يوم الرحيل

الطبعة األولى1436 هـ ـ 2015 م

L لبنان ـ حارة حريك ـ جممع اإلمامني احلسننيهاتف: 01/557000 ـ 01/544402

خليوي: 03/565074

* * *الربيد اإللكرتوين

[email protected]@tawasolonline.net

[email protected]

* * *املواقع اإللكرتونية ـــ املركز اإلسالمي الثقايف

www.sayedfadlullah.orgwww.tawasolonline.net

www.fadlullahlibrary.comyoutube/tawasolonline

youtube/sayyedfadlullah

Facebook:SayyedFadlullah

مكتبة العلمة املرجع السيد فضل اهلل العامةتواصل أون الين

الذكرى ال�سنوية الخام�سة

مة المرجع لرحيل �سماحة العلا

د ح�سين ف�سل اهلل ال�سيد محما

رغم الغياب ما زالت مرجعية الس�يد تتسع وتتسع، ألنها مرجعية فقهية وثقافية

واجتماعية وتربوية وإنسانية..

مرجعي�ة الحي�اة هي، تس�تند إلى عمق ف�ي الفكر وأصال�ة في الرؤى، وإنس�انية في األهداف..

مرجعي�ة تصوغ إنس�انا رباني�ا ومجتمعا إيماني�ا ووجودا يحمل في ثناي�اه كل الخير والفالح والصالح..

ويبقى الس�يد حاضرا رغم مرور سنوات خمس، وألنه حاضر فينا بفكره اإلسالمي الناب�ض حيوية وعطاء وس�موا، أردنا في المركز اإلس�المي الثقاف�ي � مجمع اإلمامين

الحسنين أن نبقي الذاكرة نابضة بذكراه.

ارتأينا أن نستعيد من جديد يوم تشييعه في 2010/7/6 م ليكون ذلك محطة للعبرة، تجد فيها األجيال قامة شامخة في الهدى والتقوى والعلم تستلهم خطاها لتبني واقعها

على قواعد إسالمية متينة.

هذا الكتاب.. تأكيد بأن السيد ما زال في العقل والقلب والوجدان...

مدير المركز اإلسلمي الثقافيشفيق محمـد الموسـويرمضان 1436 هـ / تموز 2015 م

التشييـــع

7

التشييع


9


10


11


12


13


14


15


16


17


18


19


20


21


22


23


24

بيانات النعي والتعزية لمراجع وعلماء الدين

25


27

مقتطفات من بيانات النعي والتعزية

لق�د قدم هذا العال�م الكبير والمجاه�د الكثير في الس�احات الدينية والسياس�ية وكان ل�ه األثر الكبير على الس�احة اللبنانية والتی لن تنس�ى خدمات�ه وبركاته الكثيرة

على مر السنين.

سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي

إن الفقي�د الس�عيد كان مرابط�ا قدي�را ف�ي الس�احة اللبنانية أمام حم�الت أعداء اإلسالم الحاقدة، فإنه بحسن تدبيره وشجاعته حمى هذه القلعة الصامدة.

سماحة المرجع الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

كان بحق من كبار علماء لبنان المجاهدين والذي صرف عمره الشريف في خدمة الدين الحنيف ونشر الوعي والفكر اإلسالمي ومقارعة الظالمين والمستكبرين.

سماحة آية الله المرجع السيد محمود الهاشمي الشاهرودي

إن�ه حقا فقيه ش�جاع وبصي�ر بزمانه ومكانه ف�ي عالم اليوم المتالط�م، فقد كان يشري نفسه ابتغاء اآلراء الفقهية لينير بها درب المجددين والمفكرين الملتزمين.

سماحة المرجع الشيخ يوسف الصانعي


28

لقد كان لفقيدنا الراحل رحمه الله تعالى، آراء متميزة في معالجة قضايا معاصرة، أثبت من خاللها أن ال قضية تس�تعصي على اإلس�الم الحنيف، بدون أن يعطي فيها

حكما أو يأخذ منها موقفا.

سماحة المرجع السيد حسين الصدر

نح��ن الي�وم بحاج�ة إل�ى الراح�ل )ق�ده( وأمثال�ه، في أس�لوب�ه وبيان�ه، لرفع مس�ت�وى اليقظ��ة وفض�ح مخطط�ات الع�دو الغ�ادر والوق�وف ف�ي وج�ه خداعه

ومكائده...

سماحة المرجع السيد كاظم الحائري

لقد كان الفقيد الراحل مثاال للعالم العامل بعلمه، والطبيب الدوار بطبه، ولسمو نية وترفع حتى عن الرد على من الذات، وعفة الس�لوك، فقد تس�امى عن األمور الد

أساء إليه.

سماحة المرجع محمد اليعقوبي ـ النجف األشرف

كان عالم�ا طليعي�ا وفقيه�ا يعيش هاجس البح�ث عما يلبي حاج�ات عصره في وعي وانفتاح.

آية الله المرحوم الشيخ عبد الهادي الفضلي

من كبار علماء اإلحساء


29

كان مدرس�ة ن�ادرة إذ ل�م يكتف بالفك�ر المج��رد.. وبالتنظي�ري ولو على أرفع مستوى وإنم�ا أغن�ى الق�ول الم�أثور بالمساع�ي العملي�ة الخي�رة واألفعال الجريئة

المؤثرة.

سماحة آية الله المرحوم الشيخ محمد مهدي اآلصفي/ النجف األشرف

أغنى المكتبة اإلس�المية والعالمية بأمهات الكت�ب والمصادر في عموم معارف اإلسالم في التفسير والفقه والعقائد واألخالق والسياسة والفكر الحركي لبناء األمة

ونهضتها المعاصرة.

سماحة آية الله الشيخ محمد باقر الناصري

بإيمانه وصفائه وس�مو خلقه وتواضعه س�يبقى الس�يد نجمة س�اطعة في حياتنا، نس�تهدي نورها في ليالينا ونحن نخوض غمار هذه الحياة.. وس�يبقى حضوره قويا فينا ألن امتداد حياته بعد وفاته هو من امتداد الرس�الة التي أحبها وآمن بها وعش�قها

حتى الرمق األخير..

سماحة العلمة السيد علي فضل الله

لقد فقدنا اليوم أب�ا رحيم�ا ومرش��دا حكيم�ا وكهف�ا حصين�ا وس�ن�دا قوي�ا في م والعل�م والنور الذي نس�تضيء به في كل كل المراح��ل. كان لن�ا األس�تاذ والمعل

محنة.

سماحة السيد حسن نصر الله


30

كان حارس�ا أمين�ا له�ذا الخ�ط، والذي يعب�ر عن أصال�ة االنتماء إلى مفاهيم اإلس�الم والرسالة والقرآن، ويجسد نهج النبوة في امتدادها الروحي والفكري والقيادي...

سماحة السيد عبد الله الغريفي

م البارز، والش�اعر د، والمتكل يبق�ى الس�يد المرجع الفقي�ه، واألصول�ي المج�دالمرهف، والعارف المتصل بالله.

سماحة السيد محمد علي فضل الله

علمتن�ا أن ال نحق�د على أح�د؛ ألن »الحقد موت«، وألن القل�ب الذي يحقد ال يمك�ن أن يس�مو في حب�ه لله، وربيتنا على أن من يأمل عفو الل�ه يوم ال ظل إال ظله،

فال يمكنه إال أن يجعل عفوه عمن أساء وسيلة لتحصيل عفو الله تعالى.سماحة السيد جعفر فضل الله

إن ه�ذا المرجع العظيم ال�ذي صدم الواقع وصدع بالح�ق وجاهر به، كان يعلن ع�ن رأيه الذي كان يتوصل إليه بكل جرأة وقدرة وش�جاعة وكانت مرجعيته الواعية ت حول�ه الجماهي�ر المؤمنة الرش�يدة منفتح�ة عل�ى الواقع ب�كل أبعادها حت�ى التف

والمسلمة من مختلف الطبقات وباألخص الشباب الواعي.

سماحة آية الله المحقق حسين الراضي


31

إن تطلعات العالمة المرجع عظيمة وكبيرة بحجم الرسالة اإللهية التي يؤمن بها، والتي تمتد مسؤولية حملها ألجيال المصلحين في تاريخ األمة والبشرية...

سماحة الشيخ حسن الصفار

ق�د كانت رؤية »الس�يد« هن�ا اإلحيائية والتجديدي�ة أنه كان ينظ�ر إلى النصوص بعيدا عن كل الشروحات وعن كل التفاسير. كان يتعامل مع القرآن كأنما نزل عليه.

سماحة الشيخ حسين الخشن

وقد لحق بالرفيق األعلى بعد عمر طويل قضاه في خدمة اإلس�الم، حيث شكل رحيله فاجعة أصابت األمة بفقد علم من أعالمها.

سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم ـ البحرين

م�ن عرفه عرف فيه أنه كان مفكرا يهدي�ه عقله إل�ى نظريات وأطروحات يفترضها أوال، ويقيم عليها الدليل بروح اجتهادية.

سماحة الشيخ محمد علي التسخيري

كان فقي�ه عص�ره بحق، فهو بقدر م�ا كان وفيا للثوابت الفقهي�ة، كان يأبى أن يكون دون، ويفتي بما يفتي به األسالف، لمج�رد أنه�م أسالف. د ما يرد صدى لآلخرين، يرد

سماحة السيد محمد طاهر الحسيني


32

كان )الس�يد المرجع اإلنسان(.. صاحب التواصل الدائم مع الجميع.. والحوار المنفت�ح عل�ى الكل.. إذ لم تمثل االنتماءات المتباينة بالنس�بة إليه أي عقدة أو عائق

عن االنفتاح على اآلخر.

سماحة الشيخ علي حسن غلوم

را وعالما وأنموذجا رائعا أش�عر بأننا خس�رنا خس�ارة كبرى حين فقدنا أبا ومفكللمرجعية الدينية الرشيدة الداعمة للجهاد والنضال والمقاومة.

سماحة الشيخ حيدر حب الله

ش�كل الس�يد محمد حس�ين فضل الله اس�تثناء في الفكر واس�تثناء في الحضور

واستثناء في السياسة واستثناء في حركة االجتهاد الفقهي.

سماحة الشيخ عفيف النابلسي

إن الفقيه والمفكر والمرجع المجاهد آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل ه نعمة من الل�ه من بها عل�ى المؤمني�ن، والتزاما بقول الله س�بحانه س س�ر الل�ه ق�د

ث﴾. ا بنعمة ربك فحد وتعالى: ﴿وأم

سماحة العلمة الشيخ نمر باقر النمر

كان من الفقهاء البارزين والمتميزين في طريقته العلمية، وكان له دوره الكبير في

تهدئة األوساط اللبنانية والتقارب بين المسلمين سنة وشيعة.

وكيل مرجعية الميرزا األحقاقي


33

العالم اإلسالمي خسر برحيل آية الله السيد فضل الله عالما فذا ومؤلفا موسوعيا وباحثا ترك آثارا علمية كبيرة اشتملت عناوينها على مختلف ميادين المعرفة والعلوم.

المجلس اإلسلمي الشيعي األعلى

كان علما هاديا من أعالم الطائفة ومجاهدا من طالئع المجاهدين الذين عرفتهم الساحة اإلسالمية متميزا بفكره النير وسعة صدره وغزارة علمه.

سماحة الشيخ محمد علي العمري

كان له مجهود واضح في عالم الفكر والثقافة في الساحة اإلسالمية، ودور واضح في الخدمات االجتماعية من رعاية األيتام والفقراء واالهتمام بشؤون المستضعفين.

سماحة السيد علي الناصر السلمان

يحل�و لن�ا أن نقل�د الس�يد محمد حس�ين فضل الله ف�ي اجتهاده ف�ي الصبر على األعداء واألصدقاء معا.

سماحة المرحوم السيد هاني فحص

الس�يد فض�ل الله � رحم�ه الل�ه � كان يحمل لواء الحوار اإلس�المي المس�يحي وض�رورة فتح آفاقه الرحبة في العناصر المش�تركة بين المس�لمين وغيرهم من أبناء

الديانات السماوية.

سماحة السيد حسين بركة الشامي


34

ه من أجل لن�ا ف�ي مدرسة اإلم�ام فضل الله نم�وذج يحت�ذى، الذي نذر عمره كلكلمة التوحيد وتوحيد الكلمة.

سماحة الشيخ حسين أحمد شحادة

فري�د في علمه وفكره ونش�اطه، فريد ف�ي دفاعه عن الحق والتس�امح والتعايش

حتى مع األقربين الرافضين له، فريد في دفاعه عن المقاومة.

سماحة الشيخ عباس الموسى

تعلم�ت منه أن الدين أوس�ع م�ن المذاهب واآلراء، وس�احة الفكر رحبة تتس�ع

ألكثر من رأي وال تزدحم باالختالف.

يا سماحة السيد، أحببتك ولن أستقيل من حبك.سماحة الشيخ محمد حسن زراقط

إن العالمة فضل الله كان من السباقين إلى الجهاد والوقوف بوجه أعداء اإلسالم، بقي صامدا على مواقفه المش�رفة حتى آخر لحظة من عمره الش�ريف وبقي مرش�دا

روحيا ألبطال المقاومة اإلسالمية في لبنان.

الحوزة العلمية في قم المقدسة

كان مث�ال العالم المجاهد، ويكفيه مح�اوالت االغتيال التي تعرض لها في هذا

السبيل لتكون أوسمة معلقة على صدره.سماحة آية الله الشيخ هاشمي رفسنجاني


35

إن ما قدمه الراحل الكبير من فكر وعلم سيكون بالتأكيد المنار والطريق لمن يريد العمل والفعل الصالح، وسيكون المحرك والفاعل لمن يريد العيش بكرامة وعزة.

سماحة آية الله الشيخ الركابي

ما زالت روحك في كلماتك، وفي أنغام ترانيمك، وفي محراب صالتك..

ال أستطيع أن أتحسس أوتار المعزف..

فابدأ بموسيقاك..سماحة الشيخ حسين المصطفى

إن الراحل الكبير آية الله العالمة الس�يد محمد حس�ين فضل الله، الفقيه والعالم الجليل كان من دعاة الوحدة اإلسالمية وكان يعتبر حفظ نظام الجمهورية اإلسالمية

اإليرانية المقدس، واجبا شرعيا.سماحة السيد محمد حسين رئيس زادة

لق�د ك��ان فقيه��ا متن��ورا جع�ل م�ن المرجعي��ة موقع�ا متفاعال م�ع المجتمع والقضاي�ا الكبيرة التي تم�س واقع المس�لمين والقضية الفلس�طينية وقضايا التحرر

بصورة عامة.

سماحة السيد محمد حسن األمين


36

حمل هموم األمة وتطلعاتها، وعمل دائبا في نشر الوعي والثقافة وكان شوكة في عين الصهاينة والمستكبرين وسندا للمقاومة اإلسالمية.

سماحة السيد محمد باقر الناصر

إن ش�مولية األفكار التي تمثلها س�ماحة الس�يد رحمة الله علي�ه نابعة من الرؤية القرآنية الشاملة التي استلهمها وجمعها تفسيره )من وحي القرآن(.

سماحة الشيخ ماجد الماجد

م للفكر اإلس�المي الكثير م�ن محطات كان عالم�ا إس�الميا واس�ع االطالع ق�درت في العشرات من المؤلفات القيمة. المعرفة النهضوية سط

سماحة السيد حسن النمر

ل�م نس�مع منه يوما هجوم�ا على أحد مم�ن خالفوه وهاجموه وأس�اؤوا إليه أبدا رغم فظاعة اإلساءة، بل كان جل همه هو الوحدة اإلسالمية.

سماحة السيد محمد التاروتي

إن مش�روع اإلصالح الديني اليوم بحاجة ماس�ة لمرجعية إس�المية كهذه، تؤمن بالرأي ال االستبداد، والعقل ال العاطفة، واإلقناع ال الوصاية، واإلقدام على التجديد

ال الخوف والتوجس.سماحة سيد جابر علي


37

الكبير يغفر للناس ويسامحهم، وفضل الله لو امتدت به األيام لما انتقم من أحد.

سماحة الشيخ محمد الصفار

المرج�ع ال�ذي يبحث بعيدا ع�ن األنانية، ليك�ون داعما للمش�اريع الخيرية من جهة، وأبا للجميع من جهة أخرى، وقائدا جهاديا لمقاومة األمة بشتى مشاربها.

سماحة الشيخ حمزة الحواج

ي�ا مرجع اإلس�الم التنوي�ري المنفت�ح عل�ى الش�باب، المتطلع إلى المس�تقبل، المتجسد حركة وفعال ومؤسسات..

سماحة الشيخ محمد قانصو

�هد الذي اقتص كل ش�اردة من علم آل محمد )صل�ى الله عليه وآله ي�ا جفن السوسلم( وكل واردة.. ويا سليل »الطهر« الذي ينحدر عنه السيل، وال يرقى إليه الطير.

سماحة السيد عبد المحسن حسن الموسوي

لق��د قضى الراح�ل عم�ره المبارك بالدفاع عن اإلس�الم وعن بيض�ة اإلس��الم وك�ان مربي�ا عظيم�ا للحرك�ات اإلسالمي�ة.

حوزة دار العلم ـ القطيف


38

إنه أحد أبرز المفكرين الش�يعة وهو مؤس�س لمدرسة فكرية نشطة أثرت المكتبة الشيعية وفتحت آفاقا علمية جديدة.

سماحة الشيخ محفوظ الزويد

خس�رت األمة اإلس�المية من�ارا وقائدا يصع�ب تعويضه، وهو ال�ذي نذر عمره وطاقته دفاعا عن حياض اإلسالم ووحدة المسلمين وضحى من أجلها بال حدود.

سماحة السيد حيدر الستري

لق�د ع�رف الفقي�د الراح�ل بمواقف�ه المش�رق�ة ف�ي دفاع�ه عن المس�تضعفي�ن ومس�اندته لكل تحرك ض�د الدكتاتورية، ع�رف كذلك بإس�ن�اده للمقاومة في لبنان

ووقوفه إلى جانب قوى التحرر في فلسطين.سماحة الشيخ محمد العباد

فق�د كان أفق�ه الفكري بحجم العالم كله، فهو أفق يتس�ع له�ذه الرؤية المرتكزة على االنفتاح والحوار مع اآلخر.

سماحة السيد علي باقر الموسى

كان حصنا حصينا لإلس�الم بفكره ومنهجه. إن ش�خصية السيد فضل الله كانت تمثل مرجعية رشيدة وواعية ورحيله شكل ثغرة في المرجعية الشيعية.

سماحة آية الله السيد علي مير حسين األشكوري


39

معل�م ومجدد في قضايا الفقه واالجتهاد المعاصر، كما وجدت األمة فيه معلما كبيرا من معالم الوعي والوحدة بين أبناء األمة.

علماء آل الخالصي ـ العراق

كان عالم�ا رباني�ا ومربيا ومقاوما لقوى الهمينة واالس�تكبار وداعيا لوحدة األمة ومجددا لمعالم الدين وعلوم أهل البيت )عليهم السالم(

حوزة الغريفي للدراسات اإلسلمية

سماحة السيد أحمد الموسوي الغريفي

آراء الراحل فضل الله جاءت ضمن س�ياق تقدي�م تعريف تجديدي وتصحيحي �ر في الماضي »بش�كل ال يخدم موقعها للكثي�ر من المفاهيم الدينية التي كانت تفس

في المنظومة الدينية.

سماحة الشيخ فوزي السيف

تخ�رج عل�ى يدي�ه ع�دد كبير من األع�الم األفاض��ل والمفكرين والباحثين في عل��وم الفق�ه والحدي��ث والتفس�ي�ر وغيرها من عل�وم ومعارف الفكر اإلس�المي

المنير.

االتحاد الشيعي العالمي


40

كان يرس�م الق�وة والث�ورة، ولم تك�ن الكلمات عنده أحرفا تنس�اب من ش�فتيه الطاهرتين ومن أنامله الكريمة، إنما كانت أنشودة يتغنى بها ويحمل همه�ا.

سماحة الشيخ عبد الحليم الزهيري

س�خر نفس�ه وعلم�ه لخدم�ة العل��م والعلم��اء، وكان�ت ل��ه آراؤه واجتهاداته

المتميزة حول الكثير من القضايا التي تجمع وال تفرق.

االتحاد العالمي لعلماء المسلمين ـ استنبول

السيد فضل الله فهم اآلية فهو يقول: ليس المهم أن تتعلم اإلسالم، ولكن المهم أن تمارس اإلسالم على مستوى التعامل والتصدي وغيرهما.

سماحة الشيخ حسن مشيمع

كان قدس س�ره أح�د أركان النهض�ة العلمية التي انطلقت من النجف األش�رف

وكان قطبا من أقطاب الفكر اإلسالمي والعربي المعاصر.

سماحة الشيخ ليث الشيخ محمد جواد السهلني

لقد قضى عمرا مديدا سخره وصرفه في خدمة الدين والدفاع عن اإلسالم، ونشر تعاليم القرآن والعترة، والكتابة والتأليف، والتوجيه واإلرشاد، والجهاد والمقاومة.

المجلس اإلسلمي العلمائي ـ البحرين

يوم الرحيل 2010/7/4

41


43

هو مشهد ال تعرفه الضاحية إال في يوم العاشر من محرموفي محطات المقاومة البارزة

موقع المنار ـ لبنان6 تموز 2010

مقدمة نشرة أخبار قناة المنار لمساء الثلثاء 2010/7/6 هو مشهد ال تعرفه الضاحية إال في يوم العاشر من محرم وفي محطات المقاومة الب�ارزة ش�هادة وانتصارات.. بحر من البش�ر فاض حزنا وعزما.. ح�زن على راحل

كبير، وعزم على مواصلة ما عمل له طيلة عقود من الدعوة والجهاد..

ته وسبحته ووشاحه األخضر وجال بروحه خرج الس�يد من منزله ظهرا، ترك عمعا.. خرج حامال ذكريات عن الوجوه والشوارع واألفكار واآلمال، في الضاحية مودومحم�وال على أكف من نش�أوا ف�ي كنف مس�جده وتتلمذوا في حلقة درس�ه على

عقيدة الجهاد والمقاومة..

طاف نعش الراحل الكبير آية الله المجاهد الس�يد محمد حس�ين فضل الله على موج بحر من البش�ر تحت ش�مس تموز الحارقة وفيض من ح�رارة الدمع والحزن، وعلى امتداد الضاحية حش�ود لم تنقطع، س�ارت في موكب التشييع المهيب، وفوق ر ببعض صفات�ه وميزاته في كل رأس وعل�ى كل قلب صورة الس�يد، وعب�ارات تذك

مجاالت الدين والفكر والجهاد والعمل االجتماعي والرعائي..


44

ى الصالة وحيدا وخلفه جموع غفيرة تصطف عاد السيد الى مسجده، توضأ وأدفي صالة الميت.

لبن�ان كان في ح�داد وحال إغالق، وج�ل أطيافه وأحزابه وش�خصياته حضرت في مأتم من دعا للوحدة الوطنية، واعتنق منهج الدفاع عن الوطن في وجه مش�اريع

التفتيت والفتنة..

ى بأف�كاره ح�دود الزمان وداع الراح�ل الكبي�ر ل�م يك�ن لبنانيا صرف�ا ألنه تخطوالمكان، فاختلطت مع حش�ود محبي السيد من اللبنانيين حشود ووفود قدمت من الخارج، من مختلف األقطار العربية واإلس�المية.. من إيران الجمهورية اإلسالمية وفد رفيع المس�توى برئاس�ة أمين مجلس صيانة الدس�تور آية الله أحمد جنتي، ومن العراق وفد علمائي � نيابي كبير، ومن س�وريا والبحرين والس�عودية والكويت وفود سياس�ية وعلمائي�ة، ومن قطر نج�ل أمير الدولة ممث�ال والده، ومن اإلم�ارات وزير

التعليم العالي موفدا من رئيس البالد..


45

رحيل آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل اللهبعد مسيرة طويلة من االجتهاد والتبحر في علوم الدين

مئات اآلالف شيعوا السيد فضل الله

األنباء )الكويت(7 تموز 2010

بيروت ـ عمر حبنجر

ش�يع مئات اآلالف في لبنان أمس، العالم العالمة اإلسالمي الكبير السيد محمد حس�ين فضل الله، بحضور شخصيات عربية وإس�المية وبمشاركة جماهير حاشدة من مختلف المناطق اللبنانية، ووسط حداد رسمي عام وبمساهمة تنظيمية عالية من

حزب الله.

وانطلقت مراس�م التش�ييع من مس�جد الحس�نين)ع( في »حارة حري�ك« باتجاه الشارع العريض وصوال إلى مسجد اإلمام الرضا)ع( في بئر العبد، وتوقف قليال ثم تقدم إلى محلة »الس�اندريال« في ذات المحلة، حيث المكان الذي س�بق أن تعرض في�ه الراحل الكبي�ر لمحاولة االغتيال الش�هيرة في الثامن من مارس 1985 بواس�طة

سيارة ملغومة ما أفضى إلى مقتل 85 شخصا، والعديد من الجرحى.

وم�ن ذل�ك الموق�ع تابع الموك�ب إلى محل�ة المش�رفية واتجه غربا نحو جس�ر المطار ومنه جنوبا ناحية مقر المجلس اإلسالمي الشيعي األعلى، فعودة إلى مسجد

اإلمامين الحسنين)ع( حيث صلي على الجثمان ثم ووري في صحن المسجد.


46

وتوقف�ت األش�غال على مداخ�ل العاصمة الجنوبي�ة خصوصا بين نف�ق المطار وطريق خلدة، حيث تجري عمليات تأهيل واس�عة النطاق من أجل تس�هيل وصول

المشيعين ومن ثم مغادرتهم الضاحية البيروتية.

إلى ذلك ش�ارك في التش�ييع وفد إيراني رفيع وصل إلى بيروت أمس، ضم أمين مجلس صيانة الدستور آية الله أحمد جنتي ونائب رئيس الجمهورية اإليرانية مسعود

زريبافان ورئيس مؤسسة الشهيد وعدد من نواب مجلس الشورى اإليراني.

علی هامش الفاجعة * زحمة مشـيعين: نظرا لزحمة المش�يعين الذين وصل عددهم لمئات اآلالف، تأخرت مراسم التشييع خالل تجوالها في الضاحية الجنوبية، ولم يتمكن المشيعون م�ن أداء ص�الة الجنازة على الفقي�د العالمة محمد حس�ين فضل الله حتى الس�اعة

الرابعة من بعد الظهر.

* أثره سـيتجاوز شـواطئ لبنان: في تعليق على وفاة العالمة السيد محمد حسين فضل الله كتبت الس�فيرة البريطانية في بيروت، فرانس�يس غاي أن غياب فضل الله »س�يتجاوز أثره ش�واطئ لبنان«. وتحدثت عن انطباعاتها بعد التعرف عليه، فقالت: »عن�د زيارته يمكنك أن تك�ون متأكدا من حصول نقاش حقيق�ي مع جدال محترم، وتعلم أنك ستتركه مع شعور بأنك أصبحت شخصا أفضل«. وأضافت »هذا بالنسبة إل�ي هو التأثير الفعلي لرجل الدين الحقيق�ي الذي يترك أثرا على جميع من يلتقيهم بغ�ض النظ�ر عن دينه�م«. واعتب�رت أن »العالم يحتاج إل�ى مزيد م�ن الرجال مثله المستعدين للتواصل عبر األديان واالعتراف بواقعية العالم المعاصر ولديهم الجرأة

لمواجهة القيود القديمة«.

* مراسـم التشـييع: تولى حزب الله أمس التفاصيل التنظيمية لمراس�م التش�ييع التي تجري في معقله في الضاحية.


47

دة: إلى جانب األعالم والالفتات السوداء التي حملها المشيعون، * شعارات مندأطلق عدد منهم شعارات »الموت ألميركا الموت إلسرائيل«.

* المـرض يغيـب قبلن عـن الجنازة: غ�اب نائ�ب رئيس المجلس اإلس�المي الش�يعي األعل�ى الش�يخ عبداألمير قب�الن لدخوله المستش�فى إلج�راء فحوصات

عاجلة.


48

لبنان يودع الراحل الكبير السيد فضل الله بمأتم حزين

االنتقاد ـ لبنان7 تموز 2010

لطيفة الحسيني

ش�يع لبنان باألمس من أقصاه إل�ى أقصاه رمزا علمائيا تنويريا وإس�الميا، مودعا آية الله س�ماحة الس�يد محمد حس�ين فضل الله )رض( في مأتم مهيب جمع مئات اآلالف م�ن المحبي�ن والمقلدين للراحل الكبير، وذلك بمش�اركة عربية وإس�المية

ورسمية واسعة.

وفيما كان التش�ييع الحاشد أشبه بمش�هد العاشر من المحرم، حيث علت خالله الصيح�ات والب�كاء والنحي�ب لفقدان عل�م وعالم كبير ل�ن يتكرر ف�ي تاريخ األمة اإلس�المية والعربي�ة، خصصت الصحاف�ة المحلي�ة اللبنانية الصادرة اليوم مس�احة كبي�رة لتغطية ه�ذا الحدث األليم، فلم تخ�ل صفحة في أي منها م�ن ذكر لمميزات

الراحل السيد فضل الله.


49

بحر من البشر يودع فضل الله

الدار )الكويت(7 تموز 2010

بيروت ـ »الدار«:

وس�ط مش�هد مهي�ب وبمش�اركة بحر م�ن البش�ر، اتش�حت الضاحي�ة الجنوبية لبيروت ومختلف المناطق اللبنانية بالسواد أمس، في وداع آية الله العظمى المرجع العالمة الس�يد محمد حس�ين فضل الله.. وتوقفت المؤسسات والهيئات الحكومية والمح�ال الخاصة عن العمل بعدما أعلنت الحكومة اللبنانية الحداد العام.. تكريما ل�دور العالم�ة الراح�ل. ووري جثم�ان الفقي�د الثرى ف�ي صحن مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( بعدما أقيمت الصالة عليه.. وكانت مراسم التشييع بدأت في الواحدة والنصف ظهرا من أمام منزل الراحل في حارة حريك في الضاحية الجنوبية، وسلك الموكب بصعوبة بالغة عددا من ش�وارع الضاحية قبل أن يصل للمس�جد بمش�اركة ش�عبية حاش�دة، يصع�ب إحصاؤها انض�وى فيه�ا العديد م�ن الش�خصيات العامة اللبنانية والعربية والدولية، وعدد باآلالف من أنصاره ومريديه، من الرجال والنس�اء ومن شرائح مختلفة من المجتمع اللبناني، ورفعت األعالم السوداء وصور المرجع فض�ل الله التي علقت على الس�يارات.. بينما وضعت عمام�ة العالمة الراحل فوق النعش، وش�اركت في التش�ييع وفود من الدول العربية واإلس�المية، وكان وفد من

الكويت سافر صباح أمس وشارك في تشييع الفقيد الكبير.

واس�تمرت التع�ازي وورود البرقيات من ش�تى بقاع العالم، وأص�در العديد من


50

العلماء والش�خصيات السياسية والعامة بيانات تعزية بالفقيد الكبير كان أبرزهم يوم أمس آية الله العظمى الس�يد علي خامنئي المرش�د األعلى للجمهورية اإلس�المية، والمرجع الديني الشيخ ناصر مكارم شيرازي وحفيد اإلمام الخميني حسن خميني، وكذل�ك مل�ك البحرين حمد بن عيس�ى آل خليفة ورئيس حكوم�ة مملكة البحرين األمير خليفة بن سلمان آل خليفة، ومن اليمن عبدالملك بدر الدين الحوثي.. الذين

عددوا مآثر الفقيد ودعوا الله أن يحشره مع النبيين والشهداء والصالحين.


51

مئات اآلالف ودعوا المرجع العلمة السيد محمد حسين فضل الله:أفكاره الرؤيوية سكنت عقول الناس واستوطنت قلوبهم

الديار ـ لبنان7 تموز 2010

ودع لبنان أمس مرجعية إس�المية وعربية كبيرة تركت بصماتها الفكرية والثقافية والعلمية في كل زاوية من زوايا الوطن، لما كانت تخ�تزنه من افكار رؤيوية سكنت

عقول الناس واستوطنت قلوبهم.

الس�يد محمد حسين فضل الله لم يغب أمس، كان في وجوه الحشود التي نزلت إلى الشوارع لمالقاة جثمانه، في نظرة أخيرة، في بركة أخيرة تمنت لو تطول.

يبة كان أبا، واإلنس�ان كان في نظرته الثروة التي ال ف�ي الفق�ه كان مرجعا وفي الطيمكن استبدالها بأي شيء آخر.

مئ�ات اآلالف كان�وا في وداع�ه أمس، فالحش�ود مألت الس�احات، وغيابه كان خس�ارة ل�كل اللبنانيي�ن من جمي�ع الطوائف، أليس ه�و من دعا لالنفت�اح على كل األديان؟ أليس هو من ركز على أهمية الحوار اإلسالمي المسيحي؟ أليس هو القائل

بقيمة اإلنسان وحقوقه؟

فالن�اس نزلوا لمالقاته م�ن دون دعوة، ووفود عربية قطعت المس�افات لوداعه، ولبنان الرس�مي ش�يعه إلى مثواه األخير في مس�جد اإلمامين الحسنين)ع( ليرقد في

سالم ربه.


52

موك�ب التش�ييع انطلق من ح�ارة حريك في الواح�دة والنصف من بع�د الظهر، فضاق�ت الس�احات، وتداف�ع الن�اس لالقت�راب م�ن جثمان�ه رغ�م ح�رارة الطقس المرتفع�ة، غي�ر عابئي�ن باالزدح�ام أو بالح�ر، ونكس�ت األعالم فوق المؤسس�ات الرس�مية، ورفعت الفتات تختصر بعض أقواله التي ترس�خت ف�ي األذهان، ف�»أبو األيتام« يحبه الناس، و»أبو المس�تضعفين« يفتقده المستضعفون، والمرجع الفكري

والفقهي الكبير يعطي للنقاش غنى وثقافة وعلما ال نجدها عند غيره.

يفتق�ده اللبنانيون جميعا من كل الطوائف والمذاهب، فالذي لم يس�تطع حضور التش�ييع، شاهده على الشاشات التلفزيونية، فقد ترك غيابه فراغا كبيرا بحجم الفكر

والفقه اللذين كان يتمتع بهما.


53

»طوفان« ناس وحزن في وداع العلمة فضل الله

الراي )الكويت(7 تموز 2010

بيروت ـ »الراي«

... »ش�الل ناس« أغرق الضاحية الجنوبية لبيروت في »بحر دموع« تحولت معه »مس�تودع حزن« في ي�وم الوداع الذي اس�تودعت فيه الله »حبيبه�ا الكبير« المرجع

الشيعي العالمة السيد محمد حسين فضل الله.

هك�ذا ب�دا المش�هد أمس، في الضاحي�ة )معقل »ح�زب الله«( التي لف الس�واد شوارعها التي جال فيها »عالمة التنور« وعالمته للمرة األخيرة محموال على األكف قبل أن »يس�تريح« في صحن مس�جد اإلمامين الحس�نين )ع( في ح�ارة حريك، في الجامع الذي كان فيه »سيد الكالم« منذ العام 1996 فإذا به يختار أن يكون مرقده في

»رحلة الصمت« األبدية.

وس�ط حداد رس�مي في لبن�ان، تقدم رئيس مجل�س النواب نبيه بري المش�يعين والمشاركين في وداع السيد فضل الله ممثال أيضا الرئيس ميشال سليمان.

م�ن أم�ام دارة الراح�ل في ح�ارة حري�ك انطلق موك�ب التش�ييع، حيث ضاقت كر الحكيم الشوارع والطرق وشرفات المنازل بالمودعين، وسط تالوة آيات من الذ

من المساجد، وقرع أجراس كنيسة مار يوسف )في حارة حريك( حزنا.

وفي ظل انتش�ار صور الس�يد فضل الله في الشوارع، وعلى وقع تسجيالت بثت


54

مواقف�ه وخطب�ه حول المقاوم�ة وفلس�طين والوحدة اإلس�المية، اخت�رق الموكب بصعوبة عش�رات آالف المش�يعين، أحياء الضاحية الجنوبية ولفت وجود عدد كبير

من النساء بينهم.

وشق الجثمان ببطء شديد طريقه مرفوعا على األكف، وتوجه إلى مسجد اإلمام الرضا في بئر العبد، ثم توقف في محلة الساندريال، حيث تعرض العالمة فضل الله لمحاول�ة اغتيال الع�ام 1985، قبل أن ينطلق إلى محلة المش�رفية، لينعطف غربا في اتجاه مستديرة المطار، ثم جنوبا في اتجاه مقر المجلس اإلسالمي الشيعي األعلى، وبعده�ا ش�رقا في اتجاه مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( حيث صلى ش�قيق الراحل

السيد محمد علي فضل الله على جثمانه قبل أن يوارى الثرى في صحن المسجد.

ومنذ س�اعات الصباح األولى بدأ »زح�ف« المواطنين من مختلف المناطق إلى الضاحي�ة التي س�جل فيها أيضا حضور واس�ع لوفود من مختلف ال�دول في العالم العربي واإلس�المي وبلدان أخرى. وفي حين شارك وفد كويتي اعتبر األكبر، حضر وفد رفيع من المسؤولين في الجمهورية اإلسالمية اإليرانية ضم أمين مجلس صيانة الدستور آية الله أحمد جنتي ونائب الرئيس مسعود زريبافان ورئيس مؤسسة الشهيد اإليراني�ة ونواب�ا، إضافة إلى وف�د عراقي كبير برئاس�ة رئيس ديوان الوقف الش�يعي صال�ح الحي�دري ضم نحو 110 أش�خاص م�ن وزراء ونواب ورجال دي�ن، قبل أن يحضر علي األديب أحد كبار مس�اعدي رئيس الحكومة نوري المالكي. كما حضر

وفد من العلماء في سوريا ووفود من الطائفة الشيعية في دول عربية عدة.


55

مسيرة تشييع حاشدة للعلمة المرجع فضل اللهجابت شوارع الضاحية

العواصف أونلين ـ لبنان7 تموز 2010

ش�يع لبنان الرسمي والش�عبي، وبمشاركة عربية وإس�المية كبيرة أمس، المرجع العالم�ة الس�يد محمد حس�ين فض�ل الل�ه، بموكب مهي�ب جاب ش�وارع الضاحية الجنوبي�ة لبي�روت، الت�ي كان�ت بمثابة البي�ت الكبي�ر للراحل، وصوال إلى مس�جد اإلمامي�ن الحس�نين)ع( ف�ي حارة حري�ك حي�ث ووري الجثمان الث�رى في صحن

المسجد.

وتقدم المشيعين والمشاركين في وداع العالمة فضل الله، رئيس مجلس النواب نبي�ه ب�ري بصفت�ه الش�خصية والرس�مية وممث�ال رئي�س الجمهورية العماد ميش�ال سليمان، ممثل رئيس دولة اإلمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وزي�ر التعلي�م العالي الدكت�ور نهيان بن مبارك عل�ى رأس وفد كبي�ر، ممثل الرئيس الس�وري بشار األسد السفير الس�وري علي عبد الكريم علي، ممثل الرئيس العراقي ج�الل الطالبان�ي جالل الماش�طة، ممثل رئيس الس�لطة الفلس�طينية محمود عباس الس�فير عبدالل�ه عبدالل�ه، ممثل رئي�س مجلس الوزراء س�عد الحري�ري وزير البيئة

محمد رحال.

وشاركت في التشييع أيضا، وفود من عدد من الدول العربية واإلسالمية، أبرزها وفد من الجمهورية اإلس�المية اإليرانية برئاس�ة رئيس صيانة الدستور آية الله أحمد


56

جنتي، األمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الش�يخ محمد علي التس�خيري، األمي�ن الع�ام لمجم�ع أه�ل البي�ت الش�يخ محمد حس�ن أخت�ري، مس�اعد رئيس الجمهورية مس�عود زربيافان، ورئيس لجنة األمن القومي والسياسة الخارجية عالء الدي�ن بروج�ردي. ووفد عراقي برئاس�ة نائب رئيس البرلمان العراقي الش�يخ خالد عطي�ه، نائ�ب رئيس مجلس ال�وزراء رافع العيس�اوي وجمع من الن�واب والوزراء. ووفد من علماء س�وريا ووزارة األوقاف وإدارة اإلفتاء العام في سوريا برئاسة مفتي دمش�ق الدكتور عب�د الفتاح البزم، والدكت�ور عبد المنعم أبو الفتوح ممثال المرش�د

العام لجماعة اإلخوان المسلمين في مصر الدكتور محمد بديع.

ومن لبنان، شارك حشد كبير من الشخصيات الرسمية والحزبية، أبرزها: الرئيس حسين الحسيني، ممثل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني إلياس المر وقائ�د الجي�ش العماد ج�ان قهوجي اللواء الرك�ن عبد الرحمن ش�حيتلي، الوزراء: محم�د فني�ش، عدنان الس�يد حس�ين، حس�ين الحاج حس�ن، ممثل وزي�ر الداخلية والبلدي�ات زي�اد بارود العميد س�يمون ح�داد، رئيس اللق�اء الديموقراط�ي النائب ولي�د جنب�الط على رأس وفد ضم: نجله تيمور والوزراء غازي العريضي ووائل أبو فاعور وأكرم شهيب والنواب مروان حمادة وأنطوان سعد وإيلي عون وهنري حلو، والنائب الس�ابق أيمن ش�قير، رياض األس�عد، إلى جانب رئيس محكمة االستئناف الدرزية العليا القاضي فيصل ناصرالدين، والقضاة المش�ايخ س�ليمان غانم، نصوح حي�در، ف�ؤاد البعيني، غاندي مكارم، فؤاد حمدان، والعش�رات من مش�ايخ الطائفة الدرزية، وأمين الس�ر العام في الحزب التقدمي االش�تراكي المقدم ش�ريف فياض، ونائ�ب رئيس الحزب دريد ياغي، وأعضاء م�ن مجلس القيادة والمفوضين ووكالء الداخلي�ة ف�ي المناط�ق، ورؤس�اء اتح�ادات ومجال�س بلدي�ة م�ن الش�وف وإقليم

الخروب.

كذلك شارك عدد من سفراء الدول العربية واألجنبية منهم سفيرا كوبا والسودان، النواب: علي عمار، حسين الموسوي، حسن فضل الله، بالل فرحات، قاسم هاشم


57

وإميل رحمة، نائب األمين العام لحزب الله الش�يخ نعيم قاس�م، المعاون السياس�ي للسيد حسن نصرالله الحاج حسين الخليل ورئيس الهيئة الشرعية في الحزب الشيخ محمد يزبك، ممثل حركة حماس أسامة حمدان، وحشد من رجال الدين منهم إمام مسجد القدس الشيخ ماهر حمود ورئيس حركة التوحيد الشيخ بالل شعبان. ووفود سياس�ية ودينية واجتماعية وديبلوماس�ية وعس�كرية، إضافة إل�ى اآلالف من محبي المرجع فضل الله، من مختلف مناطق لبنان، وعدد من الدول العربية واإلسالمية.

موكب التشييع وق�د بدأ التش�ييع حوال�ى الواح�دة والنصف من بع�د ظهر أم�س، وحمل نعش الراحل على األكف، من أمام دارته في حارة حريك، واخترق الشوارع التي ضاقت بالمش�يعين و يش�يعه المودع�ون من على ش�رفات المنازل، وس�ط ت�الوة آيات من ك�ر الحكيم من المس�اجد، وقرع أجراس كنيس�ة مار يوس�ف في ح�ارة حريك، الذورفع المش�يعون صور المرجع الراحل والرايات الس�وداء والالفتات الوداعية، كما

بثت مقتطفات من خطبه حول المقاومة وفلسطين والوحدة اإلسالمية.

وكانت التحضيرات لمراس�م الجنازة بدأت عند الصباح الباكر، فتم نقل جثمان العالمة فضل الله من مس�جد اإلمامين الحسنين)ع(، إلى منزله المواجه لكنيسة مار يوس�ف وخلف مقر بلدية حارة حريك، حيث س�جي هناك، لتلقى عليه نظرة الوداع

األخيرة، من قبل أفراد العائلة الكريمة.

مسيرة التشييع وبعد مرور حوالى خمس س�اعات، تحديدا عند الس�اعة الواحدة و20 دقيقة من ظهر أمس، بدأت مراس�م التش�ييع باالنطالق، فتم توجيه موكب الرجال، نحو منزل الراح�ل الكبي�ر لحم�ل جثمانه بع�د أن كان وضع ف�ي تابوت مقفل، ول�ف التابوت بالشرش�ف األخض�ر واألس�ود المكتوب عليه اآلي�ات القرآنية، ووضع�ت العمامة


58

الس�وداء فوق النعش وهو محم�ول على األكتاف داللة على أنه من الس�ادة، ويعود بنس�به إل�ى اإلمام الحس�ن بن علي ب�ن أبي طالب. وحمل نعش الس�يد وس�ط بكاء

النسوة ونحيب الرجال.

ش�ق الموك�ب طريقه بصعوب�ة بالغة متوجها إلى الش�ارع العري�ض، أو ما يعرف بشارع السيد عباس الموسوي، وحمل جثمان العالمة فضل الله على األكف، وسط حدوث حاالت تدافع من قبل الشباب المشارك بالتشييع، من أجل مالمسة نعش آية

الله.

وش�ارك في المس�يرة حملة الرايات الس�وداء، ورفعت اليافط�ات واألعالم التي تنعي�ه إل�ى األمتين العربية واإلس�المية، كم�ا رفعت صور فقيد األم�ة الراحل فضل الله، وتقدم أبناء مدارس جمعية المبرات الخيرية التي أسس�ها الراحل قبل 30 عاما،

هم أيتام وأبناء فقراء ومحتاجين. وجل

وخل�ف مس�يرة الرج�ال انطلق موك�ب النس�اء، الذي ض�ج بالب�كاء والنحيب، وبعضهن حمل الفتات كتب عليها: )صرنا يتامى يا سيد من بعدك(، جمع بدفنه كل

العالم العربي واإلسالمي.

وكانت المحطة األولى في مس�يرة التشييع، أمام مس�جد اإلمام الرضا في منطقة بئر العبد، الذي شكل المحطة األساسية لنشاطه طيلة 18 عاما، وكان تسلم إمامة هذا المس�جد منذ إنشائه عام 1978، فكان ش�اهدا على االجتياح اإلسرائيلي عام 1982، وعل�ى هدم بيوت الضاحي�ة الجنوبية، ومنه أطلق آالف الخطب التي كان يلقيها أيام الجمعة فيجعلها في ش�قين، سياس�ي وديني حيث كان يجتمع لالس�تماع إليه حشد

كبير من مختلف المناطق الشيعية.

وف�ي ه�ذا المس�جد جرت محاولة اغتيال الس�يد ف�ي الثامن من آذار س�نة 1985 وس�قط في هذه المحاولة العديد من الشهداء والجرحى، ونجا السيد ألنه تأخر عن

الموعد بغير قرار منه.


59

المحطة الثانية أم�ا المحطة الثانية في التش�ييع، فكانت أمام منزل�ه األول، الذي يقع قرب أفران سندريال في بئر العبد والذي سكنه عام 1975، بعد مغادرته منطقة النبعة إبان الحرب

األهلية.

وكان قد أقام في منطقة النبعة منذ العام 1966، إثر عودته من النجف األشرف في العراق إلى لبنان.

وعلى بعد أمتار من منزله، حيث وقف المشيعون رافعين النعش على األكف.

المحطة األخيرة ثم شقت المسيرة طريقها نحو منطقة المشرفية، ومنها إلى ساحة الغبيري، باتجاه جس�ر طريق المطار، ثم اتجهت نحو مقر المجلس اإلسالمي الشيعي األعلى، ومن هن�اك أكملت إلى مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( حي�ث كانت ت�ذاع مقتطفات من أقواله عبر مكبرات الصوت القوية. فيما تصدح حناجر المش�اركين بالشعارات ضد

أميركا وإسرائيل التي كان زوالها آخر أمنية طلبها قبل أن يسلم الروح إلى بارئها.

وبع�د مرور حوالى س�اعتين، على المس�يرة التي جابت معظم ش�وارع الضاحية الجنوبية الرئيس�ية، طلب الس�يد شفيق الموسوي، من المش�اركين التوجه نحو قبلة جامع اإلمامين الحسنين)ع( جنوبا، إلقامة الصالة، صالة الميت على جثمان السيد والستحضار النية، وبفعل تدافع بين الحشود الشعبية، المشاركة في مراسم التشييع، أوص�دت أب�واب الجامع، ومنع دخ�ول من كان في الخ�ارج، أو خروج من كان في

الداخل.

وأم ش�قيق الراح�ل الكبي�ر الس�يد محمد علي فض�ل الله الصالة عل�ى الجثمان بمش�اركة أوالد الراح�ل وأصهرت�ه وأحف�اده، ووس�ط دم�وع نجليه عل�ي وجعفر، وبمشاركة الوفود الرسمية والشعبية، القادمة من دول الخليج العربي، مصر، األردن،


60

اليم�ن، ودول غرب إفريقيا، وووري فقيد األم�ة الثرى في الصحن الداخلي لجامع اإلمامين الحس�نين)ع( � قرب قاعة الس�يدة الزهراء)ع(، وهو كان أنشأ هذا المسجد ف�ي العام 1996 عندما أعلن مرجعيته، وأس�س فيه منابر ثقافية، كالمركز اإلس�المي الثقاف�ي، الذي يضم المكتبة العامة التي تحمل اس�مه، ومؤسس�ة الفكر اإلس�المي

المعاصر، وهي آخر مؤسسة أسسها فضل الله منذ سبع سنوات.

المناطق إلى ذل�ك لف الحزن المناطق اللبنانية فاتش�حت مدينة النبطية بالس�واد وتجمع األهالي وانتظموا في مواكب س�يارة من النبطي�ة إلى الضاحية يرفعون صور العالمة الراحل والرايات السود للمشاركة في مأتم التشييع وغصت الطرقات بالوفود وسط إجراءات لقوى األمن الداخلي التي انتشر عناصرها على طريق النبطية � الزهراني � صيدا لتأمين الس�ير. وارتفعت اليافطات الس�وداء والرايات في ساحة النبطية وعلى طرقاته�ا الرئيس�ية وعلى مثلث كفررمان، فيما عمد ش�بان إل�ى توزيع صور العالمة فضل الله على السيارات والمارة، وعم الحداد العام مدينة النبطية وأقفلت اإلدارات والمؤسس�ات العام�ة والبلدي�ات والمؤسس�ات الخاص�ة والم�دارس والجامعات والمص�ارف والبنوك عم�ال بمذكرة مجلس الوزراء باإلقفال والحداد الذي يس�تمر 3 أي�ام وت�م تنكيس األع�الم اللبناني�ة على س�راي النبطية الحكوم�ي وعلى مقرات

البلديات واتحاد البلديات.

وأوقفت نقابة مكاتب الس�وق في النبطية نش�اطاتها وعملها ورفعت السواد على مقرها وأعلنت الحداد لمدة 3 أيام. وأعلنت مؤسس�ات أمل التربوية وثانوية الشهيد ب�الل فحص في تول ع�ن إلغاء كل النش�اطات واالحتفاالت وتأجي�ل حفل تكريم

طالبها إلى موعد آخر.

وتداع�ت مدين�ة صور إل�ى مجلس فاتحة ع�ن روح العالمة فض�ل الله في نادي اإلم�ام الص�ادق، حضره النائب�ان نواف الموس�وي وعلي خريس، وفاعلي�ات دينية


61

وحزبية وقال الموسوي: ما عرفنا سماحة السيد محمد حسين فضل الله، منذ نعومة أظفارنا إال أبا موجها ومرش�دا يس�عى إلى تأس�يس ركائز تقوم على العلم واإليمان ونه�ج المقاومة. أم�ا خريس فاعتبر أن لبنان فقد مرجعية دينية علمية ثقافية سياس�ية عل�ى المس�توى العالمي، وإنها لخس�ارة كبي�رة ألمت بن�ا جميعا في لبن�ان والعالم

العربي واإلسالمي.

وف�ي البقاع األوس�ط عم الحزن واألس�ى حدادا على رحي�ل العالمة فضل الله، وتوجه�ت أع�داد كبي�رة من�ذ صباح أمس إل�ى بيروت للمش�اركة في تش�ييعه. وفي ق�رى رياق وعلي النهري وحي الفيكان�ي وعين كفرزبد والنبي أيال والكرك وتعلبايا وحزرتا تليت آيات قرآنية من مكبرات المساجد، فيما رفعت في الشوارع اليافطات

التي تنعى الفقيد الكبير وتشيد بعلمه وثقافته وتنوره ومحبته للفقراء.

كم�ا خيم�ت أجواء الح�زن واألس�ى على مدين�ة بعلبك وق�رى القض�اء حدادا عل�ى رحيل العالمة الس�يد محمد حس�ين فضل الل�ه، وأقفلت المح�الت التجارية والمؤسسات الرسمية وشلت الحركة تماما داخل السوق التجاري في مدينة بعلبك ونكست األعالم اللبنانية فوق المؤسسات الرسمية حدادا. ورفعت الرايات السوداء عل�ى س�طوح بع�ض المن�ازل والمؤسس�ات الدينية ال س�يما تلك التابع�ة للمبرات والبشائر والمؤسسات، وصدحت أصوات القرآن فيما أرجئت االمتحانات الرسمية للتعليم المهني بمراحلها الثالث إلى الجمعة. وقد شاركت وفود من محبي العالمة

الراحل من مختلف مناطق بعلبك في التشييع في العاصمة بيروت.


62

كل لبنان شارك في التشييعوداعا.. محمد حسين فضل الله

القبس الكويتية7 تموز 2010

بيروت ـ نبيه البرجي

وداعا محمد حسين فضل الله..!مئ�ات اآلالف ش�يعوه. ما يمكن اس�تنتاجه م�ن تظاهرة أمس الت�ي امتزجت فيها الدموع باألس�ئلة أن التعبئة النفس�ية الحادة، والشرس�ة، بل والمطلقة ضد اس�رائيل ليست عابرة، أو أنها »مدفوعة األجر«، بل إنها نتاج ذلك الشريط الطويل من المآسي الت�ي ابت�دأت عام 1948، وحيث كانت مناطق جنوبية كثي�رة عرضة لالنتهاك اليومي

رغم اتفاقية الهدنة التي وقعت في رودوس في مارس 1949.

أمس، كانت الوجوه زائغة. كثيرون ش�عروا أن الطائفة الشيعية أصبحت من دون أب روح�ي ل�ه مقاربت�ه الفقهية الت�ي تتواصل وتتفاعل م�ع العصر، وله فت�اواه التي

أزعجت أولئك الذين تعرضوا، بصورة أو بأخرى، لعمليات غسل األدمغة.

كان مش�ه�دا حزين�ا ومترامي��ا. مش�اركون م�ن كل الطوائ�ف، وش�هادات م�ن مرجعيات دينية مسيحية رفيعة الثقافة، اعتبروا أن لبنان خسر »سماحة السيد« وليس الطائف�ة الش�يعية فق�ط التي كانت بأم�س الحاجة إلي�ه، وفي هذه الظ�روف الضائقة

بالذات.


63

الفلسطينيون..آالف الفلس�طينيين خرج�وا م�ن مخيماته�م للمش�اركة ف�ي التش�ييع. كباره�م وصغارهم يعرفون ماذا فعل »الس�يد« من أجل فلس�طين التي كانت أرضها وقضيتها

تسكنانه مثلما كانت تسكنه أرض بلدته الجنوبية عيناثا.

ال خطبة جمعة هذا األس�بوع. الرجل الصلب الذي ال تهزه لعبة العواصف، وال لعبة الخناجر، ظل على صالبته رغم الوهن الشديد الذي أصاب جسده في العامين األخيري�ن. كان�ت الخطبة هي النب�راس. وكان يفتح أفقا رغم ازده�ار ثقافة األقبية،

باألحرى ثقافة الكهوف.

حت�ى خالل التش�ييع الذي ط�اف بعض ش�وارع ضاحية بي�روت الجنوبية كانت هن�اك آراء. تس�مع أن هناك من ارت�اح لغيابه. ال بديل، هذه مس�ألة معروفة، وال من يملك التأثير للوقوف في وجه األفكار التي ال تخدم الطائفة وال أبناءها، بل تضعهم في مهب الريح. وعلى هذا األساس، كانت التوقعات )من بعده( مفزعة حقا. اآلن، بإمكانه�م أن يبتلع�وا الطائف�ة دون أن تمنعه�م تل�ك الصرخ�ة التي كان�ت تعلو من من�زل متواضع ف�ي حارة حريك. رفض االس�تيالء بالقوة، أو باإلغ�راء، على منازل المس�يحيين في المنطقة. اشترى المنزل بالرضا. لحظة الضمير كانت محور حياته. رج�ل لم يعرف اإلس�اءة إل�ى أحد، وكان يحلم بدول�ة لبنانية، لكن�ه كان يتوجع من

منطق المزرعة الذي يحكم الطبقة السياسية.

وكان يتوجع، أيضا، من منطق الرصيف، ومن السيناريو الخاص بتحويل الشعب اللبناني إلى شعوب.

استذكره المسيحيون، أمس، قبل المسلمين.

حت�ى الش�عراء األجان�ب الذين كان�وا يزورون�ه كانوا يفاج�أون بس�عة اطالعه، وعمق�ه، وبانفتاح�ه، بزه�ده وتواضع�ه وفهمه العمي�ق للدنيا ولآلخرة. ه�ذا ما كان يتلمس�ه الساس�ة اللبناني�ون الذين كان�وا يقصدونه من أجل س�اعة م�ع العقل، ومع


64

الش�فافية. لم يعرف البتة الكبرياء. يس�تقبل »النجوم« باالحترام نفس�ه الذي يستقبل به الناس الذين يبحثون عمن ينقذهم، ولو بالكلمة الطيبة، من األتون الذي يعيشونه.

ظل بين الفقراءجثمانه بقي بين أولئك الناس. هو الذي اختار مثواه األخير ليس فقط من أجل أن يقرأ األحباء سورة الفاتحة على روحه، وإنما لكي يقول لهم إنه ال يزال بينهم. حين

يتحول الضريح إلى مرجع.

في الس�اعة الواحدة والنصف بعد الظه�ر كان الرحيل األخير من المنزل. لم يؤد »الس�يد« الصالة بالخش�وع المهيب الذي عرف عنه، وهو الذي كان يذرف الدموع مناجيا، ليس�لك الموكب ما يعرف بالشارع العريض في منطقة حارة حريك وصوال إلى مسجد اإلمام الرضا في محلة بئر العبد الذي كان من أولى إنجازاته. وبعد ذلك

توقف في الموقع الذي شهد محاولة تفجيرية هائلة الغتياله في 8 مارس 1985.

ومن الموقع إلى نقطة المش�رفية باتجاه مس�تديرة المطار، ثم نحو مقر المجلس اإلس�المي الش�يعي األعل�ى، ومن هناك إل�ى المث�وى األخير في مس�جد اإلمامين

الحسنين)ع(، حيث صلى على جثمانه شقيقه السيد محمد علي فضل الله.

وقد شارك في التشييع ممثلون عن الرؤساء الثالثة، إضافة إلى وزراء ونواب من مختلف الطوائف، إضافة الى وفود من بلدان عربية وإسالمية.

لقطاتلوحظت المش�اركة الكثيفة للنس�اء في التش�ييع، إذ كان الراحل م�ن كبار أنصار

المرأة.

المش�اركة اإليراني�ة كانت الفتة رغم عالقت�ه الضبابية، بل والس�لبية، مع طهران التي لم يزرها منذ 15 عاما.

وكانت هناك أسئلة عن خلفيات المشاركة الرفيعة المستوى.


65

أدى الح�زن عل�ى الراحل في بعض اللحظات الحساس�ة في التش�ييع إلى إصابة كثيرين باإلغماء، فيما شوهد رجال ينتحبون معتبرين أنهم تحولوا إلى يتامى.

حت�ى محط�ات الوق�ود التي تحمل اس�م »األيت�ام« تجللت بالس�واد. علم�ا بأن عائدات هذه المحطات كانت تخصص لمساعدة األيتام.

قرع جرس كنيسة القديس يوسف في حارة حريك خالل التشييع. وهي الكنيسة الوحيدة في المنطقة بعد رحيل الغالبية الساحقة من المسيحيين إبان الحرب األهلية.

ف�ي منطق�ة النبعة التي كان�ت بمنزلة »مس�توطنة ش�يعية« في الضاحية الش�مالية الش�رقية لبيروت، قبل أن ينحس�ر الوجود الشيعي فيها كثيرا بسبب سنوات الحرب، رفعت الفتات سوداء تحية إلى »االبن البار« باعتبار أن فضل الله أقام لسنوات هناك

مصمما على أن يكون »فقيه الفقراء«.

ومن الشعارات التي ترددت خالل التشييع »فقدناك يا سيدنا.. فقدناك سندا قويا لنا.. يا ولي المؤمنين.. يا حامي اليتامى«.

انتش�رت ص�ور عمالق�ة للراحل ف�ي مناطق من بي�روت والضاحي�ة، إضافة إلى الجنوب والبقاع وبالد جبيل، فيما حملت آالف السيارات هذه الصور أيضا.

ال صور غير صورة »الس�يد« في التش�ييع، وال أعالم غير األعالم الس�وداء تعبيرا . عن الحداد، كما لم يرفع أي شعار سياسي

�نة والدروز الكثيفة كانت الفتة، كما شارك في التشييع مش�اركة رجال الدين السممثلون للمراجع الروحية المسيحية.

تولت عناصر من »حزب الله«، ترتدي األس�ود، رشت المشاركين بالمياه بسبب االرتفاع الحاد في درجات الحرارة وتحت شمس حارقة.

رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي لم يتمثل بوزير، بل بأحد كبار مس�اعديه علي األديب الذي وصل إلى بيروت بطائرة خاصة.


66

راف�ق صوت فضل الله المش�يعين س�واء على ش�كل أدعية أو مجال�س عزاء أو خطب الجمعة.

م�ن بكركي حي�ث زار البطريرك م�ار نصرالله بطرس صفير، ع�زى رئيس الهيئة التنفيذي�ة في »الق�وات اللبنانية« س�مير جعجع »الطائفة الش�يعية وجمي�ع اللبنانيين وكل م�ن آمن بمرجعيته« بوف�اة فضل الله، آمال »أن يبقى عنوان�ا للحوار واالعتدال

لنا جميعا«.

الدفن..وووري جثمان العالمة محمد حسين فضل الله الثرى قرب قاعة السيدة الزهراء في الطبقة الثانية تحت األرض في مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( وليس في صحن

المسجد كما كان مقررا سابقا.

وفود..ش�اركت وفود من دول عربية في تش�ييع العالمة محمد حس�ين فض�ل الله. وإذ لوح�ظ حض�ور وفد كبير من المملكة العربية الس�عودية، كانت هناك وفود من مصر والكوي�ت وعمان واإلمارات العربي�ة المتحدة والبحرين والعراق، حيث كان الوفد يض�م ش�خصيات دينية وسياس�ية م�ن مدينتي النج�ف وكربالء، إضافة إلى ش�يوخ عشائر. وشارك أيضا وفدان من إيران، برئاسة ممثل مرشد الجمهورية آية الله أحمد

جنتي )أمين مجلس صيانة الدستور( وأندونيسيا.

التغطية التلفزيونيةتول�ت المحط�ات التلفزيونية )التلفزيون الرس�مي، المس�تقبل، الجديد، anb وnbn، otv، والمنار( تغطية حفل تشييع العالمة محمد حسين فضل الله، بينما تابعت

محطتا »lbc و mtv« برامجها المعتادة.


67

وداع استثنائي لفقيد االنفتاح والوحدة في الضاحية ولبنانالسيد فضل الله يجمع الوطن بتناقضاته مع الحسرات والدموع

قام بما مكنه الله من تنفيذه لأليتام والفقراء واستودعهم الله

اللواء ـ لبنان7 تموز 2010

إنه�ا الواحدة والنصف من بعد ظهر الثالثاء الس�ادس من تم�وز، لحظة وداع لم تك�ن عادي�ة في الضاحية الجنوبية التي اعتادت مراس�يم ال�وداع، فلبنان الذي عاش في ظل حكمة الس�يد محمد حس�ين فضل الله، ودعه بدموع تمتزج باألس�ى وأعلى درج�ات الح�زن وألن الرجل الحكيم في زم�ن الجهالة غادر عال�م الوطن الصغير متجه�ا إل�ى العالم اآلخر، عال�م الخلود، وقت التش�ييع والوداع ب�دا وكأنه يختصر س�نوات م�ن الماضي، ومن أمام كنيس�ة حارة حري�ك الموجودة ق�رب منزله، خطا رجل االنفتاح والحوار الخطوات األخيرة قبل أن يندمج بتراب الوطن الذي أحب.

لم تكن حارة حريك وشوارعها كما هي في الماضي، بل إنها كانت تبكي دموعا على غياب ذاك المرجع الذي اختصر في مبادئه الدين والمجتمع واألخالق والقيم والح�وار في زمن الالح�وار، في بوتقة واحدة، ش�رفات المنازل امت�ألت بالرايات الس�وداء المعبرة عن األسى واللوعة، حتى الجدران كانت تتكلم وهي التي امتألت

بصوره وشعاراته التي كانت تبلسم جرحا نازفا.

حمله النعش في المسيرة األخيرة، وهو الذي حمل هموم الوطن وأوجاعه، فتيتم األيت�ام برحي�ل من كان يش�في جراحهم فكانت مس�يرة الخلود باتج�اه عالم الحق.


68

عش�رات اآلالف ودع�وه ف�ي الجول�ة األخيرة في المنطق�ة التي عاش فيها س�نوات عمره، جال موكب التشييع في الكثير من شوارع الضاحية المحيطة بمنزله وبمسجد الحسنين)ع( الذي سيدفن فيه، وسط حاالت من الندب واللوعة على الفراق، وكان العدي�د من حاالت اإلغم�اء والتي تؤكد مكان�ة هذا المرجع االس�تثنائي، وفود من ال�دول العربي�ة؛ الس�عودية والكويت وعمان واإلم�ارات واليمن والع�راق، وإيران والعالم ش�اركت في موكب التش�ييع والعديد من المواكب النس�ائية ومواكب أيتام المبرات كانت موجودة من ضمن األمواج البشرية المواكبة للتشييع، وتجمع العديد من المواطنين خالل التش�ييع قرب مس�جد الرضا)ع( في بئر العبد حيث كان الفقيد يلقي خطاباته المتنوعة. حيث كانت الذكريات والعودة إلى س�نوات الماضي حيث كان الس�يد فض�ل الله ف�ي كل خطبة جديدة يط�رح الجديد في أم�ور الحياة والدين

والفقه.

لبنان بنس�يجه االجتماعي والسياس�ي والديني، كان حاضرا في يوم التش�ييع من خ�الل تمثي�ل كل األح�زاب حتى المختلف�ة سياس�يا، وكأن الذي جم�ع الناس في حياته�م، أب�ى إال أن يجمعه�م في لحظة وداعه. التش�ييع كان اس�تثنائيا وش�ارك في تنظيمه اآلالف من المنظمين والمتطوعين، مع مواكبة من العناصر األمنية، وباستثناء ل أي حادث يذكر، بعض حاالت اإلغماء النادرة بس�بب الحزن والرطوبة فلم يس�ج

وسارت المواكب لمسافات طويلة وعلى مدى ساعتين وبشكل سلمي.

اآلي�ات القرآني�ة من خالل مكب�رات الم�آذن، كانت األكثر وضوحا في ش�وارع الضاحي�ة كتأكي�د عل�ى الحداد عل�ى الفقيد، ولم يكن باس�تطاعة المش�يعين التعبير عن عواطفهم إال بالبكاء والكثير من الصمت، وفي كل محطة من محطات التش�ييع كانت محطة ذكرى، إن في مسجد اإلمام الرضا)ع( الذي كان السيد فضل الله ينشر فكره وأراءه من الكثير من القضايا الش�ائكة في�ه وغالبا ما كان يطرح نظريات أثارت الج�دل الفك�ري والفقهي نظرا إليمان�ه بالتطور واالجتهاد. وم�ر الموكب أيضا في أماك�ن ش�هدت مح�اوالت اغتيال للس�يد فضل الله وكان ش�به إجماع بأن خس�ارة


69

ض، ولم تهدأ جموع المش�يعين عن التعبير عن حاالت الحزن وكانت الفقيد ال تعوص�ور المرجع الدين�ي ويافطات مكتوب عليها بعض ش�عاراته إضافة إلى تس�جيل

لخطبه الكثيرة.

وفي محلة س�اندريال في بئر العبد المكان الذي ش�هد محاولة اغتيال الفقيد عام 1985، ع�ال الص�راخ »الموت ألمي�ركا الموت إلس�رائيل« قبل أن يتوج�ه الموكب

باتجاه منطقة المش�رفية المحطة ما قبل األخيرة في يوم التش�ييع الكبير، حيث كانت الحش�ود تتدافع وكان يصعب المرور إلى األمام رغ�م التنظيم الكبير ووجود الكثير م�ن المش�رفين على التش�ييع، وفي وق�ت علت أص�وات المآذن وقرع�ت أجراس كنيس�ة مار يوس�ف في حارة حريك، وصل موكب التشييع وبعد حوالى ساعتين من االنطالق إلى باحة مس�جد الحس�نين)ع( حيث أم ش�قيق الفقيد الس�يد محمد علي فض�ل الل�ه المصلي�ن قبل دفن الس�يد فض�ل الله في صح�ن دار المس�جد بناء على ل التعازي من الش�خصيات الرس�مية والحزبية في لبنان والعالم، وصيته، ثم كان تقبإضافة إلى تالمذة الفقيد الكثر ومواطنين، وهكذا ودع لبنان رجل االنفتاح والحوار وطوى صفحة من صفحات رجاالته الكبار، ولبست الضاحية مجددا ومعها الوطن لب�اس الحداد على فقيد خس�ارته ال تعوض في زمن اس�تثنائي يعيش�ه الوطن وبكل تأكيد سيفقد حكمته ورجاحة عقله وروح الحوار واالنفتاح على اآلخر التي يتحلى به، وبس�بب حالة التداف�ع التي رافقت الصالة نقل مكانها إلى داخل باحة المس�جد بعدما كانت س�تقام في الخارج، ثم بدأت جموع المش�يعين بمغادرة المكان بشكل

تدريجي بعد انتهاء المراسم وعملية الدفن.


70

الرايات السودوأجواء الحزن تخيم على مناطق لبنان

المستقبل ـ لبنان7 تموز 2010

رأفت نعيم، فادي البردان، عمر يحيى، عارف مغامس، عمر صلح

ش�هدت الم�دن والق�رى اللبنانية حدادا عاما على العالمة الس�يد محمد حس�ين فض�ل الله وأقفلت المصارف والمحالت التجارية كما نكس�ت األعالم وصدحت مكبرات الصوت بآيات من الذكر الحكيم ورفعت صورة للراحل الكبير على المنابر واتش�حت مداخ�ل وش�وارع المدن بالس�واد ورفعت راي�ات الحداد عن�د مداخلها

وأحيائها. وألقيت كلمات في مجالس عزاء بالمناسبة أشادت بمزايا الراحل.

في صيدا )رأفت نعيم( عمت مظاهر الحزن والحداد عاصمة الجنوب، مش�اركة منه�ا ف�ي ي�وم وداع الراحل الكبير، حيث اتش�حت المدين�ة بالرايات الس�وداء التي نكس�ت على مبنى بلديتها، وعلى جوانب الطرقات الرئيس�ية من شمال المدينة إلى جنوبها وشرقها، ورفعت في شوارع المدينة وساحاتها العامة صور للعالمة الراحل والفتات تحيي مواقفه وتعزي العالمين العربي واإلس�المي برحيله، وتستذكر بعضا

من مواقفه الوحدوية المضيئة تجاه نصرة قضايا األمة واإلنسان.

وش�هدت المدينة إقفاال للمؤسسات الرسمية والمصارف والمؤسسات التربوية وبع�ض المح�ال التجارية، فيما تأث�رت الحركة في الس�وق التج�اري للمدينة بيوم الح�داد. وانطلق�ت من بعض أحي�اء المدينة ومخيماتها س�يارات وحافالت، أقلت


71

مواطنين توجهوا إلى الضاحية الجنوبية للمش�اركة في التش�ييع، كما عبرت المدينة عشرات المواكب للمشاركين من مختلف مدن وقرى الجنوب.

النبطية واتش�حت مدين�ة النبطي�ة بالس�واد وتجم�ع األهال�ي من�ذ الصب�اح وانتظموا في مواكب سيارة من النبطية إلى الضاحية يرفعون صور العالمة الراحل والرايات السود للمش�اركة في مأتم التش�ييع وغصت الطرقات بالوفود وس�ط إجراءات لقوى األمن الداخل�ي التي انتش�ر عناصرها على طري�ق النبطية � الزهراني � صيدا لتأمين الس�ير. وارتفعت اليافطات السوداء والرايات في ساحة النبطية وعلى طرقاتها الرئيسية وعلى مثلث كفررمان، فيما عمد ش�بان إلى توزيع صور العالمة فضل الله على الس�يارات والم�ارة، وعم الح�داد العام مدين�ة النبطية وأقفل�ت اإلدارات والمؤسس�ات العامة والبلديات والمؤسسات الخاصة والمدارس والجامعات والمصارف والبنوك عمال بمذك�رة مجلس الوزراء باإلقفال والحداد الذي يس�تمر 3 أي�ام، وتم تنكيس األعالم

اللبنانية على سرايا النبطية الحكومية وعلى مقرات البلديات واتحاد البلديات.

وأوقفت نقابة مكاتب الس�وق في النبطية نش�اطاتها وعملها ورفعت السواد على مقرها وأعلنت الحداد لمدة 3 أيام. وأعلنت مؤسس�ات أمل التربوية وثانوية الشهيد بالل فحص في تول إلغاء كل النش�اطات واالحتفاالت وتأجيل حفل تكريم طالبها إلى موعد آخر. وأعلنت جمعية المبرات في ثانوية الرحمة كفرجوز الحداد ألسبوع

ورفعت اليافطات السوداء وبثت آيات من القرآن الكريم.

�ل التهاني وأعلن�ت »رابط�ة مخاتي�ر« النبطية برئاس�ة الحاج نمر نص�ار إلغاء تقببإعادة انتخابها حدادا على السيد فضل الله وتقدمت بالتعازي »من العالمين العربي واإلس�المي ومن السيد حس�ن نصر الله ومن الرئيس نبيه بري على خسارة صاحب العقل المنفتح والفكر التنويري والداعم األول للمقاومة في لبنان التي هزمت العدو

اإلسرائيلي بفكره المتوهج«.


72

وتقدمت األسرة التربوية في المدرسة اإلنجيلية الوطنية في النبطية برئاسة الشيخ من�ذر أنطون بالتعازي من محبي ومقلدي المرجع العالمة فضل الله وأعلنت الحداد على روحه الطاهرة وتأجيل موعد حفل تخريج تالمذتها الذي كان مقررا مساء اليوم.

صوروف�ي ص�ور )ف�ادي الب�ردان(: أقفل�ت المدينة وقراه�ا ح�دادا على وف�اة العالمة فض�ل الل�ه وأقيم مجلس فاتح�ة عن روحه في نادي اإلمام الصادق حضره حش�د من الش�خصيات الديني�ة، النيابية، السياس�ية، االجتماعي�ة، العس�كرية واألمنية وممثلون ع�ن األحزاب والقوى اللبنانية والفلس�طينية. وكان في مقدمه�م النائبان علي خريس ون�واف الموس�وي، مفتي صور ومنطقتها الش�يخ حس�ن عبد الله، ممث�ل عن المفتي الش�يخ محمد دالي بلطة ولفيف من العلماء ورئيس أس�اقفة ص�ور للموارنة المطران ش�كر الله نبيل الح�اج، والنائب الع�ام البطريركي لل�روم الكاثولي�ك المطران يوحنا حداد، وراعي أبرشية الروم األرثوذكس اإلرشمندريت جاك خليل، ووفد هيئة علماء فلسطين، ووفد رابطة علماء فلسطين في لبنان وحشود من المخيمات الفلسطينية في منطق�ة ص�ور، وعدد من المس�ؤولين في »حزب الل�ه« و»حركة أم�ل«، وممثلون عن الجمعيات الثقافية واألندية الثقافية والرياضية ومختلف مؤسسات المجتمع المدني، وحش�ود غفي�رة م�ن المواطنين م�ن مختلف أطي�اف المجتمع الص�وري، ووفود من الق�رى المج�اورة، غصت بهم القاعة التي لفت بالس�واد، كما رفع�ت صورة للراحل الكبي�ر عل�ى المنبر الحس�يني. وألقيت كلمات بالمناس�بة عن مزاي�ا الراحل. وكانت

صور وقراها اتشحت بالسواد ورفعت الرايات السوداء عند مداخلها وأحيائها.

أم�ا في بلدة عيناثا في قض�اء بنت جبيل فلم يكن المش�هد مختلفا حيث مازالت البلدة والقرى المجاورة تعيش ولليوم الثالث على التوالي تحت تأثير المأس�اة التي ألم�ت بهم برحيل ابن البلدة الس�يد فضل الله. في وقت أقف�رت أحياؤها من الكبار والرج�ال الذي�ن غادروها منذ أم�س األول ومنذ صباح أمس للمش�اركة في موكب

تشييع الراحل في الضاحية الجنوبية في بيروت.


73

مرجعيونوف�ي ق�رى قضاء مرجعي�ون )عمر يحيى(: خي�م ج�و م�ن الح�زن واألس�ى على رحيل العالمة فضل الله على المنطقة، ورفعت الفتات آيات العزاء برحيله على مداخل البلدات، وعلقت الرايات الس�ود على األعمدة، واتش�حت البلدات بالس�واد، وتليت آي�ات من الذكر الحكيم في النوادي الحس�ينية وفي المس�اجد عب�ر مكبرات الصوت، وأقفلت المؤسس�ات الرس�مية وبعض المؤسسات الخاصة و المحال التجارية أبوابها

وتسمر األهالي أمام شاشات التلفزة لمتابعة مراسم التشييع في بيروت.

وف�ي بلدة ميس الجبل، أقفلت بالكامل وش�لت الحركة فيها وصدحت أصوات الم�آذن وتلي�ت آيات من القرآن الكري�م وعبر األهالي عن حزنهم وأس�فهم لرحيل المرجع العالمة محمد حس�ين فض�ل الله، وكذلك رفعت الفتات الحزن واألس�ى عل�ى مداخ�ل البلدة وفي األحياء واألزقة. وش�هدت بلدات الخي�ام كفركال و دبين وغيره�ا م�ن القرى أج�واء ح�زن حقيقي ورفع�ت الرايات الس�ود والفت�ات العزاء

وأقفلت المحال التجارية والمؤسسات الرسمية.

البقاع األوسطوعم الحزن واألسى حدادا على رحيل العالمة فضل الله، وتوجهت أعداد كبيرة من�ذ صباح أمس إلى بيروت للمش�اركة في تش�ييعه. وفي قرى ري�اق وعلي النهري وحي الفيكاني وعين كفرزبد والنبي أيال والكرك وتعلبايا وحزرتا تليت آيات قرآنية من مكبرات المس�اجد، فيما رفعت في الش�وارع اليافطات الت�ي تنعى الفقيد الكبير

وتشيد بعلمه وثقافته وتنوره ومحبته للفقراء.

راشيا وفي راشيا )عارف مغامس(، أقفلت الدوائر واإلدارات والمؤسسات التعليمية والمدارس والمعاهد الرسمية والخاصة في منطقتي راشيا والبقاع الغربي أبوابها، التزاما بقرار مجلس الوزراء القاضي باإلقفال حدادا على المرجع الديني. وكانت


74

وف�ود ش�عبية حاش�دة ورجال دي�ن وفعالي�ات من مختل�ف قرى س�حمر ويحمر ولبايا ومش�غرة وعين التينة، وقليا وزاليا، وقرى القضاءين، قد ش�اركت في تشييع المرجع فضل الله في الضاحية الجنوبية من بيروت، فيما رفعت الرايات الس�وداء على الشرفات، وسطوح المنازل، واتشحت مباني المبرات اإلسالمية الواقعة بين س�حمر ويحمر بالس�واد، كم�ا رفعت اليافط�ات التي تنعى رجل الخي�ر والفضيلة والمعرف�ة، ووصفت�ه بصاحب ال�دور األب�رز في الحف�اظ على الوح�دة الوطنية.

وأقفلت المحال التجارية واألسواق في عدد من القرى.

بعلبك)عم�ر صلح( وخيمت أجواء الحزن واألس�ى على مدينة بعلب�ك وقرى القضاء ح�دادا عل�ى رحيل العالمة فض�ل الله، وأقفل�ت المحالت التجارية والمؤسس�ات الرس�مية وش�لت الحركة تماما داخل الس�وق التج�اري في مدينة بعلبك ونكس�ت األع�الم اللبنانية فوق المؤسس�ات الرس�مية حدادا. ورفعت الرايات الس�وداء على س�طوح بعض المنازل والمؤسسات الدينية ال س�يما تلك التابعة للمبرات والبشائر والمؤسس�ات، وصدحت أصوات القرآن فيما أرجئت االمتحانات الرسمية للتعليم المهني بمراحلها الثالث إلى الجمعة. وقد شاركت وفود من محبي العالمة الراحل

من مختلف مناطق بعلبك في التشييع في العاصمة بيروت.

وتلبية لدعوة رئاسة الحكومة باإلقفال العام حدادا على فقدان العالمة فضل الله أقفلت المؤسس�ات العام�ة والخاصة والمحالت والمؤسس�ات التجارية في مدينة بعلب�ك أبوابها حزنا، بينما فتحت بعض مح�الت األطعمة واألفران أمام المواطنين

لتلبية حاجاتهم.

وكان »تجم�ع تج�ار بعلبك« قد دعا أول من أمس، إلى اإلقفال العام لما للعالمة الراحل من موقع مميز لدى معظم سكان المدينة بكل انتماءاتهم المذهبية والطائفية

والسياسية.


75

إقفال وحداد واكبا التشييعفي بيروت والجنوب والبقاع

النهار ـ لبنان7 تموز 2010

شهدت أحياء بيروتية ومناطق جنوبية وبقاعية أمس، إقفاال ومظاهر حداد وحزن، تزامنا مع تشييع المرجع السيد محمد حسين فضل الله.

ف�ي صور )النهار(، أقيم مجل�س فاتحة وتعزية في نادي اإلمام الصادق، ش�ارك فيه النائبان نواف الموس�وي وعلي خريس، مفتي صور وجبل عامل الش�يخ حس�ن عبدالله، ممثل عن مفتي صور الش�يخ محمد دال�ي بلطة، رئيس »تجمع علماء جبل عامل« الشيخ علي ياسين، إمام مسجد اإلمام الصادق السيد محمد الغروي ولفيف م�ن العلماء، راعي أبرش�ية ص�ور للموارن�ة المطران ش�كر الله نبيل الح�اج، نائب رئيس المجل�س األعلى للروم الكاثوليك المطران يوحنا ح�داد، ممثل متروبوليت صي�دا وصور ومرجعيون للروم األرثوذكس اإلرش�مندريت جاك خليل، وفد »هيئة علماء فلسطين«، وفد »رابطة علماء فلسطين«، عدد من المسؤولين في »حزب الله«

وحركة »أمل«، إلى حشود من المعزين.

واتش�حت مدينة النبطية بالس�واد ولفها الحزن واألس�ى حدادا. وتجمع األهالي وانتظم�وا ف�ي مواكب س�يارة إلى الضاحي�ة الجنوبية لبيروت رافعي�ن صور العالمة الراح�ل والراي�ات الس�ود للمش�اركة في التش�ييع. وغص�ت الطرق بالوفود وس�ط

إجراءات لقوى األمن الداخلي.


76

وخيم الحزن واألسى على قرى قضاء مرجعيون )النهار(، ورفعت الفتات التعزية برحيله والرايات السود. وبثت آيات من القرآن في النوادي الحسينية والمساجد عبر مكبرات الصوت. وتسمر األهالي الذين لم يتمكنوا من المشاركة في مراسم تشييع الراح�ل في بيروت خلف شاش�ات التلفزيون، وس�ط إقفال للمؤسس�ات الرس�مية

والخاصة والمحال التجارية والمعامل والمصانع.

وأقفل�ت مي�س الجبل والخي�ام ودبين وس�واها بالكامل وش�لت الحرك�ة فيها، وصدحت أصوات المآذن وتليت آيات من القرآن.

وتزامن�ا مع موكب التش�ييع، أقيم�ت مجالس عزاء في النوادي الحس�ينية في قرى قضاء بنت جبيل )النهار( وال سيما منها مسقط رأسه عيناثا التي عمها الحداد واإلقفال العام واتش�حت بالس�واد، ونكس�ت فيها األعالم، ورفعت الرايات الس�ود مع القرى

والبلدات المجاورة التي رفعت بلدياتها ومؤسساتها الفتات ترثي الراحل الكبير.

وقد توجهت وفود شعبية وحزبية ودينية ونقابية إلى مسجد اإلمامين الحسنين)ع( في بيروت للمش�اركة في التش�ييع. وتابع من لم يتسن له التوجه إلى بيروت، مراسم

التشييع عبر شاشات التلفزيون.

بعلبكووس�ط جو من الحزن، توجه األهالي مع س�اعات الصب�اح األولى من بعلبك � الهرمل )النهار( إلى الضاحية الجنوبية ش�بابا وش�يبا وأطفاال للمشاركة في التشييع.

وأقفلت المؤسسات العامة والخاصة والمحال والمؤسسات التجارية في المدينة.

وكان التجمع الكبير أمام مقام الس�يدة خولة عند المدخل الجنوبي حيث امتدت إلى مسافة بعيدة طوابير السيارات والحافالت حاملة صورا للراحل، لينطلق الجميع ف�ي موك�ب موح�د إلى بي�روت على وقع اآلي�ات القرآني�ة ومقتطفات م�ن كلمات

للراحل بثتها مكبرات الصوت المثبتة على الشاحنات والسيارات.


77

لبنـان مشـى في جـنـازة فضــل اللــه


ودع لبنان المرجع الس�يد محمد حسين فضل الله أمس في تشييع أكثر من حاشد في الضاحية الجنوبية، شارك فيه مئات األلوف وسط الحداد الرسمي الذي أعلنته الحكومة.

وتقدم المش�يعين رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثال رئيس الجمهورية ميشال س�ليمان، وزي�ر البيئ�ة محمد رح�ال ممثال رئيس مجل�س الوزراء س�عد الحريري، الرئيس حس�ين الحس�يني، رئيس »اللقاء الديموقراطي« النائب وليد جنبالط يرافقه نجله تيمور، والوزراء غازي العريضي، أكرم ش�هيب، وائل أبو فاعور، عدنان السيد حسين، حسين الحاج حسن، محمد فنيش، والنواب مروان حماده، أنطوان السعد، إيلي عون، وهنري حلو، والنائب الس�ابق أيمن ش�قير، ورئيس محكمة االس�تئناف الدرزية العليا القاضي فيصل ناصر الدين، ومجموعة من المش�ايخ وقضاة المذهب الدرزي وقادة في الحزب التقدمي االش�تراكي، ونائ�ب األمين العام ل�»حزب الله«

الشيخ نعيم قاسم، ومسؤولون في الحزب ووفد من قيادة »حركة أمل«.

وش�ارك أيضا وف�د إيراني برئاس�ة رئيس مجل�س صيانة الدس�تور أحمد جنتي، األمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الش�يخ محمد علي التس�خيري، األمين الع�ام لمجمع أهل البيت الش�يخ محمد حس�ن أختري، مس�اعد رئي�س الجمهورية مس�عود زريباف�ان، رئي�س لجن�ة األم�ن القوم�ي والسياس�ة الخارجية ع�الء الدين

بروجردي.


78

وضم الوفد العراقي: رئيس ديوان الوقف الشيعي صالح الحيدري على رأس مئة ش�خصية، الش�يخ خالد عطية، ممثل رئيس الجمهورية جالل الماشطة، نائب رئيس

مجلس الوزراء رافع العيساوي وجمع من النواب والوزراء.

وشارك في التشييع موفد أمير دولة اإلمارات العربية المتحدة وزير التعليم العالي ف�ي اإلمارات نهيان ب�ن مبارك على رأس وفد كبير، ووفد من علماء س�وريا ووزارة

األوقاف وإدارة اإلفتاء العام برئاسة مفتي دمشق عبد الفتاح البزم.

كذل�ك حض�ر ممثل منظمة التحرير الفلس�طينية في لبنان عبدالل�ه عبدالله ممثال رئيس الس�لطة الفلس�طينية محمود عباس وس�فراء إيران وكوبا والس�ودان وس�وريا

وحشود من الوفود الشعبية.

وجاب موكب التشييع أحياء الضاحية الجنوبية، وشق الجثمان طريقه مرفوعا على األكف، وردد المش�اركون »ال إله إال الله والس�يد حبيب الله«، و»لبيك يا حس�ين«، وتوجه إلى مس�جد اإلمام الرضا)ع( في بئر العبد ثم توقف في محلة ال�)س�اندريال( ف�ي بئر العب�د حيث تع�رض العالمة فضل الل�ه لمحاولة اغتيال ع�ام 1985، قبل أن ينطل�ق إلى محلة المش�رفية، لينعطف غربا في اتجاه مس�تديرة المطار، ثم جنوبا في اتجاه مقر المجلس اإلس�المي الش�يعي األعلى، ثم شرقا في اتجاه مسجد اإلمامين الحس�نين)ع( حيث صلى شقيق الراحل السيد محمد علي فضل الله على جثمانه و

ووري في صحن المسجد بعد مسيرة استمرت ثالث ساعات.

أوفد العاهل األردني الملك عبدالله الثاني سفير األردن زياد المجالي إلى حارة حريك لتقديم التعازي بفضل الله.

وكان العاهل األردني قد أبرق مساء أول من أمس معزيا رئيس الجمهورية ميشال سليمان والمجلس اإلسالمي الشيعي األعلى وأسرة الفقيد.


79

فضــل اللــه يثبــت مرجعيتــه يــوم تشييعــه


ال�وداع الكبي�ر لبنانيا وعربيا وإس�الميا للمرجع الس�يد محمد حس�ين فضل الله أم�س أبرز الص�ورة التي كان يمثلها في حياته وتجس�دت في يوم تش�ييعه، أال وهي ص�ورة االعتدال الش�يعي في زمن االضط�راب الديني عموم�ا والمذهبي خصوصا

الذي يجتاح منذ عقود الشرق األوسط.

لك�ن وطن الس�يد فضل الله ال يزال عل�ى طريق الجلجلة الت�ي ال يظهر في آخر نفقها ما إذا كانت هناك قيامة أو نهاية.

فضل اللهوف�ي الضاحي�ة الجنوبي�ة لبي�روت، ج�رى تش�ييع حاش�د ق�در بمئ�ات األلوف للعالم�ة فضل الله الذي وووري في صحن مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع(. وتقدم المشيعين رئيس مجلس النواب نبيه بري بصفته الشخصية وممثال للرئيس سليمان، وممثل لرئيس مجلس الوزراء وزير البيئة محمد رحال، والرئيس حس�ين الحس�يني ورئي�س »اللقاء الديموقراط�ي« النائب وليد جنبالط ووزراء ونواب وش�خصيات. كم�ا ش�اركت وفود رفيعة المس�توى م�ن الجمهورية اإلس�المية اإليراني�ة والعراق واإلمارات وقطر وس�وريا وفلسطين ودول إس�المية. فيما تلقى لبنان برقيات تعزية

من العديد من زعماء الدول العربية واإلسالمية.


80

أردوغان ـ نصراللهوليال أفادت العالقات اإلعالمية في »حزب الله« أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اتصل باألمين العام ل�»حزب الله« الس�يد حسن نصرالله معزيا بوفاة الس�يد محمد حس�ين فضل الله، ومعبرا عن »مواس�اته ومش�اعره وراغب�ا في إبالغ

تعازيه إلى عائلة الراحل الكبير وأبناء الشعب اللبناني قاطبة«.

وش�كر األمي�ن الع�ام ألردوغ�ان اتصاله وتعزيت�ه، »وش�كره أيضا عل�ى مواقفه ومواقف الش�عب التركي تجاه القضية الفلسطينية، تلك المواقف التي أحيت الكثير

من اآلمال في العالمين العربي واإلسالمي«.


81

»يوم الصباح الحزين في بيروت«... هذا هو لسان حال العاصمة اللبنانية

التي استقبلت عشرات اآلالف من المعزين

الوطن )الكويت(7 تموز 2010

شيع مئات اآلالف من اللبنانيين بكثير من الحزن واألسى أمس المرجع اإلسالمي آي�ة الله العالمة محمد حس�ين فضل الله الذي وافته المنية ي�وم األحد الماضي عن

عمر يناهز ال�75 عاما.

ووس�ط حداد رس�مي وتنكيس لألعالم في كل اإلدارات والمؤسسات الرسمية والبلديات وتدابير أمنية اس�تثنائية انطلق موكب تش�ييع المرحوم فضل الله من أمام دارت�ه ف�ي منطقة )ح�ارة حريك( ف�ي ضاحية بي�روت الجنوبية حيث ط�اف النعش الش�وارع واألحي�اء وصوال إلى مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( حيث تق�ام الصالة عل�ى جثمان الراحل قبل أن يوارى الثرى في صحن المس�جد الذي كان يحبه ويؤم

المصلين فيه من على محرابه كل يوم جمعة.

ش�ارك في تش�ييع الجثم�ان نائب األمي�ن العام لحزب الله الش�يخ نعيم قاس�م، ورئي�س الح�زب التقدمي االش�تراكي النائ�ب وليد جنب�الط على رأس وف�د نيابي ، وممثلون عن كبار المس�ؤولين اللبنانيين ووزراء ون�واب وعلماء دين من وحزب�ي

نية والدرزية. الطوائف الشيعية والس

كما شارك في تشييع الجثمان وفد إيراني رفيع المستوى ضم أمين مجلس صيانة


82

الدس�تور آية الله أحمد جنتي، ونائب الرئيس اإليراني مس�عود زريبافان، فضال عن عدد من النواب اإليرانيين.

وكان قد وصل إلى مطار بيروت وفد عراقي موسع للمشاركة في التشييع برئاسة رئيس ديوان الوقف الش�يعي في العراق صال�ح الحيدري.. كما وصل علي األديب أحد كبار مس�اعدي رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي على رأس وفد رس�مي

للمشاركة في الجنازة.

وكان�ت وفود من ع�دد من الدول العربي�ة قد وصلت إلى بي�روت لتقديم العزاء وتشييع الجثمان.

ووضعت عمامة العالمة الراحل على النعش الذي حمله أنصاره ومحبوه وس�ط غابة من البشر وتدافع وطقس حار للغاية.

وحاول العديدون لمس النعش الذي كان يتقدم بصعوبة، وس�ط هتافات »لبيك يا حسين« و»ال إله إال الله والسيد حبيب الله«. بينما كانت النساء يذرفن الدموع بغزارة.

في الوقت ذاته، ارتفعت أصوات تسجيالت لخطب بصوت العالمة الراحل.

كم�ا علق�ت الفتات ضخمة في ش�وارع الضاحية الجنوبية مع ص�ور لفضل الله كتب عليها »إنا لله وإنا إليه راجعون« و»أستودعكم الله«.

وأقفل�ت المح�الت التجاري�ة في المنطق�ة، كما س�جل إقفال في ع�دد كبير من ، وإقفال للمؤسس�ات الرس�مية والعامة أعلنه المناطق اللبنانية، في يوم حداد وطني

مجلس الوزراء.

وكان فضل الله من أشد مناهضي سياسة الواليات المتحدة في الشرق األوسط، إال أن ذلك لم يمنعه من إدانة اعتداءات 11 سبتمبر 2001.

وق�د ش�رع العالمة الش�يعي »العمليات االستش�هادية في لبن�ان لدحر االحتالل الصهيوني، وفي فلسطين إلسقاط األمن الصهيوني«.


83

لبنان يودع فضل الله بالدموع.. ومشيعون: رحل والد اليتامى والفقراء

الوطن )قطر(7 تموز 2010

ودع لبنان الرس�مي والش�عبي أمس بالحزن والدموع وبمشاركة عربية وإسالمية واسعة العالمة المرجع الشيعي الكبير السيد محمد حسين فضل الله، وسار عشرات اآلالف من األش�خاص في موكب التش�ييع ف�ي الضاحية الجنوبية لبيروت، وس�ط

حداد وإقفال عام في البالد أعلنته الحكومة اللبنانية.

وبدأت مراسم التشييع عند الساعة 13:30 )10:30 ت غ( من أمام منزل الراحل في حارة حريك في الضاحية الجنوبية وسط تالوة آيات من الذكر الحكيم في المساجد وقرع أجراس كنيسة حارة حريك، وسلك موكب التشييع عددا من شوارع الضاحية قب�ل أن يصل إلى مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع(، حيث أقيم�ت الصالة، ثم ووري الثرى في صحن المسجد. وشارك في التشييع ممثلون عن الرؤساء الثالثة وعدد من الوزراء والنواب وش�ارك في المس�يرة عش�رات اآلالف من األشخاص الذين بدأوا التجم�ع باكرا في أحياء الضاحية. ورفعت األعالم الس�وداء وص�ور المرجع الكبير

في كل مكان. كما انتشرت صوره على السيارات.

ووضعت عمامة العالمة الراحل على النعش الذي حمله أنصاره ومحبوه وس�ط غابة من البشر وتدافع وطقس حار للغاية. وحاول العديدون لمس النعش الذي كان يتقدم بصعوبة، وسط هتافات »ال إله إال الله والسيد حبيب الله« و»لبيك يا حسين«.


84

بينما كانت النساء يذرفن الدموع بغزارة.

في الوقت ذاته، ارتفعت أصوات تسجيالت لخطب بصوت العالمة الراحل.

ق�ت الفتات ضخمة في ش�وارع الضاحية الجنوبية مع ص�ور لفضل الله كم�ا علكتب عليها »إنا لله وإنا إليه راجعون« و»أستودعكم الله«.


85

مئات اآلالف في لبنان يشيعون فضل الله إلى مثواه األخير

الوطن )البحرين(7 تموز 2010

س�ار مئات اآلالف من األش�خاص في موكب تش�ييع المرجع الش�يعي العالمة محم�د حس�ين فضل الله أم�س في الضاحي�ة الجنوبية لبيروت حي�ث ووري الثرى

وسط حداد وإقفال عام في البالد أعلنته الحكومة اللبنانية .

وبدأ المش�يعون بالتجمع باكرا في أحياء الضاحية الجنوبية، وانطلقوا في مس�يرة وراء النعش من أمام منزله في حارة حريك، وجابوا شوارع الضاحية الجنوبية ألكثر من س�اعتين قبل الوصول إلى مس�جد اإلمامين الحسنين، حيث أقيمت الصالة قبل مواراته الثرى . وذكرت تقارير أن جثمان الراحل نقل إلى قاعة سفلية داخل المسجد حي�ث أقيم�ت الصالة بوج�ود أفراد العائل�ة واألقرباء، بعيدا عن عدس�ات وس�ائل

اإلعالم، ودفن في باحة المسجد .

وكان موكب التشييع توقف في محطات عدة بينها منطقة بئر العبد، حيث تعرض العالمة الراحل لمحاولة اغتيال في 1985 أودت بحياة 80 شخصا . ووضعت عمامة فض�ل الله عل�ى النعش الذي حمل�ه أنصاره ومحبوه وس�ط غابة من البش�ر وتدافع وطقس حار للغاية . وذرفت النس�اء اللواتي لبس�ن بغالبيتهن األسود الدموع بغزارة، فيما أغمي على بعض المش�اركين، وعمد عدد من سكان األبنية المحيطة بالموكب إلى رش المياه على رؤوس المشيعين . وارتفعت أصوات تسجيالت أدعية وخطب


86

بص�وت العالمة الراحل، فيما علقت في الش�وارع الفتات ضخمة، مع صور لفضل الل�ه، كت�ب عليها » إنا لل�ه وإنا إليه راجعون« و»أس�تودعكم الله «. وش�اركت وفود عربية وإس�المية في تشييع المرجع العالمة، وقدم التعازي وفد إيراني يترأسه رئيس مجلس صيانة الدس�تور أحمد جنتي، ووفد من وزارة األوقاف السورية، إضافة إلى نج�ل أمير قطر الش�يخ جوعان بن حم�د آل ثاني . وأعلن مجلس ال�وزراء أمس يوم ، وأقفلت المحال التجارية والمؤسس�ات الرس�مية وش�لت الحركة في حداد وطني

عدد من المناطق .


87

مئات اآلالف يودعون السيد فضل الله إلى مثواه األخير: يـوم إلشـهار الحب والشـوق... يـوم لرفع األيدي بالوداع

حشود... على مد النظر

السفير )لبنان(7 تموز 2010

جعفر العطار

غصت ش�وارع الضاحية الرئيسية، ظهر أمس، بالحشود الغفيرة التي توافدت من كل حدب وصوب، للمش�اركة بمس�يرة الوداع األخير للمرجع الديني الكبير السيد محمد حسين فضل الله. فشيع جثمانه عشرات اآلالف من محبيه الذين تقاطروا قبل موعد التش�ييع بس�اعات، متجمهرين أمام مسجد »اإلمامين الحس�نين«)ع(، لتنضم إليهم الوفود الرس�مية التي تقدمها لفيف من العلماء وشخصيات سياسية بارزة وفد

معظمها من الخارج، مع بدء أذان الظهر.

وب�دا الوص�ول إلى منف�ذ يقود إل�ى باحة التجم�ع عس�يرا. فكان طري�ق المطار القديم مقفرا. غادرته الس�يارات، فناسها يشاركون في التشييع. كوكبة من السيارات والحافالت مركونة على جانبي الطريق، لتدل بوجهة ركونها إلى نقطة االنطالق في

رحلة الوداع األخير: منزل العالمة السيد محمد حسين فضل الله.

تتحول الش�وارع الطويلة المؤدية إلى من�زل المرجع فضل الله في حارة حريك، إل�ى منافذ قصي�رة تتكاتف حولها حش�ود غفيرة، بثياب غلب عليها اللون األس�ود، ووجوه مكفهرة، يسير أصحابها من دون كلل أو ملل، أو حتى تذمر. غياب السيارات


88

من الشوارع، يكشف ضيق الطرقات. كأنها مكعبات عارية السقف.

مس�جد »اإلمامين الحس�نين«)ع(، الذي كان أمس األول مقرا للتعزية بالراحل، ص�ار أم�س مدخال للمس�يرة، ليتح�ول عند االنته�اء من التش�ييع إلى مرك�ز تجمع ونحي�ب. فضل الله س�يدفن في المس�جد ال�ذي أحبه... في ذاك المس�جد الذي لم ينف��ك ي�زوره، عل��ى الرغم م�ن تعليم�ات األطب�اء الممانعة، في لحظ�ات مرضه

األخيرة.

تنط�ق الوج�وه المتجهم�ة، الحزين�ة، بدواخله�ا. صم�ت مضط�رب يجثم على الم�كان. النس�اء المتش�حات بالس�واد، س�يفترقن عن الرج�ال، من أمام المس�جد، ليدخلن من جهة بئر العبد، فيما يكمل الرجال سيرهم باتجاه منزل فضل الله، قرب

كنيسة »مار يوسف« في حارة حريك.

تضاع�ف الموس�يقى الحزين�ة وج�وم الحزانى. عندم�ا يخفت صوته�ا، ترتخي عضالت الوجه.

يع�ود الوجوم، لتش�تد معه عضالت الوج�ه الحزينة، الغاضبة، خاص�ة عندما ترفع مكب�رات الص�وت كلمات الس�يد فضل الله ع�ن الدي�ن، والحرب، والحياة، وأش�ياء

أخرى.

تقترب الس�اعة من الواحدة والنصف ظهرا. تشق المسيرة طريقها. شبان، علقت على ياقاتهم شارة »االنضباط«، ينظمون حركة الوفود.

يتردد صوت السيد فضل الله من مكبرات الصوت و يعلو أكثر. ترفع صوره إلى األعل�ى، بأياد حملت الصور كأنه�ا تحتضن صاحبها. »بأمان الله... يا حبيب الله«، يق�ول الرجل الذي قاد المس�يرة، فيردد الناس، من كبار الس�ن إل�ى صغارهم، تلك العب�ارة، بأصوات تئن، مش�هرة ألمها لفقدان »األب الروح�ي«... معلنة حزنها على

الرحيل. تقرع أجراس الكنيسة.

يصب�غ مش�هد المس�يرة، التي دخلت ف�ي خطوته�ا الثانية إلى الش�ارع العريض، اللون األسود. تبدو كأنها ثوب طويل، أسود اللون، مزركش بصور السيد فضل الله.


89

الرداء الطويل يصبح قصيرا: تنعطف المسيرة باتجاه مسجد »اإلمام الرضا«)ع(، حيث كان منزل الراحل القديم. قيظ شديد، يحوم في األفق.

، ملتحف برداء أس�ود، من جثمان الس�يد فضل الله بعيد، يتراءى تابوت خش�بيخلف الجموع. ش�يئا فش�يئا، يتض�ح أكثر. محبو »الس�يد« يتدافع�ون للمس النعش وتوديع�ه. تح�دث جلبة غريبة. يهتز النع�ش جراء التدافع المهي�ب، فيتقرر نقله إلى المس�جد بواسطة س�يارة إسعاف، تتبعها س�يارة تابعة ل�»الشرطة العس�كرية«. تبقى أكاليل الورد التي كانت مرفوعة خلف التابوت، وأمام رجال الدين والفعاليات التي

تقدمت المسيرة، لتصنع حضورا في ظل الغياب.

المح�ال التجاري�ة مقفلة. »ال إله إال الل�ه«، يقول الرجل بص�وت متهدج. فترفع القبضات عاليا وتردد األفواه، بقوة، مقولة التوحيد. من مسجد »الرضا«)ع(، تكمل المس�يرة طريقها، تجاه محلة »الس�ندريال«، حيث تعرض السيد فضل الله لمحاولة

اغتيال في العام 1985.

، تدلت من يده س�بحة طويلة بحبات س�وداء، لنجله: »صدفة يقول رجل ثالثينيقدرية نجت السيد من عملية االغتيال، عندما قصدته سيدة لتسأله عن أمر ما. فتأخر على موعد خروجه من الجامع، ووقع االنفجار قبل وصوله«. يقطب الفتى حاجبيه مس�تغربا، ويس�أل: »لماذا لم يحالفه الح�ظ هذه المرة، يا وال�دي؟«، فيجيبه األب:

»هو القدر نفسه. السيد انتقل إلى رحمة ربه، إلى مثواه األخير، ليسعد بلقاء ربه«.

تش�ق المس�يرة طريقه�ا، من »الس�ندريال«، إل�ى المش�رفية، لتع�ود أدراجها إلى المس�جد من شارع الغبيري. الناس يتصببون عرقا. هم ال يتحدثون عن السيد فضل الله. الس�كوت نفس�ه ال يزال جاثما. إنهم ينصتون إلى خطب الراحل. هو يتحدث عن فلس�طين القضية، والوحدة اإلس�المية. يعظ في الدي�ن، ويخبرهم عن اآلخرة. الناس يس�معون. هم تحدثوا عنه كثيرا، وس�يتحدثون عنه أكثر. تقترب أكاليل الورد

من مدخل المسجد.

تهم�س س�يدة محجب�ة، وقفت ف�ي الباح�ة المقابل�ة للمس�جد بانتظ�ار وصول المسيرة، لزوجها: »هذا تيمور وليد جنالط. صحيح؟«. يشرئب الرجل بعنقه ليرى،


90

فيهز برأس�ه قائال: »نعم. إنه تيمور. لكن لماذا أنت مندهشة؟ فوالد تيمور هنا أيضا، وش�خصيات كثيرة كانت تحب الس�يد ش�اركت في المس�يرة«. تمتعض السيدة من

تعليق زوجها، كتعبير منها على معرفتها المسبقة بهذه المعلومة.

صور السيد فضل الله تكتسح جدران المسجد. هي نفسها التي ثبتت عند مدخل الكنيس�ة. وهي نفس�ها التي علقت على الس�يارات والدراجات النارية. وهي نفسها

التي تدلت من شرفات المنازل، التي خلت من أصحابها.

تغ�ص الباح�ة بالوفود، التي تداخلت مع حش�ود المس�يرة الت�ي تحمل األكاليل وتشارف على دخول المسجد، حيث يتواجد جثمان السيد فضل الله، بين محبيه.

تتش�ابه آراء محبي فضل الله حول مكمن حبه�م للراحل. الصفات ذاتها تتكرر: »رج�ل العطاء واإليمان. والد الفقراء. الرجل األقل ش�مولية بين المراجع الدينية«، يقول يحيى حيدر، الش�اب الذي أتى من الجنوب برفقة ثلة من األصدقاء للمشاركة ف�ي الوداع األليم. يجزم حيدر أن نصف الموجودين قد أتوا من الجنوب، والنصف

اآلخر من الضاحية. يتذكر: »والبقاع طبعا«.

يس�مع ص�وت نحيب من بعيد. يعل�و الصوت أكثر، بكاء وعويل. وقفت النس�اء جنب�ا إلى جنب، يذرف�ن دموعهن وينفجرن باكيات. أمام مش�هد البكاء، الذي تكرر أكثر من مرة في المس�يرة، تغرورق عيون بعض الش�بان بالدموع. يهتف أحدهم من مكبر للصوت: »ال إله إال الله«. يقول إن الناس س�يصلون اآلن عن روح »الس�يد«،

بكاء أكثر.

الدخ�ول إل�ى المس�جد، من الباب العمالق، عس�ير جدا، نظ�را لكثافة الن�اس أمامه. جثمان السيد في الداخل، السيد محمد علي فضل الله، شقيق الراحل، يتلو الصالة، يردد

الناس خلفه الصالة، كما كانت تتردد شعارات الموت والتوحيد، لكن بصوت خافت.

يفرغ الناس من الصالة، يعودون أدراجهم، يسيرون بحزن، حزن يبلله الدمع، مع كل نظرة تلقى على صورة الراحل.


91

حتى بعض األطفال يملكون أسبابا واضحة للبكاء في وداع من أحبهمالنساء يخرجن في وداع مرجع لم يتردد في الدفاع عن حرياتهن

السفير )لبنان( 7 تموز 2010

زينة برجاوي

يكاد الطفل زكريا )5 س�نوات( أن يصاب باإلغماء، وهو يجهش بالبكاء في أثناء مشاركته والدته في مسيرة تشييع السيد محمد حسين فضل الله.

يعتقد النس�اء، اللوات�ي كن ينتظرن انته�اء موكب الرجال من الم�رور لالنضمام إلى المس�يرة، أن بكاء الطفل يعود إلى ش�عوره بحر ش�مس تموز الساطعة أو تذمره من االزدحام التي تس�ببت به كتل النساء المش�اركات. إال أن الطفل استقطب أنظار أولئ�ك النس�اء اللوات�ي لم يتوقفن عن طرح الس�ؤال نفس�ه على والدة زكريا: »ش�و به، ش�و صاير له؟«. يصع�ب على الجميع تصديق أن زكريا يبكي الس�يد فضل الله، خصوص�ا أن ش�دة بكائه تبدو الفتة. يص�ر على والدته أن تأخذه ليرى الس�يد فضل الله. ال يتوقف عن ترداد: »وينو الس�يد يقبرني وينو، بحبو قد البحر«. وكلما سمعته سيدة يردد هذه الجملة، تسأل والدته عن سبب تعلق زكريا »المتيم« بالسيد. فتشرح األم أن طفلها يعشق السيد منذ اللحظة التي حمله فيها وقبله في أثناء عقده قران ابنها الكبي�ر. وزكريا لم يكن الطفل »المفجوع« الوحيد، بل هناك علي )6 س�نوات( وآية )عش�ر سنوات( أيضا، يبكيان السيد فضل الله. تقول والدة علي إن جده يشبه السيد ق بالمرجع بعد وفاة جده. كما تلفت إلى أن طفلها فضل الله، ما دفع بعلي إلى التعل


92

كان يطلب منها دائما مرافقتها إلى األماكن التي يزورها السيد فضل الله.

بك�ت النس�اء أمس الس�يد محمد حس�ين فضل الله. ه�ن النس�اء اللواتي لطالما اعت�دن عل�ى التوافد إلى المكان نفس�ه لتلبي�ة دعوته إليهن، إذ كان ي�ؤم بهن الصالة كل نهار جمعة. هن النس�اء اللواتي كن يحيين ليالي القدر معه، خالل ش�هر رمضان

المبارك، ويشاركنه مجالس العزاء خالل أيام عاشوراء.

أمام مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع(، توافد النساء متش�حات بالسواد، ساعة قبل موع�د انطالقة المس�يرة. منهن م�ن فضلت االنتظار أم�ام دارة الس�يد فضل الله في ح�ارة حريك، حيث انطلقت المس�يرة. ومنهن من فضلن البقاء أمام قاعة المس�جد

لالس�تماع إلى مقت�طفات من خط�ب يوم الجمعة التي كانت تذاع في كل مكان.

بقيت النس�اء يتش�اركن أحاديث تتعلق بتقليدهن للس�يد فضل الله ويسألن: »من س�يصدر الفتاوى بعده؟«. تقول منى إنها تقلده في الدين منذ طفولتها وتمش�ي على نهج�ه منذ البداية. تؤكد في الوقت ذاته، على أنه من المس�تحيل أن يحل أحد مكانه بالنس�بة إليها، ف�»الس�يد مرجع علمي ودين�ي بامتياز«. وتلفت منى إل�ى أن اقتناعها بتقليد الس�يد يعود إلى إيجادها دائما الجواب المنطقي والمقنع لديه على كل سؤال تطرح�ه عليه، عبر مكاتبه المنتش�رة عل�ى األراضي اللبنانية كافة. أم�ا بوال فتعتبر أن

رحيل السيد هو »فقدان ألبينا الروحي، وسنظل نقلده حتى الرمق األخير«.

تس�توقف سيدة مسنة الشابات لتسألهن كيف يمكنها الحصول على صورة كبيرة للسيد، وكان يتم توزيع اآلالف منها في التشييع.

تردد العجوز كلمات غير مفهومة وهي تحاكي نفسها، لكنها كانت واضحة حين قالت: »حبيببي، سيد الكل، سيد الفقراء«.

وتؤكد مسنة أخرى أنها، رغم معاناتها مع المرض، قررت أن تمشي في المسيرة وتنتحب السيد فضل الله. ومن المشاركات أيضا من تؤكد على تقليدها للسيد علي

الخامنئي، وتعزو سبب حضورها إلى تقديرها واحترامها للمرجع فضل الله.


93

لكن، لم يكن الدين العنصر الجامع بينهن، ولن يقتصر الحضور على المتدينات منهن فقط.

فقد حضر التش�ييع نس�اء من مختلف األه�واء الدينية وغير الدينية. فتلفت رش�ا الوافدة من منطقة الحمراء إلى أن الس�يد ال يمثل طائفة معينة في لبنان، بل »هو س�يد جميع اللبنانيين«. ورغم أنها ليس�ت متدينة، فضلت رش�ا أن تضع منديال أسود على رأسها خالل المشاركة »احتراما للسيد«. أما زينب فهي محامية، حضرت من خارج ضاحية بيروت الجنوبية وقررت المش�اركة مع ابنتيها في المس�يرة. تقول زينب إنها تربي طفلتيها على معرفة ش�خصية العالمة الس�يد محمد حس�ين فصل الله، كذلك تؤك�د أنه�ا كان�ت قد اتصل�ت أمس بمكتب الس�يد فض�ل الله لمعرفة من س�يصدر

الفتاوى الجديدة.

وها هما، شابتان، فنانتان، ترسمان كتب أطفال تصدرها »دار الحدائق«. ال عالقة لهما بالدين وبمرجعية الس�يد الفقهية، لكنهما هنا ألنهما اختبرتا العمل مع مؤسس�ة تابعة له، وتقوالن إنهما معجبتان بالنهج المنفتح الذي تعتمده المؤسس�ة في مقاربة كتب األطفال، على عكس مؤسس�ات أخرى أق�ل دينية وأكثر تعصبا، تفرض القيود على مستوى رسم لباس الفتيات في الكتب، مثال.. حتى ولو كانت في الرسم طفلة.

الساعة تشير إلى الواحدة والنصف ظهرا. يصطف النساء خلف الرجال أمام دارة الس�يد فض�ل الله. دقائق، ويخ�رج النعش للمرة األخي�رة من دار الس�يد الذي أعيد إعماره بعدما دمرته صواريخ العدو. تغيب نس�اء العائلة عن المش�هد. وكان الزمالء الصحافيون قد منعوا من زيارة الدارة. صور السيد توزع في كل حدب وصوب. تراه . يحدق بك من كل زاوية في المكان. يعلو النحيب من قلوب النس�اء، وبأعلى حستطل�ب س�يدة من الخلف أن يرفع جثمان الس�يد فضل الله للتمك�ن من رؤيته. ومن النساء من تنسى نفسها وتقترب من الرجال محاولة رؤية نعش السيد، فيحذرها أحد عناصر انضباط »حزب الله«: »ال يجوز شرعا االقتراب من صف الرجال«. الجميع يبكونه. النس�اء واألطفال. يرفعون أياديهم اليمنى، ويودعونه. يصرخون: »وداعا يا


94

أبا األيتام، فقدناك أبا رحيما، يا أبا المجاهدين واألحرار، وداعا يا سيدنا«.

الح�رارة ذاتها تس�تمر في مش�هد الوداع منذ انطالقة مراس�م التش�ييع بعد صالة الظه�ر، وصوال إلى أداء الس�يد محمد عل�ي فضل الله الصالة في مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( عل�ى جثمان ش�قيقه المرجع. وبس�بب اكتظاظ المكان بالمش�يعيين،

شوهدت النساء بين الرجال في أثناء الصالة على الجثمان.

رح�ل المرجع التنويري ليبقى جثمانه في صحن المس�جد. هناك حيث تتجس�د خطابات�ه لتكون مدرس�ة ل�كل من يقل�ده علميا ودينيا.رحل الس�يد وه�و يدافع عن القضي�ة الفلس�طينية لتصدح عباراته عبر مكبرات الصوت في فضاء المكان، مبش�را بنصر كل انتفاضة جديدة.


95

رسالة أقوى من الموت...وعمامة ناطقة

النهار )لبنان(7 تموز 2010

رضوان عقيل

دو المرجع الس�يد محمد حس�ين فضل الله ومحب�وه الكثر في لبنان ل�م يكن مقلوالعالمي�ن العرب�ي واإلس�المي في حاج�ة إلى دعوة للمش�اركة في ي�وم وداعه في الضاحي�ة الجنوبية، تلك المحلة التي فجر منها مواقف�ه وفتاواه في التأليف والكتابة والمقاوم�ة واالنفت�اح وقب�ول اآلخر والدعوة إل�ى الحوار وعدم الغ�رق في وحول

التطرف.

لك�ن جمهور الس�يد في وداع هذه الش�جرة الت�ي امتدت أغص�ان مرجعيتها من تراب جبل عامل إلى العراق وسوريا وبلدان الخليج وإيران ومناطق أخرى في هذه المعم�ورة، ولم تقو أصابع المعرقلين والرافضين على منع تمدد براعمه التي أغنت

الفقه اإلسالمي والمكتبة العربية.

بكاه جيل إس�المي ملتزم قواعد الدين وأخالقياته بعيدا من »فيروس« التعصب. وكان�ت عباراته التي ت�ردد بعضها أمس في رحلة وداعه الدواء الش�افي في جبه هذا

النوع من األمراض.

بكاه أمس آباء الش�هداء وأمهاتهم ألنه كان الدافع والموجه لفلذات أكبادهم في حم�ل البندقية وقتال إس�رائيل عندم�ا كان يلتقي ثلة منهم في المس�اجد والحلقات


96

وال�دروس الديني�ة التي لم يقتص�ر مضمونها على تطبيق العبادات فحس�ب، وكفى الله المؤمنين شر القتال.

بكاه جمهور من المقاومين الذين نهلوا من مدرسته التي علمتهم كيف يواجهون إس�رائيل التي اقتلعتهم من أرضهم وديارهم فاسترجعوها بشالل من الدماء ودخلوا

صفحات تاريخ العزة من أوسع أبوابه.

بكاه جمهور من رجال الدين الذين تتلمذوا على يديه ونهلوا من أفكاره ومعارفه بم�ا يحافظ عل�ى وحدة الصف الس�ني � الش�يعي ومواجهة بذور الفتن�ة، فضال عن

دعوته الدائمة إلى العيش المشترك والحقيقي مع المسيحيين ومن دون قفازات.

تحول�ت الضاحية أمس لوحة س�وداء، وودعه األيتام والمع�وزون والفقراء ألن مبراته ومؤسس�اته االجتماعية حضنت هؤالء ووفرت لهم متطلبات العيش والتربية

في الزمن الصعب.

وحض�رت وجوه ع�دة من الع�راق الجريح حيث ش�ق الراحل طريق�ه من هناك وعبده�ا ف�ي النجف، تلك الدوح�ة العابقة بأنوار الفقه اإلس�المي وعلوم الش�ريعة والدي�ن. ورفع أفراد م�ن الجالية العراقية الهاربون من كابوس االحتالل علم بلدهم المرص�ع بعب�ارة »الله أكبر« ليش�اركوا على طريقتهم في وداع الس�يد الذي كان لهم

السند والمرشد.

نة، وليس من الغرابة أن أما الضيوف اآلتون من الخليج، فكانوا من الش�يعة والستجمعهم هذه التظاهرة التي اجتاحت مسجد اإلمامين الحسنين)ع( في حارة حريك

وزنرت جموع المشيعين محيطه وشوارع الضاحية الجنوبية.

وتس�ابق المصل�ون لتأدي�ة صالة الظهر في المس�جد ال�ذي لم تتس�ع لهم باحته الرئيس�ية فافترش�وا األرض وتح�دوا ش�مس تموز ليكون�وا على مقرب�ة من جثمان مرجعه�م ورائحة س�يرته العطرة قبل أن يرق�د في تراب صحن ه�ذا الجامع الناطق ال�ذي رفع�ت في صدره عبارة »أس�تودعكم الل�ه« خلف صورة الراح�ل، رافعا كلتا


97

يدي�ه، فه�و لم يمت في عقولهم وقلوبهم ألنه ترك لهم كل هذا التراث والفكر بعدما زرع في نفوس�هم ووجدانهم الدعوة الدائمة إلى قتال إسرائيل والدفاع عن أرضهم،

داعيا إياهم أمس في شريط مسجل بصوته إلى »إكمال المسيرة«.

وقد سجي جثمان الراحل في منزله في حارة حريك الذي شيد بعد عدوان تموز 2006. وتفقد البعض صالون اس�تقباالته الذي كان مش�رع األبواب أمام سائر اآلراء

واألفكار حتى لو اختلف مع بعضها ألن الحوار كان رائده وديدنه.

ف�ي األول�ى والنصف بعد الظهر حمل ش�بان النعش من منزله وس�ط طوفان من الحش�ود التي زنرته، ووضعت فوقه عمامت�ه الناطقة التي طالما تهافت كثيرون على

تقبيلها والتبرك من رأس صاحبها.

وش�ق النعش طريقه بصعوبة بالغة، وال س�يما عندما ش�اهدته جموع المشيعين، وتسابقت األيدي إلى لمسه. وأخذ محبوه من الرجال بالبكاء، أما النسوة فكان لهن حدي�ث آخر في ي�وم وداع مرجعهن، ه�ن اللواتي وجدن فيه األب المرش�د ورجل الدين الذي قامت رس�الته على االنفتاح وعدم االنغالق ألنه كان ينطق بلسان واحد

في الغرف الضيقة وعلى المنابر.

بعد االنتهاء من مش�وار تش�ييعه، حمل الجثمان إلى مرقده في مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( حيث يس�تريح على مقربة من مريديه والمصلين الذين كانوا ينتظرون خطبته كل جمعة ألنها كانت »بنت الس�اعة السياس�ية« والبعيدة من الملل والروتين

والناطقة بأوجاع الناس وهمومهم والبعيدة من مراضاة السلطان.

وتدفق�ت الجم�وع بصعوب�ة نح�و المس�جد، وأقفلت أبواب�ه أم�ام الكثيرين من الضيوف والرسميين بسبب الزحمة، ودخله أوالده وأفراد أسرته بشق األنفس ليلقوا

عليه نظرة الوداع.

أم�س افتقده منبر المس�جد ألنه ل�م »يعتد« إال الكلم�ات والرس�ائل الطيبة التي كانت تنطلق من فم هذه المدرسة التي خرجت تالمذة في لبنان والخارج، وهم منذ


98

اليوم دخلوا في امتحان المحافظة على هذا اإلرث الديني واالجتماعي والخدماتي.

كثي�رون من القادة السياس�يين والدينيي�ن يصلون إلى أعل�ى المراكز والمناصب وتس�لط عليهم األضواء واألنظ�ار واالهتمامات وأبواب الرعاي�ة، وعندما يرحلون

يقام لهم وداع رسمي وشعبي وعلى الدنيا السالم.


99

مئات اآلالف من المسلمينيشيعون العلمة فضل الله في جو مهيب

موقع سطيف )الجزائر(9 تموز 2010

أسامة قيسي

ش�يع مئ�ات اآلالف من اللبنانيين ف�ي بيروت العالم الكبير آية الله الس�يد محمد حس�ين فضل الل�ه عن عمر يناه�ز 75 عاما كلها ف�ي طلب العلم وخدم�ة األمة وقد حض�ر الجن�ازة وفود عربي�ة وأجنبية رفيعة المس�توى كان من أبرزه�ا ممثل الرئيس اإليراني ونجل األمير القطري و آية الله التس�خيري.الوفود العربية تقاطرت من كل حدب وصوب حيث أعلنت اإلمارات أنها أوفدت وزير التعليم العالي للبنان لتقديم التعازي كما نعى ش�يخ األزهر الس�يد فضل الله، إضافة إلى الرئيس اللبناني ميش�ال س�ليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري ورؤساء األحزاب السياسية في لبنان على رأس�هم الس�يد حس�ن نصر الله األمين العام لحزب الله هذا وقد ش�هدت العاصمة اللبناني�ة بيروت إقفاال للمؤسس�ات الرس�مية ونكس�ت األعالم ح�دادا على رحيل المرجع الكبير ورفعت مكبرات الصوت في أرجاء بيروت بخطب الس�يد فضل الله المحال والمؤسس�ات التجارية كذلك أقفلت أبوابها وهب أصحابها للمش�اركة في مراس�م التأبين كما أقفل�ت الجامعات اللبنانية أبوابها وأجل�ت االمتحانات وتخرج الطلبة إلش�عار آخر، وقد أعلن مفتي الجمهورية اللبنانية الش�يخ محمد رشيد قباني ع�ن إقف�ال دار الفتوى في لبنان حدادا على وف�اة العالمة فضل الله. رحل وذكر الله


100

دا على لسانه وهموم األمة في قلبه وهمه الكبير هو اإلسالم فكرا وحركة ومنهجا مردعلى الدوام:هذه هي كل أمنياتي وليس عندي أمنيات شخصية أو ذاتية ولكن أمنيتي الوحي�دة التي عش�ت لها وعملت ألجله�ا هي أن أكون خادما لله ولرس�وله وألهل بيته ولإلسالم وكان السيد فضل الله من أبرز العلماء الذين أثاروا جدال حيث أصدر فتاوى تحرم س�ب الصحابة ودافع عن الس�يدة عائشة أم المؤمنين وقال بحرمة سبها أو اإلساءة لها حيث تميزت فتاواه وأفكاره بمناقشة المسلمات وخصوصا في الفكر

الشيعي مما أدى إلى معارضة قوية من بعض مراجع الشيعة.


101

معاني التشييع الجماهيري الهائل العفوي

اللواء )لبنان( 9 تموز 2010

فؤاد مطر

مة الس�يد محمد حس�ين فض�ل الله يوم كان التش�ييع الجماهي�ري الهائ�ل للعالالثالثاء الماضي )6 تموز 2010( شبيها من حيث العفوية والشعور الحقيقي بالفقدان الذي يحدث في األيام الصعبة للوطن، بالتش�ييع الذي جرى للرئيس الش�هيد رفيق الحريري ومن قبل للرئيس جمال عبد الناصر وإلى حد ما للفريق عبد المنعم رياض.

ولقد حدثت التشييعات الثالثة من دون تعبئة وتوجيهات للناس أو أوامر حزبية. وتنوعت ظروف كل تشييع وموجباته حيث إن األربعة ماليين مصري الذين شاركوا في تشييع عبد الناصر وأكثريتهم من فقراء وبسطاء الناس رجاال ونساء وفتية وفتيات، ش�عروا فجأة أن رئيس�هم رحل وهو في الثانية والخمس�ين وهي سن مبكرة، ورحل بع�د معاناة مزدوجة م�ن مرارة هزيمة 5 حزيران 1967 وقب�ل ذلك من العقوق الذي صدر من بعض األطياف الس�ورية وتس�بب في انفصال س�وريا عن مصر، فضال عن خيب�ة األمل من رفاق منحه�م كامل الثقة فبادلوه الثقة بالمكاي�دة· وقبل عبد الناصر كان هنال�ك تش�ييع جماهيري عف�وي للفريق عبد المنعم رياض ألنه استش�هد وهو القائد العس�كري الذي علقت عليه اآلمال في مرحلة حرب االس�تنزاف لكي يحقق خطة إزالة آثار العدوان وإعادة االعتبار إلى الجيش المصري. ومن الطبيعي أن يلقى مثل هذا التش�ييع الجماهيري الهائل كونه القائد العسكري الذي يستشهد وهو على


102

الخط األمامي وبذلك ال يقتصر االستشهاد على الجنود وأصحاب الرتب الدنيا.

وعفوية التش�ييع للش�هيد عبد المنعم رياض تكررت من خالل المشهد المهيب عند تش�ييع الش�هيد هادي حس�ن نصر الله الذي أكد باستش�هاده أن أبناء القادة بمن في ذلك قائد المقاومة الس�يد حس�ن )أبو هادي( هم كما س�ائر أبناء الطائفة مشروع

شهادة ما دام الجهاد هو القضية.

كم�ا تكررت العفوية عند تش�ييع الرئيس ياس�رعرفات الذي قض�ى على ما يقال ما. مسم

مة الس�يد محمد حس�ين فضل الله وما وبالنس�بة إلى التش�ييع الجماهيري للعالرافق التش�ييع وتاله من تس�جيل مواقف وإبداء مشاعر، يجوز القول إن العفوية التي اتس�م بها التش�ييع وكذل�ك واجبات التعزية م�ن القاصين في الع�راق وإيران ودول الخلي�ج ومن الدانين في لبنان وس�وريا تعكس بعض المعاني الت�ي من بينها التأكيد بأن رؤية السيد محمد حسين كانت هي األصوب وإنه لو كان بيننا لكان أفتى بالتعقل في ما يتعلق بالحساس�ية المستنش�أة وفي أش�د الظروف تعقيدا، من القوات الدولية ليس مس�ايرة منه للرئيس ساركوزي الذي يستعصي علينا تصنيف نواياه خيرا هي أو تدليس�ا، وإنما ألن المرحلة الراهنة تتطلب اليقظة وتعطيل أي محاوالت الفتعال ما

ال يتحمله الوطن.

وإلى ذلك يجوز القول إن التشييع الجماهيري العفوي الهائل للسيد محمد حسين فض�ل الله كان أيضا في بعض جوانبه نوعا من االس�تفتاء على أهمية المرجعية التي تخاط�ب بالمنطق أعداء األمتين وأي احت�رام يتركه هذا التخاطب في نفوس ممثلي دول كبرى مثل الس�فيرة البريطانية· كما أنه كان أيضا نوعا من االعتذار للس�يد الذي غ�اب عن بال الجه�ات التي تمنح الدكتورات بالجملة أنه يس�تحق مث�ل هذه اللفتة وما هو أهم منها. كما كان يستحق من الدولة اللبنانية التوسيم األعلى رتبة ومن قبل أن تش�تد وطأة العلة عليه ويرحل راضيا مرضيا ومرحوما يفتقده اللبنانيون دائما في

الليالي الظلماء للوطن الذي يتالعب به المتالعبون من كل الطوائف واألطياف.


103

مئات اآلالف يشيعون العلمة فضل الله لمثواه األخيركتل بشرية ضخمة تحمل النعش وعناصر حزب الله تتولى حراسة

المشيعين والمعزين

الراية )قطر(7 تموز 2010

ح�ارة حري�ك � وكاالت: ش�يع مئات االآلف م�ن اللبنانيين في موك�ب جنائزي المرج�ع الش�يعي العالم�ة محم�د حس�ين فض�ل الل�ه لمث�واه األخير ف�ي الضاحية الجنوبي�ة لبي�روت حي�ث ووري الثرى وس�ط ح�داد وإقفال ع�ام في الب�الد أعلنته الحكومة اللبنانية. وبدأ المش�يعون بالتجمع في أحي�اء الضاحية الجنوبية، وانطلقوا ف�ي مس�يرة وراء النع�ش من أم�ام منزله في ح�ارة حريك، وجابوا ش�وارع الضاحية الجنوبية ألكثر من س�اعتين قبل الوصول إلى مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( حيث أقيمت الصالة قبل مواراته الثرى.وذكر شهود عيان أن جثمان الراحل نقل إلى قاعة س�فلية داخل المس�جد حيث أقيمت الصالة بوج�ود أفراد العائل�ة والقريبين، بعيدا من عدس�ات وس�ائل اإلعالم. ودف�ن في باحة المس�جد. وكان موكب التش�ييع قد توقف في محطات عدة بينها منطقة بئر العبد حيث تعرض العالمة الراحل لمحاولة اغتي�ال الع�ام 1985 أودت بحي�اة ثمانين ش�خصا. ووضعت عمامة فض�ل الله على النعش الذي حمله أنصاره ومحبوه وسط غابة من البشر وتدافع وطقس حار للغاية. وح�اول العديدون لمس النعش ال�ذي كان يتقدم بصعوبة، وس�ط هتافات »لبيك يا حس�ين« و»ال إله إال الله والسيد حبيب الله«.وذرفت النساء اللواتي لبسن غالبيتهن األس�ود، الدموع بغزارة، فيما أغمي على بعض المش�اركين، وعمد عدد من س�كان


104

األبنية المحيطة بالموكب إلى رش المياه على رؤوس المشيعين. وارتفعت أصوات تس�جيالت أدعية وخطب بصوت العالمة الراحل، فيما علقت في الش�وارع الفتات ضخم�ة مع صور لفض�ل الله كتب عليها »إن�ا لله وإنا إليه راجعون« و»أس�تودعكم الله«.ورفعت األعالم الس�وداء وصور المرجع الش�يعي في كل المنطقة. وشاركت وفود عربية وإس�المية في تش�ييع المرجع العالمة. وقدم التعازي وفد إيراني يترأسه رئي�س مجل�س صيانة الدس�تور أحمد جنت�ي، ووفد م�ن وزارة األوقاف الس�ورية، إضافة إلى نجل أمير قطر الش�يخ جوعان بن حمد آل ثاني. وقالت فاطمة مش�يمش 20 عاما إنها درس�ت في مدرس�ة تابعة لجمعية المبرات الخيرية التي أسس�ها فضل

الل�ه والت�ي تعنى باليتام�ى، وأضافت لقد فقدت وال�دي وأنا في الثالث�ة، وتحجبت لدى الس�يد فض�ل الله وأنا في الثامن�ة«. وأضافت »عندما س�معت بوفاته، قلت في نفسي لقد توفي أبي«. وقالت زهراء عميس 65 عاما التي كانت تسير مستعينة بعكاز »لق�د كان أخ�ا وأب�ا وصديقا لنا، مضيفة وه�ي تذرف الدموع لقد م�ات والد اليتيم، مات الذي يساعد الفقراء«. وتولى عناصر االنضباط في حزب الله بلباسهم األسود وقبع�ات تحمل صور فضل الل�ه تنظيم المرور ومواكبة الجم�وع في معقل الحزب الش�يعي. وقال حس�ن فقيه 55 عاما الذي قدم مع زوجته من النبطية )جنوب( جئت محبة بالس�يد ال�ذي كان يعني لنا الكثي�ر، خصوصا أنه كان المؤي�د األول للمقاومة اإلس�المية. ه�و الذي أطل�ق فك�رة المقاومة والفك�ر المقاوم. وقال�ت زوجته أمال رمال 44 عاما »إنني أقلد الس�يد منذ عشرين سنة. غيابه خسارة للعالم العربي ولبنان والمجتمع الشيعي خصوصا«. ورأى سمير 38 عاما اآلتي من مدينة صيدا الجنوبية، أن فض�ل الل�ه يمثل »مدرس�ة متح�ررة« ال تغلب طرف�ا على آخر وتاب�ع إن خطاباته تتح�دث عن حبه للمقاومة والمقاومين، فهو باني هذه المدرس�ة الفكرية الجهادية. وأعل�ن مجلس ال�وزراء اللبناني أم�س يوم حداد وطني�ا وأقفلت المح�ال التجارية والمؤسس�ات الرس�مية وش�لت الحركة في عدد من المناطق. وتوفي فضل الله عن . وكان هو »المرشد الروحي« خمس�ة وسبعين عاما نتيجة إصابته بنزيف داخلي حادلح�زب الله في بداية تأسيس�ه ف�ي الثمانينيات، قب�ل أن يحصل تباعد بي�ن الجانبين


105

بس�بب تباين�ات في وجه�ات النظر حول المرجعي�ة الدينية، إذ س�عى فضل الله إلى تأس�يس مرجعية مستقلة للحزب الش�يعي، في حين أن األخير يعتبر والية الفقيه من صلب عقيدته. ومنذ ذلك الوقت بقي اسم فضل الله مدرجا على الالئحة األميركية لإلرهابيين العالميين. وكان فضل الله م�ن أشد مناهض�ي سياسة الواليات المتحدة في الش�رق األوسط، إال أن ذلك لم يمنعه من إدانة اعتداءات 11 سبتمبر 2001. وقد ش�رع العالمة الشيعي العمليات االستش�هادية في لبنان لدحر االحتالل الصهيوني، وفي فلسطين إلس�قاط األمن الصهيوني. وعرف بانفتاحه على العصر وتطور العلم في فتاواه، مع تمسكه بأصول الدين. وأفتى باعتماد علم الفلك واألرصاد في إثبات بدء شهر رمضان وانتهائه. كما أفتى بتحريم »جرائم الشرف« وتحريم ختان اإلناث. وق�د ول�د فضل الله ف�ي 1935 في النج�ف في العراق حي�ث درس العل�وم الدينية. ع�اد إلى لبنان العام 1966، فأس�س حوزة المعهد الش�رعي اإلس�المي الذي تخرج من�ه كثير م�ن العلماء البارزين. وعلى م�دى أكثر من أربعين عاما، ش�كل فضل الله مرجعية بارزة في المذهب الش�يعي وله مقلدون في لبنان وخارجه. ونشر بيان أمس على موقع »بينات« اإللكتروني الذي يديره مكتب فضل الله، أكد جواز االس�تمرار ف�ي تقليد المرجع الش�يعي الراحل.وجاء ف�ي البيان »يجوز ش�رعا البقاء على تقليد حة بجواز س�ماحته، وذلك باالعتماد على فتوى جملة م�ن المراجع األحياء المصرالبقاء على تقليد الميت. وبناء على ذلك، سيستمر مكتب سماحة المرجع المقدس

باإلجابة عن استفتاءاتكم الواردة إلينا بناء على رأي سماحته.


106

مئات اآلالف يشيعونالعلمة فضل الله في لبنان

الرأي )األردن(7 تموز 2010

س�ار مئات اآلالف من األش�خاص في موكب تش�ييع المرجع الش�يعي العالمة محمد حس�ين فضل الله الثالثاء في الضاحية الجنوبي�ة لبيروت حيث ووري الثرى

وسط حداد وإقفال عام في البالد أعلنته الحكومة اللبنانية.

وبدأ المش�يعون بالتجمع باكرا في أحياء الضاحية الجنوبية، وانطلقوا في مس�يرة وراء النعش من أمام منزله في حارة حريك، وجابوا شوارع الضاحية الجنوبية ألكثر من س�اعتين قبل الوصول إلى مسجد اإلمامين الحسنين)ع( حيث أقيمت الصالة و

ووري الثرى.

وتوق�ف موك�ب التش�ييع في محط�ات عدة بينه�ا منطقة بئر العب�د حيث تعرض العالمة الراحل لمحاولة اغتيال العام 1985 أودت بحياة ثمانين شخصا.

ووضع�ت عمامة فضل الله على النعش الذي حمله أنصاره ومحبوه وس�ط غابة م�ن البش�ر وتدافع وطقس ح�ار للغاية. وح�اول العديدون لمس النع�ش الذي كان

يتقدم بصعوبة.

وذرفت النس�اء اللواتي لبسن بغالبيتهن األسود، الدموع بغزارة، فيما أغمي على بعض المش�اركين، وعمد عدد من س�كان األبنية المحيطة بالموكب إلى رش المياه

على رؤوس المشيعين.


107

وارتفع�ت أص�وات تس�جيالت أدعي�ة وخط�ب بص�وت العالمة الراح�ل، فيما علقت في الش�وارع الفتات ضخمة مع صور لفضل الله كتب عليها »إنا لله وإنا إليه

راجعون« و»أستودعكم الله«.

ورفعت األعالم السوداء وصور المرجع الشيعي في كل المنطقة.

وش�اركت وفود عربية وإسالمية في تش�ييع المرجع العالمة. وقدم التعازي وفد إيراني يترأس�ه رئيس مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي، ووفد من وزارة األوقاف

السورية، إضافة إلى نجل أمير قطر الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني.

وتولى عناصر »االنضباط« في حزب الله بلباس�هم األسود وقبعات تحمل صور فض�ل الل�ه تنظيم الم�رور ومواكبة الجموع في معقل الحزب الش�يعي، بينما انتش�ر

عناصر القوى األمنية بكثافة عند مداخل الضاحية.

وأعلن رئيس الوزراء اللبناني س�عد الحريري الحداد الرسمي أمس الثالثاء على المرجع الشيعي، بحيث تغلق اإلدارات والمؤسسات العامة والجامعات والمدارس الرس�مية والخاصة مع تنكي�س األعالم لمدة ثالثة أيام. وأقفل�ت المحال التجارية

والمؤسسات الرسمية وشلت الحركة في عدد من المناطق.

وتوف�ي فضل الله األحد عن خمس�ة وس�بعين عاما نتيجة إصابت�ه بنزيف داخلي . حاد

وكان فضل الله »المرشد الروحي« لحزب الله في بداية تأسيسه في الثمانينيات، قبل أن يحصل تباعد بين الجانبين بسبب تباينات في وجهات النظر حول المرجعية الدينية، اذ سعى فضل الله إلى تأسيس مرجعية مستقلة للحزب الشيعي، في حين أن

األخير يعتبر »والية الفقيه« من صلب عقيدته.

ومنذ ذلك الوقت بقي اس�م فضل الله مدرجا على الالئحة األميركية لإلرهابيين العالميين.

وقد اتهمته الواليات المتحدة في الماضي بالتورط في خطف الرهائن األجانب


108

في لبنان خالل الحرب األهلية )1975�1990(. وبحس�ب مصادر أخرى، كان يلعب

دور »الوسيط« في قضايا الرهائن.

وكان فضل الله من أشد مناهضي سياسة الواليات المتحدة في الشرق األوسط،

إال أن ذلك لم يمنعه من إدانة اعتداءات 11 أيلول 2001.

وق�د ش�رع العالمة الش�يعي »العمليات االستش�هادية في لبن�ان لدحر االحتالل

الصهيوني، وفي فلسطين إلسقاط األمن الصهيوني«.

وق�د عرف فضل الل�ه بانفتاحه على العصر وتطور العلم في فتاواه، مع تمس�كه

بأصول الدين.

وأفت�ى باعتماد علم الفلك واألرصاد في إثبات بدء ش�هر رمض�ان وانتهائه. كما

أفتى بتحريم »جرائم الشرف« وتحريم ختان اإلناث.

ولد محمد حسين فضل الله في 1935 في النجف في العراق حيث درس العلوم

الدينية. عاد إلى لبنان العام 1966، فأسس حوزة »المعهد الشرعي اإلسالمي« الذي

تخرج منه كثير من العلماء البارزين.

وعل�ى م�دى أكثر من أربعين عاما، ش�كل فضل الله مرجعية ب�ارزة في المذهب

الشيعي وله مقلدون في لبنان وخارجه.


109

مئات اآلالف شيعوا الراحل بمشاركة وفود عربيةلبنان الرسمي والشعبي يودع العلمة فضل الله

الخليج )اإلمارات(7 تموز 2010

بيروت � »الخليج«

سار مئات اآلالف أمس، في موكب تشييع المرجع الديني اللبناني العالمة محمد حس�ين فضل الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وس�ط حداد وإقفال عام في البالد أعلنته الحكومة، وحضور ممثلين للرؤس�اء الثالثة ولرؤساء الطوائف الدينية وعدد

من الوزراء والنواب والمسؤولين.

وجاب موكب التشييع شوارع الضاحية بعدما انطلق من أمام منزل العالمة فضل الله في حارة حريك، وس�ط انتش�ار صور له في الشوارع، وتس�جيالت تبث مواقفه وخطبه حول المقاومة وفلسطين والوحدة اإلسالمية. كما قرعت أجراس كنيسة مار يوس�ف في حارة حريك، ووضعت عمامة العالمة الراحل على النعش الذي حمله

أنصاره ومحبوه، وحاول كثر لمس النعش الذي كان يتقدم بصعوبة.

وبعدم�ا ج�اب الموك�ب أحي�اء الضاحي�ة الجنوبي�ة، ع�اد إلى مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( حي�ث ووري العالم�ة الراحل الث�رى، بعدما صلى عليه أخوه الس�يد

محمد علي فضل الله.

وتول�ى عناص�ر »االنضب�اط« في »حزب الله« بلباس�هم األس�ود وقبعات تحمل


110

ص�ور العالم�ة، تنظيم الم�رور ومواكبة الجموع، بينما انتش�رت عناص�ر من القوى األمنية بكثافة عند مداخل الضاحية.

وشارك رئيس »اللقاء الديمقراطي« النائب وليد جنبالط ونجله تيمور على رأس وفد في الموكب، وقال إن وفاة فضل الله خسارة كبيرة للعالمين العربي واإلسالمي، إذ كان متقدم�ا ف�ي أفكاره واجتهادات�ه وكان يريد إخراج الس�يرة النبوية من التقوقع

والتصلب والتطرف ونجح في ذلك، كما كان رجل انفتاح وحوار.

كم�ا ش�ارك وفد رفيع من المس�ؤولين ف�ي الجمهورية اإلس�المية اإليرانية يضم أمين مجلس صيانة الدس�تور اإليراني آية الله أحم�د جنتي، ونائب الرئيس اإليراني مس�عود زريبافان ورئيس مؤسس�ة الش�هيد اإليرانية، وع�دد من الن�واب اإليرانيين، وشارك ممثال لدولة قطر نجل أمير قطر جوعان بن حمد آل ثاني، كما شارك وفد من مجلس األمة الكويتي ووفد من وزارة األوقاف السورية ووفد ديني بحريني، وأوفد العاه�ل البحرين�ي الملك حمد بن عيس�ى آل خليفة مستش�اره للش�ؤون التش�ريعية محم�د علي بن الش�يخ منصور الس�تري، كم�ا وصل إلى بي�روت وفد عراق�ي كبير يضم 110 أش�خاص بينهم علي األديب كبير مستش�اري رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ووزراء ونواب ورجال دين، إضافة إلى مشاركة واسعة من مختلف الدول

في العالمين العربي واإلسالمي ودول أخرى.

وتواف�د عش�رات آالف اللبنانيي�ن من مختل�ف المناطق منذ الصباح للمش�اركة في التش�ييع، في وقت خيمت أجواء الحزن واألس�ى على مناطق الضاحية وبعلبك الهرمل والجنوب والبقاع األوس�ط حدادا على رحي�ل العالمة، وأقفلت المحالت التجاري�ة والمؤسس�ات الرس�مية وش�لت الحركة تماما ونكس�ت األع�الم اللبنانية فوق المؤسس�ات، ورفعت الرايات السود على سطوح بعض المنازل والمؤسسات الديني�ة، وصدحت أصوات القرآن فيما أرجئت االمتحانات الرس�مية إلى الجمعة.

وشاركت وفود من محبي العالمة من مختلف المناطق.


111

مئات آالف اللبنانيينيشاركون في تشييع العلمة فضل الله

الجريدة )الكويت(7 تموز 2010

بيروت � الجريدة

ودع لبنان أمس العالمة المرجع محمد حس�ين فضل الله في حضور حش�ود من المواطني�ن، من مختلف المناطق، ضاقت بهم ش�وارع الضاحي�ة الجنوبية لبيروت،

. وسط إقفال رسمي عام

ش�يع اللبناني�ون أم�س العالم�ة محمد حس�ين فض�ل الل�ه، في ضاحي�ة بيروت الجنوبية، حيث صلي على جثمانه في مسجد اإلمامين الحسنين)ع(، قبل أن يوارى في الثرى بباحة المسجد، وسط كثافة بشرية ضخمة، إذ وصل الموكب إلى مشارف

المثوى األخير في حين كان الحشد اليزال متصال بمكان االنطالق.

وجال موكب التشييع في الشوارع الداخلية للضاحية، بعد انطالقه من أمام منزله ف�ي حارة حريك، بينما انتش�رت صور الس�يد فض�ل الله وبثت تس�جيالت لمواقفه وخطبه عن المقاومة وفلس�طين والوحدة اإلس�المية، على وقع قرع أجراس كنيس�ة مار يوس�ف في حارة حريك. وكان مئات اآلالف من اللبنانيين توافدوا من مختلف المناطق اللبنانية منذ الصباح للمش�اركة في التش�ييع، إضافة إلى حش�د من الوزراء والن�واب اللبنانيي�ن، م�ن أبرزهم رئيس اللق�اء الديمقراطي الذي مش�ى برفقة نجله

تيمور وعدد من نوابه في الموكب سيرا على األقدام.


112

وش�ارك في التش�ييع وفد رفيع المس�توى من المس�ؤولين اإليرانيين، ضم أمين مجلس صيانة الدستور اإليراني آية الله أحمد جنتي ونائب الرئيس اإليراني مسعود زريبافان ورئيس مؤسس�ة الش�هيد اإليرانية، وعدد من النواب اإليرانيين. كما شارك

وفد عراقي كبير، ضم وزراء ونوابا ورجال دين.


113

مئات اآلالف يشيعون فضل الله في بيروت

البيان )اإلمارات(7 تموز 2010

ش�يع مئات اآلالف أمس، في ضاحية بيروت الجنوبية، جثمان المرجع الشيعي اللبنان�ي الب�ارز، محمد حس�ين فضل الل�ه، الذي توف�ي األحد عن 75 عاما. وس�ار عش�رات اآلالف من األش�خاص في موكب التش�ييع الذي بدأت مراسمه عند ظهر أمس، وس�لك موكب التش�ييع عددا من ش�وارع الضاحية الجنوبية قبل أن يصل إلى مسجد اإلمامين الحسنين)ع(، حيث أقيمت الصالة، قبل أن يوارى الثرى في صحن

المسجد.

وش�ارك في المس�يرة عشرات اآلالف من األش�خاص الذين بدأوا التجمع باكرا في أحياء الضاحية، ورفعت األعالم الس�ود وصور المرجع الش�يعي في كل مكان،

كما انتشرت صوره على السيارات.

وش�اركت حشود كبيرة من الرجال والنساء في التشييع، كما شاركت في التشييع ش�خصيات رس�مية وحزبي�ة إلى جانب وفود م�ن إيران وعدة بل�دان عربية، وحمل مش�اركون في التش�ييع أعالما س�ودا إلى جانب صور الراحل، فيما أطلقت هتافات

من بينها »الموت ألميركا«، و»الموت إلسرائيل«.

وأعل�ن رئي�س ال�وزراء اللبنان�ي س�عد الحري�ري الح�داد الرس�مي، إذ أغلقت اإلدارات والمؤسس�ات العامة والجامعات والمدارس الرسمية والخاصة أمس، مع

تنكيس األعالم لمدة ثالثة أيام.


114

مئات اآلالف شاركوا والد األيتام والفقراء رحلة الوداع األخيرالعلمة فضل الله يودع لبنان بجنازة مهيبة وحداد وإقفال عام

البلد برس )البحرين(7 تموز 2010

س�ار مئات اآلالف من األش�خاص في موكب تش�ييع المرجع الش�يعي العالمة محمد حس�ين فضل الله أم�س الثالثاء في الضاحية الجنوبي�ة لبيروت حيث ووري الثرى وس�ط حداد وإقفال ع�ام في البالد أعلنته الحكومة اللبنانية. وبدأ المش�يعون بالتجم�ع باكرا في أحي�اء الضاحية الجنوبي�ة، وانطلقوا في مس�يرة وراء النعش عند الس�اعة 13:30 من أم�ام منزله في حارة حريك، وجابوا ش�وارع الضاحي�ة الجنوبية ألكث�ر من س�اعتين قبل الوص�ول إلى مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( حيث أقيمت

الصالة و ووري الثرى.

وتوقف موكب التشييع في محطات عدة بينها منطقة بئر العبد حيث تعرض العالمة الراحل لمحاولة اغتيال العام 1985 أودت بحياة 80 شخصا. ووضعت عمامة فضل الل�ه على النعش الذي حمله أنصاره ومحبوه وس�ط غابة من البش�ر وتدافع وطقس حار للغاية. وحاول العديدون لمس النعش الذي كان يتقدم بصعوبة، وسط هتافات »لبيك يا حس�ين« و»ال إله إال الله والسيد حبيب الله«. وذرفت النساء اللواتي لبسن بغالبيتهن األس�ود، الدم�وع بغزارة، فيما أغمي على بعض المش�اركين، وعمد عدد

من سكان األبنية المحيطة بالموكب إلى رش المياه على رؤوس المشيعين.

وارتفع�ت أص�وات تس�جيالت أدعي�ة وخط�ب بص�وت العالمة الراح�ل، فيما


115

علقت في الش�وارع الفتات ضخمة مع صور لفضل الله كتب عليها »إنا لله وإنا إليه راجعون« و»أس�تودعكم الله«. ورفعت األعالم السوداء وصور المرجع الشيعي في

كل المنطقة.



وكان فضل الله »المرشد الروحي« لحزب الله في بداية تأسيسه في الثمانينيات، قبل أن يحصل تباعد بين الجانبين بسبب تباينات في وجهات النظر حول المرجعية الدينية، إذ س�عى فضل الله إلى تأس�يس مرجعية مس�تقلة للحزب الشيعي، في حين أن األخير يعتبر »والية الفقيه« من صلب عقيدته. ومنذ ذلك الوقت بقي اس�م فضل الله مدرجا على الالئحة األميركية لإلرهابيين العالميي�ن. وك�ان فضل الله من أشد مناهضي سياس�ة الواليات المتحدة في الش�رق األوس�ط، إال أن ذلك لم يمنعه من إدانة اعتداءات 11 سبتمبر 2001. وقد شرع العالمة الشيعي »العمليات االستشهادية في لبنان لدحر االحتالل الصهيوني، وفي فلسطين إلسقاط األمن الصهيوني«. وقد ع�رف فضل الل�ه بانفتاحه على العصر وتط�ور العلم في فتاواه، مع تمس�كه بأصول

الدين.

وأفت�ى باعتماد علم الفلك واألرصاد في إثبات بدء ش�هر رمض�ان وانتهائه. كما أفتى بتحريم »جرائم الشرف« وتحريم ختان اإلناث.

ولد محمد حسين فضل الله في 1935 في النجف في العراق حيث درس العلوم الدينية. عاد إلى لبنان العام 1966، فأسس حوزة »المعهد الشرعي اإلسالمي« الذي تخرج منه كثير من العلماء البارزين. وعلى مدى أكثر من أربعين عاما، ش�كل فضل

الله مرجعية بارزة في المذهب الشيعي وله مقلدون في لبنان وخارجه.


116

مئات اآلالف يشيعونالعلمة محمد حسين فضل الله في بيروت

األيام )فلسطين(7 تموز 2010

س�ار مئات اآلالف من األش�خاص في موكب تش�ييع المرجع الش�يعي العالمة محم�د حس�ين فضل الله أم�س في الضاحي�ة الجنوبية لبيروت حي�ث ووري الثرى

وسط حداد وإقفال عام في البالد أعلنته الحكومة اللبنانية.

وبدأ المش�يعون بالتجمع باكرا في أحياء الضاحية الجنوبية، وانطلقوا في مس�يرة وراء النعش من أمام منزله في حارة حريك، وجابوا شوارع الضاحية الجنوبية ألكثر من س�اعتين قبل الوصول إلى مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( حيث أقيمت الصالة


وتوق�ف موك�ب التش�ييع في محط�ات عدة بينه�ا منطقة بئر العب�د حيث تعرض العالمة الراحل لمحاولة اغتيال العام 1985 أودت بحياة ثمانين شخصا.

ووضع�ت عمامة فضل الله على النعش الذي حمله أنصاره ومحبوه وس�ط غابة م�ن البش�ر وتدافع وطقس ح�ار للغاية. وح�اول العديدون لمس النع�ش الذي كان يتقدم بصعوبة، وسط هتافات »لبيك يا حسين« و»ال إله إال الله والسيد حبيب الله«.

وذرفت النس�اء اللواتي لبسن بغالبيتهن األسود، الدموع بغزارة، فيما أغمي على بعض المش�اركين، وعمد عدد من س�كان األبنية المحيطة بالموكب إلى رش المياه

على رؤوس المشيعين.


117

وارتفع�ت أص�وات تس�جيالت أدعي�ة وخط�ب بص�وت العالمة الراح�ل، فيما علقت في الش�وارع الفتات ضخمة مع صور لفضل الله كتب عليها »إنا لله وإنا إليه

راجعون« و»أستودعكم الله«.

ورفعت األعالم السوداء وصور المرجع الشيعي في كل المنطقة.


السورية، إضافة إلى نجل امير قطر الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني.

وقالت فاطمة مش�يمش )20 عاما( لوكالة فرانس برس إنها درس�ت في مدرس�ة تابعة لجمعية المبرات الخيرية التي أسسها فضل الله والتي تعنى باليتامى، وأضافت

»فقدت والدي وأنا في الثالثة، وتحجبت لدى السيد فضل الله وأنا في الثامنة«.

وأضافت »عندما سمعت بوفاته، قلت في نفسي لقد توفي أبي«.

وقال�ت زهراء عميش )65 عاما( التي كانت تس�ير مس�تعينة بع�كاز »لقد كان أخا وأب�ا وصديق�ا لنا«، مضيف�ة وهي تذرف الدم�وع »لقد مات والد اليتي�م، مات الذي

يساعد الفقراء«.

وأضافت إنها كانت تراه في صالة الجمعة كل أسبوع و»أحيانا عندما ينتهي يأتي ليجلس معنا ونتحدث«.



وق�ال حس�ن فقيه )55 عام�ا( الذي قدم م�ع زوجته من النبطي�ة )جنوب( »جئت محبة بالس�يد ال�ذي كان يعني لنا الكثي�ر، خصوصا أنه كان المؤي�د األول للمقاومة

اإلسالمية. هو الذي أطلق فكرة المقاومة والفكر المقاوم«.

وقال�ت زوجت�ه أمال رمال )44 عاما( »إنني أقلد الس�يد منذ عش�رين س�نة. غيابه


118

خسارة للعالم العربي ولبنان والمجتمع الشيعي خصوصا«.

ورأى س�مير )38 عام�ا( الذي قدم من مدينة صيدا الجنوبي�ة، أن فضل الله يمثل »مدرسة متحررة ال تغلب طرفا على آخر«.

وتابع »خطاباته تتحدث عن حبه للمقاومة والمقاومين، فهو باني هذه المدرس�ة الفكرية الجهادية«.

. وأقفلت المح�ال التجارية وأعل�ن مجلس الوزراء ي�وم أمس يوم ح�داد وطنيوالمؤسسات الرسمية وشلت الحركة في عدد من المناطق.

وتوف�ي فضل الله األحد عن خمس�ة وس�بعين عاما نتيجة إصابت�ه بنزيف داخلي . حاد

وكان فضل الله »المرشد الروحي« لحزب الله في بداية تأسيسه في الثمانينيات، قبل أن يحصل تباعد بين الجانبين بسبب تباينات في وجهات النظر حول المرجعية الدينية، إذ سعى فضل الله إلى تأسيس مرجعية مستقلة للحزب الشيعي، في حين أن

األخير يعتبر »والية الفقيه« من صلب عقيدته.

ومنذ ذلك الوقت بقي اس�م فضل الله مدرجا على الالئحة األميركية لإلرهابيين العالميين.

وقد اتهمته الواليات المتحدة في الماضي بالتورط في خطف الرهائن األجانب في لبنان خالل الحرب األهلية. وبحسب مصادر أخرى، كان يلعب دور »الوسيط«

في قضايا الرهائن.

وكان فضل الله من أشد مناهضي سياسة الواليات المتحدة في الشرق األوسط، إال أن ذلك لم يمنعه من إدانة اعتداءات 11 ايلول 2001.

وق�د ش�رع العالمة الش�يعي »العمليات االستش�هادية في لبن�ان لدحر االحتالل الصهيوني، وفي فلسطين إلسقاط األمن الصهيوني«.


119

وق�د ع�رف فضل الله بانفتاحه عل�ى العصر وتطور العلم في فتاواه، مع تمس�كه بأصول الدين.

وأفت�ى باعتماد علم الفلك واألرصاد في إثبات بدء ش�هر رمض�ان وانتهائه. كما أفتى بتحريم »جرائم الشرف« وتحريم ختان اإلناث.

ولد محمد حسين فضل الله في 1935 في النجف في العراق حيث درس العلوم الدينية. عاد إلى لبنان العام 1966، فأسس حوزة »المعهد الشرعي اإلسالمي« الذي

تخرج منه كثير من العلماء البارزين.

وعل�ى م�دى أكثر من أربعين عاما، ش�كل فضل الله مرجعية ب�ارزة في المذهب الشيعي وله مقلدون في لبنان وخارجه.


120

لبنان يودع اليوم فضل الله بمأتم رسمي وشعبي في الضاحية الجنوبية»سيد الكلم« يستريح في مسجد الحسنين... بـ صمت

الرأي )الكويت(6 تموز 2010

بيروت � »الرأي«

لن يكون المش�هد اليوم عاديا في مسجد اإلمامين الحسنين)ع( في حارة حريك )الضاحية الجنوبية لبيروت(. فالمرجع الش�يعي العالمة الس�يد محمد حسين فضل الل�ه ال�ذي تعود أن يؤم المصلي�ن كل يوم جمعة وفي األعياد ف�ي هذا الجامع الذي كان له الفضل األكبر في إنشائه )العام 1996( واستمراره، سيدخله هذه المرة جثمانا ى الصالة عليه قبل أن يوارى في صحن المس�جد، تاركا وراءه »تاريخا« طاه�را تؤدمن حركة فكرية إس�المية لم تهدأ، صار خاللها رمزا ل� »اإلس�الم المتنور«، وداعية للوح�دة اإلس�المية، والعالم في الدي�ن »المتصالح« مع العل�م والمتميز باجتهاداته

ومنهجه في قراءة النص القرآني.

الي�وم، يمش�ي »كل لبنان« خلف »س�يد ال�كالم« الذي تمكن بفض�ل الله وعقله المتن�ور وعلم�ه من أن يكون أح�د أهم المراجع ل�دى الطائفة الش�يعية في الداخل اللبنان�ي والعال�م، وال�ذي »س�كت« قلبه ع�ن 75 عاما نج�ح خاللها ف�ي أن يتحول »مدرسة للحوار« مع اآلخر وإزالة »الشمع األحمر« عن »المسكوت عنه« في الدين.

الي�وم، س�تحتضن الضاحي�ة الجنوبية لبي�روت، معق�ل »حزب الل�ه« الذي كان الراح�ل مرش�ده الروحي ف�ي بداياته وحتى منتصف التس�عينيات، بح�را من الناس


121

الذين س�يزحفون ل�وداع العالمة الذي ترك فكره »وديعة« لمحبيه، وس�ط حداد عام أعلن�ه رئيس الحكومة س�عد الحريري بحي�ث تقفل اإلدارات العامة والمؤسس�ات العامة والبلديات وكذلك الجامعات والمدارس الرس�مية والخاصة مواكبة للتشييع �س األعالم على اإلدارات العامة والمؤسس�ات العام�ة والبلديات لمدة ثالثة وتنكل أيضا البرامج العادية في محط�ات اإلذاعة والتلفزيون بما يتوافق أي�ام على أن تعد

مع »المناسبة األليمة«.

وفيم�ا س�تتحول الضاحي�ة الجنوبي�ة، حي�ث كان فض�ل الل�ه يس�كن، ثكن�ة من إجراءات أمنية مش�ددة، تتجه األنظار إلى الشخصيات اللبنانية والعربية واإلسالمية التي ستشارك في التشييع الرسمي والشعبي في مسجد الحسنين الذي يتسع لنحو 10 ع مشاركة رئاسية لبنانية، ولممثلي وقادة حركات إسالمية آالف ش�خص، وسط توقمقاوم�ة، إلى جانب »طوفان« بش�ري س�� »يحرس« الجثمان ف�ي جولته األخيرة في

شوارع المنطقة التي أحب الراحل ترابها وناسها حتى... الرمق األخير.

وكان الرئيس ميش�ال س�ليمان قام مس�اء أول من أمس بزيارة تعزية لعائلة فضل الله في مسجد اإلمامين الحسنين)ع(، فيما برزت زيارة األمين العام ل� »حزب الله« الس�يد حس�ن نصر الله لمستش�فى بهمن، حيث قدم تعازي الحزب ومواساته وأكد »الوقوف إلى جانب عائلة الراحل الكبير في هذا المصاب الجلل«، كما قرأ الفاتحة

على الجثمان الطاهر.

في موازاة ذلك، استمرت بيانات نعي العالمة الراحل وسط إعالن حوزة النجف تعليق الدروس لثالثة أيام حدادا على فضل الله الذي ولد في النجف العام 1935.

وأص�در مفت�ي الجمهورية اللبنانية الش�يخ محمد رش�يد قباني ق�رارا بإقفال دار الفت�وى والمديري�ة العام�ة لألوق�اف اإلس�المية والمؤسس�ات واإلدارات التابع�ة لهم�ا في بيروت والمناطق اليوم حدادا، كما أج�رى اتصاالت تعزية بكل من رئيس البرلم�ان نبيه ب�ري واألمين العام ل� »حزب الله« ونائب رئيس المجلس اإلس�المي

الشيعي األعلى الشيخ عبد األمير قبالن وأسرة الفقيد.


122

تشييع مهيب للسيد فضل الله

السومرية )العراق(6 تموز 2010

س�ار عش�رات اآلالف من األش�خاص في موكب تش�ييع مهيب لس�ماحة السيد محمد حس�ين فضل الله في الضاحية الجنوبية لبيروت وس�ط حداد وإقفال عام في

البالد أعلنته الحكومة اللبنانية.

المش�يعون بدأوا بالتجمع باكرا في أحياء الضاحية الجنوبية وانطلقوا في مس�يرة وراء النعش من أمام منزله في حارة حريك وجابوا ش�وارع الضاحية الجنوبية ألكثر من س�اعتين قبل الوصول إلى مسجد اإلمامين الحسنين)ع( حيث أقيمت الصالة و


وتوق�ف موك�ب التش�ييع في محط�ات عدة بينه�ا منطقة بئر العب�د حيث تعرض العالمة الراحل لمحاولة اغتيال عام 1985 أودت بحياة ثمانين شخصا.

ووضع�ت عمامة فضل الله على النعش الذي حمله أنصاره ومحبوه وس�ط غابة م�ن البش�ر وتدافع وطقس ح�ار للغاية. وح�اول العديدون لمس النع�ش الذي كان

يتقدم بصعوبة وسط الهتافات.

وذرفت النس�اء اللواتي لبس�ن بغالبيتهن األس�ود الدموع بغزارة فيما أغمي على بع�ض المش�اركين وارتفع�ت أصوات تس�جيالت أدعي�ة وخطب بص�وت العالمة

الراحل.

وش�اركت وفود عربية وإس�المية في تش�ييع المرجع العالم�ة، أكبرها كان الوفد


123

العراق�ي الذي ضم مستش�ارين لرئيس الحكومة نوري المالك�ي وأعضاء من ديوان الوقف الش�يعي في حي�ن أقام العديد من األح�زاب الدينية في بغ�داد مجالس عزاء

لتأبين الفقيد بحضور قيادات سياسية عراقية بارزة.

إلى ذل�ك، توالت برقيات التعزي�ة العربية والدولية منوهة بمزاي�ا الراحل أبرزها رسائل من رئيس الحكومة نوري المالكي ورئيس الجمهورية جالل طالباني ونائب رئي�س الجمهورية عادل عب�د المهدي وزعيم التيار الصدري الس�يد مقتدى الصدر

وغيرهم من القيادات.


124

رائد المرجعية الشيعية وفقيه االعتداللبنان يودع العالم الكبير السيد محمد حسين فضل الله إلى مثواه األخير

العرب اليوم ـ األردن6 تموز 2010

زهرة بدران

»أستودعكم الله«.. بهذه العبارة ودع العالمة المرجع السيد محمد حسين فضل الل�ه محبي�ه قبل رحلته األخيرة الت�ي بدأت من منزله في حارة حريك. ووس�ط بحر م�ن البش�ر انطل�ق النعش محموال على األكف تزينه عمامة الس�يد الس�وداء. وش�ق المش�يعون درب الس�يد نح�و مثواه األخي�ر عبر الش�ارع العريض في ح�ارة حريك باتجاه بئر العبد وس�ط أجواء الحزن واألس�ى، حمل المش�يعون، الرايات الس�وداء

وصور الراحل الكبير الذي مأل الفضاء علما وعمال.

المحط�ة األول�ى للنعش كانت أمام مس�جد اإلم�ام الرضا الذي ش�هد بداياته.. ومن�ه إلى مكان االنفجار الذي حاول اس�تهدافه في العام خمس�ة وثمانين...وهناك توقف الموكب فكانت النظرة األخيرة على هذا المكان قبل أن يس�تكمل المشيعون طريقهم باتجاه المشرفية. ووسط الهتافات، تابع الموكب المسير من الغبيري باتجاه مس�تديرة المطار، ومنها باتجاه المجلس اإلسالمي الشيعي األعلى. وأخيرا، وصل الجثمان إلى المكان األحب على قلب الس�يد، إلى مس�جد اإلمامين الحسنين)ع(. وهناك كان المش�هد مختلفا.. الس�يد فضل الله في حضرة الموت. وفي اللحظات األخي�رة، وكان، في وداع�ه أتباعه ومحبوه غصت عيونهم بدموع الغياب واألس�ى،


125

وحضروا من كافة المناطق اللبنانية والدول العربية واإلس�المية. وشارك وفد إيراني رفيع المس�توى بمراس�م التش�ييع يضم أمي�ن مجلس صيان�ة الدس�تور اإليراني آية الله أحمد جنتي ونائب الرئيس اإليراني مس�عود زريبافان ورئيس مؤسس�ة الش�هيد اإليرانية باإلضافة إلى عدد من النواب اإليرانيين. كما ش�ارك وفد عراقي كبير يضم وزراء ونواب�ا ورجال دين.رحل الس�يد فض�ل الله إلى مثواه األخي�ر بمحبة وهدوء وصمت، بعد أن أقيمت مراس�م الصالة على جثمانه و ووري الس�يد في الثرى في صحن المس�جد، تبعا لوصيته. وعلقت رايات الحداد وصور الس�يد فضل الله أمام المس�اجد، وعلى ش�رفات المن�ازل في جميع الطرق�ات وأحياء الضاحي�ة الجنوبية وبعض المناطق، ال س�يما في الجنوب والبقاع وبعض أحياء العاصمة، وفاء للس�يد

فضل الله، وأطلقت المآذن اآليات القرآنية تحية للرجل الكبير.

ولد الس�يد فضل الله عام 1935 في العراق، وبدأ دراس�ته للعلوم الدينية في س�ن مبكرة جدا، ثم أصبح أستاذا للفقه واألصول في الحوزة العلمية الكبرى في النجف.ع�اد إل�ى لبنان العام 1966. وارتبط اس�مه بحزب الله وكان المرش�د الروحي له في بداية تأسيس�ه ف�ي الثمانينيات، قب�ل أن يحصل تباع�د بين الجانبين بس�بب تباينات ف�ي وجهات النظر حول المرجعية الدينية. إذ س�عى فضل الله إلى تأس�يس مرجعية مس�تقلة للحزب الش�يعي ال�ذي تدخل »والية الفقي�ه« في صلب عقيدت�ه. وأصيب فضل الله خالل األش�هر األخيرة بسلس�لة أزمات صحية أدخلته المستش�فى. وكان أدخل مستشفى في بيروت قبل أسبوع في مراجعة عادية. إال أنه أصيب فجر الجمعة بنزي�ف داخلي حاد تس�بب بوفاته األحد عن خمس�ة و س�بعين عام�ا. وأرخت وفاة العالمة الس�يد فضل الله بظاللها على كل الملفات السياس�ية اللبنانية، لما يعنيه هذا

العالم بالنسبة إلى اللبنانيين بجميع طوائفهم.

وأعلن في لبنان الحداد الرسمي )الثالثاء(، حيث أقفلت اإلدارات والمؤسسات العام�ة والبلدي�ات وكذلك الجامعات والمدارس الرس�مية والخاص�ة كافة في يوم التش�ييع الرس�مي للفقي�د الكبير.ونكس�ت األع�الم ف�وق اإلدارات والمؤسس�ات


126

العام�ة والبلديات لمدة ثالث�ة أيام. وعدلت البرامج العادية بما يتوافق مع المناس�بة األليمة. ويعتبر السيد الراحل، رجل االنفتاح والحوار وقد عمل طوال مسيرته على إرس�اء الحوار اإلس�المي المس�يحي، ومن أقواله المهمة في هذا الش�أن: »أنا كنت من�ذ أكثر من خمس�ين س�نة أدعو إلى اإلس�الم الحضاري الذي ينفت�ح على الحوار م�ع الحضارات األخ�رى بما فيها الحضارة المس�يحية والحض�ارة الغربية ولم أكن أعني أبدا اإلس�الم السياس�ي بالمعنى المعلب، كما أنني لم أشجع أي فهم متخلف

لإلسالم«.

كان الس�يد فض�ل الله يقرأ الداخ�ل اللبناني بطريقة مختلفة ع�ن اآلخرين ويعتبر أن السياس�يين اللبنانيي�ن يتحدثون ع�ن الحوار لكنهم ال يعيش�ون ذهنية الحوار وال يريدون أن يتفقوا فيما بينهم، وأن كل طرف منهم يحاول أن يصنع لبنان على صورته مشيرا إلى أن الصورة الحقيقية للبنان هي اإلنسان الذي يبحث عن حرية منفتحة على إنسانيته وقضية عادلة ينفتح من خاللها على اإلنسان اآلخر في محيطه وفي العالم.. وعندما كان يسأل عن الشارع اللبناني كان يجيب: »إني في كثير من الحاالت حينما أسمع عن هؤالءالشباب، سواء في الشارع المسيحي أو في الشارع اإلسالمي، وهو يهت�ف بحق�د وتعصب، فإن قلبي يبك�ي على هذا الكره الذي يحركه«. ودعا الس�يد فضل الله اللبنانيين مرارا إلى أن يأخذوا بأسباب الحوار حتى في القضايا التي تمثل مس�توى القمة في القس�وة معتبرا أن الجو الح�ار في خطابات السياس�يين اللبنانيين فيه الكثير من إثارة الحساس�يات التي قد تس�تعيد التاريخ ف�ي نظرة كل فريق للفريق

اآلخر.

كان الس�يد فضل الله يعلن دائما عن عدم ثقته بالسياس�ات األميركية في المنطقة القائم�ة عل�ى المصالح فقط معترف�ا بأنه من الصعب إخراج لبن�ان من المأزق الذي يعي�ش في�ه ما لم تحل بعض القضاي�ا الدولية المرتبطة بالواق�ع اإلقليمي ألن أميركا تتص�رف برأي�ه من خالل مصلحة السياس�ة اإلس�رائيلية ف�ي تطويق س�وريا ولبنان.وكان ي�رى أن�ه على الرغم من حديث الرئيس األميركي ع�ن الحرية والديموقراطية


127

والس�الم، فإن المس�ألة لدى أميركا هي إس�رائيل أوال، في كل األوضاع التي يمكن أن تتح�رك ف�ي المنطقة. وه�ذا ما الحظناه عندم�ا انطلق الق�رار 1559 ليتحدث عن انسحاب الجيش السوري من لبنان باإلضافة إلى نزع سالح المقاومة والمخيمات، ف�ي الوقت ال�ذي يعرف فيه بأن كل واحدة من هذه تخلق حال�ة اهتزاز في لبنان، قد يختلف اللبنانيون أو قد ينقس�مون حوله. وقد خرجت حركات المقاومة اإلسالمية والوطني�ة م�ن عباءة الس�يد الجليل، ودعا دائما إل�ى مقاومة إس�رائيل، التي لم توفر منزل�ه م�ن التدمير، وكانت آخر كلماته قبل أن يتوفاه الله: »ال لن أرتاح.. حتى تزول

إسرائيل من الوجود«.

أم�ا العالق�ات بين ال�دول العربية واإلس�المية فكان الس�يد فضل الل�ه يرى فيها عالق�ات يج�ب أن تقوم على تقريب وجه�ات النظر واالنفتاح عل�ى اآلخر وتقديم المس�اعدة على المس�تويات كافة، ال س�يما السياس�ية واالقتصادية وإيجاد الحلول المناسبة للمشكالت القائمة في الدول العربية، خصوصا في فلسطين المحتلة وكان يق�ول: »قد نجد في الفكر اإلس�المي القاعدة التي يمك�ن أن تبدأ معها رحلة العودة إلى فلس�طين من نقطة الصفر في اتجاه المس�تقبل، وذلك من خالل تحويل القضية الفلسطينية إلى قضية ترتبط بااللتزام الديني«. وعن رؤيته للواقع اإليراني، كان يعتبر أن إيران، لم تصل إلى مرحلة االس�تقرار والسالم األمني في موقعها من الصراعات والسياسات الدولية، »إيران ال تزال مستهدفة وال سيما من الواليات المتحدة وحتى من أوروبا في مستوى معين.. وهي تعيش بعض الخطر من الدول المحيطة بها التي تخضع للسياس�ة األميركي�ة كما حصل في العراق عندم�ا كان األميركيون يحكمون العراق سياسيا. هم يعتبرون أن إيران ال بد أن تحمي نفسها بما يشبه حالة الطوارئ«.

وفي الش�أن العراقي يعتبر الس�يد محمد حسين فضل الله أن العراق يبحث عمن يمثل�ه بطريق�ة ش�رعية ولذلك كل م�ا يصدر عن االحت�الل ال يعتبر ممثال للش�عب العراق�ي وإن كان بع�ض ه�ؤالء الذين يتحرك�ون في مجلس الحك�م يمثلون بعض الشرائح ولكنهم ال يملكون التمثيل الشامل الذي يمكن أن يعطي الصورة الحقيقية


128

لم�ا يري�ده العراقي�ون. ويؤكد أن العراق أصبح س�احة لكل المغامري�ن والطامحين والمصطادي�ن في الماء العكر، وال س�يما الواليات المتحدة األميركية التي نش�طت م�ن خالل مخابراتها ومن خالل »الموس�اد« المتحالف معه�ا، ومن خالل العمالء الذي�ن يتحركون في داخل العراق منذ كان النظام الطاغي الس�ابق. ويؤكد أن هؤالء يعملون على خلط األوراق وخلق المشاكل هنا وهناك من أجل إطالة أمد االحتالل األميركي للعراق وتكون الصورة على السطح صورة االحتالل الذي أعطى السيادة للعراقيين في الش�كل ولكنها س�يادة لالحتالل في المضمون. شمولية رؤية العالمة الس�يد محمد حس�ين فض�ل الله تبدو واضحة ف�ي عمق األفكار الت�ي طرحها رجل ع�اش أربع�ة وس�بعين عاما م�ن العطاء في مج�ال الدي�ن والفكر والتعبئ�ة من أجل

مجتمعات متحررة ومنفتحة على اآلخر.


129

لبنان.. يوم حداد وتشييعلجثمان المرجع فضل الله

روسيا اليوم6 تموز 2010

تواف�د مئات اآلالف من األش�خاص في الضاحية الجنوبية لبي�روت يوم الثالثاء 6 يوليو/ تموز للمش�اركة في مراس�م تش�ييع المرجع الش�يعي العالمة السيد محمد حس�ين فضل الله في مأتم ش�عبي ورسمي وس�ط حداد وإقفال عام أعلنته الحكومة

اللبنانية.

وق�د ش�ارك في ه�ذه المراس�م مس�ؤولون كب�ار وش�خصيات عالمي�ة وعربية، باإلضافة إلى وفود شعبية وحشود من المواطنين.

وق�د بدأت مراس�م التش�ييع بعد صالة الظهر م�ن أمام منزل فض�ل الله في حارة حريك بالضاحية الجنوبية، ويسلك موكب التشييع عددا من شوارع الضاحية قبل أن يصل إلى مسجد اإلمامين الحسنين)ع( حيث ستقام الصالة، ومن ثم يوارى جثمانه

الثرى في صحن المسجد.

وقد رفعت األعالم الس�وداء وصور المرجع الشيعي في كل مكان. كما انتشرت صوره على السيارات.

كما وردت برقيات التعزية من العديد من الشخصيات في الخارج وبينهم مرشد الجمهورية اإلس�المية علي خامنئي والرئيس اإليراني محمود أحمدي نجاد وملك


130

البحري�ن حمد بن عيس�ى آل خليف�ة ورئيس حكومته�ا األمير خليفة بن س�لمان آل خليف�ة واألمي�ن العام لجامعة الدول العربية عمرو موس�ى ونائب الرئيس الس�وري

فاروق الشرع ومسؤولون فلسطينيون وعراقيون.

وق�د توفي فضل الل�ه يوم األحد عن عمر يناهز ال� 75 عام�ا نتيجة إصابته بنزيف ، وأعلن رئيس مجلس الوزراء اللبناني س�عد الحريري يوم الثالثاء يوم داخل�ي ح�اد

حداد وإقفال عام لمدة يومين.

يذك�ر أن فض�ل الل�ه كان المرش�د الروح�ي لح�زب الل�ه ف�ي بداية تأسيس�ه في الثمانيني�ات، قب�ل أن يحصل تباعد بين الجانبين بس�بب تباينات ف�ي وجهات النظر حول المرجعية الدينية. وقد س�عى فضل الله إلى تأس�يس مرجعية مس�تقلة للحزب

الشيعي، في حين أصر حزب الله على اعتبار »والية الفقيه« من صلب عقيدته.


131

الزعيم الروحييوارى الثرى بمشاركة عشرات اآلالف

سي أن أن6 تموز 2010

بي�روت، لبنان )CNN( � ش�يع عش�رات اآلالف م�ن اللبنانيين المرجع الش�يعي محمد حسين فضل الله، في موكب كبير سار في شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، الذي تولى الجانب التنظيمي من المسيرة، وسط حداد ساد البالد

بقرار من الحكومة اللبنانية.

وانطل�ق الموك�ب من من�زل فضل الله إل�ى »مس�جد الحس�نين )ع(« الذي كان المرجع الراحل قد أش�رف شخصيا على تش�ييده، وجرى دفنه في صحن المسجد، لتنته�ي بذلك صفحة من التاريخ اللبناني الحديث الذي كان فضل الله أحد عالماته

. الفارقة سياسيا ودينيا قبل رحيله األحد عن 75 عاما، جراء نزيف داخلي حاد

وأم الصالة على فضل الله شقيقه محمد علي، وهو أيضا رجل دين بارز، ونقلت التقارير اإلعالمية أن حش�د التش�ييع س�ار على وقع تس�جيالت تبث مواقفه وخطبه حول المقاومة والقضية الفلسطينية والوحدة اإلسالمية وغيرها من المواقف، وسط

قرع أجراس كنائس مجاورة.

وشارك في التشييع وفد رفيع المستوى من المسؤولين اإليرانيين، ضم أمين مجلس صيانة الدس�تور، أحمد جنتي، ونائب الرئيس اإليراني، مس�عود زريبافان، وعددا من

النواب، إلى جانب ممثلين عن دول عربية وإسالمية بينها العراق واإلمارات.


132

وتوقف موكب التشييع في الموقع والمكان الذي تعرض فيه فضل الله لمحاولة اغتيال عام 1985.

وكان ح�زب الله ق�د نعى في بيان فور رحيل العالمة واصفا فقدانه ب�»الخس�ارة الكبي�رة الت�ي مني�ت ب�ه س�احاتنا م�ع تأكيده ببق�اء علم�ه وجه�اده ومواقفه نبراس�ا

للمجاهدين األحرار«.

وجاء في البيان: »وهو الذي وقف بكل جرأة ووضوح نصيرا للمقاومة ضد العدو الصهيون�ي وللمجاهدين األبطال، حيث تش�هد الس�احة تحدي�ه وتصديه لالحتالل وأفعال�ه اإلجرامية، واألثمان التي دفعه�ا نتيجة لمواقفه، وعبر عن رفضه لمؤامرات

االستكبار«.

وتضمن البيان: »لقد كان من أبرز الداعين إلى الوحدة اإلسالمية محاربا التفرقة والفتن�ة، وعاش مع الناس في ش�ؤونهم وش�جونهم وتوجيهاتهم«، وف�ق موقع قناة

»المنار« التابعة لحزب الله.

وكانت شائعات قد انتشرت الجمعة مفادها وفاته، إال أن مسؤوال في مكتب المرجع الدين�ي أكد ل� CNN، أن فضل الله، يرقد في إحدى مستش�فيات العاصمة بيروت »في

حالة حرجة«، ونفى مكتبه، في ذات الوقت تقارير إعالمية تحدثت عن وفاته.

يذكر أن فضل الله، الذي ولد بمدينة »النجف« العراقية عام 1935، قبل أن ينتقل لإلقامة في لبنان عام 1966، يعاني منذ سنوات من اإلصابة بمرض السكري، وارتفاع في ضغط الدم، إال أنه ليس من المعروف بعد سبب النزيف الداخلي المفاجئ الذي

تعرض له الجمعة.

وبع�د انتقال�ه إل�ى لبنان قبل 44 عاما، أس�س فضل الله حوزة »المعهد الش�رعي اإلس�المي«، كما حصل على لقب »آية الله العظمى«، وهو لقب يطلق على كل من يحصل على درجة »االجتهاد« في »الفقه الش�يعي«، وقد جمع فتاواه في كتاب »فقه

الشريعة« المكون من ثالثة أجزاء.


133

السيد فضل الله إلى مثواه األخيروزخم التشييع يبرز مكانة الفقيد عالميا

وكالة رسا لألنباء )إيران(6 تموز 2010

خس�ارتنا فادحة.. خس�ارة هی للث�ورة اإلس�المية التي ناصرها ول�م يتوقف فی الدف�اع عنها.. خس�ارة لفلس�طين الت�ي ظل ممس�كا بخارطة الطريق إليها..خس�ارة للنزعة اإلنس�انية فی الدين..خسارة لس�عة األفق..للوحدة، والتجديد، واالجتهاد..خس�ارة لقيم الحق والعدالة والحرية..كل هذه القيم افتقدت راعيها وزارع مشاتلها

والمنافح عنها.

شيعت اليوم الثالثاء فی الضاحية الجنوبية لبيروت جنازة المرجع الديني آية الله الس�يد محمد حسين فضل الله)رض( حيث شارك فی مراسم التشييع جموع بشرية هائل�ة، ف�ی حالة من الحزن والتأثر البالغين ووس�ط حداد رس�مي وإقف�ال للمرافق

العمومية أعلنته الحكومة اللبنانية.

وانطلق�ت مراس�م التش�ييع م�ن أمام من�زل الفقيد الراح�ل فی ح�ارة حريك في الضاحية الجنوبية، وس�لك موكب التش�ييع ع�ددا من ش�وارع الضاحية وخصوصا منطقة بئر العبد � مسجد اإلمام الرضا)ع(- التی شهدت محاولة الغتياله عام 1985؛ وهي المحاولة الفاش�لة التی تورطت فيها المخابرات المركزية األميركية، ووصوال إل�ى مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( الم�كان الذی أحبه حي�ث كان يصل�ي بالناس ويخطب الجمعة، وهناك أقيمت صالة الجنازة على جثمانه الطاهر حيث أم الصالة


134

على جثمانه ش�قيقه الس�يد محمد علي فض�ل الله؛ قبل أن ي�وارى الثرى فی صحن المسجد.

ه�ذا وش�ارك ف�ی مراس�م التش�ييع الكثي�ر م�ن الش�خصيات والوف�ود األهلي�ة والرسمية، كان من أبرزها الوفد اإليراني برئاسة أمين مجلس صيانة الدستور آية الله أحم�د جنتي، وضم الوفد نائب الرئيس اإليراني مس�عود زريبافان ورئيس مؤسس�ة الش�هيد اإليرانية باإلضافة إلى عدد من النواب اإليرانيين. ورفعت األعالم الس�وداء وصور المرجع الراحل فضل الله فی كل مكان، كما انتشرت صوره على السيارات، ووضع�ت عمام�ة العالم�ة الراحل على النعش ال�ذی حمله أنصاره ومحبوه وس�ط أمواج بش�رية، وفي أثناء موكب التشييع، بثت مقاطع من تسجيالت لخطب بصوت

العالمة الراحل من مرحلة الثمانينيات.

وق�د تول�ى عناصر االنضباط فی »حزب الله« بلباس�هم األس�ود وقبعات تحمل صور السيد فضل الله مسؤولية التفاصيل التنظيمية لمراسم التشييع.

زب ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ رب ]الفجر: 27 - 30[.


135

الحكومة أعلنت الحداد واإلقفال العام .. ووفود عربية وإسلمية شاركت في الجنازة

مئات اآلالف يشيعيون العلمة محمد حسين فضل الله في لبنان

أخبار الخليج )البحرين(7 تموز 2010

ش�يع مئات اآلالف المرجع الش�يعي آية الله العظمى محمد حس�ين فضل الله إل�ى مث�واه األخير في الضاحي�ة الجنوبية لبيروت أمس الثالثاء وس�ط حداد ش�عبي ورسمي لف معظم أرجاء لبنان. ومأل بحر من الرجال والنساء واألطفال المتشحين بالس�واد والذين وف�دوا من مختلف أنحاء البالد ش�وارع الضاحية الجنوبية لبيروت حاملين صور الراحل بلحيته البيضاء وعمامته الس�وداء وملوحين باألعالم السوداء وش�عارات الح�داد وكثير منهم يجهش�ون بالبكاء. وتوفي فض�ل الله يوم األحد عن . وكان 75 عام�ا بع�د مرور أي�ام على نقله إلى المستش�فى إثر إصابته بنزي�ف داخلي

ينظر إليه على أنه المرش�د الروحي لحزب الله عند تش�كيله بعد الغزو اإلس�رائيلي للبن�ان في عام1982. ووجهت اتهامات إلى الجماعة اإلس�المية المس�لحة بخطف غربيين وتنفيذ هجمات على القوات األميركية والفرنس�ية في لبنان في الثمانينيات. لك�ن فضل الله نأى بنفس�ه عن قضية احتجاز رهائ�ن قائال إنه ضد عمليات الخطف ودعا مرارا إلى اإلفراج عنهم. وحظي بش�عبية واس�عة بين المسلمين الشيعة امتدت إلى دول آس�يا الوس�طى والخلي�ج وكان من المؤيدي�ن للثورة اإلس�المية في إيران لكن العالقات بينهما ش�هدت الحقا بعض الفتور. وحمل رجال دين نعش�ه � الذي


136

وضع�ت علي�ه عمامت�ه � على أكتافهم من منزل�ه في حارة حريك وطافوا به ش�وارع الضاحية الجنوبية لبيروت حيث عاش معظم حياته وبنى مؤسساته الخيرية.

وعلقت صور عمالقة لفضل الله امتدت عدة أمتار على بعض األبنية وعال صوته ف�ي خطاباته المس�جلة تذاع عب�ر مكبرات الصوت في الش�وارع وداخل المس�اجد. وتوقف موكب الجنازة في عدة أماكن من بينها موقع انفجار الس�يارة الملغومة الذي اس�تهدفه ف�ي ع�ام 1985 وأدى إل�ى مقتل 80 ش�خصا وألق�ي باللوم عل�ى الواليات المتح�دة ف�ي تدبي�ره. ودفن فضل الله في مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( حيث كان يصل�ي ويقدم دروس�ه. وقال�ت رنا غملوش »15 عام�ا« التي كانت تس�ير في موكب إح�دى مدارس جمعية المبرات الخيرية التي أسس�ها فض�ل الله والتي تعنى باليتامى »أنا فقدت أبي منذ أعوام ولكن اليوم أحسست باليتم الحقيقي ألنه كان أبا لنا«. وكان معروفا في األوساط الدينية الشيعية باالعتدال في وجهات نظره االجتماعية وخاصة بش�أن النس�اء. وعرف بانفتاحه على العلم في فتاواه مع تمس�كه بأصول الدين فأفتى باعتماد علم الفلك في إثبات بداية ونهاية شهر رمضان وأفتى بتحريم جرائم الشرف.

وأص�در ع�دة فت�اوى و أراء ديني�ة ب�ارزة من بينها تل�ك التي تحظر على الش�يعة عادة ضرب الرؤوس بآالت حادة أثناء مراس�م عاش�وراء إحياء لذكرى مقتل اإلمام الحس�ين)ع( حفيد النبي محم�د)ص(. وقالت معادن حمزة التي كانت تش�ارك في الجن�ازة »كان نصي�را للمرأة ويقف إلى جانبها كما كان داعم�ا لها... هو علمنا عدم الخضوع للرجال وأن نكون إلى جانبهم«. ورفع الجموع قبضاتهم في الهواء وهتفوا »الموت ألميركا والموت إلس�رائيل«. وعش�ية الجنازة زار األمين العام لحزب الله حس�ن نصر الله المستش�فى حيث س�جي الجثمان وق�رأ الفاتحة وآي�ات قرانية أمام النعش. وش�اركت وفود في التش�ييع من مختلف أنحاء الشرق األوسط بما في ذلك الكوي�ت وقطر وإي�ران والبحرين واإلمارات العربية المتح�دة والعراق والعديد من اللبنانيي�ن المغتربي�ن ف�ي الخ�ارج. وأعلن الزعيم الش�يعي العراق�ي مقتدى الصدر

الحداد ثالثة ايام.


137

وقال عمر القيس�ي وهو مس�لم س�ني من المغرب ج�اء إلى لبنان للمش�اركة في التش�ييع »كان طاقة توحيدية ال مثيل لها وكان مقتنعا بمس�ألة تقريب وجهات النظر بين عموم المس�لمين سنة وشيعة«. وقال حس�ين طاهر وهو لبناني مقيم في نيجيريا »قبل أن يكون مرجعنا فهو أستاذنا وملهمنا، ترك فراغا هائال ال أحد يستطيع سده في الوقت المنظور«. وشارك مسؤولون لبنانيون في التشييع باإلضافة الى عدد من رجال الدين السنة والدروز. كما شارك في التشييع وفد إيراني كبير على رأسه أمين مجلس صيانة الدس�تور آية الله أحمد جنتي الذي قال للصحفيين »هذه مصيبة كبيرة... كان عالم�ا كبي�را خس�رناه«. وكان فضل الل�ه من المؤيدي�ن للثورة اإلس�المية في إيران رغ�م حالة الفتور التي انتابت عالقتهما بعد ذلك كما أنه كان أحد الداعمين األوائل

لحزب الدعوة العراقي الذي يترأسه اآلن رئيس وزراء العراق نوري المالكي.

وكان فضل الله من أش�د المنتقدين للواليات المتحدة وكثيرا ما انتقد في خطب صالة الجمعة سياساتها في الشرق األوسط والسيما تحالفها مع إسرائيل. لكنه كان من أوائل الذين نددوا بأحداث 11 سبتمبر عام 2001 في الواليات المتحدة التي قتل

فيها نحو 3 آالف شخص.

وأسس فضل الله عدة مدارس دينية وجمعية المبرات الخيرية وهي مركز لتقديم الخدمات االجتماعية والطبية لدور األيتام والفقراء.

وه�و كات�ب غزير اإلنتاج ألف اكثر من 40 كتابا عن اإلس�الم والسياس�ة والمرأة إضافة إلى العديد من قصائد الشعر. ولد فضل الله في مدينة النجف الشيعية العراقية ع�ام 1935 حي�ث درس قب�ل أن ينتقل إلى لبن�ان في عام 1966. وف�ي خطابه األخير ف�ي الثان�ي من يوليو ال�ذي ألقاه بالنيابة عنه الش�يخ حس�ين الخش�ن أدان فضل الله المس�توطنات اإلس�رائيلية في القدس الش�رقية منتقدا »اس�تمرار الواليات المتحدة

األميركية في تأمين الغطاء للعدو في حركته العدوانية والتهويدية«.


138

لبنان ودع العلمة في مأتم رسمي وشعبي ومشيعوه حضنوه للمرة األخيرة

الديار ـ لبنان7 تموز 2010

هو يوم الحب والوفاء لمن رحل اليوم تاركا تلك الدنيا الفانية التي لم تغره يوما.

ه�و يوم ال�وداع لرجل االجته�اد، للرائد والمرش�د والمق�اوم بفك�ره وتوجهاته وإرشاداته.

د مع محبيه من كل اللبنانيين، مس�لمين ومسيحيين، لكل من هو يوم اللقاء للمقلكان لهم سندا، لكل المظلومين والمستضعفين والمحتاجين والمحرومين واليتامى.

ه�و يوم »الحدث« لش�خصية ق�ل نظيرها في لبن�ان وفي العالم العرب�ي، هو يوم المرجع العالمة الس�يد محمد حس�ين فضل الله، الذي انفتح على اإلنس�ان في كل مش�اكله وقضاياه، وأخذت األبعاد األخرى للدين، غير العقيدة والش�ريعة، مس�احة كبرى في حركته، فنظر إلى قضايا األمة ببعدها السياس�ي واالجتماعي واالقتصادي

واألمني.

ه�و يوم تش�ييع الوفي لقضية القدس والقضية الفلس�طينية عموم�ا، وكل القضايا المحقة والعادلة في لبنان والعالمين العربي والغربي.

برحيل السيد فضل الله شعر كل لبناني بأن عليه أن يقول وللمرة األخيرة »وداعا يا س�يد«، مع أن الوداع هو وداع نس�بي ليس أكثر، إذ إن الس�يد سيبقى حيا في نفوس


139

اللبنانيين وقلوبهم من خالل اإلرث الغني الذي تركه وراءه. وسيبقى حيا من خالل مدرسة القيم والمبادئ التي أطلقها والتحق بها اآلالف من التالميذ على امتداد لبنان

والعالمين العربي واإلسالمي.

ف�ي مس�جد اإلمامي�ن الحس�نين)ع( ف�ي الضاحية الجنوبي�ة لبيروت، المس�جد المالص�ق لمستش�فى بهم�ن، المكان الذي أحب�ه وأبى أن يفارقه، رقد الس�يد فضل الل�ه، بع�د الرحل�ة األخيرة الت�ي انطلقت م�ن أمام دارته ف�ي حارة حري�ك، قبل أن يس�لك موكبه الش�ارع العريض، ليصل إلى مس�جد اإلمام الرضا)ع( ف�ي بئر العبد، ث�م إلى محلة »الس�ندريال«، ليتوقف ف�ي الموقع والمكان ال�ذي كان قد تعرض فيه الس�يد لمحاول�ة االغتيال عام 1985، ومن ثم لينطلق إلى المش�رفية ويس�لك طريق مس�تديرة المطار إلى المجلس اإلس�المي الش�يعي األعلى، باتجاه مسجد اإلمامين الحس�نين)ع(، حيث صلى على جثمانه الطاهر شقيقه السيد محمد علي فضل الله،

قبل أن يوارى في صحن المسجد.

توافد عش�رات آالف المواطنين من مختلف المناطق منذ الصباح للمش�اركة في التش�ييع إضافة إلى مشاركة واسعة من مختلف الدول في العالم العربي واإلسالمي وال�دول األخرى. وش�ارك ممثلون عن الرؤس�اء الثالثة ورؤس�اء الطوائ�ف الدينية وع�دد م�ن الوزراء والن�واب والرس�ميين، إضافة إل�ى النائب وليد جنب�الط ونجله

تيمور على رأس وفد من اللقاء الديموقراطي في الموكب سيرا على األقدام.


140

لبنان: تشييع رسمي وشعبي حاشدومؤثر لفضل الله

الحياة ـ لندن7 تموز 2010

بيروت � مالك القعقور

، المرجع الديني الس�يد محمد حسين فضل الله إلى ش�يع أمس وس�ط حداد عاممث�واه األخير في واحد من أعظم المآتم التي ش�هدها لبنان، سياس�يا وش�عبيا، عجز خالله المنظمون عن ضبط بحر مائج من البشر اتشح بالسواد حزنا. فمسيرة التشييع ر أن تس�تغرق نصف س�اعة انطالقا م�ن منزله في حارة ل�� »الراح�ل الكبير« التي قدحريك مرورا ببئر العبد فالمشرفية فساحة الغبيري ثم مسجد اإلمامين الحسنين)ع( في حارة حريك، امتدت ألكثر من ثالث ساعات ونصف الساعة حين رفعت تكبيرة

اإلحرام لصالة الجنازة، ودقت أجراس كنائس الحارة بالتزامن مع التشييع.

منذ الصباح الباكر توجه اآلالف من محبي الس�يد إلى حارة حريك � حيث اتخذ »ح�زب الل�ه« إج�راءات تنظيمي�ة � آتين م�ن قراه�م ومناطقهم وكذلك م�ن دولهم وبخاص�ة من البحرين والكويت والس�عودية والع�راق، جاؤوا بالمئات للمش�اركة ف�ي وداع�ه، تقدمهم رئيس المجل�س النيابي نبيه بري ممثال في الوقت نفس�ه رئيس الجمهورية ميش�ال س�ليمان، ومثل وزي�ر البيئة محمد رحال رئيس الحكومة س�عد الحري�ري، إل�ى جانب ممثلين عن رؤس�اء الطوائ�ف الدينية وحض�ر وزراء ونواب ورس�ميون أبرزه�م رئيس »اللق�اء النياب�ي الديموقراطي« وليد جنب�الط على رأس


141

وف�د. كم�ا حضر وف�د رفيع المس�توى من إيران ض�م أمين مجلس صيانة الدس�تور أحمد جنتي ونائب الرئيس مس�عود زريبافان ورئيس مؤسس�ة الش�هيد ونوابا، ووفد عراق�ي كبير برئاس�ة رئيس ديوان الوقف الش�يعي في العراق صال�ح الحيدري يضم وزراء ونواب�ا ورج�ال دين، ووزير التعلي�م العالي اإلماراتي الش�يخ نهيان بن مبارك آل نهي�ان موف�دا من رئيس الدولة الش�يخ خليفة بن زايد آل نهي�ان، ونجل أمير قطر جوعان بن حمد آل ثاني ممثال والده، والسفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم

علي ممثال الرئيس بشار األسد ووفد من العلماء في سوريا.

أمام المس�جد الكبير وعل�ى الطرق المؤدي�ة إليه، اختلط الن�اس بعضهم ببعض ف�ي جو من الحزن واألس�ى على رحيل الس�يد الذي علقت ص�وره على الواجهات الخارجية للمسجد وحملت كل واحدة موقفا له. وجميع اآلتين كانوا يمرون تحت رايات س�ود وصورة كبيرة للراحل خط عليها »أس�تودعكم الله«. أما الالفتات التي رفعه�ا الن�اس فخطت عليها عبارات تذكر فضله ك� »وداعا ي�ا أبا األيتام« و »فقدناك

سندا قويا«.

قب�ل أذان الظه�ر كان حدي�ث الن�اس مركزا على ذك�ر مواقف�ه وصالبته ومرضه والح�زن على رحيله، وبع�د أداء الصالة وانطالق موكب التش�ييع اختلف الحديث وأصب�ح ع�ن عظمة الحش�د وصعوبة ضبط المس�يرة، ولم يعد أحد يس�عى إلى ظل يس�تظله اتقاء للهب آت من الس�ماء كما من األرض. وعمد شبان إلى رش الحشود

برذاذ المياه الممزوجة بماء الزهر للتخفيف من حرارة الشمس.

هن�ا، وق�ف رج�ل يكنى بأبي حس�ين يروي نق�ال عن أح�د أقرب�اء الراحل، آخر لحظاته. قال: »يوم دخل في غيبوبته كان مقررا أن يغادر المستشفى. بقي واعيا حتى اللحظة األخيرة. استيقظ الثالثة ليال فسأله من كان بقربه: ماذا تريد؟ فأجابه: أريد أن أصلي، فقال له ليس وقت صالة اآلن، فكبر ثالث مرات ثم نام ولم يستيقظ بعدها. كان مريضا بالقلب، وبداء الس�كري، وبفيروس بالكبد، وهذا ما أثر في صحته كثيرا

حتى قضى عليه«.


142

ال ينتهي حديث أبي حسين بل يغبط السيد على موقعه وعلمه. ثم يقول لمحدثيه إن للس�يد 11 ولدا بينهم 7 ش�بان بينهم اثنان معممان هما السيد علي والسيد جعفر.

ويثني على علم السيدين وموقعهما.

يرف�ع أذان الظه�ر، تف�رش عش�رات الحصر عل�ى الطريق بعدما غص المس�جد بالمصلي�ن ال�ذي بلغ عددهم نحو 10 آالف. أدي�ت الصالة ثم ماج الجمع في اتجاه بيت الس�يد الذي بثت خطبه. ظن أن الناس ال يزالون يصلون. بدا كأن المحتش�دين والمحتش�دات ال يلب�ون دع�وة المذي�ع بالتوجه إلى بيت الس�يد، لكن الحش�د كان امتدادا واحدا من أمام مبنى المجلس اإلس�المي الش�يعي األعلى إلى منزل الراحل م�رورا بمس�جد اإلمامي�ن الحس�نين)ع(. ظل المذي�ع أكثر من نصف س�اعة يحض الن�اس على اللحاق بالمس�يرة المتصلة بعضها ببعض في خط س�يرها، وفاضوا إلى

الشرفات وأطلوا من النوافذ.

الذين أدركوا المس�يرة لم يعرفوا كيف وصلوا إلى المسجد، وتفاوتت أوصافهم لضخامتها وبعضهم بدا غاضبا من سوء التنظيم. ويقول ماهر إنه شارك في مسيرات عاش�وراء ومهرجانات كثيرة »لكنني لم أر في حياتي حش�دا كهذا. حين رفع النعش وانطلقت المسيرة شعرت كأن ظهري كسر من عزم الموجة... عمائم كادت تقع عن رؤوس المشايخ. النعش لم يستقر طويال على األكتاف حتى عمامة السيد وقعت، ما

اضطر المنظمين إلى وضعه في سيارة«.

ه�ذا األمر ل�م يعجب كثيرين حت�ى أن بعضهم ل�م يخف مش�اعره وغضبه على المنظمي�ن، وصرخ أحده�م بأعلى صوته غاضبا وحزينا »حتى في مماته ظلموه« ثم أجه�ش بالب�كاء. فقال له بعضه�م: »تصبر يا حاج علي. ال أح�د يرضى بذلك، لكن الن�اس يتصرف�ون بعاطفتهم وال يمكن ضبطهم... أال تذك�ر أن اإلمام الخميني رفع

نعشه بالمروحية بعدما عجز الحرس عن ضبط الناس؟«.

كثافة المحتشدين دفعت المنظمين إلى اتباع طريق مختصر في المسيرة وبخاصة بع�د المرور بمحلة بئ�ر العبد حيث تعرض الس�يد لمحاولة اغتيال ع�ام 1985، فنثر


143

علي�ه أرز وهتف المش�يعون »الم�وت ألميركا« و »الم�وت إلس�رائيل«. كما أقاموا منص�ة لصالة الجن�ازة خارج المس�جد، وكان المصلون الذين أمهم ش�قيق الراحل الس�يد محمد علي فض�ل الله، مرصوصين عل�ى امتداد الش�وارع واألزقة وكثيرون كثي�رون من اآلتين حزنا لم يروا النعش، لكنهم كانوا يمنون نفوس�هم بأنهم عائدون

لزيارة السيد الذي ووري في صحن المسجد.

وتس�نى للوفود الرس�مية الوق�وف أمام نعش الراح�ل وتالوة الفاتح�ة واإلدالء بتصريح�ات أبرزه�ا لجنتي الذي وصف رحيل الس�يد فضل الله بأن�ه »مصيبة كبيرة للمس�لمين في العالم ولبن�ان. كان عالما كبيرا ومجاهدا خس�رناه جميعا ونتمنى أن

نتخطى هذه المصيبة عبر الوحدة والعمل بمبادئ الراحل في خدمة قضايا األمة«.

وأعلن زريبافان التعزية باسم الرئيس نجاد والشعب اإليراني، قائال: »إننا نشارك في مراسم وداعه مستذكرين توصياته في لم شمل األمة وترسيخ هذه الوحدة«.

وقال رئيس الوفد الكويتي محس�ن جمال: »لعل من يش�هد ه�ذه التعزية يجد أن كل األطي�اف اللبنانية والعربية واإلس�المية وتوجهاتها، جاءت لتقول رحم الله هذا الشهيد، هذا السيد«. ووصف عضو مجلس النواب العراقي وليد الحلي الراحل بأنه »من كبار الشخصيات اإلسالمية التي تدعو إلى الوحدة واالبتعاد عن الفتن واألخوة والمحبة وأن يكون الحل السياسي بين الفصائل والمذاهب واألديان عبر الحوار«.

أم�ا جنب�الط فوصف رحيله بأنه »خس�ارة كبي�رة للعالم العربي واإلس�المي من أقص�اه إلى أقص�اه«. وق�ال: »كان متقدما بأف�كاره واجتهاداته وأراد بس�يرته إخراج الس�يرة النبوية اإلس�المية م�ن التقوقع، م�ن التصلب، م�ن التحجر ونج�ح«، داعيا الذين س�يأتون من بعده إلى أن »يس�تمروا على هذا النهج م�ن أجل االنفتاح والعلم خصوصا أننا نرى في مناطق من العالم العربي واإلس�المي يغرق اإلس�الم في نوع،

من الطالبانية التي رفضها في األساس السيد فضل الله«.

واتشحت مدن الجنوب وقراه بالسواد ولفها الحزن واألسى حدادا حيث تجمع


144

األهال�ي وانتظموا في مواكب س�يارة يرفعون صور الراحل والرايات الس�ود. وتابع المواطنون التشييع عبر شاشات التلفزة. وعم الحزن واألسى منطقة البقاع األوسط وتلي�ت آي�ات قرآنية من مكبرات المس�اجد، فيما رفعت في الش�وارع الفتات تنعي

»الفقيد الكبير« وتشيد بعلمه وثقافته وتنوره ومحبته للفقراء.

وأقيم في مدينة صور مجلس فاتحة عن روح فضل الله في نادي اإلمام الصادق، حض�ره النائب�ان نواف الموس�وي وعلي خريس. وقال الموس�وي: »م�ا عرفناه منذ ها ومرش�دا يس�عى إلى تأس�يس ركائز تق�وم على العلم نعوم�ة أظفارن�ا إال أب�ا موجواإليم�ان ونه�ج المقاومة«. أما خري�س فاعتبر أن »لبن�ان فقد مرجعي�ة دينية علمية ثقافية سياسية على المستوى العالمي، وإنها لخسارة كبيرة ألمت بنا جميعا في لبنان

والعالم العربي واإلسالمي«.

ورأى المط�ران يوحنا حداد أن »الس�يد فضل الله هو رج�ل فريد بأخالقه العالية ومحبته للبشر وليس فقط ألبناء طائفته الكريمة، وبرحيله نفتقد الكثير«.

ومن المتكلمين ممثل حركة »حماس« في صور جهاد طه الذي اعتبر أن »رحيله خس�ارة للبنان وفلسطين، وس�تبقى هذه الش�خصية تنير طريق المقاومة حتى تحرير

فلسطين من رجس االحتالل اإلسرائيلي«.


145

لبنان يشيع المرجع الشيعيالعلمة محمد حسين فضل الله

الشعب )الصين(7 تموز 2010

ش�يع مئ�ات اآلالف م�ن اللبنانيين يوم الثالث�اء 6 يوليو الحالي المرجع الش�يعي اللبناني العالمة محمد حس�ين فضل الله في مأتم رس�مي وشعبي ضخم، انطلق من أمام دارته في محلة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية، التي اتشحت بالسواد

حزنا على الراحل الذي وافته المنية األحد الماضي عن 75 عاما.

ووس�ط حداد رس�مي وتنكيس لألعالم ف�ي كل اإلدارات والمؤسس�ات العامة وتدابير أمنية اس�تثنائية، س�ار خلف الجثمان مئات األلوف حاملين األعالم السوداء وص�ور الراح�ل، في حض�ور ممثلي�ن للرئي�س اللبناني ورئيس�ي مجلس�ي النواب وال�وزراء ولرؤس�اء الطوائ�ف الدينية وعدد من ال�وزراء والنواب والرس�ميين، إلى

جانب وفود رسمية وشعبية من الخليج ومن سوريا والعراق وإيران.

وش�ق الجثمان الذي حمل على األكف طريقه بصعوبة، وجاب موكب التش�ييع شوارع حارة حريك وصوال إلى محلة بئر العبد، حيث مسجد اإلمام الرضا)ع( أول المساجد التي بناها، وصوال إلى الموقع الذي تعرض فيه لمحاولة اغتيال استهدفته في العام 1985، انتهاء بمسجد اإلمامين الحسنين)ع(، حيث أم الصالة على جثمانه

شقيقه محمد علي فضل الله.

و ووري الجثمان الثرى في صحن المسجد، الذي كان يؤم المصلين فيه كل يوم


146

جمعة وس�ط تكبيرات مس�اجد المنطقة وقرع أجراس كنيس�ة مار يوسف المارونية القريبة منه.

وكان رئي�س الوزراء اللبناني س�عد الحري�ري أعلن أمس الحداد الرس�مي على المرج�ع الش�يعي بالتزامن مع ق�رار مفتي الجمهورية اللبنانية الش�يخ محمد رش�يد

قباني بإقفال دار الفتوى والمديرية العامة لألوقاف اإلسالمية.

يش�ار إل�ى أن الراح�ل كان صاح�ب مواق�ف موصوف�ة بالدع�وة إل�ى االنفت�اح واالعتدال والحوار ورفض الفتن المذهبية والطائفية.


147

لبنان ودع المرجع الشيعي... وعشرات األلوف ساروا وراء نعشه في الضاحية

القدس العربي ـ لندن7 تموز 2010

سعد إلياس

ودع لبنان الرس�مي والش�عبي أمس المرجع الشيعي العالمة محمد حسين فضل الله وسط حداد رس�مي وإقفال عام ومشاركة عربية واسعة. وانطلق موكب التشييع من أمام دارة الراحل في حارة حريك، في مشاركة حشد ضخم من المشيعين وسط انتش�ار صور الس�يد فضل الله في الش�وارع، وتس�جيالت تبث مواقفه وخطبه حول المقاومة وفلس�طين والوحدة اإلس�المية، كما قرعت أجراس كنيسة مار يوسف في ح�ارة حريك حزنا. وجاب الموكب أحياء الضاحية الجنوبية وش�ق الجثمان طريقه مرفوعا على األكف وتوجه إلى مسجد اإلمام الرضا)ع( في بئر العبد، ثم توقف في محلة الس�اندريال ف�ي بئر العبد حيث تعرض العالمة فضل الل�ه لمحاولة اغتيال في الع�ام 1985، قب�ل أن ينطلق إلى محلة المش�رفية، لينعطف غربا في اتجاه مس�تديرة المطار، ثم جنوبا في اتجاه مقر المجلس اإلس�المي الش�يعي األعلى، ثم ش�رقا في اتجاه مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( حيث صلى ش�قيق الراحل الس�يد محمد علي

فضل الله على جثمانه على أن يوارى الثرى في صحن المسجد.

وتوافد عشرات آالف المواطنين من مختلف المناطق منذ الصباح للمشاركة في التش�ييع إضافة إلى مشاركة واسعة من مختلف الدول في العالم العربي واإلسالمي


148

وال�دول األخرى. وش�ارك ممثلون عن الرؤس�اء الثالثة ورؤس�اء الطوائ�ف الدينية وع�دد من ال�وزراء والن�واب والرس�ميين، إضافة إلى رئي�س »اللق�اء الديمقراطي«

النائب وليد جنبالط ونجله تيمور على رأس وفد من اللقاء.

كما حضر وفد رفيع المستوى من المسؤولين في الجمهورية اإلسالمية اإليرانية ض�م أمي�ن مجلس صيان�ة الدس�تور اإليراني آي�ة الله أحم�د جنتي ونائ�ب الرئيس اإليراني مس�عود زريبافان ورئيس مؤسسة الش�هيد اإليرانية ونوابا إيرانيين، وشارك وف�د عراق�ي كبير برئاس�ة رئيس ديوان الوقف الش�يعي في الع�راق صالح الحيدري يض�م وزراء ونواب�ا ورج�ال دين، ووف�د من العلماء في س�ورية ووفود م�ن الطائفة الش�يعية في دول عربية ع�دة. وتولى عناصر »االنضباط« في »حزب الله« بلباس�هم األس�ود وقبعات تحمل صور العالم�ة فضل الله، تنظيم الم�رور ومواكبة الجموع،

بينما انتشرت عناصر من القوى األمنية بكثافة عند مداخل الضاحية.

إلى ذلك، لف الحزن المناطق اللبنانية فاتش�حت مدينة النبطية بالس�واد وتجمع األهالي وانتظموا في مواكب س�يارة من النبطي�ة إلى الضاحية يرفعون صور العالمة الراحل والرايات السود للمشاركة في مأتم التشييع وغصت الطرقات بالوفود وسط إجراءات لقوى األمن الداخلي التي انتش�ر عناصرها عل�ى طريق النبطية � الزهراني � صيدا لتأمين السير. وارتفعت اليافطات السوداء والرايات في ساحة النبطية وعلى طرقاته�ا الرئيس�ية وعلى مثلث كفررمان، فيما عمد ش�بان إل�ى توزيع صور العالمة فضل الله على السيارات والمارة، وعم الحداد العام مدينة النبطية وأقفلت اإلدارات والمؤسس�ات العام�ة والبلدي�ات والمؤسس�ات الخاص�ة والم�دارس والجامعات والمص�ارف والبنوك عم�ال بمذكرة مجلس الوزراء باإلقفال والحداد الذي يس�تمر 3 أي�ام وت�م تنكيس األع�الم اللبناني�ة على س�راي النبطية الحكوم�ي وعلى مقرات

البلديات واتحاد البلديات.

وتداع�ت مدين�ة صور إل�ى مجلس فاتحة ع�ن روح العالمة فض�ل الله في نادي اإلم�ام الص�ادق)ع(، حض�ره النائبان ن�واف الموس�وي وعلي خري�س، وفاعليات


149

دينية وحزبية وقال الموس�وي: »ما عرفنا س�ماحة الس�يد محمد حس�ين فضل الله، ها ومرش�دا يس�عى إلى تأس�يس ركائز تقوم على العلم منذ نعومة أظفارنا إال أبا موجواإليم�ان ونه�ج المقاومة«. أما خريس فاعتب�ر أن »لبنان فقد مرجعي�ة دينية وعلمية وثقافية وسياس�ية على المس�توى العالمي، وإنها لخس�ارة كبيرة ألمت بنا جميعا في

لبنان والعالم العربي واإلسالمي«.

وف�ي البقاع األوس�ط عم الحزن واألس�ى حدادا على رحي�ل العالمة فضل الله، وتوجهت أعداد كبيرة منذ الصباح إلى بيروت للمشاركة في تشييعه. وفي قرى رياق وعل�ي النهري وح�ي الفيكاني وعين كفرزب�د والنبي أيال والك�رك وتعلبايا وحزرتا تلي�ت آيات قرآنية م�ن مكبرات المس�اجد، فيما رفعت في الش�وارع اليافطات التي

تنعى الفقيد الكبير وتشيد بعلمه وثقافته وتنوره ومحبته للفقراء.

كما خيمت أجواء الحزن واألس�ى على مدينة بعلب�ك وقرى القضاء حدادا على رحيل العالمة، وأقفلت المحالت التجارية والمؤسس�ات الرس�مية وشلت الحركة تمام�ا داخ�ل الس�وق التج�اري في مدين�ة بعلب�ك ونكس�ت األع�الم اللبنانية فوق المؤسس�ات الرس�مية حدادا. ورفعت الرايات الس�وداء على سطوح بعض المنازل والمؤسسات الدينية ال سيما تلك التابعة للمبرات والبشائر والمؤسسات، وصدحت أصوات القرآن فيما أرجئت االمتحانات الرس�مية للتعليم المهني بمراحلها الثالث إلى الجمعة. وقد شاركت وفود من محبي العالمة الراحل من مختلف مناطق بعلبك

في التشييع في العاصمة بيروت.

إل�ى ذل�ك، تركت وفاة المرجع الش�يعي آث�ارا واضحة على أكثر م�ن صعيد، إن داخ�ل »ح�زب الله« أو خارج�ه. وذكر محللون أن�ه على الرغم من ك�ون فضل الله أصب�ح بعيدا عن قرارات »حزب الل�ه« وعن قيادته الميداني�ة، إال أن قيمته المعنوية الديني�ة أبقت�ه على تواصل دائم مع الح�زب وتركت له مكانة محترم�ة ال يرقى إليها الشك، وهو بدوره بادل الحزب االحترام والتقدير ولم يبخل عليه بالدعم المعنوي العلن�ي. وأض�اف المحللون »أن بصمات الس�يد الراحل كانت ظاه�رة للجميع من


150

خالل لهجته االنفتاحية وطريقته في التعامل مع التهديدات الداخلية واالنقس�امات الت�ي كان�ت تلوح ف�ي األف�ق، وكان يعتبر ش�خصية معتدل�ة يمك�ن التخاطب معها والتواص�ل م�ن خاللها م�ع الطائفة الش�يعية في لبن�ان ومع »حزب الل�ه« في بعض األحي�ان«. واعتب�روا »أن البصم�ات الخارجية للس�يد فضل الله ظه�رت في الفترة األخي�رة من خالل االنفت�اح الغربي على الح�زب وخصوصا القن�اة البريطانية التي ب�دأت بمحادث�ات مع الحزب للوق�وف على بع�ض اآلراء والمواقف وأخ�ذ فكرة واضح�ة عن كيفية المقارب�ة الواجب اتباعها إلنجاح التواصل، ولعب الس�يد فضل الل�ه في ه�ذا الس�ياق دورا بارزا خصوص�ا وأن الس�فيرة البريطانية فرنس�يس ماري غاي كانت »زائرة« دائمة للس�يد وتش�يد بآرائه وفكره المنفتح على الجميع«. وأشار المحلل�ون إلى »أن الس�يد فضل الله ش�كل المفتاح األساس�ي لب�اب التواصل بين

الحزب وبريطانيا ومنه مع عدد من الدول الغربية«.


151

لبنان الرسمي والشعبي يودع »فقيه االنفتاح« في مأتم مهيب.. ويعاهده باستكمال المسيرة!

النشرة ـ لبنان7 تموز 2010

»بأمان الله... يا حبيب الله«...

به�ذه العبارة المؤث�رة والحزينة التي صدح�ت في كل أرج�اء الضاحية الجنوبية لبي�روت، ودع لبنان الرس�مي والش�عبي »فقي�ه االنفتاح« في مأتم مهي�ب قاده محبو

ومؤيدو المرجع الراحل الذي كان »استثنائيا« بكل ما للكلمة من معنى..

»بأمان الله... يا حبيب الله«...

قالها كل محبي »الس�يد«، قالها مؤيدوه وعش�اقه، قالها معاص�روه ورفاقه، قالها إخوت�ه وأبناؤه، قالها الجميع وهم يودعون الرجل الذي جمعهم، الرجل الذي منح الدين معنى مختلفا، الرجل الذي علمهم كيف تبنى »الوحدة« وكيف تنبذ »التفرقة«،

الرجل الذي حارب الظلم ونصر »المظلوم«..

أت�وا من كل حدب وصوب، من لبنان من أقصاه إلى أقصاه، من العالمين العربي واإلس�المي، أتوا ليلقوا التحية األخيرة على مرجع ل�م يدركوا »قيمته الحقيقية« إال بغياب�ه، حين ش�عروا أنهم لن يتمكنوا بعد اليوم من االس�تماع إل�ى خطبه، نصائحه، وإرشاداته، لن يتمكنوا من الصالة خلفه وال من االستمتاع بفكره المتنور المختلف..

كله�م أتوا ليودع�وا الراحل الكبي�ر وليعاهدوه باس�تكمال المس�يرة التي بدأها،


152

بتخليد المدرسة التي كرسها، مدرسة القيم والمبادئ، أتوا ليقولوا له إنه، وإن رحل بالجسد، فهو باق في نفوسهم وقلوبهم من خالل اإلرث الغني الذي تركه وراءه..

أت�وا ليودع�وا الراح�ل الكبير في مش�هد ين�در أن يتكرر ف�ي الضاحي�ة الجنوبية لبي�روت الت�ي لفها كما كل لبنان الحداد الوطني واإلقفال، إقفال لم يزعج أحدا ألنه

»أقل الواجب« تجاه رجل استثنائي لم يعد بيننا، تجاه »قيمة معنوية«..

الرحلة األخيرة...وداع يليق بالراحل..

هكذا كانت رحلة العالمة الس�يد محمد حس�ين فضل الله األخيرة، رحلة جابت الضاحية الجنوبية ب�»صعوبة« عبرت عنها الحشود الكثيرة التي تدفقت من كل مكان

والتي أعاقت الدفن »عفويا« مرات ومرات..

بالدموع والس�واد، واكب عش�رات اآلالف من محبي »الس�يد« وعشاقه المسيرة األخيرة، واكبوا »سيدهم« وهو يمضي إلى مثواه األخير حيث دفن بين الناس الذين أحبه�م في صحن مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( ال�ذي كان يؤمه للص�الة ومالقاة

الناس ورفع الصوت في وجه الظلم.

وبصعوب�ة، وص�ل النعش إلى مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع(، بع�د انطالقه من أمام منزل الس�يد فضل الله في حارة حريك س�الكا للم�رة األخيرة دروب الضاحية الجنوبية التي أمضى فيها معظم سنوات عمره. بصعوبة وصل، وسط بحر من الناس الذين لم يقدروا على الفراق والذين لم يتحملوا لوعة الغياب ولم يس�تطيعوا إخفاء

التأثر عند اللحظة األخيرة، لحظة الوداع.

لبن�ان كل�ه � كم�ا العال�م العرب�ي واإلس�المي � كان حاض�را ف�ي وداع المرجع االس�تثنائي. أبن�اء الطائف�ة الش�يعية جاؤوا ب�كل ألوانه�م وتمايزاته�م وكذلك فعل �نة والش�يعة والدروز. المتدين�ون وغي�ر المتدينين، المس�لمون والمس�يحيون، الس


153

جميعهم مش�وا معا خلف النعش في خط سير واحد. كما شاركت في التشييع وفود من س�وريا وإي�ران واإلم�ارات واألردن والعراق وفلس�طين والس�عودية والكويت والبحرين وغيرها، في تعبير عن مدى اتساع العمق الحيوي للحالة أو المدرسة التي

يمثلها السيد فضل الله.

أردوغان يعزي »السيد«..

وألن »الس�يد« لم يكن يفرق بين الناس، ه�و الذي فتح بابه ل�»كل الناس« دون موع�د، ش�عر »كل الناس« أنه�م معنيون ب�»ال�وداع« فحضروا جميعا، الرس�ميون والسياس�يون والعلم�اء ورج�ال الدي�ن وعامة الش�عب، ه�ؤالء الذين ش�عروا أن »الس�يد« كان واحدا منه�م، وكذلك »األيتام« الذين أدرك�وا معنى »اليتم« باألمس

فقط..

ومن المش�يعين، ب�رز حضور رئيس »اللق�اء الديمقراطي« النائ�ب وليد جنبالط ونجله تيمور، علما أن »البيك« قطع زيارته لتركيا للمش�اركة في التشييع كما أوضح لرئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان لدى »استفس�اره« عن الس�بب، سبب أقن�ع المس�ؤول التركي الذي أبلغ جنبالط أنه »يش�ارك كل الش�عب اللبناني الحزن

على هذا الرجل العظيم«.

حزن أوصله أردوغان إلى األمين العام ل�»حزب الله« السيد حسن نصرالله أيضا إذ اتص�ل ب�ه، كم�ا أعلنت العالق�ات اإلعالمية في »ح�زب الله«، حي�ث عبر له عن مواس�اته ومشاعره متمنيا نقل تعازيه إلى عائلة الراحل الكبير وأبناء الشعب اللبناني قاطبة. وقد رد الس�يد نصرالله شاكرا أردوغان على اتصاله وتعزيته كما على مواقفه ومواقف الش�عب التركي تجاه القضية الفلسطينية »التي أحيت الكثير من اآلمال في

العالمين العربي واإلسالمي«.


154

كلمة أخيرة...

اليوم، س�تعود السياس�ة إلى الحياة في هذا الوطن ويبدأ محبو »الس�يد« باالعتياد

على »الفراق«..

اليوم، س�يفتح اللبنانيون فصال جديدا وس�يعودون لالهتمام بقضاياهم المنتظرة

من النفط إلى الغاز إلى الحقوق وغيرها..

اليوم، سيعود اللبنانيون إلى »حروبهم« الصغيرة والكبيرة، هم الذين توقعت لهم

إسرائيل »توترا« في شهر أيلول المقبل، توترا »مرتبطا« بتقرير المحكمة الدولية وفق

»المعلومات« اإلسرائيلية..


155

مأتم مهيب للسيد فضل الله بمشاركة عربية وإسلمية وأردوغان يتصل بنصر الله معزيا

اللواء ـ لبنان7 تموز 2010

ودع لبنان الرس�مي والش�عبي باألمس والدموع سيد االنفتاح واالعتدال العالمة السيد محمد حسين فضل الله، بمشاركة وفود عربية وإسالمية من سوريا واإلمارات وقطر والبحرين واألردن والعراق وإيران في مأتم مهيب، حيث سار عشرات اآلالف في الموكب الذي انطلق من دارة الراحل الكبير إلى مس�جد اإلمامين الحسنين)ع(، ودفن في باحة المس�جد، بعيدا عن عدس�ات وس�ائل اإلعالم، وأقيمت الصالة عن روح�ه في حضور أفراد العائل�ة والرئيس نبيه بري ممثال رئي�س الجمهورية، وتمثل األمين العام لحزب الله الس�يد حس�ن نصر الله بنائبه الشيخ نعيم قاسم، فيما تمثلت

الجمهورية اإلسالمية اإليرانية بأمين مجلس صيانة الدستور آية الله جنتي.

وس�ار ف�ي الموكب نج�ل أمير قط�ر الش�يخ جوعان بن حم�د آل ثاني والس�فير الس�وري علي عبد الكريم ممثال الرئيس الس�وري بش�ار األس�د مع وف�د من وزارة األوقاف السورية، والسفير األردني زياد المجالي ممثال العاهل األردني الملك عبد الل�ه الثان�ي، ووزير التعليم العالي في دولة اإلمارات الش�يخ نهي�ان آل مبارك ممثال رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد، باإلضافة إلى وفد عراقي كبير ضم مساعد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي علي األديب ووزراء ونواب إضافة إلى حش�د من

سفراء الدول اإلسالمية والعربية واألجنبية.


156

وبلغت كثافة المشيعين إلى حد وصول مقدمة الموكب إلى مشارف مثواه األخير في مس�جد الحس�نين)ع(، فيما كان متصال بمكان االنطالق من منزل الراحل الكبير

في حارة حريك.

وتلقى نصر الله مساء أمس اتصاال من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان معزيا ومعبرا عن مواساته ومشاعره، راغبا بإبالغ تعازيه إلى عائلة العالمة فضل الله وأبناء الش�عب اللبناني قاطبة، وشكر نصر الله أردوغان على اتصاله وتعزيته، وعلى مواقف�ه ومواق�ف الش�عب التركي تجاه القضية الفلس�طينية والتي أحي�ت الكثير من

اآلمال في العالمين العربي واإلسالمي.

وعاش�ت الضاحي�ة الجنوبي�ة ومعه�ا لبن�ان يوم�ا حاف�ال بال�دالالت والمعان�ي والمراجع�ة وأخذ العب�ر، حيث تجلت الوح�دة الوطنية واإلس�المية في واحدة من صورها النادرة التي من ش�أنها أن توفر األرضية السياس�ية واألخالقية لمقاربة أهدأ

للملفات الخالفية.


157

بمشاركة ممثلين لرؤساء اإلمارات وسوريا والعراق وفلسطينلبنان الرسمي والشعبي يودع فضل الله إلى مثواه األخير


باسمة عطوي

أطل نعش العالمة السيد محمد حسين فضل الله من مدخل داره في حارة حريك، المقابل تماما لكنيسة مار جاورجيوس المارونية التي كان جارها وأبرز الداعين إلى حماية »رمزيتها الوطنية«، لينطلق في مس�يرة مهيبة في ش�ارع حارة حريك العريض وصوال إلى مس�جد اإلمام الرضا)ع( الذي ش�هد أحد أبرز محطاته الفكرية والدينية والسياس�ية وصوال إلى المش�رفية ث�م الغبيري فجامع اإلمامين الحس�نين)ع( حيث

المثوى األخير الذي أوصى السيد أن يدفن فيه منذ أن وضع الحجر األساس له.

وبي�ن ب�اب الدار وب�اب الجامع عش�رات األمتار تروي مس�يرة »مرج�ع« مكللة بالجهاد والحكمة في س�بيل اإلنس�ان، توج�ت صاحبها في مكانة إس�المية ووطنية وش�عبية اس�تثنائية، كان الحضور السياس�ي الرفيع المس�توى أحد عالماتها، بحيث تقدم الحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثال أيضا رئيس الجمهورية ميش�ال س�ليمان، وممث�ل رئيس مجلس الوزراء س�عد الحريري الوزير محم�د رحال. فيما كان عش�رات األلوف من المحبين والمريدين يحتشدون للتعبير عن لوعتهم بفقدان »الس�يد« الذي لم يش�كل في وجدانهم قيمة عابرة، إذ س�عى جاهدا إلى دمجهم في مجتمعهم اللبناني ودولتهم، وال عجب أن يقول الشباب الذين درسوا في المدارس التابعة ل�»جمعية المبرات الخيرية« أثناء التشييع أنهم يشعرون باليتم الذي لم يشعروا


158

به حين كانوا صغارا وانضموا إلى الجمعية التي أسسها »السيد« وتولت تربيتهم.

مراسم التشييع بدأت منذ ساعات الصباح األولى، فكانت بداية يوم سكان حارة حري�ك مختلفة، ليس حزنا على فراق »الس�يد« فحس�ب، بل ألنهم اس�تيقظوا على صوت�ه اآلت�ي من مكبرات الصوت التي كانت تب�ث مقتطفات من خطبه، فيما كانت عناصر االنضباط التابعة ل�»حزب الله« تتولى منذ ليل اإلثنين ترتيب مراسم الجنازة وتنظيم السير وإقفال الطرقات المؤدية إلى بيت السيد إال أمام المشاة. وعلقت على الشوارع المحيطة صور للعالمة كتب عليها »إنا لله وإنا إليه راجعون« و»أستودعكم

الله«.

عند العاش�رة بدأت الجموع بالتوافد إلى مدخل الدار بعدما تحدد مسار النعش، وش�يئا فش�يئا كانت األعداد تتكاثر إلى أن وصل إلى أوجه قرابة الواحدة بانتظار أن يط�ل »نعش الس�يد« لوداعه للم�رة األخيرة. داخل المنزل كان الح�زن صامتا ونبيال ل�دى األبناء واألحفاد والش�خصيات التي حرصت على إلق�اء النظرة األخيرة عليه، والجمي�ع كان يرمق صورة كبيرة للس�يد وهو يقرأ الدع�اء وذيلت بقوله »قدوتي في كل مواقفي رس�ول الله«. وعلى الدرج المؤدي إلى الصالة التي كانت تس�تقبل فيها الحشود، وقف صفان من العلماء بانتظار خروج النعش، فيما كان المحبون من غير األهل يتس�ابقون إللق�اء النظرة األخيرة ومن بينهم حفي�ده المراهق الذي كان يقول

»أنا ابن بنت السيد أرجوكم أريد الدخول«.

لحظ�ات وخ�رج النعش مزين�ا بعمامة »الس�يد«، وانطلق وس�ط غابة من البش�ر ومقتطف�ات م�ن أدعية بص�وت العالم�ة الراح�ل وخطبه. اس�تمرت المس�يرة نحو س�اعتين، وتوقفت قرب جامع اإلمام الرضا)ع( في بئر العبد ثم في محلة س�اندريال ف�ي بئ�ر العبد حيث تعرض فضل الله لمحاولة اغتيال في العام 1985، قبل أن ينطلق إل�ى محلة المش�رفية، لينعطف غربا في اتجاه مس�تديرة المطار، ث�م جنوبا في اتجاه مق�ر المجل�س اإلس�المي الش�يعي األعلى، ث�م ش�رقا في اتج�اه مس�جد اإلمامين حال األخير للسيد، وتوزعت على الجدران صوره، وعلقت الحس�نين)ع( حيث الر


159

على المنصة التي كان يعتليها إللقاء الخطبة يافطة سوداء كتب عليها »رحل والصالة

بي�ن ش�فتيه وذكر الله على لس�انه وهموم األمة ف�ي قلبه«. أما عل�ى األرض فكانت

جول�ة أخ�رى من التداف�ع حين أدخل النعش من جهة مستش�فى »بهم�ن« نحو قاعة

�فلية للمس�جد، حيث صلى ش�قيق الراحل السيد محمد علي الزهراء في الطبقة الس

فضل الله على جثمانه قبل أن يوارى الثرى على بعد أمتار من القاعة، أي في صحن

المسجد الذي اختاره السيد مكانا لضريحه قبل وفاته.

وخ�ارج األب�واب كانت الحش�ود تتداف�ع للوصول، م�ا ح�ال دون دخول نجل

الراحل الس�يد عل�ي إال بصعوب�ة، واعتذر عري�ف الجامع مرارا م�ن الحضور على

عدم القدرة على التنظيم، فيما صوت الس�يد ينطلق من مكبرات الصوت وهو يقول

بص�وت واه�ن قبيل رحيله »أس�أل الله أن يس�اعدني على أن أخدمك�م وأن أتعاون

معكم في سبيل الله«.


160

أبو األيتام


فيصل سلمان

ودع لبن�ان ي�وم أمس واحدا من رجاالت�ه العظام، العالمة المرجع الكبير الس�يد محمد حسين فضل الله.

من�ذ اإلع�الن عن وفات�ه ووس�ائل اإلع�الم المكتوب�ة والمس�موعة والمرئية لم تتوق�ف ع�ن الحدي�ث عن�ه وعن س�يرته وفك�ره، عن عقل�ه الراج�ح وع�ن مكانته الفقهيةوالمرجعية.كت�ب وقيل الكثير في الراحل الكبير وكل ما كتب قد ال يفيه حقه

لكنه بالتأكيد وبمقدار ما ينصفه، يجعلنا ندرك مدى الخسارة.

ال نبالغ إذا قلنا إننا لم نكن ندرك تماما أهمية وجوده بيننا، لذا سيكون اإلحساس بخسارته مضاعفا، إذ إننا نكاد نقول: من سيعوضنا عنه؟

الس�ؤال ينط�وي عل�ى إدراك بأن الذين مث�ل الراح�ل الكبير، قلة، بي�ن المراجع الديني�ة والمراجع الفكرية. والحدي�ث عن أنه كان، رحمه الله، مرجع�ا دينيا متنورا

ومنفتحا على الحداثة والعلم، يجب أن ال يخفي خصاله وكفاءاته األخرى.

من أبرز هذه الكفاءات، أنه كان رجل مؤسسات بكل ما لهذه الكلمة من معنى.

لقد أش�رف الراحل الكبير على بناء العديد من مؤسس�ات الرعاية، وصل طالبها إل�ى حوال�ى أربعة آالف يتيم في عش�رات الم�دارس والمهنيات ومؤسس�ات ذوي

االحتياجات الخاصة والمراكز الصحية والثقافية.


161

كان ش�ديد الحرص على نشر موازنات مؤسس�اته سنويا في الصحف وفيها ذكر لكل قرش وصل إليه عبر التبرعات والخمس والزكاة، وكيفية إنفاقه.

أن يك�ون مرجع�ا دينيا يعن�ي أن يكون مؤسس�اتيا أيضا، والمؤسس�ات هي التي تبق�ى وه�ي التي ترعى، وما كان الراحل ليس�تطيع ذلك لو لم يك�ن موثوقا، محترما

وصاحب رؤية.

س�يبقى نتاجه الفقهي والديني والفلس�في والعلمي، ولكن المه�م أيضا أن تبقى المؤسس�ات، وهي مهمة ملقاة على عاتق الذين يؤمنون بأن العمل المؤسس�اتي هو

طريق الخالص.


162

حزب الله تولى تنظيم المأتم... والحريري أعلن الحداد الرسميلبنان شيع السيد فضل الله بمأتم شعبي وطني حاشد

النهار )الكويت(7 تموز 2010

ش�يع لبنان أمس المرجع الش�يعي العالمة الس�يد محمد حس�ين فض�ل الله في مأتم شعبي ورسمي مهيب وسط حداد وإقفال عام أعلنته الحكومة اللبنانية. وبدأت المراس�م بع�د صالة الظه�ر من أم�ام منزله في حارة حري�ك في الضاحي�ة الجنوبية وس�لك موكب التش�ييع عددا من شوارع الضاحية قبل أن يصل إلى مسجد اإلمامين الحس�نين حي�ث أقيمت الص�الة. ووري الثرى في صحن المس�جد. وتجمع آالف األش�خاص ف�ي أحياء الضاحي�ة خصوصا قرب من�زل فضل الل�ه. ورفعت األعالم الس�وداء وصور المرجع الش�يعي في كل مكان. كما انتشرت صوره على السيارات وقالت فاطمة مش�يمش )20 عاما( إنها درس�ت في مدرس�ة تابع�ة لجمعية المبرات الخيرية التي أسس�ها فضل الله والتي تعن�ى باليتامى، وقالت »فقدت والدي وأنا في الثالث�ة وتحجبت لدى الس�يد فضل الله وأن�ا في الثامنة« وأضافت »عندما س�معت بوفات�ه، قلت في نفس�ي لقد توفي أبي«.وقال حس�ن فقي�ه )55 عاما( ال�ذي قدم مع زوجت�ه من النبطية )جنوب( للمش�اركة في التش�ييع »جئت محبة بالس�يد الذي كان يعني لنا الكثير خصوصا أنه كان المؤيد األول للمقاومة اإلس�المية وهو الذي أطلق

فكرة المقاومة والفكر المقاوم«.

وتوف�ي فضل الله األحد عن خمس�ة وس�بعين عاما نتيجة إصابت�ه بنزيف داخلي


163

.وخ�الل اليومي�ن الماضيي�ن تواف�د المس�ؤولون الكبار والش�خصيات من كل حادالمذاه�ب واألحزاب السياس�ية للتعزي�ة بالراح�ل، باإلضافة إلى وفود ش�عبية.كما وردت برقي�ات تعزي�ة ب�ه م�ن العدي�د من الش�خصيات ف�ي الخارج وبينهم مرش�د الجمهورية اإلس�المية علي خامنئي والرئيس اإليراني محمود أحمدي نجاد وملك البحري�ن حمد بن عيس�ى آل خليف�ة ورئيس حكومته�ا األمير خليفة بن س�لمان آل خليف�ة واألمي�ن العام لجامعة الدول العربية عمرو موس�ى ونائب الرئيس الس�وري


وف�ي تعلي�ق على وفاته نش�ر أمس على مدون�ة إلكترونية للس�فيرة البريطانية في بيروت، كتبت السفيرة فرانسيس غاي أن غياب فضل الله »سيتجاوز )أثره( شواطئ لبنان« وتحدثت عن انطباعاتها بعد التعرف إليه فقالت »عند زيارته يمكنك أن تكون متأكدا من حصول نقاش حقيقي مع جدال محترم وتعلم أنك سوف تتركه مع شعور بأن�ك أصبحت ش�خصا أفضل«. واعتب�رت أن »العالم يحتاج إل�ى مزيد من الرجال مثله المس�تعدين للتواصل عبر األديان واالعت�راف بواقعية العالم المعاصر ولديهم

الجرأة لمواجهة القيود القديمة«.

وق�د عرف فضل الل�ه بانفتاحه على العصر في فتاواه مع تمس�كه بأصول الدين. وكان فضل الله »المرشد الروحي« لحزب الله في بداية تأسيسه في الثمانينيات قبل أن يحص�ل تباع�د بين الجانبين بس�بب تباينات ف�ي وجهات النظر ح�ول المرجعية الدينية، إذ س�عى فضل الله إلى تأس�يس مرجعية مس�تقلة عن الحزب الش�يعي، في

حين أن األخير يعتبر »والية الفقيه« من صلب عقيدته.

وتولى حزب الله التفاصيل التنظيمية لمراس�م التش�ييع التي تجري في معقله في الضاحية الجنوبية. وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية س�عد الحريري الحداد الرس�مي أم�س على »فقيد لبنان« وقال بيان الحكومة اللبنانية »تقفل اإلدارات والمؤسس�ات العام�ة والبلدي�ات وكذلك الجامعات والمدارس الرس�مية والخاص�ة كلها في يوم التش�ييع الرس�مي للفقيد الكبير. كما تنك�س األعالم على اإلدارات والمؤسس�ات


164

العام�ة والبلدي�ات لم�دة ثالث�ة أي�ام وتع�دل البرامج العادي�ة في محط�ات اإلذاعة والتلفزي�ون، بما يتوافق مع هذه المناس�بة األليمة«. وأعلن�ت المديرية العامة لقوى األم�ن الداخل�ي أن�ه ولمناس�بة مراس�م تش�ييع العالمة الس�يد محمد حس�ين فضل الله س�يتم اس�تثنائيا فتح طريق المط�ار اليوم أمام الس�يارات وأوضحت قوى األمن الداخل�ي أن الطري�ق المذك�ور الذي يخضع حالي�ا ألعمال صيانة س�يتم فتحه حتى

انتهاء مراسم التشييع.


165

مشاركة بحرينية رسمية وبرلمانية وأهلية حاشدةالمرجع السيد فضل الله يودع الثرى في يوم بيروتي حزين

الوسط )البحرين(7 تموز 2010

بيروت � حيدر محمد

»ي�وم الصباح الحزين في بيروت«... هذا هو لس�ان حال العاصم�ة اللبنانية التي اس�تقبلت عش�رات اآلالف من المعزين منذ س�اعات الصباح األولى من يوم أمس )الثالثاء( للمش�اركة ف�ي وداع المرجع الديني الكبير آية الله العظمى الس�يد محمد حسين فضل الله الذي ووري جثمانه الثرى ظهر أمس إثر وفاته يوم األحد الماضي

. في مستشفى بهمن بعد تعرضه لنزيف حاد

ول�م تمن�ع درج�ة الح�رارة المرتفع�ة أم�س عش�رات اآلالف م�ن اللبنانيين من مختل�ف مناطق لبن�ان من الش�مال والجنوب والبقاع م�ن التوجه بكثاف�ة كبيرة إلى الضاحية الجنوبية في بيروت، حيث أفاقت على صوت اآليات القرآنية وتسجيالت

من خطابات المرجع فضل الله.

واتش�حت الشوارع الرئيسية للعاصمة اللبنانية )بيروت( بالسواد وصور المرجع الدين�ي الراحل وومضات من كلماته المعلقة بأحج�ام كبيرة والتي كانت تركز على تعزيز القيم اإلنسانية واإلسالمية وتكريس ثقافة الحوار والتسامح فيما كانت مقاطع

صوتية للسيد فضل الله تذاع بصوت عال في كل الطرقات المؤدية للضاحية.

وانطلق موكب التش�ييع في الس�اعة الواحدة والنصف من بعد صالة الظهر التي


166

أقيم�ت بإمام�ة ش�قيق المرجع، الس�يد محم�د علي فضل الل�ه في جام�ع اإلمامين الحس�نين)ع( في الضاحي�ة الجنوبية، وهو الجامع الذي كان الس�يد فضل الله يلقي

فيه خطب الجمعة.

وج�اب الموكب طرقات الضاحية، وتجمعت حش�ود نس�ائية غفيرة على جانبي طريق الموكب، ونثرت الورود على موكب التش�ييع قبل أن يمر على منزل المرجع الراح�ل الس�يد فضل الله في حارة حريك، وعاد الموك�ب مجددا إلى الجامع ليذاع خطاب مس�جل قديم آلية الله العظمى الس�يد محمد حس�ين فضل الله وسط دموع المعزي�ن، جاء فيه: »أيها األحبة إنني أحبكم جميعا، أحبكم في الله الذي ليس لدي غاي�ة وال هدف س�وى مرضاته، أيه�ا األحبة، أحب�وا الذين يتفقون معك�م لتتعاونوا معه�م، وأحبوا من يختلف معكم لتتحاوروا معهم على القاعدة اإلنس�انية والقاعدة اإلس�المية )...( ال أعرف إال أن أقابلكم الحب بالحب والوفاء بالوفاء«، ثم أقيمت ص�الة الجنازة على الجثمان بمش�اركة نخبوية وجماهيرية حاش�دة، ليوارى جثمان المرج�ع فض�ل الله الثرى ف�ي إحدى القاعات الرئيس�ية بالجامع ليس�تقبل رؤس�اء

وأعضاء الوفود وآالف المعزين.

ومن دون س�ابق إنذار تغير مسار الكثير من المشاركين في الموكب لدى علمهم بنبأ تواجد األمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في منطقة التشييع، ليرددوا بحم�اس كبير »بال�روح بالدم نفديك ي�ا نصرالله«، وفي حين لوح�ظ خلو الموكب من أية أعالم لألحزاب اللبنانية، ردد المش�اركون في التش�ييع ش�عارات »لن ننساك يا فضل الله« وش�عار »الموت إلسرائيل« حيث مر موكب التشييع بالقرب من مئات المباني التي قصفتها إس�رائيل في حرب تموز األخيرة، وتكفلت مؤسسات اإلعمار

التابعة للمقاومة بإعادة تأهيلها.

وأمن�ت قوى األم�ن الداخلي وق�وات م�ن الجيش اللبنان�ي المداخل الرئيس�ية للضاحي�ة الجنوبي�ة، ولك�ن تكفل ممثل�ون عن حزب الله ومنتس�بون لمؤسس�ات المرج�ع فضل الله بتأمين الطرقات الداخلية التي س�ار فيها موكب التش�ييع، ولكن


167

الحج�م الكبي�ر من الحش�ود الغفيرة الت�ي غصت به�م الضاحية أث�رت على تطبيق الترتيبات المعدة سلفا للتشييع.

ه�ذا، وق�د ش�هدت مراس�م التش�ييع مش�اركة بحرينية حاش�دة، فعل�ى الصعيد الرس�مي نقل مستش�ار جاللة الملك لشؤون السلطة التش�ريعية محمدعلي الستري

تعازي القيادة البحرينية لذوي المرجع الراحل بتكليف من عاهل البالد.

كما كان عالم الدين السيدعبدالله الغريفي � الذي كان قد تال النبأ الرسمي للوفاة � في مقدمة مس�تقبلي المعزين مع أفراد عائلة المرجع الراحل في الباحة الرئيس�ية في

جامع اإلمامين الحسنين)ع( في الضاحية الجنوبية.

كم�ا ش�ارك وفد كبي�ر من جمعي�ة الوف�اق الوطني اإلس�المية برئاس�ة أمين عام الجمعية الشيخ علي سلمان إلى جانب عدد من النواب، كما سجلت مشاركة كثيفة

من وفود شعبية من مختلف مناطق البحرين شاركت في التشييع.

وأعل�ن يوم أمس عطلة رس�مية في لبنان حدادا على فقد المرجع الراحل وس�ط احتف�اء لبناني رس�مي وجماهي�ري مميزي�ن بالفقيد، إذ أرس�ل رؤس�اء الجمهورية ميش�ال س�ليمان والحكومة س�عد الحري�ري والبرلمان نبي�ه بري ممثلي�ن عنهم في التش�ييع، باإلضاف�ة إلى مش�اركة غفي�رة من ال�وزراء وممثل�ي األدي�ان والمذاهب وزعماء التيارات السياس�ية، وكان الزعيم السياس�ي ال�درزي وليد جنبالط من أبرز الش�خصيات اللبنانية التي نقلت التعازي مبكرا بعد انتهاء مراس�م التش�ييع في قاعة

الزهراء)ع(.

وخصص�ت جمي�ع الصحف اللبناني�ة الصادرة أمس ج�زءا كبيرا م�ن صفحاتها لتغطي�ة تداعي�ات حدث رحيل المرج�ع فضل الله، واس�ترجعت مواقفه الصلبة في دعم لبنان وتعزيز خيار المقاومة في وجه العدو اإلس�رائيلي ودعواته المس�تمرة إلى

اللبنانيين بالحوار وتغليب المصالح الوطنية على منطق المذاهب والطوائف.

وحض�ر موكب التش�ييع عدد كبير م�ن الوف�ود الخليجية والعربية واإلس�المية،


168

وش�اركت دول�ة اإلم�ارات العربية المتحدة بوفد رفيع المس�توى، وش�ارك ممثلون عن الرئيس الس�وري بش�ار األس�د، كما ت�رأس الوف�د العراقي في التش�ييع الرئيس األس�بق للبرلم�ان حاجم الحس�ني ممثال الرئي�س العراقي ج�الل الطالباني، وضم الوفد رئيس ديوان الوقف الس�ني أحمد الس�امرائي، كما ش�ارك ممثلون عن رئيس ال�وزراء العراق�ي نوري المالكي والكثي�ر من أعضاء مجلس الن�واب العراقي، فيما ترأس الوفد اإليراني رئيس مجلس صيانة الدستور آية الله أحمد جنتي ممثال مرشد الجمهورية اإلس�المية اإليرانية، فضال عن وفود سياس�ية وبرلمانية وعلمائية وأهلية م�ن جميع دول مجلس التعاون ودول عربية وإس�المية والس�فراء وأعضاء الس�لك الدبلوماس�ي ورؤساء البعثات الدبلوماس�ية المعتمدون في بيروت. وستقام العديد من مجالس العزاء والتأبين على روح المرجع السيد فضل الله في مختلف المناطق

اللبنانية، حتى يوم الجمعة المقبل الذي سيكون األول بعد وفاة المرجع الراحل.


169

مراسم تشييع الراحل الكبير آية الله السيد محمد حسين فضل اللهلبنان والعالم اإلسلمي ودعا رائد الحوار والتجديد والتقريب

وكالة أنباء التقريب )طهران(7 تموز 2010

كما كان المرجع التنويري الكبير السيد محمد حسين فضل الله شخصية استثنائية مترامية األطراف، عاب�رة للطوائف والمذاهب والحدود.. هكذا كانت رحلة الوداع

الحاشدة التي ضاقت بها شوارع الضاحية الجنوبية أمس.

ف�ي مأتم مهيب، مبل�ل بالدمع والحزن، تواكبه مظاهر الح�داد الوطني واإلقفال العام، مضى العالمة السيد فضل الله إلى مثواه األخير، حيث دفن في صحن مسجد اإلمامين الحس�نين)ع( الذي كان يؤم الصالة ومالقاة الناس ورفع الصوت في وجه

الظلم. لقد كان وداعا يليق بالراحل الكبير.

وسط بحر من الناس، سار النعش مرفوعا على أيدي المحظوظين الذين تمكنوا م�ن بلوغه، ومحاط�ا بمحبيه الكثر الذين تقاطروا من كل المناطق اللبنانية ومن دول

عربية وإسالمية.

بصعوب�ة، وص�ل النع�ش إلى مس�جد اإلمامي�ن الحس�نين)ع(، بع�د انطالقه من أمام منزل الس�يد فضل الله في حارة حريك س�الكا للم�رة األخيرة دروب الضاحية فا لبع�ض الوقت أمام األمكنة الت�ي تربطها به الجنوبي�ة التي س�تفتقده كثي�را، ومتوق

ذكريات حميمة، يمتزج فيها الجهادي بالوجداني.

بدت الجموع الكثيفة كأنها تقاوم رحيل المرجع الكبير، مع تسليمها بقضاء الله.


170

حاولت أن تؤخر قدر اإلمكان س�فره األخير. اهتز النعش أكثر من مرة، تحت وطأة مون نقله إلى المس�جد األمواج البش�رية وجراء التدافع للمس�ه، قب�ل أن يقرر المنظ

بواسطة سيارة إسعاف.

لبن�ان كل�ه � كم�ا العال�م العرب�ي واإلس�المي � كان حاض�را ف�ي وداع المرجع االس�تثنائي. أبناء الطائفة الش�يعية جاؤوا ب�كل ألوانهم وتمايزاته�م إلى الموعد مع »الس�يد« بمعزل عن التباينات الفقهية والسياسية التي كانت قائمة بينه وبين بعضهم. المتدينون وغير المتدينين، المس�لمون والمس�يحيون، الس�نة والش�يعة والدروز... جميعهم مش�وا معا خلف النعش في خط سير واحد. كما شاركت في التشييع وفود من س�وريا وإي�ران واإلم�ارات واألردن والعراق وفلس�طين والس�عودية والكويت والبحرين وغيرها، في تعبير عن مدى اتساع العمق الحيوي للحالة أو المدرسة التي

يمثلها السيد فضل الله.

ومس�اء أم�س، تلقى األمين العام ل�»حزب الله« الس�يد حس�ن نصر الل�ه اتصال تعزي�ة من رئي�س ال�وزراء التركي رجب طي�ب أردوغ�ان، عبر خالله عن مواس�اته ومش�اعره متمنيا نق�ل تعازيه إلى عائلة الراحل الكبير وأبناء الش�عب اللبناني قاطبة، ورد نصر الله شاكرا أردوغان على اتصاله وتعزيته كما على مواقفه ومواقف الشعب التركي تجاه القضية الفلس�طينية »التي أحيت الكثير م�ن اآلمال في العالمين العربي

واإلسالمي«.

بدوره، تلقى النائب وليد جنبالط اتصال استفسار من أردوغان حول سبب قطع زيارته لتركيا، فأجابه بأنه أراد المش�اركة في تش�ييع فضل الله وقال له أردوغان »أنا أشاركك وأشارك كل الشعب اللبناني الحزن على هذا الرجل العظيم«. واتفقا على لق�اء الح�ق، علما بأن جنبالط انتقد خرق مؤسس�ات رس�مية قرار الح�داد الوطني

وتنكيس األعالم.

وم�ن ث�م ووري الثرى في مث�واه األخير في قاعة الزهراء في المس�جد بعد أن أم الصالة على جثمانه الطاهر شقيقه السيد محمد علي فضل الله.


171

كر الحكيم من المساجد تش�ييع آية الله فضل الله جرى وسط تالوة آيات من الذوقرع أجراس كنيسة مار يوسف في حارة حريك.

موكب التش�ييع س�لك ش�ارع الش�هيد أحمد قصير وس�ط نثر األرز والبكاء على فراقه، وصوال إلى محطته األولى أمام مس�جد اإلمام الرضا )ع( في بئر العبد، حيث تزام�ن م�رور الجثمان مع ع�رض مقتظفات صوتية من خطب الراحل في المس�جد

إبان الثمانينيات.

وأكم�ل الموك�ب طريق�ه إل�ى منطق�ة الصنوبرة حي�ث كانت أعن�ف محاوالت االغتيال التي تعرض لها السيد.

بدت الجموع الكثيفة كأنها تقاوم رحيل المرجع الكبير، مع تسليمها بقضاء الله. حاولت أن تؤخر قدر اإلمكان س�فره األخير. اهتز النعش أكثر من مرة، تحت وطأة

األمواج البشرية وجراء التدافع للمسه.


172

رحيل فضل الله في الصحافة التركية: صوت الوحدة اإلسلمية


محمد نور الدين

احت�ل رحي�ل المرج�ع الس�يد محمد حس�ين فضل الل�ه موقعه الب�ارز في صدر الصفح�ات األولى من الصحف التركية ووس�ائل اإلع�الم. وعنونت صحيفة »يني شفق« المقربة من »حزب العدالة والتنمية« خبرها بالقول: »وفاة المعارض األك��ثر

حزما للواليات المتحدة األميركية«.

وذك�رت الصحيف�ة أن الس�يد فض�ل الل�ه مع�روف بانتقاده الش�ديد ف�ي خطبه، وال س�يما ف�ي خطب الجمعة، لسياس�ات الوالي�ات المتحدة األميركية في الش�رق األوس�ط. وقال�ت الصحيفة إن الس�يد فض�ل الله مع�روف أيضا بمواقف�ه المنفتحة والمعتدلة تجاه المرأة واإلس�الم، وإنه كان ضد جرائم الثأر. وذكرت الصحيفة بأن الس�يد كان يع�ارض نداءات الجهاد التي أطلقها أس�امة ب�ن الدن و»حركة طالبان«، وقالت إنه وصف »طالبان« بأنها حركة غير إس�المية. وقالت إنه موجود على الئحة إره�اب الواليات المتح�دة في العام 1995، وكان داعما كبيرا للثورة اإلس�المية في

سي »حزب الله«. إيران. وقالت إن السيد كما »حزب الله« كان ينفي أنه من مؤس

وأش�ارت صحيف�ة »زمـان« التابعة لجماع�ة »فتح الل�ه غولين« اإلس�المية، إلى أن الس�يد فضل الله مع�روف بمواقفه المناهض�ة للواليات المتح�دة األميركية كما


173

بمواقفه المعتدلة وال سيما تجاه دور المرأة في المجتمع.

وقالت الصحيفة إن للس�يد مريدين كثرا خارج لبنان وكان يعتبر الزعيم الروحي ل�»حزب الله« عند تأسيسه.

ووصفت صحيفة »حرييت« العلمانية الس�يد فضل بأنه العقل المعتدل ل�»حزب الله«.

وقالت الصحيفة إن الس�يد فضل الله بكتبه وآرائه، من أكثر رجال الدين الش�يعة نفوذا في العالم. وقالت إن له تأثيرا كبيرا في دول الخليج وفي دول آسيا الوسطى.

وقال�ت الصحيفة إنه كان العقل المدبر ل�»حزب الله« بعد تأسيس�ه. ومع أنه كان يس�اند المقاومة المس�لحة ضد إس�رائيل، إال أن�ه كان يقول إنه لي�س معاديا لليهود. وتنقل الصحيفة عن الس�يد قوله إنه حتى لو أصبحت إس�رائيل كلها إسالمية فيجب محاربتها ألن احتالل األرض من اآلخرين حتى لو كان مس�لما أمر تجب محاربته. وذك�رت بقوله إنه ليس عنده عقدة تج�اه اليهود لكنه ضد الصهيونية. وقالت إنه قال

للممرضين الذين حوله إن أمنيته األخيرة إنهاء الصهيونية. وفي مقالة عن السيد فضل الله، كتب الكاتب »حاقان البيرق« الذي كان في عداد نش�طاء »أسطول الحرية« الذين اعتقلتهم إسرائيل أن السيد فضل الله كان يدافع عن

الوحدة بين الشيعة والسنة وكان يحيي الدور التركي في الشرق األوسط. وقال البيرق في صحيفة »يني شـفق« إنه هو أيضا يحيي الس�يد فضل الله: »لست ش�يعيا، لكن لو كنت ش�يعيا لكنت ش�يعيا مثل الس�يد فضل الله. ولم أكن ألقف في المكان نفس�ه مع الش�يعي الذي يغذي الفتنة وال في المكان نفس�ه مع الس�ني الذي

يغذي الفتنة«. ويضيف البيرق: »الحق أن الس�يد فضل الله هو صوت الوحدة اإلسالمية ونحن

شهداء يا رب على ذلك«.

وق�ال البي�رق إنه »ليس الش�يعة فقط بل كل العالم اإلس�المي فق�د عالما ذا قيمة كبيرة جدا. فليرحمه الله في جنانه«.


174

بين قرى بنت جبيل وسماحتهفضاءات علم وجهاد


علي الصغير � بنت جبيل

تتزاحم صور الس�يد وجبل عامل، صور خارج تالوينها العادية، رسمتها سنوات وعقود من العالقة الخاصة رغم البعد الجس�دي الذي فرضته االنش�غاالت الكثيرة

حينا، واألوضاع األمنية أحيانا طويلة أخرى.

للس�يد وجبل عام�ل تاريخ طويل م�ن العلم والتعل�م، الجهاد والنض�ال، األبوة والنص�ح، وذكري�ات من الندوات واللقاءات مع أصح�اب الرأي اآلخر، وهو الذي كان ف�ارس المي�دان قب�ل أن يتج�رأ أحد عل�ى فتح تلك الس�تائر الت�ي أغلقت على

العقول.

منذ أن عاد من النجف، ركز الس�يد محمد حس�ين فضل الله جهوده على إخراج س، أه�ل الجنوب من ظالم اإلقطاع واالحتالل، علم، ودرس، وثقف، فكان المدروالمرش�د واألب الروح�ي، للش�باب الذي�ن أطلق�وا حرك�ة المقاومة المس�لمة في

الجنوب.

بي�ن »الس�يد« وبنت جبي�ل وعيناثا عالق�ة مزدوجة، فه�و في بنت جبي�ل ابن بار للبل�دة الت�ي احتضنت والده كم�ا احتضنته وإخوته ف�ي دروب تنقله�م بين النجف وجبل عامل، وهو في عيناثا ابنها، وهي مسقط رأس اآلباء واألجداد وال يزال ترابها


175

يحتضن رفات جده الس�يد نجيب فضل الله، ومنزله، والحس�ينية التي أش�رف على بنائها حجرا حجرا.

يش�ير الشيخ ناصر أبو عليوي، أحد تالميذه وحاضر مجالسه، إلى أن جبل عامل كان الحاض�ر الدائ�م في قلب الس�يد ووجدان�ه وباله، وقد تجلى ه�ذا الحضور من خالل المؤسس�ات الخيرية واالجتماعية التي أنشأها. ويستذكر أبو عليوي، أنه، منذ عودة السيد من النجف وانطالق حركته التنويرية والجهادية، كانت له التفاتة خاصة نحو الش�باب، خاصة في بنت جبي�ل وعيناثا، عبر الدروس الديني�ة والتوعية. وكان يصر على نش�ر مبادئ الدين والعلم. وهو، وعلى الرغم من قلة زياراته إلى المنطقة نتيج�ة انش�غاالته والوضع األمن�ي، إال أنه كان يح�رص على البقاء عل�ى تماس مع هموم الناس ومش�اكلهم عبر لقاءاته مع األهالي وزواره، وعبر مقربين منه كانوا وال

يزالون يترددون دائما على البلدة.

ويشير أبو عليوي إلى أن زيارته األولى إلى بنت جبيل بعد التحرير مباشرة كانت بمثابة عرس ألهالي المنطقة الذين تقاطروا من مختلف الضيع الجنوبية للقاء السيد في المدرس�ة الرس�مية، مس�تمعين إلى مواعظه وكلماته ونصائح�ه. يومها، نحرت

الخراف ونثر األرز.

لطالما ش�كل خطاب الس�يد نهج حياة للمواطنية وهو القائل: »ليس للمس�لمين ف�ي لبنان إال المس�يحيين، وليس للمس�يحيين في لبنان إال المس�لمين، فال تتحدثوا ع�ن تاري�خ االمتيازات في لبن�ان، إن العالم يتغير فابحثوا ع�ن دوركم في رحم هذه المتغي�رات، هناك لبنان، علين�ا أن ننتجه من جديد، لقد تح�ررت األرض وعلينا أن ندخ�ل في معركة تحرير اإلنس�ان م�ن الحقد، لقد بقيت المعركة ض�د الطائفية.. إن الدي�ن قيمة والطائفية هي عش�ائرية متخلف�ة ال تملك حتى قيم العش�ائرية«. وتابع: »هناك مسحة حضارية تخدعنا، ولكن هناك عمقا متخلفا يعيش في أعماقنا.. تعالوا عقال بعقل وقلبا بقلب، تعالوا إلى البلد الجميل لنغرسه بالمحبة، وأن تكون حركتنا

في خط الجمال وصنع الجمال في اإلنسان«.


176

وقد حرص أن تكون أولى بذور مبراته عبر »مدرسة اإلشراق« التي وضع الحجر األساس لها في العام 2001 بين بنت جبيل وعيناثا، بين البلدتين اللتين ينتمي إليهما

بالوالدة وتنتميان إليه بالعلم والمعرفة.

ويعتب�ر رئي�س بلدية عيناثا عباس خناف�ر أن هموم البل�دة والمنطقة كانت ضمن أولويات الس�يد عبر المقربين منه، وهو كان قد أشار إليهم خالل لقائه األخير معهم عندما عادوه في المستشفى بأن مشاريع مؤسساته الخيرية في جبل عامل هي لخدمة األهال�ي في كل المنطقة وليس�ت لبنت جبيل أو عيناثا فق�ط. وهي التي تضم األيتام

وأوالد الشهداء وأبناء العائالت الميسورة.

وينق�ل د. مصطف�ى بزي ال�ذي كان ضمن الوفد الذي عاد الس�يد في مستش�فى بهمن خالل انتكاس�ته الصحية األخيرة، أن السيد ورغم مرضه وتعبه، أكد على حبه لمنطقة بنت جبيل واعتزازه وفخره بهذه المنطقة المعطاءة التي قدمت الش�هداء في

سبيل القضية، مثمنا وفاء المنطقة لهذا البيت الذي زخر بالعلماء والمجاهدين.


177

عـيـن ـ أبــرز المشـي


شيع لبنان الرسمي والشعبي، وبمشاركة عربية وإسالمية كبيرة، المرجع العالمة الس�يد محمد حس�ين فض�ل الله، بموك�ب مهيب جاب ش�وارع الضاحي�ة الجنوبية

لبيروت.

وتق�دم المش�يعين رئيس مجلس النواب نبيه بري بصفته الش�خصية والرس�مية، وممث�ال لرئي�س الجمهورية العماد ميش�ال س�ليمان، وممثل رئي�س دولة اإلمارات العربي�ة المتحدة الش�يخ خليفة بن زايد آل نهيان وزير التعلي�م العالي الدكتور نهيان بن مبارك على رأس وفد كبير، ممثل الرئيس الس�وري بش�ار األسد السفير السوري عل�ي عب�د الكريم عل�ي، ممثل الرئي�س العراقي ج�الل الطالباني جالل الماش�طة، ممثل رئيس الس�لطة الفلسطينية محمود عباس السفير عبدالله عبدالله، ممثل رئيس

مجلس الوزراء سعد الحريري وزير البيئة محمد رحال.

وشاركت في التشييع أيضا، وفود من عدد من الدول العربية واإلسالمية، أبرزها وفد من الجمهورية اإلس�المية اإليرانية برئاس�ة رئيس صيانة الدستور آية الله أحمد جنتي، األمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الش�يخ محمد علي التس�خيري، األمي�ن الع�ام لمجم�ع أه�ل البي�ت الش�يخ محمد حس�ن أخت�ري، مس�اعد رئيس الجمهورية مس�عود زريبافان، ورئيس لجنة األمن القومي والسياسة الخارجية عالء الدي�ن بروجردي. ووفد عراقي برئاس�ة نائ�ب رئيس البرلمان العراقي الش�يخ خالد


178

عطي�ه، نائ�ب رئيس مجلس ال�وزراء رافع العيس�اوي وجمع من الن�واب والوزراء. ووفد من علماء س�وريا ووزارة األوقاف وإدارة اإلفتاء العام في سوريا برئاسة مفتي دمش�ق الدكتور عب�د الفتاح البزم، والدكت�ور عبد المنعم أبو الفتوح ممثال المرش�د

العام لجماعة »اإلخوان المسلمين« في مصر الدكتور محمد بديع.

ومن لبنان، شارك حشد كبير من الشخصيات الرسمية والحزبية، أبرزها: الرئيس حسين الحسيني، ممثل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني إلياس المر وقائ�د الجي�ش العماد ج�ان قهوجي اللواء الرك�ن عبد الرحمن ش�حيتلي، الوزراء: محم�د فني�ش، عدنان الس�يد حس�ين، حس�ين الحاج حس�ن، ممثل وزي�ر الداخلية والبلدي�ات زي�اد بارود العميد س�يمون ح�داد، رئيس اللق�اء الديموقراط�ي النائب ولي�د جنب�الط على رأس وفد ضم: نجله تيمور والوزراء غازي العريضي ووائل أبو فاعور وأكرم شهيب والنواب مروان حمادة وأنطوان سعد وإيلي عون وهنري حلو، والنائب الس�ابق أيمن ش�قير، رياض األس�عد، إلى جانب رئيس محكمة االستئناف الدرزية العليا القاضي فيصل ناصرالدين وحشد من القضاة المشايخ والعشرات من مش�ايخ الطائفة الدرزية، وأعضاء من مجلس القي�ادة والمفوضين ووكالء الداخلية ف�ي »الحزب التقدمي االش�تراكي« في المناطق، ورؤس�اء اتحادات ومجالس بلدية

من الشوف وإقليم الخروب.

كذلك شارك عدد من سفراء الدول العربية واألجنبية منهم سفيرا كوبا والسودان، الن�واب: عل�ي عمار، حس�ين الموس�وي، حس�ن فضل الل�ه، بالل فرحات، قاس�م هاش�م وإميل رحمة، نائب األمين العام ل�»حزب الله« الش�يخ نعيم قاس�م، المعاون السياس�ي للس�يد حس�ن نصرالله الحاج حس�ين الخليل، ورئيس الهيئة الشرعية في الح�زب الش�يخ محم�د يزبك، ممث�ل حركة »حماس« أس�امة حمدان، وحش�د من رجال الدين ووفود سياس�ية ودينية واجتماعية ودبلوماسية وعسكرية، باإلضافة إلى اآلالف م�ن محب�ي المرجع فضل الل�ه، من مختلف مناطق لبن�ان، وعدد من الدول

العربية واإلسالمية.


179

ودعن المدافع األول عن حقوقهن

األخبار )لبنان(7 تموز 2010

راجانا حمية

وحده البكاء كان مس�موعا على مقربة من مس�جد اإلمامين الحسنين)ع(، حيث سيسجى جسد السيد محمد حسين فضل الله. كان النحيب، ولو خافتا، مؤلما بقدر األلم الذي يش�عر به العابر من أمام صور الس�يد الباس�م المعلقة على الجدران. هنا وقفت المتش�حات بالس�واد منذ الصباح الباكر، في انتظار خروج جثمان الس�يد من مستش�فى بهمن. لم تثنهن ش�مس تموز الالهبة عن ذلك، فهن ينتظرن من كان حتى

أيام خلت يعيش تفاصيل حياتهن الخاصة.

عالقتهن بالس�يد أقرب إلى األبوة والرعاية منها إلى الدين، فهو حاضن األسرار الصغيرة منها والكبيرة، وقبل كل ش�يء المدافع األول عن حقوقهن. لم يكن الدين وحده من رسم حدود هذه العالقة الحميمة، وإال كانت كذلك مع غيره من المراجع الدينية، لكنها ش�خصية الس�يد المحبب�ة التي جعلته في آن واحد مرجعا ومس�تودعا

ألسرار قد ال يجرؤ صاحبها على االعتراف بها ألحد سواه.

أمس، أمام مستش�فى بهمن، كان صوت البكاء هو الغالب. صغيرات ومس�نات، محجبات وس�افرات، اتش�حن بالس�واد وافترش�ن أرض المستش�فى. واحدة منهن حش�رت جس�دها في إحدى زوايا الدار الواس�عة، هرب�ا من العي�ون المتطفلة. كان بكاؤه�ا حارق�ا. يخف�ت أحيان�ا ويعل�و م�رارا كلم�ا ارتفع صوت الس�يد م�ن مئذنة


180

»الحسنين«)ع(. يعلو صوت بكائها أكثر، كما بكاء غيرها، كلما أعيدت عبارة السيد »أح�ب أن أبق�ى معك�م ألخدمكم«. تلك الس�يدة تع�رف اآلن أنها فقدت ش�يئا »ال أع�رف كيف أصفه«. لم يس�بق لها أن قابلت الس�يد يوما، لكنها كان�ت مواظبة على الصالة بإمامته أيام الجمعة. ما كان يفصلها عنه في تلك األيام مسافة أمتار. أما اآلن، فقد كبرت المس�افة، وكبر الش�عور بالفراغ والفقدان. كان شعورها في تلك اللحظة يشبه شعور الكثيرات الواقفات أمام المستشفى والمسجد القريب منها: رفض فكرة غياب الس�يد. لكنه رحل! هذا ما يذكرهن به مؤذن المس�جد الذي حل مكان الس�يد في صالة الظهر. لم يكن ذاك صوت السيد، بل هو صوت آخر. يعلو صوت البكاء. يطلب المؤذن من النس�وة ترك المكان للرجال والتوجه نحو ساحة الغبيري. مشين، متأبط�ات صور الس�يد. بعضهن ش�اردات وأخريات باكي�ات. وبعضهن محجبات وأخريات س�افرات. ل�م يكن االلتزام بالحج�اب واجبا في تل�ك اللحظة، وإن كان ثم�ة من تحجبن إكراما للس�يد، كم�ا فعلت منى حيدر. وصلن إلى س�احة الغبيري. مثلما كن أمام المستش�فى، افترشن األرصفة، بانتظار وصول الجثمان الذي كان في تل�ك اللحظات يجوب الش�وارع، قبل العودة إلى »الحس�نين«)ع(. لكل واحدة من الجالس�ات هناك، أو لغالبيتهن، قصص مع الس�يد الغائب. بعضهن رأينه وأخريات ل�م يرينه، لكن�ه كان مبثوثا في يومياته�ن بكالمه وحضوره ومحاضرات�ه والفتاوى. زينب فقيه، إحدى تلك السيدات، التي تجرأت يوما على طلب موعد لقاء مع السيد لمش�اركته في مش�كلتها العائلية. قالتها للس�يد، ولم تس�تطع إلى الي�وم قولها آلخر غيره. تشعر اليوم بأنها فقدت »الحضن ومخبأ األسرار«، رغم أنها رأته مرة واحدة.

من�ى حيدر، الش�ابة التي لم تر الس�يد إال في الصالة والمحاضرات، ال تس�تطيع تقدير خسارتها وخس�ارة غيرها »فالسيد كان المدافع األول عن حقوقنا«. تستفيض في الش�رح قائل�ة: »كان يعامل المرأة كأنها الند للرجل، ه�و أول من نظر إلى المرأة عل�ى أس�اس أنها فكر وعقل، ال س�لعة، وم�ن علمنا أن نكون كذلك«. ثمة أس�باب أخرى لمحبة هذا الرجل والش�عور بقس�اوة فقدانه. تكمل حوراء فقيه ما قالته منى،


181

فه�و أول »م�ن أم صالة الجمعة للنس�اء، قبل الس�يد لم نكن ندخل المس�جد، وفي رمضان كنا نحيي ليالي القدر معه، ونودع األسبوع األخير منه معه«.

سيأتي رمضان، ولن يأتي السيد هذا العام »سأشتاق إليه«، تتابع حوراء. الطقوس الديني�ة »طعمه�ا غير مع الس�يد«، وهذا ما يش�جع الكثيرات من النس�اء على تقليده ف�ي أموره�ن الديني�ة. بعضه�ن يعط�ي وصف�ا أدق لهذا »الطع�م«، فه�و »منفتح في اجتهادات�ه، فتاواه تش�به الواقع م�ن دون أن تغير في النص الديني ش�يئا«، تقول نور، الصغي�رة التي تربت في ثانوية الرحمة التابعة لجمعية المبرات الخيرية. أخرى تجد في فتاواه »جرأة ومرونة، ال تعقيدا وجمادا«. حتى »عاش�وراء يحييها الس�يد بطريقة حضاري�ة«، تقول فاطمة. القصص ال تنتهي في جعبة النس�اء المفجوعات بالرحيل. لكن الوقت حان للقاء الس�يد. كانت الش�مس قد بدأت ترتفع ش�يئا فش�يئا، من دون أن تخف حدتها. بدأ مطلع مس�يرة التش�ييع يهل. اختلطت النس�اء بالرجال ومش�وا معا إلى »الحس�نين«)ع(. ما بين الغبيري والحس�نين)ع(، كانت لحظة الوداع قاسية، فالس�يد س�يوارى في الثرى بعد قليل. اختلطت الدموع بقطرات العرق. ووسط كل هذا الحزن، أطلت نسوة من شرفات منازلهن ورمين الجسد المحمول على األكف باألرز والزهور، والوجوه التي أتلفتها ش�مس تموز بالمياه الباردة وماء الزهر، علها تطف�ئ القي�ظ. وصل المش�يعون والجثمان إلى »الحس�نين«. إنه�ا اللحظة األخيرة. صدق الكل أن الس�يد رحل، فرحلوا حاملين أس�رارهم معه وصدى صوته الخارج

من المئذنة... وصوره.


182

الضاحية تستعيد ذكرياتها معهغسل محبو السيد محمد حسين فضل الله عيونهم طويل، ولم ينقصهم شيء ليحزنوا بشجاعة. دار نعش السيد بينهم، في المناطق التي عرفوه فيها، ابتداء من حارة حريك، وصوال إلى بئر العبد. هكذا، بكى مئات

اآلالف، أمس، في وداعه


أحمد محسن، محمد محسن

كم�ن يجهد اللتقاط الضوء، كان محبو الس�يد محمد حس�ين فض�ل الله، أمس، يقترب�ون من نعش�ه. يصطدم�ون بلجان التنظي�م، لكنهم يعيدون االقت�راب كل مرة. تجمع�ت الحش�ود باك�را أم�ام بوابة منزل�ه. الوقت يم�ر س�ريعا، واآلالف ينتظرون خروج السيد... بنعشه هذه المرة. عند باب المنزل من الداخل، تصطف شخصيات رس�مية وديني�ة ليمر بينهم، لك�ن المنظمين ارتأوا إخراجه من البواب�ة الخلفية، ليمر عل�ى أكف أحبائه الفق�راء. كان الناس يزاحمون األزقة للوص�ول إلى النعش. قرب المنزل، تراجع الجميع إفس�احا لمرور »موكب الش�خصيات«. وس�رت ش�ائعة بين المش�يعين، تتحدث ع�ن حضور األمين العام لحزب الله، الس�يد حس�ن نصر الله. اقترب�ت ح�دة التكهنات م�ن اليقين، نظرا إل�ى حجم المرافقة األمني�ة التي توجهت نح�و مقدمة المس�يرة. لكن، تبي�ن أن الوفد الكبير يضم الس�يدين علي وجعفر، ابني الس�يد محم�د حس�ين فضل الل�ه، يرافقهما المع�اون السياس�ي لنصر الله، حس�ين


183

الخليل، ورئيس المجلس التنفيذي في الحزب، الس�يد هاش�م صفي الدين، إضافة نة الفتا في البداية، إلى مجموعة كبيرة من رجال الدين. بدا حضور رجال الدين السلكث�رة عدده�م، لكن، تش�ابكهم يدا بيد مع رجال الدين الش�يعة، أعاد المش�هد إلى

طبيعته: الراحل كان ساعيا دائما إلى الوحدة.

عن�د الواحدة والنص�ف تقريبا، بدأت رحلة ال�وداع. ما لم يقل ع�ن جنازة مهيبة ش�هدتها الضاحي�ة، يمك�ن قول�ه ف�ي جنازة الس�يد فض�ل الله. ل�م تتع�ب مكبرات الصوت من قراءة دعاء الوحدة، الدعاء المحبب إلى الراحل الكبير. وإلى ذلك، بدا المراس�لون الصحافيون والمراس�الت جزءا من الجنازة المهيبة. طغى األسود على مالبس�هم. ولم يخف بعضهم ذهوله من األعداد الهائلة للمش�يعين. إحداهن، حين أصبحت قرب مس�جد الحس�نين)ع(، همس�ت باإلنكليزية ف�ي أذن زميلها المصور

ذاهلة: »من هو هذا الرجل بحق السماء؟«، فتأتيها اإلجابة من كل حدب وصوب.

كان�ت الجنازة أش�به باندفاع�ة جماعية، واعية لش�يء واحد: ال�وداع. كلما قطع النعش مترا، يعود شريط الذكريات سنين إلى الوراء. في كل شارع موقف ومؤسسة. في الشارع العريض تسطع عالقة السيد محمد حسين فضل الله بالمنطقة، بأهلها... وحزبها. الطريق ش�اقة نح�و القبر. األيادي المرفوعة وداعا للس�يد حجبت الضوء: »بأم�ان الل�ه ي�ا حبي�ب الل�ه«. هن�اك، تذك�روا »رجال س�اند المقاوم�ة، ي�وم نكرها الجمي�ع«، وعل�ى مقرب�ة م�ن الصم�ت المهيب، ش�اب يبك�ي بحرقة: »لق�د أعطى الس�يد كل شيء ورحل، تعب الس�يد كثيرا«. ضاقت الشرفات بالمتشحين بالسواد. اخترق النعش الش�ارع العريض من منتصفه، من الزقاق المواجه لقناة المنار س�ابقا. »تحايل« المنظمون على المش�يعين لتمرير النعش، لكن ذلك لم ينجح. جهد رجال االنضباط كثيرا في إعادة توجيه الجنازة داخل الش�ارع. وفي إحدى زواياه، اختصر عجوز المشهد كله. كلما سقطت دمعة منه، شد على عصاه، حتى لم يعد قادرا على الوق�وف، ووقع أرضا. أس�عفه الش�بان ليقف مجددا، وس�ط ذه�ول الطفل الواقف إل�ى جانب�ه. دقائق قليلة واس�تعاد العجوز أنفاس�ه. أع�اد ترتيب القبع�ة التي تحمل


184

رس�ما للقائد العس�كري في حزب الله، عم�اد مغنية. قال إن الطف�ل هو حفيده وإن مؤسس�ات الس�يد الخيرية تهتم به، ثم أردف باكيا: »راح الذي يهتم بالجميع«. وفي نهاية الش�ارع، وفي حركة غي�ر مقصودة، أحنى كثيرون رؤوس�هم. فقدوا األمل في

االقتراب من النعش. أحنوا رؤوسهم واستعدوا جيدا للمحطة التالية.

وص�ل النعش إلى المحطة المتخمة بالذاكرة: بئر العب�د. للمنطقة رمزية خاصة، فه�ي أول المعاق�ل وآخرها. تضاعف كل ش�يء هناك. كثرة الش�مس، والتدافع بين المنتظري�ن. وث�ارت رئات األيتام. تفاقم الش�عور بالخس�ارة. هناك تحدي�دا، تمرد الجميع على الموت. الموت الذي انتصر عليه السيد مرارا. وفي 8 آذار 1985 كانت أقوى المعارك. آنذاك، وقرابة الخامس�ة عصرا، اقتربت سيدة مسنة من السيد محمد حس�ين فضل الل�ه، بعد انتهائ�ه من محاضرت�ه األس�بوعية التي تلي ص�الة الجمعة ف�ي جامع اإلمام الرضا)ع(، والتي كانت مخصصة للفتيات تحديدا. س�ألته س�ؤاال واح�دا. اعتذر الس�يد بلياقت�ه المعروفة، ألن�ه كان مرهقا. أصرت الس�يدة، حتى أن المقربي�ن من الس�يد يقولون إنه�ا ألحت، وتمس�كت بثيابه، فرض�خ لطلبها خجال. انطلق موكب السيد بدونه تمويها. وما هي إال دقائق قليلة حتى دوى انفجار ضخم، يروي س�كان الضاحية أنه األقوى على اإلطالق في تاريخها خالل الحرب األهلية. كان�ت الخم�س عش�رة دقيقة الت�ي اس�تنفدت فيها الم�رأة الخمس�ينية الس�يد كافية لحص�ول المعجزة. استش�هد أكثر من مئة ش�خص في تلك المج�زرة )من بينهم 75 إمرأة وش�ابة(، ووجدت األشالء على أس�طح المباني وتناثرت في الطرقات، لشدة االكتظ�اظ ف�ي المنطق�ة. والحقا، ي�روي المقربون من الس�يد أنه لم ي�ر تلك المرأة التي اس�توقفته بعد الحادثة، ولم يس�تطع أن يعرف عنها ش�يئا. بعد خمسة وعشرين عاما، ال يزال المش�هد حيا أمام بعض مش�يعي الس�يد. أبو بالل، الذي كان موجودا حينها، كان يس�مع صوت االنفجار القوي نفس�ه أمس، في وداع الس�يد. مشى تائها بين الحش�ود، بحثا عن الس�يد، فالرجل كان يش�عر بوجود فضل الله بين أحبائه في الدقائق األولى للتش�ييع. كان يبحث عن والده. وتعاظم الحزن قرب »الس�ندريال«، ألن النع�ش ل�م يمر من هناك، وه�و مكان المجزرة القديمة. هل غادر الس�يد فعال؟


185

تجي�ب مكبرات الصوت: »النموذج اللبنان�ي أعطى الدروس للعالم، فليتعلم بعض العرب من المجاهدين. إن هذا الصوت سيلقى صداه داخل فلسطين العزيزة«. هذه إحدى كلمات الس�يد. بكى ش�باب كثيرون بع�د انتهائها. وداعا يا أب�ا األيتام. تقول الالفت�ات المنتش�رة في كل م�كان. ليس صعبا على أحد أن يكتش�ف أن الجميع في الضاحية هم أيتام الراحل. كيف ال؟ فمن لم يقتحم الشوارع األساسية والفرعية في الضاحية )وهم قالئل للمناس�بة( افترش الش�رفات المطلة وشارك برش المياه على

الرؤوس المحترقة.

وم�ع اقتراب الس�يارة من جادة »اإلم�ام الخميني« عاود المش�يعون االلتحام مع النع�ش. جهد المنظم�ون لمنعهم. نجحوا بع�د محاوالت متك�ررة، كلفت أضرارا ف�ي الس�يارة التي أقلت الجثم�ان، علما بأن رج�ال االنضباط جهدوا كثي�را في أكثر م�ن محط�ة. يمكن تنظيم الحش�ود، لكن ال يمك�ن تنظيم الغضب. فعل�ى مقربة من منزل فضل الله، هرع الجميع إلى منتصف الحشد في اللحظة التي لمحوا فيها مرور النع�ش. بعضهم رفع أكمامه حماس�ة ظن�ا منه أنه قد يتمكن م�ن االقتراب. وفي بئر العبد س�ادت همروجة عندما فقد أحد المشاركين الوعي وحصل خالف بين بعض المش�اركين حول طريقة إسعافه، قبل أن يصل مسعفو الهيئة الصحية ويتولوا األمر. واأله�م م�ن ذلك كل�ه، أنه يمكن القول إنه�ا المرة األولى التي يختل�ط فيها الذكور باإلناث، في مس�يرة ش�عبية داخ�ل الضاحي�ة الجنوبية. خرجت األمور عن س�يطرة رجال االنضباط أكثر من مرة، إذ لم تس�تطع كثيرات من النسوة البقاء على األطراف

كمتفرجات، بل شققن طريقهن داخل األلم هن أيضا.

وصل المش�يعون إلى الش�ارع المحاذي لمس�جد اإلمامين الحسنين)ع(، حيث سيدفن السيد. تنتظر نعشه منصة تمألها الورود البيضاء. ومثلما عجز المشيعون عن تنظيم أنفسهم بسبب الزحمة، حصل مع الشخصيات الرسمية والدينية التي انتظرت الص�الة األخيرة. س�اعة تقريبا ولم يحض�ر النعش. األمر مس�تحيل أصال، ال يمكن ش�ق طريق بين مئات اآلالف. الحالة العاطفية في أوجها: ال نظام في الموت. فجأة


186

ورد خبر نقل مكان الصالة. اش�تد التدافع بين السلس�لة البشرية إلمرار الشخصيات والمش�يعين. ف�ي الداخ�ل، صلى الس�يد محمد علي فض�ل الله عل�ى الجثمان قبل

مواراته في الثرى.

بعد التش�ييع، س�أل كثيرون عن كيفية صالة الوحشة. وهي صالة يهديها األحياء للمي�ت ف�ي الليلة األولى لدفنه. رفض كثر المغادرة. قالوا إنهم يحتاجون إلى صالة

تؤنس وحشتهم من بعده لقد خلف الرجل فراغا بين مئات اآلالف.


187

حزب الله يتقبل العزاءوجنبلط يجول في الضاحية

األخبار)لبنان(

7 تموز 2010

حسن عليق

تمام�ا كما فكرة المرجعية، حيث ال حدود سياس�ية أو جغرافي�ة أو لغوية تفصل بين مرجع التقليد ومريديه، كذلك كان مش�هد تش�ييع المرجع الراحل السيد محمد حس�ين فضل الله أمس. مش�هد جمع حشدا ش�عبيا ضخما إلى حشد سياسي وديني يكاد يكون غير مس�بوق. هذا المش�هد الجامع يعززه واق�ع أن حركة الراحل، طوال العق�ود األربع�ة الماضي�ة، لم تك�ن محصورة في المج�ال الديني الص�رف، بما هو بحث فقهي وأصولي وعقائدي، بل تعدته إلى مختلف الجوانب الفكرية والسياسية

الحركية.

خالل التشييع، بدا حزب الله كصاحب العزاء. نوابه ومسؤولوه لم يتركوا مسجد اإلمامي�ن الحس�نين)ع( ال�ذي جمع أم�س أكثر من نص�ف أعضاء مجلس ش�ورى الحزب. وفي شوارع الضاحية الجنوبية، انتشر أفراد االنضباط لتنظيم مسيرة التشييع والحف�اظ على أمنه�ا. وكصاحب العزاء، جرى التعامل مع ح�زب الله. ففي خطوة بالغة الداللة، تلقى األمين العام للحزب، الس�يد حس�ن نصر الله، اتصاال هاتفيا من رئي�س الوزراء الترك�ي رجب طيب أردوغ�ان، للتعزية بوفاة فضل الل�ه، »معبرا عن مواس�اته ومش�اعره، وراغبا في إبالغ تعازيه إلى عائلة الراحل الكبير وأبناء الش�عب


188

اللبنان�ي قاطبة«. بدوره ش�كر نص�ر الله ألردوغان، بحس�ب بيان للح�زب، اتصاله وتعزيته، كما ش�كر له على »مواقف الش�عب التركي تجاه القضية الفلس�طينية، تلك

المواقف التي أحيت الكثير من اآلمال في العالمين العربي واإلسالمي«.

مسيرة تشييع فضل الله أمس كانت واحدة من المناسبات النادرة التي تضم أفرادا م�ن كش�افة المهدي )التابعة لحزب الله( وكش�افة الرس�الة )حركة أم�ل(، جنبا إلى جنب، رافعين رايات س�ودا وصور الس�يد. الرئيس نبيه بري، الذي تقدم المشيعين، )مثل أيضا رئيس الجمهورية ميش�ال س�ليمان( بدا بدوره كأه�ل بيت الراحل حزنا، قبل أن يتقبل التعازي في مقر إقامته بعين التينة من وفود وش�خصيات لبنانية وعربية وإيراني�ة. ب�دوره، رئي�س مجلس الوزراء س�عد الحري�ري، الموجود خ�ارج لبنان، أرس�ل موفدا عنه، وكذلك فع�ل نائبه وزير الدفاع إلياس الم�ر وقائد الجيش العماد

جان قهوجي.

وكعادت�ه، يتح�ول النائ�ب وليد جنب�الط إلى نجم أينم�ا حل. وجد في التش�ييع مناس�بة ليمش�ي في ش�وارع الضاحي�ة الجنوبية على قدمي�ه، من طري�ق المطار إلى �ل التعازي بم�ن رأى في�ه »الرجل ال�ذي أراد إخراج مس�جد الحس�نين. وق�ف لتقبالس�يرة النبوية من فكر التقوقع«. حضر معه نجله تيمور، المواظب على المناسبات ف�ي الضاحية، والوزراء: غازي العريضي، وائل أبو فاعور وأكرم ش�هيب، وعدد من ن�واب اللق�اء الديموقراطي، بينه�م النائب مروان حمادة الذي يمك�ن أن يعد واحدا من أقل السياس�يين ش�عبية في الضاحية الجنوبية لبيروت. وضم الوفد الذي ترأس�ه جنب�الط، نائبه دري�د ياغي وعددا كبيرا م�ن رجال الدين الدروز. ببس�اطة، الخطوة

جزء من الوجهة السياسية التي اتبعها جنبالط منذ عامين.

التمثي�ل األرفع من خ�ارج لبنان كان من إيران، التي لطالم�ا أعلن الراحل وقوفه إل�ى جانبه�ا، حي�ث »ال م�كان لالختالف ف�ي وجهات النظ�ر، طالما هي ف�ي دائرة االس�تهداف«. ويوم أمس، أرس�ل مرش�د الجمهورية الس�يد علي خامنئي ممثال له، هو آية الله أحمد جنتي، أمين مجلس صيانة الدس�تور وخطيب جمعة طهران. وإلى


189

جانبه معاون للرئيس محمود أحمدي نجاد. ومن س�وريا أرسل الرئيس بشار األسد وفدا برئاسة السفير علي عبد الكريم علي.

في تش�ييع المرج�ع الراحل، اجتمع ع�رب الممانعة واالعت�دال. أمير دولة قطر أرس�ل ول�ده جوعان بن حم�د آل ثاني، فيما بعث رئيس دولة اإلم�ارات ممثال عنه، وكذل�ك فع�ل كل من الرئي�س العراقي جالل الطالبان�ي والملك األردن�ي عبد الله الثان�ي، ورئي�س الس�لطة الفلس�طينية محم�ود عباس، إضاف�ة إلى وف�د من مجلس

النواب العراقي، والسفيرين السوداني والكوبي في لبنان.

اتص�ل أردوغان بنصر الله معزيا بوفاة فض�ل الله، راغبا في نقل تعازيه إلى عائلة الراحل

وحده البطريرك نصر الله صفير قاطع التشييع ولم يصدر أي بيان نعي أو تعزيةالحش�د الرس�مي ضاقت به باحة مس�جد الحس�نين)ع(، وأدى إل�ى احتكاكات عدي�دة بي�ن »الكتائ�ب« المختلف�ة ل�»جيش« مرافقي الش�خصيات السياس�ية. وفي إح�دى المرات، اضطر رئيس كتلة الوفاء للمقاوم�ة النائب محمد رعد إلى التدخل إلبعاد المتعاركين إفساحا في المجال أمام دخول أحد السياسيين القاعة التي أقيمت

فيها صالة الميت على جثمان السيد فضل الله.

وعلى المستوى الشعبي والحزبي، حضر ممثلون عن معظم األحزاب والحركات السياس�ية اللبنانية، العلماني�ة والدينية، من مختلف الطوائ�ف واالتجاهات. كذلك لفت حضور الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من مصر، ممثال المرش�د العام لجماعة اإلخ�وان المس�لمين محمد بديع. وأبعد من حضوره، كان الفت�ا تصريح أبو الفتوح الذي قال إنه »إذا كان في الساحة اإلسالمية الشيعية مرشد لإلخوان المسلمين، فهو الس�يد محمد حس�ين فضل الله، ألنه كان داعية إلى الوحدة ونبذ الطائفية، ومجددا نة والشيعة«. مستنيرا، وكان آلرائه وأفكاره دور كبير في إحداث تقارب بين أهل السكذلك ش�ارك في تش�ييع الراحل وفود من مقلديه ومن رج�ال الدين في معظم دول


190

الخليج العربي، وخاصة من الكويت والبحرين والسعودية واإلمارات.

وح�ده البطريرك الماروني نصر الله صفير قاطع التعزية بفضل الله وتش�ييعه. لم يرسل موفدا عنه، وال أصدر بيان نعي أو تعزية. وحده صفير من المرجعيات الدينية اللبنانية الذي ال يزال يتجاهل الحدث. أداء صفير تس�تغربه أوس�اط عديدة. ويش�ير بعض السياس�يين والمراقبين إلى أن صفير ال يزال ناقما على السيد، منذ آب 2009، عندم�ا رد فض�ل الله عل�ى كالم للبطري�رك عن حك�م األكثرية في لبن�ان ومعارضة األقلي�ة، إضافة إلى تش�كيكه ف�ي وطنية جزء م�ن اللبنانيين وأهدافهم و»تش�كيلهم خطرا على الهوية اللبنانية«. حينذاك، انتقد فضل الله »الجهات الدينية« التي يقال إن »مجد لبنان أعطي لها«، ليعلن رأيه بأن »مجد لبنان لم يعط إال لشعب لبنان المجاهد

والمقاوم«.

واستغربت بعض األوساط صمت البطريرك في حدث إنساني بالدرجة األولى، ووطني بالدرجة الثانية. وسأل أحد السياسيين عما إذا كان صفير يريد تثبيت »قطيعة مع الطائفة الش�يعية«، أو أنه يريد القول »إنه ال يس�امح من يجرؤ على أن يناقش�ه في

السياسة«!


191

فلسطينيو برج البراجنة مشوا خلفه


قاسم س. قاسم

لي�س غريب�ا أن تج�د صورة للعالمة الس�يد محمد حس�ين فضل الل�ه معلقة في المخيم�ات الفلس�طينية، وال س�يما مخيم ب�رج البراجنة. ال يتردد م�ن علق الصور، وآخرون كثر، في تأكيد المكانة الخاصة ل�»السيد« في قلوب أبناء المخيم. يذكرون خطاباته ومواقفه المؤيدة لنضالهم. ففي أحلك الظروف التي عاشها الفلسطيني، كان فضل الله، موجودا يدعم الفلس�طينيين، ويختلف م�ع من يحاصرهم في مخيماتهم

ويخوض الحرب معهم.

هذا س�ر حب الفلسطينيين للس�يد فضل الله. واإلجابة تتكرر: »وقف السيد إلى جانبنا في أسوأ المراحل التي عشناها منذ تهجيرنا. كيف يمكن للفلسطيني أن ينسى

مواقفه التاريخية، وخصوصا خالل حرب المخيمات؟«

»عل�ى أطراف الصراع ف�ي حرب المخيم�ات أن يتقوا الله في دماء المس�لمين، ويعلموا أن ما يقومون به حرام... أنتم تخوضون في دماء المس�لمين وأموالهم، فآن لكم أن تعودوا إلى رشدكم وتحكموا ضميركم في ما تفعلون. واعلموا أن واجبكم الشرعي أن تكونوا في صف واحد ضد الذين استباحوا المسجد األقصى وفلسطين وجن�وب لبنان، فبدل أن تقاتلوا بعضكم بعض�ا وفروا جهودكم هذه لمواجهة الذين


192

يتربص�ون بك�م جميعا«. عبارة قالها الس�يد ف�ي النصف الثاني م�ن ثمانينيات القرن الماض�ي، حف�رت كالوش�م في وجدان الفلس�طينيين. بنظرهم، الس�يد ل�م يكن في

حينها مذهبيا، وصوب على العدو األوحد إسرائيل.

هكذا، يتذكر الرجل الخمسيني محمد عودة مرحلة حرب المخيمات التي عاش حصارها بكل تفاصيله. يقول: »الس�يد فضل الله اش�تغل كرمالنا ليفك الحصار عن المخي�م«. يضي�ف: »ه�و الوحيد اللي م�ا خبص معان�ا، كان دائما يدع�و إلى وقف االقتت�ال عندما كنا محاصري�ن، وكانت كلماته تمثل دعما لنا خ�الل الحصار، وكنا

نستلهم من كلماته األمل«.

هكذا، وبعد مرحلة الجنون المس�ماة »ح�رب المخيمات«، لم يغب طيف فضل الله عن الفلسطينيين. فمخيم البرج ال يبعد كثيرا عن مكتب السيد ومنزله، اللذين كانا مقصدا لالجئين يفرجون فيهما له عن همومهم اليومية ويشرحون له معاناتهم. كانوا يطرحون مطالبهم التي لم تستطع الفصائل تلبيتها، فتغطيها مؤسساته االجتماعية في بعض األحيان. لن ينسى أبناء المخيم مساهمات السيد الخيرة، كالمساعدات الطبية التي يقدمها مستش�فى بهمن للفلس�طينيين، من دون مقابل. بالنسبة إلى مهى جشي،

ال يمكن نكران »فضل السيد علينا، كان دائما يساعد المساكين«.

تذكر قصة جارتها التي »قصدت مستش�فى بهمن ولم تكن تملك المال من أجل الطبابة، فعولجت على حساب المستشفى بتوصية من السيد نفسه«، تقول.

مكتب السيد ومنزله كانا مقصدا للجئين ومتنفسا لمطالبهم لهذه األس�باب وغيرها، خيم الحزن على الفلس�طينيين ف�ي مخيم برج البراجنة. فالكثي�رون منه�م، عل�ى الرغم من اختالف مذهبهم عن الس�يد فض�ل الله، كانوا ال يغيبون عن صالة الجمعة التي كان يؤمها. ويقول حس�ين أحمد، الش�اب العشريني، إنه كان يقصد جامع اإلمامين الحسنين)ع( كل نهار جمعة ليصلي خلف السيد الذي

نة والشيعة وهادا اإلشي خالني أحبو وأحترمو«. »يقرب بين الس


193

ف�ي األزق�ة الداخلي�ة للمخيم تم�ر الصبية العش�رينية إنعام الش�اعر قرب صورة للس�يد فضل الله، تلتفت إليها وتترحم عليه: »الله يرحمك يا س�يد والله خس�ارة«. شاركت إنعام في مسيرة التشييع التي جابت الضاحية، ألن »احترامي الشديد للسيد، ال يس�مح لي بأن أكتفي بمشاهدة الجنازة على التلفزيون«. تضيف: »ما كنت أعرف كتي�ر ع�ن فتاواه، بس رفيقتي هدتني كتاب للس�يد وحبيت فك�ره واحترامه للمرأة«،

تقول.

أم�س، ش�ارك أبن�اء المخيم في مس�يرة تش�ييع فضل الل�ه، التي كان فيه�ا ممثلو الفصائل الفلسطينية أيضا. ال خالفات فصائلية صغيرة بين تحالف القوى الفلسطينية أو منظمة التحرير الفلس�طينية. المشاركة في تشييع فضل الله طغت على الخالفات الفلس�طينية الصغي�رة، واتف�ق كل من الرئي�س محمود عباس وحرك�ة حماس على

تقديم واجبات التعزية بالراحل.


194

محمد حسين فضل الله: رجل ال يتكرر...ضمير اإلسلم المعاصر

المشاهد السياسي )لندن(8 تموز 2010

الرجل الذي ودعه لبنان والعرب والمسلمون جميعا يوم الثلثاء الفائت، و ووري في صحن الجامع الذي بناه »جامع الحسنين«)ع( كان من الرجال الذين ال يتكررون بسـهولة علـى مدى ردح مـن الزمن. إنه رائد مـن رواد الفكر الديني في الشـرق، وله أتباعـه فـي لبنان والخارج، بل إنـه أكثر الفقهاء علما وانفتاحـا على اآلخرين، وأكثر حكماء لبنان والمسـلمين عقلنية واسـتقلال، وغيابه غياب مرجعيـة تاريخية، وهو

غياب موجع ألبناء طائفته وأبناء أمته والوطن. من هو محمد حسين فضل الله؟

»المشاهد السياسي« ـ بيروتأول م�ا يقف�ز إلى الذه�ن في الحديث عن الس�يد أنه وضع حرك�ة االجتهاد أمام قضي�ة التطور، كحركة تس�تهدف فهم التش�ريع م�ن مصادره األصيلة، على أس�اس المعرفة الواس�عة بالوسائل البيانية والعقلية التي تقود إلى وعي اإلسالم في أحكامه العلمي�ة. فضل الله هن�ا، يمثل التوجه إلى المعرفة الثابتة بالنقل والعقل في ما يتصل

بالعقيدة والعمل، وهو بهذا المعنى ثروة تشريعية ضخمة.

انطالق�ا من ه�ذه المقاربة العقلية، اعتبر فض�ل الله أن والية الفقيه مس�ألة فقهية فرعي�ة وليس�ت ج�زءا من عقيدة الش�يعة، وعليه فإن الذي ال يق�ول بها ال يخرج من


195

الدي�ن وال م�ن المذهب، بل ه�و مخالف إذا كان يقل�د مرجعا يق�ول بوالية الفقيه. وبمزي�د م�ن التفصي�ل، إن والي�ة الفقي�ه موج�ودة ف�ي الفقه الش�يعي كله ف�ي أمور محددة تسمى األمور الحس�بية، كالوالية على القصار، وطالق الغائب عنها زوجها بش�روطه، والفقيه الوالي ليس واحدا، ألن كل مجتهد عادل هو ولي فقيه، أما والية الفقي�ه، كوالية مطلق�ة، فتعود إلى حوالى ثالثة عقود، وغالبية فقهاء الش�يعة ال ترى أن هناك أدلة شرعية قوية أو كثيرة على والية الفقيه المطلقة. إذا، فإن الذي قال بهذه الوالي�ة هو الخميني، وقد أطلقها في أواس�ط الس�تينيات من الق�رن الفائت بعد نفيه

إلى النجف.

والنجف األش�رف هو المنطلق في حياة الس�يد واجتهاده، في�ه ولد،والده هو آية الله الس�يد عبد الرؤوف فضل الله الذي قصد النجف لتلقي العلوم الدينية، وأمضى مع أس�رته فت�رات طويلة في ال�درس والتدريس ضمن الحاض�رة العلمية األبرز في العالم. في س�ن مبكرة جدا، ولم يكن قد تجاوز التاس�عة، بدأ الدراس�ة على والده، وتدرج حتى انخرط في دروس الخارج في س�ن السادس�ة عشرة، وتتلمذ على كبار أس�اتذة الح�وزة آنذاك. يذكر هنا أنه كان من الط�الب البارزين في تلك المرحلة في جلسات المذاكرة، فتوجهت إليه شرائح مختلفة من طالب العلم وبدأ عطاءه أستاذا

للفقه واألصول.

الذين قصدوه في البداية كانوا من اللبنانيين والس�وريين والعراقيين، وقد افتقدته الس�احة اإلسالمية في العراق عندما قرر العودة إلى لبنان في العام 1966، يومها قال عن�ه الس�يد محمد باقر الص�در: »كل من خرج من النجف خس�ر النجف إال الس�يد

فضل الله، فعندما خرج من النجف خسره النجف«.

في لبنان تميز الس�يد باعتماد الرؤية القرآنية كأس�اس في االجتهاد واالس�تنباط، باعتبار أن هذه الرؤية هي األس�اس التش�ريعي والدس�توري األول في س�لم مصادر التش�ريع، وق�د مكنه ذلك من بل�وغ معطيات فقهية جديدة تمثل فهم�ا قرآنيا أصيال. ث�م إنه اعتمد الرؤية الفقهية الش�املة بذوق أدبي رفيع وق�درة لغوية متميزة، وأعطى


196

لممارس�ته االس�تنباطية عمقا وأصالة وصفاء، ووفر لها فهما أدق وأعمق للنصوص الشرعية.

وإل�ى جانب االجته�اد، لم يغف�ل الجانب االجتماعي، فأنش�أ جمعي�ة المبرات الخيرية لأليتام تحت اس�م »مبرة اإلمام الخوئي« التي أمنت المس�كن الكريم أليتام الح�رب اللبناني�ة، فل�م تتركهم في أي�د غير أمينة عل�ى دينهم وأخالقه�م وحياتهم، وه�ي تضم حتى الي�وم 3300 يتيم ويتيمة. ثم إنه وفر الخدم�ات االجتماعية للفقراء والمس�اكين والمعوقي�ن، غذاء ودواء وملبس�ا، م�ن خالل الحقوق المش�روعة من األخم�اس والزكوات، وأنش�أ م�دارس للمكفوفين والصم والبكم اس�تجابة لنقص

كبير في هذا المجال.

ولم يش�غله الش�أن االجتماعي عن إنش�اء دور العبادة والمراكز الثقافية، فأس�س المكتب�ة العام�ة وجهزه�ا بعش�رات آالف الكت�ب، م�ع صال�ة لألبح�اث والعل�وم الكمبيوتري�ة، وش�يد ع�ددا م�ن دور العب�ادة والثقاف�ة في مناط�ق مختلفة م�ن لبنان وس�ورية، كما أنش�أ المدارس األكاديمية التي كانت تشكل حاجة ملحة للمسلمين، باإلضاف�ة إل�ى معهد فني تقن�ي ضم 1500 تلميذ وتلميذة، ليس�هم ف�ي بناء مجتمعه وتقدم�ه. وإل�ى جانب ه�ذه اإلنجازات، أنش�أ مؤسس�ات صحية أبرزها مستش�فى بهمن الذي استقبله قبل أن يغمض عينيه للمرة األخيرة، إضافة إلى مستشفى السيدة

الزهراء في منطقة صور في الجنوب اللبناني.

وف�ي غمرة اهتماماته االجتماعية، ظل وفيا لنهج�ه الفكري األصيل، فأطل على ، العالم اإلسالمي من خالل موقعه »بينات«، وزار أكثر من بلد إسالمي وغير إسالميوش�ارك في العديد من المؤتمرات، حريصا على حماية المسلمين والتواصل معهم ف�ي ش�ؤونهم المختلفة، عبر مكتب العالقات الخارجي�ة والتبليغ، الذي يعمل على تأصيل الفكر اإلس�المي المنفتح على كل قضايا اإلنس�ان المس�لم ف�ي عالقته بربه وبالن�اس من حوله. ث�م إنه كان، ومنذ أكثر م�ن أربعين عاما، مرجعي�ة قضائية يحل المش�اكل العالق�ة في نطاق الحكم الش�رعي. وقد كثرت اس�تفتاءاته ول�م يعد وقته


197

يتسع لإلجابة عنها بشكل مباشر، فأنشأ مكتبا لالستفتاء يقوم عليه جملة من العلماء ذوي الكفاية العالية في العلم والفضل. واس�تكماال لموقع »بينات« والدور الثقافي والفكري واإلسالمي على المستوى اإلعالمي، تم إصدار مجلة »بينات« األسبوعية

التي تركز على القضايا اإلسالمية الحيوية العامة.

مشروع كاملوهكذا يكون الس�يد محمد حس�ين فضل الله، في ش�خصه وفي أدائه، مش�روعا إس�الميا متكامال، وظف في لبنان وجواره ما اكتس�به من خبرة في الس�احة العراقية، وهي ساحة تتمتع بالغنى في كل مجاالتها. وحين حضر السيد موسى الصدر بدوره إل�ى لبنان، وأراد أن يباش�ر حركته السياس�ية، كان فضل الله قد أه�ل نخبة كبيرة من الش�باب ش�كلوا نواة العمل السياس�ي اإلس�المي ال�ذي انطلق في تل�ك المرحلة. وقد اس�تمر في ترجمة البعد العالمي لمش�روعه اإلسالمي األممي، وطرح اإلسالم ، بأسلوب الحوار الهادئ بعيدا عن العنف واألحكام المسبقة. كفكر إنس�اني عالميوخالل الحرب األهلية اللبنانية، وبشخصيته الديناميكية، الفاعلة، لم يستسلم لمنطق العنف، واس�تقطب أفواجا من الش�باب اللبناني الذي فقد ثقته باألحزاب العلمانية، ودعاهم إلى العودة إلى حضن اإلسالم. وعندما شعرت األحزاب والتنظيمات بقوة حركت�ه، تع�رض لمحاوالت اغتيال عدة في الغبيري والش�ياح وبئر العبد، لكن هذه المحاوالت لم تثنه عن مواصلة المس�يرة، وهو القائل »نذرت نفس�ي لإلس�الم وال ع�ودة إل�ى الوراء حتى لو أدى ذلك الى استش�هادي، ونحن ق�وم: الموت في عرفنا

عادة وكرامتنا من الله الشهادة«.

وعش�ية االجتياح اإلس�رائيلي للبنان في العام 1982، ش�كل الن�واة األولى لهيئة دع�م المقاومة اإلس�المية ف�ي لبنان، حي�ث كان أول الداعين إل�ى نصرتها من دون تحف�ظ، وأخ�ذ عل�ى عاتق�ه التنظي�ر لالس�تراتيجيات اإلس�المية له�ذه المقاوم�ة، والتفاعل المنتج مع قيادتها، وقد لبى عددا من الدعوات التي وجهت إليه، ثم تحول


198

إلى المرش�د الروحي لمجموعات الش�باب التي انبرت للمقاوم�ة والجهاد، إلى أن استهدفته المخابرات المركزية األميركية بسيارة ملغومة في بئر العبد، وبهذا المعنى يعتبر فضل الله أحد آباء المقاومة اإلس�المية الش�رعيين في لبنان، ولو أنه انقطع في

السنوات األخيرة عن زيارة إيران، ألنه كان حريصا على نهج مستقل في فتاواه.

وط�وال حيات�ه، ورغم أنه من الش�خصيات التاريخية، اخت�ار أن يبقى إلى جانب الن�اس، يرافقه�م ف�ي صلواته�م وحجهم وصيامه�م، ويتق�رب إليهم كم�ا يتقربون إليه، ويحش�ر نفس�ه في صفوفهم كما حش�روا أنفس�هم معه. وفي الوقت نفسه، كان منفتحا على الرأي اآلخر، وعلى اإلنسان أينما وجد في كل مشاكله وتطلعاته، بفكر مب�دع يجمع بين االجتهاد الديني والقراءة االس�تراتيجية الثاقبة للتطور االجتماعي، وحرك�ة المس�لمين عل�ى امتداد العال�م. وعلى المس�توى الجهادي، ش�رع الراحل الكبي�ر العملي�ات االستش�هادية ف�ي لبنان لدحر إس�رائيل، وفي فلس�طين إلس�قاط األمن اإلسرائيلي، ودعا إلى مقارعة االحتالل في العراق وفق ما تسمح به الظروف الموضوعي�ة، إضاف�ة إلى إعالن�ه مبدأ سياس�يا مهما ه�و أنه يجب على المس�لمين ف�ي كل الدول العربي�ة التي تواجه االحتالل واالس�تكبار، العمل على أن ال يس�تقر

االحتالل أو يشعر باالسترخاء في أرض المسلمين.

وباختص�ار، لقد تحول الس�يد بعد نص�ف قرن من العمل الج�اد والرؤيوي، إلى ضمير الحالة اإلسالمية العالمية، وحامل المشروع اإلسالمي الحضاري إلى العالم أجم�ع، غير آبه بكل الس�هام التي وجهت إليه من األقربي�ن واألبعدين، ورائده قول

رسول الله )ص(: »إن لم يكن بك غضب علي فل أبالي«.

ولع�ل أب�رز ما ف�ي أقواله، وال�ذي يختصر فهم�ه للحياة، وحرصه عل�ى أن يمأل الزمن بكل معاني إنس�انيته، ما ورد في إحدى مقابالته الصحفية إذ قال: »منذ البداية كنت أش�عر بالزمن وهو يتحرك في وجودي، وكنت ال شعوريا أحاول أن أغني هذه الحي�اة الت�ي تضج في هذا الوجود المادي، أن أغنيها بفك�ر، أي فكر، ولذلك كانت الحياة الفكرية عن�دي تشب�ه الفوض�ى، ل�م أخط�ط لها لكنني كنت ألتقطها، وكنت


199

أحاول � مهما صدمتني المحاولة � أن أكون ما أتمثله من هذا الفكر الذي يغني الحياة جديدا. لذلك عشت الجدة منذ بداية عمري... ربما لم أكن أختزنها في العمق، ربما كان�ت تطفو على الس�طح، ربما كانت تت�رك تأثيرها على كلماتي وأس�لوبي، لكنها

كانت تشعرني بأنني أحيا في العصر الذي أعيش فيه«.

إل�ى أن يقول: »إنني أفهم الحي�اة بأنها هذه الحيوية العقلي�ة والروحية والحركية التي تمثل الوجود اإلنساني، الذي يبحث عن فكر ينغرس فيه، وعن مستقبل يصنعه،

وعن روح يسمو معها ويصفو«.

وحت�ى اللحظة األخيرة، كان الس�يد وفيا لهذا النهج الفكري والعملي، وس�وف يبقى في غيابه ضمير اإلسالم المعاصر.


200

بيروت تشيع فضل اللهصوتها الشيعي

العرب )قطر( 10 تموز 2010

إيزابيل ديليربا، ترجمة: نسرين ضياء

راف�ق حش�د كبي�ر، رافعي�ن أيديه�م وحاملي�ن نعش محمد حس�ين فض�ل الله، المتأرج�ح ف�وق الموج�ة البش�رية، إل�ى مث�واه األخير؛ حي�ث دفن في مس�جد في الضاحية الجنوبية لبيروت. ويتأسف محمد، قائال بصوت متقطع: »لقد فقدنا عالما كبيرا، يشبه الموسوعة اإلنسانية«، وتضيف ميرنا بالقول: »لقد كنت أتوجه إليه دائما

عندما تدور في ذهني بعض األسئلة، من الذي سيرشدنا بعد اآلن؟«.

وس�يترك آي�ة الله، ال�ذي توفي صباح يوم األح�د عن عمر يناهز 75 عاما بس�بب ، فراغ�ا كبيرا ف�ي لبنان وف�ي العالم العرب�ي واإلس�المي؛ حيث كان نزي�ف داخل�يأح�د أهم قيادات اإلس�الم � الش�يعة � على م�دار أربعين عاما. وف�ي نظر العديد من المؤمني�ن، ح�از محمد فضل الله على لق�ب »المرجع«، فلقد كان مرجعا ومرش�دا روحيا لطائفته فيما يخص العديد من القضايا المختلفة س�واء كانت قضايا دينية، أو

سياسية، أو اجتماعية أو حتى العالقات الجنسية واألسرية.

ولقد درس العالم اللبناني الجليل في المدرسة الدينية بالنجف، في العراق، التي تعد المنافس الرئيسي لقم، في إيران، وإذا كان قد ساند، منذ عام 1979، الجمهورية


201

اإلس�المية التي أسس�ها آية الله الخميني، إال أنه عارض بس�رعة س�يادة مبدأ »والية الفقي�ه«، وهو مذهب وضعه قائد الثورة والذي يقضي بأن يفرض رجل الدين قانونه

على السياسة.

ولقد أكس�به هذا االخت�الف العقائدي عدم ثق�ة إيران فيه، كما أض�ر بعالقته مع حزب الله، الذي يتبع المرش�د األعلى اإليراني، غي�ر أن حزب الله قد مدحه اليوم؛ حيث صرح األمين العام، الش�يخ حس�ن نص�ر الله، قائال:لقد كان أس�تاذنا ومعلمنا

وضوء المعرفة الذي كان يرشدنا.

فهذا الرجل الذي كان يرفض دائما لقب »المرشد الروحي لحزب الله« قد لعب دورا أساس�يا في وضع أس�س ه�ذا الحزب في بداي�ة الثمانيني�ات. وبمتابعة خطبه، وقراءة نصوصه، انتبه جيل كامل من الش�باب الش�يعي اللبناني إلى الدين والسياسة. ولق�د ن�دد آي�ة الله ب�ال ه�وادة بالليبرالي�ة التي يتبعه�ا »الش�يطان األميرك�ي الكبير«

ومساندته إلسرائيل.

ومن�ذ غ�زو إس�رائيل للبن�ان، ف�ي يوني�و 1982، دع�ا إلى الكف�اح المس�لح ضد االحتالل. وعندما تجمعت األحزاب اللبنانية المختلفة من أجل تش�كيل الميليش�يا الش�يعية، انض�م ح�زب الدع�وة ال�ذي كان يقوده في لبن�ان إلى صف�وف حزب الله

»الوليد«، فلقد لعب دورا سياسيا كاد أن يفقده حياته.

فف�ي ع�ام 1985، نج�ا بصعوب�ة ش�ديدة م�ن محاول�ة اغتيال نس�بت إل�ى وكالة المخاب�رات المركزي�ة األميركي�ة، وفي ع�ام 1995، وضعت�ه اإلدارة األميركية على

قائمتها الخاصة »باإلرهابيين الدوليين«.

وم�ع ذل�ك، كان ينظر إلي�ه في لبنان عل�ى أنه »ص�وت االعتدال«؛ حي�ث يتذكر الش�عب مواقفه ضد االعتداءات التي تس�تهدف المدنيين، وفت�واه التي تدين جرائم الش�رف وخت�ان اإلن�اث أو مواقف�ه في الدف�اع عن حقوق الم�رأة. كما أش�اد القادة


202

السياسيون، من مختلف الطوائف، بروح »الحوار« التي كان يتمتع بها.

ويتس�اءل حاليا اللبنانيون ع�ن خليفته، فال أحد يتمتع بالمكان�ة الرفيعة الالزمة. ولق�د أك�د العديد م�ن المؤمنين، خالل مراس�م الجن�ازة، أنهم س�يظلون مخلصين

لمحمد فضل الله في انتظار ظهور مرجع عربي جديد.


203

نبض اإلسلم المعاصر، فضل الله: آخر الحكماء

الكفاح العربي )لبنان( 12 تموز 2010

تميز بثلث: االجتهاد المطلق في الفقه الشيعي استنادا إلى الرؤية القرآنية وصوال إلـى معطيات جديدة تمثـل فهما قرآنيا أصيل، محاولة التوفيق بين اإلسـلم والحياة المعاصـرة عن طريق الفصـل بين »والية األمة« و»والية الفقيه«، وتشـريع العمليات االستشهادية لدحر إسرائيل ومقارعة االحتلل في العراق دفاعا عن لبنان وعن أرض

المسلمين.

، بعد غياب محمد محمد حسين فضل الله، الفقيه الكبير الذي غاب، يعتبر بحقمه�دي ش�مس الدين، آخ�ر حكماء لبنان، وغياب�ه ترك فراغا ال يع�وض على امتداد

الجغرافيا اللبنانية، كما على امتداد المساحة العربية واإلسالمية.

الرجل ال يش�به أحدا قبله، ولن يش�بهه أحد بعد وفاته. إنه ال يشبه إال نفسه، فقيها وسياس�يا واس�تراتيجيا وفكرا أدبيا فلسفيا معاصرا. واإلحس�اس بالخسارة الكبرى لفقدانه ال يقتصر على اللبنانيين المس�يحيين قبل المس�لمين، وإنما يتجاوز مس�احة لبن�ان إل�ى دني�ا العرب أينما كانوا والفضاء اإلس�المي الواس�ع، ألن محمد حس�ين فض�ل الله من القالئل الذين ال يتكررون في تاريخ بالدهم وتاريخ األمة، وغيابه لن

يعوض.

كان األكث�ر حض�ورا ف�ي حياة لبنان السياس�ية، م�ن دون أن يمارس أي س�لطة،


204

واألكث�ر إث�ارة للج�دل، واألكث�ر صراحة ف�ي التعاطي م�ع كل المرجعي�ات الدينية والسياس�ية داخ�ل وخارج لبن�ان. وكان له مري�دوه الكثر الذين يعتبرون�ه في موقعه الفك�ري اإللكتروني »بينات« س�يد الكلمة وال�ذوق الرفيع، وركنا أساس�يا في فهم

النص القرآني.

وف�ي فتاواه، كما ف�ي حواراته وفي مواقفه كما في مقارعات�ه الفكرية، كان رجال مستقال، يمثل ضمير اإلسالم المعاصر ونبضه خير تمثيل. حتى في تعامله مع النظام اإليراني في مرحلة ما بعد الخميني. عرف كيف يكون حرا وندا، ولم يكن يوما تابعا

. ألي اجتهاد أو قرار سياسي

ولبنان محمد حس�ين فضل الله هو على تنوعه، لبنان الموحد الذي يرس�م لوحة م�ن أجم�ل لوحات الل�ه في اإلنس�ان. كان ي�درك تمام�ا أن الوحدة ال تعن�ي النوع الواح�د، وإنما تعني التنوع الذي يتداخل ويتفاعل ويتكامل، ليكون الش�يء الواحد ال�ذي ينبض نبضات متنوعة هنا وهناك بحيوية وإبداع وإغناء. من هذا المنطلق كان ي�رى أن الحقيق�ة هي بنت الح�وار، وأن ليس في الحوار مقدس�ات، وال محرمات، وأن كل المش�اكل والقضاي�ا الكبي�رة والصغي�رة يمكن أن تجد المخ�ارج المالئمة عن طريق الحوار، أي القبول باآلخر واحترامه. وعلى هذا األس�اس كان يقول: لقد مض�ى الزم�ان الذي يخاف فيه الفك�ر من الفكر والعقل من العق�ل. العقل ال يخاف ب�ل الغريزة هي التي تخ�اف، ونريد أن نخرج من الغريزة التي هي حاجتنا إلى العقل الذي هو رسالتنا... وكل حوار في العمق بين اإلسالم والمسيحية، بهدي من العقل وال�روح طريق إلى التوحد أمام الله، ألن لكل وردة رائحة، ورائحة الورود مجتمعة

هي في النهاية رائحة الله.

ول�م يكن ي�رى أن هن�اك تناقضا بي�ن القومية واإلس�الم كعنواني�ن كبيرين. كان يقول إن المش�كلة هي في الفهم الضيق لإلس�الم واإليديولوجية القومية. ويضيف: نحن نقول إن القومية حالة إنس�انية، وأنا ال أس�تطيع أن أتحرر من كوني عربي اللغة

واللسان والعادة والتاريخ، وقد اغتنى اإلسالم بالعرب واغتنى العرب باإلسالم.


205

وعندم�ا كان يس�أل ع�ن تهليل بع�ض الع�رب للحل�ول اإلس�رائيلية كان يقول: مش�كلة ه�ؤالء الع�رب )األنظم�ة( أنه�م تعبوا م�ن القضي�ة الفلس�طينية وأرادوا أن يحفظوا ماء وجوههم على أس�اس ما يس�مونه السالم، والمش�كلة أنهم قرروا أن ال يحاربوا إسرائيل منذ أن أسقط السادات الصراع مع إسرائيل، وبدأ التنظير للواقعية، وب�دأ التبرير للتن�ازالت التي تفرضه�ا أميركا وإس�رائيل، والتبرير للضع�ف العربي باس�م التوازنات الدولية. المش�كلة هي أن خصمك يحضر كل أس�لحته السياس�ية واالقتصادي�ة والعس�كرية وأنت تحاول أن تكس�ر كل أس�لحتك، وعن�د ذلك كيف ستكون النتيجة؟ س�تكون النتيجة »باراك« الذي أعطى العرب أحالما وبدأ يبعثرها، ولك�ن العرب ال يزالون يلهثون وراء هذه األحالم ويفس�رون كلمة هنا وكلمة هناك

بطريقة أخرى تحفظ لهم أحالمهم.

وعن أس�لوبه في التعاطي مع الملفات الداخلية؟ كان يقول: »أنا ال أريد أن أقف موق�ف المتهم أو الذي يحمل س�يف اإلدان�ة، ولكني كنت دائما أتح�دث بأن على المعارض�ة أن تتكامل مع المواالة، وأن تعتبر نفس�ها حكوم�ة الظل فتدرس القضايا السياس�ية واالقتصادي�ة والتربوي�ة وغي�ر ذل�ك كما لو كانت مس�ؤولة عنه�ا، ولكن المسألة هي أن هناك في لبنان أشخاصا يبحث الكثيرون منهم � وال نقول جميعهم �

عن أسمائهم ومواقعهم وال يبحثون عن بلدهم«.

ويضي�ف: »ال ب�د من أن نعطي فرصة ومناخا للعمل، ألن هذا النوع من تس�جيل النق�اط يفس�د مناخ العم�ل بحيث يجعل المس�ؤول في حالة نفس�ية أو وطنية تمنعه م�ن أن يكم�ل عمله وس�يتحول إلى مدافع عن نفس�ه ال عن بلده. نح�ن نعمل على تس�جيل النقاط تماما كلعبة الكرة بدون روح رياضية، والمش�كلة أن البلد هو الكرة

التي تتقاذفها أقدامنا«.

وح�ول األح�داث األخيرة ف�ي إيران قال: »إن إي�ران هي من البل�دان القليلة في المنطقة التي تملك حياة سياسية، وحتى قبل مرحلة السيد خاتمي كان هناك صحافة تنقد بقس�وة، ومنابر الجمعة ليس�ت خاضعة لمنهج معين بحيث تقدم ورقة لخطيب


206

الجمع�ة ليقرأه�ا على المنب�ر من دون أن يزيد فيه�ا أو ينقص. صحي�ح هناك تياران سياس�يان في إيران، ولكن هذين التيارين يتح�ركان من داخل النظام ال من خارجه، وهذا األمر يمثل حالة صحية وال يشكل خطرا على النظام، ألن القائمين على النظام س�واء كانوا اإلصالحيين أو المحافظين � اذا صح التعبير � عندما ش�عروا أن القضية

سوف تتحول إلى فوضى فإنهم تكاملوا فيما بينهم.

الفقيهوفضل الله المفكر السياس�ي االستراتيجي، هو نفسه فضل الله الفقيه المجتهد،

وفضل الله المرجعية.وفي فتاواه كان السيد فضل الله »آية الله العظمى« متميزا.

لق�د تمي�ز حقا ف�ي الكثير من مباني�ه الفقهية، مم�ا خالف فيه المش�هور، معتمدا قاعدة أن الش�هرة ال تمثل حجة ش�رعية، مما يعتمده فقهاء آخرون، ولكنه انفرد من بي�ن المراجع المعروفين بكثرة مخالفته للمش�هور. ونذكر هن�ا بعضا منها من مبانيه

الفقهية التي خالف فيها المشهور، وعلى سبيل المثال ال الحصر:

ء النس�اء المرجعية � ل�م يقل بش�رط الذك�ورة في المرجعية، مم�ا يعني جواز تبوالدينية.

� ل�م يق�ل بش�رط األعلمية ف�ي المرج�ع، ألن األعلمية من األم�ور التي يصعب تحديدها.

� تبنى التبعيض في التقليد، مما يجيز للمتدين الشيعي الملتزم بشرط التقليد، أن يرجع في كل قضية إلى أي فقيه يشاء.

� اعتم�اده قاع�دة مس�اواة المرأة بالرجل ف�ي الحقوق على ض�وء اآلية زب ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ رب ]البقرة: 228[ في كثير من القضايا. ومما طبق عليه ه�ذه القاعدة ج�واز رد المرأة عل�ى زوجها إذا ما اس�تخدم العنف معه�ا بعنف مثله

دفاعا عن نفسها، أي إن ضربها لها أن تضربه، أو تحرض على ضربه إن عجزت.


207

� أفتى بطهارة اإلنس�ان عموما، منفردا بذلك، حيث ينقس�م الفقهاء بين من يقول بطه�ارة أهل الكتاب ونجاس�ة غيرهم، أو بطهارة الموحدين ونجاس�ة المش�ركين، بينما ذهب آخرون إلى عد كل غير المس�لمين نجس�ا. وأدلته غاية في المتانة، حيث فس�ر النص القرآني القاضي بنجاس�ة المش�ركين على أنها نجاس�ة معنوية ال يترتب

، وأثبت صحة مبناه بأدلة من القرآن نفسه والسنة. عليها أثر شرعي

� اعتم�د فت�وى تحريم التدخين لحرمة اإلضرار بالنفس إض�رارا يعتد به ولثبوت أن التدخين يهدد حياة اإلنسان، فيما ال حرية له فيه. وقد اعتمد في ذلك على تطبيق قاعدة اس�توحاها من آية تحريم الخمر والميس�ر، بتحريم كل ما كان )إثمه( أكثر من

)نفعه( مفسرا )اإلثم( ب�)الضرر( بدليل التقابل بالتضاد.

� ل�م يعتب�ر التدخين من المفطرات، لعدم التالزم بين ك�ون عمل ما محرما لذاته وبي�ن كونه مبطال لعمل ما، وتعليله أن التدخين ليس من صنف األكل وال الش�رب، وال هو من الممارسة الجنسية المبطلة للصيام كالجماع أو اإلمناء، وال هو من صنف

الغبار الغليظ الداخل إلى الجهاز الهضمي.

� ح�رم التطبي�ر )ضرب الرؤوس باآللة الجارحة كالس�يف( وكل أنواع الش�عائر الديني�ة العنيف�ة والمؤذي�ة للنفس، مما يمارس�ه الكثي�ر من الش�يعة لحرمتين؛ حرمة

اإلضرار بالنفس، وحرمة تشويه سمعة الدين والمذهب.

� ل�م يج�ز العقود الصورية التي يرى ش�رعيتها الكثير من الفقه�اء، كون العقد ال يصح إال بقصد الجدية، وال جدية في عقود الزواج والبيع والشراء والهبة الصورية، التي يعتمدها الكثير من المتدينين كمخرج ش�رعي من حرج ما، أو تحقيقا لمصلحة

ما عبر العقود الصورية، أو هروبا من بعض االلتزامات والحقوق الشرعية.

� حس�م موض�وع تحدي�د البداي�ات الش�رعية لألش�هر القمري�ة للتقوي�م الديني اإلس�المي )الهجري( باعتماد الحس�ابات الفلكية والرص�د الفلكي في إثبات اليوم

الذي يكون هالل أول الشهر ممكن الرؤية نظريا، ولو لم تتحقق رؤيته فعليا.


208

� حرم ختان المرأة الممارس عرفيا في بعض الدول العربية كمصر والسودان.

� تبنى حلية ممارس�ة العادة الس�رية للمرأة في حاالت خاص�ة، لكون اإلمناء هو الثاب�ت حرمت�ه عنده، ولعدم وجود مني عند المرأة، خ�الف ما يذهب إليه عدد كبير من الفقهاء، مما يخالف الحقائق العلمية، والتي اس�تفاد منها في فتواه بمراجعة أهل

االختصاص.

� اعتبر سن التكليف عند البنت هو إكمالها لثالثة عشر عاما قمريا، أي اثني عشر عاما وس�بعة أشهر، بخالف معظم فقهاء الشيعة الذين يقولون بأن سن التكليف عند البن�ت، مم�ا يعني وجوب الصالة والصيام والحجاب عليها، من يوم إكمالها لتس�ع

سنوات قمرية، أي ثماني سنين وثمانية أشهر.

� لم يفت بأي فتوى مس�تهجنة ومس�تنكرة، كما عند الكثير م�ن الفقهاء، كالتمتع بالصغي�رة، وكراهة تزوي�ج الكرد لكونهم قوما من الج�ن، أو رضاع الكبار كما عند

السنة، وغيرها من المضحكات والمستهجنات.

الواليةويعتبر فضل الله أن النظام اإلس�المي في إيران كان عبارة عن مزاوجة بين والية الفقي�ه والش�ورى، لكنه ل�م يكن يؤمن بوالي�ة الفقيه العام�ة أوالمطلق�ة، ويرى أنها والية محدودة في األمور الحس�بية التي قد تتوسع لتشمل الشؤون العامة إذا اقتضى ذلك حفظ النظام العام. هو يقول: والية الفقيه مس�ألة فقهية فرعية وليست جزءا من العقيدة التي يعتقد بها الش�يعة. وعليه، ال�ذي ال يؤمن بها ألنه يقلد المرجع الذي ال يق�ول به�ا ال يخرج من الدين وال من المذهب. بل ه�و مخالف إذا كان يقلد مرجعا يق�ول بوالي�ة الفقيه. ووالي�ة الفقيه موجودة في كل الفقه الش�يعي ف�ي أمور محددة

تسمى األمور الحسبية.

الوالي�ة على القصار، ط�الق الغائب عن زوجها بش�روطه. والفقي�ه الولي ليس واح�دا. بل كل مجتهد عادل هو ولي فقيه. أما والي�ة الفقيه بمعنى الوالية المطلقة،


209

فتع�ود إلى حوالي رب�ع قرن. والذين قال�وا بها في الماضي هم أف�راد معدودون من الفقهاء، وغالبية فقهاء الش�يعة ال ترى أن هناك أدلة ش�رعية قوية أو كثيرة على والية

الفقيه المطلقة في كل شيء حتى في الشأن السياسي.

االستشهادوفي ما يتصل بالعمل االستشهادي، للسيد الراحل فتوى بالغة األهمية في مقاومة المحت�ل. هو يقول: »إن الفرق بين العمل االستش�هادي والعم�ل االنتحاري هو أن العمل االستشهادي يتحرك في ساحة الجهاد من أجل القضايا اإلسالمية المشروعة في أهدافه�ا الكب�رى، فالله س�بحان�ه وتعالى أمرنا بالجهاد وبالقتال في س�بيل الله:

زب ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅۅ ۉ ۉ ې ې ې ېى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ رب ]التوبة: 111[.

واإلس�الم لم يحدد لنا آلية معينة في ممارس�ة العمل الجهادي، فكما أن الجندي المسلم عندما يندفع إلى القتال في المعركة الشرعية وهو يعتقد أو يظن ظنا قويا بأنه سوف يقتل عندما يبرز إلى العدو، فإنه يعتبر شهيدا؛ ألنه قتل في سبيل الله.. فكذلك عندم�ا تحت�اج المعرك�ة الجهادية الش�رعية إلى عملي�ة تفجير يتحول فيه�ا الجندي المس�لم إلى قنبل�ة متفجرة في العدو تلحق به ضررا على المس�توى المادي أو على المس�توى السياس�ي بحيث تش�ارك في إضعافه أو هزيمته.. فإن هذا الجندي يكون

ش�هيدا؛ ألنه قتل وهو يقاتل في س�بيل الله«. ويس�تطرد قائ�ال: زب ۀ ۀ ہ ہ ہ رب ]البقرة: 195[ ليس موقعها س�احة الجهاد في س�بيل الله، بل موقعها في الحاالت الفردية أو الجماعية الناشئة من دوافع ذاتية؛ ولذلك فإن االستشهاديين ل�م يمارس�وا عمال حرمه الله؛ ألن م�ا حرمه الله ال ينطبق على س�احة الجهاد، وإال ف�كل الجه�اد إلقاء للنفس بالتهلكة، وهذا ما نريد للمس�لمين أن يعوه ويفهموه وهو أن موقع اآلية هو في الحاالت الذاتية. أما موقع الش�هادة س�واء كان في يد العدو أو

بطريقة التفجير التي تحتاجه المعركة فهو في ساحة المعركة«.


210

وليس سرا أن السيد الراحل شكل في المرحلة األولى من نشأة المقاومة اللبنانية األب الروحي للش�باب المق�اوم، وظل حتى اللحظة األخيرة المق�اوم األول فكريا ودينيا ضد االحتالل وكل االحتالالت األميركية وغير األميركية لألرض اإلسالمية. وقد دعا بوضوح كامل إلى مقارعة االحتالل األميركي في العراق إضافة إلى إعالنه مبدأ سياس�يا مهما، وهو أنه يجب على المس�لمين في كل الدول العربية التي تواجه االحتالل واالس�تكبار، العمل على أن ال يس�تقر االحتالل أو يش�عر باالسترخاء في أرض المس�لمين فضال عن تأكيده الدائم ضرورة توحد المس�لمين وعدم االنزالق

وراء الفتن المذهبية.


211

لبنان الشعبي والرسمييشيع العلمة فضل الله

الدستور )األردن(7 تموز 2010

ش�يع عشرات اآلالف من اللبنانين المرجع الشيعي العالمة محمد حسين فضل الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وسط حداد وإقفال عام في البالد أعلنته الحكومة

اللبنانية.

وبدأت مراس�م التش�ييع من أمام منزل فض�ل الله في حارة حري�ك في الضاحية الجنوبية، وسلك موكب التشييع عددا من شوارع الضاحية قبل أن يصل إلى مسجد اإلمامين الحسنين)ع( حيث أقيمت عليه الصالة ليوارى الثرى في صحن المسجد.

ووضع�ت عمامة العالمة الراحل على النعش ال�ذي حمله أنصاره ومحبوه على وقع تسجيالت بصوته.

وتولى عناصر »االنضباط« في حزب الله بلباس�هم األسود وقبعات تحمل صور فض�ل الل�ه تنظيم الم�رور ومواكبة الجموع في معقل الحزب الش�يعي، بينما انتش�ر عناصر القوى األمني�ة بكثافة عند مداخل الضاحية. وأقفلت المحالت التجارية في

. المنطقة، كما سجل إقفال في عدد كبير من المناطق اللبنانية، في يوم حداد وطني

وكان رئي�س الوزراء اللبناني س�عد الحري�ري أعلن الحداد الرس�مي أمس على المرجع الشيعي آية الله محمد حسين فضل الله، بحيث تغلق اإلدارات والمؤسسات العامة والجامعات والمدارس الرسمية والخاصة مع تنكيس األعالم لمدة ثالثة أيام.


212

وش�ارك في التش�ييع آالف الش�يعة م�ن لبنان وإي�ران والعراق إل�ى جانب بعض الكب�ار المس�ؤولون تواف�د الماضيي�ن اليومي�ن اللبنانيي�ن. وخ�الل المس�ؤولين والشخصيات من كل المذاهب واألحزاب السياسية للتعزية بالراحل، باإلضافة إلى

وفود شعبية.

كما وردت برقيات تعزية به من العديد من الشخصيات في الخارج وبينهم مرشد الجمهورية اإلس�المية علي خامنئي والرئيس اإليراني محمود أحمدي نجاد وملك البحري�ن حمد بن عيس�ى آل خليف�ة ورئيس حكومته�ا األمير خليفة بن س�لمان آل خليف�ة واألمي�ن العام لجامعة الدول العربية عمرو موس�ى ونائب الرئيس الس�وري



213

في يوم حداد وطني على الراحل الكبيرعشرات اآلالف يشيعون العلمة فضل الله إلى مثواه األخير

الدار )الكويت(7 تموز 2010

• مات والد اليتيم.. ومن ساعد الفقراء

• شخصية عظيمة ظلت صامدة في وجه أعداء األمة

• األعلم السوداء وصوره رفعت في كل مكان • عرف بانفتاحه على العصر وتطور العلم في فتاواه مع تمسكه بأصول الدين

• حاول العديدون لمس النعش الذي كان يتحرك بصعوبة

• عمامتـه وضعـت علـى النعش.. وأنصـاره حملوه.. ومحبـوه تدافعوا لحضور الجنازة

• اللبنانيون على اختلف شرائحهم شاركوا في المشهد المهيب

ش�ارك عشرات اآلالف من األش�خاص أمس في موكب تشييع المرجع الشيعي العالمة محمد حس�ين فضل الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وسط حداد وإقفال

عام في البالد أعلنته الحكومة اللبنانية.

وب�دأت مراس�م التش�ييع عن�د الس�اعة الواح�دة والنصف ظه�را من أم�ام منزل الراح�ل ف�ي حارة حريك ف�ي الضاحية الجنوبية، وس�لك موكب التش�ييع عددا من ش�وارع الضاحي�ة قب�ل أن يص�ل إل�ى مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( حيث س�تقام


214

الصالة، ووري الثرى في صحن المسجد.وش�ارك في المسيرة عشرات اآلالف من األش�خاص الذين بدأوا التجمع باكرا في أحياء الضاحية. ورفعت األعالم الس�وداء وصور المرجع الشيعي في كل مكان. كما انتشرت صوره على السيارات.ووضعت عمام�ة العالم�ة الراحل عل�ى النعش ال�ذي حمله أنص�اره ومحبوه وس�ط غابة من البش�ر وتدافع وطقس حار للغاية. وحاول العديدون لم�س النعش الذي كان يتقدم

بصعوبة، وسط هتافات »لبيك يا حسين« و»ال إله إال الله والسيد حبيب الله«.

بينما كانت النساء يذرفن الدموع بغزارة.

في الوقت ذاته، ارتفعت أصوات تسجيالت لخطب بصوت العالمة الراحل كما علقت الفتات ضخمة في شوارع الضاحية الجنوبية مع صور لفضل الله كتب عليها »إن�ا لله وإنا إلي�ه راجعون« و»أس�تودعكم الله«.وقالت فاطمة مش�يمش )20 عاما( التي جاءت للمش�اركة في التش�ييع لوكالة فرانس برس إنها درست في مدرسة تابعة لجمعية المبرات الخيرية التي أسسها فضل الله والتي تعنى باليتامى، وقالت »فقدت وال�دي وأن�ا في الثالثة، وتحجبت لدى الس�يد فضل الله وأنا ف�ي الثامنة«.وأضافت »عندما س�معت بوفاته، قلت في نفس�ي لق�د توفي أبي«.وقالت زه�راء عميس )65 عاما( التي كانت تس�ير مس�تعينة بعكاز »لقد كان أخا وأبا وصديقا لنا«، مضيفة وهي ت�ذرف الدم�وع »لقد م�ات والد اليتيم، مات الذي يس�اعد الفق�راء«. وتولى عناصر »االنضباط« في حزب الله بلباس�هم األس�ود وقبعات تحمل صور فضل الله تنظيم الم�رور ومواكب�ة الجموع في معقل الحزب الش�يعي، بينما انتش�رت عناصر القوى األمنية بكثافة عند مداخل الضاحية.وقال حسن فقيه )55 عاما( الذي قدم مع زوجته من النبطية )جنوب( »جئت محبة بالسيد الذي كان يعني لنا الكثير، خصوصا أنه كان المؤيد األول للمقاومة اإلس�المية. هو الذي أطلق فكرة المقاومة والفكر المقاوم«.وقالت زوجته أمال رمال )44 عاما( »إنني أقلد السيد منذ عشرين سنة. غيابه خسارة للعالم العربي ولبنان والمجتمع الشيعي خصوصا«. وأقفلت المحالت التجارية في ، المنطقة، كما س�جل إقفال في عدد كبير م�ن المناطق اللبنانية، في يوم حداد وطني


215

وإقفال للمؤسس�ات الرس�مية والعامة أعلنه مجلس الوزراء.وكان الس�يد فضل الله . توفي األحد عن خمسة وسبعين عاما نتيجة إصابته بنزيف داخلي حاد

وكان فضل الله »المرشد الروحي« لحزب الله في بداية تأسيسه في الثمانينيات، قبل أن يحصل تباعد بين الجانبين بسبب تباينات في وجهات النظر حول المرجعية الدينية، إذ سعى فضل الله إلى تأسيس مرجعية مستقلة للحزب الشيعي، في حين أن األخير يعتبر »والية الفقيه« من صلب عقيدته.ومنذ ذلك الوقت بقي اسم فضل الله مدرجا على الالئحة األميركي�ة لإلرهابيين العالميين.وقد اتهمته الواليات المتحدة ف�ي الماضي بالتورط ف�ي خطف الرهائن األجانب في لبن�ان خالل الحرب األهلية )1975� 1990(. وبحس�ب مص�ادر أخ�رى، كان يلع�ب دور »الوس�يط« ف�ي قضايا الرهائ�ن. وكان فضل الله من أش�د مناهضي سياس�ة الواليات المتحدة في الش�رق األوس�ط، إال أن ذل�ك ل�م يمنعه م�ن إدانة اعت�داءات 11 س�بتمبر 2001.وقد ش�رع العالمة الشيعي »العمليات االستش�هادية في لبنان لدحر االحتالل الصهيوني، وفي

فلسطين إلسقاط األمن الصهيوني«.

وكان فضل الله مؤمنا بإقامة الدولة اإلسالمية في يوم من األيام، لكنه كان مقتنعا ب�أن األم�ر غير ممكن ف�ي المرحلة الراهنة ف�ي لبنان. وهو يلتقي ف�ي ذلك مع نظرة ح�زب الل�ه المعلنة.وق�د ع�رف فضل الل�ه بانفتاحه عل�ى العصر وتط�ور العلم في فتاواه، مع تمسكه بأصول الدين.وأفتى باعتماد علم الفلك واألرصاد في إثبات بدء

شهر رمضان وانتهائه. كما أفتى بتحريم »جرائم الشرف« وتحريم ختان اإلناث.

ولد محمد حسين فضل الله في 1935 في النجف في العراق حيث درس العلوم الدينية. ثم عاد إلى لبنان العام 1966، فأس�س حوزة »المعهد الش�رعي اإلس�المي« ال�ذي تخرج منه كثير من العلماء البارزين.وعلى مدى أكثر من أربعين عاما، ش�كل

فضل الله مرجعية بارزة في المذهب الشيعي وله أتباع في لبنان وخارجه.


216

لبنان يودعالراحل الكبير السيد فضل الله

البلغ )المغرب(7 تموز 2010

شيع لبنان واألمة اإلسالمية الراحل الكبير آية الله السيد محمد حسين فضل الله إلى مثواه األخير في مس�جد الحسنين )ع( في حارة حريك و ووري الثرى في مثواه األخي�ر ف�ي قاعة الزهراء في المس�جد بعد أن أم الصالة على جثمانه الطاهر ش�قيقه

السيد محمد علي فضل الله.

وكان موكب التشييع انطلق من أمام منزل السيد الراحل في حارة حريك. وجاب الموكب ش�وارع الضاحية بمش�اركة حشد ضخم من المش�يعين وسط انتشار صور الس�يد فض�ل الله في الش�وارع، وتس�جيالت تب�ث مواقف�ه وخطبه ح�ول المقاومة

وفلسطين والوحدة اإلسالمية وغيرها من المواقف.

لت في التشييع حيث كثافة بش�رية ضخمة من المش�يعين آلية الله فضل الله سجوص�ل الموك�ب إلى مش�ارف المث�وى األخير فيم�ا كان الحش�د متصال م�ع مكان كر الحكيم من االنطالق. وجرى تش�ييع آية الله فضل الله وس�ط تالوة آيات من الذ

المساجد وقرع أجراس كنيسة مار يوسف في حارة حريك.

وحض�ر التش�ييع ممثلون للرؤس�اء الثالثة ولرؤس�اء الطوائف الديني�ة وعدد من ال�وزراء والن�واب والرس�ميين. وق�د توافد عش�رات آالف المواطني�ن من مختلف المناطق منذ الصباح للمش�اركة في التش�ييع، إضافة إلى مشاركة واسعة من مختلف


217

الدول في العالم العربي واإلسالمي والدول األخرى.

موكب التش�ييع سلك ش�ارع الش�هيد أحمد قصير وس�ط نثر األرز والبكاء على فراقه، وصوال إلى محطته األولى أمام مس�جد اإلمام الرضا )ع( في بئر العبد، حيث تزام�ن م�رور الجثمان مع ع�رض مقتظفات صوتية من خطب الراحل في المس�جد إب�ان الثمانيني�ات. وأكمل الموكب طريقه إلى منطقة الصنوب�رة، حيث كانت أعنف مح�اوالت االغتيال الت�ي تعرض لها الس�يد الراحل في العام خمس�ة وثمانين على

أيدي المخابرات األميركية وأتباعها.

بع�د ذلك، س�لك موكب التش�ييع طري�ق المش�رفية، فالغبيري ثم ح�ارة حريك وصوال إلى مس�جد الحس�نين )ع(، حيث محطة الوداع األخي�رة للراحل إلى جوار

ربه.


218

مجلس الوزراء أعلن أمس يوم حداد وطني وبمشاركة وفود عربية وإسلمية

عشرات اآلالف يشيعون العلمة محمد حسين فضل الله في لبنان

األيام )البحرين(7 تموز 2010

س�ار عشرات اآلالف من األش�خاص في موكب تشييع المرجع الشيعي العالمة محمد حس�ين فضل الله أمس الثالثاء في الضاحي�ة الجنوبية لبيروت، حيث ووري

الثرى وسط حداد وإقفال عام في البالد أعلنته الحكومة اللبنانية.

وبدأ المش�يعون بالتجمع باكرا في أحياء الضاحية الجنوبية، وانطلقوا في مس�يرة وراء النعش عند الساعة 13,30 )10,30 ت غ( من أمام منزله في حارة حريك، وجابوا ش�وارع الضاحي�ة الجنوبي�ة ألكثر من س�اعتين قب�ل الوصول إلى مس�جد اإلمامين

الحسنين)ع(، حيث أقيمت الصالة و ووري الثرى.

وتوقف موكب التش�ييع في محط�ات عدة، بينها منطقة بئ�ر العبد، حيث تعرض العالمة الراحل لمحاولة اغتيال العام 1985 أودت بحياة ثمانين شخصا.

ووضع�ت عمامة فض�ل الل�ه عل�ى النعش الذي حمل�ه أنصاره ومحب�وه وس�ط غاب�ة من البش�ر وتدافع وطقس ح�ار للغاية. وحاول العدي�دون لمس النعش الذي كان يتقدم بصعوبة، وس�ط هتافات »لبيك يا حس�ين« و»ال إله إال الله والسيد حبيب

الله«.

وذرفت النس�اء اللواتي لبسن بغالبيتهن األس�ود الدموع بغزارة، فيما أغمي على


219

بعض المش�اركين، وعمد عدد من س�كان األبنية المحيطة بالموكب إلى رش المياه على رؤوس المشيعين.

وارتفع�ت أص�وات تس�جيالت أدعي�ة وخط�ب بص�وت العالمة الراح�ل، فيما علقت في الش�وارع الفتات ضخمة مع صور لفضل الله كتب عليها »إنا لله وإنا إليه راجعون« و»أس�تودعكم الله«. ورفعت األعالم السوداء وصور المرجع الشيعي في

كل المنطقة.






220

وفود عربية وإسلمية شاركت لبنان في وداعهسيل بشري يشيع فضل الله إلى مثواه األخير

البناء )لبنان(7 تموز 2010

ودع لبنان الرسمي والشعبي، ومعه العالمين العربي واإلسالمي، العالم المفكر آية الله الس�يد محمد حس�ين فضل الل�ه، بموكب مهيب يليق بتاري�خ الراحل الكبير وعطاءات�ه. وج�اب عش�رات اآلالف م�ن محبي وأنص�ار الراحل ش�وارع الضاحية الجنوبي�ة خلف النعش وس�ط أج�واء من الح�زن، حاملين صور الراح�ل والرايات

السوداء حزنا على فقدانه.

انطلق موكب التشييع من أمام دارة الراحل في حارة حريك، حيث أخرج النعش على وقع تكبير المآذن وقرع أجراس كنيسة مار يوسف المجاورة، وتسجيالت تبث مواقفه وخطبه حول المقاومة وفلس�طين والوحدة اإلسالمية. وفيما وضعت عمامة العالمة الراحل على النعش الذي حمله أنصاره ومحبوه الذين حاولوا لمس النعش الذي كان يتقدم بصعوبة، اتجه الموكب نحو بئر العبد حيث كانت هناك وقفة لنعش الراحل عند التقاطع المؤدي إلى مسجد اإلمام الرضا)ع(، وهو المسجد الذي كانت له رمزيته الكبيرة في المس�يرة الجهادية والعلمية للسيد فضل الله، ثم تقدم الموكب باتجاه المشرفية وتوقف عند منطقة الساندريال وسط صيحات الموت ألميركا، وهو المكان الذي تعرض فيه فضل الله لمحاولة اغتيال عام خمسة وثمانين من قبل جهاز المخابرات األميركية بالتنسيق مع بعض األدوات الداخلية ما أدى حينها إلى سقوط


221

عش�رات الش�هداء المدنيين.وبعد ذلك تج�اوزت طليعة الموكب تقاطع المش�رفية باتجاه س�احة الغبيري غربا ثم اتجه جنوبا نحو مس�جد اإلمامين الحسنين)ع( حيث صلى شقيق الراحل السيد محمد علي فضل الله على الجثمان قبل أن يوارى الثرى

في قاعة جانبية مالصقة للمسجد وسط أجواء الحزن والحداد العام.


222

تشييع حاشد وسط حداد رسميلبنان يودع فضل الله في جنازة مهيبة

االتحاد )اإلمارات(7 تموز 2010

ش�يع لبنان المرجع الشيعي العالمة محمد حسين فضل الله إلى مثواه األخير في باحة مس�جد الحس�نين)ع( في ضاحية بيروت الجنوبية، وس�ط أجواء حداد رسمي ، ومشاركة عشرات اآلالف من أتباعه، ووفود رسمية عربية ودولية وقيادات وشعبي

روحية محلية وعربية وإسالمية حاشدة.

وكان موك�ب التش�ييع قد انطلق بعد صالة الظهر من منزل�ه في حارة حريك إلى مس�جد اإلمام الرض�ا)ع( في محلة بئر العب�د، ثم توقف في الموق�ع والمكان الذي تع�رض في�ه العالم�ة فضل الله لمحاول�ة اغتيال آثم�ة في 8 مارس ع�ام 1985 قرب س�ينما »س�اندريال« في بئر العبد، ثم انطلق إلى محلة المش�رفية فمس�تديرة المطار، وبلغ مقر المجلس اإلس�المي الش�يعي األعلى على طريق المطار ومنه إلى مس�جد اإلمامين الحس�نين)ع( حيث أم الصالة على الجثمان شقيقه محمد علي فضل الله،

ثم ووري في صحن المسجد.

وش�اركت جمي�ع المناط�ق اللبناني�ة ف�ي التش�ييع، خصوص�ا تل�ك الت�ي يغلب عليها الطابع اإلس�المي الش�يعي، وأقيمت مراسم تش�ييع غيابية في المدن الكبرى، وصدح�ت الم�آذن بالتكبي�رات واالبته�االت خالل الدف�ن، وغصت الحس�ينيات بالمعزين والوفود. ووس�ط تنكيس األعالم والرايات الس�وداء التي ارتفعت في كل


223

مكان في وداع الراحل الكبير، رفعت الفتات تحمل بعض شعاراته التي كان يرددها ف�ي خطاباته، ووص�ف برجل الحوار المنفتح والعقل اله�ادئ، والحجة القوية التي تعط�ي البني�ة وتداف�ع عن الحق والوح�دة الوطنية ف�ي مواجهة المخاط�ر التي تهدد

مصالح اللبنانيين والعرب والمسلمين.

وكان قد احتش�د س�يل من البش�ر منذ صباح أمس من المش�اركين والمعزين في محيط مس�جد الحس�نين)ع(، خصوصا الرؤس�اء والوزراء والن�واب ورجال الدين م�ن مختلف الطوائ�ف، فيما كانت برقي�ات العزاء بالراحل تنهال على المس�ؤولين اللبنانيي�ن والق�ادة الروحيين من مختلف أقط�ار العالمين العربي واإلس�المي ومن منظمات ومراكز دينية، وغصت الس�احات واألمكنة بالوفود الرسمية والشعبية التي قدمت من كل أصقاع العالم للمش�اركة في وداع الفقيد وتقديم واجب العزاء للبنان

حكومة وشعبا وقيادات سياسية وروحية.

ورفعت صورة عمالقة للفقيد العالمة فضل الله في مسجد اإلمامين الحسنين)ع( وعبارة »أستودعكم الله« فيما كانت الوفود تتزاحم لتقديم واجب العزاء بالراحل في صحن المس�جد لعائلته وأحبائه بحضور رئي�س البرلمان نبيه بري ورئيس المجلس اإلسالمي الشيعي األعلى الشيخ عبد األمير قبالن ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رش�يد قباني وش�يخ الطائفة الدرزية نعيم حس�ن، وممثلين للرئيس�ين العماد ميش�ال س�ليمان وس�عد الحريري، والطوائف المس�يحية كافة حيث تجلت الوحدة

الوطنية في هذه المناسبة األليمة بأبهى صورها.

وقرع�ت أج�راس الكنائس والت�زم اإلعالم المرئي والمس�موع بت�الوة آيات قرآني�ة وموس�يقى الحزن خالل مس�يرة التش�ييع، فيم�ا خصص�ت صفحات من الصح�ف المكتوب�ة للحدي�ث عن مآث�ر الراح�ل ومواقف�ه الوطني�ة والحوارية، واقتصرت االفتتاحيات الرئيس�ية للصحف على اإلش�ادة بمواقف ومآثر الراحل

العالمة فضل الله.


224

بمشاركة سورية..تشييع العلمة محمد حسين فضل الله

سانا ـ الثورة )سوريا(األربعاء 7-7-2010م

خيم�ت أج�واء الحزن على لبنان حدادا على رحيل العالمة محمد حس�ين فضل الله الذي ودعه اللبنانيون في مراسم تشييع جرت أمس في ضاحية بيروت الجنوبية بمش�اركة رس�مية وش�عبية كبيرة، حي�ث ووري الث�رى في صحن مس�جد اإلمامين

الحسنين)ع(.

بم�وازاة ذل�ك أكدت ش�خصيات وطني�ة لبناني�ة أن ثبات س�ورية عل�ى مواقفها المبدئي�ة جعلها رقما صعبا ال يمكن تجاهله في كل المعادالت في المنطقة والعالم

مشيرة إلى دعم سورية المتواصل للمقاومة الوطنية اللبنانية.

فقد ش�يع لبنان بعد ظهر أمس في مأتم رس�مي وشعبي كبير العالمة السيد محمد حسين فضل الله إلى مثواه األخير في الضاحية الجنوبية في بيروت.

وش�ارك في التش�ييع ممثل الس�يد الرئيس بش�ار األسد الس�فير علي عبد الكريم سفير سورية في لبنان ووفد من وزارة األوقاف في سورية.

كم�ا ش�ارك في مراس�م التش�ييع ممثلون ع�ن الرئي�س اللبنان�ي ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة إضافة إلى نائب األمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم والنائب اللبناني وليد جنبالط وعدد كبير من الشخصيات الدينية والسياسية اللبنانية

إضافة إلى وفود شعبية ورسمية من إيران والعراق ودول عربية اخرى.


225

وس�لك موكب التش�ييع أحياء الضاحية الجنوبية في حارة حريك وبئر العبد إلى مس�تديرة المط�ار مرورا من أمام المجلس اإلس�المي الش�يعي األعل�ى وصوال إلى مسجد اإلمامين الحسنين)ع( حيث أدى شقيق الراحل السيد محمد علي فضل الله

الصالة على الجثمان قبل أن يوارى في صحن المسجد.

وغط�ت ش�وارع الضاحية الجنوبي�ة الالفتات واألعالم الس�وداء وص�ور الفقيد الراح�ل الس�يد فض�ل الله وش�ارك حش�د ضخم م�ن المش�يعين الذي تواف�دوا من

مختلف المناطق اللبنانية منذ صباح أمس للمشاركة في التشييع.

وكان�ت الحكوم�ة اللبناني�ة أعلن�ت ي�وم أول أمس الح�داد العام م�دة ثالثة أيام وتنكيس األعالم وإغالق جميع الداوئر والمؤسسات العامة والتربوية.

شخصيات لبنانية ل� »الثورة«:

العالمة فضل الله رسم خط التواصل بين األديان ودعم نهج المقاومة

بيروت � الثورة: يوسف فريج

نوهت شخصيات لبنانية بمواقف ومزايا الراحل العالمة محمد حسين فضل الله وقالت ل� »الثورة« إن الراحل كان دائما إلى جانب المقاومة وداعما لها.

فقد قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد نفتقد اليوم مرجعا وعالما ورائدا ومؤسس�ا للحركة اإلس�المية في لبنان وكان أبا ومرش�دا وكان رائدا من رواد

العلم والمعرفة ومن الداعمين لنهج المقاومة.

بدوره قال الش�يخ فؤاد خريس مدير مكتب الس�يد فضل الله إن العالمة الراحل كان شجاعا وكان قريبا من الناس لذلك الفقد فيه ليس للبنان وحسب وإنما لإلنسانية جمعاء.

من جهته الوزير الس�ابق بشارة مرهج قال لقد كان العالمة فضل الله منارة للبنان والعال�م العربي ورس�م خط التواصل بي�ن جميع األديان وكان داعم�ا للمقاومة في

لبنان وفلسطين.


226

م�ن ناحيته أكد عض�و كتلة الوفاء للمقاوم�ة النائب نواف الموس�وي أن العالمة فضل الله كان أبا موجها ومرش�دا ومؤسسا لركائز العلم ونهج المقاومة موضحا أن

لبنان فقد مرجعية دينية علمية ثقافية سياسية على المستوى العالمي.


227

تشييع الـعلمة فضل اللهفي مأتم رسـمي وشعبي كبير

الوحدة )سوريا(األربعاء2010/7/7

ش�يع لبن�ان بعد ظه�ر أمس في مأتم رس�مي وش�عبي كبير العالمة الس�يد محمد حسين فضل الله إلى مثواه األخير في الضاحية الجنوبية في بيروت.


كم�ا ش�ارك في مراس�م التش�ييع ممثلون ع�ن الرئي�س اللبناني ورئي�س مجلس النواب ورئيس الحكومة إضافة إلى نائب األمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم والنائب اللبناني وليد جنبالط وعدد كبير من الشخصيات الدينية والسياسية اللبنانية

إضافة إلى وفود شعبية ورسمية من إيران والعراق ودول عربية أخرى.

وس�لك موكب التش�ييع أحياء الضاحية الجنوبية في حارة حريك وبئر العبد إلى مس�تديرة المط�ار مرورا من أمام المجلس اإلس�المي الش�يعي األعل�ى وصوال إلى مسجد اإلمامين الحسنين)ع( حيث أدى شقيق الراحل السيد محمد علي فضل الله


وغط�ت ش�وارع الضاحية الجنوبي�ة الالفتات واألعالم الس�وداء وص�ور الفقيد


228

الراحل الس�يد فضل الله فيما ش�ارك حش�د ضخم من المش�يعين الذي توافدوا من مختلف المناطق اللبنانية منذ صباح أمس للمشاركة في التشييع.

وكانت الحكومة اللبنانية أعلنت يوم اإلثنين الحداد العام لمدة ثالثة أيام وتنكيس األعالم وإغالق جميع الداوئر والمؤسسات العامة والتربوية.


229

بمشاركة رسمية وشعبية واسعة..تشييع العلمة اللبناني فضل الله في بيروت

موقع عكس السير )سوريا(الثلثاء ـ 6 تموز ـ 2010

ش�يع لبن�ان بعد ظهر اليوم الثالثاء في مأتم رس�مي وش�عبي كبير العالمة الس�يد محمد حسين فضل الله إلى مثواه األخير في الضاحية الجنوبية في بيروت.


كم�ا ش�ارك في مراس�م التش�ييع ممثلون ع�ن الرئي�س اللبناني ورئي�س مجلس النواب ورئيس الحكومة إضافة إلى نائب األمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم والنائب اللبناني وليد جنبالط وعدد كبير من الشخصيات الدينية والسياسية اللبنانية

إضافة إلى وفود شعبية ورسمية من إيران والعراق ودول عربية أخرى.

وس�لك موكب التش�ييع أحياء الضاحية الجنوبية في حارة حريك وبئر العبد إلى مس�تديرة المط�ار مرورا من أمام المجلس اإلس�المي الش�يعي األعل�ى وصوال إلى مس�جد اإلمامين الحس�نين حيث أدى ش�قيق الراحل الس�يد محمد علي فضل الله


وغط�ت ش�وارع الضاحية الجنوبي�ة الالفتات واألعالم الس�وداء وص�ور الفقيد الراحل الس�يد فضل الله فيما ش�ارك حش�د ضخم من المش�يعين الذي توافدوا من

مختلف المناطق اللبنانية منذ صباح اليوم للمشاركة في التشييع.


230

وكان�ت الحكوم�ة اللبناني�ة أعلن�ت ي�وم أم�س الح�داد الع�ام لم�دة ثالث�ة أيام والتربوي�ة. العام�ة والمؤسس�ات الداوئ�ر جمي�ع وإغ�الق األع�الم وتنكي�س

يذك�ر أن الراحل فضل الله ولد في ش�هر نوفمبر م�ن العام 1935 في النجف بالعراق وتلق�ى علومه الدينية فيها قبل أن ينتقل إلى لبنان في العام 1966 حيث أس�س حوزة

المعهد الشرعي اإلسالمي وأنشأ عدة جمعيات خيرية ومبرات لأليتام.

وللمرح�وم فض�ل الل�ه مواقف كثي�رة تدعو إلى االنفت�اح و االعت�دال و الحوار ومقاومة الظلم و رفض الفتن المذهبية و الطائفية.


231

محتويات الكتاب

5 .............................................. م��ة المق�د

التشييع.................................................. 7

25 ........... بيانات النعي والتعزية لمراجع وعلماء الدين

حيل 2010/7/4................................... 41 يوم الر

Documents

يوم الرحيل