منهج البحث الكيفي والخدمة الاجتماعية العيادية

ملخص البحث

منهج البحث الكيفي واخلدمة االجتماعية العيادية اعداد

حممد مسفر القرين/ الدكتور استاذ اخلدمة االجتماعية املشارك جبامعة أم القرى

تنامى يف اآلونة األخرية االهتمام باملنهج الكيفي يف املمارسة املهنية ملهن املساعدة االنـسانية نتيجـة

ساليب املنهج الكيفي املختلفة يف مجع وحتليل وتفسري البيانات وصوال إىل احـداث لكفاءة وفاعلية أ

وحتليـل احملتـوى هـي فأساليب دراسة احلالة، ومجاعة التركيز، والنظرية اذرة، . التغيري املرغوب

ية تسعى إىل حماولة احلصول على الفهم املتعمق للمعاين اليت تقف خلف الظاهرة االنسان كيفيةأساليب

ويشري هذا البحث إىل أن اخلصائص املميزة للظاهرة االنسانية وعالقة الباحث فكريـا وسـلوكيا .

ونفسيا ا تتطلب اجياد أساليب حبثية تتالئم مع طبيعة أبعاد هذه العالقة وصوال إىل حتقيق املوضوعية

واالخـتالف بـني كما حتاول هذه الدراسة التأكيد على أوجه الشبه . يف دراسة السلوك االنساين

أساليب البحث الكيفي وبني التكنيكات املهنية اليت يستخدمها األخصائي االجتماعي يف املمارسـة

املنـهج يستخدمهاونتائج هذه الدراسة ميكن أن تقدم بديال للمعايري اليت . املهنية للخدمة االجتماعية

.وفاعليةت كفاءة الكمي يف دراسة الظواهر االنسانية تكون أكثر صدقا وثباتا وذا

املنهج الكيفي، املمارسة املهنية ، اخلدمة االجتماعية العيادية، أساليب املنـهج : مصطلحات الدراسة

.الكيفي

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

http://www.pdffactory.com


١

منهج البحث الكيفي واخلدمة االجتماعية العيادية اعداد

حممد مسفر القرين/ الدكتور استاذ اخلدمة االجتماعية املشارك جبامعة أم القرى

مقدمة

لقد تنامى يف العقدين املاضيني االهتمام بتطبيق أساليب البحث الكيفي يف جمـال البحـوث

ضـافة للعالقـة االجتماعية نتيجة لطبيعة الظواهر االجتماعية اليت تتسم بالفردية والتغري املستمر، باال

الكيفـي إىل وقد يرجع اهتمام الباحثني مبناهج البحث.ط الباحث وموضوع الدراسةاملتميزة اليت ترب

ا تتضمنه من وسائل تتيح للباحث ملقدرا على فهم طبيعة الظواهر االجتماعية بصورة عميقة وصادقة

. بأبعاد الظاهرة االجتماعيـة لإلحاطةالقدرة على فهم الواقع االجتماعي وتكسبه املهارات الالزمة

من مجـع البيانـات متكن الباحث فوسائل مثل املقابلة، ومجاعة التركيز، واملالحظة، ودراسة احلالة

.ر نظرية ميكن أن تفسر الواقع االنساينطوحتليلها وتفسريا وصوال إىل صياغة أ

سعى إىل التوصل إىل معـارف بشقيه الكمي والكيفي ي يف العلوم االجتماعية املنهج العلمي و

أو يف بناء نظريـات انيةحمققة ميكن االعتماد عليها يف بناء النظريات العلمية املفسرة للظواهر االنس

. ومن هنا فكال املنهجني يسعيان إىل الوصول إىل املعرفة العلمية.ومداخل املمارسة املهنية

يف اعتمادها على البيانات يف البحوث االنسانية وعلى الرغم من أمهية مناهج البحث الكمي

اهر االنسانية، إال أن وفهم الظاإلحصائية والتحليالت الكمية للوصول إىل تفسريات ميكن تعميمها يف

االنـسانية هذه املناهج الكمية تتخذ من منهج العلوم الطبيعية املنهج األوحد عند البحث يف الظواهر

.دون األخذ يف االعتبار اخلصوصية الفريدة لتلك الظواهر وعالقة الباحث االجتماعي ا




٢

بعـني االعتبـار خـصائص وعلى هذا يأيت املنهج الكيفي بسمات وخصائص فريدة تأخذ

والسببية Multiple Reality املتسمة بالتغري املستمر والواقع متعدد اجلوانب االنسانيةالظواهر

ليعطي آفاقا جديدة للباحث الجتماعي متكنه من االندماج مع Circular Causalityالدائرية

.رتبط ا امل والتفاعل معها وصوال لفهم الواقع االجتماعياالنسانيةالظاهرة

رضني هلذه اناهج البحث الكيفي ، إال أن املع من أمهية هذه اخلصائص املميزة مل وعلى الرغم

هج العلوم الطبيعية يف البحث املعتمدة ااملناهج يروا تفتقر إىل املوضوعية باعتبارها ال حتقق شروط من

السياق ضرورة أن يقـف ويؤكدون يف هذا ق والثبات وأساليب التحليل الكمي، على معايري الصد

. االنسانية واالجتماعية يف تناوله لدراسة الظواهر الباحث موقف احلياد

إشكالية قصور مناهج البحث الكمي يف فهم وتفسري يفويشري الكثري من املهتمني بالبحث

,Padgett) مثل واملعاين الذاتية،ةبعض مفاهيم الفكر االجتماعي كالقضايا املرتبطة باأليديولوجي

لكمـي اإىل أن االقتصار على أساليب البحث ) (٢٠٠٦ ,Berrios & Lucca و (١٩٩٨

ال ال ميكن الباحث من قياس وتفسري الظواهر االجتماعية وهاتتماشى معوتطويع الظواهر االجتماعية ل

. ملناهج العلوم الطبيعية اليت ختتلف يف خصائصها عن الظواهر االجتماعيةإسقاطايتعدى كونه

تستخدم ) مجاعة– أسرة –فرد (واملمارسة املهنية للخدمة االجتماعية مع الوحدات الصغرى

البحث العلمي لدعم كفاءة وفاعلية خمرجاا من خالل جمموعة من أساليب مجع البيانات كاملالحظة

وهي بذلك تستخدم ذات األساليب الـيت يـستخدمها . واملقابلة وحتليل احملتوى ومجاعات التركيز

البحث الكيفي يف عملية مجع البيانات وحتليلها وتفسريها مع األخذ يف االعتبـار قـضايا التنـوع

)Diversity( واخلصوصية ،)Uniqueness( والتعقيد ،)Complexity( والثقافـة ،

)Culture .(




٣

إىل أن املمارسني يف مهن املساعدة االنـسانية ) ١٩٨٩ (Goldmanويشري جولدمان

يل من االعتماد على البحث التجرييب واالجتاه حنو أساليب أكثر واقعية يف التعامل مع جيب عليهم التقل

، و )Naturalistic investigation(الظواهر االنسانية مثل دراسة احلالة، والبحث احلقلي

ويؤكد أن هذه األساليب تساعد املمارس املهين على ). Content analysis(حتليل احملتوى

ملساعدة بكفاءة وفاعلية حيث أا تساهم يف الفهم املتعمق ألبعاد املشكالت اليت يعاين تقدمي عملية ا

.منها طاليب املساعدة

يؤكدان وجود فروق منهجية ) ١٩٩٤ (Weissو ) ١٩٨٧ (Scheinويف املقابل جند

ية يف تقـدمي فبينما تتحدد أهداف املمارسة املهن . وتطبيقية بني املمارسة املهنية ومنهج البحث الكيفي

ــراء املعرفــة االنــسانية ) Helping(عمليــة املــساعدة يهــدف البحــث الكيفــي إىل اث

)Knowledge .( التغـيري املرغـوب إحـداث املمارسة املهنية يف نتائجهـا إىل وبينما تسعى

)Desirable change ( من خالل اعادة التكيف النفسي واالجتماعيلدى وحدة الدراسة ،

).Scholarship( الوصول للعلمية تتركز حولئية للبحث الكيفيجند النتيجة النها

أوجه االتفاق واالختالف بني اخلدمة االجتماعيـة معرفة العلمية إىل الدراسةوتسعى هذه

وعوامل من خالل تسليط الضوء على األهداف، واخلصائص العامة، العيادية ومناهج البحث الكيفي

ب البحث الكيفي، ووسـائل االجتماعية العيادية عن استخدام أسالي ابتعاد الباحثني يف جمال اخلدمة

.تفعيل استخدام مناهج البحث الكيفي يف دراسات اخلدمة االجتماعية العيادية

أهداف الدراسة

:دف هذه الدراسة إىل حتقيق األهداف التالية




٤

ما هي خصائص منهج البحث الكيفي .١

ديةما هي خصائص اخلدمة االجتماعية العيا .٢

مظاهر االتفاق واالختالف بني منهج البحث الكيفي واخلدمة االجتماعية العيادية .٣

ما هي عوامل ابتعاد ممارسي اخلدمة االجتماعية العيادية عن مناهج البحث الكيفي .٤

يف البحث العلمي

ما وسائل تفعيل استخدام منهج البحث الكيفي يف دراسات اخلدمـة االجتماعيـة .٥

العيادية

دراسةأمهية ال

حـسب علـم –تنبع أمهية هذه الدراسة من كوا واحدة من الدراسات العلمية القليلـة

وعلى الرغم . اليت تناولت العالقة بني مناهج البحث الكيفي واخلدمة االجتماعية العيادية –الباحث

اجتاهـا مـن ارسني للعمل االجتماعي أو الباحثني فيه، إال أن هناك ممن أمهية اجياد تلك العالقة للم

. يف الدراسات واألحبـاث مناهج البحث الكمي استخدام حنو للخدمة االجتماعية العيادية املمارسني

ومن هنا تأيت أمهية هذه الدراسة يف كوا تسلط الضوء على ضرورة استخدام مناهج البحث الكيفي

.ة العياديةباستخدام أساليبه املختلفة يف تطوير املمارسة املهنية للخدمة االجتماعي

ومن أمهية هذه الدراسة أا تساهم يف مساعدة ممارسي اخلدمة االجتماعية العياديـة علـى

استخدام مناهج البحث الكيفي بدال من مناهج البحث الكمي يف اجراء البحوث التطبيقيـة نظـرا

.لطبيعة الظواهر االنسانية املتسمة بالتفرد والتغري املستمر والنسبية




٥

ية هذه الدراسة إثراء املكتبة العربية بالدراسات النظرية اليت تـسعى إىل اجيـاد أيضا من أمه

العالقة بني اخلدمة االجتماعية العيادية ومناهج البحث الكيفي وصوال حنو تطوير مهـن املـساعدة

.االنسانية

منهج الدراسة

القائم على اسـتنباط وىاحملت على أهداف الدراسة جلأ الباحث إىل استخدام اسلوب حتليل لإلجابة

وعلى . املعلومات وحتليلها وتفسريها من املصادر األساسية والدراسات املتخصصة يف موضوع البحث

األول وهو : الرغم من ارتباط هذا االسلوب مبناهج البحث الكيفي ، إال أن هناك مستويني يف تطبيقه

صريح للمادة اإلعالميـة وفقـا على املستوى الوصفي الذي يقتصر على وصف املضمون الظاهر ال

عن طريق –والثاين وهو الذي ميتد إىل استخدام النتائج اليت مت التوصل إليها . لفئات التحليل ووحداته

بعد ربطها بالبيانات واملعلومات واملتغريات البحثية األخرى يف كشف النوايا اخلفية -عملية التحليل

.تجابات املستهدفةللمضمون والتنبؤ باالس

على هذا فالدراسة احلالية هي دراسة نظرية تعتمد على ما توفر للباحث من مصادر علمية حـول و

دف وصفها وحتليلها لالجابة علـى تـساؤالت اخلدمة االجتماعية العيادية ومنهج البحث الكيفي

.الدراسة وأهدافها

)Qualitative Research Methodology(منهج البحث الكيفي

الكيفي أحد أنواع البحوث اليت يتم اللجوء إليها يف سبيل احلصول على فهـم يعترب املنهج

وميكن حتديد مفهوم البحث الكيفي بأنه البحث عن الطبيعة . االنسانيةة مشويل للظاهرووصفمتعمق




٦

ومن هنا فالبحث الكيفي يستند على البعد ). ٢٠٠٣رجب، (اجلوهرية للظواهر كما هي يف الواقع

فالباحث من خالل هـذا . االنسانية اليت هي دائمة التغيري وفقا ملعطيات الزمان واملكان الذايت للخربة

.املنهج ال يستطيع حتييد ذاتية املهنية فهو جزء من الظاهرة املدروسة يؤثر ويتأثر ا

ويف هذا الصدد يشري ماكس فيرب وهو أحد علماء االجتماع إىل أن فهم سـلوك األفـراد

من الباحث فهم رؤية املبحوثني وقيمهم واجتاهام اليت يتبنوا وهو مـا مسـاه واجلماعات يتطلب

وهذا الفهم كما يشري يتضمن ). ١٩٩٢,Nachmias & Nachmias(بالفهم التعاطفي

أن هناك جوانب متعددة لفهم الظاهرة االنسانية قد ال ميكننا البحث الكمي مـن خـالل األرقـام

بكافة أبعادها، بينما يف املقابل ميكننا البحث واإلملامف على طبيعتها من فهمها والوقو واإلحصائيات

الكيفي من االندماج مع الظاهرة االنسانية والتعـايش معهـا وصـوال إىل الفهـم املتعمـق هلـا

)Riessman, ١٩٩٤.(

وإذا كان املنهج الكمي يسعى إىل التنبؤ واختبار الفروض وتطبيق النظرية على الواقع، فـإن

نهج الكيفي ال يقتصر دوره على جمرد وصف الظاهرة بل يتعدى ذلك إىل بناء النظريات العلمية من امل

. خالل املشاهدات واخلربات اليت يعيشها الباحث يف دراسته

وترجع األصول التارخيية لنشأة املنـهج الكيفـي إىل اسـهامات علـوم االنثروبولوجيـا

)Anthropology( واالثنوجرافيا ،)Ethnography( واالثولوجيا البشرية ،)Human

Ethology( ذرةوالنظرية ا ،) Grounded Theory ( اختالف واليت على الرغم من

مبالحظة الباحث للظاهرة وتسجيله هلا عرب فترة زمنيـة تعىن يف جمملها بؤر اهتمام كل منها، إال أا

. بوصفه كينونة قابلة للمعرفة واإلدراكالعلم األنثروبولوجي يدرس اإلنسان ف). ٢٠٠٣، حجر(طويلة

ومن هنا . وهذا معناه أن الكائن البشري ميكن حتديده بيولوجيا واجتماعيا وثقافيا وحضاريا وسياسيا




٧

فاالنثروبولوجيا تدرس وحتلل وتفسر جوانب كينونة اإلنسان على أساس نزعات ومذاهب منهجيـة

واالنثروبولوجيا الثقافيـة الـيت ،ء االجتماعيتص بالبنامثل القول باالنثروبولوجيا االجتماعية اليت خت

واالنثروبولوجيا السياسية اليت جعلت من نشاط اإلنسان السياسي حقـال ، ختصصت بثقافة اإلنسان

. بالدرس والتحليل حبثا عن النسق السياسي قي اتمعاتتتناولههلا

هتمامه باحلـضارة علـي ، هو العلم الذي يويل ا Ethnographicوعلم االثنوجرافيا

أي كل ما يتصل مبا هـو ،خمتلف أبعادها وأنشطتها من تقنيات سائدة وموروثات وعادات متأصلة

إىل تشريح احلياة اليوميـة االثنوجرافيا تسعىو .سائد داخل أي كيان أو حقل يعن للباحث دراسته

مة وسائل حبثية متنوعة خالل فترة للمجتمع احمللي فتتبني معانيها وأمناطها وكل ما يتعلق ا ، مستخد

ويـشري ). ٢٠٠٣حجـر، (زمنية مناسبة يندمج خالهلا الباحث يف احلياة اليومية للجماعة املدروسة

Haviland) إىل أن االثنوجرافيا هي الوصف املنظم للثقافة االنسانية املشتقة من املالحظة ) ١٩٩٤

وقد اختلف االثنوجرافيني يف كيفيـة . ت االنسانيةاألولية، أي هو االجتاه الذي يهتم بالوصف للثقافا

، )١٩٥٩,White(وهلا مـن اجلانـب املـادي الوضـعي ادراسة الثقافية االنسانية فمنهم من تن

)Singer, (ومنهم من ركز على اجلانب االيديولوجي للثقافـة كـالبنيويني ) ١٩٨٩Levi-

Strauss, ١٩٦٣.(

. ز بني البحث الوصفي والبحث االثنـوجرايف إىل ضرورة التميي ) ٢٠٠٦(ويشري الكندري

فاألول يعتمد على دراسة الظواهر االجتماعية كما هي بالواقع من خالل تقدمي وصف دقيق ومعـرب

. أما اآلخر فإنه ارتبط يف واقعه بأداة حبثية متثلـت يف أداة املالحظـة باملـشاركة وكيفيا،عنه كميا

يقاا إىل كثري مـن جمـاالت العلـوم ببحثية امتدت تطأن هذه األداة ال) ١٩٩٩(ويضيف أبو عالم




٨

نتيجة لعدم االرتياح للطرق التقليدية يف حبث الظواهر االنسانية وذلك واإلنسانيةالتربوية واالجتماعية

.ملا يترتب على استخدامها من فهم أعمق وحتليل أمشل لتلك الظواهر

اإلنساين من خالل دراسـته يف إطـاره تم باجلانب العضوي للسلوك واالثولوجيا البشرية

الطبيعي عرب مرحلة زمنية حمددة من خالل تسجيل األمناط املتعاقبة للسلوك الثابت سعيا للوصول إىل

وقد تطور هذا العلم عـن طريـق ).٢٠٠٣حجر، (قاعدة عامة حول السلوك والتفاعل اإلنساين

)Lorenz, (و ) ١٩٦٦Tinbergen, اهـتم علـم و. ا احليوانيةملي االثولوجياع) ١٩٥١

النفس البيئي بدراسة السلوك االنساين واالستفادة من نظرية التطور االرتقائي لـداروين يف دراسـة

وبينما يركز االثولوجيني على دراسة السلوك ذاته، يهتم علمـاء .طبيعة األمناط السلوكية وتطورها

.يهالوسط البيئي من حوله الذي يتم فالنفس البيئي بالسلوك و

ويف حماولة من رواد املنهج الكيفي للخروج من دائرة االفتراضات املـسبقة والتـساؤالت

املنهج الكمي، برز منهج النظرية اذرة اليت متتد جذورها أساسياتتعترب من البحثية املرتبطة ا واليت

تـتم وتسعى لبناء نظرية صـادقة ) Phenomenology(الفلسفية من املنهج الفنومنولوجي

وقد قام كل من ). ٢٠٠٣حجر، ( استقرائي من تلك الظواهر املقصودة بالدراسة بأسلوبصياغتها

Glasser و Strauss م بتطوير هذه النظرية ففتحت آفاقا جديدة للبحـث ١٩٦٧ يف عام

وجوهر هذه النظرية يعتمد على . ومن ضمنها اخلدمة االجتماعيةالعلمي يف كافة فروع املعرفة العلمية

جلمع والتحليل املنظم للبيانات لدراسة ظاهرة ما مث صياغة نظرية من خالل ذلك، مما يعين وجـود ا

. يل البيانات وعملية بناء النظريةعالقة تبادلية بني عملية مجع وحتل

و Glasserإىل أمهية اسهامات كل من ) ١٩٩٨( Padgett تشرياالجتاهويف هذا

Straussات من القرن املاضي يف تطوير املنهج الكيفي من خالل خالل السبعينات والثمانين




٩

خالل فترة Guba و Lincoln باالضافة إىل اسهامات كل من ،تطويرهم للنظرية اذرة

كما تشري إىل نشأة املنظور البنائي . يف تأصيل املنهج الكيفيالثمانينات والتسعينات

)Constructionist perspective (االنسانية من خالل الواقع الذي يتناول الظاهرة

يف ) ١٩٧٨ ( Denzinا من خالل أعمال املرتبط )Multiple reality(املتعدد اجلوانب

.يف التربية) ١٩٨٥ (Guba & Lincolnعلم االجتماع، و

ومما تقدم يتضح أن أساليب البحث الكيفي ترى أن السلوك االنساين مرتبط مبضمون خاص

كما يف البحوث الكمية –وثقايف، ولذلك فإن التفسري املرتبط باالستدالل تارخيي واجتماعي وزماين

فالبحث الكيفي يسعى إىل تفسري الظواهر . ال يقدم فهما متعمقا وحتليال واقعيا لذلك السلوك–

االنسانية من خالل استقراء الواقع جبوانبه املتعددة احمليطة بذلك وصوال لتصوير النمط املعقد ملا يدرس

املكونة هلا، وتفسري املعىن األجزاءبناء النماذج من خالل حتليل وتركيب : ق وتفصيل من خاللبعم

).٢٠٠٦الكندري، (االجتماعي لألحداث، وحتليل العالقات بني األحداث والعوامل اخلارجية

خصائص البحث الكيفي

طبيعة : جوانبهناك بعض املظاهر اليت يتميز ا البحث الكيفي عن البحث الكمي من عدة

النظر للظواهر االنسانية، واألسلوب املستخدم جلمع البيانات، ودور القيم يف البحث واالستقصاء،

:وميكن استعرض بعضا من خصائص البحث الكيفي فيما يلي. ودور الباحث

تنطلق البحوث الكيفية من منطلق ): Inductive Thinking(التفكري االستقرائي .١

هرة االنسانية ظاهرة متغرية ونسبية وهذا يتطلب فهمها يف السياق منهجي يفترض أن الظا

ومن هنا جيب البدء من اجلزئيات املتكونة من املالحظة . الذي حتدث فيه والواقع املرتبط ا

واملعايشة للواقع كما هو وصوال إىل ) Participant Observation(باملشاركة




١٠

، مث من ذلك استنتاج فرضيات )Pattern(ات التفسري والتحليل إلجياد العالقأمناط من

وأخريا الوصول إىل نظريات ، )Tentative Hypotheses(مبدئية

)Theory ( ميكنها تفسري الظاهرة املدروسة) ١شكل رقم.(

Researcher as Instrument of data(األداة االنسانية .٢

Collection :(فهو يالحظ . اناتإن الباحث يف البحوث الكيفية هو أداة مجع البي

ا، ويقوم بتحليل وتفسري ذلك والوصول إىل املعاين الكامنة خلف ويشارك ويسجل ميداني

وعلى هذا فالباحث يف البحث الكيفي يف اعتماده على املقابلة الشخصية . الظاهرة املدروسة

عيا واملالحظة غري احملددة وحتليل الوثائق ينغمس مع وحدة الدراسة ويتفاعل ويتحد معها س

والكشف عن قوانينها الداخلية املتشابكة إىل الفهم املتعمق والتفسري الواقعي لكيفية حدوثها

ج الكيفي أن انغماس الباحث وعدم حياديته ويرى املعارضون للمنه .واملعقدة بوعي وإدراك

يضعف جانب املوضوعية فالباحث ال يستطيع عزل ما يؤثر عليه أثناء تناوله لدراسة

وبالتايل تتدخل أحكامه القيمية ومشاعره وتعبرياته على تفسريه وحتليله للظاهرة الظاهرة،

.املدروسة

يعتمد : )Naturalistic; in vivo(يعتمد على املالحظة املباشرة واملعايشة الطبيعية .٣

املنهج الكيفي على قدرة الباحث على مالحظة وتسجيل األحداث كما هي يف الواقع وفهم

ويف . تفاعلهم معها واخلربات اليت يشكلها كل من الباحث واملبحوثني حوهلااملبحوثني هلا و

Participative(هذا جند أن هناك مناهج حبثية برزت مثل البحث باملشاركة

Research( املنهجية اخلرباتية ، و)Experiential Methodology( و ،

ة يف جوهرها وهذه املناهج البحثي). Dialogical Research(البحث احلواري




١١

تنظر إىل اجلوانب الداخلية للخربات االنسانية الذاتية توصال إىل تعميمات موضوعية

إن معايشة الباحث للظاهرة املدروسة مينحه قدرة على تقدمي وصف ). ٢٠٠٣رجب، (

دقيق وفهم متعمق لكيفية حدوثها يف سياق االطار الثقايف واالجتماعي والسياسي املرتبط

جماال للتعبري عن خربام ذه اخلاصية ملنهج البحث الكيفي تعطي املبحوثني هكما أن . ا

صر فاعلة اإن الناس عن" دونالد فورد داالنسانية وفهمهم ألمناط سلوكهم، ويف هذا يؤك

).٢٠٠٣نقال عن رجب، ("حمدثة ألفعاهلا

ال :)Uncontrolled conditions(يتسم باملرونة البحثية يف التعامل مع الظاهرة .٤

يفرض البحث الكيفي قيودا على الباحث متمثلة يف منطلقات نظرية، وافتراضات مبدئية،

وعلى هذا فالبحث الكيفي ال يسعى إىل اجياد . وتساؤالت حبثية، وأدوات حبثية مقننة

االنسانية بشكل كلي وبأسلوب الظاهرةعالقات بني متغريات حمددة مسبقا، بل انه يدرس

ثية اليت تتيح للباحث مقدرة على التعامل مع األحداث وفقا ملا يتطلبه يتسم باملرونة البح

إىل أن الباحثني يف الدراسات ) ٢٠٠٦(ومن هنا يشري الكندري . املوقف حمل الدراسة

ولكن . الكيفية نادرا ما يضعون تصميما تفصيليا لكل جوانب البحث قبل بدء الدراسة

وعلى هذا يعدل الباحثون اجراءام وطرقهم . التصميم يتغري كلما ظهرت الدراسة للعيان

ويرجع السبب يف ذلك إىل أن البيانات اليت يتم مجعها تتوقف . طبقا للمادة اليت جيمعوا

.على التفاعل بني الباحث واملبحوثني واملوقف

تعرض البحث الكيفي لكثري من االنتقادات يدور معظمها ): Objectivity(املوضوعية .٥

صية املوضوعية عنه نتيجة لغياب تقنيات البحث العلمي الوضعي املتمثلة يف على انتفاء خا

إىل اام البحث الكيفي باخللل املنهجي الكميوهذا ما حدا برواد املنهج . الصدق والثبات




١٢

لك إىل انغماس الباحث يف حبثه بكل، ويعزون ذ)٢٠٠٣حجر، (عف الصرامة العلمية وض

لكن الباحثون . تباره هو ذاته األداة البحثية جلمع البياناتمشاعره وأحاسيسه وتأمالته واع

يف الدراسات الكيفية يتبعون اجراءات عديدة لتأصيل املوضوعية والتأكد من البيانات اليت

االرتباط الزمين املمتد يف املوقع، املالحظة املستمرة فيه، احلصول على : ومنها يتم مجعها

ويقصد ا ) Triangulation(ا املثلثة مالحظات كافية ذات عمق كبري ومنه

. استخدام مصادر متعددة للبيانات، ومالحظون متعددون، وطرق متعددة

).Inductive (التفكري االستقرائي): ١(شكل رقم

نموذجال

فرضیةال

النظریة

المالحظة




١٣

جتماعية العياديةخصائص اخلدمة اال

أحد مستويي املمارسة ) Clinical Social Work(تعترب اخلدمة االجتماعية العيادية

ويطلق عليها يف اتمعات الغربية ) مجاعة – أسرة –فرد (املهنية تعىن بالعمل مع الوحدات الصغرى

)Micro-level Practice .( عالجيـة ومضمون هذه املمارسة تقدمي اخلدمات الوقائيـة وال

لألفراد واألسر واجلماعات يف املؤسسات املختلفة من خالل تطبيق مبادئ وعمليـات وأسـاليب

.املمارسة املهنية

وعلى هذا فاخلدمة االجتماعية العيادية هي جمموعة من اجلهود املشتركة مع طاليب املساعدة

ويـتم . اليت يتواجدون ا من أجل مساعدم على التكيف النفسي واالجتماعي مع ذام ومع البيئة

ذلك عرب جمموعة من األساليب العالجية لكل منها مهارات مهنية ميارسها األخصائي االجتمـاعي

.لتقدمي عملية املساعدة بكفاءة وفاعلية

يعرف اخلدمة االجتماعية العيادية بأا أحد أدوار ) ١٩٨٠ (Goldsteinويف هذا نرى

ألخصائيني االجتماعيني ملساعدة األفراد املتضررين أو الذين تضعهم املمارسة اليت يسعى من خالهلا ا

سلوكيام يف مواقف صعبة، أو ملساعدة هؤالء الذين يرغبون يف حياة منتجة ختلو من االضـطرابات

تغيري إحداثووفقا هلذا التعريف فإن اهلدف النهائي اخلدمة االجتماعية يتحدد يف . النفسية والسلوكية

.سق العميل والبيئة احمليطةمقصود يف ن

إحـداث ويرى كثري من األخصائيني االجتماعيني أن اخلدمة االجتماعية العيادية دف إىل

االنفعالية واألمراض كاالضطراباتتغيريات حتقق التوافق الشخصي، ومن مث فإا تتناول مشكالت

).٢٠٠٣منصور، (االجتماعية العقلية، وعدم التكيف االجتماعي املتمثل يف الضغوط النفسية و




١٤

لقد حاول الكثري من رواد اخلدمة االجتماعية العيادية تقدمي تصور لطبيعة املمارسة، فنجد

Schwartz) دف إىل) ١٩٦١ رغبات األفراد مع املصادر تسوية يفترض أن املمارسة املهنية

ي مقابلة احتياجات األفراد ه املهنيةأن املمارسة) ١٩٦٩ (Gordonويرى . املتوفرة يف البيئة

أن املمارسة تعين احداث التوازن بني قدرات األفراد ) ١٩٧٠( Bartlettويرى . باحتياجات البيئة

أن املمارسة ) ١٩٧٨(Baer & Federicoعلى التكيف واملتطلبات البيئية، ويرى كل من

. املهنية تعين ربط األفراد مبؤسسات تقدمي اخلدمة

املقدمة، إال أا يف جوهرها ال تاألطروحاد املنطلقات النظرية هلذه وعلى الرغم من تعد

أو ) Person – in – Environment(تتعدى تأكيدا ملفهوم دراسة اإلنسان يف بيئته

وهذا يتضمن فهما متعمقا وتفسريا ). Person-in-Situation( يف املوقف اإلنساندراسة

.ا وصوال إىل تقدمي عملية املساعدة بكفاءة وفاعليةشامال لوحدة الدراسة والبيئة اليت حتيط

إىل أن كل األساليب ) ١٩٩٤ (Compton & Galawayويف هذا يشري كل من

العالجية املنبثقة عن هذا التصور حاولت إلغاء أحادية التركيز على األفراد أو على البيئة من خالل

.عدةتسليط الضوء على االثنني معا يف تقدمي عملية املسا

تعتمد عليها اخلدمة أساسيةإىل أن هناك أربعة افتراضات ) ٢٠٠٣(ويشري منصور

:االجتماعية العيادية هي

إن نضج األفراد ومنوهم وسلوكهم يعتمد على ذلك التفاعل املعقد الذي ينشأ بينهم وبني .١

.بيئام الداخلية واخلارجية

.ثر على تكيفهم النفسي واالجتماعييتعرض األفراد لسلسلة من الضغوط املعقدة اليت تؤ .٢




١٥

يتفاوت األفراد يف مىت استجابام للضغوط البيئية فيعجز البعض عن حتقيق االستجابة .٣

.املناسبة

عندما يتأثر األداء االجتماعي لألفراد بتلك الضغوط تربز أمهية التدخل املهين الستعادة .٤

.التوازن يف األداء االجتماعي

إحداثراضات ميكن مالحظة أن اخلدمة االجتماعية العيادية تسعى إىل وبالنظر إىل هذه االفت

ومدى تأثري كل وبيئتهاإلنساناألوىل تتعلق بدراسة التفاعل بني : التغيري املرغوب وفقا لركيزتني

، والثانية تتعلق بضرورة التمييز بني األفراد يف استجابام واألخذ مببدأ الفروق الفردية منهما يف اآلخر

.ينهم عند عملية التدخل املهينب

وإذا كانت الصعوبة حاضرة يف بلورة رؤية واضحة عن مفهوم اخلدمة االجتماعية العيادية نتيجة

ية األخرى كالطب النفسي، لتعدد اهتماماا وتداخل مفاهيمها مع العديد من مهن املساعدة اإلنسان

. ة الوقوف على خصائصها جديرة بالبحث النفسي، فإن حماولواإلرشاد، اإلكلينيكيوعلم النفس

:وفيما يلي عرض لبعض تلك اخلصائص

يشري هذا املبدأ : )start where the client is(البدء من حيث هو العميل .١

ل هو الذي فالعمي. إىل توجيه األخصائي االجتماعي للبدء من حيث اهتمام العميل

فالعميل هو الذي يشعر . ا بينهاحيدد أهدافه العالجية، وهو الذي حيدد األولوية فيم

من إرشادياويصبح دور األخصائي االجتماعي . باملشكلة وهو األقدر على التعبري عنها

وعلى هذا فالعالقة بني الطرفني عالقة تبادلية . خالل زيادة استبصار العميل بواقعه

)Reciprocal (قة تأخذ بعني االعتبار االندماج والتعاطف مع العميل وبناء العال




١٦

ويف البدء من حيث هو العميل يتحقق فهم العميل يف .املهنية القائمة على االحترام

إىل أنه ) ١٩٩٠(ويشري عبداخلالق . الذي حييط بهالنفسي واالجتماعي والثقايفالسياق

على الرغم من أن العمالء قد يعربون عن مشكالم بطرق غري موضوعية، إال أن

حيسون ويفكرون فيه يليب بعضا من احتياجام لتأكيد إعطاءهم فرصة للتعبري عما

.الذات واكتساب الثقة بالنفس

: )Individualized case(النظر للحالة على أا متفردة ومتميزة عن غريها .٢

تشري هذه اخلاصية إىل اعتبار كل حالة يتعامل معها األخصائي االجتماعي متفردة يف

قافية والبيئية، باالضافة إىل خصوصية العوامل خصائصها النفسية واالجتماعية والث

وهذه النظرة املتميزة لكل حالة يؤدي إىل الفهم . املسببة للمشكالت اليت تواجهها

املتعمق للحالة واالملام بكافة جوانبها، كما تقدم تفسريا يتماشى مع السياق االجتماعي

والتفسري هنا . اآلخرلثقايف للوسط الذي حييط باحلالة ودرجة تأثري كل منها يفوا

يتضمن مساعدة األفراد يف الربط ما بني أحداث حيام وما بني استجابام لتلك

).٢٠٠٣منصور، (األحداث بطرق التعبري عنها فكريا وسلوكيا وعاطفيا

تشري هذه العملية إىل : )Reflexivity (عملية التأملالتحقق من البيانات من خالل .٣

ماعي يف تأمل البيانات الصادرة عن العميل وحتليلها وتفسريها مهارة األخصائي االجت

أن هذه العملية ) ١٩٩٨ (Padgettوتشري . يف ضوء كافة املتغريات الذاتية والبيئية

-Self(مستمرة أثناء عملية املساعدة وتساهم يف زيادة الوعي الذايت

Awareness ( والنقد الذايت)Self-Correction( ولكنها يف ذات ،

فبينما يسعى .لوقت ليست باملهمة السهلة لكل من العميل واألخصائي االجتماعيا




١٧

العميل إىل اخلروج من الضغوط اليت يعاين منها من خالل االختيار بني البدائل املتاحة،

وإجياديئة املناخ االجيايب لتدفق البيانات من العميل يسعى األخصائي االجتماعي إىل

. يل لتلك البياناتفهم متعمق وتفسري مشو

: )Eclectic approach(االستجابة للبيانات اجلديدة من خالل االنتقائية .٤

تشري هذه اخلاصية إىل أن األخصائي االجتماعي ال يلتزم بنموذج عالجي واحد أثناء

فاألساليب العالجية التقليدية كالتحليل النفسي، والعالج السلوكي . عملية املساعدة

من خالل تعقد املشكالت االنسانية وتنوعها وتأثري املستجدات الكالسيكي أثبتت

عدم قدرا على احداث التغيري املرغوب ، والتنوع الثقايفالثقافية واالجتماعية كالعوملة

. نظرا ملا تطلبه من وقت طويل لبناء العالقة املهنية بني العميل واألخصائي االجتماعي

ثري من املمارسني للعالج النفسي إىل أن ك) ١٩٩٦ (Coreyويف هذا يشري

، بل املساعدة عالجيا واحدا يف تقدمي عمليةأسلوبااالجتماعي ال يستخدمون

. يستخدمون أكثر من أسلوب عالجي وفقا ملا يتطلبه املوقف واحتياجات العميل

إىل أمهية صياغة أساليب عالجية متطورة جتمع ) ٢٠٠٤(ويؤكد القرين ورشوان

مدة من أكثر من أسلوب عالجي وجتربتها يف البيئة احمللية للوقوف مهارات مهنية مست

.على كفاءا يف تقدمي عملية املساعدة

Helping Process is not(عملية املساعدة ليست خالية مـن القـيم .٥

Value-free :( ترتكز عملية املساعدة على قاعدة من املبادئ األخالقية اليت تقنن

فالتقبل، واملسؤولية الذاتية، . األخصائي االجتماعي والعميل عملية التفاعل بني كل من

ومنـذ أن قـدمت الرابطـة القوميـة . والسرية حمددات قيمية توجه عملية املساعدة




١٨

ـ ) NASW(لألخصائيني االجتماعيني م ، ١٩٥٨ام منظومة القـيم املهنيـة يف ع

بني مهن املساعدة أصبحت املمارسة املهنية للخدمة االجتماعية أكثر فاعلية ومصداقية

وتسعى هذه القيم إىل حتقيـق جمموعـة مـن ). ٢٠٠٢اجلميلي، (االنسانية األخرى

حتديد ني،و حتديد القيم واملبادئ اليت ترتكز عليها مهنة العمل االجتماع : األهداف منها

ـ جرائية اليت توجه عملية املمارسة، و اخلطوات اإل ى مساعدة املمارسني يف التغلب عل

يف اتمـع التعزيز من مكانة العمل االجتماعي املشكالت األخالقية حال ظهورها، و

الكفاءة للتصدي للعمل االجتماعي، استقطاب املمارسني ذويباعتباره عمل حماسيب، و

ل عملية اكتشاف أي انتهاك للقـيم واملبـادئ املهنيـة وكيفيـة مواجهتـها يسهوت

)NASW,ا األخالقي متثل اطارا إن هذه األهداف يف م ). ١٩٨٠للعمـل ضمو

املهين يأخذ بعني االعتبار تقدمي عملية املساعدة بكفاءة وفاعلية مع كافة العمـالء ويف

.كل املؤسسات

التشابه بني املنهج الكيفي واخلدمة االجتماعية العيادية

يتـضح من خالل استعراض اخلصائص لكل من املنهج الكيفي واخلدمة االجتماعية العيادية

إىل أن العالقة بينهما أشبه ما تكون باليد يف ) ١٩٩٤ (Gilgunويف هذا يشري . التشابه إىل حد ما

وهو ذا يشري إىل تطابق أساليب البحث لكل منهما يف عملية ، "hand in glove fit"القفاز

تنظـر إىل العميـل فاخلدمة االجتماعية العيادية عندما تبدأ من حيث هو العميل فإا . مجع البيانات

باعتباره جزء من السياق البيئي الذي يتواجد فيه وهذا يتطابق مع منهج البحث الكيفي الذي يرتكز

.على فهم الظواهر االنسانية يف بيئتها الطبيعية




١٩

فكالمها يتبع املنهجية االسـتقرائية . ومن أوجبه الشبه أيضا املنهجية املتبعة يف التفكري البحثي

على االستقصاء الناقد الذي يتيح للباحث أو للممارس امكانية اجياد العالقة بني املتفاعلني اليت تعتمد

واألحداث يف العامل الواقعي املعاش وكيفية فهمهم لكل ذلك وصوال إىل اهلدف النهائي وهو اشباع

ليت تتيح للباحث ومها يف استخدامهما للمنهج االستقرائي يعتمدان على املمارسة التأملية ا . احتياجام

استخدام خمرجات أدوات مجع البيانات كاملقابلة واملالحظة يف تفسري – للممارس وأيضا –الكيفي

وميكن توضيح ذلك بأن البيانات االجتماعية سواء للظـاهرة . وحتليل الواقع بصورة متعمقة ومشولية

رة ومتنوعة ومهمـة الباحـث أو االنسانية أو للمشكلة اليت يعاين منها العميل عبارة أن أجزاء مبعث

املمارس اجياد العالقة بني هذه األجزاء من خالل التأمل الذايت، واملالحظة املباشرة، والدقة، واملقابلة،

.والتعايش مع الواقع

أن الطرق األساسية يف عملية مجع البيانات يف البحث الكيفي ) ١٩٩٤ (Gilgunويؤكد

، واملالحظـة، ومراجعـة الـسجالت )in-depth interviewing(مثل املقابلة املتعمقة

)Document review ( هي مستخدمة من قبل األخصائيني االجتماعية يف جمـال اخلدمـة

، والتوثيق، وتقرير )Process recording(عملية التسجيل ويضيف أن . االجتماعية العيادية

.ستخدمة يف البحث الكيفيتتشابه مع عمليات حتليل البيانات امل) case reporting(احلالة

إىل التشابه الكبري بني املقابلة البحثية يف املنهج الكيفـي وبـني ) ١٩٩٤ (Weissويشري

ويضيف أن كليهما يسعى للحصول على األفكـار . املقابلة العالجية يف اخلدمة االجتماعية العيادية

لى املبحوثني أو العمالء يف التعـبري واملشاعر والسلوك كما هي يف الواقع وبطريقة ال تتضمن التأثري ع

م الشخصية ومدى وعيهم وادراكهم ألبعادهاحبرية عن خربا.




٢٠

ة التشابه بني املنهج الكيفي واخلدمة االجتماعية العيادية فيما ظوخالصة القول أنه ميكن مالح

:يلي

) Thick description( كالمها يسعى للحصول على الوصف املتعمق .١

ــىن كالمهــا حيــاول .٢ ــم واملع ــى الفه Meaning and(احلــصول عل

understanding(

كالمها يتخذ من املعايشة الوسـيلة األكثـر دقـة يف احلـصول علـى البيانـات .٣

)Engagement(

process(كالمها يستخدم التـسجيل يف عمليـة مجـع وحتليـل البيانـات .٤

recording &data analysis(

جتماعية العياديةاالختالف بني املنهج الكيفي واخلدمة اال

على الرغم من أوجه التشابه بني املنهج الكيفي وبني اخلدمة االجتماعية العيادية يف املنهجية

االستقرائية، ويف أساليب مجع البيانات من خالل األدوات املختلفة، ويف كيفية حتليل وتفسري البيانات

بعد مراجعة ألعمـال ) ١٩٩٨( Padgettلقد حاولت . إال أن هناك اختالفات جوهرية بينهما

أن تقدم جمموعـة مـن ) ١٩٩٤ (Weissوعامل االجتماع ) ١٩٨٧ (Scheinعامل النفس

):١(االختالفات بني االثنني ميكن مالحظتها يف اجلدول رقم




٢١

ميثل االختالفات بني املنهج الكيفي واخلدمة االجتماعية العيادية) ١(جدول رقم

منهج البحث الكيفي اعية العياديةاخلدمة االجتم وجه االختالف

أطر نظريةإنشاءتسعى إىل توجه بالنظريات واملداخل العالجية االطار النظري

اهلدف النهائي الوصول للمعرفة اهلدف النهائي تقدمي عملية املساعدة األهداف

العالقة تبدأ بالباحث وتنتهي به العالقة تبدأ بالعميل وتنتهي بتحسنه العالقة

الوقت غري جمدول الوقت جمدول وفقا لطبيعة احلالة وقتال

مستوى النجاح يتحقق من خالل حتسن مستوى النجاح

العمالء

مستوى النجاح يتحقق من خالل

العمل الدقيق

تنطلق البحوث الكيفية من منطلق منهجي خمتلف يرتكز على طبيعة الظاهرة االنسانية اليت

ولذلك تتطلب هدفا خمتلفا يف االستقصاء وجمموعة خمتلفة . ئم وعدم الثباتتتسم بالنسبية والتغري الدا

وعلى الرغم من أن مناهج البحث الكمي والكيفي تسعى إىل التفسري العلمي الذي . من طرق البحث

، إال )١٩٩٩أبو عالم، (العامل الطبيعي يتضمن الكشف عن القوانني اليت حتكم السلوك اإلنساين يف

. منهجية خمتلفة يف كيفية الوصول إىل هذا اهلدفأن لكل منهما

إن طبيعة الظاهرة االنسانية سامهت يف صياغة آفاق جديدة للبحث االجتماعي للتمكن من

وهلذا كان البحث الكيفي حماولة للخروج عن النمط الكمي . دراسة هذه الظاهرة كما هي يف الواقع

.جلاهزة والتساؤالت البحثية املنبثقة منهايف البحث الذي يوجه من خالل األطر النظرية ا

تقدمي منهجية حبثية تتخذ من الواقع الطبيعي للظواهر املدروسة الكيفيلقد حاول البحث

جماال للتحليل والتفسري من خالل الربط بني األجزاء للوصول إىل أطر نظرية ميكن هلا تفسري وجود




٢٢

واملنهج الكيفي يف اختاذه هذا املنهج . تشات الظروفالظاهرة يف الوقت احلايل ويف املستقبل مىت ما

املتمثلة يف االنطالق من معايري مقننة قبل البدء بعملية ) Normative( يرفض املعيارية يالبحث

فالباحث الكيفي يدخل امليدان دون افتراضات مسبقة أو نظريات علمية . االستقصاء ومجع البيانات

).١٩٩٤ ,Riessman(توجهه وحتدد خطواته االجرائية

من نظريات علم اويف مقابل ذلك فإن اخلدمة االجتماعية العيادية تتبع منهجا معياريا مستمد

فمن خالل هذه النظريات مت تطوير العديد من املداخل العالجية . النفس وعلم النفس االجتماعي

وعلى .يف املشكلة املدروسةتستخدم للتدخل املهين يف نسق العميل ويف األنساق البيئية ذات التأثري

هذا فاخلدمة االجتماعية العيادية توجه من قبل النظريات واملداخل العالجية، أي أن األخصائي

فعلى . االجتماعي أو املعاجل لديه تصور مبدئي عن كيفية التعامل مع املشكلة من خالل معايري حمددة

ارات حمددة وعلى املمارس اكتساا سبيل املثال، كل مدخل عالجي للممارسة املهنية لديه مه

بالعميل ملستوى مقبول من الصحة العقلية مارس يسعى للوصولوتطبيقها مع احلالة، وكل ذلك وامل

.والنفسية والتوافق النفسي واالجتماعي مع ذاته ومع البيئة اليت يعيش ا

ة العلمية من خالل وفيما يتعلق باألهداف العامة فإن البحث الكيفي يهدف إىل تنمية املعرف

ويف هذا يشري أبو عالم . مجع البيانات وصياغتها يف شكل فروض وصوال إىل صياغة نظريات علمية

إىل أن الباحث يسعى إىل الوصول إىل نظرية أساسية حول الظواهر اليت يدرسها حبيث ) ١٩٩٩(

. اترتبط النظرية بشكل جذري ذه الظواهر وتكون نابعة من البيانات املرتبطة

ويف املقابل فإن اهلدف العام للخدمة االجتماعية العيادية يرتكز على تقدمي عملية املساعدة

من خالل احداث التغيري املرغوب جزئيا أو كليا يف األنساق ) مجاعة– أسرة -فرد (لوحدة الدراسة




٢٣

خالل تقدمي وعملية املساعدة هي خطوات مهنية حتقق أهداف املمارسة املهنية من .االجتماعية

.خدمات عالجية ووقائية تساعد على استعادة التوافق النفسي واالجتماعي

العالقة مع الطرف اآلخر جند أن العالقة بني الباحث الكيفي وبني وفيما يتعلق بعنصر

يعترب أداة الباحث فهو يتحدث مع الناس يف فالباحث . بإرادتهاملبحوثني تبدأ من الباحث وتنتهي

الحظ أنشطتهم، ويقرأ وثائقهم وسجالم املكتوبة، ويسجل هذه البيانات يف مذكرات موقف ما، وي

والباحث هنا خيضع للمتغريات املستجدة أثناء تنفيذ الدراسة ويتكيف ). ٢٠٠٦الكندري، (ميدانية

، كما أن الباحث هو الذي ينهي العالقة مىت ما شعر أن البيانات اليت مت مجعها كافية لتحقيق معها

.هداف البحثأ

وذلك يرجع إىل أنه ويف اخلدمة االجتماعية العيادية، العميل هو الذي يبدأ العالقة املهنية

وال يعين هذا أن . العالقة على مدى التحسن الذي يطرأ على احلالةإاءطالب املساعدة كما يتوقف

صائي االجتماعي مبا لديه من فاالخ،العالقة املهنيةإاء يقف األخصائي االجتماعي موقفا ثانويا يف

ويرى . معرفة ومهارة يستطيع أن يوظف ذلك فيما يساعد العميل على حتقيق أهداف عملية املساعدة

Biestek) أن العالقة يف اخلدمة االجتماعية العيادية هي عالقة عالجية ) ١٩٥٧

)Therapeutic Relationship ( وهي تفاعل دينامي لالجتاهات واملشاعر لكل من

من أجل حتقيق أهداف عملية املساعدة املتمثلة يف حتقيق التكيف مع الذات ومع البيئة املعاجل والعميل

.احمليطة

وبالنظر إىل عنصر الوقت، جند أن الوقت غري جمدول يف البحث الكيفي، حيث أن الباحث

البيانات، وإمنا عملية مجعإليقافجيري مالحظاته ومقابالته البحثية وال يكون حمكوما بوقت حمدد




٢٤

,Padgett(ذلك يتوقف على مدى االكتفاء الذي يشعر من خالله بأنه حيقق له أهداف حبثه

١٩٩٨ .(

أن الباحث الكيفي يبدأ عمله بقضاء فترة من الوقت يف التعرف ) ٢٠٠٦(ويرى الكندري

يتم مؤقتةئلة على املوقع، حبيث يألف املكان، ويدرس أفراده، مث يركز حبثه يف وضع فروض أو أس

. إعادة صياغتها باستمرار وفقا ملا يتم مجعه وحتليله وتفسريه من بيانات

ويف اخلدمة االجتماعية العيادية فإن الوقت جمدول واالخصائي االجتماعي يقدم عملية

إىل أا تتراوح) ١٩٩٨( Padgett وتشري خالل جلسات عالجية حمددة الوقت، املساعدة من

وعلى الرغم من اختالفات املمارسني للخدمة االجتماعية العيادية حول الوقت . يقة دق٥٠ – ٣٠بني

ومدى حتقق األهداف املخصص للجلسة العالجية نتيجة لتنوع املشكالت االنسانية ونوع العمالء

وهو ، إال أن عامال مهما بدأ يف التأثري على الوقت احملدد لتقدمي عملية املساعدة أال العالجية والوقائية

القرين ورشوان، (تأثري شركات التأمني الصحي والدور الذي متارسه يف تقنني عملية تقدمي املساعدة

يف عملية تقدمي ) Third Party(فشركات التأمني الصحي باعتبارها الطرف الثالث ). ٢٠٠٤

عملية مؤخرا يف الدول الغربية على فرض اللوائح واألنظمة املقننة لوقت تقدمي بدأتاملساعدة

املساعدة من خالل حتديد جلسات حمددة لكل مشكلة وعلى األخصائي االجتماعي أو املعاجل االلتزام

.بعدد حمدد من اجللسات لكل مشكلة

وفيما يتعلق بعنصر مستوى النجاح واملعايري اليت يبىن عليها، جند أن مستوى النجاح يف

وتقدمي عملية املساعدة يق األهداف العالجيةاخلدمة االجتماعية العيادية يتم قياسه من خالل حتق

ل على قدرة العمي: وهناك عدة معايري ميكن قياس مستوى النجاح من خالهلا وهي.بكفاءة وفاعلية

ع ذاته ومع البيئة احمليطة، مستوى التغري الذي حدث يف أفكار ومشاعر التكيف النفسي واالجتماعي م




٢٥

اخلدمات اليت تشبع احتياجات العمالء، قدرة املمارسني املؤسسة على تقدميقدرة وسلوك العميل،

.واملعاجلني على مساعدة العمالء

ويف املقابل يتحدد مستوى النجاح يف البحث الكيفي من خالل قدرة الباحث على اثراء

املعرفة العلمية والوصول إىل أطر نظرية ميكن هلا تفسري الظواهر االنسانية والسلوك االنساين كما هو

وعلى الرغم من ذلك، جيد الباحثون يف املنهج .)٢٠٠٢ ,Denzin & Lincoln (يف الواقع

) Intangible( الكيفي صعوبة يف معرفة معايري النجاح حيث أن مستوى النجاح غري ملموس

قدرة الباحث على حتقيق : ومن معايري مستوى النجاح .كما هو احلال يف اخلدمة االجتماعية العيادية

قدرة الباحث على و عملية مجع البيانات من خالل األدوات البحثية كاملقابلة واملالحظة، الدقة يف

الذي يعين ) Interpretive Validity(حتقيق شروط الصدق والثبات كالصدق التفسريي

ويعين ) Descriptive Validity(الدقة يف متثيل املعاين للظواهر املدروسة، والصدق الوصفي

، وقدرة الباحث على تقدمي أطر نظرية قادرة على وصف وقائع عن جمتمع الدراسةدرجة الدقة يف

. تفسري الظواهر االنسانية يف املستقبل

ومما تقدم يتضح وجود فروق بني اخلدمة االجتماعية العيادية واملنهج الكيفي تتركز حول

فكل . ت وتفسريها وحتليلهاالطبيعة املنهجية لكل منهما أكثر منها حول كيفية الوصول إىل البيانا

، حيث أن الوصف املتعمق منهما يسعى للوصول إىل البيانات املتعمقة بتعدد مصادر مجع البيانات

يعطي كال من املعاجل والباحث الكيفي كمية من البيانات متكنه من الوصول إىل املعاين الكامنة خلف

.وجود الظاهرة االنسانية أو السلوك االنساين

ابتعاد ممارسي اخلدمة االجتماعية العيادية عن مناهج البحث الكيفي يف البحث العلميعوامل




٢٦

البحوث املتعلقة أساليب البحث الكيفي يف استخدام عنعزوفالتشري معظم الدراسات إىل

من نظريات بعضوعلى الرغم من االعتماد على تلك األساليب يف نشأة . اخلدمة االجتماعية العياديةب

رسة املهنية، إال أن عدد الدراسات الكيفية يف املمارسة العيادية ال يشكل إال نسبة ضئيلة مما ينشر املما

.يف االت والدوريات العلمية

إدارة، مؤسس النظرية التحليلية يف علم النفس، استخدم منهج )١٩٢٥(Freud وإننا جند

وأيضا . ضا من احلاالت النفسيةاحلالة يف صياغة نظرية التحليل النفسي، من خالل دراسة بع

Piaget) استخدم املالحظة املباشرة واملقابلة املتعمقة يف صياغة نظرية النمو العقلي لدى )١٩٢٩

أساليب املنهج الكيفي يف صياغة نظرية النمو استخدم) ١٩٧٧ (Valliantوأيضا . اإلنسان

). Masculine Development Theory(الذكوري

دراسة تناولت قلة الدراسات الكيفية يف جمال املمارسة العيادية ومن الدراسات اليت

Ambert ,Adler & Detzner) نشرت علمية مقالة٥٢٧راجعة مب حيث قاموا) ١٩٩٥

اقل ( مقاالت فقط ١٠ أن النتائجأوضحتو ١٩٩٤ – ١٩٨٩ الزواج واألسرة بني عامي جمالتيف

.م املنهج الكمي مقارنة باستخدااستخدمت املنهج الكيفي%) ٢من

– اإلرشاد مقالة علمية حول ٣٤٤راجعة حيث قام مب)١٩٩٦ ( Sextonدراسة ويف

أوضحت١٩٩٤ – ١٩٨٨ مبختلف أنواعه منشورة بني عامي -أحد ميادين املمارسة العيادية

.املنهج الكيفيأحد أساليب استخدمت من تلك الدراسات فقط % ٥ أن النتائج

راجعة املقاالت املنشورة مب حيث قاما)١٩٩٧ (Kleist & Gompertzدراسة ويف

دراسات فقط ٧أن النتائج أوضحت ،١٩٩٦-١٩٩٤يف جمالت الزواج واألسرة بني عامي

.استخدمت أحد أدوات املنهج الكيفي




٢٧

مقالة ٥٩٣راجعة مب)٢٠٠٦ (Berrios & Lucca ويف أحدث الدراسات قام

٢٠٠٢ – ١٩٩٧عالج النفسي واإلرشاد بني عامي جمالت علمية متخصصة يف ال٤منشورة يف

. مقالة فقط استخدمت أحد أساليب املنهج الكيفي٩٨ أن النتائجأوضحتو

. كل هذه الدراسات تؤكد ندرة الدراسات الكيفية يف جمال اخلدمة االجتماعية العيادية

ة االجتماعية العيادية ما هي عوامل عزوف ممارسي اخلدم: والسؤال الذي يتبادر للذهن يف هذا املقام

.عن تطبيق أساليب البحث الكيفي يف األحباث املتعلقة مبجال املمارسة العيادية؟

إن االجابة اردة على مثل هذا التساؤل هي ضرب من املخاطرة غري احملسوبة نظرا لتعدد

سانية املتسمة بالتعقيد، لطبيعة الظاهرة االنفهناك الكثري من العوامل منها ما يعود . اجلوانب املتعلقة به

ومنها ما يعود إىل ، ومنها ما يعود للمؤسسات التعليمية واألكادميية،للممارس ذاتهومنها ما يعود

باعتبارها أكثر )وهو ما يتحقق يف املنهج الكمي (الثقافة السائدة يف اتمع اليت تتجه حنو لغة األرقام

. علمية ومصداقية لدى الكثري

ميكن أن تفسر عوامل ابتعاد ممارسي العواملقدم فيما يلي جمموعة من ولكن الباحث ي

:اخلدمة االجتماعية العيادية عن استخدام أساليب البحث الكيفي يف جمال البحث العلمي

إن اجراء البحوث الكيفية يتطلب : عدم االملام بكيفية اجراء البحوث الكيفية وتطبيقاا .١

جيب على الباحث اكتساا قبل الشروع يف اجراء اليتالعديد من املهارات البحثية

مهارة املالحظة، ومهارة اجراء املقابلة، ومهارة التحليل : ومن هذه املهارات. البحث

.والتفسري، ومهارة النقد التحليلي وغريها

إن للظاهرة االجتماعية خصوصية :عدم االملام بطبيعة الظاهرة االجتماعية وخصوصيتها .٢

ومن . تغري املستمر والنسبية املطلقةلى نقيض الظاهرة الطبيعية تتسم بالمتميزة، فهي ع




٢٨

هنا فاحلكم بضرورة املساواة بني الظاهرة االجتماعية والظاهرة الطبيعية يف البحث

فالظاهرة االجتماعية يندر بل ). ١٩٩١الزعيب، (العلمي يشوبه الكثري من االعتباطية

ظم كما أنه يصعب فصل عناصرها املعقدة عن بعضها يكاد ينعدم فيها منط التكرار املنت

ومن هنا فبحث الظاهرة االجتماعية يتطلب منهجا يتماشى مع هذه .البعض

.اخلصوصية

يبتعد كثري من الباحثني عن : يف البحث الكيفياخلوف من عدم حتقق املوضوعية .٣

ناهج استخدام البحث الكيفي خوفا من عدم حتقيق املوضوعية اليت تستخدم يف م

إىل أن املوضوعية العلمية موقف وحكم، وال ) ١٩٨٠(ويشري قنصوة . البحث الكمي

حكم، ويضيف إن إصدارميكن أن تكون امتناعا عن اختاذ موقف، أو توقفا عن

وعلى هذا فاخلوف من عدم حتقيق .املوضوعية تعين االلتزام باملوضوع احملكوم عليه

.تماعية وواقعها املتغري وتفاعل األفراد معهااملوضوعية ينفيه خصوصية الظاهرة االج

نتيجة للطبيعة البحثية يف مناهج إليهااخلوف من عدم تعميم النتائج اليت يتم التوصل .٤

البحث الكيفي املتسمة بالتأملية وانغماس الباحث يف األحداث املرتبطة بالظاهرة

املستخدمة يف املنهج الكمي باالضافة إىل عدم انطباق معايري املنهجية البحثية. املدروسة

مثل مطابقة النظرية للمالحظات، والقابلية للتعميم، والثبات، والدقة والصرامة،

.وامكانية التحقق من الصحة

نتيجة ملا توفره للباحث االعتقاد بأن مناهج البحث الكمية هي الكفيلة بتحقيق العلمية .٥

فالباحث يف البحوث الكمية . امن قدرة على التحكم يف أبعاد الدراسة اليت يقوم

متوقعة مسبقا، فهو ينطلق من أطر نظرية إجرائيةيسري وفق منهجية حبثية وخطوات




٢٩

ويف مقابل ذلك، يشري حجر . وتساؤالت حبثية يتوقع من خالهلا النتائج اليت يصل إليها

، حيث يتمثل يف مقدرة الباحث على باإلبداعإىل أن البحث الكيفي يتسم ) ٢٠٠٣(

اوز املسلمات والتمكن من التأمل واكتشاف العالقات واالرتباطات واألسباب، جت

.وهذا يؤدي إىل الصياغة النظرية املتميزة

إن القيام بالبحوث الكيفية : مناهج البحث الكيفي تسترتف من الباحث الوقت واجلهد .٦

لفترة زمنية يستلزم من الباحث الكثري من اجلهد والوقت نتيجة ملعايشته للواقع املدروس

فالباحث حباجة إىل تقدمي فهم متعمق وحتليل منطقي وتفسري مشويل . قد تتسم بالطول

ونتيجة لذلك يتجه الكثري من الباحثني يف جمال . للظاهرة املدروسة وللمبحوثني

.املمارسة العيادية لالبتعاد عن البحوث الكيفية توفريا للوقت واجلهد

لكيفي يف دراسات اخلدمة االجتماعية العياديةتفعيل استخدام مناهج البحث ا

إن طبيعة املشكالت النفسية واالجتماعية اليت يواجهها العمالء تتسم بالتعقيد من خالل تعدد

العوامل املسببة هلا، ومن هنا تبدو احلاجة ماسة إىل الفهم املتعمق هلذه املشكالت وكيفية اجياد أدوات

.إىل حتليلها وتفسريها وزيادة الوعي بتأثريهاحبثية مالئمة لطبيعتها تؤدي

إن تطوير األساليب العالجية اليت تعترب آليات ممارسة اخلدمة االجتماعية العيادية يتطلب القيام

بدراسات تتناول استخدام أدوات حبثية كيفية كاملقابلة واملالحظة ودراسة احلالة لتقدمي فهم متعمق

يف تقدمي املساعدة االنسانية مع األخذ يف االعتبار السياق الثقايف لكفاءة وفاعلية تلك األساليب

.)١٩٩٦,.Corey, et al (واالجتماعي تمع التطبيق




٣٠

ونتيجة لندرة الدراسات الكيفية يف جمال اخلدمة االجتماعية العيادية، فإن احلاجة ماسة إىل

من وجهة نظر –كن القيام بذلك تفعيل استخدام منهج البحث الكيفي يف املمارسة العيادية، ومي

: من خالل اآليت–الباحث

إن ممارسة البحث الكيفي يتطلب : التدريب على استخدام أساليب البحث الكيفي .١

اكتساب العديد من املهارات البحثية، كمهارات اجراء املقابلة، واملالحظة، ودراسة

ة لتدريب الباحثني ومن هنا فاحلاجة ملح. احلالة، ومجع وحتليل وتفسري البيانات

. واملمارسني على تلك املهارات البحثية

احداث التوازن بني مناهج البحث الكمي والكيفي عند صياغة اخلطط والربامج .٢

إن اخلطط الدراسية على مستوى الدراسات اجلامعة ومستوى الدراسات : الدراسية

لبحث العلمي الكمي العليا جيب أن حتقق التوازن بني املقررات املقدمة لشقي مناهج ا

فمن الضروري للطالب االملام مبهارات البحث الكيفي والكمي واكتساب . والكيفي

.املهارات الالزمة الستخدام أي منهما

إن املنح البحثية : تشجيع ودعم إجراء البحوث الكيفية يف جمال مهن املساعدة االنسانية .٣

جراء البحوث الكيفية يف جمال املقدمة من اجلهات واملؤسسات املاحنة جيب أن تشجع ا

وهذا كفيل .مهن املساعدة االنسانية واخلدمة االجتماعية العيادية واحدة من تلك املهن

. وتطوير البحث الكيفيبإثراء

جيب : لدى اجراء البحوث الكيفية) subjectivity( التقليل من خطورة الذاتية .٤

ء البحوث الكيفية يف جمال املمارسة زيادة الوعي لدى الباحثني واملمارسني بأمهية اجرا

العيادية نتيجة لطبيعة وتعقيد املشكالت االنسانية اليت يتعاملون معها وأمهية التعامل مع




٣١

كما أن الذاتية املرتبطة . تلك املشكالت بكثري من الفهم املتعمق والدراسة الشاملة

. فقده العلميةبالبحث الكيفي هي خاصية مميزة تزيد من قوة البحث الكيفي وال ت

إن احداث : حتقيق التوازن فيما ينشر من حبوث كمية وكيفية يف االت العلمية .٥

التوازن بني ما ينشر يف االت العلمية من دراسات وحبوث كمية وكيفية يشجع

الباحثني واملمارسني على تنفيذ الدراسات الكيفية خاصة يف االت اليت تعىن بنشر

.هن املساعدة االنسانيةالدراسات يف جمال م




٣٢

املراجع

دار النشر للجامعات، . مناهج البحث يف العلوم النفسية والتربوية). ١٩٩٩. (أبو عالم، رجاء حممود

.القاهرة

.املكتبة اجلامعية، االسكندرية. األساس النظري يف خدمة الفرد). ٢٠٠٢. (اجلميلي، خريي خليل

جملة . معايري شروط املوضوعية والصدق والثبات يف البحث الكيفي). ٢٠٠٣. (حجر، خاجل أمحد

-١٣٢، العدد الثاين، ص ص ١٥الد . جامعة أم القرى للعلوم التربوية واالجتماعية واإلنسانية

١٥٣.

دار عامل الكتب، . مناهج البحث يف العلوم االجتماعية). ٢٠٠٣. (رجب، ابراهيم عبدالرمحن

.الرياض

مسامهة نقدية يف حتديد موضوع : علم االجتماع والبلدان النامية). ١٩٩١. (محدالزعيب، حممد أ

املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر . ومهام علم االجتماع العام وعلم اجتماع البلدان النامية

.والتوزيع، بريوت

ديث، املكتب اجلامعي احل. أسس ومبادئ: العمل مع احلاالت الفردية). ١٩٩٠. (عبداخلالق، جالل

.االسكندرية

املداخل العالجية املعاصرة يف العمل مع األفراد ). ٢٠٠٤. (رشوان، عبداملنصف& القرين، حممد

.مكتبة الرشد، الرياض. واألسر

.دار املعرفة اجلامعية، االسكندرية. املوضوعية يف العلوم االجتماعية). ١٩٨٠. (قنصوة، صالح




٣٣

. لكمية والكيفية يف جمال العلوم االجتماعية والسلوكيةطرق البحث ا). ٢٠٠٦. (الكندري، يعقوب

.جملس النشر العلمي، الكويت

.مكتبة الرشد، الرياض. اخلدمة االجتماعية االكلينيكية). ٢٠٠٣. (منصور، محدي

Ambert, A. et al. (١٩٩٥). Understanding and Evaluating

Qualitative Research. Journal of Marriage and Family, V. ٥٧, pp

٨٩٣-٨٧٩.

Baer, B. & Federico, R. (١٩٧٨). Educating the Baccalaureate Social

Worker. Cambridge, MA: Ballinger.

Bartlett, H. (١٩٧٠). The Common Base of Social Work Practice.

NASW: New York.

Biestek, F. (١٩٥٧). The Casework relationship. Loyola University

press, Chicago.

Berrios, R. & Lucca, N. (٢٠٠٦). Qualitative Methodology in

Counseling Research: Recent Contributions and Challenges for a

New Century. Journal of Counseling and Development,V.٨٤, pp

١٨٦-١٧٤.

Compton, B. & Galaway, B. (١٩٩٤). Social Work Processes.

Brooks/Cole Publishing Company, California.

Corey, G. (١٩٩٦). Theory and Practice of Counseling and

Psychotherapy. New York: Brooks/Cole Publishing Company.

Denzin, N. & Lincoln. (٢٠٠٢). The Qualitative Inquiry Reader. Sage

Publications, London.




٣٤

Denzin, N. (١٩٧٨). The Research Art: A Theoretical Introduction to

Sociological Methods. (٢nd ed.). McGraw-Hill, New York.

Freud, S. (١٩٢٥). Collected Papers. Hogarth, London.

Gilgun, J. (١٩٩٤). Hand into Glove: The Grounded Theory

Approach and Social Work Practice Research. In E. Sherman &

W. Reid. Qualitative Research in Social Work. Columbia University

Press, New York. Goldman, L. (١٩٨٩). Moving Counseling Research into the ٢١st

Century. The Counseling Psychologist, V. ١٧, pp ٨٥-٨١.

Gordon, W. (١٩٦٩). Basic Concepts for an Integrative and

generative Conception of Social Work. CSWE, New York.

Glodstein, E. (١٩٨٠). Knowledge base of Clinical Social Work.

Social Work, V. ٢٥, n. ٣.

Guba, E. & Lincoln, Y. (١٩٨١). Effective Evaluation. Jossey-Bass,

San Francisco.

Haviland, W. (١٩٩٤). Anthropology. Harcourt Brace College

Publishers, Fort Worth.

Kleist. D. & Gompertz, K. (١٩٩٧). Current Use of Qualitative

Research Methodology in Couples and Family Counseling. Family

Journal, V. ٥, pp. ١٤٥-١٣٧.

Lorenz, K. (١٩٦٦). On Aggression. Methuen, London.

Levi-Strauss, C. (١٩٦٣). Structural Anthropology. Basic Books, New

York.




٣٥

Nachmias, C. & Nachmias, D. (١٩٩٢). Research Methods in the

Social Sciences. ٤th ed. St. martin, New York.

NASW. (١٩٨٠)> Code of Ethics of the National Association of

Social Workers. NASW, Silver Spring, MD.

Padgett, D. (١٩٩٨). Qualitative Methods in Social Work Research.

Sage Publications, London.

Piaget, J. (١٩٢٩). The Child Conception of the World. Harcourt

Brace, New York.

Riessman, C. (١٩٩٤). Qualitative Studies in Social Work Research.

Sage Publications, London.

Schein, E. (١٩٨٧). The Clinical Perspective in Fieldwork. Newbury

Park, CA.

Schwartz, W. (١٩٦١). Social Worker in the Group. Social welfare

Forum. Columbia University Press, New York.

Sexton, T. (١٩٩٦). The Relevance of Counseling Outcome

Research: Current Trends and Practical Implications. Journal of

Counseling & Family, V. ٧٤, pp. ٦٠٠-٥٩٠.

Singer, M. (١٩٨٩). The Coming of Age of Critical Medical

Anthropology. Social Science and Medicine, V. ٢٨, pp. ١٢٠٣-١١٩٣.

Strauss, A. & Glasser, B. (١٩٦٧). The Discovery of Grounded

Theory: Strategies for Qualitative Research. Aldine de Gruyter,

New York.

Tinbergen, N. (١٩٥١). The Study of Instinct. Oxford University

press, London.




٣٦

Valliant, G. (١٩٧٧). Adaptation of Life. Little Brown, Boston

Weiss, R. (١٩٩٤). Learning from Strangers: The Art and Methods of

Qualitative Interview Studies. Free Press, New York.

White, R. (١٩٥٩). Motivation Reconsidered: the Concept of

Competence. Psychological Review, V. ٦٦, n.٥, pp. ٣٣٤-٢٩٧.




٣٧

Abstract

Qualitative Research and Clinical Social Work By

Dr. Mohamed Misfer Al-Garni Associate Prof., Umm Al-Qura University

The rapid concern of qualitative research methods in the helping

professions’ practice has been marked due to their effectiveness

in collecting, analyzing, and interpreting data to attain desirable

change. Case study, focus group, grounded theory, and content

analysis are among qualitative methods focused on understanding

the social phenomenon. The unique characteristics of social

phenomenon and how the researcher relates with it thoughtfully,

behaviorally, and psychologically entail using appropriate

research methods that are relevant with the nature of this

relationship and achieve the objectivity of studying human

behaviors. This study tries to discuss the similarities and

differences between qualitative research methods and clinical

social work based on: goals, assumptions, methods, and

researcher role. The findings of the study showed the necessity of

using qualitative research in clinical social work practice to ensure

the effectiveness of outcomes. In addition, the study offers some

suggestions to activate using qualitative research in social work

practice.

Keywords: qualitative research, clinical social work.


