33
الجذيذةب المهذية نقذية لخطا قراءة آخر تجلياته فيدق المهذيلصا ا أبكر آدـ إسماعيؿلقاىرة ػ يناير ا2001 ـ المسألة حجم: " لحق، كي تشهد لينتكزاتك وطمأنمتياتخلى عن ااه أن ت معن أن تكون مثقفا. اهثقف ىو عنها من يدافعلقيم يعود ل خرون وستقيل ا، حى يو امي الضم"... ي صعب بيار أب جوهر المسألة: السبعة؟واببن طيبة ذات ا من بء اهلوكا الكتب نقرأ أ ظهورىم؟حجار علىلوا ا فهل مرات عدة،دمت ، ال وبابل كل مرة؟ لذي أعاد بناءىا من اعة الشمس؛ بأشن الطمي اهذىب بيوت م أي ولبناء؟؟ل ايش عما كان يعت برتولد بر مقدمة: لصادؽب الذي ىو خطا الجديدة، اديةب المي نقدية لخطا اءةديـ قرة إلى تق تيدؼ ىذه الورقسمسيلحياة بنشره ممت جريدة ا ، وقا اب العودة، الذي صدر مؤخر آخر تجمياتو، كتا، وفيدي الميدي لدرجة قادت بعضدؽ الميلصات افؽ مع تحركا متواوقيت، وفي تف عشر حمقات في أكثر م وبيف الجريدة اطؤ تـ بينو حوؿ تولناس إلى إطيؽ إشاعات ا. يذا جزء مف أمر، فما يكف مف ومي انحياز يعتبره البعض ا، الذيمؿ مع الشأف السودانيلتعاة في اـ العربيزة اهعي ائؽ عمؿ أجي طرموعربيةت اهسيلتوجياب المركزية ذات ا تقميديا لخطا. الجديددويب الميلخطاصر ا أينا تمخيص لعناب العودة، ىو في ر عمى أية حاؿ، فكتا. ب المقوىتقوىت سابقة، إذ أننا وجدنا أف أغم ؿ النصي لم ؿ الترحقع شكؿ مف أشكا وىو في الوا

قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

Embed Size (px)

DESCRIPTION

سياسة سودانية

Citation preview

Page 1: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

قراءة نقذية لخطاب المهذية الجذيذة الصادق المهذي في آخر تجلياته

أبكر آدـ إسماعيؿ

ـ 2001القاىرة ػ يناير

: حجم المسألةادلثقف ىو . أن تكون مثقفاً معناه أن تتخلى عن امتيازاتك وطمأنينتك، كي تشهد للحق"

..." الضمًن احلي، حٌن يستقيل اآلخرون وال يعود للقيم من يدافع عنهابيار أبي صعب

: جوهر المسألة

من بىن طيبة ذات األبواب السبعة؟ يف الكتب نقرأ أمساء ادللوك

فهل محلوا األحجار على ظهورىم؟ وبابل، اليت هتدمت مرات عدة،

من الذي أعاد بناءىا يف كل مرة؟ ويف أي بيوت من الطمي ادلذىب بأشعة الشمس؛

كان يعيش عمال البناء؟؟ برتولد برخيت

: مقدمة

تيدؼ ىذه الورقة إلى تقديـ قراءة نقدية لخطاب الميدية الجديدة، الذي ىو خطاب الصادؽ الميدي، وفي آخر تجمياتو، كتاب العودة، الذي صدر مؤخرًا، وقامت جريدة الحياة بنشره مسمسبل في أكثر مف عشر حمقات، وفي توقيت متوافؽ مع تحركات الصادؽ الميدي لدرجة قادت بعض

وميما يكف مف أمر، فيذا جزء مف . الناس إلى إطبلؽ إشاعات حوؿ تواطؤ تـ بينو وبيف الجريدةطرائؽ عمؿ أجيزة اإلعبلـ العربية في التعامؿ مع الشأف السوداني، الذي يعتبره البعض انحيازا

. تقميديا لخطاب المركزية ذات التوجيات اإلسبلموعربية. عمى أية حاؿ، فكتاب العودة، ىو في رأينا تمخيص لعناصر الخطاب الميدوي الجديد

ؿ النصي لمقوالت سابقة، إذ أننا وجدنا أف أغمب المقوالت وىو في الواقع شكؿ مف أشكاؿ الترحُّ

Page 2: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

" تحديات التسعينات"الرئيسية ىي إعادة إنتاج ألفكار الصادؽ الميدي السابقة، وكتابو . بالخصوص

وألف الكتاب لـ يقـ عمى منيج واضح في تسمسؿ موضوعاتو، وىو أقرب إلى الجالوص منو إلى العمارة، وتكثر فيو التكرارات، وخاصة المقوالت المنفستوىاتية، لذلؾ، فإننا سنحاوؿ

والعناصر األساسية، ومف ثـ تفكيؾ (النمطية)اإلمساؾ باألفكار الجوىرية والمقوالت المفصمية رجاعو إلى حقمو الفكري األيديولوجي، وأساسو الموضوعي ػ اإلجتماعي التاريخي؛ أي كؿ منيا وا

. أف نقدنا يقوـ عمى منيج وصفي تحميميمف مبلحظاتنا، أف الصادؽ الميدي قد زيف خطابو بمقوالت تصور األشياء بشكؿ ال

يتسؽ مع واقعيا في كثير مف األحياف، وعمى أساس ىذه الصور، استمؼ المنفستوىات الطافحة وألبس كؿ عامر قميصو " قمصاف عامر"فوؽ األزمة السودانية وألحقيا بآليات، فصميا مثؿ

وعامر ىنا موديؿ صوري قابؿ لمتغيير باستمرار حسب ما رغبة الصادؽ الميدي وما يقتضيو )إذا كاف ": األطروحة( "عقبلنية)وحتى أف الميتميف والمراقبيف بدأوا يتساءلوف مف فرط . (التكتيؾ

األمر كذلؾ، فما ىي المشكمة إذف؟ المنطؽ الشكمي في (اصطناع)طبعا الصادؽ الميدي شخص ذكي، ولديو القدرة عمى

ولما لؤلمر مف أىمية قصوى تتعمؽ بمصير ومستقبؿ شعب . (السياسة السودانية)حمبة البلمنطؽ ، إنطبلقا مف (المنطؽ)في لحظات فارقة، فإننا ػ كما كنا دائما ػ نسعى إلى تفحض دقيؽ ليذا

. لمواقع (العقبلنية)وتمؾ (المنطؽ)شكنا المنيجي في المقوالت السياسية عامة، ولمفارقة ىذا رجاع وبالتالي ليس أمامنا إال إعادة النظر في الخطاب باالحتكاـ إلى السيرورات التاريخية، وا المقوالت إلى منطمقاتيا ودوافعيا؛ المصالح والرغبات التي تحركيا، أىدافيا وغاياتيا، ومواقع

ىذا ألننا نسممـ بأف أي خطاب ىو في الواقع تعبير عف أيديولوجيا وأي . قائمييا في حمبة الصراعفي حمبة الصراع (مادية أومعنوية أو اإلثنيف معا)أيديولوجيا ىي بالمقاـ األوؿ تبرير مصالح

. (بنيات اجتماعية محددة/بنية)التي ىي مبلحظة أخرى، أف الخطاب المعني ىنا، قد ُشّيد ليشمؿ مجاالت تأثير متعددة ومتباينة، ألنو في األساس خطاب سياسي يعتمد عمى االعتقادات أكثر مف اعتماده عمى البراىيف، ويعتمد أيضا عمى أساليب المعب عمى المجاىيؿ والغوامض؛ فستقـو استراتيجيتنا في ىذه الورقة عمى تقديـ مقارابات نظرية وتعريفات وتحديد لبعض المصطمحات الضرورية، وأيضا عمى مقاربات

. تاريخية نتسمح بيا وعمى أساسيا نتفحص مقوالت الخطاب المعني بالنقد

: مقاربات نظرية وتعريفات: الخطاب

Page 3: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

الدواؿ، التي تصدر عف منتج /المفاىيـ، اإلشارات/المقوالت/ىو سمسمة مف العباراتتستثمر رأس ماؿ رمزي لمتعبير عف أيديولوجيا محددة في حمبة الصراع / لمخطاب وتستند عمى

ومف ىذا التعريؼ، تصبح . االجتماعي، ليصؿ إلى مجاؿ تأثير محدد في البناء اإلجتماعيالمنتج، رأس الماؿ الرمزي، األيديولوجيا ومجاؿ التأثير في : العناصر األساسية لمخطاب ىي

. البناء االجتماعي

: رأس المال الرمزي

ىو مفيوـ مرتبط بنظاـ االستعدادات والتصورات عند أفراد المجتمع يؤسس لمقبوؿ بأي فاإلنتماء الديني ػ في مجالو ػ مصدر لرأس الماؿ الرمزي واإلنتماء . (سمطة)مقولة أو ممارسة لػ

لمحضارة السائدة مصدر لو في مجاؿ تنافس الحضارات، وكذلؾ أوضاع مثؿ الغنى، الشرؼ، يعود كؿ شيء إلى "وعمى مستوى الدولة، وبحسب بيير بورديو . موقع القوة/المركز االجتماعي

تمركز رأس ماؿ رمزي مف السمطة المعترؼ بيا والذي يظير، عمى الرغـ مف كؿ النظريات عف الدولة كشرط، أو عمى األقؿ، كشيء مرافؽ لكؿ األشكاؿ األخرى حتى لو كانت ىذه األخيرة،

ألي نوع مف رأس الماؿ )فرأس الماؿ الرمزي يعني أية خاصية . عمى األقؿ لفترة مف الزمفعندما تدرؾ مف قبؿ الفاعميف االجتماعييف (الفيزيائي أو االقتصادي أو الثقافي أو االجتماعي

، وبالتحديد، إنو الشكؿ (..مثبل الشرؼ في المجتمعات المتوسطية)ويعترؼ بيا وتعطى قيمة الذي يأخذه أي نوع مف رأس الماؿ عندما يدرؾ مف خبللفئات اإلدرات التي ىي نتيجة لتقسيمات

صغير، /ضعيؼ، كبير/قوي)أو تعارضات مسجمة في بنية توزيع ىذا النوع مف رأس الماؿ يستنتج بأف الدولة، التي تستحوذ عمى وسائؿ لفرض وتمقيف . (إلخ.. جاىؿ/فقير، مثقؼ/غني

مبادئ ثابتة عف الرؤية والتقسيـ المتوافقة مع بناىا الخاصة ىي المكاف المفضؿ لتمركز وممارسة . 1"السمطة الرمزية

: األيديولوجيا

مجموعة مف األفكار األساسية التي تنبثؽ مف العقائد : "نعماف الخطيب. ىي كما يعرفيا دوترسـ بذلؾ . والقيـ المتصؿ بتراث حضاري معيف، لتصور بصفة شاممة ما ىو كائف وما سيكوف

1اكتشاف بورديو للبعد الرمزي، : نظام االستعدادات والتصورات، الدولة (6)بيار بورديو : علي سامل. نقال عن د

يعين رأس ادلال الرمزي القبول أو االعرتاف : علي سامل مفهوم رأس ادلال الرمزي بقولو. ويشرح د. رللة أفكار معاصرةوأن رأس ادلال الرمزي مرتبط بأمهية ادلوقع احملتل أو بالقيمة ادلعطاة من قبل الناس، أو .. بسلطة من ميلك مزايا أكثر

وشلا ال شك فيو أن ىذه القيمة تتعلق بإنظمة االستعدادات والتصورات لألشخاص ادلتوافقة مع . بالتسمية ادلعطاة لشيء. البىن ادلوضوعية القائمة

Page 4: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

ال تتكوف األيديولوجيا "... أما عند بوالنتزاس فػ2"حركة الجماعة السياسية وتحدد مبلمح أىدافيامف منظومة مف األفكار والتصورات فحسب، بؿ تنصب عمى سمسمة مف الممارسات المادية

واألعراؼ والعادات وأسموب الحياة، وتختمط كاألسمنت مع بنية مجموع المماراسات االجتماعية . بما فييا روابط الممكمية االقتصادية والتممؾ، وفي تقسيـ العمؿ االجتماعي داخؿ عبلقات اإلنتاج

نما تستعيف . كما ال تستطيع الدولة إعادة إنتاج وتوطيد السيطرة بالقمع والعنؼ العاري لوحدىما وا أف التحميؿ النفسي يستطيع أف : " ويؤكد إريؾ فروـ3.."باإليديولوجيا إلضفاء الشرعية عمى العنؼ

يبرىف أف األيديولوجيات ىي نتاج بعض الرغبات، الميوؿ والغرائز، والمصالح والحاجات، وىي أي أف األيديولوجيا ىي في 4"بشكؿ أيديولوجي (عقبلنيا)بمعظميا ال واعية، ولكنيا تتمظير

. بحسب ديكومب5"الخطاب النسبي والخاص الذي يريد إييامنا بكونو مطمقا وشامبل"النياية إذف، بيذا المعنى، ال أحد ببل أيديولوجيا، ميما ادعى تبرؤه منيا، بؿ التبرؤ نفسو يصبح

. (!)شكؿ مف أشكاؿ ممارسة األيديولوجيا

: البناء االجتماعيشكؿ الوجود : ىذا موضوع مترامي األطراؼ، ولكف بقصد االختصار، نعرفو بأنو

ونظامو؛ أي العبلقات التي (Social Stratification)االجتماعي ػ أي التراتبية االجتماعية .تحكمو والمحتوى الثقافي داخؿ األطار التاريخي، أي الطابع العاـ لمشكؿ والنظاـ اإلجتماعييف

ذا نظرنا إلى البناءات االجتماعية القائمة في عالمنا الراىف، يمكف أف نقسميا إلى قسميف وا . رئيسييف في حدود ما يخدـ غرض البحث ىنا

أي أف . ىو مجتمع طبقي بالمعنى المادي لمطبقة: ػ بنية المجتمع البرجوازي الرأسمالي1أساس الفوارؽ ىو عبلقات . شكؿ الوجود االجتماعي يقوـ عمى تراتبية اجتماعية رأسية متمايزة

البرجوازية، /الطبقة االرستقراطية، الطبقى الوسطى: ويتجمى ذلؾ في ثبلث طبقات رئيسية. اإلنتاجبنية تحتية أو : وينقسـ النظاـ االجتماعي البرجوازي انقساما واضحًا إلى بنيتيف. والطبقة العاممة

2 شارع 2صرة، ار الثقافة للنشر والتوزيع، األحزاب السياسية ودورها في أنظمة الحكم المعا نعمان اخلطيب؛

. 167م، ص 1983سيف الدين ادلهراين، . 25م، ص 1987، ترمجة ميشيل كيلو، دار التنوير للطباعة والنشر، بًنوت، نظرية الدولة نيكوالس بوالنتزاس؛ 3، ترمجة طالل عرتيسي، الطبعة األوىل، ادلؤسسة العامة للدراسات والنشر أزمة التحليل النفسي إريك فروم؛ 4

. 50م، ص1988والتوزيع، بًنوت، . (نعتذر عن ضياع بقية تفاصيل عنوان ادلرجع) ديكومب؛ الذات واآلخر، 5

Page 5: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

. 6القاعدة االقتصادية، وبنية فوقية قواميا أجيزة الدولة ومؤسساتيا واأليديولوجيات المرتبطة بيا: وأبرز سمات ىذه البنية االجتماعية ىي. ػ ىيمنة عبلقات اإلنتاج الرأسمالية

. ػ الوعي الطبقي ىو المحرؾ لمصراع : ماقبؿ الرأسمالية/ػ بنية المجتمعات ماقبؿ البرجوازية2

: ويمكف تقسيميا إلى شكميف: التقميدية (ماقبؿ الرأسمالية)المجتمعات / أ

ووجودىا االجتماعي يخفي (قبائؿ، قوميات، طوائؼ، عصبيات)وىي المجتمعات القرابية طبقيتو الرأسية في أشكاؿ أفقية مف مراكز وىوامش ال تكوف الييمنة في أساس الفوارؽ فييا

نما تتداخؿ األبعاد األخرى؛ العرقية، الدينية، المذىبية وال يعرؼ . "إلخ.. لعبلقات اإلنتاج، وا النظاـ اإلجتماعي ىنا التمايز الواضح بيف البنيتيف التحتية والفوقية، بؿ الغالب فييا ىو تداخؿ عناصرىما بصورة تجعؿ نظاـ المجتمع برمتو عبارة عف بنية كمية واحدة مما يخفي الصراع

: وأبرز سمات ىذه البنية ىي. الطبقي، وبالتالي ضعؼ الوعي الطبقيالدينية، )والعبلقات اإليديولوجية (القرابة، العصبية، القبيمة)ػ ىيمنة العبلقات الطبيعية

. (..الطائفية، والمذىبيةأو /العصبية القبمية، التعصب الطائفي، التضامف الحرفي) 7(الوعي الفئوي)ػ سيادة . (اإلقميمي أحياناً

: التراتبية المزدوجة: المجتمعات ماقبؿ الرأسمالية المشوىة/ ب

ىي الطابع العاـ لمجتمعات الدوؿ التي صنعيا االستعمار، المكونة مف مجتمع أو مجتمعات قرابية متعددة ُألبست شكؿ الدولة الحديثة، فصارت ال ىي تدار بالشكؿ الذي يتناسب

مكانيات تطورىا الداخمية، وال ىي استطاعت تغيير بنيتيا لتتناسب مع شكؿ الدولة وبنيتيا وا ، وىو ما (الكمية)الحديثة، فأصبحت حقبل مف التناقضات الرأسية الطبقية، واألفقية اإلثنية الثقافية

أي أف التراتبية االجتماعية ذات طابع مزدوج، فصعود الفرد . نسميو تناقضات المركز واليوامش

6، الطبعة األوىل، ادلركز الثقايف العقل السياسي العربي محدداته وتجلياته: 3نقد العقل العربي زلمد عابد اجلابري،

. 17، ص 1990العريب، ادلغرب، . 28، ص المرجع السابق 7

Page 6: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

يحدده البعد الرأسي المتعمؽ بعبلقات اإلنتاج وفي نفس الوقت يحكمو وضعو اإلثني الثقافي . الدولة/في الوضعية (القرابي)

: الدولة

الدولة ىي ىيئة بشرية تطالب بنجاح باحتكار االستخداـ الشرعي "بحسب ماكس فيبر تطالب ( لمتحديد )(X) شيء مجيوؿ ]وىي بحسب بورديو[... لمعنؼ الفيزيائي في أرض محددة

بنجاح باحتكار االستخداـ الشرعي لمعنؼ الفيزيائي والرمزي عمى أرض محددة وعمى مجمؿ تحاوؿ "]ومف تطبيقاتيا ليذا المعنى في الحقؿ الثقافي أنيا[. 8المجموعة السكانية المرتبطة بيا

توحيد السوؽ الثقافية والمغوية، وجعؿ الثقافة المييمنة ثقافة وطنية مشتركة وشرعية وشالممة وفرض مبادئ الرؤية والتحميؿ أو ... ورفض المغات والثقافات األخرى كمغات وثقافات محمية

عف طريؽ المدرسة والتربية ومادة التاريخ تحديدا )التصنيؼ التي تتوافؽ مع مصالحيا الخاصة 9"عف الذات (الوطنية)والمفترضات المسبقة األساسية لمصورة (الديف المدني)وتنشر أسس

. 10وىناؾ تعريفات أخرى كثيرة

: اقتصاد الريع والخراجالدخؿ النقدي أو العيني الذي يحصؿ عميو الشخص مف "الريع ػ بحسب الجابري ػ ىو

. وبصفة منتظمة ويعيش منو دوف الحاجة إلى القياـ بعمؿ إنتاجي (األمير)أو مف (ممتمكاتو)ال يبذؿ فيو صاحبو جيدا إنتاجيا وال ىو نتيجة (ىبات الطبيعة، أعطيات األمير)فكؿ دخؿ خاـ نقصد بو ]أما الخراج فػ[... سواء كاف مصدره مف داخؿ البمد أو مف خارجو" ريع"استثمار ىو

8وخيلص بورديو يف حتليلو إىل أن الدولة تعترب نتيجة لعملية التوافق بٌن . 126، صالمرجع السابقعلي سامل؛ . د

أو أهنا نتيجة للواقع أو الشروط . البىن ادلوضوعية والبىن الفكرية أو نتيجة العالقات ادلباشرة العفوية الالواعية بينهمااالقتصادية واالجتماعية وبعبارات أخرى، ليست مفهوما مقدسا، أو جوىرا قائما بذاتو، وإمنا مفهوم لو بعد اجتماعي، وهبذا ففهم الدولة يكون من خالل القطيعة مع نظرية اجلواىر أو احلقائق ادلطلقة ومن خالل العودة، بالتايل، إىل ادلنطق

. التارخيي والسًنورات التارخيية. 129، صنفسه 9

أما دوركهامي فيعرفها بأهنا ". أداة أو آلة خلدمة الربجوازية، أو كجسم طفيلي سليف" يعرف ماركس الدولة بأهنا 10أو كأجسام اجتماعية ذلا صفة ... جهاز من اجملتمع يؤدي إىل إقامة عالقات من التضامن بٌن أعضائو ويراقب تربيتهم"

تتضمن التوازن االجتماعي مبجملو، أو (أو أنظمة)التحدث والتصرف باسم اجملتمع أو كبنية شليزة عن بىن أخرى كشكل للسلطة زلدد بالصراعات الطبقية االقتصادية والسياسية واأليديولوجية، وبعالقات اإلنتاج، أو كشكل يلعب

. 132، صنفسه (بوالنتزاس). دورا أساسيا يف تكوين عالقات اإلنتاج

Page 7: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

ما تأخذه [ليس فقط ما تعنيو ىذه الكممة في استعماؿ الفقياء المسمميف بؿ نقصد بو جميع ىنا ما يفرضو الغالب عمى المغموب مف ذعائر وأتاوات " الخراج... "كجباية ... ]الدولة

وضرائب، دائمة أو مؤقتة، سواء كاف الغالب أميرا أـ قبيمة أـ دولة، وسواء كاف يتولى أخذ ذلؾ بنفسو أـ كاف يحصؿ عميو بواسطة ممتزميف ووسطاء مف أي نوع كانوا، سواء كاف المغموب

كما " الخراج"والفرؽ بيف مفيـو . أتباعا ورعايا لمغالب أـ كانو أجانب، قبائؿ أو شعوبًا أو دوؿبالمعنى الحديث ىو أف ىذه تؤخذ باسـ المصمحة العامة " الضريبة"نستعممو ىنا وبيف مفيـو

وبيذا المعنى ال 11.."وبنوع مف الرضا وتتحدد بقانوف ويدفعيا الجميع حاكميف ومحكوميف. ، أو ينفي عنو أنو الخراج بعينو(ضرائب)يستطيع أف يدعي أحد أف ما يمارس في السوداف ىو

: خمفيات تاريخية

: الدولة اإلعتباطية: السوداف، ىو امتداد لبلمبراطورية التي أسسيا محمد عمي باشا االستعمار )السوداف القائـ اليـو

مف حمفا "ـ، وقد امتدت االمبراطورية 1820بعد غزوه لممنطقة ابتداءًا مف عاـ (التركي ػ المصري... شرقاً (إريتريا)غربًا إلى ىرر (تشاد)شماال حتى جنجا في البحيرات جنوبًا، ومف وداي

وشممت االمبراطورية دواًل وقبائؿ ومناطؽ مختمفة كانت تمر بمراحؿ متباينة مف التطور االجتماعي، ولكنيا ُضمت كميا في كينونة سياسية واحدة شكمت أساس الدولة السودانية الحديثة

فيي كينونة سياسية . مع بعض الحذؼ الذي اقتضاه التطور السياسي وتوازف القوى في المنطقةفرضتيا احتياجات مصر في القرف التاسع عشر، وتوازف القوى الدولي، واألىداؼ البعيدة

ثـ ُفرض عمى تمؾ المجتمعات . لئلمبريالية، ولـ تكف نتيجة لمتطورات المحمية لتمؾ المجتمعاتوجاءت السياسة اإلدارية واالقتصادية لمحكـ التركي ػ المصري . إيجاد صيغة مشتركة لمتعامؿونشدد ىنا عمى المعنى )كانت تمؾ المجتمعات المتباينة . 12"لتعقد كثيرا مف مسار تطورىا

مجتمعات ما قبؿ رأسمالية قرابية، أغمبيا ينتمي إلى نمط العشيرة األبوية، وبينما وصؿ (النسبيمروي القديمة، )السمطنة /بعضيا في تطوره التاريخي مف الناحية السياسية إلى مرحمة المممكة

الفونج، الفور، )، ثـ بعد، الممالؾ ذات الطابع اإلسبلمي (عموة، المقرة)الممالؾ المسيحية أما فيما (. ؟)، فقد ظؿ بعضيا في طوره القبمي، وأخرى في طور العشيرة المتجولة (المسبعات

يختص بعبلقات اإلنتاج، فقد كاف لكؿ مجموعة نمط يتناسب مع مستوى تطورىا التاريخي وبيئتيا فنجد الممكية "الطبيعية، وتكاد تكوف جميعيا في مرحمة االقتصاد اإلكتفائي بدرجات متفاوتة

11

. 48، ص، المرجع السابق اجلابري . 53م، ص1993، مطابع شركة األمل، م1955ـ1820تاريخ السودان الحديث زلمد سعيد القدال؛ 12

Page 8: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

المشاعية القبمية لممراعي في حزاـ السافنا، وممكية األرض عمى ضفاؼ النيؿ في أواسط كما نجد عمؿ الرقيؽ . السوداف، وقد امتزج في بعض تمؾ األنظمة أنماط إقطاعية وشبو إقطاعية

ىذا األساس، ىو الذي . 13"الذي يمثؿ الشكؿ الشرقي لمعبودية، الذي ىو جزء مف العشيرة األبويةيوجد "وفي الوقت الذي ما يزاؿ فيو التبايف قائمًا حيث : حكـ التطور التاريخي لمدولة السودانية

قبيمة ويستخدـ قوس 570في المميوف ميؿ مربع التي تشكؿ مساحة جميورية السوداف الحالية فئة إثنية عمى 57 أو 56وقد أعاد الباحثوف تصنيؼ ىذه القبائؿ في ... لة595قزح القبمي ىذا

فقد آلت مركزية السمطة 14.."أساس الخصائص المغوية والثقافية والخصائص اإلثنوغرافية األخرىإلى الكياف اإلثني الثقافي اإلسبلموعربي الذي ىو شكؿ نوذجي لنمط العشيرة األبوية االستبدادية

والخراجي " االقتصاد الجزئي"الريع العشائري عمى مستوى )التي تعي وتمارس اإلقتصاد الطفيمي ، وتقسيـ العمؿ (راجع تعريؼ الريع والخراج )("اقتصاد الدولة= االقتصاد الكمي "عمى مستوى

وقد نشأت . ، والثقافة التي تعيد إنتاج نفسيا عمى أساس المقدس(عبلقات اإلنتاج)العبودي ، حيث تـ تشّكؿ البنياف اإلجتماعي (الحديثة)وتطورت ىذه المركزية ضمف نشأة سيرورة الدولة

أي أف الترقي إلى قمة اليـر : ذو التراتبية المزدوجة (المجتمع السوداني)المشوه السياسي تحكمو قوانيف جدلية المركز واليامش، أي التعارضات الرأسية /االقتصادي/االجتماعي

داخؿ الدولة التي ىي في (الوضع اإلثني الثقافي) = (البنيوية)واألخرى األفقية (الوضع الطبقي)الييئة البشرية التي تطالب باستمرار باحتكار االستخداـ الشرعي لمعنؼ الفيزيائي "نفس الوقت

". والعنؼ الرمزيوقد كاف لمدولة التركية ػ المصرية دورا تأسيسيا وعميقا في تشكيؿ ىذه الوضعية ولكنيا

. عجمت في تكويف مضاداتيا بسبب أسموبيا النيبي المياؿ لمعنؼ مما أدى إلى قياـ الثورة الميدية

؟ (ميدية)لماذا كانت الثورة ـ الوعي األسطوري : اإلسبلـ في السوداف وتضخُّ

إف دخوؿ وانتشار اإلسبلـ في السوداف قد ارتبط بظروؼ تاريخية معينة، فالغالبية العظمى لمسوداف، عبر تمؾ القروف المتتطاولة، كانو في الواقع مف (العربية اإلسبلمية)مف الناقميف لمثقافة

األعراب، الذيف يمثموف القبائؿ والفئات اليامشية في الجزيرة العربية والمناطؽ األخرى مف باإلسبلـ، فكاف مف الطبيعي أف ينقموا (عمـ)وىـ بذلؾ لـ يكونوا ذوي . االمبراطورية اإلسبلمية

13

. 16، صالمرجع السابق ، ترمجة مبارك على عثمان ورلدي النعيم، السودان اإلنهيار أو النهضةتًنجي تفيدت؛ . شريف حرير ود. د 14

. 19م، ص 1997الطبعة األوىل، مركز الدراسات السودانية، القاىرة،

Page 9: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

وبمرور الزمف، تفاعؿ ىذا . معيـ الطابع األسطوري، ليضيفوه إلى مخزف األساطير المحميةفي األنماط الصوفية، التي ىي األخرى ذات طابع أسطوري في (المدرسية)المخزوف، ثـ دخمت

األساس، وتعقدت المسألة بكوف غالبية صوفية السوداف ىـ مف الطبقات الدنيا أو اليامشية بيف الصوفية في مراكز الحضارة اإلسبلمية، فكاف مف الطبيعي أف تكوف النتيجة تضخـ الوعي

لموقوؼ عمى جانب مف مدى ىذا " طبقات ود ضيؼ اهلل"األسطوري، ويمكف الرجوع إلى . التضخـ

: الثورة الميديةوالظروؼ الموضوعية لقياـ الثورة الميدية معروفة لحد . ألي ثورة ظروفيا الموضوعيةوال شؾ في أنيا ثورة مكتممة وال تضاىييا في . (جداؿ)كبير، أما محدداتيا فيي في محؿ

ولكف لماذا اتخاذىا الشكؿ الديني االسطوري المتمثؿ في فكرة . الجسارة إال القميؿ مف الثوراتالتي لـ تفمح في مراكز الحضرة اإلسبلمية مجاؿ إنتاجيا األصمي؟؟ (الميدي المنتظر)

سمير أميف ذلؾ إلى الوضعية اليامشية لممجتمع السوداني، عمى مستوى اإلطار . يعزي دويذىب أبو القاسـ . 15الحضاري العربي ػ اإلسبلمي وعمى مستوى التفاعبلت الحضارية الحديثة

قطرا مغمورا ليس ]السوداف[كاف " إلى رأي مشابو، والصادؽ الميدي ضمنا في قولو 16حاج حمدويمكف أف نضيؼ إلى ذلؾ أف المجتمعات ما . 17" الشيرة والتعريؼ]الميدية[لو شأف فحققت لو

وأف المحددات والمحركات في مثؿ (أيا كاف ىذا الديف)قبؿ الرأسمالية عموما، يعظـ دور الديف، (ميدية)أما أف تكوف . ىذا النمط مف البناءات االجتماعية مف الراجح أف تكوف ذات طابع ديني

ذا رجعنا إلى مفوـ رأس الماؿ الرمزي فيو قد . فيذا يفسره تضخـ الوعي األسطوري في واقعنا وا الطريؽ مميدا، وأضفى (الميدي المنتظر)لذلؾ وجدت فكرة (الصوفي صانع الخوارؽ)يتركز في

ولكف الميدية نفسيا، التي صارت أساسا أيديولوجيا . المصداقية بممارساتو (الميدي)إلييا عبد الرحمف الميدي عبر آلية (السيد)لمعتقدييا تحولت إلى رأس ماؿ رمزي أعاد إنتاجو

الوراثة، وقاـ باستثماره لتحقيؽ أىدافو الخاصة، التي ىي في األساس مصالح مادية ومعنوية ، ليضيفيا "مقدسة"، (عشيرة أبوية استبدادية)، وقاـ بإعادة بناء (مبادئ الميدية األـ)تتناقض مع

15

، عدد مجلة المستقبل العربيمسًن أمٌن، مقال، ، . د ، اجمللد األول، دار ابن جدلية التركيب: المأزق التاريخي وآفاق المستقبل: السودان أبو القاسم احلاج محد، 16

. م1996حزم للطباعة والنشر والتوزيع، بًنوت، م، 1993، دائرة اإلعالم اخلارجي، حزب األمة، إعالن الجهاد المدني: السودان إلى أين الصادق ادلهدي، 17. 7ص

Page 10: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

ثـ أورثيا بعد لحفيده الصادؽ الميدي عراب الميدية الجديدة التي نحف . إلى رصيد الببلد. بصددىا ىنا

: بنية الصراع في السوداف، (جدلية المركز واليامش)مع نشأة وسيرورة الدولة السودانية، وتشكؿ الوضعية التاريخية

ومف خبلؿ التناقضات االقتصادية والسياسية والجيمية واإلثنية الثقافية والتحوالت التي تمت مثؿ توسيع أشكاؿ الحياة المدينية وتوسع قاعدة التعميـ واإلنفتاح عمى العالـ، ومف ثـ تطور وعي

: اليوية ووعي المصمحة، تطورة بنية الصراع في السوداف وانقسمت إلى مستوييفوىو صراع داخمي في حقؿ الثقافة : مستوى الصراع حوؿ كراسي السمطة: مستوى فوقي/ أ

ىا مف أجؿ االستمرار في "ثوابتػ"اإلسبلموعربية السائدة وكياناتيا اإلجتماعية، وعمى أساس البيوتات الطائفية، الزعامات )السيطرة عمى جياز الدولة مف قبؿ العشائر االرستقراطية التاريخية

أو الشرائح األدنى " الطبقات"ومف أجؿ ارتقاء سمـ التراتبية مف قبؿ (الصوفية، الزعامات القبمية. في الكياف اإلسبلموعروبي والقوى الحديثة المتواطئة معيا أيديولوجيا

الصراع الكبير، )مستوى الصراع اإلثنى الثقافي بأبعاده اإلقميمية، أي صراع اليويات / ب، وبعبارة أخرى، صراع المركز واليامش، (صراع الكميات ضد كميات، أو بنيات تصطدـ ببنيات

ولكف الشعار العاـ، في جوىره، . الذي تطور إلى حرب أىمية قائمة عمى مستويات وعي متفاوتةوىو . ىو رفض الييمنة اإلسبلموعروبية والمطالبة بإعادة بناء الدولة السودانية عمى أسس مغايرة

جدلية التنوع داخؿ )أي اإلنتقاؿ مف جدلية المركز واليامش إلى (التحوؿ التاريخي)ما نسميو . (الوحدة

. تغطي عمى جوىر الصراع في السوداف (أ)وقد ظمت الصراعات حوؿ المستوى األوؿ . ولـ يتـ اإلنتباه إلى ذلؾ إال مؤخرا وخاصة بعد ظيور الحركة الشعبية لتحرير السوداف

: الميدية الجديدة؛ مشروع الصادؽ الميدي األيديولوجي

الميدية الجديدة ىي تأسيس عمى البناء الذي أقامو الجد عبد الرحمف الميدي، الذي يسميو : وىو بناء يتكوف مف. المهدية الثانية، وآخروف، الدعوة الثانية: الصادؽ كمؤسسة دينية مرتبة بشكؿ ىرمي يقـو عمى أساس قرابي باصطفاؼ كيان األنصار/ 1

ويتـ التواصؿ مع قمة اليـر . الناس في قبائؿ تحت الشيوخ، واصطفاؼ الشيوخ تحت الوكبلءوقد تـ ويتـ . عبر المناديب، وىـ مبعوثوف دوريوف إلى الوكبلء والقبائؿ (اإلماـ والعشيرة الميدية)

وخاصية الوراثة كرأس ماؿ رمزي ومحاور لمتماسؾ العاطفي الضروري لعمؿ (الراتب)استثمار والواقع أف كياف األنصار ىو كياف طائفي ػ . (اإلشارة)األيديولوجيا، ومف ثـ التحريؾ السياسي

ديني محافظ أشبو بالفيدرالية اإلثنية منو إلى أي شيء آخر ويعيد إنتاج نفسو مف خبلؿ إعادة

Page 11: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

إنتاج عبلقات القرابة والجيؿ كآليات تسمح لموعي األسطوري باإلستمرار في إعادة إنتاج نفسو، وعمى أية ". الوعي المزيؼ"ومف ثـ التغطية عمى التناقضات الموضوعية في الحياة االجتماعية بػ

. حاؿ، فقد أثبت ىذا الكياف عدـ قدرتو عمى التمدد في مجاالت مستنيرة نسبياً كمؤسسة سياسية ىو في الواقع كياف األنصار مطعما ببع :حزب األمة/ 2األفندية، ومعظميـ مف اإلنتيازييف الذيف يقايضوف الطائفة بمؤىبلتيـ لتقـو بتوصيميـ /المثقفيف

. االقتصادي/اإلجتماعي/إلى قمة اليـر السياسي كمؤسسة اقتصادية، ىي مؤسسة تمثؿ شكؿ مف أشكاؿ اإلقطاع :دائرة المهدي/ 3خميط مف القنانة )عمى نمط (األتباع)و (السيد)إذ تقـو عبلقات اإلنتاج بيف . السوداني( وسائؿ اإلنتاج)يقوموف بالعمؿ اإلنتاجي، وتكوف الممكية ( العبيد/األقناف/األتباع)، فػ(والعبودية

بالحد األدنى مف المعيشة ماديًا (يعمفيـ)لمسيد؛ مالؾ األرض وما عمييا مف موارد، عمى أف وىذا مف جانب آخر مثاؿ واضح لنمط األقتصاد الريعي . يعدىـ بالجنة: (روحياً ) (يرعاىـ)و

. العشائري ذي القاعدة العبودية الذي لـ يتغير في جوىره حتى اآلف

: أركيولوجيا الثروةعبد الرحمف (السيد)ػ تقريبا ػ إال سيفو الذي قدمو (يممؾ)مات اإلماـ الميدي، ولـ يكف

والمعروؼ ػ . 18الميدي لمممؾ جورج ممؾ بريطانيا عدو الميدي األوؿ عربونا لموالء واإلخبلصما أكؿ ابف آدـ : "أيضا ػ أف اإلماـ الميدي، كاف نجارا يأكؿ مف عمؿ يده عمبل بالحديث الشريؼ

". قط طعاما خيرا مف عمؿ يدهلـ يكف ما لدينا مف مأكؿ : "عبد الرحمف الميدي قائبلً (السيد)وحتى عيد الخميفة، يقر

، ولكف في أياـ الحكـ اإلنجميزي، تبدلؿ الحاؿ 19..."وممبس يفوؽ شيء مما لدى عامة األنصار ]فقد[... أوؿ المستفيديف مف سياسات الحكـ اإلنجميزي ىو السيد عبد الرحمف الميدي"إذ كاف

ومف خبلؿ . منحتو الحكومة مقاولة تجييز أخشاب لخزاف سنار الذي شيد لري مشروع الجزيرة مف ىذه العممية وضع األساس لنشاطو ]مف عمؿ األتباع[استثمار رأس الماؿ الذي كسبو

وباإلضافة إلى ىذه الجزيرة ... االقتصادي الواسع إنطبلقا مف زراعة القطة في جزيرة أباالتي استولى عمى جزء منيا مف األىالي وحوليا إلى ممكيتو [وأراضييا الواسعة في النيؿ األبيض

، كاف السيد عبد الرحمف يممؾ مشاريع أخرى ]56: 18:المذكرات. بتواطؤ مع الحكومة اإلنجميزيةوفي الجزيرة نفسيا بمغت مساحة األراضي التي ... جنيو28000مولتيا الحكومة بتكمفة بمغت

18

. 7م، ص1996، مركز الدراسات السودانية، القاىرة، مذكرات اإلمام عبد الرحمن المهدي . 28، صالمرجع السابق 19

Page 12: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

وباإلضافة لؤلرباح الكبيرة التي حققتيا لو الزراعة، . فدانا9600ـ حوالي 1931كاف يديرىا في ـ سنويا وكذلؾ اليدايا 1919عمينا أف نضيؼ الزكاة، التي كاف يجمعيا مف األنصار منذ سنة

ـ مف أبرز 1935وىكذا أصبح السيد عبد الرحمف في عاـ . التي كاف يقدميا لو أثرياء األنصاروفي حالة السيد عبد الرحمف لـ ينحصر الدعـ في المشاريع . أغنياء السوداف بكؿ المقاييس

ولكف الفنييف الزراعييف والميندسيف التابعيف لمحكومة قدموا ... الزراعية والمساعدات المالية فقطوىكذا، مف خبلؿ . لو مساعدات كبيرة في تخطيط القنوات واستغبلؿ األراضي وتركيب الطممبات

مثؿ ىذه األساليب قامت الدولة الكمونيالية بمساعدة السيد عبد الرحمف في بناء قاعدتو أكدت (الميدية الجديدة)ىذه . االقتصادية ليقود الميدية التي ورثيا عف أبيو إلى طور جديد

قدرتيا عمى قيادة جموع األنصار، ولكنيا كانت معادية كمية مف محتوى الميدية األصيؿ المعادي وفي ىذا الخصوص يشير نقد اهلل إلى القصص الشعبية التي تقوؿ إف السيد عبد . لمكمونيالية

الرحمف استطاع تنظيؼ أراضي الجزيرة أبا مف األشجار وزراعتيا عف طريؽ استخداـ األنصار، الذيف كاف يقوؿ ليـ أف كؿ واحد منيـ يقطع األشجار مف شبر مف األرض ويزرعو سيعوضو اهلل

. 20..."نفس المساحة في الجنةورث الصادؽ الميدي ىذا البناء، وىو يجمس اآلف عمى قمتو، يأكؿ مف ريعو، ويمعب

ي)البولو ويترفو، ثـ يأتي لػ ... العدالة، الديمقراطية، الشمولية، والشمولية اإلثنية)الناس عف (يحجِّوباإلضافة لكؿ ذلؾ، مف ىو الصادؽ الميدي؛ منتج الخطاب؟ وبناءًا عمى تأكيدات إريؾ . (إلخ

(الواعية)وبنى (رغبات)فروـ، فطالما أف األيديولوجيات ػ في جانب مف جوانبيا ػ عبارة عف الوضع والتربية، فمنتفحص منتج الخطاب حتى ال تتأشكؿ عمينا : ، وىذه مف محدداتيا(نزعات)

: تداخبلت النزعات والبنى البلواعية في ما سيأتي

: منتج الخطاب: خمفيات النزعة التنظيروية التجريدوية

ـ، في كنؼ العشيرة المقدسة، تحت جناح جده عبد 1936ولد الصادؽ الميدي عاـ االقتصادية ػ وىو طبعا يممؾ الدينية ػ /الرحمف الميدي لحظة بموغو قمة الوجاىة االجتماعية

بالتدريج "ومف ثـ السعي (13: 18:المذكرات)" القيادة السياسية لممثقفيف"وبروز طموحو في : نفس المرجع)" لموصوؿ إلى سوداف مستقؿ تكوف لو وألسرتو فيو السمطة السياسية الكاممة

السيد عبد الرحمف يعرؼ )و. وكاف مف المفيـو أف يتـ إعداد الصادؽ لمياـ الوراثة. (17ص

20

، ترمجة زلمد علي جادين، مركز الدراسات السودانية، القاىرة، زراعة الجوع في السودانتيسًن زلمد أمحد؛ . د . 37م، ص1994

Page 13: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

وفي رحمة اإلعداد ىذه تـ زرع الرغبات والحاجات اإلضافية عمى رغبات . جيدا مفاتيح المستقبفؿمنذ ميبلده، زعيـ في طور التكويف، (سيد)فإبف العشيرة . وغرائز ومصالح العادييف مف الناس

بوضع اإلشارة، عمى وزف وضع اليد ػ ذلؾ )يأمر فيطاع، يشير إلى أي شيء فيصبح ممكو ، ىو ال يمعب سكج (القانوف الذي تـ بواسطتو االستيبلء عمى الكثير مف أراضي شعب السوداف

فيـ يعمموف لو ألؼ حساب، ألنيـ ! في المدرسة أو الحي (رفاقو ػ إف جاز التعبير)بكج مع كاف . وىو أيضا يشعر بذلؾ، وربما يدركو! (المقدس) (السيد)مف ىذا (الطبقي)يعرفوف وضعيـ

مف (ُخمؽ)، فسار في الطريؽ إلى الحد البلـز لمميمة التي (حفظ الكتب والنظريات)متفوقا في قبؿ سنيف الدراسة، وأثنائيا، وبعدىا، لـ يعمؿ أي عمؿ سوى رئيس . أف يحكـ الناس: أجميا

وليذه أناخ أخطر رجاؿ الدولة السودانييف . حزب، ولما بمغ الثبلثيف مف عمره، عمؿ رئيس وزراء: ؛ وبانت بعض خصائصو لمناس(المحجوب)

فيو يعرؼ سكج بكج، )، (ُبرجعاجية ػ بتعبير صحافة الديمقراطية الثالثة)معرفتو بالواقع / أ: " ليا أو مف حكاية حكاىا لو أحدىـ؛ وسياحية عمى شاكمة (الخدـ)ولكف مف مشاىدة المبلزميف

بعد تخرجي مف الجامعة في بريطانيا أحسست بالغربة التي اتصمت أثناء سنيف التعميـ لدرجة وصح ىذا العـز لنحو . ـ1958كاف ىذا عاـ !... آليت عمى نفسى أال أغادر السوداف مرة ثانية

ثـ بعد ذلؾ 21"عشر سنوات بقيت أثناءىا داخؿ السوداف مترحبل داخمو إلى أف طفتو مرتيفدراسة وتوصيات الورشة )التقاريروية الحزبية، عمى شاكمة (الواقع)إنضافت إلى وسائؿ المعرفة بػ

، وليست المعرفة السياحية والتقاريروية (إلخ: ... زودتني بمادة استفدت منيا وكتبت ورقة بعنوافعيبا في حد ذاتيا، ولكف العيب في اعتماد أف تكوف ىي المصدر األساس وُيظف بأنيا أو يتخذ

؛ وىو في ذلؾ ضحية وضعو، (الواقع)لممعرفة بػ (أو عمى األقؿ الكافية)منيا الطريقى المثمى حساس المساواة المتبادؿ ىو شرط أساسي مف شروط المعرفة )فمسوء حظو أف المعايشة وا عندما يصيروف رؤساء (أبناء التراب)وىذه مشكمة الرؤساء األزلية، فحتى . الحقيقية بالناس

ولكف مشكمة الصادؽ الميدي ال تتوقؼ عند . (!فما باؿ الذي ولد رئيساً .. ينفصموف عف الواقع. ىذا الحدالماشي في "أواًل؛ حسب المواسـ وحسب : تعاممو مع األفكار يتـ بطريقة تجار الممجة/ بنما بما سيكسبو في "السوؽ ، وىو في الغالب ال يعنى كثيرا بطريقة اإلنتاج وال بالفائدة لمناس، وا

في الستينات، أياـ المد اإلشتراكي واإلبداع الرأسمالي، خرج الصادؽ . ممجة السياسة السودانيةوىي مذىب أنتجو البعض في الغرب (Syndicalism)الميدي عمى الناس بدعوى السندكالية

ويعّرؼ بأنو مذىب ثوري يسيطر العماؿ بموجبو عمى االقتصاد والحكـ عف طريؽ : الرأسمالي

21

. 1م، ص2000، القاىرة، من تهتدون إلى تفلحون: كتاب العودة الصادق ادلهدي؛

Page 14: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

اإلضراب العاـ، أو ىي ػ السندكالية ػ نظاـ اقتصادي يممؾ فيو ا لعماؿ مختمؼ الصناعات ويديروف شئونيا، أما المعنى الثالث، ونرجح أف ىذا ما كاف يقصده الصادؽ الميدي؛ أنيا نظرية

الصادؽ . الجغرافي/في الحكـ مبنية عمى قاعدة التمثيؿ النقابي، ال عمى قاعدة التمثيؿ اإلقميميػ عف ! الميدي يدعو إلى ىذه النظرية ولكنو لـ يسأؿ نفسو ػ والغريبة لـ يسألو أحد في ذلؾ الوقت

أو )أي نقابة سيرأس حتى يصبح رئيسا لموزارة؟ ألنو حتى ذلؾ الوقت لـ يسمع أحد أنو لو عمبل نقابة "غير رئيس حزب أو رئيس وزراء، وحتى ذلؾ الحيف لـ يسمع الناس بنقابة إسميا (ينويو

، أضؼ إلى ذلؾ استيبلكو الراىف لمصطمحات مثؿ "نقابة رؤساء الوزراء"أو " رؤساء األحزاب. إلخ.. والديمقراطية المستدامة (Sustained Development)التنمية المستدامة

: موقعو األيديولوجي/ ج

ال يعد الصادؽ الميدي مجرد عضو نمطي ضمف الصفوة : "منصور خالد. يقوؿ دوبما أف ىذه الصفوة الشمالية ظمت مقتنعة بسموىا وتفوقيا . الشمالية، بؿ نموذجيا األصيؿ

اإلثني، الثقافي، بالفضيمة الكامنة فييا، فإنيا بذلؾ ال تشعر بوخذ الضمير في سموكيا بفرض وتتجمى ىذه الوصائية في كثافة استعماؿ الصادؽ الميدي 22..."نفسيا وصيا وموجيا لآلخريف

اإلمساؾ : وبالرغـ مف اتضاح مبلمح الشخصية االسبدادية في ممارستو القائمة". ينبغي"لكممة بزماـ كؿ شيء، فيو المفكر، رئيس الحزب واإلماـ والناطؽ الرسمي لدرجة أنو يطابؽ شخصو

ػ وىذه حقيقة يحاوؿ إنكارىا دوما بإدعاءات التجديد واالىتماـ المستمر بالييكبلت، إال " الحزب"بػ... أحد المواطنيف" مف كتاب العودة، يقوؿ أف 134ففي صفحة : أف اإلعتراؼ يغافمو في مقوالتو

يدعو لمنيج عممي لتقويـ القادة والزعماء، واقترح المقاييس اآلتية ... كتب في جريدة الخرطوـبالرغـ مف أف " بيذه المقاييس يناؿ حزب األمة تقديرا إيجابيا]وأورد المقاييس العشرة ثـ قاؿ[

نما عف الزعماء، ولكنو يطابؽ بيف الحزب والزعيـ المقاييس المفترضة ال تتكمـ عف األحزاب وا . (وىذا ما ىو حاصؿ في حزب األمة بالفعؿ في الوقت الراىف)

النزعة /وكؿ ىذا عمى بعضو، قد يساىـ في إضاءة الجانب المتعمقة بالسيكولوجية. التنظيروية التجريدوية التي يبلحظيا الناس في خطاب الصادؽ الميدي

: نقد الخطاب

: القضية الفكرية/ أ

22

، ترمجة عوض حسن، مركز الدراسات صراع الرؤى ونزاع الهويات في السودان: فرانسيس دينق. نقال عن د . 387، ص1999السودانية، القاىرة،

Page 15: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

: ػ التأصيؿ والتحديث1في الفصؿ العاشر، تحت عنواف البطاقة الفكرية لحزب األمة، يمخص الصادؽ الميدي

تاصيؿ "وتحدث عف التأصيؿ وقسمو إلى . ممفاتو الفكرية، وفي مقدمتيا قضية التأصيؿ والتحديثلماذا يا ترى؟ ىناؾ "! التحديث"، وعرفيما باختصار، ولكنو سكت عف "تأصيؿ مستنير"و" منكفئ

: احتماالت عدة. ػ أف يكوف الصادؽ الميدي قد نسي الموضوع

(.Synonyms)ػ أف يكوف ظف أف التحديث ىو التأصيؿ المستنير؛ أي أنيما مترادفاف

عمى خطابو (يشوشر)ػ أف يكوف اكتشؼ تناقضا جوىريا بيف مفوىـ التحديث والتأصيؿ . التأصيمي

. ػ أو يكوف لدى الصادؽ الميدي قصورا معرفيا بالتحديث والحداثةولقد قمنا بالبحث واإلستقصاء في كتاباتو السابقة عمنا نعثر عمى إضاءة ما، وفي الفصؿ

ػ عثرنا عمى بعض التفاصيؿ (الفكري)ػ ذي الطابع " تحديات التسعينات"الثامف مف كتابو اإلضافية التي يمكف إدراجيا في سياؽ ما أسماه بالتأصيؿ المنكفئ والتأصيؿ المستنير ضمف

نيج "وعمى أساس النتائج التي توصؿ إلييا خط . العممانية (نسؼ)المحاوالت الشكبلنية في سبيؿ ويمكف أف نفيـ مف ىذه المحاوالت موقفو الضمني مف . 23"الصحوة أو النيج التجديدي

". التحديث"وميما يكف مف أمر، فإف ىناؾ حقيقة ىي؛ أننا ال نتكمـ في فراغ تاريخي، والتحديث

ػ في السياؽ التاريخي الراىف، سواء بالمنظور الجدلي، أو بالمنظور البنيوي، Modernizationػ: النظري القائـ عمى قواعد أىميا/ ػ التي ىي األساس الفمسفيModernityىو فعؿ الحداثة ػ

الخمؽ، ومف ثـ اتخاذ المستقبؿ معيارًا والتوجو إليو ىو / اإلبداع/ مشروعية اإلبتكار/ 1. الدافع

بمعنى اعتماد نسبية المعايير عمى مستوى المعرفة والممارسة اإلجتماعية، : العممانية/ 2مع البنى الفكرية األسطورية والدينية اإلطبلقية ػ أي (النسبي/التاريخي/بالمعنى العممي)والقطيعة

ومف ثـ القطيعة مع مشروعية األسبلؼ وبناىـ اإلجتماعية، أي . جعميا مقيسة وليست مقياساً . جعميا موضوعا لمتحويؿ بمعايير المستقبؿ

المستنير بأي حاؿ مف (الرجوع إلى أصؿ)وبيذا المعنى، فإف التحديث ال يعني التأصيؿ ذا اكتفى الصادؽ الميدي بػ. األحواؿ، بؿ ىو النقيض البنيوي لو وألي تأصيؿ آخر " التجديد"وا

إضافة عناصر أخرى "كاف سيكوف متسقا أكثر مع أسس خطابو الفكري، فالتجديد ىو باختصار

23

. 126م، ص 1990، شركة النيل للصحافة والطباعة والنشر، القاىرة، تحديات التسعينات الصادق ادلهدي؛

Page 16: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

.. تغيير شبابيؾ وطبلء الجالوص: وبشروطيا؛ وبالمعنى المبتسر جداً (األصؿ)إلى نفس البنية عادة إنتاجيا في بنية جديدة مقترحة (األصؿ)بينما التحديث ىو تفكيؾ بنية قديمة . إلخ أكثر )وا

. إقامة عمارة مكاف الجالوص: وبالمعنى المبتسر. وبشروط البنية الجديدة (تقدماكمعطى تاريخي، ىي المرجعية الفمسفية " الحداثة"غير أف الشيء الميـ ىنا ىو أف

خطاب التأصيؿ المستنير، وىي؛ الديمقراطية، وحقوؽ (يدعييا بالمجاف)التي (العزيزة)لؤلفكار ولـ تستمد مشروعيتيا ال . إلخ إلخ، التي ىي نتاج سيرورة الحداثة التاريخية..اإلنساف، والتعددية،

ػ البنى الفكرية األسطورية والدينية اإلطبلقية، وال مف البنى (األصؿ)مف البنى الفكرية لؤلسبلؼ ػ العشائر األبوية االستبدادية، بؿ ىي نتاج كفاح ضد ىذه (األصؿ)اإلجتماعية ليؤالء األسبلؼ

نما البنى، وأف ما تحتمو مف حيز ىو مقدار ما ىدمتو مف ىذه البنى وىي ال تتقدـ في الفراغ، وا . عمى حساب ىذه البنى نفسيا

التي أطمقتيا اليونيسكو، وأخذىا الصادؽ الميدي " التنوع البشري الخبّلؽ"أما دعوى أىمية مراعاة اإلنتماء الديني، فيي في األساس صادرة مف موقع (بديية)ليحاجج بيا حوؿ

العقبلنية، وتنتمي لمحقؿ الفكري لمحداثة والعممانية، إعماال لمبدأ النسبية الذي يسمـ بعدـ نفي نما كشخصيات اعتبارية أماـ الدولة (ومنيا الدينية)ومبدأ مساواة الخصوصيات " تحديده"اآلخر وا

" يطالب باحتكار العنؼ الفيزيائي والرمزي"أو الجياز المسيطر الذي يشمؿ بأحكامو الجميع وويفترض فيو الحياد ػ وىذا المبدأ يتكمـ عف األدياف بشكؿ عاـ وليس اإلسبلـ أو األدياف السماوية

نما تسّمـ بالمساواة المبدئية بيف " كريـ المعتقدات"أو ما يسميو فقياء الدساتير السودانية فحسب، وا بمبدأ (إيمانو)وال نحسب أف الصادؽ الميدي صادؽ في ". الكجور"و" الميدي"، و"اهلل"و" البلة"وعمى أساس ىذا التحميؿ، يصبح . ، فيذا مجرد تجؿٍّ لطريقة تجار الممجة"التنوع البشري الخبلؽ"

، وىو فعبل موقؼ صحيح، بالنسبة لقضية الديف "الموقؼ الصحيح"ما أسماه الصادؽ الميدي بػ، ال "اليونيسكو"والدولة، المستمد مف مطالب العممانييف وغير المسمميف في السوداف، ومنفستو

نما ىو مجرد ، والعبلقة بيف الصادؽ "كبلـ جرايد"عمى وزف " كبلـ منفستوىات"عبلقة لو بو وا عبلقة غير حقيقية، ألنو يستعمؿ ىذا األخير ىنا منبتًا عف سياؽ " الموقؼ الصحيح"الميدي و

. بنيتو الفكرية وغاياتو السياسية : قضية الديمقراطية/ 2

(!إنتسابيا إليو؛ فيو األصؿ طبعا)ال نظف أف أحدًا قد استعمؿ كممة الديمقراطية وأدعى ىو ]بيف الديمقراطية والشورى[الفرؽ األساسي : "مثمما فعؿ الصادؽ الميدي، الذي يقرر أف

الشورى قيمة إيمانية غير مصحوبة "، عمى أساس أف (146:العودة)" وجود أو غياب مؤسسات، وىو يبدو متأكدا ىكذا، (146:نفسو)" أما الديمقراطية فقد بمورت مؤسسات... بمؤسسات

Page 17: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

، فيؿ (أحد الفروقات األساسية)أو (أىـ الفوارؽ): ويقوؿ مثبلً (يتحرفف)وقاطعًا، حتى أنو لـ صحيح أف الفرؽ األساسي ػ الحظ األساسي ىذه ػ ىو وجود أو غياب مؤسسات؟؟

: لئلجابة عمى ىذا السؤاؿ، البد أوال مف تعريؼ المؤسسة، وىي ببساطة، وحسب القاموسInstitution is:

… long-established custom, practice, group, etc. e.g. marriage is a

sacred institution

ومجمس العشيرة، أو مجمس . ىكذا بكؿ بساطة. أي ىي عادة، ممارسة أو جمعية راسخةالقبيمة، أو أىؿ الحؿ والعقد أو مجمس الشورى، كؿ ىذه أشكاؿ قائمة لمؤسسات الشورى، بؿ

نظاـ الشورى اإلسبلمي مقارنا "يذىب ىاني الدرديري في رسالتو العممية التي نشرىا بعنواف إلى ما معناه أف الدولة في الحضارة اإلسبلمية ىي مؤسسة " بالديمقراطية النيابية المعاصرة

. (، بدوف عنواف ناشر1991الدرديري،). الشورى ػ بغض النظر عف التجاوزات التي حدثتكما يقرر الصادؽ الميدي، بؿ ىي في جوىرىا " قيمة إيمانية"والشورى ػ عمومًا ػ ليست مجرد

بغض النظر " بنية العشيرة األبوية االسبتدادية"ممارسة تاريخية مبلزمة لبنية إجتماعية معينة ىي ، وىي بالنسبة لئلسبلـ ممارسة مستصحبة في (الديف الذي تتبناه ىذه العشيرة المحددة)عف

إذف، ىذا ليس أساس . األساس، مع بعض التعديبلت التي اقتضاىا االستصحاب، مف الجاىمية: حيدر إبراىيـ. ولتقصي تفاصيؿ القضية فمنستمع إلى شيادة د. االختبلؼ أو التناقض في رأينا

ارتبط مفيـو الديمقراطية مع فكرة الشورى في الفكر اإلسبلمي المعاصر ضمف محاوالت التجديد "والمعاصرة، ولكف ىذه المحاولة تدخؿ في إشكالية أساسية تنعكس عمى كؿ المجيودات التأصيمية واالجتيادات، خاصة حيف يسعى المفكروف والمنظروف اإلسبلميوف عموما إلى إستخداـ أدوات

فالرجوع إلى القياس أو الرأي أو االستصحاب، ال يحؿ التناقض، ألف . ومناىج إسبلمية أصوليةمفيومي الديمقراطية والشورى ينتمياف إلى بنيتيف فكريتيف مختمفتيف، وليما عناصر وجزئيات

ومكونات مختمفة ومتباينة، وتطورت ضمف سيرورات تاريخية وظروؼ اجتماعية مختمفة تماما، لذلؾ يظؿ إنتزاع مفيوـ مف سياؽ بنيتو الفكرية عممية معقدة، وفي بعض األحياف تضر باإلثنيف،

. إذ يفرغ مف مضمونو األصمي، وفي نفس الوقت يصعب دمجو أو تمثيمو في البنية األخرىونعتمد ىنا عمى التعريؼ األنثروبولوجي الذي يقوؿ بأنو البد لمبنية أو الييكؿ مف أف يكوف نظاما، أي تراص العناصر، بحيث يكوف كؿ تغير في عنصر ما تغيرا في كؿ العناصر

. 24"األخرى

24

م، 1996، مركز دراسات الوحدة العربية، بًنوت، ، التيارات اإلسالمية وقضية الديمقراطية حيدر إبراىيم علي . 139ص

Page 18: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

وبالرغـ مف ذلؾ، فالصادؽ الميدي ال يقر بوجود تناقض في األسس النظرية بيف الشورى إننا ندعو لمديمقراطية ونعتقد أف كؿ التوجيو المطموب "والديمقراطية، وىو عمى ىذا األساس يقوؿ

وعمى " والتوازف المراد يمكف أف يضما في ميثاؽ وطني ممـز لمجميع في نصوص الدستور الممزمةينبغي أف "الذي ينسفو ىذا التحميؿ، فالديمقراطية عند الصادؽ الميدي " التأصيؿ المستنير"أساس

وىو (148:العودة)" تؤصؿ اجتماعيا وثقافيا لتبلئـ ظروفنا، لتصبح متجذرة في حياتنا السياسيةىكذا يتبنى األجراء المقموب، فبدال مف أف نوفؽ أوضاعنا االجتماعية والثقافية وظروفنا لتتبلءـ

ػ ألف المشكمة في (أي نقـو بتحديث أنفسنا بالقياـ بتحوالت جذرية في المجتمع)مع الديمقراطية فإذا تأصمت الديمقراطية ! الصادؽ الميدي (يؤصميا)وليست في الديمقراطية، (أوضاعنا)

فإنيا بالتأكيد لف يبقى مف ديمقراطيتيا (بنية العشيرة األبوية االستبدادية)وتبلءمت مع ظروفنا شيء يذكر، إال اليياكؿ ببل مضموف، وىو بالضبط ما يريده ويمارسو الصادؽ الميدي سواء في

. حزبو أو حينما يحكـ السودافبعد أف تـ تجريدىما مف ! يرقد الحجر والبيضة في أمف وأماف (المنطؽ)وبمثؿ ىذا

لباس (تسمى مؤسسات)ىويتيما؛ تجريد الديمقراطية مف مضمونيا وتحويميا إلى مجرد ىياكؿ وا خفاء التناقض، بالضبط كما ! بنطموف جينز لمخروج بيا إلى سوؽ العصر (األخت الشورى) وا

"! حزب األمة الجديد"يحدث في وما ينطبؽ عمى الديمقراطية، ينطبؽ عمى أطروحة حقوؽ اإلنساف بالكامؿ، وال داعي

. لمتكرارنطبلقا مف ىنا ػ األسس الفكرية ػ يستمر الصادؽ الميدي في خمؽ اإللتباسات ففي : وا

الديف "السياسة بحجة أف /حديثو عف عبلقة الديف بالدولة يرفض مبدأ فصؿ الديف عف الدولةوالمؤمف بديف ال يستطيع أف يستمر مؤمنا ويطرد . يدخؿ في الحياة، والسياسة جزء مف الحياة

فأوال؛ لـ يقؿ أحد في عبلقة الديف بالدولة ! وىذا شكؿ نموذجي لمتمبيس" دينو مف حياتونما أال يفرضو عمى حياة اآلخريف وثانيًا، إذا كاف . الديمقراطية بأف يطرد المؤمف دينو مف حياتو وا

مف الحياة، فمماذا ال يكوف الديف ضمف أجزائيا (جزء)الصادؽ الميدي يقر بأف السياسة : األخرى؟ ولنحمؿ مقولتو لنعرؼ كيؼ يصنع االلتباس

(معادلة الحقيقة)جزء مف الحياة = السياسة / 1 (معادلة اإللتباس). طرد الديف مف الحياة= فصؿ الديف عف السياسة /2

: ألنو يجعؿ مف (معادلة التمبيس)طرد = فصؿ / 3 (معادلة التناقض)الحياة = السياسة / 4

Page 19: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

وضمف ألعوبة األلفاظ يتـ إخفاء التناقض، ويقوـ ىو بإخفاء اإللتباس باستعماؿ متبلزمة المبدأ الذي ينبغي إقراره في ىذا الصدد، أف المؤمف ميما استيدى بدينو ينبغي أال "فػ" ينبغي"

العمماني، وىو صحيح (المبدأ)ىذا ىو ". وأف يحتـر التعددية الدينية. يحاوؿ إخضاع اآلخريف لونما نشأ نتيجة سيرورات تاريخية وتجارب، وىو أساس التطبيقات في الدوؿ ولـ ينزؿ مف السماء وا / العممانية، والتجربة البشرية تقوؿ أنو لـ يتـ تطبيؽ ىذا المبدأ إال حيف تـ فصؿ الديف عف الدولة

ونحف نطالب الصادؽ الميدي بإيراد مثاؿ واحد ُطّبؽ فيو ىذا المبدأ في الدوؿ غير . السياسةالعممانية، واإلسبلمية بالذات خبلؿ القروف األربعة عشر التي مرت وفي التجربة المعاصرة حتى

فبل يحؿ المعضمة، ثـ قولو أف " ينبغي"أما اإلتكاؿ عمى . وقاببل لئلقناع (موضوعيا)يكوف كبلمو أنو ال يمكف إلغاء الوجود الحركي ]و[.. الدولة ال تستطيع أف تعمؿ وكأف الديف غير موجود

فيو تحصيؿ حاصؿ وتقرير بديية، بؿ الدولة البد أف تعمؿ عمى تحديد الديف " لمديف في المجتمعوىنا تتجمى الذىنية . في حدوده أوال، ومنع المتدينيف مف محاولة إخضاع اآلخريف ألديانيـ

فيو يفيـ مسألة الفصؿ القائمة عمى مبادئ النسبية فيما دينيًا مطمقا ويعبر عف ىذا : اإلطبلقيةىذا عوضا عف ما بيذا اإلستعماؿ مف (إلخ..طرد، إلغاء، نيائيا)الفيـ باستعماؿ كممات مثؿ

.شبية استغبلؿ سياسي لتيييج المشاعر

(عيود)أىـ ثبلث دوؿ عممانية، باإلشارة إلى كنكردات " تديف"أما محاولتو لبلستدالؿ عمى الدولة الفرنسية مع الكنيسة الكاثوليكية، وظيور الصميب في العمـ البريطاني، ووجود الموبي

طرد، )في الدوالر، فيي مف جانب تمغي إطبلقاتو في " توكمنا عمى اهلل"الييودي ووجود النص فالحقيقة أف . ومف جانب آخر تؤكد أف مف يتابع الشكبلنية تفضي بو إلى السذاجة (..إلغاء،

الديف في ىذه الدوؿ المذكورة قد ُوِضع في حدوده بفعؿ السيرورات التاريخية والتحوالت االجتماعية التي أدت إلى ترسيخ العممنة وفصؿ الديف عف الدولة وتجاوز األشكاؿ االستبدادية

الطويؿ، سّمـ وتحوؿ إلى مواطف (التحديد)فيأنظمة الحكـ إلى غير ما رجعة، وأف الديف بعد ىذا وىذه قيمة لـ يفيميا المنظروف اإلسبلميوف . عادي ضمف مواطني الدولة وليس الدولة أو فوقيا

األدوار الرمزية، مجاؿ الديف الحقيقي، التي ذكرىا الصادؽ الميدي تنتمي /وأف ىذه األشكاؿ. بعدوأف ". بنية فوقية"الرأسمالي، بالفعؿ، /، في المجتمع البرجوازي(الديف)إلى حقيقة أخرى، ىي أف

التي ىي عبلقات اإلنتاج ىي المييمنة في بنية الدولة، لذلؾ ال يستطيع الديف أبدا " البنية التحتية". أف يّدعي أنو الدولة ػ فيو يعرؼ قدر نفسو جيداً

ومشكمة الفكر اإلسبلمي عمومًا أنو لـ يتـ حتى اآلف تشكؿ بنى إجتماعية قادرة عمى إعادة . خارج سياؽ بنية العشيرة األبوية االستبدادية وعبلقات اإلنتاج الريعية الخراجية (اإلسبلـ)طرح

ىذه، تظؿ " ينبغي"، وحتى عمى مستوى "ينبغي"أي أف التنظير في ىذا المجاؿ يتكؿ عمى اإلسبلـ وعمى الثقافة (المختار)المشكمة في السوداف أف مسئولية الرفض تقع عمى عاتؽ الديف

Page 20: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

المختارة اإلسبلموعربية، وفي اإلثنية المستعمية المسيطرة اإلسبلموعروبية التي يمثؿ الصادؽ التي يحاوؿ الصادؽ الميدي " ينبغي"فيي الجية التي تناقض شروط . الميدي نموذجيا األصيؿ

ثـ يأتي بعد ذلكويطالب أف ال يحاكـ اإلسبلـ . أف يقنعنا بيا عف طريقة التقريرية اإلعتباطيةلماذا يحاكـ اإلسبلـ والعروبة في السوداف؟ فباإلضافة لما ذكرنا سابقًا : والسؤاؿ ىو! والعروبة

فالمحاكمة ليست فقط بسبب ممارسات اإلنقاذ التي يريد الصادؽ الميدي أف يجعؿ منيا كبش وأيضا ليس فقط ألف اإلسبلـ إسبلـ . فداء، بؿ بسبب ممارسات الصادؽ الميدي وأسبلفو

والعروبة عروبة، ولكف ألنيما ػ بكؿ بساطة ػ يحكماف الناس وبالقوة، وبالتالي، عمى الحاكـ أف وىذه بديية، فالناس في زامبيا أو نيكاراقوا ال يحاكموف اإلسبلـ . يتوقع المحاكمة مف المحكوميف

. ولكف ػ مف جانب آخر ػ فمستجدات العصر ىي التي صارت تحاكـ كؿ شيء. وال العروبة : قضية التنمية/ 3

: التنمية المستدامةوالسبب . ي تحت ىذا العنواف طرحا جاء متماسكا نظريا في مجممو\يقدـ الصادؽ الميد

. في رأينا يرجع إلى تخميو عف أسموب التمبيس الديني الذي ظؿ يمارسو في طرح القضايا األخرىوذلؾ ػ مف ناحية أخرى ػ لسبب جوىري ىو أف الصادؽ الميدي ال يسمـ بوجود نظاـ إقتصادي

نزؿ الوحي بمبادئ عامة لبلقتصاد مما ال يختمؼ عميو الناس : عمى صعيد االقتصاد"إسبلمي، فػمثؿ التعمير، والتكافؿ، ومنع االستغبلؿ وغيرىا، وال يوجد نظاـ إقتصادي بأجيزتو وضوابطو

والحقيقة أنو يوجد نظاـ إقتصادي إسبلمي ىو أقتصاد الريع والخراج الذي [لتحقيؽ ىذه المبادئ ف إختمفت بعض عناصره، (الحضارة اإلسبلمية)ظؿ يمارس عمى مدى تاريخ ، وال يزاؿ، وا

والصادؽ ينكره ألنو يجرد اإلسبلـ مف تاريخو، حيف تقتضي الضرورة، أي أنو يجعؿ منو مجرد ، األجيزة والضوابط، أي النظاـ اإلقتصادي ]كائف إبستيمولوجي ويتعامؿ معو عمى ىذا األساس

إذا ُفيمت بأنيا المبادئ العامة التي نزؿ بيا الوحي تصبح تقرير [الذي يوافؽ مقاصد الشريعة وكاف بالتالي، أف وضع التنظير لمتنمية . 25" ىو مف وضع البشر]بديية ال تخص الديف فحسب

بالجممة (كائنا وضعيا)في موضعو الصحيح، ولـ يحشرىا في التأصيؿ المستنير باعتبارىا والتفصيؿ، ولـ يفصميا بالتالي عف سياؽ البنية الفكرية الحديثة عمومًا، والتنظير الحديث

. خصوصا، باعتبارىا تحوال اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا" الوضعي ػ العمماني"ولكف إذا نظرنا إلى الجانب اآلخر ػ العممي ػ تبرز تناقضات الصادؽ الميدي مع خطابو

نما ىناؾ واقع . في الواقع (التخمؼ)قائـ وبو إشكاالت جمة (أصؿ)فنحف ال ننمي الفراغ، وا

25

. 127، مرجع سابق، ص تحديات الصادق،

Page 21: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

والصادؽ الميدي يتناوؿ بالنقد جزءا مف ىذه اإلشكاالت، وقد اكتفى بنقد أنظمة الحكـ الشمولية، لقى الموـ عمى األنظمة وبالتأكيد، ! ، ولـ يتطرؽ إلى البنى اإلجتماعية اإلقتصادية"الديمقراطية"وا

فالوصؼ والتشخيص الصحيحاف لمواقع يسوقاف إلى المعالجات الصحيحة والتطبيقات الصحيحة وكما ذكرنا سمفًا فإف الدولة السودانية ىي وضعية تاريخية، وصفناىا بأنيا . لمتنظيرات الصحيحة

بنية مركز وىامش لمجتمعات ما قبؿ رأسمالية يسودىا نمط العشيرة األبوية االستبدادية واقتصاد مع (االقتصاد الكمي)والخراج عمى المستوى (االقتصاد الجزئي)الريع العشائري عمى مستوى

شمولية "والسبب في إخفاؽ األنظمة . استمرار القاعدة العبودية في تقسيـ العمؿ وعبلقات اإلنتاجفي إقامة التنمية يرجع في األساس إلى إشكاالت ىذه البنية " كانت أـ ديمقراطية

االقتصادية التي تتناقض مع التنمية، بؿ وتتجو سالبا في أغمب األحياف، خاصة بعد /االجتماعيةاكتماؿ سيطرة العشائر الطائفية والصوفية والقبمية ػ المحافظة بطبيعتيا ػ عمى جياز الدولة

وتمتمؾ العشائر المذكورة وسائؿ اإلنتاج . وتحالفيا مع البيروقراطية التي يقودىا أبناه ىذه العشائروخاصة األكثر تطورا، وتحرسيا األجيزة النظامية والبيروقراطية التي تكافئ نفسيا بالغنى مف

التي تؤخذ مف المواطنيف وال ترجع إلييـ، أو في أفضؿ (الضرائب)المسمى (ريع الدولة)الخراج األحواؿ منقوصة نقصا فادحا، أي أف البيروقراطية والنظامية، صارت تعطؿ دورة اإلقتصاد التي

أنشأىا النظاـ اإلنجميزي بتوجيو شبو الرأسمالي الذي يأخذ مف الناس الضرائب ويقدـ ليـ .. أدوات الري، الطرؽ، السكة الحديد، التمفوف)الخدمات التعميمية والصحية ويقيـ البنى األساسية

وىذا يعني أف النظاـ االقتصادي قد تغير وعاد إلى أصمو الريعي الخراجي بعد (إلخ إلخ، ولـ يعد ىناؾ بالتالي تنمية وال (التأصيؿ المستنير الذي كاف يسمى السودنة)اإلستقبلؿ بواسطة

لذا لف يحدث تغيير وتنمية ما لـ يتغير الوضع مف خبلؿ تغير ترابط المصالح القائـ ! يحزنوف/ االجتماعية/اليوـ، أي تغيرات جذرية في األسس التي تقوـ عمييا الدولة والبنى الثقافية

ػ إذا سممنا " تحرير اإلقتصاد"ألف ". دائرة الميدي"االقتصادية، وخاصة أنماط المؤسسات مثؿ . في سوؽ العمؿ (أحرار)األتباع ليصبحوا عماال /األقناف/بمبدأ الرأسمالية ػ يتطمب تحرير العبيد

وتحرير األرض ووسائؿ اإلنتاج مف قوانيف العشيرة األبوية، وتحرير العقوؿ مف ثقافة احتقار في الثقافة (عمؿ العبيد)واحتقار العمؿ اليدوي والحرفي الذي يعتبر (عند السادة)العمؿ

اإلسبلموعربية المييمنة في السوداف وتحرير اآلخريف منيا وتحرير المرأة مف قيود الفكر الديني خاصة، وتحرير أشياء أخرى كثيرة، ولما لـ يحدث ذلؾ، أو عمى األقؿ يجري العمؿ عميو، فمف

. تقـو لمتنمية أية قائمةالفكري بوضع " التشبُّح"وخبلصة القوؿ في الجانب الفكري، أف الصادؽ الميدي يمارس

رجؿ في التقميد واألخرى في الحداثة، ويمارس التمفيؽ بنزع المقوالت مف سياؽ البنى الفكرية التي وكما يظير لنا مف التحميبلت . نشأت فييا ولزقيا في أخرى بآلية أقرب إلى التقريرية االعتباطية

Page 22: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

أعبله أف التناقض في خطابو الفكري يعكس تناقض وضعيتو االجتماعية؛ فيو رجؿ تعميمو وكما أنو يكسب . ووسائؿ حياتو حديثة، ويعيش عمى ريع مؤسسة غاية في المحافظة والتقميدية

فيو حتى . ػ أي بطريقة وضع اليد (بدوف عمؿ)فيو أيضا يكسب نظرياتو (بدوف عمؿ)" رزقو"اآلف، رغـ كبلمو الكثير، لـ يمتمؾ شجاعة األستاذ محمود محمد طو لتأسيس منيج لمتأصيؿ

. المستنير كنسخ الناسخ بالمنسوخ مثبل، الذي ضحى مف أجمو األستاذ بحياتو : القضية السياسية/ ب: (تيتدوف)ػ الخروج 1

لـ الخروج؟ واإلىتداء إلى ماذا؟؟ كانت ىجرتي نتيجة لبلستقطاب الحاد النافي لآلخر المفضي إلى : "يقوؿ الصادؽ الميدي

سياسات النظاـ ػ في ذلؾ الوقت ػ ]ويفّصؿ ذلؾ بأف[... االستئصاؿ المغذي لبلستئصاؿ المضادأدانت القوى السياسية الرئيسية في الشماؿ وخّونتيا، وعمقت المواجية مع قوى المقاومة في الجنوب وكفرتيا، واتخذت سياسات إقميمية ودولية توسعية، فأدى ذلؾ كمو إلى تكويف تحالؼ

ذا حممنا الجزء األوؿ مف المقولة بتاليو "عريض ضد النظاـ، تحالؼ سوداني، إقميمي ودولي ، وا : تصبح المعادلة كالتالي

(معادلة الفعؿ الخطأ)استئصاؿ " = المشروع الحضاري"النظاـ / 1االستئصاؿ المضاد = مقررات أسمرا لمقضايا المصيرية "تحالؼ سوداني إقميمي دولي / 2

(معادلة رد الفعؿ الصواب)" معادلة التواطؤ األيديولوجي"تيتدوف " = برنامج تفمحوف"الصادؽ الميدي / 3

" برنامج وضعية دولة التنوع داخؿ الوحدة"والمعادلة الثانية إذا قرأنا تفاصيميا نجد فييا " جدلية المركز واليامش"الستئصاؿ وضعية تاريخية متفسخة؛ " كتمة تاريخية"ونجد مبلمح تشكؿ

والوضعيتاف المذكورتاف نقائض تاريخية شرط تواجدىما التعاقب وليس التزامف، لذلؾ كاف النظاـ منسجما في منطؽ إدانتو لمقوى السياسية الرئيسية في الشماؿ ػ كجبيات مركزية ػ وتخوينيا ألنيا

ولكف الصادؽ . اليامش: في لحظة بدت حاسمة اختارت موقفا تكتيكيا مع نقيضيا التاريخي: الميدي كاف لو موقؼ آخر قائـ عمى التواطؤ األيديولوجي المباشر مع النظاـ، فعمؿ عمى

، بدفعو لمكؼ عف المضي في برنامج التحالؼ "الصراط القويـ"ىداية حزب األمة إلى / أألنو سيؤدي، لو قدر لو اإلنتصار، إلى تغيير أساسي يضر بمصالح الصادؽ والقوى التكتيكية

في نياية المطاؼ، وبالمكاسب التاريخية لمكياف اإلسبلموعروبي عموما بتجريده مف بعض . امتيازاتو غير المشروعة

Page 23: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

ىداية النظاـ إلى تغيير أساليبو، وتكتيكاتو باالبتعاد عف سياسة التشدد والمجوء إلى / بسياسة النفس الطويؿ، لمحفاظ عمى الوضعية التاريخية التي يستمد منيا الكياف اإلسبلموعروبي

وضع الحركة )امتيازاتو، خاصة وأف أي تغيير جذري لمنظاـ سيحمؿ معو توازنا جديدا لمقوى يخشاه (الشعبية كمعنى رمزي لقوى اليامش، وصورة أيديولوجية في ذىف الصادؽ لمكتمة التاريخية

. الصادؽ الميدي والنظاـ بالطبعكما تذىب )وسواء كاف الصادؽ الميدي قد خرج بتخطيطو الخاص أو بالتواطؤ مع النظاـ

، فإف المسألة تبقى ىي ىي؛ فالدور الذي لعبو الصادؽ الميدي (بعض التحميبلت والتخريجاتكاف في مصمحة النظاـ ومصمحة التوجو اإلسبلموعروبي في السوداف ػ وىذا أمر عادي، فيو

: األمور التالية (أو ساىـ في تحقيؽ)بخروجو قد حقؽ ساىـ الصادؽ الميدي في إقناع األنظمة العربية بالتيديد الذي تواجيو ىيمنة الكياف : أوال

اإلسبلموعروبي في السوداف، ومف ثـ تخفيؼ العداء لمنظاـ، وتييئة المناخ الستعادة النظاـ وبالتالي أنقص التحالؼ السوداني اإلقميمي الدولي جزءا إقميميا وأضافو . لعبلقاتو العربية تدريجيا

. في نفس الوقت إلى النظاـأرجع خطاب األزمة إلى حمقة قديمة، بتصوير الصراع وكأنو صراع فوقي حوؿ : ثانيا

كراسي السمطة، أو آليات الوصوؿ إلييا، وصارت المناظرات تجرى بيف الصادؽ الميدي والترابي، وىما في الواقع جبيتيف في سياؽ أيديولوجي واحد، وبذلؾ أضعؼ الصادؽ الجزء

. السوداني مف التحالؼ ضد النظاـنقؿ العبلقات بيف حزب األمة والحركة الشعبية إلى العداء بعدأف كاف حزب األمة : ثالثا

يدعو كؿ المميشيات القبمية في كردفاف ودارفور واألجزاء األخرى لببلدنا أف توقؼ فورا عداءىا ". 26"]النظاـ[ضد الجيش الشعبي لتحرير السوداف، وأف توجو أسمحتيا صوب العدو المشترؾ ذا رجعنا إلى . ويمكننا أف نقرأ مواقفو مف الجانب اآلخر مف الصورة، أي مواقؼ اإلنقاذ وا

خارطة الصراع التي حددنا مبلمحيا سابقا، فإننى نرى أف الصراع بيف اإلنقاذ والصاقد الميدي ىو في مجممو صراع المستوى الفوقي حوؿ كراسي السمطة، وليس فيو تناقض قومي أو

والخبلؼ " المركزية اإلسبلموعروبية"أيديولوجي أساسي باعتبارىما مف حقؿ أيديولوجي واحد وقد تغيرت المواقؼ فيما . بينيما في آليات التنفيذ وكيفيات الممارسة وأولويات المصالح الفئوية

. بينيما حسب المراحؿ التي مرت بيا اإلنقاذ

26

، البيان ادلشرتك بٌن حزب األمة واحلركة الشعبية واجليش الشعيب لتحرير السودان، الحرب والسالم حزب األمة؛ . 6م، ص 17/2/1990بتاريخ

Page 24: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

في السمطة والدولة (التمكيف)ففي مرحمة التمكيف، كاف ىـ اإلنقاذ األساسي توطيد موقعيا وىذه . واالقتصاد، ومف الطبيعي أف يكوف موقفيا عدائيا مف الصادؽ الميدي الذي انقمبت عميو

. ىي المرحمة التي استقوى فييا الصادؽ بالحركة الشعبيةبعد أف مكنت اإلنقاذ نفسيا وحزبنت الدولة وزادت التناقضات بينيا واآلخريف مما أفرز

الضغوط، الداخمية والخارجية، وألجؿ توازف ما، لجأت إلى مرحمة االحتواء، احتواء آثار ممارساتيا ومغازلة القطاعات التي تقع في ىامش مجاؿ تأثير خطابيا األيديولوجي المتشدد

. بتوسيع مواعينيا والتأرجح بيف التشدد واالعتداؿاتجيت لبلستقواء بجبيات المركزية " مؤتمر أسمرا وقراراتو حوؿ القضايا المصيرية"بعد

اإلسبلموعروبية المعارضة، وكاف أقربيا الصادؽ الميدي، فبات مف الطبيعي أف يقـو بدور . في تقسيـ العمؿ األيديولوجي لممركزية اإلسبلموعروبية في حمبة الصراع المحتد (Buffer)الػ

وبعد أف أنجز ميمتو التي ساعدتو في إنجازىا ظروؼ بتغيرات في الوضع اإلقميمي، وتراجعات التناقضات األيديولوجية، اتخاذ بعض التنظيمات مف التجمع )التجمع بسبب اإلشكاالت الداخمية

مظمة تخفي تحتيا إنشقاقاتيا الداخمية وعجزىا عف العمؿ، ىذا باإلضافة لعامؿ الزمف بإطالة أمد انتقؿ الصادؽ إلى مرحؿ أخرى، ىي مرحمة (جمودىا= األوضاع التحالفية دوف تحقيؽ تقدـ

". تفمحوف"العودة أو ما أسماه : (تفمحوف)العودة / 2

: يقرر الصادؽ الميدي أف النظاـ صار يقبؿ بجوىر المبادئ المطموبة التفاؽ سبلـ عادؿاالنتقاؿ مف ىيمنة (ويفسره بػ)المواطنة أساسا لمحقوؽ الدستودرية والتعددية الدينية والثقافية

ديف واحد وثقافة واحدة والدولة المعبرة عف ذلؾ إلى التعددية الدينية والثقافية والدولة المعبرة عف . واالستفتاء أساسا لموحدة الطوعية... الجميع عمى أساس المواطنة

. التعددية الفكرية والسياسية ومراجعمة ىيكؿ الدولة: وجوىر المطموب لتحوؿ ديمقراطيحبلؿ دولة الوطف ػ كما يقوؿ . وا

ويمكف )" نا"وكؿ ىذا مبني عمى تقرير مشكوؾ في صحتو أف واقعا جديدا خمقو نضالػوأف النظاـ، الذي نراه كؿ يوـ، تعامؿ معو والتطورات (تأويؿ الضمير ىنا إلى عدة معانيوىذا الواقع . ـ، وبالتالي، صار يقبؿ المبادئ1998ػ1995الداخمية واإلقممية والدولية في الفترة

: يمكف قراءتو مف منظور آخر مرتبط بتحميمنا لتطورات اإلنقاذ وتطورات مواقؼ الصادؽ الميديػ فخروج الصادؽ الميدي والدور الذي لعبو في المجاؿ العربي، والتحوؿ في الموقؼ

المصري مف النظاـ، وبروز تناقضات التجمع، والحروب اإلقميمية بيف الجيراف وجمود الموقؼ نقساميا إلى الدولي عموما تجاه القضية السودانية مؤخرا، واإلنشقاؽ الذي حدث في اإلنقاذ وا

Page 25: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

تياريف واإلجراءات التي اتخذت ضد الترابي، وىو انقساـ أساسو في الواقع الوسائؿ والمصالح وليس المبادئ، وكاف مف نتائجو تنفيس الغضب العتقاد الكثيريف مف الناس أف الترابي ىو

. المسبب األكبر لممشاكؿ، والتغطية بالتالي عمى جوىر الصراعوبالتالي، كاف كؿ ذلؾ تحسيف في وضع النظاـ، وفي مصمحة الكياف اإلسبلموعروبي،

السبلـ "لذا، يمكف رد قبولو ػ أي النظاـ ػ لمتفسير اإلسبلموعروبي لػ. واستراتيجية المدى الطويؿالذي يتفؽ مع تفسير الصادؽ الميدي الذي يرمي إلى تفادي أي " التحوؿ الديمقراطي"و" العادؿ

تغيرات حقيقية لموضعية القائمة لمدولة السودانية، وذلؾ ألنو في ىذا الوقت بالذات فإف ميزاف أي أف " التاريخية"القوى يميؿ لمصمحتو والصادؽ الميدي يريد أف يسرع الستغبلؿ ىذه الفرصة

ولكف المدىش حقيقة أف . موقؼ الصادقا لميدي والنظاـ موقؼ تكتيكي مف قضية السبلـ العادؿالصادؽ الميدي ال يكتفي بنسب ىذه المبادئ لنفسو ويقسميا لجيرانو بؿ ويؤكد أف أف ىناؾ رؤية

والناس يعرفوف أف ىذه المبادئ التي ذكرىا وسماىا جوىر ! مغايرة وينسبيا لمحركة الشعبيةالمطموب، ىي مطالب قديمة ظمت تقديميا جبيات اليامش وبعض القوى اليسارية والميبرالية وظمت تقاتؿ مف أجميا جبيات في مقدمتيا الحركة الشعبية، وىي بالذات التي ساىمت بالقدر

نيج "عمى طاولة النقاش والمنفستوىات رغما عف " المطالب/المبادئ"األكبر في عممية فرض ىذه ولكف الصادؽ الميدي يقـو باإلستيبلء عمييا ىكذا بطريقة وضع اليد، وال يكتفي ". الصحوة

نما يوزعيا عمى النظاـ بؿ وينفييا عف صناعيا ومبلكيا الحقيقييف بإدعاء مكميتيا فحسب وا فأصحاب المطالب : وىكذا، بمثؿ ىذه الفبركة، تصبح الصورة معكوسة!! وينسب إلييـ ضدىا

والجيات المعنية بالمطالبة . الصادؽ الميدي ضدىا" منطؽ"الذيف يقاتموف مف أجميا يصبحوف بػىذه مفارقة غريبة وكأف المسألة كميا مسرح مخرجو !! المبادئ/تصبح ىي صاحبة المطالب

وقد يحسب البعض أنوراء ذلؾ المكر الشديد . الصادؽ الميدي، وكأف الجميور ليس ىو الجميورالكامف " الطفؿ المدلؿ"ػ وىذا أمر وارد في عالـ السياسة ػ ولكننا نرجح أف ذلؾ يعود إلى شخصية

يا ! تحت إىاب الصادؽ الميدي ػ الذي يحسب أف مجرد رغبتو في الشيء تجعؿ منو ممكا لوالمبادئ لـ تتحقؽ ألف ىناؾ جية تاريخية قائمة تمارس / صادؽ يا ميدي، أف ىذه المطالبإلخ وليس ىناؾ سببا واحدا يدعو اآلخريف لرفضيا ػ ألنيا ..األحادية الدينية والثقافية والشمولية

، ولكنؾ أوؿ المطالبيف ػ بفتح البلـ ػ (وراثي)مطالبيـ ػ إال إذا كنت تعتقد أف ىؤالء يعانوف تخمؼ . بيذه المطالبفالجية المتعودة عمى العيش فوؽ رؤوس الناس ": إذا ساء فعؿ المرء ساءت ظنونو"وأيضا

واستغبلؿ عرؽ جباىيـ، الجية المتعودة عمى ممارسة الييمنة والتيميش واإلقصاء واألحادية أما أف تييمف أو "فقاعدة فيميا ىي " المساواة"ال تستطيع تصور (بمعناىا الجوىري)والشمولية

، وىكذا الصادؽ !"(التي تدّرس في المدارس الثانوية)ومف ال يظمـ الناس يظمـ = يييمف عميؾ

Page 26: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

، الذي إنطبلقا منو يفصؿ قميص الشمولية اإلثنية "الييمنة المضادة"الميدي مسكوف بياجس ػ وىذا مجرد تحوؿ لفظي لموقؼ مسبؽ " اإلنقبلب اإلثني"ويزركشو باأللفاظ المتشددة ليصبح

التي لـ تعد مناسبة بعد انضماـ " العنصرية"يصؼ كؿ محاولة لمقاومة الييمنة اإلسبلموعروبية بػأبناء الشماؿ اإلسبلموعربي إلى حركات اليامش ػ ثـ يتبنى موقفا مف شيء ال وجود لو في الواقع

بينما الحقيقة (إلخ.. الغوؿ، البعاتي، الشكموتة، اإلنقبلب اإلثني)كبقية المخموقات االبستمولوجية الواقعة أف ىناؾ شمولية إثنية وحيدة قائمة في السوداف ىي الشمولية اإلثنية اإلسبلموعروبية التي

نعـ كاف لثقافة المركز في "يجمس الصادؽ الميدي عمى قمتيا، ويعترؼ بيا بشكؿ استيبالي ويموه عف كيانيا اإلثني الذي يمارس الشمولية " كاف"يموه ىيمة الحاضر بػ": السوداف ىيمنة

مجموعة إثنية 55ويسكت عف الطرؼ المييمف عميو الذي ىو في الواقع " ثقافة المركز"اإلثنية بػولنفترض عمى سبيؿ الجدؿ، أف السمطة آلت إلى المجموعات، فبأي منطؽ يسمى ذلؾ . ثقافية

وما ىو المعيار الذي عمى أساسو توضع المجموعة اإلثنية ! شمولية أو إنقبلب إثنى؟ مجموعة إثنية أخرى؟ المعيار طبعا ىو مبدأ البلمساواة النابع مف 55اإلسبلموعربية في مقابؿ

ولكف حتى لو افترضنا أف الصادؽ الميدي يريد . االستعبلء التاريخي والييمنة القائمة في الواقعأف يقوؿ أف ىذا اإلنقبلب سيقـو بيا الدينكا بقيادة جوف قرنؽ، فيذا مجرد تصور يشؼ عف

: شيئيفاحتقار الصادؽ الميدي لموعي السياسي لمدينكا ولجوف قرف باعتبارىما جيات : األوؿ

وبالتالي ستكرر أخطاء االسبلموعروبية في السوداف، أو قاصر عف . قاصرة عف فيـ التاريخ .الفيـ في كؿ شيء فتقمدىا

وىو سموؾ في أغمبو الواعي، ييدؼ إلى مبدأ فرؽ تسد، مف : المكر األيديولوجي: والثانيالقائـ " عدو"نظري ومصطنع، والتمويو عف الػ" عدو"خبلؿ تخويؼ الجماعات اإلثنية األخرى مف

أو تأجيؿ قياـ كتمة تاريخية قادرة عمى خمؽ التوازف الضروري / بالفعؿ، وبالتالي سد الطريؽ أماـ . ػ في القوة والوعي ػ لتحقيؽ مشروع التحوؿ التاريخي في السوداف

: تحميؿ معادالت الصراع

مطالب /المعادلة التي يصنعيا الصادؽ الميدي لمصراع عمى أساس الموقؼ مف مبادئ/ أ: السبلـ العادؿ والتحوؿ الديمقراطي ألسباب مؤقتة، سواء كانت حقيقية أو متوىمة

(استنتاج نظري)المطالب /المبادئ= الصادؽ الميدي (مجبر)يقبؿ = النظاـ (ليس ىناؾ تبرير واضح)يماحؾ = التجمع (وليس ترفض فحسب، بؿ تخطط لئلنقبلب اإلثني)تغاير = الحركة الشعبية

Page 27: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

يصبح قطبي التناقض ىما الصادؽ الميدي والحركة الشعبية، وىذه نتيجة صحيحة في

ولكف إذا قرأناىا بتفسير مبادئ السبلـ العادؿ والتحوؿ . مضمونيا، خاطئة في شكميا وتبريرىاالديمقراطي تفسيرا جوىريًا بمعنى ضرورة التحوؿ التاريخي مف وضعية جدلية المركز واليامش أف "المأزومة إلى جدلية التعدد داخؿ الوحدة، مع الوضع في االعتبار قانوف الصراع الذي يقوؿ

: ، تصبح المعادلة كالتالي"أساسي ال يقـو إال رغما عف أشياء قديمة قائمة/ أي تغير جوىري (صاحب المطالب والمصمحة األكبر)التحوؿ التاريخي = الحركة الشعبية (صاحب مصمحة)يقبؿ = التجمع (متضرر)يرفض = النظاـ (المتضرر األكبر)يغاير = الصادؽ الميدي

وفي ىذه المعادلة يبدو النظاـ في موقع أقرب نسبيا لمتحوؿ مف الصادؽ الميدي، وذلؾ : ألنو

مف الناحية النظرية، النظاـ أقرب نسبيا إلى الحداثة منو إلى التقميد باعتبار وسائؿ : أوالكسبو ومجاؿ كسبو ذي الطابع المديني في المقاـ األوؿ، وىذا يعني قدرتو عمى المنافسة

. واالستمرار في مجاؿ التحوؿبسبب )ارتباط مصالحو بتوجيات أقرب نسبيا إلى الرأسمالية منيا إلى الريع الخراجي : ثانياً

. (الطابع المديني العاـتحولت الدولة إلى عبء أكبر مف كونيا مصدرا لمكسب بعد (التمكيف)بعد إنجاز : ثالثاً

التدىور الشامؿ، وىذا ػ في رأينا ػ ما جعؿ الترابي يبتعد ويستعد لدور جديد ومواجية احتماالت . أخرى

إذف لماذا يرفض النظاـ التحوؿ التاريخي؟ لطبيعتو األيديولوجية وموقعو المسيطر نسبيا : أواللمتغيرات التي ذكرناىا سابقا التي صبت في مصمحتو، ولـ يعد مضطرا بالدرجة : ثانيا

. الكافية لتقديـ تنازالت جذرية. لـ تتشكؿ القوى البديمة بعد، بعد أف ضعؼ التجمع: ثالثافموقؼ النظاـ المبدئي مف قضية الحرب والسبلـ مختمؼ جذريا، : ىامش المناورة: رابعا

نفراد التحالؼ اإلسبلمي العريض المكوف مف وأساسو اإليماف باإلنفصاؿ بيف الشماؿ والجنوب، وا الحركات اإلسبلمية بجبياتيا العديدة مع قيادات حزب األمة واإلتحادي الديمقراطي بالسيطرة عمى

والنظاـ يعمـ أنو لف تكوف ىناؾ معارضة جدية في المدى القريب، . دولة الشماؿ اإلسبلموعربية

Page 28: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

ثـ أف الموقؼ الدولي سيتغير كمية تجاه الدولة اإلسبلموعربية التي ستقـو في الشماؿ وسيتعامؿ . معيا ضمف سياؽ الدوؿ العربية ػ اإلسبلمية

ويتضح مف ذلؾ أف قبوؿ النظاـ الذي يتحدث عنو الصادؽ الميدي ىو في الواقع قبوؿ شكمي تكتيكي مثمما قبؿ مف قبؿ مبادئ اإليقاد وظؿ التفاوض المباشر ػ الذي يعطيو الصادؽ

ذا قرأنا ىذا مع واقع توصؿ الحركة . الميدي أىمية قصوى ػ مستمرا، ولكنو لـ ُيحدث أي تقدـ وا عمى قرارات مؤتمر أسمرا (بما فيو حزب األمة في مرحمة تيتدوف)الشعبية إلى إتفاؽ مع التجمع

لمقضايا المصيرية، فإف ذلؾ دليؿ عمى أف النظاـ والصادؽ الميدي ىـ الذيف يرفضوف مبادئ ومف األساليب التي . بالمعنى الجوىري، أي التحوؿ التاريخي لمدولة السودانية" السبلـ العادؿ"

قاؿ لي الرئيس اليوغندي موسفيني أف قرنؽ "يتبعيا الصادؽ الميدي إيراد أسانيد سماعية مثؿ في مسائؿ ليؼ فييا سرية أو تحتاج إلى شيادات مف موسيفيني مثؿ أف قرنؽ " يريد كذا وكذا

ولكف ذلؾ رغبة منو لئليحاء بوجود مؤامرة في موضوع ليس " تغيير ىوية السوداف أو أفرقتو"يريد سريا ألف مسألة تغيير ىوية السوداف أصبحة مسممة في كؿ المنفستوىات بما فييا المنفستوىات

التجريدية لمصادؽ الميدي نفسو، أما مسألة أفرقتو، فيذه أطروحة مثميا مثؿ احتماالت عروبتو أو تعني االحتماؿ؟ ولكف (أو)أسممتو، ومذكور حتى مف الصادؽ عمى سبيؿ االحتماالت، أليست

في ذىف الصادؽ، بؿ ىي (السوداف)االحتماالت األخرى ليوية (إقصاء)المغزى الضمني ىو . صيغة مف صيغ االستنكار

، "الشمولية اإلثنية"وبعد أف يقـو الصادؽ الميدي بإلباس نقيضو ػ الحركة الشعبية، قميص المجموعات الوطنية السودانية ميما كانت " ، يقوؿ "كممة الحؽ التي يراد بيا الباطؿ"يعود لصيغة

ثقافاتيا وانتماؤىا اإلثني تستطيع أف تتطمع ألية مراكز تريدىا ما دامت تحتـر حؽ المواطنة لآلخريف بالوسائؿ الديمقراطية، ولكف المرفوض أف تتطمع إلى السمطة بالقوة تحت أي شعار

ىذا الكبلـ صحيح في اإلطار النظري، ولكف الواقع أف التطمع إلى (5:العودة)" أيديولوجيالسمطة ال يتـ في الفراغ، والمنطؽ ىو أنو إذا توفرت الوسائؿ الديمقراطية والفرص العادلة فبل

، (أوىاـ استعبلئية)نعتقد أف ىناؾ مجموعة وطنية تتطمع إلى السمطة بالقوى إلى إذا كاف لدييا ثـ أنو إذا . وىذا ينطبؽ عمى مجموعة واحدة فقط في السوداف ىي المجموعة اإلسبلموعروبية

كانت ىناؾ جية تحتكر السمطة وتمارسيا شموليا، وال تزاؿ ال تؤمف إال بالقوة فما ىي الوسائؿ االستفتاء أساسا "البديمة لمقوة لمقاومتيا؟ ثـ ما السبب الذي يجعؿ الصادؽ الميدي يمنح حؽ

لمجنوب فقط دوف أبيي واألنقسنا وجباؿ النوبة طالما المشاكؿ ىي مف نفس " لموحدة الطوعيةالنوع؟

Page 29: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

: 27مف نداء الوطف (ي)و (ط)تقوؿ الفقرتاف إكماؿ تمؾ اإلجراءات في فترة إنتقالية قدرىا أربعة أعواـ، في نيايتيا يستفتى جنوب / ط

. ـ ليختار بيف وحدة طوعية بسمطات المركزية يتفؽ عمييا أو اإلنفصاؿ1956الببلد بحدوده عاـ معالجة قضيتي جباؿ النوبة واألنقسنا بما يحقؽ مطالبيـ فيالقسمة العادلة لمسمطة / ي، في إطار ](ز)والقسمة العادلة لمسمطة والثروة عبارة عف تكرار لفقرة عامة ىي الفقرة [والثروة

. السوداف الموحد. وىذا يؤكد إزدواجية معايير الصادؽ حوؿ ما يدعيو حوؿ السبلـ العادؿ

اإلخفاء واإلظيار

: في كيفية تفصيؿ الرؤى واالستراتيجيات واألجنداتبعد أف فّصؿ الصادؽ الميدي الرؤى إلى اثنتيف في البداية لتناسب نظاـ الكفتيف وأقطاب

الساحة السودانية اآلف "التناقض إلى رؤية المبادئ والرؤية المغايرة لمحركة الشعبية، عاد ليقسـ : إلى ثبلث رؤى اساسية تتصارع

ف عدؿ مف ػ الثقافة المركزية ودولتيا الشمولية، وىي رؤية ما زاؿ يوجد مف يتمسؾ بيا وا فإذا تعاممنا ىنا مع كممة شمولية بمعناىا الجوىري، فإف ىذا بالضبط ىو موقع الصادؽ [أساليبو . ]الميدي

. ػ رؤية المواطنة المتساوية وتعايش األدياف والثقافات والوحدة الطوعية والتحوؿ الديمقراطيوىذا يتناقض جوىريا ػ كما بينا سابقا ػ مع األساس الفكري واألساس الموضوعي لمصادؽ [

الحقا في ىذه الرؤية عف طريؽ (يتسمبط)الميدي الذي يستمد منو مصالحو ووضعيتو، ولكنو ]منيج التقريرية االعتباطية الذي ينتيجو كثيرا

" ]افتراضية[. ػ رؤية اإلنقبلب اإلثني ودولتو الشمولية الجديدة: وبعد ىذه الترسيمة، يقفز إلى ما يسميو صراع األجندات

في الفصؿ السادس مف كتابو ػ العودة ػ يوزع احتماالت التحالؼ والمواجية بيف القوى ؛ وطنية، حربية، شمولية، وتدويمية، وينسب لنفسو (أجندات)السياسية السودانية عمى اربعة أقساـ

التي ىي تفاصيؿ " نقاطيا السبع"و" أمورىا األربعة"ػ بالطبع ػ األجندة الوطنية، ويكرر في مقدمة (النقاط)ويقرر بأف التسميـ بيذه المبادئ . لمسبلـ العادؿ والتحوؿ الديمقراطي: األمور األربعة

يعني فت صفحة جديدة تسمح بتحقيؽ تطمعات الشعب المشروعة، ويقرر أيضا أف الحريات

27

م، 2000م، مركز الدراسات السودانية، 2000ـ1999 حالة الوطن؛ التقرير االستراتيجي السوداني األول . 89ص

Page 30: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

األساسية وتمكيف القوى السياسية مف تنظيـ صفوفيا لتمارس دورىا المشروع والتسميـ باالحتكاـ لمشعب لحسـ الخبلفات السياسية وبالتداوؿ السممي االنتخابي لمسمطة يعني إلغاء أي مبرر لحمؿ

.." اتخاذ التفاوض المباشر وسيمة لتحقيؽ تطمعات الشعب]ويبقى بالتالي[السبلح . إذف ىذه ىي النتيجة التي أراد التوصؿ إلييا بعد كؿ تمؾ التفصيبلت

الحركة : ولكف مف المقصود بيذا الكبلـ؟ المقصود طبعا الجيات التي تحمؿ السبلح، ويستضمف ىذا الكبلـ، إذا قرئ مع تقرير سابؽ بأف (افتراضا)الشعبية، التحالؼ، والتجمع

النظاـ صار يقبؿ جوىر المبادئ المطموبة لمسبلـ العادؿ والتحوؿ الديمقراطي، يبقى في كفة ومف واجب الجيات األخرى أف تأتي إلى المفاوضات المباشرة . السبلـ الصادؽ والنظاـ

وباإلضافة لتجمي النزعة التصوراتية التجريدة التي تجعؿ مف األمر وكأنو اختبلؼ . (المفترضة)! بيف جيات تتصارع عمى إناء فارغ وحوؿ مف سيمؤله أو كيؼ يمؤل ىذا اإلناء الذي ىو الدولة

مثمو مثؿ بقية (أي النظرية اليبنقية)وتصبح المطالبة بإلقاء السبلح لمجرد اإلقرار بإعبلف مبادئ وىذا . اإلعبلنات، والتي استمر التفاوض عمى أساس آخرىا لعدة سنوات دوف الوصوؿ إلى شيء

يظير تحيز الصادؽ الميدي اإليديولوجي لمنظاـ، فالنظاـ غير مطالب بإلقاء السبلح بالرغـ مف والصادؽ "!: يتفاوض"أنو يسيطر عمى الدولة ويعيد صياغة كؿ شيء بالقوة وىو في نفس الوقت

وبالنسبة لمسبلـ ". إتفاؽ عادؿ"أمر ضروري ألي " توازف القوى"أف (ولو نظرياً )الميدي يعرؼ فمماذا يصر الصادؽ عمى . العادؿ والتحوؿ الديمقراطي ىو أمر أكثر ضرورة مف كؿ النظريات

تجريد أحد أطراؼ الصراع مف مصدر قوتو الوحيد المعترؼ بو؟ إذف السبلـ العادؿ عند الصادؽ ، ثـ أف ما ذكره ىو مجرد نقاط ُمختمؼ حوؿ تفسيراتيا اختبلفا "السبلـ العادؿ"الميدي ليس ىو

كبيرا، ويمكف ألي أحد أف يتبناىا نظريا ويبقى بالتالي الضماف الوحيد لتحقيقيا في الواقع ىو ومف ضمف وسائؿ ىذا التوازف حمؿ السبلح الذي يسميو الصادؽ الميدي األجندة . توازف القوى

والغريبة أنو ينسب !! يجعميا الناس أجندة بمزاجيـ!! الحربية، كأنما الحرب حفمة ألكؿ البوظةىذه األجندة لمحركة الشعبية دوف الجيات األخرى التي تحمؿ السبلح، ومف ضمنيا األجندة

تجد دعما مف بعض " أجندة جيادية"الحربية التي تحكـ السوداف لزماف طويؿ والتي تطورت إلى ! الجيات العربية واإلسبلمية

عندما يأتي دور النظاـ، يفبرؾ المسألة بطريقة ماكرة، يقسـ فييا النظاـ إلى لوبيات، ينسب ليسوا أجندة حربية وال " الدبابيف"إلى بعضيا األجندة الشمولية، والبقية طبعا األجندة الوطنية، و

أما في الحركة الشعبية . ، ويبرر شمولية النظاـ في نفس الوقت"تفمحوف"وىو بيذا يبرر ! يحزنوففبل توجد لوبيات يمكف أف يوجد مف بينيا مف يتبنى األجندة الوطنية، فيي حربية جممة وتفصيبل،

، فيـ، أينما كانوا ال يخموف مف "اإلقصاء الرمزي"وىنا يتجمى أحد مضاميف خطاب المركزي "! فكميـ في اليـ بموة: "الوطنية، أما اآلخروف فميس فييـ احتماؿ لوٍب واحد وطني

Page 31: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

: االستراتيجيات

وبنفس الطريقة التي يتبعيا في تفصيؿ الرؤى واألجندات، عمى المقاسات التي يريد أف يمبسيا لنفسو ولآلخريف، يقرر أف ىناؾ استراتيجيات تحكـ آليات التفاوض، وحددىا في

: استراتيجيتيفبعاد الشماؿ / أ استراتيجية تيدؼ ألفرقة الشأف السوداني، وتحجيـ دور الشماؿ داخميا، وا

األفريقي إقميميا؛ استراتيجية تعترؼ بالواقع السوداني العربي االفريقي وتطمع إلى تجاوز مظاـ / بإلخ ...الماضي

: ولكنو يسكت عف أىـ استراتيجيةالسوداف جسر العروبة واإلسبلـ "استراتيجية األسممة واالستعراب : االستراتيجية األزلية/ 1أػ

ف كاف " إلى أفريقية وىي االستراتيجية التي يتبناىا الصادؽ الميدي والنظاـ، وتتبناىـ جياتيا، وا يرجع الفضؿ ألحد في ابتداع آلية تتناسب مع ىذه االستراتيجية، فإنو يرجع إلى الصادؽ الميدي

، التي "المبادرة المشتركة"، أو ما يسمى بػ"المبادرة الميبية ػ المصرية" "تخميؽ"بمساىمتو في يضعيا الصادؽ الميدي كآلية أساس، لما أسماه بالحؿ السممي الشامؿ، ويكثر مف مقارنتيا

: باإليقاد، المعترؼ بقصورىا الذي يتمثؿ في. حصر أطراؼ المفاوضات في النظاـ والحركة الشعبية/ 1. حصر القضية محؿ النزاع في منظور شماؿ ػ جنوب/ 2

: ولكف الصادؽ الميدي ال يتكمـ عف مزايا اإليقاد، وىيوطرحت القضية بوضوح بالنص . ركزت اإليقاد عمى القضايا الجوىرية محؿ النزاع/ 1

وبيذا أغمقت باب المناورات بالمنفستوىات والتخريجات . عمى عممانية الدولة أو تقرير المصيرالتي تنتيج أسموب المداورة في قضية الديف والدولة مثمما يفعؿ الصادؽ الميدي بتمويو القضية

. التي تحتمؿ التأويبلت الواسعة" المواطنة أساسا"في جممة ترتيبيا لؤلولويات منطقي، إذ أنيا ال تفترض وقؼ إطبلؽ النار الشامؿ قبؿ التوصؿ / 2

. إلى اتفاؽ سبلـ شامؿ: أما المبادرة المشتركة، فمف إيجابياتيا

(وىذه قد ال تعدو عف كونيا نقطة شكمية)جمع أطراؼ النزاع السوداني، : أما سمبياتيا فيي

Page 32: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

: وىذا يتطمب إجراءات مثؿ). تضع وقؼ إطبلؽ النار الشامؿ في أوؿ بند مف بنودىا/ أتييئة المناخ، وبناء الثقة، وتحديد مدى زمني لموصوؿ إلى اتفاؽ أو إعبلف فشؿ المفاوضات . (المباشرة، وىذه أمور بالغة التعقيد، ويمكف لمنظاـ أف يتبلعب عمييا بسيولة كما حدث بالفعؿ

يعني تراجع القضية وتجاوز لمسممة أصبحت أمرا واقعا )تسكت عف تقرير المصير، / ب. (لدى كافة أطراؼ الصراع في السوداف

، عاد لممنطؽ الشكمي "المبادرة المشتركة"التجمع في (دّبس)والصادؽ الميدي بعد أف والغريب أف الحركة الشعبية وىي تقود إصرار : "بالمعب عمى المجاىيؿ المطعمة بالسخرية قائبل

الفصائؿ عمى منع برنامج المبادرة المشتركة ما لـ ينفذ النظاـ السوداني إجراءات بناء الثقة، وما وطبعا، بالمقارنة ". ]وىي تفاوض النظاـ منفردة في نفس الوقت[لـ يتـ التنسيؽ مع مبادرة اإليقاد

بيف المبادرتيف نكتشؼ زيؼ ىذا المنطؽ، فالصادؽ يمعب عمى إمكانية جيؿ القارئ بمحتويات المبادرتيف، فالسبب الواضح في المطالبة بإجراءات بناء الثقة أو ما يسمى بتييئة المناخ ػ سواء جاء مف التجمع أو مف قبؿ الحركة الشعبية ىو وضع بند الوقؼ الفوري إلطبلؽ النار ووضع

آلية مراقبة في البند األوؿ في المبادرة المشتركة، بينما اإليقاد ليست في حوجة إلى كؿ ذلؾ ألف أما مسألة ". توازف ما لمقوى"وقؼ إطبلؽ النار يأتي بعد إمكانية التوصؿ إلى اتفاؽ سبلـ في ظؿ

تفاوض الحركة منفردة فيذا يرجع في األساس لرفض النظاـ إلضافة أطراؼ أخرى، ألف مشكمة "، ويسمييا (شماؿ ػ جنوب)استراتيجيتو تقـو عمى حصر القضية في منظور وسياؽ

أما . وىذا مرتبط بما ذكرناه سابقا حوؿ موقؼ النظاـ المبدئي القائـ عمى رؤية اإلنفصاؿ" الجنوبلتوسيع اإليقاد، فيذا تخريج سيء مف الصادؽ الميدي لخطابو (في السر)مسألة رفض الحركة

، ثـ أنو ليس لمحركة أية مصمحة في (فيا ترى كيؼ عرؼ الصادؽ الميدي بيذا السر الكبير؟)ذلؾ، فالتجمع ىو حميفيا ووجوده يقوييا بأقصى درجة ممكنة، ولكنيا رغبة الصادؽ الميدي في إلباس الحركة الشعبية قميس المـو بمناسبة وبدونيا ألنيا حاضرة دائما في ذىنو في صورتيا

التاريخي، ورحـ اهلل امرئا عرؼ نقيضو /الرمزية المخيفة، كمثاؿ لمنقيض اإليديولوجي. اإليديولوجي

وىكذا، لعب الصادؽ الميدي دوره وعاد إلى حقمو اإليديولوجي بعد أف ساىـ في إمكانية استمرار الوضعية التاريخية المأزومة، أي تعميؽ إمكانية الحموؿ الحقيقية وقّرب النظاـ مف ىدفو

عاد والتقى بالجبية اإلسبلمية لمواصمة العمؿ في توحيد جبية الكفاح . الرامي إلى فصؿ الشماؿالمطالبة باحتكار االستخداـ الشرعي لمعنؼ "مف أجؿ البقاء في موقع (اإلسبلموعروبية)الداخمية

: بعد أف وصؿ االستخداـ غير الشرعي إلى مداه وأنتج مضاداتو" المادي والرمزي وقد يجمع اهلل الشتيتيف بعدما

Page 33: قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة

يظناف كؿ الظف أال تبلقيا ف ما ىو . والحقيقة أف ما بيف الشتيتيف مجرد حماقات سمطة، ولكنيما في اليـ شرؽ وا

جوىري ليس في الكممات التي تصاغ في المنفستوىات بقدرما ىو في الخمفيات والمرجعيات .التاريخية التي ىي قادرة عمى جمع الشتيتيف بعدما يظناف كؿ الظف أال تبلقيا/الوضوعية