9
نسانيةعلوم اة ال مجلجتماعية و اولتقى الدولي املص ال عدد خا حـولجتماعيةت المجا الهوية وا في ظل المجتمع الجزائرية فيلسوسيوثقافيت ا التحولية الهوية شكا مي واكادي المثقف ارعبدا أ: كباجامعة ورقلة- 1 - المقدمة:جتماعي ومدىل رمزي المثقفين كرأسمافة والثقاهرة ا تعد إشكالية ظاسعا في واي أثارت نقاشا التشكالياتفي من الثقاعي اجتماحقل اوضعهم في ال تملثقافة، فمنذ ا وخاصة فيما أصبح يسمى بسيوسولوجياولوجي السوسي المعرفيحقل الحو المزيد منلعالم نمن عشر وتوجه الثان القرن اي ظهرت إباعية التلصنا الثورة الثقافةتـ ا بمشكامهتمت من الضروري اجتماعية، باسية والسياتـ احاص اسفةت الف وهو ما شغل أدبياجتماعي النسيج ا مهما منرهم جزءالمثقفين باعتبا واجد بان حيث نلماركسيينت ا إلى مساهماسفة التنوير ووصون مرورا بفليونا ان أحاطهمو غرامشي هو ابرز م أنطونيطالييوعي ا الشيمناضلسوف والفيل الثقفين تقليديين وعضويين وشدد على دورهم إلى مستفيضة و قد صنفهم بدراسة م باعتبارهم كتلة تاريخيةفعال الBloc-historique في تصوره من أجل ، ف دفع نخبةبد من شتراكيةمرحلة الية البرجوازية إلى اللرأسمامرحلة ا من النتقال اسلمي ضمن مؤسساته من النضالء المجتمع المدني واللتموقع في فضا المثقفين إلى اسلمية على طريق الهيمنة الية الديمقراطية عنجابي وترقي إحداث التغيير ا أجل البنية التحتية والبنيةقة وصل بينتي تعد حل بواسطة طبقة المثقفين ال دواليب الحكم محل نقاش خاصة في ظلهرة المثقفينلت ظازا ، ومنذ ذلك العهدلمجتمع الفوقية للعالمية.دية اقتصاعية واجتمات ا التحواسي لفئة والسيلثقافيعلمي و ا والحضور الفعل وفي الجزائر تعد مسألة الصة مع توجه الجزائر دولةاح خا نفسها وبإلح التي تطرحشكاليات المثقفين من اخلية وخارجية مع نهاية ظروف دا دفعتها إليها ومجتمعا نحو تحول جدري شاملقتصادية،عية، اجتماى البنى اك عللحالي وآثار ذل وبداية القرن الماضي القرن افاعلينفراد وال اليومية للحياة اا وأثرها علىلسوسيوثقافية منه وتحديدا اجتماعيين. ا364

أ:كبار عبد الله-جامعة ورقلة - univ-ouargla.dzmanifest.univ-ouargla.dz/documents/Archive/Archive... · Web viewالشر يف ة في كثير من الحالات

  • Upload
    others

  • View
    2

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

مجلة العلوم اإلنسانيةو االجتماعية

الهوية والمجاالت اإلجتماعيةحـول عدد خاص الملتقى الدولي األولالتحوالت السوسيوثقافية في المجتمع الجزائري في ظل

شكالية الهوية المثقف األكاديمي وا�

أ: كبارعبداهلل-جامعة ورقلة

المقدمة:-1 تعد إشكالية ظاهرة الثقافة والمثقفين كرأسمال رمزي اجتماعي ومدى

تموضعهم في الحقل االجتماعي الثقافي من اإلشكاليات التي أثارت نقاشا واسعا في الحقل المعرفي السوسيولوجي وخاصة فيما أصبح يسمى بسيوسولوجيا الثقافة، فمنذ الثورة الصناعية التي ظهرت إبان القرن الثامن عشر وتوجه العالم نحو المزيد من اإلصالحات السياسية واالجتماعية، بات من الضروري االهتمام بمشكالت الثقافة

والمثقفين باعتبارهم جزءا مهما من النسيج االجتماعي وهو ما شغل أدبيات الفالسفة اليونان مرورا بفالسفة التنوير ووصوال إلى مساهمات الماركسيين حيث نجد بان الفيلسوف والمناضل الشيوعي االيطالي أنطونيو غرامشي هو ابرز من أحاطهم

بدراسة مستفيضة و قد صنفهم إلى مثقفين تقليديين وعضويين وشدد على دورهم ، ففي تصوره من أجل االنتقال منBloc-historiqueالفعال باعتبارهم كتلة تاريخية

المرحلة الرأسمالية البرجوازية إلى المرحلة االشتراكية البد من دفع نخبة المثقفين إلى التموقع في فضاء المجتمع المدني والنضال السلمي ضمن مؤسساته من أجل إحداث التغيير االيجابي وترقية الديمقراطية عن طريق الهيمنة السلمية على دواليب الحكم

بواسطة طبقة المثقفين التي تعد حلقة وصل بين البنية التحتية والبنية الفوقية للمجتمع، ومنذ ذلك العهد الزالت ظاهرة المثقفين محل نقاش خاصة في ظل التحوالت

االجتماعية واالقتصادية العالمية. وفي الجزائر تعد مسألة الفعل والحضور العلمي و الثقافي والسياسي لفئة المثقفين من اإلشكاليات التي تطرح نفسها وبإلحاح خاصة مع توجه الجزائر دولة ومجتمعا نحو تحول جدري شامل دفعتها إليها ظروف داخلية وخارجية مع نهاية

القرن الماضي وبداية القرن الحالي وآثار ذلك على البنى االجتماعية، االقتصادية، وتحديدا السوسيوثقافية منها وأثرها على الحياة اليومية لألفراد والفاعلين

االجتماعيين.

364

مجلة العلوم اإلنسانيةو االجتماعية

الهوية والمجاالت اإلجتماعيةحـول عدد خاص الملتقى الدولي األولالتحوالت السوسيوثقافية في المجتمع الجزائري في ظل

لقد شكلت أزمة العشرية الدموية شرخا في العالقات االجتماعية والتصورات واألفكار وتوجهات األفراد والجماعات وهذا ما أدى إلى ظهور هويات متعددة

ومجموعات متضاربة المصالح وبروز قيم وتفاعالت جديدة والسؤال الذي يطرحنفسه وبقوة:

ما هي انعكاسات التحوالت االجتماعية على مكانة النخبة األكاديمية؟ وما مدى وعي المثقف بذاته في ظل التغيرات الحاصلة؟ وما مدى تموقعه من خالل تشكيل هوية

اجتماعية جديدة ؟أزمة المثقفين الجزائريين )لمحة تاريخية(: -2

منذ زمن ليس بالقريب أثيرت مشكلة المثقفين في الجزائر و حقيقة تواجدهم ومساهماتهم في الحياة الفكرية والثقافية وحتى السياسية ونرى كيف أن إشكالية المثقف

الجزائري قد ظهرت في نقاشات الحركة الوطنية منذ سماح السلطات الفرنسية المحتلة آنذاك تشكيل أحزاب سياسية في إطار ما كان يسمى بالجزائر الفرنسية،

والجهود التي قام بها األمير خالد ومجموعة من المثقفين الجزائريين للمطالبة بحقوق الشعب الجزائري كذلك ال ننسى جهود جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بقيادة

العالمة عبد الحميد ابن باديس ودوره في الحفاظ على الهوية العربية اإلسالمية للشعب الجزائري، غير أن مطالب بعض المثقفين الجزائريين خريجي المدرسة الفرنسية

باالندماج بقيادة فرحات عباس الذي شكك في وجود هوية مستقلة ألمة اسمها الجزائر المثقفين آنذاك بصفوف ثورة نوفمبر التحريرية أدى إلى طبقةوكذا تأخر التحاق

تشويه صورة المثقف، بل واتهامه بالخيانة في بعض الحاالت حيث الزالت هذه النقطة مطروحة لغاية يومنا هذا فالفئة المثقفة همشت من بعيد ومن قريب كما أنها هي

األخرى قامت بتهميش نفسها بنفسها وذلك بسبب تشرذمها وغياب طرح مشروع وطني سياسي ثقافي اجتماعي كان سيوفر لهذه الفئة غطاءا اجتماعيا يمكنها من تبوء

مكانتها الصحيحة. كما نجد من أبرز المفكرين الذين تناولوا هذه القضية العالمة مالك ابن نبي في عدة مؤلفات " كشروط النهضة" و "مشكلة الثقافة" و "الصراع الفكري في البالد

المستعمرة" وغيرها حيث أنه نبه لخطورة المعترك الثقافي ونادى بضرورة التخلص

365

مجلة العلوم اإلنسانيةو االجتماعية

الهوية والمجاالت اإلجتماعيةحـول عدد خاص الملتقى الدولي األولالتحوالت السوسيوثقافية في المجتمع الجزائري في ظل

من عقدة "القابلية لالستعمار" من أجل النهوض بالجزائريين خاصة والمسلمين بصفةعامة.

بينما نالحظ بأنه وفي فترة الثمانينات قد أثيرت مسألة الثقافة والمثقفين من طرف مجموعة ال بأس بها من المفكرين أمثال عبد القادر جغلول، علي الكنز،

مصطفى األشرف....الخ ولعل أشهر هذه النقاشات والتي ظهرت في كتاب لألستاذ عمار بلحسن بعنوان "انتليجنسيا أم مثقفون في الجزائر" والذي لقي صدا واسعا لدى القراء، ولقد تمخضت نتيجة هذا الحوارعلى فكرة مؤداها بأنه ال توجد أنتليجانسيا في

الجزائر كفئة أو طبقة منتظمة ومتجانسة بل يمكن باعتبارها سديم أو نتف من المثقفين باعتبارهم إطارات وموظفين في دواليب اإلدارة الجزائرية وهذا ما ذهب إليه

( معتقدا بان هناكIntellectuelأيضا عدي الهواري بنفيه لوجود فئة من المثقفين )حاملي شهادات عليا يقومون بتسيير الجامعات عن طريق العمل بالتدريس ال أكثر.

ولعل أحسن دليل على ذلك هو حادثة رحيل البروفيسور محمد أركون الدي يعد عمود من أعمدة العلم و الثقافة في ظل صمت رهيب وبدون أي التفاتة رسمية أو شعبية في بلدنا ليثير حسرة وخيبة أمل كبيرة لدى المتتبع لمجريات واقع الفكر والثقافة

عندنا ولربما يعد هذا الرحيل أحسن تعبير عن الواقع المرير الذي نعيشه في ظلتردي اإلهتمام بالعلم والثقافة.

شكالية المرحلة االنتقالية:-3 المثقف األكاديمي وا� كما أسلفنا سابقا فإن الجزائر عرفت مع نهاية األلفية الثانية وبداية األلفية

الثالثة تغيرات جذرية وعلى جميع األصعدة الثقافية، السياسية، االقتصادية واالجتماعية بسبب تغير موازين القوى الدولية بعد سقوط ما كان يسمى بالمعسكر

االشتراكي وصعود المعسكر الغربي الرأسمالي بقيادة الواليات المتحدة األمريكية التي فرضت على دول العالم نظاما دوليا جديدا في إطار ما أصبح يسمى بالعولمة واقتصاد

السوق وبهذا فرضت على البشرية االنتقال من االقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق ونمط االستهالك المفتوح وظهور دول الشمال الكبرى المتقدمة صناعيا وتكنولوجيا

مقابل دول الجنوب المتخلفة والسائرة في طريق النمو. لقد ألقت هذه التغيرات بظاللها على واقع الفرد الجزائري والذي دفعته هده

االنتقال من نظام الحزب1988 أكتوبر 05التحوالت المتسارعة خاصة بعد أحداث

366

مجلة العلوم اإلنسانيةو االجتماعية

الهوية والمجاالت اإلجتماعيةحـول عدد خاص الملتقى الدولي األولالتحوالت السوسيوثقافية في المجتمع الجزائري في ظل

الواحد إلى التعددية السياسية ومن نظام االقتصاد الموجه الذي كان يعمل على الحفاظ على القدرة الشرائية ودعم السلع االستهالكية إلى نظام اقتصاد السوق والمنافسة غير

الشريفة في كثير من الحاالت ومن نظام الطبقات االجتماعية الثالث )الغنية، المتوسطة، الفقيرة( إلى نظام اجتماعي متمايز مشكل من طبقتين فقط غنية فاحشة

الثراء وفقيرة تكافح من أجل الحفاظ على لقمة العيش، والمالحظ بأن الطبقة الوسطى التي كان تتشكل أغلبها من األجراء و المثقفين وخريجي الجامعات قد اندثرت بسبب

هذه التحوالت المتسارعة والرهيبة التي ولدت مجموعة من القيم التي يغلب عليها االنتهازية، األنانية، التشرذم، تمجيد القيم الفردية مقابل القيم الجماعية و ظهور

ممارسات الرشوة، المحسوبية......الخ. لقد لعبت هذه التغيرات وهذه التحوالت دورا مهما في تشكيل هوة بين الفئة المثقفة وخاصة الفئة األكاديمية منها و بين واقعها المعيشي والواقع االجتماعي الذي فرض قيم ومعايير مثل الربح السريع وتمجيد القيم المادية المبنية على البراغماتية

والوصولية. إن هذه التحوالت قد أصابت النخبة األكاديمية بصدمة أدت إلى عدم مسايرتها لهذه التغيرات وبالتالي انعكست على تواجد هذه الفئة التي أصيبت بالتشظي والتفكك بل واالنسحاب من التأثير في الحياة العامة والغياب المبرر أحيانا وغير المبرر أحيانا أخرى، وهكذا شهدنا غياب للنخبة المثقفة التي أثار إنسحابها تساؤالت عديدة خاصة مع اتهام مناوئيها لها بأنها أصبحت خاملة وغير قادرة على تبوء مكانتها المطلوبة

منها والواقع يؤكد بأن هذه الفئة قد أصيبت بصدمة حضارية نتيجة لعدم مقدرتها علىالتكيف والتماشي مع المتغيرات الجديدة.

أبعاد األزمة المجتمعية على المثقف األكاديمي:-4 لقد تعددت أبعاد األزمة المجتمعية وقد ألقت آثارها على سيرورة الحياة

اليومية للمواطن العادي بصفة عامة وللمثقف األكاديمي بصفة خاصة وهذه بعضوأهم مظاهرها وهي كالتالي:

لقد عمل التغير المتسارع لألحداث في الجزائر خاصة بعدعلى الصعيد االقتصادي: أ- االنفتاح على اقتصاد السوق على تدهور القيمة الشرائية للمواطن وللمثقف األكاديمي

الذي يعد موظفا وأجيرا في المؤسسات العمومية في الغالب خاصة إذا علمنا بأن

367

مجلة العلوم اإلنسانيةو االجتماعية

الهوية والمجاالت اإلجتماعيةحـول عدد خاص الملتقى الدولي األولالتحوالت السوسيوثقافية في المجتمع الجزائري في ظل

فإن النخبة ،المتمثلة في أساتذة التعليم العالي تتمركز في الجامعات تحديدا، وبهذا المثقف األكاديمي وجد نفسه مضطرا لمواجهة األوضاع المعيشية المتدهورة فمتطلبات الحياة اليومية متزايدة ألن األستاذ يعد المعيل الوحيد ألسرته في أغلب األحيان تماشيا مع الثقافة السائدة وهذا ما يجعله يبحث عن بدائل تتمثل في مضاعفة ساعات العمل أو

البحث عن منصب عمل إضافي والذي سينعكس ال محالة على أدائه العلمي وعلىصحته.

إن ترك المثقف األكاديمي لمواجهة مصيره المحتوم فيعلى الصعيد االجتماعي:ب- معترك الحياة اليومية ضغط إضافي عليه، بحيث أن مشكالت مثل الحصول على

مسكن أو النقل، أو العمل في بيئة غير صحية ...الخ، مشكل ترك أثارا وخيمة فيأداء هذا األخير.

كما ذكرنا سابقا فإن قيم الرأسمالية واقتصاد السوق حتماعلى الصعيد الثقافي:ج- ستترك نتائجها على أنماط معيشة أي مجتمع، والمالحظ بأن هذه القيم تظهر في

الممارسات اليومية لألفراد ونظراتهم لبعضهم البعض، وبهذا فإن ازدراء المؤسسات التعليمية واألكاديمية والمتمثلة في الجامعة تعرف تصورا سلبيا لدى عامة الناس بسبب التسيب والتدهور وعدم مواكبة الجامعة للمتغيرات التي يعرفها المحيط من حولها، كما

أن قيم االنتهازية والممارسات غير القانونية وازدهار مفاهيم الربح المادي السريع على حساب الضوابط المجتمعية المتعارف عليها أدى إلى النفور من العلم والفكر

كالة التهم للمثقف بأنه خامل وأناني...الخ ويظهر هذا في احتكاك هذا المثقف مع وا\ األفراد عند التسوق أو في األماكن العامة أو عند الحصول على خدمات كاإليجار أو

النقل أو الصحة...الخ. إن النكت والتعليقات بل الكتابات الحائطية ومنتديات االنترنيت في كثير من األحيان تبين الهوة الموجودة بين األفراد والنخبة المثقفة التي تنعت بأسوأ األوصاف

والنعوت والتي لها داللة رمزية خطيرة جدا. تعد الحالة الجزائرية الراهنة التي تمتاز باالنسدادعلى الصعيد العلمي والفكري:د-

واالضطراب من الحاالت التي تؤثر على األفراد والجماعات بل وحتى المؤسسات، ففي ظل غياب إستراتجية وطنية سليمة وناجعة للنهوض بالبحث ، ولن يتأثى ذلك إال

باالهتمام بالموارد البشرية الخالقة المتمثلة في االهتمام باألفراد من ناحية التكوين

368

مجلة العلوم اإلنسانيةو االجتماعية

الهوية والمجاالت اإلجتماعيةحـول عدد خاص الملتقى الدولي األولالتحوالت السوسيوثقافية في المجتمع الجزائري في ظل

والتأهيل والتوظيف وكذا تثمين الجهود خاصة في مجال البحث العلمي وهذا ما تفتقر إليه الممارسة اليومية وبهذا فإن المثقف األكاديمي والمتمثل في األستاذ الجامعي ال يزال يعاني من قضية التفرغ لالهتمام بالبحث العلمي وتقديم الجديد في هذا المجال

وذلك بسبب عدم االستقرار ولفقدان حوافز حقيقية تدفعه لبذل الجهد من أجل النهوض بهذا القطاع، إننا نالحظ بأن هذا األخير يعيش حالة من األنوميا واالغتراب بين سندان واقع قاس كثير المتطلبات ومطرقة الواجب والضمير التي تحتم عليه التضحية والعمل

والعطاء. :المثقف األكاديمي والهوية المفقودة-5

من األمور المطالب بها المثقف األكاديمي تحديدا األستاذ الجامعي نجد ثالثة وظائف كبرى وتتمثل في : التدريس والتكوين، البحث العلمي، والمشاركة في

النشاطات االجتماعية العامة. غير أن المالحظ لمستجدات الواقع يكتشف بأن مهنة األستاذ الجامعي باتت

تنحسر في التدريس نتيجة لعوامل موضوعية وأخرى غير موضوعية وبالتالي أصبح هذا األستاذ أداة للتدريس وتلقين معارف فقط وهذا ما أنعكس على أدائه في الجامعات وبالتالي فإن هذه الجامعات افتقدت ألهم عنصر منشط لميكانيزماتها وتمخض عن ذلك

جامعة عالمية في آخر500أن الجامعات الجزائرية صنفت من بين آخر اإلحصائيات المعلنة، ويعود هذا لعدم تفرغ أساتذتها للبحوث وتقديم الجديد في المجال

العلمي. إن هذا الوضع أصاب المثقف األكاديمي بصدمة كبيرة تحولت إلى اغتراب

معاش فهذا األخير ال زال يعيش التيه وال زال يبحث عن هوية اجتماعية توفر له أفقثبات الذات الفردية والجماعية. فالجامعة باعتبارها المعمل الذي صنع هذا االنتماء وا\

اإلطار األكاديمي يعد بمثابة المؤسسة االجتماعية الخاصة التي أعادت إنتاج هذا المثقف األكاديمي للقيام واإلسهام في المسيرة العلمية واالعالء من صرح العلم

والبحث العلمي غير أنه ولألسف الشديد عوض أن تكون عامل جذب أصبحت تشكل مصدر طرد وذلك بسبب التناقضات الموجودة بين أسوارها، فالممارسات اليومية الموجودة من صراعات وتشكيك في قدرات إطاراتها خاصة العاملين في مجال

التدريس وعملية اإلقصاء والتهميش الممنهج باإلضافة إلى ممارسات سلبية أخرى،

369

مجلة العلوم اإلنسانيةو االجتماعية

الهوية والمجاالت اإلجتماعيةحـول عدد خاص الملتقى الدولي األولالتحوالت السوسيوثقافية في المجتمع الجزائري في ظل

دفعت المثقف األكاديمي الشاب تحديدا إلى اللجوء لنوع من االنسحاب واألنوميا واختالق األعذار للتهرب من هذا المحيط والذي يعتبر الحاضنة التي يجب أن تحوي

ذلك الكل من أجل المصلحة العامة خاصة إذا علمنا أهمية وخطورة البحث العلمي في النهضة االقتصادية وبالتالي استقاللية القرار السياسي وتقدم أي دولة تسعى االزدهار

والنمو.نحو سياسة عقالنية إلعادة إدماج المثقف األكاديمي: -6

من أجل التخفيف من حدة أزمة الهوية التي يعاني منها المثقف األكاديمينقترح ما يلي:

(- ضرورة اإلسراع بالتكفل بالمطالب االجتماعية لهذه الفئة من أجل الحفاظ1على كرامتها وعيشها في ظل ظروف حياة كريمة.

(- ضرورة التعجيل بإصالح الجامعة وتفعيل البحث العلمي واالنشغال بمطالب2األساتذة الجامعيين في الميدان البيداغوجي وتحسين ظروفهم.

(- وضع نظام حوافز يتماشى مع تشجيع وتثمين األعمال الجادة وخلق روح3المنافسة بين األساتذة الباحثين من أجل تقديم األفضل.

ستشارة األستاذ الجامعي في إعداد الخطط المستقبلية4 (-ضرورة اإلنصات وا\المتعلقة بالجامعة والبعد عن سياسات اإلرتجال العرجاء.

(- ضرورة تحويل الجامعة إلى مركز إلعداد النخبة واالهتمام بالبحث والعمل5على االهتمام بالكيف وليس الكم.

يجاد مشاريع بحثية6 (- ضرورة مراجعة سياسة إرهاق األساتذة بالتدريس وا\مهمة في الجامعة.

(- ضرورة التكفل باألساتذة والباحثين والتخفيف من الضغوط المهنية التي7 يعانون منها والتي سترك أثارا على صحتهم النفسية إن لم يتم تدارك الموقف في

أسرع وقت. (- ضرورة محاربة البيروقراطية والتهميش واإلقصاء واإلعالء من شأن كل8

العاملين في الجامعة وعلى رأسهم األساتذة والباحثين.

370

مجلة العلوم اإلنسانيةو االجتماعية

الهوية والمجاالت اإلجتماعيةحـول عدد خاص الملتقى الدولي األولالتحوالت السوسيوثقافية في المجتمع الجزائري في ظل

- الـــخاتمة: 7 مما سبق يمكننا القول بأن التحوالت االجتماعية المتسارعة بسبب االنتقال إلى اقتصاد السوق وعدم مقدرة النخبة االكادمية على التكيف معها ومواكبتها باإلضافة إلى الممارسات التعسفية هي وراء توليد أزمة هوية إجتماعية عند المثقف األكاديمي والتي

يجب تجنيد جميع اإلمكانيات لمحاربتها ألن العقل المفكر ثروة يجب المحافظة عليها باعتباره قيمة مضافة في هذا الكون فاإلنسان هو صانع الحضارة وليس العكس، ولن

تنجح أو تتقدم أمة أهانت عقولها وعلماؤها.

قائمة المراجع:مالك بن نبي: شروط النهضة، دار الفكر، سوريا-1مالك بن نبي: مشكلة الثقافة، دار الفكر، سوريا-2علي الكنز: حول األزمة، دار بوشان، الجزائر-3عمار بلحسن : انتيليجانسيا أومثقفون في الجزائر، دار الحداثة، بيروت، لبنان-45-Amine Maalouf ; les Identités meurtrières

371

مجلة العلوم اإلنسانيةو االجتماعية

الهوية والمجاالت اإلجتماعيةحـول عدد خاص الملتقى الدولي األولالتحوالت السوسيوثقافية في المجتمع الجزائري في ظل

دنيس كوش، مفهوم الثقافة في العلوم اإلجتماعية ، ترجمة:منير السعيداني المنظمة العربية-6للترجمة

372