حكم اتخاذ القبور مساجدد.ربيع أحمد

الحم��د لل��ه رب الع��المين ، والص��الة والس��الم على خ��اتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم

بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

في هذه األيام اتخاذ القب��ور مس��اجد ،وازداد ع��دد فقد كثر المس��اجد ال��تي ب��نيت على قب��ور ، وك��ثر ت��ردد الن��اس على

للصالة فيها وللدعاء عندها و ك��لالمساجد التي بها أضرحة هذا حرام ال يجوز في دين الله ؛ ألنه ذريعة إلى الوق��وع في

الشرك .

ومن المؤس��ف أن تج��د الكث��ير من الن��اس ي��تردد على ه��ذه المساجد لقصد الض��ريح ال��ذي في المس��جد لل��دعاء عن��ده و قلب��ه متعل�ق بص�احب الض�ريح ومنهم من يس�تغيث بص��احب

الميت ال إذ وه��ذا من الش��رك لرفع جائحة ألمت ب��ه الضريح ال يق��در على إجاب��ة ، و يق��در على ش��يء مم��ا يطلب منه

، و الله – سبحانه وتعالى – هو مجيب الدعاء .الدعاء

ولذلك كان البد من بيان حكم اتخاذ القبور مساجدنصيحة لله ،و الله من وراء القصد .

معنى اتخاذ القبور مساجد

اتخاذ القبور مساجد معناه جع��ل القب��ور مس��اجد إذ االتخ��اذ من أفعال التحويل و التصيير يعدى إ[لى مفع��ولين، ويج��رى

،و تخ[��ذ الش��يء تخ��ذا، وتخ��ذا، األخ[��يرة عن1مج��رى الجعل إ[ن الذين اتخ��ذوا﴿كراع، واتخذه: عمله، وقوله : عز وجل :

ن االتخاذ دلي��ل ﴾ال[عجل [لها، فحذف الثان[ي، أل[ أراد: اتخذوه إ .2عليه[

ن تخ[��ذ ف��أدغم إح��دى الت��اءين ف[ي األخ��رى، واتخذ افتع��ل م[ن ن أخذ ائتخذ ؛ أل[ فت[عال م[ ن أخذ ف[ي شيء، فإ[ن اال[ وليس م[ فاءها همزة والهم��زة ال ت��دغم ف[ي التاء[. وق��ال الج��وهر[ي:ن األخ��ذ، إ[ال أنه أدغم بع��د تل��يين الهم��زة[ تخاذ، افت[ع��ال م[ اال[فت[ع��ال[ توهم��وا ا كثر است[عماله بلف��ظ اال[ [بدال[ التاء[، ثم لم وإذ يتخذ، وأه��ل أن التاء أصلية فبنوا منه فع[ل يفعل، قالوا تخ[

الف[ ما قال الجوهر[ي .3العرب[ية[ على خ[

يه[ مثل : الدار يتخذها يء ألمر يستمر ف[ واالتخاذ أخذ الش.4مسكنا والدابة يتخذها قعده

2/57 لمجد الدين الفيروزآبادي بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز- 13/478 ،لسان العرب البن منظور 5/149 البن سيده المحكم والمحيط األعظم- 21/183- النهاية في غريب الحديث البن األثير 3138- الفروق اللغوية للعسكري ص 4

الة[ د بيت الص ،وهو اس�م6 أو المكان المتخذ للصالة5والمسج[يه ، وحيث ال يسجد بعد أن يكون جامع حيث يسجد عليه[، وف[جود[ جد من األرض فموض��ع الس�� اتخ[��ذ ل��ذل[ك ، فأم��ا المس��

جد7نفسه د: الموض��ع الذ[ي يس�� ج[ ، وقال ابن س��يده : المس��د يه[ فهو مسج[ ع يتعبد ف[ يه[ وقال الزجاج: كل موض[ .8ف[

دا، بل كل ذ مسج[ يه[؛ فقد[ اتخ[ الة ف[ دت[ الص ع قص[ وكل موض[دا، كما قال - صلى الله يه[، يسمى مسج[ ع يصلى ف[ موض[

دا وطهورا »عليه[ وسلم - : . 10 9« جع[لت ل[ي األرض مسج[

الة[ إليها، ن أن يكون ب[معنى الص د أعم م[ وا[تخاذ القبور[ مساج[الة[ عليها أو بمع��نى بن��اء المس��جد عليه��ا أو11أو ب[معنى الص

بمعنى السجود لها فاتخاذ القبور مساجد يشمل جمي��ع ه��ذه.الصور

ز[ى- المغرب في ترتيب المعرب 5 و218 ص لبرهان الدين الخوارزمي المطر266المصباح المنير للفيومي ص

29- المطلع على ألفاظ المقنع ألبي عبد الله البعلي ص 610/301- تهذيب اللغة ألبي منصور الهروي 77/261المحكم والمحيط األعظم البن سيده - 8 , ورواه مسلم في صحيحه حديث 438 البخاري في صحيحه حديث رقم رواه - 9

521رقم 148 ألبي عبد الله الحقوي ص التوضيح الرشيد في شرح التوحيد - 10 الروضة الندية شرح الدرر البهية ألبي الطيب محمد ،و299 - سبل السالم للصنعاني ص 11

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ألبي الحسن عبيد الله ،و180نوجي ص الق2/419 المباركفوري

تحريم اتخاذ القبور مساجد

لى ي الله عنه��ا -، ق��الت: ق��ال النب[ي - ص�� عن عائ[شة - رض��[ن��ه : » لعن الله ه[ الذ[ي لم يقم م[ الله عليه[ وسلم - ف[ي مرض[ة : » د « ، ق��الت عائ[ش�� اج[ م مس�� اليهود اتخذوا قبور أنب[ي��ائ[ه[

دا « ج[ ي أن يتخ��ذ مس�� ،و الح��ديث 12لوال ذل[ك ألبر[ز قبره خش[لم – في م��رض موت��ه يوضح أن النبي - صلى الله عليه[ وس�� نهى عن اتخاذ القبور مس��اجد ، وبين أن��ه من فع��ل اليه��ود وق��د أمرن��ا بمخ��الفتهم ،و ق��د لعن الل��ه من يتخ��ذ القب��ور

واللعن أمارة الكبيرة المحرمة أشد التحريم فيك��ونمساجد .13الفعل الذي أوجب اللعن حراما

ق��ال المهلب – رحم��ه الل��ه -: ) ه��ذا النهى من ب��اب قط��ع الذريعة، لئال يعبد قبره الجهال كما فعلت اليهود والنص��ارى

.14بقبور أنبيائها (

ويستفاد من الحديث أن ت��رك اتخ��اذ القب��ور مس��اجد وص��ية رسول الله - صلى الله عليه[ وسلم – لنا قب��ل وفات��ه فيجب

﴿قال تعالى : فليحذر[ الذ[ين يخ��ال[فونأن نترك ما نهانا عنه

, ورواه مسلم في صحيحه 4441 البخاري في صحيحه حديث رقم - رواه 12529حديث رقم

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ألبي الحسن عبيد الله المباركفوري - 132/419

3/311شرح صحيح البخاري البن بطال - 14

يبهم عذاب تنة أو يص[ يبهم ف[ الن��ور] ﴾أل[يم عن أمر[ه[ أن تص[[ 63من اآلية

واتخاذ القبور مساجد ليس هو من شريعة اإلسالم، بل من عمل اليهود، وقد لعنهم النبي - صلى الله عليه[ وسلم -

.15على ذلك

فق��د خ��الف اليه��ود و أص��اباتخاذ القبور مساجدومن ترك السنة ، ومن اتخذ القبور مساجد فقد ش��ابه اليه��ود وخ��الف

السنة .

لى الل��ه فقد أطاع رس��ول الل��ه اتخاذ القبورومن ترك - ص��لم،ومن يطع رسول الله عليه[ وسلم – - صلى الله عليه[ وس�

سول فقد أط��اع فقد أطاع الله – ن يط[ع[ الر ﴿قال تعالى : ميظا م حف[ النس��اء اآلي��ة﴾ ] الله ومن تولى فما أرسلناك عليه[

80 ]

ألن لعن من يتخ��ذو اتخ��اذ القب��ور مس��اجد من الكب��ائر ؛ القبور مساجد يدل على أن اتخاذ القبور مس��اجد كب��يرة من

.الكبائر

ونهيه - صلى الله عليه وسلم -، وتشديده في اتخ��اذ القب��ور مساجد بالصالة لله عندها، وإخباره بلعن من فعل ذل��ك، م��ع أنه لم يعبدها ولم يدعها، وإنما ذلك ذريعة لعبادتها والش��رك

3/193فتح الباري البن رجب - 15

بها، فكيف بمن عبدها، وتوجه إليها، ونذر له��ا، وط��اف به��ا، .16وذبح لها، ودعا أهلها، وطلب منهم النفع والضر

و إن قيل لعن من يتخذ القبور مس��اجد خ��اص بمن ك��ان ف[يمان[ ل[قرب[ العهد[ ب[ع[بادة[ األوثان[ فهذا تقي[يد ب[ال دل[ي��ل، ذل[ك الز

ان[ ب[زمان دون زمان فت[تان ال يختص ن التعظ[يم واال[ .17أل[

كو إن قيل د التب��ر ال[ح، وقص�� وار[ ص�� دا ف[ي ج[ من اتخذ مسج[ه نح��وه، فال ي��دخل ف[ي نه ال ل[تعظ[يم ل��ه؛ وال ل[توج ب[القرب[ م[

يد[ فالجواب أن ك[ذل[ك الوع[ د[ ب[قرب[ه[ وقصد التبر اتخاذ المساج[ة وال دل[ي��ل على ب[��ه[ تعظ[يم ل��ه، ثم أح��اد[يث النهي[ مطلق��د الذر[يع��ة[، ومن��ع ر أن الع[لة س�� التعل[ي��ل[ ب[م��ا ذك��ر، والظاه[

ن ذل[ك ين م[ .18المسل[م[

و إن قيل الم�راد ب�النهي عن اتخ�اذ القب�ور مس�اجد اتخ�اذ ،وليس بن��اءقبل��ة يص��لون إليه��ا ويس��جدون لها القب��ور

المس��اجد عليه��ا ب��دليل أن��ه لم يق��ل اتخ��ذوا على القب��ور أن ا[تخ��اذمساجد بل قال اتخذوا القب��ور مس��اجد ،والج��واب

الة[ إليه��ا، أو ن أن يك��ون ب[معنى الص�� د أعم م[ اج[ القب��ور[ مس��الة[ عليه��ا أو بمع��نى بن��اء المس��جد عليه��ا أو19ب[معنى الص��

بمعنى السجود لها فاتخاذ القبور مساجد يشمل جميع ه��ذه

حقيقة شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد العزيز بن عبد- 1698 ص الله بن محمد بن عبد اللطيف

2/159- نيل األوطار للشوكاني 17229- سبل السالم للصنعاني ص 18 الروضة الندية شرح الدرر البهية ألبي الطيب محمد ،و299 - سبل السالم للصنعاني ص 19

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ألبي الحسن عبيد الله ،و180نوجي ص الق2/419 المباركفوري

الصور ،وتخصيص بعض ه��ذه الص��ور دون بعض تخص��يص بالمخصص .

ي الله لمة- رض��[ ي الله عنه��ا -، أن أم س�� ة- رض��[ و عن عائ[ش��ة لم - كن[يس�� عنها -، ذكرت ل[رسول[ الله[- صلى الله عليه[ وس��يها رأتها ب[أرض[ الحبشة[ يقال لها مار[ية، فذكرت له ما رأت ف[لم - : لى الل��ه علي�ه[ وس� ول الله[ - ص� ال رس� ور[، فق�� ن الص م[ال[ح، ج��ل الص�� ال[ح، أو[ الر م العبد الص يه[ »أولئ[ك قوم إ[ذا مات ف[ور ، أولئ[ك ي��ه[ ت[ل��ك الص�� دا ، و صوروا ف[ بنوا على قبر[ه[ مسج[

ن��د الله[ « رار الخل��ق[ ع[ ، و ه��ذا الح��ديث يوض��ح أن بن��اء 20ش��[ المس��اجد على القب��ور من أفع��ال النص��ارى و ق��د أمرن��ا بمخالفتهم ،وأن من يبني مس��جد على ق��بر فه��و من ش��رار

الخلق ،و في هذا نهي عن بناء المساجد على القبور .

وألن هذا كان أصل عبادة األصنام، فيما ي��ذكر، ك��انوا ق��ديما إذا مات فيهم نبى أو رجل صالح صوروا ص�ورته وبن�وا علي�ه مسجدا ليأنسوا برؤي��ة ص��ورته، ويتعظ��وا لمص��يره ويعب��دوا الله عنده، فمضت على ذلك أزمان، وجاء بع��دهم خل��ف رأوا أفعالهم وعباداتهم عند تلك الص��ور ولم يفهم��وا أغراض��هم، وزين لهم الش���يطان أعم���الهم، وألقى إليهم أنهم ك���انوا

.21 يعبدونها فعبدوها

ال��ذين ) و قال الشيخ عبد الرحمن بن محم��د – رحم��ه الل��ه -: بنوا هذه الكنيسة جمعوا فيها بين فتنتين، ضل بهما كثير من الخلق، فأم�ا فتن��ة القب��ور فألنهم افتتن��وا بقب�ور الص�الحين،

, ورواه مسلم في صحيحه حديث434 البخاري في صحيحه حديث رقم - رواه 20528رقم

2/450إ[كمال المعل[م[ بفوائ[د[ مسل[م للقاضي عياض - 21

وعظموها تعظيما مبتدعا، ف�آل بهم إلى الش��رك. وأم��ا فتن��ة التماثي��ل- أي الص��ور- ف��إنهم لم��ا افتتن��وا بقب��ور الص��الحين، وعظموها وبنوا عليها المساجد، وص��وروا فيه��ا تل��ك الص��ور، آل بهم األم��ر إلى أن عب��دوها، وهات��ان الفتنت��ان هم��ا س��بب عبادة الصالحين، ك��الالت والع��زى وود وغيره��ا، وه��ذه العل��ة هي التي ألجله��ا نهى الن��بي - ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم - عن اتخ��اذ المس��اجد على القب��ور، وهي ال��تي أوقعت الكث��ير من

األمم في ذلك.

والفتنة بالقبور كالفتنة باألصنام وأش�د؛ ف�إن الش�رك بق�بر رجل يعتقد صالحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخش��بة أو حجر، ولهذا تجد أه��ل الش��رك يتض��رعون عن��دها، ويخش��عون ويخض��عون، ويعب��دون عب��ادة ال يفعلونه��ا في بي��وت الل��ه، ويلهجون بذكرهم أكثر مما ي��ذكرون الل��ه، وينفق��ون نف��ائس األموال في ذلك، وألجل هذه المفسدة حس��م الن��بي - ص��لى الله عليه وسلم - مادتها، حتى نهى عن الص��الة في المق��برة

)22.

من ب��نى على ق��بر مس��جدا فق��د ويستفاد من الح��ديث أنلى الل��ه، و قد قال شابه النصارى و خالف السنة النب[ي -ص��

ر[ك[ين « لم -: » خ��ال[فوا المش�� ، و عن[ ابن[ عم��ر،23علي��ه[ وس��به قال: قال رسول الله[ - صلى الله عليه[ وسلم - : »من تش��

نهم« ، و الش�رع ق�د أم�ر بمخالف�ة المش�ركين و24ب[قوم فهو م[ نهي عن التش���به بهم و مش���ابهتهم ليظه���ر التب���اين بين

.المؤمنين والكافرين155 ص حاشية كتاب التوحيد لعبد الرحمن بن محمد بن قاسم- 22 259 ، ورواه مسلم في صحيحه حديث رقم 5892- رواه البخاري في صحيحه حديث رقم 234031- رواه أبو داود في سننه حديث رقم - 24

فهو- صلى الله عليه[ وسلم –ومن يفعل ما حذر منه النبي ﴿ق���ال تع���الى : فليح���ذر[ الذ[ينعلى خط���ر عظيم فق���د

يبهم عذاب تنة أو يص[ يبهم ف[ ﴾أل[يم يخال[فون عن أمر[ه[ أن تص[[ 63 النور من اآلية ]

و إذا كان بناء المساجد على القبور من فع��ل ش��رار الخل��ق فال يج��وز لن��ا أن نفع��ل مثلم��ا فعل��وا ،وإذا نهين��ا عن بن��اء

المساجد على القبور فهذا يستلزم أال نصلي فيها .

النهي عن بن��اء المس��اجد : ) و قال األلباني – رحم��ه الل��ه - ب��اب أنعلى القب��ور يس��تلزم النهي عن الص��الة فيه��ا من

النهي عن الوس����يلة يس����تلزم النهي عن المقص����ود به����ا الخم��روالتوس��ل به��ا إلي��ه مثال��ه إذا نهى الش��ارع عن بيع

فالنهي عن شربه داخل في ذلك كما ال يخفى بل النهي عنمن باب أولى .

ومن ال��بين ج��دا أن النهي عن بن��اء المس��اجد على القب��ور ليس مقصودا بالذات كما أن األمر ببناء المس��اجد في ال��دور والمحالت ليس مقصودا بالذات بل ذلك كله من أجل الص��الة فيها سلبا أو إيجابا يوضح ذلك المثال اآلتي: لو أن رجال بنى مسجدا في مكان قفر غير مأهول وال يأتيه أحد للصالة في��ه فليس لهذا الرجل أي أج��ر في بنائ��ه له��ذا المس��جد ب��ل ه��و

عندي آثم إلضاعة المال ووضعه الشئ في غير محله .

فإذا أمر الشارع ببناء المساجد فهو يأمر ضمنا بالصالة فيها ألنها هي المقصودة بالبناء وكذلك إذا نهى عن بناء المساجد

على القب��ور فه��و ينهى ض��منا عن الص��الة فيه��ا ألنه��ا هي.25 ( المقصودة بالبناء أيضا

أن رس��ول»و عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عن��ه - : نهى أن يب��نى على القب��ور –صلى الله عليه وس��لمالله -

وهذا الحديث ص��ريح في، 26«أو يقعد عليها أو يصلى عليها النهي عن الصالة على القبر ،وي��دل أيض��ا على حرم��ة بن��اء المس��جد على الق��بر ؛ ألن المقص��ود ببن��اء المس��جد على القبر الصالة فيه فإذا حرم الصالة علي��ه فأيض��ا يح��رم بن��اء

المسجد عليه .

م��ا بن[ي علىوالنهى عن البن��اء على القب��ور يص��دق على   جوانب حفرة الق�بر، كم�ا يفعل�ه كث�ير من الن�اس من رف�ع قبور الموتى ذراعا فما فوقه؛ ألنه ال يمكن أن يجع��ل نفسا يدل على أن المراد بعض ما يقربه م القبر مسجدا، فذلك م[

ا يتصل به. م م[

ويصدق على من بنى قريب��ا من ج��وانب الق��بر ك��ذلك، كم��ا في القباب والمساجد والمش��اهد الكب��يرة، على وج��ه يك��ون القبر في وس��طها أو في ج��انب منه��ا، ف��إن ه��ذا بن��اء على القبر، ال يخفى ذلك على من له أدنى فهم، كم��ا يق��ال: بنى السلطان على مدين��ة ك��ذا، أو على قري��ة ك��ذا س��ورا، وكم��ا يقال: بنى فالن في المكان الفالني مس��جدا، م��ع أن س��مك

البناء لم يباشر إال جوانب المدينة أو القرية أو المكان.

37- تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد لأللباني ص 25 وإسناده صحيح 1020 - رواه أبو يعلى في مسنده رقم 26

وال فرق بين أن تكون تلك الجوانب ال��تي وق��ع وض��ع البن��اء عليها قريبة من الوسط، كما في المدينة الص��غيرة والقري��ة الص��غيرة والمك��ان الض��يق، أو بعي��دة من الوس��ط كم��ا في المدينة الكبيرة والقرية الكبيرة والمكان الواس��ع، ومن زعم أن في لغة العرب م��ا يمن��ع من ه��ذا اإلطالق فه��و جاه��ل ال يعرف لغة العرب، وال يفهم لسانها وال يدري بم��ا اس��تعملته

.27في كالمها

، ق��ال: ح��دثن[ي جن��دب، و عن عبد[ الله[ بن[ الح��ار[ث[ النج��ران[يعت النب[ي - صلى الله عليه[ وسلم - قب��ل أن يم��وت قال: سم[نكم ب[خمس، وهو يقول: » إ[ني أب��رأ إ[لى الل��ه[ أن يك��ون ل[ي م[يم [ب��راه[ خل[يل، فإ[ن الله[ تعالى قد[ اتخ��ذن[ي خل[يال، كم��ا اتخ��ذ إت[ي خل[يال التخذت أب��ا بك��ر خل[يال، ن أم ذا م[ خل[يال، ولو كنت متخ[م أال وإ[ن من ك���ان قبلكم ك���انوا يتخ[���ذون قب���ور أنب[ي���ائ[ه[د، إ[ني اج[ د، أال فال تتخ[��ذوا القب��ور مس�� اج[ م مس�� يه[ ال[ح[ وص��

،و هذا الحديث يوضح أن اتخاذ القب��ور28أنهاكم عن ذل[ك « مساجد من عادات من قبلنا ،و علينا أال نتخذ القبور مس��اجد فاتخ��اذ القب��ور مس��اجد مح��رم بنص الح��ديث " فال تتخ[��ذوا

د، إ[ني أنهاكم عن ذل[ك ". القبور مساج[

وجميع هذه األحاديث تبين أن اتخاذ القبور مساجد محرم ،وأن من عادات أهل الكتاب اتخاذ القبور مساجد فال

يجوز لنا أن نقلدهم في أفعالهم وعاداتهم وكيف يليقبمسلم أن يقلد كافرا ؟!!

14 للشوكاني ص شرح الصدور بتحريم رفع القبور- 27 532 - رواه مسلم في صحيحه حديث رقم 28

والتقليد من شيم المغلوبين ، و المغلوب غالبا يقلد الغالب ،و كثير من النفوس تعتقد الكمال فيمن غلبها

ألنها رأت أن من قلدته أفضل منها و أرفع منها ؛فتقلده لذلك تحاول أن تتشبه به ، و أن المقل[د شعر بالنقص قدرا

.واحتقار نفسه أمام المقلد

وعن أب[ي هريرة، عن[ النب[ي -صلى الله عليه وسلم- : » اللهم ال تجعل قبر[ى وثنا، لعن الله قوما اتخذوا قبور

د « م مساج[ أي اللهم ال تجعل قبري كالوثن في29أنب[يائ[ه[ تعظيمه ،وعبادته من دون الله و تغليظ النبى - صلى الله

عليه[ وسلم - في النهى عن اتخاذ قبره مسجدا؛ لما خشيهة إلى المنكر، وقطعا من تفاقم األمر وخروجه عن حد المبر

ن النهي[ كراهة أن يتجاوزوا ف[ي30للذريعة ،والمقصود م[ سدا لذريعة الشرك ، وكل ما كان31قبر[ه[ غاية التجاوز[

النب[ي،ولما قرنوسيلة إلى الوقوع في الشرك فهو محرم "اللهم ال تجعل قبر[ى بذلك الدعاء -صلى الله عليه وسلم-

" اتخاذ القبور مساجد علم أن اتخاذ قبره مسجدا ذريعةوثنا و أن الغلو في قبور األنبياء و الصالحينإلى اتخاذه وثانا ،

.يصيرها أوثانا تعبد من دون الله

لى الل��ه علي�ه[ ول الل��ه[ - ص� وعن أب[ي هريرة، قال: ق�ال رس�يدا، وال تجعلوا بيوتكم قب��ورا، ذوا قبر[ي ع[ وسلم - : » ال تتخ[

التكم تبلغن[ي « ، ف���إ[ن ص��� لوا علي وال 32وحيثم���ا كنتم فص��� قال المحقق أحمد شاكر : إسناده صحيح7352 - رواه أحمد في مسنده رقم 29

7/1732/450إ[كمال المعل[م[ بفوائ[د[ مسل[م للقاضي عياض - 302/744مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لمال علي القاري - 31 ،ورواه ابن2042 ،ورواه أبو داود في سننه8804 - رواه أحمد في مسنده رقم 32

7542 أبي شيبة في مصنفه رقم

؛ أي: مثل القبور في عدم الصالة فيهاتجعلوا بيوتكم قبورا والنهي ،المتق��رر عن��دهم أن المق��ابر ال يص��لى فيهاوك��أن

عن ترك الصالة في البيوت لئال تش��به المق��ابر دلي��ل واض��ح .على أن المقابر ليست موضعا للصالة

لى ول الل��ه[ - ص�� عت رس�� م[ و عن عبد[ الله[ بن مسعود قال: س��رار[ الن��اس ، من لم – يق��ول : » إن م[ن ش��[ الله علي��ه[ وس��د اج[ اعة وهم أحي��اء، ومن يتخ[��ذ القب��ور مس�� ت��در[كهم الس��

،وهذا الحديث ي�بين أن اتخ�اذ المس�اجد على القب�ور من33« فعل شرار الناس فكيف يليق بعاق��ل أن يفع��ل فع��ل ش��رار

الناس ؟!! .

لى الل��ه ول الل��ه[ - ص�� و عن أب[ي مرثد الغنو[ي، قال: قال رس�� 34« ال تجلسوا على القبور وال تص��لوا إليه��ا »عليه[ وسلم - :

وهذا الحديث صريح في النهي عن الصالة إلى القبر ،واتخاذ القبر قبلة ،و إذا ح��رمت الص��الة إلى الق��بر فمن ب��اب أولى الصالة عند القبر ؛ ألن في الصالة إلى القبر أو الص��الة عن��د القبر مظنة الصالة لص��احب الق��بر أو مظن��ة تعظيم ص��احب

القبر .

و ابن أبي شيبة في789 ،وابن خزيمة في صحيحه رقم 4143 - رواه أحمد في مسنده رقم 332325 و ابن حبان في صحيحه رقم 272مسنده رقم

وأبو داود في سننه رقم والترمذي972 - رواه مسلم في صحيحه حديث رقم 341050في سننه رقم

الحكمة من تحريم اتخاذ القبور مساجد

إن سأل سائل ما الحكمة من تش��ديد الش��ريعة في النهي عن اتخ��اذ القب��ور مس��اجد ؟ ف��الجواب أن في النهي عن اتخ��اذ القبور مساجد حكم بالغة تش��هد ب��أن ه��ذه الش��ريعة من عن��د الله ال من عند بشر ومن هذه الحكم أن في ترك اتخاذ القبور

و الش��رعمساجد مخالفة أهل الكتاب فيما س��نوه من باط��ل ، ق��د أم��ر بمخالف��ة أه��ل الكت��اب و نهي عن التش��به بهم و

.مشابهتهم ليظهر التباين بين المؤمنين والكافرين

للبع��د عنومنه��ا أن الش��رع نهى عن اتخ��اذ القب��ور مس��اجد التشبه بعبدة األوثان الذين يعظمون الجمادات التي ال تس��مع

كم�ا نهى عن الص�الة وقت طل�وع الش�مس 35 وال تنفع وال تضر ووقت غروبه��ا؛ ألن المش��ركين يس��جدون للش��مس حينئ��ذ، ،

.فتكون الصالة حينئذ مشابهة لصالة المشركين

ومنها أن الشرع نهى عن اتخاذ القبور مساجد لعدم الغلو في يفض��ي بالن��اس إلى عب��ادةص��احب الق��بر ، وه��ذا الغل��و ق��د

صاحب القبر ودعائه واالستغاثة به، وطلب جلب النف��ع ودف��ع ،ومرعاة المفاتيح 181نوجي ص الروضة الندية شرح الدرر البهية ألبي الطيب محمد الق - 35

2/419شرح مشكاة المصابيح ألبي الحسن عبيد الله المباركفوري

وه��ذا ش��رك أك��بر مخ��رج من المل��ة ، ،الضر منه من دون الله ومن ع��ادة عب��دة األص��نام أنهم لم يزال��وا يعظم��ون أم��واتهم

.36حتى اتخذوها أصناما

و منها أن الشرع نهى عن اتخاذ القبور مس��اجد س��دا لذريع��ة الش��رك لئال ي��ؤدي اتخ��اذ القب��ور مس��اجد إلى عب��ادة ص��احب

إذا تعبد لصاحب القبر بركوع أو سجود أو ذبح تقربا  والقبر ، قد سدت كل ب��اب فهو شرك أكبر ،و الشريعة له وتعظيما له

ي م��ع بع��د[ ،فاتخاذ القبور مساجديؤدي إلى الشرك قد يفض��[ن اب[قة م[ و[ الجه��ل[ إلى م��ا ك��ان علي��ه[ األمم الس�� العه��د[ وفش��بادة[ األوث��ان[ فك��ان ف[ي المن��ع[ عن ذل[��ك ب[الكلية[ قط��ع ل[ه��ذ[ه[ ع[كمة[ المعتبرة[ ب ل[لح[ ية[ إلى الفساد[ وهو المناس[ الذر[يعة[ المفض[

د[ ن جلب[ المصالح ودفع[ المفاس[ ،وق��ال37ف[ي شرع[ األحكام[ م[ : نهى عن اتخ��اذ القب��ور مس��اجدالف��وزان – حفظ��ه الل��ه -

.38للصالة عندها؛ ألن ذلك وسيلة لعبادتها

ومنه��ا أن الش��رع نهى عن اتخ��اذ القب��ور مس��اجد لئال يظن ، و إذاظان أن العبادة عند القبر لصاحب القبر ،وليست لل��ه

جئت عند الق��بر، واس��تقبلته وركعت وس��جدت أمام��ه ، فم��ا كان للمشاهد إال أن يقول: إن��ه يرك��ع ويس��جد لل��ذي أمام��ه، فتكون صورة شرك، ولو لم يكن الشخص يقصد الشرك ،وال يؤمن أن يجيء من بعد العصر الذي اتخذ فيه الق��بر مس��جدا

.من يظن أن العبادة لصاحب القبر تعظيما له

3/1043 للطيبي الكاشف عن حقائق السنن- 36499- سبل السالم للصنعاني ص 3748اإلرشاد إلى صحيح االعتقاد لصالح الفوزان ص - 38

ومنه��ا أن الش��رع نهى عن اتخ��اذ القب��ور مس��اجد لتجري��د التوحيد لله فال يتعلق قلب اإلنسان بشيء و هو يعبد الله إال

بالله .

ومنه��ا أن الش��رع نهى عن اتخ��اذ القب��ور مس��اجد ؛ ألن في اتخاذ القبور مساجد شبهة الت��برك بص��احب الق��بر ،والت��برك

،وفيه إثبات تأثير شيء لم ينزل الل��ه بالقبور حرام ال يجوز ت��أثيرا أو الق��بر وإذا اعتقد الشخص أن لصاحب ،به سلطانا

.قدرة على دفع الضرر أو جلب النفع كان ذلك شركا أكبر ومنه��ا أن الش��رع نهى عن اتخ��اذ القب��ور مس��اجد ؛ ألن في اتخاذ القبور مساجد التعظيم لصاحب القبر تعظيم��ا ال يك��ون

وأم��ا نهي��ه عنإال لل��ه ، وق��ال ابن الج��وزي – رحم��ه الل��ه - : يء ن��د الش�� الة ع[ ن الص�� د فلئال تعظم، أل[ اج[ اتخ��اذ القب��ور مس��

.39 تعظ[يم له

والخالصة أن جميع صور اتخ��اذ القب��ور مس��اجد تش��ترك في مظن��ة الص��الة لص��احب الق��بر أو مظن��ة تعظيم ص��احبأنه��ا و فيها غلو في صاحب القبر ،وفيها الخشية من تط��ورالقبر

،وفيه�ا تش��به بعب��دة األوث�اناألمر إلى عب��ادة ص��احب الق�بر والمشركين ،ولذلك حرمت الشريعة الغراء جميع ص��ور اتخ��اذ القبور مساجد حماية لجناب التوحيد ولسد ذريعة الوقوع في

الشرك وللبعد عن التشبه بعبدة األوثان والمشركين .

2/50كشف المشكل من حديث الصحيحين البن الجوزي - 39

هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات