36
١

ﺾﻴﺑأ - المجمع الفقهي الإسلامي− ٣ − א א א ﻦـﻣﻭ ﺎﻨﺴﻔﻧأ رﻭﴍ ﻦﻣ ﷲﺎﺑ ذﻮﻌﻧﻭ ,ﻩﺮﻔﻐﺘﺴﻧﻭ ﻪﻨﻴﻌﺘﺴﻧﻭ

  • Upload
    others

  • View
    19

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

− ١ −

− ٢ −

أبيض

− ٣ −

אאא إن احلمد هللا نحمده, ونستعينه ونستغفره, ونعوذ باهللا من رشور أنفسنا ومـن سيئات أعاملنا من هيد اهللا فال مضل له, ومن يضلل فال هاديه له, وأشهد أن ال إله

اهللا عليه وعىل آله إال اهللا وحده ال رشيك له, وأشهد أن حممدا عبده ورسوله صىل, أما بعد :وصحبه وسلم تسليام كثريا

فإن الرشيعة الغراء جاءت بحفظ الرضوريات من الـدين والـنفس والعقـل والعرض والنسب واملال يف جانب الوجود ومحايتها من العدم, ومن الوسـائل يف

ا جيرب ذلك جزاءات عقابية وضامنات مالية, ويأيت الضامن أحد الوسائل الفعالة ممالرضر الذي يلحـق باإلنسـان, وإذا كـان ذلـك ظـاهرا يف األرضار احلسـية مـن اإلتالف وغريه, فإن موضوع ضامن األرضار املعنوية باملال مما يكتنفـه الغمـوض وحيتاج الستجالء حكمه ومعرفة رشعيته, وكتب فيه باحثون وفقهاء معارصون,

طة العامل اإلسالمي للكتابة عن هذا وقد تلقيت دعوة من أمني املجمع الفقهي لراباملوضوع فأعددت هذا البحث راجيا أن يكون مشاركة إجيابية يف تقريب وتـذليل سبله, وقد جاء الكالم يف املوضوع يف ثالثة مباحث, وحتت كل مبحـث مطالـب

:عند االقتضاء, وبيان ذلك فيام يأيت .ملعنوي مركبا بيان مفردات العنوان, وتعريف الرضر ا: املبحث األول

:وفيه مخسة مطالب .تعريف الضامن: املطلب األول .تعريف الرضر: املطلب الثاين .تعريف الرضر املعنوي: املطلب الثالث .تعريف املال: املطلب الرابع

.تعريف الرضر املعنوي مركبا : املطلب اخلامس

− ٤ −

ي ـقتضـما ورد عن املفرسين من تعليل لبعض األحكام بـام ي: املبحث الثاين .ضامن الرضر املعنوي باملال

.حكم ضامن الرضر املعنوي باملال: املبحث الثالث . ختريج ضامن الرضر املعنوي عىل التعزير باملال: املبحث الرابع

:وفيه مخسة مطالب .تعريف التعزير لغة واصطالحا : املطلب األول .أقسام العقوبات التعزيرية من جهة حملها: املطلب الثاين

.خالف العلامء يف التعزير باملال: طلب الثالثامل .جعل املأخوذ من املال تعزيرا لصاحب احلق اخلاص: املطلب الرابع

ختريج ضامن الرضر املعنوي عىل التعزيـر باملـال واجلـواب : املطلب اخلامس .عنه

.ثم خامتة البحث .ل البحثأسأل اهللا التوفيق واإلعانة عىل متامه, وهذا أوان البدء يف تناو

− ٥ −

אא אאא

אא :وفيه مخسة مطالب

:تعريف الضامن: املطلب األول :تعريف الضامن لغة: الفرع األول

, وهي ترجـع يف أصـل معناهـا إىل ن م يء يف ـجعـل الشـ«الضامن مصدر ض .)١(»يشء حيويه

:)٢(هي وتطلق يف اللغة عىل معان .االلتزام; ومنه الكفالة باملال, فضمنه التزم بام عليه من مال يف ذمته −١ .)٣(»اخلراج بالضامن« ملسو هيلع هللا ىلصالغرامة; ومنه قوله −٢ .)٤(»اإلمام ضامن واملؤذن مؤمتنملسو هيلع هللا ىلص «ومنه قوله : احلفظ والرعاية −٣

.وأطلق عىل إمام الصالة الضامن; ألنه حيفظ عىل املأمومني صالهتم :تعريف الضامن اصطالحا : لثاينالفرع ا

:يطلق الضامن عند الفقهاء ويراد به أحد معنيني, فهو ضم ذمـة إىل ذمـة يف حتمـل املـال : األول االلتزام بام عىل الغري من مال

الضامن ضم ذمة الضامن إىل ذمة املضمون يف « ):هـ٦٢٠:ت(عنه, قال ابن قدامة وليس هـذا )٥(»ق مطالبة من شاء منهامالتزام احلق فيثبت يف ذمتهام, ولصاحب احل

.املعنى مرادا يف البحث

.٣/٣٧٢مقاييس اللغة ) ١( .١/٣٦٤, املصباح املنري ٣٨٤ص, خمتار الصحاح ٣/٣٧٢مقاييس اللغة ) ٢(, ٢٨٢, ٣/٥٨١, والرتمـذي ٤/١١والسـنن الكـرب ٧/٢٥٤والنسائي يف املجتبـى ٣/٢٨٤أخرجه أبو داود ) ٣(

.٢٣٧, ٦/٤٩, وأمحد ٢/٧٥٤وابن ماجه , ٥١٧وهــو بــرقم ١/١٤٣الرســالة, وأبــو داود : ط ٨٩٧٠: وهــو بــرقم ١٤/١٥٢٦أخرجــه أمحــد يف املســند ) ٤(

.٢٠٧: وهو برقم ١/١٣٣والرتمذي .٥/٨٠املغني ) ٥(

− ٦ −

الغرامة بتحمل ما استهلكه عىل اآلخرين من أجرة مغصوب, أو قيمة : الثاينعبـارة «: الضامن يف اإلتـالف بأنـه) ه١٠٩٨:ت(أو مثال لتالف, وعرف احلموي

.)١(»رد مثل اهلالك إن كان مثليا أو قيمته إن كان قيام : عن :تعريف الرضر: ملطلب الثاينا

:تعريف الرضر لغة: الفرع األول :)٢(الرضر يف اللغة يطلق عىل معان ثالثة هي

ه يضــ −١ , وهــو ســوء احلــال والضــيق ـخــالف النفــع, فيقــال رض ا ره رض .والنقصان يدخل يف اليشء

.اجتامع اليشء −٢ .القوة −٣

:تعريف الرضر اصطالحا : الفرع الثاين .)٣(»إحلاق مفسدة بالغري«: ء األقدمني من عرف الرضر بأنهمن الفقها

:وجاء تعريفه عند املعارصين بصيغ متعددة منهاكل أذ يلحـق الشـخص سـواء أكـان يف «: ما عرفه حممد املدين بوساق بأنه

.)٤(»مال متقوم حمرتم أو جسم معصوم أو عرض مصونيه من األذ فيتلـف لـه عبارة عام يصيب املعتد عل«: وعرفه سيد أمني بأنه

.)٥(»نفسا أو عضوا أو ماال متقوما حمرتما إحلاق مفسدة باآلخرين, أو هو كـل أذ يلحـق «: وعرفه وهبه الزحييل بأنه

.)٦(»الشخص سواء أكان يف ماله أو يف جسمه أو عرضه أو عاطفته

.٢/٢١٠غمر عيون البصائر رشح األشباح والنظائر ) ١( .١/٣٦٠, املصباح املنري ٣٧٩, خمتار الصحاح ص٣/٣٦٠مقاييس اللغة ) ٢( .٢١١فتح املبني لرشح األربعني; البن حجر اهليثمي ص) ٣( .٢٩و ساق صالتعويض عن الرضر يف الفقه االسالمي; ملحمد املدين ب) ٤( .٩٣املسؤولية التقصريية عن فعل الغري يف الفقه اإلسالمي املقارن; لسيد أمني ص) ٥( .٢٣نظرية الضامن; لوهبة الزحييل ) ٦(

− ٧ −

وأشمل هذه التعريفات وأمجعها هو التعريف األول عند الفقهـاء األقـدمني . »إحلاق مفسدة بالغري«: بأنه

:تعريف املعنوي: املطلب الثالث :تعريف املعنوي لغة: الفرع األول

العني والنون والياء, وله ثالثـة معـان ) عني(ىل املعنى, ومادته إاملعنوي نسبة :)١(يف اللغة هي

.عنيت باألمر وباحلاجة: القصد لليشء بانكامش فيه وحرص عليه, ومنه −١ .عنا يعنو إذا خضع: ع والذل, ومنه قوهلماخلضو −٢عنيان الكتاب, وعنوانـه, ومـن هـذا البـاب : ظهور يشء وبروزه, ومنه −٣

الذي يربز مـن مكنـون : معنى اليشء, فيقال هذا معنى الكالم ومعنى الشعر, أي .ما تضمنه اللفظ :تعريف املعنوي يف االصطالح: النوع الثاين

املثلـة (نـى يف مناسـبات خمتلفـة مـن ذلـك استعمل بعض الفقهـاء هـذا املع) اإلتالف احليس(يف مقابل ) اإلتالف املعنوي(و) املثلة احلسية(يف مقابل ) املعنوية

: عن استكراه الرجل ألمة زوجته وتعليل كوهنا مثله) ٧٥١:ت: (يقول ابن القيمل اإلتالف وال بعد يف تنزي... هذه مثلة معنوية, فهي كاملثلة احلسية, أو أبلغ منها «

.)٢(»املعنوي منزله اإلتالف احليس, إذ كالمها حيول بني املالك وبني االنتفاع بملكهومن هذا يعلم أن املعنوي يقابل املحسوس سـواء وقـع اإلرضار بـإتالف أو

.غريه :تعريف املال: املطلب الرابع

:تعريف املال لغة: الفرع األولاإلبـل (نسان ويقتنيه سواء مـن الـنعم عىل ما يملكه اإل: يطلق املال يف اللغة

.)٣(أو من الذهب والفضة أو غريها من األعيان) والبقر والغنم

.١٤٨ −٤/١٤٦مقاييس اللغة, ) ١( .٥/٣٩زاد املعاد; البن القيم ) ٢( .٤/٣٧٧يث واألثر , النهاية يف غريب احلد١١/٦٣٥, لسان العرب ٣٩٧−١٥/٣٩٥هتذيب اللغة ) ٣(

− ٨ −

:تعريف املال اصطالحا : الفرع الثاين, وقريب منه )١(ما فيه منفعة مباحة لغري رضورة: جاء تعريفه عند احلنابلة بأنه

.)٣(والشافعية )٢(عند املالكيةمـا : غة تعريف املال يف جملة األحكام العدلية بأنهأما احلنفية فقد جاءت صيا

.)٤(يميل إليه طبع اإلنسان ويمكن ادخاره إىل وقت احلاجة منقوال أو غري منقولالتعريف االصطالحي للجمهور ) معارص(وقد صاغ الدكتور حممد العبادي

لـه قيمـة مـا كـان: (بالعبارة اآلتية −مرتضيا له−) املالكية, والشافعية, واحلنابلة( .)٥()مادية بني الناس, وجاز رشعا االنتفاع به يف حال السعة واالختيار

.وهذا هو الراجح :)٦(وبيان هذا التعريف فيام ييل

خيرج األعيان واملنافع التي ال قيمة هلا بني ): ما كان له قيمة مادية بني الناس( .حبة القمح, فال تعد ماال : الناس, مثل

رعية قيمهـا, ـخيرج األعيـان التـي أهـدرت الشـ): فاع بهوجاز رشعا االنت( .كاخلنازير واخلمر وحلم امليتة ومنافع آلة اللهو املحرم, فال تعد ماال

خيرج ما جاز االنتفاع به حال الرضورة, كلحـم ): يف حال السعة واالختيار( .امليتة, فال يعد ماال ولو جاز االنتفاع به عند الرضورة

:تعريف الرضر املعنوي مركبا : املطلب اخلامسمستعمال عنـد الفقهـاء األقـدمني أو »الرضر املعنوي«مل يكن هذا املصطلح

دارجا عىل ألسنتهم لذا فإهنم ال يتصدون له بالبيان واإليضاح, وقد تناوله الفقهاء :والباحثون املعارصون يف الفقه اإلسالمي ومن ذلك

.١/٣٠٨منار السبيل; للضويان ) ١( .٢/١٧املوافقات; للشاطبي ) ٢( .٣٥٤األشباه والنظائر; للسيوطي ) ٣( .١٢٦/جملة األحكام م) ٤( .١/١٧٩امللكية يف الرشيعة اإلسالمية; للعبادي ) ٥( .املرجع السابق) ٦(

− ٩ −

ما يصيب اإلنسان يف رشفه وعرضه «: هما عرفه به الشيخ عيل اخلفيف بأن −١من فعل أو قول يعد مهانة له كالقذف والسب, وما يصيبه من أمل يف جسـمه أو يف

, أو من حتقري يف خماطبته أو امتهان يف معاملته .)١(»عاطفته من رضب ال حيدث أثرارر يف شـخص ـإحلـاق الضـ«: وما عرفه به حممـد فـوزي فـيض هللا بأنـه −٢

يمس كرامتهم أو يؤذي شعورهم, أو خيدش رشفهم, أو يتهمهم يف اآلخرين فيام .)٢(»دينهم أو ييسء إىل سمعتهم

كل أذ يصيب اإلنسـان يف عرضـه «: وما عرفه حممد املدين بوساق بأنه −٣ .)٣(»أو عاطفته أو شعوره

والتعريف الثالث هو أوجزها مع احتوائه عىل املعاين املذكورة يف التعريفـات .السابقة

.٥٥الضامن يف الفقه اإلسالمي; لعيل اخلفيف ص) ١(; »مطبوع عـىل الراقمـة« ١٣٥, ١١٤, وانظر املسؤولية التقصريية بني الرشيعة والقانون ص٩٢نظرية الضامن ص) ٢(

.كالمها ملحمد فوزي .٢٩التعويض عن الرضر; ملحمد املدين بو ساق ص) ٣(

− ١٠ −

أبيض

− ١١ −

אא אא

אא رون بـأن ـورد يف كتاب اهللا عز وجل أحكام فيها ضامن مـايل, ورصح املفسـنوي, ومن سببه الشني أو اإلهانة ونحومها من املصطلحات التي تعود للرضر املع

:ذلك .تنصيف املهر بطالق الزوج لزوجته قبل الدخول −١

ـة ﴿: يقول تعاىل يض ر ـن ف تم هل ض ر د ف ق ن و وه س بل أن مت ن ق ن م وه تم ق ل إن ط وة الن د ق ه ع ي بيد و الذ ف ع ون أو ي ف ع تم إال أن ي ض ر ا ف ف م نص اح ف ) ٢٣٧: البقرة( ﴾ك

فاملطلقة قبل الدخول إذا مل يكن موجب الطالق من قبلها وبطلبها هلا نصف املهر وكان إحلـاق «): ـه٧٢٨:ت(جربا عام أصاهبا من أذ االنكسار, يقول ابن تيمية

الطالق بالفسوح فوجب أن ال يتنصف, لكن الشارع جربها بتنصيف الصداق ملا .)١(»حصل هلا من االنكسار

عوضا عن املتعـة عنـد −يعني تنصيف املهر−وهلذا جعل ذلك «: وقال أيضا .)٢(»ابن عمر والشافعي وأمحد يف إحد الروايات عنه

ل للزوجة يف مقابل مـا صـار هبـا مـن رضر ع وهبذا يتبني أن تنصيف املهر جمعنوي وهو االنكسار بالعدول عن إمتـام الـزواج بالـدخول هبـا واملشـعر بعـدم

.لرغبة فيهاا .متعة الطالق −٢

)١ ( ٣٢/٢٦جمموع الفتاو. .املرجع السابق) ٢(

− ١٢ −

ن ﴿: يقول تعاىل وا هل ض ر ف ن أو ت وه س مت ا مل اء م تم النس ق ل م إن ط يك ل ناح ع ال جـىل قـا ع وف ح ر املع ـا بـ تاع ه م ر ـد ق رت ىل املق ع ه و ر د ع ق ىل املوس ن ع تعوه م ة و يض ر ف

نني س ىل ﴿ :ويقول تعاىل, )٢٣٦: البقرة( ﴾املح قا ع وف ح ر تاع باملع ات م ق طل للم وات ﴿ :ويقول تعاىل, )٢٤١: البقرة( ﴾املتقني نـ م ـتم املؤ ح ا نك نوا إذ ين آم ا الذ ا أهي ي

س بل أن مت ن ق ن م وه تم ق ل م ط ن ث ـوه تع م ا ف وهن تـد ع ة ت ـد ـن ع ن م يه ل م ع ام لك ن ف وهــيال ــا مج اح ن رس ــوه ح رس ــل ﴿ :ويقــول, )٤٩: األحــزاب( ﴾و ــا النبــي ق ــا أهي ي

أم الني تع ا ف ينته ز يا و ن ياة الد ن احل د ر نتن ت ك إن ك اج و ز ـا أل اح ن رس ك ح أرس ن و ك تعيال ).٢٨: األحزاب( ﴾مج

فقد جعل اهللا عز وجل يف هذه اآليات املتعة للمطلقة جربا هلا ملا ذهب عليها من رباط الزوجية, فام علة ذلك وسببه?

:نستطلع كالم العلامء يف ذلك .)١(»أي أهنا تسلية للزوجة عن الطالق«): ـه٢٢٥:ت(قال أصبغ ) أ ( : يف املطلقة قبـل الـدخول ومل يسـم هلـا املهـر) ـه٧٢٨: ت(وقال ابن تيمية ) ب(

.)٢(»والكرس الذي حصل هلا بالطالق انجرب باملتعة« .)٣(»املتعة بإزاء غم الطالق« ):ـه٣٥٥:ت(وقال ابن شعبان ) ج ( وجيوز أن يطلقها قبل الدخول هبا والفرض«): ـه٧٧٤:ت(ويقول ابن كثري ) د (

−تعـاىل−هلا إن كانت مفوضه وإن كان يف هذا انكسار لقلبها, وهلذا أمـر اهللا بامتاعها وهو تعويضها عام فاهتا بيشء تعطاه من زوجها بحسب حاله, عـىل

إنام للمصابة التي مل يفرض هلا ومل «: وقال. )٤(»املوسع قدره وعىل املقتدر قدره وقـال ابـن سـعدي. )٥(»عتهايدخل هبا, فهذه التي دلت اآلية عىل وجوب مت

.٣/٣٠اجلامع ألحكام القرآن; للقرطبي ) ١( .٣٢/٢٨الفتاو جمموع ) ٢( .٣/٢٠١اجلامع ألحكام القرآن; للقرطبي ) ٣( .١/٢٤٩تفسري ابن كثري ) ٤( .١/٢٥٠تفسري ابن كثري ) ٥(

− ١٣ −

را هلـا فإنـه ينجـرب ـكسـ −يعنـي الطـالق −وإن كان ذلك«): ـه١٣٧٦:ت( .)١(»باملتعة, فعليكم أن متتعوهن, بأن يعطوهن شيئا من املال جربا خلواطرهن

يوضـع اجتـاههم يف ) د, جأ, ب, (وما سبق مـن كـالم العلـامء يف الفقـرات ا, وتنصيف املهر لغري املدخول هبا بأنه مقابل اجلملة عىل تعليل املتعة للمدخول هب

.ما أصاب املرأة من لوعة الفراق وغم الطالق, وانكسار قلبها بذلكفإن ما مىض من اآليات من جرب املـرأة املطلقـة بـامل يف طالقهـا قبـل : وبعد

الدخول, ومتعة الطالق يف طالقها بعد الدخول أمر مرشوع وثابـت بكتـاب اهللا, الق الذي حيدث عادة يف الفرقة لوعة, وانكسـارا وغـام عـىل املـرأة, وأن هذا الط

م هل هـو مسـلم ومتعـد فيكـون كاألصـل ك ولكن يبقى ما التمسه العلامء من حأن الرضر املعنوي حمـل للضـامن باملـال : ينطلق منه لتعدية احلكم إىل غريه, فيقال

سـوف يـرد بحثـه عنـد عىل األصل? وهل عارضه غريه من األدلة أو ال? هذا ما .تناول حكم الضامن يف األرضار املعنوية

فلننطلق إىل النظر يف تأصيل الضامن عن الرضر املعنوي باملال قبـوال وردا يف .املبحث التايل

.١/٢٩٧تفسري ابن سعدي ) ١(

− ١٤ −

أبيض

− ١٥ −

אא אא

ألرضار املادية واملعنوية التي تنتج عنها من املقرر عند الفقهاء وجوب ضامن ا, كام أن من املقرر عندهم مرشوعية معاجلة األرضار −بدنية ومالية −أرضار مادية

املعنوية بعالج معنوي كاالعتذار حال السب ونحوه, وأوجبوا عقوبات غري مالية دون يف حال االعتداء عىل الرشف والعرض; كاحلد يف حال القذف أو التعزير فيام

.احلد يف حال السب ونحوه مما يعد رضرا معنويا وإنام احلديث هنا يف هذا العنوان عن حكم الضامن املايل عن الرضر املعنوي,

الضامن املـايل عـن األرضار املعنويـة, −فيام أعلم −إذ مل يتناول الفقهاء األقدمون :وتناوله املعارصون وهم فيه عىل قولني

, وهـو مـا )١(ز التعويض املايل عـن األرضار املعنويـةعدم جوا: القول األولاإلسالمي التـابع ملنظمـة املـؤمتر اإلسـالمي يف دورتـه مع الفقهجمنص عليه قرار

: حيث جاء يف الفقرة اخلامسة منه )٢()٣/١٢/(١٠٩: هـ رقم ١٤٢١الثانية عرشة ايل وما يشمل الرضر امل − أي بالرشط اجلزائي − الرضر الذي جيوز التعويض عنه

رر ـحلق املرضور من خسارة حقيقية وما فاته من كسـب مؤكـد وال يشـمل الضـ .األديب أو النفيس أو املعنوي

.)٤(ومصطفى الزرقاء )٣(عيل اخلفيف: كام قال به من املعارصين :واستدل أصحاب هذا القول بالقرآن, واملعقول

:من القرآن الكريم: أوال أ ﴿: ىـالـه تعـولـق ال ت الك و و لوا أم ينك ـك ,)١٨٨: رةـالبق( ﴾ل ـم بالباط ـم ب

إلسالمي; ملحمـد املـدين بـو سـاق التعويض عن الرضر يف الفقه ا, ٢/١٠٢٣ه اإلسالمي; ملوايف ـرر يف الفقـالض) ١(

٣٨ −٣٧. .٦هـ ص ١٤٢١قرارات والتوصيات الصادرة عن الدورة الثانية عرشة للمجمع ال: انظر) ٢( .٤٥الضامن يف الفقه اإلسالمي; للخفيف ص ) ٣( .١٢٦الفعل الضار والضامن فيه; للزرقاء ص ) ٤(

− ١٦ −

رر املعنوي ليس بامل, وما دام أنه ليس بامل فال جتوز مقابلتـه بـامل فأخـذه ـوالض .)١(يكون من قبيل أكل أموال الناس بالباطل

:من املعنى واملعقول: ثانيا :استدلوا بام ييل

ال غري ممكن فليس له ضـوابط أو معـايري أن تعويض الرضر املعنوي بامل −١يرد إليها الضامن باملال وخيتلف تأثريه من شخص آلخر, ولـذا فـإن تقـديره يعـد

, وعليه فضامن الرضر باملال ال يكون إال حتكام والتحكم باطل .)٢(حتكامرر; ألنـه ال يعيـد السـالمة ملثلـوم ـأن املال ال يزيل هذا النوع مـن الضـ −٢

روح املشاعر, لذلك فإن التعويض فيه لـيس جـربا والتعـويض إنـام الرشف أو جم .)٣(يقصد به اجلرب

أن ضامن الرضر املعنوي باملال مما ينايف الكرامة إذ كيـف يقبـل اإلنسـان −٣ .)٤(ماال مقابل حتقريه, فهذا مما تأباه املروءة

أن الرشيعة وضعت الزواجر للمعتدين عىل أعراض النـاس وسـمعتهم −٤وبيـع مـال املامطـل , وعاجلت املامطلة بتنفيذ العقد باحلبس, القذف والتعزير بحد

.)٥(وغري ذلك من الوسائل املغنية عن الضامن املايل عن الرضر املعنوي فال وجه لهأن التعزير الذي جاءت به الرشيعة يف كل معصية ال حـد فيهـا كـاف يف −٥

نفيس, وفيه التكافؤ بني الرضر واجلزاء, جرب األرضار املعنوية, إذ حيصل به األمل ال .)٦(وهو أوىل من ضامن ذلك باملال

ادة عىل العقوبة بعقوبةـزيـإىل ال ؤديـوي يـرر املعنـن الضـأن الضامن ع −٦

.٥٦الضامن يف الفقه اإلسالمي; للخفيف ص ) ١( .٥٧الضامن يف الفقه اإلسالمي; للخفيف ) ٢( .٢٤, الفعل الضار والضامن فيه; للزرقاء ص٥٦ه اإلسالمي; للخفيف الضامن يف الفق) ٣( .٥٦الضامن يف الفقه اإلسالمي; للخفيف ) ٤(رة ـتبصـ, ٥/١٩٩تبيني احلقـائق رشح كنـز الـدقائق; للزيلعـي : , وانظر يف ذلك١٢٤الفعل الضار; للزرقاء ص) ٥(

.٩٣−٦٠الطرق احلكمية; البن القيم , ٣٢٠ −٢/٣١٩احلكام يف أصول األقضية ومناهج احلكام; البن فرحون .١٢٥الفعل الضار والضامن فيه; للزرقاء ص ) ٦(

− ١٧ −

ة, أو بضامن مايل آخر إذا كانت اجلناية مما فيهـا الديـة أخر إذا كانت اجلناية حدي .)١(رشعأو األرش وهذا مما ال نظري له يف ال

. جواز التعويض باملال عن األرضار املعنوية: القول الثاينحممود شلتوت, ووهبة الـزحييل, وحممـد : وقال به مجع من املعارصين منهم

واستدلوا بالسنة والقيـاس, والتخـريج عـىل النظـائر الفقهيـة, )٢(فوزي فيض اهللا :وبيان ذلك فيام ييل

:من السنة بام يأيت: أوال .)٣(»ال رضر وال رضار«: ملسو هيلع هللا ىلصقال رسول اهللا − −عباس عن ابن −١

وملـا كـان , رر بكل أنواعـهـأن احلديث دل عىل حتريم الض: وجه االستداللالرضر املعنوي أحد أنواع الرضر املنهي عنه, فإنه يدخل يف نطاق التحـريم الـذي

رضار دل عليه هذا احلديث, وإذا كان حمرما كان واجـب الضـامن كغـريه مـن األرع عـىل جـواز التعـويض عنهـا, فيكـون ـاملحرمة املادية التي تعاضدت أدلة الش

.)٤(احلديث داال عىل جواز التعويض عن الرضر املعنويقال يف خطبـة حجـة ملسو هيلع هللا ىلصأن النبي − −عن أيب بكرة نفيع بن احلارث −٢

فإن دمـاءكم وأمـوالكم وأعراضـكم علـيكم حـرام كحرمـة «: الوداع يوم النحر .)٥(»يف شهركم هذا, يف بلدكم هذا, كم هذايوم

أن حتريم العـرض يف احلـديث جـاء معطوفـا عـىل حتـريم : وجه االستداللوهو وجوب الضامن باملال, وملا , النفس واملال فدل ذلك عىل أن للعرض حكمهام

.١٢٦املرجع السابق ص) ١(, املسـؤولية ٥٤, ٥٣, نظرية الضامن; لوهبة الزحييل ٣٥املسئولية املدنية واجلنائية يف الرشيعة اإلسالمية; لشلتوت ) ٢(

.»عىل الراقمةمطبوع « ١٤٣−١٣٨التقصريية; ملحمد فوزي صالبيـوع : , وأخرجه احلاكم مسندا يف كتـاب)٤/٤٠املوطأ برشح الزرقاين (أخرجه مالك مرسال يف كتاب األقضية ) ٣(

, ٢٣٦٢: بـرقم ٢/٤٤حديث صحيح اإلسناد عىل رشط مسلم ومل خيرجاه, وابـن ماجـة : , وقال٢/٦٦املستدرك , وقال النـووي ١٠/٣٣٣, ١٥٧, ٦/٧٠السنن الكرب , والبيهقي يف ٣٠٦٠: برقم ٢/٥٦, والدار قطني ٢٣٦٣

.»وله طرق يقوي بعضها بعضا «: وقال» حديث حسن«): ٣٢: (يف األربعني; احلديثدعاو التعويض الناشئة عن املسؤوليتني التقصريية والعقديـة وتطبيقاهتـا يف الفقـه والقضـاء اإلداري; للمتيهـي ) ٤(

.١٢٥الفعل الضار والضامن فيه; للزرقاء , ١/٣٥٣اء, الرياض, رسالة دكتوراه يف املعهد العايل للقض .١٧٣٩: وهو برقم) ٣/٥٧٣الفتح (أخرجه البخاري) ٥(

− ١٨ −

كان التعدي عىل العرض يغلب عليه جانب الرضر املعنوي فيكـون احلـديث داال .)١(عىل ضامنهفلـام ملسو هيلع هللا ىلصأن زيد بن سعنة أقـرض النبـي : اهللا بن سالم وفيه حديث عبد −٣

وأخذ بمجامع قميصـه ونظـر ملسو هيلع هللا ىلصكان قبل حمل األجل بيومني أو ثالثة أتى النبي أال تقضيني يـا حممـد حقـي? فـواهللا مـا علمـتكم بنـي : إليه بوجه غليظ, ثم قال

إىل عمـر بـن ونظـرت : عبداملطلب بمطل, ولقد كان يل بمخالطتكم علـم, قـالره ـوعيناه تدوران يف وجهه كالفلك املسـتدير, ثـم رمـاين ببصـ − −اخلطاب

ما أسمع وتفعـل بـه مـا أر? فوالـذي ملسو هيلع هللا ىلصأي عدو اهللا أتقول لرسول اهللا : وقالينظـر ملسو هيلع هللا ىلصبعثه باحلق لوال ما أحاذر فوته لرضبت بسيفي هذا عنقك, ورسول اهللا

إنا كنا أحوج إىل غـري هـذا منـك يـا « :يف سكون وتؤدة, ثم قال − −إىل عمر اذهـب بـه −طلب الدين − ن التباعةـعمر, أن تأمرين بحسن األداء, وتأمره بحس

.)٢(»يا عمر فاقضه حقه, وزده عرشين صاعا من غريه, مكان ما رعتهعوض زيد بن سعنة عرشين صاعا ملسو هيلع هللا ىلصأن النبي : ووجه الداللة من احلديثله, والروع رضر معنوي, فدل ذلك − −عمر من متر بسبب الروع الذي سببه

.عىل مرشوعية التعويض عن الرضر املعنوي يف اجلملةأنه قىض فـيمن رضب إنسـانا حتـى أحـدث − −ما روي عن عثامن −٤

.)٣(بثلث الدية املستمر رضر معنوي يسبب لإلنسان داث غريـأن اإلح: تداللـه االسـووج

دعاو التعويض الناشئة عن املسؤوليتني التقصريية والعقديـة وتطبيقاهتـا يف الفقـه والقضـاء اإلداري; للمتيهـي ) ١(

١/٣٥٤. , وأخرجـه ١/٥٢١يح ابن حبان, طبعة مؤسسـة الرسـالة, بـريوت, اإلحسان يف تقريب صح: أخرجه ابن حبان) ٢(

وقـال احلـافظ املـزي يف ٦٠٥−٣/٦٠٤, وأخرجه احلـاكم وصـححه ٢٨٠−٦/٢٧٨البيهقي يف السنن الكرب , .هذا حديث حسن مشهور يف دالئل النبوة: ٧/٣٤٧التهذيب

ه, هل يضمن الرجل من ع : باب ١٨٢٤٤: رواه عبد الرزاق يف مصنفه برقم) ٣( ت يف منزلـ , قـال اإلمـام ٢٤/ ١٠نـ: كشـاف القنـاع. [ال أعرف شيئا يدفعه وقضاء الصحايب بام خيالف القياس يدل عىل أنـه توقيـف −رمحه اهللا −أمحد ٦/١٥.[

− ١٩ −

األمل النفيس من هذا الطـارئ غـري ويسبب لهاحلرج, بخاصة إذا حرضه آخرون, أنه من أفـزع إنسـانا أو رضبـه فأحـدث ... «: العادي, وقد جاء يف كشاف القناع

.)١(»فعليه ثلث ديته إن مل يدم احلدث بغائط أو بول أو ريح :القياس: ثانيا

ويمكن االستدالل هلذا القول بالقياس عىل مـا اسـتنبطه العلـامء مـن العلـل مما ورد يف املبحث الثاين من استحقاق املطلقة قبل الدخول نصف املهـر, واحلكم

.وكذا استحقاق املطلقة بعد الدخول متعة الطالق .وذلك رضر ضمن باملال

:التخريج عىل النظائر الفقهية: ثالثا استشهد القائلون بجواز التعويض عن الرضر املعنوي باملـال بـبعض أقـوال

ا تؤيد القول بجواز الضامن املايل عن األرضار املعنوية, ومنها الفقهاء التي رأوا أهن :ما ييل

ال خيتلف الفقهاء بأن يف تفويت اجلامل عىل الكامل يف أعضـاء بـدن اإلنسـان ) أ ( .)٢(كالعني القائمة غري املبرصة, دية كاملة

قال يف اجلراحات التي تندمل دون ) ـه١٨٩:ت(أن اإلمام حممد بن احلسن ) ب(جيب فيها حكومة عـدل بقـدر مـا حلـق املجـروح مـن «: يبقي هلا أثر إنه أن .)٤(, فهذا تقدير لألمل باملال)٣(»األمل

أن حلمتـي الثـديني عنـد مالـك ): ه٦٢٠:ت(جاء يف املغنـي البـن قدامـة )ج ( : أي. وإال وجبت حكومة بقدر شينه, والثوري توجب ديتهام إن ذهب اللبن

.)٥(يصيب املرأةبقدر العيب اجلسدي الذي

.٦/١٥ كشاف القناع عن متن اإلقناع; للبهويت) ١( .٤٩٧الدية بني العقوبة والتعويض; لعوض إدريس ) ٢( .٢٦/٨١خيس املبسوط; للرس) ٣( .٢/١٠٢٤الرضر يف الفقه اإلسالمي; ملوايف ) ٤( .١٤٣ −١٢/١٤٢املغني ) ٥(

− ٢٠ −

ــو شــج رجــال ): ـهــ١٠٣٠:ت(جــاء يف جممــع الضــامنات للبغــدادي ) د ( ولوقـال . ونبت الشعر سقط األرش عنـد أيب حنيفـة, فالتحمت ومل يبق هلا أثر

.)١(عليه أرش األمل وهو حكومة عدل: أبو يوسفأن الفقهاء يف هذه النظائر قرروا التعويض : وجه االستدالل من هذه النظائر

املايل عن جمرد األمل, وتفويت اجلامل عىل الكامل, وعىل الشني بقـدر العيـب وهـو رر املعنـوي ـرضر معنوي, فليس كل الفقهاء عىل عدم التعويض املـايل عـن الضـ

رر املعنـوي يف غـري هـذه ـفيكون هذا أصال يف القول بالتعويض املـايل عـن الضـ .)٢(الصور

ألول من عدم ضامن الرضر املعنوي ما ذهب إليه أصحاب القول ا: والراجح :باملال, لألدلة التي جاءت يف سياق االستدالل هلذا القول, وينضاف إليها ما ييل

إن رجال مـن : أهنام قاال − −حديث أيب هريرة وزيد بن خالد اجلهني −١يا رسول اهللا أنشدك اهللا إال قضيت بيننا بكتاب اهللا, : فقال ملسو هيلع هللا ىلصاألعراب أتى النبي

نعـم فـاقض بيننـا بكتـاب اهللا وأذن يل, فقـال : اخلصم اآلخر وهو أفقه منـه فقالإن ابني كـان عسـفيا عـىل هـذا فزنـى بامرأتـه, وإين : قال "قل ": ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهللا

أخربت أن عىل ابني الرجم, فافتديت منه بامئة شاة ووليدة, فسـألت أهـل العلـم عىل امرأة هذا الـرجم, فقـال فأخربوين أنام عىل ابني جلد مائة وتغريب عام, وأن

والذي نفيس بيده ألقضني بينكام بكتاب اهللا, الوليدة والغـنم رد «: ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهللا ىل امـرأة هـذا فـإن عليك, وعىل ابنك جلد مائة وتغريب عـام, واغـد يـا أنـيس إ

.)٣(فرمجت ملسو هيلع هللا ىلص, فغدا عليها فاعرتفت فأمر هبا رسول اهللا »اعرتفت فارمجها

حاشية رد املحتار عىل الدر املختـار; البـن عابـدين , ١٧١جممع الضامنات يف مذهب اإلمام أيب حنيفة; للبغدادي ) ١( .٢٦/٨١, املبسوط; للرسخيس ٥/٣٧٦

رر يف الفقـه اإلسـالمي; ألمحـد ـ, الض٣٦ص: ملحمد بن املدين بوساقالتعويض عن الرضر يف الفقه اإلسالمي; ) ٢( .٢/١٠٢٥موايف

: يف باب ١٦٩٧: , وأخرجه مسلم برقم٣/١٩١يف باب الرشوط التي ال حتل احلدود ٢٧٢٤: رواه البخاري برقم) ٣( .٣/١٣٢٤من اعرتف عىل نفسه بالزنى

− ٢١ −

أنه لو كانت املرأة تستحق شيئا مقابـل أي : احلديث وجه االستشهاد من هذابرد بعض ما اصـطلحا عليـه; ألنـه ال جيـوز تـأخري ملسو هيلع هللا ىلصتعويض ألمر رسول اهللا

أمر برده كله, فدل عىل عـدم اسـتحقاقها شـيئا ملسو هيلع هللا ىلصالبيان عن وقت احلاجة, لكنه .من املال عىل هذا

النبوة ومل يقرر هلا أن الدواعي لضامن الرضر املعنوي كانت قائمة يف عهد −٢ .)١(حكم, فالسكوت عنه كالنص من الشارع عىل أنه عفو ال ضامن فيه

مما يدل عىل فساد ضامن الرضر املعنوي أنـه يتجـاوز صـاحب املصـلحة −٣املرضور احلقيقي ليعطى لغريه, فام يصيب الطفـل مـن رضر معنـوي يعطـى منـه

ة ليعطى لغريهم, فهي أمـور لألب واألم, وإذا قتل الشخص جتاوز الضامن الورثال حد هلا; ألهنا تتجاوز صاحب املصلحة املبارشة إىل غريه, كام أن تقدير الضـامن

.)٢(عن الرضر املعنوي اعتباطي حمض ال ينضبط بضابط :اإلجابة عن أدلة القول الثاين

أدلة أصحاب القول الثـاين ال تقـو عـىل معارضـة أدلـة أصـحاب القـول :جابة عنها فيام ييلاألول, وبيان اإل

رر وهـذا أمـر ال ـدل عـىل حتـريم الضـ »ال رضر وال رضار«أن حديث −١رر املعنـوي ـولكن احلديث ال داللة فيه عىل الضامن املايل عـن الضـ, خالف عليه

بل احلديث , الذي هو حمل النزاع فاالستدالل باحلديث عىل أمر خارج حمل النزاعايل عن األرضار النفسية واملعنوية حيث إن احلـديث فيه دليل عىل حتريم الضامن امل

رر املعنـوي غـري املنضـبط هـو ـهني عن الرضر والرضار, والضامن املايل عن الض .إرضار بالضامن لذلك

ض باملـال والـدم يف حـديث −٢ إن دمـاءكم وأمـوالكم «: أما اقـرتان العـرالتعـويض املـايل, روعية ـفهو لبيان احلرمـة ال ملشـ »...وأعراضكم عليكم حرام

.٢/٤١٠ات; للشاطبي املوافق: انظر هذا األصل يف داللة املسكوت عنه) ١( .١٢٧, ١٢٦, ١٢٤الفعل الضار والضامن فيه; للزرقاء ) ٢(

− ٢٢ −

ـري ﴿: كاالقرتان بني اخليل والبغال واحلمري يف قوله تعاىل م احل ـال و البغ يـل و اخل وون لم ع ا ال ت ق م ل خي ينة و ز ا و بوه ك إلباحة الركوب, وال يسـتدل ) ٨: النحل( ﴾لرت

.عىل جواز حلم احلمري القرتاهنا هنا باخليلبأنه مل يثبت; −اهللا بن سالم حديث عبد −حلديث الثالث واجلواب عن ا −٣

وعلته محزة بن يوسـف «: أنه حديث منكر, وقال) ـه١٤٢٠:ت(فقد ذكر األلباين .)١(»اهللا بن سالم فإنه ليس باملعروف دبن عب .واجلواب عن األثر الرابع بأن الرضر هنا مادي وهو االستطالق −٤فـاجلواب عنـه مـن »ثانيـا «ء يف الفقـرة وأما االستدالل بالقياس مما جـا −٥ :وجوه

املدخول هبـا أن ما ذكره املفرسون من تعليل ال يسلم; فإن تنصيف املهر لغري) أ ( حيتمل أنه مقابل ما فاهتـا مـن اخلطـاب عـن الفـرتة السـابقة, وذلـك نظـري العربون, أما متعة الطالق للمدخول هبا فيحمل أنه فريضة مالية تنفـق منهـا مدة انتظارها للخطـاب بعـد عـدهتا, فهـي مقابـل مـدة االنتظـار املعهـودة

فقد احلق هبا رضرا ماديا للخطاب; ألن األصل يف النكاح التأبيد فإذا فارقها .من فوات النفقة عليها تلك الفرتة

ثم إن ما علل به من متعة الطالق وتنصيف املهر ال يعدو أن يكون من قبيـل ) ب(احلكمة من رشعية احلكم الذي ال يمكـن تعديـة احلكـم بواسـطتها; وهـي

.معارضة بحديث العسيف وقد سبق ذكره عند ترجيح القول األولمـع قيـام ملسو هيلع هللا ىلصم إنه مل يعمـل بالضـامن يف األرضار املعنويـة يف عهـد النبـي ث) ج (

الدواعي واملقتيض لذلك; فإن هذه األرضار املتعلقة بالتعدي عىل اإلحساس .ونحوه من األرضار املعنوية ال خيلو منها عرص وال مرص

اب القول الثاين من التخريج عىل النظائر الفقهية, ـه أصحـتدل بـا اسـم −٦ ينطبق; إذ إنه ال بد عند التخريج عـىل قـول فقهـي مـن اتفـاق الفـرع األصـيل ال

.٥١٦ − ٣/٥١٤سلسلة األحاديث الضعيفة واملوضوعة; لأللباين ) ١(

− ٢٣ −

املخرج عليه, والفرع املراد تقرير حكمه يف علـة القـول املخـرج عليـه, أو اجلـزم بعدم الفارق بينهام, وهذا ما مل يتحقق هنا, فالنظائر الفقهيـة التـي استشـهدوا هبـا

فام ,ست من ضامن الرضر املعنوي يف يشءعىل الضامن عن الرضر املعنوي باملال ليذكره الفقهاء من التعويض عن اجلامل, وأنه لقاء تفويت عضـو ال منفعـة فيـه;هو تعويض مادي ال معنوي, وأما ما نقلة ابن قدامة من ضامن حلمتـي الثـديني فـال

; ألن الضــ رر رضر مــادي, ومــا ذهــب إليــه أبــو يوســف ـوجــه إليــراده أصــال, فـإن األمل النـاتج عـن اجلـرح, )ـهـ١٨٩:ت(بن احلسـن وحممد ) ـه١٨٣:ت(

; بل مادي جسدي يؤدي إىل خسارة مالية; فهو خارج والشني ليس رضرا معنويافال جيوز اختاذه أصال للقول بالضامن املايل عن الرضر املعنوي, كيـف , حمل النزاع

رر ـالضـ , والتعويض املراد يف قول أيب يوسف لـيس عـن)١(وهو قول فقيهني فقط وعن أيب يوسـف«: وط يف تفسري مرادهـاء يف املبسـا جـد ذلك مـؤيـوي, ويـاملعنيرجع عىل اجلاين بقدر ما احتاج إليه من ثمن الدواء وأجرة األطبـاء −رمحه اهللا −

وفوات الزينة الطبيعية بفقدان الشعر يف النظـائر , , فاألمل والشني)٢(»حتى اندملتمادية, جيوز ضامهنا باملال, وال تصلح بحال للتخريج عليها املذكورة, كلها أرضار

.)٣(بالضامن املايل عن الرضر املعنوي

.٣٧التعويض عن الرضر يف الفقه اإلسالمي; ملحمد املدين بو ساق ) ١( .٢٦/٨١املبسوط; للرسخيس ) ٢( .١٢٣قاء الفعل الضار والضامن فيه; للزر) ٣(

− ٢٤ −

أبيض

− ٢٥ −

אאא אאא

:وفيه أربعة مطالب :تعريف التعزير لغة واصطالحا : املطلب األول

, منها)عزر(من : لغةالتعزير يف ال اإلعانة, والنرصة, ومنـه قولـه : , وله معاناهللا﴿: تعاىل وا بـ نـ م ـيال لتؤ أص ة و ـر وه بك ـبح تس وه و ر ق تـو وه و ر ـز ع ت ـوله و س ر ﴾ و

.تعينوه, وتنرصوه: أي). ٩: الفتح(ـد ﴿ :التفخيم والتعظيم, ومنه قوله تعاىل: ومنها لق ـذ اهللاو ي أخ نـ يثـاق ب م

ني م اث نه ثنا م ع ب ائيل و ال اهللاإرس ق يبا و ق ن رش يـتم ع آت ة و ـال تم الص م م لئن أق ك ع إين مز ع ـيل و س تم بر نـ آم اة و ك ـتم اهللاالز ض ر أق م و وه ـ مت ـر ف ك ـنا أل س ـا ح ض ر م ق ـنك ن ع ر

ـد ق م ف نك لك م د ذ ع ر ب ف ن ك م ار ف هن ا األ ته ن حت ي م ر نات جت م ج نك ل خ د أل م و يئاتك ســبيل اء الس ــو ــل س ــدة( ﴾ض ــه). ١٢: املائ ــى قول ﴾: فمعن م ــوه مت ر ز ع : أي ﴿و

.عظمتموهم .)١(م, واملنع, والتأديبكام يطلق التعزير عىل اللو رة ـويلحظ أن معاين اللوم واملنع والتأديب متقاربة, ومعنى اإلعانة والنصـ

.إن التعزير من األضداد: عىل ضدها, ولذلك قال العلامء :والتعزير يف االصطالح

فه ابن قدامة روعة, عـىل جنايـة, ال حـد ـالعقوبة املش«: بأنه) ه٦٢٠: ت(عر .)٢(»فيها

ف .)٣(»التأديب«: بأنه) هـ١٠٥١: ت(ه البهويت وعر

.٢/٥٩٨, املعجم الوسيط ٢/٤٠٧املصباح املنري يف غريب الرشح الكبري ) ١( .١٢/٥٢٣املغني ) ٢(اف القناع عن متن األقناع ) ٣( .٣/٣٦٠, دقائق أويل النهى لرشح املنتهى ٦/١٢١كش

− ٢٦ −

.)١(»وهو واجب يف كل معصية ال حد فيها وال كفارة«: قال العلامء: ت(لكن ذكر مجع من الفقهاء مـنهم الشـيخ حممـد بـن إبـراهيم آل الشـيخ

.)٢(بأنه يصح اجلمع بني التعزير والكفارة) هـ١٣٨٩ . معصية ال حد فيهاالتأديب عىل: ولذا أعرف التعزير بأنه

:أقسام العقوبات التعزيرية من جهة حملها: املطلب الثاينوبياهنـا ) بدنيـة, وماليـة, ونفسـية(العقوبات التعزيرية تأيت عىل أقسام ثالثة

:كالتايل :العقوبات البدنية: القسم األول

.)٣(وهي التي متس اجلاين يف بدنه مبارشة فتؤملهالنفـي, التغريـب مـن البلـد, احلـبس, اجللـد, : نيةومن أبرز العقوبات البد

.)٤(القتل :العقوبات النفسية: القسم الثاين

.)٥(وهي التي تؤمل شعور اجلاين, ويشعر معها باألمل واحلرسة عىل فعلته .)٦(الوعظ, واهلجر والتوبيخ, والتهديد, والتشهري: ومن أبرزها :العقوبات املالية: القسم الثالث

.أخذ املال أو تغيريه أو إتالفه من قبل احلاكم عقوبة للجاين :واملراد هبا )٧(.والعقوبة املالية تكون أخذا وإتالفا وتغيريا

اف القناع عن متن اإلقناع ) ١( اع لطالـب االنتفـاع , اإلقنـ٣/٣٦٠رح املنتهـى ـ, دقـائق أويل النهـى لشـ٦/١٢١كش

.٥/١٤٢, منتهى اإلرادات يف مجع املقنع مع التنقيح وزيادات ٤/٢٤٣ .١١/٣٠٢فتاو ورسائل سامحة الشيخ حممد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ ) ٢( .٣٧التعزيرات البدينة وموجباهتا ص) ٣( .٥١ −٤٥التعزيرية ص سلطة القايض يف تقدير العقوبة: انظر بسط هذه العقوبات يف كتايب) ٤( .٣٧التعزيرات البدينة وموجباهتا ص) ٥( .٤٢−٣٧سلطة القايض يف تقدير العقوبة التعزيرية ص : انظر بسط هذه العقوبات يف كتايب) ٦( .٤٣−٤٢املرجع السابق ص ) ٧(

− ٢٧ −

رر املعنــوي مــن الشــتم ونحــوه ـوال خيتلــف الفقهــاء يف الزجــر عــىل الضــ .)١(بالتعزير

واختلف الفقهاء يف التعزير باملال فيام يتجه فيه التعزير وسوف نتنـاول ذلـك .املطلب التايل يف

:خالف العلامء يف التعزير باملال: املطلب الثالث :اختلف العلامء يف التعزير باملال عىل قولني

.ال جيوز التعزير باملال: القول األولــة ــذهب أيب حنيف ــذا م ــ١٥٠:ت(وه ــن ) ـه ــن احلس ــد ب ــاحبه حمم وص

.)٢()ـه١٨٩:ت(ل نفسه وال عوضـه, أمـا إذا كانت اجلناية ليست يف املا: وهو مذهب املالكية

.)٣(إذا كانت يف املال نفسه أو عوضه جازأنه ال تعزير بأخذ )ـه٢٠٤:ت(ومذهب الشافعية وهو اجلديد عند الشافعي

.)٤(املال .)٥(وهو مذهب احلنابلة .)٦(مذهب األئمة األربعة: احلنفي إنه) ـه٦٨١:ت(وقال الكامل ابن اهلامم

:)٧(وعللوا .عزير هو األدب, والتأديب ال يكون باإلتالفبأن الواجب يف الت −١ .أنه مل يأت يف الرشع التأديب باملال عن أحد يقتد به −٢

اف القنـاع , كشـ٢١٨, األحكام السلطانية; للاموردي ص٦/٨٩, اخلريش ١٨٨األشباه والنظائر; البن نجيم ص) ١(

.٢١٠−٢٠٥العزيز عامر ص , التعزير يف الرشيعة االسالمية; لعبد٦/١١٢ .٣/١٩٦, حاشية ابن عابدين ٤/٢١١فتح القدير ) ٢( .٢/٢/١٢٣االعتصام ) ٣( .٧/١٧٤, حاشية الشربامليس ٤/٢٠٥حاشية عمرية عىل رشح املنهاج ) ٤( .١٠/٣٤٨املغني ) ٥( .٤/٤١١فتح القدير ) ٦( .١٠/٣٤٨ املغني) ٧(

− ٢٨ −

.أن التعزير باملال جائز: القول الثاين, )١(من احلنفية وأخذ به بعض علامئهـم)ـه١٨٣:ت(وبذلك قال أبو يوسف

.)٢(للاملكية من دون تفصيل) ـه٧٩٩:ت(وعزاه ابن فرحون .)٣(و القول القديم للشافعيوهذا ه

: ت(وابـن القـيم )٤()ـهـ٧٢٨: ت(وبه قال بعض احلنابلة, منهم ابـن تيميـة .)٦()ـه١٠٥١:ت(والبهويت )٥()ـه٧٥١

:واستدلوا بام ييل ا من أعطاها مؤجتر«: يف الزكاة وفيه ملسو هيلع هللا ىلصعن النبي : حديث هبز بن حكيم −١

مـة مـن عزمـات ربنـا تبـارك فله أجرها, ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله عز .)٧(»وتعاىل ليس آلل حممد منها يشء

أنه سـئل : ملسو هيلع هللا ىلصما رو عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول اهللا −٢بنة«: عن التمر املعلق, فقال فال يشء )٨(من أصاب بفيه من ذي حاجة غري متخذ خ

ه شـيئا بعـد عليه, ومن خرج بيشء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة, ومن رسق منأن يؤيه اجلرين فبلغ ثمن املجن فعلية القطع, ومن رسق دون ذلك فعليـه غرامـة

.)٩(»مثليه والعقوبة ملسو هيلع هللا ىلصأن رجال من مزينة أتى رسول اهللا «: وبمعناه احلديث اآلخر بالسند نفسه

هـي ومثلهـا والنكـال «: يا رسول اهللا, كيف تر يف حريسـة اجلبـل? قـال: فقال

.٤/٢١١فتح القدير ) ١( .٤/٢٠٧, وانظر هتذيب الفروق ٢/٢٩٨تبرصة احلكام ) ٢( .٧/١٧٤, حاشية الشربامليس ٤/٢٠٥حاشية عمرية عىل رشح املنهاج ) ٣( .٤٧احلسبة ) ٤( .٢/١١٧, إعالم املوقعني ٢٤٥الطرق احلكمية ص) ٥( .٦/١٢٥كشاف القناع ) ٦(, ٢٤٤٩: وهـو بـرقم ٥/٢٥ة, والنسائي ـالـالرس: ط ٢٠٠١٦: و برقمـوه ٣٣/٢٢٠ ندـد يف املسـه أمحـرجـأخ) ٧(

... ناد ـهذا حديث صحيح اإلس: , وقال١/٣٩٨تدرك ـ, واحلاكم يف املس١٥٧٥: و برقمـوه ٢/١٠١و داود ـوأب .ومل خيرجاه

.ال يأخذ منه يف ثوبه: أي. هي طرف الثوب ومعطف اإلزار: اخلبنة) ٨( .٤٩٥٨: وهو برقم ٨/٨٥, والنسائي ١١٧٠: وهو برقم ٢/١٣٦داود أخرجه أبو ) ٩(

− ٢٩ −

املاشية قطع, إال فيام أواه املراح, فبلغ ثمـن املجـن, ففيـه قطـع وليس يف يشء من يـا رسـول اهللا, : قـال. »مل تبلغ املجن, ففيه غرامة مثليه وجلدات نكـال اليد, وما

هو ومثله معه, والنكال وليس يف يشء من الثمر «: كيف تر يف الثمر املعلق? قالرين فبلغ ثمن املجن ففيه القطـع, املعلق قطع, إال فيام أواه اجلرين, فام أخذ من اجل

.)١(»وما مل يبلغ ثمن املجن ففيه غرامة مثليه وجلدات نكالبالغرامة بمثيل قيمة املتلف يف الرسقة, فقـد روي أن − −عقوبة عمر −٣

عبيدا حلاطب بن أيب بلتعة رسقوا ناقة لرجل من مزينة فنحروها, فبلغ ذلك عمـر إين أراك جتيعهم ألغرمنـك «: ثم قال عمر حلاطببن اخلطاب فأمر بقطع أيدهيم,

فأعطه : غرما يشق عليك, ثم قال للمزين كم ثمن ناقتك? قال أربعامئة درهم قال .)٢(»ثامنامئة درهم

.)٣(»إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه وارضبوه«: ملسو هيلع هللا ىلصقوله −٤ يف عـزر باملـال أخـذا كـام ملسو هيلع هللا ىلصأن النبـي : ووجه الداللة من هذه األحاديـث

احلديث األول والثاين والثالث, وإتالفا كام يف احلديث الرابع فدل ذلك عىل جواز .التعزير باملال

بــأن : وقــد اعــرتض أصــحاب القــول األول عــىل أصــحاب القــول الثــاينالعقوبات املالية كانت مرشوعة يف اإلسالم ثم نسخت, وناسخها مـا رواه حـرام

ى نبـي اهللا ـدخلت حائطا فأفسدت فيه, فقضـ أن ناقة الرباء بن عازب: بن حميصةأن عىل أهل احلوائط حفظها بالنهار وأن ما أفسدت املوايش بالليـل ضـامن «: ملسو هيلع هللا ىلص

.)٤(»عىل أهلها

, قـال عبـد )٤٣٩٠: (, وهـو بـرقم٤/٣٧, وأبـو داود )٤٩٥٩(, وهو بـرقم ٨/٨٥أخرجه النسائي, واللفظ له ) ١( .»وإسناده حسن«: ٣/٥٦٦القادر األرناؤوط يف تعليقه عىل جامع األصول البن األثري

, وابـن ٨/٢٧٨, والبيهقـي يف السـنن الكـرب ٢/٧٤٨, ومالك يف املوطأ ١٠/٢٣٨رواه عبد الرزق يف مصنفه ) ٢( ., وسنده يف الثالثة األخرية منقطع, ولكن يعضده اتصال السند عند عبد الرزاق١١/٣٢٤حزم يف املحىل

.٩/١٠٣, والبيهقي يف السنن الكرب ٣٧١٣: وهو برقم ٣/٦٩أخرجه أبو داود ) ٣(, وأبـو ٢٣٥٣: وهـو بـرقم ٢/٤٢الرسالة, وابن ماجـه : ط ٢٣٦٩١: وهو برقم ٢٩/٩٧د أخرجه أمحد يف املسن) ٤(

.٨/٣٤١, والبيهقي يف السنن الكرب ٣٥٦٩,٣٥٧٠: وهو برقم ٣/٢٩٨داود

− ٣٠ −

, ومل ملسو هيلع هللا ىلصووجه ذلك أن النبي حكم بالضامن عىل أهل املوايش ما أتلفتـه لـياليف )ـه٢٠٤:ت(ينقل أنه أضعف الغرامة يف تلك القضية, وهذا ما ذكره الشافعي

ال تضعف الغرامة يف يشء, إنام العقوبة يف األبدان ال «: −رمحه اهللا−األم, فقد قال قىض فيام أفسـدت ملسو هيلع هللا ىلصيف األموال, وإنام تركنا تضعيف الغرامة من قبل أن رسول

.)١(»...ناقة الرباء :وأجيب عن ذلك بام ييل

, وال يصلح املعاقبة يف هذه القضية ال يستلزم الرتك مط ملسو هيلع هللا ىلصترك النبي −١ لقا .)٢(للتمسك به عىل عدم اجلواز وجعله ناسخا ألبتة

أن دعو النسخ ال تقبل مع اجلهل بالتأريخ لـيعلم املتقـدم مـن املتـأخر −٢ .)٣(فيكون املتأخر ناسخا للمتقدم

من قال بأن العقوبات املالية منسوخة وأطلـق «): ـه٧٢٨:ت(قال ابن تيمية قد غلـط يف مـذهبهام, ومـن قالـه مطلقـا يف أي ذلك عن أصحاب مالك وأمحد ف

.)٥(ومثله عن ابن القيم. )٤(»مذهب كان, فقد قال قوال بال دليل :الرتجيح

والراجح جواز التعزير باملال أخذا وإتالفا وتغيـريا كـام هـو املـذهب الثـاين لألدلة التي استدلوا هبا وما أجابوا به عن اعرتاض أصـحاب القـول األول ببيـان

.عدم النسخ لعقوبة التعزيروما استدل به أصحاب القول األول من أن التعزير ال يكون بـإتالف املـال, وأنه مل يأت يف الرشع التأديب باملال عن أحد يقتد به فهو غري مسلم, بل قد ثبت

.٨/١٣٩, وانظر نيل األوطار ٦/٢١٤األم; للشافعي ) ١( .٨/١٣٩نيل األوطار ) ٢( .٢/١٦١التلخيص احلبري ) ٣( .٤٨−٤٧احلسبة ) ٤( .٢٤٦الطرق احلكمية )٥(

− ٣١ −

التأديب باملال أخذا وإتالفا وكذا عن بعض اخللفاء الراشـدين كـام ملسو هيلع هللا ىلصعن النبي يف قصة غلامن حاطب بن أيب بلتعة, وكل ذلك مما سبق بيانه − −نقل عن عمر

.يف أدلة أصحاب القول الثاين :جعل املأخوذ من املال تعزيرا لصاحب احلق اخلاص: املطلب الرابع

لقد وردت عدة أحاديث يف التعزير باملال وجاء يف بعضها إعطاء ذلك لـرب :احلق وبياهنا حسب اآليت

, وبمعناه ملسو هيلع هللا ىلصب عن أبيه عن جده عن رسول اهللا ما رو عمرو بن شعي −١ .)١(السالف ذكرمها يف املطلب السابق − −حديث عبداهللا بن عمرو بن العاص

بالغرامة بمثيل قيمة املتلف يف الرسقة, فقـد روي أن − −عقوبة عمر −٢عبيدا حلاطب بن أيب بلتعة رسقوا ناقة لرجل من مزينة فنحروها, فبلغ ذلك عمـر

إين أراك جتيعهم ألغرمنـك «: اب فأمر بقطع أيدهيم, ثم قال عمر حلاطببن اخلطفأعطه : غرما يشق عليك, ثم قال للمزين كم ثمن ناقتك? قال أربعامئة درهم قال

.)٢(»ثامنامئة درهمضالة اإلبل املكتومة غرامتهـا «: قال ملسو هيلع هللا ىلصأن النبي − −عن أيب هريرة −٣

.)٣(»ومثلها معهاأي −مل ينص أحد من الفقهاء عىل وجوب رصفهـا : (يقول حممد أمحد رساج

إىل بيت املـال بـل أرشـدت نصـوص رشعيـة إىل جـواز − التعزير بالغرامة املاليةإعطاء املترضر ما يقىض به من غرامة; جربا ملا حلقه من رضر ومن ذلك ما ورد يف

ضا تضعيفه تغريم كاتم الضالة بردها ومثلها ومعها عقوبة له عىل الكتامن, ومنه أيالغرم عىل سارق ما ال قطع فيه من الثمر املعلق, وحريسة اجلبل التي توجد يف ملسو هيلع هللا ىلص أيب بلتعة ضعف قيمة الناقة التي اطب بنـح − −ر ـرم عمـد غـا, وقـراتعهـم

.سبق خترجيه يف املطلب السابق) ١( .سبق خترجيه يف املطلب السابق) ٢( .١٧١٨: وهو برقم ٢/١٣٩أخرجه أبو داود وسكت عنه ) ٣(

− ٣٢ −

جيـوز للقـايض أن : (وقـال أيضـا )١()رسقها عبيده جزاء له عىل تعديه يف جتويعهم .)٢()ملالية ويعطيها للمعتد عليهيفرض عىل املعتدي الغرامة ا

رف ـأن املـال املـأخوذ تعزيـر ال يصـ: وخالف يف ذلـك الزرقـاء فهـو يقـرر .)٣()اخلزينة العامة للدولة(لصاحب احلق اخلاص بل هو لبيت املال

أن املال املأخوذ تعزيرا من اجلاين يكون لبيت املال يف األصـل, : والذي يظهر بعض احلاالت كالتي وردت هبـا النصـوص ولكن يرصف للشخص املرضور يف

.السابقة :ختريج ضامن الرضر املعنوي عىل التعزير باملال واجلواب عنه: املطلب اخلامس

رور, فهـل ـإذا ترجح القول بالتعزير باملال, وأنه عند االقتضاء يعطى للمض خيرج عىل ذلك األرضار املعنوية?

. ي فيض اهللا, ووهبة الـزحييلحممد فوز: قال بذلك بعض املعارصين, منهموأدلتهم ال خترج عن أدلة القائلني بضامن األرضار املعنويـة باملـال, باإلضـافة إىل

.)٤(أدلة التعزير باملال :لكن ذلك ال يسلم هلم; ملا يأيت

ما سبق من أدلة املانعني عن ضامن الرضر املعنوي باملال, واجلـواب عـن −١ .أدلة القائلني بذلك

التعزيـر باملـال وإن تـرجح القـول بـه لكنـه ال ينطبـق عــىل األرضار أن −٢ :املعنوية; ملا يأيت

يف الرضر املعنوي املتعلق بالعرض قد جاءت العقوبة فيه بـاإليالم اجلسـدي ) أ ( وهو اجللد كام يف القذف وما دونه من الشتم تكون العقوبة فيه تعزيريـة مـن

.٤٥٣−٤٥٢ضامن العدوان يف الفقه اإلسالمي ) ١( .٤٩٦املرجع السابق ) ٢( .١٢٤الفعل الضار والضامن فيه; للزرقاء ص ) ٣(, نظريـة الضـامن; لوهبـة الـزحييل »مطبـوع عـىل الراقمـة« ١٤٤ولية التقصريية; ملحمد فوزي فيض اهللا صاملسؤ) ٤(

.٥٤ص

− ٣٣ −

من األصول الضابطة للتعزير مالءمـة جنس العقوبة احلدية وهي اجللد; فإن ر يف جنسها مـا أمكـن ثـم إنـه . )١(العقوبة التعزيرية بأن تكون من جنس املقد

.حيصل باإليالم البدين باجللد تشف للمرضور, وهذا جرب من جنس الرضررر املعنـوي يف العـرض كـام يف قصـة ـأن الرشع أبطل الضامن املايل عن الض) ب(

رر املعنـوي باملـال, ـرها عند ترجيح عدم ضامن الضـالعسيف التي سبق ذك, ولو كان ذلك سـائغا مل يـأمر النبـي بـرد ملسو هيلع هللا ىلصحيث أمر برد املال وأقام احلد

.املال, وتأخري البيان عن وقت احلاجة ال جيوز ملسو هيلع هللا ىلصأما العاطفة والشعور فلم يعرف تعزير صـاحبها باملـال يف عهـد النبـي ) ج (

األرضار املتعلقـة باإلحسـاس مـن العاطفـة ومن بعده من الصحابة, وهذه كت عنه وقد قام املقتيض له يف والشعور ال خيلو منها عرص وال مرص, وما س

.)٢(فهو عفو كام قرره األصوليون ملسو هيلع هللا ىلصعهد النبي رور فهي وقـائع معينـة ـأما عقوبات التعزير التي ورد فيها مال يعطى للمض) د (

سـارق مـا ال قطـع فيـه مـن الثمـر من جنس املال, سـواء كـاتم الضـالة أو وال يمتد ذلك − −وحريسة اجلبل أو ما رسقه غلامن حاطب بن أيب بلتعة

.لغريه

.٨٩انظر سلطة القايض يف تقدير العقوبة التعزيرية; للباحث ص : يف هذا الضابط) ١( .٢/٤١٠املوافقات; للشاطبي ) ٢(

− ٣٤ −

أبيض

− ٣٥ −

א :بعد دراسة مسائل هذا البحث أخلصه يف اآليت

كـل أذ يصـيب اإلنسـان, يف عرضـه أو عاطفتـه أو: املراد بالرضر املعنوي −١ .شعوره

.ال يضمن الرضر املعنوي باملال −٢ . ال تعزير عن األرضار املعنوية بامل يدفع للمرضور −٣

.وباهللا التوفيق, وصىل اهللا عىل نبينا حممد وعىل آله وصحبه أمجعني

− ٣٦ −

أبيض