Upload
boujemaa-achefri
View
215
Download
2
Embed Size (px)
DESCRIPTION
مثاطع للكاتب والفنان التشكيلي المصري يوسف ليمود، نشرت في أسبوعية الوطن الآن المغربية
Citation preview
م�ساجالتاخلمي�س 03 يناير 2013 ـ العدد: 500 26
ومن املقرفات في الدنيا أن من ورث الدين بال إعمال عقل يحاول فرض وصايته على من
أعمل عقله واتخذ منه موقفا.
* * *
- ملاذا تتطور الفنون وال تتطور األديان؟- ألن الفنون تتعامل مع املتغيرات احلياتية،
أما األديان فتتعامل مع الثوابت.ماعدا الكون في ثوابت أي توجد وهل -
فكرة الله؟- ممممـ... في احلقيقة ال!
- إذن، يجب أن يقتصر الدين على التعامل الشخصي مع الله ويترك الدنيا ألهلها.
* * *
أمس في أحد خطوط امليني باص الطويلة جلست جنب امرأة منقبة ال تظهر منها عني وال حتى ظفر إصبع. كانت تسك في يدها املكسوة بقفاز أسود »كوز درة مشوي« أخذت منه قضمة شيء عن أستعلم أن أردت واملوبايل. واحدة، أن واستحييت نزولي ومكان الطريق يخص أسألها، فاستدرت وسألت رجال خلفي، فشجعها الذي سؤالي عن إلجابتي املسارعة على أدبي غريب أنني فهمت أنها ويبدو لها، أوجهه لم طوال لي فتفرغت البلد_ عن حتى _رمبا الطريق. في كل محطة تذكر لي اسمها وما تيسر من املعلومات عنها... كانت في غاية اللطف في فعال. جميل شيء صوتها في وكان احلقيقة، كانت جتربة خرافية بالنسبة لي أن أحاول أن
أتخيل وجه من حتدثني في هذه اللقطة اللطيفة ال اثنني بني العابر اإلنساني التواصل من يعرفان بعضهما البعض، بينما أحدق في جبل
غامض ملفوف بالسواد من القمة إلى السفح.
* * *
بلدانا عديدة ورأيت اإلسالم _شكال زرت في غيره ماليزيا في غيره الهند في وأداء_ أندونيسيا غيره في بالد املغرب العربي وغيره بطبيعة احلال في مصر. كما أتذكر شكل رجل حني عموما احلياة وتفاصيل شكل بل الدين، الصور هذه كل من وأستنتج صبيا.. كنت أقرب اليوم مصر في الدين رجال شكل أن لتصورات الطفولة ألشكال الشياطني واألشرار
في أفالم الرعب. شيء مخزي ومحزن فعال.
* * *
احلقيقة أنني أزداد إميانا يوميا بضرورة هؤالء، املجانني لإلسالميني احلاسم التصدي واعتبارهم أعداء احلياة والله والفطرة، وليسوا
فقط أعداءنا كعلمانيني أو كالدينيني.
* * *
أرى وجوه املتأسلمني، فأشعر باحلاجة إلى غسل عيني.
* * *
عندما كان الله وحده هو من يحاسب البشر
ألطف اإلسالم شيوخ دور كان أعمالهم، على وباآلخرة بأنفسهم مشغولني كانوا إذ بكثير. وعندما فيها. وما بالدنيا انشغالهم من أكثر بدأت السعودية تدفع لهم، وبالدوالر، انشغلوا الله بدور القيام اآلن ويريدون الناس، بحياة على هنا اجلحيم وحتقيق البشر حساب في األرض. طبعا طاملا الدفع هنا، يكون احلساب
بدوره هنا!
* * *
أن مفادها حكاية البوذية األدبيات في فالحا يعبر احلدود إلى البلد املجاورة كل عدة يوقفه ضابط مرة كل وفي راكبا حماره، أيام احلدود ويقوم بتفتيشه هو واحلمار بدقة فال يجد معه ما هو محظور أو يستحق الضريبة، »أعرف تقول: املرتابة ونظرته فيتركه ميضي ما«. يوما يدي في وستقع شيئا، تهرب أنك وبعد سنني عديدة، تقابل الضابط الذي أحيل الفالح، في إحدى اخلمارات، املعاش مع على له: »اآلن بإمكانك أن تخبرني: ماذا كنت فقال الفالح بكل بساطة: »حميرا. كنت تهرب؟«. رد
أهرب احلمير«.
* * *
مادامت هناك تهمة اسمها ازدراء األديان، ففي املقابل يجب أن تكون هناك جائزة لتكرمي اخلبر: هذا على يوما نصبح مثال األديان. نوبل جائزة على احلويني الشيخ حصل لتكرمي األديان إلثباته اإلعجاز العلمي في بول
اإلبل.
* * *
من تزمجر إسالمية. أصبحت معدتي زجاجة بيرة. لكن الكلمة األخيرة والعليا للقلب
امللحد.
* * *
أحد استدعى الرشيد هارون أن يحكي الزاهدين وسأله عن درجة زهده فقال الرجل ما معناه، أنه حني ينام بالليل ال ينتظر الصباح، وحني يرمش جفنه ال يتوقع أن ينفتح... فقال الرجل فاندهش منك«. أزهد »أنا الرشيد له املعروف إذ املضحك، الرد هذا من وتعجب أن الرشيد كان دنيويا محبا للنساء والشراب زاهد »أنت الرشيد: له فقال الطرب. وحفالت في الدنيا القصيرة الفانية، أما أنا فزاهد في طوال لها تعمل التي األبدية واحلياة اجلنة
حياتك«.
* * *
»هناك شار: رينيه الفرنسي الشاعر قال برازهم«. لو كان الشاعر بيننا أناس يتقدمهم
اليوم لقال: إن هناك أزمنة يتقدمها البراز.
* * *
الله يرحمه عمنا جنيب محفوظ. جاب من اآلخر ملا قال: ال جتادل مؤمنا.
كاتب وفنان ت�صكيلي م�صري
أزداد إميانا بضرورة التصدي لإلسالميني املجانني يو�صف ليمود
يخفيه كان ما في سورية، أخيرا، انكشف أمن الديكتاتورية وأمانها الزائفان من ضروب العنف، كأن دمال قد انفقأ. ظهرت على حقيقتها عنفا بوصفها الفاسد االستبداد سكينة للنظام كارثي أثر منهجيا، هو متكررا، منظما االقتصادي والسياسي. غير أننا، نحن ضحاياه السابقني، كنا نعلم أي أمن كاذب هو هذا األمن. واألجساد الدم، التحقيق غرف في رأينا لقد املشبوحة، واألفخاذ املفسوخة، واألعني املرفوسة بالبسطار، واألعضاء املكهربة، واألطراف امللوية حتى الشلل. ورأينا املوت، وذل البشر وإباءهم.
أجسادنا، على نختبر، أن لنا أتيح لقد طبيعة الديكتاتورية احلديثة احملكومة باألجهزة تكاد ال الذي السياسي النظام ذلك األمنية: وقانونية. حقوقية سياسية بنية له تكون أن وقانونه الفعلي هو شهوة السلطة ليس لذاتها املجتمعات، هذه مثل في ألنها، بل فحسب، إلى الدولة حتول أن وتقدر الثروة، مصدر
مشروع استثماري هائل األرباح.
أو سياسي تعال أي للديكتاتورية ليس لها تكون أن ليس ضروريا بل فعلي، حقوقي أي رفعة شخصية، حتى ميكن أن تدار بأي نكرة التساؤل إلى يدفع الذي األمر املصادفة، وليد عما إذا كان ملثل هذا النظام تاريخ فيه ماض أو مستقبل. فهو يكاد أن يكون نظام اللحظة التي ال جتد دوامها وأمانها إال باختفاء كل معارضة مهما جميعا، البشر وجعل اخلنوع، وتعميم تكن تبايناتهم، متساوين، ال ألنهم كل شيء، كما في الدميوقراطية، بل ألنهم ال شيء، مجرد رعايا
ميكن التحكم مبصيرهم.السياسي، مستوى حتت يحيا نظام إنه السياسة حدود أنه لو كما واالجتماعي، بل الفراغ وزمنه أن حيزه هو لو كما واالجتماع، هو اللحظة: »حيز بال أمكنة وزمن بال دميومة«. االنفعال ذلك اخلوف، فهي كله ذلك آلة أما العفوي، البسيط، الذي ال يحتاج إلى تعليم، وال أو سياسي، وال يعرف اجتماعي يتميز بطابع لوائح أو قوانني، وال يثنيه شيء عن الوالدة آن
يستولد. اخلوف، اخلوف، ثم اخلوف، ما يصنع حياة هذا النظام الغريب.
ذلك هو العنف الذي تفجر وولد كل ما تراه األعني اآلن من ضروب القسوة والهمجية: بدءا باحلل األمني الذي انتقل من الضرب بالعصي والطائرات، الصواريخ براجمات القصف إلى مرورا بالعنف احلربي املقابل واخلطف والذبح والتقطيع، انتهاء مبا ينهمر من كل صوب من خطابات التمييز الطائفي العنصري و «مكارثية» أشباه املثقفني والفنانني وميلهم إلى التخوين
واإللغاء.حني انكسر حاجز اخلوف، آلة إعادة إنتاج النظام، لم يكن بد من انفالت عنف هذا األخير من كل عقال. ذلك كان معروفا حتى لدى أمهاتنا اللواتي كن، أمام كل مصيبة دهماء من مصائب
النظام، يطلنب من الله أن يجيرهن من األعظم.غير إلى ذلك كل ينتهي أن أجـــل ومـــن املدنية شعبنا ثورة مـــــع نزال وال كنا رجعة، الدميوقراطية، وضد حتويلها إلى حرب يريدها
من ال يقوى على ممارسة سواها، ويزداد جهلنا بطرفها الرابح كلما أمعنت بالقتل والدمار. وما إنا الثورة بداية في «السلمية» شعار عكسه ومخاوف، مخاطر من بها يحف ما وعي هو قمته، والذي ال املتركزة في النظام لبنية نظرا يزال يبدي تالحما شديدا في مكوناته، ويحظى وعسكرية واقتصادية اجتماعية قواعد بتأييد اإلثنية بفسيفسائه يتميز بلد في شتى، والطائفية واملذهبية املعقدة، كما يتميز بغياب كامل لكل مظاهر املجتمع املدني الذي ذهبت به
عقود من القمع املطلق.هل أعاد النظام إنتاج ذاته حتى في بعض من يزعم أنه نقيضه؟ ثورة أم حرب؟ وما مقادير إسقاط حقا يريد من املشهد؟ في منهما كل هي تلك السلميون؟ أم احلربجيون النظام؟
اليوم أسئلة حياة سورية أو موتها.
كاتب ومرتجم �صوري، رئي�س حترير جملة
"ج�صور" للرتجمة والدرا�صات
جلد الديكتاتورية »اآلمن« ثائر ديب