تاريخ اآلدابالعربية

في القرن التاسع عشر والربع األول من القرن

العشرين

تاليفاألب لويس شيخو

دار المشرق - بيروتالطبعة الثالثة

المقدمة تحيا األمم بآدابها ألن اآلداب ترقي المرء فوق الحياة

المادية وتسمق به إلى المدارك الشريفة وتقربه إلى عالم األرواح وإلى الجمال اإللهي الذي منه يستعير كل مخلوق

جماله. وعليه فأن أراد العاقل أن يعرف درجة التمدن التي بلغها شعب من الشعوب يبحث عن انتشار اآلداب

بين أهله ولذلك ترى المؤرخين يقدمون في تاريخهم تاريخ اآلداب على تاريخ الوقائع وربما أفردوا لآلداب تاريخا قائما بذاته يثبت ما يختص بالعلوم والمعارف في كل ملة مخبرا

عن نشأة اآلداب بينها واتساع نطاقها وأسباب ترقيها ونتائجها الطيبة في إصالح العموم وتحسين أخالقهم

ودفعهم إلى المشروعات األثيرة والمساعي الخطيرة. ومن عجيب أمور اللغة العربية أنك ال تجد حتى اليوم

تاريخا ممتعا آلدابها مع وفرة كتبتها وتعدد مصنفاتها في كل أبواب العلوم واتساع دائرة نفوذها إلى حدود الهند

والصين ومجاهل أفريقية وسواحل أوربا وقد أحس بهذا النقص مائة من المستشرقين المحدثين في فرنسة

والنمسة وألمانية وإنكلترة وروسية وإيطالية فأرادوا نوعا سد هذا الخلل ببعض التآليف التي أودعوها أوصاف العلوم

ة وتراجم أصحابها وقائمة الكتب التي صنفوها. العربي وكذلك جرى على آثارهم بعض كتبة الشرق في مصر

فاستقوا من مناهلهم أخصهم المرحوم جرجي زيدان في كتابه تاريخ اآلداب العربية الذي انتقدنا أقسامه في مجلة

المشرق. على أن تلك التآليف مع فوائدها ليست سوى بواكير

أعمال أوسع واكمن ال نزال إليها في حاجة ماسة فنتمنى أن تتألف فرقة من األدباء بهذا المشروع الجليل فتتبع آثار اللغة العربية في كل أطوارها مباشرة بعد الجاهلية وبين القبائل المتفرقة في أنحاء الجزيرة تدون نشأة تلك اللغةوما طرأ عليها من الطوارئ في أوائل اإلسالم وفي زمن

(1/1)

الخالفتين األموية والعباسية مع وصف األسباب التي زادتها انتشارا كفتح المدارس وإنشاء المكاتب ونوادي العلوم وتنشيط الملوك. ثم تعرف أئمة الكتبة والذين اشتهروا في كل زمن وكل بلد واختصوا بكل صنف من العلوم.

وتعرض تآليفهم على محك االنتقاد فتميز غثها من سمينها وال تكتفي بذكر أسمائها وتعريفها إجماال. فكم هناك من

المصنفات الموهمة بأسماء جليلة وهي بمضامينها ومعانيها هزيلة. وتواصل دروسها حتى إذا بلغ القرون األخيرة تذكر

خمود تلك اآلداب مبينة لعلها ومعاوالتها. ثم تختم ذلك بفصل مطول عن النهضة األدبية التي حدثت في القرن

األخير فتطرئ على محاسنه وتضرب على مشاينه. فال غرو أن كتابا مثل هذه يتهافت عليه األدباء ويتخذونه

كدستور دروسهم وأساس أبحاثهم. وذلك ما حدا بنا أن نكتب في المشرق فصوال في اآلداب العربية في القرن

األخير رجاء أن تمهد الطريق لمن يتوخى ذلك التاريخ الذي يتوق إليه المستشرقون. فلما انسنا في جمهور

القراء. إقباال على مطالعتها وطلبوا إلينا جمعها في كتاب مستقل تسهيال لمراجعتها لبينا إلى ملتمسهم وطلبنا على

حدة القسم األول الذي يتناول تاريخ اآلداب العربية منة القرن التاسع عشر إلى السنة ثم أردفناه1870غر

بقسمه الثاني إلى أواخر القرن التاسع عشر. هذا ونحن نعلم حق العلم أنه فاتتنا أشياء كثيرة من أحوال

اآلداب التي أردنا وصفها واآلداب الذين قصدنا تعريفهم وما كنا لنجتري. على مباشرة هذا العمل أوال خوفنا بأن

يتلف القليل مما جمعناه عن آداب القرن المنصرم فتأخذه أيدي الضياع. وأملنا الوطيد بان يتالفى غيرنا ما يجدوه في

هذا المجموع من خلل بإبراز ما عندهم من الذخائر المصونة والكنوز المدفونة. ونشكر الذين لبوا دعوتنا وأتونا ببعض الفوائد إلصالح ما وقع من الخلل في طبعتنا األولى

وتحسين هذه الطبعة الجديدة. وقد ختمنا هذا الجزء بفهارس المواد وإعالم األدباء الشرقيين والمستشرقين

الذين مر ذكرهم في مطاوي الكتاب لتتم بها الفائدة وتزيدالعائدة. إن شاء الله.

(1/2)

الجزء األول1870 إلى 1800من السنة

(1/3)

اآلداب العربية في القرن التاسععشر

توطئة

إن اآلداب كصرح منيف ال تزال أيدي األفاضل تفرغ المجهود في بنائه فكل منهم يأتيه بحجره ليزيده علوا وكماال. على أنه يطرأ على هذا الصرح طوارئ شتي

فطورا يبسق ويتعالى وطورا يتخلف بناؤه فيصيب بناته الخمول ولعل صروف الدهر تتحامل عليه فتقوض أركانه

وتسقط بفعل الزمان بغض حجارته. وكل يعلم ما كان لآلداب العربية في القرون السابقة من

الرونق والبهاء فترقت إلى أوج غرها وماست بمافخرها مدة أجيال متوالية إلى أن خمدت همه بناة صرحها حينا

على وفق سنن الطبيعة التي ال تبقى على حال واحدة كماقال الشاعر: لكل شيء إذا ما تم نقصان

وهذه الدنيا ال تبقي على أحد ... وال يدوم على حال لهاشان

لكن هذا الخمول والحمد لله لم يدوم زمنا طويال بل كان سباخا بين بقعتين طيبتين أو شتاء بين ربيعين كما سترى

فازدهرت شجرة اآلداب بعد جفافها وراجت أسواق العلوم بعد كسادها حتى بلغت ما نراه اليوم من أمرها بعناية

أرباب الشأن وهمه األدباء.

(1/5)

الفصل األولاآلداب العربية في الشرق في بدء القرن التاسع عشرة في لما تنفس القرن التاسع عشر؟ كانت أحوال أورب

هرج ومرج والحروب قائمة على ساق بين دولها فلم تحط عن أوزارها إال بعد نفي بونابرت إلى سنت هيالنة. وكان

الشرق راصدا لحركات الدول يتحفظ ويتصون من كل سوء يتمهده فيستعد للحرب ذبا عن حقوقه. فكانت هذه

الحالة ال تسمح بصرف الفكر إلى العلوم واآلداب وقد قيل في مثل )أن الحرب والعلم على طرفي نقيض فأن رجيح

واحد خف اآلخر( ومما نقض حبل اآلداب في ذلك العهد قلة المدارس يتخرج فيها األحداث فغاية ما كان يرى منها

بعض الكتاتيب االبتدائية ال سيما قريبا من أديرة الرهبان وكان في الحواضر كدمشق وحلب واإلسكندرية والقاهرةها في الغالب كانت محصورة في مدارس أعلى رتبة لكن

ة وما يحتاج إلى إتقانها من المعارف اللسانية العلوم الدينيكمبادئ الصرف والنحو.

أما الكتب فكانت عزيزة الوجود أكثرها من المخطوطات القليلون. وكذلك الغالية الثمن التي ال يحصل عليها إال

ة كانت إذ ذلك قليلة االنتشار فأن الطباعة العربية لم يكن يعرفها إال األفراد. من مطبوعات أوربة العربي

أهل الشرق فضال عن أنها كانت موضوعة لمنفعة العلماء أكثر منها لفائدة الدارسين. أما المطبوعات في الشرق

ة وكانت في في دار السلطنة العلي فلم يكن يوجد منها إالة )أطلب مقالتنا في الطباعة. المشرق )3الغالب تركي

( وفي لبنان كانت مطبعة واحدة180 - 174( : 1900ة ال ة وهي مطبعة الشوير وكانت أكثر مطبوعاتها ديني عربي

ة )الشرق 362 - 359:3مدرسي ( . وأما مطبعة قزحياة ولم تتجدد إال بعد ثماني سنوات بهمة فكانت سرياني

(257 - 251: 3الراهب اللبناني سيرافيم حوقا )المشرق . وكذلك مطبعة حلب التي كان أنشأها البطريرك

ها كانت357 - 355: 3أثناسيوس دباس )المشرق ( فأن . أما مصر فإنها1724بطلت بعد وفاة منشئها سنة

حصلت على أول مطبعة عربية قبل القرن التاسع عشربثالث سنوات فقط. فأن اللجنة العلمية التي كانت في(1/6)

صحبة نابليون كانت أتت بأدوات طبعية تولي إدارتها ( ومما طبعه بادئ بدء كتابmarcalالمسيو مرسال )

ة والتركية والفارسية ) ( )ثم كتاب1798التهجئة في العربي القراءة العربية ثم معجم فرنسوي وعربي ثم غراماطيق

عاد مرسال إلى1800اللغة المصرية العامية. وفي سنة باريس وجلب مطبعته معه ولم يستأنف المصريون فن

. وسنعود إلى1822الطباعة إال في أيام محمد علي سنة الكالم عنها.

ومع قلة هذه الرسائل لتحصيل العلوم وجد قوم منة ة والشامي المكتبة الذين خدموا في الدواوين المصري

وكانوا يتولون قلم اإلنشاء فيها عند عمال الدولة العليةاغ فينالون في الكتابة بعض الشهرة منهم إبراهيم الصب

( :1905 )8وأوالده الذين أثبتنا ترجمتهم في المشرق ) ( وصار ابنه حبيب كاتب القلم العربي عند أحمد باشا24

ر هذا عليه فحبسه ومات ار فتسلم دائرته ثم تغي الجز محبوسا. واشتهر المعلم عبود البحري وأخواه جرمانوس

ا عند إبراهيم باشا أوزون القطر أغاسي في حلب وخن

وفي دمشق ثم عند خلفية عبد الله باشا العظم ويوسف آغاكنج كما ذكرنا في ترجمة والدهم ميخائيل البحري

( وذكرنا هناك ما كان22 - 2( : 1900 )3)راجع المشرق لكل واحد منهم من الهمة في خدمة الدولة العثمانية

وأصحابها. أما أبوهم ميخائيل فكان معتزال عن األشغال في بيروت منقطعا فيها إلى العبادة حتى توفي أواخر

. وقد روينا في ترجمته1799القرن الثامن عشر سنة شيئا من شعره فأنه كان رزق من القريحة والذكاء ما حببه إلى رجال الدولة وقدمه قي األعمال وهو ال يزال يفرغ كنانة الجهد في القيام في األمور وصدق الخدمة

ونشأ أوالده على وتيرته وترقوا في الرتب الديوانية إلى إلى مصر ونالوا الحظري لدى1808أن انتقلوا نحو السنة

( ومن آثارهم رسائل22 - 21: 3أمرائها )المشرق ومكاتبات وأشعار قد تبدد أكثرها.

اب وكان في صور أيضا المعلم حنا عوراء من جملة الكت أخذ عن أبيه ميخائيل الذي كان فريدا في الكتابة يحسن

اإلنشاء في العربية والتركية والفارسية فلما توفي رتبته في ديوان ميخائيل في سن األربعين نال أبنه حنا

الجزار ثم عند سليمان باشا واستخدم معه أبنه إبراهيم الذي توفي بعد سنتين بالطاعون. وبقي حنا من بعده زمنا

طويال في األعمال الديوانية. وممن خدموا أيضا في دواوين اإلنشاء في ذلك الوقت األخوان إبراهيم وخليل

النحاس ابنا عم حنا عورا كتب ألول في عكا والثاني فيصور

(1/7)

وأشتهر أيضا بالكتابة في الوقت عينه غير هؤالء كميخائيل سكروج وأخيه بطرس وإبراهيم أبي قالوش ويوسف

ا سيرته وشعره مارون والياس بن إبراهيم اده الذي دون ( وكذلك فضول736 و693( : 1899 )2في المشرق )

الصابونجي وأخوه خدموا كلهم أحمد باشا الجزار وذاقواه. وفي عدهم اشتهر عند األمير بشير الشهابي حاوه ومر

الشيخ ساوم الدحاح ثم ابنه الشيخ منصور وبعدهما بطرس كرامه. كما حظي عند األمير يوسف الشيخ سعد الخوري وعرف في ذلك الوقت جرجس باز وعبد األحد أخوه خدما أوالد األمير يوسف وهم حسين وسعد الدين

وسليم الذين كانوا يزاحمون األمير بشير على الحكم. وكان في مصر غير هؤالء يشتغلون في الدواوين في غرة القرن التاسع عشر. إال أن شهرتهم في الكتابة كانت دون

ان شهرة السوريين. وممن امتازوا إذ ذاك المعلمان القبطي جرجس الجوهري وغالي. فكان األول فرئيس الكتبة في أيام إبراهيم بك وحظي لدا محمد باشا خسرو ثم نكب.

وقد ذكره الجبرتي في تاريخه عجائب اآلثار وجعل وفاته ( . وقام من بعده1810هـ. )1225في شعبان السنة

المعلم غالي وكان زاحمه في حياته فصار في خدمة محمد علي باشا وأبنه إبراهيم متوليا رئاسة الكتابة وكان

من جملة كتابه قوم من نصارى السوريين وغيرهما الطويل والمعلم منصور صريمون وبشاره كجرجس وحن

اغ والمعلم فرنسيس أخي المعلم فلتأوس ورزق الله الصب وقد تضعضع أمرهم بموت المعلم ضالي الذي قتل سنة

ومما ساعد أهل مصر على صيانة اآلداب العربية1820 في ضهرانيهم مدرسة زاهرة كان يعلم فيها نخبة من

ة التي مر في العلماء المسلمين نريد بها المدرسة األزهري ( . وكان متولي تدبيرها49( : 1901 )4المشرق وصفها )

في ذلك الوقت الشيخ عبد الله بن حجازي الشهير

هـ. )1150بالشرقاوي مولده في شرقية بلبيس سنة ( درس في األزهر وانتقلت إليه مشيخته سنة1737 شوال سنة2 وبقي عليها إلى سنة وفاته في 1208ة في التوحيد1812 )1227 ( وله عدة تصانيف ديني

والعقائد والتصوف. ومن تآليفه مختصر معنى اللبيب في النحو وله في التاريخ كتاب طبقات فقهاء الشافعية

المتقدمين والمتأخرين وكتاب تحفة الناظرين في من ولي مصر من الوالة والسالطين وقد طبعت هذه التحفة غير

ة. مر(1/8)

وممن أصابوا لهم سمعة في ذلك الوقت من األزهريين الشيخ محمد الخالدي المعروف بابن الجوهري فكان أقرأ الدروس في األزهر وطار صيته ووفدت عليه الوفود من

ذي القعدة11الحجاز والمغرب والهند والشام توفي في ما مدارها على1801 )1215 رة وإن ( وتركته العلمية كثي

الفقه ومتعلقاته خاصة. ومن أدباء األزهريين في ذلك العهد الشيخ مصطفى بن

أحمد المعروف بالصاوي لزم شيوخ األزهر وبرع فية وكان لطيف الذات مليح الصفات ة واللساني العلوم الديني

محبا لآلداب له النثر الطيب والشعر الحسن روى منه ( من ذلك315 - 313: 3الجبرتي شيئا في عجائب اآلثار )

قوله في وصف دار أبتانها الجبرتي المذكور: بناء يروق العين حسن جماله ... ورونقه يشفي الصدور

صدوره سما في سماء الكون فأنتهج العال ... برفعته وأزداد سرا

سروره

ومن مجد بانيه تزايد بهجة ... وقلد من در المعالي نحوره فال زال فيه الفضل تسمو شموسه ... وتنمو على كل

البدور بدوره ودام به سعد السعود مؤرخا ... حمى العز بالمولى

(1192الجبرتي نوره ) ومنهم الشيخ حسين بن عبد اللطيف العمري الشهير بابن

عبد الهادي القادري الدمشقي الخاوتي له تأليف فية في تراجم أسالفه العلويين سماهم المواهب اإلحساني

1216ترجمة الفاروق وذريته بني عبد الهادي. توفي سنة ( وممن ساعدوا على النهوض األدبي في أوائل1801)

ة اإلجالء القرن التاسع عشر رؤساء الطوائف الكاثوليكي فكان يسوس الطائفة المارونية البطريرك يوسف التيان

ز بين ج في مدرسة الموارنة في رومية وبر الذي كان تخر أقرنه في العلوم فلما صار إليه تدبير أمور الطائفة سعا بتنشيط المعارف بين رعيته ال سيما األكليريكيين. ومما

عني به توجيه نظره إلى مدرسة عين ورقة التي كان ما كان أسقفا أنشأها خلفه البطيريك يوسف اسطفان ل

فصارت هذه المدرسة بهمته منارا استضاءت به األمةة في القرن التاسع عشر ومنها خرج العدد العديد الماروني

من بطاركة وأساقفة وكهنة وأدباء كانوا فخرا لوطنهم بعلومهم فضال عن برهم وسوف يأتي عنهم الكالم. ولهذا

البطريرك آثار ال تزال تدل على طول باعه في اآلداب شباط سنة20الكنسية. توفي في

(1/9)

ة.1820 ل قبل ذلك بعشر سنوات عن البطريركي وكان تنز وكان الروم الكاثوليك خاضعين أيضا لبطريرك يحب

العلوم ويهتم بترقيتها بين طائفته نريد البطريرك أغابيوس مطر وهو الذي أنشأ مدرسة عين تراز لتهذيب أبناء ملته

وقد أثبتنا في المشرق1811في العلوم األكليريكية سنة ( الرسالة التي وجهها إلى طائفته في508( : 1905 )8)

هذا الصدد. وكان السريان الكاثوليك في بدء القرن التاسع عشر

14فقدوا بطريركهم ميخائيل جروه الطيب الذكر في )3 )أطلب ترجمة حياته في المشرق 1800تموز سنة

( وله الفضل في وضع أساس مدرسة913( : 1900 الشرفة وفيها جمع مكتبة حسنة هي إلى اليوم من أغنى

مكاتب لبنان. ثم خلفه اغناطيوس بطرس جروه وكان متضلعا بالعلم وهو الذي عرب مختصر الكتاب الالهوت

النظري والعملي لتوما دي شرم في مجلدين وكتب ترجمة عمه ميخائيل جروه وله مواعظ ال تزال مخطوطة

( .697( : 1906 )9)المشرق غريغوريوس1788وكان يرعى األرمن الكاثوليك منذ

األول وكان رجال عريقا بالفضل والقداسة يعرف ما العلوم من المنفعة لخالص النفوس فلباوغ هذه الغاية أنشأ في لبنان لطائفته مكدرسة في بزمار كانت بمثابة المدارس

التي ذكرناها للطوائف األخرى وهي ال تزال منذ مائة سنة موردا يستقي منه المرشحون الكهنوت من األرمن

الكاثوليك وقد ساعده في هذا العمل الخطير القس اندراوس شاشاتي فنظم معه مدرسة بزمار ورتب قوانينها

( .366:9)اطلب المشرق وفي أوائل ذلك العصر عينه أزداد عدد الكلدان الكاثوليك في العراق على عهد البطريرك يوحنان هرمزد وقد أتاح

الله لتلك الطائفة رجال غيورا يدعى جبرائيل دنبو كان من تجار ماردين المعتبرين فأنشأ في الجبال المجاورة

للموصل قريبا من القوش ديرا جعله كمقام للعيشة

النسكية وللعلوم معن وفيه تخرج كثيرون من اللذين اشتهروا في القرن التاسع عشر بتقاهم وآثارهم العلمية

بين الكلدان. فترى مما سبق أن الله جعل في أنحاء الشرق كخميرة

قى إلى أن بما اختمرت عقول أهل األوطان فلما تزل تترجرت في مضمار اآلداب جرى الذكيات السوابق.

(1/10)

الفصل الثانية في بدء القرن التاسع عشر اآلداب العربية في أورب

هلم بنا نوجه اآلن األنظار إلى أحوال اآلداب العربية بين األوربيين في مفتتح القرن التاسع عشر ليظهر للقراء

كيف تمت بعد ذلك تلك النهضة العجيبة التي جعلت الدروس العربية في مقام ممتاز كما نراها اليوم في

حواضر أوربية وأميركة ليس درس اللغات الشرقية عموما والعربية خصوصا أمرا مستحدثا بين علماء أوربة كما يزعم البعض بل ابتدأت األفكار تتوجه إلى إحراز معانيها والتقاط ألليها منذ الفتوحات اإلسالمية التي قربت أمم الشرق من

تخوم البالد الغربية ولو تتبعنا اآلثار المنبئة ببيان هذه القضية لتعددت لدينا الشواهد ال سيما في جهات األندلس وبعض جهات الروم. لكن تلك الحركة زادت قوة وانتشارا في القرن الثاني عشر لما جرى في ذلك العهد من األمور

الجليلة واألحداث الخطيرة التي كادت تمزج طرفيالشرق والغرب مزج ما بالراح.

والكنيسة الكاثوليكية كانت أعظم ساعية في إدراك هذه الغاية. فممن اشتهروا إذا ذلك في الدروس الشرقية

واعتنوا بنقل اآلثار العربية إلى الالتينية أو بنوا أبحاثهم على

1092أحوال الشرقيين رئيس دير كاوني بطرس المكرم ) م( وكان رحل إلى األندلس ورقب شؤون العرب1156-

فيها فأعجب بآدابهم فلما عاد إلى ديره عني بانتقاد كتبهم. (1187 - 1114وفي عهده عرف جير رد دي كريمونا )

وكان مولعا بنقل تأليف العرب في فنون الحكمة وكان أتقن درس العربية فترجمه إلى الالتينية نحو ستين مصنفا

جليال لمشاهير الكتبة كالرازي وابن سينا في الرياضياتوالهيئة والطب طبع منها قسم صالح وفقد منها الكثير. ولما أنشأت في ذلك القرن رهبانيتا القديسين دومنيك

وفرنسيس األسيزي صرف من أبنائهما عدد يذكر عنايتهم إلى درس العلوم الشرقية. فأن الدومنيكي النابغة

( لما كان يفسر كتب1280 - 1193البرتوس الكبير ) الفيلسوف أرسطاطاليس في كلية باريس كان يستند في

شروحه إلى ترجمة منقولة عن العربية ويستعين فيتحصيل

(1/11)

معانيها بما كتبه في ذلك الفارابي والغزالي. وجاراه في حبه آلثار الشرق أحد اخوته في الرهبانية الفرنسيسية

( وكان منR. Lull( )1235 - 1315األسباني ريمند لول )بة. وأهتم رؤساء ة أور أكبر أنصار اللغات السامية في كلي

بإنشاء مدرسة منظمة1255الدومنيكان منذ السنة ة في باريس وبالد يعلمون فيها العبرانية والعربية والسرياني

ون فلم يكونوا أقل غيرة الكتالن. أما الرهبان الفرنسيسي في تخصيص بعض طلبتهم بدرس العربية. أشتهر بينهم

( الذي انكب في طليطلة علىM. scotميشال سكوت ) ونقل عددا وافرا من1217إتقان اللغة العربية سنة

.Rتأليفها. واشهر منه الراهب اإلنكليزي روجار باكون )Bacon( )1214 - 1292فريد عصره ونسيج وحده في )

العلوم الفلسفية فإنه سعى ما أمكنه بنشر الدروسالشرقية وعلى األخص العربية.

ة في تنشيط أما األحبار الرومانيون فسبقوا كل ملوك أوربة. ومما يذكر ة التي منها العربي درس اللغات السامي

فيشكر أن البابا هونوريوس الرابع كان تقدم بفتح مدرسةة في باريس في العشر األول من القرن الرابع اللغة العربي

عشر. ولما عقد في فينة من أعمال فرنسة المجمع كان أحد قوانين اآلباء أن تنشأ1311المسكوني سنة

ة في رومية ة والكلداني ة والعربي للغات مدارس العبراني على نفقة الحبر األعظم وفي باريس على نفقة ملك فرنسة وفي بولونية وأكسفورد وسلمكة على حساب

الرهبان واألكليروس. ومما يدل على أن هذه اللغات كانتا الثاني والعشرين ة باريس براءة للبابا يوحن تعلم في كلي

يحتم فيها على قاصده هناك بأن يراقب1325تاريخها ة تدريس العربي

ولما أكتشف فن الطباعة في أواسط القرن الخامس عشر كان كبير األحبار يوليوس الثاني أول من سبق إلى

( ووليه80( : 1900 )3طبع كتاب عربي )اطلب المشرق أغوسطينوس جوستنياني أسقف نابيو من أعمال كورسكاة سنة الذي طبع كتاب الزبور في أربعة لغات منها العربي

. وفي النصف الثاني من القرن السادس عشر1516 فتحت الرهبانية اليسوعية مدرسة للعبرانية وللعربية في

ا اليانو الشهير وأنشأ مطبعة طبع رومية علم فيها األب حن فيها بعض الكتب الدينية كان نقلها إلى العربية منها التعليم

المسيحي. وأعمال المجمع التريدنتيني. ثم زاد اهتمامة لما ة والسرياني ة والعبراني الكرسي الرسولي بتعليم العربي

أنشئت المدرسة المارونية ونقل المرسلون

(1/12)

والسماعنة إلى مكتبة الفاتيكان عددا ال يحصى من كنوزة بينها المئون من تأليف العرب اقتنوها بإيعاز الشرق األدبي

( :1907 )10الباباوات كما أشرنا إلى ذلك )المشرق ة فتوفر25 ( . ثم اتسعت تلك النهضة في كل أقطار أورب

ة وحفلت المكاتب بآثار عدد الدارسين للغات الشرقي العرب والسريان ال سيما خزائن كتب باريس ومجريط

ة جليلة ولندن واكسفورد وليدن ونشرت تأليف عربي ألعظم أدباء العرب وأشهر كتبة الشرق ولم يكتف

ة انصبابا بلغ المرسلون بذلك بل انصبوا على دراسة العربيفوا فيها التآليف المتعددة بهم إلى أن أتقنوا أصولها وأل منها دينية ومنها أدبية ونقلوا إليها عددا دثرا من طرف

فات األوربية. وهو بحث استوفيناه في مقاالتنا التي المصن أدرجناها في إعداد المشرق عن المخطوطات العربية

لكتبة النصرانية. لكن هذه الحركة مع سعة نطاقها لم تتجاوز حدودا معلومة

بل خمدت في آخر القرن الثامن عشر بعض الخمود لماة من الدواهي بنشوب الحروب طرأ على أنحاء أورب

ة أقفلت واستشراء الفساد وكثير من المدارس الشرقيلسوء أحوال الزمان.

مت فرنسة أن أدركت حاجتها إلى علماء يحسنون وما عتة لغات الشرق وخصوصا اللغات الحية وفي مقدمتها العربي

نيسان من السنة29فأنشأ أرباب أمرها في باريس في ة1795 ة أعني العربي مدرسة لتعليم اللغات الشرقية الحي

ة وهي المدرسة التي أضحت مثاال لما ة والتركي والفارسية ة العملي أنشئ. بعدئذ على هيئتها من المدارس الشرقي

في عواصم شتى من الممالك األوربية. وتلك المدرسة لم

قى في معارج التقدم إلى يومنا هذا خرج منها عدد تزل تتر ال يحصى من العلماء المستشرقين من فرنسيون وألمان وإيطاليين وسويسريين وغيرهم نذكر فيما بعد لمعة من

أخبارهم. وقد أقيمت للمدرسة المذكورة أعياد شائقة قبل سنة بنسبة يوبيلها المئوي وطبعت بعدئذ المطبوعات30

المفيدة لتسيطر تاريخها مع عدة آثار من قلم أساتذتها وتالميذها. ومما أضافته هذه المدرسة إلى تعليمها لغات

ة. وكذلك ة واليابانية واألنامي الشرق األقصى أي الصينية وفيها ة والهندستاني أدخلت في جملة دروسها األرمني

ة في الشرق حون للمناصب القنصلي يدرس الذين يترشعاة في فتح هذه المدرسة رجالن همامان وكان أعظم الس

أحدهما يعرف بكبير(1/13)

المستشرقين وإمامهم البارون سلوستر دي ساسي الذي .L. Tسنعود إلى ذكره الطيب قريبا واآلخر لويس لنغالي )

Langles( )1763 - 1824وكان من أساتذة اللغات ) ة ألف فيها التآليف المفيدة التي نشرت بالطبع الهندية وله رحلة إلى بالد الشام وعني بنشر التآليف العربي

.1799وفلسطين ومصر طبعت سنة ومما ساعد على نهضة اآلداب الشرقية في أواخر القرنة كان الفضل ات األسيوي التاسع عشر بعد هبوطها الجمعي في تشكيل أول جمعية منها في باتافيا من أعمال الهند

ة سنة ها كانت تقتصر على ما يختص1778الهولندي لكنة. ثم أنشأ أحد اإلنكليز وهو سير بالمستعمرات الهولندي

ة عمومية في1795 - 1743وليم جونس ) ( جمعية آسيوي فنجحت نجاحا عظيما. وكان منشئها1784كلكوتة سنة

من أفاضل المستشرقين له عدة تآليف في فنون العلوم الشرقية من جملتها شرح المعلقات في اإلنكليزية. وعلىة أخرى في الهند ة عقدت محافل آسيوي مثال هذه الجمعي

ما محفل بنغالي سنة ة1788ال سي . وهذه النوادي العلمي لم تبلغ ما بلغته محافل القرن التاسع عشر الوارد ذكرهاة فات األدبية والصناعي ها أفادت بما نشرته من المصن لكن

ت كانت تظهر في أوقات ة في مجال ة والعلمي والتاريخيمعلومة والبعض منها لم يزل طبعها جاريا حتى اآلن.

أما المستشرقون الذين نالوا لهم بعض الشهرة في خاتمة القرن الثامن عشر فكانوا من االفرنسيين يوسف دي

( مدرس اللغةJ. De Guignes( )1721 - 1800غيني ) السريانية في مكتب باريس العلمي ومؤلف تاريخ واسع

للتتر والمغول والترك في خمسة مجلدات ضخمة. ثم - Anquetil - Duperron( )1731انكيتل دبرون )

( درس وهو شاب اللغات الشرقية ثم ساح في1805 أطراف الشرق وجمع المخطوطات الهندية الجليلة ونشر تآليف عديدة في أخبار الهند وآثار الهنود والفرس والعرب وهو أول من نقل كتاب زرادشت المعروف بزند اوستا إلى

( وله مقاالت عديدةVedasاالفرنسية وبعض كتب البد ) (A. Herbinفي مجلة العلماء. ومنهم المستشرق هربان )

( كتب في أصول اللغة العربية العلمية1806 - 1783) وألف معجمين عربي فرنسوي وفرنسوي عربي وكتب في

الموسيقى عند قدماء العرب وفي آداب الفرس. وكان قبل ذلك بعشر سنوات توفى مستشرق كبير من

كهنة فرنسة الخوري(1/14)

(J. J. Barthelemy( )1716 - 1795جان جاك برتلمي ) اشتغل في الفيليقيين والتدمريين وله مقاالت ال تحصى

في كل ضروب المعارف. وهو الذي كتب )رحلة أنا كرسيس( الشهيرة ضمنها أخبار اليونان القدماء وآثارهم.

وقد حذا حذوه وطنينا المرحوم جميل مدور في كتابهحضارة اإلسالم في دار السالم.

ومما زاد الفرنسويين ترقيا في اآلداب الشرقية أن1798نابوليون لما قصد مصر سنة أخذ في صحبته بعضا

من العلماء المعدودين الذين انتهزوا الفرصة لتعلم العربية بين المصريين. وكانت فئة من السوريين اجتمعوا بهم

بصفة تراجمة منهم ميخائيل صباغ ونيقوال الترك والقس رافائيل الراهب المخلصي وغيرهم. فاستعان أولئك

العلماء بهم لدرس العربية ولما عادوا إلى فرنسة نشرواتلك اللغة بين مواطنيهم.

وكان أيضا في أواخر القرن الثامن عشر بعض العلماء من غير الفرنسويين الذين انقطعوا إلى درس العربية وألفوا

.J. Jفيها التآليف منهم في ألمانية جان جاك ريسك )Reiskeنشر عددا كبيرا من كتب العرب ونقلها إلى )

الالتينية وعلق عليها التعاليق كمقامات الحريري وتاريخ .Jأبي الفداء ومعلقة طرفة ومنهم جان داود ميكائيليس )

D. Michaelis( )1717 - 1791علم اللغات السامية ) في غوطا وصنف التصانيف المفيدة في العبرانية

والسريانية والعربية منها كتب في أصول هذه اللغات - O. G. Tychsen( )1734وآدابها. واشتهر تيكسن )

( في غوتنغن له تآليف شرقية من جملتها تأليف1815واسع في النقود اإلسالمية.

.J. Lواشتهر غير األلمان السويسري بور كهرت )Burckhardtالذي طاف متنكرا في بالد النوبة وبادية )

الشام وجهات الحجاز وعرف بالشيخ إبراهيم وله تآليف

جليلة في وصف رحالته إلى الشام ومصر وبالد العرب. ومن جملة كتبه تأليف في األمثال العربية وتوفي في

القاهرة. وكانت العربية في خاتمة القرن الثامن عشر ال تزال

معززة في إنكلترا في كليتي كمبردج واكسفرد. وكان في أكسفرد مطبعة عربية شهيرة نشرت فيها كتب شرقية

.Eمتعددة تخص منها بالذكر تآليف أدورد بوكوك )Pocock( )1604 - 1691وابنه توما. وكان إدوارد رحل )

إلى الشرق وسكن مدة في حلب ثم درس في اكسفرد ونشر تاريخي أبي فرج ابن العبري وسعيد بن طريق. ونال

الشهرة بين(1/15)

اإلنكليز في الشرقيات في خاتمة القرن الثامن عشر ( ساح في بالدJ. P. carlyle( )1759 - 1804كرليل )

الشرق ثم تولى تدريس العربية في كلية كمبردج له كتاب في آداب العرب وشعرهم في اإلنكليزية ونقل إلى الالتينية

قسما من مورد اللطافة لجمال الدين ابن تغري بردي. - J. White( )1746وكذلك اشتهر معاصره يوسف ويت )

( من علماء أوكسفرد الذي نشر ألول مرة كتاب1814 عبد اللطيف البغدادي في األمور المشاهدة بمصر سنة

وله غير ذلك.1800 ثم نقله إلى الالتينية سنة 1789 أما الهولنديون فكانوا في ذلك العهد يمشون في درس

( )Goliusالعربية على آثار أسالفهم األفاضل كغوليوس ) - Erpenius( )1584( واربنيوس )1667 - 1596

(A. Shultens( )1686 - 1750( وشولتنس )1624 ( وكلهمJ. J. Shultens( )1716 - 1778وابنه جان جاك )

من المبرزين جعلوا مدينة ليدن كمنار اآلداب الشرقية وأبرزوا في مطبعتها المؤلفات العديدة التي أصبحت اليوم عزيزة الوجود يتزاحم العلماء في اقتنائها كتاريخ جرجس

ابن المكين المعروف بابن العميد وسيرة صالح الدين األيوبي البن شداد وتاريخ تيمورلنك البن عربشاه وأمثال

الميداني ومطبوعات أخرى جليلة. وممن اشتهروا من .Aالهولنديين في أواخر القرن الثامن عشر هيتسما )

Haitsma مقصورة ابن دريد ونقلها1773( نشر سنة ( )J. Sheidإلى الالتينية وذيلها بالحواشي. ومنهم شيد )

( نقل صحاح الجوهري إلى الالتينية وألف1795 - 1742كتابا في أصول العربية ونشر منتخبات أدبية شتى.

وبرز بين النمساويين في نهاية القرن الثامن عشر في .E. deدرس اآلثار الشرقية فرنسوا دي دومباي )

Dombay( )1756 - 1810 ( نشر تاريخا للعرب وقسما ( ثم انقطع1805من أمثال الميداني مع ترجمتها الالتينية )

إلى درس أحوال مراكش فأبرز عدة آثار مختصة بتلك البالد كتاريخ ابن أبي زرعة ونقود مراكش وغير ذلك.

(J. Jahn( )1750 - 1816وأصاب الكاهن جان ياهن ) شهرة في تدريس اللغات الشرقية في فينة وله من

التآليف غراماطيق عربي ومعجم عربي التيني ومجانأدبية.

وكان الدنيمركيون أيضا قد وجهوا بأنظارهم إلى الشرقفاشتهر منهم في آخر

(1/16)

- C. Niebhur( )1733القرن الثامن عشر نيبوهر ) ( الذي طاف في أنحاء جزيرة العرب ودون1815

ملحوظاته وأخبار رحلته في ثالثة مجلدات أضاف إليها مقاالت حسنة في عادات الشرق وأحواله. ومنهم جرج

( خرج من بالدG. zoega( )1755 - 1806زويغا ) دنيمرك وتولن رومية العظمى وصار كاثوليكيا وانقطع إلى

درس اآلثار الشرقية ال سيما آثار مصر. ولم ينطفئ منار العلوم الشرقية بين األسبانيين

والبرتغاليين وخصوصا الرهبان. وممن عرف منهم الراهب ( عاشFr. Canes( )1730 - 1795الفرنسيسي كانيس )

مدة في فلسطين والشام ودرس العربية مرسلي رهبانيته وقد صنف كتبا مدرسية في األسبانية لتعليم العربية أخصها غراماطيق ومعجم كبير للمفردات للتعليم المسيحي. وفي

ا سوزا ) - J. Souza( )1730عهده كان الراهب حن ( ولد في دمشق من أبوين مسلمين فتنصر على يد1812

المرسلين ثم اللغة العربية في لشبونة. ومن مطبوعاته كتاب األلفاظ البرتغالية المشتقة من العربية. وكتاب نحوالعرب ونصص عربية لمؤرخي العرب في أمور البرتغال.

هم لم يسهوا عن درس لغات الشرق ون فإن وكذلك اإليطالي .Rومآثره فربح منهم شكر العموم روزاريو غريغوريو )

Gregorio( الكاهن البالرمي )غ1809 - 1753 ( الذي تفرما في أيام لدرس آثار صقلية وتاريخها وأحوالها ال سي

العرب فألف في ذلك التآليف الواسعة في عدة مجلدات ضخمة نخص منها بالذكر كتابه )اآلثار العربية في تواريخ

صقلية( ضمنه كتابات ونقوشا بديعة وأوصافا غاية في( )G. Maritiالفائدة - وعرف الكاهن الرحالة ج. ماريتي )

( زار بالد فلسطين والشام ومصر ودون1806 - 1736و158( : 1905 )8أخبار رحلته وعنها نقلنا في المشرق )

( وصفه لدير القلعة وكذلك كتب في تاريخ الصليبيين120وغير ذلك.

وال يجوز لنا في هذا النظر اإلجمالي عن حالة العلوم

الشرقية في ختام القرن الثامن عشر أن ننسى ما كانة. لمواطنينا من الفضل في نشر اآلداب الشرقية في أورب فإن ذلك القرن هو قرن السماعتة الذين أشير إليهم بكل

بنان فصار اسمهم مرادفا للنشاط في تذليل العقبات وإحياء مفاخر الشرق. أولهم وإمامهم المونسنيور يوسف

سمعان(1/17)

( رئيس أساقفة صور صاحب1768 - 1687السمعاني ) المكتبة الشرقية وتآليف أخرى ال تحصى. ثم أسطفان

( . ثم يوسف1782 - 1709عواد السمعاني نسيبه ) ( ثم شمعون السمعاني1782 - 1710لويس السمعاني )

( وكان كل هؤالء تالمذة المدرسة1821 - 1752) المارونية في رومية وأثمارا طيبة من دوحتها الفاخرة تعد تآليفهم بالمئات بين مطولة وقصيرة. وكان جل اهتمامهم

هم أيضا اخرجوا من زوايا في نشر اآلثار السريانية لكن النسيان عدة تآليف عربية ال سيما في التاريخ والمآثر

الدينية واألدبية. وسنعود إلى ذكر األخير منهم الذي يدخل في العشر الثاني من في دائرة مقالتنا إذ لم يمت إال

فوا القرن التاسع عشر - ومن هؤالء الشرقيين الذين شر اآلداب في أواخر القرن الثامن عشر القس ميخائيل

الغزيري وهو أيضا من تالمذة اآلباء اليسوعيين في المدرسة المارونية رافق السمعاني وحضر معه المجمع

ة وتعين1736اللبناني سنة ثم درس اللغات الشرقي ترجمانا لملك إسبانيا كرلوس الثالث ومن أعماله األثيرة وصف المخطوطات العربية في مكتبة األسكوريال قرب

ن على سعة مجريط وهذا التأليف مجلدان كبيران يدال

1770 إلى 1760معارف صاحبهما طبعا من السنة ة عاصمة ة والعربية - واشتهر منهم أيضا في فين بالالتيني النمسا الخوري أنطون عريضة الطرابلسي وعلم فيها

ة اللغات الشرقية وله من التآليف كتاب علم صرف العربية وطبعه سنة في1813ونحوها وضعه لتالمذته في الالتيني

ة. فيناء حالة وفي هذا النظر العمومي كفاية ليعرف القر

ما الدروس العربية في منتهى القرن الثامن عشر. وإننوا اآلداب ب علينا اآلن أن نقتص آثار الكتبة الذين زي يترتفاتهم في بحلية معارفهم وأغنوها بثمرات أقالمهم ومصن القرن التاسع عشر. وإننا نقسم ذلك فصوال يسهل على

بع التفاصيل التي نثبتها فيحرزها دون عناء المطالع تتويعرف ما لكل كاتب من المزايا واألعمال.

(1/18)

الفصل الثالثة القرن التاسع عشر إلى السنة اآلداب العربية في غر

1830ام السلطان الغازي كان افتتاح القرن التاسع عشر في أي

سليم خان الثالث وكان من أفضل ملوك دولته دمثا لترقية رعاياه في معارج األخالق مغرما باآلداب محب

الفالح. ثم صار الملك إلى ابن عمه السلطان مصطفى خان الرابع الذي لم يملك أكثر من سنة فضبط من بعده

زمام السلطنة أخوه محمود خان الثاني1808سنة فطالت مدته وكان كالسلطان سليم هائما بترقي شعبه

ساعيا في أسباب نجاحه في فنون اآلداب وللشاعر نقوالالترك قوله جلوسه:

تولى التخت سلطان البرايا ... وأيده اإلله بمرتقاهخوه ... نظام الملك محمود بهاه فصاح الكون لما أر ومن مساعي السلطانين سليم ومحمود المشكورة

تعزيزهما لفن الطباعة في دار السعادة فطبعت فيها عدةفات التركية. ويبلغ عدد ة فضال عن المصن تآليف عربي

ة التي نشرت بالطبع في هذه الثالثين فات العربي المصنسنة نيفا وأربعين كتابا كقاموس المحيط للفيروز أبادي )

ة وكحاشية السيلكوتي على1814 ( مع شرحه في التركي ( ومراح األرواح ألحمد بن علي1812مطول التفتزاني )

ة ) بن مسعود مع مجموع تآليف أخرى نحوية وصرفية ابن حاجب )1818 ( وغير ذلك مما مر لنا1819( وكافي

ذكره في مقالتنا عن فن الطباعة في األستانة )المشرقا للمؤرخ179 - 174( : 1900 )3 ( وفي ملحق تاريخ تركي

( جدول هذه المطبوعاتJ. de Hammerاأللماني هامر ) ( .507 - 492 ص 14 عددا )اطلب الجلد 97كلها في

وكان الوالة يساعدون السالطين في إدراك غايتهما الشريفة في جهات المملكة كسليمان باشا في عك ويوسف باشا كنج في دمشق وداود باشا في بغداد

وغيرهم. ( أن الوزير سليمان باشا98: 1وجاء في لغة العرب )

القتيل كان أول من أيقظ العلوم والمنتمين إليها في ديار العراق بعد سباتها العميق وأنشأ في بغداد عدة مدارس. ثم جاء بعده بقليل داود باشا فأنهضها النهضة التي خلدت

له األثر المحمود والذكر الطيب.(1/19)

وكذلك في مصر كان محمد علي باشا راغبا في نشر المعارف فاستعاد األدوات الطبعية التي كان الفرنسوي

مرسال اتخذها في أيام بونابرت وأنشأ مطبعة بوالق وكان أول كتاب طبع في تلك السنة1822الشهيرة سنة

قاموس إيطالياني عربي وأردف في السنة التالية بكتاب 1830قانون صباغة الحرير. ومطبوعات بورق إلى سنة

ة والتركية تربي على الخمسين في اللغات الثالث العربي بعد أن الكتب العربية المهمة لم تطبع إال والفارسية إال

ما جددت في الغالب المطبوعات المنشورة هذه المدة وإنفي اآلستانة.

وما يقال إجماال في هذا القسم األول من القرن التاسع عشر إن الذين اشتهروا فيه كانوا أبناء أنفسهم لم يتعلموا في مدارس منظمة بل نبغوا بشغلهم الخاص تحت نظارة

بعض األفراد الذين سبقوهم في دواوين الكتابة ودوائراإلنشاء.

التاريخ ونبتدئ هنا بذكر الكتبة الذين وقفوا نفوسهم على تصنيف

التاريخ فنقول: انحصر التاريخ بين أدباء المسلمين في بعض األفراد الذين ال يتجاوز عددهم أصابع اليد فذكرنا

( الشيخين عبد الله الشرقاوي وحسين ابن4منهم )ص عبد الهادي. وممن يضاف إليهما السيد إسماعيل بن سعد

1230 - ذي الحجة سنة 2الشهير بالخشاب المتوفى في ( كان مولعا بالدروس األدبية وأخبر الجبرتي في1815)

نوه في كتابة التاريخ4:238تاريخه ) ة عي ( )إن الفرنساوي لحوادث الديوان وما يقع فيه كل يوم الن القوم كان لهم مزيد اعتناء بضبط الحوادث اليومية في جميع دواوينهم وأماكن أحكامهم ثم يجمعون المتفرق في ملخص يرفع

في سجلهم بعد أن يطبعوا منه نسخا عديدة يوزعونها في

ى لمن يكون منهم في غير المصر في جميع الجيش حت قرى األرياف فتجد أخبار األمس معلومة للجليل والحقير

بوا ذلك الديوان كما ذكر كان هو المتقيد منهم. فلما رت برقم كل ما يصدر في المجلس من أمر أو نهي أو خطابروا له في كل شهر سبعة أو جواب أو خطأ أو صواب وقر

آالف نصف فضة فلم يزل متقيدا في تلك الوظيفة مدة ( حتى ارتحلوا منMenouوالية عبد الله جاك منو )

ة وهي أول جريدة اإلقليم( فهذه كما ترى جريدة يوميظهرت في العربية وكان الجبرتي رأى منها عدة

(1/20)

كراريس. وذكر أيضا إلسماعيل الخشاب ديوان شعر صغيرالحجم جمعه صديقه الشيخ حسن العطار.

مة عبد الله بن حسن وأشهر من هؤالء في التاريخ العال (1754 - 1753 )1167الجبرتي المذكور ولد في مصر

( وروى كناك بعض ما حدث1:203كما ذكر في تاريخه ) له في صباه وكان من طلبة األزهر. جعله بونابرت من

كتبة الديوان فأحرز له عند الجميع اسما طيبا. وانقطع إلى الكتابة والتأليف. وفي آخر حياته قتل أحد أوالده في حيا افقده البصر ولم يلبث أن تبعه في شبرا فبكاه بكاء مر

ة ) القبر. وقال كاتب فهرست مخطوطات المكتبة الخديوي )1237( ألنه توفي مخنوقا في رمضان سنة 1:83 ( . وقد جعل المسيو هوارت في تاريخ اآلداب1822

وفي كليهما1825 ووفاته سنة 1756العربية مولده سنة غلط. أما تاريخه فيدعى عجائب اآلثار في التراجم واألخبار

ضمنه حوادث مصر التي جرت في أواخر القرن الثاني عشر وأوائل الثالث عشر جاريا في ذلك على سياق

السنين منذ فتوح السلطان الغازي سليم خان األول ذاكرا للوقائع1236للقطر المصري إلى غاية سنة

المعتبرة مع تراجم األعيان المشهورين وقد ادخل فيه قسما كبيرا من تاريخ آخر وصف فيه وقائع بعثة بونابرت

إلى مصر دعاه )مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس( ( وتاريخ الجبرتي قد نقل إلى1802 هـ )1216كتبه سنة

ة بهمة بعض أفاضل نصارى مصر وهم شفيق الفرنسي منصور بك وعبد العزيز كحيل بك وجبرائيل نقوال كحيل بك

.Aواسكندر بك عمون. وقد ترجم الفرنسوي كردين )Cardin.تأليفه اآلخر مظهر التقديس )

وممن كتبوا في التاريخ الشيخ أبو القاسم بن أحمداني كان من عمال مراكش متوليا على مدينة وجدة. الزي

ف سنة كتاب1813ثم اعتزل األشغال في تلمسان وأل الترجمان المغرب عن دول المشرق والمغرب طبع

( الفرنسوي قسما منهO. Houdasاألستاذ هوداس )اكش من السنة .1812 إلى 1631يحتوي تاريخ مر

والباقي ال يزال مخطوطا. وله كذلك كتاب )البستانالظريف في دولة موالي علي الشريف( .

(1/21)

وللكتبة النصارى في هذه األثناء بعض التواريخ يترتب علينا ذكر أصحابها. وأول من اشتهر في ذلك القس حنانيا المنير

أحد رهبان الرهبانية الحناوية الشويرية. ولد المذكور في . أما بقية1774 وترهب سنة 1757زوق مصبح سنة

أخباره في الرهبانية فال نعلم منها شيئا كما إننا نجهل سنة وفاته. ومما يظهر من مآثره ومصنفاته أنه كان رجال أدبيا كثير اإلطالع سليم الذوق نشيطا في جمع اآلثار واألخبار

عارفا بفنون الكتابة يحسن النثر والشعر. وكان ذلك نادرا في زمانه. وقد نعت نفسه في كتاب له عن الدروز

بالطبيب ما يدل على أنه كان يتعاطى الطب. أما أخصتآليفه فتاريخان األول مدني سبق لنا وصفه في المشرق )

( وهو تاريخ )الدر المرصوف في972 و427( : 1901 )4 حوادث الشوف( أثبتنا منه مقدمته وبعض فقراته: وهذا التأليف يتناول الوقائع التي جرت في لبنان من السنة

م( عند ظهور األمراء الشهابيين إلى1697 هـ. )1109 م( وهو يتسع خصوصا في1807 هـ )1222السنة

حوادث الجبل والساحل في األربعين السنة األخيرة. ومن هذا التأليف قد استفاد األمير حيدر أحمد الشهابي في

تاريخه الشهير المعروف بالغرر الحسان في تاريخ حوادث الزمان والشيخ طنوس الشدياق في كتاب األعيان في جبل لبنان أما التاريخ الثاني ديني قد جمع فيه المؤلف

أخبار الرهبانية الحناوية منذ أواسط القرن الثامن عشر م( ولعله استفاد من1804 هـ )1219إلى نهاية السنة

تاريخ آخر ألحد اخوته الرهبان المدعو رفائيل كرامة ( . وليس هذا201الحمصي )راجع دواني القطوف ص

التاريخ كله دينيا فإن فيه أيضا أمورا عديدة تختص بأخبار األمراء وأحوال لبنان وبالد الشام والقطر المصري.

صفحة تقريبا وكال التاريخين نادر200والكتاب عبارة عن قد أمكنا الحصول على نسخة منهما فاستنسخناهما

لمكتبتنا الشرقية. والبن المنير ما خال ذلك تآليف شعريةوأدبية نذكرها في باب األدب

واشتهر أيضا في التاريخ من نصارى الملكيين الكاثوليك رجالن من بيت الصباغ كانا حفيدين إلبراهيم الصباغ طبيب

( اسم26( : 1905 )8ظاهر العمر )أطلب المشرق أحدهما عبود بن نقوال بن إبرهيم واآلخر ميخائيل. وكان

هربوا إلى1776أهلهما بعد وفاة جدهما إبراهيم سنة

مصر حيث نشأ الولدان وتخرجا باآلداب على أساتذةالقطر

(1/22)

المصري. ثم لما قدم نابليون إلى مصر ومعه عدد من مشاهير العلماء أتصل عبود وميخائيل بهؤالء الكرام وصارا

في خدمتهم إلى أن انتقال معهم إلى فرنسة. وقد أتسعنا ( في ما خلفه33 - 31( : 1905 )8في المشرق )

ميخائيل من التركة العلمية الثمينة أجلها قدرا تآليف تاريخية ال تزال مخطوطة في مكتبتي باريس ومونيخ منها

تاريخ أسرته بيت الصباغ وبيان أحوال طائفته الملكية الكاثوليكية. وله أيضا متفرقات ضمنها تاريخ قبائل البادية في أيامه وتاريخ الشام ومصر. هذا فضال عن كتبه اللغوية واألدبية كالرسالة التامة في كالم العامة ومسابقة البرق

والغمام في سعاة الحمام وكالهما قد طبع في أوربة. وله مآثر من النظم نذكرها في األدبيات. أما عبود فإن له في

(Fonds arabe Paris 4610مخطوطات باريس تاريخا ) جمع فيه أخبار ظاهر العمر دعاه الروض الزاهر في تاريخ

ضاهر )كذا(( وطريقة عبود وميخائيل في تدوين التاريخ سهلة األلفاظ واضحة المعاني حسنة السبك تدل على ضالعتهما في الكتابة هذا مع ضعف في التعبير ال سيما في تاريخ عبود الذي يشبه كالمه بركاكته كالم العامة.

أما عبود فال نعلم سنة ومكان1816وتوفي ميخائيل سنة وفاته وقد عرف في عهد الصباغين المذكورين كاهن من

أسرتهما كما نظن نضيفه إليهما وهو أنطون صباغ من تالمذة رومية يستحق الذكر بما عربه من التآليف المتعددة

مجلدا منها كتاب تاريخ الكردينال أورسي50البالغة نحو

1792 جلدا كبيرا انتهى من تعريبه نحو السنة 24في وكانت وفاته في العشر األول من القرن التاسع عشر

( ومن أدباء الروم الملكيين695( : 1906 )9)المشرق الذين أحرزوا لهم فخرا في التاريخ نيقوال بن يوسف الترك

كان اصل والده من اآلستانة العلية ثم سكن دير القمر وفي وطنه مات سنة1763حيث ولد أبنه نيقوال سنة

. كان نيقوال محبا لآلداب منذ حداثته فلم يزل1828 يتعاطى النظم والنثر إلى أن نال فيهما نصيبا صالحا. وقد

خدم األمير بشير الشهابي زمنا طويال وقصائده فيه شهيرة نعود إلى ذكرها عند وصف ديوانه. أما التاريخ فله فيه

مصنفان أحدهما تاريخ اإلمبراطور نابوليون من سنة وفاةالملك لويس السادس عشر

(1/23)

صفحة كتبه450 في نحو 1821إلى موت نابليون سنة بإنصاف وحسن ذوق مع تعريف أسباب الحوادث وسوابقها ولواحقها والحكم في جيدها وسيئها. وهذا الكتاب قد طبع

بهمة المسيو ديغرانج1839نصفه األول في باريس سنة (M. Desgrangesة وألحقه ( الذي نقله إلى الفرنساوي

بعدة ملحوظات وهو يحتوي تاريخ نابليون إلى آخر بعثة . أما النصف الثاني فال يزال مخطوطا.1801مصر سنة

ولنيقوال الترك تاريخ آخر ضمنه أخبار أحمد باشا الجزار صفحة وهو غاية126منه في مكتبتنا الشرقية نسخة في

إلى1185في اإلفادة لتعريف أحوال الشام من السنة ( وإنشاء الكاتب بسيط1810 - 1771 )1225السنة

مطبوع خال من التعقيد والنقير كما يليق بالتاريخ. والغالب على ظننا أن المعلم نيقوال الترك هو مؤلف

تاريخيين آخرين لم يذكر اسم كاتبهما فاألول هو )مجموعة في ة والنمساوي حوادث الحرب الواقع بين الفرنسوي

1220 مسيحية الموافقة لها سنة 1805أواخر سنة صفحات من306لتاريخ الهجرة( وهو تاريخ واسع في

وصفت فيه وقائع1807قطع الربع طبع في باريس سنة تلك الحرب التي انتهت بانتصار نابوليون في استرلتس.والتاريخ الثاني من مخطوطات مكتبة باريس العمومية )

Fonds arabe. n 1864( اسمه )نزهة الزمان في صفحة يحتوي تاريخ األمراء148حوادث لبنان( في

الشهابيين منذ أول قدومهم من الحجاز إلى حوران ثم إلى لبنان مع تفصيل أخبارهم إلى أيام األمير بشير الشهابي

( .1790 )1205ونهايته بالحوادث التي جرت سنة ويلحق بهذا التاريخ تاريخ آخر بأحد الموارنة كتبه مؤلفه

)أنطونيوس ابن الشيخ أبي خطار الشدياق من بيت الحاج عبد النور قرية عين طورين في جبة بشراي من أعمال

دعاه )مختصر تاريخ لبنان( وهو1819طرابلس( سنة صفحة ضمنه المؤلف عدة أمور تاريخية150كتاب في

دينية ومدنية على غير ترتيب كما حضرته أو كما اقتطفها من تواريخ أخرى أو سمعها من أهل زمانه منها فصل

(820، 769( : 1901 )4واسع نقلناه عنه في المشرق )عن أصل األمراء والشيوخ في لبنان.

ومما كتب في هذا العهد من األسفار رحلة ألحد الحلبيين )فتح الله ولد أنطون ابن الصائغ الالتيني( التي زعم أنه

رحل في خدمة أحد األجانب أسمه تيودور لسكاريس في من حلب إلى أنحاء الشام فجهات1810أواخر سنة

العرب وقد وصف(1/24)

ما جرى لهما من األخبار وضمن رحلته أشياء كثيرة عن أحوال المدن التي زاراها وعن قبائل العرب وبالد

الوهابيين. وقد كتب ذلك بعبارة رائقة إال أنها قليلة التهذيب ال تكاد تخالف لغة العامة والكتاب يصام في

( . وقد وقفFonds arabeno 2298خزانة باريس ) الشاعر الفرنسوي المرتين على هذه الرحلة فاستعان

ببعض المستشرقين ونشرها مترجمة إلى االفرنسية في (Voyage en Orientكتابه الشهير )سفر إلى الشرق( )

(285 - 55 )ص1835في القسم الرابع من طبعة باريس . أما المؤلف فعاش بعد ذلك زمنا طويال وسيعود اسمه

في مطاوي مقالتنا ثانية. ثم وجدنا في المجلة اآلسيوية )G. As. 18722فصال في انتقاد هذه الرحلة فيثبت كاتبه )

أنها مصنوعة. ونختم هذا النظر في مؤرخي الثلث األول من القرن التاسع عشر بذكر أحد مسلمي طرابلس العرب وهو الشيخ محمد بن عبد الكريم ولد في طرابلس الغرب

وتلقى العلوم من أعالم عصره وفحول مصره وكان واسع العلم كثير الحفظ تولى النيابة في وطنه لعد والده

وحسنت سيرته ألف كتابا سماه )اإلرشاد بمعرفة األجداد( ضمنه ذكر أسالفه الكرام وكان أصل أجداده من األندلس

ثم انتقلوا إلى طرابلس وعرفوا بآل النائب وكان أبوه م( أما ابنه محمد1775هـ )1189فقيرا شاعرا توفي سنة

م( .1817هـ )1232فكانت وفاته سنة

الشعر واألدب إن الشعر واألدب كما التاريخ كانت سوقهما كاسدة في

أوائل القرن التاسع عشر لم يشتهر فيهما إال بعض األفراد في مقدمتهم بين المسلمين األديب السيد أحمد ابن عبد

اللطيف بن أحمد البربير الحسني البيروتي ولد سنة

( له تآليف أدبية ومنظومات أخصها مقاماته1811 )1160 التي منها نسخة خطية في المكتبة الخديوية )أنظر قائمتها

( يبتدئ أولها بقوله: )حكى بليغ هذا الزمان والعصر328:4 حديث ألذ من سالفة العصر( . وقد طبع من هذه

المقامات مقامة )المفاخرة بين الماء والهواء( في دمشق1883 )1300سنة ( . وله بديعية عبق عليها شروحا

مصطفى بن عبد(1/25)

الوهاب بن سعيد الصالحي تصان بين مخطوطات برلين ( وله )كتاب الشرح الجلي على بيتي الموصلي(7388)ع

(1885 )1302وهو تأليف واسع طبع في بيروت سنة أودعه صاحبه فنونا من اآلداب وفصوال في كل علم من العلوم. والموصلي المذكور هو عبد الرحمان بن إبراهيم

الصوفي الموصلي من أدباء القرن الثامن عشر. أماالبيتان اللذان شرح البربير رمزهما فهذان:

إن مر والمرآة يوما في يدي ... من خلفه ذو اللطف أسمامن سما

دارت تماثيل الزجاج ولم تزل ... تقفوه هدوا حيث سارويمما

أما منظومات السيد أحمد البربير فكثيرة لكنها متفرقة. -14( : 1900 )3وكنا قد نشرنا منها شيئا في المشرق )

( مما دار بينه وبين مخائيل البحري من المراسالت18 األدبية. ثم أتحفنا جناب األديب عيسى أفندي أسكندر

معلوف بنخبة أخرى من أقواله الشعرية تجدها في المجلة ( ولعل السيد أحمد البربير396( : 1901 )4المذكورة )

نظم ديوانا كامال لكننا لم نقف له على أثر ومما قرأنا من

لطائفه قوله في طبيب:ا له نفار ... يتيه في مشيه دالال رأيت طب

فقلت: من أنت يا حبيبي ... هل راحمي أنت قال: ال الوله في التوحيد:

لقد آمنت بالله ... وأصبحت به آمنهو األول واآلخر ... م والظاهر والباطن

وقال:خرجت من سجن نفسي ... ومن حظوظي والجاه

وفي جميع أموري ... أسلمت وجهي للهوقال في كبح الشهوات:

انا وشيبا إن الذين يجاهدو ... ن النفس شبمن اإلله بنصرهم ... وأثابهم فتحا قريبا

وقال في تاجر سها عن اآلخرة:يا تاجرا ال يزال يرجو ... ربحا ويخشى من الخسارة

عبادة الله كل حين ... خير من اللهو والتجاره وقال يصف دار أسعد باشا وكان حلها أبو السعود محمد

د - بطلعة أبن بن علي: يا دار أسعد باشا - لك النعيم المخلعلي - أبي السعود محمد

(1/26)

د - ذو همة غار منها - حد بدر يزيد كماال - من النجوم تولد أما ترى السيف منها - في جفنه بات الحسام المجر

مغمد - ولطفه في البرايا - مما فشا وتأكد حتى غدا كل شخص - به يقر ويشهد - كأنه من نسيم القبول بات

ما رآه د - والبحر ل د أما ترى ورد خد الرياض منه تور مجس - يجود أرغى وأزبد والدهر بات غالما - لمن عليه تردد -

فتى به أبيض حظي - من بعد ما كان أسود يا سيدي عش

سعيدا - فإن جدك أسعد - وسوف ترقى ألوج - من الكواكب أبعد فأحفظ بشارة عدل - بها الفراسة تشهد -د ومن مراثي وأسلم ودم في سرور - ما طائر الصبح غر السيد أحمد البربير قوله في األمير منصور الشهابي لما

م( :1767هـ )1181توفي سنة سقا هذا الضريح سحاب فضل ... وعمم بالرضى من في

ثراهأميرا كان في الدنيا شهابا ... ومنصورا على قوم عصاه

فإن يك من عيوني قد توارى ... فحسبي أن قلبي قدحواه

به المهيمن واصطفاه سار للفردوس فورا ... وقر فلماأتى تاريخه في بيت شعر ... يود البدر إن يعطى سناه

فمهمله ومعجمه وكل ... من الشطرين تاريخا تراهشهاب الرحمة المولى عليه ... هوى للترب بدر من رباه وكان ألحمد البربير تالمذة أخذوا عنه أخصهم السيد عبد

اللطيف بن علي المكنى بفتح الله المفتي البيروتي الحنفي وكان شاعرا إال إن شعره مفقود. ومما يروى عنه

قوله يمدح ميخائيل البحري لما جاء بيروت في أيامالجزار:

ما أتى البحري بيروت زائرا ... إلينا فكم أهدى عقودا ولمن الشعر

فال بدع أن أهدي له الدر ناظما ... فناهيك أن الدر يبدومن البحر

( :1900 )3فأجابه البحري بأبيات رويناها في المشرق ) ( . ومن الشعراء المسلمين الذين نظموا الشعر18 - 17

الجيد في أوائل القرن التاسع عشر الشيخ الوفاء قطب الدين عمر أبن محمد البكري الدمياطي األصل واليافي

م( في يافا ودرس على1759هـ )1173المولد ولد سنة مشاهير شيوخ زمانه في وطنه ورحل إلى مصر وأخذ عن

أئمتها. ثم عاد إلى غزة وتجول في أنحاء الشام والحجاز 1818 )1233وتوفي في دمشق في غزة ذي الحجة سنة

م( وقد رثاه شاعر زمانه الذي نترجمه في أوانه الشيخأمين الجندي بقصيدة رنانة أولها:

ه قسي المنايا ما ألسهمها رد ... فما حيلتي والصبر قد دكالبعد

(1/27)

دهيت برزء ال يطاق عناؤه ... وكرب وحزن ما لغايته حد وهي طويلة ومن لطيف ما قاله فيه الشاعر نقوال الترك

وقد ضمن فيه اسمه عمر:شمس العلوم تبدى ... نورا إلى كل راء

ها ضمن ميم ... ما بين عين وراء مقر أما تآليف السيد عمر اليافي فأخصها ديوانه وبعض

( وقد عني بطبع284 - 241مخاطبات ألحقت بديوانه )ص هذه اآلثار حفيده السيد عبد الكريم بن محمد أبي نصر في

م( وهو مجموع1893هـ )1311المطبعة العلمية سنة واسع فيه قصائد متعددة دينية على منهج المتصوفين وكان

السيد على الطريقة الخاوتية وله في هذه الطرائق عدة رسائل منها رسالة في الطريقة النقشبندية رسالة في

معنى التصوف والصوفي وغير ذلك. ومن أدبياته رسالة له في الحض على بر الوالدين. أما شعره فهو رقيق اللفظ رشيق المعنى كثير التفنن فيه قسم للموشحات واألدوار الغنائية والخمريات وهانحن نورد منه طرفا تنويها بفضله.

قال في االعتصام والثقة بالله: أنا بالله اعتصامي ... ال أرى في ذاك شكا

راجيا فيه نواال ... ورشادا ليس يحكى

موقنا أن ال سواه كاشف ضرا وضنكاى لم أزل لله عبدا ... وبهذا أتزكوله مستغيثا مبتهال من قصيدة:

إلهي الهي ليس آالءك يرتجي ... وحقك ما وافيت غيرك راجيا

ومن ذا الذي أشكو له سوء فاقتي ... ويعلم قبلالمشتكي سوء حاليا

لقد دك دهري طود قصري فأصبحت ... منازل قصريبالخطوب خواليا

وفوق لي الخطب المبرح أسهما ... من الوجد والتبريحفيها رمانيا

وشن لي الغارات تعدو وقد غدت ... علي بعادي الجورتعدو العواديا

فيا رب ما للعبد في الدهر ملتجى ... سواك فإني بالتضرعالجيا

تدارك بألطاف وأسعفه بالمنى ... وحقق له فضال لديكاألمانيا

ومن جيد قوله ما كتبه في بر الوالدين:كم جر بر الوالدي ... ن فوائدا للمرء جمه

منها رضا الله الذي ... يكفي الفتى ما قد أهمهوأخو العقوق كميت ... قد صار في األحياء رمه

والكلب أحسن حالة ... منه وأحفظ منه ذمه(1/28)

ومن محاسنه قوله في نوفرة على رأسها ليمونة: ونوفرة تبدي من الماء قامة ... زهت بكمال الصفو حسنا

ومنظرا

دة خضراء تنثر هود من البلور من فوق رأسه ... زمرجوهرا

ومن أوصافه قوله يذكر دير عطية من قرى الشام بينالنبك والقريتين:

حادي الركب سر وحث المطية ... لديار العطا بديرالعطية

فبتلك الربوع تلقى ربيع الس ... أنس فاحت أزهارهاية العبهر

ة قد تزخرفت في رباها ... بثمار من البهاء جنية جنية تجري من تحتها المياه بأنها ... ر التهاني للواردين مرية ت نسائم سحر وغصون الرياض تهتز فيها ... حيث غن

ية ذا معاني األغاني ... لتهاني المعالم األنس ذا حب حب وقد اشتهر بين المسلمين غير هؤالء في الشعر واألدب

لكنه قصائدهم وتآليفهم ال تزال في خزائن الخاصة أو أخذتها أيدي الضياع نذكر منه من اتصل به علمنا بمطالعة

مخطوطات مكتبتنا الشرقية. فمن هؤالء األدباء المسلمين إسماعيل بن الحسين جعمانله ديوان صغير الحجم في أحد مجاميع لندن المخطوطة )Supplement of the Catal. Of the Arabic Mss no

1323 3oيحتوي على قصائد ومراسالت ومقاالت شتى ) -1812 )1250 وسنة وفاته 1227كتبها بين السنة

1835. ) ومن مشاهير المسلمين في أوائل القرن التاسع عشر

السيد محمد األمير الكبير المولود في سنبو في مديرية م( والمتوفى في مصر في1741هـ )1154أسيوط سنة

م( . درس الفقه1817هـ )1232ذي القعدة سنة بأقسامه في األزهر وتولى مشيخة السادة الملكية وألفكتبا عديدة في فنون شتى. وكان كالمه حكما منه قوله:دع الدنيا فليس فيها سرور ... يتم وال من األحزان تسلم

وكن فيها غريبا ثم هيئ ... إلى دار البقا ما فيه مغنم ومنهم الشيخ عبد الله الحلبي كان شاعر زمانه في الشام

له ديوان مفقود وقد وقفنا له على بعض فقرات في ديوان نيقوال الترك منها قوله في جملة قصيدة يذكر تآليف

الترك: أنت بسحر بيان ... أبان فضال جزيال

عن فضل ذي الفضل يبني ... عقدا بديعا جميال(1/29)

صحيح معناه يروي ... عن الصحاح نقواللت ترتيال يا در در قواف ... ترت

قس الفصاحة فيه ... سحبان أضحى ذهواللم يترك األولون ... إلى األواخر قيالعنه التواريخ تروى ... براعة وشموال

قد سار ذكرا شهيرا ... بين األنام جليال وجاء في الديوان عينه ذكر شاعر آخر وهو الشيخ صالح نائب طرشيحا روي له قصائد منها قوله يمدح آل شهاب

والشيخ بشير جنبالط ويذكر قرية المختارة قال: وأصبو إلى لبنان وهي مواطن ... عرفت بها ظال هناك

ظليالبآل شهاب كمل الله عزها ... وشرف منها أربعا وطلوال وبالجنبالطي البشير تشامخت ... جبال بها تعلو المجرة

طوال فتى ما له في الدهر ثان وأنه ... أبو قاسم حاز الكمال

جميال همام إذا ما الحرب شدت وثاقها ... ترى أسدا المرهفات

سلوال

يصول بقلب كالجبال ثباته ... فيوقع في قلب العدو خموال يجود وفيض الجود يحسد جوده ... إذا جر من بحر المكارم

نيال به شرفت مختارة العز في الورى ... وباروكها المفضل

جاء دخيالتذكرنا جنات عدن قصورها ... وأنهارها شيئا تراه جليال

فال مثلها عيني رأت ذات بهجة ... تكللها من صيب الماءإكليال

وبابن علي عظم الله قدرها ... وأحيا لها اسما في الميالدفضيال

وقال يمدح نقوال الترك:ة ونقوال هات زدني من ذكر وصف نقوال ... ثم أورد أدل

حيث جئنا لنشهر الفضل منه ... وبما نال ينبغي أن نقوالعيسوي حوى اللطافة حتى ... صار للطف حجة ودليال

شاعر العصر أوحد الدهر حقا ... ما وجدنا لمثل ذاك مثيال هو يدعى بالترك فاترك سواه ... من بني العرب واتخذه

خليال واشتهر في الجزائر محمد أبو راس الناصري من معسكره

ونبغ في الفقه ورحل إلى تونس ومصر1751ولد سنة . له قصيدة في فتح وهران1823والحجاز وتوفي سنة

وقد شرحها1792على يد الباي محمد بن عثمان سنة في كتاب دعاه عجائب األسفار. وله وصف لجزيرة جربة

.1884طبع في تونس سنة هذا ما وقفنا عليه من تاريخ شعراء المسلمين في الثلث

األول من القرن التاسع(1/30)

عشر. ونلحق بهؤالء بعض الذين اشتهروا باللغة واألدب (4فمنهم الشيخ الشرقاوي الذي سبق لنا ذكره )ص

والشيخ القلعاوي مصطفى بن محمد الشافعي له كتاب مشاهد الصفا في المدفونين بمصر من آل المصطفى.

والشيخ محمد وله منظومة في آداب البحث ومنظومة في المنطق وديوان شعر ديني سماه إتحاف الناظرين في

)1230 وتوفي سنة 1158مدح سيد المرسلين. ولد سنة 1745 - 1815. )

ومنهم الشيخ محمد الحنفي المعروف بالمهدي ولد من وكان اسمه هبة الله1737والدين قبطيين في مصر سنة

ثم أسلم وهو صغير دون البلوغ وتقدم في المناصب وألقى الدروس في األزهر ورفق طوسون باشا في حرب

هـ )1227الوهابيين وصارت إليه رتبة شيخ اإلسالم سنة ( وله كتاب روايات1815 )1230م( وتوفي ستة 1812

على شكل ألف ليلة وليلة دعاه )تحفة المستيقظ واألنس في نزهة المستنيم الناعس( وخدم البعثة الفرنسوية

العلمية لما قدمت مصر مع نابوليون وذكره بالثناءالمستشرق مرسال.

ومنهم الشيخ محمد الدسوقي ولد في دسوق من قرى مصر ودرس علوم اللغة والحكمة والهيئة والهندسة وفن

( : )له تأليفات واضحة231:4التوقيت. قال الجبرتي ) العبارة سهلة المأخذ ملتزمة بتوضيح الشكل( وعدد تأليفه

التي معظمها في العلوم البيانية والفقهية. توفي سنةم( .1815هـ )1230

واشتهر في الموصل من األدباء الشيخ ياسين ابن خير الله الخطيب العمري له تواريخ مخطوطة في خزائن كتب

لندن وبرلين كالدر المكنون في مآثر الماضية من القرون م(1821 )1236وهو تاريخ واسع لإلسالم بلغه إلى السنة

Brit. Museum noوأفاض خصوصا في أمور الموصل )

Ibid. no( وله منية األدباء في تاريخ الحدباء )1263 Berlin( وكتاب عنوان األعيان في ملوك الزمان )1265

no 9484وجرى ابنه علي بن ياسين على آثاره فكتب . ) م( روضة األحبار في ذكر1808هـ )1223نحو السنة

أفراد الخيار وهو مختصر تاريخ العالم والدول(1/31)

اإلسالمية: وذكر في المقالة الثامنة والة بغداد من حسن وله كذلك فصل1223 إلى سليمان باشا 1006باشا سنة

( .Brit. Mus. no 1266في أدباء الموصل وشعرائها ) وعرف أيضا الشيخ أبو الفوز محمد أمين السويدي

البغدادي صاحب كتاب سبائك الذهب في معرفة قبائل )1229العرب اختصره عن القلقشندي نحو السنة

( والكتاب قد طبع على الحجر في بمباي سنة1814 م( . وفي السنة1821هـ )1236 توفي كاتبه سنة 1294 م( مات بغدادي آخر األديب عثمان بن1825هـ )1240

سند النجدي. وإن انتقلنا اآلن إلى ذكر النصارى الذين أبقوا لما من

قرائحهم الوقادة ثمارا جنية بالنظم والنثر لوجدنا قوما منهم زانوا بآثارهم جيد اآلداب واستحقوا شكر السلف مع قلة ما كان لديهم في ذلك الوقت من الوسائل للتتر في

العلوم البيانية. وأول من نذكر منهم رجل عصره الذي ترجمناه سابقا في

( وهو ميخائيل البحري22 - 9( : 1900 )3المشرق ) الشاعر الرومي الملكي الحمصي األصل. كان متفننا

باآلداب العربية وينظم الشعر الرائق كما ترى في األمثلة التي أثبتناها عنه في سيرته وقد شهد له أدباء عصره بجود

القريحة. قال الشيخ أحمد البربير يمدحه: رعى الله حمصا إذا صبت نحو من له ... بيان معان في

البديع من الشعره ... وهل يستفاد الدر إال من بليغ غدا كالبحر والنظم در

البحر أزهر ميخائيل البحري في أواخر القرن الثامن عشر وخدم

الجزار في ديوان عكا وبعد مدة تغير عليه وألقاه في هـ1203السجن. قال األمير حيدر الشهابي في تاريخ سنة

م( : )وفي هذه السنة اعتنق الجزار ميخائيل1788) البحري الذي كان مسجونا بعد ما قطع أذنيه وأنفه( . وكنا

( عن بعض الرواة أنه12( : 1900 )3روينا في المشرق ) أدرك القرن التاسع عشر ثم وجدنا في ديوان الشاعر

( تاريخا لوفاة المذكور في104المجيد بطرس كرامة )ص قاله نظما:1799سنة

لك الرحمات يا لحدا ثواه ... بديع فضله سامي األرائكويا لهفي على من فيك أمسى ... ويا أسفي لدر في ثرائكحويت الكوكب البحري علما ... فيا عجبي لبحر في خبائك

ولما أن ثوى نودي إليه ... هلم إلى سرور في عالئكوفي الملكوت أرخ ناط فوزا ... بميخائيل تبتهج المالئك

(1/32)

ولميخائيل البحري ذرية كريمة جرت على آثاره نخص منهم بالذكر ابنه عبودا أو عبد الله البحري الذي ذكرنا

بعض تفاصيل حياته وتقلبه في المناصب العالية عند والة الشام ولدى أمراء مصر وكان رئيس قلم اإلنشاء عندهم. لدينا من آثاره عدة رسائل دولية وأهلية وكان بلغ النهاية

في حسن الخط. وفي عبود البحري قال الترك في

يمدح بعض أصحابه في1809موشحه الذي كتبه سنة دمشق:

كم تباهت درر البحري على ... كل ذي نظم بديع ونثار وشدت من فوق أعلى الصحف ال ... ينبت الدر الصفي إال

البحارزمر الكتاب طرا والمال ... من أولي األلباب توليه الوقار

كم نراه جاذبا أن رقما ... معدن األرواح كالمغنطيس بل وكم يسبي عقوال حين ما ... يظهر اآليات فوق

الطرس وممن مدحوا عبودا من الشعراء سليمان صوله قال

فيه:؟؟ مولى أبي الفضل إال من يالزمه فلم يقم بمكان فيه لم يقم

لله منه مالك يرتقي فرسا ... وكوكب ناطق يسعى على قدم

له يد تخجل اإلبحار بالكرم ال ... زخار والذابل الخطار بالقلم

أضحى لدائرة المعروف والكرم الم ... وفور قطب عال أواله لم تدم

أهديك يا خلف البحري عاتقة ... لعاتق المجد تهدي جوهر الحكم

إذا قبلت بها كان القبول لها ... أعلى وأغلى من الياقوت في القيسم

فرثاه المعلم بطرس كرامة1843وكانت وفاة عبود سنة بقصيدة طويلة قال فيها:

يا للمنية قد جازت وقد غدرت ... ببدر فضل له اآلدابهاالت

مولى اليراعة عبد الله من فقدت ... لفقده وانقضت تلكاليراعات

يا طالما سبكت أقالمه دررا ... تقلدت بآلليها الرساالت

وكم على وجنة القرطاس في يده ... تفاخرت ببديع الخطالمات

ما العبت قلما يوما أنامله ... أال نبت مشرفيات صقيالتلما أتى الناس ناعيه أسفا ... من اليراعة داالت وميمات وكذلك اشتهر أخوه حنا البحري فمدحه الشاعر المذكور

302، 289، 287غير مرة )اطلب ديوانه ص ( ونظم تاريخا كما مدح أخاهما جرمانوس فمن قوله1843لوفاته سنة

في هذه األسرة كان ميخائيل البحري خاال لبطرس( .288لبطرس كرامة )ص

(1/33)

بنو البحر آال أنهم درر العلى ... وأهل الوفا لكن دأبهم البروما منهم إال نبيه مهذب ... نراه بديوان اليراع هو الصدر

بجرمانس ساد الحساب وأصبحت ... دفاتره الزهراءيعشقها الزهر

يريك إذا هزت يراعا بنانه ... عقود جمانات معادنها الحبرا بإنشائه الصبا ... فرقت أللفاظ بها انعقد الدر وفاخر يوحن تود ذؤابات الحسان إذا انتضى ... ليكتب سطرا أنها ذلك

السطرهى ... وأبناء بيت مهده انتظم هما فرقدا أوج اليراعة والن

والنثر والمعلم بطرس مدائح أخرى في بني البحري منها تاريخه

( ختمه بهذا261 )ص1816لوفاة اندراوس البحري سنة البيت:

تلقاه اإلله يقول أرخ ... رثو الملك المعد لذي اليمين ومنها تاريخه لوفاة عبد الله البحري ابن أخي ميخائيل سنة

( قال في ختامه:261 )ص1819

عم في روضة األمالك بر بغفران اإلله مؤرخ ... ومن ( المختوم بهذا1822وتاريخ وفاة إبراهيم البحري )سنة

( :262البيت )صوفي الملكوت حاز لدى إله ... مع األبرار أرخ خير روضه

وكان ميخائيل الصباغ الذي ذكرناه في جملة مؤرخي زمانه شاعرا وسطا استحب األوربيون شعره العربي

فنقلوه إلى الفرنسية فمن ذلك ما مدح به البابا بيوسالسابع لما قدم فرنسا لتتويج نابوليون قال:

دهشت لرؤية وجهك األبصار ... وأضت لرؤية مجدكاألمصار

هذي العروسة يا سليمان انجلت ... في حسنها ولهاالعظام فخار

ومنها في المدح: اليوم تحسدنا المالئك في السما ... لما نرى مما العقول

تحارسامح نواظرنا إذا بك كررت ... نظراتها أو زادها التكرار

1811وله موشح قاله في ميالد ابن نابوليون األول سنة أوله:

هللوا يا كل األمم ... واهتفوا فيها بألحان النغمومنها:

نا بالبكر نهديك الهنا أيها القيصر بلغت المنى ... كلبنا هذي النعم أنت منا مستحق للثنا ... قد حبانا ر

(1/34)

وله غير ذلك مما ال نتعرض لذكره والركاكة ظاهرة في معظم هذه القصائد والموشحات ما يدل على أن صاحبها

لم يحسن علم العروض وإنما تعاطى النظم استعطافا

لبعض الذوات وحظوة برضى العلماء المستشرقين. وممن اشتهروا أيضا باآلداب والنظم بين النصارى في

مفتتح القرن التاسع عشر القس حنانيا منير الزوقي الذي ( . فإنه برع أيضا في22ذكرناه في باب التاريخ )ص

الفنون األدبية فمن ذلك مجموع أمثال لبنان وبالد الشام مثل وكتاب مقامات بديعة جامعة بين4000يبلغ نحو

( :1901 )4فصاحة األلفاظ وبالغة المعاني )المشرق ( هذا فضال عن كتاب في شرح عقائد الدروز طبعه973

( في باريس ونقلها إلى الفرنسوية.Guysالمسيو غويس ) وكان له ديوان شعر أخذته يدع الضياع لمن نحصل منه إال

)4على بعض مقاطيع روينا بعضها سابقا )المشرق ( منها قصيدته972: - 970( :1901

(1/35)

الرنانة التي قالها في تهنئة سليمان باشا لما أتى عكاليتوالها بعد وفاة الجزار. أولها:

ة في الفؤاد مخيم ... نيرانه بين الجوانح تضرم لهوى األحبومنها:

ا افرحي حيفا أطربي ... والقاطنون بهن صيدا ابشري عكموا فليترن

كن يا سليمان الوزير مؤازرا ... للخاضعين وجارما منيجرموا

وأعظم وسد وارحم وعد وانعم وجد ... واسلم ودمبسعادة لك تخدم

وختمها بهذا التاريخ: وإذا انتهى شعري بمدحك مرة ... أرخت يبدأ مدحك ال

يختم

ومما قاله في الزهد والدعاء قوله في مقدمة تاريخهالرهباني:

ام األجل إني لفي عظم الوجل ... من قرب أيمن بعده ال بد ما ... يعروني في الدين الخجل

إذ إنني قضيت عمري ... بالمالهي والبجلوالحكم لم يقبل به ... عذر ولم ينفع وجل

ألجأ لعونك مريما ... فاعطفي نحوي النجلوتشفعي بي يا بتو ... ال وأدركيني بالعجل

م( وكان بالغ في1804 )1219ولما توفي الجزار سنة الظلم وجنح إلى العصيان وضع كل شعراء ذلك العصر من مسلمين ونصارى قصائد هجوه فيها وأرخوا وفاته )أطلب

( فقال القس حنانيا أبياتا أثبتها7380( 1899 )2المشرق في آخر تاريخه للشوف ورواها األمير حيدر الشهابي في

( . ومن رثائه قصيدة970( :1901 )4تاريخه )المشرق قالها في البطريرك أغناطيوس صروف لما قتله إلياس

أولها:1812عماد سنة عالم دمعي من عيوني يذرف ... وإالم يرفا وال يتكفكف هل كابدت كبدي لظى ال ينطفي ... أم في الحشا جذوة

نار تنطفومنها في مدح الفقيد:

ى يا شمس أفق الشرق ذاع ضياؤه ... في الغرب أنشمس فخرك تكسف

يا راس كهنة بيعة الله التقي ... ثق أنت أيضا في األعاليأسقف

أواه وا أسفي ولوعاتي على ... من كل من يدري بهف يتأس

قسما فلو يفدى لكنت فديته ... بالروح مرتاحا وال أتوقف وكان القس حنانيا يتفنن بالنظم وله قصائد بالشعر العامي

غاية في اللطف منها

(1/36)

قصيدة في الخمارة والعرق لم نحصل عليها. وهو الناظم للزجلية الشهيرة المعروفة بالبرغوث كنا أثبتناها أوال في

ثم وجدناها تامة وافية في1886كتابنا علم األدب سنة كتاب مخطوط من أيام المؤلف وفي آخرها أسمه نرويه

هنا بحرفها تفكهة للقراء: أعد بيوت مع قصدان - وأخبركم بما قد كان - طول الليل وأنا قلقان وأصبح جلدي

كالجربان جاء البرغوث وأنا نائم - وصار على صدري حائم - وقال لي من شهرين صائم في حسابي خلص رمضان

قلتلوا ال تجادبني - عالمك أنت تكاربني - بالله عليك ال تتعبني كل النهار وأنا تعبان قال لي ليس أنا بهمك - إن

كان سرك أو غمك - عشاي الليل من دمك وبكرة يفرجها الرحمان قلت يا برغوث أنا بداريك - وبين الناس أنشد

فيك - روح لغيري يعشيك واتركني الليلي نعسان قال لي ما هو عاكيفك - وهلليلي أنا ضيفك - عيب يا حيفك أكون

عندك وأبات جيعان ال تحسب أني بهابك - بجي وبدخل في عبابك - بدور حول جنابك إن كنت نائم أو سهران قلت يا

برغوث اسمع مني - وهلليلي ارجع عني - ودعني راقد متهني يبقى لك عندي إحسان قال لي شوارك مرذولة -

وعندي ما هي مقبولة - مواعيدك هي مجهولةء وعمري ما بصدق إنسان قلتلوا ويلك يا عقوق - ال يا أسود يا ممحوق - بتخدعني وما عندك ذوق وعجزك هن قريب يبان قال أنا بالعين صغير - ولي في الليل فعل كبير - أنا ما بفزع من

وزير وال من حاكم وال سلطان بتعيرني بسوادي - وأنا اليوم لك معادي - ألجيك أنا وأوالدي بعلمك فعل السودان

قلتلوا ما أنا بهمك - وال أوالدك وال أوالد عمك - ألحرق أبوك مع أمك وبناتكم مع الصبيان قال بخليك حتى تنام -

أجيك أنا وأوالدي قوام - لما تلبس ثوب الخام وعنمسكي تبقى عجزان

(1/37)

وحاال بتصير تتقلب - وأنا في جلدك مكلب - وأنت تبقى متغلب بصبغ جلدك والقمصان قلت يا برغوث إن كنت

عائق - امتحني وأنا فائق - وضوء الشمس يكون شارق لننظر من هو الغلبان قال أنا بالنهر بصوم - بقضيها ارتياح ونوم - عند غياب الشمس بقوم وأدور حول السيقان وإن صار لي بالنهار فرصة - ال بد ما أقرص لي قرصة - ولوال خوفي من جرصة ما كنت بسيب إنسان قلت الرهبان ال

تقربهم - والشرير محاربهم - روح عنهم ال تعذبهم يكفاهم شر الشيطان قال الراهب هو ملزوم - بالسهر والصالة

والصوم - لئال يتمادى بالنوم ما هو مليح يكون كسالن وأنا من يومي بحبه - بجي وبدخل في عبه - كي يقوم يعبد ربه

ويطلب للعالم غفران وأنت ما فيك تربطني - وأنا ربي مسلطني - ولما بدك بتلقطني بصير بفر كالغزالن وبعرف لما بتمسكني - ما بتصور تتركني - حاال بتصير تفركن وفي

قتلي بتبقى شمتان وأنا في أول الليل - بتصيد بقوة مع حيل - وبصير بركض مثل الخيل وعصدرك بعمل ميدان

قلت يا برغوث يا محقور - حقا من جنسك مقهور - ال بد ما أعملك تنور وأحميه بالشوك والبالن قال لي كالمك كله فشار - قرائبي وأوالدي كنار - وتربوا عند الجزار وتسلطوا على البلدان وعلى ايش حتى تحرقني - حيث ربي خالقني

- وأنا الدم يوافقني وطالب من دمك فنجان قلت يا برغوث بالك فاضي - وعليك ما أنا راضي - ال بد أشكيك

للقاضي وأخرج في قتلك فرمان قال حكم القاضي أنا

عاصيه - ومن يومي أنا معاديه - وفرمانه ال يعمل في وعلي ما له سلطان قلت يا برغوث قل لي كارك -

وأهديني لباب دارك - قصدي أقطع جدارك أحرق نسلكبالنيران

(1/38)

قال لي لعشيه بقلك - وعلى باب دارك بدلك - حتى أدخل في ظلك وأرقصك رقص السعدان قلت يا برغوث صدقة عنك - عرفني طريق فنك - وكيف بقدر خلص منك صرت

في أمري حيران قال إن كان تعرف فني - طاوعني واسمع مني - أنا

نصيحك أمني قصدي خيرك يا إنسان كلس بيتك في طيون - ورشه بزوم الزيتون - وخليه أنظف من ماعون وطينه بتراب ولفان وتيابك قبال تلبسها - برغتها أو شمسها -ن لما بيضميك وأرض الدار كنسها كذلك أعمال بالدكا

شربك - عند النوم غير توبك - ما أحد يجي صوبك وعلى التخت أفرش ونام هذا ما قد صار فيي - عند السهرة من عشيي - وكان في بدء الصيفيي في آخر يوم من نيسان )تمت القصة من القس حنانيا منير( وكذلك اشتهر بين

شعراء ذلك الدهر المعلم الياس أده وكان مولده في قرية وتوفي في بعبدا سنة1741أده من أعمال جبيل سنة

وهناك ضريحه وقد صحب األمراء الشهابيين1828 ومدحهم ال سيما األمير يوسف واألمير بشير وكذلك خدم مدة أحمد باشا الجزار في عكا حتى هرب منه خوفا على

و693( : 1899 )2نفسه. وقد أتسعنا في المشرق ) ( في ترجمة الياس أده وأعماله وشعره فال حاجة إلى736

اإلطالة هنا. ومما وقفنا له بعد ذلك من اآلثار األدبية

صفحة ضمنها نخبة من أقوال األدباء235مجموعة ذات والعلماء واللغويين جمعها وهو في حلب الشهباء سنة

م( وسماها )الدر الملتقط من كل بحر1792 )1207 م( وهي1831 )1247وسفط( وجدنا منها نسخة تاريخها

عند أحد أدباء عينطورة الخواجا جاماتي. وللمؤلف فيوصف هذه المجموعة قوله:

إذا نظر الرائي إليها يخالها ... رياضا بها زهر وزهر زواهرها تلك الخدور دفاتر عرائس يجلوها عليك خدورها ... ولكن

ومما لم نذكره من شعره قوله في وفاة الشيخ سعد:1785الخوري سنة

(1/39)

ا ال ريب بعد السعد الشيء فاخر ... وقد قرحت بالدمع منالمحاجر

لقد غبت يا شمس الكمال فأرعدت ... فرائصنا والحزنللقلب فاطر

ا فما لنا ... وحقك قلب بعد فقدك وفاضت مياه الدمع منصابر

وليل الشقا فينا اكفهر ظالمه ... وضاقت علينا بالفراقالسرائر

لتبك المعالي بعد بعدك حسرة ... كما لبست ثوب الحدادالمفاخر

ا كان الدهر سيدا ... ومن كفه للجود هام وهامر أيا لوذعي عليك من الرحمان أضعاف رحمة ... ورضوانه ما ناح في

الروض طائر وما قال باألحزان فيك مؤرخ ... فال ريب بعد السعد ال

شيء فاخر

وقد خلف لنا آثارا أدبية أوسع من السابقين رجل سبقت (24 - 23لنا ترجمته وإطراء فضله في باب التاريخ )ص

نيقوال الترك فان طول باعه في اآلداب ليس دونه في التاريخ ولدينا من نظمه الرائق ونثره المسجع الفائق ما

يشهد له بالتقدم بين آل عصره. وفي مكتبتنا الشرقية صفحة ترى400نسختان من ديوانه تنيف النسخة على

فيها كل مضامين الكتابة في الرثاء والمدح والوصف والهجو والمزاح. وقد عارض أصحاب المقامات فوضع منها

إحدى عشرة مقامة نسبها إلى راو دعاه الحازم ومسفار (278: 1فكه سماه أبا النوادر. وفي كتابنا علم األدب )

ة نسبة إلى دير مقامة منها وهي األولى المدعوة بالديري القمر قدمها المؤلف لألمير بشير وأودعها من حسن

التعبير وبديع اللفظ وبليغ المعاني ما يدل على براعته في فنون اإلنشاء. أما شعره فمنسجم سهل المأخذ مطابق لمقتضى الحال مع كثرة التفنن في النعوت واألوصاف

وفيه مع ذلك بعض الضعف إذ نبغ في الشعر بجودة قريحته دون الدرس على أستاذ يلقنه ومعلم يرشده. وها

نحن نثبت هنا شيئا من شعره إلفادة القراء وتنويها بحسن صفاته فمن لك قوله في مدح األمير بشير وهي أول

قصيدة قالها فيه: دنا البشر المجيد المستصاب ... وأشرق في معاليه

الشهابوتم لنا المنى بمزيد أمن ... به زال العنا واالضطراب

إلى أن قال: له في المشكالت حميد رأي ... وحزم لم يزغ عنه

الصوابيلي الهيجاء في عزم شديد ... لديه النت الصم الصالب

ت ... كما فرت من الليث الذباب كماة الحرب عند لقاه فر

وإن خفقت بنور سطاه صاحت ... غشا الضرغام وانقضالعقاب

(1/40)

يبدد شملها منه ويفنى ... كما يفنى من الشمس الضبابمالذ مقصد حصن منيع ... رجاء ال يرد وال يخاب

أذل الله أعداه لديه ... وقد خضعت لعزته الرقابوله أيضا فيه من قصيدة قالها بعد واقعة حرب:

سواك إلى المعالي ليس يدعى ... ألن الله أحسن فيكبدعا

وزانك بالمزايا يا حميدا ... به الدهر أرتضى واختار قنعاأمير ال أمير سواه يرجى ... مليك كامل خلقا وطبعا

بشير خول الدنياء بشرا ... به طاب الورى قلبا وسمعاشهاب أوعب اآلفاق نورا ... على نور الثريا فلق سطعا

إذا أعددته يوما بفرد ... من األفراد كنت تراه سبعاندى كفيه حل عن إنكفاف ... كأن الله أجرى فيه نبعا

فما الفضل أبن يحيى وابن طي ... وهل معنى لمعن بعديدعى

بصارم عدله كم بت جورا ... وأحيا النتصار الحق شرعا وقال مهنئا قدس السيد أغناطيوس قطان بارتقائه إلى

ة سنة وكان اسمه أوال القس1816السدة البطريركيموسى:

خولت يا فخر البطاركة الهنا ... للشعب ثم حسمت كلنزاع

لما ارتقيت لسدة بك شرفت ... يا كامل األوصافواألوضاع

وأنرت يا قطان الديا ... ر وفيك باهت سائر األصقاع

يا حبر أحبار البالد وسيدا ... أبدا له عين اإلله تراعي وبك إستضا الكرسي لما أن وفى ... حسن الدعا لله

واألضراعاه باإلفصاح أرخت المدى ... موسى لشعب الله أفضل لب

راعاش سنة 1818ومن رثائه ما قاله في الشهيد بطرس مر

لما قتل في حلب بإغراء جراسيموس أسقف األرثوذكسمع غيره من الكاثوليك:

وا فجعتاه به ويا أسفي على ... ذاك الشباب الغض كيفما تهش

شلت يد الباغي الذي قد أهرقت ... دمه الزكي وحللت ماحرما

اه من شهم شجاع باسل ... بطل إلى القتل المريع حيتقدما

ا دوما بدل الحياة الدنيوية بالبقا ... واختار مجدا سرمديتت ... كبدي وألقت في فؤادي لله فجعة بطرس كم فت

اسهما لله فرفه بطرس كم أوحشت ... تلك الربوع وأظلمت

ذاك الحما اء جمرا لله لوعة بطرس كم أججت ... في مهجتي الحر

مضرما(1/41)

ما حيلتي ما طاقتي فنيت وها ... جلدي وهاك الصبر منيمعدما

طوباه إذ من بعد اصلح سيرة ... ومناقب منذ الصبا فيهانما

وأفى إلى سفك الدما شهامة ... وغشية المنايا مسرعامتقحما

وانضم منحازا مع الشهداء في ... جنات خلد بالسماءمنعما

يا طيب مثوى ضم طاهر جسمه ... يا فوز من وافى إليهميتما

فلذاك قلت صلوه تمجيدا بتا ... ريخي ففي دمه الزكيورث السما

وهي طويلة. ومن فكاهاته قوله يهجو بعض الشويعرينالذين يسرقون أبياتا وقصائد قديمة وينسبونها لنفسهم: أصبح الشعر كالشعير مقاما ... ال بل الشعر منه أرخص

قيمة غر من قد غدا بذا الدهر ينفي ... حق ما فيه من آللي

نظيمة حيثما قد غدت بنو الخلط تنشأ ... فيه بئس المؤلفات

الذميمة ويحهم كيف جوزوا وأباحوا ... هتك ما فيه من عروض

سليمةيا لهم من فواجر بغباهم ... والخطا غوروا البحور العظيمةنقضوا كل كامل موزون ... ذي احتكام وعوجوا مستقيمة

افسدوا جوهر البسيط وفيه ... ركبوا اقبح الصفاتالذميمة

قل أن ينقذ الخفيف فرار ... منهم أو تقي السريع هزيمة ضعضعوا الوافر المديد وأمست ... بينهم حالة الطويل

مشومةكلهم كالذئاب قوم لصوص ... يستحلون سرقة محرومة

قاتل الله مثلهم من يسطو ... بافتراء على البيوتالقديمة

كم بهم ابكم يقلد قسا ... فيه قد كانت الفصاحة شيمة

بل وكم بينهم ترى مهذارا ... فاتحا شدقه كشدق بهيمة حرفة الشعر يا عباد توفت ... فاسكبوا فوقها الدموع

الحميمة عظمها في التراب ما زال يشدو: ... يعلم الله إني

مظلومةومن موشحاته ما قاله في مدينة طرابلس ومدح أهلها:

بأبي عهد التهاني والصفا ... زمن مر بطربلسيا هنا عيش رغيد سلفا ... لي بذاك المعلم المؤتنس

دور حبذا الفيحاء أهنا كل ناد ... والحمى المعمور والركن

الحصينكتب السعد عليها يا عباد ... ادخلوها بسالم آمنين

بلدة طيبة خير البالد ... والمقام المشتهى للناظرينأهلها قوم لطاف ظرفا ... نعم أنجال كرام األنفس

(1/42)

ما لهم عيب سوى حسن الوفا ... والخلوص المنتإي عندنس

ح طويل. ومما أمتاز به الترك مداعباته وأقواله وهو موشة. فمن ذلك ما رويناه له في كتابنا علم األدب ) الفكاهي

( مناظرة بين الزيت واللحم. ومنها قوله يطلب من249:1األمير بشير شرواال وعمامة:

وشروال شكا عتقا وأمسى ... يراودني العتاق فما عتقتوكم قد قال لي بالله قلني ... وهبني كنت عبدا وانطلقت

أما تدري باني صرت هرما ... وزاد علي إني قد فنقتفدعني حيث قل النفع مني ... وعاد من المحال ولو رتقت

وال تعبأ بتقليبي ألني ... بعمر أبيك نوحا قد لحقت

ولم يبرح يجدد كل يوم ... علي النعي حتى قد قلقتوقلت له عتقت اليوم مني ... ألني في سواك قد اعتلقت

فأشعرت العمامة في مقالي ... له فاستحسنت ما قدنطقت

فراحت وهي تشدو فوق رأسي ... لي البشرى إذن وأناعتقت

ومما نقش من شعره في معاهد بيت الدين التي ابتناهااألمير بشير قوله وهو مرقوم فوق باب إحدى القاعات:

دار المعالي التي فاقت مفاخرها ... والعز قد زادها حسناوجملها

تزينت في معاني الظرف واكتملت ... بقاعة أرخوها النظير لها

ة ة اإللهي وكتب على دائرها هذه األبيات استغاثة إلى العزعلى لسان األمير:

الله الله أنت الواحد األحد ... والسرمد األزلي الدائمالصمد

حي عزيز قدير خالق وله ... من في السماء ومن فيأرضنا سجد

ال رب غيرك يا موالي نعبده ... وال سواك إلها فيه نعتقد أنت الغنا والمنا والفوز أجمعه ... والعون والغوث واالنجاء

والمدد وغيرك ما لي في الورى ما لي سواك غياث أطالبه ... كال

سند خولتني يا إلهي خير تسمية ... فكنت فيك بشيرا أنت لي

عضدبل كل جارحة مني وعاطفة ... تصبو إليك ونار الحب تتقد إذا أنت علة نفسي أنت مركزها ... يا رب كل ومنه الخلق

قد وجدوا يا رب أمنن بعفو منك لي كرما ... واغفر جنايات عبد منك

يرتعد وجد بخاتمة يا رب يعقبها ... ذاك النعيم السعيد الثابت

الوطد(1/43)

هذا ولو شئنا ال تسعنا في ذكر منظومات نيقوال الترك وإنما نجتزئ بهذا القليل وفيه كفاية لتعريف طريقة ذلك الشاعر الذي كان من أعظم السعاة في النهضة األدبية

في مبادئ القرن التاسع عشر وديوانه يستحق الطبع الن صاحبه األديب نظمه في وقت كسدت فيه تجارة اآلداب

فيشفع في ضعف بعض أقسامه الكثير من محاسنه. وممن نلحقهم بهؤالء الشعراء بعض من معاصريهم

النصارى ابقوا لنا آثارا من فضلهم وهي تآليف ومصنفات أدبية غير الشعر وأولهم جرمانوس آدم الحلبي الذي لعب

دورا مهما في تاريخ زمانه. ولد في حلب في أواسط القرن الثامن عشر ونشأ فيها ثم تخرج في اآلداب

ة في رومية الكنسية والعلوم الدينية والمعارف الدنيوي العظمى حتى أصاب منها قسما صالحا. وقد عهدت إليه لمقدرته عدة مهمات قام بها قياما حسنا وتولى القضاء

مدة في لبنان وله تآليف متعددة تشهد له بقوة الفهمة منها كتاب إيضاح اعتقاد واتساع المعارف وأكثرها ديني

اآلباء القديسين في الحاد المشاقين وهو سفر كبير وإيضاح البراهين اليقينية على حقيقة األمانة األرثوذكسية

( وله تآليفCabassutوكتاب المجامع لكباسوطيوس )ه رذلها أخرى شط فيها عن تعليم الكنيسة الكاثوليكية لكن

2 ت10قبل وفاته نادما. وتوفى في زوق ميكائيل في .1809سنة

وفي عهده عرف راهب من ملته الروم الكاثوليك وعاش بعده ردها من الدهر أعني به سابا بن نيقوال الكاتب

الشهير بالخوري سابا. كان مولده حمص وكان أبوه من الروم األرثوذكس وأمه كاثوليكية فنشأ على دين والده مدة ثم أهمل نفسه لمالذ الدنيا حتى ارعوى وارتد إلى

الله بعد أن رأى عيشة الرهبان الكاثوليك في دير المخلص فتبعهم في دينهم ثم في طريقتهم النسكية وأخذ العلوم

العربية عن الشيخين يوسف الحر من علماء الجباع وأحمد البزري. وبعد كهنوته سافر إلى رومية حيث أتقن العلوم الفلسفية والالهوتية وتعلم اللغات األوربية ثم رجع إلى

الشرق وانكب على األعمال الخيرية إال أن األمراض دهمته فأحوجته إلى لزوم ديره فانقطع إلى التأليف

وصنف كتبا عديدة(1/44)

في أخص المعتقدات المسيحية أكثرها ال يزال مخطوطا طبع منها شيئا األديب شاكر أفندي البتاوني. وله مصنفات

أخرى في معظم األبحاث الفلسفية منها رسائل في النفس وجوهرها وخواصها. ومنها كتاب في المنطق نشر بالطبع وغير ذلك مما عددناه في مقاالتنا عن مخطوطات الكتبة النصارى ورقي إلى رئاسة رهبانيته العامة نحو تسع

.1827سنوات وكانت وفاته في أيلول من السنة المستشرقون في هذه الحقبة؟

وقبل أن نختم تاريخ هذا الطور األول من اآلداب العربية في القرن المنصرم يجمل بنا أن نذكر المستشرقين

األوربيين الذين استحقوا ثناء األدباء بما نشروه منالمصنفات العربية.

ومما يقال باإلجمال أن هذه ثالثة أعشار القرن لم يبلغ أحد فيها بين األجانب مبلغ العالمة ساوستر دي ساسي لكننا نؤجل الكالم فيه إلى الطور التالي ألنه فيه مات.

وكان دي ساسي كنقطة المركز لدائرة زمانه يشيرون إليه بالبنان لتفنن معارفه بل كان منارا يستضيء بنوره كل من أراد العلوم الشرقية في فرنسة وغيرها فيقدمون باريس ليحضروا دروسه ويدورون في فلكه كاألقمار المستنيرة

به. وقد جاراه في علومه دون يبلغ أن شأوه بعض أهل وطنه

( كالعالمة دي غيني لينغالي14الذين قدمنا ذكرهم )ص ودوبرون وهربان ولكلهم اآلثار الناطقة بعلو علمهم وسعة

معارفهم. وممن تتلمذوا له وفازوا بالشهرة في آداب A. L. Jourdain( )1788العرب المسيو أمابل جوردان )

( كتب تاريخا للعجم وانتقد تأليف مرخند وصنف1818 - كتابا في البرامكة ونقل إلى الفرنسوية نبذا من تاريخ

العرب عن حروب الفرنج في بالد الشام. لكن هذاالمستشرق مات في مقتبل العمر.

ومن تالمذة دي ساسي في هذا الطور أنطون ليونارد دي ( نبغ اللغات الشرقية وكتب عدة مقاالتChezyشازي )

في آثار العرب والعجم وغيرهم في مجلة العلماء وله تاريخ العجم ومجان أدبية فارسية ومنتخبات من كتاب

وكان1831عجائب المخلوقات للقزويني. توفي سنة .1773مولده سنة

ومما يذكر من حسن مساعي الفرنسويين في خدمة اآلداب الشرقية في ذلك العهد نشأة الجمعية اآلسيوية

الباريسية أنشأها دي ساسي ورصفاؤه وتالمذته سنة(1/45)

ثم باشروا بنشر اآلثار القديمة والمقاالت1821 المستحسنة في كل فنون الشرق وآدابه ولغاته ال سيما

ومجلتهم تبرز كل سنة1822اللغات السامية منذ السنة في مجلدين فيكون مجموع ما ظهر منها إلى يومنا بالغا

مائتي مجلد وهي تحتوي كنوزا ثمينة في كل آداب الشرق. (619 - 612( : 1922 )20وقد نشرنا في المشرق )

خالصة أخبارها بنسبة التذكار المئوي إلنشائها. وحذا اإلنكليز حذو الفرنسويين في العام التالي سنة

فشكلوا أيضا جمعية دعوها باسم جمعية بريطانيا1823 العظمى وأيرلندة اآلسيوية الملكية. وكان الساعي في هذا

المشروع بعض كبار األثريين مثل كولبروك )Colebrooke( وجنستون )Johnston( وستونتن )

Staunton( وفين )Wynn( وهوغتون )Haughton) 1824( سنة Transactionsفنشروا أيضا نشرة علمية )

ودعوها مجلة لندن اآلسيوية1836ثم وسعوها سنة الملكية. لكن العلماء اإلنكليز كانوا يوجهون اهتمامهم

خصوصا إلى الهند وإلى لغات الهنود وآدابهم. وكذلك نشر األلمان والنمسويون مجموعات شرقية منها )معادن

( و )جريدة المعارفHameerالشرق( للعالمة هامر ) الشرقية( التي طبعت في بونة من أعمال ألمانية. أما الجمعية اآلسيوية األلمانية فلم تنشأ إال بعد ردهة من

الدهر. ومن مشاهير المستشرقين في تلك األيام غير

( الدنيمركي )Rasmussenالفرنسويين رازموسن ) ( درس العلوم الشرقية في باريس ثم عاد1826 - 1785

إلى وطنه فتولى تدريس لغات الشرق في حاضرة بالده كوبنهاغن. له عدة تآليف في تواريخ العرب في الجاهلية نقال عن ابن قتيبة وابن نباتة والنويري مع جدول لتوفيق

التاريخ الهجري والتاريخ المسيحي. ونقل قسما من كتاب

ألف ليلة وليلة. ومن مصنفاته كتاب له في المعامالتالتي دارت بين العرب والصقالية في القرون الوسطى.

Wilmetواشتهر بين األلمان فلمت ) ( الذي نشر معجما ( وعنترة1814عربيا التينيا ونقل معلقتي لبيت )سنة

( وعلق عليهما الحواشي الواسعة والتذييالت1816)سنة (C. R. S. Pieperالمهمة. ومنهم أيضا كرل رودلف بيبر )

نقل قسما كبيرا من مقامات الحريري إلى الالتينية وحشى معلقة لبيت ونشر رسالتين فيما بعد الطبيعة لبهمنيار بن

المرزبان. وكذلك عرف بينهم كرل تيودور جوهنسن(1/46)

(C. T. Johannsenالذي ترجم تاريخا لمدينة زبيد ) عنوانه )بغية المستفيد في أخبار زبيد( ونشره في بونة

. وهو تاريخ حسن ألفه في غرة القرن العاشر1828سنة للهجرة اإلمام سيف اإلسالم ابن ذي يزن الفقيه عبد

الرحمان الربيع. وكانت الدروس العربية قد ضعفت قليال في إيطالية

فأنهضها أحد فضالء األسرة السمعانية نريد به شمعون السمعاني الذي ولد في طرابلس ودرس في مدرسة الموارتة في رومية العظمى ثم تجول مدة في مصر

والشام لجمع المخطوطات الشرقية. ولما كانت السنة عهدت إليه كلية بادوا تدريس اللغات الشرقية1785

. له تأليف في1821 نيسان 7فعلمها إلى سنة وفاته في عرب الجاهلية وأصلهم وتاريخهم وأحوالهم في مجلدين

ووصف اآلثار الكوفية في المتحف النانياني والمتحفالبرجياني ومتحف السيد مينوني.

وفي الوقت عينه اكتسب أحد كهنة إيطالية المسمى جان

( شهرةdi Rossy( )1742 - 1831برنرد دي روسي ) واسعة في المعارف الشرقية. فإنه كان أوال ناظرا على

متحف مدينة تورينو ثم تولى تدريس اللغات الشرقية في كلية بارما نحو خمسين سنة. ومن مشروعاته الطيبة إنشاؤه في بارما مطبعة شرقية متقنة األدوات جميلة

الحروف أصدرت عدة مطبوعات بديعة الطبع. وكان دي روسي حاذقا في اللغة العبرانية له فيها عدة مصنفات.

منها وصف مكتبة واسعة جهزها بالتآليف النادرة والمخطوطات الجليلة ومنها تأليف في الشعر العبراني.

وكان يحسن العلوم العربية كما يدل عليه كتابه الطلياني.1807)معجم أشهر أدباء وكتبة العرب( الذي طبعه سنة

الفصل الرابع1850 إلى 1830اآلداب العربية من السنة

هو الطور الثاني من القرن التاسع عشر وهو يشمل عشرين سنة أصابت في مطاويها اآلداب العربية ترقيا

مذكورا. ومما أمتاز به هذا الطور الثاني انتشار المطابع العربية في

الشرق. نعم أن الطباعة كانت سبقت هذا العهد كما بينا األمر في المقاالت المتعددة التي خصصناها بهذا الفن في

.1902 و1901 و1900أعداد المشرق من السنين الثالث لكن المطبوعات

(1/47)

العربية في الشرق كانت قليلة ال تتجاوز بعض العشرات وأكثرها دينية كما في مطابع حلب وبيروت والشوير. فلما

ة في كان القرن التاسع عشر توفرت األدوات الطبعي

ة ومطبعة بوالق الشرق وقد مر لنا مطبعة اآلستانة العلي ( وكلتاهما وسعت دائرة174( :1900 )3)المشرق

أشغالها في هذا الطور الثاني ال سيما مطبعة بوالق التي أبرزت نحو ثالثمائة كتاب في فنون شتى بالعربية والتركية

( وكان أكثرهاJournal As. 1843224 - 61والفارسية ) منقوال عن الفرنسوية في العلوم المستحدثة كالرياضيات

والطب والجراحة وجر األثقال والفنون العسكرية. أماالكتب األدبية فكانت يسيرة.

ومن المطابع التي جددت حركتها في هذه المدة مطبعة( :1900 )3القديس جاورجيوس في بيروت )المشرق

( فإنها بعد خمودها نحو مائة سنة عادت إلى أشغالها501 .1848بسعي مطران الروم األرثوذكس بنيامين سنة

وفي السنة التالية أنشأ في القدس بطريرك الروم كيرلس الثاني مطبعة عرفت بمطبعة القبر المقدس

( . ومعظم مطبوعات70( :1902 )5اليونانية )المشرق هاتين المطبعتين في السنين األولى إلنشائهما لم تتجاوز

المواد الدينية وبعض المبادئ المدرسية. 1850 إلى 1830في أثناء هذا الطور أعني من السنة

استحدثت ثالث مطابع كبيرة أعانت على نشر آداب اللغة العربية في جهات الشام: األولى ومنها مطبعة األمريكان

من مالطة إلى بيروت1834التي نقلت سنة واستحضرت أدوات جديدة وحروفا مشرقة فاشتغلت مذ

ذاك الوقت بطبع مؤلفات جمة عددنا قسما منها في ( . والثانية مطبعة اآلداب504( :1900 )3المشرق )

.1849الفرنسيين في القدس الشريف باشرت أعمالها 1848والثالثة مطبعتنا الكاثوليكية كان ظهورها سنة

فطبعت أوال كتبا شتى على الحجر ثم طبعت على (656 - 641( :1900 )3 )المشرق 1854الحروف سنة

فهذه المطابع لم تزل نيف وثمانين سنة يجاري بعضها

بعضا في ميدان اآلداب وال غرو فإن بواسطتها تعددت المنشورات وقرب جناها على أيدي األحداث وأقبل على

مطالعتها العموم. ومن األسباب التي ساعدت أيضا في تلك المدة على

اتساع المعارف األدبية وارتقاء اللغة العربية ما أنشئ في الشرق من مدارس بهمة أصحاب الخير. فما عدا اآلداب

1850 إلى 1830العربية من السنة (1/48)

( كعين ورقة وعين6 - 5المعاهد التي سبق لنا ذكرها )ص تزار ظهرت مدارس جديدة غايتها ترقية العلوم كان

الفضل في إنشائها إلى المرسلين الالتينيين. أول هذه المدارس التي فتحت لتثقيف الوطنيين باآلداب

ة مدرسة عين طورا باشرت بالتعليم سنة 1834العصري الخ( فاتسع في548( :1900 )3وقد سبق المشرق )

ج فيها من األدباء تاريخ هذه المدرسة الشهيرة ومن تخرفال حاجة إلى التكرار.

( مدرسة لآلباء1843ثم أنشئت بعد تسع سنوات ) اليسوعيين في كسروان أنشأها األب مبارك بالنشة في

دها األمير حسن شقيق األمير غزير في الدار التي كان شي بشير الشهابي لسكناه. وهذه المدرسة بقيت عامرة إلى

وفيها نقلت إلى بيروت فقامت عوضا عنها1875سنة مدرسة القديس يوسف الكلية. ومن مدرسة غزير خرج

رجال أفاضل ال يحصى عددهم منهم بطاركة إجالء وأساقفة مبجلون وكهنة غيورون ووجوه أدباء وكتبة كانوا كلهم وال يزال كثيرون منهم إلى يومنا سندا لكل مشروع

خيري ولكل مسعى صالح ديني أو وطني.

وكما أهتم المرسلون بفتح المدارس المذكورة لم يسهموا عن تربية اإلناث فبمساعيهم قدمت راهبات مار يوسف

وأخذن يتفانين1847 ثم راهبات المحبة سنة 1845سنة في تهذيب الفتيات في الشام وفلسطين. وبعد سنين

ون سنة جمعية الراهبات1853قليلة أنشأ األباء اليسوعي المريمات ثم جمعية قلب يسوع والفئتان حازتا رضى

األساقفة واألهلين وخدمتا الوطن أحسن خدمة بتهذيب البنات ثم اجتمعتا بأخوية واحدة عرفت باسم راهبات قلبي يسوع ومريم يشهد لهن الجميع في يومنا بالغيرة والصالح وحسن التربية لإلناث وخصوصا في القرى المهملة. وقد

احتفلن في العام الماضي بيوبيلهن السبعيني )اطلب ( . وكذلك انتشرت راهبات641( :1923 )21المشرق

ين الناصرة في هذه البالد في أواسط القرن السابق وتول إدارة مدارس اإلناث من كل طبقات األهلين في بيروت

وعكا وحيفا والناصرة وشفاعمرو فأحرزن لهن ثقة. الجمهور بفضلهن

أما المدارس الوطنية فإنها تعززت أيضا في هذا الطور وزادت نموا ال سيما مدرسة عين ورقة التي اكسبها

رئيساها األوالن المطران خير الله اسطفان والمطران يوسف رزق الجزيني رونقا عظيما ماديا وأدبيا. ومن أثمار

(1840هذه المدرسة حينئذ )سنة (1/49)

إنشاء جمعية مرسلين انجيليين انتسبوا إلى مار يوحنا اإلنجيلي وخدموا النفوس بأعمال الرسالة نحو عشرين

سنة ثم خلفتهم جمعية مرسلي الكريم التي ال تزال حتىيومنا تفلح كرم الرب بنشاط وغيرة.

وكذلك تقدمت مدرستان أخريان للطائفة المارونية كانا الحلو نريد ام السيد البطريرك يوحن سبق تأسيسها في أي

بهما مدرسة مار يوحنا مارون كفرحي ومدرسة مار مارون الرومية. فكان الساعي بإنشاء األولى المطران جرمانوس

خصها بتهذيب بعض أحداث بالد1811ثابت في السنة جبيل والبترون وجبة بشراي ثم اتسعت بعد ذلك في أيام

الطيب الذكر المطران يوسف فريفر الذي صرف المجهود في تحسينها وقد حذا حذوه رؤساؤها من بعده ال سيما

المرحوم المنسنيسور بطرس ارسانيوس الذي اهتم كثيرابشؤونها ونجاحها.

1817أما المدرسة الرومية فكان إنشاؤها بعد ذلك سنة وكانت هذه المدرسة ديرا فأمر البطريرك يوحنا الحلو

بتحويلها إلى مدرسة وصادق على أمره آباء مجمع اللويزة في السنة التالية. ولعائلة بيت الصفير أوقاف وحقوق على

مدرسة الرومية التي أخرجت عددا وافرا من أفاضلحين للكهنوت. ان المرش الشب

ولما قام السيد يوسف حبيش بطريركا على الطائفةة وجه عنايته إلى فتح المدارس ألبناء رعاياه الماروني

1827ففتحت أوال مدرسة مار يوحنا مارون في صربا وكان الساعي بذلك المطران يوحنا العضم. ثم فتحت مدرسة أخرى في عرمون وكان هناك لبيت آصاف دير

للراهبات إلى أسم مار عبدا هرهريا فحولوه بعد أمرة لتعليم شبان السيد البطريرك إلى مدرسة عمومي

الطائفة المارونية العلوم االكليريكية وصار لهذه المدرسة نجاح عظيم خرج منها أولو فضل ممن تفتخر بهم ملتهم

حتى اليوم كالسادة اإلجالء المطران يوسف النجم والمطران اسطفان عواد والمطران بولس عواد

والمطران مسعد وكالخوارنة العالمين العاملين يوسف العلم وكيل مطران بيروت سابقا ويوحنا رعد الغزيري

الشاعر والخوري عبد الله العقيقي وغيرهم وقد اغتالتة أكثرهم. المني

( سعى البطريرك الموما إليه1832وبعد ذلك بسنتين ) بتحويل دير مار سركيس سوباخوس في ريفون إلى

ى دعوته والة مدرسة ألبناء الطائفة كمدرسة مار عبدا فلب الدير من بيت مبارك بكل طيبة قلب وأفرغ رئيس الدير

القس فرنسيس مبارك كنانة(1/50)

الجهد في تحقيق تلك األماني فلم تذهب مساعيه أدراج الرياح كما ترى في تاريخ هذا الدير الذي سبق بتسطير

)8أخباره حضرة األب إبراهيم حرفوش في المشرق )( .753 و347 و67( : 1905

وفي هذا الوقت أيضا كان المرسلون األمير كان ال يألون جهدا في فتح المدارس أخصها في بيروت وأعبيه فنجحوا

فيها بعض النجاح لوال أنهم ناقضوا فيها تعاليم الدينوا في قلوب األحداث زوان التساهل الكاثوليكي ليبث

الديني. وال نعرف للروم مدرسة ذات شأن في كل النصف األول من القرن التاسع عشر وكانت ناشئتهم غالبا تتردد علىمدارس المرسلين الكاثوليك أو البروتستان األميركان.

وكانت الدروس العربية في كل هذه المدارس راقية فأن منها خرج معظم الذين اشتهروا بالكتابة في القرن

المنصرم وخصوصا بين النصارى كما نبين ذلك. أما المدارس خارجا عن الشام فكانت في الغالب

مقصورة على مبادئ القراءة والكتابة وأصول الحسابواللغة.

بعض مشاهير المسلمين في هذا الطور الثاني نقدم عليهم الشيخ حسن بن محمد العطار كان أهله من

هـ1180المغرب فانتقلوا إلى مصر وولد في القاهرة سنة ( وكان أبوه عطارا استخدم ابنه أوال في شؤونه ثم1766)

رأى منه رغبة في العلوم فساعده على تحصيلها فاجتهد الولد في إحراز المعارف وأخذ عن كبار مشايخ األزهر كالشيخ األمير والشيخ الصبان وغيرهما حتى نال منها

قسما كبيرا. وفي أيامه جاء الفرنسويون إلى مصر فاتصل بأناس منهم فأفادوه بعض الفنون الشائعة في بالدهم

وأفادهم درس اللغة العربية. ثم ارتحل إلى الشام وأقام مدة في دمشق ومما نظمه حينئذ قوله في منتزهات

دمشق: بوادي دمشق الشام جز بي أخا البسط ... وعرج على

باب السالم وال تخط وال تبك ما يبكي أمرؤ القيس حومال ... وال منزال أودى

بمنعرج السقط فإن على باب السالم من البها ... مالبس حسن قد

حفظن من العط هنالك تلقى ما يروقك منظرا ... ويسلي عن األخدان

والصحب والرهطها ... تميل سكارى وهي عرائس أشجار إذا الريح هز

تخطر في مرط كساها الحيا أثواب خطر فدثرت ... بنور شعاع الشمس

والزهر كالقرط وتجول هذا الشيخ حسن في بالد كثيرة يفيد ويستفيد حتى

كر راجعا إلى(1/51)

مصر فاقر له علماؤها بالسبق فتولى التدريس في األزهر وقلد هذه المدرسة بعد الشيخ محمد العروسي سنة

ذي22 فقد برها أحسن تدبير إلى سنة وفاته في 1246 م( . وكان محمد على باشا1835هـ )1250القعدة سنة

ه ويكرمه. وقد خلف عدة تآليف في خديوي مصر يجل األصول والنحو والبيان والمنطق والطب. وله كتاب في

ر طبعه في مصر. وكان هذا اإلنشاء والمراسالت تكرة الشيخ عالما بالفلكيات له في ذلك رسالة في كيفي

ب بعين المنقطر والمجي العمل باإلسطرالب والر والبسائط. وكان يحسن عمل المزاول الليلية والنهارية.

وقد اشتهر أيضا الشيخ العطار بفنون األدب والشعر. ومما يروى عنه أنه لما عاد من سياحته في بالد الشرق رافق إمام زمانه في العلوم األدبية السيد إسماعيل بن سعد الشهير بالخشاب فكانا يبيتان معا وينادمان ويتجاذبان أطراف الكالم فيجوالن في كل فن من الفنون األدبية

والتواريخ والمحاضرات واستمرت صحبتهما وتزايدت على طول األيام مودتهما إلى أن توفي الخشاب فاشتغل

العطار بالتأليف إلى موته. وله شعر رائق جمع في ديوانه ( في تاريخه يرثي233:4فمن ذلك ما رواه له الجبرتي )

هـ )1230الشيخ محمد الدسوقي المتوفى سنة م( .1815

أحاديث دهر قد ألم فأوجعا ... وحل بنادي جمعنا فتصدعا فقد صال فينا البين أعظم صولة ... فلم يخل من وقع

المصيبة موضعا وجاءت خطوب الدهر تثرى فكلما ... مضى حادث يعقبه

آخر مسرعاوهي طويلة قال في ختامها:

سعى في اكتساب الحمد طول حياته ... ولم تره في غيرذلك قد سعى

ولم تلهه الدنيا بزخرف صورة ... عن العلم كيما أن تغروتخدعا

لقد صرف األوقات في العلم والتقى ... فما أن لها يا صاحأمس مضيعا

فقدناه لكن نفعه الدهر دائم ... وما مات من أبقى علومالمن وعى

فجوزي بالحسنى وتوج بالرضا ... وقوبل باإلكرام ممن لهدعا

وممن مدحوا الشيخ حسن العطار المعلم بطرس كرامةاللبناني فقال فيه لما قابله في مصر:

قد كنت أسمع عنكم كل نادرة ... حتى رأيتك يا سؤلي وياأربي

والله ما سمعت أذني بما نظرت ... لديك عيناي من فضلومن أدب

وقام بعد الحسن العطار في رتبته البرهان. القويسني فقدتقلد مشيخة األزهر أربع

(1/52)

م( وكان مكفوف1838هـ )1254سنوات وتوفي سنة البصر عالما له تأليف فقهية قال فيه أحد شعراء زمانه

يوم ولي رئاسة األزهر معترفا بسلفه: ولئن مضى حسن العلوم أربه ... فلقد أتى حسن وأحسن

من حسن أنت المقدم رتبة ورئاسة ... وديانة من ذا الذي ساواك

من

واشتهر باآلداب أحد تالمذة الشيخ حسن العطار وهو م(1789 )1204الشيخ حسن قويدر. وله بمصر سنة

وكان أصل أجداده من المغرب ثم انتقلوا إلى مدينة الخليل وتناسلوا بها ثم انتقل قويدر والد المترجم إلى

القاهرة وفيها ولد أبنه الحسن. فمال نشأ أخذ عن شيوخ زمانه وخصوصا عن الشيخ حسن العطار. ولم يزل يتقدم

في العلوم حتى نال فيها شهرة عظيمة وكان مع ذلك يشتغل بالتجارة ويعامل أهل الشام ومن تآليفه شرحه المطول على منظومة أستاذه حسن العطار في النحو

وكان قرظها بقوله: منظومة الفاضل العطار قد عقبت ... منها القلوب بريا

نكهة عطره أو لم تكن روضة في النحو يانعة ... لما جنى الفكر منها

هذه الثمرة في ظلمة الجهل لو أبدت محاسنها ... والليل داج أرانا

وجهها قمره قالوا جواهر لفظ قلت ال عجب ... بحر البالغة قد أدى لنا

درره ومن تآليفه أيضا كتاب إنشاء ومراسالت ورسائل أدبية.

ومنها كتاب نيل األرب في مثلثات العرب وهي مزدوجات ضمنها األلفاظ المثلثة الحركات المختلفة المعاني كمثلثات

قطرب. وهذا التأليف طبع في مصر وقد نقله إلى اإليطالية المستشرق األديب المرحوم أريك فيتو قنصل

إيطالية في بيروت سابقا وطبعه في المطبعة األدبية.ومما يروى من شعره قوله:

رة ... تلقى إليها على الرغم يا طالب النصح خذ مني محبالمقاليد

عروسة من بنات الفكر قد كسبت ... مالحة وأما في الخدتوريد

كأنها وهي باألمثال ناطقة ... طير له في حميم القلبتغريد

احفظ لسانك من لغط ومن غلط ... كل البالد بهذا العضومرصود

وأحذر من الناس ال تركن إلى أحد ... فالخل في مثل هذاالعصر مفقود

بواطن الناس في هذا الدهر قد فسدت ... فالشر طبعأمم والخير تقليد

م( وقيل1846هـ )1262توفي الشيخ حسن قويدر سنة أنه في مرضه األخير وضع

(1/53)

تاريخ وفاته بهذه العبارة )رحمه الله علي حسن قويدر(مجموع حروفها سنة وفاته.

أما بال الشام فاشتهر من علمائها الشيخ محمد أمين بن وفيها1198عمر بن عبد العزيز كان مولده بدمشق سنة

( برز بين أدباء وطنه1736 - 1783 )1252توفي سنة وأخذ عنه علماء الشام وقد صنف في الفقه والتصوف نحو

خمسين كتابا. وأشهر منه في الشعر الشيخ أمين بن خالد آغا ابن عبد

الرزاق آغا الجندي ولد في حمص من أسرة شريفة سنة ( ونشأ بها في طلب العلوم ثم رحل إلى1766 )1180

دمشق فامتاز بين أقرانه وشهد له الشيخ عمر اليافي بالتقدم في الشعر. وقد نظم القصائد المفيدة والقدود

الفريدة وتفنن خصوصا في الموشحات والمواليات واألناشيد الموقعة على آالت الطرب وقد غلبت عليه

الغزليات. وكان سيال القلم طيب القريحة لم يمض عليه

يوما خاليا من نظم أو نثر يحرر في يوم ما يعجز عنه غيره فيشهر. وكان أهل زمانه يتزاحمون على مسامرته

ويتنافسون على مواصلته ويتغنون بأقواله. وكانت وفاته م( ودفن قريبا من1841هـ )1257في حمص سنة

الجامع الخالدي. وله ديوان طبع قسما منه بالمطبعة ثم طبعه سنة1870السليمية األديب سليم المدور سنة

أصحاب المكتبة العمومية وأضافوا إليه قسما آخر1883 لم ينشر بالطبع. ومنذ عهد قريب تولى نشر ديوان الجندي

بتمامه األديب محمد أفندي كمال بكداش في مطبعة صفحة ولشهرة450المعارف وهذه الطبعة ال تقل عن

هذا الديوان نكتف بذكر بعض. مقاطيع قليلة منه تدل على أساليب ناظمه فمن ذلك قوله من الرجز يصف فيه الربيع

في ربوة دمشق:ذا الربوة من دمشق ... بالفضل حازت قصبات يا حب

السبقكم أطلعت بها يد الربيع ... من كل معنى زائد بديع

وفتح الورد الكفوف إذ دعا ... داعي الصباح للهنا ورجعاند والشميم وفككت أنامل النسيم ... أزرار زهر الر

وسقطت خواتم األزهار ... من فنن األغصان كالدراري وانتف سيف البرق في أوراق ... مذ شام خيل الريح في

سباقما بكت السماء بالغمام ... إال وصار الزهر في ابتسام ومن محاسن شعره قوله ومخمسا ألبيات عرضها عليه

عبد الله بك العظم في خصام النرجس والورد:(1/54)

قال لي النرجس حرض ... لقتال الورد وادحضقلت هذا قول مبغض ... أيها النرجس اعرض

ية لن تنال األفضل عد إلى الجق سريعا ... ولقولي كن سميعا

وأنت للورد مطيعا ... وسل الزهر جميعاعن معانيك الرديئة

قد جهلت األمر قدما ... وادعيت الحسن ظلمافيمن أوالك حلما ... ال تكن للورد خصما

ه فهو مرفوع المزبكنت قبل العجب آمن ... وبظل الروض كامن

كت ساكن ... أنت رب السيف لكن فإذا حرة شوكة الورد قوي

ومن قوله في هجوم قوم: وقوم غض طرف الدهر عنهم ... فآذوا كل ذي عرض

وعادوا وفي ظلمات ظلم حق ساروا ... فسادوا عندما ظهر

الفسادا ... مخافة أن تذمهم العباد وإن قالوا سنرجع حيث كن

وإن طلبوا رجوعهم عنادا ... فما صدقوا ولو ردوا لعادواومن مديحه قوله في وزير من قصيدة طويلة:

رفيع مقام شامخ العز ضيغم ... غياث مغيث من ظلوم إذااعتدى

يلوذ به الجاني فيبلغ مأمنا ... ولو كان أهل الخافقين لهعدى

ومن أمه من فاقة عاد مثريا ... وبرجع بعد الذل والفقرمسعدا

إذا الدهر يوما جار في حكمه بنا ... على الدهر أرسلناهسهما مسددا

فتى جمع الدنيا مع الدين والحجى ... مع الحزم والراي

السديد مع الهدى فأضحى ألرباب الحوائج كعبة ... وكهفا لمن يأوي إليه

وموردا لعمرك هذا المجد والحسب الذي ... سما فوق أركان

ة مصعدا المجر سنغدو لنا للعز دارا وللورى ... بحضرته باب المراد

ومقصدا ويبقى لسان الحال فيه مؤرخا ... لك الحمد يا ذا الجود وال

زال سرمدا مؤرخا وفاة والسيد نجل1256( وقال سنة 1262)

الكيالني:في جنة الفردوس حل كأنه ... بدر ولكن نوره ال يحجب

قد صاد كل المكرمات وكيف ال ... يصطادها وأبوه بازأشهب

بوفاته. التاريخ أنبأ قائال ... هذا النجيب وليس منه أنجب(1256)

(1/55)

وقد اشتهر في هذا الطور الثاني غير الذين ذكرناهم من أدباء المسلمين ال سيما في العراق وحلب إال إن أخبارهم قليلة متضعضعة ولعل بعض القراء يرشدونا إليها فيحيوا ذكر أولئك األفاضل الذين درست آثارهم مع قرب عهدنا

منا.

مشاهير النصارى في هذا الطور أما أدباء النصارى الذين عرفوا في تلك المدة بخدمة اآلداب العربية فها نحن نذكر من اتصلت به معرفتنا

القاصرة مع الرجاء بأن يزيدنا أهل الفضل فيهم علماويسدوا ما يجدون من الخلل.

استحق الذكر بآدابه وشعره في الطور الذي نحن في صدده نصر الله الطربلسي وهو ابن فتح الله بن بسارة

وكان من أسرة1770الطرابلسي ولد في حلب سنة كريمة من طائفة الروم الكاثوليك. ولما انتقل أبوه إلى

طرابلس عرف بالطرابلسي وكان عريقا في الدين تحمل في سبيل إيمانه محنا عديدة فنشأ ابنه على مثاله تقيا

ورعا وكان مع ذلك متوقد الذهن محبا للعلوم ودرس اللغات فتعلم منها التركية والفرنسوية وكان مبرزا في

اآلداب العربية مطلعا على فنونها يحسن فيها الكتابة وينظم الشعر الحسن. وقد أبقى من نظمه مآثر عديدة

أكثرها متفرق لو جمعت حصل منها ديوان كامل. وسكن نصر الله الشهباء زمنا طويال ومدح وجوه أهلها مسلمين

ونصارى ال سيما نقيبها محمد الجابري وقد أثبت المشرق ( قصيدته فيه ومدح كذلك الشيخ هاشم400( :1900 )3)

أفندي الكالسي فقال يخاطبه: لما سمعت مسلسال عن سادة ... إن الفصاحة كلها في

هاشم يممت ناديه وألقيت العصا ... ورجوت يقبلني ولو كالخادم

إن جاد لي باالرتضاء فبفضله ... أو لم يجد فلسوء حظ الناظم

فأجابه الشيخ جوابا لطيفا فكتب إليه: نسيم لطفك صابني بألوكة ... صيب المحب إلى محب

قادم فبمثله أهال وسهال مرحبا ... بمسامر ومنادم ال خادم

وكذلك كان الطرابلسي يتردد على عبد الله الدالل ويجتمععنده بأدباء زمانه

(1/56)

وقد في أحدهم فتح الله المراش يشكر له جميل أياديه هذا مطلعها:1821ويهنئه بعقد زواجه سنة

يا للهوى ما للعذول وما لي ... أنا قد رضيت بكافة األحوالومنها في المدح:

الندبا عبد الله فخر أوانه ... نسل األماجد من بني الداللفهو الذي يشري الثناء بماله ... ويزين األقوال باألفعال وهو الذي لم يخل قط زمانه ... من غوث ملهوف وبذل

نوالوختمها بهذا التاريخ:

وأسلم بتاريخي ودمت بمنه ... متمتعا باللطف واإلقبال وممن مدحهم في حلب القنصل الفرنسوي يوسف لويس

روسو وكان محبا لآلداب الشرقية )أطلب المشرق ( وبإيعازه نظم الطرابلسي تهنئة لنابوليون400 و398:3

فقال1811األول بمواد نجله الذي دعاه ملك رومية سنة (399:3في قصيدته التي أولها )المشرق

مت في دوحها األطيار ت األقطار ... وترن ورد البشير فسر ومن حسن نظمه أبياته في شهداء الكثلكة في حلب سنة

( فقال:664:10 و402:3 )المشرق 1818 دع العين مني تذرف الدمع عندما ... فحق لهذا الخطب

أن تسكب الدما وفيها أبيات صادرة عن قلب طافح حبا متفطر حزنا. وفي

تحامل على الطرابلسي أعداؤه فأحب1828السنة الخروج من وطنه ورحل إلى مصر فلقي الحظوى عند بني

البحري من أعيان طائفته وكانوا متقدمين في الدواوين فخدمهم وتقرب بواسطتهم في المناصب وقد مرت لنا

( وتوصل بهم إلى405 - 403:3أقواله فيهم )المشرق

محمد على باشا خديوي مصر فمدحه ونال من إحسانه. وشعره1840وكانت وفاة الطرابلسي نحو السنة

منسجم بليغ المعاني كثير التفنن أوردنا منه ما أوقفنا عليه -406:3بعض أدباء الشهباء في أغراض شتى )المشرق

( ومما وجدنا له بعد ذلك مراسالت شعر ونثر دارت408 بينه وبين شاعر عصره بطرس كرامة فقال هذا في

مدحه:(1/57)

نشأت بنصر الله روح صبابة ... وأبى الفؤاد لغيرها أنيذكرا

فرع لفتح الله أينع مخصبا ... بحديقة اآلداب شب وأثمرا فإليك يعزى الفضل يا من الح لي ... منه الوداد ولن يراني

مبصراذا ... م الشهباء نصر الله فيها قد قربا لدار كنت فيها وحب

سرى فأجابه نصر الله الطرابلسي من قصيدة ذكر فيها

طرابلس بلده وكان بطرس كرامة حينئذ ساكنا فيها:ه ... سحا وتهتانا يرى فسقى طرابلس السحاب ولي

متفجرا بلد كأن الدهر عاندني بها ... فاستاق أهلي قبل أن أطأ

الثرى لو فاخرت كل البالد بأن في ... ها بطرسا لكفى بذلك

مفخراد ... س المجيد األلمعي األوحد الندب الفريد األمجد السن

األنوراإلى أن ختمها بقوله:

واسلم ودم بمهابة وكرامة ... يا موردا لم أرض عنهمصدرا

ما سارت الركبان تقطع فدفدا ... من عاشق ولهان تهدياألسطرا

وله أيضا من قصيدة أخرى في مدحه وذكر بعض رسائله:فتنا بكتاب منك قد بزغت ... أنواره فهدينا واقتبسناها شر

رسالة أرسلت للقلب تحفظه ... فما له ضاع مني عندمسراها

فيا لها دررا من يمكم قذفت ... سفن العلوم فبلسم اللهمجراها

وصرت ألثمها شوقا وأنشدها ... توقا لمن ببديع النظموشآها

إن أسعد الله عيني ساعة ورأت ... محياكم وجلت بالنورمرآها

غفرت الدهر ما أبداه من نكد ... ونلت من واردات العمرأهناها

وكتب له أيضا:لقد حكم الزمان علي حتى ... أراني في هواك كما تراني وإن بعدت ديارك عن دياري ... فشخصك ليس يبرح عن

عينايلقد أمكنت حبك من فؤادي ... مكانا ليس يعرفه جناني

كانت قد ختمت على ضميري ... فغيرك ال يمر علىلساني

ونلحق هنا بذكر نصر الطرابلسي صديقه بطرس كرامة الذي لعب في ترقي اآلداب العربية دورا مهما قبل أواسط

القرن التاسع عشر. وهو بطرس بن إبراهيم كرامة الحمصي من أعيان حمص وكان أهله من الروم الملكيين يدينون بالدين الكاثوليكي وهو متحمسون فيه. وكان عمه

ارميا كرامة من الرهبان الشويريين ثم

(1/58)

سقف على1763انتقل إلى الرهبنة المخلصية. وفي سنة قالية دمشق فعرف بمطران دمشق وقاسى محنا عديدة

في دير1795من قبل المنفصلين إلى أن توفى سنة المخلص. وكان عالما غيورا على إيمانه وله مصنفات

دينية. أما بطرس كرامة ابن أخيه فولد في حمص سنة وفيها نشأ وتأدب وله في مديح أعيانها أقوال حسنة1774

كقوله في الشيخ عبد الرحمن الكزبري:ذا حمص التي ... ضاءت بأعظم نير يا حب

قد أشرق البدر بها ... وبشمس فضل الكزبريوقال مرتجال في الشيخ أمين الجندي الذي مر لنا ذكره:لله نعم مهذب باهت به ... حمص ونور الفضل عنه يبينال غرو إذا فاق البديع أنه ... شهم على درر البديع أمين

ثم قويت شوكة أعداء الملكيين فألحقوا بالكاثوليك ضروب األذى فاضطر بطرس أن يهجر حمص مع والده متوجهين

إلى عكار. وقصد بطرس علي باشا األسعد حاكم تلك البالد وامتدحه بالقصائد الحسنة فأجازه ورغب فيه لبراعته

ودرايته وحسن أدبه وخطه فاستخدمه في ديوانه ورفع منزلته ورتب له ما يقوم. بكفايته فأقام في خدمته نحو

خمس سنوات ثم ذهب إلى لبنان واستوطن الجبل. وأتصل بطرس بنقوال الترك شاعر األمير بشير فقربه من

وحظي بطرس عند األمير الشهابي لما1813مواله سنة رآه فيه من العلم وجودة للعقل وفصاحة اللسان مع

معرفته للغة التركية فعهد إليه بتهذيب ولده األمير أمين واتخذه كاتبا لألمور األجنبية لجودة إنشائه. ثم جعله األمير

بشير معتمدا من قبله في التوجه إلى عكا فقام بأوامر سيده أحسن قيام وحصل عنده ماال كثيرا وجاها وافرا

وكان األمير يحبه ويثق به في جميع أعماله ويعتمد عليه في مهمات أشغاله وال ينتهي أمرا إال برأيه. ثم سلمه

األمير تنظيم خزينة الحكومة فوضع لها قوانين استحسنها الشهابي وأمر بإجرائها ثم رفع منزلته وعمله كتخداه فصارت أمور لبنان كلها في يده يدبرها أحسن تدبير. فوقعت هيبته في القلوب وعظمت حرمته وانتشرت

شهرته وعلت كلمته وابتنى دارا كبير في دير القمر واقتنى أمالكا واسعة وكان قد سافر بمعية األمير بشير إلى الديار

المصرية واجتمع بفضالئها وعلمائها وله معهم مفاوضاتومباحثات يطول شرحها. ثم رجع إلى بيت الدين وبقي

(1/59)

في خدمة األمير إلى أن خرج األمير بشير من بالد سورية فسافر معه إلى مالطة ثم إلى اآلستانة العلية1840سنة

ونال من االلتفات وعلو المقام لدى رجال الدولة ما لم يزل مشهورا. ثم عين ترجمانا للمابين الهمايوني فأظهر من البراعة ما أكسبه ثقة الجميع. وبقي في تميم أعباء

( وله1851وظيفته إلى سنة وفاته في اآلستانة العلية ) مع أكابر رجالها مساجالت لطيفة وكان بليغ الكالم. وقد

أرخ وفاته الشيخ ناصيف اليازجي فقال: مضى من كان أذكى من أيلس ... بحكمته وأشهر من

زهيرفقل يا ابن الكرامة قر عينا ... لبطرس أرخوه ختام خير

ولبطرس كرامة مكاتبات ورسائل غير مطبوعة. وله ديوان في1898شعر كبير طبعه األديب سليم بك ناصيف سنة

المطبعة األدبية وقد وجدنا لهذا الشاعر آثار أخرى في بيت حفيده الفاضل. منها مساجالته مع أدباء اآلستانة

ومنظوماته في العاصمة وبعضها لم يطبع في ديوانه. وشعر بطرس كرامة أضبط وأطبع من شعر آل عصره

تراه يتصرف في المعاني ويخرجها على أبدع طريقة فمنقوله في الوصف ذكره لباقة زهر أهداه إياها األمير بشير:وباقة زهر من ميلك منحنها ... معطرة األرواح مثل ثنائه

فأبيضها يحكي جميع خصاله ... وأصفرها يحكي نضارعطائه

وأزرقها عين تشاهد فضله ... وأحمرها يحكي دماء عدائه وله تخميس وتشطير على هذه األبيات. ومما لن نجده في ديوانه قصيدة قالها مستغفرا غما فرط منه ومناقشا أهلة القريض وشفاء المادة في آرائهم الفاسدة وسماها )در

المريض( أولها: نأي الوجد عن قلبي وأعيت بالبله ... وبانت لبانات الهوى

وبالبلهوهي طويلة تختار منها أحسن أبياتها:

أال أندب زمانا قد صرفت بكوره ... خالال وقد مرت سفاهاأصائله

فكم خضت بحر المعصيات مفاخرا ... وقصرت رجال عنثواب تقابله

فيا من وعدت التائبين برحمة ... وعفو وإن ذنب تطاولطائله

أال أغفر لعبد أثخنه مآثم ... ومن جملة األوزار قد كلكاهله

فإن كان ذنبي قد تعاظم جرمه ... فعفوك بحر ليس يدركساحله

(1/60)

ومنها في الرد على أهل الكفر: فيا ويح قوم قد عصوك واركنوا ... إلى الكفر فانصبت

عليهم غوائله فإن أثبتوا فعل الطباع ببعضها ... فمبدأ هذا الفعل من هو

فاعله ويلزم من هذا دوام تسلسل ... وهذا محال ال تصح

مسائلهر األقمار في درجاتها ... على دوران ال تخل فمن سي

منازله فإن كان جذبا مثلما قدروا فمن ... ترى أوجد الجذب الذي

هو كافله فيا ملحدا أمسى على الله منكرا ... فإن وجود الله صحت

دالئله فمن أبدع الكون البديع نظامه ... ومن ذا على ترتيبه

الدهر شامله فإن قلت إن الكائنات تمدها ... فقد لزم الدور الذي شاع

باطله فويلك من إنشاء العناصر أوال ... وصيرها في مركز ال

يزايله وإن قلت أجزاء قديم وجودها ... تحركها بالطبع كانت

تعامله فوافق وقتا إنها قد تألقت ... على هيأة منها نشا الكون

كامله فما هذه األجزاء هل بإرادة ... تحركها أم جاء بالقسر

عامله فإن كان قسرا فهي تحتاج موجودا ... يقيم بها فعال سريا

تفاعله وإن كان عن قصد أتى فهي ربكم ... تقاسمه عالي

الوجود وسافله

فما قلتموه باطل وكالمكم ... محال ومهزول النتيجةحاصله

ه عن ضد وند يماثله فيا واحدا يا قادرا يا مهينا ... تنزة ... وحسن ختام ارتجيه وآمله فهبني عفوا من لدنك ومن وله تاريخ لوفاة األمير بشير حفر على ضريحه في كنيسة

( :1904 )7األرمن الكاثوليك أثبتناه في المشرق: ) )2( . ومما روينا أيضا لبطرس كرامة في مجلتنا )1762 ( . مناظرة فكاهية بين نار جلية1117 - 1116( : )1899

وماسورة: ومن مديحه الذي لم يذكر في الديوان قولهيثني على البطريرك الجليل مكسيموس مظلوم:

ا عاطر الزهر حر ... جاءت بري قم للهناء فنسمة السواغنم العيش المني مطربا ... عين السرور المشرق األثر

وأرشف كؤوس الصفو من زمن ... راقت مشاربه منالكدر

ودع النسيب وكن على عزل ... بمديح بدر السادة الغرر مكسيموس الحبر المقدس من ... أضحى طهور القول

والفكرالبطريرك المرتقي شرفا ... بفضائل يشرقن كالقمر(1/61)

باتت على أمن زعيته ... ولطالما باتت على حذرهو غوث ذي فقر وذي نعم ... بذال ورشدا غير منحصر

بشرى لنا آل الكنيسة قد ... نلنا به مجدا على وزريا بدر علم ضاء مشتهرا ... شرقا وغربا أي مشتهر

أوضحت من نهج الهدى غررا ... الناس كانت قبل في غررورفعت شعبا كان منخفضا ... ما بين ناب الليث والظفرفاسلم لنا مولى وخير أب ... يرعى البنين بصادق النظر

ومما جاء في التهاني قوله في األمير عبد الله الشهابي )لم تذكر في ديوانه( :1835حفيد األمير بشير سنة

يا سيد العدل واإلحسان زد شرفا ... قد زادك الله إنعاماوتأييدا

ا والعلياء توليدا لك الهنا بحفيد كان مولده ... السعد عز فال يزال هو الصمود سؤدده ... مدى الزمان سعيد الدهر

مسعودا وال تزال لك األيام ضاحكة ... والعيش رغدا وطيب العمر

ممدوداوقال في فضائل الصيد )وليست هي في ديوانه( :

للسيد فضل في ثمان فوائد ... من بعدها عشر تزيد تشيدأساسه

ساران هم ثم ترك بطالة ... وفصاحة التعبير ثم سياسهونزاهة ولذاذة ونشاطة ... ويقاظة ونباهة وحماسة

ورياضة األجسام ثم طالقة ... م األبصار حالوة وفراسةوصيانة ثم اكتساب معيشة ... والعلم بالطرقات ثم رئاسة ومما لم نجده أيضا في ديوانه قوله في صفر كان قد فقد

ثم رجع: تألأل البشر وانجلت الغياهب ... وحل األنس في من كان

غائبورد الله ضائعنا علينا ... وأوالنا بذا نعم المواهب

وجاء الصقر المفقود منا ... يرفرف بالغنائم والمكاسبفكم طينا بعودته قلوبا ... وبتنا في الحديث له نعاتب

ا ... لعلك كنت أنت منا هارب وأنشدناه ما لك غبت عنفرد مجاوبا ردا جميال ... معاذ الله لي من ذي الشوائب

وحاشا أن أخون العهد يوما ... ولي مولى جليل القدرصاحب

ولكن قد شعرت بنعم صقر ... أعز اآلل مني واألقارب

أتى ضيفا جديدا في حمانا ... نزيال والنزيل قراه واجبفسرت لملتقاه وجئت معه ... أمينا مطمئن القلب طئب

(1/62)

لكني قد قضيت بذا هموما ... وكم قاسيت فيه من متاعبوكم شاهدت أهواال ثقاال ... وأحواال رأيت بها العجائب

وكم كابدت في سفري عناء ... وكم فيه دهتني منمصائب

وكم لي وقعة مع كل حر ... وكم القيت شاهينا محاربوكم صادفت فيه من عقاب ... شديد البأس قناص معاقب

وكم من كاسر من كل طير ... تعمدني وجاء علي واثبهناك أبنت بطشي واقتداري ... وأبديت العجائب والغرائب

دت األظافر من اكف ... مظفرة وانشبت المخالب وجروبت بكل ذي جنحين أسطو ... وأقهر كل خطاف مضارب

فكم شقت منهم في الفيافي ... وكم بددت منهم فيالسباسب

وكم غادرتهم في الجو فوضى ... وكم أفنيت منهم فيالشعائب

ولم أنفك أسقيهم كؤوسا ... أجرعهم بها مر المشارب ولم أترك بهم إال فراخا ... يتامى في العشوش غدت

نوادبفمثلي من يخوض وغي المايا ... ويغزو هكذا ويعود غالب

أنا المجلوب من كرم ولكن ... بعون الله األحرار جالبخ جاء بعد العز كاسب وا سيدي بي في مقال ... يؤر فهن وقال لما دخل اآلستانة العلية مع األمير بشير يمدح دار

السعادة: منذ جئت إسلمبول شمت محاسنا ... دعت المحاسن

كلهن إلى الورا فملوكها شرف الملوك وربعها ... خير الربوع وأهلها نعم

الورى ولوال خوف اإلطالة لروينا غير هذا من قصائده التي تطبع في ديوانه. فاكتفينا بما سبق. ويحسن بنا القول في ختام

كالمنا عن بطرس كرامة إن أدباء عصره عرفوا فضله وأقروا به إال البعض منهم. ولما قال قصيدته الخالية

الشهيرة التي التزم أن تكون قافيتها في جميع أبياتهالفظة )الخال( في معانيها المختلفة وأولها:

أمن خدها الوردي أفتنك الخال ... فسح من األجفانمدمعك الخال

أعجب بها كثيرون وأثنوا على قائلها. وعارضها الشيخ عبد الباقي العمري الموصلي بقصيدة كتبها في بغداد يمدح

فيها داود باشا هذا مطلعها: إلى الروم أصبو كلما أومض الخال ... فأسكب دمعا دون

تسكابه الخال وغيرهم خمسوها كالشيخ إبراهيم يحيى العاملي والشيخ

بن شريف المشهدي(1/63)

( . لكن360 - 351وتخميسها في ديوان كرامة )ص الشيخ صالح التميمي لم يستحسنها وكتب في تزييفها

قصيدته التي أولها: عهدناك تعفو عن مسيء تعذرا ... أال فاعفنا عن رد شعر

تنصرا فاستاء من ذلك األدباء وكتب الشيخ رشيد الدحداح في

قمطرة الطوامير انتقادا مطوال على صاحبها. وأجاب عليها

بطرس كرامة بقصيدة من البحر والروي أولها: لكن امرئ شأن تبارك من رأى ... وخص بما قد شاء كال

من الورى وقد وقفنا على قصيدة للسيد عبد الجليل البصري حكم

فيها بين الشاعرين فقال قصيدته التي افتتحها بقوله: حكمت وحكمي الحق ناء عن المرا ... بأن التميمي األديب

را تعثرا بذم قواف في تمام جناسها ... وذلك نوع في البديع تقر

ومنها في مدح بعض شعراء العرب: وقد قام من أهل الكنابين زمرة ... جنوا من رياض الشعر

ما كان مزهرافمن كان عباد يجاري مهلهال ... وكان مسيحيا تقدم يشكرا

وكاألخطل المعرف شاعر تغلب ... يسوق به القسيسفي الدير كالفرا

ومنها في مدح بطرس كرامة: كما شاع حر الشعر في بيت بطرس ... وفي نجله بين

المدارين والقرى فصيح رقى أوج البالغة يافعا ... فأشاره حلى بها ربع

قيصرا ألفكاره غر القوافي قريبة ... وعن غيره بعد الثريا من

الثرى أتى منه نظم هد حجة صالح ... وإن كان في المنظوم

قدما تصدرا وقد كان لي من صالح خير صحبة ... وعند أتباع الحق ما

زلت اجدرا لكل تراني قد قضيت بحقه ... وأسأل بارينا الهدى

والتبصرا وقد مدح صاحب الترجمة قوم من أدباء زمانه كنصر الله

الطرابلسي الذي سبق شيء من قوله. وكنقوال الترك

وفي ديوانه عدة قصائد يطرأ فيها محامد بطرس كرامة فيجيبه هذا بأقوال مستطرقة تجدها في مجموع نظمه

( .128 - 109)ص وممن مدحه أيضا عبد الحميد البغدادي الشهير بابن

الصباغ فكتب إليه رسالة أولها:(1/64)

تبسم الزهر عن أنفاسكم فسرى ... من طيب ذكركمفنشر فأحيانا

فمن هناك عشقناكم ولم نركم ... واألذن تعشق قبلأحيانا

فأجابه بطرس كرامة بكتاب افتتحه بقوله:عشقتكم من قول لقياكم ... وكل معشوق بما يوصف

كالشمس ال تدركها مقلة ... لكنها من نورها تعرف وكذلك مدحه رزق الله حسون الحلبي وسنذكر قوله في

ترجمته. وأشهر منه الشيخ ناصيف اليازجي فإن ديوانه الذي طبع ألول مرة في بيروت مصدر بقصيدة في مدح

كرامة يقول فيها:رجل وماذا وصفه وكفى به ... رجل له المفهوم والمنطوقحسن المعاني والبيان كالمه ... جزل ومعناه الرقيق دقيق

ومنها:يا بطرس الشهم الكريم مكانه ... وبنانه ولسانه المنطيق

أنت الكرامة وأبها وأب لها ... نسب كريم في الكرامعريق

وله أيضا يعزيه بولديه وهو رثاء بليغ أوله:أجمل الله في فؤادك صبرا ... وجزى منه وأعظم أجرا

ومنها:

لو يفيد البكاء والنوح شيئا ... ألقامت خنساء قبلك صخرا يطمع المرء في الحياة طويال ... وهو في الموت أو عن

الموت فتراة شهرا وحياة الدنيا تسمى حياة ... مثلما تحسب المعر

هكذا الناس طائر إثر كلب ... كل عين بدمعة البين شكوى يا طريق البقا إذا كنت خيرا ... فلك الفضل كلما زدت

قصراوحياة الدنيا طريق األخر ... ى فخذ زادها الذي هو أمرى وممن اشتهروا في هذا الطور الثاني أديب عاجلته المنية

فقصفت غصن حياته النضير وهو أحد نصارى صيداء جرجس بن يوسف بن الياس آبيال الذي رويناه شيئا من

( وكان هذا265 - 293( : 1903 )6شعره تفي المشرق ) الشاب مكفوفا وهو شديد الذكاء والنباهة يقول الشعر عن

وهو في الربيع السابع1849سليقة وكانت وفاته سنة عشر من عمره فأرخه بطرس كرامة بقوله:

بني آلبيال بذا اللحد قد ثوى ... بصير ذكي شاعر متفرس(1/65)

ة الخلد ولما قضى نودي تنعم مؤرخا ... ونل فرحا في جنجرجس

وكان جرجس آبيال مع صغر سنه يكاتب أدباء عصره فكاتب إبراهيم بك ابن بطرس كرامة فقال: فيه ولعل

هذه األبيات ألخوة رفول:ى ... بفضلك فقت والدك لقد أحييت فضل أبيك حت

الحكيما أبوك لقد بنى لك بيت مجد ... وزدت بمجدك المجد

القديما

وكاتب الشيخ ناصيف اليازجي فمدحه بقصيدة لم نعرفغير مطلعها:

بحور الهوى قد أغرقت كل سابح ... وقصر في ميدانه كلراجح

فكان جواب الشيخ بقصيدة قال فيها قال فيها مثنيا علىالشاعر الحدث:

هويت الذي أعطى النجوم فؤاده ... فأعطته منها سانحابعد بارح

تيمنت باسم الخضر فيه وطالما ... ترى المرء ال يخلواسمه من لوائح

وجدت به بل منه متعة سامع ... ويا حبذا لو نلت رؤيةالمح

به حسدت عيناي أذني وربما ... تخصص باإلقبال بعضالجوارح

ومن حسن أقوال جرجس آبيال قصيدة مدح بها السيد عبدالله الجابري منها:

دعيت بعبد الله أنك سيد ... وبالجابري األلمعي لتجبرا وأصبح ذو فضل بحبك عائما ... وأضحى بك الشاني

الظلوم مكدراقى والجد والمجد والهدى ... عن الجد حتى حويت الت

طبت فرعا وعنصراوله من قصيدة مدح فيها الشيخ يوسف األسير:

فيوسف يدعى باألسير ألنه ... يسير إليه العلم في غايةاألسر

فهيم كريم فاضل متأدب ... قد استوجب المدح الجزيلمع الشكر

قد استوجب العز الرفيع مع الثنا ... لكثرة ما فيه منالشيم الغر

وكان لجرجس آبيال أخ أكبر منه يدعى رفول وكان أيضا

مكفوفا كشقيقه ويشبهه في توقد ذهنه وفصاحة لسانه لكنه عاش دهرا بعده وكان يقول مثله الشعر وقد

عارضهما أهل زمانهما بأبي العالء المعري فقيل انهما حكياه في أدبه كما حكياه بفقد بصره. وتأدب على رفول

بعض األدباء فاشتهروا بعده بالكتابة منهم فقيد األدب نقوال بك توما المحامي الشهير المتوفى في مصر السنة

. ومن شعر رفول أبيات نجت من أيدي الضياع1908 ( منها قصيدة261( : 1903 )6أثبتناها في المشرق )

قالها في أحد األدباء أولها:(1/66)

جوا في يا نسيم الصبح خذ عني السالم ... نحو قوم هيهيام

ومن أقواله في الشوق إلى بعض األحباب:أخبر األحباب عني أنني ... بعد بعدي عنهم ذقت الندم

طيفهم أن بعدوا عن مقلتي ... لم يفارقها دواما وهي لم.. فعسى أحظى برؤياهم وبي ... رمق كي أشفى من ذا

األلموعلى الله اتكالي فالذي ... يخلص اآلمال فيه لم يضم

وفي هذا العهد كان أيضا الشماس حنا الماروني المعروف بالقزي وزي وكان يقول الشعر الحسن بالمواضيع الدينية

لكن أكثره قد فقد. ومما سلم منه تخميسه لقصيدة الطيب الذكر المطران جرمانوس فرحات في مريم

العذراء وقد عثرنا على نسختين من هذا التخميسإحداهما عند الرهبان الموارنة البلديين قال في مطلعه:كل النبيين الذين تقدموا ... في مدح سيدة األنام تكلموافلذا يناديها الفؤاد المغرم ... لو كان لألفالك نطق أو فم

موا بمديحك يا مريم لترن وفي هذا الزمان عينه كان في األستانة شاعر آخر من

طائفة السريان الكاثوليك اسمه فيليب باسيل بناء وكان أصله من حلب واستوطن دار السلطنة وعرف بأدبه

وحسن نظمه فمن ذلك عدة قصائد قالها ولم يبق منها إال ثلث طبعت في برساو من حواضر ألمانية مع ترجمتها إلى

الواحدة منها قالها في السلطان1844األلمانية سنة الغازي عبد المجيد. والثانية مدح فيها البرنس دي جوانفيل وكان أظهر مروءة عظيمة في حريق بليت به بعض أحياء استنبول. وقال الثالثة في مدح غليوم الرابع ملك بروسيا.

أما سنة وفاته فمجهولة. وكذلك نجهل تاريخ شاعر آخر مدحه نيقوال الترك وهو

نيقوال النحاس نكتفي بتدوين اسمه رجاء أن يستدل أحدالقراء على مآثره.

وممن نختم بذكره هؤالء الكتبة والشعراء لهمته وخدمته لآلداب الدينية بطريرك الملة السريانية أغناطيوس بطرس

جروه اشتغل بتعريب عدة تآليف دينية أخصها مختصر الالهوت النظري واألدبي لتوما دي شرم وكتاب الحياة

اإللهية لألب نيرمبرغ اليسوعي ولدينا منه كتاب مواعظ وكتب ترجمة عمه البطريرك ميخائيل جروه أول بطاركة

السريان الكاثوليك بعد انفصالهم النهائي عن اليعاقبة في1861وكانت وفاته سنة

(1/67)

وعارضه في هذه التعريبات معاصره ووطنيه1 ت12 السيد إبراهيم كوبلي مطران األرمن في حلب فعرب

)9كتاب الحق القانوني وبعض التآليف الروحية )المشرق

شهيد محبته في1831( كانت وفاته سنة 420( : 1906خدمة رعيته.

دعنا اآلن ننتقل إلى ذكر شيء من الحركة العلمية التي استجدت في هذا الطور بين األوربيين فحملتهم على

طلب اآلداب العربية وإحراز فوائدها. ومن أقوى البواعث التي ساعدت علماء أوربا على بلوغ هذه الغاية تشكيل

جمعيات علمية آسيوية يعقد أصحابها جلسات قانونية وينشرون األبحاث المختلفة في كل فروع العلوم

الشرقية. وكانت الجمعية اآلسيوية الفرنسوية تتقدم ما سواها في هذا السباق الشريف فبلغت في ذلك الطور الثاني مقاما عاليا كما تشهد عليه منشوراتها المتعددة. وكذلك الجمعية اآلسيوية اإلنكليزية تجاري شقيقتها في

همتها وإن كان نظرها منصرفا بالخصوص إلى الهند والشرق األقصى. ومما استؤنف من هذه الجمعيات

نشر مجلة1832اآلسيوية البنغالية التي باشرت سنة كالمجالت اآلسيوية األوربية وهي ال تزال إلى يومنا تواصل

أعمالها بنشاط. وفي هذا الزمان نشأت في ألمانية نهضة محمودة لدرس

العلوم الشرقية وال سيما العربية. فاجتمع قوم من( وغابلنتس )Ewaldأصحاب الجد والعمل أخصهم ايفلد )

V. D. Gabelentz( وكوسغرتن )Kosegartenوروديغر ) (Roediger( وجعلوا ينشرون مجلة لمعرفة الشرق )

Zeitesh f. d. Kunde d. Morgenlandesتجد فيها ) مقاالت عديدة في التاريخ واآلداب العربية. وما لبثت

جمعية أخرى أوسع نطاقا وأرقى علما إن ظهرت في ألمانية باسم الجمعية اآلسيوية األلمانية كان أول ظهورها

1847( سنة ZDMG ونشرت مجلتها )1845سنة فخدمت منذ ذاك الحين اآلداب الشرقية خدما ال تنسى

ومجموع هذه النشرة يعد اليوم كخزانة كتب واسعة

تحتوي طرفا جليلة من سائر فنون الشرق ومعارفه. وقد بيوبيلها الخمسيني1907احتفلت هذه الجمعية سنة

وناهيك بذلك شاهدا على ثباتها وترقي أعمالها: أما الذين اشتهروا بين المستشرقين بتآليفهم العربية فليس منهم

.Barons Sأحد نال فخرا كالعالمة البارون دي ساسي )de Sacy ( فإن هذا الرجل العظيم فضال

(1/68)

عن علمه العجيب بلغات الشرق بعث في قلوب آل عصره روح الغيرة والهمة فكان كمنار استضاء به طلبة

العلوم الشرقية في كل أنحاء البالد وكالقطب دارت حولهمساعيهم في استخراج كنوز آداب الشرق.

1758 أيلول سنة 11ولد دي ساسي في باريس في . ما كاد هذا يميط1838 شباط سنة 21وفيها توفي في

عنه التمائم حتى نبغ في المعارف وال سيما في درس اللغات ولم يكتف باأللسنة األوربية طلب لغات الشرق فأخذ منها شيئا من علماء زمانه منهم الراهب البندكتي

Dom Berthereanالشهير دون برترو ) ( فتعلم أوال العبرانية ثم السريانية والكلدانية والسامرية ثم العربية ثم

الفارسية والتركية وكان يعرف أكثر هذه اللغات معرفة جيدة كما يلوح من منشوراته وتآليفه لكنه كان يحكم آداب اللغتين العربية والفارسية حتى سبق في معرفتهما علماء

زمانه شرقا وغربا. ولو عددنا كل ما قام به هذا الهمام من المشروعات في تعزيز العلوم الشرقية من تعليم وكتابة وإنشاء مجالت وإدارة دوائر علمية وتنظيم مكاتب التسع

بنا الكالم كثيرا. وحسبنا أن نقول أنه نشر نيفا ومائتي تأليف في كل علوم الشرق ولغاته وكثير من هذه

المصنفات كبير الحجم واسع المادة فذكر منها غراماطيقية العربي في مجلدين كبيرين ومنتخباته العربية في ثالثة مجلدات وطرائفه اللغوية في مجلد كبير وتاريخه

لعرب الجاهلية وتعريف ديانة الدروز في مجلدين وأول طبعة لكتاب كليلة ودمنة ومقامات الحريري مع شروح

مستوفية بالعربية في مجلدين ورحلة عبد اللطيف البغدادي إلى مصر. فترى من هذه القائمة ما للبارون دي

ساسي من الفضل العميم وكان مع عمله كثير الدينحريصا على كل وصايا الكنيسة متبعا لتعاليمها.

ومات قبل دي ساسي رجل آخر حظي شهرة بمنشوراته عن علوم العرب الفلكية وهو جان جاك عمانوئيل سيديليو

(J. J. E. Sedillot ولد سنة )ودرس في مكتب1777 اللغات الشرقية ثم انقطع إلى درس النجوم فنقل إلى االفرنسية كتاب اآلالت الفلكية المسمى جامع المبادئ

والغايات ألبي الحسن علي المراكشي وتآليف شتى البن يونس وألبي الوفاء وكتب عدة مقاالت في تاريخ الشرق

. وسيأتي ذكر1833وعلومه الرياضية. كانت وفاته سنة ولده في محله.

وزاد عن سيديليو شهرة مستشرق إفرنسي آخر كوسان.J. J. Aدي برسفال )

(1/69)

Caussin de Perceval وتوفي1759( كان مولده سنة . تولى نظارة المخطوطات الشرقية في1835سنة

باريس وعلم اللغة العربية في مكتبها الملكي وألف كتبا عديدة في آداب العرب وتاريخهم منها المعلقات السبع

وكتاب الزيج الكبير الحاكمي ألبي الحسن على ابن يونس

الفلكي وكتاب الصور السماوية الشيخ عبد الرحمن الصوفي ونقل الكتابين إلى االفرنسية وطبع أيضا مقامات الحريري وأمثال لقمان وملحقا على كتاب ألف ليلة وليلة

في مجلدين وتاريخ صقلية في عهد اإلسالم للنويريوخلف ابنا اشتهر مثله في معرفة أحوال العرب سنذكره. ومن تالمذة دي ساسي الذين توفاهم الله في هذا الزمن

( كان درس اللغاتPierre Amedee Jaubertجوبار ) الشرقية في باريس ورافق نابوليون األول في رحلته إلى

مصر بصفة ترجمان ثم تجول في أنحاء أرمينية والعجم وكتب أخبار رحلته وعلم في عاصمة فرنسة اللغتين

التركية والفارسية وصنف فيها كتبا وكان يحسن العربية وهو الذي نقل جغرافية الشريف اإلدريسي )نزهة

المشتاق( إلى االفرنسية في مجلدين طبعا في باريس وترجم أيضا كتاب تاريخ غانة. توفي1840 - 1836سنة .1847سنة

.Jوممن تخرجوا أيضا على العالمة دي ساسي همبرت )Humbertكان مولده في جنيفة عاصمة سويسرة )

وفيها درس اللغات الشرقية بعد أن تلقنها في1792 باريس. وكان عالما باللغة العربية وله فيها بعض آثار

مشكورة منها منتخبات شعرية مع ترجمتها إلى االفرنسية وعدة كتب مدرسية لدرس العربية صنفها في الالتينية

واالفرنسية ومنها مقاالت انتقادية ونظرية في علوم.1851العرب ولغتهم. توفي همبرت سنة

وأزهر في هذا الزمان بعض المستشرقين األلمان منهم ( منE. E. M. Rosemullerأرسنت فردريك روزنمولر

وكان1835أساتذة اللغات الشرقية البارعين مات سنة . أخذ العلوم الدينية عن أبيه أحد زعماء1768مولده سنة

مذهب البروتستانت ثم درس في ليبسيك اللغات الشرقية ولما أتقنها صار أحد أساتذتها وله مطبوعات متعددة تدل

على براعته في معرفة اللغة العربية منها غراماطيق عربي في الالتينية ومنها مقتطفات في ثالثة أجزاء مع

ترجمتها إلى الالتينية وكذلك نقل إليها معلقة زهير وبعضمقامات

(1/70)

الحريري وطرفا من أمثال الميداني. ولكن معظم كتاباته كانت في تفسير األسفار المقدسة توفي في ليبسيك سنة

1835. توفي وطنيه الشهير1835وفي سنة وفاة روزنمولر

( ولد في برلين من أسرةH. G. Klaprothكالبروث ) وكان أبوه أحد علماء الطبيعة1783شريفة سنة

المعدودين وآثر ابنه درس اللغات الشرقية ورحل إلى روسية لهذه الغاية وتجول أقطار أوربة ثم عاد إلى وطنه

فقلدته الحكومة تدريس العلوم الشرقية فقام بمهنته أحسن قيام. وهو ممن سعوا في مقابلة لغات آسيا وبيان

( ولهAsia Polyglottaائتالفها فألف في ذلك كتابا كبيرا ) كتاب آخر في األصول السامية وقد صنف تآليف غيرها في

معظم لغات الشرق وفي تاريخ أممه وآدابها. وبرزخصوصا في اللغات التترية والكرجية.

( ولدC. M. Habichtواشتهر في زمانه المعلم هابخت ) جاء باريس في1839 وتوفي سنة 1775في برسلو سنة

عهد دي ساسي ودرس عليه وعلى األب رافائيل المصري اللغة العربية ثم عهد إليه بتدريسها في بلده وقد نشر

مجموعا من الرسائل العربية المكتوبة في مراكش ومصر والشام ونقلها إلى الالتينية ثم طبع نخبة من أمثال

الميداني وعلق عليها التعليقات الحسنة وهو أول من

1825سعى بطبع كتاب ألف ليلة وليلة فباشر به سنة وطبع منه ثمانية أجزاء قبل وفاته ثم أنجز الباقي منه

المعلم فليشر. ولها بخت ترجمة ألمانية لهذا الكتاب مع( وشال )V. d. Hagenعالمين آخرين من تالمذته هاغن )

Schall.وله أيضا عدة مقاالت في المجالت الشرقية ) ومن أفاضل المستشرقين األلمان الذين فقدهم العلم في

1786( ولد سنة H. W. Geseniusهذا الطور جزنيوس ) انقطع منذ صغره إلى درس اللغات1842ومات سنة

السامية فبرز فيها وصار في بالده إماما يقتدي بمثله ويؤخذ عنه. قيل إن عدد طلبة دروسه أربى في مدينة هال على األلف. وقد ترك آثارا جليلة في أكثر اللغات الشرقية

كالسريانية والكلدانية والفينيقية والحميرية والسامرية لكنه كان في العبرانية حجة وله المعجم الكبير في ثالثة مجلدات ال يزال العلماء يرجعون إليه وقد طبع الطبعات العديدة. وكان يحسن أيضا العربية كما يظهر من مقاالته في المعجمين السريانيين والعربيين لبر علي وبر بهلول

ومن رسالته في اللغة المالطية.(1/71)

.H. Eb. Gواشتهر في هذا الزمان كاتب آخر هو بولس )Paulusمن مستشرقي األلمان درس اللغات الشرقية )

في كلية توبنغ ثم في لندن وفي أكسفرد واشتهر في الدروس الكتابية وشرح األسفار المقدسة مع كونه لم

يعتقد بالوحي. وله من اآلثار كتاب مختصر بالالتينية في أصول العربية وسعى بطبع الترجمة العربية للكتب

المقدسة التي ألفها سعدي الفيومي في القرن التاسع ووفاته1761للميالد وعلق عليها شروحا. كان مولده سنة

.1850سنة .C. Mوعرف أيضا في هذا الطور األلماني فراهن )

Frhaen انتدبه قيصر روسيا1782( ولد في روستك سنة للتعليم في كلية قازان وكانت وفاته في بطرسبورج سنة

كان من كبار المستشرقين األلمان واشتهر1851 خصوصا في معرفة النقود الشرقية القديمة وله من

كتاب وقد نشر عدة صفات عربية200التآليف نيف و ونقلها إلى الالتينية أخضها رسالة ابن فضالن في روسية وأهلها نقلها إلى األلمانية وأضاف إليها ما وجده في كتب العرب عن قبائل روسية القديمة ومنها كتاب تحفة الدهر في عجائب البر والبحر لشمس الدين الدمشقي لم يتم

( ومنها مقالةMehrenفأنجزه بعد وفاته العالمة مهرن ) ابن الوردي في مصر أخذها من كتابه خريدة العجائب. وله

أيضا عدة مقاالت في النقود العربية.أما االنكليز فعرف منهم في هذا الزمان وليم مارسدن )

W. Marsden ثم1754( كان مواده في دوبلين سنة رحل إلى سوماترة وبقي فيها مدة ووضع تاريخها وكتب

في اللغة الماليزية واشتهر في كتاباته في النقود القديمة والنقود االسالمية وكان له مكتبة شرقية كثيرة

المخطوطات العربية أهداها إلى خزانة المتحف.1836البريطاني. كانت وفاته سنة

ولم يبلغ أحد في هولندة ما بلغه في هذه المدة األستاذ 1789( ولد في أمستردام سنة H. A. Hamakerهماكر )

( وتعلم بزمن قليل46وتخرج على المستشرق فلمت )ص اللغات السامية فضال عن سائر لغات أوربة وانتدبته

الحكومة إلى التدريس في كلية ليدن فعلم هناك العربية والسريانية والكلدانية وأحرز له شهرة قلما يبلغها العلماء

وأبقى آثارا عربية متعددة منها وصف المخطوطات العربية

في مكتبة ليدن ونشر قسما من تآليف بعض مشاهيرالعرب كالواقدي والمقريزي ورسالة ابن زيدون

(1/72)

وتاريخ أحمد بن طولون. واشتهر كثير من تالمذته. ويذكر البلجكيون بالفخر أحد مشاهير علمائهم اوجين جاكه

(Engene Jacquetالذي وقف حياته على درس لغات ) .1838 وتوفي سنة 1811الشرق وتواريخه ولد سنة

الفصل الخامس1870 إلى 1850اآلداب العربية من السنة

كانت حالة اآلداب العربية في هذا الطور الثالث كحالة الحدث الذي يدخل في شبابه ويشعر بقوته فيحول أفكاره إلى عالم العلم ومنتدى اآلداب وهو إلى ذلك الحد مشغول البال بشواغل أترابه األحداث ال يجد كبير نفع بأمور العقل

واألبحاث العلمية واالتساع في آداب اللغة وأساليبالكتابة.

أما ما امتاز به هذا الطور فإنشاء الجرائد في الشرق. والظاهر أن أول جريدة ظهرت في الممالك المحروسة

(Al. Blacqueإنما كانت في أزمير أنشأها المسيو بالك ) (Le Courrier Smyrne ودعاها ببريد أزمير )1825سنة

ثم استدعاه جاللة السلطان محمود الثاني إلى دار السعادة فأنشأ فيها جريدة افرنسية دعاها البشير

ثم عقبها1831( سنة Moniteur Ottomanالعثماني ) في السنة التالية بجريدة تركية تدعى )تقويمي وقائع( لكنه

. وأنشأ السائح اإلنكليزي1836مات بعد قليل سنة سماها1843( جريدة أخرى سنة Churchillشرشل )

)جريدئي حوادث( . أما الصحافة العربية فنشأت أوال في 1828مصر بطبع )الوقائع المصرية( التي صدرت سنة

على عهد محمد علي باشا فظهرت سنين عديدة. وكان ظهورها ثالث مرات في األسبوع. ثم توفرت الجرائد في

1851 )1268الممالك المحروسة حتى أن سالنامة سنة جريدة11( المطبوعة في دار السالم عدت منها 1852-

.Cfr في مصر 4 في أزمير و5في االستانة العلية وJourn. As. I( )852 p. 248اللغات في التركية

(1/73)

والفرنسوية واألرمنية واليونانية والعبرانية العربية. وفي أنشأ رزق الله حسون1854تشرين األول من السنة

الحلبي أول جريدة عربية في دار السعادة وسمها )مرآة 1857األحوال( ولعله باشر طبعه في لندن وخلفتها سنة

جريدة السلطنة لمحررها اسكندر أفندي شلهوب. أما سورية فكانت أول جرائدها )حديقة األخبار( أنشأها فقيد

خليل الخوري1907 سنة 1 ت26اآلداب المتوفى في 1858ظهر أول أعدادها في غرة كانون الثاني من السنة

ولم تزل في الوجود حتى وفاة منشئها فانطفأ سراج حياتها معه. وفي سنة إنشاء حديقة األخبار ظهرت في

مرسيلية جريدة )عطارد( كان يديرها المستشرق كرلتي )Carletti. )

وأنشئت في أثر تلك النشرات عدة جرائد أخصها )الرائد . وفي1860التونسي( وهي جريدة تونس الرسمية سنة

تموز منها أنشأ الشيخ أحمد فارس الشدياق في األستانة وفي ذلك1884جريدة الجوائب فبقي فيها إلى السنة

الوقت أيضا ظهرت في باريس جريدة البرجيس كان

يحررها سليمان الحرائري التونسي. وعقبها في دمشق . ثم وليها في مصر1865جريدة سورية الرسمية ظهرت

.1867جريدة وادي النيل سنة وفي تلك األثناء شرع المرسلون األمريكيون في بيروت بتحرير جريدة دينية دعوها )النشرة الشهرية( ثم أبدلوها

بالنشرة األسبوعية. فكان ذلك1870في غرة السنة داعيا لنشر جريدة كاثوليكية أنشأها اآلباء اليسوعيون في

السنة نفسها ودعوها )المجمع الفاتيكاني( ثم عقبها )البشير( في أيلول من تلك السنة وكان أوال على قطع المجالت ثم طبع على قطع الجرائد ولم يزل في اتساع

وتحسين حتى صار كما هو اليوم في جملة الصحائفالراقية يصدر ثالث مرات في األسبوع.

إنشاء جرائد ومجالت أخرى كالزهرة1870ورأت السنة وكانت جريدة أخبارية

(1/74)

عني بنشرها األديب يوسف الشلفون والنحلة للقس لويس صابونجي السرياني وكانت أدبية وعلمية والنجاح كانت إخبارية سياسية أنشأها القس المذكور مع يوسف

الشلفون. ثم صارت ملكا للمرحوم الصقلى خضرا بشراكة الطيب الذكر المطران يوسف الدبس. وفي تلك

السنة ذاتها أنشأ المعلم بطرس البستاني وابنه سليممجلة الجنان وجريدة الجنة فصار لهما رواج.

ومما امتاز به هذا الطور الثالث أيضا الجمعيات العلمية في الشرق فعقد جمعية آسيوية )إنجمن دانش( في دار

السالم نشرت قوانينها وأسماء أعضاءها في المجلة ( وكذلك أخذZDMG. VI 278 - 285اآلسيوية األلمانية )

العلماء المصريون يضمون قواهم لنشر اآلداب فبهمتهم طبعت في بوالق تآليف معتبرة كاألغاني ألبي الفرج

األصفهاني وأمثال الميداني وإحياء علوم الدين للغزاليوالخطط للمقريزي.

ولم تخل سورية من جمعيات علمية نفعت اآلداب بأفكارها الراقية ومساعيها بترقية المعارف ومنشوراتها الحسنة.

وكانت أولها جمعية أدبية سعى بعقدها بعض مشاهير لبنان فلم تطل مدتها. ثم الجمعية1847في بيروت سنة

في دير اآلباء1850الشرقية التي أنشأت سنة اليسوعيين في بيروت. روى جناب يوسف أفندي آليان

(38 - 32( : 1909 )12سركيس أخبارها في )المشرق انتظم فيها كثير من أدباء ذلك العهد كالدكتور سوكة

والطبيب إبراهيم أفندي ومارون نقاش وفرنسيس مسكوإبراهيم مشاقة وطنوس الشدياق وحبيب اليازجي.

1857ثم خلفتها سنة الجمعية السورية وضمت إليها عددا من الذوات كحسين أفندي بيهم واألمير محمد أمين

والوجوه إبراهيم فخري بك وبولس دباس والشيخ ناصيف اليازجي واألدباء بطرس البستاني وسليم رمضان وسليم

شحادة والدكتور سوكة وعبد الرحيم بدران وعالي سميث وموسى يوحنا فريج وحنين الخوري ويوسف الشلفون

وحبيب الجلخ. ثم اتسعت دائرة أعمالها ونالت من الدولة العلية الرخصة بنشر أبحاثها فنشرت أوال من حين إلى آخر

وصدرت1868دون وقت محدد ثم طبعت قوانينها سنة أعمالها في كل شهر بنظام فأرخها سليم أفندي رمضان:

ة قلت للدهر والنجاح تبدى ... قمرا في بالدنا السورية أي يوم يتم ذا قال أرخ ... يوم فتح الجمعية العلمي

هـ( .1284)(1/75)

وطبعت هذه النشرة خمس سنوات ثم عدل عن طبعها. وقد نفعت تلك الجمعية المعارف واآلداب بهمة أعضائها

الذين سنذكرهم في تواريخ وفاتهم. وكان مثلهم مؤثرا في غيرهم ال سيما أن أصحاب األمر وعمال الدول العلية كانوا يقدرون قدرهم وينشطون هممهم وربما شرفوا جمعياتهم

األدبية كأصحاب الدولة فؤاد باشا ويوسف كامل باشا ومصطفى فاضل باشا ومحمد رشدي باشا وأصحاب

السعادة قناصل الدول وغيرهم أما المدارس فإنها زادت في هذا الطور ترقيا ال سيما مدارس المرسلين الكاثوليك من ذكور وإناث ومدارس األميركان ال سيما كليتهم التي

علموا فيها اللغات والعلوم وكانت الدروس تلقى فيها أوال بالعربية وطبعوا عدة كتب مدرسية في ضروب العلوم كالطبيعيات والرياضيات والهيئة والكيميا والجغرافيا ثم

عدلوا عنها إلى اللغة اإلنكليزية لتوفر أسبابها لديهم. وقد أنشئت في هذا الطور مدارس جيدة أخصها المكتب

العسكري الذي ترقى بهمة أصحابه ونال الشهرة في أنحاء سورية. والمدرسة الوطنية التي فتحها بطرس

في بيروت فجارت في تعاليمها بقية1863اليستاني سنة مدارس المدينة بمساعي منشئها وولده سليم. وفي السنة

وضع الطيب الذكر غريغوريوس يوسف بطريرك1864 الروم الكاثوليك أساسات المدرسة البطريركية فذاعت

شهرتها وأقبل إليها الطلبة من الشام ومصر وقبرس وتخرج فيها كثيرون من األدباء فنبغوا في المعارف

واآلداب العربية. ولم يلبث السيد البطريرك أن فتح أيضا في عين تراز مدرسة اكليريكية لتهذيب طلبة الكهنوت.

أنشأ الروم األرثذكس مدرسة الثالثة1865وفي السنة األقمار على طرز المدرسة الوطنية. ومن المدارس

المارونية المنشأة في ذلك الوقت مدرستان في عرمون وعرفت بمدرسة مار1865أنشأ الواحدة همام مراد سنة

نيقوال العريمة واألخرى مدرسة المحبة جددها الخوري أما المطابع فإنها في مدة1867ميخائيل سباط سنة

العشرين السنة أصدرت عددا ال يحصى من المطبوعات في كل الفنون سواء كان في سورية أو في مصر والهند.

وقد ذكرنا تاريخ معظم هذه المطابع في الشرق في أعداد أخذت مطبعتنا1852. ففي سنة 1902 - 1900السنين

الكاثوليكية تطبع على الحروف بعد طبعها على الحجر. ومما استجد من المطابع في هذا الزمان في بيروت المطبعة السورية التي أنشأها المرحوم خليل أفندي

وقد وصفنا تاريخها وقائمة مطبوعاتها1857الخوري سنة ( وفي السنة التالية998( : 1900 )3في المشرق )

أحدث الدكتور إبراهيم النجار مطبعة عرفت بعد ذلك ( . وبعدها بثالث1032: 3بالمطبعة الشرقية )المشرق

سنوات نال يوسف الشلفون الرخصة بفتح مطبعة دعاها ( فنشر فيها عدة999: 3المطبعة العمومية )المشرق

كتب ونشرات وجرائد. ثم ظهرت المطبعة المخلصية سنة فخدمت اآلداب العربية نحو ثماني سنوات1865

( وفي السنة نفسها كانت المطبعة1032: 3)المشرق السريانية التي نقلت أدواتها بعد قليل إلى الشرفة

( وكذلك ظهرت وقتئذ المطبعة89( : 1901 )4)المشرق ( ثم أنشأ جناب86: 4الوطنية لجرجس شاهين )المشرق

األديب الفاضل خليل أفندي سركيس مطبعة المعارف شركة مع المعلم بطرس البستاني إلى سنة1867سنة

حيث أنشأ المطبعة األدبية وكان آخر ما أنشئ من1874المطابع في

(1/76)

المطبعة اللبنانية لحنا جرجس1869هذا الزمان سنة ( ومطبعة الجمعية87 - 86: 4الغرزوزي )المشرق

األرثذكسية لجرجس يزبك التي لم تطل مدتها ولم تتجاوز مطبوعاتها ثالثة أو أربعة كتب دينية وفي هذا الطور نفسه انتشر فن الطباعة العربية في لبنان وكان قبلها منحصرا

في مطبعة مار يوحنا الصابغ في الشوير أما مطبعة قزحيا فكانت حروفها سريانية. وأول مطابع لبنان في هذا العهد مطبعة بيت الدين كان الساعي بإدارتها حنا بك أسعد أبي

ببعض المطبوعات الحجرية1853صعب باشر أوال سنة . ثم ظهرت مطبعة دير1862ثم طبع على الحروف سنة

:4 فوق وادي نهر الكلب )المشرق 1858طاميش سنة ( فاشتغلت عشر سنوات. وأنشأ المرحوم رومانوس473

مطبعة أهدن فشاركه في العمل1859يمين سنة ( ثم ندب473: 4الخوري يوسف الدبس )المشرق

المرحوم داود باشا يوسف الشلفون إلنشاء مطبعة 1863لمتصرفية لبنان فأنشئت المطبعة اللبنانية سنة

تولى تدبيرها ملحم النجار ثم نقلها إلى دير القمر سنة . وفي المطبعة اللبنانية طبعت جريدة لبنان1869

:4الرسمية كان يحررها حبيب أفندي خالد )المشرق 473)

أما الجهات فظهرت فيها أيضا مطابع أخرى فأنشأالمرحوم حنا الدوماني

(1/77)

في دمشق مطبعة انتقلت بعد ذلك بالشراء1855سنة إلى حنا الحداد ثم إلى محمد أفندي الحفني. ثم جلبت

مطبعة نشرت فيها1864والية سورية الجليلة سنة جريدتها الرسمية )سورية( مع عدة مطبوعات أخرى

1856( - وأنشأت في الموصل سنة 879:4)المشرق مطبعة جليلة بإدارة حضرة اآلباء الدومنيكان فأدت للدين

والعلم واآلداب خدما متعددة ولم تزل إلى زمن الحرب ( . وفيها422( : 1902 )5جارية على خطتها )المشرق

أنشأت أيضا المطبعة الكلدانية بهمة األديب الشماس ( . وظهرت840:5 )المشرق 1863رافائيل مازجي سنة

طبعت فيها مقامات1856في كربالء مطبعة حجرية سنة ( ثم استحضر843:5الشيخ محمود اآللوسي )المشرق

المرزا عباس مطبعة أخرى حجرية في بغداد فعرفت بمطبعة كامل التبريزي ونفعت العلوم ببعض المنشورات

( . ثم بطلت844 - 843:5نحو خمس سنوات )المشرق 1869تلك المطبعة بظهور مطبعة والية بغداد سنة

فأصدرت جريدة الوالية ومطبوعات غيرها )المشرق ( - وكذلك حلب فإن فن الطباعة تجدد فيها في843:5

أواسط القرن التاسع عشر. وكان أوال أحد الفرنج المدعو بلفنطي السرديني نشر بعض المطبوعات الحجرية في

( وكتاب1841 )1257الشهباء منها ديوان الفارض سنة المزامير. ثم اهتم الطيب األثر المطران يوسف مطر

1857بإنشاء مطبعة على الحروف فطبع فيها منذ السنة 357:3 كتابا بين كبير وصغير )المشرق 50إلى يومنا نحو

-358. ) أما أوروبة فكانت فيها الدروس الشرقية ال سيما اللغات

السامية على خطتها الشريفة. وكان عدد وافر من تالمذة دي ساسي قد انتشروا في أقطار شتى فبعثوا الهمم

لدرس آثار الشرق ولغاته وإحياء دفائنه فعقدت جمعيات جديدة وأنشأت المدارس وتوفرت المطبوعات والخزائن

الكتبية. وكانت فرنسة في مقدمة الدول لما كان بينها

وبين أقطار الشرق من العالئق والمعامالت وخصوصا بالدالجزائر.

ومما ساعد على توفير أسباب الترقي لآلداب العربية في هذا الطور الثالث بين نصارى الشرق خاصة بطاركة إجالء

محبون للعلوم وساعون في تنشيطها بين مرءوسيهم فكان يسوس طائفة الروم الكاثوليك الملكيين السيد

المفضال مكسيموس مظلوم الذي مع وفرة أشغاله في تدبير بنية أبقى لهم من تآليفه أو ترجمته نيفا وخمسين

كتابا طبع نحو نصفها في بيروت ورومية واألستانة ومصروهي في كل ضروب العلوم من

(1/78)

الهوت نظري وأدبي وجدل وأخبار قديسين وعبادة وطقوس وتاريخ وجغرافية وصرف ونحو وطبيعيات. فكان مثال جد ونشاط لم تخمد همته إال مع خمود أنفاسه في

فقال الشيخ ناصيف اليازجي يؤرخه:1855 آب سنة 10 مكسيموس المظلوم بطركنا الذي ... قامت به التقوى

والح منارها صرف الحياة بغيرة مشهورة ... يبقى على طول المدى

تذكارها هو كوكب الشرق استقر قراره ... في جنة فتحت له

أخدارها وألجله كتب المؤرخ نظمه ... إن الكواكب في السماء

قرارها وقام على الطائفة المارونية غبطة البطريرك بولس

وكان من البارعين في معرفة األنساب1854مسعد سنة والتاريخ الشرقي والحق القانوني خلف من كل هذه

العلوم آثارا حسنة. وفي هذه الغضون كان على السريان الكاثوليك البطريرك

( بعض ما75أغناطيوس بطرس جروة وقد ذكرنا )ص خلفه من المآثر العلمية. ولما دعاه الله إلى دار الخلود خلفه ذلك الرجل المفضال المبرات أغناطيوس أنطون

( الذي عني بتهذيب أكليروس1864 - 1853السمحيري ) طائفته في مدرسة الشرفة وفي مدرسة غزير ومدرسة البروباغندا في رومية العظمى فخرج من يلك المدارس

رجال أفاضل سنذكرهم في تاريخ وفاتهم. أما األرمن الكاثوليك وكان يدبرهم البطريرك غريغوريوس

فما كان لينسى تعزيز1843بطرس الثامن منذ السنة اآلداب في طائفته فاهتم في نماء مدرسة بزمار وتنظيم كهنتها على قوانين خصوصية كما أنه أرسل إلى مدرسة غزير بعض بني جنسه فأنجزوا فيها دروسهم ثم اشتهروا

في خدمة المنفوس ولهم تآليف دينية. ثم قام بتدبير . وكان1866الطائفة األرمنية السيد أنطون حسون سنة

من رجال الفضل والعلم فجرى على مثال سلفه في نشراآلداب بين أبناء أمته.

-1848وكذلك الكلدان فإن بطريركهم يوسف أودو ) ( سعى في إنماء اآلداب في ملته. وهو الذي أنشأ1878

ألبناء طائفته مدرسة اكليريكية في الموصل وأرسل أحداثامنهم إلى مدارس أخرى فنجحوا.

وقد عرفت الرسالة األمريكية في هذا العهد بنشاط عظيماشتهر بينها الدكتور

(1/79)

عالي سميث والدكتور طمسن والدكتور فان ديك فانكبوا على درس اللغة العربية حتى أتقنوها. وكان من أثمار

1849اجتهادهم ترجمة الكتاب المقدس باشر فيها سنة الدكتور سميث بمعاونة المعلم بطرس البستاني فعرب

فقام بتعريبها1857قسما من كتب موسى ثم توفي سنة من بعده الدكتور فان ديك ولم يزل يفرغ في إنجاز العمل

بمساعدة الشيخ1864كنانة جهده حتى انتهى منه سنة . ولم تثبت فيه1867ناصيف اليازجي ثم طبع الكتاب سنة

األسفار المعروفة بالقانونية الثانوية. وصار لهذه الترجمة رواج كبير حتى أتت من بعدها ترجمة اآلباء اليسوعيين بمساعدة المرحوم إبراهيم اليازجي فكانت أضبط نقال وأشمل موضوعا وأبلغ لسانا وأجود طبعا فصارت تعتبركالترجمة الرسمية لجميع الكاثوليك الناطقين بالضاد.

(1870 - 1850اآلداب اإلسالمية في هذا الطور ) انحصرت اآلداب اإلسالمية في هذا الطور الثالث أعني من

في العلوم اللسانية خاصة من1870 إلى 1850السنة صرف ونحو ولغة وبديع وبيان وشعر وأدبيات منثورة. أما التاريخ والعلوم الطبيعية والهيئة والرياضيات فإن التأليف

فيها كان نادرا. إال أن بعض األدباء كالشيخ الرفاعي الطحطاوي في مصر وسليمان الحرائري في الجزائر

عربوا عدة مؤلفات أوربية في العلوم المستحدثة واالختراعات الجديدة فكان تعريباتهم دليال على سعة اللغة العربية ومرونتها وكفايتها لترويج المعارف العصرية. فنهج

غيرهم منهجهم بعد ذلك ال سيما جماعة األمريكان في بيروت. وهانحن نختصر تاريخ أدباء المسلمين في هذا

الطور بذكر مشاهيرهم بلدا بلدا مباشرة بالشام ثم مصرثم العراق وبقية البالد.

)أدباء المسلمين في الشام( يحضرنا منهم أسماء قليلين

ولعل مصنفات أكثرهم ال تزال مدفونة في بيوت الخاصة. فممن اشتهروا في هذه المدة بآدابهم السيد مصباح

البربير اسمه محمد بن محمد البربير وجده أحمد البربير الشاعر الذي ذكرناه في جملة أدباء الطور األول من

)1261القرن التاسع عشر. ولد محمد مصباح سنة ( وأظهر منذ صغره نجابة عظيمة فبعد إتقانه أصول1845

اللغة ومن بعده العلوم على شيوخ بيروت في أيامه كالشيخ عبد الرحمن أفندي النحاس والشيخ عبد الله

أفندي خالد البيروتي(1/80)

وأخيه الشيخ إبراهيم البربير استخدم في مجلس التحقيق بوظيفة كاتب وكان في شرخ شبابه مولعا بالشعر فينظم في أوقات الفراغ القصائد الرائقة التي تعرب عن جودة قريحته. وقد وافاه أجله فقصف غصن شبابه طريا في

م( . له1865 )1282وباء الهواء األصفر الذي حدث سنة ديوان صغير جمعه شقيقه األديب عمر البربير فطبعه في

م( ودعاه البدر1873 )1290المطبعة األميركانية سنة المنير ي نظم مصباح البربير. فمما نظمه مصباح قوله

( :1862 )1279مؤرخا بناء دار لوالده سنة لمحمد البربير دارا قد زهت ... ونجوم مطلع عزها

اسها حر في بابها كتب المؤرخ قل بها ... دار على التقوى أقيم

أساسها ومن ظريف أقواله تهنئة بمولد ابن عمه محمد نجيب بن

:1282محمد البربير سنة بشراك أحمد قد أتاك نجيب ... حييت بمرآه نهى وقلوب

ة ... فهو الحبيب بال أبوه نجل كسي من كل ظرف حلحبيب

قد الح في أفق السعادة ساطعا ... إن غابت األقمار ليسيغيب

في مهده كالعندليب مغردا ... وكذا اللبيب من المهادلبيب

نادت عالمات السعود بوجهه ... يحيي سعيدا إنه ألديب وله مكاتبات مع بعض أدباء زمانه نخص منهم بالذكر

ناصيف اليازجي وكان هذا كتب إليه: برعت والله في قول وفي عمل ... لفظا ومعنا وتهذيبا

وإفصاحا أعطاك ربك نورا يستضاء به ... فقد أصاب الذي سماك

مصباحافأجابه محمد مصباح بقوله:

يا من غدا شعره الشعري فكان لنا ... قاموس فضلوللتلخيص إيضاحا

ألنت شمس علوم حين مطلعها ... كم أخجلت قمرا يزهوومصباحا

وقد رثاه الشيخ إبراهيم األحدب وأرخ ضريحه بهذهاألبيات:

ضريح حله مصباح فضل ... سناه في سماء المجد عاليإلى عليا بني البربير يعزى ... له نسب ينير دجى اللياليفقال منظم التاريخ واف ... سنا مصباح مشكاة المعالي

)محمد أرسالن( واشتهر أيضا في الشام بأدبه وتآليفه األمير محمد ابن األمير أمين أرسالن ولد في الشويفات

( وطلب العلوم منذ حداثة1838 )1254سنة (1/81)

سنه وتعلم اللغات األجنبية فضال عن اللغات الوطنية. ولما بلغ الخامسة عشرة من عمره فوضت إليه الحكومة

السنية إدارة الغرب األسفل فتوالها تحت نظاره والده ( فقام بعمله. ثم1858 )1275حتى مات والده سنة

انتقل إلى بيروت مع أهل بيته واستوطنها وتفرغ للتأليف والكتابة وكان عضدا لكل طالبي اآلداب ساعيا في ترويج

)1275العلوم يجمع في داره محبي المعارف. وسنة ( استدعته الدولة العلية إلى األستانة لتعهد إليه1868

بعض المهام لكن الموت عجله عند وصوله فمات بمرض سنة وقد أبقى المترجم عدة31القلب وله من العمر

تآليف ال تزال مخطوطة منها كتاب في أصول التاريخ وعدة تآليف في الصرف والنحو والمنطق وكتاب حقائق

النعمة في أصول الحكمة والمسامرة في المناظرة وتعديل األفكار في تقويم األشعار وتوجيه الطالب في علم

اآلداب والتحفة الرشدية في اللغة التركية الذي نشر بالطبع. وكان بين األمير محمد أمين وأدباء زمانه مكاتبات تدل على براعته في فنون اآلداب. وهو ممن مدحه الشيخ

ناصيف اليازجي فله في أبيه األمير أمين وفيه أقوالحسنة فقال في األمير أمين:

كريم ال يضيع لديه حق ... فقد سمي أمينا بالصواب وليس يخلو في الدنيا بشيء ... لغير المال من حفظ

الصحابويدركنا نداه حيث كنا ... على حال ابتعاد واقتراب

وتكسبنا مكارمه ارتفاعا ... كصفر زاد في رقم الحسابفدام نداه يقرع كل باب ... ويأتيه الثنا من كل باب

ومن حسن أقواله في األمير محمد ما كتبه إليه يعزيه فيأبيه بقصيدة كان مطلعها:

ما دام هذا اليوم يخلفه غد ... ال تنكروا أن القديم يجددد ال تقطع األغصان من شجراتها ... إال رأينا غيرها يتول

هذا األمين مضى فقام محمد ... خلفا فناب عن األمينمحمد

وختمها بقوله: خلف كريم أشبه السلف الذي ... كانت له كل الخالئق

تشهدما كان يوجد كاألمين بعصره ... واليوم مثل محمد ال يوجد

وقد مدح أحمد فارس الشدياق بالمية أولها:إن األمير محمدا مفضال ... من آل رسالن ونعم اآلل(1/82)

وقال يصف معارفه:ان في نظم ونثر قوله ... فصل وحكم ال يليه عدال سي

قد ألف الكتب التي شهدت بأن ... أصحاب أرسطو عليهعيال

فأجاد في التاريخ أي إجادة ... وبكل فن لم يفته مقال وقال الشاعر المشهور أسعد طراد يعزيه بوالده بقصيدة

هذا مطلعها:األرض تخبر والجماجم تشهد ... إن ابن آدم فوقها ال يخلد

ومنها في مدح الفقيد: غدت بنو رسالن نائحة ومن ... فرط األسى أمست تقوم

وتقعدلك يا أمين مع القلوب أمانة ... حزن بها أودعتها ال ينفد

فارقت لبنان الذي مهدته ... عدال وكان الظن ال يتمهد أضرمت نارا في القلوب كأنها ... نار القرى بحماك ليست

تخمد )محمود بن خليل( وممن نقدر وفاته في هذا الوقت

الشاعر محمود بن خليل الشهير بالعظم الدمشقي له في

)1284( ديوان شعر خطه سند 353:4المكتبة الخديوية )1867 م( األديب أحمد زكية. وكان صاحب الديوان موجودام( .1868 )1285سنة

وال نشك في أنه اشتهر في هذا الطور من أدباء المسلمين في الشام غير هذين المذكورين إال أن أخبارهم لم تنشر

حتى اآلن فلم نقف على تاريخهم. ومما وقع في أيدينا منذ عهد قريب مجموع فيه قصائد لشعراء بالد الشام في القرن السابق نظموها في مدح على بك األسعد من

البيوتات الشريفة في طرابلس فهناك أسماء عدة أدباء مر لنا ذكر بعضهم كالشيخ عمر اليافي والسيد أحمد

البربير والشيخ عبد اللطيف أفندي فتح الله مفتي بيروت وبطرس كرامة والياس أده والبعض اآلخر لم نعرف منهم غير أسماؤهم كالشيخ عثمان والشيخ عمر البكري والشيخ

مصطفى الكردي والحاج علي ابن السيد البكري والسيد عمر أفندي الكيالني. ولكلهم قصائد أجادوا فيها لكننا

نعرض عن ذكرها لجهلنا أخبار قائليها. )أدباء مصر( خلف لنا أدباء المسلمين المصريين مادة أوسع من أخوتهم في الشام ومما ساعد على حفظها

انتشارها بالطبع فسلمت من الضياع. ودونك أسماءهم:(1/83)

)علي الدرويش( هو السيد علي أفندي الدرويش بن حسن بن إبراهيم المصري الشاعر المفلق أصاب في أواسط

القرن التاسع عشر شهرة كبيرة في القطر المصري وتقرب من أصحاب األمر ومن أدباء وطنه فمدحهم

م( جمع ديوانه1853 )1270وكاتبهم. ولما توفي سنة وأقواله النثرية تلميذه مصطفى سالمة النجاري فطبعه

صفحة وعنونه باألشعار482على الحجر في مصر في ( . وهانحن نورد منه بعض أمثلة1270في حميد األشعار )

بيانا لفضل قائله. قال مؤرخا فصر صديقه عرفي أفندي:وقصر كالسماء به نجوم ... مطالعها السعادة والبدورعلى أقطاره تبكي عيون ... إذا ابتسمت لوارده زهور

فليس وافد وافاه نهر ... وقد نفذت لمدحته البحوروحسبك روضة في كل مجد ... وفضل بالبنان له يشير

تقاصر من سناه ذو ثناء ... وحسن القصر ما فيه قصوريقول العز واإلسعاد أرخ ... سعود البيت يا عرفي منير )

هـ( .1259وقال شاكرا:

سررت بالنيل القصد من غير موعد ... وال شيء أسهىمن سرور مجدد

سررت بنعماه ولكن حزنت من ... قصوري بحق الشكرفي فضل سيدي

له الحمد والشكر الذي هو أهله ... وقل له حمديوشكري ومنشدي

فلو كل عضو فيه عدة ألسن ... ألعجزني شكر الندىالمتعدد

وهل أنا إال عبد إحسان عفوكم ... فأضحى لديه مدحكمد كالتعب

تعودت لوال لطفكم غير عادتي ... وصعب على اإلنسان مالم يعود

وزدتم نعيمي نعمة أبدية ... وزدتم مقامي رفعة فوقمقصدي

وكدرتم ظن الحسود بنعمة ... وأشهى من اإلنعام تكديرحسدي

وحملتني ما ال أطيق وجوبه ... فينطق حالي عن لسانيالمعقد

فيا أسعد الله السعيد لملكه ... ودولته والموكب المتجدد فقد اشغل الدرويش شكرا مؤرخا ... مليك سعيد النجم

خير محمد )شهاب الدين( وقد فاق علي درويش شاعر آخر كان

يعاصره وهو األديب األريب السيد شهاب الدين محمد ابن م( ثم قصد1803 )1218إسماعيل ولد في مكة سنة

مصر فدرس على مشايخها ال سيما شيخي األزهر محمد العروسي وحسن العطار فبرع في الكتابة والشعر. ولما

أنشأ الشيخ حسن أول جريدة طبعت في الشرق وهي اتخذ كمساعد له في إنشائها1828الوقائع المصرية سنة

شهاب الدين(1/84)

م( وجعل1836 )1252المذكور ثم خلفه في إدارتها سنة مصححا لمطبوعات مطبعة بوالق الشهيرة وبقي في

م( وانقطع إلى الكتابة1849 )1266مهنته إلى السنة م( وقد أبقى1857هـ )1274والتأليف. وكانت وفاته سنة

السيد شهاب الدين من تآليفه كتاب )سفينة الملك ونفيسة الفلك( ضمنها مجموعا وافيا من الزجليات

والموشحات واألهازيج والموالي التي يتغنى بها أرباب الفن في مجالي األفراح ومعاهد السرور ولما أتمه سنة

قال في تاريخه:1259 هذه سفينة فن بالمنى شحنت ... والفضل في بحره

العجاج أجراهاخها ... سفينة البحر بسم الله وإذ جرت باألماني فيه أر

مجراها 380م( ديوان شعره في 1860 )1277ثم طبع سنة

صفحة وفيه القصائد الرنانة في كل فنون العروض ومعاني الشعر. فمن نظمه قوله يصف مزولة أنشأها

حضرة سالمة أفندي المهندس لجامع القلعة لبيان األوقاتوالساعات بحساب البروج اإلثني عشر:

ومظهرة للوقت ظهرا وغيره ... والبرج أيضا فهي واحدةالعصر

د في سالمة منشي رسمها وحسابها ... لجامع خيرات تفرمصر

وقال من قصيدة يمدح بطرس بكتي قنصل دولة روسيةإذ زاره يوما:

ية ... وهل حل في اآلفاق بدر أتى ينجلي كالبدر في سندسبأطلس

فتم لي الصفو الذي كاد حظه ... يكون كحظي يوم ايناسبطرس

أال وهو تاج الفخر والحسن والبها ... مشيد أركانالمكرمات المؤسس

جميل السجايا األلمعي فطانة ... رقيق الحواشي ذوس الحجى والتفر

ا ضاحك السن دائما ... حليف المعاني ذو هشوش المحيالجناب المقدس

بنفس أفديه وقد جاء زائرا ... بتشنيف أسماع وتشريفمجلس

يصوغ له نظمي نفيس مدائح ... فتثنيه غايات الكمالبأنفس

وقال عن لسان بعض الكاثوليك يمدح كبير ملتهم وكانالمذكور التمس منه ذلك:

س بابا النصارى مربي روح ملتهم ... حامي حمى كل شماوقسيس

شخص ولكن هيولى روحه ملك ... وجسمه صورة في

شكل قديس أقام وهو وحيد العصر مفرده ... دين النصارى بتثليث

وتغطيس تسعى الملوك إلى تقبيل راحته ... في البحر والبر فوق

الفلك والعيس أحيا الكنائس جسما بعد ما درست ... وشيد الروح تشييدا

بتأسيس(1/85)

فعظموا الرب فيها بالصالة له ... ومجدوه بتسبيحوتقديس

وله في مديح حنا البحري من قصيدة:ا هو كهف إذا لجأنا إليه ... في مخوف مما نخاف أمن

من أتاه مستنصرا بحماه ... عاد بالنصر بالغا ما تمنىا كلما عن أمر خطب مهم ... بك فيما نراه عن استعن

يصنع المكرمات سرا وجهرا ... وهو في عون من يقولا أعن

كل من قد رآه وهو بشوش ... عنه ولت همومه واطمأنا وله قصيدة طويلة في مدح نصر الله )نصري( الطرابلسي

الشاعر الذي مر لنا ذكره هذا أولها:ال رعى الله يوم حان وداعي ... أنه جالب لحيني وداعي

فيه قد أزمع الرفاق فراقا ... واصات الشتات شملاجتماعي

وغدا الدمع سائال يتجارى ... وفؤادي في موقف اإليداعإلى أن قال:

أترى هل تعود أوقات أنسي ... وبقرب المزار تحضىرباعي

وإذا ما الزمان جاء بنصري ... وبحمد يجزى وبشكرمساعي

هو بحر تروى المآثر عنه ... بل هو البر في جميع البقاعروض آدابه الغضيض جناه ... عطر النشر طيب اإليناع

وختمها بقوله:زادك الله بهجة وكماال ... ما ترجى حسن الختام الداعي

ونظم األبيات اآلتية لترسم على سفرة الطعام: م ... وتناول ما شئت أكال شهيا ها السيد الكريم تكر أي

وتفضل بجبر خاطر من هم ... أتقنوا صنعه وخذ منه شياا وتحدث على الطعام وآنس ... واحدا واحدا بشوش المحي

واستزدهم أكال وقل إن هذا ... طاب نضجا وصار غضا طريا

ا فهلموا بنا ومدوا إليه ... أيديا باعها ينال الثريتي هل لكم في ... بعض شئ من النبيذ المهيا ثم قل يا أحب

ولئن ساغ شربه للتمري ... فكلوا واشربوا هنيا مريا فإذا ما آكلت ضيفا فأرخ ... أن هذا لرزقنا كل هنيا

(1/86)

)الشيخ البيجوري( وأشهر من السابقين شيخ اإلسالم إبراهيم البيجوري. ولد في قرية البيجور بمديرية المنوفية

م( وطلب العلوم في األزهر مدة1784 )1198سنة وتتلمذ للشيخين محمد الفضالي وحسن القويسني

وغيرهما حتى نبغ بين طلبة األزهر وتفرغ للتأليف فوضع كتبا عديدة في التوحيد والفقه والمنطق والتصريف

والبيان واشتغل بالتدريس ثم انتهت إليه رئاسة األزهر. قيل إن صاحب الدولة الخديوي عباس باشا كان يحضر

م( .1860 )1277دروسه في األزهر. وكانت وفاته سنة

)إبراهيم بك مرزوق( ويلحق بأدباء مصر أحد مشاهير م(1817هـ )1233كتبتها إبراهيم بك مرزوق. ولد سنة

وكان منذ نعومة أظفاره مغرى باآلداب كثير الحفظ من مختار الشعر قيل إنه كان يحفظ منه عشرين ألف بيت

كما أنه أحرز جملة وافرة من منتخب المتون العلمية ومأثور األخبار. وكان كثير التصرف في فنون الكتابة

ويحسن نظم الشعر. ورحل إلى بالد السودان فكانت م( وقد عني بجمع1866 )1283وفاته في الخرطوم سنة

قصائده وطبعها الهمام محمد بك سعيد بن جعفر باشا مظهر وقسمها إلى سبعة أبواب على حسب معانيها

ووسم هذا الديوان )بالدر البهي المنسوق بديوان األديب م(1870 )1287إبراهيم بك مرزوق( وكان طبعه سنة

ومما جاء فيه من الحكميات قوله:م إن الفضيلة في األنام غدت على ... شرف النفوس الش

أقوى حجة فإذا ادعيت بأن أصلك يا فتى ... من سادة األبطال أهل

الهمة أوضح لنا نور الشهامة مثلهم ... وعلى رفيع المجد أحسن

غيرة وإذا أردت الفخر فاسهر دائبا ... لطالبه واهجر لذيذ

الهجعة فتكون ذا شرف فتلك دالئل ... دلت على شرف وكل

فضيلةوقال مستعطفا لصديق نفر عنه:

يا معرضا متجنبا ... حاشاك من نقض الذمامموالي ما لك قد بخلت م ... علي حتى بالكالم

سلم علي إذا مرر ... ت فال أقل من السالموقال يرثي اسكاروس أفندي الباش كاتب القبطي:

ال شك عندي في فناء الوجود ... فأفضل السيرة خيرالوجود

(1/87)

والمرء مجزي بأعماله ... فشأنه يوم تقام الحدودوإنما طوبى لمن قد قضى ... دنياه بالخير وسعد السعود كالبارع اسكاروس في فضله ... باهي الحجا والجد غيظ

الحسود فقل لراجي شأوه أرخوا ... يكفى ثوى اسكاروس دار

م( .1860الخلود ) وقد عرف في مصر غير هؤالء ممن ورد ذكرهم في كتب األدباء كاألستاذ الشيخ أحمد عبد الرحيم والشيخ مصطفى

سالمة وكان كالهما محررا للوقائع المصرية في هذا الوقت. مدحهما صاحب كنز الرغائب في منتخبات

( . وكذلك في مصنفا الشيخ129 و121الجوائب )ص ناصيف اليازجي مراسالت دارت بينه وبين أدباء مصر من

المسلمين كالشيخ محمد عاقل أفندي كاشف زاده اإلسكندري والشيخ حمد محمود أفندي اإلسكندري.

ولكلهم قصائد جيدة أثبتها الشيخ ناصيف في مجموع شعره لكننا ال نعرف من تاريخ أصحابها شيئا. فمتا روى

للشيخ محمد عاقل قوله يصف الهواء األصفر:يل حادث ... له تذهل األلباب حين دهانا بوادي النيل كالس

يحيفدعوه بريح أصفر شاع ذكره ... وما هو إال هيضة ونزيفهى ... وكل طبيب شأنه به احتارت األفكار والعقل والن

العلم موصوف فلم يبق دارا لم يزرها ولم يذر ... جنانا به ركب السرور

يطوف ثكلنا رجاال للزمان نعدهم ... طروسا وهم للمعضالت

سيوف تراهم ليوم اليأس والبأس عدة ... وجاههم القاصدين

منيف وكم فيهم من أهل ذوق وفطنة ... وفيهم لطيف ألمعي أو

ظريف لقد أقشبت أقطار مصر لفقدهم ... وكان بهم روح الكمال

قطيف نأوا وأقاموا بارح الحزن في الحشا ... فليس بديال تالد

وطريف فشيعهم عقلي وفكري وفطنتي ... ولم يبقى من لبي لدي

طفيف وناقص أمثالي صحيح مضاعف ... ومهموز حزني أجوف

ولفيف وقال يمدح بيروت وأدباءها وخصوصا الشيخ ناصيف

اليازجي:ة ... لهم تنتمي اآلالء في اللفظ لقد قصدوا بيروت دار أعز

والمعنى نزيلهم قد شك في أصل داره ... وصار يقين األمر في

علمه ظنا مدينة ظرف ما بها غير فاضل ... بسيم وسيم قد حوى

الحسن والحسنىبة اإلسعاف في كل ما تشد له األلباب كل مطية ... مجر

ا عن(1/88)

صغيرهم في المجد سيد غيره ... على أن ذاك الغير قدوةمن أثنى

وما منهم إال وقد شب طوقه ... بنادي ناصيف اليازجيوقد أقنى

ة ... ألهل النهى كم قد أجاد مجيد المعاني وهو للقول حجا لنا فن

ومن أقوال الزيلعي في المدح: بلغت مقاما لم تنله األوائل ... وخزت كماال لم تبتغيه

األفاضل ولست براء غير فضلك يرتجي ... لكل ملم فيه تدمى

الصياقلها ... تجل وإن قد بان منها دالئل ولوالك لك تدر العلوم بأن

يطول لسان الفخر في فضلك الذي ... بنيت له ركناليرجع ثاكل

ويقصر باع الدهر عن وصف ماجد ... له جمعت فيالمكرمات الفضائل

فيا لك من مجد ويا له من يد ... تطول إذا مدت وإن حالحائل

وقال حمد محمود أفندي من قصيدة متشوقا إلى أهلالفضل في بيروت:

يا أهل بيروت إن القيتم كبدي ... فمتعوا جدركم من قبلبالخفر

ى وما بردت ... أال لترمي من أكباد أهل الهوى حراألشواق بالشرر

ودونكم حر لي فهو رقكم ... وارعوا ذمام شج فيكم علىسفر

ما كتموه بألفاظ هم غرر ... ورابح من شرى األلباببالغرر

وللشيخ حسن بن علي اللقاني اإلسكندري يصف ديوان

الشيخ ناصيف: بدائع ما فيها سوى السحر منطق ... حالل وفي أجناسها ال

أدافع إذا جر غوق الطرس سمر براعه ... تصافحه اآلداب وهي

رواكع وإن راح ينثي أو يكاتب صحبه ... فغر معانيه الحسان

تسارع كان صرير السمر في روض طرسه ... غناء حمام وهو

بالشعر ساجع تآليفه قد فصحت في كل أعجم ... بليد وكم ولى بليغ

وبارع آللئ من زهر الربيع تناثرت ... علينا وفي منظموها السر

ذائع لئن فاح في أرض الشام ثناؤه ... ففي مصرنا منه شذا

الذكر ضائع )أدباء المسلمين في العراق( تذكر العراق في أواسط

القرن التاسع عشر مفاخرة السابقة فأراد أن يحييها فنزل في حلبة اآلداب وركض فيها جياد األلباب فنال قصبة

السبق والغالب. وهانحن نذكر الذين وقفنا على شيء من أخبارهم نقال عن مخطوطات مكتبتنا الشرقية وبعضالمطبوعات النادرة مباشرة باآللوسين والسويديين.

)اآللوسيون( هم قرم من أدباء بغداد أحبوا العلوم واآلدابفأوقفوا نفوسهم

(1/89)

لخدمتها ونشروا معالمها في وطنهم. وأصلهم من آلوس أجدى قرى الفرات ثم انتقلوا إلى بغداد وامتازوا فيها

بحسن الخصال. ولما كانت أواسط القرن التاسع عشر برز بينهم أوالد السيد صالح الدين ابن السيد عبد الله

اآللوسي. وكانوا ثالثة رضعوا كلهم أفاويق األدب وذهبوافي فنونه كل مذهب.

وأولهم أبو الثناء شهاب الدين السيد محمود أفندي 14المعروف بالشهاب اآللوسي. ولد في بغداد في

ذي5م( وهناك توفي في 1802 )1217شعبان سنة م( كلف بالعلوم منذ حداثة1854 )1270القعدة سنة

سنه وبذل النفس والنفيس في إحراز جواهرها حتى أن رغبته في طلب المعارف شغلته عن حطام الدنيا وأنسته هناء العيش ومالذ الحياة وبزر بالعلوم الدينية فصار إماما

في التفسير واإلفتاء وكان مع ذلك كاتبا بليغا وخطيبا م( سافر برفقة عبدي باشا1845 )1262مصقعا وفي

المشير إلى الوصل ثم إلى ماردين فديار بكر فأرزووم فسيواس فاألستانة العلية واجتمع حيث دخل بإعالم

العلماء وأئمة األدباء وكانوا يتهاتفون إليه ليقتبسوا من أنواره ويغرقوا من بحاره. ثم عاد إلى وطنه معززا ممدحا

بكل لسان مشموال بألطاف الحضرة العلية السلطانية. وكان جاللة السلطان عبد المجيد منحه الوسام المرصع

انقطع إلى1269العالي الشأن. فلما عاد إلى وطنه سنة التأليف. وفصل أخبار رحلته في عدة مصنفات منها كتابة رحلة الشمول في الذهاب إلى اسالمبول طبع في بغداد

واتبعه بكتاب نشوة المدام في العود إلى بالد1291سنة السالم ثم كتاب غرائب االغتراب في الذهاب واإلقامة واإلياب ويدعى أيضا بنزهة األلباب ضمه تراجم الرجال

واألبحاث العلمية التي جرت بينه وبين حضرة السيد أحمد عارف حكمت بك شيخ اإلسالم. وكان السيد محمود سريع

الخاطر ونسيج وحده في قوة التحرير وسهولة الكتابة ومسارعة القلم قيل أنه كان ال يقصر تأليفه في اليوم

والليلة عن أقل من ورقتين كبيرتين. وقد ألف كتبا عديدة في التفسير والفقه والمنطق واألدب واللغة كشرح السلم

في المنطق. وكتاب كشف الطرة عن الغرة وهو شرح على درة الغواص للحريري. ومن تآليفه رسالة في

االنسان. وله حاشية على شرح قطر الندى البن هشام ألقها وعمره ال يتجاوز ثالث عشرة سنة. وكتاب المقامات

طبعه في كربالء وكتاب التبيان في مسائل إيران وكتبأخرى غيرها. وكان له شعر قليل إال أنه غاية

(1/90)

في الرقة يذكر العراق في غربته:تها أهيم بآثار العراق وذكره ... وتغدو عيوني عن مسر

عبرىوألثم إخفاقا وطن ترابه ... وأكحل أجفانا بتربته العطرى وأسهر أرعى في الدياجي كواكبا ... تمر إذا سارت على

ساكني الزورا وانشق ريح الشرق عند هبوبها ... أداوي بها يا مي مهجتي

الحراوقال في وصف بغداد وفراقه لها:

ت بها ريح الصبا ... حملت من األرجاء مسكا أرض إذا مرأذفرا

ال تسمعن حديث أرض بعدها ... يروى فكل الصيد فيجوف الفرا

فارقتها ال عن رضى هجرتها ... ال عن قلى ورحلت الرا متخي

را لكنها ضاقت علي برحبها ... لما رأيت بها الزمان تنك ومن حسن قوله وصفه لشاعر سهل األلفاظ بعيد

المعاني: تتحير الشعراء إن سمعوا به ... في حسن صنعته وفي

تأليفه فكأنه في قربه من فهمهم ... وتقولهم في العجز عن

ترصيفه شجر بدا للعين حسن نباته ... ونأى عن األيدي حتى

مقطوفهوقال مستغفرا وقد افتتح به كتاب مقاماته:

أنا مذنب أنا مجرم أنا خاطئ ... هو غافر هو راحم هوعافي

قابلتهن ثالثة بثالثة ... وستغلبن أوصافه أوصافي وكانت وفاة الشهاب اآللوسي في السنة التي ذكرناها

فرثاه قوم من الفضالء كما مدحوه في حياته وقد جمعت تلك المدائح في كتاب حديقة الورود في مدائح أبي الثناء شهاب الدين محمود. وكان أوالده أغصانا نضرة في تلك الدوحة الباسقة سنذكرهم في وقتهم. واشتهر في زمانه

أخواه عبد الرحمان وعبد الحميد فعرف عبد الرحمان بفصاحة لسانه وخالبة أقواله في الخطابة والوعظ وكان

يدرس العلوم الدينية في أكبر جوامع الكرخ إلى وفاتهم( وعمره نحو ثلث وستين سنة.1867 )1284سنة

أما عبد الحميد اآللوسي فكان مكفوف البصر ولم تصده تلك العاهة عن طلب العلوم فأخذها عن أخيه السيد

محمود الذي أجازه في المعقول منها والمنقول والفروع واألصول فجعل يدرس في مدرسة بغداد المعروفة

بالنجيبية ويتقاطر الستماعه الناس حتى علية القوم وفي مقدمتهم علي رضا باشا والي بغداد وله بعض مصنفات

نثرية بليغة وقصائد غراء منها قصيدة في مدح أحدمشايخه العظام أولها:

(1/91)

تنوح حمامات اللوح وأنوح ... وأكتم سري في الهوىوتبوح

وتعجم إن رامت أداء مرامها ... ولي منطق فيما أرومفصيح

لها مقلة عند التنائي قريرة ... ولي مدمع يوم الفراقسفوح

إلى أن قال مادحا:ة الشاني الحسود فتى كله عفو ولطف وعفة ... وعن زل

صفوح حليم وهل كالحلم في المرء زينة ... سموح وذو الشان

الجليل سموح وفارس فضل ال يجازيه عارف ... وأنى يجاري العاديات

جموح يفوح بأفواه العدى نشر فضله ... كما فاح نشرا في

المجامر شيح لقد عطر األرجاء منك الفضائل ... فوصفك مسك في

األنام يفوح ومن نثره قوله يصف األولياء: لقد فاز قوم عاملوا الله

باإلخالص والصدق، وعاملوا الناس بحفض الجناح وحفظ الوداد مع اللين الرفق، تحملوا من أجله ألم األذى

والمشاق، فأزالوا بأنوار شهود جماله عن بصائرهم حجب العوائق اإلنسانية، وتحملوا إذا أذاقهم الورى مر المراء والشقاق، فأماط بعذوبة أنسه ووصاله عن رقابهم ربق

العالئق النفسانية، أعرضوا عن الدنيا وأغرضوا في طلب األخرى حيث علموا بأن األولى واألحرى السعي في تقديم الباقية على الفانية. فانحلوا األجسام بالصيام والقيام، لما

أن حال لهم شرب صافي المدام ... فرضوا على نفوسهم القناعة والصبر، ورضوا عن هذه الدنيا بالقليل النزر.

وراضوا زكي أنفسهم عن النفس جواهرها وأعراضها، ترفعوا عن الشكوى وتمسكوا بعرى التقوى، ألنها الركن

األوفى والسبب األقوى، فانجابت عن قلوبهم غمائم آالمهاوأمراضها ...

م(1817 )1232وكانت والدة السيد عبد الحميد سنة وطالت حياته ولم نقف على سنة وفاته.

)السويديون( هم من أسرة فاضلة أصلها من سر من رأى أو سامرا فانتقلوا إلى بغداد وعرفوا بين أكابر علمائها.

منهم الشيخ أبو البركات عبد الله السويدي صاحب المؤلفات األدبية العديدة كشرح دالئل الخيرات وكتاب

مقامات بليغة واألمثال السائرة والرحلة المكية توفي سنة م( . ومنهم الشيخ أبو الخير عبد الرحمن1756 )1170

زين الدين البغدادي السويدي ابن أبي البركات كان ذا باع 1134طويل في العلوم الدينية واللسانية. ولد سنة

م( فأرخه أخوه الشيخ1786 - 1722 )1200وتوفي سنة أحمد السويدي بقوله من أبيات:

وفارقنا فردا فقلت مؤرخا ... أبو الخير في أزكى الجناننريل

(1/92)

وكان الشيخ أحمد المذكور إماما في التصوف وقد رد على الملحدين بكتاب سماه الصاعقة المحرقة في الرد على

)1153 وكان مولده سنة 1210أهل الزندقة. توفي سنة 1740 - 1795. )

ومن السويديين الشيخ علي ابن الشيخ محمد سعيد

م( له كتاب في1822 )1237السويدي المتوفى سنة تاريخ بغداد وقد رثاه شاعر أبيات ختمها بهذا التاريخ:

مذ وسد اللحد نادانا مؤرخه ... إن المدارس تبكي عندفقد علي

ومنهم أيضا الشيخ أبو الفوز محمد أمين السويدي أحد كبار الكتبة في بغداد وله مؤلفات جليلة في عدة فنون

منها كتاب سبائك الذهب في معرفة أنساب العرب الذي ( :1907 )10نشر بالطبع وقد مر لنا وصفه )المشرق

( وكتاب الجواهر واليواقيت في معرفة القبلة566 والمواقيت. وكتاب رد على الرافضة. ورسالة في الواجب والممكن. وله شرح تاريخ ابن كمال باشا مع نظم لطيف.

( . واشتهر من السويديين1830 )1246كانت وفاته سنة في العهد الذي وصلنا إليه المال نعمان السويدي ابن

الشيخ محمد سعيد ابن أحمد وهو خاتمة السويديين توفيم( .1863 )1279في رجب سنة

واشتهر باآلداب العربية في بغداد والعراق غير اآللوسيين والسويديين في أواسط القرن التاسع عشر بعض األئمة. وها نحن نذكر منهم الذين أبقوا آثارا من علمهم طبعا أو

خطا على ترتيب سني وفاتهم. )البيتوشي( هو ابن محمد عبد الله بن محمد الكردي

البيتوشي من كبار أدباء بالده. ولد في بيتوش من قرى ( وجد في طلب العلم ثم تقدم1748 )1161العراق سنة

بغداد طلبا لمعاش وارتحل منها إلى بلدة االحساء فابتسم له الدهر وحسنت حاله واشتهر صيته وانقطع إلى التأليف

في الصرف والنحو ونظم كتاب كفاية المعاني وشرحه وذيل شرح الفاكهي على قطر الندى البن هشام. وله نظم

حسن منه قوله متشوقا إلى وطنه: أال حي بيتوشا وأكنافها التي ... يكاد يروي الصاديات

سرابها

بالد بها حل الشباب تماني ... وأول أرض مس جلديترابها

(1/93)

لقد كان لي منها عرين وكان من ... مقامي لي سحبسكوب زبابها

ولم تشب لي إن ينب يوما بأهله ... مكان ولم ينعق عليغرابها

( . وكان األحق بنا أن1798 )1213توفي البيتوشي سنة ة أفاضل نذكره في األبواب السابقة فأثبتنا أخباره هنا بقي

العراق وكذا فعلنا بالشيخين الوارد ذكرهما. )الشيخ عثمان بن سند البصري الوائلي( أصله من النجد

فسكن البصرة وكان يتردد كثيرا إلى بغداد وأشتغل بفنون لسان العرب وكان له في اللغة باع طويل وألف عدة

خ فيه ما وقع تآليف مفيدة منها كتاب في تاريخ بغداد أر في زمانه من الوقائع وسماها مطالع السعود في بطيب

أخبار الوالي داود وقد طبع مختصره في بمبي سنة . ومن تآليفه منظومة في علم الحساب ونظم1304

ة قواعد األعراب واألزهرية ومغني اللبيب. وله رسائل أدبي كفاكهة المسامر وقوة الناظر. ونسمات السحر وروضة

الفكر. وكانت له شهرة عظيمة في البصرة ونواحيها يقبل( .1834 )1250كالمه جميع أهاليها. توفي سنة

)الشيخ عالء الدين الموصلي( هو عالء الدين علي أفندي الموصلي واحد شيوخ شهاب الدين الوسني زاده. ذكره في كتابه نزهة األلباب في غرائب االغتراب وأثنى على

ة لكنه ذم أخالقه وضيق صدره وجهله بمداراة آثاره األدبيالناس قال:

كان ال يدري مداراة الورى ... ومداراة الورى أمر مهموروى له شعرا حسنا منه:

لئن لم تشاهدني أخافش أعين ... فلي من عيون الفضلشاهد رؤية

وإن أنكرتني الحاسدون تجاهال ... كفاني عرفاني بقدريوقيمتي

ها ... وأين زالل من سراب فأين لشمس االستواء من السبقيعة

وليس الذي في الناس كالحي ميت ... لفضل وإفضالفحي كميت

وقوله:وزمان عدت على لياله ... وقصتني قوادمي وجناحي

ودعتني صروفه في شتات ... وعناء وخيبة ونزاحال لذئب أتيته غير أن ال ... فضل لم نلقه قرين نجاح وإذا ما الصالح فيكم فساد ... ففسادي الذي لديكم

صالحي(1/94)

م( وأنشد قبل1827 )1243وكانت وفاته بالطاعون سنة وفاته:

أسفي على فصل قضيت ولم أكن ... أبصرت عارف حقهفيبين

ومن العلوم الغامضات ورمزها ... أملي قضيت وللفنونديون

وأخذت في كفني علوما لم أجد ... مستودعا هي فيالدفين دفين

)عبد الحميد الموصلي( هو عبد الحميد ابن الشيخ جواد

الموصلي الشهير بابن الصباغ أحد شعراء العراق الذينق لم فوا تلك األصقاع بآدابهم. وشعره رقيق لكنه مفر شر

يجمع في ديوان. فمن قوله أبيات كتبها إلى الشاعر بطرس كرامة والتزم في كل صدورها وأعجازها تاريخا

ة إال المصراع األخير فجعله األخير1844المسنة المسيحيهجريا هذا مطلعه:

بعثنا إليكم بنت رمز من الفكر ... دهاها جوى أعطت بهخالص الشعر

آمنتم صروع الدهر من قيد حادث ... شهدتم هالل األفقمن كامل الشهر

ميامن ترعى بطرسا في كرامة ... إلى غاية الدنيا إلىأوحد الدهر

هديتم بنور الرب بابا فأرخوا ... هو الله ال ما زل منمشرق الفجر

فأجابه بطرس كرامة برسالة طويلة نظما ونثرا أفتتحهابقوله:

عشقتكم من قبل لقياكم ... وكل معشوق بما يوصفها من نورها تعرف كالشمس ال تدركها مقلة ... لكن

وقال الشيخ عبد الحميد يمدح شيخ ناصيف اليازجي منقصيدة:

كبش الكتائب والكتاب وأنه ... بالنحر ينطح هامة ابنخروف

متوقد األفكار يوشك في الدجى ... يبدو له المستوركالمكشوف

فطن تمنطق بالفصاحة وارتدى ... جلباب علم النحووالتصريف

إلى أن ختمها بقوله وفي البيت األخير تاريخ السنتينة ) ة والمسيحي ( :1847 - 1264الهجري

ال زال محفوفا بحظ وافر ... والخط مثل الخط بالتصحيف

فيه صفا عبد الحميد مؤرخا ... ناهيت نظمي في مديحنصيف

وله مخمسا لقصيدة الشيخ ناصيف المهملة فجعلتخميسه مهمال كقصيدة الشيخ:

(1/95)

عدو المرء أوالد ومال ... لو اسمهم أساودها صاللأحاول طولهم وهو المحال ... ألهل الدهر آمال طوال

وأطماع ولو طال الماللومنها:

مرور العسر مرمر كل حال ... وأمر الله دمر كل حالسرورك والهموم دالء دال ... كرور الدهر حول كل حال

هو الدهر الدوام له خال (1854 )1271وكانت وفاة الشيخ عبد الحمد ابن الصباغ

فرثاه الشيخ اليازجي بقصيدة جميلة استهلها بقوله: ال عين تشبت في الدنيا وال أثر ... ما دام يطلع فيها

الشمس والقمرإلى أن قال:

قد كنت انتظر البشرى برؤيته ... فجاءني بغير ما قد كنتأنتظر

إن كان قد فات شهد الوصل منه فقد ... رضيت بالصبرلكن كيف أصطبر

أحب شيء لعيني حين أذكره ... دمع وأطيب شيء عندهاالسهر

هذا الصديق الذي كانت مودته ... كالكوثر العذب ال يغتالهاكدر

ال غرو أن أحزن الرواء مسرعه ... فحزنه فوق لبنان له

قدر فأستحسن أهل بغداد هذه المرثية وقرظها السيد شهاب

الدين العاوي بأبيات منها:ت بتأساء وتعزية ... عليهما يحسد األحياء من وافت فعر

قبرواخها بقوله: وأر

أسديت سلوة محزون مؤرخة ... أسدى رثاء به السلوانوالعبر

)عبد الجليل البصري( هو السيد عبد الجليل بن ياسين البصري ينتهي نسبه إلى علي ابن أبي طالب ولد في

ارة1776 )1190البصرة سنة م( ثم أرتحل منها إلى الزبة ابن السعود فسكنها حتى استولى عليها صاحب الدرعي

م(1843 )1259فسار إلى البحرين وسكن بها إلى سنة م( .1854 )1270ثم أستوطن الكويت وتوفي هناك سنة

وأشتهر عبد الحكيم بالحكم والكرم وكان ذا أدب وعلم )1300كما يشهد عليهما ديوان شعره الذي طبع سنة

280م( في بمبي )ص 1883 ( . وأول نظمه قالها مؤرخا( :1796 )1211مولد أبنه عبد الوهاب سنة

(1/96)

حمدت الله إذ أسدى بفضل ... وآالء تسامت أن تضاهيكريم من فيمن أضحت ... رياض القلب مخضرا رباها

وطاب العيش وانكشفت هموم ... كذاك النفس منتقياعناها

فيا من قد منت بغير من ... بمن ساد الورى فخرا وجاهاأدمني فيه مسرورا دواما ... وفيه العين قر بها كراها

ووفقه لما نرضي وجنب ... هوى األهواء وأحفظ من غواها

خت ال بني ... بطلعته بشير السعد باها وخير الفال قد أر وقال على لسان فقير من أبناء السبيل طلب منه أبياتا

يرتزق بها: يا ماجدا ساد عن فضل وعن كرم ... وهمة بلغت هام

السماك عالا وافرا يا من إذا قصد الراجي مكارمه ... نال األماني وبر

عجالا قصدناك واآلمال واثقة ... بأن جودك ينفي فقر من نذال إن جئنا ظماء وحسن الضن أوردنا ... إلى معاليك ال نبغي بها

بدال لقد أضر بنا جور العداة وما ... أودي بنا الدهر يا بؤس

الذي فعالة وفراق قاتل وبال عسر وعزبة دار ثم مسكنة ... وذل نشكو إلى الله هذا الحال ثم إلى ... ندب جواد يفيد

القاصد األمال عسى نصادف من حسناك مرحمة ... تكون رفدا لنا إذا

نقطع السبال خير أدعية ... يزفها قلب عاف بات مبتهال وأغنم بذلك منا

ال زلت تولي جميال كل ذي أمل ... في رفعة ونعيم دام صال مت

وله يذم آفات يضيق ويعدد مساوئه: الغيظ آفات يضيق بها الفتى ... فإذا استطعت له دفاعا

فأجهدمنها حجاب الذهن عن إدراكه ... أمرا تحاوله كأن لم يعهد

وبه يرى الفطن اللبيب كأنه ... مما به المعتوه أو كاألبلهوبه الحليم إلى الجهالة صائر ... ويهد عنه به منار السؤددوبه يسئ لدى الورى أخالقه ... حتى يقال له لئيم المحتد

صوح كعائب ال يرعوي لصحيح قول نصيحة ... وبرى النومفند

من حب طب بما تناول علمه ... وأخو النباهة يقتديبالمرشد

وقد سبق لنا حكم السيد عبد الجليل البصري لبطرس كرامة على الشيخ صالح التميمي وروينا أبياتا من قصيدته

( )الشيخ عبد64في مدح الشاعر النصراني فراجعها )ص ة عن الشهاب الفتاح شواف زاده( أخذ العلوم األدبي

ف تعليقات على اآللوسي حتى صار من الفضل األدباء. صنكتب عديدة وقد كتب ترجمة شيخه

(1/97)

اآللوسي في جزأين كبيرين ودعاه حديقة الورود فية ه دقائق أدبي ترجمة أبي الثناء شهاب الدين محمود وضمن

ة. توفي سنة م( . وأشتهر1855 )1272ومسائل علمي بعده أخوه عبد السالم ووضع تصانيف عديدة منها كتاب في المواضع وانتهى إليه علم الفقه والحديث. وال نعرف

سنة وفاته. )السيد عبد الفتاح السافي( هو الشيخ محمد أمين الشهير

ة ونال من بالواعظ. كان ذا خبرة تامة بالمسائل الشرعي الفن األدب بأوفر نصيب. وكان ماهرا في إنشاء الصكوكفات ف عدة مصن ة. وصن ودرس مدة في المدرسة الخاتوني

كمنهاج األبرار ونظم التوضيح وكان لهو النظم اللطيفمنه قوله في مدح السيد محمود اآللوسي مخمسا:

يا سائلي عن بحر علم قد طما ... بعلومه يروي العطاش من الظما

إن قلت صف لي نداك توسما ... إن الشهاب أبا الثناء لقدسما

قدرا على أقرانه من أوجه

سعد السعود ببابه متقاعدا ... والمشتري برحابه متعاقدا حسبت عطاردا ال تنكرن ألنسه يا جاحدا ... ما زارني إال

في الدار أمسى نازال من أوجهه ( فقال السيد عبد الغفار1856 )1273وتوفي سنة

األخرس فيه رثاء ختمه بهذا التاريخ: بكى العلم والمعروف أرخ كليهما ... بقبر ثوى فيه األمين

محمد )السيد محمد سعيد( كان أبوه محمد أمين الشهير

بالمدرس يعلم في بغداد العلوم اللسانية ووضع فيها بعضفات فلما توفي سنة ( خلفه أبنه1821 )1236المصن

السيد محمد وقلد عدة مناصب كالنيابة واإلفتاء ثم أنفصل م(1857 )1273وبقي مشغوال بالتدريس إلى سنة وفاته

وتآليفه منها نحوية ومنها شرعية وصفه السيد نعمان أفندي اآللوسي بقوله: )إنه كان ذا تقوى وديانة وعفة وصيانة ال يغتاب أحدا وال ينم على أحد أبدا وكان بشع

الخط حديد المزاج كثير الوسواس عي الكالم ... وكان كثير الصدقات على اليتامى واألرامل( . ولما مات رثاه

السيد عبد الغفار األخرس بقوله:(1/98)

ة دارها الخلود في رحمة الله حل شيخ ... وجنتفيض من صدره علوم ... وقد طمى بحرها المديد

ولم يزل ميتا وحيا ... من علمه الناس تستفيدسار إلى ربه غير فان ... بالعز وهو العزيز الحميد

ومذ توفاه قلت أرخ ... مضى إلى ربه سعيد )عبد الباقي العمري الفاروقي( هو أديب العراق عبد

الباقي بن سليمان بن أحمد العمري الفاروقي الموصلي

م( انتهت إليه رئاسة1789 )1204ولد في الموصل سنة الشعر واألدب في وطنه. تغذى منذ صغره لبان العلم.ة وهو أبن عشرين إلى منصب وأنتدبته الحكومة السني

كتخدا ووكيل الوالي فرافق القاسم باشا وعلي باشا إلى بغداد وقام بأعباء رتبته أتم قيام وكذلك سار بالعساكر

ة إلى قبيلتي الزكرت والشمرت في النجف فقص الشاهاني جناح الفتنة بينهما بحسن درايتها وعاد إلى بغداد مقرونا باليمن واإلسعاد ونال الحظوة من الدولة العلية. ثم إلى الكتابة واآلداب فشاع نثره الرائق وشعره الفائق فألف

التآليف التي أحرز بها قصب السبق من مضمار أدباء العراق وفاز بين فصحائهم بالقدح المعلى. وكانت وفاته

خ نفسه في عام مماته1861 )1278سنة ( قيل أنه أرببيت كتب على قبره:

بلسان يوجد الله أرخ ... ذاق كأس المنون عبد الباقي أما تآليفه فكلها ناطقة بفضله وتوقد فهمه منها ديوان أهلة

األفكار في مغاني االبتكار وكتاب نزهة الدهر في تراجم فضالء العصر وكتاب الباقيات الصالحات وكتاب نزهة الدنيا أودعه تراجم بعض رجال الموصل في القرن الثاني عشر

والثالث عشر وله ديوان شعر يسمى بالترياق الفاروقية بمطبعة حسن أحمد من منشآت الفاروقي طبع مر

صفحة ثم أعاد طبعه336 بمصر في 1287الطوخي سنة الشيخ عثمان الموصلي بعد توسيع أبوابه وتكملته سنة

صفحة. وهانحن نذكر بعض نتف من456 في 1316 شعره تنويها بعلو مقامه في اآلداب قال يؤرخ جلوس

السلطان عبد العزيز وأجاد:للتلغراف الفضل إذ جاءنا ... يقول بشاركم بلفظ وجيز

ا بظل الله عبد العزيز تكم أرخوا ... هز قد أحرزت ملوقال في التشبيه:

(1/99)

كأن ضوء البدر في ... دجلة حين يشرقوالموج في أثنائه ... منه العباب يخفققراضة من ذهب ... طفا عليها الزئبق

وقال في فتح الدولة العلية لحصن سيوستبول مع دولتينالفرنسوية واإلنكليزية:

أقول المدول المنصور عكرها ... ال زال عكرها باللهمنصورا

ة في ... ما بينكم واتحدتم لما اتفقتم على صدق المحبصرتم سورا

بسطوة دعت األطواد راجفة ... دمرتم محصنات الروستدميرا

مدافع غطت الدنيا غمائمها ... فغادرت صبح يوم الحربدبجورا

أفواهها دامت المنار ألسنة ... فقررت درس ملك الروستقريرا

رعد وبرق وغيم من سدى ولظى ... ومن دخان أعادالكون ممطورا

اقلهم فر لما فر أكثرهم ... لكونه بات مقتوال ومأسوراى على هاماتهم طربا ... حتى حسبناه فوق والسيف غن

الغصن شحرورا غادرتم البر بحرا يستفيض دما ... والبحر برا على األشالء

معبورا سبوسبتول التي أعيت معاقلها ... سخرتم حصنها أرخت

هـ(1271تسخيرا ) وله مشطرا أبياتا منسوبة ألبي نصر الفارابي الفيلسوف

الشهير:

)كمل حقيقتك التي لم تكمل( ... وعن ارتكاب النقص كنفي معزل

وابغ لنفسك ما ترقيها به ... )والجسم دعه في الحضيضاألسفل(

)أتكمل الفاني وتترك باقيا( ... تكميله أولى بحق األكمل فهو الذي ال ينبغي لك تركه ... )همال وأنت بأمره لم

تحفل( )فالجسم للنفس النفسية آله( ... تقضي المرام بها إذا لم

تكسل ولكم عليها من حقوق للعال ... )ما لم تحصلها به لم

تحصل( )يفني وتبقى دائما في غبطة( ... إن فارقته ودولة لم

تنقلوسعادة أبدية ال تنقضي ... )أو شقوة وندامة ال تنجلي( )أعطيت جسمك خادما فخدمته( ... وأحلت حكم معزز

لمذلل وجعلت من هو فوقه من دونه ... )أتملك المفضول رق

األفضل( )شرك كثيف أنت في حبالته( ... قيد الحياة أسير قيد

مثقلة حياة ... )مادام يمكنك الخالص فعجل( منه وأنت به بأي )من يستطيع بلوغ أعلى منزل( ... متدرجا فوق السماك

األعزلا تحت أخمص رجله ... )ما باله يرضى بأدنى ويرى الثري

منزل( ولعبد الباقي الفاروقي مع أدباء زمانه مراسالت لطيفة

فمدحوه ومدهم بقصائد(1/100)

ال تحصى ال يسعنا ذكرها وكثير منها يتضمن الطرف المستطرفة ونكتفي بذكر بض أبيات قالها في تقريظمقامات مجمع البحرين للشيخ ناصيف اليازجي أولها:غرر أم درر مكنونة ... في عباب البحر بين الصدفين

إلى أن قال:قد أتتني تتقاضى دينها ... فوفت للمجد عني كل دين

بمزاياها العقول ارتسمت ... فمحت عن عين عقلي كلغين

وتجلت صور العلم بها ... فجلت عن كل قلب كل رين وعلى اإلحسان والحسن معا ... طبعت والطبع مشغوف

بذينشأتين رحت من راحة معناها ومن ... روح مبناها حليف الن

يا لسفر لسفرت ألفاظها ... بين أفقية سفور النيرين يا له قاموس فضل قد طوى ... مجمع البحرين بين

الدفتين( بقصيدة بائية يقول فيها:1848 )1264وكان مدحه سنة

ني ... قلم بدا بيدي نصيف أبلى النوى جسدي النحيف كأنالكاتب

حبر حال في حبره قرطاسه ... كالتبر لما الح فوق ترائب فسطوره وطروسه في حسنها ... حاكت سماء زينت

بكواكبوختمها بقوله:

لو قمت طول الدهر أنشد مدحه ... بين األنام فلم أقمبالواجب

وبمدحه العمري آب مؤرخا ... ترتيب مدحي في نصيفالكاتب

فقال الشيخ ناصيف يجيبه بقصيدة من البحر والقافية:

أحسنت في قول وفعل بارعا ... وكالهما للنفس أكبرجاذب

أنت الذي نال الكمال موفقا ... من رازق من شاء غيرمحاسب

فإذا نظمت فأنت أبلغ شاعر ... وإذا نثرت فأنت أفصحخاطب

وإذا نظرت فعن شهاب ثاقب ... وإذا فكرت فعن حسامقاضب

هذا رسول لي إليك وليتني ... كنت الرسول لها بمعرضنائب

ومن أقوال الفاروقي وصفه للتلغراف:خط التلغراف حروف جر ... يجيء بها من الغور البعيد

ويلفظها بغير فم ولكن ... بالسنة حداد من حديد هذا وقد أشرنا سابقا إلى قصيدته الخالية التي عارض بها

خالية بطرس كرامة(1/101)

( من الطبعة الجديدة243 - 247تجدها في ديوانه )ص فدارت بسببها المراسالت بين الشاعرين. وقد هنأه

بطرس كرامة برتبته الكتخداوية بقصيدة مطولة يقولفيها:

الشاعر الفرد الذي أهدى لنا ... درر البحور نظمن فياألوراق

در بجيدك أم حباك قالئدا ... من شعره العمري عبدالباقي

جمع الفصاحة بالبالغة مثلما ... قرن الحجى بمحاسناألخالق

وممن خدموا اآلداب بين العراقيين غير المذكورين بعض أهل الفضل ممن لم نعلم من أحوالهم إال النزر القليل فنثبت هنا أسماءهم تتمة للفائدة فمنهم )الشيخ يحيي المروزي العمادي( أصله من العمادية من قرى األكراد

قرب الموصل برز في التدريس وصار عليه المعول في مذهب األمام إدريس وكان أحد مشايخ الشهاب اآللوسي الذي أثنى على زهده وعلو في نفسه وخصه ببيتين قيال

في الشافعي: علي ثياب لو يباع جميعها ... بفلس لكان الفلس منهن

أكثرا وفيهن نفس لو تباع بمثلها ... نفوس الورى كانت أعز

وأكبرا ( . ومنهم1834 )1250توفي الشيخ العمادي سنة

)الشيخ أحمد بن علي بن مشرف( كان أصله من نجد فأنتقل إلى العراق وطار صيته فيها ومات بعد السنة

وكان أعمى يحسن نظم الشعر فمن قوله في1250المدح ما أنشد في آل مقرن:

ومهما ذكرنا الحي من آل مقرن ... تهلل وجه الفخروأبتسم المجد

هم نصروا اإلسالم بالبيض والقنا ... فهم العدى حنف وهمالهدى جند

غطارفة ما أن ينال فخارهم ... ومعشر صدق فيهم الحدوالجد

ومنهم )عبد الغني بن الجميل( هو عبد الغني أفندي ( وأتقن1780 )1194الشهير بابن جميل. ولد سنة

الفنون العربية واتسع سائر العلوم. ورحل مرارا إلى دمشق الشام وصاحب فضالءها كالشيخ عبد الرحمن

الكزبري والشيخ حامد العطار حتى فوض إليه رضا باشا إفتاء الحنفية في بغداد ثم أصيب ببعض اآلفات والباليا

( وله شعر طيب كله1862 )1279وتوفي ابن جميل سنة في الحماسة فمن ذلك قوله:

أيذهب عمري هكذا بين معشر ... مجالسهم عاق الكريمحاولها

(1/102)

وأبقى وحيدا ال أرى ذا مودة ... من الناس ال عاش الزمانملولها

وكيف أرى بغداد للحر منزال ... إذا كان مفري األديم نزيلها فما منزل فيه العداء بمنزل ... وفي األرض للحر الكريم

بديلها ومنهم )محمد األخفش( هو محمد سعيد أفندي البغدادي

الشهير باألخفش. قرأ على العالمة اآللوسي وشرح األلفية في النحو لإلمام السيوطي. وكان محبا لآلداب وله شعر حسن أخذته يد التلف وكان كثير المزاح واللطائف توفي

( . ومنهم1863سنة نيف وثمانين بعد المائتين واأللف ) الشيخ جمال الدين الكواز كان أصله من الحلة ويرتزق

بحرفة الكوازة إال أنه كان مشغوفا باآلداب خفيف الروح حسن المحاضرة وله شعر كله في الغزليات وقيل انه

)1279نظم الشعر قبل البلوغ. توفي في الحلة سنة ( . ومنهم )الشيخ عيسى البندبيجي( هو أبو الهدى1862

عيسى أفندي صفاء الدين البندبيجي أصله من بندبيج على حدود بالد العجم فسكن بغداد ودرس العلوم اللسانية

والفقهية واألدبية حتى أشتهر فيها وكأن ذا تقوى وصالح ودرس زمنا في مدرسة داود باشا وجعل رئيس

المدرسين. ومن تآليفه كتاب تراجم من دفن في بغداد( .1876 )1283وضواحيها توفي سنة

)أدباء المغرب( أن أخبار المغرب تكاد تكون مجهولة في أصقاعنا فدونك النزر القليل الذي أمكنا جمعه في تراجم

أدباء تلك الجهات. )سليمان الحرائري( هو أبو الربيع عبده سليمان بن علي

(1824 )1241الحرائري الحسني ولد في تونس سنة وأصله من أسرة قديمة قدمت من العجم إلى المغرب فدرس العلوم الدينية في وطنه ثم تفرغ لدرس اللغة

الفرنسوية والعلوم الرياضية والطبيعيات والطب. وعهد سنة ثم أتخذ15عليه تدريس الرياضيات في بلده وعمره

قدم1846بأي تونس كرئيس لكتاب ديوانه. وفي سنة إلى باريس فصار أحد أساتذة مدرسة لغاتها الشرقية

وكان يحرر في جريدة عربية هناك تدعى البرجيس. ونشر فيها قسما من سيرة عنترة وكتاب قالئد العقيان للفتح بن خاقان ثم طبعهما على حدة. ومما طبعه في تونس كتاب مقامات الشيخ أحمد بن محمد الشهير بابن المعظم أحد أدباء القرن الثالث عشر للمسيح. ووصف معرض باريس

في كتاب سماه عرض البضائع العام. وله1867سنة رسالة في القهوة دعاها )بالقول المحقق في

(1/103)

تحريم البن المحرق( وعرب األصول النحوية للغوي ( وكذلك وضع كتابا فيLhomodالفرنسوي لومون )

الطبيعيات والظواهر الجوية لخصه عن كتب الفرنج في1862وسماه رسالة في حوادث الجو وطبعه سنة

باريس. وال نعرف تاريخ وفاة الحرائري ولعله مات بعد إال أن تآليفه كلها قبل هذا العهد.1870سنة

؟ )محمد التونسي( هو محمد بن عمر بن سليمان

م( وتخرج على شيوخ1789 )1204التونسي ولد سنة األزهر في مصر ثم سافر إلى درفور والسودان وكتب

تفاصيل رحلته في كتاب دعاه: كتاب تشحيذ األذهان بسيرة بال العرب والسودان. وقد طبعت هذه الرحلة على

بهمة المستشرق1850الحجر في باريس سنة ( الذي نقل مضامينها إلىperronالفرنسوي بارون )

الفرنسوية وذيلها بالحواشي. ولما عاد التونسي من رحلته خدم اآلداب في مطبعة بوالق فتولى تصحيح مطبوعاتها

( .1857 )1274توفي سنة )محمود قبادو( هو الشيخ السيد أبو الثاء محمود قبادو

الشريف. كلف بإحراز اآلداب فنال منها نصيبا وافرا. وكانت له ذاكرة عجيبة ال ينسى شيئا مما سمعه قيل انه

سمع يوما رسالة افرنسية وهو ال يعرف تلك اللغة فأعادها بحرفها. وكان متضلعا بكل علوم العرب لكنه برز في

الشعر وكان يقوله بديها. وله ديوان شعر في جزأين جمعهتلميذ الشيخ عبده محمد السنوسي فطبعه في تونس )

( . توفي السيد محمود ولم يدرك1296 - 1293 ( . وكان1780 )1288الخمسين من عمره نحو السنة

بينه وبين الكنت رشيد الدحداح صداقة ومراسالت. وقد روى له الشيخ رشيد بعض اآلثار الدالة على فضله من ذلك تشطيره لقصيدة بشر بن عوانة في مبارزة األسد

بعد أن أفتتحها بأبيات حسنة يقول فيها: أفاطم هل علمت مضاء عزمي ... ومطمح همتي نخوا

وكبرا وجود يدي وإقدامي وبأسي ... وال أعصي لباغي العرف

أمرا تلين لمن يسالمني قناتي ... وتصلب أن يرم ذو الغمز

هصراوأني ال أعد الوفر ذخرا ... ولكني أعد الذكر ذخرا

ثم يليها التشطير الذي هذا أوله: )أفاطم لو شهدت لبطن خبت( ... لهانت عندك األخبار

خبرا(1/104)

ولو أشرفت في جنح عليه ... )وقد الق الهزبر أخاكبشرا(

)إذا لرأيت ليثا رام ليثا( ... وكل منهما بأخيه مغرييرى كل على كل ثقة أخاه ... )هزبرا أغلبا ال في هزبرا(

فكاد يربيه فيخال مني ... )محاذرة فقلت عقرت مهرا( ... ومن نظمه قصيدة دالية قالها تهنئة للسلطان عبد المجيد

( ضمنها عددا وافر من التواريخ وتفنن1856 )1276سنة فيها على طرائق عجيبة. ومن مديحه قوله في الكنت

رشيد: فيا مخبرا الحت بمرآة طبعه ... خبايا طباع الدهر فهي له

تبدو بقيت رشيدا طبق وسمك مرشدا ... يهيأ من كل األمور

لك الرشد

أدباء النصارى نذكر الذين اشتهروا من النصارى بخدمة اآلداب العربية

في هذا الطور مدونين أسماءهم على توالي الزمان. )جبرائيل المخلع( هو جبرائيل بن يوسف المخلع ولد في دمشق في أواخر القرن الثامن عشر وتفقه في العلوم

العربية والتركية والفارسية ثم سافر إلى مصر وبقي فيها مدة يتنقل في دواوين اإلنشاء في اإلسكندرية ثم عاد إلى

. ومن مآثره ترجمة كتاب1851دمشق ومات نحو السنة

شهير عند العجم يسمى الجلستان أي روضة الورد لصالح الدين السعدي. عربه تعريبا متقنا بالنظم الرائق والنثر

في بوالق. وهذا1846المسجع المنسجم ثم طبعه سنة ( : )حكاية( نظرت أعرابيا في84مثال من ترجمته )ص

حلقة الجوهرية بالبصرة، وهو يقول: اسمعوا يا ذوي النقد والخبرة، كنت ضللت في الصحراء طريق الجواز، ولم يبقى معي من معنى الزاد وال المجاز، فأيقنت بالهالك،

وسمحت له بالفؤاد إذ ذاك، فبينما أنا في البيداء اقتضى الضر، وإذا بي وجدت كيسا ممتلئا بالدر، فال أنسى ما

عالني من الفرح والمسرة، إذ توهمت أن أجد قمحا مقليا في تلك الصرة، فلما تحققت فيه وعاينت الدر والملس،دهشت من الفم الذي ال يبرح عن الفكر بحلول الياس.

في يابس البيد أو حر الرمال فما ... لظامئ القلب يغنيالماس والصدف

العادم الزاد إذ تهوى به قدم ... له استوى الذهب المكنوزوالخزف

(1/105)

)حكاية( كان بعض العرب ينشد من شدة الظمأ، وقد عالعليه حر البادية وحمى:

تي ... يوما أفوز بمنيتي يا ليت قبل منينهرا يالطم ركبتي ... وأظل أمال قربتي

)حكاية( كذلك ظل في قاع البسيطة بعض السفار، ولم يبق معه قوت وال قوة اقتدار، ما خال يسرا من الدراهم قد ادخره في وسطه ولم ينفقه في الضيق، وال اهتدى بعد أن

طاف كثيرا إلى الطريق، فهلك بالمشقة، وبعد المشقة، فمر عليه طائفة من الناس، فوجدوه قد وضع الدراهم عند

الرأس، وخط على التراب من عدم القرطاس: جميع نضار الجعفري لمن خال ... عن الزاد ال يغنيه شيئا

من الضر ومن يحترق في الفقر فقرا فأنه ... له السلجم المطبوخ

خير من التبر وفي تقريظ ترجمة هذا الكتاب قال شهاب الدين الشاعر

المصري: كواكب أشرقت تزهو بأنوار ... أم الح لي روض أزهار

وأنواركال بل األلمعي اللوذعي بدا ... منه بدائع أسجاع وأشعار زهت معاني جلستان البديعة في ... ما صاغ من عربي

اللفظ للداري ال غرو أن جاء جبريل الكريم بما ... مقرؤه حيث يتلى

يعجب القاريرت عنه براعته ... عبارة أظهرته أي إظهار معرب عب منثوره درر في سمطه نظمت ... نظما بالغته جاءت

بأسرارخت أزهى بهيج روض وإذ زها حسنه بالطبع مبتهجا ... أر

أزهار )مارون النقاش( هو مارون بن الياس بن مخائيل النقاش

ثم انتقل مع والده إلى بيروت1817ولد في صيدا سنة وانكب على دروس اللغات واآلداب العربية حتى حذق فيها

واخذ عن المرسلين الالتينيين مبادئ اللغتين الفرنسوية واإليطالية. وكان مارون مع سعة علمه فاضال تقيا متشبثا

بالدين مثابرا على تعاليمه وقد جعلته الحكومة السنية باشكاتبا لدواوين )كمارك( بيروت وملحقاتها. ثم تجول

مدة في القطر المصري وأجتمع بأدبائه ثم ساح في أنحاء أوربا ورجع مغرى بفن التمثيل فعرب عدة روايات وسعى

بتشخيصها وكان أول من مهد الطريق لهذا الصنف من

المالهي في هذه البالد. وقد طبع بعد وفاته أخوه نقوال المحامي الشهير قسما من رواياته في كتاب سماه أرزة لبنان يحتوي روايات البخيل والمغفل والحسود حذا فيها مارون حذو الرواية موليار الفرنسوي وأودعها كثيرا من العادات الشرقية. وجاره في عمله أخوه نقوال المذكور وسليم ابن أخيه خليل فراجت بذلك سوق الروايات ويا

ليتها كسدت مع كثرة مضارها وقلة من يراعون فيها األدبالصالحة. ثم سافر مارون

(1/106)

النقاش إلى طرسوس المتاجرة وفيها كانت وفاته سنة فقال أخوه نقوال يرثيه:1855

بدر هوى ال بل ذوى ... غصن وذا مرقدهنقاش علم سيد الع ... لم ارتضى يسعده

يا رحمة المولي على ... ماروننا تعضدهويصب هاطل غيتها ... أرخ وتغمده

ثم نقلت بعد ذلك رفات المرحوم إلى بيروت ودفنت فيها فقال شقيقه:1856سنة

ناديت مذ عاد سؤلي منتهى األمل ... طرسوس ال ناقتيفيها وال جملي

عودا كبدر تواله الخسوف لذا ... ها قد أرخت سناه غيرمكتمل

وكان مارون صديقا للشيخ ناصيف اليازجي يتناوبان على الرساالت الودية األدبية منها رسالة وجهها الشيخ ناصيف

إلى مارون إذ كان في طرسوس أولها: ماذا الوقوف على رسوم المنزل ... هيهات ال يجدي

وقوفك فارحل

قال فيها:ك علم ما لم تجهل يا أيها النحرير جهبذ عصره ... مالي أبث

إن المقدم للحكيم إفادة ... كمقدم للشمس ضوءالمشعل

بعد المزار على مشوق لم يكن ... يشفى عن قربالمزار األول

وختمها بقوله:إن كان قد بعد اللقاء لعلة ... فابعث إلي بأبهة المتعلل

فأجابه مارون بما مطلعه: وردت إلي من المقام األفضل ... غرثى الوشاح من

الطراز األولإلى أن قال:

يا من ذا سمح الزمان بنعمة ... أبقاك نورا في الظالملينجلي

كل الرجال إذا مضوا يرجى لهم ... بدل سواك فلستبالمستبدل

جاريتني فقصرت دونك همة ... حتى عجزت فقد يحقالعذر لي

دا باألرجل دا بلسانه ... مثل األسير مقي إن الضعيف مقي فلما نعي إلى الشيخ صديقه بعد أشهر نظم في رثائه

قصيدتين من أجود مراثيه(1/107)

قال في الواحدة: مات الحبيب الذي مات السرور به ... من القلوب وعاش

الحزن والضرم قد كنت اشكر بعاد الدار من قدم ... فحبذا اليوم ذاك

البعد والقدمومنها:

هم أي الفضائل ليست فيك كاملة ... وأي عيب تراه فيك يت فيك التقى والنقا والعلم مجتمع ... والحلم والحزم

واإلحسان والكرم نرثيك بالشعر يا نقاش بردته ... والشعر يرثيك حتى تنفذ

الكلم تبكي عليك القوافي والمحابر وال ... أقالم والصحف

واآلراء والهمم وكل ديوان شعر كنت تنظمه ... وكل ديوان قوم فيك

ينتظموفي ختامها:

إن كنت قد سرت عن دار الفناء فقد ... نلت البقا حيث الشيب وال هرم

إن السعيد الذي كانت عواقبه ... بالخير في طاعةالرحمان تختتم

ومما قال في المرثاة الثانية: الموت يختار النفيس لنفسه ... منا كما نختار نحن فما

اعتدىوقد نال منا درة مكنونة ... كانت لبهجتها الدراري حسدا

كنز ذخرناه لنا فاغتاله ... لص المنية خاطفا متمرداوختمها بهذا التاريخ:

لو غبت عن نظر فقد خلفت بالت ... اريخ ذكرا فيالقلوب مخلدا

وكذلك رثاه الشاعر المفلق أسعد طراد بقصيدة طنانةأولها:

دهر يغر فخذ من دهرك الخورا ... أما تراه بربك العجبوالعبرا

وختمها بتاريخ هذا منطوقه:

لو غاب قل في السما تاريخه سيرى ... فإنه في نعيم اللهقد حضرا

ولمارون النقاش ما خال رواياته قصائد متفرقة وفقرات ورسائل جمع أخوه قسما منها في أخر كتاب أرزة لبنان

منها منظومة في نحو مأتي بيت علم العروض والقوافي. ومن نظمه قصيدة قالها في الشاعر الفرنسوي دي

المرتين لما الربوع السورية دعاها كوكب المغرب. ومنها أيضا قصيدة تهنئة رفعها إلى سعيد باشا خديوي مصر سنة

( أولها:1853 )1270(1/108)

لسعد سعود من سلفوا حدود ... وسعد سعيد مصر لهخلود

أتاه النيل معترفا بفضل ... له إذ فاض من كفيه جودفهذا حكمه مد وجزر ... وهذا حلمه طام مديد

فقد بلغت مناقبه كماال ... ومهما ازداد مدحا ال يزيد وكتب من اإلسكندرية مجيبا على قصيدة لخوري يوسف

الفاخوري معلمه:هل هالل هل أم أهل الكرم ... نثروا التبر على خط القلم

إلى أن قال:أي أبي الروحي ولوال الئمي ... قلت من يشبه أباه ما ظلم

اك العلم فهو بحر نلت من فيضانه ... وأنا تلميذ ذيمخزن العلم وفي تدريسه ... معدن الحلم وكلي الهمم

قد كساني ثوب تعليم بما ... فتح الله عليه وقسملست أنسى جوده حاشا ولم ... أنس أياما تقضت في نعم

وللمرحوم عدة تواريخ منها تاريخ على لسان أسعد ابن:1842أخيه حبيب ومات صغيرا سنة

إني هالل قد دنوت من الثرى ... قبل أن أتم فهكذا ربيأمر

لكن لعمري لم أغب عن منزلي ... إال ألشرق في النعيمكما القمر

وكما روى النقاش نقش تأريخي ... ألفوز أسعد بالسعادةعن صغر

( ومنها قوله مؤرخا لوفاة البطريرك يوسف1842) الخازن وارتقاء خلفه غبطة السيد بولس مسعد سنة

1854: في أفق كرسي إنطاكية عجب ... بدر توارى وبدر فوق

سدتهإن غاب ذاك وأضنانا بعيبته ... فناب هذا وأشفانا بنوبته

خت بولس مختار دعا اإلله لذاك المرتضي خلفا ... أرلدعوته

( )إبراهيم بك النجار( وهو المعروف بإبراهيم1854)1822أفندي ولد في دير القمر سنة كان رجال هماما محبا

لآلداب منذ نعومة أظفاره فلما قدم لبنان الدكتور الفرنسوي كاوط بك رئيس أطباء العساكر المصرية سنة

نال من محمد علي باشا بأن يدخله مع غيره من1837 السوريين في مدرسة القصر العيني في مصر فتلقى فيها

1842الدروس الطبية ونال الشهادة المؤذنة ببراعته سنة ثم سافر إلى األستانة العلية ودرس على أساتذتها

المتطببين وبقي مدة هناك يتعاطى مهنته فأصاب شهرةعظيمة حتى

(1/109)

عينته الدولة العلية كطبيب أول للعساكر الشاهانية في تجول في1846مارستان بيروت العسكري. وفي سنة

كتابه )هدية1850أنحاء أوروبة وطبع مرسيلية سنة األحباب وهداية الطالب( في المواليد الثالثة وملخص

العلوم الطبيعية ثم عاد إلى بيروت ومعه أدوات طبعية ( :1900 )3فأنسأ مطبعته الشرقية )أطلب المشرق

( نشر فيها تاريخ رحلته إلى مصر وأعقبها بتاريخ1032 -1855هـ - 1275 - 1272السالطين العظام )سنة

م( وسماه مصباح الساري ونزهة القاري فقرضه1858مفتي زاده السيد محمد مفتي بيروت بقوله:

جزا الله المؤلف كل خير ... لهذا العقد في جيد الحسانأمصباح بدا أم بدر سار ... بأفق سما البالغة والمعاني

ومن حسن مساعي إبراهيم بك إنه عني باستجالب أدوات كما ذكرنا سابقا1855الطباعة لدير طاميش سنة

( . وكان للمترجم شعر قليل473( : 1901 )4)المشرق منه قوله في مدح السلطان عبد المجيد:

ملك أضاء على األنام بسبعة ... أحيا الزمان بها فماتالحسد

حزم وعدل رحمة وطالقة ... حلم وبذل غيرة ال تجحد دانت لباب جالله أمم الورى ... فغدت بشوكته تسر

وتسعد خضع السداد لحزمه وبعزمه ... هزم العدى بالسيف حيث

يجردفإذا الخطوب تجمعت قاتلوا لها ... عبد المجيد فإنها تتبدد

ة ذاته ... الح الصباح ونوره يتوقد وإذا تصور في الدجن . وكان1864 أيلول 12وتوفي إبراهيم بك بعز كهولته في

المذكور قليل الدين في حياته إال أنه قبل وفاته أنعم الله عليه باالرتداد إلى التوبة على يد المرحوم الخوري جرجس

فرج فقال الشيخ ناصيف اليازجي يرثيه:

سما ... كالماء طال عليه ضاق الرثا بنا من فرط ما اتالورد فانقطعا

ومنها: قد كان في طبه للناس منفعة ... فإذا أتى الموت ذاك

الطب ما نفعا وكان يبري من الناس الجراح فهل ... يبري جراح فؤاد

بعده انصدعا سارت إلى الله تلك النفس تاركة ... جسما يرى في تراب

األرض مضطجعا كل إلى أصله قد عاد منقلبا ... فانحط هذا وهذا طار

مرتفعا(1/110)

)طنوس الشدياق( هو الشيخ طنوس بن يوسف بن منصور الشدياق ولد في أوائل القرن التاسع عشر في

الحدث من ساللة قديمة أصلها من حصرون يعرف نسبها من القرن السادس عشر. درس طنوس مع أخوته في مدرسة عين ورقة وتعاطى التجارة مدة ثم انقطع إلى

خدمة األمراء الشهابيين فأرسلوه إلى عكا ودمشق وقام بأعباء خدمته بكل نشاط وأقيم بعد ذلك قاضيا على

النصارى في لبنان. وقد اشتهر طنوس بمعارفه التاريخية. وكان كافا بتاريخ لبنان فصنف كتابه المسمى بأخبار

األعيان في تاريخ لبنان جعله ثالثة أقسام في جغرافية لبنان ثم في أنساب أعيانه ثم في أخبار والته وقد راجع

في تأليف كتابه عدة مخطوطات سرد أسماءها في المقدمة. وهو أدق وأضبط ما وضع إلى يومنا ال سيما في تاريخ األزمنة األخيرة وساعده في تهذيبه وتنقيحه ونفقات

1859طبعه المعلم بطرس البستاني. وكان نجازه سنة بعد شغل نحو خمس سنوات وإنما نقصته فهارس

لالستدالل على مضامينه. وقد عرف صاحب هذا الكتاببتجرده عن األعراض كما قال:

خال تاريخنا من كل ميل ... ومين بين أخبار الزماندا ما له في النفع ثان وجاء بعون موالنا سديدا ... مقي

وله شعر لم يطبع وكان شديد التمسك1861توفي سنة بالدين مستقيم السيرة محبا للصدق. وهو أخو فارس

الشدياق لكنه لم يتبعه في ضالله. ومما يذكر من آثاره أيضا أنه كان يشتغل بمعجم األلفاظ العامية ولم ينجزه

)إبراهيم العورا( هو ابن المعلم حنا العورا الرومي الملكي الكاثوليكي ولد في عكة في أواخر القرن الثامن عشر

وتخرج باآلداب هو وأخوه ميخائيل على أبيهما الذي خدم في ديوان إنشاء محمد باشا الجزار ثم في ديوان سلفه سليمان باشا. فبرع إبراهيم في الكتابة وضم إلى كتاب ديوان اإلنشاء تحت نظارة والده وخاله إبراهيم نحاس

م( . وكان مغرما بتاريخ بالد1814 )1229وذلك سنة الشام يدون من حوادثها ما أمكنه ثم جمع ذلك في كتاب

ضمنه تاريخ سليمان باشا وافتتحه بمجمل أخبار القرن الثامن عشر ثم اتسع في تاريخ األحوال التي جرت في

آخر أيام الجزار(1/111)

وال سيما في عهد خلفه سليمان باشا إلى وفاته سنة ( ولم يزل يحسن هذا التاريخ ويهذبه حتى1818 )1234

( وفي مكتبتنا الشرقية نسخة منه1853 )1269أتمه سنة وهو سفر جليل يحتوي أمورا عديدة وتفاصيل ال تكاد

تجدها في غيره روى أكثر عن أدباء عصره وعن معرفته الخاصة مما عاينه بنفسه فزادت بذلك خطورته. توفي

فكتب الشيخ ناصيف اليازجي1863إبراهيم العورا سنة هذا التاريخ على قبره:

ال تجزعوا يا بني العورا واصطبروا ... فمن ذخر لكمباألمس قد فقدا

من فوقه أحرف التاريخ ناطقة ... في طاعة الله إبراهيمقد رقدا

)ناصيف المعلوف( هو أحد الذين اشتهروا في هذه المدة بين نصارى الشرق بآدابه ومعارفه اللغوية. وقد مر له في

الخ( ترجمة مطولة847: 773( :1905 )8المشرق ) بقلم الكاتب البارع عيسى أفندي معلوف نقتطف منها ما يليق بالمقام. هو ناصيف بن الياس بن حنا المعلوف. كان

أبوه في خدمة األمير بشير الشهابي يقطن مع أسرته فسلمه أبونا1823قرية زبوغا وفيها ولد ابنه ناصيف سنة

إلى بعض أفاضل المعلمين من كهنة ومرسلين فانكب على درس اللغات والعلوم بكل رغبة ثم رافق التاجر

1843الشهير يوحنا عرقتنجي في رحلته إلى أزمير سنة وأتم هناك دروسه في مدرسة اآلباء اللعازاريين وأتقن اللغات التركية واليونانية الحديثة واإلفرنسية واإليطالية

حتى أمكنه أن يصنف عدة كتب في كل هذه اللغات ( لكنه برز خصوصا1049: 8)أطلب قائمتها في المشرق

في التآليف التركية التي أقبل عليها المستشرقون وافاضوا في مدحها ونال بسببها األوسمة الشريفة

واالمتيازات الخاصة. وبين تآليفه ما يشهد له أيضا بمعرفة آداب لغته العربية وحسن إنشائه فيها وكان وجوه

األوربيين وأعيانهم يحبون أن يتخذوه كترجمان في أمورهم لكثرة آدابه وطالقة لسانه في كل لغات الشرق. توفي

.1865ناصيف في وباء الهواء األصفر في أزمير سنة

هذا ما أمكنا جمعه من مآثر النصارى في تلك المدة وال غرو أنه فاتنا من أعمالهم شيء كثير كما أننا لم نذكر بعض الذين عرفوا بآدابهم ولم يصبر على الزمان إال

القليل من كتاباتهم كالدكتور يوسف الجلخ الذي وردت له بعض خطب في أعمال الجمعية السورية. توفي سنة

وقد جمعت في كراس المراثي التي قال األدباء1869في وفاته منها تاريخ للشيخ ناصيف اليازجي:

(1/112)

قف عند تربة يوسف الجلخ الذي ... ما زال يغلب دينهدنياه

ولذاك نال ختام خير فائزا ... أرخ برحمة ربه ورضاه ومنهم الشيخ حبيب اليازجي ابن الشيخ ناصيف توفي سنة

وسنذكره مع والده وأخوته في تسطير تاريخ1870 اآلداب في الطور الرابع إنشاء الله. ومنهم الشيخ مرعي

( كان درس في عين ورقة وكتب1868 - 1782الدحداح ) في دواوين األمراء وتنقل في البالد وله رسائل وكتابات متفرقة وقد نشرت سيرة حياته في كراس خاص. قال

الشيخ ناصيف في تاريخ وفاته:أ في مضى الشيخ مرعي راحال عن ديارنا ... ولكن تهي

السماء له قصردا ... يدوم كما يبقى له وأولى بني الدحداح حزنا مخل

عندهم ذكر همام تلقى الحادثات بنفسه ... فتم له من بعدها المجد

والفخر إذا زرت مثواه فأرخ وقل به ... عليك الرضى والعفو يا

أيها القبر

( فنفرد22)األمير حيدر الشهابي( ذكرناه ذكرا حنيفا )ص له بابا أوسع هنا لوقوفنا على بعض أخباره. هو ابن األمير

احمد بن حيدر الشهابي الذي حكم لبنان مدة مع أخيه وتخرج1763( ولد سنة 1763 - 1754األمير منصور )

في اآلداب منذ حداثة سنه فعشقها وأحب الفضيلة وأهلها وكان محسنا إلى الفقراء أنفق عليهم جانبا عظيما من

ماله وكذلك أوقف على رهبان طائفتي الموارنة والروم الكاثوليك أمالكا كثيرة. وكان زاهدا في الدنيا يفضل

العيش المعتزلة على الشغل بالسياسة حتى انه أبى غير مرة الوالية على لبنان. وله تاريخه المشهور غور الحسان في تواريخ حوادث الزمان قسمه ثالثة أجزاء تبتدئ بأول

الهجرة وتنتهي بتولي الحكومة المصرية على الشام. طبع .1900هذا الكتاب بتصرف ودون فهارس في مصر سنة

ومنه في مكتبتنا الشرقية نسختان في عدة مجلدات. ويذكر المؤلف تاريخ آخر مخطوط يتناول حوادث الشام

في عهد األمير بشير الكبير وما بعده لم نقف عليه. توفي.1835األمير حيدر سنة

)بعض أدباء الروم( نذكر هنا بعض اإلفادات عن أدباء الروم األرثوذكس وكنا سهونا عن ذكرهم فألفت إليهم

نظرنا الكاتب الشهير عيسى أفندي اسكندر المعلوف. نبغ منهم في القسم األول من القرن التاسع عشر قوم من

األكليروس(1/113)

األورثذكسي عرفوا بآدابهم منهم أثناسيوس المخلع )20الدمشقي أسقف حمص الذي ذكرنا في المشرق )

( بعض آثاره مع آثار سميه مطروبوليت288( : 1922

عكا. قال جنابه: انه انتقل إلى كرسي بيروت ولبنان وكان.1813عالما بارعا اقتنى مكتبة نفيسة وتوفي سنة

ومنهم الخوري يوسف مهنا الحداد الذي قتل في دمشق وكان مغرما بالعلم واشتهر بالوعظ1860في حركة سنة

والتدريس في الفيحاء وعرب لطائفته بعض الكتب الدينية (1922 )20 و1012( : 1902 )5)اطلب المشرق

( . ومنهم الخوري اثناسيوس قصير الدمشقي1010 . والخوري يوحنا1833مؤسس مدرسة البلمند سنة

4الدومائي منشئ المطبعة العربية في دمشق )المشرق ( والخوري اسبيريديون صروف الذي878( : 1901)

درس في المصلبة بالقدس الشريف وصحح مطبوعات )اطلب1858القبر المقدس وألف وعرب وتوفي سنة

( والمطران371العدد الخامس من هذه السنة ص أغابيوس صليبا اداسيس )الرها( الذي ألف وعرب كثيرا

من الكتب التي طبعت في روسيا.

المستشرقون األوربيون في هذا الطور )الفرنسيون( بقي السبق في درس اللغات الشرقية عموما والعربية خصوصا العلماء الفرنسويين في هذا الطور الثالث الذي بلغنا إليه في سياق تاريخنا لآلداب

العربية. وكان تالمذة العالمة دي ساسي يمشون على آثار معلمهم فيخوضون بحر اآلداب الشرقية ويستخرجون من أغوارها الآللئ الفريدة فينظمونها قالئد تزيد يوما بعد آخر ثمنا وفخرا وهانحن نذكر بعض الذين وقفنا على أخبارهم

وهي إلى اليوم متفرقة لم تجمع في سفر خاص. 1795( ولد سنة F. Fresnelفمنهم فلجانس فرينل )

وانقطع في شبابه إلى درس اللغات الشرقية حتى أرسلته إلى جدة وتعين هناك بصفة قنصل1837حكومته سنة

توجهت أنظار العلماء إلى خرائب1852لدولته. وفي سنة بابل فتشكلت بعثة

(1/114)

علمية وكلت فرنسة نظارتها إلى فرينل لما عهدت فيه من األهلية فسافر إلى بغداد وقام بأعباء مهمته بنشاط 30مدة ثالث سنوات وكانت وفاته في حاضرة العراق في

سنة وقد خلف فرينل عدة61 وعمره 1855 سنة 2ت آثار تدل على سعة معارفه منها ترجمة المية العرب

للشنفري ومنها رسائل واسعة في تاريخ العرب في أيام الجاهلية وله أيضا مقاالت أخرى مفيدة في الكتابات

الحميرية التي وجدت في جهات اليمن طبعت في المجلةاآلسيوية الفرنسوية.

واشهر منه نابغة همام وعالم عامل جارى في فضله أمام .Etعصره العالمة دي ساسي نريد به آتيان كاترمار )

Quatremereكان سليل أسرة شريفة كثر فيها األدباء ) والعلماء وأصحاب السيف والقلم وزادها هو بأعماله

1782 تموز سنة 12شهرة. ولد آتيان في باريس في وتخرج منذ حداثة سنه في العلوم الشرقية على دي

ساسي الموما إليه. واستحق بفضله أن يدخل في جملة نظار المكتبة العمومية ومخطوطاتها الثمينة ثم تولى

التدريس في المدارس العليا قبل أن يبلغ العشرين من نظمه مجمع فرنسة العلمي في1815سنه وفي السنة

سلك أعضائه ثم ندبته الحكومة إلى تدريس اللغات العبرانية والسريانية والكلدانية والفارسية في مدارسها

الخاصة فأحرز له في تعليمها شهرة عظيمة حتى أضحى بعد وفاة دي ساسي نسيج وحده في كل العلوم الشرقية

. ومن يطلع على1857 أيلول سنة 18إلى سنة وفاته في تآليف هذا الرجل المقدام يقضي منه العجب ألنه خلف بعده نيفا ومائة كتاب في كأبواب الفنون الشرقية وكل

اللغات السامية وغيرها وقد أودع كل هذه المصنفات كنوزا من المعارف يتحير لها عقل المطالعين. أما تآليفه العربية فعديدة ونهاية في الحسن والضبط منها ترجمته

لتاريخ المماليك في مصر للمقريزي في أربعة أجزاء وحواش ضافية. وله مجلدان في مبهمات تاريخية

وجغرافية مصرية وتأليف عن النبطيين ومآثرهم ومن مطبوعاته العربية نشره لمقدمة ابن خلدون في ثالثة

أقسام وترجمتها الفرنسوية مع ملحوظات وفهارس في ثالثة أقسام أخر ومنتخبات من أمثال الميداني وكتاب الروضتين ومقاالت متسعة في جغرافيي العرب وفي

مؤرخيهم وفي عادات أهل البادية وله في التركية ترجمة تاريخ المغول لرشيد الدين في مجلد ضخم آية في حسن

الطبع. وقد ألف كتبا عديدة في آثار القبط والبابليين والهند والسامرة واألفريقيين والعبرانيين ومجمل القول

لم يدع(1/115)

فنا إال صنف فيه كتبا تعد إلى يومنا معادن ثمينة غنيةبمضامينها العلمية.

Jومن تالمذة دي ساسي المعدودين غرانجره دي الغرانج )- B. Grangeret de la Grange 1790( ولد سنة

وأحكم درس العربية والفارسية فوكلت إليه دولته سنة تصحيح المطبوعات الشرقية في مطبعتها العمومية1830

وقد1859فقام بالعمل القيام المشكور. وتوفي سنة

أبقى من اآلثار مجموعا في النظم والنثر نقله إلى اإلفرنسية وله منتخبات من شعر المتنبي وابن الفارض

علق عليها الحواشي وترجمها. وقد صنف كتابا في تاريخ العرب في األندلس ودافع عن محاسن الشعر العربي

Noel desواشتهر في هذا الوقت نويل دي فرجه )Vargersبين المستشرقين الفرنسويين وكان مولده )

نشر عدة1867 ووفاته في كانون الثاني سنة 1805سنة تآليف شرقية كقسم من تاريخ أبي الفداء وتاريخ بني

أغلب البن خلدون وله تاريخ افرنسي في عرب الجاهلية اختصره عن تاريخ معلمه دي برسفال وأضاف إليه مختصر

تاريخ الحلفاء إلى عهد المغول. وهو من التآليف الحسنة المفيدة وكان ضليعا بالمعارف الشرقية يلتجئ إليه العلماء

في مشاكلهم وفي سنة وفاة دي فرجة توفي مستشرق ( المولودJ. V Reinaudآخر ذائع الشهرة جوزف رينو: )

أيار سنة14 والمتوفى في 1795 كانون األول سنة 4في كان أيضا من تالمذة دي ساسي وانكب على مثال1867

أستاذه على درس آثار الشرق ولغاته وكان أحد حفظة خزانة المخطوطات الشرقية في باريس فاستقى من تلك

بعد وفاة دي1838المناهل الطيبة ما شاء. وفي سنة ساسي تولى تدريس اللغة العربية في مدرسة اللغات

وبقي في1864الشرقية الحية ثم رئس عليها سنة وظيفته إلى سنة وفاته. وللعالمة رينو منشورات جليلة

منها في اآلثار الشرقية كوصفه لمتحف الكنت دي بالكاس في جلدين وهو سفر خطير في تعريف العاديات

اإلسالمية. واشتغل بتاريخ الشرق فنقل إلى الفرنسوية معظم ما كتبه العرب في الحروب الصليبية وترجم رحلة تاجرين عربيين إلى الصين تدعى سلسلة التواريخ ونشر

نه كتاب تقويم البلدان ألبي الفداء ونقله إلى اإلفرنسية وزي بالمقدمات األثيرة والحواشي. وله ما خال ذلك عدة

مقاالت لغوية وتاريخية في العرب وغيرهم من شعوب الشرق يطول تعدادها وفي ما سبق ما ينبئ بفضله

الواسع.(1/116)

توفي مستشرق ثالث فرنسوي1867وفي السنة ( ولد في بالدS. Munkموسوي الدين وهو سليمان منك )

ج باآلداب العبرانية على بعض1805بروسيا سنة وتخرانيين في بلده ثم جاء فرنسة سنة وتجنس1828الرب

بالجنسية الفرنسوية وحضر دروس دي ساسي وكاترمار فتعلم العربية والفارسية والسنسكريتية وبرع فيها وتجول

مدة في القطر المصري مع الوزير كريميو. ثم تفرغ للكتابة والتعليم وقصدته التالميذ ليدرسوا عليه العبرانية. وقد أصيب في آخر عمره ببصره فلم ينقطع عن التأليف

واإلمالء على الكتبة وهو في هذه الحالة عشرين سنة. وله عدة تآليف في العبرانية والعربية والفارسية في تاريخ

الشرق نخص منها بالذكر تاريخ فلسطين وكتابات شتى في الشعر العربي والشعر العبراني ونشر مصنفات بعض

فالسفة اليهود في العربية والعبرانية وترجمها إلى الفرنسوية كدليل الحائرين البن ميمون ومعين الحياة البن

جبرول وكتب أيضا في فلسفة الهنود والعرب. وقد نقل إلى الفرنسوية مقامات الحريري. ومن مصنفاته أيضا

مقاالت عديدة في آداب الفينيقيين وشرح كتاباتهمالمكتشفة في سواحل الشام.

واشتهر في الجزائر مستشرق فرنسوي من تالمذة دي ( ولدL. J. Bresniesساسي أيضا وهو لويس جاك برنيه )

حزيران21 وتوفي الجزائر في 1814في فرنسة سنة

كان درس على كبار المستشرقين الفرنسويين منذ1869 حداثة سنه فخلفهم في نشاطهم وعملهم. وقد علم اللغة

سنة بهمة عظيمة أكسبته33العربية في حاضرة الجزائر شكر تالمذته. ومن ثمار اجتهاده عدة مطبوعات عربية

مدرسية نشرها في فرنسة والجزائر مهدت الطريق لكثيرين لدرس العربية الفصيحة واللغة الشائعة في بالد الجزائر فمن تآليفه شرح أصول العربية من صرف ونحو

وعروض وله أبحاث في اللغة العامية ومجاميع عربية مختلفة مع ترجمتها إلى االفرنسية واعتنى أيضا بالخط

العربي وتعليمه. ومن آثاره ترجمته لالجرومية مع تعليقاتعليها.

وفي زمن المسيو برنيه خدم اآلداب العربية معلم آخر ( نشر أيضا عدةE. Combarclوهو المعلم كنباريل )

مطبوعات مدرسية لتعليم العربية في الجزائر بين ولم نعرف سنة وفاته.1865 و1845السنتين

وكذلك عرف بين المستشرقين العالمة بيبرستين ( الذي ولد في بولونيةB. Kazimirskiكازمرسكي )

واستوطن فرنسة ونشر فيها مطبوعات شرقية مفيدةأخصها معجمه

(1/117)

للغتين العربية والفرنسوية الذي جدد طبعه في مصر بعد طبعته الباريزية في مجلدين ضخمين. وقد نقل القرآن إلى

الفرنسوية وترجمته معروفة بدقتها وسالستها. مات نحو.1870سنة

وممن لم نهتد إلى سنة وفاته من المستشرقين .Aالفرنسويين واشتهر بمآثره العربية المسيو بارون )

Perronنشر تآليف جمة ونقلها إلى الفرنسوية ففي ) ألف كتابا في أصول اللغة العربية وطبعه على1832سنة

الحجر ثم نشر مقاالت مفيدة في بعض مشاهير العرب كطرفة والمتلمس وعنترة ونقل طرفا من أشعارهم إلى

لغته ونقل أيضا رواية سيف التيجان ورحلة محمد التونسي إلى الدرفور وكتاب الطب النبوي وكتاب كامل الصناعتين المعروف بالناصري ألبي بكر ابن بدر في مجلدين وكتاب

ميزان الخضرية للشعراني في الفقه والمختصر في الفقه لخليل بن إسحاق المالكي في سبعة مجلدات انتهى من

بعد ست سنوات وعلق عليه تعليقات1854طبعه سنة واسعة.

ونضيف إلى هؤالء المشاهير من الفرنسويين األستاذ ( الذي أدىJ. J. Clement - Mulletكليمان موله )

المستشرقين خدما مشكورة بأبحاثه عن الزراعة عند العرب ومن آثاره الباقية ترجمته الفرنسوية لكتاب الفالحة

للشيخ أبي زكريا يحيى األشبيلي المعروف بابن العوام. 1802وكان األصل العربي قد طبع في مجريط سنة

فنقله المسيو موله في مجلدين وعلق عليه التعليقات الخطيرة. وله أيضا في المجلة اآلسيوية الفرنسوية

مقاالت متسعة في المواليد الطبيعية عند العرب.1870واصطالحاتهم. توفي المسيو موله سنة

)األلمانيون( تقدمت الدروس العربية في ألمانية في هذه المدة بهمة بعض األفاضل الذين أصبحوا أسوة ألهل

بالدهم ويستحق السبق على جميع مواطنيه جرج وليلم وتوفي في ت1788( ولد سنة G. W. Preytagفريتاغ )

وكان مثاال للعزم والثبات فكلف1861 من السنة 2 باآلداب العربية ودرس اللغات الشرقية في باريس على فخر زمانه دي ساسي أتقنها وعهد إليه تعليمها في كلية

فلم يزل مذ ذاك الوقت إلى سنة وفاته1819بونة سنة

يفرغ كنانة مجهوده في نشر المآثر العربية منها قاموسه العربي الالتيني في أربعة مجلدات ضخمة أتمه بسبع

سنوات وكان يواصل الدرس كل يوم إحدى عشرة ساعةال يكاد يأخذ فيها

(1/118)

راحة. ثم اختصر ذلك المعجم بمجلد واحد. وقد نشر ألول مرة كتاب حماسة أبي تمام مع شروح التبريزي ونقلها

كلها إلى الالتينية. وقد نشر كتاب عبد اللطيف البغدادي في وصف مصر وقسما من تاريخ حلب لكمال الدين

وفاكهة الخلفاء البن عربشاه. وقد نقل كل هذه اآلثار إلىاها بالحواشي المفيدة. ومن مآثره الجليلة الالتينية وحش

أمثال الميداني في أربعة مجلدات نشرها وترجمها وأضاف إليها الفهارس مع الملحقات العجيبة في كل ما كتبه

العرب عن األمثال ونشر معجم البلدان لياقوت الحموي في عدة مجلدات مع تذييالت وفهارس غاية في الدقة وسرد الئحة ممتعة في كل مؤرخي العرب. وله كتاب

واسع في فن العروض باأللمانية ومنتخبات شتى بالنثر والنظم وقد بقي اسمه إلى يومنا هذا بين مواطنيه كمثال

حي للحزم والنشاط. ومن أفاضل األلمان خلدوا لهم ذكرا طيبا في هذا الزمان

( ولد فيJ. G. Kosegartenجان غدفريد كوسغارتن ) ودرس العلوم1792التنكرخن من أعمال بروسية سنة

في مدرسة غريسفالد الشهيرة ثم تعشق اللغة العربية فأرسله أبوه ليروي غليله منها بالدرس على األستاذ دي

ساسي محور العلوم الشرقية في زمانه فتلقن اللغة العربية ثم درس التركية والفارسية واألرمنية واستنسخ

قسما من مخطوطات باريس ولم يلبث أن نشر في بلده منها طرفا استوقفت أنظار أهل وطنه فدعاه أصحاب

األمر إلى تدريس اللغات الشرقية في غريسفالد وبقي منقطعا إلى نشر1850في منصبه إلى وفاته فيها سنة

التآليف المهمة أخصها غراماطيق اللغة العربية في الالتينية ثم قسم من شعر الهذيليين طبعه في لندن

وكذلك نشر مجلدا من كتاب األغاني ألبي الفرج ونقله إلى الالتينية وزينه بالمقدمات والشروح ونشر أيضا مجلدين

من تاريخ الطبري مع ترجمتها وطبع معلقة عمرو بن كلثوم وذيلها بالملحوظات المفيدة وله غير ذلك من اآلثار

العربية والسنسكريتية والهيروغليفية. وليس دون السابقين همة ونشاطا واتساعا في التأليف

في1802( ولد سنة G. Flugelوطنيهما غستاف فلوغل ) بالد سكسونيا ودرس في ليبسيك على مشاهير علمائها

وأخذ عن بعضهم مبادئ اللغات الشرقية ثم سافر إلى فينا وبقي سنتين ينعم النظر في مخطوطات مكتبتها الشهيرة وتجول بعدئذ في عواصم أوربة إلى أن احتل باريس سنة

وسمع معلميها ودرس مخطوطاتها الشرقية ثم عاد1829إلى بالده فتولى

(1/119)

التدريس في معاهدها العلمية مدة وصار له نفوذ كبير عند أمراء وطنه الذين عهدوا إليه بتآليف عديدة استوفى

شروطها وهي تبلغ نحو خمسين مجلدا منها كتاب كشف الظنون للحاج خليفة في سبعة مجلدات ضخمة مع ترجمتها إلى الالتينية وفهارسها الواسعة وملحقاتها

ا العربية في ثالث الخطيرة ومنها وصف مخطوطات فين

مجلدات. ونشر عدة كتب قديمة مع ترجمتها مثل كتاب مؤنس الوحيد الثعالبي وتعريفات الجرجاني ونجوم

الفرقان وهو فهرس للقرآن بديع في بابه. وله تآليف في فالسفة العرب ونحاتهم ونقلتهم ونشر كتاب الفهرست

ف تاريخا البن النديم من أنفس ما كتبه القدماء. وصن موسعا للعرب في ثالثة مجلدات فكل هذه المصنفات مما

يدهش العقل لسعة علم كاتبها الذي يعد من أكبر.1870المستشرقين وأغزرهم فضال. كانت وفاته سنة

وممن برزوا في هذا الزمان في درس كتب العرب .Frالرياضية والجبرية األلماني فرانتس فوبك )

Woepke 1826( ولد في بلدة قريبة من ليبسيك سنة غ لدرس ودرس في ويتمبرغ ثم رحل إلى برلين وتفر

التقى بالمستشرق الشهير1848الرياضيات وفي سنة فريتاغ في بونة فعلمه العربية وفتح له بابا لدرس آثار

العرب في الحساب والمقابلة والجبر والهندسة والهيئة فخصص مذ ذاك الحين نفسه إلحياء دفاتنها فنشر رسالةامي في الجبر والمقابلة أبي الفتح عمر بن إبراهيم الخي

وكتاب الفخري فيهما ألبي حسن الكرخي وتفسير مقالة أوقليدوس العاشرة في اإلعظام المنطقة والصم ألبي

عثمان الدمشقي وقد كتب نيفا وخمسين مقالة في كل الفنون الرياضية عند العرب نشرها في المجلة اآلسيوية

الفرنسوية وفي المجالت العلمية في برلين ورومية وباريس وبطرسبرج وكان إذا نشر أثرا ما قديما نقله إلى اللغات األوربية وعلق عليه التعليقات الخطيرة حتى أصبح إماما في هذه الفنون يشار إليه بكل بنان. وكانت أدت به

دروسه إلى البحث في العلوم الرياضية عند الهنود وقدماء اليونان وأرباب القرون الوسطى فقابل بينها وبين آثار

وهو في1864 آذار سنة 24العرب وقد فاجأه الموت في منتصف العمر.

وقد اشتهر غير هؤالء أيضا بين مستشرقي األلمان وإن لم .G. Hيبلغوا شأوهم منهم جرج هنري برنستين )

Bernsteinف كتابا في نحو العربية ونشر بعض اآلثار ( صن القديمة منه قصيدة لصفي الدين الحلي مع ترجمتها

وشرحها ومنها كتاب(1/120)

في مبادئ وأصول األديان المتفرقة في الشرق. وكانت شهرته في معرفة السريانية أكثر منها في العربية قد علم

تلك اللغة في برسلو وله فيها عدة مطبوعات. توفي سنة.73 وعمره 1860برنستين سنة

( أحد تالمذةJ. A. Vullersومنهم جان أوغست فولرس ) 1803دي ساسي وكاترمار وفريتاغ ولد في ألمانية سنة

في غيسن علم1880 سنة 2 ك21وكانت وفاته في اللغات الشرقية في كلية غيسن. وقد برز فولرس

خصوصا في اللغة الفارسية فنشر معجما فارسيا التينيا يعد من أتقن المعاجم وأبرز عدة آثار لمؤرخي العجم

وشعرائهم. وكان عالما باللغة العربية نشر معلقتي الحارث بن الحلزة وطرفة مع شروح الزوزني عليها

ف أيضا كتابا في أصول لغة ونقلهما إلى الالتينية وصن (F. A. Arnoldالعرب ومنهم أيضا فرنتس أوغست أرنلد )

اشتهر بين أساتذة مدرسة هال في ألمانية وله مجموعة حسنة من تآليف العرب لطلبة المدارس الشرقية في

ونقلها اليونان في القدس إلى1853جلدين طبعت سنة لغتهم فجددوا طبعها بهمة استيفان أثناسياديس سنة

معلقة1836. وكان سبق قبل ذلك ونشر سنة 1885 امرئ القيس ونقلها إلى الالتينية وذيلها بالشروح. ولم

نقف على سنة وفاته. .J. Gومنهم أيضا الدكتور جان غدفريد وتسشتين )

Wetzsteinأقام مدة في دمشق بصفته قنصل دولته ) وعني بدرس اللغات الشرقية وجمع عدة مخطوطات

وصفها وصفا حسنا وأرسلها إلى برلين وقد كتب تفاصيل رحلته إلى جهات حوران وبادية الشام ومن مطبوعاته

كتاب مقدمة األدب لجار الله الزمخشري طبعه في توفي معمرا في برلين1850ليبسيك على الحجر سنة

.1905 سنة 2 ك18في ( ولد سنةH. J. Wetzerومنهم أيضا هنري جوزف فتزر )

ودرس اللغات الشرقية على علماء زمانه في1801 ألمانية وفرنسة وال سيما دي ساسي وكاترمار ثم درس

اللغات الشرقية في كلية فريبورغ الكاثوليكية فأصاب له فيها ذكرا طيبا وقصدته الطلبة من أنحاء البالد وهو أول

من نشر مقالة المقريزي في نصارى األقباط وترجمها إلى الالتينية وله آثار أخرى في العلوم الكتابية. توفي سنة

1853. ( عني بدرس آداب العربPh. Wolfومنهم فيليب فولف )

ونشر البعض منها. وله كتاب دليل السياح لمصر والشاموفلسطين ضمنه أصول العربية العامية.

(1/121)

وقد نقل إلى األلمانية كتاب كلية ودمنة وطبع المعلقات ونقلها أيضا إلى األلمانية وبين خفايا معانيها. ونشر شيئا من ديوان أبي الفرج الببغاء كانت وفاته في غرة كانون

.1894الثاني سنة ( منTh. Haarbruckerومنهم أخيرا ثيودور هاربروكر )

علماء مدينة هال نقل إلى األلمانية كتاب أبي الفتح الشهرستاني الذي نشره وليم كورتون في لندن وذيله بالتذييالت الحسنة. وله مقالة في كتاب مجموع العلوم

. ونشر في1859لمحمد بن إبراهيم السخاوي طبعه سنة العربية تفاسير على أسفار يشوع بن نون وأسفار الملوك األربعة واألنبياء من تأليف أحد علماء اليهود الربي تنحوم

2 ك17بن يوسف األورشليمي ونقلها إلى الالتينية توفي .1880سنة

)النمسويون( لم يبلغ النمسويون في درس العلوم الشرقية مبلغ األلمان في أواخر القرن التسع عشر. وإنما اشتهر منهم رجل مقدام كانت له قريحة عجيبة في تعلم اللغات والكتابة في كل فنون الشرقيين أعني به البارون

- J. d. Hammerجوزف دي هامر بورغشتال )Purgstall ودرس في كلية1774( ولد في غراتس سنة

فينا لغات الشرق حتى أمكنه قبل العشرين من سنه أن يتكلم بالعربية والفارسية والتركية ثم أرسلته الحكومة إلى

األستانة بصفة ترجمان ووكلت إليه نظارة قنصلياتها فتجول في الشام ومصر ودرس أحوال البالد ثم لم يزل يتقلب في كل المناصب الشريفة حتى دخل في شورى

الدولة. فانقطع حينئذ إلى التأليف وكان يحسن الكتابة في عشر لغات أجنبية فألف عددا ال يحصى من الكتب

والمقاالت في كل المواضيع الكتابية وتغلب عليه التأليف في تاريخ الشرق وآدابه نسرد هنا أسماء بعضها: تاريخ

الدولة العثمانية في عدة مجلدات. تاريخ اآلداب العربية في سبعة مجلدات ضخمة من عهد الجاهلية إلى آخر

الدولة العباسية ضمنه عشرة آالف ترجمة من كتبة العرب وشعرائهم وكبار علمائهم. وقد نقل إلى األلمانية كتاب

)أيها الولد( للغزالي وقالئد الذهب للزمخشري وتائية ابن الفارض ومقاالت في موسيقى العرب ونشر قصصا لم

تعرف من كتاب ألف ليلة وليلة وديوان خلف األحمر ونظم بالشعر األلماني كل ديوان المتنبي. وكتب أيضا تاريخ

فارس ودولها وتاريخ اآلداب التركية. ونقل عدة مصنفات فارسية إلى لغته وأدار المجالت الشرقية فأصبح في بالده

محورا لآلداب(1/122)

وكان1856 سنة 2 ت23الشرقية إلى سنة وفاته في البارون هامر شديد التمسك بالدين الكاثوليكي وكان يقيم صالته بالعربية وألف كتابا في ذلك. ومجمل القول أنه يعد

مع بعض مشاهير عصره كمحيي اآلداب الشرقية بيناألوربيين.

)الهولنديون( سبق لنا وصف همتهم في درس اللغات الشرقية عموما والعربية خصوصا. ودونك أسماء بعض

الذين أزهروا في الطور الذي نحن في صدده. ( ولد سنةT. G. J. Juynbollأشهرهم ثاودور جوينبول )

ودخل في سلك خدمة الدين في بالده وكان1802 متضلعا باللغة العربية متقنا لتاريخ دول الشرق وآدابهم.

فعلم اللغة العربية في مدارس مختلفة حتى صار من أيلول سنة16أساتذة كلية ليدن إلى سنة وفاته في

. ومن آثاره أنه نشر قصائد المتنبي وشعراء زمانه1861 في مدح سيف الدولة وأضاف إليها ترجمة التينية ونشر أيضا كتاب الجبال واألمكنة والمياه للزمخشري وسفر

يشوع بن نون عن النسخة السامرية ونقله إلى الالتينية. وكذلك نشر كتاب مراصد االطالع الذي هو مختصر معجم البلدان لياقوت الحموي. وكتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة مع مساعدة أحد المستشرقين الهولنديين

( وقد اجتمع ببعضB. J. Matthesالمدعو بنيامين ماتس )أدباء وطنه فنشروا مجموعا دعوه بالشرقيات )

Orientaliaومن مآثره أيضا مقالة في الترجمة . ) العربية السامرية المحفوظة في مخطوطات باريس.

وكان لجوينبول ابن تقفى خطوات والده فاشتهر أيضا (A. W. Juynbollبعلومه الشرقية اسمه إبراهيم وليلم )

عاش بعده نحو عشرين سنة ونشر كتاب التنبيه في الفقه الشافعي ألبي إسحاق إبراهيم ابن علي الشيرازي ونقله إلى الالتينية وقدم عليه المقدمات الحسنة وكذلك عني

بطبع كتاب البلدان ألحمد بن أبي يعقوب بن1861سنة واضح المعروف باليعقوبي.

(T. Roordaومن معاصري جوينبول األستاذ تاكو روردا ) أحد أفاضل الهولنديين الذين عرفوا بالهمة والثبات. باشر

منشوراته الشرقية بدرس أخبار أبي العباس1825سنة أحمد ابن طولون والدولة الطولونية ثم ألف كتابا في

قواعد العربية وشرحه بالالتينية وألحقه بمنتخبات ومعجم. وقد ساعد جوينبول في نشر مقاالته الشرقية المار ذكرها.

.1865توفي روردا نحو السنة ( له كتاباتH. F. Weijersومنهم أيضا هنريك فايرس )

حسنة في(1/123)

شرقيات جوينبول المذكورة آنفا ثم اتسع في وصف كتاب وفيات األعيان البن خلكان ونشر مع أحد مواطنيه الدكتور

( كتاب درة األسالك في دولةA. Meursingeمورسنغ ) األتراك ألبي الحسن بن عمرو بن حبيب واشتغل بوصف مخطوطات مكتبة ليدن الغنية بكنوزها األدبية. وال نعرف

سنة وفاة فايرس كما إننا لم نقف على أخبار مورسنغ الذي كان نشر قبل ذلك كتاب طبقات المفسرين

للسيوطي. )اإلنكليز( اشتهر قليل منهم في هذا الطور باآلداب

( ولد سنةW. Curetonالعربية. أخصهم وليم كورتون ) كان1864 حزيران سنة 17 وتوفي في لندن في 1808

من خدمة الدين البروتستاني وتخرج في كلية أوكسفرد وكان جل اهتمامه باللغة السريانية وآدابها. وقد اآلداب

1843العربية ببعض المصنفات الدينية منها ما نشره سنة من تفاسير تنحوم بن يوسف االورشليمي على مراثي ارميا النبي وكذلك نشر مقالة في الكهنوت من كتاب

مصباح المرشد ليحي بن حزير )ويروي جرير( التكريتي. ومن آثاره الباقية التي أتقن طبعها كتاب الملل والمحل

. وكان طبع1842للشهرستاني نجز طبعه في لندن سنة قبل ذلك عهدة عقيدة أهل السنة لحافظ الدين عبد الله

بم أحمد النسفي وهذان الكتابان نشرا في جملة منشورات أخرى تولت طبعها في بريطانيا شركة طبع

Society for the Publicationالتآليف الشرقية Oriental Texres.نفعت الدروس الشرقية نفعا جزيال

ومما كانت نشرته ترجمة رحلة البطريرك االنطاكي (1009:5مكاريوس التي سبقت للمشرق الكالم عنها )

وبهمة كورتون طبع أيضا القسم األول من وصف مخطوطات لندن العربية الذي أتمه بعده الطيب الذكر ريو

(C. Ricu. ) وممن أحرزوا لهم بعض الشهرة في اآلداب العربية بين

( كان هذاW. Nassau Leesاإلنكليز وليم ناسولييس ) مقدما على جمعية بنغال اآلسيوية وورث عن خلفه ماثيو

( حبه لآلداب العربية. فكانM. Lumsdenلومسدن ) لومسدن أفرغ المجهود في تجهيز مطبعة كلكوتا ونشر

1809فيها مطبوعات مفيدة كمقامات الحريري سنة وشرح1811ونفحة اليمن ألحمد الشرواني سنة

المعلقات ومختصر المعاني للقزويني وقاموس المحيطللفيروزابادي وكتب أخرى أوسعت شهرة تلك المطبعة

(1/124)

فلما قام بعده ليس1835 آذار سنة 18الهندية. ثم توفي زاد على خلفه نشاطا واهتم بنشر تآليف أوسع وأكثر فائدة فطبع تاريخ الخلفاء لجال الدين السيوطي ونوادر القليوبي

والكشاف للزمخشري وفتوح الشام للواقدي وفتوح الشام للبصري وكشاف اصطالحات الفنون لمحمد علي

الفاروقي التهانوي ونخبة الفكر ونزهة النظر البن حجر العسقالني. وكان ليس يستعين في تلك المطبوعات

ببعض علماء الهند كالمولوي كبير الدين والمولوي عبد الحق غالم قادر وكان أيضا يساعده في نشر تلك

( الواردA. Sprengerالمطبوعات المستشرق سبرنغر ) آذار سنة9ذكره بعد هذا توفي في ناسو ليس في

1889.وقد نشر أيضا في هذا الزمان اإلنكليزي هاريس جونس )

J. Harris Jonesذكر فتح األندلس البن عبد الحكم ) ونقله إلى1858القرشي المصري فطبعه في غوتا سنة

اإلنكليزية. )الروسيون وغيرهم( كانت حركة الدروس الشرقية خامدة

في روسيا في أواسط القرن التاسع عشر ثم أخذت األكاديمية الملكية تبعث الهمم وتنشط العزائم فنشأت بذلك نهضة محمودة وعقدت بعض الجمعيات العلمية

لترويج تلك المقاصد. وهذه أسماء التآليف العربية التي

نشرت في روسيا في الطور الذي يشغلنا.J. M. E. Gottwaldنشر منهم األستاذ غوتولد ) ( معجما

ونشر في1863القرآن وللمعلقات في قازان سنة بطرسبرج تاريخ سني ملوك األرض واألنبياء تأليف حمزة

األصفهاني ونقله إلى الالتينية توفي غوتولد في قازان سنة .D. A - وفي بطرسبرج نشر األستاذ كولسون )1897

Chwolson كتاب األعالق النفيسة البن1869( سنة دسته )والصواب رسته( وترجمه إلى الروسية وله أيضا بحث خطير في آثار اآلداب البابلية في كتب العرب سنة

في مجلة بطرسفرج العلمية توفي كولسون1859 في مدينة فيلنا1879 نيسان سنة 5 سنة في 92وعمره

وكان يهوديا فتنصر وهو الذي أثبت أن الصابئين المذكورين في القرآن هم المندئيون وعلم في بتروغراد اللغات

العبرانية والسريانية والكلدانية - واهتم األستاذ اسكندر ( بالموسيقىAl. Christian owitschكرستيانوفتش )

العربية فوضع فيها مقالة وزينها برسم اآلالت الشائعة عند - وفي هذا الزمان1863العرب وطبعها في كولونية سنة

أزهر(1/125)

أحد األعاجم المتنصرين اسكندر قاسم بك الذي علم مدة اللغات الشرقية في قازان وبطرسبرج وجعله القيصر من

أعضاء الشورى. كان يعرف اللغات التترية والفارسية والعربية وقد نشر في كلها تآليف عديدة وله في العربية مختصر الوقفيات ورسائل دينية ومقاالت لغوية وفصول تاريخية في أخبار الدول اإلسالمية ونشر قنصل الروس

( كتاب ميزانN. Khanikoffفي تبريز نيقوال خانيكوف )

الحكمة للخازني وطبعه في المجلة الشرقية األميركانية وهو سفير جليل في المواليد والفلزات1859سنة

والجواهر وترجمه إلى اإلنكليزية وكذلك )االسبانيون( في هذه البرهة من الدهر شعروا بحاجتهم إلى درس اللغات

الشرقية وال سيما العربية لما فيها من اآلثار المفيدةلمواطنهم ونال لهم بعض الشهرة وطنيهم كاينكوس )

Pasc. de Gayangosالذي نشر في لندن ومجريط ) بعض التآليف العربية منها ترجمة نفح الطيب للمقري في مجلدين كبيرين ومنها وصف قصر الحمراء مع بيان آثاره وتفسير كتاباته الحجرية وكذلك نشر ترجمة كتاب كليلة

ودمنة وتاريخ أحمد بن محمد الرازي أما )اإليطاليون( فإن درس اللغات الشرقية كان عندهم

منحصرا في بعض المبادي ولم ينشروا في تلك المدة من اآلثار العربية شيئا يذكر اللهم إال الكردينال العظيم أنجلو

( الذي دخل في الرهبانية اليسوعية فيAng. Maiماي ) العشر األول من القرن التاسع عشر وتوفق إلى

االكتشافات العجيبة التي خلدت له ذكرا في العالم كله في إعادة الكتابة على الرقوق التي حكت نصوصها

( . وأقامه الحبر األعظم إلىPalimpsestesالسابقة ) رتبة الكرادلة ووكل إليه نظارة المكتبة الواتيكانية. وقد

نشر في السريانية والعربية أيضا بعض ما وجده من اآلثار النصرانية وأثبتها في مجموع مطبوعاته. توفي الكردينال

وممن نلحقهم بهؤالء المستشرقين بعض1854ماي سنة المرسلين الذين خدموا بمدارسهم ومنشوراتهم اآلداب

.Alالعربية. فمن اليسوعيين األب اسكندر بوركنود )Bourquenoudالذي سبق رينان إلى درس آثار الشام )

ووصفها وصفا مدققا فمهد الطريق ألبحاث رينان األثرية. في غزير1868 سنة 1 ت 1توفي األب بور كنود في

( واألب بولس1868ومنهم اليسوعيان األب لويس فنيك )ريكادونا

(1/126)

( ألفا في العربية إرشادات وكتبا دينية وقصائد1863) تقوية أما المرسلون األميركان فأشتهر بينهم عالي سميث

الذي تجول في أنحاء الشام ونظم أحوال الجمعية األميركية ووسع أعمال مطبعتهم وباشر مع الشيخ ناصيف

اليازجي ترجمة الكتاب المقدس وقد أنجزه من بعده وكان1857الدكتور فان ديك. توفي عالي سميث سنة

( وادوردH. de Forestمنهم أيضا هنري دي فورست ) ( ولكليهما مآثر حسنة منEd. Salisburyسالسبوري )

تاريخ وجغرافية وعادات ووصف أديان نشراها في المجلة Journal of the Americanالشرقية األميركانية )Oriental Societyوكانت هذه المجلة صدرت سنة )

فأخذت تباري بمقاالتها المجالت التي تقدمتها وبهذا1850 النظر اإلجمالي نختم تاريخ اآلداب العربية في طورها

الثالث من القرن التاسع عشر وبه أيضا ختام القسم األول من تأليفنا هذا الذي جمعناه في كتاب مستقل وألحقناه

بفهرس األدباء الذين أوردنا ذكرهم في مطاوي كالمنا

كلمة الختام ويسوغ لنا أن نختصر بكلمة هذا القسم فنقول أن الشرق

اآلداب العربية في القرن التاسعوالغرب تباريا في نهضة بعد خمولها. استخرج الغرب من خزائنه كنوزهعشر

المدفونة فسحرت لدى نشرها ألباب أبناء الشرق فتسارعوا إلى إحراز جواهرها واالستقاء من مناهلها

فاتسعت بها دائرة مداركهم وشحذت أذهانهم وتحسن ذوقهم ولم يأنفوا أن يستعيروا من أهل الغرب ما وجدوه موافقا لرقي آدابهم فمهدوا لآلتين بعدهم السبيل لتبليغ

اللغة إلى صرح كمالها.(1/127)

الجزء الثاني1900 إلى 1870من السنة

(1/128)

اآلداب العربية في القرن التاسععشر

الفصل األول 1870اآلداب العربية من السنة

1880إلى نظر إجمالي

جرينا شوطا أول في عدة مقاالت كتبناها عن آداب القرن فوقفنا عند ذلك1870السابق فأدى بنا سيرنا إلى السنة

الحد مدة ريثما نجمع قوانا فنواصل الجري في هذا

الميدان. وهو لعمري مجال جديد يتسع أمامنا فتتوفر ركبانه وتنمو فتفوت اإلحصاء فرسانه. ولوال ثقتنا بلطف

القراء وأملنا بغضهم النظر عن قصورنا لكففنا القلم وأوقفنا اليراع لئال يرشد بنا عن سواء السبيل. فنستأسف

العمل مع تكرار الرجاء بأن يمد إلينا األدباء يد اإلسعاف وينبهوا فكرنا إلى ما نسهو عن ذكره ويصلحوا ما يرونه مخالفا للواقع ليأتي هذا القسم أوفى بالمرام إن شاء

الله. مفتتح طور جديد في تاريخ نهضة1870كانت السنة

اآلداب العربية فصان في تلك السنة جرت أمور خطيرة قلبت بطنا لظهر أحوال الدوال األوربية فكان لها فعل انعكاس في أنحاء الشرق فقامت العقول من رقدتها

واستيقظت األفكار بعد سنتها في دوي الحرب السبعينية طرق آذان الشرقيين فأسمعهم أصواتا ما اعتادتها

مسامعها فرأوا في طلب اآلداب ودرس العلوم سدا لخللهم ومنجاة من خمولهم وكان السالم ساندا واألمن

متوطدا في الدولة التركية ال شيء يعوق رعاياها عن ترويج اآلداب وأنفاق سوقها ال سيما سورية ولبنان فإن

الدعة والسكينة كانت قد(1/129)

وأخذت الشبيبة1860مدت عليها رواقها بعد نكبة السنة تترعرع وهمها األعظم الترقي في معارج التمدن.

وعقد في ذلك العام المجمع الواتيكاني وفيه رأي الدين الشرقيون رقي أخوتهم الغربيين في العلوم فأحبوا

مجاراتهم في ذلك المجال الشريف. وقد ساعدهم في تحقيق أمانيهم المرسلون الالتينيون الذين تضاعف عددهم

في هذه البالد فأخذوا يجدون ويسعون بما عرفوا به من علو الهمم ليبعثوا في األحداث الغيرة على إحراز

المعارف. وكذلك المرسلون األميركان فإنهم أفرغوا كنانة الجهد ليزرعوا في قلوب الشبان بذور المعارف والعلوم المستجدة. ويا حبذا لو اقتصر على هذه الغاية الشريفة

ولم يتخذوا العلم وسيلة لنشر الزاعم البروتستانية ومناوأةالدين القويم.

ومما خص به هذا الطور الذي نحن في صدده إنشاء مدارس عامرة لم يسبق لها مثيل في الزمن السابق

أخصها الكلية األميركية التي خرجت في ذلك الوقت من قماطات مهدها فشرع أساتذتها وفي مقدمتهم فان ديك في تأليف أو تعريب قسم كبير من الكتب العلمية قدوة

بالشيخ الطهطاوي بمصر ففتحت ترجمتها بابا جديدا طرقه الشرقيون إلحراز العلوم العصرية. وكانت المطبعة

األميركية تذلل لهم الصعاب في نشرها وبقيت تلك المطبوعات عهدا طويال كأساس التعليم في الكلية

األميركية وبعض المدارس الوطنية حتى بعد قصورها عن بلوغ غايتها التساع نطاق العلوم سنة بعد سنة فبقيت على

نقصها حتى اضطرت عمدة المدرسة األميركية إلىاستئناف التدريس باللغة اإلنكليزية.

وكان النجاح الذي فاز به أصحاب الكلية األميركية باعثا للكاثوليك على مزاحمتهم ليصونوا أبناء مللهم من

األضاليل البروتستانية. وكان اليسوعيون أول من تحفز لمناهضتهم فعززوا مدارسهم الثانوية في غزير وبيروت

وصيداء ثم جعلوا يطلبون ما هو أنجع وسيلة لبلوغ أربهم بإنشاء كلية في بيروت تباري كلية األميركان وتقدم ألبناء

الشرق مناهل العلوم صافية من كل رنق يكدرها. فما لبث بعد أربع سنوات أن تشيدت أبنية كليتنا الكاثوليكية ونقلت

فنالت من كرم الكرسي1875إليها مدرسة غزير

الرسولي كل انعامات الكليات بمنح شهادات العلومالدينية

(1/130)

لمستحقيها. كما أن الدولة الفرنسوية اعتبرت شهاداتهابمثابة الشهادات الممنوحة في فرنسة لذويها.

نشر اآلباء اليسوعيون جريدتهم1870وفي غرة سنة المجمع الفاتيكاني لنقل أخبار ذلك المجمع المسكوني. ثم

أعقبوه بعد فراغ المجمع في أيلول بجريدة البشير لمناضلة النشرة األسبوعية فصار لها رواج كبير ولم تزل

50تكبر وتتحسن حينا تلو حين. وها قد مر عليها اليوم سنة بنيف وهي تدافع عن الدين مدافعة األبطال فصارت لسان حال الكثلكة يرجع إليها أرباب الطوائف الكاثوليكية

بأسرهم. وفي هذه المدة أيضا ترقت المطبعة الكاثوليكية بهمة

رئيسها الهمام األب امبرواز مونو الذي لم يشأ أن تتخلف عن المطبعة األميركية في شيء فاستجاب لها األدوات

الجديدة وجهزها بالمخترعات المستحدثة وأرسل أحد رهبانه الطيب الذكر األخ ماري الياس إلى عواصم أوربة

ليدرس فن الطباعة على أحذق الطباعين فأخذ عنهم االستكشافات واستعان بها على تحسين الطباعة الشرقية في مطبعتنا ومطابع البلدة. وكذلك تعلم غيره من رهبانها كالمرحوم األخ أنطون عبد الله فن الحفر وسبك الحروف واستحضار سنابكها وأمهاتها فأغنوا المطبع بأشكال جديدة

من الحرف العربية والسريانية وغيرها. وتعهدت المطبوعات الدينية والعلمية التي ظهرت في تلك األثناء من مطبعتنا وكان أجودها حرفا وأتقنها طبعا الكتاب

1882 - 1876المقدس ) ( في ثالثة مجلدات مزينا بالتصاوير والنقوش. وكان اآلباء المرسلون لم يذخروا

وسعا في تعريبه عن اللغتين األصليتين العبرانية واليونانية ساعدهم في تصحيح عبارة الترجمة وتثقيفها اللغوي البارع

المرحوم الشيخ إبراهيم اليازجي. وقد صدق على هذه الترجمة الجديدة غبطة السيد منصور براكو بطريرك أورشليم الالتيني وأثنى عليها سائر بطاركة ومطارنة

وأساقفة الطوائف الكاثوليكية في الشرق. ثم أخذ مديرو المطبعة الكاثوليكية يهتمون بالكتب

المدرسية وكانت قبلهم عزيزة جدا ال يصل إليها األحداث إال بعد شق النفس فتوفرت الكتب التعليمية وزادت بذلك

مدارس الشرق ترقيا ونجاحا. وكانت بقية الرساالت الالتينية تسير سيرها الحثيث في

نشر اآلداب فاللعازريون(1/131)

كانوا يكسبون ثقة األهلين بحسن تعليمهم وتهذيبهم في مدرسة عين طورا. ثم فتحوا في هذه األثناء مدرسة

أخرى في دمشق ال تزال عامرة. وكذلك اآلباء الفرنسيسيون فتحوا مدرسة ثانوية في حلب علموا فيها

اللغات وأصول اآلداب. ولم تتأخر الطوائف الشرقية في هذه الحلبة. فإنه تعين

لكرسي بيروت على الموارنة بعد الطيب1872سنة الذكر طوبيا عون أحد رجال العلم والعمل السيد المبرور

يوسف الدبس فأفرغ الوسع في ترقية أبناء رعيته في مدرسة1875معارج التمدن ففتح لهم في بيروت سنة

الحكمة الشهيرة التي نمت فروعها وبسقت أفنانها وينعت

ثمارها إلى يومنا هذا. فتقلد الكثير من المتخرجين فيها المناصب الجليلة وخدموا وطنهم بنشاط عظيم. ومن

مساعيه الطيبة لتوسيع نطاق اآلداب مطبعته العمومية الكاثوليكية التي اشتراها من يوسف الشلفون شركة مع

رزق الله خضرا فنشر فيها مجموعا واسعا من المطبوعات الدينية واألدبية والمدرسية منها قسم كبير من

قلمه. وفي هذه المدة ثبت قدم جمعية المرسلين اللبنانيين التي

فأخذت تزداد1865أسسها المطران يوحنا حبيب سنة عددا وفضال بهمة منشئها الفاضل.

أما الروم الكاثوليك فإن مدرستهم البطريركية بلغت في هذه اآلونة أوج عزها بحسن إدارة رؤسائها وشهرة

أساتذتها. وكان جل اهتمامها إتقان اللغة العربية بفروعها. وعني السيد البطريرك غريغوريوس يوسف بإنشاء

مدرسة أخرى ألبناء طائفته في دمشق سلم إدارتها إلىكهنة أفاضل أحكموا تدبيرها.

وفي هذا الطور أنشئت مطابع جديدة كالمطبعة السليمية لسليم أفندي مدور ومطبعة القديس جاورجيوس المروم

ومطبعة جمعية الفنون المسلمين. وقد ظهرت في كل هذه المطابع تآليف متعددة نشرنا في المشرق أسماءها.

وكذلك الجرائد والمجالت فقد أنشئ منها ما راجت سوقه. وكان األدباء في ذلك الوقت حاصلين على حريتهم ال

يعيقهم في نشر المطبوعات عائق المراقبة. والجرائد تروي األخبار كما تشاء ال يعترض عليها إال إذا خرجت عن

طورها وتعدت حدودها. وقد سبق لنا ذكر مجلة الجنان التي أنشأها المعلم بطرس البستاني وعهد بتحريرها إلى

وفيها باشر بجريدتين الواحدة1870ابنه سليم سنة أسبوعية وهي الجنة والثانية يومية دعاها الجنينة وهذه

األخيرة لم تطل مدتها. أما األوليان فاشتغلتا خمس عشرةسنة فأكسبتا األسرة

(1/132)

جريدة1874البستانية شهرة بفصولهما. وقد أنشئت سنة ثمرات الفنون لصحابها صاحب السعادة عبد القادر أفندي القباني فخدمت مصالح األمة اإلسالمية بال ملل إلى أيام الدستور. وبعدها بسنتين شرع األدباء شاهين أبكاريوس

ويعقوب صروف وفارس نمر من تالمذة الكلية األميركية ينشرون مجلة علمية صناعية زراعية دعوها المقتطف

وأودعوها كثيرا من المقاالت العلمية وغيرها وبقيت تطبع في بيروت إلى أن نزعت عن الجرائد حريتها فانتقل

محرروها إلى مصر وجروا فيها على خطتهم الحرة إلى هذه السنة وهي الخمسون من عمرها. وفي هذه المجلة

من المنافع ما ال ينكر أوال أن كتبتها صوبوا غير مرة سهامهم للتعاليم الدينية وناصبوا القضايا الفلسفية الراهنة ونسبوا إلى العلم ما هو بريء منه كما بينا لهم األمر أحيانا

عديدة في جريدة البشير ومجلة المشرق. أما في بالد الشرق خارجا عن الشام فإن اآلداب العربية

فيها لم تخط خطوة كبيرة في هذه السنين العشر فال نرى لها من المنشآت ما يستحق الذكر. وإنما كانت المطابع

المصرية وخصوصا مطبعة بوالق تواصل اشتغالها فتنشر من التآليف القديمة ما كان يحبب إلى األدباء درس اللغة

وإحراز فوائدها لوال سقم طبعها وقلة العناية في تصحيحها. وكذلك اآلستانة العلية فإن صاحب الجوائب

الذي مر لنا ذكره نشر في مطبعته قسما حسنا من التآليف العربية القديمة كديوان البحتري وأدب الدنيا

والدين وبعض مصنفات الثعالبي. ومثله الخوري يوسف داود في مطبعة الدومنيكان في الموصل )أطلب المشرق

( فإنه نشر هناك فضال عن الكتب الدينة423( : 1902 )5عدة تآليف حسنة عززت في الناشئة محبة اآلثار العربية. وفي هذا الطور أصيبت اآلداب العربية ببعض التأخر في

األصقاع األوربية لما حدث فيها من المنازعات واالضطرابات السياسية. لكن هذه الحال لم تدم مدة

طويلة ألن األمور بعد زمن أخذت في السكون والهدوء وعاد العلماء إلى دروسهم بل اتسع نطاقها فامتدت في ألمانية وإنكلترا وأنشئت كليات جديدة كان للغة العربية

فيها الحصة المشكورة. وقد شكلت جمعيات شرقية في إيطالية والنمسة بعثت همم أهلهما على الدروس الشرقية

فانتشرت بذلك اآلداب العربية. وكانت المطابع األوربية تغني كل يوم لغتنا بنشر تآليف يخرجها المستشرقون من

دفائن المكاتب ويحيونها بعد(1/133)

موتها منها بالذكر مطبعة ليدن في هولندة التي أبرزت قسما كبير من أجود تآليف العرب وخصوصا في التاريخ

ووصف البلدان.

بعض مشاهير األدباء المسلمين في هذا الطور كانت العلوم العربية في هذا الطور أرقى شأنا عند

النصارى منها عند المسلمين وإنما اشتهر بين هؤالء بعض األفراد تعاطوا الفنون األدبية من شعر ونثر وخلفوا منها

آثارا طيبة وهانحن نذكرهم على سياق سني وفاتهم تنويهابفضلهم.

رفاعة بك الطهطاوي كان رفاعة بك من أشراف طهطا إحدى مدن الصعيد

)1216ويرتقي نسبة إلى فاطمة الزهراء ولما ولد سنة ( كان الدهر أخنى على أسرته فذا في حداثته مرائر1801

)1222العيش ثم انتقل بعد وفاة والده إلى القاهرة سنة ( وانتظم في سلك طلبة األزهر وطلب العلوم1807

برغبة حتى روي منها وأحبه أستاذه الجتهاده وقدومه. ونما خبره إلى محمد علي باشا إمام الدولة الخديوية فأرسله

مع غيره من الشبان إلى فرنسة ليتلقوا فيها العلوم األوربية فدرس اللغة الفرنسوية حتى أحسن فهمها

واستقى من مناهل المعارف الغربية ما استلفت إليه األنظار ونقل كتابا افرنسيا وسمه )بقالئد المفاخر في

غرائب عوائد األوائل واألواخر( فكان ذلك داعيا لترقيته في المناصب. فقلده محمد علي وظيفة الترجمان في

1242المكتب الطبي الذي أنشأه في جوار القاهرة سنة م( فنقل إلى العربية عدة تآليف إفرنجية1826)

مستحدثة. ثم عرب في مدرسة الطوبجية كتبا هندسية ( ندبه صاحب مصر إلى1835 )1251وغيرها. وفي

رئاسة مصر األلسن األجنبية التي عرفت بمدرسة الترجمة . فجازاه250فأحسن تدبيرها حتى بلغ عدد تالمذتها

الخديوي بمنحه رتبة قائمقام ثم رتبة أميراالي. وأرسل مدة إلى الخرطوم لنظارة مدرستها وتولى نظارة

المدرسة الحربية في مصر. ولم يزل يتقلب في المناصب وإدارة المدارس والتعليم والكتابة. وكان رفاعة بك ال

ينقطع يوما عن التأليف أو الترجمة. وهو الذي باشر أول جريدة عربية في بالد الشرق وهي الوقائع المصرية سنة

( . ثم تولى في آخر حياته إدارة جريدة1832 )1248 روضة المدارس. ولرفاعة بك نحو عشرين كتابا بعضها من

تأليفه كرحلته إلى باريس ومباهج األلباب المصرية وكتابتاريخ مصر الحديث

(1/134)

وأكثرها من ترجمة كجغرافية ملطبرون وأخبار تليماك وهندسة ساسير ورسائل طبية وله غير ذلك من التآليف

والمقاالت والمنظومات التي لم يطبع منها إال القليل. وقد رأيناه كثير التصرف في ترجمة كتبه إال أنه سبق أهل

وطنه بتعريب التآليف الغربية فنال فضال بتقدمه. وكانت ( فرثاه الحاج مصطفى انطاكي1873 )1290وفاته سنة

الحلبي بقصيدة مطلعها: أال لطرف المجد دام ودامع ... على وجنة العلياء هام

وهامعإلى أن قال مشيرا إلى فهمي أفندي نجل المتوفى:

وكادت تميد األرض لو لم يكن بها ... له خلف يحيي المآثربارع

عبد الغفار األخرس هو السيد عبد الغفار البن السيد عبد الواحد من مشاهير

)1220شعراء العراق كان مولده في الموصل السنة ( ثم أنشأ في بغداد واتخذها موطنا وسكن جانب1805

الكوخ وقرأ على المشيخ اآللوسي كتاب سيبويه فأعطاه به إجازة. ثم درس العلوم العقلية والفنون العربية فأتقنها وتعاطى فن الشعر فأجاد به كل اإلجادة حتى أن صاحب

كتاب المسك األذفر قال عنه إن إليه كانت النهاية في دقة الشعر ولطافته وحالوته وعذوبته. وكان مع ذلك في لسانه

تلعثم وثقل فدعي باألخرس لسببه. قيل أنه في شبابه

كتب إلى داود باشا والي العراق أبياتا يسأله فيها أن يأمربمعالجة لسانه قائال:

إن أياديك منك سابقة ... علي قدما في سالف الحقبوب هذا لساني يعوقه ثقل ... وذاك عندي من أعظم الن

بت في معالجتي ... لنلت أجرا بذلك السبب فلو تسب وليس لي حرفة سوى أدب ... جم ونظم القريض

والخطب من بعد داود ال حرمت منى ... فقلت قد مضت دولة

األدب فأرسله الوالي إلى بعض أطباء الهند فقال له: أنا أعالج

لسانك بدواء إما أن ينطلق وأما أن يلحقك بمن مضى من سالف الجدود. فأبى ولم يرض بدوائه وقال: ال أبيع كلي

ببعضي وكر راجعا إلى بغداد. وكان يتردد إلى البصرة لما عرف في عرف أهلها من السخاء ومحبة الغرباء. ولهمدائح في أكثر أعيانها وفضالئها وبها كانت وفاته سنة

(1/135)

م( كما ورد في مقدمة ديوانه وفي سنة1873 )1290 على رواية السيد نعمان اآللوسي. وكان له شعر1291

كثير متفرق جمعه أحمد عزت باشا العمري بعد وفاة صاحبه وسماه الطراز األنفس في شعر األخرس. وقد

)1304طبع هذا الديوان في مطبعة الجوانب سنة م( . فمن شعره قوله يصف سفره من البصرة إلى1886

بغداد على سفينة بخارية:قد ركبنا بمركب الدخان ... وبلغنا به أقاصي األماني

حيث دارت أفالكه واستدارت ... فهي مثل األفالكبالدوران

ثم سرنا والطير يحسدنا باأل ... مس إلسراعنا علىالطيران

يخفق البحر رهبة حين يجري ... والذي فيه كائن في أمانما أبعد البخار بمسرى ... قرب السير بعد كل مكان كل

أتقنت صنعه فطانة قوم ... وصفوهم بدقة األذهانما أراها بالفكر إال أناسا ... بقيت من بقية اليونان

أبرزوا بالعقول كل عجيب ... ما وجدناه في قديم الزمانوبنوا للعلى مباني عالو ... عاجز عنها صاحب اإليوان

فلهم في الزمان علم وفخر ... ومقام يعلو على كيوان وقد نظم السيد األخرس قصائد عديدة في مدح أديب العراق عبد الباقي الفاروقي. ورثاه بعد موته بقصيدة

أولها:ما لي أودع كل يوم صاحبا ... إذ ال تالقي بعد طول فراقوأصارم األحباب ال عن جفوة ... مني وال متعرضا لشقاق

فارقتهم ومدامعي منهلة ... وجوانحي للبين في إحراقإلى أن قال:

ها فضال على فارقت أذكى العالمين قريحة ... وأجلاإلطالق

وفقدت مستند الرجال إذا روت ... عنه الثقات مكارماألخالق

قد كان منتجعي وشرعة منهلي ... ومناط فخري وارتيادنياقي

(1/136)

كانت له األيدي يطوقني بها ... مننا هي األطواق فياألعناق

وختمها بقوله:

رزء أصيب به العراق فأرخوا ... رزء العراق بموت عبدالباقي

(1278. )وقال مودعا بعض الكرام اسمه يوسف:

موالي قد حان الوداع ... وقد عزمت على المسيركم زرت حضرتك التي ... ما زلت منها في حبور

ورجعت عنك بنائل ... غمر وبالخبر الكثيروالله يعلم أنني ... عن شكر فضلك في قصوريا مفردا في عصره ... بالفضل معدوم النظير

يا يوسف البدر الذي ... يسمو على البدر المنيرما لي بعيرك حاجة ... كغنى الخطير عن الحقيروسواك يا موالي ال ... والله يخطر في ضميري

ما كل وزاد يفو ... ز بمورد العذب النميرال زلت أهال للجمي ... ل مدى الليالي والشهور

ومما لم نجده في ديوانه تخميس قالها عبد الباقي العمريفي قاض جائر:

أال قطع الرحمن كل مقاطع ... مضر بما يقضى به غيرنافع

وراض بظلم طامع غير قانع ... وقاض بجور ما له منمضارع

على أنه بالعسف أقطع من ماض فكم قد جنى في حكمه من جناية ... وقد راح في غي له

وغواية فال رد قاض ما اهتدى لهداية ... قضى ومضى لكن إلى

كل غايةمن الخزي ال يحظى بها أبدا قاض

بلينا بقاض جائر غير عادل ... ويجور بحكم قاصر غيرطائل

ومن أعظم البلوى بالء بجاهل ... يقولون يقضي قلت لكن

بباطلوقالوا يقص الحق قلت بمقراض

السيد صالح القزوينيهو أيضا أحد شعراء العراق المجيدين ولد في النجف

(1/137)

م وتوفي في بغداد1793هـ شباط 1208 رجب 17في ( تخرج في وطنه1883ك 4 )1301 ربيع األول 5في

على علمائه وأتقن العلوم المذهبية ثم تفرغ لآلداب ولنظم الشعر فنبغ منه. فكان مواطنوه ينتابون مجلسه ويتجاذبون أطراف األدب ويتناشدون األشعار فال يكاد أحد يبلغ شأوه. وقد اشتهر خصوصا بالرصف والمدح وقد خلف ديوان في

كل معاني الشعر لم يمثال بالطبع حتى اليوم:

الحاج عمر اإلنسي ولما كانت مصر تفتخر بطهطاويها والعراق بأخرسها كانت

بيروت تأنس بأنسيها الحاج عمر سليل أسرة شريفة م(1822 )1237اشتهر لقبها بالصقعان. ولد اإلنسي سنة

في بيروت وأخذ العلوم عن الشيخين محمد الحوت وعبد الله خالد وقد قلدته الحكومة السنية عدة مناصب كنظارة النفوس في لبنان وعضوية مجلس إدارة بيروت ومديرية

حيفاء ونيابة صور وبقاع العزيز تقلب فيها كلها وأظهر فيها دراية وعفة نفس وعلو همة. وكانت وفاته في وطنه سنة

م( . وقد وصفه من عرفه بحسن الشعر1876 )1293 وأنس المحضر والصدق واالستقامة. وكان فصيح اللفظ

طلق اللسان حسن النظم وله مصنفات منها ديوان شعره

)1013الموسوم بالمورد العذب طبع في بيروت سنة م( بهمه نجله السيد عبد الرحمن. وقد كان بينه1895

وبين الشيخ ناصيف اليازجي مكاتبات. ومما مدحه بهالشيخ قوله من أبيات:

وإذا أردت قصيدة ... فيه لها عمرا ونمالشاعر العربي ذو ال ... غرر التي سبت العجم

في المكرمات له يد ... وإلى الصواب له قدموله مناقب ال تنا ... ل كأنها صيد الحرم

وهذه نبذة من أقوال الحاج عمر. قال في التقى: عليك بتقوى الله والصدق إنما ... نجاة الفتى يا صاح

قى بالصدق والت وقس حال أبناء الزمان بضده ... تر الفرق ما بين السعادة

والشقاوقال في الزهد:

رغبت عن الدنيا وزخرف أهلها ... وقلت لنفسي إنماالعيش في األخرى

فدعني وزهدي في الحطام فأنني ... أرى الزهد في الدنياهو الراحة الكبرى

(1/138)

ومن ظريف هجوه ما قاله في غالم قهوجي يدعى هالال:تعس الهالل القهوجي ألنه ... قد قطع األنفاس من أنفاسه هذا الهالل هو الهالك وإنما ... غلطوا فلم يضعوا العصا في

رأسه أراد بالعصا الشطبة التي ترسم في رأس الكاف )ك(

الشبيهة بالالم )ل( . وقال يهجو ثقيال كان ال يزال يذكرذنوبه:

شكا ثقل الذنوب لنا ثقيل ... فقلت له استمع لبديع قيليثالث بالتناسب فيك خصت ... فلم توجد بغيرك من مثيل

ذنوبك مثل روحك ضمن جسم ... ثقيل في ثقيل في ثقيل ومن رثائه قوله في مارون النقاش لما توفي في

هـ من أبيات:1271طرسوس سنة فقدنا أديبا كان طرس يراعه ... إذا خط سطرا نال من

خطه شطرا أخاشيم قد أعجزت عن مديحها ... لساني فأمسى ال

يطيق لها شكرا وما كنت يا مارون قبلك زاعما ... بأن الثرى عن أعيني

يحجب البدرا ... فكم لك من آداب لطف شمائل ... إذا ما نشرنا ذكرها

نفحت نشراية ... بها أن تحلي جيدها وكم لك من أبيات شعر حر

الغادة العذراع األجفان أو ضيق كم ... بكا وس أال يا بني النقاش ال يحزنن

الصدرا أرى الدهر لما قسم الحزن خصنا ... بتسعة أعشار

وحملكم عشرا ...فآسف لو كان التأسف نافعا ... عليه ولكن الثناء له أحرى

ان عبد الله وعبد الباقي اآللوسي وفي هذه المدة قضى اثنان من اآللوسيين نحبهما في العراق. وهما أبناء السيد العالمة شهاب محمود أفندي

( أعني12 - 9:1اآللوسي الذي سبق لنا تعريف فضله: )ج عبد الله وعبد الباقي. فالسيد عبد الله بهاء الدين أفندي

( فقال السيد عبد الغفار األخرس1832 )1248ولد سنة مؤرخا لولده:

ليهنئك يا تحرير أهل زمانه ... ويا كامال عنه غدا الطرف

قاصرا بطفل ذكي قد أتاك وإنما ... يضاهيك باألخالق سرا

وظاهراوبشرتني فيه فقلت مؤرخا ... بولد عبد الله نلت البشائرا

(1/139)

فلما ترعرع أخذ العلوم عن والده إلى أن أصيب بوفاته وهو إذ ذاك بين اثنتين وعشرين سنة فجزع لموته وكاد لحزنه يلحق بأبيه. ثم انكب على الدرس واجتمع ببعض أفاضل وطنه فما لبث أن فاقهم وأقبل على التدريس

فحصل بعد حين على شهرة واسعة وانتظم في سلك أهل الطريقة النقشبندية. ثم بلي بأنواع األسقام فخرج من وطنه قاصدا اآلستانة العلية لكن أشقياء العربان نهبوا

أثقاله فعاد إلى بغداد صفر اليدين. وفي آخر أمره تولى القضاء في البصرة فأكرمه أهلها وعرفوا قدره لوال أنه

تأذى بحمياتها القتالة فخرج منها بعد سنتين ولسان حالهينشد مع معاصره الشيخ صالح التميمي:

ومتى تسير ركائبي عن بلدة ... أبدا أقام فناؤها بفناهاال فرق بين شمالها وجنوبها ... وقبولها ودبورها وصباها

ك في الجسوم كت الغصون بأرضها ... أال تحر ما أن تحرأذاها

أشجارها خضر وأوجه أهلها ... صفر محا كسف السقامبهاها

لوال قضاء الله حتم واجب ... أبت المروءة أن أدوس ثراها (1874 )1291فما وصل إلى بغداد حتى مات بعد أيام

سنة وكان السيد عبد الله كثير التدين43وله من العمر لين الجانب محبا للفقراء ال يأنف من مخالطتهم. وقد

امتاز بحسن نثره وجزالة تعبيره. ومن تأليفه رسائل ومقاالت مفيدة وشروح في علمي المنطق والبيان وألف

كتاب الواضح في النحو وكتابا في آداب الصوفية. أما أخوه فهو السيد سعد الدين عبد الباقي وقع مولده

فأرخه الشاعر عبد الحميد األطرقجي:1250سنة طربا بمن سر الورى ميالده ... وسرى نسيم اللطف في

اآلفاقيا سادتي بشراكم فيمن بدا ... متخلقا بمكارم األخالق فردا أتى وبه استعنت مؤرخا ... تم السرور لكم بعبد

الباقي أخذ عن والده كأخيه ثم عن الشيخ عيسى البندبيجي وزار الحجاز وتولى القضاء في كركوك مركز والية شهرزور ثم

في بتليس وسافر إلى دار السعادة. وله عدة مصنفاتأخصها القول الماضي فيما يجب المفتي والقاضي وأوضح

(1/140)

منهج في مناسك الحج الذي طبع في مصر وأسعد كتاب في فصل الخطاب وغير ذلك مما يشهد له برسوخ القدم

( .1881 )1298في المعارف. توفي في مصر سنة

أبو النصر علي واشتهر في مصر في هذه الحقبة األديب المصري أبو

1298النصر علي ولد في منفلوط وفيها كانت وفاته سنة ( نظم الشعر في مقتبل الشباب وأصبح1881 - 1880)

من فرسان ميدانه فنما خبره إلى خديوي مصر إسماعيل باشا فقدمه وأجازه وألبي النصر عدة قصائد غراء فيه

وفي أمراء الدولة الخديوية وقد وافق إسماعيل باشا لما

رحل إلى اآلستانة ثم مدح بعده الحضرة التوفيقية. وألبي 1300النصر ديوان كبير طبع في مطبعة بوالق سنة

ضمنه أقواال منتخبة في كل أبواب البالغة ومعاني الشعر فمما استحسناه قوله في الخمر وقد نحا في وصفه

طريقة الصوفيين: بنت كرم دونها بنت الكرام ... وهي بكر زفها ساقها

المدام شمس راح في اصطباح أشرقت ... في سماء الكأس

كالبدر التمام كم تجلى كأسها عن لؤلؤ ... من حباب كالدراري في

انتظامه ... ال يضاهي وهي لي أقصى إن لي عنها حديثا سر

المراملو درى أهل التقى أسرارها ... لسقوا أبناءهم قبل الفطامال تسلني عن معانيها وسل ... عن حالها وسناها باحتشام

قال صفها قلت دعني أنها ... صورة كالجسم عنديوالسالم

قال زدني قلت ما المسئول عن ... ها بأدرى منها يا هذاالغالم

قال قل في كرمها مخلوقة ... نزهة الناس من سام وحامما رآها عابد إال انثنى ... عن سجود وركوع وقيام

ها تبري السقام راحة األرواح في أقداحها ... أنبأتنا إن وهي طويلة. ومن حسن شعره قوله يصف سفرة الحضرة

م:1287التوفيقية إلى الصعيد سنة زار في موكب كعقد الآللي ... فازدهى بالقدوم صفو

اللياليإلى أن قال:

(1/141)

فازدهى رونق الصعيد جماال ... وتحلت أرجاؤه بالحالل وروى النيل عن رواه حديثا ... يشرح الصدر شرحه في

المقالحيث دقت بالشاطئين طبول ... واألهالي تفوق عد الرمال

وتالفوا بضمير سابقات ... فترى الليث فوق ظهر الغزال وتوالوا في سيرهم فأضاءت ... حلية البيض بين سمر

العواليوجميع البالد أيدت سرورا ... ناشرات أعالمها بابتهال

نسأل الله عصمة ونجاحا ... وبقاء له وحسن مآلومن أقواله يعاقب دهره:

ا ... وتنشر ما طواه الرشد طيا إالم تصوب األوهام غي أبعد الحق تنتظر األماني ... ويفرض ميت اآلمال حيا

ا نلحق األموات هيا إذا كنا مع األحياء موتى ... فهي شربت من األسى علال ونهال ... فزدت صدى وما ألفيت

رياوكم جبت المهامة كي أالقي ... بمنتجعي جوادا أو تقيا

فذلك أراه مختاال فخورا ... وهذا قصده يدعى ولياوقال يصف األماني الباطلة:

بتها ... فألفيت فيها عجيب العجائب بلوت األماني وجرتريك البعيد قريبا كما ... تريك انقياد األمير المهابخذها سبيال إلى ... بلوغ المرام ودع ما يعاب فال تت

ل مر السحاب فإن األماني خيال يمر ... على من تخيوغاية ما ينتج من مناها ... تصور لخالف الصواب

ومن أقواله الحماسية قوله: أرى دولة األيام خائنة العهد ... مراوغة تصبو إلى الخلف

في الوعد وما بالها تجني على كل ماجد ... كأن لها ثارا على دولة

المجد ترينا محبا باسم الثغر ظاهرا ... ولكن لها قلب مصر على

الحقد تمر فتحلو للغبي ومن درى ... تجرعه كأس المرار على

عمد(1/142)

أعدت لحربي جندها فلقيتها ... بقوة جأش دونها قوةالصلد

واستقبل األخطار بالبشر الهيا ... بدون اكتراث مازجالهزل بالجد

وإن ضاق ميدان المخاوف لم أكن ... حريصا على حبالحياة وال أفدي

وألبي النصر رحلتان إلى القسطنطينية كانت األولى في أيام السلطان عبد المجيد موفدا من محمد علي الكبير

وأنشد حينئذ شيخ اإلسالم قوله يمدح القسطنطينية:نة ... ونحسبها دون البالد هي ا نرى مصر السعيدة ج وكن

العليافلما رأى دار الخالفة عيننا ... علمنا يقينا أنها لهي الدنيا

وكانت رحلتنه الثانية مع الخديوي إسماعيل باشا وصادف دخولهما اآلستانة يوم عيد جلوس السلطان عبد العزيز

( فقال أبو النصر يمدح الحضرة1872 )1289سنة السلطانية بقصيدة مطلعها:

تبسمت األزهار عن لؤلؤ القطر ... ففاح شذاها فيالحدائق كالعطر

ومنها في مدح السلطان: أفاد العال جاها وعزا مؤبدا ... وألبسها من مجده حلل

الفخر وأبدى ألعالم التقدم مظهرا ... به ملكه يعلو على دول

العصر وأحيا إلحياء العلى كل دارس ... فأضحت قالع الثغر

باسمة الثغر وجدد في عهد قريب بواخرا ... بها قوة اإلسالم محكمة

األمر برونقها تكسو الفخار مهابة ... وتعلو بما حازت على

هر األنجم الز له من رجال الحرب جيش عر مرم ... لهم همم في

الفتك بالبيض والسمر مدافعهم شم األنوف على العدى ... تخر لهم شم الجبال

من الصخر وأسيافهم في السلم يحلو صيامها ... متى جردت مالت

حر إلى الفطر بالنوختمها بهذا التاريخ:

وها أن في البشرى أقول مؤرخا ... جلوسك عيد الدهرامليلة القدر

محمود صفوت ومن معاصري أبي النصر على وطنيه محمود أفندي

صفوت بن مصطفى آغا الزيلع الشهير بالساعاتي ولد وبها توفي سنة وفاة أبي1241بالقاهر سنة

(1/143)

( لزم اآلداب واشتهر بنظمه ونثره1881 )1298النصر حتى عد فيهما من المقدمين. وتوجه إلى الحجاز ودخل

على أمير مكة الشريف محمد بن عون فأكرم مثواه وأبقاه عنده إلى آخر إمارته ثم سافر إلى القسطنطينية

وعاد بعد ذلك إلى وطنه وفيها قضى بقية حياته. ولمحمود أفندي صفوت ديوان شعر نشر بالطبع في مصر سنة

( . فمن ذلك قوله يفتخر:1911 )1329ولع الزمان وأهله بعداوتي ... إن الكرام لها اللثام عداء

أتحط قدوري الحادثات وهمتي ... ومن دونها المريخوالجوزاء

هيهات تهضم جانبي وعزائمي ... مثل البواتر دأبها اإلمضاء صبرا على كيد الزمان فإنما ... يبدو الصباح وتنجلي

الظلماءوله في رثاء أحد العلماء:

قت شملها من تب ... ومز بكت عيون العال وانحطت الرحزنها الكتب

ت رأسها األقالم باكية ... على القراطيس لما فاحت ونكسالخطب

وكيف ال وسماء العلم كنت بها ... بدرا تماما فحالت دونكالحجب

يا شمس فضل فدتك الشهب قاطبة ... إذ عنك ال أنجمتغني وال شهب

ية كاد الكون لما أصابك ال قوس وال وتر ... سهم المنينقلب

ما حيلة العبد واألقدار جارية ... العمر يوهب واألقدارتنتهب

صالح مجدي بك ( توفي أديب آخر من1881 )1298وفي السنة ذاتها

نوابغ كتبة مصر السيد صالح مجدي بك. ولد في رجوان ( وبعد أن تلقى1826 )1242من مديرية الجيزة سنة

مبادئ العلوم العربية ودرس اللغة الفرنسوية ألحقه أستاذه رفاعة بك الطهطاوي بقلم الترجمة ثم عهد إليه

بتدريس اللغتين العربية والفرنسوية في المدرسة الهندسية الخديوية وعهدوا إليه تعريب كتب علمية للفرنج

فعرب منها عددا وافرا في رسم األمكنة والطبقات الجيولوجية والميكانيكيات والحساب والجر والهندسة

والفلكيات والفنون الحربية كبناء الحصون ورمي القنابل إلى أن تولى رئاسة الترجمة وجعله إسماعيل باشا في

المعية السنية وواله مناصب أخرى وكان آخر ما عهد إليه قضاء القاهرة فلزمه إلى وفاته. وكان صالح بك يحسن

اإلنشاء وفنون الكتابة وقد نشر(1/144)

مقاالت عديدة اجتماعية وسياسية وأدبية في جرائد مصر كروضة المدارس والوقائع المصرية. واشتغل بتأليف

مطول لتاريخ مصر مع علي باشا المبارك وله ديوان شعرهـ.1312واسع طبع في بوالق سنة

يهنئ1289ومن شعر السيد صالح بك مجدي قوله سنة جناب الخديوي إسماعيل باشا عند رجوعه من اآلستانة: مع النصر وافى من عليه المعول ... ومن هو في أيامه

الغر أول ومن هو لألوطان والملك والمال ... مالذ وحصن ال يرام

وموئلومن تمأل الدنيا مهابته التي ... بها األسد في آجامها تتجدل

ومن فاض من يمناه ماء سماحة ... فأحيا بالدا أهلها قدتمولوا

ومن شاد أركان المعالي بهمة ... يقصر من إدراكها

متطول وقد جاءت البشرى بذاك فزينت ... لمقدمة مصر وفاز

المؤمل وأثنت على دار الخالفة عند ما ... رأته بها يعلو وشانيه

يسفل فعش ما تشا في دولة أنت ربها ... ومجدك فيها من قديم

ل مؤث وقد قلت في يوم القدوم مؤرخا ... إلى مصر إسماعيل

بالبشر مقبلوقال من قصيدة يهنئه بها في أول العام:

ة العام ... تزهو بنور مليك بالبشر في مصر الحت غرللحمى حامي

تزهو بنور مليك غيث راحته ... في الكون طول المدى بينالورى هامي

هو الخديو الذي أوطانه نشرت ... للفضل في عصره مطوي أعالم

وللتمدن مدت باعها وإلى ... أوج العال سارعت من غير أحجام

فيا له من حكيم بالعالج محا ... ما كان في جسمها من فرط أسقام

وله في حسين باشا ناظر المعارف واألوقاف واألشغالالعمومية:

لجانبك العالي ثالث مصالح ... نظمت بمسطتي عسجدولجين

وأضاء منك جبينها برئاسة ... أعمالها منشورة العلمين ونمت بها بركات أوقاف روت ... مصرا وقد فاضت على

الحرمين وبحزمك األشغال زاد نجاحها ... ونجازها في السهل

والجبلين

(1/145)

دت أبناءها ... بمدائح األجداد واألبوين ولك المعارف غر وبديع نظم كامل في كامل ... من مخلص بالقلب

والشفتين من مخلص لك في الثناء بدولة ... أضحيت فيها حائز

الشرفينوختمها بهذا التاريخ:

والمجد في علياك قال مؤرخا ... زمن المعارف مشرقبحسين

(1289. )

أبو السعود أفندي ومن مشاهير أدباء مصر في ذلك الوقت أبو السعود

( في1828 )1244أفندي عبد الله المصري ولد سنة دهشور قرب الجيزة ودرس في المدرسة الكلية التي

أنشأها محمد علي باشا في القاهرة فبرع بين أقرانه. ثم ندبته الحكومة إلى نظارة أعمالها فكان في وقت الفراغ

يواصل دروسه ويعكف على التأليف شعرا ونثرا. وحرر مدة جريدة وادي النيل وكاتب أدباء زمانه. ونقل بعض كتب الفرنج إلى العربية. ومن تآليفه )كتاب منحة أهل

العصر بمنتقى تاريخ مصر( نظم فيه مجمل حوادث تاريخ مصر للجبرتي ووضع تاريخا لفرنسة ألحقه بتاريخ والة

مصر من أول اإلسالم دعاه بنظم الآللي. وباشر بترجمة تاريخ عام مطول وسمه بالدرس التام في التاريخ العام

1289طبع منه قسم سنة . وكان أبو السعود شاعرا مجيدا له ديوان طبع في القاهرة أودعه كثيرا من فنون

الشعر كالمديح والمراثي والفراقيات. ونبغ في

المنظومات المولدة كالمواليا والموشحات. وله أرجوزة تظم فيها سيرة محمد علي باشا كثيرة الفوائد بينة

المقاصد تبلغ عشرة آالف بيت. وله غير ذلك مما تفنن فيه وسبق آل عصره توفي أبو السعود أفندي في ربيع األول

( . وقد رثاه أحد شعراء وطنه بقصيدة1878 )1295سنة قال في مطلعها:

خلق الهبوط مع الصعود ... ومع القيام بدا القعودإلى أن قال:

ليس البكاء لغادة ... أبدت لمغرمها الصدوده لما قضى ... رب القريض أبو السعود لكنمن لم يجبه بدمعه ... فكأنما نقض العهود

فهو الحري بأن تذو ... ب عليه باألسف الكبود(1/146)

ه عذب الورود بحر تدفق ماؤه ... لكنبقريحة سالت على ... أرجائها سيل العهود

كم أنجبت نخبا له ... فكأنها األم الولودأبدا توقد بالذكا ... ء فليس يعروها خمود

ي ... ة فيه وهو من األسود نشبت مخالبها المنال غرو إن صعد السما ... بين المالئكة السجود

فبنات نعش قد حمل ... ن سريره لمن الشهود

الحاج حسين بيهم 2 ك23 )1298وفي آخر هذه الجبقة في صفر من سنة

( فقدت اآلداب أحد أركانها في بيروت وهو الحاج1881 حسين ابن السيد عمر بيهم كان والده عمر من أعيان المدينة وأدبائها رثاه الشيخ ناصيف اليازجي سنة وفاته

( بقصيدة مطلعها:1859 )1276 زر تربة في الحمى يا أبها المطر ... وقل عليك سالم الله

يا عمرومنها:

في شخصه الدين والدنيا قد اجتمعا ... وذاك يندر أنتحظى به البشر

( ونشأ حريصا على1833 )1249ولد حسين ابنه سنة تحصيل مسائل العلم وفنون األدب فأخذ عن علماء ملته

كالشيخ محمد الحوت والشيخ عبد الله خالد. وبعد أن تعاطى التجارة زمنا يسيرا انقطع إلى العلم ونال به شهرة

ثم نظم الشعر فصارت له به ملكة راسخة بحيث كان يقوله ارتجاال في المحافل ويخرجه على صور مبتكرة

تطرب له األسماع. وقد ولته الحكومة عدة مناصب كنظارة الخارجية ورئاسة األحكام العدلية ثم أعيدت إليه

الخارجية فقال في ذلك:ة لم تترك إن الفؤاد له في الملك معرفة ... فالخارجي

نظارته لذاك سلطاننا المنصور رد له ... مع حسن أنظاره أرخ

بضاعته ولما وضع القانون األساسي وفتح للمرة األولى مجلس النواب انتخبه مواطنوه ليمثلهم فيه فحضر في اآلستانة

جلساته ثم عاد إلى وطنه واعتزل المأموريات وانقطع إلى اآلداب. وكان حاضر الجواب ثاقب الرأي كريم األخالق

على الهمة محبوبا عند(1/147)

الجميع. وكان أحد أعضاء جمعية العلوم السورية المنشأة في بيروت فلما توفي رئيسها األول األمير محمد أرسالن

عهدوا إليه رئاستها. وكان للحاج حسين نظم رشيق مطبوع قد بقي منه القليل ومن آثاره رواية أدبية وطنية مثلت مرارا وقرظها األدباء. ومن شعره قوله في تاريخ

:1277جلوس السلطان عبد العزيز سنة خالفة اإلسالم قد أصبحت ... تزهو افتخارا بالمليك العزيز

ختها ... طابت بشاهنشاه عبد العزيز وملة األيمان أروقال مؤرخا إنشاء التلغراف في بيروت:

لله در السلك قد أدهشت ... عقولنا لما على الجو ساقفأعجب الكون بتاريخه ... شبيه برق أو شبيه البراق

(1277)وقال مشطرا:

إذا العناية الحظتك عيونها ... وحباكها من فضله الرحمانناداك طائر يمنك وسعودها ... ثم فالمخاوف كلهن أمان واصطد بها العنقاء فهي حبالة ... واملك بها الغبراء فهي

سنان واصعد بها العلياء فهي معارج ... واقتد بها الجوزاء فهي

عنانومن جيد شعره قوله يعزي صديقا بفقد ماله:

لقد غمنا والله والصحب كلهم ... مصاب دهاكم بالقضاحكم قادر

كان شرارا منه طار ألرضنا ... فاحرق أحشاء الورىبالتطاير

نا قلنا مقالة عاقل ... يسلم الباري بكل المظاهر ولكن إذا سلمت هام الرجال من الردى ... فما المال إال مثل

قص األظافر فكن مثل ظن الناس فيك مقابال ... لذا الخطب بالصبر

الجميل المصادر

بك يا ذا الحرم وال تأسفن إذا ضاع مال ومقتنى ... فرأعظم جابر

وإن حياة المرء رأس لما له ... سالمته تعلو جميعالخسائر

وقد نظم أرجوزة حسنة في العلم وشرفه نشرت في -16أعمال الجمعية العلمية السورية لسنتها األولى )ص

26. )(1/148)

ومما رثي به الحاج حسين أفندي بيهم قول أبي الحسنالكستي:

فراقك صعب يا حسين احتماله ... وبعدك ركب األنسشالت رحاله

ما ... ومثلك مولى للنعيم ماله رحلت إلى دار البقاء مكر ولكن تركت القوم تبكي عيونهم ... عليك بدمع كالسيول

انهماله وليس لنا من بعد فقدك حلية ... سوى الحزن أو صبر يعز

مناله حويت خصاال جل في الناس قدرها ... وما كل إنسان تجل

خصاله عفاف ومعروف وعلم ورقة ... وفضل ومجد قل فينا

مثاله

محمد أكنسوس وممن رزئت به اآلداب في هذا الوقت في بالد المغرب

األديب الشاعر أبو عبد الله محمد بن أحمد اكنسوس (1877 )1294المراكشي توفي في بلده مراكش سنة

وقد عرف المذكور بسعة معارفه ال سيما التاريخية واألدبية. وله التاريخ المسمى كتاب الجيش وقصائد عديدة

في مشاهير بالده من ذلك قوله يرثي سلطان مراكش( :1859 )1276المولى عبد الرحمن المتوفى سنة

هذي الحياة شبيهة األحالم ... ما الناس أن حققت غير نيامومنها:

لو كان ينجو من رداها مالك ... في كثرة األنصار والخدام لنا أمير المؤمنين ومن غدا ... أعلى ملوك األرض نجل

هشام خير السالطين الذين تقدموا ... في الغرب أو في الشرق

أو في الشام يا مالكا كانت لنا أيامه ... ظال ظليال دائم اإلنعام

ة اإلكرام ال ضير انك قد رحلت ميمما ... دار الهناء وجن فلك الرضا فأنعم بما أعطيته ... ولك الهناء بنيل كل مرام

وقال يصف خروج السلطان المولى حسن على أعداء( :1876 )1293دولته سنة

عصفت عليهم بالبأس تزجي ... كتائب كالسحاب إذا تلوحفألقيت الجران على ذراهم ... بجيش كلهم بطل مشيح

فجاء العفو منك وهم ثالث ... أسير أو كسير أو ذبيحوقد قسمت بالدهم بعدل ... ودورهم كما قسم الوطيح

(1/149)

فال تحلم فإن الجرح يكوى ... طريا بالمحاور أو يقيحأبا زيد إذا تبقي عليهم ... بصفح ربما ندم الصفوح

وله يصف بستانا للوزير أبي عبد الله محمد بمن إدريس:يا منزال قد خصصته سعادة ... واستبدلته أنعما من أبؤس

أصبحت مأوى للوزير محمد ... نجل األدارسة الكرام

المغرس إنسان عين كون من لبست به ... رتب العلى أبهى وأبهج

ملبس يا أيها البحر الذي من فيضه ... كل األماني والغنى

للمفلس يهنيك ذا القصر الذي أنشأته ... بالسعد في عام انشراح

األنفس ال زلت تشرف من مطالع سعده ... كالبدر يظهر من خالل

الحندس والدهر يخدم جانبيك ويحتمي ... بجاللك العالي األعز

األقدس وكان محمد اكنسوس يأسف على ما يرى في وطنه من

الخمول فقال في ذلك قبل وفاته: ولست أبالي أن يقال محمد ... أبل أم اكتظ ت عليه

المآتم ولكن دينا قدر أردت صالحه ... أحاذر أن تقضي عليه

العمام وللناس آمال يرجون نيلها ... وإن مت ماتت واضمحلت

عزائم فيا ربي إن قدرت رجعي قريبة ... إلى عالم األرواح

وانقض خاتم فبارك على اإلسالم وارزقه مرشدا ... رشيدا يضيء النهج

والليل قاتم هذا ما أمكنا جمعه من تراجم أدباء المسلمين في هذا

العشر وهو بر من عد وال نشك أنه اشتهر في بالد اإلسالم غير هؤالء أال أن تواريخهم لم تطبع حتى اآلن أو تجد منها

نتفا قليلة متفرقة ال ينتفع من مضامينها إال من وصلت يده إلى تلك المنشورات وسمح له الزمان بمراجعتها وقليل ما

هم.

وممن أطلعنا على ذكر بعض آثارهم دون معرفة ترجمة حياتهم الشيخ العالم حمزة أفندي فتح الله الذي حرر مدة

في اإلسكندرية جريدة الكوكب الشرقي ثم انتقل إلى تونس ففوضته حكومتها أن يحرر جريدتها الرسمية

المدعوة بالرائد التونسي مع منشئها منصور أفندي كرلتي.م( وكان1876 )1293فاشتغل بذلك مدة منذ السنة

(1/150)

ذا باع في اإلنشاء وله نظم حسن فمن ذلك قوله يمدحالوزير الكبير خير الدين باشا بقصيدة مطلعها:

آالؤك الغر أو إناؤك الغرر ... زها بها في الزمان الجيدوالطررومنها:

الله ملجأنا إذ ليس يفجأنا ... شر الخطوب وخير الدين ليوزر

ا ومجد ليس خير له همة أعلى وأرفع من ... هام الثريينحصر

ت الدنيا بشائرها ... وضمخ الكون عرفا وسيرة سرمسكها الذفر

ال زال كهفا لمن يأوي بساحته ... في ظله تسعد اآلمالوالوطر

وكبة وزراء الفضل أنجمها ... تزهو به وهو فيما بينهم قمر وكان خير الدين المذكور وزيرا لباي تونس فاشتهر بحسن

سياسته وتدبيره لألمور. وكان كاتبا بارعا ألف كتابا دعاه أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك طبعه في

. وهو أجود كتاب وضعه أحد1285حاضرة تونس سنة الشرقيين في وصف الممالك األوربية وتعريف أحوالها

المدنية مع لمحة من تواريخها. وعرف بذلك الوقت في المغرب وبالد تونس من األدباء

الوزير أبو العباس أحمد ابن أبي ضياف والشيوخ أبو عبد الله محمد الباجي وأحمد كريم الحنفي وأبو النجاة سالم

أبو حاجب وأبو عبد الله محمد العربي زورق ومحمد الصادق ثابت وأبو راشد يونس العروسي ومصطفى

رضوان ومحمد بن الحسن التطواني وقد قرأنا لكلهمفصوال في األدب إال أن أخبارهم منقطعة عنا.

وممن لم نقف على أخبارهم ونالوا بعض الشهرة في األدب في الطور الذي نحن بصدده السيد عبد الرحمان النحاس نقيب األشراف في بيروت نشر ديوان خطب

إسالمية مسجعة قرظها الشعراء ومما قال فيها الشيخإبراهيم األحدب:

أنشا لنا الخطب التي ألفاظها ... قد أعربت في السمعلحن مثاني

فقر غدت حلي المسامع مثلما ... أغنت فقير الفضلباإلحسان

أذنت آللئ لفظها بولوجها ... في مسمع اآلذان قبل أذان وللسيد عبد الرحمان قصائد متفرقة منها قوله يمدح

الشاعر مصباح البربير:(1/151)

لقد ضاء مصباح مشكاة عصره ... وفاق بحسن الذكرنشر الشمائل

فتى من بني البربير حاز براعة ... وكان بنظم الشعر أولقائل

به طاب أهل المجد فرعا وقد سما ... مقاما على هام

البدور الكوامل لقد صاغ من نسج القريض نظامه ... وجاء بديوان غريب

المناهل وكان حديث السن لكن قدره ... كبير بأنواع العلى

والفضائل وأصاب في طرابلس بعض الشهرة الشيخ محمد الموقت

كان يتعاطى الشعر وله مراسالت شعرية مع الشيخناصيف اليازجي منها قصيدة في مدحه يقول فيها:

لله هاتيك الصفات فإنها ... جمعت ثناء مشارق ومغاربد في غمده ... ماض وكل غضنفر بمحارب أتظن كل مهن

ك بالمحال فإنه ... ما كل من سل الحسام ال يخدعنبضارب

هذا هو الروض الذي أزهاره ... عطرن كل تنوفةوسباسب

هذا هو الماء الزالل وغيره ... ملح أجاج ما يلذ لشاربهذا هو الفخر الذي شرفت به ... أبناء دوحته لبعد تناسب

وكان في مصر طرابلسي آخر يدعى حسن أفندي الطرابلسي كاتب أيضا الشيخ ناصيف فمدح الشيخ آدابه

وشعره فقال: يا أيها الحسن الميمون طالعه ... أحسنت حتى مألت

مع والبصرا السبت بمعاني حسنها ما زلت تجلو علينا كل قافية ... قد شب

عرا الشك الشعر إنشادا فنحن به ... نغوص في البحر حتى يهز

نجتني الدررا وكذلك كتب في جرائد مصر الشيخ خليل العزازي ونظم

القصائد فمدحه محرر الجوانب بقوله:ألم تر كيف يزخر بالقوافي ... فيسكر من سالفتها العقوال

فتروي كل من أمسى غليال ... وتشفي كل من أضحى

عليال وقام في العراق أحمد عزت الفاروقي ابن أخي الشاعر عبد الباقي الذي مر لنا ذكره سابقا. وله آثار شعرية لم تجمع حتى اآلن. مدحه منشئ الجوانب غير مرة لوفرة

آدابه. وأخباره مجهولة لدينا.(1/152)

األدباء النصارى ظهرت في هذا العهد ثمرة المدارس المسيحية التي

أنشأت في أنحاء الشام فخرج منها جمهور من األدباء أخذوا يحررون الجرائد ويصنفون التآليف المختلفة

وينظمون القصائد ويمثلون الروايات التشخيصية ويعقدون الجمعيات األدبية فيلقون فيها الخطب ويهتمون بتنشيط

العلوم فحصلت بذلك نهضة استوقفت األبصار وبعثت فيالقلوب رغبة الترقي والتمدن.

بنو اليازجي وأول من يتحتم علينا ذكرهم الشيخ ناصيف اليازجي

وأسرته التي كاد الموت يقصف آخر غصونها بوفاة نجليه المرحوم الشيخ إبراهيم والسيدة وردة. وهانحن نلخص

أخبارهم جميعا الئتالف الموضوع وفرارا من التكرار. أصل هذا البيت من روم حمص. ثم نمت أسرتهم وتفرعت إلى عدة فروع فهاجر قوم منهم في العشر األخير من القرن

السابع عشر إلى لبنان فسكنوا جهة الغرب واستوطن غيرهم وادي التيم وكان بعضهم دخل في خدمة عمال

الدولة في أواسط القرن الثامن عشر بصفة كاتب فعرف باسم اليازجي أي الكاتب وعرف به أبناؤه من بعده. وقد

جاهر هذا الفرع بالمذهب الكاثوليكي مع أسر أخرى كبيت البحري وبيت كرامة في منتهى القرن الثامن عشر

وسكنوا كفر شيما. من قرى ساحل بيروت. وكان عبد الله بن ناصيف بن جنبالط والد الشيخ ناصيف طبيبا درس

الطب على بعض رهبان الشوير وتعاطاه بالعمل فحذق به وكان مع ذلك محبا لآلداب العربية يطالع من كتب اللغة ما يحصل عليه ووسائل التعليم في ذلك الوقت قليلة. وتعلم

للشعر فنظم بعض القصائد التي أخذتها أيدي الضياع. ومما روى له حفيده الشيخ إبراهيم قوله يمدح ديوان شعر

للقس حنانيا منير صاحب التآليف التي سبق لنا وصفها: عش بالهنا والخير والرضوان ... يا من عنيت بنظم ذا

الديوانإني لقد طالعته فوجدته ... نظما فريدا ما له من ثان

آذار سنة25وكان مولد ناصيف ابنه في كفر شيما في درس مبادئ القراءة والكتابة على القس متي800

الشبابي. ثم شعر برغبة عظيمة في معرفة أصول اللغة وفنون اآلداب فانكب عليها بنشاط وحرص على إتقانها ما

أمكنه فنال منها نصيبا(1/153)

حسنا. ثم درس الطب على والده ووضع فيه أرجوزة سماها )الحجر الكريم في أصول الطب الكريم( لم تنشر

بالطبع. ودرس أيضا فن الموسيقى ووعى كثيرا من أصولها ودقائقها. وكان مغرى بالتاريخ مواظبا على قراءة

أخبار القدماء فيحفظ منها تفاصيل كثيرة ال تبرح منذاكرته إذا انطبعت فيها مرة.

لكن األدب غلب على الشيخ ناصيف فبلغ فيه مبلغا عجيبا

قيل أنه استظهر القرآن وحفظ كل ديوان المتنبي وقصائد عديدة من العشر القديم والمولد ال يخل فيها بحرف.

وكان في أوقات الفراغ ينسخ ما يحصل عليه من اآلثاراألدبية بخط جميل أشبه بالقلم الفارسي.

ومما امتاز به على أهل زمانه شعره فإنه نبغ فيه على ما روي وعمره ال يتجاوز عشر سنين فكان يقول الشعر عفوا

عن البديهة ويأتي بكل معنى بليغ. وكان في أول أمره ينظم المعنى والزجليات تفكها. وقد تلف معظم هذه

المنظومات العامية. وسطع في ذلك الوقت نجم األمير بشير الكبير فقصده األدباء والشعراء ومدحوه ونالوا من سجال فضله منهم

المعلم الياس أده ونقوال الترك وبطرس كرامة فسار الشيخ ناصيف إلى بيت الدين واتصل بهؤالء األدباء فقربوه

من األمير الذي اتخذه كاتبا ألسراره ورفع شأنه. وللشيخ في مخدومه قصائد جليلة منها رائيته التي قالها مهنئا له

م( وأولها:1824 )1240بانتصاره من أعدائه سنة يهنيك يهنيك هذا النصر والظفر ... فانعم إذن أنت بل

فلننعم البشر وبقي في خدمته اثنتي عشرة سنة. فلما كفت يد األمير

فارقه الشيخ ناصيف ونزل مع1840عن تدبير لبنان سنة أهله إلى بيروت فسكنها إلى سنة وفاته.

وفي هذه الثالثين السنة األخيرة من عمره انقطع إلى التأليف في بيته وإلى التدريس ومراسلة األدباء فحظي

بشهرة عظيمة. وسمع به المستشرقون فكاتبوه واقترحوا عليه عدة مصنفات أجابهم إلى وضع بعضها فطبعوها في

مجالتهم. وكان علماء الشرق يتسابقون إلى مكاتبته ويتناوبون بينهم القصائد والرسائل. ومن فضل الشيخ ناصيف أنه سعى مع بعض أدباء الشام بعقد الجمعية

السورية لترقية اآلداب ورفع منار العلوم. وكان له في كلالمساعي األدبية يد مشكورة حتى أصبح في

(1/154)

بالد الشام كقطب العلوم العربية وشرعة المعارفالوطنية.

واشتغل أيضا مع أصحاب الرسالة األميركية فنظم لهم المزامير وبعض األغاني الدينية واستفادوا منه أيضا في

تعريب األسفار المقدسة التي نشروها في مطبعتهم. 1848وكان أحد أعضاء جمعيتهم التي أنشئوها سنة

( .ZDMG V. 96 ثم 40:12)الشرق أما تآليف الشيخ ناصيف فكلها مشهورة سردنا أسماءها

في تاريخ الطباعة في أعداد سنتنا الثالثة وأشهرها مقاماته الستون المعروفة بمجمع البحرين التي عارض

فيها المقامات الحريرية طبعت مرارا في المطبعة األميركية ثم في مطبعتنا الكاثوليكية. وله كتاب فصل

الخطاب في الصرف والنحو. وجوف الفرا والخزانة وهما أرجوزتان في أصول النحو نظمهما وعني بشرحهما. وعقد الجمان في البيان مع ملحق في العروض. وله شرح على

المتنبي أتمه ابنه الشيخ إبراهيم ووسمه باسم العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيب. وشعره متفرق في

ثالثة دواوين: كتاب نفحة الريحان وكتاب فاكهة الندماء في مراسالت األدباء وكتاب ثالث القمرين. وقد قصد األديب ميخائيل أفندي إبراهيم رحمة جمع شعره في ديوان طبع

منه نبذتان في المطبعة الشرقية في الحدث وفي المطبعة األدبية مصححا بقلم نجله المذكور. وعساه أن

يضيف إليهما ما لم يزل مخطوطا أو شاردا من القصائد.

وشعر الشيخ ناصيف يجمع بين الرقة والمتانة يضارع نظم أجود الشعراء في كل أبواب المعاني ود مر لنا عدة أقوال

من قلمه تشهد على براعته ورسوخ قدمه في آداب الشهر. وقد مدح أكثر مشاهير عصره وأدباء زمانه ورثى

قوما من الكرام الذين انتقلوا إلى دار البقاء في أيامه وله التواريخ المتعددة التي زان بها قبورهم أو عقلها على اآلثار البنانية والكنائس وغيرها. فمن مديحه قوله من

قصيدة غراء رفعها إلى جاللة السلطان عبد العزيز وضمن:1283كل شطر منها تاريخا لسنة

ظل اإلله علينا أوج طالعه ... قد فاق فوق جهات األفق كالعلم

في خلقه عجب في عزه طرب ... راحاته سحب بهمرن بالكرم

أمين رب الورى في الكون مؤتمن ... على العباد لحق العهد والذمم

ومدح نابوليون الثالث بقصيدة افتتحها بهذه األبيات:(1/155)

من قال أن الدهر ليس يعود ... هذا زمان عاد وهو جديدقد عاد نابليون بعد زواله ... فكأن ذلك يومه الموعود

ال تفقد الدنيا لفقد عزيزها ... ما دام يخلف ميتها المولود تتجدد األشخاص فيها مثلما ... يغرى القضيب فينبت

األملود وله في مديح الملكة فيكتوريا لما جلست على عرش

بريطانيا العظمى من قصيدة: اليوم قامت فتاة الملك بارزة ... وقام من قبلها أسالفها

األول

فرع األصول التي مرت وبهجتها ... أن الثمار من األغصانتبدل

في قلبها خاتم التقوى وفي يدها ... من خاتم الملك مايجري به المثل

قد التقى الدين والدنيا بساحتها ... كما التقى الكحل فياألجفان والكحل

وله قصائد أخرى في مدح الخديويين أصحاب مصر إبراهيم باشا وسعيد باشا وإسماعيل باشا. وكثيرا ما كان يجمع في هذه المدائح أنواع الجناسات والفنون البديعية الصعبة المرتقى الدالة على تذليله للمشكالت اللفظية

والمعنوية لكن التعسف ظاهر في بعض هذه المنظومات التي وضعها لمعارضة قوم من شعراء القرون المتأخرة. ومن هذا القبيل بديعيته التي التزم فيها تسمية الجناس

والنوع أولها:يم باألطالل في العلم ... فأبرع الدمع في عاج المت

استهالله العرم ومن أحسن الشعر صاحب الترجمة مراثيه التي أوردنا

منها أمثلة. وله من قصيدة يرثي بها الطيب الذكرالبطريرك مكسيموس مظلوم:

ركن هوى في دار مصر أوشكت ... منه ربى لبنان أنتتفطرا

ية هيبة ... فكأن فوق سريره االسكندرا ضجت به اإلسكندر يا أيها الطود الذي عبث به ... أيدي المنون فمال محلول

العرى غدرت بك األيام مظلوما كما ... تدعى فألقت في التراب

الجوهراوله في رثاء صغير وأجاد:

استودع الله في طي الضريح فتى ... كالغصن معتدالوالبدر مكتمال

(1/156)

كنا نؤمل أن نجني له ثمرا ... فخيب الدهر منا ذلك األمال خان الزمان له عهد الصبا وبغى ... عليه داعي المنايا إذ

أتى عجال قد ألبسوه الثياب البيض فاصطبغت ... بحمرة من دم

الدمع الذي انهمال والناس من حوله تمشي وقد نكست ... رؤوسها وصراخ

الباكيات عال يا رحمة الله حلي فوق تربته ... كما حللت على نعش به

حمال ومن مراثيه ما قاله في موت ابنه حبيب وهو آخر نظمه

قاله شهرا قبل وفاته ولم يتم رثاءه لحزنه: ذهب الحبيب فيا حشاشتي ذوبي ... أسفا عليه ويا دموع

أجيبيربيته للبين حتى جاءه ... في جنح ليل خاطفا كالذيب

يا أيتها األم الحزينة أجملي ... صبرا فإن الصبر خير طبيبال تخلعي ثوب الحداد والزمي ... ندبا عليه يليق بالمندوب هذا هو الغصن الرطيب أصابه ... سهم القضاء فمات غير

رطيب ال أستحي إن قلت نظيره ... بين الرجال فلست غر

مصيب إني وقفت على جوانب قبره ... أسقي ثراه بدمعي

المصبوب ولقد كتبت له على صفحاته ... يا لوعتي من ذلك

المكتوبة ... عندي ألنك قد حويت حبيبي لك يا ضريح كرامة ومحب

وله يرثي األمير بشير الشهابي لما توفي اآلستانة سنة

1850:إذا طلع النهار أرى الرجاال ... كما أبصرت في الليل الخياال

وأعجب كيف تطوي األرض ناسا ... لو اجتمعوا بها كانواجباال

يخون الدهر شخصا بعد شخص ... كما ترمي عن القوسالنباال

إذا أغلقت دون الموت بابا ... تناول ألف باب كيف جاالومن حذر المنية عن يمين ... تدور به فتأخذه شماالمن الله سالم على أمير ... دفنا المجد معه والجالال

كأن الموت لم يجسر عليه ... مجاهرة ففاجأه اغتياالفتى كالسيف إرهافا وقطعا ... ومثل الرمح قدا واعتداالومثل البدر إشراقا وحسنا ... ومثل الغيث جودا وابتذاال

(1/157)

أجل بني الكرام أبا وجدا ... وأكرم رهطهم عما وخاالوأحسنهم وأجملهم فعاال ... وأوثقهم وأصدقهم مقاال

كريم من كريم من كرام ... بنوا في المجد أعمدة طواالسليل أمير لبنان ينادي ... أنا لبنان لما ملت ماال

إذا قلت األمير ولم تسمعي ... فال يحتاج سامعك السؤاالسألنا تخت ممن عن نظير ... له هل قام قال ال ال

ستبكيه البالد ومن عليها ... إلى أن تستعيض له مثاال وتحصي الناس ما فعلت يداه ... ولكن بعد أن تحصي

الرماالإلى أن قال:

إلى دار السعادة سرت فوزا ... كأنك عاشق يبغي الوصاالرأيت العيش في الدنيا طريقا ... لها فاخترت أقربه مجاال

وقال مؤرخا سنة وفاته:

هذا األمير السعيد الحظ تخدمه ... مالئك الله حولالعرش تجتمع

تقول أرقام تاريخ تحيط به ... إن الشهاب على األفالكترتفع

ومن تعازيه اللطيفة قوله يخاطب تاجرا أصيب بماله: يا بائع الصبر ال تشفق على الشاري ... فدرهم الصبر

يسوي )كذا( ألف دينار ال شيء كالصبر يشفي قلب صاحبه ... وال حوى مثله

حانوت عطار هذا الذي تخمد األحزان جرعته ... كبارد الماء يطفئ حدة

النار ويحفظ القلب باق )كذا( في سالمته ... حتى يبدل إعسار

بأيسار يا من حزنت لفقد المال انك قد ... خلقت عار )كذا( وما

في ذاك من عار كما أتى أمس ذاك المال امكتسبا ... يأتي غدا من بديع

اللطف جبارومن زهرياته قوله:

مر النسيم على الرياض مسلما ... سحرا فرد هزارهامترنما

أحنى إليه الزهر مفرق رأسه ... أدبا ولو ملك الكالم تكلما يا حبذا ماء الغدير وشمسه ... تعطيه دينارا فيقلب درهما

(1/158)

محت الرياح بها كتابة بعضها ... فتخاصمت من فوقهما فتهش

وله هجو قليل فمن ذلك قوله في ثقيل:

نا محالك ي كف عني ال أبا لك ... قد تبوعرفناك وأال ... فمتى نعرف حالك

قد مضي لي بك عصر ... حامال فيه ماللكحسب قلبي منك جور ... كاد منه يتهالك

ا ... ويسيء الله فالك سنرى النادم منوقال في نجيل:

قد قال قوم أن خبزك حامض ... والبعض أثبت بالحالوةحكمه

كذب الجميع بزعمهم في طعمه ... من ذاقه يوما ليعرفطعمه

ومن حكمه المأثورة:بت أخالق الورى ... حتى عرفت ما بدا وما إني لقد جر

اختفىكل يذم الناس فالذي نجا ... من ذمه يدخل في ذم المال

ه فهو إلى النفس انتهى وال يحب غير نفسه فما ... أحبيعرف كل حاله في مضى ... إال الذي كان دنيا فارتقى وكل علم يدرك المرء سوى ... عرفان قدر نفسه كما

اقتضى وكل من ال خير منه يرتجي ... إن عاش أو مات على حد

سواومما برز فيه قوله في الدين المسيحي:

نحن النصارى آل عيسى المتي ... حسب التأنس فلبتولة مريم

وهو اإلله وابن اإلله روحه ... فثلثة في واحد لم تقسمم لألب الهوت ابنه وكذا ابنه ... وكذا هما والروح تحت تقن كالشمس يظهر جرمها بشعاعها ... وبحرها والكل شمس

فاعلم م والله يشهد هكذا بالحق في ... سفر لتوراة الكليم مسل

عن آدم قد قاال )وصار كواحد ... منا( بلفظ الجمع من ذاك

الفم خلق البسيطة واحدا في جوهر ... أحد لخدمة آدم

المستخدم(1/159)

ة ال تنمحي ... إال بإرسال ابنه المتجسم لكن عصاه بزل فأتي وخلصه وخلص نسله ... ذاك المخلص من عذاب

جهنمومنها في وصف أعمال السيد المسيح وآياته:

شهدت عجائبه له في عصره ... فدرى الحكيم وتاه من لميفهم

م ة قطعية ... عقال ونقال ليس قطع تحك ولنا عليه أدل قد جاء ال سيف وال رمح وال ... فرس وال شيء يباع بدرهم

يأوي المغارة مثل راعي الضأن ال ... راعي الممالك في السرير األعظم

وهو ابن يوسف ال ابن قيصر عندهم ... يغزو بجيش في البالد عرمرم

فأتاه من شعب اليهود جماعة ... كانوا على الدين التليد األقدم

وتباعدوا من قومهم بمذلة ... يأبون كل كرامة وتنعم قالوا هو ابن الله جهرا والعدى ... من حولهم مثل الذئاب

الحوم والناس بين عواذل وعواذر ... لهم وبين محلل ومحرم

كم يا قوم فيه أسيفه ... أم جاهه أم ماله في األنعم ما غر هو ساحر يطغي فقالوا لم نجد ... من ساحر يحيي الرميم

بطلسم كانت رجال الله تحيي ميتا ... بصالتها ودعائها المتقدم

ك يندم وتراه يحيي المثنين بأمره ... فهو اإلله ومن تشك ولئن هم انخدعوا لغفلتهم فقد ... ضعفت عقولهم كمن لم

يحلم فترى بما خدعوا البالد ومن بها ... من عالم يفتي ومن

متعلم فإذا اعتبرنا ما ذكرت بدا لنا ... بالحق وجه الحق غير ملثم

وأصيب الشيخ ناصيف في السنتين األخيرتين من عمره بفالج نصفي تحمل مضضه بالصبر ثم دهمته سكتة دماغية

رحمه الله. ومما1871 شباط سنة 8فتوفي فجأة في طبع له من التآليف في أوربة رسالته إلى المستشرق دي

( وعلقMehrenساسي نقلها إلى الالتينية األستاذ مهرن ) عليها الحواشي وطبعها في ليبسيك. وقد وجدنا في مكتبة

برلين الملكية رسالة مطولة في أحوال لبنان وسكانه وأمرائه وأديان أهله ال نشك أنها له وإن يذكر فيها اسمه.

وهذه الرسالة نقلها إلى األلمانية العالمة فليشر )Fleischer( ونشرها في المجلة اآلسيوية األلمانية )

ZDMG. VI 98 388)(1/160)

ثم نشرتها أيضا مجلة الهالل في سنتها الثالثة عشرة )ص( ونسبتها إلى اندراوس صوصه.566 و513

قيل إن من أشبه أباه ما ظلم. وقد صدق المثل تماما في أوالد الشيخ ناصيف اليازجي فإنهم تعقبوا كلهم آثار

شباط15والدهم. وكان أكبرهم الشيخ حبيب ولد في ولما ترعرع وجد أباه كهال تام القوة كامل1833سنة

العقل مولعا باآلداب فدرس عليه كل الفنون العربية. ثم إلى اللغات األجنبية فأتقن الفرنسوية حتى برع فيها وتعلم

غيرها كاإليطالية واليونانية والتركية. وكان يتردد على المرسلين اليسوعيين في بيروت ويستفيد منهم. وتجد

اسمه في قائمة األدباء المنتظمين في الجمعية المشرقية واكتشف بعض آثار جناب مكاتبنا1850التي أنشئوها سنة

( :1912 )15يوسف أفندي الياس سركيس )المشرق ( ثم تفرع الكتابة وعرب بعض التآليف األجنبية منها32

قصة عادليدة برنزويك. ومنها أيضا قصة تليماك التي ألفها فنيلون فأجاد في تعريبها إال أنها لم تطبع وقد طبعت في

مصر ترجمة أخرى دونها حسنا. ومن تأليفه أيضا كتاب الالمعة في شرح الجامعة فسر فيه األرجوزة التي ألفها

والده في علم العروض والقوافي وكان اسمها الجامعة ود في المطبعة الوطنية. وكان1896طبع الكتاب سنة

الشيخ حبيب عاقال لبيبا رياضيا وقد اشتغل بالتجارة في آخر عمره وكان في شبابه يحب الشعر وله بعض

منظومات منها رثاؤه للطيب الذكر البطريرك مكسيموسمظلوم بقصيدة أولها:

يسر المرء إقبال الليالي ... وينسى أن ذلك للزوالومنها:

دع الدنيا الغرور وكن مجدا ... كحبر الشرق في طلبالكمال

هو المظلوم حين رمى بتاج ... له واعتاض أكفانا بواليعاة بال مثال لقد ضربت به األمثال لما ... غدا الر

إلى أن قال:ية دك طود ... فلم تنفك فاقدة الجبال وفي اإلسكندرثوى في تربها بدر منير ... فقد حسدته أفدته الرجال

رئيس كان في دنياه بحرا ... فكانت تجتنى منه الآللي لقد أرض اإلله بكل أمر ... وأرضى الناس في حسن

الفعال

(1/161)

فعاش كما نؤرخه سعيدا ... وفي الدار قد بلغ المعالي وكانت وفاة الشيخ حبيب كهال قبل والده ببضعة أسابيع

. وكما عاجلت المنون بكر الشيخ1870في سلخ السنة ناصيف كذلك قطفت ابنه الشيخ خليل غصنا زاهيا في

وأخذ1856تمام شبابه وعز قوته. ولد هذا في السنة اآلداب العربية عن أبيه وآله فرضعها مع الحليب ولما نشأ

دخل الكلية األميركانية ودرس فيها العلوم. رحل إلى مصر وزار بعض أعيانها وأنشأ مجلو1881وفي

مرآة الشرق إال أن الثورة العرابية ألجأته إلى الرجوع إلى وطنه فعلم مدة اللغة العربية في المدرستين البطريركية

واألميريكانية حتى أصيب بصدره فكف عن التعليم ولم يزل يطلب عالجا لوجعه حتى غلبه الداء فمات في الحدث

ودفن في بيروت. وكان الشيخ1889 سنة 1 ك23في خليل متوقد الذهن ذا قلم سيال وقد غلب عليه الشعر. ومن خدمه لآلداب طبعته لكتاب كليلة ودمنة مضبوطا

بالشكل مع شرح الغريب من ألفاظه. وهذه الطبعة كما الطبعات الشرقية كلها في الشام ومصر والهند مبنية على

طبعة العالمة دي ساسي ال تخالفها إال في بعض العرضيات بخالف النسخة التي وقفنا عليها فنشرناها في

وهي1923 ثم كررنا طبعها سنة 1905مطبعتنا سنة أقدم نسخة مؤرخة لهذا الكتاب تخالف الطبعات السابقة

مع موافقتها لترجمة ابن المقفع األصلية ثم بينا عليها . ومن آثار الشيخ خليل النثرية1922طبعة مدرسية سنة

كتاب في إنشاء الرسائل وكتاب في الصحيح بين العاميوالفصيح وكالهما لم يزل مخطوطا غير تام.

أما خلفة الشيخ خليل اليازجي الشعرية فهي أوال روايته

)المروءة والوفاء( نظم فيها وفاء حنظلة الطائي بوعده بعد قدومه على النعمان يوم بؤسه وضمان شريك له في غيبته ليصلح أمور بيته ويرجع إلى القتل ثم تنصر النعمان

لنظره مروءة حنظلة. وهو حادث تاريخي معروف بنى عليه الشيخ خليل روايته لكنه طمس محاسنها بما أودعها

من األدوار العشقية المملة التي تنسي سامعها الواقعالتاريخي األصلي فيضيع الجوهر بزخرف األعراض الباطلة.

ومن خلفته أيضا مجموع منظوماته الذي عنونه بنسمات صفحة162 في 1888األوراق فطبعه بالقاهرة سنة

نروي منها بعض القطع تبيانا لفضله وجودة قريحته. فمن مديحه قوله في عبد الله فكري باشا ناظر المعارف في

مصر:(1/162)

الجاه عندك نال أكمل جاه ... فهناك نور فوق نور زاهة ... وعليك منه كل ثوب باه والفخر منك كسي بأبهى حل

نالت مسامعنا من اسمك لذة ... فغدت محسدة مناألفواه

حتى قال وتجاوز الحد في الغلو: ولئن يك فيك الثنا متناهيا ... فاعذر ففضلك ليس

بالمتناهي نزهت عن شبه فتبغي شاعرا ... متنزها في الشعر عن

أشباهوألنت ذاك ومن لنا ببدائع ... لك آمرات للقريض نواه

فلقد أتاني الشعر يتني علفه ... ويقول ويقول إني عبدعبد الله

ومن تهانئه قوله يهنئ المطران مالتيوس فكاك بأسقفية

بيروت:ذا ما به الدهر جادا ... من سرور به فككنا الحدادا حب

حبذا ما أنالنا من صالح ... مخجال من نمى إليه الفسادافقد حبانا بسيد ليس يدعو ... نا عبيدا وإنما أوالدا

سيد شاد في المعالي صروحا ... قام فيهن راقيا حيثسادا

را وسدادا اك معضلة من ... كل أمر تدب رب حزم فكخير راع يرعى الرعية ال تخشى م ... لديه حمالنها اآلسادا

يمأل العين بهجة حينما يبدو م ... ويمال آذاننا إرشاداوختمها بقوله:

د الكريم الذي ليس م ... يفيه الثناء مهما تمادى أيها السي إن مدحناك نالنا المدح أيضا ... كالصدى راجعا إلى من

نادىبك يسمو فخارنا فإذا ازدد ... ت فخارا ففخرنا قد زادا

فإذا كان في الثناء قصور ... فعلينا قصورنا قد عادا وله من قصيدة في أحد قناصل فرنسة لما زار المدرسة

البطريركية: هذا رسول الدولة العظمى التي ... هي دوح مجد وهو من

أغصانه دوح سقاه الفضل أعذب مائه ... فجرت مياه العز في

عيدانه طابت مغارسه فأثمرت المنى ... وشذا المعارف فاح من

بستانه(1/163)

ه ... أهل لينزله الفتى بجنانه أهال بزائرنا الكريم فأنال يدع ضيفا في حمانا أنه ... في بيته منه وفي أوطانه

ومن أوصافه قوله في القاهرة يذكر لبنان وطيب هوائه: قف فوق رابية من طور لبنان ... وقل سالم على أرض

ان وسك أرض إذا ما سقاها الغيث كاد بها ... أن يستحيل إلى در

ومرجانه قمة العلياء والشان يا أهل لبنان ما لبنانكم جبل ... لكن فيه العشائر أصحاب المفاخر أر ... باب المآثر من مجد

وعرفان إمارة قد سمت فيه ومشيخة ... نشت أصولهما من عهد

أزمان ملجأ الوباء الحر يقصده ... مصاب هذين من قاص ومن

دان وملجأ المبتلي من كل ذي سقم ... بطيب ماء وأهواء

وجيرانوقال في الختام:

هذا هو الوطن المحبوب أذكره ... وما أنا بمراع حبأوطان

:1884وقال مؤرخا ميالد أبنه حبيب سنة نجل به جاد المهيمن حيث قد ... حييت وطابت أنفس

وقلوبلما بتاريخ حبيب سميته ... قلت الحبيب إلى الخليل حبيب

ثم توفي الطفل في السنة التالية فقال:وضيف زارنا ومضى قريبا ... وما كادت تعد له شهور

تركت مؤرخا بالويل حزني ... كبيرا أيها الطفل الصغير وبقي من بعد الشيخ خليل شقيقه الشيخ إبراهيم رافعا أعالم اللغة واألدب مواصال ألعمال أسرته الكريمة بين

العرب مزينا للصحائف بمقاالته في صنوف المعارف. ولد 1847 آذار من السنة 2الشيخ إبراهيم في بيروت في

فأستروح روح اآلداب منذ حداثة سنة بقرب والده عمدة

البلغاء في وقته فاستقى من منهله وخاض في ميدانه وجعل يمارس الكتابة حتى برع في النثر والنظم. واستأنف

حينئذ أدباء بيروت الجمعية العلمية السورية فأنتظم فيسلكها وألقي فيها الخطب وأنشد القصائد ثم

(1/164)

حرر مدة جريدة النجاح. ولما عمد اآلباء اليسوعيون إلى تعريب األسفار المقدسة عن أصلها العبراني واليوناني

رأوا أن أمانة التعريب ال تفي بالمرام إن لم يغط المعرب حقه من الفصاحة والبالغة بتنقيح العبارة وسبك الكالم

وكان إذ ذاك صيت الشيخ إبراهيم نال بعض الشهرة وباشروا1872فدعوا به إلى مدرستهم في غرير سنة

معه في العمل. فكان األب أوغسطين روده الذي درس العربية في الجزائر وعلم العلوم الكتابية في فرنسا ينقل الكتب المقدسة فصال فصال وآية آية بعد مراجعة تفاسيرة العديدة منها ثالث اآلباء والمعلمين والترجمات الشرقي

ة. فإذا أتم عمله نظر فيه الشيخ نظرا مدققا ترجمات عربي فعرض على العرب ملحوظاته ثم تفاوض كالهما إلى أن

يتفقا على رأي واحد فيدونانه بالكتابة ثم يعرضان شغلهما على أربعة أساتذة من اآلباء المتضلعين بالعلوم الدينية

ومعرفة اللغات الشرقية فال يطبع شيء إال بعد مصادقتهمعلى كمال الترجمة.

وأشتغل الشيخ إبراهيم في تنقيح التوراة العربية نحو تسع سنوات في غرير وبيروت. وقد علم سنين طويلة في المدرسة البطريركية فتخرج عليه كثيرون من أحداثها

أتفق على1884أشتهر بعضهم بالتآليف. وفي السنة الدكتورين بشارة زلزل وخليل سعادة على نشر مجلة

الطبيب فكان الشيخ إبراهيم يحرر فصولها اللغوية واألدبية. ثم أنفرط عقد وصلتهم بعد سنة وأنتقل الشيخ

إبراهيم إلى مصر حيث أبرز أوال مجلة البيان في آذار من ثم أبدلها بمجلة الضياء التي أنشأها ثماني1797السنة

كانون األول من السنة28سنوات إلى تاريخ وفاته في . فقدت به اآلداب العربية أحد أنصارها المعدودين.1906

وقد حضرنا بالسرور في شهور تموز من العام الماضي حفلة نصب تمثاله في أحد شوارع بيروت1924سنة

فنال ما يستحقه من اإلكرام بل أكرمت بشخصه أسرتهالفاضلة:

وليس من حاجة هنا أن نعرف صفات الرجل مع قرب عهده بيننا ومما أشتهر به حسن ذوقه في الكتابة وانسجام

كالمه فيظهر لقرائه كأنه المرآة الصقلية أو الماء الزالل فكان ال يزال يردد النظر في ما كتب وينقحه مرارا حتى

يخرجه كالبرد القشيب والخميلة الناعمة. وكان عارفا باللغة معرفة واسعة كما تدل عليه بعض مؤلفاته أخصها

)نجعة الرائد في المترادف والمتوارد( في جزأين علىطريقة كتاب األلفاظ

(1/165)

الكتابية لعبد الرحمان الهمذاني. ومنها اختصاره أو شرحه لبعض تآليف والده كمختصر نار القرى ومختصر الجمانة وشرح ديوان المتنبي المسمى بالعرف الطيب في شرح

ديوان أبي الطيب وكذلك تصحيحه وتهذيبه لعبارة بعض كتب األدباء كتاريخ بابل وأشور للمرحوم جميل مدور ونفح

األزهار في منتخبات األشعار لجامعة المرحوم البتلوني ودليل الهائم في صناعة الناثر والنظم له. وكانت مطبعتنا

وكانت إلى الشيخ إبراهيم وضع معجم للغة العربية فأشتغل فيها زمنا طويال ثم أهمله فانتدبت حينئذ الشيخ

اللغوي سعيد الشرتوني إلى وضع كتابه أقرب الموارد بدال منه ثم عاد الشيخ إبراهيم إلى عمله مرارا وأتم منه قسما

لكنه مات ولم يمثله للطبع. وكان الشيخ كما هو معروف قليل الصحة بطيء الشغل ومجلة الضياء تستنفد همته فال

تسمح له بمعاناة سواه. ومن آثاره اللغوية عدة مقاالت مطولة وانتقادات لسانية

كاألمالي اللغوية ولغة الجرائد وأغالط العرب المولدين واللغة والعصر ونقد لسان العرب وغير ذلك مما أصاب

في بعضه وأخطأ في البعض اآلخر فتصدى له كثيرون من المكتبة فقامت بينه وبينهم الجداالت الطويلة وكان الشيخ

)كثير األباء ظاهر األنفة إلى حد الترفع( كما قال في ( فأذى به طبعه إلى267: 15ترجمته صاحب الهالل )

كتابة فصول ما كنا لننتظرها من مثله أطلق فيها العنان ألهوائه وأنتهك في بعضها حقوق الدين وأربابه سامحه

الله. وللشيخ أيضا قصائد متفرقة ومنظومات رشيقة لم تجمع

حتى اليوم. روى بعضها جناب األديب عيسى أفندي إسكندر معلوف في ترجمة حياته التي نشرها في

المقتطف. ومن اقدم ما وجدنا له من القصائد ما أنشده وهي منظومة1868في الجمعية السورية في أوائل سنة

حماسية ذكر فيها العرب فقال في أولها:سالم أيها العرب الكرام ... وجاد ربوع قطركم الغمام

لقد ذكر الزمان لكم عهودا ... مضت قدما فلم يضعالغمام

ثم قال في وصف مجالس العلم:مجالس العلوم غدت منارا ... به ليغلب الجهل انصرام

(1/166)

جالها كل أبلج أريحي ... تقر له البالغة والكالمد من أياديه المواضي ... وترسل من لواحظه السهام تجر رجال في انتشار الفضل جدوا ... وفي حب العلوم صبوا

وعامواتالعبت الحمية في نهاهم ... كما لعبت بشاربها المدام

تهز األريحية كل يوم ... معاطفهم كما أهتز الحسام هم الشهب والمطيرة فوق أرض ... يلوح لنوئهم فيها

غمامله بروق ... يصافحها الرجاء متى تشام غمام قد تخلجهابذة يقوم الفرد منهم ... بما أعيا به جيش اللهام

ومن أبياته الحماسية فيها قوله عن العرب: وما العرب الكرام سوى نصال ... لها في أجفن العليا

مقام ...لعمرك نحن مصدر كل فضل ... وعن آثارنا أخذ األنام

ونحن أولو المآثر من قديم ... وأن جحدت مآثرنا اللثامفقد علم العراق لنا قديما ... أيادي ليس تنكرها الشآم

وفي أرض الحجاز لنا فيوض ... يسيل لها إلى اليمينانسجام

وفوق األندلوس لنا بنود ... لهامات النجوم بها إعتام وسل في الغرب عن آثار فخر ... لها في جبهة الزمن

إرتسامولسنا القانعين بذكر هذا ... وليس لنا بعروته اعتصاما سنجهد في المعالي ... إلى أن يستقيم لها قوام ولكن

ومن محاسن نظمه ما كتبه في المجموع الذي خص بمدحكريستوف كولمب في السنة المئوية لتذكار موته:

أبقى خريستوف الشهير لنفسه ... ذكرا على األيام ليس

يبيدرجل لقد فتح البالد بصره ... وله من الهمم الجسام جنود

قد زاد هذي األرض أرضا مثلها ... ليديه ألقي كنزهاالمرصود

ها ... خلق سوى الخلق القديم برزت إليه من الغيوب كأنجديد

ها فردوسه المعهود فكأنه إذا حل فيها آدم ... وكأن(1/167)

وقال يشكو تقلب األيام من قصيدة:كأني بالبالد تنوح حزنا ... وقد أودى بعظمتها الثبور

يحن األرز في لبنان شجوا ... وتندب بعد ذاك العز صورانها إال النسور وتدمر في دمار مستمر ... وما سك

وأضحت بعلبك وليس فيها ... سوى خرب لعضمتها تشيرفلو درت البالد بما عراها ... لكادت من تلهفها تمور

ومن لطيف قوله في مدح سمو الخديوي عباس:يد من أركانه ما همام تولى األمر وهو على شفا ... فش

تضعضعا د أعباء الرئاسة أمردا ... وقد عرفته قبل ذلك مرضعا تقل

فكانت له أما وكان له أبا ... غذته ورباها وقد نشأا معا:1869وله تاريخ في الطبيب يوسف الجلخ المتوفى سنة

هذا الطبيب الذي من بعد مصرعه ... أبلى القلوب بأسقاموتعذيب

أجرى عيون بني الجلخ الكرام له ... بكل دمع من األجفانمصبوب

فقف على تربه وأهتف بمرحة ... عليه تهبط من تلكالمحاريب

دت في كل قلب حزن وقل ليوسف أرخ طي مضجعه ... أبيعقوب

ويعجبنا قوله في ساعة دقاقة: ومحصية أعمارنا كلما انقضت ... لنا ساعة دقت لها جرس

الحزن فيا بنت هذا الدهر سرت مسيره ... فهل أنت دون الناس

منه على أمنومثله حسنا قوله في عود طرب:

وعود صفا الندمان قدما بظله ... وما برحت تصفو لديهالمجالس

قه طير األراكة أخضرا ... وحنض عليه ريشه وهو تعشيابس

ورأى قدرة بعلبك فذكر قدرة الرحمان بقوله:اع والبنيان يا بعلبك غريبة األزمان ... والعهد والصن

ال لتظهر قدرة الرحمان يام في حدثانها ... إ لم تبلك األ(1/168)

ويا ليت قلمه لم يرقم غير هذه المعاني البليغة ويسودنا ذكر قصائد وكراريس ظهرت غفال من اسم مؤلفها ثم صرحت الجرائد بأنه من إنشائه كقصيدته السينية التي

نشرها سليم أفندي سركيس في كتابه سر مملكة. وقدتطرف الشيخ حتى قال فيها عن أرباب األديان:ما هم رجال الله فيكم ... بل هم القوم األبالس

يمشون بين ظهورهم ... تحت الطيالس والقالنسومثلها شقيقتها البائية التي مطلعها:

ها العرب ... فقد طمى الخطب حتى تنبهوا واستفيقوا أيكب غاصت الر

وفي هذه القصائد والمنشورات مطاعن في الدين وتهييج الخواطر على السلطة الشرعية ما كان الشيخ في غنى

عنه صونا لعرضه ولشرف أسمه. وممن فاتنا ذكره في القسم األول من هذا الكتاب وال يسعنا السكوت عنه وهو أحد نجوم تلك الثريا اليازجية

المنيرة الشيخ راجي أخو الشيخ ناصيف وجدنا شيئا من آثاره في حاشية ذيل بها جانب الكتاب األديب عيسى

أفندي اسكندر المعلوف تاريخه المعنون )دواني القطوف(( فذكر أن الشيخ راجي )199في تاريخ بني المعلوف )

( ديوانا مخطوطا وان شعره يشهد له1857 - 1803 بالبالغة وقد أطلعنا له في مجموع مراثي السيد

مكسيموس مظلوم على قصيدة في ذلك الفقيد الجليلأولها:

معدن البر محمد الطهر مكسيم ... وس رب الحجى حميدالخصال.

من سرى في طريق مواله حتى ... سبق السابقينباإلفضال

ونحا صارفا إلى الله فعال ... بالتقي ال بالقلب واإلعالل كم محل سام أشاد وكم من ... منزل قد بنى من مجد

عالفجعتنا به صروف زمان ... جائرا ال يزال في كل حالورمتنا النبال منه إلى أن ... لم يعد موضع لوقع النبال

يؤخذ من تاريخ قاله فيه1856توفي الشيخ راجي سنة حنا بك أسعد أبي الصعب:

(1/169)

مذ سار راجي اليازجي إلى السما ... وغدا إلى المولى العلي مناجيا

قد جاء في ذاك المؤرخ راقما ... قد زار فضلك يا إلهي راجيا

وللشيخ راجي يدعى بالشيخ ملحم كان يتعاطى اآلداب كأبيه وكان سابقا نزيل زحلة وال نعلم شيئا من أخباره

1869حاضرا. وقد وقع لنا من شعره مرثاة نظمها سنة في وفاة الدكتور يوسف الجلخ مطلعها:

كؤوس البين دارت في األنام ... من الشيخ إلى العالمإلى أن قال:

طبيب كان يشفي كل داء ... إذا استولت تباريح السقام دعاه اليوم ما ال منه شاف ... وال منه سليم في األنام وأعقب فيه آل الجلخ سكرا ... بكأس الحزن ال كأس

المداموختمها بقوله:

تركت العالم الغرار طوعا ... وبت مجاورا دار السالم لئن تك قد رحلت اليوم عنا ... فذكرك ال يزال إلى الدوام ونختم هذا الفصل بذكر آخر فرع من الدوحة اليازجية من أوالد الشيخ ناصيف وهي السيدة وردة وأبنته التي عمرت

زمنا طويال ولم ينطفي سراج إال منذ زمن قليل فنؤجل عنها الكالم ونذكر أن شاء الله في تاريخ اآلداب العربية

في الربع األول من القرن العشرين. وال يزال في قيد الحياة محييا ألسم األسرة اليازجية

الخوري الفاضل الشيخ حبيب اليازجي وله كسائر قرابتهأنار أدبية طيبة أمد الله في عمره.

آل المراش كما برز اليازجيون الملكيون في لبنان وبيروت بأنصبابهم

على العربية في القسم الثاني من القرن التاسع عشركذلك كان آل مراش الملكيون

(1/170)

يتقدمون في الحلب أهل نحلتهم في رفع منار تلك اللغة. وبنوا المراش عرفوا في حلب منذ القرن الثامن عشر

ومنهم كان بطرس المراش الذي قتل في سبيل دينه سنة في حلب بإغراء جراسيموس أسقف الروم1818

األرثوذكس مع عشرة آخرين من الكاثوليك )أطلب قصيدة ( :1907 )10المعلم نقوال الترك في رثاثه المشرق

( وعرف بعد قليل فتح الله المراش وكأنه له الماء664 بالعلوم اللغوية واألدبيات أبقي منها آثارا مخطوطة ثم أراد

أن يخوض ميدانا لم يكن من فرسانه فعثر جواده وكبا كتابا في أنبشاق الروح1849زنده. وذلك انه ألف سنة

القدس فزعم انه من األب وحده على خالف معتقد على اآلباء والكنيسة الرومانية فدحض أقواله الطيب الذكر

السيد البطريرك بولس مسعد باثبت الحجج في كتاب طبع فلما أطلع عليه فتح الله المراش1856في رومية سنة

أرعوى عن غيه وأذعن المحق الواضح. وخلفه أبنه فرنسيس فنال شهرة طيبة بذكائه وما عرفه

ثم تلقن1836 حزيران سنة 29وخلفته األدبية. ولد في العلوم اللسانية وآداب الشعر وأنكب على دراسة الطب

أربع سنوات تحت نظارة طبيب إنكليزي كان في الشهباء وأراد أن يتم دروسه في عاصمة الفرنسيس فسافر إليها

وقد وصف سفره إليها في كتاب1866في خريف سنة . ولم1867رحلة باريس الذي طبعه في بيروت سنة

يسعده الدهر في غربته فكر راجعا إلى وطنه وتفرغ

للتصنيف ال يكترث لما أصابه من ضعف البصر وانحطاط القوى حتى أفل نجم حياته فمات في مقتبل الكهولة سنة

. وكان فرنسيس صادق اإليمان كثير التدين وقد1873 ألف كتابا بناه على مبادئ العلوم الطبيعية والعقلية بيانا

لوجود الخالق وإثباتا لحقيقة الوحي سماه )شهادة الطبيعة في وجود الله والشريعة( أعرب فيه عن دقة نظر ومعرفة

بأحوال الطبيعة والعلوم العصرية. ومن مصنفاته التي تجمع بين الفلسفة واآلداب فأودعها اآلراء السياسية

واالجتماعية على صورة مبتكرة كتاب )غابة الحق( الذي ثم كرر طبعه في بيروت ومصر1865في حلب سنة

ومثله كتاب )مشهد األحوال( المطبوع في بيروت سنة على أسلوب لطيف ونسق حديث. وفي بيروت1883

طبعت له رواية حسنة دعاها )در الصدف في غرائب ( كتاب1861الصدف( ومما طبعه قبلها في حلب )

)المرآة الصفية في المبادئ الطبيعة( لخص فيه علمالطبيعة. ثم )خطبة في تعزية

(1/171)

( وكتاب )الكنوز الغنية1864الكروب وراحة المتعوب( ) ( وهي قصيدة رائية في نحو1870في الرموز الميمونة( )

خمسمائة بيت ضمنها رموزا خفية على صورة رواية شعرية. ومن نظمه أيضا )ديوان مرآة الحسناء( طبعه له

في مطبعة المعارف في بيروت.1872محمد وهبه سنة وكان فرنسيس المراش يحب في كالمه الترفع عن األساليب المبتذلة فيطلب في زثره ونظمه المعاني

المبتكرة والتصورات الفلسفية فال يبالي بانسجام الكالم وساللته فتجد لذلك في أقواله شيئا من التعقد والخشونة

مع األعضاء من قواعد اللغة فمن شعره قوله فيالحماسة:

فيقوا )كذا( من الغفالت يا أهل الوطن ... أن العدو دنا وهانقع الفتن

وا فقد حام الغراب عن ى م أنتم يا بزاة روابض ... هب حتالدمن

هجم العدو وها الغبار وأنتم ... من ذا الغبار ستنسجون لهكفن

ال تخجل الغربان من سعة الفال ... يوما إذا نهض العقابمن الوكن

ناداكم الوطن الذي قد ضمكم ... في حضنه وساقكم لبنالمنن

وا إلى األعداء كر األسد يا ... أسد الوفاء فهم ثعالبة كرالخمون

فأصغوا لصوت أب لكم يرجو الحمى ... منكم فهيأ طاردواعنه المحن

أو ما ترون الدمع منه ألجلكم ... يهمي فقوموا نشفوا دمعالوطن

ال يحسن الموت الزؤام لدى امرئ ... لكن فدى األوطانموتكم حسن

وله في الزهريات: هو ذا الصباح بدا وباألنوار ... طبعت وجوه الكون من

اإلبصار والشمس قد نشرت بيارقها على ... قمم الجبال أمام

جيش نهار وعلى عمود الصبح قد شاد الضحى ... برج النهار مسلحا

بالنار والشرق أوتر قوس نور وانثنى ... يرمي على الدنيا سهام

شرار

ق ثوبه حزنا على ... فقد النجوم وغار في والليل مزاألغوار

ما زال مد النور يرفع في العال ... جزر الظالم كعاصفلغبار

حتى امتأل جوف انقضاء من الضيا ... وزهت بذلك كافةاألقطار

نم القمري فوق غصونه ... طربا وفاحت نسمة فتراألسحار

(1/172)

والنسر هب إلى العال كأنه ... يبغي المسير مع السحابالجاري

وقال يشكو الدهر: رمت قلبي نبال الدهر حتى ... رأيت دمي يسيل من

العيونفلو كان الزمان يصاغ جسما ... لكنت أذيقه كأس المنون

وقال في خواص الجسم: الجسم معروف بست خصائص ... فيه قعنه قط ليس

تحولعدم التداخل وامتداد صورة ... جذب سكون للتجزي قبول

ومن حكمة قوله:صدقوني كل األنام سواء ... من ملوك إلى رعاة البهائم

كل نفس لها سرور وحزن ... ال تني في والئم أو مآتم كم أمير في دسته باب يسقي ... باله والسير في القيد

ناعمأصغر الخلق مثل أكبرها جر ... ما لهذا ولذا مزايا تالئم والخاليا للنحل أعجب صنعا ... من قصور الملوك ذات

الدعائم وكان فرنسيس الراش يراسل أهل الفضل في زمانه

كالشيخ ناصيف اليازجي وغيره. وله مآثر عديدة وفصول إنشائية وأراجيز نشرها أرباب الجرائد في عهده كأصحاب الجوائب والمحلة والزهرة والجنان يطول هنا ذكرها. ومن

جيد وصفه قوله في الحسود:قال لزيد أن عمرا فاز إذ ... ربحت تجارته بحظ كيس

فأزور من غضب وسكرج )؟( عينه ... وتنفس الصعداء أيتنفس

وغدا يقول مخرطما ومبرطما ... وياله من تحسين حالالمفلس

وكذاك لما أخبروا عمرا أن ... بكرا أغدا ذا رفعة فيالمجلس

أرغى وأزبد خائرا كالمعتري ... وانتاب سحنته ظالمالحندس

وأنحاز يصرخ قد كذبتم فاصرخوا ... أن السعادة ال ترىفي المتعس

ورووا على بكر بأن صديقه ... يحيي بعز ذل قد كسي(1/173)

فأنساب كاألفعى وقال أعوذ من ... عار غدا متبخترا فياألطلس

ة كلما ... سمعوا بنائبة سرت في والكل يبدون المسراألرؤس

تبا لبغيك أيها اإلنسان ما ... إبليس رب النحس منكبأنحس

ذي كبرياؤك يا لها من آفة ... كاألفعوان سعت لقتل

األنفسوقد رثاه المرحوم بشاره الشدياق فقال يذكر تآليفه:

تركت يا مفردا شأنا يذكرنا ... شذاء كالمسك لما فاح فيالظل

من مشهد قد جال األحوال بأن لنا ... منه عجائب أفعال بالخلل

ومن غرائب ما شهدت من صدف ... أبهى من الدر أوأشهى من العسل

ورحا قبرت فيها قد حوت حكما ... صيغت من الدر منقول ومن عمل

ولفرنسيس الفراش أخ وأخت اشتهرا أيضا باآلداب نؤجلذكرهما فنروي أخبارهما في تاريخ القرن العشرين.

رزق الله حسون وفي هذا الزمان أشتهر حلبي آخر لعب دورا مذكورا في

نهضة اآلداب العربية. نعني به رزق الله بن نعمة الله من أسرة1825حسون. ولد هذا في حلب نحو السنة

كريمة أصلها من األرمن ودرس العلوم في دير بزمار في لبنان. وبعد أن قضى مدة في وطنه متاجرا سافر إلى

األستانة فتوطنها برهة من الدهر وصار فيها ناظرا لجمرك الدخان ثم تجول في أوربا ودخل فرنسا وروسيا وحل مدة في لندن وكان في أسفاره يشتغل باآلداب العربية ويؤلف

التآليف النثرية والشعرية. وكان خطه بديعا وفي مكتبتنا الشرقية من قلمه عدة كتب تأخذ باإلبصار لجودة خطها وإتقانها كتبها على ورق جميل النقش كان انتسخها في

أوقات الفراغ في خزائن كتب أوربا كصبح األعشى القلقشندي وديوان األخطل وديوان ذي الرمة والمتم ألبن

درستويه ونقائض جرير والفرزدق واألناجيل المقدسة قدم إلى الشام1860ترجمة الدبسي. وبعد حوادث سنة

في صحبة فؤاد باشا فكان يعرب مناشيره وأوامره. ثمعاد إلى إنكلترا وأشتغل بالتأليف في قرية ونزورث )

Wandsworthبقرب قصر الملكة فكتوريا ومما صنفه ) وقتئذ ثم طبع في المطبعة األميركية في بيروت سنة

كتابه )لشعر الشعر( أودعه نظم سفر1870 و1869أيوب ونشيد

(1/174)

موسى في الخروج ونشيده في التثنية ثم سفر نشيد األناشيد لسليمان وسفر الجامعة وختمه بمراثي ارميا.

ودونك مثاال من ترجمته وهو وصف أيوب للفرس:فهل تعطي الجواد يخب عزما ... وتكسو عنقه عرقا بسينا

أتوثبه كمثل جرادة نف ... خ منخره مهيب السامعينابونا ببطن الخبث بحاث وثوب ... ببأس يلتقي الحرب الز ويهزأ بالمخاوف ليس يخشى ... عن األسياف لم يحجم

جبيناتصل عليه واقعة سهام ... وترهقه رماح الدارعينا

ويطوي األرض في وثب ورجز ... ولم يؤمن لصوت البوقحينا

ت الهيجا شؤونا إذا ما البوق ينفخ قال هه من ... بعيد شنوهذا المثال اآلخر من نظمه لمراثي ارميا:

تتوا ى خال منها األنيس البلدة ... مألى شعوب بالجالء تش أن صارت كأرملة معظمة المال ... أم القرى ضربت عليها

الجزية تبكي دما والدمع فوق خدودها ... فقدت عزاء خليلها

وودودهاا على ... نمط العدى أضحوا شمات أصحابها غدروا بها طر

حسودها ومما طبع له في المطبعة األمريكية )كتاب السير السيدية

على ما أداه إلينا المبشرون اللذين كانوا شهداء الكلمة. رتبها بهذا النسق تتبعا ألزمنة الوقائع والمعجزات من

البشارة بمولد يوحنا إلى صعود الرب( . وذلك على طريقة طاطيانوس الذي مزج بين األناجيل األربعة. وقد طبع في مطبعتنا كتاب من جنسه وهو المعروف )بالقالدة الدريةفي األربعة األناجيل السنية( لألب يوحنا بلو اليسوعي. ومن مآثر رزق الله حسون كتابان آخران طبعهما في

لندن: األول كتاب النفثات ضمنه أربعين مثال من أمثال أحد .I. Aكتبة الروس يدعى ايفان أندريفتش كورلف )

Curlovفنقلها حسون إلى العربية ونظمها شعرا وألحقها ) ببعض مقاطيع شعرية من نظمه. والتعسف في كثير منها

ظاهر وأغالطها عديدة هذا منها مثال: دفع الجوع والدجى الذئب حتى ... أن تداني إلى سهول

البقاعطارقا لحظيرة ناظرا من ... نقب صخر يلوح ضوء شعاع

(1/175)

فرأى الغنم المساكين والسك ... ين في كف حاسر منذراع

يذبح الحمل السمين ويلقي ... للعرى الكرش والمعى فيالفقاع

والكالب روابض ونيام ... ال تذب وال بنبح تداعيفقضى عجبا وولى كئيبا ... خائبا من مرامه والمساعيقائال يا كالب كم تنبحوني ... لو تعديت مثل هذا الراعي

1872والكتاب اآلخر هو ديوان حاتم الطائي طبعه سنة

صفحة وقد طبع هذا33على نسخة مكتبة لندن في الديوان طبعة أخرى أفضل من الطبعة السابقة وأكمل

منها على يد أحد المستشرقين األلمان أسمه شولتس )Schulthess. )

وله كتاب آخر نفيس لم يطبع حتى اآلن سماه )حسر اللثام( رد فيه على مزاعم بعض المسلمين منه نسخة

بخطه في مكتبتنا الشرقية بمجلدين. وكان رزق الله حسون من رجال السياسة يسعى مع

األحرار في إصالح تركيا وذلك ما ألجأه إلى سكنى لندن في آخر حياته وهناك طبع جريدته مرآة األحوال سنة

وكان سبق قبل ذلك طويلة فنشرها في األستانة1876 1879 وشفعها سنة 1فكانت أقدم الجرائد العربية فيها )

بمجلة سياسية كان مدارها على حال المسألتين الشرقية مات1880والمصرية. أما وفاة المترجم فوقعت السنة

فجأة في لندن. وكان رزق الله حسون صديقا ألدباء زمانهيكاتبهم ويساجلهم فمن ذلك ما كتب لبطرس كرامة: خدبن المعالي وابن بجدتها الفرد ... بقيت بقاء الدهر

يخدمك السعد وزادك رب العرش أسنى كرامة ... قرين بها اإلقبال

والفخر والمجد وال زلت في أمن وموفور نعمة ... ويمن أياد كسبها الشكر

والحمد وبعد فقد طال البعاد ومهجقي ... يكاد من األشواق

يضرمها الوجد وما لي عن لقياك صبر وال غنى ... ولكن خطب الدهر وما

بيننا سد أال بئسما األيام أغرت يد النوى ... بنا فاستطالت ريثما

قصر الجد موانع حالت دون فرض زيارتي ... وقد كنت أرجوان يكون

لك وفد وأصبحت من إبطائكم في هواجس ... تحيرني ال يهتدي

نحوي الرشد فأبغي لالطمئنان منكم ألوكة ... إذا لم يكن منكم قدوم

هو القصد(1/176)

ومما نظمه فيه المعلم بطرس كرامة أبيات قالها لما بسيدة تدعى ماتلد فقال:1848أقترن سنة

نهاديك يا نجل الفؤاد تهانئا ... تنبئ عن أفراحنا حينما تبدوبخير اقتران جاء وهو مبارك ... يقارنه بر ويصبحه سعد

فال زلتما طول الزمان بصحة ... وعيش رغيد برده األمنوالرفد

زفاف سعيد والهناء مؤرخ ... مواف لرزق الله بالخير ماتلد

وقد وجدنا لرزق الله في الهجاء قوله في يوسف حجاز أحد عمله نصر الله دالل الحلبي وكان استغنى بعد فقر

فترفع: المرء يذكر باألعمال ال المال ... أحسن بخيرهما عن

كسب رئبال ليس الثراء بمجدي النائليه ثنا ... ان كان ما جمعوه سحت

أوبال وهل سمعت بذي كبر وذي صلف ... يرقي المعالي بطول

القيل والقال قد ظن يوسف حجار بغرته ... أن العلى هز عطفيه

كمكسالفجاء يخطر ال يلوي على أحد ... ينيه عجبا بأدبار وإقبال

الله أكبر هذا حال ذي شطط ... نال المنى بعد إقتاروإقالل

أن ساعدتك الليالي كن على حذر ... فما تدوم على لونوال حال

اما سلفن وقد ... مضت بخدمة نصر الله هال تذكرت أيدالل

ومنها:نقة القس الذي اشتهرت ... أخباره سد بجد ناعم أبا هب

البال قد استرحت من العقل الرصين ورا ... عي الضان يحكيك

في جهل وأمثالوك داء ولكن غير ال تأسفن على ما فات عن عرض ... فالن

ال قتما أنت ال تعزي قد عاش قلبك عجل وهو ذو أحسن ... لكن

إلى آل

القس أنطون بوالد وممن توفاهم الله في هذه الحقبة القس أنطون بوالد أحد

أدباء زمانه. ولد في ختام القرن الثامن عشر في دمشق من أسرة فاضلة نمن الروم الملكيين الكاثوليك. ترهب

ثم رقاه إلى1815في دير المخلص قرب صيداء سنة رتبة الكهنوت السيد باسيليوس خليل أسقف صيداء في

وقد1822 نيسان سنة 16(1/177)

فرضت إليه رهبانيته عدة وظائف أعرب فيها عن همة ونشاط وترأس على دير القديسة تقال وعمر أبنية جديدة

في دير المخلص ودبر دروس طلبة رهبانيته وعلمهم الالهوت مدة. ثم جرت بينه وبين أخوته الرهبان منافرات

ومنازعات دخل فيها القاصد الرسولي فيالزدل وغبطة البطريرك مكسيموس مظلوم حتى اعتزل القس انطون األشغال في دير المخلص وأنقطع إلى الفرائض النسكية

. وفيها أنتقل إلى بيروت من جراء1860على السنة أيلول1حوادث تلك السنة فسكنها إلى عام وفاته في

. وكان القس أنطون مولعا باآلداب العربية1871سنة والسيما التاريخ وقد أبقى من آثار اجتهاده كتابه راشد

1868سوريا الذي طبع في بيروت سنة ضمنه عددا وافرا من المعلومات واإلفادات اقتطفت بعضها من مخطوطات قديمة كالصبح المنبي عن حيثية المتنبي ورسالة الحاتمي في ما أخذه المتنبي من حكم أرسطو فنظمه في شعره مع عدة فوائد في التاريخ والمصنفات القديمة. ومن آثار

القس أنطون بوالد خالصة تاريخ البطريركية األنطاكية واتحاد أبنائها مع الكنيسة الرومانية أقترحه عليه األب

( اليسوعي واألمير الروسي المرتد إلىGagarinغغرين ) الكثلكة. ومن هذا الكتاب نسخة في مكتبتنا الشرقية وهو مطبوع على الحجر. وفيها أيضا القس المذكور ملحق ذيل

به كتاب التختيكون للقس يوحنا عجيمي وأودعه تاريخ إلى زمانه مع خالصة أخبار1759طائفته من السنة

الرهبانية المخلصية. وله كتابات أخرى ورسائل متفرقة. وقد وجدنا في مكتبة الثالثة األقمار بعض مخطوطات كان ابتعها لمكتبته منها مجموعة لقدماء كتبة اليونان وفالسفة

العرب نشرنا قسما منها.

الخوري جرجس عيسى وعاصر القس بوالد راهب آخر جاراه باألدب وهو الخوري

)9جرجس عيسى السكاف الذي أثبت المشرق )

( ترجمته بقلم الكاتب البارع عيسى541 و494( : 1906 أفندي إسكندر المعلوف. ولد الخوري جرجس عيسى في

معلقة زحلة وانضوى إلى الرهبانية الحناوية في الشوير1845سنة ثم تلقى العلوم الدينية وأنس في نفسه ميال

إلى اآلداب العربية فتخرج فيها على الشيخ ناصيف اليازجي فأتقنها. ودرس الفقه على الشيخ يوسف األسير

فبرع فيه ونصب مدة حاكما للنصارى في عهد األمير بشير سافر إلى1860أحمد اللمعي. وفي أثر حوادث السنة

أيرلندة فجمع احسانات وافرة خص منها بعد عودته إلىسوريا قسما لبناء المدرسة البطريركية. ولما

(1/178)

كان الخوري عيسى أول1866فتحت هذه المدرسة سنة رؤسائها وقام بشؤونها الدينية واألدبية أحسن قيام ودبرها

سنتين وإليه أشار سليم بك تقال في مدحه للمدرسةالمذكورة حيث قال:

وقد خصها من قبل في جرجس الذي ... أبان أبتداهاوابتغى الكد والقهرا

وقاسى بها كل الصعاب مجاهدا ... وجملها علما وقدرا كذا ذكرا

ثم عاد الخوري جرجس إلى دير مار يوحنا الصابغ وتعاطى أعمال الرسالة والوعظ وإرشاد المؤمنين في لبنان

1875 آب سنة 8وبيروت بغيرة وتقى حتى ذهب في شهيد تفانيه في خدمة المصابين في الهواء األصفر. فمات

في بيروت مأسوفا عليه وقد رثاه الشيخ خليل اليازجي( :499( : 1906 )9بداليته التي أولها )المشرق

سقاك من الحيا صوب العهاد ... بدمع سال من مقل

الغوادي وكان الخوري جرجس عيسى شاعرا مجيدا له ديوان

مخطوط أنتقى منه صاحب ترجمته بعض الشذرات تجدها ( .551 - 541: 9في عشر صفحات من مجلة المشرق )

ومن نظمه قوله من قصيدة يمدح بها الشيخ ناصيفاليازجي:

إذا عرضت مسائلنا لديه ... نراه لحلها حاال تصدى ها قربا وبعدا فيوضح رمزها لفظا ومعنى ... ويكشف سر

له في مجلس العلماء مرأى ... تجاوز في المهابة منه حداإذا أختلف النحاة بحكم أمر ... وقدم رأيه فيه تبدى

وإن أفتى بخط أو لسان ... ففتواه الصحيحة لن تردا وله مؤرخا وفاة السيد البطريرك مكسيموس مظلوم سنة

1855: مكسيموس المفضال بطركنا الذي ... كان األمين لشعب

مواله العليلما أرتقي دار الخلود ممجدا ... القته أجواق العالء بمحفلوهناك من فرح مؤرخه تال ... أحسنت يا عبدا أمينا فأدخل

والمترجم ما عدا الديوان الشعري كتابان دينيان طبعهما في المطبعة األدبية أحدهما )فرض العبادة1872سنة

الواضحة لطالبي الميتة الصالحة( واآلخر )كتاب صلوات(1/179)

خشوعية لنظم الحيوة الروحية( .

جرجس إسحق طراد وكذلك عرف في تلك المدة شاعر من أسرة وجيهة في

بيروت أسمه جرجس أسحق طراد تكرر ذكره في

منشورات زمانه كالجوائب والنحلة وغيرهما. وله هناك فصول نقلها من اليونانية وقصائد منها قصيدة دعاها

المصباح مدح فيها العلم: ومن أبياتها قوله: العلم مصباح منير في الورى ... والجهل ليل مظلم لن

يلمعا فاسعوا بكسب العلم سعيا كامال ... والله يعلي كل خير

من سعى واجلوا شموس العلم في بيروتنا ... فالجهل غير بسيفه

لن يردعا:1870وله من أبيات في مدح مجلة النحلة سنة

هي نحلة من كل فن قد جنت ... وجلت عن التاريخ ما هومظلم

وا بني األوطان واجنوا شهدها ... قد حان آن قطافه هبوالموسم

وشي صحائفها جليل ماجد ... في وصفه األوطان تزهووتبسم

وقد رثي الطيب الذكر المطران طوبيا عون رئيس بمرثاة قال فيها:1871أساقفة بيروت الماروني سنة

خطب جسيم دهانا اليوم وا أسفي ... كل إذا قائال قد ضاعمصطبري

فقد الهمام الكريم الحاذق الورع ... م الذي تردى بثوبالخير والطهر

عون الفقير حليم ماجد فطن ... شهم شهير وذو قلب بالوضر

وقد مدح أيضا إسماعيل باشا خديوي مصر فقال منقصيدة:

على إسماعيل سيدنا سالم ... تردده األكابر والصغارإذا ما غاب غاب العز معه ... كما أن عاد عاد لنا الفخارته تخر األسد طوعا ... كما للموت وللموت اضطرار لعز

فما اإلسكندرية في حماه ... سوى روض يجلله اخضرارومصر اآلن في األقطار خود ... تميس بحلة ال تستعار

ومن حكمه قوله:(1/180)

ما كل من رام نظم الشعر يدركه ... وال الذي رام يفديالناس يفديها

ليس الذي عاش أياما مطولة ... بل الذي عرك األياميدريها

بين الحيوة وكل الناس معركة ... بالحظ والبؤس تفنيناونفنيها

ووفاته في كانون من1851وكان مولد هذا الشاعر سنة . أما أخباره فقد تخفينا في السؤال عنها فلم1877السنة

نحصل على شيء منها. وكذلك لم نقف على أخبار كاتب آخر تلوح من آثاره لوائح النجابة والذكاء نريد المرحوم

)قيصر أبيال( . ومن العجب أن الذين أفادونا عن تاريخ بيت ( لم يتعرضوا الذكر654( : 1903 )6أبيال )المشرق

قيصر. وقد كنا عثرنا له على قصيدة دينية حسنة النظم ( وهي256( : 1904 )7فأثبتنا النظم فأثبتناها في مجلتنا )

عبارة عن مفاوضة غاية في الرقة بين الله والخاطئأولها:

بك أيها المتمرد ... حتى م في الليل المعاصي يدعوك رترقد

فأجب نداه وأعتصم بحباله ... فهو المجير وغيره ال يعضد وله غير ذلك من اآلثار منها نبذ في مواد علمية وصناعية

،36، 22 )ص 1870وأدبية نشرها في مجلة النحلة سنة الخ( . توفي قيصر في شرخ شبابه في صيداء سنة52

فأرخ وفاته نقوال أفندي النقاش:1873 قد غبت يا بدرا منيرا بالثرا ... وغدا الظالم مخيما فوق

الورىوكسوت أبيال كساء تفجع ... حاشاه أن يغني وان يتغيرارفقا بأدمع واله يا آله ... وتصبروا فكفاكم ما قد جرى أين القياصرة المعظم قدرهم ... فالكل ساروا والبقاء

تعذراونعم فقدتم قيصرا لكنما ... أرخ غدا بالله قيصر قيصرا )

1873)ومن شعر قيصر أبيال قوله في وصف الدنيا ونكباتها:

يام فاسخة العقد ... وناشرة البلوى وطاوية ذر الدهر فاألالعهد

ة ... وفيها يجول المرء في وما هذه الدنيا سوى دار ذلالهم والكد

نروم بها طول البقاء ودونه ... سيوف القضا بالفتكماضية الحد

(1/181)

ة ... وليس البأساء فيها وفا تخادعنا الدنيا بوعد مسرالوعد

تسل على ذي الملك والجاه سيفها ... كما إنها تسطوعلى أحقر العبد

وهيهات ما الدنيا الغرور بمنزل ... ولكن بها نجري إلىمنزل الخلد

وكل على هذا الطريق مسافر ... فال صاحب يفدي والثروة تجدي

ومن مديحه قوله في مجلة النحلة:

ذا القوم الكرام األلى لهم ... على وطن من خير أال حبأفضالهم فضل

عليهم ثناء ال يزال مؤبدا ... يطيب كما طاب الذي جنتالنحل

فأكرم بمن من روض أفكارهم لنا ... جني نحلة يحلووأثمانه تغلو

تطيب لنا مما حوته فوائد ... وأعذب شيء ما يلذ بهالعقل

1873ونضيف إلى من سبقوا أديبا آخر توفي نحو السنة أسمه )أسعد باز( صنف موشحات وأغاني تقوية منها

تسبحتان في مريم العذراء شائعتان: )أنت الشفيع األكرم( و )يا بتول ارحمي عبيدك( . ومما أفادنا به جانب القانوني

في1830جرجي بك صفا أبيات ألسعد باز قالها سنة تاريخ بناء كنيسة دير القمر المعروفة بسيدة التلة:

يا مقدس الدين الذي يسمو على ... قمر العلى نورابإشراق بدا

ان عاد مجددا فقد زانه الرحمان في آياته ... وبجودة المن طوبى لمن وافى إليه طالبا ... من مريم البكر العناية

والهدىويقول تاريخا به مترنما ... أنت رجا القصاد بل سبب الفدا

ولما أهدى الفاضل غالب أفندي صورة السيدة تلكالكنيسة قال أسعد باز:

تخذتك يا بتوال لي مالذا ... حصينا يرتجي عند المخاطرفأرجوك العناية بي ألني ... أنا عبد لك بذنوبي شاعر

وله أيضا بقيام لعازر: يا بيت عنيا قد غدوت مشاهدا ... لعجائب الله التي تسبي

الورى قد جاءك المولى المخلص زائرا ... أحيا بك البيت الرميم

من الثرى

(1/182)

( أحد1870 كانون األول سنة 26وتوفي في هذا الزمان ) وجوه األسرة الدحداحية أجادوا بالكتابة )الشيخ أمين( الذي أتخذه األمير حيدر كرئيس كتبته لما فوضت إليه قائمقامية النصارى في لبنان. وقد ذكر له في مكاتبنا

األديب الشيخ سليم الدحداح في مقالته عن الكنت رشيد ( آثارا أدبية395( : 1901 )4وأسرته )في المشرق

ومنظومات شهدت له رسوخ القدم في اآلداب العربية وأيد قوله بذكر ما دار بينه وبين أدباء عصره من

المساجالت والمكاتبات المنبئة بفضله وباعتبار معاصريهله.

هذا ما أمكنا جمعه من أخبار أدباء النصارى في هذه الحقبة وال مراء أنه فاتنا منها أشياء كثيرة وأملنا من

أصحاب الفضل والهمة أن يسدوا الخل أو يرشدونا إلى ما يعرفونه من الفوائد فنشرها شاكرين. وقد عدلنا عن ذكر

الذين قصروا همتهم إلى تآليف دينية أو جدلية قليلة بعد تدبيره1876كالسيد أمبرسيوس عبده المتوفى سنة

مدة لكرسي زحلة ونقله إلى القالية األورشليمية وهو مؤلف كتاب كنز الرياضة الروحية. وكاالر شمندريت غبريل جبارة أحد الذين عدلوا جهال عن الكثلكة إلى األرثوذكسية

في أزمير. وله1878بسبب تغيير الحساب. توفي سنة كتابات جدلية لتأييد راية الباطل في الحساب الشرقي وبعض كتب دينية ومواعض. وغير هؤالء ممن أبقوا لنا

بعض آثار من فضلهم وآدابهم. أما أخبارهم فلم يفدنا أحدمنها شيئا مع قرب عهدهم من زماننا.

المستشرقون األوربيون

الفرنسيون بقيت أزمة الدروس الشرقية في أيدي الفرنسويين في

وان1880 إلى 1870السنين العشر التي تمتد من السنة خدمت تلك الحركة بعض الخمود بعد الحرب السبعينية. وكان معظم المستشرقين في فرنسا قد تخرجوا على أولئلك األئمة اللذين سبق ذكرهم كالبارون دي ساسي

ودي كاتر مار ورينو فتقفى تالمذتهم آثارهم إال أن الموتحل ببعضهم فرزئت بهم اآلداب العربية.

وأول من يستحق أن تشق عليه اآلداب جيوبها العالمة (A. P. Caussin de perceval)كوسان دي برسفال( )

1 ك13الذي سبق لنا ذكر والده. ولد في (1/183)

وانكب منذ شبابه على الدروس الشرقية ثم1795سنة أرسلته حكومته بصفة ترجمان إلى األستانة ثم إلى أزمير

ثم جال ثالث سنوات في بالد الشام فيكن جبلها ومدنها وتوغل في باديتها حيث أبتاع لحكومته جيادا أصيلة. وكان في سياحته أتقن اللهجات العربية فألف فيها غراما طيقا وأصلح معجم األستاذ القطبي اليوس نجتر فجدد طبعه. وقد ندبته الحكومة إلى تدريس اللغة العربية في مكتب

دروسها العليا فلم يلبث أن أحرز له شهرة كبيرة في التعليم. ثم خص حياته في درس آثار العرب وتاريخهم

القديم وقد ألف في ذلك كتابا واسعا في ثالث مجلدات لم يبلغ فيه أحد شأوه وقد نفد فيه طبعه حتى بيع بثالثمائة

فرنك إلى أن جدد طبعه بالنور والحجر. وللمسيو دي برسفال تآليف أخرى عديدة ومقاالت فنية في كل آداب

الشرق أخضها تراجم الموسيقيين العرب. كانت وفاته

.1871 2ك15وقت حصار باريس وفيها مات في ومن مشاهير المتوفين من المستشرقين في هذه السنين

( ولد في باريسL. A. Sedillot)لويس أمالي سيديليو( ) وتخرج على أبيه الفلكي1808 حزيران سنة 33في

( فتعقب آثاره وجعل65 ص1المغرم بآداب الشرق )ج ينقب في المكاتب الشرقية ليستخرج منها دفائنها فنجح

كتب أبي الحسن1833في ذلك بعض النجاح. ونشر سنة علي المراكشي المدعو جامع المبادئ والغايات في اآلالت

الفلكية الذي نقله أبوه إلى الفرنسوية ثم نشر القسمالثاني منه في مجموعة المقاالت األكاديمية الفرنسوية. )Mem presentes par divers Savants I S. R VOL

I - 225ونشر مقاالت أخرى رياضية ألحمد بن محمد ) السنجاري ولإلمام المظفر األسفرلدي وصنف تاريخا

للرياضيات عند اليونان والعرب. وقد بالغ المسيو سيديليو في تعظيم اكتشافات العرب الفلكية وغيرها حتى بخس حقوق اليونان فقام بينه وبين علماء زمانه جدال عنيف في ذلك فخطأوه وأثبتوا له أنه تجاوز في كالمه حدود

الحقيقة. وكذا يقال عن تاريخ العرب الذي ألفه وطبعه مرتين فأنه قد رمى الكالم على عواهنه وشط في

مزاعمه وقد خدع في كتابة المصريون فنقلوه إلى العربية ظنا منهم أنه من اآلثار الفريدة. توفي المسيو سيدلو في

في باريس.1875 سنة 1 ك2 .Jولبى دعوة ربه بزمن قليل المسيو )جول موهل( )

Mohlكأن هذا األلماني األصل فولد في ستوتغارت سنة ) ودرس في كلية توبنغن. ثم شعر في1800

(1/184)

نفسه ميال إلى الدروس الشرقية فقصد باريس ودرس على علمائها ثم تجنس بالجنسية الفرنسوية وتفرغ

للتأليف فكتب الفصول الواسعة في كل الفنون الشرقية. حتى أن خطبة ألقاها في الجمعية اآلسيوية الفرنسوية عن الشرق تقوم مقام كتاب يشمل كل تاريخها الحديث. وكان متعمقا في آداب الفرس وهو الذي نشر في باريس كتاب

الفردوسي المعروف بشاه نامه طبعه طبعا بديعا في سبعة مجلدات ضخمة ونقله إلى الفرنسوية وذيله

بالحواشي وعلم سنين طويلة اللغة الفارسية في مكتب.1876 سنة 1 ك4باريس األعلى. توفي في

فجعت اآلداب الشرقية بأحد1877 نيسان السنة 15وفي ( كانF. A. Belinأركانها المسيو فرنسوا الفنس بلن )

قطنا زمنا طويال بالد الشرق وخصوصا عاصمة الملكة العثمانية حيث تعين قنصال لدولته. وكان مع تدبيره لشؤون القنصلية يهتم بدرس تاريخ الشرق وكشف أسراره فوضع

مصنفات جليلة في تاريخ الترك وآدابهم. وكان يعني خصوصا بتاريخ نصارى الشرق وأحوالهم وله في المجلة

اآلسيوية الفرنسوية فصول حسنة في كل أبواب المعارف الشرقية وقد ألف تاريخا للطائفة الالتينية في األستانة

ووفاته في1817العلية. كان مولده في باريس سنة األستانة.

( توفي المستشرق1878 أيلول 2وفي السنة التالية ) ( ولدGarcin de Tassyالشهير )غارسن دي تاسي( )

ودرس في باريس اللغات1794في مرسيلية سنة الشرقية على أمامها األكبر دي ساسي. فأشتهر فيها وال

سيما في اللغتين الفارسية والهندستانية وقد توفرت مصنفاته فيها. ومن أناره )مجموع الرموز الشرقية( جمعه

من آداب العرب وغيرهم ونقله إلى الفرنسوية. ومنها كتاب في العروض والنظم عند الشرقيين. وكتاب آخر في

البيان البديع. وقد نشر كتاب كشف األسرار في حكم الطيور واألزهار ألبن غانم المقدسي وحشاه وترجمه إلى

الفرنسوية وله غير ذلك. وقعت وفاة مستشرق آخر شهير1879وفي هذه السنة

أدى لآلداب العربية عدة خدم يزيد به المسيو )دي سالن((Bon Mac Guckin de Slancوجه الحاظه إلى بالد )

المغرب ودرس أخبار البربر فألف فيهم تاريخا في ستة مجلدات ثم تعشق أبن خلدون وأتم ترجمة مقدمته التي

كان باشر بها العالمة دي كاترمار فطبعها في ستة مجلدات ثالثة أفرنسية. ومن مآثره الطيبة نشره لديوان

امرئ القيس(1/185)

ثم وفاة1837مع ترجمته الالتينية في باريس سنة األعيان ألبن خلكان ثم وصفه للمخطوطات العربية التي تصان في مكتبة باريس العمومية لكن الموت حال دون

( .H. Zotenbergتتمة العمل فألتمه المسيو زوتنبرغ ) ومن الكهنة اللذين أبقوا لهم ذكرا بدرس الشرقيات في

( من جمعية سانabbe Glaireباريس )األب غالر( ) وبرز في اآلداب الشرقية فندبته1798سولبيس ولد سنة

الحكومة الفرنسوية إلى تدرس اللغة العبرانية فيمدرستها العليا خلفا لكاهن آخر من جمعيته األب لوهير )

abbe Le herالذي تخرج عليه رينان في درس ) العبرانية. وكان األب غالر حاذقا في تفسير الكتب

المقدسة وتولى شرحها في مدارس دولته العمومية وكان عارفا باللغة العربية وقد وضع في أصولها كتابا مطوال فياللغة الفرنسوية. توفي الخوري غالر في مدرسة إسي )

Issy 1879( قريبا في باريس سنة. وكان يعاصر هذين الكاهنين كاهن فاضل من إال أنه سكن المغرب وأشتهر في تونس نريد به األب )فرنسوا بورغاد(

F.Bourgade 1832. وبعد كهنوته سنة 1806(( ولد سنة 1838طلب أعمال الرسالة فرحل إلى الجزائر سنة

وخدم فيها راهبات مار يوسف ثم رافقهن إلى تونس سنة وولي هناك خدمة كنيسة مار لويس التي شيدتها1840

الحكومة الفرنسوية ومن مساعيه المشكورة انه انشأ مستشفى ألبناء وطنه وفتح لهم مدارس أدارها بكل غيرة

وفتح أول مطبعة عرقت في تونس. وكان األب بورغاد محبا لآلداب العربية مطلعا على أحوال العرب وتواريخهم

وقد وضع عدة تأليف تنبئ بسعة معارفه آلداب اإلسالم منها كتابة المعروف بسامرات قرطجنة في ثالثة أقسام طبعه بالفرنسوية والعربية. ومنها كتاب في تاريخ تونس.

وله تنفيذ على سيرة المسيح التي ألفها الملحد رينان. وطبع بالعربية نبذا من قصة عنتر وقالئد العقيان ألبي نصر

الفتح بن خاقان وغير ذلك. وقد أنشأ جريدتين عربيتين عقاب باريس والبرجيس. وكان أتخذ له بصفة كاتب

ومحرر سليمان الحرائري الذي مال لنا ذكره. توفي األب.1866 أيلول سنة 20بورغاد في

ونختتم جدول هؤالء المستشرقين الفرنسويين بأحد L. F. Caignart deاألثريين المسيو )دي سوسي( )

Saulcy وعمره1880 تشرين الثاني سنة 3( توفي في سنة بعد أن أدى الدروس الشرقية خدما عظيمة73

بتعريف آثار الشرق وال سيما النقود(1/186)

القديمة فأنه ساح مرارا في الشام وفلسطين ومصر وبالد اليونان وجهات تركيا فدرس آثارها درسا نعما وفك كثيرا

من أسرار كتاباتها القديمة في لغات الشرق كالعبرانية والفينقية واآلشورية والعربية. والكتب التي ألفها في

وصف العاديات التي أكتشفها أو في حل رموزها تنيف على المائة. وبعض هذه التآليف كتب ضخمة. وله أيضا عدة تواريخ وأسفار كرحلته إلى األراضي المقدسة في

مجلدين وتاريخ هيرودس الكبير. لكنه برز في علمالمصكوكات القديمة.

األلمانيون سبق لنا الكالم عن مشاهير مستشر في األلمان كفريتاغ

وفلوغل فبعث هؤالء في مواطنيهم حمية الدروس الشرقية فأخذوا يجارون الفرنسويين في حلبة اآلداب

ويسعون نطاق مدارسهم الشرقية. وممن استحقوا شكر .Hاألدباء في هذه البرهة من الدهر العالمة )ايفلد( )

Ewald ودرس في وطنه1803( ولد في غوتنغن سنة العلوم الدينية ويعده البروتستانت من كبار أئمتهم في

الالهوت له فيه كتابات عديدة وقد علمه زمنا طويال في مدارس األلمانية وكان تبخر في درس اللغات الشرقية.

ومن مآثره العربية غراماطيق واسع في جزأين صنفه باللغة األلمانية. وقد كتب أيضا في الشعر والعروض ونشر

كتاب فتوح الجزيرة المنسوب إلى الواقدي ووصف 4المخطوطات العربية المصونة في غوتا. توفي ايفلد في

.1875أيار سنة .H. Jوأشتهر أيضا ألماني آخر أسمه )هرمان روديغر( )

Roediger( كان أبوه أميل )Emilروديغر سبقه إلى ) الدرس الشرقيات فنشر أمثال لقمان الحكيم وكتب في

الترجمات الشرقية لألسفار المقدسة التاريخية توفي في

في برلين. وقد خلفه ابنه هرمان1877 حزيران 15 روديغر في درس اآلداب العربية وعلمها مدة في مدينة

( . ومن آثاره اشتغاله بكتاب جليل يدعىHalleهال ) الفهرست ألبي الفرج ابن النديم كان باشر بطبعه العالمة

فلوغل ففاجأه الموت ولم يتممه فأنجزه العالمان أوغست مولر وهرمان روديغر. وقد كتب روديغر في بعض

اللغويات العربية عدة مقاالت منها تأليف واسع في أسماءاألفعال.

الروس سبق لنا ذكر عنايتهم باآلداب العربية وكانت دولتهم لبسط

سيطرتها على أنحاء من القارة اآلسيوية أحست بحاجتهاإلى لغة قسم كبير من رعاياها

(1/187)

فأنشأت مكتبا خصوصيا للغات الشرقية من جملتها اللغتان العربية والفارسية عهدت بتدريسها إلى أثنين من تالمذة

البارون دي ساسي وهما األستاذان )ديمانج( )Desinanges( )وشرموا( )Charmoyصاحب التآليف )

الخطيرة في تاريخ المغول واألكراد. وأخذ ديمانج تلميذه ( الذي نشر بعضBottjanoiffالروسي )بوتجانوف( )

قصائد ألبي العالء المعري وللنابغة الذبياني. وفي عهده ( الذي رحلA. Boldyrewكان )الكسيس بولديراف( )

إلى باريس وسمع دي ساسي وعلم في موسكو وترأس على كليتها. ومن تركته العلمية نشره لمعلقتي الحارث ابن حلزة وعنترة ثم منتخبات عربية طبعها في موسكو

. وله فصول ومقاالت شتى في منشورات1832سنة

بالده. زكان عالما باللغة الفارسية ترك فيها آثارا مذكورة. .Jوعاصره عالم روسي آخر )يوسف سيانكوفسكي( )

Sienkowskiولد في بالد ليتيوانية في أوائل القرن ) التاسع عشر ودرس العربية وهو في مقتبل العمر ثم ساح

في بالد الشام ومصر وعاد إلى بطرسبرج حيث درس اللغتين العربية والتركية. وكان عالما باللهجات العامية

فكتب في ذلك عدة فصول مفيدة ونشر قصصا وحكايات وبعض روايات عنتر. وله مقالة حسنة في ديوان لبيد.

( في تأليف دليلة للسياحBerggrenوساعد برغرغين ) . ومن مآثره أنه جمع من1844في الشام ومصر سنة

تواريخ العرب والترك والفرس ما رووه عن قبائل الهونيين(Huns.وعن أمور وطنه بولنية )

وقد تخرج على سيانكو فسكي كثيرون من الروسيين ( الكاتب األولP. Sawelieffأشتهر بينهم )سافلياف( )

ألسرار الجمعية األثرية في بطرسبوبرج وأحد خدمة .Wاآلداب الشرقية في بالده. ثم غريغوراف )

Grigorieffمعلم التواريخ الشرقية في عاصمة دولته ) .1882 2 ك2توفي في

.Gوعرف في ذلك الوقت الكاهن الروسي )بافسكي( )Pawskyنقل الكتب المقدسة من العبرانية إلى الروسية )

وألف كتاب بأصول اللغة العبرانية وكان متضلعا بالعاديات الشرقية في صنف فيها المقاالت المستجادة. وأشتهر

.Cمثله في العبرانية العالم )كاجتان كوسوفتش( )Kossowiczالذي نقل إلى الروسية غراماطيق )

(1/188)

( العبراني وحشاه وقد نشرGeseniusجزنيوس ).1883 شباط 7منتخبات عبرانية توفي في

أنشأ في كلية بطرسبورج مكتب1854وفي السنة خصوصي لدرس العلوم الشرقية فدعي إلى تدريس

( الذيM. Nawrotskyالعربية فيه المسيو نفروتسكي ) وضع في أصول اللغة العربية كتابا يرجع إليه علماء

الروس حتى يومنا هذا. وكان يسعفه في تدريس اللغة وله1881العامية الشيخ محمد الطنطاوي المتوفى سنة

في اللهجة المصرية كتاب معروف. واشهر من هؤالء المستشرق الروسي الياس نيقوالفتش

ودرس في1818( ولد سنة E. N. Beresineبرازين ) كلية قازان اللغات الشرقية ثم أرسلته الكلية إلى بالد الشرق فطاف أقطار العجم ثم الجزيرة وبر األناضول

والشام ومصر وسكن األستانة مدة ثم عاد إلى بالده مارا بالقريم ثم رحل إلى سيبارية ودرس آثار التتار وكتب

تاريخهم. ثم علم مدة في كلية قازان اللغة التركية وله فيها وفي الفارسية عدة تآليف. وكان يعرف اللغة العربية

ودرس خصوصا لهجات بالد الجزيرة وما بين النهرين فوصفها ثم أنقطع إلى تاريخ الدول اإلسالمية وكتب فيها كتابات أثرية وتاريخية وجغرافية وأدبية ولغوية وقد أجاد

في وصف شيع اليزيديين واالسماعيليين وأسهب في تعريف نصارى الشام وما بين النهرين. وقد تولى إدارة المطبوعات الشرقية في قازان إلى وفاته نحو السنة

1870. 1وقد أشبه العالمة برازين روسي آخر سبق لنا ذكره )ج

( فأنهM. de Khanikoff( المسيو خانيكوف )126ص رحل أيضا إلى العجم وأواسط آسية وكتب في آثار بخارى

وسمرقند وفي آداب الفرس وشعرائهم. توفي سنة1879.

ونختم بذكر مستشرق اسوجي لبى دعوة ربه في هذه ( فإنه ولدC. J. Tornbergالردحة نعني به كرل ترنبرغ )

وتتلمذ لدى ساسي في باريس1807 سنة 2 ت23في ة اوبساال اللغة العربية. وله تآليف في آثار وعلم في كلي

العرب تستوجب شكر محبي(1/189)

14الشرقيات أخصها تاريخ الكامل البن األثير طبعه في مجلدا وأضاف إليه ملحوظات مهمة وفهارس. ثم تاريخ فاس المسمى كتاب األنيس المطرب روض القرطاس

للشيخ ابن أبي زرع نشره ونقله إلى الالتينية. وكذا فعل بمنتخبات من تاريخ ابن خلدون ومن خريدة العجائب البن الوردي ووصف المخطوطات الشرقية المصونة في مدينة

.1877 أيلول 6اوبساال. توفي الدكتور ترنبرغ في لند في

الفصل الثانية من السنة إلى ختام القرن التاسع1880اآلداب العربي

عشرنظر عام

الكليات والمدارس لم تبلغ اآلداب العربية في القرن التاسع عشر كله ما بلغته في حقبته األخيرة فإنها أصبحت إذ ذاك كالزهرة المتفتحة من زرها المعطرة األرجاء بعرفها وكالشجرة

التي بسقت أفنانها ومدت في قاع األرض أصولها فلم تعد ترهب األنواء أو تكترث لزعازع الرياح. وكان الفضل األكبر

في نجاز هذا المشروع العظيم لبالد الشام وخصوصا لبيروت التي أضحت كمركز دائرة اآلداب تجتذب إليها

ة ومصر والعراق فتغذيهم زهرة الشبيبة من أنحاء سوري بأفاويق العلوم وتعيدهم إلى أوطانهم فيرقون شيئا فشيئا

عقول مواطنيهم ويوسعون نطاق التمدن بنفوذهم. وال مراء أن المدارس لعبت الدور األهم في هذا الترقي

ة بلغت عز قوتها تحت ة األمركي الشريف فكانت الكلي نظارة رئيسها النشيط الدكتور دانيال بلس وبهمة بعض أساتذتها وال سيما الدكاترة كرنيليوس فان ديك ولويس

وجرج بست ويوحنا ورتبات مع مساعدة بعض الوطنيين. وكان وقتئذ تعليم المدرسة باللغة العربية فوضعت عمدة

الكلية في العربية أو نقلت إليها عددا وافرا من التآليفة التي أدت خدما مؤقتة لنشر العلوم في الشام العلمي

وغيرها إلى أن عدلت المدرسة عن العربية إلى اإلنكليزية لما تحققت إن تلك التآليف تحتاج في كل سنة إلى إصالح

وتحسين بتقدم(1/190)

العلوم فال تفي بالمرام بعد زمن قليل ما لم يكرر طبعهامع وفرة نفقاتها.

ة مع حداثة نشأتها تباري رصيفتها وكانت الكلية اليسوعية. وكان األحبار ة والدنيوي األميركية في نشر المعارف الديني

الرومانيون يعلقون عليها اآلمال الطيبة في إعالء منار الدين والعلم بين الطوائف الشرقية فمنحها السعيد الذكر

اسم كلية وقام من بعده خلفه1874بيوس التاسع سنة بامتيازات1881المغبوط الون الثالث عشر فخصها سنة

أخرى وخصوصا أن تعطي طلبتها شهادة الملفنة فيالالهوت والحق القانوني والفلسفة.

وكانت الدولة الفرنسوية في تلك األثناء ساعية في تعزيز

مدارسها في الشرق فرأت في كلية القديس يوسف محققا لغايتها ضامنا لحسن نياتها فمنحت لطلبتها اإلجازة

كطالبي مدارسها في فرنسا. ثم وكلت إلى رؤسائها أن 1883يلحقوا بالكلية مكتبا طبيا. فتم ذلك فعال سنة

وأنشئت الدروس الطبية بكل فروعها التي تبلغ األثني عشر لكل منها معلمها االختصاصي. فزادت هذه اإلنعامات

كليتنا نشاطا وعزيمة ورقتها إلى درجة ما كانت لتطمع فيها اآلمال. وكان للدروس العربية في ذلك الترقي حظها

من االهتمام كما أثبتنا األمر في خطبة ألقيناها على )1 )المشرق 1898الحضور في حفلة توزيع الجوائز سنة

( فخصصنا فيها الكالم عن تدريس العربية699( : 1898 1925في كليتنا وقد كررنا طبعها في السنة الحالية

بنسبة وقوع يوبيل الكلية الذهبي وعددنا تآليف نيف ومائتين من تالمذتها بينهم الكتبة والخطباء والشعراء

والصحافيون واللغويون.

المدارس الكاثوليكية وكانت المدارس الثانوية بعضها للمرسلين وبعضها

للوطنيين تركض جيادها في ذلك المضمار. فمنها ما كان سبق إنشاؤه تلك الحقبة فمر لنا ذكره ومنها ما استجد

افتتاحه كمدارس )الفرير( في بيروت وقدس وحيفا ويافا وطرابلس ومدرسة اآلباء الكبوشيين في صليما واآلباء

الكرمليين في القبيات واآلباء اليسوعيين في صيداء وحمص ومدرسة القلعة. وأعظم منها مدرسة القديسة حنة األكليريكية المعروفة بالصالحية التي أسسها سنة

نيافة الكردينال الفيجري وخصها بتهذيب طلبة1882 الكهنوت من طائفة الروم الكاثوليك تحت إدارة اآلباء

مقالة865( : 1907 )10البيض )أطلب في المشرق المرحوم الخوري نقوال دهان في تاريخ

(1/191)

تلك المدرسة وأعمالها( . وتعددت المدارس االبتدائية للذكور ولإلناث فحظيت بها أكثر قوى بها وسهول البقاع ونواحي حوران بهمة المرسلين اليسوعيين واللعازريين

فضال عما عني بإنشائه المرسلون البروتستانت في أنحاءشتى.

أما المدارس الطائفية فأنشئ منها للدروس الثانوية مدرسة غزير المارونية كان الساعي بها الخوري لويس

ومدرسة قرنة شهوان المعروفة1880زوين سنة .1883باللبنانية من أثمار همة السيد يوسف الزغبي سنة

وفتح الروم الكاثوليك في دمشق مدرستهم البطريركية التي أقبل عليها األحداث لحسن نظامها. وكذلك مدرستهم

األسقفية في زحلة أهتم بتدبيرها كهنة أفاضل أخصهم الخوري فيلبوس غير والخوري بطرالس الجريجري قبل

أقامت1898انتخابه إلى كرسي بانياس. وفي السنة الرهبانية الباسيلية الحناوية مدرستها الشرقية وقد نعتتها بالكلية فكانت إلى أيام الحرب الكونية من المعاهد التي

تزين مدينة زحلة. وأنشأ الروم الكاثوليك بعد ذلك مدرسة حلب التي يدبرها عدة كهنة من تالمذة القديسة حنة تحت

نظارة راعيها الغيور السيد ديمتريوس القاضي قبل ارتفاعه إلى السدة البطريركية. وزيد أيضا بمساعي

الطوائف الشرقية عدة مدارس االبتدائية في عدة أمكنة فأصبحت بذلك أثمار العلوم دانية القطوف حتى بين

القرويين والفقراء.

المدارس غير الكاثوليكية وما نعرفه من أكور المدارس غير الكاثوليكية إنشاء الروم

فتقبلت عليها1882األرثوذكس لمدرسة كفتين سنة األحوال بين تقدم وتأخر حتى أقفلت. ومثلها المدرسة

األكليركية في دير البلمند التي أصابت بعض النجاح مدة. وأنشأت السيدة أملي سرسق مدرسة وطنية في الثغر

. وقد وجد1880لبنات طائفتها دعتها زهرة اإلحسان عام الروم األرثوذكس مساعدا كبيرا في الدولة الروسية

لتوفير مدارسهم وحسن تنظيمها. فأن شركة فلسطين المسكوبية أخذت بإنشاء عدة مدارس في الشام وفلسطين كانت تنفق عليها المبالغ الوافرة. وفتح

اإلسرائيليون مدرسة في بيروت ترأسها زكي أفندي كوهن عاما ثم أبطلت25 فخدمت طائفة اليهود نحو 1875سنة

وقامت بدال منها مدرسة االتحاد اإلسرائيلي. كذلك أنشأت حكومة للمسلمين في بيروت المكتب

( وقابلتها المدرسة الرشيدية1885 )1309اإلعدادي سنة العسكرية ثم أنشأ بعض األهالي أصحاب الهمة

(1/192)

مدارس أهلية أخصها المدرسة العثمانية لصاحبها الشهير )1313ورئيسها الشيخ أحمد أفندي عباس األزهري سنة

( والمدرسة الوطنية والمدرسة العلمية وهذه1897 المدارس أرقى نوعا من المدارس االبتدائية فتزيد غالبا على المبادئ وأصول الدين واللغة درس اللغتين التركية

والفرنسوية واإلنكليزية مع أصول الحساب الجغرافية ومسك الدفاتر. ثم تألفت لجنة التعليم اإلسالمية سنة

( كان يرئسها الشيخ عبد الرحمان الحوت1899 )1317ففتحت مدرستين الواحدة للذكور واألخرى لإلناث.

المطابع والمطبوعات وكانت المطابع السورية في هذه البرهة سيارة اآلداب

تجري على حريتها دون أن يضغط عليها المراقبون ويقصوا أجنحة أطيار األفكار. فكان الصحافيون يعلنون

األخبار الجارية ويعبرون عن آرائهم في إصالح األمور وتالفي الشرور ال تأخذهم في ذلك لومة الئم وفي تلك

األثناء اتسعت مجلة المقتطف في أبحاثها وكبر حجمها بعد إلغاء مجلة الجنان لكنها وجدت في طريقها عثرات

1886بمقاومة بعض الحساد فانتقلت إلى مصر سنة وهي السنة1925وجرت على سننها إلى السنة الجارية

الخمسون من عمرها. وأنشئت بعد ذلك مجلة الطبيب كان يحررها بشارة زلزل والشيخ إبراهيم اليازجي ولم يطل عمرها على ثالث سنوات. فقامت بدال منها مجلة

أخرى باسمها حررها المرحوم الدكتور اسكندر البارودي. ونشر الروم األرثوذكس مجلتهم الهدية خمس سنين

وظهرت في مجلتنا الشفاء والصفا وخدمتنا اآلداب بضعة أعوام. وكانت مجلة المشرق آخر ما بزغ في ختام القرن

التاسع عشر من المجالت في بيروت ظهرت في غرة1898السنة وغايتها خدمة الدين العلوم واآلداب خصوصا

نشر اآلثار الشرقية. نفع الله بها أهل الوطن ومحبي الدين واألدب. وكذلك بوشر بعدة جرائد منها لسان الحال

ثم جريدة المصباح كان ينشئها1877ظهرت سنة المرحوم نقوال النقاش ثم جريدة التقدم كان صاحب

امتيازها يوسف الشلفون. وجريدة األحوال لصاحبها األديب خليل أفندي البدوي. وأنشئت الصحافة اللبنانية فظهرت

(1894في بيت الدين جريدة لبنان الرسمية ثم الروضة ) ثم لبنان لصاحب امتيازها جناب إبراهيم بك األسود ثم

األرز في جونية لطيي الذكر الشيخين فيليب وفريدالخازن.

وطبعت عدة مطبوعات مفيدة منهال تاريخية ومنها أدبية.وكانت

(1/193)

مطبعتنا الكاثوليكية في مقدمة المطابع فنشرت بهمة مديرها وآباء كليتنا مطبوعات جليلة ال تزال معدودة من

خيار المنشورات العصرية. ومما وجهت إليه عنايتها الكتبالمدرسية لتكون في أيدي األحداث قدوة ودليال.

على أن إدارة المعارف في اآلستانة أخذت تنشئ القوانين الصارمة لتقييد حرية المطبوعات ولم تزل تضايقها شيئا بعد شيء حتى بلغت في ضغطها حدا ال يكاد يتصوره غير اللذين قاسوا مضضه. ولعل ذلك الضنك الذي بلغ الروح

التراقي كان من أقوى أسباب االنقالب العثماني. ومن المطبوعات الجديرة بالذكر التي صدرت في ذلك الوقت

في بيروت دائرة المعارف باشر بها المعلم بطرس البستاني ولم يتم منها إال نصفا. وكذلك طبع ديوان

األخطل وديوان الخنساء وديوان أبي العتاهية وأقرب الموارد للشيخ سعيد الشرتوني وفرائد الآلل في مجمع

األمثال للشيخ إبراهيم األحدب وتاريخ ابن العبري وشرح المتنبي للشيخ إبراهيم اليازجي ومجموع مجاني األدب

وشروحه وكتاب ألف ليلة وليلة منقحا وكتب أخرى عديدة جعلت لبيروت بين المستشرقين سمعة طيبة حتى ضربوا

المثل بحسن مطبوعاتها. وكان الحظ األوفى في ذلكللمسيحيين وخصوصا للكاثوليك.

الجمعيات األدبية ومما يحيي اآلداب ويبعث همم ذويها الجمعيات األدبية وقد

ذكرنا سابقا ما أنشئ منها قي بيروت على أن تلك الجمعيات األدبية انتقض حبلها وتضعضعت أركانها إذ تصدت لها الحكومة المحلية وكانت ال تزال تتصدرها

وتتجنس بواطن أصحابها وتسيء الظن بهم فرأوا في شتاتهم خيرا لهم. وقد سعى مع ذلك األدباء بإنشاء نوادي أدبية منها الدائرة العلمية المارونية التي عقد أصحابها من

1882 و1881أساتذة لحكمة بعض جلسات في السنتين ونشرت نبذا من أعمالها. ولم تطل كذلك حياة دائرة ثانية

انتسبت إلى القديس جرجس دبرها األب يوسف برنيهاليسوعي ثالث سنوات وأتت ببعض النتائج الحسنة )

( . وأسس األمير كان جمعية أخرى1886 - 1883 مختلطة دعوها بشمس البر تلتئم حتى اليوم في أوقات

معلومة وتتلى فيها الخطب في مواضيع شت تستشف منوراء بعضها حرية األفكار.

المكاتب وقد ساعد أيضا على نشر اآلداب في جهات الشام

وباألخص في(1/194)

بيروت أنشأ الكتبيين للمكاتب فأن باعة الكتب قبل السنة كانوا قليلين ال يزيدون على ثالثة أو أربعة بين1880

نصارى ومسلمين ففتحت عدة مكاتب حتى تجاوز عددها العشرين وكان بين الكتبيين رجال ذوو نشاط كانوا يجلبون

المطبوعات من بغداد والعجم والهند ومن أوربا. ثم خمدت تلك الحركة بعد أن تشددت الحكومة في مراقبتها للمطبوعات فلم تكتف بأن تمنع الكتب المخالفة لسياسة

الدولة بل حجزت على مطبوعات جليلة لمجرد ما توهمته فيها من المحظورات حتى لم تسمح بإدخال تاريخ أبي

الفداء والعقد الفريد ألبن عبد ربه. وقد رأينا من مراقبة المأمورين عجائب وغرائب لو أثبتناها هنا لعدت من

أساطير األولين أو أقاصيص األمم الهمجية. ومع ما نفعت تلك المكاتب كنا نخص ذوي األمر على

إنشاء خزائن عمومية تودع فيها أخص المطبوعات الشرقية ليقتبس من أنوارها المشتغلون باآلداب كما هو

جار في معظم البالد المتمدنة لكننا كنا ننفخ في رماد ونضرب على حديد بارد. وإلى يومنا هذا نتمنى بفروغ

الصبر أن تصرف بلديتنا نظرها إلى هذا األمر النافع وقد أخذت تلوح اليوم بارقة أمل لتحقيق رغائبنا فلقي مطلوبنا

إذنا سامعة. على أن بعض الجمعيات استدركت المر وبذلت المال في

تجهيز تلك الخزائن. فأن المدرسة األمريكية عنيت بفتح مكتبة في معاهد كليتها يبلغ عدد كتبها نحو عشرة آالف بينها نحو ثالثة آالف كتاب

عربي بين مطبوع ومخطوط وهي ترخص ألدباء البلدة فضال عن ذويها بمطالعة تلك المصنفات. وكذلك اهتمت

إحدى السيدات األمريكية بإنشاء غرفة للقراءة تعرض فيها الجرائد على القراء وتتضمن مع هذا عددا وافرا من الكتب

العربية وخصوصا التآليف الدينية البروتستانية. وكان رؤساء مدرستنا الكلية وجهوا جل اهتمامهم إلنشاء مكتبة واسعة تشتمل على أخص المآثر الشرقية التي لم تزل تمتد وتتسع حتى ينيف اليوم عدد كتبها على الخمسة

والثالثين ألفا. بينها مجموع المجالت اآلسيوية وأخطر التآليف وأعزها في كل ضرب من العلوم الشرفية. هذا فضال على ثالثة آالف كتاب مخطوط بنيف في العربية

والسريانية والكلدانية والتركية والفارسية مع آثار قليلةفي اليونانية والحبشية. فإذا

(1/195)

أضيف إلى هذه الخزانة ما تحتويه المكتبة الغربية والمكتبة الطبية والمكتبة المدرسية وغيرها بلغ عدد كتب كليتنا نحو مائة وثلثين ألفا. وكثيرا ما تلطف الرؤساء فسمحوا آلهل

األدب ويقطفوا ما شاءوا من تلك الثمار الجنية. ولم يريدوا أن يحرم طلبتهم األحداث من مراجعة كتب اآلداب فقربوا

منهم منافعها وخصوا بهم مكتبة عربية يجدون فيها مايهذب أخالقهم وينير عقولهم ويفكه أرواحهم.

ومما يستحق الذكر بين مكاتب الشام خارجا عن بيروت مكتبة الملك الظاهر في دمشق جمعت فيها على عهد

مدحت باشا الكتب المتفرقة الموقوفة على الجوامع والمدارس فأضحت من أخص المعاهد األدبية وهي تحتوي

على نحو سبعة آالف كتاب يغلب عليها الكتب الخطيةالنفسية.

فن التمثيل ومما يعود فضله إلى بيروت خصوصا في تعزيز اآلداب العربية فن التمثيل وقد سبق لنا كيفية ظهوره على يد

المرحوم مارون نقاش وما نجم عنه من المضرات بسوء استعماله في المراسح العمومية حيث مثلت روايات مخلة باآلداب. إال أن هذا الفن الجليل عاد إلى شرف مقامه في

المدارس المسيحية. وكانت كليتنا أول من سبق إلى فكان1882تشخيص الروايات التمثيلية العربية سنة

مديروها يختارون لذلك الوقائع الخطيرة وال سيما

الحوادث الشرقية ليرسخ في قلوب طلبتهم مع حب الوطن ذكر تواريخ بالدهم. فمن جملة ما مثلوا حكم هيرودس على ولديه في بيروت واستشهاد القديس جرجس فيها ورواية صدقيا ثم داود ويوناتان. ومما

اقتبسوه من تاريخ العرب رواية ابن السمؤل وراوية المهلهل وشهداء نجران ونكبة البرامكة وأخوة الخنساء.

وكان للطلبة في تأليف بعض هذه الروايات سهم واف إالأن معظمها بقلم اآلباء أو بعض أساتذة الكلية.

المحافل األدبية وكما مثلت المآسي والروايات الفاجعة أو الفكاهية كذلك

كانت تعتقد في كليتنا محافل أدبية يحضرها أعيان البلد فيبحث الطلبة في بعض المشاكل التاريخية أو المسائل

اللغوية واألدبية فيأتي كل منهم بما جادت به قريحته نظما أو نثرا حتى يستوفوا الموضوع حقه أو يبرزوا محاسنه من كل وجه. فدارت بعض هذه المجالس على مفاخر بيروت

ووصف اآلداب العربية وتنصر النعمان ومآثر(1/196)

القديسين يوحنا فم الذهب ويوحنا الدمشقي وأعمال الرشيد وبني برمك والمأمون وعصره. وكان وجوه البلد

يحضرون تلك الحفالت بملء الرغبة والشوق. وأخذت بقية المدارس تجري على هذه اآلثار ال سيما المدارس

الكاثوليكية كالمدرسة البطريركية ومدرسة الحكمة بهمة بعض أساتذتها األدباء وخصوصا عبد الله أفندي البستاني

وتلميذنا المرحوم نجيب حبيقة.

اآلداب العربية في مصر هذه لمعة من أحوال اآلداب العربية في بالد الشام في

الخمس األخير من القرن التاسع عشر. وكانت مصر بعد تقدمها على الشام في النهضة األدبية أصابها بعض

الخمول رغما من انتشار العلوم الحديثة في مدارسها ووفرة مطبوعاتها العربية وهمة خديويها محمد علي باشا وزير معارفها الهمام علي باشا. مبارك. ولعل سبب هذا الخمول إنما كان انصراف نظر أهلها إلى العلوم األجنبية

فكأن شيوخها ساعين في نقل التأليف األوربية إلى العربية فيدرسونها في مدارسهم فيشغلهم األمر على االهتمام

باآلداب العربية. واحتلت الجيوش1881ثم حدث الثورة العرابية سنة

اإلنكليزية القطر المصري فكان االحتالل مضرا للغة العربية من جانب ومفيدا من جانب آخر أما ضرره فقد حصل باتخاذ اللغات األجنبية كلغات التدريس فحرمت

العربية من التآليف المنقولة من غيرها إليها وأهمل كثيرون درسها. إال أن مصر اعتاضت عن هذه الخسارة

بفوائد أخرى كتنظيم الدروس العربية في مدارسها وإدخال تلك اللغة في جملة الدروس الثانوية لنوال شهادة الحكومة. وزاد عدد مدارس األجنبية التي لم تكن لتغضي عن درس العربية كمدرسة العائلة المقدسة في القاهرة لآلباء اليوسعيون ومدرستهم في اإلسكندرية وكمدارس

األفريقيين في طنطا وزقازيق ومدارس عديدة ألخوةالمدارس المسيحية.

وكذلك المدارس الوطنية زادت عددا ونموا في القاهرة وبقية بنادر القطر المصري حتى جعل لها ديوان يهتم لها

ديوان يهتم بشؤونها دعي ديوان المدارس ثم عرف بديوان المعارف العمومية. وفي هذا الوقت حورت طرق

التعليم في بعض المدارس المنشأة سابقا ال سيما مدرسة

األزهر التي نالها بعض اإلصالح بدخول فروع جديدة من التعليم كالجغرافية والتاريخ لكنها لم تزل بعيدة عن مرتبة

الكليات األوربية.(1/197)

وفتحت إذ ذاك بعض المكاتب الجامعة لمنفعة العموم. وكان أخصها المكتبة الخديوية التي أنشأت في عهد محمد

علي إال أنها لم تنظم ولم تحتفل بالمطبوعات والمخطوطات النادرة إال بعد ذلك بهمة نظارها األوربيين

كالمرحوم الدكتور فولرس والدكتور مورتس. ونشأت عقيب االحتالل اإلنكليزي الحياة السياسية بما

منحته المطبوعات من الحرية واتسعت دوائر الصحافة خصوصا فبلغ عدد الجرائد والمجالت العربية في مصر ما

يربي على المائة. وكان للسوريين في هذه الحركة نصيب عظيم حتى كان أكثر مديري تلك المنشورات ومنشئيها من أهل سوريا وزاد عددهم في وادي النيل بعد ضغط الدولة العثمانية على المطبوعات حتى أناف على ثلثي

الكتبة المصريين فتقدموا على غيرهم بما عرفوا بهم من النشاط والذكاء والتفنن في الكتابة. والحق يقال أن أكبر

مجالت القطر المصري في تلك األوان كالمنار والمقتطف والضياء والهالل وأعظم جرائده كالمقطم واألهرام

والعمران كان يحررها السوريون. ومما اكتسبته مصر من االحتالل اإلنكليزي لنشر آدابها

توفر المطابع وتحسن مادياتها فأمكن المصريين لو شاءوا أن يطبعوا الكتب طبعا متقنا مطبوعات الشام. وقد

استعاروا من مسابكها حروفهم. فنشرت إذ ذاك في وادي النيل معاجم جليلة كلسان العرب وتاج العروس ونهاية ابن

األثير. وكتب لسانية خطيرة كسيبويه ومخصص ابن سيده. وكتب تاريخية أخصها ما نشرته المكتبة الخديوية كتاريخ

ابن اياس وتاريخ ابن دقماق وتاريخ ابن جيعان وتاريخ الفيوم. ومثلها تاريخ السخاوي وطبقات األطباء ألبن أبي

أصيبعة. وكتب أدبية كخزانة األدب وحلبة الكميت للنواجي وبعض دواوين وتآليف أخرى. ومع ما أجدت هذه

المطبوعات المصرية من المنافع للعلم ال يسعنا السكوت عن نقائض كثير منها كقسم طبعها وكثرة أغالطها وقلة

ضبطها بالشكل وخلوها من المقدمات المفيدة والشروح واللحوظات والروايات والفهارس. وربما عمد أصحابها إلى

مطبوعات المستشرقين فنسخوها بحرفها ومسخوها بالتصحيف وجردها عن محاسنها وقد بينا كل ذلك في نظر

:11سابق انتقدنا فيه مطبوعات مصر )في المشرق )( فشكونا عليه أو لو الذوق ومحبو األدب440 - 430

(1/198)

أما الجمعيات األدبية في مصر فسعا بإنشائها بعض ذوي الفضل والعلم من الفرنسويين وغيرهم فخدموا بها القطر

المصري خدما صادقة كما تشهد على ذلك منشوراتهم المطبوعة في كل عام وكان بعض الوطنيين من جلة

القوم يشاركنوهم في األعمال. وقد أراد الوطنيون غير مرة أن يجمعوا قواهم باالنضمام ويعقدوا جمعية علمية

فلم ينجحوا وكان عقدهم ينفرط بعد قليل لتباين األغراض.

اآلداب العربية في أنحاء الشرق أما األقطار الخارجة عن الشام ومصر فكانت حركة آدابها

خفيفة لم يشتهر في نهضتها إال األفراد. ففي هذه المدة

أبرزت مطبعة الجوانب مطبوعات مفيدة حسنة الطبع كديوان البحتري وأدب الدنيا والدين وشرح مقصورة ابن دريد ورسائل فلسفية وأدبية متعددة ألبن سينا والثعالبي

وللضبي وغيرهم. وأدى المرسلون الدومنيكان في الموصل بمطبوعاتهم الجديدة ومدارسهم خدما تذكر

فنشكر. وكذلك اآلباء الكرمليون في بغداد عززوا مدارسهم فزاد إقبال الناشئة العراقية عليها. وقص آثارهم

الكلدان الكاثوليك فجاروهم بتهذيب األحداث. وفي ذاك العهد دخل فن الطباعة إلى مكة فأنشئت

مطبعتها األميرية وأخص ما طبع فيها الفتوحات اإلسالميةللسيد أحمد زيني دحالن وبعض الدواوين.

ونشرت في جهات العجم عدة منشورات بعضها تاريخية كمقاتل الطالبيين ألبي فرج األصبهاني وروضات الجنات

في أحوال العلماء والسادات. وبعضها أدبية ولغوية وأغلبها دينية وأكثر هذه المطبوعات سيئة الطبع يسقط بذلك معظم فوائدها. وربما كان طبعها على حجر في أسوأ

صورة. ومثلها سقما وسخافة مطبوعات الهند في لوكنو وبمباي فأن مطبوعات كثيرة ظهرت هناك كشفاء ابن

سينا وقواعد العقائد الطوسي وشرح الهداية األثرية لكنها ال تستحق اعتبارا لسوء طبعها. وأحسن منها رسائل أخوان

الصفا وديوان علي بن أبي طالب وديوان الموسوي وديوان علي بن مقرب وديوان شرف الدين المقري وسبائك الذهب في معرفة قبائل العرب. وللحكومة

اإلنكليزية في كلكوتا مطبعة أصدرت عدة تآليف مفيدةأتقن طبعها وقد مر لنا ذكرها.

اآلداب العربية في بالد أوربةأما المدارس العربية في أوربا فأنها نالت

(1/199)

أكبر حظوى بهمة علمائها ومدارسها الكلية ومكاتبها الشرقية نخص منها بالذكر المكتب الشرقي الذي أنشأه

األلمان في عاصمة برلين لدرس لغات الشرقوبالخصوص لتعليم العربية.

ومما أفاد الدروس الشرقية كثيرا المؤتمرات الدولية التي كانت تعقد كل سنتين أو ثالث سنين في عواصم البالد وكان أول تلك االجتماعات العمومية في باريس سنة

( ثم1876( ثم بطرسبورج )1874 ثم في لندن )1873 ( ثم1883( ثم ليدن )1881( ثم برلين )1877فيرنزة )

( . إلى أن عقد المؤتمر الخامس عشر العام1886فينا ) ( . وقد746: 11 في كوبنهاغن )أطلب المشرق 1909

ألقيت في هذه المؤتمرات عدة دروس وأبحاث كانتتجمع عادة فتطبع ومجموعها اليوم بمثابة مكتبة واسعة. وزادت المطبوعات العربية في هذه المدة زيادة عظيمة

فأن المجالت اآلسيوية القديمة وفرت قسما أكبر من صحائفها للعلوم العربية ونشأت مجالت جديدة في عدة بالد لألبحاث الشرقية عموما والعربية خصوصا كالمجلة

( والمجلة اآلسيوية اإليطاليةWZKMاآلسيوية النمسوية )( .EO( وأصداء الشرق )ROCوكمجلة الشرق المسيحي )

وفي المدة ذاتها طبعت قوائم موسعة اآلثار العربية التي تحفظ في خزائن الدول حتى لم يكد يبقى بينها لم توصف

مخطوطاتها ونوادرها وصفا مستوفيا. أما اآلثار القديمة التي صدرت بالطبع فكانت تبلغ المئات في السنة. وقد امتازت بمطبوعاتها العربية مطبعة ليدن

حيث نشرت تأليف جغرافية وتاريخية وأدبية تعد من أشرف المطبوعات وأعظمها فائدة كمجموع جغرافي

العرب الذي عني بنشره فقيد اآلداب المأسوف عليه ( وكتاريخ الطبري الكبيرde Goejeاألستاذ دي غوي )

وفتح البلدان للبالذري ومفتاح العلوم للخوارزمي واألخبار الطوال للدينوري ورسائل الجاحظ وجزيرة العرب

للهمداني تزين هذه المطبوعات ما يقدم عليها من الفوائد التاريخية وتذل بالروايات والملحوظات الدقيقة وتختم

بالفهارس الممتعة. وكانت بقية الدول تتنافس في نشر كنوز أخرى دفينة. فبرز في ألمانيا كتاب اآلثار الباقية عن القرون الخالية للبيروني وكتاب التاريخ الهندي له. وظهر في باريس كتاب مروج الذهب للمسعودي وأخبار ملوك الفرس للثعالبي وكتاب البدء والتاريخ للمطهر ابن طاهر

المقدسي. وظهر في رومية كتاب دياطاسرونطاطانيوس أي األناجيل

(1/200)

األربعة التي جمعها هذا الكتاب في القرن الثاني للمسيح ففقد أصلها ووجدت ترجمتها العربية. وهناك طبع ديوان

ابن حمديس الصقلي وقسم من جغرافية اإلدريسي.

اآلداب العربية في أميركة وكذلك أخذ األميركيون يوجهون نظرهم إلى الشرق

فأبرزوا مجلة آسيوية بلغ اليوم عدد مجلداتها فوق األربعين. ولما هاجر السوريون إلى العالم الجديد كان دخولهم إلى تلك البالد كبعثة أثارت في قلوب البعض

الحمية لدرس اللغات الشرقية. وجعل السوريون ينشرون هناك الجرائد فبرز منها في العشر األخير من القرن

التاسع عشر جريدة كوكب أميركا للمرحوم نجيب عربيلي

. ثم طبعت في فيالدلفيا جريدة الهدى لصاحبها1892سنة وقد نقلها بعد مدة إلى1898نعوم أفندي مكرزل سنة

نيورك. وأصدر نجيب أفندي دياب جريدة مرآة الغرب في السنة عينها ونشر في سان بولو األديب شكري خوري

جريدة أبي الهول. ثم تعددت بعد ذلك الجرائد في أوائل القرن العشرين في أميركا الشمالية والجنوبية حتى كادت

تبلغ الخمسين. أما المطبوعات غير الجرائد فكانت قليلةالجدوى مدارها غالبا على القصص والروايات الخيالية.

أدباء اإلسالم في ختام القرن التاسع عشرأدباء الشام

كان التقدم بين المسلمين في رفع لواء اآلداب في ختام القرن التاسع عشر ألهل الشام فقد أشتهر بينهم بعض األفراد اللذين ال يزال أسمهم إلى يومنا شريفا مكرما

فنذكرهم إقرارا بفضلهم.

الشيخ يوسف األسير ولد الشيخ يوسف ابن السيد عبد القادر الحسيني األسير

( فتلقى في وطنه مبادئ1815 )1230في صيداء سنة العلوم العقلية والنقلية عن علماء األزهر. وبعد سبع سنين عاد إلى الشام وسكن في كثير من مدنها يتعاطى العلوم

الفقهية وتولى في األستانة رئاسة التصحيح في دائرة نظارة المعارف لكنه آثر العود إلى وطنه وتفرغ للتأليف في الفرائض واألبحاث الفقهية وخرج في الفقه كثيرين

من األحداث وعلم مجدة في مدرسة الحكمة وكان زكيالفؤاد فصيح اللسان يجيد النثر والنظم

(1/201)

ومن آثاره األدبية التي خلفها شرح أطواق الذهب كانون األول2 1307للزمخشري وكانت وفاته سنة

وللشيخ يوسف األسير موشحات وقصائد متفرقة1889 وأبيات حكمية جمعها في ديوانه الروض األريض الذي في

. ومن حسن أقواله ما وصف به الشعر1306بيروت سنة الجيد وناظمه.

خليلي كم قد جد في الناس شاعر ... وليس له بيت منالشعر عامر

وأحسن شعر ما نراه مهذبا ... بليغا به يلتذ باد وحاضر به تطرب األسماع من كل منشد ... وتجري به األمثال

وهي سوائرولم ير غبنا من شراه بماله ... وفيه بال شك تسر السرائر

وله في وصف له بعد أن فاز بالدستور بعد مذابح سنة1860:

ترى لبنان أهال التهاني ... فقد نال األمان مع األمانيوأضحى جنة من حل فيه ... قرير العين مسرور الجنان

وجدت العلوم به دروس ... وكانت في الدروس وفيالتواني

ولألخبار قد وجدت سلوك ... كذاك طبع ذي الصحفالحسان

ومن ورد الشريعة فيه يصدر ... بحق كامل في ذا األوانوذاك بهمة الشهم المسمى ... بداود سليمان الرمان

عظيم الشأن ذو همة العوالي ... وذي الرأي المصيب بكلشأن

سديد الحزم ممدوح المعالي ... شديد العزم محمودالمعاني

ومن مدحه قوله في أسرة بني العطار في دمشق: يا بني العطار يا عطر دمشق ... قد ملكتم بمزيد اللطف

رقي

فاح في الكون شذاكم فائقا ... طيب ورد الروض فينشر ونشق

أسماء المجد سام فرعكم ... ولكم أصل نما من خيرعرق

طفلكم نجم وبدر كهلكم ... ثم أن الشيخ منكم شمسأفق

يا بدور الشام يا أهل العال ... ضوءكم الح بغرب وبشرقسدتم الناس بعلم وتقى ... وبمعروف وإحسان ورفقفإذا رام مجاراة لكم ... ذو اعتالء فلكم أقصاب سبق

(1/202)

ذا األسرة أنتم في الورى ... يا سراة أحرزوا كل ترقي حبأنا ال أبرح أشدو بناسمكم ... حاكيا في ورقي تغريد ورق

زادكم ربي علوما وهدى ... مع رغيد العيش في أوسعرزقي

وأفتتح رثاء شريف بقوله:إنما موقتي كإطالق أسري ... حيث أي لرحمة الله اسري

إن أكدار هذه الدار يتلو ... بعضها البعض كأمواج بحرية أجسا ... ما ودنيا قد فارقتها بحبر ألفت أنفس البر هم فيها مثل األجنة في األر ... حام يستخرجون منها

بقسروهي كالفلك قد أعد لنقل ... أو هي الجسر قد أعد لعبر

أنس الغافلون فيها وأنسوا ... إنها ال تكون دار مقرلو درى الغافلون فيها بقاء ... أيقنوا أنهم بأعظم خسر

هي دار السالم ما تشتهي األنف ... س فيها من كل خيروبر

ال يمل اإلنسان فيها مقاما ... إذ تخلت من كل شر وضر

وللشيخ يوسف مراسالت نثرية وشعرية مع أدباء زمانه تجدها في تآليفهم كالشيخ إبراهيم األحدب وأحمد أفنديالشدياق. وقد مدحه الشيخ ناصيف بقصيدة يقول فيها. أسير الحق في حكم تساوى ... فما يدري الحبيب من

البغيض يقلب في المسائل كل طرف ... ويلقي الناس بالطرف

الغضيض إمام الشعر يبتدع القوافي ... ويأمن من دونها حول

القريضيقل له الثناء ولو أخذنا ... قوافيه من الروض األريض

ولما توفي قال فيه الشعراء مراثي عديدة جمعها الشيخقاسم الكستي في مجوع نشر بالطبع.

الشيخ إبراهيم األحدب (1826 )1242كان مولده في طرابلس الشام سنة

وطلب العلوم اللسانية واألدبية منذ نعومة أظافره فبرع فيها. ثم عكف على التدريس في طرابلس وبيروت فعد

فيها من نوابغ عصره فتأب إليه األدباء(1/203)

وأقبل عليه األعيان والحكام وقلدوه المناصب الخطيرة كنيابة األحكام ورئاسة الكتابة. ثم تعين كرئيس لكتاب

محكمة بيروت فتعاطى شؤونها نيفا وثالثين سنة. وكان أحد أعضاء مجلس المعارف في الثغر فامتاز فيه بسعة

آدابه وحسن ذوقه. وقد حرر مدة ثمرات الفنون فأودعها كثيرا من أثمار آدابه. وكانت وفاته في رجب في سنة

م( . وقد أبلغ تآليفه األدبية نحو العشرين1891 )1308 نشر منها في مطبعتنا الكاثوليكية كشف المعاني والبيان

عن رسائل بديع الزمان وكتاب فرائد الآلل في مجمع األمثال الذي نظم فيها أمثال الميداني وقد أتقن طبعه

فجاء كطرفة بين المطبوعات العصرية. وكان الشيخ إبراهيم األحدب قريحة شعرية غريبة حتى أن مجموع

أبيات قصائد يكاد يبلغ ثمانين ألف بيت. فله ثالثة دواوين مقالة80ومقامات جارى فيها العالمة الحريري عددها

وألف عدة تآليف كروايات أدبية ومناظرات ورسائل ومجاميع حكمية ومقاالت مسجعة وغير ذلك مما عدده نجاله األديبان في مقدمة مجمع األمثال. ومن شعره ما

قاله يمدح األمير عبد القادر الجزائري: إني بمدح ابن محبي الدين ذو همم ... غدا نظامي بها في

أرفع الدرج وفي مآثر عبد القادر أطردت ... أبيات شعري فراقت كل

مبتهج غوث الثريل وغيث فيض نائله ... من األنامل يجري الدر

في خلجية بسناها شمس أنارت بالد الشرق فابتهجت ... سور

الفائق البهج في الكون آثاره كالمك قد نفحت ... إال لمزكوم طبع عد

في الهمج لله غرب حسام منه قد شهدت ... في الغرب آثاره

كالصبح في البلج ال زلت تهدى لك األمداح ما طلعت ... شمس بنورك تغنينا

عن السرج وقال في الرجز ناظما بعض أمثال رويت ألبي بكر

الصديق: يقرن ربي الوعد بالوعيد كي ... يضرهب عبد راغب في

كل متيليست مع العزا مصيبة إال ... تعز يا سامي بما قد نزال

ه أهون مما بعد الموت مما قبله أشد ... مع أنهم قد ذل قوم أسندوا أمرهم ... المرأة حيث جنوا ضر

إن عليك أبدا عيونا ... تراك ممن جل فالزم دينا(1/204)

ورحم الله أمرنا أعانا ... أخاه بالنفس وما أهانا والنفس أصلح يصلح الناس لكا ... وافعل جميال يغد خيرا

فعلكا

أبو الحسن الكستي هو الشيخ أبو الحسن قاسم بن محمد الكستي أصله من

بيروت وفيها اشتهر نحو أربعين سنة في النصف الثاني أخذ1840من القرن التاسع عشر كان مولده نحو السنة

اآلداب عن أئمة زمانه فلما رسخت فيها قدمه صار مرشدا لغيره وتعاطى التدريس مدة بين مواطنيه من أهل ملته.

لكنا أتبعناه1909وقد مات الكستي في منتصف السنة بالشيخين السابقين إذ اشتهر معهما وجاراهما في األدب

ومعظم كتاباته في عهدهما. ومن آثار فضله ديوانان أحدهما ديوان مرآة الغريبة طبع على نفقة السيد سليم

( افتتحه بقصيدة ابتهالية هذا1880 )1279رمضان سنة أولها:

إليك رفعنا األمر يا من له األمر ... فمن فضلك اإلحسانوالنفع والضر

تعطف وجد بالخير يا خير منعم ... على كسرنا يا من بهيحصل الجبر

عليك اعتماد الخلق في كل أمة ... وبابك مقصود به الفتحوالنصر

فقلت لنا ادعوني دعوناك ربنا ... أجب سؤالنا بالخير يارب بر

. ومن شعره ما1299والديوان ترجمان األفكار طبع سنة مدح به سعيد باشا عزيز مصر لما قدم إلى بيروت:

عزيز مصر سعيد الوقت ذو شرف ... إلى عاله تناهىالمجد والحسب

يتيمة العقد أضحى في العلى ولذا ... قد صاغ مدح عالهالعجم والعرب

ا لنشهد منه كل مكرمة ... لها المحامد دون الناس إنتنتسب

عن وصفه ومزاياه وأنعمه ... تقاصر الدر واألزهاروالسحب

مآثر العز في علياه مشرقة ... كالشمس لكن سناه ليسيحتجب

من معشر لهم في كل كائنة ... ذكر تولد من أسبابهالطرب

وقال في الحكم:وعالم ال نفع في علمه ... ولم تكن أعماله صالحة

فهو بحكم العقل بين المال ... كوردة ليس لها رائحة(1/205)

وله مضمنا الشطر األخير:أيها اإلنسان ال تجنح إلى ... طرقات الغي والزم ورعكوافطم النفس عن الشر تجد ... كل خير ترتجيه تبعكوبحال الفقر أو حال الغنى ... كن مع الله تر الله معك

وسمع يوما شاكر بك يدق العود فاستفزه الطرب فقالبديها:

بشاكر هذا العصر طابت نفوسنا ... وثغر ألهنا أمسى بهيتبسم

ترى كل عود من جماد وعوده ... يحس وعن سر القلوبيترجم

وللشيخ القاسم الكستي عدة أراجيز طويلة حسنة منها أرجوزة تنيف على مائة بيت وصف فيها مكارم األخالق في

النساء الصالحات. ومن أراجيزه الحكمة قوله: لم يخل في الدنيا كريم من أذى ... ولو توارى في مغارات

الخفاومن يظن أنه يبقى بها ... وإنه منها يفوز بالمنى

وإن يكون ناجيا من ضرها ... فقل له أخطأت يا هذا الفتىفتانة تضحكنا لكنها ... تخرج من أعيننا الضحك بكا

فلم نجد لعفوها سبب ... وال لدائها سوى الصبر دوا ونظم أرجوزة فكاهية وصف فيها الملوخية على سبيل

المداعبة:سبحان من أنبت في الوجود ... حشيشة كجوهر العقود

وقد سقاها من غيوث الرحمة ... فحملت لكن ثمارالحكمة

هي الملوخية ذات الشهرة ... ومن بها المعسور يلقىيسره

بحسنها كل النفوس ابتهجت ... وألسن الناس بها قدلهجت

كم هطلت من فوقها الغمائم ... وصبغت بلونها العمائموكم مشى يأكلها كسيح ... وصح من ترياقها جريح

جين ... تظهر كالصبح لذي عينين خيوطها بيضاء كاللفاقت على الريحان بالروائح ... صالحة لمدح كل مادح

ها قد نبتت في اللد ... يشمها من في بالد الهند لو أن(1/206)

يحرسها الناطور في البستان ... خوفا عليها من يد الزمانبخارها يصعد بالهباء ... كمصعد البالون في الهواء

ما كأنها قد نزلت من السما ... فأصبح الكون بها منس وطعمها يجلب لإلفهام ... بسكره حالوة المدام

اسة األعطاف في الرياض ... يأكلها كل شريف راض ميعنها سلوا مصر وتلك الخطة ... فإنهم أدرى بهذه النقطة

إذ عندهم لها اعتبار زائد ... وقدرها تسمو به الموائدترى عليها كثرة المالعق ... تقرع باألسنان كالصواعق

إن ملئت بها بطون القصع ... تشرقها األبصار قبل المبلعوترجمت عنها فحول المغرب ... فملئوا بها بطون الكتب

وخصها بالذكر أفالطون ... وقال منها يصنع المعجونكانت للقمان الحكيم مأكال ... وجوفه لها استقر منزال

وكان يوصي سائر األطبا ... بقراط أن يستعملوها شرباكذا ابن سينا قال في القانون ... ال تبخلوا بها على البطون

وهي طويلة تفنن فيها الشاعر ما شاء ومن فكاهاته ما رثى به طائرا من نوع الكنار مات ألحد أصحابه فقال

يعزيه:نه من أحسن األطيار يا صاحبي عزيت بالكنار ... فإ

قد صدحت بمدحه األخبار ... وحمدت لذاته اآلثار ولم تقصر في أداء ما وجب ... من حقه وقمت بالذي

طلبمن أمه كنت عليه أشفقا ... ومن أبيه يا رفيقي أرفقاه ه ... لكن رماه ريشه بعل ما مات من جوع وال من قل

ال يرتجي لدائه شفاء ... والموت إن حل فما الدواءعليه ال تحزن وكن صبورا ... والتزم الشكر تكن مأجورا

لو كان يفدى بالنفيس الغالي ... فديته من طارق الليالي لكن إذا ما حادث الموت نزل ... ال ينفع الحزم وال تغني

الحيلعوضك الرحمن عنه طيرا ... يكون بالتغريد منه خيرا

(1/207)

فما رأينا قبله من طائر ... يشنف األسماع بالجواهريغني عن المدام والنديم ... إذا شدا بصوته الرخيم

بما استغني عنها إن أين الكمنجا منه صوتا إن شدا ... وربدا

فيا له من طائر صدوح ... يدعو إلى الغبوق والصبوحجين وهو بالحسن ذو ذنب فاق ولله العجب ... على الل

ذهبين بالتاج كالطاووس ... ملون الرداء كالعروس مز

لله حسن ذلك المنقار ... من ذهب قد صيغ ال من قارقد كان في الدنيا من الزهاد ... مالزم الخلوة بانفراد

وعاش محبوسا ولم يشك الضجر ... حتى أباده القضاءوالقدر

فإنني أهدي إليه الفاتحة ... وإن يكن من الطيور الصادحة

عبد السالم الشطي واشتهر في طرابلس الشام قبل هؤالء بزمن قليل الشيخ

عبد السالم بن عبد الرحمن المعروف بالشطي الدمشقي. وأصل أسرته من بغداد وولد هو بدمشق سنة

( ثم درس العلوم الدينية والفقهية على1840 )1256 علماء الفيحاء وتعبد على الطريقة القادرية وكان صبا لآلداب مشهورا بفرط الذكاء وحسن النظم غلب على شعره اللطف والعذوبة. وله ديوان بهمة حفيده محمد

. وقد سافر المترجم إلى بالد1324جميل الشطي سنة

ووجه عليه1293الروم مرتين ودخل القسطنطينية سنة تدريس أدرنه وخصص له راتب سنوي من الصرة

محرم سنة11السلطانية. توفي فجأة في دمشق في ( . ومن شعره ما1878 )منتصف كانون الثاني 1295

قاله في وصف بيروت وتهنئتها بسحب ماء نهر الكلبإليها:

ام طاب بيروت أني في هواها أرغب ... من ثغرها البسالمشرب

يا حسنها من بلدة قد خصها ... رب العباد بما يسرويطرب

بين البالد بديعة فكأنها ... شمس على أفق العلى ال تغربيا طالما قد زرتها فوجدتها ... ظمآنة من حرها تتلهب

حيرانة حار الطبيب بدائها ... ودواؤها قد عز فيه المطلبفا ... من فقدها ما تشتهيه تشكي وتبكي حسرة وتأس

وتطلب من بعد ذاك أتيتها فوجدتها ... تحتال من عجب وذيال

تسحب(1/208)

فسألتها عن حالها فتبسمت ... وانهل من فيها فراتأعذب

فاستيقنت نفسي ببرد حميمها ... فغدوت في نعمائهاأتغلب

وأتيت في هذا النظام مهنئا ... إذ جاءهم هذا الطهورالطيب

ورجوت من فضل اإلله دوامه ... في كل حين دائما اليسلب

وكتب رقعة دعا بها بعض أصحاب الفضل من أصدقائه:يا سادة في دورهم ... تسللت قوم كرامينوا بجمعهم ... ليل الشتا في كل عام وز

عوا بقربهم ... صديقهم عبد السالم ومتم إنه ... يحظى بكم على الدوام إذا أردت

أعطوه منه موثقا ... بخطكم على الكالمفي ليلة لطيفة ... في داره لكم تقام

ويرتجي من فضلكم ... أرخ به الدور ختام( وقال مستغفرا عن ذنوب شبابه:1289)

يا رب أن العبد عبد مذنب ... وهو فقير ما له عنك غنىقد قطف اللذات في شبابه ... بجهله فاغفر له ما قد جنى

محمد الميقاتي وفي هذا الوقت عرف شاعر آخر فاضل وهو الشيخ محمد

أفندي ابن عبد القادر اليقاني وكان طرابلسيا أديبا له (1884 )1302النظم الرائق فجمع شعره بعد وفاته سنة

األديب عبد الحميد بن محمد حبلص أحد مواطنيه وطبعه ودعاه ديوان1304في بيروت في المطبعة األدبية سنة

حسن الصياغة لجوهر البالغة. فمن قوله يعاتب الدهر: الدهر شيمته يبدي لنا العجبا ... فال تكن من فعال الدهر

معتجبا وال تثق بشراب منه وقت صفا ... فيستحيل سرابا صفوه

وهباك ما يوليك من منح ... فغلبها محن تزكو به لهبا وال يغر

إن يسمح الدهر يوما يسترد غدا ... أو يحسن الدهر يوماباألسى انقلبا

هيهات يجدي الفتى من دهر مهرب ... ولو سما فوقأفالك السما هربا

(1/209)

فالصبر أجمل بالحر الكريم على ... ما خصه قلم األقدارأو كتبا

نني قاتل أما له أو أبا ما لي وللدهر يرميني بكلكه ... كأ وياله من زمني كم ذا يقابلني ... من جوره باألسى وياله

واحربا أهل البسيطة قد أثنت على أدبي ... وأذعنت لي بأني سيد

األدبا ودأب قومي معاداتي ومنقصتي ... وال أرى لي ذنبا ال وال

سببا ال ذنب لي غير أني فقتهم شرفا ... وإنني فقتهم بين

الورى رنباهم قابلوا فضلي بما ني ال أقال الله عثرتهم ... لو أن ما ضر

وجباوله مؤرخا دارا بناها آل كتسفليس في طرابلس:

لكم ألهنا يا آل ك ... فليس يا أهل المآثرجددتم فوق العلى ... بيت المكارم والمفاخر

ة فيه سافر بيت لحسن بنائه ... بدر المسرقد شاده اسكندر ... من فضل في الناس ظاهر

والسعد حول رحابه ... بالعز واإلقبال دائروفم السعادة قد غدا ... أرخ له بالشكر فاغر

( وقال مخمسا:1868) لمن أشتكي ضعفي وضنكي وشدتي ... ومن يشف

أسقامي ويرحم لعبرتي لجأت فما لي غير ذل مقالتي ... إلهي بتقديس النفوس

الزكيةية وتجديدها من عالم البشر

وبالنور سر الكائنات ومن دنا ... إليك مقاما لن يحيط بهاسنا

وناديته هاأنت حبي وهاأنا ... أزل عن فؤادي ما أالقي منالعنا

ة فإني قليل الصبر عند البلي

عبد الفتاح الالذقي ونبغ في الالذقية في الوقت عينه شاعر متفنن أبو الحسن

عبد الفتاح ابن مصطفى بن محمد المحمودي الالذقي ( ونظم الشعر في1842 )1258العطار كان مولده سنة

سبابه ثم جمعه في ديوان ودعاه )سفير الفؤاد( فطبعه (1880 )1297في بيروت في مطبعة جمعية الفنون سنة

وجعله أربعة أركان في المدائح(1/210)

والتوسالت ثم في امتداح السادات ثم في التهاني والمراثي وأخيرا في القدود والموشحات. فمن ذلك قوله

مبتهال إلى الله عز وجل: شكوتك فاقاتي وأنك تعلم ... بحالي ونار الفقر في القلب

تضرم وللخلق ال أشكو افتقاري وفاقتي ... فمن يشك للمخلوق

ال شك يندمفجد برزق يمأل القلب عفة ... فجودك لي عز وكنز ومغنمية وإال فصبرني على ما قسمت لي ... فأمرك يا رب البر

مبرم وكتب إلى نائب الحكمة فيض الله أفندي عن لسان شيخ كان خدم جبل الريحان وصلى في أهله فلم يعطوه حقه

من الموسم: أخا األفضال فيض الله يا من ... حوى المجد المؤثل

واللطافهفناقل شقتي هذا فقير ... وموصوف بأنواع العفافه

لقد صلى بأقوام إماما ... وفي محرابهم جعل اعتكافهى ... وكم قد سار مع بعد وفي شهر الصيام فكم تعن

المسافهلقد جحدوا إمامته وجادوا ... له بالهزل جدا والكثافه

وما جادوا له أبدا ببئر ... وال عملوا له أبدا ضيافه وقد حرموه من أكل المحاشي ... ومن أكل القطائف

والكنافهفهم قوم لقد مكروا بهذا ... وليس لهم من المولى مخافهته إليكم ... وفي انتظاركم يرجو انتصافه وقد رفعت قضي

إنما األفضال فانظر أمر هذا ... فعين العدل لم تنظرخالفه

فهذا قد أضيف إلى عالكم ... وحاز الفخر في تلك اإلضافه:1279ومن محاسن شعره قوله في مولود سنة

أهال به من قادم ... في كل جاه جاهرها ال ... خل الفخيم الفاخر بشراك فيه أي

فاهنأ به ألنه ... نعم الغالم الناضربيت ألهنا والسعد فيه م ... كل عام عامر

والعز فيه قد نما ... والبشر فيه ظاهر(1/211)

والفخر نادى منشدا ... أرخ غالم باهر(1279)

أحمد فارس الشدياق 1804كان مارونيا لبناني األصل مولده في عشقوت سنة

فسكن1809ثم انتقل إلى والديه إلى ساحل بيروت سنة الحدث ودرس مبادئ العلوم اللسانية في عين ورقة ثم

قصد القطر المصري فأتقن فيه العربية وجعل يكتب في أول جريدة ظهرت هناك أي الوقائع المصرية وفي السنة

دعاه المرسلون األمير كان إلى مالطة وولوه إدارة1834 مطبعتهم فتظاهر بالدين البروتستاني وخدم الرسالة

األميركية بنشاط وطبع في مالطة بعض مصنفاته وألف هناك كتابه الموسوم )بالواسطة في معرفة مالطة( ثم

تجول مدة في أنحاء أوربة وخصوصا في فرنسة وإنكلترا فأكرم أهل تلك البالد مثواه وصنف حينئذ كتابه الفارياق الذي لم يرع فيه جانب األدب وشفعه بكتاب آخر أجدى

نفعا وأصوب نظرا دعاه )كشف المخبأ عن أحوال أوربا( واشتغل في لندرا في تعريب ترجمة التوراة فزادت بذلك

شهرته. ولما جاء باي تونس أحمد باشا زائرا مدينة باريس مدحه الشدياق بالمية جارى فيها المية كعب ابن زهير فأعجب من حسن نظمه ودعاه إلى خدمة دولته في

تونس فلبى دعوته ورحل إلى المغرب وكان هناك يحرر جريدة الرائد التونسي. وفي مدة إقامته في تونس سؤل إليه أعيانها بأن يعتنق الدين اإلسالمي فجحد البروتستانية

طبعا بالمناصب كما جحد الكثلكة طمعا بالمال. وفي ( طلبته الصدارة العظمى إلى1857 )1274السنة

اآلستانة وعهدت إليه تصحيح مطبوعاتها بضع سنوات. ( جريدته الشهيرة1860 )1277وهناك باشر السنة سنة بإنشائه وإنشاء ولده سليم23بالجوائب فظهرت

فأبطلت وحصلت بينه وبين شيوخ1884إلى السنة اإلسالم منافرات فنسبوه إلى المراء في دينه الحديث.

وكانت وفاة أحمد فارس بعد ذلك بثالث سنوات توفي في

ثم نقلت رفاته إلى لبنان كما أوصى1887اآلستانة سنة قبل موته فرثاه شعراء زمانه. وقد هجاه بعض مواطنيه

بهذا التاريخ: يا من رحلت إلى الجحيم مسوكرا ... لم يبق بعدك

للسفاهة باق ناداك إبليس الرحيم مؤرخا ... هنئت بأحمد فارس

الشدياق وقد أخبرنا الشيخ المرحوم ظاهر الشدياق أحد انسباء

أحمد فارس أن المترجم قبل(1/212)

وفاته طلب أحد كهنة األرمن الكاثوليك واعترف لديه بخطاياه ومات على الدين المسيحي كما شهد ذلك خليل

أفندي يعقوب الذي حضر وفاته وكان يصحبه منذ سنين عديدة. وكانت امرأة فارس الشدياق من بيت صوال تدعى

وردة. وألحمد فارس مؤلفات جليلة غير التي ذكرناها أخصها سر

الليال في القلب واإلبدال على شكل معجم لم يتمه. وكتاب منتهى العجب في خصائص لغة العرب أتلفه

الحريق قبل أن يطبع. ثم الجاسوس على القاموس انتقد فيه على القامو الفيروزابادي. وكتاب غنية الطالب ومنية

الراغب. وكتابان في تعليم اللغتين اإلنكليزية )الباكورة الشهية( واالفرنسية )السند الراوي( وردود على انتقادات

الشيخ إبراهيم اليازجي اللغوية. وبهمة المترجم طبعت في مطبعة الجوائب عدة كتب أدبية قديمة استخرجها من مكاتب اآلستانة فنشرها بالطبع بالحرف االسالمبولي

المشرق. ومن مآثره أيضا عدة قصائد ومنظومات طبع

. فمن أقواله1291 صفحة سنة 219منها نبذة في الحسنة ما وصف به الحرب السبعينية بين فرنسة

وألمانية. وهذا مطلع تلك القصيدة التي تزيد عن مائةبيت:

أصيبت فرنسا بالرجال والمال ... فيها ويحها من بعد عزوإقبال

أعدت جيوشا للقتال وجهزت ... بوارج حرب في البحاركأجبال

وقالت إلى برلين يا جندي انفروا ... فتلك التي قد كدرتصفو أحوالي

وتلك التي قد زاحمتني على العلى ... ولم تك قبل اليومتخطر بالبال

وصولوا على جرمانيا كلها فقد ... أراها بدا منها تحاولإذاللي

فلي قيصر قرم جليل تهابه ... جميع ملوك األرض هيبةزئبال

إذا أنذر األمالك حربا تزلزلت ... ممالكهم من بأسه أيزلزال

وقال في مطاردة األلمان لنابوليون وفي موقعة سيدانوخلع اإلمبراطور:

فطارده جيش العدو معقبا ... قولي إلى شالون يمزعكالرال

ومنها إلى سيدان بالجيش كله ... عقيب معاناة وبؤسىوآجال

وذلك حصن عند بلجيك حوله ... ربى وتالل حبذا الوزرالعالي

ولكنهم ناءوا سفاها عن الربى ... فحلت بها الجرمان مندون إمهال

(1/213)

دى ... بترميل أزواج وتيتيم هنالك عم الويل والشر والرأطفال

وتبضيع أراب وتقطيع أوصال ... وتفليق هامات وتدميرأطالل

وبز تهم الجرمان فاستسلموا لهم ... ثمانين ألفا أويزيدون في الحال

فلم يبق من ذا الجيش أجمع راجل ... وال فارس فالجومن ذكرهم خال

فلما درت باريس ذا الخطب أعولت ... وضجت وباتت فيشجون وولوال

ية ... بإهالك أجنادي وإتالف وقالت منتني دولة قيصرأموالي

ية ... تسدد أعمالي وتصلح أحوالي وإن صالحي دولة جمهر فنادت بخلع اإلمبراطور وابنه ... وثارت ألخذ الثار ثورة

قسطال وختمها بهذا البيت الحكمي المقتبس من المزامير وهو

نعم ختام: إذا لم يكن للمرء من ربه هدى ... فال شيء يهديه من

القيل والقال

محمد سليم القصاب ومن فرسان حلبة األدب بين مسلمي الشام في ختام

القرن التاسع عشر الدمشقي محمد سليم بن أنيس الشهير بالقصاب. طبع له ديوان حسن في دمشق في

( فمن أقواله1881 )1298مطبعة الجمعية الخيرية سنة الجيدة ما قاله من قصيدة في السيد عبد القادر الجزائري

وأوالده:لما بأرض الشام حل ركابه ... ناديتها باهي البالد وفاخري

أمنوا بنا فاليوم سباق أصبحت ... دار الخالفة وهو عبدالقادر

يا دوحة طابت مغارسها فلم ... تثمر سوى ليث وشبلكاسر

من كل شهم في األنام محمد ... يعنو إلى علياء كلمفاخر

موالي محي الدين مصباح الهدى ... ذاك العلي الشأنأحمد شاكر

هم لما تبدوا حوله ... أقمار تم حول بدر سافر فكأنأكرم به فرعا يفاخر فرعه ... بأصوله فلك السماء الدائر

ال زال في أوج المعارج نجمه ... يسمو بمجد ما له منآخر

وقال في جنينة شادها مدحت باشا ألهل دمشق دعاها:1296جنينة الملة سنة

هذه غرفة أنس أزلفت ... في ربى الشام تسر الناظرين قد بدت أزهارها تثني على ... مدحت العليا وصدر

األعظمين(1/214)

اء قل ... فادخلوها بسالم آمنين ة الغر شادها للمل ومن رثائه قوله في وجيه قومه حسين بيهم لما توفي في

:1298بيروت سنة هوى الكوكب الدري من أفق العلى ... فجر القضا ذيل

الظالم وأسبال مصاب كسا بيروت برد حدادها ... وحق لها بالحزن أن

تتسربال فما كان إال روحها وحياتها ... وقد أصبحت من بعده جسدا

بال.. عفاف وحلم وافتخار ورفعة ... وجود حكى فيض السحاب

ترسال أقيموا بني اآلداب واجب نعيمه ... فلم يبق ما النفس أن

تتعلالوختم المرثاة بقوله:

فلما دعاه الله جل جالله ... إلى جنة الفردوس ليس مهلال فقال بشير العفو تاريخه زها ... حسين المعالي قر في

جنة العالومن محاسن وصفه قوله في وطنه الشام:

ة األمصار ... تزهو بغوطتها على األقطار ما الشام إال جنور فيها حصباءها الدر النضيد وتربها م ... الكافور والبل

جاري فيها الرياض الراهرات محاسنا ... فانهض بنا ننشق شذا

األزهارى في على قد هب فيها الريح يرقص غصنها ... والطير غن

األشجارها ... ذوب اللجين بجدول األنهار وتفجرت فيها المنابع إن هي موطني دون البالد وبغيتي ... فيها انتعاشي وانقضا

أوطار

السيد محمود حمزة الحسيني هو العالم الدمشقي العريق النسب من عائلة أصلها من حران ترقي نسبها إلى الحسين. كان مولده في دمشق

(1887 - 1820 )1305 وفيها توفي سنة 1236سنة واكب منذ صغره على العلوم اللغوية ثم انقطع إلى العلوم الفقهية فأصبح فيها إماما ومعظم مصنفاته في الدين وفي

كل أبواب الشرع إال القليل منها كإعالم الناس والبرهان على بقاء دولة آل عثمان. وله قصائد حسنة وقد شرح

بديعية لوالده وعرف بحسن الخط. وكان السيد محمودرجال مهيبا جليل

(1/215)

القدر كريم الطباع تولى اإلفتاء في دمشق دهرا طويال 1860وقد أظهر نحو المسيحيين في نكبة دمشق سنة

مروءة أجازته عنها الدولة الفرنسوية بهبة سنية. وقد اجتمعنا مع السيد محمود في دمشق غير مرة فلقينا منه شيخا واسع المدارك غزير اآلداب. وله في تقريظ كتابنا

مجاني األدب رسالة تنبئ بحسن ذوقه وتقديرهللمشروعات األدبية. وفيه يقول محمد القصاب بمدحه:

مفتي األنام سليل المجد ملجأنا ... تاج الفخام فخار الفخرذو الهمم

ماضي العزائم ال ند يضارعه ... باألمر والنهي واإلحسانوالكرم

بحر المعارف باألمواج زاخره ... يلقي لنا جوهر اإلرشادوالحكم

في كل فن له باع يصيد به ... ما شت إدراكه عن حاذقفهم

األمير عبد القادر الجزائري ونظم إلى أدباء إسالم الشام في آخر القرن التاسع عشر

حسينيا آخر عاش زمنا طويال في دمشق وإن لم يكن أصله منها نريد السيد األجل واألمير العظيم عبد القادر

الجزائري فإنه وإن كان من رجال السيف إال أنه كان أيضا

من فرسان القلم. كان مولد هذا األمير في القيطنة من م(1807 )1222قرى أيالة وهران في بالد الجزائر سنة

درس العلوم اللسانية في حداثته على أساتذة وهران. ثم رافق والده في رحلته إلى الحجاز والشام والعراق وعاد إلى وطنه فعكف على العلوم الخاصة كالفلسفة والفلك

1830والتاريخ حتى حمل الفرنسيس على الجزائر سنة تالفيا إلهانة لحقت هناك بسفير ملكهم كرلوس العاشر واحتلوا جهاتها. فانتشبت الحرب بين أهلها والفرنسيس

وبايع الجزائريون لألمير عبد القادر فقاموا معه قيام األبطال للدفاع عن أوطانهم. وكانت تلك الحرب سجاال

تارة لهم وتارة عليهم ودامت خمس عشرة سنة ألجأ األمير بعدها إلى التسليم فسلم ولقي من الفرنسويين كل

احتفاء ورعاية وجعلوا له راتبا سنويا ثم تنقل مدة في مدن فرنسا وغيرها إلى أن اتخذ له دمشق سكنا في

م( فطبت له هناك السكنى1855 )1271أواسط سنة ( .1883 )حزيران 1300 رجب سنة 19وفيها توفي في

ومن مبراته جازاه الله خيرا دفاعه عمن احتمى في داره وكان عددهم1860من نصارى دمشق في مذابح سنة

نحو أربعة آالف. وكان األمير عبد القادر مغرى بالعلوم محبا للعلماء يعظمهم ويحسن إليهم. قيل إنه كان يبلغ مايوزع عليهم وعلى الفقراء مائتي ليرة في كل شهر. وله

(1/216)

تآليف مفيدة في التصوف وعلم الكالم وبعض كتب أدبية (1854 )1271منها )ذكر العاقل وتنبيه الغافل( أتمه سنة

.G. وقد نقله إلى الفرنسوية المستشرق غوستاف دوغا )Dugat وكان لألمير1858( فطبعه في باريس سنة

سليقة جيدة في نظم القريض. ومن قصائده راثية أولها: أمسعود جاء السعد والخير واليسر ... وولت ليالي النحس

ليس لها ذكر ومنها قصيدة حماسية كان يتمثل في معارفه بأحد أبياتها

الفخرية: ومن عادة السادات بالجيش تحتمي ... وبي يحتمي جيشي

وتحرس أبطالي ومن أبياته الفخرية قوله يذكر فيها أحد أيامه لما حارب

الفرنسويين:ونحن لنا دين ودنيا تجمعا ... وال فخر إال ما لنا يرفع اللوا

ية ... تسامت وعباسية مجدها احتوى ية قادر مناقب مختار فإن شئت علما تلقني خير عالم ... وفي الروع أخباري

غدت توهن القوى ونحن سقينا البيض في كل معرك ... دماء العدى لما وهت

منهم القوى ألم ترى في خنق النطاح نطاحنا ... غداة التقيناهم شجاع

لهم لوى وكم هامة ذاك النهار قددتها ... بحد حسامي والقنا طعنه

شوى وأشقر تحتي كلمته رماحهم ... ثمان ولم يشك الوحي بل

وال التوى بيوم قضى نحبا أخي فارتقى إلى ... جنان له فيها نبي

الرضى أوى فما ارتد من وقع السهام عنانه ... إلى أن أتاه الفوز رغما

لمن عوىومنها في وصف الحرب:

وأسيافنا قد جردت من جفونها ... وال رد إال بعد ورد بهالروى

ولما بدا قرني بيمناه حربة ... وكفي بها نار بها الكبش قد

ثوى فأيقن إني قابض الروح فانكفا ... يولي فوافاه حسامي

بما هوىة ... وقد وردوا ورد المنايا على شددت عليهم شدة هاشمي

الغوى وقد مدح الشعراء األمير عبد القادر بقصائد يبلغ مجموعها

كتابا ضخما. ومما(1/217)

قيل فيه ألحدهم: بحر المعارف والعوارف والندى ... ذو الحكمة العليا

الكريم العنصر مولى يتيه به الزمان وحسبه ... أن لم يفز بنظيره مذ

أعصر وفي طرابلس الشام قضى نحبه في العقد األخير من

م( .1892هـ )1210القرن التاسع عشر نحو

الشيخ محمد الشهال الطرابلسي كان له في نظم الشعر حظ وافر سلك فيه منهج الرقة واللطف. فجمع ابنه عبد الفتاح قصائده في ديوان دعاه )عقد الآلل من نظم الشهال( وطبعه في طرابلس سنة

هـ. فمن حسن أقواله ما قاله مراسال بعض1312أصدقائه:

متى يجمع الرحمن شملي بمنيتي ... وأحظى بطيبتي الوصل بعد تشت

أأحبابنا كم ذا أبث شكايتي ... ولم تسمعوا دعوى حليفالمحبة

قضى الله بالهجران بيني وبينكم ... فيا ليت قبل الهجرتي كانت مني

تحجبتم عن ناظري وشخصكم ... مقيم بقلبي أينما كانوجهتي

وذكركم ما زال وسط ضمائري ... يخامر في كل يوموليلة

فتم جفوني قريحة ... فباهت بأسرار الشجون نأيتم فخلالخفية

عسى الله أن يمحو دحى البعد باللقا ... ويجمعني فيهبأحسن حالة

وقال يهنئ أحد أصحابه بقدومه إلى الفيحاء بغتة: خليل العلى والمجد عن غير موعد ... لقد واصل الفيحا

فطابت به نثرا وأضحى لسان العز عند قدومه ... ينادي لقد وافى الخليل

فيا بشرى وممن يجب نظمه بين شعراء أواخر القرن التاسع عشر

)الشيخ محمد الهاللي( هو محمد بن هالل بن حمود م( والمتوفى في1819 )1235المولود في حماة السنة

( نشأ بحماة ودرس1894 )حزيران 1311 ذي الحجة 29 على علماء أهل ملته العلوم الدينية ثم انقطع لدرس

اآلداب ونظم الشعر فقصد القصائد على نمط ذلك العهد ومدح كثيرين من وجهاء بالده ثم ارتحل إلى دمشق سنة

م( فاستوطنها ونعم في سكناها وأنس1881 )1298بأهلها وعاشر أدباءها وكرام أهلها وأمراءها

(1/218)

فنال الحظوة من فضلهم ولم يزل في هناء عيش إلى وفاته في الفيحاء فقال الشيخ عبد المجيد الخاني يؤرخ

سنة موته: لقد توفي الهاللي سيد الشعرا ... وكوكب األدب العالي

الذي اشتهرا فال غريب إذا نادى مؤرخه ... أال توفي الهاللي سيد الشعرا

(1311) وقد جمع بعض مواطنيه ديوانه فطبعوه في حماة سنة

وقسموه أبوابا على حسب معاني الشعراء من1329 مديح وتهاني ورثاء وتواريخ. فمما قاله لما هاجر من حماة

إلى دمشق بأهله يستمنح فضل األمير السيد عبد القادرالجزائري:

هاجرت من بلدي بأهلي غازيا ... بعساكر اآلمال خير همام ورميت سهم الظن عن قوس الرجا ... طمعا وحاشا أن

تطيش سهامي وبجيش فقري قد أتيت إلى حمى ... أغنى وأندى كل بحر

طامي مستمطيا حسن الطوية راكبا ... فرس الفراسة ناشرا

أعالميمستبشرا من سيدي بعناية ... عني يزول بها عناه أوامي

موالي عبد القادري الحسني الذي ... في ظل نعمتهنصبت خيامي

الكاشف الفاقات ماحي ليلها ... بسناء صبح الجود واإلنعام ة قربه ألفوز من ... مأوى مكارمه بدار سالم وافيت جن

ولما أؤمل من عوائد فضله ... طال انتظاري في دمشق الشام

ماذا جوابي إن رجعت إلى حما ... ة بزوجتي من بعد غربة عام

فأمر له األمير بجائزة سنية. ومن ظريف قوله يؤرخ إنشاء

:1304سبيل في دمشق سنة بادر ألعذب سلسبيل فيه ما ... بمعينه يشفي العليل من

الظمألله فاعل خير فعل دائم ... لينال من مواله أجرا أعظما حوض لوارده الصفا منه شدا ... أرخ وناد أسق العطاش

ما تكر:1880وقال أيضا مؤرخا وفاة والده هالال سنة

ذا إلى النعيم المآل لنعم عقبى الدار دار البقا ... وحبيا زائرا هذا الضريح الذي ... حوى هالال فاز باالنتقال(1/219)

لنصف ذي الحجة قل أرخوا ... عاما به آن غياب الهالل

أدباء مصر لم يبلغ أدباء مصر من المسلمين في ختام القرن التاسع

عشر ما بلغه ذوو دينهم في الشام وأشرنا إلى سبب ذلك في ما تقدم على أن مدرسة األزهر بعد االحتالل اإلنكليزي

كانت ال تزال ضابطة لرئاسة تعليم العربية نائلة لقصبات السبق في القطر المصري على الرغم مما أصابها من التأخر في ذلك الزمن كما أقر به أرباب األمر ومن ثم

( مجلسا ليتدارك الخلل في1894 )1212أنشئوا سنة ذلك وتصلح طرق التعليم.

وممن نالوا بعض الشهرة في أواخر القرن التاسع عشر من شيوخ األزهر وأساتذته الشيخ )مصطفي العروسي(

( رئاسة األزهر وله1287 - 1281الذي تولى ست سنين ) ما خال الكتب اإلعتقادية أحكام المفاكهة في أنواع الفنون

( . ومنهم الشيخ1876 )1293والمتفرقات توفي سنة

(1828 )1244)محمد المهدي العباسي( ولد سنة واشتهر في العلوم الدينية وصارت إليه رئاسة اإلفتاء في الديار المصرية مع شياخة اإلسالم واختارته عمدة األزهر

1299 إلى 1287لمشيخة تلك المدرسة فتقلدها سنة 1897 )1315وعاش إلى سنة ( قال بعضهم مؤرخا

لوفاته: عليه دمع الفتاوى بات منحدرا ... وللمحابر حزن ضاق عن

حد فيها المسائل قد باتت تؤرخه ... مات المجيب اإلمام

المقتدى المهدي ومن تآليفه الفتاوى المنسوبة إليه المعروفة بالفتاوى

المهدية في الوقائع المصرية ومنهم الشيخ )محمد األنبابي( ألف عدة كتب في الصرف والنحو وآداب البحث وقد تخرج على يديه كثير ممن تصدروا للتدريس. وتولى

ووفاته سنة1240مشيخة األزهر مرتين. كان مولده سنة 1313( 1824 - 1896. )

ومنهم )الشيخ عليش( أحد مشايخ السادة المليكة في )1299 وبها توفي سنة 1217مصر ولد بالقاهرة سنة

( اشتغل بالعلم في األزهر حتى أدرك1882 - 1802 الجهابذة وأخذ عنه جل األزهريين له تآليف عديدة في الفقه والبيان والمنطق وكتاب مواعظ. نكب في آخر

حياته بسبب الثورة العسكرية العرابية. ومنهم )حسين بن أحمد المرصفي( كان مكفوفا وبلغ

باجتهاده إلى أن يدرس في األزهر ومن تآليف الوسيلةاألدبية في العلوم العربية والكلم الثمان في األدب توفي

(1/220)

م( .1889 )1307سنة واشتهر غير األزهريين رجال يعدهم المصريون كأركان النهضة العلمية في وطنهم في العشرين األخيرين من

القرن السابق نختصر هنا أخبارهم.

عبد الله باشا فكري هو أحد نوابغ الناشئة المصرية في القرن األخير ولد في

مكة إذ كان أبوه محمد مرافقا في الحجاز للجنود المصرية ( ثم نشأ في مصر وشاب في حضانة1834 )1250سنة

المعارف حتى تضلع في كل علم. وقلدته الحكومة المصرية للمناصب الجليلة كنظارة المدارس ووزارة

المعارف. وكان سار معها في رفقة الخديوي إسماعيل ثم عهد إليه تهذيب ولي1861باشا إلى استنبول سنة

العهد محمد توفيق باشا مع أخويه الحسن والحسين فقام بتلك المهمة أحسن قيام. ولما ولي نظارة المعارف سعى

في تنظيم الدروس وصنف للدارسين كتبا يدرسون فيها ومن خدمه الطيبة أنه لم يزل يحض الحكومة حتى أنشأت

المكتبة الخديوية التي تعهد من أغنى الخزائن الكتبية بالمخطوطات والمآثر العربية. ولما حدثت الثورة العرابية

ألقي القبض على عبد الله باشا فكري وبقي1882سنة مدة تحت االستنطاق إلى أن عرفت برارته وبرئت ساحته

وكان الخديوي قد قطع معاشه فكتب إليه من قصيدة: مليكي وموالي العزيز وسيدي ... ومن أرتجي آالء معروفه

العمرا لئن كان أقوام علي تقولوا ... بأمر فقد جاؤوا بما زوروا

نكرا فما كان لي في الشر باع وال يد ... وال كنت من يبغي

مدى عمره الشرا فعفوا أبا العباس ال زلت قادرا ... على األمر أن العفو من

فادر أحرى وحسبي ما قد مر من ضنك أشهر ... تجرعت فيه الصبر

أطعمه مرا يعادل منها الشهر في الطول حقبة ... ويعدل منها اليوم

في طوله شهراني ... أكابد في أيامك البؤس أيجعل في دين المروءة أن

والعسرا فما لبث أن أعاده الخديوي إلى مقامه السابق فقال

يشكره من قصيدة طويلة: أال أن شكر الصنع حق لمنعم ... فشكرا آلالء الخديوي

المعظم مليك له في الجود فضل ومفخر ... على كل منهل من

السحب مرهم سأشكره النعماء ما عانقت يدي ... يراعي أو استولى

على منطقي فمي فال زال محروس الحمى متمتعا ... مع الخيرة األشبال في

خير أنعم(1/221)

وتجول عبد الله باشا بعد ذلك في جهات الحجاز والشام. 1888ولما عقد في استوكهلم مؤتمر المستشرقين سنة

أوفدته الحكومة لنيابة عنها وزار معظم الحواضر األوربية وكتب تفاصيل رحلته في كتاب دعاه )إرشاد األلباء إلى

محاسن أوربا( لكن الموت عاجله فتوفي قبل إتمامه في م( فأنجزه نجله بعد وفاته. وقد1890 )1307أواخر سنة

خلف عبد الله باشا فكري آثارا أدبية جليلة كنظم الآلل في الحكم واألمثال والمقامة الفكرية في المملكة الباطنية

والفوائد الفكرية للمكاتب المصرية جمع فيه ابنه كثيرا من كتاباته وقصائده في كتاب دعاه اآلثار الفكرية )وصفناه

189( : 1898 )1في المشرق ( وكان المترجم بارعا بالنظم والنثر راسخ القدم في بالغة التعبير وكان

بالخصوص إماما في اإلنشاءات الديوانية فاستخدمه خديويا مصر سعيد باشا وإسماعيل باشا في اشتغال

الكتابة عنها باللغتين التركية والعربية إلى الملوكوالسالطين. ومن حكمه قوله:

إذا رمت المروءة والمعالي ... وأن تلقى إله العرش برا فال تقرب لدى الخلوات سرا ... من األفعال ما تخشاه

جهرا وقال يصف ثامن مؤتمر المستشرقين في استوكهلم من

قصيدة:ناد به احتفل األفاضل حفلة ... بحديثها تتقادم اإلعصار

ة معدودة ... في الدهر ال ينسى لها تذكار جمعت لثامن مرمتآلفين بعيدهم بقريبهم ... والفضل أقرب وصلة تمتار

من كل فياض القريحة ورده ... عذب وبحر علومه زخارر بالفضل مشتمل به ... منه شعار زانه ودثار ومؤز

ال زال ملك الفضل معمور الذرى ... بذويه ممدودا لهاألعمار

وكان لعبد الله باشا ولد تقصى آثار والده اسمه )أمين باشا فكري( درس الحقوق في فرنسا ثم عاد إلى بلده

فتعاطى فن الدعاوى وبرز فيه حتى رقته الحكومة ثم ولته قضاء1888المصرية إلى رئاسة النيابة سنة

محكمة االستئناف ثم محافظة اإلسكندرية حتى انتدبته لنظارة الدائرة السنية لكن الموت اهتصر غصن حياته

. ومن تركته1856 وكان مولده سنة 1899فمات سنة العلية كتب مطول في

(1/222)

جغرافية مصر والسودان. وكان رافق إياه مع الوفد المصري إلى استوكهلم عاصمة بالد اسوج فأنجز أخبار

رحلة أبيه فدعاه )إرشاد االلباء إلى محاسن أوربا( كما أنه جمع مآثره المتفرقة على ما ذكر وله أيضا فضال تقدم

رسائل وقصائد لم ينشر منها إال النزر القليل.

علي باشا مبارك هو أحد أركان النهضة المصرية ولد من عائلة فقيرة في

(1823 )1239قرية برنبال من مديرية الدقهلية سنة فتقلبت به األحوال إلى أن توفق إلى دخول مدرسة

القصر المعيني وأرسل إلى باريس فدرس فيها فن الحرب ثم ألحق بالجيش المصري وحضر حرب القريم سنة

. ثم انتدبته الحكومة المصرية لوكاالت ونظارات1854 ودواوين مختلفة أبدى في جميعها عن مقدرة عظيمة. وقد خدم اآلداب العربية بتنظيم مكاتب القاهرة والبنادر وإنشاء

مدارس جديدة أخصها مدرسة دار العلوم وفتح المكتبة الخديوية وتولى نظارة المعارف فأجرى فيها إصالحات مهمة. وفي آخر حياته اعتزل األعمال إلى سنة وفاته

( وله تآليف ذات شأن اجلها الخطط1893 )1311 التوفيقية حذا فيها حذو الخطط المقريزية فوصف الخطط

الجديدة التي أنشئت في القاهرة ومدنها القديمة والشهيرة في ستة مجلدات. ومنها كتاب نخبة الفكر في

تدبير نيل مصر وكتاب الميزان في االقيسة واألوزان وكتاب علم الدين في عدة أجزاء على طرز رواية أدبية

عمرانية أودعها كثيرا من المعارف والفنون كالتاريخ والجغرافية والهندسة والطبيعيات وغير ذلك مما قرب إلى

قرائه فهمه بمعرض شهي.

الشيخ األبياري هو الشيخ عبد الهادي نجا االبياري أحد الكتبة المعدودين في أواخر القرن السابق. ولد في أبيار في جهات مصر

( وأخذ عن والده مبادئ1821 )1236السفلى سنة اآلداب ثم حضر دروس أساتذة األزهر كالشيخ البيجوري

والشيخ الدمنهوري وغيرهما. ولم يزل يكد ويجد في تحصيل العلوم حتى نال منها ما لم ينله إال القليلون من

معاصريه فعهد إليه الخديوي إسماعيل باشا تثقيف أوالده. وتصدر للتعليم في الجامع األزهر فذاع صيته في أنحاء

القطر المصري وجعله الخديوي توفيق باشا أمام المعية (1888 )1306ومفتيها فقام بمهام رتبته إلى وفاته سنة

وكان يجله األدباء ويراسله فضالء عصره وقد جمعت مكاتباته للشيخ إبراهيم األحدب في كتاب الوسائل األدبية

في الرسائل االحدبية. ومن تآليفه الشهيرة كتاب سعودالمطالع في

(1/223)

مجلدين ضمنه كالما واسعا في ضروب العلوم العربية. ومنها كتابه نفح األكمام في مثلثات الكالم كمثلثات قطرب. وكتاب الفواكه في اآلداب. واتخذه صاحبا

الجوائب والبرجيس كحكم ليفصل المناظرات اللغوية التي قامت بينهما فكتب كتابه النجم الثاقب في المحاكمة بين

البرجيس والجوائب فنظم أحمد فارس قصيدتها الداليةالتي يقول فيها شاكرا:

أبدى لنا في مصر نجما ثاقبا ... لكن ثناه بكل مصر هاد

فيه الفوائد والفرائد فصلت ... موصولة البرهان باإلسناد إن قال لم يترك لقوال مدى ... أو صال هال وطال كل

معاد هو فيصل في الفكر يرضى فصله ... من لم يقنع من

األشهاد لواله لم يقطع لسان المفتري ... عني ولم يفصل جدال

بالدفلذاك كان على الجوائب مدحه ... حقا وإيجابا مدى اآلباد

الشيخ علي الليثي كان من أشعر شعراء العصر السابق. ولد نحو السنة

وصرف همه إلى العلوم اللغوية واألدبية فصار1830 منشئا بليغا وشاعرا مفلقا حتى نظمه أولو األمر في سلك رؤساء المعية السنية. ورافق الخديوي إسماعيل باشا في

ومدح السلطان عبد1290سفره إلى األستانة سنة العزيز. وكان األدباء يتسابقون إلى مطارحة الليثي

ويتفاخرون بمكاتبته. وقد طال عمره حتى توفي مأسوفا هـ( . وله منظومات1313 )1896 سنة 2 ك25عليه في

جمة يجمع منها ديوان إال أنها ال تزال متفرقة. فمنمحاسن أقواله رثاؤه لعبد الله باشا فكري:

قد أعدل ... غداة انتقت مولى به نذم المنايا وهي في النالفضل يكمل

كأن المنايا في انتقاها خبيرة ... بكسب النفوس العالياتتعجل

فتم لها من منتقى الدر حلية ... بها العالم العلوي أنا يهللومنها في وصف الفقيد:

لقد كان ذابر عطوفا مهذبا ... سجاياه صفو القطر بل هيأمثل

ب ... إلى كل قلب حيث رقيق حواشي الطبع سهل محب

كان مبجل كريم السجايا ال الدنايا تشينه ... عظيم المزايا إذ يقول

ويفعل(1/224)

شمائله لو قسمت في زماننا ... على الناس الزدانوا بهاوتجملوا

ل فقدنا محياه ولكن بيننا ... بديع مزاياه بها نتمث وقال يمدح السلطان عبد العزيز في عيد جلوسه سنة

1290: دع ذكرى كسرى وقصر إن أردت ثنا ... عن قيصر الروم

حيث النفع مفقود وأشرح مآثر من سارت بسيرته ... ركائب المجد تحدوها

الصناديد مولى الملوك الذي من يمن دولته ... ظل العدالة في

اآلفاق ممدود عبد العزيز الذي آثاره حمدت ... أب األلى جدهم في

المجد محمود أجاد نظم أمور الملك في نسق ... ال يعتريه مدى األزمان

تبديد وشاد فوق العلى أركانه فغدا ... له على هامة الجوزاء

تشييد فال تقسه بأسالف له كرمت ... والشبل من هؤالء األسد

مولود ففخرهم عقد در وهو واسطة ... في جيد آل بني عثمان

معقود وله الالمية المشهورة قالها بعد الفتنة العرابية مستعطفا

مستصفحا عن الجناة:كل حال لضده ينحول ... فالزم الصبر إذ عليه المعول يا فؤادي استرح فما الصبر إال ... ما به مظهر القضاء

تنزلقدر غالب وسر الحفايا ... فوق عقل األريب مهما تكملرب ساع لحتفه وهو ممن ... ظن بالسعي العلى يتوصل

السيد عبد الله نديم هو كاتب بليغ نبغ في مصر وسعى في تحرير وطنه فأنشأ

عدة جرائد سياسية كان يزرع فيها بذور آماله وينهض همم مواطنيه حتى لقب بخطيب الشرق. ولما ثارت الفتنة

العرابية نفي من وطنه ثم صفح عنه وبعد قليل اضطر إلى مغادرة بالده فتوجه إلى اآلستانة ونال الحظوة لدى السلطان وما لبث أن توفي في القسطنطينية سنة

-1844 )1261هـ. وكان مولده باإلسكندرية سنة 13141896. )

وكان عبد النديم خطيبا لسنا متوقد الذهن صافي القريحة شديد العارضة متفننا في الكتابة نظما ونثرا له ثالثة

دواوين كبيرة ورسائل وتآليف لغوية وأدبية طبع منها قسم في كتاب سالفة النديم في منتخبات السيد عبد الله نديم

وهو في نثره سهل(1/225)

العبارة قريب المعاني يتحاشى كل تصنع. فمن أقواله ماذم به الخمرة:

طاف النديم بكأسه في ألحان ... ومشى بزف البكرباأللحان

برزت تقهقه بين ندمان الطال ... فخجلت إذ ضحكت علىاألذقان

ذلت لدولة حكمها دول الورى ... من غير ما حرب والأعوانأعوان

خفت فطارت بالعقول وخلفت ... تلك الجسوم بحالةالحيران

أي المحاسن أبصروا في وجهها ... وهي العتيقة من قديمزمان

أم الخبائث بنت عسلوج الهوى ... أخت الحشائش زوجةالشيطان

من زفها من خدرها لفؤاده ... صرعته عند مزالق األطيانفها بدت ... من فيه تفضحه لدى وإذا تستر في ترش

اإلخوان وإذا مشى لعبت به عن مكرها ... فيقال هذي مشية

السكرانومن أوصافه الحسنة قوله يصف قطارا بخاريا:

نظر الحكيم صفاته فتحيرا ... شكال كطود بالبخار مسيرادوما يحن إلى ديار أصوله ... بحديد قلب باللهيب تسعرا ويظل يبكي والدموع تزيده ... وحبذا ويجري في الفضاء

ترا تستلقاه حال السير أفعى تلتوي ... أو فارس الهيجا العشيرا

أو سبع غلب قد أحس بصائد ... في غابه فمدا عليهوزمجرا

أو إنها شهب هوت من أفقها ... أو قبة المنطاد تنبذ بالعراوله في الفخر والحماسة:

إذا ما المجد نادانا أجبنا ... فيظهر حين ينظرنا حنينافإنا في عداد الناس قوم ... بما يرضي اإلله لنا رضينا

ا نهينا أن نهينا إذا طاش الزمان بنا حلمنا ... ولكنوإن شئنا نثرنا القول درا ... وإن شئنا نظمناه ثمينا

وإن شئنا سلبنا كل لب ... وإن شئنا سحرنا المنشئينا

محمد عثمان جالل (1829 )1245هو ابن يوسف الحسني الونائي ولد سنة

ودرس في صغره اللغات في مدرسة األلسن في حي1261األزبكية ثم دخل سنة

(1/226)

( في قلم الترجمة ثم انتدبته الحكومة ألشغال1844) الكتابة في وزاراتها إلى أن استوزره توفيق باشا الخديوي

واتخذه لصحبته في رحلته إلى جهات القطر المصري فكتب تأليفه )السياحة الخديوية( ثم تقلد القضاء في

وكانت1895محكمة االستئناف وأحيل على المعاش سنة . وللمترجم عدة1898 كانون الثاني سنة 16وفاته في

تآليف نقل بعضها من االفرنسية كرواية بول وفرجيني وكأمثال الفونتين نظمها بالشعر ودعاها العيون اليواقظ في األمثال والمواعظ دونك مثاال منها وهو مثل البخيل

والدجاجة:كان البخيل عنده دجاجة ... تكفيه طول الدهر شر الحاجة

في كل يوم مر تعطيه العجب ... وهي تبيض بيضة منالذهب

فظن يوما أن فيها كنزا ... وإنه يزداد منه عزافقبض الدجاجة المسكين ... وكان في يمينه سكين

ها نصفين من غفلته ... إذ هي كالدجاج في حضرته وشقتة ه ... بل رمة في حجره مرمي ولم يجد كنزا وال لقي

فقال: ال شك بأن الطمعا ... ضيع لإلنسان ما قد جمعا وكان محمد عثمان يحب اللغة المصرية العامية فنقل إليها

عدة روايات تمثيلية عن الشاعرين راسبن وموليار تصرف فيها بعض التصرف. ومن ظريف شعره قوله يمدح

:1309الحضرة الخديوية العباسية سنة من يضاهيك في العلى من بداني ... يا عزيزا له علينا يدان

يد حكم بالعدل ال يعتريها ... عارض الميل فهي كالميزانويد العطاء كالنيل قد فا ... ض بإنعامه على البلدان

وله في رثاء عبد الله باشا فكري: همام على فوق السماء بفكره ... فمن ثم سمته األفاضل

بالفكري فتى غاص في بحر المدارس رأيه ... فأخرج من حصبائه

غالي الدر وسال غدير من عذوبة لفضله ... فأنضج أثمارا على يانع

الزهر زها نجمه دهرا بمصر فلم يجد ... قرينا ولكن ال أمان إلى

الدهر(1/227)

ثالث لغات كالعرائس حازها ... بهمته ال بالجهاز وال المهر من العرب العرباء كان إذا حكى ... وحرر بالنظم البديع أو

النثرية تحفة ... بمعلومه الوهبي يحكي وكان ألهل الفارس

ليزدجر ونال بديوان المعارف رفعة ... مفضلة من فضل زيد على

عمرو فوا أسفا وأراه قبر ولو درى ... آلثر سوداء القلوب على

القبر وما مات ليث أورث الغاب شبله ... وال كان هذا الغاب

يخلو من الزأر وممن جمع في مصر بين اآلداب التركية والعربية )حسن

م(1850هـ )1266حسني الطويراني( ولد في مصر ( نشط منذ حداثته إلى1897 )1315وتوفي اآلستانة سنة

العلم واألدب حتى برز بين كتاب زمانه وقضى قسما من عمره في السياحة في أفريقية وآسية وبالد الروملي

وأنشأ عدة جرائد كالزمان واإلنسان والنيل والعدل ومجلة المعارف والمجلة الزراعية. وألف تآليف عديدة دينية

واجتماعية وأدبية بعضها تركية وبعضها عربية. وله ديوان شعر دعاه ثمرات الحياة اختار منه قسما عبد الغني

. فهذه بعض أمثال1325العريسي وطبعه في مصر سنة نقتطفها منه قال مفتخرا:

إن كنت محتقرا حالي وتجهلها ... سل عارفا عن شأنيفتعرفني

أنا الذي ما سمعت بي للخنا قدم ... وال شكا همتي منكان يصحبني

لي جانب لصديقي هين أبدا ... وجانب لعدوي ثم لم يلن ولي لسان أرى أن تبقى بضاعته ... ولي فؤاد بحب

الباقيات فنيوقال أيضا:

غيري تغيره الصروف ... وسواي تفزعه الحتوفوأنا الذي ال عيب لي ... إال اقتحامي للمخوف

ال أتقي بأس القوي ... وال يرى بأسي الضعيفحسبي يقال: سكوته ... أدب ومنطقه شريف

(1/228)

ال تقل إني صديق ... أو فالن لي صديقإنما أنت وهذا ... لرفيق في طريق

فاجتماع في اتساع ... وافتراق وقت ضيقومن محاسن أقواله:

إن الحياة وطيبها ونعيمها ... مما يؤمل في الزمان ويعشقغاياتنا فيها بداية غيرنا ... كالشمس مغربها لغيرك مشرق

وقد اشتهر في مصر غير هؤالء ممن تخصصوا ببعض الفنون ونالوا السبق في بعض األعمال فصنفوا فيها

المصنفات المفيدة. منهم )محمود باشا الفلكي( ولد سنة )1303 في مديرية الغربية وتوفي في مصر سنة 1220 ( تقلب في المناصب الخطيرة وتولى1881 - 1805

وزارة المعارف وقد عرف خصوصا بتآليفه الفلكية ورسم الخرائط وضبط التقاويم التاريخية ال سيما العربية ووصف مقياس النيل. وله أيضا بعض التآليف األثرية كرسالته في

اإلسكندرية القديمة وفي األهرام وغير ذلك وقد صنف يعض هذه التآليف في االفرنسية فحل بين علماء اإلفرنج

محال أثيرا. ومنهم )محمد باشا مختار( كان مولده في بوالق مصر

1897 تشرين الثاني سنة 20 وتوفي في 1835سنة تعلم في مدرسة دار العلوم وانتظم في الجندية وترقى

وقد اشتهر في حروب1886فيها إلى رتبة لواء سنة السودان. وكان متضلعا بالعلوم الفلكية والرياضية ألف

فيها عدة تآليف بالعربية واالفرنسية. وله ما خال ذلك تراجم لبعض الخاصة كمحمود باشا الفلكي والجنرال

ستون األميركي وكتب في وصف بالد السودان والحبشةرسائل حسنة.

في1228ومنهم )محمد علي باشا الحكيم( ولد سنة مديرية المنوفية درس العلوم الطبية فنال منها حظا وافرا

إلى أن تعين رئيسا للمدرسة الطبية في مصر وقد رافق

سعيد باشا في رحلته إلى أوربا. ولما انتشبت الحرب سار في رفقة الحملة1877المصرية مع الحبشة سنة

(1877 - 1813 )1293إلى تلك البالد وفيها توفي سنة وله تآليف طبية في فنون الجراحة وقانون طبي ورسائل

مختلفة. وقد اشتهر مثله في الطب والجراحة )الدكتور دري باشا(

-؟1841 - 1318 - 1257الذي ولد وتوفي في القاهرة )( ودرس في مدرسة القصر العيني وألف1900

(1/229)

التآليف المشهورة في الطب كتذكار الطبيب ورسالة في الهيضة. وصنف غير ذلك أيضا كترجمة حياة علي باشا

مبارك والتحفة الدرية في مآثر العائلة الخديوية. وفيه قالالشيخ علي أبو يوسف األزهري يمدحه:

لو نلت في الدهر ما أبغيه لم ترني ... في مدح من شئتإال ناظم الدر

أو كنت أدلجت في المسرى فليس إلى ... شيء يكونسوى الكوكب الدري

أو أن ألمت بي اإلسقام في زمن ... لم استطب سوىبالماهر الدري

فهو الحكيم الذي لم يشك ذو مرض ... إال ونادى به ياكاشف الضر

وممن له حصل شهرة في طب في مصر )حسين بك ( و )محمد بك1883 )1301عوف الكحال( المتوفى سنة

( درسا أمراض1887 )1305حافظ( المتوفى سنة العيون في القصر العيني ثم في أوربا. ونشر األول كتابا

في الرمد والثاني في تشخيص أمراض العين. وفاق عليها

شهرة )سالم باشا سالم( في العلوم الجراحية التي أتقنها في مدارس ألمانية ثم أسندت إليه رئاسة مدرسة الطب

في القاهرة فنشر عدة تآليف طبية أشهرها وسائل (1893 )1311االبتهاج إلى الطب الباطني والعالج. توفي

. ونال في الصيدلة نصيبا حسنا )علي بك رياض الصيدلي( ( له تأليف في األعمال1899 )1317المتوفى سنة

االقرباذينية والمادة الطبية والتاريخ الطبيعي. وقد اشتهر في فن الدعاوى وعلم القوانين والرياضات

والموسيقى الشرقية )شفيق بك( ابن منصور باشا يسكن 1890 ومات في عز شبابه سنة 1856ولد في القاهرة

يعد أن خدم العلم مدة بالتعليم والتصنيف. ومن تآليفه كتاب التفاضل والتكامل وكتاب في أصول الحساب والجبر

والهندسة والهينة ورسالة في الموسيقى عرب تأليف مختار باشا )رياض المختار( من التركية ونقل تاريخ مصر

الجبرتي إلى االفرنسية. ونقل من االفرنسية بعض المؤلفات إلى غير ذلك مما أثار األسف على فقده قبل

بلوغه الكهولية. وقد كان لغير هؤالء المصريين بعض الشهرة أيضا في

فنون شتى كالشيخ )إبراهيم ابن عبد الغفار الدسوقي( -1811 )1301 وتوفي سنة 1226الذي ولد سنة

م( ثم بعد أن درس في األزهر تولى فيه تعليم1882العربية ثم نقل إلى الهندسخانة الخديوية

(1/230)

واشتغل في الرياضيات وسعى بطبع الروضة السندسية في الحسابات المثلثية. وتعين مدة لتصحيح مطبوعات

بوالق وأنشأ جريدة الوقائع المصرية. ومن تآليفه حاشية

على المغني. وعليه درس العربية المستشرق اإلنكليزي ( الشهير بمصنفاته الشرقية وال سيماE. W. Laneالن )

معجمه العربي اإلنكليزي الواسع. ( نبغ1901 - 1845ومنهم األديب عبده حمولي )

بالموسيقى العربية وأعاد لها شيئا من رونقها المطموسبما وضعه من األنغام وأحدثه من أصول الفن.

أدباء العراق أصاب قطر العراق بعض الخمول غفي أواخر القرن

التاسع عشر فلم ينل فيه الشهرة في الكتابة إال القليلون. هذا إلى انقطاع أخبارهم عنا وندرة المدارس والمطبوعات

في تلك الجهات. وممن اتصلت بنا منظوماته )المال حسن الموصلي البزاز( اشتهر في أواسط القرن التاسع عشر وتوفي في عشره

بهمة تلميذه1305األخير. له ديوان شعر طبع بمصر سنة الحاج محمد شيث الجومرد الموصلي الذي ذيل الديوان

بنبذ من شعره. وقد اتسع حسن البزاز في قصائده بمدح أصحاب الطرائق المتصوفين. ومن شعره ما وصف به

اشتداد البرد وسقوط الثلوج في الموصل في أواخر رجب( :1861 )كانون الثاني 1277سنة

تجلى علينا عارض غير ماطر ... ولكنه بالثلج عم نواحيا فأصبحت الخضراء بيضاء قد زهت ... وعادت رباها

والبطاح كواسيا وكم بسمات منه يد البرد والشتا ... بساطا على وجه

البسيطة باهيا وكم جبل راس يقول مفاخرا ... ألم تنظروا وقد عمم

الثلج راسيا فقلت به إذ كان شاذا وقوعه ... ليذكره من بعد من كان

باقيا

غمام مكانون مدانا مؤرخا ... حبا مصرنا بردا من الثلجزاهيا

( ومن ظريف قوله في حبه تعالى وعمل1277)الصالحات لوجهه عز وجل:

لئن لم يكن في الصالحات مثوبة ... وليس على العصيانمنه عقاب

إطاعته عندي نعيم وجنة ... وعصيانه قبل العذاب عذابوقال يرثي أخويه عليا ومصطفى:

(1/231)

يكين حمامات األراك لغربتي ... ونحن على فقدان ما أنافاقد

لقد غاب عني فرقد بعد فرقد ... وقد بات عني ماجد ثمماجد

وما لي عزاء عنهم غير أنني ... بهم ملحق يوما وما أناخالد

ومن أدباء العراقيين )إبراهيم فصيح الحيدري( كان مولده ( من بيت علم وفضل1820 )1235في بغداد سنة

وسافر إلى دار الخالفة وحصلت له رتبة الحرمين مدة وتولى نيابة القضاء في بغداد وله بعض التآليف وفيها

م( .1881 )1299الغث والسمين توفي سنة ومنهم السيد )صالح القزويني( هو ابن السيد مهدي

)1208الحسيني. ولد في النجف في أواسط شهر رجب )أوائل1301 ربيع األول سنة 5( وبها توفي في 1793

م انقطع منذ حداثته إلى درس1883كانون الثاني سنة العلوم الدينية والدنيوية على مشايخ وطنه فتضلع منها ثم

نبغ بالشعر فقصد القصائد وتعنن في المنظومات. وقد

جمع شعره في ديوانين واسعين. وانتقل في شبابه إلى بغداد فوجد بين أهلها أطيب مثوى إلى آخر حياته. فمن

شعره قوله في وصف بغداد:ة ... الفردوس فيها وافر النعماء تالله ما الزوراء إال جن

ما الترب إال عنبر ما الماء إال ... كوثر يبري عضال الداءوكأن بين رياضها وحسانها ... درر على ديباجة خضراء

ومن حكمه قوله: لم يشرب الصفو من لم يشرب الكدرا ... وليس يخطر

من يركب الخطرا ولم يفز بالمنى من ذل جانبه ... ولم يطل في الورى من

باعه قصرا أولى الورى بالعلى من أكرمها ... كفا وأشرفها ذكرا إذا

ذكرا جرد لنيل المعالي صارما ذكرا ... من العزائم يبري

الصارم الذكرا ومد كفا إلى العلياء باسطة ... لمجد بردا بطي البيد

منتشرا شمر من اعزم أذياال وكن رجال ... بالحزم يمأل سماع

الدهر والبصرا ومنهم )الشيخ إسماعيل الموصلي( ولد في الموصل وجاء إلى بغداد في أبان شبابه ودرس في مدرسة الصاغة عدة

1302 ذي الحجة سنة 28سنن حتى وفاته في (1/232)

( حنفي المذهب على الطريقة النقشبندية. وكان1884) إماما في العلوم اللدنية وبرز في النحو وفي الفنون

النقلية والعقلية. وقد أعقب جملة من األبناء كلهم من

طلبة العلم أكبرهم محمد راغب خلف أباه في التدريس. وألحمد فارس الشدياق قصيدة يمدح فيها الشيخ إبراهيم

ويثني على معارفه منها:كل ما لذهم فذلك عندي ... ألم غير ذكر إبراهيما

عبقري مهذب قد حوى في ... صدره قبل أن يشبالعلوما

ولهذا يدعى فصيحا وقد جا ... ء وأجاد المنثور والمنظوماوقواف من كل بحر إذا ما ... سردت خلتهن درا نظيماعن أبيه وجده مستفيض ... كل فضل فكان إرثا مقيما

ومنها في شكر الشيخ لمدافعته عنه وانتصاره له:رد عني السنية بالنظم والنثر م ... فكانا لذا الرجيم رجوما

علم الناس إبرهيم خليال ... وصديقا لي أن دعوت حميماهذه مدحتي فإن كنت قصر ... ت فإني مدحت برا حليما

ومنهم )عبد الله أفندي العمري الموصلي( من أدباء وطنه المعدودين وأحد رؤساء علماء العراق. له فضول نثرية وأشعار متفرقة لم تجمع حتى اليوم وقد مدحه علماء

زمانه منهم عبد الباقي العمري نسيبه حيث قال:ت بفضاء األعداء ليت شعري ماذا أقول بمولى ... قد أقر

فيه قرت عيوننا واستنارت ... وازدهت في ورودهالخضراء

تك األدباء يا أديبا سما سماء المعالي ... كيف ترقى رقي نلت حد اإلعجاز نظما لهذا ... خرست دون نطقك

الفصحاءأنت يا سيدي بغير رثاء ... ختم النظم فيك واإلنشاء

ورثاء حسن البزاز فقال من قصيدة:قضى الحبر الذي للعلم جبر ... به فرجاء أهل العلم يأس

كفى ما قد جرى إن غاض بحر ... وغابت من سماء المجدشمس

(1/233)

أساء الموت فيه كل نفس ... وطابت منه في الفردوسنفس

هو التاج الشهير بكل فضل ... تباهى فيه للعلياء رأسكأن الموت نقاد بصير ... أحس بما يحاول منه حس

ر بعده عرب وفرس ا ... تحس د فانتقى منا نقي تفر وجارى عبد الله أفندي العمري في معارفه وبالغة كتاباته

)شهاب الدين العلوي( أحد رجال وطنه المقدمين يعده العراقيون كفارس حلبة اآلداب في زمانه. له ديوان شعر

لم ينشر بالطبع وكان يكاتب علماء عصره ويناوبهم الرسائل األدبية والقصائد الرنانة ومن شعره الذي قاله

(740:10في الوصف قصيدته التي رويناها في المشرق )يصف فيها طغيان دجلة أولها:

طغيان دجلة خطب ... من الخطوب المخلة ومن شعره أبيات قالها في مدح مقامات مجمع البحرين

للشيخ ناصيف اليازجي: حديقة أثمرت أوراقها حكما ... لنا شماريخها امتدت وقد

ينعت فمن يشأ يتفكه في مناقبها ... ومن يشأ يتفقه بالذي

شرعت طالع تقابلك مهاه الزمان بها ... وانظر إلى صورة الدنيا

وقد نصعت كم أودعت نبذ اللسع قد عذبت ... وردا ومن قلب ذاك

الصدر قد نبعت على الكماالت طبع اللطف أرخها ... لطفا مقامات ناصيف

التي طبعت ( وله قصيدة في رثاء السيد الجليل اقليميس1885)

يوسف داود رئيس أساقفة دمشق على السريان سنة أولها:1890

من قوم عيسى جانب تهدما ... والدهر قد نكس منه علما حطب جسيم ومصاب عظما ... بموت من أبكى عليه

األمماقد فقدوا منه حكيما حكما ... وكان ذا علم بطب الحركا

وممن مدح الشيخ شهاب الموصلي صاحب الجوائب فقالفيه من أبيات:

شهاب العصر خالق المعاني ... فهل من ذاكر لألرجانيعزيز الشأن تفتخر المعاني ... به فخر المعالي والمعاني

ولعمرك أن ما يلقيه قوال ... ليمسكي ما ينمق بالبنان(1/234)

فذاك الدر لألسماع حلي ... وهذا الشذر نور للعيانوصفت حاله عن بعد كأني ... أراه في عاله على التداني وال نعلم سنة توفي الشهاب الموصلي. كما أننا لم نقف

على تفاصيل أخباره. ونلحق بشعراء العراق ذكر كاتبين آخرين اشتهروا في

الهند أحدهما )السيد صديق حسن خان( وهو أبو الطيب ( في قنوج1834 )1248القنوجي البخاري ولد سنة

واتصل بخدمة ملوك الهند خان بهادر وأفاد ماال كثيرا حتى تزوج بملكة بهوبال في اإلقليم الهندي المسمى دكان

وجمع مكتبة واسعة واشتغل بالعلم ونشر عدة مصنفات زعم البعض أنها ليست له وإنما كلف العلماء بتصنيفها فعزاها لنفسه كفتح البيان في مقاصد القرآن وكتاب

العبرة مما جاء في الغزو والشهادة والهجرة والبلغة في أصول اللغة والعلم الخفاق في االشتقاق ولف القماط

على تصحيح بعض ما استلمته العامة من المعرب والدخيل والمولد واألغالط وكتاب أبجد العلوم. وقد جمع في كتاب

دعاه قرة األعيان ومسرة األذهان ما أثنى به عليه أدباء بعد أن تجول1889الزمان. توفي صديق حسن خان سنة

في البالد وصارت له سمعة واسعة. )1246واألديب الثاني هو السيد )حيدر الحلي( ولد سنة

( برز بنظم الشعر منذ1887 )1304( وتوفي سنة 1831 شبابه فدعي بشاعر العراق. طبع له ديوان في بمباي في الهند معظم قصائده في النسيب والفخر والمديح. وهذه

أبيات من محاسن قوله في الرثاء: أأحبابنا هل عائد بكم الدهر ... طواكم وعندي من

شمائلكم نشر سالم على تلك المحاسن أنها ... مضى فمضى في إثرها

الزمن النضر لي الله بعد اليوم من لي بقربكم ... وأبعد غاد من أتى

دونه القبر قفوا زودونا إنما هي ساعة ... ووعد التالقي بيننا بعدها

الحشر رحلتم وقلبي شطره في ظعونكم ... وللوجد باق منه في

أضلعي شطر وشيعتكم والدمع يوم نواكم ... غريقان فيه خلفكم أنا

والصبر فكم خلفكم لي أنه ما لوت بكم ... على أنها قد الن شجوا

لها الصخر سأبكيكم ما ناح في الوكر طائر ... فطائر قلبي بعدكم ما

له وكر(1/235)

وقال يمدح صرعى العلويين: سقيا لثاوين لم تبلل مضاجعهم ... إال الدماء وإال األدمع

جم الس أفناهم صبرهم تحت الظبا كرما ... حتى مضوا ورداهم

ملوه كرم مشوا إلى الحرب مشي الضاريات لها ... فصارعوا الموت

فيها والقنا أجم فالحرب تعلم إن ماتوا بها فلقد ... ماتت بها منهم

األسياف إال الهمم عهدي بهم قصر األعمار شأنهم ... ال يهرمون وللهيابة

الهرم واشتهر كذلك في العراق السيد )جعفر الحلي( المولود

والمتوفى في عز شبابه في1277في أعمال الحلة سنة 1897 - 1860 )1315النجف سنة ( . كان شاعرا مكثرا

في شعره الحسن والسقيم وقد طبع في شعره في مدح أشراف القوم وخصوصا أمراء1331صيداء سنة

نجد. ومن لطيف قوله يهنئ شاه العجم مظفر الدين بعدقتل سلفه ناصر الدين:

حل المظفر لما الناصر ارتحال ... فما خال الدست حتىقيل فيه حال

وجه تخفى ووجه بان رونقه ... كالنيرين بدا هذا وذا أفال نحس وسعد بآفاق العلى اعتركا ... فالحمد لله إذ نجم

السعود عال مالت جوانب تخت الملك واعتدلت ... سرعان ما مال

تخت الملك واعتدالع الدين صابا فقد ناصره ... حتى دعاه ابنه أن ما جر

يحتسي العسال كذي يدين أمد الله واحدة ... بقوة البطش واألخرى التوت

شلال

فسلم الله لإلسالم حارسه ... ويرحم الله من في نصرهقتال

ره ... كبا على وجهه ثم قام الزمان سريعا من تعشاستوى عجال

لقد بكينا على من قد مضى حزنا ... كما ضحكنا بمن أبقىلنا جذال

ومن شعراء العراق في أواخر القرن التاسع عشر )الشيخ مال كاظم األوزي( تفنن أيضا في الشعر فعد من فحوله

ونشر ديوانه في بمباي. ومما استحسنا له من الحكمقوله:

إن رمت توطئة المرام األصعب ... فاركب من اإلقداماخشن مركب

إربا بنفسك أن تذودك شهوة ... دون انتصابك فوق أشرفمنصب

(1/236)

ال تكثرن من الشباب وذكره ... أنت ابن يومك ال ابنماضي األحقب

ومنها: كم من أخ لك غير أمك أمه ... تنسيك سيرته إخاء

المئنسبمن لم تؤذيه خالئق طبعه ... ألفيته بالسيف غير مؤدب

فأحذر عداوات الرجال ودارها ... إن لم تكن جدت لديكحب فر

وافطن ألدوية األمور فإنما ... سم األفاعي غير سمالعقرب

وإذا تنكبه من مكان ريحه ... فتخط منه إلى المكان

األطيب وفي هذه الحقبة أزهر في مكة شيخ علمائها )أحمد بن زيني المعروف بدحالن( ولد في حاضرة الحجاز وتولى

اإلفتاء للشافعيين واشتغل بالعلوم مدة وفي زمانه أنشئت في مكة أول مطابعها فكان السيد دحالن متوليا نظارتها ونشر فيها تآليف من قلمه كالجداول المرضية في تاريخ الدول اإلسالمية وكتاب الفتوحات اإلسالمية في جزأين

كبيرين. وكان طبع في مصر قبل ذلك كتبا أخرى كالسيرة النبوية والفتح المبين في فضائل الخلفاء الراشدين

وخالصة الكالم في بيان أمراء البلد الحرام طبعه في مصر ثم أضاف إليه ملحقا طبعه في مكة. توفي الشيخ دحالن

في المدينة بعد أن سار إليها في رفقة الشيخ1886سنة عون الرفيق لما خرج هذا من وجه حاكمها عثمان باشا.

ونختم هذا الفضل في أدباء المسلمين بذكر أحد مشاهير رجال الدولة التركية الذي رفع في أمته لواء اآلداب فضال

عما أحرزه من المجد في تدبير األمور وحسن السياسة نعني به الوزير الخطير )أحمد جودت باشا( . ولد في

( وانكب منذ1822 )1238لوفجة في والية الطونة سنة حداثته على درس العلوم الدينية والدنيوية وبرع في

اللغتين الفارسية والعربية فضال عن لغته التركية. وليس من غايتنا أن نتقفى آثار المترجم في المأموريات التي توالها والمناصب التي تقلب فيها في كل الدواوين منها

األحكام العدلية ونظارة المعارف إلى أن بلغ رتبة الوزارة السامية وانتظم في سلك شورى الدولة. وإنما نكتفي

بذكر مؤلفاته فأعظمها شأنا تاريخه آلل عثمان في تسعة مجلدات عرب جزؤه األول جناب عبد القادر أفندي الدنا

. وله رسائل عربية1308فطبعه في بيروت سنة وتعليقات. ونقال قسما من مقدمة ابن خلدون إلى

(1/237)

التركية وصنف عدة كتب مدرسية لألحداث ظهر بعضها في العربية. وكان جودت باشا أحد األتراك القليلين الذين بلغوا من آداب العرب مبلغا واسعا. أما معارفه في اللغة

)1312التركية فيعد فيها إماما وحجة. كانت وفاتته سنة 1894. )

ومن أدباء اإلسالم في تونس )الشيخ محمد بيرم( ولد فيها -1840 )1307 وتوفي في مصر سنة 1256سنة

( تقلب في بالده في المناصب الخطيرة كنظارة1889 الطابع ونظارة األوقاف وقد لعب دورا مهما في مناهضة الحكم االستبدادي في وطنه وعضد الشورى إال أن آماله خابت بعد فرنسة سيطرتها على بالد تونس فانتقل إلى مصر وخدم فيها السياسة اإلنكليزية وولي القضاء في محكمتها االبتدائية. وله آثار أدبية أخطرها كتابه صفوة

األخبار بمستودع األمطار ضمه تاريخ تونس وأخبار سياحاته في أنحاء أوربا. وله رد على بيتان في ما كتبه عن

اإلسالم وكتاب في فن العروض ومقاالت اجتماعية حاول فيها بيان طرق إصالح اإلسالم وتقريبهم من عوامل

التمدن الحديث.

أدباء النصرانية في هذه المدة قد امتاز في ختام القرن التاسع عشر نخبة من كتبة

النصارى الذين تلقنوا اآلداب العربية في مكاتب مللهم الخاصة أو في نوادي العلوم التي أنشأها المرسلون ولو

أردنا ذكرهم فردا فردا التسع بنا المجال وحسبنا تعداد منبرز بينهم بمعارفه.

كان في مقدمتهم رؤساء الطوائف من بطاركة وأساقفة

وكهنة أفاضل ال يسعنا السكوت عن خدمتهم لآلداب ومساعيهم الطيبة في ترويج أسواقها فضال عما خلفوه

من آثار قلمهم. فكان على الطائفة المارونية السيد السند سنة بتقى36)البطريرك بولس مسعد( رعاها مدة

1890واجتهاد وكانت وفاته في أواسط نيسان من السنة سنة. وكان متضلعا بالتاريخ الشرقي85وله من العمر

الديني والعالمي ومن آثاره كتابه التحفة الغراء في دوام بتولية العذراء وكتابه الدر المنظوم الذي طبع في طاميش وسعى هناك بطبع الهوت القديس الفونس ليغوري معربا

إلى غير ذلك من األعمال المفيدة. واشتهر بين أساقفة الموارنة المطران )يوحنا حبيب(

مطران الناصرة شرقا(1/238)

( ومنشئ جمعية المرسلين الكريميين.1894 - 1816) تولى في لبنان القضاء زمنا على عهد األمير بشير الكبير

وبرع في معرفة الفقه والحقوق وكتب في ذلك تأليفا. ومن مآثره تعريب الالهوت األدبي لألب يوحنا غوري

اليسوعي في مجلدين وذيل ترجمته بملحوظات فقهية من الشرع الحنفي. وله رد على الشيعة الماسونية وعدة

رسائل في مواضيع مختلفة ال تزال مخطوطة. أما جمعية ونسبت إلى1865المرسلين اللبنانيين فإنما أنشأها سنة

الكريم وهو الدير الذي اتخذه في لبنان إلدارتها. وممن عرفوا بسمو الهمة في تعزيز اآلداب في الربع

األخير من القرن السابق أساقفة حلب الموارنة )السيد1882 - 1814يوسف مطر ( أنشأ في الشهباء مكتبا

لملته واستجلب إليها مطبعة أدت للحلبيين خدما مشكورة

( :1900 )3سبق لنا تفصيل مطبوعاتها )في الشرق ( . ودرج إدراجه خلفه )السيد بولس حكيم الحلبي358

( له مواعظ وخطب شتى. وكان يقول1888 - 1817 بديها القدود والقصائد والزجليات اللطيفة واألناشيد

التقوية على اللهجة العامية. وأناف عليها شهرة خلفهما السيد )جرمانوس الشمالي(

8 والمتوفى في 1828من سهيلة كسروان المولود سنة تهذب في مدرسة مار عبدا هرهريا االكليريكية1895 1ك

وبرع في معرفة اللغتين العربية والسريانية وعلم هناك ثم انضوى إلى1855مدة عشر سنين بعد كهنوته سنة

جمعية المرسلين اللبنانيين فكان أحد أعضائها الممتازين بأعماله الرسولية وتقاه وبالغته إلى أن رقاه غبطة

البطريرك يوحنا الحاج إلى رئاسة أسقفية حلب سنة فأخذ اسم جرمانوس ذكرا بنابغة حلب السيد1888

جرمانوس فرحات فساسها مدة سبع سنين بحكمة عجيبة وغيرة لم تعرف الملل حتى أدى به تفانيه في خدمة رعيته

إلى انحالل القوى ثم إلى انقضاء األجل يوم عيد حبل العذراء بال دنس. وكان السيد جرمانوس مثاال حيا لكل

الفضائل األسقفية. أما شهرته في اآلداب العربية فتشهد عليها آثاره الباقية. منها مجلدان ضمنها مجموع خطبه

وعظاته ثم ديوانه المسمى )نظم الآللئ( وفيه كثير من المنظومات الجيدة. وقد سبق المشرق فأثبت ترجمة

( فنحيل إليها القراء. وهذا860 - 850:5حياته مطولة ) مثال من شعره نضيفه إلى ما هنالك وهو مدحه لمصر

:1889قاله سنة (1/239)

أحسن بمصر وما شاءت مواليها ... من لي بهاد إلى مدحيوازيها

عاينت أكثر مما كنت أسمعه ... من عزة النفس والتقوىبأهليها

محروسة صانها المولى بقدرته ... وعينه لم تزل يقظىتراعيها

فيها مباني عماد المجد من قدم ... تعد أعجوبة الدنيامبانيها

من فائض النيل تسقى مثلما شرعت ... من فائض العلمتسقي من ثوى فيها

ياها تبارك الله ما أشهى خمائلها ... تستنشق الروح رفتحييها

فالبحر أوسطها والبر حاط بها ... والسهل والوعر كل منفحاويها

سبحان من يجمع الدنيا بواحدة ... فتحتوي كل ما تحويأقاصيها

أهرامها الشم وآثارها شاهدة ... بعزة الملك من إعصاربانيها

تدعى بقاهرة األعداء عن ثقة ... ومنبع العلم من اسميأساميها

ودعت قلبي لدى نظمي مؤرخه ... وداع مصر فإني غيرناسيها

( وعرف أيضا في هذا الزمان أحد رؤساء أساقفة1889) قبرص المطران )يوسف الزغبي( درس في مدرستنا االكليريكية في غزير ثم علم في كلية ليل من أعمال

فرنسة اللغتين العربية السريانية وسعى في أيام أسقفيته فنالت بهمته1885بإنشاء مدرسة قرنة شهوان سنة

نجاحا. وله كتاب في الفلسفة لم يسعده الوقت على.1890إتمامه. وتوفي في أواسط كانون األول من السنة

أما الكهنة الموارنة فنال السبق بينهم في اآلداب الخوري وتوفي1800)أرسانيوس الفاخوري( ولد في بعبدا سنة

خدم الكنيسة والوطن بكل تفان1883في غزير سنة فاتخذه القصاد الرسوليون كمعاون لهم في أشغالهم.

ولزم مدة أعمال القضاء في لبنان ودرس العلوم العربية والقوانين الفقهية لكثير من الطالبين كما ذكر في ترجمته

-606( : 1900 )3المطولة التي نشرناها في المشرق ) ( . وعددنا هناك ما أبقى من اآلثار الجليلة كشرح616

ديوان المتنبي وشرح ديوان المطران فرحات ومطول في الصرف والنحو. وقد طبع من تآليفه كتابه روض الجنان

في المعاني والبيان وكتابه زهر الربيع في فن البديع والميزان الذهبي في الشعر العربي. وله ديوان كبير اقتطفنا منه بعض قصائده في المشرق منها بديعيته

( وقصيدته في خميس األسرار26( : 1901 )4)المشرق ( :1900 )3( وفي قبر المسيح )385( : 1922 )20)

( وغير ذلك.363(1/240)

ومن شعره في الطهارة من أبيات: يا صاح عش متسربال بطهارة ... تصب المعالي في على

سربالها ال إرث في ملك اإلله لفاجر ... هيهات أن يأوي السما مع

آلهافالله من دون الطهارة لن يرى ... أن النعيم معلق بكمالها

وقال مخمسا لبيتين نظمهما أحد الشعراء:أتوق لود من يهوي ودادي ... وفي شكل كالنا باتحاد

كأني في وفاق بالفؤاد ... رأيت بنفسجا في ظل وادي

وغصن ألبان منعكفا عليهفكل يجذب الثاني لحب ... كمغناطيس قد كنا يجذبوقلبه شاخص عينا لقلبي ... فقلت تأملوا بصنيع ربي

شبيه الشكل منجذب إليه ليبين فيها حرية اإلنسان1869وله أرجوزة طويلة قالها

وخلو إرادته من االضطرار السابق هاك أولها: الحمد لله القدير السرمدي ... حمدا يقينا من شرور

المعتديخلقنا الله على صورته ... وشبهه جل على قدرته

ه هنا ونعبدا ... ونرث الملك الذي قد خلدا لكي نحبفينا اختيارا كامال قد أوجدا ... لكل قول ثم فعل يبتدا

ه ... في فعل ما تريده المشيه حرية مطلقة وفيقد ضل من قبل به الخالفا ... وال يرى رأيا بذا معافى

أمامك النيران والماء فما ... تختار منهما له أمدد معصما ... كذا لنا الدين القويم سلما بذا ابن سيراخ الحكيم علما

لوال اختيار لفعال فاعل ... لم يجز عنها من ولي عادل وتوفي أحد شعراء1880وفي هذا العشر التاسع أي نحو

لبنان الراهب الفاضل )القس أغناطيوس الخازن( من األسرة الخازنية والرهبانية اللبنانية تولى زمنا طويال رئاسة

دير البنات وكان معروفا بفضله وجودة قريحته عارفابالفقه. وقد وقفنا له على

(1/241)

ديوان مخطوط يدل على توقد فهمه وذكاء عقله ضمنه لكن1877 إلى 1850كثيرا من تواريخ لبنان من السنة

نسخة هذا الديوان سقيمة قد تشوهت أكثر قصائدها بأغالط النساخ. ومما يروى له قوله في دير سيدة ميفوق

يشكو أثقال الرئاسة: ويل لمن طلب الرئاسة فاعتلى ... فالرفع بالخفض

استبان ما ولى كم بات مضطربا لصرف ملمة ... كم ضاق من تعب

الفؤاد فولوالك عن رب سا تبا لها من مهنة بل محنة ... يلهى بها الن

المالكم حاسد جلبت وردت حاسدا ... والبال فيها ال يزال مبلبالمملوءة مرا وال حلو بها ... تخلو من الحلوى وهل صبر حال إن قيل كل المرئاسة مائل ... قلت الفراشة تشتهي ضوءا

صلى وقال مؤرخا وفاة األمير حيدر اللمعي قائمقام النصارى

:1854المتوفى سنة بكت العيون أمير عرب حيدرا ... من بعده هجر القلوب

سالما إذ غاب عنها صاح كل مؤرخ ... آها ببيت اللمع صار ظالما

وقال متفكها في أقرع أتته من بعض أصحابه قرعةمملوءة من الخمر الجيدة فعثرت رجله بها وأفاض الخمر: قد صب أقرع في طريق قرعة ... وأتى بعذر يشتكي من

تعسه عزيته بالقول طب نفسا وسر ... فالكل شيء آفه من

جنسه واشتهر بفنون اآلداب كاهنان مارونيان من غزير وقعت

وفتهما في الربع األخير من القرن السابق. األول )الخوري يوسف الهاني( وكان يدعى قبل كهنوته منصور الهمش

تعلم في مدرستنا االكليريكية في غزير وعلم فيها العربية. في1872ومن آثاره مقاماته الغزيرية التي طبعت سنة

مطبعتنا الكاثوليكية وفي آخرها قصيدته العامرة األبيات في الموريسيار وجنوده المتطوعين البسالء المعروفين

بالزواوة الذين ماتوا شهداء في خدمة الكرسي الرسولي وكانوا من نخبة الشبيبة1860في كستلفيدردو سنة

وأجال لشرف األسر الكاثوليكية هذا مطلعها:(1/242)

كريم النفس قم بالنفس فاد ... فقد نسي العقوق ثدىالوالد

عهدت الحر يعتنق العوالي ... ويدفع عنقه من ذي ودادوإن خان الدعي حليب أم ... فذاك بنفسه عنها يفادي

ومنها يصف ثورة أعداء الدين وشهامة أنصاره:أثاروا ضد رأس الدين حربا ... حرابهم بها كانت صوادي

ونادوا ابن من يحمي ذمارا ... تروم في نزاله في أي ناد فما لبث الرواوة أن أتوهم ... بأسرع من صدى الصوت

المناديوصاحوا يا لحق بابوي ... متين األصل مرتفع العماد

دة الحداد وا للمهن وشاقتهم كؤوس الحتف شربا ... وحنرويدا أيها األبطال مهال ... فسيف عداتكم الدم صاد

م قلدوه ... تقد شفاره صم الجماد حسام من جهنأال دعنا نالقي الحتف عفوا ... وال تحرم جياعا حسن زاد بم األعضاء تحيا بعد رأس ... وكيف الجسم دون القلب

هادد عنا ... وناد على السطوح وفي المهاد فكف مالمة الحسادعوهم ينصرون الحق جهرا ... على أهل الضاللة والفساد

دعوهم في الفخار لجر ذيل ... ونيل أكلة عقبى جهادوال تخشوا عليهم من ضالل ... فالموريسيار أحق هاد

إلى أن قال يمدحهم بفوزهم إكليل الشهادة:فإذ شهد الرواوة تي الرزايا ... ونار الحرب تضرم باتقاد

بدمهم الزكي أطفئوها ... وما أحلى الدماء بذا الجهادفال تحزن عليهم نادبات ... خرائد سافرات في حدادفإن غابوا فأقمار توارت ... وليس أفولها حد النفاد

وإن فقدوا الحياة فقد أصابوا ... بدار الخلد مجدا بازديادأتوا موالهم شهداء حق ... وعدوا القتل أشهى من شهاد

وللخوري يوسف الهاني مآثر أخرى أخصها كتاب منارةالطالب في التصريف

(1/243)

واألعراب طبع في مطبعتنا الكاثوليكية. وله أناشيد متفرقةكقوله على لسان مريم العذراء عند مهد طفلها يسوع:

نم يا حياتي بألهنا ... يا نور عيني والمنىذوقن بطرف أنعس ... وسنا يلذ لنعس

في جنح ليل الحندس ... فإلى جفونك قد دنابى ... تسمو البنين كما الصبا ولدي أيا زهر الر

قد فقت عقدا مذهبا ... بل عقد در بالسناما سوسن في جامه ... قد ذر من أكمامه

مع ورده وخزامه ... يحيك يا بدر المنى . أما1885كانت وفاة الخوري يوسف الهاني في السنة

ا رعد( المعروف بالعاصي أيضا وطنيه اآلخر )فالخوري حنال يحسن الكتابة نظما ونثرا. وله ديوان كان ذا قلم سي

شعر مخطوط يضن به آله ويحاولون نشره سلس مطبوع :7روينا منه سابقا قصيدة في مريم العذراء )المشرق

( . ومن جملة أقواله قصيدة دعاها جبر الكسر يذكر431 فيها وفاة البطريرك بولس مسعد ويهنئ بها خلفه السيد

:1890يوحنا الحاج سنة باألمس كان الرثا والدمع ينسجم ... واليوم عم الهنا

والثغر يبتسم طافت بنا الكأس من صاب ومن عسل ... والحمد لله في

الحالين ملتزم ال يهمل الله في الجلى كنيسته ... ولو أحاطت بها األرزاء

تلتطمأزال بالحبر يوحنا مصائبنا ... فالكسر منجبر والجرح ملتئم

وهي طويلة ختمها بقوله: أنت المؤمل أن تضحي رئاسته ... لنا وللدين حصنا ليس

ينثلمآمالنا فيك كاأللحاظ شاخصة ... لها معان ولكن ما لها كلم

(1/244)

جئنا نهنيك لكن ألهنا لنا ... فإن نعماك لألبناء مغتنم فاقبل ثناء بال من وتهنئة ... بهما يترجم عن فحوى الفؤاد

فم وكان المترجم مولعا بفرنسا يعظم مفاخرها ويطرأ

بشهامة أبنائها ويشكر لدولتهم التي أنقذت نصارى الشرقته الشهيرة التي قالها من نكبات المعتدين فمن ذلك عيني

بعد حوادث الشام:1860سنة ة مهجة تتصدع كف البكا وامسح عيونا تدمع ... واحفظ بقي صبرا وال تهلك أسى وتوجعا ... فلعل سعدك في الطوالع

يطلع يا شرق أمرك مذهل أو معضل ... والقلب حيران لذاك

وموجعقد كنت آلفت المصائب ذلة ... حتى دهتك مصيبة ال توسعلبنان ما هذه الجماجم والدما ... ما للمنازل وهي قفر بلقع

إلى أن قال على لسان الرب ملبيا دعوة المنكوبين:

تي ... فقطيعي المختار كاد يقطع حتام تفترس الذئاب رعي ولقد أقمت لنصر شعبي ظافرا ... بطال تخر له الجهات

األربع صحنا وكان إلى فرنس الصوت: يا ... نابوليون. أجابنا: ال

تجزعوا إني لمنجدكم وكاشف كربكم ... برضى اإلله سواه فخرا

يمنعة: ومنها في وصف الحملة الفرنسوي

وكواسر ال الهول في أوهامها ... هول وال في الموتالمريع يروع

ال ترهب األسياف إن سلت وال ... تحمي الجيوش والالمدافع تدفع

منها الرؤاف ولم تكن يوما سوى ... الموت الزؤاف وكلعات موقع

تلك البحور على البرور طمت وال ... سد يصد وال حجابيمنع

ليس المال إال المراكب والموا ... كب والقواضب والقناواألدرع

ة وهي السوابق والسرادق والبنا ... دق والصواعق والمنيتتبع

رت أعالمه ... أن الحياة من المنية أسرع سعدا ليوم بشلله درك يا فرنسا مركزا ... للدين والدنيا إليك المرجع

لوالك لم يشرق نهار سالمة ... فينا وال زال الشقاالمستفظع

(1/245)

وهي طويلة أبياتها من غرر األقوال تتدفق جودا ورقة. ولهة قالها سنة لما1871قصيدة مثلها في بالغتها وهي نونيزار لبنان القنصل الفرنسوي روستان مطلعها:

حب قديم ثابت األركان ... لفرنس قام على ذرى لبنانا رعد عدة أناشيد يتغنى بها النصارى إلى وللخوري حن

يومنا هذا في المجتمعات التقوية كقوله في مدح البتول:مجد مريم يتعظم ... في المشارق والغروب

وقوله:عليك السالم بال مال ... يا نجمة البحر واألمل

وقوله في القربان األقدس:لك التسبيح والشكران ... لك المجد يا سر القربان

1900 أيلول من السنة 13توفي الخوري يوحنا رعد في فقدت الشهباء أحد1889 شباط من السنة 19وفي

كهنتها الموارنة اإلجالء )القس اغوسطينوس عازار( درس العلوم في مدرستنا االكليريكية في غزير وكان يسمى

جرجس وبرع في اللغة العربية فلما عاد إلى وطنه انقطع إلى التدريس والتأليف ونقل الكتب العربية وخدم اآلداب نحو عشر سنين. ومن تآليفه كتاب خالصة المعرفة في

في بيروت. وله1886أخص قضايا الفلسفة طبع سنة ديوان شعر أخذته يد الضياع إال بعض القصائد التي نشرت

في المجاميع األدبية. فمن قوله في رثاء يذكر الموت: يزول مع الزمان من أين يرجو المرء خلدا إذ يرى ... كال

ويدفع إن الحياة لدى الحقيقة عهدها ... يمضي كلمع البرق أو هو

أسرعكل له يوم يودع أهله ... فيه وداعا مطلقا ويودع

(1/246)

ال فرق عند الموت بين أكابر ... وأصاغر حين القضاء يلعلعما هذه الدنيا لدى عيني سوى ... سفر إلى أبدية ال ترجع

إن رمت يا صاح السعادة والبقا ... فاسلك سبيل اللهصدقا تنجع

( قصيدة1888 - 1887وله في يوبيل البابا الون )سنة غراء افتتحها بقوله:

نادى المنادي بوحي الله ما كتبا ... في آية النصر إن الليثقد غلبا

ليث من األنس تخشى األرض سطوته ... في الغربوالشرق إن عجما أو عربا

فأعجب له أسدا بالبأس منتصرا ... باألنس مشتهرا فيالكون مرتهبا

ومنها: رعيا لراع رعى حق اإلله ولم ... يبد التساهل فيما العدل

قد طلبامذ قام حق قيام في رسالته ... بهمة بلغت غاياتها األربا

ووفق الدين والدنيا بحكمته ... ولم يدع لهما عذرا وال سببا يمناه حاملة اإلنجيل ما برحت ... يسراه تعضد سادات

الورى الحسبا قوى الملوك على أعداء سلطتهم ... بكبحه الثورة الشنعاء

والغضبا وقام بجهد في العمران طاقته ... فرد ما كان منه الدهر

قد سلبا هز العصا فأراع الكفر فارتعدت ... منها العصاة فماذا لو

بها ضرباوهي طويلة بليغة ختمها بهذا التاريخ:

قد حاز الوون ما التاريخ ينشده ... اسما مدى الدهر يبقىذكره عجبا

ولم يتأخر األكليروس السرياني الكاثوليكي في نهضة

اآلداب العربية في ختام القرن التاسع عشر ففي سنة1874 توفي البطريرك )فيلبس عركوس( وكان متضلعا

بعدة لغات شرقية وغربية. له كتاب مخطوط عنوانه قوت النفس فيه إرشادات ومواعظ. فخلفه السيد البطريرك

-1818)اغناطيوس جرجس شلحت( الحلبي األصل )ة وعزز الموسيقى1891 ( اشتهر بالعلوم الطقسي

ة. ومن آثاره الطيبة كتابان أحدهما يحتوي على الكنسية واآلخر ضمنه تاريخ الكنيسة مواعظ وخطب ديني

الشرقية. هذا فضال عن عدة كتب طقسية سعى بتنقيحهاة والعربية. وطبعها في السرياني

(1/247)

وقام من بعده السيد )اغناطيوس بهنام بني( الموصلي ) ( درس في رومية العظمى ونال شهادة1897 - 1891

الملفنة في الالهوت والفلسفة. وقد نشر في مطبعة اآلباء الدومنكيين في الموصل كتابا أثبت فيه حقيقة الكنيسةة النفيسة في حقيقة الكنيسة وله الكاثوليكية دعاه الدر

نة ألبرشية الموصل السريانية. في رئاسة كتاب كلندار السبطرس وخلفائه األحبار الرومانيين.

ن الشام في أواخر ذلك العصر خبران جليالن من وزي الطائفة نفسها أعني السيد )تاؤفيلس أنطون قندلفت(

( الذي تعين مطرانا على طرابلس1898 - 1836الحلبي ) وسكن بيروت. وله تركة علمية واسعة منها دينية كالسراج

الوهاج في سنة الزواج والرأي األمين في حل بعض المشاكل الزيجية عند الشرقيين وكتاب مواعظ دعاه

عقود الجمان في شرح قانون اإليمان في ثالثة مجلدات أردفه بكتاب القالدة الدرية في شرح الوصايا اإللهية

وكتاب القيثارة الشجية في التسابيح اإللهية جمع فيه تسابيح وأناشيد تقوية أدرجها في الكنائس وكل هذه

الكتب إال األخير نشرت. بالطبع أما كتبه األدبية فمنها رواية ظريفة تدعى الذميم والذميمة وكتاب الذكرى لمن

اعتبر يحتوي انتقادات وحكما وشذرات أدبية بالنثر والنظم لم يطبع. وله عدة مقامات وقصائد وروايات طبعت في

مجلة النحلة وفي بعض المجاميع فمن قوله في مدح أحدأدباء اآلستانة يوسف نعمة الله جد:

ما لي وللدهر دعني أنني ثمل ... من راح أهل الوفا والفهم والكرم

من جدهم جاد واستعلت معالمهم ... حتى غدا فضلهم نارا على علم

من أهل جد فتى رام العلى فعال ... بالفضل والعقل واإلحسان والشيم

سمي رأي سني الفكر ذو حذق ... في وصف جانبه قدحار كل فم

وله مجيبا لقدسي زاده قدري بك وكان أرسل إليه قصيدة يعرب فيها عن أشواقه إلى وطنه وخالنه في الشهباء

أولها:يا راقيا يبغي ذوى الشهباء ... ومعرجا للبلدة البيضاء فوجه المطران انطون إليه بهذه القصيدة من بحرها

وقافيتها:يا صاعدا أوج العلى بثناء ... ولواك منعقد على الجوزاء

(1/248)

وسواك يبغي المجد لكن جده ... هيهات مثلك يا ذرىالفضالء

حسب وفضل قد جمعت كليهما ... مع رقة ومكارم وسناءاء أوليتني اإلحسان بالتوديع في ... مصر بخير قصيدة غر

فيها الحنين إلى المواطن والحما ... وإلى األفاضل منبني الشهباء

فلثمتها وتلوتها ونشرتها ... وحسبتها من أوجه النعماءومنها:

أنت المالذ آلل قدس وأن ... ت الفخر لألوطان يا موالئي لم تنس شيمتك الكريمة دائما ... بالحل والترحال دون

وفاء فلتفتخر حلب بعبد القادر م ... القدسي على األقطار

واألنحاءوختمها بقوله:

خذها لرد صدى الوداد على الندى ... من ذي وفاء ودهبصفاء

وأصفح بفضلك عن قصوري إنني ... في كنف عفوك قدوجدت حمائي

وزاد على من سبق ذكرهم شهرة السيد )اقليميس يوسف تشرين23داود( ولد في الموصل من أسرة كلدانية في

وبعد أن درس فيها مدة في مدرسة1829الثاني سنة اآلباء الدومنيكيين ثم في مدرسة اآلباء اليسوعيين في

غزير أتم دروسه في رومية وحاز السبق على أقرانه في العلوم الدينية والدنيوية ثم انضوى إلى الطائفة السريانية

وعاد إلى وطنه وعلم عدة سنين في مدرسة اآلباء الدومنيكيين فتخرج عليه كثيرون عرفوا بآدابهم ومنشآتهم ووكل المرسلون إليه نظارة مطبعتهم وإصالح منشوراتها

فقام باألمر أحسن قيام واهتم بطبع تآليف جمة ال تزالة اهتمام العبد واسطة قالدتها. وقد اهتم باألعمال الرسولي الصالح فخدم النفوس بالمواعظ والكتابة والتأليف وإنشاء

المدارس إلى أن عهد إليه الكرسي الرسولي تدبير

ى دعوته مرغوما. وآثاره العديدة في أبرشية دمشق فلب الفيحاء ال تزال تنطق بفضله وهناك أقيم له نصف تمثال

من الرخام في الدار األسقفية التي زانها بفضائله وعلومه . وقد1890 آب 4 إلى تاريخ وفاته في 1878من السنة

ازي ذكر استوفى جناب الفيكنت فيليب نصر الله طر أعماله في كتابه القالدة النفيسة في فقيد العلم والكنيسة

الذي طبعه في(1/249)

وهناك تجد جدول تآليفه المطول.1891مطبعتنا سنة ومجموع آثاره العلمية في كل الفنون والمعارف العصرية تنيف على الثمانين تأليفا أو تعريبا أو إصالحا وتنقيحا. بينها قسم واسع في اآلداب العربية من صرف ونحو وعروض

ة ونثرية لعله أول من زود وخطب وتاريخ وآداب شعري المدارس الكاثوليكية بكتب تعليم منقحة. وتعريبه لألسفار المقدسة ينبئ بفضله العميم. وأما آثاره بالسريانية فتكاد

ال تحصى. وله حتى يومنا عدة تصانيف لم تنشر بالطبع مع كثرة فوائدها. وكان للسيد اقليميس داود مقام جليل بين العلماء األجانب يقدرون قدره في كل األبحاث الشرقية

وقد رثاه كثيرون بالمراثي النفيسة ومن أجودها قولالدكتور لويس صابونجي:

وترثي دمشق الشام فقد عزيزها ... مع الموصل الحدباءإذ قام مشهد

سأبكي عليه ما تقطر مدمعي ... وراح يمام في األراكيغرد

بكته طروس واليراع ونثره ... وناح عليه الشعر إذ باتد ينش

بكته علوم األولين بأسرها ... بدمع غزير سيله ال يجمد وراح عليه المجد يبكي تأسفا ... وقلب المعالي بالمرائر

يفسد وراح من السريان مجمع شرفة ... يقر له بالفضل في ما

يحدد ومجمع واتيكان يندب فقد من ... لديه تقاليد الطوائف

توجدوهي طويلة منها قوله في قير الفقيد:

عليك سالم الله ما ضاء فرقد ... ودمت بقطر الغيثتسقى وتقصد

سألت الهي أن يمن بفضله ... علي بتقبيل الضريح فأحمدد واغسل ذاك القبر بالدمع فرجة ... ألن غليلي بالدموع يبر

وممن اشتهر بين كهنة السريان الخوري )يوسف معمار باشي( المارديني تلميذ مدرسة بروبغندا ودير الشرفة

وسطر أخبار رحلته في كتاب1880رحل إلى أميركا سنة دعاه إرشاد القريب والبعيد إلى معرفة العالم الجديد.

.1879توفي سنة وكذلك عرف كاهن فاضل كان من تالمذة مدرستنا فيل( غزير ومدرسة الشرفة الخورفسقفوس )ميخائيل دال

تولى كتابة األسرار للبطريرك جرجس شلحت زمنا طويال وكان شاعرا مجيدا. ومن آثاره روايات أدبية كإحسان

اإلنسان(1/250)

والنفح في الفتى المهاجر والفتاة الخرساء. وله ديوانشعر غير مطبوع فمن أقواله الزهدية:

ه يزول أرى الدنيا بهاها ال يطول ... وزخرفها برمت

تها وبهجتها خيال ... وزهر الحقل برهان دليل فعز فهذا الزهر عند الصبح يزهو ... ويفتك في المساء به

الذبولمول فكيف الناس في لهو حيارى ... ورأسهم تدور به الشأال ليت األنام يعون قولي ... ففي األخرى لهم خير جزيل

وقال من قصيدة طويلة في مديح الوون الثالث عشر:حبرنا الوون من قدرا سما ... وتعالى سؤددا دون مثل

من حباه الله أوفى منحة ... إذ رآه مستحقا للنحل خلف المغبوط شمعون الصفا ... من مفاتيح السماوات

اقتبلفبغى نصرا لحق الدين في ... كل حال منه ال يهوي بدل

وأزاح الستر عما قد فشا ... من ضالل الكفر في كلمحل

إن أقل فيه ختاما قد غدا ... محور الدنيا عليه ال جدل.1894توفي القس ميخائيل دالل سنة

وقد جارى األكليروس الكلداني اخوتهم السريان في رفع لواء اآلداب إال أن همتهم كانت مصروفة إلى لغتهم فإن

مطبعتهم في الموصل عنيت خصوصا بنشر اآلثار الكلدانية. على أن )جرجس عبد يشوع خياط الموصلي(

كان يتقن اللغتين السريانية والعربية وله في كلتيهما مصنفات. ومن تآليفه العربية مجموع بالنثر والنظم إلفادة

طلبة المدارس دعاه روضة الصبي. وله فصول في ( وذيلهBelezeالتواريخ القدسية عربه من تاريخ بيليز )

وطبعه في مطبعة اآلباء الدومنيكان. توفي السيد عبد.1899يشوع سنة

وممن عني من الكلدان بنشر اآلثار العربية القس يعقوب نعمو نشر كتابا جليال للبطريرك النسطوري ايليا الثالث

المعروف بابي الحليم ابن الحديثي في القرن الثالث عشر

يدعى التراجم السنية لألعياد المارونية يحتوي عددا منأنفس الخطب الدينية

(1/251)

وأبلغها كلها مسجعة يقر لها بالبالغة كل من يسمعها. وقدنشرنا في المشرق خطبا له لم نجدها في هذا المجموع.

أما الروم األرثذكس فقد أشتهر في أكليرسهم باآلداب العربية السيد )جراسيموس يارد( مطران صيدانيا ومعلوال

وبعد درس في1840زحلة. كان مولده في راشية سنة مدرسة طائفة في دمشق علم في مدرسة حماة ثم

لتدبير أو نطش ملته فيها1858أرسل إلى موسكو سنة فوجهت إليه الدولة الروسية أنظارها ودعته إلى تدريس

اللغات الشرقية في مدارسها فقد ألف هناك كتبا بالروسية طبعت على نفقة الدولة منها تاريخ فوطيوس

عاد إلى بالد الشام1883في نظر الروم. وفي السنة وخدم الكرسي األنطاكي بنشاط حتى رقي إلى رتبة

فدبر ابرشيته عشر سنوات وكانت1889األسقفية سنة . ومما تركه من اآلثار تعريف1899وفاته في أيلول سنة

كتاب خالص الخطاة ورواية إقرار بيالطس وكراريس فيالرتب والطقوس واألعياد الكنسية. وكان خطيبا مفوها.

البستانيون نقدم ذكرهم على بقية األدباء العالميين الذين اشتهروا في

ترقية اآلداب العربية في الربع األخير من القرن التاسع عشر. وكان أشهرهم المعلم )بطرس البستاني( ألنه ولد

من عائلة1819في الدبية من إقليم الخروب سنة مارونية وجيهة وفي صغره تلقى العلوم في مدرسة عين

ورقة وهوريد االنتظام في سلك األكليروس ثم جنح إلى البرتستانية وأخذ عن مرسليها المعارف المستحدثة

ودرس عليهم العبرانية وعلم في مدرسة أعبيه لرسالتهم األمريكية وأظهر من االجتهاد في التحصيل والبراعة في التعليم ما حببه إلى أصحاب تلك الرسالة كالدكتور عالي

سميث والد الدكتور فان ديك فأستدعوه إلى بيروت بمؤازرتهم في أعمال مطبعتهم فساعدهم في عدة تآليف أخصها ترجمة التوراة من العبرانية إلى العربية وتولى مدة منصب الترجمة في قنصلية أميركا ثم تفرع للتأليف ووضع

عددا من الكتب المدرسية في الصرف والنحو والحساب ثم باشر بقاموسه المطول المعروف بمحيط المحيط واختصروه في قطر المحيط فنال من السلطان عبد

العزيز الوسام المجيدي من الطبقة الثالثة ومبلغا وافرامن المال كجائزة على عمله.

(1/252)

ولما رأى الصحافة في سورية ضيقة النطاق عدل إلى إنشاء الصحف فحرر مع آله الجنان والجنة والجنينة وكان الجنان مجلة تتضمن المباحث السياسية الحرة والمقاالت العلمية والتاريخية واألدبية ثم عهد إلى ابنه سليم مواصلة

هذا العمل وأبتدأ أول دائرة علمية ظهرت في اللغة العربية فأبرز منها سبعة أجزاء قبل وفاته. وكان المعلم

بطرس مع وفرة هذه األعمال يتعاطى التدريس فأنشأ في بيروت مدرسته الوطنية التي نالت بهمته نجاحا إلى أن

اضطرته أعباء األشغال إلى انتداب ابنه سليم إلى إدارتها ثم أقفلت بعد حين. وكانت وفاة المعلم بطرس فجأة في

وممن رثاه الشيخ خليل اليازجي1883غرة أيار سنة

فقال من قصيدة: يا قطر دائرة المعارف والحجى ... ومحيط فضل فاض

في إمداده تبكي العلوم عليك واللغة التي ... بقريضها توثيك في

إنشاده فإذا المحيط بكاك لم يك دمعه ... دون المحيط يزيد في

إزبادهخذا له ... دمعا يسيل عليك من يبكي الحساب عليه مت

أعداده تبكي المدارس والجرائد حسرة ... والشرق بين بالده

وعباده نشبت مخالب المنون في نجله1884وفي السنة الثانية

)سليم البستاني( وكان سليم يتقيل أباه في نشاطه وهمته وآدابه وقد ساعده في تحرير مجلة الجنان فكتب فيها

فصوال واسعة وتولى إدارة صحيفة الجرائد وأنجز الجزء السابع من دائرة المعارف ونشر الجزء الثامن. ولم يظهر

من هذا التأليف بعد ذلك إال ثالثة أجزاء تولى نشرها شقيقاه البستانيان نجيب ونسيب وال سيما أن عمهم

سليمان النابغة الشهير المتوفى حديثا ولعل الباقي أن ينشر أبدا. وكان األجدر بمؤلف هذه الدائرة أن يقسم الشغل على جملة من الكتبة فيتولى كل منهم تحرير

القسم الخاص به فأن ذلك كان أضمن إلنجازها فضال عن كونه أشمل لموادها وأوفى بفوائدها فإن هذه الدائرة مع محاسنها بعيدة عن الدوائر األوربية التي يتوالها قوم من االختصاصيين. ومن أكبر خللها أن موادها الشرقية فان

مؤلفيها نقلوا خمسة أو ستة من الكتب العربية الشائعة ولم يعنوا بالبحث عن كثير من المطالب التي تهمنا من

تاريخ بالدنا. ولسليم البستاني روايات قصصية نشر كثيرا منها في

الجنان وروايات تمثيلية كرواية اإلسكندر وقيس وليلىجرى تمثيلها في الجمعية السورية وكان أحد أعضائها

(1/253)

الممتازين. ونشر أيضا باسمه تاريخ فرنسة بمجلد كبير وإنما الفضل في تأليفه لجناب الشيخ خطار الدحداح.

وكان مولده1884 أيلول 13توفي سليم البستاني في وكان في العربية أحد1848 سنة 1 ك28في اعبيه في

المتخرجين على الشيخ ناصيف اليازجي. وممن شرفوا األسرة البستانية بآدابهم دون أن تصيبهم

في دينهم شائبة كالمعلم بطرس وابنه سليم السيد الجليل )بطرس البستاني( رئيس أساقفة صور وصيدا. على

( وأحد تالمذة عين ورقة خلف1899 - 1819الموارنة ) عمه المطران عبد الله البستاني منشئ مدرسة مشموشةة في تدبير كرسي صور وصيدا وكان متضلعا بالعلوم الديني

والفقهية واشتهر بتعليم الحقوق والفرائض واتخذه مدة السيد البطريرك بولس مسعد لكتابة أسراره إلى أن

واستصحبه إلى رومية في رحلته1866سامه أسقفا سنة احتفاال بالتذكار المئوي الستشهاد1867إليها سنة

لحضور1870القديسين الرسولين بطرس وبولس وسنة .1899 تشرين الثاني 2المجمع الواتيكاني. توفي في

وقد اشتهر من األسرة البستانية غير هؤالء سيأتي ذكرهم في تاريخ آداب العربية في القرن العشرين. فإنهم إجماال

قد حققوا معنى اسمهم فأغنوا اآلداب بما غله بستانهم منة. األثمار الجني

ومن مشاهير لبنان في األدب وفنون الكتابة )يوسف حبيب باخوس( الكسرواني الغزيري من األسرة الباخوسية

في غزير وفيها1845 أيار سنة 5الشائعة الفضل ولد في في ريعان شبابه وقد أدى لآلداب1882توفي سنة

العربية مع قصر حياته خدما مشكورة. فانه بعد أن تلقن العلوم في مدرسة مار عبدا هرهريرا قريبا من عرامون

انقطع مدة للتدريس في مدرسة عينطورا ثم في مدرسة الحكمة في بيروت حتى انتدبته حكومة دولة إيطالية إلى

تحرير جريدة عربية في كالياري من أعمال سردينية فرضي بذلك وباشر بالعمل وأنشأ جريدة )المستقل(

وحررها سنتين. ثم حرر جريدة البصير في باريس خدمة للمصالح اإلفرنسية وقد أصابت الجريدتان بهمته بعض

النجاح لوال أن المرض أحوجه إلى مغادرة القلم لالهتمام بصحته. فرجع إلى وطنه وما نشب أن توفى. وقد نشر

المشرق ترجمته مطولة بقلم أحد آله األدباء نحيب أفندي ( وهناك عدة497 و151( : 1902 )5باخوس )المشرق

مقاطيع نثرية وشعرية تشهد له بانسجام الكالم ورقةالنظم والتفنن في الكتابة فعليك بها. وكذلك مر لنا(1/254)

(348( : 1900 )3وصفه في باريس )في المشرق :3( وقصيدته في حكمة النفس )462: 3ولدمار بومباي )

( وليس في اإلعادة إفادة.322 رزئت اآلداب بأحد أبناء عائلة شريفة1883وفي السنة

في بيروت المرحوم )سليم بن موسى بسترس( كان1839 آب سنة 29مولده في بيروت في وأقبل صغيرا

على درس اآلداب العربية وبعض اللغات األجنبية وفي تجول في أنحاء أوربة وزار عواصمها. وقد1855السنة

وصف رحلته في كتاب طبعه في المطبعة السورية دعاه

ة. ثم تعاطى بعد ذلك النزهة الشهية في الرحلة السليمي األشغال التجارية في اإلسكندرية ثم انتقل إلى إنكلترة

وسكن ليفربول ولندن واتسعت هناك أشغاله وعرف بفضله وسخاء يده فتوفر عدد أصحابه بين وجود البالد وأعيانها ونال من محاسن اإلمبراطور إسكندر الثاني

التعطفات الفائقة وحاز االمتيازات الخاصة وكذلك الدولة العثمانية منحته أوسمتها العالية الشأن. وكانت وفاته في

لكن جثته نقلت إلى بيروت1883 شباط سنة 3لندن في فدفن في ضريح عائلته وقد رثاه كثير من األدباء نثرا

ونظما بنخبة األقوال التي جمعت في كتاب خاص. فمن رقيق ما قيل عن لسان الفقيد عند نقل جثته إلى بيروت

أبيات اللياس أفندي نوفل:قم أن يسطو على بدني ... قد رق حتى لما قضى الس

رأيت الروح تشقلني فقلت: ال تدفنوا جسمي بغربته ... فالشرق أقربه تربا إلى

عدن هناك فوق رباه خير من تركت ... عيني وتحت ثراه خير

مرتهن قد جئتكم أثرا يا جيرتي موانا م ... العين التي شخصت

لألهل والوطن فعند مشهد نعشي فاندبوا أسفا ... صباي أو عند قبري

فاذكروا زمني أودعت جسمي لديكم في الممات وكم ... أودعتكم في

حياتي القلب في شجني فاستعطفوا الله من أجلي فرحمته ... هي الغناء لنفسي

يوم يحشرني وكان سليم دي بسترس شاعرا له منظومات متعددة جمع

فيها بين سالسة الكالم ولطف المعاني. فمما استحسناهمن نظمه قوله وفيه ما يدل على إيمانه:

ال شيء غير نفوسنا يتخلد ... تلك البقية غيرها ال يوجدد وسواؤها فوق البسيط كله ... يفنى وضمن ترابها يتوس

(1/255)

وروح إله الكون أرسلها إلى ... جسد الفنا نورا به يتوقد فتقود ذاك الجسم في طرق الهدى ... وترى له الحق

المبين وترشدحتى إذا كملت مواعيد لها ... نادى بها عودي إلي فتصعد وتفارق الجسم الذي سجنت به ... بحياته وإلى السعادة

تقصدحتى إذا تم المعاد وقد أتى ... يوم به كل الخالئق تحشد تعطي إلى رب العباد حسابها ... في محفل فيه المالئك

تشهد في ساعة يا هولها من ساعة ... أن لم تكن فيه الفضائل

تعضد وتبيت مع طغمات أجناد العال ... تجثو إلى العرش المنير

وتسجد وتشاهد المجد المشعشع نوره ... وتسبح الرب العظيم

وتحمدوله تهنئة في عام جديد:

ة والوداد أتى العام الجديد يزيد عاما ... بتاريخ المحبعلى قدر السنين إليك يهدى ... تحيات السليم على بعاد

تنا تدوم على اتحاد اسر بكل عام حيث فيه ... محب وإن كنت البعيد فان قلبي ... على طول المدى بين

األياديأوكله ينوب اليوم عني ... بتقديم التحيات الجداد

المعلم إبراهيم سركيس هو أخو الوطني الشهير خليل أفندي سركيس صاحب

مطبعة اآلداب ومنشئ جريدة لسان الحال كان مولده في من عائلة مارونية إال انه درس على1834اعبيه سنة

المرسلين األمريكان فجنح إلى مذهبهم وصار أحد شيوخ الكنيسة اإلنجيلية في بيروت وعلم في إحدى. مدارسها.

ثم اشتغل عدة سنين في مطبعة األمريكان فأحكم صناعة الطباعة وتولى تصحيح المطبوعات ومبيع الكتب إلى أن

1885 نيسان سنة 10توفي في . وكان ذكي الفؤاد محبا للعلوم محسنا للكتابة وقد نفع مواطنيه بعدة مصنفات

تأليفا وتعريبا أخصها الدر النظيم في التاريخ القديم والدرة اليتيمة في األمثال القديمة وصوت النفير في أعمال

اسكندر الكبير واألجوبة الوافية في علم الجغرافية وأوضح األقوال في متلف الصحة والصيف والمال وتحفة األخوين

إلى طلبة اللغتين )عربي وإنكليزي( . وله تآليف أخرىدينية.

(1/256)

وكان ينظم أيضا فمن منظوماته ترانيم روحية في مجموع أغاني البروتستانت. هذه ترنيمة منها في الحرب الروحية:

1هلم جميعا قريبا بعيد ... فها صوت بوق ألجل القتال

جنود األعادي نراها تزيد ... فهاتوا سالحا لذاك النزالقرار

مرنمين نحن مرنمين ... سيوفكم احملوا هاجمينهو ذا الحرب شديد طويل ... سيروا بقوات رب إسرائيل

2

- عدوي أمامي بصف القتال ... فأثبت ال عن طريقي أحيدونغمتنا قوتي ذو الجالل ... فسيروا بإيمان عزم وطيد ...

ومما نظمه فنشره تحت رسمه: وإن نقض البيت الذي أنا ساكن ... فلي في السما بيت

من الله قد بني ونفسي تحيا عند فادي دائما ... وإن يكن الجسم الترابي

قد فني

إسكندر ابكاريوس كاتب آخر1 ك23 في 1885وتوفي في هذه السنة

أصاب بعض الشهرة في أوربة فضال عن الشرق بمنشوراته العربية أعني به إسكندر أغا ابكاريوس وكان

أبوه يعقوب بن أبكار أرمينيا غريغوريا ذا شأن يسكن بيروت فلما مات أرخ وفاته الشيخ ناصيف اليازجي سنة

بقوله:1845 مضى إلى الله من طابت سريرته ... بالله وهو بعفو الله

مصحوب فقل لمن جاء بالتاريخ يطلبه ... قد صار في حضن إبراهيم

يعقوب ونشأ ابناه اسكندر ويوحنا على حب اآلداب منذ حداثتهما

وجال اسكندر في أنحاء أوربة ثم عاد إلى بيروت واشتغل بالتأليف ثم دخل مصر وخدم أصحابها ومدحهم فأجازوه

بتقليده عدة مناصب. وتوفي اسكندر في أواخر سنة في بيروت وكان أتى إلى وطنه طلبا للعالج من1885

مرض السحج. وله مصنفات مفيدة أنبأ في تأليفها بحسن ذوقه وكثرة مطالعته منها كتابه )نهاية األرب في أخبار

ثم زاد عليه1852العرب( طبعه أوال في مرسيلية سنة .1867وجدد طبعه في بيروت في المطبعة الوطنية سنة

كتاب روضة اآلداب في طبقات شعراء1858وألف سنة

(1/257)

العرب قرظه من األدباء منهم الشيخ أبو حسن الكستيحيث قال من أبيات:

لله روضة آداب لقد جمعت ... أوراقها ثمر األخبار والسير ناهيك من طبقات شاد محكمها ... اسكندر فاحتوت من

مبدع األثر والسكندر ابكاريوس ديوان شعر لم يزل مخطوطا وكتاب

ديوان الدواوين في أجود المتقدمين والمتأخرين وكتاب نزهة النفوس وزينة الطروس. وله ترجمة إبراهيم باشا

دعاها المناقب اإلبراهيمية والمآثر الخديوية وكلها مسجعة يتخللها الشعر في آخرها قائمة تآليفه. ومثلها أيضا المآثر

الخديوية ووزراء الحكومة المصرية نشرها في أعداد وكتاب التحفة الغراء في محاسن1874الجنان سنة

تونس الخضراء. وله تاريخ مخطوط في المكتبة الخديوية ( قدمه لمصطفى فاضل باشا وسماه نوادر171: 5)

الزمان في مالحم جبل لبنان. ومن شعره قوله يهنئ:1859الخديوي سعيد باشا لما زار بيروت سنة

فتنا فتزينت أقطارنا ... وزهت مما لها وطلب المورد شر ورت بيروت حتى أصبحت ... من نور مجدك كوكبا وتن

يتوقدوقال يمدح إبراهيم باشا:

همام كان في الدنيا فريدا ... وركنا في المهمات العظاموال زالت وقائعه المواضي ... مخلدة على طول الدواموقائع لو رآها الطفل يوما ... لشاب لهولها قبل الفطام

وقال في محمد توفيق باشا إذ كان ولي العهد:يا من به آمالنا تتعلق ... ونفوسنا للقائه تتشوق

فيك الفضائل واللطائف والتقى ... والمكرمات وكل حسن

يرمقها لم تجتمع فيك المحاسن إنما ... منك المحاسن كل

ق تتفرة ... وغدا جبين العصر فيكم تاهت بكم مصر السعيدة عز

يشرقال زالت للقصاد أحسن كعبة ... وطريق رزق بابه ال يغلق

(1/258)

وأسلم ودم في غبطة وسعادة ... وتدام مأموال وأنتموفق

أما )يوحنا ابكاريوس( أخو اسكندر فانه عاش بعده إلى وتوفي في سوق الغرب في لبنان وقد جارى1889سنة

أخاه اسكندر بتآليفه منها كتاب قطف الزهور فمن تاريخ الدهور طبع غير مرة في المطبعة األمريكية وقد تأسفنا

لكون مؤلفه ضمنه بعض الفصول التي تحط من شأن الكنيسة. وله كتاب نزهة الخواطر جمع فيه عدة أخبار

. ومن1877ومقاطيع أدبية وقصص شائقة فطبعه سنة آثاره معجم إنكليزي عربي مطول اختصره لطلبة

المدارس وقد عرب أيضا لألمريكان بعض كتبهم الدينية.

أديب إسحاق كان من الطائفة األرمنية الكاثوليكية دمشقي األصل ولد

في الفيحاء وتعلم في مدرسة1856 سنة 2 ك21في مرسليها اللعازريين اللغتين الفرنسوية والعربية ثم أغرم

بالكتابة واإلنشاء ونظم الشعر منذ ريع شبابه وقدم بيروت ودرس في مدرستنا القديمة في حي الصيفي ثم اجتمع

بقوم من شبانها العصريين فنزع منزعهم واشتغل

بالسياسة والتأليف ثم انتظم في سلك جمعية أنشأها وكان المترجم من أخص أعضائها1873الماسون سنة

العاملين وقد ألغتها الحكومة مدة لتطرف أصحابها وطعنهم في الحكومة والدين كمألوف عادتهم. ثم تولى

تحرير جريدة التقدم فضمنها فصوال ثورية دحضتها جريدة البشير. ثم تنقل بعد ذلك فسافر إلى فرنسة ثم عاد إلى

ر في مصر وكتب عدة جرائد وأنشأ جريدة مصر وحر جرائدها إلى أن أصيب بداء السل فاقفل راجعا إلى

سواحل الشام ولم يلبث أن توفي في قرية الحدث قريبا وهو في عز شبابه1885 حزيران سنة 12من بيروت في

ودفن دفنا مدنيا. وكان أديب إسحاق سلس القلم سريع الخاطر ذلق اللسان إال أن مجاهرته بمعاداة الدين وأتباعه

للتعاليم الماسونية أظلما عقله وأفقداه أصالة الرأي وسداد الفكر في أمور كثيرة. وكان إنشاؤه عصريا يتشبه فيه بإنشاء كتبة الفرنج وهانحن نذكر من نثره فقرة كتبها في )الجزويت( تفكهة للقراء وبيانا لما أقربه من صفاتهم

وهو ألد أعدائهم. )ما أدراك وما رهبانية الجزويت؟ طائفة من أهل الكهنوت على مذهب الكاثوليك يبلغ عددهم ثمانية آالف أو يزيدون

)اليسوعيون اليوم ثمانية عشر ألفا( ... وهم أهل العلم والسياسة )كذا( والذكاء واالجتهاد والهمة والفضل والثبات

والبأس ال يعارضهم في ذلك معارض وال(1/259)

يدرك شأوهم فيه. ينشئون المدارس ويجلبون المنافع ويكشفون الغوامض ويستخرجون أسرار العلوم منتشرين في أقطار األرض واصلين بياض النهار وسواد الليل سعيا

في تعليم الجهالء وتهذيب المتوحشين وتمدين األقطاروجمع آثار المعارف( .

ثم شوه الكاتب هذه المحامد بما نقله من تهم أعداء الجزويت فجعلها على لسانهم مع كونها مضادة تماما

للفقرة السابقة فروى عن أولئك الخصوم أن الجزويت )يجيزون الكذب ويتسامحون في السرقة ويحللون القتل(

إلى غير ذلك من الترهات التي تضحك الثكلى وأبطلها الكاتب من حيث ال يدري بنسبتها إلى أعداء الدين فقال: )وذلك بعض ما يدعيه أعداء الجزويت وما أعداؤهم بقليل

فان فرقة البروتستانت وهي ألوف ألوف وجماعةة الضمير أي الذين ال يدينون بدين كل الماسون وأهل حري

هؤالء لو تمثل لهم الجزويتي في الماء لما وروده وانكانوا ظماء!!!( .

وكأن بالكاتب أحس ما نقله مثل هذه السفاسف من العار فألقى التبعة التبعة على القائلين كأن الناقل ال يحتاج إلى

التروي في صحة ما ينقله ال سيما بعد مدحه للجزويت وإقراره بما عرفه من )الفضل والهمة والثبات وتعليم

الجهالء وتهذيب المتوحشين( فقال يبرئ نفسه مما نقل جزافا: )وإنا لنبرأ من موافقتهم على جميع ذلك أو على بعضه وال تبعة علينا في الحكاية نحن ننقله وليس على

الناقل من سبيل )كذا(( . وألديب إسحاق شعر حسن نختار منه قوله في وصف

المرأة:حسب المرأة قوم آفة ... من يدانيها من الناس هلك

ورآها غيرهم أمنية ... ملك النعمة فيها من ملكفتمنى معشر لو نبذت ... وظالم الليل مشتد الحلك

وتمنى غيرهم لو جعلت ... في جبين الليث أو قلب الفلكوصواب القول ال يجهله ... حاكم في مسلك الحق سلك

إنما المرأة مرآة بها ... كل ما تنظره منك ولك

فهي شيطان إذا أفسدتها ... وإذ أصلحتها فهي ملك وقد جمع األديب جرجس أفندي نحاس منتخبات من إنشاء

األديب فطبعها(1/260)

بكتاب الدرر وأعاد فيها النظر أخو المترجم عوني بك اسحق. وللمترجم غير ذلك من التآليف ال سيما رواياتعربها أو صنفها كاندروماك ورواية الباريسية الحسناء.

الياس صالح أيلول. وهو إلياس بن15 في 1885توفي أيضا في سنة

في1839 2 ك26موسى بن سمعان صالح ولد في الالذقية من أسرة وجيهة من طائفة الروم األرثذوكس وبعد دروسه مبادئ العلوم في وطنه تمكن بكده وذكاء طبعه وثباته من التأليف ونظم الشعر وخدم عدة سنين كترجمان القنصلية األميركية وكعضو في محكمة الدولة

التركية. وسافر إلى مصر ومدح حضرة الخديوي إسماعيل بقصيدة مطلعها:1875باشا سنة

البشر في قطر مصر فاح عاطره ... واليمن قد نورت فيهأزاهره

يقول فيها: رب المكارم إسماعيل من شرفت ... به المعالي وزاتها

مفاخره مولى علي أثيل المجد باذخه ... شديد عزم سديد الرأي

باهره منيف فضل وريف العدل ناشره ... كثير حلم غزير الجود

زاخره

هموم كل كئيب فهو فارجها ... وكسر كل كسير فهوجابره

ى سار ركابه السعد باإلقبال يخدمها ... وجيشه الله أنناصره

كانت وفاة الياس صالح في وطنه وأبقى من بعده آثارا منها نظم المزامير عني نجله رفيق أفندي بطبعه وله

تاريخ مطول لمدينة الالذقية وطنه لم يطبع وعرب عدة تآليف تاريخية من اإلفرنسية وله ديوان شعر. وكان متقنا

للغة التركية فعرب بعض تآليفها كالدستور الهمايونيوقوانين الدولة.

وكان المرحوم الياس صالح تقيا متعبدا للعذراء وقد نظم -134في مديحها عدة أناشيد نشرت في ديوانه )ص

( كقوله:144نم كل من في مدح مريم ... قد تغنى وتر

من خطوب الدهر يسلم ... آمنا كل المعاطب(1/261)

زاد في الدنيا بالئي ... وحتى ظهري شقائيبك علقت رجائي ... يا رجا أهل المتاعب

ية ة ... ملتجى كل البر أنت في كل بليمن دعاك يا تقية ... فهو ال يرتد خائب

في الخطايا ضاع عمري ... ونما جهلي وشريلك قد سلمت أمري ... فاقبلي من جاء تائب

واللياس المذكور سمي آخر عرف مثله بالياس صالح من ملته ولعله من قرابته اشتهر بعده بقليل. ولد في بيروت

وتلقى العلوم في الكلية1870 وقيل 1869سنة األميركانية ونبغ في العربية إال أن الموت لم يسمح له

2بخدمة اآلداب زمنا طويال فقصفته المنية غصنا رطبا في وكان سافر إلى مصر فكتب في1895حزيران سنة

جريدة المقطم وله قصائد كثيرة وكان سلس النظم مبتكر المعاني يقول الشعر عفوا وكان حر األفكار يجاري في ذلك بعض المحدثين. وله قصيدة في الحرية مزج فيها

الغث بالسمين. ومن أقواله الزهدية الحسنة ما ورد له فيجملة موشح:

يا إلهي من ذنوبي والخطا ... ملئ الدلو لعقد الكربوفد الشيب بفودي وخطا ... وأحاطت بي دعاوى الكرب

يا مليكي في يدي قد سقطا ... وأنا بعد أنا لم أتبإنما في دم فادي إال نما ... أرتجي تطهير كل الدنس فهو عوني كلما الخطب طما ... وادلهم الهم وسط

الحندسومن ظريف قوله لغز في اسمه )الياس صالح( :

أفصح لنا يا صاحبي ... ولك منا المننما أسم فتى تفسيره ... قطع الرجاء حسن

وله في ذم النحو متفكها:ماذا الذي يهمني ... أن قام زيد أو قعدأو أن ذهبت ماشيا ... أو راكبا نحو البلد

(1/262)

أو كان زيد مبتدأ ... أو فاعال سد المسدأو أن يكن ذا االسم يبنى م ... أو يكن هذا يهد

تصالح الفعالن أو ... تنازعا طول األبدفي النحو ال تقهرني ... إال تفاصيل العددوأفعل التفضيل كم ... قد شذ فيه وشرد

وغير هذي عقد ... تبا لهاتيك العقد

ترى بها قواعدا ... بدون معنى وزبدمختومة جميعها ... بقبس عليه ما ورد

وقال يصف سفينة سافر عليها: تلك السفينة بسم الله مجراها ... على دموعي مسراها

ومرساها تجري وفي قلبها النيران موقدة ... مثلي كأن هوى

األوطان أشجاها سكرى تميد بمن فيها فتسكرهم ... وهما فكيف إذا ذاقوا

حمياهاوليس بدع إذا سارت بنا مرحا ... فتلك جارية يهتز عطفاها

اء ها بالقار قد خضبت ... كالخود يخضب بالحن هيفاء لكنكفاها

سلطانه البحر إذ ترسو يحيط بها ... من القوارب جند منرعاياها

وإن سرت نشرت أعالمها وشدا ... صوت البخار لهااها والموج حي

طورا ترى في قرار أليم غائصة ... وتارة فوق هامالسحب تلقاها

لم أنس ليلة بتنا والرفاق بها ... نرى النجوم ولو شئنامسسناها

وحولنا الماء من كل الجهات وال ... شيء سوى الماءيغشانا ويغشاها

أنطون صقال هو أيضا أحد رجال النهضة األدبية التي حصلت في بالد

الشام في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ولد في كانون األول8 وتوفي في الشهباء في 1842 آذار سنة 3

. أقبل على اآلداب صغيرا وتعلم اللغات1885سنة الشرقية واألوربية في مدرسة عين ورقة ثم في حلب

ومالطة. وخدم في هذه الجزيرة المعارف زمنا طويال ثم رافق الجنود اإلنكليزية في حرب القريم بصفة ترجمان

. وله مراسالت نثرية ومنظومات شعرية1854أول سنة ومقاالت أدبية تنوه بفضله ووفرة إطالعه

(1/263)

على دقائق اللغة. وله ديوان شعر أكثره حكم لم يطبع. وقد نشر منه شيئا نجله األديب ميخائيل أفندي صقال في

كتابه السمر في سكان الزهرة والقمر وهو على شكل رواية فلسفية ضمنه رؤيا خيالية شخص فيها والده بعد وفاته نازال من مقامه في الزهرة ليعلمه ما يجري في

العالم اآلخر وقد ادعى فيها الكاتب بعض المدعيات الغريبة التي تبعد عن التصديق أو قل أنها تمويه وتلفيق

لوال كونها من أضغاث األحالم. ومما روى في كتابه لوالدهمن الشعر قصيدته العينية ومنها:

تدور بي األسواء لم أدر مأثمي ... وما لي إسعاف بذيالدار من عين

ودهري قد أنفقت دينار حظه ... يطالبني باألصل منهوبالعين

فيا أيها الدهر الخؤون أال ارتدع ... على أنني ما بعتكالعين بالعين

فعين الهوى دم وآخره دم ... ومعظمه ليل فما فيه منعين

لعمري هم األعيان بالعين خضع ... جشيا على عين أذالءللعين

وفيتين في المكيال والعين شأنهم ... يجودون باالرواحفضال عين العين

يرؤون في حقل األماني بذورها ... بتسكاب دمع سالكالماء من عين

وله قوله:كم أراعي النذل حلما ... وهو مشتد الخصام

وألين القول لطفا ... وهو فظ في الكالمجاز من جاراك يا م ... قلبي بقطع وانصرام

واعتزال من خان عهدا ... وأخل من سوء اتهام

نوفل الطرابلسي هو نوفل نعمة الله نوفل ولد في طرابلس الشام سنة

من أسرة وجيهة. ولما ترعرع رافق والده في1812 خدمة محمد علي باشا إلى مصر فدرس على أساتذتها ثم

29 وبعد ثماني سنين سنة 1828عاد إلى الشام سنة قتل1836حزيران

(1/264)

والده ظلما إبراهيم باشا وكان خدع بوشاية أعدائه ثم عرف غلطه فقدم نوفل ابن المرحوم وقلده عدة مناصب في بيروت وطرابلس إلى أن استقال من الخدمة وتعين

كترجمان لقنصليتي ألمانية وأمريكا في وطنه. وقضى بقية . وله تآليف1887عمره في التأليف إلى سنة وفاته سنة

حسنة تشهد له بسعة علومه وتنقيبه. طبع منها كتاب زبدة الصحائف في أصول المعارف وسوسنة سليمان في أصول العقائد واألديان وصناجة الطرب في تقدمات

العرب وهو أعظمها فائدة. ونشر عدة مقاالت في جرائد بيروت ومجالتها ال سيما الجنان. وقد عرب عن التركية

كتاب قوانين المجالس البلدية وكتابا في أصل ومعتقدات

األمة الشركسية وكتاب حقوق األمم وكتاب دستور الدولةالعلية في جزأين نال عليه جزاء من الدولة.

ومن آثاره المخطوطة )أخبار تاريخية( وهي مجموعة مفيدة من تاريخ جودت باشا التركي ومن كتاب تاريخ بربر إللياس صدفه ومن مطالعات كثيرة منها نسخة في مكتبة

الكلية األميركانية يسعى اليوم بنشرها وتذييلها جناباألستاذ أسد أفندي رستم في مجلة الكلية.

ومن أنسباء نوفل نعمة الله المذكور )سليم دي نوفل( ولد وبعد أن أحرز جانبا من مبادئ1828في طرابلس سنة

اللغة والعلوم في وطنه تعين وكيال لشركة البواخر الروسية ثم ترك الوكالة وسافر إلى أوربة وعاين التمدن

العصري في انكلترة وفرنسة. وبعد عودته إلى مسقط رأسه أكب على الدرس والمطالعة ونقل إلى العربية

وبقي على1860رواية المركيز دي فونتانج فطبعها سنة ذلك مدة إلى أن انتدبته الدولة الروسية بإشارة قنصلها

في بيروت إلى تدريس العربية في كلية بطرسبوج فشخص إليها مع أهله وأقام فيها إلى سنة وفاته في

بعد أن حصل في عاصمة الروس على1902خريف سنة عدة امتيازات نالها بفضله وسعة معارفه ومصنفاته حتى

نظم في جملة مستشاري الدولة وكان يعرف لغات متعددة يكتب فيها ويتكلم بفصاحة وال سيما الفرنسوية. ومن مصنفاته بالفرنسوية سيرة محمد صاحب الشريعة اإلسالمية وغير ذلك. وكان ينظم في العربية ومن شعره رثاؤه لوطنيه وصديقه سليم دي بسترس السابق ذكره

فقال عند نقل رفاته إلى وطنه ليدفن في ضريح أسرته: العيد وافى يا سليم إلى ما ... هذا التنائي عن الديار إلى

ما(1/265)

ما حظنا فيه التهاني وإنما ... أهدي إليك عن الدموعسالما

هاجت شجوني بعد موتك كلها ... وأسود عمري حاضراوأماما

أقفرت قلبي والديار كالهما ... أضحى ببعدك يا سليمظالما

ها ... حلم تبطن جوفه أحالما أبكيك ال أسف الحياة فإن أبكيك ال أسفا لفقد شبيبة ... مرت كما خرق الشعاع

غماما أجل الزهور موقت بصاحبها ... وذكا المالئك ال تطيل

مقاما لكنني أبكي السماحة والنهى ... أبكي العفاة إذا أتوك

زحاما أبكي الفقير على ضريحك واقفا ... يذري الدموع على

الخدود سجاماأبكي لليتيم وقوله ابن الذي ... كنا نقبل كفه إكراما

وختمها بقوله: أعجزت شعري يا سليم فال تلم ... هذه دموعي فال تسلني

كالما وقد عرف من أسرة نوفل غير المذكورين كمريم نحاس

ألفت كتاب1888 نيسان سنة 2نوفل المتوفاة في معرض الحسناء في تراجم مشاهير النساء طبع قسمه

. وكالياس أفندي نوفل من1879األول في مصر سنة شعراء العصر المجيدين وشعره متفرق لم يجمع بعد.

فمن ظريف قوله ما رثى به سليما دي بسترس:تلد الليلة البهيمة خطبا ... كل آن ولم تزل منه حبلى

جاء بالبرق صعقة الرعد تدوي ... خبرا منه أمطر الجفن

وبالبعزيز بماجد بأمير ... قد فجعنا ونحن بالشوق نصلى

قل لوحش المنون يكفيك ظلما ... قد تمادى جفاك فتكا وقتال

خير شهم أضعت من خير آل ... لو بألف فديته قلت قالوختمها بهذا التاريخ:

ربه قال يا عبادي صبرا ... مثل هذا األمين قد خرت عدالي بالصالح أرخت ترجى ... من أتاني سليم قلب تولى جنت

(1883. )

ميخائيل مشاقة الدكتور ميخائيل مشاقة1888ومن المتوفين في السنة

(1/266)

من عائلة كاثوليكية1800كان مولده في رشميا سنة ملكية وكان من المقربين إلى األمير بشير الكبير فانتقل

مع أهل بيته إلى دير القمر فلما أنس في ولده الذكاء خرجه في مبادئ اللغة والحساب ومسك الدفاتر. ثم درس

الفتى على خاله بطرس عنحوري شيئا من العلوم الطبيعية والرياضية والفلكية رافقه بعد مدة إلى دمياط

واشتغل بالتجارة وكان في أوقات الفراغ يتعاطى اآلداب ويدرس الرياضيات والموسيقى والطب فنال من كلها

حظا. ورجع إلى وطنه وخص نفسه بالطبابة والجراحة مع كونه لم يدرس الفنين في مدرسة ولم يزل يمارسهما

حتى أمكنه أن يحضر دروس مدرسة القصر العيني في فقدم فيها فحصا أحظاه بالشهادة1845مصر سنة

. ثم استوطن دمشق مع أهله وتعين1846الرسمية سنة

فيس قنصال للواليات المتحدة فيها. وكان ذلك خصوصا بمساعي المرسلين األمريكان الذين اجتذبوه إلى دينهم

وصوب السهام إلى أهل1848فهاجر البروتستانية سنة دينه وملته فقام بينه وبين الكاثوليك جدال طويل لم يزده

تموز6إال عنادا فبقي على مذهبه الجديد إلى وفاته في . وكان الدكتور مشاقة ذلق اللسان سهل1888من السنة

االنشاء لكنه كان ركيك العبارة قليل البصيرة في التاريخ والفلسفة كثير الثقة بنفسه وكان يتعقب آثار الملحدين

كفولتار وفولناي فحذا حذوهم. وله كتب مختلفة خال الكتب الجدالية السابق ذكرها منها كتاب )الجواب على

اقتراح االحباب( ضمنه حوادث بالده منذ أواخر القرن 1860الثامن عشر إلى زمانه وقد اتسع في حوادث سنة

التي كاد يذهب هو ضحيتها ونجا منها بأريحية األمير عبد القادر وكذلك أفاض في تاريخ أسرته. وهذا الكتاب قد

بعد ضبطه وتنقيح إنشائه1908طبع في مصر سنة الضعيف على يد األديبين ملحم عبده واندراوس

شخاشيري فسمياه مشهد األعيان بحوادث سوريا ولبنان. ومنها رسالته المعنونة الرسالة الشهابية في قواعد ألحان

( :1899 )2الموسيقى العربية التي نشرها في المشرق ) .. الخ( األب المرحوم لويس رنزفال وعلق عليها146

الحواشي ثم طبعه على حدة مع أشكالها ونقلها إلى اللغة االفرنسية في مجموعة مكتبنا الشرقي. والدكتور مشاقة كذلك التحفة المشاقية في علم الحساب وكتاب المعين

في حساب األيام واألشهر والسنين.

إبراهيم بك كرامةهو ابن بطرس كرامة شاعر األمير بشير الذي مر لنا

(1/267)

( ولد إبراهيم في دير القمر65 - 58 ص1ذكر ترجمته )ج وجرى صغيرا على آثاره والده وبرع1823 نيسان 9في

في العربية ودخل ديوان الكتابة في لبنان ثم سافر إلى األستانة وتوظف في جملة عمال الدولة وامتاز هناك في العلوم الشرعية وتقلد منصب الترجمة بنظارة الخارجية

إلى سورية1861مكان والده ثم جاء مع فؤاد باشا سنة ترجمانا ونائب رئاسة المجلس الذي فوق العادة. وألسباب

نفي إلى جزيرة مد لي )متلين( على أثر ذلك. وتزوج بيونانية من سكانها فولد له بطرس قائم مقام زحلة سابقا

. ثم عاد إبراهيم إلى األستانة فصار عضوا في1866سنة مجلس المعارف فاقترح عليه تأليف معجم عربي وتركي.

ومن ظريف ما مدح به إبراهيم بك قول الشيخ ناصيفاليازجي فيه لما رحل إلى القسطنطينية ليتسلم مأموريته:

خلت الديار فال كرامة عندها ... ترجى وال ابن كرامةالمعتفي

هيهات أن ابن الكرامة حل في ... دار الخالفة بالمقاماألشرف

سبحان ذي العرش المجيد فقد بدت ... في شخصإبراهيم صورة يوسف

أصلى بنار فراقه قلبي وال ... برد هناك وال سالة فتنطفي ذاك الكريم وابن الكرام ومن له ... الذكر الشهير ومن له

اللطف الخفيورث الكرامة عن أبيه وحده ... أكنه بتلديها ال يكتفي

شهدت له األتراك بالفضل الذي ... شهدت به األعرابدون تكلف

قد نال ما هو أهل ما هو فوقه ... فانظر أليهما الهناءوانصف

واعتزل1885ثم عاد إبراهيم كرامة إلى وطنه سنة . فقال يؤرخ1888األشغال وكانت وفاته في بيروت سنة

ضريحه جناب الفيكنت فيليب دي طرازي: مثوى غدا في حماه اآلن مضطجعا ... من كان في قومه

من أكبر العمد سليل بيت رفيع الشأن مشتهر ... في الشعر والنثر

والتدبير والرشدبعلمه علم قد زانه عمل ... برأيه غرة في جبهة األسد بنو كرامة قد ناحوا عليه كما ... عليه ناحت ديار العرب

من كمدمضى وأحرف تاريخ لنا رقت ... حييت يا قبر إبراهيم لألبد

(1888. ) وكان إبراهيم بك كرامة مغرما باآلداب يتداول الرسائل مع

مشاهير عصره(1/268)

كالشيخ ناصيف اليازجي وجبرائيل الدالل وكان ينظم النظم الحسن وله ديوان لم يطبع. فمن قوله بيتان في

-1302تاريخ ظهور جريدة السالم في األستانة سنة )1884: )

نشرت صحيفتنا السالم ونشرها ... قد طاب يا أهل الوفاءلديكم

إن ظن بالخبر الصحيح مؤرخ ... يتلو حوادثه السالم عليكمويروى له في فتاة لبست ثوبا ورديا:

وردية الخد بالوردي قد خطرت ... تميس تيها وتثني القدإعجابا

لم يكف قامتها الهيفاء ما فعلت ... حتى اكتست من دم

ب أثوابا الطال

الكونت رشيد الدحداح وفي هذه المدة انطفأ سراج حياة أحد وجهاء اللبنانيين في

فرنسة. أعني الكونت رشيد الدحداح. وليس هو أول من امتاز بين المشايخ الدحادحة بذكاء عقله وآدابه في القرن

التاسع عشر. فإن تاريخ لبنان ذكر منهم كثيرين نالوا شهرة في دواوين الكتاب كالشيخ سلوم الدحداح وأخيه الشيخ ناصيف كاتبي األمير يوسف الشهابي في جهات

طرابلس ثم عاملي األمير بشير. وكالشيخ منصور الدحداح ابن سلوم مدير األمور في لبنان مدة )توفي سنة

( . وكالشيخ أمين الدحداح رئيس الكتبة عند األمير1861 حيدر وقد ألف تآليف أدبية منها رسائل وحكم ومراث.

وكالشيخ يوسف ابنه من شعراء زمانه توفي قبل والده وغيرهم من فرسان القلم.1850سنة

في قرية1813إال أن الشيخ رشيد فاق الجميع. ولد سنة عرامون كسروان ثم درس في عين ورقة. وفي سنة

1838 اختار األمير أمين الشهابي ابن األمير بشير كابتا ألسراره. ثم خدم لبنان في مناصب شتى لوال أنه وجد في وطنه من سوء المعامالت وأسباب العداء ما حمله إلى أن

في1845يغترب إلى البالد فانتقل إلى مرسيلية سنة صحبة الشيخ مرعي الدحداح الذي كان عاد إلى سورية

بعد فتحه هناك محال تجاريا. فرافقه الشيخ رشيد واقترن حيث فتح1852بابنته وشاركه في الشغل إلى السنة

محال تجاريا لحسابه مع أخيه سلوم. لكنه بعد حين انقطع إلى خدمة العلم واآلداب معرضا عن التجارة فأنشأ جريدة

برجيس باريس وحظي لدى الحكومة(1/269)

الفرنسوية وأعيانها. ثم اتسعت شهرته بين األدباء واتصل فمدحه1862بباي تونس لما حضر إلى باريس سنة

(155( : 1902 )5بالميته التي نشرناها في المشرق ) وعارض فيها المية كعب بن زهير فأجازه عليها الباي

واتخذه كترجمانه الخاص وقلده األمور الخطيرة في دولته. ثم عاد الكونت رشيد إلى باريس وابتنى فيها قصرا بديعا

واقتنى قرية دينار في مقاطعة برطانية فأجال فيها يد العمارة وشيد فيها دارا فخيمة سكنها مع أهله ولم يزل

في آخر حياته يعنى بالمطالعة واألليف إلى يوم وفاته في . وللكونت رشيد من اآلثار األدبية ما1889 أيار سنة 5

اكتسبه اسما طيبا في الشرق والغرب معا. فمن ذلك أنه سعى بنشر معهم السيد جرمانوس فرحات في مرسيلية

بعد أن رتبه وهذبه وألح ما فيه من الخطأ. ثم1849سنة شرحين مستوفيين على ديوان1855طبع فيها أيضا سنة

ابن الفارض للشيخ حسن البيروني وللسيد عبد الغني النابلسي. وهما الشرحان اللذان أعاد طبعهما المسمى

محمد السيوطي في المطبعة الخيرية في مصر سنة ( وساكتا عن اسم الكونت وإنما أشار إليه1893 )1310

إشارة خفيفة لئال يعرف متولي العمل فدعاه )رشيد بن غالب المجتبي( وكان الكونت أول من نشر كتاب فقه

اللغة الذي أعدنا بعد ذلك طبعه. وله مقامات شتى سياسية طبع بعضها على حدة منها كتاب التمثال

السياسي مع بيان أحوال فرنسة في عهد نابوليون. وله مجموعان أحدهما يشتمل على أشعار حكمية جناها من كتب العرب يدعى )طرب المسامع في الكالم الجامع(

والثاني يتضمن مقاالت أدبية وفوائد لغوية يعرف بقمطرة . وله غير ذلك مما لم1880طوامير طبع في فينة سنة

يزل مخطوطا ونتمنى نشره كمقالة واسعة في فن المناظرة دعاها )ترويح البال في القلم والمال( وال سيما تاريخه الكبير الذي )السيار المشرق في بوار المشرق( .

وكان الكونت ينظم الشعر الجيد كما يستدل عليه من قمطرته ومن الميته التي ذكرناها. ومما نشهده في مدح

إذ كان في أوج عزته إذ لم1851نابوليون الثالث سنة تعرف غير سجاياه الطيبة قوله من قصيدة:

الله أكبر معط من يشاء فها ... كل المحاسن واإلحسانفي رجل

وليس ذا من غلو الشعر إذ ظهرت ... المعين أنوارهكالشمس في الحمل

(1/270)

فيه المجال وسيع للمقال لذا ... قد عاد بسط كالمي ضيقالحبل

ذو همة لم يثبط عزمها خطر ... ولم يكن لصعاب قطبالوكل

ولم يضعضعه هول الخطب آونة ... ولم يضق صدره فيحادث جلل

وبالنواصي قد اقتاد الذكاء له ... شهب الرئاسة فانقادتعلى عجل

ق وفي السياسة كم أبدت براعته ... حذقا به عادت الحذافي فشل

وختمها بقوله: أبقاكم الله يا فخر الورى فلكا ... للسلم واألمن واإلقبال

والجذل ( فجعت الطائفة1890وبعد سنتين لموت الكونت رشيد )

المارونية بوفاة شقيقه السيد )نعمة الله الدحداح( مطران دمشق الذي اشتهر بفضائله األسقفية أكثر منه بآثار قلمه. وبهمته نال من أفضال الكرسي الرسولي تجديد المدرسة

المارونية في رومية

أسعد طراد هو أسعد بن ميخائيل طراد من أسرة شائعة الفضل في

هذه األصقاع من نخبة شعراء سورية. ولد في بيروت سنة وتخرج في حداثته في مدرسة اعبيه األمركانية. ثم1835

تردد على الشيخ ناصيف اليازجي فأخذ عنه واجتمع بأفضل أساتذة العربية في عهده حتى أتقن العلوم اللغوية ونظم

الشعر في شرخ الشباب فطبع عليه وكان يقوله بديها. خدم عدة سنين الدولة العلية بنشاط ثم انتقل إلى مصر

وتعاطى في أنحائها التجارة إلى وفاته سنة1872سنة . وله شعر كثير متفرق جمع معظمه في ديوان بعد1891

في1899وفاته بهمة بعض أنسبائه فطبع سنة اإلسكندرية. وله غير ذلك من اآلثار منها مقاالت أدبية

نشرها في الجنان. ومن شعره الذي لم نجده في ديوانهقوله في موت بعض الكرام:

رحمت عويل الصارخ يا أرحم الناس قلبا عند نائبة ... هالالوجل

دارت عليك من األقدار وا أسفا ... كأس فملت بهامل كالشارب الث

هذا الشراب الذي ال بد منه لنا ... وليس تمنع منه كثرةالحيل

(1/271)

وكيف يجزع أهل األرض من حدث ... جرى على أنبياء اللهسل والر

ولم يرو في1855وله في نعمة الله طراد المتوفى سنة ديوانه:

ركن البيت طراد مال مهندما ... يوما وأبكى جميع األهلوالغربا

حاز التقي والرضا والبر في دعة ... ورغبة الخيرواإلحسان واألدبا

مضى إلى الله مبرورا يحق له ... شكر على صفحاتالقلب قد كتبا

كرامة كل تاريخ مجودها ... لنعمة الله حق الشكر قد وجباوقال يرثيه:

ال تخش يا قلب إحراقا من األلم ... أما ترى دمع عيني مغرقا بدم

ا وكم في الورى باك كل بكى نعمة الله التي فقدت ... منعلى النعم

وهي قصيدة طويلة وجدناها في أحد مجاميع مكتبتناالشرقية. ويليها أبيات ثانية ختمها بهذا التاريخ.:

لما خال من ديار كان تؤنسها ... فحزنه ما خال من قلبعيلته

وبت أنشد تاريخا به أبدا ... ال أعدم الله قلبا فيض نعمته ( وقد اشتهر من أسرة طراد شاعر آخر هو1855)

)جبرائيل حبيب طراد( ويسمى أيضا جبران أبا خير كان درس في المدرة الوطنية في بيروت وتمكن من نظم

1892الشعر الجيد الذي لم يعن بجمعه. توفي في سنة . فمن شعره قوله يرثي1854وكان مولده سنة

اسبيريدون طراد ياور السلطان عبد العزيز المتوفى سنة1870:

ركن هوى بديار اسالمبول إذ ... رجت لسقطته المدائن

والقرى لم يحمه السيف الصقيل وال الصبا ... واألهل والصحب

الفطاحل والذرى قد كان يجمع في حماه كتائبا ... واليوم أضحى في المقابر

أقفرا من كان ال يرضى القصور مساكنا ... سكن التراب فبات

ا فيه مسفر من كان غوثا للفقير وعاضدا ... أمسى أضر من الفقير

وأفقرا إن غاب عن أبصارنا يبقى له ... رسم بطي القلب دام

مصورا فعليه نعمة ربه وسالمه ... وعلى ثراه الغيث يسكب

ممطرا(1/272)

ومن قوله في ذكر محامد الفقيد سليم دي بسترس: على أنه قد كان أحرى بنا بأن ... نغبط من مثل السليم

نما سعدا حصيف قضى دنياه في خوف ربه ... فحدث وال تطلب

ألفضاله حدا فكم غاث محتاجا وأطعم جائعا ... وعاد أخا سقم فأوسعه

رفدا وكم من أياد جاءها ومكارم ... فكانت بجيد الدهر من

فضله عقدا عال طبيب جدواه على الورد نفحة ... وذكر اسمه بالفضل

ين المجدا قد ز جدير بأن الفخر يشكو فراقه ... ومنه رواق الفخر قد كان

ممتدا

جرجس زوين تموز كانت وفاة كاتب آخر بليغ28 في 1892وفي السنة

من أسرة مارونية فاضلة وهو جرجس زوين. تلقى المذكور كل دروسه عندنا في مدرستنا االكليريكية في

غزير ثم عدل إلى الكتابة والتأليف فكان أول محرر لجريدتنا البشير فأقام على تحريرها نحو سبع سنوات ثم

تولى تحرير جريدة لسان الحال في آخر حياته جريدة لبنان. وكان كاتبا مجيدا متوقد الذهن سريع الخاطر واسع االطالع. وقد عرب عدة كتب طبعت في مطبعتنا كروايتين وردة المغرب وفريدة المغرب وكتآليف دينية منها مصباح

الهدى لمن اهتدى وكتاب رواشق األفكار ألمبرتوس وكتاب كنيسة الروم الشرقية بإزاء المجمع المسكوني الفاتيكاني.

وله تآليف رد فيه على الدكتور ميخائيل مشاقة لما أخذ هذا يطعن بالكنيسة الكاثوليكية دعاه الرد القويم على ميخائيل مشاقة اللئيم. وكان جرجس زوين أحد أعضاء

الجمعية السورية به فيها خطب ومقاالت منها خطبة فيتاريخ سورية.

بنو الدالل ذهب ضحية1892 1 ك24وفي هذه السنة عينها في

آرائه الدستورية )جبرائيل الدالل( كان سليل أسرة حلبية عريقة في األدب اشتهر منهم في القرن الثامن عشر

إبراهيم الدالل. ومن ذريته )عبد الله( أبو جبرائيل ونصر أرخ1847الله كان ذا عز وجاه وتقي فلما توفي سنة

ضريحه بطرس كرامة بقوله:ل التقي فغدا ... برحمة الملك القدوس لحد نواه ابن دال

مغمورا

ية مبرورا قضى الحياة على نهج الصالح وقد ... القى المنوشكورا

ناداه رب غفور إذ نؤرخه ... نل جنة الخلد عبد اللهمسرورا

والبنه )نصر الله( آثار أدبية منها مقاالته في المالواألعمال ونشرها في الجنان

(1/273)

وكان بيته أشبه بمنتدى العلماء وطنه يجتمع فيه الشعراء واألدباء فمدحه بعضهم بقصائد غراء ولنصر الله كتاب في

األدب دعاه منهاج العلم وكتاب في فلسفة يسمى أثمار التدقيق في أصول التحقيق طبع في المطبعة األدبية سنة

.1882( توفى نصر الله سنة 89 )ص 1888 ونشأ1836 نيسان سنة 2أما )جبرائيل( فكان والده في

على آداب والده ودرس في مدارس الرسلين في عين طورة وحلب. وكان مغرما بالعلوم العصرية فأحرز منها

حصة حسنة وانكب على الفنون العربية ودرس آثارها نثرا ونظما فصار من أوسع أهل وطنه معرفة بآداب العرب. وسافر غير مرة إلى األستانة وتعلم فيها التركية وتجول

في األقطار حتى بلغ إسبانيا والبرتغال وبالد الجزائر وحط عصا التسيار في باريس فحرر مدة صحيفة )الصدى( لسان حال السياسة الفرنسوية وصار ترجمانا لوزارة

المعارف وتعرف في منصبه بكثيرين من أهل الوجاهة القادمين إلى باريس. ثم استدعاه الوزير خير الدين باشا

لما قلد منصب الوزارة إلى دار السلطنة لينشأ فيها صحيفة السالم لكن تلك الجريدة لم تلبث أن تلغى بعد

استقالة خير الدين باشا فطلبه المكتب العلمي في فيانا

ليدرس العربية في كليتها ففعل مدة سنتين. وصنف هناك بعض المصنفات منها رسالة في ملخص التاريخ العام

بعد تغيبه1884ورساالت لغوية. ثم عاد إلى وطنه سنة عنه نحو عشرين سنة. فبقي مدة يتعاطى اآلداب. وهناك

ونقلنا بعض مخطوطات مكتبته.1887اجتمعنا به سنة وما كنا لنظن أن هذه المكتبة ستباع يوما ويقع في يدنا

كثير من آثارها. وكأن صاحب الترجمة الختالطه بأهل السياسة في أوربة عرف ما تقتضيه بالده من اإلصالحات ففرط منه بعض أقوال نقلت إلى ذوي األمر فألقي في

الحبس وبقي هناك إلى يوم وفاته. وقيل أنه قتل مسموما في اليوم الذي جاء األمر بإطالقه والله أعلم. وكان بين

جبرائيل الدالل وبعض مشاهير العصر وشعرائه مراسالت ومساجالت. وله قدود غناء وكان بارعا بأصول الموسيقى.

وقد جمع األديب البارع قسطاكي أفندي الحمصي ما وجده من آثاره األدبية في كتاب دعاه السحر الحالل في

(859( : 1903 )6شعر الدالل وصفناه في المشرق ) واقتطفنا بعض جناه. وله فيه قصائد غراء مدح فيها علية زمانه فمن ذلك قصيدة نظمها في ناصر الدين شاه ملك

إيران منها قوله في مدح السلم والعدل:(1/274)

فالسلم أوفى واقيا ... ولثروة البلدان أوفروالعدل إن عم المما ... لك شاد علياها وعمر

والباقيات الصالحا ... ت على مرور الدهر تذكر ومن طيب نثره ما روي له هناك من جواب إلى صديق:

)كتبت أعزك الله وقد وصلني طرسك الذي فاق الدر النضيد ببهجته، وأزرى على رخيم التغريد بلهجته، وإني

ألحق بابتدائك بما ابتدأتني به من الصلة تفضال، ولكن قدر لك علي السبق وإن تكن في كل شيء أوال، فلساني عاطر بشكرك، وقلبي عامر بذكرك، غبت أو حضرت سرت أو أقمت. فو الله لم أذكر أيام اللقاء ولذتها إال

وطارت نفسي شعاعا، وال تخيلت ساعات الوداع وكربتها إال وزدني الشوق التياعا،.. فإن تأملت قصر مدة ألفتنا هاج بي الشوق آالما، وإن تذكرت حميم صحبتنا زادني

التذكار هياما، وإذا فكرت في فرقتنا قلت ما كان اللقاء إالمناما( .

سليم بك تقل كانت مشئومة على اآلداب العربية1892وكأن تلك السنة

فتوفي في أواسط تموز رجل لبناني نبغ في تحرير الجرائد خصوصا نريد به سليم بك تقال. ولد المذكور سنة

1849 في كفر شيما من قرى سواحل بيروت وكان روميا ملكيا كاثوليكيا فاستنشق منذ نعومة أظفاره ريح اآلداب التي نم شذاها في مسقط رأسه من الحديقة اليازجية.

فدرس في صغره في مكتب قريته ثم دخل مدرسة أعبية المشئومة اضطرته1860األمريكانية لكن حوادث السنة

إلى أن ينزل إلى بيروت فأكمل دروسه في المدرسة الوطنية على المعلم بطرس البستاني وابنه سليم. وكان

في كل تقلباته مثاال ألقرانه يسبقهم بذكائه ورغبته في المدرسة1865إحراز العلوم. ولما أنشئت سنة

البطريركية في بيروت انتدبه أصحابها إلى تدريس العربية فيها فكان رصيفا للشيخ ناصيف اليازجي فيلقى عليه

مشاكله اللغوية حتى رسخت قدمه في العلوم اللسانية وأمكنه وضع كتاب مدرسي في الصرف والنحو دعاه

مدخل الطالب. فاتخذته المدرسة دستورا للتعليم وزادت ثقة الرؤساء به فجعلوه رأس أساتذتهم ووكيل أعمالهم.

ثم اجتذبته مصر لما رأى في ربوعها من الحرية وفي أمرائها من األريحية والتنشيط فأمها ورفع إلى خديويها

إسماعيل باشا قصيدة رنانة مهدت له سبيل النجاح فنال وهي التي ال1875االمتياز بإنشاء جريدة األهرام سنة

تزال إلى اليوم إحدى جرائد مصر اليومية الكبرى فتحيابروح منشئها وقد لعبت في حياته

(1/275)

تهمته دورا مهما مع ما صادفته في سيرها من العوائق ال وقت الحوادث العرابية إال أن عزم1882سيما سنة

محررها لم يغلب بالك العوارض بل زاد نشاطا وعانى أعمال الصحافة إلى وفاته فتوفي في قرية بيت مري سنة

وكان قصد لبنان تغييرا للهواء وطلبا للشفاء من1892 ألم أصابه في القلب فلم يمهله أجله زمنا طويال ونقلت

جثته إلى موطنه بإكرام. وكان لسليم بك تقال موقع عظيم في نفوس أرباب األمر من دولته فنال منهم ومن الدول

األجنبية عدة رتب وامتيازات شرفية. وهو قد أبقى من آثار قلمه - ما خال فصوله ومقاالته المتعددة في األهرام -

مجموعا فيه مقاطيع من نظمه ونثره. فمن حسن شعرهقوله يصف أساطيل حربية:

تلك األساطيل فوق الغمر سابحة ... والغمر منها كسهلوهي كالقلل

دانت لهيبتها األنواء خاضعة ... فحيثما قصدت حلت بالمهل

خاضت عباب بحار األرض آمنة ... عصف الرياح وقصفمي بالكال الر

الها أوردتها الماء إذا شكت سفن الخصم العنيد ظما ... نز

للدقل وإن تشامخ حصن دك عن أسس ... ولو تطاول مرفوعا

إلى زحلسر في الجو مثل تهابها الجن ثم األنس من بشر ... والن

الحوت في الوشائل هذي قوى الماء فوق الماء ناشرة ... بند الهالل قصف ما

تبتغي وقل ولسليم بك تقال غير ذلك مما لم يطبع كرسائل ونبذ

تاريخية وروايات معربة منها رواية متريدات ورواية أيوب البار. وهذه رسالة كتبها في تهنئة: السيد السند أطال الله

بقاءه. ال أدري أي الثلثة أهنئ إياك أم الرتبة أم نفسي؟ أما أنت فبتساميك وإن كنت فوق ما نلت. وأما الرتبة

فبشرفها ألنها دون من سمعت إليه. وأما أنا فألني أول مخلص لك ودك فتهنئتي بما أفتخر به لك. ويا حبذا لو كان لي مداد برقي ويراع كهربائي أفيك به حقك من سروري

ولعل ما بين فلبينا يقوم هذا المقام عني فأقول: فإن أشكك أراجع فالدليل معي ... وإن تشكك فراجع

فالدليل معكومن ظريف قوله في من عذله على التدخين:

عذل التدخين قوم قد رأوا ... بيدي سيكارة أعشقهاقال: دعها فهي سم نافع ... قلت: ال والله ال أعتقهاها بالنار إذ أحرقها إن تكن سما فإني محرق ... شر(1/276)

وعليه فاعذلوا أو فاعذروا ... فعلى الحالين ال أطلقهاإن حالال أو حراما أشربها ... فأنا الصب الذي يعشقها

وقام من بعد سليم بك شقيقه )بشارة باشا تقال( المتوفى

وسنذكره في جملة أدباء القرن العشرين.1901سنة القانوني )نقوال نقاش( هو نقوال بن الياس نقاش أخو

11المرحوم مارون نقاش الذي سبق ذكره في )المشرق ( وهناك أشرنا إلى أصل العائلة من صيدا382( : 1909)

وانتقالها إلى بيروت. وكان مولد المترجم في هذه المدينة وجرى على آثار أخيه في طلب العلوم ودرس1825سنة

اللغات وساعده في إنشاء الروايات التمثيلية. ثم تعاطى فانتدبته1868 إلى السنة 1859التجارة من السنة

الحكومة إلى خدمتها كعضو مجلس اإلدارة في لواء بيروت وكمدير جمارك الدخان فانكب على مطالعة قوانين

ونظامات الدولة العلية. وتخرج في العلوم الشرعية على مشائخ العلماء أخصهم الشيخ يوسف األسير فأحرز شهادة وكالء الدعاوي ونصب عضوا دائما امحكمة بيروت التجارية

واشتغل وقتئذ بالتأليف وعرب عن التركية عدة كتب قانونية وأضاف إليها الشروح والفوائد حتى صارت في

دوائر الحكومة المحلية بمثابة الترجمة الرسمية يرجع إليها في حل المشاكل. ونمت شهرة المؤلف بذلك حتى وقع

كمعبوث بيروت إلى األستانة في1878عليه االختيار سنة الندوة الدستورية لوال أن ثمرة الدستور لم تنضج بعد فعاد

جريدة المصباح1880بعد مدة إلى وطنه وأنشأ سنة الكاثوليكية فنالت بتدبيره ومقاالته شهرة واسعة طول حياته. وقد ضعف نور ذلك المصباح بوفاة منشئه حتى

انطفأ تماما. وكان المرحوم نقوال نقاش شديد التمسك بالدين مجاهرا بإيمانه كما تشهد له بعض تآليفه كتكريم

القديسين ومجموع صلوات تقوية. وله من الكتب األدبية خطب في مواضيع شتى سياسية واجتماعية. وله ديوان

ضمنه كثيرا من1879شعر طبع في المطبعة األدبية سنة المعاني الحسنة واألوصاف العصرية فمن ذلك قوله من

قصيدة طويلة أرخ فيها وصول ماء نهر الكلب إلى بيروت

:1875سنة يا أهل بيروت بشرى ... قد صح فينا الرجاء

هذا هو الماء جار ... فلترو منه الظماء(1/277)

ماء لذيذ شهي ... ردوه فيه الهناءبيروت ضاهت دمشقا ... وزال عنها العناء

ة الماء داء رونا ... وقل فقل لمن عيتعالوا اآلن تلقوا ... ماء وفيه النماء

سقيا لبيروت أرخ ... في ثغرنا حل ماء( ومن أوصافه تعديده لعجائب مصر:1875)

الله أكبر هذا عصر تجديد ... عصر المعارف ال بل عصرتمجيد

عصر جديد له األكوان باسمة ... تثني على أهله الغرالصناديد

ذياك ينطق في تسبيح خالقه ... وذاك يلهج في حمدوتوحيد

هذا يطير إلى العليا بخفته ... وذاك يخرق الجبال الجالميدعة ... إن تصدم الحصن ألقى ترى السفائن أعالما مدر

بالمقاليد ما البيض ما السمر إن ألقت مدافعها ... كراتها الحمر من

ود أفواهها الس كنا نخاف من األفالك صاعقة ... أضحت من أليم تأتينا

بتهديد تجوب أخبارنا كالبرق مسرعة ... تكاد تسبق فكرا غير

مولود أضحت قوافلنا والنار تحملها ... تسير كالطير ال كالعيس

في البيد والله ما فعل قوات البخار سوى ... ضرب من السحر لكن

للخير محمود هي الطبيعة جل الله مبدعها ... إلى الوجود بدت من عمق

مفقود كل يحاول منها كشف معجزة ... فكل من جد يلقى جل

مقصود ومن محاسن نظمه قوله في لبنان ومقاطعاته بعد حوادث

:1860السنة ك يا حمى لبنان إذ ... أصبحت مغتنم الرضا لله در

الشاهاني نشرت معارفه الجليلة إذ غدا ... يروي حديثا عن بني

نبهانوبقاعه ذلك العزيز مقامه ... أضحى عزيزا أخصب الوديان

وبمتنه وبفرعه حل المنى ... والجرد أضحى ساحال ألمانوبشوفه يشفى العليل تيمنا ... غرباه قل بالخير يلتقيان

قد عدت يا عرقوبه عما مضى ... وغدوت معروفا بصدقلسان

وكذا المناصف أنصفت لما صفت ... في خدمة تهدى إلىاألوطان

(1/278)

وبكسروان ترى األمان موطدا ... من سيف كسراهالجليل الشان

وترى القويطع كالقطيع مطاوعا ... وكذاك قاطعه بوصلدان

وجبيله وجباله وسهوله ... ووعوره حاكت رياض البان

وبزاويته )كذا( قد بني نعم البنا ... هل ال وذا وعد منالرحمان

تحمى بسيف باتر بترونه ... وكذا غدت أميونه بأمان نادى حسام العدل فيه هاتفا ... ألقى )بشري( كل من

عادانيبجنوبه وشماله تلقى الهنا ... وبشرقه وبغربه هنآن قم أيها الشيخ القديم زمانه ... وانظر هضابك بهجة

األكوان نسج الربيع بنحو هامك خوذة ... كزبرجد قد صيغ مع

مرجانهام تكلله الثلوج أكلة ... بيضاء تكفي عن جليل معاني

ة تزدان باالفنان والخصب في أكفانه ووسوطه ... قل جن حتى الصخور غدت رياضا أثمرت ... من كل فاكهة بها

زوجان ومناهل يحيي القلوب ورودها ... وعيونه تروي ظمأ

الظمآن هو جنة في األرض تحكي للسما ... والخلق ترتع في

رياض أمان بيتا دعاها التوبة وضمها140وله قصيدة طويلة تنيف على

( :1902 )5المعاني الزهدية. وقد روينا له في المشرق ) ( نشيدا نظمه لجمعية مار منصور. كانت وفاة نقوال631

فابنه مصقع الخطباء1894 كانون األول سنة 4نقاش في ورثاه جل الشعراء فجمعت أقوالهم في كراس مخصوص.

وقد ورث أوالده من بعده أهابه فعرف منهم كبيرهم المرحوم يوسف وله بعض اآلثار األدبية. والقانوني جان

صاحب كتاب مغني المتداعين عن المحامين. ومن األسرة تشرين25عينها اشتهر )سليم بن خليل( المتوفى قي

وهو صاحب جريدة المحروسة ومحرر1884الثاني سنة العصر الجديد وله تاريخ المسألة المصرية سماه )مصر

المصريين( وكتب عدة فصول ومقاالت وروايات طبعت في بيروت ومصر. ونضيف إلى هؤالء )جرجس بن حبيب(

وكان من أدباء1907 تشرين األول سنة 17المتوفى في طائفته له بعض المصنفات في تاريخ العرب أوقفنا عليها

وهي لم تطبع. وسليم وجرجس ابنا أخوي نقوال نقاش.

يوسف الشلفونكان أحد أنصار النهضة األدبية في الفصل الثاني من القرن

(1/279)

التاسع عشر. وهو يوسف بن فارس بن يوسف الخوري الشلفون كان جده حاكما على ساحل لبنان من قبل األمير بشير الشهابي الكبير. أما حفيده يوسف فكان مولده نحو

درس في مكاتب بيروت مبادئ العربية1840السنة واللغات األجنبية واشتغل مدة في المطبعة السورية التي

بصفة1857أنشأنها المرحوم خليل أفندي الخوري سنة مرتب حروف ومصحح مطبوعات. وفي أثر حوادث سنة

استدعاه فؤاد باشا معتمد الدولة العلية لترتيب1860 ونظارة المحررات الرسمية التي كانت تطبع في التركية

والفرنسوية. وبعد أن تقرر نظام جبل لبنان أنشأ على 1861حسابه مطبعته المعروفة بالمطبعة العمومية سنة 1001:3ونشر فيها عدة مطبوعات عددناها في المشرق )

( وكان يوسف الشلفون ذا همة عظيمة فانتدبه1003- أول متصرفي لبنان المرحوم داود لتنظيم مطبعة في

مركز المتصرفية فقام المندوب بهذه المهمة القيام الحسن. ثم صرف عنايته إلى إنشاء الجرائد فنشر منها

أربعا وهي الزهرة ثم النحلة ثم النجاح وأخيرا التقدم وذلك

باالشتراك مع بعض الكتبة المجيدين كالقس لويس صابونجي والخوري يوسف الدبس وأديب إسحاق. ثم

اشترك مع المرحوم رزق الله خضرا فجعل مطبعته في خدمة الطائفة المارونية إلى أن انفصل عنها وأنشأ

المطبعة الكلية كما فصلنا كل ذلك في تاريخ الطباعة في ( وقد أضر بالمترجم تقلبه501( : 1900 )3المشرق )

في األشغال وميله إلى ذوي المبادئ الحرة. وكان أحد أعضاء الجمعية العلمية السورية وفي مطبعته نشرت

. وكان حسن الكتابة1869 - 1868أعمالها في السنتين وله نظم جمعه في ديوان ودعاه أنيس الجليس وطبع

. فمن نظمه1874قسما منه في مطبعته الكلية سنة قصيدة في مدح داود باشا هذه بعض أبياتها:

ضاءت بشمس سعودك األيام ... وزهت بطلعة مجدكاألعوام

وسما بذانك سفح لبنان الذي ... حسدته مصر بعزهوالشام

فكأنه فلك وأنت بأفقه ... بدر له دون البدور تمام أقطاره بالعدل منك استأمنت ... ورعت بها اآلساد

واألغناميا أيها المولى الذي عن وصفه ... وثنائه قد كلت األقالم قلدت قوما تحت أمرك منه ... لم تحص واجب شكرها

األرقام ونسخت آيات المظلم بعدما ... قامت على ساق بها

األقدام(1/280)

ونصبت يا داود أحكاما بها ... ظهر اليقين وزالت األوهام فينا لك الذكر الجميل مخلدا ... هو في الحديث بداءة

وختام وقال مهنئا أحد الرهبان اليسوعيين في عيده فافتتح كالمه

بهذه األبيات:المرء يعرف في جميل خصاله ... ويعز عند مقاله وفعاله

والشهم من نال العلى في جده ... حتى غدا الراقون دونمناله

ويشيد صرح الخير في طلب العلى ... كي يدرك األفالكفي أعماله

فيرى اتقاء الله خيرا يرتجى ... يوما ويشفي قلبه بزاللهويميل من كل األنام تعففا ... ويرى بحب الله راحة باله ولد قصائد في أماثل الرجال وكبار األمراء الذين قدموا

بيروت ومدح إمبراطور النسما ووليي عهد ألمانية وإنكلترة وسمو الخديوي إسماعيل باشا فاستحق بذلك

.1895بعض االمتيازات الشرفية لكنه توفي خامال السنة

سليم جدي عينها انتقل في ربيع عمره شاب أديب1895وفي السنة

قصفته المنون غصنا يافعا نريد به سليم بن نصر الله جدي من أسرة جدي المعروفة بفضلها في بيروت. كان مولده

وتخرج في اآلداب والعلوم في كليتنا.1870نحو السنة وقد عرفناه حق المعرفة إذ كنا ندرسه العربية وكان في

مدرستنا مع المرحوم نجيب حبيقه صاحب الفارس األسود فعهدناهما طالبين يتلهبان شوقا إلى خدمة األوطان

فيجريان مذ ذاك في ميدان اآلداب كخيل الرهان ولكليهما مآثر نثرية وشعرية لدينا منها أشياء متفرقة والبعض منها

قد نشر بالطبع كعدة قصائد وروايات. وكأن دار اآلخرة حسدت الوطن على فضلهما فأشربتهما كأس المنون

المرة عاجال. إال أن نجيبا عاش بعد قرينه عشر سنوات وسيأتي ذكره مع أدباء القرن العشرين. ولسليم جدي رثاء في الشيخ خليل اليازجي صح فيه فكأنه سبق ورثى نفسه

بقوله:ك الجلمودا لك بين األنام ديوان شعر ... بمعانيه حر

تلك بانت العصر مبتكرات ... ومن المجد ألبستك برودالو درى الموت أن ذلك در ... المعاني نظمت منه عقودا

ما أصابت سهامه لك قلبا ... كان قبل اللسان ينشيالقصيدا

(1/281)

شاكر شقير وفي خريف السنة التالية خسرت أسرة كريمة من الروم األورثذكس كاتبا آخر من أبناء الوطن وهو شاكر مغامس

شقير عرف في بالد الشام مدة بتفننه بالكتابة ونظم الشعر تولى التدريس في عدة مدارس وطنية وساعد

المرحوم بطرس البستاني في بعض فصول دائرة المعارف وكتب في مجلة الجنان وأدار مجلة ديوان

( . ثم انتقل إلى مصر وأنشأ فيها1889 - 1886الفكاهة ) فمات بموت محررها1895مجلة الكنانة في نيسان سنة

( . توفي في وطنه الشويفات1896بعد سنتها األولى ) وللمذكور عدة مقاالت وروايات وقصائد تجدها متفرقة في

كثير من المجالت. وقد روينا عنه قصة ظريفة في ( عنوانها الطواف575 - 571( :1906 )9المشرق )

بالقربان المقدس. وله كتاب مصباح األفكار في نظم ومنتخبات األشعار1873األشعار طبع في بيروت سنة

وعني بتكرار ديوان أبي العالء المعري1876طبع سنة

دون أن يزيد عليها شيئا يذكر من المحسنات. ولشاكر أخ اسمه فارس ترك أيضا بعض المؤلفات وسنذكره في

تاريخ آداب القرن العشرين. ومن حسن شعر شاكر قوله من رثاه في سليم دي بسترس دعاه )حقيقة األسف( وقد

تفنن فيه كثيرا:ق ر وتحر ف ... وتأفف وتحش فتلهب وتلهف وتأس

كبد تذوب وأنفس تشكو العنا ... أذن تطن وأعين تندفقثم انتقل إلى بحر آخر وقافية أخرى فقال:

سليم الفؤاد له طلعة ... تحيي الشموس وتزري القمررى ... وأنس كأنس الغزال األغر وذو هيبة كأسود الش

تخر الذقون له سجدا ... تسر العيون به إذ حضرعلي المكان جلي البيان ... طلي اللسان مسلي البصرء

نقي البنان تقي الجنان ... رقي الزمان بقي األثر في مدح الجمعية السورية:1869ومما قاله سنة

دا وزهرة روض كلما طال وقتها ... تزيد نمذوا بالجمال مقل بها افتخرت بيروت حتى لقد سمت ... على كل مصر وهي

تشبه فرقدا مؤلفة من كل صاحب غيرة ... ذوات بنو للخير بيتا مشيدا

(1/282)

كواكب سعد يسطع اليوم نورهم ... ويهدي الذي فيالجهل ضل إلى الهدى

وقد ألبسوا بيروت حلة سؤدد ... تتيه بها إذا أصبحت منبعالندى

فكل لسان في ثناهم الهج ... يصيغ به لفظا لدر منضدا وكل جنان حمدهم فيه راسخ ... وكل مديح في سواهم

دا تفن

فال زال مسعاهم بذلك ناجحا ... ونالوا المنى ما الطير فيدا الغصن غر

ومن نظم شاكر قوله من قصيدة في رثاء نقوال نقاش:ان أو من كان باألمس نقاش الصحاف هدى ... ينسيك حس

يزري بسبحان من كل نثر أنيق الوصف مندمج ... وكل شعر رشيق

ان النظم طنر اللفظ والمعنى تصوره ... بما استرق له أحرار كم حر

تبيان إذا انبرى ال يباري في مناظرة ... وإن جرى ال يجاري بين

أقرانوختمها بقوله:

مضى إلى الله حيث الدار خالدة ... مستوفيا أجر أعمالوإيمان

ال يبرح العفو فيه فوق مضجعة ... تحت األكلة من آسوريحان

أمين شميل أسرة شميل هي فرع آخر من دوحة اآلداب التي نمت في

كفرشيما. يقال أن أصلهم من حوران فاستوطنوا كفرشيما في مبادئ القرن التاسع عشر. وكان مولد أمين

وتلقى1828 شباط سنة 14بن إبراهيم شميل في مبادئ العلوم واللغة اإلنكليزية في مدرسة األميركان في

بيروت فامتاز بين أقرانه. ثم سار إلى رومية في بعض شؤون طائفته فأصاب فيها نجاحا. ثم رحل إلى إنكلترة

وتعاطى فيها التجارة فاتسعت أشغاله وفتح محال في اإلسكندرية فلم يزل في تقدم ونجاح إلى أن دار دوالب الدهر فأباد ثروته. إال إن تلك األحوال المشؤومة لم تقل

1875شباة عزمه. فصفى أشغاله وقصد مصر سنة

ليتعاطى فن المحاماة فيبرز فيه واشتغل باآلداب وأشنأ مجلة الحقوق فكانت باكورة المجالت الشرعية. ونشر في

تلك األثناء بعض التآليف القانونية كالمباحث القضائية ونظام الحكومة اإلنكليزية والتآليف السياسية الدقيقة

النظر أخصها كتابه الوافي في المسألة الشرقية طبعه في وهو كتاب ضخم في جزأين1879مطبعة األهرام سنة

ضمنه ملخص تواريخ العرب من أول اإلسالم(1/283)

( وكان وضع قبال رواية سياسية دعاها546إلى زماننا )ص الزفاف السياسي. وكان ضليعا باآلداب حسن الكتابة نثرا

ونظما ويضمن تآليفه المعاني الفلسفية واالعتبارات النظرية والرموز كما تشهد له بعض مصنفاته كبستان

النزهات في فن المخلوقات الذي لم يطبع وكالمبتكر في وصف الحياة البشرية ومقاماتها المختلفة منذ الوالدة إلى

فطبعه في1867الموت أنجز تأليفه في ليفربول سنة المطبعة السورية في بيروت. وكان ألمين شميل أوالد

نجباء تهذبوا كلهم في كليتنا البيروتية إلى أن يد المنون اثنان منهم في وقت واحد فتوفي1885اغتالت سنة

أرثور في بيروت وفردريك الكبير في مصر وكان كالهما من أذكى تالمذة مدرستنا وأكملهم دينا وأدبا وأرقاهم في سلم النجاح في الدروس فكان موتهما مصابا أليما على

والدهما أضعف قواه وهد ركن حياته. لكنه لم يزل جهات في1897المستميت حتى لبى دعوة ربه في أواخر سنة

كانون األول منها بعد وفاة أخيه أسعد ببضعة أشهر في6لبنان.

وألمين الشميل أخوان آخران ضارعاه عقال وذكاء الواحد

منهم ملحم كان أيضا عالما وشارك أخاه في أعماله أي سنة1885 شباط سنة 17التجارية وآدابه توفي في

وفاة نجلي أمين فقال الشيخ خليل اليازجي مؤرخا وفاته: يا ملحما جرحت سهام مصابه ... منا القلوب جراحة ال

تلحم أسكرث عند البين آل شميل ... بشمول حزن ليس

يرشفها الفمللمجد والعليا عليك مناحة ... ولكل فن في المعارف مأتم

غادرت مجدك واستويت من العلى ... أرخ لدى المجدالذي هو أعظم

(1885. ) وتقلب في مناصب1826 نيسان سنة 5ولد ملحم في

التعليم فالتجارة فالسياسة حتى أدركته الوفاة. ومارس الطب مدة على الطريقة االختبارية القديمة. ومن آثاره

األدبية أرجوزة وضعها في علم الجبر والمقابلة وله مقدمة طويلة على علم الحساب وكان شاعرا مجيدا له عدة

قصائد منها واحدة مدح فيها الخديوي إسماعيل باشا ورثىكريمته زينب هانم بمرثاة افتتحها بقوله:

يوسع القلب صاحب الحزم صبرا ... يوم بين يجرع الصبصبرا

وحكيم من يزدري بحياة ... كل يوم تزداد بالطول قصرا(1/284)

وفي آخر عمره دخل ملحم حكومة لبنان وخدم وطنه إلىسنة وفاته.

أما األخ اآلخر فهو الدكتور شبلي شميل الشهير بكتاباته المتوفى بعد الحرب وسنذكره في تاريخ اآلداب العربية

في القرن العشرين وكان أمين رجال دينا على خالف أخيهالدكتور ومن حسن قوله في الخالق سبحانه وتعالى:

هو المهيمن واألكوان صاغرة ... تجثو لقدرته العليا وترتعد هو العزيز هو الباقي بقوته ... هو الرحيم هو المحيي هو

الصمد يا مبدع الكل هل في ذاك أمد ... يبغي لديك وماذا يا ترى

األمد أنت الكريم وتعطي ما تشاء كما ... تشاء من بحر جود

بد نبعه الز نفخت في منخري هذا المركب من ... طين فأصبح ذا

نفس بها البدد هل نالت العجم نفسا ال تموت كما ... نلنا وإال فما البرهان

ند والس النفس من عالم األرواح ال عرض ... يفنى وال كائن ينحل

أو جسده فارحب بها ملكا من فضل واهبها ... تنل بها ملكا كرسي

األبد وهبتها لك تمييزا وقد ظهرت ... نورا فكن مؤمنا ويل لمن

جحدوا وألمين شميل قصائد متفرقة لم تجمع نشرت في مجالت

(98 ص1885شتى كقصيدة كنز المنى في المقتطف ) ( وغير228 ص1885وكقصيدته الشرعية في الجنان )

ذلك مما اتخذته يد الضياع.

حنا بك أسعد الصعب من أسرة المشايخ الموارنة أبي الصعب الشهيرين بنواحي البترون. كان أبوه سر عسكر األمير بشير الشهابي الكبير

فنشأ صغيرا على التقى وحب اآلداب فاتخذه األمير في خدمته فتعلم العلوم اللسانية وبرع في الخط العربي حتى

ضرب المثل في خطه البديع. ولما سار األمير بشير إلى مالطة اختار المترجم بصفة كاتب ألسراره فرافقه إلى تلك الجزيرة ثم إلى اآلستانة العلية وانتهز ثم الفرصة

ليتعلم عدة لغات كاإليطالية والفرنسوية والتركية ودرس الفنون العصرية حتى أصاب له شهرة واسعة. ولما عاد إلى وطنه انتدبته الحكومة إلى خدمتها فخدمها في عدة مناصب جليلة مدة أربعين سنة وكان أول من حاز لقب

البك نصارى لبنان وبر الشام. توفي في أواسط سنة. ولحنا بك الصعبي رساالت وشروح لم تطبع وله1896

(1/285)

شعر كثير تفنن فيه وأجاد وقد جمعه في ديوان طبع في وفي صدره صورة ناظمه. وقد ختمه1893مطبعتنا سنة

بقصائد تركية تشهد على براعته في اللغة العثمانية. وفي شعره منظومات متعددة تفيد تاريخ لبنان من السنة

فمن ذلك قوله مهنئا دولة رستم1890 إلى السنة 1850 بقصيدة هذا1873باشا عند قدومه إلى لبنان سنة

مطلعها:ور أنوارا ... هل وجه رستم أهدى ما بال لبنان يبدي الن

ور أنوارا الن أو تلك ألطافه الحسناء مذ لمعت ... أزاحت الشمس

التنوير أستاراإلى أن قال:

حييت لبنان كن بالله معتصما ... وكن شكورا بحمد اللهمكثارا

ها قد أتى السر واإلقبال يسعده ... والضر غاب مع العنقاءقد طارا

ضاءت مشارقنا الحت بيارقنا ... طابت حدائقنا عرفاوأثمارا

جادت محابرنا زادت مخابرنا ... ناغت منابرنا سجعاوأشعارا

دت أمصارا فتنا سننا كملتنا سننا ... فولتنا مننا شي حست محرسنا مليت أرؤسنا ... خولت أنفسنا بالخلد مكن

أخداراال زلت يا علم تجثو لك أمم ... سيف كذا قلم ملكت أحرار وكان قال سابقا لما تعين داود باشا أول متصرف نصراني

على لبنان:لنا البشرى لقد نلنا انتصارا ... وفزنا في سرور لن يبارى

ه مقاما واقتدارا مليكنا قد حبا لبنان قدرا ... وخولبوال من بني عيسى وزير ... وهذا الفخر وافانا ابتكارا

شدا باليمن تاريخ بفخر ... وزير جاء نصرا للنصارى ( وله من قصيدة يوبخ فيها الخاطئ ويستدعيه إلى1862)

التوبة. أال أرفق بنفس أن كل نفائس ... لديها بذي الدنيا أخس

الخسيسة أأنت عدو النفس أم أنت خدنها ... فمن شيمة األخوان

صون الخدينة أراك بال اإلشفاق تبغي عذابها ... وترمقها شذرا بعين

غضوبة(1/286)

فلو شامت األعداء ما أنت فاعل ... لرقت لها رحما وأيةرقة

أتجهل ما للنفس من هول موقف ... أمام العلي الديان

في كل رهبة وفيه إلعالن الخفايا مظاهر ... على مشهد األبصار من كل

حدقة مصاحفها مفتوحة إذ ترى بها ... ذنوب ولم يترك بها قدر

ة ذر فذرها وال تعبأ بظل عبوره ... يكون كطرف العين في كل

سرعةا بك عدة أناشيد تقوية في السيد المسيح والبتول ولحن الطاهرة نقلنا منها سابقا بعض شذرات. ومما لم نجده

في ديوانه زجلية في سبت عازر:لما توفي عازر ... فورا بلحد بادورا

جثمانه مذ غادروا ... في جوف رمس قد غداالالزمة

يا عازر رب الفدا ... وافاك ال تخش الردىوالموت ولى مذ بدا ... مولى قدير مزبدا

وختمها بقوله:فقام من جوف الضريح ... في صوته العالي يصيح

أنت العلي أنت المسيح ... مستوجب أن تعبدا

الشيخ نجيب حداد1867 شباط سنة 25ولد في بيروت في ورحل صغيرا

إلى اإلسكندرية فتلقى في مدارسها العلوم. ولما حدثت الثورة العرابية عاد إلى بيروت فأتم بها دروسه في

المدرسة البطريركية وكان رضع صغيرا أفاويق األدب في قرابة الشيوخ اليازجي وأمه كريمة الشيخ ناصيف فعاش

مدة في معية أخواله الكرام. ولما سكنت األمور في القطر المصري كر راجعا إليه وعكف على الكتابة في عدة جرائد أنشأها وكان رئيس تحريرها أو أحد كتبتها

األولين كلسان العرب وأنيس الجليس والسالم. إال أن

األسقام لم تزل تنتابه حتى هصرت غصن حياته رطبا قبل .1899 شباط سنة 9بلوغه الكهولة فمات في مصر في

وكان نجيب الحداد متضلعا بالكتابة يجمع في إنشائه بين متانة العبارة وسهولتها. وله المقاالت السياسية الحسنة.

واشتهر بإنشاء الروايات أو تعريبها. وقد لقي بعضها إقباالونجاحا كرواية السيد للشاعر

(1/287)

كرنيل الفرنسوي من تعريبه ورواية البخيل ورواية المهدي ورواية الرجاء بعد اليأس ورواية أثارت العرب. وكان

شعره أجود من نثره حذا فيه حذو الشعراء العصريين. من ذلك قصيدته في ذم القمار التي رويناها سابقا في

( . ومن شعره الطيب في673( : 1904 )7المشرق )وصف السكك الحديدية وقطراتها:

تخل عن التشبيب بالبيض والسمر ... ودع عنك تشبيهالمحاسن بالبدرش

وعج بي إلى طرق الحديد ووصفها ال ... جديد ودع ما مرمن قدم الدهر

ففيها يروق الوصف وهو حقائق ... وفيها يحق النعت المذهب الشعر

وعنها يصح القول أن قيل بارق ... يشق الفال ال عن جوادوال مهر

فطير بال جنح وطود بال بقا ... وبرق بال جو وهاد بال فكر بلى هي طير والبخار جناحه ... وطود إذا شبهت بالطود ما

يسريوبرق ولكن الدخان سحابه ... وهاد له لب توقد عن جمر يسير فما يدري لسرعة سيره ... أتجري لديه األرض أم

فوقها يجري وللريح حوليه حفيف كأنه ... حفيف جناح الصقر حن إلى

الوكر إذا سار ثارت فوقه راية من الد م ... خان لتنبي انه ملك

القفر تمزقها األرياح حنقا كأنها ... تحاول في تمزيقها األخذ

بالثأر لعمرك ما هذا بهادي البالد بل ... هو القائد الهادي إلى

العز والنصر وأحسن من ذلك قصيدته الغراء التي قالها في احتراق

حيث رزى الكاثوليك1897سوق الشفقة في باريس سنة بموت قوم من كرامهم ال سيما النساء الشريفات فماتوا

في تلك السوق التي انشأوها لمساعدة الفقراء والبائسين بعد أن اتقدت أسالك آلتها الكهربائية وامتد إليهم لهيب

النار: سوق بر تباع فيها اللهى بي ... عا ويشرى الثواب فيها

شراءينتها بيض األيادي وأيدي م ... البيض من محسن ومن ز

حسناءأنفس تبتغي السماء فما أمسي ... ن إال وقد بلغن السماء

ة م ... الخلد وكن كان الطريق أدركت ما تروم من جنصالء

من رأى قبلها جحيما يؤدي ... لنعيم أبناءه الشهداء أو رأى محسنا يجود على ... الناس فيلفي نار الحريق

جزاء أترى كان ذاك مطهر من ما ... توا فيمحو عن النفوس

الخطاء(1/288)

أم هو الدهر ال يزال مسيئا ... لكريم ومكرما من أساءيا ربوعا كانت معاهد إحسا ... ن وحسن فأصبحت قفراء

وديارا كانت منازل إينا ... س فأضحت بالقعا وخالءوكراما كانوا مناهل جود ... لفقير فأصبحوا فقراء

وا نداء دى فأطاعو ... ه أميرا لهم ولب أمراء نادى النوحسان قد جدن برا كأن م ... البر ثوب يزيدهن بهاء

ساحة تنبت المكارم والرأ ... فة والمجد والندى واإلخاءفنساء بها تباري رجاال ... ورجال بها تبار النساء

نا من محيا ... ها فتزداد بالجميل سناء أوجه يشرق السرحن يزهون بالبياض فما أمس ... ين إال كوالحا سوداء

رمما لم تدع النار إال ... رسم جسم وأعظما جرداءنقمة صبها القضاء على األم ... برار حتما ومن يرد القضاء

ى الباكين رحم الله من قضى وشفى الجر ... حى وعزوالتعساء

سليمان الصولة هو سليمان بن إبراهيم الصوله الرومي الملكي

وفيها1814الكاثوليكي. كان مولده في دمشق سنة قضى أول سني حياته ولما ترعرع انتقل مع والديه إلى مصر ونشأ فيها وتلقن العلوم في مدارسها وكان يتردد

على أساتذة األزهر فأخذ عنهم العلوم العربية ونظم الشعر وقد أخبر عن نفسه أنه في أيام الشباب كان

يعارض قصائد أبي فراس الحمداني ويخمس قصائد الحلي ويشطر منظومات المتنبي. وقد ألف كتابا سماه حصن الوجود في عقائد اليهود وتآليف أخرى راحت حرقا أو

. وتقلد سليمان الصوله1860غرقا في حوادث سنة المناصب في الدواوين المصرية وصحب إبراهيم باشا لما

جاء لفتح الشام ثم استقر بعد ذلك في دمشق وتقدم فية وتقرب من األمير عبد القادر الجزائري خدمة الدولة العلي

المشؤومة.1860وبفضله نجا من الموت في فتنة السنة عاد إلى مصر وفيها أقام إلى1884ولما كانت السنة

سنة. وله ديوان85 عن 1899 أيار سنة 14وفاته في واعتذر1894 صفحة طبعه في مصر سنة 382واسع في

في مقدمته انه )برض من عد ومجموع صغير، بقي من ديوان كبير، غادرته اللصوص، بين محروق ومقصوص( ،

فقال وهو به يتعزى: إذا ما كان لي ابل(1/289)

فمعزى. ثم أضاف إليه ما جد عليه من النظم فطبعه مفضال القليل المقبول على الكثير المرذول. والحق يقال

أن شعره رائق منسجم ومواضيعه مبتكرة أقرب إلىة. ومن شعره ما قاله ارتجاال فمدح المنظومات العصري يوحنا بك البحري وكان الشاعر في الرابعة عشرة من

سنه فأحب البحري أن يسمع نظمه: أمرت لك األمر المطاع بأن ترى ... فرائد شعري وهي

أغزر من شعري فوا خجلي من فقد در أصوغه ... لديك وكل الدر بعض

حصى البحر ومن مدحه قصيدة طويلة قالها في فقيد القطر المصري

الوزير بطرس باشا غالي منها:رجل وحسبك إنه الرجل الذي ... نجت البالد به من اإلقالل أحيا الندى وأمات بالكمد العدى ... ونفى الصدى بسماحه

الهطال تبدو الغيوب لدى لواحظ حذقه ... غررا مجردة من

اإلشكال وتناولت منه المجالس حكمة ... سادت على الماضي بها

والتالينظر العزيز به فطافة يوسف ... فأحله منه المحل العالي

وأمده بالرتبة العظمى التي ... ما نالها قيل من األقيالفأفاد مجد القبط مجدا ثانيا ... مترفعا لثبيره المتعالي

والناس حول ندى يمينه أرخت ... نيل الهناء يمين بطرسغالي

وله عدة مراثي حسنة قالها في إبراهيم المتوفى سنة وابنته السيدة ليلى. فما قاله في ليلى:1883

يا ليلة غادرت ليلى بال نفس ... وغادرتني أقاسي حرأنفاسي

لوالك لم يدج نور الشمس في بصري ... وال تبطن حوفاللحد نبراسي

وال جفا الراح راحي والكرى بصري ... وصار دمعي سالفيوالجوى كاسي

أين التي كنت إن غابت أقول لها ... ما قاله شاعر من آلعباس:

ما أقبح الناس في عيني وأسمجهم ... إذا نظرت ولمألقاك في الناس

قالوا: نسيت بها إبراهيم قلت لهم: ... ال عشت أن كنت ياناس له ناس

وال رست بين أرباب العلى قدمي ... أن كان غيرهما فيخاطري رأسي

(1/290)

( أبياتا في432( : 1904 )7وقد روينا له في المشرق ) مريم السيدة البتول. وله قصيدة أخرى في مدحها نجت

من حريق الشام على منوال عجيب وفيها يقول مستغيثامن داء أصابه:

بات الخدور أيا باب النجاة وسلسبيل ال ... حياة وسور ر خذي بيدي الشقية وأنهضيني ... ونجيني من الخطر

الخطيرتي أعدي حبوري ... ألنهض بالسرور عن السرير وداوي عل

فإني بين أشواك المنايا ... أعذب في األصائل والبكورأيكسر خاطر يا أم ربي ... لديك وأنت جابرة الكسير

ويبلغني الجحيمث وأنت غوثي ... وأدخل في الظالم وأنتنوري

أجيريني أجريني وإال ... فدليني لمن أشكو أموريوهل يرضى حنوك بافتقاري ... لغير نداك يا بحر البحور

تبارك من بنورك جل قدرا ... عن التشبيه أخجل كل نوررها لخالق البدور وأعطاك الشفاعة يا سماء ... تخي

سأبذل في امتداحك كل جهدي ... لعل الله يسمح عنقصوري

ويغفر لي ويصفح عن ذنوبي ... ويصلح عند خاتمتيأموري

وبسليمان الصولة قد ختم القرن التاسع عشر الذي أخذنا على نفسنا تاريخ أدبائه. على أنه في هذه الحقبة األخيرة

قد اشتهر غير الذين ذكرناهم ممن لم يبلغوا شأوهم أو لمنحظ بمآثرهم.

1824ومنهم بطل لبنان )يوسف بك كرم( الذي ولد سنة في اهدن من أسرة كريمة وتخرج في مدرسة عينطورا وتولى في لبنان بعض المناصب إلى أن حدثت بينه وبين متصرف الجبل داود باشا تلك المنازعات المشئومة التي انتهت بسفر يوسف بك إلى أوربة ثم إلى اآلستانة حتى

قضى آخر عمره في نابولي وفيها توفي معتزال عن األشغال السياسية منقطعا إلى خدمة ربه في أوائل

. وقد ذكرناه هنا لما كان عليه من1889نيسان من السنة االقتدار في الكتابة وقد نشر في العربية والفرنسوية عدة

مقاالت سياسية طبع بعضها مفردا. وكان ينظم الشعر العربي. قيل انه في ريعان شبابه نظم كتاب سفر نشيد

األناشيد. وله قصائد روى بعضها صاحب الجوائب(1/291)

كقصيدته في راشد باشا التي يقول فيها: ذا راشد البر بن وجه مدينة م ... البحرين واله العزيز على

الورى يكفي العباد بوده وبجده ... فبنده وجه الزمان تعطرا

أضحت لهيبته القلوب كبيرة ... والخطب في األمر الكبيرتصغرا

( قصيدة497( : 1902 )5وقد أثبتنا له في المشرق )أرسلها إلى صديقه األديب يوسف حبيب باخوس.

1885ومنهم الدكتور )سليم بك الجريديني( المتوفى سنة وأخوه )اسكندر الجريديني( وكان كالهما من أنصار اآلداب

أنشأ مقاالت علمية وأدبية نشراها في أعمال الجمعيةالسورية وفي بعض المجالت.

ومنهم )الحاج يوسف فرنسيس( الذي نشأ في حاصبيا وتوطن القليعة في مرجعيون وكان عالما بأمور الخيل كما يدل عليه كتابه سراج الليل في سروج الخيل. كانت وفاته

وله شعر.1892سنة ومنهم أيضا )سليم دياب( أحد محرري مجلة الجنان نشر

.1895فيها عدة فصول تاريخية وقصائد توفي سنة

ومنهم األستاذ )فرنسيس شمعون( من تالمذة المدرسة األمركانية في اعبيه كان راسخ القدم في العلوم العربية متضلعا بالرياضيات وله مؤلف لطيف في الحساب ونشر

.1899 شباط 11ديوان الفارض في بيروت. توفي في ومنهم )حنين بن نعمة الله الخوري( من أعضاء الجمعية

السورية له في نشرتها عدة مقاالت وعرب تأليف الوزيركيزو الفرنسوي في التمدن األوربي. ال نعلم سنة وفاته.

المستشرقون األوربيون في ختام القرن التاسع عشر قامت الدروس الشرقية على ساق في ختام القرن

التاسع عشر في األصقاع األوربية فأن الدول كلها بفضل السالم السائد في بالدها استنهضت همم ذويهم لدرس لغات الشرق والبحث عن آثاره. وكان للغة العربية حظ

أوفى من سواها لوفرة كنوزها واتساع نطاقها.(1/292)

الفرنسويون بعد أن فقدت فرنسة فئة من كبار مستشرقيها وحمد نوعا

نشاطها المألوف بسبب رزايا الحرب عادت إلى سباقها في حلبة اآلداب. على أن درس اآلثار الشرقية غلب شيئا

على الدروس اللغوية. وها نحن نذكر بالتلخيص أسماء بعض الذين استحقوا شكر األدباء بما خلفوه من ثمارقرائحهم على حسب تاريخ الوفيات كما فعلنا سابقا.

إمام1881 كانون الثاني من السنة 18فقدت مصر في .A. Eعلمائها بالعاديات المصرية )أوغست ادورد ماريت( )

Mariette.بعد أن أعده لمواجهة ربه أحد آباء جمعيتنا ) وقدم مصر سنة1821 شباط سنة 11كان مولده في

فقضى ثم ثالثين سنة توالت فيها اكتشافاته العجيبة1850 كهيكل سيرابيس العظيم ومدافن سقارة وهو أول منشئ

للمتحف المصري وله في ذلك تآليف جعلته في مقدمة علماء زمانه وكان يحسن العربية ويعرف آثارها وقد عرب

كتابه تاريخ قدماء المصرين الشيخ عبد الله أبو السعودتوفي ماريت في بوالق.

توفي في باريس أثري1882 كانون الثاني سنة 14وفي (H. de Longperierآخر فرنساوي )هنري دي لونباريه( )

سنة خدم فيها العلوم األثرية ال سيما النقود66عن الشرقية فكتب فيها الكتابات الجليلة. وقد جمعت آثاره في عدة مجلدات. ومما يفيد تواريخ هذه البالد خصوصا كتابه في نقود ملوك العجم في دولتي بني ارشك وبني

ساسان. وله كتاب آخر في نقود ومسكوكات دول اإلسالم في المغرب واألندلس. وكان المذكور مع علمه كثير

التحمس في الدين. .Frواشهر منهما في العلوم الشرقية )فرنسوا لونرمان( )

Lenormantابن شرل لونرمان السابق ذكره. ولد في ) سنة1ك9 وتوفي في باريس في 1837 سنة 2ك17

وقد أحب الشرق منذ شبابه فتجول في بالد اليونان1883 ومصر والشام وكتب في ما عاينه المقاالت الواسعة. وقد

اشتهر خصوصا بالعلوم األثرية والتاريخ. ومؤلفاته تنيف على خمسين مجلدا نخص منها كتابه الشهير تاريخ أمم

الشرق القديمة في تسعة مجلدات. وكان عالما بآثار العرب القدماء كما تدل عليه كتبه. وكان لونرمان كثير

الدين يدافع عنه دفاع المؤمن الصادق.(1/293)

.Jوممن عني خصوصا بدرس العربية األستاذ )شربونو( )Aug. Chebonneau وتوفي سنة1813( ولد سنة

في باريس. درس المستشرقين دي ساسي1882 وكوسان دي برسفال ثم انتدبته الدولة الفرنسوية لتنظيم مدارسها العربية في الجزائر فاهتم باألمر اهتماما عظيما

وعلم في قسطنطينية مدة وكان ينشط الطلبة على درس آداب العرب وآثارهم وقد صنف لذلك عدة كتب مدرسية

للقراءة وتعليم األصول والتكلم وله معجم كبير عربي وفرنساوي ونشر في المجلة اآلسيوية مقاالت متعددة في

شعراء العرب وكتبتهم ونقل إلى الفرنسوية عدة تآليف منها رحل وتواريخ وقصص كرحلة العبدري وتاريخ ابن

حماد. وكان مغرما خصوصا بتاريخ المغرب والجزائر له عدة آثار وفي آخر حياته استدعته الحكومة لتدريسالعربية في مكتب لغاتها الشرقية الحية في باريس. وكان يعلم في ذلك المكتب مستشرق آخر اختطفته

وهو )بافيه دي كورتيل( )1889 سنة 1ك13المنون في Pavet de Courteille 23( المولود في باريس في

لكنه برز في درس اللغة التركية فأحيا1821حزيران كثيرا من آثارها المدفونة. واشتغل بترجمة كتاب مروج

ة بربيه دي ميتار ) Barbier deالذهب للمسعودي بمعيMeynardالمتوفى في العشر األول من القرن )

العشرين. ومن تصانيفه كتاب بالفرنسوية في صفة أحوالالبالد العثمانية.

وفي السنة التالية لوفاة شربونو توفي رجل همام متضلع .Chبمعرفة العربية المسيو )شرل دفر امري( )

Defremery وتوفي1822 كانون األول سنة 8( ولد في درس العربية على كوسان دي1883 آب سنة 19في

برسفال والفارسية على العالمة دي كاتر مار وبرع في اللغتين فاختارته دولته ليعلم في مدرستها العليا. وله عدة

تآليف أخصها تواريخ الدول اإلسالمية في خوارزم وتركستان وما وراء النهر وتاريخ اإلسماعيلين وهو أول من

نشر رحلة ابن بطوطة وترجمها إلى الفرنسوية وساعده .Bفي عمله المستشرق اإليطالي )بنيامين سنغيناتي( )

Sanguinettiالذي كان استوطن فرنسة منذ سنة ) . ومن غريب االتفاق أن الرصيفين توفيا في السنة1831

عينها. وكان سنغينياتي اعد للطبع عدة تآليف عربية كتراجم األطباء البن أبي اصيبعة وتراجم الصفدي المسمى

الوافي بالوفيات وبعض الكتب الطبية وكلها لم تطبع.ومما نشره في المجلة اآلسيوية الفرنسوية

(1/294)

كتاب فيه رسوم قديمة تدعى )أحكام العتيقة(1859سنة لطائفة مسيحية زعم إنها طائفة الموارنة.

وخسرت الدروس العربية في فرنسة عالما آخر كانوا يبنون عليه آماال طيبة في خدمات الشرقيات وهو

1846( ولد سنة Stan. Guyard)ستانسالس غويار( ) . تعلم عدة لغات شرقية1844ومات منتحرا سنة

كالسنسكريتية والفارسية واآلشورية وقد نشر فيها كلها مصنفات عديدة إال أنه خص قسما كبيرا من حياته

القصيرة في العربية فألف فيها تآليف جليلة أخصها كتاباته عن الباطنية واإلسماعيلية المعروفين بالحشاشين وله

تأليف جليل في األعاريض العربية واشتغل بتاريخ الطبريمدة. وكانت غلبت عليه السويداء فحملته على قتل نفسه. واشتهر بين الفرنسويين غير هؤالء ممن ال يسعنا اإلفاضة

( المتوفى سنةM. Devicفي ذكرهم )كمرسال دوفيك( ) نشر في العربية كتابا قديما يدعى عجائب الهند1886

(Littreنقله إلى الفرنسوية. وقد ألحق معجم ليتره ) بجدول لأللفاظ الفرنسوية المستعارة من اللغات الشرقية

(R. Boucherوبالخصوص من العربية. )كريشار بوشه( ) والمتوفى في تشرين األول من السنة1843المولود سنة

نشر قسما كبيرا من ديوان الفرزدق عن نسخة أبا1866 صوفيا ونقله إلى الفرنسوية. وقد أتم نشر هذا الديوان Drجناب األديب البفاري نزيل كليتنا الدكتور يوسف هال )

J. Hell ومنهم )آرنست1875 حزيران 11( المولود في اشتهر1892 سنة 1ت2( المتوفى في E. Renanرتان( )

خصوصا بمعاداته للدين. أما ما عرف له من التآليف الشرقية فتاريخ اللغات السامية في جزأين وكتابه عن ابن

رشد بالفرنسوية. وتجول مدة في سورية فنشر آثار سواحلها في كتابه بعثة فينيقية. لكن في تآليفه المذكورة

الغث والمين كما بينه قوم من العلماء. ( المتوفى سنةDr Leclereومنهم الدكتور )لو كالر( )

وهو الذي نقل إلى الفرنسوية مفردات ابن البيطار1893 وكتب تاريخ الطب في الشرق نقال عن ابن أبي اصيبعة

وغيره من كتبه العرب في أربعة أجزاء. ( أحد معلمي مكتبG. Dogatومنهم )غستاف دوغا( )

26 وتوفي في 182اللغات الشرقية في باريس. ولد سنة . له تاريخ المستشرقين األوربيين1894أيار

(1/295)

فلم يطبع منه إال قسمين وصنف مقاالت في جغرافية بالداإلسالم.

.Jومنهم األستاذ )جوزف درنبورغ( الموسوي )Derenbourg كان1859 أيلول سمة 29( المتوفي في

نشر رسائل لغوية1811 آب 21مولده في ميانس في ألبي الوليد بن جناح واشتغل مع غيره من الموسويين في

طبع األسفار المقدسة لربي سعديا الفيومي. وقام من ( ففاق علىHarteig Derenbourgبعده ابنه هرتويك )

أبيه في العلوم العربية ونشر كثيرا من آثارها وسنذكرهفي تاريخ اآلداب العربية في القرن العشرين.

العالمة هنري سوفار(H. Sauvaireالمتولي القنصلية لدولته في بالدنا له )

تآليف شرقية جليلة. منها كتاب في المقاييس والموازين العربية وكتاب عيون التواريخ لمحمد بن شاكر ونشر تاريخ

مدارس دمشق ونقل إلى الفرنسوية األنس الجليل في تاريخ القدس والخليل لشهاب الدين المقدسي. وغير ذلك مما يشهد له بطول الباع في العلوم الشرقية. توفي في

.1896أيار من السنة (J. J. Bargesومنهم أيضا القانوني )جان برجس( )

الكاهن الفرنسوي الذي علم العربية في مرسيلية واشتغل في باريس في جريدة البرجيس وترجم تاريخ بني زيان للتنيسي وتاريخ بني جالب للسيد حاج محمد اإلدريسي

ونشر منتخبات من كتب عربية نادرة كالفيض المديد من أخبار النيل السعيد للمنوفي. وأبرز بالطبع سفر الزبور

ونشيد األناشيد لربي يافث بن علي البصري وميمو ساويرس بن المقفع في القديس مرقس اإلنجيلي ولد في

.1896 في نيسان وتوفي سنة 1810 شباط 27 (Ck. Scheferومنهم العالمة الشهير )شرل شيفر( )

كان تجول في حداثته في الشرق1897 آذار 3توفي في وتولى شؤون الدولة الفرنسوية في الشام والعجم وبرع

في الفارسية وقد نشر بالعربية وصف الشام ألبي الحسن علي الهروي. وترأس مدة سنين عديدة مكتب اللغات

الشرقية في باريس فخدم الشرق خدما مذكورة وله 16منشورات فارسية جليلة كان مولده في باريس في

.1820 2توللكاتب السياسي الشهير )برتلمي سنت هيالر( )

Barthelemy St Hilaireتآليف في أديان الشرق ) ( وعن محمد والقرآن )1859فكتب عن دين بوذا الهندي )

توفي في باريس1805 آب 19( كان مولده في 1865.1895 2 ت24في

(1/296)

ونضيف إلى هؤالء االفرنسيين سبعة من آباء رهبانيتنا خدموا الدين واآلداب العربية معا في هذه البالد أولهم

( المولود في سابودياP. Martinاألب )بطرس مرتين( ) أيلول سنة15 والمتوفى في شامبرى في 1825سنة

اشتغل مدة عشرين سنة لتأليف تاريخ واسع في1880 لبنان. وكتابه فريد في جنسه لم يزل عندنا مخطوطا في

عشرة مجلدات ضخمة وإنما طبع منه بعض األقسام القليلة في مطبعتنا الكاثوليكية معربة بقلم المرحوم رشيد

1860الشرتوني. وله مقاالت واسعة في حوادث السنة وبعض كتب روحية كشهر قلب يسوع ورسالة الصالة

رسائل شتى. ( المتوفى كهال في القاهرة فيJ. Blinوالثاني جول بلن )

1891 شباط حزيران 8 صنف لألوربيين غراماطيقا عربياونشر ألحان الكنيسة القبطية.

.L. Xوالثالث األب )لويس كسافاريوس أبوجي( )Abougit( ولد في مدينة بوي )Le Puyوقصد سورية )

فأتقن العربية حتى أمكنه أن1849بصفة مرسل سنة

يحرر البشير ويصنف الكتب في العربية أو ينقلها إليها من اللغات األوربية. وقد بلغت تآليفه وتعريباته الخمسة عشر

منها كتب دينية وجدلية كالشهر المالكي وكردوده على المقتطف وتزييفه لبعض مزاعم البروتستانت وكتراجم

بعض القديسين ومنها مدرسية كمختصر الجغرافية وغرماطيقين عربي شرحه بالفرنسوية وفرنساوي شرحه

في غزير1895 تموز 16بالعربية. توفي األب أبوجي في .1819وكان مولده سنة

( ولد فيPh. Cucheوالرابع هو األب )فيلبوس كوش( ) وتوفي في بكفيا في1818مقاطعة فرنش كونته سنة

بعد أن خدم الرسالة خمسين سنة بصفة1895 آب 27 رئيس مدارس وأديرة وكمدير للمطبعة. له قاموس عربي

فرنسوي أصاب شهرة بين المستشرقين وهو المعجم ( المترجم فيJ. B. Belotالذي جدد طبعه األب يأو )

( وأضاف إليه إضافات عديدة وسماه1144:7المشرق )القالئد الدرية.

( جاء إلىJ. Rozeوالخامس هو األب )يوسف روز( ) سورية قبل كهنوته فتعلم اللغة العربية حتى برع فيها.

وكان أحد المشتغلين بترجمة التوراة. ومن آثاره مكالمات عربية وفرنسوية في جزاءين وله سبع مجلدات مواعظ

مخطوطة أنشأ بعضها ونقل بعضها اآلخر عن اللغات األوربية وله معجم عربي فرنسوي لم يطبع. توفي األب

في بيروت ومولده سنة1896 آذار سنة 10روز في 1834.

(1/297)

توفي في زحلة األب1897 كانون الثاني سنة 2وفي ( المولود في أفنيون سنةJ. Henry)يوسف هوري( )

واشتغل فيها1851 جاء كمرسل إلى سورية سنة 1824 بالتعليم والتبشير. له قاموس فرنسوي عربي تكرر مرارا

طبعه لرواجه. .Jوكان اشتهر قبل هؤالء العرب األب )يوسف فان هام( )

Van Ham والمتوفى في1813( الهولندي المولود سنة في تعنايل له عدة تآليف في اآلثار1889 آب سنة 13

الفلسطينية. وكتب مقاالت واسعة في األسفار المقدسة وتاريخ اإلصالح الموهوم له ردود مختلفة على النشرة

األسبوعية ومزاعم البروتستانت في بيروت طبعت فيمطبعتنا.

األلمانيون والنمساويون كانوا بعد الفرنسويين أبعد همة من سواهم في تعزيز

الدروس الشرقية. نال منهم بعض الشهرة )غليوم سبيتا ( في مصر فنشر باأللمانية كتابا فيG. Spitta Beyبك( )

لهجة المصريين وافتهم الدراجة وأضاف إليها مقاطيع وقصصا لدرسها ومن منشوراته كتاب في أبي الحسن

في1883 أيلول سنة 6األشعري ومذهبه. توفي في مقاطعة فستفاليه.

( المولود فيH. L. Fleischerومنهم األستاذ )فليشر( ) شباط سنة10 والمتوفى في 1801 شباط سنة 21

درس اللغات الشرقية في باريس على دي ساسي1888 وكوسان دي برسفال ثم خلف المستشرق روزنمولر في

تعليمه ليبسيك. فكان في ألمانية أحد أئمة الدروس الشرقية مدة خمسين سنة محاريا لفريتاغ ولفلوغل وكان

يكاتب أدباء سورية وينشر رسائلهم وقد ألف نحو مائة تأليف في كل الفنون الشرقية ال سيما العربية ومن

منشوراته تفسير القرآن للبيضاوي والمفضل الزمخشري (Habichtوكتب ألف ليلة وليلة مع األستاذ هابشت )

ورسالة هرمس في زجر النفس وتاريخ أبي الفداء في الجاهلية مع ترجمته الالتينية وتآليف متعددة في نحو

العربية. ( ولد فيG. Weilومنهم األستاذ )غوستاف فيل( )

وتوفي في فريبورغ1808 نيسان سنة 25سولزبورغ في آب. درس التاريخ الشرقي29 في 1889برسغاو سنة

في كلية هيدلبرغ وكتب تواريخ الدول اإلسالمية العامةوالخاصة وكلها مطولة تعد

(1/298)

من أنفس التواريخ وأضبطها ال سيما تاريخ الخلفاء فيثالث مجلدات وتاريخ العباسيين في مصر في مجلدين.

Bonوفي تلك السنة توفي البارون )الفرد فون كريمر( )Alf. Kremer 1828 أيار فينا سنة 13( الذي ولد في تجول في مصر والشام وعلم1889 1 ك27ومات بقربها

العربية في حاضرة بالده. إلى أن أرسل إلى مصر بصفة 1870قنصل لدولته. ثم تعين قنصال لها في بيروت سنة

حتى عهدت إليه حكومته وزارة الخارجية ووزارات غيرها إلى سنة وفاته. له كتب متعددة في آداب العرب

وتواريخهم وأشعارهم وجغرافيتهم وقد نشر من ذلك نحو عشرين كتابا منها كتاب االستبصار في عجائب األمصار

وكتاب المغازي للواقدي وكتاب األحكام السلطانية للماروني والقصيدة الحميرية ومقاالت واسعة في شعراء

اإلسالم كأبي العالء المعري وأبي نؤاس وعبد الغنيالنابلسي.

.Hوجارى السابقين في فضلهم هنري توربكه )Thorbecke آذار سنة14( المولود في مينغين في

. برز بين أقرانه في معرفة اآلداب العربية وعلمها1837 سنين طويلة في كليتي هيد لبرغ وهال توفي في مانهيم

ومن مآثره نشره لكتاب المالحن1890 سنة 2 ك3في البن دريد ودرة الغواص الحريري والرسالة التامة في كالم العامة لميخائيل صباغ. وكان مثل للطبع المفضليات فنشر

من قصائدها قسما فقط. .Johومن مشاهير المستشرقين األلمان )حنا غلدميستر( )

Gildmeister والمتوفى1812 تموز 20( المولود. في كان أحد المنشئين1890 آذار 11( في Boonفي بن )

للمجلة اآلسيوية األلمانية وعلم اللغات الشرقية في مدارس بالده. نشر بالعربية رحلة اإلدريسي إلى الشام

وما ورد في كتب العرب عن الهند ثم وصف األناجيلالعربية المتقولة عن السريانية.

فقدت ألمانية أحد كبار1 في ك1891وفي السنة .Pأساتذتها المستشرقين وهو العالمة )بول دي الغرد( )

de. Lagarde سنة2 ت2( المولود في برلين في . اشتغل بهمة قسعاء مدة نيف وثالثين سنة في1827

اآلثار النصرانية القديمة واألسفار المقدسة وعلم في كليات وطنه وتآليفه كلها تعرب عن سعة فضله وكان

يحسن اللغات الشرقية كالسريانية والعبرانية والقبطيةوالعربية له في كلها آثار طيبة. ومما نشر

(1/299)

في العربية نسخ قديمة من األناجيل والمزامير ومن قوانين الرسل ومن بعض التآليف األبو كريا ونسخة من

غراماطيق قديم عربي والتيني للراهب بترو دي ألكاالالفرنسيسي. توفي في غوتنغن.

توفي الدكتور )لويس سبر1893 السنة 1 ك19وفي ( الذي ولد في معاملة التيرول فيAl. Sprengerنغر( )

وكان رحل إلى لندن ودخل في خدمة1813 أيلول سنة 3 اإلنكليز فسار إلى الهند وتولى إدارة مدرسة دهلي سنة

واشتغل في مطبعة كلكوتا فنشر فيها تآليف1843 خطيرة منها اصطالحات الصوفية لعبد الرزاق السمرقندي

وكشاف اصطالحات الفنون التهانوي وتاريخ الغزنوية للعتبي وكتاب اإلصابة في تمييز الصحابة ألبن حجر

العسقالني وكتاب اإلتقان في علم القرآن للسيوطي وكتاب حدود الفاكهي. ثم رجع إلى وطنه وعلم اللغات الشرقية في برلين ثم انقطع إلى التآليف في هيدلبرغ. ومن تآليفه سيرة مطولة لمحمد نبي اإلسالم كتبها في

ثالثة مجلدات وكتاب في تعليم محمد. وغلب كل هؤالء مع نشاطهم الغريب كاتب ألماني آخر

شباط8 في 1899انشبت فيه المنون مخاليبها سنة (H. F. Wustenfeldالعالمة هنري فردينند وستنفيلد )

تموز سنة31المولود في مندن من أعمال هانوفر في . درس اللغات الشرقية على أكبر أساتذة وطنه ثم1808

جعل أستاذا للعربية في غوطا. وتآليفه العربية عبارة عن مكتبة واسعة تنيفعن مائتي تأليف بين صغير وكبير وقد

أدى العلوم الشرقية خدما ال تنسى بما نشره من المصنفات القديمة كطبقات الحفاظ للذهبي وتراجم ابن

خلكان وقائمة تواريخ العرب وتصانيف أطباءهم وكتاب االشتقاق البن دريد ومعجم البلدان لياقوت الحموي

ومعجم ما استعجم للبكري وسيرة الرسول البن هشام وتهذيب األسماء للنووي وكتاب األلباب في تهذيب

األنساب ألبي سعد السمعاني وكتاب المشترك وضعا

لياقوت وكتاب عجائب المخلوقات للقزويني وآثار البالد له وأخبار قبط مصر للمقويزي وكتاب المعارف البن قتيبة وتاريخ مدينة الرسول للمسهودي وتواريخ مكة في ثالثة

مجلدات وتاريخ الخلفاء الفاطميين وجدول مؤرخي العرب على ترتيب أزمنتهم وكتب عديدة غيرها مع تذييالت

وحواش وفهارس تدهش العقل بوفرتها. أحيا الله أمثالهكثيرين.

(1/300)

.Chوتوفي بعده بأشهر األستاذ )شرل كسباري( )Caspari وتوفي في1814 شباط 8( ولد في ألمانية في

كان1892 نيسان 11عاصمة أسوج كريستانيا في موسوي النحلة ثم عدل إلى البروتستانية. له غراماطيق

عربي مدرسي كتبه بالالتينية ثم نقل إلى األلمانية واإلنكليزية والفرنسوية وتكررت طباعته مع إضافات

كتاب تعليم المتعلم1838شتى. وطبع في ليبسيك سنة لبرهان الدين الزرنوجي وتقله إلى الالتينية وذيله

بالحواشي. ( ولد في بالد بوهيميةFr. Mullerومنهم )فردريك مولر( )

واشتهر في أبحاثه عن اللغات السامية1832 آذار 5في والعالقات بين لهجاتها المختلفة وله شرح على لغز قابس

علم زمنا طويال اللغة العربية في كلية فينا وفيها كانت.1898 أيار 24وفاته في

1899 حزيران 25وفي سنة وفاة وستنفيلد توفي في (Al. Socinفي ليبسيك مستشرق آخر )البر سودسين( )

انقطع إلى1844 1 ت18( في Baleكان مولده في بال ) الدروس الشرقية فأصبح أحد علمائها الممتازين وانتدب

إلى تعليمها في جامعتي توبنغن وليبسيك وألف غراما طيقا عربيا في األلمانية ودرس لهجات مراكش وأهل

البادية. وله مجموعة أمثال عربية نشرت ديوان علقمةالفحل.

الهولنديون عرف الهولنديون بانصبابهم على اللغات الشرقية وال سيما

العربية. وممن اشتهر بينهم في آخر القرن التاسع عشر ( أحد معلمي كلية اوترختPaul de Jongبول دي يونغ )

اشتغل1890 سنة 1 ك25 وتوفي في 1832ولد سنة ( في وصف مخطوطاتde Goejeمع العالمة دي غوي )

كلية ليدن ونشر كتاب المشتبه البن القيسراني وكتاب لطائف المعارف للثعالبي وفصوال شتى لبعض مؤرخي

العرب. .Rوزاد على السابق شهرة الهولندي رينهرت دوزي )

Dozy 21( الذي ولد وتوفي في ليدن )كان مولده في ( . أولع منذ1883 نيسان 29 ووفاته في 1820شباط

حداثته بحب الشرق والعلوم الشرقية وتعمق في درس العربية حتى دعي إلى تدريسها في كلية بلده ومنشوراته

العربية عديدة نفيسة منها كتابه في مالبس العرببالفرنسوية

(1/301)

صفحة( ونشره لتاريخ بني زيان ثم تخصص446)في بدرس الدول اإلسالمية في األندلس والمغرب فنشر عدة مجلدات في ذلك كتاريخ المعجب لعبد الواحد المراكشي وتاريخ البيان للغرب البن العذاري وتاريخ الدولة العبادية

في األندلس وجغرافية اإلدريسي وتاريخ اإلسالم في األندلس في أربعة مجلدات وشرح قصيدة ابن عبدون البن بدرون ونشر مع بعض المستشرقين القسم التاريخي من نفح الطيب المقري وله معجم واسع في مجلدين ضخمين

جعله ملحقا للمعاجم العربية وكتب تاريخا مطوال في اإلسالم منذ ظهوره إلى أيامه وألف كتابا عن اإلسرائيليين

في مكة وهلم جرا. .P. Jفي ختام القرن التاسع عشر توفي الهولندي فات )

Veth والمتوفى في1814 سنة 1 ك2( المولود في كان من معلمي1899 نيسان سنة 14أرنهيم في

الشرقيات في كلية ليدن واشتهر خصوصا بكتاباته عن الهند والمستعمرات الهولندية. ونشر في العربية كتاب لب

اللباب في تحرير األنساب لجالل الدين السيوطي.

اإلنكليز .E. Hعرف منهم في ختام القرن السابق )إدورد بالمر( )

Palmer خلف1883( من أساتذة كمبردج المتوفي سنة كتابا إنكليزيا في أصول نحو العربية. ونشر ديوان بهاء

الدين زهير مع ترجمته اإلنكليزية على طرز بهي وله أيضاترجمة القرآن إلى اإلنكليزية.

( ولدW. Wrightومنهم المستشرق الشهير )وليم ريت( ) ثم درس في1830في الهند اإلنكليزية في أوائل سنة

اسكوتلندة وتعلم العربية في ليدن تحت نظارة األستاذ دوزي ثم عاد إلى لندن ودرس العربية وتولى نظارة

المخطوطات الشرقية في خزانة كتبها العظمى فوصف مخطوطاتها السريانية الثمينة في قائمة ال تقل عن ثالثة

طلبته كلية كمبردج1870مجلدات ضخمة. وفي سنة 22ليعلم فيها العربية فبقي في مهنته إلى سنة وفاته في

. ولوليم ريت مطبوعات عربية جليلة منها1888أيار

الكامل للمبرد ومنها رحلة ابن جبير ومنتخبات من شعراء الجاهلية دعاها )جرزة الحاطب وتحفة الطالب( واشتغل في استخالص القسم التاريخي من نفح الطيب للمقري

مع(1/302)

العالمة دوزي. وله كتب أخرى لغوية منها غراماطيق عربي باإلنكليزية نقله عن غراماطيق كسباري وزاد عليه وقد

تكرر طبعه. توفي في لندن )وليم1889 آذار 9وفي السنة التالية في

( الذي مر لنا ذكر خدمه لآلدابW. N. Leesنأسوليس( )( .125 - 124الشرقية في كلكوتا )راجع ص

1890 السنة 1 ت20وفي توفي تريسته حيث كان قنصال Richardلدولته السائح الشهير اللورد )ريشرد برتون( )

F. Burton 19( . ولد في كنتية نورفل في انلكترة في وساح في عدة بالد واكتشف في أفريقية سنة1821آذار

بحيرة تنغنيكا. وتعين مدة كقنصل في دمشق1852 ورحل إلى بادية الشام وإلى تدمر. وكان قبال بلغ إلى مكة

وزار المدينة وكتب تفاصيل سياحته إليهما في مجلدين. وكانت امرأته كاثوليكية فلم تزل تسعى في أمر اهتدائه

إلى دينها القويم حتى أدركت غايتها. ولما توفي زوجها أقامت له في لندن مشهدا من الرخام على شكل خيمة

عربية وسكنت فيها إلى موتها. توفي إنكليزي آخر صرف قسما من1892وفي السنة

حياته بمهنة ترجمان في سفارات دولته في اآلستانة وفي ( .J. W. Redhouseالقاهرة وهو )جمس ردهوس( )

وكان في أوقات الفراغ يشتغل بالتأليف ال سيما في

التركية. وله معجم عربي وفارسي وإنكليزي ونشر قصيدة المية العرب للشنفري مع شروح مختلفة ونقلها إلى

اإلنكليزية. واشتهر بين أساتذة كمبردج األستاذ )وليم روبرتسون

( فعلم في جامعتها وعني بالعلومW. R. Smithسميث( ) اللغوية له تصحيحات على غراماطيق كسباري فنشره

وتوفي1846 آذار 6. كان مولد سميث في 1896سنة .1894 آذار 31في كمبردج في

الروسيون تعززت بينهم الدروس الشرقية في ختام القرن التاسع عشر وأزهرت العربية خصوصا في كليتي بطرسبورج

.Bوموسكو وممن عرف منهم وقتئذ )برنهرد( دورن )Dorn 1805 أيار سنة 11( كان مولده في ألمانية في

ودرس اللغات(1/303)

1829الشرقية على مشاهير المستشرقين. وفي سنة استدعته الدولة الروسية للتعليم في كلية خركوف ثم في

مكتبها اآلسيوي في بطرسبورج وتولى نظارة مكتبتها الشرقية ومتحفها اإلمبراطوري. توفي في بطرسبورج في

بعد أن أغنى العلم بتآليفه السيما في1881 أيار 31 تواريخ الشرق العجمي والشرق اإلسالمي كتاريخ القفقاز والخزر والكرج واتسع في وصف اآلثار الشرقية كالنقود

العربية والمخطوطات اإلسالمية فان مآثره تربى على عدا.150

( كان مولدهW. O. Guirgassومنهم المعلم )كركاس( )

ودرس اللغات الشرقية في1835في روسية نحو السنة بطرسبورج ثم في باريس ثم قصد الشرق فسكن سنتين

بنيف في جوار بيروت. ولما عاد إلى روسية قلد منصب التقليد في حاضرتها فأقبل عليه الدارسون وكان من جملتهم العالمة البارون فون روزن الذي نشرنا في

( خالصة ترجمته. توفي171( : 1908 )11المشرق ) . له مؤلفات مفيدة منها1888المعلم كركاس السنة

كتاب حقوق النصارى في البالد اإلسالمية ومنتخبات عربية ومعجم عربي روسي. نشر كتاب األخبار الطوال ألبي

حنيفة الدينوري وتاريخ اآلداب العربية طبعه بالروسية علىالحجر.

.Alوتوفي ليتوانية األستاذ )اسكندر تشوسكو( )Chodzkoكان مضلعا باللغات الشرقية وال سيما )

الفارسية. وله رحلة إلى جهات العجم وكتب عن اإلسالم وتوفي في1804 تموز 11ومنشئه عن القرآن. ولد في

.1891 1 ك20

اإليطاليون وممن أسفت على فقده إيطالية من المستشرقين األستاذ

تموز7( ولد في بالرمة في M. Amari)ميشال أماري( ) تعلم اللغات1889 تموز 16 وتوفي في 1806سنة

الشرقية في باريس وفي رومية وخص نفسه بالعربية وبآدابها وتاريخها في بالده. فكتب تاريخ المسلمين في صقلية ونشر رحلة ابن جبير إلى تلك الجزيرة وصنف تأليفه الذي دعاه بالمكتبة الصقلية فعززها بالكتابات

والمعاهدات التجارية المبرمة بين العرب واإليطاليين وغير ذلك مما أوجب له شكر المستشرقين عموما وأهل بالده

خصوصا.

اإلسبانيون وفقدت إسبانية في السنين األخيرة من القرن التاسع

عشر ثالثة من(1/304)

J. deأساتذتها المستشرقين )جوزه دي لرخندي( )Lerchundiمؤلف معجم عربي إسباني ومجموع )

.Fr. Xمنتخبات عربية )فرنسوا كسافيه سيمونت( )Simonetأستاذ العربية في غرناطة الذي نشر تاريخ )

( في األندلس وألفMozarabesالنصارى المستعربين ) بعض كتب مدرسية عربية ونشر أعمال مجمع طليطلة عن نسخة عربية قديمة وله مقاالت متعددة عن العرب نشرها

في المجالت اإلسبانية. وقد اجتمعنا به في مؤتمر لندن 8 فأخذنا العجب من سعة علمه. توفي في غرناطة 1891

. أما الثالث فهو أستاذ العربية في مدريد1897تموز سنة Don Pasc. Gayangos yالعالمة )بسكوال كيانغوس( )

Arce قدم لندن وصنف1809( المولود في إشبيلية سنة فيها تآليف مختلفة اشتهر منها تاريخه للدول اإلسالمية في إسبانية وترجمته اإلنكليزية لتاريخ المقري نفح الطيب في

مجلدين ضخمين ووصف آثار قصر الحمراء وكتاباتها. . وكان هؤالء أخذوا عن1897توفي في لندن سنة

مستشرقين سبقاهم عهدا )الفوانتي القنطري( )Lafuente y Alcantaraالمولود في جهات مالقة سنة )

: كتب تاريخ غرناطة ونشر1856 والمتوفى سنة 1827 Donكتاباتها العربية. والثاني )أمادوردي لوس ريوس( )

Jose Amador de Los Riosولد في نواحي قرطبة ) . علم العربية1878 وتوفي في أشبيلية سنة 1818سنة

في مجريط ثم صار مديرا لكليتها ونشر آثار قرطبةوأشبيلية.

اسوج ودينمرك ( المولودChr. A. Holmboeواشتهر في لسوج )هولبو( )

نيسان2 والمتوفى في كريستيانيا في 1896 آذار 19في صار أستاذا في عاصمة بالده كرستيانية بعد1882سنة

أن تخرج في باريس على دي ساسي وكوسان دي برسفال واشتهر خصوصا بالعلوم الكتابية واللغات الهندية.

وقد ترجم إلى األلمانية كتاب كليلة ودمنة ونشر عدةمقاالت عن اإلسالم في الهند.

رزنت دنيمرك بموت مستشرقها الشهير1898وفي 1822( ولد سنة A. F. Van Mehren)اوغت مهرن( )

نيسان وأخذ العربية في فليشر وعلم في كوبنهاك6في سنة. ألف كتابا في بيان اللغة50اللغات الشرقية نحو

العربية ونشر كتاب عجائب البر والبحر لشمس الدين الدمشقي ومجموعة من تأليف الرئيس ابن سينا نشرها

ونقلها إلى الفرنسوية.(1/305)

أما )األميركيون( فال نعرف منهم أحدا اشتهر بالعلومالعربية إال نزيل بيروت الدكتور )كرنيليوس فان ديك( )

Van Dick 1818( المولود في والية نيويورك سنة . قدم إلى1896 سنة 2 ت13والمتوفى في بيروت في

فصار إلى1840سورية بصفة مرسل بروتستاني سنة آخر نسمة حياته قطب الرسالة األميركية في هذه البالد

وقد نشر سيرته الدكتور اسكندر أفندي نقوال البارودي في

المطبعة العثمانية فنحيل القراء إلى تفاصيلها. وفي آخرها كتابا في العلوم العصرية30جدول تآليفه البالغة نحو

كالرياضيات واآلثار الجوية والطب والجغرافية ولكه كتاب النقش في الحجر في ثمانية أجزاء ونقل إلى العربية الكتاب المقدس دون الكتب الثانوية ساعده في نقله

الشيخ ناصيف اليازجي وألف عدة كتب جدلية رد عليهااألب فان هام اليسوعي وغيره من آباء جمعيتنا فأفحموه.

وهنا نختم كالمنا عن اآلداب العربية في القرن التاسع عشر وسنضيف إليه إن شاء الله جزءا آخر في أحوال

اآلداب في القرن العشرين.

زيادات وإصالحات )الشيخ20 س 18 وص 7 س 8 وص 13 س 4الصفحة

الطهطاوي( والصواب )الطحطاوي( نسبة إلى مدينةطحطا المصرية.

)وأسعد كتاب( ص )وألسعد كتاب( .1 س 15ص ورد في رأس هذه الصفحة غلطا )اآلداب العربية28ص ( والصواب )اآلدابالربع األول من القرن العشرينفي

العربية في القرن التاسع عشر( . وورد أيضا بالغلط في ( في رؤوس الصفحات المفردة79 - 65الكراس التابع )

( والصواب1880 إلى 1870)اآلداب العربية من السنة .1900 إلى 1880من السنة

)األلمانيون( يضاف إليهم في هذا العقد7 س 61ص ( ولدMarcus Jos. Mullerالرابع )مرقس جوزف مولر( )

24 وتوفي في مونيخ في 1809 حزيران 3في كنبتن في اشتغل بالفلسفة العربية فنشر ألبي الوليد بن1874آذار

رشد مقاالت(1/306)

شتى ثم نقلها إلى األلمانية. وله أيضا تآليف في تاريخ العرب وكتب في تاريخ غرناطة ونشر للسان الدين ابن

الخطيب مقالته في الطاعون التي عنوانها )مقنعة السائلعن المرض الهائل( .

)الكيسيس بولديراف( له أيضا كتاب في6 س 62ص أصول اللغة العربية في اللغة الروسية.

)برغرين( توفي قبل هذه الحقبة نحو السنة14س 1850.

)المطابع والمطبوعات( نشرت المجلة7 س67ص ( قائمةZDPV XII. p. 124 - 128الفلسطينية األلمانية )

الجرائد العربية التي كانت تطبع في الشام والجزيرة.1889والعراق سنة

)مطبوعات مصر( المرحوم األستاذ األلماني4 س 72ص مرتين هرتمان كتاب حسن في اإلنكليزية خصعه Martimبمطبوعات مصر في أواخر القرن التاسع عشر )

Hartmann: The Arabic Press of Egypt London Luzac 1899. )

)وألحمد فارس الشدياق قصيدة يمدح14 - 3 س 107ص فيها الشيخ إبراهيم( هذه األبيات تأخرت بالغلط وحقها أن

تقدم للصفحة السابقة فأنها قيلت في الشيخ إبراهيمالحيدري المترجم هناك.

ومما قلناه ذكره العالمة اإلنكليزي والمستشرق الكبيرEdw. W. Lane)إدورد ولينم الن( ) ( الذي أدى خدما

مذكورة ومشكورة لآلداب العربية أخصها معجمه الكبير العربي اإلنكليزي الذي دعاه )مد القاموس( جمع فيه

بإصالحات مختصرة كل ما جاء في معاجم العرب وكتبهم ( ولما1876 - 1860اللغوية فنشر منه ستة مجلدات )

مات ألحق به حفيده )الن بول( بقية مسوداته بثالثة مجلدات. ومما نشره كتاب ألف ليلة وليلة نقله إلى

اإلنكليزية. وله كتاب واسع في مصر وأخالق أهلها طبعه وكتب عن أحوال الشرق العربي في القرون1836سنة

1801 أيلول 17الوسطى. ولد )الن( في هرتفرد في .1876 آب 10وتوفي في وارتنغ في

تم بحوله تعالى.(1/307)

الجزء الثالث الربع األول من القرن

العشرين(1/308)

مقدمة

من نشر كتابنا الذي وسمناه1910لما انتهينا السنة باآلداب العربية في القرن التاسع عشر كان قصده أن نشفعه عام عن أحوال تلك اآلداب وتطورها في أوائل القرن العشرين فلم تسنح الفرصة بتحقيق نيتنا وإنما اكتفينا بأن نختمه بملحقين أو فصلين موافقين ألحوال

العشر األول من ذلك القرن الجديد دعوناهما: الحماسة الدستورية ومنظومات الوقائع الدستورية يبلغان أربعين

صفحة. لكننا لم نزل منذ ذاك الحين نجمع المواد المواصلة العمل وتدوين أخبار قسم من آداب القرن العشرين إذا مد الله

بحياتنا. وإذا قد بلغنا بنعمته تعالى الربع األول من هذا القرن فرأينا أن هذه الحقبة تستدعي تصنيف خالصة ما

جرى فيها من المشروعات والمساعي لرقي لغتنا الشريفة وما أنتجته قرائح األدباء لتعزيزها ورفع منارة آدابها. فها نحن نعرض عليهم هذه المجموعة فعساها

تروق في أعينهم وتأتي ببعض الفائدة. ولعل البعض منهم ينسبوننا إلى التهور والثقة الزائدة

بقوانا لما يلزم عمال مثل هذا من المطالعة الكثيرة ووفرة المعارف وقد اتسعت في هذه السنين دائرة اآلداب العربية اتساعا كاد يستحيل على كاتب حصرها وضم

أطرافها. نعم أننا نقر بهذه المشقة ولم نزل نقدم رجال ونؤخر

أخرى حتى تردد على فكرنا المثل السائر )ما ال يستطيع كله ال يهمل قله( فأن بناء المعارف كصرح شاهق غاية ما يطلب من كل أديب أن ال يضن عليه بحجر صغير أو كبير

يزيد في بنيانه سموا.(1/309)

ومما ينشطنا في مباشرة هذا العمل النظر إلى ما حرره البعض من ذوي النجابة والهمة القعساء فقربوا إلينا نوعا القيام به فأننا نجد في ما صنفه في مصر الكاتب الهمام

المرحوم جرجي زيدان في كتابه تاريخ اآلداب العربية ونشره في بيروت جناب الفيكونت فيليب دي طرازي في

تاريخ الصحافة العربية معلومات لم نجدها في وصف آداب

القرن التاسع عشر. وكم نشرت المجالت الجرائد في القطرين المصري والشامي من فصول حسنة يمكن

االقتباس من أنوارها واالستقاء من مناهلها العذبة. فهي قد أحيت ذكر كثير من المعاصرين األفاضل لوالها لبقيت

أسماؤهم خاملة مجهولة وحقها أن يشاد بذكرها لتكونقدوة للناشئة وفخرا للوطن.

وقد قسمنا تاريخ هذه اآلداب ثالثة أقسام. فالقسم األول يشمل وصفها وتراجم أصحابها في الثماني السنين األولى

إلى إعالن1900من القرن العشرين من أول السنة . ويتناول القسم1908 تموز 24الدستور العثماني في

الثاني العشر السنين التالية إلى نهاية الحرب الكلية في . ونخص القسم الثالث باآلداب1918 تشرين الثاني 11

.1925العربية في هذه السنين األخيرة إلى القسم األول

1908 إلى 1900اآلداب العربية من السنة الباب األول

نظر إجمالي في اآلداب العربيةفي بدء القرن العشرين

قد أتفق ذوو الفراسة وأرباب الحكمة والنظر على القول بأن كل قرن ميزة تفرزه عن سواه كما أن دولة وساللة

سيماء خاصة تتسمان بها وتفرقهما عن خالفهما.(1/310)

كان القرن العشرون جيل انتباه ويقاظة ألهل الشرق فأنهم استفاقوا من سنتهم العميقة واستنشقوا رائحة

الحرية باختالطهم مع الشعوب لدى نفوذ األجانب بينهم

ومهاجرتهم إلى أنحاء المعمور فأثر ذلك في أفكارهم وأخذوا يسعون إلى إماطة التمائم التي كانت الدولة

العثمانية عوذتهم بها ونزع اللفائف التي كانت قمطت بها حياتهم الروحية. وكان إذ ذاك السلطان عبد الحميد في عز مجده يسوس رعاياه بقضيب من حديد ال يأنف من

سفك دماء كل من يحاول النجاة من نيره الثقيل. ومن مميزات هذا العصر اتساع نطاق العقول بالوسائل

الجديدة التي قربت إليها رقيها وأنارت بصائرها وشحذت أفكارها. وأخصها المدارس التي شاعت في نفس القرى

فضال عن المدن. بينها الجامعات والمدارس العليا والوسطى واالبتدائية كان يتقاطر إليها األوالد من كل

طبقات األهالي حتى الفقراء والوضعاء ففتحت لكثيرين منهم سبال جديدة لالرتزاق بصفة كتبة وأطباء ومحامين

ومهندسين وأصوليين جاروا الغربيين في مضمار الحضارة والتمدن. وخرج بعضهم من الجامعات األوربية فأتقنوا

علومها كسائر الغربيين. وكذلك عرف الشرقيون ما في االتحاد من القوة فأخذوا

على مثال الغربيين يؤلفون الجماعات األدبية لتعزيز اللغة العربية ونشر آثارها. لكنها لم تثبت لعدم اتفاق أعضاءها

ولنفور الحكومة منها خوفا على مسيس سياستها. وقد ساعد على ترقي اآلداب العربية في الشرق انتشار

الصحافة وتوفر المطابع والمطبوعات فإن عدد العديد من المتخرجين في المدارس تحفزوا للكتابة فأنشئوا من الجرائد السيارة والمجالت عددا كاد ال يفي به إحصاء

سواء كان في الوطن أم في المهجر. وقد بين ذلك جناب الفيكونت دي طرازي في كتابه الممتع عن الصحافة فعدد

منها العشرات مع كونه لم ينشر بعدما استجد منها في القرن العشرين وأبرزوا مع المجالت مئات من

المطبوعات في كل علم فن أصبحت المكاتب تضيق عن

جمعها. وبين هذه المطبوعات عدد وافر من مخطوطات القدماء كانت ضائعة في زوايا المكاتب استخرجوها من

مطاميرها فأتت مساعدة للنهضة األدبية. ولعل المستشرقين أصابوا قصبة السباق في هذه الحلبة فإنهم أبرزوا من مكاتبهم تأليف نادرة تهافت على درسها

طلبة اآلثار القديمة. وقد تنافسوا في نشر هذه الكنوز(1/311)

األدبية في كل الدول لم يثبطهم في العمل ما كانوا يجدونه من العناء والمشقات وكثرة النفقات. وكانت في الوقت عينه مجالتهم اآلسيوية ال تدع بحثا مهما في سائر

فنون الشرق إال خاضت فيه. وقد احتفل البعض من أصحابها بعرسهم الفضي والذهبي بل بلغ بعضها السنة

المائة إلنشائها كالجمعيتين اآلسيويتين الفرنسويةواإلنكليزية.

وزادت أيضا في بدء القرن العشرين المكاتب التي تمكن الباحثون من مراجعة مخطوطاتها كمكاتب اآلستانة

والشهباء وبغداد. واتسعت مكتبتنا الشرقية فخص بها معهد واسع لضيق مكانها السابق فبلغ عدد مطبوعاتها الشرقية ثلثين ألفا فضال عن ثالثة آالف مخطوط من

منتخب المصنفات العربية واإلسالمية والنصرانية. ولحقت المكاتب المتاحف التي أخذت في أوائل القرن العشرين تلقت أنظار الشرقيين فودوا لو تستحضر لهم

متاحف تجمع فيها اآلثار العربية خصوصا والشرقية عموما على مثال المتاحف األوربية فعرضت في بيروت في باحة السراية القديمة بعض اآلثار المكتشفة في المدينة وكان لمتحفي كليتي اليسوعية واألميركانية شأن أعظم. وقد

ابتنى األميركان بناية خاصة بتلك اآلثار أحسنوا هندامهاوتنظيمها.

وكان األجانب في مصر قد سبقوا الشام إلى ذلك بمتحفي اإلسكندرية والقاهرة استفاد منهما اآلثوريين بما نشروه في مقاالتهم الرائقة. ومثلهما متحف اآلستانة الذي نقل

إليه كثير من عاديات سورية وفلسطين منها الناؤوسالمعروف بناؤوس االسكندر قبر فيه أحد ملوك صيدون.

وقد أدى امتزاج الشرق بالغرب في أوائل القرن العشرين إلى التطور في أساليب اإلنشاء نثرا ونظما فأخذ البعض

( بماles romantiquesينشئون على منوال الخياليين ) يدعونه النثر الشعري أو الشعر النثري فيرصفونه

كمقطعات شعرية وينسقونه دون ارتباط كبير في المعاني سواء أرادوا أن يتمثلوا بالسور القرآنية أم يقتدوا ببعض

المحدثين من كتبة الفرنج. وقد أكتسب الشعر من طريقتهم أن خرج من دائرته

السابقة الضيقة وأخذ أصحابه يتفننون في نظمه صورة ومعنى. فترى الدواوين الجديدة مشحونة بالقصائد في كل

الوقائع المستحدثة والحوادث التاريخية واالختراعات الجديدة وتصور كل عواطف اإلنسان وكل مظاهراتالكون. وربما تحرروا أيضا فيها عن البحور الشعرية(1/312)

فوضعوا طرائق مختلفة لنظمهم وإبراز شواعرهم. وقد أكثروا من وضع الروايات الخيالية ونقلوا ما شاع منها

في البالد إلى العربية فغلبت أذهان الكتبة والقراء قوة االحساسات والشواعر التخيلية على قوة العقل ورزانة

الفكر. على أن ذوي الذوق السالم وأصالة الرأي لم

ينخدعوا بهذه القشور وثبتوا على الكتابة السلسة المنسجمة التي شاعت في عصور اللغة الذهبية ففضلوا

اللب على القشر والجوهر على السطحيات. ومن مميزات أوائل القرن العشرين اتساع نطاق اآلداب العربية فأن تلك النهضة التي شملت أوال مصر والشام

وبعض العراق أخذت تنتشر بفضل المواصالت والمهاجرة إلى أنحاء السودان ومراكش وتونس وطرابلس الغرب

وبلغت أنحاء أمريكة الشمالية والجنوبية وباألخص نيويوركوالبرازيل. فكثرت المطبوعات وتوفرت الصحف السيارة.

وكان من سمة تلك المنشورات أنها تحررت من كل مراقبة فكان أصحابها يعرضون أفكارهم بكل حرية ال

يخافون تقييدا في بسطها. فنالها بذلك بعض المحاسن وبعض المساوئ فأما المحاسن فبكونها خاضت كل

المواضيع السياسية واألدبية والتاريخية والفنية مطلقة العنان لكل العواطف والتخيالت ال تخشى انتقاد األعمال

المذمومة ضاربة على أيدي كل ظالم حتى السالطين. وأما المساوئ فألن بعضا من الكتبة لم يقفوا على حدود

االعتدال واألنصاف فالموا غير ملوم وحمدوا غير حميد وانتقدوا ليس إلصالح فاسد أو تقويم معوج بل لغايات

شخصية سافلة. وصوبوا سهامهم المدين وأربابه الكرام واستعاروا من الماسونية ومن بعض الذاهب البروتستانية

مغاالتهم في مناهضة التعاليم المسيحية الكاثوليكية وابتخسوا حقوق اآلداب فهاموا في بيداء أوهامهم وتاهوا

في مهامه جهلهم. ومن مساوئ ذلك االنتشار البعيد ما أصاب اللغة من آفة الفساد وذلك بتوفر األلفاظ األجنبية واألساليب الغربية. وربما وضع الصحافيون والمعربون في نقلهم عن نقلهم

عن اللغات األوربية مفردات مختلفة لمسمى واحد ال سيما للمخترعات الجديدة. فاضطربت بخالفهم أفكار

القراء. وأسوأ من ذلك أغالط وسقطات لغوية شاعت في الجرائد والتأليف المستحدثة فقام بعض األدباء كالمرحوم الشيخ إبراهيم اليازجي ينتصرون آلداب اللغة ويزيفون ما

رأوه مخالفا ألوضاعها ولعلهم لم يلزموا في انتقادهمالطريقة

(1/313)

الوسطى والخطة المثلى فقام غيرهم يردون عليهم ويثبتون صواب تلك التعابير. فبقيت هذه المناقشات

عقيمة إذ لم يوجد مجمع علمي يقضي بين المتناقشين فيفرز بين الغث والسمين وينقي الباطل ويقرر الحق

المبين. وقد أخذت النهضة األدبية في بدء القرن العشرين تتصل أيضا بالجنس اللطيف فإن فئة من السيدات حاولن كتبة

فصول أدبية شعرية ونثرية في الجرائد السيارة في أواخر القرن التاسع عشر كمريانا مراش ووردة اليازجي ووردة

الترك بيد أننا لم نطلع على جريدة أو مجلة نلن لها االمتياز باسمهن قبل القرن العشرين غير مجلة الفتاة

1892 نوفمبر من السنة 20التي ظهرت في مصر في لصاحبة امتيازها هند نوفل ثم مجلة مرآة الحسناء للسيدة

ثم1896مريم مزهر كان أول صدورها في مصر سنة مجلة أنيس الجليس أللكسندرا أفيرينوه ظهر أول عددها

.1898في اإلسكندرية في غاية كانون الثاني من السنة وتبتعها قي الحقبة التي نحن بصددها مجلة السيدات

والبنات للسيدة ماري فرح نشرتها أيضا في اإلسكندرية ثم فتاة الشرق للسيدة1903في أول أبريل من السنة

في مصر وهي ال تزال ثابتة إلى1906لبيبة هاشم سنة

اآلن. ومما ساعد القرن العشرين في ترقية في اآلداب ظهور

بعض النوابغ الذين تكاتفوا وتناصروا لرفع منار العلوم سبقوا عهده ببضعة أعوام أو وافقوا طلوع هالله فكان لهم

في نهضته فضل مشكور. وسنأتي على ذكرهم في أثناءالمقالة.

أما اآلداب العربية في أوربة فكانت في أوائل القرن العشرين ثابتة على سيرها الحثيث بهمة جمعياتها

ومدارسها الشرقية. فإن عدد المستشرقين كان يزيد يوما بعد آخر وكان الباحثون منهم يطلعون كل يوم على كنوز

أدبية جديدة في البالد التي يتصل إليها النفوذ األوربي كتونس ومراكش وبعض جهات الهند والسودان. فنشروا منها قسما كبيرا في حواضرهم. وجاراهم علماء الشرق

فأبرزوا إلى عالم الوجود مخطوطات عديدة كانت مطمورة في زوايا النسيان. وكفى دليال على ذلك لوائح عديدة كانت تطلع القراء مرارا في السنة على ما ينشر

منها بالطبع. كتعريف المطبوعات الشرقية في برلين والئحة مطبوعات الشرق في لندن وهناك األعداد الضافية الدالة على تلك الحركة العلمية وهانحن نتبع في تاريخ هذه الحقبة األولى سياق كتابنا )تاريخ اآلداب العربية في القرن

التاسع عشر( فنذكر أوال أدباء النصارى والمستشرقين.(1/314)

الباب الثانيأركان النهضة في أوائل القرن العشرين في مصر؟

السيد األفغاني يسرنا أن نفتتح باسمه الكريم هذه الحقبة األولى وإن

كانت وفاته سبقتها قليال إذ لم نستوف حقه في كتابنا عن أدباء أأدباء القرن التاسع عشر. وهو السيد جمال الدين

م(1838هـ )1254األفغاني األصل مولود أسعد آباد سنة درس في كابل ثم في الهند على علمائها ثم سافر إلى

مصر وإلى اآلستانة حيث قدر رجال الدولة قدره وجعلوه أحد أعضاء مجلس المعارف فاجتهد في توسيع نطاقها.

لكن أولي األمر تخوفوا من حرية أفكاره فألجئوه إلى هجر فحل في1871العاصمة وااللتجاء إلى وادي النيل سنة

القاهرة ضيفا كريما وانصب على العلوم العصرية حتى بلغ منها مبلغا عظيما وعرف بفيلسوف الشرق. فالتف حوله

كل طالبي الترقي والتحرر فكان يبعث فيهم بلهجته 1879وخطبه وكتاباته روح االستبداد فنفي إلى بالده سنة

فاحتل حيدر آباد وسكن في كلكتا في زمن الثورة العرابية. ثم سافر إلى أوربة. وأنشأ في باريس مجلته العروة الوثقى مع صديقه الشيخ محمد عبده المصري ساعيا إلى توحيد كلمة المسلمين. ثم تنقل في البالد

األوربية إلى أن استقدمه ناصر الدين شاه إلى طهران وجعله وزير الحربية فلم تطل مدته في تلك الوزارة

فسافر إلى روسية ورحل إلى باريس وشاهد معرضها سنة وعاد إلى إيران بإغراء الشاه فعني بإصالح أمورها.1889

فخاف أرباب الدولة من تطرفه فأبعد مريضا إلى حدود تركيا وسكن مدة مدينة البصرة إلى أن استدعاه السلطان

وأسكنه في بعض1892عبد الحميد إلى اآلستانة سنة قصورها فبقي فيها مكرما إلى سنة وفاته بداء السرطان

. أما آثاره الكتابية فهي مفرقة في1897 آذار سنة 9في صحف زمانه. نشر منها الشيخ محمد عبده رسالته في نفي مذهب الدهريين وقد أثنينا عليها مرارا ونقلنا عنها فصوال شائقة في مناصبة هذا المذهب وبيان الشرور

الناتجة عنه وفي تأثيم زعمائه الكفرة كفولتير وروسو.

الشيخ محمد عبده ال يجوز أن نفرق بين جمال الدين األفغاني وتلميذه الشيخ محمد عبده. فإنهما سيان في النهضة األدبية التي حدثت

في الشرق اإلسالمي(1/315)

( في1853هـ )1267ولد الشيخ عبده في أواخر سنة شنبيرا من مديرية الغربية في مصر ودرس مبادئ العلوم الدينية والفقهية في طنطا ثم في األزهر لكنه لم يجد في

شيوخهما وأساتذتهما ما يأنس به عقله حتى قدم إلى ( فخضر1875 )1288مصر جمال الدين األفغاني سنة

دروسه مع بعض أدباء القاهرة وشغف بتعليمه وأخذ عنه المنطق والفلسفة وارتوى من روحه حتى قام مكانه بعد

أن أبعد األفغاني وعهد إليه التدريس في المدارس األميرية فازدحم الطالب الستماعه وحرر في الوقائع

المصرية مقاالت أثرت في مواطنيه كان يدعوهم فيها إلى اإلصالح. وفي تلك األثناء وقعت حوادث عرابي باشا

وحوكم هو بسببها وحكم عليه بالنفي. فجاء سورية وأقام فيها ست سنوات انتدبته في أثناءها رئيس رسالتنا إلى

شرح مقامات بديع الزمان فلبى طلبه وأحكم تفسير تلكالطرف اللغوية التي راجت رواجا عظيما فتكرر طبعها. ثم سافر الشيخ عبده إلى باريس وفيها أجتمع بأستاذة األفغاني فنشرا )العروة الوثقى( التي مع قصر زمانها أصابت بين المسلمين شهرة كبيرة. وكان الشيخ مدة

أقامته في عاصمة فرنسا وقف على تمدن الغرب ورقيه وخمود الشرق وخموله ال سيما بعد أن درس اللغة

الفرنساوية وأطلع على كنوزها األدبية. فكان يتلهب غيرة

إلصالح أمور وطنه. ثم أجازوا له بالرجوع إلى مصر فقدرت الحكومة قدره فتعين مستشارا في محكمة

االستئناف وعضوا في مجلس إدارة األزهر. وأسند إليه )1317أخيرا رئاسة اإلفتاء في الديار المصرية سنة

م( فقام بواجبات منصبه أحسن قيام إلى سنة وفاته1899 م( وهو ال يزال يدعو إلى إصالح الدين1905 )1323سنة

وذويه. وقد ألف كتبا عديدة أكثرها دينية كتفسير القرآن والرسالة في التوحيد. وبعضها منطقية وأدبية واجتماعية

ومما لم نستحسنه له كتابه اإلسالم والنصرانية. وفيه أشياء كثيرة ال توافق تعاليم النصرانية أخذها عن بعض

أعداء النصرانية أو حملها على غير معناها. ولو راجع فيذلك علماء الدين المسيحي لوقف على الصواب

محمود باشا سامي البارودي هو أيضا من أركان النهضة األدبية في أواخر القرن السابق وغرة القرن الحالي. كان من مولدي الجركس وكان أبوه

حسن بك من أمراء المدفعية في الجيش المصري. ولد م( ثم1840 هـ )1256ابنه محمود في القاهرة سنة

تخرج في المدارس الحربية في مصر وتلقن فيها مبادئالعلوم فأحرز منها

(1/316)

قسما حسنا وإنما تغلب عليه األدب وأغرم بالشعر العربي وأتقن اللغتين التركية والفارسية وتقلب في المناصب

العسكرية وحارب مع األتراك في الحرب الروسية سنة . وكانت مصر أنفذت لمساعدة الدولة العثمانية1877

نجدة كانت فرقته من جملتها فكوفي لحسن بالئه برتبة

مديرا للجهة الشرقية. ثم تولى1879اللواء وتعين سنة نظارة الحربية ثم األوقاف ثم المعارف. وكان له يد في الثورة العرابية فنفي إلى سيالن ثم عفي عنه وعاد إلى

وطنه وانقطع فيه إلى اآلداب إلى سنة وفاته وكف بصره في أواخر حياته. وهو أحد أمراء الشعر العربي الحديث

يعد شعره من الطبقة األولى مع القليل من معاصريه منشعراء مصر وشعره يجمع بين السهولة والمتانة.

ومن آثاره مجموع نفيس دعاه مختارات البارودي في أربعة أجزاء ضمنه أطيب قصائد الشعراء قسمها إلى ستة

أبواب واسعة. ودونك مثاال من شعره قال يرثي زوجتهالمتوفاة وهو في المنفى:

ورد البريد بنير ما أملته ... تعس البريد وشاه وجه الحادية ما ... نهشت صميم القلب حي فسقطت مغشيا علي كأن

واديد ه ... بالقلب شعلة مارج وقا ويلمه رزء إطار نعي

ومنها:أسليلة القمرين أي فجيعة ... حلت لفقدك بين هذا الناديأعزز علي بان أراك رهينة ... في جوف أغبر قاتم األسوادأو أن تبيني عن قرارة منزل ... كنت الضياء له بكل سواد

لو كان هذا الدهر يقبل فدية ... بالنفس عنك لكنت أولفادي

قد كدت اقضي حسرة لو لم اكن ... متوقعا لقياك يوممعاد

فعليك من قلبي التحية كلما ... ناحت مطوقة على األعواد وقال يصف حالته في منفاه إلى سيالن )وهي سرنديب

القدماء( : لم يبق لي أرب في الدهر أطلبه ... إال مصاحب حر صادق

الحال وأين أدرك ما أبغيه من وطر ... والصدق في الدهر أعيا

كل محتال ال في سرنديب لي إلف أجاذبه ... فصل الحديث وال خل

فيرعى لي أبيت منفردا في رأس شاهقة ... مثل القطامي فوق

المربإ العالي(1/317)

إذا تلفت لم أبصر سوى صور ... في الذهن يرسمها نقاشمن مالي

تهفو بي الريح أحيانا ويلحفني ... برد الطالل ببرد منهأسمالي

فلو تراني وبردي بالندى لشق ... لخلتني فرخ طير بينأدغال

ل ال يستطيع انطالقا من غيابته ... كأنما هو معقول لعقا

أدباء المسلمين المصريين في أوائل القرن العشرينعبد اللطيف الصيرفي

هو شاعر مصري معاصر لسامي البارودي كاد يجاريه فيهـ )1257سنتي مولده ووفاته. ولد في اإلسكندرية سنة

م( تعلم في1904هـ )1322م( وتوفي سنة 1841 المدارس األهلية حتى أتقن اللغة العربية والحساب

واألنغام وبرع بالخط فدخل في دواوين التحريرات وخدم حكومة وطنه زمنا طويال ثم اشتغل بفن المحاماة إلى

سنة وفاته. صنف ديوانا نشره بعد وفاته ابنه عبد العزيزهـ )1335 صفحة طبع سنة 220وهو مجلد واسع في

م( وشعره سهل وسط ال يخلو من بعض الرقة1908 والتفنن وكذلك نثره له منه فصول ومراسالت ومداعبات

منسجعة.وهذا مثال من شعره قاله يهجو أحد العمال في دمنهور:

كانت دمنهور لنا ... مهد المحاسن والظرائفال سيما لما رقت ... بمديرها رب اللطائف

خيري الالئق احمد ... محيي الفاخر والمعارفوسعت لنادي فضله ... أهل الفضائل والعوارف

فاستأنست نفسي بهم ... وظللت ألتقط الطرائفوأقول قد سعدت دمن ... هور وراقت كل طائف

لكن بها كلب عقور ... قد بدت منه المخاوفال زال يعطف كاسرا ... فيسيء جالسها وواقف

حتى غدت موبؤة ... بوجوده والكل واجففمن الذي يأتي لها ... ما دام فيها الكلب عاطف

أال وبستور له ... في كل آونة مساعفبما لم يجده ... تطبيبه والداء ناقف ولر

فالله يخفى رسمه ... منها فتأخذه المتآلفألكون أول آمن ... وأكون آخر من يجازف

(1/318)

إبراهيم بك المويلحي في هذه الحقبة األولى من القرن العشرين وقعت أيضا

وفاة أحد أعيان المصريين الذين أحرزوا لهم ذكرا في عالم األدب نعني به إبراهيم المويلحي المولود في مصر

ك29هـ )1322م( والمتوفى سنة 1846هـ )1262سنة م( تقلب في عدة أعمال وغلب عليه األدب1906 2

والسياسة فخدم وطنه مصر في أيام الخديوي إسماعيل باشا ورافقه بعد استقالته إلى أوربة فكان أمين أسراره

وسكن مدة باريس ونابولي معه ثم تردد مرارا إلى

األستانة فحظي بالنعم السلطانية والرتب عند عبد الحميد. وأنشأ عدة جرائد مثل الخالفة في نابولي والرجاء في باريس ونزهة األفكار ومصباح الشرق في القاهرة وله

عدة مقاالت في الصحف العربية غيرها. وكان لم يستقر على خطة مع كونه شديد الذكاء بليغ اإلنشاء كثير التفنن

مر االنتقاد وهو منشئ جمعية المعارف لنشر الكتب المفيدة. ومن آثاره كتابه الشهير )ما هنالك( وصف فيه

أسرار يلدز وسياسة السلطان عبد الحميد وله شعر قليلع فيه كمن وإنشاؤه أقرب إلى اإلنشاء العصري ال تصن

سبقه. وإنما يزينه بالنكت البديعة والمعاني المستطرفة. ومما وقفنا له من قلمه ما كتب في )اإلنشاء والعصر( وهو

كالم طويل ينتقد خمول المصريين بصناعة اإلنشاء مع تزايد المطابع وانتشار التعليم وكثرة المدارس ويبحث عن أسباب انحطاطها فقال في ذلك: )إنما السبب عند جمهور

الباحثين هو سوء طريقة التعليم والتلقين للعلوم العربية بين طلبة المدارس وضعف العناية في اختيار الكتب

النافعة للتدريس. وليس هذا في نظرنا السبب الوحيد لما نشاهده من التأخر واالنحطاط في صناعة اإلنشاء

ة العاملين فيها فذلك مهما جئت به من والتحرير وقل التحسين والتعديل لطريقة التعليم ال ينفع في ملكة

اإلنشاء في أذهان التالميذ التي عليها المعول في حسن الصناعة الن المدة لدرس اللغة العربية في المدارس ال تكفي لغير الحصول على أصول اللغة وقواعدها وال تفيد

لتكوين الملكة لشيء صالح. وال يخفى عن علمك أن الطالب يتجرع هذه القواعد واألصول في الدرس وال يكاد

يسيغها وال يتناولها إال كما يتناول المحموم مر الدواء والتمكث في صدره إال ريثما يمجها عند أخذ الشهادة ... )على مثل هذا يخرج المتخرجون في المدارس سواء

الفائز منهم بالشهادة والخائب فيها ثم ينصرف كل واحد

منهم إلى األشغال التي تلهيه عن كل صحيفة وكتاب وال يجد أمامه مجاال لنمو ملكة الكتابة ... أما إذا ابتاله الله

بالدخول في خدمة الحكومة فقل يا ضيعة العلم واألدب ويا بؤس صناعة اإلنشاء والتحرير ويا زوال ملكة اإلفصاح والتعبير! إذ يتلقى هناك لسانا جديدا ولغة حديثة ال يهتدي

فيها إلى قاعدة وال ترتبط برابطة وال تفضل لغةالبرابرة ...

ولو أنه ذهل يوما وجاء في بعض عمله بجملة صحيحةوعبارة مستقيمة في اللغة وانحرف عن

(1/319)

ذلك اللسان المصطلح عليه شيئا قليال ألصبح عرضة للتهكم عليه االستهزاء به بين العمال فيعمد إلى التوبة من

الذنب ... ويأخذ بلسانهم فيأمن من مكرهم ... )ومن سوء الحظ لم تلتفت الجرائد السيارة إلى إتقان

صناعة التحرير ولم تعمل لهذا المقصد النبيل ولم ير أربابها أن يتعبوا أنفسهم ويكدوا خواطرهم للتفنن في

بالغة القول وفصاحة التعبير وانتقاء األلفاظ وتنويع التركيب وتجديد األسلوب وما شابه ذلك من محاسن هذه الصناعة التي تتوق للنفس وتطرب إليها القلوب ... فينبغ

النوابغ من الفصحاء والبلغاء ويكثر بيننا عديد الكتاب واألدباء ... وفاتهم أن الواجب على الكتاب المجيدين

الذين يضعون أنفسهم أمام القارئ في الهادي والمرشد ومقام المربي والمعلم أن يرتفعوا بذهن القارئ إلى درجة

أذهانهم ال أنهم ينزلون بأفكارهم إلى درجة أفكاره ... ( 130ومن فصوله الحسنة ذكره في كتابه )ما هنالك( )ص

( لموكب السلطان عبد الحميد في األستانة يوم132-

الجمعة )السالملك( تلك حفلة حضناها مرة فأحسنالمويلحي بوصفها قال:

ة بتعيين مسجد صالته اجتمعت )وإذا صدرت اإلدارة السني العساكر في ساحة المسجد أمام الباب السراي واصطفت

صفوفا مضاعفة بعضها وراء بعض. وفي هذه األثناء تتسابق مركبات المشيرين والوزراء والمشائخ واألجانب

من السفراء وغيرهم فيجلس السفراء ومن كان معهم من علية قومهم الوافدين على األستانة في قاعة الجيب

الهمايوني المطلة على تلك الساحة التي ال يسمع السامع فيها قيال وال صهيال إال صليل األسياف وترديد األنفاس هيبة وإجالال وانتظارا واستقباال إلشراق نور الحضرة السلطانية

فإذا حان وقت الصالة أشرقت المركبة السلطانية المذهبة كالشمس ضياء من مطلع السراي تحمل اإلمام نائب

الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويجلس أمامه الغازي عثمان باشا. والمشيرون وكبار رجال المابين حافون من حول المركبة مشاة خشع األبصار ترهقهم ذلة من جالل تلك اإلمامية وهم في غير هذه الساعة أكاسرة الزمان

وقياصرة الرومان كبرا وجبروتا وكلهم في أمواج المالبس الذهبية يسبحون وعلى صدورهم نياشين الجوهر تخطف األبصار وتأخذ األلباب حتى أن الناظر ليكاد يوالي الحمد

لله تباعا على ما منحه للدولة من عديد الرجال الصادقين في خدمة الملة بشهادة الكلمات الناطقة فوق

النياشين ... فإذا اختلف المكتوب على الصدر عن المكنون في القلب كانت كبائع يغش الناس بوضعه على زجاجة الخل عنوان ماء الورد ... ثم تسير المركبة بالعز واإلجالل والسعادة واإلقبال تحسدها الكواكب وتحفظها

المواكب.. ثم يصعد السلطان إلى المكان المخصص لصالته فيصلي فيه وحده وصفوف العساكر العثمانية

واقفون في تلك الساحة ينتظرون تشريف جاللته للسراي

بعد تأدية الصالة..( ومن أدباء المسلمين أيضا المتوفين في أوائل القرن العشرين بعض الذين تركوا آثارا

(1/320)

قليلة من أقالمهم )كوفاء أفندي محمد( المتوفى سنة ( كان أمين المكتبة1904 - 1901( )1322 )وقيل 1319

الخديوية دونك مثاال من رسائله يهنئ بعض السادة بالعيد: )كيف أهنئك وحدي وأنك العالم في واحد. فقد انطلقت األلسن بتهنئتك حيث أجمعت القلوب على محبتك وقد وافانا يوم العيد األكبر فالناس بين مهلل ومكبر. وهذا

الربيع قد احتفل بيمن طالعك السعيد فنشر على الربى مطارفه السندسية ورفع أعالمه الزبرجدية، وبعث برسول

النسيم، إلى الروض فتلقاه بوجه وسيم، وثغر بسيم، ونشر من الزهر النضير، دراهم ودنانير، ورقصت الغصون

فغنت الطيور فوق األفنان، بفنون األلحان، فهكذا تكون إشارات التهانئ، وإن لم تف بوصفها األلفاظ والمعاني،

والية بمن أوالك، رفعة تصافح السماء ووالك، رتبة ال تدانيها الجوزاء، عن صحيح الفهم في دارك عالك لعليل،

وإن اللسن وإن شحذ اللسان في وصف مجدك لكليل والسالم( ومنهم )مصطفى بك نجيب( المتوفى سنة

( وكان رئيس قلم بنظارة الداخلية وهو1902هـ )1320 أحد األدباء الفضالء الذين اشتهروا بفصاحة القلم ونشر

المواعظ وجليل الحكم فمن قوله نبذة وصف فيها الفونغراف قال: )الفونغراف مثال القوة الناطقة، من غير

إرادة سابقة، يقتطف األلفاظ اقتطافا، ويخطف الصوت اختطافا، أشد من الصدى في فعله، في إعادة الصوت

على أصله، كأنه الوتر عن يد الضارب، والقصب عن فم

القاصب، يحفظ الكالم وال يبيده، ومتى استعدته منه يعيده، كأنما حفظ الوديعة، في نفسه طبيعة، فلو تقدم له الوجود في مرتبة الزمن ألسمعنا كالم السيد المسيح في

المهد، وصوت ألعازر من اللحد، وكانت استودعته الفالسفة حكمتهم، وأنشدوه كلمتهم، فرأينا به غرائب

اليونان، وبدائع الرومان ... نديم ليس فيه هفوة النديم، وسمير ال ينسب إليه تقصير، تسكته وتستعيده، وتذمه

وتستجيده، وتنقصه وتستزيده، وهو في كل هذه األحوال، راض بما يقال، ال يكل من تحديث، وال يمل من حديث،

نمام كما ينم لك ينم عليك، وينقل لغيرك كما ينقل إليك، فهو المتكلم بكل لغة وال يجهده األداء، وال يضره اختالف

شكل، وال تباين أصل، بل تعدت شدة حفظه البشرية من اللغات، إلى حفظ أصوات العجماوات، إلى تركة اصطكاك

الجمادات. )عائشة التيمورية( هي إحدى النساء المسلمات التي

تفردت في اآلداب في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل (1902 )أيار 1320العشرين فتوفيت في صفر من السنة

م( ووالدها1840هـ )1256وكان مولدها في القاهرة سنة إسماعيل باشا تيمور

(1/321)

وأمها جركسية. أحبت منذ صغرها العلم واألدب وبعد أن اقترنت بالزواج ثم ترملت انصرفت إلى اآلداب وبرعت

بنظم الشعر في اللغات الثلث العربية والتركية والفارسية. وقد طبع ديوانها العربي المسمى حلية الطراز فأثنى عليه األدباء طيب الثناء وشفعته بكتاب نتائج األحوال

فأقبل عليه العلماء أيضا وأطرأوا صاحبته. وممن قرظ

كتاب حلية الطراز السيدة وردة كريمة الشيخ ناصيفاليازجي فقالت:

ذا حلية الطراز أتت من ... مصر تزهوا باللؤلؤ المنظوم حب حلية المعقول ال حلية الوش ... ي وكنز المنطوق

والمفهوم أنشأته كريمة من ذوات م ... المجد والفخر فرع أصل

كريمقد أعاد الزمان عاشئة في ... ها فعاشت آثار علم قديم

هي فخر النساء بل وردة في ... جيد ذا العصر زيت بالعومفأدام المولى لها كل عز ... ما بدا الصبح بعد ليل بهيم

وقالت في تقريظ نتائج األحوال: هذا الكتاب الذي هام الفؤاد به ... يا ليتني قلم في كف

كاتبهودونك أمثلة من شعر عائشة تيمور قالت في الفخر:

بيد العفاف أصون عز حجابي ... وبعصمتي أسمو علىأترابي

وبفكرة وقادة وقريحة ... نقادة قد كملت آدابي فجعلت مرآتي جبين دفاتر ... وجعلت من نقش المداد

خطابيي ما عاقني خجلي عن العليا وال ... سدل الخمار بلمت

ونقابي عن طي مضمار الرهان إذا اشتكت ... صعب السباق

مطامح الركاب بل صولتي في راحتي وتفرسي ... في حسن ما أسعى

لخير مآبومما قالته ترثي أبنتها وكان موتها في رمضان:

طافت بشهر الصوم كاسات الردى ... سحرا وأكوابالدموع تدور

ومضى الذي أهوى وجر عني األسى ... وغدت بقلبي

جذوة وسميرناهيك ما فعلت بماء حشاشتي ... نار لها بين الضاوع زفير

آني ألفت الحزن حتى أنني ... لو غاب عني ساءنيالتأخير

ر والبعاد قد كنت ال أرضي التباعد برهة ... كيف التصبدهور

(1/322)

ينتها الحور أبكيك حتى نلتقي في جنة ... برياض خلد ز عيشه المبرور ة تلتقي ... ال عيش إال هذا النعيم به األحبدت فوق الغصون والله ال أسلو التالوة والدعا ... ما غر

طيور ولعائشة تيمور قصائد مختلفة في األوصاف واألخالق

والغزل والمديح وإنما أخذت في كل ذلك أخذ كتبه زمانها فلم تعالج المواضيع المبتكرة. وكذلك نثرها في نتائج

األحوال ال يخلو. من التصنع في نظم سجعاته. هذا فضال عما يحتويه من التخيالت واألقاصيص المصنوعة التي

قصدت بها ترويح األفكار وتلهية األحداث. وفي هذه الحقبة ذاتها فقدت مصر قوما من مشاهير

أطبائهم الذين كانوا أغنوا الطب الوطني بمؤلفاتهم بعد أن تخرجوا على أطباء نطاسيين من األوربيين منهم )محمد

باشا الدري( و )أحمد بك حمدي الجراح( وقد أتقن كالهما علم الطب في باريس. وقد ألف األول تذكار الطبيب

وألف مطوال في الجراحة وكتب تاريخ األسرة الخديوية. كانت وفاته في مطلع القرن العشرين وصنف الثاني في أعمال الجراحة ونشر جريدة طبية دعاها المنتخب كانت

م( .. ومنهم الدكتور )محمد1903هـ )1321وفاته سنة

بك بدر( تخرج في فن الطب في إنكلترا وهو مؤلف كتاب علم الشفا والمادة الطبية وكتاب شرح األدوية الجديدة

. وكان محمد بك1902وكتاب الصحة التامة توفي سنة بدر أشتغل في ألمانيا في فلسفة اإلسالمية ودرس هناك اللغات السامية وباشر بتاريخ فالسفة اإلسالم ومؤلفاتهم منذ ظهر اإلسالم إلى اليوم وال نعلم أنشر تأليفه بالطبع.

وهو الذي نشر كتاب أبي منصور عبد القادر البغداديالفرق بين الفرق( .

وممن درس الطب في ألمانيا )حسن باشا محمود( له مصنفات عديدة في األمراض العصرية كحمى الدنج والهيضة وخص بدرسه أدواء وطنه كالدمل المصري

والطاعون الساري. ومن تأليفه الحسنة كتابه الخالصةالطبية في األمراض الباطنية.

وتفقه أيضا في أوربا غير هؤالء مثل )عبد الرحمن بك الهراوي( صاحب تأليف في الفسيولوجية توفي سنة

. )والدكتور سليمان نجاتي( الذي تخصص بمعالجة1906 األمراض العقلية وألف كتاب )أسلوب الطبيب في فن

.1907المجاذيب( . كانت وفاته سنة (1/323)

واشتهر في العلوم الفلكية )إسماعيل باشا الفلكي( الذي درس الرصد في مرصد باريس وأدار في مصر المرصد الفلكي وكان ينشر تقاويم أرصاده الفلكية الرسمية في اللغتين العربية واألفرنسية. ومن تأليفه: )اآليات الباهرة

.1901في النجوم الزاهرة( توفي سنة فترى أن العلوم العصرية كانت مدينة خصوصا ألوربة حيث تخرج فيها المصريون ثم نشروها في وطنهم إما بالتدريس

في القصر العيني وإما بالمزاولة والتأليف فكانت سببنهضة علمية معتبرة تتمتع اليوم مصر بثمرتها.

أدباء اإلسالم في الشام والعراق وبينما كان المصريون يحاولون كسر أغالل التقليد القديم الذي كان يضايقهم في الكتابة ويحول بينهم وبين الرقي

العصري. كان إخوانهم في الشام يجاهدون للحصول على حرية كافية لينزعوا عنهم ضغط نير األتراك فيطلقوا

العنان ألقالمهم للبحث في المسائل االجتماعية واإلصالح السياسي. وفي مقدمتهم: )عبد الرحمن الكواكبي( ولد

م( من أسرة آل الكواكبي1849هـ )1265في حلب سنة القديمة التي إليها تنسب في الشهباء المدرسة الكواكبية.

وفيها تلقى العلوم اللسانية والشرعية وبعض العلوم الحديثة ثم أنس بالكتابة فحرر عدة جرائد كالفرات

والشهباء واالعتدال وخدم الدولة متقلبا في مناصبهاة واإلدارية والحقوقية إال أن ما طبع عليه من اإلباء العلمي

والنخوة ودقة النظر وحب االنتقاد في العصر الحميدي حمل أعداءه إلى الوشاية به إلى المراجع العليا فزج بالسجن وجرد من أمالكه. ثم خرج سائحا إلى البالد

وطاف جانبا من أفريقية وجزيرة العرب حتى توغل في صحاريها وبلغ اليمن ثم رحل إلى الهند وسكن أخرا في

. ومن آثاره ما يثبت له سعة1903مصر وفيها توفي سنة إطالعه على تاريخ الشرق وال سيما تاريخ الممالك

العثمانية فعرف أداؤها وحاول عالجها كاألفغاني. ومما ألفه في ذلك كتابه )طبائع االستبداد ومصارع االستبعاد( وكتاب

)أم القرى( نظر فيه الشيخ محمد عبده. وكان الكواكبي مع أنفته من االستبداد رقيق الجانب عطوفا على الضعفاء

والمساكين.

)محمد رشيد الدنا( وقد أسفت بيروت في أوائل القرنالعشرين على فقدها

(1/324)

هـ( وهو أحد1320 )1902لهذا الكاتب الضليع في السنة تالمذة المعلم بطرس البستاني في مدرسته الوطنية.

خدم الحكومة التركية عدة سنين ثم استقال من مناصبها 1886ليخدم وطنه بالتحرير فأنشأ جريدة بيروت سنة

وأدارها إلى سنة وفاته وكان معتدل الطريقة في سياسته فأمن نكبات الدهر. وكان يرتشد بآراء شقيقه األكبر

السديدة السيد عبد القادر وصارت الجريدة بيروت منبعده في عهدة أخيه محمد أمين.

نضيف إلى أدباء المسلمين في الشام )السيد إبراهيم الطباطبائي( من مشاهير أدباء العراق قضى نحبه سنة

م( في النجف وفيها كان مولده سنة1901هـ )1319 م( كان إمام النهضة اللغوية في وطنه1832هـ )1248

بين صدور الشيعة. وله ديوان شعر طبع في صيداء تلوح فيه األساليب البدوية القديمة وكان مغرى بغريب اللغة وترى ذلك في معظم أشعاره. وقسم كبير من قصائده في الغزليات. ومن حسن قوله أبيات ذكر فيها األحباب

وأيام األنس: أخي هل راجع ليل فينظمنا ... بشط دجلة نظم العقد

إخوانا أحبابنا أن تهن فيكم وسائلنا ... فحسبنا كل شيء بعدكم

هاناق الدهر ما بيني وبينكم ... فقد صحبتكم دهرا إن فر

وأزمانا

جف األعلى لصحبتكم ... صحبا وأهال وأوطانا تركت في النوجيرانا

عوضتموني عن أهلي وعن وطني ... باألهل أهالوباألوطان أوطانا

ومن حكمه:بهم ... ال يعرف الخل إال ما كل من صحب األخوان جر

بالتجاريبوقال في محاسن الشعر:

للشعر حسنان ال تعدوهما جهة ... حسن بمعنى وحسنباألساليب

أدباء النصارى في الحقبة األولى من هذا القرنأدباء النصارى في الشام ومصر

جارى أدباء النصارى في مصر أدباءها المسلمين ولعلهمكان لهم التقدم في تلك

(1/325)

النهضة األدبية. على أن ذلك الفضل يعود خصوصا إلى نصارى الشام الذين لم يجدوا في وطنهم ما رغبوا فيه من سعة الحال وبسطة العيش والحرية المعتدلة فهاجروا إلى

مصر ليمتعوا فيها بحضارتها تحت نظارة بريطانية العظمى. وما لبثوا أن تخصص بعضهم ممن تخرجوا في مدارس األجانب في الشام للكتابة فنبغوا فيها كما تشهد لهم تأليفهم والصحف التي تولوا إدارتها فنهجوا الطريق

في ذلك ألهل مصر. وهانحن نذكر الذين اشتهروا في تلكالحقبة األولى.

17)عبد الله مراش( توفي في غرة القرن العشرين في

في مرسيلية وكان مولده في حلب1900كانون الثاني وهو أخو فرنسيس الذي مرت لنا1839 أيار 14في

ترجمته بين أدباء القرن التاسع عشر وكالهما من أسرة فاضلة عرف أصحابها بفضلهم ورقي آدابهم. تخرج عبد

الله في الشهباء في مدرسة اآلباء الفرنسيسيين ثم تعاطى التجارة فيها مدة واتسع في أعمالها وسافر إلى

إنكلترا عميال لشركة من التجار في منشستر فأصاب ثروة واسعة. ثم عدل عن التجارة واشتغل باآلداب في باريس

وفي إنكلترا وحرر في جرائدها العربية كمرآة األحوال لرزق الله حسون ومصر القاهرة ألديب إسحاق والحقوق لميخائيل عورا وكوكب الشرق ألحد الفرنسويين وقضى

أواخر سني حياته في مرسيلية. وكان عبد الله مراش يشبه رزق الله حسون في درسه للغة العربية ومعرفة

تاريخ العرب والبحث عن اآلثار العربية في مكاتب لندن وباريس ونسخة عنها ما يراه من نوادرها جديرا بالذكر

ينقل ذلك بخط بديع. وكان عبد الله ضليعا باإلنشاء العربي يحسن الكتابة ويحرص على وضوح معانيها. وله فصول

رائعة في األخالق واآلداب وانتقادات حسنة على منشورات المستشرقين ورسائل شتى في العلوم

العصرية واألحوال السياسية. وتعريبات لبعض كتابات( .491 و344: 2الفرنسويين )اطلل الضياء

وممن اشتهروا في مصر من أهل الشام المرحوم )بشارة تقال( أخو سليم وقرينه بإنشاء الصحافة والتأليف. ولد في

حزيران15 وتوفي في 1852 آب 22كفر شيما في عرف منذ حداثته بتوقد الذهن ودرس في المدرسة1902

الوطنية ثم في المدرسة البطريركية وعلم مدة في بأخيه الذي كان1875مدرسة عين طورا. ثم لحق سنة

سبقه إلى الديار المصرية فأنشأ هناك في أوائل آب من جريدة األهرام ثم1876السنة

(1/326)

صدى األهرام وكابدا بسبب الجريدتين عدة مشقات لما نشراه من المقاالت الحرة وانتقاد أعمال الحكام والدفاع عن حقوق المصريين واستعانا بحماية فرنسة لرد غارات من يتعرض لهما. وسافر بشارة غير مرة إلى أوربة وزار

عواصمها ثم رحل إلى األستانة ونال من امتيازات سلطانها فضال عما نال من انعامات فرنسة كوسام جوقة

الشرف ووسامات غيرها من الدول. ثم عاد إلى مصر ووسع دائرة جريدة األهرام فوصل بجده ونشاطه إلى أن أصبحت بفضله في مقدمة الجرائد المصرية وقد خدم بها

صوالح المصريين بازاء االحتالل البريطاني وانتصر لفرنسة وحقوقها. أصيب في أواخر عمره بداء القلب فرجع إلى

سورية فتوفى في وطنه. وخدم مصر شاب آخر فمات في عز شبابه نعني به )خليل

والمتخرج في1872الجاويش( المولود في بيروت سنة مدارسها وخصوصا في المدرسة البطريركية حيث درس العربية على الشيخ إبراهيم اليازجي ثم انتقل إلى مصر

وخدم في حكومتها بضع سنوات. ثم تولى في اإلسكندرية رئاسة تحرير جريدة األهرام عدة سنين إلى أن شعر

بانتهاك القوى فعاد إلى لبنان رجاء أن ينعش بهوائه قواه 21فلم يجد ما أمله فعاد إلى مصر وتوفي في حلوان في

. ألف روايات أدبية ومنظومات شعرية نشر1902شباط بعضها في مجالت مصر.

وفي مصر كانت وفاة أحد مواطنينا السوريين )نقوال بك ودرس في1853توما( ولد في مدينة صيداء سنة

مدرستها لآلباء اليسوعيين ثم صار من أساتذتها وعلم في 1874بعض مدارس لبنان حتى انتقل إلى مصر سنة

فانتظم مدة في سلك عمال دولتها. ثم تسنى له السفر إلى باريس فاجتمع فيها بأصحاب النهضة كالسيد األفغاني والشيخ محمد عبدة وكتب عدة مقاالت نشرها في جريدة مرآة الحال ثم عدل إلى فن المحاماة ولم يزل منكبا على

درس أصولها ومشكالتها حتى برع فيها. وأنشأ مجلة األحكام المصرية فزادت بها سمعته وأقبل عليها الجمهور فعدل عنها ولزم المحاماة حتى عد من نوابغها سالكا فيها

بكل جرأة إلى أن اضطرته األمور مع انتهاك الصحة إلى . كان1905 آب 25السفر أوربة وفيها كانت وفاته في

نقوال بك في مرافعاته في القضاء بليغ الكالم يتدفق في بسط الدعوى وبيان غثها وسمينها ال يتلجلج لسانه في

شرحها وتطبيقها على القوانين الشرعية وفيه قال بعضالشعراء:

(1/327)

قوال أيها الطالب البيان وعلم م ... المنطق الحق نصه والنال تجد السرى وحسبك مصر ... لبلوغ المنى وفيها نقوال

ذهب1906 تشرين الثاني 25وفي السنة التالية في الموت بحياة سوري آخر أدى في مصر خدما مشكورة

لآلداب العربية وهو )الدكتور نقوال نمر( أحد مراسلي مجلة وأتت به أنه1858المقتطف. كان مولده في حاصبيا سنة

مع أخوته إلى صيداء ثم إلى بيروت بعد أن قتل ولده في فتربى نقوال في المدارس اإلنكليزية1860حوادث السنة

درس في1876ثم في الكلية األميركية وفي السنة إحدى مدارس دمشق ثم عاد إلى الكلية فدرس فيها

الطب ونال شهادتها وله في مجلة الطبيب فصول طبية تشهد له بحسن النظر والذكاء. ثم رحل إلى مصر وتعاطى

فيها الطبابة منتظما في سلك الجيش المصري منتقال معه إلى أصوان فوادي حلفا. ثم سافر إلى أميركة وواجه

رئيس الواليات المتحدة ونشر تفاصيل رحلته إليها في مجلة المقتطف وكذلك رحل إلى أرثرية والحبشة فحرر

أخبار سفره إليها مع ما وجده فيها مما يلذ القراء من األمور الطبيعية وأخالق البشر. وكأن هذه األسفار أثرت

في صحته بحيث لم تنجح في عالج دائه حيلة األطباء وكان أتى بيروت مؤمال الشفاء فزاد مزاجه انحرافا فرجع إلى

مصر وتوفي فيها بعد قليل. قبضت المنون روح أدباء بيروت1907 2 ك24وفي

المستوطنين للقاهرة وهو )جميل بك نخله المدور( من أسرة معروفة في الشام بفضلها وأدب أصحابها. وكان المذكور مولعا بالتنقيب عن آداب العرب وتاريخ األمم

الشرقية القديمة. فصنف في حداثته تاريخ بابل وآشور وسبكه سبكا حسنا وأخرجه بعبارة بليغة وعرب كتاب التاريخ القديم ورواية )أتاال( أشاتوبريان. وإنما أفضل

تأليفه كتابه )حضارة اإلسالم في دار السالم( روى فيه على صورة رحلة خيالية لبعض أهل الشيعة ما ورد في

تأليف المؤرخين واألدباء عن أحوال المملكة في أيام هارون الرشيد وهو فكر حسن اقتبسه الكاتب من أحد أدباء الفرنسويين المدعو برتلمي الذي روى على هذه

الصورة سفر أحد األجانب المدعو أناكرسيس )Anacharsisإلى جهات اليونان قبل وفاة االسكندر )

واصفا ما يستحسنه من عادات اليونان وأخالقهم وعلومهم. ومثله سفر تليماك الفنيلون أسقف كمبراي.

وهذه نبذة من تلك الحضارة تطلعك على أسلوب(1/328)

كاتبها البارع ضمنها وصف زبيدة أم جعفر زوجة هارونالرشيد بنت جعفر بن المنصور وأم الخليفة األمين )ص

152 - 153: ) )ولئن كنت رأيت له )أي هارون الرشيد( في تدبير

المملكة ذلك التصرف الجميل فإني ما وجدته له في تدبير أهل بيته ومواليه وإنما يرجع الرأي في ذلك زوجه أم

جعفر وهي أنفذ نساء العباسيين كلمة في الدولة. وقد ربيت في مهاد الدعة والدالل كما يشير إليها اسمها. فإنما

سماها أبو جعفر جدها بزبيدة لغضاضة بدنها وقد كان يرقصها تهلال بها وينظر إلى غضاضتها ومالحتها فسماها

( فلما بنى بها الرشيد وجدها طرفة حديث1زبيدة لذلك ) ومصدر رأي جمل لم ير بدا من االنقياد إليها في قضاء

( . ومن ذلك أنه مكنها من2جميع ما ترومه من الحوائج ) بيوت المال فأنفقت من سعة ما ينيف عن ثالثين ألف ألف

دينار. فبنت مسجدا مباركا على ضفة دجلة بمقربة من دور الخالفة يسمى بمسجد زبيدة. ومسجدا سامي الحسن

( بين باب3في قطيعتها المعروفة بقطيعة أم جعفر ) ( وحفرت بالحجاز العين4خراسان وشارع دار الرقيق )

( ومهدت الطريق لمائها في5المعروفة بين المشاش ) كل خفض ورفع وسهل ووعر حتى أخرجتها من مسافة اثني عشر ميال إلى مكة فبلغ ما أنفقته عليها ألف ألف

دينار. وهذا من األعمال التي لم تباشرها امرأة في اإلسالم إال الخيزران أم الرشيد ... فإن لم يكن عند زبيدة من الملل ما بلغ هذا القدر الجسيم فإن لها في السياسة

رأيا تسمو به إلى التداخل في أمور الدولة كأفطن مايكون من الرجال( .

وقد امتاز بين المهاجرين السوريين إلى مصر )الشيخ إبراهيم اليازجي( فإنه بشهرة اسم والده الشيخ ناصيف

وشهرته الشخصية وتأليفه كان من أعظم الساعدين على

نهضة اآلداب العربية في القطر المصري وفيه كانت وفاته . وال نعود هنا إلى ذكره1906 كانون األول سنة 28في

بعد ما وفيناه حقه في كتابنا اآلداب العربية في القرن ( مع سائر األسرة اليازجية. وقد40 - 39:2تاسع عشر )

( حفلة638 - 637( : 1924 )22ذكرنا في المشرق )نصب تمثاله.

)الدكتور بشارة زلزل( كان زميل الشيخ المرحوم إبراهيم في1905 تشرين الثاني 11اليازجي وقد توفي قبله في

اإلسكندرية. كان مولده في بكفيا ودرس الطب في الكلية األميركية في بيروت ونال شهادتها وزاول فن الطبابة في

بيروت وهاجر إلى مصر فرارا من استبداد الترك. كتب في وطنه وفي مصر مقاالت علمية وأدبية كثيرة في مجلة

ثم في المقتطف وساعد الشيخ1870النحلة سنة إبراهيم في تحرير مجلة الطبيب والبيان والضياء ونشر

كتاب دعوة األطباء البن1901في اإلسكندرية سنة بطالن على نسق كليلة ودمنة وألحقه )بتكملة الحديث في

الطب القديم والحديث( . ومن مصنفاته كتاب تنوير األذهان في حياة اإلنسان والحيوان. ظهر منه قسمان. وله

في مجلة النحلة منظومات شتى منها قوله في صاحبالدولة داود باشا أول متصرفي في جبل لبنان النصارى: هو رأسنا داود باشا الذي له ... من المجد والمعروف ما

ليس يحصر وزير مشير عادل ذو مهابة ... يقاد له الليث الجسور

الغضنفرأقام لفتح العلم همته التي ... تنادي لهذا الفتح الله أكبر

كريم به عود الهدى بعد يبسه ... أعيد نضيرا فهو ينموويثمر

له دولة تزهو بحسن عدالة ... وبطش كما قد كان كسرىوقيصر

ومن دولة علياء قام بفخرها ... فتفخر فيه وهي بالعدلتفخر

وفي هذه الحقبة انقصف غصن من الدوحة البستانية في الحدث )لبنان(1901)سعيد البستاني( توفي في أيار

. تقلب بين مصر وبالد الشام وعكف على اآلداب العربية وأصدر بعض الروايات التمثيلية كذات الخدر وسمير األمير مثل فيهما أخالق القطر المصري وأمراء لبنان وحرر عدة

سنين جريدة لبنان إلى سنة وفاته. برح الحياة وهو في منتصف العمر وقضى نحبه بعده ببضعة أسابيع وطنية )سبع شميل( من أسرة الشميل الكفرشيمية وهو في

الرابعة والثلثين من عمره تخصص كآله بفن الكتابة فألفوحرر في الجرائد في بيروت

(1/329)

ومصر وأوربة حتى أصيب بداء الصدر فمات في أوائل.1901حزيران

ومن مشاهير السوريين الذي أسفت على فقدهم اآلداب 2 ت8)خليل غانم( السياسي الحر. ولد في بيروت في

.1903 وتوفي في باريس في غرة حزيران 1846سنة تخرج في شبابه في مدرسة عينطورة وأتقن اللغتين

الفرنسوية والعربية وخدم الدولة(1/330)

التركية كترجمان لمتصرفية بيروت ولوالية سورية وللوزارة الخارجية في األستانة. وانتخبه سكان سورية

وساعد مدحت1875كنائب عنهم لمجلس المبعوثان سنة

باشا في وضع قانون الدولة السياسي فكان أحد أركان النهضة الدستورية. ولما حل عبد الحميد مجلس المبعوثان

وتشدد على أنصاره فزع خليل غانم إلى السفارة الفرنسوية وأبحر سرا إلى فرنسة حيث ناضل إلى آخر حياته عن استقالل وطنه. فأشنأ في باريس عدة جرائد

عربية كالبصير وعربية فرنسوية كتركيا الفتاة وفرنسوية محضة كالهالل وأصبح من مكاتبي جرائد فرنسة الكبرى. وألف جمعية تركيا الفتاة فسعى السلطان إلى أن يؤلف قلبه بالهبات والمناصب فرده خائبا ومنحته فرنسا وسام

جوقة الشرف. وبقي طول حياته متشبثا بدينه. ومن مآثره الطيبة كتاب من إنشائه في حياة السيد المسيح ويثبت

فيه بالبراهين العلمية والدينية الوهيته. وله في االفرنسية تاريخ سالطين بني عثمان. وقد عرفنا في بيروت قرينته الفاضلة فأوقفتنا على بعض آثاره ونشرنا. منها فضال في

االقتصاد. ولقد قال المرحوم يوسف خطار غانم في رثائه: اليوم أطفئ نور بدر المع ... بسما المواطن فالمصاب به

وقع وخبا شهاب فؤاد حر صادق ... ومجاهد أضناه بالوطن

الولع قد فاجأتنا الحادثات وأسرعت ... بسقوط صاعقة لها

القلب انصدعومنها:

رجل الحقيقة أن يموت لدن األولى ... سمعوه واعتبروهبالحق أدرع

ما مات غانما فإنه خالد ... في نهجنا في فكرنا في ماوضع

وفؤاده كنه الطهارة إنه ... لقلوبنا يوحي ثبات المجتمع ومحرك فيها صالح ومواطن ... عظمت وبالنصر القريب

المرتفع

أيلول فقدت كليتنا أحد نخبة24 في 1906وفي السنة األدباء من ذوي التعليم والكتابة والتأليف المرحوم )رشيد الشرتوني( كان درس مدة في مدرسة مار عبدا هرهريا

وعلم في مدرستي عين تراز وعين طورا ثم انتدبته مدرستنا إلى تعليم العربية فخدمها خدمة نصوحا عدة

سنين. وكذلك وجدت فيه مطبعتنا الكاثوليكية خر مساعد لنشر كتبها المدرسية ولتحرر جريدة البشير فأعرب في

كل أعماله عن(1/331)

مدة حسنة وله في المشرق فصول تاريخية ولغوية أعترف له القراء بجودة إنشائها ودقة مضامينها. ومن

آثاره المستجادة مبادئه العربية في الصرف والنحو مع تمارينه للطالب في التصريف واألعراب وكتابه نهج

المراسلة ومفتاح القراءة. وقد نشر لخدمة طائفته بعض مخطوطات العالمة الدويهي كتاريخ الطائفة الرومانية

ومنارة األقداس وأعمال بعض المجامع المارونية كما أنه عرب قسما من تاريخ لبنان لألب بطرس مرتين اليسوعي

وتراجم بعض القديسين لألب فكتور دي كوبيه. ومن تعريبه أيضا كتاب الموافقة بين المعلم وسفر التكون له

ورواية سفر العجب إلى بالد الذهب لألب أميل ريغو اليسوعي وحبيس بحيرة قدس لألب هنري المنس. ومما

بقي من مخطوطاته ترجمة فلسفة األب تونجرجياليسوعي.

في يوم عيد ميالد ودع الحياة أحد1906وفي السنة تالمذة كليتنا النوابغ )نجيب حبيقة( أنكب على درس

اللغات المدرسية وإحراز العلوم العصرية بكل رغبة فببز

فيها بين أقرانه وما كاد ينال الشهادات المؤذنة بكفاءته حتى دعي إلى التدريس في كلية القديس يوسف فعلم

عدة سنين الصفوف العربية العالية. وعرفت أيضا فضله في تعليم مدرسة الحكمة الجليلة والمدرسة العثمانية

للشيخ أحمد عباس األزهري. ثم تفرغ إلى للكتابة والتأليف له فيها وفي1903وتولى تحرير جريدة المصباح سنة

الشرق وغيرها فصول أدبية وفنية مستطابة. وكان ساعيا إلى تعزيز اآلداب العربية وتأليف قلوب الناشئة في خدمة الوطن كما أنه خدم الجمعيات ووقف نفسه لتعليم أوالد

طائفته الفقراء. وله آثار عديدة منها مدرسية كدرجات اإلنشاء في ستة أجزاء ومنها أدبية كمقاالته عن فن

التمثيل واالنتقاد ومنها روايات معربة كالفارس األسود وشهيد الوفاء وخريدة لبنان والشقيقتين. وله قصائد رائقة

سلسة وكانت باكورة قصائده ما نظمه في يوبيل الحبر وهو إذ ذاك تلميذ فوصف1887األعظم الكهنوتي سنة

السفينة البطرسية المرموز بها إلى الكنيسة. عصفت على بحر األنام رياح ... حجب النهار من الظالم

وشاح وهوت صواعق مصعقات أزعجت ... بشرا فكادت تزهق

األرواح والبحر عاد عرمرميا مصخبا ... والموج ثار فساء منه

جماح والناس في غمر الخضم جميعهم ... خاضوا فليس من

الغمار براح(1/332)

ورأوا المياه تالطمت أمواجها ... وعلت عليهم كالجبالوصاحوا

ية قد دنت ... آها أليس من الهالك طمت المصيبة فالمنمراح

لكن على سطح الخضم سفينة ... وعلى مقدمها يرىمصباح

ح قد أقبلت وتطايرت لخالصهم ... شكرا لجدك أيها المالفيك النجاة وليس غيرك يرتجي ... وإليك كل قلبه ملتاح

هاقد تقدمت السفينة نحوهم ... فنجا بها قوم وفيها راحوا لم ينأ عنها غير من أثروا ... شرب الحتوف فذي الفعال

قباح شاموا البروق فأملوا من الهدى ... خابت ظنونهم فليس

نجاح ال نور في غير السفينة فأعلموا ... من ينأ عنها ضاء منه

صالحجدوا أيا غرقى وأموها يقو ... دكم إليها نورها الوضاح

جدوا فليس لكم خص دونها ... ولجمعيكم فيها الدخولمباح

أعداؤها سخروا بها قبحا لهم ... قالوا بأن ستحطم األلواحفالموج يصدمها فيدفعها فال ... أمل لنفس بالنجاة متاح

وإذا بصوت صارخ: كن آمنا ... بين السفينة والخضم كفاحفسفينة الصياد تقهر خصمها ... أبدا ألن لها الصفا مالحللحين عاد النوء صفوا رائقا ... وعن الباليا زالت األتراح

وقد أحب تالمذته وأصدقاؤه أن يقيموا له ضريحا الئقا في مقبرة طائفته في رأس النبع تكلفوا عليه مبلغا وافرا

فنصبوه له في حفلة خاصة عينوها في أواسط أيار سنة ونقشوا على صدره األبيات التالية:1910

ا غيث أدمعنا ... وجادك الله من أسنا حياك يا قبر منعطاياه

ضممت كنزا ثمينا دونه نهج ... تسيل حزنا وتدمي القلبذكراه

قد قدر الله أن نبك عليه فتى ... غضا فصبرا على ما قدرالله

ي النجيب فهذا يا ساهر العين في التاريخ دامعها ... حيالقبر مثواه

1906وفي شهر تموز من تلك السنة أدركت المنية أديبا آخر من أسرة فاضلة في بيروت )ميخائيل بن جرجس

وخريج المدرسة1855عورا( مولد عكا في السنة البطريركية في أول منشأها. درس فيها العربية على

الشيخ ناصيف اليازجي ثم(1/333)

سافر إلى باريس متاجرا ونشر فها جريدة الحقوق ثم أعقبها في مصر بمجلة الحضارة فلم تطل حياتها بسبب

الثورة العرابية. ثم عاد إلى الصحافة كمنشئ ومحرر ومكاتب إلى أن أصيب بمرض ألجأه إلى السفر إلى أوربة انتجاعا للعافية فمات في مدينة نابولي. ومن آثاره روايات

مختلفة أدبية وقصائد قليلة. فمن قوله في وصف الدنياالغرور:

تالله ما الدنيا بدار يبتغى ... فيها الثوا ويطيب فيهاالمسكن

كال وال الدهر عهد يرتجي ... منه الوثوق وليس منه مأمن واألرض يورثها اإلله عباده ... هذا يسيء وذاك عكسا

يحسن والمرء مرمى الموت فهو إذا نجا ... منه النهار ففي غد ال

يمكن

خسرت الدولة1907 1 ت26وفي العام التالي في التركية والوطن السوري أحد المخلصين في خدمتها

المرحوم )خليل الخوري( المولود في الشريفات سنة درس في مدارس طائفته وتحت إدارة بعض1836

المعلمين الخصوصيين. وهو أول من فكر في نشر جريدة تحت1858عربية في بالد الشام فأبرزها إلى النور سنة

اسم حديقة األخبار فصار لها بعض الرواج ونشرها على مدة باللغتين العربية واالفرنسية وساعد بذلك على نهضة البالد العربية وانتدبته الدولة التركية لخدمتها فشغل عدة

مأموريات كمفتش للمكاتب ومدبر للمطبوعات ومدير األمور الخارجية وهو يراعي سياسة دولته التي أعربت له

عن رضاها ومنحه أوسمتها كما نال أيضا امتيازات بعض الدول األجنبية لحسن تصرفه. وكان خليل الخوري أحد الشعراء القليلين الذين نبغوا في أواسط القرن التاسع

عشر في سورية تشهد له منظوماته العديدة كزهر الربى في شعر الصبا والعصر الجديد والنشائد الفؤادية والسمير واألمين والشاديات والنفحات. وفي شعره طالوة ورقة لم يعهدهما شعراء زمانه إال الشيخ ناصيف اليازجي معاصره.

وهذه بعض أمثلة من نظمه. قال في وصف لبنان: أنا في ربى لبنان فوق رؤوسه ... نحو الكواكب للعلى

مجذوبه ... وغياضه حيث المزاج يطيب برياضه حيث المقام منز أنساب في جو الهواجس حيثما ... كفي إلى هام النجوم

طلوبأهوى بلبنان التوحد إنما ... هوسي إلى حيث اإلله قريب

(1/334)

جبل يظل رأسه جو السما ... فيلوح بالتعظيم وهو مهيبيبدو برأس بالدنا كعصابة ... منها لزينة قطرنا ترتيب

سور أمامه ... بزهو بساط بالمروج عرش إلى ملك النخصيب

قد مد يغسل في المياه أكفه ... ولها برمل سهولهتخضيب

في كل زهر قد تصور شكله ... وبكل أفق اسمه مكتوبة لم يكن ... شرف وال بأس وال تهذيب لوال مطامحه العلي وقد استحسنا له قوله في وصف اللغة العربية قدمها إلى

فتاة إنكليزية قصدت الشرق لتدرس العربية: قد رمت من لغة األعارب مأربا ... فأتت تصادف منك

فكرا صيبا أقبلت نحو ديارها بتشوق ... فبدت بك اآلداب تهتف مرحبا لغة تجملها البالغة والمعلى ... بذكائها نفس اللغات تطيبات بهامتها الدهور ولم تزل ... تزهو وتزهر في جالبيب مر

الصبا لم تخش عاصفة ولم تفتك بها ... أيدي المصاب إذا

با الزمان تقل فلذاك قد سلمت وكنم لغة لقد ... شاخت فصارت مثل

منشور الهبا سمعه يشابهها الفضاء وقدرة ... تعلو على هام الكواكب

مركبنا مرآة شعر الكون قد رسمت بها ... صور العقول وكم

أصابت مذهبا فلك الهناء برشف طيب زاللها ... ولها الفخار بأن تطيب

وتعذبا فجعت أسرة شحادة بعميدها1907 سنة 1 ت15وفي

المرحوم )سليم شحادة( ترجمان دولة روسيا وسند 48طائفته األورثذكسية توفاه الله في سوق الغرب عن

سنة قضاها بالجد والنشاط وخدمة اآلداب وقد أشترك مع سليم أفندي الخوري لنشر معجم تاريخي1875سنة

وجغرافي دعواه بآثار األدهار فظهر منه بعض األجزاء وكتب عدة مقاالت1885وعني بنشر ديوان الفكاهة سنة

في مجلة المشكاة وغيرها. ومن آثاره لمحة تاريخية في أخوية القبر المقدسة اليونانية والخالصة الوافية في انتخاب بطريرك إنطاكية وكالهما تحت اسم مستعار

كشف فيها عن مخازي ومطامع األكليروس واليوناني فيسورية وفلسطين. وكان المرحوم جمع مكتبة واسعة بينها

(1/335)

كتب نفيسة عربية وأجنبية. ونقلنا فصوال عن أحد مخطوطات مكتبته العربية )نهاية الرتبة في طلب

( .1079 و961( : 1907 )10الحسبة( )المشرق 1 ت13 في 1905ومن أدباء الروم المتوفين في السنة

ودرس علي1851)نخلة قلفاط البيروتي( ولد سنة أسكندر آغا أبكايوس ثم اقبل على الدرس الفقهية

والقوانين الدولية ثم زاول الكتابة فنشر عدة روايات في مجلته سلسة الفكاهات وعرب كثيرا منها كبهرام شاه

وفيروز شاه وألف نهار ونهار ومائة حكاية وحكاية. ونشر ديوان أبي فراس الحمداني وحقوق الدولة تاريخ

روسيا وغير ذلك مما أثار عليه خاطر أرباب الدولة التركية فنفوه إلى قونية سنتين وزوجه في الحبس سنة أخرى إلى أن أخرج منها منهوك القوى بعد النفقات الطائلة ومات مفلوجا لما ناله من سوء المعاملة. ومن خلفته

ديوان من نظمه لم يطبع. وقد نقش على قبره هذاالتاريخ:

لما هوى الموت الزؤام بنخلة ... أرختها بسما األعاليتغرس

وفي هذه الحقبة السابقة لدستور منيت الكنائس الشرقية ببعض أربابها الذين ساعدوا بالدهم في تنشيط اآلداب. منهم بطريرك طائفة الروم الكاثوليك )السيد بطرس

الجرجيري( درس في مدرستنا في غزير ثم في مدينة بأوا في فرنسة وقد أسند إليه تدبير كرسي طائفة البطريركي

فلم تطل مدة1898 شباط سنة 25وكافة المشرق في نيسان سنة4بطريركته فأستئثرت رحمة الله بنفسه في

وكان أدار مدة دروس المدرسة البطريكية الكبرى1902 في بيروت ونشر لتالمذتها كتاب التعليم المسيحي سنة

وإليه ينسب إنشاء المدرسة األسقفية في زحلة له1869مناشير وخطب.

على فقد1907 1ت4وقد أسفت الطائفة المارونية في حبرها المثلث الرحمات المطران )يوسف الدبس( رئيس أساقفة بيروت بعد أن أدى ألبناء أمته خدمات جليلة في وأسقفيته فأنشأ مع رزق الله خضرا المطبعة الكاثوليكية

العمومية التي سبق لنا وصف تاريخها ومطبوعاتها النفسية ( : وشيد1030و 1003 - 1000( : 1900 )3)المشرق

لتربية الناشئة1875مدرسة الحكمة العامرة سنة وتهذيب المرشحين للكهنوت وبني كنيسة مار جرجس الكاتدرائية على طراز كنيسة مريم الكبرى في رومية

ونشر تأليف عديدة منها مدرسية كمربي الصغار ومرقيالكبار

(1/336)

ومغني المتعلم عن المعلم ومعجم في العلوم الفقهية وتقسيم الميراث. ومنها دينية وطقسية كمجموع خطبه

ومواعظه وكتاب الخطب البيعية ونبذة تاريخية في الفروض البيعية والنافور اليومي والشحيم الكبير ورتب

توزيع األسرار ومنها تاريخية كسفر األخبار في سفر األحبار وخصوصا تاريخ سورية في ثمانية أجزاء مع موجزه في جزأين. ومنها جدالية كروح الردود وتأليفه في المردة.

وقد عرب كتبا كثيرة كتحفة الجيل في تفسير األناجيل وترجمة تاريخ االرطقات للقديس ألفونس ليغوري

والرسوم الفلسفية لألب يوسف دموسكي اليسوعي إلىغير ذلك مما يخلد ذكره في قلوب أبنائه ومواطنيه.

2 ك20وفقدت طائفة الروم األورثذكس في بيروت في مطرانها السيد )غفرئيل شاتيال( ولد في دمشق1901 وتلقى الدروس في وطنه وترهب في القدس1825سنة

الشريف كاتبا ألسرار البطريرك ايروثاوس ورافقه إلى اآلستانة ثم وكل إليه رئاسة األمطوش االنطاكي في

وقع عليه االنتخاب كمطران1869موسكو. وفي السنة فعني بفتح المدارس في1870لكرسي بيروت سنة

أبرشيته في بيروت وقرى لبنان فأصابت ملته في أيامهببعض الرقي.

بوفاة بطريركها2 ك26ورزنت بطريركية الروم في 1837السيد )مالتيوس الدوماني( . ولد في دمشق سنة

وتخرج في المدارس الوطنية ثم ألبس االسكيم الرهباني وصحب إلى اآلستانة البطريرك االنطاكي1857سنة

أبرشية الالذقية إلى1865ايروتاوس ولما ترملت سنة رعاية كرسيها فعني بإنشاء مدرسة ألبناء طائفته. وفي

بعد استقالة البطريرك اليوناني أسبيرديون1891السنة أنتخب بطريركا واستقل به كرسي إنطاكية عن الخضوع

لبطريرك اآلستانة. ومما يعود فيه إليه الفضل لتعزيز

اآلداب تجديد مدرسة البلمند وإنشاء مكتبة جمعت نحو كتاب والعناية بمطبعة الدار البطريركية وعني4000

بتهذيب الشبيبة من طائفته وعقد الجمعيات الخيرية. وأسف األقباط على فقدان أحد رهبانهم في أوائل القرن

العشرين )االيغومانس فيلوثاوس( اشتهر بنشر تاريخ نوابغاألقباط الذين كان لهم الفضل في النهضة واإلصالح.

هذا ما عرفناه من أدباء النصارى في السنين السابقة الدستور العثماني. وال يبعد أن يكون فانتا قسم منهم ال

سيما الذين برعوا في أمريكة لقلة ما كان يبلغنا منأخبارهم.

(1/337)

المستشرقون في أوال القرن العشرين كانت الدروس الشرقية في غرة القرن العشرين راقية في سائر أنحاء أوربة والعالم وقتئذ في سالم لم تكدر

صفاءه معامع الحروب فكان للغتنا العربية مقام رفيع في الجامعات األوربية يتنافس أساتذتها في نشر تعليمها

واستخراج مئات من دفائن كنوزها. وكانت تساعدهم على ذلك المؤتمرات التي كانت تنعقد من وقت إلى آخر في عواصم البالد ورحالت السياح إلى بالد الشرق القاصية إلى اليمن والهند ومراكش فيعثرون على تأليف عزيزة الوجود كانوا يعدونها ضائعة مفقودة فينشرونها بالطبع

فيتسع بنشرها على نطاق معارفنا عن آثار العرب. وكانت مجالت المستشرقين حافلة بتلك المآثر النفسية ال سيما المجالت اآلسيوية الفرنسوية واإلنكليزية واأللمانية

والنمساوية واإليطالية واألميركانية فلم تترك بابا إال قرعته وال بحثا إال خاضت فيه ال يهدأ لها بال حتى تبينه غثه من

سمينه وهانحن نذكر بعضا من الذين خدموا العربية في ذاك العهد فأسفت البالد على فقدهم في أوائل القرن

العشرين. )الفرنسويون( فقد مكتب اللغات الشرقية الحية في هذا الحقبة األولى من القرن العشرين رجال هماما ترأس عدة سنين على تنظيمها وترتيب دروسها الوجيه )أدريان بربيه

شباط6( ولد في A. Barbier de Meynardدي مينار( ) على المركب الذي كان يقل والدته من اآلستانة1826

إلى مرسيلية وتخصص منذ حداثة سنه بدرس اللغات الشرقية وساعدته على إتقانها رحالته لخدمة قنصليات وطنه في القدس وفي طهران واآلستانة فتعلم اللغات

الفارسية والتركية والعربية وتمكن من دقائقها حتى تولى تعليمها في مكاتب فرنسة العليا. فانتدب إلى رئاسة

المجلة اآلسيوية الباريسية وله فيها فصول عديدة ممتعة له بسعة معارفه. وقد حضرنا دروسه في باريس سنة

فكان ال يزال يطرأ محامد الشرق وآله. وله1894 منشورات عدية في التركية والفارسية. ومما خدم به

اللغة العربية نشره لمروج الذهب المسعودي في تسعة مجلدات مع ترجمته إلى الفرنسوية ونشر من معجم

البلدان لياقوت ما يختص ببالد فارس. وساعد في نشر التأليف العربية المنوطة بالصليبيين فنقل إلى الفرنسوية

كتاب الروضتين(1/338)

لمجيد الدين الحنبلي في المجلد الرابع من مجموعها العربي. أما مقاالته عن العرب واآلداب العربية فمتعددة

كمقالته عن السيد الحميري واأللقاب عند العرب الخ.

.1908كانت وفاته في باريس في أواسط آذار فقد المكتب1908 نيسان 13وفي تلك السنة عينها في

المذكور أحد أساتذته المعدودين هرتفيك ديرنبورغ )Hartwig Derenbourgهو ابن جوزف ديرنبورغ الذي )

مر ذكره بين أدباء القرن التاسع عشر. أخذ عن أبيه ميله إلى درس الشرقيات فجاراه في نشاطه فانتدب إلى

تدريس اللغة العربية في مكتب اللغات الشرقية الحية وفي مكتب فرنسا األعلى ونشر عدة مطبوعات مفيدة أخضها كتاب سيبويه وديوان النابغة الذبياني مع ترجمته

االفرنسية وكتاب اإلنشاء واالعتبار ألسامة بن منقذ والنكت العصرية لعمارة اليمني ونقلهما إلى االفرنسية وجدد طبع الفخري اآلداب السلطانية البن الطقطقي. ومن آثاره وصف جديد لقسم من مخطوطات مكتبة

1844 حزيران 17االسكوريال في مدريد. كان مولده في في باريس وفيها توفي.

وسبقه بالوفاة أحد أبناء دينه الموسوي جول أوبرت )Jules Oppert ثم1825 تموز 9( ولد في همبورغ في

21عدل إلى الجنسية الفرنسوية وتوفي في باريس في . كان أحد كبار العلماء باللغات السامية1905آب

كالعبرانية والعربية. وإنما امتاز خصوصا بدرس اللغة المسمارية وكان أحد األولين الذين ساعدوا على كشف

ألغازها. بعد أن قضى أربع سنوات في العراق يدرس أحاجيها. ولما عاد إلى فرنسة نشر نتيجة أبحاثه في كتابه المعنون )رحلة علمية إلى بالد ما بين النهرين( ولم يزل

مذ ذاك الحين يتحف العلماء بمنشورات متتابعة في تاريخبابل وأشور وفي اللغات السامية وخواصها.

وفي هذه السنين األولى من القرن العشرين رزئت رسالتنا السورية بوفاة ثالثة من رهبانها الفرنسويين الذين أدوا لآلداب العربية خدما مشكورة استحقوا بها أن ينظموا

في عداد المحسنين إلى الوطن. أولهم األب )يوحنا بلو( )J. B. Belot في1822( المولودة في غرة آذار من السنة

14لوكس من أعمال بورغندية والمتوفى في بيروت في . باشر درس اللغة العربية منذ أوائل سني1904آب

ولم يزل ينشط1866رهبانيته ثم قدم إلى بيروت سنة ينشط في إحراز فرائد لغتنا حتى أمكنه أن يتولى إدارة

مطبعتنا ويهتم بنشر عدة تأليف مفيدة. منها دينية كالقالدةالدرية ومروج األخيار

(1/339)

والغصن النضير ومنها علمية أصابت لدى المستشرقين وأرباب المدارس في الشرق والغرب حظوة واسعة

كالفرائد الدرية في اللغتين العربية والفرنسوية وكمعجميه الفرنسوي العربي الكبير والصغير وكغراماطيقه

الفرنسوي العربي. يسوعي آخر ذو1904 آب 31وتوفي بعده بأسبوعين في

حرص كبير على خدمة الوطن ونشر اآلداب الشرقية األب ( . أرسل أوال إلىV. de Coppier)فكتوري دي كوبيه( )

الجزائر ثم أتى إلى بيروت فقضا فيها عشرين سنة بشغل متواصل. ثم ألف عدة كتب ساعده في تعريبها جناب األديب خليل البدوي والمرحوم رشيد الشرتوني. منها كتاب التوفيق ين العلم وسفر التكوين وكتاب كشف

المكتوم في تاريخ أخرى سالطين الروم وكتراجم بعض القديسين اليسوعيين: ريحانة األذهان ونفح الرند ومظهر

الصالح وكنخبة النخب في ترجمة القديس يوحنا فم الذهب. ونقل إلى الفرنسوية ديوان الخنساء وكتب فصال

كتب فصال كبيرا عن شواعر العرب وترجم إلى الفرنسوية

أيضا كتاب القرآن )لم يطبع( ونشر في مجلة الكنيسة الكاثوليكية فصوال عديدة. كان مولده في فرنسا سنة

1836. والمستشرق اليسوعي الثالث المتوفى في هذه الحقبة

( المولود فيAug. Rodetهو األب )أوغستين روده( ) درس العربية في الجزائر ثم1828 1 ت31فرنسة في

فترأس على مدرسة1868أرسل إلى سورية السنة . ومن خدمته1875 - 187غزير قبل نقلها إلى بيروت

المعتبرة للوطن ترجمته لألسفار الكريمة من العبرانية واليونانية إلى العربية ساعده في تنقيح تعريبها المرحوم

الشيخ إبراهيم اليازجي. ونشر للمدارس مع األب يوحنا بلو 12مجموعة نخب الملح في خمسة أجزاء. توفي في

.1906كانون األول سنة )األلمانيون والنمسويون( مات في أوكسفرد في غرة

العالمة األلماني الكبير1900 1 ت28القرن العشرين ( كان معظم شغلهW. Max Muller)وليم ماكس مولر( )

باللغات الهندية والمقابلة في أصول اللغات. وقد نقل إلى اإلنكليزية كتاب القرآن مع كتب الشرق الدينية. كان

كانون6 في 1823( سنة Dessauمولده في ديساو )األول. أنتقل إلى جوار ربه في1903 آب من السنة 18وفي

برلين األستاذ الشهير(1/340)

( كان مولده فيFr. ll. Dieterici)فردريك دياتاريشي( ) وساح في شبابه في1821 تموز 6مدينة برلين في

جهات الشرق ثم تعين في وطنه كأستاذ العربية سنة

فثبت في تعليمه عدة سنين. وله تآليف عربية1850 متعددة منها معجم عربي ألماني وشرح ألفية ابن مالك

وصنف كتابا في الشعر العربي ونشر نخبا من يتيمة الدهر للثعالبي ومن ديوان المتنبي. ودرس خصوصا تأليف العرب الفلسفية كالفارابي وأخوان الصفا فنشر منها بعضا ونقل

بعضا إلى األلمانية. .Johوفي برلين توفي الرحالة المستشرق )وتسشتين( )

Gottfr. Wetzstein وتوفي1815 شباط 19( ولد في تعين قنصال لدولته في دمشق وله1905 2 ك17في

ونشر1860سياحة في جهات حوران وجبل الدروز سنة بعض ما وجده فيها من الكتابات.

وفي كانون الثاني من السنة عينها توفي أيضا )فرنسيس ( كان ضليعا باللغتينF. J. Steingassجوزف شتينغاس( )

الفارسية والعربية. فمن منشوراته قاموس عربي إنكليزي ونقل قسما من مقامات الحريري إلى اإلنكليزية وكتب

عن تاريخ الخطوط والكتابات السامية. ولد في فرنكفورتفي ألمانية وتوفي في إنكلترا.

فقدت النمسة أحد1906 2 ك25وفي العام التالي في .G. Wعلمائها المستشرقين الكاهن )غوستاف بيكل( )

Bickellعلم زمنا طويال اللغات الشرقية في كلية ) إنسبروك وفينة وبرز خصوصا في درس اللغة السريانية فنشر فيها كتبا جليلة كديوان إسحاق النينوي والترجمة

الكلدانية لكليلة ودمنة وهي التي سبقت ترجمة عبد الله ابن المقفع العربية وقابل بين الترجمتين. كان مولده في

وارتد عن البروتستانية إلى الكثلكة.1838 تموز 7 وممن ذاع اسمهم في هذه الحقبة ثم حل أجلهم الدكتور

(Mortiz Steinschnieder)مورتس شتينشنيدر( ) 24 والمتوفى في برلين في 1816 آذار 30المولود في

. قد نشر قوائم غاية في غاية في اإلفادة عن1907 2ك

الكتب العربية المنقولة إلى الالتينية وعن التأليف اليونانية التي نقلها العرب إلى لغتهم. وله جدول واسع للتأليف

التي كتبها المسلمون والنصارى واليهود في صحة أديانهم وفي تفنيد أديان سواهم. وكذلك سرد قائمة جميلة لما

نشره العرب في الرياضيات والعلوم الفلكية. وله تأليف آخر في اآلداب العربية وانتشارها بين اليهود طبعه سنة

باأللمانية.1902(1/341)

( الذي ولدE. Glaserوزاد عليهم شهرة )إدوارد غالزر( ) 7 وتوفي في مونيخ في 1855 آذار 15في بوهيمية في

. رحل إلى بالد اليمن ووصف كثيرا من أحوالها1908أيار وآثارها ونشر كتابات حميرية قديمة أوقفتنا على أخبار

ملوكها التبابعة وأخبار ملوك الحبش الذين استولوا على اليمن بعد نكبة نجران واستشهاد أهلها النصارى في عهد

ذي نؤاس الملك اليهودي. )اإلنكليزيون والبلجيكيون( من أعيان اإلنكليز الذين قضوا

أجلهم في العشر األول من القرن العشرين العالمة )وليم ( أحد المحققين المحققين في تواريخW. Muirميور( )

المسلمين والعرب. ألف سيرة مطولة لنبي المسلمين . وكتب في القرآن وتأليفه وفي1858في مجلدين سنة

الخالفة اإلسالمية وأطوارها المختلفة. وله مجادالت دينية في اإلسالم ومقاالت في شعراء العرب ونشر تاريخ دولة

1905 تموز 11المماليك في مصر. توفي في لندن في سنة.86وعمره

H. Casselsواشتهر في إنكلترا )هنري كسل كاي( )Kayولد في أنفرس في بلجيكة ودخل في إنكلترا )

فاتخذته جريدة التيمس كمراسل لها في مصر فنشر كتابات عادية وجدها في مصر ودمشق. ثم استوطن لندن

وعلم فيها وطبع تاريخ بني عقيل ثم تاريخ عمارة اليمني 5( توفي في 1892ونقله إلى اإلنكليزية وذيله بالحواشي )

.1827 نيسان 21 وكان مولده في 1903حزيران المستشرقون في )اسوج وهولندة وروسيا( . عنيت كلية اوبساال في اسوج بتعليم اللغات الشرقية فكان يعلم فيها

.Herm. Napالعربية األستاذ )هرمان المكويست( )Almpvistنشر قسما من رحلة ابن بطوطة وكتب في )

أيلول30خواص الضمائر في اللغات السامية توفي في 1904.

ولم تزل هولندة رافعة منار التعليم للغات الشرقية وخصوصا العربية جارية على آثار كبار علمائها الذين

شرفوا وطنهم من هذا القبيل منذ القرن السابع عشر. وممن فقدته اآلداب العربية في هذه الحقبة األولى من

القرن العشرين أحد علماء ليدن الذي مات ريعان شبابه ( . نشر كتابC. Van. Vloutenوهو األديب فان فلوتن )

مفاتيح العلوم الخوازرمي ومعظم رسائل الجاحظ األدبية منتحرا.1907توفي سنة

(1/342)

أما روسيا فكان ناشر لواء علومها الشرقية العالمة في1849)البارون فيكتور فون روزن( المولود سنة

مدينة رول من أعمال استلند وتوفي في بطرسبورج في ( :1908 )11 )راجع ترجمته في المشرق 1908 2 ك23

( درس على العالمة المستشرق فليشر في173 - 171 ليبسيك ثم عهد إليه تعلم اللغة العربية في كلية

بطرسبورج فأضحى قطب علومها الشرقية ونال أرفع االمتيازات الشرقية لسمو فضله. والعربية مدينة له بما

نشره من آثارها منها منتخبات مدرسية شتى مع ترجمتها إلى الروسية. وطبع قسما من تاريخ يحيى االنطاكي الذي

عنينا بنشره ملحقا بتاريخ سعيد بن بطريق. وله وصف مخطوطات مكاتب روسية الشرقية وساعد على طبع تاريخ أبي جعفر الطبري في ليدن. وكان ذا لطف كبير يسعى إلى خدمة من التجأ إليه في األبحاث الشرقية

وعليه تخرج كثيرون من الروسيين فاشتهروا في وطنهموخدموا اآلداب العربية خدما مشكورة.

القسم الثاني1918 - 1908اآلداب العربية من

البحث األولنظر في اآلداب العربية في هذه الحقبة

هي الحقبة الثانية من اآلداب العربية في هذا الربع األول من القرن العشرين وهي تتناول عشر سنوات أولها إعالن

الدولة التركية بالدستور وآخرها ختام الحرب الكونية. وما يقال عنها إجماال أنها ابتدأت بالفرح ولم يلبث أن

عقبها الحزن والشقاء فتأثرت بها اآلداب العربية وجمعت بين المتناقضين. فكان صدى األفراح واألحزان يسمع

متناوبا في صرير األقالم المعربة عن عواطف القلوب. أعلن بالدستور العثماني بعد فوز الحزب العسكري في

1908 تموز 24اآلستانة في (1/343)

فكان لهذا النبأ فرح شمل عموم الرعايا في تركية واستبشر به الجميع خيرا وشعر الناس كأن حمال باهظا

سقط من كواهلهم أو حلت عنهم ربقة االستعباد وكسرت أغالل أسرهم. فانطلقت األلسنة بالمديح وشحذت األذهان بالقريض فضاقت صفحات الجرائد عن استيعاب ما تنتج به

القرائح من الفصول الشائقة والقصائد الرنانة الرائقة. وما لبثت الجرائد المصرية والمغربية واألميركية من

مسلمين ودروز ونصارى تضرب على الوتر عينه فتارة تطوى الحرية وتحبذ المساواة واإلخاء. وتارة تسلق بسهام

حادة تركية وسلطانها المستبد وحيانا ترفع إلى السحاب نيازي وأنور وطلعت وجماال وتسكر بمحامد تركية الفتاة ال سيما بعد أن اضطرت عبد الحميد إلى النزول عن عرشهمخلوعا منفيا إلى سالونيك يبكي على سلطانه المفقود. على أن هذه األفراح لم تلبث أن ترنق صفاؤها بما ظهر للمفرحين من استبداد كان شرا من االستبداد الحميدي

بتطرف ضابطي أزمة األمور من جمعية االتحاد والترقي إذ تحاملوا على من لم ينحز على رأيهم فرفعوا البعض منهم على األعواد وأذاقوا غيرهم ضروب العذابات التي اعتادها همج الشعوب. فكفت تلك الكتابات عن تزميرها وتطبيلها

وغيرت لهجتها نوعا إال أنها خوفا من عقاب الحزبالمتولي في الدولة لم يجسروا أن يعلنوا بمآثمه.

ثم زادت األحوال حراجة بمكايد جمعية االتحاد والترقي وتقبلت الوزارات وتعددت األحزاب وبلغت أمور الدولة التركية منتهاها من االضطراب بحربيها مع إيطالية سنة

فقدت1913 - 1912 ومع الدول البلقانية 1912 - 1911 آخر والياتها في أفريقية طرابلس الغرب وكادت الدول البلقانية تأتي على والياتها األوربية لوال ما وقع بينها من

النزاع. فوجدت هذه األحوال كتبة وشعراء طنطنوابمعاظم تركية وبالتشنيع على أعدائها اإليطاليين والبلغار.

وكانت ثالثة األثافي الحرب الكونية التي انحازت فيها تركية إلى الدول المركزية مدفوعة إلى تحزبها بمواعيد ألمانية العرقوبية وبمطامع بعض زعمائها الساعين وراء

مصالحهم الخاصة فكان ما كان بكسرة ألمانية والمحاربينفي جانبها فخرجت منها تركية مذللة خاسرة.

أما اآلداب العربية في مدة تلك الفوضى فإنها كاد يقضىعليها بمصادرة الجمعيات

(1/344)

العربية وشنق بعض أصحابها وإقفال المدارس ومناصرة اللغة التركية وتعطيل معظم الجرائد الوطنية والمطابع

األجنبية والحرة في أنحاء دولة األتراك في بيروت ولبنان وفلسطين وأنحاء الشام والعراق. أما في الخارج في

مصر وأميركا فإن النهضة العربية بقيت على حالتها إال أنها لم تترق النقطاع معامالتها مع بالد الشرق التي منها

تستمد كثيرا من مواد حياتها وبانشغالها بأمور الحربوأطوارها.

أما أوربة فإن غيرة علمائها في درس العلوم الشرقية 1908عموما والعربية خصوصا لم تخمد فإنها من السنة

ثبتت على خطتها من النمو والنجاح كما1914إلى السنة تشهد عليها مؤتمرات المستشرقين الدولية سنويا والعدد العديد من المطبوعات الجديدة التي نشروها ومن اآلثار

القديمة التي وقفوا عليها. وإنما تأثرت أيضا بالحرب العمومية لفقدانها عدة من المستشرقين الذين هجروا

الدروس ليدافعوا مع مواطنيهم في ساحات الحرب عنحرمة بالدهم.

ومع ما رأيت من نكبة اآلداب العربية في هذه الحقبة ال بد

من االعتراف بهمة الحكومة المصرية في تحسين مدارسها الوطنية وسعيها إلى زيادة مصاريف برنامجها لتعميم المدارس وإلنشاء مدارس عليا وجامعة وطنية

تلقى فيها الدروس العلمية الخاصة ينتدب إليها أساتذة بارعون من الوطنيين واألجانب وهذه الجامعة المصرية

تقوم بثالثة أقسام كبيرة وهي: كلية اآلداب تشمل اآلداب العربية وعلم مقارنة اللغات السامية وتاريخ الشرق

القديم وتاريخ األمم اإلسالمية والفلسفية العربية. ثم قسم العلوم االجتماعية واالقتصادية. ثم كلية السيدات. وكان

.1910شروع الجامعة بهذه العلوم السنة وكانت الجامعتان البيروتيتان األميركية والفرنسوية زادتا

1909ترقيا واتساعا في هذه الحقبة الثانية ففي السنة أضافت الكلية األميركية إلى مدرستها الطبية ثالثة

مستشفيات للنساء ولألطفال وألمراض العيون. وأنشأت مجلتها )الكلية( في العربية اإلنكليزية.1910في السنة

أما الكلية اليسوعية فأقيمت لمدرستها الطبية معاهد جديدة فسيحة قريبا من رأس النبع على طريق الشام

تشرين الثاني سنة19صار تدشينها برونق عظيم في من الشهر في العام21 ثم فتحت برتبة فخم في 1912

المقبل. أما معاهدها القديمة فخصصت بفرع جديد منالدروس العليا أعني

(1/345)

وغايتها أن تجدد1913مدرسة الحقوق التي أنشئت سنة مفاخر مدرسة الحقوق الرومانية التي أكسبت بيروت مدة ثالثمائة سنة مجدا مؤثال أوقفته نكبات الزالزل التي هدمت

المدينة في القرن السادس للمسيح. وفي تلك األثناء

أنشئت للمسلمين في دمشق مدرسة طبية وفي بيروتمدرسة حقوقية كان التعليم فيها باللغة العربية.

ومما أنشئ من المجالت النفيسة قبل الحرب مجلة لصاحبها السيد محمد كرد علي في1324المقتبس سنة

لمنشئها عيى1911دمشق. ومجلة اآلثار في زحلة سنة أفندي أسكندر المعلوف. والنبراس لصاحبها مصطفى

والكوثر لألديب بشير رمضان1327أفندي الغالييني سنة وكلتاهما في بيروت. وأنشأ أيضا في بيروت األبوان يوسف

علوان اللعازري ويعقوب الكبوشي مجلتي الجسمانية وصديق العائلة. والقس يوسف الشدياق األنطونياني نشر

كوكب البرية. ونشر العرفان أحمد1911في بعبدا سنة .1910 - 1328أفندي عارف زين الدين في صيداء سنة

أما مصر فتعددت المجالت المستحدثة نخص منها بالذكر (1910مجلة الزهر للشيخ أنطوان أفندي الجميل )

والمرآة الخليل أفندي زينية.

تصرف الشعراء بأوزان الشعر ومن ميزات هذه الحقبة الثانية من القرن العشرين

تصرف الشعراء بأوزان الشعر وذلك أنهم لما رأوا انبساط الغربيين في معاني الشعر وأتساعهم في أغراضه

وتصرفهم بأوزانه شاءوا أن يجاورهم في ذلك لئال تنحصر قرائح الشعراء في دائرة القصائد الشائعة في الدواوين

السابقة. وأول ما تصرفوا فيه بحر الرجز لقربه من النثر بكثرة جوازاته وبسهولة تغيير قوافيه. كما فعل نابغة العصر

المرحوم سليمان البستاني في شعر اإللياذة القصصي تفنن في أراجيزه أي تفنن فرارا من سلم القارئ وماله

عند مطالعة هذا الكتاب لو جرى على طريقة واحدة وقدفعل ذلك دون تعسف وبحن ذوق.

ووجد أيضا الشعراء في الموشحات متسعا في نظمهم فاتخذوها مثاال وتصرفوا في البحور الستة عشر وأوزانها وقسموها تقاسيم جديدة في األبيات وفي األدوار وجروا

على قوافي متناسقة إلى غير ذلك مما أرشدته إليهم قريحتهم فربما أجادوا وربما أساءوا وإنما بينوا ما يستطاع استخراجه من كنوز الفنون في الشعر العربي في معالجة األغراض المعنوية العصرية كما ترى في روايات التمثيلية

والقدود الغنائية.(1/346)

وقد جرى على ذلك أصحاب الشعر العام ولعلهم سبقوا الشعراء النظامين فمهدوا لهم الطريق. ولدينا من

دواوينهم مجاميع سبقت عصرنا تدل على استنباطهم ألوزان شعرية جديدة ال تخلوا من محاسن المنظومات وال

ينقصها إال ضبطها على القواعد اللغوية والعروضوتجريدها من بعض ألفاظ العامة.

الشعر المنثور ومما سبق إليه أدباء عصرنا فابتكروه دون مثال في لغتنا ما دعوه بالنثر الشعري أو الشعر المنثور كأنه جامع بين

خواص النثر والنظم. أما النثر فألنه على غير وزن من أوزان البحور. وأما النظم فألنهم يقسمون مقاطعه ثالث

ورباع وخماس وأزيد دون مراعاة أعدادها ويسبكونها سبكامموها بالمعاني الشعرية.

وهذه الطريقة استعارها على ظننا الكتبة المحدثين كأمين الرياحيني وجبران خليل جبران ومن جرى مجراهما عن الكتبة الغربيين وال سيما اإلنكليز في ما يدعونه بالشعر

األبيض غير المقفى وفي بعض كتاباتهم الشعرية المعاني غير المقيدة باألوزان. ولسنا لننفي هذه الطرقة الكتابية التي ال تخلو من مسبحة من الجمال في بعض الظروف اللهم إذا روعي فيها الذوق الصحيح ولم يشنها االستهتار

وتالحمت معانيها وتنمقت بأشكال البديع السهلةالمنسجمة ولم يفرط األتساع فيها فتصبح لغطا وثرثرة.

على أننا كثيرا ما لقينا في هذا الشعر المنثور قشرة مزوقة ليس تحتها لباب وربما قفز صاحبها من معنى

لطيف إلى قول بذي سخيف أو كرر األلفاظ دون جدوى بل بتعسف ظاهر. ومن هذا الشكل كثير في المروجين

للشعر المنثور من مصنفات الريحاني وجبران وتبعتهما فال تكاد تجد في كتاباتهم شيئا مما تصبو إليه النفس في الشعر الموزون الحر من رقة وشعور وتأثير. خذ مثال

وصف الريحاني للثورة: ويومها القليب العصيب. وليلها المنير العجيب وصوت فوضاها الرهيب. من هتاف ولجب ونحيب. وزئير وعندلة ونعيب وطغاة الزمان تصير رمادا.

وأخياره يحملون الصليب ويل يومئذ للظالمين. المستكبرين والمفسدين هو يوم من السنين. بل ساعة

من يوم الدين ويل يومئذ للظالمين(1/347)

هي الثورة ويومها العبوس الرهيب ألوية كالشقيق تموج. تثير القريب. تثير البعيد وطبول تردد صدى نشيد عجيب وأبواق تنادي كل سميع مجيب وشرر عيون القوم يرمي

باللهيب ونار تسأل هل من مزيد. وسيف يجيب. وهول يشيب ويل يومئذ للظالمين. ويل لهم من كل مريد مهين

طالب للحق عنيد مدين. ويل للمستعزين والمستأمنين هي

ساعة الظالمين وهي طويلة على هذه الشاكلة. ولو أردنا انتقادها وبيان نقائصها النثرية والشعرية والمعنوية لطال

بنا الكالم. وقس عليها فصوال عديدة من جنسها أعني طنطنة ألفاظ وشقشقة لسان وإذا حاول األديب

استخالص معانيها بقي متضعضعا مرتابا وكم مثلها في كتابات جبران. ودونك فصله المعنون باألرض: تنبثق األرض من األرض كرها وقسرا ثم تسير األرض فوق

األرض تيها وكبرا وتقيم األرض من األرض القصور والبروج والهياكل وتنشئ األرض في األرض األساطير والتعاليم

والشرائع ثم تمل األرض أعمال األرض فتحوك من هاالت األرض األشباح واألوهام واألحالم ثم يراود نعاس األرض

أجفان األرض فتنام نوما هادئا عميقا أبديا ثم تنادي األرض قائلة لألرض أنا الرحم وأنا القبر وسأبقى رحما وقبرا حتى تضمحل الكواكب وتتحول الشمس إلى رماد فلعمري هذه

الغاز ال شيء فيها من منظوم رائق وال منثور شائق هي أقرب إلى الهذيان والسخف منها إلى الكالم المعقول. ولو

شئنا لجمعنا من هذا الصنف صفحات تضيق عنها أعداد المشرق. وشتان بينها وبين فصول أخرى بديعة لبعض الكتبة البلغاء كمثل فصل رويناه في المشرق عنوانه

)الموسيقى( لصديقنا وفخر كليتنا األديب يوسف أفندي ( وكفصله )أيها117غصوب )راجع كتابه أخالق ومشاهد ص

( فإذا استثنينا هذه463( : 1924 )22الصليب( )المشرق الفصول الرائعة التي عرف صاحبها من أين يؤكل الكتفلصدقنا على قول الكاتب األديب مصطفى أفندي صادق

(1/348)

1926الرافعي في عدد المقتطف األخير الصادر في يناير ( نشأ في أيامنا ما يسمونه )الشعر المنثور( وهي31)ص

تسمية تدل على جهل واضعيها ومن يرضاها لنفسه؟ فليس يضيق النثر بالمعاني الشعرية وال هو قد خال منها

في تاريخ األدب. ولكن سر هذه التسمية إن الشعر العربي صناعة موسيقية دقيقة يظهر فيها االختالل ألوهى علة وأليسر سبب وال يوفق إلى سبك المعاني فيها إال من

أمده الله بأصلح طبع وأسلم ذوق وأفصح بيان، فمن أجل ذلك ال يتحمل شيئا من سخف اللفظ أو فساد العبارة أو

ضعف التأليف ... غير أن النثر يحتمل كل أسلوب وما من صورة فيه إال ودونها صورة أن تنتهي إلى العمامي

الساقط والسوقي البارد ومن شأنه أن ينبسط وينقبض على ما شئت منه، وما يتفق فيه من حسن الشعري فإنما

هو كالذي يتفق في صوت المطرب حين يتكلم ال حين يتغنى فمن قال )الشعر المنثور( فأعلم أن معناه عجزالكتاب عن الشعر من ناحية وادعاؤه من ناحية أخرى. وقد آثر البعض أن يدعوا هذه الطريقة الكتابية )باألدب

الجديد( فنقول أن هذه الجدة ال تزيده حسنا إال إذا جمعت تلك الصفات التي يمتاز بها إنشاء الكتبة البلغاء الحنة السبك المتناسقة األلفاظ المنسجمة المعاني التي ال

تتراكم فيها التشابيه على غير جدوى وتتكرر األلفاظ بال معنى وعليه لم نستحب ما أختاره صاحب األدب الجديد

لآلنسة مي في العيون. )العيون( : تلك األحداق القائمة في الوجوه كتعاويذ من

حلك ولجين. تلك المياه الجائلة بين األشفار واألحداب كبحيرات تنطقن

بالشواطئ وأشجار الحور.ة بأحالمها. والعيون الزرقاء بتنوعها العيون العيون الرمادييتها والعيون القاتمة ة بحالوتها. والعيون البنية بجاذب العسلي

بما يتناوبها من قوة وعذوبة جميع العيون: تلك التي تذكرت بصفاء السماء وتلك التي يركد فيها عمق اليوم

)كذا( وتلك التي تريك مفاوز الصحراء وسرابها وتلك التي تعرج بخيالك من ملكوت أتيري كله بهاء وتلك التي تمر فيها سحائب مبرقة مهضبة.... الخ فإن كان هذا األدب الجديد فنحن في غنى عنه. على أن لآلنسة في كتابات

كثيرة أفضل من هذا الشعر المنثور.(1/349)

1918 - 1908األدباء المسلمون في هذهالحقبة الثانية أدباء مصر المسلمون

)مصطفى كامل( كانت وفاته في سنة الدستور التركي وهو في الرابعة1908 شباط 8قبل اإلعالن به بأشهر في

1874 آب 14والثلثين من عمره )ولد في القاهرة في ودرس على أساتذتها في المدارس االبتدائية والتجهيزية والحقوقية ثم نال في فرنسة في جامعة طولوز شهادة

الحقوق. ولما رجع إلى وطنه بعد االحتالل اإلنكليزي ساءته حالته وأجتمع بمن رآهم على فكرته ولم يلبث أن تصدر بينهم بما ظهر عليه من الذكاء والنجابة واإلقدام فأصبح

خطيب الوطنيين وزعيمهم ال يأخذه في تحرير وطنه إلى حين وفاته1893والدفاع عن حقوقه ملل من السنة

وقد تشكل بهمته الحزب الوطني فأصبح رئيسها تناط بها اآلمال وتهتز له الجوارح. هذا فضال عن شهرته في فن المحاماة. وقد وقفنا على المجموعة التي نشرت فيها سيرته وأعماله من خطب وأحاديث ورسائل سياسية وعمرانية وكلها تدل على عبقريته وحبه الصادق نحو

الوطن. وكان أول مرة يحرر في الصحف المصرية ومن

أول تصانيفه رواية فتح األندلس على عهد طارق ألفتت إليه أنظار أهل وطنه. وهو في إنشائه نثرا ونظما لم يقصد تنميق العبارة وتحليتها بالسجع والمحسنات النافلة بل كلن

جل قصده أن يكون لكالمه وقع في القلوب ليحملها إلى ما يراه من صوالح الوطن بعبارة سلسلة سالمة من

التعقيد وفاسد التركيب. وهذا نشيد كان من بواكير قلمه.هلموا يا بني األوطان طرا ... لنرجع مجدنا ونعز مصرا

هلموا كي نوفي القطر حقا ... نسيناه فضاع بذاك قدراهلموا أدركوا العلياء حتى ... تنال بالدنا عزا وفخرا

هلموا واتركوا الشحناء منكم ... وكونوا أوفياء فذاك أحرىأليس يشيننا ترك المعالي ... تباع بغير وأدينا وتشرى

ونحن رجالها وبما لديها ... من اإلسعاد والخيرات أدرىفعار أن نعيش بغير مجد ... ونبصر بسما شمسا وبدراوعار أن يكون لنا وجود ... ويحظى غيرنا فوزا ونصرا

(1/350)

فقوموا واطلبوا للنيل عزا ... وال تبقوا بذل كي يسرى وسيروا نحو هذا القصد حتى ... تنادوا أجمعين بعز مصرا

ودونك مثاال منة نثره في تربية اإلناث وفي التهذيب والتربية الدينية: )يجدر بي أن الفت أنظاركم عموما إلى

أمر بن خطيرين: أولهما تربية البنت ألزمة وضرورية ألنها ذات الشأن األول في تربية األطفال متى صارت أما

ورئيسة عائلتها وهي التي عليها الجزء األعظم من أعمال هذا الوجود. وثانيهما أن تعليم البنين والبنات العلوم

والفنون ال يفيد وحده بل يجب قبل كل شيء تربية الروح حتى يصير الطفل متى شب رجال شجاعا ممتلئا بالوطنية الحقة قائما بالمبادئ الجنسية. وتصير الطفلة متى شبت

امرأة رشيدة مدبرة تعلم أبناءها محبة البالد وتغرس في قلوبهم وجوب التفاني في خدمة األمة وفي أعاله شأن الوطن العزيز. فتكون بذلك المدارس منبع حياة األمة

ومصدر وجود جديد ... )ويجب قبل كل شيء أن تكون التربية الدينية أساس التعليم والتهذيب. فالدين عاصم من الدنايا رادع عن

الخطايا معلم للفضائل محبب الكماالت. وإذا بحثا مدققا عن سبب تأخر المسلمين في سائر البالد لوجدنا األسباب

كلها مجتمعة في سبب واحد وهو إننا ابتعدنا عن الدين وقصرنا في إتباع أوامره واجتناب نواهيه ... ( وفي تلك

السنة ذاتها فقدت مصر أديبا آخر كان أيضا من الدعاة إلى 1865اإلصالح أعني به )قاسم بك أمين( المولود سنة

وهو في عز كهولته.1908 نيسان 21والمتوفى في درس على نفقة حكومة مصر في فرنسة وعاش زمنا بين أهلها ورأى ما للمرأة الفرنسوية من المنزلة الرفيعة في وطنها وما لها من الفضل في تربية بنيها وترقية وطنها.

فلما عاد إلى مصر بعد درسه الحقوق ترقى في كل دوائر الشرع. ثم خص نفسه بتحرير المرأة المسلمة إذ رأى بانحطاطها والتضييق عليها آفة على الوطن والتمدن.

فسبق إلى المجاهرة بوجوب رفع الحجاب وبإعطاء المرأة الحرية المعقولة وبتحوير سنن األضرار والطالق إلى غير ذلك مما تسعى اليوم الجمهورية التركية إلى إصالحه بين

األتراك. ولقاسم أمين عدة تآليف في هذا المعنى وأسباب ونتائج كتحرير المرأة وخواطر قاسم أمين والواجب على

المرأة لنفسها ولعائلتها. ولم يكترث لما وجده في مواطنيه من المعاكسات وله محاضرات ومقاالت عديدة في غير مواضيع. وهو في كل كتاباته يجري جريا واحدا

يتعمد إقناع القراء. أكثر منه خلب عقولهم بطنطنة الكالم

وتزويق اإلنشاء. ودونك ما قاله عن الخالف المزعوم بينالدين والعلم:

(1/351)

)ليس حقيقي بأنه يوجد بين الدين والعلم خالف حقيقي ال في الحال وال في االستقبال ما دام موضوع العلم هو

معرفة الحقائق المؤسسة على االستقراء. فمهما كثرت معارف اإلنسان ال تمأل كل فكرة بعد كل اكتشاف يتحققه

العلم يبح عن اكتشاف آخر وفي نهاية كل مسألة يحلها تظهر مسألة جديدة تطالبه بحلها. اآلن وغدا يشتغل عقل

اإلنسان بالعلم أي بالمعرفة الحوادث الثابتة وال يمنعه ذلك من التفكر في المجهول الذي يحيط به من كل

1911طرف ... ( وفي السنة توفي الله عالما ثالثا 1867بالحقوق )عمر بك لطفي( مولود اإلسكندرية سنة

تلقى العلوم في مدرسة أخوة المدارس المسيحية ثم دخل مدرسة الحقوق في القاهرة ونال شهاداتها بل برع في فنونها حتى انتدبته الحكومة للتدريس فيها. ثم تفرغ

للمحاماة وخص نظره باالقتصاد فعرف كأحد مصلحيه وصرف نظره للزراعة وظهرت ثمار سعيه في مشروعات

وطنه لمصلحة األمة االقتصادية واالجتماعية وأنشأ لذلك األندية والنقابات ونشط دروسها في الشبيبة فأدى بهمتهلمصر خدمات مشكورة ساعدت على رقي قطر النيل. وكان عمر بك لطفي من أرباب الكتابة ألف عدة تآليف في شرح المواد القضائية وفي االمتيازات األجنبية. وله في األفرنسية أيضا تآليف مختلفة في الشرع اإلسالمي كالدعوى الجنائية في الشريعة اإلسالمية وحقوق المرأة

فيها. وقد رثاه أمير شعراء مصر شوقي بك بقصيدة فريدة

أولها:اليوم أصعد دون قبرك منبرا ... وأقلد الدنيا رثاءك جوهرا

على فقد1913وأسفت الصحافة المصرية في السنة أحد أربابها الممتازين األستاذ الشيخ علي أبي يوسف

ودرس اللغة والفقه في الجامع1863األزهري. ولد سنة األزهر ثم أحس يميل لآلداب فتمرن عليها ونظم الشعر

أنشأ مجلة1885فنشر ديوانه نسمة السحر. وفي السنة علمية أدبية سماها اآلداب ثم عدل بعد مدة منها إلى جريدة المؤيد السياسية حررها سنين طويلة وأكسبها بقلمه شهرة واسعة ونفوذا عظيما حتى عد كمؤسس

الصحافة اإلسالمية في القطر المصري لدى كبار الدولة مقاما معتبرا بعد تذليله كل العقبات التي صادفها في

سبيله. ومن ظريف شعره وصفه للربيع:أنج نحو الرياض عند مياه ... طاب فيها الورود للظمآن

(1/352)

وأقتطف زهر ورد خد بطلح ... رق فيها مالعب الغزالن وانظر الماء إذ يسيل بلطف ... وفي وهاد الرياض

كالوسنانيلثم السوق من غصون قدود ... هائما بالقدود واألغصان

وله في الفخر:يشير لذروة العليا بناني ... ويمنعني الوصول لها زمانيولي همم تهم إلى الثريا ... وحظ بالثرى مرخى العنان

ولي نفس تعاف الضيم وردا ... وتأنف شيمة تزري بشأنيولي عند الحوادث سيف صبر ... يذيب فرنده الحد اليمانيولي عهد الشبيبة عف نفس ... تعف عن الحنا في كل آن

أقارن بالعال أملي ولكن ... يغار بي الزمان على قراني

وكم أشكو زماني لليالي ... وكم أشكو الليالي للزمانفيسمع قصتي هذه وهذا ... وما هذان إال ساحران

)فتحي باشا1914وممن أصابته المنية في السنة زغلول( من أئمة األدباء المعدودين وأحد الكتبة

وبعد1863االجتماعيين في مصر. كان مولده سنة دروسه االبتدائية والثانوية في وطنه تمم دروسه العليا في

فرنسة ثم خدم وطنه بالقضاء ونظارة الحقانية وبعدة تآليف خلفها من آثار قلمه بعضها في الشرع كشرحه

للقانون المدني وكتاب المحاماة وكتعريب أصول الشرائع وبعضها اجتماعية نقلها من الفرنساوية كسر تقدم اإلنكليز

السكسونيين وكسر تطور األمم وروح االجتماع وخواطروسوانح في اإلسالم.

في أواسط كانون1914وتوفي قبله في السنة ذاتها الثاني عالم آخر بالعلوم القضائية في مصر )محمد بك

النجاري( أضاف إليه انصبابه على الدروس اللغوية. ومن آثاره الجليلة قاموس فرنساوي عربي في خمسة مجلدات ضمنه كثيرا من المصطلحات العلمية والسياسية والطبية

وله معجم آخر عربي يحتوي خالصة المعاجم العربيةالكبرى لم ينشر بالطبع.

وفي السنة والشهر السابقين كانت وفاة أديبة مسلمة شيعية )زينب فواز( صاحبة )الدر المنثور في طبقات ربات

-108( : 1921 )19الخدور( نقلنا عنه في المشرق ) ( ترجمة جان درك. ولها أيضا رسائل منسوبة إليها114

تعرف بالرسائل الزيتية. أديبان مصريان1914وممن توفاهم الله في السنة عينها

لهما بعض اآلثار الكتابية أولهما )الشيخ أحمد مفتاح(مؤلف رسائل تلوح فيها لوائح البالغة كقوله

(1/353)

يستدعي بعض األدباء إلى مواجهته من رسالة: ) ... إني وإن لم أكن أسعدت من قبل باجتالء طلعتك الزاهرة واجتناه مفاكهتك الغضة فقد دلني على الليث زئيره،

وعلى النهر خريره، وعلى السيف جوهره، وعلى العقل أثره. ولئن لم يجمعنا لحمة النسب، فقد جمعتنا حرفة

األدب، أو لم يضمنا قبل مرتبع، فالطيور على أشكالها تقع، وشبه الشيء منجذب إليه، وأخو الفضائل هو المعول

عليه، وهذه الرقعة وإن وصفت لك بعض ما أنا مطوي عليه من التهافت على رؤيتك والميل إلى صداقتك فقلما تنوب عن المشافهة أو تقضي حاجات في النفس طالما

تردد صداها، وفي ظني أن سيدي يود ما أوده، وعما قليل يسفر صبح اللقاء، ونتجاذب أهداب المعرفة فأرى من سيدي فوق ما توسمته وسمعته( ويرى مني ما يرضيه

والسالم. والثاني )أحمد أفندي سمير( اشتهر أيضا بمكاتباته

لألصحاب. فمن قوله بمعنى ما سبق للشيخ أحمد مفتاح في التعارف والتواد: )يعلم سيدي أن المودة ال تباع وال

تشري وإنما هي نتيجة االجتماع والتعارف، وقد خلق اإلنسان مضطرا إليهما ألن انتظام العمران عليهما

موقوف. ولهذا شهد العيان بأن المنفرد بأعماله المستبد بآرائه عرضة للخطأ مظنة لعدم الثقة ... إذ ال جرم أن المرء كما قيل )قليل بنفسه كثير بإخوانه( وقد سمعت

عن السيد وقرأت من آثاره المأثورة ما حببه إلي وشاقنيالتعرف به لنشترك في منفعة تبادل األفكار ... ( . 1917وقد اغتالت المنية في وقت الحرب الكونية سنة

أحج األدباء اللغويين األستاذ الجليل )حمزة فتح الله( كان في مصر مفتش اللغة العربية بنظارة المعارف العمومية.

توفي ضريرا وله تآليف شتى بالنثر والنظم ونشر في جرائد اإلسكندرية المقاالت المتعددة وكان يحب أن

يوصف كالمه باأللفاظ الغريبة داللة على سعة معارفهبمفردات اللغة. ودونك مثاال من بعض رسائله في الشرق:

)موالي أما الشوق إلى رؤيتك فشديد وسل فؤادك عن صديق حميم، وود صميم، وخلة ال يزيدها تعاقب الملوين

وتألق النيرين إال وثوقا في العرى، وإحكاما في البناء، ونماء في الغراس، وتشييدا في الدعائم. وال يظنن سيدي

إن عدم ازدياري ساحته الشريفة، واجتالئي طلعته المنيفة، لتقاعس أو تفسير، فإن لي في ذلك معذرة

اقتضت التأخير، والسيد أطال الله بقاءه أجدر من قبل معذرة صديقه ... وبعد فرجائي من مقامكم السامي أن ال تكون معذرتي عائقا لكم عن زيارتي فلكم مننا طوقتموهاولكم فيها فضل البداءة وعلي دوام الشكران والسالم( .

هذا مجمل ما وقفنا عليه من أخبار أدباء مصر في هذه الحقبة الثانية إلى أواخر الحرب الكونية ولعله فاتنا بعض

أخبارهم النقطاعنا في تلك المدة عن عالم األدب.(1/354)

أدباء الشام المسلمون 13)الشيخ حسين الجسر( توفي هذا العالم األديب في

( كان أحد مشاهير أعالم1909 تموز 29 )1327رجب م( وتخرج1845 )1261طرابلس الشام ولد فيها سنة

على أدباء وطنه ثم على أساتذة األزهر. ولما عاد إلى طرابلس درس العلوم العصرية ثم قضى عمره في

التأليف والتصنيف والنثر والنظم ودرس عدة سنين في المدرسة الوطنية فأخذ عنه كثيرون من أدبائها ثم أصدر

جريدة طرابلس فحررها زمنا طويال. له ما خال بعض التآليف الدينية كتاب في مناقب والده الشيخ محمد

الجسر ومجموعة أدبية في عدة مجلدات سماها رياض طرابلس الشام ثم رسائل أدبية وسياسية ومنظومات في

التربية. ومما لم يطبع كتاب الكواكب الدرية في الفنوناألدبية. رثاه صاحب الرغائب حكمت شريف بقصيدة:

خطب الحسين أرى أم جسرنا انتقضا ... أم طود علمات النعيم مضى لجن

أواه من زمن قد دك جسر تقى ... وهد ركنا من اآلدابحين قضى

أصابت1910وفي العام الثاني في تشرين األول سنة المنون )صادق باشا العظم( من وجوه دمشق الشام.

تلفى العلوم في وطنه ثم درس مدة في كليتنا البيروتية. وقف نفسه في إثرها لخدمة الدولة العثمانية فترقى في

مناصبها العسكرية بصفة ضابط إلى أمارة لواء وقول أغاسي. ثم انتدبته الحكومة لمهمات عند الشيخ السنوسي

وأرسل معتمدا عثمانيا إلى عاصمة البلغار. ولما قصدت الدولة أن تنشئ بينها وبين ملك الحبشة منليك عالئق ودية أرسلته كرئيس وفد فكتب تفاصيل رحلته ونشرها بالطبع

وألف أيضا تاريخ دفاع بافنا وله رحلة إلى الصحراء وأدبيات شتى تركية وعربية. وحرر مع ابن عمه رفيق بك العظم بالعربية والتركية جريدة الشورى العثمانية أوجبت

فراره مع اآلستانة إلى القطر المصري فعلم زمنا في المدرسة التوفيقية ثم عاد إلى الوطن بعد إعالن الدستور

فما لبث أن ودع الحياة. وفي سنة وفاة صادق بك العظم توفي الكاتب النحرير

)الشيخ أبو حسن الكستي( وقد سبقت ترجمته في القسمالثاني من كتابنا اآلداب العربية في القرن

(1/355)

( ذكرناه مع رصيفيه الشيخين81 - 79التاسع عشر )ص يوسف األسير وإبراهيم األحدب وقد جعلنا هناك وفاته

.1910 والصواب 1909سنة )السيد حسين1911وممن عظم علم األدباء نعيه سنة

وصفي رضا( شقيق السيد محمد رشيد رضا صاحب مجلة مات في تمام شبابه1882المنار المولود في أوائل سنة

وكان درس على علماء وطنه مشاهير األزهر العلوم الدينية واألدبية وبرع في الكتابة فشارك أخاه في تحرير

المنار وفي إصالح أمور اإلسالم. فجعت فلسطين بأحد رجالها1913 تموز سنة 25وفي

المعدودين )روحي بك الخالدي( سليل أسرة قديمة في وتلقى مبادئ1864القدس الشريف كان مولده سنة

العلوم في وطنه ثم في نابلس وطرابلس وفي المدرسة السلطانية في بيروت ثم انكب على الدروس الفلسفية

والحقوقية والسياسية في اآلستانة وفي باريس حيث اجتمع بعلماء الفرنج فعرفوا قدره. وانتدبه الفرنسيون إلى

التعليم في مدرسة اللغات األجنبية في باريس وكان أحد . ثم اختارته1897أعضاء مؤتمر المستشرقين فيها سنة

الدولة التركية كقنصلها في مدينة بوردو عدة سنين فأطلع على أحوال الفرنسويين وآدابهم. وألف وقتئذ كتابه علم

األدب عند الفرنج والعرب. ولما حد االنقالب العثماني سنة انتخبه مواطنوه كمبعوث القدس الشريف وقلد بين1908

رصفائه وظيفة الرئيس الثاني لمجلس النواب وبعد انحالل المجلس عاد إلى القدس ثم كر راجعا إلى اآلستانة وفيها

توفي بالحمى التيفوئيدية وهو في الخمسين من عمره. وكان روحي الخالدي كاتبا بارعا له عدة مقاالت

ولمحاضرات ورسائل متفرقة نشرها في صحف مختلفة. ومن آثاره تاريخ االنقالب العثماني وكتاب العالم اإلسالمي.

وله أيضا رحلة إلى األندلس ذكر فيها بقايا آثار العرب لمتطبع.

فقد المسلمون رجلين من نخبة1914وفي السنة التالية علمائهم )السيد جمال الدين القاسمي( ثم )محي الدين

الخياط( عرف األول بتآليفه الدينية التي جعلته في مقدمة علماء دمشق المعدودين. وقد امتاز عن كثيرين منهم باستقالله عن النوافل والفضوليات وخلوه من تضليل

المحرفين والمهرفين. ولم يكتف بالوقوف على أسرار الشريعة بل درس أيضا العلوم العصرية وبها ظهر فضل

طريقته العلمية. ومما قاله جرجي(1/356)

أفندي الحداد في رثائه: نم يا جمال الدين غير مروع ... إن الزمان بما ابتغيت

كفيل فستعرف األجيال فضلك في غد ... إن كان لم يعرفه هذا

الجيل أما الشيخ محيي الدين الخياط فكان مولده في صيداء

وقدم إلى بيروت فتعلم في مدارسها وأخذ1875سمة عن الشيخين الكبيرين يوسف األسير وإبراهيم األحدب

ونبغ في اآلداب حتى أصبح من خيرة أدباء المسلمين في بيروت. وكان ذا روح حرة وله كتابات عديدة نثرية ونظمية

في الصحائف البيروتية اإلسالمية ال سيما ثمرات الفنون واإلقبال. ومن فضله على الناشئة عدة تآليف وضعها للمدارس في البالد العربية كدروس القراءة ودروس

الصرف والنحو ودرس التاريخ اإلسالمي ودروس الفقه. وقد فسر تفسيرا خفيفا الغريب من ديواني أبي تمام وابن

المعتز وله تعليق على شرح نهج البالغة وعرب رواية الوطن للكاتب التركي نامق كمال بك. توفي في نيسان

1914. سنة مشئومة على اآلداب العربية1916وكانت السنة

قتل فيها ظلما بأمر جمال باشا وحزبه )االتحاد والترقي( جملة من نخبة الكتبة وأهل األدب نصارى ومسلمين.

ونذكرها المسلمين منهم الذين تركوا آثارا من أقالمهم. وأخصهم )السيد عبد الحميد الزهراوي( مولود حمص سنة

( تنقل في البالد لطلب العلوم ونشر حر1871 )1288 األفكار دون تطرف وال تذلل وأصدر في وطنه جريدة

المعلومات فلم يرق أسلوبه في عين عبد الحميد فأبعد إلى دمشق ثم إلى حمص تحت المراقبة إلى أمكنه الفرار

فحرر في المؤيد وفي الجريدة. ولما وقع1902إلى مصر االنقالب العثماني اختاره الحمصيون كمبعوث مدينتهم إلى اآلستانة وعاين ما حدث هناك من القالقل وعاد إلى مصر

فأنشأ جريدة الحضارة. ورئس أخيرا في باريس الوفد الطالب الالمركزية فكان في المؤتمر المنعقد هناك بمثابة

الدماغ من الجسد. وبفعله أوغر عليه صدور أهل دولته فاحتالوا عليه حتى أرجعوه إلى بالده وحكم عليه جمال

. وكان1916 أيار 6باشا باإلعدام في دمشق في الزهراوي لسنا وخطيبا محنكا. وله شعر حسن منه قوله:

(1/357)

ما أنت يا إنسان هل ... تدري دماغك لم شعردع عنك دعوى واستمع ... قوال مفيدا مختصر

الناس هاموا في الغرو ... ر وراجعون إلى الغرره ... م خالصة ما فطر ويرى بنو اإلنسان أن

دعوى بها يسلون ما ... يلقون من تعب وضرفتسل فيما اسطعت أن ... فكرت فيما قد حضرواعبر على المقياس من ... ماض إلى ما ينتظرواعلم بأن المفلحين ... بذي الحياة أولو البصر

والكون ظرف جواهر ... والسر فيه ما ظهر وقتل مثله شنقا في ذلك اليوم في بيروت أديب آخر )عبد

درس في مدارس1891الغني العريسي( المولود سنة بيروت وخصوصا في المدرسة العثمانية لمؤسسها الشيخ عباس األزهري ثم علم فيها سنتين. ثم انقطع إلى الكتابة

فأصدر جريدة المفيد أيد فيها النهضة العربية وأثار عليه غضب األتراك حتى تسنى لجمال باشا أن يلقي عليه

القبض فذهب ضحية االستبداد. ومن آثاره األدبية طبعه لديوان الطويراني ثمرة الحياة وتعريبه لكتاب البنين لبول

دومر. وكان شريكه في تلك النكبة )الشيخ أحمد طبارة( أحد

أدباء بيروت ووجهائها. أصاب له في الصحافة ذكرا طيبا فحرر في أول عهد الدستور جريدة اإلصالح فكان لها وقع كبير في قلوب العرب السوريين. ثم أنشأ جريدة االتحاد

العثماني فامتازت بحسن إنشائها. وحضر في باريس المؤتمر العربي السوري وكان أحد أعضائه العاملين فنقم

عليه جمال باشا وذووه فحكم عليه باإلعدام. اخترمت المنون أحد أدباء الدروز1917وفي السنة

)محمد أبا عز الدين( كان كاتب ضبط دائرة الحقوق االستئنافية في جبل لبنان ثم تعين رئيسا لمحكمة

الشوف. كان يجيد الكتابة ويراسل الصحف السيارة وله عدة مقاالت وقصائد أعرب فيها عن حسن ذوق ومعرفة 2بفنون اإلنشاء. نشرنا له مقالة مستجادة في المشرق )

( . تحت عنوان )شهيد العلم( .536( : 1899) وفي تلك السنة أيضا فقدت األسرة الرافعية ومدينة

طرابلس رجال من(1/358)

أعيانها )الشيخ محمد كامل الرافعي( . أخذ العلوم الدينية واألدبية عن علماء طرابلس ثم قصد مصر ودرس في األزهر. ولما عاد إلى وطنه تولى فيه تدريس مواطنيه

وتخصص بعلوم الدين اإلسالمي. ومن مآثره األدبية شرحه لديوان أخيه الشاعر الكبير مصطفى صادق الرافعي في

ثالثة أجزاء طبع في مصر. وكان الشيخ محمد يعيش عيشة الزهد ال يحفل بمعاشرة الكبار والذوات ويفضل

العزلة حتى أنه أوصد باب داره على زائره متصرفطرابلس التركي فلم يقبله في بيته.

قبل نهاية الحرب الكونية بأشهر1918وفي أوائل السنة علمنا باألسف وفاة أحد شيوخ دمشق األفاضل )الشيخ

. وكنا اجتمعنا به1837عبد الرزاق البيطار( المولود سنة غير مرة وعرفنا فضله الكبير وسعة معارفه وطول باعه في التاريخ والموسيقى وفنون األدب. خلف آثارا حسنة

في الموضات الدينية والصوفية والتاريخية. له كتاب نفيس دعاه حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر. وقد أدت

بالشيخ معارفه إال أنه تحرر من قيود التقييد ونبذ كثيرا مماكشفت له العلوم الحديثة بطالنه.

وتبعه بعد قليل إلى القبر في ذات السنة أديب من أهل بيروت المسلمين )بشير رمضان( صاحب مجلة الكوثر

وأودعها عدة1909أنشأها بعد اإلعالن بالدستور سنة فصول ومقاالت حسنة. قد حرر مدة في مطبعة الوالية

ومن آثاره منتخبات شعرية وقصائد من نظمه.

أدباء المسلمين في العراق والهند أجاب إلى دعوة ربه في هذه الحقبة الثانية رجل من أدباء

العراق نعته ناشر ديوانه )بأشعر شعراء الشرق أمس وأكبر علماء اليوم( نعني به السيد )محمد سعيد حبوبي

الحسني( أحد علماء الشيعة. كان مولده في النجف ونشأ بين أسرته في بالد نجد ثم عاد إلى وطنه وتعاطى الكتابة

ونظم الشعر فعد من زعماء النهضة األدبية في العراق ومات في الناصرية قرب النجف بعد أن دعا مواطنيه إلى

)أيار1333 شعبان 2الدفاع عن الوطن بالجهاد في م( . وشعره فطري رقيق يجمع بين السهولة1916

والمتانة. وله موشحات بديعة جارى فيها موشحاتاألندلسيين. وقد طبع ديوانه في

(1/359)

. ودونك مثاال من1331بيروت في المطبعة األهلية سنة شعره يرثي بعض األعاظم:

أال أيها الغادي وليتك سامع ... إذا ما ادعى الداعي أال أيهاالغادي

بودي لو تدنو فتسمع لوعتي ... عليك ولو تصغي فتسمعإنشادي

قضيت وما عهد الدموع بمنقض ... وثار الجوى يشويالضلوع بإيقاد

كأن ندى كفيك عاد ألعين ... ونار قراك اليوم عادت ألكبادة فيا عبرتي عيني جودا ففيكما ... إذا لم تساعدني األحب

إسعادي

ويا أيها الالحي رويدك الحيا ... فإنك في واد وإني في واد ولو قد عرفت الحب معرفتي به ... التهمت اتهامي

وأنجدت انجادي وصرعت المنون في الهند في هذه الحقبة أحد المعالم

المسلمين )الشيخ شبلي النعماني( توفاه الله بعد إعالن ( تعلم العلوم وساح1914 2 ت18الحرب الكونية بقليل )

في البالد اإلسالمية فدرس الطباع وأطلع على أحوال العصر. ولما عاد إلى وطنه عهد إليه التعليم في كلية عليكده فعد من كبار علماء بالده وكان يعرف الهندية

والفارسية والعربية يحسنها كلها. وقد تخصص في وطنه إلصالح المسلمين في الهند. وله مصنفات مشكورة في

الفلسفة والتاريخ وآداب اللغتين الفارسية والهندية. ومن تأليفه في العربية تاريخ الخليفة عمر بن الخطاب كتبها

على صورة عصرية. وله رد على كتاب المرحوم جرجي زيدان تاريخ التمدن اإلسالمي. ورسالة في الجزية وكان

65يشتغل قبل موته بسيرة رسول اإلسالم. توفي عن سنة.

توفي في تونس أحد أدبائها المسلمين1917وفي السنة )علي أبو شوشة( صاحب جريدتها الرسمية المعروفة

بالرائد التونسي وهي أول جريدة ظهرت هناك سنة1861.

(1918 - 1908الحقبة الثانية )أدباء النصارى

توفر في هذه الحقبة عدد أدباء النصارى الذين اشتهروا بمالزمة اآلداب العربية فانتقلوا في أثنائها إلى دار البقاء. وهانحن نقدم عليهم ذكر أحبار الكنائس الشرقية وكهنتها

الذين خلفوا شيئا من آثار قريحتهم.

(1/360)

األساقفة رزى )الموارنة( بوفاة أحد كبا رجالهم السيد )بطرس

تشرين األول سنة28زغبي( رئيس أساقفة قبرس في وتخرج في مدرسة عين1833 كان مولده سنة 1910

ورقة ثم في مدرستنا االكليريكية في غزير. نشر مع الخوري يوسف البستاني مجموعا مدرسيا لطيفا تحت

عنوان نخب الملح وغرة المنح مع شروح واسعة وطبعاه على الحجر في مطبعتنا البيروتية في أوائل عهدها سنة

وكان خطيبا مصقعا.1850 قبيل الحرب الكونية برح الحياة1914وفي أواسط السنة

الفانية المأسوف عليه كثيرا لسمو فضله السيد )يوسف نجم( مطران عكا شرفا والنائب البطريركي. أفاد طائفته بتعريبه المدقق والفصيح ألعمال المجمع اللبناني وطبعه

طبعا متقنا.1900في مطبعة األرز في جونية سنة وفجعتنا الحرب الكونية بوفاة حبرين آخرين جليلين السيد )بطرس شبلي( رئيس أساقفة بيروت والمطران )يرسف

صقر( رئيس أساقفة حماة. عرف األول بثقوب فهمه وسعة معارفه التاريخية واألثرية نشر نبذا منها في

المجالت األجنبية والوطنية. وقد اكتسب شكرنا بنشره لترجمة نابغة طائفته البطريرك اسطفانوس الدويهي

. وكان السيد بطرس شبلي1913فأنجر طبعها سنة درس مدة في كليتنا ثم رحل إلى باريس فدرس في

مدرستنا الكهنوتية الشهيرة بسان سولبيس. وقد توفي في آطنة في السابعة واألربعين من عمره ضحية محبته

. أما السيد يوسف صقر1917 آذار سنة 20لفرنسة في فأحرز كل علومه في مدرستنا االكليريكية البيروتية وتوفي

1917 نيسان 20بعد شهر من وفاة السيد شبلي في نشرنا له في المشرق مقاالت حسنة في أخالق اللبنانيين

وعاداتهم القومية.

الروم الكاثوليك وفي هذه الحقبة الثانية من القرن العشرين استأثر الله

بذاك الحبر الجليل ذي المآثر الطيبة المطران )جرمانوس والمتوفى في1853معقد( المولود في دمشق سنة

وكل يعرف ما1913 شباط من السنة 13بيروت في أفاد به الوطن من األعمال الشريفة ال سيما إنشاؤه

لجمعية المرسلين البولسيين الذين يشتغلون في كرم الرب بغيرة وثبات. وقد أغنى اآلداب العربية بتأليف شتى

منها دينية كرحلة الفيلسوف الروماني والكالم الحي وسبيل الصالح وحسن الختام. ومنها طقسية كرفيق العابد

والسواعية(1/361)

والميناون وتفسير القداس وخدمة الفصح ونشائد روحية وتحقيق األماني لذوي الطقس اليوناني. ومنها أدبية لطيفة كذخيرة األصغرين ورواية حسناء بيروت ومقاالت وفصول ممتعة نشرت في مجلة المسرة التي أنشئت بهمته وجمعبعضه في كتابه السلوة فاستحق بها جميعا شكر الوطن )

1. ) 17وفي أيام الحرب المشئومة توفي في دمشق في

رئيس أساقفة صيداء السيد )باسيليوس1916شباط في جزين بعد أن1839حجار( المولود في أوائل سنة

خدم طائفته الكريمة بصفة كاهن غيور ثم في رتبة

وأخيرا على صيداء1870متروبوليت على بصرى وحوران إلى سنة وفاته. عرف حيثما حل بجده1887من السنة

ونشاطه في خدمة طائفته. له من آثار القلم تعريبه لكتابين الطوبوي اليسوعي الكردينال بلرمين وهما وصية السيد المسيح األخيرة على الصليب وسلم السعادتين مع

تأليف له في وصف مقام سيدة المنطرة بجوار صيداء. ومن ضحايا الحرب الكونية بين )الكلدان( السيد الجليل المطران )أدي شير أبرهينا( رئيس أساقفة سعرت قتله

األتراك جورا فمات ميتة األبرار الشهداء في منتصف وهو في عز كهولته في الثامنة1915صيف السنة

( وقد نفع الوطن واآلداب بما1والخمسين من عمره ) نشره من التأليف التاريخية والدينية واألدبية كتاريخ كلدو

وآثور طبع منه جزأين وفقد باقيه في الحرب. ومن مآثره تاريخ مدرسة نصيبين الشهيرة واأللفاظ الفارسية في العربية ونشر في المجالت األوربية وصف مخطوطات مكاتب ماردين وديار بكر وسعرت والموصل ونشر في

مجموعة اآلباء الشرقيين تاريخا قديما ألحد النساطرة. هذا ما عدا تأليف كلدانية مدرسية عديدة. وله في المشرق

فصول مدققة عن طائفة الكلدان جازاه الله خيرا. وفي أثناء الحرب المذكورة فقد الكلدان أسقفا آخر السيد

)توما اودو( مات أيضا ضحية األتراك والعجم في كرسي كان مولده في1918أسقفيته اورميا في شهر آب

وقد اشتهر خصوصا بما نشره من1855ألقوش سمة التأليف الكلدانية في مطبعة الموصل لآلباء الدومنيكان

أخصهم معجم مطول للكلدانية الحديثة في جزأين(1/362)

وترجمته الكلدانية كتاب كليلة ودمنة وقوانين المجمعالتريدنتيني وميزان الزمان لألب نيرنبرج اليسوعي.

توفي من1918 آب 20وفي آخر شهور الحرب في )السريان( في مدرسة الشرفة أسقف رستن شرفا السيد

)أوسطاثيوس موسى سركيس( المولود في دمشق . كان أحد تالمذة مدرستنا االكليريكية في غزير علم1848

العربية في كليتنا ثم ترأس عدة سنين على مدرسة الشرفة. ومن آثاره تعريبه لكتاب التاريخ المقدس لألب

.1910شوستر المطبوع في مطبعتنا سنة وتوفي من أساقفة الروم األورثذكس في ومن الحرب في

27أميركا السيد )رافائيل هواويني( أسقف بروكلين في ودرس1860. كان مولده في بيروت سنة 1915شباط

1895في مدرسة خالكي في اآلستانة. ثم أقيم سنة راعيا للجالية السورية االورثذكسية في نيويورك فنشر

ونقح كتب طائفته1905هناك مجلة الكلمة سنة الطقسية كالقنداق واألفخولوجي. ومن تأليفه كتاباللمحة التاريخية في أخوية القبر المقدس اليونانية.

الكهنة العلمانيون والرهبان المرسلون فقدت اآلداب العربية أحد أفاضل كهنة األرمن ورجال البر

1827والصالح الورتبيت )بولس بليط( ولد في حلب سنة . أوقف حياته على1910 سنة 1 ت12وفيها توفي في

خدمة آل وطنه عموما وأبناء طائفته خصوصا فاشتهر بقداسته وسمو فضائله وأوقف قلمه في أوقات الفراغ على تأليف الكتب من الهوت وفلسفة وتاريخ وعبادات

طبع قسما منها مثل كتابة الدعامة في وجود الله وخلود النفس وكتاب النبراس في خمس محاورات دينية وتاريخ

أبرشية حلب األرمنية في مجلة المشرق. وعرب كتاب رياضة تشرين الثاني إلسعاف األنفس المطهرية. وله

عظات ومياومات تاريخية ورحلة إلى اآلستانة ورومية سنة( .1 لحضور المجمع الواتيكاني )1869

1911 1 ت5وفي السنة التالية في أسف حلب أيضا على فقد أحد أبنائها العريقين في اآلداب العربية القس)توما أيوب( السرياني الكاثوليكي المولد في شهباء في

(1/363)

درس العلوم في كليتنا االكليريكية1861 آذار سنة 22 وفي دير الشرفة وانقطع بعد كهنوته في وطنه للتدريس

والتأليف وكان مولعا بدرس العربية فجمع له مكتبة حسنة من مخطوطاتها ومطبوعاتها. وقد تخرج عليه كثيرون من

الشبان وكان يجتمع بأدباء حلب فيتفاوضن في الفنون األدبية واللغوية وقد عرب روايات عديدة منها للتمثيل

ومنها خيالية أدبية طبع منها وراية فابيوال ورواية إلى أين ورواية الكفارة في مطبعتنا الكاثوليكية وكلها تمتاز

ببالغتها. ومن تآليفه الروحية تحقيق األمنية في عبادةالوردية.

وفي أيام الحرب الكونية فجعت الطائفة المارونية بأحد كهنتها الضليعين باآلداب الدينية والدنيوية معا المنسنيور

1917)يوسف العلم( توفي في شهر تشرين الثاني سنة في داريا. كان أحد تالمذة عين ورقة الممتازين فرقي في

طائفته إلى مناصب شريفة كالرئاسة على مدرسة الحكمة والنيابة األسقفية. له تآليف عديدة نشرت بالطبع كتعريبه

لتفسير رسائل مار بولس وكتاب قداسة الكاهن واعترافات مار اوغسطين وتأمالت الوردية ومن آثاره

النثرية والشعرية كثير مما نشرناه في مجلة المشرق ثمجمعه في كتاب دعاه )نفثات القلم على يد العلم( .

كاهن1917 شباط 18وفي تلك السنة عينها توفي في ماروني آخر كانت طائفته توسمت فيه الخير وهي تنتظر منه خدما جلى الخوري )لويس دريان( مولود بيروت سنة

. كان درس العلوم في جامعة لوفان الشهيرة فنال1879 شهادتي الدكتورية في الفلسفة والالهوت. ولما عاد إلى

1906وطنه أحب أن ينفق عليه كنز علومه فنشر سنة كتابا في الفلسفة التوماوية بين فيه فضل القديس توما

االكويني في علمي الفلسفة والالهوت. ونشر بعض المواعظ التي ألقاها في كنيسة مار مارون تحت عنوان

)االعتقاد تجاه العقل والدين( . وعرب للفلكي األب مورو كتاب )من أين جئنا( ولالجتماعي جول ليمتر كتابه )تهذيب

اإلرادة( ونشر في مطبعته المعروفة بمطبعة النهضة تآليف أدبية شتى وخصوصا مجلته )الرسالة( والمحاسن

الروائية. وفي زمن الحرب رزنت الطائفة الالتينية في القدس

الشريف بأحد كهنتها اإلجالء )دون خليل مرتا( الذي تخرج في مدرستنا االكليريكية في غزير وانتدبه السيد البطريرك

إلى تهذيب التالمذة المترشحين للكهنوت في القدسفخدمهم سنين طويلة

(1/364)

وقد ألف لتدريسهم كتابه الخالصة الجليلة في قواعد اللغة العربية في جزأين ونشرنا له في المشرق مقاالت لغوية

وتاريخية وانتقادية غاية في الحسن والدقة. وكان المذكور ضليعا أيضا بعلم اآلثار فشر بالفرنسوية واإليطالية كتبا حسنة منها كتابه عن دار بيالطس وعن موقع بيت أيل

ومكان وفاة مريم العذراء والتحفة الكريمة في الجمعة

العظيمة. وفي هذه الحقبة الثانية خسرت رسالتنا السورية بعض

مرسليها العاملين الذين تركوا آثارا طيبة من قلمهم. نخص منهم بالذكر األب )أنطون رباط( الذي كانت تبنى عليه آمال طيبة لخدمة اآلداب والوطن فاستأثر به الله

وهو لم يتجاوز السادسة1913 أيار سنة 11في واألربعين من عمره ومع قصر حياته أمكنه أن ينشر قسما

حسنا من اآلثار التي كان جمعها في خزائن أوربة. فمن ذلك مجلدان في عدة أجزاء نشر فيها آثار تاريخية جليلة

عن كنائس الشرق منذ القرن السادس عشر. ومن مطبوعاته الممتعة روايته التمثيلية البديعة في نكبة

البرامكة ومقاالته عن صحة األناجيل المقدسة وسالمتها من كل تحريف وعدة آثار تاريخية قديمة كرحلة أول

شرقي إلى أميركة وترجمتي األسقفين ناوفيطس نصري وعبد الله قرأ ألي وقد ترك مخطوطات لم يسمح له

الوقت بنشرها. 1914وفي الجمعة األولى من الحرب العمومية في آب

أصيبت رسالتنا بفقد كاهن آخر ترأس على كليتنا في بيروت مدة سبع سنين وهو األب )جبرائيل أده( الذي

توفي في القاهرة وهو ساع في لقاء مواعظ رياضة روحية هناك. كان خدم سنين طويلة اآلداب العربية بالتدريس

والتأليف. تكرر مرارا طبع كتابه القواعد الجلية في علم العربية. ولم يذخر وسعا في تعزيز اللغة العربية بين

الناشئة. وانتقل أيضا إلى جوار ربه في زمن الحرب في غزير األب

. خدم اآلداب1916)أدوار سازاني( في غرة شباط سنة الدينية بتعريب بعض الكتب التقوية في العبادة نحو مريم

وفي حب يسوع المستقيم. أيلول من تلك السنة قتل في الحرب الكونية28وفي

بينما كان يتفانى في ساحة الوغى بعالج الجرحى األب )فردريك بوفيه( الذي كان علم اآلداب والبيان في كليتنا

وعني بجمع تاريخ مطول لسورية من عهد الفتح الروماني 600إلى زماننا فطبعه على الحجر بالفرنسوية في نيف و

صفحة. ونشر في مجلة الشرق المسيحي تاريخ(1/365)

الشام على عهد الدولة الطولونية وكان المذكور ضليعابعلوم األديان.

قضى نخبه في1916 1 ك16وقبل ختام السنة عينها في عين ابل في بالد البشارة األب )يوسف حواء( الحلبي

وتقلب في عدة وظائف مدنية في1851األصل. ولد سنة واشتغل باألعمال الرسولية1882لندن ثم ترهب سنة

مدة سنين عديدة في رسالتنا السورية. نشر في مطبعتنامعجما ضخما في اللغتين العربية واإلنكليزية.

توفي في مستشفى1917 أيار 4وفي السنة التالية في الراهبات األلمانيات األب )دونا فرنيه( المعروف باألب

خدم اآلداب1836عطاء الله المولود في فرنسة سنة العربية بتأليف واسع في أصول اللغة العربية وألف ترجمة

القديسة جان درك وعرب كتاب االقتداء بالمسيح، ولهتآليف شرقية مخطوطة في مكتبتنا بالعربية واإلفرنسية.

من الشهر والسنة ذاتهما توفى الله مرسى آخر23وفي من الرهبانية اإلفرنسيسية في حريصا الطيب الذكر األب

)فرنسيس فرا( الحلبي نشر في مطبعة القدس تآليف دينية حسنة كالروضة الروحية وتعريب فصيح لالقتداء

بالمسيح وغير ذلك. منيت أيضا رسالتنا1918 نيسان من العام المقبل 2وفي

بوفاة أحد عملتها النشيطين الواسعي الفضل األب )لويس رنزفال( مات في رومية بعد نفيه من سورية بسبب

الحرب. أدى العلوم الشرقية خدما جمة بالتعليم والتأليف في فنون مختلفة. وقد تولى إدارة مجموعة مكتبنا

الشرقي. له فيها عدة آثار لغوية وفنية وقد نشر في المشرق رسالة الدكتور مشاقة في الموسيقى العربية ثم

نقلها إلى االفرنسية وذيلها بالحواشي. وقد كتب في أبحاث متعددة عن اللغات اليونانية والتركية في مجلة

باريس اآلسيوية ونشر رسالته من كتب الدروز مع األب يوسف خليل وله في المشرق عدة مقاالت فلسفية

وتاريخية وأدبية. فترى أن علية األكليروس وكهنة الطوائف الشرقية

والمرسلين كانوا ماشين مع المواطنين في مصاف جيشاآلداب ناشرين لواء العلوم والمعارف.

أدباء النصارى العلمانيون تقدم عليهم بعض الذين فاتنا ذكرهم في الحقبة األولى

تتمة للفائدة. منهم األديب المرسوم )حبيب أنطون تلقى1860السلموني( المولود في بيروت سنة

(1/366)

العلوم في مدرسة الروم الكاثوليك وفي كلية القديس يوسف ثم هاجر إلى أوربة وساح في جهات العجم والهند

ثم استقر في لندن وتعين كأستاذ العربية في جامعتها وصار عضوا في جمعيتها الملكية الشرقية وطبع هناك

.1904 2 ت23معجما إنكليزيا عربيا. كانت وفاته في وممن ترجمه األستاذ عيسى أفندي اسكندر المعلوف في

( الدكتور )اسكندر624 - 610كتابه دواني القطوف )ص بك رزق الله( الطبيب الشهير المولود في المحيدثة

والمتوفى في بيروت وتلقى1860 شباط 12)المتن( في العلوم الطبية في القصر العيني في مصر ثم فرنسة

وتعين في الثغر طبيبا لمستشفى القديس جاورجيوس فجرى في تنظيمه على نمط المستشفيات األوربية

العصرية. وكان المذكور أحد المولعين بدرس العربية وفنونها فأقيم قبل انقطاعه للطبابة أستاذا لها في

المدرسة السورية ورئيسا لقلم التحريرات العربية في ديوان الروم البطريركي ونظم القصائد واأللحان الغنائية

والمقطعات وسكن مدة مصر ورفع إلى الخديوي إسماعيل باشا قصيدة بليغة أعجب بذكاء ناظمها وأراد أن يثيبه عنها بمبلغ من المال فأبى قبوله بلطف قائال: )أنا يا موالنا طالب علم ال طالب مال( وكان ذلك سبب لدخوله في مدرسة القصر العيني قبل رحلته إلى فرنسة. ومدح ناظر المعارف في مصر علي إبراهيم باشا وهنأه بالعيد

بقصيدة غراء أولها:بب بالغادات واعتزل ... ذكر الغوافي وجانب دع التش

جانب الغزلوختمه بهذا التاريخ:

ختام ما أحسنت قوال نؤرخه ... العيد يعلو بأنوار الخليلعلي

هـ( .1281) وللدكتور رزق الله رساالت بليغة منمقة ومقاالت عديدة منها طبية ومنها أدبية في المجالت الوطنية واألجنبية في

كلتا اللغتين العربية واالفرنسية. وقد جمعت أقوال الجرائد أو مراثي الشعراء في مدحه بعد موته في كراسة عنوانها

نوح الحمام صدرها الشاعر المجيد الياس أفندي الحنيكاتيبهذين البيتين تحت رسمه:

قالوا: أطلت من التأسف والبكا ... هل ذا النطاسي عادماألشباه

فأجبتهم: ما كل رزق في المال ... يبكى عليه نظير رزقالله

(1/367)

فقد األدب أحد الشعراء1906 آب من السنة 16وفي الوطنيين سليل عائلة الشدياق )بشارة الشدياق( كان ابن

أخي أحمد فارس الشدياق صاحب الجوائب ونشر في جريدة عمه فصوال شائقة. وكان المذكور عريقا في دينه

له في جريدة البشير مقاالت دينية وأدبية. ومن آثاره ديوان شعر مخطوط نصونه في مكتبتنا الشرقية جمعه

. دونك مثاال من نظمه قال في وصف1888سنة الحسود:

إن الحسود مدى األيام يمقت من ... نال السعادة حتىمنتهى األبد

وكل داء له طب يصح به ... أما الحسود فال يشفى منالحسد

داء خبيث ترى ماذا يؤمله ... ذاك اللئيم سوى االكداروالكمد

فبئس حاسد توفيق بال أمل ... يموت من جهله بالذلوالحقد

ومن قوله في رثاء المطران طوبيا عون رئيس أساقفةبيروت:

ذا بر وذا عمل ... سام وفضل له في الناس قد كان طوبيامشهود

كم بات يرعى خرافا ظل يرشدها ... إلى حقيقة إيمان

وتسديد نعم وقد كان عونا لألنام ومن ... قد أمه قد نال من فضل

وتأييداء شائعة في فهو لعمري الذي كانت شمائله م ... الغر

السهل والبيد بكته بيروت حزنا والدموع على ... فقدانه عندم من قلب

صيخود قد مات في جمعة اآلالم وا أسفي ... بفقده قد حرمنا

بهجة العيد ضاقت بنا األرض من غم ومن كدر ... ومن مصاب ومن

نحب وتنهيد هيهات يطفى لهيب أو يحول بكا ... ما دام آماقنا قرحى

بتشديد وقعت وفاة ابن عم بشارة1907وفي السنة التالية

)سليم الشدياق( كانت وفاته في سان ريمو. أخذ سليم اآلداب عن أبيه ثم صار يساعده في تحرير الجوائب فياآلستانة له فيها عدة مقاالت. وعني بنشر بعض تأليفه.

توفي في بيروت عن ثمانين1906 أيار السنة 20وفي عاما الرياضي والطبيعي العلوم المعلم )الشدودي( . كان

ودرس في مدرسة أعبيه1826مولده في عاليه سنة فنبغ أسعد في الرياضية بين تالمذتها ثم دعي بعد انتهائه

من درسها إلى تعليمها في عدة مدارس ثم في الكلية كتابه العروسة1873 ونشر سنة 1867األميركية سنة

(1/368)

البديعة في علم الطبيعة. وكان يحسن الكتابة ويجيد اإلنشاء دون تكلف. وله شعر رائق تفنن فيه منه حكمي

ومنه هزلي. ولدينا أرجوزته التي نظم بها أمثال سليمانالحكيم نظما سهال قريب المأخذ دونك مثاال منه:

مخافة القدير رأس الحكمة ... فمن حواها حاز كل نعمةبالحكمة الجهال تستهين ... لكن بها الحكيم يستعين

ير في طريقهم ال تجر يا ابن إذا أغراك أهل الشر ... للسومنها وصف الحكمة عن لسانها:

ورى أنا الفهم الذكي ... وبي القوى ولي لي الرأي لي الشقديم المسلك

بي تملك الملوك والوالة ... وفي القضاء تعدل القضاة قد كنت منذ البدء قنية العلي ... مسحت في القديم منذ

األزل في غرة شباط توفي المرحوم )سليم1907وفي السنة

تعلم1841الياس كساب( أبصر النور في دمشق سنة في مدرسة طائفته األورثذكسية فأخذ عن أحد مشاهيرها

الخوري يوسف الحداد ثم انتدبه المرسلون اإلنكليز واألميركان إلى التعليم في مدارسهم في جهات لبنان وهو

الذي أنشأ في بيروت المدرسة الوطنية األورثذكسية. ثم طلبت إليه السيدة مس طومسن التي قدمت إلى سوريا

أن يعلمها العربية ثم يساعدها في1860بعد السنة مشروعها التي حاولته وهو تأسيس مدارس سورية

إنكليزية في أنحاء سورية فوجدت فيه خير أستاذ ومساعد وبقي في خدمة تلك السيدة وتولى نظارة المدارس

المختلفة التي أنشأتها. وكان ينصب في الوقت عينه على المطالعة والتأليف فنشر كتاب الدرة الفريدة في الدروس

المفيدة في قسمين وكتاب قالدة النحو في غرائب البر والبحر. واشترك مع األديب جرجس همام في تأليف كتاب الكنوز األبريزية في اللغتين العربية واإلنكليزية وله مقاالت

أخرى وخطب دينية ورسائل شتى. نعي إلينا أحد رجال1907 1 ت9وفي السنة التالية في

29الفضل واألدب المعلم )حنا عورا( المولود في عكا في . كان المذكور وقف نفسه على خدمة1831حزيران

الحكومة العثمانية فعهدت إليه أعمال تولى تدبيرها بكلأمانة ونشاط

(1/369)

كمديرية التحريرات ووظيفة مميز لقلم المكتوبي ومراقبة المطبوعات واشتغل بنظام جبل لبنان بعد حوادث السنة

الستين. وقد دخل أوالده في خدمة الدولة على مثالهفاستحقوا معه شكر أربابها. 1908 من السنة 2 ك28وتوفي فجأة في بيروت في

اللبناني األديب )فارس بك شقير( كان تهذب بالعلوم العصرية وتولى في لبنان مأموريات شتى منها منصب

القائمقامية في الكورة وكان شاعرا وكاتبا ونشرت له آثار حسنة من قلمه في الصحائف الوطنية. وهو أخو شاكر

شقير السابق ذكره. وبعد إعالن الدستور العثماني بزمن قليل ودع الحياة أحد

2 ت22أساتذة الكلية األميركية )يوحنا ورتبات( في عن ثمانين عاما. كان أصله من األرمن فنزحت1908

عائلته إلى سورية ودانت بالمذهب البروتستاني. وكانت ثم دخل في خدمة1827مولد يوحنا في حلب سنة

المرسلين األميركان فتعلم وعلم في مدارسهم ثم دفعوه إلى درس الطب وأرسلوه إلى إنكلترا وإلى أميركة فأتقن فيهما العلوم الطبية والجراحية وتعاطاهما ودرسهما وألف

فيهما التآليف الواسعة كحفظ الصحة والفسيولوجيا ومبادئ التشريح وأصول التشريح. وقد نشر في المقتطف

والمقتبس مقاالت عديدة وكتب في اإلنكليزية عن أديان

سورية ونشر مع ابنه قاموسا إنكليزيا عربيا ومع الدكتور بورتر قاموسا عربيا إنكليزيا. وكان الدكتور ورتبات درس

العربية على الشيخ ناصيف اليازجي فأتقنها وبها علم حيث غيرت المدرسة األميركية1886طلبته إلى السنة

خطتها في لغة التدريس فجعلتها اإلنكليزية عوضا عن العربية فاستعفى الدكتوران ورتبات وفان ديك والزما

بيتهما. فقدت مجلة المقتطف1910في غرة حزيران من السنة

أحد أركانها الثالثة الذين باشروا إنشاءها في بيروت سنة أعني به )شاهين مكاريوس( ولد في جهات مرج1876

وتعلم فيها القراءة والكتابة ثم دخل1852عيون سنة كعامل في مطبعة الوطن في بيروت وثابر على المطالعة وتمرن على الكتابة ونظم الشعر فبرع فيهما ثم انقطع مع

زميليه يعقوب صروف وفارس نمر إلى خدمة مجلة المقتطف فأدى لها باجتهاده وثباته أجل الخدم ونشر فيها مقاالت مختلفة. وقد أولع المذكور بخدمة الماسونية حتى

أصبح أحد أقطابها في سورية ومصر وقد بينا في كتابنا)السر المصون

(1/370)

في شيعة الفرمسون( ما ألفه فيها من التآليف المتعددة مموها على قرائه راجيا أن يبيض الحبشي ويزكي أبناء

األرملة مما تقرر عنهم في كافة البالد بخصوص مناهضةاألديان ونفخ روح الثورة.

الدكتور )الياس بك1910 آذار من السنة 24وتوفي في والمتخرج في1857مطر( المولود في حاصبيا سنة

بيروت في مدرستي الثالثة األقمار والبطريركية ثم في

الكلية األميركية فدرس الصيدلية ونال شهادتها في اآلستانة ثم أضاف إليها هناك درس الطب واتخذه الوزير

الشهير جودت بك معلما البنه علي سداد ثم استصحبه إلى دمشق لما جاء واليا على الشام فعينه طبيبا للبلدية

ودرس الشرع هناك في مكتب الحقوق والشرائع الدولية فاصبح من األدباء الممتازين وكان يتقن التركية

واالفرنسية واإلنكليزية. ونشر في العربية كتابه تاريخ ثم شرح مجلة الحقوق بالعربية1874سوريا سنة

والتركية فظهرت مدة خمس سنوات. وله أيضا كتابحسن في علم حفظ الصحة.

وفي هذه السنة عينها في شهر تشرين األول توفي في دلبتا المرحوم )الياس باسيل فرج( الذي خدم زمنا طويال

مطبعة اآلباء الفرنسيسيين في القدس الشريف بصفة ناظر ومصحح مطبوعات. ونشر فيها من قلمه بعض اآلثار

النثرية والشعرية. أحد1911 أيار سنة 17خسرت الدولة المصرية في

عمالها الكبار )جرجس بك حنين( . ولد في الفيوم ثم درس في مدارس المرسلين األميركيين ودخل في خدمة

الحكومة في دواوينها المالية واإلدارية وهو في أثناء العمل يهتم بتوسيع دائرة مداركه ومراقبة أحوال وطنه الزراعية والمالية والعمرانية حتى أصبح من أقدر رجاله في التدبير

والسياسة. ووضع في ذلك كتبا نفيسة ألفتت إليها نظر أرباب الدولة فاتخذوها حجة في بابها منها كتابه الشهير

)األطيان والضرائب في القطر المصري( ومجموعة )قوانين األموال المقررة ولوائحها( وخطابه )في الضرائب

العقارية( . وكان المذكور أحد الساعين إلى إصالح ملتهالقبطية والمولعين بدرس لغتها وتاريخها.

نيسان الكاتب الضليع22 في 1911ومن موتى السنة 1860)نجيب إبراهيم طراد( الذي ولد في بيروت سنة

ودرس بضع سنوات في مدرستنا الكلية ثم انس من نفسه قدرة على الكتابة فتقلب في محالت في بيروت

ومصر ونشر مقاالت حسنة(1/371)

في جرائدهما وأنشأ جريدة الرقيب في اإلسكندرية فلم تنل رواجا فلزم العزلة في وطنه واشتغل بالكتابة فصنف عدة تآليف منها تاريخ الرومانيين وتاريخ الدولة الرومانية الشرقية وتاريخ مكدونيا وعرب بعض الروايات نأخذ عليه

من جملتها تعريبه لرواية اليهودي التائه المشحونة كذباوافتراء في حق من تخرج عليهم.

أصيب1913 حزيران 7وبعد نجيب إبراهيم بسنتين في آل طراد بفقد أحد أعيانهم )الياس جرجس طراد( ولد في

ودرس في المدرسة الوطنية البستانية1859بيروت سنة ثم تعاطى التعليم والمحاماة وصار عضوا في محكمتي

البداية واالستئناف ودخل الجمعية العلمية السورية وساعد الجمعيات الخيرية وخطب في النوادي الوطنية. وله آثار كتابية حسنة كتعريب عدة روايات تمثيلية وفصول عديدة في القوانين والنظامات وفي السياسة والعمران نشرها في صحف اآلستانة وسورية ومصر وصنف ترجمانا في اللغتين اإلنكليزية والعربية. وله أرجوزتان في الفرائض

والجزاء. وقد جمع مآثره جناب األديب جرجي نقوال باز في مجلد واسع قدم عليه ترجمة حياته وضمنه كثيرا من

شعره الطيب. فمن لطيف أقواله ما وصف به غضبالنساء

غضب المرأة صعب سادتي ... دونه كل عناء وألمكل ما قالته صدقا كان أم ... خطأ قالت لها الناس: نعم

لم يعد أمر وال حكم لهم ... فهي اآلمر فيهم والحكيمقل لمن خالف آراء لها: ... أنت خالفت شعوبا وأمم

عد وإال صوبت ألحاظها ... أسهما ترميك عن قوس النقموقال في مالمة الجهال وطعنهم في العقالء:

إن مقال الطعن من جاهل ... ال يجلب الغم ألهل النظركذلك األحجار ال يرتمي ... بها سوى األشجار ذات الثمر

وقال بمعناه:إذا رأينا حجرا ... أصاب كأس الذهب

فال يزيد قدره ... وقدرها لم يذهب كانون الثاني توفي9 في 1912وفي أوائل السنة

الصحافي الشهير )سليم عباس الشلفون( . ولد في وتعلم في مدرسة اآلباء اليسوعيين1853بيروت سنة

في حي الصيفي وأحكم فيها أصول اللغتين العربية واالفرنسية ثم الزم الشيخ إبراهيم اليازجي بضع سنوات

فأتقن الكتابة نثرا ونظما ثم اشتغل مع نسيبه يوسفالشلفون وحرر

(1/372)

فصوال في جريدة النجاح ووقف مذ ذاك حياته على الصحافة فقضى معظم أيامه في خدمتها في بضع

عشرات من الجرائد في بيروت كثمرات الفنون والتقدم والمصباح وبيروت ولسان الحال وفي اإلسكندرية ومصر

كالعصر الجديد والمحروسة. وسافر إلى اآلستانة ونال رضى أرباب الدولة العثمانية وكان لمقاالته السياسية وقع عظيم فأثارت عليه غضب الحكومة المصرية فنجا بنفسه

منها هاربا فقدت اآلداب العربية أحد1912 آب سنة 18وفي

أنصارها )الشيخ سعيد الخوري الشرتوني( توفاه الله عن سنة في ضواحي بيروت في الطيونة. كان مولده في63

شرتون من قضاء الشوف )لبنان( درس أوال في مدرستي أعبية األميركية وسوق الغرب اإلنكليزية وبعد أن حصل

على مبادئ اللغة واألدب صرف همته إلى المطالعة والدرس الخاص فبلغ بهما مبلغا حسنا حتى انتدبته مدرسة

عين تراز إلى تعليم العربية. ثم درس في مدرسة الروم الكاثوليك في دمشق ثم في مدرسة الحكمة والمدرسة البطريركية في بيروت ولم يزل مذ ذاك الحين يضاعف جهده في إتقان الفنون األدبية حتى برع فيها. ولما فتح اليسوعيون كليتهم اتخذوه كأستاذ لتالمذتهم وكمساعد

لتصحيح ونشر مطبوعاتهم فقضى في تينك المهنتين أكثر من عشرين سنة ولم يدعهما إال للقيام بأمور بيته. ولم

يزل مع ذلك يكتب ويصنف حتى أواخر حياته. وكان باكورة مصنفاته انتقاده على كتاب غنية الطالب ومنية الراغب

ألحمد فارس الشدياق. ومن أكبر مؤلفاته قاموس أقرب الموارد في ثالثة مجلدات والشهاب الثاقب في

المراسالت والغصن الرطيب في الخطاب والمعين في تمرين األحداث على اإلنشاء ومطالع األضواء في منهاج

الشعراء ونجدة اليراع في اللغة وحدائق المنثور والمنظوم. وقد عني بتحشية بحث المطالب للسيد

فرحات. ونشر كتبا مفيدة كنوادر أبي زيد وفصل الخطاب مع مخاطبات فنيلون وله عدة مقاالت أدبية وانتقادية

ومنظومات شتى في الجرائد والمجالت وقد امتاز في طول حياته بفضله وصحة دينه وفي ذات شهر آب من

توفي أديب آخر )الشيخ أمين الحداد( شقيق1912العام الشيخ نجيب الحداد. ولد الشيخ أمين في بيروت سنة

وهو ابن سليمان الحداد وحنة ابنة الشيخ العالمة1870 ناصيف اليازجي فنشأ في مهد األدب وجرى على مثال

أسرته في العربية وسار إلى مصر وحرر مع أخيه الشيخنجيب

(1/373)

ت وجرائد ة ثم تولى إنشاء مجال جريدة لسان العرب اليومي غيرها كأنيس الجليس والسالم والجامعة العثمانية والبصير

إلى أن أصيب بداء الكبد فعاد إلى بيروت يطلب الشفاء فثقلت عليه وطأة الداء حتى ذهبت بحياته. وللشيخ أمين

ت أخرى. وكان شاعرا مقاالت أدبية في الضياء ومجالة. ومن ظريف مجيدا فجمع شعره وطبع في اإلسكندري

قوله في خزان أسوان:ان المياه وطميها ... وإبليزها بل خازن الدر وما أنت خز

والتبر تدفقت بالخيرات من كل جانب ... وجمعت أقطار المنافع

في قطروقال يقابل بين أمانة الكلب وغدر كثيرين من الناس.

نرى الكلب ما أن عض أذن نظيره ... ونحن نهشنا بعضنانظراء

ويا عجبا للكلب زاد مودة ... على حين زاد العالمون جفاءى مضى وتناءى أقام مع اإلنسان منذ نشوئه ... يرافقه أن

تعلم منا كل شيء مطاوعا ... سوى الغدر يعصيه تقىوإباء

إذا ما رآنا خائنين وفى وإن ... رآنا نزيد الغدر زاد والء وقد اشتهر قبل الشيخ أمين أبوه )الشيخ سليمان الحداد(

وأخوه )الشيخ نجيب( فنلحقهما بالشيخ أمين. فالشيخ سليمان هو ابن نجم الحداد ولد في كفر شيما وهاجر إلى

مصر فتعاطى فيها التجارة وكان شاعرا محسنا طبع ديوان

في اإلسكندرية. فمن1891شعره )قالدة العصر( سنة قوله رثاؤه للبرنس نابليون ابن نابليون الثالث الذي قتل

في محاربة الزولوس مع اإلنكليز: الدمع بعدك في العيون قليل ... إذ أنفقوه عليك وهو

يسيلال يدع أن يبكيك شعب ماجد ... فيه لنابليون أنت سليليا تارك المجد االثيل بأمة ... في حال يتم يعتريه ذبوللك مأتم كل البسيطة داره ... تبكي به وفؤادها متبول

تبكيك كل العالمين كأنما ... لك كل شعب في األنام خليل طعنوا وما علموا بأن طعينهم ... عين الزمان وهم لديه

نزول يبقى بلندن ذكر مجدك خالدا ... أبدا ومن باريس ليس

يزوله تخلف عن ولم نقف على تاريخ وفاة الشيخ سليمان ولعل

وفاة والديه.ه أصاب بنثره وشعره فخرا بلغ به أما )الشيخ نجيب( فان

وهاجر1867مبلغ األدباء اليازجيين. ولد في بيروت سنة فتعلم هناك في مدرسة1873إلى مصر مع أهله سنة

الفرير ثم عاد إلى بيروت فتخرج على خاليه الشيخينإبراهيم وخليل

(1/374)

اليازجي وجرى على آثارهما. وأخذ ينظم الشعر مع حداثة سنه ثم استدعي إلى اإلسكندرية فكتب في جريدة

األهرام المقاالت المستحسنة مع عدة روايات تمثيلية أحرز بها سمعة واسعة. ثم أنشأ جريدة لسان العرب

اليومية وحولها بعد مدة إلى مجلة. وقد امتاز بين أدباء

زمانه بالتعريب وتأليف الروايات. وشعره من أفضل ما نظمه الشعراء العصريون. وقد روينا له سابقا قصيدته في

.1897القمار وفي حريق سوق الشفقة في باريس سنة ثم في1906وقد طبع ديوانه مرتين في بعبدا سنة

. دونك مثاال من1899اإلسكندرية بعد وفاته في السنة ة نظم نظمه قال وقد اقترحت عليه الحكومة المصري

أبيات تكتب على محطة القاهرة: يا حسن عصر بعباس العلى ابتسما ... حتى الحديد غدا

ثغرا له وفما طرائق في ضواحي القطر تبلغنا ... أقصى البالد ولم ننقل

بها قدما مصر كصفحة قرطاس بتربتها ... غدا القطار عليها الخط

والقلما أرض بها كان من خصب النيل منتثرا ... حتى أتاها قطار

النار فانتظما لنا غنى عن قطار السحب منسجما ... وال غنى عن قطار

النار مضطرما يجري بها الرزق في جسم البالد كما ... يجري دم في

عروق الجسم منتظمارايين فيها محطة هي قلب والخطوط بدت ... مثل الش

والقطار دماا وأهال وسهال بالذي مع السالمة يا من سار مرتحال ... عن

قدما 8 في 1913ومن أدباء النصارى المتوفين في السنة

ة اللبناني المولود في شباط منها األستاذ شاهين عطي درس في قريته مبادئ اللغة ثم1835سوق الغرب سنة

انتقل إلى بيروت فتعلم فيها العلوم اللسانية والمنطقية على الشيخ ناصيف اليازجي والشيخ يوسف األسير. ثم

انقطع إلى التدريس في مدرسة الروم االورثذكس

المعروفة بالثلثة األقمار سنين طويلة. وتولى تدريس طلبة الكهنوت فتخرج عليه غبطة بطريرك الروم الحالي وعدة أساقفة. وانتدبته الجمعية الفلسطينية إلى تعليم العربية

سنة وهو ال يزال يثابر13في مدرسة بيت جاال فخدمها على درس العربية ونوادرها وآدابها فنشر ديوان ابن تمام

مع بعض تعليقات عليه وكذلك شرح رسائل أبي العالء المعري شرحا خفيفا قبل أن يتوسع فيه أستاذ العربية في

مة مرغوليوث. ونقح جامعة أوكسفرد العال(1/375)

بعض المطبوعات وأنشأ الروايات التمثيلية كعاقبة سوء التربية وحكم سليمان. وقد جرى على مثاله ابنه األديب

جرجي أفندي صاحب نسمات الصبا في منظومات الصبا. نيسان توفي أحد وجوه أسرة7 في 1913وفي السنة

سرسق الكريمة )جرجي بك دمتري سرسق( ترجمان قنصلية ألمانيا ورئيس األحرار الماسونيين في بيروت

والجاري على سننهم المتطرفة بازاء الدين وأربابه. كان وتلقى علومه في المدرسة1852مولده في السنة

ة القديمة وأتقن العربية الوطنية وفي مدرستنا البيروتي على الشيخ ناصيف اليازجي وساعده علمه باللغات

الفرنسوية واإلنكليزية واأللمانية على االختالط بوجوه 1876األوربيين. ومما خدم به اآلداب العربية طبعه سنة

به عن المؤرخ دوروي الفرنساوي لتأليفه تاريخ اليونان عر مع بعض إضافات ووضع كتابا في التعليم األدبي ضاربا

الصفح عن التعليم الديني وله مقاالت أدبية وتاريخية شتىفي جرائد مصر وبيروت ومجالتهما.

توفي في القدس1913 آذار 7وفي هذه السنة أيضا في

1839الشريف األديب )هبة الله صروف( المولود سنة في دير البلمند حيث كان أبوه الخوري سبيريديون معلما.

درس أوال على أبيه ثم تخرج في مدرستي الروم األورثذكس في دمشق ثم في القدس الشريف في مدرستها المعروفة بالصلبة. ثم خدم طائفته خدما

1870مشكورة وزار دير طورسينا وتفقد مخطوطاته سنة ثم أنيط إليه تصحيح المطبوعات العربية في القدس

وبقي هناك إلى1899بدعوة البطريرك داميانوس سنة سنة وفاته. ومن آثاره كتب دينية كسير بعض القديسين

منها سرة القديسين برفيريوس أسقف غزة ويوحنا الكوخي والكسيوس وكتاب الفريضة السنية في الواجبات الكهنوتية. ونشر مواعظ والده تحت عنوان الروض الداني

القطوف. وله جغرافية فلسطين ومناهج القراءة. فقدت الصحافة1913وفي أيار من السنة المذكورة

العربية رجال من أساطينها )سليم باشا الحموي( المولود وفيها تلقن1843من أسرة أرثوذكسية في دمشق سنة

مبادئ العلوم. ولما هاجر مع عائلته إلى القطر المصري أنشأ في اإلسكندرية مع أخيه عبد الله أول جريدة يومية

أشتهر بالكوكب الشرقي. وألحقها1873سياسة سنة بجريدة )اإلسكندرية( ثم بجريدة الفالح التي انتشرت

انتشارا واسعا وخولته(1/376)

الحكومة المصرية بسببه رتبة الباشوية ومنحته أوسمة مختلفة من آثاره األدبية كتابه المعنون ترجمان العصر عن

.1874تقدم مصر نشره سنة رصيفنا1914وأشهر األدباء الذين غادروا هذه الفانية سنة

)جرجي بك زيدان( ولد في بيروت في أواسط كانون ودرس في مدرسة طائفته المعروفة1861األول سنة

بالثالثة األقمار. ولما فتحت الكلية األمريكية مدرستها الطبية كان بين أول الطلبة الذين انتظموا فيها وقد نشر

عليه ابنه في الهالل خبر ما حدث في المدرسة من المنازعات التي كان فيها نصيب وافر ثم ما حصل بين المعلمين من االنقسام بسبب تعليم اإلنكليزية بدال من

العربية. على أنه لم يهمل دروسه الطبية حتى نال شهادة وحرر مدة1882المأذونية فيها. ثم أنتقل إلى مصر سنة

في جريدة الزمان المصرية ثم رافق الحملة اإلنكليزية 14على السودان بقيادة غوردون باشا فقاسى فيها مدة

شهرا ضروب األتعاب ولقي أصناف األخطار حتى نجا من . فعاد إلى1885أهوال تلك الحرب في أوائل السنة

بيروت وصرف فيها سنة يشتغل مع أعضاء المجمع العلمي الشرقي ونشر إذ ذاك كتابه األلفاظ العربية والفلسفة اللغوية. ثم سنحت له الفرصة للسفر إلى

إنكلترا فأكمل في لندن دروسه الطبية واجتمع بمشاهير المستشرقين وتردد على المتحف البريطاني. ثم عاد إلى

مصر وزاول الكتابة والتعليم في مدرسة األورثذكس الكبرى. ثم انتدبته مجلة المقتطف ليكتب فيها فنشر عدة

مقاالت مستحسنة حتى أمكنه من إنشاء مطبعة على حسابه أخذ تنشر فيها مجلته الهالل الشهيرة في تشرين

فلم يزل يديرها وينشئ مقاالتها1891األول من السنة إلى سنة وفاته. وله فيها سلسلة روايات تاريخية تكرر

طبعها ونقلت إلى لغات شتى. ومن تأليفه التي أقبل عليها الجمهور لفوائدها كتاب تاريخ آداب اللغة العربية وتاريخ

التمدن اإلسالمي وتاريخ العرب قبل اإلسالم وتاريخ مصر وجغرافيتها ومختصر تاريخ اليونان والرومان وتاريخ إنكلترا

وأنساب العرب القدماء وطبقات األمم وعجائب الخلق.

ومما لم نستحبه له كتاب علم الفراسة الحديث مع ما فيه من األوهام والخياليات. وأقبح منه تاريخ الماسونية العام

الذي ذهب فيه إلى مذاهب صبيانية خرافية أعتبرها كحقائق راهنة. على إننا ال ننكر انه كان أحد أركان النهضة

األدبية الجديدة في الشرق األدنى.(1/377)

ومنذ انتشبت الحرب الكونية أصيبت اآلداب العربية بعدد عديد من أدبائها النصارى األفاضل. وأول من نعي إلينا

1868المرحوم )عطية بك وهبي القبطي( المولود سنة درس في المدارس1914 2 ت26والمتوفى في

األميركانية والوطنية ثم أشتغل بدرس علم الحقوق في المدرسة الفرنساوية بالقاهرة ونال في باريس إجازة

الملفنة. ثم ساح في البالد األوربية وحرر أخبار سياحته ثم كتب الفصول الحسنة في جرائد أوربة ومصر عن األبحاث

الفقهية واالقتصادية. وألقى في مؤتمر اآلثار الدولي في محاضرات نفيسة في الفنون القبطية1909مصر سنة

وتولى رئاسة مدارس ملته وعني بأمورها األدبية وبنشر مآثرها التاريخية. وقد جمع أحد مواطنيه راغب اسكندر

تحت1915الحامي آثاره ومقاالته وخطبه فنشرها سنة عنوان )األثر الذهبي للمرحوم عطية بك وهبي( وكان

سبقه إلى األبدية أديب آخر من ملته )عبد السيد ميخائيل 1877القبطي( منشئ جريدة الوطن في مصر سنة

وصاحب تآليف حسنة في مواضيع أدبية منها كتابه سلوان الشجي انتصر فيه لصاحب الجوائب على الشيخ اليازجي.

ومن مآثره رد سريع على كتاب إظهار الحق. توفي في وفي السنة1860 وكان مولده سنة 1914 أيار 26

أيار فجعت أسرة سركيس بوفاة أحد19 في 1915 أعيانها )خليل سركيس( الذي له في خدمة اآلداب العربية نصيب واف سواء كان في إنشائه لمطبعته األدبية أم في

1875تحريره لجريدة لسان الحال التي نال امتيازها سنة فزينها بمقاالته السياسية واألدبية أو أيضا بتآليفه المدرسية

واألدبية والتاريخية كسالسل القراءة وتاريخ القدس الشريف وكتاب العادات ورحلة إمبراطور ألمانية. درس

المرحوم في المدارس األميركانية وعدل إلى مذهب ومن1842 2 ك22أصحابها. كان مولده في أعبيه في

مناعي أرباب القلم في أيام الحرب الشاعر المفلق )نقوال رزق الله( تخرج في اآلداب بالوطن وهاجر إلى مصر

واشتهر بالكتابة فأنشأ مجلة الروايات الجديدة ونقل إلى العربية كثيرا من الروايات الفرنسوية وعني بنشرها. وكان يعد بين كبار شعراء العصر وهو غزير المادة وكثير التفنن

في شعره يزين نظمه باأللفاظ الحكمية والمعاني(1/378)

البليغة. وقد استحسنا له قوله في الشعراء الذينيفسدون شعرهم بالغايات الدنيئة قال:

ليت شعري متى أرى شعراء ... الشرق يوما بفضلهمأغنياء

ورثوا من تقدموهم فنالوا ... شر إرث مذلة وشقاءبين هجو كالسب أو هو أدنى ... ومديح تعده استجداءعودوا الذل فالكبير كبير ... فيهم حين يسأل الكبراء

ليس كالمال للقرائح سم ... حين يلهو بيعا بها وشراءروه هذاء إنما الشعر للنفوس غذاء ... أفسدوه فصي

ة وإباء يتبع الشعر أهله فامتهانا ... وابتذاال أو عز

ومن حسن أقواله لما أعلن بالدستور العثماني:وا ذلك العلما ... وسبحوا مانح الحرية يا أيها الناس حي

األمما وقبلوا البندقيات التي فضلت ... أقالمنا بعد ما كانت لها

خدماهم ... أتوا بما أعجز األبطال وظاهروا عصبة األحرار إن

والهمماومنها:

وادعوا لمن بعث الدستور من جدث ... بكت عليه عيونالعالمين دما

فقد حرمناه ظلما وانقضى زمن ... عليه حتى حسبناه غداعدما

د سيف الحق صاحبه ... وهاجم الظلم حتى فر واليوم جرمنهزما

تعانق الشيخ والقسيس واصطحبا ... من بعد ما افترقاضدين واختصما

حدا ... ورقرقت رأية التوحيد تعانقا في حمى الدستور واتفوقهما ...

وما أحسن قوله يصف األوانس المحتشمات:وفريدة لوال الخما ... ر حياؤها كان الخماراتمضي لحاجاتها وال ... ترنو يمينا أو يساراا أو جهارا ال سمع تلقيه إلى ... ما قيل سرهي واللواتي مثلها ... يفعلن ذاك وال فخارا

تحسبن تارئة الوجو ... ه على محاسنها شناراات الفضا ... ئل قد رفعن له منارا أوالء رب

(1/379)

وأردف يحذر المتهتكات:يا من تليق بها الكرا ... مة حاذري ذاك الصغارا

صوني جماال طالما ... أوالك تيها وافتخاراال كان حسن فيك لم ... يكن العفاف له شعارا

وتوفى في القاهرة1869ولد نقوال رزق في بيروت سنة 1915 أيار 9 وفي هذه السنة أيضا في 1915في نيسان

توفى في بيروت أول من عني فيها بمهنة الكتبيين 1863)إبراهيم صادر( باشر بهذه التجارة منذ السنة

فخدمها نيفا وخمسين سنة وقرب إلى أهل بيروت عموما وغلى الناشئة خصوصا درس المطبوعات العربية ومطالعة

التآليف النادرة. فقام بعده بمهنته ولداه األديبان سليم ويوسف من خريجي مدرستنا الكلية وفي السنة ذاتها في

نشبت المنية أظفارها في أحد رجال1915 1 ك24اف بك الكفوري( لم الفضل وهو في عز شبابه )عس

سنة كان قضى قسما كبيرا منها بعد33يتجاوز عمره خروجه من كلية زحلة الشرقية في التعليم في عدة

مدارس وطنية وأجنبية. وكان كاتبا بارعا وشاعرا مجيدا له آثار حسنة في المجالت والجرائد الوطنية منها مقاالت في

التعليم والتاريخ والصحة وقد نظم ديوانين وكان يحسن شباط2 في 1916الخطابة والتمثيل وفي العام المقبل

وقعت وفاة أديب آخر مستفيض السمعة )الشيخ إبراهيم ثم تنقل في1844الحوراني( كان مولده في حلب سنة

مدن الشام كحمص ودمشق إلى أن استوطن بيروت فعلم في مدارسها بينها المدرسة البطريركية. ثم أنيطت

به إدارة مجلة النشرة األسبوعية وتولى تصحيح منشورات المطبعة األميركية. وقد ألف أو ترجم ما يبلغ ثالثين كتابا منها كتابه الحق اليقين في الرد على بطل دروين. وكان ابرهيم الحوراني يجيد اإلنشاء نثرا ويحسن النظم شعرا

وذلك دون تكلف. وقد خلف ديوانا شعريا يشهد له بطول

الباع في النظم دونك أبياتا قالها في الزهد بالدنيا:هوا أزف السرى ... وحدت مطي رحيلها يا غافلين تنب

الركبانوحيا إلى دار البقاء فليس في ... دار الفناء لعاقل أوطان

(1/380)

غبراؤها سوق الوغى وسماؤها ... فلك النحوس نجومهاألحزان

ار في حوماتها ... والمشتري في أفقها كيوان ال يسلم الجب حكت العباد بها الهشيم وأصليت ... نار المصائب فالحياة

دخان حزيران قتل ظلما بأمر جمال6 في 1916وفي السنة

باشا )الشيخان فيليب وفريد الخازن( وكل يعلم ما ترك كالهما من اآلثار األدبية الطيبة منها سياسية ومنها تاريخية دافعا بها عن استقالل لبنان وامتيازاته بوجه األتراك دون

أن يتعديا حدود القانون وأخصها مجموعة المحررات السياسية والمفاوضات الدولية التي عنيا بجمعها وتعريبها

ومفكرات هند392 - 391( : 1920 )18)راجع المشرق ( . وال يجهل أحد جريدة1924المطبوعة في حريصا سنة

اها سنين طويلة وفي تلك السنة األرز التي أنشأاها وحرر توفى في مستشفى دمشق الكتبي )أمين الخوري( نشر عدة كتب مدرسية وأنشأ دليال لبيروت على صورة مجلة

عنوانها الجامعة ضمنها معلومات مفيدة عن بيروت وأصدرها سبع سنين. تولى مع أخيه خليل إدارة مكتبة اآلداب ثم انقطع إلى الكتابة وكان كثير التقلب قليل

ة العام في مات1917 من السنة 2 ك1التروي في غر فجأة )الدكتور شبلي شميل( من أسرة الشميل اللبنانية

الكريمة تلقى العلوم في الكلية األميركية في بيروت فبرعات إال أنه جنح إلى اآلراء الدروينية في الطب والطبيعي

فتطرف فيها وبلغ به غلوه إلى أن أصبح من الماديين ال يرى صحة لما يتجاوز الحواس حتى أنكر وجود الخالق

وخلود النفس وهو القائل وبئس القول:فدعونا من الخلود المعني ... إن نرحب فبألفنا الترحيب

جى ... ولماذا هذا العقاب الرهيب؟ فلماذا هذا الثواب المر وقد بالغ في نشر آرائه الكفرية وكان ال يرى فائدة في

العلوم ما خال الطبيعيات والعلوم الوضعية وجنح لتأييدها إلى مزاعم الغالة من الملحدين فقام كثيرين وردوا على

أقواله بين أصحابه فجعت بيروت بأحد1916 أيلول من السنة 16وفي

أساتذتها الفضالء الشيخ )ظاهر خير الله عطايا صليبا ثم تفرغ لآلداب1831الشويري( ولد في الشوير سنة

في كهوليته فأصاب منها بجده ما لم ينله من أساتذةزمانه فنبغ ودعي للتعليم في عدة

(1/381)

مدارس فأصبح أوحد في الرياضيات واللغويات وعلم الشريعة. وقد أبقى آثارا عديدة تنطق بفضله منها رسائل

ة فريدة كاللمع والنواجم في اللغة والمعاجم ومنها لغويب في علم الحساب وكلمحة الناظر حسابية كمدخل الطال

في مسك الدفاتر. وكان الفقيد شديد التمسك بدينه كمان ذلك بردوده على مزاعم البروتستانت الباطلة في بي

اء على سمو شأن مريم كتابيه الممتعين )األدلة الغر العذراء( ثم )تحقيق المقال في أن الخالص باأليمان

واألعمال( . وقد وقفنا له على كتاب مخطوط أثبت فيه

بتولية القديس يوسف ردا على أحد أساقفة طائفته السيد الهواويني وممن فقدتهم اآلداب في آخر سنوات الحرب الكونية الصيدلي واألثري الشرقي )مراد بك البارودي(

كان مغرما باآلداب1918 شباط سنة 15توفاه الله في واآلثار العربية فجمع منها قسما كبيرا من جملتها مكتبته

الحاوية على عدة مئات من المخطوطات النفيسة فباعها ابنه من أغنياء األميركيين. وكان مراد بك كثير اإلطالع

نشر في الكلية والمقتطف والطبيب عدة مقاالت عن مآثر تموز من6العرب وعن المسكوكات والعاديات وفي

السنة استأثر الله بأديب آخر من الطائفة الملكية الكاثوليكية )فتح الله جاويش( الكاتب الضليع. له فصول سياسية وأدبية وتاريخية في الجرائد الوطنية أصاب فيها

لفظا ومعنى. وقد أبقى بعد وفاته آثارا كتابية أطلعنا على قسم منها فأخذنا العجب من سعة معارفه وحسن إنشائه.

وكان أيضا من المتشبثين بروح الدين والتقى لم يخجل عن الدفاع عن إيمانه بازاء الخصوم وفيها توفي بعيدا عن

الوطن أحد أدباء حلب )جرجي الكنديرجي( مات في بعد أن كان نزح مع أسرته عن1918فرنسة سنة

. وقد عني1898الشهباء فرارا من ظلم األتراك سنة أخوه بجمع ونشر نخبة من ديوانه روت عنه مجلة المسرة

( بعض مقاطيعه المعربة472 - 470( : 1922 )8الغراء ) عن جودة قريحته. منها هذه األبيات التي قالها إذ زار

األهرام ورأى ما فيها من التصاوير الهيروغليفية وعاين بازائها أبا الهول فقال يذكر تلك اآلثار المشيدة بتسخير

األلوف من العبيد: إني وقفت بساحة األهرام ... والبدر يسطع في الفضاء

الساميوأجلت طرفي حولها متنقبا ... متهيبا لجاللة األجسام

(1/382)

مستطلعا أسرارها متسائال ... عما حوت من أعظم األجسام

فبدا لي التاريخ في صفحاته ... متمثال متحركا قدامي ورأيت خلقا ال يعد عديدهم ... يستاقهم فرعون كاألنعام

صفر الوجوه شعورهم مغبرة ... حسني الظهور لشدة اآلالم

تعلو القروح جلودهم وتسيل من ... قمم الرؤوس لمنبث األقدام

من قرع أسواط وشد سالسل ... في جر أثقال ونقل ركام

م كل يئن مرددا لشكاية ... وللعنة المظلوم للظال فكأنما األحجار أكباد الورى ... مرصوصة والرمل دمع

الرامي وكأنما األهرام شبه نواجذ ... شهدت لنا بشراسة الحكام

فدهشت ثم سألت محتشما أبا ... الهول الصموت الكشفعن إيهامي

وهو األمين أكمل سر غامض ... حرصت عليه جوانح األيام يحمي خبايا العاديات كحارس ... يقظان يحجبها بستر

ظالم فتبسم الصنم القديم تعطفا ... وأجابني من بعد رد

سالمي إن كنت تحسب ما رأيت حقيقة ... أخطأت فهو محصل

األوهام هذي الشواهق شخصت فيما مضى ... أثر الحجى ومآثر

األعالم لو عادت األسالف يوما بينكم ... لبكت على األخالق

واإلفهام وعلى ظننا أنه قبل نهاية الحرب حلت وفاة أديب آخر

ترجمه األستاذ الفاضل عيسى أفندي اسكندر المعلوم وهو ( ولد في1)ميخائيل جرجس ديبو( من األسرة المعلوفية )

طرابلس الشام وتخرج في مدارسها الوطنية وفي مدارس المرسلين ثم تنقل في البالد وتقلد عدة وظائف

في خدمة الدولة اإليرانية في آطنة وطرطوس ثم عاد إلى وطنه ولزم اآلداب والتأليف فألف عدة روايات من جملتها رواية داود وشاؤل والشيخ الجاهل واإلمبراطور شرلمان.

وله منظومات عديدة جمعها في كتاب دعاه الشعر العصري وقسمه أربعة أقسام تبلغ أربعمائة قصيدة بنيف. روى البعض منها األستاذ عيسى أفندي اسكندر المعلوففي كتابه )دواني القطوف في تاريخ بني المعلوف( )ص

م(610 - 598(1/383)

1918 إلى 1908أدباء المستشرقين من السنة )الفرنسويون( فقدوا في هذه العشر السنين عددا معدودا من أدبائهم المستشرقين. كان أولهم في الحقبة التي نحن

(Ant. Goguyerبصددها المرحوم أنطونين غوغوياي ) الذي خدم وطنه زمنا طويال في تونس ثم في مدينة

1 ت16مسقط في خليج العجم وفيها حلت وفاته في . والمذكور تخصص بالعلوم الفقهية اإلسالمية1909سنة

ونشر عدة تآليف في أبحاثها. واشتغل أيضا بأصول اللغة العربية ولهجاتها المختلفة في أنحاء الشرق. ومكتبتنا الشرقية تشكر له لطفه لما أوصى لها قبل وفاته من

نفائس مكتبته وفي العام التالي غرق في نهر ميكون في

Eug. deالصين الجنرال الفرنسوي أوجين دي بيليه )Beylie كان1910 تموز سنة 15( قلب به زورق في .

وأولع منذ حداثته بدرس آثار1849مولده في السنة الشرق ال سيما الهندسة. ومن تأليفه في ذلك كتابه

المسمى )المنزل البوزنطي( وصف فيه وصفا مدققا كل ما يوقف الباحثين عن أبنية البوزنطيين. وكان زار مكتبتنا

د آراءه. الشرقية ووجد في تصاوير مخطوطاتها ما أي وللمذكور فضل في تعريف أصول األبنية اإلسالمية في

10المغرب وفي األندلس وفقدت اآلداب الشرقية في أحد أساتذة جامعة فرنسة البارعين1911أيار سنة

( .Rubens Duvalالكاثوليكي العامل روبنس دوفال ) وكان متضلعا من اآلداب الشرقية السامية1839ولد سنة

كالعربية والسريانية والعبرانية. ومما نشره في ذلك المعجم السرياني العربي لبر بهلول وغراماطيق فرنساوي

سرياني مطول. وله كتاب نفيس في اآلداب السريانية تكرر طبعه أربع مرات لكثرة فوائده. وصنف تاريخ مدينة أدسا )الرها( وبين فضل السريان في درس الكيمياء قبل

العرب وأبحاث أخرى عديدة. توفي في باريس أحد1912 آذار من السنة 24وفي

.Phمشاهير األثريين الشرقيين المرحوم فيليب برجه )Berger.تولى زمنا نشر مجموعة الكتابات السامية . )

وكان طويل الباع في هذه العلوم الكتابية. ومن تآليفهالنفيسة كتابه في أصول

(1/384)

الكتابة بين الشعوب القديمة. ونشر عدة آثار كتابية آرامية وبابلية وله أبحاث ممتعة في شريعة حمورابي وفي أحوال

العرب قبل محمد استنادا إلى الكتابات واآلثار المكتشفة هناك وفي زمن الحرب توفي في كانون الثاني سنة

( الذي بعد دخوله فيE. Amelineau املينو )1915 الكهنوت ضحى دينه لدنياه. فأرسلته الحكومة الفرنسوية

إلى مصر وتفرد لدرس آثار األقباط وتاريخ أمتهم وأديرتهم ورهبانهم القدماء. وجغرافية بالدهم. ومن هذه اآلثار ما هو

بالعربية فنشره بترجمته وقد تطرف في بعض آرائه وأشهر منه بالعلوم األثرية الشرقية والتآليف الكتابية

( منF. Vigourouxالكاهن الجليل فرنسوا فيغورو ) جماعة سان سولبيس كان من أساتذة المكتب الكاثوليكي

في باريس فعلم العبرانية ثم انكب على درس األسفار المقدسة وشرحها وبيان ما أظهرته حفريات مصر وبابل

تأييدا لتلك األسفار فصنف في ذلك عدة مجلدات راج سوقها أي رواج. ثم باشر بنشر معجم كتابي في خمسة مجلدات ضخمة أودعه بمساعدة بعض علماء الكاثوليك خالصة العلوم الكتابية في كل األبحاث المختصة بالكتب

المقدسة. وقد زار غير مرة بالد فلسطين وسورية ليعاين1915 شباط 21آثارهما توفي في

استأثر الله بنابغة من2 ت10 في 1916وفي العام Melchiorعلماء الشرقيات المركيز ملكيور دي فوغويه )

de Vogueالذي تجول مرارا في بالدنا السورية ) والفلسطينية باحثا عن آثارهما الدينية والمدنية تارة وحده

وتارة وبصحبة بعض علماء وطنه وخاصة المسيو وادنغتون. ومن تأليفه التي يرجع إليها محبو اآلثار الشرقية

كتابه في سورية المركزية حيث نشر عددا وافرا من كتابات حوران وجبل الدروز وشرحها شرحا مدققا. وله رحل وصف فيها بالدنا الشامية وآثارها. ومن مصنفاته

كتاب ضخم عن هيكل سليمان وكتاب آخر عن آثار األراضي المقدسة وكنائسها. وبقي على نشاطه ودوام

على التصنيف والتأليف إلى آخر حياته وفي تموز منالسنة عينها توفى الله سيدة فاضلة مادام جان ديوالفوا )

M J. Diculafoyاقترنت بزواج المسيو دبوالفوا . ) فوجدت فيه رجال مقداما محبا للسياحة والعلوم فأرادت

أن تجاريه في كل أعماله. ولما استدعي زوجها لحربفرنسة السنة

(1/385)

لم تشأ أن تنفصل عنه وبقيت تخدم الجيش بقربه1870 ثم تجشمت معه األسفار إلى العراق والعجم متنكرة

بلبس الرجال وتولت معه الحفريات األثرية ووصفت كلال في عدة مجلدات تهافت على ذلك بقلمها السي

مطالعتها أهل وطنها ومن مشاهير المستشرقين الذين أسفت اآلداب الشرقية على وفاتهم في أيام الحرب في

.J العالم الموسوي يوسف هالوي )1917 1 ك21Halevy ثم دخل فرنسة1827( مولود أدرنه في السنة

وتخرج في العلوم الشرقية فأصبح أحد أساطينها المعدودين. وكان يتقن العبرانية والعربية والحبشية انتدبته الحكومة الفرنساوية لجمع الكتابات الحميرية في جنوبي

العرب فساح إليها وجاء بمجموعة كبيرة منها عني بنشرها. ثم عاد فطاف بالد اليمن ودخل نجران وقدم إلى الشام وسعى بتفسير كتابات الصفا فكان أول من كشف

رموزها. وقد نشر في باريس مجلة الدروس اليهودية فأدارها نيفا وثلثين سنة وقبل نهاية الحرب بزمن قليل ودع الحياة أحد كبار المستشرقين الفرنسويين المسيو

( الذي قضى نحو أربعينG.. Masperoغستون مسبيرو ) سنة في مصر صارفا قواه في نشر آثارها ووصف

تواريخها وآدابها وكشف أسرارها متوليا لكثير من حفرياتها الغامضة فصنف فيها المصنفات الممتعة التي تدل على

سعة معارفه بكل أمور الشرق منها كتابه الجميل في حزيران30تاريخ الشعوب الشرقية القديمة. توفى في

.J. وكان سبقه إلى القبر ابنه جان )1918سنة Maspero الذي كان يتأثر آثار1915 شباط سنة 18( في

والده فنشر كتابا حسنا في فقه قدماء المصريين. وقع في ساحة الشرف دفاعا عن وطنه وفي أثناء الحرب أيضا

منيت رسالتنا بوفاة ثلثة من عملتها الفرنسويين أحدهم ( كان سكن عدةFred. Bouvierاألب فردريك بوفيه )

سنين في كليتنا وعلم فيها البيان ثم علم التاريخ وفي ديرنا في غزير وألف كتابا مستطابا مدققا في تاريخة من أوائل تاريخ الميالد إلى عهدنا طبعه على سوري

الحجر فلم يسمح له الوقت بطبعه على الحروف إذ قتل وهو ساع بخدمة1916 أيلول 18في ساحة الشرف في

الصرعى والجرحى. وكان الفقيد مضطلعا بالتاريخ والفلسفة والالهوت وانتقاد األديان. ومن آثاره عدة أبحاث

أعرب فيها عن حسن نظر من جملتها تاريخ سورية فيعهد بني طولون

(1/386)

وعقبه إلى دار البقاء األب دونا )عطاء الله( فرنيه )Donat Vernierتوفى في بيروت في مستشفى )

1835. ولد سنة 1917 أيار 17الراهبات األلمانيات في فانكب على درس العربية1860وقدم إلى الشام سنة

وفوائدها فنشر كتابا مطوال في أصولها بالفرنسوية. ومن آثاره المطبوعة تأليفه في سيرة القديسة جان دارك

وتعريبه لكتاب اإلقتداء بالمسيح. وله عدة مخطوطاتة في مكتبتنا الشرقية وقد أسفنا جدا في ة وأدبي 2لغوي

لوفاة أحد مرسلي كليتنا األب لويس1918نيسان 1871( مولود أدرنة سنة Louis Ronzevalleرنزفال )

عاجلته المنون في رومية ففقدنا به رجال مشبعا باآلداب وكاتبا ضليعا متقنا لعدة لغات شرقية وغربية ذا ذكاء فريد

متفننا بالمعارف المختلفة في الفلسفة والموسيقى وأصول اللغات له في كل ذلك كتابات مستجادة في

المشرق وفي المجالت األوربية الشرقية )المستشرقون األلمانيون( خسرت ألمانية في هذه الحقبة

عدة من أعالمها الممتازين بالشرقيات. نخص هنا بالذكر من كانون الثاني5الذين اشتهروا باألدبيات العربية. ففي

( أحدKarl Vollers توفى الدكتور كرل فولرس )1909 وتولى1857( في ألمانية ولد سنة Ienaأساتذة كلية يانا )

زمنا طويال إدارة المكتبة الخديوية في مصر وعني بتنظيمها ووصف بعض مخطوطاتها في المجلة اآلسيوية

( وفي مجلة مصر. ومن تآليفه الحسنةZDMGاأللمانية ) كتابه في اللغة العربية العامية بين قدماء العرب باأللمانية

( وكتابه عن اللهجة العربية في مصر. وقد1906)سنة وصف بمجلد ضخم المخطوطات الشرقية التي في مكتبة ليبسيك العمومية ونشر بالعربية واأللمانية ديوان المتلمس

حزيران وقعت وفاة األستاذ12وفي السنة المذكورة في Sig. Fraenkelسجسمند فرنكل ) ( اشتغل خصوصا

باللغويات العربية منها كتابه في األلفاظ اآلرامية األعجمية . وكان1886الداخلة في العربية طبعه في ليدن سنة

( في األلفاظ األجنبية التي1880سبق ونشر كتابا هناك ) دخلت في العربية في عهد الجاهلية وفي نفس القرآن

آب من السنة توفى في مونيخ األستاذ يوحنا ساب7وفي (J. - N. Sepp ( الذي قدم إلى فلسطين ونشر آثارا

تاريخية عن صور وعن أنحاء األراضي المقدسة وفي هذه السنة بارح الحياة أحد كبار المجتهدين في تعزيز اآلداب

(W. Ahlwardtالعربية األستاذ وليم بن الورد البروسي )1828ولد في غرمسولد في ألمانية سنة

(1/387)

قضى حياته في درس1909 2 ت2وفيها توفى في الشرقيات وال سيما العربية. وكان أول ما نشره ديوان

( ثم كتاب الفخري اآلداب السلطانية1859خلف األحمر ) وأعقبهما بنشر دواوين1860والدول اإلسالمية سنة

مختلفة مباشرة بستة شعراء العرب: النابغة وعنترة وطرفة وزهير وعلقمة وامرئ القيس ثم عني بمجموع

أشعار العرب في ثالثة أجزاء تحتوي األصمعيات ودواوين العجاج وابنه رؤبة والزفيان. وترجم كثيرا منها إلى

األلمانية وعلق عليها الحواشي المفيدة. ولو لم يكن له من الفضل إال وصفه المخطوطات العربية في مكتبة

برلين لكفى له فخرا. وهذا الوصف يتناول عشرة مجلدات ضخمة وصف فيها عشرة آالف وثالثمائة وسبعين كتابا

آذار8عربيا هناك مع فهارس ممتعة مستوفية وفي توفى أحد األثريين األلمان الذين اشتغلوا في بعلبك1911

ليكشفوا عن آثارها ويعيدوا لها بهائها القديم نريد به ( وقد ألف معOtto Puchsteinالدكتور اوتو بوخشتين )

بعض وصفائه تأليف جميلة وصفوا فيها تلك األبنية التي تأخذ بمجامع األبصار وصوروها تصويرا رائعا. وللدكتور

بوخشتين دليل مدقق في ذلك نقله إلى االفرنسية أحدة السنة توفى1913أدباء اآلباء اليسوعيين وفي غر

( من أساتذة جامعةJ. Eutingالدكتور جوليوس اوتنغ )

ستراسبورغ. رحل مع السائح الفرنسي الشهير المسيو ( إلى داخلية العرب فبلغا إلىC. Huberشرل هوبر )

وأنتسخا كتابات آرامية1884 - 1883النفوذ وحائل سنة في تيماء وفي تبوك والحجر فقتل هوبر وعاد اوتنغ سالما ونشرت تفاصيل سياحة كليهما بالفرنسوية واأللمانية. وقد رأينا في بيروت الدكتور اوتنغ عند رجوعه وهو متنكر البس

ثياب أهل البادية. ومن منشوراته وصف المخطوطات ( وكذلك نشر1877العربية في مكتبة ستراسبورغ )

كتابات مختلفة نبطية وآرامية وجدت في سينا وفي عيون موسى وجهات فلسطين جمعها في سياحات متتالية

قاسى فيها ضروب المشاق ونعي إلينا في أوائل الحرب Jacob األستاذ المرحوم يعقوب برت )1914 1 ت24في

Barthمن كبار المستشرقين في برلين نشر في المجلة ) اآلسيوية األلمانية مقاالت ضافية الذيل في كل اآلداب ال

سيما التاريخية واللغوية. هو أحد(1/388)

المستشرقين الذين سعوا بطبع تاريخ الطبري في ليدن. ومن منشوراته كتاب فصيح ثعلب طبع في ليبسيك سنة

ونشر ديوان الشاعر النصراني القطامي وله أبحاث1876 نفيسة في أصول اللغات السامية كالعبرانية واآلرامية

والعربية ومن المتوفين من المستشرقين األلمان سنة ( الذيP. Schroeder الدكتور بولس شرودر )1915

تولى في بيروت أعمال القنصلية األلمانية سنين طويلة وكان يعنى باآلثار الشرقية ويكتب في جرائد وطنه مقاالت

واسعة تاريخية وأدبية وأثرية. توفى في برلين آب الدكتور4وفي تلك السنة توفى أيضا في برلين في

( الذي نشر بعد أبيه خوارطR. Kiepertريشرد كيبرت )ة وتركية وبالد العرب وفي آخر السنة في حسنة لسوري

فقدت ألمانية أحد أركان علومها1918كانون الثاني ( الذي صنفA. Wellhausenالشرقية الدكتور فلهوسن )

التآليف المدققة في تواريخ العرب قبل اإلسالم وآثارهم الدينية والشرعية والمدنية. ثم تتبع أخبارهم بعد اإلسالم

في عهد بني أمية وبني العباس إلى سقوط دولتهم وتآليفه هذه من أجود ما كتب في هذا الصدد. وللمذكور تآليف

أخرى عن األسفار المقدسة ذهب فيها مذهب اإلباحيين )النمسويون( رزئت الدروس الشرقية في النمسة بوفاة

أربعة من مستشرقيها في هذه الحقبة الثانية. أولهم مدير المكتب الشرقي الملكي في فينا الدكتور داود هنريك

بعد1912 سنة 1 ك21( توفى في D. H. Mullerمولر ) أن خدم اآلداب العربية زمنا طويال وتولى رئاسة المجلة

( وهو الذي نشر جغرافيةWZKMالنمسوية الشرقية ) وكتاب الفرق1891 - 1884جزيرة العرب للهمداني

لألصمعي. ورحل إلى جنوبي العرب ونشر عدة كتاباتة وآثارا لغوية لقبائل شائعة هناك والثاني هو الدكتور حميري

( دهمته المنون فيAd. Wahrmundادولف فاهرمند ) سنة علم في جامعة فينا86 وعمره 1913أيار سنة

العربية. ومن آثاره معجم عربي ألماني في مجلدين طبع وله مجموعة أدبية مدرسية بالعربية. وكان1877سنة

متقنا للغة الفارسية ألف فيها عدة تآليف والثالث الدكتور 7( فارق الحياة في Max Bittnerمكسميليان بيتز )

49 لم يتجاوز عمره 1918نيسان سنة سنة. كان أيضاأستاذا للغات الشرقية في فينا وله في

(1/389)

مجلتها اآلسيوية مقاالت واسعة تشهد له بالمعرفة باللغات السامية ودرس أيضا لهجات مهرة والحضرموت وكتب عن

تاريخ اليزيديين ونشر أول أرجوزة من أراجيز العجاجوالرابع الدكتور المأسوف عليه جوزف فون كراباتشيك )

Josef von Karabacekتوفى في آخر الحرب الكونية ) خدم لغتنا العربية بدرسه ألقدم1918 2في ت

مخطوطاتها التي وجدت في مصر مكتوبة على البردي وعلى رقوق وقطع من الكتان وهي ترقى إلى أوائل

اإلسالم وبها يثبت أن أصل الخط العربي ليس من الخط الكوفي بل من الخط النبطي المستحدث الدارج المتعلق بالحروف وقد وجدت بعض آثار خطية عربية تقدم عهدها على اإلسالم ونشرناها في كتابنا اآلداب العربية وتاريخها

في عهد الجاهلية تزيد هذا الرأي أما )الهولنديون( فقد على فقدهم إمام1909أسفوا منذ شهر أيار السنة

M. J. deالدروس العربية في أوربة الدكتور دي غويه )Goejeتوفاه الله في ليدن التي شرفها آثار علمه )

الواسع فكان خير خلف لسلف سبقوا فاشتهروا في هولندة منذ القرن السابع عشر بمعرفة اللغة العربية ونشر آثارها. بل سبقهم جميعا بوفرة تآليفه وضبطها وإتقانها. فهو الذي نشر في ثماني مجلدات مجموعة

جغرافيي العرب: كاالصطخري وابن حوقل وابن خرداذبه والمقدسي وابن فقيه وابن رسته واليعقوبي والمسعودي

فأحرز له فخرا قلما يبلغه غيره. وإليه يعود الفضل في نشر تاريخ الطبري برواياته وفهارسه ومعجم ألفاظه.

فهيهات أن يبلغ شأوه أحد الشرقيين. وقد نشر أيضا قسما من جغرافية اإلدريسي )نزهة المشتاق( في وصف المغرب. واشتغل مع بعض أساتذة ليدن في وصف

مخطوطات مكتبتها الشرقية الغنية باآلثار العربية ولم يكتف الدكتور دي غويه بكل هذه الخدم وغيرها كثير بل

وضع مبلغا كبيرا من المال ليصرف ريعه في كل سنة لمجازاة بعض المنشورات الشرقية تحكم لجنة مخصوصة.

وقد عرفنا شخصيا هذا الرجل العظيم وأخذنا العجب من لطفه وشهامته واستعداده لمساعدة كل من كان يطلب

منه خدمة في سبيل الشرق. كانت وفاة أستاذ1914وفي هذه الحقبة من شهر نيسان

اللغات السامية في لوزان )سويسرة( جان هنري سبيرو )J. H. Spiroالمعروف بتآليفه لمعجم إنكليزي عربي طبع )

في مصر.(1/390)

أحد1917)اإلنكليز واألميركيون( نعي إلينا في شهر آذار (H. F. Amedrozأصحابنا اإلنكليز العالمة أميدروس )

. تخرج على آداب وطنه وتقلده فيه1854المولود سنة عدة أعمال ثم تفرغ لدرس العربية ومخطوطاتها فكان

أحد كتبة المجلة الملكية اآلسيوية اإلنكليزية. وغيرها من المجالت. ومما خدم به الشرق العربي كتابان من أجل

كتب التاريخ نشرهما في مطبعتنا الكاثوليكية: األول تاريخ الوزراء ألبي الحسن الهاللي الصابئ مع الجزء الثامن من

( والثاني ذيل تاريخ دمشق ألبي1904تاريخ آخر له )سنة ( مضيفا إليهما خالصتهما1908يعلي حمزة ابن القالنسي )

باإلنكليزية وحواشي واسعة وفهارس جليلة. فجعت جامعة برنستون في1917 نيسان سنة 14وفي

الواليات المتحدة برجل من متقدمي علمائها الدكتور ( الذي أفادنا كثيرا بمطبوعاتهR. F. Brunnowبرونوف )

العربية. نخص منها بالذكر كتاب الموشى البن إسحاق وكتاب االتباع1886الوشاء طبعه في ليدن سنة

والمزاوجة البن زكريا ومنتخبات مدرسية وال سيما الكتاب الحادي والعشرين من األغاني الذي يفضل كثيرا على الطبعة المصرية. وقد اشتغل في وصف اآلثار العربية وكان أحد المتولين لحفريات حوران مع أساتذة جامعة

برنستون فوصفوا ما اكتشفوه بمجلدين ضخمين غاية فيالحسن مع خارطة مدققة من رسمه الخاص.

1909 أيلول 28ومنيت الكلية األميركانية في بيروت في (G. Postبأحد معلميها األفاضل الدكتور جورج بوست )

الذي أنشأ مع الدكتور كورنيليوس فانديك ويوحنا ورتبات مدرستها الطبية فخدمها نيفا وأربعين وسنة1867سنة

بكل همة وتعاطى الطب والجراحة في بيروت ولبنان. وكان تعمق في درس العربية وبها أنشأ كتبه الطبية في الجراحة وغيرها. وكان مولعا بعلم النبات له فيه تأليف

كبير باإلنكليزية والعربية فوصف نبات سورية وفلسطينوشبه جزيرة سينا متجشما لجمع حشائشها أسفارا شاقة.

رحل1916 تموز سنة 28وفي أبان معمعان الحرب في إلى األبدية ركن آخر للكلية األميركية الدكتور دانيال بلس

(D. Bliss الذي قدم بيروت سنة )فكان له اليد1856 وبقي1866الطولى في إنشاء مدرستهم الكلية سنة

رئيسها(1/391)

نحو أربعين سنة برها بكل حكمة وجهزها باألبنية العلمية واألدوات والمتاحف التي جعلتها من أكبر معاهد العلم في

سورية بل في كافة الشرق لم نأخذ عليها سوى تربية طلبتها على المبادئ البروتستانية التي دفعت كثيرين منهم

إلى التحرر من تعاليم الدين.

6)االسبانيون. اإليطاليون. الروسيون( أسفت إسبانية في على فقد شيخ علمائها المستشرقين الدكتور1917 2ت

(Fr. Codera y Zaidinدون فرنسكو كوديرا إي زيدين ) ودرس اآلداب العربية1836 حزيران 23الذي ولد في

( ودي غاينغوس )S. Catalinaعلى المستشرقين كاتلينا )P. de Gayangosفبرع فيها وتعين مدرسا للغة العربية )

. رحل إلى تونس ومراكش1879في جامعة مدريد سنة والجزائر فبحث عن المخطوطات الشرقية وسعى بجمع

المصكوكات العربية اإلسبانية القديمة فوصفها بكتاب كبير. ومن منشوراته الجزيلة الفائدة مجموعة )المكتبة العربية اإلسبانية( فنشر عشرة أجزاء منها تتناول تاريخ

إسبانية العربية وعلمائها البن بشكوال وابن الفرضي وابن أبار وأحمد الضبي فكان له الفضل في النهضة األدبية للدروس الشرقية في وطنه. فتخرج عليه عدة تالمذة

مجموعة لطيفة1902قدموا له يوم يوبيله الذهبي سنة ضمنوها عددا عديدا من اآلثار العربية. وقد جمع هو في مجلد كبير مقاالت له متفرقة عن تاريخ العرب وآثارهم

فنشرها على حدة. أما )اإليطاليون( فرزئوا بأحد أساتذة الكلية اليسوعية

( معلمH. Gismondiالرومانية األب هنري جسموندي ) الالهوت في مدرستنا بيروت مدة عشر سنوات عني بدرس اللغتين السريانية والعربية فنشر فيهما تآليف

مختلفة منها كتابه في أصول اللغة السريانية مع منتخبات ومعجم. ومنها نشره لمقامات عبد يشوع الصوباوي مع ترجمتها إلى الالتينية والقسم الثاني من قصائد القديس

غريغوريوس باالسطرنجلي وطبع في رومية تاريخيين عربيين من تواريخ الكلدان: أخبار فطاركة كرسي

(1896المشرق لعمرو بن متى من كتاب المجدل )(1899وتاريخهم لماري بن سليمان )

وكذلك الروسيون فقدوا في هذه الحقبة األستاذ داود 6( توفى في بطرسبورج في D. Chwolsonكفولسون )

. كتب في1820 1 ك10 وكان مولده في 1911نيسان مجلة أكاديمية بطرسبورج مقاالت عديدة عن الشرق.

ومن تآليفه ما نقله(1/392)

( ونشر ما ورد1859العرب من آثار البابليين األقدمين ) في األعالق النفيسة ألبن دوسته عن الروسيين والصقالبة

وشعوب البلقان وترجمها إلى الروسية

استدراك فاتنا أن نذكر بين المتوفين من نصارى الشام في هذه

الحقبة الثانية بعض األدباء المعدودين فها نحن نخص بهم شباط27األسطر اآلتية: توفى قبل الحرب الكونية في

في دار مطرانية الروم األرثوذكس في زحلة1912 األستاذ الدمشقي )جرجس مرقس( رحل إلى روسية

فحل في عاصمتها موسكو ضيفا كريما. فعرفت الدولة فضله وانتدبته إلى تعليم اللغات الشرقية في جامعتها

ى طلبتها وأصاب هناك سمعة طيبة وثبت في منصبه فلبة مقاالت عديدة في25 سنة ونشر في مجالت روسي

ة األمور الكنائسية الشرقية وخدم الكنيسة األورثذكسي بمعاكسة أخوية القبر المقدس اليونانية وكان ساعيا في

نشر رحلة البطريرك مكاريوس زعيم الحلبي إلى روسية. وقد أثابته الدولة الروسية بمنحه رتبة جنرال مع عدة

ة وفي الشهر التابع لدخول تركيا في الحرب أوسمة شرفي فقد الوطن أحد رجاله المعدودين1914 سنة 1 ك27في

في بعبدا وتلقى العلوم1856)تامر بك مالط( ولد سنة في مدرسة مار عيدا هرهريا األكليريكية فأتقن علومها

الدينية واألدبية حتى الالهوت استعدادا لقبول الدرجة الكهنوتية وتعلم اللغة السريانية فبرع فيها. ثم عدل عن الكهنوت إلى التعليم في مدارس لبنان وبعد مدة انتظم

في سلك أساتذة مدرسة الحكمة في بيروت وعكف على دراسة الفقه فانتدبته الحكومة اللبنانية إلى خدمتها

فخدمها في عدة وظائف في محاكم كسروان وزحلة والشوف في عهد متصرفي لبنان واصا باشا ونعوم

ومظفر إلى أن اعتزل األشغال وأصيب بمرض طويل انتهى بوفاته. وكان تامر بك كاتبا مجيدا وشاعرا مطبوعا

فقدمه على1925نشر شقيقه شلبي بك ديوانه سنة ديوانه الخاص. وفيه عدة قصائد تشهد له بجودة القريحة.

وقد استحسنا له قوله في الزهد:(1/393)

واللبيب اللبيب من خاف يوما ... واتقى الله في جميلالفعال

وانتحى توبة إذا زل يرجو ... في زوال الحياة حسن المآل وفي معظم جلبة الحرب العمومية ودع الحياة أحد وجوه نصارى بيروت الطيب الذكر )المركيز موسى دي فريج(

. درس في مدرسة1916 أيار 17توفاه الله في اليسوعيين في غزير اللغات ومبادئ العلوم ثم تعاطى

التجارة وحصل على ثروة واسعة وكان من أنصار اآلداب والعلم مع تأصله في روح الدين. عدته الجمعية العلمية

السورية المنشأة في أواسط القرن التاسع كأحد أركانها. له في نشرتها المطبوعة خطب وقصائد ومقاالت أدبية

خسر العراق1917 تشرين األول 8وفي العام التالي في أحد كهنته األفاضل المعروفين بنشاطهم في خدمة التاريخ

والعلوم الدينية )القس بطرس نصري الكلداني( الذي (660 - 657( : 1923 )21سبقت ترجمته في المشرق ) وتخرج تحت نظارة1861كان مولده في الموصل سنة

أرباب طائفته ثم في مدرسة انتشار اإليمان في رومية. ولما رجع إلى الموصل تخصص لخير مواطنيه بكل الخدم الكهنوتية وال سيما بالتعليم والتأليف فدرس العلوم الدينية

العليا في المدرسة البطريركية االكليريكية وصنف كتبا عديدة في الالهوت والفلسفة والتاريخ تجد جدولها في

آخر ترجمته وممن كان حقهم أن يذكروا في هذه الحقبة الثانية من القرن العشرين فذكرناهم سابقا في عداد ذوي

القرن التاسع عشر )المعلم سعد العضيمي( نشر سنة ديوانا مدح فيه أعيان ذلك الزمان وذكر حوادثه1872

فنقلنا قطعا عنه في الطبعة األولى من اآلداب العربية في51 - 50القرن التاسع عشر )ص ( وقد عاش زمنا طويال

حتى بلغ العشر الثاني من القرن العشرين(1/394)

القسم الثالث1926 إلى 1918اآلداب العربية من السنة

البحث األولنظر عام في اآلداب العربية بعد الحرب الكونية

كان وداعنا للحقبة الثانية من الربع األول من القرن العشرين وداعا مبلوال بدموع الحزن والكآبة بعد أن

افتتحناها بالسرور والبهجة. كيف ال وقد حلت تلك األيام الداهية الدهياء أي الحرب الكونية التي كانت أشبه

بصاعقة هائلة دوت في جو صاف ال يحسب حسابها منتظر. على أن الصواعق إذا أرعدت وأرعبت وتفجرت ال

تلبث أن تهدأ زمجرتها ويسكت هزيم رعدها وتنكشف سحب سمائها المتلبدة. وهكذا كان أمل الشعوب يتكهنون بقصر مدة الحرب مع ما لدى الدول من األسلحة الحديثة

التي من شأنها أن تجلب دمارا واسعا بأسرع وقت. وما أخيب ذاك األمل فطالت الحرب ونشرت الهالك في

معظم أصقاع المعمور ولم ينج من أضرارها ذات البالد التي لم تخض عبابها فأصيبت برجع صداها المؤلمة وما

عسى أن يكون مع أهوال الحرب سهم اآلداب. وهل يسمع صرير األقالم عند صلصلة السيوف أو يصغي إلى

صوت البلغاء مع دوي المدافع حين يكون )السيف أصدق أنباء من الكتب( فإن كانت الحرب أصابت ببالياها أنحاء

المعمور فهل كان من أمل أن تنجو من تيارها اآلداب عموما واآلداب العربية خصوصا وهي مع سعتها لم تبلغ

مبلغ اآلداب األوربية التي بكت على ألوف من نوابغ علمائها وأصيبت أيضا بمصاب أليم وقد تراكمت ويالت الحرب على البالد الناطقة بالضاد ال سيما تحت حكم

الدولة العثمانية من جزيرة العرب إلى حدود القفقاز ومن بحر الشام إلى العجم. فأقفلت معظم المطابع وأوقفت

المجالت وألغيت الجرائد إال ما ندر منها وكان أصحابها(1/395)

مستعبدين لتركيا. وقتل أو نفي كثيرون من األدباء على أن هذه الحالة الحرجة لم تقتل اآلداب العربية تماما وقد

(486 - 481( : 1920 )18ذكرت مجلة المشرق ) مطبوعات قليلة صدرت في أيام الحرب أخصها كتاب

لبنان الذي عنينا بنشره مع بعض أهل العلم االختصاصيين ( . ونشر في دمشق جناب السيد74 - 73: 18)المشرق

كرد علي في مجلة المقتبس آثارا عربية قديمة وكذلك الشيخ عبد القادر بدران نشر جزأين من تاريخ دمشق ألبن

عساكر أما مصر فلم تخمد فيها الحركة الفكرية في تلك السنين الصعبة فاستفادت اآلداب العربية مما نشر فيها من التآليف الجليلة القديمة كصبح األعشى للقلقشندي

في عدة أجزاء والخصائص البن جني وديوان ابن الدمينة والمكافأة البن الداية واالعتصام للشاطبي وكتاب األصنام البن الكلبي. ولدار الكتب الخديوية في هذه المطبوعات فضل كبير. ونشر أدباء األقباط خطبا وميامر بيعية ألبن

العسال وألبن البركات ابن كبر ومن التآليف المستحدثة المنشورة في ذلك الوقت تاريخ سينا القديم والحديث

لنعوم بك شقير وديوان حليم حلمي المصري وكتاب سياحتي إلى الحجاز وتاريخ اآلداب العربية ألحد أخوة

المدارس المسيحية وكتب أخرى وقفنا عليها فوصفناها في مقالتنا )اآلداب العربية منذ نشوب الحرب العمومية( وذكرنا أيضا هناك بعض المطبوعات الشرقية التي تولى

487( : 1920 )18نشرها المستشرقون )راجع المشرق انقشعت عن ساحات1918( وفي خريف السنة 494-

الحرب تلك الظلمات بانتصار الدول المتحالفة فأتى وقت اإلصالح وليس اإلصالح كالخراب فأنه ال يتم إال بزمن

طويل ونفقات باهظة ورجال ذوي همة قسعاء على أن دولتي فرنسة وإنكلترا فوض إليهما االنتداب على البالد

ا بأموالهما وتنشيطهما على االهلين ليسدوا العربية لم تضن تلك الثلمة الواسعة ويردوا للبالد شرفها السابق. وكان كثيرون من الناشئة قد صدئت أقالمهم وفشلت قواهم

لكسود سوق اآلداب فنهضوا بهمة جديدة لخدمة مواطنيهم فمنهم من تولى التدريس في المدارس العمومية ومنهم

من فتح المطابع الجديدة وأنشأ المجالت والجرائد حتى بلغت بعد حين عددا لم تبلغه في األزمنة السابقة للحرب

ها كانت صادقة الخدمة ويا ليتها كل(1/396)

معتدلة اللهجة متقنة للكتابة وكان أول من استأنف العمل لخدمة العلوم واآلداب أصحاب المطبعة الكاثوليكية التي

كان األتراك مع محالفيهم األلمان ضربوها ضربة كادت تكون قاضية عليها فنقلت أدواتها إلى دمشق ولبنان

ونهبت حروفها ونقوشها وورقها وكتبها بل نزعت حجارة أرضها فقضي على أصحابها أن يصرفوا أشهرا طويلة ومبالغ وافرة ليتداركوا ذاك الخلل ويعودوا إلى نشرمطبوعاتهم المشهود لها بألسن الوطنيين واألجانب فهذه ثماني سنوات منذ من الله بالفرج على عباده

وأنقذنا من تلك النكبة الهائلة التي حولت األرض إلى منقع من الدم. فيحسن بنا أن نسرح النظر في أحوال آدابنا

العربية لنرى ما أفضت إليه أمورها من ترق مرغوب أو تقهقر مرهوب ال سيما في الشرق األدنى محور الشعوب

الناطقة بالضاد وما ال ينكر أن هذه البالد قد حصلت في هذه الحقبة الثالثة على حرية لم تعهدها سابقا في زمن األتراك فان الدولة اإلفرنسية واإلنكليزية أطلقتا الحرية

التامة للطباعة ولم تذخرا وسعا في تنشيط اآلداب والعلوم لم تستثنيا من ذلك سوى بعض الكتابات

السياسية المتطرفة دفعا ألضرارها. ولو لم تحصل عاصمتنا بيروت من فضل فرنسة على غير مكتبتها

العمومية وهي أول مكتبة من جنسها لوجب علينا شكرها فماذا نتج لخدمة اآلداب العربية من الفوائد بعد الحصول

على هذه الحرية مع كثرة الكتبة المتخرجين في المدارس؟ فأين الجمعيات األدبية الراقية؟ وأين الشركات المؤلفة لتنشيط اآلداب ولطبع التآليف الممتازة ولمجازاة أصحابها؟ وأين المصنفات التي تباري المصنفات األوربيةة فتغنينا عن صورة ومعنى لنرجع إليها في العلوم العصري

االلتجاء إلى اللغات األجنبية؟ وكم نرى في المنشورات فصوال تندد باألجانب ويتبجح أصحابها بالرقي الشرقي

ونحن مدينون إلى األجانب في سائر أمورنا من مشاريع عمومية وخصوصية وأهلية كلها يعود إنشاؤها إلى همتهم. وإن قصرنا النظر على لغتنا فإننا ال نرى فيها من الترقي

ما كان من المزاولين لها المجتهدين في تعزيزها وكان معظم ما يصرفه الكتبة من القوى في ذلك يبرز في

المجالت والجرائد.(1/397)

فأما الجرائد فلتسرع الكتبة في إنشائها قلما تصلح ألن تتخذ مثاال وقدوة للغة بليغة رافية اللهم إال القليل الزهيد

رة بعد نضج الفكر منها وذلك في بعض فصولها المحر واختمار الذهن وأما المجالت فكثيرا ما تأخذ موادها عن

المنشورات األوربية فيشتم منها رائحة الغرابة ويستشف من وراء كتاباتها لوائح أصلها األجنبي ما خال البعض منها

التي ال تتجاوز عدد األنامل أما المطبوعات المنفردة فإن التسعين في المائة منها روايات يغلب عليها الغرام معربة عن الروايات األوربية القليلة الجدوى الشائنة لآلداب. وقد

راقنا منها بعض روايات أخالقية وصف فيها أصحابها العادات المألوفة بين العامة ال سيما في مصر أما الكتب األدبية فكان للدين منها قسمه الصالح فأبرز المرسلون

والرهبان الوطنيون والكهنة العاليون تآليف حسنة منها الهوتية وفلسفية ومنها روحية وزهدية ومنها تراجم أبرار وصالحين وقد وصفنا في كل أعداد المشرق منذ السنة

ا فضلها.1920 هذه المطبوعات وبينة ومما نشر أيضا كتب تهذيبية ومدرسية وإنشائية وشعري إلفادة األحداث في المدارس الوطنية ومطالعة الجمهور.

والخلل في كثير منها ظاهر ونشرت أيضا عدة كتب تاريخية واجتماعية وسياحات ليس بينها إال النزر القليل

مما لم ينقل عن التواريخ األجنبية كتواريخ الحرب الكونية وتواريخ بعض البلدان وكبار الرجال وقد ظهرت في مصر بعض اآلثار المطمورة في زوايا النسيان كتاريخ النويري )نهاية األرب في فنون األدب( وكتاب )التاج للجاحظ( و

)زهرة اآلداب للحصري( المطبوع سابقا على هامش العقد الفريد و )مسالك األبصار في ممالك األمصار ألبن فضل

الله العمري( و )ديوان مهيار الديلمي( ولم يحد المستشرقون عن فضلهم السابق في نشر اآلثار الشرقية

وإتقانهم لطبعها وتزيينها بكل المعلومات المفيدة والفهارس الواسعة. فمما صدر منها في مطبعتنا الكاثوليكية نقائض األخطل وجرير وشرح ديوان

المفضليات للضبي وديواني عمرو بن كلثوم والحارث بنالحلزة وكتاب المأثور ألبي العميثل

(1/398)

وظهرت في جهات أوربة من آثار أبحاثهم كتاب الوزراء والكتاب للجهشياري وكتاب صورة األرض ألبي جعفر

محمد بن موسى وديوان أبي ذؤيب. وشرح ديواني علقمة الفحل وعروة ابن الورد للشنتمري وأقسام جديدة من

النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة ألبن تغري بردي ومن معجم األدباء لياقوت وغير ذلك مما يجعل لألوربيين

قصبة السباق في نشر اآلثار العربية ومما امتازت به هذه الحقبة األخيرة سعي بعض الكتبة إلى انتقاد المطبوعات النثرية والشعرية كمحمد عباس

العقاد وكزكي مبارك وزكي أبي شادي وحسن صالح الجداوي واألب انستاس الكرملي وقسطاكي حمصي ...

وإنما نود أن يكون هذا االنتقاد برواق وهدو إظهارا للحق ال تشفيا من خصم أو تحقيرا ألديب ومن خصائص هذه

الحقبة أيضا اتساع فن الكتابة بين األوانس وربات الخدور فمنهن من يتصدر للخطابة ويلقين المحاضرات أو من

ينشئن المجالت وينشرن فصوال في الجرائد والبعض منهن يتضمن القصائد اللطيفة الرائقة ال سيما في األمور

الخاصة بالنساء وتدبير البيوت فهذه االمتيازات جعلتنا وجدنا أيضا فيها ما لحقبتنا الحاضرة مقاما حسنا إال أن

يدعونا إلى الخوف من تقهقر لغتنا وانحطاطها فنلفت إليها حكماء قومنا وأول آفة على لغتنا اإلكثار من الدخيل ال

سيما إذا لم يكس صورة يأنس بها اللسان العربي. نعم ال تخلو اللغة العربية من األلفاظ الدخيلة حتى القرآن العربي

نطق بها وإنما كان العرب يقربونها إلى لغتهم ببعض التصرف في صورتها فيزول شيء من غرابتها وخشونتها

وكذلك التعابير األجنبية زاد استعمالها لشيوع لغات األجانب بيننا ولوفرة التعريبات عنها وكما أثرت تلك

اللغات في العربية الفصحى كذلك اللهجات العامية أخذت تسطو على اللغة البليغة فتمسخ صورتها البهية. ومن

العجب أن بعض المتشدقين اخذوا ينشرون مقاالت لترويج اللغات العامية لزعمهم أن تلك اللهجات أقرب إلى فهم

الجمهور وأدعى إلى نشر العلوم العصرية وهو فكر غريب

ال يخطر ألحد من العقالء على بال وقد سبق لنا في ذلكنا فيه العواقب السيئة التي تحصل بذلك مقال طويل بي

(1/399)

اب فتطمس جمال لغة أجدادنا وتبسط الفوضى بين الكت وتبث بين البالد العربية روح النفور واالستبداد إذ لم يبق بيننا وبينها رابط يجمعنا لما في كل لهجة من االختالف والتباين وأخذ غيرهم يتصرفون أيضا بالبحور الشعرية

تصرفا زائدا نزع عنها رونقها ومسحة جمالها وكادت تشبه النثر كما فعل أصحاب النثر الشعري فجاءت كتاباتهم ال نثرا وال شعرا ليس لها من العربية إال ألفاظها وقشرتها

دون لبابها وجوهرها

الباب األولفي األدباء المتوفين في الحقبة الثالثة

- أدباء اإلسالم المتوفون في هذه الحقبة1 لما أخذت تلوح بوارق الصلح بين الدول المتحاربة سنة

رحل إلى دار البقاء أحد أدباء مصر )الشيخ عبد1918 الكريم سلمان( درس في األزهر مع الشيخ اإلمام محمد عبده فتعاشرا وتصادقا. ولما قام األستاذ بنهضته إلصالح

أمور اإلسالم كان الشيخ عبد الكريم عضده ونصيرهة وفي إصالح التعليم فشاركه في تحرير الوقائع المصري في الجامع األزهر وقد نشر خالصة أعمال مجلس إدارته

في عشر سنين فكان لكتابه تأثير عظيم في كثير من مواطنيه لكنه أوغر عليه قلوب غيرهم. فأيس من اإلصالح.

(440: 20ومن ظريف ما أخبره منشئ المنار اإلسالمي ) من نفسه ما رآه من يأس الشيخ سلمان من صالح حال

أمته فروى ما ننقله بحرفه الواحد: )كان يصرح بذلك ويحتج علي األستاذ اإلمام قائال: سترى ما ينتهي إليه

أملكما في هذه األمة الميتة وما يبلغه إصالحكما من هذه الشعوب الفاسدة. وله كلمة في هذا المعنى قالها ألستاذنا الشيخ حسين الجسر ألبسها كعادته ثوب الدعابة والهزل.

وقد كنا بدار األستاذ اإلمام نتحدث بما أشيع من رغبة األمة اليابانية في التدين بدين اإلسالم. قال الشيخ حسين

الجسر: إذا يرجى أن يعود إلى اإلسالم مجده. قال الفقيد: دعهم فإني أخشى إذا صاروا منا أن نفسدهم قبل أن

يصلحونا. ذكرت هذا في ترجمة الرجل لما فيه من العبرةالمحزنة( فتأمل!

توفيت في القاهرة1919وفي كانون الثاني من السنة إحدى أديبات مصر النابغات في اإلسالم كعائشة تيمور

نريد بها )ملك هانم( كريمة حفني بك ناصف التي اشتهرت بلقب باحثة البادية وسعت بإصالح أحوال بنات جنسها في

القطر المصري(1/400)

توفيت في شرخ شبابها. عني أبوها بتربيتها وتخرجت بأرقي مدارس البنات األميرية فنالت شهاداتها المختلفة.

ثم انتدبت إلى تعليم الفتيات فامتازت به ثم حاولت الكتابة والتأليف فبرعت بهما. ولما زوجها والدها من أحد شيوخ

العرب المقيم بجوار الفيوم عبد الستار بك الباسل جمعت بين حضارة المدن والبادية فكان ذلك سببا لتسميتها بباحثة

البادية. وقد صنفت كتبا بحثت فيها عن كل األحوال النسائية كتربية البنات وأوصاف المرأة والزواج والحجاب

والسفور. ونظمت القصائد وتفننت في الكتابات األدبية

واالجتماعية. وقد جمعت كتابات ملك هانم في كتاب عنوانه النسائيات. وقد عرفت هذه السيدة باعتدالها في

المسائل النسائية فكانت تذهب في ذلك مذهبا وسطا بين القديم والحديث بناء على قول المثل )خير األمور

أوسطها( وقد صنفت اآلنسة األديبة مي كتابا في وصفها ( وبعد716( : 1920 )18سبق لنا الكالم فيه )المشرق

26وفاة السيدة )ملك هانم( بسنة تبعها إلى األبدية في والدها )حفني بك ناصف( في نحو الستين1920شباط

من عمره. كان تخرج في أشهر مدارس القاهرة كاألزهر ودار العلوم ودار الحقوق الخديوية ثم عهد إليه التدريس

فيها وعين مدرسا في مدرسة الخرس والعميان فلبث فيها أربع سنوات وألقى دروسا في الجامعة المصرية جمعها في )كتاب تاريخ اللغة العربية( . ومما ألفه لما حضر مؤتمر المستشرقين في أوربا كتابه في لهجات العرب الذي أصاب لديهم استحسانا. واشتغل بالقضاء

وفي مركز مفتش المعارف. ونشر القرآن في المطبعة األميرية )بحسب قواعد اإلمالء( فمدحه لفعله كثيرون

وقدح فيه آخرون. وكان حفني بك يحسن الكتابة نثرا أوشعرا ومما قاله قبل وفاته:

أتقضي معي إن حان حيني تجاربي ... وما نلتها إال بطولعناء

إذا ورث المثرون أبنائهم غنى ... وجاها فما أشقى بنيالحكماء

توفى الدكتور )محمد توفيق صدقي(1920وفي نيسان . درس العلوم في القاهرة ونال1881المولود في السنة

شهادة الدكتورية بعلم الطب له في المسائل الطبية أبحاث حسنة منها مقالة في ماء النيل ومضاره. ثم

تخصص بالمسائل األدبية والدينية واالجتماعية فكتب في

اإلصالح اإلسالمي ورد على الماديين وله تأليف سماهالدين في نظر العقل

(1/401)

الصحيح. ودافع عن دينه اإلسالمي في عدة تآليف وقد رددنا عليه في ما كتبه عن الهوت السيد المسيح وفي

أسفنا على فقد أحد أصحابنا2 ك8 في 1920السنة الشيخ الفاضل )طاهر الجزائري( . كان مولده في دمشق

وأخذ عن أدباء الفيحاء العلوم الدينية واللغوية1851سنة واألدبية فأولع بدرسها وكد ذهنه في إحراز أسرارها وسعى بنشر كنوزها وتعميم فوائدها. وإليه يعود الفضل في إنشاء

مكتبة الملك الظاهر. كما انه لم يذخر وسعا في تعزيز اآلداب العربية في المدارس إذ أقيم ناظرا عليها. وقد

غ للتأليف فوضع كتبا عديدة تدل على اجتهاده وسعة تفر معارفه بعضها دينية كتوجيه النظر إلى أصول األثر ومنية

األذكياء في قصص األنبياء. وبعضها لغوية كالتقريب ألصول التعريب وإرشاد األلباء ومدخل الطالب لفن الحساب.

وغيرها علمية كالفوائد الجسام في معرفة خواص األجسام ومد الراحة إلى أخذ المساحة. ونشر كتبا أخرىاها كديوان ابن نباتة وروضة العقالء. لقدماء الكتبة وحش

ومما نود أن ال يبقى منزويا بين المخطوطات كتابه )التذكرة الطاهرية( بحث فيه عن نوادر المخطوطات ووصفها وعرف محل وجودها. وكان الشيخ طاهر أحد

األدباء القليلين الذين فضلوا في اإلسالم عيشة العزوبة ليتفرغوا لدرس العلوم. وقد أحيا بين قومه التاريخ وعني

-144( : 1925 )18بفنون الكتابة. راجع في المشرق ) ( ترجمته لكاتبنا المدقق األستاذ عيسى أفندي148

إسكندر المعلوف. ونشر سيرته أيضا في دمشق الشيخ محمد سعيد الباني فدعاها )تنوير البصائر بسيرة الشيخ

طاهر( توفي في1920 من الشهر والسنة السابقين 25وفي

طرابلس الصحافي )محمد كامل البحري( صاحب جريدة طرابلس ومؤلف أخبار سياحة باشرها إلى بعلبك وأنحاء

آب من السنة أديب آخر )عبد20الشام. ومثله توفى في القادر بك العظمي المؤيد( له كتابات متفرقة في بعض الصحف والمجالت ومن أشعر شعراء هذا العصر الذي

ة في هذه الحقبة سنة )محمد إمام1920حلت به المني العبد( أصله من أسرة عبيد لكنه توصل بسعيه إلى أن أحرز األدب ونبغ في الشعر. وله شعر رقيق جمع في

ديوان لم ينشر بالطبع وإنما ظهر منه عدة قصائد رنانةفي كتب األدباء. ومن لطيف قوله يندب حظه:

(1/402)

نسبوني إلى العبيد مجازا ... بعد فضلي واستشهدوابسوادي

ضاع قدري فقمت أندب حظي ... فسوادي علي ثوبحداد

ومن أقواله الحماسية:ع ... ونادى المنادي ال نجاة من ولما التقينا واألسنة شر

الحتف عطفت على سيف المنية فانجلت ... صفوف وكان الصف

ألصق بالصف فرحت وفي وجهي وجوه عبوسة ... وعدت وأشالء

الفوارس من خلفي

فلم أر قلبا غير قلبي بجانبي ... ولم أر سيفا غير سيفيفي كفي

وقسم سيفي القوم قسمة عادل ... فأرضى الثرىبالنصف والطير بالنصف

24 في 1931وفي السنة شباط اخترمت المنون أديبا آخر أدى لآلداب العربية في مصر خدما مشكورا نعني به

)محمد بك تيمور( نجل احمد باشا تيمور توفاه الله في العقد الثالث من عمره. شغف منذ صباه باآلداب العربية

فبرع فيها حتى انه نظم الشعر في الثانية عشر من عمره وكتب في الجرائد ثم سئم الشغل بالسياسة ونفر من المنازعات بين األحزاب ورأى ما عليه وطنه من التأخر

في فن التمثيل. فقصد البالد األوربية ودرس الحقوق في باريس وهو يلحظ مسارحها الكبرى حتى أتقن أصول ذلك الفن وتخصص بترقيته في بالده. فألف لذلك جوقا مختارا

امتاز بمهارة التمثيل تحت إدارته. وان هو يؤلف له الروايات األدبية ويجهز له كل لوازم التمثيل وربما وقف

هو بين الممثلين فكان موضوع إعجاب الحضور من أعيان مصر. وكان يختار الروايات التي تمثل فيها حوادث الشرق

وعاداته حتى عد فن التمثيل بمسعاه في مصر شبيها به في عواصم البالد وهو في ذلك يطلب جمال الفن أكثر منه ألرباحه. وقد خلف تآليف عديدة في هذا الباب وفي غيرها أخصها كتابه وميض الروح جمع فيه ديوانه ومقاالته األدبية

وقصصه ومذكراته. ثم كتابه حياتنا التمثيلية خصه بفن التمثيل وتاريخه وفنونه وآدابه ثم كتاب المسرح المصري.

دونك بعض أبيات من نظمه عنوانها )شاعر يتألم(ليلة كلها عناء وهم ... وشقاء والقلب منها تعذب

ذقت فيها المصاب كأسا دهاقا ... ضاع رشدي فيها ولمألق مهرب

ففؤادي من ناره يتلظى ... ودموعي من المحاجر تسكب

(1/403)

قد دعوني فتى القريض وحسبي ... منه في القلب جمرةتتلهب

ما نظمت القريض أبغي نواال ... من كبير وال أحاولمكسب

بل أقول األشعار كيما أناجي ... كل حر من بؤسه يتعذب ذاك رأيي فيما أسميه شعرا ... ولكل في الشعر رأي

ومذهب ومات في أوائل تلك السنة رجل مصري آخر كان له موقع كبير في نفوس مواطنيه الكاتب األديب )دياب محمد بك(

درس في األزهر ودرس فيه وفي دار1853ولد سنة ن مفتشا في وزارة المعارف وتفرغ للكتابة العلوم وتعي

فنشر تآليف مختلفة ككتاب دروس البالغة واإلنشاء وقالئد الذهب في فصيح لغة العرب وتاريخ أدب اللغة العربية

ومعجم األلفاظ الحديثة وتاريخ العرب في إسبانية وعرب عن الفرنساوية كتاب تخطيط أوربة وغير ذلك مما خدم به

األدب والوطن1921وفي تلك السنة تعددت وفيات األدباء فقضى أيضا

آذار. كان تركي6)ولي الدين بك يكن( نحبه فيها في جاء1873األصل من أسرة شريفة ولد في اآلستانة سنة

صغيرا إلى مصر مع أهله فتوفى فيها والده وكفله عمه فتخرج في مدرسة األنجال المشهورة فأتقن فيها العربية كما عرف التركية وعاد إلى اآلستانة وكتب في جرائدها.

وقد عرف بميله إلى الحرية فنفي إلى سيواس وبقي فعاد إلى مصر1908هناك إلى اإلعالن بالدستور سنة

نه كاتبا في الديوان وحظي لدى سلطانها حسين كامل فعي العالي في القصر السلطاني حتى مني بعلة أذاقته كأس

المنون في مدينة حلوان. وله شعر منسجم مطبوع يتدفقرقة فمن قوله يحيي سيواس يوم نفي إليها:

رضيت سيواس دارا ... وما بسيواس شرجنوا عليها فأمست ... قد أقفرت فهي قفرفال بها الروض خصب ... وال بها الزهر نضر

فليس لي ثم نظم ... وليس لي ثم نثروكم بمصر أديب ... يشدو فترقص مصرما هي سحر لهفي على سانحات ... كأنيقولها قائلوها ... فيعتري الناس سكر

( قوله عن77ومما روي له في مختارات الزهور )ص لسان فتاة عمياء:

(1/404)

سادتي أن في الوجود نفوسا ... ظلمتها األقدار ظلما شديدا

هي تشقى من غير ذنب جنته ... ولكم مذنب يعيش سعيدارحم الله أعينا لم تشاهد ... منذ كانت إال ليالي سودا

ى لو فتحت فتملت ... من جمال الوجود هذا الشهودا تتمنتتناجى حمائم الروض صبحا ... ال تراها وتسمع التغريدا

ا بعيدا ا قريبا ... فنظن الربيع من ويكون الربيع من حين ترنو إلى الورود عيون ... ليت شعري كم تستطيب

الوروداسادتي إننا صبرنا امتثاال ... ما ضجرنا وال شكونا الجدودا

فانظروا نظرة الكرام إلينا ... وارحموا أدمعا تخد الخدودا ولولي الدين يكن من التآليف ما ذاع صيته كالصحائف السود وهو عبارة عن مجموع مقاالت اجتماعية بليغة

ة. وكتأليفه في أحوال تركية اإلنشاء طافحة بآرائه الحر

وسياستها دعاه المعلوم والمجهول. ونقل إلى العربية كتاب نيازي بك في الدستور العثماني المعنون بالتجاريب.

ر كثيرا من المقاالت في أكبر جرائد مصر وفي وقد حر انطفأ نور حياة شاعر1922ثاني يوم حزيران من السنة

آخر )عبد الحليم حلمي المصري( ولد في دمنهور سنة ودرس في وطنه ثم دخل في المدرسة الحربية1887

وتوظف في ديوان األوقاف في مصر. وكان مولعا بنظم الشعر ونشر عدة قصائد دلت على جودة قريحته وحسن

ذوقه جمعها في جزأين وطبعهما تحت عنوان )ديوانى في شعره المواضيع1910المصري( سنة وقد تحر

ة وأدت إحدى قصائده إلى محاكمته وسجنه. ثم العصري دخل بعد االنقالب الدستوري في خدمة الملك. وهذا مثال

من شعره قال يتشوق إلى الشام:يحن لمصر من سكن الشاما ... ونحن نود لو كانت مقاما

منابت ال تجف بها الخزامى ... وال تشكو أزاهرها األواماوأرض تنبت اليوم المعالي ... وكانت تنبت الرسل الكراما

على )لبنان( زهري الهضاب ... على )األردن( خمريالخباب

على )القدس( المفضل في الكتاب ... على تلك القصورعلى الغباب

يم لوال الليالي ... تقيده لما بعث السالما سالم مت(1/405)

وافتتح قصيدته في وطنه في مصر بقوله: بالدي سقاك الدمع إن منع القطر ... وما برحت خضرا

ميامنك الخضر وقفنا عليك المال والعمر والذي ... يحب عليه يوقف

الحال والعمر 1922وتبع المصري إلى القبر بعد أشهر من تلك السنة

شاعر ثالث ليس دونهما سمعة ورقيا )إسماعيل صبري وتقلب في مناصب الدولة1861باشا( ولد في مصر سنة

المصرية كمنصب النائب العام ومحافظة اإلسكندريةة. وقد اشتهر بشعره الرقيق اللفظ ووكالة نظارة الحقاني

والفصيح األسلوب وكان ال ينشده إال بعد انتقاده وتمحيصه مرارا. وقد استحسنا له قوله في االستغفار واعتقاد

الخلود:م ... للظالمين غدا ولألشرار يا رب أين ترى تقام جهن

لم يبق عفوك في السموات العلى ... واألرض شبرا خالياللنار

يا رب أهلني لفضلك وأكفني ... شطط العقول وفتنةاألفكار

ومر الوجود يشق عنك لكي أرى ... غضب اللطيف ورحمةالجبار

يا عالم األسرار حسبي محنة ... علمي بأنك عالم األسرارأخلق برحمتك التي تسع الورى ... أال تضيق بأعظم األوزار

وما أحسن قوله في الوفاء والعفو: إذا خانني خل قديم وعقني ... وفوقت يوما في مقاتله

سهمي تعرض طيف الود بيني وبينه ... فكسر سهمي فانثنيت ولم

أرمومثله حسنا في طيش الشباب وعجز المشيب:لم يدر طعم العيش ش ... بان ولم يدركه شيب

جهل يضل قوى الفتى ... فتطيش والمرمى قريبوقوى تخور إذا تشبث م ... بالقوي الشيخ األريب

فيما يقال كبا المغفل م ... إذ يقال خبا اللبيبأواه لو علم الشبا ... ب وآه لو قدر المشيب!

1922وخسر العراق في تلك السنة أيضا في شهر أيلول رجال من علمائه المشهورين )الشيخ علي باقر( أحد علماء

النجف الشيعيين(1/406)

وتقفى آثارهم إلى دار الخلود في العام التالي عالم الهند السيد )أبو بكر باعلوي( توفى في حيدر آباد في أواخر

كان من علماء بالده اشتغل بالتعليم1923السنة والكتابة. وتولى تصحيح مطبوعات وطنه حيدر آباد. له

مصنفات عديدة في الفقه واألنساب والحساب والطبيعيات واألدب والمنطق. وديوان شعر. وقد اشتهر

ة وذويها بمعاداة الشيعة وأنصارها وبالدفاع عن السن وفي1846فحصل له بذلك تعنت كثير. كان مولده سنة

توفى )احمد كمال باشا( أحد1933 آب 5العام ذاته في أدباء مصر الذين تخصصوا مع علماء الفرنج البحث عن

ن أوال كأمين مساعد في آثار قدماء المصريين فتعي المتحف المصري فانكب على درس اللغة الهيروغليفية

واآلثار المصرية حتى تمكن من معرفة أسرارها وأخذة وينشر يلقي في ذلك المحاضرات في النوادي الوطني

المقاالت الواسعة فيها فاختاروه كعضو في المجمع العلمي المصري وله في سجالته خطب ومحاضرات.

وكذلك علم فن اآلثار المصرية بمدرسة المعلمين العليا. وقد ألف قاموسا هيروغليفيا عربيا فرنسويا واسعا نسبه فيه بعض العلماء إلى الغلو والتطرف في رده ألوفا من األلفاظ العربية إلى أصول مصرية قديمة وورد علينا في

نبأ أليم بوفاة أحد أصدقائنا1924أواسط آذار من السنة في بغداد السيد األديب )محمود شكري اآللوسي( من

األسرة اآللوسية الكريمة وابن الشهاب اآللوسي الذي مر 1857لنا ذكره بين أعالم القرن التاسع عشر. ولد سنة

ج في بغداد على آله فتبحر في العلوم اإلسالمية وتخر وانتدب إلى التدريس في مدارسها فنبغ من تالميذه

الشاعر العصري الرصافي. وقد تولى إدارة الزوراء وهي أول جريدة أنشئت في مدينة السالم فكتب فيها فصوال رائقة خرج فيها عن دائرة التقليد الضيقة حتى سعي به

بفضل بعض إلى عبد الحميد فلم ينج من المنفى إال أصحابه. وله من التآليف النفيسة بلوغ األرب في أحوال

العرب قدمه لمؤتمر المستشرقين في استوكهولم فشكرته عليه اللجنة وأجازته بوسام ذهبي. ومن تآليفه

كتاب أخبار بغداد وتراجم بعض علمائها في القرن الثالث عشر وتاريخ نجد وأمثال العوام في مدينة السالم وغير

ذلك من المصنفات التي زاد بها شرف أسرته. وكان سبقه إلى األبدية أحد أنسبائه السيد )احمد شاكر اآللوسي( فاتنا

1912ذكره توفى سنة (1/407)

وكان عضوا في مجلس المعارف الكبير في اآلستانةوخلف كذوي قرابته آثارا أدبية متفرقة

ولم نكد ننسى ما ألم باآلداب العربية بوفاة ذلك الكاتب الشهير )السيد مصطفى المنفلوطي( الذي نعت بأمير

1875بيان هذا العصر. ولد في مدينة منفلوط سنة وتخرج في األزهر المصري ونال قصبة1924وتوفي سنة

السبق على أقرانه واستهواه حب األدب في أول ربيع حياته فأخذ يتمرن على الكتابة نثرا ونظما. ثم لحق

بالشيخ اإلمام محمد عبده فالزمه عشر سنين وأخذ من

أفكاره وآدابه. وبعد وفاة األستاذ عاد إلى وطنه وأخذ يحرر رسائله الشهيرة في جريدة المؤيد فالتفتت إليه أنظار أرباب وطنه. ولم يول منذ ذلك الزمان يواصل الكتابة

فنشر مؤلفاته الرائعة )النظرات( في ثالثة أجزاء و )العبرات( وفي سبيل التاج نقله بتصرف عن االفرنسية. و )الشاعر والفضيلة( إلى غير ذلك مما ضاعف الحزن على

وفاته وهو لم يبلغ الخمسين من عمره. وله شعر حسنوإنما برز خصوصا بإنشائه البليغ على األسلوب العصري.

حل األجل1925 حزيران من السنة الماضية 30وفي المحتوم بأحد مواطنينا )رفيق بك العظم( . ولد في

ثم نشأ في وطنه وأخذ اآلداب عن1865دمشق سنة مشايخه ثم انتقل إلى مصر وتعاطى فيها أمور السياسة

واألدب وكان أحد السعاة بتحرير وطنه من النير العثماني أو بالحري بتخفيفه بالالمركزية. وله كتب تاريخية وأدبية

حسنة أخصها كتاب مشاهير اإلسالم في أربعة أجزاء. توفي الشيخ محمد حسين1925وفي هذا العام أيضا أيار

شمس الدين أديب جبل عامل وشاعره.

- أدباء النصارى المتوفون في هذه الحقبة2أوال األحبار والكهنة

بين السنين التي مرت منذ نهاية الحرب العالمية إلى دعا الله إلى جواره بعض أحبار1926أواخر السنة

الكنيسة الذين خدموا اآلداب متاجرين بالوزنات التينالوها من ربهم.

(1/408)

)السيد ديونيسيوس أفرام نقاشة( نكبت الطائفة 1920 آذار سنة 13السريانية بفقد هذا الحبر الجليل في

توفي في مدرسة الشرفة في لبنان عن سبعين عاما. وكان السيد الفقيد رئيس أساقفة حلب على السريان

أدى في حياته لملته1903 نيسان سنة 5الكاثوليك منذ خدما جمة وقد عرف بنسكه وانصرافه إلى العيشة

التقوية. وكان مولعا بدرس التاريخ وقد نشر في ذلك كتابا نفيسا ضمنه أخبار طائفته السريانية الكاثوليكية منذ

اهتدائها إلى حجر الكنيسة الكاثوليكية إلى زمن السيد الجليل بطريرك إنطاكية الحالي ماري أغناطيوس أفرام

الثاني رحماني وذلك في مجلد ضخم دعاه عناية الرحمان في هداية السريان. وما هو إال قسم من تاريخ أوسع لم

يزل مخطوطا بحث فيه عن أخبار الطائفة السريانية منذنشأتها.

انتقل إلى دار1920 آذار 22وفي هذا الشهر عينه في البقاء سيد آخر من أركان الطائفة المارونية الكريمة

)المطران يوسف دريان( النائب البطريركي على القطر ودخل1861المصري. ولد هذا الحبر الجليل سنة

الرهبانية الحلبية ودرس أوال في مدرسة انتشار اإليمان في رومية وأتم دروسه في كلية القديس يوسف في

جعل رئيس أساقفة طرطوس1896بيروت. وفي السنة شرفا. وقد خلف آثارا كنسية وأدبية وتاريخية عديدة تشهد

له بطول باعه في العلوم الدينية والمدنية. فمن تآليفه الدينية كتاب رتب السياميذ الكهنوتية المعروفة

بالشرطونية وكتاب المغنم في تكريم مريم والمقالة الوفية في العبادة الحقيقية لمريم العذراء. معربا عن

تأليف الطوبوي لويس غرينيون دي منفرت وكتاب الدعوة الرهبانية للقديس الفونس دي ليغوري وجادة الفالح في سبيل التقي والصالح ومجموعة أناشيد روحية بعضها من

نظمه منها نظم الجمان في سبيل سيدة لبنان. ومن تآليفه التاريخية نبذة في أصل البطريركية األنطاكية وفي

أصل الطائفة المارونية واستقاللها في لبنان في قديم الدهر حتى اآلن وثالثة أبحاث في المردة جمعها في كتاب

دعاه )البراهين الراهنة في أصل المردة والجراجمة والموارنة( خالف فيه رأي السيد يوسف الدبس. ومن

آثاره األدبية كتاب اإلتقان في صرف لغة السريان ومنهاعدة مقاالت أدبية نشرها في الجرائد وفي مجلة المشرق

توفي في بيروت السيد )كيرلس1921 أيار 18وفي مكار( بطريرك األقباط

(1/409)

الكاثوليك سابقا. فصل عن تدبير كنيسة لدواع موجبة. وكان المذكور يتعاطى اآلداب الشرقية بعد أن تخرج بها

في كليتنا البيروتية لتاريخ الكنيسة اإلسكندرية وأبحاث في آثار النصرانية في مصر ومنظومات شعرية باالفرنسية

)األب مبارك1868ومناشير وغيرها. ولد في الصعيد سنة سالمة المتيني( أحد رؤساء الرهبانية اللبنانية العامين

1852 نيسان 15اإلجالء. ولد في المتين )لبنان( في إلى الرهبانية البلدية فكان من أفضل1866وانضوى سنة

أبنائها أدبا وبرارة تلقى العلوم الدينية العالية في كلية القديس يوسف وكان أول من نال فيها شهادة الملفنة في

. وعهدت إليه في1883علمي الفلسفة والالهوت سنة رهبانيته أفضل المناصب وأرقاها فتوالها عدة سنين

بنشاط وحكمة أقر بها الجميع ال سيما أنه كان بمثله أوعظ أيلول8منه بكالمه. توفي في عيد مولد العذراء في

. )اطلب ترجمته لحضرة الخوري بطرس سارة في1921

( . وكان المرحوم مع862 - 852( : 1922 )20المشرق كثرة أشغاله في الرهبانية وفي األعمال الرسولية في

لبنان ال يضيع برهة من زمانه فقد ألف مختصر الالهوت األدبي واختصر كتاب الكمال المسيحي لألب رودربكس

اليسوعي. وقد نشر من تعريبه كتاب دستور الرؤساء في سياسة المرؤوسين وهو سفر جليل لألب فالوي اليسوعي

وكتاب دستور الحياة الروحية ليسوعي آخر األب سورين الشهير وممن فقدته اآلداب العربية من ملة الروم

الكاثوليك الكريمة المطران استفانوس سكرية رحل إلى 1868 ولد في دمشق سنة 1921 1 ت25دار الخلود في

وتخرج في العلوم الدينية والدنيوية في القدس الشريف في مدرسة القديسة حنة. وقد أحرز له فضال كبيرا في

تدريس الفنون العربية فيها ثم في المدرسة البطريركية في دمشق وكان ال يألو جهده في تعزيز العربية وكان هو من كتبتها الجيدين وخطبائها المشهورين. وقد أبقى بعض

اآلثار المتفرقة من رسائل وإرشادات وله كتاب وضعه لجمعية أنشأها ولقبها بالنهضة الدينية الكاثوليكية وفي

فجعت كنيسة اآلباء البوليسيين1922مفتتح السنة األفاضل بخلب أليم إذ فارقهم إلى األبدية أحد اخوتهم المأسوف عليه كثيرا األب ولسن سيوبر وهو في عز الكهولة كان أيضا من متخرجي مدرسة الصالحية في

القدس ثم أحد أساتذة اآلداب(1/410)

العربية فيها لطلبتها من طائفته الكاثوليكية. ولما انضم ما1903إلى جماعة اآلباء البوليسيين في حريصا سنة

عتم أن باشر الرساالت في حوران وتنقل في قراها

متفانيا في كل األعمال الرسولية. وله عدة آثار كتابية في مجلة المسرة وكان أحد محرري مقاالتها الدينية واألدبية

الممتازة. ومن منشورات قلمه رواية القديس سفستيانس الشهيد وزهور النفس من حديقة خوري أرس وكتاب

المجمع الملي للروم الكاثوليك وكنوز النفس في الغفرانات ونبذة في صناعة الشعر العربي. ومن مقاالته

الحسنة في المسرة ما سطره عن عوائد العرب وله بحث جغرافي تاريخي في حوران وغير ذلك مما زاد أسف

استأثرت1922 شباط 9اخوته على فقده وفي أواسط رحمة الله مرسال غيورا من الطائفة المارونية اشتهر في

كل أنحاء لبنان بمواعظه وبالغته وأعماله الرسولية الخوري األسقفي اسطفان الشمالي. نشر مع الطيب الذكر السيد جرمانوس الشمالي جزأين من الخطب والعظات أقبل عليهما لحسنهما لفظا ومعنى. وكان

الخوري اسطفان شاعرا مجيدا له في ذلك آثار متفرقة ودع الحياة المأسوف1922 أيلول من السنة 20وفي

عليه القس نعمة الله أبو ناضر أحد مدبري الرهبانية اللبنانية البلدية. كان تلقى العلوم في كليتنا البيروتية وكان من المتضامنين من اللغة العربية فانتدب إلى تدرسيها ثم

تعاطى فن المحاماة وحرر مدة روضة المعارف ونشر عدة مقاالت فقهية وأدبية في المجالت والصحف السيارة

في اآلستانة وبيروت. ثم آثر العيشة الرهبانية وخدمة الدين إلى آخر حياته وممن فقدته اآلداب العربية أحد أخوة

المدارس المسيحية )األخ ساروفيم فكتور عطاء الله( . له تاريخ اآلداب1923المتوفى في كانون الثاني سنة

1914العربية منذ نشأتها طبعه في اإلسكندرية سنة فأقبلت عليه المدارس لحسن تنسيقه فأعيد طبعه

ومن أنصار اآلداب العربية الذين أصيبت بفقدهم طائفة الروم الكاثوليك المثلث الرحمات البطريرك )دمتريوس

تشرين األول25قاضي( الذي لبى دعوة سيده في في دمشق. كان له اهتمام خصوصي بتعزيز اللغة1925

العربية في مدارس الطائفة في مصر والشام. وتدل كتاباته على ضالعته بهذه اللغة فضال عن معارفه الدينية

الواسعة التي كان استقاها في باريس من أصفى مناهلها(1/411)

شق علينا1926 حزيران من السنة الماضية 24وفي نعي أحد أساتذة اآلداب العربية في مدرسة العائلة

المقدسة لآلباء اليسوعيين في مصر )الخوري نعمة الله بركات( كان من الكتبة البارعين كشقيقه الشهير وعليه تخرج عدد عديد من الناشئة المصرية. ومن آثاره تعريبه

لمختصر التاريخ المقدس تأليف لومند

ثانيا العالميون فقدت طائفة2 ك14في أوائل السنة التابعة للحرب في

الروم األورثذكس في بيروت أحد مشاهير أدبائها )الشيخ . أخذ العلوم اللسانية1855اسكندر العازار( المولود سنة

واألدبية عن أساتذة طائفته وفي مدرسة اعبيه األميريكانية. وقد امتاز منذ حداثة سنه بمزاولة النظم

واإلنشاء فكان من السعاة بالنهضة األدبية التي ظهرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وكان خطيبا متفننا

وكاتبا بليغا وشاعرا مجيدا. له من اآلثار الكتابية في الجرائد والمجالت ما لو جمع أللف مجلدا ضخما. منها

خطب ورسائل وروايات تمثيلية وخواطر أدبية. وديوان شعر. ولوال انحيازه إلى الماسونية ومجاهرته باألفكار

الحرة ومغاالته بالسياسة التي ذاق مرها أكثر من حلوها

لعددناه من أركان اآلداب العربية في الوطن.1919 نيسان 3وفي قصفت المنون في مصر غصنا يانعا

من الدوحة البستانية )نجيب البستاني( نجل بطرس وتخرج على والده1862صاحب دائرة المعارف ولد سنة

وقد ساعده كالهما في1913كأخيه نسيب المتوفى سنة تآليفه وحرر مقاالت عديدة في الجنة والجنان وتعاطى

الدروس الفقهية فتولى منصب المدعي العمومي ورئاسة محكمة المتن في لبنان. وعدل عن بروتستانية والده

فارتد إلى دين طائفته المارونية. ومن آثاره دروس تاريخية عن فينيقية وعن جيل النور وأخالقهم وعن روسية. وله

منظومات شعرية لم ينشرها. وفي تلك السنة وقعت وفاة كاتب ضليع من أدباء الموارنة

. كان1919 تموز سنة 20)يوسف خطار غانم( توفي في ودرس في مدرسة اآلباء اليسوعيين1857مولده سنة

القديمة في بيروت وحرر فصوال واسعة نثرا ونظما في صحف الشام ومصر وكان كثير البحث عن آثار طائفته كما

يدل عليه تأليفه برنامج جمعية مار مارون الجامع(1/412)

بين المعلومات الوافرة وفنون اآلداب فأحيا ذكر كثيرينمن مشاهير ملته وزين مقاالته بصورهم المفقودة.

مات في سان باولو البرازيل بداء1919 2 ت29وفي القلب أحد أبناء سورية األدباء وهو )قيس لبكي( حرر في

جرائد المهجر ومجالتها فاشتهر بالكتابة. وإنما شوه كتاباته بما ضمنها من اآلراء الفاسدة والتحامل على الدين ما

حمل من المنصفين على تفنيده وتزييف آرائه. أيضا الصحافي )صموئيل يني(1919ومن مناعي العام

أخو جرجي أفندي يني منشئ مجلة المباحث في طرابلس. جارى أخاه بما نشره هناك من المقاالت األدبية

الحسنة. وخلف أيضا آثارا كتابية لم تنشر بالطبع. وفيه نعيت )مريانا مراش( من األسرة المراشية الحلبية

الشهيرة. امتازت في وطنها بين بنات جنسها بوضع المقاالت األدبية وبنظم الشعر وخلفت منه ديوانا بعنوان

. فمن أقوالها تهجو1893بنت فكر نشر في بيروت سنة طبيبا جاهال ثرثارا:

طبيب بال علم يروم لنفسه ... مديحا لفعل يقتضي أقبح الذم

فيسقي عالج المذق من عذب لفظه ... وينفث من أفعاله قائل السم

ومما نقش على نعش فتاة من نظمها:يا زهرة ذبلت بغير أوان ... ناحت عليها الورق باألغصان

فتعزيا يا والديها أنها ... مثل المالك مضت لخلد جنانومما قالته فنقش على كيس تبغ:

أحفظ ودادك في فؤادك كامنا ... واثبت وال تك مثل تبغدخان

فعواصف األنفاس تصعده سدى ... وتزجه في عالمالنسيان

والود ضمن القلب نقطة مركز ... كاألرض ثابتة علىالدوران

وكأن الحرب الكونية ومصائبها هدت قوى كثيرين من في1920األدباء فماتوا متأثرين من كوارثها. ففي السنة

شهر شباط توفي في دمشق األديب )نعمان القساطلي( صاحب تاريخ دمشق المعنون بالروضة الغناء في دمشق

الفيحاء. رزنت العلوم القضائية بأحد1920 أيار 31وفيها في

حزيران5أساطينها )الشيخ سليم باز( المولود في

. درس في مدرسة اآلباء اليسوعيين في غزير حيث1859 شهدنا عيانا نشاطه وسباقه لرفقته في ميدان العلم

والتقى. ثم انكب على العلوم(1/413)

الفقهية متلمذا للسيد يوحنا حبيب منشئ الجمعية التقويمية قبل أسقفيته فكان موضوع إعجاب أستاذه ولم يزل يتبخر في الفنون الشرقية القضائية حتى عد من كبار علمائها وأسندت إليه أرقى مناصبها فقام بها أحسن قيام

واستحق ثناء أرباب األمر. وعموم األهلين وألفت إليه أنظار الدولة التركية فجعلته من أعضاء مجلسها الشورى.

ثم عاد إلى وطنه فخدمه أطيب الخدم كمحام قانوني وأستاذ نطاسي ومؤلف بارع تشهد له المؤلفات العديدة

التي يتداولها أرباب المحاكم كشرح المجلة وشرح قانون المحاكمات وقانون الجزاء ومرقاة الحقوق وهو مختصر

نفيس في علم الفقه فضال عن تآليف فقهية عديدة عربها عن التركية ومقاالت عديدة عربها عن التركية ومقاالت

عديدة يطول تعدادها. وقد نشر أخوه جناب الدكتور جورج ( :1922 )30باز ترجمة حياته المطولة في المشرق )

938 - 957. ) أسوأ عاقبة على األدباء فغادرنا1921وكانت السنة

ودع1921 كانون 17كثيرون منهم إلى العالم اآلخر ففي الحياة أحد أدباء صيداء )فرج الله نمور( من أسرة نمور

ودرس في مدرسة1868 آذار سنة 25الوجيهة. ولد في اآلباء اليسوعيين في صيداء فنال بين رفقته قصب السباق وأخذ يتمرن على الكتابة ونظم الشعر حتى برع فيهما ثم

بارح الوطن لما وجد فيه من المضايقة على األقالم وانتقل

إلى مصر فصار يحرر في أكبر جرائدها. ثم تجول في البالد وزار تونس وأنشأ مع نجيب ملحمه جريدة البصيرة

فقام بأعباء تحريرها سنتين ثم أنشأ في طنجة جريدة لسان المغرب فأصابت رضى سلطان مراكش. ثم اضطر

بعد أربع سنوات إلى مغادرتها الختالط األمور السياسية وفتح في سان باولو1920وأبحر إلى البرازيل سنة

مدرسة خدم فيها الجالية السورية بهمة قدرها له بداء1921المهاجرون لوال أنه أصيب في أوائل السنة

الجنب الذي لم يمهله إال أياما قليلة فغالته المنية وعم أسف مواطنيه على فقده. ولفرج الله نمور عدة قصائد

قالها في كبار الرجال ولقيت استحسانهم. فمن قوله يحنإلى وطنه صيداء ويأسف على فراقها:

ما للغريب سوى البكاء مؤانس ... إن كان يعلم مؤنساوخليال

الله يا صيدون يا وطني الذي ... فاق البالء مرابعا وطلوالاك يا وطن الفضائل والهنا ... مر النسائم بكرة وأصيال حي

بلد بها اخضرت نبات عوارضي ... ورشفت من كأسالصفاء شموال

(1/414)

تلك التي حسنت مقاما للورى ... ومنازال وحدائقا وسهوال دعني وشأني والدموع فإنها ... تشفي الفؤاد وقلبي

المتبوال توفيت سيدة سورية )رحمة1921 آذار من السنة 2وفي

درست في مدرسة1880خوري صروف( المولودة سنة طرابلس األميركانية فنالت شهادة دروسها العالية ودانت

هناك بالمذهب البروتستانتي. ثم تولت التدريس في

مدرستي طرابلس وحمص بدعوة عمتها ثم رحلت إلى مصر وعلمت في مدارسها وأخذت تنشئ المقاالت األدبية النسائية فنشرت منها عددا في جريدة القطم فأحرزت لها

سمعة طيبة حتى دعيت إلى إلقاء المحاضرات في الجامعة المصرية في القسم المختص بالسيدات. وهي من جملة السيدات اللواتي نهجن للفتيات سبل التربية العصرية. كتبت في ذلك عدة مقاالت في المقتطف مع

قرينها إسحاق أفندي صروف وفي تلك السنة المشؤومة شيعنا جنازة أديب آخر من أفضل رجال الوطن وعلمائه )سليم أصفر( نجل كبير

قومه إبراهيم أفندي أصفر. تلقى العلوم في كليتنا فكان فيها قدوة لكل رفقته بجده وحسن سلوكه. ثم انتقل إلى

فرنسة فتعمق في درس الزراعة ليخدم بها وطنه مع حاجته إليها. فلما عاد راجعا عهدت إليه إدارة الزراعة في

الجبل فأفادها كثيرا وأحب أن يفتح لها أبوابا جديدة لالرتزاق لوال ما لقيه من العوائق في سبيله. ثم رحل إلى

اآلستانة يطلب امتيازا الستثمار جهات الحولة وتحسين تربتها. ثم تخلى في دار عمه عن األشغال مدة الحرب

محتمال بصبر جميل ما أصيب به من األمراض حتى قابل الوفاة بكل تقي وتسليم إلرادته تعالى. وللمرحوم كتابات نفيسة في كل فنون الزراعة ظهر منها في المشرق عدة

مقاالت وهو الذي كتب في زمن الحرب تلك الفصول الشائقة التي ظهرت في كتاب لبنان عن الزراعة

والصناعة في الجبل. وقد عرف باستقامته ولزومه كل فرائض دينه وممارسته لسائر الفضائل المسيحية ومن

1 ت25األدباء الذين فاجأتهم النية في العام المذكور ) ( الكاتب البارع خليل طنوس باخوس. من أسرة1921

باخوس الكريمة. ولد في غزير ودرس في مدرسة اآلباء اليسوعيين التي سبقت كلية بيروت. ثم تفرغ للكتابة

ولخدمة اآلباء العربية فكان أحد أساتذتها المقصودين يقبلون إليه حيثما يدرس. وهو الذي فتح المطبعة اللبنانية

ونشر فيها كتبا أدبية مفيدة ثم أنشأ جريدة الروضةفحررها سنين عديدة وكتب فيها

(1/415)

الفصول الرائقة باعتدال الطريقة وصون كرامة الدين ومن مآثره الحسنة روايته التمثيلية الحارث ملك نجران بالشعر ثم رواية ديمتريوس معربة وأضافت المنون إلى

األدباء المتوفين في ذلك العام الدكتور اسكندر بك 1856 ولد في صيدا سنة 1921 2 ت25البارودي في

من عائلة من الروم الكاثوليك عدلت إلى الروم األورثذكس لخالف حصل هناك. وتربى اسكندر بك في

المدارس األميركية وفي جامعتها وحاز شهاداتها البيروتية فأتبع الكنيسة اإلنجيلية. وانحاز - سامحه الله - إلى

الماسونية فصار أحد رؤساء محافلها. وكان الدكتور من األطباء الحاذقين والكتبة الماهرين تشهد له مجلته الطبيب

التي أنشأها وأدارها مع الدكتور بوست سنين طويلة وضمنها مقاالت مستجادة طبية وأدبية وتاريخية ومن آثاره أيضا كتابه السوار المحلي في تدبير األعال وخير األغراض

في مداواة األمراض والنصائح الموافقة في سن المراهفة والمبادئ الصحية لألحداث وحياة الدكتور كرنيليوس فان ديك وكلها مطبوعة ومما لم يطبع تاريخ الحثيين وتفسير لشرح ابن رشد ألرجوزة ابن سينا ونشر فصوص الحكم للرازي ودعوة األطباء البن بطالن وساعد أساتذة الكلية

االميركانية في تعريب ونشر تآليفهم وكان قاضيا في محكمة استئناف جبل لبنان سنين طويلة ومؤسسا لجمعية

األطباء والصيادلة ومن أعضاء الجمعيات العلمية والخيرية وكانت وفاته في سوق الغرب فواروه التراب في مكين

مع والديه. وللفقيد أخ من أم أخرى دخل جمعية اآلباء اللعازريين وهو اليوم مرسل غيور في رسالتهم الصينية

المذكور أيضا سبق إلى األبدية الدكتور1921وفي السنة أسكندر بارودي أستاذان بارعان خدما وطنهما بالتعليم

ونشرا فيه اآلداب أحدهما ماروني يوسف حرفوش واآلخراورثذكسي نخلة زريق.

وله1921 2 ك14توفي المرحوم )يوسف حرفوش( في سنة. تلقى العلوم في مدرسة اآلباء74من العمر

اليسوعيين في بيروت ثم أكملها في مدرسة فرسايل في ثم عاد إلى الوطن1860فرنسة بعد حوادث الشام سنة

وعلم نيفا وأربعين سنة في كلية القديس يوسف بهمة ودراية أقر لهما تالمذته شاكرين. وكان فضال عن ذلك

قدوتهم في ممارسة كل الفضائل المسيحية وفرائضها.وقد أبقى من آثار قلمه

(1/416)

عدة تآليف سهل فيها على الشبيبة درس اللغة الفرنسوية وقرب درس اللغة العربية على األجانب فصار إقبال عظيم على مصنفاته نخص منها بالذكر ترجمانه العربي وتمارينه

المترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية والمراسلة التجارية ودليل المتكلم وغير ذلك مما نشر بعضه وال يزال

بعضه اآلخر مخطوطا كقاموسه اللغة العامية. أما المرحوم األستاذ )نخلة زريق( فكان أحد أعضاء

في1859المجمع العلمي العربي الدمشقي. ولد سنة 1921 تموز 21بيروت وتوفي في القدس الشريف في

كان من رجال النهضة الجديدة بخدمته لآلداب العربية بصفة كاتب وأستاذ لغوي. صنف عدة رسائل وقصائد

متفرقة تشهد له بالبراعة وحسن الذوق. وقد علم نيفا وربع قرن في مدرسة المعلمين في كلية القدس الشريف

اإلنكليزية وانتخب بعد الحرب كعضو في تهذيب لجنة الكتب العسكرية في المدرسة الحربية في دمشق فلم تطل فيها مدته حتى عاد إلى القدس. وقد عرف الفقيد بغيرته نحو وطنه وبلزومه األخالق الوطنية ولغة الوطن

فجع الوطن اللبناني1922 آذار من السنة 3وأزياءه وفي بأحد كبار رجاله المعدودين )إبراهيم بك أبو خاطر( كان

من أسرة رومية كاثوليكية1869مولده في زحلة سنة فاضلة. أخذ مبادئ العلوم في مدارس وطنه ثم تخرج

على نفسه في اآلداب وظهرت مقدرته في الكتابة والخطابة لما حل اإلعالن بالدستور العثماني لسان األحرار

فأخذ يكتب ويخطب بأسلوب يجذب إليه القلوب ويبعث الهمم اطلب االستقالل الوطني. وقد نشرت له الجرائد عدة خطب أدبية وسياسية مستحسنة وأنشأ في زحلة

جريدته الخواطر كتب فيها فصوال بليغة زيف في البعض منها مبادئ فولتير وجان جاك روسو وقبح الشيعة

الماسونية ثم خلفه في إدارتها الوجيه موسى أفندي نمور حتى بطلت في أوائل الحرب. وقد عرضته أفكاره الحرة

وميله إلى فرنسة وإعجابه بأعمالها إلى حقد األتراك فقاسى في زمن الحرب محنا شتى. وقد شغل المذكور

عدة مناصب جليلة في عهد المتصرفين مظفر باشا وأوهانس باشا في زمن االنتداب الفرنسوي األخير فتعين

ثلث مرات لقائمقامية زحلة وقد عرف له الوطن فضله فأكرمه حيا وميتا. كما أن فرنسة أعربت عن رضاها بمساعيه فعينته كعضو في لجنة لبنان الكبير اإلدارية

فخدمها أصدق خدمة

(1/417)

فقدت أسرة الشيوخ الدحداح الكرام1922 آب 22وفي رجال من أفاضل وطنه لبنان المرحوم )الشيخ خطار 18الدحداح( . كان مولده في عرامون )كسروان( في

. وبعد أن درس العلوم في مدرسة عينطورة1840شباط الشهيرة دعي إلى التعليم في معظم المدارس الوطنية

واألجنبية كالمدرسة البطريركية والكلية األميركية ومدارس الثلثة أقمار وكفتين والوطنية فتخرج عليه

كثيرون من مشاهير األدباء ثم تولى مناصب مختلفة خدم بها الحكومة اللبنانية أصدق خدمة. وقد اشتهر الشيخ

المرحوم بآدابه الراقية وبمصنفاته المفيدة. فأنه تولى مساعدة التحرير في المجالت والجرائد الوطنية كالجنة

والجنان والجنينة والمصباح. ومن أخص تآليفه تاريخ فرنسة الحديث الذي أكمله بعدئذ المرحوم سليم

البستاني وطبعه. ثم باشر بتصنيف تاريخ آخر أطول للدولة المذكورة لم يتمه. وله روايات أدبية لم تزل مخطوطة

سعى بتمثيلها على مسارح المدارس. األولى من تأليفه وهي رواية يوسف الحسن ثم ألحقها بثلث روايات أخرى

عربها نثرا ونظما للشاعرين النابغتين كورنيل وراسيل أعني: أغوسطوس )أوسينا( وأستير وفيوجينا )أفيجينية( .

مثلت الثلث األولى في المدرسة الوطنية والرابعة فيالمدرسة البطريركية فأصابت استحسان العموم

حصدت المنون بمنجلها كاتبا واسع1922 تموز 6وفي الشهرة وهو في عز الكهولة نريد به )فرح أنطون( أصله من عائلة أورثوذكسية من طرابلس الشام وبها ولد سنة

درس في مدرسة كفتين وحول فكره منذ شبابه1874 إلى حرية الضمير وأخذ يدرس تآليف الكتبة المتطرفين

في آرائهم الدينية والشيوعية من فرنسويين وروسيين وجرمانيين كرينان وكرل ماركس وتولستوي ونيتشة

فعششت أفكاره في دماغه فصار يجاريهم في كتاباته فهاجر إلى مصر ثم إلى الواليات المتحدة ثم عاد إلى

مصر وهو ال يزال حيث ما حل يعالج المواضيع االشتراكية والديموقراطية المتطرفة المجردة عن روح الدين ال

يأخذه في كتاباته ملل بل تجاوز في ذلك كل حدود الفطنة دون مراعاة لصحته وهو يشتغل ليال مع نهار حتى غلبت

قواه فمات ضحية غلوائه. أما تآليفه فهي كثيرة وكلهاتشعر بأفكاره الحرة منها عدة روايات خيالية ومشاهد )

Dramesتمثيلية عرب قسما منها وألف القسم اآلخر ) وقد حرر مقاالت جمة في عدة جرائد. وأنشأ باإلسكندرية

مجلته الجامعة ثم واصل نشرها في الواليات المتحدة.وقد

(1/418)

اشتغل أيضا بالفلسفة وان لم يكن من فرسان ميدانها وله أبحاث في فلسفة ابن رشد ونقل كتاب رينان في هذا الصدد كما أنه عرب تأليف هذا الملحد المدعو )تاريخ

المسيح( الذي هو أحق أن يدعى مسخا منه تاريخا بعد أن بين العلماء اإلثبات أغالطه الفظيعة وأكاذيبه الشنيعة

ومناقضاته الواضحة فما كان بانطوان أن يضن بشرفه ودينه عن سفاسفه!. فيعز علينا أن نرى بعض حاملي

األقالم في بالدنا ينشرون بدون تعقل مبادئهم المستقبحة فيلقون قراءهم في وهاد اإللحاد وقعر الفساد وكان

بوسعهم أن يهذبوا عقولهم ويرقوا أخالقهم ويجعلوهم سندا لوطنهم فيبارك اسم الذين أرشدوهم إلى الصالح

ونكبوا بهم عن جادة الضالل. بارح الحياة رجل آخر من أدباء العصر1922وفي أيلول

شباط سنة16)عبد المسيح أنطاكي بك( مولود حلب في من أسرة روم أورثذكسية. نشأ فقيرا إال أنه1874

بنشاطه وذكائه الفطري لم يزل يجاهد أحوال الزمان ويطلب له مقاما بين األدباء حتى فاز ببغيته وعني أوال

بالصحافة في وطنه ثم في مصر الحرة فأنشأ في حلب الشذور وفي مصر مجلة الشهباء ثم العمران مراعيا في كتاباته أحوال الزمان. يناوئ حينا األتراك وحينا يجاريهم.

يناضل الالمركزية ويتحد مع رجالها. وهو ال يزال ينادي بالقومية العربية. ثم ترك الصحافة وعني بنظم الشعر فنال منه بعض الشهرة إذ تقرب به إلى الذوات بمدحه أصحاب األمر وأرباب الدين. وتجشم األسفار إلى بالد

العرب فرحل إلى اليمن والحجاز والعراق واجتمع بأمرائهم ساعيا وراء تحقيق آماله من نهضة العرب

واسترجاع مجدهم. فقضى بعد حل وترحال وهو يعاين االنقالبات التي حدثت في الجزيرة بسقوط ملك الحجاز وفوز ملك نجد ابن سعود. ولعبد المسيح أنطاكي تآليف

مختلفة منها ديوانه عرف الخزام في مآثر السادة الكرام. ومنها كتابه نيل األماني في الدستور العثماني ومطلع

الميامن في تهاني البطريرك كيرلس الثامن جحا لخص فيه تاريخ البطريركية اإلنطاكية وال سيما الرومية

الكاثوليكية. وكان عبد المسيح األنطاكي من أنصار االتحاد بين طائفته االورثذكسية وطائفة الروم الكاثوليك وقد طرأ

في هذا الكتاب أعمال اآلباء اليسوعيين في هذا الشأن ( . وأنشأ في المعنى نفسه مجلة الكنيسة19 - 18)ص

االورثذكسية ولم يرض من خطة رؤسائها بعد أن سعى مع الوطنيين إلى تحريرهم من العنصر اليوناني. ولالنطاكي

أيضا رواية بطرس األكبر وغير ذلك. ودونك

(1/419)

مثاال من شعره يصف مواعظ الدهر:دع عنك أنغام الطرب ... ومالهيا فيها الوصب

وانظر إلى ختل الزما ... ن محاذرا شر الحربيعلو الدني بلومه ... ويذل أرباب الحسب

وب كم من لبيب عضه م ... الدهر بأنياب النشب وأخو الجهالة في الهنا ... يلتذ في ذاك الن

والموت فينا دائر ... والناس طرا في لعبويل لدهر خائن ... كم من عظيم قد سلب

يغتالنا ويبيدنا ... كالنار شبت في حطب أسف الوطن على فقيد عزيز1922 2 ت18وفي

المرحوم )داود بك عمون( ولد في نيسان من السنة في دير القمر وتخرج في العلوم واآلداب في1869

مدرستي عينطورة والحكمة. خدم دولة تونس الغرب مدة وحظي برضى أربابها. ثم تعاطى المحاماة في مصر فنال

نجاحا باهرا وأحرز له سمعة واسعة ثم عاد إلى الشام عضوا بمجلس إدارة لبنان. ولما أعلن1914وانتخب سنة

باالنتداب الفرنساوي كان داود بك من أكبر أنصاره فأخلص الخدمة في سبيل توطيده وتعزيز لبنان الكبير

فأجمع مواطنوه على إكرامه حيا وميتا وكان داود بك من الكتبة البلغاء والشعراء المجيدين. فمن قوله يذكر لبنان

وهناء العيش فيه:ذا المصطاف في جبل ... ينطح الجوزاء بالقنن حب

مؤيل األحرار من قدم ... وأباة الضيم في زمنليس لبنان لمكتسح ... بضعيف العزم ممتهن

إلى أن قال:فبنو لبنان أسد وغى ... أطلقت فيهم يد المحن

ليت ذا عزم يضمهم ... ضمة األعضاء في البدنفيعيدوا السابقات من المس ... جد والعلياء للوطنيا بني أمي إذا حضرت ... ساعتي والطب أسلمني(1/420)

اجعلوا في األرز مقبرتي ... وانسجوا من ثلجه كفني لبى دعاء ربه1923 كانون األول من السنة 17وفي

األديب المرحوم )موسى صفير( صاحب مكتبة المعارف 1865في بيروت ولد في القليعات )كسروان( سنة

ودرس في مدرسة الرومية وعينطوره وفي مدارس الفرير واليسوعيين وأنشأ مكتبة المعارف فخدم بها

اآلداب. كان من الكتبة المجيدين والشعراء المحسنين حرر في جريدة الروضة ونشر عدة قصائد متفرقة وصف فيها أصحاب المراتب الدينية والوطنية واألحوال الجارية.

وعلم مدة في مدارس بيروت ونشر بعض الكتب المدرسية كدرجات القراءة ومبادئ العربية ودليل األحداث

وترقي الصغار في دروس االستظهار وغير ذلك مما لم1924ينشر بعد وفي أوائل السنة هصرت المنون غصنا

من الدوحة اليازجية في مصر نريد بها السيدة )وردة اليازجي( ابنة الشيخ ناصيف كان مولدها في كفرشيما

فدرست في بيروت في مدرسة البنات1838سنة األميركية وأخذت اآلداب العربية عن والدها فبرعت بها

وصارت تصنف الرسائل والقصائد في زمن لم يعهد ببنات جنسها شيء. من ذلك. وبعد وفاة زوجها األستاذ فرنسيس شمعون انتقلت إلى مصر وعنيت بالكتابة ونظم القصائد.

ومن آثار قلمها في الضياء مقالة في تعريف المرأة الشرقية. وقد طبع ديوانها الصغير الحجم اللطيف النظم

افتتحته بأبيات وجهتها إلى سميتها وزميلتها في األدبوردة ابنة الشاعر نقوال الترك أولها:

يا وردة الترك أني وردة العرب ... فبيننا قد وجدنا أقربسب الن

أعطاك والدك الفن الذي اشتهرت ... ألطافه بين أهلالعلم واألدب

فكنت بين نساء العصر راقية ... أعلى المنازل في األقدارتب والر

وقد امتازت خصوصا بمراثيها فمن ذلك ما قالته في رثاءالبطريرك مكسيموس مظلوم:

ها الحبر الجليل مقامه ... هل بعد فقدك غير دمع جار يا أيه ... أبقى لنا حزنا مدى األدهار لله يومك في األنام فأن

يا بدر تم غاب عنا في الثرى ... ما كان ذلك عادة األقمار(1/421)

ه في طيها متوار حسدته أفالك العلى وتحسرت ... لو أن وياله من أبقيت بعدك راعيا ... يرعى الرعية حيث يرضى

الباري من للمنابر والهياكل والحجى ... والمشكالت وغامض

األسرار قد سرت عن دار الفناء مجاورا ... دار البقاء فنلت خير

جوار وقالت تودع سليمان بك البستاني لما انتخب بعد الدستور

عضوا لمجلس النواب عن بيروت: أخلق ببيروت دار العلم من قدم ... أن تصطفيك على

األيام معوانا فالله لما ارتأى إعالن حكمته ... ما اختار من شعبه إال

سليمانا خسرت الجالية1924وفي كانون الثاني من السنة

السورية في البرازيل أحد أدبائها األستاذ )نعمة يافت( . تعلم في وطنه مبادئ العلوم1860مولود الشوير سنة

ثم أتمها في الجامعة األميركية فأمتاز فيها بين أقرانه بالعلوم الرياضية والطبيعية فنال شهادتها بل ندب إلى التدريس تلك العلوم فيها ثم علم في مدرسة طائفته

1893األورثذكسية المعروفة بالثالثة األقمار. وفي السنة هاجر إلى البرازيل وتعاطى التجارة فربح بدرايته وحسن

معامالته ثروة كبيرة أنفق قسما منها في عمل الخير. وكان هناك من أنصار اآلداب القومية يدعى إلى حفالتها

فيخطب ويباحث بكل معرفة وأدب إلى آخر حياته مأسوفاعليه.

توفيت في نيويورك كاتبة1924وفي أوائل شهر آب أصابت بقلمها بعض الشهرة وهي السيدة )عفيفة كرم(

1883من عائلة كرم المارونية ولدت في عمشيت سنة واقترنت بالزواج بالسيد كرم حنا كرم وهاجرت إلى

أمريكة فكتبت عدة مقاالت في جريدة الهدى ثم أصدرت مجلة العالم الجديد النسائية ولها من تأليفها روايات كغادة

عمشيت وفاطمة البدوية. وعربت غيرها كملكية يوم محمد علي. فكانت من النساء المساعدات على ترقية

بنات جنسها نأخذ عليها بعض االنتقادات الباطلة علىالدين وذويه.

نعي إلينا من نيويورك1925وفي غرة حزيران سنة بمزيد األسف رجل األدب والعلم والسياسة كبير أسرته

الوزير )سليمان البستاني( ولد في بكشتين من قرى ودرس على أفاضل1856 أيار سنة 22الشوف في

أسرته كالطيب الذكر السيد عبد الله

(1/422)

البستاني والمعلم بطرس منشئ المدرسة الوطنية وما لبث أن نبغ في علومه حتى رأى نفسه قديرا على التأليف فأشتغل مع أنسابه في صحفهم ودائرة معارفهم. ثم ساح

في البالد فطاف العراق وجزيرة العرب جنوبا وشماال وأجتمع بقبائل البادية فدرس األخالق ووسع نطاق معارفه وهو يشتغل تارة بالتجارة وتارة بالتعليم ويدون ملحوظاته فينشرها بالمجالت أو يحفظها لتآليف ينوي تصنيفها. وتردد

بعد ذلك إلى مصر واألستانة فتقرب من إشرافهما ونال امتيازات الدولة العثمانية ومناصبها الشريفة كمندوب

مجلس المبعوثان وعضو مجلس األعيان ووزير وممثل للسلطنة في البالد. وتجول في أنحاء أوربة وهو في كل

مكان موضوع اعتبار الجميع لما تجلى به من األخالق الراقية واآلراء الراجحة وروح الدين حتى أنهى حياته في

أميركا بعد أن اشتدت عليه وطأة المرض في مصر وتألم من داء عينيه فالتمس الشفاء في الواليات المتحدة. وقد نشر األديب فؤاد أفندي أفرام البستاني ترجمته المطولة

( . أما908؛ 824؛ 778( : 1925 )23في المشرق ) تآليفه التي خدم بها اآلداب العربية فال يجهلها أحد

وأعظمها شأنا ترجمته إللياذة هوميرس بالشعر العربي ( وقدم عليها درسا جليال في تعريفها وفي1المتين )

الشعر العربي وآدابه. ومن آثاره كتابه عبرة وذكرى وصف فيه أحوال الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده. وله

متفرقات شتى كمقاالت في المجالت والجرائد وكقصيدته الداء والشفاء وبحثه في االختزال ومخطوطات تاريخية

نتمنى أن ينشرها أنسباؤه. توفي )الدكتور سليم بك عطية( ولد1925 آب 8وفي

وتخرج في الكلية األميركية في1873في صافيتا سنة بيروت ودرس فيها الطب وأكمل دروسه في جامعة

بلتيمور في الواليات المتحدة ثم انتظم في سلك الجيش المصري لما فتحت بالد السودان فخدم الحكومتين

المصرية والبريطانية وتولى هناك إدارة المستشفيات العسكرية بكل نشاط وحسن تدبير. وكان في أثناء عمله

يكتب المقاالت المستجادة عما يلحظه في تلك البالد فتنشر في المجالت األجنبية. وكان يحسن الكتابة في لغته

الوطنية نثرا ونظما وتروى له عدة قصائد صنف بعضها بالشعر العامي بكل سالمة ذوق وفي أوائل ذاك الشهر

من السنة عينها نشبت المنون أحد أدباء الروم األورثذكس في الثغر )وديع أبو رزق( كان كتبا ضليعا حرر في الجرائد

الوطنية نثرا ونظما(1/423)

وقد فقدت اآلداب في عامنا الماضي بعض رجاله المعدودين أخصهم الكاتب األديب الشهير )سليم

سركيس( الذي رزى بوفاته حملة األقالم لما أنسوه من . كان مولده في1926 2 ك3تفننه في الكتابة توفي في

فورث عن والده المرحوم1869 أيلول 11بيروت في شاهين حب اآلداب. وبعد أن تخرج في المدرسة الوطنية ومدرسة عين زحلتا تعاطى فن الصحافة فبرع فيها وكتب زمنا طويال في جريدة لسان الحال. له فيها مقاالت رنانة.

ثم ساح في أوربة فأنشأ في لندن جريدة )رجع الصدى( وفي باريس )كشف النقاب( مع صديقه األمين أرسالن.

ونشر في مصر جريدته المشير التي أثار فيها غضب الدولة التركية حتى حكمت عليه باإلعدام غيابيا ولم

يسكت عن بعض أعمال الدولة األلمانية فناله بعض أذاها. ثم رحل إلى أميركا فأنشأ الراوي والبستان وعاد إلى

مصر فأنشأ مرآة الحسناء وختمها بمجلة سركيس فثبت إلى آخر حياته. وهو لم يزل1905على نشرها من السنة

يكتب أيضا في جرائد مصر الكبرى كالمؤيد واألهرام وفي كلها ما يشعر بخفة روحه وفكاهة نفسه ولزومه الصدق

في الكتابة. ومن آثاره وصفه لمراقبة المكتوبجي في بيروت أيام االستبداد ومقاالته )في الزوايا خبايا( نقد فيها

بعض أعمال اإلرسالية األمريكانية. وكتاب سر مملكة وغير ذلك مما كان يسر بطرائفه القراء. وهو ال يبالي بانتقاد ولو

أيضا توفي في1926 2شط ببعض كتاباته وفي آخر ك بوغوتا كولمبية أحد المهاجرين إليها المرحوم )إلياس

ناصيف رزق( تخرج في كليتنا البيروتية في اآلداب العربية والفرنسوية وأنس من نفسه الميل إلى الكتابة فأنشأ

مقاالت نثرية وشعرية استحسنها الناس في الوطن والمهجر. وبرع أيضا في اللغة اإلسبانية وأصاب في

19المهجر ثروة كبيرة بما أنشأ من الدوائر التجارية وفي لبى دعوة ربه )الدكتور حبيب الدرعوني( بعد1926آذار

أن استعد ألخرته استعداد األبرار فختم حياته بالصالح كما قضاها بالبر وعمل الخير. ولد المرحوم في زحلة وتلقى

العلوم األدبية والطبية في كليتنا البيروتية فكان من أنجب وأفضل طلبتها. وقد زاول فن الطب بكل نشاط ونزاهة

ومحبة خاصة للفقراء. وعني مدة في مكتبنا الطبي بمعالجة داء الكلب. وكان الدكتور كاتبا بارعا يحسن

الكتابة بالعربية واالفرنسية له فيهما عدة آثار منها مانشرناه في مجلة المشرق. وكان ينظم

(1/424)

الشعر أيضا فمن ذلك نظمه لقسم كبير من كتاب االقتداء تموز31بالمسيح أطلعنا على بعض فصوله الشائقة وفي

من هذه السنة األخيرة وقع في ساحة القتال مأسوفا على شبابه )عادل أفندي النكدي( . على أننا تمنينا لو لم يبارح الحياة في جملة مواطنيه الدروز الثائرين على االنتداب إذ قتل في إحدى الوقائع التي جرت في غوطة دمشق. ولد

في أعبية وتخرج في مدرستها ثم أكمل1896عادل سنة دروسه في مدرسة بيروت العلمانية ونال شهادتها ودخل

مدرسة الحقوق الفرنسوية في بيروت ولم1914سنة يتمها إال بعد الحرب الكونية في القاهرة أوال ثم في لوزان

)سويسرة( فنال شهادتها كمأذون ثم كدكتور وذلك في أوائل العام المنصرم. وكان عادل مشبعا من أفكار الحرية واالستقالل فلما بلغته أخبار ثورة الدروز في حوران انتظم

في سلكهم وصار أحد زعمائهم فقطعت المنية غصن حياته لدنا. كان عادل متعمقا باآلداب العربية يكتب

ويخطب وينشئ المقاالت الواسعة. وقد نقل من اإلفرنسية كتاب إتيان فالندان في النظامات السياسية في أوربة الحالية فنشر قسمه األول. وعرب أيضا كتاب تربية

األحداث وكتاب األصول اإلدارية في اإلسالم مع عدة مقاالت سياسية وأدبية في الصحف الوطنية واألجنبية

وممن استأثر بهم الله في تلك السنة أحد أدباء الوطن وأرسل بعد حوادث1845األستاذ )شاكر عون( ولد سنة

إلى مدرسة فرسايل الثانوية فبرع في علومها1861سنة كاألستاذ المرحوم يوسف حرفوش. ثم دعي بعد رجوعه إلى بيروت إلى التدريس في المدارس الوطنية فقضى سنين طويلة في التعليم بمدرسة الحكمة ثم علم في

مدرسة الشيخ عباس وكان أحد أعضاء الجمعية المارونية العلمية. ومن آثاره تعريبه لكتاب خطبة التاريخ العام

لبوسويت مع الشيخ عبد الله البستاني. وأنشأ مجلة النديم

وكتب في جريدة الروضة. وله مقاالت متينة في فروع1926 1 ت22اآلداب والمسائل االجتماعية. توفي في

وآخر من نذكره في هذه الحقبة وطني ذائع الصيت من أرباب اليراع الناثر الشاعر )طانيوس عبده( توفي في

في مستشفى القديس1926 1 ك2بيروت في جاورجيوس. أثر مرض جاء من مصر ليتداوى منه في

وطنه. كان المذكور من أدباء(1/425)

القرن الحالي المشار إليهم بالبنان لوفرة مصنفاته األدبية. نشر مقاالت بليغة في الصحف وأنشأ صحيفة الراوي ثم

مجلة الشرق وألف عدة روايات وعرب غيرها. فأقبل عليها األدباء لحسن إنشائها وجودة سياقها وقد اشتهر

خصوصا بالشعر الرائق. فجمع منه قسما جناب صديقنا أنطون الجميل فنشر جزؤه األول في مصر تحت عنوان ديوان طانيوس عبده. وفي هذا المجموع حسنات عديدة

صورة ومعنى قد تفنن فيه الشاعر ما شاء. دونك مثاال منشعره في وصف لبنان:

لبنان أنت قوة الضعيف ... وملجأ الخائف والملهوفومستقر العابد العكوف ... في البرد والربيع والخريف

أما الصيف فهو شيء ثانيكل جبال األرض مهما تعلو ... فإنها ألخمصيك نعل

قد قدستك األنبياء من قبل ... وقد مشت قدما إليكالرسل

تستنزل الوحي من الرحمانسبحان من أرساك يا لبنان ... فليس زلزال وال بركانفيك وال غيض وال طوفان ... بل كل ما فيك هو األمان

وطيب اآلمال واألماني وقد رثاه الشاعر الرقيق الياس أفندي فياض بقصيدة

مؤثرة أولها:ال تبكه فاليوم بدء حياته ... إن األديب حياته بمماته

الباب الثانيفي المستشرقين المتوفين في هذه الحقبة الثالثة

الفرنسويون أحد1919 شباط 14فقدت رسالتنا في اإلسكندرية في

مرسليها المنقطعين للدروس الشرقية واآلثار المصرية ( درس تاريخ اإلسكندريةJ. Faivreاألب )جول فيفر( )

Dict. Dونشره في دائرة العلوم التاريخية الكنسية )Hist. Ec - clesiastiqye( وله كتاب في آثار كانوب )أبو

( وله899( : 1926قير( وخرائبها راجع المشرق )منشورات عن مصر وآثارها النصرانية

(1/426)

لحق إلى األبدية1920 شباط من السنة التالية 26وفي .Mالمستشرق الفرنسوي )مرسال دي الفوا( )

Dieulafoy( قرينته جان السابق ذكرها )راجع الصفحة سنة. قضى مع76( توفي في باريس وعمره 80 - 79

زوجته سنين طويلة في األسفار إلى مصر والجزائر ومراكش وبالد الشام والعجم وفيها تولى الحفريات

ووصف آثارها في عدة مجلدات في عهد قدماء الفرس وفي زمن بني ساسان. وله تآليف في مراكش وفي رباط

واشتغل بآثار البابليين والكلدان. ودرس أسفار التوراة كسفر أستير وسفر دانيال وأسفار الملوك ليطبق

معلوماتها على ما اكتشفه بأبحاثه الخاصة. وكانت قرينته تشاركه في كل هذه األعمال بل خدم كالهما في حرب

وتطوعا في خدمة وطنهما1870فرنسة وألمانية سنة في هذه الحرب األخيرة. فكانا نفسا واحدة في جسمين

منفردين ومنيت فرنسة بفقدان مستشرق آخر تبع مرسال ديوالفوا إلى القبر فتوفي بعده بثالثة أسابيع

1853( . ولد سنة H. Pognonالمرحوم )هنري بونيون( ) . انكب منذ شبابه1921 آذار 16وتوفي في شمباري في

على درس اللغات الشرقية كالعبرانية والعربية والسريانية والبابلية وكان أول من درس اللغة اآلشورية في مدرسة

. وتعين كقنصل دولته في1878باريس العليا سنة طرابلس الغرب ثم في بغداد. فكان بعد قيامه بواجبات

منصبه يصرف كل زمانه في نشر اآلثار الشرقية التي خلف منها عددا وافرا. فمن ذلك تأليفه الفريد في اآلثار

السامية المكتشفة في الشام وفي ما بين النهرين وجهات الموصل. وهو الذي نشر كتابه نبو كدنصر التي وجدها في

لبنان في وادي بريسا. ودرس ديانة الصابئة واآلثار المندائية والكتابات اآلرامية المكتشفة في جزيرة اليفنتين

وله منشورات أخرى سريانية وآشورية نيسان وقعت وفاة أحد كبار21 في 1922وفي السنة

.Lاألثريين المستشرقين المنسنيور )لويس دوشان( )Duschesne 1922 نيسان 21( توفي في رومية في.

. درس العلوم الدينية في المدرسة1843كان مولده سنة الرومانية العليا لآلباء اليسوعيين في رومية. فتعرف

باألثري الكبير الكونت دي روسي فمالت أهواؤه إلى اآلثار النصرانية القديمة فأولع بها. فمما نشره الكتاب الجليل

(Liber Pontificalisالمعروف بالكتاب الحبري )المتضمن سير قدماء الباباوات. ومن تآليفه كتاب في

(1/427)

أصول مبادئ النصرانية وطقوسها. وله أيضا كتاب في الكنائس الشرقية المنفصلة. وتاريخ الكنيسة في القرن

السادس. وتعين المنسنيور دوشان رئيسا للمدرسة . وقد نشر1895الفرنسوية األثرية في رومية منذ السنة

في المجالت العلمية مقاالت ممتعة في عدة أبحاث شرقية أثرية. وقد أخذ عليه بعض الغلو في بسط آرائه

1922الخاصة وفي شهر نيسان أيضا من هذه السنة أسفت كلية الجزائر الفرنساوية على وفاة أحد رؤسائها

الذي خص نفسه بإدارة دروسها العربية المرحوم )جورج ( . بعد أن رسخت قدمه في معرفةJ. Delphinدلفين( )

اللغة العربية باشر في تدرسيها في مدرسة وهران ثم انتدبته الحكومة إلى إدارة مدرسة الجزائر وإلى نظارة

مدارسها الوطنية ودرس لهجات تلك البالد ولغاتها العامية وعني بترقية المسلمين األدبية واكتسب ثقتهم بأنسه ونشر عدة أبحاث عن اإلسالم في الجزائر. وله كتب

مدرسية عديدة تسهيال لدرس العربية على مواطنيه. ومن منشوراته تاريخ الباشوات العثمانيين في الجزائر منذ

م( والمقامات1745 - 1515 )1158هـ إلى 921السنة العاولية في اللهجة المراكشية. ونشر في مطبعتنا

كتابه جامع اللطائف وكنز الخرائف1891الكاثوليكية سنة بوفاة1922وكما الجزائر فجعت أيضا تونس في السنة

.Lمستشرق آخر فرنسوي المرحوم )لويس ماشويل( )Machaelتولى زمنا طويال إدارة مدرسة تونس وعلم )

فيها العربية وصنف لها عددا وافيا من الكتب المدرسية كدليل الدارسين ومنتخبات تاريخية وأدبية. وعني بتكرار

غراماطيق البارون دي ساسي بعد نفوذه وأتقن أيضا

لهجات العامة في تونس ومراكش ونشر فيها روايات فكاهية. وكان استظهر منذ صغره القرآن على أحد أساتذة

الجزائر وقد خلف معجما كبيرا عربيا وافرنسيا تنوي الحكومة في نشره لوفرة مواده. وكان المذكور حر

األفكار ال يكترث لدينه لتربيته صغيرا في مدارس ال دينية 16فطلب أن يدفن دفنا مدنيا أصيبت اآلثار الشرقية في

بوفاة رجل خدمها نيفا وستين سنة العالمة1923شباط - Ch. Clermontاألثري )شرل كارمون غانو( )

Ganneauحل أجله في باريس وفيها كان مولده سنة ) . وجه نظره منذ شبابه إلى الدروس الشرقية1846

فدرس العبرانية والعربية وترشح للمناصب القنصلية فيأنحاء الشرق فخدم دولته

(1/428)

كترجمان ثم كقنصل في القدس الشريف ثم في األستانة في يافا. وتجول في مصر والشام واألناضول واليونان

وتولى حفريات عديدة ودرس عادياتها. وقد تفرد خصوصا بوصف عاديات الشام وفلسطين. وكان أول ما أذاع صيته

في عالم العلم اكتشافه لكتابة مشا ملك مواب الراقية إلى القرن التاسع قبل المسيح المكتوب بالحرف العبراني

1871. ثم اكتشف سنة 1869ففسرها كارمون غانو سنة الكتابة اليونانية التي كانت في حرم هيكل أورشليم وهي

تحظر على كل أجنبي الدخول للهيكل تحت طائلة الموت. ثم تعددت بعد ذلك اكتشافات ومنشورات كارمون غانو.

وتبلغ قائمة تآليفه عشرين صفحة ناعمة. نخص منها بالذكر مجموعته )دروس أثرية شرقية( ومجلته )مجموعة

آثار شرقية( في ثماني مجلدات. ومن تآليفه الممتعة

كشفه الستار عن اآلثار المزورة وكتابه )فلسطين المجهولة( . وله فضل كبير على وطننا بأبحاثه العديدة عن

كل عادياتنا الفينيقية والعبرانية والعربية والسريانية بارح الحياة1923 تشرين األول من هذه السنة 6وفي

(M. Pezardفي عز كهولته المرحوم )موريس بيزار( ) الذي مشى على آثار كارومون غانو فتخصص بدرس اآلثار الشرقية. ساح في العجم وألف كتابه عن عاديات شوشن

مع المسيو بوتيه. ثم أتى سورية بعد الحرب فباشر الحفريات في قدس مدينة الحثيين في أنحاء مدينة حمص

.1926 و1921فوقف على كثير من عادياتها في السنتين كتابا بديعا في خزفيات1920وكان نشر قبل ذلك سنة

اإلسالم القديمة وأصلها. وقبل وفاته بقليل نشر مقالةواسعة عن كتابة المفرعون ساتي األول ومقاالت غيرها.

علمنا بمزيد1924وفي أوائل كانون الثاني من السنة األسف بوفاة أحد أنصار الدروس العربية المرحوم )رينيه

. وإذ بلغ بعد1855( كان مولده سنة R. Bassetباسه( ) دروسه الثانوية السنة الثامنة عشرة من عمره وقعت في

يده كتابة قديمة لم يعرف شيئا من أمرها فقيل له أنها كتابة عربية فكان ذلك داعيا لدرسه تلك اللغة ونبوغه فيها

ولم يقصر نظره عليها بل أراد أيضا أن يتقن بقية لغات الشرق كالفارسية والتركية والحبشية والقبطية فأصبح من أكبر اللغويين العصريين. إال أنه تخصص بالعربية وباللغات السامية ال سيما مذ عهد إليه تدريس العربية في مدرسة

. ثم تولى تدبير المدرسة فبلغها1882الجزائر العليا سنة مقاما ممتازا وتعلم لغة البربر الساكنين في جبال

(1/429)

الجزائر. وللمسيو باسه تآليف عديدة تنبئ بسعة معارفه للشرق العربي اإلسالمي منها تاريخية ومنها أدبية ومنها

لغوية وله وصف رحل تجشمها إلى تونس وإلى السنيغال. ومن تآليفه مجموعة )ألف حكاية وحكاية( في عدة

مجلدات منقولة إلى االفرنسية سبق لنا وصف مجلدين منها. ونشر تاريخ الحبشة لشهاب الدين أحمد بن عبد

القادر المعروف بعرب فقيه مع ترجمته إلى االفرنسية. وله مقاالت متعددة في المجالت الشرقية في فرنسة

وفي الجزائر وتونس وفي دائرة العلوم اإلسالمية. وكتبفي الشعر العربي الجاهلي.

( يعدهH. Bassetوكان لرينة باسه ابن )هنري باسه( ) ليكون خلفه في دروسه الشرقية فلم يعش بعده إال

في رباط في الثالثة1926 نيسان 13سنتين فتوفي في والثلثين من عمره. كان خدم وطنه في الحرب فذاق

مرارتها ثم تخصص بعدها بدرس اإلسالم في كل مظاهره التاريخية واألثرية واالجتماعية. وتولى بعد أبيه نشر دائرة

اإلسالم االفرنسية. وله أيضا تاريخ آداب قبائل البربر. مجلة الدروس الماركشية1921وبهمته أنشئت سنة

( وفيHesperisوالبربرية المعروفة باسم عسبربس ) .H كانت وفاة هنري سالدين )1923أواخر السنة

Saladinالذي اشتغل مع المسيو ميجون في الكتاب ) النفيس المعنون بدليل الصناعة اإلسالمية. وكان قبل ذلك

كتابا حسنا عن عاديات تونس في1888نشر سنة خسرت فرنسا1924األسبوع األول من كانون الثاني

.Eإمام علمائها بالمسكوكات القديمة )آرنست بابلون( )Babelon.كان إليه مرجعهم في معرفة النقود العتيقة )

نذكر منها دليل مسكوكات سورية واألرمن ودليل النقود العجمية وله دليل ثالث في اآلثار الشرقية. ولد سنة

ثم تضلع من علم اللغات السامية وتجول في1854

الشرق متخصصا بآثاره ومسكوكاته فنبغ فيها وتآليفه تبلغ العالمة )جاك دي1924عدة مجلدات ومن مناعي السنة

( توفي في أواسط تلك السنةJ. De Morganمورغان( ) مخلفا له ذكرا طيبا في عالم العلوم الشرقية ال سيما األثرية. وكفاه فخرا ما تواله من الحفريات في العراق

والعجم. فإليه يعود الفضل الكتشافه في شوشن شرائع حمورابي الراقية إلى أوائل األلف الثاني قبل المسيح.

واكتشف مسلة الملك البابلي نارام سين وتمثال الملكنابير أسو وآثار أخرى عديدة للعيالميين تزين اليوم(1/430)

متحف باريس وغيرها. وقد نشر كثيرا من تلك اآلثار مع العالمة األب شيل الدومنيكي. وله تاريخ األرمن وتآليف

في عاديات مصر وفي أصول الشعوب وآثارهم السابقة للتاريخ. وقد اعتزل األشغال في أواخر حياته لما وجد من

المعاكسة في بعض زمالئه فمات خامال وممن نشبت فيهم المنون مخالبها منذ عهد قريب األستاذ

( الذي توفيP. Casanovaالمستشرق )بول كازانوفا( ) درس اللغات الشرقية في مكتب1926 آذار 24في

باريس المختص باللغات الشرقية الحية ونال شهادتها ثم بعد أن1909علم العربية وآدابها في جامعة فرنسة سنة

أسند إليه في مصر بصفة نائب مدير معهد اآلثار الشرقية الفرنساوي. وكانت الجامعة المصرية انتدبته ليلقي فيها

فلم تطل مدته وتوفي وهو1925دروسا شرقية سنة مستعد ليأتي إلى بيروت ويحضر مؤتمرها األثري مع عالم

( فتوفي كالهما فيG. Benediteآخر جورج بنديت ) أسبوع واحد. وللمرحوم كازانوفا من التآليف ترجمة

المقريزي لوصف مصر وترجمة تاريخ ابن خلدون في قبائل البربر. وكتاب في محمد وآخر العالم. وكان

المرحوم مولعا بعلم النقود القديمة اإلسالمية وبآالت العرب الرصدية وبمكاييلهم وموازينهم. وقد رددنا عليه في بعض تطرفه وكان آخر من فجعت به اآلداب العربية وذلك

المستشرق الممتاز )كليمان1927 السنة 2ك2في Cl. Huartهوارت( ) ( الذي أدى للعلوم العربية خدما

وانكب1854مشكورة. ولد في باريس في أواسط شباط منذ شبابه على الدروس الشرقية له عدة تآليف تركية

وفارسية. ومما خدم به اللغة العربية خصوصا كتابه في ثم تآليفه في تاريخ العرب في1902اآلداب العربية سنة

( ثم نشره وترجمته لكتاب البدء1912مجلدين ) ( وتاريخ1909 - 1899للمقدسي في ستة مجلدات ) ( وكتاب في الخطوط1901بغداد في القرون المتأخرة )

(1908العربية وتزيينها بالمينا في الشرق اإلسالمي ) نضيف إلى هؤالء اثنين من آباء كليتنا األب )فرنسيس

.L( واألب )لويس بولوموا( )Fr. Tournebizeتورنبيز( )Bouloumoyخدم األول اآلداب الشرقية بعدة مصنفات )

(1910أخصها تاريخ مطول ألرمينية السياسية والدينية )ثم

(1/431)

الكنيسة الرومية األرثذكسية واالتحاد ثم مقاالت عديدة علمية ودينية وتاريخية عن األرمن والدروز والرساالت الشرقية وتراجم بعض المرتدين إلى الكثلكة أو بعض

. أما الثاني1926 آذار 11مشاهير الرجال توفي في فكان أحد أساتذة الطبيعيات في المكتب الطبي

الفرنساوي تخصص بعلم الميكروبات وعلم النبات. له في هذا العلم األخير كتاب نفيس وصف فيه نبات الشام بناء

على ما جمعه من أصنافه في لبنان ومستنبته الشهير( . طبع حديثا في باريس.277( : 1913 )16)المشرق

المستشرقون اإلنكليزيون تأسف المستشرقون غاية األسف على وفاة أحد أشراف

( رافعSir Ch. J. Lyallاإلنكليز )السر شرل جيمس ليال ) لواء العلوم الشرقية لكنه امتاز خصوصا بمنشوراته

العربية فنشر وترجم مجموعا من شعراء العرب القدماء وشرح المعلقات للتبريزي ودواوين عبيد بن األبرص وعامر

ابن طفيل وعمرو بن قميئة. ونشر في مطبعتنا ديوان المفضليات للضبي مع شروحها وتذييلها بالملحوظات اللغوية واألدبية وترجمتها إلى اإلنكليزية التي كان أحد

رؤسائها وفي دائرة المعارف الدينية واألخالقية وغيرهما سنة.76 وعمره 1920توفي في غرة أيلول

فقد اإلنكليز أستاذ1925وفي أوائل كانون الثاني سنة آخر من أساتذة العلوم العربية المرحوم )كارليل

( بعد نشره لديوانC. H. H. Macartneyماكرتناي( ) شعر ذي الرمة مع شرحه وتذييله بالحواشي اللغوية

.1919والروايات المختلفة والفهارس طبعه في كمبدرج ومن كبار المستشرقين الذي فجعت اآلداب الشرقية

)أدوار برون( )2 ك5 في 1926بوفاته في العام الماضي Ed. G. Browneأستاذ اآلداب العربية والفارسية في )

64جامعة كمبردج توفي وعمره سنة أحرز له فخرا أثيال بتآليفه الواسعة ال سيما الفارسية والعربية. منها وصفه

للمخطوطات اإلسالمية في جامعة كمبردج في أربعة مجلدات وتاريخه الكبير المعجم ولآلداب الفارسية في

أربعة مجلدات أيضا. ونشر

(1/432)

مجاميع من شعراء الفرس وتواريخهم وتاريخ خراسان وتاريخ السلجوقيين وتاريخ أصفهان وتاريخ البابية والبهائية

ورحلته إلى فارس ومذاكرة الشعراء لدولتشاه ولباب األلباب لمحمد عوفي وتاريخ الطب عند العرب وكتاب

نهاية األرب وفي أخبار الفرس والعرب. وفي العشرين من الشهر والسنة عينهما توفي الرحالة

82( عن Ch. M. Doughtyاإلنكليزي )شرل دوتي( ) سنة اشتهر برحلته إلى جزيرة العرب فسار من دمشق

على طريق الحج حتى بلغ الحجر وزار مدائن1876سنة صالح والعال وتيماء ونسخ عددا من الكتابات المنقورة على

صخورها وبلغ إلى حايل وخيبر ولقي في طريقه ضروب المشقات حتى كاد يذهب ضحية تهوره. ولما عاد إلى

وطنه سالما بعد سنتين نشر أخبار رحلته مع صورةالكتابات التي نسخها.

1926وفي السنة فقدت إنكلترا سيدتين اشتهرتا أيضا آذار توفيت السيدة26بخدمة اآلثار الشرقية. ففي

( التي تخرجتAgnes S. Lewis)أغنس سميث لويس( ) في جامعة كمبردج ثم تجشمت عدة أسفار إلى مصر

وفلسطين واليونان وقبرص وطورسينا مع أختها السيدة جبسون. وقد كتبت أخبار رحلتها إلى قبرص وطورسينا

حيث اكتشفت في مكتبتها عدة مخطوطات قديمة سريانية وعربية ويونانية من جملتها نسخة قديمة سريانية

من إنجيل مار متى. وقد نشرت مجموعة من تلك اآلثار ( . وقدStudia Sinaiticaدعتها الدروس السيناوية )

عرف لها وطنها خدمها فمنحها وسام الشرف. كان مولد.1843أغنس لويس سنة

( توفاهاGert. Bellأما الثانية فهي اآلنسة )برترودة بل( ) تموز وهي التي دعيت بملكة العراق12الله في بغداد في

لما أدته من الخدم للحكومة اإلنكليزية في العراق بعد أن فوض إليها االنتداب على تلك البالد. عرفنا هذه اآلنسة

التي زارت كليتنا غير مرة قبل الحرب وبعدها فكنا معجبين بهمتها ونشاطها فأنها طافت أصقاع الجزيرة والعراق واألناضول ونزلت بين قبائل العرب والترك ودرست آثار البالد الدينية والمدنية وفنونها وصنائعها

ووصفت كل ذلك بعدة تآليف من قلمها باإلنكليزية ومن أفضل مصنفاتها كتابها عن كنائس وأديار طور عابدين

وكتابها في بادية الشام وآثارها وكتابها في الحضر والمدر ووصفها ألمد مع المرحوم مكس فأن برشم وأللف كنيسة

وكنيسة بمعية العالمة رمساي ومن مراد إلى مراد )Amurath to Amurath)

(1/433)

ولما وصف قصر أخيضر القديم في العراق وغير ذلك مماقضى منها العجب.

المستشرقون األلمانيون كان أول من منيت به منهم اآلداب الشرقية بعد نهاية

الدكتور )مرتين1919 كانون األول سنة 5الحرب في M. Hartmannهرتمان( ) ( الذي عرفناه في بيروت زمنا

1851طويال ككنشليار دولة ألمانية. ولد في برسلو سنة وقضى في برلين. كان ابن أحد قسوس البروتستانت

ورث منه تحمسه لمهذبه ومعاداته للكثلكة.. صرف أكبر قسم حياته في درس اللغات الشرقية وال سيما العربية

ونشر آدابها. وكان أحد منشئي مدرسة اللغات الشرقية في برلين والمتولين على نظارتها. وقد نشر كتبا عديدة تنبئ من طول باعه في العربية منها كتابه في الصحافة

( وكتاب في العروض1899العربية في مصر سنة ) العربي وكتاب في اإلسالم وأنشأ المجلة اإلسالمية ومجلة عالم اإلسالم ورحل إلى جهات مصر وسورية وتركستان

وألف كتابا عربيا لتعليم اللغة األلمانية. وله انتقادات على رسالتنا السورية جاوز فيها حدود العدل ثم أقر لنا

بمغاالته. وقد نشرنا له في المشرق مقالته في درس 11اللهجات العامية. أوصى عند وفاته أن تحرق جثته وفي

أسلم روحه في يد خالقه أحد آباء1920كانون الثاني رهبانيتنا األلمانيين من كبار المستشرقين علما األب )جان

( الذي كانJ. N. Strassmayerنيبوسيق ستراسميار( ) متقنا للغات الشرقية ال سيما السريانية والعربية لكنه

قضى معظم حياته في نشر اآلثار المسمارية، وهو أول من وضع لها معجما بناه على كتاباتها الحجرية المحفوظة في المتحف البريطاني في لندن ونشر مع األب اليسوعي

لبنغ كتابا عن معارف الكلدان في الفلكيات استنادا إلى آثارهم القديمة التي حال رموزها. وكان مع دروسه هذه

يقضي ساعات من نهاره في خدمة كاثوليك لندن استأثر الله1920 كانون الثاني 27وفي العام التالي في

بأستاذ ألماني عالم وعامل المرحوم )كرستيان فردريك ( مات في توبنغ بعد أن علمF. Ch Seyboldسيبولد( )

وبعد أن تخرج1859سنين طويلة. ولد في أوائل سنة في جامعة توبنغ في علومها الالهوتية والفلسفية واللغوية

أنتدبه ملك البرازيل دون بدرو الثاني ليعلمه اللغاتالشرقية

(1/434)

وخصوصا العربية والسنسكريتية فرافقه إلى البرازيل وتعلم هناك لغات الوطنيين في تلك البالد وكان متفقا للبرتغالية واإلسبانية ثم دعي إلى اللغات الشرقية في جامعة توبنغ فعلم العبرانية والسريانية والفارسية. وقد

فضل عليها تعليم العربية فوصف مخطوطات مكتبة الجامعة ونشر مؤلفات عربية مهمة كأسرار العربية ألبن

األنباري والشماريخ في علم التاريخ للسيوطي والمنى في الكنى له وكتاب المرصع ألبن األثير والكتاب الدرزي النقط

والدوائر ورواية سول وشمول مع ترجمتها إلى األلمانية. ونشر أيضا معجما قديما التينيا لمؤلف غفل وطبع في

مطبعتنا الكاثوليكية قسمين من تاريخ بطاركة اإلسكندرية ألبن المقفع أسقف األشمونين. هذا إلى مقاالت عديدة

بقلمه في المجالت الشرقية األلمانية. خسرت مونيخ1921وفي شهر حزيران من تلك السنة

عاصمة بافارية أحد أساتذة جامعتها في عز كهولته ( معلم اللغاتE. Lindlالمستشرق )أرنست لندل( )

الشرقية. نشر بعض التآليف في البابلية واآلشورية وما يستفاد من آثار المسمارية تأييدا لمرويات األسفار

خسرت مونيخ1922المقدسة. وفي آب من العام التالي ( الذيJos. Aumerناظر مكتبتها الدكتور )جوزف أومر( )

كنا اختبرنا لطفه ومعارفه الشرقية. ومن آثاره وصفهالمدقق المخطوطات العربية التي تحفظ هناك.

ومن علماء المستشرقين األلمان المتوفين في ذلك العام ( توفي في برلين فيFr. Kernالدكتور )فردريك كرن( )

. كان يعلم في عاصمة بروسية1921تشرين الثاني العربية واآلداب اإلسالمية ويعاني اآلثار الشرقية في بابل

والهند ومن تآليفه كتابه في تاريخ البوذية في الهند.

وأعظم منه شهرة إمام الدروس السامية في برلين (Fr. Delitschاألستاذ الدكتور )فرنتس ديلتيش( )

تعاطى كل العلوم1923المتوفى في كانون الثاني الشرقية وإنما اشتهر خصوصا بتآليفه المتعددة عن اآلثار

البابلية وشرح األسفار المقدسة العبرانية واآلرامية. Carlومثله شهرة صديقنا الدكتور )كرل بتسولد( )

Bezold 1923( توفي أيضا في كانون الثاني من السنة كان أستاذ اللغات السامية في هيدلبرغ. أدار سنين طويلة المجلة اآلشورية التي أودعها كنوزا ثمينة من معارفه في

كل لغات الشرق(1/435)

كالكلدانية والسريانية والعربية والحبشية. وله تآليف فريدة في كل اآلثار الشرقية ونشر في العربية والحبشية الكتاب

المصنوع المدعو )عهد آدم( وتاريخ ملوك الحبش المعروف بكبرا نغست إال أن معظم تآليفه في اآلثار

البابلية. وآخر من أسفت على فقده العلوم الشرقية الدكتور

( منشئ مجلة اآلداب الشرقيةF. Pciser)فليكس بيزر( ) ( أدارها عدة سنين وبين رسوخ قدمه فيOLZاأللمانية )

معرفة كل آثار الشرق وال سيما اللغات السامية القديمة والحديثة. تشهد له المقاالت الفريدة التي تحفل بها

نيسان24المجلة كل أبواب المعارف الشرقية توفي في 1925

النمساويون والمجريون والسويسريون تشرين األول9في أول جمعة من الهدنة بعد الحرب في

توفي في فينة )الكافليار جوزف فون كرابتشك( )1918J. Karabcek في غراتس حاضرة1845( ولد سنة

ستيريا من أعمال النمسة سابقا. درس في جامعة فينة ثم سافر إلى بناس وحصل على مجموعة مسكوكات عربية

قديمة فانقطع إلى درسها ووصفها فعينته الحكومة النمساوية معلما لآلثار الشرقية وتوفقت الدولة بحصولها

على آثار بردية عربية راقية إلى أوائل الفتح اإلسالمي في فعهد إليه درسها1881مصر وجدت في الفيوم سنة

فوصفها وتعين أستاذا لتاريخ الشرق وعادياته فنشر في كل هذه الفنون مقاالت واسعة في مجلة العلوم الشرقية

( .WZKMالنمسوية ) توفي في براغ عاصمة بوهيميا1920وفي أوائل السنة

.Rالنمسوية أستاذ اللغات الشرقية )رودلف دفوراك( )Dvorakله تأليف في شعر أبي فراس الحمداني )

وترجمة حياته في األلمانية ونشر ما ورد من شعره في يتيمة الدهر للثعالبي مع ترجمته. طبعه في ليدن سنة

وله تأليف في ألفاظ القرآن المعربة.1825 بوفاة1921ودهمت اآلداب العربية في السنة

مستشرقين كبيرين شاع فضلهما على العالم العربي: ( ولدMax Van Berchemاألول )ماكس فان برشم( )

ودرس في مدارسها1863في جنيف في سويسرة سنة وفي مدارس ألمانية ثم تخرج في مدرسة باريس

المعروفة بمدرسة اللغات الشرقية الحية ثم في المجمع العلمي األثري األفرنسي في مصر فقصد أن يطرق بابا

جديدا قلما طرقه المستشرقون قبله فأنه حاول(1/436)

نشر الكتابات العربية األثرية التي كتبها المسلمون على أبنيتهم القديمة من جوامع ومدارس وقصور ومعاهد

عمومية ومدافن مقسما ذلك إلى عدة أجزاء على حسب اختالف البالد وهو عمل جباري يحتاج إلى جماعة كبيرة وسياحات بعيدة وقد نشر من ذلك عدة مجلدات ممتعة كآثار مصر وحمص وديار بكر وآثار الصليبيين. وله تآليف أثرية أخرى في المجالت االختصاصية. واألمل معقود أن

يواصل عمله هذا بعض ذوي الهمة كالمسيو فيات وغيره. وقد تعين المرحوم زمنا طويال كأستاذ اللغات الشرقية في

آذار. وبعد وفاته نشرت7جنيفا عاصمة وطنه توفي في في كتاب خاص ترجمة حياته من أقوال1923قرينته سنة

العلماء ثناء على أعماله. أما المستشرق الثاني فهو الكاتب الضليع الواسع الشهرة

(Ign. Goldziherالموسوي )أغناطيوس غولدستهير( ) .1909الذي عرفناه في مؤتمري برلين وستوكلهم سنة

ودرس على كبار1850 حزيران 22ولد في المجر في المستشرقين األلمانيين في ليبسيك ثم تفرغ للتدريس

في بودابست ومذ ذاك الحين لم يزل يكد1870سنة ذهنه ويسهر جفنه في األبحاث الشرقية وعلى الخصوص

األبحاث في العلوم اإلسالمية بعد سياحته إلى الشام ( فخلد اسمه بمنشوراته النفيسة1 )1873ومصر سنة

عن اإلسالم وعلومه الدينية واألدبية واللغوية. فمما نشره ( ودروسه اإلسالمية1884كتابه في مذهب الظاهريين )

( وديوان الحطيئة1890 - 1888في مجلدين ضخمين ) 1896( وأبحاث في اللغة العربية )1890جرول بن اوس )

( في جملتها كتاب المعمرين. وله محاضرات1898- جميلة في اإلسالم ومعتقداته وأصوله وفي الحديث

1920النبوي. وكان آخر ما أصدره من قلمه سنة كتابا ممتعا في اعتبار الشيع اإلسالمية للقرآن وما بنو على

تشرين الثاني13نصوصه من اآلراء المتباينة. توفي في 1921.

لقي أجله في مدينة1922وفي كانون الثاني من السنة .Frبال في سويسرة أستاذ جامعتها )فردريك شولتس( )

Shulthessالذي تخصص أيضا بدرس العربية واألبحاث ) الشرقية ومما نشره ديوان أمية بن أبي الصلت جمعه من

المقاطيع المبثوثة في(1/437)

ونشر أيضا أبحاثا أدبية في الدين1922كتب العلماء سنة اإلسالمي وله تأليف في لغة السيد المسيح وغير ذلك.

المستشرقون اإليطاليون أصيبت الدروس الشرقية في إيطالية بضربة مؤلمة بوفاة

Celestinoالعالمة )سلستينو سكيابارلي( )Schiaparelli في بيامونتي1841 أيار 14( الذي ولد في

درس1919 تشرين األول سنة 26وتوفي في رومية في العربية في فلورنسة على األستاذ ميشال أماري الشهير

ثم تعين معلما للغة العربية في جامعة رومية الوطنية. ومن آثار همته الطيبة نشره لديوان ابن حمديس الصقلي

ثم نشر رحلة ابن جبير مع ترجمتها اإليطالية )1897سنة ( ونشر في فلورنسة معجما عربيا قديما سنة1906 . ونشر مع األستاذ أماري القسم المختص بإيطالية1871

من نزهة المشتاق لإلدريسي عن إيطالية في كتاب آخر يدعى أنس المهج وروض الفرج عن نسخة وجدها في األستانة. وكذلك كتاب ابن الهائم الذي عنوانه مرشدة

الطالب في أسمى المطالب وغير ذلك من آثاره الطيبة

خسرت إيطالية أستاذا آخر ضليعا من1920 1 ك5وفي (Italo Pizziالعلوم الشرقية األستاذ )إيتالو بيزي( )

تخرج في جامعة بيزا وتعين1849المولود في بارما سنة للتدريس في جامعة تورينو. وقد اشتهر خصوصا بعلمه

للغة الفارسية وفيها نشر معظم تآليفه. وقد اشتغل كذلك (1903بالعربية فنشر كتابه في آدابها بالطليانية سنة )

وألف أيضا كتابا في اإلسالم. وعني باآلداب الهندية واللغةالسنسكريتية

.Eugوال يقل عن هؤالء شهرة األستاذ )أوجيانو غربفيني( )Griftini كان مولده في1925 أيار 3( الذي توفي في .

وبعد دروسه بلغه أن أحد1878ميالنو في أواخر سنة مواطنيه يتاجر في صنعاء يدعى يوسف كبروتي فسافر

إلى اليمن واجتمع به وساح في تلك البالد وباع من كبروتي عددا من مخطوطاتها التي وصفها ثم أوصى بها لوطنه بعده وتسيح أيضا في طرابلس الغرب وهو يتزيا

في أسفاره بأزياء العرب.(1/438)

ودعاه في آخر عمره جاللة الملك فؤاد كناظر مكتبته الخاصة في القاهرة فتوفي بعد قليل. ومن آثاره نشره

نسخة قديمة من شعر األخطل وجدها في اليمن وطبعها في مطبعتنا ونشر كذلك كتاب جامع الفقه لزيد بن علي

1919نشره في ميالنو سنة

المستشرقون األميركيون أحد مشاهير العلماء المستشرقين1921توفي في السنة

(Morris Jastrowفي أميركا الدكتور )موريس جاسترو( )

كان من أساتذة جامعة فيالدلفية وكان موسويا أتقن في مقتبل عمره اللغات السامية وخصوصا العبرانية والعربية.

وكانت باكورة منشوراته كتاب أبي زكريا يحيى بن داود هيوج نشر نصه العربي في ليدن. ثم تعاطى العلوم

اآلشورية فأصبح أحد أساطينها ونشر عددا عديدا من آثارها. وكذلك درس األسفار المقدسة وعني بشرحها لكنه لم يرع في انتقاداته جانب االعتدال. وله أبحاث عديدة في األديان وأصولها وأطوارها ومن تآليفه المفيدة معجم للغة

اليهودية اآلرامية كالترجوميم والتلمودين البابلي واألورشليمي والمداريش. وله تاريخ التمدن في بابل

1923 كانون الثاني سنة 12وآشور ووصف أديانهما وفي أسفت الجامعة األمريكية في الثغر على فقد أستاذها في

Harveyالتاريخ والفلسفة الدكتور )هارفي بورتر( )Porterوهو في التاسعة والسبعين من عمره. ولد سنة ) فخدم الجامعة األمريكية1870 وقدم سورية سنة 1844

. ومما خدم به1914بكل نشاط وإخالص إلى السنة العلوم الشرقية اهتمامه بالعاديات والنقود العربية. وألف

كتاب النهج القويم في التاريخ القديم بالعربية وساعد الدكتور ورتبارت في معجمية المطول والمختصر العربي

واإلنكليزي وصنف باإلنكليزية تاريخا مختصرا لبيروت هؤالء أخص المستشرقين الذين بارحوا الحياة في الحقبة الثالثة

فاستحقوا شكر مواطنيهم وكشفوا لنا كثيرا من كنوزأوطاننا الدفينة جازاهم الله خير جزائه

البحث الثانيالنظر العام في اآلداب العربية حاضرا

تتبعنا في دروس سابقة ثالث حقب الربع األول من القرنالعشرين ورأينا ما

(1/439)

طرأ على اآلداب العربية من التأثير والتقلب بدواعي أحوال العصر من حرية مقيدة وحرية دستورية وانضغاط لسبب الحرب الكونية والتحرر التام بعدها فما بقي علينا إال أن نلقي رائد البصر إلى العالم العربي الحاضر لنرى إجماال حالة آدابه الحاضرة وما يرجى منه لمستقبل هذه

اآلداب كان حقنا أن نباشر بحثنا هذا بمهد اللغة العربية أي جزيرة العرب. أيستفاد من نجدها وحجازها ويمنها شيء لنهضة اآلداب العربية؟ فنجيب بكل أسف أن مقامها في

عالم األدب غاية في الخمول. فإن مدارسها وصحافتها ومنشوراتها ال يعبأ بها. وال ننكر أن في حواضرها بعض

العلماء المتفقهين إال أن آثار أقالمهم زهيدة مجهولة. وال تخلو مكة والمدينة وصنعاء من مخطوطات عربية نادرة وإنما هي مطمورة منزوية في بعض زوايا المساجد أو

بيوت الخاصة يقرضها العث واألرضة ويتلهف على فقدها العلماء وحتى اآلن ال تلوح لنا بارقة أمل في تحسين تلك

األحوال وخروج البالد من سنتها وجمودها األدبي لكن نظر مصر ورقيها في سلم اآلداب يبهج العين ويسر القلب.

فإن عظمة ملكها فؤاد األول ووزراءها وعلماءها األعالم من وطنيين وأجانب يتناصرون في تعزيز اآلداب العربية

في القطر المصري عموما وفي القاهرة خصوصا. فالمدارس زاهرة وسوق اآلداب نافقة والصحافة راقية

والمطبوعات العربية متوفرة. وهناك الجامعة العربية والمكاتب الحافلة باآلثار القديمة والمخطوطات العزيزة

الموجود بعضها في المكاتب العمومية وبعضها عند الخاصةذوي الهمة القعساء

على أن هذه النهضة المشكورة لم تبلغ غاية ما يؤمل من

نشاط ذويها وتوفر أسباب نجاحهم. فإن لديهم كنوزا من آثار القدماء لم تزل دفينة. ومع تحسن الطباعة المصرية

ماديا لم تتحسن كثيرا بالصورة والمضامين والشروح وتصحيح الروايات والفهارس الخ فإن منشوراتها بعيدة عن

إتقان المستشرقين لكتبهم إال قليال منها أما مطبوعات مصر الحديثة فإنها تحسنت من جانب حروف الطباعة وإتقان الطبع وجمال الصور وصقالة الورق لكنها غالبا

قليلة الجدوى فإن بينها قسما كبيرا للروايات الخيالية التي يعربونها عن اللغات األوربية ومعظمها ضرره أكبر من

نفعه لما يغلب عليها من وصف الحوادث الغرامية وتهييجالشهوات الباطلة. ومنها قسم آخر أخالقي

(1/440)

اجتماعي سياسي هو أيضا منقول عن كتب الغرب بينه الغث والسمين فينشرون آداب الفرنج دون االحتياط

الالزم إذ ليس كل أحوال أوربة تصلح ألهل الشرق وأما الكتب العلمية فإنه قليلة الرواج بين العموم ما عدا بعض

التآليف التاريخية القريبة المنال غير الواسعة الجامعة. على أن هناك المجالت السيما التي ينشئها أهل الشام

كالمقتطف والهالل ال تستنكف على الفصول العلمية الراقية. والمقاالت االجتماعية والفلسفية لوال بعض تطرف

في اآلراء. أما العلوم الدينية فهي محصورة بالعلوم اإلسالمية التي أخذ البعض في انتقادها دون التحرز الكافي

واالعتدال المرغوب. وتتعاطى اإلرساليات األميركية األبحاث الدينية المسيحية تشوبها مسحة من اآلراء

البروتستانية. أما )السودان( فال تكاد تفيد شيئا اآلداب العربية لقلة عناية

أهلها بأمور العقل. وإنما أنشئت في الخرطوم مطابعلنشر بعض الجرائد وتآليف بسيطة.

ويجاري )القطر السوري( وادي النيل في مساعيه المشكورة لخدمة اآلداب العربية. ففيه )المدارس العليا

والثانوية واالبتدائية( ال تكاد تخلو من بعضها ناحية من بالد الشام. ففي بيروت ودمشق الجامعات الكبرى للعلوم

الطبيعية والهندسة والطب والحقوق. وفيهما أيضا كما في صيداء وطرابلس وحلب وزحلة والبترون وجبيل وجونية ودير القمر مدارس ثانوية بعضها للذكور وبعضها لإلناث.

أما المدارس االبتدائية فال يضمها إحصاء في كل قرى الجبل وكافة سورية وذلك بفضل االنتداب الفرنساوي الذي يبذل المجهود في تعميم التعليم. وقد يقوم بهذه المهنة الشريفة رجال من ذوي المقدرة منهم رهبان ومنهم علمانيون. وكذلك مدارس البنات تتوالها بعض المعلمات العلمانيات وباألخص راهبات من جماعات

رهبانية مختلفة كراهبات المحبة وراهبات قلبي يسوع ومريم وراهبات مار يوسف وراهبات الناصرة وراهبات

العائلة المقدسة والمارونيات وراهبات بيزنسون. على أن بعض مدارس الذكور االبتدائية تحتاج إلى مراقبة وحسن

تدبير. ولذلك فكرت الحكومة في فتح دار للمعلمين يتخرجون فيها إلدارة المدارس. ولآلباء اليسوعيين في

تعنايل دار من هذا الصنف أتت بثمار طيبة. وسورية غنية أيضا )بالمطابع( التي قد تعددت في المدن

والقرى معظم شغلها في نشر الجرائد والمجالت التي تنيف على المائتين. أخصها في المدن ال سيما في بيروت ودمشق وحلب وطرابلس وصيداء وحمص وحماة ال تخلو

منها نواحي الجبل وقراها(1/441)

كزحلة والدامور ودير القمر وبيت شباب وجونية وجزين وأعبيه وعاليه. وأغلب منشوراتها )جرائد سيارة( ليس بينها

إال القليل مما يستحق للذكر ويفيد اآلداب كلسان الحال والبشير واألحوال والوطن والبرق والمقتبس وألف باء

والعلم والزهور والصفا. وأرقى منها )المجالت( كمجلة المجمع العلمي في دمشق

والعرفان في صيداء والمشرق والكلية واآلثار الشرقية والحارس والمعارف والمجلة الطبية العلمية ورسالة قلب

يسوع والنشرة األسبوعية والمعرض والبيان في بيروت واآلثار في زحلة والمباحث في طرابلس يحررها غالبا قوم من أغلب حملة القلم لكنها ال تزال تحتاج إلى ترق لتجاري المجالت األوربية التي يحررها اإلختصاصيون وال سيما في

( أو فيSyriaالقسم العلمي واألثري كما ترى في مجلة )مجموعة المكتب الشرقي أو كلية القديس يوسف )

Melanges de PUniversite S Joseph. ) ومما يبعث األمل في حسن مستقبل اآلداب العربية ما

أنشئ من )الجمعيات( لخدمتها كالمجمع العلمي في دمشق وكنواد أدبية المشبيبة فيها وفي بيروت وحلب

وحماة وطرابلس. فإن الناشئة تزيد إقباال على اآلداب إذا انتظمت في سلك جمعيات تجد أصحابها حريصين على الرقي والنجاح يتمرنون على الكتابة والخطابة ويلقون

المحاضرات في األبحاث العلمية أو المسائل االجتماعية. وكذلك قد توفرت الوسائل الستقاء المعارف وتعزيز

اآلداب بتوفر )المطبوعات( المختلفة كالتواريخ العمومية والخصوصية وكالدواوين الشعرية والتآليف المدرسية

والمصنفات األدبية واللغوية. وها قد تئت الطبعة الجديدة من المنجد بعد توسيعه وتكميله وينتظر قريبا معجم الشيخ

عبد الله البستاني وغير ذلك من المنشورات المفيدة. ومما يساعد على رقي اآلداب )خزائن الكتب( الجامعة للتآليف القديمة والحديثة. ولبيروت فضل كبير في ذلك

وفيها أنشئت أول مكتبة عمومية بهمة رجل الفضل واألدب الفيكنت فيليب دي طرازي. وفي الكليتين اليسوعية

واألميركية مكاتب واسعة يقصدها الكلفون بإحراز العلوم. ومن األقطار التي تستحق الذكر بعد مصر وسورية

)العراق( فإن بغداد مدينة السالم ال تستطيع أن تنسىماضيها إذ كانت مركز الحركة العلمية في عهد الخالفة

(1/442)

العباسية. وإنما أصيبت في العهد التركي بخمول عظيم على الرغم ممن اشتهر فيها من األدباء كاآللوسيين

وغيرهم. لكن دولة العراق الجديدة في )بغداد( ساعية في سد هذا الخلل فترى فيها حاضرا نهضة جديدة يتناصر في تعزيزها أرباب الدولة مع أدباء المسلمين والنصارى. وقد تحسنت

المدارس وتعددت المطابع وترقت الصحافة ونشرت الكتب في الفنون المختلفة ما يدل على أن العراق أفاق

من سنته. أما )الموصل( فإنها بعد فقدها لمطبعة اآلباء الدومنيكان تحتاج إلى وسائل جديدة لتنهض من كبوتها. وإنما مدارسها تبنى بتحسن محسوس. ومثلها البصرة.

ولعل النجف وكربالء أقرب اليوم منهما إلى إحرازالمعارف.

واآلداب العربية في )فلسطين( ضيقة النطاق ال يكاد يعنى بها غير النصارى وقليل من المسلمين في القدس

الشريف وفي السواحل كيافا وحيفا بنشر بعض الصحف.

أما )الهند( فإن الدروس العربية فيها حاضرا منحصرة في بعض جامعاتها كبومبي وكلكته ولوكنو ودلهي وحيدر أباد

ومدرس والهاباد وجامعة بنجاب في الهور وعليكره ففي هذه الكليات فرع لتعليم العربية إذ ال غنى ألهلها

المسلمين عنها لمعرفة القرآن والتآليف الدينية. وهناك أيضا بعض المطابع أخصها في كلكته. ومعظم مطبوعات

الهند العربية طبعت على الحجر وما يطبع على الحروف ال يزال سقيما ما خال بعض مطبوعات كلكته وحيدر أباد. والغالب على أهل الهند المسلمين الهندستانية واألردو

وعلى الهنود الكجراتي والتامول وغيرها. وإن وجهنا النظر إلى )أميركا( وجدنا أن اآلداب العربية

مدينة فيها للمهاجرين إليها من المسيحيين عموما واللبنانيين خصوصا. وقد ابتدأت هذه الحركة أيضا أوال في

)أميركا الجنوبية( وال سيما في )البرازيل( . فترى اليوم في عاصمتها ريو دي جانيرو جرائد مهمة كالعدل والبريد.

وفي حاضرتها في سان باولو شاع منها أبو الهول لصديقنا البكيفاوي شكري أفندي الخوري ثم الميزان واألفكار

وفتى لبنان. وقد اشتهرت في جمهورية )األرجنتين( عاصمتها بوينس عدة جرائد كالمرسل والسالم والزمان.

وفي مدينتها طوكومان جريدة صدى الشرق. وفي كردوبا )قرطبة( العصر الجديد. وما عدا الجرائد قد صدر في

أميركا الجنوبية كتب عربية قليلة معظمها الروايات وبعضتآليف أدبية وعلمية وتاريخية.

(1/443)

واليوم صار السباق )ألميركة الشمالية( فإن كثرة المهاجرين إليها دعت أدبائها هناك إلى العناية بحفظ لغتهم

ونشر آدابها بين مواطنيهم المستوطنين في أنحائها. وهذه الحركة تلوح خصوصا في عاصمتها نيويورك فجرائدها

الهدى والشعب والسائح والنسر السوري )في بروكلين( والمجلة التجارية السورية تكاد تجاري بعض الجرائد

الوطنية. وفي ديترويد جريدة الصباح. وقد طبع في أمريكا الشمالية عدة مطبوعات دينية وأدبية وعلمية متقنة الطبع على أننا نرتاب في ثبات اللغة العربية سالمة في أميركة

ألن المهاجرين إذا استوطنوا تلك البالد يمتزجون بأهلها امتزاج الماء بالراح فسوف ينسون لغتهم األصلية كما

جرى لكثيرين ثم يتأمرك أوالدهم وفي )أميركا الوسطى( جريدة الرفيق في مكسيكو وإن

أطلقنا رائد البصر على )أفريقية( وجدنا نصيب اآلداب العربية زهيدا خارجا عن مصر إال أن فرنسا سعت في تعزيز اللغة العربية بين مستعمراتها الشمالية ففتحت المدارس لتعليم الوطنيين في الجزائر ووهران وفي

تونس. وال تخلو عاصمة مراكش من مدارس وجرائد. وفي رباط جريدة السعادة. وفي طرابلس الغرب مطبعة

ومدرسة عربيتان. وكذلك في زنجبار. على أن أخبار تلك الجهات منقطعة عنا فنجهل غالبا حركة آدابها أما )أوربة(

فأن الفضل في خدمة اآلداب العربية فيها عائد إلى المستشرقين وخصوصا اللذين تنفق عليهم دولهم الكريمة

المبالغ الطائلة في جامعاتها الكبرى فتخصص لدرس العربية بعض علمائها. ففي باريس ورومية وبرلين ولندن

ومدريد وفينة ولينينغراد معاهد لدرس اللغات الشرقية وفي مقدمتها اللغة العربية. وكذلك في جامعات العواصم

المذكورة وغيرها كبوردو في فرنسة وليدن في هولندة وكوبنهاغ في دنيمارك وبون وليبسيك وغوطا وغوتنجن

وهيدلبرغ وهمبورغ ومونيخ في ألمانيا أساتذة لتعليم اللغة العربية. وفي كل هذه المدن خزائن كتب عربية مخطوطة

يستخرجون منها كنوز أدبية ينشرونها بعد مقابلتها على نسخ مختلفة وربما أضافوا إليها ترجمتها إلى لغاتهم

ويصدرونها بالمقدمات الواسعة ويعلقون عليها الحواشي التاريخية واللغوية ويختمونها بالفهارس الجليلة تسهيال

إلجتناء فوائدها(1/444)

وال يسعنا أن نسكت في آخر هذا الباب عن مساعي فاضالت السيدات في أيامنا إلى ترويج اآلداب العربية بين

بنات جنسهن في بيروت ومصر واإلسكندرية وفي بعضأنحاء أمريكا. وسنذكرهن في البحث التالي إن شاء الله

البحث الثالثنظر خاص في أنصار اآلداب العربية حاضرا

كنا عولنا على أن نقف عند هذا الحد وال نتصدى لذكر األحياء من أرباب األدب وخدمة األقالم لعلمنا كم يصعب

الكالم عمن ال يزالون في قيد الحياة إما بالتفريط وأما بالتقصير مع الخطر بنسيان من يستحقون الذكر فتفوتنا أسماؤهم أو أعمالهم. لوال أن بعض األصحاب ألحوا علينا بكتابة هذا الفصل ليكون كخاتمة لما سبق مستندين على

المثل )ما ال يستطاع جله ال يهمل قله( . وإجابة لهذا الملتمس نقسم هذا البحث األخير إلى أربعة أبواب فنذكر

أوال أعمال أرباب الكهنوت لخدمة اآلداب العربية ثم نتخطى إلى ذكر أدباء اإلسالم حاضرا فنلحقهم باألدباء

النصارى ونختم بذكر المستشرقين

اآلداب العربية بين أرباب الكهنوت

يسرنا أن نرى في األكليروس الوطني عالميا كان أو قانونيا همة محمودة في خدمة اآلداب العربية )األحبار الشرقيون( على الرغم من األعباء الثقيلة التي تهبط

مناكب أحبار الطوائف الشرقية تراهم في خطبهم على المنابر وفي الحفالت الرسمية وفي مناشيرهم يراعون

كل آداب اللغة لفظا ومعنى. وكثيرا ما تنشر في الجرائد أو في نشرات منفردة هذه اآلثار الجليلة فتستوقف نظر القراء ويحبذون قائليها. فلعمري لو جمعت مناشير غبطة

البطاركة اإلجالء والسادة األساقفة في أسفار خاصة لكانت أحسن شاهد على قولنا. وقد أمتاز في ذلك غبطة البطريرك الماروني )مار الياس الحويك( الكلي الطوبى

صفحة. وتقرأ اليوم على صفحات500فمناشيره تبلغ نحو البسير منشور غبطة

(1/445)

السيد )كليرس التاسع( مغبغب بطريرك الروم الملكيين الكرام في العدل وواجباته. ومثلهما بطريرك الكلدان

السيد )عمانويل يوسف توما( . أما السيد الجليل )أغناطيوس أفرام الثاني الرحماني( فلم يكتف بالمناشير

وهاهو منذ العام الماضي يتحفنا بمجلة اآلثار الشرقيةالمدبج معظمها بقلمه والمحتوية على درر معلوماته

ومثل غبطة البطاركة كثيرون من األساقفة يخدمون أيضا لسانا وقلما آدابنا العربية. أفيجهل أحد تعريب سيادة

المطران )بولس عواد( رئيس أساقفة قبرص لخالصة القديس توما الالهوتية في خمسة أجزاء؟ وهاهو ذا سيادة المطران )باسيليوس قطان( باشر بنشر مطرانية بيروت وجبيل. ونشر السيد )أغوسطين البستاني( رئيس أساقفة

صيداء قبل تسقيفه الكوكب السيار في رحلة غبطة البطريرك الماروني إلى رومية وباريس واألستانة.

ولرئيس أساقفة بيروت السيد )أغناطيوس مبارك( آثار دينية كخطب ومواعظ ومناشير جميلة. ومثله السيد

)أنطون عريضة( رئيس أساقفة طرابلس. وقد نشر سيادة المطران )ميخائيل أخرس( رئيس أساقفة حلب كتبا دينية

وتاريخية وطقسية نخص منها بالذكر الكنز العجيب وترجمة القس الحلبي يوسف الكلداني. وللسيد )بشارة(

الشمالي رئيس أساقفة دمشق مقاالت تاريخية واجتماعية وأخالقية ثم كتابه الحديث في الشهداء الطوباويين الثالثة

الموارنة وذكرى أعيادهم

كهنة الموارنة - )كهنة الموارنة العلمانيون( أما الكهنة فلهم مآثر1

متعددة في كل مللهم. فمن الموارنة أشتهر في عهدنا كتبة متعددون بين العالميين فيفتخر الحلبيون بكاهنم

الجليل المنسيور )جرجس منش( له تآليف قيمة ومقاالت دينية وتاريخية وأدبية قد نشرنا قسما منها في المشرق كترجمة الطيب الذكر السيد فرحات وله شذور الذهب

والحق القانوني عند الموارنة وطرفة في الرهبانية الثالثة الفرنسيسية ونشر أعمال بعض المجامع المارونية وكتبا

طقسية لطائفته. وفي حلب ينشر القس )أغناطيوس سعد( مجلته التقوية في القربان األقدس يودعها مقاالت

حسنة في الدين واألخالق واألدب وفي بيروت كهنة موارنة يشرفون طائفتهم بقلمهم كشعرائهم المفلقين الخوري

)رافائيل البستاني( صاحب القصائد الرنانة المنشورة فيالبشير والمشرق. والخوري

(1/446)

)بطرس البستاني( صاحب آداب المراسلة والرسائل العصرية والمنظومات البديعة والخوري )بولس البستاني( مؤلف رواية فتاة الناصرة التمثيلية ومعرب قدوة الحسان في ابنة روالن تمثيلية أيضا. وفي عاصمة لبنان تنشر منذ

تسع سنوات رسالة السالم لحضرة الخوري )أنطون عقل( وله آثار أخرى متفرقة. وقد عرب الخوري )الياس الحائك(

رواية األب لونجي اليسوعي التاريخية المعنونة فيليب أوغست في معركة بوفين ومن أفاضل كهنة بيروت ذوي اآلثار الجميلة المنسنيور )مخائيل حويس( رئيس مدرسة الحكمة مؤلف كتاب الطالب المحتوي على واجبات طلبة

المدارس. والخوري )يوحنا الحاج( مؤلف المقاالت في المدارس العلمانية. والخوري )منصور عواد( واضع كتاب الزوجة األمينة. وكتاب هل من جزية على االكليروس أو

خراج؟ وماذا عمل الخوري؟ وأفعال ال أقوال مع عدة قصائد نشرت في المشرق. )والخوري بطرس غالب( صاحب مختصر الالهوت األدبي وكتاب فرنسة )صديقة

ومحامية( والمسيح الملك في طقوس الكنيسة السريانية المارونية ونوابغ المدرسة المارونية في رومية المنشورة

في المشرق. وللخوري )أنطون يمين( كتاب سنت المراسلة وبنات الشرق. والظرف واألدب على منهاج

اإلفرنج والعرب. ولبنان في الحرب وحقائق تاريخية ودروس وطنية والمؤامرة اليهودية على الشعوب. ومن أغزرهم مادة حضرة الخوري )مارون غصن( فمن قلمه

بستان السلوى والعثمانيات ودرس ومطالعة واللغة العامية وخطاب ومحاضرة في سر الزواج وقصائد وأناشيد

شتى وترجمة الطوباوي كوتولنكر وروايات نثرية وتمثيلية ألفها أو عربها كرواية الشبح الهائل وهرقل الملك والكاهن

أو االنتقام الشريف والبركة بعد اللعنة ودفاع االبن عن أبيه والملكين وإن صعدنا إلى لبنان وجدنا أيضا كثيرين من

أفاضل كهنة الموارنة خدموا اآلداب العربية بتآليفهم النفيسة ففي الدار البطريركية المنسنيور الخوري أسقف )بطرس مبارك( معرب سيرة السيد المسيح لألب الكماي

(Le Gamusوله مجموع مواعظ تحت عنوان تنبيه ) الغافل وشذور الذهب من حياة القديسة ترازيا الطفل

يسوع وقد عرب كتابا أوسع من تاريخ هذه القديسة حضرة الخوري )يوسف عواد( دعاه زهيرة حب في بستانالرب. وفي الدار البطريركية العامرة أيضا حضرة الخوري

(1/447)

)بولس طعمة( من كتبة أسرارها ومحرر سابقا جريدة البشير زمنا طويال ومنشئ مقاالت شتى فيها وفي

المشرق. ومن مشاهير كتبة لبنان من كهنة الموارنة الخوري )يوسف العمشيتي( له كتاب األجوبة السديدة على

اعتراضات أعداء الدين وتعريب كالم التعاليم اإلنجيلية والحقيقة المتسترة وصناعة اإلنشاء في التأبين والرثاء ثم

تأبين المطران يوسف النجم وفارس كرم وحقيقة الماسونية ومنشور البطريرك وأزاهير القلوب لعيد القلب

المحبوب ورواية سجين جميجاج ومأساة األميرين األسيرين وترجمة الخوري يوسف طنوس يمين ثم مقاالت

أدبية وفلسفية ظهرت في مجلة المشرق. وفي جهات المتن حضرة الخوري )الياس الجميل( صاحب كتاب

الالهوت النظري في تسعة أجزاء وافية. وله لمحة تاريخية في البابا والمجامع السبعة السكونية. وفي المتن الخوري

)يوسف أبو سليمان( صاحب الروايات التاريخية الشعرية والنثرية المعربة كوديعة اإليمان في ضواحي لبنان

وابدالونيم ملك صيدون ولويس دي غونزاغا ومعرب كتابالكوكب الشارق وناظم قصائد في المشرق.

واشتهر بكتاباته حضرة المرسل اللبناني الخوري )إبراهيم حرفوش( مجدد طبع الالهوت األدبي لألب غوري اليسوعي

ومضيف إليه ملحوظات متعددة. وله قدوة الصالح في ترجمة األب اسطفان قزاح ومقاالت نفيسة في المشرق عن أديار لبنان وآثارها الجليلة ومكاتبها وسياحات رسولية شتى. وفي بسكنتا المنسنيور البرديوط )بطرس حبيقة(

مؤسس مدرستها ومنشئ التآليف الذائعة كاآللي الفلسفية وأنفاس الطالب في مضمار الكتاب في ثالثة أجزاء ونبذة

في فن التلوين وخطبة في إثبات سر القربان األقدس ومقالة في مار أفرام وسر األفخار ستيا مع شهادات الكنيسة السريانية في هذا السر ثم أناشيد الموارنة السريان فيه وشهاداتهم في األلقاب المريمية وتأبين البطريرك بطرس الحاج والمطران بطرس البستاني

ونشر رياضة روحية للسيد جرمانوس فرحات وله ستة تآليف نثرية وشعرية في ذكر ترجمة وأعمال ومحامد

غبطة البطريرك ماري الياس بطرس الحويك. وفي مزرعة كفر دبيان حضرة الخوري الواسع الفضل

)جرجس فرج صفير( الذي تخصص بالدروس الفلسفية والالهوتية فنشر كتابه في أصل اإلنسان والكائنات دحضا

(1/448)

لمذهب التحول وكتاب الفلسفة )جزءان( والقواعد المنطقية وتعريب كتاب األب تونجورجي اليسوعي

ومناجاة النفس )بالشعر( واإلخاء المتين بين العلم والدين وكشف الستار عن حرية االختيار واالعتراف والمسيح في

القرآن والقالدة الذهبية في التأمالت اإلنجيلية ومختصر التعليم المسيحي في الكنيسة والطوائف. والبن أخيه الخوري )بطرس فرج صفير( مقاالت دينية وأدبية في

المشرق وكتاب التعليم المسيحي. وقد خدم اآلداب العربية شعرا ونثرا الخوري )يوحنا

طنوس( طبع من رواياته التمثيلية: البطريرك جبرائيل حجوال الشهيد والنعمان ملك الحيرة في بني شيبان ونشر في البشير والمشرق قصائد رنانة. ومنهم في بيت شباب الخوري )ميخائيل غبريل( له مصنفات عديدة كأدب البشر

في الصغر والكبر وتاريخ الكنيسة اإلنطاكية السريانية المارونية في ثالثة مجلدات ومشهد الكائنات في األرض

والسماوات وترجمة المطران يوسف الزغبي والدرة الفريدة في أفدوكيا الشهيدة ومختصر الالهوت األدبي مع

الخوري بطرس غالب ومجموعة في مديح الوزير سايم الملحمة وكتاب صلوات ومختصر التاريخ المقدس وتعريب

التلعيم المسيحي والبابا بيوس العاشر. وهناك أيضا الخوري )حنا حائك( معرب كتاب الخوري كنيب )عالجي

بالماء البارد( وكتاب تنشئة الصغير وألف كتاب تذييلالصعاب في علم الحساب.

ومثلهم نشاطا بوفرة منشوراته الخوري )اسطفان البشعالني( ألف كتاب لبنان ويوسف كرم وله كتب أدبية تاريخية عديدة كحياة الجنرال غورو األمير سعيد وتنصر

األمير عبد الله اللمعي )في المشرق( وروايات أدبية شتى كحادثة أسقف وروبنصن كروزي الصغير والعواطف

الشريفة والمركيز جان هنري ونزهة القراء الخ. ومنهم حضرة الخوري )أغناطيوس جعجع( مؤلف كتاب

رياضة الكاهن ومعرب مختصر تأمالت األب لويس

الجسري وقسما من رياضات القديس أغناطيوس مع شروح األب جانسو. ثم الخوري )يوسف داغر( الذي نشر

كتابين نفيسين مصباح الحقائق والبرهان الصريح في الدين الصحيح - والخوري )بطرس القزح( انجالء األسرار

المكنونة في يوم الدينونة ومقالة في االعتقاد الباطل. والخوري )بطرس مراد( له كتاب دعوة الحبيب إلى السر

العجيب وكلك جميلة ومصباح(1/449)

الرشد في عجائب لرد وكتاب في الحساب ورواية القديس أنطونيوس البادوي وعرب المبادئ الدينية

لبلميس. وخارجا عن لبنان قد اشتهر من كهنة الموارنة في مصر

حضرة الخوري )لويس ملحة( بمقاالته األثرية والكتابية في مجلة المشرق. والخوري )بولس عوبس( صاحب التآليف

القانونية في المجمع اإلقليمي وفي مجمع األبرشية وزيارة األبرشية وقانون الدواعي الزواجية )جزءان( وشرح على

حكم المجمع المقدس في التناول اليومي والموت الحقيقي والموت الظاهر وإكرام سيدتنا مريم العذراء

وحريق مكتبة اإلسكندرية وسير القديسين مارون ويوحنامارون وأنطونيوس البدواني وروكز ويوحنا دي السال.

وفي فرنسة المنسنيور )ميخائيل فغالي( أحد أساتذة كلية بوردو ألف كتبا لغوية نفيسة في لغة وطنه كفر عبيدا وفي السرياني الدخيل في لهجة لبنان وأوصاف بناياته المنزلية

وفي الداللة على األجناس في اللغات السامية. وفي أميركا نشر الخوري )اسطفان خير الله( الالهوت

األدبي واإلنسان وعلم الطبيعة والكيان والمنطق اإلنتقادي

العلمي وعجالة البيان في اإلشارة إلى ممالك الطبية واإلنسان ولباب المباحث الجدلية وسبيل الوصول إلى

األصول - وهناك أيضا المنسنيور )فرنسيس واكيم( المرسل الرسولي له كتاب لغز الحياة وكتاب سر التوبة

والحرية ومختصر في المناولة المتواترة - ونرتاب هنا في ذكر كاهن ماروني آخر عدل إلى العيشة العالمية بعد نبذ

كهنوته )حبيب اسطفان( وكان نشر عدة مقاالت نثرية ونظمية دينية وفلسفية في المشرق وهو اليوم يحرر في

-2الجرائد ويخطب في النوادي السياسية أناره الله! )الكهنة القانونيون( ليست الحركة في خدمة اآلداب

العربية بين الرهبان الموارنة دونها بين الكهنة العالميين. فمن شاع فضله بين )الرهبان البلديين( حضرة القس )مبارك ثابت( الديراني نشر مع القس )مبارك مارون

المزرعاني( مجموع الآللئ بالسريانية والعربية. وقد عرب الجزء الثاني من الحقائق الدينية وثالثة أجزاء من التأمالت

اليومية للكاهن شيفاسي وكتاب األدب الرهباني وكتاب التعليم التقوي لألوالد للسيد دي سيغور والمباركيات

الآللئ وله روايتا األم الذنبة والضمير واقطع البراهين فيصحة حقائق الدين.

(1/450)

نقل حضرته هذا الكتاب عن االفرنسية بتصرف وهو لألب ( اليسوعي وله أيضا ردود العقلW. Devivierديفيفيه )

المستقيم ونبذة من دستور الرؤساء لألب فالوي اليسوعي. وشهر التكريم لدم الفادي الكريم لهالز

والتعريج في الدين المسيحي. والمنهج الحسن في إسعاد الوطن. ورواية الرجل الواقف من روايات البشير وروايات

أخرى أدبية وفكاهية. ومن الرهبانية اللبنانية البلدية الجليلة الذين يعنون حاضرا بالكتابة العربية: القس )لويس بليبل( ناشر تاريخ الرهبانية

اللبنانية الذي أنجز من طبعه جزأين. ومن تآليفه الشذور الذهبية في حياة كوكب البرية. ومنتهى الخشوع في

مناجاة قلب يسوع وتربية دود القز وله عدة مقاالت في كوكب البرية ورسالة السالم والمشرق. ثم القس )يوسف حبيقه( البسكنتاوي نشر وعرب أناشيد الموارنة السريان

في سر القربان وشهادات الكنيسة السريانية المارونية في سر األفخارستية وفي حبل العذراء البريء من دنس

الخطية األصلية وفي انتقالها إلى السماء وشرح الليتورجية المنسوب للقديس يوحنا مارون. والمنارة

اللبنانية ومرقاة الدارج في تفسير المدارج. واألب )بطرس سارة( الذي نشر في المشرق مقاالت ممتعة طبعت على حدة كترجمة الناسك الفرنساوي في لبنان

فرنسوا دي شطويل وترجمة السيد فرنسيس بيكيه قنصل حلب ثم قاصد رسولي في العجم. وترجمة الطيبي الذكر

األب مبارك المتيني وفريرون فرو ومقاالت أدبية وتاريخية كالكشافة ورحلة األباتي أغناطيوس التنوري إلى رومية. والقس )أنطانيوس شبلي( المستخرج اآلثار الدفينة من

مكاتب األديرة نشرنا له في المشرق ترجمتي األب شربل حبيس عنايا واألب مارون ايطو ورحلته إلى شمالي لبنان

وإلى كسروان وآثار منسية للسمعاني في المجمع اللبناني ولفرحات كمجاوراته الرهبانية وصورة الراهب الكامل.

والقس )بطرس الحائك بجدرفل( كتاب دليل للواعظين عنوانه كلمة الله ينبوع الحياة. وله مع أخيه )القس

برنردوس( تعريب كتاب العفاف ألسقف فالنس السيد جيبر. والقس )الياس البكيفاوي( تعريب كتاب سبيل

السعادة لألب برتيه. والقس )بطرس الجاجي( أبحاث في

النذور والحالة الرهبانية وفي تفتيش الضمير. وللقس )جبرائيل محيلي السرعلي( رواية مجاعة لبنان. وللقس

)بطرس زهره األهمجي( الكتاب األدبي شعاع النجاح. وللقس )مبارك المزرعاني مارون( لباب الكتاب لطالب

العلم واآلداب ومجموع(1/451)

الآللئ من كتابات جهابذة السريان. وللقس )بولس عبود الغسطاوي( تاريخ البطريرك يوسف اسطفان والراهبة

هندية وبصائر الزمان في تاريخ البطريرك يوسف اسطفان والمجالي التاريخية في ترجمة الراهبة الشهيرة هندية

وحياة القديس أنطونيوس أبي الرهبان وتقاليد فرنسة في لبنان واليهود في التاريخ. والقس )مبارك الحاج

البسكنتاوي( يسوع قدوة الناشئة المسيحية. وقواعد قياسية لحل المسائل الحسابية. وللقس )أنطونيوس

العنيسي الحاجب( ترجمة األب يواصاف العنيسي. وللقس )واصاف كرم القرطباوي( خواطر روحية ومقاالت

وخطب. )وللرهبانية المارونية الحلبية( آثار مشكورة أيضا لبعض

أبنائها. منهم األب الفاضل )جبرائيل قرداحي( معلم السريانية والعربية في رومية. كان أول من نشر معجم

اللغة السريانية في العربية دعاه اللباب في مجلدين ضخمين. وكرر طبع المناهج في النحو والمعاني عند السريان وألف كتاب الكنز الثمين في صناعة شعر

السريان وتراجم شعرائهم المشهورين ونشر اإلحكام من قصائد ابن العبري السريانية وكتابه المعروف بالحمامة

ونشر أيضا مقامات من فردوس عدن الصوباوي

بالسريانية. ومن أغزر الرهبان الحلبيين مادة األباتي )أفرام حنين

الديراني( من تآليفه تنشئة الصغير وطريق السماء والدر المنتقى لجيد ذوي التقى وطريقة اعتراف األوالد والدليل

في السبيل ورسالة في الديانة المسيحية والطقوس الرهبانية ومختصر التاريخ المقدس وكتاب الشبية بموجب

طقس الكنيسة المارونية. وتسعوية وتأمالت شهريات ألجل األنفس المطهرية وتحفة المغارب في سيدة لوردام

العجائب والعيشة الهنية في الحياة النسكية وسيرة القديس أنطونيوس والعرف المنتشر في سيرة البابا الون

الثالث عشر. والنهج القديم في تاريخ شعوب الشرق القديم ورواية االبن الشاطر وتعريب كتاب بورسو )كيف تصير رجال( ونشر كتاب المحاماة. ومن الرهبان الحلبيين

األفاضل القس )طوبيا العنيسي( الذي نشر مجموع الرسائل لكتبة العرب ومجموعة المناشير البابوية الخاصة

بالموارنة مع ملحق عليها. والقس )يوسف الشبابي( مؤلف كتاب اجتناء األثمار من تكريس شهر أيار. والقس )أغناطيوس الحائك الشبابي( له نهج الكمال في الصالة

العقلية للكهنة. وكما الرهبانيتان المارونيتان اللبنانية البلدية والحلبية كذلك

)الرهبانية(1/452)

األنطونية( أدت لآلداب العربية خدما مشكورة على يد بعض أبنائها منهم القس )عمانوئيل البعبداتي( الذي كتب

تاريخ رهبانيته وأديرتها ومشاهير رهبانها. ونظن أنه هو أيضا مؤلف الكتاب المعنون بالصادق في خدمة الحقائق

. وله تاريخ آخر يدعى تاريخ العصور1901المطبوع سنة لم ينشر منه سوى بعض القطع - ومنهم حضرة الهمام

القس )يوسف الجعيتاوي( عني بنشر مراقي الطالب إلى بحث المطالب وفيه إعراب ما ورد من األمثال في كتاب السيد جرمانوس فرحات. ثم ألحقه بكتاب كفاية الطالب

صفحة في700وبغية الراغب في جزأين يبلغان نيفا و الصرف والنحو. ومنهم القس )برنردوس غبيره الغريري(

له مجموع واسع في تاريخ وآثار الطائفة المارونية في اللغات الشرقية والغربية. ومنهم القس )بطرس الجديدي( مؤلف التحفة األدبية في القراءة العربية. والقس )يوسف

الشدياق( صاحب مجلة كوكب البرية حررها أربع سنين وضمنها عددا عديدا من المقاالت التاريخية واألدبية

واالجتماعية واالنتقادية ساعده في ذلك األب )مبارك صقر( معرب سياحة السيد ميسلين إلى الشرق. ومثلهما األب )أقليموس هراوي( من كتبة تلك المجلة. ومن كتبهم

أيضا القس )مبارك مارون( ألف السياحة األرضية في الجمهورية الفضية. وصرف القس )بولس أشقر( همته

إلى الموسيقى الشرقية له مبادئ موسيقية عربية وشرقية ولحن القداس الماروني ونشيد كلية القديس

يوسف. وال يسعنا أن ننسى حبرا جليال يشرف الطائفة المارونية

في رومية نريد به السيد )نعمة الله أبي كرم( أسقف مندو شرفا. له آثار نفيسة في العربية ما خال كتاباته في جريدة البشير التي حررها عدة سنين منها تعريبه لذخيرة األلباب

في بيان الكتاب وقسطاس األحكام في جزأين وتعريب كتاب فلسفة الكردينال مرسياه في عدة أجزاء وقد نقل

إلى الالتينية كتاب ابن سينا المعروف بالنجاة. ونضيف إلى سيادته بعض الذين أدوا خدما حسنة في طائفتهم

المارونية للغة العربية. منهم الخوري )اسطفان ضوء(

صاحب مجلة العثماني ومؤلف كتاب حديقة الجنان في تاريخ لبنان. وناظم الشاديات في التواريخ الشعرية.

والخوري )رميا دميان( الكاتب الضليع في الجرائد الوطنية. له بحث في تالوة القداس في األجيال الثالثة

األولى. وللخوري )شكر الله الشدياق( بحث تاريخي فيدرب الصليب. وللخور أسقف )يوسف شبيعة(

(1/453)

الالذقي في نيويورك كتاب الميامر الكنسية للطائفة المارونية. ونشر الخوري )بولس السمعاني الماروني( نفح

الياسميتن في نادرة فلسطين في سيرة الراهبة يسوع مصلوب بواردي. وللخوري )لويس الحازن( مقاالت عديدة في مجلة كوكب البرية وفي جريدة األرز. وعرب الخوري

)يوسف الحداد( رواية آرثور دوق بريطانية التمثيلية. ونشر الخوري )يوسف ميالد الحائك( كتاب الكاثوليكي العامل.

وكل يعرف زجليات الخوري )سمعان الفغالي( الدينية واألدبية. وكان قبل كهنوته نشر شمس المعنى في ثالثة

أجزاء. وللخوري )يوسف فياض( السحر الحالل والماء الزالل مقاالت بليغة. ونشر الخوري )جبرائيل قرقماز( في

فيالدلفيا القول الصحيح في دين المسيح. وعني الخوري )فرنسيس نجم( بتعريب رواية شهيد الدين وإبطال

يتحفنا صاحب المجلة السورية1926المروءة. ومنذ العام حضرة )الخوري بولس قرأالي( بمقاالت تاريخية وأثرية نادرة. ونشر الخوري )الياس الزيناتي( قوانين المجمع اللبناني بعد جمعها وترتيبها. وللخوري )جرجس عزيز

الجزيني( : قسطاس المزامير أناشيد الكنيسة المارونية. وللخوري )جرجس السبعالني( نظر في وصف مالطة

وتاريخها وقراءة لعتها. وللخوري )بطرس خويري( الرحلة السورية في الحرب العمومية. وللخوري )لويس جبر(

الكالم المستفاد في سيادة المطران يوحنا مراد. ووصف الخوري. )منصور اسطفان( شهامة ملك سويني اللورد محافظ كورك. ونشر الخوري )نعمة الله األسمر( نظم كليلة ودمنة البن الهبارية. وعرب الخوري )يوحنا رزق( كتاب الجالء المسيحي. وألف البرديوط الخوري )داود

أسعد( مقالته الجميلة في البابا ورومية.

كتبة الروم الكاثوليك الملكيين اشتهر )الروم الكاثوليك( بانصبابهم على درس اللغة

العربية منذ القرن الثامن عشر. وهم ال يزالون في الوقت الحاضر رافعي لواء اآلداب العربية سواء كانوا في مصاف

األكليروس أو في العيشة العالمية. فمن أحبارهم السيد )باسيليوس قطان ق. ب( رئيس أساقفة بيروت نشر في

مجالت رومية ثم في مجلة صوت الحق عدة مقاالت تاريخية وأدبية وطقسية وقد باشر سيادته أخرا بنشر مجلة

هي لسان حال طائفته الكريمة. وللسيد )نيقوالوس القاضي( رئيس أساقفة بصري وحوران رحلتان إلى جبل

الدروز. وللسيد )غريغوريوس حجار ب. م( أسقف عكامناشير ومقاالت شتى

(1/454)

في مجلة المسرة. وللسيد )يوسف الصائغ( رئيس أساقفة صور كتاب دعاة الضالل وهو بحث انتقادي اجتماعي ثم

مقاالت واسعة في مجلة المسرة. ولمطران الالذقية السيد )أنطون فرج( النشرات الصادقة وتعريب الرواية

في ظلمات القصر الشمالي والتربية الطقسية. وألف السيد )بولس أبي مراد ب. م( النائب البطريركي في

القدس الشريف كتاب البرهان السديد في خلود النفس. وقد اشتهر بين كتبتهم )اآلباء البولسيون( . فإن مجلتهم المسرة طافحة بالمقاالت الحسنة المتينة بأقالم اآلباء

)بولس األشقر( و )إندراوس الياس( و )أنطون حبيب( و )جرجي جنن( مؤلف مغالط الكتاب ومناهج الصواب وقد

فقدوا قبل سنتين الطيب الذكر األب )بولس سيور( ذاالمآثر العديدة.

ولكثير من كهنتهم العالميين تآليف مشكورة. فإن لحضرة الخوري )ميخائيل ألوف( كتاب ترجمة أم الله البتول العظيمة. ولالكسرخوس )يوحنا الحداد( نخبة النخب

وجداول تاريخية وإحصائية نشرها في أميركا. وللخوري )دانيال شريم( الرزنامة الدائمة. ولالرشمندريت )ميشال

عساف( رسائل ومكاتبات ومقاالت ورحل غاية في الحسن كتبها من مصر وأميركة ومن وراء عبر األردن. وللخوري )يواكيم اسطفان( رواية كرستوف كولمب.

وللخوري )تاوفانس شار( روايات ومقاالت مختلفة في المسرة. وفيها أيضا كتب األرشمندريت )باسيليوس حجار(

والخوري )جبرائيل رباط( والخوري )يوحنا الهندي( . ولحضرة )الخوري بولس سلمان( دروس ممتعة نشرت

في المشرق عن عرب البلقاء وما وراء األردن وصف فيها أحوالهم االجتماعية من دين وقضاء ولغة كلها مبهجة

مؤثرة. وقد جارى فضالء رهبانهم كهنتهم العالميين. فمن

)الرهبانية المخلصية( نال السبق بتآليفه حضرة الخوري )قسطنطين باشا( نذكر منها بحثه االنتقادي في أصل

الروم الملكيين. ولمحه التاريخية في الرهبانية المخلصية وفي أعمالها في خالل الحرب وفي أحوال طائفة الروم

الملكية للطيب الذكر مكسيموس مظلوم ومحارتيه في تاريخ مدرسة دير المخلص تذكارا لمائة سنة منذ تأسيسها.

ومن منشوراته دفع الهمم أليليا الصوباوي وميامر ثاوذورس أبي قرة مع ترجمة ميمر منها إلى االفرنسية

ويسرة مؤلفها. وكتاب الكهنوت للقديس يوحنا فم الذهبوسيرة القديس يوحنا الدمشقي ومذكرات

(1/455)

تاريخية في ثورة الشام وحوران ولبنان في عهد إبراهيم باشا ومعالم الكتابة ومغانم اإلصابة لعلي بن شيث ونخبة

من سفرة البطريرك مكاريوس الحلبي. وعرب عن الفرنساوية كتاب العفة وبهجتها ورواية فتاة اإلسكندرية

هذا فضال عما نشره من المقاالت في مجالت الضياء والمشرق والمسرة واآلثار والمجمع العلمي الدمشقي

وفي بعض المجالت االفرنسية. وجاراه في الكتابة أخوه في الرهبانية حضرة الخوري

)نقوال أبي هنا( فمن آثار قلمه رواية تنصر الملك كلوفيس. ومنظومته البديعة في وصف الحرب وويالتها وانتصار دول

بيتا تحت عنوان )وقفة بين الماضي360الحلفاء في والحاضر( وله في المسرة والمشرق وبعض الجرائد

كالبشير والوطن وقصائد ومقاالت شتى منها في المسرة مخمسة في تذكار المائة الثالثة عشرة لتحرير الكنيسة

على يد قسطنسيطن الكبير. ومنهم أيضا الخوري )بطرس أبو زيد( معرب كتاب العفاف لألب غيتون اليسوعس وناشر مقاالت مختلفة في المسرة. واألرشمندريت

)جبرائيل نبعة( صاحب رسالة مستفيضة تذكارا للمائة الثانية لقيامة دير المخلص. واألب )ألكسيوس شتوي(

الذي عرب عن اليونانية كتاب خدمة القداس واستشهاد القديس بوليكربوس. والخوري )فيليمون كاتب( معرب

رواية آدم وحواء وناشر كتاب زجر النفس. والخوري )يواكيم القرداحي( مؤلف رواية تمثيلية أدبية في عواقب

العشق الرديئة مع بعض المقاالت في المسرة. وبين الرهبان الروم )الكاثوليك الحناويين( اشتهر بالكتابة

حضرة الخوري )برنردوس غصن( له كتاب في تربية الولد والمدرسة حرر نحو سنتين مجلة صوت الحق فضمنها

مقاالت بليغة في الدين واألدب والتاريخ وفي تفنيد آراء بعض الملحدين. ولشقيقه الخوري )اكلمنضوس غصن( مقاالت في تلك المجلة. وللخوري )فالبيونوس كفوري(

لمحة تاريخية من مجامع الروم الكاثوليك مع مقاالت أخرى في المسرة. وفي صوت الحق. وكذلك

االرشمندريت )ألكسيوس كاتب( مطبوعات تاريخية فيطائفة الروم الملكية.

ومن الرهبان )الروم الملكيين الحلبيين( الخوري )الونديوس كازي( نشر خطابا للقديس باسيليوس. وأثرا

قديما للقديس يوحنا فم الذهب. والخوري )دميانوس(1/456)

شبارخ( مدير المدرسة البطريركية نشر عدة مقاالت فيمجلة المسرة.

نضيف إلى السابقين بين الروم األورثذكس سيادة المطران )جراسيموس مسرة( مؤلف كتاب تاريخ الشقاق

وبعض كتب طقسية وجدلية. كتب في جريدتي المحبة والهدية والخوري )يوحنا حزبون( اشتغل في التأليف فنشر

كتبا حسنة كالطرفة الشهية في انتصار اإلنجيل على

األضاليل الوثنية وبهجة الفؤاد في تفسير أناجيل اآلحاد في جزأين وكتاب تفسير الرسائل وكنز النفائس في اتحاد الكنائس وتاج العروس في تاريخ الشهيد جاورجيوس

والرسالة البهية في الكرازة اإلنجيلية. )والخوري )عيسى أسعد( صاحب الطرفة النقية من تاريخ الكنيسة المسيحية

( والماسونية412 - 401( : 1924 )22)راجع المشرق بقلم أحد العارفين )كذا( . والشماس )ثيودورس( مطلق

الناصري الحمامة البيضاء في عجائب سيدتنا العذراء. وللشماس )توما دوبو( تعريب خطبة بوسويه في ظفر

الصليب وخطبة فنيلون في ظلم العالم ألهل الخير. ولألرشميندريت )ايليا ديب( مؤسس الجالس بمفاخر

العباس. ولألرشمندريت )يوسف أبي طير( خالصة األبحاثفي علم الميراث.

السريان الكاثوليك يسير في مقدمة إكليروسهم في تعزيز اآلداب غبطة

بطريركهم )أغناطيوس أفرام الثاني الرحماني( بوفرة منشوراته الجليلة في السريانية والعربية واللغات األوربية. فمن آثار غبطته في العربية كتابه النفيس المباحث الجليلة

في الليتورجيات الشرقية والمنارة اللبنانية في الطقوس والرتب والعوائد الدينية في الكنيسة اإلنطاكية وقد نشر

في مجلة اآلثار الشرقية عدة مقاالت تاريخية وأثرية أطرأها العارفون مدارها على الممالك اآلثورية

والبطريركية اإلنطاكية وغيرها. وللحبر السيد )غريغوريوس بطرس هيرا( رئيس أساقفة دمشق تعريبه لتأمالت

الخوري هامون لكل أيام السنة. أما كهنة السريان ذوو المآثر الكتابية فمنهم

الخورفسقفوس )جرجس شلحت( له نخبة من أمثال فنيلون عربها نثرا ونظما وكتاب النجوى في الصناعة

والعلم والدين ثم الكون والمعبد ونشره في مجلة المشرق. وحبك الدراري أو حسن النظام والسلوك

ومديحه لمار أفرام كنارة الروح القدس وقالدة الذهب في فرنسة والعرب والشكوى أو محاورة الحكيم ومناجاة

األرواح. ومنهم الخوري )جرجي عبد األحد( نشر(1/457)

كتاب المسلك الحميد من مريم العذراء إلى يسوع المجيد والكتب الكنبيسية في السيرة القدسية في سنة أجزاء وله

نشرة األحد وهذه سنتها الرابعة لصدورها في بغداد. وأغزر منها مادة حضرة القس )اسحق أرملة( فإن تآليفه

كلها تشهد له بطول الباع في تاريخ طائفته وعاداتها وطقوسها ولغتها مع وقوفه على أحوال الوطن. فمن ذلك

كتابه الزهرة الزكية في البطريركية السريانية اإلنطاكية واللمحة التاريخية في أديار ماردين القديمة وتاريخ

السريان في القطر المصري وسياحة في طور عبدين وسلسلة بطاركة السريان وجثالقة المشرق ومفارنة

السريان والطائفة السريانية والقنصلية الفرنساوية في بغداد والقصارى في نكبات النصارى. والرجعة تفنيد

الردعة للراهب أفرام برصوم. ثم عدة كتب في درس اللغة السريانية كاألصول االبتدائية في اللغة السريانية وقواعد اللغة السريانية ومبادئ القراءة والترجمة في

اللغة السريانية ورغبة األحداث وتراجم كثيرين منمشاهير السريان في المشرق.

ومن كهنة السريان ذوي اآلثار الكتابية القس )روفائيل جبري( ألف مختصرا من التواريخ المقدسة إلفادة الصغار

ثم سلم العبادة. والقس )جرجي صقال( الرد الصريح على

تشنيع سليم جقي القبيح. وللقس )بولس سباط( كتاب المشرع مع أوصاف مختلفة لمخطوطات مكتبته الخاصة. ونشر القس )حنا الرحماني( رواية غفران األمير والقس

)يوسف رباني( رواية الكونت والمركيز والدوك المحتالين. وأولع القس )يوسف رباط( بنشر العبادة لسيدة بومباي

فنشر تساعيها ودليل المشتركين فيها. ونشر القس )جبرائيل بخاش( أنودة العرس في الشهباء. والخوري )جرجس ابرهمشا( نشر عدة مقاالت في مجلة اآلثار

الشرقية ومثله الخوري )جرجس ستيته( . ولوال عدول الدكتور )لويس صابونجي( عن دينه لذكرناه هنا: وقد ذكرنا

سابقا ديوانه شعر النحلة. وللكاهن اليعقوبي )أفرامبرصوم( تاريخ دير الزعفران.

األكليروس الكلداني الكاثوليكي للحبر الجليل )بطرس عزيز( مطران سلمست تآليف

مفيدة فإنه نشر تقويما قديما للكنيسة الكلدانية النسطورية وردعا للوقاحات البروتستانية ومقاالت الهوتية وتاريخية في مجلة المشرق. ونشر السيد )يعقوب أوجين

منا( دليل الراغبين في لغة اآلراميين ثم المروج النزهيةفي آداب اللغة السريانية )جزءان(

(1/458)

وطبع المطران )ارميا مقدسي( نحو اللغة السريانية للسريان والخوري )باسيل بشوري( نشر عدة مقاالت في

نشرة األحد ومقالة في المطهر في المشرق. وطبع القس )سليمان صائغ( الجزء األول من تاريخ الموصل.

وللقس )يوسف كوكي( المنتخبات الطقسية وردود على

مقاالت ماسونية. واختصر القس )يوسف تفنكجي( حالة الكنيسة الكلدانية حاضرا وهيئتها النظامية. ومن كهنة

الكلدان القس )ألفنس منجنه( الذي عدل إلى البروتستانية وقد نشر بعض اآلثار الكلدانية والعربية مما

ارتاب في صحته العلماء. ونشر القس )منصور قرياقوس(المجلة اآلشورية الكلدانية.

األرمن الكاثوليك منهم الخوري )ميخائيل قديد( نشر حياة القديس

غريغوريوس المنور وترجمة الكاهن الشهيد غوميداس. وعرب حضرة األب )سوكياس جريان( سنين عديدة

مطبوخ األرمن. وللقس )بولس قوشاقبجي( كتاب يومية المسيحي وحرر جريدة الكلمة. وللقس )كر كور األرمني(

كتاب ليترجية القداس على حسب القطس األرمني. ومما نعرفه )للكهنة األقباط( متفرقات في المذهب

البروتستاني وتاريخهم وفي السلطة البابوية للخوري )أثناسيوس سبع الليل( . ورد الثالثة واألربعين سهم في

نحر البراموسي العليل بالجدال والوهم للمنسنيور )فرنسيس قزمان( . فترى من هذا الجدول الطويل ما

لالكليروس الشرقي الكاثوليكي من الخدم الجليلة التي يؤديها للغة العربية بمنشوراته العديدة في كل فنون

الكتابة. فال ينكر أنه من أنصار لغتنا في كل أنحاء الشامومصر والعراق والجزيرة.

المرسلون الالتينيون لم يقتصر المرسلون همتهم على الخدم الروحية التي

يؤدونها للبالد التي يحتلونها. فإنهم كثيرا ما يهتمون بكل ما من شأنه أن يساعد على ترقية تلك المواطن في العلوم واآلداب كما رويناه سابقا. وهانحن نلحق بذكر األكليروس

الشرقي العالمي والقانوني المرسلين الذي يسعون حاضرا سعيا مشكورا في نشر اآلداب العربية. لهم فيها

منشورات وخدمات شتى نذكرهم على ترتيب حروفالمعجم.

(1/459)

)الدومنيكيون( أدت مطبعتهم الموصلية خدما جليلة لآلداب العربية إلى أن قضت عليها آفات الحرب ولم يتمكنوا حتى

اآلن من استئناف أشغالها. وبين أساتذتهم في المدرسة الكتابية في القدس الشريف آباء يتقنون اللغة العربية

ويلقون فيها الدروس المختلفة كاألب )يوحنا دومط( ثم األب )أوغسطينوس مرمرجي البغدادي( كاتب نوابغ في

( وقد عني مرسلوهم باآلثار366( : 1920 )18المشرق ) العربية والسياحية في جزيرة العرب. فاألبوان )جوسن

وسافنياك( نشر أخبار سياحتيهما العلميتين بين العرب في مدائن صالح وإلى العلى في تيماء وحرة تبوك. ووصف األب جوسن عادات العرب في مؤاب في كتاب ضخم

)السالزيان( معظم اهتمامهم بالصنعة1908سنة واأليتام. نشر أحدهم )األب يوحنا النحاس السالزي( حياةاألب أنطون بلوني مؤسس مدارس األيتام في فلسطين.

)الصعوديون( لهم منشورات عديدة في كل معارف الشرق وتواريخه المسيحية. أخصها مجلة )أصداء الشرق(

الحافلة بالمقاالت الجليلة عن الكنائس الشرقية وتراجم رجالها وتعريف سائر شؤونها. ولهم نشرة خاصة عن

أورشليم ودليل األراضي المقدسة. ومن تآليفهم الممتعة كتاب األب )مرتينوس جوجي( في الكنائس الشرقية

والطقوس الشرقية الذي ظهرت أخرا طبعته الثانية. وله

كتاب )الالهوت النظري للمسيحيين الشرقيين( طبع في. ولهم دليل فلسطين.1916باريس السنة الماضية

)الفرير( منذ حل أخوة المدارس المسيحية إرجاءنا لم يهملوا تدريس العربية. فنشر منهم )األخ بالج( في مصر

عدة كتب مدرسية كبحر اآلداب وسفينة النجاة. وقد توفي حديثا األخ )ساروفيم فيكتور( الماروني رشيد عطا الله

مؤلف تاريخ اآلداب العربية الذي سبق لنا وصف طبعته. وله مجموع مقاالت أدبية ودينية وقد عرب روايات فكاهية وتمثيلية نشرت جريدة البشير بعضها وله مجموع مقاالت

أدبية ودينية وقد عرب روايات فكاهية وتمثيلية نشرت جريدة البشير بعضها وله ديوان شعر دونك مثاال منه مما

قاله في شوقه إلى وطنه:يا ربوع الشام ال زال الهنا ... شامال أهليك طرا للدوام

لسواك القلب لم يعرف هوى ... وهون األوطان ما فيهمالم

لن تزالي في فؤادي أبدا ... في فمي ذكرك أشهى منمدام

الخزام أنت فردوس نعيم دائم ... تربك العنبر في ربا(1/460)

نسمات منك تحيي مهجتي ... ماؤك العذب شفاء للسقامهل إلى لبنان لي من عودة ... فترى عيناني هاتيك األكام

أن يشأ يجمع إلهي شملكم ... وبمرآكم يبلغني المراموإذا بالبعد يقضي أبدا ... فعليكم وعلى الشام السالم

ولغيرهما أيضا فصول ومقاالت نشرت في المجالتوالجرائد الوطنية تدل على عناية الفرير باللغة الوطنية.

)الفرنسيسيون( ضارعوا اآلباء الدومنيكان في خدمة

اآلداب العربية فإن مطبعتهم القدسية في فلسطين تعتبر كلسان حال رهبنتهم لنشر المطبوعات التقوية والمدرسية

واألدبية. ومما نشره هناك األب )الونردس النحو الطرابلسي( مناط الرغائب في تاريخ قديس العجائب مار أنطونيوس البادوي وعرب قبله سيرة القديس فرنسيس األسيزي للقديس بوناونتوا. ولألب )كميل مارون( الحلبي منهاج الخشوع في حب يسوع ومفتاح الفالح في تقديس

األرواح. ونشر األب )يواكيم الدعبول الناصري( ضياء األلباب في علم الحساب ونشر غيره مهد األدب لولد

العرب. ولألب )برنباي ميسترمان( وصف األراضي المقدسة. منه مختصر السير السليم في يافا ورملة

أورشليم. ووصف دار والية بيالطوس وقبر العذراء فيأورشليم وجبل الطور.

)الكبوشيون( ينشر حضرة األب )يعقوب حداد الغزيري( مجلته التقوية المعنونة صديق العائلة. ومن مطبوعاتهم

. ومنهم األب1915الشرق الكاثوليكي ظهر أوال سنة )جبرائيل ماريا كنيدر( الحلبي أستاذ العربية في المدرسة

العمومية الرساالت اإليطالية الخارجية في بالرمو نشر غراماطيق اللغة1902في مطبعتنا الكاثوليكية سنة

العربية لفائدة اإليطاليين. )الكرمليون( نعرف منهم حضرة األب )أنستاس الكرملي(

له في1911صاحب مجلة لغة العرب التي ظهرت سنة العشر السنين األولى من المشرق وفي مجالت أخرى

عدة مقاالت باسم حضرته صريحا أو تحت أسماء مستعارة. ومن تآليفه التعبد لقلب يسوع طفل براغ وغير

ذلك. )اللعازريون( تعددت منشورات حضرة األب )يوسف

علوان اللعازري(

(1/461)

منها روحية كنشرته نزاع السيد المسيح والجسمانية وكتاب أخوية النزاع اإللهي وكتاب أخوية المالئكة الحراس وكتاب أخوية بنات مريم. ومنها تاريخية كالدر المختار في

نظم حياة الشهيد بربوار وحياة الطوباوي راجيس كله الشهيد اللعازري والمثال الصحيح لكاهن المسيح في حياة

القديس خوري ارس وحياة القديسة جان درك وتاريخ فردريك اوزنام ونبذة تاريخية في ظهور األيقونة العجائبية وتاريخ مدرسة عين طورا في )المشرق( . ومنها مدرسية

كفرائد المجاني وفرائد األمثال الجليلة ومختصر بحث المطالب ومختصر الصرف والنحو ومرقاة المترجم في اللغتين الفرنسية والعربية )أربعة أجزاء( ومنها تعريبات

كتعريب مبادئ التعليم المسيحي للبابا بيوس العاشر والتعليم الصغير لقداسته وتعريب الكتاب المقدس

ليوستينوس كنيخت وتعريب أخوية الحرس الشرفي لقلب يسوع األقدس - ولحضرة األب )قيصر الخوري( كتاب

دروس في الديانة المسيحية ظهر بالفرنسوية وسيظهرفي العربية تقريبا.

)اليسوعيون( عنيت الرهبانية اليسوعية بتعزيز لغة سورية الوطنية عنايتها بكل لغات األمم التي ترسل إلى تبشيرها. وفي الحاضرة لعشرة من اليسوعيين األحياء تآليف تشهد

على غيرة رهبانيتهم في تعزيز العربية. وقد وجدوا في مطبعتهم الكاثوليكية معينا كبيرا قرب إليهم العمل فدونك

أسماءهم بالترتيب. األب )شرل أبيال( له رواية ابن وائل ومقاالت الهوتية في الوحي نشرها في المشرق مع بعض آثار السيد فرحات. األب )خليل أده( نشر كتابا في مبادئ

القراءة العربية وطبعة جديدة لكتاب المرحوم جبرائيل أده

القواعد الجليلة في علم العربية والعلم الصحيح في حياة السيد المسيح ومقاالت ممتعة في المشرق منها فلسفية

ومنها اجتماعية ومنها انتقادية خص منها بالذكر أصول البالغة عند العرب وفي الشعر العربي ثم انتقاده النفيس

لتعريب اإللياذة. األب )فردينان توتل( وصف سياحاته الرسولية في جهات حيفا وفي حوران وكتب مقاالت شتى

في المشرق وفي رسالة القربان. األب )الياس جبارة( كتب في حالة الكنيسة االنكليكانية ونشر كتاب صلوات

ورياضات وأناشيد روحية وله بعض المنظومات في المشرق. األب )لويس شيخو( مدير مجلة المشرق. له

مصنفات مختلفة منها دينية والهوتية كالبرهان الصريح في الهوت السيد المسيح ومجموعة مقاالت دينية لقدماء كتبة

النصرانية. وتراجم بعض القديسين كالقديس(1/462)

يوحنا الدمشقي والقديس بطرس كانيزيوس والطوبوي بلرمينوس وأولياء الله في لبنان والتعبد لطفولية السيد المسيح. ومنها جدالية كاألناجيل القانونية وأناجيل الزور ومحاورات جدالية وردود مختلفة على التنير والمجالت

الوطنية وكشف أسرار الشيعة الماسونية. ومنها فلسفية كمجموعة مقاالت فلسفية لقدماء الفالسفة ومقاالت في

النفس والضمير والتساهل الديني واأللفاظ السحرية. ومنها كتابية في شرح مشاكل واردة في األسفار المقدسة

وتفنيد آراء فاسدة فيها. ومنها تاريخية كبيروت: أخبارها وآثارها وكتاريخ جزيرة العرب حاضرا. وتاريخ الحرب

الكونية وتاريخ النصرانية وآدابها في عهد الجاهلية وتاريخ اآلداب العربية في القرن التاسع عشر وفي الربع األول

من القرن العشرين والمخطوطات العربية لكتبة النصرانية. وتاريخ أساقفة طور سينا. وتاريخ الطباعة في

الشام وفلسطين والعراق ووصف مخطوطات المكتبة الشرقية )خمسة أجزاء( وتاريخ الرهبانية اليسوعية

والطائفة المارونية وتاريخ النهضة األدبية في حلب وتاريخ القصادة الرسولية في الشام وابن العبري: تاريخه وآثاره. ونشر من التواريخ تاريخ بيروت وأمراء الغرب لصالح بن

يحيى وتاريخ شاكر بن الراهب وتاريخ سعيد بن بطريق مع ملحقه لسعيد بن يحيى اإلنطاكي وتاريخ محبوب المنبجي وتاريخ طبقات األمم ألبي القاسم صاعد األندلسي وتاريخ

. وله في اللغة كتاب1860حوادث لبنان ودمشق سنة نزهة الطرف في مختصر الصرف والوسائل لترقية اللغة

العربية واللغة العامية بازاء اللغة الفصيحة. ونشر من كتب اللغة: األلفاظ الكتابية للهمذاني وفقه اللغة للثعالبي

وتهذيب األلفاظ البن السكيت وكتاب الكتاب البن درستويه. والبلغة في شذور اللغة وغراماطيق عربي في

الالتينية مع منتخبات ومعجم. وفي األدبيات الشعرية كتاب شعراء النصرانية في عهد الجاهلية ثم بعد اإلسالم ونشر

دواوين الخنساء والخرنق والسمؤل والمتلمس وسالمة بن جندل وأبي العتاهية ومراثي شواعر العرب وحماسة البحتري. وله في األدبيات النثرية والمنتخبات ترقية القارئ ومرقاة المجاني ومجاني األدب مع شروحه

وأطرب الشعر وأطيب النثر واألحداث الكتابية والتشابيه النصرانية في شعراء الجاهلية وأطيب الفكاهات في أربع روايات وروضة األحداث في أطايب األحداث. ونشر منها

كليلة ودمنة عن أقدم نسخة مؤرخة وكتاب فضائل الكالب البن المرزبان وقانون وزارة بني عثمان أصاف نامه. وله

أسفار وسياحات شتى

(1/463)

كسفره من بيروت إلى الهند وأسفاره وإلى حمص وحماة وحلب ودمشق وجبيل مع ذكر آثار كل مدينة. وكتب فنية

كمقالة الضوء ألرسطو واآلالت المنغمة لمورستوسواآلالت المزمرة لبني موسى والمكحلة للصقلي. ولألب )أنطون صالحاني( مدير البشير سابقا من

المطبوعات النفيسة ما قدرها العلماء قدرها مباشرة بنشره لتاريخ ابن العبري ثم تصحيحه لكتاب ألف ليلة

وليلة مع إضافته إليها طرائف وفكاهات في أربع حكايات. وقد عشق شعر األخطل فنشر أوال ديوانه عن نسخة

بطرسبرج ثم ألحقها بنسختي بغداد واليمن مع شروح وروايات وتصحيحات في ثالثة أجزاء وملحق عنوانه الشذر الذهبي على شعر األخطل التغلبي. ونشر نقائض األخطل

وجرير عن نسخة األستانة مع تعليقات مهمة. وله في جزأين منتخبات عن كتاب األغاني ألبي الفرج األصبهاني

كرر طبعها مرارا وذيلها بالحواشي اللغوية والتاريخية. وطبع له في مصر ملحوظات دقيقة على كتاب التنبيه ألبي

عبيد البكري. ومن منشوراته الالهوتية والدينية. شروحه على آيات األناجيل األربعة وكتابه الحقائق الالمعة في

عقائد الكنيسة الجامعة ضمنه مقاالت متفرقة سبق له نشرها في جريدة البشير أو في مجلة المشرق. وله

مقاالت أخرى كردوده على المقتطف قبل الوالدة وبعد الموت وغير ذلك وله مقالة واسعة في كتاب لبنان عن جغرافية لبنان الطبيعية واإلدارية ومن تأليفه كتاب شهر

قلب يسوع لفائدة العمال ورتبة درب الصليب والكنز الروحي وإصالح التعليم المسيحي الصغير. ولألب )لويس

معجمه البديع1905معلوف( مدير البشير منذ السنة

المنجد الذي اتسع في مواده وصوره وأشكاله في طبعته الجديدة وأضاف إليها مجموعا واسعا من األمثال ونشر عدة سنين تقويم البشير وكتاب حوادث الشام ولبنان

لمخائيل الدمشقي عن نسخة لندن. ومن منشوراته في المشرق كتاب السياسة البن سينا ومقالة آليا مطران نصيبين في تعاليم اآلخرة وأقدم أثر نصراني ألبي قرة وفصول عديدة في البشير األب )سليمان غانم( مدير البشير عدة سنين ألف كتاب طغمة يسوع والباباوات

وكشف عن معميات الشيعة الماسونية ورد على المقتطف في تأييده لمذهب النشوء واالرتقاء. وجمع في

كتاب شهادات آباء الكنيسة الشرقية وطقوسها فيالرئاسة

(1/464)

البطرسية. وقد نشرنا له في المشرق مجموعة من أمثال عكار ومن عادات أهل دمشق األب )روفائيل نخلة( مدير

رسالة قلب يسوع له فيها فصول عديدة نثرية وشعرية دينية وتاريخية واجتماعية. وقد نشر في المشرق مقاالت

حسنة ال سيما في العلوم الفلكية والطبيعية والكيموية واالختراعات الحديثة كالمدافع البعيدة المرمى وعجائب

التلفون الالسلكي والتصوير. وقد عرب عن الروسيةوالفارسية مقاالت أخرى

هذا ولآلباء اليسوعيين المستشرقين خدم أخرى في نشر المعلومات الشرقية لهم في ذلك مجموعة جليلة دعوها

Melanges de laبمجموعة آثار المكتب الشرقي )Faculte Orientaleوهي تدعى اليوم مجموعة كلية )

- Melanges de Puniversite Stالقديس يوسف )

Josephقد بلغت اليوم مجلدها الثاني عشر. فكتبتها قد ) استحقوا ثناء أكبر علماء العالمين وفي مقدمتهم األب )هنري المنس( مدير البشير سابقا ألف كتاب الفروق

واأللفاظ الفرنسوية المنقولة عن العربية وكتاب الترجمة العربية والفرنساوية وزين المشرق بمقاالت واسعة أثرية وتاريخية واجتماعية كتسريح األبصار في ما يحتويه لبنان

من اآلثار وكرواية حبيس بحيرة قدس وفراغريفون ولبنان وملحوظات على جغرافية لبنان ومقاالت أخرى ثم نشر باإلفرنسية تاريخ معاوية ويزيد ابن معاوية وتاريخ فاطمة

ابنة محمد وتاريخ مكة قبل اإلسالم وتاريخ الطائف وتاريخ سورية في جزأين وخالصة اإلسالم ومقاالت عديدة في

أكبر مجالت أوربة كمجلة العالمين ومجلة المباحث ومجالت مصر العلمية. ومنهم حضرة األب )سبستيان

ونزفال( الذي روى تاريخ زينب ملكة تدمر مع ما ثبت من أخبارها وآثارها. وله مقاالت أثرية في العاديات الشرقية والفينيقية والتدمرية ال تكاد تحصى جارى فيها أساطين العلوم األثرية وقد اكتشف هو ببحثه الخاص وسياحاته

قسما صالحا من تلك اآلثار فأحسن وصفها. ومنهم حضرة األب )رينه موترد( مدير مجلة مجموعة القديس يوسف.

وهو اليوم من أفراد العلماء األثرية الشرقية ال سيما اليونانية والالتينية وقد نشر فيها عدة مقاالت مستحسنة

( وغيرهما. وخدم األبSyriaفي المشرق وفي مجلة ) )لويس جالبرت( اآلداب الشرقية بأبحاثه التي نشرها في

المشرق عن آثار بالد الشام واختصر تاريخ الكنيسة السورية في روايته الجميلة يمين العلي ومعظم كتاباته

اليوم في باريس عن أحوال الشرق واالنتداب الفرنسويفي الشام. وبحث )األب ألكسيس مالون( عن آثار(1/465)

مصر وتاريخ األزهر ومآثر األقباط التاريخية والطقسية وله غراماطيق اللغة القبطية في اللغة الفرنسوية. وعني األب )غودفريد زموفن( بجيولوجية لبنان وعلم طبقاته األرضية

وآثار النصرانية. ونشر األب )ألبرتوس فكاري( غراماطيقيا عربيا لفائدة أهل طرابلس الغرب مع عدة مقاالت كتابية

وأثرية. وتجول األب )الدسالس شيبلنسكي( )الذي نعي إلينا في األسبوع الماضي( في أنحاء فلسطين وعيون

موسى وجزيرة سينا فوصفها. وعنها كتب أيضا األب )بوناو نتوره أوباخ( الراهب البندكتي خريج مكتبنا الشرقي.

ويقوم بأعباء مرصد كساره اآلباء )برلوتي وكومبيه وهران( . ولألب )بولس بيترس( البولندي البلجكي مطبوعات

جديدة في الشرق النصراني وتراجم قديسين كثيرين منها بالعربية والسريانية واألرمنية نشرها في مجلة اآلباء

البولنديين في بروكسل وفي المشرق وفي مجموعة آثار كلية القديس يوسف. ونشر األب )أدمون بوور( انتقادا

على شعر أمية ابن أبي الصلت ومقاالت في القرآنوالدين اإلسالمي في اإلنكليزية.

ونشر األب )ماريوس شان( غراماطيق اللغة الحبشية وآثارا أدبية للحبش. ولألب )بولس جوون( مقاالت جليلة

في آثار حمص وجبل سمعان وفي اللغات السامية ال سيما العبرانية هذا مجمل أعمال اليسوعيين المرسلين الذين

في قيد الحياة. وفيها شاهد حي على همتهم باآلداب الشرقية والوطنية وال سيما العربية ومن مجمل هذا

الفصل المنبئ بنشاط األكليروس سواء كان من رؤساء الكنائس الشرقية وأحبارها أم من كهنته العالميين أو من

رهبانه الوطنيين أو من المرسلين المنتمين إلى الرهبانيات الالتينية يتقرر ما طالما ثبت باالختبار أن الكنيسة تخدم

العلوم خدمتها للدين واألدب وأن الكاهن بموجب دعوته (7:2قد عهد إليه صيانة كنز العلوم كما قال النبي مالخي ) : )إن شفتي الكاهن تحفظان العلم ومن فيه يطلبون

الشريعة إذ هو مالك رب الجنود( ولألكليروس فضل آخر تخريجه أللوف مؤلفة من الناشئة الذين أخذوا عن

أساتذتهم في مدارسهم الدينية حبهم للغتهم الوطنية فنبغ بينهم كثيرون وأصبحوا في الوطن والمهجر ومن حملة

األقالم كما سترى(1/466)

في أدباء النصارى حاضرا ليس باألمر السهل أن نحصر في صفحات قليلة أسماء

أنصار اآلداب العربية النصارى العائشين حاضرا وذلك لسببين: )األول( لكثرة الذين تخرجوا في المدارس

المسيحية التي بلغ عددها المئات منها للمرسلين الالتينيين ومنها لإلرساليات األميركية واإلنكليزية ومنها للوطنيين من كل الطوائف الكاثوليكية واألورثذكسية وللجمعيات الخاصة

أو بعض األفراد. )والثاني( لتشتت هؤالء األدباء في أنحاء العالم ال سيما منذ توفر عدد المهاجرين إلى أربع خوافق

المعمور. فكثيرون منهم كانوا أركان النهضة األدبية في البالد التي احتلوها فإن الفضل الكبير أن لم نقل الوحيد النتشار اآلداب العربية في الواليات المتحدة إلى أقصى

أميركا الشمالية في كندا وفي معظم بالد أميركا الوسطى وأميركا الجنوبية كالمكسيك والبرازيل واألرجنتين بل في جهات أوستراليا يعود خصوصا إلى النصارى وباألخص إلى اللبنانيين والكاثوليك الموارنة والروم الملكيين والسريان

ومنهم كثيرون مقطوعة أخبارهم عنا على أن ما نجده في

نفسنا من القصور في استيعاب ذكر األدباء النصارى المشتغلين حاضرا في خدمة لغتنا العربية ال يثبطنا عن سرد أسماء الذي يخطرون على بالنا مستميحين عذرا

ممن تفوتنا أسماؤهم الكريمة فنستدرك الخلل في فرصةأخرى إن شاء الله

- الشعراء1 إن سوق الشعر نافقة بين أدباء النصارى في عهدنا فممن

نعرف لهم دواوين كاملة يستحقون ذكرا خاصا الشعراء البيروتيون أو اللبنانيون )شبلي بك المالط( طبع شعره من

. )أمين1925شعر المرحوم شقيقه في بيروت سنة ظاهر خير الله( عالج في شعره المواضيع الدينية واألدبية.

له كلمة شاعر في وصف خطب نادر: نكبة سان ( وله رواية األرض في1903فرنسيسكو )نيويورك

السماء ورواية السموءل شعرية تمثيلية والبيان الصراح ( . )إلياس فياض( طبع1913عن نذر يفتاح )دمشق

( . )الدكتور نقوال1918الجزء األول من ديوانه )بيروت فياض(

(1/467)

نسيب الياس. طبعت قصائده في مختارات الزهور وغيرها. )حليم دموس( تكرر طبع ديوانه في دمشق

وبيروت. وله مجموعة شعرية مصورة عنوانها المثالث ( . وله األغاني الوطنية. )قيصر بك1926والمثاني )صيداء

المعلوف( جمع منظوماته تحت عنوان تذكار المهاجر ( . ثم أضاف إليها قصائد غيرها في1904)سان باولو

ديوان ضخم. )جرجي شاهين عطية( طبع في بعبدا )

( نسمات الصبا في منظومات الصبا. ونشر اللبناني1904 في مطبعة الهالل1910)الشيخ رشيد مصوبع( سنة

بمصر ديوان األثر في مواضيع عصرية شتى. )وجرجي . ونظم أستاذ1922الحجار( نشر ديوانه في بيروت سنة

اآلداب العربية في الجامعة األميريكية )أنيس الخوري المقدسي( الذكرى وهي أدوار لطيفة عربها شعرا عن

شاعر العرش اإلنكليزي ألفرد تنسون. )علوان الخوري( له الزنابق العاطرات من منظومات متفرقات أفتتحها

( )ألياس1926بالدمعات الست. ونشر حديثا في بيروت ) أبو شبكه( نبذة من ديوانه القيثارة وضمنه بعض أقوال ثورية. أما قصيدته المجدلية والمسيح فيستنشق منها

رائحة كفرية ومن دواوين شعراء دمشق وحلب وسورية ديوان )سليم بك عنحوري( بدائع ماروت أو شهر في

. وله الجوهر الفرد أو الشعر1886بيروت. طبع سنة ونشر بعدهما1904العصري طبع بالحدث )لبنان( سنة

منظومات عديدة متفرقة. )ميخائيل أنطون صقال( طبع 1909 العبر نظمها بعد حوادث سنة 1911في حلب سنة

آخذا فيها مأخذ الشعر القصصي. ثم نشر في الشهباء الجزء األول من ديوانه. ونظم )ألياس كبابه(1925سنة

. وأفضل منه1913األثر الحصيب فنشره في حلب سنة الدر النضيد من العهدين القديم والجديد من نظم )نجيب

أما1911الالذقاني( في جزئين طبع في بيروت سنة منظومات شعراء مصر وفلسطين والعراق فالمقدم على

الجميع ديوان شاعر القطرين )خليل بك مطران( له 1906 إلى 1870القصائد الرنانة التي نظمها من السنة

وكم نشر غيرها من القصائد كالنيرونية وسواها. وفي1895السنة نشر )إبراهيم بركات القبطي( ديوانا حسنا

في مواضيع دينية وأدبية عنوانه مفتاح باب السماء

(1/468)

وشاعر فلسطين )اسكندر الخوري البتجالي( نشر في بيت الزفرات دعاها بذلك لكثرة ما1919المقدس سنة

أودعها من األوصاف الفاجعة. ثم طبع في العام الحاضر في القدس أيضا الجزء األول من مشاهد الحياة توفرت

فيه القصائد العصرية العراق وأميركة من شعرائهم النصارى )الدكتور سليمان غزاله( في بغداد الذي تعددت منظوماته )المطبوعة في

( كالعشق الطاهر والقصيدة1925 - 1924السنتين الفردوسية في الحب الطاهر المقدس أو العفاف

والقصيدة الفيصلية دليل النجاح في منهاج الفالح. أما األميريكيون من المهاجرين فنشر منهم األديب )سعيد

عبده أبو جوده( الفتاة السورية المهاجرة. ومن مشاهير شعرائهم )اليا أبو ماضي( له تذكار الماضي طبع في

وقصائد عديدة أخالقية وأدبية1911اإلسكندرية سنة عصرية. والشاعر )أسعد رستم( صاحب القصائد االنتقادية

واألدبية الفكهة بما مزجه فيها من األلفاظ الدخيلة والتلميحات القومية واألجنبية. و )لسليمان داود( نسمات

( .1905الغصون أو باكورة منظوماته في نيويرك ) وشاعر سان باولو في البرازيل )رشيد سليم الخوري(

1916علق اسمه على الرشيديات المطبوعة هناك سنة هذا وليس لكل شعرائنا النصارى دواوين فلكثير منهم

قصائد ومنظومات شتى نشرت في المجالت والجرائد والكتب األدبية فلو جمعت أصبحت دواوين كبيرة فها نحن

نسرد هنا أسماءهم الكريمة تنويها بفضلهم وإشارة إلى جودة قريحتهم في سبك القريض وتفننهم في كل معاني الشعر وقد نقلنا عن بعضهم قصائد جميلة أنشدوها سنة

اإلعالن بالدستور فنشرنا شعرهم في مقالتين طويلتين الحماسة الدستورية ومنظومات الوقائع الدستورية )في

( . وهذه664 - 641 و96 - 81( : 1909 )12المشرق أسماؤهم على ترتيب حروف المعجم )األسود( إبراهيم بك

المجيد شعرا ونثرا.. )الباشا( ألياس بك له القصائد الرنانة. )البستاني( عبد الله اللغوي الشهير. له منظومات عديدة منها رواية الحكم على أبني هيرودس. )البستاني(

يوسف له منظومات حسنة في الجرائد والمجالت فهو معدود بين شعراء العصر. ومثله )ثابت( أيوب من شعراء الدستور. )جبران( خليل جبران له شعر حسن مع قصائد

يلوح منها روح الثورة والتهوس والخالعة. )حلوه( خليلبطرس من شعراء

(1/469)

الدستور. )حيدر( يوسف مثله. )الخوري( بشارة صاحب جريدة البرق. الملقب لجودة شعره باألخطل الصغير.

)الخوري( فارس بك نقل شيء من شعره إلى األلمانية )Mitt. d. Sem. f. or. Sprache: XXVIII 272خير( . )

الله( الدكتور خليل نشر شيء من شعره في مجلة الهالل وغيرها. )خياط( الدكتور الحلبي من شعراء حلب

المعدودين. )داغر( أسعد له قصائد ونشائد متفرقة. ومثله سميه )داغر( أسعد خليل له بالشعر تاريخ الحرب الكبرى

في مطبعة الهالل. وقصائد متعددة دينية1919طبع سنة وأدبية في مجلة الشرق والغرب. )داؤد( سليمان من شعراء الدستور. ومثله )دموس( شبلي أحد الشعراء

المجيدين. ومن محاسن شعر )رستم( ميخائيل وصف بعلبك وآثارها. )ورزق الله( نقوال من الشعراء المعدودين

-115روى له جامع مختارات الزهور عدة قصائد ) ( . )ورشيد( أيوب يعتبر من جملة الشعراء المجيدين124

في أرض المهجر. )الرياشي( قبالن نشرنا له ميميته ( :1924 )22المطولة في الحكمة العيسوية )المشرق

( . )زريق( جميل نشر في طرابلس في416 - 412 المباحث وغيرها عدة قصائد. )زين( حبيب فارس له

قصائد في الدستور العثماني وغيره ومثله )سعد( جرجي نخله و )سلوم( الدكتور توفيق. وعني الدكتور )شدودي( إبرهيم بالزجليات فأخرجها على صورة لطيفة فنشرت

بعدة جرائد. )شقير( سعيد له شعر لطيف في الحماسة الدستورية. ومثله )العازار( نسيم )وغلبوني( اسطفان

ويوسف )وفضول( كامل. )عريضه( نسيب أحد النابغين في أميركة. روى أمثلة من شعره محيي الدين رضا في بالغة العرب في القرن العشرين. )وعقل( وديع صاحب

الوطن من افضل شعراء بيروت النصارى. )والفران( ألياس نبغ في الشعر العامي. )فرحات( ألياس من نوابغ أميركة روي شيء من شعره المنسجم في بالغة العرب

( . وكذلك اشتهر في211 - 186في القرن العشرين ) أميركة الشاعر )فرزان( ألياس أنطون فكان ينشر

قصائده في العدل وغيرها. )فرج( عبد الله له منظومات في الهالل وغيرها ونشر سمير الجليس في محاسن

التخميس. )الفغالي( سمعان فرج من مشاهير القوالين نشر شمس المعنى في جزئين. ثم عدل إلى الكهنوت.

)فليكس( فارس نشر في الجرائد قصائد عديدة. الفورتي )بشير( شاعر دستوري. )مشرق( أمين أصاب أيضا(1/470)

شهرة بين شعراء أميركة فنشرت له منظومات في بالغة ( . )المعلوف(244 - 229العرب في القرن العشرين )

( ونقل583: 2شفيق روي شعره في مجلة الحرية ) .Mitt. d. Sem. f. orientشيء منه إلى األلمانية )

Sprache XVIII 276المعلوف( نجيب يوسف روى( ) قطعا من شعره األستاذ عيسى اسكندر المعلوف في

50( منها قصيدته في 335 - 326دواني القطوف ) بيتا في وصف مدينة ملبورن في أوسترالية. وأطول منها

وأجود قصيدته وحدة األمل في علة العلل اثبت فيها وجود الخالق وخلود النفس والثواب والعقاب ونظم الوصايا العشر. ولراوي هذه المنتخبات جناب صديقنا عيسى

أفندي )المعلوف( قصائد ومنظومات لو جمعت لبلغت ديوانا ضخما و )نحاس( جبران ناظم مناظرة السيف

والنجار )نخله السعد( جرجي له ما أحب وما أكره. ونختم بالشاعرين )نعمة الحج( وميخائيل )نعيمه( هما أيضا من

مهاجري أميركة روي لكليهما نموذجات شعرية في كتاب بالغة العرب من القرن العشرين فذكر لألول ليلة أرق

والى األمام والى الثاني من أنت يا نفسي وأخي وأوراق الخريف ولو تدرك األشواك سر الزهور وبهذا التعداد ما يدل على رواج الشعر بين أدباء النصارى. ويوجد غيرهم سنذكرهم في عدد الصحافيين أو الكتبة ال ينكر أن قوام

الصحافة في العالم العربي حاضرا بمساعي النصارى خصوصا. وذلك في صورتيها أي على صورة مجالت ذات

أبحاث واسعة في كل المعارف العصرية. وعلى صورة جرائد سيارة تنشر يوميا أو أسبوعيا أو مرارا في األسبوع

فمن )المجالت( ما خال التي ذكرناها لإلكليروس )في بيروت( األحرار المصورة لجيران التويني. البيان لبطرس

البستاني. التجدد ألديب طيار. الحارس ألمين الغريب. الحقوق لنجيب وملحم خلف. المجلة الطبية العلمية

للدكتور فؤاد غصن. المجلة القضائية ليوسف صادر. المعارف لوديع نقوال حنا. المعرض لميشال ذكور. مينرفا لماري يني. الكلية للجامعة األميركية. النشرة األسبوعية

للرسالة األميركية وفي )مصر( الشرق والغرب لإلرسالية األميريكية. طبيب العائلة للدكتور خياط. العالم لكريم

خليل ثابت. فتاة الشرق للبيبة هاشم. اللطائف لشاهين مكاريوس. المرآة لخليل زينية. المقتطف للمرحوم

يعقوب صروف وفارس نمر. الهالل(1/471)

ألميل زيدان مع توابعه المصور وكل شيء والفكاهة وفي )لبنان( اآلثار لعيسى اسكندر المعلوف )زحلة( . الخدر

لعفيفة صعب )عاليه( . الشمس السبر غريب )الدامور( . الشبيبة أللياس نصر )أعبيه( . صدى العالم ألنيس ملحم

جابر )عاليه( . العرائس لعبد الله حشيمه )بكفيا( . المباحث لجرجي يني )طرابلس( . المحامي لفؤاد رزق )زحله( . النور لنصر الله طليع )الالذقية( وفي )دمشق( العالم لسليم إبرهيم الترك. النجاح أللياس خليل ترتر.

العروس لماري عبده عجيمي وفي )حلب( الشعلة لفتح الله قسطون وفي )فلسطين( النفائس العصرية لخليل

بيدس )القدس( . الزهرة لجميل بحري وجعلها اليوم جريدة باسم الزهور )حيفا( . المجلة التجارية لتوفيق زيبق

)حيفا( وفي )بغداد( الحرية لعبد الجليل رزق الله. وفي الموصل )الموصل( ليونان عبو اليونان وفي )أميركة( األخالق ليعقوب رفائيل. الروضة لبطرس عبود شعيا

)لورنس ماس( . العالم الجديد لسلوم مكرزل )نيويرك( . فتاة بوسطن لوديع شاكر. العروس لطانيوس سليمان

نقوال )بوسطن( . الوطن الحر للدكتور سعاده بشاره 2)برازيل( . المجلة السورية )باإلنكليزية( لفيليب حتي

)الجرائد( في بيروت ولبنان. األحرار لسعيد صباغة وجبران التويني وخليل كسيب. البرق لبشارة الخوري.

الجوائب أللبر الشدياق. الحوادث للطف الله خالط )طرابلس( . الدبور ليوسف مكرزل. أرزة لبنان ليوسف

الحتي. األحوال لخليل البدوي. دير القمر لوديع ونعوم البستاني )دير القمر( . الراية ليوسف السودا. زحلة الفتاة

إلبراهيم الراعي )زحلة( . الشالوف )جزين( الرقيب )طرابلس( الصحافي التائه السكندر الرياشي )زحلة( . العلم لميشال حائك )بيت شباب( . لسان الحال لرامز

سركيس. النهضة لفؤاد راشد )مرجعيون( . صدى الشمال لفريد أنطون. لبنان الرسمية. النهضة المرجعيونية. الهدية

لألرشمندريت فوتيوس. المرأة الجديدة لجوليا طعمة دمشقية. الورقاء ليوسف المشعالني )صليما( . الوطن

لوديع عقل في باقي )سورية وفلسطين والعراق ومصر( ففي دمشق ألف باء ليوسف عيسى. وفي حمص صدى

سورية. ودليل حمص لقسطنطين يني. وفي حلب التقدم(1/472)

لشكري كنيدر. وفي حيفا الكرمل لنجيب نصار. والزهور لجميل البحري. وفي يافا فلسطين لعيسى داود عيسى.

وفي القدس الشريف النفير واإلقدام إليليا زكا. وفي )اإلسكندرية وفي مصر( األهرام يحرره داود بركات

وتوفيق حبيب. المحروسة أللياس زيادة. والبصير لرشيد شميل. والمقطم لصروف ونمر ومكاريوس. وفي العراق الوقائع العراقية والعالم العربي لسليم حسون. والعراق

لرزق الله غنوم )جرائد أميركة( في أميركة الشمالية في نيويرك السائح

لعبد المسيح حداد. والشعب ليوسف مراد الخوري. ومرآة الغرب لنجيب موسى دياب. والنسر لنجيب جرجي بدران.

والهدى لنعوم المكرزل. وفي ديترويت الصباح ولسان العدل لشكري كنعان. وفي األرجنتين في عاصمتها بونس

أيرس ما خال المرسل السابق ذكره الزمان لمخائيل السمرا. والسالم لوديع واسكندر شمعون. وفي البرازيل في ريو جانيروا البريد ليوسف ظاهر. وفتى لبنان لجورج

مسرة. والعدل لشكري جرجيس أنطون. وفي سان باولو أبو الهول لشكري الخوري. والقلم الحديدي. وفي

المكسيك الرفيق لمحبوب الشرتوني )الكتبة النصارى حاضرا( من المستحيل أن نذكر سائر أرباب األقالم الذين

يتعاطون حاضرا بين النصارى مهنة الكتابة فألفوا فيها التآليف المختلفة. وهانحن نذكر ما يحضرنا منهم على

طريقة الحروف المعجم. )أبو راشد حنا( نشر وقائع صاحب السمو األمير سعيد وقاموس األعالم وكتاب جبل

كتاب سياحته1910الدروز. )أدوار ألياس باشا( نشر سنة إلى البالد تحت عنوان شاهد الممالك. )أرمانيوس عازار(

له المذكرة اللغوية في ترجمة أهم مفردات الممالك الطبيعية. )اسطفان يواكيم( عرب رواية كريستوف

( . )اسكندر راغب المحامي( نشر كتاب1909كولومب ) األثر الذهبي في تاريخ وآثار عطيه بك وهبي )مصر

( . )أسود إبرهيم بك( من تآليفه التليد والطريف1915 و1896( وكتاب ذخائر لبنان )1892في تهاني النصيف )

( وتنوير األذهان في تاريخ لبنان في مجلدين )1906 ( . )ألوف ميخائيل( كرر طبع تاريخه1927 - 1926

لبعلبك ونقله إلى اإلنكليزية والفرنسوية. )ألونصوألفونس( عرب كتاب الدليل الهادي لزيارة قبر الفادي )

( . )ألياس أنطون( نشر القاموس العصري بالعربية1909واإلنكليزية

(1/473)

)باز الدكتور جورج( عرب كتاب الروضة البديعة في علم الطبيعة ونشر في الجرائد والمجالت فصوال واسعة في

الطب واألدب والتاريخ. )باز جرجي نقوال( له تآليف متعددة كاإلنسان ابن التربية واآلداب وشبان العصر

والصحة وإكليل غار لرأس المرأة وآثار التهذيب والنسائيات وتأثير النساء في االرتقاء وترجمة ألياس

جرجس طراد وسليمان البستاني ومقاالت شتى في مجلة الحسناء وغير ذلك من اآلثار الطيبة. )البحري جميل( ألف

تاريخا لحيفا. وفصوال تاريخية عن عبد البهاء عباس والديانة البهائية وعن غبطة السيد البطريرك كيرلس التاسع وسيادة المطران غريغوريوس حجار. وله نحو

عشر روايات أدبية أو تاريخية. منها نثرية ومنها على شبه مآسي تصلح للتمثيل على المسارح كالوطن المحبوب واالختفاء الغريب والهجوم على البلجيك وسقوط بغداد

والحقيقة المؤلمة وظلم الوالد وسجين القصر وفي السجن والزهرة الحمراء الخ. )بدور نعوم( نشر في

بيروت خالصة مقاصد الله وإيضاح البيتنات في الخالفة والتقليدات. )البدوي خليل( محرر األحوال. له نخبة النخب في ترجمة القديس يوحنا فم الذهب وتعريب تاريخ آخري

سالطين الروم والدرجات المدرسية في تعليم اللغة الفرنسية ومجموعة فكاهات ونوادر ولطائف ورواية

شيطان المال وتنقيح كتب طائفته الطقسية. )بركات إبراهيم( محرر األهرام له عبرات العبر في رثاء الخوري

نعمة الله بركات. )بركات فيليب الدكتور( نشر مقاالت طبية وعلمية في الكهرباء. )بريدي فريد يوسف( نشر في

مأساته التاريخية على ضفاف1925بيروت سنة األمازون. )البستاني أمين بك( له مختارات البستاني.

)البستاني فؤاد أفرام( له كتابه اللطيف على عهد األمير ونشر مقاالت تاريخية وأدبية في المشرق والبشير

كترجمة سليمان البستاني والشعر القديم والحديث وله مجموعة الروائع. )البستاني وديع( عرب عدة كتب أدبية

للورد افبري كمعنى الحياة ومسرات الحياة والسعادة والسالم ومحاسن الحياة وعرب رباعيات الخيام.

)البستاني يوسف( له تاريخ الحرب البلقانية. )البستاني يوسف توما( له أمثال الشرق والغرب ونوادر الحرب

العظمى وعني بمطبوعات شتى. )البشعالني جورج( نشر ترجمة حياة الجنرال غورو. )بشير أنطونيوس( عرب تأليف الدكتور فرانك كراين لماذا أنا مسيحي. )بطي

رفائيل( له سحر الشعر والربيعيات واألدب العصري فيالعراق

(1/474)

العربي. )بهنا ألياس جرجس( له كتب حسابية: المبدأ الراقي إلى المراقي. اإلسهاب في مراقي الحساب. في حساب الكسور. في العدد المركب. الجاري في الحساب

التجاري. )بيدس خليل إبرهيم( من تآليفه الروضة المؤنسة في وصف األرض المقدسة وتاريخ األقمار الثلثة

والعقد النظيم في أصل الروسيين واعتناقهم اإليمان القديم والعقد الثمين في تربية البنين وتعريب رواية تولستوي أحوال االستبداد. )بيطار ميشال( ناشر في

المشرق وفي العالم اإلسالمي مقاالت حسنة وناقل إلى اإلفرنسية روايات عربية )تادرس رمزي( له كتاب حاضر الحبشة ومستقبلها. وكتاب األقباط في القرن العشرين

أربعة أجزاء. )توما جرجي الخوري( ألف الدليل إلى البرازيل. )تيسي ميخائيل يوسف( طبع في بغداد سنة

نبذة في ماهية النفس )ثابت ألياس( طبع في1922 على الحجر قاموس األلفاظ1903الجزائر سنة

االصطالحية الملحقة بالرسوم العربية في مجلدين. )ثابت أميل( له مشروع دستوري إداري. )ثابت كريم خليل( نشر كتابا في غليوم الثاني إمبراطور ألمانية السابق وكتابا في

لودندورف القائد األلماني وفي عبد الكريم والحرب الريفية. )ثابت باشا( معرب رواية فتاة اإلسكندرية

لسيانكيفيش )جاموس ميشال طانيوس( طبع آخرا تعريبه لغرور

الشباب. )جبران خليل جبران( له مطبوعات شتى شأنها بآرائه الفاسدة كاألرواح المتمردة وعرائس المروج والبدائع والطرائف والمجنون والعواصف واألجنحة

المتكسرة. والمواكب والنبي. )جبور رفيق( نشر في فلسطين كتابه على مطامع الصهيونية في فلسطين. )جرجس الشماس فرح( ألف تاريخ الكنيسة القبطية جزءان وتراجم مشاهير األمة القبطية جزءان أيضا.

)جرجس حبيب الشماس( نشر كتاب الجوهرة النفيسة في خطب الكنيسة وكتاب سر التقوى. )جرداق منصور

حنا( أشتهر بالرياضيات والفلكيات له كتاب الحساب الحديث في ثلثة أجزاء. وكتاب الجبر الحديث والنظام الشمسي الشمس والقمر وأحدث اآلراء الفلكية فيها.

)جريديني الدكتور اسكندر( نشر في مصر كتاب العناية بالعين وكتاب تدبير األطفال في الصحة والمرض. )جميل الدكتور أمين( ألف حياة القديس منصور دي بول وحفظ

الصحة وعلم الصحة وقانون الصحة موجز للمدارسوالجمهور. والتضحية وبطلها يوسف الشنتيري. )جميل

(1/475)

الشيخ أنطون( محرر البشير والزهور نشر في بيروت البحر المتوسط والتمدن وفي مصر أبطال الحرية

ومنتخبات الزهور والسمؤل أو وفاء العرب واالقتصاد والنظام في المنزل وتعريب كتاب السيدة دوبوك الفتاة والبيت. )الجميل يوسف( نشر محاضرته في زراعة التبغ

( . )جهشان نجيب( نشر في1911التركي في لبنان )بيروت تعريب مأساة عثليا للشاعر راسين ثلثة فصول )

( )الحائك ميشال يوسف( صاحب العلم نشر رواية1896 بطل لبنان يوسف بك كرم. )الحائك يوسف ميالد( نشر

كتاب الكاثوليكي العامل. )حاتم1910في بعبدا سنة بشارة نصر الله( كتاب السفينة الدائرة باألمثال السائرة. )الحائك اسكندر يوسف( نشر دليل الحائك للبنان وسوريا وفلسطين والعلويين والعراق. )حبيش الشيخ فريد( عرب كتاب أوغست أديب باشا لبنان بعد الحرب. )حبيش الشيخ

يوسف( ألف العوائد األدبية في الملتين الفرنساوية ( . )حتي فيليب( نشر في بيروت كتابه1890والعربية )

اللغات السامية المحكية في سوريا ولبنان وفي مصر السوريون في الواليات المتحدة األميريكية وأميركا في

( كتابه سورية1926نظر الشرقي وطبع في نيويرك ) والسوريون من نافذة التاريخ. ونشر مختصر كتاب الفرق

بين الفرق. )حتي يوسف أيوب( طبع في ريو جانيرو كتاب الجهاد الوطني. )حداد أمين( له منتخبات طبعت في

. )حداد خليل( ألف وصية باإلنسان1903اإلسكندرية سنة

( . )حداد سليم أمين( له1907في وقاية األسنان ) الحساب التجاري وكتاب الرياضيات التجارية. )حداد نقوال(

من تأليفه أساس الشرائع اإلنكليزية والحب والزواج واالشتراكية وروايات كآدم الجديد والحقيقة الزرقاء وفاتنة

اإلمبراطور. )حسون سليم( نشر في الموصل األجوبة الشافية في فني الصرف والنحو ومختصر في أصول الصرف والنحو. )حلبي نقوال يوسف( طبع في بيروت

. )حلقة فضل1924مشاكل الحياة بين الشباب والفتاة ) الله فارس أبو( له مختصر في الجغرافية وجغرافية سوريا

ولبنان. )الحلو الدكتور رشيد شكر الله( نشر تاريخ عائلة ( . )الحلو نسيم( نشر في صيدا ديوان األدب1906الحلو )

( وفي بيروت كتاب رفيق1912في نوادر شعراء العرب ) (1927 والحديث المفيد مع األستاذ الجديد )1907التلميذ

)حمصي قسطاكي( نشر في جزئين منهل الوراد في علماالنتقاد. ومن قلمه السحر

(1/476)

( وأدباء حلب ذوو األثر في1903الجالل في شعر الدالل ) القرن التاسع عشر. )حنا وديع نقوال( نشر مؤخرا قاموس

يشتمل على أسماء مدن وقرى جمهورية لبنان. )حويك ألياس طنوس( له صفي األحداث والروايتان عين الله

على اليتيم ومرآة القرون المتوسطة وتعريب رواية استيرللشاعر راسين

)الخازن سليم( عرب رواية ولتر سكوت عودة قلباألسد. )الخازن سمعان( نشر سيرة القديس روكس )

( . )الخازن يوسف فرنسيس( له كتاب في تربية1899 دود القز. )خازن هند رشيد( نشرت مفكراتها )سنة

( . )خاشو أميل( له نظر في أشغال لبنان العمومية1924 وزراعته ومستقبله االقتصادي ومحاضرة في المياه والري في لبنان. )خاطر لحد صعب( نشر كتابا في جغرافية لبنان

( ثم مختصر تاريخ لبنان لطلبة المدارس. )خباز1909) حنا( له كتابه حول الكرة األرضية ثم جدد طبعه تحت عنوان لطائف أخباري في متاحف أسفاري ونشر في

نيويرك األثر النفيس في اكتشاف قسيس. )خرما جورج الكنز الثمين من معرفة1897عون أبي( طبع سنة

الصديق األمين ثم كتاب الخالصة الدرية في الحقائق ( . )خالط نسيم( نشر في مصر سياحته1901الفلسفية )

( . )خلف نجيب( برع في محاماة1911في غربي أوربا ) الدعاوي وما يعود إلى أمرها فنشر من ذلك بين المحاماة

والقضاء وصرخة إلى القضاء. وأحاديث بين القديم والحديث وعدة تقارير دعاوى تولى الدفاع عنها وله في كلها فصول حسنة مبنية على أثبت الحجج وأحق األدلة.

)خليفة منصور يوسف( نشر لسان الحال في رحلة الترنسفال. )خليل بسطاوروس( ألف اللؤلؤة البهية في

( . الخوري )أنيس المقدسي(1911تفسير الكلمة اإللهية ) له مقاالت في الشعر وممالك الطبيعة مع األستاذ داي ثم

الدول العربية وآدابها وأميرة بريطانية. )خوري سليم( لمحة عن الفينيقيين وعفة األوالد ومختصر تاريخ فرنسة.

)خوري شحادة نيقوال( خالصة تاريخ كنيسة أورشليم ) ( . )خوري شكري( مدير أبي الهول له تآليف عديدة1925

مستحسنة في اللغة العامية وغيرها كالتحفة العامية وطولة العمر في حديث أبو يوسف ونمر ويا حسرتي

عليك يا زعيتر ويوم في كرم ومرور في أرض الهناء ونبأ عن عالم البقاء وفي سبيل الوطن والجامعة األميريكية وخريجوها وجبلنا سيد الجبال وسيف ذو حدين. وقنبلة

صغيرة والدواء الشافي وفي

(1/477)

سبيل الحقيقة وسجل ال يمحى. )خوري فائز( له أصول استماع الدعوى الحقوقية ومقابلة الحقوق الرومانية

والحقوق اإلسالمية. )خولي بولس( نشر في الكلية عدة مقاالت ونشر مع األستاذ ضومط حل التقليد في الصرف.

)خولي جرجس( له الدليل الشرعي والجمانة العثمانية. )خياط بتراكي( له صفات الرئيس تأبين غبطة البطريرك ديمتريوس القاضي. وكتاب السنة االبتدائية لدرس اللغة العربية. )خياط الدكتور حنا( كتب في الحمى التيفوئيدية

وبحث في تناقص النفوس في العراق ووضع دليله في ( . )خير عبد الله رزق1925مسالك الطب القانوني )

الله( له مقاالت واسعة في التجارة وفي مؤتمر السلم وفي الزالزل ونواميسها وكتاب لبنان بعد الحرب

ومحاضرات سياسية واقتصادية وانتقادية. )خير الله أمين ظاهر( له ما عدا منظوماته دروس الحياة اإلنسانية في

مدرسة الله النباتية ونغمات المالئكة ورواية العلم السماوي في اهتداء قسطنطين واألزاهير المضمومة في

الدين والحكومة. )داغر أسعد( له تاريخ وليم الظافر. تاريخ الحرب الكبرى.

مذكرات غليوم الثاني. أميرة إنكلترة. حالة األمم وبني إسرائيل. عمود النار أو خروج بني إسرائيل من مصر.

عمر وجميلة أو في ربى لبنان معرب عن هنري بوردو. خالص الجبلة البشرية. كرسي داود. )داغر أسعد خليل(

من تآليفه تذكرة الكاتب ومذكرات مدام اسكويت ورسبوتين الراهب المحتال. )دحداح الشيخ سليم خطار( له ترجمة األمير بشير وحياة بطل الدين والتمدن القائد الموريسيار ونابوليون األول عن تاريخ الموسيو تيارس.

وترجمة الكونت رشيد الدحداح ومقاالت عديدة تاريخية وأدبية في المشرق وغيره. )دموس حليم( له ما عدا

المنظومات زبدة اآلراء في الشعر والشعراء وقاموسالعوام

)راشد عبود أبي( له المجموعة األدبية في تعليم القراءة ( .1905( وفروض العبادة اإللهية )1902العربية جزءان )

)الرحبي مخائيل( له القديس فرنسيس األسيزي ) ( . )رزق الله ميالد( نشر دليل الشوير ونواحيها1925 . )رستم األستاذ أسد( له مقاالت تاريخية ممتعة في1923

مجلة الكلية. ونشر آثارا هامة في محمد علي وإبراهيم باشا وحروبه وفي عكا ومستحكماتها وتاريخ نوفل

الطرابلسي. )رستم مخائيل أسعد( له كتاب الغريب في( . )رياشي لبيب( له الجبابرة.1895الغرب )

(1/478)

)الريحاني أمين( أفضل ما كتبه تاريخه ملوك العرب أو رحلة في البالد العربية )مجلدان( . وفي ريحانياته ما يرده الذوق السليم صورة ومعنى وأقبح منها بعض رواياته ذات المغزى الكفري )زخور الياس( له مرآة العصر في تاريخ

. )زكرى أنطون(1916ورسوم أكابر رجال ثلثة أجزاء مفتاح اللغة المصرية القديمة وأنواع خطوطها ومبادئ

( . )زيات حبيب( وصف1924اللغتين القبطية والعربية ) خزائن الكتب في دمشق وضواحيها. وله عدة مقاالت

أدبية ومنشورات أثرية. )زيد ناصيف أبو( له تاريخ العصر الدموي. والدليل المستبين إلى تاريخ وشرائع الروم

الملكيين ورواية مرآة الوفاء وراموز األدباء والمدافعة الوطنية. )زيدان إبرهيم( له دروس األشياء جزءان ونوادر

الكرام في الجاهلية واإلسالم وسالسل اإلنشاء والمبادئ اإلنكليزية وجدول تحويل العملة المصرية والفرنساوية واإلنكليزية والسورية إلى بعضها. )زيدان أميل( عرب

( .1916كتاب جوستاف لوبون في الحروب األوربية ) )زين بولس( محرر المصباح سابقا له كشف الستار وإبالء

األعذار ومقاالت أدبية شتى. )زينية خليل( نشر كتاب العلم والتربية وطرفة الطرف وتعريب بعض الروايات

)سابا عيسى ميخائيل( نشر مختصر التاريخ العام ومختصر سوريا ولبنان وروايتي أميرة العفاف ووحي الغاب.

)ساعاتي نجيب( له بيضة الفرخة في اللغة والتاريخ واآلثار ( . )ساويرس يوحنا( نشر العلم والعمل1922واالقتصاد )

والفردوس العقلي البن عسال. )سحار نعوم( نشر في الموصل أحسن األساليب إلنشاء الصكوك والمكاتيب ورواية لطيف وخوشابا. )سركيس وديع( نشر دروس

القواعد العربية في الصرف والنحو ومختصر علم الحساب والمجاني الشهية في الحدائق العربية. )سركيس يوسف

أليان( من آثاره تعريب رواية عاص وشجعان وأنفس اآلثار في أشهر األمصار واألدلة القاطعة على شرف الرهبانية

اليسوعية وجامع التصانيف العربية الحديثة من السنة . )سعادة خليل( له الوقائة من السل1926 إلى 1920

الرئوي. )سعادة رفول( عرب كتاب ما هو الدين ) ( . )سعادة سجعان( له الدليل المفيد على العالم1903

( . )سعد خليل( له الدروس السعدية في1896الجديد ) ( . الفرائد1923تهذيب الفتى العصري والفتاة العصرية )

السعدية في االصطالحات والرسائل(1/479)

التجارية. )سعد يوسف بطرس( له ثالث روايات واقعية وفي سبيل الشبيبة والتمدن الكاذب. )سقيلباوي إلياس عيسى( طبع في حماة قطف األزهار من حدائق األبرار

. )سالمه موسى( له أشهر الخطب ومشاهير1923 الخطباء وأحالم الفالسفة وقد جاهر في كتاباته بالكفر.

)سلوم رفيق رزق( له حياة البالد في علم االقتصاد نشره ( . )سليمان سليم( نشر مختصر تاريخ1912في حمص )

( .1914األمة القبطية في عصري الوثنية والمسيحية ) ( . )سوداء1911)سماحة حبيب( له االتحاد المسيحي )

يوسف( من قلمه في سبيل لبنان وبين القديم والحديث وحديث إلى العميد )شاهين إسكندر( نشر تاريخ الحرب

( . )شبكه1908بين روسيا واليابان وكتاب مصر الجديدة ) إلياس أبو( له العمال الصالحون ورواية عنتر. )شبلي

ميشال( له اليوبيل الذهبي لمدرسة الحكمة ثم المهاجرة ( . )شحيبر أنطون بك( له مقاالت وخطب1927اللبنانية )

عديدة قانونية وأدبية ودينية. )شهاب وديع رشيد( نشر فيبيروت كتاب التربية في العائلة

)صائغ سلمى( مؤلفة النسمات. )صادر سليم( له سلم القراءة في ثلث درجات والمنتخبات التهذيبية وترويض

األلباب في علم الحساب وزبدة الفوائد في األربع القواعد وترويض األذهان في تقويم البلدان وهدية األحباب وفاكهة

األلباب وجواهر األدب من خزائن العرب خمسة أجزاء. والترجمان اإليطالي. )صادر يوسف( له تعليم القراءة

العربية وكتاب القراءة للبنات والرسائل التجارية باللغتين العربية والفرنسوية وزبدة الصنائع والفنون والترجمان

الفرنساوي باللفظ العربي. )صروف فؤاد( طبع في مصر ( ومذكرات سفير أميركاني في1923تهذيب النفس )

اآلستانة ومشاهد العالم الجديد. )صفير الدكتور خير الله( عرب الخالصة الطبية للدكتور دي برون. )صفير عبد الله

باشا( له عن سورية مقاالت سياسية واقتصادية وخطب شتى. )صفير ميالد( طبع في جونية المنارة الطبية في

( . )صفير يوسف( نشر مجالي1902المداواة األهلية ) الغرر لكتبة القرن التاسع عشر )جزءان( ونفثات الكتاب

وخالصة القواعد العربية وترقي الصغار في دروس االستظهار والدر المنتخب من كتب األدب والخالصة

الجغرافية وجغرافية لبنان الكبير وعرب تهذيب األخالق للقديس يوحنا دي السال وله رفيق العابد والمسامرة في

أضرار المهاجرة وترجمان األفكار(1/480)

وترقي العائالت في تربية البنات واألفراميات. )صقال ميخائيل أنطون( له كتاب العبر ولطائف السمر في سكان

الزهرة والقمر. )صليب متري( نشر في مصر صراخ المستغيثين من أبناء الشرقيين. )صليبا برتلماوس( نشر

( . )صليبا سليم( نشر في1911في زحلة مأساة الغدر ) ( وله1920دمشق فواجع لبنان ومظالم جمال باشا )

مقالة في إثبات الهوت المسيح. )صوايا جورج( نشر في( المناهج الطبية.1920يوانس ايرس )

)ضومط جبر( من قلمه الخواطر في اللغة والخواطر الحسان في المعاني والبيان وخطاب في اللغة العربية

وفك التقليد في علم الصرف مع بولس الخولي والعادة. خالصة األبحاث في1924)طبر يوسف أبو( نشر سنة

علم الميراث. )طرازي الفيكونت فيليب( نشر القالدة ( وتاريخ1891النفسية في فقيد العلم والكنيسة )

الصحافة العربية والسالسل التاريخية في أساقفة األبرشيات السريانية وتأسيس دار الكتب الكبرى في

بيروت والصحف العربية المصورة. )طرزي رفائيل( نشر المباني األساسية في اللغة العربية ثالثة أجزاء ثم دليل

المباني. الهدية األدبية إلى الناشئة1913)ظاهر نقوال( نشر سنة

العربية ودموع األسى لذكر فتحي وصادق وعرب عناإلنكليزية رواية بوليس أميركا السري.

)عارج سمعان( له دائرة الفكاهات طبعها في مصر ونشر مجلة صدى لبنان. )عبد الملك جرجس( نشر سلم القراءة

الحديث في أربع درجات وعرب رواية سكروج للروائي اإلنكليزي ديكنس. )عبود اسكندر( له اآلثار العدلية. )عبيد

بشارة( نشر مع أديب لحود رواية تمثيلية لبنان على المرسح. )عرب نجيب ميخائيل( له كتاب حسن التدبير

في تربية الحرير. )عزوز توفيق( طبع في مصر كتاب الهدية التوفيقية في تاريخ األمة القبطية. )عزيز فيليب( له الموجز المغيث في عالم المواريث. )عساف خليل( نشر

في نيويورك المرأة عموما والشرقية خصوصا. )عطارة كتاب تكوين الصحف1926قسطاكي الياس( نشر السنة

1924في العالم. )عطية إبراهيم ناصيف( طبع سنة قاموسه اإلنكليزي العربي في بيروت. )عطية جرجي

شاهين( له رد الشارد إلى طريق القواعد ومعجم المعتمد صدر أخرا. )عطية الرشيد( نشر اإلعراب عن قواعد لغة

األعراب في ثالثة أجزاء(1/481)

وأقرب الوسائل إلى إنشاء الرسائل ورواية تبرئة المتهم أو جزاء المكر. )عطية فريدة( عربت رواية الروضة

النضيرة في أيام بمباي األخيرة ورواية بهجة المخدرات

في فوائد علم النبات. )عقل إبراهيم بك( له بهجة الحق في تهاني غبطة بطريرك الشرق طبعه في جونية. )عقل

كتابه سبع سنوات في1920سليم شديد( نشر سنة البرازيل. )عقل وديع شديد( عرب مأساة فرسنجيتوريكس

وألف نقش الفكرة في مدح الصخرة وكتب نبذة عن زراعة التبغ في لبنان مع روفائيل بشير. )عنحوري سليم

بك( له ما خال منظوماته كنز الناظم ومصباح الهائم ورواية االنتقام العادل والجن. )عوره خليل( نشر في اللطائف

المصرية عدة روايات. )عوره نقوال( كتب ترجمة المطران باسيليوس حجاز. )عوض جرجس( نشر تاريخ كيراس الرابع أبي اإلصالح القبطي وله تأليف في تعليم اللغة

القبطية. )عواد سليم( نشر في مصر نظرة في المبارزة والبائنة أو بحثا في الدوطة. )عيد الدكتور( محرر مجلة

طبيب العائلة في مصر له الثروة العقارية للقطر المصري. )عيسى رزوق( نشر في بغداد جغرافية العراق.

. )عيسى كامل سليمان الخوري( له الحاجيات1922سنة ( ثم الضرران1908والكماليات وفي أي منها نحن اآلن )

( .1912األكبران المسكر والدخان نشره في حمص ) )غانم إبراهيم أبو سمرا( ألف ترجمة والده باسم خليل

( ونشر عدة مقاالت في الجرائد وله1905همام فائز ) في المشرق جبيل وبالد جبيل وكتاب تقسيم المواريث. )غبريال حنا( له كتاب اإلكليل والقنديل وبعض الطقوس

كتاب1922القبطية. )غبريل نقوال يعقوب( نشر سنة مباحث المجتهدين في الخالف بين النصارى والمسلمين. )غريب أمين( من مطبوعاته أخبار وأفكار وأشواك وورود في ثالثة أجزاء. وأسماء البنات والحياة النباتية والخليقة

ونظامها وبعض الروايات. )غريب منصور شاهين( له ديوان المعنى اللبناني. )غزالة الدكتور سليمان( من تآليفه

النثرية سوانح الفكر في ما يسمى العشق من العبر

وسوانح الكلم وأعاجم الحكم وخطاب في أفضل أسلوب التربية وكتاب الرضيعة في الحكمة الخلقية في تسعة

أجزاء. )غصوب يوسف( نشر مع عكر ورعد حول اليهودي التائه. وله درس أخالقي أدبي نفيس دعاه أخالق ومشاهد

وله مقاالت شتى في المشرق والمجالت(1/482)

والجرائد. )غضبان الياس( نشر في مصر تاريخ اإلنسان معرض1911الطبيعي. )غلبوني يوسف( نشر سنة

األفكار أو صدى رواية اليهودي التائه. وله محاضرات ومقاالت وقصائد متفرقة. )غنيمة يوسف رزق الله( نشر

في بغداد كتاب تجارة العراق قديما وحديثا ونزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق وكتب في مجلة المشرق

وغيرها مقاالت تاريخية مفيدة. )الفاخوري يوسف( نشر الزهرات في جزأين ثم المآسي

رجاء ويأس والبرج الشمالي وجان هاشيت ومقاالت وقصائد متفرقة في المجالت والجرائد. )فارس حبيب( له

قالئد العقيق لجيد الغرامطيق. وصراخ البرق في بوق النجوى ثم1909الحرية. )فارس فليكس( نشر سنة

عرب كتاب ارتقاء ألمانيا الوطني. )فاضل وديع أبي( نشر في مصر دليل لبنان. )فران الياس( طبع في بعبدا السمر

في قضاء أوقات السهر وفي نيويورك كتاب سلوى الهموم. )فرح خليل سمعان( القوال له عزرائيل القوالين الجهال. )فرات يوسف طنوس( نشر نغمة اآلس في مديح

البطريرك الياس وجناز البيع والشراء في توكومان. )فريحة نعوم( نشر في اإلسكندرية مع يوحنا خير الله

المختار من عرائس األفكار. )الفغالي خليل سمعان فرح(

نشر شمس المعنى الفريدة وقصة يوسف بك كرم. )فهمي حنا سعيد( عرب القوة الفكرية في المغنطيسية

الحيوية والمرشد الظريف في طالع الجنس اللطيف والدرة الثمينة وتاريخ الفلسفة من أقدم عصورها إلى

اآلن. )فيلوتاوس جرجس( له الباكورة المنيرة في لعبة الشطرنج. )فياض نقوال( من تآليفه المرآة والشعر وحول

سرير اإلمبراطور ومملكة الظالم.. )فياض نجيب فرج الله( عرب مأساة فولتير زهيرة. )قبعين سليم( نشر تاريخ آل رومانوف ومذهب تولستوي والدستور واألحرار وعرب

مصرع القيصر وحكم النبي محمد. )قدسي الياس بك( نشر في ليدن نبذة تاريخية1926 تموز 30المتوفى حديثا

في الحرف الدمشقية. وفي دمشق الطريقة القدسية المقيودات المزدوجة ونوادر وفكاهات من أحاديث

الحيوانات وله تآليف عديدة لم تطبع. )قرداحي يواكيم( نشر في حيفا رواية تمثيلية في عواقب

العشرة الردية. )قرياقوس عبد الملك( نشر في مصر األقوال البهية في شرح الصالة الربانية. )قزمان اسكندر(

طبع في مصر الجزء األول من كتابه الرقي واالعتدال.(1/483)

)قندلفت غطاس بطرس( من تآليفه األدب المسيحي والصوم الزكي وعلم هيئة األرض وبهجة الفؤاد في تفسير أناجيل اآلحاد في جزأين وعرب كتاب امتيازات الجماعات المسيحية. )قنواتي عبده يوسف( نشر في حمص تعريف

حقائق اإليمان. )كاتسفليس وليم( أحد الكتبة الضليعين في مجالت أميركية كمرآة الغرب والسائح. له رواية شقاء التاج ومقاالت أدبية عديدة. )كامل يوسف( طبع في بعبدا

( . )كرباج اسكندر( عرب رواية1908الصرف الشامل ) ( . )كرشه اندراوس1911إلمرتين غرازياال في سان بالو )

وابيض( طبعا في طرابلس جغرافية المملكة العثمانية ) ( . )كرم يوسف( له سعادة الشبان بطهارة األبدان.1911

وتأثري في لورد. وله وصف فرنسا وزراعتها وصناعتها ( . )كرم عفيفة( نشرت في نيويورك1921)مطبعة رباط

روايتي غادة عمشيت ويوسف فؤاد. )كزما اسكندر جبرائيل( نشر مختصر التاريخ المقدس والتعليم المسيحي

األرثوذكسي ومختصر تفسير الخدمة اإللهية. )كساب سلمى صائغ( لها أبناء الفقر. )كساب سليم( نشر تعزية

اإليمان في المصائب واألحزان ومنهج الصواب في مبادئ اآلداب والدرة الفريدة في الدروس المفيدة والغنائم

بالعزائم وقالدة النحر في غرائب البر والبحر )جزءان( ونشر مع جرجس همام الكنوز األبريزية في اللغتين

العربية واإلنكليزية. )كسبار الياس داود( نشر في صيداء التتمة الفقهية. )كنعان أنطون( له التحفة األدبية في

القراءة العربية ومقالة متى يغلط البابا. )كنعان بشارة(نشر في مصر كتاب العالم اإلنكليزي.

)الالذقاني نجيب( نشر الدر النضيد من العهدين القديم والجديد. )لبيب تادرس حنا( نشر في مصر دروس

خصوصية في المهمات النصرانية. )لحود أديب( له نيل ( ولبنان1914األرب في تاريخ العرب طبعه في عمشيت )

على المراسح ومأساة العشرين. )لطف الله الياس( نشر في اإلسكندرية كشف الحجاب في العقاب والثواب ورواية

االبن الضال ومأساة أيوب الصديق والبوق النذير في هواجس الضمير. )لوقا شكري فارس( طبع في حمص

سمير المرأة. )مجاعص داود( نشر في مصر كتاب كنوز لبنان

المرصودة. )مخائيل

(1/484)

توفيق( نشر غرائب األخبار عن شرق أفريقية وزنجبار. )ميخائيل سعد( نشر في مصر آداب العصر في شعراء

الشام والعراق ومصر ثم شعراء السودان. )مخلوف نجيب( نشر في مصر تاريخ نوبار باشا وما تم على يده.

)مراد جورج( له رواية بيروت المرسح أو أربع سنوات رواية1903الحرب. )مراد يوسف الخوري( نشر سنة

تنصر النعمان. )مسره جورج( عرب تاريخ أوكروى عن ( . )مسعد بولس( له1924أحمد الجزار في سان باولو )

كتاب لبنان والدستور العثماني وكتاب مصر وسورية ودليل لبنان وسورية طبعت كلها في مصر. )مسعودي عبد

تكميل1925المسيح صليب( نشر في مصر سنة شروحات في قواعد كتابة الهمزات. )مسك فيليب( له

ترشيح الماء ورفع العوارض من أعمال الفوائض. )مشعالني نجيب ملحم( له مختصر تاريخ الكنيسة وكتاب الرهبان من هم وماذا يعملون؟ )مشنوق عبد الله( طبع

( . )مصوبع بولس خليل(1922كتاب االمتيازات األجنبية ) له كتاب الحكمة في العمل. )مصوبع سليمان( نشر

خمسة أجزاء من قاموس القضاء العثماني. )مطر جورج( نشر في هذا العام أناشيد القمة والوادي. )مطران خليل

بك( له ما عدا منظوماته كتاب مرآة األيام في ملخص التاريخ العام جزءان وتعريب تاجر البندقية لشكسبير.

)مطلق تيوذسيوس( نشر في الالذقية الحمامة البيضاء في عجائب السيدة العذراء.. )معاد بطرس حنا( له لهجة

( . )معركي ميخائيل عبد المسيح( طبع في1905الفؤاد ) ( . )المعلوف1925القدس الحرم والحارم والمحروم )

توما( كتب في وصف الدولة البولشفيكية وعرب خطبة

بوسويه في ظفر الصليب وخطبة ماسينيون في ظلم العالم ألهل الخير. )المعلوف جميل( نشر كتاب ما هناك

وطبع في سان باولو تركية الجديدة وحقوق اإلنسان. ( .1899)المعارف سبع فارس( له كتاب مصباح اللغتين )

)عيسى اسكندر المعلوف( من تآليفه العديدة بحث تاريخي في الكتابة ولمحة في الشعر والعصر وتاريخ مدينة

زحلة وتاريخ الطب عند األمم القديمة والحديثة. وتاريخ الحاج كيوان نعمة اللبناني ودواني القطوف في تاريخ بني

المعلوف ومقاالت عديدة وقصائد في مجلته اآلثار وفي عدة مجالت سورية ومصرية منها قسم صالح في

المشرق. )المعلوف قيصر إبراهيم( نشر في سان باولوتذكار المهاجر. )مغبغب نعوم( نشر تاريخ األمير حيدر

(1/485)

الشهابي. )المقدسي أنيس الخوري( له دول العرب وآدابها وتعريب أمير بريطانيا. )المقدسي جرجس

الخوري( له الخدمة المدرسية في تسهيل صرف ونحو اللغة العربية ومعين المبتدئين فيها. )مكاريوس شاهين

بك( طبع في مصر تاريخ إيران وتاريخ اإلسرائيليين وعدة كتب في الماسونية وسفاسفها. )مكرزل إبراهيم( نشر

كتاب الدر الثمين في صحة األعزاب والمتزوجين. )مكرزل نعوم( عرب تاريخ هنيبال وله في الهدى مقاالت عديدة.

)مالط شبلي بك( له ما خال منظوماته تعريب روايتي الذخيرة والفرد الكبير. )منذر الشيخ إبراهيم( نشر سنة

كتابه إلى المجمع العلمي العربي في دمشق.1927 )منسى الفمص( له تاريخ الكنيسة القبطية والدليل

الصحيح على تأثير دين المسيح وكتاب يسوع المصلوب

وحياة يوحنا فم الذهب مع عبد الفادي القاهراني. )منسى يوسف( له المنهاج الجلي في واجبات الصيدلي. )منسى

( . )منصور1925يوحنا( نشر كتاب طريق السماء ) السعد( نشر تاريخ الناصرة. )منصور ميخائيل( عرب كتاب الكلمة المتجسد. )موسى باسيليوس( نشر في مصر سنة

الدين والوطنية. )موسى يوسف جرجس( نشر1920 الرياضة الروحية. )مي مريم زيادة(1924هناك سنة

تعددت منشوراتها أخصها باحثة البادية وابتسامات ودموع والمساواة وغاية الحياة وكلمات وإشارات وسوانح فتاة

وظلمات وأشعة والصحائف وبين الجزر والمد وهي صفحات في اللغة واآلداب. )ميخائيل توفيق( له غرائب األخبار عن شرق أفريقية وزنجبار. )ميخائيل فرنسيس(

نشر التدبير المنزلي الحديث في جزأين والتدبير المنزلي للبنات. )مينا عزيز طنوس( طبع في عمشيت صدى

األنين. )نادر جرجس شبل أبو( نشر في نيويورك رسالة الثورة

الدرزية في األراضي اللبنانية. )نجم فرنسيس( نشر الرواية التمثيلية شهيد الدين وأبطال المردة. )نخله

إبراهيم جرجس( له حل الرموز في معتقد الدروز. )نصار منصور( له الدر المنظوم لتسلية العموم. )نصار نجيب( له

روايتا شمم العرب وفي ذمة العرب. )نصر لطف الله( نشر كتاب وقائع الحرب الكونية وعدة تآليف شعرية عامية انتقادية على األزياء الخالعية. )نصره جبرائيل( التعبئة في

( . )نعيمة ميخائيل( له كتاب1920لعب الشطرنج ) انتقادي دعاه الغربال. )نقاش جان نقوال( له في جزأين

مغني(1/486)

المتداعين عن المحامين. )نمر فارس( محرر المقتطف مع المرحوم يعقوب صروف له بزوغ شمس البر. )نوفل

نسيم( نشر كتاب بطل لبنان يوسف بك كرم. )نوفل نسيم عبد الله( نشر في مصر كتاب حافظ السالم

اإلمبراطور إسكندر الثالث. )همام جرجس( نشر مدارج القراءة في أربعة أجزاء

واإليضاح على مقاالت اقليدوس والتعليم الوطني والكنوز األبريزية في اللغتين العربية واإلنكليزية مع سليم كساب.

)هواويني نجيب( له خطاب في العلم والعمل وعنيبالخطوط العربية.

)وادي شحرور حليم فارس( له روايتا أنشودة الهدى ورجوع المهاجر )ورد يوسف جرجس( طبع في مصر

الشهب الصبحية في الكنيسة المسيحية. )يزبك جورج( ألف بيروت في التاريخ. )يزبك جوزف

الخطرات الشهيرة واالنتقادات1922الخوري( طبع سنة الخطيرة. )يني جرجي( ألف كتاب تاريخ سورية سنة

ثم نشر تاريخ اسكندر الثاني قيصر الروس.1881 وعجائب البحر ومحاميله التجارية وتاريخ حرب فرنسا

وألمانيا. وبهذا نختم كالمنا عن أدباء النصارى األحياء وفي عدد آخر

نذكر شعراء المسلمين وأدبائهم.

في أدباء المسلمين حاضرا لكتبة المسلمين حاضرا أفضل ال ينكر في خدمة اآلداب العربية. فإنهم مذ أخذوا يحتكون بالمتخرجين على آداب الغرب اتسعت في أعينهم دائرة اآلداب وشغف كثيرون

منهم بمصنفات الفرنج فنقلوا جانبا كبيرا منها إلى العربية ال سيما الروايات وليست هي أفضل كتاباتهم. ثم أخذوا

يتقلدون طرائقهم الكتابية نثرا ونظما فأغنوا اللغة العربية

بكنوز لم يعرفها سلفاؤهم ومشوا في ذلك أدراج النصارى ولعلهم سبقوهم في بعض الموضوعات وإن كان رقيهم ال

يزال محصورا في بعض البالد القريبة ال ترى نتيجة في البالد القاصية كأميركية حيث السهم الفائز هو النصارى

وحدهم. ومن ثم بعد ذكرنا األدباء النصارى ال نرى بدا من ذكر أدباء

المسلمين. وهنا أيضا نقر بعجزنا عن استيفاء حقوق جميعهم إذ لم نطلع على كثير من تآليفهم فنذكر ما

يحضرنا من أسمائهم مع إبداء أسفنا على جهلنا لسواهم.(1/487)

- شعراء المسلمون حاضرا1 الشعراء المسلمون )في الشام( حاضرا )أرسالن( األمير

. )أمين(1887شكيب له باكورة نظم شكيب طبع سنة تقي الله له منظومات متفرقة. )أمين بك( ناصر الدين

هـ نشر ديوان صدى الخواطر في1298المولود سنة . )البزم( محمد أحد شعراء دمشق1913أعبية سنة

نشرت له1895حاضرا. )جبري( شفيق المولود سنة .Mitt. d. Sem. fقصائد في مجلة الحرية وغيرها )أطلب

arab. Sprache XXVIII. 1925 pp. 249 - 257. ) )الحسامي( عبد الله هو أحد شعراء الدستور. )الحموي( محمد الحسين. هو صاحب ديوان الحمويات. )الحرماني(

ذكرنا مؤخرا ديوانه الجديد المطبوع في صيداء. )الخطيب( رويت له عدة قصائد في1302فؤاد المولود سنة

المجموعات األدبية. )الرافعي( مصطفى صادق . )رمضان(1320الطرابلسي نشر ديوانه في مصر سنة

مصباح هو معدود بين شعراء مصر. )زغيب( علي التقي

هو أحد شعراء الدستور الذين روينا منظوماتهم. )سعيد( اياس محمد البيروتي نظم أرجوزة في الصحة سنة

. )شبيب باشا( األسعد العاملي معدود بين شعراء1335 العصر. )شريف( حكمت أحد شعراء الدستور. )شريف(

وسيلة الفتوك في نظم1309كمال نشر في بيروت سنة السلوك. )شعيب( محمد كامل العاملي له الحماسيات في النهضة العربية. )شهبندر( الدكتور عبد الرحمن زعيم ثورة

.Mitt. dحوران نشرت له قصائد في المجلة األلمانية. )Sem. f. arab. Sprache XXVIII 271)ظاهر( )

سليمان تروى له قصائد حسنة كسورية وشكواها ونظرة في النجوم والحرب والسلم. )عبد العزيز( علي إبراهيم له

ديوان شعر وهو صاحب حدائق األدب. )عبيد( أحمد روت Mitt. XXVIIIالمجلة األلمانية المذكورة شيئا من شعره )

277 ( . )العظم( جميل بك نشر في البصائر وغيرها نبذا من شعره. )عويضة( الشيخ عبد الكريم يدعى شاعر

طرابلس. )الغالييني( الشيخ مصطفى نشر ديوانه في . )فرحات( من شعراء الشيعة طبعت1925حيفا سنة

رباعياته في سان باولو. )القصار( بشير الطبيب مدير الكلية اإلسالمية شاعر معتبر ومثله )قليالث( عبد الرحيم بك. )قيرواني( صالح سويسي من آثاره الشعرية زفرات

الضمير. )محسن( الحسيني العاملي نشر في دمشق سنة1332

(1/488)

الرحيق المختوم في المنثور والمظلوم. )مردم بك( خليل .Mitt. dنشر في دمشق منظومات شتى )راجع أيضا

Sem. f. arab. Sprache. XXVIII 262 - 271. )

)ياسين( محمد شاكر من شعراء الدستور. )اليعقوبي( الشيخ سليم أبو اإلقبال له ديوان حسنات اليراع مدح فيه

أعيان بيروت. وليس شعراء )مصر( أقل عددا. منهم )أبو شادي( محمد

زكي ذكرنا كثيرا من منظوماته في المشرق كمفخرة رشيد ووطن الفراعنة ومهنا وذكرى شكسبير وسعد

والمغناة إحسان. )البكري( توفيق نشر أراجيز العرب وعددا وافرا من القصائد التي لم تجمع في ديوان.

معدود بين1887)توفيق( علي محمد المولود سنة شعراء مصر ومثله )الجزيري( محمد إبراهيم المولود سنة

. )الحافظ( محمد إبراهيم من كبار شعراء قطر1895 النيل. تكرر طبع ديوانه في ثالثة أجزاء. )حمدي( حسن بك

يحمد شعره ومثله. )حمودي( توفيق بك المولود سنة هـ. )الحموي( محمد حسن المصري هو صاحب1299

هـ.1325ديوان الحمويات المطبوع في مصر سنة )الرافعي( عبد الحميد بك صاحب األفالذ الزبرجدية ويروى

شعره في المنتخبات األدبية كالزهور وآداب العصر. . )رمزي(1892وكذلك )رامي( أحمد المولود سنة

يتناقل األدباء شعره.1884إبراهيم مولود المنصورة سنة )الزركلي( خير الدين طبع ديوانه منذ عهد قريب. )زكي(

الدكتور أحمد. من نظمه ديوان الوجدان ونفحات في شعر الغناء. )الزناتي( الشيخ عثمان منظوم بين شعراء مصر

فيروى شعره في مجاميعهم. )شكري( عبد الرحمان له ديوان أزهار الخريف ودواوين1886المولود سنة

غيرها. )شكري( محمود عده الكاشف بين شعراء العصر. هو أمير شعراء مصر.1868)شوقي( أحمد المولود سنة

ديوانه الشوقيات أحسن دليل مقدرته ونبوغه. )صبري( منظوم في كتب األدباء بين1861إسماعيل المولود سنة

شعراء مصر المفلقين. )طه حسين( نشر كتابه الشعر

. )طه محمد( له آثار شعرية متفرقة.1920التمثيلي سنة )عاصم( إسماعيل بك ينظم أيضا في عداد شعراء العصر

ومثله )العبد( الشيخ سليمان. )العقاد( عباس محمود1885المولود سنة هو اليوم أحد زعماء الكتابة نظما

ونثرا بين المصريين ويمتاز بحسن ذوقه وصحة انتقاده.)علي( محمد توفيق و )عماد( محمود )فاضل( األمير آالي

(1/489)

محمد بك يتعاطون الشعر لهم فيه نفحات طيبة يشيد هـ1300بحسنها العارفون. )القاياتي( حسن المولود سنة

. )الكاشف( أحمد بن ذي1910طبع ديوانه في مصر سنة هـ وهو من الشعراء المعدودين. له1295الفقار ولد سنة

. )المازني( إبراهيم عبد1330ديوان في جزأين طبع سنة القادر هو أيضا شاعر مجيد وديوانه في جزأين كذلك طبع

يتناقل1877. )محرم( أحمد المولود سنة 1907سنة الرواة شعره لرقته وانسجامه. )نسيم( أحمد المولود سنة

فأقبل األدباء على مطالعته1308 طبع ديوانه سنة 1878 لجودة قريحة ناظمه. )نور بك( مصطفى المولود سنة

نقل إلى العربية بعض شعر الغربيين فنظمه وهو1883 1895مترجم غناء المرسلياز. )الهراوي( أحمد ولد سنة

وينظم اسمه في عداد الشعراء العصريين في القطر المصري. )واصف( محمد أمين روت له مجلة الحرية عدة منظومات. )واصف( محمود هو أيضا ممن نظمه الكاشف

في جملة الشعراء المفلقين. ونضيف إلى شعراء مصر )مصطفى( إنما التونسي الذي نشر ديوانه في تونس سنة

هـ. و )الجرجاوي( ثابت فرج صاحب ديوان طبع في1329( .1330طرابلس الغرب )

وإن أردنا إلى العراق وجدنا للشعر بين أهله سوقا نافقة وقد احتل بعضهم ربوع الشام كضيوف كرماء وهذه أسماء الذين وقفنا عليهم. )االزدي( عبد الحسين روى له رفائيل

( عدة قصائد72 - 51: 2بطي في كتابه الشعر العراقي ) (120 - 93: 2حسنة وكذا فعل. )للبصير( محمد المهدي )

. )جعفر( السيد الحلي النجفي طبع في صيداء سنة ديوانه سحر بابل وسجع البالبل. )الجواهري( الشيخ1331

محمد ذكرت أيضا قصائده مع شعراء العراق ومثله ( . )حبوبي( السيد178 - 164: 2)الجوهر( عبد العزيز )

.1913محمد النجفي طبع ديوانه في صيداء سنة )الدجيلي( كاظم من مشاهير الشعراء في العراق ولد

-187. ونشرت قصائده في الشعر العراقي )1882سنة ( وكتاب في شعراء العصر وفي لغة العرب.222

1875)الرصافي( معروف الشاعر المفلق المولود سنة وقد خصصنا له فصال في1910طبع ديوانه سنة

المشرق. )الزهاوي( جميل صدقي البغدادي. طبع ديوانه تحت اسم الكلم المنظوم وله1327في بيروت سنة

منظومات شتى طبعت في المجالت وفي المجاميع األدبية وقسم منها يشعر بالزندقة والمذهب المادي. )السماوي(

محمد(1/490)

نظمه البطي في جملة شعراء العراق1875المولود سنة ( . )الشبيبي( باقر روى له البطي قصائد164 - 151: 2)

( . )الشبيبي( جواد420 - 350: 2في الشعر العراقي ) ( . )الشبيبي محمد137 - 120ذكر شعره في العراقيات )

هـ. روى كثيرون نخبا من1306رضا مولود النجف سنة

( والعراق العربي )19شعره كأصحاب مختارات الزهور )ع ( . )الشرقي( علي251( وآداب العصر )129 - 113

( . )العبادي( محمد6 - 5: 2معدود بين شعراء العراق )عبد القادر البغدادي. روينا له شعره مع شعراء الدستور. )

هـ1296( . )العبيدي( محمد حبيب المولود سنة 164: 2 (160 - 129روى البطي شعره في القسم العراقي. )

ونشر في أيام الحرب في بيروت قصائد في مديح جمال باشا واألتراك. )الكاظمي( الشيخ عبد المحسن المولود

. روى صاحب العرقيات قسما صالحا من1286سنة :2( وكذلك صاحب شعراء العصر )198 - 179شعره )

( . )محمد الحسين( من آل كاشف الغطاء من80 - 50 ( .92 - 73: 2شعراء العراق المذكورين في العراقي )

( .151 - 131: 2ومثله )محمد حسن( أبو المحاسن ) )النجفي( الشيخ عباس المال علي. منظوماته في الشعر

( . )الهنداوي( خسري مولود سنة50 - 17: 2العراقي ) له شهرة بين شعراء العراق )البطي: القسم1885

( .186 - 161العراقي

- الكتبة والصحافيون2 نذكرهم على ترتيب حروف المعجم: )أبو شادي( أحمد

زكي من تآليفه عبده بك وإنهاض تربية النحل وقطرة من 1906يراع. )أباظة( إبراهيم دسوقي نشر في مصر سنة

حديقة األدب. )إبراهيم( حافظ له كتاب في التربية األولية في جزئين. وليالي سطيح. )إبراهيم( عبد الخالق ألف

( . )األثري( محمد بهجت نشر1908خالصة أدب اللغة ) كتاب أعالم العراق وصحح كتاب تاريخ نجد لمحمود شكري اآللوسي. )أحمد( إبراهيم له أدبيات اللغة العربية. )أديب(

( .1330مصطفى نشر في بيروت الحملة اليمانية ) )أرسالن( األمير أمين كتب في حقوق الملل ومعاهدات

( وله المرأة وتأثيرها في الهيئة االجتماعية.1900الدول ) )أرسالن( األمير شكيب نشر الدرة اليتيمة البن المقفع

وعرب رواية آخر بني سراج وكتاب إناتول فرنس(1/491)

ومباذله لجان جاك برسمون. )أرناؤوط( معروف من قلمهفردوس المعري وتاريخ الحرب في طرابلس الغرب. )

( والجاسوس الياباني وأدرنة في النار ورواية1330 الجريمة السرية. )األزهري القلوضي( عمر نور الدين له

النفحة الملوكية في أحوال األمة العربية الجاهلية. )اإلسكندراني( عبد القادر الكيالني. طبع في دمشق تنبيه

( .1342اليقظان وإيقاظ الوسنان وتحفة األخوان ) )إسماعيل( عمر علي نشر في بيروت مناهج الكمال في

أسمى الخصال. )األصمعي( محمد عبد الجواد له كتاب في اآلداب العربية وتعريب آثار جمال الدين وقلعة محمد

علي ال قلعة نابوليون. )أمين( سعيد هو منشئ مجلة الشرق األدنى. )اإلنسي( عبد الباسط. له كتاب البسط

الوافر في حساب التاجر وأبدع األساليب في إنشاء الرسائل والمكاتيب وهداية السائل إلى إنشاء الرسائل.

مطالع البدور1907)اإلنسي( محمد أبو الخير نشر سنة إلى محاسن ربات الخدور.

)باقر( محمد صاحب البالغ له الرحلة العلمية إلى اآلستانة. )البرغوتي( عمر صالح نشر مع خليل طوطح تاريخ

. )البرقوقي( عبد الرحمان هو محرر1926فلسطين سنة البيان المصري. )البكري( توفيق ألف كتاب فحول البالغة

ومستقبل اإلسالم وصهاريج اللؤلؤ. )تقي الدين أسعد( ألف رواية لوال المحامي. )تيمور( أحمد باشا له إصالحات

على معجم لسان العرب ومنشورات أدبية. )تيمور( محمود من تآليفه الشيخ سعد العبيط ومحمد وميض

الروح وحالتنا التمثيلية. )حافظ بك( محمد إبراهيم معرب البؤساء لفكتور هوغو. )حسني( عطا بك المولود سنة

اشتغل بالصحافة ونشر بعض التآليف األدبية.1298 )الحسيني( السيد أحمد بك ألف كتاب أشهر مشاهير

اإلسالم. )حمزة( عبد القادر محرر جريدة البالغ المصرية. :2)حماد( صالح بك حمدي ذكر له في مرآة العصر )

( تآليف أدبية. )الخطيب( محب الدين صاحب جريدة185 الزهراء من آثار قلمه األزهر ماضيه وحاضره واتجاه

الموجات البشرية من جريدة العرب ومنشورات شتىلقدماء الكتبة.

)الرافعي( أمين منشئ جريدة األخبار في مصر. )الرافعي( توفيق من آثاره ما وراء البحار والنبوغ العربي في العالم الجديد )الرافعي( عبد الرحمان له الجمعيات الوطنية وتاريخ النهضات القومية. )الرافعي( مصطفى

صادق له المعركة بين القديم(1/492)

وطبع1904والحديث. )رضا( أحمد نشر رسالة في الخط مع ظاهر سليمان وزين عارف العراقيات. )رضا( محمد رشيد صاحب المنار. له آثار دينية وأدبية عديدة أخصها

تاريخ األستاذ محمد عبده. )رضا( محي الدين نشر بالغة العرب في القرن العشرين. )رمضان( عارف ألف

مجموعة القوانين المعمول بها في جميع البالد المنسلخة( .1924عن المملكة العثمانية )

)الزركلي( خير الدين هو مؤلف اإلعالم في مشاهير

الرجال والنساء. وعامان في عمان. )زكي باشا( أحمد من آثاره الدنيا في باريس وقاموس1866المولود سنة

الجغرافية القديمة عربي وفرنساوي وكتاب الحضارة اإلسالمية والرق في اإلسالم ونشر كتاب التاج للجاحظ

واألصنام البن الكلبي وعرب نتائج اإلفهام في تقدم العرب قبل اإلسالم وتاريخ ماسبيرو في األمم الشرقية القديمة.

)زكي( حسين له مختصر في تاريخ األمم الشرقية ) ( . )زكي( صالح له دروس األشياء ومبادئ العلوم1926

أجزاء. )زكي( مبارك نشر كتاب األخالق في4في الغزالي. )زكي الدين أحمد( من تأليفه تنوير األذهان

والكاتبات العصرية في المراسالت العربية والكتاب الثالثة ولي الدين يكن والمنفلوطي والعقاد. )الزهاوي( جميل

صدقي له محاضرة في الشعر. )زين( محمد عارف ( وتاريخ صيداء1912صاحب العرفان له تاريخ الشيعة )

والحب الشريف. )الساعاتي( فوزي له كتاب كنز البراهين. )سني بك( عبد

الغني نشر كتابا في حادثة بيروت وكتب في ضعف االعتقاد في ناشئة المدارس. )شنبور( من نظم الدكتور

أبي شادي. )صبري( محمد له كتاب أدب وتاريخ. )طباره( راشد ألف االنتداب وروح السياسة اإلنكليزية. )طه

حسين( من تأليفه حديث األربعاء وقادة الفكر والنظام الالتيني وذكرى أبي العالء المعري والواجب وفلسفة ابن خلدون واألدب الجاهلي وقصص تمثيلية من أشهر الكتاب

الفرنسويين وعرب كتاب لوبون روح التربية. )عبده( حسين له المرأة الحديثة وكيف نسوسها. )عبد

الحميد بك( الدكتور محمد له كتاب التعليم والصحة. )عبدالرزاق( شاع أمر كتابه في

(1/493)

الخالفة. )عبد اللطيف( بك محرر جريدة األمة في اإلسكندرية. )عبد الوهاب( علي منشئ األخبار اإلسكندرية.

)عقاد( سليم ألف تاريخ حرب البلقان في ثالثة أجزاء ومركز المرأة في قانون حمورابي والقانوني الموسوي. )عقاد( عباس محمود من آثاره الفصول مجموع مقاالت

( ومراجعات في األدب والفنون ومجمع1922أدبية ) الحياة ومطالعات في الكتب والحياة. )عنان( نشر تاريخ

الجمعيات السرية. )علي أفندي السيد( هو منشئ النظام في مصر. )العيناتي( محمود أحمد هو صاحب مجلة

الكشاف. )فكري( أمين له التربية االجتماعية. )عواد( محمد حافظ بك محرر كوكب الشرق في مصر. )فهم قنديل( منشئ جريدة عواد فيها. )القباني( عبد القادر تولى زمنا إنشاء ثمرات الفنون البيروتية. )كرد علي( السيد محمد مدير

مجلة المجمع العلمي في دمشق نشر سابقا مجلة المقتبس ومجموعة رسائل بليغة ورحلته إلى أوربة.

وظهرت أربعة أجزاء من كتابه خطط الشام. )كازي( محمد محرر جريدة وادي النيل في اإلسكندرية. )المازني( إبراهيم عبد القادر ذكرنا له في هذا العدد حصاد الهشيم. )محمد عبد الله بك( المحامي نشر قضايا التاريخ الكبرى والسرطان وأعراضه وصالحه والوقاية منه. )مخلص( عبد الله نشر كتاب الوزارة إلى من نال الوزارة مع ذيله مله

النرجس وما قيل فيه. )مردم بك( خليل نشر شعراء الشام في القرن الثالث. )مسعود( محمد أنشأ جريدة

المنبر في مصر. )مظهر بك( منشئ مجلة العصور ألف كتاب نزهة الفكر األوربي وماهية التاريخ وأصل األنواع

وملقى السبيل في مذهب النشوء واالرتقاء وتطور الفكر

العربي بالترجمة والنقل عن اليونان. )المغربي( عبد القادر له كتاب االشتقاق والتعريب وكتاب البينات

واالجتماع واألدب والتاريخ. )نصار( محمد ألف أدبيات اللغة العربية. )النصولي( أنيس زكريا ألف الدولة األموية في

قرطبة وتاريخ الدولة األموية في الشام وأسباب النهضة العربية في القرن التاسع عشر. )نظيف( نشر مؤخرا علم

الطبيعة نشؤه ورقيه وتقدمه الحديث. )هيكل( محمد بك حسين. من تأليفه: في أوقات الفراغ وعشرة أيام في

السودان.(1/494)

خاتمة أوقفت يد الموت يراع المؤلف الجليل في آخر باب من

كتابه. وبذلك دخل هو نفسه في طغمة المأسوف عليهم، العاملين المجدين في حقل هذه اللغة الكريمة. على أنه كم من عبرة، غير األسى، يترك لنا فيه تشغل اللب لدى

مرأى الجهد العظيم الذي قام به، كما هو ظاهر من طيات الكتاب ومن الفهرس التالي، مئات عديدة وألوف مؤلفة

من الكتبة وأرباب الكالم المختلفي المنشأ والمتباينيالنزعات.

حركة عظيمة دفعت جماهير غفيرة مفكرة إلى إحياء هذه اللغة العزيزة بعد أن طال رقادها، كما يعلم الجميع، وبعد

أن كرت عليها األعوام، والهمم عنها منصرفة، والدهر مخن عليها، حتى اليوم الذي هبت فيه روح هذا العصر

الجديدة، كما يهب نسيم السحر في فجر صاح تتألأل ألوانسمائه المذهبة.

تتصاعد من كل هؤالء الناهضين في حلبة البيان أنشودة

خالبة تبارك العصر البازغ، وتحيي اللغة، وتمأل النفس أمالبالمستقبل.

أجل أن من رأى سكان األرض طرا يقدمون للغة العربية جندا متفانين، من مصريين، وعراقيين، وسوريين متوطنين

ونازحين، ومستشرقين من افرنسيين وإنكليز وألمانيين ونمساويين وبلجيكيين، ومن اسوج وهولندة وروسية

والعجم والهند وأميركا، ومن إسبانيا وإيطاليا والسودان، من رأى فيهم المسلم والمسيحي، واألسقف والكاهن

والراهب والشيخ، من نظر إليهم مجتمعين من كل طبقة وكل ملة وكل بلد وكل عمر، وألفى الموراني والرومي

والكلداني والسرياني واألرمني والقبطي، ومحترف الصحافة، وقائل الشعر، ومن وقع طرفه على كل ذلك أخذه العجب، وتملكت منه الدهشة وعلم ما لهذه اللغة

المتينة العرى من القوة ومن الجحافل الجرارة التي تسير بخدمتها في حومة الجهاد للحياة، وأيقن أن لها من الغد

مجاال رحبا تجاري فيه أرقى لغات العصر الحية.

وما غايتنا من نشر هذا الكتاب إال إحياء األمل بإنهاضها إلى هذا المستوى العالي

المطلوب. حقق الله اآلمال.(1/495)

( والحصري )245:2( والشربيني )102:9( األغاني )1)236:2. )

( إنها كانت من الرشيد237:2( في المسعودي )2)بالمنزلة التي ال يتقدمها أحد من نظرائها.

( .141:4( ياقوت )3)( .289:1( والمستطرف )189:1( ابن خلكان )4)( والشريشي )183( وابن جبير )403:2( المسعودي )5)

345:2. ) )15( أطلب سيرة السيد جرمانوس في المشرق )1)

1912 : )456 - 465. ) (1( )44 - 36( : 1925 )23( ترجمته في المشرق )1)

17راجع ترجمة لضرة القس جرجس منش في المشرق )(1914 : )81 - 89. ) ( أفادنا األستاذ عيسى بعد ذلك أن المترجم توفي بعد1)

( :1904 )7( أطلب في المشرق )1 )1925الحرب سنة الخ( درسا واسعا عن هذه الترجمة.865

( كان يخبر األستاذ غولدسبهر متفكها أنه لما سافر1) وقتئذ من يافا إلى القدس ركب حمارا فكان المكاري

المسلم إذا ساقه انتهره بقوله امش يا يهودي.