naseemalsham.com new/Arabic/… · Web viewمسؤولية الوالدين عن تربية الأولاد. الدكتور محمد الزحيلي. نقدم بين يدي هذا الموضوع

مسؤولية الوالدين عن تربية األوالدالدكتور محمد الزحيلي

مسؤولية الوالدين عن تربية األوالدالدكتور محمد الزحيلي نقدم بين يدي هذا الموضوع فضل الله تعالى في منح األوالد،

وأنهم هبة من الله تعالى، كما أنهم أمانة في عنق الوالدين.األوالد هبة من الله تعالى:

إن من اآليات الجليلة الدالة على عظمة الل7ه تع7الى وقدرت7ه حأن خل7ق الن77اس من نفس واح7دة، وخل7ق منه7ا زوجه7ا، ثم من

الزوجين األوالد والذرية، فقال الله تعالى: فس واح777دة ذي خلقكم من ن كم ال ق777وا رب اس ات ه777ا الن 777ا أي )ي

[.1 ]النساء: وخلق منها زوجها وبث منهما رجاال كثيرا ونساء(. وإن منح الذرية من األبناء والبنات نعمة جلى من الله تع77الى، يستحق عليها الشكر الجزي77ل، والثن77اء ال77دائم، ألن الذري77ة أم77ل البش77رية من77ذ وج77دت، وس77تبقى ك77ذلك ح77تى تق77وم الس77اعة، للمحافظة على بق77اء الجنس البش77ري، وإن األزواج يتطلع77ون - بسرعة عقب الزواج - إلى الذري77ة الطيب77ة، ويرقب77ون العالم77ات الدال77ة على اإلنج77اب، ويستبش77رون به77ا، ح77تى يحقق77وا رغبتهم، وتقرأ أعينهم بالبنين والبنات، ويس77ألون الل77ه تع77الى ذل77ك، ف77إن تأخرت قرائن الحمل استغاثوا الله الخ77الق الب77ارئ، واس77تنجدوا ب77ه، وض77ربوا في مش77ارق األرض ومغارب77ه التخ77اذ األس77باب لإلنجاب، وهذه سنة الله في الن7اس، وه7ذه هي فط7رتهم مهم7ا اختلف أجناسهم وألوانهم وأزمانهم وأم77اكنهم، ق77ال تع77الى على

ه ق77ال رب هب لي منلسان سيدنا زكريا: ا رب )هنالك دعا زكريك سميع الدعاء(. بة إن ة طي ي دنك ذر [.38 ]آل عمران: ل

ي خفت المواليوقال تعالى على لسان أيضا زكريا أيضا: )وإنمن ورائي وكانت امرأتي عاقرا

77ه 77رث من آل يعق77وب واجعل دنك وليا. يرثني وي فهب لي من ل[.6 - 5 ]مريم: رب رضيا(.

وإن هب77ة األوالد من الل77ه تع77الى نص عليه77ا الق77رآن الك77ريم، وربطها بملك الس77موات واألرض، والتص77رف فيهم77ا كم77ا يش77اء

اء يهبفقال تعالى: ماوات واألرض يخلق م77ا يش77 ه ملك الس )لل 77زوجهم ذكران77ا اء ال77ذكور * أو ي اء إناث77ا ويهب لمن يش77 لمن يش77

ه عليم ق77دير( -49]الش77ورى: وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إن 50.] موقع نسيم الشام 1

www.naseemalsham.com


وقد وردت اآليات الكثيرة ال77تي تؤك77د نعم77ة الل77ه تع77الى على )الم77الالبش77رية بالذري77ة الص77الحة الطيب77ة، فق77ال ع77ز وج77ل:

ك 77ر عن77د رب الحات خي 77ات الص77 والبنون زينة الحياة ال77دنيا والباقي[.46 ]الكهف: ثوابا وخير أمال(. )والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجع77ل لكموقال تعالى:

بات(. [.72 ]النحل: من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطي وهذه النعمة ذات أثر عظيم على اإلنسان، وتلتقي مع فطرته وغريزت77ه، ف77إذا بش77ر الن77اس ب77المولود تألألت وج77وههم بالبش77ر والفرح والسرور، وامتألت قلوبهم بالسعادة والحبور، وانتظ77روا من األهل واألصدقاء والجيران التهنئة به، ألن مول77ود الي77وم ه77و رجل المستقبل، وأمل الوالدين، وذخ77ر األم77ة، والطف77ل امت77داد لحياة اإلنسان على األرض، وه77و ف77رع من ش77جرته، وثم77رة من أن يك77ون غراسه، وال يتمنى أحد أن يكون غيره أحس77ن من77ه إال

ولده.األوالد أمانة في عنق الوالدين:

وعند الوصول إلى هذا األمل تهدأ النفوس، وترت77اح القل77وب، وتتعلق المهج بالمولود الجديد ال77ذي خلق77ه الل77ه تع77الى، ومنح77ه للوالدين كرما وفضال، ولم يكن لهما ح77ول وال ط77ول في خلق77ه وإيج77اده، فه77و أمان77ة في أي77ديهم، ويحتم77ل أن يس77ترد ص77احب األمان77ة وديعت77ه، أو أن ي77ترك الول77د بين أهل77ه ف77ترة - ط77الت أو قصرت - ليرعوا حق الله تعالى فيه، ويحافظوا علي77ه، ويطبق77وا عليه شريعته وأحكام77ه، وه77ذا ح77ق للول77د على وال77ده، وبعب77ارة أخرى فهي واجبات على الوالد، يجب عليه القيام بها، وإذا قوي س77اقه، واش77تد ع77وده، وجب علي77ه حس77ن التربي77ة والتوجي77ه والتهذيب والتعليم، وهذا أهم واجب على اآلب77اء واألمه77ات تج77اه األوالد، ولذلك يؤكد الق77رآن الك77ريم ه77ذا الش77أن عن77د الوال77دين في77أمرهم برعاي77ة األوالد، ويوص77يهم بالحف77اظ عليهم، فيق77ول

[.11 ]النساء: )يوصيكم الله في أوالدكم(.تعالى: تكليف الوالدين بواجب التربية:

يولد الطفل على الفطرة، ويفتح عينيه على الحياة ليرى أمه وأب77اه يحوطان77ه بك77ل ش77يء، وينظ77ر إلى الوج77ود من خاللهم77ا، ويبصر الكون بأعينهما، ويستقر في قرارة نفس77ه أن األب واألم هم77ا ك77ل ش77ي في الع77الم، فيس77تمد منهم77ا العط77ف والحن77ان،

موقع نسيم الشام 2www.naseemalsham.com


ويتوجه إليهما للحماية والرعاي77ة، ويلج77أ إليهم77ا في ك77ل ص77غيرة وكبيرة، وتنس77اب أس77ئلته باالستفس77ار كالس77يل الم77درار، ح77تى يعجز كثير من اآلباء واألمه77ات عن الج77واب، ويقن77ع الول77د بك77ل جواب، ويصدق - بجزم وبدون ريب وال شك وال تردد، وال تحفظ وال مناقش77ة - ك77ل م77ا يس77مع من والدي77ه، مهم77ا ك77انت األفك77ار سخيفة أم رائع77ة كاذب77ة أم ص77ادقة، ويك77ون عق77ل الطف77ل، في مرحل77ة الطفول77ة األولى ك77الطين، يمكن لألب أن يش77كلها كم77ا يشاء، وتكون نفسه كالصفحة البيضاء، تخط فيها األم ما تش77اء، وتثبت عليها ما تريد، ويمتاز الطفل - في ه77ذه المرحل77ة - بحب التقلي77د والمحاك77اة لتحرك77ات والدي77ه وتص77رفاتهما، ل77ذا يتحم77ل الوال77دان المس77ؤولية األولى على التربي77ة واإلع77داد والتثقي77ف والتوجيه لما يحبه الله ويرضاه، وقد خصهما رس77ول الل77ه ص77لى

)والرج77لالله عليه وسلم بهذه المسؤولية في الحديث السابق راع في أهله، هو مس77ؤول عن رعيت77ه، والم77رأة راعي77ة في بيت

فالمس77ؤولية علىزوجه77ا وول77ده وهي مس77ؤولة عن رعيته77ا( الوال77دين عظيم77ة، وت77ترتب عليهم77ا نت77ائج خط77يرة في ال77دنيائا أوالدهم77ا على اإليم77ان واآلخ77رة، فيل77تزم الوال77دان أن ينش77 الكام77ل، والعقي77دة الص77حيحة، وأن يعوداهم77ا على التك77اليف

الشرعية واآلداب اإلسالمية، واألخالق الفاضلة. وإن إع77داد الجي77ل الم77ؤمن الص77الح يق77ع على ع77اتق اآلب77اء واألمهات، ألن الطفل ينظر إلى والديه، وكأنهم77ا المث77ل األعلى، ويلت77ف حولهم77ا، ويط77رح عليهم77ا ك77ل األس77ئلة، ويعتق77د أنهم77ا يحوزان العلم اللدني، وأنهما ك77ل ش77يء في الوج77ود، فهم األن77ا األعلى بالتعبير التربوي الحديث، ويتلقى الطفل منهم77ا في ب77دء حياته كل توجيه، لقناعته الكاملة بكل ما يقوالن، وتس77يطر على أحاسيسه تعابير والديه، وال يقتصر األمر على التوجيه المباش77ر، بل يقلد والديه في األشياء الكثيرة سواء كانت حسنة أم س77يئة، بطريق مباشر أم غير مباشر، ويستحوذ على فكره الالش77عوري كث77ير من تص77رفات الوال77دين في الرض77ا والغض77ب، في الحب والك77ره، في الس77عادة والش77قاوة، وإن ه77ذه الظ77روف العام77ة المحيطة، والقناعات المطلقة، ال تت77وفر في أي77ة مرحل77ة أخ77رى من مراحل التربية، كما تتوفر للطفل في أسرته، وم77ع والدي77ه، باإلض77افة إلى ال77دوافع الفطري77ة بالمحب77ة المتبادل77ة، والتض77حية



الالمتناهية من اآلباء واألمهات ألوالدهم، وأنهم أم77ل المس77تقبل، وسبيل البقاء واالستمرار، ل77ذلك ك77انت مس77ؤولية الوال77دين في

التربية أول المسؤوليات وأهمها أمام الله تعالى. وقد صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بوظيفة الوالدين

)ك77ل مول77ود يول77دفي تربية األوالد، فقال عليه الصالة والسالم: على الفط777رة، ف777أبواه يهودان777ه، أو ينص777رانه، أو يمجس777انه(، وخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم اآلباء واألمهات، ومن يق77وم مق77امهم في تط77بيق األحك77ام الش77رعية المتعلق77ة بتربي77ة األوالد، فقال علي77ه الص77الة والس77الم في مج77ال التربي77ة البدني77ة

ورغب)علموا أوالدكم السباحة والرماي7ة والم7رأة الغ77زل( مثال: رس77ول الل77ه ص77لى الل77ه علي77ه وس77لم الوال77دين بت77أديب األوالد، وأنهما يكسبان األج77ر والث77واب عن77د رب الع77المين، فق77ال علي77ه

)م77ا نح77ل وال77د ول77دا أفض77ل من أدب حس77ن(الصالة والس77الم: وعن جابر بن سمرة ق77ال: ق77ال رس77ول الل77ه ص77لى الل77ه علي77ه

)ألن يؤدب أحدكم ولده خير له من أن يتص77دق ك77ل ي77وموسلم وعن ابن عباس رضي الل77ه عنهم77ابنصف صاع على المساكين(

قال: قالوا: يا رسول الله، قد علمن77ا م77ا ح77ق الوال77د، فم77ا ح77ق.)أن تحسن أدبه(الولد قال:

)أدب ابنك، فإنك مسؤول عن77ه، م77اذاوقال عبد الله بن عمر: .أدبته، وماذا علمته، وهو مسؤول عن برك، وطواعيته لك(

ف77إن تخلى اآلب77اء واألمه77ات عن ذل77ك فق77د لحقهم إثم كب77ير، ووباء عريض، ونالوا خسارة جسيمة، وخانوا األمانة التي وضعها الله في أي77ديهم، وأض77اعوا الوديع77ة ال77تي كلفهم الل77ه بحفظه77ا، وتحملوا مسؤولية ذلك في ال77دنيا واآلخ77رة، ل7ذلك ح77ذر الق77رآن الك77ريم اآلب77اء واألمه77ات من ذل77ك، ونبههم إلى خط77ره، وأنهم مسؤولون عن أهلهم كمسؤوليتهم عن أنفسهم بترك المعاص77ي

كموفعل الطاعات، فقال تعالى: 77وا ق77وا أنفس77 ذين آمن ها ال )يا أيداد 77ة غالظ ش77 اس والحجارة عليها مالئك وأهليكم نارا وقودها الن

ه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون( [.6. ]التحريم: ال يعصون الل."أي علموهم وأدبوهم"قال اإلمام علي كرم الله وجهه:

"م77روهم بطاع77ة الل77ه، وعلم77وهموق77ال الحس77ن البص77ري: .الخير"



"إن الله س77بحانه وتع77الى يس77أل الوال77دقال بعض أهل العلم: عن ولده يوم القيامة قب77ل أن يس77أل الول77د عن وال77ده، فوص77ية

.الله لآلباء بأوالدهم سابقة على وصية األوالد بآبائهم"[.11. ]النساء: )يوصيكم الله في أوالدكم(وقال تعالى:

)اع77دلوا بين أوالدكموقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف( .في الن

آثار مسؤولية الوالدين في التربية: وبن77اء على ه77ذه النص77وص الواض77حة الص77ريحة في مس77ؤولية الوالدين ندرك اإلثم العظيم الذي يرتكبه بعض الوالدين في هذا العمر، فإنهم يهملون تربية األوالد، ويتركونهم يعبث77ون ب77األخالق، ويهدرون القيم، ويتخلقون بعادات الغرب وتقاليده، ويس77ارعون إلى اقتناص "الموضات" األجنبية، ويتش7كلون بأش7كال الهمجي77ة والوحش77ية والبدائي77ة من إطال77ة الش77عر، وإهم77ال النظاف77ة،

واالرتماء على األرص77فة، واالختالط المش77ين في الحفالت والن77دوات، وإرواء الغرائ77ز والش77هوات ب77دون قي77د وال ش77رط، والتخنث والترج77ل، ويص77دق عليهم ح77ديث رس77ول الل77ه ص77لى الل77ه علي77ه وس77لم: )لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبرا بشبر، وذرعا ب77ذراع، ح77تى

، قلنا: اليهود والنصارى ؟ ق77ال:لو دخلوا جحر ضب التبعتموهم(.)فمن ؟!(

وق77د يص77ل األم77ر إلى الظه77ور به77ذه األش77كال أم77ام اآلب77اء واألمهات الذين ي77دعون ال77دين والت77دين، ويتظ77اهرون باإلس77الم، دون أن تتحرك عواطفهم باالستنكار، أو تهتز أفئدتهم بالسخط، أو ينطق لسانهم بنصح أو وعظ أو إرشاد، وإن أنك77ر أح77د اآلب77اء على بعض ولده، ووجهه إلى الصواب فربما أع77رض الول77د، ولم من التقصير في التربية على خلق اإلسالم يستجب، وما ذلك إال

وسلوكه )كفى بالمرء إثما أنيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ع من يقوت (، فه77ذا االبن ال77ذي رع77اه أب77وه ص77غيرا، وس77هريضي عليه الليل والنهار، وك77د وك77افح في س77بيله وس77عى وكس77ب ل77ه القوت، وجمع له المال الحالل والحرام لتربيت77ه وتنش7ئته، ل7يراه غرسة من بعده، أص77لها ث77ابت وفرعه77ا في الس77ماء، ويأم77ل أن77را طيب77ا ل77ه، وامت77دادا لحيات77ه، إذ يخيب ظن77ه ب77ه، يكون ابن77ه ذك



ويفقد رجاءه في س77لوكه ويص77بح الوال77د في واد فك77ري ودي77ني واجتم77اعي، ويعيش االبن في واد آخ77ر، وتنقط77ع الص77لة بينهم77ا،

فيصدق على هذا االبن.77روص77ف الق77رآن الك77ريم: ه عم77ل غي 77ك إن ه ليس من أهل )إن

[.46 ]هود: صالح( ويعيش اآلب77اء في ص77راع ع77نيف، بين االع77تزاز باألبن77اء في تحقي77ق اآلم77ال واألحالم، وبين االس77تنكار في أعم77الهم، وتك77رر الصورة العجيبة التي يراها اإلنسان في مجتمع الي77وم، وهي من صور التناقضات التي عيشها المسلمون في ديارهم وأوط77انهم،

وهذه الصورة ذات وجهين: أن ت77رى بعض اآلب77اء واألمه77ات منغمس77ين فيالوج77ه األول:

الحي77اة المادي77ة، يغرق77ون في المالهي والش77هوات، ويس77تهينون بالقيم والمبادئ، ويجاهرون بالكفر والفسوق، بينما ترى أبناءهم

وبناتهم على العكس تمام77ا: ق77د من الل77ه عليهم باإلس77الم واإليم77ان، وس77لكوا طري77ق اله77دى والرش77اد، وال77تزموا اإلس77الم عقي77دة

وشريعة، فكرا وتطبيقا، نظاما وعمال. ومسؤولية هؤالء اآلباء واألمه77ات أم77ام الل77ه تع77الى واض77حة ال لبس فيها، وخطرهم على المجتمع واألمة جسيم، فهم يمنع77ون الخير، ويأمرون بالمنكر، وينهون عن المعروف، وينطب77ق عليهم

لى(قوله تعالى: ذي ينهى * عبدا إذا ص77 -9 ] العل77ق: )أرأيت ال 10.]

وال تق77ل جريم77ة ه77ؤالء عن جريم77ة الكف77ار المعان77دين ال77ذين وقف77وا في وج77ه الح77ق وال77دعوة إلى الل77ه، ومنع77وا الن77اس من ال77دخول في دين الل77ه، واإليم77ان برس77ول الل77ه، وح77الوا بين الضعاف وبين الهدى والنور، وينطبق على األوالد دعاء الرس77ول

ورجاؤه أن يخرج من أصالب اآلباء من يوحد الله ويعبده. وهو األكثر شيوعا، ويتمث77ل في تل77ك الغالبي77ةالوج77ه الثان77ي:

من جيل الكهول، رجاال ونس77اء، ال77ذين يتحل77ون ب77أكثر المظ77اهر الدينية، بينما ترى أبناءهم وبناتهم من جيل األطف77ال والش77باب، يتخل77ون عن ك77ل ش77كل أو زي، أو عالم77ة أو مظه77ر، يمت إلى اإلسالم بصلة، ويقلدون األجانب في كل ص77غيرة وكب77يرة، ح77تى يخي77ل إلي77ك أن عربي77ا يس77ير بج77انب أم77ريكي أو روس77ي، األول



تعل77وه مهاب77ة اإليم77ان، ويرت77دي ب77زة اإلس77الم، ويحض77ر الجمع77ة والجماعات، واآلخر ينسلخ عن تقاليد مجتمعه، ومبادئ شريعته، ليخل77ع على نفس77ه ص77ورة الغ77ربي، كم77ا يخي77ل إلي77ك أن ام77رأة مسلمة تسير بمحاذاة فتاة فرنس77ية أو انكليزي77ة، األم محتش77مة اللباس، تغطي رأسها ويديها بالحجاب الشرعي، وتسدل الستار أحيانا على وجهها، والفتاة عارية الرأس، كاشحة الصدر، كاشفة

للساقين، كأنها عارضة لألزياء. هذه الصورة شائعة في المجتمعات التي تقطن أرض العروبة واإلسالم، وهي صورة عجيبة في مالمحها، غريب77ة عن محيطه77ا، متنافية مع المنط77ق والعق77ل، وه77ذا األم77ر يرج77ع إلى مس77ؤولية اآلباء واألمهات عن تربي77ة أوالدهم، ومس77ؤولية األم77ة والمجتم77ع

والدولة عن مناهج التعليم، ورعاية الجيل الناش77ئ، وإع77داده إع77دادا ص77الحا، بتث77بيت العقي77دة، واعتن77اق الفك77ر اإلس77المي الص77حيح، إلزال77ة التن77اقض بين جي77ل اآلب77اء كانت المسؤولية كامل77ة والكهول، وجيل األطفال والشباب، وإالوثقيلة على األعناق التي تنوء بها الظهور، وتشيب لها الولدان.

"فمن أهمل تعليم ولده م77ايقول ابن القيم رحمه الله تعالى: ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء إلي77ه غاي77ة اإلس77اءة وأك77ثر األوالد إنم77ا ج77اء فس77ادهم من قب77ل اآلب77اء وإهم77الهم، وت77رك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا، فلم ينتفعوا بأنفس77هم، ولم ينفعوا آباءهم كبارا كما عاتب بعض77هم ول77ده على العق77وق، فق77ال الول77د: ي77ا أبت، إن77ك عققت77ني ص77غيرا فعققتم77ك كب77يرا،

.وأضعتني وليدا، فأضعتك شيخا"منهج اإلسالم في تربية األوالد:

يزعم بعض الن77اس أنهم ق77اموا بواجب77اتهم تج77اه أوالدهم، ولم تتحق77ق غ77ايتهم في التربي77ة، ويق77ول آخ77رون - ي77دفعهم الحق77د والنكران والجهود والكفر، ويسيطر عليهم الفك77ر االس77تعماري، والغزو األجنبي - يقول77ون باس77تحالة التربي77ة اإلس77المية في ه77ذا العصر، ويتجاهلون التربية اإلس77المية، ويتنك77رون لمنهج اإلس77الم في التربي77ة، وي77أتي فري77ق ث77الث، يدفع77ه اإليم77ان والش77عور بالمسؤولية، يأتي سائال عن الطريق ال77تي يتبعه77ا لتربي77ة أوالده، والوسيلة التي تساعده في إنقاذ فلذات كب77ده، وي77دور في خل77د



الجميع أحيانا أن علم التربية من العلوم المستحدثة، وأن مناهجالتربية من مبتكرات الغرب في العصر الحديث !!

وقب77ل الج77واب عن ه77ذه األس77ئلة نتوج77ه إلى المس77لم فق77ط لنهمس في أذنه أمرا بدهيا يتعلق بالعقيدة، وهو أهم من معرفة األحك77ام الش77رعية، والمن77اهج التفص77يلية، وه77ذا األم77ر ه77و أن اإلسالم دين الله الخالد، وأن القرآن الكريم كالم الل77ه المعج77ز، وأن األحكام الش77رعية هي من وض77ع خ77الق البش77ر، ال77ذي يعلم من خل77ق، وأن ه77ذا ال77دين العظيم ه77و منهج كام77ل للحي77اة في مختلف النواحي، وأن المؤمن يتجه - عند كل واقعة - إلى كتاب ربه، وشريعة نبيه، يستقرئها، ويستوضح أحكامه77ا، ويس77أل أه77ل العلم عن الحل األمثل، والدواء الش77افي لك77ل ص77غيرة وكب77يرة،

جرقال الله تعالى: موك فيم77ا ش77 ى يحك ك ال يؤمنون حت )فال ورب موا ل يت ويس77 هم حرج77ا مما قض77 بينهم ثم ال يج77دوا في أنفس77

[.65 ]النساء: تسليما( واإلسالم الحنيف لم يطلب مجرد التربية من اآلباء واألمه77ات، ولم يحملهم المسؤولية بدون أن يرشدهم إلى الوسيلة، ويأخ77ذ بيدهم إلى أقوام الطرق، بل وضع لهم منهاج77ا ك77امال في تربي77ة األوالد يبتدئ قبل الوالدة، ويصاحب الولد في طفولته ومراهقته وبلوغه وشبابه، ثم يحدد العالقة فيما بين الوال77دين والول77د بع77د أن يصبح بالغا ومكلفا، ورجال كامال، وإنسانا عاقال، وشابا س77ويا،

أو فتاة راشدة. وإن ما يشغل المسلم ال7واعي، والم7ؤمن المخلص لدين7ه في وقتن77ا الحاض77ر، ه77و كي77ف ي77ربي أوالده تربي77ة إس77المية س77ليمة، وكي77ف يحفظهم من التي77ارات الفاس77دة، والمب77ادئ الهدام77ة، والشعارات المستوردة، وكي77ف يص77ونهم من العبث والفوض77ى، وكيف يضمن تربي77ة األجي77ال القادم77ة، لتك77ون خ77ير خل77ف لخ77ير سلف، وتص77ون ألمته77ا الكرام77ة والس77ؤدد والع77زة، وتحق77ق له77ا

النصر والتحرير من االستعمار واالستبداد والغزو الفكري ؟؟ والجواب السريع هو أن نس77تقرئ النص77وص الش77رعية ونتتب77ع األحك77ام الديني77ة، لبي77ان أهم عناص77ر منهج اإلس77الم في تربي77ة

األطفال، مع بيان الوسائل والغايات لكل عنصر، وهي: يقول علم77اء التربي77ة: يجب على الوال77دحسن اختيار الزوجة:

أن يب77دأ بتربي77ة ول77ده قب77ل ال77والدة، وي77أتي في قم77ة العناص77ر موقع نسيم الشام 8



التربوية التي أرشد إليها اإلسالم - قبل الوالدة - اختيار الزوج77ة، ألن خطيبة اليوم التي يبحث عنها الش77اب هي زوج77ة الغ77د، وأم المس77تقبل، ومربي77ة األطف77ال واألجي77ال، واألم هي المدرس77ة األولى ال77تي تحض77ن الطف77ل، لترض77عه لب77ان األدب والتربي77ة، وترعاه في أول مراحل العمر، لتغرس في عقل77ه وقلب77ه الب77ذور األولى التي ستنمو عند الكبر، وتصون فطرته عما يفسدها، م77ع ما تهب لوليدها من صفات موروثة، وطباع مفط77ورة، وم77واهب متأصلة، فكان حسن اختيار الزوجة من أجل األوالد أك77ثر أهمي77ة من بقية العوامل التي تطلب الم77رأة ألجله77ا، ويرش77د الرس77ول الكريم - عليه أفض77ل الص77الة وأتم التس77ليم - إلى ذل77ك فيق77ول

77روا لنطفكم(حكمته البالغة الموجزة ويق77ول علي77ه الص77الة)تخي77ربت ي77داك(والس77الم: ويق77ول الش77اعر)ف77اظفر ب77ذات ال77دين ت

العربي: األم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب األعراق

فاألم هي المربي77ة لألطف77ال، والحاض77نة لألوالد واألمين77ة على الذرية، والمكلفة باإلشراف عليهم، ألنها سترضع الطف77ل اللبن، كم777ا سترض777عه العقي777دة واألخالق والقيم، وهي ال777تي ت777ربي العباقرة والمصلحين الذين يتولون دفة الحكم وس7فينة اإلص7الح وقيادة الجيوش، ورجال الدعوة والفك77ر، وبمق77دار التوفي77ق من حسن اختي77ار الزوج77ة يك77ون الوال77د ق77د أرس77ى حج77ر األس77اس السليم في تربية أوالده قبل الوالدة، مع ما شرعه اإلس77الم من أحك77ام خاص77ة بالحام77ل والمرض77ع، لرعاي77ة الج77نين والطف77ل الرض77يع، فأب77اح للحام77ل والمرض77ع مثال اإلفط77ار في رمض77ان، وجع77ل الرض77اعة حق77ا للطف77ل، كم77ا ش77رع الحض77انة حق77ا لألم

والطفل معا. وأن أول جهد في التربي77ة، وأول دعام77ة له77ا ه77و التوج77ه إلى ال77بيت، وخاص77ة إلى الزوج77ة الص77الحة واألم المربي77ة، والم77رأة المؤمنة الواعية، وقد كان دوما وراء كل عظيم ام77رأة عظيم77ة،

أو أب عظيم أو أبوان عظيمان. ومتى تمت ال77والدة ب77دأت التربي77ة من77ذ اللحظ77ةرعاية الوليد:

األولى من حياة الوليد، وهذا ما أرشد إليه الدين الحنيف، وتفرد ب77ه على س77ائر المن77اهج التربوي77ة في الع77الم، وكل77ف الوال77دين بإرساء الدعائم التربوية التي سيتم عليها بن77اء المس77تقبل، وهي



آداب إس77المية، وس77نن نبوي77ة، ومنهج رب77اني، وأهم ه77ذه اآلدابثالثة:

األذان واإلقام777ة في أذني الولي777د، ليك777ون أولاألدب األول: شيء يسمعه في هذا الوجود هو توحيد الله تع77الى ال77ذي خلق77ه وأوج77ده من نطف77ة فعلق77ة فمض77غة في ظلم77ات ثالث، ليحق77ق خالفة الله في أرضه، ويبدأ بتنفيذ العهد الذي أخ77ذه الل77ه تع77الى

كممن بني آدم من ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم: )ألست برب[.172]األعراف: قالوا بلى شهدنا(

واألذان واإلقام77ة يربط77ان الحي77اة - في األف77راح واألت77راح - بالعقيدة والدين، ليبقى األهل أيض77ا في لحظ77ات الس77عادة على ص77لة بالل77ه تع77الى، وت77ذكر ل77ه، ويقول77وا: تب77ارك الل77ه أحس77ن الخالقين، ربنا أوزعنا أن نشكر نعمتك ال77تي أنعمت علين77ا وعلى والدينا، وأن نعمل صالحا ترض77اه، وأص77لح لن77ا في ذريتن77ا، وأنبن77ا

ا من المسلمين. إليك، وإن حس77ن اختي77ار االس77م، وه77ذا من مس77ؤولية األدب الث77اني:

الوالدين، لما ورد في األحاديث الشريفة الكث77يرة، ق77ال رس77ول )ح77ق الول77د على الوال77د أن يحس77نالله صلى الله عليه وسلم:

وعن ابن عب77اس رض77ياسمه ويعلمه الكتابة، ويزوج77ه إذا بل77غ( الله عنهما قال: قالوا: يا رسول الله، قد علمنا م77ا ح77ق الوال77د،

، وك77ان)أن يحسن اس77مه ويحس77ن أدب77ه(فما حق الولد ؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وس77لم يغ77ير األس77ماء القبيح77ة ال77تي كانت في الجاهلية إلى أسماء حسنة، وإن اختيار االسم الحسن عالمة بارزة في التربية غير المباشرة، ألن ك77ل ش77خص ل77ه من اس77مه نص77يب، إن خ77يرا فخ77ير، وإن ش77را فش77ر، باإلض77افة إلى األمور النفس77ية ال77تي بينه77ا علم77اء التربي77ة عن77د المن77اداة باس77م حس77ن أو ق77بيح، وأث77ر ذل77ك على نفس77ية الطف77ل، وعالقت77ه م77ع

زمالئه وأفراد مجتمعه. تكريم الطفل بالعقيقة إلعالن السعادة والف77رحاألدب الثالث:

والبشر بمقدم الطفل، وتكون العقيق77ة ب77ذبح ش77اة أو أك77ثر عن المولود يوم أسبوعه، إلطعام األه77ل واألق77ارب والج77يران به77ذه المناسبة السعيدة، وتقديم الشكر لله تعالى على فضله ونعمه،

وقال جمهور العلماء: العقيقة سنة.رعاية الطفل من الصغر:



في مأكله ومشربه وجسده وثيابه، ليكون صحيح العقل، قوي الجسم، سليم الحواس، ف77إن حي77اة اإلنس77ان ك77ل ال يتج77زأ، وإن حيات77ه الجس77مية في الص77غر مؤش77ر إلى حالت77ه في الك77بر، وإن العقل السليم في الجسم السليم، واإلسالم يري77د من77ا أن ن77ربي أوالدنا على القوة والنشاط يقول رسول الل77ه ص77لى الل77ه علي77ه

)الم77ؤمن الق77وي خ77ير وأحب إلى الل77ه من الم77ؤمنوس77لم: وه77ذه الق77وة تتجلى ب77المعنى الم77ادي،الضعيف، وفي كل خ77ير(

كما تتجلى ب7المعنى ال7روحي أيض7ا، ب7أن يك7ون الطع7ام ط77اهرا من حالل، وال تتغ77ذى ومبرأ من ك77ل ح77رام، فال يطعم األوالد إال من حالل، ألن اللبن أو الحام777ل والمرض777ع واألم الحاض777ن إال الغذاء الحاصل من حرام ال بركة في77ه، وكي77ف يق77دم الوال77د إلى أوالده الغذاء الحرام، ثم يس77عى إلى أن يكون77وا على منهج الل77ه إلى فس77اد، وص77راط رب الع77المين؟ ف77إن الفاس77د ال ي77ؤدي إال سوءا وضررا، كما أن الحرام ال يكون وس77يلة والحرام ال ينتج إال إلى المقاصد النبيلة، وكل لحم نبت من السحت فالنار أولى به،

)إن الله طيب ال يقب77ليقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إال من طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال

بات واعملوا صالحا(تعالى: سل كلوا من الطي ها الر ، وق77ال)يا أيبات ما رزقناكم(تعالى: ذين آمنوا كلوا من طي ها ال ثم ذك77ر)يا أي

الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى الس77ماء ي77ا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبس77ه ح77رام، وغ77ذي

.بالحرام، فأنى يستجاب له( ويظن كث77ير من اآلب77اء أن واجبهم تج77اه األوالد مقص77ور على تقديم القوت والغذاء والكساء، وأن يؤمن77وا لهم العيش الرغي77د،والحياة المادية المرهفة، فيقضي األب األيام والسنين منهمكا

في الكس77ب، ويض77رب في األرض للتج77ارة والعم77ل، ويس77عى ذات اليمين وذات الشمال، فيغيب عن بيته زمنا ط77ويال، وي77ترك أوالده، ويغف77ل عن ت77ربيتهم، ويظن أنهم ص77غار يكفيهم الطع77ام

والشراب واللباس، فتكون النتيجة الضياع والحسرة. وعلى العكس من ذلك تماما فقد عمد الن77اس ق77ديما إلى وأد البن77ات، هرب77ا من رزقهم، وبخال على معيش77تهم، وخش77ية من الفقر وضيق ذات اليد، ويعمد الناس اليوم إلى ما يس77مى بمن77ع النسل أو تنظيم النسل، خش77ية اإلمالق واإلنف77اق، والخ77وف من



قلة الرزق أو الخوف من الفقر، ل77ذلك رد الق77رآن الك77ريم على هذين الصنفين ردا حاسما، مبينا أن الل77ه ه77و خ77الق األوالد وه77و رازقهم، وأن الله يرزق األوالد كما يرزق اآلباء واألمهات، وح77ذر

القرآن الكريم من هذه الوساوس واألوه77ام، فق77ال تع77الى: )وال77ان اكم إن قتلهم ك 77رزقهم وإي حن ن تقتلوا أوالدكم خشية إمالق ن

[.31. ]اإلسراء: خطئا كبيرا(777رزقكموق777ال تع777الى: حن ن 777وا أوالدكم من إمالق ن )وال تقتل

اهم( [.151 ] األنعام: وإي كما أعلن القرآن الكريم المبدأ العام في الرزق فقال تع77الى:ه ماء واألرض إن ماء رزقكم وما توعدون، ف77ورب الس77 )وفي الس

كم تنطقون( [.32] الذاريات: لحق مثل ما أن وربط القرآن الك77ريم بين الكس77ب وال77رزق ووج77وب التربي77ة، وإن انص77راف الوال77دين بعض ال77وقت إلى تربي77ة األوالد ال ي77ؤثر

الةعلى مورد رزقهم وال يبطله، فقال تعالى: 77ك بالص77 )وأمر أهلق77وى( 77ة للت حن نرزق77ك والعاقب ألك رزق77ا ن واصطبر عليه77ا ال نس77

[.132]طه: فاآلية الكريمة ربطت بين التربية وبين الرزق، وأن الرزق بي77د الله تعالى، فال يظن المؤمن أن تربية أوالده تش77غله عن كس77ب الرزق، ألنه مقسوم مح77دد، ثم عقبت اآلي77ة على ك77ل ذل77ك ب77أن العاقب77ة في ال77دنيا واآلخ77رة هي للتق77وى عن طري77ق الص77الة والتربية وليس من ك77ثرة األم77وال وجم77ع األرزاق، وه77ذا يقودن77ا

إلى أهمية التربية من الصغر. البدء بالتربية والتوجيه من الصغر:

بأن يضع الوالدان الخطة الحكيم77ة، والمنه77اج الس77ديد لتربي77ة األوالد، وذلك بأن يبذل األب من مال77ه ووقت77ه على تربي77ة ول77ده، كما ينفق من ماله وراحته على تأمين مأكله ومشربه وملبس77ه، فيعلمه األدب الحسن، ويلقنه اإلس77المي الفاض77ل، ويدرب77ه على

السلوك القويم. والوسيلة التربوية لذلك أن يغرس اآلباء واألمهات في نف77وس األوالد القيم الديني777ة، والع777ادات اإلس777المية الص777حيحة، وأن يؤدب77وهم ب77آداب اإلس77الم، وأن يعلم77وهم أحك77ام الش77ريعة، وأنرهم 77رددوا على مس77امعهم محب77ة الل77ه ورس77وله، وأن ي77ذك ي باس77تمرار بفض77ل الل77ه وآالئ77ه، ورحمت77ه ورعايت77ه، وتص77رفه في



الكون والحياة واإلنسان، وأن يم77يزوا لهم بين الحالل والح77رام، وأن يلقنوهم بعض األمور العامة، مثل والدة الرسول صلى الله علي77ه وس77لم زمان77ا ومكان77ا، واس77م أبي77ه وأم77ه وج77ده وعم77ه ومرضعته، وأن يص77حبهم األب إلى المس77جد، ويأخ77ذ بي77دهم إلى أماكن العبادة والحفالت الدينية، وأن يرشدهم إلى الخير وحفظنة والس777يرة وأخب777ار الق777رآن، وأن يحفظهم قس777طا من الس777 الصحابة والخلفاء الراشدين وغير ذلك مما يجب على الوال77دين أن يحرصوا عليه في تربية األبناء والبنات، ليسيروا على صراط الله المستقيم، ويكون األوالد ذري77ة ص77الحة في ال77دنيا، ويكون77وا أجرا وثوابا في صحيفة الوالدين في اآلخ77رة، ويمت77د بهم العم77ل

)إذا م77اتالصالح بعد الوفاة، ويتحقق فيهم الح77ديث الش77ريف: من ثالث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، ابن آدم انقطع عمله إال

.وولد صالح يدعو له( كما يجب على الوالدين أن يعامال أوالدهم77ا ب77العطف والرف77ق واللين والحزم والشدة عند الل77زوم، ويت77درجا معهم كلم77ا تق77دم بهم السن، ويجب على الوالد أن يغير من طريقته في التعام77ل777دخل إلى نف777وس أوالده عن طري777ق حس777ب العم777ر، وأن ي مكاشفتهم بأحوالهم الخاص77ة، ومتطلب77اتهم النفس77ية والجس77دية والفكري77ة، وخاص77ة عن77د ظه77ور عالم77ات البل77وغ وأمارات77ه، وأن يك77ون حليم77ا في ك77ل ذل77ك إلقام77ة الت77وازن الكام77ل لهم في

النواحي المختلفة، فال يفرط الطفل أو الشاب في جانب على حساب جانب آخر، فقد ورد

"العب ابن77ك س77بعا، وأدب77ه س77بعا، وص77احبه س77بعا، ثمفي األثر: وك77ذلك األم في عالقته77ا م77ع البنت،ات77رك الحب77ل على غارب77ه"وخاصة عند النضج والبلوغ.

وهذه التربي77ة تتوق77ف على األص77ول التربوي77ة ال77تي يجب على الوالدين رعايتها، وتب77دأ بالمحب77ة والص77داقة، والص77راحة والتفهم ألحوال األوالد وشؤونهم وظروفهم الخاصة لمعالجتها بحكمة ثم

بيان التوجيه السديد، والطريق السليم لها. وأما اللجوء إلى القسوة والشدة والتهديد ال77ذي يتس77رب إلى نف77وس كث77ير من اآلب77اء فيص77درون األوام77ر، ك77أنهم في معرك77ة حربي77ة في ال77بيت فإن77ه يب77وء بالفش77ل، ويفق77د األه77ل س77لطان اإلرشاد والتوجي77ه، واإلقن77اع والوق77ار، وق77د يتظ77اهر األوالد أم77ام



اآلباء بالطاعة والرك77ون واله77دوء، ونفوس77هم في غلي77ان ش77ديد، ينتظ77رون الفرص77ة للعبث، ثم التوج77ه إلى من يفض77ون إلي77ه بمشاعرهم، ويج77دون عن77ده األذن الص77اغية، واللس77ان الرقي77ق،

ليقودهم إلى الهاوية أو إلى الطريق الوعرة. ونقول: يجب وضع الخطة الرشيدة في التربي77ة، ألن77ه ال يص77ح شرعا االكتفاء بكلمات عابرة، ونصائح شفوية، وأوام77ر مج77ردة،

"قم إلى الص77الة، اق77رأ الق77رآن، ات77ق الل77ه، راقبكق77ول األب: فإن العدو الماكر قد خطط لهذه األم7ة، وت7آمر على دينه7االله"

ومقدساتها، واتجه إلى اغتيال أبنائها وشبابها وفتيانه77ا، وال ي77زال مخططه بخبث ل77ئيم، وخط77ا ثابت77ة، ودراس77ة محكم77ة، ووس77ائل متعددة، وأساليب دنيئ77ة، وال ب77د أن نواج77ه ه77ذا التخ77ريب بدق77ة

الحديد. وحنكة ودراية، فالحديد ال يفله إالالتعريف بالحالل والحرام:

فوا أوالدهم بالحالل والحرام يجب على اآلباء واألمهات أن يعر في جمي77ع التص77رفات، وأن ينم77وا فيهم العقي77دة الس77ليمة، وأن يعلم7777وهم العب7777ادات، وأن يرب7777وهم على محاس7777ن األخالق، فيغرس77ون في نفوس77هم اإليم77ان بالل77ه تع77الى، وحق77ه بالش77كر، والمحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واالقت77داء بمواق77ف المصطفى علي77ه الص77الة والس7الم في مختل7ف ج7وانب الحي77اة، فتى وشابا، ورجال وقائدا، وزوجا وأبا، وداعي77ة ومعلم77ا، وص77ديقا وج77ارا، وسياس77يا ورج77ل دول77ة، وأن يع77تزوا بالص77حابة وت77اريخ

السلف وتراجم القادة والعلماء والخلفاء. والطري77ق إلى ذل77ك يتم ب77التعليم المباش77ر، والتعلي77ق على مواق77ف لت77اريخ، وض77رب األمثل77ة الحي77ة، والقص77ص اإلس77المية، والقراءة الواعية، وأن التزود بالثقافة اإلس77المية ض77روري ج77دا، ولكن المهم في الثقافة هو الج77وانب الحي77ة، والتط77بيق العملي في الحياة، ليقوم في نفس الطف7ل ص7ورة كامل7ة ص7حيحة عن اإلس77الم، تب77دأ ه77ذه الثقاف77ة بس77يرة الرس77ول ص77لى الل77ه علي77ه وسلم، لينشأ الشاب على حب الخير والفض77يلة، ويتجنب الش77ر

والرزيلة. والشائع اليوم أن كثيرا من اآلب77اء واألمه77ات يهمل77ون أوالدهم في ه77ذه المرحل77ة الخط77يرة، ويوهم77ون أنفس77هم أن األطف77ال ص77غار، وأنهم لم يتفتح77وا على الحي77اة، وأن التع77اليم الديني77ة



المبك77رة - كالص77الة والحج77اب - ال تج77دي، وال تجب، ويق77دمون بعد البلوغ ... فإذا صلب أدلة مضحكة بأن الطفل غير مكلف إال الع77ود، وبلغت الفت77اة، وتك77ونت العقلي77ات، وتس77رب الفس77اد، وتشرب األطف77ال الع77ادات الس77يئة واألفك77ار البذيئ77ة، وانح77راف الشاب عن الصراط المس77تقيم، وتح77دث الفت77اة حي77اء اإلس77الم، وحشمة اإليمان، وش77عار ال77دين ج77اء األب نفس77ه ي77دعو بالوي77ل والثب77ور، وأن77ه لم يق77در على أوالده، وأنهم خرج77وا عن طاعت77ه وبره، وأن السفينة قد خرجت عن قيادته، ونسي بأنه قد ته77اون بهم، فكان جزاؤه أن يستهينوا به في الدنيا، وما عند الله أك77بر،

وهكذا كثير من األمهات. وقد يحاول اآلب77اء واألمه77ات أن يس77تخدموا حقهم في التربي77ة بع77د ف77وات األوان، فيك77ون الفش77ل حليفهم، ويح77اول األب أن يس777تنجد بزوجت777ه، أو العكس، ويس777تغيثون باألق777ارب أو معلم الص77ف، أو مج77ير المدرس77ة، ولكن أنى ينف77ع ال77دواء بع77د أن الب777تر أو اس777تحكم ال777داء، واستش777رى الفس777اد، ولم يبقى إال نفسه، ألن77ه ف77رط في االستئصال، وهيهات هيهات فال يلومن إال أول األمر، فجنى الحصاد الرديء، والثمار الفج، ولم ينفعه م77ال

"منجمعه، وال متاع ادخره، وال أمالك حصل عليه7ا، ول77ذا قي7ل: والعكس بالعكس تمام77ا، وج77اءأدب ولده صغيرا، سر به كبيرا"

، وق77ال رس77ول الل77ه"الزموا أوالدكم، وأحس77نوا أدبهم"في األثر 77دركا دخلت أن77اصلى الله عليه وسلم: )من عال جاريتين حتى ي

: )ومن ع77ال ثالث بن77ات وفي ح77ديث آخروه77و الجن77ة كه77اتين(.فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة(

ممارسة العبادات: يجب على الوالدين أن يع77ودوا أوالدهم على ارتي77اد المس77اجد وأداء الصالة في البيت والمدرس77ة، وأن ي77دربوهم على الص77يام واإلنف77اق والتص77دق واإلحس77ان إلى الج77ار والفق77ير، وأن يعين77وا العاجز، وأن يحترموا الكبار والمسنين، وأن يجعلوا أعمالهم في مرضاة الله، وأن يحبوا في الله، ويكرهوا في الله، وأن يض77حوا بم77الهم وأنفس77هم في س77بيل الل77ه، وغ77ير ذل77ك من الف77رائض الدينية، واآلداب اإلس77المية، وخاص77ة الحج77اب للبنت مثال، يق77ول

)م77روا أوالدكم بالص77الة وهمرسول الله صلى الله عليه وسلم: أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عش77ر، وفرق77وا بينهم في



، قال العلماء: وهكذا في الصوم وغ77يره، ليك77ون ذل77كالمضاجع( تمرين77ا لهم على العب77ادة والطاع77ة ومجانب77ة المعص77ية وت77رك المنكر، والحكمة من النص على الصالة أنها عماد الدين وق77وام الحي77اة، والص77لة الوثيق77ة بين اإلنس77ان ورب77ه، لتك77ون ت77ذكيرا

لصاحبها بكل األحكام الشرعية في أوقاتها المختلفة. والوس77يلة التربوي77ة ل77ذلك أن يص77حب الوال77د أبن77اءه مع77ه إلى المسجد، وأن يشاركهم في تنفيذ األحك77ام الش77رعية في ال77بيت والعمل، وأن يكلفهم بها، وأن يطلب من أح77دهم مثال مس77اعدة عاجز أو إعطاء الصدقة لفقير، ثم يبين لهم حكم77ة اإلس77الم من ذلك، وأن يحبب له الطاعات والعبادات، ويرغبهم بأجرها وثوابها وجزائه77ا، وأن يح77ذرهم من المحرم77ات والفس77اد واالنح77راف، وي77رهبهم منه77ا ويش77رح لهم مض77ارها وآثاره77ا وعقابه77ا، وأن يرشدهم إلى الحكمة والغاي77ة، وأن ين77ير أم77امهم الطري77ق، وأن يجالسهم في أوقات متعددة، دون أن يكتفي بإصدار األوامر، أو مجرد السؤال عن أداء الص77الة مثال، وأن يث77ابر على الموعظ77ة، ويلج77أ إلى ال77ترغيب وال77ترهيب على منهج الق77رآن والح77ديث

)وأم77رالشريف، وأن يستمر في التذكير اليومي، لقوله تع77الى: [.132. ]طه: أهلك بالصالة واصطبر عليها(

فالقرآن الكريم لم يكتف بمجرد أم77ر األوالد واأله77ل بالص77الة، بل قرن ذلك بالمواظبة والصبر والمصابرة، والمتابعة والمراقبة

لتحقيق الهدف المنشود.إقامة الصالت االجتماعية القويمة:

ومن عناصر التربية اإلسالمية أن يقوم الوالدان بتوجي77ه الول77د اختار لنفس77ه إلى اختيار الصديق الصالح، والزميل المؤمن، وإال ما شاء، والص7ديق ي77ؤثر على ص7ديقه ت77أثيرا كب7يرا في اإلص77الح واإلفساد، والمرء على دين خليل77ه، فلينظ77ر أح77دكم من يخال77ل، والصاحب ساحب، وخاصة بعد العاشرة من العم77ر، ألن الطف77ل يتلقى في المرحل7ة األولى ك77ل ش77ي من والدي7ه، ف77إن ترع77رع، وخ77رج من ال77بيت، واختل77ط بالن77اس في المدرس77ة والطري77ق والملعب والحديقة، فتش عمن يالعب77ه ويجالس77ه ويرافق77ه، هن77ا يظهر أثر األب غير المباشر في التوجي77ه نح77و اختي77ار األص77دقاء والزمالء، وإبعاده عن قرناء السوء، ويتوقف نجاحه على حكمته ودرايته، أما إذا فقد الوالد زم77ام الم77ركب، واتج77ه الش77راع إلى



غير ما يحب، بأن يكون بعيدا عن بيته، مفرطا في أمره متهاون77ا في تربيته، سيئا في معاملته مع أوالده، فال يبقى له أث77ر م77ا في التوجيه، ويتولى رفاق السوء، وأصدقاء الطري77ق س77حب األوالد،

والتأثير عليهم على النحو الذي يبغون. والوسيلة التربوية إلى توجي77ه األوالد الختي77ار الص77ديق الص77الح أن يصحب الوالدان أوالدهما في زياراتهم، ليتعارف األوالد على أترابهم عند أصدقاء األب وزمالئه المؤمنين الص77الحين، ليقيم77وا معهم، وبأنفس77هم، جس77ور الص77داقة والتع77اون والمحب77ة وتب77ادل الكتب والمجالت واألفكار واآلراء، ويشرف الوال77د على التوجي77ه غ77ير المباش77ر، ف77إن تمت العالق77ة بين األوالد ت77وارى اآلب77اء عن المسرح، وهن77ا يس77مع الطف77ل الخ77ير ك77ل الخ77ير، ويبص77ر بقلب77ه وعقله وشعوره تطبيق الخير في المجتمع الذي يزرع فيه الخير والفض77يلة، ثم يفع77ل اآلب77اء مث77ل ذل77ك م77ع الج77يران الص77الحين واألق77ارب الطي77بين، وذوي ال77رحم المل77تزمين باإلس77الم، ويت77ابع اآلباء وظيفتهم بأن يرشدوا أبناءهم إلى األندي77ة الرياض77ية ال77تي تطبق أحك77ام الش77رع، وإلى حض77ور ال77دروس المفي77دة، والكتب النافعة، والبرامج اإلسالمية، والندوات الفكرية، واقتناء المجالت الهادف77ة والقص77ص والرواي77ات البن77اءة، وعلى العكس من ذل77ك فعلى اآلباء أن يقطعوا كل آصرة ال ترضي الله، ول77و ك77انت م77ع ق77ريب فاس77د، أو ج77ار منح77رف، أو زمي77ل مته77اون، أو مجل77ة م77أجورة، أو كتب هدام77ة، وذل77ك عن طري77ق اإلقن77اع والتوعي77ة والمناقش777ة والح777وار، وليس بالقس777وة واإلجب777ار، أو الص777راخ

)مث77ل الجليسوالتهديد، وهذا ما أكده الرس77ول الك77ريم فق77ال: ،الص77الح والجليس الس77وء كحام77ل المس77ك ون77افخ الك77ير..(

فالجليس الصالح يقول الخير ويفعل77ه، ويرش77د إلي77ه وي77دعو ل77ه، والجليس السوء يحمل الشر ويعمل به، ويفع77ل المنك77ر وي77دعو

إليه. أم77ا م77ا يفعل77ه المس77لمون الي77وم من اص77طحاب أوالدهم إلى أماكن اللهو والفجور واألفالم الجنس77ية، والس77هرات المختلط77ة، واألماكن الموبوءة والمدارس التبشيرية واألندية اإللحادية، فإنه حرام قطعا، ويتحملون مسؤوليته الجسيمة أمام الله تعالى في ال777دنيا واآلخ777رة، ألنهم يق777دمون أوالدهم هدي777ة للش777يطان، ويعرفونهم على منافذ الفساد وطري77ق الش77ر، ويغمس77ونهم في



الرذيل777ة والفحش777اء، ثم يطلب777ون منهم بع777د ذل777ك الفض777يلةوالصالح؟!!

تحفيظ القرآن الكريم: ومن منهج اإلسالم في التربية تحفيظ القرآن الكريم لألطفال من الصغر، ألنه يقوم السلوك والخلق، ويحفظ اللس77ان، ويثبت العقيدة، ويض77من المس77تقبل للش77اب، يق77ول الرس77ول الك77ريم: )أدبوا أوالدكم على ثالث خص77ال: حب ن77بيكم، محب أه77ل بيت77ه، وقراءة القرآن، فإن حملة الق77رآن في ظ77ل الل77ه ي77وم القيام77ة،

ظله، مع أنبيائ77ه وأص77فيائه( ويق77ول علي77ه الص77الةيوم ال ظل إال ، واألحاديث في ذل77ك)خيركم من تعلم القرآن وعلمه(والسالم:

كثيرة، واآلثار الطيبة، والمنافع الجمة ال تخفى على مسلم. ويتوقف النجاح في هذا المضمار على توجيه اآلباء أوال، وعلى اختيار الموجه لألوالد ثانيا، وذلك بانتقاء الم77ربين لهم، وه77ذا م77ا ب77الغ ب77ه الس77لف الص77الح، والخلف77اء األوائ77ل، فك77انوا يتخ77يرون الم77ؤدبين والم77ربين والمعلمين األفاض77ل ال77ذين يثق77ون ب77دينهم وأخالقهم وسلوكهم، ويعهدون إليهم بتربي77ة أوالدهم، ويرس77مون

لهم الخطوط العريضة في التربية. ويمكن أن يعتمد اآلباء والمربون في هذا الخصوص على مبدأ الثواب والعقاب، أو الترغيب وال7ترهيب، على أن يك77ون الث77واب وال77ترغيب والم77دح جه77را وعلن77ا أم77ام الن77اس، لتش77جيع الول77د، وإضفاء الصفة الحمي77دة علي77ه، وتلبي77ة الن77وازع النفس77ية عن77ده، كحب الظهور، واس7تقالل الشخص7ية، وتحق7ق ال7ذات، والس7عي على نشر الفضيلة المجاز عليها، وخاصة في مرحل77تي الطفول77ة والشباب، أما العقاب والتهديد وال77ترهيب فيك77ون س77را وخفي77ة، م77ع التوجي77ه الك77افي، وبي77ان س77بب العق77اب، وتحقي77ق النص77ح واإلرشاد، وتجنب التشهير وإفشاء المنكرات والمساوئ، ويجب على اآلب77اء والم77ربين أن يتغ77افلوا عم77دا عن بعض الهف77وات الصغيرة واألخط77اء الطارئ77ة، وال77ذنوب العارض77ة، ألن اإلنس77ان، كل إنسان، خطاء، وغير معص77وم، وأن77ه ليس آل77ة ص77ماء يعم77ل بانتظام، وألن اإلنسان، كل إنسان، حتى الطفل الص77غير، يمل77ك جهازا رقابيا ذاتيا وداخليا، يحاسب به نفس7ه، وي77زن ب7ه أعمال77ه، يتراجع في الغالب ذاتيا وتلقائيا عن هفواته، وي7ؤنب نفس7ه على77ترك ل77ه ه77ذه تصرفاته، ويندم على أفعال77ه الس77يئة، فيجب أن ي



الفرص77ة في الص77غائر، ويك77ون ق77د كفى وال77ده مؤن77ة التربي77ة والعقاب بالتغاضي عنه، كما يجب أن يكون العقاب - إن وج77د - مجزيا وخفيفا متناسبا مع سببه، وأن ال يكثر الوالد منه، ح77تى ال يتعود الطفل علي77ه، ويه77ون على نفس77ه المالم وس77مع الت77أنيب، وأال ينحصر العقاب بالض77رب، ب77ل يجب أن يك77ون الض77رب آخ77ر

المطاف، وفي أقل الحدود وأخفها. ومن الخط77أ الش77ائع أن يكتفى بحف77ظ بعض اآلي77ات أو ق77راءة بعض الكتب بش77كل إجب77اري، دون أن ي77درك األوالد المض77مون واله77دف ال77ذي يش77وقهم بالحف77ظ، ويعلقهم بالكت77اب الك77ريم،

واالستفادة من آياته ومعانيه وحكمه وأحكامه.التسوية بين األوالد:

ويجب على الوالدين التسوية بين األوالد في الرعاية والمحبة، واالهتم77ام واله77دايا، وأن ال يخص77ص الوال77دان أح77د األوالد على اآلخر بالعاطف77ة أو الهدي77ة أو التقبي77ل، مادي77ا ومعنوي77ا، ب77ل يجب المس77اواة ح77تى في القبالت على وجن77ات الص77غار، لم77ا رواه

)اعدلوا بينالشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ون أن يع777دلوا بينكم في ال777بر( أوالدكم في العطاي777ا، كم777ا تحب وروى النعمان بن بشير رضي الله عنه أن ألب77اه أعط77اه عطي77ة، ولم يعط بقية إخوته، وأراد أن يشهد على تص77رفه رس77ول الل77ه ص77لى الل77ه علي77ه الس77الم، فس77أله رس77ول الل77ه علي77ه الص77الة

، ق77ال: ال، فق77ال علي77ه)هل أعطيت أوالدك مثل هذا؟(والسالم: ، وفي رواي77ة)فاتقوا الله واع77دلوا في أوالدكم(الصالة والسالم:

)ال تشهدني على جور، وإن لبني77ك علي77ك من الح77قأخرى قال: ، فأراد رسول الل77ه ص77لى الل77ه علي77ه وس77لم أنأن تعدل بينهم(

يعلم الص77حابة والمس77لمين جميع77ا مب77دأ تربوي77ا عظيم77ا، ي77تركأعظم اآلثار على نفسية األوالد.

أما تفضيل أحد األوالد، وتخصيصه بم77ال أو بم77يراث أو عطي77ة أو رعاي77ة فإن77ه من أم77راض الجاهلي77ة ال77تي ع77ادت أدراجه77ا إلى المسلمين، لتفتت في العضد، وتمزق الشمل، وتقطع األرح77ام، وتخلق الحقد والبغض77اء والض77غينة والع77داوة بين أف77راد األس77رة

الواحدة.القدوة الحسنة:



ومن أهم عناص77ر منهج اإلس77الم في تربي77ة األوالد أن يك77ون الوال77دان ق77دوة حس77نة في التربي77ة، ألن التقلي77د وس77يلة تربوي77ة ناجحة عند الصغار والكبار، وخاصة في الص77غر، وم77ع الوال77دين، فالطف77ل يب77دأ أوال بتقلي77د والدي77ه، ومن يحي77ط ب77ه في ص77غره، ويحاول محاكاتهم في ك7ل ص7غيرة وكب7يرة، ويتخ7ذ مس7لكه في الحياة بتقليد من يحب فيم77ا يص77در عن77ه من تص77رفات وع77ادات وصفات، ويتقمص شخصية من يس77تحوذ على فك77ره وش77عوره، ويظهر التقليد جلي77ا واض77حا عن77د األطف77ال في العب77ادة واألخالق

)ك77ل مول77ود يول77دوالسلوك، وفي هذا يق77ول الرس77ول الك77ريم: .على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه(

والق77دوة الحس77نة يجب أن يتحلى ب77الفكر والس77لوك مع77ا، فال يكفي أن يملك األب ثقافة إسالمية جيدة، ليوج77ه الطف77ل إليه77ا، ويطلب من77ه التط77بيق والتنفي77ذ، بينم77ا يف77رط األب نفس77ه في التطبيق، ويفقد االلتزام، فيك77ون عمل77ه مك77ذبا لقول77ه، وس77لوكه مناقض77ا كالم77ه، كم77ا ال يكفي الس77لوك اإلس77المي الق77ائم على التقليد، مع الجهل بمبادئ اإلسالم وأهدافه وحكمت77ه، ب77أن يق77وم اآلب77اء أحيان77ا بالص77الة والص77دقة واإلحس77ان، والتعص77ب ال77ديني، ويفرضون على أوالدهم اإلتباع، فإن سأل الطفل أب77اه عن حكم أو حكمة أو عرض عليه شبهة، أو فهما منحرفا، أو خطر للطفل خاطر يريد تفسيره، ك77ان األب أص77م وأبكم، ال ي77دري من أم77ره ش77يئا، وق77د يفق77د ال77وعي واإلدراك من أس77ئلة ابن77ه، فيلج77أ إلى القسر والكبت، ثم إلى التهمة والشك، وق77د يص77ل إلى الض77رب واللطم، وال يس77تطيع أن يواج77ه أوالده بالحقيق77ة الناص77عة، ألن فاقد الشيء ال يعطيه لذلك ال بد من القدوة الحسنة في الفك77ر والس77لوك مع77ا، ليوض77ح الم77ربي ألوالده عظم77ة ه77ذا ال77دين، وفلسفته في الكون والحياة واإلنسان، وأثره في إص77الح الف77رد والمجتم77ع، وحاج77ة الن77اس إلي77ه، ثم ي77رى أث77ر ه77ذا الفك77ر على

السلوك وعند التطبيق. وإن تعذر على األب هذا الوص77ف فيجب أن يس77لم أوالده إلى األيدي األمينة، والم77ربي ال77واعي، والموج77ه الحكيم، كم77ا يفع77ل

تماما في الصنعة والحرفة والتعلم. ومن جهة ثانية فإن جمي77ع العناص77ر الس77ابقة تبقى ح77برا على ورق وكالم777ا نظري777ا على الس777طور واأللس777نة، إذا لم تتجس77د



بص77ورة واقعي77ة في حي77اة الطف77ل، فيجب على األب أن يك77ون ق77دوة في رس77م الص77ورة الواقعي77ة لإلس77الم، كم77ا أن العناص77ر السابقة في منهج اإلسالم في تربية األوالد تفقد حيويتها وقوته77ا وفعاليته77ا - مهم77ا ك77ان الم77ربي ق77وي الشخص77ية - إذا خ77الفت أقوال77ه أفعال77ه، وك77ان متناقض77ا بين كالم77ه وأعمال77ه، ك77أن ي77أمر أوالده بالصالة، وهو ال يصلي، أو ينهى عن الكذب، وهو يحترف77ه في حياته ومعامالته وتصرفاته، وأن يمن77ع ول77ده مثال عن ش77رب

الدخان، وهو يدمن عليه.االعتماد على الله تعالى:

وآخر هذه العناصر، ب77ل أهم ه77ذه العناص77ر في منهج اإلس77الم في تربية األوالد، هو االعتم77اد على الل77ه تع77الى في ك77ل خط77وة من العناصر السابقة، فيتوجه إلى الل77ه تع77الى في ك77ل مرحل77ة، ويس77أله التوفي77ق، ويتوك77ل علي77ه في حف77ظ الذري77ة الطيب77ة، ويس77تعين ب77ه في إص77الح األوالد، ويلتجئ إلي77ه بال77دعاء لتحقي77ق مقصده فيما يعمله، وما يخططه لتربية أوالده، وقد ذكر القرآن الكريم قصصا كثيرة عن األنبياء والص77الحين ال77ذين توجه77وا إلى الله تعالى، واعتم77دوا علي77ه في تربي77ة أوالدهم، وه77ذه القص77ص إرش77اد وتعليم للمس77لم، ق77ال تع77الى على لس77ان أبي األنبي77اء

إبراهيم عليه الصالة والسالم: ل دع77اء( 77ا وتقب ن تي رب ي الة ومن ذر )رب اجعلني مقيم الص77

[. 40]إبراهيم: 77اوق77ال تع77الى على لس77ان إب77راهيم وإس77ماعيل: 77ا واجعلن ن )رب

لمة( 777ا أمة مس777 تن ي لمين ل777ك ومن ذر [.128 ]البق777رة: مس777لح لي فيوق77ال تع77الى على لس77ان المس77لم الم77ؤمن: )وأص77

تي( ي [.15 ]األحقاف: ذر وهذه من وصايا القرآن الكريم التي ينعت بها اإلنسان العاقل الرشيد الذي بلغ أشده، فيذكر بأبويه، ويرب77ط ذل77ك بحب البق77اء واالستمرار في طلب الذري77ة الص77الحة، فيق77ول تع77الى في أول

عتهاآلية: )ووصينا اإلنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووض7777غ ده وبل 77غ أش77 ى إذا بل هرا حت 77ون ش77 اله ثالث كره77ا وحمل77ه وفص77تي أنعمت علي أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك الي تي إن ي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذر

ي من المسلمين( [.15 ]األحقاف: تبت إليك وإن موقع نسيم الشام 21



ثم وصف الق77رآن الك77ريم عب77اد ال77رحمن بع77دة ص77فات، منه77ا التوج77ه إلى الل77ه تع77الى بطلب الذري77ة الص77الحة، فق77ال تع77الى:ة أعين 77ا ق77ر اتن ي 77ا وذر 77ا من أزواجن 77ا هب لن ن ذين يقول77ون رب )وال

قين إماما( [.74 ]الفرقان: واجعلنا للمت فإن نفذ المس77لم ه77ذا المنهج في تربي77ة أوالده، متعم77دا على الله فيه، ثم ساء الولد وفسد، فتلك مشيئة الله وإرادته، فعلين77ا العمل، وعلى الله النتائج، وعلينا الكس77ب، وعلى الل77ه االتك77ال، ولله في خلقه شؤون، وقد بذل سيدنا نوح أقص77ى م77ا يس77تطيع

لهداية ابنه فأبى، حتى أصابه الغرق، وكان من الهالكين. وإن هذا المنهج الرب77اني في تربي77ة األوالد آتى ثم77اره اليانع77ة، وسار عليه المسلمون والمسلمات عبر الت77اريخ، فق77دموا لألم77ة األجيال الص77اعدة، واألوالد ال77بررة، والذري77ة المؤمن77ة الص77الحة، والشباب المتحفز الناهض لرعاية شؤون دين77ه وأمت77ه، كم77ا أنتج الفتيات الفضليات لحم77ل راي77ة التربي77ة، وق77دم اآلب77اء واألمه77ات فلذات أكبادهم، ليكونوا منارات الهدى، ومصابيح الضياء للع77الم

أجمع. وصفحات التاريخ مليئ77ة باألمثل77ة، وهي أك77ثر من أن تحص77ى، فالصحابة الكرام أنجب77وا الت77ابعين الص77الحين، والت77ابعون أق77اموا أبناءهم على منهج الله، فكانوا قادة الفتوح وال77دعوة اإلس77المية

إلى أنحاء المعمورة. وهذا المنهج هو الذي سارت عليه فاطم77ة الزه77راء في تربي77ة الحسن والحس77ين س77يدي ش77باب أه77ل الجن77ة، وه77و م77ا طبقت77ه الخنس77اء عن77دما ألقت بأبنائه77ا األربع77ة إلى س77احات الش77هادة والخلود، وهو الذي سارت عليه أس77ماء في تربي77ة عب77د الل77ه بن الزب77ير الع77الم الداعي77ة، المجاه77د البط77ل التقي ال77ورع، حمام77ة المسجد في العبادة، وهذا ه77و المنهج ال77ذي ت77ربى علي77ه اإلم77ام الشافعي وأحمد وربيعة وابن حزم وص77الح ال77دين، وغ77يرهم من أعالم األم77ة في العل77وم والقي77ادة، والعب77ادة والس77لوك وه77و م77ا

ردده الشاعر العربي: وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه

وهو م77ا يفي77ده المث77ل الع77ربي "يش77يب الم77رء على م77ا ش77بعليه".



ه77ذا المنهج ه77و م77ا قص77دنا بيان77ه وش77رحه باختص77ار، وه77و م77ا نطالب بااللتزام به وتطبيقه وتنفيذه، في ال77بيت واألس77رة، وه77و م77ا نأم77ل ب77ه أن نعي77د الحي77اة الكريم77ة له77ذه األم77ة لتزي77ل عن كواهلها عبء الذل واالستعمار والتبعية والذيلية والضياع، يق77ول

الل77ه تع77الى: بع77وا بعوه وال تت تقيما ف77ات راطي مس77 )وأن ه777ذا ص77ق77ون( كم تت 77ه لعل اكم ب بيله ذلكم وص77 ق بكم عن س77 بل فتفر الس

[.153]األنعام: وهذا المنهج هو األساس ال77ذي تق77وم علي77ه التربي77ة الس77ليمة، والب77ذرة ال77تي توض77ع في الترب77ة، والغرس77ة ال77تي نقيمه77ا في األرض، لتأتي المدرسة ثم المجتمع للسير على طريقه، وإكمال البناء، ورعاية الغراس، وسقي البذور والنبات، فتتحقق النت77ائج، ويعتبر اآلباء واألمهات قد أدوا األمان77ة ال77تي تحملوه77ا، وحفظ77وا الوديعة التي وضعت عندهم، ثم سلموها إلى يد جديدة لمتابع77ة الطري77ق، واالس77تمرار في اإلع77داد والتربي77ة، وهي المدرس77ة

والمجتمع.مسؤولية المجتمع عن التربية:

يعتبر المجتمع عامال هاما في التربي77ة، ويمث77ل البيئ77ة الواس77عة التي تتمثل فيه77ا العقي77دة واألخالق والقيم والمب77ادئ، فاإلنس77ان اجتماعي بطبعه، فيؤثر في غيره، ويتأثر من غيره، ومع أن تأثير المجتم77ع غ77ير مباش77ر، فإن77ه م77ؤثر وناف77ذ، ويعتم77د على اإليح77اء وفرض العوامل النفسية على الفرد ليتكيف م77ع المجتم77ع، دون

أن يقف حائال وسدا منيعا أمام تياره الجارف. وازدادت أهمية المجتمع في التربية، واتسع تأثيره في األفراد بس777بب التط777ور الحض777اري الح777ديث، واالختراع777ات التقني777ة

المستورة، وكاد أن يتبوأ المكانة األولى في التوجيه والتربية. ومن هنا بين لنا اإلسالم أهمية المجتمع، وأناط بتق77ديره بعض

)البرالقيم والموازين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسن الخلق، واإلثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه

.الناس( وتغطي وظيف77ة المجتم77ع التربوي77ة مج77االت واس77عة وعريض77ة ومتع77ددة، وتش77مل أق77ل األم77ور في الحي77اة وأعظم ال77دوائر والمؤسس77ات، فتظه77ر في الع77ادات والتقالي77د، وفي األفك77ار واألحاديث، وفي الثقافة العامة، والتوجي7ه المعن7وي، واألح7اديث



الخاصة والعامة، وفي الكتب والمجالت والقصص، وفي أجه77زة اإلعالم من الص7777حافة واإلذاع7777ة والتلف7777از، وفي الن7777دوات والمحاض77رات، وفي األغ77اني واأله77ازيج واألش77عار، وفي أجه77زة

الرقابة والتفتيش، وفي مراعاة األنظمة وتطبيقها. وقد يكون تأثير المجتمع س77لبا، أو منحرف77ا، أو موجه77ا توجيه77ا معينا، وق77د تتع77ارض بس77ببه جه77ات التربي77ة، فيب77ني ال77بيت مثال، ويه77دم المجتم77ع، وي77ربي اآلب77اء واألمه77ات، ثم يف77اجئ األطف77ال بالواقع المر والنقد الالذع لتمسكهم بالفض77ائل والقيم، ويتحق77ق االنفصال بين األسرة والحياة العامة، ويقع األطفال في انفصام الشخص77ية، وازدواج التوجي77ه، وق77د يغلب االنح77راف واالتج77اه الجم77اعي الفاس77د على األف77راد، ويف77رض عليهم االعوج77اج من المجتم77ع ال77ذي يس77تظلون ب77ه، ل77ذلك أق77امت الش77ريعة الغ77راء مؤسسة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على نطاق الف77رد والجماع77ة، وعلى المس77توى الخ77اص والع77ام، لض77مان التوجي77ه

)كلكمالسديد والرشد، قال رسول الله صلى الله عليه وس77لم: وق77ال علي77ه الص77الة والس77الم:راع وكلكم مس77ؤول عن رعيت77ه(

)من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، ف77إن لم يس77تطع فبلس77انه، ووص77ف الق77رآنفإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أض77عف اإليم77ان(

77ر أمةالكريم األمة بالخير بس77بب ذل77ك، فق77ال تع77الى: )كنتم خي77ون اس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمن أخرجت للن

[110 ]آل عمران: بالله( وأم77ر الق77رآن الك77ريم القي77ام به77ذا ال77واجب المق77دس، فق77ال

77المعروفتعالى: )ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون ب[.104 ]آل عمران: وينهون عن المنكر وأول7ئك هم المفلحون(

وهدد القرآن الكريم المجتمع الذي يرضى ب77المنكرات والظلم والطغيان، وأن اإلثم والدمار يعم الجميع، وأن البالء ينذر األم77ة،

ة(فقال تعالى: ذين ظلم77وا منكم خآص77 يبن ال تص77 قوا فتنة ال )وات[.25]األنفال:

ار وم77اوقال تعالى: كم الن ذين ظلموا فتمس77 )وال تركنوا إلى ال[.113 ]هود: لكم من دون الله من أولياء ثم ال تنصرون(

وحذر القرآن الكريم من خط77ر انتش77ار المنك77رات والس77كوت عنه، وغلبة أتباعه، كما حذر من التقص77ير عن األم77ر ب77المعروف والنهي عن المنكر في كل مكان، وبين تعالى أن ذلك يستوجب



اللعن والطرد من رحمة الله في الدنيا واآلخ77رة، فق77ال تع77الى:ى ان داوود وعيس77 ذين كفروا من بني إسرائيل على لس77 )لعن ال77اهون عن 77انوا ال يتن 77دون.ك 77انوا يعت وا وك ابن مريم ذلك بم77ا عص77

[.79 - 78 ]المائدة: منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون( وص77ور الرس77ول الك77ريم علي77ه الص77الة والس77الم التراب77ط بين أفراد المجتمع، والتأثر المتب77ادل بينهم، ووج77وب األخ77ذ على ي77د الظالم والمنحرف والمسيء إلنقاذ المجتمع، فق77ال ص77لى الل77ه

)مثل القائم في ح77دود الل77ه، والواق77ع فيه77ا، كمث77لعليه وسلم: تهموا على س77فينة، فص77ار بعض77هم أعاله77ا، وبعض77هم ق77وم اس77 أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا ما اس77تقوا من الم77اء م77روا77ؤذ على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم ن من فوقن7ا، ف7إن ترك7وهم وم77ا أرادوا هلك77وا جميع7ا، وإن أخ77ذوا

. على أيديهم نجوا ونجوا جميعا( وحدد الق7رآن الك77ريم وظيف7ة المجتم7ع المس7لم في التربي77ة، وأنه يدعو لكل خير، وينهى عن ك77ل ش77ر ومنك77ر، فق77ال تع7الى:77المعروف 77أمرون ب )والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ي77اة ويطيع77ون ك 77ون الز الة ويؤت وينهون عن المنكر ويقيمون الص77يرحمهم الل77ه إن الل77ه عزي77ز حكيم( وله أول777ئك س77 الل77ه ورس77

[.71]التوبة: فالمؤمن مرآة أخيه المؤمن، يتأثر به، ويتعاون معه على ال77بر والتقوى، ويذكره إذا نسي، ويرشده إذا ضل، وينصحه إذا أس77اء ويصحح له إذا أخطأ، ويقوم77ه إذا أع77وج، ويس77اعده على ن77وائب

ر أخ7اكالدهر، قال رسول الل7ه ص7لى الل7ه علي77ه وس7لم: )انص7 )تحج77زه عن قيل كيف أنصره ظالما ؟ ق77ال: ظالما أو مظلوما(

)إن كان ظالم77ا ف77اردده عن وفي رواية الظلم فإن ذلك نصره(.ظلمه وإن يك مظلوما فانصره(

كما أن المسلم قوي بأخيه، ل77ذلك أم77ر اإلس77الم ب77الهجرة من دار الكف777ر والش777رك إلى دار اإليم777ان واإلس777الم، وطلب من

ك م77عالمسلمين مصاحبة األخي77ار، فق77ال تع77الى: بر نفس77 )واص77هم بالغداة والعشي يريدون وجهه وال تعد عيناك ذين يدعون رب ال77ا 77ه عن ذكرن عنهم تريد زينة الحياة الدنيا وال تطع من أغفلنا قلب

بع هواه وكان أمره فرطا( [.28 ] الكهف: وات



ن الرسول الكريم أثر مصاحبة األخيار أو مخالطة األشرار، وبي77ل الجليس الص77الح والجليسفقال علي77ه الص77الة والس77الم: )مث

الس7وء كحام7ل المس7ك ون7افخ الك77ير، فحام7ل المس7ك إم77ا أن تشتري منه، وإما أن يحذيك، وأما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ

. وه77ذا ي77دلالكير إما أن يحرق ثيابك أو تج77د من77ه ريح77ا خبيث77ة( على أن ال77واجب على اإلنس77ان أن يتح77رى مص77احبة األخي77ار77را، أو تمنع77ه على ومجالستهم، ألنه77ا تحم77ل الش77رير ليك77ون خي األق77ل من ش77ره، وتح77د من فس77اده ونش77اطه، كم77ا أن ص77حبة األشرار قد تجعل الصالح شريرا، أو تضعف نشاطه وتحول بين77ه

وبين الخير والمعروف. قال الحكماء: من صحب خ77يرا أص77اب بركت77ه، وجليس أولي77اء الله ال يش7قى، وأوص77ى الحكم77اء األح77داث بالبع77د عن مجالس7ة

"ال تص77حب الف77اجر، فإن77هالسفهاء، قال علي كرم الل77ه وجه77ه: وق77الوا: إي77اك ومجالس77ةي77زين ل77ك فعل77ه، وي77ود ل77و أن77ك مثل77ه"

األشرار، فإن طبع77ك يس77رق منهم، وأنت ال ت77دري، وال يش77ترط الفساد بالقول والفعل، فاإلنس77ان ق77د يت77أثر بمج77رد النظ77ر إلى

غيره، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وقال الشاعر: بعشرتك الكرام تعد منهم فال ترين لغيرهم ألوفا

وقال آخر: ألفت أكابرا وازددت علما كذا من عاشر العلماء يكرم

وأك77د رس77ول الل77ه ص77لى الل77ه علي77ه وس77لم وج77وب األم77ر انتش777ر الفس777اد، واخت777ل ب777المعروف والنهي عن المنك777ر، وإال المجتمع، فعن حذيفة رضي الله عنه أن النبي ص77لى الل77ه علي77ه

)والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عنوسلم قال: المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من77ه، ثم تدعون77ه

.فال يستجاب لكم( ومن هنا يسعى اإلسالم إلقامة المجتمع الفاض77ل ال77ذي يق77وم على أساس من التق77وى وتط77بيق أحك77ام الل77ه، وتنفي77ذ ش77رعه، وااللتزام بالمباحات، واالبتعاد عن المحرمات، ويتمث77ل في77ه دين الله تطبيقا وسلوكا، فتنبع من77ه الفض77ائل، وتزده77ر في77ه األخالق، ويعلو في77ه الح77ق، ويخ77رس الش77ر والباط77ل، ويخنس الش77يطان وأعوان7ه، وينعكس ذل7ك على أف7راد المجتم7ع عام77ة، واألطف7ال والشباب والجيل الصاعد خاصة، فال يبقى مجال للفساد وس77وء



األخالق، وتتجه األفكار والعقول نح77و البن77اء واإلعم77ار، وتت77وارث في77ه األجي77ال الق77وة واالزده77ار والفض77يلة في المج77الس العام77ة والخاص77ة، وفي نق77ل الثقاف77ة البن77اءة، واألفك77ار الهادف77ة، عن

طريق وسائل اإلعالم والتوجيه، وأجهزة الدعاية والتعليم. ونظرا ألهمية المجتمع في التربية والتوجيه فقد جعل اإلسالم المسجد مدرسة للتعليم من جهة، ومص77در إش77عاع وتوجي77ه من جهة ثانية، وتتمثل فيه أنشطة الحياة المختلف77ة من جه77ة ثالث77ة،77رى في77ه الناش77ئة فيقص77ده الن77اس يومي77ا م77رات متع77ددة، وي والشباب البالغون والراشدون، وال77دعاة والموجه77ون، والعلم77اء والمعلمون، وقد اجتمع77وا على مرض77اة الل77ه تع77الى، فينم77و في نفوسهم الشعور بالوالء لألم77ة والمجتم77ع، ويرش77فون من معين أخالقهم وس777وكهم، ويح777اكونهم في أعم777الهم وتص777رفاتهم، ويقت77دون بهم في ط77اعتهم وعب77ادتهم، ويتب77ادلون معهم الكالم الطيب، والنصح البالغ واإلرشاد الس77ليم، باإلض77افة إلى اس77تماع ال7دروس والخطب والمواع77ظ، وتالوة الق7رآن الك77ريم ودراس77ة

الحديث الشريف، وغير ذلك. كما أم77ر اإلس77الم بوج77وب التع77اون بين أف77راد المجتم77ع على الخير والبر، واإلعراض عن الفساد والمفس77دين، فق77ال تع77الى:ق77وى وال تع77اونوا على اإلثم والع77دوان( 77بر والت )وتع77اونوا على ال

[.2]المائدة: كما شرع الدين الحكيم النصرة والمواالة في جوانب متع77ددة من الحياة، ومنها المسؤولية المالية الجماعية على العاقل77ة في

الدية وغيرها. وبين الرسول الكريم إحدى صفات الصحابة التي تميزهم من غيرهم أنهم يرون على الخير أعوانا وأنصارا، فيدفعهم ذلك إلى

اإلقبال والحماس، والتضحية في سبيل الخير، والنفع العام. وباختصار يجب أن تكون المؤسسات العامة، وأجهزة اإلعالم، ووسائل التربية والدعاية والتوجيه، ملتزم77ة ب77اآلداب اإلس77المية، ومص77در إش77عاع للقيم الديني77ة، وأن تمتن77ع عن نش77ر الفس77اد والرذائ77ل، والمنك77رات والف77واحش بجمي77ع أنواعه77ا ووس77ائلها ومفاتنها وشرورها والطرق الموصلة إليها، وأن يك77ون المجتم77ع ممثال للسياج الرصين الذي يحيط بالناس ليحفظ مصادر الخ7ير،



ومنابع الفضيلة، ويمنع عنهم رياح االنح77راف، وتي77ارات المض77ار،وأن يكون المجتمع مظلة واقية داخليا وخارجيا.

المصدر:كتاب اإلسالم والشباب للدكتور محمد الزحيلي


Documents

naseemalsham.com new/Arabic/… · Web viewمسؤولية الوالدين عن تربية الأولاد. الدكتور محمد الزحيلي. نقدم بين يدي هذا الموضوع