10
ح ل اّ ص ل ا مان ي ا ورة ت ك م:الد ل ق ب ط د كان ن ع لاق خ) لا ا ة ف س ل ف د ن ه م ي: ط كان2 ّ عد2 بImmanuel Kant [ 1724 - م1804 م] ارة ن ت ع ى ا ل ا ض ع ب ل ى ا مض ل ب، H ث ي حد ل ر ا عص ل ا ة ف لاس ف رر ب) ا ن مً واخدا[ ر تX ن نZ لي ن مً را تH ث) أ تّ دH ش) وا ومة ع ب رH كت) دو ا ن ت ة ف رب ط ن ن يّ م والد عل ل ا نZ ي ب ح ل صاّ ت ل ى ا عل ل م ع د ق ف رة ، عص ة ف لاس ف مo ظ ع) ا1646 م_ 1716 ( ] م1 ، ) ، ةّ رثH ش لب ا ةّ رث ح لل ا ا ح م ها :ّ ن) أ تً ةّ عام لاق خ) لا ا فّ ر ع. ةّ ي ل اH ن م ل أ ت ةّ ي ق لا خ) لا ة ا ي ف س ل ف ت م سّ ت ا ما ك، ة ي ل عا ب م ل ا و) ا ةّ دث قّ ب ل ا ةّ ي ل اH ن م ل س اّ س) ا_ _ " " " ع ب لة طا ي دّ ال) ون ك ت ن) ا ت ج ي مأ( م رّ لا لل ا ا ح م، ةّ ي س و م مل رH كت) ى ا معن ي ت ج ب ص) ا ، ف ةّ ي ع ب تّ لط ا ةّ ي ي نّ س ل وا ةّ ي ج ار ح ل ا ورة رّ لص ا دان ن م ن م رّ مت ت م ل ا( ) ى طع ق ل ر ا ملا ا( لاق خ) لا ا ى فّ ى كل2 م ت ج د ق ف سة ، ف ب لة و ق ع ى فّ ى ف لا خ) لا ا ون ن ا ق ل وا ون ك ل ا مةo ظ ع رH ب) ل ا ا ن جً عارمأً ورا عH س وً را ت ن كً اH دهاش دي ات ت) . ا) ، ً دا ت) ا ن ي د دت خٍ ت ع ورٍ اب ح ع أ ت ن هّ الد لا“ ن م ي، عان م ا ن مً دا ت ز م فً دا ت ر م ما ه ي ق ا ن لّ م) أ ما تّ كل ا“ ن نH س ر : هتّ H ش ل ولة ا ق ب ى مل ع ل ل ا ق لع د ا ق ب ة اث ن ك" " " خدس) و ا) ، ا ما ه عيH ت ج ي) ا ن) اّ ى عل س لب . و ى ل خ دا ى فّ ى ف لا خ) لا ا ون ن ا ق ل ، وا ى س) را وق ف ث ك وا ك ل أ ت عةّ زص م ل ا واب ماّ س ل ا ما هّ ن ، اً ما) ي دا ن ي د ات ر مت، ً رةH ش ا ن م ما طه ن ر) ، وا ى م مأ) ا ما ه را) ا ىX نّ ت . ا ى ق ف) ع مأ وراء ا ق ب رفH ش سب م ع ق ص ى ف أ و كات) ور ، ا ج ي د ت ن عيّ ب ف م أ ما كات هّ ن) و ا ل ما ك ما ، ه ي ق ت ي لع أ تً ما ج را( . ودي ج و ى ك درا أ ت" 3 ) . ّ ض ق ب ول ، وّ الد نZ ي ب عداء ل وا روب ح ل ا ى ه ي ت م ،) ئ اّ الدّ ى م ل عا لم ا لاّ سل لً روعاH ش م مة ي د ق بال ل خ ن م ط كان ةّ ي م ه) ا ر ر ت ثّ ى س ا نّ س لر ا ما مض ل ا ى ف و ة ي س ر هo ظ ي دّ ة ال اث ن ك وي ط ن د ا ق ف، روب ح ل اª لك تH وارب ك و لاب ت اس وّ ن ل ا تّ ي ج ب ق، ةّ ي م لّ س ل ا رقّ لط أ ها ت يZ ي ب ة) يH س اّ ن ل ا عاب رّ لت ا1795 و ج ي م" ورة ر ض لام ، وّ س ل ا ا هد مان لض رهاّ ف و ن ت ج وا ل ا أب ماتّ لضم ، وا لاّ س ل روط اH ش وغ ص ن، ةّ عد ق ج لا م سام و ق) ى ا عل ةّ ي ف س ل ف حاولة م م ،) ئم دا لا ش" ة ي ه ع مد مً ا ق سّ مب روعةH ش م كان ، ف لاق خ) ألا ت اسة نّ س ل ا ة لاق ع اول ن ت ، و ةّ ي س ا نّ س ل ور ا م) ألا ت قّ ل ع ب ت ما ت ق ن مي ك حا ل وا ولةّ ر الد ب و ت ت ى فّ ق ج ل ا ة ف لاس ق لء ا عطا ا د ق ب ، و ض ح م ل ل ا ق لع د ا ق ب ى ف رهاّ ر ف ى نّ ل ا) ادي ن م ل ا ن ع ل ر مع يً دا ت) مة ا ه ف ن مك ي لا ا ن ه ن م، لاق خ) لا ا ى ف و) ، ا ة رق مع ل ا ةّ رثo ط ن ى ف واء س ةّ ل ك" " " ( ةّ يX ت و ك رo ط ن هة ج و ن مّ ى م ل عا ل ا ح ي ارّ ن ل ا رة كX ف ، و لاق خ) لا ا ا ق ب ر ت ق ا ن مي و ى مل ع ل ل ا ق لع ا" " " "" 4 ) . H وارب ك ن م ها ن ط ت تر ب ومأ روب ح ل ا ى عن) ، ا ةّ رثH ش لب ا ها ل ضّ ر ع ب ت ى نّ ل ا أب تّ حدّ ب ل ر ا ط خ) ا هة ج وا م ى ف ةّ ي ف س ل ق ل ة ا عارق م ف بo ظ و ن طاغ ت س د ا ق ل، ةّ يX ت سا ت لا ا اة ن ج لء ا ا ن ت ى ف لاق خ) لا ا ةّ ي م ه) لاً راo ط ن . وً مأّ د ق ب وً اّ ي ق ور ةّ ي ق لا خ) اَ رH كت) ا أب وت ت س م ى ل ا ةّ يX ت سا ت ألا اء ت ق ب لار لّ ى ف لا خ) اً ى سع م ى ف، لاب ت وو ارH س بX بلاغ وا و نّ الد عة واس ل ، ا ةH ي ت حد ل ا ةّ ي ق لا خ) لا ا ة ف س ل ق ل ل رر ب) اً ا خ ود م ي) ة ا ف وص ن، ّ ى ف لا خ) لا ط ا كان ت ه ى مد عل وءّ لص ط ا ت سل ت ا ن ت) أ ارت. ح ه مي ل ا: عة ب تّ لط ا ارب ص ها ،2 ر ب سا2 ت اء و نH س) لا ا2 ع ب ي ب ر ك ق ل ا كان ن) عد ا ب ق، ª لك ق ل م ا ل عا ى ف ك ن تر ب و ك( ورةH ن لH ب ما2 ي، ً ورةH ن ة ف س ل ق ل ا ى فH خدب) ا2 ةّ ث) أ ط ت كان2 ّ ر عت ب د د وخ ق ل. ª لك كدّ ى س ج ل ا ون ك ل ى ا عل ة ي ي ب وا ف ى مل2 ي م و ل عا ل ع ا ب ص ن ي دّ و ال ه دا ع ف. رة ب سا ت وّ ل ف) لا ى ا عل ة ا ث ن تX ف ر مع2 H ت ي ج ن م ر ك ق ل ع ا ب ي ب ى نّ ل ا ى ه هاّ ل ك، ةّ يX ت سا ت لا ا ة رث حّ ب ل أ تّ ى ق ب ف ج ل ا ن ي ق ب ل د اّ حد ي م ، و عل ل وا ة رق مع ل ا ون) وH س اول ن ي ن قّ ريo طّ ت ل ل ا ق لع أ اّ م) ، اّ ى مل ع و ّ ريo ط ن: لان ق عَ ل ق لع اَ ّ ن) ط ا كان: ن مي س ق ى ل دورة ا م ت س ف ب ت ، و لاق خ) لا واªك و لّ س ل ا ي) ود ، ا ج و ل ا ن م ى مل ع ل ا ث ي ا ح لول ا ا ن ي ن قّ ى مل ع ل ل ا ق لع أ اّ م) ، واً عا م ل ق لع ا اب ن ط ع م و

فلسفة الأخلاق عند كانط بقلم

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: فلسفة الأخلاق عند كانط بقلم

فلسفة األخالق عند كانط بقلم:الدكتورة إيمان الصالح: تمهيد •

Immanuel Kant [ 1724 يعد كانط م1804م- واحدا من أبرز فالسفة العصر الحديث ، بل مضى [ البعض إلى اعتباره أعظم فالسفة عصره ، فقد عمل على التصالح بين العلم والدين بطريقة تبدو أكثر نعومة

( ، أسس المثالية" النقدية أو " المتعالية" ، كما اتسمت1م ] ) 1716م _1646وأشد تأثيرا من ليبنتز [ فلسفته األخالقية بالمثالية . عرف األخالق _ عامة _ بأنها : مجال الحرية البشرية ، المتميز من ميدان

الضرورة الخارجية والسببية الطبيعية ، فأصبحت بمعنى أكثر ملموسية ، مجال الالزم ) ما يجب أن يكون(( . أبدى اندهاشا كبيرا وشعورا عارما حيال أثر عظمة2الذي له طابع كلي في األخالق ) اآلمر القطعي( )

الكون والقانون األخالقي في عقله ونفسه ، فقد ختم كتابه "نقد العقل العملي" بقوله الشهير :" شيآن كلما تأملنا فيهما مزيدا فمزيدا من إمعان ، يمآلن الذهن بإعجاب ورعب جديدين أبدا ، متزايدين دائما ، إنهما

السماوات المرصعة بالكواكب فوق رأسي ، والقانون األخالقي في داخلي . وليس علي أن أبحث عنهما ، أو أحدس راجما بالغيب فيهما ، كما لو أنهما كانا مقنعين بديجور ، أو كانا في صقع مستشرف يقع ما وراء

(3أفقي . إنني أراهما أمامي ، وأربطهما مباشرة ، بإدراكي وجودي ." ) . و في المضمار السياسي تبرز أهمية كانط من خالل تقديمه مشروعا للسالم العالمي الدائم ، ينهي الحروب

والعداء بين الدول ، ويفض النزعات الناشئة بينها بالطرق السلمية ، فيجنب الناس ويالت وكوارث تلكم " نحو سالم دائم ، محاولة فلسفية " على أقسام1795الحروب ، فقد انطوى كتابه الذي ظهر سنة

ومالحق عدة ، تصوغ شروط السالم ، والضمانات الواجب توفرها لضمان هذا السالم ، وضرورة إعطاء الفالسفة الحق في تنوير الدولة والحاكمين فيما يتعلق باألمور السياسية ، وتناول عالقة السياسة باألخالق ، فكان مشروعه متسقا مع مذهبه كله سواء في نظرية المعرفة ، أو في األخالق ، من هنا ال يمكن فهمه أبدا بمعزل عن المبادئ التي قررها في " نقد العقل المحض" ، و" نقد العقل العملي" و" ميتافيزيقا األخالق "،

(4و" فكرة التاريخ العالمي من وجهة نظر كونية " ) . لقد استطاع توظيف معارفه الفلسفية في مواجهة أخطر التحديات التي تتعرض لها البشرية ، أعني الحروب

وما يرتبط بها من كوارث وويالت ، في مسعى أخالقي لالرتقاء باإلنسانية إلى مستويات أكثر أخالقية ورقيا وتقدما . ونظرا ألهمية األخالق في بناء الحياة اإلنسانية ، ارتأينا تسليط الضوء على مذهب كانط األخالقي ،

. بوصفه أنموذجا أبرز للفلسفة األخالقية الحديثة ، الواسعة الذيوع واالنتشار: المنهج •

يعتز كانط بأنه أحدث في الفلسفة ثورة ، تماثل ثورة )كوبرنيك( في عالم الفلك ، فبعد أن كان الفكر يتبع األشياء ويسايرها ، صارت الطبيعة كلها هي التي تتبع الفكر من حيث معرفتنا به على األقل وتسايره . فغدا

هو الذي يصنع العالم ويملي قوانينه على الكون الحسي كذلك . لقد وجد كانط أن العقل عقالن : نظري وعملي ، أما العقل النظري فيتناول شؤون المعرفة والعلم ، ويحدد اليقين الحقيقي بالتجربة اإلنسانية ،

ومعطيات العقل معا ، وأما العقل العملي فيتناول الجانب العملي من الوجود ، أي السلوك واألخالق ، وينقسم بدوره إلى قسمين : العقل العملي بالمعنى الصحيح ، والعقل العملي المحض . يقول كانط :" إن

وظيفة العقل العملية تقوم على توجيه العقل أعمالنا وأفعالنا ، ويتم على نحوين : فإما أن يفيد العقل العملي من معطيات التجربة ، فيدرك عالقات الحوادث بعضها ببعض ، بغية استثمار ارتباطها وتعاقبها ،

( ، وهذا ما يسميه كانط "العقل العملي بالمعنى5وتحقيق هدف ما عند توافر شروطه وأسبابه ") الصحيح" ،أما " العقل العملي المحض " فيقدم لصاحبه اإلطار أو الشكل العام لما يترتب عليه فعله من غير

أن يستند في ذلك إلى معطيات التجربة ، بل يقدم هذا اإلطار بصورة قبلية سابقة لكل تجربة فعلية . إنه ينص على ضرورة إطاعة الواجب أيا كانت مادته ، وسواء أكانت هذه المادة سارة أم مؤلمة . وهذا العقل

العملي المحض هو في نظر كانط )الوجدان األخالقي الصحيح( . " افعل ما يجب عليك وليحدث ما يحدث" )6) .

من هنا يستخدم كانط منهجين مختلفين في بحث ومعالجة المشكالت األخالقية ، األول : االنطالق من معطيات التجربة ، ثم الصعود بالتحليل من هذه المعطيات إلى أعم ما يستطاع إيجاده من قضايا ، لكي. ينسقها ويفسرها . والثاني : اتخاذ مبادئ العقل وتصوراته للنزول نحو الظاهرات ، والمعطى والتجربة

: أ - المعطى التجربة

Page 2: فلسفة الأخلاق عند كانط بقلم

ما المعطى الذي يعنى كانط بمادة تحليله ؟ إنه ليس الطبيعة اإلنسانية مأخوذة في ذاتها ، بل أحكام الناس والمعاني األخالقية الشائعة بوصفها تجليات خارجية للعقل في مجال األخالق . و هنا تجدر اإلشارة إلى

استفادة كانط من )منهج تقسيم العمل( الذي أحرز تقدما هائال في ميداني الصناعة والعلم ، ومن منهج ديكارت الذي يرد الوقائع إلى طبائع بسيطة ، معتبرة على أنها حقيقة ، فمثلما أننا في الرياضيات نبدأ من

وحدات نشكل العلم بتوليفها ، كذلك نستطيع أن نقيم األخالق بالجمع والتوليف بين عناصر معزولة ، بهدف استخراج العنصر األخالقي الحقيقي الكامن فيها ، والعناصر المعزولة ههنا هي األحكام األخالقية الشائعة

(7والمتداولة بين الناس ) .: ب - منهج االستنباط االفتراضي

لم يقنع كانط باالكتفاء بتحليل شبيه بتحليل الكيميائي للمواد التي تتكون منها العناصر ؟ فابتكر منهجا شكل إضافة مهمة لمنهج التحليل البسيط ، اسمه "منهج االستنباط االفتراضي" ، وهو منهج ينطلق من وضع مبادئ على سبيل االفتراض ، يجري فحصها بمقابلة النتائج التي يتم التوصل إليها مع المعطيات الواقعية للتأكد من

صحتها وصدقيتها ، ثم اعتمادها أساسا في استنباط مبادئ وأفكار جديدة . وهذا المنهج هو المنهج الذي(8يستخدم الستكشاف القوانين العلمية ) .

لقد استخدم كانط هذا المنهج اعتقادا منه أن التجربة الحسية ليست الميدان الوحيد الذي يحدد فهمنا ، وينتهي بنا للوقوف على الحقائق العامة لألفكار ، يقول:" إن التجربة ليست الميدان الوحيد الذي يحدد

فهمنا ، لذلك فهي ال تقدم لنا إطالقا حقائق عامة ، وبذلك فهي تثير عقلنا المهتم بهذا النوع من المعرفة بدل أن تقنعه وترضيه . لذلك ال بد أن تكون الحقائق العامة التي تحمل طابع الضرورة الداخلية مستقلة عن

دة نفسها .") ( ، إذ ال بد أن تكون حقيقية ، بغض النظر عن تجربتنا األخيرة ، وحقيقية9التجربة واضحة ومؤك حتى قبل التجربة " فالمعرفة الرياضية ضرورية ومؤكدة ، وال نستطيع أن نتصور ما ينقضها في تجربة

المستقبل ، فقد نعتقد أن الشمس قد تشرق غدا من الغرب ، أو أن النار ال تحرق العصي الخشبية في عالم يمكن أن يسفرا عن عدد غير األربعة .2+2ال تحرق فيه األشياء ، ولكننا لن نعتقد أو نصدق طيلة حياتنا أن

إن مثل هذه الحقائق حقيقية قبل التجربة ، كونها تستمد نوعها الضروري من تركيب عقولنا الفطري ، من الطريقة الطبيعية الحتمية التي يجب أن تعمل عليها عقولنا ، ألن عقل اإلنسان عضو نشيط ينسق ويسبك

االحساسات إلى أفكار ، عضو يحول ضروب التجربة الكثيرة المشوشة وغير المنظمة إلى وحدة من الفكر( . و المعرفة القائمة على هذا النوع من الحقائق هي ما يسميه كانط بالمعرفة10المنظم المرتب )

القبلية ، السابقة على التجربة ، وهي معرفة بدهية صحيحة ، ال تحتاج إلى فحص بواسطة التجربة ، للتأكدمن صحتها

لسفة )تلخيص دروس( - االخالق : الخير و السعادة8 mai 2012, 19:35

مقدمة 

إن المشاكل التي تطرحها المسائل العملية سواء في مسألة العمل وما تفتح عليه من أشكال االغتراب و ربما حتى استغالل و استعباد, أو في المسالة السياسية وما تفتح عليه من اغتراب سياسي و من فسادع له قانونيا، في مقابل ممارسة سياسية تحول يجعل المواطنة مجرد فكرة صورية أو مثال أعلى يشر

المواطن إلى مستهلك و تجعل الدولة تستبد بالسيادة فتقضي على المواطنة كما السيادة في واقع العولمة الموجهة من قبل القوى االمبريالية في العالم, أو حتى في مستوى الممارسة العلمية التي تمثلها

النسقية و ما تفتح عليه من تهميش لمطلب الحقيقة كقيمة معرفية و العالقات المشبوهة بين النمذجة المعرفة و السلطة, و التدخل العلمي في التركيبة الجينية للنباتات و الحيوانات و حتى اإلنسان من اجل

تحقيق النجاعة والمردودية... كل هذه المشاكل و ما تطرحه من احراجات و مفارقات بالنسبة لفكر كائن يتحدد باعتباره قيمة، تجعل

الفلسفة األخالقية اليوم، و أكثر من أي وقت مضى, ضرورة حياتية إذا ما رام اإلنسان الحفاظ على إنسانيته و تحقيق كونية أصيلة تصالح بين اإلنسان و اإلنسان, وبين اإلنسان و الطبيعة في زمن الحد األقصى من

التواصل الذي غدى هو ذاته في حاجة إلى إيتيقا تنير له السبيل األصيل لتواصل حقيقي. إن واقع اإلنسان اليوم، يعلن الحاجة الملحة لعودة الفلسفة األخالقية و اإليتيقية، فطلب األخالق يبدو متزايدا اليوم, و لكن

ماذا نعني باألخالق و ماذا نعني باإليتيقا؟ 

Page 3: فلسفة الأخلاق عند كانط بقلم

الفرنسية من أصل يوناني، و تعني البحث عن نسق مبادئ تهدف إلى وجود خير و Ethique إن كلمة إيتيقا الفرنسية من أصل التيني، و تتحدد كنظرية في الجبر، نظرية في Morale سعيد, في حين أن كلمة أخالق

القانون و الواجب األخالقي باعتباره ال مشروط و كوني. و يجب أن نالحظ أن اإليتيقا تشهد اليوم أكثر حظوة في مقابل احتشام االهتمام باألخالق. و اإليتيقا اليوم تفيد عموما النظرية العقالنية حول الفعل و الحياة

الخيرة و بالتالي تتمثل في دراسة مشاكل القيم التي تطرحها مسائل المحيط )إيتيقا المحيط( و الممارسات الطبية )البيوايتيقا(... ذلك أن القانون األخالقي و الـجبر األخالقي يشهد اليوم تراجعا أمام الحياة الخيرة. و

من هذا المنطلق يبدو من المشروع بالنسبة إلينا أن نطرح المشكل اإليتيقي الذي يتعلق بالخير و السعادة و إذا كان الخير األسمى هو المطلب األساسي في الفعل األخالقي , ففيما يتمثل هذا الخير األسمى؟ هل

يتمثل في الخضوع ألوامر الواجب أم في تحقيق السعادة ؟ أليس اإلقرار بأن السعادة هي الخير األسمى هو نفي لصفة األسمى على الخير مثلما بين ذلك كانط؟ أال تمثل نسبية السعادة حاجزا يعوق توحدها مع الخير

األسمى و بالتالي تقضي بضرورة الفصل بين الخير و السعادة و بين األخالقية و السعادة على أساس ال تحدد السعادة؟ و بهذا المعنى أال يكون الخير األسمى باعتباره األخالقية شرط السعادة دون أن يتماهى معها ؟ ثم كيف نعرف ما هو خير، هل يتعلق األمر بالخيرات أي بما يريد الفرد تحقيقه لذاته آو حتى ليتقاسمه مع اآلخرين؟ أم هل يتعلق األمر بخير فعل ما سنفعل, وهو ما يحدد الفضيلة عند الرواقيين؟ أم هل يتعلق بمثال الخير، الخير في ذاته باعتباره الغاية القصوى لكل فعل ممكن مثلما ذهب إلى ذلك أفالطون؟ و كيف يمكن

مصدر القيم األخالقية، هل هي واردة من أفق أن نحدد الخير خارج عالقته بالسعادة؟ ثم قبل ذلك ما هومتعال أم أن اإلنسان واضعها ؟

 I  مصدر القيم األخالقية: 

يمكن أن تكون صادرة إما عن كائن متعال وهو موقف شائع تربط القيم األخالقية، من الزاوية المنطقية، إن فيه األخالق بالدين، موقف بينت المقاربات الموضوعية تهافته، وإما اإلنسان وهو األصل الذي يعترف به

الفالسفة و المفكرين. غير أن المفكرين والفالسفة وإن اتفقوا على كون مصدر األخالق هو اإلنسان فقد اختلفت رؤاهم فمنهم من اعتبره اإلنسان كعقل ومنهم من اعتبره اإلنسان كرغبة ومنهم من اعتبره اإلنسان

كمجتمع. 

كانط: العقل:  (1  يريد كانط أن يحدد المبدأ األساسي لكل فعل أخالقي أي المبدأ الصوري الذي تستمد منه القواعد األخالقية,

فهو إذن على خالف الفالسفة ال يقدم نسقا أخالقيا يضبط فيه الواجبات األخالقية وإنما يبحث في المبدأ األساسي لكل فعل أخالقي, لذلك يطرح كانط سؤال يتعلق بالمفهوم المركزي الذي تدور حوله األخالق

ليجيب بأن الواجب هو هذا المفهوم, فالواجب عند كانط هو جوهر التجربة األخالقية. والواجب يمثل الجبر األخالقي في ذاته بقطع النظر عن تطبيقاته وعلى هذا األساس يتحول سؤال ما هو مصدر األخالق؟ مع كانط

إلى ما هو مصدر الواجب؟ الواجب كمفهوم يتسم بالكونية والضرورة ال يمكن أن يكون حسب كانط نتيجة للتجربة والخبرة ذلك أن

الكونية والضرورة هي ميزات ما هو قبلي فالواجب عند كانط هو إذن مفهوم قبلي. كمفهوم قبلي ال يمكن أن يكون الواجب صادرا إال على العقل، لذلك يميز كانط بين األمر الشرطي واألمر القطعي, فاألول هو أمر

األمر الشرطي ال يكون ضروريا بصفة يربط بين الفعل والمنفعة التي تتحقق منه وهذا يعني أن الفعل وفق محضة فهو ضروري لتحقيق غاية ولذلك ال يعبر األمر الشرطي عن الواجب باعتباره كوني وضروري.

فالواجب ككوني وضروري ال يمكن أن يكون إال أمرا قطعيا يأمر دون شرط فهو يضبط اإلرادة بالقانون وهذايعني أن األمر القطعي وحده يمثل قاعدة أخالقية بالنسبة لكانط.

 دوركايم: المجتمع :  (2

  أما في المنظور السوسيولوجي فإن مصدر الواجب واألخالق هو المجتمع، إذ ينفي دوركهايم أن يكون الواجب صادرا عن العقل أو عن الدين, فمن هذا المنظور تجد األخالق مصدرها في المجتمع. وتناول

Page 4: فلسفة الأخلاق عند كانط بقلم

دوركهايم للمسألة األخالقية يجد منطلقه في تحليل الضمير باعتباره ملكة الحكم القيمي على أفعالنا,فالضمير يمثل صوت الواجب ويعبر عن الخاصيتين األساسيتين للواجب:

كون الواجب خارج عن الفرد والدليل على ذلك أن الواجب ال يتطابق في كل الحاالت مع طبيعة الفرد -ومزاجه.

ألنه يفصل بين الواجب والعقاب فالقيام بالواجب لتجنب العقاب هو خضوع ألمر القهر واإللزام ) ضد كانط - وهذه الميزة تظهر فينا بتأنيب الضمير عندما ال نخضع للواجب شرط في حين أن الواجب أمر قطعي(

وتأنيب المحيطين بنا. ويجب أن نالحظ أن صفة القهر واإللزام هي في الحقيقة صفة مالزمة لكل الظواهراالجتماعية بالنسبة لدوركهايم.

الواجب بما هو خارج عن الفرد وبما هو متميز بالقهر يجد مصدره في المجتمع, فالمجتمع هو الذي وضعه فينا بالتربية والتنشئة. وهكذا يرجع دوركهايم األخالق كظاهرة اجتماعية إلى الضمير الجمعي وتتحدد في نهاية

األمر باعتبارها وظيفة في المجتمع , فاألخالق تقوم بوظيفة خلق التماسك والوحدة االجتماعية لذلك يحدد دوركهايم الخير باعتباره األخالق وقد تمثلت شيئا حسنا والمجتمع هو الخير باعتبار أن المجتمع حقيقة أثرى

من حقيقة الفرد, إذ باالجتماع يحقق اإلنسان إنسانيته. لكن إذا كان كانط أسس أخالق صورية قال عنها هيجل أنها غير صالحة وال تجعل الفعل ممكنا فإن دوركهايم قد أهمل- عندما حدد مصدر الواجب باعتباره المجتمع-التفاعل بين الوعي الفردي والوعي االجتماعي إذ تبينلنا التجربة أن الفرد، و في كثير من الحاالت، هو الذي يبادر بإرساء قيم تصبح عامة بموجب التكرار والتعود.

 نيتشه: إرادة القوة:  (3

  األخالق الحق عنده تتجاوز حقل الواجب ألن الواجب هو تقنين السلوك الموجه ضد الحياة. فاإلنسان عند

نيتشه هو قبل كل شيء إرادة القوة لذلك يسعى إلى تفسير نشأة األخالق المثالية جينيالوجيا بإرجاعها إلى أصلها لكن إذا كانت األخالق صادرة عن إرادة القوة فكيف تكون أخالق الفالسفة المثاليين موجهة ضد

الحياة؟ إن إرادة القوة عند نيتشه منشطرة إلى إرادة حياة وإرادة عدم وهذا االنشطار ناتج عن دينامية الرغبة ذاتها

بما هي ماهية اإلنسان, فالرغبة كرغبة تسعى إلى اإلشباع وبالتالي تفتح على اللذة فتتحدد باعتبارها إرادة حياة، فاإلشباع هو تمجيد للحياة و إقرار لها، و لكن أيضا، الرغبة كرغبة تبحث عن اإلشباع تنفي موضوعها و

بالتالى تفتح على الموت فتتحدد كإرادة عدم. إرادة القوة عندما تكون في أوجها وصاعدة تناشد الحياة وتمجدها ألنها قادرة على فرض سلطانها وقوتها

الواهنة تنتج القيم واألخالق, أخالق بالتالي االنحطاط فان إرادة القوة و لكن بما أن كل قوة مآلها الضعف الشفقة كحيلة للمحافظة على بقائها فتنقد اللذة والرغبة وتحاصرها ومن هنا تظهر حسب نيتشه نقمتها على الحياة, هذا يعني أن نيتشه يرجع كل وجود إما إلى القوة وإما إلى الضعف والضعف هو مصدر أخالق الشفقة

لذلك ينظر نيتشه ألخالق األقوياء, األخالق التي تقوم على القوة وإرادة الحياة، ذلك أن أخالق الشفقة تمنعاإلنسان من بلوغ أعلى درجات القوة و البهجة و بالتالي السعادة.

و هكذا نتبين اتفاق كل المقاربات الفلسفية حول اعتبار القيم جوهرية وأولية في األخالق, فحتى المقاربة الجينيالوجية التي طرحت قيمة القيمة ونقدت القيم انتهت إلى وضع القوة كقيمة. والفعل األخالقي عند

الفالسفة هو الفعل الذي يتطابق مع مبادئ الخير. لكن فيما يتمثل هذا الخير؟ في الواجب أم في السعادة؟وما هي طبيعة العالقة بين الخير والواجب والسعادة؟

  II  الخير و السعادة: 

السعادة كواجب : (1 

إن األنساق األخالقية السابقة لكانط ترى في السعادة غاية كل فعل إنساني، فهي الخير األسمى لذلك تسمى أخالق أودونية. في حين يعتبر كانط أن الفعل األخالقي هو الفعل الذي يقوم بالواجب من أجل

الواجب .فهل يعني ذلك أن القيام بالفعل من أجل تحقيق السعادة هو فعل ال أخالقي؟

Page 5: فلسفة الأخلاق عند كانط بقلم

يالحظ كانط أن السعادة بما هي حالة كمال هي مفهوم غامض ألنه يرتبط بالتجربة فالسعادة عنده هي مثل أعلى ال للعقل بل للتخيل يقوم على مبادئ خبرية فحسب. فالسعادة إذن، ليست مفهوما عقليا وترتبط برغد العيش، لذلك ال يمكن تحديدها, فرغد العيش يختلف من شخص إلى آخر بحسب خبرته وميوال ته لذاك يرى

كانط أن السعادة ليست من مجال األخالق, فمجال األخالق هو مجال ما هو عقلي, كوني وضروري أي هو الدين ألن السعادة هي موضوع أمل و من حق اإلنسان ككائن رغبة واجب. ومجال السعادة حسب كانط

أن يأمل في أن يكون سعيدا دون أن يناقض ذلك الواجب. فما هو أولي بالنسبة لكانط هو األخالق الكونية وال يهدف أي فعل في المجال العملي إال إلى تحقيق الفضيلة باعتبارها طاعة األمر القطعي. لكن ذلك ال

يمنع من أن تكون مقوالت العقل العملي مقبولة في حقل األخالق وهو ما يضفي مشروعية على البحث عن السعادة. يقول كانط: »األخالق ليست إذن نظرية تعلمنا كيف يجب أن نكون سعداء ولكن تعلمنا كيف يجب أن نكون جديرين بالسعادة, ذلك أننا ال نأمل في تحقيق السعادة إال بتدخل الدين«. وهكذا يكون البحث عن

ليست ظرفا مناسبا للقيام بالواجب. السعادة عند كانط أمرا مشروعا وواجبا في معنى ما بما أن التعاسة السعادة كموضوع أمل بالنسبة لكانط ال تتحقق في األرض و تبقى موضوع أمل مشروع ليس إال. و هكذا

يرتبط كانط الحرية بالعقل، فاإلرادة الخيرة هي التي تخضع إلرادة القانون العقالني والكوني أما اإلرادة التي تخضع للرغبات الحسية فهي إرادة مرضية بالمعنى الكانطي أي ال تخرج عن تأثير الحواس, فالحرية والعقل

ال ينفصالن عند كانط الذي يقول : "الحرية هي خاصية إرادة كل كائن عاقل"، وبالتالي ال تكون السعادةبالنسبة لكانط شأنا سياسيا.

 في تضايف الخير و السعادة :  (2

  غير أن أرسطو على خالف كانط يرى أن تحديد الخير يقتضي اعتباره من جهة كونه غاية جماعية ال فقط

كغاية فردية, ذلك أن اإلنسان عنده هو حيوان اجتماعي, و من هذا المنطلق تعتبر اإليتيقا بالنسبة إليه معرفة متعلقة بالفعل, و ترتبط بالخير األسمى الذي يمثل غاية كل فعل إنساني, والخير األسمى هو السعادة, و

هكذا فإن السعادة عند أرسطو تتمثل في فعل عقلي يتحدد في التأمل كنشاط عقلي, الذي يتماهى و الفضيلة. يقول أرسطو "إذا لم تكن السعادة حقا إال الفعل المطابق للفضيلة، فمن الطبيعي أن يكون الفعل المطابق للفضيلة التامة، أعني فضيلة الجزء األعلى من اإلنسان". وهو ما يعني أن السعادة هي نتيجة الحياة

الفاضلة. وبما أن الفضيلة ترتبط بالتأمل العقلي الذي يمثل ما هو أعلى في اإلنسان، فإن السعادة تتجاوز اللذة الحسية البسيطة من جهة كون اللذة مؤقتة في حين أن السعادة ال زمنية ودائمة، والتأمل العقلي هو

الذي يحقق ثباتها دوامها. وبالتالي فإن الحكيم الذي يتأمل الخالد في حياة رفاه يجسد اإلنسان السعيد. وهذا الذي يقر بأن السعادة هي غاية كل Edémoniste الموقف األرسطي ينخرط في التصور اإلغريقي األودوني

فعل، وتتحدد السعادة باعتبارها تطابق بين اإلنسان ونظام الطبيعة. ولكن يجب أن نالحظ أن أرسطو يربط بشكل صريح البحث عن السعادة بالتنظيم العقالني للحياة االجتماعية. فاإليتيقا ترتبط بالسياسة، وخير الفرد

يتوقف على الخير األسمى للمدينة وبالتالي للدولة. وبما أن السعادة هي مثال أعلى وهدف، فإنه منالضروري تعميمها وأنسنتها وبالتالي تسييس البحث عن السعادة.

تلك هي أيضا وجهة نظر الموقف النفعي. ذلك أن اشباع اللذات ال يقود إلى السعادة إال في إطار المصلحة انتهى إلى تجريد القيم األخالقية من الذي Jeremy Bentham العامة. والنفعية هي موقف جيريمي بنتام

كل أساس مرجعي متعال، بما أن المبدأ األخالقي الوحيد عنده هو مبدأ المنفعة بمدلولها الخاص و الفردي. و رغم تأكيده على دور الدولة في ضمان النفع ألكبر عدد من األفراد، فإن بنتام يخلص إلى أنه يجب على الفرد

أن يتحقق من المنفعة التي تعود عليه هو ذاته من الفعل قبل أن يقوم به. ومن هذا المنظور المادي يذهب بنتام إلى التأسيس "لعلم حساب اللذة واآلالم"، قاصدا أن يكون معيارا لقياس السلوك األخالقي والعملي

قياسا كميا. وبما أن المبدئية األخالقية هي المنفعة، فقد كان الزما على هذا العلم أن يؤسس لطريقة تمكن من قياس اللذة، تلك التي يصنفها بنتام إلى نوعين "متجانسة" و"غير متجانسة ويحرص بنتام على التأكيد

على أن مقياس الكم قابل لقياس ما يسميه باللذات المتجانسة، غير أنه عندما يبحث اللذات غير المتجانسة، كلذة القراءة مثال وغيرها فإنه اعترف بصعوبة حسابها كميا. لذا نجده يبحث عن مقياس آخر

يقاربها به والمقياس البديل الذي وضعه ال يخرج عن الرؤية الكمية النفعية التي تحكم منظوره ككل؛ ذلك أنه رأى أن هذه اللذات غير المتجانسة يمكن قياسها بـالمال أي أنه يجب على الفرد أن يقيس تلك اللذة بمقدار

Page 6: فلسفة الأخلاق عند كانط بقلم

ما يصرفه من مال لتحصيلها، فإذا كان المبلغ المالي الذي تحتاجه مكلفا يجب أن يعرض عنها إلى لذة أقلمنها كلفة.

، الذي يحدد السعادة من زاوية مادية وجماعية، والذي يستعملJohn Stuart Mill جون ستيوارت ميل و مفهوم الخير باعتباره مجموع الخيرات التي يمكن الحصول عليها يسير في نفس اتجاه بنتام عندما أقر :

"نعني بالمنفعة امتالك أي شيء ننحو بفضله إلى تحقيق مصلحة، مكسب، لذة، خيرا او السعادة". وهو موقف غير بعيد على التصور االبيقوري، الذي يحدد السعادة باعتبارها اللذة وغياب االلم تماما مثل التعاسة

هي بداية الحياة السعيدة وغايتها فهي الخير إذ يعتبر أبيقور أن اللذة باعتبارها "االلم والحرمان من اللذة". األول ومعيار الخير, فاللذة عنده هي إذن شرط الخير والخير شرط السعادة لكن بالتوازي اللذة هي الخير

وهي السعادة بما أنها طبيعية في اإلنسان. لكن عندما يعتبر أبيقور أن اللذة هي الخير ال يجعل من اللذة غاية كل فعل أخالقي أي أنه رغم كونه يعتبر اللذة هي الخير األول ال يقدم نظرية هيدونية ألنه يقدم اقتصادا

كامال في اللذة. فنحن ال نبحث عن اللذة إال لندفع األلم لذلك فالسعادة عند أبيقور ال ترتبط باللذة الحسية فحسب وإنما تقتضي الحكمة التي توجهنا في إشباع اللذات.الحكمة واللذة هي طريق للسعادة التي تمثل

عند أبيقور حالة تتميز بغياب األلم وبالتالي بغياب اللذة يسميها األتراكسيا.. 

السعادة و الرفاه : (3  إن ما يجعل السعادة مثال أعلى، بالنسبة للنفعية، هو كونها مقصودة وفق إستراتيجيا جماعية و كونها ترتكز

األنوار، جعلهم يربطون السعادة بتطور على االعتقاد في التقدم التقني و االقتصادي. ذلك أن تفاؤل فالسفة المعرفة و الذكاء اإلنساني، تفاؤل يجد في إقرار روسو بخيرية اإلنسان سندا له، مما جعل روسو يؤكد في

كتابه »إيميل« على دور التربية في تحقيق سعادة الطفل، إذ ينادي روسو بضرورة ترك الطفل يتطور وفق طبيعته الخيرة. وهو ما يؤكد أن السعادة هي أساسا مثال أعلى، فكرة، شيء علينا تحقيقه ال فقط بالنسبة

لألفراد بل لكل الناس، و من هنا بالذات يحصل اإلنزالق الذي يجعلنا نتحول من اإلنسانية إلى النفعية كماتجلت عند بنتام وميل، ثم إلى المادية الصرفة و الفردانية التي غدت فيها السعادة اليوم مرادفة للرفاه.

فأن نعتبر الخير كمجموع الخيرات التي يمكن الحصول عليها، و أن يبحث كل فرد عن أكثر لذة و أقل عناء، هو أن نعتبر سعادة الفرد جزءا من الرفاهة العامة. ذلك أن النفعية تتحدث عن السعادة في المستوى

االجتماعي، و بالتالي السعادة لكل الناس رغم كونها تختزل الخير في النافع. فالنافع هو ما يمكن من تحقيق الخير، وهو مفهوم سبق أن تحدث عنه أبيكتات و حتى سبينوزا، فالحكيم الرواقي يبحث عن النافع. غير أن

النافع عند إبيكتات كما عند سبينوزا ال يرتبط بما هو مادي، في حين ننظر اليوم إلى النافع باعتباره نافعا ماديا. ذلك أنه بالنسبة للنفعية، لكي تكون السعادة شيئا يمكن توزيعه بطريقة عادلة بين الناس، يجب أن تكون مادية، فلكي تكون قابلة للقسمة يجب أن تكون قابلة للقياس، و بالتالي تتماهى السعادة مع الرفاه

في المجتمعات االستهالكية. 

في تجاوز النفعية و سعادة الرفاه : (4  إن الفردانية ليست فقط واقع ولكنها أيضا مثال أعلى، وإتباع حاجات الفرد كعنصر في المجتمع ليست فقط

أمرا مقترحا بل يقدم كخير مطلق. فالمجتمع االستهالكي ليس فقط مادي، وذو نزعة مادية ألنه يكرس خطابا يسعى من خالله إلقناع كل األفراد، بل انه مثالي بطريقته، بما انه يقدم الرفاه كمثال أعلى، رفاه فردي ولكن رفاه فردي لكل الناس. وخطاب السوق هذا، ككل خطاب أيديولوجي، يزعم انه يقدم أجوبة

لكل التساؤالت. وحول السؤال الذي قد يطرحه كل واحد منا: ما السعادة؟ يجيب يجتمع مجتمع السوق بدال عنا. وإجابة المجتمع االستهالكي تقدم لنا مثالي السعادة كرفاه، وبهذه الكيفية يكون لكل الناس نفس مثالي

السعادة. في حين أن كانط عندما أقر بان السعادة هي مثال أعلى للتخيل، كان يؤكد على كون السعادة شأن شخصي. وال يجب بالتالي أن نخلط بين تحقيق الرفاه وتحقيق السعادة. ثم إن المجتمع االستهالكي

عندما يقدم مثال أعلى للسعادة الفردية كرفاه، ينولد عن ذلك اغتراب األفراد بالنسبة لالجتماعي، إذ يصبح لهم نفس المثالي الشخصي. والمجتمع االستهالكي الذي يدفعنا للفردانية، يدفعنا جميعا كالقطيع، وهذا النوع

من الفردانية ليس مرادفا بالضرورة للتسيير الذاتي وللحرية.

Page 7: فلسفة الأخلاق عند كانط بقلم

لذلك البد من مراجعة طرح مسألة السعادة، بالعودة أوال إلى الفصل بين االيتيقيا واألخالق، إذ لماذا تكون السعادة مسألة ايتيقية؟ لماذا علينا أن نختار بين أخالق واجب وإيتيقا سعادة؟ لماذا ال يمكن التفكير فيهما

معا؟ وبالتالي المصالحة بين الواجب والسعادة، بين الحرية وبالتالي الفردانية الحقة والخضوع للجبراألخالقي من جهة كونه طريق الكونية واالنسانية.

إن السعادة تطرح باعتبارها مثال أعلى وبالتالي ال كشيء معيش، وذلك ليس غريب بما ان السعادة تتحدد كحالة اشباع كامل ومتواصل في الزمن، و كحالة اكتمال ال يمكن أن تكون السعادة شيئا معاشا، ولكن مع

إن السعادة هي حالة الرضاء التام واالمتالء لذلك تختلف ذلك ال يجب الزهد في طلبها مثلما بين ذلك فرويد. عن اللذة التي هي رغد مستحب من طبيعة حسية. وإذا كانت السعادة تعني راحة تامة وتتقدم باعتبارها

الخلود ذاته فإن اللذة زمانية فهي حركة ودينامية قد تطيلها وتضخمها الذاكرة والخيال, لكن السعادة تختلف أيضا عن الفرح ففي حين أن اللذة مجزأة فإن الفرح هو حالة وجدانية إجمالية إذ تمثل كما بين ذلك سبينوزا

التحول من حالة كمال منقوصة إلى حالة أرفع منها, حالة تزيد فيها قوة فعل الجسد,أما السعادة فإنها ليست تحوال فالفرح ديناميكي في حين أن السعادة ستاتيكية فالسعادة التامة تبدو إذن مسألة يصعب

تحقيقها رغم كون األنساق الهيدونية كانت تقدم طرائق يفترض أنها تحقق السعادة كذلك الشأن األبيقورية مثال. و إذا كانت السعادة هي حالة اإلشباع التام لكل الرغبات فإن ذلك يعني أن سبيل تحقيقها هو القضاء على كل ألم وإذا كان أبيقور ينظر في أخالقه إلى طرق تمكن من تجاوز األلم حتى وإذا كان ذلك بطريقة

واهمة عبر الخيال والتخيل والتذكر فإن فرويد ينفي ذلك إذ يبدو أن األلم يتمادى مع الوجود اإلنساني، إذ يجد مصدره في قوة الطبيعة وشيخوخة الجسد بل حتى في سالح اإلنسان ضد هذين المصدرين أي الحضارة,

فاأللم إذن يوجد في التركيبة النفسية لإلنسان لكن إذا كان األلم متماد مع الوجود اإلنساني فإن ذلك ال يجب أن يؤدي بنا إلى الزهد في الحياة وفي طلب السعادة إذ يبدو حسب روسو أن سعادة اإلنسان ال تتحقق في

السكينة التامة واستكمال الملذات بل تتحقق بالمكابدة والمجاهدة ألن الحياة التامة التي تتحقق فيها كلآمالنا و أحالمنا تعني الموت ألننا عندها كون محرومين من لذة الرغبة.

و هكذا يمكن القول أنه، وفي مقابل السعادة، يتقدم الفرح كشيء معيش. وبالتالي كحالة ديناميكية غير في الفرح وعالقته بالمعرفة يمكننا من الجمع بين ستاتيكية مثلما هو شأن السعادة. ولعل تفكير سبينوزا

الواجب والسعادة فالمعرفة هي مجال الحرية الحقة بالنسبة إلى سبينوزا، والفعل الحسن عند سبينوزا هو البحث عما يسميه بالنافع الخاص، وال يتعلق األمر بالخيرات الخبرية التي تؤدي إلى االغتراب مثل اللذة

والشرف والثراء، بل على العكس من ذلك النافع الخاص يزيد من قوة فعل الفرد وقوة فعل المجموعة، والعقل هو الذي يحدد هذا النافع الخاص، إذ المعرفة هي التي تمكن الفرد من أن يحقق ذاته بحسب رغبته، فاإلنسان الحر حسب سبينوزا هو من يرغب في الخير. يقول سبينوزا "إن اإلنسان الحر يرغب في العقل،

في الحياة، في المحافظة على كيانه على أساس البحث عن النافع الخاص، هو ذاك الذي ال يفكر في الموت بل إن حكمته هي تأمل في الحياة"، وهذا الوجود الحر والسعيد والعقالني هو جائزته، وليس هو نتيجة

حساب، انه التعبير من الفرد ذاته عندما يحقق ذاته ذلك أن "الغبطة ليست جائزة الفضيلة ولكن الفضيلة ذاتها، ونحن ال نعيش الفرح ألننا نمنع رغباتنا الحسية، بل عكس ذلك ألننا نعيش الفرح نستطيع منع هذه

الرغبات" والغبطة باعتبارها أرقى درجات الفرح تتقدم كحكمة ثابتة، واإلنسان الحر يحقق الغبطة ألنه يحققكمال ذاته.

.