهل. ويرد ذكر

ما ييل: فيه يرد إذ الكالسيكية، اللغة معالم من معجمي معلم وهو ،Diccionario de Autoridades معجم يف ذلك

املتسامح هو الذي ال يعاقب اآلخر عىل موقفه مع أنه يحق له ذلك. وإن الناطقني باإلسبانية، شأنهم شأن الناطقني

وبذلك غريب، جسم تأثري تحمل عىل الجسد قدرة عىل للداللة التسامح مصطلح أيضا يستخدمون بالفرنسية،

التسامح من نوع عن يعربون بالفرنسية، كالناطقني باإلسبانية، الناطقني كما أن األصيل. املعنى املصطلح يتبع

من خالل وضع هامش للفروق املقبولة بني الصفات التقنية ألحد املنتجات وأدائه الحقيقي.

البريينيه الالتيني. فال يزال يقال يف الطرف اآلخر من جبال للمايض يبدو أقل نسيانا tolerancia بيد أن مصطلح

)إسبانيا( أن الجرس ال يتحمل حمولة تزن أكثر من خمسة أطنان. وبذلك فإن العنرص الذي يجري التسامح معه

هو عبء يجري تحمله.

»إسبانيا السوداء«

يخلطون وأنهم متسامحني؟ يكونوا أن ما يحثهم عىل اللغة يف لديهم ليس باإلسبانية الناطقني أن يعني هذا هل

بني التحمل والتسامح؟ وأنهم ال يعرفون التعامل مع »االختالف« إال من خالل عمليات التمرد العسكري أو حروب

استخدموا التسامح منظري كبار أن الصحيح التفتيش؟ ومن أو محاكمات محاكم املدنية أو الحروب العصابات

يف ]مقالة Traité sur la tolérance كتاب ويف خطاباتهم. يف به ما ينادون عكس لتبيان إيبرييا مثال عديدة مرات

التسامح[، ينتقد فولتري مرتني دولتي شبه الجزيرة اإليبريية:

أي الكبري، واملبدأ الطبيعي؛ الحق عىل إال األحوال من حال بأي البرشي الحق يستند أن يمكن »ال

بك«. يفعلوا أن ما ال تريد باآلخرين تفعل »ال التايل: هو األرض، كل يف وذاك الحق لهذا العام املبدأ

وبما به بما أؤمن »آمن آخر: إنسان إىل إنسان يقول أن يمكن كيف املبدأ، هذا بحسب ال نرى، ولكن

ال تستطيع أن تؤمن به، وإال فمصريك الهالك«. وهذا ما يقال يف الربتغال ويف إسبانيا ويف غوا. )الفصل

السادس(.

كانوا الذين املختونني، اليهود من كانوا القدس أساقفة من أسقفا عرش خمسة أول أن املعروف ومن

أخضع فلو املحرمة. اللحوم أكل عن يمتنعون وكانوا السبت، بيوم الخاصة الدين بتعاليم يتقيدون

بحكم ألحرق السبت، بيوم الخاصة اليهودية التعاليم واتبع للختان نفسه أو برتغايل إسباني أسقف

من محاكم التفتيش. )الفصل الحادي عرش(«.

التسامح في كلمات

40

ليتدبر كل امرئ أمره مع خطيئته ما استطاع

إلى ذلك سبيال. فال يجدر بشرفاء البشر

أن يكونوا جالدين لغيرهم من بني البشر.

سرفانتس )1616-154٧(

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

41

النقيض عىل ظهرت والفاتحني، املفتشني إسبانيا أي السوداء«، »إسبانيا عهد بداية يف الزمان، من قرن وبعد

إسبانيا املتسامحة، أي إسبانيا األديان الثالثة. وتم كشف سمتني، إحداهما ذات طبيعة داللية )التسامح هو أيضا

تحمل ومعاناة(، واألخرى تاريخية: تعترب إسبانيا نموذج انعدام التسامح وفقا للتعريف الذي تقدمه فلسفة عرص

التنوير. ويبقى أن نعرف يف الوقت الحايل ما إذا كان األمران مرتابطني فيما بينهما.

املتسامح اآلخر وأن أن يحرتم املفرتض التسامح ذاته. فمن املتأصلة يف مفهوم اللبس الداليل أوجه التحليل ويبني

يتحمل حضوره يف الوقت نفسه. وهذه مفارقة واضحة تحظر االعتقاد بأن املتسامح ال يؤمن بالحقيقة العليا وأنه

لنفسه. وإذا ما نظرنا إىل األمر عن كثب، اكتشفنا أن الذي يتسامح ال يمكنه أن يفعل يرى يف اآلخر كائنا مساويا

يكون أن فقط له يحق وإنما محرتما، ليس معه املتسامح فالشخص نفسه. إىل ينسبها فوقية بموجب إال ذلك

يبت الذي هو - حديثنا موضوع - املتسامح إن إذ املهيمن، ملشيئة وفقا إال الحق بهذا ال يتمتع وهو موجودا،

السيايس، الحقل يف املنغمسة القوى عالقات وإن يكون. أن يمكن وما يكون أن ما يجب بني املقبول الهامش يف

ذلك يتحمل أن ال يمكن فهو رشعيته: يف يشكك أن ما يمكن مع يتسامح أن لألمري يمكن فال حالها. عىل تبقى

ولم السياسية، السلطة يف التشكيك عن امتناع هناك ما دام التسامح يزدهر أن يمكن وباختصار، .)tollere(

ينس فولتري التشديد عىل هذا الجانب:

بها يتمتع التي الرشف ومراتب املكانات بنفس األمري دين من ليسوا الذين جميع يتمتع أن يجب إنه أقول »ال

أولئك الذين ينتمون إىل الدين املهيمن. ففي إنجلرتا، ال يجوز للكاثوليك، الذين يعتربون مرتبطني بالحزب املنافس،

حقوق بكل أخرى جهة من يتمتعون ولكنهم مضاعفة، رضيبة يدفعون إنهم بل الوظائف: عىل يحصلوا أن

املواطنني« )traité sur la tolérance ]مقالة يف التسامح[، الفصل الرابع(.

مسلمة جماعات تعيش كانت حيث الوسيط العرص يف املسيحية املمالك إىل املنتمية إسبانيا بإمكان كان وهكذا

األرايض استمالك إىل األول املقام ترمي يف كانت الغزو إعادة السكان ألن عمليات تتسامح مع هؤالء أن ويهودية

ال إىل شن حروب صليبية، خالفا للمحاوالت التي أرادت اعتبارها كذلك يف وقت الحق. فقد كتب دون خوان مانويل

يف القرن الرابع عرش ما ييل: »تدوم الحرب بني املسيحيني واملسلمني وستدوم إىل أن يتمكن املسيحيون من اسرتداد

األرايض التي أخذت منهم بالقوة، ألن الدافع إىل الحرب فيما بينهم ال يكمن ال يف الدين وال يف املعتقد«. والجماعات

التي كانت تحظى بالتسامح لم تكن تحظى بذلك إال ألنها ال تهدد السلطة املسيحية.

إىل املسيحي الدين الكاثوليك امللوك ل حو فقد التفتيش. محاكم آلية إنشاء وقت يف تماما مختلفا الوضع وكان

أنشأ محاكم الذي الوحيد املسيحي البلد أن تمثل إسبانيا الصدفة أساس تقوم عليه مملكتهم. ولم يكن من قبيل

تبسط التي الوحيدة القضائية الوالية كانت بحيث الدينية، السلطات عن واملستقلة للدولة، التابعة التفتيش

سلطتها عىل كامل اململكة وعىل جميع الرعايا. فخالفا للممالك املسيحية يف العرص الوسيط، لم تكن إسبانيا القائمة

ولم بالكفار(: أم بالهراطقة يتعلق األمر أكان )سواء الديني االختالف لقبول استعداد عىل التفتيش محاكم عىل

يكن لديها أي تسامح مع عدم احرتام العقيدة الدينية.

غزو الهند ]أمريكا[

يعلم الجميع مدى العنف الذي استخدمه الغزاة اإلسبان للسيطرة عىل أرايض العالم الجديد واملصري الذي رسموه

للهنود الحمر. وباستخدام الطريقة التي كانت تسمى requerimiento ]الطلب[، كان يجرب الهنود الحمر عىل اعتناق

كاساس، الس دي بارتولومي أشهرهم وكان املمارسات. هذه عىل الدين رجال بعض اعرتض وقد املسيحية.

التسامح في كلمات

42

ذلك يحرتم كان مع املستخدمة. وهل الطريقة بفظاظة فندد الحمر، الهنود عن حق مدافعا بأنه نهض املعروف

معتقدات الشعوب التي يجري غزوها؟ ليس هذا األمر أكيدا عىل اإلطالق، إذ إنه كتب ما ييل:

الحقيقية؛ اآللهة يعتربونها التي األصنام بهذه إيمانهم محو أي قلوبهم، من األصنام بمحو أوال االهتمام »يجب

يقرون وبذلك الحقيقي: اإلله مفهوم قلوبهم يف نطبع أن ومثابرة، باجتهاد يوميا تعليمهم خالل من ويجب

آلهة« بوصفها يعبدونها كانوا التي األصنام حرية وبكل بأيديهم ويدمرون بخطئهم الحقا أنفسهم هم

)Historia de las Indias ]تاريخ الهند[، املجلد الثالث، الفصل 117(.

من فكان التنوير. عرص يف أيضا موجودا كان فقد إسبانيا، عىل مقترصا األمور تناول يف النهج هذا يكن ولم

عىل كانديد رد فلنتذكر العنف. يولد العنف فإن االجتماعي. السلم باسم التعصب يحارب فولتري أن املعروف

يف للجلد ويتعرض وغيورا عاشقا املرء يكون »عندما واليهودي: التفتيش محاكم ممثل قتل أن بعد كونيغوند

محاكم التفتيش، يصبح غري قادر عىل معرفة نفسه« )Candide ]كانديد[، الفصل التاسع(. فإن التسامح، يف نظر

الذي ال بد أن يسببه، وذلك لغرض براغماتي واضح، وهو فولتري، هو قبول اآلخر بصرب وقبول اختالفه واإلزعاج

فيلسوف يحلل وإذ اآلخر. فكر بقيمة إقرارا األحوال من أي حال يف ليس فالتسامح االجتماعي. التالحم ضمان

فرينيه، أي فولتري، تسامح اإلغريق، يكتب ما ييل:

»فاإلغريق عىل سبيل املثال، أيا كانت درجة تدينهم، لم يكونوا يرون ضريا يف أن ينفي األبيقوريون الحكمة اإللهية

لدى تكون أن يجب التي املقدسة األفكار إىل كلها تيسء كانت التي األخرى الطوائف عن ناهيك الروح. ووجود

املرء عن الخالق، والتي كانت كلها تقابل بالتسامح« )Traité sur la tolérance ]مقالة يف التسامح[، الفصل السابع(.

أن يمكن املعنى وبهذا رافضة. فعل ردود إظهار دون اآلخر وجود ل تحم يعني »تسامح« فعل فإن رأينا وكما

ل تأثري ل[، وإن الجلد يمكن أن يتسم بدرجات متفاوتة من التسامح، أي تحم نقول إن الجرس متسامح ]أي متحم

أحد املنتجات، وإن املجتمع املتسامح ]املتحمل[ يرفض اللجوء إىل العنف لفرض وجهة نظره عىل األقليات الدينية.

ال يزال فهل اإلنجييل. للتبشري أداة الالعنف، أدق نحو وعىل ،)tolerancia( التسامح يصبح كاساس، الس وعند

امتدادا املطاف نهاية يف للمهيمن الفكري النظام إىل والتحويل اإلدماج أليس التسامح؟ عن نتحدث أن بإمكاننا

منطقيا لدولة التسامح؟

وإن الوقائع التاريخية، أي محاكم التفتيش، التي لم تلغ نهائيا إال يف عام 1834، وعمليات تغيري الدين باإلكراه يف

بالتأكيد االنزالق أعاقت الناطقة باإلسبانية، قد البلدان الدين والسلطة يف الوثيقة بني الروابط أمريكا، وباختصار

الداليل ملصطلح tolerancia ]التسامح[. ولنذكر بأن التحمل يتعايش مع االحرتام. فإن تعريف فولتري لم يستطع

وألن اإلسبانية، اإلمرباطورية يف له تحم ال يمكن أمرا كان طاملا التسامح ألن ربما للكلمة. األول املعنى يمحو أن

عملية االستيعاب هي التي سادت، وهي عملية تلغي احرتام االختالف الديني.

سويف سارازان

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

43

اللغة الكتالونية

التسامح والتعصب يف التاريخ

التالية الوقائع ذكر أكثر. وسنختار فهي التعصب عىل األمثلة أما التسامح، عىل تدل التي باألمثلة التاريخ يزخر

التي تبني هذه األمثلة بوصفها نماذج للحكومات السياسية، فيما وراء العالقة باآلخر.

من العديد يملك فكان العالم: يف امللوك أقوى أحد الثاني فيليب إسبانيا ملك كان عرش، الخامس القرن ففي

الغرباء، وأيضا البقاء تحت حكم الفلمنكيون عليه، ألنهم ما عادوا يحتملون األرايض، ومنها هولندا. وعندما تمرد

د، إذ أرسل بسبب اضطهاد الربوتستانت الذي كانت تمارسه محاكم التفتيش، واجههم فيليب الثاني بسياسة تشد

هذا واستخدم رجل. 12000 قوامها عسكرية وبقوة السلطات بكامل الدوق هذا وزود عليهم. حاكما ألبا دوق

والتعصب القمع عىل قائما قرسيا نظاما مارس سنوات، ست وخالل الديني. التمرد لكبح الوسائل كل الدوق

فرد؛ كل دم صفاء مدى لتحديد بحث عمليات تجرى فكانت الدم«. »محكمة حتى وأنشأ والرضائب. والتشدد

مسلم. وال دم يهودي ال دم عروقهم يف يجري لم يكن إليه األقرب األربعة أجداده أن املرء يثبت أن يجب وكان

وكان أحفاد املسلمني واليهود يستبعدون من كل وظيفة عامة، سواء أكانت دنيوية أم دينية.

عام من هولندا حكم فقد )1576-1528 )برشلونة، الوالدة كاتالوني وهو ريكويسنس، دي لويس خلفه أما

وإدراكا التسامح. روح وال سيما التفهم، روح لديه تسود كانت إذ معتدلة، سياسة وطبق وفاته. وحتى 1574

فيليب امللك ونصح حكمه، بداية منذ وبصرية حدسا لديه أن أثبت الفلمنكيني، ولتذمر املرتاكمة لألخطاء منه

يود وكان الرضائب. فرض عن وبالتخيل سلفه، أنشأها التي الدم« »محكمة وبإلغاء عام عفو بإصدار الثاني

متفهما وكان املتمردين. مع والتفاوض عامة جمعية عقد واقرتح الكنيسة. مع التصالح من الهراطقة تمكني

للسكان األصليني إىل حد بعيد، بل كان يشاركهم غضبهم ولم يكن يرتدد يف كتابة ما ييل: »ما من إقليم يف العالم،

إىل هذا الحد«. مهما بلغ من الوفاء والخضوع، يتحمل كل ما تحمله هذا اإلقليم منذ ثماني سنوات ويبقى صبورا

ولسوء الحظ فقد جاءت املنية لتقطع استمرار ذلك الحكم املعتدل واملتسامح.

كريستيان كامبس

التسامح في كلمات

44

التسامح فعل ذهني بحت.

وفيه يكمن جوهر الفضائل. والتسامح قوة؛

فإذا لم يكن باستطاعتنا أن نحصل على ما نرغب

فيه، فلنلجأ إلى التسامح، ولنعش ونترك الناس

يعيشون.

لوبيز دي فيغا )1655(

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

45

اللغة الربتغالية

التأرجح بني مفاهيم متعاكسة

من عانى«، ل، »تحم بمعنى عرش، السادس القرن منذ الربتغالية باللغة املنشورة الكتابات يف tolerar فعل يظهر

التي ال تمنح إال بمشيئة الهشة الحرية جهة، وبمعنى »بني تعاطفه«، من جهة أخرى. ويفرتض ذلك مساحة من

عام يف األوىل للمرة فيظهر tolerância االسم أما االستثناء. سبيل عىل الثانوية املسائل بعض يف تتساهل سلطة

]املعجم Grande Dictionârio de Lingua Portuguesa سيلفا إي موراييس معجم من الثانية الطبعة يف 1813

الكبري للغة الربتغالية[، الذي يعرف هذا االسم أوال عىل أنه الثبات عىل تحمل اختبار وعىل املقاومة يف بيئة معادية.

ولهذا املصطلح بعض املرادفات هي: indulgéncia و condescendéncia و paciéncia، وتشري هذه املصطلحات إىل

toleravel ، وتقابل هذه الصفة األخرية الصفة tolerante و نزعة أبوية ضمنية. وترتبط بهذه األسماء صفتان هما:

الفرنسية tolérable ]يمكن تقبله[ ويمكن أن تدل أيضا عىل حكم قيمة بمعنى »متوسط« أو »مقبول«.

أعمال رجل من انطالقا أعد الذي ، Dictionario Portugués الربتغالية اللغة ذاتها يف معجم املصطلحات وترد هذه

التي املدينة يف أي بورتو، يف عام 1871 يف ونرش فيريا، دومينغوس أوغسطينوس، وهو القديس رهبنة من دين

الربازيل إمرباطور إىل الكتاب هذا املحررون وأهدى البلد. يف للتحرر مركز أهم عرش التاسع القرن طوال مثلت

متحرر ملك بأنه يشتهر إيجابية صورة ذي ملك رعاية تحت الخمسة املجلدات بذلك ووضعوا الثاني، بيدرو

و«تقدمي«. ويعرف هذا املعجم فعل tolerar عىل النحو التايل:

سمح ضمنا بحدوث واقعة تستحق العقاب أو املنع الرقابي أو لم يكشف عن هذه الواقعة؛  

مارس التسامح الديني؛  

أثبت تحليه بالصرب؛  

امتنع عن اضطهاد أي شخص بسبب آرائه السياسية أو خطاباته؛  

أجاز بموجب القانون ممارسة شعائر دينية تختلف عما يمارس يف دين الدولة وأغلبية األمة.  

إليه أن يتوجهوا للمؤمنني الذي يجوز ،tolerado التمييز بني املحروم كنسيا tolerar فيتيح املفعول لفعل أما اسم

أي يف معه وال املشاركة معه، وال التشارك معه، التحدث »ال ال يجوز الذي ، vitando كنسيا واملحروم بالكالم،

اجتماع كان«.

»الكاثوليكي« أيضا يسمى )الذي الالهوتي التسامح tolerância بمصطلح الخاص املقال يميز املكنز، هذا ويف

والتسامح - الدين« يف أساسية ال تعترب التي املسائل بعض بشأن يبدى الذي التساهل »وهو - أو »الديني«(

الذي الدين شعائر كما تمارس أخرى، دينية شعائر ممارسة أجل من حكومة تمنحه الذي اإلذن »وهو املدني،

عن االمتناع مبدأ بقبول التسامح يقيض الفلسفية، النظر وجهة »من أنه املقال هذا يف ويرد الدولة«. به تعرتف

الرش بتحمل التسامح »يقيض أن أيضا فيه الدين«. ويرد فيما يخص الذين ال يفكرون كما نفكر أولئك اضطهاد

التسامح بتأييد هذا الرش وال بالسماح به، أو اإلساءة، من خالل تجاهل وجودهما أو صفة الرش فيهما؛ وال يقيض

التسامح في كلمات

46

يكون أن يمكن فإنه بسهولة، ملرتكبها أو يغفر األخطاء »يحجب التساهل أن حني ويف معاقبته«؛ عن وال يتخىل

نتيجة للطيبة أو للضعف؛ أما التسامح فيقوم عىل الحذر«.

التسامح يف بعيدا يذهبون الذين أولئك »رأي أي ،tolerantismo االسم إىل يشري مدخل هناك ذلك إىل وإضافة

أنواع األديان«. الدولة أن تتسامح مع كل الذين يؤمنون بأنه يجب عىل الالهوتي« و«اسم يطلق للتسرت عىل نظام

أكثر هو الكاثوليكي »الدين التالية: الهجومية العبارة توضحها التي ]متسامح[ tolerante الصفة أخريا وهناك

تشددا وأقل تسامحا من جميع األديان األخرى«.

التسامح الربتغايل

التسامح التمييز يف هذه املعطيات بني تأكيد مفهوم لكي يتمكن من ليست هناك حاجة إىل أن يكون املرء عبقريا

هذه بسبب نشأت التي للنزاعات خافتا صدى األمر هذا ويمثل الرومانية. الكاثوليكية تفرضها التي والهيمنة

بمساعدة الصليبية الحروب روح عىل بنيت التي الجنسية تأسيس منذ الربتغال، تاريخ وسمت والتي الهيمنة

فعىل لليهود. اضطهاد شكل يف األوروبي السياق ضمن أيضا تجلت ولكنها اإلسالم، ضد ومؤسساتها الكنيسة

تياران وهما الدين، رجال ومعاداة األصولية بني العداء أساس عىل الربتغالية الثقافة من جزء بني القرون، مر

الدولة تدخل تأجيجها يف يسهم كان العنف من مراحل إىل األزمات فرتات يف العداء هذا يؤدي وكان متحاربان:

التسامح قد إذا كان مفهوم التساؤل عما إىل يدفع السيايس. وبلغ األمر حدا للظرف أو ضدها، وفقا الكنيسة مع

تغذى عىل وجه الخصوص من خالل التنديد بتعصب اآلخر.

ويف نهاية القرن التاسع عرش إذن، يظهر املفهوم الذي نتناوله موجها توجيها أساسيا نحو املسألة الدينية: ويظل

هذا التوجه قويا جدا يف اللغة الراهنة حيث ال تزال كلمة tolerância تنطوي عىل مطلب ألقلية يف سياق اجتماعي

يف العهد الحديثة النزاعات ذلك عىل وتشهد حيوية، الكاثوليكية من املوروثة واملحظورات القيم فيه تبقى ثقايف

الربتغال بشأن الحق يف اإلجهاض وكذلك النبذ الذي يواجهه يف العالم الناطق بالربتغالية املثليون عىل سبيل املثال.

الدفاع عن التهجني

الذي ]الحفاوة[، convivência مصطلح مثل - أخرى مصطلحات خالل من الربتغالية اللغة تقرتح املقابل، ويف

داللية جوانب وهي - ]املودة[ cordialidade أو تاما، تعبريا مضمونه عن convivialité الفرنيس مقابله ال يعرب

وهذا كانت. أيا واختالفاته اآلخر قبول يف املتمثل الواسع باملعنى للتسامح املعارص املفهوم إىل تنضم إيجابية

»املدارية املسماة نظريته يف فرايريه جيلربتو يربزه كان الذي املصطلح بالتحديد هو )cordialidade( املصطلح

اللذين كان يتسم بهما املستعمر الربتغايل، كان بإمكانه أن يكون الربتغالية«: وبفضل املودة والتعاطف الطبيعي

العامل الكفيل بتحقيق »التحول الديمقراطي للمجتمعات البرشية من خالل التهجني«. وهذا النجاح الفريد، »الذي

يقدم دليال عىل تآخي األعراق والشعوب والقيم األخالقية واملادية املختلفة تحت رعاية الربتغال وبإدارة املسيحية«،

جعل من الربازيل البوتقة املثىل التي انصهرت فيها بانسجام ثالثة أعراق، هي الهنود والسود والبيض.

بلينيو أصولية صعود تواجه الربازيل كانت حني ففي سياقه: يف املديح عىل القائم الحكم هذا وضع ويجب

من بعدد يحظى العرقي الصفاء كان وبينما الهتلرية، النازية من جنوبية أمريكية نسخة وهي سالغادو،

ولقيت السموم. لهذه الرتياق تقدم أن عىل قادرة فرايريه جيلربتو رؤية كانت أجمع، العالم يف له املتحمسني

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

47

نظرية املدارية الربتغالية رواجا كبريا، إذ إنها كانت صورة ملثل أعىل قائم عىل التسامح والتآخي يمكن أن يمارسه

بدافع من املسيحية األصيلة ممثلو أمة من »املولدين من دماء أوروبية شمالية ودماء سامية« استقرت عرب التاريخ

ذ ذلك أناس منحدرون من ثقافة اتسمت اتساما واضحا بوقائع يف أقىص غرب أوروبا. فبأي أعجوبة يمكن أن ينف

اليهود واملسلمون موضوعني يف الثامن عرش، وكان القرن الربتغال حتى العبودية سارية يف - فقد ظلت تمييزية

اإلقامة الجربية يف أحياء مخصصة لهم، أما محكمة سانت أوفيس التي أعيد إحياؤها يف عام 1536 فقد استمرت

الجدد« »املسيحيني اإلمرباطورية أنحاء املركزي ويف شتى البلد زوايا زاوية من كل عام 1821، والحقت يف حتى

رسا( الدينية شعائرهم عىل يحافظون بأنهم واتهموا املسيحي الدين إىل تحولوا الذين اليهود بذلك )ويقصد

التائبات لحث االعرتاف كريس يستغلون الذين والكهنة امرأتني، من واملتزوجون اللوطيون، أقل، بدرجة ومعهم،

عىل خطيئة الجسد، فكيف يمكن لهؤالء البرش أن يبنوا مجتمعا متآخيا مع أولئك الذين ينتمون، يف نظر مرشديهم،

إىل »أعراق فاسدة«؟ وهل كانت تكفي الشهوة الجنسية التي تعترب فائضة لدى الربتغايل إلرساء أسس التآخي؟

وقائع أكثر تعقيدا

ماتا دا روبرتو هؤالء رأس وعىل تحمسا، أقل صورة حاليا الربازيل يف االجتماع علماء من الجديد الجيل يرسم

الذي يرى ما ييل: يعد املجتمع الربازييل نتيجة لعملية تصنيف مراتبي وضعته طائفة من األرستقراطيني الربتغال

العرقية الديمقراطية أسطورة وإن وضخموها. الربتغال يف السائدة املسبقة األحكام معهم جلبوا الذين البيض

tolerância فإن مصطلح وبذلك التدريج. عن طريق الرباعة من بمزيد يعمل الذي الرتاتبي التنظيم واقع تحجب

الربازييل يتضمن معنى مضمرا: فالرشط املفروض هو أن »يعرف كل شخص مكانه« وأن يبقى فيه... واملثل يكرر

لكل من يحاول كرس النظام: »فليبق كل قرد عىل غصنه«. فهل ينبغي مع ذلك التخيل عن األسطورة؟ بالتأكيد ال،

ألن تقبلها املمكن من أصبح التي الظلم أوجه كشف خالل من للتطبيق قابلة األسطورة نجعل أن ينبغي ولكن

مضمون األسطورة الخيايل يرتكز عىل طيبة قلب يدعى بأنها طبيعية.

األخرض أو الرأس أو موزمبيق أنغوال يف الصادرة الشابة األدبية األعمال يف كما تتجىل أخريا، أفريقيا جانب ومن

]املودة cordialidade lusitana مفهوم من الكثري اليشء الجماعية الذاكرة لم تحفظ الخصوص، وجه عىل

السلوك تفاصيله كل يف يشبه الذي السلوك من السلبية الجوانب إال ال تظهر األقل، عىل اآلن فحتى الربتغالية[:

فإن باملؤسسات، يتعلق وفيما العالم. من أخرى أماكن يف الجنسيات شتى إىل املنتمون املستعمرون أبداه الذي

البحار«، وكذلك ممارسة »أقاليم ما وراء الذي تخيله نظام ساالزار بشأن »الشعوب األصلية« يف القانوني الوضع

العرقية الديمقراطية طريق عىل بوضوح ذلك كل ال يدل القرسي، للعمل مقنعا شكال يمثل الذي العمل« »عقد

والتآخي. أما صدمات الحروب االستعمارية، التي امتدت عرب مواجهات أخرى قائمة عىل العنف، فإنها تحتاج حقا

يتسم بمزيد من تقييم ختامية يف جو إجراء عمليات يتسنى أن قبل الذاكرة، الوقت حتى تمحى من إىل كثري من

الصفاء. ويف الوضع الراهن للعالم الناطق باللغة الربتغالية، الذي تخلت فيه الكاثوليكية الرومانية عن الهيمنة، مع

بينها، فيما ال تتناىف قد أخرى ممارسات وتنامت راسخا: واقعا الديني التسامح أصبح قائما، ال يزال نفوذها أن

كما تبني ذلك الحالة الخاصة للربازيل حيث يرتاد املؤمنون، يف الوقت نفسه وبال عقد، الكنائس واملعابد الروحانية

أو التابعة لحركة العنرصة، وأماكن العبادة التابعة لألديان األفريقية الربازيلية مثل دين كاندونبليه ودين أومباندا.

فرانسيس أوتيزا

التسامح في كلمات

48

ليس التسامح على اإلطالق إال نظام

اإلنسان المضطهد، وال يكاد يمتلك

هذا اإلنسان ما يكفي من القوة ليصبح

مضطهدا حتى يتخلى عن هذا النظام.

ديديرو )1٧84-1٧13(

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

49

اللغة الفرنسية

إيديولوجيا عرص التنوير

من القدرة الفردية عىل التحمل إىل التنازل االجتماعي

،tolérer بما يتماىش مع معنى فعل الوسيط، العرص أي«التسامح«( تعني يف ،tolération )أو tolérance كانت كلمة

حظر عىل اإلقدام »عدم الفعل: لهذا الحديث املعنى أما غري مستحب. يشء - ل تحم عىل أو القدرة - ل تحم

الدين، حقل عىل األول املقام يف وطبق عرش السادس القرن يف تطور فقد ذلك« نستطيع أننا مع أمر أو فرض

الربوتستانتي(: الحزب )رئيس كوندي مذكرات يف يرد لذلك تأكيد ثمة فرنسا، ويف آنذاك. السلطة بنية إىل نظرا

كلمة تشري حيث العامة«، املواعظ بإلقاء للكهنة يسمح التساهل، باب من إذنا، لوسبيتال دي املستشار »أصدر

تسوده جو يف فرنسا يف املفهوم هذا وظهر بحرية. دينهم بممارسة للمنشقني للسماح االستعداد إىل »التساهل«

شعائر يرفضون كأناس يظهرون الكاثوليك، نظر يف الربوتستانت، كان إذ اآلخر، من والخوف األهلية الحرب

الفردية أخالقهم وتفصلهم بالورق، وال يلعبون الحانات، إىل وال يذهبون ال يرقصون، )فهم مجتمع إىل االنتماء

عن الجماعة(، وكمجرمني بحق الجاللة )يتجرؤون عىل حمل السالح ضد امللك – مؤامرة أنبواز يف عام 1560 –،

مدنسون ملا هو مقدس )فهم يدلون امللكي(، كما أنهم الحكم الذي يتسم به الخارق للطبيعة الطابع يشككون يف

باملواعظ باللغة الفرنسية ويرفضون الصور اإللهية املسيحية(: فهم غرباء عىل أرضهم.

األول التسامح مرسوم إصدار عىل املحرضة الغيزيني( الدين لرجال )املناهضة ميديسيس دي كاترين وتمثل

بالتايل والعمل فيه نعيش الذي العرص مع التمايش يجب بأنه مقتنعة كانت ألنها )1561 الثاني/يناير )كانون

عىل تحقيق الوفاق الوطني. واملقصود هنا هو ترصيح بسيط من مستشارها ميشيل دي لوسبيتال، يرمي إىل وقف

عمليات اضطهاد الربوتستانت ومنحهم حرية الضمري، وذلك انطالقا من واقعية إنسانية: نظرا إىل أن الربوتستانت

أقوياء وكثريون، فيجب ممارسة سياسة غري عنيفة معهم للحفاظ عىل سالمة الدولة التي يجسدها امللك.

الربوتستانتية وجود يؤكد إذ ذلك، من أبعد إىل فيذهب )1562 الثاني/يناير )كانون الثاني التسامح مرسوم أما

بوصفها كنيسة مستقلة، ويكرس حقيقة وجود دينني، ويمنح الربوتستانت حرية نسبية يف ممارسة الشعائر الدينية.

الديني التعدد قبول أي “التساهل”، إىل املدنية، االضطرابات غياب يف مضطر، الوضع عىل ال يوافق الذي فامللك

وال يمكنه “التساهل” وقبول إبادة رعاياه، ألن ذلك يمثل أيضا تمزيقا ألوصال الدولة. وأدت هذه القرارات إىل رد من

جانب الكاثوليك بارتكاب مجزرة وايس )عام 1562( التي كانت الرشارة التي أدت إىل اندالع الحروب الدينية.

بقدر فردية( فضيلة =( األلم تحمل عىل القدرة إىل استخدامها يف تشري ]التسامح[ tolérance كلمة تعد ولم

ألنه تماما، جذري تطور وهذا اجتماعية(: قيمة =( الطائفية التعددية قبول عىل االجتماعية القدرة إىل ما تشري

تاريخيا ما أدى وهذا الطائفية، الجماعة عن السياسية الجماعة يفصل إذ الدولة، طائفية تيار بعكس يجري

التسامح مرسوم صدور وإىل ،)1685 فونتنبلو، )مرسوم إلغائه وإىل ...)1598 )عام نانت مرسوم صدور إىل

ظهور حول تاريخية تقلبات ذلك كل ومثل اإلنسان: حقوق إعالن من العارشة املادة إىل وأخريا ،1787 عام يف

بعدم مرتبطا لغويا تجليا اللغة تطور يف املصطلح معنى تحول مثل نفسه، الوقت ويف العلمانية. الدولة مفهوم

التسامح في كلمات

50

إن ما أحدث الحروب ليس تعدد األديان

وإنما روح التعصب.

مونتيسكيو )1٧55-1689(

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

51

اإلصالح أفكار النتشار التصدي عىل )1563-1545 ترينتو، مجمع من )املنبثق املضاد اإلصالح عىل القدرة

الدولة، بهشاشة اتسم تاريخي ظرف يف الربوتستانتي(، املذهب الفرتة تلك يف النبالء نصف ما يقارب )اعتنق

إذن tolérance مصطلح يفرتض ،tolérer لفعل النحوية بالبنية االرتباط من وانطالقا الوصاية. بحكم املرتبطة

ولنئ بينها. فيما تتواجه التي االجتماعية القوة بني التفاعل عن الناجم التفاوض ممارسة وهي عملية: ممارسة

مسائل يف املتباينة، اآلراء إزاء تساهال يمثل tolérer فعل أن تعترب السادس عرش القرن يف الدينية املفردات كانت

الحالية املعاني بعض فإن ،– الرشعية املطالب بعض عن التخيل يفرتض مما – أساسية ال تعترب التي العقيدة

لكلمة tolérance تحتفظ بهذه الفكرة القائمة عىل التنازل، وعىل السلوك الذي ال ينجح - من خالل استخدام القوة

اآلخرون. يعتنقها التي غري الرشعية املعتقدات مكرها فيتحمل الرشعية، معتقداته يعتنقون الناس جعل يف -

tolérance à un médicament ]تحمل دواء[، التالية: العبارات التحمل كما يف tolérance معنى وبذلك تتخذ كلمة

الدعارة«[. »بيت به ويقصد التحمل«، ]»بيت maison de toléranceو التحمل[، ]هامش marge de toléranceو

يلومه كان أحدهم الرد عىل من العرشين القرن يف كلوديل بول الشاعر تمكن املعنى، هذا اللعب عىل ومن خالل

الغرض«، لهذا بيوت هناك ]»التسامح، »la tolérance, il y a des maisons pour cela« قائال: تسامحه قلة عىل

ويقصد بيوت الدعارة[. ويمكن أن يكون التسامح دليال عىل ضعف أو تنازل مندرج يف انعدام املساواة يف العالقة:

فاملسيطر يتحمل )أو يقبل(، واملسيطر عليه يجري تحمله )أو قبوله(.

السادس القرنني منذ وذلك إيجابية، معاني نفسه الوقت يف يتخذ أنه إال بالسلبية، tolérance مصطلح ويتسم

معجم فإن الدينية. املعتقدات بني العالقات املصطلح يصف طريقة يف تصور أصبح عندما والسابع عرش، عرش

تفكري طرائق اآلخرين لدى يكون أن لتقبل الفرد »استعداد مفهوم أن يؤكد )الروس( الكالسيكية الفرنسية

Il s’y« التايل: املثال الصدد هذا يف ويقرتح عرش، السابع القرن نهاية منذ ثبت قد تفكريه« طرائق عن مختلفة

»déclarait ouvertement pour la tolérance universelle, décidant nettement qu’on avait eu tort de brûler Servet

املؤرخة الرسالة )بايل، أن حرق سريفيه كان خطأ[ بوضوح عن العام، معربا للتسامح أنه مؤيد املأل ]أعلن عىل

تكون أن يمكن املختلفة التفكري أن طرائق تخيل املستحيل من ال يزال أنه ويبدو يف 24 شباط/فرباير 1689(.

غري دينية، إذ إنه تم حرق سريفيه بوصفه مهرطقا، وذلك بأمر من كالفان، بعد أن أفلت من محاكم التفتيش.

علمنة التسامح

بدأت هذه العلمنة شيئا فشيئا انطالقا من القرن الثامن عرش. وتناول العديد من الكتاب هذا املفهوم: ومنهم بايل

Commentaire philosophique sur ces paroles de Jésus-Christ: »Contrains-les d’entrer« ]تعليق )Bayle( يف كتاب

Les يف كتاب )Montesquieu( ومونتيسكيو ،)فلسفي عىل قول يسوع املسيح: »أجربهم عىل الدخول«[ )عام 1686

Lettres persanes ]الرسائل الفارسية[ )عام 1721( وكتاب L’Esprit des lois ]روح القوانني[ )عام 1748(، وفولتري

الفلسفية[ Les Lettres philosophiques ]الرسائل La Henriade ]قصيدة هنري[ )عام 1728(، ويف كتاب يف قصيدة

Dictionnaire philosophique )عام 1763(، ويف التسامح[ يف ]مقالة Traité sur la tolérance وكتاب )عام 1734(،

من ليس الذي »التسامح« )مقال ]املوسوعة[ L’Encyclopédie يف Diderot و ،)1764 )عام الفلسفي[ ]املعجم

تأليفه(، وروسو الذي يرى يف كل مؤلفاته أن التعصب يمثل إشارة تدل عىل املجتمع الفاسد.

التسامح في كلمات

52

أول شروط الحرية هو حظر اإلضرار

بحرية اآلخرين.

من شعارات حركة أيار/مايو 1968 في فرنسا

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

53

]وهو كاالس بقضية يتعلق فيما األوروبي الصعيد عىل يحدثه أن فولتري استطاع الذي القوي الصدى إىل ونظرا

بروتستانتي خضع للتعذيب عىل العجلة يف تولوز )عام 1762( إذ إنه اتهم بال دليل بأنه قتل ابنه ملنعه من اعتناق

الكاثوليكية، ولكنه حصل عىل رد اعتبار بعد موته(، وإىل التزامه يف معارك أخرى ضد التعصب، مثل قضية فارس

أجل من بالنضال مرتبطا آخر شخص أي اسم من أكثر يظل فولتري اسم فإن ،)1766 )عام )La Barre( البار

النقاش يف النضال هذا ويندرج شائن[. ما هو ]اسحق »écrasez l›infâme« املعروف شعاره خالل من التسامح،

املتعلق بالتسامح املدني مع الربوتستانت، أي بمكانتهم يف مجتمع النظام القديم. ويتموضع هذا النضال بني إلغاء

إياه منحهم قد كان الذي االعرتاف يلغي الذي عرش، الرابع لويس امللك من بقرار )1685 )عام نانت مرسوم

بأن يعرتف والذي عرش، السادس لويس امللك منحه الذي 1787 عام ومرسوم ،)1598 )عام الرابع هنري امللك

خالل حدث الذي التطور مدى ندرك أن ويمكننا غري الكاثوليك. من يكونوا أن يمكن واألوفياء الطيبني الرعايا

إلغاء مرسوم نانت جميع كتاب ذلك العرص تقريبا، ومنهم راسني والفونتني أيد الزمان. ففي عام 1685 قرن من

والبرويري ومدام دو سيفينييه. أما الفالسفة فكان موقفهم معاكسا، إذ إنهم أجمعوا عىل التنديد بالعواقب السياسية

:tolérance إىل كلمة السلبية الفالسفة اإلشارة الثامن عرش، عكس القرن القرار. وخالل لهذا الوخيمة واالقتصادية

فإن انعدام التسامح )l’intolérance(، الذي كان يعترب حتى ذلك الوقت واجبا من واجبات الوفاء تجاه الله والكنيسة،

أصبح أو الخيانة، أو الشك بالفتور كان موصوما الذي والتسامح، التعصب، عىل دليال كتاباتهم من خالل أصبح

واجبا من واجبات اإلنسان املستنري والفضيلة األوىل التي يتحىل بها. وال يظهر هذا االنقالب يف القيم بالوضوح الذي

قد يظهر به من خالل قراءة كبار األعمال الفلسفية. فحتى السنوات األخرية من نهاية القرن، نجد أقالما كاثوليكية

الذين التسامح، وتندد بالتسامح من خالل استخدام مصطلح »tolérantisme« االزدرائي )»موقف انعدام تدافع عن

- اإلسباني tolerantismo أن مصطلح إىل هنا اإلشارة الديني«. وتجدر التسامح نحو التوجه يف الحدود يتجاوزون

“العقيدة التي تتقبل تنوع الشعائر الدينية” - ليس له معنى سلبي(.

واجهها التي االعرتاضات خالل من االنتباه 1787 الثاني/نوفمرب ترشين مرسوم يسرتعي أخرى، ناحية ومن

ومن خالل سقف مضمونه ومفرداته املنخفض )عىل األقل مقارنة باملادة العارشة من إعالن حقوق اإلنسان الذي

بأن القناعة فولتري عىل عنه يدافع الذي التسامح مفهوم ويقوم التاريخ(. ذلك من أشهر بعد بضعة اعتماده تم

عىل القائمة األديان جميع وأن الطبيعة، ما وراء مجال يف عاقل يشء أي تأكيد من يمنع البرشي العقل ضعف

امليل التخلص من التسامح )déisme(. ويتعذر عىل الربوبية الطبيعي، وهو الدين انحرافات عن إال ليست الوحي

القرن بداية يف أكد الذي بايل عنها عرب التي وهي حاسمة، لنا تبدو التي العتبة وتجاوز أو التعايل، الفوقية إىل

إيتيان التي عرب عنها رابو سانت أو العتبة الدولة واملجتمع، تفوق الضمري الصادق، وإن كان ضاال، عىل مصلحة

الذي رصح أمام الجمعية العامة يف عام 1789 بما ييل: »ما أطالب به ليس التسامح وإنما الحرية !”

و ]التعصب[ fanatisme مرادفاته ومن التسامح[، ]انعدام intolérance املضاد املصطلح فإن هذا يومنا يف أما

للغاية. يتسم بصفة سلبية األفق[، étroitesse d›esprit ]ضيق و ]التشدد[ intransigeanceو ]الطائفية[ sectarisme

ويفرتض ذلك منطقيا وجود جانب إيجابي يف مصطلح tolérance ]التسامح[، تكرسه يف الواقع مرادفات معربة عن

قيم إيجابية: compréhension ]التفهم[ وbienveillance ]اإلحسان[ وclémence ]الرحمة[ و mansuétude ]الوداعة[

وlonganimité ]طول األناة[ وlibéralisme ]الليربالية[ وouverture d’esprit ]انفتاح العقل[... وال يقترص هذا الجانب

اإليجابي عىل الشهامة التي تجعل املرء »يتحمل« اآلخر بعطاء، بل يشمل أيضا الطبيعة املفيدة للحرية التي يفيض

أكثر مما تندرج يف املجرد التنوير يف االسم إيديولوجيا عرص أو الفرض. وتندرج بصمة الحظر االمتناع عن إليها

الفعل الذي يدل عىل موقف أو فعل ملموس. وتنطبع يف االسم املجرد أيضا عالمة املمارسات الديمقراطية الناجمة

التسامح في كلمات

54

فال القصوى. األساسية حدوده التسامح يجد املوقع هذا يف ولعل بالتنوع. االعرتاف أسس تريس والتي ذلك عن

وما حقا. ليس والتسامح حقوق فهذه والتعبري. والدين الرأي بحريات يتعلق فيما التسامح عن التحدث يمكن

أن الجمهورية العلمانية املدرسة التمييز نفسه بقوة. فهل يتعني عىل إن تطرح مشكلة حقيقية حتى يفرض هذا

تتسامح مع إظهار »عالمات دينية الفتة للنظر«، أصبح بعضها رموزا لألصولية أو التطرف؟ وهل يجب التسامح

يف يوم إحياء ذكرى ضحايا أوزفيتش مع مذيع يتظاهر بأنه يخلط بني »معسكر اعتقال« و«مدينة ماله«؟ وعندئذ

يربز مجددا مفهوما الحدود والحظر، اللذان يحرضان من خالل التضاد يف مفهوم »عتبة التسامح«. وبذلك يبدو

أن التسامح يعتمد عىل ضده ويجب أن يخضع للحدود التي يفرضها الحق والرباغماتية. ولكننا نعرف من خالل

القابلة األمور حقل وإن الحرية(. ألعداء حرية )ال التشدد هذا إليها يؤدي التي التناقضات التاريخية التجربة

للتسامح الذي يخضع دائما إلعادة التفكري وإعادة التفاوض ال يمكن أن يحدد يف إطار اللغة، ولكنه يظل موضوعا

دائما للحوار بني الذات والغري، والحوار مع الذات.

كاترين ديرتي وكلود لورويول

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

55

اللغة اإليطالية

استحداث مفردات جديدة ووضعها يف االستخدام

لم تعد إيطاليا، يف مستهل الثمانينات، دولة مصدرة لليد العاملة، بل أضحت وللمرة األوىل يف تاريخها، أرضا يأتي

أجنبي، وقد جاؤوا املليون بمليون ونصف الجزيرة يعيشون يف شبه الذين األجانب ويقدر عدد املهاجرون. إليها

بخاصة من املغرب العربي وألبانيا ويوغوسالفيا السابقة وأفريقيا السوداء.

االتحاد خارج ]من extracomunitari هي: األجانب، هؤالء لتسمية الوقت ذلك يف جديدة مفردة استحدثت وقد

بني النحو هذا تميز عىل اإليطالية فاللغة األوروبي. االتحاد رعايا من ليسوا الذين األجانب عىل وتدل األوروبي[،

درجات مختلفة من االنتماء فيما يتعلق بهويات األجانب.

]بحرنا[؛ Mare Nostrum بوصفه املتوسط األبيض بالبحر تطالب موسوليني عهد يف التوسعية إيطاليا وكانت

)اليمني Espresso األسبوعية املجلة جعل مما للهجرة، طلبا إيطاليا الراهنة اآلونة يف املنطقة هذه سكان ويقصد

أيلول/سبتمرب 30 عدد الحصار[؛ ]ترشيح anatomia di un assedio( حصارا الهجرة هذه يف ترى الوسط(

1994(، وغزوا ال يرد )invasione irrefrenabile(، ومدا يخرج عن السيطرة )mare ache sfugge al controllo(. ومع

ذلك، ال يدافع محررو املجلة عن فكرة مطاردة األجانب، بل عىل العكس من ذلك فهم يفضحون مخاطر التعصب

لـ razzismo ]العنرصية[ )i rischi dell’intoleranza؛ 1995/1/31( ويجعلون من intollerenza ]التعصب[ مرادفا

التعصب وانفجار )limitare i rischi dell’intolleranza e le episodiche esplosione del razzismo ]الحد من مخاطر

ر وكأنها غزو كبري مروع فإنه يرتافق العنرصية العريض[؛ 1995/1/13(. أما تناول موضوع الهجرة التي تصو

يف املجلة ذاتها مع نداء يمكن أن يبدو متناقضا يتمثل يف محاربة التعصب والعنرصية.

ولنئ جرى من ناحية أخرى استخدام مصطلح intollerenza ]التعصب[ لوصم تجاوزات العقلية الجماعية ولإلشارة

convivenza بل ما يستخدم، هو ]التسامح[ tolleranza مصطلح فليس األجانب، بالسكان املرحب املوقف إىل

]التعايش[ )1994/8/19( و coabitazione ]املساكنة[ )1994/12/9(. والفرق كبري بني tollerenza، من جهة،

تحمله هو يسء ما يمكن – متعال يفصل بني موقف الذي فهو أخرى: cohabitazione، من جهة و convivenzaو

co- ]وتعنيان »معا«[ واالنفتاح عىل con- و البادئتني التعبري عنها بواسطة التي يجري – وموقف يؤكد املساواة

اآلخر.

ويتسنى يف هذه املقاالت إدراك مدى الغموض الذي يكتنف موقف اإليطاليني اليوم تجاه األجانب، وهم منقسمون

عىل يقوم واضح وتقليد جهة، من »الغزو«، مصطلح باستخدام عنه التعبري يجري اآلخر من جديد خوف بني

الفرتة خالل حتى السياسية، للمتاجرة وسيلة قط األجانب كراهية لم تستخدم ملاذا ويبني الغرباء عىل االنفتاح

الفاشية، ويفرس هجرة اإليطاليني أنفسهم بأعداد كبرية، من جهة أخرى.

التي أملانيا وفرنسا، فإن هوية اإليطاليني هي أما ما وراء مسألة عدد املهاجرين، وهم أقل بكثري من املهاجرين يف

توضع عىل املحك حني يظهر اآلخر عىل حني غرة يف الوقت الذي يعرب فيه اإليطاليون مرحلة يسودها الشك العميق.

برونو مورير

التسامح في كلمات

56

حرية الضمير حق طبيعي، ويجب على من يريد نيلها

أن يمنحها ألخيه اإلنسان.

كرومويل )1658-1599(

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

57

اللغة اإلنجليزية

االجتهاد القضائي والترشيع

»toleration« »tolerance« و الجرماني ومصطلحي »forbearance« اإلنجليزية وجود مصطلح اللغة تالحظ معاجم

البعد ذا »forbearance« السادس عرش. ويبدو أن مصطلح القرن الرومانيني عىل نحو متزامن ومتكرر منذ بداية

أمرا، ويمنح بأمر يسلم للسلطة مصدر عىل ينطوي إنه إذ الضيقة: الداللية الحقول إحدى إىل أقيص قد النبيل

»tolerance« بمصطلحي يتعلق فيما أما بها. يضطلع التي السلطة عن أو التكرم، الوداعة باب من بذلك، معربا

بوصفهما تعريفاتها من أجزاء بعض يف تقدمهما ال تزال املعينة املعاجم بعض كانت فإن ،»toleration« و

إذ إن مصطلح »tolerance« يشري عىل األصح إىل حالة ذهنية مرادفني، فإن خفايا استخدامهما قد فصلت بينهما،

محل »tolerance« مصطلح الواقع يف يحل قد لذلك، ونتيجة املفهوم. تنفيذ عىل باألحرى فيدل »toleration« أما

هذه إىل وبالنظر واملتعايل. السلبي اإلحسان عىل ليدل نادرا، استخدامه أصبح الذي ،»forbearance« مصطلح

للكلمة الذي يستخدم باملعنى املعارص والعلماني الدالالت، فإن مصطلح »tolerance« ال يمثل املصطلح الفروق يف

مصطلحات إن بل االجتماعي، التمييز وأوجه العنرصية مكافحة سياق يف املثال، سبيل عىل مالئما، يعد والذي

]تكافؤ »equal opportunity« أو حتى ]التقدمية[، »progressiveness« أو العادلة[، ]العقلية »fair-mindedress«

إىل تحمله يمكن الذي الشخص إىل تنازالت تقديم بذلك من فكرة لالنتقال باألحرى، تستخدم التي الفرص[ هي

فكرة الحق يف االختالف.

يف املصطلح هذا ويرد التنوير. لعرص السيايس الخطاب يف غالب نحو عىل »toleration« استخدام مصطلح جرى

The Letter Concerning Toleration :ني للفيلسوف واملنظر السيايس جون لوك )1632-1704( وهما عنواني نص

Essay on و ،1689 عام يف وترجمت 1688 عام يف الالتينية باللغة كتبت التي بالتسامح[ الخاصة ]الرسالة

التالية: الثالثة النصوص كما يف النصني هذين ويف كاتبها. حياة يف لم تنرش التي التسامح[ يف ]مقالة Toleration

بشأن ]بحثان Two treatises on Civil Government و الحكومة[ بشأن ]منشوران two Tracts on Government

والدولة الكنيسة بني الفصل فإن املسيحية[، ]معقولية The Reasonableness of Christianity و املدنية[ الحكومة

تنظيم كان ولنئ الديني. للتسامح األول الرشط بوصفه نسبيا، ومبارش رصيح نحو عىل عرضه جرى الذي هو

السياسية، السلطة مسؤوليات يف مندرجا العام، والنظام االجتماعي السلم ألغراض يظل، أن بإمكانه املمارسات

أال يكون للحاكم أي دور الدينية يجب أن يكون كامال، ويجب الفرد فيما يتعلق بالعقيدة والطقوس فإن احرتام

يف هذا املجال. وتندرج الحجج التي قدمها لوك لصالح تسامح الدولة يف نظريته األشمل املتعلقة بالسيادة، والتي

تقوم عىل إرادة الفرد واستقالله الذاتي، وعىل الرشعية األخالقية للملكية الفردية، وعىل العقد الذي يؤكد فيه الفرد

قدرته عىل اتخاذ القرار عرب اختياره الحر ألنماط التمثيل التي يعتمدها. أما »اإليراستوسية«، وهي تربير عقائدي

األوائل بني من لوك ويعد النتقاد رصيح. هنا فتخضع للكنسية، روحيا رئيسا امللك من تجعل التي لألنكليكانية

الذين قاموا برتويج رؤية قائمة عىل علمانية شبه كاملة فيما يتعلق بإنشاء املؤسسات السياسية وتسيري شؤونها.

بريطانيا يف ويعترب التاريخي التسلسل يتبع قانوني أرشيف وهو ،)Statute Book( القوانني« »كتاب ويحدد

األنكليكانية، اإليراستوسية بها التي مرت املراحل يبني الربيطانيون بصياغته رسميا، وهو لم يقم بمثابة دستور

وتحدد أخرى. جهة من الراهنة، الرصفة الصورية حالتها إىل بها أفىض الذي التدريجي والرتاجع جهة، من

التسامح في كلمات

58

عىل قائما نهجا و1662 و1559 و1552 1549 األعوام يف الصادرة )Acts of Uniformity( التوحيد« »قوانني

االمتثاليني. لغري املدني االستبعاد قائمة عىل تعد كذلك قوانني والديني، وهي السيايس العقيدة بوجهيها استقامة

،)Clarendon Code( »امللكي يف عام 1660 من خالل »مدونة كالرندون النظام وتكرر هذا االستبعاد بعد رجوع

أما »القانونان االختباريان« )Test Acts( الصادران يف عامي 1673 التفصيل. التي تنطوي عىل محظورات شديدة

وملا الثاني. العرش، واملقصود هو جاك إىل كاثوليكي ملك إمكانية وصول تفادي إىل أساسا والراميان و 1678،

كان من غري املمكن منع الوصول إىل العرش، فقد حددا بالقانون ممارسة كانت تطبق عىل نحو شبه متواصل منذ

عهد إليزابيت األوىل وتقيض بحظر وصول أي شخص غري أنكليكاني إىل وظائف الدولة.

بني من أول هو الديني، بتعصبه املعروف املتزمت كرومويل، أوليفر الجمهوري أن هي التاريخية واملفارقة

.)1655 )عام الكاثوليك اضطهاد عن مؤقتة بصورة والتوقف اليهود بعودة السماح خالل من نسبيا تسامحا

التسامح« »قانون خالل من لوك لكتابات وفقا التسامح لروح خجول تطبيق أول القوانني« »كتاب ويضم

النظر يف »مدونة يعيد أنه إال املدنية، األنكليكان كامل حقوقهم لغري الذي ال يعطي لعام 1689 )Toleration Act(

التعليم العبادة الخاصة بهم، ويف أن يكون لهم دعاتهم وأماكن التجمع يف أماكن إليهم الحق يف كالرندون« ويرد

إال يف لم نشهد ذلك، عن )dissenting academies(. وفضال املعارضة« »األكاديميات باسم املعروفة بهم، الخاصة

Corporation( املؤسسات« »قانون يف يتمثل الذي كالرندون« »مدونة أطالل من طلل آخر سقوط 1828 عام

من نشاط بأي االلتحاق األنكليكانية للكنيسة الوالء قسم أداء عن يمتنع أي شخص يحظر عىل كان الذي )Act

1829 عام يف بها لهم اعرتف التي الكاملة املواطنة عىل حصلوا أن للكاثوليك فكان املحلية. الحكومة أنشطة

الكاثوليك إغاثة »قانون ليكمل جاء الذي ،)Catholic Emancipation Act( الكاثوليك« تحرير »قانون خالل من

يف بها االعرتاف فتم السياسية اليهود حقوق أما .1778 عام يف الصادر )Roman Catholic Relief Act( الرومان«

عام 1858 من خالل منحهم األهلية الكاملة لعضوية مجلس العموم، ثم لعضوية مجلس اللوردات يف عام 1885

ولنئ كان التسامح السيايس الديني يف بريطانيا نتيجة للتنازالت املتتالية التي قدمتها الدولة، فإن اآلباء املؤسسني

تضم وهي ،)Bill of Rights( الحقوق« »قانون يف حقا بوصفه التسامح إدراج عىل أرصوا األمريكي للدستور

هذه أول فإن .1787 عام يف اعتمد الذي األصيل النص إىل 1791 عام منذ املضافة األوىل العرش التعديالت

التعديالت هو الذي يتناول التسامح الديني من خالل منع الكونغرس من اعتماد أي ترشيع يمكن أن يتيح إقامة

األول التعديل هذا معنى تغيري وجرى التعبري. أو حرية الشعائر إقامة يف الفردية الحرية أو يقيد للدولة دين

التعديل تبني الواليات املتحدة يجري قراءة لهذا املئتني من تطبيقه. فلم يعد أحد يف تغيريا كبريا عىل مر السنوات

ما يمثله حقا، أي تبني أنه تقييد لصالحيات الكونغرس. بل بات يقرأ – هذا إن كان ال يزال يقرأ – بوصفه النص

الذي يضمن لكل مواطن أمريكي حرية التعبري الديني وغري الديني الكاملة. ولعل املحكمة العليا تتحمل قدرا كبريا

من املسؤولية يف هذا التوسع الذي طرأ عىل معنى النص، إذ إنها نسبت إىل نفسها، منذ عام 1803، الحق يف البت

بحرية يف دستورية القوانني والنصوص القانونية العامة، رشيطة أن يتم اللجوء إليها. وليس هناك أي هيئة أخرى

القادرة، الوحيدة الجهة العليا هي املحكمة إن إذ التي تصدر عنها، القرارات أو إلغاء تعديل لها الدولة يجوز يف

يف قبوله ما يمكن تحديد عىل السياسية، تركيبتها بحسب ليرباليتها درجات تتفاوت التي أغلبيتها لتغريات تبعا

مر وعىل وهكذا األول. التعديل مع منها ما يتوافق أي والخاصة، العامة الحياة تنظم التي القانونية النصوص

استنفاد بعد األخري املالذ بوصفه العليا، املحكمة التعديل، عن طريق هذا إىل اللجوء تم املاضية، املئتني السنوات

النقابية، األنشطة أو حظر أو تنظيم برتخيص دقيقة، تجاذبات ضمن القيام، أجل من األخرى، املحاكم موارد

املرضبني، وفرق األحمر، والعلم العسكرية، النزعة ومكافحة النظام، قلب ومحاوالت الثورات، ما قبل وأنشطة

التسامح في كلمات

59

المهرطق هو الذي يعد النار

وليس الذي سيحرق.

شيكسبير )1616-1564(

التسامح في كلمات

60

والخطاب واإلباحية، والفحش الصحافة، وحرية األمريكي، أو العلم العسكرية الخدمة دفرت وحرق والشيوعية،

و”نظرية الداروينية التطور نظرية بني واالختيار الدولة، مدارس يف الصالة إدراج وإعادة اإلعالني، الطابع ذي

الخلق” التوراتية إلدراجها يف مناهج تعليم العلوم، وحتى مسألة اإلجهاض.

يف أصليا تم تحديده بوضوح بوصفه حقا أو الذي تدريجيا، بريطانيا تقديمه يف الدولة قبلت الذي التسامح، أما

الواليات املتحدة: فال تزال التفسريات بشأنه متعددة يف كال البلدين وال تزال هناك صعوبات جمة يف ترسيخها.

كريستني بيال وغربييل كالوري17

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

61

اللغة الروسية

الصولجان ومرش املاء املقدس

ل، »تحم يعني الذي ’terpet فعل إىل اللغوي أصله يرجع حاليا املستخدم ]التسامح[ ’terpimost مصطلح إن

للكلمة(، املسيحي )باملعنى تواضع أمل، أفضل، شيئا انتظر = بالصرب« »تحىل األوىل: ]الفكرة عانى«... تقبل،

رضخ...// ثم: تنازل، تساهل، قبل )فكرة »الرتاخي« ربما(.

الثامن عرش. وتأثرت القرن نهاية إىل تاريخه terpimost’ فريجع أما مصطلح قديما ’terpet استخدام فعل ويعد

التنوير. عرص يف املوسوعة مؤلفي خطاب يف الفرنسية tolérance بكلمة املرتبط املعنى بإنتاج املصطلح داللة

ونجد أيضا يف القرن العرشين - ولكن بوترية أقل - مصطلح tolerantnost، الذي يعد نسخة معجمية مستمدة من

tolérance مصطلح

يقبل كان الذي املسيح، لتعاليم )وفقا نفسها تلقاء من التسامح إىل ميالة كانت األرثوذكسية الكنيسة أن يبدو

التي العاملية باملبادئ آجال أم عاجال إنسان كل يؤمن أن آمال الالمحدود«، »بالصرب ويتحىل »الطيبني« خالص

إنسان ألي ال بد أنه مفادها صوفية رؤية من التسامح عىل القائم املبدأ أو هذا املوقف هذا ويستمد بها(. يبرش

أو »روح حية« أن »يسمع صوت الله«، خالقه، بصورة طبيعية، بدال من أن يستمع إىل معارصيه عىل نحو مفرط.

ويجب أال يتدخل أي أحد بفظاظة بني »الروح الحية« والله، خالقها. فعىل كل شخص أن »يبحث عن طرقه« من

أجل خالص روحه: ومن حقه أن يخطئ وأن يتلمس طريقه... ويجوز له أن يقع يف الخطيئة وأن يضل الطريق.

فالله يغفر له إذا تمكن من إدراك أخطائه وخطاياه ومن الندم بصدق ومحاولة تصحيح أخطائه )أو »تعويضها«،

إىل الثاني عرش القرن من تاريخها يمتد التي الديني، التاريخ كتب وتزخر ذلك...(. لقاء املال من مبلغ دفع أي

القرنني الخامس عرش والسادس عرش، باألمثلة التي تبني خاطئني ندموا ونجحوا يف تحقيق خالصهم وكسب نعمة

الله من خالل خدمة القضايا العادلة.

الخامس القرن أفق يف الح عندما وتسامحها صربها من جزء بفقدان الروسية األرثوذكسية الكنيسة وبدأت

موسكو بأن القائلة الفكرة ونشأت بيزنطة. سقوط بعد املقدس، املاء ومرش الصولجان بني التحالف عرش

»األمري« »قيرصا« »لن يكون هناك روما رابعة...«. وبذلك أصبح الثالثة )بعد روما وبيزنطة(، وأنه ستكون روما

الله من سلطته يستمد أنه أي الرب«، و«مسحة السيايس« القرار »صاحب نفسه الوقت يف وبات )عام 1547(،

)فهو إذن املسؤول الوحيد عن شعبه أمام الله )= »أبو الشعب، »ودليل شعبه«: وقد استخدم هذا املصطلح أيضا

هناك كان وإن الرويس: الشعب »أب« الناس عامة عقول يف القيرص كان ،1905 عام وحتى ستالني(. لوصف

1905 عام من الثاني/يناير كانون 9 ويف نصابها! يف األمور لوضع وإال بذلك... ال يعرف »فالقيرص« ظلم،

الكنيسة إىل اللوم ليون تولستوي وغريه ه القيرص. ووج اإليمان األعمى بعدالة الشعب عن الدامي«(، كف )»األحد

األرثوذكسية الروسية عىل تواطئها مع السلطة الزمنية، مما يجعلها تخون املسيحية الحقيقية.

التسامح في كلمات

62

تمثل اإلنسانية الزاخرة بالمحبة

قوة رهيبة ال مثيل لها.

دوستوييفسكي )1881-18٢1(

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

63

واتخذ غياب التسامح يف هذا اإلطار أوجها عديدة:

الكبري، تعرض   ألكيس ميخائيلوفيتش، والد بطرس نيكون )عام 1667(، يف ظل حكم بعد إصالحات كنيسة

املراكز عن بعيدة أماكن إىل منهم كثري )ولجأ لالضطهاد باإلصالح، لم يرضوا الذين القدامى«، »املؤمنون

الكبرية: يف الشمال، ويف ما وراء نهر الفولغا، يف جبال األورال وراءها(.

بعض   عىل تنطوي التي الوظائف يف األقل )عىل لها التابعة الوظائف يف تعني القيرصية الدولة تكن ولم

إتقان فإن أو الالأدريني(: امللحدين )وال أخرى أديان من أناسا املدنية( اإلدارة أو يف الجيش يف املسؤوليات

خدمة القيرص تقتيض أن يكون املرء أرثوذكسيا؛

ويف   أوكرانيا، ويف بيالروسيا، يف أو املناطق، املدن بعض يف إال ويعملوا يستقروا أن لليهود يجوز يكن ولم

القانون يفرض نسبة مئوية منهم ال يجوز تجاوزها أن يمتلكوا األرايض. وكان أوديسا... ولم يكن يحق لهم

لوقف نادرا إال يتدخالن والجيش الرشطة لم تكن ،1905 عام ثورة وبعد والجامعات. الثانوية املدارس يف

املذابح. وادعى بعضهم حتى يف وقت الحق أنهما كانا يؤججان نار تلك املذابح؛

ثورة   وقوع حتى املدارس يف إلزاميني أمرين اليومية القداديس خدمة يف واملساعدة الديني التعليم وكان

عام 1917

أنهم يفرتض كان )إذ األرثوذكس من الجديدة السلطات انتقمت ،)1922-1918( األهلية والحرب الثورة وبعد

»من أنصار القيارصة« أو »البيض«( واضطهدت كذلك رجال الدين واملؤمنني العاديني. وسعت السلطة السوفييتية

السلطة، غورباتشوف تسلم ومنذ إلغائها. حد إىل الروحية السلطات تقليص وإىل العلمي« »اإللحاد تلقني إىل

استعاد هؤالء رشعيتهم، ويبدو أن األرثوذكسية يف عهد يلتسني أوشكت أن تصبح مجددا دين الدولة.

إيرين كهويت

التسامح في كلمات

64

اللغة الفنلندية

ل أم االنفتاح أم الرغبة؟ التحم

)suvaitsevaisuus )- suvaitsevuus كلمة باستخدام التسامح مفهوم عن عادة يعرب الحديثة، الفنلندية اللغة يف

املشتقة من الصفة suvaitsevainen )suvaitseva( »salliva، vapaamielinen، avarahenkinen، tolerantti«. والبيانات

اللغات الروسية والفرنسية التاسع عرش )معجم األوىل مستمدة من معاجم نرشت يف بداية الخمسينات من القرن

مؤلفو وابتكر .)1853 عام يف املنشور والفنلندية السويدية اللغتني ومعجم 1851 عام يف املنشور والفنلندية

املعاجم هذه الكلمات انطالقا من مرادفاتها الروسية والسويدية.

اللهجات ويف قبل«. سمح، ل، »تحم الدارجة اللغة يف يعني الذي suvaita املنفرد الفعل هو الكلمات هذه وجذر

، استلطف« و«تهيج، رغب«. ، أحب الفنلندية، يتضمن فعل »sallia« معاني أخرى مثل »يرس

وترجم مفهوم التسامح أيضا بكلمة kärsiväisyys )عام 1838(. وأصبحت هذه الكلمة قديمة اليوم، أما جذرها فهو

kärsivällisyys كلمة أما ترك«. ل، و«تحم أو بصعوبة« بألم »تألم، شعر الحالية اللغة يف يعني الذي ،kärsiä الفعل

التي تشبه الكلمة األوىل إمالئيا، فتعني »اعتدال، صفاء، هدوء«.

املقابل بعض تجليات التسامح. ونجد يف القديمة لم تكن تعرف مفهوم الفنلندية اللغة األدبية ويبدو بوضوح أن

ويف متسامح«. العقل، »منفتح هو ومعناها ،1690 عام إىل ،avara وهي األوىل، تاريخ ويرجع املرادفة. الصفة

avara هو األول لصفة املعنى فإن اليوم، لغة أما يف النصوص. الصفة مرات عديدة يف التايل، ظهرت هذه القرن

»واسع، مكشوف، عريض« و«متسع، عريض«.

أخرى. عديدة بطرق املعارصة، اللغة يف معانيه، يف الطفيفة الفروق وعن التسامح مفهوم عن التعبري ويمكن

avaramielisyys katse = نظر(، و avarakatseisuus )avara = واسع، عريض + فعىل سبيل املثال، يمكن أن نذكر

avara + mieli( »الجوهر الداخيل والعقيل لإلنسان«(، و laajakatseisuus )laaja »واسع، عريض« + katse »نظر«(،

ton - + خاطئا« ما يكون غالبا ذاتي »مفهوم luulo + مسبقا« يحدث »الذي ennakkoluulottomuus )ennakkoو

- مشتق سلبي، vapaamielisyys )vapaa »حر« + mieli( و maltillisuus »اعتدال، قياس«. وتستخدم أيضا الكلمات

toleranssi و ،liberaalisuus و humaanisuus :التالية املستعارة من لغات أخرى

رايمو يوسيال

التسامح في كلمات

65

المحبة تبرر كل شيء،

وتضع األمل في كل شيء،

وتتحمل كل شيء.

العهد الجديد

التسامح في كلمات

66

اللغة البلغارية

ل فضائل التحم

التأويل، إطار يف نختار، أن فيمكننا بطريقتني. التسامح مفهوم مثل املفاهيم أحد معنى فهم نتصور أن يمكن

تتبع تطور هذا تاريخي، أن نختار، من منظور أيضا به. ويمكننا املرتبطة اإلشارات تفسريه ضمن مجموعة من

املفهوم وتبدالته وفقا إلشكالياته املختلفة.

يتحمله الذي العبء هذا وال يخضع املرء. يتحمله عبء فكرة عىل القديم، العرص منذ التسامح، فكرة وانطوت

الفرد إلرادته الحرة، وإنما يفرض عليه من الخارج. ولقد رأى الفالسفة الرواقيون أن التحمل يف مواجهة »األمور

لكي التحمل بصرب »القوة يف ضعفنا« تكمن يف تصميمنا عىل أن يمثل فضيلة. كما رأوا التي ال تخضع لسلطتنا«

، tolero vitam الالتينية العبارة بذلك كما تذكر البقاء، قدرة عىل دائما يمثل العيش فإن البقاء. قدرتنا عىل نثبت

ككلمتي القديمة البلغارية اللغة يف التسامح مفهوم من القريبة املفاهيم أما »العيش«. بساطة بكل تعني التي

الفكرة، الروح الوطنية إزاء هذه منظرو ، فإنهما يعودان إىل فكرة »السلبية«. وقد اعتمد pnosimost târpelivost و

Kv ( كريستيف ك. نظر ففي تناقض. عىل ينطوي تقييما العثمانية، الهيمنة مواجهة منظور من درست التي

من نوعا أي بامتياز«، »سلبية سالفية الرش« مقاومة »عدم يمثل تولستوي، ل. من القريب ،)1909( )Kristev

»التحمل« هذا وال يمثل الغربية. للديمقراطية والذكورية اإليجابية القيم مع يتناقض الذي األنثوي« »الرتاخي

تأكيدا للذات وتصلبا فحسب، بل يحث عىل التسامي عىل كل كراهية إثنية أو دينية. وإن االحتفال املسيحي بالصرب

بولس، القديس ويقدمها األعىل مثالها املسيح يجسد أساسية فضيلة بوصفه التسامح يعزز اإللهية اإلرادة تجاه

يف رسالته إىل اليهود )XII, I-3(، عىل أنها قاعدة عاملية. فإن الله متسامح، أما الشيطان فهو »غري صبور« و«غري

dlagoterpenie أما مصطلحا الداللية. القيم القديمة مجمل هذه البلغارية باللغة املكتوب األدب متسامح«. ويؤكد

كتاب يف عرش الحادي القرن منذ فيظهران الحماسية«، و«الخدمة »املودة« يعنيان اللذان ،dlagoslovjenie و

تتحمل لم تعد التي السيدة مريم أو صرب أيوب، بذلك صرب للصرب حدود، كما يشهد Souprasalski sbornik. ولكن

آالم يوسف فأمرت املالك بأن يبني لها من هو الطفل الذي تحمله )مصنف من القرن السادس عرش(. ويقدم ذلك

حجة ترجح كفة رفض الفهم املطلق للتسامح.

إبان اليهود ترحيل رفضهم يفرس األمر هذا ولعل األقليات، قبول عىل يعتادون البلغار اإلثني التنوع ولقد جعل

تم واحدة حالة التاريخ فيذكر الهراطقة: تجاه تسامحها الوسيط العرص كنيسة وأثبتت الثانية. العاملية الحرب

فيها استخدام محرقة الحطب )يف عام 1111 يف القسطنطينية، ولم يكن هناك محاكم تفتيش. وعىل عكس ذلك،

والخدمة والالتينية( واليونانية )العربية املقدسة اللغات بشأن )867 )عام البندقية يف دار الذي النقاش إبان

ترجمة وفكرة السالفية باللغة القداديس إقامة فكرة عن سرييل - قسطنطني القديس الفيلسوف دافع الدينية،

ذاتها بالشمس ينعمون البرش كل بأن القائلة الحجة إىل استنادا القديمة، البلغارية باللغة املقدس الكتاب

بها: خاص معنى ولها إال كلمة أي هناك وليست العالم يف الكلمات من الكثري »هناك ذاته: الهواء ويستنشقون

للفهم الفهم وهذا التاسع(. )القرن يحدثني« الذي الشخص إىل بالنسبة كالغريب فسأكون املعنى، لم أفهم فإن

يمنع كل فرد، أيا كان، من فرض حقيقة حرصية.

ليديا دينكوفا وماريا لوفتشيفا ولورا تاسيفا

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

67

اللغة العربية

املساواة املبدئية وأوجه التمييز

داخل األكثر شيوعا الواقع التاريخ يمثل عرب العنرصي[، ]الفصل »أبارتايد« أيامنا هذه يف ما يجمع عىل تسميته إن

عنه تنبثق التي الرشعية أوجه وتنشأ بينها. فيما املجتمعات تلك تقيمها التي العالقات كما يف اإلنسانية املجتمعات

والتي تربر وجوده من ميزان قوى يميل لصالح مجموعة مهيمنة. وترتكز صورة تلك املجموعة يف الهوية التي ترتسم

التاريخي املوقع من وانطالقا عليه. املهيمن اآلخر استبعاد ويف نفسها إىل توجهها التي اإلطراء مالمح خالل من

أو السيايس أو الثقايف أو الديني، يتناول املرء يف حديثه مسألة التسامح. فكنيسة القيامة يف القدس هي منذ عدة قرون

الالتيني التابعني للطقس لنشوب أي تنازع من حيث االختصاص بني املسيحيني يف عهدة عائلة مسلمة وذلك تفاديا

الخليل، هناك جامع وكنيس يهودي مكرسان لإلله اإلبراهيمي يف الحرم البيزنطي. ويف للطقس التابعني واملسيحيني

نفسه ولهما نفس املراجع املقدسة، وقد جرى تشييدهما جنبا إىل جنب منذ عدة قرون. أما يف الهند، فقد قام مؤخرا

الله« يف أن غريهم من »مجانني قديم، يف حني يف موقع معبد مبنيا أنه كان قديم زعموا بتدمري جامع الله« »مجانني

الخليل قاموا يف الفجر بقتل بعض املؤمنني الذين كانوا يقيمون الصالة.

ويف البوسنة ورواندا والجزائر والسودان وغريها من األماكن يف العالم، تأخذ عودة »املطرود« أشكال تصفية حسابات

تاريخية، إذ إن األطراف املتنازعة تتذرع يف معظم األحيان بالرشعية ذاتها لقتل اآلخر. وهل هناك ما يدفع إىل االعتقاد

الخيال، هذا فإن اآلخر؟ تجاه والعنف التعصب بذور عىل جوهره يف ينطوي املقدس بالشأن املرتبط الخيال بأن

يف ذلك ويتجىل واملكان، الزمان يف متباين نحو عىل اآلخر تصور إىل يدفع كالقرآن، مقدسة نصوصا يستغل عندما

أو من بعض املقدس النص من بعض مقاطع تستمد الحقا التي أو القصص األسطورية، والشواهد األولياء قصص

االجتهادات الفقهية.

وال يمكن تصور التسامح ذهنيا يف بعده العاملي إال من خالل نقيضه، أال وهو التعصب. وإن العنف يف كلتا الحالتني

تمارسه الذات ضد الذات أو الذات ضد األخر يف كثري من اللغات. واللغة العربية ال تمثل استثناء، فمصطلح التسامح

له، انطالقا من ميزان مستمد من جذور تعرب عن املعاني من خالل مشتقاتها، بحيث ترسم حقال دالليا ملا يمكن تحم

ل اآلخر، وينقص من قيمة من يجري تحمله، مقننا بذلك العالقة بني االثنني لصالح قوى يضفي رشعية عىل من يتحم

األول.

تعدد معاني املفردات

ل »حم املتعدي، استخدامه يف أيضا، يعني ولكنه حامال«. أصبحت طفال، حملت نقل، »حمل، يعني جذر »حمل«:

أو محتوى أو شخصا«، أو حتى فكرة بما تحمل يف طياتها من عنارص ل عبئا فالنا«. وبصورة عامة، فإن فكرة »تحم

والجذر للرفض. وقابل غري مألوف ما هو تقبل من ليتمكن املرء يبذله جهد عىل تنطوي أو عشوائية، غري محددة

ذاته يف شكله السادس املتعدي، أي »تحامل«، يعني: أبدى تعصبا وتحيزا وتزمتا طائفيا تجاه شخص أو حتى تجاه

نفسه، بمعنى أنه »ضغط عىل نفسه، وألزم نفسه، وجار عىل نفسه«.

املتعارف املعايري إطار يف و«التساهل« بـ«الرقة« يتعلق املعاني متعدد سياق إىل الجذر هذا معنى يحيل »سمح«:

عليها. وال يقصد يف هذه الحالة التحمل أو املعاناة، بل القدرة عىل الصفح ومنح اإلذن والسماح باألمر، وهذا يعني يف

التسامح في كلمات

68

وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا

القرآن

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

69

جميع الحاالت استخدام املرء حريته الخاصة من أجل قبول بعض األمور. أما األفكار املتمثلة يف »اإلحسان، والصفح،

عنها التعبري فيتم والتسامح«، والتوفيق، والتساهل، واالستثناء، اإلذن، ومنح اإلمكانية، وإتاحة والتيسري، والرقة،

بالعلمانية املتسمة املعارصة، واإلسالمية العربية البلدان ففي اشتقاقاته. بمختلف الجذر هذا خالل من جميعها

اللغة بنت عليها، التصويت جرى دساتري تمتلك والتي اإلنسان، لحقوق العاملي اإلعالن عىل عة واملوق كبري، حد إىل

بنيتا »املسامحة«. وتنطوي أيضا الذي يسمى »التسامح« »سمح«، مفهوم للجذر الرابع الشكل من انطالقا الحديثة،

هذين املفهومني عىل فكرة التبادل ألن التسامح يف هذه الحالة املحددة ينطوي عىل عالقة تكافؤ بني كائنني، يبنيها كل

منهما من خالل تخليه النسبي عن معايريه الخاصة. وينطوي التسامح وفقا لهذه الرشوط عىل عالقة تكافؤ متبادلة

واإلسالمية، العربية البلدان معظم يف خاص، بوجه الديني التسامح يقوم املنطلق، هذا ومن املواطنني. بني وفاعلة

اآللية من مستمدة مفاهيم وهي واألمة، والجمهورية واملواطنة املدني باملجتمع خاصة مفاهيم عىل سلوكا، بوصفه

التاريخية لعلمنة املجتمعات العربية واإلسالمية، التي بدأ تطبيقها منذ القرن التاسع عرش وال يزال جاريا حتى اليوم.

الجذر مبارشة إىل معنى أقل خشونة من معنى »حمل«. وهو يعرب عن كل ما هو »سهل، ورقيق، »سهل«: يحيل هذا

الثاني معنى عملية تسهيل أمر ما لشخص ما، وتذليل الصعوبات. وبسيط، ويسري، ومستو«. ويحمل الشكل املشتق

ولكن الشكل الرابع، أي »التساهل«، هو الذي يعني التسامح والتوفيق والتفاهم.

يف النص املقدس وتفسرياته

يف التسامح معيار ما يبدو عىل وتمثل الجزائر، غرب جنوب يف واقعة واحة يف تروى األولياء قصص من قصة ثمة

مجتمع إسالمي كانت الجماعات اليهودية فيه عديدة ونشطة للغاية:

»كان سيدي بهنيني قد أسس زاوية يف زغلو، يعلم فيها القرآن والعلوم األخرى، ويستضيف فيها الفقراء

للنوم، وذهبوا العشاء الضيوف طعام تناول جميع أن وبعد األيام، من يوم ويف عابر سبيل. وكل ضيف

تناول الطعام: »هل تقديم بمهمة املساء ذاك املتطوعني لخدمته كان يضطلع يف بهنيني ألحد قال سيدي

»انظر قائال: وأرص راضيا لم يبد السيد ولكن »نعم سيدي!« املتطوع: فأجابه العشاء؟« الضيوف جميع

بقوله: ليؤكد عاد ثم الباحة يف بجولة وقام املتطوع فخرج بعد«. لم يأكل شخصا ترى فقد الخارج، يف

ادعه الخارج. يف رجل هناك يزال »ال قائال: بهنيني سيدي فأجابه سيدي!«. الخارج، يف ألحد وجود »ال

م له الطعام الذي هو من حقه!« فاحتج املتطوع قائال: »ولكنه ليس سوى يهودي!« فقال السيد: »هل وقد

أصبحت الحني، ذلك ومنذ الفور!« عىل واملرشب املأكل له م قد الله؟ خليقة أم خليقتك هو اليهودي هذا

تخصص يف زاوية سيدي بهنيني حصة من السميد وقطعة من الدجاج لكل يهودي عابر سبيل، بوصفها

وجبة ضيافة.«

بها أدارت التي الطريقة ما يبني العربي املغرب يف اإلسالمية املجتمعات خيال يف املغزى ذات القصة هذه وخلفت

ال يحتضن املجتمعي الخيال فإن الجماعات. مختلف بني العالقات خلت، قرون منذ املسلمني، جماعات مرجعيات

االجتماعية العالقات تنظيم ويف والتصوف الروحانية يف متمثال فيها اإلسالم كان منطقة يف مجردة قانونية مفاهيم

اتخذه الذي القرار فإن القانون، إىل االستناد أنه ال يجري هنا ذاته، ومع الوقت الفقه، عىل حد سواء. ويف من خالل

السيد متسق تمام االتساق مع نهج الفقهاء السديد.

أصبحوا أناس بني الطعام يف تشاركا بوصفها الحج أثناء أو يف دينية زاوية يف الطعام تقديم عملية قراءة ويتعني

احتماالت كل بذلك واستبعدوا وملح«، »بينهم خرب إذ صار متساوين، الرمزي، العمل هذا الواقع، ومن خالل بحكم

التسامح في كلمات

70

ال يؤمن أحدكم حتى يحب ألخيه ما يحب لنفسه.

حديث

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

71

ما هو نطاق يف يندرج الطعام يف التشارك تعميم فإن وبذلك بينهم. فيما العنف أو استخدام لبعض بعضهم إيذاء

الله الدوام. وملا كان املائدة مفتوحة عىل الله وتكون فيها إنه نشأ يف إطار مؤسسة يجري فيها تعليم كالم إذ مقدس،

الكيان بتقليص الرشخ ويحدث جمعاء. اإلنسانية بذلك يشمل الطعام يف التشارك فإن اإلنسان، إىل القرآن يف يتوجه

يمارسه الذي التمييز وهذا يهودي. عىل اإلنسان صفة بإنكار الزاوية يف للخدمة املتطوعني أحد يقوم عندما البرشي

الدائم ثم فإن الخطر الناجم عنه. ومن أحد ممثيل املجتمع اإلسالمي يحدث اضطرابا يخل باملرسوم اإللهي وبااللتزام

املتمثل يف اللجوء إىل العنف وقطع عالقة التكافؤ الشاملة بني بني البرش يصدر عن املجتمع.

اإلسالمي املجتمع تذكري هو أولهما مستويني: وعىل مرتني أصلها إىل الروابط فيعيد الله، صديق بهنيني، سيدي أما

أن يكون يهوديا؛ وثانيهما هو قبل الله إنسان وهو خليقة اليهودي هو بأن أي الله، لديه( برشيعة للخدمة )املتطوع

اليهودي معاملة هذا الشخص كما يعامل سائر بني البرش وكما يعامل املسلمون يف املقام األول. وبذلك يحظى الرجل

)الناس(: البرشي الجنس الواقع مخاطبا يف الله ويقول آدم. من املتحدرة الله جميعها غرار مخلوقات بالضيافة عىل

)القرآن، ونساء« كثريا رجاال منهما وبث زوجها منها وخلق واحدة نفس ن م خلقكم الذي ربكم اتقوا الناس أيها »يا

سورة النساء، اآلية األوىل(.

عقد أحكام بكامل للمسلمني، قديس داخل حرم االنتفاع، اليهود للرجال ال يجوز – التسامح عقد يربم وهنا – ولكن

بني من لكونهم إال لهم ال تحق غري أنها مشكلة، أي ال تطرح لهم الواجبة العامة فالضيافة آدم. أبناء بني التكافؤ

أنهم بذلك يؤكد لهم مختلف طعام تخصيص يف يتجىل باختالفهم االعرتاف فإن غري مسلمني، من أنهم وبما البرش؛

يهود من »أهل الكتاب«، عىل غرار املسلمني واملسيحيني.

أكانت سواء والقانونية، والسياسية التاريخية تجلياته وبني بينه الخلط ال يجوز الله، لكالم ناقال بوصفه واإلسالم،

جيدة أم سيئة. ولكن تفسري القرآن كان دوما يفيض إىل مشكالت تتعلق بجملة أمور منها العالقات بني املسلمني وغري

»الرحمة« )فكلمة الرحمة دين هو اإلسالم أن عىل املسلمني جميع ويتفق الله. وصايا تنفيذ طريقة وحتى املسلمني

أصل 114 سورة، من »اإلنسان« يف 45 سورة إىل الله وتتوجه وصايا واملساواة. والعدالة القرآن( يف مرة مكررة 79

بمسؤولية يضطلع من هو إنه إذ اإليمان، أو عدم اإليمان يف الحرية له اإلنسان أن حني يف مرة، 245 »الناس« وإىل

الرشد من الغي ين قد تبني إكراه يف الد كيانه وأعماله أمام الله. كما أن العنف واإلكراه يف الدين أمران مرفوضان: » ال

سورة )القرآن، عليم« سميع والله لها انفصام ال الوثقى بالعروة استمسك فقد بالله ويؤمن بالطاغوت يكفر فمن

البقرة، اآلية 256(.

نموذج من ملا تمثله املسلمون بها يهتدي أن املفرتض من الذي )السنة( »األحاديث« تقليد اإلسالم نبي خلف وقد

للسلوك البرشي. فهناك أكثر من 2000 من األحاديث التي تم جمعها والتي تبني الطريق والطريقة الواجب اتباعها يف

مجمل العالقات اإلنسانية. وفيما يخص التسامح، اتسم موقف النبي محمد ببعد عاملي وحس قوي باملساواة والرحمة.

أنهم كانوا يف األوثان مساعدة مالية كبرية مع أهل مكة إىل القحط أرسل النبي يف إحدى سنوات أن وينقل عن حديث

حالة حرب ضده. ومن بني العديد من األحاديث يمكننا ذكر أشهرها وهو: »الناس سواسية كأسنان املشط«. فالحداثة

يف الحديث واضحة كل الوضوح. ولكن لألسف ال يسلط الضوء عليها إال نادرا مع أنها تتسم ببعد عاملي وتنطوي عىل

فكرة التسامح بمعناها األكثر حداثة. ويف املرجع األخري، أال وهو القرآن، ال تنفك الصورة التي ترسم لغري املسلمني تثري

عليهم املحكوم العرب لألوثان فخالفا باملسلمني. هؤالء تربط التي الفعلية التاريخية العالقات إىل بالنظر االستغراب،

بالجحيم عىل الدوام، فإن »أهل الكتاب« )أي املسيحني واليهود(، هم موضع العديد من كالم الله، ومنه ما ييل:

وإلهنا إليكم وأنزل إلينا أنزل بالذي آمنا وقولوا منهم ظلموا الذين إال أحسن هي بالتي إال الكتاب أهل تجادلوا »وال

وإلهكم واحد ونحن له مسلمون “ )سورة العنكبوت، اآلية 46(.

التسامح في كلمات

72

ال إكراه ين في الد

القرآن

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

73

هيئة قضائية لغري املسلمني

اإلسالمية، املجتمعات يف يعيشون الذين أولئك مع وال سيما غري املسلمني، مع اإلسالم بالد يف العالقات تقنني جرى

وذلك من خالل نتاج قانوني وفري. فالقرآن ال يمثل الفكر الديني، بل إن الفكر الديني قد تطور بوجه خاص يف نطاق

الفقه؛ فهو نتاج أناس لجأوا إىل سن القوانني تماشيا مع العصور التي عاشوا فيها وتبعا للقضايا السياسية الخاصة

التي كانت تواجههم. وهذا يعني أن القانون الخاص باملحميني )الذميني( اليهود واملسيحيني والهندوس والزرادشتيني

يتميز ببعده التاريخي. وانطالقا من اآلية الوحيدة يف القرآن املتعلقة بغري املسلمني والتي تتناول أمر حمايتهم مقابل

نظام إىل املوضوع بهذا يتعلق فيما اإلسالمية الفتاوى ل تتحو بدأت ،)29 اآلية التوبة، سورة )القرآن، الجزية دفع

العمل بفرض بدأ الخليفة، للميالد(. وابتداء من عهد هذا العزيز )730-717 الخامس عمر بن عبد الخليفة يف زمن

الجزية عىل نحو منهجي، وظهرت أوجه التمييز فيما يتعلق باللباس والعمران واألمور املجتمعية، وما إىل ذلك.

وتقترص الجزية أوال عىل كونها رضيبة تعويضية لقاء التمتع بنوع من أنواع الحق يف االختالف لعدم اعتناق اإلسالم.

الحفاظ عىل يف السند، إقليم العربي وحتى املغرب إىل إسبانيا مكان، من الحق، يف كل املسلمني لغري كان ذلك، ومع

العصور كان العديد من إنه يف الخاص، وتعيني رئيس لكل جماعة منهم، حتى بقانونهم يتعلق ذاتي فيما استقالل

يتعلق فيما واملالية والدينية اإلدارية السلطات بجميع يتمتعون املثال، سبيل عىل الرشق، يف املسيحيون البطاركة

التي فالرصامة أخرى. إىل منطقة ومن آخر إىل زمن من املتغرية التسامح عتبات تحدد القوانني وكانت بجماعتهم.

األزمات يف مجددا تظهر كانت محدود، بقدر إال االزدهار فرتات يف عمليا تطبق لم تكن والتي عمر، بها يتميز كان

السياسية واالقتصادية واالجتماعية. وقد ترافقت غزوة املوحدين إلسبانيا )عام 1146(، عىل سبيل املثال، بشبه إلغاء

جميع كانت املرشعني، بني التباين أوجه من الرغم وعىل عامة، بصورة ولكن الدينية. األقليات تحمي التي للقوانني

العليا والقيادة القرار أصحاب وتداول والترشيع بالسيادة املتعلقة الوظائف باستثناء الكتاب«، »ألهل متاحة املهن

العالم امتداد عىل القاعدة تثبت استثناءات وثمة دينيا. اختصاصا تقتيض وظيفة أي عام، وبوجه اإلسالمية، لألمة

اإلسالمي. ولنذكر عىل سبيل املثال صموئيل بن نغريال، وهو يهودي شغل منصب رئيس وزراء وخازن وقائد للجيش

يف عهد باديس بن حبوس الزيري أمري غرناطة، الذي كان قد استثار غضب عالم الدين والفقيه ابن حازم يف مستهل

األلفية الثانية.

مساواة مبدئية وأوجه تمييز يف الواقع

لنئ كانت عتبات التسامح أو انعدام التسامح يحددها الفقهاء، أي أنها متغرية إىل حد ما، منذ ظهور اإلسالم وانتهاء

ظل ويف اإلسالم بالد يف املسلمني لغري الحقيقية القانونية األوضاع فإن ،1924 عام يف العثمانية الخالفة بسقوط

حدثت تقريبا، األخرى األماكن جميع ففي اإليبريية. الجزيرة شبه يف سوى للمقارنة قابلة لم تكن املسيحي الحكم

مجازر وعمليات طرد أفضت إىل ترحيل اليهود من أوروبا. ولكن األنظمة السياسية تتغري. ففي عام 1492، استعادت

إسبانيا الكاثوليكية غرناطة من أواخر االستقالليني املسلمني وطردت منها اليهود. فاستعاد هؤالء وضعهم يف املغرب

اإلمرباطورية وقامت أيضا. الصفة بهذه الثاني باجازيه العثماني السلطان استقبلهم إذ محميني، بوصفهم العربي

العثمانية يف عام 1856 بإلغاء وضع املحميني هذا وحقوق االرتفاق املرتبطة به. ويف أواخر القرن العرشين، واعتبارا

السيايس والنظام واملكان للعرص وفقا أنه، يبدو وهكذا السودان. يف القانوني الوضع هذا أعيد ،1989 عام من

املتعلق النبي لحديث ومغفلة األمراء بمصالح مرتبطة وتفسرياتها املقدسة النصوص قراءة تظل الدينية، والشعائر

باملساواة بني البرش18

أحمد بن ناعوم

التسامح في كلمات

74

اللغة الهندية

من أجل التعايش السلمي بني الفئات املتعارضة

املصدر من املشتقة ، sahisnuta بكلمة »التسامح« مفهوم عن التعبري عىل الهندية اللغة قواميس جميع تتفق

sahisnuta اسم يتحىل وبينما الفرنسية. اللغة يف الحال كما هو ال يرس«، أمرا تحمل تسامح، يعني« الذي sahana

dharmik عبارة تعني املثال، التسامح. فعىل سبيل هذا دائما صفة توضح طبيعة وترافقه إيجابية بقيمة حديثة

sampradayik التسامح اإليديولوجي«، أما عبارة« vaicarik sahisnuta التسامح الديني”، كما تعني عبارة“ sahisnuta

udarta مصطلح التسامح معنى لتأدية القواميس يف كما نجد الطوائف”. تجاه التسامح تعني« فهي sahisnuta

ويقصد به »التحرر أو الكرم« ويشمل »فكرة االمتناع عن حظر أمر أو فرضه بالرغم من امتالك القدرة عىل ذلك«.

ممارسة ذات تاريخ طويل

يدركون كانوا الهنود فاملفكرون والقانوني. والسيايس الديني الهند تاريخ كل بها تميز سمة التسامح مفهوم كان

)Weltanschaung( دائما تعدد األعراق والديانات الذي تتسم به شبه القارة الهندية. ولهذا السبب فقد وضعوا مفهوما

للتسامح يتقبل خصوصية كل فئة اجتماعية )varna( يف كل مجموعة إقليمية )dés( يف كل زمان )Kal(، مما جعل رجل

القانون اإلنجليزي يقول: »اليشء الذي يتسامح معه الهنود هو تعايش الفئات غري املتوافقة !«.

قبل 232-273( أشوكا اإلمرباطور أمر فقد هذه، التسامح فكرة ممارسة عن عديدة أمثلة الهند تاريخ يف ونجد

امليالد( بأن تنقش عىل األعمدة أو عىل الصخور يف أماكن مختلفة من إمرباطوريته مراسيم تقتيض من رعاياه احرتام

جميع املعتقدات وجميع الطوائف الهندية، ووضع الالعنف كعقيدة لدولته.

للنظر. الفتا امليالدي بكثري، تسامحا العرص ) مانو ويجنافلكيا وكنتيليا(، قبل الهند األوائل يف أظهر املرشعون وقد

األعراف جميع يحرتم وأن املهزوم الشعب ملصالحة وسعه ما يف كل يبذل أن املنترص امللك من يطلبون كانوا فقد

والعادات لذلك البلد، بما فيها التقاليد العائلية. ويقع هذا األمر عىل نقيض املمارسة الغربية، التي تقيض بأن يصبح

دين امللك املنترص تلقائيا دين الشعب املهزوم.

قام إذ نفسها، هذه التسامح بفكرة )1605-1542( “أكرب” العظيم املغويل اإلمرباطور اسرتشد الحق، عرص ويف

اإلمرباطور “أكرب” معتادا الهندوس(. وقد كان تمييزية ضد الجزية )وهي عبارة عن رضائب إلغاء بإصدار قوانني

حتى عىل عقد اجتماعات تتاح فيها ملمثيل جميع الطوائف واألديان فرصة تبادل األفكار بحرية.

االحرتام و التسامح والالعنف

يف حتى وذلك والتسامح، )Ahimsa( الالعنف فكرة عن قويا تعبريا للبوذية، معارصة ديانة وهي اليانية، عربت

Syadvadaو التأكيدات( تعدد صحة )أي Anekantavada مفهومي خالل من املعرفة، وعلم الوجود علم ميداني

)عقيدة املمكن(. ويعترب اليانيون أن كل واقع أعقد من أن يعرف بأنه مطلق، مما يفيض إىل مفهوم نسبية كل تأكيد.

التسامح في كلمات

75

كل المدن واحدة، وكل الشعوب إخوة؛ وال يأتيك الخير والشر

من اآلخرين.

بورانانورو )القرن الثاني(

التسامح في كلمات

76

وكان ، Bhakti حركة وهي الهندية، باللغة وصوفية أدبية حركة نشأت عرش، الخامس القرن من وانطالقا

منشدها الرئييس هو الشاعر »كبري« الذي استنكر أية روح تعصب لدى علماء الهندوس واملسلمني، وكان يعتربهم

مغرورين وجاهلني. ولقد كان لروح التسامح لديه تأثري بالغ عرب القرون عىل طاغور وغاندي.

:)Satyagraha السيايس املجال يف لها تطبيقا والالعنف التسامح فكرة تجد )1948-1869( غاندي عقيدة ويف

إىل فبالنسبة . الهند«( استقالل أجل من النضال يف السلبية واملقاومة الحقيقة عن الدفاع عىل »اإلرصار وتعني

هذه من النهائي والهدف وفهمها. نظره وجهة احرتام بدون الخصم ضد النضال نتصور أن ال يمكن غاندي،

املعركة هو تغيري قلب الخصم بدون اللجوء إىل العنف. وسيعيد تناول هذه الفكرة يف األدب الهندي الحقا الكاتبان

الكبريان برمشاند و جينندرا كومار. وعىل الرغم من عدم اتباع فكرة التسامح يف أوقات األزمات الكبرية التي مرت

األعىل املثل هذا أبدا ال ينىس والروح، املبادئ حيث من الهندي، الفكر إن نقول أن وسعنا يف ال يزال الهند، بها

املتمثل يف التسامح.

بنغايل كومار جاين

التسامح في كلمات

77

تتمثل حكمة معلمنا بأكملها

في السعي الذاتي إلى الكمال

وفي محبة اآلخرين كمحبة الذات.

كونفوشيوس )4٧9-551(

التسامح في كلمات

78

اللغة الصينية

دمج األضداد و املتناقضات

فهو خاص. بوجه الصني يف يفكر كان ،1763 عام يف التسامح” يف “مقالة املشهور كتابه فولتري كتب عندما

املفكرة. والكائنات املادة ومنظم يشء كل عىل القادر واللبيب، السامي الكائن باسم »التسامح« فكرة عن يدافع

ولقد الشخصية. طريقته عىل بالله وإليمانه للربوبية مثال خري الصينيني العلم أهل ديانة يف الفيلسوف فريى

موجودة التسامح فكرة كانت واذا للمادة، منظم أي إىل ال تستند الصينيني العلم أهل ديانة إن إذ فولتري، أخطأ

إجماال وحقيقية يف اإلمرباطورية الصينية، فذلك ألن التعصب موجود يف أماكن أخرى.

كل الحقائق نسبية

يف الصني وعىل عكس ما هو عليه الحال يف الغرب، ال يوجد يشء فيما وراء القوى غري الشخصية يحكم سري العالم،

كما أنه ال توجد أي قوة مقدسة وال أي ألوهية خارقة. فالنظام الوحيد ينتج عن طبيعة األشياء وعن الروابط التي

تنسجها األشياء فيما بينها. وتكمن املعرفة يف اكتشاف ما يربط هذه األشياء من صالت التطابق املتعددة، مثل تلك

التي تربط بني العالم اإلنساني الصغري والعالم الكوني الكبري.

وبما أن املجتمع والطبيعة ال يمثالن عاملني مختلفني، فال توجد هناك حقائق أبدية وثابتة، بل توجد حقائق نسبية

للقوى الدقيق التوزع من مخاوف تنتابه الصيني الفكر فإن ولذا واألوضاع. واألزمنة األماكن عىل تعتمد فقط

إىل معرفة أغراض عملية، من انطالقا الفكر، اآلتية، ويرمي هذا التطورات املكان والزمان وتسبب التي تنشط يف

االجتماعي. وتنشأ النظام التي تحكم الكونية املبادئ العقالني الكتشاف املنطق املتغري واستخدام العاملي النظام

إىل إال لن نتوصل وأننا يتغري بأن كل يشء القائلة ثابتة والفكرة أي عقيدة االستقالل عن بذلك عالقة وثيقة بني

ينفر للكون، والعالئقي التنظيمي املفهوم إىل أخرى جهة من الصيني الفكر يستند وإذ ونسبي. مؤقت ما هو

اإلدماج: منطق يعتمد بل - صينية ليست فاملانوية - بينها فيما مواجهة يف ووضعها املتناقضات استبعاد من

فالنقيضان املتكامالن يشكالن نسيج الكون ويمثالن بالنتيجة الطبيعية نسيج عالم البرش.

املسيحية الديانة من الجوهر، حيث من ، تسامحا، أكثر نشأتها منذ الصينية العاملية النزعة أن يتبني ثم ومن

هو الصيني الديني التسامح لكن أخرى. ديانات لوجود ومعادية مطلقة رسالتها حقائق يف تحمل التي الناشئة

أقل ليبريالية إذ إنه يخضع ملبدأ النظام الشمويل والكوني واالجتماعي الذي يمثل فيه »ابن السماء« و بريوقراطيته

مسألة إىل أوال التعصب تطرق حيث أوروبا بني الواضح التباين ينشأ هنا ومن املبدأ. هذا عن البرشي التعبري

أديان وبعض الدولة بني السياسية الرصاعات خالل التعصب يمارس كان حيث الصني وبني الدينية الحقيقة

يف رائعا عهدا شهدت أن بعد بريقها تانغ إمرباطورية فقدت وعندما سلطتها. من جزئيا أفلتت التي الخالص

وكراهية الوطني التعصب عىل قائمة عنيفة حملة الكونفوشيوسية علماء شن الثامن، القرن من األول النصف

اقتصادية قوة تمثل أصبحت التي البوذية وال سيما األجنبية، األديان تحريم إىل خاص بوجه أدى مما األجانب،

الالذع لإلكلريوس بالحجج االقتصادية والسياسية واالجتماعية، لكنه ال يستند النقد وسياسية حقيقية. ويسرتشد

إىل أي أساس من النقض الديني، وذلك بسبب عدم وجود حقيقة عقائدية يف الفكر الصيني.

التسامح في كلمات

79

ال تفعل باآلخرين ما ال تريد أن يفعلوه بك.

كونفوشيوس )4٧9-551(

التسامح في كلمات

80

التسامح فضيلة إنسانية

القديمة العصور نهاية شهدتها التي الجديدة األفكار ووفرة القديم النظام إليه وصل الذي االنحطاط سياق يف

ren الصينية )من القرن السادس إىل القرن الثالث قبل امليالد( ابتكر كونفوشيوس، الفيلسوف املتجول، مصطلح

الذي يرتجم غالبا بكلمة »اإلنسانية«، وهو أساس املفهوم الصيني للتسامح، ويجمع املصطلح الصيني الذي يمثل

هذه الفكرة بني صورة رجل ورقم اثنني، ويؤدي بذلك فكرة العالقة بني رجلني.

وبعيدا عن معاملة البرش عىل قدم املساواة الروحية تجاه الله، كما هي الحال يف املذهب اإلنساني الغربي، فالفضيلة

اإلنسانية التي نادى بها كونفوشيوس تكمن يف معاملة البرش بطريقة مختلفة من شخص إىل آخر وفقا لوضعهم

الذي فالفرد اإليمان. من مساعدة بدون األخالقي الكمال إىل السعي فيجري الشخصية. أو أمزجتهم االجتماعي

أن ومع الحقيقية. طبيعتها إىل التوصل له يتسنى بحيث األشياء استقامة مع يتحد االجتماعية الطقوس يحرتم

الفضيلة اإلنسانية، التي تتمثل يف حب اآلخرين، ال تثبت أبدا عىل معنى واحد، فإنها تبدو مؤلفة من خمس فضائل

تلميذ كونفوشيوس، بالوعود واالجتهاد والكرم. فعندما طرح جيغونغ، رئيسية، وهي: االحرتام والتسامح والوفاء

،)shu( »شو« كلمة أنها أجاب بأكملها؟ حياة عمل توجه أن املمكن من التي الكلمة ما هي قائال: عليه سؤاال

أنها أيضا املثبت من ولكن أو املراعاة«، أو الدماثة »اإلحسان بما يعني الصينية اللغة علماء يرتجمها كلمة وهي

مرادف لكلمة »كوان« )kuan(، أي التسامح.

التوفيق إمكانية ما يتيح اإلنسانية من حيث هي الفضيلة إطار »التسامح« يف »kuan« عن فكرة ويعرب مصطلح

أما متسامح«. كريم، الصدر، »رحب يعني صار ثم كبري« »بيت إىل األصل يف ويشري األفراد، من عدد أكرب بني

اتخذ معنى »هادئ، قرير املقام األول »احتوى«، ثم Kuan«« فهو يعني يف القريب من مصطلح »rong« مصطلح

الجذر أن هذين املصطلحني متكونان من نفس العني، حليم«، وأصبح معناه أخريا »سخي« و«متسامح«. ويتبني

ولعل و«االحتواء«، »السعة« فكرة قائم عىل التسامح فمعنى إىل جزء صوتي. إضافة »السقف«، بمعنى »mian«

وإنما واملتناقضات األضداد استثناء إىل ال ينزع الصيني الفكر عىل عزيز مبدأ وهو التضمني، ملبدأ انعكاس ذلك

يدمجها يف كل.

محنة الفوىض السياسية

لم يجد العزم السيايس عىل الرجوع إىل النظام يف العالم الذي نادى به كونفوشيوس أي صدى لدى الحكام آنذاك،

إىل وضع الرجوع التسامح فكرة الطاويون يف تطرفها. ورأى إىل أدى املختلفة الفكرية التيارات ما بني فالرصاع

طبيعي بدائي متسم بوجود جزر معزولة بعضها عن بعض حيث يموت السكان يف شيخوختهم دون أن يكونوا

منشيوس ال سيما غري متسامحة، وبدت االستبعاد مبدأ إىل املفكرين أغلبية ودعت ببعض. بعضهم اتصال عىل

كان فقد اإليديولوجي، الصعيد عىل .أما األفكار مناقشة من ويرتاب أهليتهم معارضيه عىل ينكر كان الذي

الربنامج األكثر واقعية يف الفرتة التي سميت »حقبة املمالك املتحاربة” هو برنامج رجال القانون الخاضعني ألوامر

أهل ويقمعون السياسية الفوىض إنهاء إىل الرامي الشمويل النظام أنفسهم رسل يعتربون كانوا والذين “كوين”

العلم ويتلفون الكتب. ويف العهد الذي تاله، أي يف ظل حكم جماعة »هان«، صار أهل العلم جزءا من آلية الحكومة

بعد إال املؤسسة هذه يف النظر إعادة تتم ولم املخاطر(، من ال يخلو )وهو االحتجاج يف الحق إال لديهم يعد ولم

نهاية اإلمرباطورية الصينية يف أوائل القرن العرشين.

جان فرنسوا فرينيو

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

81

اللغة اليابانية

السلطة والنسبية

الصينية. اللغة يف تستخدم التي ذاتها الرموز تركيبات باستخدام اليابانية اللغة يف »التسامح« فكرة عن يعرب

اللفظية املقاطع مع تشكل التي )اإليديوغرام( الصينية الرمزية الصور كما نعلم، الصني، عن اليابان أخذت وقد

أن ال يعني وهذا اليابانية. الكتابة نظام مكونات من مكونا الغربية، اللفظية واملقاطع و«كاتاكانا« »هرييغانا«

ممارسة »التسامح« قد اتبعت نفس املسارات أو تناولت نفس األمور يف تاريخ اليابان منذ نشأته وحتى يومنا هذا،

وال أن ما قد يبدو لنا من وجهة نظرنا كمظهر من مظاهر »التسامح« هو نتيجة التباع النهج نفسه.

غياب املركزية

يفرس مما العالم، محيط يف تقع أنها اليابان اعتربت الوسط، إمرباطورية نفسها نصبت التي للصني خالفا

الخارجية الثقافات تكييف عىل قدرتها تنشأ أيضا هنا ومن عليه. اطالعها وحب الخارجي بالعالم اهتمامها

القديم فيه يتجاور عاملا اليابان اعتبار املمكن من ولذا الغرب. وثقافة الصني ثقافة ومنها احتياجاتها، بحسب

بمثابة هي التجربة هذه أن األصليون السكان يشعر أن دون من والحديث والبايل والتقدم والتقاليد والجديد

املحلية األديان مع تعايشت التي املسيحية الديانة اإلقطاعيني من العديد اعتنق عرش، الخامس القرن ويف بدعة.

“يكمن الذي التسامح، هذا أن األكيد ومن الشنتوية. الديانة مع اندمجت التي البوذية الديانة ال سيما األخرى،

يف االعرتاف بوجود طريقة تفكري أو طريقة ترصف عند اآلخرين مختلفة عن الطريقة التي نعتمدها” )تعريف

للمصطلح الفرنيس مقتبس من معجم Le Petit Robert(، قد يكون ناتجا عن دوافع ذات أغراض معينة، فقد استند

اإلقطاعي الكبري نوبوناغا إىل الديانة املسيحية ملحاربة البوذية غري السلمية. وما دامت الغريية ال تهدد السلم األهيل

أو التوافق، فإن الغياب التام يف اليابان للنزعة القائمة عىل بغض ما هو جديد، إضافة إىل نوع من االنتقائية، أدى

إىل نشوء عالم أكثر وعيا وأكثر انفتاحا عىل جوانب االختالف والتجديد التي يأتي بها هذا اآلخر القادم من الخارج.

عدم القدرة عىل تصور املطلق

Dictionnaire de la الفرنسية: باللغة الصادر اليابانية الحضارة معجم )يف إيشيكاوا هريويش للسيد وفقا

وجود »بعدم أي أو التوحيد«، األحديه “بانعدام الياباني الفكر يتميز ،)1994 ,civilisation japonaise, Hazan

األصلية الخطيئة يعارض الذي اإليجابي” الحيوي “املذهب أي التوفيقية، تيسري إىل يميل الكون« لنشأة مرجع

امليتافيزيقا تدل عىل رفض الحياة واأللعاب. ويمثل كل ذلك صفات تذوق البوذي ويتجىل يف أو التجرد املسيحية

الذي التسامح التمسك بأي مركز اهتمام عىل اإلطالق، كما يمثل صفات تميز فضاء »تسامح » يختلف عن وعدم

،)Le Petit Robert ذلك«)معجم عىل القدرة امتالك من بالرغم أمر فرض عن واالمتناع »التساهل فكرة يف يتمثل

الياباني الفرد بأن الصدد نذكر يف هذا أن املطلق. ويكفي القدرة عىل تصور الناجم عن عدم التسامح وإنما هو

دينيا أحدهما زواجا يتزوج يف أن أو حتى أو الكنيسة، املعبد و/ أن يدخل بوذيا، ويمكنه ويموت يولد شنتويا

من دون أن يكون لإليمان أي تدخل يف ذلك.

التسامح في كلمات

82

فكر بمحبة وعطف في كل الكائنات،

أيا كانت.

هونن )القرن الثاني عشر(

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

83

الغرب من أقل ما يبدو، إنه، عىل إذ العديد من جوانبه يف متسامح بأنه الياباني املجتمع أن يوصف املمكن ومن

حروب أية تقم كما لم اإلعدام، لحكم وجود هناك لم يكن »هيان” عهد ففي أو اختالفه: غرييته عىل للفرد إدانة

محرمات أية هناك يكن ولم التمرد، وحركات االنتفاضات قمع يف الرأفة وسادت عرش، السادس القرن يف دينية

يضم ال يزال لكنه االجتماعية، طبقته يف الفرد يحجز شمويل مجتمع أيضا هو الياباني املجتمع أن بيد جنسية.

منبوذين )الهينني والبوراكومني( ويحجب وجودهم يف بعض األحيان، لكنه يف النهاية مجتمع ذو سلطة ال تتسامح

الياباني يميل إىل الخضوع للمعايري، فإنه الرغم من أن هذا املجتمع مع أي نظام فكري يمكن أن ينافسه. وعىل

التي يفرضها املجتمع. القاعدة االجتماعية أو ال يخضع بطبيعته للمعايري يوفر مساحة معيشية ملن ينحرف عن

اليابانيني وتعالج اجتماعيا الغربيني مختلفة عن احتياجات ما تعترب احتياجات األجانب املثال، غالبا فعىل سبيل

لقبول ذهني استعداد عن تعبري فهو اليابان. يف “التسامح” لوجود ثمنا التقسيم هذا ويدفع النحو. هذا عىل

اختالف اآلخر ما دام من املمكن دمجه يف الفضاء اليومي عىل نحو ال يمثل خطرا عىل الوئام االجتماعي.

جريار سياري

التسامح في كلمات

84

افعلوا بنا ما تشاؤون، فهذا كل ما لدينا

من رد عليكم، يا أسيادنا.

حكماء من هنود األزتيك، 15٢4

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

85

لغة الكتشوا

قدر أم استعمار؟

ال تضم قائمة مفردات لغة الكتشوا مصطلحا يقرتب من مفهوم التسامح، لسبب بسيط وهو أن هنود األنكا كانوا

لم يمارسوا قط األنكا أن أتم وجه. فقد كتب غارسيالسو دي ال فيغا متشددين يف احرتام قوانينهم وتنفيذها عىل

حياتهم عىل اإلبقاء مع ثروتهم يف املجرمني معاقبة أن يعتربون كانوا ألنهم وال املصادرة الغرامات دفع عقوبة

ومنحهم ممتلكاتهم، من املجرمني تمثل حرمان وإنما من رشورهم، الجمهورية تخليص عىل العزم حقا ال تمثل

تعترب كانت همجية رصامتها تبدو قد التي القوانني وهذه الرش. من مزيدا يرتكبوا لكي نفسه الوقت يف الحرية

عادي أمر أي كان ولنئ إلههم. الشمس ويعتربون للشمس أبناء ملوكهم يعتربون كانوا األنكا ألن إلهية، قوانني

يصدره ملك األنكا يعترب إلهيا، فإن القوانني الخاصة التي كان يسنها تحقيقا للصالح الجماعي كانت تعترب إلهية

بقدر أكرب19

طريق عن ببيزارو اتصال عىل كان أتاوالبا أنكا آخر أرس حادثة تفاصيل أحد يف القوانني تلك قسوة وذكرت

الثانية عىل بريو. ويعتقد أن »فيليبيو« كان عىل إبان حملتهم الغزاة معهم إىل إسبانيا »فيليبيو«، وهو هندي أخذه

من القانون، رصامة ومن غضبه من يفلت لكي موته يتمنى كان السبب ولهذا أتاوالبا، صاحبات بإحدى عالقة

اشتكى اإلهانة، بهذه علم عىل أتاوالبا أصبح وعندما أخرى. جهة من العالقة، بهذه التمتع يواصل ولكي جهة،

أو املوت، وإنه يرى أن من غري املقبول إن تحمل هذا اإلذالل أصعب عليه بكثري من تحمل السجن إىل بيزارو قائال

تنال التي الجريمة لهذه قانون ينص عىل عقوبة نموذجية الواقع، كان هناك اإلهانة20. ويف عليه هذه تفرض أن

الشمس” عذريتها(، إحدى “عذارى مثال تفقد )كأن امرأة أم أكان رجال املذنب، سواء الجاللة. وكان من صاحب

ر يهج كان ذلك، إىل وإضافة حيواناته. وحتى أقربائه، وسائر وأطفاله وأخواته وإخوته والداه ويقتل حيا يحرق

ر املنازل فيها، وأخريا كانت تقطع األشجار وكل األعشاب يف القرية، تخليدا الناس من قريته، وينثر فيها امللح، وتدم

هذا إىل بذرة سيئة ولدت ألنها األبد، إىل وملعونة جرداء أرضا يرتك القرية مكان وكان الفظيعة. الجريمة لذكرى

القانون، هذا لتطبيق فرصة “فيليبيو” وقاحة تمثل أن املمكن من وكان كان سائدا. الذي القانون هو هذا الحد.

ولكن األنكا أتاوالبا لم يكن يمسك زمام السلطة يف ذلك الوقت وكان بيزارو متمسكا برتجمانه تمسكا شديدا.

وكان يراد لروح السلوك املثايل أن تسود يف الحياة اليومية ألفراد األنكا الذين كانوا يتبادلون التحية بتبادل شعار

العبارة لتحل محلها عبارات Ama llulla, ama suwa, ama qilla، »ال تكن كاذبا وال سارقا وال كسوال«. وزالت هذه

إسبانية مثل buenos dias ]نهارك سعيد[ أو vaya con Dios ]اذهب والله معك[. ولكن ذلك الشعار ينم عن يشء

يشبه مفهوم »عدم التسامح« تجاه املواقف التي كان يعتربها األنكا دنيئة. ومع ذلك فإن »عدم التسامح« ال يذكر

عن تختلف تلمس«، وهي »ال يعني والذي ama النفي املستخدم بصيغة األمر فعل من يستنتج والحظر باالسم

صيغة النفي التأكيدية mana، »ال يلمس«.

هل يمكن أن يعزى غياب مصطلحي »التسامح« أو »عدم التسامح« إىل االستعمار؟ ثمة أمر يجب مراعاته يف هذا

الصدد، وهو أنه عندما غزا اإلسبان بريو، شهدت لغة الكتشوا انقطاعا مباغتا وشهد مجتمع األنكا تراجعا فوريا.

وفرضت مجموعة من املحظورات وصحبها تدمري منهجي لحبال الخيبوس )khipus(، وهي »حبال رفيعة متعددة

األلوان تعقد بأشكال عديدة«، وإبادة للخيبوكمايوق )khipukamayuq(، وهم »أشخاص مسؤولون عن حماية هذه

التسامح في كلمات

86

الحبال وتفسري معانيها«. وإن قراءة كتاب Comentarios Reales ]التعليقات امللكية[ لغارسيالسو دي ال فيغا الذي

يروي انتفاضة توباك أمارو يف عام 211781 خضعت حتى للرقابة التي حظرتها.

أن يمكن الذي فما »التسامح«. مفهوم منهم( اللغتني يتقن من )حتى األنكا هنود لم يدرك هذا، يومنا وحتى

»يتسامحوا« فيه؟ فإن مصريهم لم يتغري منذ أن تم استعبادهم وال يتيح لهم وضعهم »التسامح« يف أي يشء كان.

تسري يف مجراها األمور فيرتكون الحمر الهنود أما السلطة. يتولون الذين هم أو األجانب أو املولدين البيض فإن

يتماشون وهم الطريقة بهذه مرسومة األمور نظرهم، يف ألن »يتسامحون«( إنهم نقول أن إىل ذلك )ويحدونا

يخص بزخ فالتسامح ويتحملون: ويصربون يتكبدون إنهم بل »التسامح«. ما هو األنكا هنود وال يعرف معها.

األقوياء وال يخص املقهورين.

غيدو كاراسكو

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

87

لغة الغونكوين

غياب الكلمة، ووقائع املمارسات

محافظة من الغربية الشمالية املنطقة يف أساسا بها ينطق كندا، يف األصليني السكان لغات من لغة الغونكوين

بمزيد وتنتمي الغونكوينية، للغات الكبرية العائلة إىل وتنتمي الشمالية، أمريكا لغات هنود لغة من كيبيك. وهي

من التحديد إىل العائلة الفرعية التي يطلق عليها اسم »عائلة الرشق املركزي« والتي تشمل اللغات التالية إضافة إىل

لغة الغونكوين: األوجيبويه، واملونتانييه، والكري، واألتيكاميكو، وامليكماك. وال توجد يف لغة الغونكوين )وال يف أي

لغة أخرى من اللغات الشديدة القرب منها( كلمة تعني يف حد ذاتها »التسامح«. ولكن من الالفت للنظر بوضوح

واملفردات النحو مستويي يف واضحا تجليا اللغوي الصعيد عىل يتجىل ناحية، من ذاته، »التسامح« مفهوم أن

املعجمية، وأن الثقافة املعنية تمثل، من ناحية أخرى، ثقافة متسامحة إىل حد بعيد. ومن املالئم بالتايل أن نناقش

مفهوم التسامح يف لغة الغونكوين، يف ظل غياب مصطلح محدد يف اللغة يمكن أن يرتجم بكلمة »تسامح«.

مجتمع منفتح ومضياف

سواء »لآلخر«، االحرتام شديدة الغونكوينية الجماعات وتعد »اآلخر«. احرتام ذاته التسامح مفهوم يتضمن

من األوروبيون بها تمكن التي السهولة منها أمور ذلك جملة عىل وتشهد الغرباء؛ أو تجاه ذاتها الجماعة داخل

االستقرار عىل أرايض الغونكوينيني وبمساعدتهم.

واألمر األول الذي يلفت النظر عندما ندرس طريقة عيش هذه الجماعات هو التنظيم القليل املراتب لديهم، مقارنة

وإنما للكلمة؛ الدقيق باملعنى »الرئيس«22 لتسمية تقليدية الغونكوينيني طريقة لدى ال يوجد وبذلك، بثقافاتنا.

ذلك ويؤدي بحكمتهم. يعرتف أشخاص أو عدة شخص عىل اآلراء توافق من نوع ذلك من بدال لديهم يوجد

فعل الغونكوين لغة يف ويوجد أو »قاد«. »أمر« بكلمة يرتجم أن يمكن فعل غياب إىل مثال اللغوي الصعيد عىل

dibenindan الذي يرتجم بعبارة »لديه سلطة«، أي أنه، بحسب هذه الثقافة، »يفرض احرتامه )بحكمته(«. ويبقى

احرتام يتجىل أخرى، ناحية ومن »اقرتاح«. إليه ه يوج عندما يطيع أو ال يطيع أن يف الدوام عىل حرا فرد كل

عىل مؤرشا األمر هذا نعترب أن يمكن سابري-وورف، فرضية وبحسب للغة. النحوي الرتكيب يف أيضا هذا اآلخر

تصور العالم لدى هذا الشعب. وخري مثال عىل ذلك هو تنظيم رصف األفعال )حيث ال تنطبق املالحظات عىل لغة

الغونكوين فقط، بل تنطبق أيضا عىل جميع اللغات الغونكوينية(.

الفعل عالمات رصفية تشري إىل هذا الفاعل ومع املفعول به عىل حد سواء، ويضم الفعل املتعدي يتطابق مع فإن

يضم متعد فعل كل فإن وبذلك لواحق. شكل يف وإما بوادئ شكل يف إما الرصفية العالمات هذه وتكون وذاك.

الفاعل كما ال بادئة والحقة يف الوقت نفسه، ولكن األمر الالفت للنظر يف هذا النظام هو أن البادئة ال تمثل تلقائيا

تمثل الالحقة املفعول. ولنرضب املثال التايل ملزيد من اإليضاح:

“أراك”إينيأ-وابم-جي-الفاعلاملتكلمرأىاملخاطب

أنارأىأنت

التسامح في كلمات

88

يف هذا املثال، تشري البادئة جي- إىل املخاطب، ولكنها تمثل هنا املفعول به. أما إذا قلنا يف لغة الغونكوين »تراني«،

فإن البادئة تشري أيضا إىل املخاطب، الذي يمثل يف هذه الحالة الفاعل. ويبني ذلك املثال التايل:

“تراني”جينانإ-وابم-جي-املفعولاملتكلمرأىاملخاطب

أنارأىأنت

اللغات الغونكوين )ويف جميع لغة الجملة. ويوجد يف إعرابه يف كان أيا البادئة، دائما تمثله املخاطب فإن وبذلك

الترصيف« يف األشخاص »مراتب - ظاهرة أفضل ما هو عدم وجود إىل نظرا - تقليديا ما نسميه منها( القريبة

الهندية للغات خالفا أنه، ذلك من نستنتج أن ويمكن .23 4 > 3 > 1 > 2 التايل: هو املرتبي التنظيم وهذا

تستخدم املرجعية، النقطة بوصفه »أنا« املتكلم استخدام ضمري عىل األفعال نظام كل فيها يبنى التي األوروبية

اللغات املرجعية، أي اللغات الغونكوينية، ضمري املخاطب »أنت« الذي يعد دائما الضمري املرجعي.

أن يمكننا أال للعالم، رؤيتها عن ما يعرب لجماعة اللغوي النظام بأن القائلة الفرضية من عملنا يف انطلقنا وإذا

نستنتج من هذا الواقع أن الهنود الغونكوينيني، عىل الرغم من عدم وجود كلمة »تسامح« لديهم، يمتلكون نظاما

العميقة البنى يف مدرج ذلك وأن لآلخر؟ األولوية دائما يعطون ألنهم التسامح عىل ضمنا يقوم للعالم مرجعيا

للغة، أي يف بنيتها النحوية؟

ديان دافيو

التسامح في كلمات

89

يكمن جمال قوس قزح

في تنوع درجات ألوانه.

ساليف تال تييرنو-بوكار )1948-1884(

التسامح في كلمات

90

لغة الولوف

مكان مفتوح أو مغلق

الولوف لغة أفريقية تنتمي إىل املجموعة التي يطلق عليها اسم لغات الغرب األطليس؛ وينطق بها الناس يف غامبيا

mun :والسنغال وموريتانيا. وتجري تغطية مفهوم التسامح يف لغة الولوف باستخدام أربع عبارات مختلفة، وهي

daraو dënnو yatuو labir

تشري املفردة املعجمية mun عىل نحو أكثر شيوعا إىل مفهوم »الصرب« ومفردة labir إىل مفهوم »الكرم« و«اللطف«.

ويشري االستقصاء الذي أجري لدى الناطقني بلغة الولوف إىل أن تعريف مفهوم التسامح من منظور التفاعل بني

العبارتني هاتني من عبارة وكل .xajo dara و yatu dënn عبارتي إىل باألحرى يرجعنا اإلثنيات أو بني الثقافات

الرتحيب املادي ملكان الشكل يتمثل ،»)dënn( الصدر )yatu( رحب« ،yatu dënn للمكان. ففي عبارة تنقل تصورا

يف الصدر، وهو جزء من الجسم يكمن فيه القلب الذي يمثل العضو البرشي التقليدي الذي يعد مكمنا للتعبري عن

العبارة حرفيا »رجل رحب الصدر«، فإن ذلك يدل nit ku yatu dënn، وتعني هذه الولوف املشاعر. فإذا قلنا بلغة

عىل أن هذا الفرد يمتلك ميال طبيعيا إىل الرغبة يف تقاسم مكانه مع اآلخرين، سواء أكان هذا املكان ثقافيا أم ماديا

أم حميما. وبذلك فإن رفض املرء قبول اآلخر يف مكانه ال يمثل جزءا من »الكيان«، أي من كيان الشخص »الرحب

yatu dënn و labir كما أن الناطقني باللغة يجرون تقاربا ترادفيا كبريا بني .)yatu dënn( »الصدر

الفرد أن يرتبه بحيث يدرج فيه اآلخر، وتعد xajo dara، فتشري إىل مكان ضيق أو ميلء فعال يجب عىل أما عبارة

ليستطيع األشياء وكدس مكانا، »رتب ،xajal الفعل من وإما »ضيق«، ،xat الصفة من إما مشتقة xajo كلمة

من وانطالقا اآلخر. استقبال ليتمكن من املرء يبذله تدل عىل جهد xajo dara عبارة فإن املزيد«. وبذلك إضافة

)الصرب( mun املعجمية باملفردة أكثر تذكر العبارة هذه فإن الفرد، من xajo dara عبارة تقتضيه الذي الجهد

24 tolérer وتظهر بقدر أكرب السلبية الكامنة يف »اللطف« وفكرة الحدود التي تكمن يف املفردة املعجمية الفرنسية

هدية الله فال

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

91

لغة الغبايا

عدم الحكم عىل االختالفات

500 ناطق بها يشغلون بصفة رئيسية النصف الغربي من جمهورية تمثل مجموعة لغات الغبايا أكثر من 000

الرشقي الفرع من األوىل املجموعة غرينربغ بحسب وتشكل الكامرون. من رشق وجزءا صغريا الوسطى أفريقيا

تلك يف املحكية واللغة أوبانغيني. تسميتها إىل الناس ويميل الرشقية«، »أداماوا السادسة الفرعية العائلة من

يف بوار مدينة غرب جنوب يف بها ينطق التي بودويه لهجة وهي الغبايا-كارا، لهجات من لهجة هي املنطقة

جمهورية أفريقيا الوسطى.

ال يوجد يف قائمة مفردات لغة الغبايا أي مصطلح يطابق مفهوم التسامح، عىل الرغم من أن احرتام اآلخر واالعرتاف

يلجأ كل شخص، فردية عىل وللداللة الغبايا. بلغة الناطقني لسلوك األساسية القيم من هما كل شخص بفردية

( الذي الناطقون بهذه اللغة إىل املثل القائل »إن املريض يعرف أين يضع رأسه« )

»محظورات« هناك كانت إن الغذائي، املجال ففي به. ما يشعر يعرف من أفضل هو يتألم من أن حرفيا يعني

يعرب بملء الحياة، فإن كل فرد وأنها ترتبط بفرتة من أن عددها محدود نسبيا الجميع، مع ( مشرتكة بني (

( عن تناول األطعمة التي ال يحبها. وهذا املوقف شائع إرادته عن املكروهات الشخصية لديه »فيمتنع« )فعل:

(، فيجب جدا ومقبول إىل حد كبري. فإذا مر بالقرية »غريب« أو »مسافر« )ويدل عليهما مصطلح واحد هو:

يرتك وحيدا، املنزل حيث يف الوجبة هذه إليه وتقدم إليه وجبة طعام. يقدم أن عنده يتوقف الذي الشخص عىل

ه إليه أي مالحظة. بعيدا عن األنظار، وحرا يف أن يأكل أو ال يأكل، وحرا يف تحديد الكمية التي يأكلها. وال توج

وتقاليدهم الغبايا جماعة عادات يعرف أن بإمكانه فليس بديهيا؛ أمرا الغريب به يتميز الذي االختالف ويعترب

القرية صديقا من جماعة وال يبذل أي جهد إلطالعه عليها. ففي يوم من األيام، استقبلت مجموعة من الشباب يف

وأكل أحدهم، زوجة حرضتها دجاجة إليه فقدموا ،- الوسطى أفريقيا جمهورية رشق من إثنية وهي - باندا

اللحظة القيام بذلك يف تلك الطعام من طبق واحد. ومن خالل الجميع يتناولون الجميع منها مع ضيفهم، وكان

الطعام بتناول لبعضهم تسمح لم تكن التي الدجاجة، لتناول نسبيا الصارمة القواعد تجاوز جميعهم الخاصة،

لضيفهم يرشحون كيف يعرفون لم يكونوا أنهم سوى املخالفة لهذه تربيرا لم يقدموا إنهم ثم واحد. طبق من

صداقتهم، عن تعبريا الوجبة يف الضيف ملشاركة رفض أنه عىل يفرس أن يمكن الذي التقليدي، السلوك أسباب

الغريب أن يف وال شك لم يكن. شيئا وكأن استثنائية، بصورة معا كلهم يأكلوا أن األبسط من أن وجدوا وإنما

الذي يستقر نهائيا يف القرية يفقد نسبيا صفة الغريب ليكتسب وضعا جديدا يشري إىل أصله الخارج عن الجماعة

باحثة بوصفي سنة عرشين من أكثر منذ فيها أعمل التي القرية يف املثال، سبيل فعىل تبنيه. إىل أيضا ويشري

.) متخصصة يف اإلثنيات واللسانيات، تطلق عيل تسمية »بيضاء اندونغيه« )

وينصح يقابلهم. الذين األشخاص إىل بالنسبة غريبا أيضا هو فيعترب الغبايا، جماعة أفراد أحد سافر وإذا

املوقف مؤكدا يلخص هذا املشاجرات. وثمة مثل سائر إىل السعي اآلخرين وبعدم التميز عن باالمتناع عن توخي

(، ويعني ذلك أنه إذا انتصب القضيب أثناء أن »قضيب املسافر ينتصب أثناء التغوط« )

لالنتصاب آخر سبب أي أما الإراديا، فعال الحالة هذه يف يعترب ألنه فيه التحكم ال يمكن أمرا ذلك فإن التغوط

جماعة إىل املنتمي الفرد يراقب املقابل، ويف أفعاله. كل عىل يسيطر أن عليه يجب الذي للغريب به يسمح فال

التسامح في كلمات

92

الغبايا سلوك اآلخرين املختلف عن سلوكه دون أن يطلق أحكاما عليه. وبذلك، عندما أطلق حكم تقليدي يف حالة

أهمية هذه تم تخفيف الغبايا، لدى جماعة أمر محظور ثعبان، وهو لحم أكلت امرأته أن فيها زوج شاب ادعي

الثعبان« أنه سمع يف اإلذاعة أن »نساء الحكومة يأكلن لحم إذ أشار أحدهم إىل املخالفة من خالل عدة مداخالت،

طعامهن«. وجبة يف الثعبان لحم من قطعا يتناولن »شابات رأى الكامرون، إىل رحلة أثناء يف بأنه آخر وشهد

إىل غالبا السخرية من بيشء الغبايا جماعة أفراد يشري القريبني، الجريان ببعض متعلقا األمر يكون وعندما

وال السلطة املراتب ال يعرف الذي املجتمع هذا أن أخريا ولنذكر سلوكهم. عن مختلف لسلوك املميزة السمات

القائمة هذه يف ليس ولكن ،) ( ينبغي« »ال بالنفي املنع عن مفرداته قائمة يف يعرب املركزية

il faut الفرنسية العبارة من مستعارة عبارة باستخدام هذا يومنا يف عنه يعرب الذي اإللزام عىل للداللة عبارة

.) (

بوليت رولون-دوكو

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

93

لغة البامبارا اختالف وجهات النظر بوصفه مبدأ

أنه إىل الصدد هذا يف اإلشارة وتجدر الغربية. املجتمعات يف كما يقدم التسامح مفهوم البامبارا لغة يف يوجد ال

يف وال يذكرها حتى معجميا، مدخال املفردة لهذه والفرنسية يخصص للبامبارا اللغة ثنائي أو مرسد معجم ما من

املداخل الفرعية. فإىل أي سبب يمكن أن يعزى غياب هذا املصطلح يف أعمال الباحثني املتبحرين؟ وهل يجهل مجتمع

البامبارا أو مجتمع املاندينغ بوجه عام هذه القيمة أم أنه ليس من املمكن نقل املفهومني من هذه اللغة إىل تلك؟

احتياجاته بحسب كلماته بابتكار مجتمع كل يقوم أن عىل اللغوية للتسمية األساسية املبادئ أحد يقوم

أال يكون بالتايل الطبيعي بينها. ومن أو ذاك تتفاوت فيما املجتمع املفروضة عىل هذا القيود واستخداماته. ولكن

فكل بينها. فيما متطابقة تبقى الوقائع أن نعترب أننا مع العالم، تصورات مختلف بني فيما دقيق تعادل هناك

شعب يتصور األشياء ويعرب عنها وفقا لتجربته.

بل البامبارا أفراد يعرفه التسامح مفهوم فإن التسامح، مصطلح معاجمهم يف ال يدونون املعجميون كان ولنئ

يعرفونه معرفة جيدة. ويمثل هذا املفهوم حتى أحد العنارص املركزية التي يتمحور حولها تنظيم املجتمع. وإنهم

ينسبون إىل »التسامح« سمتني وفضيلة.

الحق يف االختالف

الكلمة من اسم )se(25 وفعل sabali. وتتألف هذه البامبارا كلمة عندما يتعلق »التسامح« باألفراد، تستخدم لغة

األرس أبناء لدى »التسامح فضيلة :sabali ye dubaden danbe ye( اسميا تتخذ شكال أن أيضا )bali(، ويمكنها

= se تتسامح(: أن فعليك رشيفا، رجال كنت إن : m i ye hòròon ye, i bè sabali( فعليا أو شكال الكبرية«(

»السلطة، قوة الفعل«؛ ka bali =«يمنع، يحرم«.

السلطة هذه فيها تميل التي الظروف يف سلطاته املرء استخدام عدم :)sebali( املعجمية الوحدة هذه وتعني

ه توج شخصان، يتنازع وعندما ذاتية. رقابة ذلك ويمثل ممارستها: تربر أسباب أو لها تمارس أن إىل طبيعيا

Segu Faama, ... a xira ذلك. القدرة عىل يمتلك أنه أن ال يقهر خصمه، مع ليطلب منه أقواهما إىل sabali عبارة

i ka baramuso ka so, nka kana a faga, sabali fòlò, i bè Jònkolonin sarakaw d’a ma، »أيها امللك سيغو، ... إنه

لتقديم أن يذهب اللحظة واطلب منه املفضلة، ولكن ال تقتله، بل تسامح معه يف هذه نام فعال يف حجرة زوجتك

السياق إشارة دقيقة إىل حلم وشهامة الشخص Sabali يف هذا الضحايا الصعبة ضد جونكيلونني«. وتشري كلمة

الحق يف جانبه«. وبعبارة »إن للتألق، وفوق ذلك الالزمة املادية واالجتماعية الوسائل إليه، ألنه يمتلك ه توج الذي

أخرى، إنه يمتلك كل ما يلزم للترصف، ولكنه ال يترصف.

ko-to-nyògòn-ta-la. وهذه عبارة تستخدم البامبارا لغة فإن أو املجتمعات، بالجماعات التسامح يتعلق وعندما

la ta »األداة الدالة عىل ضمري امللكية« و nyògòn »بالتبادل« و ko »يشء« وto »ترك« و العبارة املركبة مؤلفة من

العلم املتبادل، مع القبول إىل الدعوة النظر مع الفرق يف وجهات إىل املكان«، وهي تشري مبارشة »الحقة تدل عىل

التسامح في كلمات

94

إن كنت رجال شريفا،

فال بد لك من التسامح.

حكمة

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

95

من الجماعة مفهوم طياتها يف Kotonyò-gòntala عبارة وتحمل االختالفات. قبول إىل يؤدي املتبادل القبول بأن

التي يمكن أن تستخدم يف الجملة نفسها الوحيدة املتبادلة«. والضمائر التي تنقل فكرة »العالقات nyògòn خالل

أنه يعرب عنها باسم جماعة، حتى الكلمة، أدركنا u )هم(. وبذلك، كلما سمعنا هذه a )أنتم( و an )نحن( و هي

عندما يتحدث ظاهريا شخص واحد ويدافع عن اختالفه.

أما العبارة القديمة kotonyògòatala bé jè diya )»إن قبول/تحمل وجهات نظر اآلخرين ييرس الحياة املشرتكة«(،

قواعد بجميع العمل يوقف الشعار، هذا خالل ومن التهيئة. بمجتمعات الخاصة االجتماعات يف تستعمل فكانت

املجتمع األخرى، التي لها تقليديا قوة القانون، لكي تتاح لألشخاص األصغر سنا، عىل سبيل املثال، فرصة التعبري

أقوال عىل االعرتاض يجري أيضا املبدأ هذا وباسم الطريقة. بهذه اختالفهم وإبراز عنها، والدفاع آرائهم عن

ذا تنظيم تراتبي وصارم نسبيا، يقبل الذي يبدو البامبارا، إن مجتمع أو امللوك. وبعبارة أخرى، الرؤساء وسلوك

االختالف، من جهة، ويمنح أضعف الجماعات فرصة التعبري عن آرائها، من جهة أخرى.

Munyun، أو الفضيلة التي ال بد منها

a bè ويقال عن شخص إنه .munyun :ثنا عنهما التحيل بفضيلة أساسية، وهي تقتيض سمتا »التسامح« اللتان تحد

munyun عندما يتحىل بالعزم عىل تحمل ما ال يعجبه، ولكن أيضا عندما تكون لديه القدرة املادية عىل تحمل ذلك.

وبعبارة أخرى، يعرف مفهوم munyun بسمتني ال بد منهما، وهما:

العزم عىل التحمل أو االستعداد الذهني املسبق لذلك )hakilimaya(؛  

  .)ke ko kun( القدرة املادية والعصبية عىل التحمل

munyun tè hòrònmuso sòn ye( ]الصرب[ »patience« بكلمة عموما الفرنسية اللغة إىل Munyun كلمة وترتجم

:«ليس الصرب عيبا لدى املرأة الرشيفة«( عىل الرغم من أن هذه الكلمة هي نتيجة للموقف الذهني والجسدي الذي

يقتضيه التسامح.

ويمثل التسامح أوال رمزا للرشف يسهم يف تعريف الفرد املنتمي إىل جماعة البامبارا، ألنه ال يجوز أن يكون هناك

املجتمع. ولنئ كان منشدو الجماعي يف هذا الصعيد أو عىل الفردي الصعيد اآلخر، سواء عىل رجل ال يهوى قبول

kakilimaya بصفة تميزوا بالذين أيضا أشادوا فإنهم الحربية، وبمآثرهم باملقاتلني تغنوا قد التقليديون املاندين

e tè كإنسان: يعامل بأن جديرا غري املتسامح الشخص ال يعد أخرى، وبعبارة الضمري«(. ذو »الشخص )أي

البامبارا مجتمع نوه ولقد حيوانا«. أصبحت إنك بل إنسانا، لم تعد »أنت ،mogo ye tugun, ekèra began ye

يف حاسما عنرصا munyun مفهوم يصبح وبذلك أفضل. نحو عىل التعلم أجل من واالنتظار التحمل عىل بالقدرة

التعلم ويف اكتساب الحكمة.

النظر البامبارا بأي شكل من األشكال إىل االختالفات غري االختالفات يف وجهات التسامح يف لغة وال يشري مفهوم

كسمة االختالف قبول صاغت التي واللغات الثقافية والتقاليد والديانات اإلثنيات من العديد وهناك والسلوك.

وال يتمثل النظام. يف االندماج هو ومصدره، نوعه كان أيا االختالف، هذا ومصري الطباع، سمات من أساسية

األمر املزعج عموما يف االختالف املادي، وإنما يتمثل باألحرى يف اختالف النظم املرجعية. وما إن تقبل هذه النظم

الدينية، املعتقدات بني الكبري التوفيق أسباب أحد بالتحديد وهذا غري مطروح. أمرا التسامح عدم يصبح حتى

التسامح في كلمات

96

إن قبول وجهات نظر اآلخرين

ييسر الحياة.

حكمة

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

97

االنفتاح كثرية ألنها البامبارا ثقافات مصري يف التشكيك وحتى الهشاشة أسباب أحد هذا يومنا يف يمثل كما أنه

األوجه من رؤية الدائمة، بدال القدرة عىل اإلضافة تتمثل يف األمر قوة البامبارا هذا أفراد وقابلة لالخرتاق. ويعترب

املتعارضة.

الفرعية، املنطقة يف البامبارا لغة بها تتسم التي جدا الكبرية الدينامية عىل عواقب بال كذلك األمر هذا يبقى وال

اللغات بهذه الناطقني تمنح وإنما ذاتها، البيئة معها تتقاسم التي اللغات مع نزاع يف غالبا ال تدخل لغة ألنها

الوسائل الالزمة ليجدوا أنفسهم فيها.

إسماعيل مايغا

التسامح في كلمات

98

ألوان البشر زينة من الله.

شعبان روبير

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

99

اللغة الكيسواحلية

الصرب والتواضع والتجاوز األخالقي

رشق سواحل عىل القرون عرب تطورت - البانتو – النحوية وبنيتها أصلها حيث من أفريقية لغة الكيسواحلية

استعمرت التي القوى ومن للمحيط العابرة عالقتها من مستمدة معجمية عنارص متنها يف وأدرجت أفريقيا

التي تشكل ما يقارب 35٪ من قائمة مفرداتها. وأثرت نفسها أيضا العربية اللغة الكثري من املنطقة. واستعارت

من وكذلك غوجرياتي، ولغة الهندية اللغة وال سيما الهندية، القارة شبه لغات ومن فارسية أصول من بكلمات

العربية. اللغة بعد األفريقية، القارة يف لغة أهم ثاني وهي واألملانية. واإلنجليزية كالربتغالية األوروبية اللغات

وانطلقت اللغة الكيسواحلية من الساحل تدريجيا إىل داخل القارة من خالل تطور العالقات االجتماعية والتجارية

يف والرسمية الوطنية اللغة وهي وراءها. وملا أفريقيا لرشق املشرتكة اللغة أصبحت حتى االستعماري، والتوسع

الديمقراطية ورواندا وبروندي الكونغو النطق بها بدرجات متفاوتة يف أوغندا وجمهورية تنزانيا وكينيا. ويجري

ويف العديد من البلدان األخرى املتاخمة لها.

الدراسة التعمق يف التعقيد. وينبغي الكيسواحلية شهادة عىل اللغة وتعد كلمة »التسامح« كما يجري تصورها يف

للوقوف عىل العمق التاريخي للمصطلح لدى الناطقني باللغة السواحلية. ويبني تحليل مفهوم »التسامح« يف اللغة

للظروف، وفقا تتيح، كلمات عدة وثمة السياق. بحسب يتفاوت وأنه أوجه عدة املفهوم لهذا أن الكيسواحلية

التي الكلمات kuchukuliana و kustahamiliana و kuvumiliana مصطلحات وتمثل »التسامح«. مفهوم عن التعبري

تعرب عن هذا املفهوم خري تعبري يف هذه اللغة.

فضائل التواضع

بأصله اآلخر عن أحدهما ويتميز مرتادفني. ،kustahamiliana و kuvumiliana والثاني، األول املصطلحان يعد

عربي. فأصلها الثانية أما أفريقية، أصول ذات األوىل فالكلمة ذاته. اليشء عن يعربان ولكنهما فقط املعجمي

وتتمحور الكلمتان حول مسألة الصرب )kuvumilia/kustahamili( وتلصق بكل منهما الحقة )ana( تضيف إىل الفعل

مفهوم التبادل، وبذلك يتم الحصول عىل كلمتي kuvumiliana/kustahamiliana. ولنذكر يف هذا الصدد بأن شكل الفعل

الذي يتضمن فكرة التبادل ينتهي دائما بـ ana ويمكن أن يرتجم مصطلحا kuvumiliana و kustahamiliana حرفيا

كل لدى يوجد »أنه ضمنا العبارة هذه وتعني اآلخر«. منهما كل أو تحمل اآلخر عىل منهما كل »صرب بعبارة

وبذلك أزمة«. ذلك يسبب أن دون ولكن اآلخر، لدى غري مستحب يشء تحمل إىل يدفعه أو عزم موقف شخص

ص ويلخ .kustahamiliana و kuvumiliana كلمتي خالل من الصرب تدعم أخالقية حجة هناك أن نالحظ أن يمكن

يعني الذي ،Mvumilivu/Mstahamilivu hula mbivu السواحلية اللغة يف السائر املثل يف جيدا تلخيصا الواقع هذا

حرفيا »من يصرب يأكل الثمر الناضج«، أي أن من يصرب يجني ثمار صربه.

تمثيل يف »التسامح« خري تمثل مفهوم وأنها السابقتني الكلمتني أوسع من kuchukuliana الثالثة الكلمة أن ويبدو

من kuchukuliana كلمة تخرج ،)kustahamiliana و kuvumiliana( السابقتني للكلمتني وخالفا الكيسواحلية. اللغة

إطار السلبية وتدرج فعلها يف اتجاه خطي متواصل. وتتألف كلمة kuchukuliana من الفعل kuchukulia، الذي يعني

التسامح في كلمات

100

حرفيا »يعترب«، وتليه الالحقة ana التي تضيف مفهوم التبادل، وبذلك يتم الحصول عىل كلمة kuchukuliana. ولنئ

أو قبول ال تعترب رشعية واقعة »قبول يدل عىل tolérer فعل كان »فضيلة«، ولنئ الفرنسية اللغة يف التسامح كان

اللغة يف سلبي معنى لهما ليس kuchukulia و kuchukuliana مصطلحي فإن عيوبه«، رغم مضض عىل شخص

الكيسواحلية. وكلمة kuchukuliana هي مجرد امتداد ملصطلح kuchukulia، الذي يعني “اعترب”.

قوة أخالقية

عن االستعاضة مسبقا يفرتض فهو أو الصور. الرموز من وكثريا أخالقية قيمة نفسه الوقت يف الفعل هذا يحمل

واإلثراء اآلخر واعتبار كالصرب أخرى عوامل حوله تجتمع الذي الزاوية حجر ويمثل عام. بتواضع القوة عالقات

فإن وبذلك اآلخر. لفهم الذات تجاوز يقتيض فاألمر النشاط: يف تكمن بل السلبية يف املسألة وال تكمن املتبادل.

ص بأنه فضيلة وقيمة وانفتاح للفكر نحو مفهوم التسامح يف اللغة الكيسواحلية )kuchukuliana( يمكن أن يلخ

أال ويجب املتبادل. اإلثراء إىل التوصل أجل من للتفاهم جهد وبذل الذات، من جزء وكأنه للقريب واعتبار اآلخر،

يعترب اختالف اآلخر أمرا سيئا، بل يجب أن يعترب أمرا يمكن أن يصبح مزية مشرتكة إذا بذل الجهد الالزم للتفاهم.

تتناول مسألة التي روبري، الشهرة شعبان البالغ السواحيل الشاعر من قصيدة األوىل األربعة األسطر فإن وبذلك

لون جلدنا، تمثل شهادة عن مفهوم التسامح لدى السواحليني:

Rangi pambo lake Mungu, rangi haina kashifa  

Ni wamoja walimwengu, wa chapati na wa mofa  

Walaji ngano na dengu, wazima na wenye kufa  

Rangi pambo lake Mungu, si alama ya maafa  

»اللون هو زينة من الله، وهيهات أن يكون عيبا  

إننا ننتمي جميعا إىل النوع ذاته، عىل الرغم من اختالفاتنا  

والذين يأكلون القمح أو العدس، واألحياء أو األموات، كلهم سواسية  

اللون هو زينة من الله، وهيهات أن يكون دليال عىل نقص«.  

محمد أحمد صالح

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

101

الخاتمة

الفكر؛ وإعمال والتذكر للتواصل تقنية وسيلة اللغة تمثل جهة، فمن أساسيني: قيدين عىل اللغوية النسبية تقوم

التي البرشية الجماعات عن ويتميز الصدفة عىل يقوم تاريخي لتطور نتاجا اللغة تمثل أخرى، ناحية ومن

ترتبط لغة بكل خاصة صفات كما نجد األول، بالجانب ترتبط عاملية سمات اللغة يف نجد وبذلك تستخدمه.

بالجانب الثاني. ومن هذا املنطلق يوجد يف الوقت نفسه تشابه وتباين بني اللغات التي تنتمي إىل حضارات مختلفة.

الواجب الحتمي املتمثل يف جعل التباين كذلك اللغات تعذر املقارنة فيما بينها؛ وال يبطل هذا التباين بني وال يعني

التفاهم ممكنا وفعاال إىل الحد األقىص.

يف متجذرا يكون أن يجب ولكنه االجتماعية، باملمارسات املطاف نهاية يف مرتبطا الحال بطبيعة التفاهم ويعد

وتبلور االجتماعي التاريخ جوهر يكمن لغة كل ففي لغوي: تحليل عرب املرور األسايس من السبب، ولهذا اللغة.

غياب تفرض النسبية كانت ولنئ االنطالق؛ نقطة اختيار يف الصعوبة وتكمن األجيال. مر يتكون عىل للقيم نظام

هذا مؤلفي نهج يعد املنطلق، هذا ومن ومنهج. اختيار نطاق يف تستهل أن يجب املطابقة فإن املبارش، التعادل

)أي عرش الثامن القرن منذ الغرب كما بناه الداليل الحقل من انطلقوا التسامح، فلتناول مثاليا. الصغري الكتاب

الحقل االجتماعي عن ممارسات املعجمية، والكشف يف املفردات انطلقوا من ثقافتهم( من أجل اختبار وجود أنهم

يمكن أن تدرس العالقات فيما بينها، من دون أن تسطح األمور، بطبيعة الحال، بحيث تقترص عىل أحكام مسبقة

ال مربر لها.

مستقبلية سياسة تحمل ولعلها نتائجها، حيث من معنويا ومشجعة دقتها حيث من للنظر الفتة والحصيلة

قطبني عىل إسقاطه يمكن »للتسامح« مفهومنا أن املقارنة، هذه ضوء عىل القارئ، ما يالحظ ورسعان حقيقية.

ما هو إىل يشري إنه إذ نسبيا، سلبي ببنيان أحدهما ويتسم تماما. مستقلني لم يكونا إن نسبيا، متميزين دالليني

اآلخر«، بها التي نستقبل »الطريقة إيجابيا، ويتمثل يف نهجا ذلك، اآلخر فيفرتض، عىل عكس أما للتحمل«؛ »قابل

عىل األقل يف أبسط أشكاله، وهو شكل »الغريب«.

ظاهرة وهذه املادية. مراجعها حول املعجمية املفردات تشكل يف املقارنة تبينه الذي األوضح الثابت ويتمثل

اللغات يف وتاريخها الكلمة أصل الظاهرة هذه وتمثل األخالقية. املفاهيم معظم يف تالحظ نسبيا عامة تجريبية

ل ثقل أو ألم )قارن بكلمة fi ha- يف اللغة املرصية(. وعىل ل«، بمعنى تحم األوروبية. فإن فعل tolérer يعني »تحم

العتبة املادي. وتعتمد هذه الصعيد األلم عىل بالتفاوت، شأنها شأن عتبة التسامح« تتسم »عتبة املعنوي، الصعيد

وعىل أو »الصرب«. »التساهل« من قريبة فردية، فضيلة يكون قد انخفاضها أن املفهوم ومن الثقايف. السياق عىل

عكس ذلك، الشخص الذي يتحمل كل يشء يسحق سحقا تاما ويسقط يف العدم. وتعد املناداة »بالتسامح« محاولة

وطبيعة »التسامح« إىل سيضطر الذي الشخص تكوين هما: أمرين، عىل تعتمد العتبة هذه ولكن العتبة؛ لتغيري

العبء. وإننا ندرك بوضوح كيف ترصفت املجتمعات الغربية يف عرص النهضة. فمشكلتها كانت دينية، وكان يجب

هو حيث من الدين ووضع الدولة علمانية هي املطاف )ونهاية للدين االجتماعي األثر تغيري عىل بالتدريج العمل

الدين ال يتسم الذين أو اليونان الرومان عند املشكلة وال تطرح الديني. الحماس مستوى وخفض خاص( شأن

لديهم بأي تعصب. وبهذا املعنى، يعد »التسامح« انتقائيا، إذ إن لها عتبات مختلفة بحسب األغراض والحضارات.

أو االستعباد بالبرش التضحية مع نفسه الوقت يف و«التسامح« أو الديني الجنيس التنوع مع »التسامح« ويمكن

أو عقوبة اإلعدام. ويمثل األمر باملعنى الحقيقي مسألة حساسية تحمل معها يف نهاية املطاف رفض املرء استخدام

التسامح في كلمات

102

ر قوته أو صالحياته )انظر مفهوم sabali عند جماعة البامبارا أو مفهوم udaria عند الهنود(. وقد يحدث أن يطو

مجتمع ما فضيلة »التسامح« إىل حد الالعنف عىل خلفية يسودها الفصل االجتماعي.

فضيلة الرتحيب عىل القدرة تكون أن ويمكن اآلخر. نحو إيجابية لفتة إنه تماما: مختلف أمر فهو الرتحيب أما

هذه يف ينطوي وهو اجتماعيا. الحال بطبيعة الرتحيب يكون وقد »التسامح«. اتساع مدى عليها يقاس فردية

الحالة عىل طريف نقيض. فهناك يف الطرف األول رفض اآلخر، أي الغريب، شأنه شأن الهمجي لدى اإلغريق، ويمثل

املطلقة عىل القدرة اآلخر الطرف الجماعة معناها. وهناك يف الذي يمنح هوية ذاته اإلنكار الدوام الرفض عىل هذا

اإلدماج، وكأن هناك ما يشبه الغياب التام للخارج. وهنا أيضا تتعدد االختالفات بقدر ما تتعدد الترشيعات الخاصة

بالغرباء. ويمكن حتى أن يفرض ثمن إلدماجهم يف الحياة االجتماعية من خالل دفع جزية )القرآن، سورة التوبة،

الكيسواحلية، اللغة يف kuchuculiana مبدأ وهو للغريب، يمنح الذي للغاية اإليجابي االختبار أما .)29 اآلية

أي املسافر، تجاه اإليجابية بصفته االحتفاظ إىل يميل التمييز هذا أن ويالحظ التمييز. بالرضورة يستبعد فال

املختلفة أشكاله كل يف هنا )ولنفكر »التسامح-الرتحيب« من األدنى الشكل الضيافة حسن ويمثل السبيل. عابر

األفريقية( الذي له هو أيضا شكل يمثل الحد األدنى، وهو الحق يف العبور )أي ما يسمى اليوم التأشرية السياحية(.

وعندما املكان. يف االستقرار أمام تماما ومغلقا العبور مع »متسامحا« يكون أن يمكن الرتحيب أن ذلك ويعني

يكون هناك »تسامح« مع االستقرار يف املكان فإن ذلك يمكن أن يكون مصحوبا بمنح وضع خاص تمييزي تماما.

أي أننا »نتسامح« مع اآلخر، ولكن رشيطة أن يبقى يف مكانه الذي يختلف عن مكاننا.

فإن متفاوتة. بدرجات املفاهيم هذه إىل الوصول بتيسري تكتفي وإنما املفاهيم؛ لبناء حدودا اللغات ترسم وال

الغربية، ألنه يمثل اللغات لغة، وال حتى يف أي بدقة يف التنوير ال يوجد بنته فلسفة عرص الذي »التسامح« مفهوم

وثمة طريقتان عاملي. بطابع االتسام املفهوم هذا وللمجتمع. ويفرتض للحق تقوم عىل مفهوم خاص فكرية بنية

الصني(، ويتمثل اآلخر )فلنفكر يف إىل الذي يضاف فيه كل تنوع التجمع أوالهما يف العاملي: وتتمثل الطابع لرؤية

النظر ما لم يتم غض عاملي إنسان وال يتسنى وجود ذاته. عىل تنوع كل فيه يتقوقع الذي اليقني انعدام يف اآلخر

عىل التنوير عرص يف نشأ الذي التسامح مفهوم ويرتكز والعرقية. والجنسية والدينية اإلثنية الخصوصيات عن

املطلق. وال يمكن والتبادل املساواة التسامح عىل مسلمتي البرشية، ويرتكز تمثل بنواة غري مادية االعرتاف أساس

لهذا التسامح أن يتقبل التضحيات بالبرش أو برت األعضاء أو االستعباد ألنه ال يتقبل ما ال يمكن تقبله وألن اإلنسان

املتسامح يرى، وفقا ملقولة كانط )Kant(، أن اإلنسانية تمثل يف كل إنسان غاية وليست وسيلة.

إنه ال يوجد أي شكل من أشكال لدى هنود األنكا( ويمكن القول )مع أن هناك تساؤالت دائمة بشأن ما كان قائما

التنوع. ويمكن القول املجتمعات ال يظهر فيه وجه من أوجه »التسامح«، وكأن هناك تقاربا عاما يظهر من خالل

يف راسخ مصطلح شكل يف التنوير عرص ره كما صو التسامح مفهوم فيه يظهر مجتمع أي ال يوجد إنه أيضا

إزالتها؛ إال برشط االختالفات ال يقبل ألنه متناقضة فكرة ذاته املفهوم هذا املرء يف يرى أن اللغة. ويمكن مفردات

فال يوجد »تسامح« إال يف األماكن التي يكون فيها البرش كلهم متماثلني وإخوة رشيطة أن يكونوا قادرين عىل ذلك.

ل التماثل إىل تباين. وبهذا املعنى فإن »التسامح« ال يمكن أن يشمل إال مجموعة االختالفات التي ال يمكن أن تحو

كامنة بذورا »للتسامح« فإن التفاؤل: إىل تدعو الكتاب هذا قرأناها يف صفحات التي الدراسات فإن جميع وبذلك

التنوير جانب آخر ال بد منه من جوانب الناشئ عن عرص التسامح يمكن أن تنبت يف كل مكان. ويوجد يف مفهوم

هذا التفاؤل، وهو أن أساس الحق ورشعية املجتمعات يقومان عىل توافق اآلراء. وإن بذور »التسامح« التي تقرأ يف

معاجم شعوب العالم يمكن أن تكون بذور الوفاق بني بني البرش.

سيلفان أورو

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

103

الحوايش

S Auroux, 1994, La Révolution technologique de la grammatisation, Liège, Mardaga, chap :انظر - 1

I

محل يحل مفهوم وهو ،)praxème( الرباكسيم نظرية إنشاء إىل مونبلييه جامعة يف اإلشكالية هذه أفضت - 2

مفهوم اإلشارة لدى سوسور ومفهوم الوحدة املعجمية )lexème( للداللة عىل دينامية إنتاج املعنى يف اللغة.

Le Vocabulaire technique et critique de la philosophie de A Lalande يف ”tolérance“ :انظر مقال - 3

1926-1993 Paris Presses Universitaires de France

سنوات عدة يشمل برنامج ذ ينف ،)Praxiling( براكسيلينغ فريق بها يضطلع التي البحث أنشطة إطار يف - 4

عمليات ]املعجم: Lexique: Catégorisations et représentations بعنوان الجامعات، من عدد مع بالتعاون

.)AUPELF-UREF( الجامعي للتعاون الدويل الصندوق من بدعم الربنامج هذا ويحظى والتمثيل[، التصنيف

لغات يف للمقارنة قابلة ومفهومية عملية مجاالت يف اللغوي التقطيع عملية فهم تعميق إىل الربنامج ويرمي

مختلفة )لغات الغونكوين واإلنجليزية والعربية والفنلندية والفرنسية والولوف...(.

G Lefebvre, Romans et contes égyptiens, Paris, 1949, p. 102 :اقتباس بترصف من كتاب - 5

Jamblique, Les Mystères d’Egypte, VIII, 3 )éd. »Les Belles Lettres«, texte établi et traduit par E - 6

)des Places, Paris, 1966, p. 197

ارجع يف هذا الصدد إىل الدراسات التالية: - 7

J Maspero, »Horapollon et la fin du paganisme égyptien«, Bulletin de l’Institut français

d’Archéologie orientale, Le Caire, 1914, pp. 163-195; Cl Brunon, »Les Hieroglyphica d’Horus

Apollon: décadence et mémoire«, Les Fins de siècle, Toulouse, Université de Toulouse, Le Mirail,

1988, pp 13-23; R Rémondon, »L’Egypte et la suprême résistance au christianisme )V°-VII°

siècles(«, BIFAO 51, 1952, pp 63-78

أحد، يف »فكر - )سينغيغنوسكو( συνγιγνωσκω مثل مصطلحات استخدام أن روميي دو جاكلني ترى - 8

وبالتايل فهم، أقر باألمر، اعتذر، سامح«، يبني أن مفهوم التسامح كان راسخا بعمق يف املفردات اليومية التي

كانت تستخدم يف العرص الكالسيكي. وثمة مصطلحات أخرى، مثل xénos )كسينوس(، تثبت أيضا من خالل

ازدواجيتها )الذي يعني »الغريب« ولكنه يعني أيضا »الضيف«( أن ممارسة التسامح قد اندرجت يف العادات:

أشعار يف ذاتها القيم ويف ذاتها اآللهة يف يتشاركان كانا طروادة، ومعسكر أخايا معسكر املعسكرين، فإن

األساس هومريوس، أشعار يف يظهر الذي املشرتك، البرشي باالنتماء األسايس اإلحساس ويمثل هومريوس.

90-291/41-342( ميناندر فكرة يف املطاف نهاية يف يتجىل والذي اليوناني األدب كل عليه يرتكز الذي

قبل امليالد( الشهرية التي اقتبسها تريانس قائال: أنا إنسان وما من يشء إنساني غريب عيل«.

التسامح في كلمات

104

ملجموعة القصوى املراعاة مع أيضا تقرأ أن يجب تعصبيا، فعال اعتربت التي سقراط، وفاة أن كما

إلينا وصلت التي بالغضب النابضة الروايات يف تجلت والتي ذاتها أثينا يف إدانته أثارتها التي االحتجاجات

صحيفة يف نرش مقال حي[، اإلغريق ]مثال »L’exemple des Grecs est vivant« روميي، دو )جاكلني

يف قدم التعصب موضوع عن بحثا املقال هذا ويلخص .1997 آذار/مارس 27 يف )Le Figaro( لوفيغارو

.)Grasset منتدى األكاديمية العاملية للثقافات؛ وستنرش أعمال هذا املنتدى قريبا يف مطبوعات دار النرش

Térence, Héautontimoroumenos »Bourreau de soi-même«, vers 77 - 9

De officlis 50-52 -10

De clementia 1. 18 2 -11

Minucius Felix, Octauius XXXIII, 1 -12

De bello Gallico VI, 34 -13

De legibus II, 5 :انظر -14

.)Jean Meyers( ترجمة جان ميريز ،Monumenta Germaniae Historica 15- تقرير عن هيكل النرص، نص

الذي ظهر يف أبشع التعصب له يف مناهضة قويا امليل إىل تخيل أوكسيتانيا كواحة للسعادة يجد حافزا إن -16

أشكاله عندما قام بارونات الشمال باجتياح البلد إبان الحرب الصليبية التي قررتها روما ضد أهل ألبي.

ج.كالوري )G Calori( هو مؤلف املقال الذي أضاف إليه ش.بيال )Ch Béal( بعض العنارص. -17

18- راشد الغنويش، »حقوق املواطنة. حقوق غري املسلمني يف املجتمع اإلسالمي«، واشنطن، املعهد العربي للفكر

اإلسالمي.

ابراهيم مدكور وعدنان الخطيب، »حقوق اإلنسان يف اإلسالم«، منظمة املؤتمر اإلسالمي.

B P J Bennani, L’Islamisme et les droits de l’homme, Lausanne, Ed de l’Aire, 1984

C Pellat, M Arkoun et al., Communauté musulmane: données et débats, Paris, P U F., 1978

L Cardaillac et al., Tolède XII°-XIII° siècles musulmans, chrétiens et juifs: le savoir et la

tolérance, Paris, Autrement, 1990

Garcilaso de la Vega, Inca, Comentarios reales de los Incas. Tomo I, Editorial Universo, Lima, :19- انظر

s.d. (1970), p. 100

Prescott William H., La conquista del Perú Einaudi Editori Torino, 1982 :انظر -20

Cáceres Romero Adolfo, Poésie quechua, édition trilingue, Patiño, Genève, 1990 -21

فرض البيض كيان »الرئيس«، كما نعرفه، وكيان »مجلس الفرقة«. -22

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

105

يمثل الشخص الرابع ما يسمى »أوبفياتيف«. -23

24- تكرم أحد القراء بتقديم مالحظات إضافية عن لغة الولوف نورد فحواها باختصار فيما ييل. وتبني الفروق

الدقيقة القابلة للمالحظة رضورة إجراء استقصاءات ميدانية أكثر تبحرا. )مالحظة أضيفت الحقا(

تأتي كلمة xejo من xej، التي تعني »اتسع له املكان، أو اتخذ مكانا يف«؛ وتذكر أيضا بكلمة xejal، »وضع

xejo عن جهد كبري يبذل من أجل إعطاء مكان شخصا يف مكان، أو أعطى مكانا لشخص يف«. وتعرب كلمة

للتعبري عن اللغة يف xejo استخداما شائعا أو لتحمل وجوده. وتستخدم كلمة أو لتحمل شخص، لشخص،

فعل »تسامح« باملعاني الشائعة للمصطلح.

seri/sari الفهم: يف مشكلة أي وال يطرح البامبارا لغة يف نسبيا شائعا /a/ إىل /e/ من االنتقال 25- يعد

»عصيدة األرز«؛ seli/sali »صىل«: وال يزال استخدام هذين الشكلني قائما ألن االنتقال من أحدهما إىل اآلخر

لم ينجز تماما.

التسامح في كلمات

106

عنارص ببليوغرافية

إعداد أن ورأينا الفرنسية. باللغة وعناوين مؤلفني من مبارشة عليه الحصول ما يمكن إال هنا نقرتح ال

وترد املطبوع. هذا هدف مع حجمه ال يتناسب عمال التخصصات ومتعددة اللغات ومتعددة شاملة بيبليوغرافيا

البيبليوغرافيات املرجعية يف املؤلفات والدراسات التي تم جمعها.

املؤلفاتAbauzit F. 1939, Le Problème de la tolerance [The Problem of tolerance], Lausanne, Delachaux et Niestlé.

Bayle P. 1686, Pierre Bayle’s Philosophical Commentary, trans. 1987, New York, Pater Lang

Bonnet G. 1975, La France et l’intolérance [France and intolerance] Paris, Roblot.

Canforta L. 1989, La Tolérance et la vertu [Tolerance and virtue], Paris, éd. De Jonquères.

Casamayor 1975, La Tolérance [Tolerance], Paris, Gallimard.

Cassirer, E. 1951, The Philosophy of the Enlightenment, Princeton U.P., New Jersey.

Hartmann A. 1958, Vraie et fausse tolérance [True and false tolerance], Paris, Ed. du Cerf.

Hume D. 1739, A Treatise of human nature, Oxford, Clarendon Press, 2007. 1778, Dialogues concerning natural religion, Oxford, Clarendon Press, 1947.

Joly, R. 1964, La Tolérance religieuse [Religious tolerance], Paris, Nathan.

Kamen, H. 1967, L’Eveil de la tolérance [The Awakening of tolerance], Paris, Hachette.

Kant, E. 1784, ‘What is Enlightenment?’ in Kant: Political writings, trans. H.B. Nisbet, Cambridge, University Press, 1991. 1793, Religion within the boundaries of mere reason, trans. A. Wood & G. Di Giovanni, Cambridge, University Press, 1998.

Leclerc, J. 1955, Histoire de la tolérence au siècle de la Réforme [A history of tolerance in the century of the Reformation], Paris, éd. Aubier-Montaigne.

Locke, J. 1689, ‘A letter concerning toleration’ in Locke on politics, religion and education, London, Collier-Macmillan, 1965.

Marcuse, H., Moore, B. & Wolffe, R.P. 1969, A Critique of pure tolerance, Boston, Beacon Press.

Necroni, B. de 1996, Intlérances. Catholiques et protestants en France, 1560-1787 [Intolerance. Catholics and Protestants in France, 1560-1787], Paris, Hachette.

Puaux, F. 1970, Les Précurseurs français de la tolérance au XVIIe siècle [The French precursors of tolerance in 18th century], Genève, Slatkine.

Ricœur, P. 1991, ‘Tolérance, intolérance, intolérable’ [Tolerance, intolerance, intolerable], Lecture1, Paris, Seuil.

التسامح في كلمـاتالتسامح في كلمات

107

Rousseau, J.-J. 1755, A Discourse on inequality, trans. M. Cranston, Harmondsworth, Penguin, 1984. 1762, The Social contract, trans. M. Cranston, Harmondsorth, Penguin, 1968.

Voltaire, G.-M. de 1763, A Treatise on tolerance, trans. B. Masters, Cambridge, University Press, 2000. 1768, Les Guèbres ou la tolérance [The Zoroastrians or tolerance], éd. 1994, Montpellier, Espace 34.

املصنفات الجامعة، وأعمال املؤتمرات، واملختارات

Cornaton, M. 1995, La Tolérance au risque de l’histoire [Tolerance under threat from history], Lyon, Aléas.

Chelikani Rao V.B.J. 1995, Quelques réflexions sur la tolérance [Some thoughts on tolerance], Paris, UNESCO.

Morsy, Z. 1975, La Tolérance, essai d’anthologie [Tolerance, an anthology], Paris, UNESCO.

Autrement 1994, no 5, ‘La tolérance. Pour un humanisme hérétique’ [Tolerance. For a heretical humanism], C. Sahel éd., Paris, Editions Autrement.

Courier de l’UNESCO 1992, ‘Eloge de la tolérance’ [In praise of tolerance].

Diogène 1996, no 176, ’La tolérance entre l’intolérance et l’intolérable’ [Tolerance between intolerance and the intolerable], Paris, Gallimard.

Esprit 1996, no 224, ‘Suffit-il d’être tolerant?’ [Is being tolerant enough?], Paris. 1983, La Tolérance civile [Civil tolerance], éditions de l’Université de Bruxelles 1987, Tolérance, république de l’esprit [Tolerance, a republic of the spirit], Toulouse, Editions les Bergers et les Mages. 1995, Tolérance, j’écris ton nom [Tolerance, I write your name], Paris, Éditions Saurat-UNESCO. 1995, A Declaration of principles on tolerance, Paris, UNESCO. 1995, United Nations Year for tolerance, Final documents. Paris, UNESCO.

منه صنع مشتركا كنزا الكلمات تشكل

خفايا وإلدراك العالم، لتصور وسيلة البشر

الكلمات وتحفظ اآلخرين. وفهم أنفسهم

بها مرت التي والمراحل المسارات ذكرى

مالمحها. اكتملت حتى والثقافات اللغات

التي األساليب تنوعت الكلمات كيف وتعلمنا

للتعبير والثقافات اللغات تلك استخدمتها

كنه عن لإلعراب بل التسامح، مفهوم عن

ذاتها. البشرية

من األقوال إلى األفعال

فيالتسامح كلمـات

منظمة األمم المتحدةللتربية والعلم والثقافة