52
١ إﺷﺮاف ﺗﺤﺖ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻨﺠﺎ أﺑﻮ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﺒﺪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻓﻘﻬﺎء ﺑﻤﺠﻤﻊ اﻟﺨﺒﻴﺮ ﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻻﺗﺤﺎد وﻋﻀﻮ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺎﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ واﻹﻏﺎﺛﺔ ﻟﻠﺪﻋﻮة اﻟﻌﺎﻟﻤ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ وﺗﺮﺗﻴﺐ ﺟﻤﻊ اﻟﺘﻤﻌ ﺑﺠ اﻟﻌﻠﻤﻨﺔ اﻟﻠ ﻟﻪ ﻗﺪم اﻟﺪآﺘﻮر اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺴﺎﻋﻲ هﺎﻧﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻌﻴﻢ وأﺻﻮﻟﻪ اﻟﻔﻘﻪ أﺳﺘﺎذ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻓﻘﻬﺎء ﻣﺠﻤﻊ وﻋﻀﻮ وﻋﻀﻮ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻟﺠﻨﺘﻪ ﻟﻺﻓﺘﺎء

العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

Embed Size (px)

DESCRIPTION

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) سورة النساء العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية هذه العقول الضالة يريدون الهبوط من سمو الأخلاق الإسلامية إلى حضيض الرذائل البهيمية

Citation preview

Page 1: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

١

تحت إشراف الشيخ

محمد عبد العزيز أبو النجا الخبير بمجمع فقهاء الشريعة

وعضو االتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالمجلس اإلسالمي العالمي للدعوة واإلغاثة

الطبعة الثالثة جمع وترتيب

اللجنة العلمية بجمعية الترتيل

قدم له األستاذ الدآتور

عيم محمد هاني الساعيمحمد ن أستاذ الفقه وأصوله

وعضو مجمع فقهاء الشريعة لجنته الدائمة وعضو

لإلفتاء

Page 2: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٢

بسم اهللا الرحمن الرحيم

تقديم فضيلة األستاذ الدكتور محمد نعيم محمد هاني الساعي

الحمد هللا رب العالمين والصالة والسالم علـى سـيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعـد فـإن الشـيخ

نـا علـى الفاضل األستاذ العزيز محمد أبو النجـا أطلع رسالة لطيفة لجمعية الترتيل الكريمة، قـام حفظـه اهللا تعالى مشكورا باإلشراف على إخراجها فجاءت علـى صغر حجمها كبيرة في قدرها غنية بمعانيها، أتت على بعض أهم ما التبس على العامة من مفاهيم ومصطلحات تداعى إليها وعليها أكثر التيارات السياسية المعاصـرة

ن اإلسالمية تتنافى حقائقها وما تأصل وتقعد في في البلدافقه اإلسالم وشرعه العظيم، وقد ازدادت خطورة تلـك التصورات واالصطالحات الوافدة عندما أصبحت هـي البديل األوفى واألنجع للشعوب المسلمة وكأنها لم تجـد ما يشبع نهمتها ويسد حاجتها ويحقق آمالها ويفتح أبواب

مام أجيال من الشباب المتعطش للبذل المستقبل الزاهر أ

Page 3: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٣

والعطاء إال بعيدا عن شرع السماء وهدي المصطفى ممسكة بتالبيب ما تشرق وتغرب وتحلق واهتـرأ مـن التجارب والتصورات والدسـاتير األرضـية الوافـدة المصنوعة بيد المخلوق الضعيف القاصر، فكان واجب

الوافـدة أهل العلم التسابق لبيان زيف تلك التصـورات الغريبة عن قوانين اإلسالم وتاريخ األمة وماضيها التليد

وأداء لواجـب البيـان وذلك بالغا عن اهللا ورسوله والنصح لألمة، فجزى اهللا القائمين عليها خير الجـزاء ونفع بهم العباد والبالد وتقبل منا ومنهم وألهمنا وإيـاهم

لين مـن السداد والرشاد وجعلنا وسائر المسلمين العـام ، وآخـر المجددين لدينه والمحيين لنهج نبيه وحبيبه

.دعوانا أن الحمد هللا رب العالمين كتبهو

محمد نعيم محمد هاني الساعي ليلة األربعاء

القاهرة المحروسة

٢٢/٣/٢٠١١

Page 4: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٤

اللجنة العلمية مقدمة

هو وحده إله إال أشهد أن الو ،الحمد هللا العلي الكبير ـرأمو ،ل القـرآنالخبير، أنـز الحكيم له الشريك

، إلسالم الـدين الثابـت األركـان ، وجعل انباإليماعلى الكافة مـن اإلنـس وفرض الدخول فيه كافة

ضرب والجان، وحكم على كل منهج يعارضه، أنه ركن الشوتخليطوالعصيانم ، ذيان، واتبـاعاله نم .إلى الضالل والخسران وسبيل للشيطان، دلىوأشهدا صمحم اهللا عل أن صحبهعلى آله وو يهالبيضـاء، ، عبد اهللا ورسوله، أرسله بالمحجةوسلمبأوضح البراهين ألقوم ديـن، ىة السمحاء، فأتوالملمحجة السالكين، وحكم على كل من عصـاه وأبان

أنه م هجنهخالف مرين، نوالين الخاسالض

Page 5: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٥

: وبعـــــدالدولـة ( قد كثر في هذه األيام العصيبة ترديد كلمة

؛ )الليبراليـة، العلمانيـة ( ، )الديمقراطية( ، )المدنيةذلك ألن فساد البالد في السنين الماضية أدى إلى أن يعتلي منابر الدولة من إعالم ومؤسسات ثقافية ثلـة

لذين ابتعدوا عن نهج رب العـالمين، من العلمانيين اولهم دعوة واضحة يريدون أن يجعلوها اآلن علـى

.أرض الواقع ويغيروا هوية مصر اإلسالميةإلغـاء ودعوتهم ترك االحتكام إلى الشريعة اإللهية،

المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن اإلسالم ـ ادئ دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسـمية ومب

الشريعة اإلسالمية المصـدر الرئيسـي للتشـريع، دعوتهم الهبوط من سمو األخالق اإلسـالمية إلـى حضيض الرذائل البهيمية تحـت شـعار الحريـة الشخصية، دعوتهم حصر الدين في المسجد وإلغاؤه

Page 6: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٦

حكام رب البرية بالتخلف من حياة الناس، يصفون أنكتب هذه فلما كان األمر كذلك، رأينا أن والرجعية،

الرسالة الموجزة بعبارة قريبة من القـارئ العـادي مواطن السـم وحقيقة هذه المذاهب الضالة مبينين في هذه المذاهب، واضعين بين يدي القـارئ القاتل

ما الذي سيؤدي إليه انجراف المسلمين وراء هـذه تستبين سبيل لوذلك ؛المذاهب في هذه األيام العصيبة

ن هلك عن بينة ويحيى من حي المجرمين، وليهلك معن بينة، وإلقامة الحجة وبيان المحجة، وليقذف اهللا

على الباطل فيدمغه فإذا هـو زاهـق، بإذنه بالحقوبين يديك أخي الكريم الطبعة الثالثة التـي تتميـز

وبعض بوضع فصل في محاسن الشريعة اإلسالمية وهللا الحمد فهـو الموفـق الزيادات النافعة بإذن اهللا،

.وهو المستعان يقبل القليل ويبارك فيه اللجنة العلمية بجمعية الترتيل

**********

Page 7: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٧

العلمانيةــة ــة اإلنجليزي ــي اللغ ــر ف ــذا الفك ــق ه يطل

(Secularism) وتعني الالدينية أو الدنيوية غيـرأنها اشتهرت باسم العلمانية ولعل ذلك كان مقصودا

سـلمين؛ بغية إظهارها بمظهر يجعلها مقبولة بين الموالمذهب (Science)ألن العلم في اللغة اإلنجليزية

وهذا تلبيس شديد حتى يفهـم (Scientism)العلمي الناس أن هذا المذهب المقصود به العلم واالنفتـاح

. العلمي، وليس هذا هو المرادمفهـوم يـرى ): أكسفورد( والعلمانية في قاموس

غير ضرورة أن تقوم األخالق والتعليم على أساس .ديني

وترجع جذور هذا الفكر الذي نشأ في أوروبا نتيجة الظلم واالستبداد على يد الكنيسة السيما في العصور الوسطى حيث طغى رجال الكنيسة بدينهم المحرف

Page 8: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٨

وسيطروا علـى الحكـام والمجتمعـات وأرادوا السيطرة على حقائق العالم فنفوا من هذه الحقـائق

على الشعوب هناك ما خالف تصوراتهم، وأقيمتمذابح دموية وسميت بمحاكم التفتيش قتـل فيهـا النساء والرجال باآلالف، ومما يـذكر مـن آالت التعذيب آالت كسر العظـام وتقطيـع األطـراف وانتزاع أثداء النساء وخلـع األظفـار وكالليـب التعليق وقطع األلسنة وألوان شـتى مـن ألـوان

.التعذيبالهم الدينية، فصكوا وقد صاحب هذا فساد في أحو

صكوك الغفران وزعموا أنه ال تقبل عبادة العبـاد .إال من خالل رجال الكنائس

ورويدا رويدا بدأ التململ والتـذمر الـذي انتهـى الفرنسية التي آلت الثورة بالثورة والتي من أبرزها

لعلى نفسها محاربة المكمعـا ة وتسلط القساوسـة ي

Page 9: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٩

نقوا آخر ملك بأمعاء اش( بتطرف يلخصه شعارها

أي تخلصوا من كل الملوك ورجـال )آخر قسيس .الدين

ثم قامت الثورة بحصار على الدين في شعائر تعبدية فقط ال عالقة لها بالحياة، وأقامت حضارتها علـى

.المادية المحضة وفي اعتقادها أن العلم ضد الدين :وللعلمانية أركان ثالثة

لدنيا فقط وتـأخير قصر االهتمام اإلنساني على ا .١في الدين منزلة الدين في الحياة، فال يصح أن يتدخل .الحياة العامة بل هو محصور في المسجد فقط

فصل العلم واألخالق والفكر والثقافة عن االلتزام .٢فـاألخالق والمبـادئ -أي دين كان -بتعاليم الدين

عندهم من األمور النسبية، بينما هي في اإلسالم من لثابتة التي ال تتغير وال تتبدل، فالزنا مثال في األمور ا

اإلسالم حرام ومناف لألخالق من عهـد النبـي

Page 10: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

١٠

إلى يوم القيامة، أما في العلمانية فاألمر نسـبي فـال .حرج طالما أن االثنين متفقان على هذا

إقامة دولة ذات مؤسسات سياسية علـى أسـاس .٣ .غير ديني

:آراء العلمانيين في مذهبهم

هل أنزل اهللا تعالى دين اإلسالم : ذا سألت العلمانيفإليكون هاديا لنا في كل أمور حياتنا، فال يجوز لنـا أن نرفض شيئا منه؟ فإن جوابه ال يخرج عن ثالثة

:احتماالت .أن يفر من الجواب •

إن الدين يجـب أن : يقول بوضوح وصراحة وأ •نعزله عن السياسة والثقافة والفكر وعـن حياتنـا

إن الـدين : تماعية، وقد يكون لطيفا فيقـول االجأن يكون يخرج عنعالقة بين اإلنسان وربه وال

. مسألة شخصية

Page 11: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

١١

إن مفهومي الشخصي للدين هو : يقول يوسف القعيدالمسجد أو الكنيسة أو المعبد، وتقول منى مكرم عبيد

ال بـد : لجنة العالقات الخارجية بحزب الوفد ةرئيسة الدولة الدينية، أما مصطفى أن تتصدى الدولة لدعا

الفقي عضو مجلس الشورى فيريد أن يضع الـدين دون الهبوط به إلـى : ( في مكانه المقدس كما يقول

، وهذا معنـاه كمـا يقولـون ال )صراعات السياسةسياسة في الدين وال دين في السياسة، فأحكـام اهللا

نضـرب بهـا تعالى التي في قرآنه أو سنة نبيهأحكـام الوضـوء ط وال نأخذ منها إالئعرض الحا

!!.والصالة والعبادة

إن الدين كله حق واالحتكـام : يقول العلماني وأ •إليه واجب، ولكن أين الذين يطبقونه كما أنزل، ثم يأخذ بعد ذلك بالطعن في حملة الدين ويسـمونهم بالمتاجرين بالدين إلخ، وهو يقصد الطعـن فـي

Page 12: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

١٢

دة وهي أنه ال يمكن الدين نفسه، فإذن النتيجة واحبحال من األحوال تحكيم الشريعة اإلسالمية للناس

.في شئون حياتهم

:التقليد األعمى

إذن أيها المسلمون هؤالء العلمانيون يقلدون الغرب تقليدا أعمى عاريا عن الفهم والعقـل فضـال عـن الدين، فالكنيسة في أوروبا كانت هي الحاكمة علـى

محرف يعذبون ويقتلون، الشعب وعلى السلطة بدين فقامت الثورة على الكنيسة وحجمـت الـدين فـي

.الكنيسة وواجهت الدنيا بهذا الفكر العلمانيأما في بالد اإلسالم فالمسجد لم يسـيطر ال علـى الحكام وال على الشعب، بل كان مضطهدا في كثير من األحيان، ثم إن شرع اإلسالم عظيم فيه صـالح

هذا تقليـد أعمـى : لعلمانيينلل الدنيا واآلخرة، فنقو .إن لم تدرككم رحمة اهللا يؤدي بكم إلى التهلكة

Page 13: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

١٣

:ضالل العلمانيين

فالعلماني قد يكون ذلك الشخص الذي يطعـن فـي الدين جهارا أو يسب القرآن والسـنة أو يسـتهزئ

ولكن يعتقد أنه غير ملـزم كذلكبهما، وقد ال يكون أو يعتقد أنـه ،باتباع جميع ما جاء عن الرسول

أن يرفض بعض أحكام دين اإلسـالم، أو بين مخير .يعتقد أن الدين ليس شامال لكل الحياة

إن المـرأة غيـر : فقد يقول لك على سبيل المثـال ملزمة بالحجاب الشرعي؛ ألنـه ال يصـلح لهـذا الزمان، أو أن الحدود الشرعية ال تصلح للتطبيـق

ل إن النظـام في هذا الزمان؛ ألنها وحشية، أو يقو .االقتصادي البد أن يقوم على الربا

إن( : ونسي هؤالء المسـاكين أن اهللا تعـالى قـال

كمإلا الح كل ( ،)٥٧ :األنعام ( )لله نن معد اللـه( وتكفرون الكتاب ببعض أفتؤمنون ( ،)٧٨: النساء(

Page 14: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

١٤

حكما الله من أحسن ومن ( ،)٨٥: البقرة( )ببعض

بمـا يحكم لم ومن ( ،)٥٠: المائدة( )يوقنون لقوم

، )٤٤: المائـدة ( )الكـافرون هم فأولئك الله زلأن )الظالمون هم فأولئك الله زلأن بما يحكم لم ومن( اللـه أنـزل بمـا يحكم لم ومن( ،)٤٥: ئدةالما(

فأولئك مه قونفال( ،)٤٧: المائدة( )الفاس ـكبرو

ال ثـم بيـنهم شجر فيما يحكموك حتى يؤمنون ال

ويسـلموا قضـيت ممـا حرجا فسهمأن في يجدوا

ل٦٥: النساء( )يماتس.( نسي هؤالء أنهم خالفوا مفهوم الربوبيـة؛ ألن مـن

والملك، ومن تمام الملك السيادة ) رب( معاني كلمة .ذ حكم الملك فيما يملكأن ينف

الخلـق له أال (: فكما أن هللا الخلق فله كذلك األمر

رالأمو كارتب الله بر ينالم٥٤: األعراف ( )الع( ، : فلله األمر أي الحكـم، كمـا فـي قولـه تعـالى

Page 15: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

١٥

ــروا( ــة فعق ــوا الناق ــن وعت ــر ع أم ــم )ربه .أي حكم ربهم) ٧٧: األعراف(

، األلوهيةن أنهم خالفوا مفهوم ونسي هؤالء العلمانيوادة هـي العبودية، فالعب األلوهيةفاإلله هو المعبود و

حق اهللا على خلقه والمطلوب أن يؤدي العبد ما أمره )غيـره إلـه مـن لكـم ما الله اعبدوا (: به اهللا

، فيفرد اهللا بكمال الخضوع ألمره )٥٩: األعراف( .ونهيه واتباعه فيما أحل وحرم

Page 16: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

١٦

الليبراليةة، وهي تعني فـي هي وجه آخر من وجوه العلماني

ها يقصدون بهـا أن ية، غير أن معتنقالحري األصلويقول مـا يكون اإلنسان حرا في أن يفعل ما يشاء

يشاء ويعتقد ما يشاء ويحكم بما يشاء، فاإلنسان عند الليبراليين إله نفسه، وعابد هـواه، غيـر محكـوم

صـالتي إن قل( : الذي قال بشريعة من اهللا تعالى

) ١٦٢( العالمين رب لله ومماتي ايومحي ونسكي

المسـلمين أول وأنـا أمـرت وبذلك له شريك ال

ولهــذا فــإن؛ )١٦٣، ١٦٢: األنعــام( ))١٦٣(

تعطيك إجابات حاسمة علـى األسـئلة الليبرالية ال النظام اإلسالمي حق أم ال؟ وهل الربا :التالية مثال

حرام أم حالل؟ وهل القمار حالل أم حرام؟ وهـل أن تتبـرج أم ، وهل للمرأة؟نسمح بالخمر أم نمنعها

، وهل تساوي الرجل فـي كـل ؟تتحجبعليها أن

Page 17: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

١٧

الزنا ، وهل؟شيء أم تختلف معه في بعض األمورجريمة أم عالقة شخصية وإشباع لغريزة طبيعية إذا

تحكـم وما هي القيم التـي ،؟وقعت برضا الطرفين، وهل ؟وهل اإلجهاض مسموح أم ممنوع، المجتمع؟

، وهل نسمح بحريـة ؟باطل الشذوذ الجنسي حق أم .؟نشر أي شيء أم نمنع نشر اإللحاد واإلباحية

: مبدأ الليبرالية

فالليبرالية ليس عندها جواب تعطيه للناس على هذه دعوا الناس كـل إلـه : هو األسئلة، ومبدؤها العام

لهواه، فهم أحرار في اإلجابة على هذه دعابلنفسه و

وأما مـا يجـب أن ون،ءاألسئلة كما يشتهون ويشاواألحكام، فليس هنـاك يسود المجتمع من القوانين

ف عـر سبيل إال التصويت الديمقراطي، وبه وحده تتحكم الحياة العامة، وهو شريعة الناس القوانين التي

.شريعة لهم سواها ال

Page 18: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

١٨

اليون أي وزن لشريعة اهللا تعالى، إذا يقيم الليبر والهـا المحكمـة الـديمقراطي أحكام ناقض التصويت

يبـالون أن يضـربوا المنزلة من اهللا تعـالى، وال عرض الحائط، حتى لو كان الحكم النهائي بأحكامها

عـدم الناتج من التصويت هو عدم تجريم الزنا، أوـ كان تحليال للربا، أو تجريم شرب الخمر، أو ان ك

بتبرج النساء، أو التعري والشذوذ الجنسـي السماح نشر اإللحاد تحت ذريعـة حريـة واإلجهاض، أو

وكل شيء في المذهب الليبرالـي متغيـر، ، الرأيتـى أحكـام القـرآن واألخذ والرد ح وقابل للجدل

ةالمحكمة القطعي. ة الحاكم على كل شيء بالصـواب فإذن إله الليبرالي

هواه وعقله وفكره، وحكم و حرية اإلنسانأو الخطأ، ة من األصوات هو القول الفصل فـي كـل األغلبي

عنـدهم عـارض الناس العامة، سواء شئون حياة

Page 19: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

١٩

كـل غيـر أن العجـب ، وافقها وأة الشريعة اإللهياألغلبي ة هو الدين، واختار العجب أنه لو صار حكم

هج اهللا تعالى باإلسالم، واتباع من عامة الشعب الحكمفإن الليبرالية هنا تنزعج انزعاجا شديدا، وتشن على

، فيتشبهون بهؤالء الشعبي حربا شعواء هذا االختيار اشمأزت وحده الله ذكر وإذا( : الذين قال عنهم اهللا

قلوب ينال الذ نونؤمي ةرإذا بالآخو رذك ينالذ نم

هونإذا د مه ونرشتبس٤٥: الزمر( )ي.( تقول للناس دعـوا عبـادة اهللا عندماة إذا فالليبرالي

إلى طاعـة وعبـادة الهـوى تعالى واتباع شريعتهوالشيطان، فهي تدعو إلى الشرك والكفـر وفعـل

يوجد حق وهي عندما تزعم أنه ال، الفحشاء والمنكرتكفر بثوابت القرآن التغير، فإنهامطلق إال الحرية و

والسنة، وبأحكام الشريعة المحكمة التي أنزلهـا اهللا دين اهللا الحـق والليبرالية عندما تسوي بين، تعالى

Page 20: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٢٠

وغيره من األهواء الباطلة، وعنـدما تسـوي بـين المتبعين لدينه والكـافرين بـه المؤمنين باهللا تعالى

رية، فهي بذلكبزعم أن الجميع سواء في مبدأ الح

:تشرع شريعة تناقض شـريعة اهللا تعـالى القائـل )يسـتوون ال فاسـقا كان كمن مؤمنا كان أفمن( ).١٨: السجدة(

Page 21: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٢١

الديمقراطيةوهمـا شقين من مكونة التينية كلمة األصل في هي

Demos وتعني الحكـم أو السـلطة، وKratos أو حكم هي الديمقراطية فإن بذلكو وتعني الشعب،

بواسـطة الشـعب حكم بها الشعب، ويقصد سلطة

عنه ينوب لمن الشعب اختيار خالل من أو الشعب

الديمقراطية كلمة تداول بأن القول في الحكم، ويمكن

في عشر وخاصة السابع القرن منذ ازداد أوروبا في

الليبرالية ازدهار خالل من وذلك عشر الثامن القرن

كلمـة تـدخل فلـم للعـرب بالنسبة السياسية، أما

فـي الغرب خالل من إال العربية اللغة الديمقراطية .عشر التاسع القرن أواخر :الديمقراطية عناصر

ضرورة على الغربيين من المفكرين العديد أجمع فقد

القـائم النظـام العتبـار أساسـية عناصر وجود

Page 22: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٢٢

روبـرت ( نيالمفكـر هؤالء بين ومن ديمقراطيا،

البعض بعضها مع العناصر هذه دمج ، ويمكن)دال

:وهي أساسية ةعناصر خمس في عن التعبير حرية مثل األساسية الحريات توافر .١

جمعيـات إنشـاء حرية الصحافة، حرية الرأي،

.الدينية الحرية وكذلك سياسية،

دوري بشكل تعقد ونزيهة حرة انتخابات وجود .٢

.سنوات أربع كل مرة أو سنتين كل

سياسيين حزبين وجود بمعنى السياسية التعددية .٣

.السلطة إلى للوصول تتنافس أكثر أو

التشريعية السلطة فصل وهو السلطات، فصل .٤

السلطة عن فصلهما وكذلك التنفيذية، السلطة عن

.السلطات هذه من كل وظيفة تحديد مع القضائية

متساوون الجميع أن وهو القانون، سيادة مبدأ .٥

أعلى أو للدولة رئيسا كان ولو حتى ونالقان أمام

Page 23: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٢٣

القـانون يخالف فمن الدولة، في سياسي منصب

.ويعاقب يحاكم أن يجب

هذا عن الوجه الحسن للديمقراطية، أما الوجه اآلخر :هو ما يليف كثيرالالقبيح الذي ال يفصح عنه

:إن أهم عناصر الديمقراطية عنصران

.سيادة الشعب: األول .ق والحريات مكفولةالحقو: الثاني

أي هو سيد السلطات الثالثة :فمعنى السيادة للشعبالتشريعية والقضائية والتنفيذية، فالسلطة التشريعية فيها يشرع الشعب ما يريد ولو خـالف حكـم اهللا، والسلطة القضائية فيها يقضي الشعب بما شـرعه،

.والسلطة التنفيذية فيها ينفذ الشعب ما قضى بهغيـر !! هللا ورسوله من هـذه األحكـام؟ إذن أين ا

إلـا الحكـم إن (: موجودين، مع أن اهللا تعالى قال

فالسلطة التشريعية من اهللا تعالى مـن كتابـه )لله ،

Page 24: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٢٤

، والسلطة القضائية والتنفيذيـة مـن وسنة نبيه .الشعب على مراد اهللا تعالى

فكل واحـد :أما معنى الحقوق والحريات مكفولـة ففي النظام الديمقراطي حرية الردة مكفولـة، حر،

ينتقل بين األديان كيف شاء ويسب ويلعن القـرآن والسنة كيف شاء تحت مظلة القانون الـديمقراطي، وفي النظام الديمقراطي تحمل المرأة مـن سـفاح فحريتها مكفولة، وفي النظام الديمقراطي ال ديـن

ـ وذي ال وال رجولة وال أنوثة ال مسلم ال كافر ال ب .سواسية مشيء يمس الدين، كلهإن حكـم الشـعب للشـعب، إن الديمقراطية هـي

الديمقراطية تعني أن نحتكم إلى الشعب وال نحـتكم إلى شريعة ربنا، إن الديمقراطية تعنـي أن نحكـم

ولو خالفت شريعة ربنا، المجالس التشريعية حتى

Page 25: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٢٥

إن الديمقراطية تعني أن نطبق ما وافق عليه غالبية .عة ربنايأعضاء المجلس ولو كان مخالفا لشر

مخالفة صريحة لما أمرنـا اهللا أيها األفاضلوهذه قـوانين عز وجل به من االحتكام إلى شريعته ونبذ

أمـر أال للـه إن الحكم إال ( :البشر؛ حيث يقول

اهوا إال إيدب( : ، وقال تعالى)٤٠: يوسف( )تعما و

مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا كان لمؤمن وال

مله كونأن ي مرهأم نة مري٣٦: األحزاب( )الخ.( الديمقراطية من وضع وتأصيل أعداء اإلسـالم، إن

وكهنـة شـر واجهوا بها علماء ضالل ووثنيـة، ـ نيأما نحن المسـلم ، وفساد ة إلـى فلسـنا بحاج اإلسالمية شريعتهمقراطية، وإنما أبدلنا اهللا بها الدي

فإذا كانوا يتحاكمون إلى قـوانين البشـر، فـنحن ومن أحسن مـن ( : نتحاكم إلى قوانين رب البشر

نـونوقم يكمـا لقـوح ٥٠: المائـدة ( ) اللـه( .

Page 26: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٢٦

:الشورى ليست الديمقراطية

أي -س الـبعض بلا يكم-وأما ما يتعلق بالشورى لأنهم يسون على الناس ويقولون إن الديمقراطيـة ب

في مثل الشورى في اإلسالم، فالشورى في اإلسالم ع، ، وفي تنفيذ الشراقطعي األمور التي ال نص فيها

نازلة، كيف نقيم حكم اهللا فـي هـذه افإذا نزلت بنكون تهنا النازلة؟ أي نص ينطبق على هذه النازلة؟

آية أو حـديثا، نصاللشورى، إما بالنص إذا كان اجاءهم أمر من الـأمن أو وإذا( باالستنباط، وإما

لوو وا بهأذاع فـ الخو سإلى الر وهدإلـى رول و

همللع منهر مـتن أولي الأمسي ينالذ مـنهم بطونه( فنستنبط ونجتمع ونأخذ الرأي مـن ، )٨٣: النساء(

مثال، يجمـع أهله، إذا كانت مشكلة أو نازلة حربيةالعسكريون مع العلماء مع من يكون فـيهم الثقـة،

Page 27: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٢٧

كيف نواجههم؟ كيـف رأيكم في هذا؟ ويقال لهم ما نقاومهم؟

أما اآليات واألحاديث نحن ما اجتمعنا إال لنعمل بها الديمقراطية أهل ولنقيمها، وال نقاش في ذلك، لكن

بـل ، نحرم الخمر أو ال نحـرم : يجتمعون يقولون وصل األمر والعياذ باهللا إلى أن بعض مجالسـهم

أباحت اللواط زواجا أي أن يعقد للرجل الديمقراطيةنسأل الديمقراطية هي على الرجل والعياذ باهللا، هذه

.اهللا العفو والعافيةفي كيف نطبـق : إذن فالشورى في اإلسالم النقاش

شرع اهللا على مراد اهللا وما هي األدلة التي توافـق النقاش في كيف نشـرع : المسائل، أما الديمقراطية .هللالشرائع ولو خالفت حكم ا

Page 28: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٢٨

الدولة المدنية :المدنية الدولة مفهوم

مدنية دولة في إال ةيبدا الديمقراطي النظام يقوم ال الدولـة إن أخـرى بعبـارة نقـول أن نستطيع أو

.مدنية دولة بالضرورة هي الديمقراطية

دولـة هـي المدنية الدولة المدنية؟ الدولة هي فما كل أن بمعنى المتساوية، المواطنة أساس على تقوم

آخـر مـواطن كل مع يتساوى الدولة في مواطن الحقوق في سواء المدنية الدولة في المواطنون. فيها

األسـباب من سبب ألي بينهم تفرقة ال والواجبات كـانوا طالما أي الدولة جنسية يحملون كانوا طالما

النحو هذا على المدنية والدولة ،الدولة في مواطنين ألن بوليسية، دولة أو ينيةد دولة تكون أن يمكن ال

أسـاس علـى المـواطنين بين تفرق الدينية الدولة تعرف ال فهي البوليسية الدولة أما ،الديني االنتماء

Page 29: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٢٩

المعنـى تعـرف ال ثـم ومن المساواة، في الحق .للمواطنة الصحيح

معاديـة ليسـت المدنية الدولةومما قالوه أيضا إن أخالقية، وضرورة اجتماعية ضرورة الدين. للدين السياسـة عـن بعيـدا يظل أن يجب الدين ولكن

.الدين عن بعيدة تظل أن يجب والسياسة: األسبق اإلعالم المجد وزير أبو كمال أحمد.ديقول أحدهما سياقين في توضع أن يمكن المدنية فالدولة العسـكرية الدولة لمفهوم المقابلة المدنية الدولة هو .الدينية الدولة مقابل في المدنية الدولة يعني خرواآل

والحاصل أن الدولة المدنية ترتكز علـى دعـائم

:ثالثة وهي

.Secularismالعلمانية أو الالدينية •

.Nationalismالقومية أو الوطنية •

.Democracyالديمقراطية أو حكم الشعب •

Page 30: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٣٠

والعلمانيـة فالدولة المدنية الحديثة دولة علمانيـة، بالعقيدة االلتزام وعدم الحياة، عن الدين فصل تعنيإلخ كما ذكـر فيمـا ... السماوي الهدي أو الدينية

.سبق عن العلمانية :قومية دولة الحديثة المدنية الدولة

الداخليـة معامالتهـا الحديثـة المدنية الدولة تبني للـوطن تتعصـب ضـيقة نظرة وفق والخارجية وأبنائه الوطن هذا الستعالء وتسعى الوطن، وألبناء

الوسائل كافة اتخاذ تبرر الغاية وهذه غيرهم، ىعل وإن لمبـادئ مراعاة أو بقيم ارتباط دون لتحقيقها غايـة والوطنيـة القومية وصارت سماوية، كانت المغلوبـة للشعوب الويل كل والويل الوسيلة، تبرر حيـاة وتحولـت المنتصرة، الشعوب استعالء من

األرض فـي العلـو أجل من صراع إلى الشعوب جنس استعالء يرفض واإلسالم. الدنيوية والزعامة

Page 31: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٣١

اإلسـالم ودعوة قومية، على قومية أو جنس على أرضية حدود أو إقليم في تنحصر ال عالمية، دعوة .جنس أو

:ديمقراطية دولة الحديثة المدنية الدولة

السـماء، هـدي عن الدولة العلمانية أبعدت أن بعدــا ــة ودفعته ــة القومي ــى والوطني ــةاأل إل ناني المدنيـة الدولـة تبنت اآلخرين، على واالستعالء

الحكم ليكون الحكم، في الديمقراطي النظام الحديثة فـالحق ورغباتـه، شـعب كـل مصالح بمقتضى والخطـأ الدنيوية، األمة منافع يحقق ما والصواب المنافع وتقدير مصالحها، يحقق ال كان ما والباطل

ومـا هواؤها،وأ الشعوب رغبات تحدده والمصالح قد اليوم يقبل وما اليوم، يقبل باألمس مرفوضا كان

.غدا يرفض

Page 32: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٣٢

:هدف هذه المذاهب الضالة

وبهذا العرض السابق لهـذه األفكـار والمـذاهب الغربية الضالة نعلم علم اليقين كيـف أن هـؤالء العلمانيين الذين اعتلوا منابر الدولة الثقافية والفكرية

يدون أن يغيروا هوية مصـر والفنية كيف أنهم يراإلسالمية، فيبدأون بإلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن اإلسالم ديـن الدولـة واللغـة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة اإلسـالمية المصدر الرئيسي للتشريع، وبهذا يتحقق مرادهم من

ـ إنشاء دولة مدنية فيها ما فيها من ار عفونات األفكوماذا عليهم لو تحاكموا بشـريعة الغربية الملحدة،

أال( : ، فهو الخالق الملـك بها أمرناتعالى الذي اهللا

لمعي نخلق م وهيف واللط ١٤ :الملك ( )الخبير(.

Page 33: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٣٣

وجوب التحاكم

بالكتاب والسنةكما قرر األلوهيةلم يقرر القرآن أصال بعد توحيد

لعظيم وجوب االحتكام إلـى الكتـاب هذا األصل ااهللا عليه وسلم في وطاعة اهللا ورسوله صلىوالسنة

كل ما جاء به، مما يؤذن بخطر التهاون في هـذا كيف وقد قرر القرآن أن اإلعراض الشأن العظيم،

عن الشريعة واتباع غيرها عبادة للطاغوت ، ورحم من فطاغوت كل قوم :ذ يقولإاهللا العالمة ابن القيم

ورسوله، أو يعبدونه مـن يتحاكمون إليه غير اهللا

، أو بصيرة من اهللا ، أو يتبعونه على غيردون اهللا

، فهـذه يعلمون أنـه طاعـة هللا عونه فيما اليطي

تدبرتها وتأملت أحوال النـاس طواغيت العالم إذا

من عبـادة اهللا إلـى ) عدلوا( معها رأيت أكثرهم

.))١/٥(ن عالم الموقعيإ( تعبادة الطاغو

Page 34: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٣٤

وبين يديك بعض هذه األدلة التي تدل على التحاكم بالكتاب والسنة، هذه األدلة التي هي من كالم ربنا في كتابه العظيم، كي تنجو األمـة مـن بـراثين

:الضاللة والشرك) ـاهوا إلـا إيـدبألـا تع ـرأم إلا لله كمإن الح( ، )٤٠ :يوسف () هكملح قبعلا م كمحي الله٤١:الرعد ( )و ( ، أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما (

نونوقم ي٥٠ :المائدة ( )لقو( ، ) يـف الخبيـراللط ـوهخلـق و ـنم لمعألا ي( ، )١٤ :كالمل ( )زل الله فأولئك هم الكافرونبما أن يحكم لم ومن ( ، )٤٤ :المائدة (ـ ومن لم يحكم ( زل اللـه فأولئـك هـم بمـا أن

ون٤٥ :المائدة ( )الظالم( ،

Page 35: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٣٥

ـ ومن لم يحكم ( زل اللـه فأولئـك هـم بمـا أن

)٤٧ :المائدة ( )فاسقونال ).٢١٦:البقرة ( )تم لا تعلمونوالله يعلم وأن () رـا شـجيمف وككمحتى يح نونؤملا ي كبرفلا و

فسهم حرجا ممـا قضـيت هم ثم لا يجدوا في أنبين

،)٦٥:النساء ( )ويسلموا تسليمازل الله ولا تتبع أهواءهم بما أن وأن احكم بينهم (

)زل الله إليكبعض ما أن يفتنوك عن حذرهم أنوا ،)٤٩:المائدة () ـى اللـهإذا قض نـةؤملـا من وؤملم ا كانمو

رأم ولهسرال نا أو مله كوننيمو مرهأم نة مريخ

)يعص الله ورسـوله فقـد ضـل ضـلالا مبينـا ،)٣٦:األحزاب (

Page 36: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٣٦

إلى الله والرسول تنازعتم في شيء فردوه فإن (

الـآخر ذلـك خيـر تم تؤمنون بالله واليوم كن إن

،)٥٩:النساء ( )وأحسن تأويلا) ـما لهرخي لكان به ظونوعا يلوا مفع مأنه لوو

،)٦٦:النساء ( )وأشد تثبيتا) ـيرصالم ـكإلينـا وبر انكنا غفرأطعنا وعمس( ،)٢٨٥:البقرة () راألمالخلق و ٥٤:األعراف ( )أال له(، تصيبهم فتنة يخالفون عن أمره أن الذين فليحذر (

أليم ذابع مهيبصي ٦٣:النور ( )أو(، ،)٥٤:النور ( )تطيعوه تهتدوا وإن () ي اللهدي نيوا بملا تقد اتقـوا اللـهو ولهسرو(

،)١ :الحجرات (تركت فيكم ما لن تضـلوا بعـده إن (: وقوله

الله تابك به تممتصرواه مسلم ( )اع.(

Page 37: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٣٧

وكذلك ال يجوز أن نأخذ بعض شرع اهللا ونتـرك البعض، فالدين ال يقبل أن يتجزأ من جهة القبـول

أفتؤمنـون (: ذعان له، قال سبحانه وتعـالى واإل

.)٨٥: البقرة ( )ببعض وتكفرون الكتاب ببعض ببعض ونكفر ببعض نؤمن ويقولون( :قال سبحانه

ونريديذوا أن وتخي نيب بيال ذلك١٥٠(س (أولئك

مه ونرقا الكافنا حتدأعو رينـذابا للكافهينـا عم

).١٥١، ١٥٠: النساء( ))١٥١(

آمنـوا الكتاب أوتوا الذين أيها يا( :وقال سبحانه

نطمـس أن قبـل مـن معكم لما مصدقا نزلنا بما

لعنـا كمـا نلعنهم أو أدبارها على فنردها وجوها

ابــحأص تــب الس كــانو ــر أم ــوال اللــهفعم( .)٤٧ :النساء (

مـن نصيبا أوتوا الذين إلى تر ألم( :وقال سبحانه

للذين ويقولون والطاغوت بالجبت يؤمنون الكتاب

Page 38: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٣٨

) ٥١ ( سـبيال آمنوا الذين من أهدى هؤالء رواكف

أولئك ينالذ منهلع ن اللهمن ولعي فلن الله تجد له

).٥٢، ٥١: النساء( ))٥٢(نصيرا

ومـا علينا زلأن وما بالله آمنا قل( :وقال سبحانه

ويعقـوب وإسـحاق وإسماعيل إبراهيم ىعل زلأن

اطبالأسا ومو يى أوتوسى ميسعو ونالنبيـن وم

همبق ال رنفر نيب دأح منهم ننحو لـه ونمـلسم

ـ يقبـل فلن دينا امسلإال غير يبتغ ومن) ٨٤( همن

ــو هــي و ف ةرــآخ ــن ال م ــرين ٨٥( الخاس(( ).٨٥، ٨٤: آل عمران(

السلم في ادخلوا آمنوا الذين أيها يا( : وقال تعالى

عدو لكم إنه الشيطان خطوات تتبعوا وال كافة

بين٢٠٨ :البقرة( )م(.

له فإن ذكري عن أعرض ومن( : وقال سبحانه

) ١٢٤(أعمى القيامة يوم ونحشره كاضن معيشة

Page 39: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٣٩

بصيرا تكن وقد أعمى حشرتني لم رب قال

اليوم وكذلك فنسيتها آياتنا أتتك كذلك قال) ١٢٥(

يؤمن ولم أسرف من نجزي وكذلك) ١٢٦( سىتن

بآيات هبر ذابلعو ةرالآخ قى أشدأب١٢٧( و(( ).١٢٧: ١٢٤: طه(

يزعمون الذين إلى تر ألم( :قول الحق تعالىو

منوا أنها آمإل زلنأ بمكا يمن زلأن وم كلقب

ونريدوا أن ياكمتحإلى ي الطاغوت قدوا ورأن أم

بعيدا ضالال يضلهم أن الشيطان ويريد به يكفروا

وإلى الله زلأن ما إلى تعالوا لهم قيل وإذا) ٦٠(

صدودا كعن يصدون المنافقين أيتر الرسول

).٦١، ٦٠: النساء( ))٦١(

Page 40: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٤٠

محاسن الشريعة اإلسالمية

إن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصـالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ورحمة كلها وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العـدل

القسـوة، وعـن إلى الظلم، وعن الرحمـة إلـى المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلـى العبـث فليست من الشريعة، فالشريعة عدل اهللا بين عبـاده ورحمته بين خلقه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق

، وهداه الذي اهتدى به األولون، وشفاؤه رسوله التام الذي به دواء كل عليل، فالشريعة قرة العيون

ألرواح، فكل خير في الوجـود وحياة القلوب ولذة افإنما مستفاد منها وحاصل بها، وكل نقـص فـي

ولوال شيء تبقى منها لخربـت الوجود فسببه إضاعتها، ،١الدنيا، فبالشريعة يمسك اهللا السماوات واألرض أن تزوال

.بتصرف من كتاب إعالم الموقعين الجزء الثالث البن القيم رحمه اهللا ١

Page 41: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٤١

:واألمثلة على ذلك كثيرة منها

التـيمم، أي أحلت الشريعة الغـراء ؛في الطهارةلمن لم يجد الماء أو لمن يحدث له استعمال التراب

فتيمموا صعيدا ( : ضرر باستعماله؛ فقال جل شأنه

، وليس على المتـيمم إعـادة )٤٣: النساء( )طيباحتى لو وجد الماء أو استطاع استعماله، وكذلك من كان على يده جبيرة لكسر أو لغيره فيمسح عليهـا

.وال يكلف بغسل يدهالتي هي عمود اإلسالم وأهم قواعده ؛وفي الصالة

: ، فقد قال وحكمتها ورحمتها يسر الشريعةتجد من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها (

وكذلك تجد هذه الرحمة والتيسير فـي ١)إلا ذلك ،لمسافر فله أن يقصر الصالة الرباعية إلى لالصالة ن وله أن يجمع بين الظهر والعصر أو بـين ركعتي

.رواه البخاري ومسلم رحمهما اهللا ١

Page 42: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٤٢

المغرب والعشاء، وكذلك إذا مرض المكلف فإنـه يصلي قائما فإن لم يستطع فقاعدا فإن عجز فعلـى

.جنبه

تيسـير ورحمـة فتشـريعها كلـه وفي الزكـاة؛ ومصلحة، فالفقراء والمساكين يأخـذونها ليسـدوا هم حاجتهم، واألغنياء يدفعونها لتطهر أموالهم وتعلم

خـذ مـن ( : ، يقول تعالىالبذل والعطاء والمروءة

ــا كيهم بهــز ــرهم وت قة تطهــد ص الهمــو أم( .)١٠٣: التوبة(

مريضـا فمن كان منكم( : قال تعالى وفي الصوم؛

ام أخرأي نة مدفر فعلى سع ١٨٤: البقرة( )أو( ،بحيـث على المـريض من الشريعة هذا التخفيف ف

يصوم في وقت آخر يستطيع أن يقضي الصيام فإن .كان مرضه مالزما له أطعم عن كل يوم مسكينا

Page 43: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٤٣

رتـب مـن المعـروف أن النبـي وفي الحج؛المناسك، ومع ذلك حتى ال يتعـرض المسـلمون

، يقول عبد فقد خففت الشريعة على المكلفين للمشقة فمـا ( : و بن العاص رضي اهللا عنهمااهللا بن عمر

إلـا أخـر، ولا قدم شيء عن الله رسول سئل

.وغير ذلك كثير في باب العبادات، ١)حرج ولا افعل :قال :وكذلك في باب المعامالت

وأحل الله البيع وحرم ( : يقول تعالى ففي البيوع؛

االرأحلت الشريعة الغراء جميع ، )٢٧٥: البقرة( )بظلـم وال االبيوع وجميع العقود طالما أنه ليس فيه

، لتفـتح )مقـامرة أو خـداع ( ربا وال غـرر أي الشريعة المجال كامال لكل اقتصاد في كل بقعة في العالم محافظا على عدم الظلم والبغض بين النـاس

.عامة

.رواه البخاري ومسلم رحمهما اهللا ١

Page 44: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٤٤

ة باختيـار الـزوج اعتنـت الشـريع وفي النكاح؛والزوجة لدوام العشرة والمـودة والرحمـة، بـل وأوجب على المرأة إذا طلقها زوجها أن ال تتـرك بيت الزوجية، وفي ذلك من المصـلحة مـا هـو معلوم، فالغضب سوف يزول عنهما وتبقى المـودة والرحمة فيراجعها، أما إذا خرجت إلى بيت أهلهـا

لا ( : قول تعالى، يازدادت الخالفات وعظم الشقاق

نجخرلا يو هنوتين بم نوه١: الطالق( )تخرج(.

حرمت الشريعة أكل الميتـة، ومـع وفي األطعمة؛ذلك أحلتها بل أوجبتها إن اضطر اإلنسان أن يأكلها

، يقـول حتى ال يموت، وكل ذلك إبقاء على حياتهيـر متجـانف فمن اضطر في مخمصة غ( : تعالى

يمحر غفور الله ٣: المائدة( )لإثم فإن(.

Page 45: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٤٥

: في الشريعة فالقاعدة العظيمة وفي الحدود؛

،)بالشبهات الحدود ادرءوا( د الشريعة في إقامة فال يقام حد إال عن يقين، ثم تج

أمر عظيم وهو عـدم فعـل مـا الحدود تنظر إلى ولكم في القصـاص ( : د، يقول تعالىيوجب الحدو

، يعني لما يعلم القاتـل أنـه )١٧٩: البقرة( )حياةسيقتل فلن يقتل، فيبقي حينئذ على حياتـه وحيـاة

لا( : المقتول، بل وأكثر من ذلك، فقد قال النبي

ي تقطعدي الأيو ففلو سـرق أحـد مـن ١)الغز ،غزوة ال تقطع يده؛ ألنه قـد تترتـب المسلمين في

مفسدة وهي أن ينحاز إلى العدو خشية قطـع عليه .يده

منعت الشريعة الغراء القاضـي أن ؛وفي القضاءيقضي وهو غضبان حتى ال يقضي قضاء فيه ظلم

.رواه الترمذي وصححه األلباني رحمهما اهللا ١

Page 46: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٤٦

ألحد المتخاصمين، وكذلك كفلت الشريعة العدل بين ، يقول الخصوم عند القاضي مما ال يخطر على بال

تؤدوا الأمانـات إلـى إن الله يأمركم أن( : ىتعال

)تحكموا بالعـدل أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن .)٥٨: النساء(

األمر بـالمعروف والنهـي عـن ( ؛وفي الحسبةمنعت الشريعة إنكار المنكر لـو أن ذلـك ) المنكر

ا هو أنكر منه، فقد كان النبـي اإلنكار يستلزم مفي مكة ولم يمسوا األصنام التي حول وأصحابه

الكعبة بسوء خشية أن يقع منكر أعظـم وهـو أن يقتلهم المشركون فتتوقف دعوة اإلسالم، فلما عـاد إلى مكة فاتحا أنكـر المنكـر وحطـم األصـنام،

:القاعدة في الشريعة الغراء هيف

،)شقة تجلب التيسيرالم(

Page 47: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٤٧

وقد تأكدت محاسن الشريعة في المؤتمرات الدولية التي تصدت لدراسة الفقه اإلسالمي وعرضت فيها بعض نظريات الشريعة اإلسالمية فقد أعلن خبراء

في العالم في هذه غير المسلمينالقانون من علماء المؤتمرات أن للفقه اإلسالمي قيمة تشريعية ال يمار

ه ينبغي أن يكون مصدرا للتشريع العـام؛ فيها وأنألن مبادئه تحقق التقدم وتالحق التطور وأنها أقدر من غيرها على تلبية حاجات األمم وتحقيق مصالح

غير المسـلمين الشعوب كما أشار هؤالء الخبراء إلى وجوب وضع فهرس موضوعي للفقه اإلسالمي

.لبحث فيه واألخذ منهايسهل الرجوع إليه وأهم هذه المؤتمرات المؤتمر الدولي للقـانون ومن

ثـم ١٩٣١سـنة بهولنـدا المقام في مدينة الهاي ومؤتمر المحامين الدولي المنعقد في الهاي ١٩٣٧

.١٩٤٨سنة والحمد هللا الذي بنعمته تتم الصالحات

Page 48: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٤٨

:فواجب الوقت اآلنأن تصلح من نفسك وتتبع كتاب ربك الـذي : أوالم حتى يغيـروا مـا ال يغير ما بقوإن الله ( :قال

، وأن ترجـع إلـى اهللا )١١: الرعـد ( )فسهمبأنوأن تنصـر اهللا تبتعد عن المعاصي، وتتوب إليه و

وا إن يا أيها الذين آمن( : سبحانه وتعالى الذي قال

، )٧:محمـد ( )صركم ويثبت أقدامكمتنصروا الله ينظهـر ( :وأن تتقي المعاصي خشية من اهللا القائل

أيـدي النـاس الفساد في البر والبحر بما كسبت

)بعض الـذي عملـوا لعلهـم يرجعـون ليذيقهم، وال تظلم نفسك بالمعاصي وال تظلـم )٤١:الروم(

ا الوعيد فـي قولـه غيرك حتى ال تكون تحت هذوكذلك نولي بعض الظالمين بعضـا بمـا ( :تعالى

ونبكسبل عليك أن تتقي )١٢٩ :األنعام( )كانوا ي ،اهللا وترجع إليه وتتجنب المعاصي وتصـلح مـن

Page 49: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٤٩

عيوبك وتلتزم المساجد وكتاب ربك وأن تتضـرع بأسـنا جاءهم فلوال إذ( :إليه استجابة لقوله تعالى

.)٤٣:األنعام ( )تضرعواوجوب التحاكم بالكتـاب أن تدعو الناس إلى : ثانيا

والسنة، وتبين لهم فساد هذه المذاهب الضالة التـي تريد أن تجعل مصر بل األمـة اإلسـالمية غيـر إسالمية أو بمعنى أصح يكون الدين داخل المسـجد

كل كم الجاهلية ويتعامل الناس أفرادا وجماعات بح، وكذلك علينا أن بل هم أضل كالحيواناتيتبع هواه

نتعامـل ،نتفاعل مع الناس في المصالح والشوارعبـأخالق حميمـة بـال طيبةمعاملة إسالمية معهم

تحاسد وال تباغض وال تعالي وال سـب وال نهـب وكذلك نتفاعل مع ، وال إهمال اسلكترشوة وال وال

هـة نظـر إسـالمية بعـد األحداث المتالحقة بوج .الذين هم ورثة األنبياء مراجعة العلماء

Page 50: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٥٠

وأخيرا أيها المسلمون المؤمنون قد جعلنا اهللا سبحانه وتعالى في عصر قد تحدد فيه هوية مصر بل هوية األمة اإلسالمية كلها، وقد اختارنا اهللا لنجاهد بألسنتنا ودعوتنا للدفاع عن هذه الهوية

ت في هذا العصر فقد يمتد هذا اإلسالمية، فإن سلبالضالل لسنوات بل لعقود قادمة، ثم ماذا نقول لربنا

)ماذا أجبتم المرسلين ( :غدا عندما يسألنا . )٦٥: القصص(

فاستعن باهللا وتوكل عليه وتذلل له واجتهد

.وال تعجز وشمر عن ساعد الجد وأبشر

الن واهللا الموفق وهو المستعان وعليه التك

.وال حول وال قوة إال باهللا العلي العظيم

وصل اللهم وبارك على سيدنا حممد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثريا

Page 51: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٥١

تنبيهاتنحن نوافق على الدولة المدنية التي بمعنى أن الشعب •

السـلطة و ، فهو الذي يعين الحـاكم مصدر السلطاتفـق التنفيذية ويراقبها وله حق عزلها، ولكننـا ال نوا

على الدولة المدنية التي بمعنى أن الشـعب مصـدر .التشريع؛ ألن التشريع حق اهللا وحده

ينية بمعنى الثيوقراطية، اإلسالم ال يعرف الدولة الد •وهي التي تجعل الحاكم ورجال الدين لهم حكم إلهي

، بل الدولة اإلسالمية الحاكم فيها أو رجل الدين مقدسدرلشرع اهللا ، والمرجعيصيب ويخطئ وي.

هذا الفكر الليبرالي أو فكر فصل الدين عن الدولة •يؤدي إلى الضالل المبين، وهذه الحرية المطلقة تؤدي إلى االنحالل الخلقي والديني، مع اعترافنا أن بعض الليبراليين ال يرضيهم هذا الضالل أو هذا االنحالل، بل هم في بعض أمور دينهم صالحون في أنفسهم،

ناقش الفكر الليبرالي الذي سوف يطرح على ولكننا ن .جميع الناس ويؤدي إلى هذا الضالل

Page 52: العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام

٥٢

رقم املوضــــوع

الصفحة ٢ محمد نعيم.د.مقدمة ا ٤ اللجنة العلميةمقدمة

٧ العلمانية ١٠ آراء العلمانيين في مذهبهم

١٢ التقليد األعمى ١٣ ضالل العلمانيين

١٦ الليبرالية ٢١ اطيةمعنى الديمقر

٢٦ الشورى ليست الديمقراطية ٢٨ الدولة المدنية

٣٢ هدف هذه المذاهب الضالة ٣٣ وجوب التحاكم بالكتاب والسنة

٤٠ محاسن الشريعة اإلسالمية ٤٨ واجب الوقت

٥١ تنبيهات

رقم اإليداع٥١٦٩/٢٠١١