١

٢٠١٠لسنة ، )٢( العدد ،)١٧( المجلد-مجلة التربية والعلم

في بالد الرافدين العاملون على ضفاف الفرات

شعالن كامل إسماعيل كلية اآلثار / قسم حضارات الشرق األدنى القديمة

جامعة الموصل

القبول االستالم

٢٠٠٩ / ٠٧ / ١٥ ٢٠٠٩ / ٠٣ / ٠٨

:ملخص البحث

ي الرافدين من الحضارات األصيلة بل هي أولى الحضارات التبالدتُعد حضارة لكل حضارة أصيلة أسس ومقومات وكان نهر أنومن المعروف . عرفتها البشرية قاطبة

.الفرات واحداً من األسس التي استندت عليها الحضارة العراقية القديمةحيث جاءت صفحات هذا البحث ومن خالل ما جمع مـن نـصوص عراقيـة قديمـة

ى إحدى الجوانـب االجتماعيـة للعـراقيين تأثير نهر الفرات وضفافه عل ) مقروءةمسمارية ( حتى العاطفيـة أووقد يستشف القارئ لهذا البحث بعض الجوانب واللمسات اإلنسانية . القدماء

ارتباطهم بهذا النهـر مـن إلى عاشوا على ضفاف الفرات، باإلضافة أوفي نفوس من عملوا ياة عوائلهم كلها مـن خـالل عدمها وبالتالي كيف تأثرت حياتهم وح أوخالل عملهم بإرادتهم

. تواجدهم على ضفاف الفرات

ABSTRACT

Euphrates was and still one of the most important features of natural factors which affected in population and civilization of Mesopotamia. On the shores of this great river, there was a huge population of ancient Iraq working and living and their life was connected with this river in somehow. Some of them, this river represented torture and sadness and others represented happiness.

The paper is an attempt to characterize these people showing their jobs and conditions as well as exploring the aspect of ancient Iraq civilization and a group of the society.

.العاملون على ضفاف الفرات في بالد الرافدين

٢

:تمهيد نهر الفرات تكمن في كونه مصدر مهم لحياة نسبة كبيرة مـن أهمية أنمن المعروف

من حيث توفير المياه للبشر وللحيوانات وللزراعة ولكن ما سنتطرق لـه الرافدينبالد سكان القاطنين في منطقة ما بين النهـرين األفرادفي هذا البحث هو دور نهر الفرات وتأثيره على

.وإنساني من جانب اجتماعي إنمالجانب االقتصادي المعروف ليس من ا أنمصر هبة النيل يمكن من خاللها القول أن من )١("لهيرودوتس"إن المقولة المشهورة

دجلـة الخالدين هبة النهرين " شماالً آشور وبابل، وحتى بالد وأكدبالد سومر "، بالد الرافدين . بدأ التاريخ ا ومن خاللهم ،ارتين العراقية والمصرية والفرات، فمن الواضح التشابه بين الحض

االخـتالف بـل أن إال األنهركما في مصر متناسقة مع حركة هذه الرافدين فالحياة في بالد ينتهي فيضان النيل في شهر تشرين الثاني والزراعة الشتوية إذ ،التناقض بين المنطقتين ظاهر

ان دجلة والفرات في نهاية حزيران حيث يبلغ الحـر تنمو دون سقاية تقريباً بينما ينتهي فيض .)٢( والسقاية تصبح ضرورية وال تتم الزراعة بدونهاأشده

إلى الجنوب أقصى مدن العراق القديم التي نشأت وتوزعت على ضفتي النهرين من أن تخللتها مجموعة من الطرق التجارية النهريـة الهامـة والتـي ،وسطه حتى شماله على دجلة

بالد الرافدين إلى العالم القديم أرجاء ارتادها التجار منطلقين من معظم ،األربعل الجهات تص واريدو ولجش واوما والوركاء وغيرها من المدن الـسومرية تخللتهـا وأوركفأور .وبعكسه

ومنـذ ) البحرين(يلمون شبكة من المجاري المائية الطبيعية واالصطناعية لتصلها مع عيالم دِ بالمنتجـات المحليـة لثالث قبل الميالد ولتفيض مستودعات المعابد والقصور والتجار ا األلف

حتى وصلت البـضائع ،تم المتاجرة بها مع المدن داخل العراق القديم وخارجه توالمستوردة و .)٣(في الهند اليوم" هاربا ومومنجدارو"من والى مدن

: على ضفاف الفراتأفراد

وال يـشمل الحـديث ،من عمل على الفرات من جهة اليابسة هم األفرادب المقصود أن ومنهم من لعنه ومنهم من . بآخر أو أثر فيهم هذا النهر بشكل أخرى فئة إنما ،التجار وعمالئهم

.شكره وكل ينظر لهذا النهر وفق منظوره وتأثيره عليهرق احـد بواسطة السفن والزوا األنهار نقل السلع التجارية عن طريق أنمن المعروف

الطرق النهريـة التجاريـة فـي احد أهم وبطبيعة الحال شكل نهر الفرات . وسائط النقل أهمه ا الشمال عكس سريان مي إلى ولكن كيف كانت تنقل السلع التجارية من الجنوب ،العراق القديم

األساس هنا كان العامل البشري . جنوب العراق ووسطه حتى الجزيرة الفراتية النهر بين مدن نـصوص أن . ضفافه إحدى أوي تحرك السفن ونقلها عبر سحبها بالحبال من ضفتي النهر ف

شعالن كامل إسماعيل

٣

وذكر في احد تلـك ،تبين مدى ازدياد تجارة الحبوب ) م.ق ٢٠٠٦-٢١١٣( الثالثة أورساللة بالحبوب المأل كثيرة قاموا بسحب السفن أيام العديد من عمال جر السفن وخالل أنالنصوص مـدن إلـى أورم يفرغونها ويعيدون تعبئتها وسحبها مـن ث أور مدينة إلى ءالوركامن مدينة

: حيث نقرأ في النص، نحو الشمال وهكذاأخرى كثيرون هم عمال سحب الـسفينة الـذين ٠٠٠"

مدينـة إلـى " ءالوركا" قاموا بسحبها من مدينة وأفرغوا حمولتهـا .بالحبوب وكانت مليئة أور

تحميلها بالتمور ادواأع المقدسة ثم أورفي مدينة " ٠٠٠" واستمروا في سـحبها نحـو الـشمال

مما ينبغـي النجـاز أكثر كثيرة أياماًواستغرقوا )٤( ٠٠٠هذا العمل

حيـث نقـرأ فـي احـد ، بسحب السفن وتحميلها وتفريغها كما أن النساء يكلفن أيضا :النصوص السومرية ما نصه

سـتة قُمن خالل اإلماء امرأة من أربعين ٠٠٠"" مدينـة إلـى بسحب سفينة محملة بالتمور أيام

)٥(" ٠٠٠" لجش : نقرأ آخروفي نص سومري

قمن خالل اإلماء وثمانين امرأة من أربعة ٠٠٠" إلـى بتحميل محصول حقل من الذرة أيامعشرة دوء بين هوجدوا السفينة ب "٠٠٠ ؟٠٠٠" السفينة

)٦( " ٠٠٠ ؟ ٠٠٠ " إلىضفتي نهر الفرات السفن عملوا لخمسة عشر يوماً من يجرون عامالً ٣٦ أن نعلم آخرسومري ومن نص

طناً مـن مدينـة ١٨من الحبوب أي ما يعادل ) Gur(ور ك ٦٠٠٠٠اجل سحب سفينة تحمل حيث نقرأ ، الشمال على ضفاف الفرات باتجاه كم ١٤٠أي لمسافة " نيبور" مدينة إلى )٧(لجش

:في النص) مدينـة (إلـى لجش ) دينةم(لنقل الحبوب من "

عامالً لسحب السفينة عملوا ٣٦نيبور استأجرت ور من ك ٦٠٠٠٠ كي ينقلوا ، يوماً ١٥بجٍد ولمدة

ومن ضـفاف الفـرات ) الشعير(حبوب الخمر )٨(" ٠٠٠ سحبوا السفينة بالحبال ٠٠٠العظيم؟

.العاملون على ضفاف الفرات في بالد الرافدين

٤

قبل ملـك موجهة من ، العصر السومري في العراق القديم أواخروفي رسالة ملكية من ـ " الثالثة أور" ملوك ساللة آخر إلى) م. ق ١٩٨٥ – ٢٠١٧" ( ايرا –اشبي " )٩(أيسن " كالمل يمده بحبوب القمح تفادياً الزمة غذائيـة فـي أنطالباً منه ) م . ق ٢٠٠٦-٢٠٢٩( سين أبي : حيث نقرأ في نص الرسالة،تهمملك

سـين ملـك الجهـات – الملك العظيم آبي إلى"رسـلتُ الـسفن أ لقد ، العظيمة أور ملك األربع

وإيصالها ، عامل لسحب السفن ١٠٠الالزمة مع إلنقـاذ تحملها بالحبوب أن اارجو التي ،أور إلى

) ١٠( " ٠٠٠ الجوع " ٠٠٠ ؟ ٠٠٠ " آيسن من

لعلمنا أورمن مدينة تلك السفن لم تصل مدينة آيسن محملة بالحنطة فإن األغلبوعلى انتهاء حكمـه أسباب كانت من أور اقتصادية في أزمةكان يعاني من " سين –آبي "ان الملك

.وسقوط مملكته بعد سنوات قليلة من تاريخ هذه الرسالة األساسـية مال جر السفن على ضفاف الفرات كانوا يـشكلون القـوة ع أنمن الواضح

حتى ابعد نقطـة الغربي الشمال إلىعوداً ضد تيار النهر صريك السفن من جنوب العراق حلت الحركـة إدامـة عملهم فـي أهمية وعلى الرغم من .الرافدينمن الجزيرة الفراتية في بالد

واألبـسط حظـاً األقـل كانوا أنهم إال العام التجارية وبالتالي المساهمة في تحريك االقتصاد علـى عاشـوا آخـرين أفراد المجتمع العراقي القديم ومن بين أفرادنصيباً في الحياة ضمن

. عملهم لم يكن جر السفنأن غير أيضاضفاف الفرات : يشكرونأويلعنون

الوحيدون العاملين على ضـفاف األفراد عمال سحب السفن لم يكونوا أنمن المعروف عملوا على ضفاف الفـرات فـي مهـن آخرون أفراد فهناك ،األكثريةالفرات ولكنهم شكلوا

أن األول على عمال سحب السفن لسببين أوالًولكن التركيز ، سيرد الحديث عنهم الحقاً أخرى بيد رجاالً ونساءعد من ،معظمهم من العالسفن كان ي حبالبسيطة جداً في األعمال ألن عمل س

عدد بقدرمقدار تلك القوة المجتمع العراقي القديم وال يحتاج سوى ترسيخ القوة البدنية وال يهم الذين عملوا في سحب السفن كانوا يعيشون حيـاة صـعبة األفراد أنني والسبب الثا ،العمال

وبالتالي كان ال بـد ، يدفعون حياتهم من جرائها األوقاتحتمل وفي بعض تُوعذابات كثيرة ال أسلفنا وكما ،من توضيح طبيعة حياة شريحة واسعة ممن عاشوا وعملوا على ضفاف الفرات

اللـواتي اإلماءسفن على ضفاف الفرات هم من العبيد بل النساء فأن معظم العاملين في جر ال السفن يتطلب انتقـالهن سحب أن حيث ، العمل إلى الرضع والصغار أطفالهنيحضرن معهن

شعالن كامل إسماعيل

٥

البسيطة جـداً األعمال من دع سحب السفن ي أن وكما ذُكر . عديدة وأسابيعأليام بل عبر المدن واآلخر األول يعتمد في أنمااو حرفية كفاءة ذهنية إلىحتاج في المجتمع العراقي القديم وال ي

وسحبها على شكل على جمع اكبر عدد ممكن من العمال لالمساك بالحبال المدالة من السفينة العمل الذي ينظم عملية الـسحب كـي ال رب أوامر وفق وبانتظامصفوف طويلة من اليابسة

. ضفتي النهرإحدىرز في تنحرف عن مسارها وتنغأوتنقلب السفينة مـل تجارتـه ح الرسائل لتاجر سومري كان حاضراً ومرافقاً لسفينة ت إحدىومن خالل

حبحيث نقرأ في نص الرسالة،السفننستشف من سطورها معاناة ومآسي عمال س : أمـراً مجرد السير على ضفة النهـر أن ٠٠٠ أرجـل فالضفة طينية رخوة تغوص فيها ،صعباً

واألمطار .لذين يسحبون السفينة رجال ا النساء وال البرية والقصب كانـت تـشق واألشجارغزيرة قوةً ال يـستطيع الـسير وأكثرهم ، العمال أقدام

ان ،لخطوات دون الوقوع على وجهه في الطين الـصغار أطفـالهن رؤية النساء اللواتي يحملن

خـر وأ ٠٠٠؟٠٠٠" )في نفس الوقت (ويسحبن اء ك ال اسمع سوى ب "٠٠٠ ؟ ٠٠٠" ،سيرنا كثيراً

أدعـو أني ،"٠٠٠ ؟ ٠٠٠" والنساء معاً األطفالالليلة ،"٠٠٠؟ ٠٠٠" ، تساعدنا وتحمينا أن اآللهة

الماضية سـمعتُ بوضـوح دعـوات النـساء أطفالهن لسالمتهن وسالمة اآللهةمن ) العامالت(

الخالص من نهـر الفـرات اآللهةهن من ئورجا ،ائعين ومتعبـين كلهم ج "٠٠٠ ؟ ٠٠٠" ،العظيم

الخـالص مـن هـذا العمـل اآللهـة ويدعون هذا العمل قـاتلهم ال أن وعلمتُ "٠٠٠ ؟ ٠٠٠"

)١١("٠٠٠فيه حالهم كحال من سبقهم،محالة

نجح التاجر السومري في رسالته المذكورة وصف مقدار المآسي والمشقة التي كان لقد ، استنتاجات حـول موضـوعها أو تفسير إلى ال تحتاج أنهايعاينها عمال سحب السفن بحيث

م في بدايته وال نعلم ما اسم التـاجر شمه) الرقيم الطيني ( نص الرسالة أنولكن ما يؤسف له كانت متوجهـة وال أين انطلقت والى أينومن كان يراسل وال عدد عمال سحب السفينة ومن

. نوعهاأووزن حمولتها

.العاملون على ضفاف الفرات في بالد الرافدين

٦

اإللـه لعبيد عمال سحب السفن التابعين لمعبد مراقبي ا ألحد أخرىوفي رسالة سومرية : حيث نقرأ ما نصه،في مدينة لجش" ننكرسو"

" ٠٠٠؟٠٠٠ ، نحيلة وخاويـة أجسادهم أن ٠٠٠"ــه ــود وال يعرف ــستقبلهم اس ،"٠٠٠؟ ٠٠٠وم

ثيابهم ممزقة وقذرة أما ، تحترق بالنار وأرواحهم ورائحـتهم أجـسادهم ال تكفي لتغطـي وأحياناً

؟ ٠٠٠" وهم يموتـون بـسرعة . تطاق كريهة ال "٠٠٠ ؟ ٠٠٠" "٠٠٠ ؟ ٠٠٠" باســتمرار "٠٠٠

ننكرسو العظـيم اإللهاً لمعبد د عبي ،"٠٠٠؟٠٠٠"" ايـا " اإللـه يـدعون مـن .في لجش المقدسة

من مياه النهر ويجعل النهـر باستمرار ليحفظهم )١٢(٠٠٠ ،رحيماً بهم

نص الرسالة واضحاً في تفسير موضوعه وشر دعي ـحبح معاناة وطبيعة حياة عمال س المياه في العراق القديم لتحفظهم إلهة" ايا "اآللهة يدعون من أنهمالسفن وبؤسهم وشقائهم حتى

.وتجعل النهر رحيماً بهم حياة عمال سحب السفن والقوارب ظاهرة مالزمة في المجتمع العراقي القديم أنويبدو

احد النصوص السومرية أن حتى ، المجبرين على امتهانها أو لممتهنيهالحياة البؤس والمعاناة يـذكر ظـروف )١٣("نفر" لتدمير مدينة انتقاماً آلهة الذي هو عبارة عن دعاء لثمانية ،الدينية

حيـث نقـرأ فـي ، القوارب كأسلوب انتقامي لمن ارتكب عمالً عدائياً أوعمل سحب السفن :النص

ال تنبت مواضع سحب القـوارب أن عسى ٠٠٠ أال وعــسى ."٠٠٠ ؟ ٠٠٠" األعــشابســوى يمشي فـي مواضـع سـحب أن إنسانيستطيع

من "٠٠٠ ؟ ٠٠٠" القوارب وفي مواضع الرسو السخول الوحشية والديـدان " ٠٠٠؟٠٠٠"جراء

والحيــات وعقــارب الجبــل "٠٠٠؟٠٠٠" )١٤("٠٠٠ "٠٠٠ ؟٠٠٠"

مـثالً أصـبحت هذه المهنة أنمال سحب السفن عسة وعذاب دليل على تعا أوضحإن : كما ينص المثل السومري،يضرب للشقاء والبؤس في الحياة

)١٥(" تعاسة من عامل جر السفنأكثر أنت"

شعالن كامل إسماعيل

٧

اللذين عملوا على ضفاف الفرات في سحب السفن هـم مـن لعنـوا األفرادولهذا فإن لعنوا الفرات ومياهه لكونه سبب شـقائهم أنهم أيضاًول ويمكن الق ،حياتهم وحظهم العاثر فيها

ولكن الواضح ومن خالل النصوص ،وه سراً لقدسيته ومكانته في ديمومة الحياة عنحتى وان ل األفراد يقال عن أن وما يمكن .أآلمهم كانوا يسترحمونه لكي يخفف عنهم أنهمالعراقية القديمة

يختلف كثيراً عن العبيد فالفقر هو السبب لعملهم هـذا اللذين عملوا في سحب السفن األحرار علـى األفـراد هـؤالء ،الذي يزيد من بؤسهم وشقائهم في الحياة ويجعلها قطعة من العذاب

. كانوا يلعنون على ضفاف الفراتاألغلب في العراق القديم اللذين عملوا على ضفاف األفراد كان هناك العديد من أخرىمن جهة

اً من عمال سحب السفن ومنهم كما تسميهم النـصوص الـسومرية حظ رأوف أنهم إال ،الفرات التي اعتمد عليها العراقيـون اإلنشائية المواد أولفالطين كما هو معروف من " رجال الطين "

خصوصاً في وسط وجنوب العـراق حيـث ال ،القدماء في بناء بيوتهم ومعابدهم وقصورهم تهيئـة الطـين لـصنع اللـبن أن ومن المعروف )١٦( قليالً إال األخشاب وال األحجارفر اتتو

كبيرة من العمال اللـذين أعداد إلى العراق القديم كان بحاجة أبنية النجاز معظم )١٧(والطوف حياتهم بشكل مباشر بضفاف نهري وارتبطت رجال الطين وأصبحواتخصصوا في هذا العمل

: رية حيث نقرأ في احد النصوص السوم،دجلة والفراتــسى ٠٠٠" ــيم أن ع ــر العظ ــا النه يمنحن الفرات الطـين الـصافي لبنـاء "٠٠٠؟ ٠٠٠"" ايـا "اآللهـة تمنحنا أن وعسى "٠٠٠ ؟ ٠٠٠"

المزيد من الميـاه التـي تجلـب لنـا الطـين ) العمـال ( وتساعد رجال الطين "٠٠٠ ؟ ٠٠٠"

رات ضفاف نهر الف إلىاللذين يذهبون كل صباح وجلـب الطـين "٠٠٠ ؟ ٠٠٠" العظيم لعمـل

)١٨(٠٠٠" ٠٠٠ ؟ ٠٠٠") الحيـات (األفـاعي على ضفافه مثل صائدوا ارتبطوا بالفرات وعملوا آخرونوهناك رجال

األفـاعي العصور فوائد سم أقدمرفوا منذ فالعراقيون القدماء ع ،لغرض الحصول على سمها الملفوفة حول عصا األفعى رسم أصبح حتى ،األمراضكدواء للعديد من في العالجات الطبية

األفعـى حتى وقتنا الحاضر فإن شعار الصيدلة هـو ،خشبية شعاراً للطب في العراق القديم : حيث نقرأ في احد النصوص الطبية السومرية،)١٩( سمها فيه نافثةالملفوفة حول كأس

كـيم في الصباح الباكر يذهب الرجل الح ٠٠٠" أفعـى ضفة النهر للبحث عن إلى األفاعيصائد

.العاملون على ضفاف الفرات في بالد الرافدين

٨

يخلطه مع " ٠٠٠؟٠٠٠" "٠٠٠؟٠٠٠"كثيرة السم " ٠٠٠؟٠٠٠" "٠٠٠؟٠٠٠"العسل والماء الـدافئ

)٢٠(" ٠٠٠للمريض فيشفى المريض جلودهـا أن ليس من اجل سمها فقـط بـل األفاعي فإن الغاية من صيد األغلبوعلى

.)٢١(ة وبعض المعتقدات العالجية والدينية الزينإلغراضالناعمة استخدمت قومون بجمع العديد من ي أنما ، على جمع الحيات فقط األفاعيوال يقتصر عمل صائدوا

الـسوس حيـث ) جذور (وأعوادالنباتات ذات االستخدام الطبي مثل بذور الطرفاء والخروع .)٢٢(األنهارتوجد على ضفاف وا على ضفاف الفرات تخصصوا فـي صـيد من الرجال الذين عمل آخروهناك فريق

األسـود حيث عملوا في صيد ،األفاعي خطورة من صيد أكثر عملهم أن إال أيضاالحيوانات هذا العمل كان له رجاله المتخصـصين وانـتعش فـي أنوبعض الحيوانات المفترسة ويبدو

ف عـن عر لما) م.ق ٦١٢-٩١١( الحديث اآلشوري خالل العصر ،اآلشوريةعصر الدولة وحـاجتهم ، والحيوانـات المفترسـة األسـود ملوك هذا العصر ولعهم الشديد برحالت صيد

صيد الحيوانات اآلشوريونالملوك فقد اعتبر ،صيدها المتزايدة لهذه الحيوانات للتدريب على اآلشـوري حيث نقرأ في احد نصوص الملـك ،المفترسة مدعاة الشجاعة والبطولة والتباهي

:ما نصه) م.ق٨٢٤-٨٥٨(شلمنصر الثالث نهـر أعـالي إلـى " ٠٠٠؟٠٠٠" اذهبوا ٠٠٠"

الفرات البعيد وعلى ضفافه ضـعوا مـصائدكم العظـيم آشـور اإللهعاكم روشباككم القوية ولي

ــود" ٠٠٠؟٠٠٠" ــة األس " ٠٠٠؟٠٠٠" المفترسفي قـصري الملكـي " ٠٠٠؟٠٠٠ "إلياجلبوها ٢٣("٠٠٠( ضفاف الفرات وارتبطوا به مباشرة ولكـن من الرجال عملوا على آخروهناك صنف

يعينهم ملوكهم كمراقبين كانوا لذين ا اإلداريونبعيداً عن الصيد وجمع النباتات وهم الموظفون ستحصال الضرائب التجارية والكمارك على السلع التجارية التي تنقلها الـسفن العلى الموانئ

) م.ق١٦٠٠-٢٠٠٠لبـابلي القـديم من العصر ا (إداري ونقرأ في نص لموظف . تأتي بها أوعن طبيعة عملـه ووجـوده علـى ) م.ق١٧١٢-١٧٤٩" ( سمسو ايلونا ، الملك البابلي هعين

: ما نصه،ضفاف الفرات ملـك ، لقد وضعني هنا الملـك العظـيم ٠٠٠"

سـيدي " ٠٠٠؟٠٠٠" ملك العالم ،األربعالجهات

شعالن كامل إسماعيل

٩

لقد وضعني علـى " ايلونا –الملك القوي سمسو ــرات ال ــفة الف ــيمض ــا" ٠٠٠؟٠٠٠" عظ أن نهر الفرات إلى ننظر أمرتيوالمستخدمين تحت

اليمـين إلىننظر " ٠٠٠؟٠٠٠"في الليل والنهار نراقـب كـل الـسفن " ٠٠٠؟٠٠٠"والى اليسار

من اجـل إخالصالقادمة والذاهبة ونفتشها بكل بـه أمرنـي ونأخـذ مـنهم مـا ،ملكي العظيم

حـق المـرور الملك العظيم مـن " ٠٠٠؟٠٠٠"والوقوف ونستقبل كل السلع التي تحملها وننظر

كـل أدعـو " ٠٠٠؟٠٠٠ "وأوزانها أحجامهافي يحمينا ويرعانـا أن" أيا "اإلله وأدعوآلهة السماء

.)٢٤(" ٠٠٠"مثلما يرعى نهر الفرات نهر الفرات التي نراها اليوم هي نفس تلك الضفاف التـي ضفاف أنوكما هو معروف

ي ثناياها الكثير بقايـا والتي تحمل ف ، المهن المذكورة في بالد الرافدين اولمن ز عمل عليها المزيـد مـن إلـى بحاجة أنها ومن المؤكد ،الحضارة العراقية القديمة ) أسرار أو(وطالسم

.األصيلةالبحوث والدراسات لكشف جوانب ال زالت خافية من تلك الحضارة

:الخاتمـة الحـضارات التـي أولـى بل هي األصيلةين من الحضارات الرافد بالدتعد حضارة

أسس ومقومات وكـان نهـر أصيلة لكل حضارة أن ومن المعروف .عرفتها البشرية قاطبة . التي استندت عليها الحضارة العراقية القديمةاألسسالفرات واحداً من

البحوث والدراسات حول نهـر الفـرات ودوره فـي البنـاء إجراء ضرورياً وأصبح فكان هذا البحث لتبيان تأثير نهر الفرات وضفافه المتجددة في سكان .الحضاري للعراق القديم

وإنـشاء وحضارة العراق القديم بعيداً عن التأثيرات االقتصادية في مجال الـري والزراعـة كونه عصباً للطرق والمواصالت التي بحثت في دراسات وبحوث أوالسدود ومخاطر فيضانه

.دة متعدأخرى حيث جاءت صفحات هذا البحث ومن خالل ما جمع مـن نـصوص عراقيـة قديمـة

الجوانـب االجتماعيـة للعـراقيين إحدىتأثير نهر الفرات وضفافه على ) مقروءةمسمارية ( حتى العاطفيـة أو اإلنسانية وقد يستشف القارئ لهذا البحث بعض الجوانب واللمسات .القدماء

ارتباطهم بهذا النهر من خالل فضالً عن ، عاشوا على ضفاف الفرات أوفي نفوس من عملوا

.العاملون على ضفاف الفرات في بالد الرافدين

١٠

كلها من خالل تواجدهم عدمها وبالتالي كيف تأثرت حياتهم وحياة عوائلهم أو بإرادتهمعملهم .على ضفاف الفرات

لذين عملوا وعاشوا على ضفاف الفرات ممـن ا األفراد أوإن كال النوعيين من الرجال ومعتقـداتهم أفكارهم بكل ،كانوا شريحة من المجتمع العراقي القديم ) النهر( شكروه أولعنوه عاشوا وماتوا على ضفاف الفرات والدراسة عن طبيعة حياتهم تعطينا انطباعاً حقيقياً وآمالهم

وفهماً واضحاً بل وتفتح نافذة على احد جوانب المجتمع العراقي القديم الذي ال زلنا نجهل عنه .الكثير

البحث التاريخي في مجال الجوانب االجتماعية والوقوف علـى بعـض أنواضح من ال خطورةً من الكتابة فـي الجانـب و صعوبةً أكثرعد ي والعاطفية اإلنسانيةمحاوره في النواحي

وعاطفته اإلنسان ثابتة ألحاسيس أفعال ضوابط وردود ضع العسكري الستحالة و أوالسياسي أو الحزن والبؤس والشقاء أن ، السنين أالف عاشوا وماتوا قبل دأفراكيف الحال بالحديث عن ف

نسبية ليست ثابتة اجتمعت كلها على ضفاف الفـرات مـن أحاسيس والطموح والسعادة األمل الحـضارات التـي أولى الفكري وإعطاء إبداعهم اللذين نجحوا في ،خالل العراقيون القدماء .عرفتها البشرية قاطبة

:الهوامش

تنقل بين معظم بلدان الشرق القديم فـي القـرن ،إغريقيرحالة ومؤرخ : دوتسهيرو ) ١( .٣٠ ص ،)١٩٥٥( بغداد ، التاريخ وفلسفته، جعفر.نوري: انظر،م.الخامس ق

إبـراهيم جبـرا . ترجمة ،)ت.د( لندن ، ما قبل الفلسفة ،وآخرون د ثوركيل .جاكوبسون ) ٢( .١٣٦ ص ،)١٩٦٠( بيروت ،جبرا

(3) Wolley. L, The Sumerians, London (1929), 3rd. ed, pp. 9-11. (4) James. G. Mcqueen, Balylon, London (1964), pp. 90-91. (5) Fenie. Andrae, The youfraetis as a Roud, Paries (1970), translated.

By Lwey. M, London (1972). Pp. 171-173. (6) Ibid, p. 173.

بــ ذه التلول فـي العـصر الـسومري عرفت ه " تلول الهبا " وقد تلفظ لكش ،لجش ) ٧(قضاء الشطرة في محافظـة ذي قـار / وتقع هذه التلول في ناحية الداوية " اوروكو"

. كلم عن مدينة الشطرة١٥ وتبعد(8) Fenie. Andrae, op. cit, p. 176.

. بحريات جنوب عفك في محافظة القادسيةأيشان تل ،مملكة آيسن ) ٩((10) James. G. Macqueen, op. cit, p.97. (11) Fenie. Andrae, op. cit, p. 180.

شعالن كامل إسماعيل

١١

(12) Gelb. I, Astudy of writing, Chicago (1963), p. 115. )١٣ ( كلم جنـوب شـرق بابـل ٤٥ تقع نحو ،"انليل "اإلله وهي مقر ،مدينة سومرية : نَفر

.بالقرب من مدينة عفك

، طـه بـاقر . ترجمـة ،)١٩٥٦( شيكاغو ، سومر ألواح من ، صموئيل نوح .كريمر ) ١٤( .٣٩٣ ص ،)١٩٥٧(القاهرة

(15) Keller, Werner, The Bible as History, New Yourk (1956), p.75. ماجـستير غيـر أطروحة ،"الطين في حضارة وادي الرافدين "، وسناء حسون .يونس ) ١٦(

.٤٠ ص ،)٢٠٠٤( موصل ،منشورة

)١٧ ( الرمـل مع هبعد مزج في العراق القديم من الطين اآلجر غير المشوي وصنع : اللبن تراوحـت مـن وأحجامـه % ٢ كمية مـن التـبن بنـسبة إضافةمع % ١٥بنسبة الطوف فيـصنع كـذلك مـن الطـين أما . سم ١٣×١٣×٤١ سم حتى ١٣×١٣×١٣

وجودته اقل من اللـبن األحجامالممزوج بالرمل والتبن ولم تكن كتل الطوف متساوية ،ن وسـناء حـسو .يونس: انظر . صناعته لم تكن بدقة وكفاءة صناعة اللبن أنحيث

.٤١-٣٨ ص ،المصدر السابق(18) LIYOD. S, "Building in Brick and stone, History of Technology,

vol. 1, Oxford (1955), p.471. رسالة ماجـستير غيـر ،"الطب في العراق القديم "، يونس عبد الرحمن ،عبد الرحمن ) ١٩(

.٤٢-٤١ ص ،)١٩٨٩(، الموصل، منشورة(20) Oppenheim. A. L, Mesopotamian Medicine in Bulletin of the

History of Medicine, No. 2, Chicago (1962), p. 99. (21) Ibid, p. 100.

.١٦٠ ص ، المصدر السابق، يونس عبد الرحمن،عبد الرحمن ) ٢٢((23) Postgte. J. N, The Tablets from Fort Shalmaneser III, London

(1984), p.76. (24) Oppernheim. L, International law, London (1957), p. 112.